بسم الله الرحمن الرحيم
وتوضيح الفقه فى الدين
تأليف
تحقيق
إياد بن عبد اللطيف بن إبراهيم القبيسى
اقوال العلماء فى العلامة السعدى
(كان - رحمه الله - كثير الفقه والعناية بمعرفة الراجح من المسائل الخلافية بالدليل، وكان عظيم العناية بكتب شيخ الاسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم، وكان يرجح ما قام عليه الدليل.
وكان قليل الكلام إلا فيما يترتب عليه فائدة، جالسته غير مرة فى مكة والرياض، وكان كان كلامه قليلاً إلا فى مسائل العلم، وكان متواضعاً حسن الخلق، ومن قرأ كتبه عرف فضله وعلمه وعنايته بالدليل، فرحمه الله رحمة واسعة.
العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله.
(إن الرجل قل أن يوجد مثله فى عصره فى عبادته وعلمه وأخلاقه، حيث كان يعامل كلاً من الصغير والكبير بحسب ما يليق بحاله، ويتفقد الفقراء، فيوصل اليهم ما يسد حاجتهم بنفسه، وكان صبوراً على ما يلم به من أذى الناس، وكان يحب العذر ممن حصلت منه هفوة حيث يوجهاً يحصل به عذر من هفا).
العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
(إن من قرأ مصنفات الشيح عبد الرحمن بن ناصر سعدى - رحمه الله - وتتبع مؤلفاته وخالطه، وسبر حلاعه أيام حياته، عرف منه الدأب فى خدمة العلم إطلاعا وتعلما، ووقف منه على حسن السيرة وسماحة الخلق، واستقامة الحال، وإنصاف إخوانه وطلابه فى نفسه، وطلب السلامة فيما يجر الى الشر او يفضى الى نزاع او شقاق فرحمه الله رحمة واسعة).
الشيخ عبد الرزاق عفيفى رحمه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:(1/1)
فهذا مختصر نافع يعد فى عصرنا هذا من المختصرات الفقهية التى جمعت فأوعت، وإننى بعد ان يسر الله لى تحقيق هذا الكتاب وإعادة نشره بشكله الجديد، فأناشد إخواننا العاملين فى حقل العمل الاسلامى والتدريس أن يعتمدوا هذا المختصر الفقهى لتدريس الناشئة كمدخل أولى لدراسة الفقه الاسلامى، وقد لاحظت أثناء عملى فى الدعوة والإرشاد والتدريس، افتقار المكتبة الاسلامية المعاصرة لمختصر فى الفقه سهل العبارة صغير الحجم، وحسب تصورى فان هذا الكتاب سيسد فراغاً ما زالت الامة بحاجة لسده.
والسعدى رحمه الله لم يشر فى مختصره هذا الى مذهب من المذاهب الفقهية المعروفة، رغم أنه اعتمد فى مختصره على كتب الحنابلة، إلا أنه لم يتابعه فى جميع المذهب بل خالفهم واجتهد فى عدة مسائل، أما وصف هذا المختصر، فقد قال فى نفسه كلمة وصف بها هذا المختصر فقال فى إحدى رسائله الى أحد تلامذته فى خارج بلدة عنيزة جاء فيها:
((وقدمت لك فى خطابى فى 27 رجب 1359ه، أن الله يسر إتمام بناء المكتبة واستشارتنا فيها محمد العبد العزيز المطوع حافظاً وقيماً ومدرساً فى الفقه والتوحيد ويكون فى جميع وقت جلوس فيها حاضرين معه تلاميذه يعلمهم ويلاحظ عليهم فى كل ما يتعلق بدروسهم)).
وكانوا نحو عشرين طالباً من الطلاب الصغار يقرؤون بالواسطية وثلاثة الأصول، والآن كملوا الواسطية والأصول الثلاثة حفظاً، والآن شارعين فى مختصر الفقه الذى إختصرناه، فصار أكمل من جميع المختصرات التى تعرفونها وأخصر منها، فقد تمكنا من تقليل لفظه الى ما يحتاج اليه الطالب فى كل باب، وهو واضح جداً وأيضاً مشتمل على الدليل)).
ذكر هذا الفاضل عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام فى كتابع البديع ((عملاء نجد خلال ثمانية قرون)) 3/266(1/2)
بقى علينا أن نذكر ملاحظة حول ما ذكره العلامة الفاضل الشيخ بكر ابو زيد - رعاه الله وجنبه كل مكروه وحفظه ذخراً لأمة الاسلام - فى كتابه الرائع ((المدخل المفصل الى فقه الامام أحمد بن حنبل وتخريجات الاصحاب)) (2/955): حيث ذكر هذا الكتاب ضمن ما ألفه الحنابلة فى أصول الفقه فقال منهج السالكين : رسالة مختصرة فى أصول الفقه، تأليف عبد الرحمن بن ناصر السعدى ت سنة 1376ه طبعت.
والحقيقة أن الرسالة اسمها ((منهج السالكين وتوضيح الفقه فى الدين)) فلعل هذا سبق قلم من الشيخ الفاضل بكر ابو زيد، فالرسالة فى الفقه - وهى مختصر فقهى - وليست فى الاصول الفقهية.
ومن المؤاخذات التى أخذت على هذا المختصر ذكر الشيخ السعدى رحمه الله بعض الاحاديث الضعيفة، وهى يسيرة، وذكر آخر الكتاب حديثاً لا أصل له فما هو السبب فى ذلك؟
والجواب على ذلك: هو أن العلامة السعدةى وكما قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام فى كتابه ((علماء نجد)) (3/225) واصفا مؤلفات السعدى: وهذه المؤلفات مع ما فيها من الفوائد والجمع والجدة فى الاسلوب والعرض، إلا أنه ينقصها التحرير فى بعض المواضع، ولعل هذا يرجع الى أنه كان يكتبها من حفظه، ثمّ لا يعود اليها بالتنقيح.
والشيخ عبد الله هو تلميذ الشيخ السعدى، وهو أعرف به من غيره.
والسبب الثانى : أن هذه الاحاديث نقلها الشيخ السعدى من مؤلفات كتب الفقه الحنبلية وليست من مصادرها الاصلية، ومن المعلوم أن جل كتب الفقه لا تهتم بألفاظ الحديث الدقيقة، كما تشتهر روايات يتداولها الفقهاء رغم أنها غير مقبولة عند أهل الحديث والسبب، فى ذلك ليس هذا موضع ذكره وتفصيله.(1/3)
والسبب الثالث: أن علوم الحديث معرفة صحته من ضعفه توقفت من بعد الامام السخاوى فى القرن العاشر الى القرن الرابع عشر واشتهر فى هذه الفترة التقليد فى الحكم على الاحاديث واعتماد أحكام السابقين كالمنذرى والهيثمى وغيرهم، وحتى الحافظ بن حجر العسقلانى لم تكن كتبه معروفة ولا متداولة إلا عند نفر يسير كالشوكانى والزبيدى فى اليمن والغماريين والكتانيين فى المغرب وبعض علماء الهند فليس من الغريب أن تجد فى مؤلفات علماء نجد وغيرهم أحاديث ضعيفة امو منكرة او موضوعة، فإن علم الحديث لم يزده رمن جديد إلا على يد علماء القرن الرابع عشر كالعلامة أحمد شاكر والالبانى وغريهم والله أعلم بالصواب.
ترجمة العلامة السعدى رحمه الله:
اسمه ونسبه:
الشيخ أبو عبد الله بن عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدى، من بنى تميم الشهيرة.
وأمه من آل عثيمين، فالعثيمين أخواله.
مولده ووفاة والديه:
ولد فى عنيزة بالقصيم، وذلك فى اليوم الثانى عشر من شهر المحرم سنة الف وثلاثمائة وسبع من الهجرة النبوية.
وتوفيت أمه سنة 1310ه، وله أربع سنوات.
أما والده فه الشيخ ناصر آل سعدى ولد فى حدود 1243ه، فى عنيزة وتوفى سنة 1313ه.
نشأته:
لما توفى والد السعدى عطفت عليه زوجة والده وكفتله وأحبته أكثر من حبها لأولادها وصار عندها موضع العناية والرعاية.
فلما شب صار فى بيت أخيه الأكبر حمد بن ناصر فنشا نشأة صالحة كريمة.
وكان والده قد أوصى به الى ابنه الأكبر حمد فقام برعايته وتربيته خير قيام، وكان حمد رجلاً صالحاً ومن حملة القرآن ومن المعمرين، فقد عاش الى سنة 1388ه، عن ست وتسعين سنة، فنشا نشأة صالحة كريمة وعرف من حداثته بالصلاح والتقى، فاقبل على العمل بجد ونشاط وهمة وعزيمة، فحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يتجاوز الثانية عشرة من عمره فى مدرسة المربى سليمان بن دامغ.(1/4)
واشتغل بالعلم على علماء بلده ومن يرد اليها من العلماء، وأنقطع للعلم وجعل كل أوقاته مشغولة فى تحصيله حفظاً وفهما ودراسة ومراجعة واستذكارا، حتى أدرك فى صباه ما لا يدره غيره فى عمر طويل.
ولما رأى زملاؤه فى الدراسة تفوقه عليهم ونبوغه تتلمذوا عليه، وصاروا يأخذون عنه العلم، وهو فى سن البلوغ، فصار الشاب المبكر متعلماً ومعلماً.
وما أن تقدمت به الدراسة حتى تفتحت أمامه آفاق العلم، فخرج عن مألوف بلده من الاهتمام بالفقه الحنبلى فقط، الى الاطلاع على كتب التفسير والحديث والتوحيد وكتب شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم، وهى التى فتقت ذهنه ووسعت مداركه، فخرج من طور التقليد الى طور الاجتهاد المقيد، فصار يرجح من الأقوال ما رجحه الدليل وصدقه التعليل، ولكنه فى الغالب لا يخرج عن اختيارات شيخ الاسلام ابن تيمية.
وكان يكاتب علماء الامصار ومفكرى الافاق فى جديد المسائل وعويصات الأمور، حتى صار لديه محاولة لتطبيق بعض النصوص الكريمة على مخترعات ومكتشفات هذا العصر وحوادثه، مما يظهر اسرار الشريعة واتصالها بما يجد فى العصر الحديث، وهذه بعض همته وعزيمته فى إكساب العلوم وتحصيلها.
وكان من محفوظاته القرآن الكريم، وعمدة الاحكام، ودليل الطالب وكثير من نظم ابن عبد القوى، كما يحفظ أكثر النونية لابن القيم.
أما بذله العلم ونشره اياه، فانه صرف اوقاته كلها للتعليم والإفادة والتوجيه والإرشاد فلا يصرفه عن حلق الذكر ومجالس الدرس صارف، ويرده عنها راد، إلا ما يتخلله من الفترات الضرورية، فاجتمع اليه الطلبة واقبلوا عليه واستفادوا منه، كما قدم عليه الطلاب من البلاد المجاورة لبلده بما أشتهر به من سعة العلم وسحن الافادة، وكريم الخلق ولطف المعشر، كذلك وردت اليه الأسئلة العديدة فأجاب عليها بالأجوبة السديدة، وكان حاضر الجواب سريع الكتابة بديع التحرير سديد البحث.(1/5)
فلما بلغ أشده ونضج علمه، ورسخت قدمه، شرع فى التأليف، ففسر القرآن الكريم، وبين أصول التفسير، وشرح جوامع الكلام النبوى، ووضح أنواع التوحيد وأقسامه، وهذب مسائل الفقه وجمع أشتاتها، ورد على الملا حدة والزنادقة والمخالفين، وبين محاسن الاسلام، كل ذلك فى كتب ورسائل طبعت ووزعت ونفع الله بها.
كما نفع الله به الخاصة والعامة، فإنه صار مرجع بلاده وعمدتهم فى جميع أحوالهم وشئونهم، فهو مدرس الطلاب، وواعظ العامة، وإمام الجامع وخطيبة، ومفتى البلاد، وكاتب الوثائق ومحرر الاوقاف والوصايا، وعاقد الانكحة، ومستشارهم فى كل ما يهمهم.
وكان لا ينقطع عن زياراتهم فى بيوتهم، ومشاركتهم فى مجتمعاتهم، ومع هذا بورك له فى أوقاته، فقام بهذه الاشياء كليها، ولم تصرفه عن التأليف والمراجعة والبحث، فقد أعطى كل ذى حق حقه.
واثنى عليه العلماء بأنه العلامة المفسر المحدث الفقيه الاصولى النحوى، ورشح لقضاء عنيزة عام 1360ه، لكنه امتنع منه تورعاً.
شيوخه:
لقد تلقى الشيخ أنواع العلوم على كثير من العلماء، وبعضهم من عنيزة وبعضهم من الوافدين اليها، وبعضهم ذهب اليهم فى بلادهم.
وذكر جميعهم يصعب، ولكن فيما يلى أذكر جملة منهم مع إعطاء نبذة بسيطة عنهم، وعن استفادته من كل واحد منهم، وتجدر الاشارة الى أنه كان - رحمه الله - محا إعجاب مشايخه كلهم بفرط ذكائه ونبله واستقامته.
فمن شيوخه:
* الشيخ إبراهيم بن حمد بن محمد بن جاسر، ولد فى بريده سنة 1241ه، وتوفى فى الكويت سنة 1342ه، وهو أول من قرأ عليه الشيخ وأخذ عنه التفسير والحدث وأصولهما.
* الشيخ محمد بن عبد الكريم بن صالح الشبل، ولد فى عنيزة سنة 1257ه وتوفى سنة 1343ه، وأخذ عنه الفقه وأصوله وعلوم اللغة العربية.
* الشيخ عبد الله بن عائض العويضى الحربى، ولد فى عنيزة سنة 1249ه وتوفى سنة 1375ه، وأخذ عنه الفه وأصوله وعلوم اللغة.(1/6)
* الشيخ صالح بن عثمان بن حمد بن إبراهيم القاضى، ولد فى عنيزة سنة 1282ه وتوفى سنة 1351ه، أخذ عنه التوحيد والتفسير والفقه وأصوله وفروعه وعلوم العربية، وهو أكثر من قرأ عليه الشيخ ولازمه ملازمة تامة حتى توفاه الله.
* الشيخ محمد بن عبد الله بن حمد بن محمد بن سليم، ولد فى بريده سنة 1240ه وتوفى فيها سنة 132ه، رحل له الشيخ فى بريده وأخذ عنه التوحيد وغيره.
* الشيخ على بن ناصر بن محمد ابو وادى، ولد فى عنيزة سنة 1273ه وتوفى سنة 1361ه، وأخذ عنه الحديث فى الامهات الست وغيرها وأجازه فى ذلك واخذ عنه التفسير وأصوله وأصول الحديث.
* الشيخ إبراهيم بن صالح بن إبراهيم بن محمد بن عيسى القحطانى ولد فى عنيزة سنة 1270ه وتوفى سنة 1343ه، وأخذ عنه أصول الدين.
* الشيخ محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن مانع ولد فى عنيزة سنة 1300ه وتوفى فى بيروت سنة 1385ه، ونقل جثمانه الى قطر وصلى عليه ودفن فيها، وأخذ عنه علوم اللغة العربية.
* الشيخ محمد الأمين محمود الشنقيطى، ولد فى مدينة شنقيط فى موريتانيا سنة 1289ه وتوفى الزبير فى صباح الجمعة 14 جمادى الثانية سنة 1351ه، قرأ له المترجم له لما قدم الى عنيزة وجلس فيها للتدريس سنة 1330ه، وأخذ عنه التفسير والحديث ومصطلح الحديث وعلوم العربية كالصرف وغيرهما، وأخذ عنه إجازة الرواية.
طريقة السعدى فى التدريس:
أما عن طرقته فى التعليم وحصره على نفع طلابه، فقد كان - رحمه الله - من أحسن الناس تعليماً وابلغهم تفهيماً وأفضلهم تبييناً، وذلك لأن طرقته فى التعليم امتازت بصفات كثيرة هامة، جعلت طلابه يتلذذون بدروسه ويواظبون عليها.
ومن ابرز الصفات:
أنه يستشير تلاميذه فى اختيار الكتاب الأنفع من كتب الدراسة، ويرجح ما عليه رغبة أكثرهم، وعند التساوى يكون هو الحكم فى الترجيح.
كان - رحمه الله - يخصص المكافآت لمن يحفظ المتون من طلابه، تشجيعاً لهم تحفيزاً لزملائهم.(1/7)
يقيم المنظرات بين طلابه المحصلين لشحذ أفكارهم، وصقل ازهانهم، وتعويدهم على إقامة الحجة والبرهان.
يطرح المسائل على الطلاب ليختبر اذهانهم، ويتعمد احياناً تغليظ نفسه أمامهم ليرى من هو حاضر الذهن ممن هو شارد، وليعرف الفطن من غيره.
عند ذكره للمسائل الخلافية، فان يقرر القول الراجح بأدلته، ثمّ يذكر القول ألأخر بأدلته ثم يوسط نفسه حكماً فى المسألة، وقد يستطرد بذكر نظائر المسائلة، كل ذلك بفصاحة وبلاغة بديهية.
يجمع الطلاب كلهم على كتابين واحد بعد آخر، وبعد انتهاء الجلسة يطلب من ثلاثة منهم إعادة ما يستحضره من التقرير، ويدور عليهم ليختبر قوة حفظهم وفهمه.
يناقشهم بعد يوم فيما مضى شرحه، مما كان يدفع الطلاب على الحرص وعلى الاستذكار وتثبيت المعلومات.
يحرص على طلابه حرصاً تاماً، ويتفقدهم عند غيابهم تفقداً دقيقاً مما كان يجعل تلاميذه يراعون المواظبة لملاحظته وعدم غفلته.
ومع ذلك فقد كان يلاطفهم ويداعبهم تحبباً لهم فى العلم.
ولهذا فقد انتفع بعلمه خلق كثير، وتخرج على يديه عدد كبير من طلاب العلم البارزين المحصلين، أجزل الله له المثوبة، ورحمه رحمة واسعة.
عقيدة الشيخ:
لقد نهج العلامة السعدى فى العقدية منهج السلف الصالح، وأقتفى أثارهم وترسم خطاهم، وذلك بتلقى العقيدة وأخذها من منبعها الاصيل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفهم السلف الصالح، لا بالهواء والتشهى، والبدع والظنون الفاسدة.
ومن تأمل كتبه وسبرها عرف شدة عناية بهذه العقيدة، وحرصه على نشرها وتصديه لمخالفيها.
وقد ذكر فى أول كتابه "القول السديد فى مقاصد التوحيد" مقدمة تشتمل على صفوة أهل السنة وخلاصتها المستمدة من الكتابي والسنة، وقد جمع الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد جهود السعدى فى توضيح العقيدة السلفية فى كتابه "الشيخ عبد الرحمن بن سعدى وجهوده فى توضيح العقيدة" وقد طبع فى مكتبة الرشد الغراء.
تلاميذه:(1/8)
1. الشيخ محمد بن صالح العثيمين، خلف شيخه فى إمامة الجامع بعنيزة، وفى التدريس والوعظ والخطابة.
2. الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام، عضو هيئة التمييز بالمنطقة الغربية.
3. الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل - عضو الهيئة القضائية العليا فى وزارة العدل.
4. الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان، درس فى معهد إمام الدعوة بالرياض، وسلك طريقة شيخه فى التأليف.
5. الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع، تولى القضاء فى المجمع وعنيزة وتوفى فى 18/7/1387ه.
6. الشيخ سليمان بن إبراهيم البسام، كان فقيها، درس فى المعهد العلمى بعنيزة، وعين قاضياً فرفض وتوفى فى 14/3/1377ه.
7. الشيخ محمد بن منصور الزامل، درس بمعهد عنيزة العلمى.
8. الشيخ عبد الله بن محمد الزامل، درس فى معهد عنيزة العلمى، وهو من أبرز علماء نجد بالنحو.
9. الشيخ عبد الله بن حسن آل بريكان، درس فى معهد عنيزة العلمى.
10. الشيخ عبد الله بن محمد العوهلى، درس بمعهد مكة العلمى.
11. الشيخ محمد بن صالح الخزيم عين قاضياً فى الرس ثمّ فى المذنب، ثمّ فى عنيزة.
12. الشيخ عبد الرحمن بن محمد المقوشى، عين قاضياً بالرياض ثمّ بالقويعية ثم أحيل للتقاعد لرغبته.
13. الشيخ حمد بن محمد البسام درس بالمعهد العلمى بعنيزة، ثمّ درس فى جامعة الامام محمد بن سعود فرع القصيم، وكان هو القارئ على الشيخ فى الدرس.
14. الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الخضرى عين قاضياً بعفيف ثمّ صار مدرساً بمعهد المدينة النبوية العلمى.
15. الشيخ حمد بن ابراهيم القاضى، صار مدير إحدى المدارس بعنيزة.
16. الشيخ عبد الله بن محمد الفهيد، إمام مسجد القاع بعنيزة.
17. الشيخ سليمان بن صالح البسام، من أعيان عنيزة.
18. الشيخ عبد الله بن محمد الصيخان، كان قوى الحفظ - كفيفاً - وتوفى شاباً.
19. الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الزامل، كان له عناية بالتاريخ والأنساب.(1/9)
20. الشيخ عبد العزيز بن محمد البسام، كان ينوب عن الشيخ فى إمامة الجامع، وفى الخطابة إذا سافر.
21. الشيخ عبد العزيز بن على المساعد، إمام مسجد الصويطى بعنيزة.
22. الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الدامغ، إمام مسجد الجزية بعنيزة.
23. الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعدى، ابن الشيخ وكان ذا عناية بطبع مؤلفات والده.
24. الشيخ محمد بن صالح الفصيلى، كان قاضياً فى تيماء.
25. الشيخ يوسف بن عبد العزيز الحزب، حفظ القرآن، وكان مشهورا بكتابة الوثائق والمبايعات فى عنيزة.
26. الشيخ على بن محمد الصالحى، صاحب مطبعة النور، وكان الشيخ قد وكل اليه تدريس صغار الطلبة سنة 1360ه.
27. الشيخ ابراهيم بن محمد العمود، كان قاضياً فى جيزان ثم فى الرياض، والشيخ خاله.
28. الشيخ محمد بن عبد الرحمن الحفظى، كان قاضيا فى الدرعية.
29. الشيخ محمد بن عثمان القاضى إمام جامع عنيزة وقيم مكتب الصالحية فى عنيزة.
30. الشيخ عبد الرحمن العقيل، كان قاضياً فى جيزان.
31. الشيخ محمد بن سلمان البسام، درس فى المسجد الحرام فترة وجيزة.
32. الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن زامل بن عبد الله آل سليم وهو من تلاميذه القدمين لأنه يقارب المترجم له فى السن وهو من أعيان مدينة عنيزة.
مصنفات الشيخ:
كان الشيخ ابن سعدى ذا عناية بالغة بالتأليف، وله مؤلفات كثيرة فى أنواع العوم الشرعية، فألف فى التوحيد والفقه والحديث والتفسير والأصول ومحاسن الدين وغيرها، وجميع مؤلفاته مطبوعة إلا اليسير منها، لأنه كان ذا عناية بطبع الكتاب فور انتهائه من تأليفه، إما على نفقته او على نفقة بعض أهل الخير والإحسان، وكانت غايته من التصنيف هى نشر العلم والدعوة الى الحق، ولا ينال من مؤلفاته أي عرضاً زائلاً، بل يوزع مؤلفاته مجاناً ليعم النفع بها.
وسأعرض فيما يلى لجميع مؤلفاته المطبوع منها وغير المطبوع:
* الأدلة القواطع والبراهين فى إبطال أصول الملحدين (طبع).(1/10)
* الارشاد الى معرفة الاحكام (طبع).
* وقد طبع هذا الكتاب مرة أخرى باسم "إرشاد اولى البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الاسباب بطرق مرتب على السؤال والجواب".
* انتصار الحق (طبع).
* بهجة قلوب الابرار وقرة عيون الاخيار فى شرح جوامع الاخبار (طبع).
* توضيح الكافية الشافية (طبع) والكافية الشافية فى نونية ابن القيم.
* التوضيح والبيان لشجرة الايمان (طبع).
* التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنفية (1) (طبع).
* تنزيه الدين وحملته ورجاله مما إفتراه القصيمى فى أغلاله(طبع).
* تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان (طبع).
* الجمع بن الانصاف ونظم ابن عبد القوى (2) (طبع).
* الجهاد فى سبيل الله او واجب المسلمين وما فرضه الله عليهم فى كتابه نحو دينهم وهيئتهم الاجتماعية (طبع).
* الحق الواضح المبين فى شرح توحيد الانبياء والمرسلين من الكافية الشافية.
* حكم شرب الدخان(طبع).
* حكم سبع البدنه حكم الشاة (مخطوط).
* الخطب المنبرية على المناسبات(طبع).
* الدرة البهية شرح القصيدة التائية فى حل المشكلة القدرية (طبع).
* الدرة المختصرة فى محاسن دين الاسلام(طبع).
* الدلائل القرآنية فى إن العلوم النافعة العصرية داخلة فى الدين الاسلام (طبع).
* الدين الصحيح يحل جميع المشاكل(طبع).
* رسالة فى القواعد الفقهية(طبع).
* رسالة لطيفة جامعة فى أصول الفقه المهمة(طبع).
* الرياض الناضرة والحائق النيرة الزاهرة فى العقائد والفنون (طبع).
* سؤال وجواب فى أهم المهمات(طبع).
* طريق الوصول الى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول(طبع).
*
(1) طبع الكتاب مع حاشية الامام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -.
(2) والكتاب لم يتم بل وصل فيه الى كتاب الحج.
* الفتاوى السعدية (طبع). وقد جمعت بعد وفاته.
* فتح الرب الحميد فى أصول العقائد والتوحيد (لم يطبع).(1/11)
* فوائد مستنبطة من قصة يوسف(طبع).
* الفواكه الشهية فى الخطب المنبرية(طبع).
* القواعد الحسان لتفسير القرآن(طبع).
* القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديهة النافعة (طبع).
* القول السديد فى مقاصل التوحيد (طبع).
* مجموع الخطب فى المواضيع النافعة(طبع).
* مجموعة الفوائد واقتناص الاوابد(طبع).
* المختارات الجلية من المسائل الفقهية(طبع).
* المواهب الربانية من الآيات القرآنية(طبع).
* منهج السالكين وتوضيح الفقه فى الدين(طبع)، وهو موضوع كتابنا هذا.
* المنظرات الفقهية(طبع).
* منظومة فى أحكام الفقه(طبع).
* منظومة فى السير الى الله والدار الآخرة (طبع).
* وجوب التعاون بين المسلمين، وموع الجهاد الدينى، وبيان كليات من براهين الدين(طبع).
* الوسائل المفيدة للحياة السعيدة(طبع).
كما قامت دار صالح بعنيزة بجمع مؤلفات الشيخ ورتبت على النحو التالى:
أولاً…: التفسير فى ثمانى مجلدات.
ثانياً…: الحديث فى مجلد.
ثالثاً …: العقدية الاسلامية فى مجلد.
رابعاً…: الفقه وأصوله فى مجلدين.
خامساً …: الثقافة الاسلامية فى مجلدين.
سادساً…: الخطب فى مجلد.
سابعاً…: الفتاوى فى مجلد.
ثامناً…: مختصر التفسير وأصوله فى مجلد.(1/12)
أصيب عام 1372ه، أي قبل وفاته بخمس سنوات بمرض ضغط الدم، وتصلب الشرايين فكان يعتريه مرة بعد مرة وهو صابر عليه، وكان أعراض المرض تبدو عليه بعض الساعات فى الكلام فيقف ولو كان يقرأ القرآن ثمّ يتكلم، فأرسل الى لبنان للعلاج، فسافر الى بيروت فى عام 1373ه، وبقى هناك شهراً يعالج حتى شفاه الله، ونصحه الاطباء بالراحة وقلة التفكير والإجهاد، واجتمع فى سفره هذا بعدد من العلماء، وتعرف بجملة من الفضلاء، منهم العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الالبانى رحمه الله ثمّ رجع الى عنيزة فباشر أعماله، ولم يصبر على ترك العلم فقام فيها تعليماً وإماماً وخطابة وتأليفا وبحثاً، لأن هوايته العلم، وكان يقول : "ان راحتى فى مزاولة عملى".
فصار المرض يعاوده ثمّ يشفى، ولا يصده عن الخروج، ويحدث معه رعدة وسكته لا يقدر معها على الكلام وتبقى دقيقة واحدة ثمّ تزول بدون تألم سوى برد يتلوه عرق.
وفى شهر جمادى الاخرة سنة 1376ه، اشتد عليه المرض حتى توفى رحمه الله قبل طلوع فجر يوم الخميس الموافق 23 جمادى الآخرة سنة 1376ه، عن تسع وستين سنة.
وصلى عليه بعد صلاة الظهر فى الجامع الكبير، ودفن فى مقابر الشهوانية شمال عنيزة.
والحقيقة أن عنيزة منذ تأسست لم تصب عامة مثل مصيبتها بهن وظهر ذلك فى البكاء والحزن الشديد من المواطنين(1).
عملى فى الكتاب:
العمل فى مختصر فقهى لا يعدو سوى تخريج الآيات والأحاديث والحكم عليها والتعليق على بعض الكلمات اليسيرة من غريب او جملة تحتاج الى بيان أكثر، ولم أتدخل فى التعليق على موافقة العلامة السعدى او مخالفته فيبقى رأى الامام السعدى هو أصل هذا الكتاب إذ لو اراد المرء التعليق على هذا المختصر لصبح التعليق حاشية او شرح للكتاب، وليس هذا المقصود من نشر هذا المختصر.
(1) ليس لمحقق أي جهد فى هذه الترجمة وإنما هى مأخوذة من المصدرين التاليين:(1/13)
1 - علماء نجد خلال ثمانية قرون للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام، الطبعة الثانية فى دار العاصمة، الجزء الثالث.
2 - إتحاف النبلاء بسير العلماء إعداد راشد بن عثمان الزهرانى، دار صمعى، الجزء الاول.
وفى الختام أسأل الله أن يوفقنى لما يحبه ويرضاه، وهو يعلم جل فى علاه أن أجل أعمالنا مشوبة بالرياء والشهرة والسمعة وحظ النفس، فنسأله سبحانه أن يعيننا على ذكره وشكره وأن يجعل عملنا له خالصاً ولا يجعل لأحد من هذا العمل شئ، والحمد لله رب العالمين.
……………………وكتبه
……………………ابو معاذ
………………إياد بن عبد اللطيف بن إبراهيم القيسى
…………………22 ربيع الثانى 1422ه
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
مقدمة التصنيف
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدى الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما بعد:
فهذا كتاب مختصر فى الفقه، جمعت فيه بين المسائل والدلائل لأن العلم معرفة الحق بدليلة.
والفقه : معرفة الاحكام الفرعية بأدلتها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
واقتصرت على الأدلة المشهورة خوفاً من التطويل.
وإذا كانت المسألة خلافية، اقتصرت على القول الذى ترجح عندى، تبعاً للأدلة الشرعية.
الأحكام الخمسة:
الواجب…: وهو ما أثيب فاعله وعوقب تاركه.
الحرام…: ضده يثاب تاركه ويعاقب فاعله.
المسنون…: وهو ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه.
المكروه…: ضده يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.
المباح…: هو الذى فعله وتركه على حد سواء.
ويجب على المكلف أن يتعلم أن الفقه كل ما يحتاج اليه فى عبادات ومعاملات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقه فى الدين" متفق عليه. (1)(1/14)
فيوجب ذلك على العبد : إخلاص جميع الدين لله، وأن تكون عبادته الظاهرة والباطنة كلها لله وحده، وأن لا يشرك به شيئاً فى جميع امور الدين.
وهذا اصل دين جميع الرسل وأتباعهم، كما قال تعالى {وما ارسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى اليه أنه لا اله إلا انا فاعبدون} الانبياء 25.
وشهادة ان محمد رسول الله : أن يعتقد العبد أن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم الى جميع الثقلين - الجن والإنس - بشيراً ونذيراً يدعوهم الى توحيد الله وطاعته بتصديق خبره، وامتثال أمره وأنه لا سعادة ولا صلاح فى الدنيا والآخرة إلا بالإيمان به وبطاعته وأنه يجب تقديم محبته على النفس والولد والناس أجمعين، وأن الله ايده بالمعجزات الدالة على رسالته، وبما جبله الله عليه من العلوم الكاملة والأخلاق الدينية والدنيوية.
وآيته الكبرى: هذا القرآن العظيم بما فيه من الحق فى الاخبار والأمر والنهى، والله أعلم.
(1) الحديث رواه البخارى (71،2948,6882), ومسلم (1037) عن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه.
كتاب الطهارة
فصل:
وأما الصلاة : فلها شروط تتقدم عليها، فمنها والطهارة ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" رواه البخارى ومسلم (1).
فمن لم يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة فلا صلاة له.
والطهارة نوعان:
أحدهما الطهارة بالماء وهى الأصل.
فكل ما نزل من السماء، أو خرج من الارض: فهو طهور، يطهر من الاحداث والأخباث، ولو تغير طعمه او لونه أو ريحه بشئ طاهر، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "ان الماء طهور لا ينجسه شئ" وهو صحيح (2).
فإن تغير أحد اوصافه بنجاسة فهو نجس يجب اجتنابه.
والأصل فى الاشياء : الطهارة والإباحة.(1/15)
فذا شك المسلم فى نجاسة ماء او ثوب او بقعة او غيرها، فهو طاهر، او تيقن الطهارة وشك فى الحدث فهو طاهر، لقوله صلى الله عليه وسلم: الرجل يخيل اليه أنه يجد الشئ فى الصلاة: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً او يجد ريحاً" متفق عليه (3).
باب الآنية:
وجميع الاوانى مباحة، إلا أنية الذهب والفضة، وما فيه شئ منهما، إلا اليسير من الفضة للحاجة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا فى آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا فى صحافها، فإنها لهم فى الدنيا ولكم فى الآخرة" متفق عليه (4)
(1) بهذا اللفظ أخرجه مسلم فى صحيحه (244) عن ابر عمر، وذكره البخارى (1/63) مبوباً فقال : باب لا تقبل صلاة بغير طهور، وساق حديث أبى هريرة: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ.."
(2) الحديث رواه أبو داوود (66، 67) والترمزى (66)، والنسائى (1/174)، وأحمد (3/16، 31،86) والطيالسى (2155)، وابن ابى شيبة (1505، 36092) وابن الجارود فى المنتقى (74)، وابن حبان (1192)، وأبو يعلى (1304)، والطحاوى فى شرح معانى الاثار (1/11) والدار قطنى فى سننه (1/29-31)، والبيهقى فى سننه (1/4، 257)، وابن عبد البر فى التمهيد (1/333) والحديث صحيح بطرقه وشواهده عن ابى سعيد الخدرى صلى الله عليه وسلم.
(3) الحديث رواه البخارى (175) ومسلم (361).
(4) الحديث رواه البخارى (5110،5309) ومسلم (2067).
باب الاستنجاء وقضاء الحاجة:
يستحب إذا دخل الخلاء: أن يقدم رجله اليسرى (1) ويقول "بسم الله، اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث"(2).
وإذا منه قدم رجله اليمنى، وقال "غفرانك، الحمد لله الذى أذهب عنى الأذى وعافانى" (3).
ويعتمد فى جلوسه على رجله اليسرى وينصب اليمنى(4)، ويستر بحائط أو غيره، ويبعد إن كان فى الفضاء.(1/16)
ولا يحل له أن يقضى حاجته فى طريق، أو محل جلوس للناس، او تحت الاشجار المثمرة، او محل يؤذى به الناس ولا يستقبل القبلة او يستدبر ها حال قضاء حاجته لقوله، صلى الله عليه وسلم: "إذا اتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبر وها ولكن شرقوا او غربوا" متفق عليه (5).
فإذا قضى حاجته استجمر بثلاثة أحجار ونحوها، تنقى المحل، ثم استنجى بالماء، ويكفى الاقتصار على أحدهما.
ولا يستجمر بالروث والعظام، لنهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كذلك كل ما له حرمة.
ويكفى غسل النجاسات - على البدن، او الثوب، او البقعة، أو غيرها - ان تزول عينها عن المحل، لأن الشارع لم يشترط فى غسل النجاسة عدداً إلا فى نجاسة الكلب، فأشترط فيها سبع غسلات إحداها بالتراب (6).
1. تقديم الرجل اليسرى ليست فى الروايات إنما ذكرها أهل العلم على جهة العموم إذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعمل اليمين فى الاماكن الطيبة والشمال لكل ما خبث.
2. الحديث عن أنس عن البخارى (142، 5963)، ومسلم (375)، إما قوله بسم الله فهى رواية عند الترمزى (603)، وابن ماجة (297) وسندها ضعيف، ولكن لها طرق تكون بها صحيحة ان شاء الله.
3. هذا للفظ من حديثين:
4. • أما قوله : "غفرانك" فرواه أبو داوود (30)، والترمزى (7)، والنسائى فى الكبرى (9907)، وفى اليوم والليلة (79)، وابن ماجه (300)، وأحمد (6/155)، والبخارى فى الأدب المفرد(693) وفى التاريخ الكبير (8/386)، وابن ابى شيبة (7، 29904)، والدرامى (680) وابن حبان (1444)، وابن الجارود فى المنتقى (42)، وابن خزيمة (90)، والحاكم (562)، والبيهقى فى السنن الكبرى (1/97)، وفى الصغرى (74)، والحديث حسن بإذن الله.(1/17)
5. • وأما قوله "الحمد لله الذى ..." فرواه مرفوعاً عن أنس ابن ماجه (301)ن وسنده ضعيف، وروى مرفوعاً على أبى ذر عند ابن السنى (22) وسنده ضعيف وللموقوف والمرفوع شواهد لكن الموقوف أقرب للصواب، والله أعلم.
6. لا أدرى هل ورد فى هذه الهيئة حديث ام لا.
7. الحديث رواه البخارى (144، 386)، ومسلم (264) عن ابى ايوب الانصارى.
8. هذه الرواية فى مسلم (263).
9. هذه الرواية فى مسلم (279).
والأشياء النجسة:
بول وروث كل حيوان محرم أكله، والسباع كلها نجسة، وكذلك الميتات إلا ميتة الآدمى، وما لا نفس له سائلة، والسمك والجراد فإنها طاهرة، قال تعالى: "حرمت عليكم الميتة والدم" {المائدة 3}، وقال النبى صلى الله عليه وسلم "المؤمن لا ينجس حياً ولا ميتاً".
وقال : "أحل لنا ميتان ودمان، أما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال، رواه أحمد وابن ماجه".
وأما أرواث الحيوانات المأكولة وابوالها فإنها طاهرة.
ومنى الآدمى طاهر: كان النبى صلى الله عليه وسلم يغسل رطبه ويفرك يابسه، وبول الغلام الصغير الذى لم يأكل الطعام لشهوة: يكفى فيه النضح كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام" رواه ابو داود والنسائى (1) وإذا زالت عين النجاسة طهرت، ولم يضر بقاء اللون او الريح، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لخوله بنت يسار فى دم الحيض: "يكفيك الماء ولا يضرك أثره" (2).
باب صفة الوضوء:
وهو ان ينوى رفع الحدث او الوضوء للصلاة ونحوها، والنية شرط لجميع الاعمال من طهارة وغيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل إمرى ما نوى" متفق عليه(3)، ثمّ يقول "بسم الله" ويغسل كفه ثلاثاً ثمّ يتمضمض ويستنشق ثلاثاً بثلاث(1/18)
أما مرفوعاًُ فرواه الحاكم فى مستدركه (1422) والديلمى فى مسند الفردوس (7313)، وقد ورد مرفوعاً على ابن عباس بسند صحيح ذكره البخارى فى صحيحه معلقاً (1/422)، وعزاه فى التعليق (2/460) لسعيد بن منصور، وابن أبى شيبة والبيهقى وسنده صحيح. وقال: والذى يتبادر لذهنى أن الموقوف أصح، ولفظه هو "المسلم" وليس "المؤمن" هذا كله فى زيادة (حياً وميتاً) وإلا فلفظه "المسلم لا بنجس" هى رواية البخارى (276)، ومسلم (371) عن أبى هريرة.
هذا الحديث مرفوعاً لا يصح باتفاق أهل العلم فقد رواه ابن ماجه (3314)، وأحمد (2/97)، والشافعى فى مسنده (340)، وعبد الرحمن بن حميد (820)، والبيهقى فى سننه ((1/254) (9/257) (10/7) وابن عدى فى الكامل (1/397) (4/186، 271)، والعقيلى فى الضعفاء (2/331)، وابن حبان فى المجروحين (2/58)، وابرن ابى حاتم فى العلل (1524) ورجع كل أهل العلم صحة وقفه على ابن عمر وأن قول الصحابة أحلت وحرمت له حكم المرفوع قطعاً.
هذا اللفظ لرواية أبى السمح خادم النبى صلى الله عليه وسلام - ويرجح أن اسمه (إياد) - والحديث رواه ابو داود (376)، والنسائى فى المجتبى (1/158)، وفى الكبرى (293) وابرن ماجه (526)، وابن خزيمة (283) ، والطبرانى (22/384)، والحاكم (589)، والبيهقى (2/415) والحديث حسنه البخارى وصححه غيره، والله أعلم.
غرفات، ثمّ يغسل وجهه ثلاثاً، ويديه مع المرفقين ثلاثاً، ويغسل رأسه من مقدمه الى قفاه بيديه، ثمّ يعيدهما الى المحل الذى بدا منه مرة واحدة، ثمّ يدخل سبابته فى أذنيه ويمسح بإبهامه ظاهرهما، ثمّ يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثاً، ثلاثاً، هذا أكمل الوضوء الذى فعله النبى صلى الله عليه وسلم.(1/19)
والفرض من ذلك: أن يغسلها مرة واحدة وان يرتبها على ما ذكره الله بقوله "يأيها الذين أمنو إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ..." [المائدة 6]، وأن لا يفصل بينهما بفاصل كثير عرفاً، بحيث ينبنى بعضه على بعض، وكذلك كل ما اشترطت له الموالاة.
باب المسح على الخفين:
فإن كان عليه خفان ونحوهما مسح عل عليهما ان شاء يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة ايام بلياليهن للمسافر، بشرط أن يلبسهما على طهارة، ولا يمسحهما إلا فى الحدث الاصغر عن أنس مرفوعاً "إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة" رواه الحاكم وصححه(1).
فان كان على اعضاء وضوئه جبيرة على كسر، او دواء على جرح، ويضره الغسل : مسحه بالماء فى الحدث الاكبر والأصغر حتى يبرأ.
وصفة مسح الخفين : أن يمسح أكثر ظاهرهما.
وأما الجبيرة : فيمسح على جميعها.
باب نواقض الوضوء:
وهى : الخارج من السبيلين مطلقاً، والدم الكثير ونحوه، وزوال العقل بنوم او غيره، وأكل لحم الجزور، ومس المرأة بشهوة، ومس الفرج، وتغسيل الميت، والردة، وهى تحبط الاعمال كلها، لقوله تعالى: "أو جاء أحد منكم من الغائط او لامستم النساء" [النساء 6].
1. الحديث عن أنس مرفوعاً رواه الحاكم (643)، والدار قطنى (1/203)، والبيهقى فى السنن (1/279)، وروى موقوفاً على عمر بن الخطاب عند البيهقى فى السنن (11/297)، والدار قطنى (1/203)، والخطاب عند البيهقى فى السنن (11/279)، والدار قطنى (1/203)، وابن عبد البر فى التمهيد (1/150) والمرفوع ضعه أهل العلم.
2. ولا أدرى احتج العلامة بن السعدى بهذا الحديث وهو عكس دليل المسالة إذ الحديث هو حجة من ادعى عدم التوقيت فى المسح.
3. الحديث رواه مسلم (360).(1/20)
4. الحديث أخرجه الترمزى (96، 3535، 3536)، والنسائى وفى الكبرى (145)، وفى المجتبى (1/83، 98)، وابن ماجة (487)، وأحمد (4/240، 389) وعبد الرزاق فى مصنفه (793، 795)، والشافعى (17)، والطيالسى (1166)، والحميدى (881) وسعيد بن منصور (940) والطبرانى فى الكبير (7350، 7353، 7360، 7376) وفى الاوسط (19) وفى الصغير (1/91)، والدارقطنى (1/196 - 197)، والبخارى فى التاريخ الكبير (3/96)، والدولابى فى الكنى (1/179) (2/80)، وأين حبان (1100، 1321) وابن خزيمة (17، 196) وأبو نعيم فى الحية (7/308)، والبيهقى فى سننه الصغرى (130)، والخطيب فى موضح اوهام الجمع والتفريق (447)، والضياء فى المختارة (8/33، 35) عن صفوان بن عسال رضى الله عنه الحديث حسن، وهو أحسن حديث فى بابه.
وسئل النبى صلى الله عليه وسلم من لحوم الابل؟ فقال نعم" رواه مسلم (2)، وقال فى الخفين: "ولكن من غائط وبول ونوم" رواه النسائى والترمزى وصححه" (3).
باب ما يوج الغسل وصفته:
ويجب الغسل من الجنابة وهى إنزال المنى بوطء او غيره او بلقاء الختانين وخروج دم الحيض، ومت غير الشهيد وإسلام الكافر.
قال تعالى: "وان كنتم جنبا فأطهروا" [المائدة6].
وقال تعالى: "لا تقربوهن حتى يتطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله" [البقرة 222] أى اذا اغتسلن.
وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم "بالغسل من تغسيل الميت" (1) وأمر من أسلم ان يغتسل.
,اما صفة غسل النبى صلى الله عليه وسلم من الجنابة:
فاكن يغسل فرجه أولاً، ثمّ يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثمّ يحثى الماء على رأسه ثلاثاً، يرويه بذلك، ثمّ يفيض الماء على سائر جسده، ثمّ يغسل رجليه بمحل أخر.
والفرض من هذا، غسل جميع البدن، وما تحت الشعور الخفيفة والكثيفة والله أعلم.
باب التيمم:
وهو النوع الثنى من الطهارة:
وهو بدل عن طهارة الماء اذا تعذر استعمال الماء لأعضاء الطهارة، او بعضها لعدمه او خوف ضرر باستعماله.(1/21)
فيقوم التراب مقام الماء، بأن ينوى رفع ما عليه من الاحداث.
1. هذا الحديث لفظه : "من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ" رواه الترمزى (993)، وأبو داود (3162)، وابن ماجه (1463) وأحمد (2/280، 433، 454، 472)، وعبد الرزاق فى مصنفه (6111)، وابن ابى شيبة (12000)، والطيالسى (2314)، وعلى بن الجعد فى مسنده (2754)، والبخارى فى تاريخه (1/396)، وابن شاهين فى ناسخ الحديث ومنسوخة (31، 33)، والبيهقى فى سننه (1/301، 303) والخطيب فى موضع اوهام الجمع والتعديل (252)، وابن أبى حاتم فى العلل (622، 623، 1035)، والدارقطنى فى علله (9/293)، هذا عن ابى هريرة والحديث روى عن حذيفة والمغيرة وعائشة وأبى سعيد، وأهل العلم أمثال البخارى وأحمد وابن ابى حاتم والدارقطنى وغيرهم يضعفون المرفوع ويصححون وقفه، والترمزى وابن حبان وابن حزم والذهبى وابن حجر يصححونه لكثرة طرقه والعلماء يستحبون لوروده عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم وجود مخالف لهم والله أعلم.
2. لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر قيس بن عاصم أن يغتسل حين أسلم وهذا حديث صحيح ثابت، وكذا حديث ثمامة أيضاً.
3. الحديث رواه البخارى (328، 47) ومسلم (521) عن جابر رضى الله عنه.
ثمّ يقول: "بسم الله" ثمّ يضرب التراب بيديه مرة واحدة ، يمسح بهما جميع وجهه وجميع كفيه. فإن ضرب مرتين فلا بأس، قال تعالى "فلم تجدوا مآءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم ولعلكم تشكرون" [المائدة 6].(1/22)
وعن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الانبياء قبلى، نصرت بالعب مسيرة شهر، وجعلت لى الارض مسجداً وطهورا، فايما رجل أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لى الغنائم، ولم تحل لأحد قبلى، وأعطيت الشفاعة، وكان النبى يبعث الى قومه خاصة وبعثت للناس عامة" متفق عليه. من عليه حدث أصغر: لم يحل له أن يصلى، ولا أن يطوف بالبيت، ولا يمس المصحف. ويزيد من عليه حدث أكبر: أنه لا يقرأ شيئاً من القرآن ولا يلبث فى المسجد بلا وضوء.وتزيد الحائض والنفساء: أنها لا تصوم، ولا يحل وطئها، ولا طلاقها.والأصل فى الدم الذى يصيب المرأة أنه حيض بلا حد لسنة ولا قدره، ولا تكراره، إلا إن أطبق الدم على المرأة، أو صار لا ينقطع عنها إلا يسيراً، فإنها تصير مستحاضه، فقد أمرها النبى صلى الله عليه وسلم أن تجلس عادتها، فان لم تكن لها عاده فالى تمييزها، فإن لم يكن لها تمييز، فالى عادة النساء الغالية، ستة أيام او سبعة ايام، والله أعلم.
كتاب الصلاة
تقدم أن الطهارة من شروطها.
ومن شروطها : دخول الوقت، والأصل فيه: حديث جبريل أنه أم النبى صلى الله عليه وسلم فى أول القوت وآخره وقال: "يا محمد، الصلاة ما بين هذين الوقتين". رواه أحمد والنسائى والترمزى (1).
وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "وقت الظهر، إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم تحضر العصر، ووقت العصر، ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب: ما لم يغيب الشفق، ووقت صلاة العشاء، الى نصف الليل، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس" رواه مسلم (2).
ويدرك وقت الصلاة بإدارك ركعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة" متفق عليه (3).
ولا يحل تأخيرها او تأخير بعضها عن وقتها لعذر او غيره إلا إذا أخرها لجمعها مع غيرها، فإنه يجوز لعذر، من سفر، أو مرض، أو مطر، او نحوها.(1/23)
والأفضل: تقديم الصلاة فى أول وقتها، إلا العشاء اذا لم يشق، وإلا الظهر فى شدة الحر، قال النبى صلى الله عليه وسلم " إذا اشتد الحر فابردوا عن الصلاة، فان شدة الحر من فيح جهنم: متفق عليه (4) ومن فاتته الصلاة وجب عليه المبادرة الى قضائها مرتباً، فان نسى الترتيب او جهله او خاف وفات الصلاة سقط الترتيب.
ومن شروطها ستر العورة بثوب مباح لا يصف البشرة.
والعورة ثلاثة أنواع:
مغلظة : وهى عورة المرأة الحرة البالغة، فان جميع بدنها عورة فى الصلاة إلا وجهها.
ومخففة : وهى عورة ابن سبع سنين الى عشر، فنها الفرجان.
ومتوسطة : وهى عورة من عداهم، من السرة الى الركبة.
1. هذا، حديث جبريل المعروف، ولكن لفظة المؤلف هذه وردت عند ابن ابى شيبة (3220) وعبد الرحمن بن حميد (703)، أما الحديث فلفظه: "ثمّ قال ما بين هذين الوقتين وقت" رواه الترمزى (150) والنسائى (1/255) وأحمد (3/330) والدارقطنى (1/257)، والحاكم (1/195)، والبيهقى (1/368)، وغيرهم عن جابر وهو أصح حديث فى هذا الباب كما قال البخارى رحمه الله.
2. الحديث رواه مسلم (612) عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما.
3. الحديث رواه البخارى (555)، ومسلم (607) عن أبى هريرة.
4. الحديث رواه البخارى (510) عن ابن عمرو (511، 603)، عن أبى ذر، ومسلم عن ابى هريرة (615) وعن ابى ذر (616).
وقال تعالى "يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" [الأعراف 31]. ومنها استقبال القبلة، قال تعالى "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام" [البقرة 149].
فان عجز عن استقبالها لمرض او غيره سقط، كما تسقط جميع الواجبات بالعجز عنها.
قال تعالى :"فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن 16].
وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى فى السفر على راحلته حيث توجهت به وفى لفظ: غير أنه لا يصلى عليها المكتوبة، متفق عليه (1).(1/24)
ومن شروطها النية. وتصح الصلاة فى كل موضع، إلا فى محل نجس او مغصوب او فى مقبرة او حمام او أعطان أبل، وفى سنن الترمزى مرفوعاً "الارض كلها مسجداً إلا المقبرة والحمام" (2)
باب صفة الصلاة:
يستحب أن يأتى اليها بسكينة ووقار.
فإذا دخل المسجد قال: "بسم الله والصلاة على رسول الله، اللهم أغفر لى ذنوبى وافتح لى أبواب رحمتك"، ويقدم رجله اليمنى لدخول المسجد، واليسرى للخروج منه ويقول هذا الذكر إلا أنه يقول "وافتح لى أبواب فضلك" (3)
فذا قام الى الصلاة قال : الله أكبر ورفع يديه حذو منكبيه أو الى شحمتى أذنيه، فى اربع مواضع:
1 - عند تكبيرة الاحرام.
2 - عند الركوع.
3 - وعند الرفع منه.
4 - وعند القيام من التشهد الأول.
كما صحت بذل الاحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم.
1. الحديث رواه البخارى (391، 1042، 1159)، مسلم (700).
2. الحديث عن أبى سعيد الخدرى رواه أبو داوود (492)، والترمزى (317)، وابن ماجه (745)، وأحمد (3/83، 96)، وعبد الرزاق (1582)، والدرامى (1390)، والشافعى (20)، وأبو يعلى (1350)، وابن حبان (1699، 2316، 2321)، وابن خزيمة (791)، والحاكم (1/251)، والبيهقى فى السنن (2/434 - 435)، وهذا الحديث اختلف أهل العلم فى وصله وإرساله واعتبر والدارقطنى فى علله أن المرسل هو المحفوظ وكذا البيهقى والحديث ضعفه النووى، والله أعلم.
3. الحديث رواه مسلم (713).
ويضع يده اليمنى على اليسرى تحت سرته (1)، او فوقها، او على صدره، ويقول: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك ولا إله غيرك" (2). او غيره من الاستفتاحات الواردة عن النبى صلى الله عليه وسلم.
ثمّ يتعوذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة ويقرأ معها فى الركعتين الاوليين من الرباعية والثلاثية سورة، تكون فى الفجر من طوال المفصل(3)، وفى المغرب من قصاره، وفى الباقى من اوساطه.(1/25)
ويجهر فى القراءة ليلاً، ويسر بها نهاراً إلا الجمع والعيدين والكسوف والاستسقاء، فانه يجهر به.
ثمّ يكبر للركوع ويضع يديه على ركبتيه ويجعل رأسه حيال ظهره، ويقول سبحان ربى العظيم" يكرره.
وأن قال مع ذلك فى ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لى" (4) فسحن، ثمّ يرفع رأسه قائلاً: "سمع الله لمن حمده" إن كان إماماً او منفرداً، ويقول أيضاً: "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد"
ثمّ يسجد على أعضائه السبعة، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة - وأشار بيده الى أنفه - والكفين والركبتين، وأطراف القديمين: متفق عليه (5).
ويقول: "سبحان ربى الأعلى" (6) ثمّ يكبر، ويجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى وهو الافتراش، وجميع جلسات الصلاة افتراش، إلا فى التشهد الأخير، فانه بتورك: بأن يجلس على الأرض ويخرج رجله اليسرى من الخف الأيمن، ويقول:
1. وضعها تحت السرة فيه حديث غير ثابت باتفاق أهل العلم، والصحيح وضعها فوق السرة او على الصدر.
2. الحديث رواه ابو داوود (775)، والترمزى (242)، والنسائى فى الكبرى وفى الصغرى (2/132)، وابن ماجه (804)، وأحمد (3/50، 69)، والدرامى (1242)، وعبد الرزاق فى المصنف (2554)، وابن أبى شيبة، والدارقطنى فى السنن (1/298، 299)ن وابن خزيمة (467) والحديث حسنه ابن حجر وصححه الشيخ شاكر والشيخ ناصر رحمهم الله، رحمهم الله جل وعلا.
3. لعله يقصد من طول السور إذ أن تخصيص المفصل لا اصل له شرعا، بل عد بعض أهل العلم ان الاقتصار فى المغرب على قصار المفصل او السور من البدع التى أحدثها بنى أمية، ولعل السعدى رحمه الله أراد أن يقدر كمية القراءة بسور المفصل.
4. الحديث رواه البخارى(761، 784، 4042، 4684)، ومسلم (484).
5. الحديث رواه مسلم (477).
6. الحديث رواه البخارى (779)، ومسلم (490).(1/26)
"ربى اغفر لى وارحمنى وأهدنى وارزقنى واجبرنى وعافنى" (1)، ثمّ يسجد الثانية كالأولى.
ثمّ ينهض مكبراً على قدميه (2)، ويصلى الركعة الثانية كالأولى.
ثمّ يجلس للتشهد الأول، وصفته:
"التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، اشهر أن لا أله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (3).
ثمّ يقوم لبقية صلاته ويقتصر فى الذى بعد التشهد على الفاتحة.
ثمّ يتشهد فى الجلوس الأخير: وهو المذكور، ويقول أيضاً: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم أنك حميد مجيد(4).
أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة لمحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال.
ويدعو بما أحب، ثمّ يسلم عن يمينه وعن يساره "السلام عليكم ورحمة الله" والأركان القولية من المذكورات:
تكبيرة الاحرام، قراءة الفاتحة على غير مأموم، والتشهد الأخير والسلام.
وباقى أفعالها: اركان فعلية، إلا التشهد الأول، فإنه من واجبات الصلاة كالتكبيرات غير تكبيرة الاحرام، وقول "سبحان ربى العظيم" فى الركوع و"سبحان ربى الأعلى" مرة فى السجود، و"رب اغفر لى" بين السجدتين مرة.
وما زاد فهو مسنون، وقول "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد، و"ربنا ولك الحمد" للكل.
1. الحديث رواه مسلم (772).
2. الحديث رواه ابو داود (850)، والترمزى (284)، وابن ماجه (898)، وأحمد (1/315، 371)، والحاكم وأبو يعلى والبيهقى فى سننه (2/122)، والحاكم (964، 1004)، والطبرانى فى الكبير (12363)، والحاكم وأبو أحمد فى شعار أصحاب الحديث (77)، والضياء فى المختارة(10/133)، والحديث ضعيف وله شاهد من قول على ابن أبى طالب وسنده ضعيف جداً.(1/27)
3. ورد ذلك فى حديث ضعيف، والأصح منه حديث جلسة الاستراحة لحديث مالك بن الحويرث الذى رواه البخارى وفيه: "لم ينهض حتى يستوى قاعداً" ولكن البعض يجعل هذا من باب الحاجة لكبر سن الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس سنة الصلاة، والله أعلم.
4. هذا تشهد ابن مسعود رضى الله عنه الذى رواه البخارى (797، 800، 1144، 5876، 5910، 5969، 6946)، ومسلم (402)، أما قوله (عبده) فليست من تشهد ابن مسعود، وهى فى تشهد ابن عمر الذى رواه ابو داود والبيهقى والدارقطنى وسنده جيد.
5. الحديث رواه البخارى (4519، 5996)، ومسلم (406).
فهذه الواجبات تسقط بالسهو، ويجبرها سجوده.
والأركان تسقط سهوا ولا جهلا ولا عمدا.
والباقى سنن أقوال وأفعال مكملة للصلاة.
ومن أركانها: الطمأنينة فى جميع اركانها.
وعن ابى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قمت الى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثمّ استقبل القبلة فكبر، ثم أقرأ ما تيسر من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثمّ ارفع حتى تطمئن قائماً، ثمّ أسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ثمّ أسجد حتى تطمئن ساجداً، ثمّ افعل ذلك فى صلاتك كلها" متفق عليه (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتنمونى أصلى" متفق عليه (2).
فإذا فرغ من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام" (3).
سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ويقول "لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير" تمام المائة (4).
والرواتب المؤكدة والتابعة للمكتوبات: عشر.
هى المذكورة فى حديث ابر عمر رضى الله عنهما، قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب فى بيته، وركعتين بعد العشاء فى بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح" متفق عليه (5).
باب سجود السهو والتلاوة والشكر:(1/28)
وهو مشروع إذا زاد الانسان فى صلاة ركوعاً او سجوداً او قياماً او قعوداً أو سهواً او نقص شيئاً من الاركان: يأتى به ويسجد، او ترك واجباً من واجبات الصلاة سهواً، او شك فى زيادة او نقصان.
1. الحديث عن ابى هريرة رواه البخارى (724، 760)، ومسلم (379).
2. الحديث رواه البخارى (602، 5662، 6819) عن مالك بن الحويرث، والحديث متفق عليه، ولكن هذه الفظة لم يذكرها مسلم فى حديث مالك.
3. الحديث رواه مسلم (591).
4. الحديث رواه مسلم (595).
5. البخارى (1126) وهو من افراده، وسبب عزوه للشيخين هو ان الشيخ السعدى تابع ابن ضويان فى منار السبيل على هذا العزو، ولعل ابن ضويان تابع غيره، وهذه نتيجة الاوهام طبيعية للتقليد وعدم التحرير.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قام عن التشهد الأول فسجد، وسلم من ركعتين من الظهر او العصر، ثمّ ذكروه فتمم وسجد للسهو (1).
وصلى الظهر خمساً فقيل له، أزيدت الصلاة؟ فقال:وما ذاك؟ قالوا صليت خمساً فسجد سجدتين بعد ما سلم، متفق عليه (2)، وقال :"اذا شك أحدكم فى صلاته، فم يدر كم صلى: أثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثمّ يسجد سجدتين قبل ان يسلم، فان كان صلى خمساً شفعن له صلاته ان كان صلى تماماً كانت ترغيماً للشيطان" رواه أحمد ومسلم (3)، وله ان يسجد قبل السلام او بعده.
وسن للقارئ والمستمع، اذا تلا آية سجدة: أن يسجد فى الصلاة او خارجها سجدة واحدة.
وكذلك اذا تجددت له نعمة، او اندفعت عنه نقمة: سجد شكراً لله.
وحكم سجود الشكر كسجود التلاوة.
باب مفسدات الصلاة ومكروهاتها:
تبطل الصلاة بترك ركن او شرط، وهو يقدر عليه عمداً او سهواً او جهلاً، وبرتك واجب عمداً، وبالكلام عمداً، وبالقهقهة وبالحركة الكثيرة عرفاً، المتوالية لغير ضرورة، لأنه فى الأول ترك ما تتم العبادة إلا به، وبالأخيرات فعل ما ينهى عنه فيها.(1/29)
ويكره الالتفات فى الصلاة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الالتفات فى الصلاة؟ فقال "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" رواه البخارى (4)، ويكره العبث ووضع اليد على الخاصرة، وتشبيك أصابعه وفرقعتها (5) وان يجلس فيها مقعياً كإقعاء الكلب، وان يستقبل ما يلهيه، او يدخلها، وقلب مشتغل بمدافعة الأخبثين او بحضرة طعام، كما قال البنى صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافع الأخبثين" متفق عليه (6).
ونهى النبى ان يفترش الرجل زراعيه فى السجود.
1. هو حديث ذو اليدين المعروف المتفق عليه.
2. الحديث عن عبد الله بن مسعود رواه البخارى (396، 1168، 6822)، ومسلم (572).
3. الحديث عن ابى سعيد الخدرى فى مسلم (571)، وأحمد (3/72، 83، 87).
4. الحديث عن عائشة رضى الله عنها رواه البخارى (718، 3117).
5. ورد فى الفرقعة حديث ضعيف لا يثبت.
6. الحديث عن عائشة رواه مسلم (560) وهو من افراد مسلم.
باب صلاة التطوع:
وآكدها صلاة الكسوف، لأن النبى صلى عليه وسلم فعلها وأمر بها وتصلى على صفة حديث عائشة: " أن البنى صلى الله عليه وسلم جهر فى صلاة الكسوف بقراءته، فصلى ارع ركعات فى ركعتين وأربع سجدات" متفق عليه (1).
وصلاة الوتر سنة مؤكدة داوم النبى صلى الله عليه وسلم عليها حضراً وسفراً، وحث الناس عليه.
وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ووقته من صلاة العشاء الى طلوع الفجر، والفضل أن تكون أخر صلاته، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم : "اجعلوا أخر صلاتكم بالليل وتراً"، متفق عليه، وقال: "من خاف أن لا يقوم الليل فلوتر أوله ومن طمع أن يقوم أخره، فان صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك افضل" رواه مسلم (2).
صلاة الاستسقاء: سنة اذا أضطر الناس لفقد الماء.(1/30)
وتفعل كصلاة العيد فى الصحراء ويخرج اليها متخشعاً متذللاً متضرعاً، فيصلى ركعتين، ثمّ يخطب خطبة واحدة يكثر فيها الاستغفار وقراءة الايات التى فيها ألمر به، ويلح فى الدعاء، ولا يستبطئ الاجابة.
وينبغى قبل الخروج اليها، فعل الاسباب التى تدفع الشر وتنزل الرحمة، كالاستغفار والتوبة والخروج من المظالم والإحسان الى الخلق، وغيرها من الاسباب التى جعلها الله حالبة للرحمة دافعة للنقمة، والله أعلم.
أوقات النهى:
أوقات النهى عن النوافل المطلقة: من الفجر الى أن ترتفع الشمس قيد رمح، ومن صلاة العصر الى الغروب، ومن قيام الشمس فى كبد المساء الى أن تزول.
باب صلاة الجماعة والإمامة:
وهى فرض عين للصلوات الخمس على الرجال حضراً وسفراً، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن أمر بالصلاة ان تقام، ثم أمر رجلاً يؤم الناس ثمّ انطلق بحزم من حطب الى أناس يتخلفون عنها فأحرق عليها بيوتهم بالنار" متفق عليه (2).
1. الحديث عن عائشة رضى الله عنها رواه البخارى (718، 31179).
2. الحديث عن جابر رواه مسلم (755).
3. الحديث عن ابى هريرة رواه البخارى (618، 626، 2288، 6797)، ومسلم (651).
وأقلها : إمام ومأموم، وكلما كان أكثر فهو أحب الى الله، وقال صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" متفق عليه (1)، وقال: "اذا صليتما فى رحليكما فأتيتما مسجداً جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة (2).
وعن أبى هريرة مرفوعاً: "إنما جعل الامام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقوالوا ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون" رواه ابو داود وأصله فى "الصحيحين" (3).(1/31)
وقال: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فان كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فان كانوا فى السنة سواء فأقدمهم هجرة، فان كانوا فى الهجرة سواء فأقدمهم سناً، ولا يؤمن الرجل فى سلطانه، ولا يقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه" رواه مسلم (4).
وينبغى ان يتقدم الامام، وأن يتراص المأمومون، ويكلموا الصف الأول فالأول.
ومن صلى ركعة وهو فذ خلف الصف لغير عذر أعاد صلاته، وقال بان عباس: "صليت مع النى صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقمت عن يساره، فأخذ برأس من ورائى فجعلنى عن يمينه" (5).
وقال: "اذا سمعتم الاقامة فامشوا الى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" متفق عليه (6)
وفى الترمزى: "اذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال، فليصنع كما يصنع الامام" (7).
1. الحديث رواه البخارى (619)، ومسلم (650) عن ابن عمر.
2. الحديث رواه ابو داود (575)، والترمزى (219)، والنسائى (2/112)، وأحمد (4/160)، وابن ابى شيبة (6642، 36177)، ابن حبان (1564، 1565)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (1/363)، والطبرانى فى الكبير (22/232، 233، 235)، وفى الاوسط (4398، 8650)، وفى الصغير (603)، وابن خزيمة (1279)، والبيهقى فى السنن (2/300، 301)، وابن عبد البر فى التمهيد (4/258) والحديث صحيح.
3. الحديث عند البخارى (371، 699، 772، 1063) ومسلم (411)، وأبى داود (603).
4. الحديث عند مسلم (673).
5. الحديث عند البخارى (117، 138، 665، 693، 821، 5575)، ومسلم (673).
6. الحديث رواه البخارى (609، 610)، ومسلم (602).
7. الحديث رواه الترمزى (591)، والطبرانى الكبير (20/132) سنده ضعيف لا ثبت.
باب صلاة أهل الاعذار:(1/32)
والمريض يعفى عنه حضور الجماعة، وإذا كان القيام يزيد فى مرضه صلى جالساً، فان لم يطق فعلى جنبه لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين " صل قائماً، فان لم تستطع فقاعداً، فان لم تستطع فعلى جنك" رواه البخارى (1).
وان شق عليه فعل كل صلاة فى وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر وبين العشاءين فى وقت إحداهما.
وكذلك المسافر يجوز له الجمع ويسن له القصر للصلاة الرباعية الى ركعتين وله الفطر فى رمضان.
وتجوز صلاة الخوف على صفة صلاها النبى صلى الله عليه وسلم.
ومنها حيث صالح بن خوات عمن صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف "أن طائفة صلت معه وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة ثمّ ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم، ثمّ انصرفوا وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التى بقيت ثمّ ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم، ثمّ سلم بهم متفق عليه (2).
وإذا اشتد الخوف صلوا رجالا وركباً الى القبلة والى غيرها يومئن بالركوع والسجود، وكذلك كل خائف على نفسه يصلى على حسب حاله، ويفعل كل ما يحتاج الى فعله من هرب او غيره. قال النبى صلى الله عليه وسلم: "اذا أمريكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" متفق عليه (3).
باب صلاة الجمعة:
كل من لزمته الجماعة لزمته الجمعة اذا كان مستوطناً ببناء.
ومن شروطها: فعلها فى وقتها، وأن تكون بقرية، وأن يتقدمها خطبتان.
وعن جابر قال : "كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، ويقول أما بعد فان خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بضعه ضلالة" رواه مسلم (4).
1. الحديث رواه البخارى (1066).
2. الحديث رواه البخارى (3900، 3902)، ومسلم (841).
3. الحديث رواه البخارى (6858)، ومسلم (1337)، واللفظ للبخارى.
4. الحديث رواه مسلم (867).(1/33)
وفى لفظ " كانت خطبة النبى صلى الله عليه وسلم يوم الجمع: يحمد الله ويثنى عليه، ثمّ يقول على أثر ذلك، وقد علا صوته" وفى رواية له "من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له" وقال: "ان طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقه" رواه مسلم (1).
ويستحب ان يخطب على منبر.
فإذا صعد اقبل على الناس فسلم عليهم، ثمّ يجلس ويؤذن المؤذن، ثمّ يقوم فيخطب ثمّ يجلس، ثمّ يخطب الثانية، ثمّ تقام الصلاة فيصلى بهم ركعتين خفيفتين يجهر فيهما بالقراءة، يقرأ فى الاولى بسبح وفى الثانية بالغاشية او بالجمعة والمنافقون (2) ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويبكر اليها، وفى الصحيحين "اذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة فقد لغوت" ودخل رجل يوم الجمعة و النبى صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: "صليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين، متفق عليه (3).
باب صلاة العيدين:
"امر النبى صلى الله عليه وسلم الناس بالخروج اليها حتى العواتق والحيض يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى" متفق عليه (4).
وقتها: من ارتفاع الشمس قيد رمح الى الزوال.
والسنة : فعلها فى الصحراء، وتعجيل الأضحى وتأخير الفطر، والفطر فى الفطر خاصة قبل الصلاة بتمرات وتراً، وأن يتنظف ويتطيب لها، ويلبس أحسن ثيابه ويذهب من طريق ويرجع من أخرى.
فيصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ويكبر سبعاً بتكبيرة الاحرام وفى الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام، ويرفع يديه مع كل تكبيرة (5) ويحد الله ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين (6)، ثمّ يقرأ الفاتحة ويجهر بالقراءة فيها فإذا سلم خطب خطبتين كخطبتى الجمعة إلا أنه يذكر فى كل خطبة الاحكام المناسبة للوقت.
1. الحديث رواه مسلم (867).
2. هذه السورة جاءت السنة الصحيحة بذكرها.
3. الحديث رواه البخارى (891)، ومسلم (851).
4. الحديث رواه البخارى (318، 938، 1569)، ومسلم (890).(1/34)
5. ليس فى رفع شئ عن النبى صلى الله عليه وسلم، وإنما ورد عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه بسند فيه ضعف عند البيهقى (3/293)، وورد عن ابنه كما ذكره ابن القيم فى الزاد (1/443) ولم أعرف صحة السند اليه، او لعللا الشيخ ذكر رفع اليدين قياساً على الصلاة العادية وصلاة الجنازة ولذكره عن الصحابة وعدم وجود مخالف لهم.
6. ورد هذا فى قول ابن مسعود بسند مرسل عند الطبرانى (515/9) ورواه مرة أخرى موصولاً (9532).
ويستحب: التكبير المطلق ليلتى العيد، وفى كل عشر ذى الحجة (1).
والمقيد عقب المكتوبات، من صلاة فجر يوم عرفة الى عصر آخر ايام التشريق: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا اله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد".
1. هذا ذكره البخارى معلقاً: كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان للسوق فى ايام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
2. هذا يسمى تكبير ابن مسعود وقد ورد فيه حديث مرفوع وسنده ضعيف جداً، رواه الدارقطنى وهو مروى عن على وعمر، من قولهما.
كتاب الجنائز
قال النبى صلى الله عليه وسلم "لقنوا موتاكم لا اله إلا الله" رواه مسلم (1).
وقال: "اقرءوا على موتاكم يس" رواه النسائى وأبو داود (2).
وتجهيز الميت كتغسيله وتكفيه والصلاة عليه وحمله ودفنه - فرض كفاية.
وقال النبى صلى الله عليه وسلم " أسرعوا بالجنازة، فان تك صالحة فخير تقدمونها اليه، وان كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم" (3).
وقال : "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" رواه أحمد والترمزى (4).
والواجب فى الكفن: ثوب يستر جميعه، سوى رأس المحرم ووجه المحرمة.(1/35)
وصفة الصلاة عليه: أن يكبر فيقرأ الفاتحة، ثمّ يكبر فيصلى على النبى صلى الله عليه وسلم، ثمّ يكبر فيدعو للميت فيقول: اللهم من أحييته منا فأحيه على الاسلام ومن توفيته فتوفه على الايمان، اللهم أغفر له وارحمه وعافه وأعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفنا بعده، وأغفر لنا وله.
وإن كان صغيراً قال بعد الدعاء العام، اللهم أجعله فرطاً لوالديه وزخرا وشفيعاً مجاباً، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وأجعله فى كفالة إبراهيم وقه عذاب الجحيم ثمّ يكبر ويسلم.
وقال النبى صلى الله عليه وسلم: " ما من رجل يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه" رواه مسلم (5).
1. الحديث رواه مسلم (916).
2. هذا الحديث رواه ابو داود (3121)، والنسائى فى الكبرى (10913) وفى عمل اليوم والليلة (1074)، والبخارى فى الكنى (57)، وابن حبان (3002) والحديث ضعيف لا يثبت.
3. الحديث رواه البخارى (1252)، ومسلم (944).
4. الحديث رواه الترمزى (1078) وابن ماجه (2413)، وأحمد (2/508)، والطيالسى (2390)، والشافعى (361)، وابن حبان (3061)، وابن عدى فى الكامل (5/41)، وأبو نعيم فى الحلية (3/172)، وأبو يعلى (6026)، والبيهقى فى السنن (4/61)، (6/49، 74، 76)، وفى الشعب (5544)، والقضاعى فى الشهاب (915)، وابن عبد البر فى التمهيد (23/235)، والحديث صحيح.
5. الحديث رواه مسلم (948).
وقال: " من شهد الجازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين" متفق عليه (1).
ونهى النبى صلى الله عليه وسلم: "أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه" رواه مسلم (2).(1/36)
وكان اذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا لأخيكم، وأسالوا له التثبيت فإن الآن يسأل" رواه ابو داود والحاكم وصححه (3).
ويستحب تعزية المصاب بالميت.
وبكى النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: "إنها رحمة" مع أنه لعن النائحة والمستمعة.
وقال: "زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة" رواه مسلم (4).
وينبغى لمن زارها أن يقول السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا أن شاء الله بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، وأغفر لنا ولهم، نسأل الله لنا ولكم العافية (5).
وأي قربة فعلها وجعل ثوابها لمسلم نفعه ذلك، والله أعلم.
1. الحديث رواه البخارى (1261) ومسلم (945).
2. الحديث رواه ومسلم (970).
3. الحديث رواه ابو داود (3221)، وأحمد فى الزهد (139)، وابنه عبد الله فى السنة (1425)، والحاكم (1372)، والبيهقى فى السنن (5/56)، والضياء فى المختارة (1/522)، والحديث صحيح.
4. الحديث رواه مسلم (976).
5. هذا الذكر مجموع من عدة أحاديث صحيحة وحسنة.
كتاب الزكاة
وهى واجبة على كل مسلم حر، ملك نصاباً.
ولا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول، إلا الخارج من الارض، وما كان تابعاً للأصل كنماء النصاب وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما.
ولا تجب الزكاة إلا فى أربعة أنواع:
السائمة من بهيمة الانعام.
الخارج من الارض.
والاثمان.
وعروض التجارة.(1/37)
1 - فأما السائمة: فالأصل فيها حديث أنس أن أبا بكر - رضى الله عنهما - كتب له: "هذه فريضة الصدقة التى فرضها رسول صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتى أمر الله بها رسوله: فى اربع وعشرين من الابل فما دونها من الغنم، وفى كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسا وعشرين الى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا لم تكن فابن لبون ذكر، فإذا بلغت ستاً وأربعين الى ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين الى خمسة وسبعين ففيها جذعه فإذا بلغت ستا وسبعين الى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين الى عشرين ومائة، ففيها حقتان (1) طروقتا الجمل (2)، فإذا زادت على عشرين ومائة، ففى كل أربعين بنت لبون، وفى كل خمسين حقه، ومن لم يكن معه إلا أربع من الابل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء بها.
وفى صدقة الغنم: فى سائمتها إذا كانت أربعين الى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة الى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين الى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة ففى كل مائة شاه، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاه فليس فيها صدقة إلا أن يشاء بها.
ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ولا يخرج فى الصدقة هرمة ولا ذات عوار.
1. الحقة: أنثى الابل التى عليها ثلاث سنين ودخلت فى الرابعة.
2. طروقة الجمل: هى موطوءة.
وفى الرفه ربع العشر، فان لم تكن إلا تسعون ومائة فليس فيها صدقة إلا ان يشاء بها.
ومن بلغت عنده من الابل صدقة الجذعة، وليس عنده جذعه، وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة، ويجعل معها شاتين ان استيسرتا له، او عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليس عنده الحقة، وعنده الجذعة، فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهماً او شاتين" رواه البخارى (1).(1/38)
وفى حديث معاذ "أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ من كل من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعه ومن كل اربعين مسنة" رواه أهل السنن (2).
2 - وأما صدقة الاثمان: فانه ليس فيها شئ حتى تبلغ مائتا درهم، وفيها ربع العشر.
3 - وأما صدقة الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة" متفق عليه (3). والوسق ستون صاعاً، فيكون النصاب للحبوب والثمار: ثلاثمائة صاع بصاع النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: النبى صلى الله عليه وسلم "فيما سقت السماء والعيون، او كان عثريا: العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر" رواه البخارى (4).
وعن سهل بن ابى حتمه قال: "أمر رسول الله صلى عليه وسلم: إذا خرصتم فدعوا الثلث فان لم تدعو الثلث فدعوا الربع" رواه أهل السنن (5).
1. الحديث رواه البخارى (1385).
2. الحديث رواه ابو داود (1394)، والترمزى، والنسائى (5/25)، وابن ماجه (1803)، وأحمد (5/233)، ومالك فى الموطأ (1/259)، والشافعى فى مسنده (90)، وابن خزيمة (2268)، والطبرانى الكبير (20/128)، وفى الاوسط (56)، وعبد الرزاق فى مصنفه (6794، 6841)، والدارقطنى (2/128)، وفى الاوسط (65)، وعبد الرزاق فى مصنفه (6794، 6841)، والدارقطنى (2/102)، والبيهقى (4/98، 99)، والحاكم (1449) والحديث صحيح.
3. الحديث رواه البخارى (1340، 1378، 1390)، ومسلم (979).
4. الحديث رواه البخارى (14129).(1/39)
5. الحديث رواه أبو داود (1605)، والترمزى (643)، والنسائى فى الكبرى (2270)، وفى المجتبى (5/42)، وأحمد (3/448)، والطيالسى (1243)، والدرامى (2619)، وابن الجارود فى المنتقى (352)، وأبو عبيد فى الأموال (1448)، وابن زنجويه فى الأموال (1992، 1993)، والطحاوى فى شرح معانى الاثار (2/39)، وابن حبان (6280)، والبراز فى مسنده (2305)، والطبرانى فى الكبير (5626)، والحاكم فى المستدرك (1464)، وابن خزيمة فى صحيحه (2319)، والبيهقى فى سننه الكبرى (4/123)، والحديث ضعيف فيه رجل مجهول.
6. وهو وإن كان ضعيفاً إلا أن أكثر أهل العلم على العمل به كما قال الترمزى، وقد جاء عن عمر بسند صحيح عند الحاكم مايشهد لهذا الحديث، والله أعلم.
4 - وأما عروض التجارة، وهى كل ما أعد للبيع والشراء لأجل الربح، فإنه يقوم إذا حال الحول بالأحظ للمساكين من ذهب وفضة ويجب فيها ربع العشر.
ومن كان له دين ومال لا يرجو وجوده، كالذى على مماطل او معسر لا وفاء له، فلا زكاة فيه، وإلا ففيه الزكاة.
ويجب الاخراج من وسط المال، ولا يجزى من الادون، ولا يلزم الخيار إلا أن يشاء به.
وفى حديث أبى هريرة مرفوعاً: "وفى الركاز الخمس" متفق عليه (1).
باب زكاة الفطر:
عن ابن عمر قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، او صاعاً من شعير على العبد الحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس الى الصلاة" متفق عليه (2).
وتجب عن نفسه ومن تلزمه مؤنته، إذا كان ذلك فاضلاً عن قوت يومه وليلته: صاعا من تمر وشعير أو أقط أو زبيب او بر.
والأفضل فيها: الأنفع، ولا يحل تأخيرها عن يوم العيد.
وقد فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم "طهر للصائم من اللغو والرفث، وطعمه للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات" رواه ابو داود وابن ماجه (3).(1/40)
وقال صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ فى طاعة الله، ورجل معلق قلبه بالمساجد، ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إنى أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" متفق عليه (4).
الحديث رواه البخارى (2228، 6514)، ومسلم (1710).
والركاز هو مادفن زمن الجاهلية من كنوزهم.
الحديث رواه البخارى (1432)، ومسلم مختصراً (986).
الحديث رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والدارقطنى (2/138)، والحاكم (1488)، والبيهقى (4/162)، والحديث حسن.
الحديث فى البخارى (629)، ومسلم (31).
باب أهل الزكاة ومن لا تدفع له:
لا تدفع الزكاة إلا لثمانية ذكرهم الله تعالى بقوله: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله، والله عليم حكيم" [التوبة : 60].
ويجوز الاقتصار على والحد منهم لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: " فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم : أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم" متفق عليه (1).
ولا تحل الزكاة لغنى ولا لقوى مكتسب، ولا لآل محمد، وهم بنو هاشم ومواليهم، ولا لمن تجب عليه نفقته وقت جريانها، ولا لكافر.
فأما صدقة التطوع: فيجوز دفعها الى هؤلاء وغرهم.
ولكن كلما كان أنفع نفعاً عاماً او خاصاً فهى أكمل. وقال النبى صلى الله عليه وسلم: " من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمراً، فليستقل او ليستكثر" رواه مسلم (2)، وقال لعمر رضى الله عنه : "ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك" رواه مسلم (3).
1. الحديث فى البخارى (1331، 15425، 4090)، ومسلم (19).
2. الحديث فى مسلم (1041).(1/41)
3. الحديث رواه البخارى (1404، 6744)، ومسلم (1045).
كتاب الصيام
الأصل فيه قوله تعالى: "يأيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" [البقرة 183].
ويجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ قادر على الصوم.
برؤية هلاله او إكمال شعبان ثلاثين يوماً.
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتموه9 فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له" متفق عليه (1).
وفى لفظ: "فاقدروا له ثلاثين" وفى لفظ "فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخارى (2).
ويصام برؤيته عدل لهلاله، ولا يقبل فى بقية الشهور إلا عدلان، ويجب تبييت النية لصيام الفرض.
وأما النفل : فيجوز بنية من النهار.
والمريض الذى يتضرر بالصوم والمسافر لهما الفطر والصيام.
والحائض والنفساء يحرم عليهما الصيام، وعليهما القضاء.
والحامل والمرضع، إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضيتا عن كل يوم مسكيناً، والعاجز عن الصوم لكبر او مرض لا يرجى برؤه، ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
ومن أفطر فعليه القضاء فقط، إذا كان فطره بأكل أو بشرب او قئ عمد او حجامة او إمناء مباشرة.
إلا من أفطر بجماع، فإنه يقضى ويعتق رقبة فإن لم يجد فيصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فيطعم ستين مسكيناً.
قال النبى صلى الله عليه وسلم: " من نسى وهو صائم، فأكل او شرب فيتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" متفق عليه (3).
وقال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" متفق عليه (4).
الحديث رواه البخارى (1801، 1807)، ومسلم (1080).
الحديث رواه البخارى (1810).
الحديث رواه البخارى (1831)، ومسلم (1155).
الحديث رواه البخارى (1856)، ومسلم (1098).
وقال: "تسحروا فإن فى السحور بركة" متفق عليه (1).
وقال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور" رواه الخمسة (2).(1/42)
وقال صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخارى (3).
وقال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" متفق عليه (4).
وسئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية" وسئل عن صوم عاشوراء فقال : "يكفر السنة الماضية" وسئل عن صوم يوم الاثنين" فقال "ذلك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل علىّ فيه" رواه مسلم (5).
وقال: "من صام رمضان ثمّ أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" (6).
وقال ابو ذر: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام، ثلاث عشرة ,اربع عشرة وخمس عشرة" (7).
و "نهى عن صيام يومين : يوم الفطر والنحر" (8).
وقال: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" رواه مسلم (9).
وقال: "لا يصومن يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله او يماً بعده" متفق عليه (10).
1. الحديث رواه البخارى (1823)، ومسلم (1095).
2. الحديث رواه ابو داود (2355)، والترمزى (658، 695)، والنسائى فى الكبرى (3319، 3326، 6707)، وابن ماجه (1699)، وأحمد (4/17، 18، 213، 214)، والحميدى (823)، والدرامى (1701)، وابن ابى شيبة (9796)، وابن حبان (3516)، والطبرانى فى الكبير (6194، 6195)، والبيهقى فى الشعب (3898)، والفريابى فى الصيام (63 - 67)، والحديث صحيح.
3. الحديث رواه البخارى (1804).
4. الحديث رواه البخارى (1851)، ومسلم (1147).
5. الحديث رواه مسلم (1162).
6. الحديث رواه مسلم (1164).
7. الحديث رواه الترمزى (761)، والنسائى فى الكبرى (7066)، والنسائى فى المجتبى (4/222)، وأحمد (5/152)، وابن حبان (3656)، والطبرانى فى الاوسط (3047)، والبيهقى فى السنن (8228) والحديث صحيح.
8. الحديث فى البخارى (1889)، ومسلم (1138).
9. الحديث فى مسلم (1142).
10. الحديث رواه البخارى (1889)، ومسلم (1138).(1/43)
وقال: " من صام رمضان ايماناً واحتساباً غفر لهما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" (1).
و "كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف من بعده أزواجه" (2).
وقال: "لا تشد الرحال إلا الى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدى هذا والمسجد الاقصى" متفق عليه (3).
1. لحديث رواه البخارى (1910)، ومسلم (760).
2. لحديث رواه البخارى (1922)، ومسلم (1172).
3. لحديث رواه البخارى (1132)، ومسلم (1397).
كتاب الحج
الاصل فيه قوله تعالى "ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا" [آل عمران 97]
والاستطاعة أعظم شروطه، وهى: ملك الزاد والراحلة بعد ضرورات الانسان وحوائجه الأصلية.(1/44)
ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم إذا احتاجت الى سفر، وحديث جابر حج النبى صلى الله عليه وسلم يشتمل على أعظم أحكام الحج، وهو ما رواه مسلم عن جابر رضى الله عنهما: "أن النبى صلى الله عليه وسلم مكث فى المدينة تسع سنين لم يحج أذن فى الناس فى العاشرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة ، فولدت اسماء بنت عميس محمد بن أبى بكر، فأرسلت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال إغتسلى واستشفرى بثوب وأحرمى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد ثمّ ركب القصواء حتى استوت به ناقته على البيداء: أهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك لك والملك لا شريك لك، وأهل الناس بهذا الذى يهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئاً منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. قال جابر، لسنا ننوى إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فطاف سبعاً فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ثمّ نفذ الى مقام ابراهيم فقرا: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" [البقرة 125]، فصلى ركعتين، فجعل المقام بينه وبين البيت - وفى رواية أنه قرأ الركعتين "قل هو الله أحد" "و "قل يا أيها الكافرون"، ثمّ رجع الى الركن واستلمه، ثمّ خرج من الباب الى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ "إن الصفا والمروة من شعائر الله" [البقرة 158].(1/45)
ابدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه، حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره، وقال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، لا اله إلا الله وحده انجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده، يمّ دعا بين ذلك - قال مثل هذا ثلاث مرات - ثمّ نزل ومشى الى المروة حتى اذا نصبت قدماه فى بطن الوادى سعى، حتى اذا صعدنا مشى، حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا - حتى كان أخر طواف على المروة، فقال : لو أنى استقبلت من أمرى ما استدبرت لم اسق الهدى وجعلتها عمرة.(1/46)
فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن جعثم، فقال: يارسول الله العامنا هذا ام لابد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم اصابعه واحدة فى الأخرى وقال دخلت العمرة فى الحج مرتين، لا بل لأبد ابد، وقدم على من اليمن ببدن النى صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة ممن حل، ولبست صبيغاً واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت: أن ابى أمرنى بهذا، قال فكان على يقول بالعراق: فذهبت الى رسول الله محرشاً على فاطمة للذى صنعته، مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أنى أنكرت عليها، فقال صدقت صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت : اللهم انى أهل بما أهل به رسولك، قال فان معى الهدى فلا تحل، قال فكان جماعة الهدى الذى قدم به على من اليمن، والذى اتى به البنى صلى الله عليه وسلم مائة، قال : فحل الناس كلهم، وقصروا، إلا النبى صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدى، فلما كان يوم التروية توجهوا الى منى فأهلوا بالحج، وركب النبى صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثمّ مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عن المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع فى الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرنه فوجد القبة قد ضربت له، فأتى بطن الوادى، فخطب الناس، وقال : إن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، ألا كل شئ من أمور الجاهلية تحت قدمه موضوع ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا، دم اب ربيعة بن الحارث، كان مستر ضعا فى بنى سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ان لا يوطئن فرشكم(1/47)
أحداً تكرهونه، فأن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده ان اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسالون عنى، فما تركت فيكم ما لم تضلوا بعده ان اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عنى يوم القيامة، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت، فقال بأصبعه السبابة يرفعها الى المساء
وينكتها الى الناس، اللهم اشهد -: اللهم أشهد اللهم اشهد (ثلاث مرات)، ثمّ أذن بلال ثمّ اقام فصلى الظهر فأقام ثمّ صلى العصر، ولم يصل بينهما شيئاً ثمّ ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته الى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص وأردف أسامة بن زيد خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد شنق للقصواء الزمام حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى، ايها الناس السكينة السكينة، كلما أتي جبلا من الجبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً حتى اضطجع حتى طلع الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثمّ ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن وأردف الفضل بن العباس، حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً، ثمّ سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادى ثم انصرف الى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر، وأشركه فى هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت فى قدر وطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثمّ ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض الى البيت فصلى بمكة الظهر، فأتى بنى عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: انزعوا بنى(1/48)
عبد المطلب، فولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلواً فشرب منه (1).
وكان صلى الله عليه وسلم يفعل المناسك، ويقول للناس "خذوا عنى مناسككم" (2) فأكمل ما يكون من الحج الاقتداء فيه بالنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم.
ولو اقتصر الحاج على الأربعة، التى هى: الاحرام، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعى.
والواجبات التى هى: الاحرام من الميقات والوقوف بعرفة الى الغروب والمبيت ليلة النحر بمزدلفة، وليالى ايام التشريق بمنى، ورمى الجمار، والحلق او التقصير، لأجزأه ذلك، والفرق بين ترك الركن فى الحج وترك الواجب، أن تارك الركن لا يصح حجه حتى يفعله على صفته الشرعية، وتارك الواجب حجه صحيح، وعليه، وعليه إثم ودم لتركه.
1. هذا حديث جابر رضى الله عنه المعروف فى صحة حجة النبى صلى الله عليه وسلم فى مسلم (1218) وغيره.
2. الحديث فى مسلم (1297).
ويخير من يريد الاحرام بين التمتع - وهو أفضل - والقران والإفراد.
فالتمتع هو : ان يحرم بالعمرة فى أشهر الحج ويفرغ منها، ثمّ يحرم بالحج من عامه، وعليه هدى إن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام.
والإفراد هو : أن يحرم بالحج من الميقات مفرداً.
والقران هو : أن يحرم بهما معاً، او يحرم بالعمرة ثمّ يدخل الحج عليها قبل الشروع فى طوافها، ويضطر التمتع الى هذه الصفة اذا خاف فوات الوقوف بعرفة اذا استغل بعمرته، وإذا حاضت المرأة او نفست وعرفت ا،ها لا تطهر قبل وقت الوقوف بعرفة.
والمفرد والقارن فعلهما واحد، وعلى القارن هدى دون المفرد.
ويجتنب المحرم جميع المحظورات الاحرام: من حلق الشعر، وتقليم الاظافر، ولبس المخيط، إن كان رجلاً، وتغطية رأسه إن كان رجلاً، ومن الطيب رجلاً أو امرأة، وكذلك يحرم على المحرم قتل الصيد البرى الوحشى المأكول والدلالة عليه والإعانة على قتله.
وأعظم محظورات الاحرام الجماع، لأن تحريمه مغلظ، مفسد للنسك موجب لفدية بدنه.(1/49)
وأما فدية الاذى اذا غطى رأسه او لبس المخيط او غطت المرأة وجهها او لبست القفازين او استعمال الطيب فيخير بين صيام ثلاثة ايام او إطعام ستة مساكين او ذبح شاه.
وإذا قتل الصيد خير بين ذبح مثله من الغنم وبين تقويم المثل بمحل الاتلاف فيشترى به طعاماً فيطعمه لكل مسكين مدبر او نصف صاع من غيره، او يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً.
وأما دم المتعة والقران: فيجب فيه ما يجزى فى الأضحية فإذا لم يجد صام عشرة ايام ثلاثة فى الحج ويجوز ان يصوم ايام التشريق منها، وسبعة اذا رجع وكذلك حكم من ترك واجباً اوجبت عليه الفدية المباشرة.
وكل هدى او إطعام يتعلق بحرام او إحرام: فلمساكين الحرم من مقيمى وآفاقى ويجزى الصوم بكل مكان.
ودم النسك - كالمتعة والقران والهدى - المستحب : أن يأكل منه ويهدى ويتصدق والدم الواجب لفعل المحظور، او ترك الواجب - يسمى دم جبران - لا يأكل منه شيئاً، بل يتصدق بجميعه، لأنه يجرى مجرى الكفارات.
وشروط الطواف مطلقاً: النية، ,أن يبدأ من الحجر ويسن أن يستلمه ويقبله فإن لم يستطع أشار اليه، ويقول عند ذلك: بسم الله، الله أكبر، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك، وإتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم (1)، وأن يجعل البيت عن يساره ويكمل الاشواط السبعة، وأن يتطهر من الحدث والخبث.
والطهارة فى سائر الانساك - غير الطواف - سنة غير واجبة وقد ورد فى الحديث: "أن الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله اباح فيه الكلام" (2).
ويسن له أن يضطبع فى طواف القدوم، بأن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الايمن وطرفه على عاتقه الايسر، وأن يرمل فى الثلاثة أشواط الاوائل منه ويمشى فى الباقى وكل طواف سوى هذا لا يسن فيه رمل ولا إضطباع.
وشروط السعى : النية، وتكميل السبعة، والابتداء من الصفا.(1/50)
والمشروع أن يكثر الانسان فى طوافه وسعيه وجميع مناسكه من ذكر الله ودعائه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمى الجار لإقامة ذكر الله" (3)، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : "لما فتح الله على رسوله مكة قام فى الناس فحمد الله واثنى عليه ثمّ قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين
1. بهذا للفظ المذكور لم يرد نص مرفوع، ذكر ذلك ابن حجر فى تلخيص الحبير (2/247)، وقبله ابن الملقن فى خلاصة البدر المنير (2م8)، وهذا النص مشهور فى كتب الفقه فقد ذكره الحنابلة عن أحمد قريباً، كما فى رواية المروزى، يراجع شرح العمدة فى بيان مناسك الحج لشيخ الاسم ابن تيمية (3/428)، والوجيز لرافعى، وذكروا عن مالك فى المدونة (2/364، 397) أنه أنكر ذلك.
وقد نقل الفاكهى عن أخبار مكة (43) عن عطاء كان يقول عن هذا المذكور: شئ أحدثه أهل العراق.
والحقيقة أن هذا أثر ورد عن عدة من الصحابة منهم على بن أبى طالب رضى الله عنه عند والبيهقى (5/79) والطبرانى فى الاوسط (492) وسينده ضعيف بسبب الحارث الأعور.
وابن عمرو رواه الطبرانى فى الاوسط (5486، 5843)، والعقيلى (4/135) وهو ضعيف أيضاً، ملاحظة : فى كل الاثار السابقة لا توجد لفظة "ووفاء بعهدك".
2. هذا الحديث رواه الترمزى (976)، والنسائى فى الكبرى (3944)، والنسائى فى الصغرى (5/222)، والدرامى (1847) والمنتقى لابن الجارود (416)، وابن حبان (3836)، والطبرانى فى الكبير (10955) وأبو نعيم فى الحلية (8/128)، وابن خزيمة (2739)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (2/178)، والكامل لابن عدى (5/364)، والبيهقى (5/85، 87)، والحديث اختلف أهل العلم فى وقفه ورفعه على ابن عباس، وقد ثبت الحديث وقفه على ابن عباس، أما المرفوع فقد رجح الحافظ صحة رفعه فى كتابه تلخيص الحبير (1/129 - 132).(1/51)
3. الحديث رواه ابو داود (1888)، وأحمد (6/64، 75، 138)، والدرامى (1853) وإسحاق بن راهويه (928) والمنتقى لابن الجارود (457) والاسماعيلى فى معجم الشيوخ (88) وابن خزيمة (2881، 2970)، والبيهقى فى السنن (5/145) وفى الشعب (4081) والحديث صحيح.
وإنها لم تحل لأحد كان قبلى، وإنما حلت لى ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدى، فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، فقال العباس: إلا الاذخر يارسول الله، فنا نجعله فى قبورنا وبيوتنا، فقال : إلا الذخر" متفق عليه (1)
وقال : "المدينة حرام ما بين عير الى ثور" رواه مسلم (2)، وقال "خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن فى الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور" متفق عليه (3).
باب الهدى والأضحية والعقيقة:
تقدم ما يجب من الهدى، وما سواه سنة، وكذلك الاضحية والعقيقة.
ولا يجزى فيها إلا الجذع من الضأن: وهو ما تمّ له نصف سنة، الثنى من الابل: ما له خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة، وقال صلى الله عليه وسلم: "أربع لا تجوز فى الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكبيرة التى لا تنقى" رواه الخمسة (4).
وينبغى أن تكون كريمة كاملة الصفات، وكلما كانت أكمل فهى أحب الى الله وأعظم لأجر صاحبها، وقال جابر: "نحرنا مع النبى صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدينة عن سبعة، والبقرة عن سبعة" رواه مسلم (5).
1. الحديث رواه البخارى (2302)، ومسلم (1355).
2. الحديث رواه البخارى (6374)، ومسلم (1370).
3. الحديث رواه البخارى (1829)، ومسلم (2867).(1/52)
4. الحديث رواه ابو داود (2802)ن والترمزى (1530)، والنسائى فى الكبرى (4459، 4460)، وفى الصغرى (7/214، 215)، وابن ماجه (2144)، وأحمد (4/284، 289)، 300)، والطيالسى (749)، الدرامى (1949)، والمنتقى لابن الجارود (481 907)، وعلى بن الجعد فى مسنده (873)، وابن حبان (5919، 5922)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (4/168)، والحاكم فى المستدرك (1718، 7528)، والرويانى فى مسنده (401، 436)، والبيهقى فى الشعب (7329)، وابن خزيمة (2912) والحديث صحيح.
5. الحديث رواه مسلم (1318).
وتسن العقيقة فى حق الاب، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، قال صلى الله عليه وسلم: "كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه، ويسمى" صحيح رواه الخمسة
1. الحديث رواه أبو داود (2837)، والترمزى (1522) والنسائى فى الكبرى (4546)، وفى الصغرى (7/166)، وابن ماجه (3165)، وأحمد (5/17)، وابن ابى شيبة (24238، 36307)، والمنتقى لابن الجارود (910)، والطيالسى (909)، والرويانى فى مسنده (796، 824)، وأبو نعيم فى الحلية (6/191)، والحاكم (7587)، والبيهقى (9/299)، وابن عبد البر فى التمهيد (4/307)، وابن عدى فى الكامل (3/308) (6/426) من طريق الحسن عن سمرة.
والحديث أختلف به بسبب رواية الحسن عن سمرة، فمن صححها صحح الحديث، وقد ثبت تصحيح البخارى للحديث، وصحة سماع الحسن عن سمرة لهذا الحديث فالحديث ثابت صحيح وله شواهد كثيرة.
كتاب البيوع
الأصل فيها الحل، قال تعالى: "وأحل البيع وحرم الربوا" [البقرة 275].
فجميع الاعيان - من عقار وحيوان وأثاث وغيرها - يجوز إيقاع العقود عليها، إذا تمت شروط البيع، فمن أعظم الشروط:
الرضى: لقوله تعالى: "إلا أن تكون تجرة عن تراض منكم" [النساء 29].(1/53)
إلا أن يكون فيها غرر وجهالة، لأن البنى صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع الغرر" رواه مسلم (1)، فيدخل فيه بيع الآبق والشارد، وأن يقول: بعتك إحدى السلعتين، او بمقدار ما تبلغ الحصاه من الارض او نحوه، او ما تحمل أمته او شجرته، او ما فى بطن الحامل، وساء كان الغرر فى الثمن او المثمن.
وأن يكون العاقد مالكاً للشئ، او له عليه ولاية، وهو بالغ عاقل رشيد.
ومن شروط البيع ايضاً: أن لا يكون فيه ربا، عن عبادة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل وسواء بسواء فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم، اذا كان يداً بيد، فمن زاد اواستزاد فقد اربى" رواه مسلم (2).
فلا يباع مكيل بمكيل من جنسه إلا بهذين الشرطين، ولا موزون بجنسه إلا كذلك، وان يبيع مكيل بمكيل من غير جنسه او موزون بموزون من غير جنسه: جاز بشرط التقابض قبل التفرق، وأن يبيع مكيل بموزون او عكس جاز ولو كان القبض بعد التفرق والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل، كما نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع المزابنه: وهو شراء التمر بالتمر فى رؤوس النخل، متفق عليه (3) و"رخص فى بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق للمحتاج للرطب ولا ثمن عنده يشترى به بخرصها" رواه مسلم (4).
الحديث رواه مسلم (1513).
الحديث رواه مسلم (1584).
الحديث رواه البخارى (2064، 2080، 2251)، ومسلم (1539).
الحديث رواه مسلم (1541).
ومن الشروط: أن لا يقع العقد على محرم شرعاً، إما لعينه كما "نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع الخمر والميتة والأصنام" متفق عليه (1). وإما لما يترتب عليه من قطيعة المسلم، كما " نهى البنى صلى الله عليه وسلم عن البيع على بيع المسلم، والشراء على شراء المسلم والنجش متفق عليه (2).
ومن ذلك: "نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفريق بين ذوى الرحم فى الرقيق" (3).(1/54)
ومن ذلك: إذا كان المشترى يعلم منه أنه يفعل المعصية بما اشتراه كإشتراء الجوز والبيض للقمار، او السلاح للفتنة، وعلى قطاع الطريق.
ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن تلقى الجلب، فقال: "لا تلقوا الجلب، فمن تلقى فأشترى منه فإذا أتى سيده السوق: فهو بالخيار" رواه مسلم (4)، وقال: "من غشنا فليس منا" رواه مسلم (5).
ومثل الربا الصريح : التحيل عليه بالعينة، بأن يبيع سلعة بمائة الى أجل ثمّ يشتريها من مشتريها بأقل منها نقداً أو بالعكس، أو بالتحيل على قلب الدين او التحيل على الربا بالقرض، بأن يقرضه مائة بشرط الانتفاع بشئ من ماله، او إعطاءه عن ذلك عوضاً، فكل قرض جر نفعاً فهو ربا.
ومن التحيل: بيع حلى فضة معه غيره بفضة، او مد عجوة ودرهم بدرهم و"سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالرطب؟ فقال: أينقص إذا جف؟ قالوا: نعم. فنهى عن ذلك" رواه الخمسة (6)، و"نهى عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلها، بالكيل المسمى من التمر" رواه مسلم (7).
1. الحديث رواه البخارى (2121)، ومسلم (1581).
2. الحديث رواه البخارى (2043)، ومسلم (1413، 2564) ولفظه: "لا تناجشوا ولا يبيع بعضكم ....".
3. الحديث رواه ابو واد (2696)، والترمزى (1566)، وابن ماجه (2248، 2249)، وأحمد (5/412)، والحاكم (2332 - 2334)، والدرامى (2479)، والبيهقى فى سننه (9/126 - 128)، وفى الشعب (11081)، وأبو يعلى (7250)، والبزار (3140)، والطبرانى فى الكبير (4080)، والقضاعى فى مسند الشهاب (456)، والحديث صحيح.
4. الحديث رواه مسلم (1519).
5. الحديث رواه مسلم (102).(1/55)
6. الحديث رواه ابو داود (3359)، والترمزى (1225)، والنسائى فى الكبرى (6034، 6136)، وفى الصغرى (7/268، 269)، وابن ماجه (2264)، وأحمد (1/175، 179)، والحميدى فى مسنده (75) وأبو يعلى فى مسنده (712، 825)، والدروقى فى مسند سعد (111)، والشاسى فى مسنده (161)، والصيداوى فى معجم شيوخه (157)، والبيهقى فى سننه (5/294، 295)، وابن عبد البر فى التمهيد (19/171، 174، 175، 176) والحديث صحيح).
7. الحديث رواه مسلم (1530).
وأما بيع ما فى الذمة: فان كان على من هو عليه جاز، وذلك بشرط قبض عوضه قبل التفرق لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم يتفرقا وبينكم شئ" روه الخمسة (1)، وإن كان على غيره لا يصح، لأنه من الغرر.
باب بيع الاصول والثمار:
قال صلى الله عليه وسلم: "من باع نخلاً بعد ان توبر فثمرتها للبائع، إلا أن يشترطها المبتاع" متفق عليه (2)، وكذلك سائر الأشجار إذا كان ثمره بادياً، ومثله إذا ظهر الزرع الذى لا يحصد إلا مرة واحدة، فان كان يحصد مراراً فالأصول للمشترى والجزة الظاهرة عند البيع للبائع.
ونهى رسول الله عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها: نهى البائع والمبتاع.
وسئل عن صلاحها؟ فقال: "حتى تذهب عاهته" (3) وفى لفظ: "حتى تحمار او تصفار" (4)، و"نهى عن بيع الحب حتى يشتد" (5) رواه أهل السنن، فقال : "لوبعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحه فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟" رواه مسلم (6).
باب الخيار وغيره:
إذا وقع العقد صار لازماً، إلا لسبب من الأسباب الشرعية.(1/56)
1. الحديث رواه أبو داود (3354) والترمزى (1242)، والنسائى فى الكبرى (6180)، وفى الصغرى (7/281، 283)، وابن ماجه (2262)، وأحمد (2/139)، والبيهقى، والطيالسى (1868)، وابن الجارود فى المنتقى (655)، والدارقطنى فى السنن (3/23)، والبيهقى (5/384، 345)، والاسماعيلى فى معجم شيوخه (78)، وابن عبد البر فى التمهيد (16/13)، والحديث صححه ابن عبد البر، والراجح ان الحديث ضعيف لتفرد سماك بن حرب والصحيح وقفه على ابن عمر رضى الله عنهما.
2. الحديث رواه البخارى (2250)، ومسلم (1543).
3. هذا اللفظ رواه البخارى (1417، 2084)، ومسلم (1534).
4. هذا اللفظ رواه البخارى (1415)، ومسلم (1535).
5. هذه الرواية رواها أبو داود (3371)، والترمزى (1228)، وابن ماجه (2217)، وأحمد (3/221، 250) والطحاوى فى شرح معانى الآثار (4/24، 361)، وابن حبان (4993)، والدارقطنى (3/47)، وأبو يعلى (3744)، والحاكم فى المستدرك (2192)، والضياء فى المختارة (5/305، 306).
6. الحديث رواه مسلم (1554).
أنواع الخيار:
1 - فمنها: خيار المجلس، قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايع الرجلان فلكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعا، او يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعنا على ذلك: فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهم البيع، فقد وجب البيع" متفق عليه (1).
2 - ومنها: خيار الشرط، إذا شرط الخيار لهما او لأحدهما مدة معلومة، قال صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم، إلا شرط أحل حراما او حرم حلالاً" رواه أهل السنن (2).
3 - ومنها: إذا غبن غبناً يخرج عن العادة، إما ينجش او تلقى جلب او غيرها.(1/57)
4 - ومنها: خيار التدليس بأن يدلس البائع على المشترى ما يزيد به الثمن كتصرية اللبن فى ضرع بهيمة الانعام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصروا الابل والغنم، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد ان يحلبها، ان شاء أمسكها وان شاء ردها وصاعاً من تمر" متفق عليه (3)، وفى لفظ "فهو الخيار بالثلاثة أيام".
5 - وإذا اشترى معيباً لم يعلم عيبه، فله الخيار بين رده وإمساكه، فإن تعذر رده تعين أرشه وإذا اختلفا فى الثمن تحالفا ولكل منهما الفسح، وقال صلى الله عليه وسلم: "من اقال مسلما بيعته أقال الله عثرته" (4).
باب السلم:
يصح السلم فى كل ما ينضبط بالصفة إذا ضبطه بجميع صفاته التى يختلف بها الثمن، وذكر أجله، وأعطاه الثمن قبل التفرق، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: "قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون فى التمار السنة والسنتين، فقال: من أسلف فى شئ فليسلف فى كيل معلوم ووزن معلوم، الى أجل معلوم" متفق عليه (5).
1. الحديث رواه البخارى (2006)، ومسلم (1531).
2. بهذا اللفظ رواه الترمزى (1352)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (4/90)، والطبرانى (17/22)، وابن عدى فى الكامل (6/61)، والدارقطنى (3/27)، والبيهقى فى السنن الكبير (6/79) (7/248، 249)، وفى أسانيده مقال، وله شواهد كثيرة.
3. الحديث رواه البخارى (2041)، ومسلم (1515).
4. الحديث بهذا للفظ رواه ابن حبان (5029)، والحاكم (2291)، والطبرانى فى الاوسط (889) والقضاعى فى مسند الشهاب (453).
وورد بلفظ من: "من اقال مسلماً عثرته ...." دون ذكر اللبيع رواه ابو داود (3460)، وابن ماجه (2199)، والبيهقى فى سننه (6/27)، وابن حبان (5030)، والقضاعى فى مسند الشهاب (454)، والحديث صحيح ثابت.
5. الحديث رواه البخارى (2124)، ومسلم (1604).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّاها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخارى (1).(1/58)
باب الرهن والضمان والكفالة:
وهذه وثائق بالحقوق الثابتة.
فالهن : يصح بكل عين يصح بيعها، فتبقى أمانة عند المرتهن، لها يضمنها إلا أن تعدى أو فرط، كسائر الأمانات فإن حصل الوفاء التام إنفك الرهن، وإن لم يحصل، وطلب صاحب الحق بيع الرهن: وجب بيعه والوفاء من ثمنه وما بقى من الثمن بعد وفاء الحق: فلربه، وإن بقى من الدين شئ يبقى دينا مرسلاً بلا رهن.
وإن أتلف الرهن أحد: فعليه ضمانه يكون رهناً، ونماؤه تبع له، ومؤنته على ربه، وليس للراهن الانتفاع إلا بإذن الآخر، أو بإذن الشرع فى قوله صلى الله عليه وسلم: "الظهر يركب بنفقته، إذا كان مرهوناً، ولبن الدر يشرب بنفقته، إذا كان مرهوناً، وعلى الذى يركب ويشرب النفقة" رواه البخارى (2).
والضمان أن يضمن الحق عن الذى عليه.
والكفالة: أن يلتزم بإحضار بدن الخصم، قال صلى الله عليه وسلم: "الزعيم غارم" (3) فكل منهما ضامن، إلا إن قام بما التزم به، او أبراه صاحب الحق، او برئ الأصل. والله أعلم.
باب الحجر لفلس او غيره:
ومن له الحق فعليه ان ينظر المعسر، وينبغى له أن ييسر على الموسر، ومن عليه الحق فعليه الوفاء كاملاً بالقدر والصفات، وقال صلى الله عليه وسلم: "مطل الغنى ظلم، وإذا أحيل بدينه على ملئ فليحتل" متفق عليه (4)، وهذا من المياسرة.
الحديث رواه البخارى (2257).
الحديث رواه البخارى (2377).
الحديث رواه ابو داود (3565)، والترمزى (1265)، وابن ماجه (2405)، وأحمد (5/267)، والعلل ومعرفة الرجال (3952)، وعبد الرزاق فى مصنفه (14767)، والبيهقى فى سننه (6/72)، والقضاعى فى مسند الشهاب (50) والحديث صحيح.
الحديث رواه البخارى (2166)، ومسلم (1564).
الحديث رواه البخارى (2272)، ومسلم (1559).(1/59)
فالملئ: هو القادر على الوفاء الذى ليس مماطلاً، ويمكن تحضيره لمجلس الحكم وإذا كانت الديون كثيرة أكثر من مال الانسان، وطلب الغرماء او بعضهم من الحاكم أن يحجز عليه: حجر عليه ومنعه من التصرف فى جميع ماله، ثمّ يصفى ماله ويقسمه على الغرماء بقدر ديونهم، ولا يقدم منهم إلا صاحب الرهن برهنه وقال صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ماله عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره" متفق عليه (1).
ويجب على ولى الصغير والسفيه والمجنون أن يمنعهم من التصرف فى مالهم الذى يضرهم، قال تعالى : "وتؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قيماً" [النساء 5]، وعليه إلا يقرب مالهم إلا بالتى هى أحسن من حفظه، والتصرف النافع لهم، والصرف عليهم منه ما يحتاجون اليه.
ووليهم أبوهم الرشيد ، فان لم يكن جعل الحاكم الولاية الأشفق من يكون من أقاربه وأعرفهم وأمنهم، ومن كان غنياً فليستعفف، ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف: وهو الأقل من أجرة مثله او كفايته.
باب الصلح:
وقال النبى صلى الله عليه وسلم" "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً او حرم حلالاً" (2).
فإذا صالحه عن عين بعين أخرى، او بدين جاز، وإن كان له عليه دين فصالحه عنه بعين، او بدين قبضه قبل التفرق جاز، او صالحه على منفعة فى عقار او غير معلومة او صالحه عن الدين المؤجل ببعضه حالاً، او كان له عليه دين لا يعلمان مقداره فصالحه على شئ صح ذلكن قال النبى صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعن جار جاره يغرز خشبة على جداره" (3).
1. الحديث رواه البخارى (2272) ومسلم (1559).
2. الحديث رواه ابو داود (3594)، وأحمد (2/366)، وابن الجارود فى المنتقى (638، 1001)، والحاكم (7058)، والبيهقى (6/63).(1/60)
ولفظه: "والصلح جائز بين المسلمين" وهو حديث صحيح، أما بقية الزيادة فذكرها أبو داود (3594)، والترمزى (1352)، وابن ماجه (2353)، وابن حبان (5091)، والدارقطنى (3/27) (4/207)، والحاكم (7059)، والبيهقى (6/65)، وهذه الزيادة ضعيفة لا ثبت.
3. الحديث رواه البخارى (2331)، ومسلم (1609).
باب الوكالة والشركة والمساقاة والمزارعة:
كان النبى صلى الله عليه وسلم يوكل فى كل حوائجه المسلمين المتعلقة به ففى عقد جائز من الطرفين تدخل فى جميع الاشياء التى تصلح النيابة فيها من حقوق الله كتفريق الزكاة، والكفارة ونحوها، ومن حقوق الآدميين كالعقود والفسوخ وغيرها.
وما لاتدخله النيابة: من الامور التى تتعين على الانسان وتتعلق ببدنه خاصة كالصلاة والطهارة والحلف والقسم بين الزوجات ونحوها، لا تجوز الوكالة فيها، ولا يتصرف الوكيل فى غير ما أذن له فيه نطقاً او عرفاً.
ويجوز التوكيل بجعل او غيره وهو كسائر الأمناء، لا ضمان عليها إلا بالتعدى او التفريط ويقبل قولهم فى عدم اليمين.
ومن ادعى الرد من الامناء فإن مكان يجعل لم يقبل إلا ببينة، وإن كان متبرعاً قبل قوله بيمينه، وقال: صلى الله عليه وسلم: "يقول لله تعالى: أنا ثالث الشريكين، ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما" (1).
فالشراكة بجميع أنواعها جائزة، ويكون الملك فهيا الربح والخسارة ما يتفقان عليه إذا كان جزءاً مشاعاً معلوماً، فدخل فى هذا "شركة العنان" وهى: أن يكون فى كل منهما مال وعمل، "وشركة المضاربة" بأن يكون من أحدهما المال ومن الآخر العمل و"شركة الوجوه" بما يأخذان بوجوههما من الناس و"شركة الابدان" بأن يشتركا بما يكتسبان بأبدانهما من المباحات من حشيش ونحوه، وما يتقبلانه من الاعمال، و"شركة المفاوضة" وهى الجامعة لجمع ذلك، وكلها جائزة.(1/61)
ويفسدها إذا دخلها الظلم والغرر لأحدهما، كأن يكون لأحدهما ربح وقت معين وللآخر ربح وقتٍ آخر، او ربح إحدى السلعتين و إحدى السفرتين، وما يشبه ذلك، كما يفسد ذلك المساقاة والمزارعة، وقال رافع بن خديج: "كان الناس يؤجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما على الماذيانات (2) وأقبال الجداول (3) وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شئ معلوم مضمون: فلا بأس به (4).
1. لحديث رواه أبو داود (3383)، والدارقطنى (3/35)، والحاكم (2322)، والبيهقى (6/78)، والخطيب فى تاريخ بغداد (4/316)، والمزى فى تهذيب الكمال (10/401) والحديث ضعيف.
2. كلمة أعجمية معناها ما ينبت حول مسيل الماء والسواقى.
3. أقبال الجداول: أى رؤوس الجداول وأوائلها.
4. الحديث رواه مسلم (1547).
و"عامل النبى صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر او زرع" متفق عليه (1).
فالمساقاة على الشجر: بأن يدفعها للعامل ويقوم عليها بجزء مشاع معلوم من الثمرة والمزارعة.
والمزارعة: بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع.
وعلى كل منا ما جرت العادة به، والشرط الذى لا جهالة فيه، ولو دفع دابته الى آخر عليها وما حصل بينهما جاز.
باب إحياء الموات:
وهى الارض الدائرة التى لا يعلم لها مالك، فما احياها بحائط او حفر بئر او إجراء ماء اليها او منع ما لا تزرع معه ملكها بجميع ما فيها إلا المعادن الظاهرة لحديث ابن عمر "من أحيا أرضاً ليست لحد فهو أحق بها". (2).
وإذا تحجر مواتاً بأن أدار حولها أحجاراً او حفر بئراً لم يصل الى مائها او أقطع ارضاً فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم.
باب الجعلة والإجارة:
وهما جعل مال معلوم لمن يعمل لع عمل معلوماً، او مجهولاً فى الجعالة ومعلوماً فى الاجارة، او على منفعة الذمة.(1/62)
فمن فعل ما جعل عليه فيهما استحق العوض وإلا فلا، إلا إذا تعذر العمل فى الاجارة فانه يسقط العوض، وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بى ثمّ غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره" رواه مسلم (3).
والجعالة أوسع من الاجارة، لأنها تجوز على أعمال القرب، لأن العمل فيها يكون معلوماً مجهولاًُ، ولأنها عقد جائز بخلاف الاجارة.
الحديث رواه البخارى (2203)، ومسلم (1551).
الحديث رواه البخارى (2210).
لعله سبق فلم وإلا فهذا الحديث من أفراد البخارى (2114)، (2150).
وتجوز إجارة العين المؤجرة على من يقوم مقامه لا بأكثر ضرراً منه، ولا ضمان فيهما بدون تعد ولا تفريط، وفى الحديث: "أعطوا الاجير أجره قبل أن يجف عرقه" رواه ابن ماجه (1).
باب اللقطة:
وهى على ثلاثة أضرب:
أحدها: ما تقل قيمته، كالسوط والرغيف ونحوهما، فيملك بلا تعريف.
والثانى: الضوال التى تمتنع من صغار السباع كالإبل، فلا تملك بالالتقاط مطلقاً.
والثالث : ما سوى ذلك، فيجوز التقاطه، ويملكه إذا عرفه سنة كاملة، وعن زيد بن خالد الجهنى قال: "جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة؟ فقال: أعرف عفاصها ووكاءها (2) ثمّ عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشانك به، قال: فضالة الغنم؟ قال: هى لك أو لأخيك، او للذئب، قال فضالة: الإبل؟ قال: مالك ولها؟ معها سقاؤها وحداؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها" متفق عليه (3)، والتقاط القيط والقيام به فرض كفاية، فإذا تعذر بيت المال فعلى من علم بحاله.
باب المسابقة والمغالبة:
وهى ثلاثة أنواع: نوع يجوز بعوض وغيره، وهى مسابقة الخيل والإبل والسهام.(1/63)
ونوع يجوز بلا عوض، ولا يجوز بعوض وهى جميع المغالبات بغير الثلاثة المذكورة وبغير النرد والشطرنج ونحوهما، فتحرم مطلقاً، وهو النوع الثالث لحديث: "لا سبق إلا فى خف او حافر او نصل" رواه الثلاثة (4).
وأما ما سواها : فإنها داخلة فى القمار والميسر.
1. الحديث رواه ابن ماجه (2443)، والطبرانى فى الصغير (34)، وأبو نعيم فى الحلية (7/142) والبيهقى فى سننه (6/120، 121)، والقضاعى فى مسنده الشهاب (744)، والحديث صحيح لطرقه.
2. العفاص هو الوعاء الذى تكون فيه اللقطه والوكاء: هو الخيط الذى تشد به الصرة والكيس.
3. الحديث رواه البخارى (2243، 2296) ومسلم (1722).
4. الحديث رواه أبو داود (2574)، والترمزى (1700) والنسائى فى الكبرى (4426، 4430)، وفى المجتبى (6/226، 227)، وابن ماجه (2878)، وأحمد (2/256، 258، 358، 385، 424، 474)، والشافعى فى مسنده (349 - 350)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (33562)، والطبرانى فى الكبير (10764)، وفى الاوسط (2168)، وفى الصغير (50)، ومسند على بن الجعد (2759، 2760)، والبخارى فى تاريخه (4/277) (5/83) (8/83)، وابن حبان (4689، 4690)، والبغوى فى شرح السنة (2653)، والبيهقى فى سننه (10/16)، وابن عبد البر فى التمهيد (14/93)، والعقيلى فى الضعفاء (3/461)، وابن عدى فى الكامل (5/319) (6/224) (7/36)، والطحاوى فى مشكل الاثار (2/363)، والخطيب فى موضع أوهام الجمع والتفريق (254، 398)، والحديث حسن بإذن الله.
5. لحديث رواه البخارى (1019)، ومسلم (1610).
باب الغضب:
وهو الاستيلاء على مال الغير بغير حق، وهو محرم لحديث: "من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع ارضين" متفق عليه (1)، وعليه رده لساحبه ولو غرم أضعافه، وعليه نفقته وأجرته مدة مقامه بيده، وضمانه إذا تلف مطلقاً، وزيادته لربه، وإن كانت أرضاً فغرس او بنى فيها: فلربه قلعه، لحديث "ليس لعرق ظالم حق" (2).(1/64)
ومن انتقلت اليه العين من الغاصب، وهو عالم فحكمه حكم الغاصب.
باب العارية والوديعة:
وهى إباحة المنافع: وهى مستحبة فى المعروف قاتل صلى الله عليه وسلم: "كل معروف صدقة" (3).
وإن شرط ضمانها ضمنها، وان تعدى أو فرط فيها ضمنها، وإلا فلا، ومن أودع وديعة فعليه حفظها فى حرز مثلها، ولا ينتفع بها بغير إذن ربها.
باب الشفعة:
وهى: استحقاق الانسان انتزاع حصة شركه من يد من انتقلت اليه، ببيع ونحوه، وهى خاصة فى العقار الذى لم يقسم لحديث جابر رضى الله عنه: "قضى النبى صلى الله عليه وسلم بالشفعة فى كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" (4)، ولا يحل التحيل لإسقاطها، فإن لم تحيل لم تسقط لحديث " إنما الاعمال بالنيات" (5)
1. لحديث رواه البخارى (1019)، ومسلم (1610).
2. الحديث ورد عن عدة من الصحابة رواه أبو داود (3073)، والترمزى (1378)، والنسائى فى الكبرى (5761)، وأحمد (5/326)، والشافعى (224، 382)، ومالك (1424)، فى الطيالسى (1440)، والطبرانى فى الكبير (17/13، 14)، والأوسط (601، 7267)، والدارقطنى (3/35) (4/217)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (3/268) (4/118)، وأبو يعلى (957) والبزار (1256، 3393)، وابن عدى فى الكامل (3/231) (6/58) والبيهقى فى السنن (6/99، 142، 147)، وابن قانع فى معجم الصحابه (726)، وابن عبد البر فى التمهيد (22/384)، والضياء فى المختارة (3/298) والحديث بعض طرقه ضعيفة وبعضه أعل بالإرسال، والحديث كما قال ابن عبد البر فى التمهيد (22/284): (متلقى بالقبول عند فقهاء الامصار وغيرهم)، والحديث له طرق تصححه والله أعلم.
3. الحديث رواه البخارى (5675)، ومسلم (1005).
4. الحديث رواه البخارى (2363).
5. الحديث رواه البخارى (1)، ومسلم (1907).
باب الوقف:(1/65)
وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنافع، وهو من أفضل القرب وأنفعها إذا كان على جهة بر، وسلم من الظلم لحديث "إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم (1).
وعن ابن عمر قال"" أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم ستأمره فيها، فقال يا رسول الله، إنى أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندى منه، قال ان شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال : فتصدق بها عمر، غير أنه لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب، فتصدق بها فى الفقراء، وفى القربى، وفى الرقاب وفى سبيل الله وابن السبيل، والضيف.
لاجناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقاً، غير متمول ملاً" متفق عليه (2).
وأفضله: أنفعه للمسلمين، وينعقد بالقول الدال على الوقف.
ويرجع فى مصاف الوقف وشروطه الى شرط الوقف حيث وافق الشرع، ولا يباع إلا أن تتعطل منافعه، فيباع ويجعل فى مثله او بعض مثله.
باب الهبة والعطية والوصية:
وهى من عقود التبرعات.
فالهبة : التبرع بالمال فى حالة الحياة والصحة.
والعطية : التبرع به فى مرض موته المخوف.
والوصية : التبرع بعد الوفاة.
فالجميع داخل فى البر والإحسان.
فالهبة: من رأس المال، والعطية والوصية: من الثلث فاقل لغير وارث، فإن زاد على الثلث، أو كان لوارث: توقف على إجازة الورثة الراشدين.
وكلها يجب فيها العدل بين أولاده، لحديث: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" متفق عليه (3).
وبعدتقبيص الهبة لايحل الرجوع فيها لحديث "العائد فى هبته كالكلب يقئ ثمّ يعود فى قيه" متفق عليه (4).
1. الحديث رواه مسلم (1631).
2. الحديث رواه البخارى (2586)، ومسلم (1623).
3. الحديث رواه البخارى (2447)، ومسلم (1623).
4. الحديث رواه البخارى (2449، 2478، 2841، 6574)، ومسلم (1622).(1/66)
وفى الحديث الآخر: "لا يحل لرجل مسلم أن يعطى العطية ثمّ يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطى ولده" رواه أهل السنن (1).
و "كان النبى صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها" (2).
وللأب أن يتمتك من مال ولده ما شاء ما لم يضره، او يعطيه لولد آخر أو ان يكون بمرض موت أحدهما، لحديث: "أنت ومالك لأبيك" (3).
وعن ابن عمر مرفوعاً: "ما حق امرئ مسلم له شئ يريد ان يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنه" متفق عليه (4).
وفى الحديث: "ان الله قد أعطى كل ذى حق حقه فلا وصية لوارث" (5) رواه أهل السنن، وفى لفظ: "إلا أن يشاء الورثة" (6).
وينبغى لمن ليس عنده شئ يحصل منه إغناء ورثته أن لا يوصى.
بل يدع التركة كلها لورثته، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق عليه (7).
والخير مطلوب فى جميع الأحوال.
1. الحديث رواه أبو داود (3539)، والترمزى (2132)، والنسائى (6/265)، وابن ماجه (2377)، وأحمد (2/27)، والطبرانى فى الكبير (13462)، وأبو يعلى (2717)، والبيهقى فى سننه (6/179)، والحاكم (2298)، والحديث صحيح.
2. الحديث رواه البخارى (2445).
3. الحديث رواه ابو داود (3530)، وابن ماجه (2291)، وأحمد (2/179، 204، 214، 22700، 36217)، وابن الجارود فى المنتقى (995)، والطبرانى فى الكبير (6961، 10019)، وفى الاوسط (57، 806، 3534، 6570، 6728، 7088) وفى الصغير (2، 947)، وفى مسند الشاميين (379) والاسماعيلى فى معجمه (408)، وخيثمة الاطرابلسى فى حديثه (70، 71)، وابن حبان فى صحيحه (410، 4262)، وفى الثقات (8/286)، وأبو يعلى (5731)، والبزار (295)، وأبو نعيم فى الحلية (8/286)، والبيهقى فى السنن (7/480، 481) والحديث صحيح.
4. الحديث رواه البخارى (2587)، ومسلم (1627).(1/67)
5. الحديث رواه أبو داود (2870، 3565)، والترمزى (2120)، والنسائى فى الكبرى (6468)، وابن ماجه (2712، 2713)، وأحمد (5/267)، وعبد الرزاق فى مصنفة (77277)، وابن ابى شيبة (30716)، والطيالسى (1127)، وسعيد بن منصور فى سننه (427)، والطبرانى فى مسند الشاميين (541)، وأبو يعلى (1508)، والدارقطنى (3/40) (4/70)، وابن عدى فى الكامل (1/294)، وابن عبد البر فى التمهيد (1/230) (14/299) (24/439)، والبيهقى فى السنن (6/212) والرافعى فى أخبار قزوين (3/1251)، والضياء فى المختارة (6/150) والحديث الصحيح.
6. هذه الزيادات زيدت بأسانيد ضعيفة ذكرها أبو داود فى المراسيل (349)، والدارقطنى (4/97، 98، 152)، والبيهقى فى السنن (6/272، 273).
7. الحديث رواه البخارى (1233، 4147، 5344، 6012، 6352)، ومسلم (16289).
كتاب المواريث
وهى العلم بقسمة التركة بين مستحقيها، والأصل فيها قوله تعالى فى صورة النساء "يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين" الى قوله تعالى: "تلك حدود الله" [النساء 11 - 16].
وقوله فى أخر السورة: "يستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فى الكلالة" الى آخرها.
ومع حديث ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فلأولى رجل ذكر" متفق عليه (1).
وقد اشتملت الآيات الكريمة - مع حديث ابن عباس - على جل أحكام المواريث وذكرها مفصلة بشروطها.
فجعل الله الذكور والإناث من أولاد الصلب وأولاد الابن ومن الأخوة الاشقاء. أو لغير أم اذا اجتمعوا يقتسمون المال، وما أبقت الفروض: للذكر مثل الأنثيين، وإن الذكور من المذكورين يأخذون المال أو ما ابقت الفروض وأن الواحدة من البنات لها النصف.
والاثنين فأكثر لهما الثلثان.
وإذا كانت بنت وبنت ابن فللبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين. وكذلك الاخوات الشقيقات واللاتى للأب فى الكلالة إذا لم يكن ولد ولا والد.(1/68)
وأنه إذا استغرقت البنات الثلثين سقط من دونهن من بنات الابن، وإذا لم يعصبهن ذكر بدرجتهن أو انزل منهن.
وكذلك الشقيقات يسقطن الأخوات للأب إذا لم يعصبهن أخوهن.
وأن الاخوة من الأم والأخوات : للواحد منهم السدس، وللاثنين فأكثر الثلث، يسوى بين ذكرهم وأنثاهم.
وأنهم لا يرثون مع الفروع مطلقاً، ولا مع الأصول الذكور.
وأن الزوج له النصف مع عدم أولاد الزوجة، والربع مع وجودهم.
وأن الزوجة فأكثر لها الربع مع عدم أولاد الزوج والثمن مع وجودهم.
وأن الأم لها السدس مع أحد من ألأولاد، أو اثنين فأكثر من الأخوة أو الاخوات، والثلث مع عدم ذلك، وأن لها ثلث الباقى فى زوج وأبوين أو زوجة وأبوين، وقد "جعل البنى صلى
1. الحديث رواه البخارى (6356)، مسلم (1615).
الله عليه وسلم للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم" رواه أبو داود والنسائى (1).
وأن للأب السدس لايزيد عليه مع الأولاد الذكور وله السدس مع الاناث.
فإن بقى بعد فرضهن شئ أخذه تعصيباً مع عدم الأولاد مطلقاً.
وكذلك جميع الذكور غير الزوج والأخ من الأم عصبات وهم الأخوة الاشقاء والأب وأبناؤهم، والأعمام والأشقاء او لب وأبناؤهم وأعمام الميت وأعمام أبيه وجده، وكذلك البنون وبنوهم.
وحكم الغاصب: أن يأخذ المال كله إذا انفرد، وإن كان معه صاحب فرض أخذ الباقى بعده.
وإذا استغرقت الفروض التركه لم يبق للغاصب شئ، ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب ولا مع الأب.
وإن وجد عاصبان فأكثر فجهات العصوبة على الترتيب التالى:
بنوه، ثم أبوه، وبنوهم، ثمّ أعمامه وينوهم، ثمّ الولاء وهو المعتق، وعصباته المتعصبون بأنفسهم، فيقدم منهم الأقرب جهة، فإذا كانوا فى جهة واحدة قدم الأقرب منزلة، فإن كانوا فى المنزلة سواء قدم القوى منهم وهو الشقيق على الذى للأب.
وكل عاصب غير الابناء والأخوة لا ترث أخته معه شيئاً.
وإذا اجتمعت فروض تزيد عن المسالة بحيث يسقط بعضهم بعضا، عالت بقدر فروضهم.(1/69)
فإذا كان زوج وأم وأخت لغير أم، فأصلها ستة وتعول لثمانية.
فإن كان معهم أخ لأم فكذلك، فإن كانوا اثنين عالت لتسعة.
فإذا كان الأخوات لغير أم اثنين عالت الى عشرة، فإن كان بنتان ولم زوج عالت مع اثنتى عشر الى ثلاثة عشر، فإن كان معهم أب عالت الى خمسة عشر.
فإن كان بدل الزوج زوجة فأصلها مع اربع وعشرين وتعول الى سبع وعشرين.
وإن كانت الفروض اقل من المسالة، ولم يكن معهم عاصب: رد الفاضل على كل ذى فرض بقدر فرضه.
فإن عدم أصحاب الفروض والعصبات ورث ذوو الارحام وهم سوى المذكورين، وينزلون منزلة من أدلوا به.
الحديث رواه ابو داود (2895)، والنسائى فى الكبرى (6338)، وابن ابى شيبة (31273)، وابن الجار ود فى المنتقى (960)، والدارقطنى فى سننه (4/91)، والرويانى فى مسنده (61)، والبيهقى فى سننه (6/226)، وفى سنده رجل مختلف فيه، وقوى إسناده ابن حجر فى بلوغ المرام، والله أعلم.
ومن لا وراث له فماله لبيت المال يصرف فى المصالح العامة والخاصة.
وإذا مات الانسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة.
أولها مؤنه التجهيز.
ثمّ الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال.
ثمّ إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبى.
ثمّ الباقى للورثة المذكورين، والله أعلم.
وأسباب الارث ثلاثة: النسب والنكاح الصحيح والولاء.
وموانعه ثلاثة: القتل والرق واختلاف الدين.
وإذا كان بعض الورثة حملاً، أو مفقوداً او نحوه: علمت بالاحتياط، ووقفت له، إن طلب الورثة قسمة التركة عملت بما لا يحصل به الاحتياط على حسب ما قرره الفقهاء رحمهم الله تعالى.
باب العتق:
وهو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق، وهو افضل العبادات.
لحديث: "أيما أمرى مسلم أعتق إمراءاً مسلماً استنفذ الله بكل عضو منعه عضواً من النار" متفق عليه (1).
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمناً، وأنفسها عند أهلها" متفق عليه (2).
ويحصل العتق بالقول: وهو لفظ "العتق" وما فى معناه.(1/70)
وبالملك، فمن ملك ذا رحم محرم من النسب عتق عليه.
وبالتمثيل بعبده بقطع عضو من اعضائه او تحريقه.
وبالسراية لحديث: "من أعتق شركاً له فى عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد: قوم عليه قيمة عدل، فأعطى شركاه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق عليه ما عتق" متفق عليه (3).
وفى لفظ: "والأقوم عليه واستسعى غير مشقوق" متفق عليه (4).
فإن علق عتقه بموته إذا خرج من الثلث.
الحديث رواه البخارى (2381)، ومسلم (1509).
الحديث رواه البخارى (2382)، ومسلم (84).
الحديث أخرجه البخارى (2386)، ومسلم (1501).
الحديث أخرجه البخارى (2360، 2370)، ومسلم (1503).
فإن علق عتقه بموته فهو المدبر، يعتق بموته إذا خرج من الثلث.
فعن جابر: "أن رجلاً من الانصار أعتق غلاماً له عن دبر لم يكن له مالاً غيره فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم، فقل: "من يشتريه منى؟ فاشتراه نعيم بن عبد اللهب ثمانمائة درهم، وكان عليه دين فأعطاه، وقال: أقض دينك" متفق عليه (1).
باب الكتابة:
والكتابة: أن يشترى الرقيق نفسه من سيده بثمن مؤجل بأجلين فأكثر، قال تعالى: (فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا) [النور 33]، يعنى صلاحاً فى دينهم وكسباً.
فان خيف منه الفساد بعتقه او كتابته، واو ليس له كسب، فلا يشرع عتقه ولا كتابته.
ولا يعتق المكاتب إلا بالأداء، لحديث: "المكاتب عبد ما بقى عليه من كتابته درهم" رواه أبو داود (2).
وعن ابن عباس مرفوعاً، وعن عمر موقوفاً: "أيما أمة ولدت من سيدها فهى حرة بعد موته" أخرجه ابن ماجه، والراجح الموقوف على عمر رضى الله عنه، والله أعلم (3).
1. الحديث أخره البخارى (2034، 2370)، ومسلم (995، 997) واللفظ لمسلم.
2. والحديث رواه أبو داود (3907)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (3/111)، والطبرانى فى مسند الشاميين (1386)، والحديث حسن بإذن الله.(1/71)
3. المرفوع رواه ابن اجه (2515)، وأحمد (1/317)، وابن سعد فى الطبقات (8/215)، والدارقطنى (4/132)، والطبرانى فى الكبير (11519)، والحاكم (2191)، وسنده ضعيف، وروى موقوفاً على عمر بن الخطاب رواه مالك فى الموطأ (1466)، والدارقطنى (4/134)، والبيهقى فى السنن (10/342)، وهو الأصح كما قال السعدى رحمه الله.
كتاب النكاح
وهو من سنن المرسلين، وفى الحديث: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ولم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأرع، لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فأظفر بذات الدين تربيت يمينك" متفق عليه (2).
وينبغى أن يتخير صاحبة الدين والحسب (3) والودود الولود الحسبة.
وإذا وقع فى قلبه خطبة امرأة فله أن ينظر منها ما يدعوه الى نكاحها.
ولا يحل للرجل ان يخطب على خطبة أخيه المسلم، حتى يأذن او يترك.
و لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة مطلقا.
ويجوز التعريض فى خطبة البائن بموت او غيره، لقوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) [البقرة 235].
وينبغى ان يخطب فى عقد النكاح بخطبة ابن مسعود قال: "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد فى الحاجة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه (4) ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدى الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" ويقرا ثلاث آيات لرواية أصحاب السنن (5).
والثلاث آيات سردها بعضهم، وهى:
قوله تعالى (يأيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته و تموتن إلا وأنتم مسلمون [آل عمران 102]
1. الحديث رواه البخارى (1806)، ومسلم (1400).
2. الحديث رواه البخارى (4802)، ومسلم (1466).
3. لعلها النسب.(1/72)
4. لا يوجد فى الفاظ الحديث الذى فى خطبة الحاجة لفظة "نستهديه" وإنما وردت هذه اللفظة فى حديث ابن عباس فى الخطيب الذى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (بئس الخطيب أنت)، والذى رواه الشافعى فى الام (1/202)، وفى إسناده مقال، ورأيت الحافظ بن كثير ذكرها فى تفسيره (2/268) فى تفسير الاية (76) فى سورة الأعراف فى حديث ان مسعود فهل وجد لها ابن كثير أصل، أم هو سبق قلم؟ والله أعلم.
5. هذا حديث خطبة الحاجة المعروف الذى رواه أصحاب السنن والمسانيد وقد خرجه محدث العصر ناصر رحمه الله فى رسالة مستقلة، رحم الله الشيخ ناصر وجزاه عن أمة الاسلام خير الجزاء.
قوله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا [النساء 1].
قوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا اتوقوا وقولوا قولاً سديداً (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما (71) [الآيتين 70 - 71].
ولا يجب بالإيجاب : وهو اللفظ الصادر من الولى، كقوله : زوج أو أنكحك.
والقبول: هو اللفظ الصادر من الزوج او نائبه، كقوله: قبلت هذا الزواج، او قبلت، ونحوه.
باب شرط النكاح:
ولا بد فيه من رضى الزوجين، إلا الصغيرة فيجبرها أبوها، والأمة ويجبرها سيدها.
ولا بدد فيه من الولى، وقال صلى الله عليه وسلم: " لا نكاح إلا بولى" حديث صحيح رواه الخمسة.
وأولى الاقرب فالقرب من عصباتها، وفى الحديث المتفق عليه: " لا تنكح الأيم حتى تستأمر(1/73)
1. هذا الحديث مروى عن عدة من الصحابة وبألفاظ مختلفة فقد رواه أبو داود (2085)، والترمزى (1101، 1104، 1108)، والنسائى فى الكبرى (5379)، وابن ماجه (1880)، وأحمد (1/250) (4/394، 413، 418) (6/260)، والشافعى فى مسنده (220، 291)، والدا رمى (2182، 2183)، وسعيد بن منصور فى سننه (527، 531، 534، 553، 568)، والطيالسى (523، 1463)، وابن ابى شيبة (15933، 36118)، وعبد الرزاق فى مصنفه (10473)، وابن الجار ود فى المنتقى (701)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (3/8، 9)، والبزار (3106، 3108، 3111، 3116)، وأبو يعلى (2507، 4692، 4749، 4906، 4907، 7227)، والاسماعيلى فى معجم شيوخه (239) وابن حبان (4075، 4076، 4077، 4078، 4083، 4090)، والدارقطنى فى سننه (3/219، 220، 221، 225، 226)، والطبرانى فى الكبير (8121، 11298، 11944، 12483) (18/142)، وفى الاوسط (521، 681، 3475، 4491، 5563، 5564، 6927، 7900، 9291)، وابن شاهين فى ناسخ الحديث ومنسوخه (506)، والحاكم (2710، 2711، 2712، 2714، 2717، 3523)، والبيهقى فى سننه (7/56، 107، 108، 109، 111، 112، 119، 124، 125، 126) (10/148) والتمهيد لابن عبد البر (19/88)، والبخارى فى تاريخه (8/71، 199)، وابن عدى فى الكامل (1/194، 202، 324، 365، 425) (2/26، 77، 94، 360) (3/111، 250، 291، 297، 298) (4/134، 199، 216، 253، 256) (5/140، 322) (6/18، 99، 296، 357، 376، 422، 455) (7/107، 108، 192، 244)، والرويانى فى مسنده (83، 448، 1259)، وابن حبان فى المجروحين (1/119) (2/23)، والعقيلى (2/309)، (3/294)، والحديث صحيح ثابت.
ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يارسول الله، وكيف إذنها؟ قال أن تسكت" (1).
وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "أعلنوا النكاح" رواه أحمد (2).
ومن إعلانه: شهادة عدلين، وإشهاره وإظهاره، والضرب عليه بالدف ونحوه.(1/74)
وليس لولى المرأة تزويجها بغير كفء لها، فليس الفاجر كفوءا للعفيفة والعرب بعضهم لبعض أكفاء.
فإن عدم وليها، او غاب غيبة طويلة، او امتنع من تزويجها كفؤا زوجها الحاكم، كما فى الحديث: " السلطان ولى من لا ولى له" (3)، وله غيرها حتى يميزها باسمها او صفتها.
ولا بد أيضاً من عدم الموانع بأحد الزوجين، وهى المذكورات فى باب المحرمات فى النكاح.
باب المحرمات فى النكاح:
وهن قسمان:
محرمات الى الأبد.
ومحرمات الى أمد.
1. الحديث رواه البخارى (4843، 6569)، ومسلم (1419).
2. الحديث أخرجه الترمزى (1089)، وابن ماجه (1895)، وأحمد (4/5)، وابن حبان (4066)، والبزار (2214)، والطبرانى فى الاوسط (5145)، والاسماعيلى فى معجم شيوخه (271)، وابن عدى فى الكامل (3/6) (5/240)، وأبو نعيم فى الحلية (8/328)، والحاكم فى مستدركه (2748)، والبيهقى فى سننه (7/288، 290)، والضياء فى المختارة (9/306)، والحديث ضعيف.
3. الحديث رواه أبو داود (2083)، والترمزى (1102)، وابن ماجه (1879)، وأحمد (6/47، 66،165)، وابن أبى شيبة (15919، 36117)، وعبد الرزاق (10472)، والدرامى (2184)، والحميدى (228)، وإسحاق بن راهويه (698)، والطيالسى (1463)، وابن الجارود فى المنتقى (700)، والشافعى (275)، وابن عوانة (4259)، وابن حبان (4075)، والطبرانى فى الكبير (11494)، والأوسط (3926، 6352)، والطحاوى فى شرح معانى الاثار (3/7)، وأبو يعلى (4750، 4837)، وابن عدى فى الكامل (3/16) (5/25) (6/376)، والدارقطنى فى سننه (3/221، 226)، والسهمى فى تاريخ جرجان (315)، والحاكم ة(2706، 2709، والبيهقى فى سننه (7/105، 106، 113، 124، 125، 138) (10/148)، وأبو نعيم فى الحلية (6/88)، والخطيب فى الفصل للوصل المدرج (2/759، 760)، والحديث صحيح.
* فالمحرمات الى الابد: سبع من النسب، وهن:
1. الأمهات وإن علون.
2. والبنات وإن نزلن، ولو من بنات البنت.
3. والأخوات مطلقاً.
4. وبناتهن.(1/75)
5. وبنات الأخوة.
6. والعمات.
7. والخالات له أو لأحد أصوله.
* وسبع من الرضاع نظير المذكورات:
* وأربع من الصهر، وهن:
1. أمهات الزوجات، وإن علون.
2. وبناتهن وإن نزلن إذا كان قد دخل بهن.
3. وزوجات الابناء، وإن نزلن من نسب او رضاع.
والأصل قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم ....) الى أخرها، [النساء 23- 24].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة، أو من النسب" متفق عليه (1).
وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها" متفق عليه متفق عليه (2).
مع قوله تعالى: "وأن تجمعوا بين الاختين) [النساء 23 -24].
ولا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع، ولا للعبد أن يجمع بين أكثر من زوجتين.
وأما ملك اليمين فله أن يطأ ما شاء.
وإذا أسلم الكافر وتحته أختان اختار إحداهما، او عنده أكثر من أربع اختار أربعاً، وفارق البواقى.
الحديث رواه البخارى (2502، 4518)، ومسلم (1445، 1447).
الحديث رواه البخارى (4820)، ومسلم (1408).
وتحرم المحرمة حتى تحل من إحرامها، والمعتدة من الغير حتى يبلغ الكتاب أجله، والزانية على الزانى وغيره حتى تتوب.
وتحرم مطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره وتنقضى عدتها.
ويجوز الجمع بين الأختين بالملك، ولكن إذا وطى إحداهما لم تحل له الأخرى حتى يحرم الموطوءة بإخراج عن ملكه او تزوج لها بعد الاستبراء.
والرضاع الذى يحرم: ما كان قبل الفطام، وهو خمس رضعات فأكثر.
فيصير له الطفل وأولاده أولاداً للمرضعة وصاحب اللبن، وينتشر التحريم من جهة المرضعة وصاحب اللبن كانتشار النسب.
باب شروط النكاح:
وهى ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر، وهى قسمان:
1 - صحيح كاشتراط أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى، ولا يخرجها من دارها أو بلدها، أو زيادة مهراً او نفقة او نحو ذلك.(1/76)
فهذا ونحوه كله داخل فى قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشروط أن توفوا به: ما استحللتم به الفروج" متفق عليه (1).
2 - ومنها: شروط فاسدة، كنكاح المتعة والتحليل والشغار.
ورخص النبى صلى الله عليه وسلم فى المتعة ثمّ حرمها، و "لعن المحلل والمحلل له" (2)، ونهى عن نكاح الشغار (3) وهو ان يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته ولا مهر بينهما وكلها أحاديث صحيحه.
باب العيوب فى النكاح:
إذا وجد أحد الزوجين بالأخر عيباً لم يعلم به قبل العقد - كالجنون والجذام والبرص ونحوها - فله فسخ النكاح.
1. الحديث رواه البخارى (2572، 4856)، ومسلم (1418).
2. الحديث رواه أبو داود (2076)، والنسائى فى الكبرى (5535)، وفى المجتبى (6/149)، وابن ماجه (1934 - 1936)، وأحمد (1/448)، وابن أبى شيبة (6190)، والدارمى (2258)، وابن الجار ود فى المنتقى (684)، والطبرانى فى الكبير (17/299)، والبيهقى فى السنن (7/207، 208) والحديث صحيح.
3. النهى عن الشغار ورد فى حديث متفق عليه.
وإذا وجدته عنيناً: أجل الى سنة، فإن مضت وهو على حاله فلها الفسخ وأن عتقت كلها وزوجها رقيق خيرت بين المقام معه وفراقه، لحديث عائشة الطويل فى قصة عتق بريرة "خيرت بريرة حين عتقت على زوجها" متفق عليه (1).
وإذا وقع الفسخ قبل الدخول فلا مهر، وبعده يستقر، ويرجع الزوج على من غره.
1. الحديث رواه البخارى (2399)، ومسلم (1504).
كتاب الصداق
ينبغى تخفيفه، وسئلت عائشة: "كم كان صداق النبى صلى الله عليه وسلم؟ قالت كان صداقه لأزواجه اثنتى عشرة أوقية ونشا، أتدرى ما النش؟ قلتك لا، قالت: نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم" رواه مسلم (1).
و"أعتق صفية وجعل عتقها صداقها" متفق عليه (2).
وقال لرجل: "التمس ولو خاتماً من حديد" متفق عليه (3).
فكل ما صح ثمناً وأجرة - وإن قل - صح صداقاً.(1/77)
فإن تزوجها ولم يسم لها صداقاً: فلها : مهر المثل، فإن طلقها قبل الدخول بها، فها المتعة على الموسع قدره لقوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) [البقرة 236].
ويتقرر الصداق كاملاً بالموت او الدخول.
ويتصنف بكل فرقة قبل الدخول من جهة الزوج، كطلاق.
ويسقط بفرقة من قبلها او فسخه لعيبها.
وينبغى لمن طلق زوجته أن يمنعها بشئ يحصل به جبر خاطرها: لقوله تعالى: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين) [البقرة 214].
باب عشرة الزوجين:
يلزم كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف.
من الصحبة الجميلة وكف الأذى وألا تمطله حقه.
ويلزمها طاعته فى الاستمتاع، وعدم الخروج والسفر إلا بإذنه والقيام بالخبز والعجن والطبخ وغيرها.
وعليه نفقتها وكسوتها بالمعروف، قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) [النساء 19] وفى الحديث "استوصوا بالنساء خيرا" متفق عليه (4).
1. الحديث رواه فى مسلم (1426).
2. الحديث رواه البخارى (3964)، ومسلم (1365).
3. الحديث رواه البخارى (4842، ومسلم (1425).
4.الحديث رواه البخارى (3153)، ومسلم (1468) ولفظه: "استوصوا بالنساء" وفى الترمزى وغيره لفظه (خيراً).
وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا الرجل إمراته الى فراشه فأبت أن تجئ لعنتها الملائكة حتى تصبح" متفق عليه (1).
وعليه أن يعدل بين زوجاته فى القسم والنفقة والكسوة ما يقدر عليه من العدل.
وفى الحديث: "من كانت له امرأتان فمال الى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل" متفق عليه (2).
وعن أنس: "من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعاً ثمّ قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثمّ قسم" متفق عليه (3).
قالت عاشة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اراد السفر أقرع بين نسائه، فايتهن خرج سهمها خرج بها" متفق عليه (4).(1/78)
وإن أسقطت المرأة حقها من القسم بإذن زوجها، او من النفقة او الكسوة جاز ذلك.
وقد "وهبت سودة بنت زمعة يومها لعائشة، فكان النبى صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة" متفق عليه (5).
وإن خاف نشوز إمراته وظهرت منها قرائن معصية وعظها فإن أصرت هجرها فى المضجع، فإن لم ترتدع ضربها ضربا غير مبرح، ويمنع من ذلك إن كان مانعاً لحقها.
وإن خيف الشقاق بينهما بعث الحاكم حكماً من أهله وحكماً من أهلها يعرفان الأمور والجمع والتفريق، يجمعان إن رأيا بعوض او غيره او يفرقان، فما فعلا جاز عليهما، والله أعلم.
باب الخلع:
وهو فراق زوجته بعوض منها او من غيرها.
1. الحديث رواه البخارى (4897)، ومسلم (1436).
2. هذا الحديث ليس فى الصحيحين وإنما رواه ابو داود (2133)ن والنسائى فى الكبرى (8890)، وفى المجتبى (7/63)، وابن ماجه (1969)ن وأحمد (2/295، 347، 471)، والطيالسى (2454)، والدا رمى (2206)، وابن ابى شيبة (17547)، والطبرى فى التفسير (5/315)، والبيهقى فى الشعب (8713) والحديث صحيح.
3. الحديث رواه البخارى (4916)، ومسلم (1461).
4. الحديث رواه البخارى (3910، 2518، 2733، 2413، 2453، 2542، 2723، 4473)، ومسلم (2770).
5. الحديث رواه البخارى (2453، 4914)، ومسلم (1463).
والأصل فيه قوله تعالى: (فإن خفتم إلا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) [البقرة 229].
فإذا كرهت المرأة خلق زوجها او خلقه وخافت إلا تقيم حقوقه الواجبة بإقامتها معه، فلا بأس أن تبذل له عوضاً ليفارقها.
ويصح فى كل قليل وكثر ما يصح طلاقه.
فان كان لغير خوف ألا يقيما حدود الله فقد ورد فى الحديث: "من سالت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة" (1).(1/79)
1. الحديث رواه أبو داود (2226)، والترمزى (1187)، وابن ماجه (2054)، وأحمد (5/277، 283)، وابن شيبة (19258)، وعبد الرزاق فى مصنفه (11892)، وسعيد ابن منصور فى سننه (1407)، والدارمى (2270)، والطبرى فى تفسيره (2/467)، وابن الجار ود فى المنتقى (748)، والطبرانى فى الاوسط (5469)، والرويانى فى مسنده (632، 638)، والبيهقى فى الشعب (5503) والحديث صحيح.
كتاب الطلاق
والأصل فيه قوله تعالى: (يا ايها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) [الطلاق 1]، وغيرها من نصوص الكتاب والسنة.
وطلاقهن لعدتهن فسره حديث ابن عمر، حيث "طلق زوجته وهى حائض، فسأل عمر رضى الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال : مره فليرجعها ثمّ ليتركها حتى تطهر ثمّ تحيض ثمّ تطهر ثمّ ان شاء أمسك بعد وان شاء طلق قبل أن يمسها فتلك العدة التى أمر الله أن تطلق لها النساء" متفق عليه (1).
وفى رواية : "مره فليراجعها ليطلقها طاهراً او حاملاً" وهذا دليل على أن لا يحل أن يطلقها وهى حائض او فى طهر وطئ فيه إلا إن تبين حملها.
ويقع الطلاق بكل لفظ دل عليه من صريح لا يفهم منه سوى الطلاق كلفظ "الطلاق" وما تصرف منه وما كان مثله، وكنايته إذا نوى بها الطلاق او دلت القرينة على ذلك.
ويقع الطلاق منجزاً او معلقاً على شرط، كقوله: إذا جاء الوقت الفلانى فأنت طالق، فمتى وجد الشرط الذى علق عليه الطلاق وقع.
فصل:
ويمك الحر ثلاث طلقات، فإذا تمت لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح ويطؤها، لقوله تعالى: (الطلاق مرتان) الى قوله (فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره) [البقرة 229 - 230].
ويقع الطلاق باتاً فى أربع مسائل:
1 - هذه إحداها.
2 - وإذا طلق قبل الدخول لقوله تعالى : (يا ايعها الذين أمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) [الاحزاب 49].
3 - وإذا كان فى نكاح فاسد.
4 - وإذا كان على عوض.(1/80)
1. الحديث رواه البخارى (4953، 5022)، ومسلم )1471).
وما سوى ذلك فهو طلاق رجعى يملك الزوج رجعة زوجته ما دامت فى العدة لقوله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن فى ذلك إن ارادوا إصلاحا) البقرة 228].
والرجعية حكمها حكم الزوجات إلا فى وجوب القسم.
والمشروع: إعلان النكاح، والطلاق، والرجعة، والإشهاد على ذلك.
لقوله تعالى: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) [الطلاق 2].
وفى الحديث: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة". رواه الاربعة إلا النسائى (1).
وفى حديث ابن عباس مرفوعاً: "إن الله وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه (2).
باب الايلاء والظهار واللعان:
فالآيلاء: أن يحلف على ترك وطئه زوجته أبداً، أو مدة تزيد على أربعة أشهر، فإذا طلبت الزوجة حقها من الوطء: أمر موطئها، وضربت له أربعة أشهر، فإن وطئ كفر كفارة يمين، وإن امتنع الزم بالطلاق، لقوله تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة أشهر فإن فاءو فإن الله غفور رحيم" وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم. [البقرة 226 - 227].
والظهار: أن يقول لزوجته أنت على كظهر أمى ونحوه من الفاظ التحريم الصريحة لزوجته، فهو منكر وزور.
ولا تحرم الزوجة بذلك، لكن لا يحل له أن يمسها حتى يفعل أمر الله به فى قوله تعالى: (والذين يظاهرون من نسائهم ثمّ يعودون لما قالوا) الى أخر الآيتين [المجادلة 3 - 4].
1. لحديث رواه أبو داود (2194)، والترمزى (1184)، وابن ماجه (2039)، وسعيد بن منصور فى سننه (1603)، وابن الجار ود فى المنتقى (712)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (3/98)، والحاكم (2800)، والخطيب فى موضح اوهام الجمع والتفريق (343)، والبيهقى فى سننه (7/340)، والمزى فى تهذيب الكمال (17/53)، والحديث حسن بإذن الله.(1/81)
2. الحديث رواه ابن ماجه (2045) بهذا اللفظ، وروى بلفظ: "إن الله تجاوز لى عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وهذا الحديث أحسن من تكلم عليه الحافظ ابن رجب الحنبلى فى كتابه البديع "جامع العلوم والحكم" وهو الحديث التاسع والثلاثيون، والحديث خرجه ابن حبان (7219)، والدارقطنى (4/170، 171)، وكذا والبيهقى (7/356)، وغيرهم والحديث حسن بإذن الله.
فيعتق رقبة مؤمنة سالمة من العيوب الضارة بالعمل فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
- وسواء كان الظهار مطلقاً او مؤقتاً بوقت كرمضان ونحوه.
وأما تحريم المملوكة والطعام واللباس وغيرها: ففيه كفارة يمين، لقوله تعالى: (يأيها الذين امنوا لا تحرمو طيبات مى أحل الله لكم) [المائدة 87 - 89]. الى أن ذكر كفارة اليمين فى هذه الأمور.
وأما اللعان: فإذا رمى الرجل زوجته بالزنى فعليه حد القذف ثمانون جلدة إلا أن يقيم البينة أربعة شهود عدول، فيقام عليها الحد، او يلاعن فيسقط عنه حد القذف.
وصفة اللعان على ما ذكر فى سورة النور(والذين يرمون ازواجهم...) [النور 6 - 9].
فيشهد خمس شهادات بالله إنها لزانية، ويقول فى الخامسة: (أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين [النور 7].
ثمّ تشهد هى خمس مرات بالله إنه من الكاذبين، وتقول فى الخامسة (لأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) [النور 9].
فإذا تمّ اللعان سقط عنه حد القذف، وانبرأ عنها العذاب وحصلت الفرقة بينهما والتحريم الأبدى، وانتقى الولد إذا ذكر فى اللعان، والله أعلم.
كتاب العدد والاستبراء
العدة: تربص من فارقها زوجها بموت او طلاق.
فالمفارقة بالموت إذا مات عنها على كل حال، فإن كانت حاملاً فعدتها وضعها جميع ما فى بطنها لقوله تعالى: (وأولت الاحمال أجلهن ان يضعن حملهن) [الطلاق 4].
وهذا عام هذه المفارقة فى حال الحياة، وإن لم تكن حاملاً فعدتها أربعة اشهر وعشرة ايام.(1/82)
ويلزم فى هذه العدة أن تحد المرأة وتترك الزينة والطيب والحلى والتحسن بحناء ونحوه، وأن تلزم بيتها الذى مات زوجها وهى فيه، فلا تخرج منه إلا لحاجتها نهاراً، لقوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن اربعة اشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسن بالمعروف والله بما تعملون خبير) [البقرة 234].
وأما المفارقة فى حال الحياة: فإذا طلقها قبل ان يدخل بها فلا عدة له عليها لقوله تعالى: (يا ايها الذين أمنوا إذا نكحتم المؤمنت ثمّ طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) [الأحزاب 49].
وإن كان قد دخل بها او خلا بها، فإن كانت حاملاً، فعدتها وضع حملها، قصرت المدة او طالت.
وإن لم تكن حاملاً: فإن كانت تحيض، ثلاث حيض كاملة، لقوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) [البقرة 228].
وإن لم تكن تحيض - كالصغيرة التى لم تحض والآيسه - فعدتها ثلاثة اشهر، لقوله تعال: (والى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر والى لم يحضن...) [الطلاق 4].
فإن كانت تحيض وارتفع حيضها لرضاع ونحوه، انتظرت حتى يعود الحيض فتعتد به.
وإن ارتفع ولا تدرى ما رفعه: انتظرت تسعة أشهر احتياط للحمل، ثمّ اعتدت بثلاثة اشهر.
وإذا ارتابت بعد انقضاء العدة لظهور إمارات الحمل لم تتزوج حتى تزول الريبة.
ومرأة المفقود تنتظر حتى يحكم بموته بحسب اجتهاد الحاكم ثمّ تعتد.
ولا تجب النفقة إلا للمعتدة الرجعية، او لمن فارقها زوجها فى الحياة وهى حامل لقوله تعالى: (وإن كن أولت حمل فأنقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [الطلاق 6]
وأما الاستبراء فهو تربص الأمة التى كان سيدها يطؤها، فلا يطؤها، بعد زوج او سيد حتى تحيض حيضة واحدة.
وإذا لم تكن من ذوات الحيض تستبرأ بشهر او وضع حملها إن كانت حاملاً.
باب النفقات للزوجات والأقارب والمماليك والحضانة:(1/83)
على الانسان نفقة زوجته وكسوتها ومسكنها بالمعروف بحسب حال الزوج، لقوله تعالى:
(لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفساً الا ما ءاتاها، سيجعل الله بعد عسر يسرا) [الطلاق 7].
يلزم بالواجب من ذلك إذا طلبت، وفى حديث جابر الذى رواه مسلم: "ولهن علكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (1).
وعلى الانسان نفقة أصوله وفروعه الفقراء إذا كان غنياً، وكذلك من يرثه بقرض او تعصيب، وفى الحديث: "للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق" رواه مسلم (2).
وإن طلب التزوج زوجه وجوباً.
وعلى الانسان أن يقيت بهائمه طعاماً وشراباً، ولا يكلفها ما يضرها، وفى الحديث"كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته" رواه مسلم (3).
والحضانة: هى حفظ الطفل عما يضره والقيام بمصالحه.
وهى واجبة على من يجب عليه النفقة، ولكن الأم أحق بولدها ذكر او أنثى، وأن كان دون سبع، فإذا بلغ سبعاً فإن كان ذكراً خير بين أبويه، فكان مع من اختار، وإن كانت أنثى، فعند من يقوم بمصلحتها من أمها أو ابيها.
ولا يترك المحضون بيد من لايصونه ويصلحه.
الحديث رواه مسلم (1218).
الحديث رواه مسلم (1662).
الحديث رواه مسلم (996).
كتاب الأطعمة
وهى نوعان: حيوان وغيره.
فأما غير الحيوان - من الحبوب والثمار وغيرها - فكله مباح إلا ما فيه مضرة كاسم ونحوه.
والأشربة كلها مباحة إلا ما أسكر، فإنه يحرم كثيرة وقليلة.
لحديث: " كل مسكر حرام، وما اسكر منه الفرق فملْ الكف منه حرام " (1)، وإن انقلبت الخمرة خلاً حلت.
والحيوان قسمان : بحرى، فيحل كل ما فى البحر حياً وميتا، قال تعالى : (أحل لكم صيد البحر وطعامه).
أما البرى: فالأصل فيه الحل، إلا ما نص الشارع على تحريمه.
فمنها : ما فى حديث ابن عباس "كل ذى ناب من السباع فأكل حرام" (2).
و "نهى عن كل ذى مخلب من الطير" (3) رواه مسلم.
و "نهى عن لحوم الحمر الأهلية" (4) متفق عليه.(1/84)
و "نهى عن قتل اربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد" رواه أحمد أبو داود (5).
وجميع الخبائث محرمة كالحشرات وغيرها.
1. الحديث رواه أبو داود (3687)، والترمزى (1866)، وأحمد (6/71، 72، 131)، وابن الجار ود فى المنتقى (861)، وأبو يعلى (4360)، والطبرانى فى الأوسط (9327)، وابن حبان (5383)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (4/216)، والدارقطنى (4/255)، والبيهقى فى السنن (8/296)، وفى الشعب (5575)، وفيه ضعف ورجح والدارقطنى فى العلل وقفه ومعناه له شواهد كثيرة.
2. الحديث رواه مسلم (1933).
3. الحديث رواه مسلم (1934).
4. الحديث رواه البخارى (3978، 3980)، ومسلم (1941).
5. الحديث رواه ابو داود (5267)، وابن ماجه (3224)، وأحمد (1/332)، وفى العلل ومعرفة الرجال (4186)، والدا رمى (1999)، وعبد الرزاق (8415)، وعبد بن حميد (650)، وابن حبان (5646)، والرويانى (1097)، والطبرانى فى الكبير (5728)، وأبو نعيم فى احلية (2/160)، والخطيب فى تاريخ بغداد (9/119)، والبيهقى فى سننه (5/214) (9/317)، وأبو الشيخ فى طبقات المحدثين بأصبهان (4/159، وابن ابى حاتم فى العلل (2374، 2416، 2444)، والحديث صحيح.
ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الجلالة وألبانها (1) حتى تحبس وتطعم الطاهر ثلاثاً (2).
باب الذكاة والصيد:
والحيوانات المباحة لا تباح بدون الذكاة إلا السمك والجراد.
ويشترط فى الذكاة أن يكون المذكى مسلماً او كتابياً، وأن يكون بمحدد وأن ينهر الدم، وأن يقطع الحلقوم والمرئ، وأن يذكر اسم الله عليه.
وكذلك يشترط فى الصيد، إلا أنه يحل بعقره فى أي موضع من بدنه، ومثل الصيد ما نفر وعجز عن ذبحه.
وعن رافع بن خديج أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، أما السن، فعظم وأما الظفر: فمدى الحبشة" متفق عليه (3).(1/85)
ويباح كلب صيد الكلب المعلم بأن يسترسل إذا ارسل: وينزجر إذا زجر، وإذا أمسك لا يأكل، ويسمى صاحبها عليها إذا أرسلها.
وعن عدى بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ارسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فأذبحه، وإن أدركته قد قتله ولم يأكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتله فلا تأكل، فلا تدرى ايهما قتله؟ وإن رميت سهمك فأذكر اسم الله عليه، فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، فإن وجدته غريقاً فى الماء فلا تأكل" متفق عليه (4).
1. وردت أحاديث مختلفة الالفاظ وعن عدة من الصحابة فى النهى عن الجلالة وألبانها ومنها ما رواه أبو داود (3785)، والترمزى (1824، 1825)، وفى العلل الكبير (566)، والنسائى فى الكبرى (4537، 6865)، وفى المجتبى (7/240)، وأحمد (1/226، 293، 321)، والدا رمى (2001)، وابن الجار ود فى المنتقى (887)، وابن حبان (5399)، والطبرانى فى الكبير (10964، 11821، 13506)، وابن عدى فى الكامل (5/20، 28)، والدارقطنى فى سننه (4/283)، والبيهقى فى سننه (9/332، 333، 334)، والحاكم (2247، 2269)، وابن عبد البر فى التمهيد (15/182 - 183) والحديث بعض أسانيده ضعيفة وأخرى صحيحه.
2. قوله تحبس ثلاثاً هذا فعل ابن عمر رضى الله عنهما ورد عند عبد الرزاق فى مصنفه (8717)، وابن أبى شيبة (4660) وسنده صحيح.
3. الحديث رواه البخارى (2356، 2372، 2910، 5179، 5184، 5190، 5223)، ومسلم (1968).
4. الحديث رواه البخارى (173)، ومسلم (1929).
وفى الحديث: "إن الله كتب الاحسان على كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتله، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحه وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" رواه مسلم (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" رواه أحمد (2).
باب الايمان والنذور:(1/86)
لا تنعقد اليمين إلا بالله او اسم من اسمائه او صفة من صفاته والحلف بغير الله شرك لا تنعقد به اليمين.
ولا بد ان تكون اليمين موجبة للكفارة على أمر مستقل فإن كان عام ماض - وهو كاذب عالماً - فهى الغموس، وإن كان يظن صدق نفسه فهى من لغو اليمين، كقوله: "لا والله، وبلى والله" فى عرض حديثه.
وإذا حنث فى يمينه - بأن فعل ما حلف على تركه، او نرك ما حلف على فعله - وجبت عليه الكفارة: عتق رقبة او إطعام عشرة مساكين او كسوتهم، فإن لم يجد صام ثلاثة ايام.
وعن عبد الرحمن بن سمره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حلفتم على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذى هو خير" متفق عليه (3).
وفى الحديث: "من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه" رواه الخمسة (4).
1. الحديث لمسلم (1955).
2. الحديث مروى عن عدة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فرواه ابو داود (2828)، والترمزى (1476)، وابن ماجه (3199)، وأحمد (3/39)، والدا رمى (1979)، وابن ابى شيبة (3615)، وعبد الرزاق (8649)، وابن أبى حاتم فى العلل (1714)، والطبرانى فى الكبير (4010، 7498) (19/78)، وفى الاوسط (3606، 3711، 7856، 8099، 8234، 9453)، وفى الصغير (20، 242، 467، 1067)، وعلى بن الجعد فى مسنده (2653)، والمحاملى فى أماليه (430)، ,ابو يعلى (1206)، (1808)، والدارقطنى فى سننه (4/274)، والسهمى فى تاريخ جرجان (265، 276)، وأبو الشيخ فى طبقات المحدثين بأصبهان (2/258، 360)، وابن عدى فى الكامل (1/415) (2/10، 243، 320) (3/61، 455) (4/230)، (6/408)، وابن حبان فى المجروحين (1/251) (2/275)، وأبو نعيم فى الحلية (7/92) (9/236)، والبيهقى فى سننه (9/334)، والخطيب فى تاريخه (3/247)، وفى موضح أوهام الجمع والتفريق (2/276)، والرافعى فى أخبار قزوين (3/347)، والحديث بعض أسانيده ضعيفة وبعضها حسن وبعضها صحيح.(1/87)
3. الحديث رواه البخارى (62348، 6727)، ومسلم (1652).
4. الحديث رواه أبو داود (3261)، والترمزى (1531)، والنسائى فى الكبرى (4771)، وفى المجتبى (7/25، 30)، وابن ماجه (2105)ن وأحمد (2/10)، وعبد الرزاق فى مصنفه (16116)، والطبرانى فى الكبير (9199)، وأبو عوانة (5990)، والرويانى (1926)، وابن عدى فى الكامل (3/86)، والخطيب فى تاريخه (6/393)، والبيهقى فى سننه (7/361)، (1/46، 47)، وابن عبد البر فى التمهيد (14/374)، والرامهرمزى فى المحدث الفاصل (476) والحديث صحيح.
ويرجع فى الايمان الى نية الحالف، ثمّ الى السبب الذى هيج اليمين، ثمّ الى اللفظ الدال على النية والإرادة، إلا فى الدعاوى.
وفى الحديث: "اليمين على نية المستحلف" رواه مسلم (1).
وعقد النذر مكروه، وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: "إنه لا يأتى بخير، وإنما يستخرج به من البخيل" متفق عليه (2).
عقده على بر: وجب عليه الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه" متفق عليه (3).
وإذا كان النذر مباحاً، او جارياً مجرى اليمين، كنذر اللجاج والغضب او كان نذر معصية لم يجب الوفاء به وفيه كفارة يمين إذا لم يوف به ويحرم الوفاء به فى المعصية.
1. الحديث رواه مسلم (1653).
2. الحديث رواه البخارى (6243)، ومسلم (1639).
3. الحديث رواه البخارى (6318، 6322)، ولم يروه مسلم.
كتاب الجنايات
القتل بغير حق ينقسم الى ثلاثة اقسام.
أحدها: العمد العدوان، وهو أن يقتله بجناية تقتل غالباً، فهذا يخير الوالى فيه بين القتل والديه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يقتل، وإما أن يفديه" متفق عليه (1).
الثانية : شبه العمل، وهو أن يتعمد الجناية عليه بما لا يقتل غالباً.(1/88)
والثالثة: الخطأ، وهو أن تقع الجناية منه بغير قصد بمباشرة أو سبب ففى الأخيرين لا قود، بل الكفارة فى مال القاتل والدية على عاقلته، وهم عصابته كلهم قريبهم وبعيدهم.
توزع عليه الدية بقدر حالهم، وتؤجل عليهم ثلاث سنين كل سنة يحملون ثلثها، والديات للنفس وغيرها قد فصلت فى حديث عمرو بن حزم: "أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب الى أهل اليمن وفيه : إن من اعتبط (2) مؤمناً قتيلاً عن بينة قود إلا إن يرضى أولياء المقتول، وإن فى النفس الدية مائة من الابل، وفى الأنف إذا اوعب جدعة الدية'، وفى اللسان الدية، وفى الشفتين الدية، وفى الذكر الدية، وفى اللبيضتين الدية (3)، وفى الصلب الدين، وفى العينين الدية، وفى الرجل الواحدة نصف الدية، وفى المأمومة (4) ثلث الدية، وفى الجائفة (5) ثلث الدية وفى المنقلة (6) خمسة عشر من الابل، وفى كل أصبع من اصابع اليد الواحدة عشر من الابل، وفى السن خمس عشرة من الابل وفى الموضحة (7) خمس من الابل وإن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار" رواه أبو داود (8).
1. الحديث رواه البخارى (2302)، ومسلم (1355).
2. الاعتباط قتل بلا موجب.
3. أي : الخصيتين.
4. المأمومة هى الشجةة التى وصلت الى جلة الرأس.
5. الجائفة هى الطعنة التى بلغت جوف البطن أو الرأس.
6. المنقلة هى الشجة التى تكسر العظم وتخرجه من مكانه
7. الموضحة هى الجرحة التى ترفع اللحم من العظم.
8. كتاب عمرو بن حزم معروف تكلم عليه أهل العلم فصححه جماعة وضعفه آخرون، وكل مقطع منه ورد له شواهد تشهد بصحة الحديث، وكل معانيه تلقاها أهل العلم بالقبول.
ويشترط وجوب القصاص كون القاتل مكلفاً والمقتول معصوماً ومكافئاً للجانى فى الاسلام والرق والحرية.
فلا يقتل المسلم بالكافر، ولا الحر بالعبد، وألا يكون والداً للمقتول، فلا يقتل الابوان بالوالد.
ولا بد من اتفاق الاولياء المكلفين، والأمن من التعدى فى الاستيفاء.
وتقل الجماعة بالواحد.(1/89)
ويقاد كل عضو بمثله إذا أمكن بدون تعد لقوله تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) الى أخر الآية [المائدة 45].
ودية المرأة على النصف من الرجل إلا فيما دون ثلث الدية فهما سواء.
كتاب الحدود
لا حد إلا على مكلف عالم بالتحريم، ولا يقيمه الإ الامام او نائبه، إلا السيد فإن له إقامته بالجلد على رقيقه.
وحد الرقيق فى الجد نصف الحر.
فحد الزنا - وهو فعل الفاحشة فى قبل او دبر - إن كان محصناً - وهو الذى قد تزوج ووطئها - وهما حران مكلفان: فهذا يرجم حتى يموت.
وإن كان غير محصن: جلد مائة جلدة وغرب عن وطنه عاماً، ولكن بشرط أن يقر به اربع مرات، أو يشهد عليه اربعة عدول يصرحون بشهادتهم، قال تعالى: (والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) [النور 2]. وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عنى، خذوا عنى، فقد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم" رواه مسلم (1).
وآخر الامرين الاقتصار على رجم المحصن، كما فى قصة ما عز والغامدية.
ومن قذف محصناً بالزنى، وشهد عليه به تكل الشهادة: جلد ثمانين جلدة.
وقذف غير المحصن فيه التعزير.
والمحصن: هو الحر البالغ المسلم العاقل العفيف.
والتعزير واجب فى كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.
ومن سرق ربع دينار من الذهب او ما يساويه من حرزه: قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت.
فإن عاد حبس، ولا يقطع غير يد ورجل، قال تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) [المائدة 38].
وعن عائشة رضى الله عنها، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقطع يد سارق إلا فى ربع دينار فصاعداً" متفق عليه (2).
الحديث رواه مسلم (1690).
الحديث رواه البخارى (6407)، ومسلم (1684).
وفى الحديث لا قطع فى ثمر ولا كثر" رواه أهل السنن (1).(1/90)
وقال تعالى فى المحاربين" (إنما جزاؤ الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداً أن يقتلوا او يصلبوا او تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف او ينفوا من الأرض) [المائدة 33].
وهم الذين يخرجون على الناس ويقطعون الطريق عليهم بنهب أو قتل.
فمن قتل وأخذ مالاً قتل وصلب. ومن قتل تحتم قتله.
ومن أخذ مالاً قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى.
ومن أخاف الناس نفى من الأرض.
ومن خرج على الإمام يريد إزالته عن منصبه فهو باغ.
وعلى الامام مراسلة البغاة وإزالة ما ينقمون عليه مما لا يجوز، وكشف شبههم، فإن انتهوا كف عنهم، وإلا قاتلهم، وعلى رعيته معونته على قتالهم، فإن اضطر الى قتالهم او إتلاف مالهم فلا شئ على الدافع.
وإن قتل الدافع كان شهيداً.
ولا يتبع لهم مدبر، ولا يجهز على جريح، ولا يغنم لهم مال، ولا يسبى لهم ذرية.
ولا ضمان على احد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفوس أو أموال.
باب حكم المرتد:
والمرتد هو من خرج عن دين الاسلام الى الكفر بفعل او قول او اعتقاد او شك (2).
وقد ذكر العلماء رحمهم الله تفاصيل ما يخرج به العبد من الاسلام.
وترجع كلها الى جحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم او جحد بعضه.
فمن ارتد استتيب ثلاثة ايام، فإن رجع وإلا قتل بالسيف.(1/91)
1. الحديث رواه أبو داود (4388)، والترمزى (1449)، والنسائى فى الكبرى (7449، 7456)، وفى المجتبى (8/87)، وابن ماجه (2593)، وأحمد (3/463) (4/140، 142، 7456)، والشافعى (335)، وعبد الرزاق فى مصنفه (18916)، والطيالسى (958)، والحميدى (407)، وعبد الله بن أحمد فى السنة (380)، والدارمى (2304، 2308)، وابن الجارود فى المنتقى (826)، وابن حبان (4466)، والطبرانى فى الكبير (4277، 4339، 4340، 4341، 4347)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (3/172)، وأبو الشيخ فى طبقات المحدثين باصبهان (3/397)، والبيهقى فى السنن (8/262، 263، 266)، والخطيب فى تاريخه (13/804)، وابن عبد البر فى التمهيد (23/306، 307، 308)، والمزى فى تهذيب الكمال (11/297) والحديث صحيح.
والكثر بفتح الكاف وسكون الثاء أو فتحها هو جمار النخيل او طلع النخيل.
2. وفى هذا رد على من ادعى : أن الكفر لا يكون بالقول او الفعل، يراجع كتاب "التوسط والاقتصاد فى أن الكفر يكون بالقول او الفعل او الاعتقاد" للفاضل علوى بن عبد القادر السقاف تقريظ الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
كتاب القضاء والدعاوى
والبينات وأنواع الشبهات
والقضاء لا بد للناس منه فهو فرض كفاية.
ويجب على الامام نصب من يحصل به الكفاية فمن له معرفة بالقضاء بمعرفة الأحكام الشرعية وتطبيقها على الوقائع الجارية بين الناس.
وعليه أن يولى الأمثل فالأمثل بالصفات المعتبرة فى القاضى.
ويتعين على من كان أهلا ولم يوجد غيره ولم يشغله عما هو أهم منه، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" (1).
وقال: "إنما أقضى بنحو ما اسمع".
فمن ادعى مالا ونحوه فعليه البينة: اما شاهدان عدلان، أو رجل وامرأتان، أو رجل ويمين المدعى.
لقوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) [البقرة 282].(1/92)
وقد "قضى البنى صلى الله عليه وسلم بالشاهد مع اليمين" وهو حديث صحيح (2)، فإن لم يكن له بينة: حلف المدعى عليه وبرئ.
فإن نكل عن الحلف قضى عليه بالنكول، وأوردت اليمين على المدعى.
فإذا حلف مع نكول المدعى عليه أخذ ما أدعى به.
ومن البينة القرينة الدالة على صدق أحد المدعيين مثل أن تكون العين المدعى بها بيد أحدهما، فهى له بيمينه.
ومثل أن يتداعى اثنان متاعاً لا يصلح إلا لأحدهما، كتنازع نجار وغيره آلة النجارة، وحداد وغيره آلة حدادة ونحوها.
وتحمل الشهادة فى حقوق الآدميين فرض كفاية، وأداؤها فرض عين.
ويشترط أن يكون الشاهد عدلاً ظاهراً وباطناً.
والعدل من هو رضيه الناس، لقوله تعالى: (ممن ترضون من الشهداء) [البقرة 272].
الحديث رواه البخارى (4277، 2379)، ومسلم (1711).
الحديث رواه مسلم (1712).
ولا يجوز أن يشهد بما لا يعلمه برؤية او سماع من المشهود عليه، أو استفاضة يحصل بها العلم فى الاشياء التى يحتاج اليها، كالأنساب ونحوها.
وقال النبى صلى الله عليه وسلم" "لرجل: ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد او دع" رواه ابن عدى (1).
ومن موانع الشهادة مظنة التهمة، كشهادة الوالدين لأولادهم وبالعكس، وأحد الزوجين للأخر، والعدو على عدوه، كما فى الحديث: "لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذى غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل بيته" رواه أحمد وأبو داود (2).
وفى الحديث: "من حلف على يمين يقطع بها مال امرى مسلم هو فيها فاجر: لقى الله عليه غضبان" متفق عليه (3).
باب القسمة:
وهى نوعان: قسمة إجبار فيما لا ضرر فيه ولا رد عوض كالمثليات، والدور والكبار، والأملاك الواسعة.
وقسمة تراض، وهى ما فيه ضرر على أحد الشركاء فى القسمة، وفيه عوض فلا بد فيها من رضى الشركاء كلهم.
وإن طلب أحدهم فيها البيع وجبت إجابته.
وإن أجروها: كانت الأجرة فيها على قدر ملكهم فيها، والله أعلم.
باب الإقرار:(1/93)
وهو اعتراف الانسان بكل حق عليه بكل لفظ دال على الاقرار، وبشرط كون المقر مكلفاً وهو أبلغ البينات.
1. لحديث رواه الحاكم (7045)، وأبو نعيم فى الحلية (4/18)، والبعقى فى سننه (10/156)، وفى الشعب (1074)، والعقيلى فى الضعفاء (4/69)، وابن عدى فى الكامل (6/207) والحديث ضعيف.
2. والحديث رواه أبو داود (3601)، والترمزى (2298)، وقريباً منه، وابن ماجه (2366)، وأحمد (2/181، 204)، وعبد الرزاق فى مصنفه (10270، 15363، 15367)، والدارقطنى (4/244)، والصيداوى فى معجم الشيوخ (56)، والبيهقى (10/155، 200، 201، 202)، وابن ابى حاتم فى العلل (1428)، والحديث له طريق عن عائشة وعبد الله بن عمرو وطريق عائشة لا يثبت وأما الآخر فسنده حسن بإذن الله.
3. الحديث رواه البخارى (2229، 2523، 2528، 2531، 4275، 6283، 6299)، ومسلم (926).
ويدخل فى جميع ابواب العلم والعبادات والمعاملات والأنكحة وغيرها.
وفى الحديث: "لا عذر لمن أقر" (1).
ويجب على الانسان أن يعترف بجميع الحقوق التى عليه للآدميين ليخرج من التبعة بأداء او استحلال، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
علقه العلامة الفهامة الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدى رحمه الله وغفر له ولوالديه ولجميه المسلمين آمين، وتمّ نقله فى 23 جمادى الآخر 1373ه، بقلم الفقير الى الله الغنى: عبد الله بن سليمان السلمان، غفر الله له ولوالديه ولكافة المسلمين.
1. قال العجلونى فى كشف الخفا (3080): " وقال الحافظ بن حجر لا اصل له وليس معناه على إطلاقه صحيحاً"، وكذا ذكر على القارئ فى المصنوع (399) عن ابن حجر أنه لا أصل له.
الفهرس الموضوعى
الموضوع
الصفحة
مقدمة المحقق
ترجمة الإمام العلامة السعدى رحمه الله
اسمه ونسبة
مولده ووفاة والديه
نشأته
شيوخه
طريقة تدريس السعدى
عقيدة الشيخ
لتلاميذه
مصنفات الشيخ
مرضه ووفاته
عملى فى الكتاب
مقدمة المصنف
الاحكام الخمسة(1/94)
كتاب الطهارة
فصل
باب الآنية
باب الاستنجاء، وآداب قضاء الحاجة
والاشياء النجسة
باب صفة الوضوء
باب المسح على الفخين
باب نواقض الوضوء
باب ما يوجب الغسل وصفته
باب التيمم
كتاب الصلاة
باب صفة الصلاة
باب سجود السهو والتلاوة والشكر
باب مفسدات الصلاة ومكروهاتها
باب صلاة التطوع
أوقات النهى
باب صلاة الجماعة والإمامة
باب صلاة أهل الاعذار
باب صلاة الجمعة
باب صلاة العيدين
كتاب الجنائز
كتاب الزكاة
باب زكاة الفطر
باب أهل الزكاة ومن لا تدفع له
كتاب الصيام
كتاب الحج
باب الهدى والضحية والعقيقة
كتاب البيوع
باب بيع الأصول والثمار
باب الخيار وغيره
أنواع الخيار
باب السلم
باب الرهن والضمان والكفالة
باب الحجر لفلس او غيره
باب الصلح
باب الوكالة الشرعية والمساقاة والمزارعة
باب إحياء الموات
باب الجعلة والاجارة
باب اللقطة
باب المسابقة والمغالبة
باب الغصب
باب العارية والوديعة
باب الشفعة
باب الوقف
باب الهبة والعطية والوصية
كتاب المواريث
باب العتق
باب الكتابة
كتاب النكاح
باب شرط النكاح
باب المحرمات فى النكاح
باب الشروط فى النكاح
باب العيوب فى النكاح
كتاب الصداق
باب عشرة الزوجين
باب الخلع
كتاب الطلاق
فصل
باب الايلاء والظهار واللعان
كاب العدد والاستبراء
باب النفقات للزوجات والأقارب والمماليك والحضانة
كتاب الاطعمة
باب الذكاة والصيد
باب الايمان والنذكور
كتبا الجنايات
كتاب الحدود
باب حكم المرتد
كتاب القضاء والدعاوى والبينات وأنواع الشهادات
باب القسمة
باب الاقرار
??
??
??
??(1/95)