ببسم
مقدمة وتمهيد
الحمد الله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، %الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ # الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ # مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ # إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ # اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ# صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ$ [الفاتحة:1-7]، %وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً$ [النساء:69].
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (1):
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ(، وأخرجه مسلم رقم (1907). ...
أما بعد:
فإن الله - عزوجل- خلق الخلق لعبادته وأوجب عليهم طاعته، ونهاهم عن معصيته فقال سبحانه: %وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاِّ لِيَعْبُدُونِ$ [الذريات:56].(1/1)
وقال تعالى:%وَاعْبُدُوا الله وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً$ [النساء:36].
وقال تعالى: %قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ$ [الأنعام:151].
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ # الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ$ [البقرة:21-22].
وقال تعالى: %وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ$ [النحل:36].
وقال تعالى: %وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ$ [الأحقاف:21].(1/2)
وقال تعالى: %وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ$ [الزخرف:45].
وقد أنزل الله بذلك كتبه وأرسل لبيان ذلك رسله، وأقام الحجة على خلقه فقال تعالى: %وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ$ [ابراهيم:4].
وأخذ ميثاقهم الغليظ في ذلك فقال تعالى: %وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً$ [الأحزاب:7].
وقال تعالى: %شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ$ [الشورى:13].
وقال تعالى: %رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً$ [النساء:165].
وقال تعالى: %يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ$ [المائدة:19].
وقد قال تعالى: %يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ$ [المائدة:67].(1/3)
وقال تعالى: %هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ$ [الجمعة:2].
قال الإمام الترمذي رحمه الله (5/140):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلاَّمٍ أَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الْحَارِثَ الأَشْعَرِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ " قَالَ: )إِنَّ اللهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا، فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ، فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا؛ وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللهَ(1/4)
يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ، وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللهِ( قَالَ النَّبِيُّ " )وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ السَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالْجِهَادُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالْجَمَاعَةُ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟ قَالَ: وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللهِ(.
أخرجه أحمد في مسنده (ج4 ص202،130) والترمذي في جامعه (ج5 ص140) وابن حبان كما في الموارد (372)، وابن خزيمة في صحيحه رقم
(1895) والحاكم في المستدرك (ج1ص221-222) وعبدالرزاق في(1/5)
المصنف (ج11ص339) والآجري في الشريعة (ج1 ص286) كلهم من طريق زيد بن سلام عن أبي سلام ممطور الحبشي، عن الحارث الأشعري عن النبي " الحديث.. الخ، وسنده صحيح كما ترى.
وقال الإمام البخاري رحمه الله (2125):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ " فِي التَّوْرَاةِ قَالَ: أَجَلْ وَاللهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا.
وقال الإمام البخاري رحمه الله في خلق أفعال العباد (76):
وحدثنا علي، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزعراء، سمعه من عمه، أبي الأحوص، عن أبيه مالك بن نضلة رضي الله عنه، قال: أتيت النبي " فصعد في النظر وصوب قلت: إلى ما تدعو؟ وعما تنهى؟ قال: )لا شيء إلا الله والرحم( قال: )أتتني رسالة من ربي فضقت بها ذرعا ورويت أن الناس سيكذبونني فقيل لي لتفعلن وليفعلن بك(.(1/6)
وقال الله تعالى له: %يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ # قُمْ فَأَنْذِرْ # وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ # وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ # وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ # وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ # وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ$ [المدثر:1-7]. وقال له: %واصبر$ فصبر لربه، كما أمره الله عزوجل, وبين دين الله عزوجل حتى تركنا على مثل البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك.
قال الله تعالى: %هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ$ [الجمعة:2].
وقال تعالى: %لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ # فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ$ [التوبة:128-129].
فضل العلم الشرعي وأن العلماء ورثة الأنبياء
قال الله تعالى: %كهيعص # ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا # إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً # قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً # وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً # يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً$ [مريم:1-6].
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (6728).(1/7)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ فَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ( يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ " نَفْسَهُ فَقَالَ: الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ.لخ.. وأخرجه مسلم رقم (1757).
وقال الإمام الآجري رحمه الله في مقدمة كتابه أخلاق العلماء رقم: (9).(1/8)
أخبرنا أبوبكر، أخبرنا أبوبكر عبدالله بن أبي داود، أخبرنا أبوطاهر أحمد بن عمرو المصري، أخبرنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عبد السلام بن سليمان، عن يزيد بن سمرة، عن كثير بن قيس، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله " )وَلَفَضْل العالِمِ على العابِدِ كفضلِ القَمَرِ ليلةَ البَدْرِ على سائر الكواكِبِ، إن العلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبيَاءَ لم يُوَرِّثُوا دِينَارًا ولا دِرهَمًا، إنما ورَّثُوا العِلْمَ، فمن أخذه أخذَ بحظٍّ وافرٍ((1).
وذكر الإمام ابن كثير رحمه الله هذا الحديث عند آية (6) من سورة مريم قال: فتعين حمل قوله: %فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي..$ على ميراث النبوة ولهذا قال: %وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ$ كقوله: %وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ$ أي في النبوة إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أن الولد يرث أباه فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها اهـ المراد.
وعبر عن هذا الإمام محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله فقال:
العلم ميراث النبي كذا أتى ... في النص والعلماء هم وراثه
فإذا أردت حقيقة تدري بها ... وراثه وعرفت ما ميراثه
ما ورث المختار غير حديثه فينا ... وذاك متاعه وأثاثه
فلنا الحديث وراثة نبوية ... ولكل محدث بدعة احداثه
اهـ من مقدمة توضيح الأفكار للصنعاني (ص72).
__________
(1) ... أخرجه أبوداود رقم (3641)، والترمذي رقم (2684)، وابن ماجه (223)، وأحمد (5/196)، وابن حبان رقم (88) وسنده مضطرب كما نقل الحافظ قي «الفتح» (1/161).
لكن متن الحديث ثابت بطرقه، وبما ذكرنا هنا.(1/9)
ولما كان العلماء رحمهم الله هم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان عليهم من حمل المسئولية من الله عزوجل ما ليس على غيرهم ولهم من الشرف والمنزلة الرفيعة عند الله وعند الصالحين من عباده ما لا يشاركهم فيه من ليس كذلك من أصحاب الملك ولا أصحاب الثرى.
قال الله تعالى: %شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ$ [آل عمران:18].
وقال تعالى: %قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ$ [الزمر:9].
وأخبر سبحانه أنهم هم الذين يعقلون الأمور فقال تعالى: %وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ$ [العنكبوت:43].
وقال تعالى: %وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ$ [النساء:83].(1/10)
وأثنى الله عليهم بثباتهم على الحق فقال تعالى: %إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ # وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ # قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ # فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ # وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ # تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ$ [القصص:76-83].
وقال تعالى: %وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ# وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالأِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ$ [الروم: 55-56].
وقال الإمام الآجري رحمه الله في أخلاق العلماء (25).(1/11)
أخبرنا أبوجعفر أحمد بن يحيى الحلواني، أخبرنا شيبان بن فروخ، أخبرنا الصعق بن حزن، أخبرنا علي بن الحكم، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، أخبرنا صفوان بن عسال المرادي قال: أتيتُ رسول الله " فقلت: يا رسول الله إني جئت أطلبُ العلم فقال: )مَرحبًا يا طالبَ العلمِ، إن طالبَ العِلم لَتَحفُّه الملائكةُ وتُظِلُّه بأجنحتِها، ثم يركبُ بعضهم بعضًا حتى يبلغوا سماء الدنيا مِن حبِّهم لما يَطلُبُ(.(1)
أخبرنا أبوبكر عبدالله بن محمد بن عبدالحميد الواسطي، أخبرنا زهير بن محمد، أخبرنا عبدالرزاق، عن معمر، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال: ما جاء بك؟ فقلت: جئتُ ابتغاء العلم فقال: سمعت رسول الله " يقول: )مَا مِن رجلٍ خَرَجَ مِن بيتِهِ ليطلبَ العلمَ إلا وضعتِ الملائكة أجنحتها رضًى لما يصنعُ(.(2)
وقال الإمام الترمذي رحمه الله رقم (2685)
__________
(1) ... سند الحديث عند المصنف حسن، الحلواني ثقة، وشيبان صدوق.
الحلواني مترجم في تاريخ بغداد ثقة، وشيبان بن فروخ والصعق صدوقان، وعلي بن الحكم ثقة، والمنهال بن عمرو وثقه جماعة.
والحديث أخرجه أحمد (4/239) والطيالسي (1165) والطبراني رقم (7359)، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم (ص36)، والترمذي (9/517)، والنسائي (1/83) من طريق: عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش به، وسنده حسن والحديث صحيح بشواهده.
(2) ... سنده عند المصنف حسن، وقد تقدم الحديث قبله.(1/12)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ " رَجُلانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ عَالِمٌ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " )فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ( ثُمَّ قَالَ: رَسُولُ اللهِ " )إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ(.
وللحديث شاهد عند الإمام الآجري رحمه الله في أخلاق العلماء (23) فقال رحمه الله:
أخبرنا أبوبكر بن أبي داود، أخبرنا المصري، أخبرنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عبدالسلام بن سليمان، عن يزيد بن سَمُرَة، عن كثير بن قيس، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله " : )إنَّه لَيستغِفُر للعالم كلُّ شيءٍ، حتى الحيتانُ في جوفِ البحرِ(.(1)
وقال رحمه الله:
__________
(1) ... ضعيف السند.
وهذا اللفظ ثابت بشواهده من حديث أبي أمامة، أخرجه الترمذي رقم (2685) في كتاب العلم باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، ومن حديث صفوان بن عسال عند الترمذي (9/517) «تحفة»، بسند حسن.(1/13)
أخبرنا أبوالعباس أحمد بن موسى بن زنجويه القطان، أخبرنا هشام بن عمار الدمشقي، أخبرنا حفص بن عمر، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله " يقول: )ما سَلَكَ عبدٌ طريقًا يقتبسُ فِيهِ علمًا، إلا سلك به طريقًا إلى الجنَّةِ، وإن الملائكة لتضعُ أجنحتها لطالبِ العلم رضًى عنه، وإنه ليستغفر للعالم مَن في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في البحرِ(.(1) فالحديث حسن بشواهده.
علم كتاب الله وسنة رسوله " نور
قال تعالى: %أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ$ [الأنعام:122].
وقال تعالى: %وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ$ [الشورى:52].
__________
(1) ... ابن زنجويه ثقة، وهشام بن عمار فيه ضعف كما في ترجمته من «التهذيب»، عن حفص بن عمر البزار الشامي وهو مجهول، عن عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن أبي الدرداء به، وعثمان بن عطاء ضعيف، وأبوه لم يسمع من أبي الدرداء، وقال ابن معين: لا يعلم أنه لقي أحدًا من الصحابة.
ولفظة: )من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا... إلى الجنة( في مسلم رقم (2699) من حديث أبي هريرة.
ولفظة: )وإن الملائكة لتضع أجنحتها( ثابتة من حديث صفوان بن عسال كما سيأتي بعده.
ولفظة: )وإنه لتستغفر للعالم...( أخرجها الترمذي رقم (2685) من حديث أبي أمامة، فيه سلمة بن رجاء، فيه ضعف، لكنه في الشواهد.(1/14)
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ$ [الحديد:28].
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً # فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً$ [النساء:174-175].
وقال تعالى: %الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ # اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ # الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ # وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ # وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ$ [إبراهيم:1-5].
وقال تعالى: %أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ$ [الزمر:22].
علم كتاب الله وسنة رسوله حياة
قال تعالى: %أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ$ [الأنعام:122].(1/15)
وقال تعالى: %وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ$ [الشورى:52].
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً$ [النساء:174].
وقال تعالى: %اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ$ [البقرة:257].
وقال تعالى: %قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ # يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ$ [المائدة:16].
وقال سبحانه: %الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ$ [إبراهيم:1].
وقال تعالى: %وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ$ [النور:39].
اتباع النور فلاح(1/16)
قال تعالى: %الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ$ [لأعراف:157].
وقال تعالى: %أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ$ [الزمر:22].
نور العبد في الآخرة على الصراط على قدر نوره في الدنيا بالعلم النافع والعمل الصالح.
قال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ$ [الحديد:28].وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ$ [التحريم:8].
لا يستوي العلم والجهل.
قال تعالى: %شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ$ [آل عمران:18].(1/17)
وقال تعالى: %قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ$ [الزمر:9].
العلم النافع يرفع الله به صاحبه.
قال تعالى: %يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ$ [المجادلة:11].
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (817).
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ: مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى قَالَ: وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟! قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ قَالَ: عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ " قَدْ قَالَ: )إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ(.
العلم يفيد خشية الله.
قال الله تعالى: %إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ$ [فاطر:28].
العلم من أوتيه فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
قال الإمام مسلم رحمه الله (2408).(1/18)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَيَّانَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ: لَهُ حُصَيْنٌ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ " وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ وَغَزَوْتَ مَعَهُ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ " قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي وَقَدُمَ عَهْدِي وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللهِ " فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا وَمَا لاَ فَلاَ تُكَلِّفُونِيهِ ثُمَّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ " يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: )أَمَّا بَعْدُ أَلا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ( فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: )وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي( فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ:(1/19)
وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ كُلُّ هَؤُلاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ قَالَ: نَعَمْ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (5027)
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ(.
صاحب العلم أكرم الناس على الله
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (3353):
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: )أَتْقَاهُمْ( فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ: )فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابْنُ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ خَلِيلِ اللهِ( قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ: )فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِ؟ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا(. وأخرجه مسلم (2378).
العلم هو البصيرة وبه يدعى إلى الله عزوجل.
قال تعالى: %قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ$ [يوسف:108].
وقال تعالى: %ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ$ [النحل:125].
العلم نفعه مستمر على صاحبه بعد موته.
قال الإمام مسلم رحمه الله رقم (1631).(1/20)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ(، لأنه أثره وربنا سبحانه وتعالى يقول: %وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ$ [يّس:12].
العلم طريق الجنة.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه رقم (2699) فقال رحمه الله.(1/21)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا و قَالَ الآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ(.
هذا العلم دين.
قال الإمام مسلم رحمه الله (1/14).
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ عَنْ هِشَامٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: (إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ).
وثبت عن الإمام الشافعي رحمه الله في آداب الشافعي لابن أبي حاتم (97) أنه قال (طلب العلم أفضل من صلاة النافلة).
قلت: وذلك لأن النافلة نفعها مقصور على صاحبها، أما العلم فنفعه لصاحبه ولعموم الناس.(1/22)
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه (العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج) أخرجه أحمد في الزهد رقم (726) وهو حسن.
وما أحسن قول الإمام أحمد رحمه الله كما في الإنصاف (4/123) العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته اهـ.
قال الزهري رحمه الله (كان من مضى من علمائنا يقولون الإعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض قبضًا سريعًا فنعش العلم ثبات الدين والدنيا، وفي ذهاب العلم ذهاب ذلك كله) أخرجه اللالكائي (136)، والدارمي في مقدمة سننه (96) وأبو نعيم في الحلية (3/369) من طريق الأوزاعي عن يونس بن يزيد عن الزهري، وهذا سند صحيح.
ولما كان العلم الشرعي وأهله بهذه المنزلة الرفيعة فإن من أخذ منه شيئًا وانحرف ربما تسبب في انحراف من انخدع به من دهماء الناس وطغامهم وكما قيل:
إن الفقيه إذا غوى وأطاعه ... قوم غووا معه فضاع وضيع
مثل السفينة إذا هوت في لجة ... تغرق ويغرق كل من فيها معا
لذلك رأينا وجوب نصح الخادعين والمخدوعين من هذه الأصناف من باب قول الله تعالى: %قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ$ [لأعراف:164].
وهذا بيان ذلك.
لا يخلو زمان من علماء السوء(1/23)
أولاً مما ينبغي أن لا يجهل علمه وأن يدرك حجمه وجرمه؛ أنه لا يخلوا زمان وقل أن ينجوا مكان من علماء الفتنة ودعاة أبواب جهنم من أصحاب التلبيسات الشيطانية، والمطامع الدنيوية، والشبهات والمقالات الردية، كما أبان الله ذلك في كتابه وبلغه عنه رسوله " قال تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً %وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ # وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ # سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) [لأعراف:175-177].
وقال تعالى: %مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ$ [الجمعة:5].(1/24)
وقال تعالى: %وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ$ [آل عمران:78]. وقال تعالى: %أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ$ [البقرة:75].وقال تعالى: %فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ$ [البقرة:79].
وهذه الآية نزلت في أهل الكتاب كما في خلق أفعال العباد للإمام البخاري رحمه الله (ص54) فقال:
حدثنا يحيى، ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن علقمة، عن بن عباس، رضي الله عنهما %فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ$ قال: نزلت في أهل الكتاب، وهذا أثر صحيح.
وذكره شيخنا العلامة الوادعي رحمه في كتابة الصحيح المسند من أسباب النزول (ص19).(1/25)
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ$ [التوبة:34]. وقال تعالى: %فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ$ [لأعراف:169].وقال تعالى: %وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ$ [آل عمران:187]. وقال الله تعالى: %يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ # وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ$ [آل عمران: 71-72].(1/26)
وقال تعالى: %وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ # وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ # فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ # فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [لأعراف:163-166].
وقال تعالى: %وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ # وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ # فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت:38-40].
وقال تعالى: %وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ$ [البقرة:80].(1/27)
وقال تعالى: % إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ # وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ$ [لأنفال:22-23].
وقال تعالى: %إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ # الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ$ [لأنفال:55-56].
وقال تعالى: %لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ # رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً # فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ # وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ # وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ # إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ # إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ # جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ$ [البينة:1-8].
وقال النبي " ) ...وَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ(. متفق عليه من حديث عمرو بن عوف.(1/28)
وقال تعالى: %وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ$ [البقرة:89].
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة، عن رجال من قومه، قالوا: إن مما دعانا على الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه لنا لما كنا نسمع من رجال يهود، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرًا ما نسمع ذلك منهم، فلما بعث الله رسوله " أحببناه حين دعانا إلى الله تعالى وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزلت هذه الآيات من البقرة وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ$ [البقرة:89]اهـ من سيرة ابن هشام (1/213).
وذكره شيخنا العلامة الوادعي رحمه الله في كتابه الصحيح المسند من أسباب النزول (20) وقال وهو حديث حسن فإن ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث فحديثه حسن كما ذكره الحافظ الذهبي في الميزان اهـ.
وقال تعالى: %قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ$ [البقرة:97].
قال الإمام احمد رحمه الله (1/274).(1/29)
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعِجْلِيُّ، وَكَانَتْ لَهُ هَيْئَةٌ رَأَيْنَاهُ عِنْدَ حَسَنٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللهِ " فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتَّبَعْنَاكَ فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ إِذْ قَالُوا اللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ قَالَ: )هَاتُوا(.(1/30)
قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ عَلاَمَةِ النَّبِيِّ، قَالَ: )تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ(، قَالُوا: أَخْبِرْنَا كَيْفَ تُؤَنِّثُ الْمَرْأَةُ وَكَيْفَ تُذْكِرُ؟ قَالَ: )يَلْتَقِي الْمَاءَانِ فَإِذَا عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَتْ وَإِذَا عَلاَ مَاءُ الْمَرْأَةِ آنَثَتْ(، قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: )كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلائِمُهُ إِلاَّ أَلْبَانَ كَذَا وَكَذَا( قَالَ عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد قَالَ: أَبِي قَالَ بَعْضُهُمْ يَعْنِي الإِْبِلَ فَحَرَّمَ لُحُومَهَا قَالُوا: صَدَقْتَ، قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ؟ قَالَ: )مَلَكٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ بِيَدِهِ أَوْ فِي يَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللهُ(، قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ؟ قَالَ: )صَوْتُهُ(، قَالُوا: صَدَقْتَ إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الَّتِي نُبَايِعُكَ إِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبكَ؟ قَالَ: )جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَم( قَالُوا: جِبْرِيلُ ذَاكَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ وَالْعَذَابِ عَدُوُّنَا لَوْ قُلْتَ مِيكَائِيلَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالنَّبَاتِ وَالْقَطْرِ لَكَانَ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ %مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ$ إِلَى آخِرِ الآيَةَ.(1/31)
والحديث ذكره شيخنا العلامة الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند من أسباب النزول (21) وقال: قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/242) رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات، وأخرجه أبو نعيم في الحليلة (4/305) والحديث في سنده بكير بن شهاب، قال الحافظ في التقريب: مقبول يعني إذا توبع وإلا فلين كما نبه عليه في المقدمة، لكن الحديث له طرق إلى ابن عباس كما في تفسير ابن جرير منها ما أخرجه الإمام أحمد.
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/278).(1/32)
حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا شَهْرٌ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنْ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللهِ " يَوْمًا فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنْ خِلاَلٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِيٌّ قَالَ: )سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ وَلَكِنْ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللهِ وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَم عَلَى بَنِيهِ لَئِنْ حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الإِسْلَامِ( قَالُوا فَذَلِكَ لَكَ، قَالَ: )فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ( قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلاَلٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنْ الْمَلائِكَةِ؟ قَالَ: )فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنِّي( قَالَ: فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ قَالَ: )فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى " هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَم مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا وَطَالَ سَقَمُهُ فَنَذَرَ للهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانُ الإِبِلِ وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا؟( قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: )اللهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ(1/33)
التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ وَأَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ فَأَيُّهُمَا عَلاَ كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللهِ إِنْ عَلاَ مَاءُ الرَّجُلِ عَلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللهِ وَإِنْ عَلاَ مَاءُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللهِ؟( قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: )اللهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ؟( قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: )اللهُمَّ اشْهَدْ( قَالُوا: وَأَنْتَ الآنَ فَحَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنْ الْمَلائِكَةِ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ قَالَ: )فَإِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَم وَلَمْ يَبْعَثْ اللهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلاَّ وَهُوَ وَلِيُّهُ( قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ لَتَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ قَالَ: )فَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ تُصَدِّقُوهُ؟( قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ عَزَّوَجَلَّ %قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ$.. إِلَى قَوْلِهِ عَزَّوَجَلَّ %كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ$ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ. الآية.
الحديث في سنده شهر بن حوشب مختلف فيه والراجح ضعفه من أجل سوء حفظه لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات.(1/34)
والحديث أخرجه الطيالسي (2/11) وابن جرير (1/431) وابن سعد (1ق1/ص16) من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس نحوه وقد حكى ابن جرير الإجماع أنها نزلت جوابًا لليهود من بني إسرائيل إذ زعموا أن جبريل عدو لهم وأن ميكائيل ولي لهم اهـ.
فيكون الإجماع مؤيدًا لهاتين الطريقتين على ما بها من الضعف,
أما الأولى: فلأن بكير بن شهاب قد خولف كما في التاريخ الكبير للبخاري (2/114و115) فرواه سفيان عن حبيب عن سعيد - عن ابن عباس قوله.
وأما الثانية: فلما في شهر بن حوشب من الكلام. اهـ كلام الشيخ رحمه الله من الصحيح المسند من أسباب النزول.
وقال تعالى: %أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً$ [النساء:50].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى (4/560) في تفسير سورة الكوثر قال البزار رحمه الله:
حدثنا زياد بن يحيى الحساني، حدثنا بن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن بن عباس، قال: قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت: له قريش أنت سيدهم ألا ترى إلى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية، فقال: أنتم خير منه. قال: فنزلت %إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ$ [الكوثر:3].
والحديث ذكره الشيخ رحمه الله في الصحيح المسند من أسباب النزول (271) وقال رواه البزار وهو إسناد صحيح.(1/35)
وقال تعالى: %وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ$ [المنافقون:4].وقال تعالى: %وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ$ [التوبة:61].وقال تعالى: %وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ # وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ$ [التوبة:58-59].
لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (7068).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ ".
وقال رحمه الله رقم (7061).
حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ( الحديث.. وأخرجه مسلم (157).
وقال رحمه الله (6503).(1/36)
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا( وَيُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ فَيَمُدُّ بِهِمَا. وأخرجه مسلم رقم (2950).
وأخرجه البخاري بعده رقم (6504) من حديث أنس وأخرجه مسلم رقم (2951)، وانفرد به البخاري رقم (6505) من حديث أبي هريرة.
قال الإمام أحمد رحمه الله رقم (8459).
حَدَّثَنَا يُونُسُ وَسُرَيْجٌ قَالاَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: رَسُولُ اللهِ " )قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ(، وأخرجه أحمد في المسند رقم (7912) بسند آخر.
وله شاهد من حديث أنس بن مالك، أخرجه أحمد في المسند (3/220) بسند حسن.
العمل بالعلم وذم من لم يعمل بعلمه
قال تعالى: %اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ # صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ$ [الفاتحة:7].
والمغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى بنص القرآن والسنة قال الله تعالى: %قُل هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ الله مَن لَعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيهِ وَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ$ [المائدة60].(1/37)
فتبين بِهذه الآية أن المغضوب عليهم هم اليهود لأنَّهم هم الذين جعل منهم القردة والخنازير، قال تعالى: %وَاسأَلهُم عَنِ القَريَةِ الَّتِي كَانَت حَاضِرَةَ البَحرِ إِذ يَعدُونَ في السَّبتِ إِذ تَأتِيهِم حِيتَانُهُم يَومَ سَبتِهِم شُرَّعًا وَيَومَ لا يَسبِتُونَ لا تَأتِيهِم كَذَلِكَ نَبلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفسُقُونَ # وَإِذ قَالَت أُمَّةٌ مِنهُم لِمَ تَعِظُونَ قَومًا الله مُهلِكُهُم أَو مُعَذِّبُهُم عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعذِرَةً إِلَى رَبِّكُم وَلَعَلَّهُم يَتَّقُونَ # فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَينَا الَّذِينَ يَنهَونَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفسُقُونَ # فَلَمَّا عَتَوا عَن مَا نُهُوا عَنهُ قُلنَا لَهُم كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ$ [الأعراف، الآية:163-166].
ووصف الله النصارى بأنَّهم ضالون فقال سبحانه: %قَد ضَلُّوا مِن قَبلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ$ [سورة المائدة:77].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: وبِهذا جاءت الأحاديث والآثار وذلك واضح بيّن فيما قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. قال: سمعت سماك بن حرب يقول: سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدي بن حاتم في حديث طويل وفيه فقال لي رسول الله ": )إن المغضوب عليهم هم: اليهود، والضالين هم: النصارى(.
فمحمد بن جعفر هو ربيب شعبة معروف بغندر ثقة كان من أثبت الناس في شعبة وشعبة هو ابن الحجاج ثقة حافظ متقن أمير المؤمنين في الحديث. وسماك بن حرب صدوق حسن الحديث وعباد بن حبيش وثقه ابن حبان.
وقد تابعه مري بن قطري متابعة تامة عن عدي بن حاتم به عند أحمد ذكر ابن كثير في تفسيره (ج1 ص30) ومري وثقه ابن حبان أيضًا، وقد رواه سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم به.(1/38)
قال ابن كثير وقد روي حديث عدي هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها ثم ساق منها طريق عبدالرزاق عن معمر عن بديل العقيلي عن عبدالله ابن شقيق عمن سمع رسول الله " وطرقًا أخرى وبعدها نقل عن ابن أبي حاتم أنه قال: لا أعلم خلافًا بين المفسرين في هذا أن المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في إقتضاء الصراط المستقيم (ص56).
واليهود مقصرون عن الحق، والنصارى ضالون فيه، فأما وسم اليهود بالغضب والنصارى بالضلال فله أسباب ليس هذا موضعها، وجماع ذلك أن كفر اليهود أصله من جهة عدم العمل بعلمهم فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه قولاً او عملاً أو لا قولاً ولا عملاً، وكفر النصارى من جهة عملهم بلا علم فهم يجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله ويقولون على الله مالا يعلمون، ولهذا كان السلف كسفيان بن عيينة وغيره يقولون (من فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه بالنصارى اهـ المراد والأثر أعرفه ثابتًا عن سفيان.
قوله تعالى: %وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ$ [آل عمران:187].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/4)(1/39)
فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله وتفسير ذلك وطلبه من مظانه وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: %وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ$ وقال تعالى: %إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ$ فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم وإقبالهم على الدنيا وجمعها واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله.
فعلينا أيها المسلمون أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به؛ من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه وتفهمه وتفهيمه، قال الله تعالى: %أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ # اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ$ [الحديد:16-17]. ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي والله المؤمل المسؤول أن يفعل بنا هذا إنه جواد كريم اهـ.(1/40)
وقال تعالى: %إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ # إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ$ [البقرة:159-160].
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (4556).
باب %قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ$ [آل عمران:93].
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ " بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ )كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ( قَالُوا نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا فَقَالَ: )لاَ تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ( فَقَالُوا لاَ نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِي يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ وَمَا وَرَاءَهَا وَلاَ يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ فَنَزَعَ يَدَهُ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا هِيَ آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ مَوْضِعُ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَحْنِي عَلَيْهَا يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. وأخرجه مسلم رقم (1699).
عدم العمل بالعلم عرضة لعذاب الله
قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى (8/160).(1/41)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلاَّمٍ أَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الْحَارِثَ الأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ " قَالَ: )إِنَّ اللهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ فَقَالَ يَحْيَى أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ وَإِنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ(1/42)
اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ، وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللهِ( قَالَ النَّبِيُّ " )وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ( فَقَالَ: رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟ قَالَ: )وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللهِ(. والحديث صحيح.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (3093).(1/43)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَم ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ " سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ " أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ " مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَهَا أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ( فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ " فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ " سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَالَتْ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ " مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللهِ " يَعْمَلُ بِهِ إِلاَّ عَمِلْتُ بِهِ فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ " كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ قَالَ فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ. قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ: اعْتَرَاكَ؛ افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ فَأَصَبْتُهُ وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِي.
عدم العمل بالعلم يورث الذل(1/44)
فإن ذلك محادة لله والله تعالى يقول %إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ$ [المجادلة:20]. وبنوا إسرائيل لما لم يعملوا بعلمهم لعنهم الله وأذلهم قال تعالى: %وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ$ [البقرة:61].
عدم العمل بالعلم من أسباب الصرف عن الحق
قال تعالى: %سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ$ [لأعراف:146].
العلم حجة لك أو عليك
قال الإمام مسلم رحمه الله رقم (223) أو ل كتاب الطهارةز
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلآَنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالصَّلاَةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا(.
قال النووي رحمه الله:(1/45)
هذا الإسناد مما تكلم فيه الدارقطني وغيره فقالوا: سقط فيه رجل بين أبي سلام وأبي مالك والساقط عبد الرحمن بن غنم قالوا: والدليل على سقوطه أن معاوية بن سلام رواه عن أخيه زيد بن سلام عن جده أبي سلام عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري، وهكذا أخرجه النسائي وبن ماجه وغيرهما ويمكن أن يجاب لمسلم عن هذا بأن الظاهر من حال مسلم أنه علم سماع أبي سلام لهذا الحديث من أبي مالك فيكون أبو سلام سمعه من أبي مالك وسمعه أيضا من عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك فرواه مرة عنه ومرة عن عبد الرحمن وكيف كان فالمتن صحيح لا مطعن فيه.
قلت: السند معلول عند مسلم بالانقطاع، وانتفت العلة باتصاله في هذين المصدرين، فالحديث صحيح.
وقال الإمام أحمد رحمه الله رقم (14441).(1/46)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ " قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: )أَعَاذَكَ اللهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ( قَالَ: وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: )أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي لاَ يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلاَ يَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَالصَّلاَةُ قُرْبَانٌ(، أَوْ قَالَ: )بُرْهَانٌ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ النَّاسُ غَادِيَانِ فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا(، وإسناده حسن، وله شواهد يصح بها.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (1905).(1/47)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ " قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ(.
علماء السوء أراذل(1/48)
قال الإمام ابن ماجة رحمه الله رقم (4015) في الفتن باب قوله تعالى %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ$ [المائدة:105].
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى نَتْرُكُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: )إِذَا ظَهَرَ فِيكُمْ مَا ظَهَرَ فِي الأُمَمِ قَبْلَكُمْ( قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا ظَهَرَ فِي الأُمَمِ قَبْلَنَا؟ قَالَ: )الْمُلْكُ فِي صِغَارِكُمْ وَالْفَاحِشَةُ فِي كِبَارِكُمْ وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ( قَالَ زَيْدٌ: تَفْسِيرُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ " وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ إِذَا كَانَ الْعِلْمُ فِي الْفُسَّاقِ. قال البوصيري إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد في المسند (3/187) وابن وضاح في البدع والنهي عنها (71) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6646) تحفة الأخيار والبيهقي في شعب الإيمان (7555) وأبو نعيم في الحلية (5/185) وابن عدي في الكامل (2/394).
من طريق الهيثم بن حميد عن حفص بن غيلان به، وهذا سند حسن الهيثم ثقة، وحفص صدوق، ومكحول ثقة سمع من أنس كما في تحفة التحصيل لابن العراقي إلا أنه مدلس ذكره الحافظ من الطبقة الثالثة وقد عنعن في هذه المصادر كلّها ففي النفس من عنعنته شيء.
وله شاهد عند الطبراني في الأوسط رقم (144) وقال لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا عمار بن سيف ولا عن عمار إلا ابو سعيد التغلبي تفرد (عنه) يحيى بن سليمان الجعفي اهـ.
قلت: وهذا سند ضعيف، عمار بن سيف ضعيف والتغلبي محمد بن سعد منكر الحديث كما في ترجمتهما من التهذيب.(1/49)
قال السندي رحمه الله في حاشية سنن ابن ماجة: )في رذالتكم( أي فيمن لا يعمل به ولا يريده إلا لأثر الدنيا اهـ.
وقال الطحاوي فتأملنا هذا الحديث فكأن ذلك عندنا والله اعلم هو ما في الحديث الذي رويناه فيما تقدم في كتابنا هذا عن ابن مسعود وأبي مسعود وأبي موسى عن النبي " )أن بني إسرائيل كان أحدهم يرى من صاحبه الخطيئة فينهاه تعذيرًا فإذا كان من الغد جالسه وآكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئة بالأمس فضرب قلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم(.. فبان بذلك أن الزمان الذي يكون أهله ملعونين ونعوذ بالله من ذلك الزمان الذي يكون لا معنى لأمرهم بالمعروف ولا لنهيهم عن منكر اهـ المراد.
تبليغ العلم وتحريم كتمانه
قال الله تعالى: %وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ$ [آل عمران:187]. وقال الله تعالى: %يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ # وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ$ [آل عمران: 71-72].
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (32).(1/50)
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ " وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ: )يَا مُعَاذُ( قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ: )يَا مُعَاذُ( قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ: )يَا مُعَاذُ( قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ: )مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ( قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا أُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: )إِذًا يَتَّكِلُوا( فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا.
وأخرجه البخاري رقم: (127).
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (2748).
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي صِرْمَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ كُنْتُ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ يَغْفِرُ لَهُمْ(.
وقال الإمام مسلم حمه الله (816).(1/51)
و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ (ح) و حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالاَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُول قَالَ: رَسُولُ اللهِ " )لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا(.
وقال رحمه الله رقم (2282).
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَاللَّفْظُ لِأَبِي عَامِرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ(.
وأخرجه البخاري رقم (79).
عدم العمل بالعلم سبب لعنة الله(1/52)
قال تعالى: %وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ$ [البقرة:89].
عدم العمل بالعلم يجعل الإنسان من شر الدواب
قال تعالى: %إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ # وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ$ [لأنفال:22-23].
عدم العمل بالعلم ذريعة النفاق
قال تعالى: %وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ # فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ # فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ$ [التوبة:75-77].
عدم العمل بالعلم فتنة
قال تعالى: %فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ$ [النور:63].
عدم العمل بالعلم هلاك
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (7288).
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ(. وأخرجه مسلم رقم (1337).
مثل من يعمل بعلمه ومن لا يعمل بعلمه
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (79)(1/53)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ(. وأخرجه مسلم رقم (2282).
عدم العمل بالعلم ضلال
قال الإمام أحمد رحمه الله 06/26).(1/54)
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ " ذَاتَ يَوْمٍ فَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: )هَذَا أَوَانُ الْعِلْمِ أَنْ يُرْفَعَ( فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: أَيُرْفَعُ الْعِلْمُ يَا رَسُولَ اللهِ وَفِينَا كِتَابُ اللهِ وَقَدْ عَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " )إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ( ثُمَّ ذَكَرَ ضَلالَةَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَعِنْدَهُمَا مَا عِنْدَهُمَا مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَقِيَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ بِالْمُصَلَّى فَحَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفٌ ثُمَّ قَالَ وَهَلْ تَدْرِي مَا رَفْعُ الْعِلْمِ قَالَ قُلْتُ لاَ أَدْرِي قَالَ: ذَهَابُ أَوْعِيَتِهِ قَالَ وَهَلْ تَدْرِي أَيُّ الْعِلْمِ أَوَّلُ أَنْ يُرْفَعَ قَالَ قُلْتُ لاَ أَدْرِي قَالَ: الْخُشُوعُ حَتَّى لاَ تَكَادُ تَرَى خَاشِعًا، وأخرجه النسائي في الكبرى رقم (5878) من طريق ابراهيم بن علية به، وهذا سند صحيح.(1/55)
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله " فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي " ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم (فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا)، علقه البخاري في كتاب العلم رقم الباب (34) ونقل وصله الحافظ في تغليق التعليق ونقل عن أبي نعيم قال في مستخرجه: بأن كلام عمر بن عبد العزيز انتهى عند قوله ذهاب العلماء وأن الباقي مدرج من كلام البخاري على كلام عمر بن عبد العزيز وهذا يقع له في الصحيح كثيرًا.
قلت: ضاهره أنه من كلام عمر بن عبد العزيز والقول بالإدراج يحتاج إلى حجة اقوى من هذا، والله اعلم.
وشاهدنا من الأثر آخره فإن من العمل بالعلم الصبر على تبليغه ونشره، وكتمه من عدم العمل به.
سؤال الله عزوجل لأهل العلم عن علمهم ماذا عملوا فيه
قال الإمام الأجري رحمه الله في كتابه أخلاق العلماء (52)(1/56)
أخبرنا أبوسعيد المفضل بن محمد اليماني في المسجد الحرام، أخبرنا صامت بن معاذ، أخبرنا عبدالحميد، عن سفيان الثوري، عن صفوان بن سليم، عن عدي بن عدي، عن الصنابحي، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ": )لا تزولُ قَدَما عبدٍ يومَ القِيامَةِ حتى يُسألَ عَن أربعِ خِصَالٍ: عَن عُمُرِهِ فِيما أفنَاه، وعَن شَبَابِهِ فِيما أَبْلَاه، وعن مَالِهِ مِن أين اكتسبَهُ وفيما أنفقهُ، وعن عِلْمِهِ ماذا عمل فيهِ(.(1)
وقال رحمه الله:
__________
(1) ... المفضل ثقة إمام تقدم (ص50)، وصامت بن معاذ ضعيف له ترجمة في «لسان الميزان»، وذكره ابن حبان في «الثقات» (8/324) وقال: يهم ويغرب، وذكر الحافظ من غرائبه عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه: ((تُشَدُّ الرحال إلى أربعة مساجد)) وزاد: ومسجد الجند. قال الحافظ: وهذا باطل بلا ريب، وباقي رجاله ثقات، وعبد الحميد هو ابن أبي رواد ثقة، وكذلك صفوان بن سليم، وعدي بن عدي بن عميرة ثقة فقيه، وأبوعبدالله عبدالرحمن بن عسيلة الصنابحي ثقة من كبار التابعين.
فكان علة هذا الطريق صامت بن معاذ، فقد أخرجه الدارمي رقم (566) من «مقدمة سننه» باب من كره الشهرة والمعرفة فقال رحمه الله : أخبرنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن ليث، عن عدي بن عدي، عن الصنابحي، عن معاذ به موقوفًا.
وقد اضطرب فيه ليث، فتارة يرويه موقوفًا، وتارة مرفوعًا كما عند البزار رقم (3437) «كشف الأستار» من طريق قبيصة عن سفيان به بلفظ وأظنه رفعه.
وقبيصة يضعف في سفيان، فأظن هذه من أوهامه.
وقد ساق البزار بعده من طريق عبدالحميد عن ليث به، ولم يرفعه.
وهكذا أخرجه ابن أبي شيبة عن عبدالرحمن المحاربي، عن ليث به موقوفًا. والظاهر أن هذا هو الراجح.
وقد أخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم العمل» رقم (3) من طريق ابن فضيل، عن ليث، عن عدي، عن رجاء بن حيوة، عن معاذ به موقوفًا.
وعلى كلٍّ ليث مختلط، وهذا من تخليطاته. ...(1/57)
أخبرنا أبوبكر جعفر بن محمد الفريابي، أخبرنا أبوبكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: أخبرنا الأسود بن عامر، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبدالله بن جريج، عن أبي برزة قال: قال رسول الله ": )لا تزولُ قدما عَبدٍ يومَ القِيامَةِ حتى يُسألَ عَن أربعٍ: عَن عُمُرِه فيما أَفْنَاه، وعن عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ( وذكر باقي الحديث.(1)
وقال رحمه الله (51):
أخبرنا الفريابي، أخبرنا محمد بن بكار القيسي، أخبرنا أبومحصن حصين بن نمير، عن حسين بن قيس، عن عطاء، عن ابن عمر، عن ابن مسعود، عن النبي " قال: )لا تَزُولُ قدما ابنِ آدم يومَ القِيامَةِ حتى يُسأَلَ عن خمسِ خصالٍ: عَن عُمُرِك فِيما أفنيتَ، وعن شبابكَ فيما أبليتَ، وعن مالكَ من أين اكتسبْتَ، وفِيما أنفقتَ، وما عَمِلتَ فيما عَلِمتَ(.(2)
__________
(1) ... فيه سعيد بن عبدالله بن جريج مولى أبي برزة، قال أبوحاتم: مجهول، وقال ابن معين: ما سمعنا أحدًا روى عنه سوى الأعمش من رواية أبي بكر بن عياش. اهـ من «الجرح والتعديل» (4/36) رقم (153).
وهذا ضعيف لجهالة مولى أبي برزة، وله طريق أخرى في «الأوسط» للطبراني (3/104) رقم (2212) فيه معروف بن خربوذ ضعيف.
(2) ... عن ابن مسعود، أخرجه الترمذي رقم (2416)، والطبراني في «الكبير» (10/9772)، وأبويعلى رقم (5271) من طريق: حصين بن نمير، عن حسين بن قيس أبي علي الرحبي، عن عطاء بن أبي رباح به.
وسنده ضعيف جدًا، حسين بن قيس هو الملقب بحنش، قال أحمد والنسائي: متروك، قال الترمذي عقب هذا الحديث: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
فهذه ثلاثة أحاديث:
1- حديث معاذ، وفيه الصامت بن معاذ ضعيف، وله طريق أخرى فيها ليث بن أبي سليم مختلط، وقد أوقفه تارة، وتردد أخرى في رفعه ووقفه، والراجح فيه الوقف، وقد اضطرب في سنده فرواه تارة عن عدي عن الصنابحي، عن معاذ، وأخرى عن عدي، عن رجاء عن معاذ، ورجاء بن حيوة لم يسمع من معاذ كما في «تحفة التحصيل».
2- حديث أبي برزة الأسلمي، وفيه سعيد بن عبدالله بن جريج مولى أبي برزة مجهول.
3- حديث ابن مسعود، وفيه حسين بن قيس الرحبي متروك.
فلا يصح الحديث بهذه الطرق، وقد حسنه بهذه الطرق بعض أهل العلم واحتجوا به، وعموم أدلة السؤال تؤيد القول بثبوته.(1/58)
أخبرنا الفريابي، أخبرنا قتيبة بن سعيد، وشيبان بن فروخ قالا: أخبرنا أبوعوانة، أخبرنا هلال بن أبي حميد، وقال قتيبة: عن هلال الهوزان، عن عبدالله بن عكيم، قال: سمعت ابن مسعود في هذا المسجد، -يعني مسجد الكوفة- بدأ باليمين قبل أن يحدثنا فقال: والله ما مِنكم مِن أحدٍ إلا وإِنَّ ربَّه سيخلُو بِهِ كما يَخلُو أحدكم بالقمرِ لَيلَةَ البدرِ، ثم يقول: يا ابن آدم ما غرَّك بي ثلاث مرار، ماذا أجبتَ المُرسلين، كيف عَمِلتَ فِيما عَلِمتَ.(1)
أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد، أخبرنا الحسين بن الحسن المروزي، أخبرنا عبدالله بن المبارك، أخبرنا سليمان ابن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: قال أبوالدرداء: إن أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب أن يقال: قد عَلِمتَ فماذا عَمِلتَ فيما عَلِمتَ؟. (2)
__________
(1) ... سنده صحيح موقوفًا كل رجاله ثقات.
وقد أخرجه ابن المبارك في «الزهد» رقم (38)، والطبراني في «الكبير» (9/204)، والنسائي في «الكبرى» (10/403) رقم (11843)، وابن عبدالبر في «الجامع» رقم (1200) من طريق ابن المبارك، عن شريك بن عبدالله، عن هلال بن أبي حميد الوزان، عن ابن عكيم به.
(2) ... ... هذا منقطع بين حميد بن هلال وأبي الدرداء.
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» رقم (39)، وابن أبي شيبة في «الزهد» من «مصنفه» (11/311)، و أبونعيم في «الحلية» (1/213)، وابن عبدالبر في «جامع بيان العلم» رقم (1201) باب ما جاء في مسألة الله عز وجل يوم القيامة العلماء عما عملوا ...
وقد أخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم العمل» بتحقيق العلامة الألباني رحمه الله رقم (51 و53 و54 و55) رقم (51 و53) من طريق أبي اليمان، وهلال بن محمد بن جعفر، عن حريز بن عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي عوف، عن أبي الدرداء به.
وعبدالرحمن من شيوخ حريز وقد وثقه ابن حبان والعجلي، وقال ابن القطان: مجهول حال، وقال الحافظ وغيره «التقريب»: ثقة، وهو كما قال الحافظ، لكن لم أرَ من أثبت روايته عن أبي الدرداء.
وله متابع عند الخطيب في «اقتضاء العلم العمل» رقم (54) من طريق: دعلج بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن علي بن زيد قال: حدثنا سعيد بن منصور، عن الحارث بن عبيد الإيادي، قال: حدثنا مالك بن دينار قال: قال أبوالدرداء فذكره.
ومن هذه الطريق أخرجه الدارمي رقم (278) باب العمل بالعلم وحسن النية وساق بعده بسند آخر إلى سفيان أنه قال: قال أبوالدرداء.
وكلاهما لم يسمع من أبي الدرداء، ولا رواية له عنه.
وله طريق أخرى عند أبي نعيم في «الحلية» (1/213 ...) من طريق: سريح بن يونس، عن الوليد بن مسلم بن يونس، عن علي بن حوشب، عن أبيه، عن أبي الدرداء، وقد اكتفيت في هذه الطريق بعنعنة الوليد بن مسلم، وأيضًا لم أرَ من الرواة عن أبي الدارداء من يسمى حوشب.
والحاصل أن طرق هذا الأثر لا تخلو من ضعف.
وأخرجه ابن عبدالبر رقم (1212) وفيه محمد بن يونس الكديمي كذاب، وميمون بن مهران يرويه عن أبي الدرداء، ولم يسمع منه.
وله طريق أخرى عند ابن عبدالبر في «جامع بيان العلم» رقم (1204) من طريق كثير بن مرة، عن أبي الدرداء به. وكثير تابعي كبير قد روى عن أبي الدرداء، فالأثر بهذه الطرق حسن والله أعلم.(1/59)
أخبرنا أبوبكر بن أبي داود، أخبرنا بندار محمد بن بشار، أخبرنا عبدالرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن حبيب بن عبيد، قال: قال أبوالدرداء: لا تكون عالمًا حتى تكون بالعلم عاملاً.(1)
أخبرنا أبوبكر عبدالله بن محمد بن عبدالحميد الواسطي، أخبرنا زهير بن محمد، أخبرنا عبيدالله بن موسى، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، أن أبا الدرداء قال: ويل للذي لا يعلم مرة، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات.(2).
عقوبة من لم يعمل بعلمه
__________
(1) ... رجاله ثقات إلا أنه منقطع.
حبيب بن عبيد لم يسمع من أبي الدرداء، كما في «تحفة التحصيل».
وقد أخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم» رقم (16) من طريق فرات بن سليمان، عن أبي الدرداء، ورقم (17) من طريق برد بن سليمان، وفي هذه الطرق ضعف، وابن عبدالبر في «الجامع» رقم (1239) من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء، وضمرة لم أرَ له رواية عن أبي الدرداء.
من هذه الطرق يحسن مع أثر أبي الدرداء قبله.
(2) ... ميمون بن مهران لم يسمع من أبي الدرداء كما تقدم.
وقد أخرجه ابن عبدالبر في «جامع بيان العلم» (1/ رقم1212)، وأحمد في «الزهد» (ص176)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» رقم (66) من طريق جعفر بن برقان به.
وأخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم» رقم (65) وسنده ضعيف، علته إسماعيل بن عمرو البجلي وهو ضعيف كما في «الميزان»، عن فرج بن فضالة هو ضعيف كما في «التقريب»، عن سليمان بن الربيع مولى العباس، عن رسول الله " قال: فذكره مرفوعًا، وسنده ضعيف جدًا ومنقطع.
وذكر السيوطي في «جامعه» حديثًا عن حذيفة مرفوعًا، ورمز لضعفه، وقال المناوي في «فيض القدير» (6/370): وفيه محمد بن عبدة القاضي، قال الذهبي: ضعيف وهو صدوق.
قلت: كيف يقال صدوق وقد كذبه ابن عدي، وقال الدارقطني: لا شيء كان آفة، وقال السبيعي: انكشف أمره، كما في «الميزان».(1/60)
قال تعالى: %أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ$ [البقرة:44].
قال الإمام البخاري رحمه الله (6/238).
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلانًا فَكَلَّمْتَهُ قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلاَ أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ " قَالُوا: وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ: قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: )يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ( وأخرجه مسلم رقم (2989).
وقال الإمام ابن ماجة رحمه الله رقم (4245) في الزهد باب ذكر الذنوب.(1/61)
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ خَدِيجٍ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الأَلْهَانِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ " أَنَّهُ قَالَ: )لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا( قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ قَالَ: )أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا(. هذا حديث حسن.
قال الإمام أبو يعلى رحمه الله 7/118).
حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا معتمر عن أبيه عن أنس عن النبي " أنه قال: )ليلة أسري بي رأيت قوما تقرض ألسنتهم بمقارض من نار( أو قال: )من حديد قلت: من هؤلاء يا جبريل قال خطباء من أمتك(.
وقال رحمه الله (7/180).
حدثنا محمد بن المنهال حدثنا يزيد حدثنا هشام الدستوائي عن المغيرة ختن مالك بن دينار عن مالك بن دينار عن أنس به. والحديث صحيح.
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم (22).(1/62)
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى النَّبِيِّ " فَخَرَجَ وَمَعَهُ دَرَقَةٌ ثُمَّ اسْتَتَرَ بِهَا ثُمَّ بَالَ فَقُلْنَا انْظُرُوا إِلَيْهِ يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَسَمِعَ ذَلِكَ فَقَالَ: )أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا لَقِيَ صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَوْلُ قَطَعُوا مَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ مِنْهُمْ فَنَهَاهُمْ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ(.
وأخرجه النسائي (1/26) وابن ماجة رقم (346) باب التشديد في البول،
قال السندي في حاشية سنن ابن ماجة: قيل كان منافقًا فنهى عن الأمر المعروف كصاحب بني إسرائيل نهى عن المعروف في دينهم اهـ المراد.
من لم يعمل بعلمه مبغوض في كل زمان
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/441).(1/63)
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيٌّ وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ أَيْ مُلاَزِمَ النَّارِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا لاَ يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً قَالَ: وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَ: فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ: لِي يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ وَكُنْتُ لاَ أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلاَتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ وَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ فَوَاللهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا فَقُلْتُ لَهُمْ أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ قَالُوا بِالشَّامِ قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ(1/64)
قَالَ: فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ أَيْ بُنَيَّ أَيْنَ كُنْتَ أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ؟ قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَتِ مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ فَوَاللهِ مَازِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ: قُلْتُ كَلاَّ وَاللهِ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا قَالَ: فَخَافَنِي فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ قَيْدًا ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ قَالَ: وَبَعَثَتْ إِلَيَّ النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ قَالَ: فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى قَالَ فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلاَدِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ قَالَ: فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلاَدِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلَيَّ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: الأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ قَالَ: فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ قَالَ فَادْخُلْ فَدَخَلْتُ مَعَهُ قَالَ فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْهَا أَشْيَاءَ اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلاَلٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ قَالَ وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا(1/65)
لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ، فَقُلْتُ: لَهُمْ إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا قَالُوا وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ قَالَ قُلْتُ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ قَالُوا فَدُلَّنَا عَلَيْهِ قَالَ فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ قَالَ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلاَلٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا قَالَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللهِ لاَ نَدْفِنُهُ أَبَدًا فَصَلَبُوهُ ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ ... الحديث حسن وهو مذكور في مسند سلمان من الصحيح المسند لشيخنا رحمه الله.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (7047).(1/66)
حَدَّثَنِي مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ " مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ )إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى قَالَ قُلْتُ: لَهُمَا سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَانِ؟ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ( قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ )فَيَشُقُّ( قَالَ: )ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى قَالَ: قُلْتُ سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَانِ؟ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقْ(1/67)
انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاَءِ؟ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ؟ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا؟ قَالَ: قَالا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيْ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا مَا هَؤُلاءِ؟ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ(1/68)
أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ قَالَ قَالاَ لِي ارْقَ فِيهَا قَالَ فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالَ قَالَا لَهُمْ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ قَالَ وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَ قَالَا لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ قَالَ قَالاَ لِي هَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ قَالاَ أَمَّا الآنَ فَلَا وَأَنْتَ دَاخِلَهُ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ قَالاَ لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي(1/69)
أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ "، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ(، قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ " )وَأَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُمْ(.
قال الحافظ في الفتح قوله: (وينام عن الصلاة المكتوبة) هذا أوضح من رواية جرير بن حازم بلفظ (علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار) فإن ظاهره أنه يعذب على ترك قراءة القرآن بالليل، بخلاف رواية عوف فإنه على تركه الصلاة المكتوبة ويحتمل أن يكون التعذيب على مجموع الأمرين ترك القراءة وترك العمل اهـ.
قلت: والذي يأخذ القرآن وينام عن المكتوبة لم يعمل بعلمه.
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (1481).(1/70)
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ " غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ " لأَصْحَابِهِ )اخْرُصُوا( وَخَرَصَ رَسُولُ اللهِ " عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ: )أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ( فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ.
وأخرجه مسلم رقم (1392).
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (2021)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ " بِشِمَالِهِ فَقَالَ: )كُلْ بِيَمِينِكَ( قَالَ: لاَ أَسْتَطِيعُ قَالَ: )لاَ اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ( قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (5479). باب الخذف والبندقة.(1/71)
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَاللَّفْظُ لِيَزِيدَ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَخْذِفُ فَقَالَ: لَهُ لاَ تَخْذِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ " نَهَى عَنْ الْخَذْفِ أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الْخَذْفَ، وَقَالَ: )إِنَّهُ لاَ يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ وَلاَ يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ( ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ فَقَالَ: لَهُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ " أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْخَذْفِ أَوْ كَرِهَ الْخَذْفَ وَأَنْتَ تَخْذِفُ؟ لاَ أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا.
وأخرجه مسلم رقم (1954) وفي رواية لمسلم بعد هذه لا أكلمك أبدًا.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (5789).
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ " أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ " )بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(. وأخرجه مسلم رقم (2088).
قال النووي رحمه الله: قيل يحتمل أن هذا الرجل من هذه الأمة فأخبر النبى " بأنه سيقع هذا وقيل بل هو إخبار عمن قبل هذه الأمة وهذا هو الصحيح وهو معنى إدخال البخاري له في باب ذكر بني إسرائيل، والله أعلم اهـ.
قلت: وقد ذكره الدارمي رحمه الله في السنن باب تعجيل عقوبة من بلغه عن النبي " حديث فلم يعظمه ولم يوقره من طريق أخرى.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (3039).(1/72)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ " عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلاً عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: )إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ( فَهَزَمُوهُمْ قَالَ: فَأَنَا وَاللهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ فَقَالَ: أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ " قَالُوا: وَاللهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمْ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ " غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ وَكَانَ النَّبِيُّ " وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً فَقَالَ: أَبُو سُفْيَانَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ " أَنْ يُجِيبُوهُ ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلاَءِ فَقَدْ قُتِلُوا فَمَا مَلَكَ عُمَرُ(1/73)
نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَاللهِ يَا عَدُوَّ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ قَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ أُعْلُ هُبَلْ قَالَ النَّبِيُّ " )أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ( قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ: )قُولُوا اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ( قَالَ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ " )أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ( قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ: )قُولُوا اللهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ(.
قال الإمام الدارمي رحمه الله رقم (459). في مقدمة سننه
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ " إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ نَزَلَ الْمُعَرَّسَ ثُمَّ قَالَ: )لاَ تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلاً فَخَرَجَ رَجُلاَنِ مِمَّنْ سَمِعَ مَقَالَتَهُ فَطَرَقَا أَهْلَيْهِمَا فَوَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً(. اهـ
وهذا سند حسن، ومراسيل سعيد بن المسيب حجة قال الذهبي في الموقظة: فمن صحاح المراسيل مرسل سعيد بن المسيب ومسروق والصنابحي وقيس بن أبي حازم، فإن المرسل إذا صح إلى تابعي كبير فهو حجة عند خلق من الفقهاء اهـ.
وقال العمريطي في منظومة الورقات باب بيان الأخبار وحكمهما
فحيثما بعض الرواة يفقد ... فمرسل وما عداه مسند
للإحتجاج صالح لا المرسل ... لكن مراسيل الصحابي تقبل
كذا سعيد بن المسيب اقبلا ... في الإحتجاج ما رواه مرسلا
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (1067و4863).(1/74)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الأَسْوَدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ " النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا. وأخرجه مسلم (576).
وقال رحمه الله رقم (3617)
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ " فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللهُ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ. وأخرجه مسلم رقم (2781)
وقال رحمه الله رقم (6190).(1/75)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ " فَقَالَ: )مَا اسْمُكَ؟( قَالَ: حَزْنٌ قَالَ: )أَنْتَ سَهْلٌ( قَالَ: لا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا زَالَتْ الْحُزُونَةُ فِينَا.
وقال رحمه الله رقم (4585).
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ " فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ " فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " لِلزُّبَيْرِ )أَسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ( فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ " ثُمَّ قَالَ: )اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ( فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللهِ إِنِّي لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ %فَلا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ$. [النساء:65].(1/76)
وعن أنس قال: بعث رسول الله " رجلا من أصحابه إلى رجل من عظماء الجاهلية يدعوه إلى الله تبارك وتعالى فقال إيش ربك الذي تدعوني من حديد هو؟ من نحاس هو؟ من فضة هو؟ من ذهب هو؟ فأتى النبي " فأخبره فأعاده النبي " الثانية فقال مثل ذلك فأتى النبي " فأخبره فأرسله إليه الثالثة فقال: مثل ذلك فأتى النبي " فأخبره فقال: رسول الله " )إن الله تبارك وتعالى قد أنزل على صاحبك صاعقة فأحرقته( فنزلت هذه الآية: %وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ$ [الرعد:13].
رواه أبو يعلى (6/87)، وابن أبي عاصم في السنة (/304) والبزار كما في كشف الأستار (3/54)، والحديث حسن من طرقه وهو في أسباب النزول للشيخ رحمه الله.
ذم اتباع الهوى
قال تعالى: %وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ$ [البقرة:87].
الهوى يعمي ويصم
قال تعالى: %لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ$ [المائدة:70].
الهوى ضلال
قال تعالى: %وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ$ [الأنعام:119].(1/77)
وقال تعالى: %وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ$ [البقرة:120].
الهوى يسقط أهله
قال تعالى: %وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ # وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ$ [لأعراف:175-176].
وقال تعالى: %أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً$ [الفرقان:43].
وقال تعالى: %فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ$ [القصص:50].
وقال تعالى: %وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ$ [محمد:16].
ذم الخيانة
الخيانة سبب قسوة القلب وسبب لعنة الله(1/78)
قال تعالى: %فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ$ [المائدة:13].
الخائن لا يحبه الله
قال تعالى: %إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ$ [الحج:38].
وقال تعالى: %وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ$ [لأنفال:58].
الخيانة من صفات المنافقين والكفار.
قال تعالى: %وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ$ [التحريم:11].
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (33).
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ(. وأخرجه مسلم رقم (59).
حرم الله الخيانة وحرم الدفاع عن أهلها
قال تعالى: %إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً$ [النساء:105].
وقال تعالى: %وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً$ [النساء:107].(1/79)
وقال تعالى: %وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ$ [النحل:92].
قال الإمام ابن ماجة رحمه الله رقم (4036).
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ( قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: )الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ(.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (6872).(1/80)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ شَكَّ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ فِي الْحَوْضِ فَقَالَ لَهُ أَبُو سَبْرَةَ رَجُلٌ مِنْ صَحَابَةِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ فَإِنَّ أَبَاكَ حِينَ انْطَلَقَ وَافِدًا إِلَى مُعَاوِيَةَ انْطَلَقْتُ مَعَهُ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو فَحَدَّثَنِي مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ " فَأَمْلاَهُ عَلَيَّ وَكَتَبْتُهُ قَالَ: فَإِنِّي أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا أَعْرَقْتَ هَذَا الْبِرْذَوْنَ حَتَّى تَأْتِيَنِي بِالْكِتَابِ قَالَ: فَرَكِبْتُ الْبِرْذَوْنَ فَرَكَضْتُهُ حَتَّى عَرِقَ فَأَتَيْتُهُ بِالْكِتَابِ فَإِذَا فِيهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُخَوَّنَ الأَمِينُ وَيُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالتَّفَحُّشُ وَقَطِيعَةُ الأَرْحَامِ وَسُوءُ الْجِوَارِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ الْقِطْعَةِ مِنْ الذَّهَبِ نَفَخَ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا فَلَمْ تَغَيَّرْ وَلَمْ تَنْقُصْ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تُكْسَرْ وَلَمْ تَفْسُدْ( قَالَ: وَقَالَ: )أَلاَ إِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ( أَوْ قَالَ: )صَنْعَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّ فِيهِ مِنْ الأَبَارِيقِ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ هُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ(1/81)
يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا( قَالَ أَبُو سَبْرَةَ فَأَخَذَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ الْكِتَابَ فَجَزِعْتُ عَلَيْهِ فَلَقِيَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَاللهِ لأَنَا أَحْفَظُ لَهُ مِنِّي لِسُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَحَدَّثَنِي بِهِ كَمَا كَانَ فِي الْكِتَابِ سَوَاءً.
والحديث صحيح لغيره.
وقال رحمه الله (8266).
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَمْرِو الْمَعَافِرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نُعَيْمَةَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ اسْتَشَارَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رُشْدٍ فَقَدْ خَانَهُ وَمَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا غَيْرِ ثَبْتٍ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ(.
وفيه ابن أبي نعيمة مجهول، ويشهد له حديث أبي هريرة عند أبي داود (14/36) )المستشار مؤتمن(، فيصح به، وفي تحريم الكذب على رسول الله أحاديث كثيرة صحاح.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (3559).
و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ " أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ(.
شدة احتياج الأمة إلى علم وعلماء السنة.
قال الإمام مسلم رحمه الله رقم (2699).(1/82)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا و قَالَ الآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ(.
وقال رحمه الله رقم (4934).(1/83)
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ هُمْ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَدْعُونَ اللهَ بِشَيْءٍ إِلاَّ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ يَا عُقْبَةُ اسْمَعْ مَا يَقُولُ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ: عُقْبَةُ هُوَ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ( فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ أَجَلْ ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ فَلَا تَتْرُكُ نَفْسًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ الإِيمَانِ إِلاَّ قَبَضَتْهُ ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ.
قال الإمام أحمد رحمه الله: الناس محتاجون إلى العلم أشد من احتياجهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يحتاج إليه بعداد الأنفاس اهـ ذكره ابن القيم في مفتاح دار السعادة.
وقال الحسن: العلماء يعرفون الفتن عند إقبالها والجهال يعرفونها عند إدبارها.
وما أحسن ما قاله أبو بكر بن أبي داود رحمه الله في حائيته ومنها:
تمسك بحبل الله واتبع الهدى ... ولا تك بدعيًا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي ... أتت عن رسول الله تنج وتربح(1/84)
ولا تك من قوم تلهوا بدينهم ... فتطعن في أهل الحديث وتقدح
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (100).
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا(.
وأخرجه مسلم (2673).
وقال الإمام الترمذي رحمه الله رقم (2685)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ " رَجُلانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ عَالِمٌ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " )فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ( ثُمَّ قَالَ: رَسُولُ اللهِ " )إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ(.
قال الإمام النسائي رحمه الله في السنن الكبرى (5/165).(1/85)
أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو زميل قال حدثني عبد الله بن عباس قال: لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار وكانوا ستة آلاف فقلت لعلي يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي أكلم هؤلاء القوم قال: إني أخافهم عليك قلت: كلا فلبست وترجلت ودخلت عليهم في دار نصف النهار وهم يأكلون فقالوا: مرحبا بك يا بن عباس فما جاء بك قلت: لهم أتيتكم من عند أصحاب النبي " المهاجرين والأنصار ومن عند بن عم النبي " وصهره وعليهم نزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون، فانتحى لي نفر منهم قلت: هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله " وابن عمه قالوا: ثلاث قلت: ما هن؟ قال: أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله وقال الله %إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ$ ما شأن الرجال والحكم، قلت: هذه واحدة قالوا: وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب سباهم ولم يغنم إن كانوا كفارا لقد حل سبيهم ولئن كانوا مؤمنين ما حل سبيهم ولا قتالهم قلت: هذه ثنتان فما الثالثة؟ وذكر كلمة معناها قالوا محى نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين قلت: هل عندكم شيء غير هذا قالوا: حسبنا هذا قلت: لهم أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيه " ما يرد قولكم أترجعون؟ قالوا: نعم قلت: أما قولكم حكم الرجال في أمر الله فإني أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صير حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه أرأيت قول الله تبارك وتعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ$ [المائدة:95]، وكان من حكم الله أنه صيره إلى الرجال يحكمون فيه ولو شاء يحكم فيه فجاز من حكم الرجال(1/86)
أنشدكم بالله أحكم الرجال في صلاح ذات البين وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب؟ قالوا: بلى بل هذا أفضل وفي المرأة وزوجها %وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا$ [النساء:35]. فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة خرجت من هذه؟ قالوا: نعم قلت: وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم أفتسبون أمكم عائشة تستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم فإن قلتم إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم وإن قلتم ليست بأمنا فقد كفرتم %النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ$ [الأحزاب6]، فأنتم بين ضلالتين فأتوا منها بمخرج أفخرجت من هذه؟ قالوا: نعم وأما محي نفسه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بما ترضون أن نبي الله " يوم الحديبية صالح المشركين فقال لعلي: )اكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول الله( قالوا: لو نعلم أنك رسول الله " ما قاتلناك فقال: رسول الله " )امح يا علي اللهم إنك تعلم أني رسول الله امح يا علي واكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله( والله لرسول الله " خير من علي وقد محى نفسه ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوة أخرجت من هذه؟ قالوا نعم فرجع منهم ألفان وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالتهم قتلهم المهاجرون والأنصار.
الحديث حسن.
قال الإمام الدارمي رحمه الله في مقدمة سننه (210)(1/87)
أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ فَقَالَ أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ قُلْنَا لاَ فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا فَقَالَ: لَهُ أَبُو مُوسَى يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ للهِ إِلاَّ خَيْرًا قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلاَةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى فَيَقُولُ كَبِّرُوا مِائَةً فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً فَيَقُولُ هَلِّلُوا مِائَةً فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً وَيَقُولُ سَبِّحُوا مِائَةً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ قَالَ أَفَلاَ أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ قَالُوا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ هَؤُلاَءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ " مُتَوَافِرُونَ(1/88)
وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلاَلَةٍ قَالُوا وَاللهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْخَيْرَ قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ " حَدَّثَنَا )أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ( وَأيْمُ اللهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ فَقَالَ: عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ. وسند القصة حسن.
وقال الإمام ابو داود رحمه الله (6/147).
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا الصَّدَاقَ فَقَالَ: لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلاً وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَالَ: مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " قَضَى بِهِ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (6736).(1/89)
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ " لِلابْنَةِ النِّصْفُ وَلابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلأُخْتِ فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (1/86).(1/90)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ مَرْجِعَهُ مِنْ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قُتِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَتْ لَهُ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ شَدَّادٍ هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ تُحَدِّثُنِي عَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَمَا لِي لاَ أَصْدُقُكِ قَالَتْ: فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ قَالَ: فَإِنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ الْحَكَمَانِ خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلاَفٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ وَإِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللهُ تَعَالَى وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللهُ تَعَالَى بِهِ ثُمَّ انْطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللهِ فَلاَ حُكْمَ إِلاَّ للهِ تَعَالَى فَلَمَّا أَنْ بَلَغَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلاَّ رَجُلٌ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا أَنْ امْتَلأَتْ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ دَعَا بِمُصْحَفٍ إِمَامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثْ النَّاسَ فَنَادَاهُ النَّاسُ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رُوِينَا(1/91)
مِنْهُ فَمَاذَا تُرِيدُ قَالَ: أَصْحَابُكُمْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللهِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِه:ِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ%وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقْ اللهُ بَيْنَهُمَا$ فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ " أَعْظَمُ دَمًا وَحُرْمَةً مِنْ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ " بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ قَوْمَهُ قُرَيْشًا فَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ: سُهَيْلٌ لاَ تَكْتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ: )كَيْفَ نَكْتُبُ( فَقَالَ: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهُمَّ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ لَمْ أُخَالِفْكَ فَكَتَبَ هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قُرَيْشًا يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ %لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ$ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا تَوَسَّطْنَا عَسْكَرَهُمْ قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ يَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ إِنَّ هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فَأَنَا أُعَرِّفُهُ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا يَعْرِفُهُ بِهِ هَذَا مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ قَوْمٌ خَصِمُونَ فَرُدُّوهُ إِلَى صَاحِبِهِ وَلاَ تُوَاضِعُوهُ كِتَابَ اللهِ فَقَامَ(1/92)
خُطَبَاؤُهُمْ فَقَالُوا: وَاللهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ كِتَابَ اللهِ فَإِنْ جَاءَ بِحَقٍّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ وَإِنْ جَاءَ بِبَاطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِبَاطِلِهِ فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللهِ الْكِتَابَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ كُلُّهُمْ تَائِبٌ فِيهِمْ ابْنُ الْكَوَّاءِ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى عَلِيٍّ الْكُوفَةَ فَبَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى بَقِيَّتِهِمْ فَقَالَ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِنَا وَأَمْرِ النَّاسِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ حَتَّى تَجْتَمِعَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ " بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا أَوْ تَقْطَعُوا سَبِيلاً أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمْ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ فَقَالَتْ: لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا يَا ابْنَ شَدَّادٍ فَقَدْ قَتَلَهُمْ؟ فَقَالَ: وَاللهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ وَسَفَكُوا الدَّمَ وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ الذِّمَّةِ فَقَالَتْ أَاللهِ قَالَ أَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَقَدْ كَانَ قَالَتْ فَمَا شَيْءٌ بَلَغَنِي عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَتَحَدَّثُونَهُ يَقُولُونَ ذُو الثُّدَيِّ وَذُو الثُّدَيِّ قَالَ قَدْ رَأَيْتُهُ وَقُمْتُ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلَى فَدَعَا النَّاسَ فَقَالَ: أَتَعْرِفُونَ هَذَا فَمَا أَكْثَرَ مَنْ جَاءَ يَقُولُ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلاَنٍ يُصَلِّي وَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلاَنٍ يُصَلِّي وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِثَبَتٍ يُعْرَفُ إِلا ذَلِكَ قَالَتْ: فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ(1/93)
يَقُولُ صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَتْ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ اللهُمَّ لاَ قَالَتْ أَجَلْ صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ يَرْحَمُ اللهُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلاَمِهِ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلاَّ قَالَ صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (8).(1/94)
حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ (ح) و حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ وَهَذَا حَدِيثُهُ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ فَقُلْنَا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ " فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلاَءِ فِي الْقَدَرِ فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلاً الْمَسْجِدَ فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلاَمَ إِلَيَّ فَقُلْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لاَ قَدَرَ وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ " ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ " فَأَسْنَدَ(1/95)
رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " )الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ " وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً(، قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ قَالَ: )أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ( قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِحْسَانِ؟ قَالَ: )أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ( قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا قَالَ: )أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ( قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي )يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِل؟ُ( قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ.
وقال رحمه الله رقم (10/82).(1/96)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى وَيَقُولُونَ طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ " نِسَاءَهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ فَقَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ لأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ " فَقَالَتْ: مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَقُلْتُ لَهَا يَا حَفْصَةُ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ " وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " لا يُحِبُّكِ وَلَوْلاَ أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللهِ " فَبَكَتْ أَشَدَّ الْبُكَاءِ فَقُلْتُ لَهَا أَيْنَ رَسُولُ اللهِ "؟ قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلاَمِ رَسُولِ اللهِ " قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفَّةِ الْمَشْرُبَةِ مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ " وَيَنْحَدِرُ فَنَادَيْتُ يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ " فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ " فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي فَقُلْتُ: يَا(1/97)
رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ " فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " ظَنَّ أَنِّي جِئْتُ مِنْ أَجْلِ حَفْصَةَ وَاللهِ لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ " بِضَرْبِ عُنُقِهَا لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهَا وَرَفَعْتُ صَوْتِي فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ ارْقَهْ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ " وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ " فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ قَالَ فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ قَالَ: )مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ( قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ وَمَا لِي لاَ أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلاَّ مَا أَرَى وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالأَنْهَارِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ " وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ فَقَالَ: )يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمْ الدُّنْيَا( قُلْتُ: بَلَى قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلْتُ وَأَنَا أَرَى فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مَعَكَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَكَ وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ وَأَحْمَدُ اللهَ بِكَلاَمٍ إِلاَّ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ اللهُ يُصَدِّقُ قَوْلِي الَّذِي أَقُولُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ آيَةُ التَّخْيِيرِ %عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا(1/98)
مِنْكُنَّ$ %وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ$ وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبِيِّ " فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ قَالَ )لاَ( قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى يَقُولُونَ طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ " نِسَاءَهُ أَفَأَنْزِلُ فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ؟ قَالَ: )نَعَمْ إِنْ شِئْتَ( فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ حَتَّى تَحَسَّرَ الْغَضَبُ عَنْ وَجْهِهِ وَحَتَّى كَشَرَ فَضَحِكَ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ اللهِ " وَنَزَلْتُ فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بِالْجِذْعِ وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ " كَأَنَّمَا يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا كُنْتَ فِي الْغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ قَالَ: )إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ( فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ " نِسَاءَهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ %وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ$ فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الأَمْرَ وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ.
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم (3779).(1/99)
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ( أَوْ )يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا( وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَقَالُوا: وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: )تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ(.
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (77).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ(.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (3233).(1/100)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالْوَلِيدَ بْنَ عَطَاءٍ يُحَدِّثَانِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ وَفَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلاَفَتِهِ فَقَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا قَالَ الْحَارِثُ بَلَى أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا قَالَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ " )إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ وَلَوْلاَ حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهُ فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي لأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ( فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدٍ وَزَادَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ النَّبِيُّ " )وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ فِي الأَرْضِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا وَهَلْ تَدْرِينَ لِمَ كَانَ قَوْمُكِ رَفَعُوا بَابَهَا؟( قَالَتْ: قُلْتُ لاَ، قَالَ: )تَعَزُّزًا أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ مَنْ أَرَادُوا فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا هُوَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا يَدَعُونَهُ يَرْتَقِي حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَفَعُوهُ فَسَقَطَ( قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَارِثِ أَنْتَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ ثُمَّ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ وَمَا تَحَمَّلَ.
قال الإمام مسلم رحمه الله رقم (49).(1/101)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ كِلاَهُمَا عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاَةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلاَةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ: أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ(.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (3283).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لاَ فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ: لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ(.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (3667).(1/102)
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ " مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ " قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ وَاللهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلاَّ ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ " فَقَبَّلَهُ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ فَحَمِدَ اللهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلاَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا " فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ وَقَالَ: %إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ$ وَقَالَ: %وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ$ قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ قَالَ: وَاجْتَمَعَتْ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ(1/103)
عُمَرُ يَقُولُ وَاللهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلاَّ أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلاَمًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لاَ يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلاَمِهِ نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لاَ وَاللهِ لاَ نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَ وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ " فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللهُ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (7285)(1/104)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ " وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ " )أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ( فَقَالَ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ " لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ فَقَالَ عُمَرُ فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَعَبْدُ اللهِ عَنْ اللَّيْثِ عَنَاقًا وَهُوَ أَصَحُّ. وأخرجه مسلم رقم (20).
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (2704).(1/105)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ اسْتَقْبَلَ وَاللهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنِّي لأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَانَ وَاللهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ أَيْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ وَقُولاَ لَهُ وَاطْلُبَا إِلَيْهِ فَأَتَيَاهُ فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا وَقَالاَ لَهُ فَطَلَبَا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا قَالاَ فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ قَالَ فَمَنْ لِي بِهَذَا قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلاَّ قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ فَصَالَحَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ " عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: )إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ(.(1/106)
قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (4425).
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِي اللهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ " أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ قَالَ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ " أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: )لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً(.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (1328).
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ تُفْتِي أَنْ تَصْدُرَ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِمَّا لاَ فَسَلْ فُلاَنَةَ الأَنْصَارِيَّةَ هَلْ أَمَرَهَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ " قَالَ: فَرَجَعَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ مَا أَرَاكَ إِلاَّ قَدْ صَدَقْتَ.
وقال الإمام الدارمي رحمه الله (1/141-142)(1/107)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ " قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ يَا فُلاَنُ هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ " فَإِنَّهُمْ الْيَوْمَ كَثِيرٌ فَقَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ " مَنْ تَرَى؟! فَتَرَكَ ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنْ الرَّجُلِ فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى وَجْهِي التُّرَابَ فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي فَيَقُولُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ مَا جَاءَ بِكَ أَلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ فَأَقُولُ: لا أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ فَأَسْأَلُهُ عَنْ الْحَدِيثِ قَالَ فَبَقِيَ الرَّجُلُ حَتَّى رَآنِي وَقَدْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ فَقَالَ كَانَ هَذَا الْفَتَى أَعْقَلَ مِنِّي.
هذا حديث صحيح.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (1840).(1/108)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لاَ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ " يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ: لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ " يَفْعَلُ.
وأخرجه مسلم (1205).
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم (4399).(1/109)
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بِمَجْنُونَةٍ قَدْ زَنَتْ فَاسْتَشَارَ فِيهَا أُنَاسًا فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ مُرَّ بِهَا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: مَجْنُونَةُ بَنِي فُلاَنٍ زَنَتْ فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ قَالَ فَقَالَ ارْجِعُوا بِهَا ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ رُفِعَ عَنْ ثَلاثَةٍ عَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَعْقِلَ؟ قَالَ بَلَى قَالَ: فَمَا بَالُ هَذِهِ تُرْجَمُ قَالَ: لاَ شَيْءَ قَالَ فَأَرْسِلْهَا قَالَ فَأَرْسَلَهَا قَالَ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ.
هذا حديث صحيح، وعلقه البخاري (12/120).
ولا خير في التنقل عن الحق والتأرجح فيه وما أحسن ما ذكره الإمام ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (13/22)، في ذم بعض المتنقلين عن الحق بعد المصالح الدنيوية.
محمد بن احمد بن سعيد التكريتي يعرف بالمؤبد كان أديبا شاعرا ومما نظمه في الوجيه النحوي حين كان حنبليا فانتقل حنفيا ثم صار شافعيا نظم ذلك في حلقة النحو بالنظامية فقال:
ألا مبلغا عني الوجيه رسالة ... وإن كان لا تجدي لديه الرسائل
تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وذلك لما أعوزتك المآكل
وما اخترت قول الشافعي ديانة ... ولكنما تهوى الذي هو حاصل
وعما قليل أنت لا شك صائر ... إلى مالك فانظر إلى ما أنت قائل
التبيان في حكم دخول العالم على السلطان
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/427).(1/110)
حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ " قَالَ: )اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ(.
وساقه بعده من طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطلّب به.
وهذا سند حسن.
وقال أبو دود رحمه الله (11/344).
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ: ايْمُ اللهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا(.
هذا حديث حسن.
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/357).
حَدَّثَنَا رَوْحٌ وحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا وَمَنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتَتَنَ(.
وأخرجه الترمذي (2256) والنسائي (7/195-196) وأبو داود رقم (2859) والطبراني (11030)، وفيه أبو موسى هذا قال الذهبي: في ترجمته من الميزان شيخ يماني يجهل ما روى عنه غير الثوري، ولعله إسرائيل بن موسى وإلا فهو مجهول، وذكر الحديث في ترجمته.(1/111)
قلت: إسرائيل بن موسى مترجم في التهذيب والميزان ثقة؛ وثقه أبو حاتم وابن معين فإن كان هو كما توقعه الذهبي فالحديث صحيح، وإن كان المجهول كما جزم به الحافظ في التقريب فالحديث له شواهد يصلح بها للإحتجاج منها:
حديث أبي هريرة عند أحمد في المسند (2/371) بلفظ )مَنْ بَدَا جَفَا وَمَنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ وَمَنْ أَتَى أَبْوَابَ السُّلْطَانِ افْتُتِنَ وَمَا ازْدَادَ عَبْدٌ مِنْ السُّلْطَانِ قُرْبًا إِلاَّ ازْدَادَ مِنْ اللهِ بُعْدًا (.
وأخرجه البزار كما في كشف الأستار (1618) والبيهقي (10/101) من طريق محمد بن الصباح الدولابي عن إسماعيل بن زكريا، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة.
وأعل الحديث بالاضطراب؛ فالحديث ضعيف، لكن قوله ) وَمَنْ أَتَى أَبْوَابَ السُّلْطَانِ افْتُتِنَ( إذا كان إتيانه على ما دل عليه ما سيأتي من حديث كعب بن عجرة، أو من أجل الدنيا فالنبي " يقول: )إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ(.
ويقول: )مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلاَ فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ(.
ويقول ": )وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ(. متفق عليه من حديث عمرو بن عوف.
ومما يؤيد ذلك ما أخرجه الإمام مسلم رحمه الله رقم (1854) فقال:(1/112)
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ(.
قال النووي رحمه الله: فمن كره ذلك المنكر فقد برئ من إثمه وعقوبته، وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه وليبرأ...
وقوله: (ولكن من رضي وتابع) معناه ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع اهـ المراد.
وهذه قصة عجيبة فيها عبرة لأهل هذا الشأن.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (15/123).
ابن مقلة الوزير أحد الكتاب المشاهير محمد بن علي بن الحسن بن عبدالله.(1/113)
أبو علي المعروف بابن مقلة الوزير وقد كان في أول عمره ضعيف الحال قليل المال ثم آل به الحال إلى أن ولي الوزارة لثلاثة من الخلفاء المقتدر والقاهر والراضي وعزل ثلاث مرات وقطعت يده ولسانه في آخر عمره وحبس فكان يستقي الماء بيده اليسرى وأسنانه وكان مع ذلك يكتب بيده اليمنى مع قطعها كما كان يكتب بها وهي صحيحة وقد كان خطه من أقوى الخطوط كما هو مشهور عنه وقد بنى له دارا في زمان وزارته وجمع عند بنيانها خلقا من المنجمين فاتفقوا على وضع أساسها في الوقت الفلاني فأسس جدرانها بين العشائين كما أشار به المنجمون فما لبث بعد استتمامها إلا يسيرا حتى خربت وصارت كوما كما ذكرنا ذلك وذكرنا ما كتبوا على جدرانها وقد كان له بستان كبير جدا عدة أجربة أي فدادين وكان على جميعه شبكة من إبريسم وفيه أنواع الطيور من القمارى والهزاز والببغ والبلابل والطواويس وغير ذلك شيء كثير وفي أرضه من الغزلان وبقر الوحش والنعام وغير ذلك شيء كثير أيضا ثم صار هذا كله عما قريب بعد النضرة والبهجة والبهاء إلى الهلاك والبوار والفناء والزوال وهذه سنة الله في المغترين الجاهلين الراكنين إلى دار الفناء والغرور وقد أنشد فيه بعض الشعراء حين بنى داره وبستانه وما اتسع فيه من متاع الدنيا
قل لابن مقلة لا تكن عَجِلًا ... واصبر فإنك في أضغاث أحلام
تبنى بأنقاض دور الناس مجتهدا ... دارا ستقض أيضًا بعد أيام
ما زلت تختار سعد المشتري لها ... فكم نحوس به من نحس بهرام
إن القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... في حال نقض ولا في حال إبرام
فعُزل ابن مقلة عن وزارة بغداد وخربت داره وانقلعت أشجاره وقطعت يده ثم قطع لسانه وصودر بألف ألف دينار ثم سجن وحده ليس معه من يخدمه مع الِكبَرٍِ والضعف والضرورة وانعدام بعض أعضائه حتى كان يستقي الماء بنفسه من بئر عميق فكان يدلي الحبل بيده اليسرى ويمسكه بفيه وقاسى جهد جهيدا بعد ما ذاق عيشا رغيدا ومن شعره في يده(1/114)
ما سئمت الحياة لكن توثقت ... بأيمانهم فبانت يمينى
بعت ديني لهم بدنياي حتى ... حرموني دنياهم بعد ديني
ولقد حطْت ما استطعت بجهدي ... حفظ أرواحهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتي بانت يميني فبيني
فانظر كيف كان حاله مع ذلك الأمير وكيف نكّل به.
وانظر ماذا صنع هارون الرشيد - رحمه الله - بالبرامكة، قال الإمام ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (13/639) حوادث سنة سبع وثمانين ومائة.
فيها كان مهلك البرامكة على يدى الرشيد قتل جعفر بن يحي بن خالد البرمكي ودمر ديارهم واندرست آثارهم وذهب صغارهم وكبارهم وقد اختلف في سبب ذلك على أقوال ذكره ابن جرير وغيره قيل إن الرشيد كان قد سلم يحي بن عبد الله بن حسن إلى جعفر البرمكي ليسجنه عنده فما زال يحي يترفق له حتى أطلقه فنمى الفضل بن الربيع ذلك إلى الرشيد فقال له ويلك لا تدخل بينى وبين جعفر فلعله أطلقه عن أمرى وأنا لا أشعر ثم سأل الرشيد جعفرا عن ذلك فصدقه فتغيظ عليه وحلف ليقتلنه وكره البرامكة ثم قتلهم وقلاهم بعد ما كانوا أحظى الناس عنده وأحبهم إليه وكانت أم جعفر والفضل أم الرشيد من الرضاعة وقد جعلهم الرشيد من الرفعة في الدنيا وكثرة المال بسبب ذلك شيئا كثيرا لم يحصل لمن قبلهم من الوزراء ولا لمن بعدهم من الأكابر والرؤساء بحيث إن جعفرا بنى دارا غرم عليها عشرين ألف ألف درهم وكان ذلك من جملة ما نقمه عليه الرشيد ويقال إنما قتلهم الرشيد لأنه كان لا يمر ببلد ولا إقليم ولا قرية ولا مزرعة ولا بستان إلا قيل هذا لجعفر ويقال إن البرامكة كانوا يريدون إبطال خلافة الرشيد وإظهار الزندقة وقيل إنما قتلهم بسبب العباسة ومن العلماء من أنكر ذلك وإن كان ابن جرير قد ذكره.(1/115)
قلت: وهذا أخْيَر ملوك الدولة العباسية صنع بالبرامكة من تدميرهم، وزوال ملكهم ما ترى، فسامهم سوء العذاب لما حصل من بعضهم من الأسباب ولم يتعامل معهم بقول الله تعال: %وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا$ [الأنعام:164]. %فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ$ [الحشر:2].
وما أحسن ما قيل:
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبوا ... جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
وإن نصحتهم خالوك تخدعهم ... واستثقلوك كما يستثقل الظل
فاستغن بالله عن أبواهم أبدًا ... إن الوقوف على أبوابهم ذل
علماء السوء لهم أساليب في التزلف واستغلال عواطف المسئولين.
فهذا عمرو بن عبيد بن باب شيخ القدرية والمعتزلة متروك صاحب بدعة؛ كان يشتم الصحابة ويكذب في الحديث، قال ابن كثير في البداية والنهاية (13345) والذهبي في الميزان.
عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه أنه سمع عمرو بن عبيد روي له حديث ابن مسعود الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ )إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ..( الحديث.
فقال عمرو بن عبيد لو سمعت الأعمش يقول هذا لكذبته ولو سمعته من زيد بن وهب لما صدقته ولو سمعت ابن مسعود يقوله ما قبلته ولو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا لرددته ولو سمعت الله يقول هذا لقلت ليس على هذا أخذت ميثاقنا.
قال ابن كثير وهذا من أقبح الكفر لعنه الله إن كان قال هذا.
ومع هذا فقد كان يظهر الزهد تزلّفًا، وبذلك حظي عند الأمير أبي جعفر المنصور لأنه كان يفد مع القراء فيعطيهم القراء فيأخذون ولا يقبل عمرو منه شيئًا، فكان ذلك يعجب المنصور لأنه كان بخيلاً وكان يقول:(1/116)
... ... ... كلكم يمشي رويد ... ... كلكم يطلب صيد
... ... ... ... ... غيرعمرو بن عبيد.
قال ابن كثير: ولو تبّصر المنصور لعلم أن كل واحد من أولئك القراء خيرٌ من ملئ الأرض مثل عمرو بن عبيد والزهد، لا يدل على صلاح فإن بعض الرهابين قد يكون عنده من الزهد ما لا يطيقه كثير من المسلمين في زمانه. وقد رأيت له منامات قبيحة، وقد طول شيخنا في تهذيبه(1) ترجمته ولخصنا حاصلها في كتابنا التكميل وإنما أشرنا هاهنا إلى نبذة من حاله ليعرف فلا يعتبر به اهـ المراد.
وما أحسن قول ابن القيم رحمه الله: في كتابه الفوائد (249):
علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم! فكلما قالت أقوالهم للناس: هلموا، قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم!! فلو كان ما دعوا إليه حقًا كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصورة أدلاء، وفي الحقيقة قطاع طرق.
الميزان في تعامل العالم مع السلطان
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/243).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي أَبُو حَصِينٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الْعَدَوِىِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ " أَوْ دَخَلَ وَنَحْنُ تِسْعَةٌ وَبَيْنَنَا وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ: )إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ(.
__________
(1) ... أي الحافظ المزي ترجم له في تهذيب الكمال.(1/117)
وأخرجه الترمذي في جامعه (2259) والنسائي (7/160) وعبد بن حميد في المنتخب (370) وابن حبان (282) والحاكم (1/79) والبيهقي في الكبرى (8/165). من طريق أبي حصين عن الشعبي به.
وهذا سند صحيح.
وأخرجه أحمد (3/321 رقم14441) عن جابر مرفوعًا نحوه بسند حسن.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (55).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِسُهَيْلٍ إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنْ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ قَالَ وَرَجَوْتُ أَنْ يُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا قَالَ: فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي كَانَ صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ ثُمَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ " قَالَ: )الدِّينُ النَّصِيحَةُ( قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: )للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ(. وأخرجه مسلم رقم (56).
وقال الإمام البخاري رحمه الله (7199).
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ " عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ.
وثبت من حديث طارق بن شهاب البجلي رضي الله عنه أن النبي " سئل أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: )كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ(. أخرجه النسائي (7/161).
وأخرجه ابن ماجة (2/1330) من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه بسند حسن.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (49).(1/118)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ كِلاَهُمَا عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاَةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلاَةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ: أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ(.
وكما تقدم في حديث كعب بن عجرة في أول الباب فهو الميزان في هذا الباب، وبنحوه حديث أم سلمة (فمن كره فقد برء ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع) اهـ.
وقال الله تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً$ [النساء:59].
قال الإمام البخاري رحمه الله (13/109):(1/119)
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ " ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ )السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ(، وأخرجه مسلم (1839).
وقال الإمام مسلم رحمه الله (1851):
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَاصِمٌ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً فَقَالَ إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ " يَقُولُهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ " يَقُولُ: )مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً(.
وقال الإمام البخاري رحمه الله (652):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ(.
وقال الإمام مسلم رحمه الله (1836):(1/120)
و حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ " )عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ(.
وقال الإمام مسلم رحمه الله (1846):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ " فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله (3335):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا( قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: )تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ(، وأخرجه مسلم (1843).
وقال رحمه الله رقم: (6530):(1/121)
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْجَعْدِ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً(، وأخرجه مسلم (1849).
وجوب القضاء بالعدل الذي امر لله به.
قال تعالى: %إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً$ [النساء:58].
وقال تعالى: %إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ$ [النحل:90]. وقال تعالى: %أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ # وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ$ [الأنعام:114-115].
وقال تعال: %فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ$ [الشورى:15].
وقال تعالى: %وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ$ [الأنعام: 152].(1/122)
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً$ [النساء:135].
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ$ [المائدة:8].
وقال تعالى: %وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ$ [الأنعام: 152].
وأخرج البخاري رقم (2587) ومسلم رقم: (1623) من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ: عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ " فَأَتَى رَسُولَ الله " فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: )أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا(؟ قَالَ: لَا قَالَ: )فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ( قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.(1/123)
وأخرج الإمام أبو داود رقم (2867) والترمذي (2117) وابن ماجه رقم (2704) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ(.
وفيه شهر بن حوشب ضعيف يصلح في الشواهد، والحديث ذكرناه في الباب مع ماله من الشواهد في سوء الخاتمة في الظلم في آخر العمر من سوء الخاتمة، ومن تلك الشواهد:
حديث ابن مسعود في البخاري رقم: (7454) ومسلم رقم (2643) وفيه )إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ(، الحديث.
وعن عوف بن مالك ان رسول الله " قال: )إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي( فناديت بأعلى صوتي ثلاث مرات وما هي يا رسول الله؟ قال: )أولها ملامه وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل وكيف يعدل مع قرابته(. أخرجه البزار (1597) والطبراني في الكبير (18/71رقم 1214)، وهو في الصحيحة رقم (1562).
وأخرج الإمام أحمد رحمه الله (2/270) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ حَقًّا مَا حَكَمُوا فَعَدَلُوا وَأْتُمِنُوا فَأَدَّوْا وَاسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا(.(1/124)
وأخرج الإمام البخاري رحمه الله رقم (3150) ومسلم رقم (1062)، من حديث عَبْدِ اللهِ بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ " أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ قَالَ رَجُلٌ وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ فَقُلْتُ: وَاللهِ لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ " فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: )فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللهُ وَرَسُولُهُ رَحِمَ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ(.
فضل القضاء بالعدل الذي أمر الله به وفضل القاضي بذلك
قال تعالى: %شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ$ [آل عمران:18].
قال تعال: %وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ$ [الحجرات: 9].(1/125)
وأخرج الإمام مسلم رحمه الله رقم (2865)، من حديث عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ( قَالَ: )وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ(.
وقال تعالى: %وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ$ [المائدة:42].
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً$ [النساء:135].
وقال تعالى: %قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ # فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ$ [لأعراف:30].
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (3339).(1/126)
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ فَيَقُولُ: لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ " وَأُمَّتُهُ فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ وَهُوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: %وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ$ وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ(.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (1827).
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ " وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ " )إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّوَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا(.(1/127)
وأخرج الإمام البخاري رقم (660) ومسلم رقم (1031)، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ(.
وقال النبي " )ثلاث مهلكات؛ شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه من الخيلاء، وثلاث منجيات؛ العدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفاقة، ومخافة الله في السر والعلانية(، جاء عن جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك، كما في الصحيحة رقم (1802).
وله شاهد عن ابن عمر رضي الله قال: قال رسول الله " )ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات، فأما المهلكات: )فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السر والعلانية، وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، وصلاة بالليل والناس نيام(، أنظر ما قبله.(1/128)
وأخرج الإمام الترمذي رحمه الله رقم (2526) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ(.
وأخرجه أحمد في المسند (2/445) وأعله الترمذي فقال: ليس إسناده بذاك القوي وهو عندي ليس بمتصل. اهـ
ولكن له شواهد يثبت بها منها: حديث عبد الله بن أبي أوفى عند ابن ماجة رقم (1753) مثله، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح.
وأخرج الإمام البخاري رحمه الله رقم (2957) ومسلم رقم (1835) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله " )مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ(.
وأخرج الإمام البخاري رحمه الله رقم (73) ومسلم رقم (816)، من حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص" )لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا(.(1/129)
وأخرج البخاري رقم (2222) ومسلم رقم (155)، من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللهِ " )وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ(.
قال النووي رحمه الله في شرح حديث (1825) وأما من كان أهلا للولاية وعدل فيها فله فضل عظيم تظاهرت به الأحاديث الصحيحة كحديث )سبعة يظلهم الله( والحديث المذكور هنا عقب هذا )أن المقسطين على منابر من نور( وغير ذلك واجماع المسلمين منعقد عليه.
شروط تولي القضاء
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب (الأحكام) باب (16) بَاب مَتَى يَسْتَوْجِبُ الرَّجُلُ الْقَضَاءَ.(1/130)
وَقَالَ الْحَسَنُ أَخَذَ اللهُ عَلَى الْحُكَّامِ أَنْ لَا يَتَّبِعُوا الْهَوَى وَلَا يَخْشَوْا النَّاسَ وَلَا يَشْتَرُوا بِآيَاتِه ثَمَنًا قَلِيلًا ثُمَّ قَرَأَ %يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ$ وَقَرَأَ %إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ$ بِمَا اسْتُحْفِظُوا اسْتُوْدِعُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَقَرَأَ %وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ # فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا$ فَحَمِدَ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ وَلَوْلَا مَا ذَكَرَ اللهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ لَرَأَيْتُ أَنَّ الْقُضَاةَ هَلَكُوا فَإِنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا بِعِلْمِهِ وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ.
وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي مِنْهُنَّ خَصْلَةً كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ أَنْ يَكُونَ فَهِمًا حَلِيمًا عَفِيفًا صَلِيبًا عَالِمًا سَئُولًا عَنْ الْعِلْمِ.(1/131)
قال الخافظ ابن حجر رحمه الله: في شرح هذا الباب من فتح الباري: قال أبو علي الكرابيسي صاحب الشافعي: في كتاب آداب القضاء له لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافًا أن أحق الناس أن يقضي بين المسلمين من بان فضله وصدقه وعلمه وورعه قارئا لكتاب الله، عالمًا بأكثر أحكامه، عالمًا بسنن رسول الله، حافظا لأكثرها، وكذا أقوال الصحابة عالمًا، بالوفاق، والخلاف، وأقوال فقهاء التابعين، يعرف الصحيح من السقيم، يتبع في النوازل الكتاب فان لم يجد فالسنن فان لم يجد عمل بما اتفق عليه الصحابة فان اختلفوا فما وجده أشبه بالقرآن ثم بالسنة ثم بفتوى أكابر الصحابة عمل به، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم والمشاورة لهم، مع فضل وورع، ويكون حافظا للسانه، وبطنه، وفرجه، فهما بكلام الخصوم، ثم لا بد أن يكون عاقلا، مائلا عن الهوى، ثم قال: وهذا وان كنا نعلم انه ليس على وجه الأرض أحد يجمع هذه الصفات، ولكن يجب أن يطلب من أهل كل زمان أكملهم وأفضلهم.
وقال المهلب: لا يكفي في استحباب القضاء أن يرى نفسه أهلًا لذلك بل أن يراه الناس أهلًا لذلك.
وقال بن حبيب: عن مالك، لا بد أن يكون القاضي عالمًا عاقلًا قال بن حبيب: فان لم يكن علم فعقل وورع؛ لأنه بالورع يقف وبالعقل يسأل، وهو إذا طلب العلم وجده وإذا طلب العقل لم يجده.
قال بن العربي: واتفقوا على أنه لا يشترط أن يكون غنيا، والأصل قوله تعالى: %وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ$، %قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ$ الآية: [البقرة:247]. قال: والقاضي لا يكون في حكم الشرع إلا غنيا؛ لأن غناه في بيت المال فإذا منع من بيت المال واحتاج كان تولية من يكون غنيًا أولى من تولية من يكون فقيرًا لأنه يصير في مظنة من يتعرض لتناول ما لا يجوز تناوله.(1/132)
واتفقوا على اشتراط الذكورية في القاضي إلا عن الحنفية، واستثنوا الحدود، وأطلق بن جرير وحجة الجمهور الحديث الصحيح )ما أفلح قوم ولوا أمورهم امرأة( وقد تقدم؛ ولأن القاضي يحتاج إلى كمال الرأي ورأي المرأة ناقص ولا سيما في محافل الرجال.
قوله: وقال الحسن هو البصري قوله: أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآيات الله ثمنا قليلًا ثم قرأ %يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ يَوْمَ$... إلى %يوم الْحِسَابِ$ [صّ:26]. وقرأ %إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ$... إلى قوله: %وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ$ [المائدة:44].
قلت: فأراد من آية % يَا دَاوُدُ$ قوله: %وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ$ وأراد من آية المائدة بقية ما ذكر وأطلق على هذه المناهي أمرا إشارة إلى أن النهي عن الشيء أمر بضده ففي النهي عن الهوى أمر بالحكم بالحق، وفي النهي عن خشية الناس؛ أمر بخشية الله ومن لازم خشية الله الحكم بالحق، وفي النهي عن بيع آياته؛ الأمر باتباع ما دلت عليه وإنما وصف الثمن بالقلة إشارة إلى أنه وصف لازم له بالنسبة للعوض فإنه أغلى من جميع ما حوته الدنيا.
قوله: (بما استحفظوا) استودعوا من كتاب الله الآية ثبت هذا للمستملي وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى: %بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ$ [المائدة:44]. أي بما استودعوا استحفظته كذا استودعته إياه.(1/133)
قوله: (وقرأ) أي الحسن البصري المذكور %وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ$ [الانبياء: 78]. إلى آخرها رويناه موصولا في حلية الأولياء لأبي نعيم: من رواية محمد بن إبراهيم الحافظ المعروف بمربع بموحدة ومهملة وزن محمد قال: حدثنا سعيد هو بن سليمان الواسطي، حدثنا أبو العوام هو عمران القطان، عن قتادة، عن الحسن وهو بن أبي الحسن البصري، فذكره ومعنى أخذ الله على الحكام عهد إليهم.
قوله: (فحمد سليمان ولم يلم داود).
قال البغوي رحمه الله: في كتاب آداب القاضي من التهذيب (ص:16) ويشترط: أن يكون القاضي مسلمًا، مكلفًا، ذكرًا، حرًا، عدلًا عالمًا مجتهدًا.
ثم شرح هو وغيره هذه الشروط بأدلتها.
وقال محمد بن فرحوت المالكي: في تبصرة الأحكام (1/18) وشروط القاضي التي لا يتم القضاء إلا بها عشرة: الإسلام، والعقل، والذكوريه، والحريّه، والبلوغ، والعدالة، والعلم، وكونه واحد، وسلامة حاسة السمع والبصر من العمى والصمم، وسلامة اللسان من البكم؛ فالثمانية الأول هي المشترطة في صحة الولاية والثلاثة الأخرى ليست بشرط في الصحة لكن عدمها يوجب العزل.
ضرر الحرص على الدنيا عن طريق القضاء أو غيره
قال تعالى: %مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً # وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً$ [الإسراء:18-19].
وقال تعالى: % يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ # إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ$ [فاطر:5-6].(1/134)
وقال تعالى: %فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ$ [لأعراف:169].
وقال تعالى: %إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ # أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ$ [يونس:7-8].
وقال تعالى: %مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ$ [النحل:96].
وقال تعالى: %قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً$ [النساء: 77].
وقال تعالى: %وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ$ [القصص:60].
وقال تعالى: %فَأَمَّا مَنْ طَغَى # وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا # فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى$ [النازعات:37-41)].(1/135)
وأخرج البخاري رقم (4015) ومسلم رقم (2961)، من حديث عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ " بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللهِ " هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ " فَلَمَّا صَلَّى بِهِمْ الْفَجْرَ انْصَرَفَ فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ " حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ: )أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ(؟ قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: )فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ(.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (2742)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ(.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (2886)(1/136)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ(.
لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ.
وَزَادَنَا عَمْرٌو قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ إِنْ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ( وَقَالَ: )فَتَعْسًا( كَأَنَّهُ يَقُولُ: فَأَتْعَسَهُمْ اللهُ.
وقال الإمام الترمذي رحمه الله رقم (1337).
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ " يَقُولُ: )إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ(.
وأخرجه أحمد (4/160)، والحديث حسن.
وقال الترمذي رحمه الله رقم (2377).(1/137)
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ(.
وأخرجه (3/456)، والحديث صحيح.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (7148)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ(.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.. قَوْلَهُ.
وقال رحمه الله رقم: (7149).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ " أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي فَقَالَ: أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَقَالَ: الْآخَرُ مِثْلَهُ فَقَالَ: )إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ(، وأخرجه مسلم (1733).
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7146).(1/138)
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ " )يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ(.
وأخرجه مسلم (1652).
وقال رحمه الله رقم: (7150).
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ " سَمِعْتُ النَّبِيَّ " يَقُولُ: )مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ(، وأخرجه مسلم رقم: (142).
وفي لفظ بعده من البخاري: قَالَ رَسُولِ اللهِ " )مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ(.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7152).(1/139)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ طَرِيفٍ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ فَقَالُوا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ " شَيْئًا قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: )مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ( قَالَ: )وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقْ اللهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ( فَقَالُوا: أَوْصِنَا فَقَالَ: )إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ(.
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " جُنْدَبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ جُنْدَبٌ، وأخرجه مسلم رقم: (2987باختصار).
يجب على القاضي أن يحكم بكتاب الله عزوجل وسنة رسوله " على فهم سلف الأمّه
قال الله تعالى: %إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً # يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً$ [النساء:58-59].(1/140)
وقال تعالى: %أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ # ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ # فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ$ [آل عمران:23-25]. وقال تعالى: %وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً$ [الأحزاب:36].
وقال تعالى: %فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً$ [النساء:65].
وقال تعالى: %وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ # وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ # وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ # أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ # إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ$ [النور:47-51].(1/141)
وقال تعالى: %إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ$ [يوسف: 40].
وقال تعالى: %قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ$ [الأنعام:57].
وقال تعالى: %وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ$ [الشورى:10].
وقال تعالى: %وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً # قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً$ [الكهف:25-26].(1/142)
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ # سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ # وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ # إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ # وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا(1/143)
أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ # وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ # وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْأِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ # وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ # وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ # أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ$ [المائدة:41-50].
وأخرج الإمام ابن ماجه رحمه الله رقم: (4019)فقال:(1/144)
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ " فَقَالَ: )يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ(
الحكم عروة من عرى الإسلام
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/251).
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ " قَالَ: )لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ (. حديث حسن.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (3043).(1/145)
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ " وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا قَالَ: رَسُولُ اللهِ " )قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ( فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللهِ " فَقَالَ: لَهُ )إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ( قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ قَالَ: )لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ(.
وأخرجه مسلم رقم: (1767).(1/146)
وأخرج الإمام البخاري رقم (1724) ومسلم رقم (1697)، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللهِ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْشُدُكَ اللهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللهِ فَقَالَ: الْخَصْمُ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ وَأْذَنْ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ " )قُلْ( قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ " )وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا( قَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ " فَرُجِمَتْ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (6736).(1/147)
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ " لِلْابْنَةِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ.، وانظر باب شدة احتياج الأمة على علم وعلماء السنة.
من ضعف عن القضاء بالحق لا يجوز له أن يتولى القضاء.
قال الإمام أبو داود رحمه الله رقم (3571).
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ(. حديث حسن، وأخرجه الترمذي (1325) وابن ماجة (2308).
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم (3573).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ(.(1/148)
وأخرجه الترمذي رقم (1322) وابن ماجة (2315) والحديث صحيح.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (1826).
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا عَنْ الْمُقْرِئِ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ(.
وقال رحمه الله رقم (1825)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي أَبِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ: )يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا(.
وعن عوف بن مالك ان رسول الله " قال: )إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي( فناديت بأعلى صوتي ثلاث مرات وما هي يا رسول الله؟ قال: )أولها ملامه وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل وكيف يعدل مع قرابته(. أخرجه البزار والطبراني في الكبير.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط مثله.
وهو من باب حديث أبي ذر الذي في مسلم كما تقدم قبله، فالحديث صحيح.(1/149)
قال النووي رحمه الله: في شرح حديث أبي ذر هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية.
وأما الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلا لها أو كان أهلا ولم يعدل فيها...
قال رحمه الله: فلكثرة الخطر فيها حذر " منها وكذا حذر العلماء وامتنع منها خلائق من السلف وصبروا على الأذى حين امتنعوا.
قال الإمام محمد بن خلف المعروف بـ (وكيع) في أخبار القضاة (1/22).
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب، قال حدثنا روح بن عبادة، قال حدثنا (سفيان) بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد قال: كتب الحكم بن أيوب نفرًا على القضاء فكتبني منهم فلو ابتليت ذلك لركبت حماري أو قال: ذهبت في الأرض قال: وقال لي جابر بن زيد وما أملك إلا حمارًا.
وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات إلا شيخ وكيع ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (1081) وقال: صدوق.
وقال رحمه الله (1/23)
حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا سليمان بن أيوب صاحب البصري، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: سمعت أيوب (أي السجستاني) يقول: رأيت أعلم الناس بالقضاء أشدهم له كراهة، وما رأيت أحدًا كان أعلم بالقضاء من أبي قلابة، وما أدرى محمد (بن سيرين) بالقضاء.
زاد البيهقي: في الكبرى (1098) بهذا السند قال: كان ابن سيرين يراد على القضاء فيفر إلى الشام مره وإلى اليمامة مرة.
وهذا سند صحيح؛ وإسماعيل بن إسحاق هو القاضي إمام، وسليمان بن أيوب مترجم في تاريخ بغداد (9/48) قال: ابن معين ثقة صدوق حافظ معروف.
وقال رحمه الله: (1/23).
أخبرني علي بن عبد العزيز الوراق، قال: حدثني معقل بن مهدي، قال: حدثنا حاتم بن وردان، قال: حدثنا أيوب، قال: طُلِب أبو قلابة للقضاء فلحق بالشام، فأقام فيها زمان ثم قدم قال: فقلت لو وليت قضاء المسلمين فعدلت بينهم كان لك بذلك أجر، قال يا أيوب السابح إذا وقع في البحر كم عسى أن يسبح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/358).(1/150)
حدثنا بن علية عن أيوب قال: لما توفي عبد الرحمن بن أذينة ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب حتى أتى الشام فوافق ذلك عزل صاحبها فهرب حتى أتى اليمامة فلقيته بعد ذلك فقال: ما وجدت مثل القاضي إلا كمثل رجل سابح في بحر وكم عسى أن يسبح حتى يغرق، وهذا أثر صحيح.
وساق رحمه الله (1/24)، من طريقين يشهد بعضهما لبعض أن مكحولًا قال: لو خيرت بين القضاء وبين ضرب عنقي لاخترت ضرب عنقي أحب إلي من أن ألي القضاء.
وقال رحمه الله: (1/24).
حدثني عبد الله بن المغفل، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو علي التاجر، قال: قال الفضيل بن عياض إذا ولي الرجل القضاء فليجعل للقضاء يومًا وللبكاء يومًا.
وقال رحمه الله: (1/24).
حدثنا أبو بكر (محمد) بن حبش، قال: حدثنا عثمان بن محمد، قال: حدثنا جرير، عن ابن شبرمه قال: لا تجترئ على القضاء حتى تجترئ على السيف، وهذا سند حسن.
وقال رحمه الله: (1/26)
أخبرني أبو الأحوص، قال: حدثني سعيد بن عفير، قال: حدثني علي بن معبد، عن أبي يوسف، أن ابن هبيرة ضرب أبا حنيفة نحوًا من مائة سوط مفرقه على أنه يلي قضاء الكوفة، فلم بز الوابه قال: أبو حنيفة أنا ألي له عدد ما يدخل الكوفة من أحمال التين والعنب ففعل وخلى عنه.
وهذا سند حسن؛ أبو الأحوص هو محمد بن الهيثم القاضي مذكور بالعلم والرحلة فيه، روى عنه جمع كثير ولم يذكره أحد بسوء كما في تاريخ بغداد، وعلي بن معبد مترجم في تاريخ بغداد (12/109) ثقة.
وذكر ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (1/112).
أن سفيان الثوري رحمه الله طلب حتى أدخل على أبى جعفر، والمهدي قائم على رأسه فدخل سفيان وسلم ثم دنا من البساط فنحاه برجله وجلس، قال: فقال المهدي يا أبا عبد الله حدث أمير المؤمنين بشيء ينفعه الله عز وجل به، قال: إن سألتمونا عن شيء علم ذلك عندنا أخبرناكم، فأعاد عليه فقال: إني لست بقاص.(1/151)
ثم قال: حدثنا أيمن بن نابل، عن قدامه بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله " يرمى الجمار على ناقة صهباء من بطن الوادي بلا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك.
قال: ثم قال المهدي حدث أمير المؤمنين بشيء ينفعه الله عزوجل به فقال: أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم %أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ$ قرأ إلى قوله: %إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ$ [الفجر:14] ثم قطع، اهـ.
قال البيهقي: (10/99) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا صالح خلف بن محمد البخاري، يقول: سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر رئيس نيسابور ببخارى، يقول: ثنا الحسين بن منصور النيسابوري، وعرض عليه قضاء نيسابور فاختفى ثلاثة أيام ودعا الله فمات في اليوم الثالث، وسنده صحيح.
وقال البيهقي في الكبرى: (10/22044).
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب، يقول: سمعت أحمد بن سعيد الرباطي، يقول: قدمت على أحمد بن حنبل فجعل لا يرفع رأسه إلي فقلت: يا أبا عبد الله إنه يكتب عني بخراسان وإن عاملتني بهذه المعاملة رموا بحديثي، فقال: لي يا أحمد هل بد يوم القيامة من أن يقال أين عبد الله بن طاهر وأتباعه أنظر أين تكون أنت منه، قال قلت: يا أبا عبد الله إنما ولاني أمر الرباط لذلك دخلت فيه، قال: فجعل يكرر علي يا أحمد هل بد يوم القيامة من أن يقال أين عبد الله بن طاهر وأتباعه انظر أين تكون أنت منه.
قلت: وعبد الله بن طاهر هذا قال عنه الذهبي: في سير أعلام النبلاء (9/309) الأمير العادل قلّده المأمون مصر وأفريقيه ثم خراسان، وكان ملكًا مطاعًا، سائسًا، مهيبًا، جوادًا ممدحًا، من رجال الكمال، ومع هذا أنكر الإمام أحمد رحمه الله: على أحمد بن سعيد الرباطي توليه لبعض لأعمال الحكومية مع هذا الملك المطاع الجواد..الخ حسب ماذكر الذهبي.(1/152)
رحم الله الإمام أحمد كيف لو رأى أحوال أكثر القضاة في زماننا هذا؛ وما وصلوا إليه من التهالك على الدنيا، وقلة الخوف من الله عزوجل، وتقليد أعداء الإسلام، والحكم بقوانين البشر؛ التي إنما وضعت لنبذ كتاب الله وسنة رسوله " وتهوين هيبتهما في نفوس المسلمين، ودهمائهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وما أحسن ما قاله ابن الوردي رحمه الله في لاميته:
جانِبِ السُّلطانَ واحذرْ بطشَهُ ... لا تُعانِدْ مَنْ إذا قالَ فَعَلْ
لا تَلِ الأحكامَ إنْ هُمْ سألوا ... رغبةً فيكَ وخالفْ مَنْ عَذَلْ
إنَّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ ... وليَ الأحكامَ هذا إن عَدَلْ
فهو كالمحبوسِ عن لذَّاتهِ ... وكِلا كفّيه في الحشر تُغَلْ
إنَّ للنقصِ والاستثقالِ في لفظةِ ... القاضي لَوَعظا أو مَثَلْ
لا تُوازى لذةُ الحُكمِ بما ... ذاقَهُ الشخصُ إذا الشخصُ انعزلْ
فالولاياتُ وإن طابتْ لمنْ ... ذاقَها فالسُّمُّ في ذاكَ العَسَلْ
نَصَبُ المنصِبِ أوهى جَلَدي ... وعنائي من مُداراةِ السَّفلْ
وقال الإمام محمد بن الأمير الصنعاني رحمه الله في رسالته (إزالة التهمة ببيان ما يجوز وما لا يجوز من مخالطة الظلمة).
قال: مخالطة الظالم أنواع وأقسام منها ما يوجب جزيل الثواب وفيها ما يوجب أليم العقاب,(1/153)
فالنوع الأول أن يكون البيان ما يجب عليه، وإرشاده إلى ما يتوجه خطابه إليه وتعليمه علم الشريعة، وإن لم يعمل فإنه إبلاغ للشرائع، وهو واجب اتفاقًا فهذه المخالطة واجبة بالاتفاق، ومنه مخالطة رسل الله عليهم السلام للكفار الذين حصر الله الظلم عليهم فقال: %وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ$ ومعلوم أن كل رسول من رسل الله يخالط الكفار ويغاشهم في منازلهم، ويجالسهم، يأمرهم بالإيمان، ويزجرهم عن الكفر والعصيان، ويدعوهم إلى ما يقربهم إلى الرحمن، ويبعدهم عن ساحة الشيطان وهذا واجب على كل عالم من ورثة الرسل في جميع الأزمان، وهذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجب على كل إنسان بنصوص السنة والقرآن، وهذه المخالطة ترفع مقام من خالطهم إلى غرف الجنان.
النوع الثاني: أن يخالطهم اتقاء شرهم على نفسه، أوماله، أو عرضه أو على أي مسلم في أي الثلاثة فهذا جائز، وقد بكون واجبًا، قال الله تعالى: %إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً $ وهي في الكفار فبالأولى في مسلم ظالم.
الثالث: مخالطة الظالم لقرابه ورحامه، فهذا جائز بلا ملامة قال الله تعالى: في الأبوين الكافرين: %وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً$.
الرابع: المخالطة في المعاملات الدنيوية بالبيع منه والشراء، فإنه جائز بالاتفاق ما لم يعلم أن الذي في يده حرام أو يظن، وهذا قد عقد له الفقهاء مسألة وقالوا: يجوز معاملة الظالم بيعًا وشراءً فيما لم يظن تحريمه ولا تجارة إلا بمخالطة ودليل هذا إجماع الصحابة متاجرتهم مع اليهود والكفار بل هذا رسولنا " مات ودرعه مرهونة عند يهودي في قرظة اقترضها منه، واليهود من أظلم الظلمة كما سمعت في الآية.
الخامس: مخالطته لتأخذ مما في يده من الأموال التي لك فيها حق، فإن هذا جائز فعله أئمة الإسلام.(1/154)
وقال (ص:214) واعلم أنه وجب عليك المخالطة بما ذكرناه في القسصم الأول، أو جازت لك كما في سائر الأنواع فيتعين عليك الإقتصار على قدر الحاجة من ذلك، حافظًا للسانك عن استحسان ما هم فيه، ولقلبك عن الميل إلى ما لا يحي إليه الميل، وحارسًا لباطنك عما يحرم عليك بالاختلاط فإنا رأينا أقوامًا اتصلوا بالملوك لمقاصد على دعواهم صالحة، ومتاجر في الآخرة رابحة، فما لبثوا إلا يسيرًا من الزمان حتى صاروا من جملة الأعوان، وتخلقوا بأخلاق الظالمين وسلكوا مسالكهم في كل حين. وقد أخرج ابن عساكر عن ابن عباس مرفوعًا: )سيكون قوم من بعدي من أمتي يقرؤون القرآن ويتفقهون في الدين، فيأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم السلطان فأصلح من دنياكم واعتزلتموه بدينكم، ولا يكون ذلك كما لا يجنى من القتاد إلا الشوك كذلك لا يجنى من قرابهم إلا الخطايا( انتهى.
ولله در الكلام النبوي ما أصدق معناه فقد شاهدناه عيانًا، ونسأل الله عفوًا وغفرانًا. انتهى.
واعلم أنه لما كان من يتصل بالظلمة لأي الوجوه التي تجوز له مما قدمنا غير ممنوع عنه شرعًا إلا أنه مطنة أن يميل إلى هواهم، ويعينهم على بلواهم، ويستحسن ما قبحه الله وسوله " فإن حفظ النفس مع الإتصال بهم أمر عسير إلا على من يسره الله لليسرى، وآثر على الأولى الأخرى، فإنه ربما تم له الإختلاط مع حفظ دينه، وإن كان ذلك أمرًا عزيزًا يكاد أن يلحق بالمحال، ولعزته حذر السلف رضي الله عنهم عن الإتصال بالظلمة والملوك، وورد عنهم أنهم كانوا يتعلمون تجنب أبواب السلطان كما يتعلمون السورة من القرآن، وكلام الأئمة من العلماء في التحذير من الإتصال بهم كثير جدًا.(1/155)
وقال رحمه الله (ص:217) وللسيد الإمام العلامة محمد بن إبراهيم الوزير أبيات كتبها إلى أخيه السيد العلامة الهادي بن إبراهيم لما اتصل بالإمام صلاح الدين محمد بن علي المكنى بالناصر، وهو المعروف الآن بصلاح الدين قبره في صنعاءمشهور مزور رأيت إثباتها وجوابها هنا، لعزتهما وحسنهما ونصحهما، قال السيد محمد رحمه الله:
يا سبط إبراهيم لا تنس ما ... كان عليه في التحلي أبوك
فإن آباءك لو شاهدوا ... بعض الذي تفعله أنبوك
مالك لا تسلك نهجًا وقد ... سن لنا فيه أبوك السلوك
وأهلنا من قبلنا طالما ... عاشوا وهم في الحرب سلوك
فانهض إلى أوطانهم شاخصًا ... وارمك بها ما إن أردت الرموك
فوقفة في مسجد ساعة ... خير لنا من مِلْك مُلك الملوك
هذا وإن كنت امرءًا عاشقًا ... للملك لا تنفع لديك الصكوك
وإنما تنفع من قلبه ... لا يعتريه في الملك الشكوك
واعلم بأن العز في الزهد والـ ... ـفضل وأهل الملك طرًا هلوك
فابعد عن الملك وأربابه ... وإنه هم يومًا له أهلوك
ولا تطعهم يا شقيقي ولو ... وليتهم في أمرهم أو ولوك
ولا تضع سا سيدي حله ... وحلية قد صاغها أولوك
لا تنظرن يومًا إلى قائم ... وانظرن إلى ماقالوه ناصحوك
وعاصهم إن كنت ذا همة ... لهم وطاوعهم إذا ناصحوك
فأجابه عليه السيد الهادي رحمه الله:
فارق بني الدنيا وإن أكرموك ... وارفض بني الملك وإن قربوك
يومًا إذا ما أنت أرضيتهم ... ملوك أو أسخطتهم عاتبوك
ومثل خط فوق ماء إذا ... عاتبتهم والويل إن عاتبوك
لهم عليك الحق تيهًا سواء ... أعتبتهم في الأمر أو أعتبوك
إن قطعوا عنك عطاياهم ... أو أقطعوا أملاكهم عذبوك
وإن هم أعلوك في رتبة ... فإنما في هوة كبكبوك
ولا يغرنك إن نوبوك ... فإنما فيها أرى نيبوك
فابعد عن القوم فلو جئتهم ... طفلاً وخالطتهم شيبوك
ولا تحمل لهم راية ... في الحرب لو أنهم حاربوك
فإنما تحمل في مثل ما ... أم بها المختار غزوة تبوك
فارغب عن الملك وأربابه ... وإن هم في شأنه رغبوك
واقنع عن الدنيا بمرقوعه ... ولو أنها مصنوعة من مسوك(1/156)
وكل حلالاً خشنَا وإتدم ... شكرًا وكن للدهر ممن يلوك
وجالس الزهاد وانهد إلى الـ ... ـعباد واقصدهم وإن جانبوك
فإن بعض الفضلا كان في ... جزيرة يعبد رب الملوك
وكان لا يأكل في عمره الـ ... ـمحمود إلا من لحوم السموك
وليست الدنيا بمحمودة ... هيهات ما فيها لنا من سلوك
والزهد فيها ثوب عز لمن ... يلبسه جودًا من يحوك
لكنه عز فتى لابس ... في ذلك الثوب الشريف المحوك
وقد أتى يا ولدي منك لي ... نظم هو الدر الذي في السلوك
كأنه الشمس ولكنها ... طالعة ما إن لها من دلوك
هو اليقين الحق ما خالطت ... قلبي فيما قلت فيه الشكوك
ما أوضح النهج الذي جئته ... وأوضح المسلك لا فض فوك
واعلم أني يا ابن أم على النهج الـ ... ـنهج الذي نوره سابقوك
وكل حال غير هذا وإن ... قيل به لا يرتضيه أخوك
ولست بالراضي بها حاجة ... أحسن فيها رفضها والتروك
تلك التي من وصف أصحابها ... حماقة الروم وكبر التروك
وقال العلامة الصنعاني رحمه الله:
ذبحت نفسك لكن لا بسكين ... كما رويناه عن طه ويسين
ذبحت نفسك والستون قد وفدت ... عليك ماذا ترجى بعد ستين
ذبحت نفسك يا لهفي عليك وقد ... كنا نعدك للتقوى وللدين
أي الثلاثة تغدوا في غداة غد ... إذ يجمع الله أهل الدين والدَّون
فواحد في جنان الخلد مسكنه ... واثنان في النار دار الخزي والهون
يأتي القيامة قد غلت يداه فكن ... يوم التغابن فيها غير مغبون
فإن يكن عادلاً فكَّت وإن يكن الـ ... أخرى ففي النار من أقاران قارون
فإن تقل أكرهونا كان ذا كذبًا ... فنحن نعرف أحوال السلاطين
وإن تقل حاجت مست فربتما ... فأين صبرك من حين إلى حين
والله وصى به في الذكر في سور ... كم في الحواميم منه والطواسين
قد شد خير الورى في بطنه حجرًا ... ولو أراد أتاه كل مخزون
ما مات والله عالم أبدًا ... سل التواريخ عنه والدواوين
ليس القضاء مكسبًا للرزق نعرفه ... كما عرفناه في أهل الدكاكين
إلا لمن للرشا كفاه قد بسطت ... بسط اللصوص شباكًا للثعابين
سل الهد والغنى ممن خزائنه ... سبحانه بين حرف الكاف والنون(1/157)
وحيث قد صرت مذبوحًا فخذ جملاً ... للنصح ما بين تخشين وتليين
إياك إياك كتابًا تخالهمُ ... إنسًا وهم مثل إخوان الشياطين
واحذر حجابًا وحُجَّابًا مع خدم ... فهمهم أكل أموا المساكين
وجانب الرشوة الملعون قابضها ... نصًا فسحقًا لإخوان الملاعين
وفي الرشا خفيات ويعرفها ... من كان ذا همة في الحفظ للدين
واحذر قرينًا تقل بئس القرين غدًا ... كم حاكم بقرين السوء مقرون
ولا تقل ذا أمين الشرع أرسله ... فكم رأينا أمينًا غير مأمون
واحذر وكيلاً يريك الحق باطله ... يزفه بين تنميق وتحسين
ولا تنفذ أحكامًا ومستندًا الـ ... أحكام رجم بتبخيت وتخمين
لا تجعلن بيوت الله محكمة ... ولا تحلق من خلف الأساطين
لتنظرن بين أقوام صراخهم ... صراخ ثكلى ولكن غير محزون
لا يستطيع المصلي من صراخهم ... يأتي بفرض ولا يأتي بمسنون
وثمة أشياء ما بينتها لك في ... نظمي وتعرفها من غير تبيين
إن عشت سوف ترى منها عجائبها ... إن كان قلبك حي غير مفتون
ومن يمت قلبه لا يهتدي أبدًا ... لو جئته بصحيحات البراهين
هذي النصائح إن كان القبول لها ... مهرًا ظفرت غدًا بالخرَّد العين
مالم ظفرت أنا بالفوز منفردًا ... بأجر نصحي يقينًا غير مظنون
ثم الصلاة على المختار من مضر ... وآله السادة الغر الميامين
القضاء بقوانين البشر طاغوت وإعراض عن ذكر الله.(1/158)
قال تعالى: %أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً # وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً # فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً # أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً # وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً # فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً$ [النساء:60-65].
وقال تعالى: %ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ # إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ$ [الجاثية:18-19].
وقال تعالى: %أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ$ [الشورى: 21].(1/159)
وقال تعالى %فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ$ [القصص:50].
وقال تعالى: %وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ$ [السجدة:22].
وقال تعالى: %وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ # لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ # أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ # أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ$ [الزخرف:77-80].
وقال تعالى: %الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي$ [المائدة: 3].
وقال تعالى: %سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ$ [البقرة:211].
وقال تعالى: %أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ$ [العنكبوت:51]. وقال تعالى: %وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ$ [لأنفال:23]. وقال تعالى: %وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى # قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً # قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى$ [طه:124-126].(1/160)
وقال تعالى: %أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ$ [المائدة:50].
وأخرج الإمام الترمذي رقم (2600) وأبو داود رقم: (3991) من حديث الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ " مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: )قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ(.
وقال تعالى: %وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ$ [الأنعام:153].
قال الإمام أحمد رحمه الله رقم: (6664).
حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي حُصَيْنٌ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ(.
وقال تعالى: %وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ$ [آل عمران:105].
وقال تعالى: %اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ$ [لأعراف:3]. وقال تعالى: %وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ # فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ$ [القصص:65-66].(1/161)
إيه إيه: يا قضاة السوء ما أشد غفلتكم عن الوقوف بين يدي من لا تخفى عليه خافيه!.
قال تعالى: %هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ$ [يونس:30]. وقال تعالى: %وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ$ [الانبياء:47].
والله ما ينفعكم جمع الأموال والتلصص والاحتيال.
قال تعالى: %يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ # وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ # وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ # لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ$ [عبس:34-37].
وقال تعالى: %يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ # وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ # وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ # وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ # كَلَّا إِنَّهَا لَظَى # نَزَّاعَةً لِلشَّوَى # تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى # وَجَمَعَ فَأَوْعَى$ [المعارج:11-18].
وما أحسن ما قاله الشاعر:
إذا خان الأمير وكاتباه ... وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل ... لقاضي ا لأرض من قاضي السماء
وعيد من قضى بغير الحق الذي أبانه الله ورسوله ".(1/162)
قال تعالى: %وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً # يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً # لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً$ [الفرقان:27-29]. وقال تعالى: %لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ$ [النور:63].
وقال تعالى: %فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ$ [لأعراف:166].
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (893).
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله،ِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )كُلُّكُمْ رَاعٍ(.(1/163)
وَزَادَ اللَّيْثُ: قَالَ: يُونُسُ كَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ، وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي الْقُرَى هَلْ تَرَى أَنْ أُجَمِّعَ وَرُزَيْقٌ عَامِلٌ عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ فَكَتَبَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَنَا أَسْمَعُ يَأْمُرُهُ أَنْ يُجَمِّعَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ( قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ )وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ(. وأخرجه مسلم رقم: (1829).
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7288).
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ(. وأخرجه مسلم رقم: (1337).
وقال الإمام أحمد رحمه الله رقم: (3868).(1/164)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا وَإِمَامُ ضَلَالَةٍ وَمُمَثِّلٌ مِنْ الْمُمَثِّلِينَ(. هذا حديث حسن.
وقال الإمام النسائي رحمه الله: (2/88).
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ فَجَبَذَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي جَبْذَةً فَنَحَّانِي وَقَامَ مَقَامِي فَوَاللهِ مَا عَقَلْتُ صَلَاتِي فَلَمَّا انْصَرَفَ فَإِذَا هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ: يَا فَتَى لَا يَسُؤْكَ اللهُ إِنَّ هَذَا عَهْدٌ مِنْ النَّبِيِّ " إِلَيْنَا أَنْ نَلِيَهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: هَلَكَ أَهْلُ الْعُقَدِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا عَلَيْهِمْ آسَى وَلَكِنْ آسَى عَلَى مَنْ أَضَلُّوا قُلْتُ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ مَا يَعْنِي بِأَهْلِ الْعُقَدِ؟ قَالَ الْأُمَرَاءُ. وأخرجه الإمام أحمد (5/140). حديث صحيح.
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم: (3597).(1/165)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: جَلَسْنَا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَجَلَسَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ فَقَدْ ضَادَّ اللهَ وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ(، وهذا حديث صحيح.
وقال الإمام الترمذي رحمه الله رقم: (2209).
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: (ح) و حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ(.
وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله (5/389)، والأشهلي مجهول، وللحديث شواهد من حديث أبي هريرة في مسند أحمد (2/326)، ومن حديث بعض أصحاب النبي " عند أحمد (5/430) ومن حديث أنس بن مالك، وأبي ذر، وعمر عند الطبراني في الأوسط رقم (632و3100 و4674) كما في تخريج مسند أحمد فالحديث صحيح,
وقال الإمام الدرامي رحمه الله: (2/313).(1/166)
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ " قَالَ: )مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ أَطْلَقَهُ الْحَقُّ أَوْ أَوْبَقَهُ(.
هذا حديث صحيح، وأخرجه الإمام أحمد (2/431).
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم: (1855).
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ " قَالَ: )خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ( قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: )لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ(.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم (1828).(1/167)
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ، وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ، وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ " يَقُولُ: فِي بَيْتِي هَذَا )اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ(.
وقال: " )لا قدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها(، أخرجه ابن ماجة رقم (4010) والحديث بمجموع طرقه وشواهده حسن أو صحيح حسب ما مر بي في تخريج إصلاح المجتمع للبيحاني رحمه الله.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (3475).(1/168)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ " فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللهِ " فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ " )أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ(؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: )إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا(، وأخرجه مسلم (1688).
الحكم الباطل لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا
قال الله تعالى: %وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ$ [الطلاق:1].
وقال تعالى: %وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ # قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ # فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ$ [لأعراف:28-30].
وقال تعالى: %وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ$ [الأنعام:115].
وقال الإمام البخاري رحمه الله:(1/169)
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ " وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا قَالَ: رَسُولُ اللهِ " )قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ( فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللهِ " فَقَالَ: لَهُ )إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ( قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ قَالَ: )لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ(، وأخرجه مسلم كما تقدم تخريجه.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7352).
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ(. وأخرجه مسلم رقم (1716).(1/170)
وأخرج البخاري رقم: (2735) من حديث حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي وَقَالَ أَهْلُهَا إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِيَ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَنَا فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللهِ " ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ " )ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ( ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ " عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً فَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ " عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: )مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ(، وأخرجه مسلم (1504).
وأخرج الإمام الدارقطني في سننه: (4/184) والبيهقي في الكبرى (10/12) وأبو يعلى من حديث عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله " )إن الله عز وجل فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها(. والحديث له طرق مذكورة في جامع العلوم والحكم لابن رجب حديث رقم (30).
وقال الإمام النسائي رحمه الله (2/34).(1/171)
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللهِ " )أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ " لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خِلَالًا ثَلَاثَةً سَأَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ(.
قال الإمام النسائي رحمه الله رقم: (6/122)(1/172)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ أَتَاهُ قَوْمٌ فَقَالُوا إِنَّ رَجُلًا مِنَّا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَجْمَعْهَا إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ مَا سُئِلْتُ مُنْذُ فَارَقْتُ رَسُولَ اللهِ " أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ هَذِهِ فَأْتُوا غَيْرِي فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ فِيهَا شَهْرًا ثُمَّ قَالُوا لَهُ فِي آخِرِ ذَلِكَ مَنْ نَسْأَلُ إِنْ لَمْ نَسْأَلْكَ وَأَنْتَ مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ " بِهَذَا الْبَلَدِ وَلَا نَجِدُ غَيْرَكَ؟ قَالَ: سَأَقُولُ فِيهَا بِجَهْدِ رَأْيِي فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بُرَآءُ، أُرَى أَنْ أَجْعَلَ لَهَا صَدَاقَ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَ وَذَلِكَ بِسَمْعِ أُنَاسٍ مَنْ أَشْجَعَ فَقَامُوا فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ قَضَيْتَ بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللهِ " فِي امْرَأَةٍ مِنَّا يُقَالُ لَهَا بَرْوَعُ بِنْتُ وَاشِقٍ قَالَ: فَمَا رُئِيَ عَبْدُ اللهِ فَرِحَ فَرْحَةً يَوْمَئِذٍ إِلَّا بِإِسْلَامِهِ. أخرجه أبو داود رقم: (2115) والترمذي رقم (1145) وابن ماجه رقم: (1/609)، من طرق وهو حديث صحيح.(1/173)
وأخرج الإمام البخاري رقم (2724) ومسلم رقم (1697)، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللهِ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْشُدُكَ اللهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللهِ فَقَالَ: الْخَصْمُ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ وَأْذَنْ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ " )قُلْ( قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ " )وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا( قَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ " فَرُجِمَتْ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (6967).(1/174)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ " أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ " أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: )إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا(. وأخرجه مسلم (1713).
وقد جاء عند ابن ماجه (2/777) من حديث أبي هريرة.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم: (1226/170).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ " وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ الْقُرْآنُ قَالَ: رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم: (2988) باب (28) من كتاب الحج.(1/175)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَقَدْ أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ؟ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ ابْنَ فُلَانٍ يَكْرَهُهُ وَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ رَأَيْنَاهُ قَدْ فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا فَقَالَ: وَأَيُّنَا أَوْ أَيُّكُمْ لَمْ تَفْتِنْهُ الدُّنْيَا؟ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ " أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَسُنَّةُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ " أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعَ مِنْ سُنَّةِ فُلَانٍ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7152).
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ طَرِيفٍ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ فَقَالُوا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ " شَيْئًا قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: )مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ( قَالَ: )وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقْ اللهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ( فَقَالُوا: أَوْصِنَا فَقَالَ: )إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ(.
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " جُنْدَبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ جُنْدَبٌ، وأخرجه مسلم رقم: (2987 مختصرًا).
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7181 و 7182).(1/176)
بَاب مَنْ قُضِيَ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا.
وذكر فيه حديث أم سلمة ) فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ(.
وحديث )الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ(.
قال الحافظ: هذا الكلام أخذه من قول الشافعي؛ فإنه لما ذكر هذا الحديث قال فيه دلالة على أن الأمة كلفوا القضاء على الظاهر، وفيه: قضاء القاضي لا يحرم حلالًا ولا يحل حرامًا.
من أضرار قضاة السوء
انتشار القتل والقتال:
فمن قتل له قتيل احتاج أكثر من ديته نفقات، ورشاوي؛ حتى يقام له الحد إن تيسر فمن لم يقدر على دفع تلك الخلسات أو ضاق صدره بكثرة المواعيد والمماطلات قد يؤدي به حرقته إلى الإفتئات؛ فيقتل غريمه وربما ضاعف القتلات وكما قيل:
(مصائب قوم عند قوم فوائد)، فالقاضي ربما سر بازدحام الجنايات؛ لتكثر الرشوات؛ فيكمل البنايات، ويؤسس المشاريع الواسعات.
ضياع الحقوق:
وما حصلت التقطعات في الطرق في أزمنة قريبة إلا حين لم تحفظ الحقوق لأهلها؛ فمن أخذت عليه سيارة قام يقطع الطريق في بلده ويأخذ مثليها من سيارات القبيلة الأخرى، وكم في ذلك من ترويع الآمنين، وتعطيل حركة السير، وظلم الأبرياء، وغير ذلك من المفاسد النابتة عن عدم حفظ الحقوق.
تخلخل الأمن:
تشويه جمال هذا الدين الحنيف، تشويه صورة أهل العلم العاملين به:
فيظن بعض الجهال أن العلماء كلهم مثل أولئك القضاة النهابين، اللهم إنا نبرأ إليك من ضلالهم ونعتذر إليك من ضعف إنكار فعالهم.
أهم أسباب فشل القضاة وهلاكهم.
الجهل:
فرب قاض لا تجد عنده من العلم ما يؤهله لتولي هذه المهمة، وإنما اشتراها بالوساطات، والهدايا والرشوات.(1/177)
والنبي " يقول: )إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ(. أخرجه البخاري رقم (59)
أخذ الرشوة على الحكم:
قال الله تعالى: %وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ$ [البقرة:188].
قال البغوي رحمه الله: لا تعطوا الحكام على سبيل الرشوة؛ ليغيروا الحكم لكم، وقال الله تعالى: %يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى$ [لأعراف:169]. أي يرتشون في الأحكام.
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7174).
بَاب هَدَايَا الْعُمَّالِ، وذكر حديث أبي حمَيْد السَّاعِدِيُّ )مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا(. وأخرجه مسلم رقم: (1832).
قال النووي: وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول؛ لأنه خان في ولايته وأمانته، ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته وحمله ما أهدى إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغال وقد بين، .. بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة وقد سبق بيان حكم ما يقبضه العالم ونحوه بإسم الهدية وأنه يرده إلى مهديه فإن تعذر فإلى بيت المال، اهـ.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ " رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " )هُوَ فِي النَّارِ( فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. أخرجه البخاري (6/130).
وأخرج مسلم رقم: (114) فقال:(1/178)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ " فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ " )كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ( ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ " )يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ( قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (1741).(1/179)
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَرَجُلٌ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ " يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: )أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا(؟ قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: )أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ(؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: )أَيُّ شَهْرٍ هَذَا(؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ: )أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ(؟ قُلْنَا: بَلَى قَالَ: )أَيُّ بَلَدٍ هَذَا(؟ قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: )أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ( قُلْنَا: بَلَى قَالَ: )فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ(؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: )اللهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ(. وأخرجه مسلم رقم: (1679).
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم: (3580).
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ " الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.(1/180)
والحديث حسن وله شواهد يصح بها.
عن أبي هريرة عند الترمذي (1336) وأحمد (2/387) وابن الجارود رقم: (585) وسنده حسن.
وعن ثوبان عند (5/279) بزيادة (والرائش بينهما) قال ابن الأثير: في النهاية: الرائش الذي يسعى بين الراشي والمرتشي؛ ليقضي أمرهما، وفيه ليث بن أبي سليم ضعيف، وهذه الزيادة من طريقه.
وعن أم سلمة عند الطبراني (23/951) قال الهيثمي: في مجمع الزوائد (4/199) رجاله ثقات، والصواب أنه ضعيف فيه موسى بن يعقوب الزمعي ضعيف، وفيه قريبة بنت عبد الله بن وهب مجهوله.
سوء التربية
فرب قاض يتخرج من بعض الجامعات الغربيه قد قضى دراساته وأوقاته بين أصناف العواهر، فإذا انتهى من دراسته يكون قد تشبع بالأفكار الرديئة، ثم يخرج بفكره المقلوب، ولحيته المحلوقة، وبنطاله المسبل يقضي بين المسلمين على ضوء القوانين، وبعض طرقات الغربيين.
وآخر يتلقى دراسته في بلاد المسلمين على غرار تلك الدراسة ويكون غاية همته الوصول إلى الوظيفة؛ للحصول على ما يؤمله من حطام الدنيا الزائل، وقد يتخرج بسوء فهم وسوء معتقد وسوء شعور بأهمية هذا الأمر فما عساه يتوقع من هذا؟! %وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً$ [لأعراف:58]، ويكمل ما نقص جلساء السوء.
روى الشيخان في صحيحهما من حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً(.
وأخرج الإمام مسلم رحمه الله رقم: (2742) فقال:(1/181)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ(.
وينشأ عن هذه التربية ضعف الخوف من الله عزوجل، ومن قلّ خوفه من الله عزوجل قلّ خيره بقدر قلّة خوفه؛ فإن الخوف من الله حاجز عن معاصيه، ودافع إلى طاعته عزوجل.
قال تعالى: %وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ # لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ # إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ$ [المائدة:27-29].
وقال تعالى: %يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً$ [الانسان:7].
وقال تعال: %فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ # رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ$ [النور:36-37].(1/182)
وأجدر من تنطبق عليهم هذه الصفات الذميمة والأخلاق الوخيمة، قضاة الشيعة والصوفية، وجل من تأصلت في قلوبهم نجاسة الحزبية التعددية والواقع شاهد على ذلك، فهذه نصيحة وبيان حملنا على أدئها نصوص السنة القرآن، والله المستعان وبه الثقة وعليه التكلان.
من آداب القاضي الشرعي
إن كانت للناس حاجة فلا يحتجب عنهم.
لما أخرجه أبو داود من حديث أَبَي مَرْيَمَ الْأَزْدِيَّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: مَا أَنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلَانٍ؟ وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فَقُلْتُ: حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أُخْبِرُكَ بِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )مَنْ وَلَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ احْتَجَبَ اللهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ(. قَالَ فَجَعَلَ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ.
هذا حديث صحيح، وهو في الأمير ويدخل فيه من له ولاية واحتاج الناس إليه لقوله: )مَنْ وَلَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ( وإذا احتاج لحاجب في بعض الحالات اتخذه، فإن برفأ كان حاجب عمر رضي الله عنه، وقنبر كان حاجب علي رضي الله عنه.
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (1252).
بَاب مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ " لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ.(1/183)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ تَعْرِفِينَ فُلَانَةَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّ النَّبِيَّ " مَرَّ بِهَا وَهِيَ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: )اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي( فَقَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ خِلْوٌ مِنْ مُصِيبَتِي قَالَ: فَجَاوَزَهَا وَمَضَى فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَالَ مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ "؟ قَالَتْ: مَا عَرَفْتُهُ قَالَ: إِنَّهُ لَرَسُولُ اللهِ " قَالَ: فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا عَرَفْتُكَ فَقَالَ النَّبِيُّ " )إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ(، وأخرجه مسلم (926).
لا يقضي وهو غضبان:
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7158).
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ بِأَنْ لَا تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ " يَقُولُ: )لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ(.
وأخرجه مسلم رقم (1717) قال النووي رحمه الله: فيه النهي عن القضاء في حال الغضب قال العلماء: ويلتحق بالغضب كل حال يخرج الحاكم فيها عن سداد النظر واستقامة الحال؛ كالشبع المفرط، والجوع المقلق، والهم، والفرح البالغ، ومدافعة الحدث، وتعلق القلب بأمر، ونحو ذلك، وكل هذه الأحوال يكره له القضاء فيها خوفًا من الغلط فإن قضى فيها صح قضاؤه لأن النبي " قضى في شراج الحرة في مثل هذا الحال، وقال: في اللقطة )مالك ولها( وكان في حال الغضب.(1/184)
إذا قضى في أمر ثم علم أنه أخطأ في حكمه وجب عليه أن يرجع إلى الصواب، وليس الرجوع إلى الأولى نقصًا:
قال تعالى: % فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ$ [يونس:32].
وقد ثبت عند أحمد (6/371) والنسائي (2/140) من حديث قُتَيْلَةَ امْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ رضي الله عنها أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ " فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُنَدِّدُونَ وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ؛ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ " إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُونَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ. هذا حديث صحيح.
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم: (31).(1/185)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللهِ " مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ " مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللهِ " حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا فَلَمْ أَجِدْ فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ " فَقَالَ: )أَبُو هُرَيْرَةَ(؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: مَا شَأْنُكَ قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا فَفَزِعْنَا فَكُنْتُ أَوَّلَ مِنْ فَزِعَ فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي فَقَالَ: )يَا أَبَا هُرَيْرَةَ( وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ قَالَ: )اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ( فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللهِ " بَعَثَنِي بِهِمَا مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ(1/186)
فَخَرَرْتُ لِاسْتِي فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ " فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً وَرَكِبَنِي عُمَرُ فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ " )مَالَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ(؟ قُلْتُ لَقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي قَالَ: ارْجِعْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ )يَا عُمَرُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ(؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ قَالَ: رَسُولُ اللهِ " )فَخَلِّهِمْ(.
وهذا تعليم عظيم منه " للأمه.
وقال عمر: لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.
وأخرج ابن أبي شيبة (7/263)، أن معاوية رضي الله عنه كتب أما بعد: فالزم الحق ينزلك الله منازل أهل الحق يوم لا يقضي الله إلا بالحق.(1/187)
وأخرج البخاري (5/229) في حديث قصة الإفك أن أبا بكر رضي الله عنه لما أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: %إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ$ الْآيَاتِ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: %وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا$ إِلَى قَوْلِهِ: %غَفُورٌ رَحِيمٌ$ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ.
وأخرج البخاري (2/262) ومسلم (20) من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ " وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ " )أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ(. فَقَالَ وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ " لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.(1/188)
وأخرج البخاري (11/26) ومسلم (6245)، من حديث عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى فَفَرَغَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ قِيلَ قَدْ رَجَعَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ فَقَالَ: تَأْتِينِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لَا يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلَّا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَذَهَبَ بِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَالَ عُمَرُ: أَخَفِيَ هَذَا عَلَيَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ " أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ يَعْنِي الْخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم (6736).
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ " لِلابْنَةِ النِّصْفُ وَلابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلأُخْتِ فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (1840).(1/189)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ وَقَالَ الْمِسْوَرُ لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ " يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ " يَفْعَلُ. وأخرجه مسلم رقم: (1205).
وقال الإمام مسلم رحمه الله رقم: (1328/381).
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ تُفْتِي أَنْ تَصْدُرَ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِمَّا لَا فَسَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ هَلْ أَمَرَهَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ " قَالَ: فَرَجَعَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَدَقْتَ.
وقال رحمه الله رقم: (1109).(1/190)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُصُّ يَقُولُ: فِي قَصَصِهِ مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ لِأَبِيهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: فَكِلْتَاهُمَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ " يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى مَرْوَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: مَرْوَانُ عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا ذَهَبْتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ قَالَ: فَجِئْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرٍ حَاضِرُ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ: فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ أَهُمَا قَالَتَاهُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: هُمَا أَعْلَمُ ثُمَّ رَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ الْفَضْلِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ النَّبِيِّ " قَالَ فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَمَّا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ...
وقال الإمام أحمد رحمه الله (1/217).(1/191)
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنِي خُصَيْفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ طَافَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِالْبَيْتِ فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ؟ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ " يَسْتَلِمُهُمَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ صَدَقْتَ.
وأخرج البخاري (4590) ومسلم (3023) أن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه كان يقول: في قول الله تعالى : %وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ$ هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ.
قال النووي تحت (3023) هذا هو المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروي عنه أنه له توبة، وجواز المغفرة، وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة، الصحابة، والتابعين ومن بعدهم.
القاضي يأخذ رزقه مقابل عمله بعفاف وورع ويتجنب الجشع والهلع.
قال الإمام البخاري رحمه الله: (13/149-150)
بَاب رِزْقِ الْحُكَّامِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا.
وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا.
وَقَالَتْ: عَائِشَةُ يَأْكُلُ الْوَصِيُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.(1/192)
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِيَ مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا؟ فَقُلْتُ: بَلَى فَقَالَ عُمَرُ فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ قُلْتُ إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا وَأَنَا بِخَيْرٍ وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ عُمَرُ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ " يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ النَّبِيُّ " )خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَإِلَّا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ(.
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ " يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ النَّبِيُّ " )خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَالَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ(.
مماطلة القضاء مع إمكان فصلها ظلم.(1/193)
قال النبي " )مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ(، والمماطلة تؤدي إل فتن كثيرة وتضييع أوقات الناس، وتعطيلهم عن أعمالهم، وإتلاف أموالهم,
قال الإمام البخاري رحمه الله (13/154).
بَاب مَنْ قَضَى وَلَاعَنَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَاعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ ".
وَقَضَى شُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ، فِي الْمَسْجِدِ، وَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى يَقْضِيَانِ فِي الرَّحَبَةِ خَارِجًا مِنْ الْمَسْجِدِ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا.
حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ " فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ.
وقال رحمه الله: (13/131).
بَاب الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِي الطَّرِيقِ، وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الطَّرِيقِ، وَقَضَى الشَّعْبِيُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ.(1/194)
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِيُّ " خَارِجَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ النَّبِيُّ " )مَا أَعْدَدْتَ لَهَا( فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: )أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ(.
وقال الإمام أبو داود رحمه الله (10/69عون).
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: اخْتَصَمَ إِلَى رَسُولِ اللهِ " رَجُلَانِ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ فِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا فَأَمَرَ بِهَا فَذُرِعَتْ فَوُجِدَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، وَفِي حَدِيثِ الْآخَرِ فَوُجِدَتْ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَقَضَى بِذَلِكَ.
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ مِنْ جَرِيدِهَا فَذُرِعَتْ.
موعظة الخصوم قبل القضاء إن تيسر له ذلك:
قال تعالى: %وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ$ [فصلت:33]. وقال تعالى: %قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ$ [يوسف:108].(1/195)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ " قَالَ: )إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ(.
المسئول الصالح ينه من يقوم له عند قدومه:
لحديث معاوية رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ " يَقُولُ: )مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ(، أخرجه أبو داود (14/42) والترمذي (8/30) وأحمد (4/91) والبخاري في الأدب المفرد (339) وغيرهم وهو صحيح.
وأخرج أبو داود (5230) وابن ماجه (3836)، من حديث حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ " مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ: )لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا(.
والحديث حسن.
حكم الشفاعة عند الحاكم إذا بلغت الحدود عنده
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (3475).(1/196)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ " فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللهِ " فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ " )أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ(؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: )إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا(، وأخرجه مسلم (1688)
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم: (3597):
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ قَالَ جَلَسْنَا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَجَلَسَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ " يَقُولُ: )مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ فَقَدْ ضَادَّ اللهَ ..(.
الحاكم العالم يجتهد في فهم الكتاب والسنة ولا يقلد في الفتوى والقضاء:
لحديث: )إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ(. أخرجه البخاري ومسلم وقد تقدم.
قال البغوي رحمه الله كما في أدب القاضي (122)، وبالاتفاق لا يجوز أن يقلّد فيفتي، كذلك لا يجوز أن يقضي بالتقليد.(1/197)
قلت: والله لقد عانت البلاد اليمنية في المناطق الساحلية من مقلّدة الصوفية، وفي المناطق العليا من مقلّدة الشيعة أرهقوا عامة المسلمين في البلاد بالقضاء بالجهل والعصبية؛ بلا علم ولا حلم ولا رواية ولا خلفية، فاللهم أنت الحكم وإليك الحكم.
إختيار البطانة الصالحة:
قال الإمام البخاري رحمه لله رقم (7198):
حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ " قَالَ: )مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ تَعَالَى(.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (2/237):
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )مَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا وَالٍ إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا وَمَنْ وُقِيَ شَرَّهُمَا فَقَدْ وُقِيَ وَهُوَ مَعَ الَّتِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا(. هذا حديث صحيح، وهو في الجامع الصحيح لشيخنا العلامة الوادعي رحمه الله (4/533).
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم: (2932).(1/198)
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ الْمُرِّيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )إِذَا أَرَادَ اللهُ بِالْأَمِيرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ إِنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ(.
وأخرجه النسائي (7/159) وهو حديث صحيح.
اتقوا الله أيها القضاة من الممالأة مع شهود الزور وبايعي الذمم الذين يقفون لأصحاب القضايا عند المحاكم فمن عرفوه صاحب قضية قالوا: هل تريد شاهدًا هل تريد شاهدًا؟! يجب عليكم أن تنكروا هذا المنكر.
قال الله تعالى: %فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ$ [الحج:30].
وقال تعالى: %وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً$ [الفرقان:72].
وقال تعالى: %وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ$ [المائدة:2].
وفي البخاري رقم (6273) ومسلم رقم (87) من حديث أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ " فَقَالَ: )أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا الْإِشْرَاكُ بِاللهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ( أَوْ )قَوْلُ الزُّورِ( وَكَانَ رَسُولُ اللهِ " مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ.
إخلاص العمل له سبحانه:
قال تعالى: %وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ$ [البينة:5].(1/199)
وقال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عزوجل: )أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ (، أخرجه مسلم رقم (2985) عن أبي هريرة.
وفي البخاري رقم: (7152)، ومسلم (2987) من حديث جندب رضي الله عنه أن النبي " قال: )مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ(.
عليكم بالصدق في المواعيد وغيرها:
قال تعالى: %فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ$ [محمد:21].
وقال تعال: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ$ [التوبة:119].
قال الإمام مسلم رحمه الله (2607).
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا و قَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ " )إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا(،
وأخرجه البخاري (10/423).
وقال الإمام الترمذي رحمه الله (2442).
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ " قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ " )دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ(.(1/200)
عليك بتقوى الله فإن تقو الله بصيرة ونور وفرقان.
قال تعالى: %إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ$ [لأعراف:201].
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ$ [الحديد:28].
وقال تعالى: % وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ$ [البقرة:282].
وقال تعالى: %يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ$ [لأنفال:29].
وقال تعالى: %وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً # وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً$ [الطلاق:2-3].
تمت الرسالة ولله الحمد والمنة.
فهرس الأحاديث والآثار
أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ... 152
أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ... 144, 166
أَتْقَاهُمْ ... 22
اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ ... 91
أَجَلْ وَاللهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ ... 9
اخْتَصَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ " رَجُلَانِ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ ... 165
أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْحُكَّامِ أَنْ لَا يَتَّبِعُوا الْهَوَى ... 109
اخْرُصُوا ... 62
إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْأَمِيرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ ... 168
إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ... 167
إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ ... 145(1/201)
إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ ... 151
إِذَا ظَهَرَ فِيكُمْ مَا ظَهَرَ فِي الأُمَمِ قَبْلَكُمْ ... 43
إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ ... 23
إذا ولي الرجل القضاء فليجعل للقضاء يومًا ... 126
اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ ... 158
أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ ... 164
أَسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ ... 66
الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ... 80
اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا ... 101
اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ ... 100
أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ ... 141
اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ ... 33
أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ ... 114
أَعَاذَكَ اللهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ ... 42
أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا ... 103
اكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ... 75
أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ... 168
أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا لَقِيَ صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ... 57
أَمَّا بَعْدُ أَلا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي ... 21
إِمَّا لَا فَسَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ ... 161
إِمَّا لاَ فَسَلْ فُلاَنَةَ الأَنْصَارِيَّةَ ... 88
أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ... 159
أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ... 86
أن ابن هبيرة ضرب أبا حنيفة نحوًا من مائة سوط مفرقه ... 126
إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ ... 87
إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ... 96(1/202)
إن أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب ... 53
إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ ... 114
إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا ... 154
إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً ... 103
إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ ... 91
إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ ... 157
إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ... 169
إِنَّ اللهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ ... 7, 38
إن الله تبارك وتعالى قد أنزل على صاحبك ... 67
إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا ... 73
إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ ... 71
إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ ... 20
إن المغضوب عليهم هم: اليهود ... 35
إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ ... 106
إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ ... 42
أن بني إسرائيل كان أحدهم يرى من صاحبه ... 44
إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ ... 64
أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ " لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ ... 146
إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي ... 103
إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة ... 124
أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ... 77
إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ ... 84
إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ ... 92
إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ ... 104
إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْهُدَى ... 46
إن مما دعانا على الإسلام مع رحمة الله ... 28(1/203)
إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ... 24
أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ ... 169
إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ ... 116
أنت سيدهم ألا ترى إلى هذا الصنبور المنبتر ... 32
انظر ما كان من حديث رسول الله " فاكتبه ... 49
إِنَّكُمْ تُنَدِّدُونَ وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ ... 157
إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ ... 116
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ... 5
إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ... 165
إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ ... 147
إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ... 59
إِنَّهُ لاَ يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ وَلاَ يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ ... 63
إنه ليستغفر للعالم كل شيء ... 15
إنَّه لَيستغِفُر للعالم كلُّ شيءٍ، حتى الحيتانُ ... 15
إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ ... 98
أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ ... 105
آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ ... 69
بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ " عَلَى السَّمْعِ ... 99
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا ... 33
بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ فَجَبَذَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي جَبْذَةً ... 141
بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ ... 63
تَأْتِينِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَهُمْ .. في الإستئذان ... 160
تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ ... 114
تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ ... 115
تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ " وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ الْقُرْآنُ ... 148
ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، وثلاث كفارات ... 107
ثلاث مهلكات؛ شح مطاع ... 107
ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ... 107(1/204)
حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا ... 108
خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ ... 163
خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي مِنْهُنَّ خَصْلَةً ... 109
خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ ... 143
خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ... 22
دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ... 170
دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ ... 48
دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ... 140
الدِّينُ النَّصِيحَةُ ... 98
ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب ... 126
رأيت أعلم الناس بالقضاء أشدهم له كراهة ... 125
رأيت رسول الله " يرمى الجمار على ناقة صهباء ... 127
سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ... 106
سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ... 101
سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ ... 93
سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ وَلَكِنْ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ ... 30
السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ ... 100
سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ... 70
سيكون قم من بعدي من أمتي يقرؤون القرآن ... 130
شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ... 164
طُلِب أبو قلابة للقضاء فلحق بالشام ... 125
الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ ... 41
عرض عليه قضاء نيسابور فاختفى ثلاثة أيام ... 127
عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ رُفِعَ عَنْ ثَلاثَةٍ عَنْ الْمَجْنُونِ ... 89
عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ ... 101
فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ... 15, 74
فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ... 104(1/205)
قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ... 34
قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا ... 137
قدمت على أحمد بن حنبل فجعل لا يرفع رأسه ... 128
قَرَأَ النَّبِيُّ " النَّجْمَ بِمَكَّةَ ... 65
الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ ... 123
قُلْ ... في حديث العسيف ... 122, 147
قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ ... 121, 144
كَانَ النَّبِيُّ " يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ ... 161
كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ... 65
كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ ... 85
كتب الحكم بن أيوب نفرًا على القضاء فكتبني منهم ... 125
كُلْ بِيَمِينِكَ ... 62
كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا ... 152
كُلُّكُمْ رَاعٍ ... 140
كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ... 99
كُنْتُ رَجُلاً فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ ... 58
كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ ... 83
كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ ... 37
كَيْفَ نَكْتُبُ ... 78
لا تجترئ على القضاء حتى تجترئ على السيف ... 126
لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ ... 73
لا تَزُولُ قدما ابنِ آدم يومَ القِيامَةِ حتى يُسأَلَ عن خمسِ خصالٍ ... 52
لا تزولُ قَدَما عبدٍ يومَ القِيامَةِ حتى يُسألَ عَن أربعِ خِصَالٍ ... 51
لا تزولُ قدما عَبدٍ يومَ القِيامَةِ حتى يُسألَ عَن أربعٍ ... 52
لاَ تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلاً ... 64
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ ... 142
لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا ... 166
لا تكون عالمًا حتى تكون بالعلم عاملاً ... 54
لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ ... 46
لا شيء إلا الله والرحم ... 9
لا قدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها ... 143
لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ... 11
لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ... 39(1/206)
لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ ... 157
لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ ... 56
لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ..في غسل المحرم ... 161
لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ ... 89
لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ " الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي ... 153
لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ ... 115
لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ... 138
لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ ... 77, 160
لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ... 122
لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ؟ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ " يَسْتَلِمُهُمَا ... 162
لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ... 88
لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلاً وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ... 77
اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا ... 143
لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ ... 45
ليلة أسري بي رأيت قوما تقرض ألسنتهم ... 57
لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً ... 121
مَا اسْمُكَ ... 66
مَا أَعْدَدْتَ لَهَا.. في السؤال عن الساعة ... 164
مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ ... 145
مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ... 151
مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ ... 167
مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا ... 115
مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلاَ فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا ... 92
مَا سُئِلْتُ مُنْذُ فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ " أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ هَذِهِ ... 146
ما سلك عبد طريقًا يقتبس فيه علمًا ... 15
ما سَلَكَ عبدٌ طريقًا يقتبسُ فِيهِ علمًا، إلا سلك به طريقًا ... 16(1/207)
مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... 142
ما من رجل خرج من بيته ليطلب العلمَ ... 14
مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً ... 117
مَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا وَالٍ إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ ... 167
مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ ... 117
مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ... 82
مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ ... 154
مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا ... 83
مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ ... 48
مَرحبًا يا طالبَ العلمِ، إن طالبَ العِلم لَتَحفُّه الملائكةُ ... 14
مرحبًا يا طالب العلم، إن طالب العلم لَتَحفُّه ... 14
المستشار مؤتمن ... 71
مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ... 164
مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ... 108
مَنْ بَدَا جَفَا وَمَنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ ... 92
مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ... 71
مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ... 141, 166
مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... 100
مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ... 85, 99
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ... 165
مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا وَمَنْ اتَّبَعَ ... 91
مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... 117, 148
مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ ... 101
مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً ... 23
مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ... 72(1/208)
مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ... 156
مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ ... 123
نَهَى رَسُولُ اللهِ " أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً ... 72
هَاتُوا ... 29
هَذَا أَوَانُ الْعِلْمِ أَنْ يُرْفَعَ ... 49
هُوَ فِي النَّارِ .. في غال العباءة ... 152
وَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ ... 28
وَاللهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ " ... 85
والله ما مِنكم مِن أحدٍ إلا وإِنَّ ربَّه سيخلُو بِهِ ... 53
الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ... 149
وَلَفَضْل العالِمِ على العابِدِ كفضلِ القَمَرِ ليلةَ البَدْرِ ... 12
وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا ... 92
وَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ ابْنَ فُلَانٍ يَكْرَهُهُ ... 148
ويل للذي لا يعلم مرة ... 55
يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةُ ... 124
يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا ... 123
يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ ... 116
يَا فُلاَنُ هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ " فَإِنَّهُمْ الْيَوْمَ كَثِيرٌ ... 88
يَا مُعَاذُ ... 45
يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ... 120
يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ ... 33
يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ ... 56
يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ بَلَّغْتَ ... 106
فهرس الأبواب
مقدمة وتمهيد ... 5
فضل العلم الشرعي وأن العلماء ورثة الأنبياء ... 11
علم كتاب الله وسنة رسوله " نور ... 16
علم كتاب الله وسنة رسوله حياة ... 18
اتباع النور فلاح ... 19
نور العبد في الآخرة على الصراط على قدر نوره في الدنيا بالعلم. ... 19
لا يستوي العلم والجهل. ... 19
العلم النافع يرفع الله به صاحبه. ... 20
العلم يفيد خشية الله. ... 20(1/209)
العلم من أوتيه فقد أوتي خيرًا كثيرًا. ... 21
صاحب العلم أكرم الناس على الله ... 22
العلم هو البصيرة وبه يدعى إلى الله عزوجل. ... 22
العلم نفعه مستمر على صاحبه بعد موته. ... 23
العلم طريق الجنة. ... 23
هذا العلم دين. ... 24
لا يخلو زمان من علماء السوء ... 25
لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه ... 33
العمل بالعلم وذم من لم يعمل بعلمه ... 34
عدم العمل بالعلم عرضة لعذاب الله ... 38
عدم العمل بالعلم يورث الذل ... 40
عدم العمل بالعلم من أسباب الصرف عن الحق ... 40
العلم حجة لك أو عليك ... 41
علماء السوء أراذل ... 43
تبليغ العلم وتحريم كتمانه ... 45
عدم العمل بالعلم سبب لعنة الله ... 47
عدم العمل بالعلم يجعل الإنسان من شر الدواب ... 47
عدم العمل بالعلم ذريعة النفاق ... 47
عدم العمل بالعلم فتنة ... 47
عدم العمل بالعلم هلاك ... 48
مثل من يعمل بعلمه ومن لا يعمل بعلمه ... 48
عدم العمل بالعلم ضلال ... 49
سؤال الله عزوجل لأهل العلم عن علمهم ماذا عملوا فيه ... 51
عقوبة من لم يعمل بعلمه ... 56
من لم يعمل بعلمه مبغوض في كل زمان ... 58
ذم اتباع الهوى ... 67
الهوى يعمي ويصم ... 67
الهوى ضلال ... 67
الهوى يسقط أهله ... 68
ذم الخيانة ... 69
الخيانة سبب قسوة القلب وسبب لعنة الله ... 69
الخائن لا يحبه الله ... 69
الخيانة من صفات المنافقين والكفار. ... 69
حرم الله الخيانة وحرم الدفاع عن أهلها ... 70
شدة احتياج الأمة إلى علم وعلماء السنة. ... 72
التبيان في حكم دخول العالم على السلطان ... 91
قصة عجيبة فيها عبرة لأهل هذا الشأن. ... 93
علماء السوء لهم أساليب في التزلف واستغلال عواطف المسئولين. ... 96
الميزان في تعامل العالم مع السلطان ... 98
وجوب القضاء بالعدل الذي امر لله به. ... 102
فضل القضاء بالعدل الذي أمر الله به وفضل القاضي بذلك ... 105
شروط تولي القضاء ... 109
ضرر الحرص على الدنيا عن طريق القضاء أو غيره ... 113
يجب على القاضي أن يحكم بكتاب الله عزوجل وسنة رسوله ” على فهم سلف الأمّه ... 118
الحكم عروة من عرى الإسلام ... 121(1/210)
من ضعف عن القضاء بالحق لا يجوز له أن يتولى القضاء. ... 123
القضاء بقوانين البشر طاغوت وإعراض عن ذكر الله. ... 136
وعيد من قضى بغير الحق الذي أبانه الله ورسوله ". ... 139
الحكم الباطل لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا ... 144
من أضرار قضاة السوء ... 150
انتشار القتل والقتال: ... 150
ضياع الحقوق: ... 150
تشويه جمال هذا الدين الحنيف، تشويه صورة أهل العلم العاملين به: ... 150
أهم أسباب فشل القضاة وهلاكهم. ... 151
الجهل: ... 151
أخذ الرشوة على الحكم: ... 151
سوء التربية ... 154
من آداب القاضي الشرعي ... 156
إن كانت للناس حاجة فلا يحتجب عنهم. ... 156
لا يقضي وهو غضبان: ... 157
إذا قضى في أمر ثم علم أنه أخطأ في حكمه وجب عليه أن يرجع إلى الصواب، وليس الرجوع إلى الأولى نقصًا: ... 157
القاضي يأخذ رزقه مقابل عمله بعفاف وورع ويتجنب الجشع والهلع. ... 163
مماطلة القضاء مع إمكان فصلها ظلم. ... 164
موعظة الخصوم قبل القضاء إن تيسر له ذلك: ... 165
المسئول الصالح ينه من يقوم له عند قدومه: ... 165
حكم الشفاعة عند الحاكم إذا بلغت الحدود عنده ... 166
الحاكم العالم يجتهد في فهم الكتاب والسنة ولا يقلد في الفتوى والقضاء: ... 167
إختيار البطانة الصالحة: ... 167
إخلاص العمل له سبحانه: ... 169
عليكم بالصدق في المواعيد وغيرها: ... 169
عليك بتقوى الله فإن تقو الله بصيرة ونور وفرقان. ... 170
فهرس الأحاديث والآثار ... 171
فهرس الأبواب ... 182(1/211)