مختصر
القنديل في فقه الدليل
(الجزء الأول)
كتبه
أبو المنذر عبد الحق عبد اللطيف
(حفظه الله)
1426هـ / 2005 م(1/1)
مختصر
القنديل في فقه الدليل
(الجزء الأول)
كتبه
أبو المنذر عبد الحق عبد اللطيف
(حفظه الله)
1426هـ / 2005 م(1/1)
رقم الإيداع بدار الكتب المصرية
2958 / 2005
المطبعة العربية الحديثة بسوهاج(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له 0
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(آل عمران:102) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ به وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب71:70) أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار 0
اعلم ـ رحمك الله ـ أن علم الفقه علم عظيم القدر ، جليل الشأن ، من جهله فهو على خطر عظيم ، ومن تعلمه هدى إلى صراط مستقيم ، وقد حث الله تعالى على تدبر كتابه فى غير آية فقال عز شأنه :
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) (صّ:29) وحث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تعلم الفقه فقال:"من يرد الله به خيراً يفقه فى الدين".
( خ 3116)
أي يعطيه فهماً عميقاً دقيقاً فى أحكامه ومراميه 0
ومن المؤسف حقاً أن يتخرج الطالب من الجامعة ، ويبلغ المرء من الكبر عتياً ولا يعرف كيف يغتسل من الجنابة ، ولا يعرف كيف يتوضأ ، ولا كيف يصلى.!(1/1)
ذلك لأنه لم يكلف نفسه الجلوس فى حلقات العلم التى هي رياض الجنة ، تحفها الملائكة بأجنحتها.
وبعد :
فهذا مختصر شامل لجميع أبواب الفقه لكتاب (القنديل فى فقه الدليل) ـ الذى طال انتظاره ـ أردنا به تقريب الفقه وتسهيله على طلابه ،بنيناه على الثابت الصحيح من السنة النبوية المطهرة ، ولم نلجأ إلى الأخذ فيه بالضعيف إلا إذا لم يوجد فى الباب سواه وهذا نادر جداً ونبهنا على ذلك فى موضعه 0
ورجعنا فيه إلى مصادر الفقه المختلفة ومن أهمها القرآن والسنة والمذاهب الأربعة ، وغيرهم كالظاهرية ، والجعفرية ، والزيدية0000 الخ
حرصنا فيه على تنسيق مادته ، وتخريج أحاديثه ، وترتيب مسائله ، وتناول القضايا الفقهية الحادثة ، واستفدنا من جهود المعاصرين ، ونخص منهم بالذكر فقه السنة للشيخ سيد سابق ، فله السبق ، وله الأجر إن شاء الله ، وذلك لأن كتابه هذا لم يتعصب فيه لمذهب معين بل ذم التعصب المذهبي ودعا إلى التمسك بهدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - 0
وعلى هذا النهج أسير مع الاستدلال بما صح من السنة ،ودرت مع الحق حيث دار،فأصحاب المذاهب من الأئمة اتفقت كلمتهم: إذا صح الحديث فهو مذهبي.
وكأني بهذا التعصب المقيت بدأ فى الأفول والزوال فى ظل هذه الصحوة العلمية المباركة الداعية إلى منهج السلف الصالح0
فاشحذ عزيمتك أيها المسلم ، واجمع همتك ، وشمر عن ساعد الجد ، واستعن بالله ولا تعجز عن تحصيل هذا العلم فهو من أنفع العلوم وأجلها فى الدنيا والآخرة .
(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْما)(طه: من الآية114)
أسأل الله تبارك وتعالى أن يفتح لنا وإياكم باب الفهم وأن يفقهنا فى ديننا وأن يعلمنا من لدنه علماً0
وأسأله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به المسلمين. إنه نعم المولى ونعم المجيب.
كتبة
أبو المنذر/ عبد الحق عبد اللطيف
1426 هـ/2005م
الرموز
فتح الباري – الغد ... خ ... الأدب المفرد ... خد
مسلم – عبد الباقي ... م ... كنز العمال ... كنز(1/2)
أبو داود – الدعاس ... د ... مجمع الزوائد ... مجمع
تحفة الأحوذي ... ت ... مشكاة المصابيح ... مشكاة
النسائي ... ن ... إرواء الغليل ... غليل
ابن ماجه ... هـ ... شرح السنة ... سنة
مسند الإمام أحمد ... حم ... صحيح الجامع ... ص ج
موطأ الإمام مالك ... ط ... السلسلة الصحيحة ... س ص
ابن خزيمة ... خز ... الدارمي ... مي
ابن حبان ... حب ... الدارقطني ... قط
المستدرك للحاكم ... ك ... مسند أحمد تحقيق أحمد شاكر ... ص حم
البيهقي ... هق ... صحيح الأدب المفرد ... ص خد
ص : ترمز للصحيح.
ح : ترمز للحسن.
مثال: (ص هـ 3218) تعني الحديث رقم 3218 في سنن ابن ماجة ودرجته صحيح.
مثال: (ح د 5782) تعني الحديث رقم 5782 في سنن أبو داود ودرجته حسن.(1/3)
تمهيد(1/1)
تمهيد
الإخلاص
قال الله تعالى:(وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )
(البينة: من الآية5)
قال الحافظ ابن كثير2/208: أمركم الله بالإخلاص له فى عبادته ،فإنه تعالى لا يتقبل العمل حتى يجمع هذين الركنين: أن يكون صواباً موافقاً للشريعة ،وأن يكون خالصاً من الشرك0 أهـ
عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الأعمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوي"0 (خ6689)
أفاد الحديث :أن كلّ عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل لا ثمرة له فى الدنيا ولا فى الآخرة.
قال بعض السلف:من أراد أن يصنف كتاباً فليبدأ بحديث إنما الأعمال بالبينات تبنيهاً للطالب على تصحيح النية 0
وقد فعل ذلك البخاري-رحمه الله تعالى-وبه صدّر كتابه الصحيح 0
قال أبو عبيد:جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - جميع أمر الآخرة فى كلمة واحدة 0
"من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ( خ 2697 م 1718)
وجمع أمر الدنيا كله فى كلمة واحدة 0
"إنما الأعمال بالبينات" يدخلان فى كل باب 0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - :"من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة- يعنى ريحها"0(ص هـ 252)
عن كعب بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :"من طلب العلم ليجاري به العلماء ،أو ليماري به السفهاء ، ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار".(ح ت2654)
أخي طالب العلم الشرعي :
أنت تري مما مضى من هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الله تعالى قد توعد الذين يراءون بأعمالهم وعلمهم،ولا يخلصون فيها لله ،توعدهم بالوعيد الشديد،فما أحوجنا إلى إصلاح النية ، وإخلاص العمل لله وحده الذي يطلع على خبيئات النفوس ،وحنايا الضمائر، (الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ)
((1/1)
الفرقان: من الآية6)
اللهم إنا نسألك الإخلاص فى القول والعمل 0
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ، ونستغفرك لما لا نعلم 0
والله من وراء القصد 0
الإسلام وأركانه
الإسلام: هو الاستسلام لله وحده بالتوحيد والانقياد له والإذعان بطاعته فيما أمر ونهى ،والبراءة من الشرك وأهله0
والأركان هي الأسس والدعائم التى ينبني عليها0
قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الأسْلامُ )(آل عمران: من الآية19)
وقال أيضا: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(آل عمران:85)
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "بني الإسلام على خمس:شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان"0( خ 8 م 16)
فأركان الإسلام خمسة هي: الشهادتان، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت.
الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله 0
لا إله إلا الله: معناها لا معبود بحق إلا الله، فهي نفي وإثبات،نفي الألوهية عما سوى الله ، وإثباتها لله وحده لا شريك له.
شروطها:
1- العلم المنافي للجهل : أي يعلم معناها نفياً وإثباتاً ، قال تعالى: (َفأعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ )(محمد: من الآية19)
وقال أيضا: (إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(الزخرف: من الآية86)
2- اليقين المنافي للشك : أي يكون المرء مستيقناً بمدلولها جازماً غير شاك ولا مرتاب.
قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا)
(الحجرات: من الآية15)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ،لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة"0( م 178)(1/2)
3- القبول المنافي للرد : أي يقبل ما دلت عليه واقتضته بالقلب واللسان قولاً وعملاً ظاهراً وباطناً0
قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ)
(الصافات:35) 4-الانقياد لما دلت عليه المنافي للمنازعة والترك:
قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) 5- الصدق المنافي للكذب: وهو أن يقولها صدقاً من قلبه ، يواطئ قلبه لسانه،كما أخبر الله عز وجل عن المنافقين0
قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (البقرة:8) عن أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار". ( خ 129 م 32)
6- الإخلاص : وهو تصفية العمل الصالح من شوائب الشرك 0
قال تعالى: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)(الزمر: من الآية3)
قال - صلى الله عليه وسلم - :"إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل".( خ 1186)
7- المحبة: حب هذه الكلمة وما دلت عليه وأهلها العاملين بها وبشروطها وبغض ما يناقض ذلك كما قال تعالى:(وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ)
(البقرة: من الآية165)
قال - صلى الله عليه وسلم - :"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين".( خ 15 م 44)
هذا ،ولا يتم التوحيد إلا بالكفر بكل ما يعبد دون الله 0
قال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)(البقرة: من الآية256)(1/3)
محمد رسول الله: أي لا أعبد الله إلا بما شرعه من العبادات على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ،فكلما أفردت الله فى العبادة، فإنني أفرد رسوله فى الاتباع0
التوحيد ثلاثة أنواع
الأول: توحيد الربوبية:
وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير، وهو توحيد الله تعالى بأفعاله كالإحياء والإماتة والعطاء والمنع والخلق والرزق ونحو ذلك0
وهذا النوع من التوحيد أقر به الكفار على زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يدخلهم فى الإسلام وقاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستحل دماءهم وأموالهم0
والدليل: قال الله تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ)(يونس:31) والآيات على هذا كثيرة جداً ، ولم ينكر هذا النوع إلا الدهرية فى الماضي ،والشيوعية والملاحدة فى الحاضر0
وإنما أنكروه مكابرة،وبلسانهم فقط0 قال تعالى: (وَجَحَدُوا بها وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً)(النمل: من الآية14)
وهؤلاء عقولهم كعقول صغار الأطفال،يكسر أحدهما الزجاج وعندما يسأل عمن كسره يقول: كسر نفسه0
الثاني: توحيد الألوهية (العبودية)
وهو توحيد الله تعالى بأفعال العباد كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة ونحوها فلا يصرف منها شئ لغيره سبحانه 0
والعبادة لغة: هي التذلل والخضوع والانقياد والطاعة0
وشرعاً:طاعة الله تعالى بامتثال ما أمر به ،واجتناب ما نهى عنه0
وهى غاية الحب والتعلق والرجاء مع كمال الذل 0
وهى اسم جامع لما يحبه الله عز وجل ويرضاه من الأعمال والأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة0
وهى صرف جميع العبادات لله وحده بجميع أنواعها القلبية والقولية والعملية.(1/4)
وهذا النوع من التوحيد هو الذى وقع فيه النزاع قديماً وحديثاً،وهو حقيقة لا إله إلا الله ، وهو دعوة جميع الأنبياء والرسل0
قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(النحل: من الآية36)
أنواع العبادة
تنقسم العبادة إلى ثلاثة أقسام،من صرف منها شيئاً لغير الله تعالى فقد أشرك:
(1)عبادة اعتقاديه قلبية . (2) وعبادة قوليه . (3) وعبادة عملية.
وإليك التفصيل:
(1) العبادات الاعتقادية القلبية:
ومناطها القلب وحده،وهى كثيرة منها:
1- اعتقاد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله :
وذلك مع العلم القطعي الذى لا يبقى معه ريب ولا شك فى تفرد الله بالألوهية ،وتفرد الرسول فى الاتباع0
2- الحب :
هو الحب المقترن بالذل والخضوع والاستسلام0
قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ)(البقرة: من الآية165)(1/5)
قال ابن القيم فى تفسير هذه الآية الكريمة: أخبر سبحانه أن من أحب من دون الله شيئا كما يحب الله تعالى فهو ممن اتخذ من دون الله أنداداً وأكثر أهل الأرض قد اتخذوا من دون الله أنداداً فى الحب والتعظيم والحب أساس العبادات كلها إذ لا يصح شئ منها إلا مع كمال الحب وكمال الذل،فلا يصح أن يحب العبد مع الله أحداً فإن هذا من اتخاذ الأنداد بل يحب فى الله ولله ، فحب غير الله في الله لا ينافي التوحيد بل قد يكون من كمال التوحيد فإن تمام حب العبد لله أن يحب فى الله ،ويبغض فى الله ،ويوالى فى الله،ويعادى فى الله،ويحب ما يحبه الله ويرضاه من الأشخاص والأخلاق والأعمال،ويبغض ما يبغضه الله كذلك0 ولهذا لا يكمل إيمان أحد حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ،وحتى يحب المرء لا يحبه إلا لله ،وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما0 فيجب التمييز بين المحبة فى الله لما يتعلق بقلوب المشركين من الآلهة التى لا تجوز إلا لله وحده0 أهـ
... أما الحب الغريزي نحو الأبناء والزوجات مثلاً فهو لا يتعارض مع الحب الديني الذى يجب أن يكون خالصاً لله تعالى،إلا إذا قدم محبوبهم على محبوب الله تعالى0
3- الخوف :
وهو من أهم العبادات 0
قال تعالى: (فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
(آل عمران: من الآية175)
فمن خاف غير الله أو خشية يذل له ويطيعه مع التعظيم فقد أشرك بالله فى هذه العبادة:(1/6)
قال تعالى:(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبه وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات40-41) أعبد الناس لله وأكملهم به إيماناً أخوفهم من الله وأشدهم له خشية ،ومن هنا نعلم ضلال من زعم من الصوفية أنه لا يعبد الله خوفاً من ناره ولا طمعاً فى جنته ،فإن الله أمرنا أن ندعوه خوفاً وطمعاً، ومدح عباده الصالحين بأنهم يدعونه رغباً ورهباً وأنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه0
قال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبهمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)
(الملك:12) وقد يخاف العبد خوفاً فطرياً من أمور دنيوية ،يعتقد المؤمن أن الله قدرها عليه ،ولا يكون هذا الخوف أكبر من خوفه من الله،إذ يعتقد أن الله قادر على إنقاذه من كل سوء 0
قال تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الأنعام:17)
وهذا الخوف الجبلّي الذى يقع فى النفس عند توقع خطر على الحياة أو تعرض لألم أو نحو ذلك قد يقع لأفضل الناس ألا وهم الأنبياء والمرسلون عليهم السلام 0
فهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام - لما جاءته الرسل بالبشرى ، وقدم إليهم العجل ورأي أيديهم لا تمتد إليه- (نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً)
(هود: من الآية70)
وهذا موسى عليه السلام - لما قتل المصري (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ)(القصص: من الآية18)
وداود عليه السلام - لما تسور عليه الخصوم المحراب،ودخلوا عليه على حين غفلة (فَفَزِعَ مِنْهُمْ)(صّ: من الآية22)
4- الرجاء :
هو الأمل فى الخير ،وترقب حصوله وانتظاره ممن يمكنه ويقدر على تحقيقه0
وهو نوعان :
رجاء المحسن ثواب ربه على إحسانه،ورجاء المذنب التائب قبول توبته.(1/7)
قال تعالى : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبه فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبه أَحَداً)(الكهف: من الآية110)
والرجاء والرغبة فى الخير من غير الله تعالى شرك،فيما لا يقدر عليه إلا الله0
فمن أصول العبادة أن الله تعالى يعبد بالحب والخوف والرجاء جميعاً ،وعبادته ببعضها دون بعض ضلال0
فمن عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ 0
5- الإخلاص :
هو أن يقصد الإنسان بعمله وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته من غير نظر إلى مغنم أو جاه أو لقب أو أن يقول الناس إنه محسن أو شجاع أو نحو ذلك فإنه رياء يحبط العمل والإخلاص هو أساس العبادة فإن العبادات كلها لا تقبل إلا بشرطين:
الأول: باطن،وهو إخلاص النية فيها لله عز وجل بحيث لا يقصد إلا وجهه والدار الآخرة0
الثاني: ظاهر ،وهو المتابعة فيها للشرع ومجيئها وفق ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقص
قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبه فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبه أَحَداً)(الكهف: من الآية110)
6- التوكل :
وهو الثقة بكفاية الله تعالى وحسن تدبيره،والاعتماد بالكلية عليه ،وتفويض الأمور كلها إليه، والاستسلام له ،والاستعانة به فيها مع الإيمان بقضائه وقدره والاعتقاد بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن،مع الأخذ بالأسباب التى جعلها الله بحكمته موصلة إلى مسبباتها والسعي فيها لابد منه مما يدخل تحت مقدور العبد،وتوقي أسباب الشرور،وأخذ الحذر مما قد يصيب الإنسان بسبب تهاونه فى الأخذ بالأسباب0
هذا وقد فهمت الصوفية التوكل بمعنى التواكل،وكان هذا الفهم الأحمق سبباً كبيراً فى تأخر المسلمين وانحطاطهم فى العصور الوسطى التى فشا فيها الجهل والتقليد وراج فيها الدجل الصوفي الخبيث، فالتوكل لا يقوم على إهمال الأسباب ،ولكن يقوم على إعمالها واحترامها0(1/8)
ومن صرف توكله لغير الله ثقة بكفاية هذا الغير مستسلماً مفوضاً الأمر إليه فقد صرف هذه العبادة التى هي محض حق الله - لغيره ومن ثم فقد أشرك0
قال تعالى: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(ابراهيم: من الآية11)
وقال أيضا على لسان موسى عليه السلام: (يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ)(يونس: من الآية84)
وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبه)(الطلاق: من الآية3)
وقال - صلى الله عليه وسلم - :"لو إنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير"0
(ت2344 ص ت 1911)
7- الصبر :
وهو حبس النفس على ما تكره مما فيه مشقة أو ألم انتظاراً لموعود الله عز وجل0
وهو :إما صبر على طاعة الله والقيام بأوامره
وإما صبر عن محارم الله عز وجل وكف النفس عنها0
وإما صبر على المصائب والتسليم فيها لقضاء الله وقدره0
والصبر بالنسبة للإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ،وأن الإيمان نصفه صبر ونصفه شكر
قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا)(البقرة: من الآية45)
وقال أيضاً: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
(الزمر: من الآية10)
8- الإنابة :
هي الإقبال على الله والرجوع بالتوبة إليه والإسراع إلى مرضاته0 فمن صرفها لغير الله كان مشركاً
قال تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)(الزمر: من الآية54)
9- الرغبة والرهبة والخشوع :
قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)(الانبياء: من الآية90)
10- الحمد والشكر :
الحمد هو الثناء بالقول على المحمود لذاته وصفاته 0
أما الشكر:فهو الثناء بالقول والعمل أي اللسان والجوارح فضلاً من القلب.(1/9)
قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) (النمل:15) قال تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً)(سبأ: من الآية13)
والعبادات القلبية كثيرة ومنها :
التوبة والمراقبة والمحاسبة والتفكر والإخبات والذل والزهد والتواضع وكف القلب عن المحرمات: كالحسد والغل والضغينة والرياء والعجب والكبر ومودة الكافرين 0000إلخ
(2) العبادات القولية
وهى التى تتعلق باللسان مثل:
1- النطق بالشهادتين :
إذ لا يصح إسلام المرء ما لم ينطق بهما 0
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ،ويقيموا الصلاة،ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"0( خ25 )
2- الدعاء :
وهو قسمان: دعاء ثناء ودعاء سؤال وطلب0
فالأول: هو أن يذكر الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا غير مقترن ذلك بطلب حاجة من رزق أو هداية أو نحو ذلك ،وإنما يقصد به مجرد الثناء وإثبات المحامد وأنواع الكمال كقولك: يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم لا مانع إلا لما أعطيت ،ولا معطي إلا لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد 0
وهذا النوع محض العبادة 0
والثاني: وهو أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته حاجة من حوائج الدنيا والآخرة0
قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)(البقرة: من الآية186)
وقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )(غافر: من الآية60)
وقال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً )(لأعراف: من الآية55)(1/10)
والأدعية الثابتة فى الكتاب والسنة الصحيحة فيها غنية عن الأدعية المبتدعة التى تمتلئ بها كتب الصوفية والتي يسمونها أوراداً يريدون بها أن يصرفوا الناس عن أدعية الكتاب والسنة0
فالدعاء هو العبادة فمن صرفه لغير الله فقد أشرك ، فالذي يدعو أو يستغيث لا يكون عاقلاً إلا إذا كان يعتقد أن من يدعوه أو يستغيث به قادر على إجابة دعوته وتفريج كربته وقضاء حاجته بأسباب غيبية وقدرة خارقة ، وهذا لا يكون إلا لله ولا يكون لأحد من خلقه حياً ولا ميتاً 0
قال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) (الاحقاف:5) وقال تعالى: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (فاطر:14) والآيات فى هذا المعنى كثيرة جداً 0
3-الذكر :
وهو حضور المذكور فى قلب الذاكر،ثم التعبير عن ذلك باللسان،فهو يجمع بين عبادة قلبية وعبادة قولية ،والذكر من أفضل العبادات،وهو العبادة الوحيدة التى تستمر حتى فى الجنة، حيث إنهم يلهمون التسبيح كما نلهم النفس0
قال تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(الأحزاب: من الآية35)
وقال أيضاً: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:152) وقد أمرنا الله تعالى أن نذكره على كل حال فقال: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبهمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ )
(آل عمران: من الآية191)
وليس مراد الآية ما يفهمه جهلة الصوفية من الرقص فى الذكر قياماً وقعوداً وتمايلاً 0(1/11)
بل المراد أنهم يذكرون الله كيفما كانوا من قيام أو من نوم أو من اضطجاع دون أن يتكلموا شيئاً من ذلك0
ومن أدب الذكر: أن لا يرفع به الصوت،إلا فى المواطن التى جاء فيها الرفع عن الشارع كالتلبية فى الحج ونحوها ،أما الأصل فى الذكر فهو الإسرار0
قال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) (لأعراف:205) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه حين سمعهم يرفعون أصواتهم بالتكبير والتهليل والدعاء: "أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً،ولكن تدعون سميعاً بصيراً ،إن الذى تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته"0( خ 2992)
4- التسمية :
وهي أن تبدأ الأقوال والأفعال ذات الشأن بذكر اسمه سبحانه استعانة به وتبركاً0
وقد نهانا ربنا تبارك وتعالى أن نأكل مما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح.
قال سبحانه:(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)
(الأنعام: من الآية121)
5- الاستعاذة :
وهي طلب العوذ أي - ألتجئ إليه وأتحصن به، وأحتمي بحماه ،معتقداً أنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه سبحانه - ولا يستعاذ إلا بالله، فمن استعاذ بالجن أو الأموات أو أي مخلوق فقد أشرك 0
قال تعالى: (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)(فصلت: من الآية36)
وقال عز وجل: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجن:6) 6-الاستغاثة :
وهي طلب الغوث والنجدة ،ولا يجوز أن يستغاث إلا بالله فيما لا يقدر عليه إلا هو وإلا وقع فى الشرك 0(1/12)
قال الله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) (لأنفال:9) أما الاستعانة بالمخلوق الحي الحاضر فيما يقدر عليه كنجدة من ظالم أو إنفاذ من غرق أو سبع فهذا جائز 0
قال تعالى: (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ )(القصص: من الآية15)
فإذا استغاث إنسان برجل غائب أو ميت أو فيما لا يقدر عليه إلا الله من حي كالشفاء والتوفيق والبركة ،كما تفعله جهلة الصوفية فهذا شرك كقولهم:
يا رسول الله أغثني أو يا بدوي أنقذني أو حسين نجني مما أخاف 0
فيا شديد الطول والإنعام * نشكو إليك غربة الإسلام
7-الاستعانة :
وهي طلب العون على قضاء الحاجة، وطلب المدد والتوفيق للخروج من المحنة.
فلا تطلب من عاجز لا يقدر على الإعانة ولا من ميت لا يسمع ولا يرى ولا من غائب بل تطلب من الله دون سواه 0
قال تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5) وقال - صلى الله عليه وسلم - :"إذا سألت فاسأل الله ،وإذا استعنت فاستعن بالله"0(ص ت 2516)
وهي حقيقة قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)
8- القسم والحلف :
وهو تعظيم المقسم به،وقدرته على عقاب من حلف به كاذباً0
ولا يصح أن يقسم إلا بالله تعظيماً له وإجلالاً ومن حلف بغيره معظماً له كتعظيم الله فقد وقع فى الشرك0
9- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104) ومن العبادات القولية: تلاوة القرآن والاستغفار وكف اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والسب والشتم والبذاء والغناء00 وهلم جرا 0
(3) العبادات العملية(1/13)
وهي التى تقوم بها الجوارح والأركان فضلاً عن القلب واللسان ومن أولها الصلاة ، والزكاة ، والصوم، والحج، والنذر، والذبح، وسوف نفصل الكلام فيها فى مواضعها من أبواب الفقه والله المستعان، لكننا هنا نلفت النظر إلى بعضها :
الحكم بما أنزل الله :
وهو من أجل العبادات العلمية أن نطبق حكم الله فى عباده،فليس من حق أحد أن يضع قوانين وتشريعات للإنسان إلا الذى خلقه فهو أعلم بما يصلحه.
قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ)(لأعراف: من الآية54)
وقال تعالى: (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)(الكهف: من الآية26)
وقال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ)(الأنعام: من الآية57)
وقال عز وجل: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) فمن جعل من نفسه أومن غيره مشرعاً لقوانين تنظم حياة البشر لم يأذن بها الله فقد أشرك بالله العظيم الحكم العدل سبحانه وتعالى 0
قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ به اللَّهُ )
(الشورى: من الآية21)
وقال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) وقوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
(المائدة: من الآية44)
والآيات فى هذا الباب كثيرة جداً0
من العبادات العلمية أيضا :
تغيير المنكرات بضوابطه - وغض البصر وحفظ الفرج وأكل الحلال وترك الحرام وكف الأذى والمشي إلى المساجد وطلب العلم وزيارة الأخوة فى الله وكف الأذن عن سماع الأغاني والمعازف وصلة الرحم 000 الخ(1/14)
ومن ترك طاعة الله للرغبة أو للرهبة أو بزعم الوصول إلى الغاية القصوى من اليقين ، مثل من يترك طاعة الله وأداء الفرائض زعماً منه أنه أتاه اليقين ،كما يفعل بعض الطرقية حيث أن الشيخ إذا وصل إلى درجة معينة من الأحوال والمقامات فإنه يترك الصلاة والصيام والزكاة ويرتكب المحرمات زعماً منه أن وصل إلى اليقين فسقطت عنه التكاليف فمن فعل ذلك كان كافراً مشركاً 0
واليقين فى الآية هو الموت (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:99) مشركو زماننا ومشركو الجاهلية:
إن المشركين فى الجاهلية بالرغم من عبادتهم لغير الله فى الرخاء إلا أنهم يخلصون له الدعاء فى وقت الشدة كما أخبر الله تعالى عنهم فى كثير من الآيات.
كقوله تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) (العنكبوت:65) أما مشركو زماننا فإنهم يتوجهون لغير الله فى جميع أحوالهم من شدة ورخاء فإذا وقعوا فى شدة استغاثوا بآلهتهم التى يدعون من دون الله ،وذبحوا لها الذبائح ونذروا لها النذور،فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذه الآلهة والمعبودات كثيرة :فمنهم من عبد:
1- الموتى:
قال تعالى: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح:23) قال ابن كثير: كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح وكان أتباعهم يعتقدون بهم فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة فصوروهم فلما ماتوا وجاء آخرون ذب إليهم إبليس فقال:إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم 0 أهـ
وعبد العرب: اللآت والعزى وهبل وغيرهم.
وعبد الصوفية من أهل مصر: الحسين والبدوي والرفاعي والشاذلي والقنائي وغيرهم.
وقد امرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهدم القبور التى تعبد مع الله0(1/15)
عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي على بن طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته 0
( م 969)
وعبد اليهود عزيراً ، وعبد النصارى المسيح عليه السلام 0
2- الأحياء:
وعبادة الأحياء هي إعطاء حق التشريع لغير الله فيما لم يأذن به الله 0
دخل عدي بن حاتم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى عنقه صليب من فضة - وهو يقرأ (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) فقال عدي يا رسول الله: ما كنا نعبدهم! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"ألم يكونوا يحلون لكم الحرام فتحلونه ويحرمون عليكم الحلال فتحرمونه" ؟ قال: بلى! قال: "فتلك عبادتهم"0
(ح ت 3095)
فكل من أطاع أحداً أفتى فى دين الله بغير ما شرع ،وهو يعلم فقد عبده!
وهذا كثير فى زماننا :فقد أحل أناس من أدعياء العلم ما حرمه الله:كالربا والمعازف والغناء والتماثيل وغيرها 0
3- الجن :
قال تعالى: ( بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بهمْ مُؤْمِنُونَ) (سبأ:41) أي يطيعونهم فى عبادة غير الله0
وقال أيضاً : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يّس:60) 4-الهوى :
قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ )
(الجاثية: من الآية23)
كان الرجل من المشركين يعبد الصنم فإذا رأى أحسن منه رماه واتخذ آخر وعبده ،وهذا يدل على أنه لم يكن لهم حجة فى عبادة الأصنام إلا اتباع الهوى وتقليد الآباء.
والكافر لا يهوى شيئاً إلا اتبعه فكان دينه ومذهبه 0
5-الحيوان :
عبد قدماء المصريين العجل ، وعبد بنو إسرائيل العجل ، وفى عصرنا يعبد الهندوس البقر ومنهم من يعبد السمك 0
6-الجماد :(1/16)
عبد أهل سبأ الشمس ،وعبد الصائبون الكواكب ،وعبد المجوس النار ،وكثير من الناس يعبدون المال وغير ذلك من المعبودات الباطلة والطواغيت التى لا يتم الإيمان والتوحيد إلا بالكفر بها كما قال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)(البقرة: من الآية256)
الثالث: توحيد الأسماء والصفات:
ويقوم على أسس ثلاثة:
الأول: أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية 0
لا يجوز إطلاق شئ منها على الله سبحانه فى الإثبات أو النفي إلا بإذن من الشارع ، فلا نثبت لله سبحانه من الأسماء والصفات إلا ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - 0
ولا ننفي عنه كذلك من الأسماء والصفات إلا ما نفاه هو عن نفسه أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وما لم يصرح الشرع بإثباته ولا بنفيه يجب التوقف فيه0
الثاني: أن الله تعالى فى كل ما ثبت له من الأسماء والصفات لا يماثل شيئاً من خلقه ، ولا يماثله شئ من خلقه،ولكن قد يكون الاسم مشتركاً بين الله سبحانه والعبد أو تكون الصفة مشتركة أيضاً ، فالله تعالى متصف بالعلم ، وكذلك العبد قد يتصف بها فهذا وأمثاله لا يوجب ولا يستلزم مماثلة صفة الخالق لصفة المخلوق قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11)
فمذهب أهل السنة والجماعة :
إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، وهذه الآية السابقة تشتمل على الأصلين :
1- الإثبات. 2- التنزيه.
الثالث: أن صفاته سبحانه صفات كمال كلها لا مجال ولا مدخل للنقص فيها0
(وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )(لأعراف: من الآية180)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إن لله تسعة وتسعين اسماً- مائة إلا واحداً- من أحصاها دخل الجنة".( خ 7392 م 2677)(1/17)
ومن صفاته التابعة: الرضا والغضب والنزول الإلهي والضحك والعلو والوجه واليدان وغيرها مما ثبت فى القرآن والسنة الصحيحة 0
فنؤمن بها ونسلم بحقيقتها ونفوض فى كيفيتها 0
العقيدة الصحيحة
1- الله واحد فى ربوبيته ، واحد فى ألوهيته ، واحد فى أسمائه وصفاته:
فلا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت ،ولا مدبر للأمور سواه،ولا معبود بحق سواه فلا خوف ولا رجاء ولا استعانة ولا استغاثة ولا دعاء إلا له ولا يسمى ولا يوصف إلا بما سمى به نفسه أو وصف به نفسه أو بما سماه به ووصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - بلا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل كقول القائل:كيفية يد الله كذا وتحريف معنى اليدين أي القوة ، والنعمة ، وكإثبات مثيل لله، وكإنكار ما يحب لله من الأسماء والصفات.
2- الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه وهو مستغن عن العرش والسموات 0
قال تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه:5) قال مالك:الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ،والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة.
وفى حديث الجارية التى قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"أين الله"؟ قالت:فى السماء! قال:"أعتقها فإنها مؤمنة"0( م 537)
3- عبادة غير الله شرك أكبر:
وأن دعاء غير الله من الأموات والغائبين وحبهم كحب الله وخوفهم ورجاؤهم شرك أكبر0
4- من عظم غير الله مستعيناً به فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد أشرك0
5- الشفاعة ملك لله وحده ولا تكون إلا لمن أذن الله له بعد رضاه عن المشفوع فيه وهو تبارك وتعالى لا يرضى إلا بالتوحيد 0
6- نتوسل إلى الله بطاعته ، ونطلب الوسيلة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - 0
7- زيارة القبور مشروعة وأقسامها ثلاثة:
1- زيارة شرعية:يقصد الزائر التذكرة بالآخرة ويدعو للأموات 0
2- زيارة بدعية:يقصد عبادة الله وحده عند قبر معين رجاء بركته 0
3- زيارة شركية:يقصد دعاء الميت نفسه والاستغاثة به من دون الله تعالى0(1/18)
8- البناء على القبور بدعة ضلالة:
لحديث أبي الهياج الأسدي 00وفيه00 ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته0
( م 969)
9- لا يجوز الحلف بغير الله لحديث: "من حلف بغير الله فقد أشرك".
(د3251 ص د 2787)
10- أفضل المخلوقين وأكملهم هو النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
11- الإيمان قول وعمل:قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي والزلات 0
12- لا نكفر أحداً من أهل القبلة بمجرد المعصية ما لم يستحلها0
13- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب 0
14- إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً.
15- ندين بالسمع والطاعة للأمراء فى غير معصية عدلوا أم جاروا ما أقاموا الصلاة0
16- نحافظ على الجماعة وهم أهل السنة المستمسكون بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لقوله :"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة"0 ( خ 3641 م 1037)
17- ندين بالنصح للأئمة وللأمة عامة 0
18- لا نعبد الله إلا بما شرعه لنا وهذا لا يتحقق إلا بستة أوصاف وهي:
1- أن تكون العبادة موافقة للشريعة فى سببها:فبدعة الاحتفال بالمولد النبوي غير موافقة للشريعة.
2- وفى جنسها: فالتضحية بالفرس لا تصح لأنه مخالف للعبادة فى الجنس0
3- وفى قدرها: كصلاة الظهر خمساً لاتصح0
4- وفى كيفيتها: كمن خالف فى كيفية الصلاة أو الوضوء أو غير ذلك0
5- وفى الزمان: كمن صلى الظهر قبل دخول الوقت ، وصام بالليل ! 0
6- وفى المكان: كالذي وقف بعرفة بمزدلفة أو اعتكف فى غير المساجد.
الإيمان وأركانه
الإيمان: هو التصديق بالأركان وهي:
الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
1-الإيمان بالله(1/19)
هو التصديق الجازم ،وهو الإقرار عن علم وبصيرة بأن الله واحد لا شريك له متصف بكل كمال، منزه عن كل عيب ونقص متفرد بالخلق والرزق والتدبير مستحق لجميع أنواع العبادة بلا شريك ولا نظير،لا إله غيره ولا رب سواه.
وهو يشمل الإيمان بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وملائكته 0
والإيمان بالله يتضمن الأربعة الأمور السابقة جميعاً 0
2- الإيمان بالملائكة :
وهم أجسام نورانية لطيفة لها القدرة على التشكل بالأشكال المختلفة بقدرة الله وليسوا ذكوراً ولا إناثاً ومنهم: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت.
وهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ويسبحون الليل والنهار لا يفترون0
فالإيمان بهم جزء من الإيمان بالغيب وشرط فيه ولا يصح لأحد إيمان إلا بالإيمان بهم عليهم السلام0
3- الإيمان بالكتب :
الكتب التى أنزلها الله على رسله ،وهي كثيرة منها صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى والقرآن العظيم ،والإيمان بها واجب إلا ما أصابه التحريف والتبديل ،ولم يتكفل الله عز وجل بحفظ شئ منها إلا القرآن الكريم: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) 4- الإيمان بالرسل :
الإيمان بهم جميعاً من قص الله علينا خبره ومن لم يقصص نؤمن بهم جميعاً عليهم الصلوات والسلام من آدم حتى محمد - صلى الله عليه وسلم - 0
5- الإيمان باليوم الآخر:
ويبدأ هذا اليوم بالموت ثم البعث والنشر والحشر والحساب والميزان والصراط والثواب والعقاب ثم الجنة أو النار ،وسمى بذلك لأنه لا يوم بعده 0
6- الإيمان بالقدر:
وهو التصديق الجازم بأن كل ما يقع فى هذا الكون إنما يقع بقضاء الله وقدره.
والقضاء: وهو حكمه الذى لا يرد0
والقدر: هو علمه المحيط بجميع الكائنات0
? والإيمان بالقضاء والقدر يقتضي التسليم والرضا وله مراتب :
1-العلم: أن الله علم كل شئ إلى يوم القيامة قبل خلق الخلق بجميع تفاصيله.(1/20)
2-الكتاب: أن الله كتب ذلك فى كتاب عنده فى اللوح المحفوظ0
3-المشيئة: لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
4-الخلق:أي أن الله تعالى خلقنا وخلق أفعالنا بزواتها وصفاتها 0
(وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(الكهف: من الآية49)
(وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ)(فصلت: من الآية46)
الشرك
الشرك: هو أن يجعل العبد لله شريكاً من مخلوقاته.
الشرك ينقسم إلى شرك أكبر وهو الذى يخرج من الملة،وشرك أصغر منافي لكمال الإيمان ولا يخرج من الملة.
أ- الشرك الأكبر :
وهو صرف شئ من أنواع العبادة لغير الله ،قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:48) وأنواعه هي:
1- شرك الدعاء :
قال تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) (العنكبوت:65) 2- شرك النية والإرادة والقصد :
قال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (هود15-16) 3- شرك الطاعة :
هو طاعة الكبراء والسادة فيما لم يأذن الله تعالى0
قال تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ )
(التوبة: من الآية31)
4- شرك المحبة :
وهو أن يحب الإنسان مخلوقاً كحب الله ،فقد جعله لله نداً 0
قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ)(البقرة: من الآية165)
ب- الشرك الأصغر:(1/21)
وهو أكبر من أكبر الكبائر ، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر ، كيسير الرياء،والحلف بغير الله، ومن لقى الله به فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه.
الكفر
الكفر: هو تغطية الحق الظاهر.
ينقسم الكفر إلى أكبر ينقل عن الملة وأصغر لا ينقل عن الملة0
أ- الكفر الأكبر:
وأنواعه ستة:
1- كفر الجهل والتكذيب: قال تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ )
(يونس: من الآية39)
2- كفر الجحود والإنكار: قال تعالى: (وَجَحَدُوا بها وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً)(النمل: من الآية14)
وذلك ككفر فرعون0
3- كفر العناد والاستكبار: قال تعالى: (إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(البقرة: من الآية34)
وقال: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) (الصافات:35)
4- كفر النفاق: وهو إظهار الإيمان وإخفاء الكفر0
قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا)(النساء:145) 5- كفر الإعراض عن دين الله:
قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ)(الاحقاف: من الآية3)
6- كفر الشك والريب:
كالذي قال:(مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدا ً - وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف35-36) ب- الكفر الأصغر:
وهو ما ينافي كمال الإيمان 0 قال - صلى الله عليه وسلم - :"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"0
(خ 48 م 116/64)
وكفر النعمة ، والطعن فى النسب، والنياحة، ومن أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه.
النفاق
النفاق : هو إظهار الخير وإضمار الشر،إظهار الإيمان وإضمار الكفر0
وينقسم النفاق إلى نفاق اعتقادي ونفاق عملي:
أ- النفاق الاعتقادي:
وهو أن يظهر صاحبه الإسلام ويبطن الكفر وله ستة أنواع:(1/22)
1- تكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - 0
2- تكذيب بعض ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - 0
3- بغض الرسول - صلى الله عليه وسلم - 0
4- بغض بعض ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - 0
5- المسرة والفرح بانخفاض دين الإسلام وأهله0
6- الكراهية لانتصار دين الإسلام وأهله0
ب- النفاق العملى:
وهو واضح فى قوله - صلى الله عليه وسلم - :"آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان"0( خ 33 م 107/59)
وفى رواية : "وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر"0 ( خ 34 م 106/58)
وهو من الكبائر0
الطواغيت
الطواغيت كثيرون ورءوسهم خمسة وهي:
1- إبليس لعنه الله 0
2- من عبد من دون الله وهو راض 0
3- من دعا الناس إلى عبادة نفسه0
4- من ادعى شيئاً من علم الغيب0
5- من حكم بغير ما أنزل الله0
نواقض الإسلام
1-الشرك بالله: فمن أشرك أحداً فى عبادة الله فقد كفر0
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:48) وقوله: ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(المائدة: من الآية72)
ومنه الذبح لغير الله والنذر لغير الله0
2- من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يستغيث بهم ويتوكل عليهم ويسألهم الشفاعة فقد كفر وأشرك0
3- من اعتقد أن غير هدى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه،أو حكم غيره أحسن من حكمه،كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر0
قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
(المائدة: من الآية44)
4- من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كفر ولو عمل به ظاهراً.(1/23)
قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد:9)
5- من لم يكفر المشركين أو شك فى كفرهم،أو صحح مذهبهم الباطل كفر.
6- من استهزأ بشئ من دين الله أو ثوابه أو عقابه كفر0
كالذي يستهزئ بإقامة الحدود التى أنزلها الله فى كتابه لحفظ الحياة0
قال تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ - لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)(التوبة65-66)
7- السحر بأنواعه: فمن فعل ذلك أو رضى به كفر0
قال تعالى: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ )
(البقرة: من الآية102)
8- مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين فمن قام بذلك فقد كفر0
قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(المائدة: من الآية51)
9- من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فقد كفر0
10- الإعراض عن دين الله تعالى لا يتعلمه ولا يعمل به ولا يريد إلا الحياة الدنيا كفر.
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ - أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
(يونس7-8) وقوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبه ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) (السجدة:22)
الفرق الضالة
عن معاوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة "0(د 4597 ص بغوي 104)
وفى رواية (ما أنا عليه وأصحابي)0 (ت 2641 صحيحة 1348)(1/24)
قال ابن تيمية :من قال إن الاثنين والسبعين فرقة كل واحدة منهم تكفر كفراً ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأئمة الأربعة 0
فالفرق الهلكى ليست كلها كافرة كفراً ينقل من الملة،إنما هي فرق عاصية فاسقة مبتدعة متوعدون بالنار،لأنه جعلهم من أمته،ولكن فسقت بعض الفرق حتى خرجت من الإسلام كما سيأتي.
وقد قسمها القرطبي فى تفسير قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(آل عمران: من الآية103) -إلى ست فرق-وقسّم كل فرقة إلى اثنتي عشرة فرقة ، فصار عدد الفرق الهلكى ثنتين وسبعين فرقة ولكن ظهرت فرق أخرى بعد عصر القرطبي كما سيأتي.
مضى عهد الرسالة دون أن يكون هناك مجال للتفرق ،وجاء عصر الخلافة الراشدة فتولى أبو بكر الخلافة ثم تولى بعده عمر ثم تولى عثمان الذى ظهرت فى عصره بوادر الفتن ،فبعد أن ولى معاوية على الشام ، استغل عبد الله بن سبأ هذه الفرصة وأثار سخط الجماهير من عثمان - رضي الله عنه - ، وأعلن أحقية (على) فى الخلافة ،وأسس مذهب الشيعة ، وأثار الناس على قتل عثمان حتى قتل مظلوماً - رضي الله عنه - 0
وبعد مقتل عثمان تولى الخلافة علىّ - رضي الله عنه - الذى خرج عليه جماعة منهم :طلحة والزبير وعائشة ـ رضى الله عنهم ـ يطالبون بدم عثمان ، حتى حدثت موقعة الجمل بين علىّ وبين الخارجين عليه،ثم حدثت موقعة صفين بين علىّ ومعاوية ، وفيها طلب أصحاب معاوية تحكيم كتاب الله عز وجل،وإذ بفريق من جيش علىّ يخرجون عليه وعلى معاوية وهم الخوارج الذين كفرواً علياً وعثمان ومعاوية والحكمين عمرو وأبا موسى الأشعري وكفروا أصحاب الجمل،وهكذا ظهرت الخوارج والشيعة وراح كل منهم يكفر الآخر0(1/25)
وكان جمع لم ينحازوا إلى فريق من الفريقين وأرجئوا الأمر إلى الله وهم المرجئة ثم تولى معاوية - رضي الله عنه - الحكم، وظهر فى عهده مذهب الجبرية ثم ظهرت فرقة القدرية،وفى عهد بنى أمية ظهرت المعتزلة،ثم ظهر مذهب الأشاعرة الذى أسسه أبو الحسن الأشعري ،ثم ظهر مذهب الماتريدية ،وهكذا تعددت الفرق الضالة ومن أهمها:
1- الشيعة (الرافضة)
تجتمع كل فرق الشيعة حول مبادئ عامة هي:
أ- الإمامة: هي أصل من أصول الدين عندهم وهي الركن السادس من أركان الإسلام.
ب- عصمة الأئمة: وإن أئمتهم الإثنى عشر معصومون،وهم أفضل من الأنبياء والأحق بالخلافة علىّ0
ج- يحرفون القرآن: ويقولون إن الصحيح هو كتاب فاطمة الذى ليس فيه حرف من قرآننا0
د- التقية:أي يقول الإنسان شيئاً بلسانه ويضمر فى قلبه شيئاً آخر 0
هـ- البداء:أي أن الله تعالى قد يقضي قضاءاً ثم يبدو له خلافه فيغيره تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً 0
وتفرقت الشيعة إلى اثنتين وعشرين فرقة، الغالية منها ثماني عشرة فرقة نذكر منهم:
أ- السبئية: هم اتباع عبد الله بن سبأ اليهودي اليمني الذى قال: علىّ وصى رسول الله ، وعثمان أخذ الخلافة بغير حق وهم الذين قالوا بألوهية علىّ وأنكروا قتله وزعموا أنه صعد إلى السماء كما صعد عيسى عليه السلام ،أن الرعد صوته والبرق تبسمه وكان علىّ قد أمر بإحراقهم فجعلوا يقولون:الآن صح عندنا أنك أنت الله لأنه لا يعذب بالنار إلا الله 0
ب- الغرابية: وهم الذين زعموا أن الرسالة لعلىّ وأن جبريل أخطأ فنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - !
ج- الكيسانية: وهم اتباع المختار الثقفي وهم يعتقدون العصمة فى على وأنه سيعود بعد موته وأن الإمام محمد بن الحنفية سيرجع 0
د- الإسماعيلية: هم فرقة باطنية ،وهم اتباع اسماعيل بن جعفر الصادق،وهم الذين يقولون إن الفيض الإلهي يفيض به الله على الأئمة0
ومن ابرزهم: القرامطة والفاطمية والحشاشون والبهرة0(1/26)
هـ- الدروز: نشأت فى عهد الحاكم بأمر الله ،ويعتقدون تأليه الحاكم0
وبسملتهم (بسم الحاكم الرحمن الرحيم) 0
و- النصيرية(العلوية): ظهرت فى القرن الثالث على يد محمد بن نصير ويقولون بأن الولاية أعلى مرتبة من النبوة ويقومون بتأليه علىّ والأئمة0
ومن فرق الشيعة المعتدلة:
أ- الزيدية: هم اتباع زيد بن على بن الحسين ويعتقدون أن مرتكب الكبيرة إذا لم يتب يخلد فى النار0
ب- الإمامية الإثنا عشرية: يقولون بإمامة علىّ وأنه وصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 0
الأئمة عندهم: على، والحسن ،والحسين، وزين العابدين، ومحمد الباقر،وجعفر الصادق،وموسى الكاظم، وعلى الرضا ، ومحمد الجواد ، وعلى الهادي ، والعسكري ، والمهدي وهو المنتظر 0
وهذه الفرقة تعيش الآن فى إيران والعراق0
2- الخوارج
ظهرت فرقة الخوارج أثناء معركة صفين بعد التحكيم ومبادئهم هي:
أ- المبدأ الأول: الإمامة صالحة لكل إنسان ، والخلافة باختيار حرّ بين المسلمين، ويستمر فى الخلافة ما دام قائماً بالعدل، فإن حاد عزل أو قتل0
ب- المبدأ الثاني: مرتكب الكبيرة كافر، وقد كفروا علياً - رضي الله عنه - بالتحكيم وعندهم تارك الحج كافر ،والفاسق والظالم كافران0
ج- المبدأ الثالث: الخروج على جماهير المسلمين ، ومن خالفهم فهو كافر ، فكفروا أهل القبلة إلا من دان لقولهم0
د- المبدأ الرابع : القرآن-عندهم- مخلوق !
هـ- المبدأ الخامس: الإيمان اعتقاد وعمل0
وينقسم الخوارج إلى اثنتى عشرة فرقة من أهمها:
أ- الأزارقة:
وهم أتباع نافع بن الأزرق ، ويعتقدون بتكفير علىّ وعثمان رضى الله عنهما ، وطلحة والزبير وعائشة وابن عباس رضى الله عنهم.
ب- النجدات:
وهم أصحاب نجدة بن عامر الحنفي.
ج- الإباضية: هم فرقة معتدلة من فرق الخوارج0
هم أتباع عبد الله بن إباض ،ويتركز تواجدهم فى عمان والجزائر.
ومبادئهم هي :
1- مخالفوهم ليسوا مشركين ولا مؤمنين ، بل كفار نعمة لا كفار ملة 0(1/27)
2- دماء مخالفيهم حرام ، ودارهم دار توحيد0
3- تجوز شهادة المخالفين ، ومناكحهم ، والتوارث معهم 0
4- أفعال العباد مخلوقة لله،إحداثاً وإبداعاً ،فهو الذى يوجدها بقدرته 0
5- العالم يفنى إذا فني أهل التكليف 0
6- مرتكب الكبيرة كافر إلا أن يتوب 0
7- القرآن عندهم مخلوق.
3- الفرق الإعتقادية:
أ- المرجئة
ويقولون أن الإيمان بالقلب، والعمل لا أثر له ، فلا تضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقالوا نرجئ أمر الشيعة والخوارج إلى الله وانقسموا إلى اثنتى عشرة فرقة.
ب- الجهمية
وهم اتباع جهم بن صفوان ، ظهر بترمز فى آخر زمن بني أمية غلا فى التعطيل حتى نفى الأسماء والصفات جميعاً 0
ج- الجبرية
أول من دعا إلي هذا المنهج هو الجعد بن درهم ،ويقولون أن الإنسان مجبور فى أفعاله كالريشة فى الهواء0
وينفون الصفات ، ويقولون بخلق القرآن ، وينكرون رؤية الله تعالى فى الآخرة ، ويقولون بفناء الجنة والنار
د- القدرية
ظهرت هذه البدعة فى آخر عصر الصحابة على يد معبد الجهني ويقولون إن الإنسان حر أفعاله وأنه لا قدر ، والأمر أنف 0
هـ- المعتزلة
زعيمهم واصل بن عطاء الذى كان تلميذا الحسن البصري ثم اعتزله !
واشتهر المعتزلة بالغلو فى تقديس العقل واعتباره المصدر الأول للاعتقاد ويعتقدون أن مرتكب الكبيرة مخلد فى النار وليس مؤمناً ولا كافراً والعبد يخلق أفعال نفسه بقدرة أودعها الله فيه ونفوا صفات الله القديمة ،وقالوا بخلق القرآن ، وعدم رؤية الله فى الآخرة0
و- الأشاعرة
أسسها أبو الحسن الأشعري ت324هـ ،وظهر فى هذا المذهب أساتذة منهم الباقلاني ، والاسفراييني والجويني ، والماتريدي 0
وشاع هذا كمذهب فى أنحاء العالم لتوسطه بين الآراء المخلتفة 0
وهو يقولون الإيمان هو التصدق القلبي ، والأعمال ليست ركناً بل هي شرط كمال الإيمان ، وتؤخذ النصوص القرآنية بظواهرها ويجوز أن يكون للصالحين كرامة.
ز- الماتريدية(1/28)
وهم اتباع أبو منصور الماتريدي وتوفى 323هـ وقالوا إن معرفة الله واجبة بالعقل وأثبتوا رؤية الله تعالى يوم القيامة 0
ح- القاديانية
تنسب إلى غلام أحمد القادياني الذى ادعى أنه مجدد للدين فاغتر به الكثير،ثم ادعى أنه المهدى ، ثم ادعى النبوة والرسالة وراجت أكاذيبه فى الهند وباكستان وأفريقيا ويحرمون الجهاد ويحجون إلى قادياز وهرمز الطوائف الخارجة عن الإسلام ، ويقول نحن نخالف المسلمين فى كل شئ فى الله وفى رسوله وفى القرآن ، وينادي بوجوب الطاعة للحكومة الإنجليزية 0
ط- البابية والبهائية
نشأت عام 1260هـ 1844م ، تنسب البهائية إلى على حسين الملقب بالبهاء زعم أنه الناطق بعلم الإمام المستور ثم ادعى أنه المهدي ثم ادعى الرسالة ثم ادعى أن الله قد حل فيه-تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً- أعلن عدم الإيمان باليوم الآخر ، وأنكر الجنة والنار ، ثم زعم أنه جمع بين اليهودية والنصرانية والإسلام وأنكر معجزات الأنبياء 0
الصلاة عندهم تسع ركعات فى البكور والزوال والآصال 0
والقبلة عندهم عكا والحج إليها ويحرمون الحجاب ، ويبيحون السفور والاختلاط وهى من طوائف الكفر والزندقة والإلحاد0
ى- الصوفية
ما كاد القرن الثالث يكتمل حتى ظهر التصوف ، وفى منتصف القرن الرابع بدأت الطرق الصوفية فى الانتشار بالعراق ومصر والمغرب ، وفى القرن السادس ظهر رجال يزعم كل منهم أنه من نسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ،واستطاع أن يقيم له طريقة، فظهر الرفاعي فى العراق،والبدوي والشاذلي فى مصر،وبنيت القباب على القبور فى عصر الفاطميين كقبر الحسين والسيدة زينب 0
وفى القرن التاسع والعاشر والحادي عشر ، ظهر آلاف الطرق الصوفية ، وفى القرن الثاني عشر قدر الله لهذه الأمة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ليدحض هذا الباطل الذى عم الآفاق0
قال الرازي: أكثر من قص فرق الأمة لم يذكر الصوفية وذلك خطأ ، وهم فرق:(1/29)
1- أصحاب العادات: وهم قوم غايتهم تزيين الظاهر كلبس الخرقة وتسوية السجادة 0
2- أصحاب العبادات: وهم قوم يشتغلون بالزهد والعبادة مع ترك سائر الأشغال.
3- أصحاب الحقيقة: وهم قوم إذا فرغوا من أداء الفرائض لم يشتغلوا بالنوافل بل بالكفر وتجريد النفس عن العلائق الجسمانية 0
4- النورية: وهم طائفة يقولون: أن الحجاب حجابان :نوري وناري0
أما النوري: فالاشتغال باكتساب الصفات المحمودة كالتوكل والشوق والمراقبة000 إلخ 0
وأما الناري : فإبليس لما كان نارياً فلا جرم أنه وقع فى الجسد0
5- الحلولية : وهم يتوهمون أنه قد حصل لهم الحلول أو الاتحاد فيدعون دعاوى عظيمة كالروافض حتى قال قائلهم:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا * وما الله إلا راهب فى كنيسة ؟!!!
سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً 0
6- المباحية : يدعون محبة الله ويخالفون شريعته ،ويقولون إن الحبيب رفع عنا التكاليف0
وهناك من يقسم الصوفية إلى قسمين:
الأول: وهم الغالبية العظمى من الصوفية وهم الذين:
1- يبنون المساجد على القبور ، ويعظمونها ، ويطوفون حولها، ويتمسحون بها، ويشدون الرحال إليها ، ويطلبون الحاجات منها0
2- يقيمون الموالد التى تعج بالمنكرات والشركيات ويزعمون بذلك أنهم يتقربون إلى الله !
3- الغلو فى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يصفونه بالألوهية والربوبية 0
قال البصيري :
يا أكرم الخلق مالي ما ألوذ به * سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها * ومن علومك علم اللوح والقلم
وغلوهم فى آل البيت والأولياء والصالحين لا يقل عن ذلك0
4- الشطح والرعونة ، فيمزقون ثيابهم عند سماع آية ، أو يذكرون الله حتى يتلفظوا بالكفر0
5- المكاشفة: كقولهم حدثني قلبي عن ربي!
وقولهم: أنتم تأخذون حديثكم ميتاً عن ميت ونحن نأخذه من الحي الذى لا يموت!(1/30)
6- الجهل بالشريعة: إذ يفرقون بين الشريعة والحقيقة ، ويسلمون بالكشف الذى يأتي بالرياضة والمجاهدة ، وليس بالتلقي فلا يبالون صح الحديث أو لم يصح 0
ومن الجهل قولهم: اللهم إن كنت أعبدك خوفاً من نارك فأدخلني فيها ، وإن كنت أعبدك طمعاً فى جنتك فاحرمني منه وإن كنت أعبدك لوجهك الكريم فلا تحرمني من رؤيته 0
وهذا كلام ظاهره أنيق ، ولفظه رشيق ، لكنه يحتوي على مخالفة الصراط المستقيم ، ومنهج النبي الأمين الذى قال: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الأنعام:15) وقوله : اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من سخطك والنار.
قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)(الانبياء: من الآية90)
وذلك عن أنبياء الله فهل هؤلاء الجهلة عبدوا الله أفضل من الأنبياء - سبحانك !
7- شيوع البدع بينهم بلا نكير ، بل البدعة هي أصلهم الأصيل 0
8- انتشار الأحاديث الموضوعة والمكذوبة فضلاً عن الضعيفة ويتدينون بها.
9- روايتهم لما لا يصح من الكرامات ، ومما يصادم الشرع وأكبر مثال: طبقات الشعراني 0
10- يعبدون الله بالسماع والرقص والتصفيق 0
11- الطاعة المطلقة من المريد للشيخ ، ومن اعترض أنطرد !
ومن قال للشيخ : لم ؟ لا يفلح أبداً ومن آدابهم من الشيخ ما يصل للتقديس.
ولا تجلس على وسادة * ولا تطأ لهم على سجادة
12- ترك الأخذ بالأسباب والدعوة للبطالة والكسل والتواكل 0
13- اتخاذهم فى الذكر منهجاً مخالفاً لمنهج الصحابة : كحلقات الذكر جماعة ، وبصوت واحد وأوراد وأحزاب مبتدعة ، ويعبدون الله بها !0
15- مخاطبتهم الله ورسوله بما لا يليق من ألفاظ العشق والوجد والسكر0
الثاني : ويتعلق بالبدع الكبرى :
1- الحلولية: يقولون بحلول الخالق فى المخلوق 0 تعالى الله عن كفرهم 0(1/31)
2- الاتحادية: لا يرون فرقاً بين الخالق والمخلوق أي هما شئ واحد ومن ذهب إلى هذا: الحلاج وابن الفارض وابن عربي وابن سبعين والتلمساني وغيرهم.
3- الإباحية: الذين قالوا بإسقاط التكاليف ، وأقام شيخ الإسلام ابن تيمية الدليل على كفرهم 0
4- القائلون بتفضيل الولي على النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
5- القائلون بإمكان رؤية الله فى الدنيا بالأبصار 0
من أقوالهم:
قال الجنيد : أحب للمبتدئ ألا يشغل نفسه بهذه الثلاث ، وإلا تغير حاله : التكسب، وطلب الحديث، والتزوج ، وأحب للصوفي أن لا يقرأ ولا يكتب لأنه أجمع لهمه 0
قال أبو طالب المكي : ليس على المخلوق أضّر من الخالق !
قال الحلاج : أنا الحق ، وصاحبي وأستاذي إبليس وفرعون .
وأفتى العلماء بكفره وقتل عام 309هـ .
قال التلمساني : القرآن شرك كله وإنما التوحيد فى كلامنا.
قال التيجاني : خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله !
وهناك أقوال فى طبقات الشعراني وغيرها يستحيي منها المسلم أن يذكرها!
فعقيدة الصوفية مخالفة لعقيدة المسلمين منحرفة عن الصراط المستقيم 0
طريقة محدثة ضلالة * بعيدة عن هدى ذي الرسالة
والصوفية اسم مبتدع فى دين الإسلام ومنهم : الشاذلية ،والرفاعية، والخلوتية ، والنقشبندية ،والتيجانية ، والجيلانية ، والبرهامية.
وهم يصفون ابن عربي بأنه الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر ! ، وتصف الشعراني بأنه الهيكل الهمداني ، والقطب الرباني ! ،وابن الفارض بأنه سلطان العاشقين !
بلغت تعاريف التصوف نحواً من ألفي تعريف ، والتعريف الصحيح هو : أنه بدعة ضلالة من شر البدع وأكبرها ضلالة إذ لم يعرف التصوف فى زمن نزول الوحي ولا بعده ، ولم يؤثر عن أحد من الصحابة الكرام أنه نطق به وكذا التابعون واشتهرت الصوفية بعد القرون الثلاثة الأولى
ومن العلماء الذين كتبوا فى ذم التصوف :
? ابن الجوزي : فى كتابه تلبيس إبليس 0(1/32)
? شيخ الإسلام ابن تيمية : فى كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
? عبد الرحمن الوكيل : فى كتاب هذه هي الصوفية 0
? عبد الرحمن عبد الخالق : فى كتاب الفكر الصوفي فى ضوء الكتاب والسنة0
? جميل غازي فى كتابه : الصوفية الوجه الآخر0
ومن أقوال العلماء فى الصوفية :
1-قال الشافعي : لو أن رجلاً تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق.!!
2-قال ابن تيمية فى السلوك من مجموع الفتاوى ص 229 :
وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمرأً فلا أصل له 0
وقال : ما لزم أحد الصوفيين أربعين يوماً فعاد إليه عقله أبداً 0
من عقائد المتصوفة
عقيدتهم فى الله: عقائد شتى منها: الحلول ووحدة الوجود والاتحاد 0
عقيدتهم فى الرسول: عقائد شتى منها : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يصل إلى مرتبتهم.
ومنها : أنه قبة الكون المستوى على العرش ، وكل شئ خلق من نوره 0
عقيدتهم فى الأولياء: عقائد شتى منها : أنهم يفضلون الولي على النبي ، ويجعلون الولي الغوث الذى يتصرف فى الكون 0
والأقطاب الأربعة الذين يمسكون الأركان الأربعة فى العالم والأبدال السبعة الذين يتحكمون فى قارات العالم السبع 0
والنجباء كل واحد منهم يتصرف فى ناحيته 0
عقيدتهم فى فرعون: أنه أفضل الموحدين لأنه قال (أنا ربكم الأعلى) وكل موجود هو الله 0
عقيدتهم فى إبليس: أكمل العباد ،وأفضلهم توحيداً لأنه لم يسجد إلا لله 0
ويعتقدون : أن الصلاة والزكاة والصوم والحج عبادات العوام أما هم فقد شرعوا لأنفسهم شرائع خاصة كالذكر المخصوص والخلوة 0
مدارس الصوفية
1- مدرسة الزهد ومن أفرادها : رابعة وابن آدهم وسفيان الثوري 0
2- مدرسة الكشف والمعرفة ومن أفرادها : الغزالي 0
3- مدرسة وحدة الوجود وزعيمهم محي الدين بن عربي ومن أفرادها جمال الدين الأفغاني 0
4- مدرسة الاتحاد والحلول : وزعيمها الحلاج 0
الطرق الصوفية كثيرة منها:(1/33)
1- القادرية : نسبة إلى عبد القادر الجيلاني 561 هـ
2- الرفاعية : نسبة إلى أحمد الرفاعي 580 هـ
3- الأحمدية : نسبة إلى أحمد البدوي 634 هـ
4- الدسوقية : نسبة إلى إبراهيم الدسوقي 676 هـ
5- الأكبرية : نسبة إلى الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي
6- الشاذلية : نسبة إلى أبي الحسن الشاذلي 656 هـ
الفرقة الناجية
هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون وكل من سار على نهجهم وسلك طريقتهم إلى يوم الدين 0
وهي الفرقة التى قال عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى جملة موجزة بليغة :ما أنا عليه وأصحابي0
فكيف كان هو وأصحابه ؟
كانوا ولا شك على عقيدة التوحيد الخالص ، والمنهج المستقيم.
قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )(آل عمران: من الآية110)
وقال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(يوسف:108) فمن تمسك بما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو من الفرقة الناجية 0
ومن تمسك بما كان عليه الصحابة بعد نبيهم فهو من الفرقة الناجية 0
وفى كل زمان ومكان من تمسك بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح فهو من الفرقة الناجية ولا شك 0
قال - صلى الله عليه وسلم - : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"0 (خ 3641 م 1037 )
ومن أعلام الدعوة السلفية: الإمام أحمد بن حنبل ، ويعد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مجدداً لمذهب السلف فى القرن السابع الهجري
ويعد الإمام محمد بن عبد الوهاب (1115- 1206) مجدداً فى القرن الثاني عشر الهجري حيث بدأ الدعوة عام 1143 هـ
ويعد محدث الدنيا فى العصر الحاضر شيخنا محمد ناصر الدين الألباني مجدداً للقرن الخامس عشر الهجري حتى انتشرت الدعوة السلفية فى جميع ربوع المعمورة.(1/34)
وهناك الكثير من الجماعات المعاصرة التى تدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، والتى انتشرت فى القرن الثالث عشر والرابع عشر ، وكثرت حتي كاد عددها لا ينحصر ، ولكنها تخالف ما عليه سلفنا الصالح ، فسنكتفي بالتلميح والإشارة فليس هذا بمقام الإفاضه ، ونذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر:
1- جماعة أنصار السنة المحمدية:
وهي جماعة تدعوا إلي التوحيد الخالص ، ومحاربة البدع ، وتدعوا إلي إقامة مجتمع إسلامي.
تأسست عام 1345هـ/ 1926م
2- الجمعية الشرعية:
جماعة تدعوا إلي التمسك بالإسلام ، وتهتم بالعمل الإجتماعي من كفالة اليتيم و رعاية الأسر الفقيرة وغير ذلك من النشاطات الاجتماعية.
3- جماعة التبليغ:
التى تأسست عام 1283هـ/ 1867م أسسها الشيخ محمد إلياس الكاندهلوى بالهند0
ومبادئها ستة هي :
1- الكلمة الطيبة : لا إله إلا الله محمد رسول الله.
2- إقامة الصلوات. 3- العلم والذكر.
4- إكرام كل مسلم. 5- الإخلاص.
6- النفر فى سبيل الله.
4- الإخوان المسلمون :
وهي جماعة نادت بالرجوع إلى الإسلام كما هو فى الكتاب والسنة ، داعية إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ،أسسها الشيخ حسن البنا عام 1928 م
5- جماعة التكفير والهجرة :
نشأت هذه الجماعة على يد شكري الذى بدأ نشاطه عضواً بالإخوان المسلمين ثم اعتقل عام 1965 م وعذب حتى حكم على من يمارسون التعذيب بالكفر ثم كفر الحاكم والحكومة وانتهى إلى تكفير المجتمع كله إلا من انضم إلى جماعته0
6- الجماعة الإسلامية :
حركة شباب مسلم يتلهف للعودة للإسلام ، جمعت تيارات عديدة ، انحصرت أنشطتهم فى المطالبة بتطبيق النظام الإسلامي .
وهذه الجماعات أخطأت في تطبيق المنهج الصحيح0
أهم مراكز العلم فى عصر الصحابة والتابعين
أن أهم البلاد التى كانت مراكز العلماء من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن التابعين: المدينة المنورة ، ومكة ، والبصرة ، والكوفة ، والشام ، ومصر 0(1/35)
المدينة المنورة
كان بها أكبر العلماء من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومنهم:عمر بن الخطاب ، وعلى بن أبى طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، رضى الله عنهم0
ثم صارت الفتوى والفقه إلى التابعين ، وعنهم إلى تابع التابعين ، كالزهري ، وفى وسط هذا الجو العلمي تخرج إمام دار الهجرة : مالك بن أنس رحمه الله تعالى.
مكة المكرمة
وكان من الصحابة هناك : معاذ بن جبل ، وابن عباس وغيرهم 0
ومن التابعين : عطاء وطاوس 0
وبعدهم : أبو الزبير ثم ابن جريج وابن عيينة ثم مسلم بن خالد الزنجي
وعن ابن عيينة والزنجي تلقى محمد بن أدريس الشافعي العلم فى أول حياته. رحمهم الله.
الكوفة
وكان بها من الصحابة : علىّ وابن مسعود 0
ومن التابعين : علقمة والنخعي 0
وبعدهم : إبراهيم النخعي ثم حماد بن أبي سليمان 0
ثم الطبقة التى أنجبت أبا حنيفة والثوري 0 رحمهم الله جميعاً 0
الشام
وكان بها من الصحابة : معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبو الدرداء0
ومن التابعين : أبو إدريس الخولاني 0
ومن الطبقة الثالثة : ابن جبير 0
ثم الطبقة الرابعة: الأوزاعي إمام أهل الشام الذى اشتهر مذهبه بعد ذلك فى المغرب والأندلس 0
مصر
كان بها من الصحابة : عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما 0
ومن التابعين : يزيد بن حبيب 0
ثم الليث بن سعد فقيه مصر الذى كان له مذهب متبع هناك زمناً.
أشهر أئمة المذاهب الفقهية
1- أبو حنيفة
حياته ونسبه : هو النعمان بن ثابت التيمى ، فقيه العراق وهو أقدم الأربعة حيث أدرك عصر الصحابة 0
ولد أبو حنيفة بالكوفة سنة 80 هـ ،وتفقه بها، وبها أسس مذهبه ، وتوفى ببغداد سنة 150 هـ .
أقوال العلماء عنه :
? قال الشافعي : الناس فى الفقه عيال على أبي حنيفة 0
? قال الثوري وابن المبارك : كان أبو حنيفة أفقه أهل الأرض فى زمانه ، وقد صحبه جماعة من العلماء تلقوا مذهبه ، وعرفوا بأصحاب أبي حنيفة 0(1/36)
وأشهرهم : أبو يوسف القاضي ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، والحسن بن زياد ، وزفر.
منهاجه :
منهاج أبي حنيفة رحمة الله عليه الذى سار عليه يقوم على أصول سبعة :
1-الكتاب ... ... 2- السنة ... ... 3- أقوال الصحابة ... ...
4-القياس 5-الاستحسان ... ... 6- الإجماع ... ... 7- العرف
انتشار مذهبه :
انتشر مذهبه بالعراق ومصر والشام وفارس واليمن والروم وبخاري والهند وأفغانستان ، ويسمى مذهبه مذهب أهل الرأي 0
من أقواله :
1- إذا صح الحديث فهو مذهبي0
2- لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه 0
أشهر علماء الحنفية :
النسفي ، والزيلعي ، والكمال بن الهمام ، والعيني 0
2- مالك
حياته ونسبه : هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري ، إمام دار الهجرة 0
ولد سنة 93 هـ بالمدينة وتوفى سنة 179 هـ بها ودفن بالبقيع 0
وكان يحث تلاميذه على الصبر فى طلب العلم ويقول : من طلب هذا الأمر صبر عليه.
وقد سئل يوماً أربعين سؤالاً فقال: لا أدري! فى ستة وثلاثين منها!
وكان يقول: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك 0
منهاجه :
1- الكتاب ... ... 2- السنة ... ... ... 3- الإجماع
4- القياس ... ... 5-عمل أهل المدينة ... ... 6-المصالح المرسلة
مؤلفاته :
1- الموطأ 2- المدونة الكبرى
انتشار مذهبه :
انتشر مذهبه بالمدينة والحجاز والبصرة ومصر والأندلس ، ويسمى مذهب أهل الحديث 0
من أقواله :
1-كل إنسان يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
2- إن كثرة الكلام لا توجد إلا فى النساء والضعفاء 0
3-كثرة الكلام تمج العالم وتنقصه وتذله 0
4- ما جالست سفيهاً قط 0
أقوال العلماء فيه :
? قال الشافعي : مالك حجة الله على خلقه 0
? قال الليث : مالك عالم تقي 0
أشهر علماء المالكية :
خليل ، الأجهوري ، الخرشى ، العدوى 0
3- الشافعي
حياته ونسبه : هو محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب القرشي المكي.
ولد بغزة عام 150 هـ وتوفى بمصر عام 204 هـ
رحلاته :(1/37)
انتقل إلى المدينة فى سن العشرين ، وتلقى العلم من الإمام مالك ، ثم رحل إلى العراق ولقى أصحاب أبي حنيفة وأخذ عنهم الفقه ورحل إلى فارس وشمال العراق ثم سافر إلى اليمن وأقام بها لتدريس العلم ، ثم عاد إلى بغداد وأتم بها مذهبه القديم ثم عاد إلى مكة ثم إلى بغداد ثم إلى مصر التى أقام بها حتى توفى رحمه الله تعالى 0
منهاجه :
1- الكتاب ... ... ... 2- السنة ... ... ... 3- الإجماع
4- قول الصحابة ... 5- اختلاف الصحابة ... ... 6- القياس
مؤلفاته :
1- الرسالة الأصولية ... ... 2- الأم ... ... ... 3- المبسوط
4- المسند ... ... ... 5- السنن
انتشار مذهبه :
انتشر مذهب الشافعي فى شمال مصر والعراق وخراسان واليمن وفارس وفلسطين وعدن وحضر موت والحجاز والشام والهند وأرمينية وبلاد الكرد وسيلان والفلبين 0
أصحابه :
وأشهرهم :المزني والبويطي 0
أقوال العلماء فيه :
? قال أحمد بن حنبل : عند حديث (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها) قال : الشافعي على رأس المائة الثانية 0
? قال أبو عبيد : ما رأيت أفصح ولا أعقل ولا أورع من الشافعي 0
من علماء الشافعية :
النووي ، العز بن عبد السلام ، ابن دقيق العيد ، السبكي ، الغزالي ، الرازي.
من أقوال الشافعي :
1- إذا رأيت رجلاً من أصحاب الحديث ،فكأنما رأيت رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،حفظوا لنا الأصل ،فلهم علينا الفضل 0
2- إذا وجدتم فى كتابي خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا بها ودعوا قولي0
3- إذا صح الحديث فهو مذهبي 0
4- أجمع العلماء على أنه من استبان له سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل أن يدعها لقول أحد.
5- شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... * فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأفهمني أن العلم نور * ونور الله لا يهدى لعاصي
6- وقال أيضاً :
كل العلوم سوى القرآن مشغلة * إلا الحديث وإلا الفقه فى الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا * وما سوى ذلك وسواس الشياطين
اختبار الشافعي:(1/38)
سأله بعض العلماء عشرة أسئلة معقدة أمام الخليفة هارون الرشيد نذكر منها:
1- ما قولك في رجل ذبح شاة في منزله ، ثم خرج لحاجة وعاد ، فقال لأهله: كلوا أنتم الشاة فقد حرمت علي ، فقل أهله: ونحن حرمت علينا كذلك؟
ج : إن هذا الرجل كان مشركاً فذبح الشاة علي اسم الأنصاب ، وخرج من منزله لبعض المهمات ، فهداه الله تعالي إلي الإسلام وأسلم فحرمت عليه الشاة ، وعندما علم أهله بإسلامه أسلموا هم أيضا فحرمت عليهم الشاة كذلك.
2- أعطي رجل لامرأته كيساً مملؤاً مختوما وطلب إليها أن تفرغ ما فيه بشرط ألا تفتحه أو تفتقه أو تكسر ختمه أو تحرقه ، وهي إن فعلت شيئاً من ذلك فهي طالق ؟
ج : إن الكيس كان مملؤاً بالسكر أو الملح وما علي المرأة إلا أن تضعه في الماء فيذوب ما فيه.
3- زنا خمسة نفر بامرأة ، فوجب علي أولهم القتل ، وثانيهم الرجم ، وثالثهم الحد ، ورابعهم نصف الحد ، وخامسهم لا شيء عليه ؟
ج : استحل الأول الزنا فصار مرتدا فوجب قتله ، والثاني كان محصنا ، والثالث غير محصن ، والرابع كان عبداً ، والخامس كان مجنوناً.
4- كان إمام يصلي مع أربعة نفر في مسجد فدخل عليهم رجل وصلي عن يمين الإمام ، فلما سلم الإمام عن يمينه ورأي ذلك الرجل ، وجب علي الإمام القتل ، وتسليم امرأته إلي ذلك الرجل ، ووجب علي المصلين الأربعة الجلد لكل واحد ثمانين جلدة ، ووجب هدم المسجد وبنائه بيتاً ؟
إن الرجل القادم كان له زوجة ، وسافر وتركها في بيت أخيه ، فقتل الإمام هذا الأخ ، وادعي أن المرأة كانت زوجة المقتول ، فتزوج منها وشهد علي ذلك الأربعة المصلون ، وأن المسجد كان بيتاً للمقتول فجعله الإمام مسجداً .
ثم سألهم سؤالاً واحداً وهو: مات رجلاً عن 600 درهم فلم تنل أخته من هذه التركة إلا درهما واحداً ، فكيف كان النظر في توزيع التركة ، فنظر العلماء بعضهم إلي بعض طويلاً ، ولم يستطع أحد الإجابة علي السؤال ، فقال الخليفة: قل لهم الجواب يا شافعي.(1/39)
فقال الشافعي: مات هذا الرجل عن ابنتين ، وأم ، وزوجه ، واثني عشر أخا ، وأخت واحدة.
فأخذت البنتان الثلثين ، وهو 400 درهماً ، وأخذت الأم السدس وهو 100 درهم ، وأخذت الأم السدس وهو 100 درهم ،وأخذت الزوجة الثمن وهو 75 درهماً وأخذت ، وأخذ الأثني عشر أخاً 24 درهماً ، فبقي درهماً واحداً أخذته الأخت.
4- أحمد بن حنبل
حياته ونسبه : هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني إمام أهل السنة.
ولد ببغداد سنة 164 هـ وتوفى بها سنة 241 هـ وهو إمام الدنيا وزاهد الوقت مجدد القرن الثالث على قول بعض الباحثين 0
حفظ ألف ألف حديث ،وله كتاب (المسند) الذى يحتوى على أربعين ألف حديث منها عشرة آلاف مكررة ،أخرجه من سبعمائة ألف حديث ، وله كتاب الزهد والصلاة والمناسك والتاريخ والناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر وفضائل الصحابة وغيرها 0
منهاجه:
1- النص من الكتاب والسنة الصحيحة 0
2- ما أفتى به الصحابة 0
3- الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف ، يعني الحسن كما قال ابن تيمية 0
5- القياس ولا يلجأ إليه إلا عند الضرورة 0
من علماء الحنابلة :
1-ابن تيميه 2-ابن القيم 3-أبو بكر الخلال 4-ابن قدامه 5-ابن مفلح
أقوال العلماء فيه :
? قال هلال بن العلاء : لولا أن ثبت أحمد فى الفتنة لكفر الناس 0
? قال الشافعي : ما رأيت أعقل من أحمد وسليمان بن داود الهاشمي 0
? وقال أيضاً : خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل 0
من أقواله :
1- الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، زيادته إذا أحسنت ، ونقصانه إذا أسأت 0
2- الاستواء : استواء كما أخبر كما يخطر على البشر 0
3- لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزعي ولا الثوري وخذوا من حيث أخذوا 0
4- من رد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو على شفا هلكة 0
5- من قال القرآن مخلوق فهو كافر 0
5- ابن حزم
حياته :
هو على بن أحمد بن سعيد بن حزم ، فقيه الأندلس 0(1/40)
ولد بقرطبة عام 384 هـ وتوفى عام 456 هـ، وكنيته أبو محمد ، نشأ فى تنعم ورفاهية ، ورزق ذكاءً مفرطاً ، وذهناً سيالاً 0
كان أبوه وزيراً ، فنشأ فى بيت وزارة ورياسة وسلطان ، وأحيا المذهب الظاهري الذى أنشأه داود الأصبهاني المتوفى عام 270 هـ
منهاجه :
الأخذ بظاهر النصوص من القرآن والسنة ، والجمود عند الظاهر ، وليس للعقل مجال مطلقاً وراء النصوص فلا اجتهاد بالرأي ولا قياس ولا مصلحة 0
انتشار مذهبه :
انتشر مذهبه بالأندلس وبلاد المشرق 0
أقواله :
منها: إياك ومخالفة الجليس ، ومعارضة أهل زمانك فيما لا يضرك فى دنياك ولا أخراك.
مؤلفاته :
المحلى ، الفصل فى الملل والنحل ، الإحكام فى أصول الأحكام ، طوق الحمامة 0
أقوال العلماء فيه :
? قال العز بن عبد السلام: ما رأيت فى كتب الإسلام فى العلم مثل المحلى لابن حزم وكتاب المغنى للشيخ موفق الدين 0
? قال الذهبي : صدق الشيخ عز الدين وثالثهما السنن الكبير للبيهقي ، ورابعها التمهيد لابن عبد البر فمن حصل هذه الدواوين وكان من أذكياء المفتين ، وأدمن المطالعة فيها فهو العالم حقاً 0
6- زيد بن علي
حياته : هو زيد بن على زين العابدين بن الحسن بن على بن أبي طالب 0 رضى الله عنهم.
ولد عام 80 هـ وقتل عام 122 هـ
علمه:
روى عن أبيه عن جده الحسين عن علىّ وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
كما روى عن أخيه محمد الباقر ، وعبد الله بن الحسن وغيرهم من التابعين.
مؤلفاته :
أهمها: المجموع الكبير وهو كتابان : مجموع الحديث ومجموع الفقه 0
منهاجه :
1-الكتاب ... ... 2-السنة ... ... 3-الاجتهاد إن لم يجد نصاً
4-الاعتبار من السنة بأقوال علىّ بن أبي طالب 0
أقواله :
كان أبو بكر - رضي الله عنه - إمام الشاكرين ثم تلا ( وسيجزى الله الشاكرين )
ثم قال : البراءة من أبي بكر هي البراءة من علىّ 0
قالوا عنه :
قال جعفر الصادق :برأ الله ممن تبرأ من زيد ، كان والله أقرأنا لكتاب الله 0(1/41)
وأفقهنا فى دين الله ، وأوصلنا للرحم 0
7- جعفر الصادق
هو جعفر بن محمد الباقر بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ولد عام 80 هـ وتوفى عام 148 هـ
أقواله:
1- الفقهاء أمناء الرسل فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلي السلاطين فاتهموهم.
2- لا زاد أفضل من التقواي ، ولا شيء أحسن من الصمت ، ولا عدواً أضر من الجهل ، ولا داء أدوأ من الكذب.
3- إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب وتورث النفاق.
8- ابن تيمية
حياته: هو أحمد تقي الله أبو العباس بن شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم بن مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني 0
ولد يوم 10 هـ ربيع الأول عام 661 هـ بحران وبقى بها إلى أن بلغ سبع سنين0
ثم انتقل مع والده إلى دمشق ومات عام 728 هـ 0
أهم مؤلفاته :
? تلخيص التلبيس على أساس التقديس (12) مجلداً.
? الصارم المسلول على شاتم الرسول.
? الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
? اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم.
? الكلم الطيب.
وبلغت فتاويه سبعة وثلاثين مجلداً منها مجلدان فهارس
منهاجه :
1-القرآن ... ... 2-السنة ... ... 3-الإجماع
4-القياس ... ... 5-الاستصحاب ... ... 6-المصالح المرسلة
محنته:
حاك له خصومه مؤامرات أدت إلي سجنه أربع مرات : مرتان بسجن القلعة بمصر بسبب الصوفية ، ومرتان بسجن القلعة بدمشق بسبب الطلاق وزيارة قبور الصالحين ، ومكث بالسجن حتي وفاته.
أقوال العلماء فيه :
? قال المزي : ما رأيت مثله ،ولا رأى هو مثل نفسه ، ولا رأيت أحداً أعلم بكتاب الله وسنة رسوله ، ولا أتبع لهما منه 0
? قال ابن دقيق العيد : لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلاً كل العلوم بين عينيه يأخذ ما يريد ،ويدع ما يريد وقلت له : ما كنت أظن أن الله بقى بخلق مثلك.
? قال الذهبي: لعل فتاويه فى الفنون تبلغ ثلاثمائة مجلد بل أكثر 0
وقال:كان يقضى منه العجب إذا سئل كأن السنة بين عينيه وعلى طرف لسانه.(1/42)
وقال : أحفظ من رأيت أربعة :ابن دقيق العيد ، والدمياطي ، وابن تيمية ، والمزي 0
التعصب المذهبي
إن المسلم ليس ملزماً باتباع مذهب معين ولكن ملزم باتباع القرآن والسنة.
قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36) وقال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبهمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبهمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور: من الآية63)
وقال - صلى الله عليه وسلم - :"من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"0( خ 7280)
وقال أيضاً : "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنة رسوله"0(ط-القدر3)
والأئمة متفقون على وجوب اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وليس واحد منهم يتعمد مخالفة الرسول عليه السلام فى شئ من سنته ، ولكن إن خفي عليه شئ منها اجتهد فربما أصاب وربما أخطأ وفى الحالتين فإنه مأجور ومعذور 0
إلا أن عذر الإمام ليس عذراً لأتباعه إن تبين لهم أن الحق خلافه 0
وقد جاءت الأخبار المتواترة عن الأئمة يتبرءون من مقلديهم إن خالفوا الحديث الصحيح لقولهم0
وهذا من كمال علمهم وتقواهم ، وكان أتباع الأئمة لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها بل تركوا كثيراً منها لما ظهر لهم الحق 0
فقد خالف أبو يوسف ومحمد بن الحسن الإمام أبا حنيفة فى ثلث المذهب وهذا من إنصافهم وإخلاصهم 0
ولم يقل أحد من الأئمة اتبعوني بل قالوا: خذوا من حيث أخذنا ،وقالوا إذا صح الحديث فهو مذهبي 0(1/43)
وجميع المذاهب قد أضيف إليها كثير من أفهام القرون المتأخرة ومنها كثير من الغلط ،والمسائل الافتراضية التى رآها الأئمة تبرءوا منها ، وقد ألف المقلدين كتباً ، وألزموا الناس تقليد واحد من الأئمة الأربعة ، وهم لا يعرفون عن الإمام المتبوع إلا اسمه ، وابتدعوا مذاهب ونسبوها للإمام ، وأفتوا فتاوى ضالة ، حتى كفر بعضهم بعضاً ، وأفتى بعضهم بعدم جواز تزوج الحنفي من الشافعية لأنها كافرة بالاستثناء !
ونشأ عن هذا الاختلاف المقامات الأربعة فى المسجد الحرام عام 500 هـ
فتعددت الجماعة ، وبأمثال هذه البدع حصل إبليس مقصداً من مقاصده إلا وهو تفريق المسلمين وتشتيت شملهم ، وزين علماء السوء للسلاطين هذا العمل 0
ورحم الله ابن المبارك حين قال :
وهل أفسد الدين إلا الملوك * وأحبار سوء ورهبانها
فالحذر كل الحذر من التزام مذهب معين فى كل مسألة فربما ترك العمل بكثير من الأحاديث الصحيحة ويخالفها ويعمل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وهذا كثير فى كتبهم وأسألك بالله العظيم أيها المسلم العاقل: هل يسئل الإنسان يوم القيامة لم، لم تتمذهب بمذهب فلان ؟ ولم خالفت المذاهب؟ ولم لم تدخل طريقة فلان ؟ إن ذلك ولا شك من اتخاذ الأخبار والرهبان أرباباً من دون الله 0
بل إن من دعا إلى اتباع شخص معين لا يخالفه فى شئ حتى ولو كان مخطئاً فقد اتخذه إلهاً من دون الله ، كما شيخ الإسلام رحمه الله تعالى 0
فاعلم أن المذاهب الحق الواجب الذهاب إليه والاتباع له إنما هو مذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الإمام الأعظم والأسوة والقدوة ومن تعصب لشخص غيره فهو ضال جاهل0
قال العلامة عبد الحق الدهلوي :إن الإمام المتبوع والمقتدى به حقاً هو النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمتابعة لغيره غير معقولة ، وهذه هي طريقة السلف الصالح ، نسأل الله أن يوفقنا لا تباعهم وأن يجعلنا من أتباعهم.
عيوب المذاهب فى القرون المتأخرة :
لها عيوب كثيرة جداً ومنها :(1/44)
1- مخالفة النصوص الصحيحة تعصباً للمذاهب بل وتقديم الرأي المحض عليها.
مثل : قول الحنفية : موقف الإمام فى صلاة الجنازة أن يقوم بحذاء الصدر سواء كان الميت رجلاً أو امرأة، لنه موضع القلب وفيه نور الإيمان !
والحديث الصحيح الصريح بأن يقف الإمام عند رأس الرجل ووسط المرأة !
2- امتلاء الكتب المذهبية بالأحاديث الضعيفة وبناء الأحكام عليها،مثل:
? الكلام فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش .
لا أصل له.
? إذا قهقه فى الصلاة أعاد الوضوء والصلاة 0 ضعيف
? ليس منا من استنجى من ريح0 لا أصل له
? من حج ولم يزرني فقد جفاني. لا يصح
? إذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام. ضعيف
3- تقديم أقوال المتأخرين على أقوال الأئمة والمتقدمين
مثل: الصلاة وراء المخالف فى المذاهب ، صار الرأي المفتي به فى المذهبين الحنفي والشافعي هو بطلان صلاة المأموم إذا علم أن إمامه أتى بما ينقض الوضوء أو الصلاة فى مذهب المأموم دون الإمام0
وهذا القول لم ينقل عن الصحابة ولا التابعين ولا الأئمة المتبوعين ، بل ثبت فى الحديث الصحيح :يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم 0
4- الانحباس فى مذهب واحد وعدم الاستفادة من المذاهب الأخرى 0
فالصحيح هو أخذ الحق والصواب من الجميع واختيار ما كان دليله راجحاً.
5- خلو كثير من الكتب المذهبية من الأدلة الشرعية ، فإنك تقرأ هذه الكتب وتقلب الصفحات العديدة ولا تكاد عينك تقع على آية أو حديث ولكنها أقوال وآراء ينقلها الآخر عن الأول وهكذا0
6- شيوع التقليد والجمود وإقفال باب الاجتهاد ، وادعاء المقلدين أن الكتاب والسنة لا يمكن فهمها ولكن كتب المذاهب قد أغنت عنهما !
7- مبالغات المقلدين فى تقديس الأئمة حتى درجة الغلو كقولهم عن أبى حنيفة: الإمام الأعظم !
فماذا بقى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - 0
8- فتح باب الحيل للتخلص من التكاليف الشريعة مثل :
? التحليل(1/45)
? تقبيل الأجنبية ليس حراماً إذا كانت قادمة من سفر 0
? من أراد إسقاط حد الزنا يسكر ثم يزنى.!
? من أراد سقوط الحج عنه مع قدرته عليه أن يملك ماله لقريب له عند خروج الركب ثم يسترده بعد0
9- الاشتغال بالفرضيات المستحيلة والحماقات السخيفة :
? قال الباجوري الشافعي: لو شق ذكره نصفين فأدخل أحدهما فى زوجة والشق الآخر فى زوجة أخرى وجب الغسل عليه دونهما !
? ويقول: لو دخل رجل فرج امرأة وجب عليه الغسل لأنه صدق عليه دخول حشفة فرجها 0
? ويقول: لو أدخل ذكره فى ذكر آخر وجب الغسل عليهما،كما أفتى به الرملي فما رأي عقلاء الدنيا؟!
? ويقول ابن عابدين فى حاشيته : الكعبة إذا رفعت عن مكانها لزيارة أصحاب الكرامة ففي تلك الحالة جازت الصلاة إلى أرضها !
ومع ذلك يقولون : وكلهم من رسول الله ملتمس !
10- نشر الخلاف والانقسام والفتن بين المسلمين مثل:
? تحريم زواج الحنفي من الشافعية ، ثم تجويزهم الزواج منها قياساً على أهل الكتاب !
دون تجويزهم زواج الشافعي من الحنفية 0
? قال قاضى دمشق الحنفي محمد بن موسى : لو كان لي أمر لأخذت الجزية من الشافعية 0
11- الأخذ ببعض ما يدل عليه النص دون بعضه الآخر مثل :
? الفاتحة لا نتعين قراءتها فى الصلاة لحديث المسئ صلاته، ثم خالفوا نفسي الحديث فى ترك الطمأنينة!
? واحتجوا على إسقاط جلسة الاستراحة بحديث أبي حميد الساعدي حيث لم يذكرهم وخالفوه فيما دل عليه نفسه من رفع اليدين عند الركوع والرفع منه0
12- التشدد فى بعض المسائل مما فيه عنت كبير على الناس 0
13- مخالفتهم فى الفروع لما قرروه بأنفسهم فى الأصول 0
14- فساد طريقة التأليف ، والتعقيد فى الأسلوب 0
15- مخالفة المقلدين للمذاهب لما هو مذكور فى كتبهم نفسها 0
وغير ذلك من الأخطاء الفادحة التى كان لها أكبر الأثر فى تخلف الأمة من ركب الحضارة وذلتها ومهانتها
(ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) 0
نبذة عن أصول الفقه
علم أصول الفقه(1/46)
الفقه لغة :الفهم العميق النافذ 0
اصطلاحاً : العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية 0
علم أصول الفقه :
هو علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية ، وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد.
فائدته :
التمكن من حصول قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية على أسس سليمة0
من هو الفقيه :
هو من عرف جملة غالبة من الأحكام الشرعية بالفعل 0
ويجب على المكلف أن يتعلم من العلوم الدينية ما يحتاج إليه فى عباداته ومعاملاته وما عدا ذلك مستحب
ولابد من طالب العلم من دراسة علم أصول الفقه وعلم مصطلح الحديث.
الأدلة الشرعية
الدليل: هو ما يستدل بالنظر الصحيح فيه على حكم شرعي عملي على سبيل القطع أو الظن.
? والأدلة الشرعية ترجع إلى أربعة :
1-القرآن الكريم ... ... 2-السنة
3-الإجماع ... ... ... ... 4-القياس
واتفق الجمهور على الاستدلال بها0
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )(النساء: من الآية59)
وهناك ست أدلة اختلف العلماء فى الاستدلال بها وهي :
الاستحسان ، المصالح المرسلة ، العرف ، الاستصحاب ، شرع من قبلنا ، مذهب الصحابي.
الدليل الأول : القرآن الكريم
خواصه: هو كلام الله الذى نزل به الروح الأمين على قلب رسول الله محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - .
ومن خواصه: أن ألفاظه ومعانيه من عند الله وأن ألفاظه عربية ،وهو منقول بالتواتر ، وهو ما بين الدفتين وهو ثابت ثبوتاً قطعياً لا شك ولا ريب فيه.
حجيته :
القرآن حجة على الناس ، وأحكامه قانون واجب عليهم اتباعه ، والبرهان على أنه من عند الله إعجازه للناس على أن يأتوا بمثله 0
أما نصوص القرآن من جهة دلالتها على ما تضمنته من الأحكام فتنقسم إلى قسمين :
الأول: نص قطعي الدلالة على حكمه:(1/47)
وهو ما دل على معنى متعين فهمه منه ، ولا يحتمل تأويلاً ولا مجال لفهم معنى غيره منه 0 مثال:
قوله تعالى : (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ )
(النساء: من الآية12)
الثاني : نص ظني الدلالة على حكمه:
وهو ما دل على معنى ولكن يحتمل أن يؤول ويصرف عن هذا المعنى ويراد منه معنى غيره.
مثال: قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ )
(البقرة: من الآية228)
والقرء : مشترك بين معنيين :الطهر والحيض ، فيحتمل ثلاثة أطهار ويحتمل ثلاثة حيضات 0
الدليل الثاني : السنة
تعريفها : هي ما صدر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، من قول أو فعل أو تقرير 0
حجيتها :أجمع المسلمون على أن ما صدر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير، ونقل إلينا بسند صحيح يكون حجة على المسلمين ومصدراً تشريعياً يجب العمل به.
البراهين على حجية السنة :
1- نصوص القرآن الكريم،وهي كثيرة ومنها قوله تعالى:(قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ)(آل عمران: من الآية32)
2- إجماع الصحابة فى حياته وبعد وفاته على وجوب اتباع سنته0
3- إن القرآن فرض الله فيه على الناس عدة فرائض مجملة غير مبينة لم تفصل فى القرآن أحكامها ولا كيفية أدائها كقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )(البقرة: من الآية43) ، ولا يتم ذلك إلا باتباع السنة المبينة لها 0
4- سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - تبليغ رسالة ربه ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ )(المائدة: من الآية67)
5- نصوص القرآن التى تثبت أنه يتكلم عن الله ، قال تعالى : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) (لنجم:3) هذا وقد سبق تفصيل الكلام عن أقسام الحديث من حيث القبول والرد فليرجع إليه هناك 0
الدليل الثالث : الإجماع(1/48)
تعريفه : هو اتفاق جميع المجتهدين من المسلمين فى عصر من العصور بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على حكم شرعي فى واقعة 0
أركانه :
1- أن يوجد فى عصر وقوع الحادثة عدد من المجتهدين 0
2- أن يتفق على الحكم الشرعي فى الواقعة جميع المجتهدين من المسلمين وقت وقوعها ، بصرف النظر عن بلدهم أو جنسهم أو طائفتهم من جميع مجتهدى العالم الإسلامي 0
3- أن يكون اتفاقهم بإبداء كل منهم رأياً صريحاً فى الواقعة ، واتفقوا جميعاً على حكم واحد 0
4- أن يتحقق الاتفاق من جميع المجتهدين على الحكم فلو اتفق الأكثر لا ينعقد الإجماع مهما قل عدد المخالفين 0
حجيته :
إذا توافرت الأركان كان الحكم المتفق عليه قانوناً شرعياً واجباً اتباعه ولا يجوز مخالفته، وليس للمجتهدين
فى عصر تال أن يجعلوا ما أجمع عليه موضع اجتهاد لأن الحكم الثابت فى الواقعة بهذا الإجماع حكم شرعي قطعي لا مجال لمخالفته ولا لنسخه 0
الدليل على حجيته :
أن الله تعالى أمر بطاعة أولى الأمر وأولو الأمر الذين هم المجتهدون ، وأثبت النص أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام قال تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115) إمكان انعقاده :
الإجماع يمكن انعقاده فقد انعقد الإجماع على :
خلافة أبي بكر – تحريم شحم الخنزير – توريث الجدات السدس – حجب ابن الابن من الإرث بالابن – بطلان زواج المسلمة من غير المسلم 00 وغير ذلك.
أنواعه :
1- الإجماع الصريح :
وهو أن يتفق مجتهدو العصر على حكم واقعة بإبداء كل منهم رأيه صريحاً بفتوى أو قضاء ، ويسمى إجماعاً حقيقياً ، وهو حجة شرعية 0
2- الإجماع السكوتي :
وهو أن يبدي بعض مجتهدي العصور رأيهم صراحة فى الواقعة بفتوى أو قضاء ويسكت عن إبداء رأيهم فيها بموافقة ما أبدى منها أو مخالفته 0(1/49)
وهذا الإجماع اختلف فى حجيته :
فذهب الجمهور : إلى أنه ليس بحجة ، ولا يخرج عن كونه رأي بعض المجتهدين.
والإجماع الصريح : قطعي الدلالة على حكمه 0
والإجماع السكوتي : ظني الدلالة على حكمه 0
الدليل الرابع : القياس
تعريفه : هو إلحاق واقعة لا نص على حكمها بواقعة ورد نص بحكمها فى الحكم الذى ورد به النص لتساوي الواقعتين فى علة هذا الحكم .
مثل :(شرب الخمر) : واقعة ثبت بالنص حكمها وهو: ( التحريم ) الذى دل عليه قوله تعالى: ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ )(المائدة: من الآية90)
العلة : الإسكار
فكل نبيذ فيه هذه العلة فيسوى بالخمر فى حكمه ويحرم شربه 0
حجيته :
القياس حجة شرعية على الأحكام عند : الجمهور.
وليس القياس حجة عند : الظاهرية والنظامية وبعض فرق الشيعة0
أدلة مثبتي القياس :
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59) أركانه :
1- الأصل: وهو ما ورد بحكمه نص ويسمى ( المقيس عليه ) 0
صفر ذو القعدة الفرع: وهو ما لم يرد بحكمه نص ويراد تسويته بالأصل فى حكمه ويسمى (المقيس ) 0
ربيع أول ذو القعدة حكم الأصل: وهو الحكم الشرعي الذى ورد به النص فى الأصل ويراد أن يكون حكماً للفرع0
ربيع ثان ذو القعدة العلة: وهي الوصف الذى نبني عليه حكم الأصل ، وبناء على وجوده فى الفرع يسوي بالأصل فى الحكم 0
(فشرب الخمر) أصل لأنه ورد نص بحكمه ( فاجتنبوه )
وحكمه التحريم ، والعلة هي الإسكار ، ونبيذ التمر فرع لأنه يرد نص بحكمه ، وقد ساوى الخمر فى أن كلا منهما مسكر فليحق به فى الحكم وهو
( التحريم ) 0(1/50)
شروط القياس :
1- أن لا يصادم دليلاً أقوى منه 0
2- أن يكون حكم الأصل ثابتاً بنص أو إجماع 0
3- أن يكون حكم الأصل علة معلومة ، ليمكن الجمع بين الأصل والفرع.
ربيع ثان ذو القعدة أن تكون العلة مشتملة على معنى مناسب للحكم يعلم من الشرع اعتباره كالإسكار 0
جمادى أول ذو القعدة أن تكون العلة موجودة فى الفرع كوجودها فى الأصل 0
الدليل الخامس : الاستحسان
تعريفه: هو عدول المجتهد عن مقتضى قياس جلي إلى مقتضى قياس خفي ، أو عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لدليل انقدح فى عقله رجح لديه هذا العدول 0
أنواعه :
1- ترجيح قياس خفي على قياس جلي بدليل .
مثل : نص فقهاء الحنفية على أن سؤر سباع الطير كالنسور والغراب والحدأة طاهر استحساناً ، نجس قياساً0
2- استثناء جزئية من حكم كلي بدليل .
مثل : نهى الشارع عن بيع المعدوم ورخص استحساناً فى السّلم والإجارة والمزارعة وهي كلها عقود المعقود عليه فيها معدوم وقت التعاقد 0
ووجه الاستحسان : حاجة الناس 0
حجيته :
الاستدلال به إنما هو استدلال بقياس خفي ترجح على قياس جلي أو هو ترجيح قياس على يعارضه وقد احتج به أكثر الحنفية 0
وأنكره الشافعي فقل : ( من استحسن فقد شرع ) وعده البعض من الأدلة الفاسدة 0
وبعد معرفة حقيقة فلا يوجد خلاف على حجتيه 0
أقسامه :
1- استحسان السنة : وهو ما ثبت من السنة ويوجب رد القياس 0
مثل: يصح صيام الناس إذا أكل أو شرب بالسنة ، والقياس يوجب الإفطار فيرد القياس0
2- استحسان الإجماع : وهو أن يترك القياس فى مسألة لانعقاد الإجماع على غير ما يؤدي إليه 0
مثل: انعقاد الإجماع على صحة عقد الاستصناع ، والقياس يوجب بطلانه لأن محل العقد معدوم وقت إنشاء العقد ، ولكن العمل على صحته ، وكان عدولاً عن الدليل إلى أقوى منه 0
3-استحسان الضرورة :
وهو أن يوجد فى المسألة ضرورة تحمل المجتهد على ترك القياس.
الدليل السادس : المصلحة المرسلة(1/51)
تعريفها: هي المصلحة المطلقة التى لم يشرع الشارع حكماً لتحقيقها ولم يدل دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها ، وسميت مطلقة لأنها لم تقيد بدليل اعتبار أو إلغاء 0
مثال: المصلحة التى شرع لأجلها الصحابة اتخاذ السجون أو ضرب النقود0
حجيتها : ذهب الجمهور إلى أن المصلحة المرسلة حجة شرعية 0
بدليل : أن مصالح الناس تتجدد ولا تتناهى ، وأن من استقرأ تشريع الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين يتبين أنهم شرعوا أحكاماً كثيرة لتحقيق مطلق المصلحة لا لقيام شاهد باعتبارها 0
فأبو بكر - رضي الله عنه - ، جمع الصحف المفرقة التى دون فيها القرآن الكريم ، وحارب مانعي الزكاة 0
وعمر - رضي الله عنه - ، أمضى الطلاق ثلاثاً بكلمة واحدة ، واتخذ السجون 0
وعثمان - رضي الله عنه - ، جمع المسلمين على مصحف واحد وحرق ما عداه 0
وعلي - رضي الله عنه - حرّق الغلاة من الشيعة 0
شروط الاحتجاج بها :
1-أن تكون مصلحة حقيقية وليست مصلحة وهمية 0
2-أن تكون مصلحة عامة وليست شخصية 0
3-أن لا يعارض التشريع بهذه المصلحة حكماً أو مبدأ ثبت بالنص أو بالإجماع 0
الدليل السابع : العرف
تعريفه: هو ما تعارفه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ، ويسمى العادة 0
أنواعه :
1-عرف صحيح :
وهو ما تعارفه الناس ، ولا يخالف دليلاً شرعياً ولا يحل محرماً ولا يبطل واجباً 0
مثال : تعارف الناس على تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر 0
2- عرف فاسد :
وهو ما تعارفه الناس ، ولكنه يخالف الشرع 0
مثل : تعارف الناس كثيراً من المنكرات فى الموالد والمآتم ، وتعارفهم أكل الربا وعقود المقامرة 0
حكمه :
العرف الصحيح يجب مراعاته فى التشريع وفى القضاء 0
والإمام مالك رحمه الله بنى كثيراً من أحكامه على عمل أهل المدينة 0
الدليل الثامن : الاستصحاب
تعريفه: هو الحكم على الشيء بالحال التى كان عليها من قبل حتى يقوم دليل على تغير تلك الحال 0
وعلى الاستصحاب بنيت المبادئ الشرعية الآتية :(1/52)
? الأصل بقاء ما كان حتى يثبت ما يغيره 0
? الأصل فى الأشياء الإباحة 0
? ما ثبت باليقين لا يزول بالشك 0
? الأصل فى الإنسان البراءة 0
الدليل التاسع : شرع من قبلنا
إذا قص القرآن الكريم أو السنة الصحيحة حكماً من الأحكام الشرعية التى شرعها الله لمن سبقنا من الأمم ونص على أنها مكتوبة علينا : فلا نخاف فى أنها شرع لنا.
مثال: قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) وإذا قص القرآن الكريم أو السنة الصحيحة حكماً من الأحكام الشرعية وقام الدليل الشرعي على نسخه فلا خلاف فى أنه ليس شرعاً لنا 0
مثال: ما كان فى شريعة موسى عليه السلام من أن العاصي لا يكفر ذنبه إلا أن يقتل نفسه 0
ومن أن الثواب إذا أصابته نجاسة لا يطهره إلا قطع ما أصيب منه 0
وإذا قص القرآن الكريم أو السنة الصحيحة حكماً ولم يرد فى شرعنا ما يدل على أنه مكتوب علينا أو أنه منسوخ 0
ففيه خلاف :
ذهب الجمهور إلى أنه شرع لنا وعلينا اتباعه 0
وقال بعض العلماء لا يكون شرعنا 0
والحق هو المذهب الأول لأن شريعتنا إنما نسخت من الشرائع السابقة ما يخالفها فقط ، ولأن القرآن مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل فما لم ينسخ حكماً فى أحدهما فهو مقرر له 0
الدليل العاشر : مذهب الصحابي
لا خلاف فى أن قول الصحابي لا يدرك بالرأي والعقل يكون حجة على المسلمين لأنه لابد أن يكون قاله عن شرع من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما لم يكن معروفاً بالأخذ عن أهل الكتاب 0
ولا خلاف أيضاً فى أن قول الصحابي الذى لم يعرف له مخالف من الصحابة يكون حجة على المسلمين 0
وإنما الخلاف فى قول الصحابي الصادر عن رأيه واجتهاده ولم تتفق عليه كلمة الصحابة.(1/53)
قال أبو حنيفة رحمة الله تعالى : إذا لم أجد فى كتاب الله ولا سنة رسوله أخذت بقول الصحابة من شئت وأدع قول من شئت ثم لا أخرج عن قولهم إلى غيره فلا يسوغ مخالفة رأيهم جميعاً 0
الحكم التكليفى
هو ما اقتضاه خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير 0
وينقسم إلى خمسة أقسام وهي :
الإيجاب – الندب – التحريم – الكراهة – الإباحة 0
أ- الواجب
تعريفه: هو ما طلب الشارع فعله من المكلف طلباً حتماً ودل على تحتيم فعله ترتيب العقوبة على تركه أو على قرينة شرعية أخري 0
ويثاب فاعله ويعاقب تاركه ويسمى : الفرض واللازم والركن 0
مثل : كتب عليكم 0 فرض عليكم 0 وأقيموا الصلاة 0 آتوا الزكاة 0 وقضى ربك 0
ومنكر الواجب كافر ، وتاركه متأولاً فاسق 0
ويقسم الواجب إلي:
1- مطلق ومؤقت :
المطلق : هو ما ألزم الشارع بفعله دون أن يحدد من عمر المكلف وقتاً لأدائه ، فلا يذم المكلف على تأخير فعله من وقت الاستطاعة 0
مثل : الكفارة على الحنث فى اليمين 0
فإن شاء الحانث كفّر بعد الحنث مباشرة ، وإن شاء كفّر بعد ذلك ولا إثم عليه بالتأخير ، ولكن ينبغي له المبادرة إلى الأداء لأن الآجال مجهولة ، ولا يعلم الإنسان متى تحل به مصيبة الموت 0
المؤقت : هو ما طلب الشارع فعله حتماً فى وقت معين : كالصلوات الخمس ، وصوم رمضان ، والحج ويأثم المكلف بتأخيره عن وقته بغير عذر لأنه واجبان.
فعل الواجب ، وفعله فى وقته ،وينقسم إلى :
أ- المضيق : وهو ما ألزم الشارع بفعله فى وقت مساو لوقت أدائه 0
مثل : صيام يوم من رمضان 0 فلا يتسع لغيره 0
ب- الموسع : وهو ما ألزم الشارع بفعله فى وقت يزيد على وقت أدائه 0
مثل : الصلوات المكتوبة 0
فيمكن فعلها وفعل غيرها من جنسها فى وقتها 0
ج- ذو الشبهين : هو ما ألزم الشارع المكلف بفعله فى وقت يشبه الموسع من جهة ويشبه المضيق من جهة أخرى مثل : الحج 0
فهو مضيق من حيث إنه لا يصح إيقاع أكثر من حج فى العام الواحد 0(1/54)
وموسع من حيث إنه يسع أعمال الحج وغيرها من جنسها 0
2- عيني وكفائي :
العيني : هو ما طلب الشارع فعله من كل فرد من أفراد المكلفين ولا يجزئ قيام مكلف عن آخر 0
مثال :الصلاة والزكاة والصوم والحج والوفاء بالعقود واجتناب المحرمات كالخمر والميسر وإعطاء كل ذي حق حقه 0
الكفائي : هو ما طلب الشارع فعله من مجموع المكلفين لا من كل فرد منهم بحيث إذا قام به بعض المكلفين فقد أدى الواجب وسقط الإثم والحرج عن الباقين ، وإذا لم يقم به أي فرد أثم الجميع بإهمال هذا الواجب كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتكفين الموتى وصلاة الجنازة 0
ففرض الكفاية واجب على الجميع وكل بقدر ما تهيئه له قدرته 0
وقد ينقلب عينياً إذا كان المطالب به واحداً 0
3- محدد وغير محدد :
المحدد : هو ما عين له الشارع مقداراً معلوماً بحيث لا تبرأ ذمة المكلف من هذا الواجب إلا إذا أداه على ما عيّن الشارع : كالصلوات الخمس 0
والواجب المحدد يجب ديناً فى الذمة وتجوز المقاضاة به إذا كان مالياً 0
غير المحدد: وهو ما لم يعين الشارع مقداره، بل طلبه بغير تحديد، كالإنفاق فى سبيل الله والتعاون على البر
ولا يجب ديناً فى الذمة ، ولا يجوز المقاضاة به 0
4- معين ومخير :
المعين : هو ما طلبه الشارع بعينه من غير تخيير كالصلاة والصيام 0
ولا تبرأ ذمة المكلف إلا بأدائه بعينه دون غيره 0
المخير : وهو ما طلب الشارع واحدة من أمور معينة : كأحد خصال الكفارة الثلاثة ، وتبرأ الذمة بأداء أي واحدة منها 0
ب- المندوب
المندوب : هو ما طلب الشارع فعله من المكلف طلباً غير حتم ، بأن كانت صيغة طلبه نفسها لا تدل على التحتيم ، أو اقترنت بطلبه قرائن تدل على عدم التحتيم 0
مثال :
? إذا طلب الشارع الفعل بصيغة : يسن كذا أو يندب كذا ، كان المطلوب مندوباً .
? وإذا طلبه بصيغة الأمر ، ودلت القرينة على أن الأمر للندب كان مندوباً 0(1/55)
والمندوب يسمى السنة والنافلة والمستحب والتطوع والإحسان والفضيلة 0
ويثاب فاعله ولا يعاقب تاركه وقد يستحق اللوم والعتاب 0
ومراتب المندوب ثلاث :
1- مؤكدة :
وهو ما طلب فعله على وجه التأكيد ، وهو الذى لازم النبي - صلى الله عليه وسلم - على أدائها منبهاً على أنها ليست فرضاً 0
مثل : الوتر – سنة الفجر- الأذان – الجماعة 0
2- غير مؤكدة :
وهو مشروع فعله ، وفاعله يثاب وتاركه لا يستحق عقاباً ولا لوماً 0
مثل ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - – وتركه كالسنن غير المؤكدة.
3- زائدة :
وتعد من الكماليات للمكلف.
مثل : الاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فى أموره العادية التى تصدر عنه بصفته إنساناً، مثل أكله وشربه ونومه ومشيه.
والمندوب وإن كان غير لازم باعتبار جزئه إلا أنه لازم باعتبار الكل بمعنى أنه لا يصح للمكلف أن يترك المندوبات جملة فهذا قادح فى عدالته ، ويستحق عليه التأديب والزجر 0
فالمندوب مندوب للآحاد واجب للجماعة كأنه فرض كفاية 0
فالأذان : لا يجوز تركه جملة وإلا استحق فعل المصر على تركه القتال 0
وصلاة الجماعة : لا يجوز لأحد أن يتركها تركاً تاماً وإلا ردت شهادته 0
والنكاح : لا يجوز ترك الكل له وإلا فنيت الأمة 0
ج- المحرم
وهو ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام بالترك ، كعقوق الوالدين0
ويثاب تاركه امتثالاً ، ويستحق العقاب فاعله 0
ويسمى محظوراً وممنوعاً 0
قال تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ)(المائدة: من الآية3)
وينقسم المحرم إلى قسمين :
1- محرم لذاته : وهو فعل حكمه الشرعي التحريم من الابتداء مثل :
الزنا – السرقة – أكل الميتة – شرب الخمر 00 وغير ذلك مما يمس الضروريات الخمس وهي :
حفظ الجسم والنسل والمال والعقل والدين 0
حكم هذا النوع :
لا يحل للمكلف فعله ، وإذا فعله لحقه الذم والعقاب 0(1/56)
ولا يصلح أن يكون سبباً شرعياً تترتب عليه أحكامه ، وإذا كان محل العقد بطل العقد ، ولم يترتب عليه أثره الشرعي 0
فالسرقة :لا تكون سبباً شرعياً لثبوت الملك 0
والزنا :لا يصلح سبباً شرعياً لثبوت النسب والتوارث 0
والميتة : إذا كانت محلاً للعقد بطل البيع ولم يترتب عليه ما يترتب على العقد الصحيح 0
ولكن قد يباح المحرم لذاته عند الضرورة لأن تحريمه كان سبب مفاسده الذاتية المعارضة لحفظ الضروريات الخمس 0
فمثلاً : الخمر يحل شربها دفعاً لهلاك النفس ، وكذلك الميتة ، لأن حفظ النفس ضروري فكان لابد من تحصيله بإباحة المحرم 0
2- محرم لغيره : ويسمى محرماً لعارض 0
وهو فعل حكمه الشرعي ابتداءً الوجوب أو الندب أو الإباحة ولكن اقترن به عارض جعله محرماً مثل: البيع بعد النداء لصلاة الجمعة 0 فالبيع مباح ولكن اقترن به ما جعله محرماً 0
قال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الجمعة:9)
? وطء الرجل زوجته حال حيضها 0
? النكاح مع الخطبة على خطبة الغير 0
? النكاح المقصود به تحليل المطلقة ثلاثاً لمطلقها0
حكم هذا النوع :
يصلح سبباً شرعياً تترتب عليه آثاره ، فالعمل صحيح مع الأثم 0
وقيل بفساد الفعل وبطلان العمل 0
د - المكروه
هو ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام بالترك 0 كالأخذ بالشمال والإعطاء بها0
والمكروه : يثاب تاركه امتثالاً ، ولا يعاقب فاعله 0
وقد يكون ذلك بنفس الصيغة :
(إن الله كره لكم قيل وقال000 ) ( خ 1477)
وإما أن تكون الصيغة من صيغ النهى وقامت القرينة على صرفها إلى الكراهة مثل :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)
(المائدة: من الآية101)
والقرينة الصارفة عن التحريم ما جاء بنفس الآية :
((1/57)
وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ )(المائدة: من الآية101)
ويستحب للمسلم ترك المكروه حماية للدين وصيانة للعرض ، وطلباً لمزيد من الأجر والثواب 0
والمكروه فى تعبير القرآن الكريم يطلق على الشيء المحرم :
قال تعالى : (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) (الاسراء:38) هـ- المباح
هو ما لا يتعلق به أمر ولا نهى لذاته ، أو ما خير الشارع المكلف بين فعله وتركه ، فلم يطلب منه الفعل ولم يطلب منه أن يكف عنه 0
والمباح : لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب ، ولا مدح ولا ذم ، ويسمى الحلال و الجائز 0
كيف تثبت الإباحة :
تثبت الإباحة بأحد أمور أربعة :
1- النص على الحل كتناول الطيبات لقوله تعالى:(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) (المائدة: من الآية5)
2- النص على نفى الإثم أو الحرج أو الجناح كقوله تعالى :
(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)(البقرة: من الآية173)
2- التعبير بصيغة الأمر مع وجود قرينة تصرفه إلى الإباحة.
مثل :(وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا )(المائدة: من الآية2)
(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ)(الجمعة: من الآية10)
والقرينة هي : الأمر بعد الخطر ، فهذه الأشياء كانت محظورة قبل ذلك فإذا جاء الأمر بعد النهى دلّ على الإباحة 0
4- استصحاب الإباحة الأصلية للأشياء : بناء على أن الأصل فيها الإباحة مثل :المأكل والمشرب والملبس والمسكن 0
وقد يثاب الإنسان على فعل المباح بالنية الصالحة ، كالأكل بنية التقوى على العبادة ، والنكاح بنية تكثير عدد المسلمين 0
وقد يكره المباح: كمن يتخذ اللهو البريء عادة له ، وقضى أوقاته فيه 0
وقد يحرم المباح : كمن يداوم على ترك وطء الزوجات لما فيه من الضرر بهن0
تراجم أئمة الحديث
1- البخاري
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الفارسي 0(1/58)
ولد ببخارى سنة 194 هـ وتوفى بسمرقند سنة 256 هـ ، والتقى بأحمد بن حنبل ببغداد 0
قال البخاريّ: خرجت كتاب الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث 0
وما فى الصحيح بالمكرر(9082) حديثاً ، وبغير المكرر من المتون(2602) حديثاً 0
ألفه فى ستة عشر عاماً ، واشترط السند المتصل الذى توفر فى رجاله:
العدالة ، والضبط ، واللقيا ، وثبوت السماع0
وقد شرح صحيح البخاري (82) شرحاً أو يزيد ، أشهرها:الزركشي ، وابن حجر ، والعيني ، والسيوطي
مؤلفاته غير الصحيح :
التاريخ الكبير ، والأوسط ،والصغير ، والأدب المفرد ، والتفسير الكبير ، والمسند الكبير ، والعلل ، والضعفاء ، وأسامى الصحابة ، والكنى ، وغيرها.
من أقواله :
1-ما وضعت فى كتابي (الصحيح) حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
2-ما أدخلت فى كتابي إلا ما صح ، وتركت من الصحاح كي لا يطول0
3-أحفظ مائة ألف حديث صحيح ، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح0
ثناء الأئمة عليه :
قال نعيم بن حماد : محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة 0
قال محمد بن بشار : حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة ، والدارمي ، ومحمد بن إسماعيل ، ومسلم 0
قال محمد بن اسحق بن خزيمة : ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحفظ له من محمد بن إسماعيل 0
2- مسلم
هو مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري 0
ولد سنة 204 هـ وتوفى بنيسابور سنة 261 هـ
وقال:صنفت المسند من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة 0
بلغت أحاديث (الصحيح ) أربعة آلاف من غير المكرر ، وكان قد جمعه فى اثنى عشر ألف حديث كتبها فى خمسة عشر عاماً 0
ولم يشترط مسلم اللقاء بل اكتفى بالمعاصرة 0
مؤلفاته :
أهمها الصحيح والأسماء والكنى والأفراد والوحدان 0
وللعلماء فى المفاضلة بين صحيحى البخاري ومسلم خلاف ، ولقد أنصف من قال :
تشاجر قوم فى البخاري ومسلم * لدىّ وقالوا : أي ذين تقدم
فقلت : لقد فاق البخاري صحة * كما فاق فى حسن الصناعة مسلم(1/59)
3- أبو داود
هو سليمان بن الأشعت السجستاني 0
ولد سنة 202 هـ وتوفى بالبصرة سنة 275 هـ 0
أخذ الحديث من أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، وقتيبة ومسدد وغيرهم.
قال أبو داود : كتبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - – خمسمائة ألف حديث- فانتخبت منها أربعة آلاف حديث ، وثمانمائة حديث ضمنتها هذا الكتاب 0
من مؤلفاته :
كتاب السنن ، والمراسيل ، والقدر ، والناسخ والمنسوخ ، وفضائل الأعمال ، والزهد ، ودلائل النبوة ، وابتداء الوحي ، وأخبار الخوارج 0
قال النووي : ينبغي للمشتغل بالفقه وغيره الاعتناء بسنن أبى داود ، وبمعرفته التامة فإن معظم أحاديثه يحتج بها فيه ، مع سهولة تناوله ، وتلخيص أحاديثه ، وبراعة مصنفه ، واعتنائه بتهذيبه 0
وقالوا عنه :
(ألين لأبى داود الحديث ، كما ألين لداود عليه السلام الحديد)! إبراهيم الحربي 0
الذين ميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب أربعة :البخاري ومسلم وبعدهما أبو داود والنسائي (أبو عبد الله بن منده )
4- الترمذي
هو محمد بن عيسى بن سورة الترمذي 0 ولد سنة 209 هـ ، وتوفى بترمذ سنة 279 هـ رحل فى طلب الحديث إلى الحجاز والعراق وخراسان وغيرها0
ومن أساتذته : البخاري وقتيبة بن سعيد وابن حجر0
وكان مضرب المثل فى الحفظ والإتقان.
منهجه :
يتتبع روايات الحديث ، ويذكر الصحابة الذين أثر عنهم فى بابه ، ويبين درجته من صحة وحسن وضعف ، وشهرة وغرابة ثم يعقب بإثارة من علم عن فقه الحديث ولهذا يعد كتابه سنة وفقه معاً 0
مؤلفاته : الجامع ، والعلل ، والتاريخ ، والشمائل ، والزهد ، والأسماء والكنى.
ثناء العلماء عليه :
قال له البخاري : ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي !
وقال عن كتابه السنن: من كان فى بيته هذا الكتاب فكأنما فى بيته نبي ينطق!
5- النسائي
هو أحمد بن شعيب بن علىّ بن بحر الخراساني0 ولد بنسا سنة 215 هـ ومات سنة 303 هـ0
رحل إلى الحجاز والعراق والشام ومصر والجزيرة ونيسابور وغيرها 0(1/60)
من مؤلفاته :
السنن الكبرى والسنن الصغرى المسمى بالمجتبى ، والخصائص وفضائل الصحابة والمناسك ومسند علىّ ومسند مالك بن أنس والضعفاء والمتروكين 0
قالوا عنه :
قال الحاكم : النسائي أفقه مشايخ أهل مصر فى عصره ، وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار ، وأعرفهم بالرجال.
6- ابن ماجه
هو محمد بن يزيد بن عبد الله بن ماجه القزويني 0 ولد سنة 209 هـ وتوفى عام 273 هـ0
ارتحل فى طلب العلم ، وطاف البلاد ،إلى العراق والحجاز والشام ومصر والكوفة والبصرة وغيرها 0
من مؤلفاته :
السنن وتفسير القرآن والتاريخ 0
وكتابه السنن : جملة أحاديثه أربعة آلاف حديث كلها جياد سوى اليسير فهو ضعيف ففيه الصحيح والحسن والضعيف بل والمنكر والموضوع 0
قالوا عنه :
قال أبو زرعة : أظن إن وقع هذا فى أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها.
قال ابن كثير عنه : صاحب كتاب السنن المشهورة ، وهى دالة على علمه وعمله وتبحره واطلاعه واتباعه للسنة فى الأصول والفروع 0
نبذة عن مصطلح الحديث
دين النبي مجمد أخبار ... * نعم المطية للفتى آثار
لا ترغبن عن الحديث وأهله ... * فالرأي ليل والحديث نهار
ولربما جهل الفتى طرق الهدي ... * والشمس بازغة لها أنوار
علم مصطلح الحديث
لابد للفقيه أن يكون دارسًا لعلم مصطلح الحديث ،حتى يكون على دراية تامة يفرق بها بين الأخبار المقبولة والأخرى المردودة ، فمعرفة قوة الدليل من ضعفه لابد للمتفقه منه ، ليكون على بصيرة فى استنباط الحكم الشرعي من دليل صحيح 0
ولقد منّ الله تعالى على هذه الأمة المباركة فى هذا الزمان بمن يجدد لهذا العلم الشريف شبابه، إيذاناً بصحوة نيرة على أسس سليمة (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوسف: من الآية21)
أعنى حسنة الأيام ، ومحدث ديار الشام ، شيخنا أبو عبد الرحمن /محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ، وجزاه عن هذه الأمة خيراً 0(1/61)
لذلك فإنني أقدم نصيحتي لكل من يريد أن يتفقه فى دين الله ، أن يتعلم الأصلين: علم مصطلح الحديث وعلم أصول الفقه ، وكما قيل :(ومن حرم الأصول فقد حرم الوصول) 0
وإن المقام هذا لا يتسع لبسط ذلك، فإليك خلاصة لهذا العلم ومنها تنطلق إلى الكتب المتخصصة، سائلاً المولى عز وجل أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا ، وهو حسبنا ونعم الوكيل0
تعريفات
علم مصطلح الحديث : هو العلم بالأصول والقواعد التى يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد0
ثمرته : تمييز الصحيح والسقيم من الأحاديث0
الحديث : هو ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير أو صفة0
السند : هو سلسلة الرجال الموصلة للمتن ، وهو مرادف للإسناد0
المتن : ما ينتهي إليه السند من الكلام0
المحدث : هو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية0
الحافظ : قيل : هو من يحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها ومتونها0
الحاكم: هو من أحاط علماً بجميع الأحاديث.
الحديث المتواتر
هو ما رواه عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب0
والمختار أن يكون العدد عشرة رواة فأكثر فى كل طبقة من طبقات السند ، وأن يكون مستند خبرهم الحس كقولهم :سمعنا أو رأينا أو لمسنا00 الخ
حكمه : الحديث المتواتر يفيد العلم اليقيني0
أقسامه :
1- لفظي : وهو ما تواتر لفظه ومعناه 0
مثل: حديث "من كذب علىّ متعمداً فليتبوء مقعده من النار" حيث رواه بضعة وسبعون صحابياً 0
2- معنوي : وهو ما تواتر معناه دون لفظه .
مثل: أحاديث رفع اليدين فى الدعاء 0
أشهر المصنفات : الأزهار المتناثرة للسيوطي ، وقطف الأزهار للسيوطي أيضاً ، ونظم المتناثر للكتاني 0
الحديث الآحاد
هو ما يجمع شروط المتواتر ، وينقسم إلى : مشهور وعزيز وغريب 0
? المشهور: هو ما رواه ثلاثة فأكثر فى كل طبقة ما لم يبلغ حد التواتر.
? العزيز: لا يقل رواته عن اثنين فى جميع طبقات السند 0(1/62)
? الغريب: هو ما انفرد بروايته راو واحد ( ولو فى طبقة واحدة ) 0
وينقسم خبر الآحاد بالنسبة لقوته وضعفه إلى قسمين :
1- مقبول: وهو ما ترجح صدق المخبر به 0
وحكمه: وجوب الاحتجاج والعمل به 0
2- مردود: وهو ما لم يترجح صدق المخبر به 0
وحكمه: لا يحتج به 0
والمقبول ينقسم إلى :
1- الصحيح
تعريفه : هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة 0
والشذوذ : مخالفة الثقة من هو أوثق منه 0
والعلة : سبب غامض خفي يقدح فى صحة الحديث ، مع أن الظاهر السلامة منه
حكمه : وجوب العمل به 0
المصنفات : صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وهما أصح الكتب المصنفة على الإطلاق ولم يستوعبا جميع الصحيح ، بل فاتهما الكثير منه الذى نجده فى :
صحيح ابن خزيمة ، وصحيح ابن حبان ، ومستدرك الحاكم ، والسنن الأربعة ، ومسند الدار قطني والبيهقي وغيرهما0
مراتب الصحيح كالآتي :
1- ما اتفق عليه البخاري ومسلم 0
2- ثم ما انفرد به البخاري 0
3- ثم ما انفرد به مسلم 0
4- ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه 0
5- ثم ما كان على شرط البخاري ولم يخرجه 0
6- ثم ما كان على شرط مسلم ولم يخرجه 0
7- ثم ما صح عند غيرهما مما لم يكن على شرطهما 0
شرط البخاري : المعاصرة والسماع 0
شرط مسلم المعاصرة 0
2- الحديث الحسن
تعريفه : هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذى خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولاعلة0
حكمه : يحتج به كالصحيح وإن كان دونه فى القوة 0
مظانّه : سنن الترمذي ، وأبي داود ، والدار قطني 0
3- الصحيح لغيره
هو الحسن لذاته إذا روى من طريق آخر مثله أو أقوى منه ، وهو أعلى مرتبة من الحسن لذاته 0
4- الحسن لغيره
وهو الضعيف إذا تعددت طرقه ، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي أو كذبه ، وهو أدني مرتبة من الحسن لذاته 0
وهو من المقبول الذى يحتج به 0
ناسخ الحديث ومنسوخه
النسخ :هو رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر 0(1/63)
ويعرف الناسخ والمنسوخ بأحد هذه الأمور :
أ- بتصريح من الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
كحديث: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر بالآخرة )
ب- بقول الصحابي:
كقول جابر - رضي الله عنه - :كان آخر الأمرين من رسول - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار. (رواه الأربعة)
ج- بمعرفة التاريخ :
كحديث :" أفطر الحاجم والمحجوم " فإنه منسوخ بحديث : "احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم صائم"
فالأول كان زمن الفتح ، والثاني فى حجة الوداع 0
د-بدلالة الإجماع :
كحديث: من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فى الرابعة فاقتلوه.
( د 4485 )
قال النووي : دل الإجماع على نسخه 0
والحديث المردود ينقسم إلى :
أ- الضعيف
وهو ما لم يجمع صفة الحسن بفقد شرط من شروطه 0
واختلف العلماء فى العمل به ، والذى عليه الجمهور أنه يستحب العمل به فى قضائل الأعمال ولكن بشروط هي :
1- أن يكون الضعيف غير شديد 0
2- أن يندرج تحت أصل معمول به 0
3- أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته ، بل يعتقد الاحتياط 0
ب- المردود بسبب سقط من الإسناد
أي انقطاع سلسلة السند بسقوط زاو أو أكثر من أول السند أو من آخره أو من أثنائه0
والسقط إما ظاهر أو خفي 0
الظاهر: يعرف بعدم التلاقي بين الراوي وشيخه وهو أربعة :
1- المعلّق: وهو ما حذف من مبدأ إسناده راو فأكثر على التوالي.
أما المعلقات فى الصحيحين فما ذكر منها بصيغة الجزم مثل: قال ، وذكر ، وحكي ، فهو: حكم بصحته عن المضاف إليه 0
وما ذكر بصيغة التمريض مثل: قيل، وذكر ، وحكي ، ففيه الصحيح والحسن والضعيف 0
2-المرسل: هو ما سقط من آخر إسناده من بعد التابعي 0
3-المعضل: ما سقط من إسناده اثنان فأكثر على التوالي 0
4- المنقطع: هو ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان انقطاعه 0
السقط الخفي :
وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحذّاق وهو أنواع :
1- التدليس :
إخفاء عيب فى الإسناد وتحسين لظاهره ، وهو قسمان :(1/64)
أ- تدليس الإسناد : وهو أن يروى الراوي عمّن قد سمع منه ، ما لم يسمع منه ، من غير أن يذكر أنه سمع منه ، وإلا صار كذاباً 0
ب- تدليس الشيوخ : وهو أن يروى الراوي حديثاً عن شيخ سمعه منه ، فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به ، كي لا يعرف !
2- المرسل الخفي :
أن يروى عمن لقيه أو عاصره ما لم يسمع منه بلفظ يحتمل السماع وغيره ك (قال) 0
3-المعنعن والمؤنن :
وهو قول الراوي (فلان عن فلان) 0
ج- المردود بسبب طعن فى الراوي
المراد بالطعن فى الراوي : جرحه باللسان من ناحية عدالته ودينه وضبطه وحفظه وتيقظه 0
? وأسباب الطعن فى الراوي عشرة :
? خمسة تتعلق بالعدالة وهى :
1- الكذب ... 2- التهمة بالكذب 3-الفسق
4- البدعة 5- الجهالة
? وخمسة تتعلق بالضبط وهي :
1- فحش الغلط 2- سوء الحفظ 3- الغفلة
4- كثرة الأوهام 5 - مخالفة الثقات
الأخبار المردودة
1-الحديث الموضوع
وهو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها ، ولا تحل روايته 0
أسباب الوضع :
1- دعوى التقرب إلى الله: وذلك بالترغيب فى الخير والترهيب من الشر وهؤلاء شر الوضاعين لأن الناس قبلت موضوعاتهم ثقة بهم 0
ومنهم: ميسرة بن عبد ربه الذى قال: وضعتها أرغب الناس (أي فى سور القرآن ) 0
2- الانتصار للمذهب: كالشيعة التى وضعت فى فضائل على - رضي الله عنه - الكثير ومنها : (علىّ خير البشر من شك فيه كفر ) و (أنا مدينة وعلىّ بابها )
3- الطعن فى الإسلام: كما فعل محمد بن سعيد الشامي قال حديثاً يرفعه :
(أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي) فزاد ( إلا أن يشاء الله ! )
4- التزلف إلى الحكام : كما فعل غياث لما رأى المهدي الخليفة يلعب بالحمام فساق حديثاً يعزوه للنبي - صلى الله عليه وسلم - : لا سبق إلا فى نصل أو خف أو حافر 0 وزاد (أو جناح)!
5- التكسب : كحديث : (نعمة فى بطن جائع أفضل من بناء ألف مسجد) موضوع .(1/65)
6- طلب الشهرة :وذلك بإيراد الروايات الغريبة التى لا توجد عن أحد من الشيوخ 0
تنبيه :
لقد أخطأ بعض المفسرين فى ذكرهم أحاديث موضوعة فى فضائل القرآن ومن هؤلاء : الثعلبي ، والواحدي ،والزمخشري ، والبيضاوي ، والشوكاني0
2- المتروك
وهو الحديث الذى إسناده راو متهم بالكذب 0
3- المنكر
وهو الذى فى إسناده راو فحش غلطه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه 0
4- المعروف
وهو ما رواه الثقة مخالفاً لما رواه الضعيف 0
5- المعلل
وهو الذى اطلع فيه على علة تقدح فى صحته مع أن الظاهر السلامة منه 0
6- المدرج
هو ما غير سياق إسناده ، أو أدخل فى متنه ما ليس منه بلا فصل 0
7- المقلوب
هو إبدال لفظ بآخر فى سند الحديث أو متنه ، بتقديم أو تأخير ونحوه.
8- المزيد فى متصل الأسانيد
وهو زيادة راو فى أثناء سند ظاهره الاتصال 0
9- المضطرب
ما روى على أوجه مختلفة متساوية فى القوة 0
وهو : إما مضطرب السند ، وإما مضطرب المتن 0
10- المصحف
تغير كلمة فى الحديث إلى غير ما رواها الثقات لفظاً أو معنى 0
والتصحيف إما أن يكون فى الإسناد وإما أن يكون فى المتن 0
11- الشاذ والمحفوظ
الشاذ : ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه 0
وعكسه المحفوظ ، وهو ما رواه الثقة مخالفاً لما رواه الضعيف 0
12- الجهالة بالراوي
أي عدم معرفة عين الراوي أو حاله 0
13- البدعة
الحدث فى الدين بعد الإكمال وهي نوعان :
? بدعة مكفرة : كمن يرد أمراً معلوماً من الدين بالضرورة أو من اعتقد عكسه.
? بدعة مفسقة: وهو من لا تقتضي بدعته التكفير أصلاً 0
فالأول ترد روايته ، والثاني تقبل بشرطين ،
1-ألا يكون داعية لبدعته 2-ألا يروى ما يروج بدعته
14- سوء الحفظ
هو من لم يرجح جانب إصابته على جانب خطئه 0 وهو نوعان :
1- من بداية حياته ولازمه فى جميع الحالات 0
2- الثاني أن يكون سوء الحفظ طارئاً عليه لكبره أو لافتراق كتبه أو لذهاب بصره ويسمى (المختلط) 0
فالأول: روايته مردودة(1/66)
والثاني: فيه تفصيل ، ما حدث به بعد الاختلاط فمردود 0
وما حدث به قبل: فمقبول 0
وما لم يتميز: توقف فيه حتى يتميز 0
الحديث القدسي
هو ما نقل إلينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل 0
الفرق بينه وبين القرآن :
1- القرآن لفظه ومعناه عن الله تعالى
والحديث القدسي معناه من الله ولفظه من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
2- القرآن يتعبد بتلاوته ، والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته0
3- القرآن يشترط فى ثبوته التواتر ، دون الحديث القدسي0
عدد الأحاديث القدسية : يزيد على المائتين من الأحاديث0
الحديث المرفوع : ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير أو صفة0
الحديث الموقوف : هو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير.
الحديث المقطوع : وهو ما أضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل.
وفى هذه العجالة لمحة سريعة على هذا العلم الشريف، ومن رام خوض بحاره ،واسكناه أسراره، وخوض غماره فليرجع إلى الأصول والأمهات مبتدئاً بالآتي :
1- تيسير مصطلح الحديث 0
صفر ذو القعدة الباعث الحثيث شرح اختصار علو الحديث لابن كثير للشيخ أحمد شاكر.
ربيع أول ذو القعدة أصول التخريج ودراسة الأسانيد للطحان 0
الحث على الإتباع وذم البدع
البدعة شرعاً :
الطريقة المخترعة فى الدين تضاهي الطريقة الشريعة يقصد بها التقرب إلى الله ، ولم يقم عليها دليل شرعي صحيح أصلاً أو وصفأ 0
الإسلام دين أتقن الله بناءه وأكلمه وأتمه ، فمجال الناس التطبيق ، والتنفيذ 0
قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأسْلامَ دِيناً )(المائدة: من الآية3)
وكان لزاماً على المبعوث رحمه للعالمين - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم بحق الرسالة ولقد فعل.(1/67)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا أمرتكم به ، ولا شيئاً مما نهاكم عنه"0(رواه الشافعي فى بدائع السنن 7 –مرسل حسن 4/417 صحيحة)
وهذا أمر شهد به أعداء الإسلام رغم أنوفهم فقالت اليهود لسلمان: لقد علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة قال : نعم 0 ( م 2620)
إن التشريع حق لرب العالمين ، وليس من حق البشر ولئن جازت الزيادة فى الدين جاز النقص أيضاً 0
بدين المسلمين إن جاز زيد * فجاز النقص أيضاً أن يكون
كفى ذا القول قبحاً يا خليلي * ولا يرضاه إلا الجاهلون
إن المبتدع نصب نفسه مضاهياً للشارع الحكيم لأن الشارع وضع الشرائع وألزم لخلق الجري على سننها 0
وصار هو المنفرد بذلك 0
قال الشافعي: من استحسن فقد شرع 0
قال أحمد: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء بهم ، وترك البدع وكل بدعة ضلالة0
البدع كلها ضلالات:
1- عن العِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ قالَ: "وَعَظَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً بَعْدَ صَلاَةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رُجُلٌ إِنّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدّعٍ فَبِمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رسُولَ الله؟ قالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله، وَالسّمْعِ وَالطّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌ فَإِنّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَ اخْتِلاَفَاً كَثِيراً، وَأَيّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْكم بِسُنّتِي وَسُنّةِ الْخُلَفَاءِ الرّاشِدِينَ المُهْدِيّينَ عَضّوا عَلَيْهَا بالنّوَاجِذ"0( ت 2815 ص سنة254)
2- عن عائشة قالت:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"0 ( خ 2697م 1718)
3-قال عبد الله بن مسعود : اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.(مجمع 1/181)(1/68)
الكتاب الأول
الطهارة
الباب الأول المياه(1/1)
الكتاب الأول
الطهارة
لغة : هي النظافة والتنزه عن الأقذار 0
شرعاً : هي رفع الحدث والخبث (نجاسة) 0
عن أسامة بن عمير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"لا تقبل صلاة بغير طهور"0
( م 224)
والطهارة من الحدث تكون بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، والطهارة من الخبث تكون بإزالة النجاسة التي تعلقت بالثوب أو المكان أو البدن 0
الباب الأول
المياه
أقسام المياه : تنقسم المياه إلى أربعة أقسام وهي :
أ الماء المطلق
وهو الماء الباقي على أصل خلقته ، لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيء يسلبه طهوريته
حكمه: طهور ، أي طاهر في نفسه مطهر لغيره ، مثل :
1- ماء المطر والثلج والبرد
قال الله تعالى: ( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً)(الفرقان: من الآية48)
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد".(خ744 م 598)
البرد : الماء الجامد ينزل من السحاب قطعاً صغاراً ويسمى حب الغمام 0
2- ماء البحر
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته".(ص د 83)
3- ماء زمزم
عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ.
(زوائد المسند 1/76 ح غليل13)
واستصحاباً للأصل حيث أن الأصل فى الماء الطهارة ، فلا ينقل عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح0
4- الماء المتغير بطول المكث أو بسبب مقره أو ممره أو بمخالطة ما لا ينفك عنه غالباً ،وما لا يمكن الاحتراز منه :
كالطين والطحلب وورق الشجر وأيضاً ماء الآبار والعيون والترع والجداول والقنوات والبرك 0
لأن اسم الماء المطلق يتناوله بالاتفاق، ولأن الأصل في الأشياء الطهارة ما لم تثبت نجاستها بدليل شرعي ، ولقوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً )(النساء: من الآية43)
5- الماء المشمس(1/1)
وهو الماء المسخن في الشمس ، وهو طهور لأن الشمس لا تغير أحد أوصافه فهو باق على أصل طهوريته ، ولم يصح دليل ينهى عنه أما إذا ثبت ضرره طبياً فعندئذ يكره استعماله لحديث:" لا ضرر ولا ضرار".
(حم 1/76 غليل13)
و يجوز بلا كراهة عند: الجمهور0
وأما الماء المسخن فلا كراهة فيه : فقد كان عمر - رضي الله عنه - يسخن له الماء في قمقم فيغتسل به 0(هق 1/6 ص إرواء16)
ولأنه ماء مطلق ، والماء إذا نقصت حرارته فصار جليداً أو زادت فصار حميماً لا يخرجه ذلك عن أصل طهوريته 0
ب الماء الذي خالطه طاهر
الماء الذي خالطه طاهر كالصابون والدقيق والخل وماء الورد00 وغيرها من الأشياء الطاهرة 0
حكمه: طهور ما دام حافظاً لإطلاقه ، فإن خرج عن إطلاقه بحيث صار لا يتناوله اسم الماء المطلق كان طاهراً في نفسه ، غير مطهر لغيره 0
مثل: الماء الذي على فيه شئ كالشاي أو الماء المشوب باللبن أو خالطه صابون ، فهذا لا يجوز استعماله في العبادات لأنه فقد اسم الماء المطلق وقيد بما خالطه، فيقال ماء صابون- ماء ورد ،ولكن يجوز استعماله في العادات بالإجماع 0
عن أم عطية قالت:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته زينب :" اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك – إن رأيتن- بماء وسدر واجعلن فى الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور" 0 (خ 1253)
والميت لا يغسل إلا بما يصح به التطهر للحي 0
عن أم هانئ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - :اغتسل هو وميمونة من إناء واحد: قصعة فيها أثر العجين. (ص ن 240)
ج- الماء المستعمل
ينقسم الماء المستعمل إلى قسمين :
1- الماء المنفصل من أعضاء المتوضئ أو المغتسل :
حكمه : طهور كالماء المطلق،ولم يوجد دليل يخرجه عن طهوريته،أما غسالة النجاسة إن انفصلت متغيرة بالنجاسة فهي نجسة بلا خلاف،والجنب والحائض والمشرك إذا غمس كل واحد منهم يده في إناء فيه ماء قليل فإن الماء باق على طهوريته بالإجماع 0(1/2)
فيجوز الوضوء بالماء المنفصل من أعضاء المتوضئ أو المغتسل عند: مالك فى رواية والشافعي فى رواية وأحمد فى رواية وابن حزم وابن تيمية وغيرهم0
عن الربيع بنت معوذ قالت في وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - :مسح برأسه من فضل ماء كان بيديه 0(ح د 130 )
عن ابن عباس قال: اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فى جفنة فجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم يتوضأ منها أو يغتسل فقالت يا رسول الله :إني كنت جنباً ، فقال:" إن الماء لا يجنب"0(ص د 68 )
2- الماء المتبقي بعد الوضوء أو الاغتسال (الفضل) :
حكمه: طهور ،سواء كان متبقياً من رجل أو امرأة .
عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :كان يغتسل بفضل ميمونة 0 ( م 323)
لكن صح عن الحكم بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة0 (ص د 82 )
وللجمع بين الحديثين قال بعض العلماء :الفضل إنما يكون لما بقى دون ما أخذ للغسل ، فإن كان أكثر أو مثله فلا يطلق عليه فضل ، وإذا فضل من غسل المرأة فضله وأضيف إليها ماء كثرها صح الغسل بلا خلاف0
قال الحافظ في الفتح : النهى محمول على التنزيه بقرينة أحاديث الجواز ، لحديث عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد من الجنابة.
(خ 250)
وفضل الرجل جائز التطهر به للرجل بلا خلاف ، وفضل المرأة جائز التطهر به للمرأة بلا خلاف0
يجوز التطهر بفضل المرأة عند: الأربعة والجمهور ونقل ابن هبيرة الإجماع.
د- الماء المتنجس
إذا غيرت النجاسة طعمه أو لونه أو ريحه لا يجوز التطهر به إجماعاً ، أما إذا لم تغير النجاسة أحد أوصافه الثلاثة فحكمه طاهر مطهر قل أو كثر 0لحديث" الماء طهور إلا إذا تغير لونه أو طعمه بنجاسة تحدث فيه" وهذا الحديث (ضعيف)، ولكن الإجماع انعقد على معناه ، والإجماع حجة ودليل لأنه لا ينعقد إلا عن دليل كما هو مقرر في الأصول 0(1/3)
عن أبي سعيد الخدري قال : قيل يا رسول الله : أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" الماء طهور لا ينجسه شئ" 0 (ص د 66 )
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : الذي تقتضيه الأصول أن الماء إذا لم تغيره النجاسة فإنه لا ينجس ، وذلك لأنه باق على أصل خلقته ، وهو طيب داخل تحت قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَات)(المائدة: من الآية5)،وهذا هو القياس في المائعات جميعها إذا وقع فيها نجاسة فلم يظهر لها لون ولا طعم ولا ريح 0 أهـ توضيح الأحكام 0
وممكن تقسيم الماء إلى أربعة أقسام هي :
1- ماء يجوز استعماله في العادات والعبادات وهو ثلاثة أنواع :
أ ماء مطلق لم يخالطه شئ يغير لونه أو طعمه أوريحه0
ب ماء خالطه شئ طاهر لم يغير لونه أو طعمه أو ريحه 0
ج - ماء خالطه شئ كتراب أو رمل أو ملح غير لونه أو طعمه أو ريحه.
2- ماء يجوز استعماله في العبادات ولا يجوز استعماله في العادات وهو الماء الذي أصابته نجاسة ولم تغير لونه أو طعمه أو ريحه 0
3- ماء يجوز استعماله في العادات ولا يجوز استعماله في العبادات وهو الماء الذي خالطه طاهر غير لونه أو طعمه أو ريحه وأخرجه عن اطلاقه0
4- ماء يحرم استعماله في العادات والعبادات وهو الذي أصابته نجاسة غيرت لونه أو طعمه أو ريحه قل الماء أو كثر 0(1/4)
الباب الثاني
النجاسات(1/1)
الباب الثاني
النجاسات
النجاسة : هي القذارة كالبول والغائط التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها ويغسل ما أصابه منها 0
قال تعالى : (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر:4)
1- الميتة
هي ما مات حتف أنفه من غير ذبح شرعي كالتي تخنق أو تختنق ، أو تضرب حتى تموت ، أو تسقط من مكان مرتفع فتموت ، أو تنطحها الحيوانات فتقتلها ، أو التي تأكلها السباع ويبقى جزء منها 0
قال تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)(المائدة: من الآية3)
فالميتة من كل حيوان برى متفق على نجاستها ، ويلحق بالميتة ما قطع من الحي فهو ميتة.
عن أبي واقد الليثي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة".(ص د 2858)
ويستثنى من الميتة :
1- ميتة السمك والجراد فإنها طاهرة 0
عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أحل لنا ميتتان ودمان ،أما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال0" (ص هـ 3218)
2- ميتة ما لا دم له سائل ،كالنمل والنحل والذباب والبراغيث والجراد والخنافس ، فلو وقعت في شئ لا تنجسه، طاهر عند: الجمهور .
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه ، فإن في أحد جناحيه داء وفى الآخر شفاء ".(ح د 5782)
3- جلد الميتة ،جلود الميتة تطهر بالدباغ مطلقاً لعموم الأدلة الواردة فى هذا الشأن ومن هذه الأدلة :
عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إذا دبغ الإهاب فقد طهر"0
( م 366)(1/1)
وعن ميمونة قالت: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة يجرونها، فقال :" لو أخذتم إهابها "، قالوا :إنها ميتة ، قال :" يطهرها الماء والقرظ" 0 (ص د 4120)
عن ابن عباس قال :أيما إهاب دبغ فقد طهر 0( ص هـ 2907)
الإهاب : الجلد قبل الدبغ.
فجميع الجلود تطهر بالدباغ إلا جلد الكلب والخنزير0
4- عظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وصوفها وريشها كلها طاهرة:
قال الزهري – فى عظام الموتى كالفيل ونحوه- أدركت ناساً من سلف العلماء يمتشطون بها ، ويدهنون فيها ، لا يرون بأساً 0 ( خ 1/408)
وبهذا قال الجمهور.
5- ميتة الإنسان المسلم : طاهرة0
عن ابن عباس أنه قال: المسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً .( خ 3/150 وقال الحافظ وصله سعيد بن منصور وإسناده صحيح)
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"سبحان الله إن المؤمن لا ينجس". (خ 285)
6- بيض ولبن وإنفحة الميتة :كلها طاهرة:
قال الجمهور بنجاستها0
وقال بطهارتها : أبو حنيفة وأحمد فى رواية وابن تيمية 0
2- الدم
سواء كان دماً مسفوحاً كالدم الذي يجري من المذبوح أو دم حيض أو نفاس أو استحاضة متفق على نجاستها 0
قال الله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً )(الأنعام: من الآية145)
ويعفى عن اليسير منه0
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: أ رأيت إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع ؟فقال :"تحتّه ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلى فيه" 0 (خ 227)
قال ابن تيمية :يجب غسل الثوب من المدة والقيح والصديد ، ولم يقم دليل على نجاسته والأولى أن يتقيه الإنسان بقدر الإمكان 0
الدم المسفوح: نجس عند : الأربعة والجمهور.
طاهر عند : ابن حزم والشوكانى والألبانى.(1/2)
قال الألباني في الصحيحة 301 : لم يرد دليل فيما نعلم علي نجاسة الدم علي اختلاف أنواع الدم إلا دم الحيض.
3- الخنزير
لحمه نجس بالاتفاق ، وسؤره نجس أما جسمه فطاهر0
قال الله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ)(الأنعام: من الآية145)
4- الكلب
لحمه نجس وسؤره نجس وشعره طاهر وجسمه طاهر 0
عن أبي هريرة قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" 0 ( خ 172)
قال الشيخ أحمد شاكر :ثبت في الطب أن بعض ما في لعاب الكلب من الأمراض لا علاج له إلا الدلك بالتراب 0
5- الجلالة
وهي الحيوان الذي يأكل العذرة ، سواء كان الحيوان من البقر أو الإبل أو الغنم أو الطيور0
والجلالة هي ما يكون أكثر أكلها النجاسات 0
أما إذا كان أكلها من النجاسات قليلاً فإنه يعفى عنه ولا تسمى حينئذ جلالة 0
حكمها : يحرم أكل الجلالة وشرب لبنها وركوبها بدون حائل ، للأدلة الآتية: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحومها0(ص د 3785)
1- عن ابن عباس قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شرب لبن الجلالة.
(ص ج 6855)
2- كان ابن عباس يحبس الدجاج ثلاثاً 0 (ابن أبي شيبة بسند صحيح كما قال الحافظ في الفتح)
فإن حبست بعيدة عن العذرة زمناً وعلفت طاهراً طاب لحمها ولبنها وحل ركوبها 0
6- الحيوان الذي لا يؤكل لحمه
كالحمر الأهلية والسباع والطير ذات المخلب والهر لحمه وبوله وروثه ولبنه وجلده ،كل هذه الأشياء نجسة بالاتفاق ، إلا سؤر الهرة فطاهر .(1/3)
عن ابن مسعود قال:أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده ، فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال:"هذا رجس".(خ 156)
عن أنس قال:أصبنا من لحم الحمر يعني يوم خيبر ، فنادى منادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ، فإنها رجس0 ( خ 5528)
عن أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فى الهرة :" إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات". (ص د 75 )
7- الحيوان الذي يؤكل لحمه
كالأنعام والدجاج والأرانب والعصافير والجراد والضب والضبع والخيل بوله وروثه وسؤره كل هذا طاهر0
عن أنس قال : قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - نفر من عكل فأسلموا فاجتووا المدينة،فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة ، فيشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا فصحوا ، فارتدوا فقتلوا رعائها واستاقوا الإبل فبعث فى آثارهم فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ثم لم يحسمهم حتى ماتوا0 (خ 6802)
عكل:قبيلة فيها غباوة.
اجتووا المدينة: استوخموها وتضرروا بالإقامة بها ، وقيل أصابهم مرض الجوى.
سمل أعينهم :فقأها بحديدة محماة.
لم يحسمهم : الحسم الكي بالنار لقطع الدم.
عن عمرو بن خارجة قال: خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى وهو على راحلته ولعابها يسيل على كتفي0(ص شرح السنة 1460)
عن جابر قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع ، فقال:" هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم"0 (ص غليل 1050)
8- بول الآدمي
بول الآدمي نجس بالاتفاق ، ويغسل بول الجارية مطلقاً ، ويرش على بول الغلام الذي لم يأكل الطعام.
عن أبي هريرة قال : قام أعرابي فبال في طائفة المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين0" (خ 220)(1/4)
عن عليً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل "0
( حم 1/76 ص غليل 166)
9- رجيع الآدمي
وهو البراز وهو الغائط ، نجس بالاتفاق .
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور.(ص د 385)
أما جسم الآدمي وسؤره ولعابه وعرقه ودمعه فكل ذلك طاهر ولو كان كافراً أو جنباً أو حائض أو نفساء .
لقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )(الاسراء: من الآية70)
أما قوله تعالى: ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ )(التوبة: من الآية28)
فالمراد نجاستهم المعنوية من جهة اعتقادهم الباطل 0
عن عائشة قالت: كنت أشرب وأنا حائض ، فأناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه موضع فيّ0( م 300)
عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إن المسلم لا ينجس"0
( خ 283)
10- المذي
هو ماء أبيض لزج يخرج عند الشهوة والانتشار والتفكير في الجماع أو عند الملاعبة، وقد لا يشعر الإنسان بخروجه ويكون من الرجل والمرأة إلا أنه من المرأة أكثر :وهو نجس بالإجماع 0
فإذا أصاب البدن وجب غسله ، وإذا أصاب الثوب أكتفي فيه بالرش بالماء ، لأنه يشق الاحتراز منه لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب 0
عن علي قال: كُنْتُ رَجُلاً مَذّاءً وَكُنْتُ اسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: "يَغْسِلُ ذَكَرَهُ. وَيَتَوَضّأُ". (خ 178)(1/5)
عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: "كُنْتُ أَلْقَى مِنَ المَذْيِ شِدّةً وَعَنَاءً، فَكُنْتُ أُكْثِرُ منْهُ الْغُسْلَ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَسَأَلْتُهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ:" إنّمَا يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوء" فَقلت: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قَالَ:" يَكْفِيكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفّا مِنَ مَاءٍ فَتَنْضَحَ به ثَوْبَكَ حَيْثُ تَرَى أَنّهُ أَصَابَ مِنْهُ".(ح د 210 )
11- الودي
وهو ماء ثخين يخرج بعد البول بسبب مرض أو برد أو تعب أو عند حمل شئ ثقيل وخروجه فى الشتاء أكثر منه في الصيف ، وهو نجس بالاتفاق 0
12- الوذي
ماء يخرج أحياناً بعد خروج المني ، وهو نجس بالاتفاق .
13- الهادي
وهو ماء أبيض يخرج من المرأة قبل الولادة وقبل نزول السقط وهو نجس كذلك .
14- المني
هو السائل المنوي للرجل والمرأة ،وهو عبارة عن مادة مخاطية بيضاء ثخينة يخرج لشهوة ودفق ويتلذذ الإنسان بخروجه ويعقبه فتور وارتخاء لأن الشهوة تسكن بخروجه وفيه الغسل، وإذا أصاب الثوب يغسل إن كان رطباً،ويفرك إن كان يابساً .
وهو طاهر على القول الراجح عند: الشافعي وأحمد في رواية.
نجس عند: أبي حنيفة ومالك في رواية.
عن عَائشةَ قالت: كُنْتُ أَفْرُكْ الْمَنِيّ مِنْ ثَوْبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يابساً وأغسله إن كان رطباً. (ص د 372)
عن عائشة قالت: كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ( م 288)
عن عائشة قالت: كنت أغسله من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيخرج إلى الصلاة، وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء .( خ 230)
15- القئ
وهو طاهر إلا إذا تغير جداً وكانت له رائحة كريهة 0
عن أبي الدرداء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : قاء فتوضأ0 (ص ت 87)
وقال بنجاسة القئ إذا تغير وكانت له رائحة كريهة :أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وابن حزم 0
16- الخمر(1/6)
الراجح أنها طاهرة ، فلا تلازم بين التحريم والنجاسة ، فالحرير والذهب محرمان على الذكور مع طهارتهما ، وذهبت طائفة إلى القول بنجاستها مستدلين بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) ولا حجة لهم فيها فالرجس هنا هو النجاسة المعنوية.
كقوله تعالى: ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ )(الحج: من الآية30)
والأوثان لا تنجس من يلمسها .
وقال بطهارتها الليث و الصنعاني و الشوكاني و ربيعة والمزني ،
وقال بنجاستها أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وابن حزم و الإمامية وابن تيمية وابن القيم .
كيف تطهر النجاسات
1- الماء المطلق: يطهر البدن والثوب والأرض 0
2- الدباغ : يطهر جلد الميتة 0
3- الغسل والتتريب :كما في غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب 0
4- الغسل والقرص : يطهر به الثوب الذي أصابه دم الحيض 0
5- المشي في الأرض الطاهرة : يطهر به ذيل ثوب المرأة لقوله - صلى الله عليه وسلم - :"يطهره ما بعده".(ص هـ 531)
6- الرش: لتطهير بول الغلام الرضيع أما الأنثى فيغسل 0
7- النضح : فى تطهير الثوب من المذي0
8- الدلك والمسح بالأرض: لتطهير أسفل النعل الذي أصابته نجاسة 0
9- صب الماء : لتطهير الأرض من النجاسة ، لحديث الأعرابي الذي بال في المسجد 0
10- الجفاف بالشمس والهواء لتطهير الأرض من النجاسة ، لحديث ابن عمر:كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد بالليل ولم يكونوا يرشون عليه شيئاً0 (ص د 382)
11- الفرك :يطهر المني إذا كان جافاً كما فى حديث عائشة0
12- الاستحالة: كصيرورة دم الغزال مسكاً ،والاستحالة بالحرق أيضاً0
13- النار : تطهر الطين النجس 0
14- المسح: يطهر كل صقيل كالحديد والزجاج 0
الآنية(1/7)
استعمال الذهب والفضة آنية محرم بلا خلاف، واقتناء هذه الأواني محرم،ولكن يجوز اتخاذ السن والأنف من الذهب والفضة ،ويجوز تضبيب الإناء بالفضة، وآنية المشركين طاهرة 0
والوضوء في آنية الذهب والفضة محرم إلا أنه صحيح 0
ويستحب قبل النوم: أن تغلق بابك وتذكر اسم الله، وأن تغطي إناءك وتذكر اسم الله، وأن تطفئ مصباحك وتذكر اسم الله 0
عن حذيفة بن اليمان قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:" لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة".( خ 5426)
عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" 0 ( خ 5634)
عن أبي ثَعْلَبَةَ الخُشنّى قال: أتَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يَا رسولَ الله إنّا بأرْضِ قَوْمٍ أهْلِ كِتَابٍ نأْكُلُ في آنِيَتِهِمْ. قال: إنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فلا تَأْكُلُوا فيها، فإن لم تَجِدُوا فاغْسِلُوهَا وكُلُوا فيها".(خ 5496)
عنْ جَابِرٍ عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله فَإِنّ الشّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَاباً مُغْلقاً، وَاطْفِ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله، وَخَمّرْ إنَاءَكَ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ وَاذْكُرِ اسْمَ الله ، وَأوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله". (خ 5623)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "غَطّوا الإِنَاءَ. وَأَوْكُوا السّقَاءَ. فَإنّ فِي السّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ. لاَ يَمُرّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ ، إِلاّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ" .( م 2014)(1/8)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة.(خ 3109)
قدح: إناء يشرب به.
الشعب: الصدع والشق.
والحديث يدل على جواز التضبيب بالفضة وهو قول الأربعة 0
أما التضبيب بالذهب فلا يجوز إلا لضرورة 0
عن عمران بن حصين :أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرغ من مزادة امرأة مشركة ماء فسقى الناس وأعطى رجلاً أصابته جنابة ماءً ليغسل به 0( خ 344)(1/9)
الباب الثالث
آداب قضاء الحاجة(1/1)
الباب الثالث
آداب قضاء الحاجة
قضاء الحاجة: كناية عن التبول أو التبرز في الخلاء أو في المكان المعد لذلك ، وقد شرع الإسلام لها آداباً ينبغي على المسلم مراعاتها وهي :
1- البعد والاستتار عن الناس
إن أردت قضاء الحاجة،فاذهب بعيداً عن الناس،أو أن تستتر عن أعينهم بحيث لا ترى عورتك فإن كشف العورة حرام ، ولا يسمع منك صوت ، ولا تشم منك رائحة 0
عَن جابر قَالَ: خرجنا مع رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فِيْ سفر. وكان رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لاَ يأتي البراز حَتَّى يتغيب، فلا يرى. (ص هـ 335)
البراز :بالفتح المكان الذي يقضي فيه الحاجة 0
عَن عَبْد اللَّه بْن جعفر قَالَ: كَانَ أحب مَا استتر بِهِ الْنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أَو حائش نخل.(م 3420)
هدف: هو كل مرتفع مِنْ بناء أَو كثيب رمل أَو جبل
حائش نخل: أَي الَمْلتف الَمْجتمع مِنْ النخل.
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتي يدنو من الأرض (ص هـ 14)
2- عدم اصطحاب ما فيه ذكر الله
كمصحف أو خاتم أو قلادة مكتوب عليها اسم الله وذلك تعظيماً لذكر الله إلا أن خيف عليه من الضياع.
3- كراهة التخلي في الطريق أو الظل
لا تقضي الحاجة في الطريق الذي يمر فيه الناس ، ولا في المكان الذي يجلسون فيه ، سواء كان تحت ظل الأشجار أو ظل الجدران فإنه مكروه ويحرم قضاء الحاجة على القبر.
عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"اتقوا الملاعن الثلاث : البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل". (ح د 26)
الملاعن: ما توجب لعنة الناس
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "اتّقُوا اللّعّانَيْنِ" قَالُوا: وَمَا اللّعّانَانِ يَا رَسُولَ اللّه ِ؟ قَالَ: "الّذِي يَتَخَلّى فِي طَرِيقِ النّاسِ أَوْ فِي ظِلّهِمْ". ( م 269)(1/1)
اللعانان :ما يوجب لعنة الناس وذلك أن من فعلها لعن وشتم.
يتخلى :يتغوط.
4- عدم التبول في الجحر
يستحب أن يطلب مكاناً ليناً منخفضاً ليتحرز فيه من إصابة النجاسة ويبتعد عن الجحر لئلا يكون فيه شئ من الهوام أو الجن ولا يقابل مهب الريح لئلا ترد عليه رشاش البول.
5- عدم التبول في المستحم أو الماء الراكد
يكره أن تتبول في المكان الذى تستحم فيه0 ويحرم البول في الماء الراكد ، ويجوز التبول في الأواني للحاجة.
عن عبد الله بن المغفل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نهى أن يبول الرجل في مستحمه. (ص د 27)
قال العلماء :فإن كان فيه نحو بالوعة فلا يكره حينئذ0
عن أبي هريرة قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجرى ثم يغتسل فيه". (خ 239)
والنهى للتحريم عند : أبي حنيفة ومالك.
وللكراهة عند : الشافعي و أحمد.
عن أميمة بنت رقيقة عن أمها أنها قالت : كان للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قدحٌ من عيدانٍ تحت سريره يبول فيه باللّيل . (ص د 24)
6- البول قائماً
لم يثبت فى النهى عن التبول قائماً حديث ، والمطلوب هو تجنب الرشاش، ولكن يكره التبول قائماً لأنه يتنافى مع الأدب والمروءة ، ويجوز بلا كراهة لعلة المرض وغيرة 0
عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَتى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ عَلَيْهاَ قَائِماً، فَأَتَيْتُهُ بوَضُوءٍ، فَذَهَبْتُ لأِتأَخّرَ عَنْهُ، فَدَعَانِي حَتّى كُنْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ فَتَوَضّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفيْه.
( خ 224)
عن عائشة قالت : من حدثكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا.(ص ت 12)
ولا تعارض بين الحديثين لأن كلاً حدث بما علم ومن علم حجة على من لم يعلم ، ومعلوم أن المثبت مقدم على النافي .(1/2)
قال النووي : البول قاعداً أحب إليّ ، والبول قائماً مباح ، وكلا الأمرين ثابت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال الألباني: الصواب جواز البول قاعداً وقائماً والمهم أمن الرشاش.
7- التسمية والاستعاذة
يستحب أن تسمى الله وتستعيذ به عند دخول الكنيف ، وندب تشمير الثياب في الفضاء 0
عن عليّ بن أَبي طَالِب أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَتْرُ مَا بَيْنَ أعْيُنِ الجِنّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إذَا دَخَلَ أَحَدُهُمِ الخَلاَءَ أنْ يَقُولَ: بِسْمِ الله". (ص ت 606)
عن أنس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال:" اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". (خ 142)
الخبث : ذكران الشياطين.
الخبائث : إناثهم.
8- الدخول بالرجل اليسرى والخروج باليمنى
يستحب أن يقدم رجله اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج وذلك لكون التيامن فيما هو شريف كدخول المسجد ، والتياسر فيما هو غير شريف كدخول الخلاء وقد ورد ما يدل عليه في الجملة0
9- عدم الكلام مطلقاً
يكره عند قضاء الحاجة الكلام ورد السلام وإجابة المؤذن ، فإن ذلك مكروه ، ويباح للضرورة كإرشاد أعمى يخشى عليه من الوقوع فى حفرة مثلاً .
عن ابن عمر أن رجلاً مرّ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبول فسلم عليه فلم يرد عليه0
( م371)
10- النهى عن استقبال القبلة أو استدبارها
لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ببول أو غائط فإن ذلك محرم .
عن أبي أيوب الأنصاري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا".
قال أبو أيوب: فقدمنا الشام ، فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة، فننحرف، ونستغفر الله تعالى.(خ 394)
وذهب آخرون إلى المنع إلا في البنيان .(1/3)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "رَقِيتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ ، فَرَأَيْتُ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَاجَتِهِ مُسْتَقْبِل الشام مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ". ( خ 148)
11- الاستنجاء
وهو إزالة ما على السبيلين- القبل والدبر- من النجاسة وجوباً بالحجر وما في معناه من كل جامد طاهر قالع للنجاسة ليست له حرمة أو بالماء فقط ، والاستنجاء باليد اليسرى ، ولا يجوز أن يمس ذكره بيمينه 0
عن أَنَسَ بْنُ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ الْخَلاَءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلاَمٌ نَحْوِي، إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، وَعَنَزَةً فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. ( خ 150)
نحوي : قريباً منى في السن أو مثلي في الخدمة0
إداوة: إناء صغير من الجلد 0
عنزة: حربة صغيرة 0
عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلّمَكُمْ نَبِيّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - كُلّ شَيْءٍ، حَتّى الْخِرَاءَةَ. قَالَ، فَقَالَ: أَجَلْ. لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أوَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينَ، أَوْ أَنْ نسْتَنْجِيَ بِأَقَلّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ. أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ. ( م 262)
ويجوز الاستنجاء بالورق غير المكتوب والخرق والمناديل وهو قول جماهير العلماء .
وعن أبي قتادة قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمس الرجل ذكره بيمينه0
( م 267)
عن ابن عباس رضي الله عنهما: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرين ، فقال : " إنهما ليعذبان ، وما يعذبان من كبير ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله" 0 ( خ 216 )
وما يعذبان في كبير : لم يعذبا في أمر كان يكبر ويشق عليهما الاحتراز عنه.
يستتر : يتحرز ، وفى أكثر الروايات يستتر أي يجعل بينه وبين بوله ستره.
12- نضح الفرج والسراويل بالماء(1/4)
ويستحب أن تنضح فرجك وسروالك بالماء دفعاً للوسوسة .
عن زيد بن حارثة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن جبريل أتاه في أول ما أوحى إليه ، فعلمه الوضوء والصلاة ، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من الماء ، فنضح به فرجه. (ص هـ 462)
13- ما يقال بعد قضاء الحاجة
يستحب أن يقول ( غفرانك ) 0
عَنْ عَائِشَةَْ: كَانَ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ قَالَ: "غُفْرَانَكَ".(ص د 30)
تنبيه هام
بعض الناس اعتادوا الاستنجاء قبل كل وضوء ولو من خروج الريح فقط أو الاستيقاظ من النوم ، ويظنون أن الاستنجاء في هذه المواضع لازم ! وهذا يدل على جهلهم بالدين وبعدهم عن العلم والفقه.(1/5)
الباب الرابع
سنن الفطرة(1/1)
الباب الرابع
سنن الفطرة
عن أَبي هُرَيْرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الاستحداد وَالْخِتَانُ وَقَصّ الشّارِبِ وَنَتْفُ الإبِطِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَار"ِ0 ( خ 1257)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصّ الشّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللّحْيَةِ، وَالسّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ".قَالَ زَكَرُيّاءُ: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ. إِلاّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَة 0 (م261)
عن ابن عباس قال:في قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ )
(البقرة: من الآية124)
قال: ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس: قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس، وفي الجسد: تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء0
(ك 2/266 ص تفسير الطبري تحقيق أحمد شاكر1910)
الفطرة : الخلقة وهي السنة ، وقيل الدين 0
البراجم : عقد الأصابع ومعاطفها ومعاطف الأذن 0
1-الختان
هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة لئلا يجتمع فيها الوسخ ، وليتمكن من الاستبراء من البول ولئلا تنقص لذة الجماع ، وهذا بالنسبة للرجل ، أما المرآة فيقطع الجزء الأعلى من الفرج دون استئصال ،وهو واجب في حق الرجال والنساء.
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة، واختتن بالقدوم". ( خ6298)
القدوم : قيل قرية بالشام ، وقيل آلة النجار المعروفة وهو الراجح0
وختان الرجال واجب عند : الجمهور ومالك في رواية والشافعي وأحمد في المشهور وأبي حنيفة في رواية و الأوزاعي وابن تيمية وابن القيم والألباني لما يأتي:(1/1)
1-قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفا)
(النحل: من الآية123)
والختان من ملته كما في حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة السابقين ، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطاب للأمة من ورائه والأمر يقتضي الوجوب 0
2- أن الختان من أظهر الشعائر التي يفرق بها بين المسلم والنصراني ، وحتى إن المسلمين لا يكادون يعدون الأقلف منهم 0
3-قال لرجل أسلم ( ألق عنك شعر الكفر واختتن ) 0 (ص ج 1251)
وختان المرأة واجب أيضاً إذ لا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام حتى يأتي دليل يخص أحدهما دون الآخر فالأدلة السابقة هي نفسها أدلة للوجوب هنا أيضاً
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - للخاتنة : "لا تنهكي ، فإن ذلك أحظى للمرأة و أحب إلى البعل".(ص د 5271)
وقال بوجوبه: الشافعي وأحمد في المشهور ومالك في رواية و الأوزاعي والألباني.
عن عائشة قالت : ختن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما0
( هق 8/324)
وهو حديث ضعيف ولكن يتقوى بمثله كما قال الألباني (تمام المنة )
عن ابن عباس قال: كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك. ( خ 6299)
يدرك : يبلغ.
وإليك أقوال المذاهب
مذهب أبي حنيفة : ختان الرجال سنة وختان النساء مكرمة0
مذهب مالك : ختان الرجال سنة وختان النساء مكرمة.
مذهب الشافعي:ختان الرجال واجب وختان النساء واجب، وقال الشافعي: فرض على الذكور والإناث.
مذهب أحمد : ختان الرجال واجب وختان النساء مكرمة ، وقال أحمد واجب على الرجال والنساء.
والخلاصة : فقد اتفق الفقهاء على أن ختان الرجل والمرأة مشروع0
وقد أفتى المفتي جاد الحق بأن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره.(فتوى تاريخ 29 يناير عام 1981 ) 0
فهل يقول قائل بعد هذا بعدم مشروعية ختان النساء ؟.
2- الاستحداد
هو حلق العانة وسمى بذلك لاستعمال الحديدة وهى الموسى ، وهو سنة بالاتفاق .(1/2)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: وُقّتَ لَنَا فِي قَصّ الشّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لاَ تتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْماً0( م 2358)
3- نتف الإبط
ويحصل بالنتف أو النورة أو بالحلق والأفضل النتف وهو سنة بالاتفاق .
وروى أن الشافعي رحمه الله كان يحلق تحت إبطه ويقول : علمت أن السنة النتف ولكن لا أقدر على الوجع 0
4- تقليم الأظافر
لا ينبغي أن نترك الأظافر حتى تطول فتكون مأوى للأوساخ والجراثيم ، ومن المؤسف أن بعض الشباب والنساء يتركون أظافرهم حتى تطول وتكون كالمخالب ويعدون ذلك من التحضر حيث يتشبهون بالكفار وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"من تشبه بقوم فهو منهم0"(ص د 4031)
ومما يترتب على ذلك طلاؤها بالمناكير الذي يمنع وصول الماء في الوضوء والغسل فيكونا باطلين مما يجعل الصلاة باطلة أيضاً0
قال تعالى :( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور: من الآية63)
5-قص الشارب
وهو سنة بالاتفاق .
عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب".( خ 5892)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "جُزّوا الشّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللّحَىَ. خَالِفُوا الْمَجُوسَ".(م 260)
عن زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ أَنّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنّا".
(حم 4/366 جيد مشكاة4438)
وسئل مالك عمن يحلق شاربه فقال : أرى أن يوجع ضرباً 0
وقال : هذه بدعة ظهرت في الناس 0
قال الألباني : المشروع في الشارب أن يؤخذ منه بعضه وهو ما طال عن الشفة وأما أخذه كله كما يفعله بعض الصوفية وغيرهم فهو كما قال مالك : مثلة!(1/3)
وقد وجدت له شاهداً : أن حجاماً أخذ من شارب النبي - صلى الله عليه وسلم - .
(ابن سعد ص ج 355)
و القص أفضل عند : مالك والشافعي و أبي يوسف والنووي والقرطبي.
6- إعفاء اللحية
هو إرسالها وتوفيرها حتى تعفو وتكثر بحيث تكون مظهراً من مظاهر الوقار ، ويجب إعفاؤها ويحرم حلقها لأنه تغيير لخلق الله وتشبه بالنساء0 (انظر بالتفصيل كتابنا هدي المصطفى في تحريم حلق اللحى ) ففيه ما يكفي ويشفي عن ابن عمران أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب" 0 (خ5892)
والمخالفة تدل على تحريم حلقها ووجوب إعفائها .
عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية0
( م 259)
واتفقت كلمة أصحاب المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها.
أولاً المذهب الحنفي :
قال في الدر المختار : ويحرم على الرجل قطع لحيته - أي حلقها ،وقال في النهاية وأما الأخذ منها كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد ، وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم .
ثانياً المذهب المالكي :
قال في التمهيد : ويحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال 0
ثالثاً المذهب الشافعي :
قال ابن الرفعة في حاشية الكافية : إن الشافعي نص في الأم على تحريم حلق اللحية0
رابعاً المذهب الحنبلي :
قال السفاريني في غذاء الألباب : المعتمد في المذهب حرمة حلق اللحية .
وقال أيضاً بتحريم حلقها ووجوب إعفائها : شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حزم والغزالي وابن العربي والبغوي وأبو حيان والقرطبي وابن القيم وأبو شامة والدهلوي والعدوى والشنقيطي والسبكي وابن باز والألباني وغيرهم كثير جداً .
7-إكرام الشعر(1/4)
إذا وفر الشعر وترك ، فيستحب تنظيفه ودهنه وتسريحه ولكن تكره المداومة على ذلك ، ويجوز للرجل حلق شعره وتقصيره ، ولا يجوز له حلق بعضه وترك بعضه ، أما المرأة فلا يجوز لها حلق شعرها ولا يجوز لها وصله بشعر مستعار ولا يجوز المسح على الشعر المستعار ، والباروكة حرام ولو كانت من الشعر الصناعي لاتحاد العلة وهي التزوير والتدليس 0
عن أبي هريرة :أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان له شعرٌ فليكرمه".
(ص د 4163)
عن عَبْدِ الله بنِ مُغَفّلٍ قالَ: "نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن التّرَجّلِ إِلاّ غِبّا ".
(ص د 4159)
الترجل :تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه 0
غباً : المراد كراهة المداومة عليه ولكن في وقت دون وقت 0
عنْ ابنِ عُمَرَ قالَ: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الْقَزَعِ ، وَالْقَزَعُ أنْ يُخْلَقَ رَأْسُ الصّبيّ فَيُتْرَكَ بَعْضُ شَعْرِه .( خ 5921)
دل الحديث على جواز حلق جميع الرأس .
عن ابن عمر قال ،قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"احلقوه كله أو اتركوه كله"0
(ص د 4195)
عن ابنِ عُمَرَ أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَعَنَ الله الوَاصِلَةَ والمُسْتَوصِلَةَ والوَاشِمَةَ المُسْتَوشِمَة" 0( خ 5937)
عن عَبْدِ الله "أَنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالمُتَنَمّصَاتِ المتفلجات لِلْحُسْنِ المُغَيّراتٍ خَلْقَ الله". ( خ 5937)
الواصلة : التي تصل شعرها بشعر آخر.
الواشمة : التي تغرز جلدها بإبرة وتحشوه كحلاً ومداداً.
النامصة : التي ترقق الحاجبين.
المتفلجة : التي تبرد الأسنان بمبرد ونحوه لتحسين تجميل نفسها وهي الواشرة.(1/5)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناصيته، ثم فرق بعد. ( خ 5917)
8- ترك الشيب وتغييره
من سنن الفطرة ترك الشيب وعدم نتفه وخضابه بالحناء و الكتم سواء أكان الشيب فى اللحية أو فى الرأس ، والرجل والمرأة في ذلك سواء 0
الكتم : نبات يخرج باليمن صبغته سوداء مائلة إلى الحمرة 0
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :" لا تنتفوا الشيب ما من مسلمٍ يشيب شيبةً في الإِسلام إلا كتب اللّه له بها حسنة ورفعه بها ورفعه بها درجة وحطَّ عنه بها خطيئة ً". (ح د 6675)
عن أنس بن مالك قال: كنا نكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته .( م 104)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم ". ( خ 5899)
لا يصبغون : لا يغيرون لون الشيب.
فخالفوهم : بصبغ شعر الرأس واللحية، ولكن بغير السواد.
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جِيءَ بِأَبِي قُحَافَةَ، يَوْمَ الْفَتْحِ، إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - . وَكَأَنَّ رَأْسَهُ ثَغَامَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : "اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَلْتُغَيِّرْهُ. وَجَنِّبُوهُ السَّوادَ".
(م1202 )
فتغيير الشيب مستحب عند: الأئمة الأربعة .
ويحرم الخضاب بالسواد ، وخضاب اليدين والرجلين مستحب للمتزوجة ،والخضاب للرجال حرام إلا لحاجة كالتداوي لما فيه من التشبه بالنساء.
عن أم رافع قالت : كان لا يصيب النبي - صلى الله عليه وسلم - قرحة ولا شوكة إلا وضع فيها الحناء. (ح هـ 3504)(1/6)
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"ما بال هذا"؟ فقيل: يا رسول الله يتشبه بالنساء ، فأمر به فنفي إلي النقيع ، فقالوا يا رسول الله ألا نقتله ، فقال:" إني نهيت عن قتل المصلين" ، قال أبو أسامة و النقيع ناحية عن المدينة وليس البقيع.(ص د 4928)
9- التطيب بالمسك ونحوه
من سنن الفطرة التطيب بأنواع الطيب كالمسك والعنبر وغيرها من الروائح التي تسر النفس وتشرح الصدر وتنبه الروح ، ويحرم على المرأة أن تستعطر ثم تخرج من بيتها 0
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :"من عُرض عليه طيبٌ فلا يرده ، فإِنه طيب الريح خفيف المحمل". (ص د 4172)
عن أبي سعيد قال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فى المسك:"وهو أطيب الطيب"0
(م2252)
عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "طِيبُ الرّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنَهُ وَطِيبُ النّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ ".(ص د 2174)
عن الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" أيما امرأة استعطرت ، فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية".(ح د 4173 )
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا خرجت المرأة إلى المسجد فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة"0 (ص ن 5127)
10- الاكتحال
عن ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال :"اكتَحِلوا بالإثمدِ وإنَّهُ يَجلو البصَرَ وينبتُ الشَّعر".(ص ت 1811)
والأفضل أن يكون ليلاً قبل النوم وأن يكون وتراً 0
عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - :كان يكتحل فى عينه اليمنى ثلاث مرات واليسرى مرتين.( ابن سعد ص 633 الصحيحة)
11- السواك(1/7)
هو عود من الأراك تدلك به الأسنان ويؤتى به من الحجاز واليمن وله مميزات كثيرة ، ويستحب فى جميع الأوقات ، وهو أشد استحباباً في الأوقات الآتية:
1- عند الوضوء
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء". (ص ج 3517)
وهو يدل بعمومه على استحباب السواك للصائم بعد الزوال 0
2- عند الصلاة
عن أَبي هُرَيْرةَ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لَوْلاَ أَنْ أَشُقّ عَلَى أُمّتِي. لأَمَرْتُهمْ بِالسّوَاكِ عنْد كلّ صَلاَةٍ" (خ 887)
3- عند قراءة القرآن
عن علي قال:أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسواك وقال:"إن العبد إذا قام يصلي أتاه ملك فقام خلفه يستمع القرآن ويدنو ، فلا يزال يستمع ويدنو حتى يضع فاه على فيه ، فلا يقرأ أية إلا كانت فى جوف الملك". (س ص 1213)
4- عند دخول البيت
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك.( م 290)
5- عند تغير الفم والاستيقاظ
عَن حذيفة بن اليمان قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قام من الليل يشوص فاه.
( خ889)
يشوص: أَي يدلك الأسنان بالسواك
عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"0
(ص ن 5)
12- غسل البراجم
البراجم هي : عقد الأصابع ومفاصلها ويلحق بها ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن.
ومن سنن الفطرة المضمضة ، وغسل البراجم ، وإنتقاص الماء: أي الإستنجاء.(1/8)
الباب الخامس
الوضوء(1/1)
الباب الخامس
الوضوء
الوضوء : مشتق من الوضاءة ، وهي النظافة والحسن ،وهو استعمال الماء الطهور في أعضاء مخصوصة بكيفية مخصوصة .
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: من الآية6)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ".( خ 135)
فضله
الوضوء يكفر الذنوب ويمحو الخطايا ويضاعف الأجر ويرفع الدرجات ، وهو سلاح المؤمن ، يدفع به عن هواجس النفس ووساوس الشيطان 0
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا تَوَضّأَ الْعَبْدُ المُسْلِمُ، أَوِ الْمُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كُلّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، أَوْ نَحْوَ هَذَا، وَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ كُلّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حَتّى يَخْرُجَ نَقِيّا مِنَ الذّنُوبِ".(م 32/244)
بطشتها يداه : اكتسبتها
والأحاديث في فضل الوضوء كثيرة ومن شاء المزيد فليراجع الأصل 0
بعد الإستيقاظ من النوم:
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللّيْلِ فَلاَ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإْنَاءِ حَتّى يُفْرِغْ عَليْهَا مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً، فَإِنّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ". ( م 278)
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه" .( خ 3295)
شروط صحة الوضوء
وهي التي لو عدم واحد منها لا يصح الو ضوء :(1/1)
1- أن لا يكون على العضو حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة كالشحم والطلاء والمناكير التي عمت به البلوى 0
2- جريان الماء على العضو وبه يفرق بين الغسل والمسح 0
3- أن يكون جميع ما ينافي الوضوء من الأحداث منقطعاً قبل الشروع في الوضوء إلا في حق صاحب العذر.
4- أن يكون الماء طهوراً 0
5- تمييز الصبي فلا يصح وضوء الصبي الذي لم يميز 0
شروط وجوب الوضوء
1- البلوغ.
2- دخول وقت الصلاة.
3- القدرة على الماء ، فلا يجب على فاقد الماء أو العاجز عن استعماله.
4- وجود ناقض للوضوء ، فلا يجب على من توضأ ولم ينتقض وضوءه الأول.
شروط وجوب وصحة معاً
وهي التي إذا فقد منها واحد لا يجب الوضوء ولا يصح:
1- بلوغ الدعوة.
2- العقل : فلا يجب على مجنون أو مغمى عليه ولا يصح منهم.
3- نقاء المرأة من دم الحيض والنفاس.
4- عدم النوم أو الغفلة.
5- الإسلام.
خطوات الوضوء
1- النية
فرض عند: الجمهور .
سنة عند: الحنفية .
وهي قصد الشئ مقترناً بفعله، ومحلها القلب، ولا دخل للسان فيه ، والتلفظ بها غير مشروع، ولم يقل به أحد من الأئمة وغيرهم 0
عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:
"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. وَلِكُلِّ امْرِيٍْ مَا نَوَى". ( خ 1)
2- التسمية
سنة عند: الجمهور .
فرض عند: أحمد في رواية وابن حزم والشوكاني.
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" 0 (ص د 101)
3- غسل اليدين إلى الرسغين
سنة عند: الجمهور.
واجب عند: أحمد في رواية.
عنِ ابنِ عَبّاس أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا تَوَضّأْتَ فَخَلّلْ بَيْنَ أصَابِعِ يَدَيْكَ ورِجْليْك".(ص هـ 447)
وتخليل الأصابع سنة.
4- السواك
وهو سنة مؤكدة.(1/2)
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ".(ص ج 5193)
5- المضمضة
سنة عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي .
فرض عند: أحمد في رواية .
وهي تحريك الماء في جميع الفم.
عن لقيط بن صبرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إذا توضأت فمضمض"0(ص د 144)
6- الاستنشاق والاستنثار
الاستنشاق سنة عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي .
وفرض عند: أحمد وابن حزم.
وهو جذب الماء داخل الأنف ثم إخراجه من الأنف .
عن أبي هريرة مرفوعاً: إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر.
( خ 161)
عن لَقِيطِ بنِ صَبْرَةَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ له:" أَسْبِغ الوُضُوءَ، وخَلّلْ بَيْنَ الأصَابِعِ، وبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ صَائِما ً ". (ص ت 785)
عن عبد الله بن زيد قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمضمض واستنشق من كف واحد ، فعل ذلك ثلاثا. (خ 191)
7- غسل الوجه
فرض وحدّه من منبت الشعر المعتاد إلى أسفل الذقن طولاً ، وما بين شحمتى الأذنين عرضاً ، مع مراعاة الجفون وغضون الجلد 0
قال تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ )(المائدة: من الآية6)
الفم والأنف يدخلان في الوجه عند: الحنابلة .
وهما سنة عند: الجمهور.
8- تخليل اللحية
سنة عند: مالك والشافعي .
واجب عند: الظاهرية.
هو تفريق شعرها من أسفل إلى فوق بعد تثليث غسل الوجه ، والمستحب أن يأخذ ماءً جديداً ، ثم يدخل أصابع يده اليمنى من أسفل لحيته إلى أعلاها0
عن أنس بن مالك أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : كان إذا توضّأ أخذ كفّاً من ماء فأدخله تحت حنكه فخلّل به لحيته وقال:" هكذا أمرني ربي عزّ وجل" 0 (ص د 145)
9- غسل اليدين مع المرفقين
فرض بالإجماع.
المرفق :هو المفصل البارز في منتصف الذراع ويجب أن يدخل في الغسل.(1/3)
قال تعالى: ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)(المائدة: من الآية6)
ويجب تحريك الخاتم الضيق إذا لم يصل الماء إلى ما تحته عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد وابن حزم.
10- مسح الرأس
مسح جميع الرأس فرض ، ولم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الاقتصار على مسح بعضه 0
قال تعالى: ( وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ )(المائدة: من الآية6)
والرجل والمرأة سواء في مسح الرأس.
الباء: زائدة أو للإلصاق 0
أما من قال إنها للتبعيض فيرده السنة العملية الصحيحة 0
عن عَبْدِ الله بن زَيْدٍ أَنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ رَأْسهُ بِيَدَيْهِ، فأَقْبَلَ بهمَا وأَدْبَرَ: بَدَأَ بِمُقَدّمِ رأْسِهِ، ثمّ ذَهَبَ بِهمَا إِلى قَفَاهُ، ثمّ رَدّهُما إِلى المَكاَنِ الّذِي بَدَأَ مِنْهُ 0 ( خ 185)
فمسح جميع الرأس فرض عند :مالك وأحمد والمالكية وابن تيمية وجمهور السلف.
مسح ربع الرأس فرض عند : أبي حنيفة.
مسح بعض الرأس فرض عند : الشافعي وابن حزم.
والمسح على العمامة جائز،ولا يشترط لبس العمامة على طهارة، ولا توقيت في مسحها لإطلاق الأدلة
عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على عمامته وخفيه.(خ 205)
عن الْمُغِيرَةِ بن شعبة: أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَأَ. فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ، وَعَلَى الْخُفّيْن 0(م275)
يجوز المسح على العمامة للضرورة عند: الجمهور.
وبدون ضرورة عند: أحمد وابن حزم وابن القيم.
ويجوز مسح الرأس بماء باق بيديه لحديث ربيع بنت معوذ : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه من فضل ماء كان بيديه (ح د 126)
11- مسح الأذنين
سنة عند: الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد في رواية وابن حزم .
فرض عند: أحمد في رواية.
عن أبي أمامة قال: قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - :" الأذنان مِنْ الرأس"0 (ص د 134)(1/4)
عن ابن عمرو-في صفة الوضوء-قال: ثم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه.(ح د 135)
وأما مسح الرقبة فلم يصح فيها حديث فلهذا لا يجوز مسحها 0
12- غسل الرجلين
غسل الرجلين مع الكعبين فرض بالإجماع
قال تعالى : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: من الآية6)
وقد ثبت بالنقل المستفيض المتواتر أن المفروض هو غسل الرجلين إلى الكعبين ، ولم يشذ إلا الشيعة وابن حزم فقالوا بالمسح.
عن عبد الله بن عمرو قال: تخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر سافر ناه ، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة، صلاة العصر، ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا 0 ( خ 163 )
أرهقتنا :أخرناها.
عَنْ الَمْستورد بْن شداد؛ قَالَ: رَأَيْت رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره.(ص د 148)
المسح علي الخفين
وأما المسح على الخفين فقد أجمع من يعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين فى السفر والحضر سواء كان لعذر أو لغير عذر 0
وقد صرح الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر جاوز رواته الثمانين منهم العشرة .
عَنْ هَمّامٍ قَالَ: بَالَ جَرِيرٌ. ثُمّ تَوَضّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفّيْهِ. فَقِيلَ: تَفْعَلُ هَذَا ! فَقَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَالَ، ثُمّ تَوَضّأَ ومَسَحَ عَلَى خُفّيْهِ 0 ( خ 387 )
يجوز المسح على الخفين عند: الأربعة وابن حزم ، وأما المسح على الجوربين فيجوز أيضاً وعلى كل ما يستر الرجلين كاللفائف التى تلف الرجلين من الجروح ومن البرد ونحو ذلك 0
عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الجوربين والنعلين0(ص ت 99)
شروط المسح
1- أن يكون لابسهما علي طهارة.
2- أن يكونا طاهرين.
3- أن يكون مسحهما من الحدث الأصغر لا من الجنابة.(1/5)
4- أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعا ، وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.
عن عروة بن المغيرة، عن أبيه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في سفر، فقال:" أمعك ماء". قلت: نعم، فنزل عن راحلته، فمشى حتى توارى عني في سواد الليل، ثم جاء، فأفرغت عليه الإداوة ، فغسل وجهه ويديه، وعليه جبة من صوف، فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها، حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه، ثم مسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال:" دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين". فمسح عليهما. ( خ 206 )
مدة المسح
للمقيم أن يمسح يوماً وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن 0
عن علىّ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة"0( م 276)
ومدة المسح تبدأ من وقت الحديث لا من وقت المسح بالإجماع 0
كيفية المسح
تضع أصابعك اليمنى على مقدم خفك الأيمن وأصابع يدك اليسري علي مقدمة خفك الأيسر ، ثم تمسح إلى أصل الساق مفرقاً أصابعك.
عن عَلِيَ قال: "لَوْ كانَ الدّينُ بالرّأْيِ لَكَانَ أسْفَلُ الْخُفّ أوْلَى بالمَسْحِ مِنْ أعْلاَه، وَقَدْ رَأيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفّيْهِ"0 (ص د 162)
مبطلات المسح
1- انقضاء المدة ،ولا يبطل عند: المالكية والنووي وابن حزم وابن تيمية والألباني وهو الراجح.
2- الجنابة والحيض والنفاس لحديث صفوان : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم .(ص ت 96)
3- نزع الممسوح عليه من الرجلين .
وهو قول : الشافعي ومالك ولا يبطل عند: الظاهرية وابن تيمية والألباني وهو الراجح.
فائدة(1/6)
انقضاء المدة ونزع الممسوح عليه يبطلان المسح وحده ، فلا يجوز المسح حتى يتوضأ ويغسل رجلين ثم يلبس ،لكنه إذا كان متوضئاً حين نزع الممسوح عليه أو انقضاء المدة ، فإنه باق على وضوئه يصلى به ما شاء حتى يحدث 0
13- الغرة والتحجيل
سنة عند: الأحناف والشافعية والحنابلة.
عن عَبْدِ الله الْمُجْمِرِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضّأُ. فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ. ثُمّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَىَ حَتّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ. ثُمّ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ. ثُمّ مَسَحَ رَأْسَهُ. ثُمّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَىَ حَتّى أَشْرَعَ فِي السّاقِ. ثُمّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتّى أَشْرَعَ فِي السّاقِ. ثُمّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضّأُ. وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "أَنْتُمُ الْغُرّ الْمُحَجّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. مِنْ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ. فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرّتَهُ وَتَحْجِيلَه "0 ( م 246 )
الغر: بياض في وجه الفرس وإطالتها غسل جزء من مقدم الرأس زائد عن المفروض فى غسل الوجه .
التحجيل: بياض في رجل الفرس وإطالتها غسل ما فوق المرفقين وما فوق الكعبين
إسباغ الوضوء: هو استغراق الماء لجميع محال الطهارة واستيعابه إياها.
14- تثليث الغسل
سنة ،يجوز الوضوء مرة مرة لكل عضو ومرتين مرتين ، وثلاثاً ثلاثاً ،ويجوز غسل بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثاً 0
عن بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة 0 ( خ 157 )
عن عبد الله بن زيد أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ مَرَّتَينِ مَرَّتَين . ( خ 159 )
عن عثمان َأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ ثَلاَثاً ثَلاَثاً 0 (ص د 135)(1/7)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثاً ثلاثاً ثم قال:" هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم "0 (ص د135)
عَنْ عَبْدِ الله بنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ: فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثاً، وَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ مَرَّتَيْنِ. (ص ت 47)
15- التيامن
سنة ، البدء بغسل اليمين من الأعضاء قبل اليسار من اليدين والرجلين 0
عن عائشة قالت :كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره ، وفي شأنه كله0 (خ168)
16- الدلك
وهو سنة عند :الجمهور .
وفرض عند : المالكية
عبد الله بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بثلثي مد من ماء فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه. (ص خز 118)
وجود حائل كالشمع والمنكير والبويات يبطل الوضوء وأما اللون كالحناء فلا يبطل.
17- الموالاة
وهي تتابع غسل الأعضاء بعضها إثر بعض بدون فصل بعمل أجنبي
وهي فرض عند: مالك وأحمد في المشهور والشافعي في القديم والأوزاعي والإمامية.
وسنة عند :الجمهور والشافعي في الجديد وأبي حنيفة والثوري وأحمد في رواية وابن حزم.
18- الترتيب
فرض عند: الشافعي وأحمد .
وسنة عند: أبي حنيفة ومالك وابن حزم 0
و الترتيب هو الغالب في وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حكاه من رأي وضوءه عليه الصلاة والسلام 0
ولكنه قد صح عن المقدام بن معد يكرب قال: أُتيَ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بوضوء فتوضأ: فغسل كفيه ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. (ص د 121)
19- الاقتصاد في الماء
عن أنس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل، بالصاع إلى خمسة أمداد ، ويتوضأ بالمد. ( خ 201 )
الصاع : 4 أمداد.(1/8)
المد : ملء الكفين مجتمعين.
الإسراف في ماء المساجد يحرم.
20- الشرب من فضل الوضوء
سنة.
لحديث عبد خير وفيه : ثم أدخل يده اليمنى فغرف بكفه فشرب فضل وضوئه.(ص حم 1133)
21- الدعاء بعده
الدعاء بعد الوضوء سنة ،أما الدعاء أثناءه فلا يصح فيه حديث.
عن عمر بن الخطاب قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" . ( م 234)
وزاد الترمذى : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين 0
22- صلاة ركعتين بعده
وهما سنة الوضوء.
عن عقبة بن عامر قال : قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال:" ما من أحدٍ يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلاَّ وجبت له الجنة" 0 ( م 234)
صفة الوضوء إجمالاً
صفة الوضوء الكامل ,أي المشتمل على السنن والواجبات هو:
أن ينوي الوضوء بقلبه دون لسانه -ثم يسمى- ويغسل كفيه ثلاثاً ثم يتمضمض ثلاثاً ويستنشق ثلاثاً بيمينه ويستنثر بيساره ، ويبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا إذا كان صائماً ، ثم يغسل وجهه ثلاثاً من منبت الشعر إلى أسفل الذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً مع إطالة الغرة يغسل يديه مع المرفقين والأظفار ثلاثاً مع التيامن وإطالة التحجيل ثم يمسح رأسه كلها يمرر عليها يديه من مقدم الرأس إلى القفا ثم يردها إلى الأمام ويمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما ، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثاً ويبدأ باليمنى ، مع إطالة التحجيل ويرتب كل ذلك ، ويدلك الأعضاء مع الموالاة ثم يشرب من فضل وضوئه ثم يتشهد قائلاً :أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، الله اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ، ثم يصلى ركعتين.
آداب الوضوء(1/9)
1- عدم استعانة المتوضئ بغيره إلا إذا استعان بغيره في إحضار الماء ، ويجوز له أن يستعين بغيره فى صب الماء لعذر لحديث المغيرة بن شعبة المتقدم 0
2- الجلوس في مكان طاهر حتى لا يصيبه رشاش الماء المتنجس.
3- ألا يتمخط في الماء ولو كان جارياً لئلا يقذره على الناس 0
4- استعمال المنشفة مباح يستوى فعله وتركه 0
5- المضمضة من اللبن وماله دسم للمتوضى 0
عَنْ ابنِ عَبّاسٍ:أَنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَناً فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمضَ،وقال:" إنّ لَهُ دَسَماً". ( خ 211)
نواقض الوضوء
1- كل ما يخرج من السبيلين (القبل والدبر)
كالبول والغائط والريح والمذى والدم.
قال تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ )(المائدة: من الآية6)
وهو كناية عن قضاء الحاجة 0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" فقال رجل من حضر موت :ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال : فساء أو ضراط .( خ 135 )
2- النوم المستغرق
الذي لا يبقى معه إدراك ، سواء كان ممكناً مقعدته من الأرض أم لا 0
عن صفوان بن عسال قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا سفراً إن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم 0 (ص ت 96)
لكن من : إلا من.
عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طالب أَن رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ".(ح د 203)
وكاء السه: الوكاء هُوَ مَا تُشَدّ بِهِ الرأس ونحوها. وقيل : الخيط الذى يربط به الخريطة 0
والسه: مِنْ أسماء الدبر 0
والمعنى: اليقظة تحفظ الدبر أن يخرج منه شئ بدون شعور الإنسان وإحساسه ، فإذا نام لم يشعر بما يخرج منه فكأن الوكاء قد انطلق 0
نوم المضطجع ينقض الوضوء عند : الجمهور والأربعة وابن حزم.(1/10)
قال ابن تيمية في الفتاوى21/228 : أما النوم اليسير من المتمكن بمقعدته فهذا لا ينقض الوضوء عند: جماهير العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم ، فإن النوم عندهم ليس بحدث في نفسه لكنه مظنة الحدث .
نوم القاعد ينقض عند: أبي حنيفة ومالك وأحمد وابن حزم.
3- زوال العقل
سواء كان بالجنون أو بالإغماء أو بالسكر أو بالدواء وسواء قل أو كثر وسواء كانت المقعدة ممكنة من الأرض أم لا وهذا بالاتفاق 0
4- مس الفرج من غير حائل
عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ مَسّ ذَكَرَهُ فَلاَ يُصلّ حَتّى يَتَوَضّأ".(ص د 181)
عن طلق أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل يمس ذكره هل عليه الوضوء ؟ فقال: "لا إنما هو بضعة منك". (ص د 182)
مس الذكر ينقض عند: مالك والشافعي وأحمد في المشهور وابن حزم.
ولا ينقض عند: أبي حنيفة وأحمد في رواية وابن تيمية.
5- أكل لحم الإبل
عن البراء بن عازب قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "توضئوا من لحوم الإبل ، ولا توضئوا من لحوم الغنم "0 (ص د 184)
وعن جابر بن سمرة أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال :"إن شئت توضأ وإن شئت لا تتوضأ" ، قال :أأتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم توضأ من لحوم الإبل"0 (م 360)
أكل لحم الإبل لا ينقض عند : الجمهور وأبي حنيفة ومالك والشافعي فى الجديد.
وينقض عند : أحمد والشافعي في القديم وابن حزم وابن القيم.
6- الشك في الوضوء
ومعناه :أنه يشك في أصل الوضوء هل توضأ أم لم يتوضأ بعد ؟
وهو ناقض بالإجماع ، لأنه لا يصح أن يدخل في الصلاة إلا وهو متيقن من طهارته.
7- الردة
نطقاً بإجراء كلمة الكفر على اللسان مختاراً تنقض الوضوء0
قال تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ )(الزمر: من الآية65)
الردة تنقض عند: أحمد والمالكية .(1/11)
ولا تنقض عند: الجمهور وأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حزم.
ما لا ينقض الوضوء :
1- الشك في الحدث
وهو أن يشك المسلم هل هو قد أحدث أو لم يحدث ، والشك في الحدث لا ينقض الوضوء 0
عن عباد بن تميم عن عمه أنه شكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال:" لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً".( خ 135 )
والشك في الحدث لا ينقض الوضوء عند: الجمهور والأربعة وابن حزم.
2- لمس المرأة بدون حائل
لا ينقض الوضوء
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ0
(ص د 179)
أما قوله تعالى: ( أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ )(النساء: من الآية43)
فالمراد به الجماع كما قال ابن عباس 0
ويحرم لمس المرأة الأجنبية لحديثه - صلى الله عليه وسلم - : "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"0( طب 20/210 الصحيحة 226)
3- خروج الدم من غير السبيلين لا ينقض الوضوء
قال الحسن : ما زال المسلمون يصلون فى جراحاتهم 0 ( خ تعليقاً 1/336 )
وقال الألباني فى الضعيفة 1/483 : والحق أنه لا يصح حديث فى إيجاب الوضوء من خروج الدم ، والأصل البراءة .
وينتقض عند : أبي حنيفة وأحمد.
4- الأكل مما مست النار :
لا ينقض الوضوء عند: الجمهور والأربعة.
عن جابر قال: كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مسته النار.(ص د 192)
5- القيء :
لا ينقض الوضوء وإنما يستحب الوضوء منه عند: مالك والشافعي وابن حزم وابن تيمية.
عن أبي الدرداء : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فتوضَّأ 0 ( م 352 )
قال الألباني: فالحديث لا يدل على النقص إطلاقا، لأنه مجرد فعل منه - صلى الله عليه وسلم - ، والأصل أن الفعل لا يدل على الوجوب .
وينقض عند: أبي حنيفة وأحمد.
6- تغسيل الميت وحمله(1/12)
لا ينقض الوضوء عند :الجمهور وأبي حنيفة ومالك والشافعي.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من غسل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ .(ص د 3161)
وظاهر الأمر يفيد الوجوب ، ولكنه مصروف عنه بحديثين 0
الأول: عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه إن ميتكم يموت طاهراً وليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" 0(ح أحكام الجنائز ص 54 )
الثاني : عن ابن عمر قال :كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل0(ص أحكام الجنائز54)
وينقض عند : أحمد وابن حزم.
7- القهقهة في الصلاة
لا تنقض الوضوء عند :الجمهور ومالك والشافعي وأحمد وابن حزم.
وتنقض عند : أبي حنيفة وأصحابه.
8- المعصية الكبيرة
كتعمد الكذب والغيبة والنميمة فهي محرمة ولا تنقض الوضوء عند: الأربعة وابن حزم .
حكم المعذور
مثل: من عنده سلس بول أو انفلات ريح أو رعاف دائم أو لا يستمسك معه الغائط والمستحاضة ، فهذا لا ينقض وضوؤه ولكن عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت ويصلى ما شاء من الصلوات ولا يلقى للحدث بالاً ، وعليه أن يبادر إلى العلاج من هذا المرض 0
قال ابن تيمية 21/107 : وأما من به سلس بول، وهو أن يجري بغير اختياره لا ينقطع، فهذا يتخذ حفاظاً يمنعه فإن كان البول ينقطع مقدار ما يتطهر ويصلى ، وإلا صلى وإن جرى البول ، كالمستحاضة تتوضأ لكل صلاة 0
المعذور يتوضأ لكل صلاة عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد وابن حزم.
ما يستحب له الوضوء
1- عند ذكر الله عز وجل
عن أبي الْجُهَيْمِ بنِ الْحَارِثِ قال: أقْبَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَيه السّلاَمَ حَتّى أتَى عَلَى جِدَارٍ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمّ رَدّ عَلَيْهِ السّلاَمَ 0 ( خ 337 )(1/13)
وهذا على سبيل الندب وإلا فذكر الله جائز للمتطهر والمحدث والجنب 0
2- الوضوء للنوم
عن الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضّأْ وُضُوءَكَ لِلصّلاَة. ثُمّ اضْطَجِعُ علَىَ شِقّكَ الأَيْمَنِ. ثُمّ قُلِ: اللّهُمّ إِنّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ. وَفَوّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ. وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ. رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ. لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاّ إِلَيْكَ. آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الّذِي أَنْزَلْتَ. وَبِنَبِيّكَ الّذِي أَرْسَلْتَ. وَاجْعَلْهُنّ مِنْ آخِرِ كَلاَمِكَ. فَإِنْ مُتّ مِنْ لَيْلَتِكَ، مُتّ وَأَنْتَ عَلَىَ الْفِطْرَةِ".
قَالَ: فَرَدّدْتُهُنّ لأَسْتَذْكِرَهُنّ فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ: قُلْ: آمَنْتُ بِنَبِيّكَ الّذِي أَرْسَلْتَ. ( خ6311 )
3- الوضوء لكل صلاة
عَنْ أَنَسٍ: أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَتَوَضّأُ لِكُلّ صَلاَةٍ طاهِراً أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ. قالَ: قُلْتُ لاِنَس: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُم ْ؟ قالَ: كنّا نَتَوَضّأُ وُضُوءًا واحِدا. ( خ 214 )
4- الوضوء للجنب ( أو التيمم )
إذا أراد الجنب أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يعاود الجماع فيستحب له الوضوء 0
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، إِذَا كَانَ جُنُباً، أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ، تَوَضّأَ وُضُوءَهُ لِلصّلاَة. ( م 305 )
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا أَتَىَ أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضّأَ ".( م 308 )
عن عائشة قالت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : كان إذا واقع بعض أهله فكسل أن يقوم ضرب على الحائط فتيمم 0 (ص ج 4794 )
5- الوضوء قبل الغسل(1/14)
عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة 0 ( خ 248 )
6- الغضب
عن عَطِيّة قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" إِنّ الْغَضَبَ مِنَ الشّيْطَانِ، وَإِنّ الشّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النّارِ، وَإِنّمَا تُطْفَأُ النّارُ بالمَاءِ ، فإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُم فَلْيَتَوَضأ".(ص د 4784)
7- الوضوء مما مست النار
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" توضئوا مما مست النار"0
( م 352 )
عن ابن عباس أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاةٍ ثمَّ صلّى ولم يتوضَّأ
( خ 207)
وقد سبق ذلك فيما لا ينقض الوضوء 0
8- الوضوء من القيء
عن أبي الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فتوضأ 0 (ص ت 87)
9- الوضوء من حمل الميت مستحب
لحديث من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ. (ص د 3161)
ما يجب له الوضوء
1- الصلاة
وذلك مطلقاً فرضاً أو نفلاً 0
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: من الآية6)
عن ابنِ عُمَرَ،عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلاَ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُول"ٍ0( م 224 )
2- الطواف بالكعبة
عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:" الطّوافُ حولَ البيتِ مثلُ الصَّلاةِ إلاَّ أنكُم تتكلّمونَ فيهِ فمنْ تكلّمَ فيهِ فلا يتكلّمْ إلاَّ بخيرٍ ". (ص ت 960)
3- مس المصحف
لقوله تعالى: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79) ولحديث عمرو بن حزم : لا يمس القرآن إلا طاهر 0 (ص غليل 122 )(1/15)
يحرم مس المصحف لغير المتوضئ عند : الأربعة وابن تيمية .
ويجوز عند : ابن حزم والزيدية والشوكاني والألباني .
والذين أجازوا مسه حملوا الطهارة فى الحديث على الطهارة من الحدث الأكبر أو الشرك وعلى أن المراد بهم الملائكة فى الآية 0
أما القراءة بدون مس فيجوز لغير المتوضئ بالاتفاق 0
عن ابن عباس استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح النوم عن وجهه ثم قرأ الآيات العشر من سورة آل عمران ثم قام إلى شن فتوضأ 0 ( خ 138 )(1/16)
الباب السادس
الغسل(1/1)
الباب السادس
الغسل
الغسل: معناه تعميم البدن بالماء
موجبات الغسل:
يجب الغسل لأمور خمسة هي
1- خروج المني:
قال تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(المائدة: من الآية6)
عن علي - رضي الله عنه - قال: كنت رجلا مذاء فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:" فى المذي الوضوء ، وفى المني الغسل".( خ 178 )
عن أم سلمة أم المؤمنين أنها قالت: جاءت أم سليم، امرأة أبي طلحة، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" نعم إذا رأت الماء" 0 ( خ 282 )
وإذا احتلم ولم يجد منياً فلا غسل عليه ، وإذا وجد المني ولم يذكر احتلاماً فعليه الغسل.
عنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنِ الرّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلاَ يَذْكُرُ احْتِلاَماً؟ قَالَ: يَغْتَسِلُ. وَعنِ الرّجُلِ يَرَى أنّهُ قَدِ احْتَلَمَ ولَمْ يَجِدْ بَلَلاً؟ قَالَ:" لا غُسْلَ علَيْه"ِ.
(ح د 236)
فإذا خرج المني يقظة بغير شهوة بل لمرض أو برد فلا يجب عليه الغسل 0
عن على قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إذا حذفت الماء فاغتسل من الجنابة ، فإذا لم تكن حاذفاً فلا تغتسل" 0 (ص غليل125 )
الحذف هو الرمي ، ولا يكون بهذه الصفة إلا لشهوة 0
2- التقاء الختانين:
أي تغيب الحشفة في الفرج وإن لم يحصل إنزال0
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قال : قالْ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" ِإذَا جلس الرجل بين شعبها الأربع،ومس الختان الختان وجب الغسل" 0 ( خ 291 )
3- انقطاع دم الحيض والنفاس:(1/1)
قال الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222) عن فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها :"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي".( خ 320 )
والنفاس كالحيض بالإجماع
4- الكافر إذا أسلم:
عن قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر.
(ص د 355)
وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ثمامة لما أسلم أن يغتسل.
( خ 4372 )
وقال أسيد بن حضير وسعد بن معاذ لمصعب : كيف تصنعون إذا دخلتم هذا الأمر؟ قال:نغتسل ونشهد شهادة الحق0 ( سيرة ابن هشام 2/436 )
5- الموت:
لحديث أم عطية لما توفيت زينب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهن :" اغسلنها ثلاثا أو خمساً أو أكثر من ذلك"0الحديث 0 ( خ 1253 )
ما يحرم على الجنب
1- الصلاة مطلقاً:
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا )(النساء: من الآية43)
2- الطواف حول الكعبة:
عن ابنِ عَبّاسٍ أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:" الطّوافُ حَوْلَ البَيْتِ مِثْلُ الصّلاَةِ إلاّ أنكُمْ تَتَكَلّمُونَ فيهِ فَمنْ تَكَلّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلّمنّ إلاّ بِخَيْرٍ". (ص ت 1960)
3- مس المصحف وحمله:
لا يجوز مس المصحف للجنب والحائض عند : الجمهور والأربعة والإمامية والزيدية 0(1/2)
ويجوز عند : داود وابن حزم والألباني ، واستدلوا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل وفيه :يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء 000 الآية 0 ( خ 4553 )
قال الله تعالى :(لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79) والمطهرون هم الملائكة وهو قول جمهور المفسرين 0
حديث عمرو بن حزم (لا يمس القرآن إلا طاهر).(ص غليل 122 )
وهذا الحديث يدل على تحريم مس المصحف للجنب والحائض والله أعلم
4- قراءة القرآن:
يحرم قراءة القرآن للجنب عند :الأربعة وابن تيمية والإمامية والزيدية .
عن علي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم ولا يحجزه وربما قال: ولا يحجبه من القرآن شيء ليس الجنابة0
(ص د 229 )
عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن".( ت 131 صححه أحمد شاكر 00 وضعفه ابن حجر و لبيهقى والترمذي والنووي والألباني )
ويجوز قراءة القرآن للجنب عند : ابن حزم وداود والبخاري والطبري وابن المنذر والألباني والمباركفوري.
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر الله على كل أحيانه 0 ( م373 )
عن ابن عباس أنه لم ير بالقراءة للجنب بأساً 0 (خ تعليقاً 1/485)
صححه ابن حبان وابن السكن وعبد الحق والبغوي والترمذي والحاكم والذهبي وأحمد شاكر والأرناؤوط 0
وضعفه أحمد والشافعي والنووي والألباني والحويني 0
5- المكث في المسجد:
يحرم على الجنب المكث فى المسجد وكذلك الحائض 0
قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)(النساء: من الآية43)
وهو قول الأربعة.(1/3)
عن عائشة رضي اللّه عنها قالت، قال لي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "ناوليني الخُمرة من المسجد"، فقلت: إني حائض، فقال:" إن حيضتك ليست في يدك "0 ( م 298 )
ويجوز المكث في المسجد عند: أحمد (إذا توضأ) وابن حزم والألباني .
ما يباح للجنب
1- النوم :
عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام، وهو جنب، غسل فرجه، وتوضأ للصلاة.( خ288 )
وهو سنة ، أي الوضوء للجنب قبل النوم عند: الجمهور .
2- الخروج والمشي
عن أنس أن النبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه، في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة0( خ 268 )
3- الأكل والشرب
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام أو يأكل وهو جنب توضأ0
(م305 )
4- معاودة الجماع
عَنْ أَبِي سَعِيْد قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - :"إِذَا أتى أحدكم أهله، ثُمَّ أراد أَن يعود، فليتوضأ"0( م 308 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجوز قص ظفر وشارب الجنب بدون كراهة 0
ما يستحب له الإغتسال
1- غسل الجمعة
عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" غسل الجمعة واجب على كل محتلم" .
( خ 879 )
عن سالم،عن أبيه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر،فقال:"من جاء إلى الجمعة فليغتسل".( م44 )
عن سَمُرةَ بنِ جُنْدَبٍ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :"مَن توضّأَ يومَ الجُمعةِ فَبِهَا وَنِعْمتْ. ومَن اغتسَلَ فالغُسْلُ أفضل ". (جيد د 354)
وبهذا يصرف الأمر عن الوجوب فى الأحاديث المتقدمة 0
فغسل الجمعة سنة عند :أبي حنيفة والمالكية والشافعي وأحمد وزيد 0
وواجب عند: مالك وهو قول للشافعي وأحمد فى رواية وابن حزم وابن دقيق العيد وابن حجر والشوكاني وصديق حسن خان و أحمد شاكر والألباني.
2- غسل العيدين
سنة للصلاة عند: الأحناف والحنابلة .
سنة لليوم عند: المالكية والشافعية.(1/4)
3- غسل من غسل ميتاً
عن أبي هريرة قال:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ ".(ص د 3162)
سنة عند: الأربعة .
فرض عند: ابن حزم و الإمامية
4- غسل المغمى عليه
سنة.
عن عائشة قالت: ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:" أصلى الناس". قلنا: لا، هم ينتظرونك، قال: "ضعوا لي ماء في المخضب". ( خ 687 )
5- غسل الإحرام
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ: نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، بِالشّجَرَةِ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا بَكْرٍ، يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلّ. ( م 1209 )
6- الاغتسال عند كل جماع
عَنْ أَبِي رافع أَن الْنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - طاف عَلَى نسائه فِيْ ليلة. وكان يغتسل عند كُل واحدة منهن.(ص هـ 590)
7- الاغتسال من دفن المشرك
لحديث على أنه أتى - صلى الله عليه وسلم - فقال :إن أبا طالب مات، فقال:" اذهب فواره"، قال: إنه مات مشركا، قال:" اذهب فواره "، فلما واريته رجعت إليه فقال:"لي اغتسل".
(ص حم 807)
طريقة الاغتسال
عن عائشة؛ قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إذا اغتسل من الجنابة، يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوئه للصلاة، ثم يأخذ الماء ، فيدخل أصابعه في أصول الشعر،حتى إذا رأى أن قد استبرأ،حفن على رأسه ثلاث حفنات. ثم أفاض على سائر جسده. ثم غسل رجليه.( خ 248 )
عَنْ أُمّ سَلَمَة قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنّي امْرَأَةٌ أَشُدّ ضَفْرَ رَأْسِي، فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ: "لاَ. إِنّمَا يَكْفِيكِ أَنَ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ، ثُمّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ". (م330)
فطريقة الغسل(1/5)
تسم الله ، ثم تغسل كفيك ثلاث مرات قبل إدخالهما فى الإناء ، وتستنشق وذلك إذا كنت مستيقظاً من نوم ، ثم تستنجي ، حتى ولو لم يكن فى قبلك أو دبرك نجاسة ، ثم تغسل يدك اليسرى بصابون ونحوه ، أو تدلكها بتراب ثم تتوضأ وضوءاً كاملاً 0
ثم تفرغ الماء على رأسك حتى يصل إلى أصول الشعر وتغسله جيداً ثلاث مرات ، ثم تغسل أذنيك ، ثم تغسل عنقك ، ثم ذراعك الأيمن وجنبك الأيمن ، ثم ذراعك الأيسر وجنبك الأيسر ، ثم تغسل ظهرك ثم بطنك ثم تغتسل فخذيك إلى قدميك وبذلك تكون قد طهرت من الحدثين ولك أن تصلى بعد هذا الغسل من غير أن تتوضأ ثانياً 0
غسل المرأة
وأما غسل المرأة فمثل غسل الرجل إلا أنها فى حالة الغسل من الحيض أو النفاس ينبغي لها أن تزيل أثر الدم تماماً بمطهر له رائحة نفاذة تقضى على رائحة الدم وعليها أن تفك ضفيرتها فى غسل الحيض ولا يلزم ذلك فى غسل الجنابة 0
خطوات الغسل
1- النية : وهي فرض عند: مالك والشافعي والجمهور .
2- غسل اليدين ثلاثاً خارج الإناء للمستيقظ من النوم : وهو سنة عند: الأربعة.
وفرض عند: ابن حزم .
3- التسمية : سنة عند: الأحناف والشافعية .
وفرض عند: أحمد .
4- غسل موضع النجاسة :فرض لأنه من تعميم الجسد بالماء 0
5- غسل اليد اليسرى بصابون أو نحوه : سنة.
6- غسل اليدين إلى الرسغين : سنة عند: الأحناف والمالكية والشافعية .
7- الوضوء : سنة عند: الأحناف والشافعية والحنابلة.
وواجب عند: الشافعي فى رواية وأحمد فى رواية وداود وأبي ثور .
8- المضمضة : فرض عند: أبي حنيفة وأحمد فى رواية .
سنة عند: مالك والشافعي وأحمد فى رواية وابن حزم .
9- الاستنشاق :فرض عند: أبي حنيفة وأحمد فى رواية .
سنة عند: مالك والشافعي وأحمد فى رواية وابن حزم .
10- غسل الرأس ثلاثاً : فرض .
11- تعميم الجسد بالماء : فرض .
12- التدليك : سنة عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد وابن حزم.
وواجب عند: مالك.(1/6)
13- التيامن :سنة عند: الأحناف والشافعية والحنابلة .
14- غسل الأعالي قبل الأسافل : سنة عند: الشافعية .
15- التثليث : سنة عند :الأحناف والشافعية والحنابلة .
16- الترتيب : سنة عند: الأحناف .
17- الموالاة : سنة عند: الشافعي وأحمد .
فرض عند :المالكية.
18- تخليل الشعر : سنة عند: أبي حنيفة وأحمد وابن حزم .
فرض عند: المالكية والشافعية.
يجب أن ينقض شعر المرأة من الحيض والنفاس ولا ينقض فى الجنابة عند: أحمد وابن حزم .
ويجب أن ينقض فى الغسل عامة عند: مالك والشافعي.
19- تخليل اللحية : فرض عند : الظاهرية وأحمد والشافعي وأبو حنيفة.
سنة عند مالك .
20- تخليل الأصابع : سنة عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
فرض عند: المالكية.
21- تعاهد الإبطين والأذنين والسرة وأصابع الرجلين : سنة
22- السواك : سنة.
23- الاقتصاد فى الماء : سنة.
24- الستر حال الغسل :سنة عند: الشافعية.
عن يَعْلَى بن أبي أمية : أنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ الله حَيِيّ سِتّيرٌ يُحِبّ الحيَاء وَالسّتْرَ فإذَا اغْتَسَلَ أحَدُكُم فَلْيَسْتَتِرْ".(ص د 4012)
25- التنشيف : مباح.(1/7)
الباب السابع
التيمم(1/1)
الباب السابع
التيمم
التيمم هو القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها 0
قال الله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً)(النساء: من الآية43)
عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته. ( خ 334 )
الأسباب المبيحة للتيمم
1-إذا لم يجد الماء:
قال الله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا )(المائدة: من الآية6)
عن عمران بن حصين قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل، فقال:" ما منعك أن تصلي قال أصابتني جنابة ولا ماء قال عليك بالصعيد فإنه يكفيك"0( خ 348 )(1/1)
2-إذا كان به مرض ، وخاف زيادته أو تأخر الشفاء:
عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجرٌ فشدَّه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصةً في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أُخْبِرَ بذلك فقال: "قتلوه قتلهم اللّه، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإِنما شفاء العِيِّ السُّؤالُ ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر" أو "يعصب" شك موسى "على جرحه خرقةً، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده "0(ح د 336)
3-إذا كان الماء شديد البرودة ، وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله بشرط أن يعجز عن تسخينه ولو بالأجر:
عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السَّلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا عمرو، صلَّيت بأصحابك وأنت جنبٌ"؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت اللّه يقول:{ولا تقتلوا أنفسكم إنَّ اللّه كان بكم رحيماً} فضحك رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئاً. (ص د 334)
وفى هذا إقرار وإثبات التيمم لخوف البرد ، وسقوط الفرض به ، وصحة اقتداء المتوضئ بالمتيمم 0
4-إذا كان قريباً من الماء ولكنه يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله، أو حال بين الماء وبينه عدو ، أو كان مسجوناً أو عجز عن استخراج الماء 0
5-إذا احتاج إلى الماء لشربه أو شرب غيره ، أو لشرب حيوان ، أو احتاج له لعجن أو طبخ ، وإزالة نجاسة غير معفو عنها
فإنه يتيمم الصعيد الذي يتيمم به يجوز التيمم بالتراب الطاهر وكل ما كان من جنس الأرض كالرمل والحجر والجص لقوله تعالى:( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)
(المائدة: من الآية6)
وقد أجمع أهل اللغة : على أن الصعيد هو وجه الأرض سواءً كان تراباً أو غيره.
كيفية التيمم(1/2)
على المتيمم أن يقدم النية ومحلها القلب ، ثم يسمى الله تعالى ، ويضرب بيديه الصعيد الطاهر ، وينفخ فيهما ، ويمسح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين 0
عن عمار بن ياسر بَعَثَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَاجَةٍ فأجْنَبْتُ فَلَمْ أجِدِ الْمَاءِ فَتَمَرّغْتُ في الصّعِيدِ كما تَتَمَرّغُ الدّابَةُ، ثُمّ أتَيْتُ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فقال:" إنّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أنْ تَصْنَعَ هَكَذَا"، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الأرْضِ فَنَفَضَهَا، ثُمّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَبِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ عَلَى الْكَفّيْنِ، ثُمّ مَسَحَ وَجْهَهُ . وفى رواية : "إنما كان يكفيك هكذا ". ومسح وجهه وكفيه واحدة.( خ 347 )
المراد بـ "ثم" هنا: الجمع وليس الترتيب.
ما يباح به التيمم
يباح به الصلاة ومس المصحف وغيرهما ، فحكمه كحكم الوضوء فيصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل 0
نواقضه
1-ينقضه كل ما ينقض الوضوء 0
2-وجود الماء لمن فقده فإذا صلى بالتيمم ووجد الماء لا تجب عليه الإعادة ولو كان الوقت باقياً0
عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفرٍ فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيداً طيِّباً فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يُعِدِ الآخر، ثم أتيا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: "أصبت السُّنَّة وأجزأتك صلاتك" وقال للذي توضأ وأعاد: "لك الأجر مرَّتين".
(ص د 338)
صلاة فاقد الطهورين
من عدم الماء والتراب-الصعيد-يصلي على حسب حاله ولا إعادة عليه 0(1/3)
عن عائشة رضي الله عنها: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناسا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير: جزاك الله خيرا، فو الله ما نزل بك أمر قط ، إلا جعل الله لك منه مخرجا، وجعل للمسلمين فيه بركة. ( م 367 )
فهؤلاء الصحابة صلوا حين عدموا ما جعل لهم طهوراً وشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره عليهم ولم يأمرهم بالإعادة 0
قال النووي : وهو أقوى الأقوال دليلاً 0(1/4)
الباب الثامن
الحيض والنفاس(1/1)
الباب الثامن
الحيض والنفاس
الحيض: هو الدم الخارج من قبل المرأة حال صحتها ، من غير سبب ولادة ولا افتضاض.
وقته:
ويبدأ بعد بلوغ الأنثى تسع سنين ، فإذا رأت الدم قبل هذا السن لا يكون دم حيض ، بل دم علة وفساد ، ولا تحديد لنهايته 0
لونه:
السواد - الحمرة -الصفرة (كالصديد يعلوه اصفرار ) ، الكدرة (وهى التوسط بين لون البياض والسواد كالماء الوسخ )
عن مرجانة مولاة عائشة قالت :كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.
( ط 99 – الطهارة )
الدرجة : جمع درج وهو الوعاء الذى تضع فيه المرأة متاعها0
الكرسف : القطن.
القصة البيضاء :ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض.
مدته:
لا يقدر أقل الحيض ولا أكثره ، إلا إذا كان لها عادة مقررة تعمل عليها 0
عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة تهراق الدم فقال:" لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر فتدع الصلاة ثم لتغتسل ولتستثفر ثم تصلي". (ص د 274)
تستثفر : تشد خرقة على فرجها 0
مدة الطهر:
لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين ، أما أقله فقدره بعضهم بخمس عشرة يوماً ، والحق أنه لم يأت فى تقدير أقله دليل .
قال الشوكاني: لم يأت فى تقدير أقله وأكثره ما تقوم به الحجة وكذلك الطهر فذات العادة المتقررة تعمل عليها ، وغيرها ترجع إلى القرائن ، فدم الحيض يتميز من غيره ، فتكون حائضاً إذا رأت دم الحيض ، ومستحاضة إذا رأت غيره ، فهي كالطاهر وتغسل أثر الدم وتتوضأ لكل صلاة 0
النفاس
النفاس: هو الدم الخارج من قبل المرأة بسبب الولادة ، وإن كان المولود سقطاً.
مدته:
لا حد لأقل النفاس ، فيتحقق ولو بلحظة ، فلو ولدت وانقطع الدم عقب الولادة أو ولدت بدون بدم فإن نفاسها قد انقضى ويلزمها ما يلزم الطاهرات من الصلاة والصوم وغيرهما ، وأما أكثره فأربعون يوماً .(1/1)
عن أم سلمة قالت:كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين يوماً .
(ص د 312)
فإن رأت الدم بعد الأربعين فلا تدع الصلاة ، وتكون مستحاضة .
ما يحرم على الحائض والنفساء:
تشترك الحائض والنفساء مع الجنب في كل ما تقدم ،ويحرم عليها أيضا :
1- الصوم:
يحرم الصوم على الحائض والنفساء وعليها القضاء 0
عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء فقال:" يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار"، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال:" أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل"، قلن: بلى، قال:" فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، قلن: بلى، قال:" فذلك من نقصان دينها". (خ 304 )
عن معاذة؛ قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية. ولكني أسأل. قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة . ( م 335 )
الحرورية: نسبة إلي بلدة حوراء التي اجتمع الخوارج فيها.
2- الوطء:
وهو حرام على الحائض والنفساء بإجماع المسلمين 0
قال تعالى : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(البقرة: من الآية222)
عن ابن عباس عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض قَالَ :"يتصدق بدينار أو بنصف دينار" . (ص د 264)
فإذا كان في فوره الدم فدينار.
وإذا كان في آخره فنصف دينار 0 والله أعلم
عن ابن عباس، قال: إذا أصابها في أول الدم فدينار؛ وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار0(ص د 265)(1/2)
وتجوز مباشرة الحائض والنفساء فيما بين السرة والركبة 0
لقوله - صلى الله عليه وسلم - :"اصنعوا كل شئ إلا النكاح" 0 ( م 302 )
الاستحاضة:
هي استمرار نزول الدم وجريانه فى غير أوانه .
أحوال المستحاضة:
1- أن تكون مدة الحيض معروفة لها قبل الاستحاضة ، فتعتبر هذه المدة المعروفة هي مدة الحيض والباقي استحاضة 0
2- أن يستمر بها الدم ، ولم يكن لها أيام معروفة ، إما لأنها حبست عادتها أو بلغت مستحاضة ، ولا تستطيع تمييز دم الحيض ، وفى هذه الحالة يكون حيضها ستة أيام أو سبعة وتصلى أربعاً وعشرين يوماً أو ثلاثاً وعشرين من كل شهر وتغتسل وإن قويت على أن تغتسل للظهر وتصلى معه العصر وتغتسل للعشاء وتصلى معه المغرب وتغتسل للصبح فلتفعل ، وإن لم تقدر علي ذلك فيكفيها الوضوء لكل صلاة.
3- أن لا تكون لها عادة ولكنها تستطيع تمييز دم الحيض عن غيره ، وفى هذه الحالة تعمل بالتمييز 0
عن أم حبيبة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدم؟ فقالت عائشة. رأيت مركنها ملآن دما. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك. ثم اغتسلي وصلي.( م 334 )
قوله - صلى الله عليه وسلم - لحمنة بنت جحش: "إنّما هذه ركضةٌ من ركضات الشّيطان فتحيّضي ستَّة أيَّامٍ أو سبعة أيَّامٍ في علم اللّه تعالى، ثمَّ اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي ثلاثاً وعشرين ليلةً أو أربعاً وعشرين ليلةً وأيامها، وصومي؛ فإِن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كلِّ شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن، ميقات حيضهنَّ وطهرهن ".(ح د 287)
أحكامها :
1- لا يجب عليها الغسل لشئ من الصلاة ولا فى وقت من الأوقات إلا مرة واحدة حينما ينقطع حيضها وهو قول الجمهور 0
2- يجب عليها الوضوء لكل صلاة(1/3)
عَنْ عَائِشَة قالت: جَاءَتْ فاطمة بِنْت أَبِي حبيش إلى الْنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إني امرأة أستحاض فلا أطهر. أفأدع الصلاة؟ قَالَ:" لاَ إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي". ( خ 228 )
3- أن تغسل فرجها قبل الوضوء وتحشوه بخرقة أو قطنة دفعاً للنجاسة لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ولتستثفر" وقد مضى.
4- يجوز لزوجها أن يطأها فى حال جريان الدم لأن لها حكم الطاهرات.
5- لا تتوضأ قبل دخول وقت الصلاة ، ولها أن تصلى ما تشاء من النوافل0
6- لها حكم الطاهرات فتصلى وتصوم وتعتكف وتقرأ القرآن وتمس المصحف .(1/4)
الكتاب الثاني
الصلاة
الباب الأول: فضل الصلاة(1/1)
الباب الأول
فضل الصلاة
الصلاة لغة : الدعاء.
شرعا: عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة ، مفتتحة بالتكبير ، ومختتمة بالتسليم ، وهي مشتقة من الصلة لأنها توصل العبد وتقربه من رحمة ربه.
فرضية الصلاة
فرض الله تعالى الصلاة ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف ودليل فرضيتها.
من القرآن الكريم:
قول الله تعالى:(فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء: من الآية103)
وقوله تعالى :( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر) (العنكبوت: من الآية45)
والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر إذا أداها بخشوع وخضوع وحافظ عليها فى أوقاتها وأتم ركوعها وسجودها ولم يدخلها وهو كاره أو متثاقل.
ومن السنة :
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان". (خ 8)
قال الشوكاني : والحديث يدل على كمال الإسلام وتمامه بهذه الخمس، فهو كخباء أقيم على خمسة أعمدة وقطبها الذى يدور عليه الأركان الشهادة وبقية شعب الإيمان كالأوتاد للخباء0
فظهر من هذا التمثيل أن الإسلام غير الأركان كما أن البيت غير الأعمدة !
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: فُرِضَتْ عَلَى النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَلوَاتُ خَمْسِينَ، ثُمّ نُقِصَتْ حَتّى جُعِلَتْ خَمْساً، ثُمّ نُودِيَ: يا محمدُ، إِنّهُ لاَ يُبَدّلُ الْقَوْلُ لَدَيّ وَإِنّ لَكِ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسينَ. (خ349) وأصله فى الصحيحين
عن عائشة قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر. (خ350 )
فضل الصلاة(1/1)
عن أَبي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنّ نَهْراً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فيهِ كُلّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قالوا لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قالَ فَذَلِكَ مَثَلُ الصّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو الله بِهنّ الْخَطَايَا" 0( خ 528 )
عن ابن مسعود: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأنزل الله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}. فقال الرجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال: "لجميع أمتي كلهم" . ( خ 426 )
عنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: الصّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنّ، مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِر 0 ( م 233 )
عن عُثْمَانَ.أنه دعا بِطَهُورٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشَوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلاّ كَانَتْ كَفّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذّنُوبِ، مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرَةٌ، وَذَلِكَ الدّهْرَ كُلّهُ". ( م 228 )
عن أبي فاطمة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"يا أبا فاطمة أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم يسجد لله تبارك وتعالى سجدة إلا رفعه الله تبارك وتعالى بها درجة وحط عنه بها خطيئة"0( حم 3/428 صحيحة 1519 )
عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن العبد إذا قام يصلي أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه فكلما ركع وسجد تساقطت عنه"0
(هق 3/10 صحيحة1398)(1/2)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم"0
(طب الأوسط 907الصحيحة 1388)
عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "وإني قد نهيت عن ضرب أهل الصلاة"0
(حم 5/250 صحيحة 1428)(1/3)
الباب الثاني
حكم تارك الصلاة(1/1)
الباب الثاني
حكم تارك الصلاة
من ترك الصلاة وهو منكر لفرضيتها ، غير معترف بوجوبها أو مستخف بها، فهو كافر مرتد، لأنه كذّب الله تعالى فى خبره، ولو صلى، ولا تجرى عليه أحكام المسلمين فلا يرث ولا يورث، ولا يصح أن يتزوج بمسلمة، وإن كانت امرأة فلا يصح أن تتزوج بمسلم ، وإذا مات لا يغسل ، ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يدفن فى مقابر المسلمين ، وعلى الحاكم أن يأمره بالصلاة، فإن صلى وإلا قتله كفراً، وأما تاركها لعذر فهو يقضيها ولا شئ عليه.
أما ترك الصلاة تكاسلاً ففيه أقوال ثلاثة:
القول الأول:
أنه عاص مرتكب بتركها أعظم الذنوب واستدلوا بالأدلة التالية :
1- عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل". ( خ 3435)
2- عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومعاذ رديفه على الرحل، قال: "يا معاذ بن جبل "، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: "يا معاذ". قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ، ثلاثا، قال: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار". (خ 128 )
3- عن عتبان بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله" 0 ( خ 425)
4- حديث الشفاعة وفيه: وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله وفيه ( فيخرج من النار من لم يعمل خيراً قط )0
(خ 7510)(1/1)
5- عن عبادة بن الصامت قال: أشهد أني سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خمس صلواتٍ افترضهنَّ اللّه تعالى، من أحسن وضوءهنَّ صلاَّهنَّ لوقتهنَّ وأتمَّ ركوعهنَّ وخشوعهن كان له على اللّه عهدٌ أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على اللّه عهدٌ، إن شاء غفر له، وإن شاء عذَّبه" .( حم 5/317 ص ج 3242)
قال أبو حنيفة: تارك الصلاة فاسق يستتاب ويعذر ويحبس حتى يصلي.
وبه قال : الزهري و المزني والثوري و داود وغيرهم.
قال أبن القيم : لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة عمدا من أكبر الكبائر ، وهو أعظم من قتل النفس والزنا والسرقة وشرب الخمر
القول الثاني:
أنه يقتل حداً لا ردة واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:
1- قال تعالى: ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة: من الآية5)
فأمر بقتلهم حتى يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، ومن ترك الصلاة لم يأت بشرط التخلية فيبقى على إباحة القتل 0
2- عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل". ( خ 25)
قال الشوكاني : والحديث يدل علي أن من أخل بواحدة منها فهو حلال الدم والمال إذا لم يتب.
3- عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة" .( خ 6878)
وتارك الصلاة تارك الركن الأعظم وهو تارك لدينه.
وهذا الحديث من أقوي الحجج في قتل تارك الصلاة.(1/2)
4- عن أُمّ سَلَمَةَ عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِنّهُ سَيَكُون عَلَيْكُمْ أَئِمّةٌ تَعْرِفُونَ وتُنْكِرُونَ، فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ. فَقِيلَ يَا رَسُولَ الله أَفَلاَ نُقَاتِلُهُم؟ قَالَ: لا مَا صَلّوا.( م 1854)
5- عن أبي سعيد الخدري يقول: بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليمن بذهبية فقسمها بين أربعة فقال رجل: يا رسول الله اتق الله، قال: "ويلك، أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله"، ثم ولى الرجل. قال خالد بن الوليد: يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه ؟ قال: "لا لعله أن يكون يصلي". فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم".(م 1064)
بيد أن هناك دقيقة قل من رأيت تنبه لها فوجب الكشف عنها وبيانها فأقول : إن التارك للصلاة كسلاً إنما يصح الحكم بإسلامه ما دام لا يوجد هناك ما يكشف عن مكنون قلبه أو يدل عليه ، ومات على ذلك قبل أن يستتاب كما هو الواقع فى هذا الزمان ، أما لو خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة على الصلاة ، فاختار القتل عليها فقتل فهو فى هذه الحالة يموت كافراً ، ولا يدفن فى مقابر المسلمين ، ولا تجرى عليه أحكامهم لأنه لا يعقل ، لو كان غير جاحد لها فى قلبه ، أن يختار القتل ولا يسجد لله سجدة ، هذا أمر مستحيل معروف بالضرورة من طبيعة الإنسان ، لا يحتاج إثباته إلى برهان.
قال مالك : يؤخر إلي آخر الوقت فإن أداها خلي سبيله وإلا قتل حدا ، فيورث ويصلي عليه وله حكم أموات المسلمين .
قال الشافعي : إذا ترك الصلاة معتقدا بوجوبها وجب قتله ، ويقتل حدا وحكمة حكم أموات المسلمين.(1/3)
فتارك الصلاة فاسق يقتل بتركها بعد أن يستتاب وهو قول الجمهور ومالك والشافعي وأحمد في رواية وابن المبارك وإسحاق و مكحول وحماد بن زيد و أبي البركات بن تيمية.
ويقتل بترك صلاة واحدة عند: الشافعي وأحمد.
القول الثالث:
إنه كافر يقتل ردة واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية :
أولاً القرآن الكريم :
1- قال الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ - إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ - فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ - عَنِ الْمُجْرِمِينَ - مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ - قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ - وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ - وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ - وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) المدثر(38-47)
فكل واحدة من هذه الخصال هو الذى سلكهم فى سقر وجعلهم من المجرمين 0
2- قال الله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) الماعون (4-5) أي تركوها حتى يخرج وقتها ، فالوعيد بالويل فى القرآن للكفار والويل لمن أخروها حتى يخرج وقتها، فإذا كان العذاب الشديد للساهين فما عذاب التاركين؟!
3- قال الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) (مريم:59) والغي :واد فى جهنم ، وقيل: هو الشر والدمار والهلاك
ولو كانوا مع عصاة المسلمين لكانوا فى الطبقة العليا من طبقات النار ولم يكونوا فى هذا المكان الذى هو مخصص للكفار 0
4- قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون:9) حكم الله تعالى بالخسران المطلق لمن ألهاه ماله وولده عن الصلاة ، والخسران المطلق لا يحصل إلا للكفار 0
وفى السنة :(1/4)
1- عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"0( م 82)
2- عن ثوبان قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك".
(ص ترغيب للألباني ص 227 رقم 565)
3- عَن أَنَس عَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قال:" ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك"0(ص هـ 1080)
4- عن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"0 (ص ت 2621)
5- عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله،وإن فسدت فسد سائر عمله".
( طب 13/2 صحيحة1358)
6- عن عَبْدِ الله بنِ شَقِيقٍ قالَ: كَان أَصْحَابُ مُحمّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَرَوْنَ شَيْئَاً مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصّلاَةِ 0 (ص ت 2624)
7- عن أبي أمامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لتنتقضن عرى الإسلام عروة، عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة"0(حم5/251 ص ج 3873)
ومن أقوال الصحابة :
1- عن أبي بكر أنه قال لعمر:إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل ، وحقاً بالليل لا يقبله بالنهار 0
2- قال عمر لما طعنه المجوسي : لا إسلام لمن ترك الصلاة0
(الصلاة لابن القيم ص 24)
3- عن ابن مسعود قال:من ترك الصلاة فلا دين له.
(ابن أبي شيبة 2/184 حسن ترغيب)
من أقوال العلماء :
قال ابن تيمية : من حقق النصوص الواردة فى فضل الصلاة بان له السر فى تكفير تاركها والحكم بقتله.
وقال: من كفر بترك الصلاة ، الأصوب أن يصير مسلماً بفعلها من غير إعادة الشهادتين لأن كفره بالامتناع كإبليس وتارك الزكاة كذلك.(1/5)
قال أحمد بن حنبل : من ترك الصلاة كسلا متهاونا وهو غير جاحد لوجوبها فإنه يقتل متي ترك صلاة واحدة مثل أن يترك الفجر إلي الظهر، أو العصر إلي المغرب، ويقتل بكفره كالمرتد ويجري علية أحكام المرتدين ،ولا يورث ولا يصلي عليه.
وقال بكفر تارك الصلاة متعمدا : عمر بن الخطاب ،معاذ بن جبل ، وعبد الله بن مسعود ، ابن عباس ، جابر، أبو الدردار ، أحمد بن حنبل ، إسحاق ، ابن المبارك ، النخعي ، أبو داود ، والطيالسي ، و ابن أبي شيبه0
وأمر أهلك بالصلاة :
يجب على الولي أن يأمر بالصلاة كل من له عليه حق الولاية ، من قريب أو من بعيد0
الأهل : يراد بهم، الأقارب ويطلق كثيراً على الزوجة ، لهذا يجب على الزوج أن يأمر زوجته بالصلاة من أول ليلة يدخل عليه فيها أمراً لا هوادة فيه فإن امتثلت لأمر الله ، فذلك توفيق من الله ، وإلا يجب عليه أن يعظها ويذكرها بعذاب الله عز وجل ، ويحذرها مقته وغضبه، فإن قبلت النصح وإلا وجب عليه أن يهجرها فى المضجع ، فإن خضعت لأمر الله ، وأقامت الصلاة وإلا وجب عليه ضربها حتى تفئ إلى أمر الله وتقيم الصلاة 0
فالزوجة هي ربة البيت ، وهي مدرسة لأولادها ، وهي الأمينة على مال زوجها وعرضه، فإن أقامت الصلاة صح دينها ، وصلح حالها واقتدى بها أولادها ، فصلوا بصلاتها ، فيكون بيتها مثلاً للبيوت المؤمنة ، والمرأة التى لا تقيم الصلاة،أو التى تتكاسل عن أدائها، امرأة لا دين لها، وبالتالي لا أمان لها وقد أوصانا النبي - صلى الله عليه وسلم - :أن ننكح ذات الدين فقال: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"0
(خ 5090)
تربت يداك : افتقرت حتي تصل يداك إلي التراب من شدة الحاجة.
قضاء الفوائت
الصلاة لها وقت محدد لا تصح إلا فيه ، ولا يصح قضاء الفوائت لتارك الصلاة عمداً ، إنما يصح لتاركها لعذر كنسيان أو نوم أو إغماء أو جهاد للعدو 0
قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)
((1/6)
النساء: من الآية103)
ومن أدرك من الصلاة ركعة قبل خروج الوقت فقد أدرك الصلاة 0
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة".( خ 580)
ومن الأدلة على عدم قضاء الفوائت لتارك الصلاة عمداً :
1- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر المرأة الحائض أن تقضي الأيام التى أفطرتها من رمضان ولم يأمرها بقضاء الصلاة التى تركتها 0
2- قول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً )
(النساء: من الآية43)
فلم يسمح بتأخير الصلاة عن وقتها للمريض حتى يشفى أو للمسافر حتى يقيم 0
3- قال أبو بكر الصديق: اعلموا أن أهم أمركم عندي الصلاة ، فمن ضيعها فهو لغيرها أضيع ، وإن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار ، وعملاً بالنهار لا يقبله بالليل 0
4- رأى عمر بن الخطاب رجلاً يقرأ فى صحيفة فقال له : يا هذا القارئ إنه لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها ، فصلّ ثم اقرأ ما بدا لك 0
5- قال عمر :ألا وإن الصلاة لها وقت شرطه الله لا تصلح إلا به 0
6- قال محمد بن سيرين : إن للصلاة وقتاً واحداً ، فإن الذى يصلى قبل الوقت مثل الذى يصلى بعد الوقت 0
7- قال الإمام جعفر الصادق: من صلى فى غير الوقت فلا صلاة له 0
8- قال ابن حزم : من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبداً ، فليكثر من فعل الخير وصلاة التطوع ، ليثقل ميزانه يوم القيامة ، وليتب وليستغفر الله عز وجل 0
9- قال ابن تيمية : وتارك الصلاة عمداً ، لا يشرع له قضاؤها ، ولا تصح منه بل يكثر من التطوع.(1/7)
وقال فى الفتاوى 22/39 : وأما من فوتها متعمداً ، فقد أتى كبيرة من أعظم الكبائر ، وعليه القضاء عند: جمهور العلماء ، وعند بعضهم لا يصح فعلها قضاء أصلاً ، ومع القضاء عليه لا تبرأ ذمته من جميع الواجب ، ولا يقبلها الله تعالى منه بحيث يرتفع عنه العقاب ويستوجب الثواب ، بل يخفف عنه العذاب بما فعله من القضاء ، ويبقى عليه إثم التفويت ، وهو من الذنوب التى تحتاج إلى مسقط آخر ، بمنزلة من عليه حقان ، فعل أحدهما وترك الآخر أهـ.
ومن العلماء الذين قالوا بقضاء الصلاة بعد خروج وقتها عمداً .
قال ابن عبد البر فى الاستذكار102: وقد شذ بعض أهل الظاهر ، وأقدم على خلاف جمهور علماء المسلمين وسبيل المؤمنين فقالوا ليس على المتعمد لترك الصلاة فى وقتها أن يأتي بها فى غير وقتها لأنه غير نائم ولا ناسي 0
ثم قال: ومن الدليل على أن الصلاة تصلى وتقضى بعد خروج وقتها كالصائم سواء وإن كان إجماع الأمة الذى أمر من شذ منهم بالرجوع إليهم وترك الخروج عن سبيلهم يغنى عن الدليل فى ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح" ، ولم يخص متعمداً من ناسي 0
ودليل آخر وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل هو وأصحابه يوم الخندق صلاة الظهر والعصر حتى غربت الشمس لشغله مما نصبه المشركون له من الحرب ولم يكن يومئذ ناسياً ولا نائماً ولا كانت بين المسلمين والمشركين يومئذ حرب قائمة ملتحمة.
ودليل آخر وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال بالمدينة لأصحابه يوم انصرافه من الخندق:لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بني قريظة وقد أخر بعضهم الصلاة حتى خرج وقتها ، فلم يقل لهم إن الصلاة لا تصلى إلا فى وقتها ولا تقضى بعد خروج وقتها0(1/8)
ودليل آخر وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : "سيكون بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها" فقالوا: أفنصليها معهم ؟ قال: "نعم" 0 ( م 534)
قال الشوكاني : إن كان الترك عمداً لا لعذر، فدين الله أحق أن يقضى وإن كان لعذر فليس بقضاء بل أداء فى وقت زوال العذر إلا لصلاة العيد ففى ثانيه 0
يجب القضاء عند : الجمهور والأربعة والشوكاني
ولا يصح عند : عمر وابنه وسعد بن أبي وقاص وسلمان وابن مسعود والقاسم بن محمد وابن حزم وابن تيمية وبعض أصحاب الشافعي 0
الضرورات الشرعية التى تبيح تأخير الصلاة عن وقتها
1- النوم:
من نام عن صلاة حتى يخرج وقتها لا يكون آثماً بل عليه أن يصلى متى استيقظ على الفور دون تأخير ، ويشترط أن تكون نيته عند النوم متجهة لإدراك الصلاة قبل خروج وقتها 0
عَنْ أبي قَتَادَةَ قال: قال - صلى الله عليه وسلم - : " إِنّهُ لَيْسَ فِي النّوْمِ تَفْرِيط، إِنّمَا التّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عنها فَلْيُصَلّهَا إذَا ذَكَرَهَا"0(ص ت 177)
عن أبي قتادة قال: سرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله ، قال: "أخاف أن تناموا عن الصلاة"، قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد طلع حاجب الشمس، فقال: "يا بلال، أين ماقلت" ، قال: ما ألقيت علي نومة مثلها قط، قال: "إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء، يا بلال، قم فأذن بالناس بالصلاة" ، فتوضأ، فلما ارتفعت الشمس وابيضت، قام فصلى.
( خ 595)
وفيه دليل على أن الجهر بالقراءة فى قضاء الفجر نهاراً 0
وفيه دليل على أن سنة الصبح تصلى قبل صلاة الصبح سواء أكانت الصلاة قبل الطلوع للشمس أم بعد طلوعها ، لا كما يفعله عامة الناس فى زماننا هذا 0(1/9)
عن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - : لما فاتته صلاة الفجر صلى سنتها قبلها 0 (م 680)
2- النسيان:
عَنْ انس قال:قال رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - :"من نسى صلاة فليصلها إِذَا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك"(خ 597)
وفى الحديث دليل على أن الفوائت يجب قضاؤها على الفور ولو فى أوقات النهى ومن مات وعليه صلاة فإنها لا تقضى عنه 0
3- الإغماء:
من أغمى عليه ، ولم يفق حتى خروج الوقت ، فليصلها متى أفاق ولا إثم عليه لأن الإغماء كالنوم فى ستر العقل، والقلم مرفوع عنه قياساً على الجنون ، وهو قول أبي حنيفة والنخعي وقتادة وحماد وإسحق.
ولا يقضى عند: مالك والشافعي والزهري والأوزاعي وأبي ثور وابن عبد البر0
4- جهاد العدو
فإن انشغل المسلمون بجهاد العدو ، ولم يتمكنوا من أداء الصلاة على أي وجه من الوجوه، حتى خرج وقتها ، فليصلوها متى تمكنوا 0
عن جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، جعل يسب كفار قريش، وقال: يا رسول الله، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "والله ما صليتها"، فقمنا إلي بطحان، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب. (خ596)
ولا تجوز عند: أبي حنيفة وأحمد .(1/10)
الباب الثالث
مواقيت الصلاة(1/1)
الباب الثالث
مواقيت الصلاة
تجب الصلاة بدخول وقتها وجوباً موسعاً إلى أن يبقى جزء من الوقت لا يسع إلا الطهارة والصلاة فتجب الصلاة حينئذ وجوباً مضيقاً بحيث لو لم يؤدها كلها فيه يكون آثماً أثما كبيرا ويكون ممن قال الله تعالي فيهم: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) الماعون (4-5)
والإجماع على أنه لا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لمن كان مسيقظاً ذاكراً لها قادراً على فعلها غير ذي عذر ولا مريداً لجمع 0
والصلاة تجب بأول الوقت ، ولكل صلاة وقت محدد حدده الله تعالى لابد أن تؤدى فيه لقوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)
(النساء: من الآية103)
وقد أشار القرآن إلى أوقات الصلاة :
فقال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (هود:114)
طرفي النهار : الصبح والمغرب ، وقيل :الصبح والعصر
زلفا من الليل : العشاء ، وقيل : المغرب والعشاء وقال تعالى:(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (الاسراء:78)
دلوك الشمس : غروبها
غسق الليل : ظلامه
قرآن الفجر : صلاة الفجر
وقال تعالى:(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)(طه: من الآية130)
قبل غروبها : العصر
آناء الليل : يعني العشاء
أطراف النهار: يعني المغرب والظهر
وقوله تعالى:(فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ) (الروم 18:17) تمسون : المغرب
تصبحون : الفجر
عشياً : العصر
تظهرون : الظهر(1/1)
وقد جاءت أوقات الصلوات الخمس فى هذا الحديث :
عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل فقال: قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشمس ثم جاءه العصر فقال قم فصله فصلى العصر حين صار كل شيء مثله أو قال ظله مثله ، ثم جاءه المغرب فقال قم فصله فصلى حين وجبت الشمس ، ثم جاءه الغشاء فقال قم فصله فصلى حين غاب الشفق ، ثم جاءه الفجر فقال قم فصله فصلى حين برق الفجر أو قال حين سطع الفجر ، ثم جاءه من الغد للظهر فقال قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله ، ثم جاءه للعصر فقال قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه ، ثم جاءه للمغرب المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه ، ثم جاءه للعشاء العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء ، ثم جاءه للفجر حين أسفر جدا فقال قم فصله فصلى الفجر ثم قال ما بين هذين وقت 0 (ص ن 526)
قال البخاري : هو أصح شئ فى المواقيت 0
وقت الظهر
ووقته يبدأ من زوال الشمس عن وسط السماء إلى أن يصير ظل كل شئ مثله سوى الظل الذى كان موجوداً للفئ عند الزوال 0
عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْروٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "وَقْتُ الظّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشّمْسُ. وَكَانَ ظِلّ الرّجُلِ كَطُولِهِ. مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ ". ( م 612)
والجمهور على أنه لا اشتراك بين الظهر والعصر فى الوقت ، بل متى خرج وقت الظهر بمصير ظل الشئ مثله - غير ظل الزوال- دخل وقت العصر ، ويستحب تأخير صلاة الظهر عند شدة الحر 0
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" إِذَا اشْتَدّ الحَرّ فَأَبْرِدُوا بالصّلاَةِ فإِنّ شِدّةَ الحَرّ من فَيْحِ جَهَنّمَ ". ( خ 536)
طريقة معرفة الزوال(1/2)
أن تنصب عوداً مستقيماً على أرض مستوية وتجعل عند منتهى الظل علامة ، فما دام ظل العود ينقص فالشمس لم تزل ، ومتى وقف فهو وقت الاستواء ، وحينئذ تجعل علامة على رأس الظل ، فما بين العلامة وأصل العود هو المسمى فئ الزوال ، وإذا أخذ الظل فى الزيادة ، فإذا صار ظل العود مثله من العلامة لا من العود جاء وقت العصر ، والفئ يطول ويقصر حسب اختلاف الزمان فكلما طال النهار قصر الظل وإذا قصر النهار طال الظل .
وقت العصر
يدخل وقت العصر بصيرورة ظل الشئ مثله بعد فئ الزوال ، ويمتد إلى غروب الشمس ، وللعصر وقت فضيلة وهو أول الوقت ، ووقت اختيار ويمتد إلى أن يصير ظل الشئ مثليه ، ووقت كراهة يمتد إلى الغروب لمن ليس له عذر 0
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر"0 ( خ 579)
عن أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس ، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان ، قام فنقرها أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا "0 (م 622)
قال الله تعالى : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238) الصلاة الوسطى : هي صلاة العصر وهو قول الجمهور0
عن علي قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، فقال: "ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس". ( خ 4111)
ولمسلم : شغلونا عن صلاة الوسطى -صلاة العصر- ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ثم صلاها بين العشائين 0
عن بريدة قال :قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" من ترك صلاة العصر حبط عمله ".(خ553)
قال ابن القيم : الترك نوعان ترك كلي لا يصليها أبداً فهذا يحبط العمل جميعه ، وترك معين ، فهذا يحبط عمل اليوم 0
وقت المغرب(1/3)
يدخل وقت المغرب بغروب الشمس ويمتد إلى مغيب الشفق الأحمر ويستحب تعجيل المغرب بالاتفاق .
عن ابن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " َوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَتِ الشّمْسُ، مَا لَمْ يَسْقُطِ الشّفَقُ ". ( م 612)
فللمغرب وقتان أولهما إذا غابت الشمس والآخر حين يغيب الشفق الأحمر وهذا قول أبي حنيفة وأحمد ورواية عن مالك والشافعية والحنابلة وأبي يوسف ومحمد والثوري ، وللمغرب وقت واحد مضيق مقرر آخره بالفراغ منها وهذا قول الشافعي فى الجديد ومالك فى رواية والمالكية والأوزاعي ، الشافعية قدروا مغيب الشفق الأحمر بساعة وأربعة دقائق من مغيب قرص الشمس ، ويمكن تقديم العَشاء إذا حضر صلاة المغرب.
عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أقيمت الصلاة وحضر العَشَاء، فابدؤوا بالعَشَاء" . ( خ 671)
الطعام والشراب إذا حضر وقت الصلاة قدم عليها 0
وقت العشاء
يدخل وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر ويمتد إلى منتصف الليل ويستحب تأخيرها عن أول الوقت ، ووقت الاختيار إلى ثلث الليل ووقت الضرورة إلى الفجر.
عن عائشة قالت : كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول0(خ 864)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - :" لَوْلاَ أَنْ أَشُقّ عَلَى أُمّتِي لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخّرُوا الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ الّليْلِ أَوْ نِصْفِه ". (ص ت 167)
ونصف الليل من بعد الغروب ، فإذا كان الليل 12 ساعة فنصفه بعد 6 ساعات من الغروب 0
عَنْ أبي برزة الأسلمى؛ قال: كَانَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يستحب أَن يؤخر العشاء. وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها. ( خ 568)
عن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في أمر من أمور المسلمين وأنا معه. (ص حم 178)
وقت الصبح(1/4)
يبدأ وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق ويستمر إلى طلوع الشمس وهذا هو وقت الضرورة بالإجماع ، ويستحب أن تصلي فى أول وقتها لمداومة النبي - صلى الله عليه وسلم - التغليس حتى مات.
عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلى الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس0(خ 578)
عن رافع بن خديج قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر (ص ت 132)
قال بالتغليس : مالك والشلفعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور.
وقال بالإسفار : أبو حنيفة والنووي .
عنْ أَبي هُريْرَةَ: أَنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " مَنْ أَدْرَكَ منَ الصّبْحِ رَكْعَةً قبلَ أَنْ تَطْلُعَ الشّمْسُ فَقَدْ أَدْركَ الصّبْح". ( خ 579)
الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
تكره النافلة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب، إلا إذا كان لها سبب كتحية المسجد ، وتكره الصلاة بعد طلوع الفجر إلا سنته ،وإلا تحية المسجد ، وركعتي الوضوء.
فالأوقات التي تكره فيها الصلاة هي :
أولاً : بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس:
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس ". ( خ 586)
وتكره النافلة بعد صلاة الصبح عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي والجمهور.
وتجوز صلاة ما له سبب كتحية المسجد وسنة الوضوء عند: الشافعي .
ثانياً : عند طلوع الشمس واستوائها وغروبها:(1/5)
عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيّ يَقُولُ: ثَلاَثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلّيَ فِيهِنّ. أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشّمْسُ بَازِغَةً حَتّىَ تَرْتَفِعَ. وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظّهِيرَةِ حَتّىَ تَمِيلَ الشّمْسُ. وَحِينَ تَضَيّفُ الشّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتّى تَغْرُبَ 0 ( م 831)
قال الألباني فى تمام المنة 143: الحديث مطلق فالواجب تأخيرها حتى يخرج وقت الكراهة 0
والسبب فى النهي فى هذه الأوقات هو مشابهة المشركين 0
ثالثاً : بعد العصر:
عن علي رضى الله عنه : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة 0 ( د 1274 صحيحة 200)
قال الألباني : إن هذا الحديث مقيد بحديث ( ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ) فهذا مطلق يقيده حديث عليّ أهـ.
فتجوز النافلة بعد العصر عند: داود وابن حزم .
ولا تجوز عند: الحنابلة والصنعاني .
وتكره عند: أبي حنيفة ومالك .
رابعاً :بعد الإقامة:
التطوع بعد الإقامة غير مشرع .
عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" إذ أُقيمت الصلاة فلا صلاةَ إلاّ المكتوبةُ ". ( م 710)
خامساً : وقت الخطبة:
تجوز صلاة تحية المسجد وقت الخطبة .
عن جابر بن عبد الله قال :جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة ، فقال : " أصليت يا فلان" ، قال : لا ، قال:" قم فاركع". (خ 930)
وتجوز تحية المسجد وقت الزوال يوم الجمعة عند: مالك والشافعي وابن تيمية وابن القيم وأبو يوسف .
ولا تجوز عند : أبي حنيفة وأحمد.
تجوز تحية المسجد والإمام يخطب عند: الشافعية والحنابلة.
ولا تجوز عند: الأحناف ومالك.
الصلاة السببية تجوز وقت الكراهه عند :الشافعي وأحمد في رواية.
ولا تجوز عند : أبي حنيفة وأحمد في رواية.(1/6)
الباب الرابع
شروط الصلاة(1/1)
الباب الرابع
شروط الصلاة
شروط الصلاة قسمان شروط فرضية وشروط صحة 0
أولاً : شروط الفرضية
1- الإسلام : فلا تفرض على كافر ولا تصح منه وكذلك سائر العبادات لا تصح ولا تقبل من الكفار، والكافر إذا أسلم لا يطالب بأداء ما فاته من الصلوات وغيرهم من العبادات.
2- العقل : فلا تلزم المجنون 0
3- النقاء من دم الحيض والنفاس : فلا تلزم الحائض أو النفساء 0
4- بلوغ دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - : فلا تلزم من نشأ فى جهة لم تبلغه فيها الدعوة 0
5- القدرة على تأديتها ولو بالإيماء : فلا تكليف إلا بما هو مستطاع فالعاجز عن أدائها والمكره على تركها بالقتل أو السجن أو الضرب لا تجب عليه ولكن تلزم هؤلاء وتجب عليهم بالقدر الذى يستطيعه كل منهم كصلاة المريض.
6- البلوغ : فلا تلزم الصغير لعدم تكليفه ، ولكن يجب على ولى أمره أن يأمره بها لتمام سبع سنين ويضربه عليها لتمام عشر سنين ، وإن أتى بها صحت منه وكان ثوابه لأبويه على المشهور0
ثانياً : شروط الصحة
1- العلم بدخول الوقت: ويكون بأي طريقة بالشمس أو الظل أو بالساعة أو بالمذياع أو بغلبة الظن ، فمن تيقن أو غلب على ظنه دخول الوقت أبيحت له الصلاة سواء كان ذلك بإخبار الثقة أو أذان المؤذن المؤتمن أو الاجتهاد الشخصي ، فلا تجب إلا إذا دخل وقتها ، ولا تصح إذا وقعت قبل دخول وقتها 0
قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)
(النساء: من الآية103)
2- الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر :
قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6)
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ يَقْبَلُ الله صَلاَةً بِغَيْرِ طُهُورٍ".( م 224)(1/1)
3- الطهارة من الخبث :أي طهارة البدن والثوب والمكان من النجاسة الحسية ، متى قدر على ذلك ، فإن عجز عن إزالتها صلى فيها ولا إعادة عليه.
أما طهارة البدن : فعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"تنزهوا من البول ، فإن عامة عذاب القبر منه"0( قط 1/127 ص ج 2002)
عن علىّ قال : كنت رجلاً مذاء فأمرت رجلاً أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته فسأل فقال : "توضأ واغسل ذكرك" 0 ( خ 269)
وعن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للمستحاضة : "اغسلي الدم عنك وصل"0(خ306)
وأما طهارة الثوب : فلقوله تعالى : (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر:4) عن جابر بن سمرة قال: سمعت رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلي في ثوبي الذي آتي فيه أهلي قال: "نعم إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله".( حم 3/20 ص ج 474)
وأما طهارة المكان :
عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : "دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين". ( خ 220)
4- ستر العورة : يجب ستر عورة الرجل وعورة المرأة بساتر كثيف واسع ولا يجزئ ما يشف وما يصف سواء أكان فى الصلاة أو فى خارج الصلاة :
أولاً : لباس الرجل فى الصلاة وخارج الصلاة
عورة الرجل سواء أكان فى الصلاة أو خارجها هي ما تحت السرة إلى ما فوق الركبة فالسرة والركبة ليستا من العورة ، وهذه العورة يحرم كشفها أمام أحد من الناس حاشا الزوجة ، وصلاة الرجل مكشوف العورة باطلة 0
ويجوز للرجل أن يصلى فى الثوب الواحد ، ولكن ليس له أن يصلى فى الثوب وليس على عاتقه منه شئ أي مكشوف المنكبين ، وقد غفل جماهير المسلمين الذين يصلون فى قميص لا يستر المنكبين إلا خطا دقيقاً 0(1/2)
ولا يجوز للرجل أن يسبل ثوبه فى الصلاة ولا فى غير الصلاة ، فإسبال الثوب خيلاء محرم، وإسباله من غير خيلاء منهي عنه نهي تحريم أيضا 0 (راجع كتابنا تنبيهات هامة على ملابس المسلمين اليوم -ط التوعية- فإن فيه فوائد كثيرة على ملابس المسلمين قديماً وحديثاً )
وصلاة الرجل حاسر الرأس مكروهة، وليس من الهيئة الحسنة فى عرف السلف اعتياد حسر الرأس ، والسير كذلك فى الطرقات فهي عادة أجنبية (قاله الألباني)
ولا يجوز النظر إلى عورة الصغير إذا وصل إلى سن السابعة 0
ولا يجوز للرجل أن يلبس الحرير 0
قال الله تعالى :(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)(لأعراف: من الآية26)
عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك" قال: قلت يا رسول الله فإذا كان القوم بعضهم في بعض قال: "إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها" ، قلت: فإذا كان أحدنا خالياً قال: "فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه".
( ص د 4017)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال - صلى الله عليه وسلم - :ما بين السرة والركبة عورة. (ص د 496)
عن جرهد قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال:" يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة"0(ص د 4014)
ولابد من تغطية المنكبين
عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد، ليس على عاتقيه شيء"0( خ 359)
العاتق : هو ما بين المنكبين إلى أصل العنق 0
ويحرم إطالة الثوب إلى أسفل الكعبين.
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار". (خ 5787)
أي ما دون الكعبين من قدم صاحبه يعذب فى النار عقوبة له على فعله 0
ولباس الخيلاء أشد تحريماً(1/3)
عن عبد الله بن عمر قال :قال - صلى الله عليه وسلم - : "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره خيلاء"0 ( خ 5783)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إزرة المؤمن إلى عضلة ساقيه ثم إلى نصف ساقيه ثم إلى كعبيه فما كان أسفل من ذلك في النار".(حم 2/287 ص ج 920)
وعد الذهبي الإسبال من الكبائر (الكبيرة 55).
وهذا عام فى السراويل والثوب والجبة والقباء والفرجية وغيرها من اللباس.
قال الحافظ فى الفتح : وفى هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة ،وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضاً0
وقال الألباني فى تسجيلاته: لا يجوز للمسلم أن يلبس لباس الكفار 0
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيراً إلى لباسه : "أن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها". (م 2077)
والبنطلون فيه مصيبتان :
المصيبة الأولى : هي أن لابسه يتشبه بالكفار ، والمسلمون كانوا يلبسون السراويل الواسعة الفضفاضة التي ما زال البعض يلبسها فى سوريا ولبنان 0
ما عرف المسلمون البنطلون إلا حينما استعمروا ، ثم لما انسحب المستعمرون تركوا آثارهم السيئة وتبناها المسلمون بغباوتهم وجهالتهم 0
والمصيبة الثانية : هي أن البنطلون يحجم العورة ، وعورة الرجل من الركبة إلى السرة ، والمصلى يفترض عليه أن يكون أبعد ما يكون عن أن يعصي الله وهو له ساجد ، فترى أليتيه مجسمتين ، بل وترى ما بينهما مجسماً 0
فكيف يصلى هذا الإنسان ويقف بين يدي رب العالمين 0(1/4)
ومن العجب أن ترى كثيراً من الشباب المسلم ينكر على النساء لباسهن الضيق لأنه يصف جسدهن ، وهذا الشباب ينسى نفسه ، فإنه وقع فيما ينكر ، ولا فرق بين المرأة التي تلبس اللباس الضيق الذي يصف جسمها، وبين الشباب الذي يلبس البنطلون ، وهو أيضاً يصف أليته ، فألية الرجل وإلية المرأة من حيث أنهما عورة كلاهما سواء ، فيجب على الشباب أن ينتبهوا لهذه المصيبة التي عمتهم إلا من شاء الله وقليل ما هم ، فالبنطلون حرام لأنه تشبه بالكفار ، ولأنه يحجم العورة الكبرى أهـ.
وأقول بل فيه جملة من المصائب منها :
1- طوله الذى يمتد إلى أسفل الكعبين وقد يصل إلى الأرض0
2- انحساره عن القميص عند الركوع والسجود ، حتى أن الفخذ يرى أحياناً ، وأحيانا ترى فتحة الشرج والعياذ بالله 0
قال ابن باز فى فتاويه : الإسبال من جملة المعاصي التى يجب تركها والحذر منها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو فى النار"0
قال : الواجب على كل مسلم أن يحذر ما حرم الله عليه من الإسبال وغيره من المعاصي 0
ولا يجوز السدل فى الصلاة ولا أن يغطي الرجل فاه ، و السدل هو أن يرسل الثوب حتى يصيب الأرض ، ولا يجوز كف الثوب فى الصلاة (تشميره)
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نهى عن السدل فى الصلاة وأن يغطي الرجل فاه. ( ص د 643 )
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "قال أمرت أن أسجد على سبعة ولا أكف شعرا ولا ثوبا"0( م 490)
اتفق العلماء على النهى عن الصلاة وثوبه مشمراً أو كمه أو نحوه .
(شرح مسلم)
ونهى عن الصلاة فى الثوب الذى عليه صورة لحديث الخميصة وحديث القرام ، ونهى عن حمل الصور فى الصلاة ،ونهى عن الصلاة فى الثوب المعصفر.
ثانياً : لباس المرأة فى الصلاة وخارج الصلاة(1/5)
عورة المرأة هي جميع جسدها، ويشترط فى لباسها أنه لا يشف ولا يصف وتبطل صلاتها إذا كشفت شيئاً من بدنها ، أو شيئاً من شعرها عدا الوجه والكفين ، والقدمان عورة على الأصح، ولا يجوز للمرأة أن تلبس العمائم 0
وقد فصل شروط لباس المرأة خير تفصيل علامة الشام الألباني فى النقاط الآتية :
1- استيعاب جميع البدن إلا ما استثنى: فى قوله تعالى: (إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )(النور: من الآية31)
2- أن لا يكون الثوب زينة فى نفسه: لقوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ)(النور: من الآية31) فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة 0
3- أن يكون صفيقاً لا يشف لحديث : "صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات".
( م 2128)
4- أن يكون فضفاضاً غير ضيق حتى لا يصف الجسم لحديث : مرها أن تجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها.( حم 5/205 ص حجاب المرأة المسلمة ص 42)
غلالة :هي شعار يلبس تحت الثوب.
5- أن لا يكون مبخراً مطيباً : لحديث: أبي موسي الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية "0(ص د 4173 )
6- ألا يشبه لباس الرجال : لحديث : عن ابن عباس قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهات من النساء بالرجال0( خ 5885)
7- ألا يشبه لباس الكافرات 0 لحديث : ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من تشبه بقوم فهو منهم"0(ص د 4031)
8- ألا يكون لباس شهرة : لحديث: عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : "مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا، أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارا ً". (ص د4010)
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا صلاة لحائض إلا بخمار".
(ص د 641)(1/6)
الحائض : البالغة
والحديث يدل على وجوب ستر المرأة لرأسها حال الصلاة 0
عن أم سلمة أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - :أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار قال : إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (ص د 640)
الدرع : القميص الذي يسلك من العنق.
الإزار : ما يغطي الجزء الأسفل من الجسم.
قال ابن تيمية فى مجموعة الفتاوى 22/155 : العمائم التى تلبسها النساء حرام بلا ريب0 لحديث:
أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النّارِ لَمْ أَرَهُمَا. قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النّاسَ. وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنّةَ، وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا،وَإنّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا" . ( م 2128)
5- استقبال القبلة: وهو شرط بالكتاب والسنة والإجماع 0
لقوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)(البقرة: من الآية144)
قال - صلى الله عليه وسلم - للمسئ صلاته:إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة.( خ 793)
وتعرف القبلة بالشمس وبالنجم القطبي وبالبوصلة .
6- ترك الكلام : فمن تكلم فى الصلاة بكلام خارج عنها بطلت صلاته 0
عن زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم فى الصلاة ، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جانبه فى الصلاة حتى نزلت (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام0( خ 4534)
1- ترك الأفعال الكثيرة المؤدية إلى بطلان الصلاة كالأكل والشرب 0(1/7)
الباب الخامس
الآذان(1/1)
الباب الخامس
الأذان
الأذان: هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة وهو فرض كفاية إذا تركه أهل المصر وجب قتالهم 0 وهو أيضاً عبادة من العبادات 0
عن أبي الدرداء: قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" ما من ثلاثة لا يؤذنون ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان". (ص د 547)
والأذان فرض كفاية عند: أحمد والحنابلة وبعض الشافعية وابن تيمية وداود وابن حزم والشوكاني والزيدية والمالكية.
وسنة كفاية عند :أبي حنيفة ومالك والشافعي والإمامية والمالكية.
والأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة :
الله أكبر: تتضمن وجود الله وكماله وإثبات صفات الجلال والعظمة له سبحانه.
أشهد أن لا إله إلا الله : توحيد خالص ، ونفي للشرك 0
أشهد أن محمداً رسول الله : إثبات الرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - 0
حي على الصلاة : دعوة إلى الطاعة وإلى عمود الدين 0
حي على الفلاح :دعوة إلى البقاء الدائم وفيه إشارة إلى المعاد والجزاء، والفلاح لمن صلى جماعة0
فضله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ". ( خ 615)
عن أبي سعيد الخدري قال: فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذَّنت للصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذِّن جنٌّ ولا إنس، ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ( خ 609)
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" الإمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذّنُ مُؤْتَمَنٌ، الْلهُمّ أُرْشِدِ الأَئِمَةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذّنِين ". (ص د 518)
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الأذان : هل هو فرض أم سنة ؟(1/1)
فأجاب: الصحيح أن الأذان فرض على الكفاية ، فليس لأهل مدينة ولا قرية أن يدعوا الأذان والإقامة وهذا هو المشهور من مذهب أحمد وغيره 0
سبب مشروعيته
شرع الأذان فى السنة الأولى من الهجرة 0
عن عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه قال: لما أمر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبد اللّه؛ أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلُّك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له بلى، قال: تقول: اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حَيَّ على الصلاة، حي على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه، قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: و تقول إذا أقمت الصلاة: اللّه أكبر، اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حيّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه. فلما أصبحت أتيت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت فقال: "إنها لرؤيا حقّ إن شاء اللّه، فقم مع بلالٍ فألق عليه ما رأيت فليؤذِّن به، فإِنه أندى صوتاً منك" فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وهو في بيته، فخرج يجرّ رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول اللّه لقد رأيت مثل ما رأى. فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :" فللَّهِ الحمد ".(ص د 499)
كيفية الأذان
ورد الأذان بكيفيات ثلاث المختارمنها :
تربيع التكبير ، وترجيع كل من الشهادتين ، بمعنى أن يقول المؤذن الشهادتين بخفض الصوت ، ثم يعيدهما مع الصوت 0(1/2)
عن أبي محذورة أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - علَّمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإِقامة سبع عشرة كلمة 0(ص د 502)
وهو أذان أهل مكة .
واختار هذه الكيفية الشافعي وأحمد وابن حزم 0
التثويب
للصبح أذانان ، أذان قبل وقتها بقليل ، وأذان عند دخول وقتها 0
عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم". وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى، لا يؤذن حتى يقول له الناس: أصبحت . ( خ 617)
ولمسلم : ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقي هذا.
والجمهور على مشروعية الأذانين منهم مالك والشافعي وأحمد0
والتثويب : هو أن يقول المؤذن بعد الحيعلتين فى أذان الصبح : الصلاة خير من النوم 0
عن أبي محذورة، عن أبيه عن جده، قال: قلت: يا رسول اللّه؛ علِّمني سنة الأذان، فعلمه وقال:" فإِن كانت صلاة الصبح قلت: الصلاة خيرٌ من النوم،الصلاة خيرٌ من النوم، اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه "0 (ص د 504)
ويشرع التثويب فى الأذان الأول للصبح الذى يكون قبل دخول الوقت بنحو ربع ساعة تقريباً 0
الإقامة
الإقامة فرض على الكفاية عند: أحمد برواية اسحق وبعض المالكية وبعض الشافعية.
كيفيتها : تثنية التكبير الأول والأخير ، وقد قامت الصلاة وإفراد سائر كلماتها ، فيكون عددها إحدى عشرة كلمة 0
عن أنس قال: أمر بلال أن يشفع الأذان شفعاً ، وأن يوتر الإقامة، إلا الإقامة. يعني إلا قد قامت الصلاة. ( خ 378)
واختار هذه الكيفية الجمهور والشافعي وأحمد برواية اسحق والأوزاعي والزهري.
سنن الأذان والإقامة
1- يستحب لمن يسمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا فى الحيعلتين ، فإنه يقول عقب كل كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يسأل الله له الوسيلة0(1/3)
ويستحب متابعة الأذان لكل سامع من طاهر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير ، ويستثنى المصلى ومن هو على الخلاء والجماع 0
عَنْ أبي سَعيدٍ قَال: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا سَمِعْتُمُ النّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذّن "0( خ 611)
عن عمر يقول بعد الحيعلتين : لا حول ولا قوة إلا بالله ( م 827 )
عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنّهُ سَمِعَ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمّ صَلّوا عَلَيّ، فَإِنّهُ مَنْ صَلّى عَلَيّ صَلاَةً صَلّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمّ سَلُوا الله لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ الله لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلّتْ له شّفَاعَتي يوم القيامة" 0 ( م 384)
عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة ".( خ 614)
الوسيلة : أعلى منزلة فى الجنة
الدعوة : الأذان لاشتماله على كلمة التوحيد
التامة : التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل
الفضيلة : المرتبة الزائدة أو مرادفة للوسيلة
مقاماً محموداً : مقام الشفاعة
عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه" . ( م 386)
2- ويستحب لمن دخل المسجد أثناء الأذان أن ينظر حتى انتهاء الأذان ثم يصلى ما يشاء 0
3- ويستحب الدعاء بين الأذان والإقامة 0(1/4)
عن أنس قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :" لا يردُّ الدعاء بين الأذان والإِقامة "0
(ص د 521)
4- ويستحب أن لا يقيم المؤذن إلا إذا أراد الإمام الصلاة 0
عن جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذن ثم يمهل ، فإِذا رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد خرج أقام الصلاة. ( م 606)
5- ويستحب أن يكون المؤذن طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر ،أما الإقامة فتكره لغير المتوضئ اتفاقاً 0
عن المهاجر بن قنفذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له :" إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ".( حم 1/35 ص ج 2405)
ويجوز الأذان لغير المتوضىء عند : الحنابلة والحنفية والثوري ومالك في رواية.
ويكره عند : الشافعي وداود وأحمد في رواية.
6- ويسن الأذان فى أول الوقت.
عن جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس لا يخرم ثم لا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فإذا خرج أقام حين يراه 0 (ص د 503)
عن قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا أقيمت الصلاة ، فلا تقوموا حتى تروني خرجت".( خ 637)
7- ويسن أن يكون المؤذن قائماً مستقبلاً القبلة بالإجماع 0
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" يا بلال قم فناد بالصلاة" ، وكان مؤذنوه عليه الصلاة والسلام يؤذنون قياماً 0
قال ابن المنذر: الإجماع على أن القيام فى الأذان من السنة لأنه أبلغ فى الإسماع 0
8- يسن أن يلتفت برأسه وعنقه يميناً عند قوله:حي على الصلاة ، ويساراً عند قوله:حي على الفلاح.
عن أبي جحيفة قال : وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على الفلاح . ( خ 634)
9- يستحب أن يدخل إصبعيه فى أذنيه 0
عن أبي جحيفة، قَالَ: أتيت رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح، وهو في قبة حمراء. فخرج بلال. فأذن فاستدار في أذانه. وجعل إصبعيه في إذنيه. (ص هـ711)(1/5)
10- ويسن أن يرفع صوته بالأذان وإن كان منفرداً فى الصحراء،وذلك للإعلام بدخول الوقت0
عن أبي صعصعة عن أبيه أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه: لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
( خ 609)
11- ويستحب أذان المنفرد سفراً وحضراً عند :الحنفية وأحمد والشافعية.
12- ويستحب إجابة المقيم عند :الحنفية والشافعي وأحمد.
13- ويسن أن يترسل المؤذن فى الأذان ، أي يتمهل ويفصل بين كل كلمتين بسكتة ويحدر الإقامة -أي يسرع فيها 0
14- ويستحب أن يؤذن على مكان مرتفع لسطح بيت أو منارة غير مرتفعة، أما المآذن المرتفعة فليست من فعل السلف لما فيها من السرف 0
15- ويستحب المشي إذا أقيمت الصلاة لا الإسراع 0
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" 0(خ 636)
16- يستحب ألا تتكلم أثناء الأذان أو الإقامة 0
17- يستحب أن يكون المؤذن والمقيم رجلاً صالحاً ثقة ،ويصح أذان الصبي عند: الأربعة وابن تيمية 0
18- يسحب الأذان والإقامة للفائتة التى نيم عنها أو نسيت لحديث نومه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى طلعت الشمس ، وقد تقدم ذكره.
19- يسن الفصل بين الأذان والإقامة بوقت يسع التأهب للصلاة 0
20- يستحب أن يقيم المؤذن ، ويجوز أن يقيم غيره باتفاق العلماء 0
21- يستحب أن يبتغي المؤذن بأذانه وجه الله فلا يأخذ عليه أجراً 0
عن عثمان بن أبي العاص قال قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي فقال أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا0
(ص د 531)(1/6)
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، كرهوا أن يأخذ على الأذان أجراً ، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب فى أذانه.
فأخذ الأجر على الأذان مكروه عند : الجمهور والأحناف والشافعية والأوزاعي .
ومحرم عند: أبي حنيفة وابن حزم والهادوية وأحمد .
ويجوز عند: مالك والشافعي والأوزاعي ورواية عن أحمد وأكثر أصحاب الشافعي.
تنبيهات
1- يقوم الناس للصلاة على حسب طاقتهم ، فإن منهم الثقيل والخفيف، ولم يوجد دليل على أن الناس يقومون عند قول المقيم : قد قامت الصلاة ، إلا رواية عن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن :قد قامت الصلاة 0 رواه أبو المنذر.
2- لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا لعذر0
3- ليس على النساء أذان ولا إقامة ، قال الشافعي:إن أذن وأقمن فلا بأس
يكره أذان المرأة عند : الأحناف والشافعية.
ويحرم عند : المالكية.
4- من دخل مسجداً قد صلى فيه فإنه يقيم ويصلى ولا أذان عليه0
5- يجوز الفصل بين الإقامة والصلاة بالكلام وغيره0
عن أنس قال: أقيمت الصلاة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم 0 ( خ 642)
6- لا يجوز الكلام أثناء الإقامة 0
7- لا يجوز أن يؤذن غير المؤذن الراتب إلا بإذنه أو أن يتخلف فيؤذن غيره مخافة فوات وقت التأذين 0
8- الاثنان يؤذن أحدهما 0
عن مالك بن الحويرث قال: أتى رجلان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريدان السفر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" إذا أنتما خرجتما، فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما "0 ( خ 630)
بدع الأذان
والأذان عبادة ، ومدار الأمر فى العبادات على الإتباع ، فلا يجوز لنا أن نزيد شيئاً فى ديننا أو ننقص منه لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ". (خ2697)
فهو رد : أي باطل(1/7)
1- التغني فى الأذان واللحن فيه بزيادة حرف أو حركة أو مد ، فهذا مكروه فإن أدى إلى تغيير معنى أو إبهام محذور فهو محرم ، مثل : ألله 00 الله أجبر 00اللاه أكبر00 الله أكبار 00 أشهدوا00 إلاه 00 إلها00 لا إلاه00 ايلا الله 0
2- التسبيح قبل الفجر والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك،كل هذا من جملة البدع المكروهة 0
3- مسح العينين بباطن أنملتى السبابتين بعد تقبيلهما عند سماع المؤذن : أشهد أن محمداً رسول الله معتقدين أن فاعله لا يرمد ، بدعة 0
4- أذان الجماعة المسمى بالأذان السلطاني فإنه مذموم ومكروه اتفاقاً ، لما فيه من التلحين والتغني ، وأول من أحدثه هشام بن عبد الملك 0
5- التوحيش آخر رمضان ، بدعة 0
6- الجهر بقراءة القرآن بعد الأذان ، منهي عنه 0
عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال:" ألا إنَّ كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذينَّ بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة" أو قال: "في الصلاة". (ص د 1332)
7- زيادة (الدرجة الرفيعة) وزيادة ( إنك لا تخلف الميعاد) 0
8- قول الصلاة جامعة فى صلاة العيدين بدعة ، ولا يجوز فيهما الأذان ولا الإقامة .
عن جابرِ بن سَمُرةَ قال: صليتُ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - العيدين غير مرّة ولا مَرّتينِ بغير أذانٍ ولا إقامةٍ .( م 2018)
9- التثويب فى غير الفجر بدعة 0
عن ابن عمر أنه دخل مسجداً يصلى فيه فسمع رجلاً يثوب فى صلاة الظهر ، فخرج وقال : أخرجتني البدعة 0 (ص د 538)
التثويب : قول المؤذن: الصلاة خير من النوم 0
10- الجهر بالصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقب الأذان غير مشروع ، بل هو محدث مكروه وهو بدعة 0(1/8)
قال علاء الدين الحصني : التسليم بعد الأذان حدث فى ربيع الآخر سنة 781 هجرية فى عشاء ليلة الاثنين ثم فى يوم الجمعة ، ثم بعد عشر سنين حدث فى الكل إلا المغرب 0( الدر المختار ج1 ص 287)
قال محمد عبده مفتي مصر السابق :
أما الأذان فآخره لا إله إلا الله ، وما يذكر بعده أو قبله كل من المستحدثات المبتدعة.
(فتوى رقم 211 جزء ثالث بتاريخ 22 ربيع الأول 1323هجرية )
11- زيادة (حي على خير العمل) لا يثبت هذا فى أي حديث صحيح وكل ما روى فهو ضعيف وموضوع ومنكر 0
12- الأذان الأول قبل صلاة الجمعة الذى زاده عثمان بسبب كثرة الناس ، بينما كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وعهد عمر أذانا واحدا عندما يجلس الخطيب على المنبر0
ونقل ابن حجر فى الفتح عن ابن عمر قال : الأذان الأول يوم الجمعة بدعة أما حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء.
(انظر سبل السلام 2/11) ص306 الأذان0
13- التفكير يوم الجمعة : قال صاحب الإبداع : ومن البدع ما يسمى بالأولى والثانية قبل الزوال يوم الجمعة 0
14- الدكة : قال صاحب الإبداع : ومن البدع المذمومة الدكة التى يصعد عليها المؤذنون والمبلغون وقارئوا سورة الكهف يوم الجمعة 0
15- التبليغ لغير حاجة بدعة ذكره صاحب السنن والمبتدعات 0(1/9)
الباب السادس
صفة الصلاة(1/1)
الباب السادس
صفة الصلاة
عن مالك بن الحويرث قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدكم، وليؤمُّكم أكبركم"0( خ 631)
وهذه هي كيفية الصلاة كما صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر واقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها". ( خ 793)
عن أبي حميد الساعدي قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - :إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع استوى حتى يعود كل فقار مكانه فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب الأخرى وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى وقعد على مقعدته .
( خ 828)
هصر ظهره :ثناه فى استواء من غير تقويس 0
عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالساً، وكان يقول في كل ركعتين: التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم. ( م 498)
عقبة الشيطان: الإقعاء. وهو أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كما يفرش الكلب وغيره من السباع 0(1/1)
افتراش السبع: هو أن يضع ذراعيه على الأرض فى السجود ويفضي بمرفقه وكفه إلى الأرض
عن وائل بن حجر قال: لأنظرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي قال: فنظرت إليه قام فكبر ورفع يديه حتى حادتا أذنيه ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ثم قال لما أراد أن يركع رفع يديه مثلها ووضع يديه على ركبتيه ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه ثم قعد فافترش رجله اليسرى فوضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد. (ص د 726)
1- إستقبال القبلة:
استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة بالاتفاق 0
عن ابن عمر قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. ( خ 403 )
2- السترة:
السترة سنة بالاتفاق ، وتتحقق بكل شئ ينصبه المصلى تلقاء وجهه ويكون بينه وبين السترة حوالي ثلاثة أذرع0
وتعتبر سترة الإمام سترة لمن خلفه ، لأن السترة تشرع للإمام والمنفرد ، ولا تشرع للمأموم 0
ويحرم المرور بين يدي المصلي وأن ذلك يعتبر من الكبائر 0
وإذا اتخذ المصلي سترة يشرع له أن يدفع المار بين يديه إنساناً كان أو حيواناً ، أما إذا كان المرور خارج السترة فلا يشرع له الدفع ولا يضره المرور ، ولا يقطع الصلاة شئ.
ويجوز المرور بين يدي المأموم للضرورة 0
عن سهل بن سعد قال:كان بين مصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الجدار ممر الشاة.( خ 496)
عن بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة فصلى وجعل بينه وبين الجدار نحوا من ثلاثة أذرع.(ص ن 723)(1/2)
عن أَبي سَعِيدٍ قال: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إِذَا صَلّى أَحَدُكُم إِلَى شَيْء يَسْتُرُهُ مِنَ النّاسِ فأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعه ، فإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فإِنّمَا هُوَ شَيْطَان"0 ( خ494)
عن أبي جهيم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (خ510 م507)
والصلاة لا يقطعها شئ عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي والثوري0
ويجوز المرور بين يدي المصلي بالمسجد الحرام عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي والحنابلة0
ويحرم المرور بين يدي المصلي إن صلى إلى سترة عند: المالكية والشافعية والأحناف.
إن النصوص الواردة بالأمر بإتخاذ السترة لم تفرق بين مسجد وآخر وعلي ذلك فالحرمان داخلان ولا يخرجان إلا بدليل ،وهو قول الألباني وغيره.
ويجوز أن يخط خطاً أمامه عند: أحمد والشافعي فى رواية والأوزاعي وابن قدامة 0
ولا يجوز الخط عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي فى رواية والليث 0
3- النية
النية فرض بالإجماع وهو العزم على الشيء مقترناً بفعله وهي عمل قلبي لا يتلفظ بها ، بل التلفظ بها بدعة ، ولا عبرة باللسان إذا اختلف القلب 0
قال الله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)
(البينة: من الآية5)
والإخلاص هو النية لأنه عمل من أعمال القلب 0
عن عمر بن الخطاب قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : "إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى"0( خ1)
والنية فرض عند: المالكية والشافعية وابن حزم .
وشرط عند: الأحناف وأحمد 0
والتلفظ بها بدعة عند: ابن القيم وابن الهمام وابن الحاج والأحناف0
ويشترط أن ينوي المأموم الإقتداء بالإمام.
4- القيام
القيام فرض للقادر عليه إجماعاً فى صلاة الفرض0(1/3)
فلابد من صلاة الفرض من قيام إلا إذا عجز عن القيام بسبب مرض أو اهتزاز مركبة سفر، فحينئذ يصلي على حسب قدرته وله أجره كاملاً ،ولا يجوز له أن يضع شيئاً يسجد عليه ، ولكن يجوز أن يتخذ عموداً ليعتمد عليه وهو واقف ، ويسن تفريج القدمين ، ويطلب من الإمام قبل الدخول فى الصلاة الأمر بتسوية الصفوف بمحاذاة المناكب والأقدام ، فيقول : سووا صفوفكم (سووا المناكب والأقدام) فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة0
وصلاة النفل تجوز من قعود مع القدرة على القيام ، إلا أن ثواب القائم أتم من ثواب القاعد.
وإذا نزع المصلى نعليه فلا يضعها عن يمينه وإنما عن يساره أو بين رجليه.
قال الله تعالى : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238) عن عمران بن حصين قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب"0( خ 1117)
وزاد النسائي : فإن لم تستطع فمستلقياً ، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها0
وهذا بالنسبة للمريض ومن هو على مركبة سفر0
عن ابن عمر قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن استطعت أن تسجد على الأرض وإلا فأوم إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك".
( طب 3/189/2 ص صحيحة 323)
عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا"0( خ 2996)
عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سووا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة"0( خ 719)
عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري، وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه"0( خ723)
ورؤية من ورائه خاصة به - صلى الله عليه وسلم - 0
قال الحافظ فى الفتح : المراد بذلك المبالغة فى تعديل الصف وسد خلله 0(1/4)
قال الألباني فى الصحيحة الحديث 31 ، 32 تحت عنوان : سنة متروكة يجب إحياؤها ما ملخصه:
يخفى على الكثيرين أن من إقامة الصف تسويته بالأقدام ، وليس فقط بالمناكب 0
عن أبي هريرة أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره، إلاّ أن لا يكون عن يساره أحدٌ، وليضعهما بين رجليه"0( د 665)
عن أنس بن مالك قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : "إِنّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمّ بِهِ، فَإِذَا كَبّرَ فَكَبّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلّى قَاعِداً فَصَلّوا قُعوداً أَجْمَعُونَ" .( م 411)
يجوز أن يؤم المريض قاعداً الأصحاء ويصلون وراءه قعوداً عند: أحمد والأوزاعي واسحق وابن المنذر وداود وابن حزم 0
ويصلون خلفه قياماً عند: أبي حنيفة والشافعي والثوري 0
5- تكبيرة الإحرام
وتكبيرة الإحرام فرض بالإجماع 0
وهي أن يقول المصلى (الله أكبر) رافعاً يديه حذو منكبيه أو أذنيه ممدودة الأصابع لا يفرج بينهم ولا يضمهم 0
ولا يجوز رفع الصوت بالتكبير إلا للإمام بقدر ما يسمع المأمومين ، ورفع اليدين يكون مع التكبير أو بعده أو قبله 0
عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم"0(ص د 61)
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. وكان لا يفعل ذلك في السجود .( خ 735)(1/5)
عن مالك بن الحويرث؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه. وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه. وإذا رفع رأسه من الركوع. ( م 391)
لا اختلاف لأن الأصابع إذا كانت عند فروع الأذنين ، فالكف هي حذاء المنكبين 0
6- وضع اليمنى على اليسرى
يسن للمصلى أن يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ، أو يقبض باليمنى على اليسرى ويضعهما على صدره 0
قد ورد عشرون حديثاً فى وضع اليد اليمنى على اليسرى عن ثمانية عشر صحابياً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها:
عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة0( خ 74)
عن أبي المحارق أنه قال : من كلام النبوة إذا لم تستح فصنع ما شئت ، ووضع اليدين إحداهما علي الأخرى في الصلاة .(ط 49)
ومن العجب أن الإمام مالك روي هذا الحديث والمالكية لا يضعون أيديهم كما نص الحديث.
عن وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، وكان أحياناً يقبض باليمنى على اليسرى0( ص د 727)
والحديث يدل على مشروعية وضع الكف على الكف وإليه ذهب الجمهور (نيل الأوطار) 0
عن وائل بن حجر قال : صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره0( ص د 759)
ووضع اليدين على الخاصرة منهي عنه.
عن أبي هريرة قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلى الرجل مختصراً (خ1220)
وضع اليمني علي اليسرى تحت الصدر وفوق السرة سنة عند: مالك والشافعي.
ووضع اليمني علي اليسرى تحت السرة عند: أبي حنيفة وأحمد في رواية والثوري وإسحاق.
7- الخشوع
الخشوع واجب وهو من عمل القلب ، ولقد قيد الله تعالى فلاح المؤمنين بخشوعهم فى الصلاة(1/6)
فقال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون1-2) عن عثمان قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله.(م560)
ولكي يكون المؤمن خاشعاً فى صلاته فلا بد له من اتباع الإرشادات النبوية الآتية :
أ- أن لا يلتفت فى صلاته ، بل يرمي ببصره نحو الأرض إلى الأمام 0
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "لَيَنْتَهِيَنّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السّمَاءِ فِي الصّلاَةِ. أَوْ لاَ تَرْجِعُ إِلَيْهِم"0( م428)
لا ترجع إليهم : يعني أبصارهم فيبقون بلا أبصار0
عن عائشة قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد"0( خ 751 )
عن عائشة قالت : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة وما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها0( ك 1/479 ص غليل 354)
عن البراء : أنهم كانوا إذا صلوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفع رأسه من الركوع، قاموا قياما، حتى يروه قد سجد. ( خ 747)
عن أبُي ذَرّ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا يَزَالُ الله عَز ّوَجَلّ مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ في صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فإذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ"0(ص د 910)
ب-إذا حضر الطعام فليبدأ به قبل الصلاة التى أقيمت 0
عن أنس قال: قال - صلى الله عليه وسلم - : "إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فأبدوا بالعشاء"0(خ5463 )
فمدافعة الجوع مكروهة لأنها تسبب نقصان الخشوع0
جـ-ألا يدافعه الأخبثان :(1/7)
عبد الله بن أرقم قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أراد أحدكم يذهب إلى الخلاء وأقيمت الصلاة فليذهب إلى الخلاء". (ص د 88)
عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ الطّعَامِ، وَلاَ هُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَان" 0 ( م 560)
الأخبثان : البول والغائط ، ويلحق بهما مدافعة الريح
عَنْ أَبِي أمامة أَن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : نهى أَن يصلي الرجل وَهُوَ حاقن.
( حم 250 ص ج6832)
فمدافعة الأخبثان مكروهة عند : الجمهور
د-ألا يمس الحصى :
عن مُعَيْقيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمسح الحصى وأنت تصلي، فإن كنتَ لا بد فاعلاً فواحدة، لتسوية الحصى"0( خ 1207 )
والعلة فى النهي المحافظة على الخشوع لأن الرحمة تلقاء وجهه 0
هـ-عدم البصق فى الأمام وجهة اليمين :
عن أنس،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله، تحت قدمه اليسرى"(خ 1214)
وإذا وسوس الشيطان للمصلي فليستعذ بالله منه ثم ليتفل على يساره ثلاثاً0
و-إماطة الصور من أمام المصلي :
عن أنس قال: كان قرام لعائشة ، سترت به جانب بيتها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي".
(خ374)
أي أزيلي الستر الملون من هذا المكان الذي أصلي فيه ، والحديث يدل على الكراهة لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يُعد صلاته 0
ز-أن لا يتثائب فى الصلاة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "التّثَاؤُبُ مِنَ الشّيْطَانِ ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاع0( م 2994)
عن ابن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب". ( خ6226)(1/8)
ح-وضع اليمين على الشمال حال القيام :
سئل الإمام أحمد عن المراد بذلك؟ فقال: هو ذل بين يدي عزيز 0
ط-الطمأنينة :
عن حذيفة أنه رأى رجلا لا يتم الركوع ولا السجود، فلما قضى صلاته دعاه فقال له: ما صليت ولو مت، مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمداً - صلى الله عليه وسلم - .( خ791)
ى-التفهم لمعنى الكلام :
على المصلى أن يفهم ويتدبر ما ينطق به لسانه فى صلاته من قراءة للقرآن وأذكار وغيرها0
ك-تعظيم المولى جل ثناؤه :
بمعرفة جلال الله وعظمته ، ومعرفة كون الإنسان عبداً مسخراً ، وبهذا تتولد الاستكانة والإنكسار والخشوع لله تعالى 0
ل-علاج موانع حضور القلب :
والموانع هي الخواطر الخارجية مما يقرع السمع أو يظهر للبصر وعلاجه قطع هذه الأسباب بأن يغض بصره ويصرف سمعه ، والخواطر الباطنة من الهموم والفكر في أودية الدنيا الذي لم ينحصر وعلاجه هو أن يرد المرء نفسه قهراً إلى فهم ما يقرأه فى الصلاة
عن رجل من بني بياضة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إذا كان أحدكم فى صلاة ، فإنه يناجي ربه ، فلينظر أحدكم ما يقول فى صلاته ، ولا ترفعوا أصواتكم فتؤذوا المؤمنين".( ك 1/235 ص ج752)
عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "اذكر الموت فى صلاتك ، فإن الرجل إذا ذكر الموت فى صلاته لحري إن يحسن صلاته ، وصل صلاة رجل لا يظن أنه يصلي صلاة غيرها ، وإياك وكل أمر يعتذر منه". (مسند الفردوس1/1/51 ص ج 849)
عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الرجل لينصرف، وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها".(ح د 796)
قال ابن رجب: ومتى تكلف الإنسان تعاطى الخشوع فى جوارحه وأطرافه مع فراغ قلبه من الخشوع وخلوه منه ، كان ذلك خشوع نفاق ، وهو الذى كان السلف يستعيذون منه ، فمن أظهر خشوعاً غير ما كان فى قلبه فإنما هو نفاق على نفاق 0(1/9)
وأصل الخشوع حاصل فى القلب ، إنما هو من معرفة الله ، ومعرفة عظمته وجلاله وكماله: فمن كان بالله أعرف فهو له أخشع ، ويتفاوت الخشوع فى القلب بحسب تفاوت معرفتها لمن خشعت له ، وبحسب تفاوت مشاهدة القلوب للصفات المقتضية للخشوع 0
فمن خاشع لقوة مطالعته لقرب الله من عبده واطلاعه على سره وضميره ، المقتضي للاستحياء من الله تعالى ومراقبته الحركات والسكنات 0
ومن خاشع لمطالعته لكماله وجماله المقتضي للاستغراق فى محبته والشوق إلى لقائه ورؤيته 0
ومن خاشع لمطالعته شدة بطشه وانتقامه وعقابه المقتضي للخوف منه 0
عن أبي الدرداء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعاً"0(المجمع 2/136 ح ص542)
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : "اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا"( م2088)
قال إبراهيم الخزاعي : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل والتطوع عند السحر ، ومجالسة الصالحين 0
قال إبراهيم بن أدهم فى موعظة حين سألوه عن قول الله تعالى : (ادعوني استجب لكم ) ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟ قال: لأنكم عرفتم اللّه فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، وأكلتم نعم اللّه فلم تؤدوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس 0وتأكلون رزق الله ولا تشكرون0 (الخشوع فى الصلاة لابن رجب ) 0(1/10)
قال القرطبي : والخشوع محله القلب؛ فإذا خشع خشعت الجوارح كلها لخشوعه؛ إذ هو ملكها، وكان الرجل من العلماء إذا أقام الصلاة وقام إليها يهاب الرحمن أن يمد بصره إلى شيء وأن يحدث نفسه بشيء من الدنيا.
وقال عطاء: هو ألا يعبث بشيء من جسده في الصلاة.
وينبغي أن يحضر القلب عند كل ركن وهيئة من أعمال الصلاة :
الأذان : إذا سمعت المؤذن فأحضر فى قلبك هول النداء يوم القيامة وشمر بظاهرك وباطنك للإجابة والمسارعة وتذكر وصف الله عز وجل للمنافقين : (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى)(النساء: من الآية142)
الطهارة : إذا أتيت بها فلا تغفل عن طهارة قلبك بالتوبة والندم فطهارة الباطن أولى من طهارة الظاهر.
ستر العورة : إذا غطيت العورة فأستحضر الحياء من الله عز وجل الذي لا يخفى عليه خافية0
استقبال القبلة: إذا صرفت ظاهر الوجه عن سائر الجهات إلى بيت الله فأقبل بقلبك إلى بيت الله0
القيام : هو مثول بين يدي الله فأستشعر عظمة الله وأنت بين يدي الله وتذكر عند ذلك القيام بين يديه يوم القيامة0
النية : استشعر بها الإخلاص طمعاً فى الثواب وخوفاً من العقاب ومحبة فى القرب ، ولا ينجو يوم القيامة إلا المخلصون.
التكبير : إذا نطق به لسانك فلا يكذبه قلبك0
الاستعاذة : وهي الاحتماء بجناب الله من الشيطان الرجيم0
البسملة : هي التبرك باسم الله الذى لا يضر مع اسمه شئ 00 واستحضر فى قلبك لطف الله عند قولك : الرحمن الرحيم0
الفاتحة : تذكر حديث قسمت الصلاة بيني 000
السورة : تدبر القراءة وقف عند كل آية حتى تفهم معناها00 (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)
الركوع والسجود : استشعر فى ركوعك التواضع وفى سجودك زيادة الذل ، وتذكر كبرياء الله وعظمته واجتهد فى ترقيق قلبك0
التشهد : اجلس متأدباً وتذكر معنى التحيات 0
8- دعاء الاستفتاح(1/11)
يسن دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام مباشرة ، يجوز أن تقول أي دعاء من الأدعية الواردة.
عن أبي هريرة قال: كان رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول بين التكبير وبين القراءة : "اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد".
( خ 744)
باعد : قال الحافظ : المراد من المباعدة محو ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها.
نقني : أزل الذنوب وامحها بالكلية.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا الدعاء فى الفرض والنفل0
9-الاستعاذة
يسن أن تقول بعد دعاء الاستفتاح فى الركعة الأولى :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ، سراً .
قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)(النحل:98) عن جبير بن مطعم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول قبل القراءة : "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه"0(ص د 764)
همزه : المراد به الجنون والصرع.
نفخه : المراد به الكبر ، لأن المتكبر يتعاظم لا سيما إذا مدح.
نفثه : المراد به الشعر وكأنه أراد به الهجاء أي الشعر المذموم ، ولأنه يدعو الشعراء المداحين الهجائين المعظمين المحقرين إلى ذلك 0
فالاستعاذة سنة عند: الجمهور.
وهي سنة فى كل ركعة عند: الشافعي وأحمد فى رواية وأبي حنيفة . وفرض فى كل ركعة عند: ابن حزم والألباني .
قال الشوكاني: الأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة ، وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط.
قال ابن حزم مسألة 363: وفرض على كل مصلي أن يقول إذا قرأ (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )
لابد له فى كل ركعة من ذلك ، لقول الله تعالى : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل:98)
10-البسملة(1/12)
البسملة سنة سراً يقرأها المصلي فى كل ركعة وفى أول السورة 0
عن أنس قال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. ( خ 743 )
عن نعيم المجمر قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال آمين.
(ص ن 2/232)
عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ فى الصلاة :بسم الله الرحمن الرحيم ، وعدها آية.(ص د 4001)
عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كانوا يفتتحون الصلاة: بالحمد لله رب العالمين. ( خ 743)
البسملة سنة عند: أبي حنيفة وأحمد .
وفرض عند: الشافعي وابن حزم .
ومكروهة عند: المالكية .
11- قراءة الفاتحة
قراءة الفاتحة فرض كل ركعة للإمام والمنفرد فى الفرض والنفل 0
وأما المأموم فلابد من أن يقرأ خلف الإمام فيما جهر به وفيما لم يجهر من الصلاة0
وهو قول: مكحول والشافعي فى الجديد وأبي ثور والبخاري والبيهقي وابن حزم وابن خزيمة والقرطبي وابن حجر والشوكاني والقنوجي وابن عثيمين.
قال الثوري والذي عليه جمهور المسلمين القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية. (المجموع3/365)
ويقرأ فيما أسر الإمام فيه ولا يقرأ فيما جهر به وهو قول : الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد واسحق والقاسم والهادي وابن تيمية وزيد والشافعي فى القديم.
عَن عبادة بْن الصامت أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".( خ756 )
قال الحافظ : أي لا تصلوا إلا بقراءة فاتحة الكتاب 0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تجزئ صلاةٌ لا يقرأ فيها بفاتحةِ الكتاب"0( خز490 ص حب 1789)(1/13)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج". ثلاثاً غير تمام، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك.( م 395)
خداج : ناقصة نقص فساد وبطلان
عن عُبَادَةَ بنِ الصّامِتِ قال: كُنّا خَلْفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في صَلاَةِ الْفَجْرِ، فَقَرَأَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمّا فَرَغَ قال: "إني أراكم تَقْرَأُونَ خَلْفَ إمَامِكُمْ"؟ قُلْنَا: نَعَمْ هَذّاً يا رسولَ الله. قال: "لا تَفْعَلُوا إلاّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فإنّهُ لا صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا". (ص د 823)
هَذاً : سرعة القراءة.
قال البغوي : فى هذا الحديث دليل على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم جهر الإمام أو أسر 0
قال الشافعي فى الأم : يجب قراءة الفاتحة خلف الإمام فى السرية والجهرية ( المهذب 1/72 )
قال البخاري : تواتر الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن
وقال : إنه يقرأ خلف الإمام وإن جهر0
قال الخطابي : قراءة الفاتحة واجبة على من خلف الإمام سواء جهر بالقراءة أو خافت بها0
قال ابن حزم مسألة 359: وقراءة أم القرآن فرض فى كل ركعة من كل صلاة إماماً كان أو مأموما أو منفرد ، والفرض والتطوع سواء ، والرجال والنساء سواء 0
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى مسألة 238 : القراءة خلف الإمام ما ملخصه :
للعلماء فيه نزاع واضطراب ، وأصول الأقوال ثلاثة : طرفان ووسط:
الأول : أنه لا يقرأ خلف الإمام بحال (وهو قول أب حنيفة).
الثاني : أنه يقرأ خلف الإمام بكل حال0(1/14)
الثالث : أنه إذا سمع قراءة الإمام أنصت ولم يقرأ ، وإذا لم يسمع قرأ لنفسه ، وهذا هو قول أكثر السلف وجمهور العلماء كمالك وأحمد وجمهور أصحابهما وطائفة من أصحاب الشافعي وأبي حنيفة ، وهو القول القديم للشافعي وقول محمد بن الحسن0
وعلى هذا القول فالقراءة حال مخافتة الإمام بالفاتحة واجبة عند: أحمد فى رواية .
ومستحبة عند: أحمد فى المشهور والشافعي فى القديم .
والقراءة حال الجهر واجبة عند: الشافعي فى الجديد وابن حزم .
ومستحبة عند: الأوزاعي والليث وأبي البركات.
ثم قال : إذا جهر الإمام استمع لقراءته ، فإن كان لا يسمعه لبعده فله أن يقرأ ، وإن كان لا يسمع لصممه أو كان يسمع همهمة الإمام ولا يفقه ما يقول فإنه يقرأ ، لأن الأفضل أن يكون إما مستمعاً وإما قارئاً 0
وقال الألباني فى صفة الصلاة : نسخ القراءة وراء الإمام فى الجهرية : وكان قد أجاز للمؤتمين أن يقرأوا بها وراء الإمام فى الصلاة الجهرية حيث كان (فى صلاة الفجر) فقرأ فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال : "لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟" قلنا: نعم هَذاً يا رسول الله ، قال: "لا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"0(ص د823)
ثم نهاهم عن القراءة كلها فى الجهرية ، وذلك حينما انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة (وفي رواية أنها صلاة الصبح ) فقال : "هل قرأ معي أحد منكم آنفا"، قال: رجل نعم يا رسول الله، قال: "إني أقول مالي أنازع القرآن"، قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جهر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقراءة في الصلاة حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وقرأوا فى أنفسهم سراً فيما لا يجهر فيه الإمام).
وجعل الإنصات لقراءة الإمام من تمام الإئتمام به فقال - صلى الله عليه وسلم - : "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا"0(ص د 604)(1/15)
كما جعل الاستماع له مغنياً عن القراءة وراءه فقال - صلى الله عليه وسلم - : "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة"0(ص هـ 850) هذا في الجهرية 0
وقال : وجوب القراءة فى السرية00 وأما في السرية فقد أقرهم على القراءة فيها فقال جابر : كنا نقرأ فى الظهر والعصر خلف الإمام فى الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ، وفى الأخريين بفاتحة الكتاب ، وإنما أنكر التشويش عليه بها وذلك حين صلي الظهر بأصحابه فقال: "أيكم قرأ (سبح أسم ربك الأعلى)"، فقال رجل : أنا ولم أرد بها إلا الخير. فقال : "قد عرفت أن رجلا خالجنيها". أهـ
قال النووي : الذي عليه جمهور المسلمين القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية .
والرأي بالوجوب رجحة ابن باز وابن عثيمين .
قال أبن عثيمين: ولا تسقط إلا عن مسبوق أدرك الإمام راكعاً أو قائماً (شرح الممتع 3/85)
12-التأمين
التأمين سنة للإمام والمأموم والمنفرد، جهرأً فى الجهرية ، وسراً فى السرية يمد بها الصوت، ويجوز فيها المد والقصر ويستحب للمأموم أن يوافق الإمام فلا يسبقه ولا يتأخر عنه 0
ومعنى آمين : اللهم استجب .
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"0(خ 780)
أي إذا أراد التأمين فأمنوا معه ، فإن الملائكة تؤمن معه ، والأمر محمول على الندب عند: الجمهور .
عن وائِلِ بنِ حُجْرٍ قال: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا قَرَأَ وَلاَ الضّالّينَ قال: "آمِينَ" وَيرَفَعَ بِهَا صَوْتَه0(ص ت 248)
التأمين سنة للمأموم عند: الأربعة.
فرض عند: ابن حزم والشوكاني.
تنبيه هام جداً :(1/16)
الملاحظ فى جلّ المساجد أن المأمومين يؤمنون قبل تأمين الإمام أي بعد قوله : (ولا الضالين) مباشرة وهذا خلاف السنة التي تبين لنا أن المأموم يؤمن مع الإمام ولا يتقدم عليه فإذا أمن المأمومون مع الإمام أمنت الملائكة معهم جميعاً فيغفر الله تعالى لهم جميعاً ما تقدم من ذنوبهم ، وكذلك فجميع المسلمين يمدون( آ ) أكثر من حركتين وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم إنما المد حركتان ويجوز القصر على حركة 0
13-السكتات
الثابت فى السنة سكتتان ، سكتة قبل القراءة فى الركعة الأولى ، وسكتة بعد القراءة كلها أي قبل الركوع 0
عن سمرة بن جندب،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسكت سكتتين: إذا استفتح الصلاة ، وإذا فرغ من القراءة كلها 0 (ص أحمد شاكر فى المحلى)
السكتة التى قبل القراءة سنة عند: الشافعي وأحمد والأوزاعي واسحق.
السكتة التى بعد الفاتحة سنة عند: الشافعي وأحمد والأوزاعي واسحق والنووي.
السكتة التى بعد القراءة كلها سنة عند: الشافعي وأحمد والأوزاعي واسحق وأبي ثور.
السكتة التى بعد الفاتحة يقرأ فيها المأموم الفاتحة عند: الشافعي والأوزاعي واسحق.
صرح ابن تيمية بأن السكتة الطويلة بعد الفاتحة بدعة.
قال الألباني : فلا دليل علي مشروعية سكوت الإمام بعد الفاتحة قدر ما يقرأها المؤتم كما يقول بعض المتأخرين. أهـ بتصرف.
14-القراءة بعد الفاتحة
كان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بعد الفاتحة سورة غيرها وكان يطيلها أحياناً ، ويقصرها أحياناً لعارض سفر أو سعال أو مرض ، أو بكاء صبي 0
وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول : "إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي، مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه"0( خ 707)(1/17)
وكان يبتدئ من أول السورة ويكملها فى أغلب أحواله ،وكان تارة يقسمها فى ركعتين وتارة يعيدها كلها فى الركعة الثانية ، وكان أحياناً يجمع فى الركعة الواحدة بين سورتين أو أكثر، وكان أحياناً يجمع بين السور من السبع الطوال ، كالبقرة والنساء وآل عمران فى ركعة واحدة من صلاة الليل وكان يقول - صلى الله عليه وسلم - : "أفضل الصلاة طول القيام".
وكان إذا قرأ - صلى الله عليه وسلم - : (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى) (القيامة:40) قال: "سبحانك، فبلى".
وإذا قرأ - صلى الله عليه وسلم - : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) (الأعلى:1) ، قال: "سبحان ربي الأعلى".
عن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الظهر، في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الآخريين بأم الكتاب ، ويسمعنا الآية ، ويطول في الركعة الأولى مالا يطول في الركعة الثانية ، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح.
( خ 759)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، قَالَ: كُنّا نَحْزُرُ قِيَامَ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الظّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الظّهْرِ قَدْرَ قِرَاءَةِ {آلَمَ تَنْزِيلُ} السّجْدَةِ . وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النّصْفِ مِنْ ذَلِكَ. وَحزرْنَا قِيَامَهُ فِي الرّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الأخريين مِنَ الظّهْرِ، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى النّصْفِ مِنْ ذَلِكَ. ( م 996)
عن عبد الله قال : قد علمت النظائر التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأهن اثنين، اثنين في كل ركعة. فذكر عشرون سورة من أول المفصل، أخرهن الحواميم، حم الدخان، وعم يتساءلون. ( خ 4996)(1/18)
عن انس قال : كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به، افتتح: {قل هو الله أحد}. حتى يفرغ منه، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فلما أتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه الخبر، فقال ، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة). فقال: إني أحبها، فقال: حبك إياها أدخلك الجنة .(خ تعليقاً 774)
والحديث يدل على جواز قراءة سورتين فى كل ركعة مع فاتحة الكتاب 0
وتجوز القراءة من المصحف عند : الشافعي وأحمد فى رواية.
ولا تجوز عند : أبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية و الألباني.
طوال المفصل : من الحجرات إلى المرسلات .
وسط المفصل : من عم إلى الليل .
قصار المفصل : من والضحى إلى الناس.
فالقراءة فى صلاة الصبح طوال المفصل عند : الأربعة.
وصلاة الظهر طوال المفصل عند : أبي حنيفة ومالك والشافعي.
وصلاة العصر وسط المفصل عند : أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
وصلاة المغرب قصار المفصل عند : الأربعة .
وصلاة العشاء وسط المفصل عند : الأربعة .
والمفصل :السبع الأخير من القرآن الكريم ، لكثرة الفصول بين سوره 0
القراءة فى الصبح
يستحب أن تقرأ فى صلاة الصبح بالسور الآتية :
1- ق ... . ... ... 2- التكوير. ... ... 3- الطور. ... ... 4- المؤمنون.
5- الواقعة. ... ... 6- يس. ... ... 7- الصافات. ... 8- الروم.
9- الزلزلة. ... ... 10- المعوذتين فى السفر. ... ...
11- السجدة والإنسان فى صبح الجمعة.
12-ما بين الستين إلى المائة آية. ...
13-طوال المفصل من ق إلى عم أو من الحجرات إلى المرسلات.
قال ابن القيم فى الزاد : كره بعض الأئمة قراءة سورة السجدة لأجل ما يظنه الجهال أن صبح الجمعة فضل بسجدة 0
قراءة السجدة فجر الجمعة دائماً سنة عند : الشافعية.
عدم المداومة عليها سنة عند : الأحناف والحنابلة وهو الراجح.
القراءة فى الظهر
يستحب أن تقرأ فى الظهر بالسور الآتية :(1/19)
الليل ، الشمس ، الانشقاق ، الأعلى ، الغاشية ، الطارق ، البروج ... ... ثلاثين آية
القراءة فى العصر
يستحب أن تقرأ فى العصر بالسور الآتية :
البروج ، الطارق، الليل، الشمس ... خمس عشرة آية
القراءة فى المغرب
يستحب أن تقرأ فى المغرب بالسور الآتية :
الطور ... ، المرسلات ، الأعراف ، الأنعام ، الأنفال ، محمد ... ، الصافات ، الدخان ... ، الأعلى ، الشمس ، التين والزيتون فى الركعة الثانية ، قصار المفصل من الضحى إلى الناس مع عدم المداومة عليه .
عن جبير بن مطعم عن أبيه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ فى المغرب بالطور0 ( خ 766)
القراءة فى العشاء
يستحب أن تقرأ فى صلاة العشاء بالسور الآتية :
الانشقاق ، الشمس ، الطور ، العلق ، الأعلى ، الليل ، التين فى السفر، وسط المفصل من عم إلى والضحى
القراءة يوم الجمعة
يستحب أن تقرأ فى صلاة الجمعة فى الركعة الأولى : الأعلى أو الجمعة
وفى الركعة الثانية : الغاشية أو المنافقون.
أما الاقتصار على أواخر الجمعة والمنافقون فهو مخالف لهديه - صلى الله عليه وسلم - الذى كان يحافظ عليه.
القراءة فى صلاة الليل
يستحب أن تقرأ فى صلاة الليل السور الآتية : البقرة ، النساء ، آل عمران ، المائدة ، الأنعام ، الأعراف ، التوبة ، الإسراء ، الزمر، الإخلاص يرددها ، يستحب أن تردد الآية الواحدة 0
وصلاة الليل يخير فيها بين الجهر والإسرار والتوسط أفضل 0
القراءة فى الوتر
عن عائشة قالت : كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر فِي الركعة الأولى بـ{سبحْ اسمَ ربّكَ الأعلى،} يصلي بها يقسمها على الركعتين ، وفي الثانيةِ بِـ {قلْ يا أيها الكافرونَ}، وفي الثالثةِ بِـ {قلْ هوَ الله أحدٌ} والمعوّذَتينِ . (ص د 1424)(1/20)
عن أبي بن كعب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وكان يقول إذا سلم : سبحان الملك القدوس ثلاثا ويرفع صوته بالثالثة.(ص ن1699)
القراءة في سنه الفجر
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتي الفجر: في الأولى منهما: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ)(البقرة: من الآية136). الآية التي في البقرة. وفي الآخرة منهما:( آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(آل عمران: من الآية52) 0
وفى رواية : يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ: {قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} 136. أو يقرأ (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:64)0 ( م 737)
وربما قرأ بدلها (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:52).
( م737)
عن أبي هريرة قال : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر : قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد0( م 726)
القراءة فى سنة المغرب
عَن عَبْد اللّه بْن مسعود أن النَّبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمْ كان يقرأ في الركعتين بعد صلاة المغرب {قل يا أيها الكافرون، وقل هو اللَّه أحد {.
(ص ت 429)
القراءة فى العيدين
فى صلاة العيدين فى الركعة الأولى تقرأ بسورة (الأعلى) أو (ق) وفى الثانية ب (الغاشية) أو (القمر)(1/21)
عن ابن واقد الليثي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فى الأضحى والفطر ب (ق والقرآن المجيد) و (اقتربت الساعة) 0 ( م 891)
ورتل القرآن ترتيلا
كثير من الأئمة لا يرتلون القرآن في الصلاة السرية فيسرعون في قراءة الفاتحة وهذا خطأ منهم فعليهم أن يتقوا الله ويرتلوا القرآن بالأحكام كما يرتلون في الصلاة الجهرية .
15-الفتح على الإمام
الفتح على الإمام مشروع إذا ألبست عليه القراءة ، وهو واجب فى الفاتحة مستحب فى غيرها، والفتح فى غير القراءة يكون بالتسبيح للرجال وبالتصفيق للنساء0
عن عبد اللّه بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاةً فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبيّ "أصليت معنا"؟ قال: نعم، قال: "فما منعك"؟0 (ص د 894)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : التسبيح في الصلاة للرجال والتصفيق للنساء. ( خ 684)
الفتح واجب فى الفاتحة عند : مالك والشافعي وأحمد.
ومستحب عند : أبي حنيفة وابن حزم.
ومستحب في غير الفاتحة عند : مالك والشافعي وأحمد.
16-تكبيرات الانتقال
تكبيرات الانتقال واجبة ، وعددها ثنتان وعشرون تكبيرة فى الصلاة الرباعية ، أي يكبر فى كل ركعة رفع وخفض وقيام وقعود إلا الرفع من الركوع 0
عن أبي هريرة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكبِّر حين يقوم، ثم يكبِّر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجداً، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبِّر حين يسجد، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلِّها حتى يقضيها، ويكبِّر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس 0 ( خ 803)
عن عكرمة قال: صليت خلف شيخ في مكة، فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة، فقلت لابن عباس: إنه أحمق، فقال: ثكلتك أمك، سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - . ( خ 788)
17-رفع اليدين للركوع والرفع منه(1/22)
رفع اليدين للركوع والرفع منه سنة ، ويكون حذو المنكبين أو إلى فروع الأذنين ، وقد روى اثنان وعشرون صحابياً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله 0
ورفع اليدين يكون مقارناً لتكبيرة الإحرام أو متقدماً عليها 0
عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الصلاة، رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع، ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع، ويقول: (سمع الله لمن حمده). ولا يفعل ذلك في السجود 0 ( خ 735)
رفع اليدين للركوع والرفع منه سنة عند:الشافعي ومالك فى رواية وأحمد واسحق وأبي ثور والطبري.
ولا رفع عند: أبي حنيفة والثوري والنخعي وزفر ومالك في رواية.
18-الطمأنينة
الطمأنينة فرض فى الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه ، وهذا بالإجماع 0
عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام، فقال: ارجع فصل، فإنك لم تصل. فصلى، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: ارجع فصل، فإنك لم تصل. ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره، فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر واقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها . ( خ793)
عن حذيفة أنه قال لرجل لا يتم الركوع ولا السجود :ما صليت، ولو مت، مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - عليها 0 ( خ791)
عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود 0 (ص د 855)
19-الركوع(1/23)
الركوع فرض بالإجماع ، ويكون بوضع الكفين على الركبتين كأنه قابض عليهما ، مع تفريج الأصابع وبسط الظهر ، ونصب الرأس أي تسويتها ، ومباعدة المرفقين عن الجنبين 0
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: أمرنا أن نضع أيدينا على الركب.
( خ 790)
عن أبي حميد الساعدي قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره 0 (خ 828)
هصر ظهره : أماله
إدراك الركعة
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجودٌ فاسجدوا، ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة 0(ص د 893)
وفي لفظ من أدرك الركوع أدرك الركعة (إرواء 2/262)
قال ابن مسعود: من لم يدرك الإمام راكعاً لم يدرك تلك الركعة.
(هق2/90 ص غليل 2/262)
عن أبي بكر: أنه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: زادك الله حرصا ولا تعد . (خ 783)
أي لا تعد إلى ما صنعت من السعي الشديد ثم الركوع دون الصف ثم من المشي إلى الصف 0
واتفق العلماء على كراهة هذا الفعل ويحرم عند : أحمد واسحق وابن خزيمة.
قال الحافظ فى الفتح : قد استدل به على أن من أدرك الإمام راكعاً لم يحتسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته القيام والقراءة فيه 0 أهـ
قال السبكي فى المنهل العذب المورود 5/328 قوله : ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة ، وإدراكها يكون بإدراك قيامها وقراءتها إلى آخر سجدة منها وهو مسمى الركعة حقيقة 0
من أدرك الإمام في القيام وقراء الفاتحة فإنه يكون مدركا للركعة بالإتفاق.
من أدرك الركوع مع الإمام يكون مدركا للركعة وهو قول:الأئمة الأربعة والجمهور.
من أدرك الإمام وهو راكع فإنه يركع معه ولا يعتد بتلك الركعة وهو قول : ابن خزيمة والسبكي وابن حزم والشوكاني والبخاري واليماني.
20-أذكار الركوع(1/24)
أذكار الركوع كثيرة أهمها : سبحان ربي العظيم
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ: قال رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلاَ وَإِنّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً، وَأَمّا الرّكُوعُ فَعَظّمُوا فِيهِ الرّبّ عَزّ وَجَلّ. وَأَمّا السّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدّعَاءِ. فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ .( م 479)
فَقَمِنٌ: جدير وحقيق.
عن حُذَيْفَةَ "أنّه صلى مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فكان يقولُ في ركوعِهِ: سبحانَ رَبّيَ العَظِيمُ، وفي سُجُودِهِ: سبحانَ رَبّيَ الأعْلَى 0 (ص د 871)
ومعناه عند مسلم 0
قال الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم يستحبون ألا ينقص الرجل فى الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات وبه قال عامة الفقهاء 0 أهـ
وبه قال الألباني 0
التسبيح سنة عند : الأحناف والمالكية والشافعية وأحمد فى رواية والزيدية 0
وواجب عند :أحمد فى رواية والحنابلة وابن حزم وإسحاق والحسن والإمامية.
عن عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح 0 ( م 487)
السبوح : المنزه من كل سوء
القدوس : المبارك الطاهر
عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن 0 ( خ 794 )
عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت أنت ربي خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين .(ص ن1006 )
21-الرفع من الركوع
الرفع من الركوع فرض بالإجماع
عن أبِي مَسْعُودٍ الأنصاريّ البدريّ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تجزئ صَلاةٌ لا يُقيمُ الرجلُ صُلْبَه في الركوع و السجودِ 0 (ص د 855)
22-أذكار الرفع من الركوع(1/25)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوعِ قَالَ: رَبّنَا لَكَ الْحَمْدُ. مِلْءُ السّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. أَهْلُ الثّنَاءِ وَالْمَجْدِ. أَحَقّ مَا قَالَ الْعَبْدُ. وَكُلّنَا لَكَ عَبْدٌ.اللّهُمّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ،وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدّ مِنْكَ الْجَد0 ( م 477 )
لا ينفع ذا الجد منك الجد : لا ينفع ذا الغنى منك غناه ، أي لا ينجيه حظه منك وإنما ينجيه العمل الصالح 0
عن أبي هريرة :أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه . ( خ796)
قال الألباني : هذا الحديث لا يدل على أن المؤتم لا يشارك الإمام في قوله : سمع الله لمن حمده كما لا يدل على أن الإمام لا يشارك المؤتم في قوله : ربنا لك الحمد ، إذ أن الحديث لم يسق لبيان ما يقوله الإمام و المؤتم في هذا الركن بل لبيان أن تحميد المؤتم إنما يكون بعد تسميع الإمام ، ويؤيده هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول التحميد وهو إمام ، وكذلك عموم قوله عليه السلام : "صلوا كما رأيتموني أصلي" يقتضي أن يقول المؤتم ما يقوله الإمام كالتسميع وغيره 0 (صفة الصلاة ص 116)
عن رفاعة بن رافع قال: كنا يوما نصلي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رفع رأسه من الركعة، قال: سمع الله لمن حمده. قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد، حمدا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف، قال: من المتكلم. قال:أنا، قال:رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها، أيهم يكتبها أول0( خ 799)
ورد هذا الحديث فى العطاس ، ويحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 0(1/26)
قيل أن العدد المذكور من الملائكة مطابق لعدد حروف الذكر المذكور 0 عدده 33 حرفاً 0
وفى رواية يحيى عند النسائي 37 حرفاً 0
وفى رواية مسلم: اثني عشر ملكاً فهو مطابق لعدد الكلمات المذكورة فى رواية رفاعة0
سمع الله لمن حمده فرض على الإمام والمنفرد عند : أحمد فى رواية وابن حزم وداود واسحق.
ربنا ولك الحمد فرض على الإمام عند : أحمد وابن حزم.
وسنة على الإمام عند : أبي حنيفة ومالك والشافعي.
يجمع بينهما المأموم عند : الشافعي واسحق.
23-الهوي إلى السجود
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه . (ص د 840)
قال ابن حزم مسألة 456 : وفرض على كل مصل أن يضع ، إذا سجد يديه على الأرض قبل ركبتيه ولابد 0
قال بوضع اليدين قبل الركبتين : مالك وأحمد فى رواية والأوزاعي وابن حزم ( وهو فرض عنده) وابن حجر والعترة وأصحاب الحديث والمباركفوري فى التحفة 2/140
24-السجود
السجود فرض بالإجماع ، وهو أن تعتمد على كفيك وتبسطهما مع ضم الأصابع وتوجههما إلى القبلة وتجعلهما حذو منكبيك أو أذنيك ، وتمكن جبهتك وأنفك من الأرض ، وتستقبل بأطراف أصابع رجلك اليمنى القبلة0 وبذلك يكون سجودك على سبعة أعضاء : الكفين والركبتين والقدمين والجبهة مع الأنف ، ولا تفرش ذراعيك بل ارفعهما عن الأرض وباعد بين جنبيك 0
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا )(الحج: من الآية77)
عن أبي هريرة قال : قال - صلى الله عليه وسلم - للمسيء صلاته : ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا. ( خ 793)
عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا تكفت الثياب والشعر.( خ 809)(1/27)
الكفت : الضم وهو بمعنى الكف والمراد أنه لا يجمع ثيابه ولا شعره أو لا يمنعها من الاسترسال حال السجود وليقعا على الأرض 00 يريد جمع الثوب والشعر باليدين عند الركوع والسجود والنهي فى الصلاة قبلها0
عن أبِي حُمَيدٍ السّاعِدِيّ: أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذَا سَجَدَ أمْكَنَ أنْفَهُ وجَبْهَتَهُ (من) الأرْضَ، ونحّى يَدَيْهِ عن جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ.(ص ت 269)
عن عبد الله بن مالك بن بحينة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : كان إذا صلى فرج بين يديه، حتى يبدو بياض إبطيه.(خ 390)
عن أبي حميد الساعدي: فى وصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة.
( خ828 )
عن عائشة : فوقعت يدي على باطن قدميه وهما منتصبتان0( م 222 )
عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب.(خ822 )
عن أبي هُرَيْرَةَ قال: اشْتَكَى أصْحَابُ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلَى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مَشَقّةَ السّجُودِ عَلَيْهِمْ إذَا انْفَرَجُوا فقال:اسْتَعِينُوا بالرّكَبِ . (ص د 902)
وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود 0
عن البراء قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه مسلم، فإذا قال: سمع الله لمن حمده. لم يحن أحد منا ظهره، حتى يضع النبي - صلى الله عليه وسلم - جبهته على الأرض.
( خ 690)
25-أذكار السجود
أذكار السجود كثيرة أهمها :
سبحان ربي الأعلى :
فرض عند : الحنابلة وابن حزم وأحمد فى رواية والإمامية وداود.
عن أبي هريرة أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: أقرب ما يكون العبد من ربهِ وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء 0 ( م 482 )
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح 0 ( م 487 )(1/28)
عَن عائشة؛ قالت: كان رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك. اللهم اغفر لي0 يتأول القرآن. ( خ 794 )
عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد قال فى سجودهَ: اللّهُمّ لَكَ سَجَدْتُ. وَبِكَ آمَنْتُ. وَلَكَ أَسْلَمْتُ. سَجَدَ وَجْهِي لِلّذِي خَلَقَهُ وَصَوّرَهُ، وَشَقّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ. تَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ 0( م 771 )
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللّهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلّهُ دِقّهُ وَجِلّهُ، وَأَوّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرّهُ 0 ( م 483 )
26-رفع اليدين للسجود والرفع منه
عن ابن عمر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - افتتح التكبير في الصلاة، فرفع يديه حين يكبر، حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال سمع الله لمن حمده. فعل مثله، وقال: ربنا ولك الحمد. ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولاحين يرفع رأسه من السجود.( خ 736 )
27-الجلوس بين السجدتين
ترفع رأسك مكبراً من السجود ثم تفرش رجلك اليسرى فتقعد عليها ، وتنصب اليمنى ، وتستقبل بأصابع اليمنى القبلة 0
والجلوس بين السجدتين واجب 0
ويجوز الإقعاء : وهو أن تنتصب على عقبيك وصدور قدميك ، أي تجعل أليتيك على عقبيك بين السجدتين، وهذا هو الإقعاء المشروع.
عن ابن عباس قال: من السنة فى الصلاة أن تضع أليتيك على عقبيك بين السجدة 0 (طب 3/106/1 ص صحيحة 383 )
قال الألباني : ففي الحديث دليل على شرعية الإقعاء المذكور وأنه سنة يتعبد بها وليست للعذر كما زعم بعض المتعصبة ، ثم قال : ولا منافاة بينهما وبين السنة الأخرى وهى الافتراش بل كل سنة ، فيفعل تارة هذه وتارة هذه 0 أهـ
28- أذكار الجلوس بين السجدتين
يسن أن يقول بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي 0(1/29)
عَن حذيفة أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين:رب اغفر لي رب اغفر لي .
(ص ن 1097 )
واختار هذا الدعاء الإمام أحمد
وهو واجب فى الفرض عند : أحمد فى رواية واسحق وداود.
وسنة عند : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فى رواية .
29-جلسة الاستراحة
هي جلسة خفيفة يجلسها المصلي بعد الفراغ من السجدة الثانية ، قبل النهوض للركعة الثانية ، وقبل النهوض للركعة الرابعة 0 وتقوم معتمداً على الأرض 0
أخبرنا مالك بن الحويرث : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته، لم ينهض حتى يستوي قاعدا 0 ( خ 823 )
وكان ابن عمر يعجن فى الصلاة ، يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذى يعجن العجين 0
وجلسة الاستراحة سنة عند : الشافعي في رواية وأحمد وداود والشوكاني وابن حزم.
وغير مشروعة عند : مالك والشافعي في رواية وأحمد والثوري وإسحاق وابن القيم.
30-الجلوس للتشهد الأول
تجلس على رجلك اليسرى وتنصب اليمنى 0
عن ابن عمر قال: إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى. (خ 827 )
الافتراش سنة وهو قول: أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
31-التشهد الأول
تجلس للتشهد الأول بأن تنصب رجلك اليمنى وتثنى اليسرى وتجلس عليها ، وتضع يدك اليسرى على ركبتك اليسرى ويدك اليمنى على فخذك اليمنى0
عن ابن عمر قال: إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى.
( خ 827 )
والتشهد الأول فرض وله ألفاظ :
عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 0 ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو 0 ( خ 6265 )
اختار هذا اللفظ : أبو حنيفة وأحمد والثوري واسحق وأبو ثور وابن حزم وداود.
التحيات : السلام أو البقاء أو العظمة 0(1/30)
الصلوات : أي الخمس أو ما هو أعم من ذلك من الفرائض والنوافل 0
الطيبات : ما طاب من الكلام وحسن كذكر الله والأقوال الصالحة.
ورحمة الله : إحسانه .
وبركاته : زيادته من خير.
التشهد الأول فرض عند : الشافعية وابن تيمية والشوكاني وابن حزم والإمامية ومالك فى رواية.
واجب عند : أحمد فى المشهور والليث واسحق والشافعي فى قول والطبري.
سنه عند : أبي حنيفة ومالك والزيدية
32-تحريك الإصبع فى التشهد
يقبض أصابع كفه اليمنى ويشير بإصبعه السبابة ويرمى ببصره إليها ، ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى إذا أشار أو يحلق بهما حلقة0
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي التّشَهّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَىَ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَىَ. وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَىَ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَىَ. وَعَقَدَ ثَلاَثَةً وَخَمْسِينَ. وَأَشَارَ بِالسّبّابَةِ ( م 580 )
يعقد الخنصر والبنصر ويرسل المسبحة ويضم الإبهام إلى المسبحة 0
عن وائل بن حجر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وقبض ثنيتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو به 0 (ص د 907)
عن نافع قال كان عبد الله بن عمر إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار باصبعه واتبعها بصره ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهي أشد على الشيطان من الحديد يعنى السبابة.( حم 2/119 قوي سنة 677 )
استمرار تحريك الإصبع سنة عند : مالك وأحمد.
33-رفع اليدين عند القيام للثالثة
سنة
عن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة، كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - .( خ 739 )
34-القعود الأخير
فرض بالإجماع ، ويسن فيه التورك0(1/31)
عن حميد الساعدي فى وصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال: فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة، قدم رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته 0 ( خ 828 )
ويسمى هذا القعود بالتورك0
فالتورك سنة عند : مالك والشافعي وأحمد وابن حزم وأبي ثور واسحق.
والافتراش سنة عند : الأحناف والثوري والزيدية وأبي حنيفة.
35-التشهد الأخير
وهو فرض ، وهو أن تقول صيغة من صيغ التشهد الأول
فرض عند : الشافعي وأحمد وابن حزم والزيدية والإمامية وداود.
سنة عند: أبو حنيفة ومالك.
36-الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -
الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة ولها ألفاظ أشهرها :
عن كعب بن عجرة قال : قلنا يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ( خ 3370 )
كيف نسلم عليك : فيه إشارة إلى السلام الذى فى التشهد - السلام عليك أيها النبي -
صلاة المؤمنين : الدعاء
آل النبي - صلى الله عليه وسلم - : الأزواج والذرية
الصلاة علي النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة عند: الشافعي وأحمد في رواية والزيدية والباقر والقاسم وإسحاق والصنعاني.
وسنة عند: الأحناف ومالك والشوكاني وابن حزم والشافعي وأحمد وجمهور السلف وأبي حنيفة والأوزعي.
37-الدعاء قبل السلام
الأدعية الواردة قبل السلام كثيرة أهمها :
عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع. يقول: اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم. ومن عذاب القبر. ومن فتنة المحيا والممات. ومن شر فتنة المسيح الدجال0
وفى حديث عائشة زيادة : اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم0
( خ 832 )(1/32)
فتنة المحيا : ما يعرض للإنسان طول حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات .
فتنة الممات : الفتنة عند الموت أو فتنة القبر.
المأثم : هو الأمر الذى يأثم به الإنسان أو الإثم نفسه.
المغرم : الدين وقيل الذنوب والمعاصي.
الاستعاذة من أربع فرض عند : الظاهرية وطاووس والنسفي وابن حجر والشوكاني وابن حزم .
وسنة عند : الأربعة.
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي؛ فقال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .( خ 834 )
عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان من آخِرُ مَا يَقُولُ بَيْنَ التّشَهّدِ والسّلاَمِ: اللّهْمّ اغْفِرْ لِي مَا قَدّمْتُ وَمَا أخّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّي أَنْتَ المُقَدّمُ وَأنْتَ المُؤَخّرُ لاَ إلَهَ إلاّ أنْت0( م 771 )
الدعاء بما ليس بمأثور لا يجوز عند : أحمد فى رواية وأبي حنيفة والنخعي وطاووس.
ويجوز عند : أحمد في رواية.
ويجوز الدعاء بملاذ الدنيا عند : الشافعي وأحمد في رواية.
ولا يجوز عند : أحمد في رواية.
38-التسليم
التسليمة الأولى واجبة والثانية سنة ، والالتفات يميناً وشمالاً سنة 0
عن عتبان قال: صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فسلمنا حين سلم.( خ 838 )
عبد الله بن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر 0(ص ن 3/63)
عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمة واحدة .(طب 1/42 ص غليل 2/34)
التسليمة الأولى فرض عند : مالك والشافعي وأحمد وابن حزم وأبي ثور والهادوية.
التسليمة الثانية فرض عند: الحنابلة.(1/33)
وسنة عند : أبي حنيفة والشافعي وأحمد والثوري وأبي ثور واسحق وابن حزم.
39-الذكر بعد الصلاة
انحراف الإمام عن يمينه أو شماله بعد السلام ثم انتقاله من مصلاه.
عن قَبِيصَةَ بنِ هُلْب عن أبيهِ قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَؤمّنَا فَيَنْصَرِفُ على جانِبَيْهِ جميعاً عَلَى يَمِينِهِ وعَلَى شِمالِه 0 (ص هـ929)
وعليه العمل عند أهل العلم أنه ينصرف على أي جانبيه شاء0
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلم لم يقعد إلا بمقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام"0 (م 592)
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الملائكة تصلي على أحدكم، ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يحدث فيه، تقول اللهم اغفر له، اللهم ارحمه .
( خ659 )
تصلي : تستغفر
ما دام فى مصلاه : ينتظر الصلاة الثانية
عن سمرة بن جندب قال :كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه.
( خ845 )
عن ابن عمر أنه كان يصلي فى مكانه الذى صلى فيه الفريضة0( خ 848 )
عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : لا يصلِّ الإِمام في الموضع الّذي صلّى فيه حتى يتحوَّل 0 (ص د 616)
يتحول : ينتقل إلى موضع
نهى عن ذلك ليشهد له موضعان بالطاعة يوم القيامة ولذلك يستحب تكثير العبادة فى مواضع مختلفة
عن ابن عباس قال: كنت أعرف انقضاء صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير0( خ842 )
وفى رواية بالذكر 0
قال الشافعي : هذا الجهر من أجل تعليم المأمومين (فتح الباري 2/379 )
ورفع اليدين فى الدعاء بعد صلاة الفريضة لم يرد فى سنة صحيحة
وأيضاً الدعاء بعد الصلاة مباشرة لم يصح فيه حديث.(1/34)
قال ابن القيم في الزاد : وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبلا القبلة أو المأمومين فلم يكن ذلك من هدية - صلى الله عليه وسلم - أصلاً ، ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن.أهـ (زاد المعاد 1/249)
قال ابن تيمية فى الاختيارات ص 56 : ولا يستحب الدعاء عقيب الصلوات لغير عارض كالاستسقاء والاستنصار أو تعليم المأموم ، ولم تستحبه الأئمة الأربعة.
قال ابن باز فى فتاويه فى الجزء الأول : لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يرفع يديه بعد صلاة الفريضة ، ولم يصح ذلك أيضاً عن أصحابه ، وما يفعله بعض الناس من رفع أيديهم بعد صلاة الفريضة بدعة لا أصل لها 0
عن يسيرة قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤلات مستنطقات. (ص د1501)
بالتسبيح: أي بقول سبحان الله.
والتهليل: أي قول لا إله إلا الله.
والتقديس: أي قول سبحان الملك القدوس أو سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
مسؤولات: أي يسألن يوم القيامة عما اكتسبن وبأي شيء استعملن.
مستنطقات: أي متكلمات بخلق النطق فيها فيشهدن لصاحبهن أو عليه بما اكتسبه.
ولا تغفلن عن الذكر: يعني لا تتركن الذكر.
فتنسين الرحمة: لو تركتن الذكر لحرمتن ثوابه فكأنكن تركتن الرحمة.
فستعمال المسبحه ( السبحه) وترك التسبيح بالأصابع هو خلاف الأولي ، والإقتصار في التسبيح علي أصابع اليد اليمني أفضل.
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، إِذَا انْصَرَفَ من صلاته، اسْتَغْفَرَ ثَلاَثاً. وَقَالَ: "اللّهُمّ أَنْتَ السّلاَمُ وَمِنْكَ السّلاَمُ. تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَام 0 ( م 591 )
السلام : من أسماء الله.
منك السلام : السلامة.
تباركت : من البركة وهي النماء.
الجلال : العظمة.
الإكرام : الإحسان.(1/35)
عن معاذ بن جبل قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك0(ص د 1522)
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن الموت.
(ابن السني عمل اليوم والليلة 121 ص صحيحة 972)
عن عقبة بن عامر قال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن اقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة 0 (ص د 523)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "مَنْ سَبّحَ اللّهَ فِي دُبُرِ كُلّ صَلاَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، وَحَمِدَ اللّهَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، وَكَبّرَ اللّهَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ. وَقَالَ، تَمَامَ الْمِائَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ 0 ( م 597 )
عن أبي مالك عن أبيه :أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأتاه رجل فقال: يا رسول الله! كيف أقول إذا صليت، قال :"قل اللهم! اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني" ويجمع أصابعه إلا الإبهام "فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وأخرتك 0 ( م 594 )
عَن أم سلمة أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً 0 (ص هـ 925)
القنوت
يشرع القنوت جهراً فى الصلوات الخمس عند النوازل بعد الرفع من الركوع مع رفع اليدين أثناءه 0
ويشرع فى الوتر أحياناً قبل الركوع بدعاء وارد 0
قال الشيخ بكر أبو زيد ما ملخصه :(1/36)
إن التلحين والتطريب والتغني والتقعر والتمطيط في أداء الدعاء منكر وعظيم ، ينافي الضراعة والابتهال والعبودية ، و داعيةً إلي الرياء والإعجاب وتكثير جمع المعجبين ، فعلي الإمام أن يتجنب جلب أدعيه مخترعة لا أصل لها فيها إغراب في صياغتها وسجعها وتكلفها ، وأن يجتنب إلتزام أدعيه وردت في روايات لا تصح ، وأن يجتنب قصد السجع في الدعاء والبحث عن غرائب الأدعية ، وأن يجتنب التطويل لمل يشق علي المأمومين ، وليس من حق الإمام أن يراغم المأمومين و لا أن يضارهم بوقوف طويل يشق عليهم ويؤمنون معه علي دعاء مخترع .
أما دعاء القنوت المشروع في الوتر فهو : " اللهم اهدني فيمن هديت ..."
وأيضا " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك ، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت علي نفسك".(ص د 1427)
ويمكن سياف المرويات بصيغة الجمع ، فيقول " اللهم اهدنا فيمن هديت ...". أهـ بتصرف.
عن أنس قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً يدعو على رعل وزكوان.(خ1003)
عن أبي هريرة قال: قَنَتَ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال: "سمع اللّه لمن حمده" من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعلٍ وذكوان وعصية، ويؤمّن من خلفه 0 (ص د 1443)
عَن أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: قُلتُ لأَبِي: يَا أَبَتِ إِنَّكَ قَدْ صَلَّيتَ خَلْفَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَليِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ هَاهُنَا بِالكُوفَةِ، نَحْواً مِنْ خَمْسِ سِنينَ، أَكَانُوا يَقْنُتُونَ في الفجر؟ قَالَ: أَيْ بُني محْدَثُ 0 ( ص هـ 1241 )
وعند النسائي : يا بني إنها بدعة.
فالمواظبة على القنوت فى الصبح لغير نازلة محدث وبدعة عند: أبي حنيفة0(1/37)
يشرع القنوت فى الصلوات الخمس عند النوازل بعد الرفع من الركوع عند : محققي الأحناف والشافعي وأحمد والثوري وابن حزم والشوكاني.
ويشرع القنوت فى الوتر فى جميع السنة عند : أبي حنيفة وأحمد والثوري.
القنوت سنه مؤكده في الفجر يستحب المداومة عليه عند: مالك والشافعي يجوز فعله وتركه عند : الثوري والطبري وابن حزم وابن القيم.
ورفع الأيدي في القنوت عند: الجمهور وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق والشافعية في قول.
عن الحسنُ بن علي (رضي الله عنهما) : "علمني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهنّ في الوتر: اللهمّ اهدنيِ فيمنْ هَدَيْتَ وعَافِنِي فِيمَنْ عافَيْتَ وَتَوَلّنِي فِيمَنْ تَوَلّيْتَ وَبَارِكْ لِي فيمَا أعْطَيْتَ وَقِنِي شَرّ ما قضيْتَ إِنكَ تَقْضِي ولا يُقْضَى عليكَ ، وإنه لا يذِلّ من واليْتَ ، ولا يعز من عاديت ، تباركتَ ربّنا وتعاليْتَ0(ص د 1425)
تولني فيمن توليت : تولى أمري وأصلحه فيمن توليت أمرهم ولا تكلني إلى نفسي.
ثم يصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثبوت ذلك عن الصحابة 0
قال ابن حزم : مسألة 459: والقنوت فعل حسن ، بعد الرفع من الركوع فى آخر ركعة ، من كل صلاة فرض ، الصبح وغير الصبح ، وفى الوتر فمن تركه فلا شئ عليه في ذلك0
وإليك ما قاله الألباني في كتابه تلخيص صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - :
1. استقبال الكعبة
1- إذا قمت أيها المسلم إلي الصلاة ، فاستقبل الكعبة حيث كنت ، في الفرض والنفل ، وهو ركن من أركان الصلاة التي لا تصح الصلاة إلا بها.
2- ويسقط الإستقبال عن المحراب في صلاة الخوف والقتال الشديد .
? وعن العاجز عنه كالمريض ، أو من كان في السفينة أو السيارة ، أو الطيارة ، إذا خشي خروج الوقت .
? وعمن كان يصلي نافلة أو وترا ، وهو يسير راكبا دابة أو غيرها ، ويستحب له ـ إذا أمكن ـ أن يستقبل بها القبلة عند تكبيرة الإحرام ، ثم يتجه بها حيث كانت وجهته .(1/38)
3- ويجب علي كل من كان مشاهدا للكعبة أن يستقبل عينها ، وأما من كان غير مشاهد لها فيستقبل جهتها .
حكم الصلاة إلي غير الكعبة خطأ :
4- وإن صلي إلي غير القبلة لغيم أو غيره بعد الإجتهاد والتحري جازت صلاته ، ولا إعادة عليه .
5- وإذا جاءه من يثق به وهو يصلي فأخبره بجهتها فعليه أن يبادر إلي استقبالها ، وصلاته صحيحة .
2. القيام
6- ويجب عليه أن يصلي قائما ، وهو ركن إلا علي :
? المصلي صلاة الخوف والقتال الشديد ، فيجوز له أن يصلي راكبا . والمريض العاجز عن القيام ، فيصلي جالسا إن استطاع ، وإلا فعلي جنب . والمتنفل ، فله أن يصلي راكبا . أو قاعدا إن شاء . ويركع ويسجد إيماء برأسه . وكذلك المريض ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه .
7- ولا يجوز للمصلي جالسا أن يضع شيا علي الأرض مرفوعا يسجد عليه ، وإنما يجعل سجوده أخفض من ركوعه كما ذكرنا إذا كان لا يستطيع أن يباشر الأرض بجبهته .
الصلاة في السفينة والطائرة :
8- وتجوز صلاة الفريضة في السفينة . وكذا الطائرة .
9- وله أن يصلي فيهما قاعدا إذا خشي علي نفسه السقوط .
10- ويجوز أن يعتمد في قيامه علي عمود أو عصا لكبر سنه ، أو ضعف بدنه .
الجمع بين القيام والقعود :
11- ويجوز أن يصلي صلاة الليل قائما ، أو قاعدا بدون عذر ، وأن يجمع بينهما ، فيصلي ويقرأ جالسا ، وقبيل الركوع يقوم فيقرأ ما بقي عليه من الآيات قائما ، ثم يركع ويسجد ، ثم يصنع مثل ذلك في الركعة الثانية .
12- وإذا صلي قاعدا جلس متربعا ، أو أي جلسة أخري يستريح بها .
الصلاة في النعل:
13- ويجوز له أن يقف حافيا ، كما يجوز له أن يصلي متنعلا .
14- والأفضل أن يصلي تارة هكذا ، وتارة هكذا . حسبما تيسر له ، فلا يتكلف لبسهما للصلاة ولا خلعهما ، بل إن كان حافيا صلي حافيا ، وإن كان متنعلا صلي متنعلا ، إلا لأمر عارض .(1/39)
15- وإذا نزعهما فلا يضعهما عن يمينه . وإنما عن يساره ، وإذا لم يكن عن يساره أحد يصلي ، وإلا وضعهما بين رجليه (قلت: وفيه ايماء لطيف إلي أنه لا يضعهما أمامه . وهذا أدب اخل به جماهير المصلين ، فتراهم يصلون إلي نعالهم !) ، وبذلك صح الأمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الصلاة علي المنبر:
16- وتجوز الصلاة الإمام علي مكان مرتفع كالمنبر لتعليم الناس ، يقوم عليه فيكبر ويقرأ ويركع وهو عليه ، ثم ينزل القهقري حتي يتمكن من السجود علي الأرض في أصل المنبر ، ثم يعود اليه . فيصنع في الركعة الأخري كما صنع في الاولي .
وجوب الصلاة إلي سترة والدنو منها:
17- ويجب أن يصلي إلي سترة ، لافرق في ذلك بين المسجد وغيره ، ولا بين كبيره وصغيره لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تصل إلا إلي سترة ، ولا تدع أحد يمر بين يديك ، فإن أبي فلتقاتله فإن معه القرين " . يعني الشيطان .
18- ويحب الدنو منها ،لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك . 19- وكان بين موضع سجوده - صلى الله عليه وسلم - والجدار الذي يصلي اليه نحو ممر شاة ، فمن فعل ذلك فقد أتي بالدنو الواجب .
قلت : ونه نعلم أن ما يفعله الناس في كل المساجد التي رأيتها في سورية وغيرها من الصلاة وسط المسجد بعيدا عن الجدار أو السارية ، ما هو إلا غفلة عن أمره - صلى الله عليه وسلم - وفعله .
مقدار ارتفاع السترة :
ويجب أن تكون السترة مرتفعة عن الأرض نحو شبر أو شبرين لقوله - صلى الله عليه وسلم - :" إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ، ولا يبالي من وراء ذلك ".
مؤخرة : هي العود الذي في آخر الرحل.
الرحل : وهو للجمل بمنزلة السرج للفرس .
وفي الحديث إشارة إلي أ الخط علي الأرض لا يجزي ، والحديث المروي فيه ضعيف .
21- ويتوجه إلي السترة مباشرة ، لأنه الظاهر من الأمر بالصلاة إلي السترة ، وأما التحول عنها يمينا أو يسارا بحيث لا يصمد إليها صمدا ، فلم يثبت .(1/40)
22- وتجوز الصلاة إلي العصا المغروزة في الأرض أو نحوها ، وإلي شجرة أو أسطوانة ، وإلي امرأته مضجعة علي سرير . وهي تحت لحافها ، وإلي الدابة ولو كانت جملا .
تحريم الصلاة إلي القبور :
32- ولا تجوز الصلاة إلي القبور مطلقا سواء كانت قبورا لأنبياء أو غيرهم.
تحريم المرور بين يدي المصلي ولو في المسجد الحرام :
24- ولا يجوز المرور بين يدي المصلي إذا كان بين يديه سترة .
ولا فرق في ذلك بين المسجد الحرام وغيره من المساجد . فكلها سواء قي عدم الجواز ، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين ، خيرا له من أن يمر بين يديه " . يعني المرور بينه وبين موضع سجوده .
وأما حديث صلاته - صلى الله عليه وسلم - في حاشية المطاف دون سترة والناس يمرون بين يديه فلا يصح ، علي أنه ليس فيه أن المرور كان بينه وبين سجوده .
وجوب منع المصلي للمار بين يديه ولو في المسجد الحرام :
25- ولا يجوز للمصلي إلي سترة أن يدع أحدا يمر بين يديه . للحديث السابق : " ولا تدع أحدا يمر بين يديك ... " وقوله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا صلي أحدكم إلي شئ يستره من الناس ، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره ، وليدرأ ما استطاع ،(وفي رواية : فليمنعه مرتين )، فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان ".
المشي إلي الأمام لمنع المرور :
26- ويجوز أن يتقدم خطوة أو أكثر ليمنع غير مكلف من المرور بين يديه كدابة أو طفل ، حتى يمر من ورائه .
ما يقطع الصلاة :
27- وأن من أهمية السترة في الصلاة ، أنها تحول بين المصلي إليها ، وبين إفساد صلاته بالمرور بين يديه ، بخلاف الذي لم يتخذها ، فإنه يقطع صلاته إذا مرت بين يديه المرأة البالغة ، وكذلك الحمار ، والكلب الأسود .
3. النية(1/41)
28- ولابد للمصلي من أن ينوي الصلاة التي قام إليها وتعيينها بقلبه ، كفرض الظهر أو العصر ، أو سنتهما مثلا ، وهو شرط أو ركن . وأما التلفظ بها بلسانه فبدعة مخالفة للسنة ، ولم يقل بها أحد من متبوعي المقلدين من الأئمة .
4. التكبير
29- ثم يستفتح الصلاة بقوله : " الله أكبر " وهو ركن ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم " .
أي وتحريم ما حرم الله من الأفعال ، وكذا تحليلها ، أي تحليل ما احل خارجها من الأفعال ، والمراد بالتحريم والتحليل المحرم والمحلل .
30- ولا يرفع صوته بالتكبير في كل الصلوات ، إلا إذا كان إماما .
31- ويجوز تبليغ المؤذن تكبير الإمام إلى الناس ، إذا وجد المقتضي لذلك ، كمرض الإمام ، وضعف صوته أو كثرة المصلين خلفه .
32- ولا يكبر المأموم إلا عقب انتهاء الغمام من التكبير .
رفع اليدين وكيفيته :
33- ويرفع يديه مع التكبير ، أو قبله ، أو بعده ، كل ذلك ثابت في السنة .
34- ويرفعهما ممدودتا الأصابع .
35- ويجعل كفيه حذو منكبيه ، وأحيانا يبالغ في رفعهما حتى يحاذي بهما أطراف أذنيه.
قلت : وأما مس شحمتي الأذنين بإبهاميه ، فلا أصل له في السنة ، بل هو عندي من دواعي لوسوسة.
وضع اليدين وكيفيته :
36- ثم يضع يديه اليمني علي اليسري عقب التكبير ، وهو من سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، فلا يجوز إسدالهما .
37- ويضع اليمني علي ظهر كفه اليسري ، وعلي الرسغ والساعد .
38- وتارة يقبض باليمني علي اليسرى .
وأما ما استحسنه بعض المتأخرين من الجمع بين الوضع والقبض في آن واحد فمما لا اصل له .
محل الوضع :
39- ويضعهما علي صدره فقط ، الرجل والمرأة في ذلك سواء .
قلت : ووضعهما علي غير الصدر إما ضعيف ، وإما لا اصل له .
40- ولا يجوز أن يضع يده اليمني علي خاصرته .
الخشوع والنظر إلى موضع السجود :(1/42)
41- وعليه ان يخشع في صلاته ، وان يتجنب كل ما قد يلهيه عنه من زخارف ونقوش ، فلا يصلي بحضرة طعام يشتهيه ، ولا وهو يدافعه البول والغائط .
42- وينظر في قيامة إلي موضع سجوده .
43- ولا يلتفت يمينا ولا يسارا ، فإن الالتفات اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد .
44- ولا يجوز أن يرفع بصره إلي السماء .
دعاء الاستفتاح :
45- ثم يستفتح القراءة بعض الأدعية الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي كثيرة أشهرها : " سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالي جدك ، ولا إله غيرك".
وقد ثبت الأمر به فينبغي المحافظة عليه .
5. القراءة
46- ثم يستعيذ بالله تعالى وجوبا ويأثم بتركه .
47- والسنة أن يقول تارة : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، من همزه ، ونفخه ، ونفثه " .
والنفث : هو الشعر المذموم .
48- وتارة يقول : " أعوذ بالله السميع العليم ، من الشيطان ... " الخ .
49- ثم يقول سرا في الجهرية والسرية : " بسم الله الرحمن الرحيم " .
قراءة الفاتحة :
50- ثم يقرأ سورة (الفاتحة) بتمامها- والبسملة منها ، وهي ركن لا تصح الصلاة إلا بها ، فيجب علي الأعاجم حفظها .
51- فمن لم يستطع أجزأه أن يقول : " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله " .
52- والسنة في قراءتها أن يقطعها آية آية ، يقف علي رأس كل آية ، فيقول (بسم الله الرحمن الرحيم) ثم يقف ، ثم يقول : (الحمد الله رب العالمين) ، ثم يقف ، ثم يقول : (مالك يوم الدين) ، ثم يقف ، وهكذا إلي آخرها .
وهكذا كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها ، يقف علي رؤوس الآي ، ولا يصلها بما بعدها ، و إن كانت متعلقة المعني بها .
53- ويجوز قراءتها (مالك) و (ملك) .
قراءة المقتدي لها:
54- ويجب علي المقتدي أن يقرأها وراء الإمام في السرية.(1/43)
وفي الجهرية أيضا إن لم يسمع قراءة الإمام ، أو سكت هذا بعد فراغه منها سكتة ليتمكن فيها المقتدي من قراءتها ، وإن كنا نري أن هذا السكوت لم يثبت في السنة .
قلت : وقد ذكرت مستند من ذهب إليه ، وما يرد عليه في سلسلة " الأحاديث الضعيفة " رقم (546 و 547) .
القراءة بعد الفاتحة :
55- ويسن أن يقرأ بعد الفاتحة ، سورة أخري ، حتى في صلاة الجنازة ، أو بعض الآيات في الركعتين الأوليين .
56- ويطيل القراءة بعدها أحيانا ، ويقصرها أحيانا ، لعارض سفر ، أو سعال ، أو مرض ، أو بكاء صبي .
57- وتختلف القراءة باختلاف الصلوات ، فالقراءة في صلاة الفجر أطول منها في سائر الصلوات الخمس ، ثم الظهر ، ثم العصر والعشاء ، ثم المغرب غالبا.
58- والقراءة في صلاة الليل أطول من ذلك كله .
59- والسنة إطالة القراءة في الركعة الأولي أكثر من الثانية .
60- وأن يجعل القراءة في الأخريين أقصر من الأوليين ، قدر النصف .
قراءة الفاتحة في كل ركعة :
61- وتجب قراءة الفاتحة في كل ركعة .
62- ويسن الزيادة عليها في الركعتين الأخيرتين أيضا أحيانا .
63- ولا تجوز إطالة الإمام للقراءة بأكثر مما جاء في السنة ، فانه يشق بذلك علي من قد يكون وراءه من رجل كبير في السن ، أو مريض ، أو امرأة لها رضيع ، أو ذي الحاجة .
الجهر والإسرار بالقراءة:
64- ويجهر بالقراءة في صلاة الصبح ، والجمعة ، والعيدين ، والاستسقاء ، والكسوف ، و الأوليين من صلاة المغرب والعشاء .
65- ويجوز لإمام أن يسمعهم الآية أحيانا في الصلاة السرية .
66- وأما الوتر وصلاة الليل ، قيسر فيها تارة ، ويجهر تارة ، ويتوسط في رفع الصوت .
ترتيل القرآن :
67- والسنة أن يرتل القرآن ترتيلا ، لا هذَا ًولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفا حرفا ، ويزين القرآن بصوته ، ويتغني به في حدود الأحكام المعروفة عند أهل العلم بالتجويد ، ولا يتغني به علي الألحان المبتدعة ، ولا علي القوانين الموسيقية .(1/44)
الفتح علي الإمام :
68- ويشرع للمقتدي أن يتقصد الفتح علي الإمام إذا ارتج عليه في القراءة .
6. الركوع
69- فإذا فرغ من القراءة سكت سكتة لطيفة بمقدار ما يتراد إليه نفسه .
70- ثم يرفع يديه علي الوجوه المتقدمة في تكبيرة الإحرام .
71- ويكبر ، وهو واجب .
72- ثم يركع ، بمقدار ما تستقر مفاصله ، ويأخذ كل عضو مأخذه ، وهذا ركن .
كيفية الركوع :
73- ويضع يديه علي ركبتيه ، ويمكنهما من ركبتيه ، ويفرج بين أصابعه ، كأنه قابض علي ركبتيه ، وهذا كله واجب .
74- ويمد ظهره ويبسطه ، حتي لوصب عليه الماء لاستقر ، وهو واجب .
75- ولا يخفض رأسه ، ولا يرفعه ، ولكن يجعله مساويا لظهره .
76- ويباعد مرفقيه عن جنبيه .
77- ويقول في ركوعه : " سبحان ربي العظيم "ثلاث مرات أو أكثر .
تسوية الأركان :
78- و من السنة أن يسوي بين الأركان في الطول ،فيجعل ركوعه وقيامه بعد الركوع ، وسجوده . وجلسته بين السجدتين قريبا من السواء .
79- ولا يجوز أن يقرأ القرآن في الركوع ولا في السجود .
الاعتدال من الركوع :
80- ثم يرفع صلبه من الركوع ، وهذا ركن .
81- ويقول في أثناء الاعتدال : سمع الله لمن حمده ، وهذا واجب .
82- ويرفع يديه عند الاعتدال علي الوجوه المتقدمة .
83- ثم يقوم معتدلا مطمئنا حتى يأخذ كل عظم مأخذه ، وهذا ركن .
84- ويقول في هذا القيام : "ربنا ولك الحمد " وهذا واجب على كل مصل ولو كان مؤتما فانه ورد القيام ، أما التسميع فورد الاعتدال.
ولا يشرع وضع اليدين إحداهما علي الأخرى في هذا القيام لعدم وروده .
85- ويسوي بين هذا القيام والركوع في الطول كما تقدم .
السجود
86- ثم يقول : " الله أكبر" وجوبا .
87- ويرفع يديه ، أحيانا .
الخرور علي اليدين :(1/45)
88- ثم يخر إلي السجود علي يديه ، ويضعهما قبل ركبتيه ، بهذا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الثابت عنه من فعله - صلى الله عليه وسلم - ، ونهي عن التشبه ببروك البعير ، وهو إنما يخر علي ركبتيه اللتين هما في مقدمتيه .
89- فإذا سجد _ وهو ركن _ اعتمد علي كفيه وبسطهما .
90- ويضم أصابعهما.
91- ويوجهها إلي القبلة .
92- ويجعل كفيه حذو منكبيه .
93- وتارة يجعلهما حذو أذنيه .
94- ويرفع ذراعيه عن الأرض ، وجوبا ، ولا يبسطهما بسط الكلب .
95- ويمكن أنفه وجبهته من الأرض ، وهذا ركن .
96- ويمكن أيضا ركبتيه .
97- وكذا أطراف قدميه .
98- وينصبهما ، وهذا كله واجب .
99- ويستقبل بأطراف أصابعهما القبلة .
100- ويرص عقبيه .
الاعتدال في السجود :
101- ويجب عليه أن يعتدل في سجوده ، وذلك بأن يعتمد فيه اعتمادا متساويا علي جميع أعضاء سجوده ، وهي : الجبهة والأنف معا ، والكفان ، والركبتان ، وأطراف القدمين .
102- ومن اعتدل في سجوده هكذا فقد اطمأن يقينا ، والاطمئنان في السجود ركن أيضا .
103- ويقول فيه : "سبحان ربي الأعلى " ثلاث مرات أو أكثر .
104- ويستحب أن يكثر الدعاء فيه ، فإنه مظنة الإجابة .
105- ويجعل سجوده قريبا من ركوعه في الطول كما تقدم .
106- ويجوز السجود علي الأرض ، وعلي حائل بينها وبين الجبهة ، من ثوب ، أو بساط ، أو حصير ، أو نحوه .
107- ولا يجوز أن يقرأ القرآن وهو ساجد .
الإفتراش والإقعاء بين السجدتين :
108- ثم يرفع رأسه مكبرا ، وهذا واجب .
109- ويرفع يده أحيانا .
110- ثم يجلس مطمئنا حتى يرجع كل عظم إلي موضعه ، وهو ركن .
111- ويفرش رجله اليسرى فيقعد عليها ، وهذا واجب .
112- وينصب رجله اليمني .
113- وستقبل بأصابعها القبلة .
114- ويجوز الإقعاء أحيانا ، وهو أن ينتصب علي عقبيه وصدور قدميه .
115- ويقول في هذه الجلسة : " اللهم اغفر لي ، ورحمني ، أجبرني ، وارفعني ، وعافني ، وارزقني ".(1/46)
116- وإن شاء قال : " رب اغفر لي ، رب اغفر لي ".
117- ويطيل هذه الجلسة حتي تكون قريبا من سجدته .
السجدة الثانية :
118- ثم يكبر وجوبا .
119- ويرفع يديه مع هذا التكبير أحيانا .
120- ويسجد السجدة الثانية ، وهي ركن أيضا .
121- ويصنع فيها ما صنع في الأولي .
جلسة الاستراحة :
122- فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية ، وأراد النهوض إلي الركعة الثانية كبر وجوبا .
123- ويرفع يديه أحيانا .
124- ويستوي قبل أن ينهض قاعدا علي رجله اليسرى ، معتدلا ، حتى يرجع كل عظم إلي موضعه.
125- ثم ينهض معتمدا علي الأرض بيديه المقبوضتين كما يقبضهما العاجن إلي الركعة الثانية ، وهي ركن .
126- ويصنع فيها ما صنع في الأولي .
127- إلا أنه لا يقرأ فيها دعاء الاستفتاح .
128- ويجعلها أقصر من الركعة الأولي .
الجلوس للتشهد :
129- فإذا فرغ من الركعة الثانية قعد للتشهد ، وهو واجب .
130- ويجلس مفترشا كما سبق بين السجدتين .
131- لكن لا يجوز الإقعاء هنا .
132- ويضع كفه اليمني علي فخده وركبته اليمني ، ونهاية مرفقيه الأيمن علي فخده لا يبعده عنه .
133- ويبسط كفه اليسرى علي فخده وركبته اليسرى .
134- ولا يجوز أن يجلس معتمدا علي يده . وخصوصا اليسرى .
تحريك الإصبع والنظر إليها :
135- ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها . ويضع إبهامه علي إصبعه الوسطى تارة .
136- وتارة يحلق بهما حلقة .
137- ويشير بإصبعه السبابة إلي القبلة .
138- ويرمي ببصره إليها .
139- ويحركها ويدعو بها من أول التشهد إلي آخره .
140- ولا يشير بإصبع يده اليسرى .
141- ويفعل هذا كله في كل تشهد .
صيغة التشهد والدعاء بعده :
142- والتشهد واجب ، إذا نسيه سجد سجدتي السهو .
143- ويقرؤه سرا .
144- وصيغته : " التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام علي النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " .(1/47)
145- ويصلي بعده علي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول :
" اللهم صل علي محمد ، وعلي آل محمد ، كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .
اللهم بارك علي محمد ، وعلي آل محمد ، كما باركت علي إبراهيم ، وعلي آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .
146- وإن شئت الاختصار قلت :
" اللهم صل علي محمد ، وعلي آل محمد ، وبارك علي محمد ، وعلي آل محمد ، وعلي آل محمد ، كما صليت وباركت علي إبراهيم ، وعلي آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .
147- ثم يتخير في هذا التشهد من الدعاء الوارد أعجبه إليه ، فيدعو الله به.
الركعة الثالثة و الرابعة :
148- ثم يكبر وجوبا ، والسنة أن يكبر وهو جالس .
149- ويرفع يديه أحيانا .
150- ثم ينهض إلي الركعة الثالثة ، وهي ركن كالتي بعدها .
151- وكذلك يفعل إذا أراد القيام إلي الركعة الرابعة .
152- ولكنه قبل أن ينهض يستوي قاعدا علي رجله اليسرى معتدلا حتى يرجع كل عظم إلي موضعه .
153- ثم يقوم معتمدا علي يديه كما فعل في قيامه إلي الركعة الثانية .
154- ثم يقرأ في كل من الثالثة والرابعة سورة ( الفاتحة ) وجوبا .
155- ويضيف اليها آية أو أكثر أحيانا .
القنوت للنازلة ومحله :
156- ويسن له أن يقنت ويدعو للمسلمين لنازلة نزلت بهم .
157- ومحله إذا قام بعد الركوع : " ربنا لك الحمد " .
158- وليس له دعاء راتب ، وإنما يدعو فيه بما يتناسب مع النازلة .
159- ويرفع يديه في هذا الدعاء .
160- ويجهر به إن كان إماما .
161- ويؤمن عليه من خلفه .
162- فإذا فرغ ، كبر وسجد .
قنوت الوتر ومحله وصيغته :
163- وأما القنوت في الوتر فيشرع أحيانا .
164- ومحله قبل الركوع خلافا لقنوت النازلة .
165- ويدعوا فيه بما يأتي :(1/48)
" اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضي عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولا منجا منك إلا إليك ".
166- وهذا الدعاء من تعليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا يزاد عليه ، إلا الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - فتجوز لثبوتها عن الصحابة رضي الله عنهم .
167- ثم يركع ويسجد السجدتين ، كما تقدم .
التشهد الأخير والتورك :
168- ثم يقعد للتشهد الأخير ، وكلاهما واجب .
169- ويصنع فيه ما صنع في التشهد الأول .
170- إلا أنه يجلس فيه متوركا ، يفضي بوركه اليسرى إلي الأرض ، ويخرج قدميه من ناحية واحدة ، ويجعل اليسرى تحت ساقه اليمنى .
171- وينصب قدمه اليمنى .
172- ويجوز فرشها أحيانا .
173- ويلقم كفه اليسرى ركبته ، يعتمد عليها .
وجوب الصلاة علي النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعوذ من الأربع :
174- ويجب عليه في هذا التشهد الصلاة علي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد ذكرنا في التشهد الأول بعض صيغها.
175- وأن يستعيذ بالله من أربع يقول : " اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال ".
فتنة المحيا : ما يعرض للإنسان في حياته من الافتتان بالدنيا وشهوتها .
فتنة الممات : فتنة القبر وسؤال الملكين .
فتنة المسيح الدجال : ما يظهر علي يديه من الخوارق التي يضل بها كثير من الناس ويتبعونه علي دعواه الألوهية .
الدعاء قبل السلام :
176- ثم يدعو لنفسه بما بدا له مما ثبت في الكتب و السنة ، وهو كثير طيب ، فإن لم يكن عنده شئ منه ، دعا بما تيسر له مما ينفعه في دينه أو دنياه .
التسليم وأنواعه :
177- ثم يسلم عن يمينه ، وهو ركن ، حتى يرى بياض خده الأيمن .
178- وعن يساره حتى يري بياض خده الأيسر ، ولو في صلاة الجنازة .(1/49)
179- ويرفع الإمام صوته بالسلام إلا في صلاة الجنازة .
180- وهو علي وجوه :
الأول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، عن يمينه . السلام عليكم ورحمة الله ، عن يساره .
الثاني : مثله ، دون قوله : " وبركاته " .
الثالث : السلام عليكم ورحمة الله ، عن يمينه . السلام عليكم ، عن يساره .
الرابع : يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه ، يميل به إلي اليمين قليلا . أهـ(1/50)
الباب السابع
مبطلات الصلاة(1/1)
الباب السابع
مبطلات الصلاة
1- الكلام عمداً فى غير مصلحة الصلاة 0
عن زيدِ بنِ أرقمَ قال: كُنّا نتكلّمُ خلفَ رسولِ الله ( في الصلاةِ، يكلّم الرجلُ مِنّا صاحبَه إلى جنبِهِ حتى نزلتْ {وقوموا لله قانتينَ} فأُمْرنا بالسكوتِ ونُهينا عن الكلام 0 (م539 )
الحديث يدل على تحريم الكلام فى الصلاة وأن من تكلم فى صلاته عامداً عالماً فسدت صلاته0
القنوت : السكوت
كلام الجاهل يبطل الصلاة عند: الجمهور وأبي حنيفة والحنابلة والثوري وابن المبارك والنخعي والهادوية.
الكلام لإصلاح الصلاة يبطل الصلاة عند: الأحناف وأحمد وابن حزم.
رد السلام يبطل الصلاة عند: الجمهور والأربعة وابن حزم .
حمد العاطس يبطل الصلاة عند: أبي حنيفة .
تشميت العاطس يبطل الصلاة عند: الأحناف والمالكية وابن حزم .
التنحنح لغير ضرورة يبطل الصلاة عند: أبي حنيفة والشافعية والحنابلة ومحمد والهادوية .
الأنين (آه) والتأفف (أف) والتأوه (أوه) يبطل الصلاة عند: الأحناف والشافعية وأحمد.
الضحك يبطل الصلاة عند: الجمهور ونقل ابن المنذر الإجماع.
وبغير الوارد يبطل الصلاة عند: الأحناف والحنابلة.
2- الأكل والشرب عمداً
الأكل والشرب عمداً يبطل الصلاة بالاتفاق 0
ما يذوب كالسكر فابتلاعه يبطل الصلاة اتفاقاً.
قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على من أكل أو شرب فى صلاة الفرض عامداً أن عليه الإعادة ، وكذا فى صلاة التطوع عند: الجمهور
3- العمل الكثير
وهو ما يكون بحيث لو رآه إنسان من بعد تيقن أنه ليس فى الصلاة وتجوز الإشارة برد السلام وخلع النعل ورفع العمامة ووضعها وحمل صغير ووضعه ودفع مار وأشباه ذلك مثل قتل العقرب والحية والمشي اليسير
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه (: "اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب"0(ص د 921)
عن عائشة قالت: كان النبي ( يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فمشى حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه، وصفت أن الباب في القبلة.(ص د922)(1/1)
والحديث يدل على إباحة المشي فى صلاة التطوع للحاجة0
عن أبي قتادة الأنصاري؛ قال: رأيت النبي ( يؤم الناس وأمامه بنت أبي العاص وهي ابنة زينب بنت النبي ( على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها. ( خ 5996 )
قال عمر بن سليم إنها صلاة الصبح
عن ابنِ عمرَ قال: قلتُ لبلالٍ كيفَ كان النّبيّ ( يردّ عليهم حينَ كانوا يسلّمون عليهِ وهُو في الصلاةِ ؟ قال: كان يشيرُ بِيدهِ . (ص هـ 1017)
4- ترك فرض من فروض الصلاة عمداً
يبطلها اتفاقاً مثل ترك : تكبيرة الإحرام أو الفاتحة أو الركوع أو الاعتدال منه أو السجود أو الاعتدال أو التشهد الأخير أو السلام أو الطمأنينة لصلاة الأعرابي الذي لم يحسن صلاته 0
5- زيادة ركن عمداً
زيادة ركن عمداً يبطل الصلاة إجماعاً وكذلك تقديم بعض الأركان على بعض عمداً 0
6- فقد شرط من شروط الصلاة
فقد شرط من شروط الصلاة ، كمن تحول عن القبلة عمداً أو نسياناً أو صلى متيمماً ثم قدر على استعمال الماء أو صلى عرياناً ثم قدر على الساتر الطاهر أو حصل مبطل للطهارة أو صلى على غير طهارة عمداً كان ذلك أو نسيانا 0
7- فقد شرط من شروط الجماعة وهي قسمان :
أ- ما يتعلق بالإمام وهي :الإسلام والعقل والبلوغ والذكورة والقراءة وسلامة الإمام من الأعذار.
ب- ما يتعلق بالمأموم وهي : نية الاقتداء وعدم تقدمه على الإمام وعلمه بانتقالات الإمام برؤية أو سماع ومتابعته وعلمه بحال إمامه من سفر أو إقامة وألا يكون أسبق من إمامه فسبق المأموم إمامه بركن عمداً يبطل الصلاة والاقتداء بما لا يقتدي به لكفره أو غيره واستخلاف من لا يصلح إماما0
8- فقد العقل
فقد العقل بالإغماء والجنون يبطل الصلاة
9- اللحن الجلي
الذي يحيل المعني في قراءة الفاتحة يبطل الصلاة.
10- القراءة فى المصحف
القراءة فى المصحف تبطل الصلاة عند: أبي حنيفة وأحمد فى رواية وابن حزم.(1/2)
ولا تبطل الصلاة عند :الشافعي والمالكية وأحمد في رواية وأبي يوسف ومحمد .
11- الدعاء بملاذ الدنيا
يبطل الصلاة عند: الأحناف والحنابلة والهادوية.
مكروهات الصلاة
يكره ترك سنة من سنن الصلاة ، ويكره أيضاً :
1- التخصر فى الصلاة : أي وضع اليدين على الخاصرة ، وهي وسط الرجل.
عن أبي هُرَيْرَةَ أنّ النبيّ ( نهى أن يصليَ الرجلُ مختصِراً( خ1219)
والعلة فى النهى أنه ينافي الخشوع .
فيكره التخصر فى الصلاة عند: الأربعة والجمهور والنخعي والأوزاعي
2- رفع البصر إلى السماء:
عن أبي هريرة: أن رسول الله ( قال: "لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم إلى السماء فى الصلاة أو لا ترجع إليهم" . ( م 429 )
لتخطفن أبصارهم: الخطف هو السلب والأخذ بسرعة، وخطف البصر هو العمى.
فيكره رفع البصر إلى السماء عند: الأربعة
3- فرقعة الأصابع فى الصلاة وفى المسجد:
يكره فرقعة الأصابع فى الصلاة وفى المسجد عند: الأربعة
4- تشبيك الأصابع:
عن أبي سعيد عن النبي (: إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان،وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه0(ص حم 3/43)
الحديث يدل على كراهة التشبيك سواء فى الصلاة أو قبلها
تشبيك الأصابع مكروه عند: الأربعة
5- الالتفات بوجهه عن القبلة لغير عذر:
عن عائشة قالت: سألت رسول الله ( عن الالتفات في الصلاة ؟ فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد".( خ 751 )
فالالتفات مكروه عند: الأربعة
6- اشتمال الصماء :
وهو الاندراج فى الثوب بلا إخراج يد منه 0
7- والاحتباء
هو أن يعتمد المصلي على إليتيه ناصباً ساقيه ملتفاً بثوبه 0
عَنْ أبي هُرَيرَةَ: أنّ النبي ( نَهَى عن لِبْسَتَيْنِ: الصّمَاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرّجُلُ بثوبه لَيْسَ على فَرْجِهِ مِنْهُ شَيءٌ 0 ( خ 5822 )
فاشتمال الصماء يكره عند: الأربعة والجمهور.
8- الصلاة بحضرة الطعام(1/3)
عن عائشة، عن النبي ( أنه قال: "إذا وضع العشاء ، وأقيمت الصلاة ، فابدؤوا بالعشاء"0( خ 671 )
9- الصلاة مع مدافعة الأخبثين ونحوهما مما يشغل القلب
عن عائشة تقول: سمعت رسول الله ( يقول: "لا يصلي أحد بحضرة الطعام ولا يدافعه الأخبثان".( م 560)
فتكره الصلاة مع مدافعة الأخبثين عند: الأربعة .
10- النظر إلى ما يلهي
عن أنس: كان قرام لعائشة ، سترت به جانب بيتها، فقال النبي (: "أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي".
( خ 5959 )
فالنظر إلى ما يلهي مكروه عند: الأحناف والمالكية والحنابلة.
11- تغميض العينين
تغميض العينين مكروه عند : الأربعة
12 ، 13-تغطية الفم والسدل :
عن أبي هريرة أن رسول اللّه ( نهى عن السَّدْلِ في الصلاة، وأن يُغَطِّيَ الرجلُ فاه .(ص د 643)
السدل : وهو الإسبال وهو إرسال الثوب حتى يصيب الأرض ، وهذا فى حال الصلاة أما فى غير الصلاة فمحرم لما فيه من الخيلاء 0
فتغطية الفم والسدل مكروهان عند: الأحناف والشافعية والحنابلة 0
14-كفت الشعر والثوب
عن ابن عباس : أمر النبي ( أن يسجد على سبعة أعضاء ، ولا يكف شعرا ولا ثوبا0( خ 810 )
وتشمير الكمين من كف الثوب
فكف الشعر والثوب مكروه عند: الأحناف والشافعية والحنابلة.
15- عقص الشعر :
أي جمعه على رأسه وشده بنحو خيط أو غيره أو ضفره وفتله0
عن أم سلمة أن النبي ( نهى أن يصلي الرجل ورأسه معقوص.
(حم 6/391 ص ج 6702 )
والحكمة أن الشعر يسجد معه إذا سجد وفيه امتهان له فى العبادة0
فعقص الشعر مكروه عند: الأحناف والشافعي وأحمد.
16- الإقعاء
وهو وضع يديه وأليتيه على الأرض ونصب ساقيه وفخذيه ، وهذا هو الإقعاء غير المشروع.
عن أبي هريرة قال : نهاني النبي ( عن ثلاث عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب وإلتفات كإلتفات الثعلب.
(حم 3/444 ص صفة صلاة النبي ص 138 )
فالإقعاء مكروه عند: الأحناف والمالكية والحنابلة.
17- افتراش الذراعين حال السجود(1/4)
عن أنس قال: قال رسول الله (: "اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب". ( خ 822 )
فالافتراش مكروه عند: الأحناف والشافعية والحنابلة .
18-مسح الحصى وتسويته
عن مُعَيْقيب أن النبي ( قال: "لا تمسح الحصى وأنت تصلي، فإن كنتَ لا بد فاعلاً فواحدة تسوية الحصى"0( خ 1207 )
فتسوية الحصى مكروه عند: الأحناف والحنابلة .
19- التزام مكان خاص من المسجد للصلاة فيه غير الإمام
عبد الرحمن بن شبل قال: أن رسول الله ( نهى عن ثلاث عن نقرة الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المقام للصلاة كما يوطن البعير.
(خز 662 ح ص ج6982)
فالتزام مكان خاص بالمسجد مكروه عند: الأحناف والشافعية.
21- لصق القدمين حال القيام
مكروه عند: المالكية والشافعية
22- الإضطباع :
وهو جعل الثوب تحت إبطيه الأيمن وطرح طرفه على كتفه الأيسر ، لأن ستر المنكبين مستحب فى الصلاة فيكره تركه0
عن أبي هريرة أن رسول الله ( قال: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء"0( خ 359 )
فالاضطباع مكروه عند: المالكية والشافعية والجمهور، ويبطل الصلاة عند: أحمد وابن حزم
23- مسح الجبهة من أثر السجود
عَن ابن مسعود قال : "إن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته، قبل الفراغ من صلاته"0(ص غليل 382 )
فمسح الجبهة مكروه عند: الأحناف والحنابلة
24- الإشارة باليدين عند السلام
عن جابر بن سمرة قال: كنا نصلي خلف النبي ( فنسلم بأيدينا فقال: " ما بال هؤلاء يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس أما يكفي أحدهم أن يضع يده على فخذه ثم يقول السلام عليكم". ( م 431 )
شمس : النفور من الدواب
فالإشارة مكروهة عند: الأحناف.
25- الصلاة عند مغالبة النوم
عن عائشة: أن رسول الله ( قال: "إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه".(خ212)
فالصلاة عند مغالبة النوم مكروهة عند: الشافعية.
26- التنخم(1/5)
عن أنس: أن النبي ( : "إن أحدكم إذا قام في صلاته، فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدميه". ثم أخذ طرف ردائه، فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض، فقال: "أو يفعل هكذا"0( خ 405 )
27- الاعتماد على اليدين حال الجلوس لغير الحاجة
عن ابنِ عُمَرَ قال: نَهَى رسولُ الله ( أنْ يَجْلِسَ الرّجُلُ في الصّلاَةِ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِهِ. وقال: "إنها صلاة اليهود"0( حم 2/147 ص ج 6822 )
مكروه عند: الحنابلة
28- القراءة فى الركوع والسجود
عن ابنِ عَبّاسٍ: أنّ النّبيّ ( قال: "ألا وَإنّي نُهِيتُ أنْ أقْرَأَ رَاكِعَاً أوْ سَاجِداً، فأمّا الرّكُوعُ فَعَظمُوا الرّبّ فِيهِ، وَأمّا السّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدّعَاءِ فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُم"0(م 479)
مكروه عند: الجمهور.
29- التثاؤب :
التثاؤب من التكاسل.
عن أبي هريرة :عن النبي ( قال: "التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: ها ضحك منه الشيطان"0
( خ 6226 )
مكروه عند: الأحناف.(1/6)
الباب الثامن
صلاة التطوع(1/1)
الباب الثامن
صلاة التطوع
شرع التطوع لتكفير الذنوب والسيئات ورفع الدرجات وترغيم الشيطان وقطع طمعيته فى منع الإنسان من تأدية الفرائض على الوجه الأكمل ، وشرع أيضاً ليكون جبراً لما عسي أن يكون قد وقع فى الفرائض من نقص 0
ويصح التطوع من جلوس مع القدرة على القيام ، ويصح بعضه من قعود وبعضه من قيام سواء تقدم قيام أو تأخر ،كل ذلك جائز من غير كراهة 0
ووقت الرواتب القبلية من دخول وقت الصلاة إلى تأديتها0
ووقت الرواتب البعدية من تأديت الصلاة إلي خروج وقتها.
ويجوز قضاء الرواتب إذا فاتت عند : الشافعية والحنابلة والأوزاعي
ويستحب تأدية النفل المطلق فى البيت اتفاقاً وكذا الرواتب عند: الجمهور.
عن أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَوْمَ القِيَامةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَريضَةٍ شَيئاً قَالَ الرَبُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: انْظُرُوا هَلْ لعبديِّ من تَطَوعٍ فَيُكمِلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائرُ عَمَلِّهِ عَلَى ذَلِكَ"0 (ص ت 411)
ما انتقص من السنن والخشوع والأذكار والأدعية 0
عن عمران بن حصين، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل قاعدا، فقال: "إن صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد".( خ 1115 )
عن زيد بن ثابت قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : "إن أفضل الصلاة صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة"0( خ 1731 )
عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً .( خ 1187 )
سنة الفجر
سنة مؤكدة عند: الأربعة .(1/1)
ويسن تخفيفها ، ويستحب القراءة بالوارد ويجوز الاقتصار على الفاتحة ، ويسن الاضطجاع بعدها فى البيت لا فى المسجد ، وسنة الفجر تقضي ولو بعد طلوع الشمس ، وهي قبل صلاة الصبح سواء أكان قبل طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس ، أما إذا صليت الصبح فى جماعة ولم تكن قد صليت الفجر فإنك تصليها بعد الصبح أو بعد طلوع الشمس0
عن عَائِشَةُ: كَانَ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا صَلّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ وَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدّثَنِي. ( خ 1161 )
الاضطجاع سنة عند: الشافعي وأحمد وابن حجر والمباركفوري .
يستحب عند: الشافعي والفقهاء السبعة.
واجب عند: ابن حزم والشوكاني.
مكروه عند مالك والأحناف والسلف .
عن عائشة قالت : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شئ من النوافل أشد منه تعاهداً على ركعتي الفجر0( خ 1163 )
عن عائشةَ قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ركعتا الفجرِ خيرٌ منَ الدنيا وما فيهَا.
(م 725 )
أي متاع الدنيا
عن حفصة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتي الفجر قبل الصبح في بيتي يخففهما جدا .( خ 1173 )
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعة الفجر:(قل يا أيها الكافرون )، و(وقل هو الله أحد). ( م 721 )
عن ابن عباس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في ركعتي الفجر :( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) والتي في آل عمران : ( تعالو إلي كلمة سواء بيننا وبينكم).
( م 727)
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس"0(ص ت 421)(1/2)
عن قيس بن عمرو أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح ولم يكن ركع ركعتي الفجر فلما سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فركع ركعتي الفجر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه فلم ينكر ذلك عليه0(ص خز 1116 )
سنة الظهر
ركعتان قبلها وركعتان بعدها سنة مؤكدة0
وركعتان قبلها وركعتان بعدها سنة غير مؤكدة.
ويجوز قضاء سنة الظهر القبلية بعد الظهر ويجوز قضاء سنة الظهر البعدية بعد العصر لمن شغل عنها0
عن ابن عمر قال: حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها،وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح.( خ 1169 )
عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة أربعا قبل الظهر واثنتين بعدها واثنتين بعد المغرب واثنتين قبل الفجر"0( م 728 )
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصل أربعاً قبل الظهر صلاهن بعدها. (ص ت 424)
ركعتان قبلها سنة مؤكدة عند: الشافعية والحنابلة .
وأربع عند: الأحناف والمالكية.
ركعتان بعدها سنة مؤكدة عند: الأحناف والحنابلة .
سنة العصر
عن ابنِ عمرَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "رحِمَ الله امرأ صلى قبلَ العصرِ أربعا".
( ص د 1271)
سنة المغرب
ركعتان بعده سنة مؤكدة وركعتان قبله غير مؤكدة.
سنة العشاء
ركعتان بعد العشاء سنة مؤكدة عند: الأحناف والشافعية والحنابلة.
الوتر(1/3)
الوتر سنة مؤكدة ، ووقته من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ويستحب تعجيله لمن خشي أن لا يستيقظ آخر الليل ، كما يستحب تأخيره لمن ظن أنه يستيقظ آخر الليل ، ويقضي لمن فاته إذا أصبح ولم يصل وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة ، وأدنى الكمال ثلاث ، يقرأ فى الركعة الأولى بعد الفاتحة (سبح اسم ربك الأعلى) وفى الثانية (قل يا أيها الكافرون )وفى الثالثة (قل هو الله أحد )0
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الوتر ركعة من آخر الليل".( م 753 )
عن أبي أيوب قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "الوتر حقٌّ على كلِّ مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمسٍ فليفعل، ومن أحبَّ أن يوتر بثلاثٍ فليفعل، ومن أحبَّ أن يوتر بواحدةٍ فليفعل"0(ص د 1362)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي مِنَ اللّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لاَ يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلاّ فِي آخِرِهَا 0 ( خ 1140 )
عن ابن عمر: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً".
( م 751 )
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مِنْ كُلّ اللّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - . مِنْ أَوّلِ الليل وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ. فَانْتَهَىَ وِتْرُهُ إِلَى السّحَرِ0( خ 996 )
عن زيدِ بن أسلمَ أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "منْ نامَ عنْ وِترِهِ فَليصلّ إذَا أصبح".
(ص ت 464)
عن أبيّ بن كعب قال: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم في الوتر قال: "سبحان الملك القدوس ثلاثاً"0(ص د 1430)(1/4)
عَن عَلِيّ بنِ أَبي طَالبٍ: أَنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَقَولُ في وِتْرِهِ: "اللّهُمّ إني أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقَوبَتِكَ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسكَ".(ص د 1427)
عن طلق بن على قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا وتران فى ليلة".
(ص ن 1585 )
الوتر سنة مؤكدة عند: مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد والجمهور.
وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة عند: الشافعي وأحمد .
ويستحب الوتر فى جماعة فى رمضان عند: الأربعة.
قيام الليل
فضله: لو علم المسلمون فضل قيام الليل لما ناموا حتى الصباح :
1- أمر الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الاسراء:79) والأمر عام على المسلمين اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - 0
2- المحافظون على قيامه محسنون مستحقون للخير والرحمة
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ - آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ - كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ - وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ - وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ - وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) الذاريات(15_20)
3- المحافظون على قيامه من عباد الله الأبرار
(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً - وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً) (الفرقان63_64).
4- المحافظون على قيامه مؤمنون بآيات الله
((1/5)
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)(السجدة:16)
5- المحافظون على قيامه لا يتساوون مع غيرهم
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ)
(الزمر:9)
6- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
( م 1163 )
7- عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فاقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".( خ 1142 )
8- عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنّ فِي اللّيْلِ لَسَاعَةً، لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ الله خَيْراً مِنْ أَمْرِ الدّنْيَا والآخرة إِلاّ أَعْطَاهُ إِيّاهُ، وَذَلِكَ كُلّ لَيْلَةٍ". ( م 767 )
آدابه
يسن لمن أراد قيام الليل ما يأتي :
1- أن ينوي عند نومه قيام الليل
عَن أبي الدرداء يبلغ به النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - : "من أتى فراشه، وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل، فغلبته عينه حتى يصبح، كتب له ما نوى. وكان نومه صدقة عليه من ربه"0(ص هـ 1344)
2- أن يفتتح صلاة الليل بركعتين حفيفتين ثم يصلى بعدها ما شاء
عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين .( م 767 )
3- أن يوقظ أهله(1/6)
عَن أبي هُرَيْرة؛ قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "رحم اللَّه رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت. فإن أبت رش في وجهها الماء. رحم اللَّه امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى. فإن أبى رشت في وجهه الماء".(ص هـ 1336)
عن عبد اللّه بن حبشي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: "طول القيام"0(ص د 1325)
4- تجوز القراءة سراً وجهراً
عن عائشة أنها سئلت كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت: كلَّ ذلك كان يفعل، ربما أسر وربما جهر 0 (ص ن 1568 )
5- لا ينبغي أن نترك قيام الليل
عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل"0( خ 1152 )
وقته
صلاة الليل تجوز فى أول الليل ووسطه وآخره ، ما دامت الصلاة بعد صلاة العشاء ، والأفضل تأخيرها إلى الثلث الأخير 0
عن أَبي هُرَيْرَةَ أَنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يَنْزِلُ رَبّنَا عَزّ وَجَلّ كُلّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ الّليْلِ الآخر فَيَقُولُ:مَنْ يَدْعُونِي فأَسْتَجِيبَ لَهُ،مَنْ يَسأَلني فَأُعْطِيَهُ،مَنْ يَسْتَغْفِرُني فأَغْفرَ لَه"ُ. ( خ 1145 )
عدد ركعاته
ليس لصلاة الليل عدد مخصوص فهي تتحقق ولو بركعة الوتر والأفضل المواظبة على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة سواء وصلها أو قطعها0
عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي ثلاث عشرة ركعة، منه الوتر وركعتا الفجر0( د 1360 )
قضاؤه
عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غلبته عينه أو وجع فلم يصل بالليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة . ( م 746 )
قيام رمضان
مشروعيته(1/7)
قيام رمضان أو صلاة التراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء تؤدى بعد صلاة العشاء ، وقبل الوتر ، ركعتين ، ركعتين ، ويستمر وقتها إلى آخر الليل ، وتشرع جماعة فى المسجد 0
عنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ:رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ قامَ رَمَضانَ إيماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لهُ ما تَقدّمَ مِنْ ذَنْبِه.ِ( خ 37 )
إيماناً : تصديقاً بأنه حق معتقداً فضيلته
احتسابا : يريد به الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس
عن عائشة قالت: أن رسول - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما أصبح قال: "قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أنني خشيت أن تفرض عليكم".وذلك في رمضان.( خ 924 )
عدد ركعاته : ثمان ركعات ولم يصح غيرها0
وعشرون ركعة عند الثوري وابن المبارك والشافعي وأصحاب الرأي.
تسعة وثلاثين بالوتر عند: مالك.
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلاَ فِي غَيْرِهِ، عَلَى إِحْدَىَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. يُصَلّي أَرْبَعاً فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنّ وَطُولِهِنّ. ثُمّ يُصَلّي أَرْبَعاً فَلاَ تَسْأَلْ عنْ حُسْنِهِنّ وَطُولِهِنّ. ثُمّ يُصَلّي ثَلاَثاً.( خ 1147 )
عن جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم ثمان ركعات والوتر ثم انتظروه فى القابلة فلم يخرج إليهم.( ح خز 1070)
عن السائب بن يزيد أنه قال: أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة0( ط 1/115 )
والانتظار بعد الأربع ركعات مندوب ولم يرد فيه دعاء ولا ذكر ولا صلاة وهو قول :الشافعية والحنابلة 0
قال ابن عثيمين : والسنه أن يقتصر علي إحدي عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين.(1/8)
وإن زاد فلا حرج لحديث : " مثني مثني فإن خشي أحدكم الصبح صلي ركعة واحدة توتر له ما قد صلي ".( خ 1137 م 749)
صلاة الضحى
ركعتان أو أربع أو ست أو ثمان وهي سنة يبتدئ وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح وينتهي حين الزوال ويستحب أن تؤخر إلى أن ترتفع الشمس ويشتد الحر.
عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على الوتر . ( خ 1178 )
عَن أم هانيء أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يوم الفتح، صلى الضحى ثماني ركعات. سبحة الضحى 0(خ 1176 )
سبحة : نافلة.
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَهْلِ قُبَاءٍ وَهُمْ يُصَلّونَ، فَقَالَ: "صَلاَةُ الأَوّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ من الضحى"0( م 748 )
الأوابين : الراجعين إلى الله.
رمضت : احترقت.
الفصال : ولد الناقة ، أي إذا وجدت الفصال حرّ الشمس .
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى الضحى ويتركها خشية أن تفرض على الناس0
( م 718 )
صلاة الاستخارة(1/9)
ركعتان من غير الفريضة يصليهما من أراد أمراً من الأمور المباحة والتبس عليه وجه الخير فيه فى أي وقت من الليل أو النهار ، يقرأ فيهما بما يشاء بعد الفاتحة ، ثم يحمد الله ، ويصلى على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يدعو بالدعاء الذى فى حديث جابر : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أوقال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به". قال: ويسمي حاجته.
( خ 1166 )
أي يسمي حاجته عند قوله : اللهم إن كان هذا الأمر.
أستخيرك :أطلب منك الخيرة أو الخير.
أستقدرك : أطلب منك أن تجعل لي قدرة عليه.
لم يرد دليل صحيح فى تكرار صلاة الاستخارة.
والدعاء إما أن يكون قبل التسليم أو بعده 0
قال النووي : ينبغي بعد الاستخارة أن يفعل ما ينشرح له ، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان فيه هوى قبل الاستخارة ، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا ، وإلا فلا يكون مستخيراً لله ، بل يكون غير صادق فى طلب الخيرة وفى التبري من العلم والقدرة ، وإثباتهما لله تعالى ، فإذا صدق فى ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه.
صلاة التوبة(1/10)
عن أبي بكرٍ قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من رجلٍ يذنبُ ذنباً ثم يقومُ فيتطَهّرُ ثم يصلّي ثم يستغفرُ الله، إلاّ غفرَ الله له ثمّ قرأَ هذه الآية: { والذينَ إذا فعلُوا فاحشةً أو ظَلموا أنفسهُم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها}0( ص د1521 )
تحية المسجد
مشروعية فى جميع الأوقات عند دخول المسجد وقبل القعود فيه 0
عن أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس"0(خ 1167 )
قال الشوكاني فى الدراري ص 151 : صلاة التطوع هي أربع قبل الظهر ، وأربع بعده، وأربع قبل العصر ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل صلاة الفجر ، وصلاة الضحى وصلاة الليل ، وأكثرها ثلاث عشرة ركعة يوتر فى آخرها ، وتحية المسجد ، والاستخارة ، وركعتان بين كل آذان وإقامة 0
صلاة الكسوف
صلاة الكسوف سنة مؤكدة فى حق الرجال والنساء والأفضل أن تصلى جماعة ،وينادى لها (الصلاة جامعة) وهي ركعتان فى كل ركعة ركوعان0
عن عائشة أن الشمس خسفت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث منادياً : الصلاة جامعة0 ( خ 1051 )(1/11)
عن عائشة قالت: خسفت الشمس في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد. فقام وكبر وصف الناس وراءه. فاقترأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قراءة طويلة. ثم كبر فركع ركوعا طويلا. ثم رفع رأسه فقال: "سمع الله لمن حمده. ربنا ولك الحمد". ثم قام فاقترأ قراءة طويلة. هي أدنى من القراءة الأولى. ثم كبر فركع ركوعا طويلا. هو أدني من الركوع الأول. ثم قال: "سمع الله لمن حمده.ربنا ولك الحمد" ثم سجد ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك. حتى استكمل أربع ركعات. وأربع سجدات. وانجلت الشمس قبل أن ينصرف.ثم قام فخطب الناس.فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة"0( خ 1044 )
ويستحب التكبير والدعاء والتصدق والاستغفار.
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا وصلوا وتصدقوا". ( خ 1058 )
ووقتها من حين الكسوف إلى التجلي0
يسن لها خطبة بعدها عند: الشافعي وأحمد فى رواية .
يسن لها الجماعة عند: الشافعي وأحمد .
جهراً عند: أحمد وأبي يوسف ومحمد والشافعي.
صلاة الاستسقاء
الاستسقاء : طلب سقى الماء من الله تعالى عند حصول الجدب وانقطاع المطر.
وصلاة الاستسقاء والدعاء سنة ، وهي أن يصلي الإمام بالمأمومين ركعتين يجهر فيهما ثم يخطب بعد الصلاة أو قبلها ، ويعظ الناس ويأمرهم بالتوبة.
عن عبد الله بن زيد قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة. ( خ 1102 )(1/12)
عن أنس: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب. فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال فيسقون.( خ 1110 )
عن أنس قال:كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه. ( خ 1031 )
ولمسلم :أن النبي - صلى الله عليه وسلم - :استسقى فأشار بظهر كفه إلى السماء 0
ولأبي داود : كان يستسقى هكذا ، يعني ومد يديه ، وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه 0
عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر"0( خ 1033 )
عن ابن عباس قال: خرج رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - متبذِّلاً متواضعاً متضرعاً حتى أتى المصلّى00 قال عثمان: صلى ركعتين كما يصلي في العيد 0 ( ص د 1165)
ويسن للدعاء صلاة جماعة عند: مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد.
فى الصلاة يكبر فى الأولى ستاً وفى الثانية خمساً عند: الشافعي وأحمد.
يسن لها خطبة عند: مالك والشافعي وأحمد فى رواية .
ويسن تحويل الرداء عند: مالك والشافعي وأحمد.
قال الشوكاني فى الدراري ص 216 :
يسن عند الجدب ركعتان بعدهما خطبة تتضمن الذكر والترغيب فى الطاعة والزجر عن المعصية ، ويستكثر الإمام ومن معه من الاستغفار والدعاء برفع الجدب ويحولون جميعهم أرديتهم0
سجود التلاوة
من قرأ آية السجدة أو سمعها يستحب له أن يسجد سجدة ، ولا تشهد فيه ولا تسليم ،ويسجد المستمع إذا سجد التالي ، فإذا لم يسجد التالي لم يسجد المستمع.(1/13)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشّيْطَانُ يَبْكِي. يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ. أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنّةُ. وَأُمِرْتُ بِالسّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النّارُ". ( م 81 )
وسجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع
عن عمر أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد، وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة، قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة، قال: يا أيها الناس، إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه 0 ( خ 1077 )
عن زيدِ بن ثابتٍ قال: قرأتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - النّجْمَ فلَم يَسْجُدْ فيها.
(خ1073 )
مواضع السجود
مواضع السجود : خمسة عشر موضعاً هي :
1- (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)(لأعراف:206) 2- (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ)(الرعد:15) 3- (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (النحل:49) 4- (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ للأَذْقَانِ سُجَّداً) (الاسراء:107) 5- (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً)(مريم:من الآية58)(1/14)
6- (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)
(الحج:18) 7- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج:77) 8- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً) (الفرقان:60) 9- (أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ الأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) (النمل:25) 10- (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (السجدة:15) 11- (وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ)
(صّ:من الآية24)
12- (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (فصلت:37) 13- (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) (لنجم:62) 14- (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) (الانشقاق:21) 15- (كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (العلق:19) ويشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة من طهارة واستقبال قبلة وستر عورة عند: الجمهور.
عن ابن عمر أنه كان يسجد على غير وضوء .( خ 2/644 )(1/15)
ويدعو فى السجود بما يشاء ، وصح عن عائشة قالت : كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في سجودِ القرآنِ بالليلِ: "سجدَ وَجْهِي للذِي خَلَقَه وشَقّ سَمْعَهُ وبَصَرَهُ بحَوْلَهِ وقوتهِ فتبارك الله أحسن الخالقين"0(ص د 1414)
عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ {إذا السماء انشقت} فسجد فقلت: ما هذه السجدة؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم [ - صلى الله عليه وسلم - ] فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه. ( خ 1074 )
سجدة الشكر
تستحب سجدة الشكر لمن تجددت له نعمة تسره أو صرفت عنه نقمة0
عَن أبي بكرة : أن النَّبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمْ كان إذا أتاه أمر يسره أو يسر به، خر ساجداً، شكراً لله تبارك وتعالى . (ص د 2774)
فسجدة الشكر مشروعة وهو قول : الشافعي وأحمد .
ويشترط له ما يشترط للصلاة عند: النخعي وبعض أصحاب الشافعي .
ولا يشترط له الوضوء عند: الشوكاني.
سجود السهو
عبارة عن سجدتين لجبر الخلل الحاصل في الصلاة من أجل السهو.
سجود السهو واجب ، ويجوز قبل السلام ، ويجوز بعده ، للنقص والزيادة0
والراجح : إن كان لزيادة بعد السلام ، وإن كان لنقص قبل السلام ، وإن كان لشك قبل السلام 0
وأسبابه ثلاثة :
1- الزيادة : إذا زاد المصلي فى صلاته قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً ناسياً ولم يذكر الزيادة حتى فرغ منها فليسجد للسهو ، وإن ذكر الزيادة فى أثنائها وجب عليه الرجوع عنها ، ويسجد للسهو.
مثال : شخص صلى الظهر خمس ركعات ولم يذكر الزيادة إلا فى التشهد ، فيكمل التشهد ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم ، فإن لم يذكر إلا بعد السلام سجد للسهو وسلم ،وإن ذكر الزيادة وهو فى أثناء الركعة الخامسة جلس فى الحال وتشهد وسلم ثم يسجد للسهو ويسلم 0
عن عبد الله :أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: "وما ذاك" قال: صليت خمسا، فسجد سجدتين بعد ما سلم.
( خ 1226 )(1/16)
والسلام قبل تمام الصلاة من الزيادة ، فإن سلم ولم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد الصلاة ، وإن ذكر بعد زمن قليل ، فإنه يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو0
عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر أو العصر فسلم من ركعتين، ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد ، فقالوا: قصرت الصلاة؟ وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول، يقال له ذو اليدين، قال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: "لم أنس ولم تقصر". فقال: "أكما يقول ذو اليدين". فقالوا: نعم ، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر. ثم سلم ؟0( خ 1229 )
2- النقص :إذا نقص المصلي ركنا من صلاته فإن كان تكبيرة الإحرام فلا صلاة له وإن كان ركنا آخر فإن وصل إلى موضعه من الركعة الثانية لغت الركعة التى تركه منها وقامت التى تليها مقامها ، وإن لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية وجب عليه أن يعود إلى الركن المتروك فيأتي به وبما بعده ، وفى كلتا الحالتين يجب عليه أن يسجد للسهو بعد السلام0
مثال: شخص نسى السجدة الثانية من الركعة الأولى فذكر ذلك وهو جالس بين السجدتين فى الركعة الثانية ، فتلغى الركعة الأولى وتقوم الثانية مقامها ، فيعتبرها الركعة الأولى ويكمل عليها صلاته ، ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.
مثال آخر: شخص نسى السجدة الثانية والجلوس قبلها من الركعة الأولى فذكر ذلك بعد أن قام من الركوع فى الركعة الثانية ، فإنه يعود ويجلس ويسجد ثم يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم0(1/17)
وإن ترك المصلي واجباً وذكره قبل أن يفارق محله أتى به ولا شئ عليه، وإن ذكره بعد مفارقة محله قبل أن يصل إلى الركن الذى بعد وصوله إلى الركن الذى يليه سقط فلا يرجع إليه ، ويسجد للسهو قبل أن يسلم 0
مثال: شخص رفع من السجود الثاني فى الركعة الثانية ليقوم إلى الثالثة ناسياً التشهد الأول، فذكر قبل أن ينهض فإنه يستقر جالساً فيتشهد ثم يكمل ولا شئ عليه ، وإن ذكر بعد أن نهض قبل أن يستتم قائماً رجع فجلس وتشهد ثم يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم0
وإن ذكر بعد أن استتم قائماً سقط عنه التشهد فلا يرجع إليه،فيكمل صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم.
عن عبد الله بن بحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين، ولم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة، وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم . ( خ 1225 )
3- الشك : الشك لا يلتفت إليه فى العبادات فى ثلاث حالات :
أ- إذا كان مجرد وهم لا حقيقة له كالوساوس 0
ب- إذا كثر مع الشخص بحيث لا يفعل عبادة إلا حصل له فيها شك 0
ج- إذا كان بعد الفراغ من العبادات ، فلا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر فيعمل بمقتضى يقينه0
مثال: شخص صلى الظهر فلما فرغ من صلاته شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فلا يلتفت لهذا الشك إلا أن يتيقن أنه لم يصل إلا ثلاثاً فإنه يكمل صلاته إن قرب الزمن ثم يسلم ثم يسجد للسهو ويسلم ، فإن طال الزمن أعاد الصلاة 0
وأما الشك فى غير هذه المواضع الثلاثة لا يخلو من حالتين :
الأولى: أن يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بما ترجح ويتم صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.
مثال: شخص يصلى الظهر فشك فى الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجح عنده أنها الثالثة فإنه يجعلها الثالثة فيأتي بركعة ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم0(1/18)
عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا شَكّ أحَدُكُم في صَلاَتِهِ فَلْيَتَحَرّ الصّوَابَ فَلْيُتِمّ عَلَيْهِ ثُمّ لِيُسَلّمْ ثُمّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْن"0( خ 6671 )
الثانية : أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل باليقين وهو الأقل ، فيتم صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم 0
مثال : شخص يصلى العصر فشك فى الركعة ، هل هي الثانية أو الثالثة ، ولم يترجح عنده أنها الثانية أو الثالثة ، فإنه يجعلها الثانية ، فيتشهد التشهد الأول ويأتى بعده بركعتين ويسجد للسهو ويسلم.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا شَكّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلّى؟ ثَلاَثاً أَمْ أَرْبَعاً؟ فَلْيَطْرَحِ الشّكّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلّمَ. فَإِنْ كَانَ صَلّى خَمْساً، شَفَعْنَ لَهُ صَلاَتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلّى إِتْمَاماً لأَرْبَعٍ، كَانَتَا تَرْغِيماً لِلشّيْطَان"0( م 571 )
وسجود السهو واجب عند: الحنفية والحنبلية .
وسنة عند: الشافعية والمالكية.
والسجود إن كان لزيادة فالأفضل بعد السلام وإن كان لنقص فالأفضل قبل السلام عند: مالك وأصحابه وأبي ثور والشافعي فى قول والصادق والناصر
صلاة الخوف
صلاة الخوف مشروعة.(1/19)
لقوله تعالى : (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) (النساء:102) الطائفة : تطلق على القليل والكثير حتى الواحد.
وحمل السلاح أثناء الصلاة مستحب وهو قول الجمهور ، وقال البعض واجب.
ولصلاة الخوف ست صفات:
1- أن يكون العدو فى غير جهة القبلة فيصلى الإمام فى الثنائية بطائفة ركعة ثم ينتظر حتى يتموا لأنفسهم ركعة ويذهبوا فيقوموا وجاه العدو ثم تأتى الطائفة الأخرى فيصلون معه الركعة الثانية ثم ينتظر حتى يتموا لأنفسهم ركعة ويسلم معهم0
عن صالح بن خوات، عمن شهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع صلى صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم. ( خ 4129 )
2- أن يكون العدو فى غير جهة القبلة فيصلى الإمام بطائفة من الجيش ركعة والطائفة الأخرى تجاه العدو ثم تنصرف الطائفة التى صلت معه الركعة وتقوم تجاه العدو وتأتى الطائفة الأخرى فتصلى معه ركعة ثم تقضى كل طائفة لنفسها ركعة0(1/20)
3- أن يصلى الإمام بكل طائفة ركعتين فتكون الركعتان الأوليان له فرضاً والركعتان الأخريان له نفلا واقتداء المفترض بالمنتفل جائز 0
عن جابر قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجاء رجل من المشركين وسيف النبي - صلى الله عليه وسلم - معلق بالشجرة فاخترطه، فقال: تخافني؟ قال: "لا". قال: فمن يمنعك مني؟ قال: "الله"، فتهدده أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع، وللقوم ركعتان. (خ 4133)
4- أن يكون العدو فى جهة القبلة فيصلى بالطائفتين جميعاً مع اشتراكهم فى الحراسة ومتابعتهم له فى جميع أركان الصلاة إلا السجود فتسجد معه طائفة وتنتظر الأخرى حتى تفرغ الطائفة الأولى ، ثم تسجد ، وإذا فرغوا من الركعة الأولى تقدمت الطائفة المتأخرة مكان المتقدمة وتأخرت المتقدمة0
5- أن تدخل الطائفتان مع الإمام جميعاً ، ثم تقوم إحدى الطائفتين بإزاء العدو وتصلى معه إحدى الطائفتين ركعة ثم يذهبون فيقومون فى وجاه العدو ، ثم تأتى الطائفة الأخرى فتصلى لنفسها ركعة والإمام قائم ثم يصلى بهم الركعة الثانية ، ثم تأتى الطائفة الثانية قاعدون ثم يسلم الإمام ويسلمون جميعاً 0
6- أن تقتصر كل طائفة على ركعة مع الإمام فيكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة 0
عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على نبيكم - صلى الله عليه وسلم - فى الحضر أربعاً وفى السفر ركعتين وفى الخوف ركعة 0 ( م 687 )(1/21)
وفى اشتداد الخوف وعند التحام الصفوف يصلى كل واحد حسب استطاعته راجلا أو راكبا مستقبلا القبلة أو غير مستقبل القبلة ، يومئ بالركوع والسجود كيفما أمكن ، ويجعل السجود أخفض من الركوع ، فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. ( خ 943 )
وعنه قال: فإن كان خوف أكثر من ذلك فصل راكبا أو قائما تومئ إيماء. ( م 839)
صلاة المريض
من لم يستطع الصلاة قائماً فليصل قاعداً ، ومن لم يستطع قاعداً صلى على جنبه يومئ بالركوع والسجود ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه0
قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ)(آل عمران: من الآية191)
عن عمران بن حصين قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة، فقال: "صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب".( خ 1117)
وزاد النسائي : "فإن لم تستطع فمستلقيا"ً ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) وهذا الحديث تفسره الآية
عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد مريضاً، فرآه يصلّي على وسادة، فأخذها فرمى بها فأخذ عوداً ليصلّي عليه، فأخذه فرمى به، وقال: "صلِّ على الأرض إن استطعت وإلاَّ فأومِئ إيماءً، واجعل سجودَك أخفضَ من ركوعك".
( هق 2/306 ص تمام المنة )(1/22)
الباب التاسع
صلاة الجماعة(1/1)
الباب التاسع
صلاة الجماعة
صلاة الجماعة من خصائص الأمة الإسلامية شرعها الله تعالى لما فيها من التعارف والتآلف وارتباط القلوب وتعود الامتثال والصبر والشجاعة وحسن النظام ، وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع 0
قال تعالى : (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَك)(النساء: من الآية102)
أمر الله تعالى بالجماعة فى الخوف فهي فى الأمن أولى 0
عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"0( خ 645 )
عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"(ح د 547)
عن ابن عمر قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : "أفضل الصلوات عند اللّه صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة"0( أبو نعيم 7/207 - ص صحيحة 1566)
حكم صلاة الجماعة
واجبة على الرجال ، وقيل : سنة مؤكدة
عن أبي موسى؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، فأبعدهم. والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام"0(خ651 )
وهذا الحديث يدل على أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة
عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتِّباعه عذرٌ" قالوا: وما العذر؟ قال: "خوفٌ أو مرضٌ لم تقبل منه الصَّلاة الَّتي صلّى". (ص د 551)(1/1)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعْمَىَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ. فَسَأَلَ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرَخّصَ لَهُ فَيُصَلّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخّصَ لَهُ. فَلَمّا وَلّىَ دَعَاهُ فَقَالَ: "هَلْ تَسْمَعُ النّدَاءَ بِالصّلاَةِ؟" فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَجِب"0( م 653)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إِنّ أَثْقَلَ صَلاَةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلّيَ بِالنّاسِ، ثُمّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصّلاَةَ فَأُحَرّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنّار".(خ 644)
قال ابن القيم :لم يكن ليحرق مرتكب صغيرة ، فترك الصلاة مع الجماعة هو من الكبائر0 أهـ
عن عبد اللّه بن مسعود قال: حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن؛ فإِنهن من سنن الهدى، وإن اللّه عزَّ وجلَّ شرع لنبيه - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق بَيِّنُ النفاق، ولقد رأيتنا وإن الرجل ليُهاديَ بين الرجلين حتى يقام في الصف، وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته، ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ، ولو تركتم سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - لضللتم.
(م 654)
قال ابن القيم : هذا فوق الكبيرة 0
الجماعة سنة مؤكدة عند: أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري ومحمد وأبو يوسف والهادي وزيد والقاسم والناصر والمؤيد والجمهور 0(1/2)
فرض عين عند: أحمد وابن حزم وابن تيمية واسحق وابن المنذر والأوزاعي وأبي ثور وعطاء وابن خزيمة وابن حبان والحنابلة 0
الجماعة فى غير الصلوات الخمس
الجماعة في النفل المطلق مباحة :
عن عتبان بن مالك الأنصاري قال: استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذنت له ، فقال: "أين تحب أن أصلي من بيتك". فأشرت له إلى المكان الذي أحب ، فقام وصففنا خلفه، ثم سلم وسلمنا. (خ424)
جماعة النساء
يجوز للنساء الخروج إلى المساجد وشهود الجماعة بشرط أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة والطيب ، والأفضل لهن الصلاة فى بيوتهن.
ويستحب إمامة المرأة للنساء ويجوز إمامة الرجل للنساء 0
عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهنَّ خيرٌ لهنّ".(حم 2/43-ص ج 7335)
عن أم حميد قالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك قال: "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك،وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي".
(حم 6/371 ح ترغيب 338)
البيت : المسكن الخاص كحجرة النوم.
الدار: الصالة.
عن عائشة قالت: لو أدرك رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن مُنِعَتُ نساء بني إسرائيل 0 (خ 869)
قال البدر العيني 5/235 : لو شاهدت عائشة ما أحدث النساء هذا الزمان من أنواع البدع والمنكرات لكانت أشد إنكاراً ولا سيما نساء مصر ، فإنهن أحدثن من البدع والمخالفات ما لا يوصف 0
قلت : ولو شاهد البدر العيني بعينه ما أحدثه نساء هذا الزمان من التعري والتشبه بالكافرات لكان أشد إنكاراً ولا سيما نساء مصر فإنهن كشفن الرؤس والنحور والأذرع والسيقان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله 0(1/3)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خَيْرُ صُفُوفِ الرّجَالِ أوّلُهَا، وَشَرّها آخرُهَا وَخَيْرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرّها أوّلُها"0(م 440)
وإنما كان خير صفوف النساء آخرها لما فى ذلك من البعد عن مخالطة الرجال بخلاف الوقوف فى الصف الأول فإنه مظنة المخالطة لهم0
وكانت عائشة يؤمها عبدها زكوان من المصحف .(فتح الباري 2/216)
عن ريطة قالت : أمتنا عائشة فقامت بيننا فى الصلاة المكتوبة.
(قط 1/404 ص نووي)
تستحب جماعة النساء عند : الشافعية والحنابلة.
وتكره عند: الأحناف.
ولا تجوز عند: المالكية.
ما تتحقق به الجماعة
تتحقق الجماعة بواحد مع الإمام ولو امرأة أو صبياً مميزاً فى مسجد أو غيره فى الفرض وغيره0
عن ابن عباس قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقمت إلى جنبه عن يساره فأخذني فأقامني عن يمينه وأنا يومئذ ابن عشر سنين. (ص حم 2751)
عن ابن عباس قال: بت عند خالتي، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه. (خ 699)
تنعقد الجماعة بما ذكرنا فى المتن عند: الأحناف والشافعي .
وتنعقد بالصبي المميز فى النفل دون الفرض عند: الحنابلة ومالك فى رواية.
ما تدرك به الجماعة
يدرك فضل الجماعة بإدراك جزء منها مع الإمام قبل السلام ، فمن أحرم قبل سلام إمامه فقد أدرك فضل الجماعة ، ومن أدرك الإمام كبر تكبيرة الإحرام قائماً ودخل معه على الحالة التى هو عليها0 عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"0(خ 636)
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "قال من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة". (خ 580)
تدرك الجماعة بإدراك جزء منها عند: أبي حنيفة وأبي يوسف والجمهور
تفاوت الجماعة فى الفضل(1/4)
يحصل فضل الجماعة بأقلها ، وفى أي مكان فكل الأرض مسجد وطهور 0
عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعطيت خمسا، لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة".(خ 335)
عن أبيّ بن كعب، قال: صلّى بنا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يوماً الصبح فقال: "أشاهدٌ فلان؟" قالوا: لا، قال: "أشاهدٌ فلان؟" قالوا: لا، قال: "إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حَبْواً على الركب، وإنَّ الصفَّ الأوَّل على مثل صفِّ الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإنَّ صلاة الرَّجل مع الرَّجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرَّجلين أزكى من صلاته مع الرَّجل، وما كثر فهو أَحَب إلى اللّه عز ّوجل"0(ح د554)
إن هاتين الصلاتين : المراد بهما صلاة الصبح والعشاء.
عن أبي موسى قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة، حتى يصليها مع الإمام،أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام"0(خ651)
عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "الصلاة في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاةً، فإِذا صلاّها في فَلاةٍ فأتمَّ ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاةً"0(ص د 524)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خَيْرُ صُفُوفِ الرّجَالِ أوّلُهَا، وَشَرّها آخرُهَا وَخَيْرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرّها أوّلُها"0(م 440)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قال: قالِ - صلى الله عليه وسلم - : "لاَ يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخّرُونَ حَتّى يُؤَخّرَهُمُ الله"0
(م438)
شروط الجماعة
وهي قسمان :
الأول : شروط تتعلق بالإمام:
وله تسعة شروط :(1/5)
1- الإسلام : فلا تصح إمامة الكافر إجماعاً 0
2- العقل : فلا تصح إمامة المجنون والسكران 0
3- البلوغ : فلا تصح إمامة الصبي 0
عن علي أنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثَلاَثَةٍ عن الصّبيّ حَتّى يَبْلُغَ، وَعن النّائِمِ حَتّى يَسْتَيْقِظَ، وَعن المَعْتُوهِ حَتّى يَبْرَأَ ". (ص د4403)
في الفرض عند: أبو حنيفة ومالك وأحمد والثوري و الأوزعي والهادي والناصر.
وتصح عند: الشافعي وإسحاق والبصري وابن المنذر.
ولا تصح النفل عند : الأحناف والمالكية في رواية والحنابلة في رواية.
وتصح عند: المالكية والحنابلة والثوري وإسحاق والشافعية.
4- الذكورة: فلا تصح إمامة المرأة ولا الخنثى للرجال ولا إمامة المرأة للخنثى عند: الجمهور والأربعة.
5- كون الإمام قارئاً: أي يحفظ ما تصح به الصلاة فلا تصح إمامة الأمي للقارئ ، لأن القراءة ركن الصلاة.
ولا تصح إمامة الألدغ.
ولا تصح عند : الذي يلحن لحن يخل بالمعاني.
6- سلامة الإمام من الأعذار: كالرعاف الدائم وانفلات الريح وانطلاق البطن وسلس البول .
فلا تصح إمامة معذور بغير عذر ، ولا لمعذور مبتلى بغير عذره كاقتداء مبطون بمن به سلس0
قال الألباني: بل تصح بدون كراهة.
7- سلامة الإمام من فقد شرط من شروط صحة الصلاة: كستر العورة والطهارة من الحدث والخبث0
8- صحة صلاة الإمام في إعتقاد المأموم: فلو فسدة صلاة الإمام في زعم المقتدي كأن صلي حنفي خلف شافعي قاء ملء الفم ولم يتوضأ.
9- ألا يكون الإمام مأموما حال إقتدائه اتفاقا: ويصح الإقتداء بالمسبوق مطلقا إلا الجمعة عند : الشافعية والحنابلة.
الثاني: شروط تتعلق بالمأموم(شروط إقتداء) :
وتسمى شروط الاقتداء :
1- نية المأموم الاقتداء.
2- عدم تقدم المأموم على الإمام.
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه"0(خ722)(1/6)
ومن شأن التابع ألا يتقدم على متبوعه لا فى فعل ولا فى مكان0
3- علم المأموم بانتقالات الإمام برؤية أو سماع منه أو من المقتدي ، فيصح الاقتداء وإن بعدت المسافة وحالت أبنية لا تمنع من العلم بانتقالات الإمام.
عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقام أناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام ليلة الثانية، فقام معه أناس يصلون بصلاته0
(خ 729)
في هذا الحديث دلالة على جواز اقتداء المأموم بالإمام وبينهما حائل إذا علم انتقالات إمامه وبه قال البخاري وغيره 0
4- متابعة المأموم الإمام: وهي أن يكون شروع المأموم فى أعمال الصلاة بعد شروع الإمام.
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "إنما جعل الإِمام ليؤتمَّ به، فإِذا كبَّر فكبِّروا،ولا تكبِّروا حتى يكبِّر،وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع اللّه لمن حمده، فقولوا: اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد"0(خ 722)
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه من ركوع أو سجود قبل الإِمام أن يحوِّل اللّه رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار".(خ691)
5- علم المأموم بحال إمامه من سفر أو إقامة :فلا يصح الاقتداء بمن جهل المأموم حاله وهو يقصر فى العمران أما من تم مطلقاً أو قصر خارج العمران فالاقتداء به صحيح ، فيصح اقتداء المقيم بالمسافر ولو بعد خروج الوقت0
6- ألا يكون المأموم أعلى من إمامه فى الشروط والأركان والفرضية فيلزم أن يكون مثله أو دونه فيها فلا يصح مثلا اقتداء طاهر بمعذور ولا اقتداء متطهر بمتنجس عجز عن الطهارة ، ولا اقتداء مكتسي بعار ، ولا قارئ بأمي ، ولا اقتداء راكع بساجد ، وساجد بموم بالركوع والسجود0(1/7)
ويصح اقتداء غاسل بماسح ، وعاري بمثله وعاري بمكتسي0
ويصح اقتداء مفترض بمتنفل عند: الشافعية والأوزاعي وأحمد فى رواية وطاووس وعطاء وابن المنذر.
عن جابر أن مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلّي مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ ثُمّ يأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلّي بِهِمْ تِلْكَ الصّلاَةُ.( خ701)
ويجوز صلاة المتنفل خلف المفترض عند: الجمهور.
عن أبي سعيد أن رجلا جاء وقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه رجل"0(ص د 537)
7- اتحاد صلاة الإمام والمأموم فى الأداء والفرضية وغيرهما 0
لا يصح اقتداء مفترض بمفترض آخر كمصلى الظهر خلف العصر عند: الأحناف ومالك وأحمد فى رواية0
ويصح عند: الشافعية والظاهرية وأحمد فى رواية.
لحديث صلاة معاذ بقومه ، فإذا جاز اقتداء المفترض بالمتنفل فجواز اقتداء المفترض بمفترض فرضاً آخر أولى.
الأحق بالإمامة
إذا لم يوجد إمام راتب ولا صاحب منزل صالح للإمامة فالأولى بها أفقههم أي أعلمهم بأحكام الصلاة صحة وفساداً وأقرأهم أي أحسنهم تلاوة للقرآن وإن كان أكبرهم سناً ، ثم أحسنهم خلقاً ، ثم أشرفهم نسباً ثم أنظفهم ثوباً0
عن ابن مَسْعُودٍ أن النبيِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَؤُمّ الْقَوْمَ أَقْرَأُهُمْ لِكِتَابِ الله وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً، فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمّهُمْ أَكْبَرَهُمْ سِنّاً ، وَلاَ تَؤُمّنّ الرّجُلَ فِي أَهْلِهِ وَلاَ فِي سُلْطَانِهِ ، وَلاَ تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ،إِلاّ أَنْ يَأْذَنَ لَكَ أَوْ بِإِذْنِهِ"0 (م 673)
قال ابن تيمية : فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتقديم الأفضل بالعلم بكتاب الله ثم بالسنة ثم الأسبق إلى العمل الصالح (1/128 الفتاوى الكبرى )(1/8)
عن مالك بن الحويرث قال: قال - صلى الله عليه وسلم - : "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم"0(خ658)
أفقههم ثم أقرأهم عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي والجمهور.
أحوال الإمام
1- إمامة المفضول: يجوز اقتداء الفاضل بالمفضول الذى تصح إمامته 0
فقد صلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر وغيره من الصحابة
2- إمامة الأعمى: يصح الاقتداء بالأعمى إتفاقاً
عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أمِّ مكتومٍ يؤمُّ النَّاس وهو أعمى.
( ص د595)
عن محمود بن الربيع: أن عتبان بن مالك، كان يؤم قومه وهو أعمى0
(خ667)
والبصير أولى بالإمامة لأنه أقدر على اجتناب النجاسة واستقبال القبلة0
البصير أولى بالإمامة عند: المالكية والأحناف والحنابلة.
3- إمامة العبد: تصح إمامة العبد بلا كراهة والحر أولى لأنه يتفرغ للعلم0
عن ابنِ عُمَرَ أَنّهُ قال: لَمّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ اْلأَوّلُونَ نَزَلُوا الْعَصْبَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَكَانَ يَؤُمّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبي حُذَيْفَةَ وكَانَ أَكْثَرُهُمْ قرأنا. وفيهم عُمَرُ بنُ الْخَطّابِ وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْد ِاْلأَسَدِ. (خ692)
فتصح إمامة العبد عند: الشافعي وأحمد واسحق والثوري.
4- إمامة الفاسق :
والفاسق هو من خرج عن حد الاستقامة وهو كمن أتى كبيرة كالزنا والسرقة وشرب الخمر والنميمة ومن داوم على صغيرة 0
عَنْ أَبِي ذَرَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ: "كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخّرُونَ الصّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يُمِيتُونَ الصّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا؟" قَالَ قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: "صَلّ الصّلاَةَ لِوقْتِهَا. فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلّ فَإِنّهَا لَكَ نَافِلَةٌ".
(م534)
الأصل أن كل من صحت صلاته لنفسه تصح صلاته لغيره0(1/9)
قال الشوكاني فى نيل الأوطار 2/163: قد ثبت إجماع أهل العصر الأول من بقية الصحابة ومن معهم من التابعين إجماعاً فعليا ، ولا يبعد أن يكون قولياً على الصلاة خلف الجائرين ،لأن الأمراء فى تلك الأعصار كانوا أئمة الصلوات الخمس، فكان الناس لا يؤمهم إلا أمراؤهم فى كل بلدة فيها أمير ، وكانت الدولة إذ ذاك لبني أمية ، وحالهم وحال أمرائهم لا يخفى.
تكره إمامة الفاسق عند: الجمهور وأبي حنيفة والشافعي .
ولا تصح عند: مالك فى رواية والحنابلة والبخاري ومسلم.
5- إمامة المبتدع : المبتدع هو من يرتكب ما أحدث على خلاف الحق المتلقي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كمن يؤذن بحي على خير العمل
عن مجاهد قال: كنت مع عبد الله بن عمر فثوب رجل فى الظهر أو العصر فقال :اخرج بنا فإن هذه بدعة0( ص د504)
ثوب: أي قال: الصلاة خير من النوم ، أو قال: الصلاة رحمكم الله 0
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم"0 (خ 694)
عن الحسن: عن الصلاة خلف صاحب البدعة فقال: صل وعليه بدعته. (خ2/220)
وصلى ابن عمر خلف الحجاج 0
قال السبكي: من أراد حفظ دينه وسلامة عبادته من الخلل فلا يصلي خلف المخالفين لشرع الله عز وجل ولا يصاحب بدعيا ولا يدخل مساجد البدع، وإلا ضل سعيه وبعد عن سبيل الخير0
قال ابن الحاج: فإن فرض ألا يجد مسجداً سالماً من البدع ، فليصل فى بيته فهو أفضل وأقرب إلى رضاء ربه ، ولا سيما فى هذا الزمان0
لا تصح الصلاة خلف مبتدع معلن بدعته عند: الحنابلة .
لا يصلى خلف مبتدع بحال من الأحوال عند: أحمد ومالك.
6- إمامة الأعرابي :
الأعرابي من يسكن البادية ، فإن كان من أهل العلم والفضل صالحاً للإمامة لا تكره إمامته ولو للحضر عند: الجمهور وإن عليه الجهل والفسق تكره إمامته تحريماً اتفاقاً لأن الأعرابي شأنه الجفاء والغلظة ، والإمام شافع فينبغي أن يكون لين الجانب رحيم القلب0(1/10)
قال تعالى: (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:97) قال تعالى: (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:99) 7- إمامة ولد الزنا :
ولد الزنا لا تكره إمامته إذا كان تقياً0
قال تعالى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمّ)(الأنعام: من الآية164)
لا تكره عند: أبى حنيفة وأحمد واسحق والزهري .
وتكره عند: الشافعية ومالك0
8- إمامة من يكرهه المأمون :
ينبغي للإمام أن يكون متحلياً بالكمال متخلياً عما يعاب حتى لا يكرهه أهل الخير والصلاح ويكره له تحريماً أن يؤم قوماً يكرهونه أو أكثرهم إذا كانوا أهل دين وتقوى وإن كان ذا دين وسنة فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته 0
عن أبي أُمامَةَ قالُ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "ثلاثةٌ لاَ تُجاوِزُ صلاتُهمْ آذانَهُمْ: العبدُ الآبق حتّى يَرْجِعَ وامرأةٌ باتتْ وزوجُهَا عليها ساخِطٌ، وإمامُ قومٍ وهُمْ له كارهُونَ". (ح ت357)
9- إمامة الصبي المميز:
لحديث عمرو بن سلمة.
وتصح عند الشافعي خلافاً للجمهور.
10- إمامة مستور الحال :
تصح الصلاة خلفه عند الأربعة.
موقف الإمام
إذا كان المأموم واحدا ذكراً ولو صبياً، فالسنة أن يقف عن يمين الإمام متأخراً عنه قليلاً أو مساوياً له ، وإذا كان مع الإمام اثنان فأكثر تقدم الإمام ووقف المأمومون خلفه0
ولو صلى مع الإمام ذكراً وامرأة وقف الذكر عن يمينه والمرأة خلفهما0
وإذا كان مع الإمام رجال وغيرهم وقف خلفه الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء0(1/11)
عن ابن عباس قال: بت عند خالتي، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه. (خ 699)
عن أنس قال: صليت أنا ويتيم في بيتنا،خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأمي أم سليم خلفنا.(خ727)
عن ابن مسعود الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"0(م 432)
آداب الجماعة
1- تسوية الصفوف وسد الفرج 0
2- ألا يقوم المأمومون للصلاة إذا كان الإمام غائباً حتى يرونه 0
عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا أقيمت الصلاة، فلا تقوموا حتى تروني".(خ637)
3- الوقوف فى المكان الفاضل : فيسن للإمام الوقوف فى مقابلة وسط الصف ليستوي القوم من جانبيه0
4- قرب أهل الفضل من الإمام لحديث ابن مسعود المتقدم0
5- تخفيف الإمام الصلاة لحديث: إذا صلى أحدكم للناس فليخفف.
(خ703 م467)
ومعلوم أن التخفيف أمر نسبي يرجع إلى فعله - صلى الله عليه وسلم - ، لا إلى شهوة المأمومين0
6- يندب للإمام أن يخلص فى صلاته ويتضرع فى دعائه ويحسن طهارته وقراءته.
7- استحب أحمد واسحق وأبو ثور والشافعي انتظار الإمام إذا أحس بداخل يريد الصلاة معه سواء كان حال القيام أو الركوع أو القعود الأخير ليدرك فضل الجماعة 0
وكره ذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ومالك والأوزاعي وداود والهادوية والشافعي فى القديم0
مكروهات الجماعة
1- تكره الصلاة بين الأعمدة للمأمومين فقط0
عَن معاوية بْن قرة، عَن أبيه قَالَ: كنا ننهى أن نصف بين السواري، على عهد رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، ونطرد عنها طرداً. (ص هـ 1002)
فصلاة المأمومين بين السواري مكروهة عند : الشافعي والحنابلة وابن المنذر والشافعية 0
2- يكره علو الإمام وحده على المأمومين لغير ضرورة فى المسجد وغيره ، وهو قول: الأربعة والشوكاني ويجوز علو المأموم على الإمام0(1/12)
لا يجوز إلا إذا كان مع الإمام في العلو طائفة عند: أبي حنيفة ومالك.
ويجوز الارتفاع مطلقا عند : أحمد والليث والبخاري.
عن حُذَيْفَةُ: قال: سْمَعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: إِذَا أَمّ الرّجُلُ الْقَوْمَ فَلا يَقُمْ في مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِم"0 (ص د598)
3- تكره صلاة الرجل منفرداً خلف الصف عند: الجمهور
عن وابصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة0 ( ص هـ 1004)
قال الجمهور: إن الأمر بإعادة الصلاة محمول على الاستحباب جمعاً بين الأدلة وزجراً لمن فعله كي لا يعود 0
من لم يجد سعة فى الصف يقف منفرداً ويكره له جذب أحد وهذا قول : مالك والأوزاعي واسحق داود ورواية عن الشافعي وأحمد0
وتبطل صلاة المنفرد خلف الصف عند: أحمد والأوزعي والثوري فى قول واسحق والنخعي0
وتجوز عند: مالك والشافعي والأوزاعي فى قول وأصحاب الرأي 0
أعذار ترك الجماعة
يباح التخلف عن الجمعة والجماعة لأعذار أهمها :
1- المريض الذي يشق معه الذهاب إلى المسجد0
2- المطر والبرد والريح والظلمة فى الحالات الشديدة0
3- الخوف من ظالم على نفس أو عرض أو مال0
4- حضور طعام تتوقه النفس0
5- مدافعة البول أو الغائط أو الريح 0
6- العمى وهو عذر إن لم يجد الأعمى قائداً أولم يهتدي بنفسه 0
7- القيام بأمر مريض يتضرر بغيبته 0
عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من يسمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر"0(ص هـ793)
وقد تخلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أجل المرض عن الجماعة وقال: "مروا أبا بكر أن يصلى بالناس".(خ 713 م 418)
عن مالك عن نافع أن ابن عمر أذن للصلاة فى ليلة ذات برد وريح وقال: ألا صلوا فى الرحال0(خ632 م 697)
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان".(م 560)(1/13)
عن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل ، حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة".(خ 674)
عن ابن أمِّ مكتوم، أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول اللّه ، إني رجل ضرير البصر شاسع الدار، ولي قائد لا يلاومني، فهل رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: "هل تسمع النِّداء؟" قال: نعم ، قال: "لا أجد لك رخصةً"0(ص د 552)
عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا"0(خ 2996)
قال البغوي فى شرح السنة جزء 3/348 : اتفق أهل العلم على أنه لا رخصة فى ترك الجماعة لأحد إلا من عذر 0
أحوال المقتدي
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أقيمت الصَّلاة فلا تأتوها تَسْعَوْن وأتوها تمشون وعليكم السَّكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا". (خ908 م602)
والمسبوق منفرد فيما يقضيه وما أدركه مع الإمام فهو أول صلاته عند: الشافعي واسحق والأوزاعي .
وما أدركه مع الإمام فهو آخر صلاته وما يقتضيه فهو أولها يستفتح له ويتعوذ ويقرأ السورة جهراً عند: أبي حنيفة والثوري ومشهور مذهب أحمد.
والراجح أن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته، إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن ، ولكن لم يستحب له إعادة الجهر فى الركعتين الباقيتين ، وهو قول الجمهور.
إقامة جماعة فى المسجد بعد الجماعة الراتبه
إذا صلى إمام المسجد وحضر جماعة أخرى فلهم أن يصلوا جماعة عند: أحمد واسحق وابن تيمية وابن قدامه وابن حزم0
عن أبي سعيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه ثم جاء رجل فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : "من يتجر على هذا أو يتصدق على هذا فيصلي معه قال فصلى معه رجل".
(حم 3/64 ص مشكاة 1146)(1/14)
ويكره تكرار الجماعة فى مسجد له إمام راتب ويصلون فرادى عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزعي والثوري والليث وابن المبارك والزهري والبصري والمالكية0
إعادة الصلاة
من صلى فريضة ولو جماعة ثم أدركها فى جماعة استحب له إعادتها بنية التطوع.
عن يزيد بن الأسود قال: صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح بمنى فإذا رجلان في مؤخر المسجد لم يصليا فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا". قالا: يا رسول الله إنا قد صلينا في رحالنا قال: "فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما الإمام ولم يصل فصليا معه فإنها لكما نافلة".
( ص ت219)
قطع الصلاة
لقطع الصلاة أربع أحكام:
حرام وواجب ومباح ومستحب
1- يحرم قطعها بلا عذر0
2- ويباح قطع الصلاة لو خاف ضياع مال له أو لغيره ولو قليلاً أو هربت منه دابة أو خافت امرأة تألم ولدها من البكاء ، أو خاف نحو ذئب على نحو غنم أو خاف سقوط ما لا علم له كأعمى فى نحو بئر أو فوت رفقة أو حصول غلبة نوم 0
ويباح قطع النافلة لخوف فوت صلاة جنازة 0
ويجوز إخراج المرأة من النفل لحق الزوج والسيد0
ويجوز لمن دخل الصلاة مع الإمام أن يخرج منها بنية المفارقة ويتمها وحده إذا أطال الإمام الصلاة.
3- ويستحب قطع الفرض لإدراك الجماعة0
4- ويجب قطعها و لو فرض لإخراج مصحف ملقي في نجاسة ولإحياء نفس كمن وقع في ماء أو مال عليه حيوان ، ومن غلب علي ظنه سقوط أعمي أو صبي أو دابة في بئر ونحوه ، ويجب قطع النافلة لإجابة أحد والديه الأعمي و الأصم و إلا خفف الصلاة وسلم .
الاستخلاف
هو إنابة الإمام واحداً من المقتدين يكن صالحاً للإمامة لإتمام الصلاة إذا طرأ على الإمام عذر لا يتمكن معه من إتمام الصلاة ، وذلك بأن يشير إليه أو يجره إلى مكانه ليتم الصلاة بالقوم0
فقد استخلف عمربن الخطاب عبد الرحمن بن عوف عندما قتله المجوسي0
واستخلف علي رجلاً عندما رعف 0 رواه سعيد بن منصور(1/15)
قال ابن تيمية : قال أحمد: إن استخلف الإمام فقد استخلف عمر وعلى وإن صلوا وحدانا فقد طعن معاوية وصلى الناس وحدانا من حيث طعن أتموا صلاتهم وإن لم يستخلف الإمام أحداً فتقدم رجل بنفسه أو قدم القوم واحداً جاز اتفاقاً0
يجوز الاستخلاف لعذر عند: أبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي والعترة0
الصف الأول وميامن الصفوف
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما فِي النِّدَاءِ وَالصَّفّ الأوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلاَّ أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا"0 (م 437)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خَيْرُ صُفُوفِ الرّجَالِ أوّلُهَا، وَشَرّها آخرُهَا وَخَيْرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرّها أوّلُها". (م 440)
التبليغ خلف الإمام
يجوز التبليغ خلف الإمام عند الحاجة إليه0
أما إذا بلغ صوت الإمام الجماعة فهو حينئذ بدعة مكروهة باتفاق الأئمة0(1/16)
الباب العاشر
المساجد(1/1)
الباب العاشر
المساجد
قال الله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجن:18) قال الألوسي في روح المعاني 16/157: إن الله تعالى يحب أن يوحد ولا يشرك به أحد، فإن لم يوحدوه في سائر المواضع فلا تدعو معه أحداً فى المساجد ، لأن المساجد له سبحانه مختصة به عز وجل فالاشراك فيها أقبح وأقبح 0 أهـ
قال القرطبي:المساجد وإن كانت لله ملكاً وتشريفا،فإنها قد تنسب إلى غيره تعريفاً،فيقال:مسجد فلان0 أهـ
لقد كان المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدر نور واشعاع ، كان مدرسة للتربية الروحية ، كان مدرسة للتربية البدنية كان مكاناً للتخطيط الحربي ، كان مكاناً تنطلق منه أوامر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
المسجد أحب البقاع إلى الله تعالى ، فهو قلعة الإيمان ، وحصن الفضيلة ، وهو بيت الأتقياء ، ومكان اجتماع المسلمين ، ومركز مؤتمراتهم ومحل تشاورهم وتناصحهم منه تخرج العلماء والفقهاء وفيه كان الجرحى يمرضون ، وبسواريه كان الأسرى يربطون ، وفى رحابه كان التقاضي والقضاء، ومحاسبة الخلفاء ، وفيه كانت الملاعنة تجرى بين الرجال والنساء ، وفيه كانت قسمة الغنائم ، فهو ملتقى الأمة وناديها وجامعتها ومكان شوارها0
وقد خصت هذه الأمة بجواز الصلاة فى أي موضع غير المواضع المنهي عن الصلاة فيها0
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته". (خ335 م521)
عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال:" المسجد الحرام". قال: قلت: ثم أي؟ قال:" المسجد الأقصى". قلت: كم كان بينهما؟ قال:" أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه" . (خ 3366 م 520)
فيحتمل أن الذي بني المسجد الحرام هو آدم ، وأن أحدا من ولده بني المسجد الأقصى بعده بأربعين سنه والله أعلم.(1/1)
فضل بناء المساجد
من بنى مسجداً مخلصاً لله تعالى فله أجر عظيم وثواب دائم0
عن عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة ". (حم1/241 ص ج 6129)
كمفحص قطاة : كموضع تبيض فيه القطاة ، والقطاة طائر.
وهو محمول على أن يشترك جماعة فى بناء مسجد فتكون حصة كل منهم قدر المفحص0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته"0 (ص هـ242)
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها"0 (م 671)
عن عثمان بن عفان قال سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول:" من بنى مسجداً يبتغي به وجه اللّه بنى اللّه له مثله في الجنة"0 ( خ 450 م 533)
فيشترط أن يكون بناء المسجد خالصاً لوجه الله تعالى لا سمعة ولا رياء ولا شهرة ولا مباهاه ولا مفاخرة ، فمن كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيداً من الإخلاص.
بناء مسجد فى الطريق
يجوز بناء مسجد فى الطريق ما لم يضر العامة عند: الجمهور.
عن عائشة قالت: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، طرفي النهار بكرة وعشية، ثم بدا لأبي بكر، فابتنى مسجدا بفناء داره، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين. (خ476)
يجوز بناء مسجد فى الطريق عند: أحمد فى رواية ومالك والحسن0
مسجد لأهل كل جهة(1/2)
يسن لأهل كل جهة بناء مسجد ويسن اتخاذ موضع فى البيت للصلاة فيه وتنظيفه من الأقذار وكنسه وتطييبه0
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ببنيان المساجد في الدور وأمر بها أن تنظف وتطيب. (ص د455)
الدور : القبائل وقيل البيوت أو المحال التى فيها الدور لورود النهي عن اتخاذ البيوت مثل المقابر0
والحكمة من ذلك أنه قد يتعذر أو يشق على أهل محله الذهاب إلى الأخرى فيحرمون أجر المسجد وفضل إقامة الجماعة فيه0
آداب المسجد
آداب دخول المسجد والخروج منه
يسن لمن أراد دخول المسجد أن يدخل برجله اليمني وأن يخرج برجله اليسري.
عن أنس ابن مالك قال: من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدء برجلك اليمني وإذا خرجت أن تبدء برجلك اليسرى.
(رواه الحاكم 1/218 حسنه الألباني في الثمر المستطاب 2/602)
عن ابن عمر أنه كان يبدأ برجله اليمني فإذا خرج بدأ برجله اليسرى. (خ 1/62)
وهذا القول واجب عند: ابن حزم.
عَن أنَسِ قال،َ قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "مَنْ قالَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ: بِسْمِ الله تَوَكّلْتُ عَلَى الله لا حَوْلَ وَلاَ قُوّةَ إِلاّ بالله يُقَالُ لَهُ: كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَتَنَحّى عَنْهُ الشّيْطَان "0 (ص د5095)
عن أبي حُميد قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :" إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيُسَلِّم على النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، ثُم ليَقُلِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإذَا خَرَجَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إني أسألُكَ مِنْ فَضْلِك "0 ( م 713 )
تحية المسجد
يطلب ممن دخل المسجد ألا يجلس حتى يصلى ركعتين تحية المسجد 0
عن أبي قتادة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال:" إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس "0 ( خ 444 م 714)(1/3)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَرَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ ، فَجَلَسَ. فَقَالَ لَهُ:" يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. وَتَجَوّزْ فِيهِمَا". ثُمّ قَالَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ،وَلْيَتَجَوّزْ فِيهِمَا ".
( م 875 )
تحية المسجد سنة وقت الخطبة عند : الحنابلة .
تكره عند: أبي حنيفة والليث والأوزاعي والمالكية .
وتجوز لأنها لها سبب عند: الشافعية .
وتحرم عند: المالكية.
قال بالوجوب: داود الظاهري والصنعاني والشوكاني.
السعي إلى المساجد
السعي إلى المساجد والجلوس فيها للطاعة من أسباب السعادة فى الدنيا والآخرة ، فمن جلس فى المسجد لا يعدم صحبة أخ صالح يستفيد منه نصيحة أو مساعدة أو بيان آية قرآنية أو مسألة علمية0
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إن للمساجد أوتادا الملائكة جلساؤهم إن غابوا يفتقدونهم وإن مرضوا عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم" 0
(ص ترغيب 327)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - :" مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أَعَدّ الله لَهُ فِي الْجَنّةِ نُزُلاً،كُلّمَا غَدَا أَوْ رَاح" . ( خ622 م 669)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" مَنْ تَطَهّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمّ مَشَىَ إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً "0 ( م 666 )
أفضل المساجد
أفضل المساجد : المسجد الحرام ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى ثم مسجد قباء ثم الأقدم فالأقدم0(1/4)
عَن أبي هُرَيْرَة أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال:" صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه. إلا المسجد الحرام" 0 (خ 1190 م 1394 )
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" لاَ تُشَدّ الرّحَالُ إلاّ إلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى"0 ( خ 1189 م 1397 )
عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه".(صحيح المسند 14629)
عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين. (خ 1193 م 1399)
عن أسيد بن حضير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" الصلاة في مسجد قباء كعمرة".(ص ت 323)
وفضل المسجد الأقدم لقوله تعالى: ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ)
(الحج: من الآية33)
المواضع المنهي عن الصلاة فيها
1- المقبرة
عن جندب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:" ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك". ( م 532 )
فاتخاذ القبور التى لم تندرس مساجد حرام كما يحرم بناء المساجد على القبور.
عن أم سلمة أنها ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأتها بأرض الحبشة، يقال لها مارية، فذكرت له ما رأت فيها من الصور، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح ، بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله"0
(خ 427 م 528 )
عن أبي مرثد الغنوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها". ( م 531)(1/5)
ويجب هدم كل مسجد بني على قبر .
قال النووي فى المجموع : وأما حفر القبر فى المسجد فحرام شديد التحريم 0
عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحذر ما صنعوا(خ 435 )
قال الشيخ على محفوظ : إن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها0
ومما يؤسف له أن معظم مساجد المسلمين فيها قبور إما فى قبلة المسجد أو فى طرف منه أو فى صحنه أو فى حديقته ، وكأن المسلمين لم يعلموا أن آخر وصية لنبيهم - صلى الله عليه وسلم - كانت التحذير من هذه الوثنية المكشوفة 0
2- الحمام
وتكره الصلاة فى الحمام غير المتنجس عند : الجمهور وأحمد وإسحاق وأبي ثور.
ولا تصح عند: أحمد والظاهرية وأبي ثور.
وتحرم عند: ابن حزم.
عن ابن عباس قال: لا يصلين إلى حش ولا فى حمام 0
الحش : المرحاض.
عن أبي سعيدٍ الخُدْريّ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "الأرْضُ كُلهَا مَسْجِدٌ إلا المَقْبَرَةَ والحَمّام "0(ص ت 317)
3- المزبلة و المجزرة و قارعة الطريق و أعطان الإبل و فوق الكعبة
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل"(ص ت 348)0
والنهي عن الصلاة فى أعطان الإبل للكراهة مع عدم وجود النجاسة 0
والنهي مع وجود النجاسة عند: الجمهور.
والنهي للتحريم بأي حال عند: احمد والظاهرية وابن حزم .
والنهي فى المزبلة والمجزرة من غير حائل للتحريم اتفاقاً وعلة النهي لأنهما محلين للنجاسة .
ومع الحائل تكره عند: الجمهور .
4- فى الأرض المغصوبة
تحرم عند: الجمهور والمالكية والشافعية .
وتكره عند: الأحناف.
ولا تصح الصلاة فيها عند: أحمد في رواية.
5- فى الكنيسة والبيعة
تكره عند: الحنفية والشافعية.
قال عمر: إنا لا ندخل كنائسهم من أجل التماثيل التي فيها والصور.
وتجوز الصلاة : إذا كانت خالية من الصور.(1/6)
6- فى مسجد فيه بدع
لا تصح الصلاة خلف مبتدع معلنا بدعته عند: الحنابلة.
لا يصلي خلف مبتدع بحال من الأحوال عند: أحمد ومالك.
7- فى مسجد الضرار
تكره عند: الجمهور.
ما تصان عنه المساجد:
ينبغي صيانة المساجد من كل ما ينافي احترامها وما بنيت له ،وذلك بأمور منها :
1- يطلب صيانتها من الأقذار كالبول والحجامة والفصد والبزاق وغيرها.
عن أنس أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر اللَّه وقراءة القرآن"( م 285 )
عن أنسِ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" البُزَاقُ في المسْجِدِ خَطِيئَةٌ وكَفّارَتها دَفْنُها"0 (خ415 م 552)
2- يلزم صيانة المسجد عن الروائح الكريهة ، فيحرم على من تناول ذا رائحة كريهة كثوم أو بصل دخول المسجد قبل إزالتها 0
عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" من أكل الثوم والبصل والكرات فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم "0 (م 564 )
فتناول البصل والثوم والفجل والكرات وكل ما له رائحة كريهة حرام على من أراد دخول المسجد.
ومثل الثوم والبصل فى خبث الرائحة الدخان ، بل هو أخبث وهو محرم لأربعة أوجه :
(أ) كونه مضراً بالصحة بإخبار الأطباء المعتبرين ، وكل ما كان كذلك يحرم استعماله اتفاقاً0
(ب) كونه من المخدرات المتفق عليها المنهي عن استعمالها شرعاً.
(ج) كون رائحته كريهة تؤذي الناس الذين لا يستعملونه، وتؤذى الملائكة0
(د) كونه سرفاً إذ لا نفع فيه بل ضرره محقق0
(أنظر كتابنا خطر الدخان)
3- ويكره إخراج الريح فى المسجد اختياراً 0
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" إِنّ الْمَلاَئِكَةَ تُصَلّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاّهُ الّذِي صَلّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ تقول: اللّهُمّ اغْفِرْ لَهُ اللّهُمّ ارْحَمْهُ ".
(خ 445 م 649 )(1/7)
دل الحديث على أن الحدث فى المسجد خطيئة يخرج به المحدث من استغفار الملائكة ودعائهم له ومن ثواب الجلوس فى المسجد لانتظار الصلاة0
هذا والجمهور على أنه يباح للمحدث حدثاً أصغر دخول المسجد والجلوس فيه0
4- ويكره تحريماً رفع الصوت فى المسجد بنشد الضالة 0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا ".( م 568 )
5- يمنع السؤال فى المسجد برفع الصوت ، والإعطاء بلا سؤال جائز اتفاقاً 0
يحرم السؤال في المسجد عند: الأحناف.
6- لا يجوز رفع الصوت فى المسجد ولو بالقرآن والذكر 0
عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال:" ألا إنَّ كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذينَّ بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة"0 (ص د 1332)
عن ابن مسعود أنه سمع قوما اجتمعوا في مسجد يهللون ويصلون علي النبي - صلى الله عليه وسلم - جهراً ، فذهب إليهم فقال: ما عهدنا ذلك علي عهده - صلى الله عليه وسلم - وما أراكم إلا مبتدعين فما زال يذكر ذلك حتى أخرجهم من المسجد.
7- ويجب أن يصان المسجد من دخول الصبيان والمجانين إذا خيف تلويثه والعبث فيه وصرف المصلين عن الخشوع وإلا فلا تمنع الصبيان من المساجد.
قال الألباني : تجنيب الصبيان عن المسجد تعظيماً له بدعة لأنه خلاف ما كان عليه الأمر فى عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أما حديث جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم فهو حديث ضعيف لا يحتج به وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاملاً أمامه زينب 0
8- ويكره الاحتراف فى المسجد بعمل دنيوي كخياطة و حياكة وغزل ونحوها.
9- ينبغي صيانة المسجد عن البيع والشراء :(1/8)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشراء والبيع في المسجد وأن تنشد فيه الأشعار، وأن تنشد فيه الضالة وعن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة .(ح د 1079)
يحرم ويبطل البيع والشراء فى المسجد عند : الحنابلة .
ويكره عند: الأحناف.
10- ينبغي صيانة المسجد عن إنشاد الشعر ، والمنهي عنه ما كان عن سبيل التفاخر والهجاء ومدح من لا يستحق المدح، وذم من لا يستحق الذم، وأما ما فيه أمر بمعروف ونهى عن منكر وبيان لأحكام الدين وترغيب فى العمل ، ومدح من يستحق المدح، وذم من يستحق الذم ، وحث على الزهد والمكارم فإنشاده فى المسجد جائز 0
عَن عمرو بْن شعيب، عَن أبيه عَن جده؛ قَال : نهى رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَن البيع والابتياع وعَن تناشد الأشعار في المساجد. (ص هـ 749)
عن سعيد قال: مرَّ عمر بحسََّان وهو يُنشِدُ في المسجد، فلحظ إليه فقال: قد كنت أنشده وفيه من هو خير منك. (خ 3212 )
لحظ : نظر إليه نظرة إنكار
فلا بأس بإنشاد الشعر الذي ليس فيه هجاء ولا فخر ولا سب فى عرض أحد من المسلمين عند: الجمهور ومنهم الأربعة
11- صيانة المسجد من التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة ولو لمذاكرة العلم وغيره من الطاعات0
12- يكره إقامة الحدود فى المسجد صوناً له وحفظاً لحرمته 0
عن ابن عبّاسٍ عَن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:" لاَ تُقَامُ الْحَدُودُ فِي الْمسَاجِدِ وَلاَ يُقْتَلُ الوَالِدُ بِالْوَلَد "ِ.( ص حم 3/434)
ومحرمة عند: المالكية الحنابلة
13- يكره لمن بالمسجد إسناد ظهره إلى القبلة ، بل السنة أن يستقبلها فى جلوسه.
عن عباد بن تميم عن عمه: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الأخرى 0 (خ 475 )
14- لا يجوز أخذ شئ من أجزاء المسجد كحجر وحصاة وتراب وغيرها كالزيت الشمع الذي يسرج فيه 0(1/9)
عن أبي صالح قال: كان يقال: إن الرجل إذا أخرج الحصى من المسجد يناشده. (ص د459)
يناشده : يسأله بالله أن لا يخرجه من المسجد لأنها لا تحب مفارقته 0
والتنفير من إخراج الحصى من المساجد محله المساجد غير المفروشة ، أما المفروشة فيطلب تنقيتها من الحصى و نحوه 0
قال مالك : مثل المؤمن فى المسجد كمثل السمك فى الماء ، ومثل المنافق فيه كمثل الطير فى القفص فانظر إلى حال هذه الجمادات ، وحال غالب أهل الزمان ، يضيق بعضهم ذراعاً من بقائه فى المسجد
15- يكره لمن فى المسجد ينتظر الصلاة تشبيك أصابعه :
عن أبي سعيد قال: إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان،وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه 0 (ص حم 11402)
16- ويكره تحريماً اتخاذ المسجد طريقاً لغير عذر كأن لا يجد طريقاً غيره أو يكون إماماً بابه إلى المسجد 0
عن أبي سعيد الخدري قال: لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر . ( خ 66)
بدع المساجد
المساجد بيوت الله تعالى فيلزم تطهيرها من أدران المحدثات والعوائد ومن بدع المساجد :
(1) اتخاذ المحاريب:
لم يكن فى عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - محراب قط ولا زمن الخلفاء الأربعة وإنما حدث فى آخر المائة الأولى 0
والمحراب هو ما أخذه المسلمون عن النصارى .
قال السيوطي: أن المحراب فى المسجد بدعة0
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" اتقوا هذه المذابح". يعني المحاريب.(هق 2/439 ص ج 120)
(2) زخرفة المساجد:
وتكره زخرفة المساجد ونقشها وتشييدها ، وقصة حدوث الزخرفة هي :(1/10)
لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ثامن بنى النجار على أرض فيها خرب ومقبرة للمشركين ونخل ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنخل فجذ وقطع ، بالمقبرة أن تنبش ، ثم قام ببناء المسجد مع أصحابه وجعل سقفه بجذوع النخل هذا المسجد بصورته المتواضعة أخرج رجالاً فتحوا الدنيا وعمروها بالتوحيد0
وفى عهد أبي بكر لم يحدث بالمسجد تغييراً0
في عهد عمر وسع المسجد من ثلاثة جوانب ، وترك الجانب الذي فيه الحجرة النبوية لأنه يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" لعنة الله على اليهود النصارى اتخذا قبور أنبيائهم مساجد"0 (خ 435 )
وقال عمر للعامل: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر، فتفتن الناس. (خ 1/642)
أكن : أصون وأستر 0
وفى عهد عثمان وسع المسجد من الجوانب الثلاثة ،وبنى بالحجارة المنقوشة ،وجعل سقفه صاجاً فكره الصحابة ذلك 0 (م 533)
وجاء عصر الوليد بن عبد الملك فأرسل إلى عامله بالمدينة عمر بن عبد العزيز بأن يقوم بتوسيع المسجد وأن يدخل الحجرة النبوية فيه ، فجمع عمر أهل العلم وشاورهم فكرهوا ما قاله الوليد ، فأرسل عمر إلى الوليد بما قاله أهل العلم ، فلم يخضع الوليد لكلامهم ، وأمر عمر أن ينفذ ما أمره به 0
ثم أمر الوليد بزخرفة المسجد النبوي و تزويقه وتلوينه وهكذا كان الوليد أول من أدخل القبر فى المسجد ، وأول من أمر بزخرفته0
قال المناوي: وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك وسكت كثير من السلف عنه خوف الفتنة ثم جاء الولاة من بعده وأكثروا من هذه الزخارف الذهبية والفضية ، ثم انتشرت هذه البدع بعد ذلك فى معظم مساجد الدنيا ، فإلى الله المشتكي وهو المستعان0
والزخرفة هي الزينة 00 والتشييد المراد به تطويل البناء وارتفاعه 0
عن ابنِ عَبّاسٍ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ المَسَاجِدِ".
(ص د448)(1/11)
قال المناوي : أي ما أمرت برفع بنائها ليجعل ذريعة إلى الزخرفة والتزيين الذي هو من فعل أهل الكتاب وفيه نوع توبيخ وتأنيب0
(فيض القدير5/426)
قال ابن بطال وغيره: فيه دلالة على أن السنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تحسينه.
قال الصنعاني فى سبل السلام 1/265 : والحديث ظاهره الكراهة أو التحريم لقول ابن عباس : لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصارى ، لأن التشبه بهم محرم0 أهـ
عن أبى سعيد قال: قال رسل الله - صلى الله عليه وسلم - :" إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم"0 (ح ج 585)
قال المناوي: أي حسنتموها بالنقش والتزويق ، وقوله : فالدمار عليكم :دعاء أو خبر0 أهـ
وكلاهما خطير، فإن كان دعاء فمن صنع هذه المخالفات لحقه دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدمار،وإن كان خبر ، فإن الإخبار كفيل بأن يبتعد عن هذه البدع الخطيرة.
إن المساجد قد تحولت إلى متاحف حتى بلغ الأمر من السياح الكفار أنهم يدخلون المساجد فى ملابس شبه عارية ويمرون أمام المصلين رجالاً ونساء ومعهم آلات التصوير ليصورا بها داخل المسجد ، يصورون زخارفه وعمده بل ويصورون المصلين وهم راكعون أو ساجدون ، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم، وحسبنا الله ونعم الكيل0
عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد"0(ص د449)
يتباهى :يتفاخر فى عمارتها ونقشها كفعل أهل الكتاب بكنائسهم وبيعهم0
وقال أنس: يتباهون بها ولا يعمرونها إلا قليلاً0 (خ 1/170)
قال الصنعاني فى سبل السلام 1/409: والحديث من أعلام النبوة ، والتباهي إما بالقول بأن يقول واحد : مسجدي أحسن من مسجد فلان علوا وزينة وغير ذلك ، وفيه دلالة مفهمة بكراهة ذلك وأنه من أشراط الساعة وأن الله لا يحب تشييد المساجد ولا عمارتها إلا بالطاعة 0(1/12)
قال ابن رسلان: هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة لإخباره - صلى الله عليه وسلم - عما سيقع ، فإن تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها أكثر منها الملوك والأمراء بالقاهرة والشام ، والحديث يدل على أن تشييد المساجد بدعة0
قال المناوي: فإن ذلك (أي تزيين وزخرفة المساجد) ينشأ عن غلبة الرياء والكبرياء والاشتغال عن المشروع بما يفسد حال صاحبه ففاعل ذلك بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه إلا قليلاً .
أضحت المساجد للتفاخر بما فيها من زخرفة ، فإذا دخلت اليوم المساجد تجد الزخرفة فى كل شئ، فالجدران مزخرفة بالنقوش والألوان والزينات ، والنوافذ مزخرفة بالبلور الملون ، والأرض مزخرفة بالفرش الفاخر الذي يحتوي على أشكال الصلبان والصور المحرمة كصور الحيوان ،والستائر الفاخرة المزركشة تغطي النوافذ والثريات البراقة تتدلى من السقوف ومثلها القناديل.
عن ابنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" مَنْ تَشَبّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُم".
(حم5114 ص ج 2831)
فزخرفة المساجد تشبه باليهود والنصارى فى زخرفة كنائسهم ومحاريبهم.
قال ابن تيمية : هذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم 0 أهـ
( اقتضاء الصراط المستقيم ص 39 )
فتشبه جهلة المسلمين بهم فزينوا مساجدهم ومحاريبهم وذلك كله مصداقاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ " قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ الْيَهُودُ وَالنّصَارَىَ؟ قَالَ: "فَمَنْ؟" 0 (م 2669 )
وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. (ص د448)
قال حمود التويجري: ومن التشبه بأعداء الله تعالى ما ابتلى به كثير من المسلمين قديماً وحديثاً من تشييد المساجد وزخرفنها والتباهي بها 0 أهـ(1/13)
والزخرفة تفسد على الناس خشوعهم فى صلاتهم وتشغلهم وتلهيهم ، وقد مدح الله الخاشعين فقال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون1-2) قال السيوطي : قال أصحابنا تكره كتابة آي المصحف على الحيطان والجدران وعلى السقوف أشد كراهة 0 أهـ (الإتقان فى علوم القرآن 2/170)
قال مالك: أكره أن يكتب فى قبلة المسجد شئ من القرآن والتزويق 0
قال المناوي: وزخرفة المساجد وتحلية المصاحف منهي عنها لأن ذلك يشغل القلب ويلهي عن الخشوع والتدبر .( فيض القدير 1/366 )
قال النووي: ويكره زخرفة المسجد ونقشه وتزيينه للأحاديث المشهورة لئلا تشغل قلب المصلى.( المجموع 2/118 )
وممن نص على بدعية الزخرفة والنقوش ونحوهما: تقي الدين الحنبلي، صديق حسن خان، السيوطي الشاطبي ،القاري ،البغوي ،ابن الحاج ، العز بن عبد السلام، أبو شامة، شمس الحق أبادي، القاسمي السندي ، القسطلاني، الألباني ، على محفوظ ، سيد سابق .
والزخرفة ضرب من إضاعة المال والسرف.
قال تعالى: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: من الآية31)
عن أبي برزة الأسلمي قال، قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه"0 (ص ت 2417)
قالت المالكية : يكره نقش المسجد وزخرفته فى المحراب وغيره 0
قال العيني : نقش المسجد وتزيينه مكروه 0
قال الأوزاعي : ينبغي أن يحرم لما فيه من إضاعة المال(أي نقشه وزخرفته )
قال ابن الجوزي : من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيداً عن الإخلاص0 (خ1/649)
قال الشافعية والحنابلة : النقش والتزويق بغير الذهب والفضة مكروه أما بهما فحرام 0
(3) غلق المساجد:(1/14)
لأن المساجد بنيت للطاعة فى كل وقت والجلوس فيها مستحب للعبادة وقراءة القرآن وسماع العلم وانتظار الصلاة ، فالسنة فتح المساجد فى كل الأوقات إلا لضرورة كما كان الحال فى عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين والسلف الصالح ، وغلقها قد يؤدي إلى تضييع الصلاة 0
قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(البقرة:114) ومن التخريب منع المصلين والمتعبدين من دخولها ، وقد نشأ من ذلك بدعة أخرى مذمومة ، وهو ما اعتاده خدمة المساجد من طرد المصلين أو طلاب العلم بعد صلاة العشاء0
فغلق المساجد بدعة خاصة بالنهار إجماعاً 0
ويجوز غلقها ليلاً خشية السرقة منها0
(4) الرقص والغناء واستعمال آلات الطرب كالدف والرباب:
فمن فعل ذلك فى المسجد فهو مبتدع ضال مستحق للطرد والضرب ، لأنه استخف بما أمر الله بتعظيمه فى قوله: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) (النور:36) وإذا كان من يرفع صوته لحاجة مهمة كإنشاد الضالة قد شرع الدعاء عليه فما بالك برافعي أصواتهم لا لحاجة بل للضرر والتشويش 0
(5) وضع كرسي مرتفع فى المسجد:
يتلى عليه شئ من القرآن بصوت مرتفع يوم الجمعة وقبل إقامة الصلاة فى غيرها، فيحصل من التشويش على المصلين ما لا يمكن معه أداء الصلاة على وجهها 0
(6) الاحتفال فى المسجد بالمولد وغيره:
وهو أمر محدث قبيح لم يقع من السلف وفيه عدة مفاسد منها:
إضاعة الأموال بكثرة الوقوف فى المساجد وهو من الإسراف و التبذير المنهي عنه0(1/15)
ما يترتب على ذلك فى كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم ورفع أصواتهم وامتهانهم المساجد وانتهاك حرمتها حصول أوساخ فيها0
قراءة القرآن على غير الوجه المشروع فيرجعون فيه كترجيع الغناء0
إقامة حلقات الذكر المحرف فى المساجد مع ارتفاع أصوات المنشدين والتصفيق الحاد من رئيس الراقصين وقد يضربون على البازة ونحوها أثناء الذكر0
اتخاذ قبور الأنبياء والأولياء عيداً وقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال:" لا تجعلوا قبري عيداً "0
قال السفاريني فى غذاء الألباب 2/260:
وقد انطمست معالم الدين وطفئت إلا من بقايا حفظة الدين ، فصارت السنة بدعة ، والبدعة شرعة ، والعبادة عادة ، والعادة عبادة 0
(7) زيادة النور فى المساجد والمآذن :
وذلك ليلة أول جمعة من رجب ليلة السابع والعشرين منه وليلة النصف من شعبان وليالي رمضان وليلتي العيد وغيرها من ليالي المواسم المحدثة فإنها إسراف وتبذير لم يكن فى زمن السلف الصالح0
(8) الصلوات المبتدعة كصلاة الرغائب و الصلاة الألفية وغيرها:
والاحتفال فى المساجد بإحياء هذه الليالي بالصلاة والدعاء وغيرهما لأنه لم يكن فى عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فى عهد السلف الصالح ، وكذا دعاء ليلة النصف من شعبان فإنه لم يثبت ، والاجتماع له بدعة ، ونسبته إلى بعض الصحابة غير صحيح ، وإنما هو من اختراع بعض المشايخ 0
(9) الاجتماع فى المسجد للدعاء برفع الوباء:
فإنه بدعة حدثت سنة 749 هـ كما قاله ابن حجر0
وقال السيوطي : إن ذلك بدعة لا أصل له لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء برفعه ولا عن أصحابه ، وقد وقع الطاعون فى عهد عمر ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه دعا برفع هذا الوباء.
(10) اتخاذ المنبر العالي:
يسن اتخاذ منبر للخطبة لأنه أبلغ في إسماع الناس ومشاهدتهم للخطيب.(1/16)
عن سهل بن سعد قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى امْرَأَةٍ انظري غُلاَمَكِ النّجّارَ. يَعْمَلُ لِي أَعْوَاداً أُكَلّمُ النّاسَ عَلَيْهَا، فَعَمِلَ هَذِهِ الثّلاَثَ دَرَجَاتٍ. (م 544 )
كان ارتفاع المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذراعين وامتداده مما يلي القبلة إلى الجهة المقابلة لها ذراعين وكان عرضه ذراعاً ، وارتفاع كل درجة نصف ذراع ، وارتفاع المقعدة ذراعاً وسطحها ذراعاً فى ذراع ، وكان له رمانتان فى جانبي المقعدة كان يقبضها - صلى الله عليه وسلم - بيديه إذا جلس ، وارتفاع كل واحدة نصف ذراع.
وكان به ثلاثة أعواد خلف الظهر ليستند إليها ، طول كلّ ذراع، وفى كل جانب عود ،وكان فيه ثلاث كوى فى الجانب الأيمن ومثلها فى الأيسر وواحدة من الخلف0
الكوة : الخرق فى الحائط0
ولم يزل المنبر ثلاث درجات حتى زاده مروان فى خلافة معاوية ست درجات.
وهذا أمر محدث ،فاتخاذ المنبر العالي يقطع صفوف المصلين، ويأخذ من المسجد جزءا وهو وقف0
(11) فرش المنبر بسجادة :
قال ابن الحاج : وليحذر أن تفرش سجادة وغيرها على المنبر ودرجه، لأنه بدعة إذ لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة ولا من السلف وليس بموضع صلاة فهو من الترفه يطلب تركه.
(12) وضع الأعلام على جانبي المنبر والستائر على بابه :
فإنه أمر محدث لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح وقد يمنع عن رؤية الخطيب ، والسنة النظر إليه حال الخطبة0
ومما يثير العجب: اتخاذ الأبواب للمنابر ،ولست أدري ما الحاجة إلى مثل هذا الباب؟ اللهم إلا الإسراف وتبذير الأموال 0
(13) القبة:
هذه أيضاً مما قلد فيه المسلمون غيرهم ، وهي تتكلف الكثير من الأموال.
(14) المئذنة :(1/17)
لم تكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مئذنة، وكان المؤذن يؤذن فوق سطح المسجد أو من مكان مرتفع ، وقد قامت مقامها اليوم مكبرات الصوت فلم تعد هناك حاجة لهذه المآذن المرتفعة والتي تنفق الآلاف المؤلفة فى سبيل بناءها وزخرفتها ،أما إذا دعت الحاجة إلى اتخاذ منارة يرتفع عليها المؤذن ، فلتكن بسيطة وغير شاهقة تقيه حر الشمس و مطر الشتاء0
قال الألباني:إن المنارة المعروفة اليوم ليست من السنة فى شئ ، فإن كان التبليغ لا يحصل إلا بها فهي مشروعة غير أن من رأيي أن وجود الآلات المكبرة للصوت اليوم تغني عن اتخاذ المئذنة كأداة للتبليغ0
(15) السواري:
كانت السواري ضرورة للبناء وأما الآن مع تقدم فن الهندسة فيمكن تقليلها بل يمكن الاستغناء عنها ذلك لأن السواري تقطع الصفوف وكان الصحابة يطردون من السواري طرداً ، ولكنهم كانوا يجعلون هذه السواري سترة لهم إذا صلوا النافلة ، وقد رأي عمر رجلاً يصلي بين اسطوانتين فأدناه إلى سارية ، فقال: صل إليها0
(16) اللوحات والصور والكتابات:
من البدع المحدثة اللوحات الضخمة وصور الكعبة أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى أو الصور الملونة الطبيعية أو اللوحات المكتوب عليها :الله 0 محمد0 أبو بكر0 عمر0 عثمان0 علىّ0 فاطمة0 وغير ذلك من اللوحات المكتوب عليها الآيات بالخط الكوفي أو بأشكال هندسية أو بخطوط يصعب قراءتها ، ومثلها الأحاديث والحكم والأشعار وأعجب ما يراه الإنسان تلك اللوحات الكبيرة التى كتب عليها القرآن كله بخط يشبه دبيب النمل ، ولا يمكن قراءته 0
(17) الخيوط والخطوط فى المسجد :
وصل بالمسلمين الإهمال فى شأن تسوية الصفوف والتزاحم بالأقدام والمناكب إلى درجة أنهم احتاجوا إلى مثل هذه الخطوط المبتدعة التى إن دلت على شئ فإنما تدل على مبلغ جهل المسلمين بالتحاذي الصحيح والوقفة الصحيحة التى فعلها الصحابة.(1/18)
عن أنس قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه فقال : "أقيموا صفوفكم وتراصوا".(خ 719)
(18) كثرة المساجد فى المحلة الواحدة :
من المحدثات، وذلك لما فيه من تفريق لجمع المسلمين وتشتيت الشمل وتعديد الكلمة وفوات حكمة مشروعية الجماعة 0
جاء فى الإقناع : ويحرم أن يبنى مسجد إلى جانب مسجد آخر إلا لحاجة ، كخوف فتنة باجتماعهم فى مسجد واحد ويحرم بناء مسجد يراد به الضرر لمسجد بقربه ، ويجوز توسيع المسجد ، ويجوز بناء الطابق الثاني 0
(19) المقاصير والدرابزين والكرسي الكبير:
هذا كله من البدع ولا بأس بعمل غرفة بها مكتبة يأوي إليها العلماء وطلاب العلم والضيوف والغرباء ، ويستحسن أن يجعل بالقرب من باب المسجد خزائن خاصة توضع فيها الأحذية ، أما المراحيض فيجب ألا تكون باتجاه القبلة لحديث: إذا جلس أحدكم إلى حاجته، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ، ويستحسن أن يكون فى كل مسجد تقام فيه صلاة الجمعة صندوق للشكاوي والمشاكل ويستحسن أن تكسى الجدران بطبقة عازلة كالخشب ليمنع البرودة عن القراء الذى يسندون ظهورهم إليها ويستحسن أن تكن هناك كراسي توضع عليها المصاحف أثناء القراءة0
(20) البخور فى المسجد :
وهو تشبه بما يفعل فى كنائس النصارى ويكفي فى تطييب المسجد باستعمال العطور0
(21) أجراس الساعات التى تشبه بأصواتها نواقيس الكنائس:
يسمعها المسلمون وكأنهم فى الكنيسة ، وإذا قلت لهم ما هذه الأجراس قالوا: لتذكرنا بالوقت ونسوا أن هذه الأصوات تصرفهم عن الخشوع فى الصلاة فينبغي تعطيل هذه النواقيس.
عن أبي مرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لاتصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس(م 1703)
والجرس: من مزامير الشيطان.
ما يباح فى المسجد
يباح فيه أمور كثيرة منها:
(1) يباح فيه النوم عند الحاجة
عن ابن عمر:أنه كان ينام، وهو شاب عزب لا أهل له في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - . (خ440)
((1/19)
2) يباح الوضوء فى المسجد عند : الجمهور
عن أبي العالية عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:حفظت لك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ في المسجد. (الفتح الرباني 2/56-رقم 316)
(3) ويجوز الاستلقاء على الظهر فى المسجد ووضع إحدى الرجلين على الأخرى.
عن عَبّادِ بنِ تَمِيمٍ عن عَمّهِ عبد الله بن زيد بن عاصم أَنّهُ رَأَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقِياً في المَسْجِدِ، وَاضِعاً إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى 0(خ475 م2100 )
(4) يباح الأكل الشرب فى المسجد للمعتكف وغيره عند: الشافعي أحمد
فالأكل والشرب يباح فى المسجد ما لم يكن فيه تقذير فى المسجد أو تضييق على المصلى ولم يكن المأكول ذا رائحة كريهة كالثوم والبصل0
(5) يباح فى المسجد اللعب بالحراب ونحوها للتدريب على حرب العدو0
عن أبي هريرة قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد والحبشة يلعبون فزجرهم عمر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" دعهم يا عمر فإنهم بنو أرفدة". (خ988 م893)
(6) يجوز دخول الكافر المسجد بإذن المسلم ولحاجة :
عن أبي هريرة قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أطلقوا ثمامة". فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
(خ 462 م 1764)
فيجوز دخول الكافر المسجد بإذن المسلم أو لحاجة عند: المالكية والشافعي و الحنابلة والخطابي0
ولا يجوز دخول المسجد الحرام إلا لمسلم عند: الشافعية والحنابلة0
(7) يباح عقد النكاح والقضاء واللعان فى المسجد:
عن سهل بن سعد: أن رجلا قال: يا رسول الله: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله؟ فتلاعنا في المسجد، وأنا شاهد. (خ 4745 م 1492)(1/20)
فيباح عقد النكاح والقضاء فى المسجد عند: الأحناف وأحمد.
(8) يصح جعل أسفل البيت وأعلاه مسجداً
يجوز جعل المسجد أسفل البيت عند:الحنابلة وأبي يسف ومحمد ابن قدامة.
ولا يجوز عند : الأحناف وابن نجيم وابن حزم0
يجوز جعل المسجد أعلا البيت عند: الحنابلة وأبي يوسف ومحمد وابن قدامة.
ولا يجوز عند : الأحناف وابن نجيم وابن حزم.
(9) يلزم الوقف ويزول ملك الواقف عنه بمجرد قوله :وقفته فلا يباع ولا يوهب ولا يورث0
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضا بخيبر، لم أصب مالا قط أنفس عندي منه فما تأمر به؟ قال:" إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". قال: فتصدق بها عمر: أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث. (خ2737 م 1632)
(10) ويجوز أن يقال مسجد بني فلان :
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي أضمرت: من الحفيات، وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها. (خ 420)
قال ابن حجر: ويستفاد منه جواز إضافة المساجد إلى بانيها0(1/21)
الباب الحادي عشر
صلاة السفر(1/1)
الباب الحادي عشر
صلاة السفر
السفر: هو خروج الإنسان من محل إقامته لغرض من أغراض الحياة بنية الرجوع ، وسمي سفراً لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم فيظهر ما كان خافياً منها، وهو قطع مسافة تتغير بها الأحكام من قصر الصلاة ، إباحة الفطر فى رمضان ، امتداد مدة المسح على الخفين ، سقوط الجمعة والعيدين والأضحية ، والقصر واجب سواء أكان السفر طاعة كالحج والجهاد ، أو سفر مباح كالتجارة ، أما سفر المعصية كقطع الطريق ففيه خلاف ، ولا يقصر حتى يخرج من بيوت قريته0
قال الله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)(النساء: من الآية101)
والتقييد بالخوف غير معمول به.
فعن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: ( أليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يقتنكم الذين كفروا) ، فقد أمن الناس ، فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال:" صدقة تصدق اللّه بها عليكم فاقبلوا صدقته"0(م686)
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ: فَرَضَ اللّهُ الصّلاَةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَضَرِ أَرْبَعاً، وَفِي السّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً. (م687)
عن ابن عمر قال:أمرنا بأن نصلي ركعتين فى السفر0 (ص ن 443)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوّلَ مَا فُرِضَتِ الصّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرّتْ صَلاَةُ السّفَرِ وَأُتِمّتْ صَلاَةُ الْحَضَر0 (خ1090)
فالقصر واجب عند: أبي حنيفة وأصحابه ومالك فى رواية وابن حزم والشوكاني والهادوية.
القصر جائز عند : الجمهور والمالكية والشافعية والحنابلة.
واجب عند : الحنفية والظاهرية.
والسفر الذي يجب فيه القصر هو المتقرب به كالحج والعمرة والجهاد عند: أحمد.
والسفر المباح دون سفر المعصية عند: مالك والشافعي وهو الراجح.(1/1)
مسافة القصر:
السفر طال أم قصر تقصر من أجله الصلاة ، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل صحيح صريح يفيد تحديد مسافة القصر، وهو قول الألباني والظاهرية وابن القيم.
قد وردت أحاديث تفيد أقل مسافة للسفر ، وأحاديث تفيد أكبر مسافة0
وأقل مسافة هي ثلاثة أميال أو ما يقطعه الإنسان فى سير عادي بين صلاة الظهر وأول العصر ومن كان عمله يقتضي السفر دائماً مثل الملاح وسائق القطار والكمسارى فإنه يرخص له القصر والفطر لأنه مسافر حقيقة، والموضع الذي يقصر فيه هو بعد مفارقته الحضر والخروج من البلد0
عن أنس َقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ، مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ يصَلّىَ رَكْعَتَيْنِ. (م 691)
عن ابن عمر قال: تقصر الصلاة فى مسيرة ثلاثة أميال.
(ابن أبي شيبة-المصنف 2/108 ص إرواء 568)
الفرسخ : ثلاثة أميال ، والميل 1748 متر ، فتكون أقل مسافة قصر هي: 5244 متر.
عن أنس قال صليت الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين. (خ 1089 م690)
كان ذلك أثناء سفره إلى مكة.
والقصر يشرع بفراق الحضر عند:الأربعة
والمسافة بين المدينة وذي الحليفة : ستة أميال= 10.5 كيلومتر
عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يصليان الرباعية ويفطران فى أربعة برد فما فوق ذلك0(خ تعليقاً 2/659)
البريد = 4 فراسخ = 12 ميلا = 21 كيلومتر.
مسافة القصر عند: مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي واسحق وأبي ثور والليث والجمهور مسيرة يوم وليلة أي 48 ميل أي 80 كيلو متر.
مسافة القصر عند: أبي حنيفة والثوري مسيرة ثلاثة أيام بلياليهن أي
72 ميلا = 130 كيلومتر.
مسافة القصر عند : ابن حزم ميلا واحد .(1/2)
ولا حجة لمن صار إليه الأئمة فلم يكن فى قولهم حجة مع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله، والظاهر القرآن (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)(النساء: من الآية101)
مدة القصر:
يقصر المسافر الصلاة ما دام مسافرا، فإن أقام لحاجة ينتظر قضاؤها يقصر كذلك لأنه يعتبر مسافراً وإن أقام سنين ، والأئمة الأربعة متفقون على ذلك فيعتبر الشخص مسافرا ما لم يتخذ وطناً جديداً يستقر فيه وينوي الإقامة الدائمة فيه0
عَن أنس؛ قَالَ: خرجنا مع رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة. فصلى ركعتين ركعتين، حتى رجعنا. قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشراً.(خ 1089 م693)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر، فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا.(خ 1080)
أقام ابن عمر بأذربيجان يصلي ركعتين.(هق3/152 ص إرواء 577 )
إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم عند: مالك والشافعى وأحمد فى رواية وأبى ثور والليث وداود والجمهور.
إذا نوى أكثر من أربعة أتم عند: أحمد وأبي داود
اذا نوى إقامة خمسة عشر يوماً أتم عند: أبى حنيفة والثورى والليث والمزني.
إذا نوي إقامة ثمانية عشر يوماً أتم عند: الشافعية.
ويقصر عشرين يوماً عند : ابن حزم والشوكاني والشافعية في قول.
ولا تحديد لمدة القصر عند: أهل الحديث.
قال ابن تيمية:إذا نوى أن يقيم أربعة أيام فما دونها قصر وإن كان أكثر ففيه نزاع؛ والأحوط أن يتم؛وأما إن قال غدا أسافر أو بعد غد ولم ينو المقام فإنه يقصر أبداً.أهـ(الفتاوى24/17)
قال ابن القيم : إن الإقامة لا تخرج عن السفر سواء طالت أم قصرت مالم يستوطن المكان الذي أقام فيه.
التطوع فى السفر:
النفل المطلق والتهجد والوتر ورواتب الفرائض كلها صلوات مشروعة فى السفر.(1/3)
عن ابن عمر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى فى السفر على راحلته حيث توجهت به .يومئ إيماءا ؛صلاة الليل إلا الفرائض ؛ويوتر علىراحلته.(خ 1000)
عن ابن عمر قال :صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ؛وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين ؛وذكر عمر وعثمان وقال: "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة".(ح 1102م 689)
صلاة المسافر خلف المقيم:
المسافر إن صلى خلف المقيم فليتم .
عن ابن عمر أنه كان إذا صلى مع لإمام صلى أربعا وإذا صلى وحده صلى ركعتين.(م694)
يتم خلف الإمام عند: الأربعة .
فإذا أدرك جزء من الصلاة مع الإمام يلزمه الإتمام عند: الأحناف والشافعية والثوري والأوزاعي وأبى ثور.
وإذا أدرك أقل من ركعة له القصر عند : مالك والبصري والنخعي والزهري وقتادة وابن حزم.
الجمع بين الصلاتين:
ويجوز للمصلى أن يجمع بين الظهر والعصر ؛وبين المغرب والعشاء تقديما وتأخيرا فى حالة السفر وفى يوم عرفة والمزدلفة .أما فى حالات المطر وغيرها خلاف ؛ولا تشترط النية فى الجمع والقصر ولا تشترط الموالاة بين الصلاتين .والجمع بأذان واحد و إقامتين.
عن سالم عن أبيه قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير . (خ1106)
عن ابن عباس قال:كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء.(خ1107)
عن انس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب .
(خ1112).
الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت أحدهما جائز، ولا فرق بين كونه نازلاً أو سائرا.ً( فقه السنة لسيد سابق)
ويجوز الجمع مقيداً باشتداد السير عند: مالك والشافعي وأحمد والثوري وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر.(1/4)
يجوز الجمع فى السفر تقديما وتأخيراً عند: الشافعي وأحمد فى المشهور والثوري واسحق والجمهور.
ويجوز على المركبة فقط عند: مالك والليث .
ويجوز جمع التأخير فقط عند: مالك وأحمد وابن حزم .
وترك الجمع أفضل عند: الشافعية.
ولا يجوز الجمع إلا فى عرفة ومزدلفة عند: أبى حنيفة وصاحبيه ومالك في رواية والحسن والنخعي.
يجوز الجمع فى المطر تقديم وتأخير المغرب والعشاء فى المسجد عند: أحمد والحنابلة والفقهاء السبعة .
وتقديم المغرب والعشاء فى المسجد عند: مالك.
وحديث ابن عباس يدل علي الجمع الصوري وهو أن يؤخر الظهر إلى آخر وقتها ويعجل العصر إلى أول وقتها، والجمع الصوري استحسنه القرطبي ورجحه إمام الحرمين وجزم به الطحاوي وقواه ابن سيد الناس0
ويجوز الجمع بسبب المرض أو العذر عند: أحمد والخطابي.
ويجوز بدون عذر عند: ابن سيرين والقفال والشاشي الكبير وابن المنذر والإمامية وزيد والمهدي والهادي والمنصور والناصر0
قال الألباني : يجوز الجمع في حال نزوله كما يجوز إذا جد به السير.أهـ (السلسلة 164)
قال ابن تيمية: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع أحياناً في السفر وأحيانا لا يجمع وهو الأغلب علي أسفاره أنه لم يكن يجمع بينهما.(مجموعة المسائل 2/27026)
أدعية السفر
عند الخروج من البيت تقول:( بسم اللَّه توكلت على اللَّه، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي)
عند ركوب المركبة :( بسم الله )
عند الاستواء عليها :( الحمد لله )
(سبحان الذي سخر لنا هذا وما كننا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهمَّ هوّن علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال ) وإذا رجع قالهنّ، وزاد فيهنّ: (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون).
( م 1342)(1/5)
وما كنا له مقرنين : مقرنين مطيقين. أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا.
وعثاء: المشقة والشدة.
وكآبة: هي تغبر النفس من حزن ونحوه.
المنقلب: المرجع.
السفر يوم الجمعة : يجوز مطلقاً إلا دخل وقتها فيمنع السفر إلا أن يخشى ضرراً .
يباح السفر يوم الجمعة قبل الزوال عند: الجمهور والأحناف ومالك وأحمد فى المشهور والشافعي فى القديم.
ولا يباح من بعد طلوع الفجرعند: الشافعي فى الجديد ومالك فى رواية وأحمد.
ويباح بعد دخول الوقت عند: أبي حنيفة والأوزاعي.
آداب الرجوع من السفر
يستحب لمن قدم من السفر أن يبدأ بالمسجد فيصلى فيه ركعتي القدوم من السفر وعندما يدخل بيته يقول: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون0
عن ابن عباس قال: وإذا دخل على أهله قال: توبا توبا لربنا أوبا ، لا يغادر علينا حوبا.(ص حم 2311)
حوباً : إثماً.
سفر المرأة
لا يحل للمرأة السفر ولو للحج إلا مع محرم أو زوج لحديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم" 0 (خ1086)(1/6)
الباب الثاني عشر
صلاة الجمعة(1/1)
الباب الثاني عشر
صلاة الجُمعة
يوم الجمعة خير أيام الأسبوع ، وسمي بيوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق آدم من الماء والطين.
وقيل: سمي بذلك لاجتماع الأنصار مع سعد بن زرارة فيه وصلى بهم وذكرهم فسموه بالجمعة بعد أن كان يسمى يوم العروبة0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه قبض وفيه تقوم الساعة ما على الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم الجمعة مسيخة حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا ابن آدم وفيه ساعة لا يصادفها عبد مؤمن وهو في الصلاة يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه"0 (ص د1046)
مسيخة : مستمعة ، والمراد أنها منتظرة لقيام الساعة 0
عن ابنِ عمرِو قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "ما منْ مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ إلاَّ وقاهُ اللهُ فتنةَ القبر"0 (ص ت 1080)
عن أبي هريرةَ أنّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:" خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشمسُ يومُ الجمعةِ، فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه أُدْخِلَ الجنةَ، وفيه أُخْرِجَ منها، ولا تقومُ الساعةُ إلاّ في يومِ الجمعةِ ".(م 854 )
عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا آتاه الله إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر".(ص د1048)
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة، فقال:" فيه ساعة، لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي، يسأل الله تعالى شيئا، إلا أعطاه إياه ".
(خ935 م853)
قائم يصلى: إذا جلس ينتظر الصلاة فهو فى صلاة 00 والقيام الملازمة والمواظبة
ساعة الإجابة آخر ساعة بعد العصر عند: الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة وأحمد وابن عبد البر واسحق والشوكاني0
بعد وقت جلوس الخطيب علي المنبر إلي أن تنقضي الصلاة عند: الطبراني وابن العربي والقرطبي.(1/1)
وهي منحصرة في أحد الوقتين عند : أحمد وابن عبد البر وابن القيم.
ما يطلب ليلة الجمعة ويومها:
(1) الإكثار فى يومها وليلتها من قراءة القرآن والدعاء
عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين"0( هق3/249 ص ج 6470)
ورفع الصوت بالقراءة في المسجد مكروه عند : النووي ومحمد عبده.
ومحرم عند: ابن حجر.
(2) الإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجمعة ويومها
عن أوس بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي" ، قالوا : يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ قال: " إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام". (ص هـ1085)
أرمت : بليت.
(3) الغسل والسواك والطيب
عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يمس طيبا إن وجد". (خ 880 )
يستن : يستاك
عن ابن عمر أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل"0
(خ877)
(4) قراءة سورة السجدة والإنسان فى صبح يوم الجمعة
عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح {الم تنزيل} و {هل أتى على الإنسان} وفي صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين. (خ 891 م 877)
والسنة أن يقرأ السورتين لتمامهما خلافاً لما يفعله بعض الناس من الاقتصار على بعضها وهو خلاف السنة.
وتكره المداومة عليهما عند: الشافعي وأحمد والأحناف.
(5) التبكير إلى صلاة الجمعة(1/2)
عن أبي هريرة : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الثالثة، فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" . ( خ 881 )
من أول النهار عند: الجمهور .
وعدها المالكية أنها أجزاء ساعة قبل الزوال لأن الساعة جزء من الزمان.
(6) يطلب المشي إلى الجمعة والقرب من الإمام والإنصات له
عن أوس بن أوس الثقفي، قال: سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من غسَّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإِمام فاستمع ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها"0 (ص د345)
غسل واغتسل ، بكر وابتكر : يراد به التوكيد.
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت". ( خ 934 م 851 )
الحديث يدل على حرمة الكلام حال خطبة الجمعة مطلقاً ولو أمرا بمعروف عند: مالك والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد وأبو حنيفة.
ويستحب الإنصات عند: الشافعية0
وهذا كله فى حق من سمع الخطبة سواء أكان فى المسجد أم لا0
أما من لم يسمعها بأن كان بعيداً فقال الجمهور : يجب الإنصات أيضا ويحرم الكلام عليه كالسامع.
لا يحرم ويجوز له أن يسبح أو يتكلم في مسألة علمية عند: أحمد وعطاء والنخعي.
(7) التنفل قبل الجمعة
يندب لمن أتى المسجد قبل الجمعة التنفل مع طول القيام ما لم يصعد الإمام المنبر ، فإن دخل المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما.
عن ابن عمر كان يغدوا إلى المسجد يوم الجمعة فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته فصلى ركعتين وقال: هكذا كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . (م 2006 )(1/3)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلّىَ مَا قُدّرَ لَهُ. ثُمّ أَنْصَتَ حَتّىَ يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ. ثُمّ يُصَلّيَ مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَىَ، وَفَضْلُ ثَلاَثَةِ أَيّامٍ ".( م 857 )
عن جابر رضى الله عنه قال: دخل رجل يوم الجمعة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال:" أصليت"، قال: لا، قال:" قم فصل ركعتين ". ( خ931 )
عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما"0( م 875 )
(8) يندب لمن بالمسجد إذا غلبه النعاس فى مكان تحول منه إلى آخر
عن ابنِ عُمَرَ قال: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إذَا نَعَسَ أحَدُكُم وَهُوَ في المَسْجِدِ فَلْيَتَحَوّلْ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ ".( ص د1119)
وحكمة الأمر بالتحول أن الحركة تذهب النعاس ، أو لأن المكان الذي أصابه فيه النوم فيه شيطان0
(9) عدم تخطى الرقاب
عن عبد الله بن بسر:جاء رجل يتخطي رقاب الناس يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال: "اجلس فقد آذيت ". (ص د 1118)
والحديث يدل على حرمة تخطى الرقاب يوم الجمعة ، فيحرم تخطى الرقاب يوم الجمعة عند: الشافعي والمالكية .
ويكره عند: الشافعية والحنابلة.
(10) يطلب تجنب الاحتباء فى المسجديوم الجمعة
وهو أن يجلس على إليتيه رافعاً ساقيه ضاما وركبه إلى بطنه بثوبه أو يديه.
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحتبى الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء0 ( خ 367 )
ولا بأس به لمن لم يخش انكشاف العورة عند: الجمهور والأئمة0
(11) إذا أذن للجمعة وجب علي المكلف بها السعي إليها وترك ما يشغل مننحو بيع وأكل.(1/4)
والمراد من البيع ما يشغل من السعي إليها.
فالبيع وغيره مكروه تحريماً عند: الأحناف.
ويحرم عند: الشافعية والمالكية والحنابلة.
ويفسخ البيع عند: المالكية فى المشهور والحنابلة.
صلاة الجمعة:
هي ركعتان بالإجماع ، وهي صلاة مستقلة ليست ظهراً ، وهي فريضة محكمة بالكتاب والسنة والإجماع ، يكفر جاحدها 0
فرضت فى السادس عشر من ربيع الأول فى السنة الأولى من الهجرة وأول جمعة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت فى مسجد بني سالم بن عوف0
وحكمة مشروعيتها ما يترتب على الاجتماع لها من جمع الكلمة والتحاب والتعاطف والتآلف والتعلم وتعود الصبر والامتثال0
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الجمعة:9) عن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقوم يتخلفون عن الجمعة : " لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم0(ص حم3816 )
عن أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله عز وجل على قلوبهم وليكتبن من الغافلين". ( م 865 )
ودعهم : تركهم.
ليختمن : ليطبعن.
شروط الجمعة
للجمعة شروط افتراض زائدة على شروط سائر الصلوات ، وشروط صحة زائدة عن شروط سائر الصلوات0
أ ـ شروط افتراض:
1- الذكورة المحققة :أما الصبي والأنثى والخنثى فلا تلزمهم الجمعة بالإجماع0
2- الحرية : الرقيق لا تلزمهم الجمعة عند: الأئمة الأربعة والجمهور0
3- الصحة : وأما المريض الذى لا يقدر على الذهاب إلى محل الجمعة أو يقدر ولكن يخاف زيادة المرض أو بطء البرء أو يقدر بمشقة ظاهرة فلا تلزمه الجمعة دفعاً للحرج والمشقة ، ويلحق به من يقوم بتمريضه إذا كان لا يمكن الاستغناء عنه0(1/5)
4- القدرة على السعي إليها : كمقعد ومقطوع الرجلين وأعمى لا يهتدي إلى محل الجمعة بنفسه ولم يجد قائداً فلا تلزمهم الجمعة إجماعاً 0
5- الإقامة بمحل تقام فيه الجمعة أو بفنائه : فالمسافر لا تلزمه الجمعة ما لم ينو إقامة تقطع السفر وتوجب إتمام الصلاة ، وقيل تجب عليه لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى 0
6- عدم العذر الموجب للتخلف عنها : وأما المعذور عذر يوجب التخلف عن الجماعة كمطر ووحل شديد وغيرهما فلا تفرض عليه الجمعة اتفاقاً لحديث : صلوا فى الرحال0
عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر". (ص هـ 793)
َعن عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " الْجُمُعَةُ عَلَى كلّ مَنْ سَمِعَ النّدَاء". (د1056 ح إرواء 593)
7- ولا تفترض الجمعة على مدين معسر يخاف الحبس :
عن طارق بن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" الجمعة حقُّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعة إلا أربعةً: عبدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ أو صبيٌّ، أو مريض"0 (ص د 942)
ب ـ شروط الصحة وهي أربعة :
1- مكان الجمعة :الجمعة يصح أداؤها فى المصر والقرية والمسجد وأبنية البلد والفضاء التابع لها.
2- وقت الجمعة :الجمعة تختص بوقت لا تصح إلا فيه 0
ووقتها الظهر عند: الأحناف ومالك والشافعي والجمهور .
عن أنس قال: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي الجمعة إذا مالت الشمس.
(خ 904 )
3- العدد الذي تنعقد به الجمعة : الجماعة شرط من شروط صحة الجمعة وأما العدد الذى تصح به الجمعة فهو اثنان فأكثر0
قال البخاري : اثنان فما فوقها جماعة ، وذكر حديث : إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما، ثم ليؤمكما أكبركما 0 (خ 658 )
4- خطبة الجمعة :هي شرط لصحة الجمعة عند: الأئمة الأربعة والجمهور.
لقوله تعالى (فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)(الجمعة: من الآية9)(1/6)
فالذكر هو الخطبة لاشتمالها عليه ، ولمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخطبة 0
شروط الخطبة :
1- أن تكون خطبتين عند: المالكية والشافعية والحنابلة 0
2- كونها قبل الصلاة 0
3- كونها فى وقت الجمعة : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها بدون خطبة فى الوقت فلو خطب قبل الوقت وصلى فيه لم تصح 0
4- كونها بحضرة جماعة ممن تنعقد بهم الجمعة بأن يكونوا ذكوراً مكلفين ، فلو كانوا نساء أو صبيانا أو مجانين لا تصح 0
5- ويشرط الجهر بالخطبة بحيث يسمع أركانها من تنعقد به الجمعة حيث لا مانع كنوم أو غفلة أو صمم0
6- ويشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة بألا يفصل بينهما بفاصل طويل عرفاً ،كالأكل والجماع بخلاف القاطع كالوضوء والغسل0
7- يشترط كون الخطبة بالعربية للقادر عليها ، وينبغي أن يكون الخطيب ملما باللغة العربية خصوصاً على الإنشاء ليقتدر على تأليف كلام بليغ ينير به أفئدة السامعين ، وأن يكون نبيها لا تعزب عنه شاردة ولا واردة ، وأن يكون وجيهاً تهابه القلوب وتعظمه النفوس حتى يكون لكلامه تأثيراً وأن يكون صالحاً ورعاً قنوعاً غير متجاهر بمعصية ، ولا مرتكباً مخالفة ، عاملاً بما يقول : فإن ذلك أدعى إلى قبول موعظته والعمل بها قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف3:2)
8- يشترط للخطبة الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة عند: الشافعية ومالك فى رواية .
ولا يشترط عند: الأحناف والحنابلة.
9- يشترط نية الخطبة عند: الأحناف وأحمد.
10- يشترط القيام فيها عند: مالك والشافعي وأحمد فى رواية والجمهور0
عن ابن عمر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب .(ص د1092)(1/7)
11- يشترط الجلوس بين الخطبتين عند: المالكية والشافعية وجمهور من الفقهاء.
عن جابر بن سمرة قال: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكّر الناس0( م 862 )
أركان الخطبة
قال أبو حنيفة : ركنها مطلق ذكر الله تعالى بنيتها سواء أكان الذكر طويلاً أو قصيراً 0
وقالت المالكية والأوزاعي واسحق وأبو يوسف ومحمد : ركنها الذكر الطويل المشتمل على تحذير وتبشير المسئ خطبة عرفاً وأقله قدر التشهد أو ثلاث آيات0
وقالت الشافعية والحنابلة : أركانها الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوصية بالتقوى فى كل من الخطبتين وقراءة آية من القرآن فى احداهما0
سنن الخطبة
(1) سلام الخطيب على الحاضرين قبل صعوده المنبر مستحب إذا كان قد خرج عليهم من حجرته أو كان قادماً من خارج المسجد ، أما إن كان جالساً فلا يسن عند: الشافعي وأحمد
(2) استقبال الحاضرين وسلامه عليهم بعد صعوده المنبر اتفاقاً 0
(3) الجلوس على المنبر قبل الخطبة حتى يفرغ المؤذن 0
(4) والآذان سنة
(5) ابتداء الخطبتين بالحمد لله وذكر الشهادة لله بالوحدانية وللنبي - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة على الإيصاء بالتقوى وعلى آية قرآنية وأن يدعو فى الخطبة الثانية للمؤمنين والمؤمنات 0
عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:" كُلّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا َشَهادةٌ فَهِيَ كالْيَدِ الْجَذْمَاَءِ ".(ص ت 1112)
الجزماء : المقطوعة ، أي الناقصة وقليلة البركة 0(1/8)
عن جابر قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال: " أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن أفضل الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" ، ثم يرفع صوته وتحمر وجنتاه ويشتد غضبه إذا ذكر الساعة كأنه منذر جيش ، ثم يقول: " أتتكم الساعة ، بعثت أنا والساعة هكذا وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى صبحتكم الساعة ومستكم من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي"0(م867)
السبابة : سميت بذلك لأنهم كانوا يشيرون بها عند السب 0
الضياع : العيال.
(6) استقبال الناس للإمام حال الخطبة :
عن عدي بن ثابت عن أبيه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم 0(ص هـ1136)
وهو قول الأئمة الأربعة والثوري والأوزاعي واسحق.
(7) يخطب على منبر أو مكان مرتفع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب على منبر ، ويستحب أن تكون ثلاث درجات بالمقعدة كما كان منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
(8) يستحب أن يكون المنبر عن يمين الإمام كما كان منبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - 0
(9) ويسن اعتماد الخطيب حال خطبته على نحو قوساً أو عصا 0
عن الحكم بن حزن قال: لبثنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أياما شهدنا فيها الجمعة فقام متوكئا على عصا أو قوس، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات، ثم قال:" أيها الناس إنكم لن تطيقوا كل ما أمرتم به فسددوا وابشروا ". (ص د 1096)
سددوا : ألزموا الصواب.
ابشروا : بالثواب على العمل الصالح.
(10) ويسن للخطيب رفع صوته لإسماع الحاضرين وإظهار الشهامة وتفخيم أمر الخطبة والإتيان فيها بجزيل الكلام مع مراعاة مقتضى حال الحاضرين ، وما يحتاجون إليه من المواعظ والإرشادات0(1/9)
عن جابر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم... الحديث. (م867)
صبحكم ومساكم : أتاكم العدو وقت الصباح والمساء
(11) يسن تقصير الخطبة قصراً معتدلاً حتى لا يملها الناس0
عن جابر بن سمرة قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هي كلمات يسيرات 0(ص د1107)
عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة"0 (م869)
مئنة : علامة على فقه الرجل.
مكروهات الخطبة وبدعها:
يكره فيها ترك سنة من السنن ويكره أيضاً :
(1) تغميض الخطيب عينيه 0
(2) دقة المنبر بما في يده من قوس أو عصا فإن هذا باطل لا أصل له وبدعة قبيحة.
(3) رفع يديه حال الدعاء بل يقتصر على رفع السبابة 0
عن عمارة بن رويبة السلمي قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب إذا دعا يقول هكذا ورفع السبابة وحدها 0 (حم 17259)
وفي رواية مسلم : لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعيه المسبحة0 ( م 1983)
(4) المجازفة في أوصاف السلاطين في الدعاء لهم وكذبهم في كثير من ذلك كقولهم : السلطان العالم العادل ونحوه.
من خطب الرسول - صلى الله عليه وسلم -
عن عياض بن جمار المجاشعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم في خطبته:" ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني ، يومي هذا.(1/10)
كل مال نحلته عبدا حلال ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم ، عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب". وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك ، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء ، تقرؤه نائما ويقظان ، وإن الله أمرني أن أحرق قريشا ، فقلت: رب ! إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة ، قال: استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نغزك ، وأنفق فسننفق عليك ، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك. قال: وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق. ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى، ومسلم. وعفيف متعفف ذو عيال.قال: وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له، الذين هم فيكم تبعا لا يبتغون أهلا ولا مالا. والخائن الذي لا يخفى له طمع، وإن دق إلا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك . وذكر البخل أو الكذب والشنظير الفحاش ".
( م 2865 )
نحلته : أعطيته. أي كل مال أعطيته عبدا من عبادي فهو له حلال. والمراد إنكار ما حرموا على أنفسهم من السائبة والوصيلة والبحيرة والحامي وغير ذلك. وأنها لم تصر حراما بتحريمهم.
حنفاء كلهم: أي مسلمين.
فاجتالتهم : استخفوهم فذهبوا بهم، وأزالوهم عما كانوا عليه، وجالوا معهم في الباطل.
فمقتهم: المقت أشد البغض.
إلا بقايا من أهل الكتاب: المراد بهم الباقون على التمسك بدينهم الحق، من غير تبديل.
إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك: لأمتحنك بما يظهر منك من قيامك بما أمرتك به.
وأبتلي بك: من أرسلتك إليهم. فمنهم من يظهر إيمانه ويخلص في طاعته، ومن يتخلف وينابذ بالعداوة والكفر، ومن ينافق.
كتابا لا يغسله الماء: محفوظ في الصدور لا يتطرق إليه الذهاب، بل يبقى على ممر الزمان.
إذا يثلغوا رأسي: أي يشدخوه ويشجوه كما يشدخ الخبز، أي يكسر.
نغزك: أي نعينك.(1/11)
لا زبر له: أي لا عقل له يمنعه مما لا ينبغي.
لا يتبعون: أي يتبعون ويتبعون.
الشنظير: هو السيئ الخلق .
خطبة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
عن معبد بن أبي طلحة اليعمري أن: عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام على المنبر يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر أبا بكر رضي الله عنه ثم قال: رأيت رؤيا لا أراها إلا لحضور أجلي رأيت كأن ديكا نقرني نقرتين قال: وذكر لي أنه ديك أحمر فقصصتها على أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر رضي الله عنهما فقالت: يقتلك رجل من العجم قال: وإن الناس يأمرونني أن أستخلف وإن الله لم يكن ليضيع دينه وخلافته التي بعث بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإن يعجل بي أمر فإن الشورى في هؤلاء الستة الذين مات نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض فمن بايعتم منهم فاسمعوا له وإني أعلم أن أناسا سيطعنون في هذا الأمر أنا قاتلتهم بيدي هذه على الإسلام أولئك أعداء الله الكفار والضلال وأيم الله ما أترك فيما عهد إلي ربي فاستخلفني شيئا أهم إلي من الكلالة وأيم الله ما أغلظ لي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء منذ صحبته أشد ما أغلظ لي في شأن الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال: تكفيك آية الصيف التي نزلت في آخر سورة النساء وإني إن أعش فسأقضي فيها بقضاء يعلمه من يقرأ ومن لا يقرأ وإني أشهد الله على أمراء الأنصار إني إنما بعثتهم ليعلموا الناس دينهم ويبينوا لهم سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ويرفعوا إلي ما عمي عليهم ثم إنكم أيها الناس تأكلون من شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين هذا الثوم والبصل وأيم الله لقد كنت أرى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يجد ريحهما من الرجل فيأمر به فيؤخذ بيده فيخرج من المسجد حتى يؤتى به البقيع فمن أكلهما لابد فليمتهما طبخا قال: فخطب الناس يوم الجمعة وأصيب يوم الأربعاء. (ص حم89)(1/12)
هؤلاء الستة هم: عثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص0
الكلالة : الميت الذي لا والد له ولا ولد 0
آية الصيف : لأنها نزلت فى الصيف0
البقيع : مقبرة أهل المدينة0
الأربعاء : الأربع باقين من ذي الحجة0
الجماعة فى الجمعة
يشترط لصحة الجمعة أن تكون في جماعة: والعدد الذي تنعقد به الجمعة هو أي عدد قل أو أكثر ، فنتعقد باثنين فأكثر ، لحديث الاثنان فما فوقهما جماعة0
عن جابر قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - قائم يوم الجمعة. إذ قدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا فيهم أبو بكر وعمر. قال ونزلت هذه الآية: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها}.
(خ 936 م 861)
عن طارق بن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجمعة حقُّ واجبٌ على كلّ مسلمٍ في جماعةٍ إلا أربعةً: عبدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ أو صبيٌّ، أو مريض"0 (ص د1067)
أجمع الفقهاء على أن النساء لا جمعة عليهن ، وأما العبيد فقد اختلفوا فيهم ، فأوجب الجمعة على العبد: الأوزاعي وداود 0
تنعقد الجمعة بواحد مع الإمام عند: ابن حزم وداود والنخعي والطبري والشوكاني وعبد الحق 0
وتنعقد باثنين سوى الإمام عند: أبي يوسف والليث ومحمد وأبي ثور 0
وتنعقد بثلاثة سوى الإمام عند: أبي حنيفة ومحمد والأوزاعي والثوري والسيوطي والمزني والمؤيد0
وتنعقد باثني عشر رجلاً سوى الإمام عند: المالكية والزهري واسحق 0
وتنعقد بأربعين بالإمام عند: الشافعي وأحمد في المشهور عنه واسحق0
وتنعقد بخمسين عند : أحمد في رواية وعمر بن عبد العزيز0
وتنعقد بجمع كثير بغير قيد عند : مالك وابن حجر0
إمام الجمعة
تصح إمامة الذكر المكلف وإن لم تفترض عليه الجمعة لمرض أو سفر أو رق.
لا يشترط في إمام أن يكون هو الخطيب عند: الحنابلة والشافعية 0
ويشترط أن يكون هو الخطيب إلا من عذر عند : المالكية0
كيفية صلاة الجمعة(1/13)
إذا فرغ الإمام من الخطبة أقيمت الصلاة وصلى بالناس ركعتين يقرأ فيهما جهراً بفاتحة الكتاب وسورة ، ويستحب أن يقرأ بسورتي الجمعة والمنافقين أو الأعلى والغاشية أو يقرأ في الأولى بالجمعة وفي الثانية بالغاشية ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ السورتين كاملتين وأما الاقتصار على قراءة آخر السورتين فلم يفعله قط، وهو مخالف لهديه - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يحافظ عليه0
عن أبي هُريرة : أنه قرأ في الجمعة سُورَةَ الجمعَةِ }وإذَا جَاءَكَ المُنَافِقونَ{ وقَال: إنَّ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بهما 0 ( م 877 )
عن النعمان بن بشير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة هل أتاك حديث الغاشية.(م 878)
ما تدرك به الجمعة
تدرك الجمعة بإدراك ركعة مع الإمام ، ومن أدرك أقل من ركعة فإنه لا يكون مدركاً للجمعة ويصلي ظهراً أربعاً ، ومن لم تلزمه الجمعة كالمسافر والعبد والمريض والمرأة والمعذور له أن يصلي الظهر ولو جماعة0
عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :" مَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ صّلاَةِ الجمعة أو غيرها فَقَدْ أدْرَكَ الصّلاَة ". (ص هـ 1123)
وقال ابن مسعود: إذا صليتن الجمعة مع الإمام فصلين بصلاته ، وإذا صليتن فى بيوتكن فصلين أربعاً.(ابن أبي شيبة 1/207/2 ص الأجوبة النافعة ص 48)
قال ابن عمر : إذا أدركت من الجمعة ركعة فأضف إليها أخرى ، وإن أدركهم جلوساً فصلى أربعاً0 (هق 3/204 ص إرواء 622)
عن أبي هريرةُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول:" إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا "0 ( خ 908 م 602 )
ترك الجمعة(1/14)
من وجبت الجمعة عليه وتركها لغير عذر فهو آثم إثما كبيراً ، يستحق مرتكبه العذاب الأليم عن عبدالله؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس. ثم أحرق على رجال يتخلفون، عن الجمعة، بيوتهم"0 ( م 652 )
عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"من ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات من غير ضرورة طبع الله علي قلبه".(د ص 965)
عن أبي الجعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" من ترك ثلاث جمع تهاونا من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه "0 (د1052 ص ج 6019)
عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على أعواد منبره يقول: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين".
(م865)
راتبة الجمعة
للجمعة راتبة بعدية وهي ركعتان أو أربع، ولا راتبة قبل الجمعة.
عن ابنِ عُمَرَ قال: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ ركْعَتَيْنِ في بَيْتِهِ.
( خ 937 م 881 )
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها ربعاً "0 ( م 883 )
دل ما ذكرنا على أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين بعد الجمعة وأمر الأمة بصلاة أربع لا تعارض بينهما لما تقرر في الأصول من أن فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يعارض القول الخاص بالأمة 0 فالمشروع في حق الأمة أربع ركعات بعد الجمعة، ويجوز الاقتصار على ركعتين اقتداء بفعله - صلى الله عليه وسلم - 0
قال ابن تيمية: إن صلى في المسجد صلى أربعاً وإن صلى في بيته صلى ركعتين0
وأما سنة الجمعة القبلية فلم تثبت من طريق صحيح0
فليس للجمعة سنة قبلية عند: المالكية والحنابلة وكثير من الشافعية0
بدع الجمعة(1/15)
إن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع فينبغي أن يحترم ولا يرتكب فيه ولا فى صلاته ما لا يرضاه عقل ولا يقره نقل ، ولكن للأسف قد ارتكب المسلمون فيه بدعاً ومخالفات كثيرة منها0
(1) رفع الصوت بقراءة سورة الكهف في المسجد.
(الإبداع في مضار الابتداع ص177)
(2) التذكير المعروف بالأولى والثانية.
(الإبداع ص 169) (المدخل 2/258)
(3) الأذان داخل المسجد ، بينما السنة الأذان على الباب.
(الإبداع ص 168)
(4) دعاء المؤذن بين الخطبتين إثر جلوس الخطيب.
(5) رفع الإمام يديه للدعاء أثناء الخطبة بدعة، ولكن السنة الإشارة بإصبعه إذا دعا.(اختيارات العلمية 48)
(6) رفع المأمومين أيديهم للتأمين على دعاء الخطيب.
(ابن عابدين1/768 -الباعث لأبي شامة ص 64)
(7) دعاء الناس ورفع أيديهم عند جلوس الإمام على المنبر بين الخطبتين. (المنار6/793)
(8) صلاة ركعتين بعد الأذان الأول. ( الأجوبة النافعة ص 26)
فسنة الجمعة القبلية لا تثبت ولم يقل أحد من الأئمة بها0
(9) إقامة صلاة جمعة فى المساجد الصغيرة والمتجاورة0
قال السبكي: لا يجوز إحداث جمعة ثانية إلا للحاجة 0
وقال: تعدد صلاة الجمعة عند عدم الحاجة منكر معروف بالضرورة فى دين الإسلام.(إصلاح المساجد 61 - الأجوبة النافعة 65)
(10) تخطي الرقاب 0
(11) التبليغ عند عدم الحاجة0
(12) إفراد يوم الجمعة بصيام وليلتها بقيام0
(13) الدكة التي يصعد عليها المؤذنون والمبلغون وقارئ سورة الكهف0
(14) الترقية بعد أذان الجمعة أمام المنبر وهي قراءة : إن الله وملائكته يصلون على النبي.
(15) الأذان قبل الوقت بما يشتمل على استغاثات وصلوات لتنبيه الغافلين عن الجمعة0
(16) قول الإمام ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة بعد الخطبة الأولى 0
(17) قولهم : التائب من الذنب كمن لا ذنب له0
(18) الدعاء للسلطان عند دعاء الخطيب له0
(19) جلوس من دخل المسجد حال الخطبة الأولى ، وإذا شرع الخطيب في الثانية قام وصلى التحية0
((1/16)
20) تمسح بعض العوام بالخطيب بعد نزوله من المنبر0
(21) كتابة بعض الناس أوراقاً يسمونها حفائظ فى آخر جمعة من رمضان حال الخطبة0
(22) قيام الحرس حال صلاة الأمير أو السلطان أو الملك أو الرئيس الجمعة حاملي السلاح لا يصلون مع المصلين0
(23) اعتياد المصافحة بعد الجمعة وسائر الصلوات ، وإنما المصافحة عند اللقاء لا في أدبار الصلوات0
(24) قول العوام الفاتحة لأم هاشم أو الحسين أو البدوي أو الولي الفلاني أو الفاتحة على هذه النية0
(25) قراءة سورة الإخلاص ألف مرة يوم الجمعة0
(26) اعتقاد البعض تحريم الخياطة يوم الجمعة ، أو يوم عرفة ومنعهم إعارة الإبرة والمنخل ليلاً 0
(27) اعتقاد العامة أنه في يوم الجمعة ساعة نحس ( شؤم ) 0
(28) إدخال طفل من باب المسجد وإخراجه من نافذة سبع مرات وقت آذان الجمعة بزعم أن ذلك يبرئه من مرضه0
(29) ربط الطفل المقعد بقيد في رجليه ووضع بعض المأكولات في حجره واجلاسه على باب المسجد ، ويفك قيده ويأخذه في حجره أول خارج من المسجد ، ويعتقدون أن ذلك يفك إقعاده 0
(30) العطلة يوم الجمعة : ليس فى الإسلام يوم معين تعطل الأعمال فيه وإن كان ولابد للمسلم من يوم يستريح فيه من عناء العمل خلال الأسبوع فليكن يوم الجمعة لا يوم الأحد كما يفعل الكثير من الناس من تقليد النصارى ، وقد أمرنا بمخالفتهم فى كثير من عاداتهم (الإحياء 1/169 )
(31) صلاة الظهر جماعة عقب صلاة الجمعة.
(السنن 10 - إصلاح المساجد 49)
(32) تفريق الربعة على المصلين وجمعها ( المدخل2/223)
(33) اعتماد الخطيب على السيف (السنن55) إنما السنة اتخاذ العصا للخطيب0
(34) إعراض الخطباء عن خطبة الحاجة (إن الحمد لله 0000 )
(35) إطالة الخطبة وقصر الصلاة والسنة عكس ذلك0
(36) السجع في الخطبة. ( السنن 75)
(37) التعبد بترك السفر يوم الجمعة ولا يستحب قبل صلاتها عند : الأربعة(1/17)
الباب الثالث عشر
صلاة العيدين(1/1)
الباب الثالث عشر
صلاة العيدين
مشروعية صلاة العيد:
شرعت صلاة العيد في السنة الأولى من الهجرة 0
قال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة: من الآية185)
وفي الآية إشارة إلى صلاة العيد0
وقال الله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2) وفي الآية إشارة إلى صلاة عيد الأضحى 0
عن ابن عباس قال: شهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة 0 (خ 962 م 2011)
عن أنس قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية فقال:" إن الله تبارك وتعالى قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم النحر".
(ص د1134)
يومان يلعبون فيهما: يوم النيروز وهو يوم الاعتدال الربيعي (22 مارس 13 برمهات) وفيه يستوي الليل والنهار0
ويوم المهرجان وهو يوم الاعتدال الخريفي(23 سبتمبر 13 توت ) وفيه تستوي الليل والنهار أيضاً 0
وقد أبطل الإسلام ما كان يعمل في هذين اليومين من أعمال الجاهلية وجعل للمسلمين يومي عيد وسرور وغيرهما يعقبان أداء ركعتين من أركان الإسلام هما الصيام والحج ، وفيهما يغفر الله للصائمين والحجاج وفى الحديث تنفير من التشبه بالمشركين في أعيادهم وتعظيمهما 0
قال أبو حفص الكبير الحنفي : من أهدي في النيروز بيضة إلى مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله تعالى 0 وأحبط عمله 0
حكم صلاة العيدين:
صلاة العيدين سنة مؤكدة0
لحديث: خمسَ صَلَواتٍ كتبهن الله في اليومِ واللَّيلَة0 (خ 46 م 11)
وبه قال مالك والشافعي.
وفرض كفاية عند: أحمد .
وواجبة عند: أبو حنيفة.
من تطلب منه صلاة العيد:(1/1)
تطلب صلاة العيد ممن تطلب منه الجمعة، فتطلب من الذكر الحر المكلف المقيم الصحيح الخالي من الأعذار ولا تطلب من عبد وامرأة ومسافر ومريض وأعمى ومقعد ولو صلاها هؤلاء صحت منهم ولهم ثوابها0
وتسن جماعة وفرادى من كل شخص عند: الشافعية
خروج النساء إلى العيد:
يجوز خرج النساء إلى العيد غير متبرجات لا متطيبات ولا متحليات بما يثير الفتنة ، فإن لم يخرجن متسترات فلا يخرجن 0
عن أم عطية قالت أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج العواتق وذوات الخدور يوم العيد فقيل والحيض فقال يشهدن الخير ودعوة المسلمين قالت امرأة يا رسول الله فإن لم يكن لإحداهن جلباب قال:" تلبسها أختها من جلبابها"0 (خ 351 م 890)
العواتق:مفردها عاتق أي الجارية البالغة.
الخدور: الخدر أي الستر.
عن عَائشةَ قالت: لَوْ أَدْرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا أَحْدَثَ النّسَاءُ لَمَنَعَهُنّ المَسْجِدَ كما مُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. (خ 869)
ولهذا قال بعض العلماء : يتعين منع النساء من حضور العيد وغيره 0
ما يطلب للعيد:
يطلب ليلة العيد ويومه أمور ينبغي الحرص عليها وهي :
(1) يسن إحياء ليلة العيد بأنواع الطاعة:
ويستحب التكبير برفع الصوت ليلة العيدين في المنازل عند: الشافعي وأحمد.
يستحب التكبير عند الغدو للصلاة عند: الأحناف ومالك والجمهور0
(2) يستحب الغسل للعيدين باتفاق العلماء.
عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.( الموطأ127 )
(3) يستحب التطيب .
(4) يستحب الاستياك للعيد 0
(5) أن يلبس أحسن ثيابه وأجلها وإن لم يكن أبيض 0
(6) يستحب أن يأكل في عيد الفطر قبل الخروج إلى المصلى تمراً وتراً ، وأن يؤخر الأكل عن الصلاة يوم الأضحى0
عن بريدة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر لا يخرج حتى يطعم ، ويوم النحر لا يطعم حتى يرجع.(ص ت 540)(1/2)
عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم الفطر لم يخرج حتى يأكل تمرات يأكلهن وتراً 0 (خ 953 )
والحكمة في استحباب الأكل يوم الفطر قبل صلاة العيد ألا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد.
يستحب أن تؤدى زكاة الفطر قبل الخروج إلى المصلى0
عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِإِخْرَاجِ زكاة الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدّىَ، قَبْلَ خُرُوجِ النّاسِ إِلَى الصّلاَة 0 ( خ 1509 م 986 )
يستحب لمن كان من أهل البلد التوجه إلى المصلى ماشياً بسكينة ووقار ويخير في الرجوع بين المشي والركوب 0
(7) يستحب التكبير بعد صلاة الصبح إلى المصلى إلا الإمام فإنه يتأخر إلى وقت الصلاة.
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر. فيبدأ بالصلاة. ( خ 956 م 889)
(8) يستحب التكبير في الفطر ويجهر في الأضحى عند: أبي حنيفة .
وقت صلاة العيد:
يدخل وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس كرمح أو رمحين (الرمح ثلاثة أمتار) إلى قبل الزوال أي أن أول وقت صلاة العيد هو أول وقت حل النافلة وعليه الإجماع0
ويسن تعجيل صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر ، فتصلى الأضحى حين ارتفاع الشمس قدر رمح وصلاة الفطر قدر رمحين0
مكان صلاة العيد:
تسن صلاة العيد في الصحراء أو الفضاء إلا لعذر كمطر وضعف0
عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى0(خ956 م 889)
ليس لصلاة العيد نداء :
عن ابن عباس قال: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى يعني لصلاة العيد.(خ 960 م 884)
عن جابرِ بن سَمُرةَ قال: صليتُ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - العيدين غير مرّة ولا مَرّتينِ بغير أذانٍ ولا إقامة0( م 887)
التكبير في صلاة العيد :
ورد في عدد التكبير في صلاة العيد وموضعه أربع كيفيات 0(1/3)
الأولى: أن يكبر قبل القراءة في الركعة الأولى سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام ، وفى الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام0
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : كبر في العيدين الأضحى والفطر ثنتى عشرة تكبيرة في الأولى سبعاً وفي الآخرة خمساً سوى تكبيرة الإحرام. (قط 2/48 قوي بشواهده مشكاة 1441)
وبهذا قال : الشافعي والأوزاعي واسحق.
القراءة في صلاة العيد:
يستحب أن يقرأ بعد الفاتحة سبح اسم ربك الأعلى أو ق والقرآن المجيد في الركعة الأولى وهل أتاك حديث الغاشية أو اقتربت الساعة وانشق القمر في الركعة الثانية0
عن أبي واقد الليثي قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فى العيد ب ( ق )، واقتربت. ( م 891 )
عَن النعمان بْن بشير أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية 0 ( م 878 )
اجتماع العيد والجمعة :
اختلف العلماء في صلاة الجمعة لمن صلى العيد فقال قوم: لا تسقط لعموم الآية والأخبار الدالة على وجوب الجمعة ، ولأنهما صلاتان مستقلتان فلا تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد0
قال آخرون : إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد سقطت صلاة الجمعة عمن صلى العيد واعتبروها من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة ، وهو قول الحنابلة0
عن أبي هُرَيْرةَ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنّهُ قال: "قَدْ اجْتَمَعَ في يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإنّا مُجَمّعُون "0 (ص د 1073)
عن زيد بن أرقم صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العيد أول النهار ثم رخص في الجمعة فقال:" من شاء أن يصلي فليصل".(ص د1070)
لا تسقط الجمعة عمن صلى العيد عند: أكثر الفقهاء والأحناف والمالكية وابن حزم والشافعي وأبي حنيفة ومالك والبغوي .(1/4)
وتسقط عند: عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعطاء والشعبي والنخعي الأوزاعي والحنابلة والشافعية والهادي وابن قدامة في المغني والنووي في المجموع أحمد0
كيفية صلاة العيد:
صلاة العيد ركعتان قبل الخطبة بلا نداء اتفاقاً 0
عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما، يصلون العيدين قبل الخطبة.( خ 963 م 888)
وكيفية صلاة العيد أنه إذا ما دخل وقتها يصلى الإمام ركعتين فيكبر تكبيرة الإحرام ناوياً بقلبه صلاة عيد الفطر أو الأضحى ، ثم يضع يديه على صدره ويأتي بدعاء الاستفتاح ثم يكبر سبع تكبيرات يفصل بين كل تكبيرتين بسكتة ، ثم يتعوذ ثم يبسمل ثم يقرأ الفاتحة وسورة ثم يركع.
وفى الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام ثم يتم الركعة كسائر الصلوات0
خطبة العيد:
خطبة العيد واستماعها سنة .
فإذا فرغ الإمام من صلاة العيد قام مستقبلاً الناس وخطب خطبة يفتحها بحمد الله والثناء عليه ثم الوعظ والطاعة 0
عن جابر قال: شهدت الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة فلما قضى الصلاة قام متوكئا على بلال فحمد الله وأثنى عليه ووعظ الناس فذكرهم وحثهم على طاعته ثم مضى إلى النساء ومعه بلال فأمرهن بتقوى الله ووعظهن وحمد الله وأثنى عليه وحثهن على طاعته ثم قال:" تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم". فقالت امرأة من سطة النساء سفعاءالخدين فقالت: لم يا رسول الله. قال:" لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير". فجعلن ينزعن حليهن وقلائدهن وقرطتهن وخواتيمهن ويقذفن به في ثوب بلال يتصدقن به 0 (م 885)
وخطبة العيد على منبر خلاف السنة، والسنة أن يقف على الأرض0
عن عبد الله بن السائب قال : شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العيد فلما قضي الصلاة قال: "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب".
( ص هـ1290)(1/5)
الجماعة في صلاة العيد:
الجماعة شرط في صحة صلاة العيد عند: الأحناف وأحمد في رواية
وسنة مؤكدة عند : المالكية .
ومندوبة عند : الشافعية وأحمد في رواية.
تأخير صلاة العيد لعذر:
إذا منع عذر من صلاة عيد الفطر كمطر أو غم الهلال ، يصلي العيد في وقتها من اليوم الثاني عند: الأحناف وأحمد والأوزاعي والثوري واسحق0
ولا يصلي العيد عند : المالكية والأحناف.
ويقضي ولو بعد أيام عند : الحنابلة ويقضي في أي وقت كالنافلة عند : الشافعي.
أما عيد الأضحي فثلاثة أيام فيجوز التأخير إلي اليوم الثاني والثالث ولو بلا عذر عند : الأحناف.
التهنئة يوم العيد:
يباح التهنئة يوم العيد بأي لفظ ولم يرد فى السنة الصحيحة لفظاً معيناً ، وقد ورد لفظ (تقبل الله منا ومنك).(في حديث ضعيف)
قال عنه مالك أنه مكروه ومن فعل الأعاجم ، وقال الأوزاعي : إنه بدعة ، وكره العلماء قول : عيد مبارك ، والمصافحة تكون عند لقاء المؤمن لأخيه سواء كان بعد صلاة العيد أو في أي وقت.
يستحب الرجوع من طريق غير طريق الذهاب ، ويجوز الرجوع من نفس الطريق.
عن جابر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إذا كان يوم عيد، خالف الطريق. (خ986)
هل للعيد راتبة:
لا راتبة للعيد قبلها ولا بعدها ، ولا نفل قبلها ولا بعدها 0
عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها ومعه بلال0( خ 989 م 884)
تكبير التشريق:
التكبير سنة عقب الصلوات وغيرها في الأضحى 0
والتكبير في عيد الفطر من وقت الخروج إلى الصلاة إلى ابتداء الخطبة ، والتكبير الجماعي لا يشرع.
قال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )(البقرة: من الآية203)
ووقته من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق الثلاثة وهي الحادي عشر والثاني والثالث عشر من ذي الحجة وبه قال : أبو حنيفة 0(1/6)
عن الأسود قال: كان عبد اللّه أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد 0
ومحل التكبير عقب صلاة كل فرض عند: مالك وأبي يوسف وأحمد فى رواية.
والتكبير على من صلى جماعة عند: أبي حنيفة والثوري وأحمد .
وعقب كل صلاة مفروضة أو نافلة منفرداً أو في جماعة عند: الشافعي والبخاري.
وكيفية أن يقول مرة : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. واختاره الأحناف وأحمد والثوري 0
اللعب والغناء يوم العيد:
يباح اللعب بالحراب وغيرها يوم العيد في المسجد وغيره للتدريب على أعمال الجهاد والبر والترويح النفسي0
عن عائشة: أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم عيد قالت فأطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت .( م نووي 2032 )
ويجوز الضرب بالدف يوم العيد والغناء الخالي من التكسر والغزل ونحوه
عن عائشة قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار. تغنيان بما تقاولت به الأنصار، يوم بعاث. قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ وذلك في يوم عيد. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يا أبا بكر ! إن لكل قوم عيدا ، وهذا عيدنا"0 ( خ 952 م 892)(1/7)
قال الحافظ : واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي رد ذلك تصريح عائشة في الحديث بقولها: وليستا بمغنيتين ، فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبتته لهما باللفظ لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم الذي تسميه العرب النّصب بفتح النون وسكون المهملة، وعلى الحداء ولا يسمى فاعله مغنياً، وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهيج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح0
قال القرطبي : قولها ليستا بمغنيتين : أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعرفات بذلك ، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين ، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن ، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير حتى لقد ظهرت من كثير منهم أفعال المجانين والصبيان حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال وأن ذلك يثمر (سني) الأحوال وهذا على التحقيق من آثار الزندقة وقول أهل المخرفة 0 أهـ
قلت: لقد حرم الله تعالى الغناء والموسيقي فقال سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان:6) لهو الحديث : الغناء
كما قال: ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وجابر وعكرمة ومجاهد وقتادة ومكحول والحسن والقرطبي وابن القيم وغيرهم 0
يشترى : أي يستحب ويختار أو يستبدل المغنيات أو يدفع نقود الكهرباء التي يستهلكها الراديو والتليفزيون0
وقال تعالى:(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)
((1/8)
الاسراء:81) قال رجل لابن عباس :ما تقول في الغناء ، أحلال هو أم حرام ؟ فقال: لا أقول حراماً إلا ما كان في كتاب الله، فقال الرجل: أفحلال هو؟ قال: ولا أقول ذلك 0 ثم قال ابن عباس: أرأيت الحق والباطل إذا جاء يوم القيامة ، فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل : يكون مع الباطل، فقال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك 00 هذا جواب ابن عباس عن غناء الأعراب الذي ليس فيه معازف وآلات طرب ، فما حال غناء اليوم ؟
وقال تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ )(الاسراء: من الآية64)
وصوت الشيطان هو الغناء والمزامير واللهو ، كما نقل ذلك القرطبي عن ابن عباس وعكرمة0
عن أبي مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" ليكوننَّ من أمتي أقوام يستحلُّون الْحِرَ والحرير، والخمر والمعازف "0 ( خ 5590 صحيحة 91)
الحر: الفرج ، والمعنى أنهم يستحلون الزنا.
المعازف: آلات اللهو من طبل وطنبور عود وقانون وقيثارة ونحوها.
يستحلون: يفعلون هذه المحرمات فعل المستحل لها0
والحديث يدل دلالة قاطعة على تحريم الغناء والموسيقى.
عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول:" إن اللّه تعالى حرم الخمر،والميسر، والكوبة، والغبيراء ". ( حم1/289 ص ج 1747)
الكوبة : الطبل الصغير.
الغبيراء: آلة من آلات الطرب.
والحديث يدل على تحريم الغناء ، ولو لم يكن حراماً فكيف تحرم آلته
قال أبو حنيفة: الغناء من الذنوب التي يجب تركها والابتعاد عنها ، وتجب التوبة منها فوراً كسائر الذنوب والمعاصي0
قال بعض أصحابه: السماع فسق والتلذذ به كفر .
قال مالك: فماذا بعد الحق إلا الضلال أفحق هو؟ إنما يفعله عندنا الفساق.
قال الشافعي: الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال،ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته0
قال أحمد: من غير المشكوك فيه تحريم الملاهي عامة ، غناء كانت أو ضرباً على عود أو مزمار0
بدع العيد(1/9)
يوم العيد من أفضل الأيام يكثر فيه الخير، ينبغي للعاقل أن يتحلى فيه بصالح الأعمال، ولكن الشيطان قد آلى على نفسه أن يغوي الناس ويصدهم عن طريق الهداية ليحول بينهم وبين رحمة الله وغفرانه، ويهوي بهم في مهاوي الخزى والحرمان، فحسن لهم البدع التي تغضب الله تعالى، حتى صار المنكر معروفاً والمعروف منكراً 0
عن ابن عباس قال: ما أتى على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن0 (طب 10610)
هذا وبدع العيد كثيرة منها:
(1) السهر ليلة العيد في غير طاعة بل الاشتغال بزخارف الدنيا واللهو اللعب وسماع التلفاز الذي يعرض على شاشته تلك الليلة خاصة ما يغضب الله من الأغاني والتمثيليات وكل هذا يؤدي إلى معصية الله وترك إحياء ليلة العيد بأنواع الطاعة0
(2) خروج النساء والرجال إلى المقابر ليلة العيد وصباحه بل والمبيت فيها وارتكاب الكثير من المحرمات.
(3) اجتماع بعض الجهلة يى المساجد وغيرها يرقصون ويحرفون أسماء الله ، وهو إلحاد فى أسمائه0 قال القرطبي: سئل الإمام أبو بكر الطرطوشي عن مذهب الصوفية وما يفعلونه ؟ فأجاب: مذهب هؤلاء بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون؛ فهو دين الكفار وعباد العجل.
(4) إيقاد المصابيح على المآذن وزيادة النور في المساجد ليلة العيد وغيره من المواسم ، وهو إسراف وحرام لا سيما إن كان من مال الوقف0
(5) تجديد الحزن على الموتى واجتماع النساء لذلك ليلة العيد يصحن على من لم يحل عليه الحول من الأحداث ويرتكبن ما يغضب الرب0
قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)
((1/10)
النساء:115)
(6) صلاة العيد بالمساجد بغير ضرورة إلا مسجد مكة فإن الصلاة فيه أفضل بالإتفاق.
(7) ترك التكبير في الأسواق والطرق ليلة العيد وحال الذهاب إلى المصلى.
(8) ترك الغسل والتطيب للعيد0
(9) رفع الصوت بتكبير التشريق عقب الصلاة وزيادة على ما يسمع نفسه ومن يليه وجعله على وتيرة واحدة وصوت واحد، وإنما المشروع هو أن يكبر كل إنسان لنفسه ولا يمشى على صوت غيره 0
قال الشيخ علي محفوظ في الإبداع 179: ومن البدع المكروهة اجتماع
الناس يوم العيد بالمساجد ، وانقسامهم إلى طائفتين كل واحدة منهما ترد على الأخرى بالتكبير المعروف ، فإن السنة أن يكبر المسلمون في البيوت والطرقات ومصلاهم كل على انفراد0 أهـ
ومعنى هذا أن ما يفعله الشباب في هذا الزمان من السير في مسيرة يكبرون إلى مصلى العيد ، هو خلاف السنة ، أما السنة فهي أن يخرج الرجال والنساء والصبيان إلى مصلى العيد وهم يكبرون ، كل على انفراد ، وليس على وتيرة واحدة0
(10) زيارة الأولياء والقبور بعد صلاة العيد قبل الرجوع إلى المنازل0
(11) رجوع الناس من طريق الذهاب ، فإنه خلاف السنة0
(12) مصافحة النساء الأجنبيات إذ لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صافح امرأة أجنبية ، وإذا كان المعصوم لم يضع يده في يد امرأة أجنبية مع عصمته وأمن الفتنة، فكيف بغيره 0
(13) انصراف الناس عن العبادة في هذه الأيام الفاضلة كأنها أيام لهو ولعب وتفريط وإهمال في الواجبات وإقبال على المخازي والمخالف 0(1/11)
المقدمة ................................. 3
التمهيد ................................. 9
الكتاب الأول الطهارة
الباب الأول: المياه ................. 101
الباب الثاني: النجاسات ............ 109
الباب الثالث: آداب قضاء الحاجة ... 121
الباب الرابع: سنن الفطرة .......... 129
الباب الخامس: الوضوء ........... 141
الباب السادس: الغسل .............. 163
الباب السابع: التيمم ............... 175
الباب الثامن: الحيض والنفاس ..... 179
الكتاب الثاني الصلاة
الباب الأول: فضل الصلاة .......... 189
الباب الثاني: حكم تارك الصلاة ..... 195
الباب الثالث: مواقيت الصلاة ....... 209
الباب الرابع: شروط الصلاة ........ 219
الباب الخامس: الآذان .............. 231
الباب السادس: صفة الصلاة ....... 243
الباب السابع: مبطلات الصلاة ...... 303
الباب الثامن: صلاة التطوع ........ 319
الباب التاسع: صلاة الجماعة ....... 345
الباب العاشر: المساجد ............. 367
الباب الحادي عشر: صلاة السفر ... 395
الباب الثاني عشر: صلاة الجمعة ... 405
الباب الثالث عشر: صلاة العيدين .. 429(1/1)
مختصر
القنديل في فقه الدليل
(الجزء الثاني)
كتبه
أبو المنذر عبد الحق بن عبد اللطيف
(حفظه الله)
1426هـ / 2005 م(1/1)
الكتاب الثالث
الزكاة
الباب الأول
تعريفها ، فرضيتها ، شروطها ، ما تجب فيه
هي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة،ذكرت بعد الصلاة لاقترانها بها فى اثنين وثمانين آية0
تعريف الزكاة:
لغة : الطهارة والنماء والبركة والزيادة0
وسميت بذلك لأنها تثمر المال وتنميه0
قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )
(التوبة: من الآية103)
أي تطهرهم بها من الذنوب ، وتنمي حسناتهم حتى يكونوا مع الأبرار0
شرعاً : حق واجب فى المال لله تعالى ، أو جزء من مال عينه الشارع لمستحقيه.
فرضيتها: تجب الزكاة على المسلم الحر المالك للنصاب ، من أي نوع من أنواع المال الذي تجب فيه الزكاة0
وفرضت بالكتاب والسنة والإجماع0
قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )(البقرة: من الآية43)
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ - لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
(المعارج24-25 )
وقال تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ )
(الأنعام: من الآية141)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْما بَارِزا لِلنّاسِ. فَأَتَاهُ َجبريلٌ. فَقَالَ: مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: "الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ الله لاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئا، وَتُقِيمَ الصّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدّيَ الزّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَان"0 ( خ 50)
وأجمع المسلمون بجميع الأعصار والأقطار على فرضية الزكاة ، فمن جحد فرضيتها وهو بين المسلمين فهو مرتد يستتاب ثلاثاً ، فإن تاب وإلا قتل لأنه أنكر أمراً ثابتاً بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.(1/1)
أما من أنكر فرضيتها جهلاً لحداثة عهده بالإسلام ، أو لأنه نشأ بعيداً عن الأمصار والعلماء لا بحكم بكفره لعذره ، بل يعرّف فرضيتها وتؤخذ منه ، فإن جحدها بعد ذلك حكم بكفره 0
فرضت الزكاة فى السنة الثانية من الهجرة0
وقيل : فرضت بمكة إجمالاً ، وبينت بالمدينة تفصيلاً جمعاً بين الآيات الدالة على فرضيتها بمكة كقوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ )(الأنعام: من الآية141)
إذا اعتقد إنسان وجوبها وامتنع عن إخراجها وقاتل على ذلك لا يكفر عند : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فى رواية.
ويكفر ويقتل عند : أحمد.
الترغيب فى أدائها :
قال الله تعالى:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )(التوبة: من الآية103)
عن أبي كَبْشَةَ الأَنْصارِيّ أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " ثَلاَثٌ أُقسِمُ عَلَيْهِنّ وَأُحَدّثكُمْ حَدِيثاً فاحْفَظُوهُ". قَال:َ "مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلاّ زَادَهُ الله عِزّا، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاّ فَتَحَ الله عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ"0 (ص ت 2325)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر: الهم أعط ممسكاً تلفاً".(خ1442)
الترهيب من منعها :
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ - يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة 34-35)
الكنز: ما لم تؤد زكاته نقداً أو غيره، أما ما زكي فليس بكنز 0(1/2)
فبشرهم: البشارة: الخبر يتغير له لون البشرة لتأثره فى القلب فرحاً أو حزناً.
قال الله تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(آل عمران: من الآية180)
يجعل ما بخلوا به من مال طوقاً من نار فى أعناقهم.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من آتاه الله مالا، فلم يؤدي زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان ، يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه ، يعني شدقيه، ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك"، ثم تلا: {لا يحسبن الذين يبخلون}. الآية 0 ( خ 1403)
شدقيه: جانبي الفم.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - . فَقَالَ:" يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرَ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ. حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقَصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أخِذَوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّة الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمَطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُوِلِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِن غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي بأَيْدِيِهمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَّيُروا ممَّا أَنْزَلَ اللهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُم "ْ.(ح هـ 4019 )
حكم مانع الزكاة :(1/3)
منكر الزكاة كافر مرتد خارج عن الإسلام بإجماع الأمة يقتل كفراً ، إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام فإنه يعذر لجهله 0
لقوله تعالي: ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ )
(التوبة: من الآية5)
أما الممتنع عن أدائها مع اعتقاده وجوبها فإنه يأثم بامتناعه دون أن يخرجه ذلك عن الإسلام ، أو يمتنع بخلاً مع اعترافه بوجوبها فإنه لم يكفر بلا خلاف0
وعلى الحاكم أن يأخذها منه قهراً ويعزره0
ويأخذها ونصف ماله عقوبة عند: أحمد والشافعي فى القديم0
عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومن منعها فإِنَّا آخذوها وشطر ماله، عزمةٌ من عزمات ربِّنا عزّوجل "ّ0 (ح د 1575)
عزمة: حق من حقوقه.
ولا يأخذ منه إلا الزكاة عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي فى الجديد والثوري
ولو امتنع قوم عن أدائها مع اعتقادهم وجوبها ، وكانت لهم قوة ومنعة فإنهم يقاتلون عليها حتى يعطوها، فقد أتفق الصحابة رضى الله عنهم على قتال مانعي الزكاة ، وهو قول الجمهور 0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر - رضي الله عنه - ، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر - رضي الله عنه - : كيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله". فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها. قال عمر - رضي الله عنه - : فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر - رضي الله عنه - ، فعرفت أنه الحق. ( خ 1399 م20)
عناقاً: الأنثى من ولد المعز.
عصم : حفظ ومنع.(1/4)
إلا بحقه: أي لا يحل لأحد أن يتعرض لماله ونفسه بوجه من الوجوه إلا بحقه
شرح الله صدر أبي بكر: لقتالهم.
فعرفت أنه الحق: بما ظهر من الدليل الذي أقامه أبو بكر - رضي الله عنه -
وقيل: تارك الزكاة كافر مطلقاً وهو قول : أحمد
أما من منعها بلا قوة معتقداً وجوبها فإن الإمام يأخذها منه ويعذره عند: الأربعة والجمهور.
حكمتها وحكمة مشروعية الزكاة :
1- التطهر من أدناس الذنوب والبخل.
2- حفظ المال من التلف 0
3- لما فيها من الإحسان إلى المحتاجين والرفق بهم ورفع درجات المزكي وتطيب قلوب الفقراء.
4- وأيضا فإن المال محبوب بالطبع ، فإذا استغرق القلب فى حبه اشتغل به عن حب الله وعن الطاعة المقربة إلى الله تعالى ، فاقتضت الحكمة إيجاب الزكاة فى ذلك المال ليكون سبباً للقرب من الله تعالى 0
5- إن إخراج المال شاق على النفس ، فأوجب الله تعالى الزكاة لامتحان أرباب الأموال ليتميز بذلك المطيع المخرج لها عن طيب نفس من العاص المانع لها0
ولا ريب أن من أخرج الزكاة فقد حفظ دينه وأرض ربه ونما ماله وحفظ من التلف وتبرء من دنس الشح 0
6- الزكاة طهارة لنفس الفقير من الحسد والحقد على ذلك الغني الكانز لمال الله0
7- الزكاة نماء لشخصية الفقير حيث يحس أنه ليس ضائعاً فى المجتمع ، ولا متروكاً لضعفه وفقره0
8- الزكاة نماء للمال وبركة فيه ، فإن هذا القدر القليل يعود عليه أضعافه فى الدنيا بالبركة والخلف العاجل ، فى الآخرة بالثواب العظيم0
شروط الزكاة
1- الإسلام :
فلا تفرض على كافر أصلي ولا ذمياً بالاتفاق0
عن عبد الله بن أنس: أن أنسا حدثه: أن أبا بكر - رضي الله عنه - ، كتب له هذا الكتاب، لما وجهه إلى البحرين:
بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة، التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط. ( خ 1454)
2- النية :(1/5)
لقوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )
(البينة: من الآية5)
وقد أجمع العلماء على أن النية فرض فى الزكاة وغيرها من مقاصد العبادات فلو تصدق بكل المال ولم ينو الزكاة لا تسقط الزكاة عند: مالك والشافعي وأحمد 0
3- التكليف :
في غير زكاة الزروع والفطر – بالبلوغ والعقل ، فلا تفترض على صبي ولا مجنون عند أبى حنيفة.
وتجب فى مال الصبي والمجنون عند مالك والشافعي وأحمد والجمهور.
وهو الراجح لأنها حق يتعلق بالمال .
4- الحرية :
فلا تفترض على العبد بالإجماع لأنه لا يملك ، والسيد مالك لما فى يد عبده0
زكاة مال العبد على سيده عند: أحمد والشافعي والجمهور0
5- الملك التام :
6- ملك النصاب :
فى غير الزروع اتفاقاً، فلا تفترض على من لم يملك نصاباً0
ويشترط فى النصاب أن يكون فاضلاً عن الحاجات الضرورية كالمطعم والملبس والمسكن والمركب وآلات الحرفة والثياب والدين وأثاث المنزل وكتب العلم وغيرها0
7- حولان :
الحول القمري على ملك النصاب فى الأثمان والمواشي وعروض التجارة0
ويعتبر ابتداؤه من يوم ملك النصاب، ولا بد من كماله فى الحول كله، فلو نقص أثناء الحول ثم كمل اعتبر ابتداء الحول من يوم كماله وهو قول: الجمهور ومالك والشافعي وأحمد0
عَن عائشة؛ قَالَت: سمعت رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا زكاة في مال، حتى يحول عليه الحول"0(هـ 1792 ص غليل 787)
8- فراغ مال الزكاة
فراغ مال الزكاة ، غير الزرع ، من دين محيط بماله له مطالب عن العباد0
9- كون المال مما تجب فيه الزكاة
وهو خمسة أصناف: النقدان ، والمعدن والركاز ، وعروض التجارة ، والزروع والثمار ، والأنعام الأهلية السائمة عند الجمهور ، والمعلوفة عند : المالكية.
يجوز نقل الزكاة من بلد إلى آخر عند : أبي حنيفة.
ولا يجوز عند: مالك والشافعي وأحمد.
وقت تأديتها :(1/6)
يجب إخراجها فوراً عند: مالك والشافعي وأحمد والحنفية والجمهور فيحرم تأخيرها عن وقت الوجوب إلا إذا لم يتمكن من أدائها فيجوز له التأخير حتى يتمكن.
ويجوز تعجيل الزكاة وأدائها قبل الحول ولو لعامين عند: الجمهور وأبي حنيفة والشافعي وأحمد.
قضاء الزكاة :
من وجبت عليه الزكاة وتمكن من أدائها ثم مات لم تسقط عند: الشافعي وأحمد والبصري وإسحاق وأبي ثور.
لحديث : "فدين الله أحق أن يقضى" 0 ( خ 1953)
الدعاء للمزكي :
يستحب الدعاء للمزكي عند أخذ الزكاة 0
قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة:103) عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: "اللهم صل على آل فلان". فأتاه أبي بصدقته، فقال: "اللهم صل على آل أبي أوفى".( خ 1497)
عن وائل بن حجر قال : قال رسول - صلى الله عليه وسلم - فى رجل بعث بناقة حسناء فى الزكاة: "اللهم بارك فيه وفي ابله". (ص ن 2306 )
الأموال التي تجب فيها الزكاة:
تجب في تسعة أصناف: الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والحنطة والشعير والتمر والزبيب.
1-الذهب والفضة :
قال تعالي : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(التوبة: من الآية34)
وفيهما الزكاة بالاتفاق
2-الزروع والثمار :
لقوله تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ )
(الأنعام: من الآية141)
اتفق الفقهاء على زكاة: الحنطة والشعير والتمر والزبيب 0
3-عروض التجارة :
لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ )
(البقرة: من الآية267)
4-الخارج من الأرض من معدن وركاز وغيرهما 0(1/7)
لقوله تعالى: (وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ )(البقرة: من الآية267)
5-الأنعام : وهي الإبل والبقر والغنم 0
اتفق الفقهاء على زكاة الإبل والبقر والغنم 0
فيما عدا ذلك عبر القرآن مما تجب فيه الزكاة ، بكلمة عامة ، وهي كلمة (أموال)
لقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )
(التوبة: من الآية103)
ولقوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ - لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (المعارج24-25 )
لا زكاة فى كل ما اكتسب للقنية لا للتجارة من جوهر وياقوت ووطاء وغطاء وثياب وآنية ودور بالاتفاق0(1/8)
الباب الثاني
زكاة النقدين وعروض التجارة
أولاً : زكاة النقدين (الذهب والفضة)
وجوبها :
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ - يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة34-35)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار".
( م 987 )
نصاب الذهب
إذا بلغ الذهب عشرين دينارا(مثقالاً) وحال عليه الحول الهجري ففيه ربع العشر (2.5%)
عَن ابن عمر أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من كل عشرين ديناراً، فصاعداً، نصف دينار. ومن الأربعين ديناراً، ديناراً. (ص هـ 1791)
المثقال هو الدينار = 4.25 جرام
ونصاب الذهب = 4.25 ×20= 85 جرام من الذهب عيار 21
كان العرب يتعاملون بالدينار والدرهم0
ولمعرفة النصاب تضرب 85× سعر الجرام حالياً
نصاب الفضة
إذا بلغت مائتي درهم وحال عليها الحول الهجري ففيها ربع العشر أي
(2.5%).
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليس فيما دون خمس أواق من الورق"0(خ 1459 )
الورق : الفضة.
عن عليّ قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة من كلِّ أربعين درهماً درهماً، وليس في تسعين ومائةٍ شىءٌ، فإِذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم" .(ص د 1574)
الرقة: الفضة.
الدرهم 3.12جرام ، الأوقية = 40 درهم = 124.8 جرام(1/1)
بحساب 200 جرام = 3.12 × 200=624 جرام
وبحساب خمس أواق = 40×3.12×5= 624 جرام
فيكون النصاب = 624 جرام
ولمعرفة النصاب تضرب=624× سعر الجرام الحالي
الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي حلال لنسائها 0
زكاة الحلي للنساء :
تجب الزكاة فى الذهب والفضة على النساء 0
والحلي من غير الذهب والفضة كالجواهر من اللؤلؤ والمرجان والزبرجد والماس ونحوها.
لا زكاة فيه بالاتفاق ولم يخالف فى ذلك إلا بعض الشيعة 0
أما الذهب والفضة فتجب فيهما الزكاة عند: أبي حنيفة وأصحابه وابن حزم والهادوية والشافعي فى قول والصنعاني والأوزاعي والزهري والثوري وابن المبارك والمباركفوري وابن عثيمين0
ولا تجب عند: مالك والشافعي فى قول وأحمد واسحق وابن قدامة والليث وأبي عبيد ورجحه القرضاوي0
وأستدل الأول بأحاديث منها :
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: أتت امرأتان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي أيديهما سواران من ذهب، فقال لهما: أتؤديان زكاة هذا؟ فقالتا: لا، فقال: أتحبّان أن يسوِّركما الله بسوارين من نار؟ قالتا: لا، قال: فأدِّيا زكاته0(ح د1563)
عن عائشة فقالت: دخل عليَّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فرأى في يدي فتخاتٍ من ورقٍ فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول اللّه، قال: أتؤدين زكاتهنَّ؟ قلت: لا، أو ما شاء اللّه، قال: هو حسبك من النار0 (ص د 1565)
فتخات : خواتم.
حسبك من النار : يعني لو لم تعذب فى النار إلا من أجل عدم زكاته لكفاها0
واستدل الآخرون بأدلة منها :
عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة. ( ط رقم 557)
عن ابن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة. ( ط رقم 557)
ضم النقدين:(1/2)
من ملك من الذهب أقل من النصاب، ومن الفضة كذلك لا يضم أحدهم إلى الآخر ، ليكمل منهما نصاباً ، لأنهما جنسان لا يضم أحدهما إلى الثاني ، كالحال فى البقر والغنم .
فلو كان فى يده 199 درهما وتسعة عشر ديناراً،لا زكاة عليه وهو قول الشافعي وأحمد فى رواية وداود وأبي عبيد وأبي ثور وابن حزم والألباني وبن عثيمين 0
يضم كل إلى الآخر عند : أبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية والثوري والأوزعي .
زكاة أوراق البنكنوت
تجب الزكاة فى أوراق البنكنوت والسندات لأنها وثائق مضمونة ، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول الهجري 0
والنصاب هو ما يعادل 85 جرام من الذهب على القول الراجح و624 جرام من الفضة على القول المشهور0
ثانياً : زكاة عروض التجارة
التجارة هي: ما يعد للبيع والشراء بقصد الربح وتشمل الآلات والأمتعة والثياب والمأكولات والحلي والحيوانات والنباتات والأرض والدور وغيرها0
فمن ملك منها شيئاً للتجارة وحال عليها الحول وبلغت نصاباً من النقود فى آخر الحول وجب عليه إخراج زكاته ، وهو ربع عشر قيمتها أو 2.5%
حكمها: ذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء إلى وجوب الزكاة فى عروض التجارة ، منهم الفقهاء السبعة 0
قال ابن المنذر : أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة واتفقوا على وجوبها فى قيمتها لا فى عينها
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ )(البقرة: من الآية267)
أى الكسب والتجارة وهو قول : البخاري والطبري والجصاص وابن العربي والرازي.
قال تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)
(التوبة: من الآية103)
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ - لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
(المعارج24-25 )(1/3)
فالزكاة فى عروض التجارة واجبة عند: الجمهور والفقهاء السبعة والأئمة الأربعة ، ونقل الإجماع ابن المنذر وأبو عبيد 0
ولا تجب عند: الظاهرية والشوكاني والقنوجي والألباني.
والتاجر مخير بين أن يخرج الزكاة من قيمة السلعة وبين أن يخرجها من عينها عند: أبي حنيفة والشافعي فى قول0
ويجب إخراجها من القيمة لا من عينها عند : أحمد والشافعي فى قول وهو الراجح.
وعلى التاجر إذا حل موعد الزكاة أن يضم ماله بعضه إلى بعض ( رأس المال والأرباح والمدخرات والديون المرجوة والمال المستفاد من غير التجارة ) ويخرج من ذلك كله ربع العشر ولا زكاة على المباني والأثاث الثابت للمحلات التجارية كالموازين والآلات وغيرها0
وتقوم بالسعر الحالي الذي تباع به السلعة فى السوق عند وجوب الزكاة بها0
قال الشافعي: لا يضيف الربح إلى رأس المال0
قال أبو حنيفة ومالك والجمهور: بل يضيف الربح إلى رأس المال0
مال الشركة إذا بلغ النصاب وجبت فيه الزكاة ولو لم يبلغ مال الفرد نصاباً عند: الشافعي .
ولا يجب عند: أبي حنيفة ومالك0
وهو الراجح لاحتمال أن المساهمين فقراء تعطى لهم الزكاة ولا تؤخذ منهم 0
زكاة المال المستفاد
المال المستفاد كراتب الموظف وأجر العامل ودخل الطبيب والمهندس والمحامي والخياط والنجار وغيرهم 0
وإيراد رأس المال المستغل فى غير التجارة كالسيارات والسفن والطائرات والمطابع والفنادق ونحوها0
ولا يزكي إلا إذا أتم حولاً عند : أبي حنيفة ومالك والشافعي والجمهور وهو الراجح.
زكاة العمارات والمصانع
العمارات والمصانع والسيارات والفنادق وأي سلعة تؤجر وتعد للإجارة فيها قولان :
الأول: تقوم وتزكي زكاة التجارة ، فتثمن العمارة كل عام مضافاً إليها ما بقي معه من إيرادها 0
ويخرج عن ذلك كله ربع العشر ، وبه قال بعض فقهاء السنة كابن عقيل الحنبلي ووافقه ابن القيم وبعض فقهاء الشيعة والهادوية والزيدية 0(1/4)
الثاني: تؤخذ الزكاة من الإيراد ومقدارها ربع العشر ، وبه قال : صاحب المغني فى رواية عند أحمد وغيره0
ولا تجب حتى يقبضها ويحول عليها الحول وتبلغ نصاباً عند : أبي حنيفة ومالك0
وهناك قول معاصر : وهو أن تزكي من غلة هذه الأشياء كزكاة الزرع العشر أو نصف العشر إذا بلغت النصاب وهو ما يعادل 50 كيلة0
الأسهم والسندات
الأسهم:
السهم النصيب وهو حقوق ملكية جزئية من رأس مال كبير ، فى شركات مساهمة، والسهم له ربح قد يزيد أو ينقص0
السند:
تعهد مكتوب من الحكومة أو البنك أو الشركة لحامله بسداد مبلغ معين من قرض فى تاريخ معين نظير فائدة مقدرة محدودة ولذا فهي ربا وحامل هذا السند يعتبر دائنا للشركة أو البنك 0
إذا كانت الشركة صناعية لا تقوم بعمل تجاري فلا زكاة فى أسهمها لأن قيمة السهم موضوعة فى الآلات ولكن ربح الأسهم يضم إلى مال المزكي ويزكيه زكاة المال عند تمام الحول إذا بلغ نصاباً0
أما إذا كانت الأسهم فى شركات تجارية فإن الأسهم تجب فيها الزكاة ، وقيل الأسهم هي عروض تجارة سواء أكانت فى شركات صناعية أو تجارية وهو الأرجح0
والزكاة واجبه في عين المال عند: الجمهور وهو الراجح.
و واجبه في زمة المزكي عند: الحنابلة وابن حزم.
والسند إن مضى عليه عام أو أكثر يزكي عام عند: مالك وأبي يوسف0
زكاة صداق المرأة
صداق المرأة لا زكاة فيه إلا إذا قبضته وبلغ نصاباً وحال عليه الحول عند: أبي حنيفة
زكاة الدين:
وينقسم إلى قسمين:
1- الدين المعترف به:
فيه الزكاة متى قبضه فيؤدى ما مضى عند : الحنفية والحنبلية والثوري وأبو ثور 0
فيه الزكاة وإن لم يقبضه عند: الشافعي والزهري وهو الراجح 0
2- الدين على معسر أو جاحد أو مماطل به:
لا تجب فيه الزكاة عند: الحنفية وأبي ثور واسحق والشافعي فى قول والظاهرية.
وعليه الزكاة إذا قبضه لعام واحد عند: مالك والأوزاعي والليث0
وعليه الزكاة إذا قبضه لما مضى عند: الثوري وأبي عبيد والشافعي فى قول وهو الراجح0(1/5)
3- إسقاط الدين عن المدين واعتباره من الزكاة:
لا يجوز عند: أبو حنيفة والحنابلة والشافعي في قول.
ويجوز عند: البصري وابن حزم.(1/6)
الباب الرابع
زكاة الركاز والمعادن وفضول المال
أولاً : زكاة الركاز والمعادن
الركاز : هو ما كان من دفن الجاهلية من معدن وكنز0
المعدن : هو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة: كالذهب والفضة والحديد والزمرد والبللور والعقيق والكحل والزرنيخ وغيرها0
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ)(البقرة: من الآية267)
مكان الركاز :
أن يجده فى موات (أي أرض غير خصبة) أو فى أرض لا يعلم لها مالك أو فى طريق غير مسلوك أو قرية خراب فيه الخمس0
أن يجده فى ملكه المنتقل إليه فهو له إلا إذا ادعى المالك الأول أنه له فالقول قوله لأن يده كانت عليه0
أن يجده ملك مسلم أو ذمي فهو لصاحب الملك0
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العجماء جُبار، والبئر جُبار، والمعدن جُبار، وفي الركاز الخمس" 0 ( خ 1499 )
العجماء جبار: البهيمة جرحها ( أي إذا انفلتت بهيمة فأتلفت شيئاً فهو جبار أي هدر )
البئر جبار : أي حفرها .
المعدن جبار: أي إذا استأجر من يحفر سقط عليه المعدن فقتله فهو هدر وهو الراجح
ويجب فى الركاز الخمس على من وجدها عند : أبي حنيفة وأصحابه .
ويجب ربع العشر عند : الشافعي وأحمد واسحق ومالك فى رواية .
لا يجب الخمس إلا فى الذهب والفضة عند : الشافعي فى الجديد ومالك .
ويجب فى البترول الزكاة .
واتفقوا لا يشترط الحول عند: مالك والشافعي وأحمد .
مصرفه : مصرف الزكاة عند: الشافعي وأحمد فى رواية ومالك فى رواية.
ومصرف الفيء فى مصالح الدولة والفقراء عند : أبي حنيفة ومالك فى رواية وأحمد فى رواية والجمهور
نصابه : ما قيمة نصاب من النقود عند: مالك والشافعي وأحمد واسحق وهو الراجح.
يجب الخمس فيما يغنم فى القتال وفى الركاز ولا يجب فيما عدا ذلك .(1/1)
عن ابن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - َسُئِلَ عَنِ اللّقَطَةِ فَقال: "ما كَانَ مِنْها في طَرِيقِ المِيتَاءِ أوْ الْقَرْيَةِ الْجَامِعَةِ فَعَرّفْها سَنَةً، فإِنْ جاءَ طالِبُها فادْفَعْها إِلَيْهِ، وإِن لم يَأْتِ فَهِيَ لَكَ، وَما كَان في الْخَرابِ يَعْني فَفِيها وَفي الرّكَازِ الْخُمُسُ ".(ح د 1710)
الغنيمة
تقسم إلى خمسة أخماس : أربعة أخماس تقسم على المقاتلين ، والخمس الباقي خمسة أخماس0
خمس لله يضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى مصالح المسلمين ، وخمس لذي القربى ، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين ، وخمس لابن السبيل 0
زكاة مستخرجات البحر
ما يستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر والزبرجد والسمك ، اتفقوا على أنه لا تجب الزكاة فى كل ما يخرج من البحر من لؤلؤ ومرجان وزبرجد وسمك وغيره0
إذا بلغ نصاباً زكاته الخمس عند: أحمد فى رواية والزهري وأبي يوسف
لا شئ فيه عند : أبي حنيفة وأصحابه والزيدية والجمهور وأبي عبيد
السمك إذا بلغ قيمة نصاب النقود (مائتي درهم ) فيه الزكاة عند : أحمد
وقد بلغ مقادير هائلة ويقدر بأموال طائلة0
زكاة العسل
عَن أبي سيارة المتقي. قَالَ : قلت: يا رَسُول اللَّهْ! إن لي نحلاً. قَال: " َأد العشر"0(ح هـ 1823)
عَن عمرو بْن شعيب، عَن أبيه، عَن جده عَبْدُ اللَّه بْن عمرو: عَن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ أنه أخذ من العسل العشر.(ص هـ 1824)
لا زكاة فى العسل عند: مالك والشافعي وابن حزم وداود والثوري والبخاري وابن المنذر والجمهور.
وفيه الزكاة عند: أبي حنيفة وأحمد والزهري والأوزاعي واسحق والشافعي فى قول والشوكاني والقنوجي ، وهو الراجح0
ويؤخذ العشر في قليلة وكثيره عند: أبي حنيفة.
ثانياً : زكاة فضول المال
قال عمر: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على فقراء المهاجرين 0 (سنده صحيح)(1/2)
ففى أموال الأغنياء حق للفقراء سوى الزكاة إذا احتاجوا.
وهو قول: علي وابن عمر وعائشة والحسن بن علي والشعبي ومجاهد وطاووس وابن حزم والصادق والباقر وعطاء0
قال الله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ )
(الاسراء: من الآية26)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - : "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَىَ مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَىَ مَنْ لاَ زَادَ لَهُ".
( م 1728 )
فضل ظهر: زيادة ما يركب على ظهره من الدواب.
فليعد به: إذا أحسن ثم زاد.
أ في المال حق سوى الزكاة ؟
ذهب بعض الفقهاء إلى أن الحق الوحيد فى المال هو الزكاة، وما زاد عليها فهو تطوع
وذهب آخرون إلى أن فى المال حقاً سوى الزكاة 0
والحق أنه إذا لم تكف الزكاة وجب أخذ مال من الأغنياء سوى الزكاة لكفاية الفقراء.
وأيضا النفقة على الوالدين إذا احتاجا وولدهما موسر0
والنفقة على القريب وغير ذلك مما هو حق لكل معوذ0
واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين نازلة فإنه يجب صرف مال غير الزكاة لهم0
قال الله تعالى: (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ)(البقرة: من الآية177)
الزكاة فى الذمة لا فى عين المال
الزكاة واجبة فى عين المال عند: الحنفية ومالك والشافعي فى رواية وأحمد فى رواية .
تأخير الزكاة لا يسقطها
تجب الزكاة على الفور عند: مالك والشافعي وأحمد.
وتجب وجوباً موسعاً عند : الحنفية .
تأخيرها لا يسقطها لأنها دين فى الذمة ولا تسقط بموت رب المال0(1/3)
من مضى عليه سنون ، ولم يؤد ما عليه من زكاة، لزمه إخراج الزكاة عن جمعها سواء علم وجوب الزكاة، أم لم يعلم، وسواء كان فى دار الإسلام أم فى دار الحرب، وهذا مذهب الشافعي0
ولو غلب أهل البغي على بلد ، ولم يؤد أهل ذلك البلد الزكاة أعواماً ، ثم ظفر بهم الإمام أخذ منهم زكاة الماضي وهو قول: مالك والشافعي وأبى ثور وابن المنذر .
ويجوز فى غير الزروع تقديمها عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد واسحق والزهري والأوزاعي وأبي عبيد.
ولا تجوز تقديمها عند: مالك وداود .
الفرار من الزكاة
من ملك نصاباً من أي نوع من أنواع المال فباعه قبل الحول، أو وهبه أو أتلف جزءاً منه بقصد الفرار من الزكاة لم تسقط الزكاة عنه ، وتؤخذ منه فى آخر الحول إذا كان تصرفه هذا عند أقرب الوجوب، ولو فعل ذلك فى أول الحول لم تجب الزكاة ، لأن ذلك ليس بمظنة للفرار وهو قول: مالك وأحمد والأوزاعي واسحق .
قال الله تعالى : (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ - وَلا يَسْتَثْنُونَ - فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ - فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ)(القلم17-20) فعاقبهم الله بذلك لفرارهم من الصدقة ، ولأنه قصد إسقاط نصيب من أنعقد سبب استحقاقه فلم يسقط ، كما لو طلق امرأته فى مرض موته، لأنه لما قصد قصداً فاسداً، اقتضت الحكمة معاقبته بنقيض مقصوده كمن قتل مورثه لاستعجال ميراثه، عاقبه الشارع بالحرمان0
ليصرمنها: ليقطفن ثمارها.
لا يستثنون: حصة الفقراء.
طائف: نار محرقة.
كالصريم: كالليل الأسود.
وتسقط عنه الزكاة لأنه نقض قبل إتمام الحول ويكون مسيئاً وعاصياً لله بهروبه منها.
وهو قول: أبي حنيفة والشافعي.
ما يؤخذ من المسلمين وغيرهم
يؤخذ من المسلمين : ربع العشر.
يؤخذ من أهل الذمة : نصف العشر.
يؤخذ من لا ذمة له : العشر.(1/4)
باب الخامس
مصارف الزكاة
مصارف الزكاة ثمانية لا يجوز صرفها إلى غيرهم وهم المذكورين فى الآية قال الله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(التوبة: من الآية60)
إنما تفيد الحصر ، وهي إثبات الزكاة للمذكورين ونفيه عما عداهم فهي تصرف إليهم ولا يجوز صرفها إلى غيرهم0
تقسم أموال الزكاة على ثمانية أقسام لكل مصرف ثمن عند : الشافعي .
ولا يشترط التقسيم عند : الجمهور.
1- 2- الفقراء والمساكين
الفقراء والمساكين : هم المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم 0
والمسكين هو : المتعفف الذي لا يطوف على الناس 0
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس المسكين الذي يطوف على الناس، ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين: الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس" .( خ 1476 )
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى، ويستحيي، أو، لا يسأل الناس إلحافا" . ( خ 1479 )
والخلاصة : أن الفقر والمسكنة عبارتان عن شدة الحاجة وضعف الحال0
ويعطي ما تتم به الكفاية لمدة سنة عند: المالكية والحنابلة والغزالي وهو أرجح الأقوال لأن الزكاة تجمع كل سنة0
شروط إعطاء الفقراء والمساكين من الزكاة :
1- لا يجوز أن تعطى لكافر لحديث معاذ : "فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم". ( خ 1496)
يعني أغنياء المسلمين وفقرائهم0
2- أن لا يكونوا من بنى هاشم ومواليهم0
3- أن لا يكونوا ممن تلزم المزكي نفقته كالوالدين والأولاد والزوجات.
4- أن لا يكون قويا مكتسباً لحديث : ولا حظَّ فيها لغنيٍّ ولا لقويٍّ مكتسب 0(ص د 1633)(1/1)
الأولى بالعطاء المتسترون الذين يعانون من الآم الجوع فى صبر وسكوت لا المتسولون المحتالون الذين يطوفون على الناس دون تعفف0
3- العاملون عليها
وهم الذين يوليهم الإمام أو نائبه لجمعها من الأغنياء وحفظها وتفريقها على مصارفها0
وهم الذين يعملون فى الجهاز الإداري لشئون الزكاة من جباة وخزنة وحراس وكتبه وحاسبين وموزعين0
ويمكن تقسيم هذا الجهاز إلى إدارتين الأولى توصيل والثانية توزيع 0
وشروط العامل عليها :
1- الإسلام 0 2- التكليف أو ( البلوغ والعقل ) 0
3- الأمانة 0 4- العلم بأحكام الزكاة0
5- الكفاية للعمل والقدرة عليه 0 6- الذكورة 0
7- أن لا يكون من بنى هاشم 0
ويعطون عمالتهم من الزكاة عند : الجمهور وأبي حنيفة ومالك وابن جرير0
ويعطى العامل من الزكاة ولو كان غنياً لأنه إنما يأخذ أجراً على عمل أداه.
4- المؤلفة قلوبهم
وهم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم وجمعها على الإسلام أو تثبيتها عليه لضعف إسلامهم ، أو كف شرهم عن المسلمين ، أو جلب نفعهم فى الدفاع عنهم ، وهم إما مسلمون وإما كفار0
والمسلمون على خمسة أقسام :
1- سادات المسلمين وزعمائهم ، لهم نظراء من الكفار فإذا أعطوا رجي إسلامهم نظرائهم 0
2- زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين ، مطاعون فى أقوامهم فيرجي بإعطائهم تثبيتهم وقوة إيمانهم ومناصحتهم فى الجهاد وغيره 0
3- قوم من المسلمين فى الثغور ، وحدود بلاد الأعداء يعطون ، لما يرحى من دفاعهم عن من ورائهم من المسلمين إذا هاجمهم العدو ( والعدو يؤلف قلوب بعض المسلمين لأجل تنصيرهم فى بعض بلاد المسلمين وذلك لإخراجهم من حظيرة الإسلام أو لأجل حمايتهم ومشاقة الدول الإسلامية والوحدة الإسلامية ، أفليس المسلمون أولى بهذا منهم )
4- من دخل حديثاً فى الإسلام فيعطى إعانة له على الثبات عليه0
5- قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزكاة وأخذها ممن لا يعطيها إلا بنفوذهم وتأثيرهم0
والكفار على قسمين :(1/2)
1- من يرجى إسلامه فيعطى لتقوى نيته فى الإسلام 0
2- من يخش شره ، فيرجى بإعطائه كف شره وكف شر غيره معه.
ويعطى الكفار عند : الحنفية والشافعية وهو الراجح0
5- وفى الرقاب
فى الآية قال الله تعالى عن مصارف الزكاة الأربعة الأولى :
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ )
(التوبة: من الآية60)
فالصدقات لهم لقوله تعالى: للفقراء
أما الأربعة الأخر : فقال: (وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ )(التوبة: من الآية60)
فما سر هذه المغايرة ؟ ولماذا عبر عن استحقاق الأربعة الأول ( باللام) التي هي للتمليك ، والأخر بحرف ( فى ) التي هي للظرفية ؟
الأًصناف الأربعة الأوائل ملاك لما عساه يدفع إليهم فكان دخول اللام لائقاً بهم وأما الأخر فلا يملكون ما يصرف نحوهم ، بل ولا يصرف إليهم ، ولكن فى مصالح تتعلق بهم ، فالمال الذي يصرف فى الرقاب إنما يتناوله السادة المكاتبون والبائعون ، فليس نصيبهم مصروفاً إلى أيديهم ، وإنما هم محال لهذا الصرف وكذلك الغارمون إنما يصرف نصيبهم لأرباب ديونهم وأن ما يصرف لابن السبيل ليس تمليكاً له ، وإنما هو مصروف فى مصلحته المتعلقة بسفره إلى بلده وأما سبيل الله فواضح منه ذلك0
والحاصل أن الأصناف الأربعة الأول يصرف المال إليهم حتى يتصرفوا فيه كما شاءوا0
وفى الأربعة الأخيرة لا يصرف المال إليهم بل يصرف إلى جهات الحاجات المعتبرة التي من أجلها استحقوا الزكاة0
وفى الرقاب: العبد أو الأمة وهي تذكر فى معرض التحرير أو الفك ، أي وتصرف الصدقات فى فك الرقاب.
ويكون ذلك بطريقتين :
1- أن يعلن المكاتب وهو العبد الذي كاتبه سيده واتفق معه على أن يقدم له مبلغاً معيناً من المال يسعى فى تحصيله ، فإذا أداه إليه حصل على عتقه وحريته.(1/3)
لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ )(النور: من الآية33)
2- أن يشتري الرجل من زكاة ماله عبداً أو أمة فيعتقها، أو يشترك هو وآخرون فى شرائها وعتقها، أو يفعل ذلك ولى الأمر من الزكاة0
ولقد حرر الإسلام الرقيق ولم يشرع أبداً أخذ أحداً من رق إلا استرقاق الأسير فى حرب إسلامية شرعية لم يبدأ المسلم فيها بعدوان، وهذا على سبيل الجواز لا سبيل الحتم والالزام0
دعا الإسلام إلى العتق ورغب فيه وجعله من أحب القربات إلى الله ، وجعله كفارة لكثير من الأخطاء كالحنث فى اليمين ومظاهرة الزوج لزوجته، وجماع الصائم فى نهار رمضان وفى القتل الخطأ0
6- الغارمون
وهم الذين تحملوا الديون ، وتعذر عليهم آداؤها0
والغارم: هو الذي يستدين فى مصلحة نفسه كالكسوة أو الزوج أو العلاج أو بناء مسكن أو شراء أثاث ونحو ذلك0
ويشترط لاعطائه شروط :
1- أن يكون محتاجا إلى ما يقضى به الدين 0
2- أن يكون قد استدان فى طاعة أو أمر مباح0
3- أن يكون الدين حالاً فإن كان مؤجلاً ففيه خلاف 0
4- أن يكون الدين مما يحبس فيه كدين الولد على والده ودين المعسر0
5- أن يكون الغارم مسلماً0
وهناك نوع آخر يسمى الغارم لمصلحة غيره كإصلاح ذات البين عند: مالك والشافعي وأحمد
ويدخل فى ذلك قضاء دين الميت من الزكاة عند: القرطبي وابن تيمية والشافعي فى قول وأبي ثور وهو الراجح0
عن قبيصة بن مخارق الهلالي. قال: تحملت حمالة. فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها. فقال:(1/4)
"أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها". قال: ثم قال: "يا قبيصة ! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك. ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سدادا من عيش). ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة. فحلت له المسألة. حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سدادا من عيش) فما سواهن من المسألة، ياقبيصة ! سحتا يأكلها صاحبها سحتا" . ( م 1044)
تحملت حمالة: الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان ، أي يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين. كالإصلاح
حتى يصيبها ثم يمسك: أي إلى أن يجد الحمالة ويؤدي ذلك الدين، ثم يمسك نفسه عن السؤال.
جائحة: الجائحة هي الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها، وكل مصيبة عظيمة. واجتاحت أي أهلكت.
قواما من عيش: أي إلى أن يجد ما تقوم به حاجته من معيشة.
فاقة: أي فقر وضرورة بعد غنى.
الحجا: وهو العقل.
وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - : "من قومه ، لأنهم من أهل الخبرة بباطنه. والمال مما يخفى في العادة فلا يعلمه إلا من كان خبيرا بصاحبه".
سحتا يأكلها صاحبها: والسحت هو الحرام.
عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تصدقوا عليه"، فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه: "خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك" . ( م 1556)
7- وفى سبيل الله
السبيل : الطريق الموصل إلى مرضاة الله من العلم والعمل0
والمراد به الغزو عند: الجمهور0
فيعطى للمتطوعين من الغزاة الذين ليس لهم مرتب من الدولة سواء أكانوا من الأغنياء أم من الفقراء0(1/5)
لحديث: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو لغاز في سبيل الله ، أو لغني اشتراها بماله ، أو فقير تصدق عليه فأهداها لغني ، أو غارم" 0 (ص هـ 1841 )
لا تحل الصدقة لغني: أي لا تحل له أن يتملكها.
لغاز: لمجاهد تقطع عن الغزو.
اشراها: أي الزكاة من الفقير.
غارم: أي استدان ليصلح بين طائفتين فى دية أو دين0
ومن أهمها : السعي لإعارة حكم الإسلام وحفظ الإسلام من العدوان0
ويشمل سائر المصالح الشرعية العامة التي هي ملاك أمر الدين والدولة كالاستعداد للحرب لشراء الأسلحة وأغذية الجند وأدوات النقل وتجهيز الغزاة 0
ويدخل فى عمومه: إنشاء المستشفيات العسكرية وإنشاء الطرق وتعبيدها وبناء البوارج المدرعة والمناضد والطيارات الحربية والحصون والخنادق وجميع ما يختص بالمقاتلين من متطلبات0
وفى تأويل ( فى سبيل الله ) ثلاثة أقوال:
1- الغزاة فى سبيل الله وهو قول: جمهور المفسرين والمحدثين والفقهاء والخرقى وابن قدامه وابن العربي والخازن والشوكاني والقنوجي والأربعة0
ويعطون ولو كانوا أغنياء عند : الأكثر ين 0
والمراد بسبيل الله الغزو وما يلزم المجاهد والمرابط عند : المالكية 0
2- الغزاة والحجاج والعمار عند: أحمد فى رواية.
3- كتكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد والجسور ، وإعداد الدعاة إلى الإسلام وإرسالهم إلى بلاد الكفار 0
8- وابن السبيل
المسافر المنقطع عن بلده يعطى من الصدقة ما يستعين به على تحقيق مقصده إذا لم يتيسر له شئ من ماله وإن كان غنياً فى بلده واشترطوا أن يكون سفره فى طاعة أو فى غير معصية0
وابن السبيل لا يعطى من الزكاة إذا وجد من يقرضه عند : مالك وأحمد0
شروط ابن السبيل:
? أن يكون محتاجاً فى ذلك الموضع.
? أن يكون سفره فى غير معصية أي سفراً مباحاً.
? أن يفتقد الذي يقرضه فى سفره.(1/6)
عن أنس رضي الله عنه: أن ناسا من عرينة ، اجتووا المدينة ، فرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوا إبل الصدقة ، فيشربوا من ألبانها وأبوالها ، فقتلوا الراعي واستاقوا الذود ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأتي بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم ، وتركهم بالحرة يعضون الحجارة. ( م 1501)
استاقوا الذود: أخذوا الإبل وساقوها أمامهم.
يعضون الحجارة: من شدة عطشهم وألمهم.
عرينة: قبيلة وهي من قضاعة
فاجتووا: أي أصابهم الجوى ، وهي المرض ، وداء الجوف إذ تطاول. وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها.
سمل أعينهم: فقأها ، وفى رواية : سمل أي كحلها بمسامير محمية
الحرة: أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة
توزيع الزكاة على المستحقين:
اختلف الفقهاء فى توزيع الصدقة على المستحقين كلهم أو بعضهم فقال لشافعي:
إذا كان مفرق الزكاة هو المالك أو وكيله سقط نصيب العامل ووجب صرفها إلى الأصناف السبعة الباقية إن وجدوا وإلا للموجود منهم0
ولا يجوز ترك صنف منهم مع وجوده.
وقال الشوكاني: والحاصل أن الله سبحانه وتعالى جعل الصدقة مختصة بالأصناف الثمانية غير سائغة لغيرهم 0
ولا يلزم أن تكون موزعة بينهم على السوية0
وهو قول الجمهور وأبي حنيفة ومالك وأحمد وعامة أهل العلم
من يحرم عليهم الصدقة:
1- الكفرة والملاحدة والمشركون:
لحديث معاذ: تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم 0
ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم0
ولا يجوز أن يعطى الذميون اليهود والنصارى من الزكاة عند : الجمهور
2- آل النبي - صلى الله عليه وسلم - :
بنو هاشم وبنو المطلب لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس. إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" 0 ( م 1072 )
لأنها طهره لأموال الناس ونفوسهم .
قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )
(التوبة: من الآية103)(1/7)
عن أبي هريرة قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "كخ ، كخ". ليطرحها، ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة.( خ 1491)
3- الآباء والأبناء وأبناء الأبناء والبنات وأبنائهن:
(أي الآباء وإن علو والأبناء وإن نزلوا ) لحديث: أنت ومالك لأبيك0
(ص هـ 2291)
4- الزوجة : لأن نفقتها واجبة عليه بالإجماع 0
ويجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها عند: الشافعي والثوري وأبي يوسف ومحمد وأحمد فى رواية والظاهرية وابن المنذر ومالك فى رواية وأبي عبيد وهو الراجح.
عن زينب ، امرأة عبد الله قالت: كنت في المسجد، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تصدقن ولو من حليكن". وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها، قال: فقالت لعبد الله: سل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتامي في حجري صدقة ؟ فقال: سلي أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فانطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فوجدت امرأة من الأنصار على الباب ، حاجتها مثل حاجتي ، فمر علينا بلال ، فقلنا: سل النبي - صلى الله عليه وسلم - : أيجزي عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري ، وقلنا: لا تخبر بنا، فدخل فسأله، فقال: "من هما". قال: زينب، قال: "أي الزيانب". قال: امرأة عبد الله، قال: "نعم لها أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة"0(خ 1466 )
ولا يجوز دفعها إلي الزوج عند: الحنفية ومالك وأحمد في رواية.
5- الأغنياء: أختلف العلماء فى الغني 0
الغني هو من ملك خمسين درهماً أو قيمتها من الذهب عند : أحمد فى رواية والثوري وابن المبارك واسحق وهو الراجح 0(1/8)
عن عبدِ الله بن مَسْعُودٍ قال: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ سَأَلَ النّاسَ ولَهُ ما يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ القِيامةِ ومَسْأَلَتُهُ في وجْهِهِ خُمُوشٌ أو خُدُوشٌ أَو كُدُوحٌ" قِيلَ يا رَسُولَ الله وما يُغْنِيهِ؟ قال "خَمْسُونَ دِرْهماً أو قِيمَتُهَا مِنَ الذهَبِ".(ص د1626)
6- الأقوياء المكتسبون :لا يجوز إعطاء الصدقة للقوي إلا إذا لم يجد عملاً فيعان من الزكاة حتى يجد عملاً.
لحديث : لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى 0 (ص د 1634)
لا يجوز إعطاء الأقوياء عند : الشافعي وأحمد0
ويجوز عند : أبي حنيفة ومالك0
من الذي يقوم يقوم بتوزيع الزكاة :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث نوابه ليجمعوا الزكاة ويوزعها على المستحقين ، وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك لا فرق بين الأموال الظاهرة كالزروع والثمار والمواشي والمعادن والأموال الباطنة كالذهب والفضة وعروض التجارة والركاز.
فلما جاء عثمان سار على النهج زمناً ، إلا أنه لما رأى كثرة الأموال الباطنة ، فوض أداء زكاتها إلى أصحاب الأموال0
وقد اتفق الفقهاء على أن الملاك هم الذين يتولون تفريق الزكاة بأنفسهم إذا كانت من الأموال الباطنة 0
أما الأموال الظاهرة فتعطى لإمام المسلمين ونوابه لتوزيعها عند : مالك والأحناف.
ويقوم الملاك بتوزيعها عند : الشافعية والحنابلة 0
إظهار الزكاة :
يجوز للمزكي إظهار زكاته سواء أكانت صدقة فرض أم نافلة دون أن يرائي بصدقته ، وإخفائها أفضل
لقوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ )(البقرة: من الآية271)(1/9)
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظلهم الله في ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه" . (خ 1423 )(1/10)
الباب السادس
زكاة الفطر وصدقة التطوع
أولاً : زكاة الفطر
وجوبها : تجب على المسلم وعلى من يعولهم من زوجة وولد وخدم0
فزكاة الفطر واجبة على كل فرد من المسلمين بالإجماع0
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. ( خ 1503)
عن ابن عمر قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون. ( قط 220 ح غليل3/320)
فهي فرض عند : مالك والشافعي وأحمد وداود
حكمتها : شرعت فى شعبان من السنة الثانية من الهجرة لتكون طهرة للصائم ، مما عسى أن يكون وقع فيه، من اللغو والرفث ولتكون عوناً للفقراء والمساكين وتؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
عن ابن عباس قال: فرض رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرَّفثِ وطعمةً للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. (ص د 1609)
اللغو: هو ما لا فائدة فيه من القول والفعل
الرفث: فاحش الكلام
شروطها : لا يشترط فيها ملك النصاب بل هي على من ملك صاعاً زائداً عن قوته وقوت عياله يوماً وليلة وهو قول : مالك والشافعي وأحمد والجمهور والشوكاني
مقدارها :الواجب صاع من قمح أو شعير أو تمر أو زبيب أو أرز أو ذرة أو أقط ( لبن مجفف).
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - يقول: كنا نخرج زكاة الفطر، صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب.
( خ 1506)
الصاع : 4 أمداد ( المد: حفنة ) أو0.167 كيلة أي 1.33 قدح وبالوزن 2176 جرام قمح
الأجناس التي يخرج منها :
التمر والشعير والزبيب والأقط والقمح وغيرها من غالب قوت البلد مثل الذرة والأرز والسلت (وهو دقيق الشعير)(1/1)
غالب قوت البلد عند: المالكية والشافعية والجمهور وابن تيمية0
وقتها:
تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان عند: الشافعي فى الجديد وأحمد واسحق ومالك فى رواية والثوري والإمامية
تجب بطلوع الفجر من يوم العيد عند: أبي حنيفة وأصحابه والليث وأبي ثور ومالك فى رواية والشافعي فى القديم وابن حزم 0
عن ابن عمر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بزكاة الفطر، قبل خروج الناس إلى الصلاة. ( خ 1509 )
وتأخيرها بعد الصلاة حرام بالاتفاق ولا يجوز، ولا تسقط بالتأخير بعد الوجوب بل تصير ديناً فى الذمة حتى تؤدى ولو فى آخر العمر بالاتفاق0
أما تقديمها فيجوز قبل العيد بيوم أو بيومين عند: الجمهور ومالك وأحمد.
مصارفها :
الفقراء هم أولى الأصناف الثمانية لحديث : فرض رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث. وطعمة للمساكين. وهو قول: المالكية وابن القيم
ولا تعطى زكاة الفطر!
1- الكافر. 2- للمرتد. 3-للفاسق. 4- للغني القادر.
5- لمدعى البطالة الذي فى مقدوره العمل. ...
6- لوالد أو ولد أو زوجة أو أي أحد ممن تلزمه نفقتهم0
ولا تؤخذ زكاة من كافر عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حزم0
ولا يجوز إخراج القيمة عند: مالك والشافعي وأحمد.
ويجوز عند: أبي حنيفة.
ثانياً : صدقة التطوع
تسن صدقة التطوع فى كل وقت، والإسلام يحض عليها :
ففي القرآن الكريم
يقول الله تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(البقرة:261)
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً )
(البقرة: من الآية245)
((1/2)
لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
(آل عمران:92)
(آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (الحديد:7)
(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(سبأ: من الآية39)
وفي السنة:
1- عن أبي هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا" . ( خ 1442 )
هذا الإنفاق فى الطاعات ومكارم الأخلاق وعلى العيال والضيوف والصدقات ونحو ذلك 0
2- عن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اتقوا النار ولو بشق تمرة". ( خ 1417)
3- عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرا ؟ قال: "أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم"، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان . (خ 1419 )
صحيح: ليس فيك مرض أو علة تقطع أملك في الحياة.
شحيح: من شأنك الشح، وهو البخل مع الحرص.
تخشى الفقر: تخافه وتحسب له حسابا.
تأمل: تطمع وترجو.
تمهل: تؤخر.
بلغت الحلقوم: قاربت الروح الحلق، والمراد شعرت بقرب الموت.
لفلان كذا: أخذت توصي وتتصدق.
وقد كان لفلان: وقد أصبح مالك ملكا لغيرك وهم ورثتك.(1/3)
4- عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظلهم الله في ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه" . (خ 1423 )
5- عن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما يزال الرجل يسأل الناس ، حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم"0 ( خ 1474 )
مزعة لحم : قطعة لحم ، علامة على ذله بالسؤال ويأتي يوم القيامة ذليلاً ساقطاً لا وجه له 0
6- عن شعبة بن المغيرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال وكثرة السؤال". ( خ 1477 )
قيل وقال: الاشتغال بما لا يعني من أقاويل الناس.
إضاعة المال: بإنفاقه في المعاصي أو الإسراف فيه في المباحات.
السؤال: طلب أموال الناس، أو السؤال في العلم عما لا يفيد في دنيا أو آخرة.
7- عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها. قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك". ( م 1029 )
فيحصى: يمنعك فضله
أنواع الصدقات :
ليست الصدقة قاصرة على نوع معين من أعمال البر، وإنما القاعدة العامة أن كل معروف صدقة.
عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده :عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "على كل مسلم صدقة". فقالوا: يا نبي الله، فمن لم يجد؟ قال: "يعمل بيده، فينفع نفسه ويتصدق". قالوا: فإن لم يجد؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف". قالوا: فإن لم يجد؟ قال: "فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة". ( 1445 )
الملهوف: المظلوم والعاجز المضطر الذي يستغيث بك(1/4)
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلاّ كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً. وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ. وَمَا أَكَلَ السّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ. وَمَا أَكَلَتِ الطّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ. وَلاَ يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلاّ كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ"0
(م1552)
ولا يرزؤه : أي لا ينقصه ويأخذ منه.
عن جاَبِرِ قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "كُلّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وإِنّ منَ المَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ وأَنْ تُفْرِغَ من دَلْوِكَ في إنَاءِ أَخِيك"0
(ص ت 1970)
طلق : منبسط الوجه.
أن تفرغ : أي تصب.
أولى الناس بالصدقة :
أولاد المتصدق وأهله (زوجته) وأقاربه ، ولا تجوز الصدقة على أجنبي والمتصدق محتاج إلى النفقة على نفسه وعلى عياله0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "دينارٌ أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك"0 ( م 995)
عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن أفضل الصدقة، الصدقة على ذي الرحم الكاشح". (ص حم 3/402)
الكاشح: هو الذي يضمر العداوة ويطوي عليها كشحه.
إبطال الصدقة :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاس)(البقرة: من الآية264)
الأذى : إظهار الصدقة ، قصد إيلام المتصدق عليه أو توبيخه(1/5)
عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم" قال فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا. من هم يا رسول الله؟ قال" المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". ( م 106 )
المسبل: هو المرخي إزاره، الجار طرفة خيلاء .
المنان: الذي يذكر الصدقة ويتحدث فيها ، أو أن يستخدم المتصدق عليه ، أو أن يتكبر عليه لأجل بإعطائه0
التصدق بالحرام :
لا يقبل الله الصدقة إذا كانت من حرام0
عن أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "يَا أَيّهَا النّاسُ إنّ الله طَيّبٌ ولاَ يَقْبَلُ إلاّ طَيّباً، وَإِنّ الله أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيّهَا الرّسُلُ كُلُوا مِنَ الطّيّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إني بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} وَقالَ: {يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيّبَاتِ مَا رَزَقْناكُمْ}". قَالَ: وَذَكَرَ الرّجُلُ يُطِيلُ السّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ يَمُدّ يَدَهُ إلَى السّمَاءِ يَا رَبّ يَا رَبّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامُ، وَمَشْرَبَهُ حَرَامٌ. وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فأنى يُسْتَجَابُ لِذَلِك0 ( م 1015)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل".( خ 1410 )
يربيها: ينميها ويضاعف أجرها.
فلوه: مهره، وهو الصغير من الخيل.
مثل الجبل: يصبح ثوابها كثواب من تصدق بمقدار الجبل من المال
صدقة المرأة من مال زوجها:
يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها ، إذا علمت رضاه ويحرم عليها إذا لم يعلم.(1/6)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا تصدقت المرأة من طعام زوجها، غير مفسدة، كان لها أجرها، ولزوجها بما كسب، وللخازن مثل ذلك". ( خ 1437 )
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أنها جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا توعي فيوعي الله عليك، ارضخي ما استطعت" . ( خ 1434)
لا توعي: لا تدخري المال وتمسكي عن إنفاقه.
ارضخي: وهو العطاء غير الكثير.
التصدق بالمال كله:
يجوز للقوي المكتسب أن يتصدق بجميع ماله بشرط أن يكون غير مدين وليس عنده من يجب الإنفاق عليه0
قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : أمرنا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يوماً أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال [لي] رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "ما أبقيت لأهلك ؟" فقلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ما عنده ، فقال له رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "ما أبقيت لأهلك؟" قال: أبقيت لهم اللّه ورسوله قلت: لا أسابقك إلى شئ أبداً. (ح د 1678)
إن : حرف نفي أي ما سبقته .
التصدق على الذمي :
تجوز الصدقة على الذمي والحربي ، ويثاب المسلم على ذلك 0
قال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (الانسان:8) وقال تعالى : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8)
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة، في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاستفتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: "نعم"، صلي أمك . ( خ 2620)
((1/7)
راغبة) أي في الإسلام، وقيل: عنه، أي كارهة له
الصدقة على الحيوان
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجل يمشي بطريق ، اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها ، فشرب ثم خرج ، فإذا كلب يلهث ، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب فشكر الله له فغفرله". قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً ؟ فقال: "في كل ذات كبد رطبة أجر".
( خ 2466)
يلهث : يرتفع نفسه بين أضلاعه ، أو يخرج لسانه ، من شدة العطش.
الثرى : التراب الندي، وقيل: يعض الأرض.
وإن لنا في البهائم لأجرا: أيكون لنا في سقي البهائم والإحسان لها أجر.
في كل كبد: في الإحسان إلى كل ذي كبد.
رطبة: حية ، أي كل حيوان حي لأن الميت يجف جسمه وكبده ، وهو عام فى جميع الحيوانات
قال بعض العلماء:
هذا الحديث كان في بني إسرائيل ، وأما الإسلام فقد أمر بقتل الكلاب.
وأما قوله فى كل كبد فمخصوص ببعض البهائم مما لا ضرر فيه وهو قول: النووي.
قال ابن التين: لا يمتنع إجراؤه على عمومه ، يعني فيسقى ثم يقتل
الصدقة الجارية
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة من صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له". (م 1631 )(1/8)
الكتاب الرابع
الصوم
الباب الأول
الصوم تعريفه وفضله وصيام رمضان
أولاً : الصوم تعريفه وفضله
تعريفه لغة : مطلق الإمساك عن الكلام وغيره
لقوله تعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً)
(مريم: من الآية26)
شرعاً : الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع نية التعبد لله تعالي.
فضله : عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ، فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده ، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه". ( خ 1904 )
جنة: سترة ومانع من الرفث والآثام ووقاية من النار لإنه إمساك عن الشهوات والنار محفوفة بها.
فلا يرفث: لا يتكلم بفحش القول ، والرفث: السخف وفاحش الكلام0
ولا يصخب: لا يصيح ولا يخاصم ولا يرفع صوته جدا0
ولا يجهل: لا يرتكب شيئاً من أفعال الجاهلية كالسفه والسخرية والسب والشتم0
شاتمه: شقة متعرضاً لشتمه0
قاتله: نازعه ودافعه0
لخلوف: تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام ولخلو المعدة من الطعام.
أطيب عند الله: كناية عن رضا الله وإحسانه0
فرح بفطره: أي لتمام عبادته وسلامتها من المفسدات ولما يترتب عليها من الثواب0
فرح بصومه: أي بما يراه من جزائه وتذكير نعمة الله عليه بتوفيقه0
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان". ( ص حم 6623 )(1/1)
فيشفعان: أي يقبل الله شفاعتهما ويدخله الجنة ، وهذا يحتمل الحقيقة بأن يخلق الله فى الصيام والقرآن النطق ، ويحتمل المجاز والتمثيل0
ثانياً : صوم رمضان
صوم رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام ، فرض يوم الاثنين 2 شعبان سنة 2 هجرية ، وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع0
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)
وقال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة: من الآية185)
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، والحج ، وصوم رمضان". ( خ 8 )
وشرع الصوم لحكم منها :
1- أنه وسيلة إلى شكر النعمة: إذ هو كف النفس عن الأكل والشرب والمفطر ، والنعم مجهولة إذا فقدت عرفت ، ومن ثم يكون الشكر.
قال الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة: من الآية185)
2- أنه وسيلة إلى التقوى: لأنه إذا انقادت نفسه للامتناع عن الحلال طمعاً فى مرضاة الله تعالى وخوفاً من أليم عقابه ، فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام ، فكان الصوم سبباً للاتقاء عن محارم الله تعالى0
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)
3- إن فيه قهر النفس وكسر الشهوة لأن النفس إذا شبعت مالت إلى الشهوات، وإذا جاعت امتنعت عما تهوى0(1/2)
عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا معشر الشباب ، من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء"0( خ 5066 )
فكان الصوم وسيلة للامتناع عن المعاصي0
4- أن فيه كسر النفس وقهر الشيطان ، فالشبع نهر فى النفس يرده الشيطان، والجوع نهر فى الروح ترده الملائكة0
5- كونه موجباً للرحمة والعطف على المساكين فإن الإنسان إذا ذاق ألم الجوع والعطش فى بعض الأوقات تذكر حال المسلمين فيسارع إلى رحمتهم ومواساتهم0
6- ما يترتب على الصوم من رياضة النفس وراحة أعضاء الجهاز الهضمي شهر من السنة لتقوى وتقوم لما خلقت له خير قيام ، لذا أباح الشارع الفطر لمن لا يلائمه الصوم كالمريض والمسافر0
فضل رمضان :
عَن أبي هُرَيْرَة: عَن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانت أول ليلة من رمضان ، صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النار ، فلم يفتح منها باب. وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب. وناد مناد: يا باغي الخير أقبل. ويا باغي الشر أقصر. ولله عتقاء من النار. وذلك في كل ليلة". (ص هـ 1331)
إذا كانت: أي وجدت.
صفدت: أي شدت وأوثقت بالأغلال.
مردة: جمع مارد ، وهو العاتي الشديد.
يا باغي الخير أقبل: يا طالب الخير أقبل على فعل الخير.
ويا باغي الشر أقصر: يا طالب الشر أمسك وتب ، فإنه أوان قبول التوبة 0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر". ( م 233 )
عَن أبي هُرَيْرَة؛ قَالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه". (ص هـ 1330)
عن أبي بكره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : شهران لا ينقصان ، شهرا عيد:رمضان و ذو الحجة.(خ 1912 م 1089)(1/3)
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا دخل شهر رمضان فتحة أبواب السماء ، وغلقت أبواب جهنم ، وسلسلة الشياطين.(خ 1899 م 1079)
الترهيب من الفطر :
قال الذهبي: وعند المؤمنين مقرر: أن من ترك صوم رمضان بلا مرض أنه شر من الزاني ومدمن الخمر بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال.
( فقه السنة 1/502)
وينبغي كف الصائم جوارحه عما لا يرضى ربه ، وهذا مطلوب من الصائم وغيره إلا أنه من الصائم آكد0
والجوارح سبعة :
1- اللسان :
فعلى الصائم حبسه عن النطق بالفحش والبهتان والمراء والخصومة والكذب وغيرها من الآثام.
قال الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق:18) ويلزم الصمت والاشتغال بالطاعة من صلاة وذكر وتلاوة ، فهذا هو الذي يعتد به من صوم0
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"0( خ 6018 )
وليحذر الصائم كل الحذر من النميمة واللغو والغيبة والبهتان0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".( خ 1903 )
المراد بالزور: الحرام ومنه الكذب والميل عن الحق والعمل بالباطل والتهمة والغيبة0
والمعنى أن من لم يترك حال صيامه القول الباطل من الكذب والغيبة وشهادة الزور والبهتان والقذف والسب واللعن والميل عن الحق وغير ذلك مما يجب على الإنسان اجتنابه ، لا يقبل الله صيامه ولا يثيبه عليه0
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم إني صائم". ( خز 3/242 ص خز 1996 )
2- البصر:(1/4)
فليغضه عن النظر إلى ما يشغله عن ذكر ربه0
قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ )(النور: من الآية30)
وقال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: من الآية36)
3- السمع :
فليلزم صوته عن الإصغاء لكل ما يحرم قوله أو يكره لأن كل واحد منهما ينافي الكمال المطلوب من الإنسان التحلي به وقد سوى الله تعالى بين القول الزور والفعل المذموم فى التنفير ، فقال تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ )
(المائدة: من الآية42)
فقائل القبيح والمستمع له شريكان فى الإثم0
4- البطن :
عَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "اسْتَحْيُوا مِنْ الله حَقّ الحَيَاءِ". قال: قُلْنَا: يَا نَبِيّ لله إِنّا لَنَسْتَحْيِي وَالحمدُ لله ، قَالَ: "لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنْ الاسْتِحَيَاءَ مِنَ الله حَقّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرّأْسَ، وَمَا وَعَى وَتَحْفَظَ البَطْنَ، وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكّرَ المَوْتَ وَالبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخرة تَرَكَ زِينَةَ الدّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَى مِنَ الله حَقّ الْحَيَاء"0(ح ت 2458)
استحيوا من الله حق الحياء: أي حياء ثابتاً ولازماً صادقاً
إنا لنستحي: لم يقولوا حق الحياء اعترافاً بالعجز عنه.
والحمد لله : أي على توفيقنا به.
ليس ذاك: أي ليس حق الحياء ما تحسبونه بل أن يحفظ جميع جوارحه عما لا يرضى.
تحفظ الرأس: أي عن استعماله في غير طاعة لله بأن لا تسجد لغيره ولا تصلي للرياء ولا تخضع به لغير الله ولا ترفعه تكبراً.
وما وعي: أي جمعه الرأس من اللسان والعين والأذن عما لا يحل استعماله.
وتحفظ البطن: أي عن أكل الحرام.(1/5)
وما حوى: أي ما اتصل اجتماعه به من الفرج والرجلين واليدين والقلب ، فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف، وحفظها بأن لا تستعملها في المعاصي بل في مرضاة الله تعالى.
وتتذكر الموت والبلى: تتذكر صيرورتك في القبر عظاماً بالية.
ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا: فإنهما لا يجتمعان على وجه الكمال حتى للأقوياء.
فمن فعل ذلك: أي جميع ما ذكر.
5- الفرج :
فليحفظ مما لا يرضى قال الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)(النور:30) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "كُتِبَ عَلَىَ ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزّنَى. مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ. فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النّظَرُ. وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ. وَاللّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ. وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ. وَالرّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا. وَالْقَلْبُ يَهْوَىَ وَيَتَمَنّىَ. وَيُصَدّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذّبُه"0( م 2657 )
عن عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم"0( حم 5/323 ك 4/358 صحيحة 1470)
6-7- اليد والرجل: فلا يمدها العاقل ، ولا سيما الصائم لما نهي عنه وبذلك يكمل له صومه ويقبل عمله فكل صوم صينت فيه الجوارح عن اللغو والآثام ينال به العز والإكرام من الله تعالي في الدنيا ودار السلام.
وقت الصوم :
يبدأ الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، فلا يجوز الصوم فى الليل ، لأن الله تعالى أباح تناول المفطرات فى الليل إلى طلوع الفجر ثم أمر بالصوم إلى الليل0(1/6)
قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (البقرة:187)
والمراد بالخيط الأبيض : بياض النهار.
وبالأسود : ظلمة الليل.
ما يثبت به الهلال :
يجب على الناس وجوباً كفائياً طلب رؤية الهلال فى التاسع والعشرين من رجب وشعبان ورمضان وذي القعدة لأن الشهر قد يكون تسعة وعشرين يوماً0
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه. ولا تفطروا حتى تروه. فإن غم عليكم فاقدروا له".
( م 1080 )
فإن رؤى هلال رمضان فى التاسع والعشرين من شعبان ، صام الناس لزوماً وإن لم ير الهلال لنحو غيم أو غبار ، لزم إكمال شعبان ثلاثين يوماً.
إذا رؤى الهلال في بلد لزم سائر البلاد الصوم عند: الحنفية والمالكية وبعض الشافعية والمشهور عند الحنابلة.
ولكل بلد رؤيتهم وهو قول: عكرمة والقاسم وإسحاق.
ويجب علي البلاد التي لا تختلف مطلعها عند: الشافعية وبعض المالكية والحنفية والحنابلة وابن تيمية.
ويستحب لمن رأي الهلال أن يقول ما فى حديث :(1/7)
عَن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله: أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذَا رَأَى الْهِلاَلَ قالَ: "اللّهُمّ أَهْلِهُ عَلَيْنَا بالْيُمْنِ وَإِلايمَانِ والسّلاَمَةِ وَالإسْلاَمِ. رَبّي ورَبّكَ الله"0(ص ت 2745 )
أما قولهم: هل هلالك جل جلالك شهر مبارك علينا وعليك ، ونحو ذلك ثم يمسحون وجوههم فبدعة منكرة من عمل الجاهلية لم تفعل فى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا السلف الصالح0
ومن البدع ما يفعله بعض العوام وأرباب الطرق ، من الطواف ليلة رؤية هلال رمضان فى العواصم وبعض القرى بالرايات رافعين أصواتهم بالأذكار والصلوات مع اللقط والتشويش والزمر والطبل وزغاريد النساء واختلاط الرجال بهن وبالأحداث ، واستعمال آلات اللهو وغير ذلك فإنه لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة ولا السلف الصالح 0
شروط وجوب الصوم
شروط وجوب الصوم خمسة هي:
1- الإسلام فلا يفترض علي الكافر.
2- البلوغ فلا يفترض علي الصبى لعدم تكليفه ، ولكن علي ولي الصبي أن يأمره بالصيام إذا أطاقه ويضربه عليه إذا امتنع كالصلاة.
عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتي يفيق ، وعن النائم حتي يستيقظ ، وعن الصبي حتي يحتلم".(ص د 4403)
ويؤمر الصبي لسبع ويضرب لعشر عند: الحنفية والشافعي.
ويؤمر به لعشر عند: أحمد.
ولا يؤمر عند: المالكية.
3- العقل: فلا يفترض علي مجنون مطلقاً لعدم تكليفه ، والمجنون مسلوب العقل الذي هو مناط التكليف لحديث علي السابق.
4- العلم بافتراضه لمن أسلم في دار الحرب.
5- الإقامة والقدرة علي الصوم: فلا يجب علي المسافر ولا علي عاجز عنه ما لكبر أو مرض أو شرعاً لحيض أو نفاس وعلي من زال عذره القضاء.
ويجب الإمساك علي من وجب عليه الصوم في أثناء اليوم.
قال الله تعالي: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )(البقرة: من الآية184)(1/8)
الباب الثاني
صيام التطوع والصوم المنهي عنه
أولاً : صيام التطوع
التطوع بالصوم له فضل عظيم وثواب جزيل به تضاعف الحسنات وترفع الدرجات وتكفر السيئات ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )(هود: من الآية114)
1- صيام المحرم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - يَرْفَعُهُ. قَالَ: سُئِلَ: أَيّ الصّلاَةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ وَأَيّ الصّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: "أَفْضَلُ الصّلاَةِ، بَعْدَ الصّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ ، الصّلاَةُ فِي جَوْفِ اللّيْلِ. وَأَفْضَلُ الصّيَامِ، بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللّهِ الْمُحَرّم". ( م 1163)
2- صيام عاشوراء ويوم قبلها :
عن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب الله عليكم صيامه ، وأنا صائم ، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر"0 ( خ 2003 )
عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما أو بعده يوما". (ص حم 2153)
3- صيام أكثر شعبان :
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان. ( خ 1969 م 1156)
وصيام النصف من شعبان لم يصح فيه حديث كما لم يصح حديث فى صيام رجب0
4- صيام سرر شعبان :
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: "هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا" ؟ . قال: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فإذا أفطرت من رمضان، فصم يومين مكانه".(م 1161)
من سرر: المراد بالسرر آخر الشهر. سميت بذلك لاسترار القمر فيها
5- صيام ستة أيام من شوال:(1/1)
عَنْ أَبِي أَيّوبَ الأَنْصَارِيّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوّالٍ. كَانَ كَصِيَامِ الدّهْر"0 ( م 1164 )
وهذا لمن صام رمضان كل سنة فكأنما صام طول حياته0
قال العلماء: الحسنة بعشر أمثالها ، ورمضان بعشرة شهور ، والأيام الستة بشهرين0
والأفضل أن تؤدى متتابعة عقب العيد عند: الحنفية والشافعي 0
ويستوي التتابع وعدمه فى الفضل عند: أحمد.
ويكره صيام هذه الأيام عند: مالك.
والسر فى صيامها أنها تجبر ما وقع فى رمضان من خلل
6- صيام تسع من ذي الحجة :
عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر والخميس.
(ص د2437)
يصوم تسع : من أول ذي الحجة0
ولا يعارضه قول عائشة : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائماً فى العشر قط.
( م 1176)
لأنها أخبرت بأنها لم تره صائماً والمثبت مقدم على النافي ، ويحتمل أنها أرادت أنه لم يصمها لعارض مرض أو سفر أو غيره0
7- صيام يوم عرفة :
عن أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: "يُكَفّرُ السّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ". قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟. فَقَالَ: "يُكَفّرُ السّنَةَ الْمَاضِية". ( م 1162 )
والمكفر الصغائر الواقعة بين السنتين، فإن لم يكن له صغائر رفعت درجته أو وقى اقتراف الصغائر أو استكثارها0
وحكمة تكفير صومه سنتين أنه من شهر حرام توسط بين شهري حرام من عامين فناسب أن يكفر العامين0
عن أمِّ الفضل بنت الحارث: أن ناساً تمارَوْا عندها يوم عرفة في صوم رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم: هو صائم ، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبنٍ وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب. (خ 1988)(1/2)
فصيام يوم عرفة سنة لغير الحاج0
8- صوم يومي الاثنين والخميس:
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر ما يصوم الإثنين والخميس قال فقيل له قال فقال: "إن الأعمال تعرض كل إثنين وخميس أو كل يوم إثنين وخميس فيغفر الله لكل مسلم أو لكل مؤمن إلا المتهاجرين فيقول أخرهما".(ص هـ 1740)
فقيل له: أي سئل عن الباعث على صوم الأثنين والخميس0
المتهاجرين: المتقاطعين ، والتقاطع فى الدين ولتأديب الأهل جائز0
المتشاحنين: وفى رواية: إلا أمراً كانت بينه وبيمن أخيه شحناء.
(ص ترغيب 1032)
ولحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم الاثنين ؟ قال: "ذاك يوم ولدت فيه. ويوم بعثت فيه أو أنزل علي فيه"0 (م1162)
9- صيام أيام البيض من كل شهر :
عن أبي ذر قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. وقال: "هي كصوم الدهر".(ح ن 2422)
10- صيام ثلاثة أيام من كل شهر :
عَن أبي ذر؛ قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "من صام ثلاثة أيام من كل شهر، فذلك صوم الدهر". فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَل تصديق ذلك في كتابه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} فاليوم بعشرة أيام. (ص هـ 1708)
عن عائشة أنها سئلت: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت: نعم. فقلت لها: من أي أيام الشهر كان يصوم ؟ قالت: لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم. ( م 1160 )
11- صيام يوم وفطر يوم :
عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "صم صوم نبي الله داود ولا تزد عليه قلت يا رسول الله وما كان صيام داود قال كان يصوم يوما ويفطر يوماً". (ص حم 6832)
12- صيام ثلاثة أيام معينة من كل شهر :(1/3)
عن عائِشَةَ قالت "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ مِنَ الشّهْرِ السّبْتَ والأحَدَ والاْثَنْينِ، ومِنَ الشّهْرِ الآخر الثلاثَاء والأرْبِعَاءَ والخَمِيسَ 0( ص ت 746)
عن عبدِ الله قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ مِنْ غُرّةِ كُلّ شَهْرٍ ثلاثةَ أيامٍ ، وقَلّ ما كانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الجُمُعَة. (ح ت 742)
13- صيام ثلاثة أيام متفرقة :
عن حفصة قالت: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يصوم ثلاثة أيام من الشهر: الاثنين، والخميس، والاثنين من الجمعة الأخرى. (ص د2451)
ثانياً : الصوم المنهي عنه
1- صيام يوم العيدين:
عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " نهي عن صوم يوم الفطر والنحر".
(خ 1991)
أجمع العلماء علي تحريم صوم يومي العيدين.
2- صيام أيام التشريق:
وهي الأيام الثلاثة التي تلي عيد النحر.
وصومها حرام عند: الشافعي في المشهور عنه والأصح عند أحمد والليث.
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيام التشريق أيام أكل وشرب".(م 1141)
ولا يجوز إلا للمتمتع عند: الشافعي في القديم وأحمد في رواية واسحق والأوزاعي.
3- صوم يوم الجمعة منفرداً:
عن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لايصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده".(خ 1985)
النهي للكراهة عند: الجمهور والشافعي وأحمد وأبي يوسف.
ويحرم عند: أبن حزم.
ويباح عند: أبي حنيفة ومالك ومحمد بن الحسن.
ويجوز صيامه إذا كان يوم عرفة أو يوم عاشوراء.
4- صوم يوم السبت منفرداً:
عن الصماء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه".(ص د 2421)
قال مالك: كذب ، وقال أبو داود: منسوخ ، وقال الحافظ مضطرب أو قال الطحاوي: شاذ.
والنهي عن صيام يوم السبت لأن اليهود يعظمونه والنهي محمول على إفراده(1/4)
فيما افترض عليكم: ويشمل القضاء والنذور والنفل كصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء
لحاء : قشر.
فيكره إفراد يوم السبت بالصوم عند: الأحناف والشافعي وأحمد والنووي وابن قدامه.
وجوز صيامه بلا كراهة عند: مالك وابن تيمية وابن القيم.
5- صوم يوم الشك :
عن عمار: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - . (ص د 2334)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه ، فليصم ذلك اليوم"0(خ 1914)
فيكره صيام يوم الشك عند: مالك والشافعي وأحمد والثوري وابن المبارك واسحق.
6- صوم الدهر:
عَن عَبْد اللّه بْن عمرو قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "لا صام من صام الأبد"0
( خ1977 م 1159)
وهذا أخبارنا بأنه لم يحصل له أجر الصوم لمخالفته ، فإن أفطر يومي العيد وأيام التشريق لا يكون قد صام الدهر كله.
فيحرم صيام السنة كلها بما فيها العيدين وأيام التشريق عند: ابن حزم.
ويكره عند: مالك والشافعي وأحمد واسحق.
7- صيام المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه :
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه"0
( خ 5192)
ويحرم عليها أيضا التطوع بالصلاة أو الأعتكاف أو الحج أو العمرة بلا أذن أما إذا كان الزوج غائباً لها التطوع بما تريد0
والنهي للتحريم 0
8- وصال الصوم :
وهو صوم يومين وأكثر بلا فطر بينهما.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إياكم والوصال". قالوا: فإنك تواصل، يا رسول الله ! قال: "إنكم لستم في ذلك مثلى. إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون".( م 1103 )
وصال الصوم: متابعة بعضه بعضاً دون فطر أو سحور.
يطعمني ويسقيني: أي يجعل الله له قوة الطاعم والشارب.
والنهي للكراهة عند: الحنفية ومالك والشافعي والجمهور.(1/5)
وللتحريم عند: ابن حزم وابن العربي.
9- الصوم فى النصف الثاني من شعبان :
عَن أبي هُرَيْرَة؛ قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إذا كان النصف من شعبان، فلا صوم حتى يجئ رمضان"0 (ص هـ 1651)
يكره صيام النصف الثاني من شعبان عند: الشافعية.
ولا يكره عند: الحنفية ومالك وأحمد والجمهور.
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: "هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا" ؟ قال: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فإذا أفطرت من رمضان، فصم يومين مكانه". (م 1161)
سرر: المراد بالسرر آخر الشهر. سميت بذلك لاستتار القمر فيها
10- صيام الضيف :
يكره للضيف التطوع بالصوم بلا إذن رب المنزل.(1/6)
الباب الثالث
آداب ومبطلات ومكروهات و مباحات الصيام
أولاً : آداب الصيام
1- السحور :
يستحب ولا إثم على من تركه0
عن أنَسٍ بنِ مالكٍ أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال "تَسَحّرُوا فإنّ في السّحُورِ بَرَكَة"0
(خ1923 م 1095)
ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليلة ولو بجرعة ماء0
وسبب البركة: أنه يقوي الصائم ، وينشطه، ويهون عليه الصيام0
وتحصل البركة: باتباع السنة ، ومخالفة أهل الكتاب ، والتقوى به على العبادة والدعاء وقت السحر0
ويبدأ السحور من منتصف الليل إلى طلوع الفجر ويستحب تأخيره0
2- تعجيل الفطر:
يستحب تعجيل الفطر متى تحقق غروب الشمس0
عن سهل بن سعد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"0 (خ1957 م 1098)
عن أنس بن مالك يقول: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رُطَباتٍ قبل أن يصليَ ، فإِن لم تكن رطباتٌ فعلى تمراتٍ ، فإِن لم تكن حَسَا حَسَوَاتٍ من ماء.
(ص د 2356)
3- الدعاء أثناء الصيام :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد ودعوة الصائم ودعوة المسافر". ( هق 3/345 صحيحة 1797)
عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر عند قوم قال: "أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وتنزلت عليكم الملائكة".(ص د3854)
4- الدعاء عند الفطر:
عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وبتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله".(ح د 2357)
5- الكف عما يتنافى مع الصيام :(1/1)
ينبغي أن يتحفظ الصائم من الأعمال التي تخدش صومه ، حتى ينتفع بالصيام، وتحصل له التقوى التى ذكرها الله فى قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) والصيام ليس إمساك عن الطعام والشراب فحسب بل إمساك عن كل ما نهى الله عنه 0
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم إني صائم". ( خز 1996 ص ترغيب 1075)
6- السواك :
يستحب للصائم أن يتسوك أثناء الصيام ، ولا فرق فى أول النهار وآخره0 ولم يصح فى ذلك حديث ولكن يستدل بالبراءة الأصلية0
وذهب قوم إلى كراهية السواك بعد الزوال لما فيه من إزالة الخلوف وهو قول: الشافعي وأحمد والأوزاعي واسحق والمشهور عند الشافعية0
ويستحب السواك أول النهار وآخره عند: الحنفية ومالك والثوري ومحققي الشافعية والشافعي 0
7- الجود ومدارسة القرآن :
يستحبان فى كل وقت وهما أكثر استحباباً فى رمضان.
عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة. (خ 4997)
الريح المرسلة : فى الإسراع والعموم.
8- الإجتهاد فى العبادة خاصة فى العشر الأواخر من رمضان :
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله. (خ 2024)
شد مئزره: هو كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد لها زيادة عن المعتاد، وقيل: هو من ألطف الكنايات عن اعتزال النساء وترك الجماع. والمئزر الإزار، وهو ما يلبس من الثياب أسفل البدن.(1/2)
أحي الليل: سهره وأحياه بالطاعة ، وأحيا نفسه بسهره فيه ، لأن النوم أخو الموت لحديث: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً"0 أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور
أيقظ أهله: نبههن للعبادة وحثهن عليها .
9- ويطلب من الصائم ترك الإفراط فى تناول الطعام فى الإفطار والسحور:
عن مِقْدَامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبَ ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا مَلأَ آدمِيٌ وِعَاءً شَرّا مِنْ بَطْنٍ ، بِحَسْبِ ابنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلْثٌ لِنَفَسِهِ"0(ص ت 2380)
والصائم إذا شبع نقص أجره ، والشبع يورث القسوة ويوفر الجفوة ويثير النوم ويجلب الكسل عن الطاعة0
ثانياً : مبطلات ومكروهات ومباحات الصيام
1- الأكل والشرب عمداً يبطل الصوم :
ويوجب القضاء والكفارة عند: أبي حنيفة ومالك وإسحاق.
ويوجب القضاء فقط عند: الشافعي وأحمد وأهل الظاهر.
تناول ما لا يتغذى به من المنفذ المعتاد إلى الجوف:
يبطل الصوم عند: كافة العلماء0
ذوق شئ مفطر من غذاء أو دواء بلا عذر:
مكروه ، ولا بأس به مع العذر.
وإذا ذاقه وجب عليه أن يمجه لئلا يصل شئ منه إلى حلقه.
مضغ العلك (اللبان) الذي لم يتفتت:
مكروه عند: الأحناف والشافعي والحنابلة والشعبي والنخعي0
أما اللبان الحلو الذي يباع الآن فهو مفسد للصوم0
من أصبح بين أسنانه طعام:
فإن كان يسيراً لا يمكنه لفظه فابتلعه لا يفطر به لأنه لا يمكن التحرز منه فأشبه الريق، وهذا مجمع عليه ، ولكن يستحب له أن ينظف فمه بعد سحوره وقبل نومه وأن يتسوك0
من أكل أو شرب ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر فظهر له خلاف ذلك:
فعليه القضاء عند: الجمهور والأربعة.
ولا شئ عليه عند: اسحق وداود وابن حزم والحسن البصري وابن تيمية0 وأحمد في رواية وهو الراجح.
من تمضمض واستنشق بدون مبالغة:
فلا شئ عليه عند: الجمهور0(1/3)
عن لقيط بن صبرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا استنشقت فبالغ إلا أن تكون صائماً"0(ص هـ 328)
إذا وصل الماء الحلق من غير قصد:
فلا شئ عليه عند: الشافعي فى قول والأوزاعي وسحق وأحمد فى المشهور وابن قدامه.
ويفسد الصوم عند: أبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية والمزني والشافعي فى قول0
الأكل والشرب مكرهاً أو مخطأ:
لا يفسد الصوم عند: الشافعي والمشهور عند أحمد0
ويفسد عند: الحنفية ومالك وأحمد فى رواية.
قال الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ)(الأحزاب: من الآية5)
عن ابن عباس قال ، قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"0(ص هـ 2045)
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه"0 (خ 1933)
وعليه القضاء عند: مالك.
فإن أكل أو شرب متعمداً بعد ذلك فإن صومه يفسد وعليه القضاء عند: الأحناف والشافعي وأحمد0
نزول الماء والانغماس:
فيه مباح عند: الجمهور0
يباح للصائم أن يصبح جنباً :
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنبا، من غير احتلام ، ثم يصوم.
( م 1109 )
وبهذا قال الجمهور والأربعة0
فإن دخل الماء فى جوف الصائم من غير قصد:
فصومه صحيح0
ما لا يمكن الاحتراز:
منه كبلع الريق وغبار الطريق وغربلة الدقيق والذباب والنخامة إذا لم يستطع إخراجها كل هذا مباح عند: الحنفية والمالكية وأحمد في رواية0
القطرة فى العين:
مباحة سواء وجد طعمها أم لم يوجد ، لأن العين ليست منفذاً معتاداً إلى الجوف0
وهو قول: أبي حنيفة والشافعي والأوزاعي والنخعي وأبي ثور وداود وابن تيميه وابن القيم وابن المنذر0
إن وجد الطعم فى حلقه عليه القضاء عند: مالك وأحمد.
القطرة فى الأنف:
تفسد الصوم إذا وصلت إلى الحلق عند: مالك.(1/4)
وكره أهل العلم السعوط للصائم ورأوا أن ذلك يفطر0
السعوط : وضع الدواء فى الأنف0
القطرة فى الأذن:
تفسد الصوم إذا وصلت الجوف عند: الحنفية والشافعي وأحمد والمالكية0
القطرة فى الإحليل:
لا تفسد الصوم عند: ابن تيميه وأبي حنيفة ومالك وأحمد0
وتفسد الصوم إذا وصلت المثانة عند: الشافعي وأبي يوسف 0
مداواة المأمومة والجائفة:
لا تفسد الصوم عند: ابن تيميه
المأمومة : الشجة فى الرأس تصل إلى أم الدماغ مداواتها ليست تغذية0
الجائفة: الجراحة تصل إلى الجوف 0
البخور يتصاعد إلى الأنف ويدخل الدماغ:
لا يفسد الصوم عند: ابن تيميه0
الدهن يشربه البدن:
لا يفسد الصوم عند: ابن تيميه والجمهور وأبي حنيفة والشافعي وأحمد.
ويفسد عند: مالك0
الحقن فى العرق أو العضل أو تحت الجلد أو للتغذية:
لا تفسد الصوم وإن وصلت الجوف: لأنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد وهو قول: ابن تيميه.
الحقن المغذية:
كالجليكوزة تفسد الصوم 0
الحقن فى الدبر وقبل المرأة:
تفسد الصوم اتفاقاً0
ولا تفسد الحقنة الشرجية
عند: ابن تيميه 0
شم الروائح الطيبة:
مباح عند: ابن تيميه0
الحجامة:
وهي أخذ الدم من الرأس والفصد ، والتبرع بالدم0
لحديث عن ابنِ عبّاسٍ قال: احتجمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُحْرِمٌ صَائم.
(خ 5694)
وأما حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم".(ص د 2367)
فهو منسوخ عند: الجمهور.
وهو قول: الأحناف ومالك والشافعي وابن حزم0
وتفسد الصوم عند: أحمد والأوزاعي واسحق وابن المنزر وابن خزيمة وابن تيمية0
2- الجماع عمداً :
وهو يوجب القضاء والكفارة بالإجماع0(1/5)
عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت ، قال: "وما شأنك"؟0 قال: وقعت على امرأتي في رمضان ، فقال: "هل تجد ما تعتق رقبة". قال: لا ، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين". قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا". قال: لا أجد ، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر، فقال: "خذ هذا فتصدق به". فقال: أعلى أفقر منَّا؟ ما بين لابتيها أفقر منَّا، ثم قال: "خذه فأطعمه أهلك"0(خ 6711)
عرق: مكيال يسع 15 صاعاً0
لابتيها: ما بين أطراف المدينة0
والكفارة على الترتيب المذكور فى الحديث: فيجب العتق أولاً ، فإن عجز عنه صام شهرين متتابعين ، فإن عجز عنه أطعم ستين مسكيناً من أوسط ما يطعم منه أهله0
والمرأة والرجل سواء فى وجوب الكفارة عند: الجمهور.
ولا كفارة على المرأة مطلقاً عند: الشافعي وأحمد والنووي0
إدخال شئ فى الدبر وقبل المرأة:
يفسد الصوم عند: الحنفية وأحمد ومالك والشافعي0
قال فى المغني: علي الواطئ فى رمضان أن يعتق رقبة ولم يأمر المرأة بشيء ، مع علمه بوجود ذلك منها0 أهـ
وقال بالتخيير: المالكية وأحمد فى رواية0
عن أبي هُرَيْرَة حَدّثَهُ أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ، أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يَصْومَ شَهْرَيْنِ، أَوْ يُطْعِمَ سِتّينَ مِسْكِينَاً0 (م 1111)
أو : تفيد التخيير.
ومن جامع فى نهار رمضان ولم يكفر ثم جامع فى يوم آخر فعليه كفارتان عند: مالك والشافعي وأحمد فى رواية0
وعليه كفارة واحدة عند: الأحناف وأحمد فى رواية0
وأجمعوا على أن من جامع فى نهار رمضان ، عامداً وكفر ، ثم جامع فى يوم آخر ، فعليه كفارة أخرى0
من جامع مرتين فى يوم واحد:
ولم يكفرعن الأول فعليه كفارة واحدة بالإجماع0
وإن كفر عن الأول لم يكفر عن الثاني عند: الجمهور0
وعليه كفارة ثانية عند: أحمد0(1/6)
والإطعام: مد من قمح أو نصف صاع من تمر أو شعير لكل مسكين عند: أحمد0
نصف صاع من قمح أو صاع من غيره عند: أبي حنيفة0
ومد من أي نوع عند: مالك والشافعي والأوزاعي0
والجماع نسياناً:
فيه القضاء عند: مالك0
لا شئ عليه عند: أبي حنيفة والشافعي.
والكفارة عند: أحمد0
الاستمناء:
بأي كيفية يبطل الصوم ويوجب القضاء عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
والقضاء والكفارة عند: مالك.
وإن كان سببه مجرد الفكر أو النظر فهو مثل الإحتلام0
المني من النظر فيه القضاء عند: أحمد0
وفيه الكفارة عند: مالك0
ولا شئ عليه عند: الحنفية والشافعي0
المني من الفكر فيه الكفارة عند: مالك وأحمد فى رواية0
ولا شئ عليه عند: الحنفية والشافعي وأحمد فى الصحيح عنه0
المذى من النظر فيه القضاء عند: مالك0
لا شئ عليه عند: الحنفية والشافعي وأحمد0
من أصبح جنباً أو أحتلم فى النهار:
لا شئ عليه إجماعاً0
عن عائشة قالت: قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدركه الفجر في رمضان وهو جنب ، من غير حلم فيغتسل ويصوم. ( خ 1930)
إذا أدخلت المرأة إصبعها فى فرجها ولو مبتلاً:
لا يفسد صومها عند: أحمد0
ويفسد عند: الشافعي0
من استنجى فتعمد إيصال الماء إلى داخل دبره:
يفسد صومه0
القبلة لمن يقدر على ضبط نفسه:
القبلة بلا إنزال لا تبطل بالإجماع.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل ويباشر وهو صائم ، وكان أملككم لإربه. ( خ 1927)
المباشرة: تشمل القبلة والمس باليد واتصال الجسم بالجسم فهي ما عدا الجماع0
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: هششت يوما فقبلت وأنا صائم فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت صنعت اليوم أمرا عظيما فقبلت وأنا صائم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أ رأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم". قلت: لا بأس بذلك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ففيم".
( ص حم 138)
هششت : نشطت.
ففيم : ففيم السؤال.(1/7)
لا تفسد عند: الشافعي وأحمد واسحق0
وتكره عند: الأحناف والشافعية0
3- القيء عمداً :
فإن غلبه القيء فلا شئ عليه0
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "من ذرعه قيءٌ وهو صائم فليس عليه قضاءٌ، وإن استقاء فليقض".(ص د2380)
فالقيء عمداً يفسد الصوم وعليه القضاء عند: الأربعة0
ولا يفسد عند: أبي يوسف وهو رأي لأحمد0
أما قيئ البلغم فلا يفطر ولو كان عمداً عند: أبي حنيفة ومالك وأحمد0
وعند غيرهم فهو كالقيء 0
4- الحيض والنفاس :
ولو فى اللحظة الأخيرة قبل غروب الشمس0
فقد أجمع العلماء على أن الحيض والنفاس يفسدان الصوم ويوجبان القضاء فقط0
5- نية الفطر:
فمن نوى الإفطار فى وقت الصيام وعزم عليه فإن صومه يفسد عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي وظاهر مذهب أحمد0
والتردد لا يفطر.
6- الردة:
من ارتد عن الإسلام فسد صومه بالإجماع وعليه القضاء إذا دعا إلى الإسلام0
ومن الردة: سب الدين ، وسب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، أو أي نبي ، أو سب القرآن والاستهزاء به ،أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو باسم من أسماء الله تعالى، أو الاعتراض على الله عز وجل أو على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنكار شئ معلوم من الدين بالضرورة كإنكار الصلاة أو الصيام أو الحج أو الكعبة أو الحكم بما أنزل الله ، واحتقار الإسلام أو النبي - صلى الله عليه وسلم - أو القرآن أو أي شعيرة من شعائر الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة 000 ليعلم الذين لا يبالون أنهم يكفرون ولا يشعرون0
7- قول الزور :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"0 (خ 1903)
8- اللغو والرفث:
لحديث: "ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم إني صائم".(خز 3/242 ص خز 1996)
9- الكذب والغيبة والنميمة.(1/8)
10- ترك الصلاة0
لهذا جاء الوعيد الشديد من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش"0(ص هـ 1690)
الأعذار المبيحة للفطر
الذين يرخص لهم الفطر ويجب عليهم الفدية:
1- الشيخ الكبير والمرأة العجوز إذا لحقهما بالصوم مشقة0
قال الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )
(البقرة: من الآية184)
قال ابن عباس: ليست بمنسوخة هو للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعمان مكان كل يوم مسكينا. ( خ 4505)
قال ابن عباس: رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه0 (قط 2/205)
ولا شئ عليه عند: مالك0
2- المريض الذي لا يرجى برؤه:
3- أصحاب الأعمال الشاقة ، الذين لا يجدون متسعاً من الرزق غير ما يزاولونه من أعمال ، هؤلاء جميعاً يرخص لهم الفطر إذا كان الصيام يجهدهم ويشق عليهم مشقة شديدة فى جميع أشهر السنة ، وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً0 غذاء وعشاء أو صاع (قدح وثلث) أو نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو قيمة ذلك إن قدر عند: الحنفية0
أو مد من بر عند: الشافعي وأحمد0
ولم يأت من السنة ما يدل على التقدير0
الذين يرخص لهم الفطر ويجب عليهم القضاء:
1- المريض الذي يرجى برؤه ولكنه مرض مرضاً شديد يزيد بالصوم أو يخشى تأخر برئه0
وقيل أباح الشارع الفطر لكل مرض حتى من وجع الإصبع والضرس لعموم الآية0
قال الله تعالى: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (البقرة: من الآية184)
2- الذي يغلبه الجوع والعطش فخاف الهلاك والضرر عليه القضاء فقط0
لقوله تعالى: ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)
(النساء: من الآية29)
ولقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)(الحج: من الآية78)
3- المسافر :(1/9)
عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: يا رسول الله: أجد بي قوة على الصيام في السفر ، فهل علي جناح ؟ ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه".(م 1121)
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليس من البر الصوم في السفر".
(خ 1946)
عن حمزه بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام، فقال: "إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر" 0 (خ 1943)
نص فى إثبات الخيار للمسافرين بين الصوم والإفطار0
والسفر المبيح للفطر هو السفر الذي تقصر الصلاة بسببه وأقلها فرسخ أي ثلاثة أميال (5.565 كيلو متر) عند: الظاهرية ، وأكثرها 48 ميلاً (89 كيلو متر)
ومدة الإقامة التي يجوز للمسافر أن يفطر فيها ، هي المدة التي يجوز له أن يقصر الصلاة فيها.
والمدة هي مدة السفر فله الفطر حتى يرجع إلى وطنه أو ينوي الإقامة 15 يوماً فأكثر عند: الحنفية والثوري والليث0
أربعة أيام عند: مالك والشافعي وأحمد0
والصيام لمن قوي عليه فى السفر أفضل عند: أبي حنيفة والشافعي ومالك والثوري والشوكاني0
والفطر أفضل عند: أحمد واسحق0
والصوم لا يجزئ فى السفر عند: الظاهرية0
وإذا نوى الصوم وهو مقيم ثم سافر فى أثناء النهار فلا يجوز له الفطر عند: الجمهور والحنفية ومالك والشافعي والأوزاعي0
ويجوز عند: أحمد واسحق0
من يجب عليه الفطر والقضاء معاً :
1- الحائض والنفساء:
يحرم عليهما الصيام ، وإذا صاما لا يصح صومهما ويقع باطلاً ، وعليهما قضاء ما فاتهما0
عن عائشة قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة .( م 335)
2- الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما الضرر أفطرتا وعليهما القضاء عند: أبي حنيفة وأبي ثوروأحمد0
3- الحامل والمرضع إذا خافتا على ولدهما الضرر أفطرتا وعليهما القضاء عند: أبي حنيفة وأبي ثور وأحمد0(1/10)
وعليهما القضاء والفدية عند: الشافعي.
4- المجاهد لإعلاء كلمة الدين ولو مقيماً0 يباح له الفطر0
قال الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )(لأنفال: من الآية60)
5- الإكراه : يباح الفطر للمستكره وعليه القضاء عند: الجمهور0
صوم الفرض غير المعين
وينقسم إلى قسمين :
1- ما يلزم فيه التتابع مثل:
أ- صوم كل كفارة فيها العتق ككفارة القتل والظهار فى رمضان عمداً 0
وكفارة اليمين يلزم فيه التتابع عند: الحنفية وأحمد0
ولا يلزم التتابع عند: مالك والشافعي0
قال الله تعالى: ( وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ )(النساء: من الآية92)
قال الله تعالى: ( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ - فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا )( المجادلة 4:3)
عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت ، قال: "وما شأنك"؟. قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: "هل تجد ما تعتق رقبة". قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين". قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا". قال: لا أجد، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر، فقال: "خذ هذا فتصدق به". فقال: أعلى أفقر منَّا؟ ما بين لابتيها أفقر منَّا، ثم قال: "خذه فأطعمه أهلك"0(خ 6711)
2- الصوم المنذور المعين بأن قال : لله علي أن أصوم شهر رجب مثلاً ، فلابد فيه من التتابع 0
ب- ما لا يلزم فيه التتابع مثل :(1/11)
1- قضاء رمضان ، قال تعالى: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )(البقرة: من الآية184)
أي من أفطر لسبب المرض أو السفر فليصم عدة ما فاته فى أيام أخر عند: الأربعة.
قالت الظاهرية : يلزم التتابع.
والحق أنه لا يلزم 0
2- كل كفارة لم يشرع فيها عتق كصوم التمتع والقران 0
قال تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ )(البقرة: من الآية196)
3- كفارة جزاء الحلق والصيد :
قال تعالى: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُك )(البقرة: من الآية196)
وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ )(المائدة: من الآية95)
إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام 0
4- صوم النذر المطلق واليمين المطلق :
كمن نذر صيام أيام ولم يعين هذه الأيام وكمن حلف يميناً ثم حنث من مات وعليه صيام ، من مات وعليه فوائت وكان قد تمكن من صيامه قبل موته فعلى وليه أن يطعم عنه مداً عن كل يوم .
وهذا ما ذهب إليه: أبو حنيفة ومالك والمشهور عن الشافعي فى الجديد وأحمد واسحق0
ويستحب لوليه أن يصوم عنه ولا يطعم عند: الشافعي فى القديم والليث والزهري
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه"0
( خ1952 م 1147)(1/12)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟. قال: "نعم" ، قال: فدين الله أحق أن يقضى0(خ 1953)
قال النووي : وهذا هو القول الصحيح.
عَنْ بُرَيْدَةَ قال قَالَتْ امرأة : يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّهُ كَانَ عَلَيْهَا( أمها) صَوْمُ شَهْرٍ. أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "صُومِي عَنْهَا"0(م 1149)
عن ابن عمر أنه كان يسأل : هل يصوم أحد عن أحد أو يصلي أحد عن أحد فيقول: لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد0 (ط الصيام 43)
يصوم عنه وليه ما عليه من نذر عند: أحمد واسحق
قضاء رمضان :
يجب قضاء رمضان وجوباً موسعاً فى أي وقت وكذلك الكفارة0
والقضاء للأيام التي أفطرها سواء كانت متتابعات أو غير متتابعات لأن الله أطلق الصيام ولم يقيد0
فلا يلزم التتابع فى قضاء رمضان عند: الأربعة والجمهور0
قال الله تعالى: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )(البقرة: من الآية184)
قضاء رمضان واجب على التراخي عند: الجمهور0
عن عائشة رضي الله عنها تقول: كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان.
قال يحيى: الشغل من النبي ، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - . ( خ 1950م 1146)
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى قضاء رمضان: "إن شاء فرق وإن شاء تابع"0 (قط 2/192)
وإن أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر ، صام رمضان الحاضر ، ثم قضى بعده ما عليه ، ولا فدية عليه ، سواء كان التأخير لعذر أم لغير عذر ، وهذا مذهب الأحناف والبصري0
وإذا كان التأخير لعذر لا فدية عليه عند: الأربعة والجمهور واسحق0
وإن كان لغير عذر فعليه الفدية والقضاء عند: مالك والشافعي وأحمد واسحق.
وليس لهم نص صحيح يحتج به 0
الاعتكاف
شرعاً : اللبث فى المسجد من شخص مخصوص بنية مع الصوم0
مشروعيته :(1/13)
قال الله تعالى: ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ )(البقرة: من الآية125)
عن أبي هريرة قال: كان يعتكف كل عام عشرا ، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه.( خ 4998)
وقد اعتكف أصحابه وأزواجه معه وبعده0
حكمة مشروعيته :
الترغيب فى جمع القلوب على الله تعالى مع خلو المعدة والإقبال على الله تعالى والتنعم بذكره والإعراض عما سواه0
والمعتكف ينبغي أن يكون قلبه معلقاً بالمسجد وأن يكون مرابطاً فيه ، فإن الملائكة تجالسه ، فإن غاب بحثوا عنه وإن مرض عادوه ، ولا يحرم من دعائهم واستغفارهم له وهو فى ضيافة الله وإكرامه ، يلحظه بعنايته ورعايته0
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن للمساجد أوتادا الملائكة جلساءهم إن غابوا يفتقدونهم وإن مرضوا عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم"0(ح حم 9398)
أقسامه :
1- مسنون : وهو ما تطوع به المسلم تقرباً إلى الله وطلباً لثوابه ، وإقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -
، ويتأكد ذلك فى العشر الأواخر من رمضان0
2- واجب : وهو ما أوجبه المرء على نفسه0
إما النذر المطلق ، مثل أن يقول: لله عليّ أن اعتكف كذا 0
وإما بالنذر المطلق، كقوله : إن شفا الله مريضي لاعتكفن كذا0
شروطه :
1- الإسلام0 2- التمييز0
3- الطهارة من الحدث الأكبر ( من الجنابة والحيض والنفاس )
4- الكف عن شهوة الفرج 0 5- النية0
6- المكث فى المسجد، ولكن يجوز له الخروج لضرورة كخروجه للبول والغائط والغسل والحاجة إلى مأكل0
7- الصوم عند: أبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية والأوزاعي والزهري وابن تيميه وابن القيم0
ولا يشترط الصوم عند: الشافعي وأحمد فى الصحيح عنه0(1/14)
عن عائشة أنها قالت: السنة على المعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة التي لابُدَّ منها، ولا يعود مريضاً ، ولا يمس امرأته ، ولا يباشرها ، ولا اعتكاف إلا فى مسجد جماعة ، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم . (ص د 2473)
المسجد الذي ينعقد فيه الاعتكاف :
يصح الاعتكاف فى كل مسجد تصلى فيه الصلوات الخمس عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي واسحق وأبي ثور وداود0
والأفضل أن يكون الاعتكاف فى المسجد الجامع عند: الشافعية والألباني0
ولا اعتكاف إلا فى المساجد الثلاثة عند: حذيفة بن اليمان سعيد بن المسيب وعلي بن أبي طالب0
عن عائشة قالت: السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا ما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع. (ص د 2473)
عن حذيفة قال: قال - صلى الله عليه وسلم - : "لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام أو قال في المساجد الثلاثة". (هق 4/316 (ص القيام ص 36)
وقت دخول المعتكف :
متى دخل المعتكف المسجد ونوى التقرب إلى الله بالمكث فيه صار معتكفاً حتى يخرج فإذا نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان
فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين أو ليلة العشرين0
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر"0 (خ2027)
ما يستحب للمعتكف :
1- الإكثار من النوافل0
2- الإكثار من تلاوة القرآن0
3- التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار والدعاء والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتفكر فى آيات الله تعالى0
4- دراسة العلم واستذكار كتب التفسير والحديث والفقه والسيرة0
ما يكره للمعتكف :
1- أن يشغل نفسه بما لا يعنيه من قول أو عمل كالسباب والجدال وكثرة الكلام0
2- الإمساك عن الكلام ظناً منه أن ذلك مما يقرب إلى الله عز وجل0(1/15)
عن ابن عباس قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل ، نذر أن يقوم ولا يقعد ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ، ويصوم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "مره فليتكلم وليستظل وليقعد ، وليتم صومه"0(خ6704)
والصمت عن الشر متعين على المعتكف وغيره لحديث :
أَبي هُرَيْرَةَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخر فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُت". (خ 6018)
3- البيع والشراء والاتجار والصناعة للكسب:
ما يباح للمعتكف :
1- خروجه من معتكفه لتوديع أهله :
عن صفية بنت حيي. قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - معتكفا. فأتيته أزوره ليلا. فحدثته. ثم قمت لأنقلب. فقام معي ليقلبني. وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد. فمر رجلان من الأنصار. فلما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرعا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "على رسلكما. إنها صفية بنت حيي" فقالا: سبحان الله! يا رسول الله! قال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم. وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً". أو قال0 شيئا 0 ( م 2175)
2- ترجيل شعره وحلق رأسه ، تقليم أظافره وتنظيف بدنه ولبسه أحسن الثياب والتطيب بالطيب0
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد، فأرجله وأنا حائض.( خ 2028)
3- الخروج للحاجة التي لابد منها:
عن عائشة قالت: وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدخل علي رأسه ، وهو في المسجد، فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا.( خ 2029)
ويخرج للمأكل والمشرب إذا لم يكن ما يأتيه0
ويخرج للغسل من الجنابة وتطهير البدن والثوب من النجاسة0
4- الأكل والشرب والنوم فى المسجد0
5- عقد النكاح وعقد البيع والشراء0
ما يبطل الاعتكاف :
1- الخروج من المسجد لغير حاجة ضرورية عمداً وإن قل بالاتفاق0(1/16)
2- الردة لمنافاتها للعبادة ، لقوله تعالى: ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )(الزمر: من الآية65)
3- ذهاب العقل بجنون أو سكر لفوات شرط التمييز0
4- الحيض والنفاس بالإتفاق0
5- الوطء لقوله تعالى: ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ )(البقرة: من الآية187) ، ومحرم عليه مقدمات الوطء كاللمس والقبلة بشهوة0
6- الإنزال من مباشرة من غير الفرج كاللمس والقبلة لأنه فى معنى الجماع0
7- السكر0
8- الأكل والشرب عمداً نهاراً0
9- الجنون والإغماء0
10- ارتكاب كبيرة كالغيبة0
قضاء الاعتكاف :
من شرع فى الاعتكاف ثم قطعه استحب له قضاؤه عند:
ويجب عند: مالك.
وليس عليه قضاء عند: الشافعي.
أما من نذر أن يعتكف ثم شرع فى الاعتكاف وأفسده وجب عليه القضاء متى قدر عليه بالاتفاق0
عَن أبي بْن كعب أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. فسافر سنة فلم يعتكف. فلما كان من العام المقبل ، اعتكف عشرين يوماً.
(ص د 2463)
المعتكف يلزم مكاناً فى المسجد :
عَن عَبْد اللّه بْن عمر أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان.
قال نافع: وقد أراني عَبْد اللّه بْن عمر المكان الذي يعتكف فيه رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - من المسجد0 (م1171)
صلاة التراويح
مشروعيتها :
تشرع صلاة التراويح جماعة ، وهي سنة مؤكدة للرجال والنساء وتؤدى بعد سنة العشاء قبل الوتر وتمتد إلى آخر الليل0(1/17)
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ليلة من جوف الليل ، فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته ، فأصبح الناس فتحدثوا ، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه ، فأصبح الناس فتحدثوا ، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى فصلوا بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ، حتى خرج لصلاة الصبح ، فلما قضى الفجر أقبل على الناس ، فتشهد ، ثم قال: "أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها". فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك0 (خ2012)
فلما لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجوار ربه استقرت الشريعة ، وزالت الخشية وبقيت مشروعية صلاتها جماعة قائمة لزوال العلة ، لأن العلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً0
وأحيى هذه السنة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - 0
عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم ، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.
( خ 2010)
البدعة: الأمر البديع الجميل ، وهو إحياء السنة وجمعهم على إمام واحد0
والتي ينامون عنها أفضل: أي صلاتها آخر الليل أفضل0
عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قامَ رَمَضانَ إيماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لهُ ما تَقدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"0( خ 2009)
من قام رمضان إيمانا: أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه ، أي تصديقاً بأنه حق0(1/18)
واحتساباً: أي طلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه ، أي قاصداً بعمله وجه الله تعالى دون غيره 0
غفر له: ظاهره يتناول الصغائر والكبائر وبه جزم ابن المنذر.
وقال النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر.
وما تأخر: عن حفظهم من الكبائر فلا تقع منهم كبيرة بعد ذلك0
وقيل: أن معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة .
ومثله حديث: "صيام يوم عرفة يكفر سنتين : سنة ماضية وسنة آتية0"
الجماعة فيها: تشرع جماعة فى المسجد ركعتين ركعتين0
وصلاتها جماعة فى المسجد أفضل عند: الجمهور والحنفية والشافعي وأحمد وبعض المالكية.
وفى البيت أفضل عند: مالك وأبي يوسف وبعض الشافعية.
ولأنه - صلى الله عليه وسلم - واظب عليها فى البيت ثم كان عهد أبي بكر وصدرا من خلافة عمر0
ولقول عمر: والتي ينامون عنها أفضل0( خ 2010)
ورد الجمهور: بأن صلاة النافلة فى البيت مخصوصة ، بغير ما شرعت فيه الجماعة من النوافل كالعيد والتراويح فقد صلاها فى المسجد0
فإن ترك المواظبة على الجماعة فى المسجد إنما كان لمعنى وقد زال0
وبأن عمر لم يعترف بأن الجماعة مفضولة ، وقوله: والتي ينامون عنها أفضل يعني تأخيرها جماعة أفضل0
القراءة فيها:
ويجوز القراءة من المصحف 0
قال البخاري فى كتاب الآذان ، باب إمامة العبد والمولى ، وكانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف ، هكذا ساقه معلقاً0
قال الحافظ : بوصله أبي داود فى كتاب المصاحف من طريق أيوب عن أبي مليكة :
أن عائشة كان يؤمها ذكوان من المصحف ، ووصله ابن أبي شيبه والشافعي وعبد الرزاق فتجوز القراءة من المصحف فى النافلة عند: مالك والشافعي وأحمد والليث والزهري والنووي والكرماني وابن قدامه وابن باز 0
ولا تجوز عند: أبي حنيفة وابن حزم0
وتجوز القراءة من المصحف فى الفرض والنفل عند: الشافعي0
وتكره فى الفرض عند: مالك وأحمد فى رواية0
ويستحب القراءة الطويلة0
قال القاضي: لا يستحب النقصان عن ختمة فى الشهر ليسمع الناس جميع القرآن0(1/19)
وبعد الأربع ركعات انتظار يسبح فيه المصلي أو يقرأ القرآن0
ولم يرد فيه دعاء ولا ذكر ولا صلاة وهو قول : الشافعية والحنابلة0
ومن البدع رفع الصوت بعد كل ركعتين كقولهم : الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله ، أو صلاة القيام أثابكم الله ، أو الصلاة يرحمكم الله0
هذا بالإضافة إلى أنهم ينقرون الصلاة ولا يطمئنون فى الركوع والسجود والرفع منهما، ولا يقرأؤن دعاء الإستفتاح ، ولا يكملون التشهد ، ولا يطيلون القراءة0
عدد ركعاتها :
اختلف الناس فى تحديد ركعاتها، والقول الموافق لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها ثمان ركعات دون الوتر0
عن عائشة رضي الله عنها: قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا ، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا. فقلت: يا رسول الله ، أتنام قبل أن توتر؟. فقال: "يا عائشة ، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي"0(خ2013)
كأنه كان ينام بعد الأربع ثم يقوم فيصلي الثلاث0
ولما أحيى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هذه السنة جمع الناس على إحدى عشرة ركعة0
عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمائتين حتى يعتمد على العصا من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
( ط 1/115)
وخالفه يزيد بن خصيفة وقال : بعشرين ركعة (ط 216 زرقاني)
وهي شاذة لأن محمد بن يوسف الراوي عن السائب أوثق من يزيد بن خصيفة0
ولا يقال لمثلها زيادة ثقة ، لأن زيادة الثقة لا يكون فيها مخالفة ، وإنما فيها زيادة علم على ما رواه الثقة الأول ، ولو صحت رواية يزيد فإنها فعل ورواية محمد بن يوسف قول ، والقول مقدم على الفعل كما هو فى علم الأصول0(1/20)
عن جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم ثمان ركعات والوتر، ثم انتظروه فى القابلة فلم يخرج إليهم0 (خز1070 ح حب 2409)
قال الألباني (فى تمام المنة 252): ما روى عن عمر و على بأنهم كانوا يصلون عشرين ركعة ، فإنها أسانيد معلولة0
فهي عشرين ركعة عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد والثوري وابن المبارك وداود.
وست وثلاثين عند: مالك0
عن ابن عمر قال: لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعاً وثلاثين ركعة ويوترون منها بثلاث.( رواه محمد بن نصر)
قال الشافعي: رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين ( فتح الباري 4/180 )
ولا شك أن الأفضل هو اتباع ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -
فقد ثبت فى حديث عائشة أنه ما زاد عن ثمان ركعات فى رمضان ولا فى غيره وثبت أنه صلى بأصحابه ثمان ركعات بالمسجد0
ليلة القدر
فضلها : هي أفضل ليالي السنة 0
قال الله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ - لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (القدر3:1) العمل فى هذه الليلة من صلاة وتلاوة قرآن وذكر أفضل من العمل فى ألف شهر ليس فيها ليلة القدر0
وسميت بليلة القدر لأن فيها تقدر الأرزاق والآجال وحوادث العالم كلها0
وهي ليلة الشرف العظمة التي قدر فيها نزول القرآن0
قال الله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ - فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (الدخان 1: 4)
والليلة المباركة هي ليلة القدر وهي فى رمضان لا كما يعتقد أدعياء العلم بأنها ليلة النصف من شعبان0
والدليل واضح فى كتاب الله حيث قال سبحانه وتعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )(البقرة: من الآية185)
فالقرآن حتماً نزل فى رمضان وليلة القدر فى رمضان وهي الليلة المباركة0(1/21)
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه0" (خ 2014)
ويكثر نزول الملائكة ومعهم جبريل عليه السلام فى هذه الليلة لكثرة بركتها.
وفى هذه الليلة سلام لا يستطع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل أذى ، وتقدر فى هذه الليلة الآجال والأرزاق0
فهي خير كلها ليس فيها شر0
عن مالك أنه بلغه أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أُرِيَ أعمار الناس قبله أو ما شاء اللّه من ذلك ، فكأنه تقاصر أعمار أُمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه اللّه ليلة القدر خير من ألف شهر0 (ط الاعتكاف 15)
والألف شهر هي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر أي أكبر من متوسط عمر الإنسان0
وقد رفعت ليلة القدر:
عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"0 (خ 2023)
ويستحب الدعاء فيها :
عَن عَائِشَةَ قالَتْ: مَا أقُولُ فِيهَا؟ قالَ: "قُولِي اللّهُمّ إِنّكَ عَفُوّ كريم تُحِبُ العَفْوَ فاعْفُ عَنّي"0(ص ت3513)
عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله. ( خ 2024 م 1174)
أي ليلة هي ؟
قيل فيها أقوال كثيرة اخترت منها عشرة :
1- العشر الأواخر تنتقل فيها ، وهو قو ل مالك وأحمد والثوري واسحق وأبي ثور والمزني وابن خزيمة والنووي0
2- السبع الأواخر0
3- أوتار العشر الأواخر0 وهو قول ابن حزم وأبي ثور والمزني وابن خزيمة0
4- ليلة سبع وعشرين0 وهو قول الجمهور والحنابلة وأبي حنيفة فى رواية وبعض السلف0
5- ليلة إحدى وعشرين0 وهو قول الشافعي وبعض أصحابه0
6- ليلة ثلاث وعشرين0 وهو قول الشافعية0
7- ليلة خمس وعشرين0
8- ليلة أربع وعشرين0(1/22)
9- أشفاع العشر الأواخر0
10- أخفيت كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة و ساعة كل ليلة و أسم الله الأعظم و الصلاة الوسطى و الولي من الناس0
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر".
( خ 2015 م 1165)
تواطأت: توافقت.
متحريها: قاصدها وطالبها0
عن أبي سعيد قال: خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إني أريت ليلة القدر، ثم أنسيتها، أو: نسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين"0(خ2016 )
التمسوها: اطلبوها.
كانت هذه الليلة ليلة إحدى عشرين كما جاء فى صحيح مسلم0
عن عائشة رضي اللّه عنها أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"0( خ 2017 )
عن عائِشَةَ قالَتْ : تَحرّوْا ليْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ منْ رَمضَان.
( خ 2020 م 1169 )
عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، ليلة القدر ، في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى" .( خ 2021 )
(تاسعة تبقى) وهي ليلة الحادي والعشرين.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ. ثُمّ أَيْقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي. فَأُنْسِيتُهَا. فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِر"ِ.وَقَالَ حَرْمَلَةُ "فَنَسِيْتُهَا"0 ( م 1166)(1/23)
عن أُبَيّ بْنَ كَعْبٍ أن ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ عَلِمَ أَنّهَا فِي رَمَضَانَ. وَأَنّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. وَأَنّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. ثُمّ حَلَفَ لاَ يَسْتَثْنِي. أَنّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. فَقُلْتُ: بِأَيّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ؟ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ قَالَ: بِالْعَلاَمَةِ، أَوْ بِالاَيَةِ الّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ، لاَ شُعَاعَ لَهَا. ( م 762 )
لا يستثني: أي جزم فى حلف ولم يقل إن شاء الله0
عن أبي هريرة قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال: "أيكم يذكر ، حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة" . ( م 1170)
(شق جفنة) الشق هو النصف، والجفنة القصعة.
فيه إشارة إلى أنها إنما تكون في أواخر الشهر. لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر.
عن معاوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة القدر قال: "ليلة القدر ليلة سبع وعشرين". (ص د1386)
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم". (ص ن 2106)
عن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من مضان"0(ابن نصر ص106 صحيحة 1471)
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تحروا ليلة القدر، فمن كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين". (ص د1385)
عن عبد الله بن أنيس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تحروا ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين"0(ص د1379)(1/24)
عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . هي ليلة صبيحة سبع وعشرين. وأماراتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها. ( م 762 )
عن واثلة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليلة القدر ليلة بلجة لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها"0(ح ص ج 5472 )
بلجة: مشرقة.
عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء".
(هق 52/240 ص ج5475)
طلقة : أي سهلة طيبة.
زكاة الفطر
شرعت فى شعبان من السنة الثامنة من الهجرة ، لتكون طهرة للصائم ، مما عسى أن يكون وقع فيه من اللغو والرفث ، ولتكون عوناً للفقراء والمساكين0
تجب زكاة الفطر على المسلم الحر، المالك لمقدار صاع ، يزيد عن قوته وقوت عياله يوماً وليلة ، وتجب على المسلم وعمن تلزمه نفقته0
وهو قول : الجمهور ومالك والشافعي وأحمد وداود والشوكاني0
وتجب على من ملك النصاب عند: أبي حنيفة وأصحابه0
مقدارها :
صاع من تمر أو شعير أو قمح مما يعتبر قوتاً عند: الجمهور ومالك والشافعي وأحمد0
ونصف صاع عند: أبي حنيفة وأصحابه وزيد ويحيى والأوزاعي والثوري0
وليس لهم دليل إلا أحاديث يمكن أن تنهض بمجموعها التخصيص أحاديث الصاع0
ويجوز إخراج القيمة عند: أبي حنيفة وأصحابه والثوري والبصري0
ولا يجزئ عند: الثلاثة وابن حزم0
الصاع = 4 أمداد (المد حفنة) = سدس كيلة = ثلث و1 قدح = 2176 جم من قمح 0
وقيل = قدحان = 3 كيلو جرام0
فالكيلة تجزئ عن أربعة عند: أبي حنيفة0
وتجزئ عن ستة عند: مالك والشافعي وأحمد0
ويجوز إخراج الدقيق عند: أبي حنيفة وأحمد0
ولا يجوز عند: مالك والشافعي0
نوعها :
التمر والشعير عند: مالك وأحمد0
الأفضل البر عند: الشافعي0
الأكثر ثمناً هو الأفضل عند: أبي حنيفة0(1/25)
عن ابن عمر قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر ، صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، من المسلمين0( خ 1503 )
عن أبي سعيد قال: كنا نخرج زكاة الفطر ، صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من زبيب. (خ 1506 )
(أقط) لبن مجفف يطبخ به.
عن ابن عمر قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر على الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون0( قط 220 ح غليل 835)
وقتها :
تجب بعد فجر العيد عند: أبي حنيفة وأصحابه ومالك فى رواية والشافعي فى القديم والليث وابن حزم وأبي ثور0
وتجب بعد غروب شمس ليلة العيد عند: مالك فى رواية والشافعي فى الجديد وأحمد واسحق والثوري.
و تجوز قبل العيد بيوم أو يومين عند: الجمهور ومالك وأحمد.
وتجوز تقديمها من أول الشهر عند: الشافعي0
ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد عند: الجمهور، ولا تسقط بالتأخير بل تصير ديناً تؤدى ولو آخر العمر وهو قول الأربعة والجمهور0
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بزكاة الفطر، قبل خروج الناس إلى الصلاة. (خ1509)
عن ابن عباس قال: فرض رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرَّفثِ وطعمةً للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. (ص د 1609)
عن ابن عمر قال: كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين0( خ 1511)
المقصود هنا : الجباة يجمعونها قبل العيد بيوم أو يومين 0
حكمها :
فرض عند: الجمهور ومالك والشافعي وأحمد0
واجبة عند: أبي حنيفة0
سنة عند: الظاهرية 0
مصرفها :
لفقراء المسلمين عند: المالكية وأحمد فى قول وابن تيمية وابن القيم 0
وللمصارف الثمانية عند: الشافعي فى المشهور وابن حزم 0
ويجوز للثمانية ويجوز تخصيصها للفقراء عند: الجمهور0(1/26)
ويجوز إعطائها للذمي عند: أبي حنيفة ومحمد والزهري0
ولا يجوز عند: الجمهور 0
ولا تعطى للكافر والمرتد والفاسق والغني ومدعي البطالة والوالد والولد والزوجة أو أي أحد ممن تلزمهم نفقتهم 0
قال الشوكاني (2/17) : صدقة الفطر هو صاع من القوت المعتاد عن كل فرد ، والوجوب على سيد العبد ومنفق الصغير ونحوه ، ويكون إخراجها قبل صلاة العيد ، ومن لا يجد زيادة على قوت يومه وليلته فلا فطرة عليه ، ومصرفها مصرف الزكاة .(1/27)
الكتاب الخامس
الحج
الباب الأول
الحج تعريفه وحكمه وفضله
الحج : بفتح الحاء المهملة وكسرها لغتان0
تعريفه: لغة: قصد مكة للنسك0
اصطلاحاً: قصد البيت الحرام فى زمن مخصوص بنية لأداء المناسك من طواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها0
فهو عبارة عن أفعال مخصوصة فى أماكن مخصوصة فى زمان مخصوص.
وجوبه: هو فرض من الفرائض التي علمت من الدين بالضرورة ، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة ، ولو أنكر وجوبه منكر كفر وارتد عن الإسلام0
وهو واجب فى العمر مرة واحدة بالنص والإجماع0
والحج يجب على الفور عند: أبي حنيفة ومالك وأحمد وأبي يوسف وبعض الشافعية والصادق والألباني ، وهو الراجح بل والصحيح0
ويجب على التراخي عند: الشافعي ومحمد والثوري والأوزاعي0
عن ابن عباس قال ، قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له"0 (حم 1/314 ص ج 2957)
عَنِ الْفضْلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ. فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَة"0(ص هـ 2331)
وجب الحج سنة ست من الهجرة عند : الجمهور0
فضل الحج :
الحج من أفضل الأعمال :
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل أي العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور"0(خ 26)
الحج المبرور : هو الذي لا يخالطه إثم ،وأن يرجع زاهداً فى الدنيا ، راغباً فى الآخرة0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من حج لله ، فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه". (خ 1521)
يرفث: من الرفث ، وهو الجماع والتعريض به، وذكر ما يفحش من القول.
يفسق: يرتكب محرما من المحرمات ويخرج عن طاعة الله عز وجل.(1/1)
كيوم ولدته أمه: من حيث براءته من الذنوب ، وظاهره غفران الصغائر والكبائر0
عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله على النساء جهاد. قال: "نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة".(ص هـ 2901)
عنْ عبدِ الله بن مسعود - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "تابِعُوا بَيْنَ الحَجّ والعُمْرَةِ فإِنهُما يَنْفِيَانِ الفَقْرَ والذنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيْرُ خَبَثَ الحَدِيدِ والذهَبِ والفِضةِ ولَيْسَ للحَجّةِ المبرُورَةِ ثَوَابٌ إلاّ الجَنّة" . ( ص ت 810)
الترهيب من تركه :
قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)(آل عمران: من الآية97)
هذه آية تدل علي وجوب الحج عند: الجمهور0
ومن كفر: ومن كفر بفرض الحج ولم يره واجبا وهو قول: ابن عباس ومجاهد والطبري والصادق0
وقيل: إن من ترك الحج وهو قادر عليه فهو كافر عند: الحسن البصري0
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه يهوديا مات أو نصرانيا 0 (ابن كثير)
وقال : لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جَدَة ولم يحج فيضربوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين.( ابن كثير)
وقال سعيد بن جبير: لو مات جار لي وله ميسرة ولم يحج لم أصلّ عليه. (القرطبي)(1/2)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا". فَقَالَ: رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ". ثُمَّ قَالَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ".(م 1337)
عَنْ ابْنٍ لِأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَال:َ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصْرِ".(ص د 1722)
الْحُصْرِ: بضمتين وتسكن الصاد تخفيفا جمع الحصر الذي يبسط في البيوت أي عليكن لزوم البيت ولا يجب عليكن مرة أخرى بعد ذلك الحج .
شروط وجوب الحج :
1- الإسلام: فالكافر لا يجب عليه الحج ولا يصح منه0
2- البلوغ: فالصبي لا يجب عليه الحج ، ولو حج صح حجه ووقع نفلاً.
3- العقل: فالمجنون لا يجب عليه الحج وإن حج فلا يصح حجه، لأنه غير مكلف0
4- الحرية: فالعبد لا يصح إحرامه ، ولو حج صح منه ووقع تطوعاً.
5- الاستطاعة: فلا يجب على غير مستطيع ، ولكن إن حج صح منه.
والاستطاعة تتحقق بما يأتي :
1- أن يكون المكلف صحيح البدن، فإن عجز لشيخوخة أو مرض لزمه احجاج غيره عنه إن كان له مال 0
2- أن تكون الطريق آمنة0
3- أن يكون مالكاً للزاد 0
4- أن يكون مالكاً للراحلة التي تمكنه من الذهاب والإياب0
5- أن لا يوجد ما يمنع الناس من الذهاب إلى الحج كالحبس والخوف من سلطان جائر0
حج الصبي والعبد :(1/3)
لا يجب عليهما الحج ، لكنهما إذا حجا صح منهما ، ولا يجزئهما عن حجة الإسلام ، ولكنه ينعقد من الصبي ويثاب عليه، ويقع منه تطوعاً إجماعاً.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أيما صبي حج ثم بلغ الحنث عليه أن يحج حجة أخرى. وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى. وأيما عبد حج ثم عتق فعليه أن يحج حجة أخرى" 0 (هق4/325 ص ج 2729)
وقد أجمع أهل العلم: على أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك ، كذلك المملوك إذا حج فى رقه ثم أعتق فعليه الحج0
والصبي المميز يحرم بنفسه ويؤدي المناسك، وغير المميز يحرم عنه وليه ويؤدي عنه المناسك ، فيلبي عنه ويطوف به ويسعى ويقف بعرفة ويرمي عنه0
حج المرأة :
يجب على المرأة الحج كما يجب على الرجل إذا استوفت شروط الوجوب ويزاد عليها أن يصحبها زوج أو محرم0
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة وإلا معها محرم". فقام رجل فقال: يا رسول الله، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال: "اذهب، فحج مع امرأتك"0
(خ 3006)
قال الحافظ فى الفتح: المحرم هو كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد لسبب مباح لحرمتها0 أهـ ، والأمر في الحديث للندب .
والمحرم شرط عند : أبو حنيفة وأصحابه وأحمد والثوري وإسحاق وهو الصحيح.
وأجاز الرفقة المأمونه: المالكية والشافعية.
ويستحب للمرأة أن تستأذن زوجها إلى الحج الفرض، فإن أذن لها خرجت وإن لم يأذن لها خرجت بغير إذنه ، لأنه ليس للرجل منع امرأته من حج الفريضة فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ، وأما حج التطوع فله منعها0
يجوز للمرأة أن تأخذ حبوب منع الحمل لتمنع الدورة الشهرية أيام الحج0
صلاة المرأة فى بيتها أفضل من صلاتها فى المسجد الحرام والمسجد النبوي.
الحج عن الغير :
من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه لمرض أو شيخوخة لزمه احجاج غيره عنه0(1/4)
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجاءت امرأة من خثعم ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: إن فريضة الله علي عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟. قال: "نعم". وذلك في حجة الوداع. (خ1513)
يجوز الحج عن الميت عند : الشافعي وأحمد والثوري وإسحاق وابن المبارك.
ويجوز عن الحي إذا كان لا يقدر أن يحج عند: الأحناف والشافعي وأحمد.
ويشترط فيمن يحج عن الغير أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ شُبْرُمَةُ". قَالَ: قَرِيبٌ لِي. قَالَ: "هَلْ حَجَجْتَ قَطُّ". قَالَ: لَا .قَالَ:" فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ".(ص د 1811 )
قال ابن باز: تجوز النيابة فى الحج عن الميت وعن الموجود الذي لا يستطيع الحج أهـ0
ويجوز الحج عن الوالدين اللذين ماتا ولم تجب عليهما فريضة الحج لفقرهما.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة ، جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ، فلم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها؟ قال: "نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟. اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء"0 (خ1852)
قال الألباني :
عن ابن عمر قال: لا يصلي أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد فحجة البدل ليس لها أصل إلا ما جاء به نص ، فإذا مات الغني وعليه حج فهو فاسق، وحج ابنه عنه لا يفيده ، إذا توفى رجل وهو غير مستطيع للحج فعلى ابنه أن يحج عنه0(1/5)
قال أبن حزم (مسئله 818): ومن مات وهو مستطيع حج عنه من رأس ماله وأعتمر ولابد مقدماً علي ديون الناس إن لم يوجد من يحج عنه تطوعاً سواء أوصي بذلك أو لم يوص.
الصرورة :
عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "لا صرورة في الإِسلام".
(ص د 1929)
الصرورة: الرجل الذي لم يحج.
إن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج ولم يحج0
الركوب والمشي
الركوب فى الحج أفضل من المشي ، لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولكونه أعون على الدعاء والابتهال ، وهو قول الجمهور0
عن أنس - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخا يهادي بين ابنيه ، قال: "ما بال هذا ؟". قالوا. نذر أن يمشي. قال: "إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني". وأمره أن يركب.
(خ 1865)
قلت: يفضل الركوب من مكة إلي مني يوم الثاني من ذي الحجة ، ومن مني إلي عرفات يوم التاسع ، ويفضل المشي من عرفات إلي المزدلفة بعد الغروب ومن المزدلفة بعد الغروب ومن المزدلفة إلي مني صباح يوم العاشر أهـ.
البيع والشراء :
لا بأس للحاج أن يتاجر ويتكسب وهو يؤدي أعمال الحج والعمرة0
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية ، فتأثموا أن يتاجروا في المواسم ، فنزلت: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) مواسم الحج . (خ 4519)
والآية فيها ترخيص لمن حج فى التجارة ونحوها من الأعمال التي يحصل بها شئ من الرزق وهو المراد بالفضل هنا0
الإحصار
هو المنع والحبس،قال الله تعالى:(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ )(البقرة: من الآية196)
وقد نزلت فى حصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنعه هو وأصحابه فى الحديبية عن المسجد الحرام0(1/6)
والإحصار يكون من كل حابس يحبس الحاج عن البيت من عدو أو مرض أو خوف أو ضياع نفقة أو موت محرم الزوجة فى الطريق وغير ذلك من الأعذار المانعة وهو قول: الأحناف وأحمد.
والإحصار لا يكون إلا بالعدو عند: مالك والشافعي.
وعلى المحصر أن يذبح شاة أو بقرة أو ينحر بدنة فى مكان الاحصار ولا يلزمه إرساله إلى الحرم0
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحلق رأسه، وجامع نساءه ، ونحر هديه ، حتى اعتمر عاما قابلا. (خ4509)
يتحلل المحصر بذبح الهدي في مكان الإحصار.
وبالحلق أو التقصير عند: الشافعي وأحمد والجمهور.
توجيهات هامة قبل السفر :
قال الألباني فى مقدمة كتابه (حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ) :
إن كثيراً من الحجاج إذا أحرموا بالحج لا يشعرون أبداً أنهم تلبسوا بعبادة تفرض عليهم الابتعاد عما حرم الله تعالى من المحرمات عليهم خاصة وعلى كل مسلم عامة وكذا تراهم يحجون ويفرغون ، ولم يتغير شئ من سلوكهم المنحرف قبل الحج، وذلك دليل عملي منهم على أن حجهم ليس كاملاً ، إن لم نقل ليس مقبولاً، ولذلك فإن على كل حاج أن يتذكر هذا ، وأن يحرص جهد طاقته أن لا يقع فيما حرم الله عليه من الفسق والمعاصي0
قال ابن حزم: وكل من تعمد معصية ـ أي معصية كانت ـ وهو ذاكر لحجه ، منذ يحرم إلى أن يتم طوافه بالبيت بالإفاضة ، ويرمي الجمرة، فقد بطل حجه (المحلى 7/186)
قال الألباني: ومما سبق يتبين أن المعصية من الحاج ، إما أن تفسد عليه حجه على قول ابن حزم، وإما أن يأثم بها، ولكن هذا الإثم ليس كما لو صدر من غير الحاج، بل هو أخطر بكثير ، فإن من آثاره أن لا يرجع من ذنوبه كما ولدته أمه0
وإليك أخي الحج بعض التوجيهات قبل سفرك :
1- يجب أن تخلص النية لله تعالى ، بأن تبتغي بعملك وجه الله متجنباً الرياء والسمعة لأن الرياء مناف للإخلاص محبط للعمل0(1/7)
قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )
(البينة: من الآية5)
وقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "إنّما الأعمال بالنِّيَّات، وإنّما لكل امرئ ما نوى"0(خ 1)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله تبارك وتعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه"0 (م 2985)
فالرياء: يبطل العمل ويفسد الحج0
2- يجب أن يكون عملك موافقاً لما أمر الله به ، لأن كل ابتداع فى الدين مردود0
لحديث : "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد0" ( م 1718)
رد: مردود أي باطل0
ولحديث: "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار0
(حم4/126 )
3- يجب عليك تحقيق التوحيد لله تعالى وحده، والكفر بالطاغوت وتطهير النفس من الشرك ، مثل دعاء الأموات والاستغاثة بهم، والنذر والذبح لهم، وجعلهم وسائط بينك وبين الله ، والطواف حول الأضرحة، وتقبيلها والتمسح بها، واعتقاد النفع والضر فيها0
كما يجب عليك أن تكفر المشركين، وأن لا تشك فى كفرهم ، وأن لا تصحح مذهبهم وأن تعتقد أن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل هدي ، وحكمه أحسن حكم، وأن لا تبغض شيئاً مما جاء به ، وأن لا تستهزئ بشيء من دين الرسول وأن لا تظاهر المشركين وأن لا تعاونهم على المسلمين 0
إن ذلك كله كفر وشرك بالله ، مبطل للعمل، مفسد للحج ، موجب لدخول النار0
قال الله تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
(الزمر: من الآية65)
وقال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً)
(الفرقان:23)
وقال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة: من الآية72)(1/8)
ومن الغريب أن الصوفية عندما يعزمون علي أداء مناسك الحج يبدؤن بالطواف حول الأضرحة التي ببلدتهم وإذا سافروا إلي القاهرة طافوا بالأضرحة التي بالقاهرة وإذا سافروا عن طريق البحر طافوا حول القنائى بقنا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
4- يجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي0
وحقيقة التوبة: الإقلاع من الذنوب، والندم على ما مضى ، والعزيمة على عدم العودة إليها0
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)
(البقرة: من الآية222)
5- يجب عليك رد مظالم الناس من نفس أو مال أو عرض وأن تتحلل منها.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم ، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"0(خ 2449)
6- يجب أن تختار لحجك نفقة طيبة من مال حلال0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"0( م1015)
وكيف يرجو الإجابة من يرفع يديه بالدعاء وطعامه حرام ، وماله حرام، وملبسه حرام ، ونفقته حرام ؟
7- يجب عليك أن تكتب وصية بمالك وما عليك من الديون حرصاً على ضمان حقك وحق الآخرين ، بعد أن تقضي ما استطعت من الديون، وبعد أن ترد الودائع إلى أصحابها ثم اطلب العفو والسماحة ممن كان بينك وبينهما معاملة ولا تنسى أن توصي أهلك وأصحابك بتقوى الله وفعل أوامره واجتناب نواهيه0
ويستحب أن توصي بجزء من مالك للفقراء ولأعمال الخير0(1/9)
8- ينبغي أن تستأذن والديك إذا كان حجك نافلة ، وإن كان فرضاً فاخبرهما واطلب منهما الدعاء لك ، واعلم أن في طاعتهم ورضاهم خيراً كثيراً لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد"0(ص ت 1899)
9- من السنة أن يودع المسافر أهله وأقاربه وجيرانه وأصدقاءه ، وأن يطلب منهم الدعاء له ويقولون له: "أستودع اللّه دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم"0
وتقول لهم: "نستودعكم الله الذي لا تضيع عنده الودائع".
10- ينبغي أن تصحب فى سفرك الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه.
فالرفقة الصالحة تعين على طاعة الله تعالى، وأحذر صحبة السفهاء والفساق والمرائين والمجادلين0
وينبغي أن يختار المسافرون أميراً عليهم يكون أتقاهم لله ، وأفضلهم خلقاً ، وأحسنهم رأيا، ثم عليهم أن يطيعونه لحديث: "إذا كانوا ثلاثة فليأمروا أحدهم0" (ص د 2608)
11- ينبغي الاستغناء عما فى أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم0
12- يجب عليك أن تتعلم مناسك الحج على ضوء الكتاب والسنة حتى لا تسير فى ركب المقلدين ، أو خلف المطوفين الذين يضيعون عليك الكثير من المناسك0
فابحث أخي عن أحد من علماء السنة الذين سبق لهم الحج ليعلمك المناسك على ضوء الكتاب والسنة (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
(النحل: من الآية43)
وحتى تكون حجتك موافقة لحجة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال: "خذوا عني مناسككم"0
13- أكثر في سفرك من ذكر الله والاستغفار والدعاء وتلاوة القرآن ، وتدبر معانيه وحافظ على الصلوات الخمس فى جماعة0
14- احفظ لسانك من القيل والقال والخوض فيما لا يعنيك ولا تفرط فى المزاح وصن لسانك من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بالناس ، فتزود بالعمل الصالح لقوله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)(البقرة: من الآية197)
وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة 0(1/10)
وأحذر الجدل والفسوق واللغو لقوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: من الآية197)
15- يجب عليك أن تعفو عن لحيتك ، لأن التزين بحلقها فسق وحرام لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "خالفوا المشركين وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب".( خ 5892 )
16- اخلع ما بأصابعك من ذهب ، واخلع الدبلة ولو كانت من فضة أو حديد.
عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَىَ خَاتِماً مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ. فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ: "يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَىَ جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِه". (م 2090)
وأما الدبلة فهي تشبه بالكفار( النصارى) لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "من تشبه بقوم فهو منهم" 0 (ص د4013)
17- استعد روحيا وذلك بأن تتذكر خروجك من الدنيا ، واندراجك فى الأكفان كي تقف يوم الهول الأكبر بين يدي مولاك يحاسبك على رؤوس الأشهاد، فجرد باطنك عما سوى الله مقلعاً عن الشهوات والحماقات0
18- قبل سفرك يستحب لك: أن تقص شاربك وتقلم أظافرك ، وتنتف إبطك ، وتحلق عانتك0
19- يستحب أن تقول عند خروجك من بيتك: "بسم الله ، رب أعوذ بك من أن أزل أو أزل ، أو أضل أو أضل ، أو أظلم أو أظلم ، أو أجهل أو يجهل علي". (ص د5094)(1/11)
20- يستحب أن تدعوا بدعاء السفر إذا ركبت الدابة أو السيارة أو الطيارة أو الباخرة فقل قبل ركوبك: "بسم الله" ، فإذا استويت فقل الله أكبر ثلاثاً ، ثم قل: "الحمد لله سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هَذَا وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإنّا إلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ. اللّهُمّ إنّا نأسْألُكَ في سَفَرِنَا هَذا الْبِرّ وَالتّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ ما تَرْضَى. اللّهُمّ هَوّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا ، واطْو عَنَا ْبُعْدَه ، اللّهُمّ أنْتَ الصّاحِبُ في السّفَرِ والْخَلِيفَةُ في الأهْلِ اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل".
وَإذَا رَجَعَ قالَهُنّ وَزَادَ فِيهِنّ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبّنَا حَامِدُونَ".(م 1342)
21- يجب عليك أن تبتعد عن المنكرات والمعاصي كبيرها وصغيرها ، واجعل لسانك عفيفاً، وقولك طاهراً ، وكلامك طيباً ، وابتعد عن النظر إلى النساء الأجنبيات ولا تختلط بهن ، وابتعد عن سماع الملهيات ولا تجلس مع من يغتاب0
22- ليكن صدرك رحباً مع إخوانك المسلمين عموماً، ورفقائك فى السفر خصوصاً ، وألتمس لهم الأعذار وكن لهم خادماً وبهم رحيماً 0
23- أحذر أن تصلي بجوار امرأة أو خلفها0
24- ابتعد عن الإسراف والتبذير وأترك الزينة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، لأن كون الحاج أشعث أغبر أفضل من كونه مترفاً ، وأقرب إلى إجابة الدعاء0
لحديث: "رُبّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَىَ اللّهِ لأَبَرّه"0( م2622 )
ولحديث: "انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا".( حم2/224 ص ح 7089)
25- أحذر التصوير( وما يسمونه : للذكرى) فإن تصوير ذوات الأرواح حرام0
لحديث: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون"0( م 2109 )
26- لا تترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير وليكن كلامك ليناً 0(1/12)
قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)
27- استعمل السواك فإنه يطيب الفم ويرضي الرب0
28- ينبغي أن يختار أدعية مأثورة وصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل ذكر هذه الأدعية لابد لك من معرفة آداب الدعاء حتى يقبل الله دعاءك.
وآداب الدعاء هي:
1- البدء بالحمد والثناء على الله تعالى0
2- الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الدعاء وبعده0
3- حضور القلب والخشوع عند الدعاء0
4- أن تسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وبصفاته العليا وباسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى ، مثل: "اللّهُمّ إِنّي أَسْألُكَ بِأنّي أَشْهَدُ أَنّكَ أَنْتَ الله لا إلَهَ إِلاّ أَنْتَ الأحَدُ الصّمَدُ الّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أحَدٌ".
5- أن تدعوا الله وأنت موقن بالإجابة0
6- أن تلح بالدعاء0(1/13)
الباب الثاني
مناسك الحج
مواقيت الحج
الميقات : لغة: الحد.
اصطلاحاً: موضع العبادة وزمنها0
المواقيت الزمانية :
هي شوال وذو القعدة وعشرين ذي الحجة وهي قول: الأحناف والشافعي فى الجديد وأحمد والزيدية0
وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة عند: مالك والشافعي فى القديم وابن حزم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. (خ 3/490)
المواقيت المكانية :
هي الأماكن التي يحرم منها الحاج والمعتمر، ولا يجوز أن يتجاوزها دون أن يحرم ، وهي خمسة:
1- ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة (أبيار علي) على بعد 450 كيلو متر من مكة شمالاً 0
2- ميقات أهل الشام ومصر: الجحفة (رابغ) على بعد 187 كيلو متر من مكة فى الشمال الغربي0
3- ميقات أهل نجد : قرن المنازل على بعد 94 كيلو متر من مكة ، جبل يطل على عرفات0
4- ميقات أهل اليمن: يلملم على بعد 54 كيلو متر من مكة جنوباً 0
5- ميقات أهل العراق: ذات عرق على بعد 94 كيلو متر من مكة، فى الشمال الشرقي0
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها. (خ 1526)
وعند مسلم من حديث ابن عمر( فحد لهم ذات عرق ) أي لأهل العراق 0
ومن جاوز الميقات بلا إحرام لزمه الرجوع ليحرم من الميقات إذا لم يخف فوات الحج وإن أحرم بعد تجاوز الميقات فعليه دم 0
أهل جدة ومن هم دون المواقيت ، يحرمون من أماكنهم بالحج أوالعمرة0
ولكن من أراد العمرة وهو فى الحرم فعليه أن يخرج إلى الحل مثل التنعيم0
وينقسم الناس بالنسبة للميقات المكاني إلي ثلاثة أصناف:
1- أهل الحرم: وهم الذين يقيمون بمكة وحولها من الجهات الخمسة
وهي:(1/1)
من الشمال: التنعيم على مسافة 6 كيلو مترات من مكة0
من الجنوب: أضاه على مسافة 15 كيلو متر من مكة.
من الشرق: الجعرانة على مسافة 16 كيلو متر من مكة0
من الغرب: الشميس على مسافة 15 كيلو متر من مكة0
من الشمال الشرقي: واد نخلة على مسافة 14 كيلو متر من مكة.
2- أهل الحل: وهم الذين يقيمون داخل المواقيت الخمسة مثل جده.
3- الآفاقيون: وهم الذين يقيمون خارج المواقيت وهؤلاء يحرمون من المواقيت.
الإحرام
هو نية أحد النسكين: الحج أو العمرة، أو نيتهما معاً، وهو ركن0
لقوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )(البينة: من الآية5)
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"0(خ 1 )
آداب الإحرام :
1- النظافة : وتتحقق ، بتقليم الأظافر ، وقص الشارب ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وتسريح الشعر0
2- يستحب الغسل للإحرام ، ولو كانت امرأة حائضاً أو نفساء 0
عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحائض والنفساء إذا أتتا على الوقت تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت"0(ص د 1744)
3- التجرد من الثياب المخيطة ولبس ثوبي الإحرام ، وما لا يستر الكعبين للرجلين 0
4- التطيب فى البدن: وهو سنة عند: الشافعية والحنابلة0
عن عائشة قالت: كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه حين يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت. ( خ 1539)
5- صلاة ركعتين : ينوي بهما سنة الإحرام0
عن ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : يَرْكَعُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ0 (م1184)
وتشرع صلاة ركعتين عند الميقات عند: الأربعة.
ولا تشرع عند: ابن باز والعثيمين.
ويكره الإحرام قبل الميقات عند: مالك وأحمد والشافعية والنووي.
ويصح بلا كراهة عند: الحنفية والشافعية في قول.(1/2)
6- يقول: لبيك اللهم بعمرة ، اللهم هذه حجة لا رياء فيها ولا سمعة0
ولمن خاف المرض أو أي مانع آخر يقول: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبسني ، ثم يرفع صوته بالتلبية0
أنواع الإحرام:
أنواع الإحرام ثلاثة :
1- قران 2- تمتع 3- إفراد
قد أجمع العلماء على جواز كل واحد من هذه الأنواع الثلاثة :
عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج، فأما من أهل بالحج ، أو جمع الحج والعمرة، لم يحلوا حتى كان ويوم النحر. ( خ 1562 )
1- القران
وهو أن يحرم من عند الميقات بالحج والعمرة معاً ، ويقول عند التلبية لبيك بحج وعمرة 0
وهذا يقتضي بقاء المحرم على صفة الإحرام إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحج جميعاً 0
والقران أفضل النسك عند: الحنفية واسحق والنووي والمزني والمروزي والسبكي وابن المنذر.
والقارن يطوف طواف واحد ويسعي سعي واحد للحج والعمرة وهو قول: مالك والشافعي وأحمد.
ولا بد من طوافين وسعيين عند: أبي حنيفة
والقران هو الذي ساق الهدي من بلده ، كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - 0
2- التمتع
وهو الاعتمار فى أشهر الحج ثم يحج من عامه الذي اعتمر فيه 0
وسمي تمتعاً للانتفاع بأداء النسكين فى أشهر الحج فى عام واحد من غير أن يرجع إلى بلده0
ولأن المتمتع يتمتع بعد التحلل من إحرامه بما يتمتع به غير المحرم من لبس الثياب والطيب ، وغير ذلك0
وصفة التمتع : أن يحرم من الميقات بالعمرة وحدها ، ويقول عند التلبية: لبيك بعمرة0
وهذا يقتضي البقاء على صفة الإحرام حتى يصل الحاج إلى مكة فيطوف بالبيت0
ويسعى بين الصفا والمروة ، ويحلق شعره أو يقصره، ويتحلل فيخلع ثياب الإحرام ويلبس ثيابه المعتادة، ويأتي كل ما كان قد حرم عليه بالإحرام إلى أن يجئ يوم التروية0(1/3)
والتمتع أفضل النسك عند: أحمد ومالك والحنابلة والشافعية والباقر والصادق والناصر والإمامية والشوكاني0
وعلى المتمتع هديا أقله شاة، فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله 0
قال الألباني : العمرة واجبة فى الحج ( أي فرض ) 0
3- الإفراد
وهو أن يحرم من يريد الحج من الميقات للحج وحده، ويقول فى التلبية: لبيك بحج0
ويبقى محرماً حتى تنتهي أعمال الحج ثم يعتمر بعده إن شاء0
والإفراد أفضل النسك عند: المالكية والشافعية والهادي والقاسم ويحي 0
وأهل الحرم لا متعة لهم ولا قران وأنهم يحجون حجا مفرداً وهو قول: أبي حنيفة0
لقوله تعالى: (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ )(البقرة: من الآية196)
وللمكي أن يتمتع ويقرن بدون كراهة عند : مالك والشافعي وأحمد0
والإفراد أيضاً يكون للنساء الحيض اللاتي قد حضن ولم يتمكن من أداء العمرة قبل الحج0
عن جابر عن عائشة حاضت فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت فلما طهرت طافت قالت يا رسول الله أتنطلقون بحج وعمرة وانطلق بالحج فأمر عبد الرحمن أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة.
قال الألباني: الحج المفرد لا يجوز أن يتقصده المسلم فى حجه بل يجب عليه أن يصرف نظره عنه0
قال الألباني فى كتابه مناسك الحج والعمرة ص 5 :
على كل من أراد الحج ممن لم يسق الهدى أن ينوي حج التمتع لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه به آخر الأمر ولغضبه على أصحابه الذين لم يبادروا إلى أمتثال أمره بفسخ الحج إلى العمرة ولقوله: "دخلت العمرة فى الحج إلى يوم القيامة".
قال الشوكاني (نيل الأوطار 4/367) :
من ساق الهدى فالقران أفضل له ليوافق فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - . ومن لم يسق الهدي فالتمتع أفضل له ليوافق ما تمناه وأمر به الصحابة. ومن أراد أن ينشىء لعمرته من بلد سفره فالإفراد له.
قال السبكي (الدين الخالص 9/252) :(1/4)
والصواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم أولاً بالحج ثم أدخل عليه العمرة فصار قارناً ، وبهذا يسهل الجمع بين الأحاديث. فمن روى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مفرداً أراد أنه أحرم أولاً بالحج . ومن روى أنه كان قارناً أراد أنه اعتمر آخر . ومن روى أنه كان متمتعاً أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع بأداء النسكين في سفر واحد ( أفاده النووي شرح المهذب 70/160)
قال الشوكاني (الدرر 2/32 ):
يجب تعيين نوع الحج بالنية من تمتع أو قران أو إفراد ، والأول أفضلها ، ويكون الإحرام من المواقيت المعروفة ، ومن كان دونها فمهله أهله حتي أهل مكة من مكه.
قال الإمامية ( الفقه علي المذاهب الخمسة صـ 206):
إن التمتع فرض من نأي عن مكة 48 ميلاً ، ولا يجوز له غيره إلا مع الضرورة ، أما القارن والإفراد فهما فرض أهل مكة ومن كان بينه وبينها دون 48 ميلاًً ، ولا يجوز لهما غير هذين النوعين. ولا يجوز لمن وظيفته التمتع أن يعدل إلي غيره ، إلا لضيق وقت أو حيض ، فيجوز العدول حينئذ إلي القران أو الإفراد ، علي أن يأتي بالعمرة بعد الحج.
ولا يجوز العدول لمن فرضه القران أو الإفراد كأهل مكة وضواحيها أن يعدل إلي التمتع إلا مع الاضطرار كخوف الحيض المتوقع.
قلت: فمن تأمل في هذه الأحاديث الصحيحة ، تبين له بيانا لا يشوبه ريب ، أن التخيير الوارد فيها إنما كان منه - صلى الله عليه وسلم - لإعداد النفوس وتهيئتها لتقبل حكم جديد قد يصعب ولو علي البعض تقبله بسهوله لأول وهلة ، ألا وهو الأمر بفسخ الحج إلي العمرة.
وخلاصة القول:
أن علي كل من أراد الحج ، أن يلبي عند إحرامه بالعمرة ، ثم يتحلل منها بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة ، بقص شعره.(1/5)
وفي اليوم الثامن من ذي الحجة ، يحرم بالحج ، فمن كان لبي بالقران أو الحج المفرد ، فعليه أن يقسخ ذلك بالعمرة إطاعة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - والله عز وجل يقول : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)(النساء:80)
قال ابن عثيمين (صفة الحج والعمرة ص 6):
وأفضل هذه الأنواع الثلاثة التمتع، وهو الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وحثهم عليه ، حتى لو أحرم الإنسان قارنا أو مفرداً فإنه يتأكد عليه أن يقلب إحرامه إلى عمرة ليصير متمتعاً ولو بعد أن طاف وسعى ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طاف وسعى عام حجة الوداع ومعه أصحابه أمر كل من ليس معه هدى أن يقلب إحرامه عمرة ويقصر ويحل0
ما يباح للمحرم :
1- الاغتسال وتغير الرداء والإزار0
ويجوز استعمال الصابون الذي ليس له رائحة0
2- تغطية الوجه من غباره ونحوه0
3- لبس الخفين للمرأة0
4- تغطية الرأس ناسياً لا شئ عليه عند : الشافعية والإمامية0
وعليه الفدية عند : الأحناف0
ومثله من لبس القميص ناسياً أو تطيب ناسياً أو جاهلاً0
5- الحجامة وفقء الدمامل ونزع الضرس وقطع العرق0
6- حك الرأس والجسد ولو سقط منه شعر0
عن عائشة رضي الله عنها تُسأَلُ عن المُحرم، يحكّ جلده؟ فتقول: نعم فليحكّ وليشدُد 0 ( ط 699 )
7-8- النظر فى المرآة وشم الريحان0
قال ابن عباس رضي الله عنهما: يشم المحرم الريحان، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يأكل: الزيت والسمن. (البخاري باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن)
9-10- شد الحزام ولبس الخاتم0
11- التظلل بمظلة أو خيمة أو سقف0
12- الاكتحال :
أجمع العلماء على جوازه للتداوي لا للزينة0
13- الخضاب بالحناء:
يجوز عند :الحنابلة والشافعية0
ولا يجوز عند : الأحناف والمالكية0
14- ضرب الخادم للتأديب 0
15- قتل الذباب والقراد والنمل والفواسق الخمس0(1/6)
عن عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس من الدواب ، كلهن فاسق ، يقتلن في الحرم: الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور"0( خ 1829)
محظورات الإحرام :
1- الجماع ودواعيه ، كالتقبيل واللمس لشهوة وخطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالوطء والتعرض للنساء بفحش القول0
2- لبس المخيط الذي يحيط بالجسد أو بعضه بخياطة أو غيرها مثل:
القميص والعمامة والبرانس والسراويل والخفين والجبة والقلنسوة والطاقية والقفاز (جورب اليدين) والجوربين والقباء (لباس يربط على الوسط)0
أما المرأة لها أن تلبس كل شئ ولا يحرم عليها إلا الثوب الذي مسه الطيب والنقاب والقفازان0
عن ابن عمر قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يلبس المحرم؟ فقال: "لا يلبس القميص، ولا السراويل ، ولا البرنس ، ولا ثوبا مسه الزعفران ، ولا ورس ، فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين ، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين".
(خ 1542 )
البرنس: كل ثوب رأسه منه0
عن ابن عمر: لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القُفّازين. (خ 1838)
ويجب على المرأة أن تستر وجهها إن خافت الفتنة من النظر ، أو أن يراها غير المحارم0
عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان الرُّكبانُ يمرُّون بنا ونحن مع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - محرماتٌ ، فإِذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإِذا جاوزنا كشفناه. (ح حم 23903 )
فيحرم على المرأة تغطية وجهها إجماعا إلا لضرورة0
3- إزالة الشعر بالحلق أو القص أو بأي طريقة لقوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)(البقرة: من الآية196)
4- تقليم الأظافر: أجمع العلماء على حرمة تقليم الأظافر للمحرم بلا عذر فإذا انكسر فله إزالته من غير فدية0
5- التطيب فى الثوب أو البدن للرجال والنساء0
6- لبس الثوب مصبوغاً بماله رائحة طيبة0(1/7)
7- اكتساب السيئات واقتراف المعاصي التي تخرج المرء عن طاعة الله0
8- المخاصمة مع الرفقاء والخدم وغيرهم لقوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: من الآية197)
9- عقد النكاح لنفسه أو لغيره، بولاية أو وكالة ، ويقع العقد باطلا لا تترتب عليه آثار الشرعية0
عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب.( م1409 )
10- التعرض للصيد: يحرم على المحرم التعرض لصيد البر بالقتل أو الصيد ، أو الإشارة إليه ، أو الدلالة عليه أو تنفيره ويحرم عليه إفساد بيض الحيوان البري ويحرم عليه بيعه أو شراؤه وحلب لبنه لقوله تعالى: ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً )
(المائدة: من الآية96)
وأما صيد البحر فيجوز 0
11- الأكل من الصيد: يحرم على المحرم الأكل من صيد البر الذي صيد من أجله أو صيد بإشارته إليه أو بإعانته عليه0
ويجوز أن يأكل المحرم من لحم الصيد الذي لم يصده هو أو لم يصد من أجله أو لم يشر إليه أو يعين عليه0
12- قطع الشجر :
عن ابن عباس. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن هذا البلد حرام . لا يعضد شوكه. ولا يختلي خلاه ، ولا ينفر صيده. ولا تلتقط لقتطه إلا لمعرف". (م1353)
قال القرطبي: الشجر المنهي عنه هو ما ينته الله تعالى، من غير صنيع الآدمي ، أما ما ينبت بمعالجة الآدمي، فالجمهور على الجواز0
حكم من ارتكب محظوراً :
1- الجماع :
من جامع أثناء العمرة ، فسدت عمرته اتفاقاً 0
وعليه بدنة عند : المالكية والشافعية0
وعليه شاة عند : الحنفية والحنابلة0
من جامع قبل الوقوف بعرفة ، فسد حجه بالإجماع0
وعليه بدنة عند : المالكية والشافعية والحنابلة والإمامية0
وعليه شاة عند : الحنفية0(1/8)
ومن جامع بعد الوقوف بعرفة قبل التحلل الأول فسد حجه عند : المالكية والشافعية والحنابلة والإمامية0
ولا يفسد عند : الحنفية0
وعليه بدنة اتفاقاً 0
ومن جامع بعد التحلل الأول لا يفسد حجه0
وعليه شاة عند : مالك والشافعية فى قول والحنابلة فى قول0
وعليه بدنة عند : الحنفية والشافعية فى قول والحنابلة فى قول والإمامية0
2- قتل الصيد :
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) (المائدة:95) العامد والناسي سواء فى وجوب الجزاء ، لكن المتعمد مأثوم والمخطئ غير ملوم0
قضى السلف فى النعامة ببدنة ، وفى حمار الوحشي وبقر الوحشي ببقرة ، وفى الحمامة والقمري بشاة ، وفى الغزال بعنز ، وإذا لم يجد عنده جزاء قوم جزاءه بالدراهم ، ثم قومت الدراهم طعاماً ، فصام عن كل نصف صاع يوماً 0
3- قطع الشجر :
لم يرد فى الجزاء دليل إلا قول الأئمة :
قال أبو حنيفة : يؤخذ بقيمة هدى0
قال مالك : لا جزاء بل يأثم 0
قال الشافعي : فيه الجزاء00 فى العظيمة بقرة و فيما دونها شاة 0
4- والمحظورات الباقية :
كحلق الشعر ، ولبس المخيط ، والتطيب ، وتغطية الرأس ، وتقليم الأظافر 0
من يفعل محظوراً منها لزمه أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع أو يصوم ثلاثة أيام ، وهو مخير بين هذه الأمور الثلاثة .
ترك الواجبات : يوجب دم 0
ترك الوقوف بالمزدلفة بعذر لا شئ عليه عند : الحنفية والمالكية والشافعية0(1/9)
ترك المبيت بمنى ليالي التشريق بلا عذر فيه الفداء عند : المالكية والشافعية والحنابلة0
ترك الرمي عليه دم عند : الأربعة0
فاعل المحظورات له ثلاث حالات :
1- أن يفعل المحظور بلا عذر فهذا آثم وعليه الفدية0
2- أن يفعل المحظور لعذر فله فعل المحظور وعليه الفدية0
3- أن يفعل المحظور وهو معذور، إما جاهلاً أو ناسياً أو مكرها ، فلا إثم عليه ولا فدية عليه على القول الراجح0
التلبية
هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حيد دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم عليه السلام ، وهي مشروعة بالإجماع0
والتلبية سنة عند: الشافعي وأحمد ومالك فى رواية0
وواجبة عند: أبي حنيفة ومالك والإمامية0
ويسن اتصالها بالإحرام عند: الشافعي وأحمد0
ويجب عند: مالك0
لفظها :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهل ملبداً، يقول: "لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك"0( خ 5915 )
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : قَالَ في تَلْبِيِيَه: " لَبَّيْك إِلهَ الْحَقِّ، لَبَّيْكَ"0(ص هـ2363)
ويستحب الجهر بها :
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : "جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ. فَإِنَّهَا مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ"0(ص ت829)
فيستحب رفع الصوت بالتلبية عند: الحنفية والشافعي فى الجديد والجمهور0
ويستحب التوسط عند: مالك 0
وتستحب التلبية عند: الركوب أو النزول وكلما علا شرفاً أو هبط وادياً أو لقى ركباً وفى دبر كل صلاة وبالإسحار0
وتبدأ التلبية من وقت الإحرام إلى رمي جمرة العقبة وهو قول: الأحناف والشافعي والثوري وجمهور العلماء0
وحتى تزول شمس يوم عرفة عند: مالك
ويلبي حتى يرمي الجمرات جميعهم عند : أحمد واسحق0(1/10)
عن الفضل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة. ( خ1544)
أما المعتمر فيلبي حتى يستلم الحجر الأسود0
والمرأة تسمع نفسها ومن يليها ، ويكره لها رفع صوتها عند: الجمهور0
وترفع صوتها كالرجل عند : ابن حزم والألباني0
الطواف
أنواع الطواف :
1- طواف القدوم. 2- طواف الإفاضة.
3- طواف الوداع. 4- طواف التطوع.
وطواف القدوم : يسمى طواف التحية0
وطواف الإفاضة : الركن.
وطواف الوداع : الصدر.
وطواف التطوع : يكون فى مدة الإقامة بمكة
شروط الطواف :
1- الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر والنجاسة 0
لحديث : "الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير". (ص ت960)
عن عائشة قالت: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف ، طمثت ، فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي ، فقال: "ما يبكيك ؟". قلت: لوددت والله أني لم أحج العام. قال: "لعلك نفست ؟". قلت: نعم . قال: " فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم ، فافعلي ما يفعل الحاج ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"(م211)
2- ستر العورة:
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان"0(خ 1622 )
3- أن يكون سبعة أشواط كاملة ، فلو ترك خطوة واحدة فى أي شوط لا يحسب طوافاً فإن شك بنى على الأقل0
4- أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود ، وينتهي إليه0
5- أن يكون البيت عن يسار الطائف0
6- أن يكون الطواف خارج البيت ، فلو طاف فى الحجر لا يصح طوافه0
الحجر : هو جزء احتجزه قريش ويقع شمال الكعبة ويحوطه سور على شكل نصف دائرة وأكثر هذا الحجر من الكعبة 0
والحطيم : هو الموضع الذي فيه الميزاب 0
7- موالاة الطواف عند: مالك وأحمد0
وسنة عند: الحنفية والشافعي 000 ولا يضر التفريق اليسير0(1/11)
لو أحدث فى الطواف توضأ وبنى عند : الشافعية والحنفية 0
خطوات الطواف :
1- يستحب أن تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة (باب السلام) برجلك اليمنى وتقول: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم بسم الله والحمد لله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. (ص د 466)
2- إذا وقع نظره على البيت رفع يديه ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام 0 (هق 5/72 ح مناسك الحج للألباني ص 19 )
3- يقصد الحجر الأسود ويقبله فإن لم يتمكن استلمه بيده ، فإن لم يتمكن أشار إليه بيده ويقول: بسم الله الله أكبر فى أول طوافه 0
4- يقف بحذاء الحجر الأسود ويشرع فى الطواف جاعلا البيت عن يساره0
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَمَلَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلاَثَاً. وَمَشَىَ أَرْبَعاً.(م 1262)
عن عمر - رضي الله عنه - : أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، فقال: إني أعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك. (خ 1597)
ولا بأس فى المزاحمة على الحجر على أن لا يؤذي أحد ، لأن تقبيل الحجر سنة، وترك إيذاء الناس واجب0
5- يستحب الاضطباع بأن تدخل الرداء تحت كتفك الأيمن ، وترد طرفه على يسارك وتبدى منكبك الأيمن وتغطي الأيسر0
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فاضطبعوا وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم وقذفوها على عواتقهم اليسرى0 (ص د 1884)
وهو مذهب الجمهور0
والاضطباع لا يشرع إلا فى طواف القدوم أو العمرة0
6- يستحب الرمل فى الأشواط الثلاثة الأولى فيسرع فيها المشي ويقارب الخط ويمشي مشياً عاديا فى الأربعة الأخرى0
والرمل لا يشرع إلا فى طواف القدوم أو العمرة0(1/12)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَمَلَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلاَثَاً. وَمَشَىَ أَرْبَعاً.(م 1262)
7- يستحب استلام الركن اليماني فى كل شوط من الأشواط السبعة ويقول: بسم الله والله أكبر ، ولم تشرع الإشارة إليه ولا تقبيله 0
8- يستحب أن تقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: "ربنا آتتا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"0 ( د 1892 )
9- يستحب أن تقبل الحجر الأسود أو تستلمه أو تشير إليه عند كل شوط وتقول : الله أكبر0
10- يستحب أن يكثر من الذكر والدعاء ، ويتخير ما ينشرح له الصدر دون أن يتقيد بأدعية الأشواط السبعة المبتدعة ودون أن يردد ما يقوله المطوفون ويجوز له قراءة القرآن0
11- إذا انتهى من الأشواط السبعة : غطى كتفه الأيمن، وقرأ خلف المقام {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ثم يصلى ركعتين يقرأ فى الأولى بعد الفاتحة :قل يا أيها الكافرون ويقرأ فى الثانية بعد الفاتحة: قل هو الله أحد 0
وصلاة ركعتي الطواف واجبة عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي فى قول0
وسنة عند: أحمد والشافعي فى قول0
عن جَابِرٌ - رضي الله عنه - : لَسْنَا نَنْوِي إِلاّ الْحَجّ. لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ. حَتّىَ إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرّكْنَ فَرَمَلَ ثَلاَثاً وَمَشَىَ أَرْبَعاً. ثُمّ نَفَذَ إِلَىَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلاَمُ. فَقَرَأَ {وَاتّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىَ}ثُمّ رَجَعَ إِلَىَ الرّكْنِ فَاسْتَلَمَه0 (م 1218)
والذي يشك فى عدد الأشواط بنى على ما استيقن ، وإذا قطع الطواف بسبب صلاة بنى على ما مضى من الأشواط0
12- يستحب أن تشرب من ماء زمزم وتصب الماء على رأسك0
ويسن أن ينوي الشارب عند شربه الشفاء ونحوه ، مما هو خير فى الدين والدنيا لحديث: ماء زمزم لما شرب له0 (ص هـ 3062)(1/13)
13- يستحب أن يستلم الحجر الأسود ، أو تشير إليه وتقول : الله أكبر0
14- يستحب الدعاء عند الملتزم ، وكان بعض الصحابة يلزق وجهه وصدره بالملتزم0
15- يستحب أن تدخل الحجر ، وأن تصلي فيه لأنه جزء من الكعبة0
ماء زمزم
عن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ماء زمزم لما شرب له"(ص هـ 3062)
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم"0(طب 11/98 ص صحيحة 1056)
عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ 0 (ح حم1/76 )
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحمل من ماء زمزم في الأداوي والقرب وكان يصب علي المرضي ويسقيهم.(ص ت 963)
والحديث فيه دليل علي استحباب حمل ماء زمزم إلي المواطن الخارجة عن مكة.
قال ابن القيم : وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبا، واستشفيت به من عدة أمراض ، فبرأت بإذن الله ، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد ، قريباً من نصف الشهر أو أكثر ولا يجد جوعاً ، ويطوف مع الناس كأحدهم 0 (زاد المعاد)
وقال : لقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه ، وفقدت الطبيب والدواء ، فكنت أتعالج بها، أي بفاتحة الكتاب آخذ شربة من ماء زمزم ، وأقراءها عليها مراراً ثم أشربه ، فوجدت بذلك البرء التام ، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع ، فانتفع بها غاية الانتفاع0 (زاد المعاد)
أبو ذر مكث ثلاثين يوماً ليس له طعام إلا ماء زمزم حتى سمن.( م 2473)
قال الشوكاني: ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله ، سواء أكان من أمور الدنيا أو الآخرة0
قال النووي: من شربه لحاجة نالها ، وقد جربه العلماء والصالحون لحاجات أخروية ودنيوية فنالوها بحمد الله تعالى وفضله0(1/14)
قال مجاهد: ماء زمزم إذا شربته تشتشفي به شفاك الله ، وإن شربته لشبعك أشبعك الله به وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله.
قال ابن العربى: وهذا موجود فيه إلي يوم القيامة ، لمن صحة نيته وسلمت طويته ولم يكن به مكذباً ولا بشربه مجرباً ، فإن الله مع المتوكلين وهو يفضح المجرمين.( القرطبى تفسير الآيه 37 إبراهيم)
قال الحكيم الترمذي: إن شربه لشبع أشبعه الله ، وإن شربه لري أرواه الله ، وإن شربه لشفاء شافه الله ، وإن شربه لسوء خلق حسنه الله ، وإن شربه لحاجة قضاها الله ، وإن شربه لكربه كشفها الله ، وإن شربها لنصره نصره الله ( نوادر الأصول صـ 341)
ماء زمزم يؤثر فيمن يصدق بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويجزم بكل قلبه أن الله تعالي جعل ماء زمزم سبباً للشفاء وليس علي سبيل التجربة ، إنما هو اليقين القلبي والإخلاص النفسي لقبول التداوي بهذا الماء الشافي.
السعي بين الصفا والمروة
حكمه : ركن.
قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا )(البقرة: من الآية158)
عن حبيبة بنت أبي تجراه قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "اسعوا إن الله كتب عليكم السعي"0(ك 4/70 قوي سنة 1921 )
وقيل واجب ، إذا تركه وجب عليه دم 0
وهو قول: أبي حنيفة وأحمد فى رواية والثوري وابن قدامة0
شروط السعي :
1- أن يكون بعد طواف ، فتشترط الموالاة عند : مالك وأحمد0
والموالاة سنة عند : الحنفية والشافعية 0
2- أن يكون سبعة أشواط 0
3- أن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة0
4- أن يكون السعي فى المسعى 0
5- استيعاب ما بين الصفا والمروة0
6- موالاة السعي عند: مالك.
والموالاة سنة عند: الجمهور وأبي حنيفة والشافعي وأحمد0
ولا تشترط الطهارة عند: أكثر أهل العلم وحكى ابن المنذر الإجماع0(1/15)
عن عائشة رضي الله عنها:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها حين حاضت : فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت0(خ294)
يستحب أن يكون السعي على طهارة 0
وخطواته هي :
1- يستحب أن يدخل من باب الصفا ويقول : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) أبدأ بما بدأ الله به0 (م1218)
2- يستحب أن يصعد فوق الصفا حتى يرى الكعبة ثم يستقبلها فيوحد الله ويكبره ويقول : "لا َإِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا َشَرِيَكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِى وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدُه لا َشَرِيكَ لَهُ. أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ. وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ0 ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذلِكَ وَقَالَ مِثْلَ هذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ"(م1218)
ويقول الذكر ثم يدعوا بما يشاء ، ثم يعيد الذكر مرة ثانية ، ثم يدعوا بما يشاء ، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة ، ثم ينزل ماشياً ، والمرأة لا تصعد فوق الصفا والمروة 0
3- ينزل متجها إلى المروة ويستحب له أن يسعى بين العمودين الأخضرين : أي يسرع والمرأة لا تسرع 0
4- يصعد فوق المروة ويفعل كما فعل بالصفا تماماً0
5- يستحب له أن يدعو بما شاء من الأدعية دون التقيد بأدعية الأشواط السبعة المبتدعة0
ويجوز له أن يدعو بالوارد الصحيح مثل: "رب اغفر وأرحم إنك أنت الأعز الأكرم"0
قال الشوكاني (الدرر 2/38: 42) :
وعند قدوم الحاج مكة يطوف للقدوم سبعة أشواط ، يرمل الثلاثة الأولى ، ويمشي فيما بقى ، ويقبل الحجر الأسود أو يستلمه بمحجن ويقبل المحجن ونحوه ، ويستلم الركن اليماني ، ويكفي القارن طواف واحد وسعي واحد ، ويكون حال الطواف متوضئا ساتر العورة ، والحائض تفعل ما يفعل الحاج ، غير أن لا تطوف بالبيت ، ويندب الذكر حال الطواف بالمأثور ، وبعد فراغه يصلي ركعتين فى مقام إبراهيم ، ثم يعود إلى الركن فيستلمه 0(1/16)
ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط داعياً بالمأثور ، وإذا كان متمعا صار بعد السعى حلالا حتى إذا كان يوم التروية أهل بالحج0
التحلل
ثم يتحلل بتقصير شعر رأسه إذا كان متمتعاً 0
أما إذا كان معتمرا له أن يحلق رأسه أو يقصر 0
والتقصير أن يأخذ من شعره كله لا كما يفعل بعض الناس بقص الشعرات من الرأس 0
والمرأة تأخذ من شعرها بقدر أنملة ( قدر رأس الإصبع )
ثم يرتدي الملابس العادية وبذلك تنتهي العمرة ، ويحل له كل شئ كان محظوراً عليه 0
ملاحظات هامة بعد العمرة:
1- احرص على الصلوات الخمس فى المسجد الحرام ، وأكثر من صلاة التطوع فإن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه0
2- الطواف حول الكعبة يثاب المرء على فعله فأكثر منه قدر استطاعتك0
3- قال الألباني : أحذر يا أخي من أن تمر بين يدي أحد من المصلين فى المسجد الحرام وفى غيره من المساجد ، وكما لا يجوز لك هذا ، فلا يجوز لك أيضاً أن تصلي إلى غير سترة ( حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ص 21)
قال ابن العثيمين : وأما إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً فإنه لا يجوز المرور بين يديه لا في المسجد الحرام ولا في غيره لعموم الأدلة.
فضل العمل فى العشر من ذي الحجة وأيام التشريق
قال الله تعالى : ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ )(الحج: من الآية28)
هي أيام العشر من ذي الحجة0
قال الله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )(البقرة: من الآية203)
هي أيام التشريق 0
قال ابن حزم :
والأيام المعدودات والمعلومات واحدة وهي يوم النحر وثلاثة أيام بعده. (مسألة 914)
عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه". قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء". (خ 969)
في هذه: أي أيام التشريق.(1/17)
والحديث يدل على فضل أيام التشريق على الأيام العشر من ذي الحجة ، لأن العبادة فى أوقات الغفلة فاضلة ، وأيام التشريق أيام غفلة0
قال ابن حجر: فظهر أن المراد من الأيام أيام عشر ذي الحجة0
قال ابن رجب : جعل الله موسم العشر مشتركاً بين السائرين إلى الحج والقاعدين ، ومن عجز عن الحج فى عام ، قدر فى العشر على عمل يعمله فى بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج ، وأحذر المعاصي فإنها تحرم المغفرة فى مواسم الرحمة0
خطوات الحج
اليوم الثامن- التوجه إلى منى
يحرم الحاج بالحج من الموضع الذي هو نازل فيه ويقول: لبيك اللهم بحج اللهم هذه حجة لا رياء فيها ولا سمعة إن كان متمعا0
أما القارن والمفرد فإنه يتوجه إلى منى بإحرامه0
ومن السنة التوجه إلى منى ضحى اليوم الثامن من ذي الحجة ويسمى التروية ، وسمى بذلك لأنه مشتق من الرواية ، لأن الإمام يروى للناس مناسكهم فى هذا اليوم0
ويستحب الإكثار من الدعاء والتلبية عند التوجه إلى منى0
ثم يصلي بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً بلا جمع 0
ثم يبيت بها، ولا يخرج منها إلا بعد طلوع الشمس من يوم التاسع0
ويفضل الذهاب إلى منى ماشياً ، والمسافة بين مكة ومنى 6.5 كم 0
ومعظم المطوفين يبيتون بالحجاج بعرفة بدلاً من منى ، وهذا العمل ترك للسنة وعمل بالبدعة0
والمبيت بمنى ليلة التاسع سنة عند : الأربعة 0
اليوم التاسع–الوقوف بعرفة
يتوجه الحاج إلى عرفات بعد طلوع الشمس مع التلبية والتكبير ثم ينزل بنمرة.
يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم قصراً بمسجد نمرة 0
ويستحب له أن يصلي خلف الإمام والجمع واجب0
وبعد الزوال يستحب له الوقوف بعرفة 0
ويبدئ الوقوف بعرفة من زوال اليوم التاسع إلى فجر اليوم العاشر ، ويكفي الوقوف فى أي جزء ليلاً أو نهاراً 0
إلا أنه إن وقف بالنهار وجب عليه مد الوقوف إلى ما بعد الغروب0
والوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم بالإجماع0(1/18)
يجزئ الوقوف ليلاً أو نهاراً بعد الزوال عند : الجمهور0
ومن لم يقف ليلاً فيجب عليه دم عند : أبي حنيفة ومالك وأحمد0
وليوم عرفة فضل عظيم
عن عَائِشَةُ: إِنّ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللّهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَإِنّهُ لَيَدْنُو ثُمّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ. فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ" 0 ( م 1348 )
ويسن صيام يوم عرفة لغير الحاج 0
والمقصود بالوقوف : الحضور والوجود فى أي جزء من عرفة 0
عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "وقفت هاهنا. وعرفة كلها موقف".
(م 1218)
ولا تشترط الطهارة بل يجوز الوقوف للحائض والنفساء والجنب ، وتستحب المحافظة على الطهارة الكاملة0
ثم يدعو الحاج بما يشاء من الأدعية لنفسه ولغيره ، ويستحب أن يدعو بما هو وارد0
عَنْ عَمْرِو بنِ شُعْيبٍ عَن أبِيهِ عَن جَدّهِ أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أنا والنّبِيّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إلَهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كلّ شَيْءٍ قَدير"0 (ح ت3585)
والصعود على جبل الرحمة ليس بسنة بل هو بدعة 0
ويفيض الحاج من عرفات بعد غروب الشمس بالسكينة والهدوء وبلا مزاحمة إلا إذا وجد خلوة أسرع 0
عن ابن عباس : أنه دفع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه زجرا شديدا، وضربا وصوتا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: "أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع"0(خ 1671)
الإيضاع : الإسراع
وتستحب التلبية والذكر حتى الوصول إلى المزدلفة0
والمسافة بين عرفات والمزدلفة 11كم .
المبيت بالمزدلفة(1/19)
يجمع الحاج بين المغرب والعشاء بالمزدلفة جمع تأخير قصداً من غير تطوع بأذان واحد وإقامتين0
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجمع، كل واحدة منهما بإقامة، ولم يسبح بينهما، ولا على إثر كل واحدة منهما.
(خ 1673)
ولم يسبح بينهما : أي لم يصل بينهما نافلة
ويبيت الحاج بالمزدلفة حتى الفجر0
عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حَتّىَ أَتَىَ الْمُزْدَلِفَةَ. فَصَلّىَ بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ. وَلَمْ يُسَبّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئاً. ثُمّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتّىَ طَلَعَ الْفَجْرُ. وَصَلّىَ الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيّنَ لَهُ الصّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. ثُمّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ. حَتّىَ أَتَىَ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ. فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. فَدَعَاهُ وَكَبّرَهُ وَهَلّلَهُ وَوَحّدَهُ. فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفَاً حَتّىَ أَسْفَرَ جِدّاً. فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشّمْسُ. ( م 1218 )
والمبيت بالمزدلفة واجب عند : أحمد وأبي حنيفة والشافعي فى قول والليث والأوزاعي والبصري0
وسنة عند : مالك والشافعي فى قول والإمامية0
والوقوف بالمشعر الحرام واجب عند : مالك والشافعي فى قول وأحمد فى رواية0
قال الله تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ - ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة 198 ، 199)
والمشعر الحرام جبل يرقى عليه الحاج ويستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره ويهلله ويوحده ويدعو 0 ومزدلفة كلها موقف0(1/20)
يجمع الحاج سبع حصيات من أرض المزدلفة قدر حبة الفول ، أما باقي الحصى وعددهم 42 حصاة فتجمع من منى ، أو أي مكان بالحرم0
يجوز الدفع بعد منتصف الليل عند : مالك والشافعي وأحمد0
ولا يجوز إلا بعد الفجر عند : أبي حنيفة 0
اليوم العاشر من أعمال يوم النحر
أعمال يوم النحر أربعة :
1- رمي جمرة العقبة.
2- الذبح ( الهدى ).
3- الحلق.
4- طواف الإفاضة.
والترتيب سنة فلو قدمت نسكا على نسك فلا شئ عليك 0
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن حلق قبل أن يذبح، ونحوه، فقال: "لا حرج، لا حرج"0( خ 1721 )
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : زرت قبل أن أرمي؟ قال: "لا حرج". قال آخر: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: "لا حرج". قال آخر: ذبحت قبل أن أرمي؟ قال: "لا حرج"0( خ 1722 )
قال : فما سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء يومئذ قُدِّمَ ولا أُخِّر إلاَّ قال: "افعل ولا حرج".(م 1306)
1- رمى جمرة العقبة
رمى جمرة العقبة من أعلاها بسبع حصيات وقت الضحى ، مع التكبير عند كل حصاة 0
ويستحب أن تجعل مكة عن يسارك ومنى عن يمينك وتستقبل الجمرة ولا تقف عندها 0
ويمكن لأصحاب الأعذار الرمي ليلاً 0
ورمى جمرة العقبة واجبة 0
ومن هنا تنتهي التلبية لحديث : عن ابن عباس قال: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة0 (خ 1686)
ويكون التحلل الأول ، ويحل لك كل شئ إلا الجماع0
2- الذبح ( الهدى )
هو ما يهدى من النعم إلى الحرم تقرباً إلى الله عز وجل 0(1/21)
قال الله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )(الحج 36 ، 37 )
أجمع العلماء على أن الهدى لا يكون إلا من النعم والإبل والبقر والغنم 0
والأفضل الإبل ثم البقر ثم الغنم0
وأقل ما يجزئ عن الواحد شاة أو سبع بدنه ، أو سبع بقرة0
أي أن البقرة أو البدنة تجزئ عن سبعة 0
وينقسم الهدى إلى : مستحب وواجب0
المستحب للحاج المفرد والمعتر المفرد0
والواجب للقارن والمتمتع ، ولمن ترك واجباً من واجبات الحج ولمن ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام ولمن تعرض للصيد0
ويشترط فى الهدى أن يكون : من الإبل ماله خمس سنين ومن البقر ما له سنتان ومن الماعز ما له سنة ومن الضأن ما له ستة أشهر0
وأن يكون سليماً ، فلا تجزئ العوراء ولا العرجاء ولا الجرباء ولا العجفاء (الهزيلة)
وقت الذبح : يوم النحر أيام التشريق عند : الشافعي
ومن ذبح قبل يوم العيد فإنه لا يجزؤه : ابن باز0
مكان الذبح : منى أو مكة
ويستحب أن يذبحها بنفسه إن استطاع 0
ولا يجوز له أن يعطي الجزار الأجرة من الهدي0
ويجوز الأكل من هدى التمتع وهدى القرآن وهدى التطوع عند : أبي حنيفة وأحمد0
الإشعار والتقليد
الإشعار: هو أن يشق أحد جنبي سنام البدنة أو البقرة ، إن كان لها سنام حتى يسيل دمها، ويجعل ذلك علامة لكونها هديا فلا يتعرض لها0
التقليد: هو أن يجعل فى عنق الهدى قطعة جلد ونحوها ليعرف بها أنه هدى.
الإشعار فى الجانب الأيمن عند : الشافعي وداود0
وفى الجانب الأيسر عند : مالك وأبي يوسف ومحمد0
والحكمة فى الإشعار والتقليد:(1/22)
تعظيم شعائر الله وإظهارها ، وإعلام الناس بأنها قرابين تساق إلى بيته ، تذبح له ويتقرب بها إليه0
3- الحلق أو التقصير:
قال الله تعالى: ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ )(الفتح: من الآية27)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "اللهم اغفر للمحلقين". قالوا: وللمقصرين، قال: "اللهم اغفر للمحلقين". قالوا: وللمقصرين، قالها ثلاثا، قال: "وللمقصرين"0(خ 1728 )
والمقصود بالحلق: إزالة شعر الرأس كله بالموس ونحوه 0
والمراد بالتقصير: أن يأخذ من شعر الرأس كله بقدر الأنملة0
فيجب تعميم الرأس بالحلق والتقصير عند : المالكية والحنابلة0
وهو ركن عند : الشافعي 0
ويجب أن يكون فى الحرم عند : الأربعة ، والأفضل أن يكون بمنى 0
ويجب أن يكون أيام النحر عند : أبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية0
ويستحب أمرار الموس على رأس الأصلع عند : جمهور العلماء 0
المرأة تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ منه قدر أنملة0
ويستحب تقليم الأظافر والأخذ من الشارب بعد الحلق أو التقصير0
4- طواف الإفاضة :
وهو ركن بالإجماع 0
لقوله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)(الحج: من الآية29) وأول وقته نصف الليل من ليلة النحر عند: الشافعي وأحمد0
وأول وقته فجر يوم النحر عند: أبي حنيفة ومالك0
وآخر وقته آخر يوم من أيام النحر عند : أبي حنيفة0
وآخر وقته آخر شهر ذى الحجة عند : مالك0
ولا حد لآخره عند : الشافعي وأحمد0
ويجوز حتى آخر يوم من أيام التشريق بالإجماع0
ويجوز للمرأة أن تستعمل الدواء ليرتفع حيضها حتى تستطيع الطواف 0
ويمكن للمرأة أن تستعمل ماء الآراك0
يحصل التحلل الأول بفعل اثنين من ثلاثة وهي : الرمى والحلق والطواف0
ومن فعل الثلاثة حل له كل شئ حتى النساء ( ابن باز والعثيمين)(1/23)
والتحلل الثاني يكون بعد طواف الإفاضة عند : الأربعة0
اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر رمى الجمار
عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لما أتى خليل الله المناسك ، عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض".
قال ابن عباس : الشيطان ترجمون ، وملة أبيكم تتبعون0
ورمى الجمار واجب بالإتفاق 0
وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ترمى الجمار بمثل حصى الخذف.
أي مثل حبة الفول 0
وعدد الحصى الذي يرمى به: 42 حصاة لمن تعجل و63 لمن تأخر 0
وأيام الرمي : هي يومان أو ثلاثة من أيام التشريق0
قال الله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ) (البقرة:203) والوقت المختار للرمى يبتدئ من الزوال إلى الغروب ولا يجوز قبل الزوال.
ويجوز تأخير الرمى إلى الليل لذي الأعذار 0
ويستحب الوقوف بعد الرمي مستقبلاً داعياً الله ، وحامداً له مستغفراً لنفسه ولأخوانه المؤمنين0
عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى الجمرة التي تلي مسجد منى ، يرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم تقدم أمامها، فوقف مستقبل القبلة، رافعا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف، ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات ، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار، مما يلي الوادي، فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو، ثم يأتي الجمرة التي تلي عند العقبة، فيرميها بسبع حصيات، يكبر عند كل حصاة ، ثم ينصرف ولا يقف عندها.(خ 1753)
يشترط الترتيب بين الجمرات عند: مالك والشافعي وأحمد0
وتجوز النيابة فى الرمي لمن كان عنده عذر0(1/24)
المبيت بمنى واجب عند: مالك والشافعي وأحمد0
وسنة عند: الأحناف0
طواف الوداع
سمى بهذا الاسم ، لأنه توديع للبيت ، ويطلق عليه طواف الصدر، لأنه عند صدور الناس من مكة ، وهو طواف لا رمل فيه ، ولا اضطباع وبدون سعي 0
وهو آخر ما يفعله الحاج الغير مكي عند إرادة السفر من مكة 0
عن عمر بن الخطاب قال: آخِرَ النُّسُكِ الطَّوَافُ بالبيت. (ط 120 )
وأما الحائض لا يشرع فى حقها.
عن ابن عباس قال: رخص للحائض أن تنفر إذا أفاضت. (خ 1760 )
عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفونَ كُلَّ وَجْهٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : "لاَ يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْت" 0 (م 1327 )
وهو واجب عند: الأحناف والحنابلة والشافعي فى قول0
وسنة عند: مالك وداود وابن المنذر والشافعي فى قول والإمامية0
ووقته بعد أن يفرغ المرء من جميع أعماله ، فإن طاف سافر حالا دون أن يشتغل ببيع أو شراء ولا يقيم زمناً ، فإن فعل شيئاً من ذلك أعاده إلا إذا قضى حاجة فى طريقه0
وإذا طاف عند السفر طواف الإفاضة ، يكفيه عن طواف الوداع ( ابن باز)
العمرة
الاعتمار هو الزيارة ، والمقصود بها هنا زيارة الكعبة والطواف حولها ، والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير 0
وفعلها مرة واحدة فى العمر كالحج بالإجماع 0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"0(خ 1773 )
عَنِ ابْنَ عَبَّاس قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حِجَّة". (حم 1/308)
ويجوز تكرار العمرة فى العام الواحد عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد والجمهور0
وتجوز العمرة فى أشهر الحج من غير أن يحج0
ووقت العمرة جميع أيام السنة عند : جمهور العلماء0(1/25)
والعمرة واجبة عند: الشافعي فى الجديد وأحمد واسحق والثوري والأوزاعي والمزني وابن حزم وهو الراجح0
وسنة عند: أبي حنيفة ومالك والشافعي فى القديم وزيد وابن تيميه والهادوية.
ومواقيتها المكانية: هي مواقيت الحج لمن كان خارج المواقيت فإن كان داخلها فميقاتها المحل ولو كان بالحرم0
فالإحرام بالعمرة لا يجوز من الحرم إنما من أدنى الحل أو ما بعده بالإجماع.
والمعتمر يطوف طواف الوداع إذا أراد السفر0
قال الشوكاني (الدرر 2/49) :
يحرم لها من الميقات ، ومن كان فى مكة خرج إلى الحل ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر وهي مشروعة فى جميع السنة0
حجة الرسول صلى الله عليه وسلم(1/26)
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَ عَنْ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ أَخِي سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ فَصَلَّى بِنَا فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ أَصْنَعُ قَالَ اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ(1/27)
وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَرَأَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَكَانَ أَبِي يَقُولُ وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ(1/28)
عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَالَ لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى وَقَالَ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا قَالَ فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ صَدَقَتْ صَدَقَتْ مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ قَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ قَالَ فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ قَالَ فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ وَالَّذِي(1/29)
أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِائَةً قَالَ فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ(1/30)
أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنْ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ(1/31)
الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ مِنْ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنْ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ و حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ(1/32)
بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَعِيلَ وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ يَدْفَعُ بِهِمْ أَبُو سَيَّارَةَ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لَمْ تَشُكَّ قُرَيْشٌ أَنَّهُ سَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مَنْزِلُهُ ثَمَّ فَأَجَازَ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ حَتَّى أَتَى عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ. ( م 1218 )
خاتمة فى المناسك
ذكرت لك فى المناسك كلمة ركن ، لتعلم أن ترك الركن يبطل الحج0
وأركان الحج هي :
1- الإحرام 0 2- الوقوف بعرفة 0
3- طواف الإفاضة0 4- السعي بين الصفا والمروة0
وذكرت لك كلمة : واجب ، أو يجب ، لتعلم أن ترك الواجب يوجب عليك فدية ، أي ذبح شاة ، فإن لم تجد فصيام عشرة أيام ثلاثة فى الحج وسبعة إذا رجعت إلى أهلك0
ومن الواجبات التى توجب الفدية :
1- مجاوزة الميقات بدون إحرام0 2- ترك ركعتي الطواف0
3- ترك المبيت بالمزدلفة0 4- ترك رميجمرة العقبة يوم النحر0
5- ترك المبيت بمنى أيام التشريق. 6- ترك الحلق أو التقصير 0
7- ترك طواف الوداع0 8- ترك الوقوف بالمشعر الحرام0
وذكرت لك كلمة مستحب أو سنة ، وترك السنة لا يوجب شيئاً إلا أن فاعل السنن يثاب ، ونحن نحتاج إلى الثواب ، ونحتاج إلى رضا الله تعالى ، لأنه سبحانه إذا رضى عنا تقبل حجنا ، وتقبل جميع أعمالنا ، اللهم تقبل أعمالنا وأجعل حجنا مبروراً0
جدول بأحكام الحج والعمرة
الموضوع ... حنفي ... مالكي ... شافعي ... حنبلي
الحج ... فرض فوراً ... فرض فوراً ... فرض تراخياً ... فرض فوراً
العمرة ... سنة مؤكدة ... سنه مؤكدة ... فرض تراخياً ... فرض فوراً
الإحرام ... شرط ... ركن ... ركن ... ركن(1/33)
الإحرام من الميقات ... واجب ... واجب ... واجب ... واجب
اقتران الإحرام بالتلبية ... واجب ... واجب ... سنة ... سنة
الغسل للإحرام ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
التطيب للإحرام ... سنة ... مكروه ... سنة ... سنة
صلاة ركعتي الإحرام ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
التلبية ... واجبة ... واجبة ... سنة ... سنة
الجهر بالتلبية ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
دخول المسجد من باب السلام ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
طواف القدوم ... سنة ... واجب ... سنة ... سنة
الطهارة من الحدثين ... واجب ... شرط ... شرط ... شرط
طهارة البدن والثوب والمكان ... سنة مؤكدة ... شرط ... شرط ... شرط
الإضطباع ... سنة ... لا يستحب ... سنة ... سنة
الرمل ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
استقبال الحجر الأسود واستلامه وتقبيله ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
كون الطواف من وراء الحجر ... واجب ... شرط ... شرط ... شرط
استلام الركن اليماني ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الدعاء والذكر في الطواف ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الوقوف بالملتزم والدعاء عنده ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الموالاة بين أشواط الطواف ... سنة ... شرط ... سنة ... شرط
ستر العورة في الطواف ... واجب ... شرط ... شرط ... شرط
صلاة ركعتي الطواف ... واجب ... واجب ... سنة ... سنة
طواف العمرة ... ركن ... ركن ... ركن ... ركن
السعى بين الصفا والمروة ... واجب ... ركن ... ركن ... ركن
وقوع السعى بعد الطواف ... واجب ... شرط ... شرط ... شرط
بدء السعي بالصفا وختمه بالمروة ... واجب ... شرط ... شرط ... شرط
الموضوع ... حنفي ... مالكي ... شافعي ... حنبلي
كونه سبعة أشواط ... شرط ... شرط ... شرط ... شرط
الرمل بين الميلين ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الذكر والدعاء في السعي ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الاضطباع في السعي ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الموالاة بين أشواط السعى ... سنة ... شرط ... سنة ... شرط
الشرب من ماء زمزم ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الحلق أو التقصير في العمرة ... واجب ... واجب ... ركن ... واجب
المبيت بمني يوم عرفة ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الوقوف بعرفة ... ركن ... ركن ... ركن ... ركن
امتداد الوقوف لما بعد الغروب ... واجب ... واجب ... سنة ... واجب
الوقوف عند الصخرات ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الجمع بالمزدلفة بين المغرب والعشاء ... واجب ... سنة ... سنة ... سنة
الوقوف بالمزدلفة ... واجب ... واجب ... واجب ... واجب
الوقوف عند المشعر الحرام بعد الفجر ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
المبيت بالمزدلفة ... سنة ... سنة ... واجب ... واجب
رمى جمرة العقبة ... واجب ... واجب ... واجب ... واجب(1/34)
التكبير مع كل حصاة ... سنة ... سنة ... سنة ... سنة
الحلق أو التقصير في الحج ... واجب ... واجب ... ركن واجب ... واجب
الذبح لغير المفرد ... واجب ... واجب ... واجب ... واجب
طواف الإفاضة ... ركن ... ركن ... ركن ... ركن
رمى الجمار الثلاث في أيام التشريق ... واجب ... واجب ... واجب ... واجب
ترتيب رمى الجمار ... سنة ... واجب شرط ... واجب شرط ... واجب
المبيت بمني أيام التشريق ... سنة ... واجب ... واجب ... واجب
طواف الوداع ... واجب ... سنة ... واجب ... واجب
ترك ركن يبطل الحج . وترك الواجب والشرط فيه دم . وترك السنة لاشيء فيه(1/35)
الباب الثالث
الأماكن المقدسة
مكة:
مكة أفضل بلاد الدنيا ثم المدينة ثم بيت المقدس عند : جمهور العلماء0
أقسم الله تعالى بها فقال: لا أقسم بهذا البلد 00 ، وقال : وهذا البلد الأمين0
عن عبد الله بن عدي أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت".(ص هـ3108)
وللحرم المكي حدود تحيط بمكة من جميع الجهات، نصبت عليها أعلام فى جهات خمسة :
فحده من الشمال: التنعيم على مسافة 6 كيلو مترات من مكة 0
وحده من الجنوب: أضاه على مسافة 15 كيلو متر من مكة0
وحده من الشرق: الجعرانة على مسافة 16 كيلو متر من مكة0
وحده من الغرب: الشميس على مسافة 15 كيلو متر من مكة0( وكانت تسمى الحديبة )
وحده من الشمال الشرقي : واد نخلة على مسافة 14 كيلو متر من مكة.
قال الله تعالى: ( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(القصص: من الآية57)
يجبي : يحمل من كل ناحية وبلد0
من لدنا : من عندنا.
أي جعلهم الله فى بلد آمن وحرم معظم آمن منذ أن وضع ، فكيف يكون هذا الحرم آمنا لهم فى حال كفرهم وشركهم ، ولا يكون آمنا لهم وقد اسلموا وتابعوا الحق0
وقال تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً )(آل عمران: من الآية97)
أي ومن دخله فأمنوه ، وهو عام فيمن جنى جناية قبل دخوله ، وفيمن جنى فيه بعد دخوله ، إلا أن الإجماع انعقد على أن من جنى فيه لا يؤمن : لأنه هتك حرمة الحرم ورد الأمان فبقى حكم الآية فيمن جنى خارجاً منه ثم لجأ إلى الحرم0
عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله ، لا يعضد شوكة ، ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها". (خ 1587)
يعضد: يقطع.
ينفر: يزعج من مكانه أو يصاد.
يلتقط لقطته: يأخذ ما سقط فيه.(1/1)
عرفها : شهرها، ثم حفظها لمالكها ولا يتملكها أبدا.
قال الله تعالى: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )
(الحج: من الآية25)
الإلحاد : العصيان ، والميل والحيد عن دين الله ، ويدخل فى ذلك : الشرك والكفر أو فعل محرم أو ترك واجب ، أي من يهم فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار0
بظلم: أي عامداً قاصداً أنه ظالم ليس بمتأول0
والمراد بالإلحاد: الظلم كاحتكار الطعام ، والشرك ، والقتل ، واستحلال محظورات الإحرام و استحلال الحرام تعمداً 0
قال مجاهد: تضاعف السيئات بمكة ، كما تضاعف الحسنات0
فى حال من يعمل بمكة العظائم ، كمن يتعامل بالربا ، أو يشرب الخمر أو يتعاطى المخدرات والدخان وغير ذلك مما حرم الله ، أليس هذا من الإلحاد فى حرم الله ، إن الهم بالسيئة بها وإن لم يفعل ذنب0
ومن العجب أن أهل الجاهلية كانوا يراعون حرمة مكة أحياناً ، فقد قالت
إحدى نساء الجاهلية توصي ابنها بتعظيم الحرم:
ابني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير
ابني من يظلم بمكة يلق آفات الشرور
ابني قد جربتها فوجدت ظالمها يبور
والمسلمون أولى الناس بأن يكرموا بيت الله ويطهروه من سائر الأنجاس والأدران0
عن جابر قال سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح"0 (م 1356)
ومكة أفضل من المدينة عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد وابن حزم0
والمدينة أفضل عند: مالك.
والمقام فى المدينة أفضل عند: أحمد.
ويجوز بيع بيوت مكة وإجارتها عند: الجمهور وابن حزم وأبي يوسف والطحاوي0
ولا يجوز عند: أبي حنيفة والثوري0
وبمكة : غار حراء الذي كان يتعبد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه نزل القرآن وهو على بعد 5 كيلو متر من مكة ، وبها غار ثور الذي هاجر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو علي بعد 11 كيلومتر من مكة.
وبها : دار الأرقم قرب الصفا 0(1/2)
وبها : مقبرة المعلاة وتضم قبور بني هاشم ، وقبر عبد مناف وعبد المطلب وأبي طالب وآمنة وخديجة وابن الزبير وأسماء 0
الكعبة :
قال السهيلي : كان بناء الكعبة فى الدهر خمس مرات :
الأولى: حين بناها شيث بن آدم 0
الثانية: حين بناها إبراهيم على القواعد الأولى 0
الثالثة: حين بنتها قريش قبل الإسلام بخمسة أعوام0
الرابعة: حين احترقت فى عهد ابن الزبير فهدمها وبناها على قواعد إبراهيم وألصق بابها بالأرض وعمل لها باباً آخر من ورائها وأدخل الحجر فيها0
الخامسة: هدمها عبد الملك وبناها على ما كانت عليه فى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأراد جعفر المنصور أن يبنيها على ما بناها ابن الزبير وشاور فى ذلك ، فقال مالك: أنشدك الله يا أمير المؤمنين ، أن تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك ، لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس ، فصرفه عن رأيه 0 ( الروض الأنف 1/221 )
الحجر الأسود :
شكله بيضاوي مساحته 15×20 سم ، وجوانبه مثبته بصفائح من الفضة ، وهو مرتفع عن الأرض بحوالي متر ونصف وهو على يسار الكعبة بحوالي مترين.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنْ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ " .(ص ت 877)
الحجر :
هو دوران من الرخام يبدئ بالركن العراقي بطول ضلع الكعبة وينتهي بالركن الشامي وارتفاعه حوالي متر ونصف ، ويتوسطه الميزاب الذهبي الموضوع بأعلى الكعبة 0
الركن اليماني :
سمي باليماني ، لأن رجلا من اليمن بناه اسمه : أبي بن سالم ( الروض الأنف 1/224 )
مقام إبراهيم :
وموضعه مقابل ما بين الركن العراقي وباب الكعبة وعليه قبة وسور من النحاس0
زمزم :
تقع بئر زمزم فى مقابلة الحجر الأسود ، والمسافة بينهما حوالي 12 متر ، ويقع مقام إبراهيم على يمينها 0
كسوة الكعبة :(1/3)
كان الناس على عهد الجاهلية يكسون الكعبة حتى جاء الإسلام فأقر كسوتها ، وأول من كساها الملك تبع قبل الإسلام بسبعمائة عام ، وكساها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالثياب اليمانية ، وكساها بالقباطي وهي ثياب بيضاء رقيقة كانت تصنع فى مصر ، وكساها أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير ، وكساها الحجاج بالديباج ، وكساها المأمون ، وكانت مصر تكسوها منذ مئات السنين ، وحالياً تكسى بالحرير الأسود المطرز بخيوط الذهب0
عن ابن عمر كان يجلل بُدَنَه القباطي والأنماط والحلل والمحلل ، ثم يبعث بها إلى الكعبة يكسوها إياها0 (ط حج 146)
القباطي : الثوب من ثياب مصر.
الأنماط : نوع من البسط.
وارتفاع الكعبة 25 متر ، وطول أضلاعها 10 متر عدا الضلع الغربي فطوله 12 متر 0
غزو الكعبة :
قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ - أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ - وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ - تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ - فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)(الفيل 1 : 5 )
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يغزو جيش الكعبة ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وأخرهم". قالت: قلت: يا رسول الله ، كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم ، ومن ليس منهم؟. قال: "يخسف بأولهم وأخرهم ثم يبعثون على نياتهم"0( خ 2118 )
هدم الكعبة :
عن عائشة. قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لولا حداثة عهد قومك بالكفر، لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم. فإن قريشا، حين بنت البيت، استقصرت. ولجعلت لها خلفا"0(م 1333)
وزاد فى رواية : ولأدخلت فيها من الحجر0
استقصرت: أي قصرت عن تمام بنائها واقتصرت على هذا القدر، لقصور النفقة بهم عن تمامها.
خلفا: والمراد به باب من خلفها(1/4)
وقد أعيد ترميم الكعبة فى عام 960هـ ، وفى عام 1021هـ ، وفى عام 1039هـ ، وفى عام 1380هـ 0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة".( خ 2118 )
المسجد الحرام :
وسعه : عمر ، وعثمان ، والوليد ، والمهدي ، والسعوديون 0
عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام". قال: قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى". قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه". ( خ 3366)
أول: أي للصلاة فيه.
الأقصى: سمي بذلك لبعد المسافة بينه وبين الكعبة .
بعد: أي بعد دخول وقت الصلاة.
فإن الفضل فيه: أي فعل الصلاة إذا حضر وقتها وفي أول الوقت0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ومسجد الأقصى"0 ( خ 1189)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام"0 ( خ 1190)
وفضيلة الصلاة تشمل الحرم كله ، وقيل المسجد فقط0
والمسجد الحرام يتسع لنصف مليون مصلى ، ومساحته 75 ألف متر 0
وله 22 بابا ، 7 فى الجنوب ، 3 فى الغرب ، 4 فى الشرق 0
وله 3 أبواب رئيسية هي : باب السلام 00 باب العمرة 00 باب سعود 0
وبه المسعى وعرضه 30 وطوله 420 متر ، وللمسعى 8 أبواب0
زيارة المسجد النبوي
تسن زيارة المسجد النبوي ، ويستحب لمن زار المسجد أن يزور القبر 0
عَن أبي هُرَيْرَة أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال :"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"0( خ 1189 )
آداب دخول المسجد النبوي :(1/5)
1- تتوجه إلى المدينة قبل الحج أو بعده بنية زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه لأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام 0
2- تدخل المسجد برجلك اليمنى وتقول : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم بسم الله اللهم - صلى الله عليه وسلم -
على محمد اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
3- فإذا دخلت المسجد فصل فيه ركعتين تحية المسجد ( فى الروضة إن استطعت ) أو صلاة الفريضة إن كانت قد أقيمت0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"0(خ 1196)
4- ثم اذهب إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقف أمامه وسلم عليه قائلا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليك وجزاك عن أمتك خيراً0
وتستحب زيارة قبره وصاحبيه بالاتفاق0
5- ثم اخط يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام أبي بكر ، فسلم عليه قائلا:
السلام عليك يا أبا بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورحمة الله وبركاته رضى الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيراً0
ثم اخط عن يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام عمر فسلم عليه قائلا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، رضى الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيراً 0
6- بعد الخروج من المسجد : قدم رجلك اليسرى وقل : اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم ، اللهم صلي على محمد وسلم ، اللهم إني أسألك من فضلك 0
7- اخرج إلى مسجد قباء متطهراً وصل فيه ( ويفضل يوم السبت )
عن ابن عمر قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي مسجد قباء كل سبت ، ماشيا وراكبا. ( خ 1193)
عن أسيد بن ظهير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال صلاة في مسجد قباء كعمرة0
(ص هـ1411)(1/6)
8- اخرج إلى البقيع وزر قبر عثمان - رضي الله عنه - وقف أمامه فسلم عليه قائلا: السلام عليك يا عثمان أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته رضى الله عنك وجزاك الله عن أمة محمد خيراً 0
سلم على من فى البقيع من المسلمين بقولك : السلام عليكم دار قوم مؤمنين. وأتاكم ما توعدون غدا. مؤجلون. وإنا، إن شاء الله، بكم لاحقون. اللهم ! اغفر لأهل بقيع الغرقد 0
9- اخرج إلى أحد زر قبر حمزة - رضي الله عنه - ومن معه من الشهداء هناك وادع الله تعالى لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان0
وليس بالمدينة مساجد و أماكن تشرع زيارتها غير ما ذكر 0
والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين0
وهناك مساجد أخرى لم يثبت حديث صحيح فى زيارتها هي: مسجد الفتح ، مسجد الجمعة ، (الوادي) ، مسجد الفضيح (شراب يتخذ من البسر ) مسجد الأحزاب ، مسجد المصلى أو الغمامة ، مسجد ذو القبلتين0
وهناك آبار روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب منها هي :
بئر أدريس ، بئر حاد ، بئر بضاعة ، بئر رومة 0
ويمكن زيارة بعض الأماكن الأخرى على سبيل الاستطلاع لا على سبيل الاستحباب مثل دار أبي أيوب الأنصاري بجوار المسجد النبوي ودار عثمان بجوار المسجد وغيرها.
ويظن كثير من الحجاج أن زيارة المسجد النبوى أو القبر شرط فى صحة الحج أو مستحبة، وليس كذلك فإن زيارة المسجد مستحبة فى أي وقت من الأوقات.
فإذا نوى الحاج زيارة المسجد فحسن إلا أنه لا ينوي زيارة القبر، وإنما يزور القبر إذا دخل المسجد0
حدود المسجد النبوي
أسسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قطعة أرض طولها 35 م 0
وعرضها 30 م أي مساحتها 1050 متر مربع (ربع فدان) ثم زيد فيه0
فى سنة 7 هـ زاد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه من الشمال والغرب والشرق فصارت مساحته 2500 متر 0
وفى سنة 17 هـ زاد عمر فيه من الشمال والغرب والجنوب فصارت مساحته 4200 متر0(1/7)
وفى سنة 39هـ زاد عثمان فيه من الشمال والغرب والجنوب فصارت مساحته 4696 متر0
وفى سنة 88هـ زاد الوليد فيه من الشمال والغرب والشرق و أدخل الحجرات فصارت مساحته 7065 متر0
وفى سنة 161هـ زاد المهدي العباس فيه من الشمال فصارت مساحته 9515 متر0
وفى سنة 886هـ حدث برق و رعد هدم الجدران وقضى على رئيس المؤذنين وهو يترنم ، فعمّره قايتباي0
وفى سنة 980هـ عمّره سليم الثاني وبنى محراباً غرب المنبر0
وفى سنة 1265 هـ زاد فيه من الشمال وبنى أروقة ومحرابا فصارت مساحته 12600 متر0
وفى سنة 1370هـ زاد عبد العزيز فيه من الشمال والغرب والشرق وأتمها سعود سنة 1375هـ فصارت مساحته 18624 متر0
فضل المدينة :
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد"0( خ 1871)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة َ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِز إِلَى الْمَدِينَةِ ، كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا.(خ 1876)
ليأرز: أي ينضمّ ويجتمع بعضه إلى بعض فيها.
عن سعد - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع ، كما ينماع الملح في الماء"0(خ 1877)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال"0 (خ 1880 )
وفى رواية : "ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج الله كل كافر ومنافق"0( خ 1881)
حرم المدينة
وكما يحرم صيد حرم مكة وشجره ، كذلك يحرم صيد حرم المدينة وشجره0
عن جابر، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن إبراهيم حرم مكة. وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها. لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها".(م 1362 )(1/8)
عضاهها: العضاه كل شجر يعظم وله شوك.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حرم ما بين لابتي المدينة على لساني". قال: وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بني حارثة ، فقال: "أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم". ثم التفت فقال: "بل أنتم فيه".(خ 1869)
لابتي: الحرة ، وهي الأرض ذات الحجارة السوداء.
وليس فى قطع شجر الحرم المدني ولا صيده جزاء وفيه الإثم0(1/9)
الباب الرابع
بدع الحج والزيارة
1- الإمساك عن السفر فى شهر صفر وترك ابتداء الأعمال فيه من النكاح والبناء وغيره0
2- صلاة ركعتين حين الخروج إلى الحج ويقرأ فى الأولى بعد الفاتحة (قل يا أيها الكافرون ) وفى الثانية (الإخلاص)
3- الجهر بالذكر والتكبير عند تشييع الحجاج وقدومهم0
4- المحمل والاحتفال بكسوة الكعبة0
5- توديع الحجاج من قبل بعض الدول بالموسيقى0
6- السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين0
7- سفر المرأة مع عصبة من النساء الثقات ـ يزعمهن ـ بدون محرم ومثله أن يكونم مع إحداهن محرم فيزعمن أنه محرم عليهن جميعاً0
8- أخذ المكس من الحجاج القاصدين لأداء فريضة الحج0
9- اتخاذ فعل خاصة بشرط معينة0
10- الإحرام قبل الميقات0
11- الاضطباع عند الإحرام0
12- التلفظ بالنية0
13- التلبية جماعة فى صوت واحد0
14- قصد المساجد التي بمكة ، وما حولها ، غير المسجد الحرام ، كالمسجد الذي تحت الصفا ، وما فى سفح أبي قبيس ، ومسجد المولد، ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
15- قصد الجبال والبقاع التي حول مكة ، مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال: إنه كان فيه الفداء ونحو ذلك0
16- قصد الصلاة فى مساجد عائشة (بالتنعيم)0
17- الغسل للطواف0
18- صلاة المحرم إذا دخل المسجد الحرام تحية المسجد0
19- رفع اليدين عند استلام الحجر كما يرفع للصلاة0
20- التصويب بتقبيل الحجر الأسود0
21- المزاحمة على تقبيله ، ومسابقة الإمام بالتسليم فى الصلاة لتقبيله.
22- قولهم عند استلام الحجر : اللهم إيمانا بك ، وتصديقاً بكتابك0
23- وضع اليمنى على اليسرى حال الطواف0
24- القول قبالة باب الكعبة : اللهم إن البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك0
25- الدعاء عند الركن العراقي: اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق وسوء المنقلب فى المال والأهل والولد0(1/1)
26- الدعاء تحت الميزاب: اللهم أظلني فى ظلك يوم لا ظل إلا ظلك.
27- الدعاء فى الرمل : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا ، وسعيا مشكورا ، وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور0
28- وفى الأشواط الأربعة الباقية: رب اغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم0
29- تقبيل الركن اليماني0
30- التمسح بحيطان الكعبة والمقام0
31- التبرك بالعروة الوثقى: وهو موضع عال من جدران البيت المقابل لباب البيت0
32- مسمار فى وسط البيت، سموه سرة الدنيا ، يكشف أحدهم عن سرته ويتبطح بها على ذلك الموضع ، حتى يكون واضعاً سرته على سرة الدنيا0
33- اغتسال البعض من زمزم0
34- اهتمام بزمزمة لحاهم ، وزمزمة ما معهم من نقود والثياب لتحل بهم البركة0
35- ما ذكر فى بعض كتب الفقه أن يتنفس فى شرب ماء زمزم مرات ويرفع بصره فى كل مرة وينظر إلى البيت0
36- القول فى السعي : رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم ، اللهم اجعله حجا مبرورا، أو عمرة مبرورة ، وذنبا مغفورا ، الله أكبر ثلاثا00 إلخ
37- الوقوف على جبل عرفة فى اليوم الثامن ساعة من الزمن احتياطا خشية الغلط0
38- إيقاد الشمع الكثير ليلة عرفة بمنى0
39- رحيلهم فى اليوم الثامن من مكة إلى عرفة رحلة واحدة0
40- الرحيل من منى إلى عرفة ليلا0
41- الصعود إلى جبل الرحمة فى عرفات0
42- إفاضة البعض قبل غروب الشمس0
43- ما استفاض على ألسنة العوام أن وقفة عرفة يوم الجمعة تعدل اثنتين وسبعين حجة 0
44- الوقف بالمزدلفة بدون مبيت0
45- رمي الجمرات بالنعال وغيرها0
46- ذبح بعضهم هدى التمتع بمكة قبل يوم النحر0
47- استحباب صلاة العيد بمنى يوم النحر 0
48- الاحتفال بكسوة الكعبة0
49- كسوة مقام إبراهيم0
50- ربط الخرق بالمقام والمنبر لقضاء الحاجات0
51- كتابة الحجاج أسماءهم على عمد وحيطان الكعبة وتوصيتهم بعضهم بذلك0(1/2)
52- استباحتهم المرور بين يدي المصلي فى المسجد الحرام ومقاومتهم للمصلي الذي يدفعهم0
53- مناداتهم لمن حج بالحاج0
54- الخروج من مكة لعمرة تطوع0
55- الخروج من المسجد الحرام بعد طواف الوداع على القهقرى 0
56- تبيض بيت الحاج بالبياض (الجير) ونقشه بالصور و كتابة اسم وتاريخ الحاج عليه0
57- قصد قبره - صلى الله عليه وسلم - 0
58- العرائض من الحجاج والزوار إلى النبي وتحميلهم سلامهم إليه0
59- إبقاء القبر النبوي فى مسجده0
60- زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - قبل الصلاة فى مسجده0
61- قصد استقبال القبر أثناء الدعاء0
62- قصد القبر للدعاء عند رجاء الإجابة0
63- التوسل به - صلى الله عليه وسلم - إلى الله فى الدعاء0
64- طلب الشفاعة وغيرها منه0
65- وضعهم اليد تبركا على شباك حجرة قبره - صلى الله عليه وسلم - 0
66- وحلف بعضهم بذلك بقوله : وحق الذي وضعت يدك على شباكه.
67- الشفاعة يا رسول الله0
68- وتقبيل القبر واستلامه أو ما يجاور القبر من عود ونحوه0
69- قصد الصلاة تجاه قبره0
70- الجلوس عند القبر وحوله للتلاوة والذكر0
71- التزام زوار المدينة والإقامة فيها أسبوعاً حتى يتمكنوا من الصلاة فى المسجد النبوي أربعين صلاة ، لتكتب لهم براءة من النفاق ، وبراءة من النار0
72- قصد شئ من المساجد و المزارات التي بالمدينة وما حولها بعد مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مسجد قباء0
73- الخروج من المسجد النبوي على القهقرى عند الوداع0
74- قصد زيارة بيت المقدس مع الحج وقولهم: قدس الله حجتك0
75- الطواف بقبة الصخر تشبها بالطواف بالكعبة0
76- الصلاة عند قبر إبراهيم الخليل عليه السلام0(1/3)
الكتاب السادس
الأذكار
الباب الأول
فضل الذكر والدعاء وآدابهما
لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع ، لا على الهوى والابتداع.
وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ، بل هذا ابتداع في الدين لم يأذن الله به ، بخلاف ما يدعو به المرء أحياناً من غير أن يجعله للناس سنة0
وأما اتخاذ ورد غير شرعي ، واستنان ذكر غير شرعي : فهذا مما ينهى عنه ، ومع هذا ففى الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ، ونهاية المقاصد العلية ، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو معتد0( مجموع الفتاوى 22/510 لأبن تيمية)
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"0(خ1)
فقد صنف العلماء فى عمل اليوم والليلة والأذكار والدعوات مؤلفات كثيرة مطولة ومختصرة تحوي الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي اغتر بها كثير من عوام المسلمين ، مما أدى إلى البعد عن السنة النبوية الصحيحة 0
فضل الذكر:
قال الله تعالى :
1- (فاذْكُرُوني أذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُون) (البقرة 152 )
2- (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)(آل عمران: 41)(1/1)
3- (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ - الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران190-191) 4- (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )(لأنفال: 2)
وجلت: استعظاماً لشأنه وتهيبا منه جل وعلا ، وفزعت القلوب لمجرد ذكره.
5- (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) (النور: 37)
6- (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب: 35)
قال ابن عباس: المراد يذكرون اللّه في أدبار الصلوات ، وغدوّاً وعشيّاً، وفي المضاجع ، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله ذكرَ اللّه تعالى.
7- (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ)(المجادلة: 19)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
1- "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت0"
(خ6407 م779)
2- يقول الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً ، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"0 ( خ7405 م 2675)
3- "لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل" 0 (ص ت 3435)
4- "لا يقعد قوم يذكرون اللَّه إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم اللَّه فيمن عنده"0(م2700)(1/2)
5- "إنَّ الدُّنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها إلاَّ ذكرُ اللهِ وما والاهُ وعالمٌ أو متعلِّمٌ"0 (ح ت2424)
6- "ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله من ذكر الله"0
(حم 5/239 ص ج 5644)
7- "ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة".
(حلية 5/361 ص ج5720)
8- "خير العمل أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله"0
(حلية 6/111 صحيحة 1836)
فضل الدعاء
قال الله تعالى :
1- (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )(غافر: 60)
2- (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(الاسراء: 110)
3- (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186)
4- (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (لأعراف:55)
5- (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (غافر:14)
6- (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)(الانبياء: 90)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
1- "الدعاء هو العبادة" 0 (ص د1466)
2- "إنه من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه"0(ص ت3373)
3- "من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء"0 (ح ت3382)
4- "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر".(ص ت2139)
أي بر الوالدين وصلة الرحم 0
الدعاء المستجاب
لكي يستجيب الله من العبد دعاءه ينبغي له اتباع الآداب والشروط الآتية :
1- أن يترصد الأزمان الشريفة المفضلة عند الله تعالى ، مثل :(1/3)
ليلة القدر ، يوم عرفة ، بعد عصر يوم الجمعة إلى الغروب ، الثلث الأخير من الليل ، ما بين الأذان والإقامة ، عند صياح الديكة ، عند تغميض الميت ، عند نزول المطر ، عند البأس ، حال السجود ، ساعة فى جوف الليل، بعد زوال الشمس ، عند النداء0
2- أن يغتنم الأحوال التي يستجيب فيها الدعاء مثل :
دعوة المظلوم ، الدعاء بظهر الغيب ، دعوة المضطر ، دعوة المسافر ، دعوة الوالد لولده ، دعوة الصائم حين يفطر ، دعوة الغازي ، دعوة الإمام العادل ، الدعاء عند القيام من المجلس، دعاء الولد البار بوالديه ، دعوة الحاج والمعتمر ، عند الشرب من ماء زمزم ، عند المشعر الحرام ، عند الصفا والمروة ، حال الطواف ، حال السعي ، عند الجمرتان ، داخل البيت الحرام ، عند الملتزم 0
3- أن يتجنب الحرام من المأكل والمشرب والملبس :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى الرجل يمد يديه إلى السماء :"يقول : يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك"0 (م 1015 )
4- أن يخلص الدعاء لله تعالى :
قال تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )(غافر: 14)
5- أن يكون قلبه حاضراً وأن يوقن بالإجابة :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "ادعوا اللَّهَ وأنتمْ موقنونَ بالإجابةِ ، واعلموا أنَّ اللَّهَ لا يستجيبُ دعاءَ مِنْ قلبٍ غافلٍ لاه"0 (ت3545)
6- أن يدرك الداعي أن الله قريب منه فيخفض صوته فى الدعاء 0
قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )(البقرة: 186)
7- أن يلجأ الداعي إلى ربه فى كل وقت وحال وخاصة فى الرخاء :
قال تعالى : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )(البقرة 186)
8- أن يسأل الله بعزم وجد واجتهاد :
لحديث : "إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له".( خ6338 م2678 )(1/4)
9- اختيار جوامع الكلم : كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يَستحبّ الجوامعَ من الدعاء ويدعُ ما سوى ذلك.(ص د1482)
مثل : "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"0
(خ 6389 م 2690)
10- أن يرفع يديه لحديث : "إن الله تعالى حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين". (ص هـ3865)
11- أن يسأل الله حاجته كلها:
لحديث : "ليَسأَلْ أحدكُمْ رَبَّهُ حاجتَهُ حتَّى يسألَهُ المِلحَ وحتَّى يسألَهُ شِسْعَ نعلهِ إذا انقطَع"0 (ح ت3683)
الشسع : أحد سيور النعل بين الأصبعين
12- أن يبدأ بنفسه إذا دعا لغيره :
قال تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(الحشر: 10)
13- أن يلح فى الدعاء ويكرره :
كان - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا، دعا ثلاثا، وإذا سأل، سأل ثلاثا0( م 1794 )
14- أن يكثر من الدعاء :
لحديث : "إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه".
(حب 2403 صحيحة 1325)
15- أن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر :
لحديث : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ تَعالى أن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقاباً مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجَابَ لَكُم"0
(ص ت2259)
16- أن يقر بالذنب ويعترف بالخطيئة ، لحديث سيد الاستغفار (خ 6306)
17- أن يدعو بخير ولا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم لحديث: "يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم"0(م 2735)
18- أن يلزم التضرع والخشوع والرغبة والرهبة :
قال تعالى : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)(الانبياء: 90)(1/5)
19- ألا يسأل غير الله لحديث :"إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله"0(ص ت2516)
20- أن لا يتمنى الموت لحديث : لولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.(م2681)
21- أن لا يستعجل ويستبطئ الإجابة :
لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي"0
(خ 6340 م 2735)
22- أن لا يتكلف السجع فى الدعاء فإنه مكروه :
قال ابن عباس: قال فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك. يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب.(خ 6337)
السجع : هو الكلام المقفى بدون وزن0
عهدت: شاهدت وعرفت.
23- أن لا يتحجر فى الدعاء:
سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرابيا يقول: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"لقد تحجرت واسعا"0(ص د380)
يريد رحمة الله 0
24- أن لا يدع على نفسه إلا بخير :
"لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُمْ، وَلا تَدْعُوا على أوْلادِكُمْ، وَلا تَدْعُوا على خَدَمِكمْ، ولا تَدْعُوا على أمْوَالِكُمْ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللَّهِ ساعَةً نِيْلَ فيها عَطاءٌ فَيُسْتَجابَ مِنْكُمْ".
( م 3009 )
25- أن يدعو بالأدعية المأثورة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي الأحاديث الصحيحة ما يغني عن الضعيفة والموضوعة
26- أن يكون متوضئا :
عن مجاهد بن قنفذ أنه أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتي توضأ ثم اعتذر إليه فقال : "إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر"0
(ص د17)
27- أن يستقبل القبلة:
لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت. فدعا على ستة نفر من قريش. فيهم أبو جهل وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط. ( م 1794 )(1/6)
28- أن يتجنب الدعاء الجماعي لأنه من البدع التي لا أصل لها فى الشرع
29- أن لا يمسح وجهه بعد الفراغ من الدعاء :
لعدم وجود حديث يحتج به وأما حديث : "فإذا فرغتم فامسحوا وجوهكم"0 فهو ضعيف جداً
30- أن لا يقبل إبهاميه ويمسح بهما عينيه: لعدم وجود دليل على ذلك0
31- أن لا يضم اليدين إلى الصدر أثناء الدعاء :
لأن هديه - صلى الله عليه وسلم - رفع اليدين إلى السماء لا ضمهما إلى الصدر0
32- أن لا يخص نفسه بالدعاء إذا كان إماماً :
لحديث: "لا يحلّ لامرئ أنْ ينظرَ في جوفِ بيتِ امرئ حتى يستَأذنَ، فإن نظَرَ فقدْ دخلَ، وَلاَ يَؤُمّ قوماً فيخصّ نفْسَه بِدَعْوَةٍ دونَهُم"0(ص د91)
33- أن يحمد الله تعالى ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - :
عن فضالة بن عبيد قال: سمع رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد اللَّه تعالى ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "عجل هذا " ثم دعاه ، فقال له و لغيره: "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه سبحانه والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يدعو بعد بما شاء" .(ص د1481)
34- أن يسأل الله باسمه الأعظم :
عن بُريدةَ أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: "اللَّهمّ إني أسألك بأني أشهدُ أنك أنتَ اللّه لا إِلهَ إِلاّ أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. فقال: لَقَدْ سألْتَ اللَّهَ تَعالى بالاسْمِ الَّذي إذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ أجاب"0
(ص د1493)
35- أن يسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا :
قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(الأعراف:180)(1/7)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة"0( خ2726 م 2677)
36- أن يتوسل إلى الله بعمل صالح قام به :
كالإيمان: مثل قوله تعالى: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ)
(آل عمران:193) وكالصلاة ، والصيام ، والصدقة ، والحج ، والعمرة ، والجهاد ، والرباط ، وتلاوة القرآن ، والذكر ، والدعاء ، والاستغفار ، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ،وفعل الطاعات ، وترك المحرمات ، ودليل ذلك قصة أصحاب الغار الثلاثة 0
38-أن يتوسل إلى الله بدعاء الصالحين: مثل توسل الأعرابي :
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فقال يا رسول الله ، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغثنا. فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، ثم قال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا". قال أنس: طلعت سحابة فتوسطت السماء ثم أمطرت. ولم نر الشمس ستا. وفي الجمعة المقبلة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب ، دخل رجل فقال: يا رسول الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله يديه ، ثم قال: "اللهم حوالينا ولا علينا"0 قال أنس: فخرجنا نمشي في الشمس. (خ1013 م897)
والخلاصة فإن أهم آداب الدعاء :
1- التوبة ورد المظالم إلى أهلها 0
2- أن يدعو فى كل الأحوال وخاصة فى الرخاء0
3- أن يخفض صوته بالدعاء0
4- أن يعترف بالذنب 0
5- أن يكون متضرعاً خاشعاً 0
6- أن يستقبل القبلة0
7- أن يرفع يديه0
8- أن يبدأ بنفسه إذا دعا0
9- أن يذكرالدعاء ثلاثاً0(1/8)
10- أن يتوسل باسم من أسماء الله الحسنى أو بصفة من صفاته العليا أو باسمه الأعظم أو بعمل صالح قام به أو بدعاء الصالحين 0
وأهم أوقات الإجابة :
1- جوف الليل0
2- بين الآذان والإقامة0
3- ليلة القدر0
4- الساعة التي فى يوم الجمعة 0
5- ساعة فى كل ليلة 0
6- يوم عرفة0
7- عند نزول المطر 0
8- عند صياح الديكة 0
9- عند تغميض الميت 0
10- عند النداء 0
11- بعد زوال الشمس قبل الظهر0
12- عند شرب ماء زمزم 0
13- عند التأمين فى الصلاة0
14- عند رفع الرأس من الركوع 0
15- فى السجود0
16- بعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فى التشهد الأخير0
17- عقب الوضوء0
18- عند البأس 0
19- عند الاستيقاظ من النوم لحديث : "من تعار من الليل"0
20- عند قولك : (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) 0
21- عند دعائك فى المصيبة: (إنا لله وإنا إليه راجعون 000 الحديث )
22- عند صعود الإمام المنبر يوم الجمعة حتى تقضي الصلاة من ذلك اليوم.
وأهم الذين يستجاب دعاءهم :
1- المظلوم 0
2- المسافر0
3- الوالد على ولده 0
4- الغازي والحاج والمعتمر 0
5- دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب 0
6- الصائم 0
7- المضطر 0
8- الإمام العادل 0
9- الولد البار بوالديه0
10- التائب 0
بدع الدعاء ومكروهاته:
1- الدعاء الجماعي.
2- مسح الوجه بعد الفراغ من الدعاء.
3- تقبيل الإبهامين ومسح العينين بهما.
4- ضم اليدين إلى الصدر أثناء الدعاء.
5- التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - .
6- دعوة باطلة كقول القائل: عالم بحالي غني عن سؤالي.
7- السجع فى الدعاء.
8- الدعاء بتعجيل العقوبة فى الدنيا.
9- تمني الموت إلا عند فساد أمر الدين.
10- الدعاء على الأهل والمال.
11- الإمام الذي يخص نفسه بالدعاء.
12- الدعاء بإثم أو قطيعة رحم.
13- الاعتداء فى الدعاء.
14- تحجير الرحمة.
15- لعن إنسان بعينه أو دابة.
16- سب المسلم بغير حق.
17- سب الأموات بغير حق ومصلحة شرعية.(1/9)
18- سب الريح.
19- سب الديك.
20- الدعاء بما شاء الله وشئت.
أهم أسباب عدم استجابة الدعاء:
إذا لم تستجب الدعوة فإن ذلك يرجع لعدة أسباب منها :
1- تأجيل الإجابة فى الدنيا إلى حيث الوقت المناسب.
2- قد لا تستجاب الدعوة فى الدنيا ولكن يجازى صاحبها عليها بأن يرفع عنه سوء كان مقدراً عليه ، وفى هذا خير كبير.
3- أن ترد الدعوة على صاحبها ولا تقبل وذلك لأنها لم تستوف.
الشروط اللازمة لقبول الدعاء وهي :
1- الإخلاص فى الدعاء.
2- عدم الاستعجال فى الدعاء.
3- الدعاء بالخير وعدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم.
4- حضور القلب والخشوع فى الدعاء.
5- إطابة المأكل والمشرب والملبس.
6- العزم فى المسألة.
7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
8- الثناء على الله والصلاة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - قبل الدعاء وبعده.
9- أن يسأل الله ولا يسأل غيره.
10- استيلاء الغفلة والشهوة وهوى النفس وارتكاب بعض الذنوب
11- عدم الخشوع فى الصلاة.
12- أن يقدم العمل الصالح.
13- أن يكون على طهارة.
14- أن يستقبل القبلة.
15- أن يبسط يديه ويرفعها حذو منكبيه.
مباحات الدعاء:
1- تخصيص الأخ بالدعاء دون النفس.
2- تمني الموت عند الضرورة.
3- الدعاء على المشركين ولهم بالهداية.
4- طلب الدعاء من الرجل الصالح.(1/10)
الباب الثاني
أدعية اليوم والليلة
دعاء الاستيقاظ من النوم:
إذا استيقظت من النوم فقل : "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور". ( خ6312 م2711 )
النشور: الإحياء بعد الموت.
جعل النوم موتاً لكونه شبيها به من حيث عدم الإحساس وفقد الإدراك0
واقرأ : { قل أعوذ برب الفلق} و { قل أعوذ برب الناس} 0 (ص ن 1106)
دعاء الخلاء:
إذا دخلت الكنيف فأدخل برجلك اليسرى وقل :"بسم الله"0(ص هـ297)
الكنيف: المراد به المرحاض.
وقل : "اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ وَالخَبَائث"0( خ 142 م 375)
الخبث: الكفر وقيل ذكران الشياطين.
الخبائث: الشياطين وقيل إناث الشياطين.
وإذا خرجت فاخرج برجلك اليمنى وقل :"غفرانك"0(ص ت7 )
دعاء الوضوء:
1-إذا نويت الوضوء فقل : "بسم الله"0(ص د101)
2-وإذا فرغت من الوضوء فقل : "أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله"0( م 234)
3-ثم قل: "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين"0(ص ت 55)
من قال ذلك فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء0
4-ثم قل : "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ"0(ابن السني30 ص ج 6167)
من قاله كتب له فى رق ثم جعل فى طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة 0
دعاء الخرج من المنزل ودخوله :
1- إذا خرجت من منزلك فقل : " بسم اللَّه، توكلت على اللَّه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فإذا قلتها يقال لك: هديت وكفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان"0
(ص ت3426)
أي هديت طريق الحق ، وكفيت همك وحفظت ويبتعد الشيطان عنك0
2- ثم ترفع طرفك إلى السماء وتقول : "اللهم إنا نعوذ بك أن نزل أو نضل ، أو نظلم أو نظلم ، أو نجهل أو يجهل علينا"0(ص ت 3427)
3- وإذا دخلت منزلك فقل : "اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج ، بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم يسلم على أهله".
((1/1)
ص د 5096)
ولج : دخل.
4- وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته بدأ بالسواك 0 ( م 253 )
السواك : هو العود من الأراك يتسوك به 0
أذكار لبس الثوب وخلعه:
1- إذا لبست ثوباً فقل : "بسم الله" ، لاستحباب التسمية فى جميع الأعمال والأقوال.
وقل : "الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة".
(ح د4023)
غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر0
2- وإذا لبست ثوباً جديداً فسمه باسمه وقل : "اللهم لك الحمد ، أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له"0
(ص د4020 )
3- وإذا لبست ثوباً فابدأ بميامنك 0 (ص ت 1766)
4- وإذا خلعت الثوب فقل : "بسم الله" 0 ( ابن السني 43 ص ج 3604)
5- وتقول لمن لبس ثوباً جديداً : " ألبس جديدا، وعش حميدا، ومت شهيدا، يعطك الله قرة عين في الدنيا والآخرة". (ص هـ3558)
دعاء الذهاب إلى المسجد ودخوله والخروج منه:
1- إذا خرجت من بيتك متوجهاً إلى المسجد فقل : "اللهم اجعل فى قلبي نورا، وفى لساني نورا ، واجعل فى سمعي نورا ، واجعل فى بصري نورا ، واجعل من خلفي نورا ، ومن أمامي نورا ، واجعل من فوقي نورا ، ومن تحتي نورا ، اللهم اعطني نورا"0 (خ6316 م763)
2- وإذا دخلت المسجد فقل : "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله"0 (ص هـ771)
3- وتقول : "اللهم افتح لي أبواب رحمتك"0 (م 713)
4- وإذا خرجت من المسجد فقل : "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله"0 (ص د465)
5- وتقول: "اللهم إني أسألك من فضلك"0 ( م 713)
وإذا سمعت رجلا ينشد ضالة فى المسجد فقل له : "لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا"0 ( م 568)
وإذا رأيت رجلا يبيع أو يبتاع فى المسجد فقل له : "لا أربح الله تجارتك"0 (ص ت 1321)
دعاء الأذان:
1- إذا سمعت المؤذن فقل مثل ما يقول : وعند الحيعلتين ( حي على الصلاة - حي على الفلاح ) قل : "لا حول ولا قوة إلا بالله"0 ( م 385 )(1/2)
2- ثم قل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا 0 ( م 386)
من قال ذلك غفر له ما تقدم من ذنبه0
3- ثم قل : "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم و آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد". ( م 405 )
من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشراً0
4- ثم قل: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته"0 (خ614)
الدعوة التامة: ألفاظ الأذان يدعى بها إلى عبادة الله تعالى.
الوسيلة: منزلة فى الجنة.
الفضيلة: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق.
من قال ذلك حلت له شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة .
5- ثم يكثر الدعاء بين الأذان والإقامة لحديث : "لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة"0 (ص د521)
أذكار الصباح والمساء:
أذكار الصباح وقتها بعد صلاة الصبح إلى شروق الشمس ، وقيل إلى غروب الشمس0
أذكار المساء وقتها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس0
وقيل : بعد المغرب إلى طلوع الفجر0
آية الكرسي: إذا قرأتها غدوة أجرت من الشيطان حتى تمسي ، وإذا قرأتها حين تمسي أجرت منه حتى تصبح0 (ح ب 784 وصحح و وافقه الذهبي)
وإذا قرأتها مساء : "لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح"0(خ 3275 )
قل هو الله أحد (ثلاثا) . قل أعوذ برب الفلق (ثلاثا) . قل أعوذ برب الناس (ثلاثا)0 (ح ت3575)
تكفيك عن كل شئ ، أي تكفي من كل شئ يخشى منه كائنا ما كان0
"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"0( ثلاث مرات ) لم يصبه فجأة بلاء0 (ص د 5088)(1/3)
وكَانَ أَبَانُ راوي الحديث قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِج فَجَعَلَ الرّجُلُ الذى سمع منه يَنْظُرُ إلَيْهِ فقَالَ لَهُ أَبَانُ: ما تَنْظُرُ؟ أمَا إِنّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدّثْتُكَ ولَكِنّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ الله عَلَيّ قَدَرَهُ.
"رَضِيتُ باللّه رَبَّاً، وَبالإِسْلامِ دِيناً، وبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَبِيَّا ( ورسولا)0 ( ثلاث مرات) من قالها أدخله الله الجنة.(ح د5072)
وفي رواية " فأنا الزعيم لأخذن بيده حتي أدخله الجنة"( رواه الطبرانى في الكبير 838من الترغيب 657) 0
"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي - وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"0 (خ6306)
"من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة من قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة".
( ويسمى سيد الاستغفار )
موقناً : مخلصا من قلبه.
أبوء: أقر وأعترف.
قال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعاً لمعاني التوبة استعير له اسم "السيد" وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد إليه في الحوائج. ويرجع إليه في الأمور0
قال ابن أبي حمزة : جمع الحديث بديع المعاني ، وحسن الألفاظ ما يحق له أن يسمى بسيد الاستغفار ففيه الإقرار لله وحده بالألوهية ، ولنفسه بالعبودية ، والاعتراف بأنه الخالق ، والإقرار بالعهد الذي أخذ عليه ، والرجاء بما وعد به ، والاستعاذة مما جني به على نفسه ، وإضافة النعم إلى موجدها ، وإضاعة الذنب إلى نفسه ، ورغبته فى المغفرة ، واعترافه بأنه لا يقدر على ذلك إلا هو 0 أهـ(1/4)
"اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي"0 (ص هـ3871)
العفو والعافية: العفو محو الذنوب.
والعافية: السلامة من الأسقام و البلايا. وقيل: عدم الابتلاء بها والصبر عليها والرضا بقضائها.
العورات: العيوب وسوء المرء وكل ما يستحي منه.
والروعات: الفزعات. أي أزل عني الخوف والفزع:أي ادفع عني خوفاً يقلقني ويزعجني.
احفطني من بين يديّ: أي ادفع عني البلاء من الجهات الست.
والاغتيال: الأخذ غيلة. يعني الخسف0
"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين". (ك1/545 ح ج 5820)
والحديث من جوامع الكلم ، وفيه تفويض الأمر إلى الله وهذا من أعظم الإيمان0
"أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم أسألك خير هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وعذاب فى القبر".
وإذا أمسيت قل : "أمسينا وأمسى الملك" 0 ( م2723)
"اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور0
وإذا أمسيت فقل: اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت وإليك المصير"0 (ص هـ3868)
النشور : الإحياء للبعث
"اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان، وشركه"0
(ص ت3392)
فاطر: أي مخترع وموجد على غير مثال سبق.
أعوذ بك من شر نفسي: أي من ظهور السيئات الباطنية التي جبلت النفس عليها.
ومن شر الشيطان: أي وسوسته وإغوائه وإضلاله.(1/5)
وشركه: ما يدعو إليه من الإشراك بالله أي مصائده وحبائله التي يفتتن بها الناس
"أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين" ، وإذا أمسيت فقل : "أمسينا على فطرة الإسلام".(ص حم3/406 ص ج 4674)
فطرة الإسلام: هي دينه الحق.
"سبحان الله وبحمده" ( مائة مرة )
أي نزهه عن النقائص حامدين له 0
"من قالها لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به ، إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه" 0 ( م2692 ، 2691)
وفى رواية لمسلم : "حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر"0
"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". (مرة واحدة أو عشر مرات أو مائة مرة)
"من قالها في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه"0(خ6403 م2691)
"ومن قالها عشرا كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل"0( خ6404)
"وكان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل".( م2693)
"ومن قالها مرة كَانَ لَهُ عَدْلَ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ. وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنَ الشَّيَطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ. وَإِذَا أَمْسى، فَمِثْلُ ذلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ"0 (ص هـ3867)
الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصيغة الإبراهيمية (عشر مرات ) أدركته شفاعته يوم القيامة0 ( مجمع 10/120 ح ج 6357)
"من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة"0(ح ت 586)
قل مع أذكار الصباح:
"سُبحانَ اللَّهِ وبِحمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، َوزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِماتِه".
( م2726)(1/6)
كلمات الله لا تحصر بعد ، والمراد المبالغة به فى الكثيرة0
"اللَّهُمَّ إني أسألُكَ عِلْماً نافعاً، وَرِزْقاً طَيِّباً، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلا"0(ص هـ925)
"سبحان الله100 مرة ، لا إله إلا الله 100 مرة"0(ص ن3/79 )
وقت الضحى :
اللَّهُمَّ بِكَ أُحاوِلُ، وَبِكَ أُصَاوِل ، وَبِكَ أُقاتِل0 (حب3/238 السني ص 40)
قل مع أذكار المساء :
"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"0 (ثلاثا)ً0 ( م 2709)
أذكار النوم:
أغلق بابك واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله
وأوك سقاءك واذكر اسم الله ، وخمر إناءك واذكر اسم الله ، ولو أن تعرض عليه شيئاً0( خ5623 م 2012)
اقرأ : آية الكرسي :
"من قرأها لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح".(خ 3275)
اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة :
"من قرأهما فى ليلة كفتاه" 0 (خ 5009 م 808)
اقرأ سورة الإسراء والزمر:
لحديث: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل (الإسراء) والزمر0 (ص ت3405)
اقرأ سورة السجدة وتبارك:
لحديث: كان لا ينام حتى يقرأ ( ألم تنزيل ) السجدة ( وتبارك الذي بيده الملك ) . (ص ت3404)
اقرأ قل هو الله أحد عشر مرات :
"من قرأها بنى له بيتاً فى الجنة"0( حم3/437 ص ج 6472 )
اقرأ المسبحات : سبح لله أو يسبح لله أو سبح اسم ربك الأعلى0
(ح ت3306)
هي السور التي أولها ( سبح لله ) أو(يسبح لله ) أو( سبح اسم ربك الأعلى ).
وقيل : الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن0
ويمكن أن تقرأ بالترتيب : الإسراء ، السجدة ، الزمر ، الحديد ، تبارك ، الحشر ، الصف ، الجمعة ، التغابن0
اقرأ قل هو الله أحد : فى كل ليلة فإنها تعدل ثلث القرآن0
( خ 5013 م 811)
اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين :(1/7)
لحديث: "إذا أويت إلى فراشك كل ليلة فاجمع كفيك ثم انفث فيهما واقرأ فيهما قل هو الله أحد والمعوذتين ، ثم امسح بهما ما استطعت من جسدك تبدأ برأسك ووجهك وما أقبل من جسدك وأفعل ذلك ثلاث مرات"0 (خ3402)
وقل ما تيسر من هذه الأذكار :
"اللهم باسمك أموت وأحيا"0 (خ6312 م1711)
اضطجع على شقك الأيمن واضعاً يدك تحت خدك ثم قل :
"باسْمِكَ رَبي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وَإِنْ أرْسَلْتَها فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ بِهِ عِبادَكَ الصَّالِحين".( خ6320 م 2714)
الإمساك : كناية عن الموت.
الإرسال : كناية عن استمرار البقاء.
"باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر ذنبي، وأخسئ شيطاني، وفك رهاني، واجعلني في الندي الأعلى"0 (ص د5058)
أخسئ شيطاني: اطرد.
فك رهاني : من الذنوب.
"اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبادَكَ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ"(ص ت 3398)
"الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له"0( م2715)
"اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها ، لك مماتها ومحياها ، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها. اللهم إني أسألك العافية"0( م 2712)
"اللّهُمّ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشّهَادَةِ، فَاطِرَ السّمَاواتِ والأَرْضِ، رَبّ كُلّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ أشْهَدُ أَن لاَ إِله إِلاّ أنْتَ أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ نَفْسِي وَمِنْ شَرّ الشّيْطَانِ وشِرْكِهِ".
(ص ت 3392)(1/8)
"اللّهُمّ رَبّ السّمَاوَاتِ وَرَبّ الأَرْضِ وَرَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. رَبّنَا وَرَبّ كُلّ شَيْءٍ. فَالِقَ الْحَبّ وَالنّوَىَ. وَمُنْزِلَ التّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ. أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ كُلّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ. اللّهُمّ أَنْتَ الأَوّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ. وَأَنْتَ الآخر فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ. وَأَنْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ. وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ. اقْضِ عَنّا الدّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ"0( م2713)
الدين : حقوق الله تعالى كلها ، وحقوق العباد كلها0
"الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي كفاني وآوَانِي، وأطْعَمَنِي وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَليَّ فأفْضَلَ، وَالَّذي أعطانِي فأجْزَل، الحَمْدُ لِلَّهِ على كُلّ حالٍ؛ اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ، أعُوذُ بِكَ مِنَ النَّار"0 (ص د5058)
"كبر الله ثلاثا وثلاثين ، واحمد الله ثلاثا وثلاثين ، وسبح الله ثلاثا وثلاثين" (خير لك من خادم)0 (خ6318 م 2727)
اقرأ : (قل يا أيها الكافرون) ، ونم على خاتمتها ، فإنها براءة من الشرك0(ص ت3403)
"اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجهى إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ، وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، وَرَهْبَةً رَغْبَةَ إِلَيْكَ ، لا ملجأ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ".( خ 6315)(1/9)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا آتيت مضجعك فتوضأت وضوءك للصلاة ، ثم اضجع على شقك الأيمن وقل:اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجهى إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ، وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، وَرَهْبَةً رَغْبَةَ إِلَيْكَ ، لا ملجأ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ. فإن مت ، مت على الفطرة فأجعلهن آخر ما تقول.(خ6311)
أذكار الاستيقاظ من الليل:
1- إذا استيقظت من الليل فاقرأ : إن في خلق السماوات والأرض 000 إلى آخر سورة آل عمران وتدبرها0 (خ183)
2- إذا فزعت من النوم فقل : "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فإنها لن تضرك" .
(ح ت 3528)
3- إذا تعارَّيت من الليل فقل : "لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شئ قديرٌ، الحمد للّه و سبحان اللّه ، ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللّه، اللهم اغفر لي".(خ1154)
التعار : يقظة مع صوت ، وقيل الاستيقاظ ، وقيل التقلب مع الكلام0
وإذا دعا استجيب له ، فإِن قام فتوضأ ثمّ صلّى قبلت صلاته0
4- إذا تضورت فقل: "لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما العَزِيزُ الغَفَّار"0(ك1/540 صحيحة2066)
تضور : تلوى وتقلب ظهرً البطن.
5- وقل فى سجودك من قيام الليل : "اللَّهُمَّ أعُوذُ بِرضَاكَ مِنْ سَخطِكَ ، وبِمُعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكُ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ، أنْتَ كمَا أثْنَيْتَ على نَفْسِك0" ( م 486)
الرؤيا :(1/10)
عن أبي سلمة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الرؤيا الحسنة من الله ، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدِّث به إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرِّها، ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً، فإنها لن تضرَّه0
(خ 7044 ، 7045)
وفى رواية: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها، فإنها من الله ، فليحمد الله عليها وليحدِّث بها"0
2-عن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم فليتعوذ منه، وليبصق عن شماله، فإنها لا تضره"0
(خ 6986 م2261)
وزاد مسلم: "وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".
التفل: النفخ اللطيف مع شئ من الريق.
النفث: النفخ اللطيف مع شئ أقل من الريق.
عَنْ أَنَسِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : "الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ"0(خ6983 م2264)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثَّل الشيطان بي".( خ6993 م 2266)
أي من رآه في المنام وفقه الله تعالى للهجرة إليه والتشرف بلقائه - صلى الله عليه وسلم - .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب. وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا. ورؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله. ورؤيا تحزين من الشيطان. ورؤيا مما يحدث المرء نفسه. فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل. ولا يحدث بها الناس". قال:" وأحب القيد أكره الغل. والقيد ثبات في الدين" .( م 2263)
القيد: في الرجلين، وهو كف عن المعاصي والشرور وأنواع الباطل.
وأكره الغل: أما الغل فموضعه العنق، وهو صفة أهل النار.(1/11)
الباب الثالث
أدعية عوارض الحياة إلى الممات
الأمور العلوية:
1- إذا رأيت سحابا فقل: "اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به، اللهم صيبا نافعا" مرتين أو ثلاثا0
فإن كشفه الله قل : "الحمد الله"0(ص هـ3889)
2- إذا عصفت الريح فقل: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به"0( م899)
وتقول : "اللهم لقحاً لا عقيماً"0 ( ابن السني ص 46 ص ج 546)
4- إذا رأيت المطر قال: "اللَّهُمَّ صَيِّباً نافِعا"0 ( خ1032)
5- إذا كثر المطر فقل: "اللهم حولينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال، والآجام والظراب ، والأودية ومنابت الشجر"0 (خ1032)
الآكام : التراب المجتمع.
الآجام: الشجر الملتف الكثير.
الظراب : الجبال المنبسطة.
6- إذا رأيت الرعد فقل: "سبحان الله" ( يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته) 0 ( ط موقوفا 2/992 ص الكلم135)
7- إذا رأيت الهلال فقل: "اللَّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَيْنا باليُمْنِ وَالإِيمانِ وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّه"0 (ص ت3451)
إذا نظرت إلى القمر فقل : "أعوذ بالله من شر هذا الغاسق"0(ص ت3366) مع الإشارة باليد اليمنى.
الغاسق إذا وقب : الليل إذا دخلت ظلمته ، والمراد هنا : القمر إذا اسود ودخل فى الكسوف أو الغيبوبة0
8- إذا استقلت الشمس تسبح الله وتحمده 0
( ابن السني ص 28 ص ج 5475)
الأمور العارضة:
1- تقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم. لا إله إلا الله رب العرش العظيم. لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم".
( خ6345 م 2730)
وتقول:"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين". (من دعا به فرج الله كربه واستجيب له)0(ص ت3505)
وتقول: "يا حَيُّ يا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيث"0(ح ت3524)
وتقول: "اللَّهُ رَبي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً"0(ص د1525)(1/1)
2- إذا أصابك الفزع فقل : "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وعقابه، ومن عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون"0(ح ت3528)
3- إذا اشتد غضبك فقل : "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إذا قلتها ذهب عنك ما تجد". ( خ6115 م 2610)
"إذا غضبت وأنت قائم فاجلس فإن ذهب عنك الغضب وإلا فاضطجع"0
(ص د4782)
4- إذا خفت قوما فقل: "اللهم اكفينهم بما شئت".( م130)
وتقول:"اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ"0(ص د1537)
5- إذا غلبك أمر فقل : "قدر الله وما شاء فعل"0( م 2664 )
6- إذا استصعب عليك أمر فقل : "اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ ما جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلا"0 (حب427 ص ابن السني 351)
7- إذا كان عليك دين فقل: "اللَّهُمَّ اكْفني بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ، وَأغْنِني بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ"0 (ص ت 3563)
لو كان عليك مثل جبل صبر ديناً أداه الله عنك0
وتقول : "اللّهُمّ رَبّ السّمَاوَاتِ وَرَبّ الأَرْضِ وَرَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. رَبّنَا وَرَبّ كُلّ شَيْءٍ. فَالِقَ الْحَبّ وَالنّوَىَ. وَمُنْزِلَ التّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ. أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ كُلّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ. اللّهُمّ أَنْتَ الأَوّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ. وَأَنْتَ الآخر فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ. وَأَنْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ. وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ. اقْضِ عَنّا الدّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ"0( م2713)
إذا غلبك الدين فقل : "اللهم أني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال"0( خ 6369 م 2706)
8- إذا لقيت مسلماً فصافحه واحمد الله واستغفره0(ص د5112 )
9- وإذا لقيت من تحب فقل : إني أحبك.(ابن السني34 ص ج 276)
10- وإذا لقيت من يضحك فقل له : أضحك الله سنك0(خ 3683)(1/2)
وهو دعاء بالفرح والسرور.
11- إذا رأيت من أخيك ما يعجبه فقل : بارك الله عليك.
( ص ابن السني 35)
12- إذا سمعت صوتا يعجبك فقل: "أخذنا فألك من فيك"0
(ابن السني46 ص ج 223)
"لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل"، قالوا: وما الفأل؟ قال: "كلمة طيبة".
( خ5754 م 2223)
"لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل"0(244 م219)
13- إذا سمعت ما تكرهه فقل: "اللّهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك"0 (حم2/220صحيحة1065)
14- إذا أذنبت فتوضأ وصلى ركعتين واستغفر الله (يغفر الله لك).
(ابن السني 51ص ج 5614)
15- إذا دخلت قرية فقل: "اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها"0
(حب2377 ح الوابل الصيب167)
16- إذا عطست فقل: "الحمد لله" ، ويقول لك أخوك: "يرحمك الله" ، فإذا قالها فقل له: "يهديكم الله ويصلح بالكم"0 (خ6224)
"إذا عطس أحدكم فحمد اللَّه فشمتوه، فإن لم يحمد اللَّه فلا تشمتوه"0(م2992)
أو تقول إذا عطست : "الحمدُ لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه كما يحبّ ربنَا ويرضى"0 (ح د773)
وتقول للكتابي إذا عطس: "يهديكم اللّه ويصلح بالكم"0(ص ت2739)
"إنَّ اللَّهَ تَعالى يُحِبُّ العُطاسَ، وَيَكْرَهُ التَثاؤُب"0 ( خ6226)
17- إذا أردت أن تقم من المجلس فقل: "سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك"0 (ص ت3433)
أيما قوم جلسوا فأطالوا الجلوس ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله تعالى أو يصلوا على نبيه ، كانت عليهم ترة من الله ، إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم".
(ص ت 3380)
18- لطرد الشيطان قل: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه"0(ص د4855)
ثم اقرأ آية الكرسي ، ثم أذن.( م389)(1/3)
إن خفت شيطانا أو غيره فقل: "أعوذ بوجه الله الكريم وكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ وبرأ في الأرض وما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن".
( طب 4/135 حم3/419 رقم 15440)
19- إذا لدغ أحد الناس فارقه بالفاتحة سبع مرات0( خ 5736)
وامسح لدغة العقرب بماء وملح واقرأ عليها الكافرون والمعوذتين0(طب فى الصغير ص117 صحيحة 548)
20- من صنع إليك معروفاً فقل لفاعله : "جزاك الله خيراً"0 (ص ت2035)
21- إذا رأيت باكورة الثمر فقل: "اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي ثمارنا وفي مدنا وفي صاعنا. بركة مع بركة". ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان.
( م 1373)
22- إذا قال لك أحد : "السلام عليكم" فقل له: "وعليكم السلام ورحمة اللَّه وبركاته". ( ت 2693 ص ت 2166)
وإذا قال لك : "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ، فقل : "وعليكم السّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُه"0 (د5196 قوي رياض 851)
ولا تبدأ اليهود والنصارى بالسلام إذا بدأ اليهود النصارى بالسلام فقل: "وعليكم"0 ( خ6258 م 2163)
ولا تبدأ الفاسق والمبتدع بالسلام وهو قول: الجمهور.
وإذا مررت على صبيان فسلم عليهم 0
ويجوز السلام على النساء0(خ6247 ، 6248)
23- إذا أتيت بابا فلا تستقبله ، فإن أذن لك وإلا انصرف0 ( خ6254)
يستأذن أحدكم ثلاثا فإن أذن له إلا فليرجع0( خ 6245 م 2153)
24- "إذا سمعت صياح الديكة فاسأل الله من فضله فإنها رأت ملكا وإذا سمعت نهيق الحمار فتعوذ بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطانا".
( خ3303 م 2729)
25- إذا سمعت نباح الكلب : فتعوذوا بالله منه0(ص د5103)
26- إذا رأيت ما تتعجب منه فقل: "سبحان الله"0 ( خ53 )
27- إذا رأيت ما تحب فقل : "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات"0
(ص هـ3803)(1/4)
28- وإذا رأيت ما تكره فقل: "الحمد لله على كل حال"0
(هـ3803 ح صحيحة265)
29- وإذا بشرت بما يسر فقل: "الحمد لله"0 ( خ2661 م 2770)
30- إذا رأيت مبتلى فقل : "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي عافاني مِمَّا ابْتلاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي على كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً"0 (ص ت 3432)
لا تسمع المبتلى بل تسمع نفسك وإذا قلته لم يصبك ذلك البلاء0
31- إذا استقرضت مالا فرده ثم قل لصاحبه:"بارك الله فى أهلك ومالك".إنما جزاء السلف الحمد والأداء0 (ص ن4366)
32- إذا خشيت الشرك فقل: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلم"0 (حم4/403 ص ج 3731)
والمراد بالشرك هنا : الرياء والسمعة والعجب0(1/5)
الباب الرابع
الحسد والسحر والمرض والموت
الحسد : هو تمني زوال نعمة الغير أو عدم حصول النعمة للغير شحاً عليه بها0
العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغتسلوا0 ( م 2188)
علاج الحسد:
تضع يدك على رأس المصاب وتقول: "بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أو عَيْنٍ حاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ، بِسْمِ اللَّهِ أرْقِيك" 0 ( م2186 )
تضع يدك على رأس المصاب وتقول : "بسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين". ( م2185 )
تضع يدك على مكان الألم وترقيه بسور : الإخلاص والفلق والناس0
علاج السحر :
تضع يدك على رأس المريض وتقرأ فى أذنه بترتيل :
1- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ، بسم الله الرحمن الرحيم :
بسم الله الرحمن الرحيم (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7) (الفاتحة)
2- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (5) (البقرة)(1/1)
3- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103) ( البقرة) تكرر 7 مرات
4- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) (البقرة)(1/2)
5- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) (البقرة)
6- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
(286) (البقرة)(1/3)
7- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) (آل عمران)
8- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) (الأعراف)
9- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) ( الأعراف) تكرر 7 مرات
ويكرر قوله تعالى: ( وألقي السحرة ساجدين ) 30 مرة(1/4)
10- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82) ( يونس) تكرر 7 مرات
وقوله تعالى : (إن الله سيبطله) يكرر 70 مرة
11- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) (طه) تكرر 7 مرات
12- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118) (المؤمنون)
13- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : بسم الله الرحمن الرحيم : (وَالصَّافَّاتِ صَفّاً (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) (الصافات)(1/5)
14- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (32) (الأحقاف)
وتكرر قوله تعالى : ( يا قومنا أجيبوا داعي الله ) 7 مرات
15- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) (الرحمن)(1/6)
16- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ْبِ (24) (الحشر)
17- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً (9) (الجن)(1/7)
18- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4) (الإخلاص)
19- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) (الفلق)
ويكرر قوله تعالى: ( ومن شر النفاثات فى العقد ) 9 مرات
20- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) (الناس)
وتقرأ لإفاقة المجنون :
فاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية كلما ختمتها تجمع بزاقك ثم تنقل عليه : فكأنما أنشط من عقال 0 (د3896 ص د 3297)
تحصينات الإنسان ضد الشيطان
خلاصة ما جاء فى كتاب: وقاية الإنسان / للشيخ وحيد عبد السلام بالي :
1- الإخلاص.
2- العبودية لله وحده.
3- لزوم الجماعة.
4- المحافظة على صلاة الجماعة.
5- الالتزام بالكتاب والسنة.
6- الاستعانة بالله على الشيطان.
7- كثرة الطاعات.
8- الاستعاذة عند الإحساس بنزعات الشيطان ، وعند تلاوة القرآن ، وعند دخول الخلاء ، وعند الدخول فى الصلاة ، وعند الغضب ، وعند نباح الكلاب والحمير.
9- تحصين الأهل و الأولاد والأموال.
10- سورة البقرة.
11- آية الكرسي والآيتان الأخيرتان من سورة البقرة.
12- المعوذات.
13- أذكار الصباح والمساء.
14- حفظ البصر.
15- حفظ اللسان عن الكلام فيما لا يعني ، عن فضول الكلام :(1/8)
عن الخوض فى الباطل ، عن المراء والجدل ، عن الخصومة ، عن التقعر فى الكلام ، عن الفحش والتفحش، عن السب ، عن اللعن ، عن سب الأموات ، عن رمي المؤمن بالكفر ، عن كثرة المزاح ، عن السخرية والاستهزاء ، عن إفشاء السر ، عن الكذب ، عن الغيبة ، عن النميمة ، عن خصلة ذي اللسانين ، عن التحدث بما كان بينك وبين زوجتك ، عن الغناء ، عن الحلف بغير الله ، عن الحلف بملة غير الإسلام ، عن سب الدين ، عن سب الدهر ، عن سب الريح ، عن سب الحمى ، عن شهادة الزور ، عن المن بالعطية ، عن سب النفس ، عن اليمين الغموس ، عن تسويد الفاسق والمبتدع والمنافق ، عن النطق بواو الإشراك ، عن قو ل مطرنا بنؤ كذا ، عن عيب الطعام ، عن النجوى ، عن إنشاد الضالة فى المسجد ، عن طلب المدد من غير الله ، عن الاستغاثة بغير الله0
16- حفظ البطن عن أكل الربا ، أكل الرشوة ، ثمن الكلب ، كسب البغي ، أكل مال اليتيم ، الشهوات الحرام ، الإمعان فى الشبع 0
17- حفظ الفرج عن الزنا ، اللواط ، إتيان البهيمة ، إتيان المرأة وهي حائض ، السحاق ، نكاح اليد00
18- حفظ اليد عن : نزعات الشيطان ، قتل المسلم ، قتل النفس ، مصافحة الأجنبية ، لبس الذهب ، اللعب بالنرد0
19- تحصين البيت : بذكر الله عند الدخول ، التسليم على الأهل، عند الطعام والشراب ، كثرة تلاوة القرآن ، تطهير البيت من صوت إبليس من الأجراس ، ومن التصاليب ، ومن الصور ، ومن الكلاب ، الإكثار من صلاة النوافل ، الكلمة الطيبة0
20- ذكر دخول المسجد : "أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم". ( يحفظ من الشيطان سائر اليوم) .
21- "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" 0 ثلاثا ( لم يضره شيء ).
22- "بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء هو السميع العليم". ثلاثا ( لم يضره شيء )0
23- الدعاء: فى السفر ، وعند النوم 0
24- البسملة.(1/9)
25- رد التثاؤب ما استطاع ، وأن يضع يده على فيه إذ تثاءب.
26- التسليم للقضاء من غير عجز ولا تفريط.
27- الأذان.
28- الوضوء.
29- قيام الليل.
30- عدم التشبه بالشيطان لأن الشيطان يأكل ويشرب بشماله ، ويأخذ ويعطي بشماله ، ويجلس بين الظل والشمس ، ويعجل ويكبر ويبذر ويسرف0
31- عدم الوقوف موقف شبهة: " إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم " .
32- الذكر: عند النوم وعند الاستيقاظ من النوم وغير ذلك من أذكار اليوم والليلة0 أهـ(1/10)
الباب الخامس
أدعية الأنبياء والصالحين
وفضائل سور القرآن وتعلمه
أولاً : أدعية الأنبياء والصالحين
أدعية الأنبياء:
دعاء آدم وزوجته :
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (لأعراف: 23)
دعاء نوح :
(قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(هود:47) (وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)
(الانبياء:76)
دعاء هود :
(قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ) (المؤمنون:39)
دعاء إبراهيم :
(رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)(البقرة: 126)
دعاء يوسف :
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)
(يوسف:101)
دعاء لوط :
(رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) (الشعراء:169) (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) (العنكبوت:30)
دعاء شعيب:
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)(لأعراف:89)
دعاء موسى:
(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (لأعراف:151)
دعاء سليمان:
(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)(النمل: 19)
دعاء أيوب :
((1/1)
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ - فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء83 – 84)
دعاء يونس :
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ - فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء 87 - 88 )
دعاء زكريا :
(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)(آل عمران:38)
دعاء عيسى :
(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (المائدة:114)
أدعية الخلفاء الراشدين
1- أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - :
"اللهم إني أسألك الذي هو خير لي في عاقبة الأمر، اللهم اجعل ما تعطيني الخير رضوانك والدرجات العلى في جنات النعيم".
2- عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - :
"اللهم إن كنت تعلم أني كنت أعدل في الحكم، وإذا اختلفت الأمور اتبعت هداك وكنت وكنت فزدني في عمري حتى يكبر طفلي وتربو أمتي"!
3- علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - :(1/2)
"اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شئ ، وبقوتك التي قهرت بها كل شئ، وذل لها كل شئ ، وبجبروتك التي ملأت كل شئ ، وبسلطانك الذي علا كل شئ ، وبوجهك الباقي بعد فناء كل شئ ، وبأسمائك التي ملأت أركان كل شئ ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ ، وبنور وجهك الذي أضاء له كل شئ ، يا نور يا قدوس يا أول الأولين، ويا آخر الآخرين، اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العضم ، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء ، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته ، وكل خطيئة أخطأتها ، اللهم إني أتقرب إليك بذكرك وأستشفع بك إلى نفسك ، وأسألك بجودك أن توتد نيتي من قربك ، وأن توزعني شكرك ، وأن تلهمني ذكرك ، اللهم إني أسألك خاضع متذلل خاشع أن تسامحني وترحمني وتجعلني بقسمك راضيا قانعا وفي جميع الأحوال متواضعا 0
اللهم وأسألك سؤال من اشتدت فاقته ، وأنزل بك عند الشدائد حاجته ، وعظم من عندك رغبته0
اللهم عظم سلطانك ، وعلا مكانك ، وخفي مكرك ، وظهر أمرك ، وغلب قهرك ، وجرت قدرتك ، ولا يمكن الفرار من حكمك ، اللهم لا أجد لذنوبي غافراً ولا لقبائحي ساتراً ولا لشيء من عملي القبيح بالحسن مبدلاً غيرك 0
لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، ظلمت نفسي وتجرأت بجهلي وسكنت إلى قديم ذكرك لي ومنك علي0
اللهم مولاي : كم من قبيح سترته ؟ وكم من فادح من البلاء أقلته ؟ وكم من عثار وقيته ؟ وكم من مكروه دفعته ؟ وكم من ثناء جميل لست أهلا له نشرته ؟ !
دعاء المؤمنين:
((1/3)
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (البقرة:286) (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)
(آل عمران:8) دعاء المتقين:
(رَبَّنا آمَنَّا فاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذَابَ النَّار) (آل عمران 16)
دعاء المسلمين فى غزوة أحد :
(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (آل عمران:147) دعاء الأوفياء الأتقياء :
(رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ - رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ - رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (آل عمران 192 - 194)
دعاء الملائكة حملة العرش :
((1/4)
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ - رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(غافر 7 – 9)
دعاء زوجة فرعون :
(إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(التحريم:11)
دعاء بني إسرائيل :
(فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ - وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (يونس 85 - 86 )
دعاء جنود طالوت :
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
(البقرة: 250)
دعاء أهل الكهف :
(رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً)(الكهف: الآية10)
دعاء الحواريين :
(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)(آل عمران:53)
دعاء المستضعفين :
( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً)(النساء: 75)
دعاء من بلغ أربعين سنة :
((1/5)
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
(الاحقاف: 15)
دعاء الابن لوالديه :
(رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)(الاسراء: 24)
التسبيح
التسبيح : التنزيه.
قال الله تعالى : (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ - وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ)(الروم 17 – 18)
سبحان الله : أبرئ الله من السوء براءة
عند إقبال الليل بظلامه ، وعند إسفار النهار بضيائه ، وعند شدة الظلام ، وعند قوة الضياء0
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس"0 ( م 2695)
من قال: "سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر"0 ( خ6405 م 2691)
التهليل والتكبير والتحميد والحوقلة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأعرابي قل: "لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، اللَّه أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان اللَّه رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني"0 ( م2696 )
"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كل يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر منه"0( خ6403 م2691)
اكثروا من قول : "لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنها كنز من كنوز الجنة".
(ص هـ 3815)
الاستعاذة
قال الله تعالى :
((1/6)
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
(لأعراف:200)
(وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ - وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) (المؤمنون 97 - 98)
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ - مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)(الفلق 1 - 2)
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ - مَلِكِ النَّاسِ) (الناس1 – 2)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
1- "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" 0 ( خ 6367 م 2706 )
الهرم : نهاية الكبر.
2- "اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء"0 ( خ6616 م 2707)
جهد البلاء : كل ما أصاب المرء من شدة ومشقة.
درك الشقاء: السبب المؤدي إلى الهلاك.
سوء القضاء : عام فى النفس والمال والأهل والولد والخاتمة والمعاد.
شماتة الأعداء : فرح العدو ببلية تنزل بعدوه ، قال هارون لموسى: ( فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ )(لأعراف: 150) 0
3- "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال"0 ( خ6363)
الاستغفار
قال الله تعالى :
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
(آل عمران:135) (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً - يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً - وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً)( نوح 10- 12)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(1/7)
"من أكثر من الاستغفار جعل اللّه له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب"0 ( حم1/248 ص حم 2233)
"واللّه إنّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأتُوبُ إلَيهِ فِي اليَوْمِ أكثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّة".
( خ 6307 )
"سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" 0 (خ6306)
أبوء : أقر واعترف.
التوبة
قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ )(التحريم: 8)
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ)(الزمر 53 ، 54)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"0(ح هـ4251)
"إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها"0( م 2759)
ثانياً: فضائل سور القرآن وتعلمه
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
1- "أعظم سورة في القرآن {الحمد لله رب العالمين}"0( خ4474)
2- "لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة". ( م 780)
3- "آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله"0( م 810)
4- "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه"0
( خ4008 م807)(1/8)
كفتاه : حفظتاه من الشر ودفعتا عنه المكروه ، وكفتاه ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة 0
5- "اقرؤوا القرآن. فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران. فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان. أو كأنهما غيايتان. أو كأنهما فرقان من طير صواف. تحاجان عن أصحابهما. اقرؤوا سورة البقرة. فإن أخذها بركة. وتركها حسرة. ولا يستطيعها البطلة" 0 ( م 804 )
الزهراوين: سميتا الزهراوين لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما.
كأنهما غمامتان أو غيايتان: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه
تحاجان : أي تدافعان الجحيم والزبانية.
البطلة: السحرة.
6- "شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت"0 (ص ت3297)
7- "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال"0
( م809 )
8- "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق". ( هق3/249 ص ج 6471)
9- "لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)"0(خ4177)
10- "إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي (تبارك الذي بيده الملك)"0(د1400 ص ج3644)
وفى رواية : فأخرجته من النار وأدخلته الجنة0
11- "من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى العين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت"0(ص ت 3333)
12- "من قرأ: قل يا أيها الكافرون، عدلت له بربع القرآن"0(ص ت2894)
13- "نعم السورتان هما يقرآن في الركعتين قبل الفجر: (قل يا أيها الكافرون)،(وقل هو الله أحد)". (حب610 صحيحة646)
14- "من قرأ (قل هو الله أحد) فكأنما قرأ ثلث القرآن"0( م 811 )
15- "من قرأ (قل هو الله أحد) عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة".
( حم3/437 ص ج 6472 )
16- "أنزل علي آيات لم ير مثلهن قط: (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس)" ( م 814 )(1/9)
17- "ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس)0 (حم3/417 صحيحة11040)
18- "يَا عقْبَةَ أَلاَ أُعَلّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا ؟ ( قُلْ أَعَوذُ بِرَبّ الْفَلَق ) ، (وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ) يا عقبة تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما".(ص د1462)
فضل القرآن وفضل تعلمه
1- عن عثمان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
(خ 5027)
2- عن مالك بن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله"0 ( ط899 )
3- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"0( م2699 )
4- عن ابن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أكثر منافقي أمتي قراؤها".
( حم 2/175 ص ج 1203)
5- عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرؤا القرآن فإنكم تؤجرون عليه أما إني لا أقول آلم حرف ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر فتلك ثلاثون".
( ص ج 1164 )
6- عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"0(م 798)
العامل بالقرآن فى درجة الملائكة 0
7- عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف"0(حلية 4/209 ح ج 6289)
8- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليس منَّا من لم يتغنَّ بالقرآن"0 (خ 7527)
التغني : تحسين الصوت(1/10)
9- عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرؤا القرآن وسلوا الله به قبل أن يأتي قوم يقرؤون القرآن فيسألون به الناس". (ح حم 19803 ص ج 1169)
عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله"0 (هق ص ج194)
10-عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترُجَّة، ريحها طيِّب وطعمها طيِّب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيِّب وطعهما مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، ليس لها ريح وطعمها مر"0(م 797)
الأترجة : ثمر يشبه كبار الليمون.(1/11)
الكتاب السابع
الجنائز
الجنائز : جمع جنازة بالكسر والفتح ، والكسر أفصح0
وقيل : بالكسر النعش عليه الميت ، وبالفتح الميت 0
الباب الأول
المرض
المرض نعمة من نعم الله تعالى على عباده الصالحين ، يكفر السيئات ويمحو الذنوب0
فضل المرض :
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حَزَن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه".(خ 5641)
نصب: تعب.
وصب: مرض و الوجع.
الهم : الحزن و الكره لما يتوقعه من سوء.
الحزن: الأسى على ما حصل له من مكروه في الماضي.
الأذى: من تعدي غيره عليه.
الغم : ما يضيق به القلب والنفس.
خطاياه : ذنوبه.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من يرد الله به خيراً يُصِبْ منه".(خ5645)
يصب منه: يبتليه بالمصائب ، ليطهره من الذنوب في الدنيا، ويثيبه عليها فيلقى الله تعالى نقياً.
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء قال - صلى الله عليه وسلم - : "الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى المرء على قدر دينه ، فإن كان في دينه صلابه زيد في بلائه ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه ولا يزال المرء يبتلي حتي يمشي علي الأرض وما عليه خطيئة".( ص ت 2398)
بلاء: أي محنة ومصيبة.
الأنبياء: أي هم أشد في الابتلاء لأنهم يتلذذون بالبلاء كما يتلذذ غيرهم بالنعماء.
الأمثل : الفضلاء.
على قدر دينه: ضعفا وقوة0
صلابة : قوة0
رقة : ضعف ولين0
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا"0( خ 2996)(1/1)
عن شداد بن أوس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله تعالي يقول: إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني وصبر على ما ابتليته به فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب للحفظة: إني أنا قيدت عبدي هذا وابتليته فأجروا له من الأجر ما كنتم تجرون له قبل ذلك وهو صحيح".
\(حم 4/123 صحيحة 2009)
عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم السائب، فقال :"مالك؟ يا أم السائب تزفزفين؟" قالت: الحمى. لا بارك الله فيها. فقال :"لا تسبي الحمى. فإنها تذهب خطايا بني آدم. كما يذهب الكير خبث الحديد"0 (م2575)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله عز وجل يبتلي عبده المؤمن بالسقم حتى يكفر عنه كل ذنب"0 ( ك 1/348 ص ج 1870)
السقم : المرض.
عن أبي هريرة قال: دخل أعرابي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"هل أخذتك أم ملدم قط"؟. قال: وما أم ملدم؟ .قال: "حر يكون بين الجلد واللحم". قال: ما وجدت هذا قط؟. قال:"فهل أخذك هذا الصداع قط"؟. قال: وما هذا الصداع؟. قال: " عرق يضرب على الإنسان في رأسه". قال: ما وجدت هذا قط فلما ولى قال: "من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا"0
(حم 2/332 ص حم8376)
أم ملدم : الحمّى.
عن أبي أمامه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحمى كير من جهنم فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار"0 (حم 5/252 ص ج 3188)
عن أَنَسٍ قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ في الدّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشّرّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتّى يُوَافى بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ"0
(ت 2396 ح مشكاة 1565)
وفى هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمؤمن لأنه لا ينفك غالباً عن ألم من مرض أو نحوه0(1/2)
وفيها أن الأمراض والآلام بدنية أو قلبية تكفر ذنوب من يصاب بها ، وظاهره جميع الذنوب ولكن خصه الجمهور من الصغائر0
عن أنس بن مالك : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا يتمنينَّ أحدكم الموت من ضُرٍّ أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي".(خ 5671)
عن عبد الله قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إني أوعك وعك رجلين منكم". قلت: بأن لك أجرين قال: "نعم" أو "أجل" ثم قال: "ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا حط الله عز وجل عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها".( خ 5648 )
الوعك : حرارة الحمى وألمها0
الصبر :
هو حبس النفس عن الجزع وإلزامها بأداء الفرض ونهيها عن اقتراف المحرم0
وهو من أجل الصفات وأعلاها قدراً وأعظمها خلقاً 0
وينقسم الصبر إلى ثلاثة أقسام :
1- صبر على أداء الفرائض : وهو الإتيان بها وافية كاملة من غير نقص ولا زيادة0
2- وصبر على محارم الله : وهو البعد عنها والفرار منها0
3- وصبر على المصيبة : وهو حبس النفس عن جذعها مع فقد محبوب أو أصابه مكروه ، ومن ثمرات الصبر ، أن يبدل صاحبه خيراً مما فقد ، ويعوضه بأحسن العوض وهو الجنة والرضوان 0
قال الله تعالى: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) (الانسان:12)وقال الله تعالى: ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة 155: 157)
وأفضله ما كان عند الصدمة الأولى 0
ويجوز للمريض أن يشكو للطبيب والصديق ما يجده من الألم والمرض ما لم يكن ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجذع 0(1/3)
وينبغي للمريض أن يغلب الرجاء على الخوف ، ولا ييأس من رحمة الله
( إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف: 87)
وعليه أن يحسن الظن بالله ، بأن يرجو مغفرته وعفوه ، مع عمل الخير واجتناب الشر، وأما حسن الظن بالعمل فهو الطمع المذموم 0
عن أَنَسٍ بنِ مَالِكٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الصّبْرُ عِنْدَ الصّدْمَةِ الأولى"0
( خ 1283)
عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشَّف، فادع الله لي، قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك". فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشَّف، فادع الله أن لا أتكشَّف، فدعا لها.
( خ 5652 )
انحباس الريح الغليظة قد يكن سببا للصرع فيسقط الإنسان ويقذف بالزبد وقد يكون الصرع من الجن0
والصرع علة تمنع الأعضاء الرئيسية عن انفعالها منعاً غير تام0
أتكشف : أخشى أ ن تظهر العورة ولا أشعر0
ويدل الحديث على جواز ترك الدواء بالصبر على البلاء والرضاء بالقضاء0
عيادة المريض :
من أدب الإسلام أن يعود المسلم المريض ويتفقد حاله تطيباً لنفسه وهى حق من حقوق المسلم على المسلم0
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "حق المسلم على المسلم ست" قيل: ما هن؟ يا رسول الله! قال: "إذا لقيته فسلم عليه. وإذا دعاك فأجبه. وإذا استنصحك فانصح له. وإذا عطس فحمد الله فسمته وإذا مرض فعده. وإذا مات فاتبعه"0
(م2162)(1/4)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إِنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ يَقُولُ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ. أَمَا عَلِمْتَ أَنّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟"0( م 2569 )
أضاف المرض أليه تشريفاً للمرض
وجدتني عنده : وجدت ثوابي وكرامتي
عن عَلي قال:ّ سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِماً غُدْوَةً إِلاّ صَلَى عليهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتّى يُمسِيَ، وإنْ عَادَهُ عَشِيّةً إلاّ صَلى عَليْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتى يُصْبِحَ وكانَ لَهُ خَرِيفٌ في الجَنّة". (ص د 3098)
غدوة : أول النهار.
صلى عليه: أي دعا له بالمغفرة.
عشية: أول الليل .
وكان له: أي للعائد.
خريف: أي بستان وهو في الأصل الثمر المجتني أي المخروف من ثمر الجنة.
وعيادة المريض سنة مؤكدة عند : الجمهور0
عيادة النساء للرجال والرجال للنساء:
لا بأس بذلك بشرط أن لا تؤدى إلى خلوة أو كشف عورة0
فقد عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم العلاء0 (ص د 3092)
وعادت أم الدرداء رجلاً من أهل المسجد من الأنصار 0 ( خ 10/ 122 )
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وعك أبو بكر وبلال ، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك ، ويا بلال كيف تجدك0 ( خ 5654 )
عيادة الكافر:
تجوز عيادة الذمي إذا رجي منها مصلحة له أو للعائد ، أو كان قريباً أو جاراً 0
عن أنس - رضي الله عنه - : أن غلاماً ليهود ، كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فمرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقال: "أسْلِمْ ". فأسْلَم 0 ( خ 5657 )
وبهذا قال : الجمهور0(1/5)
آداب العيادة :
يستحب لعائد المريض :
1- أن يدعو له بالشفاء والعافية وأن يوصيه بالصبر والاحتمال وأن يقول له الكلمات الطيبة التي تطيب نفسه وتقوى روحه 0
عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرارٍ: أسأل اللّه العظيم ربَّ العرش العظيم أن يشفيك، إلاَّ عافاه اللّه من ذلك المرض".( ص د 3106)
2- يستحب أن يقول الزائر للمريض : لا بأس طهور إن شاء الله0
عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على مريض يعوده قال له: "لا بأس، طَهور إن شاء الله"0 (خ 5662 )
لا بأس : أي أن المرض يكفر الخطايا
طهور: أي هو مطهر لك من ذنوبك ، وهو دعاء
طول العمر مع حسن العمل :
قال الله تعالى: ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ )
(فاطر: 37)
النذير : محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : الشيب0
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلَّغه ستين سنة"0 ( خ 6419)
أعذر : لم يبق له اعتذارا حيث أمهله كل هذه المدة ولم يعتذر0
عن أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ الله أَيّ النّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ:" مَنْ طَالَ عُمُرهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ". قَالَ: فَأَيّ النّاسِ شَرّ؟ قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمُرهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ"0(ص ت 2330)
علامات حسن الخاتمة:
يجب على العاقل أن يجتهد فى العمل بما يرضى الله تعالى حتى يموت ويبعث على الخير 0
عن أَنَسٍ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا أَرَادَ الله بِعَبْدٍ خَيْراً اسْتَعْمَلَهُ"، فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يا رسولَ الله؟ قال: "يُوَفّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ المَوْتِ" . (ص ت2142)(1/6)
عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنه، فيما يبدو للناس، وإنه من أهل النار. ويعمل بعمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة"0 ( خ 4207 )
عن أبي أمامه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تعجبوا من عمل عامل حتى تنظروا بم يختم له"0 (حم3/120 صحيحة 1334 )
قال الألباني فى أحكام الجنائز ص 34 :
إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة ، كتبها الله تعالى لنا بفضله ومنه ، فأيما امرئ مات بإحداهما كانت بشارة له ، ويالها من بشارة وهي :
1- نطقه بالشهادة عند الموت :
عن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "من كان آخر كلامه لا إله إلا اللّه دخل الجنة"0 (ك1/500 ص جنائز 34)
عن طلحة بن عبيد الله قال سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه ونفس الله عنه كربته". قال: فقال عمر - رضي الله عنه - : إني لأعلم ما هي قال: وما هي قال: "تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت لا إله إلا الله" قال طلحة: صدقت هي والله هي.
(حم1/500 ص جنائز 34)
2- الموت بعرق الجبين :
عن بريدة : أنه كان بخراسان فعاد أخا له وهو مريض فوجده بالموت وإذا هو يعرق جبينه فقال: الله أكبر سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "موت المؤمن بعرق الجبين". (ص هـ1188)
فالمؤمن يموت وجبينه يقطر عرقاً من شدة النزع ليمحص الله ذنوبه عند آخر مرحلة من مراحل الحياة ، وأول منزلة من منازل الآخرة ليخرج من هذه الحياة نقياً خالصاً 0
3- الموت ليلة الجمعة أو نهارها :
عَنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْروٍ، قالَ: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمعَةِ إلا وَقَاهُ الله فِتْنَةَ الْقَبْر"ِ0 (حم 2/168 ص جنائز 35)(1/7)
4- الاستشهاد فى ساحة القتال :
قال الله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ - فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ - يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) (آل عمران 169 : 171)
عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ بْنِ يَكْرِبَ، عَنْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "للشَّهيْدِ عِنْدَ اللهِ سِتُ خِصَالٍ: يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَلُ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ. وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ اْلجَنَّةِ. وَيُجَار مِنْ عَذابِ القِبْرِ. وِيِأْمَنْ مِنْ الفَزَعِ الأَكِبِرِ. وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيْمَانِ. وِيُزَوْجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ. وِيَشْفَّعُ في سَبْعِيْنَ إِنْسَاناَ مِنْ أَقَارِبِه"0 (ص هـ2799)
5- الموت غازيا فى سبيل الله :
عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ما تعدون الشهيد فيكم"؟ قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال :"إن شهداء أمتي إذا لقليل". قالوا: فمن هم؟ يا رسول الله! قال: "من قتل في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في الطاعون فهو شهيد. ومن مات في البطن فهو شهيد والغريق شهيد". (م 1915)
6- الموت بالطاعون :
عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطاعون شهادة لكل مسلم".
(خ 2830 )
7- الموت بداء البطن :
وهو إسهال أو استسقاء أو وجع بطن :
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "ومن مات فى البطن فهو شهيد"0
(م 1915)
8-9- الموت بالغرق بالهدم :(1/8)
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الشهداء خمسة: "المطعون، والمبطون ، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله"0(خ2829)
10- موت المرأة فى حملها بسبب ولدها :
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد عبد الله بن رواحة قال: فما تحوز له عن فراشه فقال:" أتدرون من شهداء أمتي". قالوا: قتل المسلم شهادة. قال: "إن شهداء أمتي إذا لقليل قتل المسلم شهادة والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة يجرها ولدها بسرره إلى الجنة"0(حم 4/201 ص جنائز 39)
تحوز : تنحى.
جمعاء: هي التي تموت وفى بطنها ولد.
سرره : السرة ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة.
11-12- الموت بالحرق وذات الجنب :
عن جابر بن عتيك قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "الشّهَادَةُ سَبْعةٌ سِوَى الْقَتْلِ في سَبِيلِ الله: المَطعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالمَرْأةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيد"0 (ط1/233)
13- الموت بداء السل :
عن سلمان الفارسي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "القتل في سبيل الله شهادة والنفساء شهادة والحرق شهادة والغرق شهادة والسل شهادة والبطن شهادة"0
(طب - مجمع 2/317 -جنائز 40)
14- الموت فى سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه :
عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْروٍ، عنْ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : "مَنْ قُتلِ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيد"0
(خ 2480 )
15-16- الموت فى سبيل الدفاع عن الدين والنفس :
عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد". (ص حم 1651)
17- الموت مرابطاً فى سبيل الله :(1/9)
عن سلمان قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه. وإن مات، جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان"0 ( م1913)
18- الموت على عمل صالح :
عن حذيفة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ومن صام يوما ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة". (حم5/391)
شكاية المريض :
لا بأس أن يخبر المريض بما يجده من ألم لا على سبيل الضجر والسخط مبتدئاً بحمد الله ، بأن يقول : الحمد لله كذا وكذا ، على ألا يبالغ فى التأوه والجزع0
وأما إخبار المريض صديقه أو طبيبه عن حاله فلا بأس به اتفاقاً 0
عن عبد الله قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك، فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكاً شديداً؟ قال: "أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم"0
( خ5648 )
الوعك : حرارة الحمى وألمها0
عن ابن مسعود قال: إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك0
الشكوى إلى الله مشروعة ، قال يعقوب عليه السلام: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ )(يوسف: الآية86)
عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو صحيح: "إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يُخيَّر". فلما نزل به ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة، ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف، ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى". قلت: إذاً لا يختارنا، وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به، قالت: فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "اللهم الرفيق الأعلى"0 (خ3669)
آخر وصايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(1/10)
عَن أم سلمة أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: "الصلاة، وما ملكت أيمانكم". فما زال يقولها حتى ما يفيض بها لسانه.
(ص هـ1625)
الصلاة: أي ألزموها واهتموا بشأنها ولا تغفلوا عنها.
ما ملكت أيمانكم: من الأموال أي أدوا زكاتها ولا تسامحوا فيها. ويحتمل أن يكون وصية بالعبيد والإماء. أي أدوا حقوقهم، وحسن ملكتهم.
حتى ما يفيض بها لسانه: أي ما يجري ولا يسيل بهذه الكلمة لسانه.
الوصية :
الوصية هي: هبة الإنسان غيره عينا أو دينا أو منفعة على أن يملك الموصي له الهبة بعد موت الموصي0
فهي تملك بطريق التبرع بعد الموت0
ولابد من الاستعجال بها0
قال الله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) (النساء: 12)
عن ابن عمر أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده"0( خ 2738)
حكمها : واجبة إذا كان على الإنسان حق شرعي يخشي أن يضيع إن لم يوصى به كوديعة أو دين لله كالزكاة أو الحج أو دين لآدمي كالأمانة0
يجب أن يوصي لأقربائه الذين لا يرثون منه ، ولا تجوز الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون من الموصى 0
وللموصي أن يوصى بالثلث من ماله ، ولا يجوز الزيادة عليه0
ويشهد على الوصية رجلان عدلان مسلمان ، فإن لم يوجدا فرجلين من غير المسلمين على أن يستوثق منهما0
ويحرم الإضرار فى الوصية ، كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الإرث ، أو يفضل بعضهم على بعض0
والوصية الجائرة باطلة مردودة0
ويجب على الموصى بأن يجهز ويدفن على السنة وأن يحذر أهله من بدع الجنائز.
أنواع المرض
المرض نوعان : مرض القلوب ، ومرض الأبدان0
1- مرض القلوب : وهو نوعان.
أ- مرض شبهة وشك : وهو المراد بقوله تعالى : ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً )(البقرة: الآية10)(1/11)
ب - مرض شهوة وغي : قال الله تعالى: ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )
(الأحزاب: الآية32)
فهذا مرض شهوة الزنا 0
وطب القلوب علاجه عن طريق الرسل والدعاة إلى الخير0
2- مرض الأبدان :
وهو المراد فى قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ )(النور: 61)
وقواعد طب الأبدان ثلاثة :
1- حفظ الصحة
2- استفراغ المواد الفاسدة
3- الحمية عن المؤذي
العدوى :
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاث: في المرأة، والدار، والدابة".
لا عدوى : مصاحبة المعلول ومؤاكلته ، لا توجب حصول تلك العلة ، ولا تؤثر فيها ، لكنها تكون من الأسباب المقدرة بالمشيئة ، فعلى العاقل التحرز منها ، ونفى لما كانوا يعتقدونه من سريان المرض من صاحبه إلى غيره0
طيرة: تشاؤم بالطير، فقد كان أحدهم إذا كان له أمر: فرأى طيراً طار يمنة استبشر واستمر بأمره، وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع. وتطلق على التشاؤم مطلقاً.
وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب
وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها وقيل حرانها وغلاء ثمنها
الدار: وشؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم 0
عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة"0 (خ 5756)
عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى". ويحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يورد ممرض على مصح" 0 (م2221)
ممرض : الذي مرضت إبله.
مصح : صاحب الصحاح من الإبل.
ليس المعنى أن المريض يعدى ، ولكن الصحاح إذا مرض بإذن الله0
وتقديره وقع فى نفس صاحبها أن ذلك من قبل العدوى0(1/12)
عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ: أَنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ الطّاعُونَ فقَالَ: "بَقِيّةُ رِجْزٍ أوْ عَذَابٍ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ. فإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا. وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَلَسْتمْ بِهَا فَلاَ تهْبِطُوا عَلَيْهَا"0(ص ت1065)
وللتوفيق بين الأحاديث ، قال الأكثرون : المراد من قوله لا عدوى : نفى ذلك وإبطاله والنهى من مداناة المجزوم من قبيل : اتقاء الجدار المائل ، والسفينة المعيبة.
التداوي :
أمر الشارع الحكيم بالتداوي من الأمراض، ويحرم التداوي بالمحرم عند: الجمهور.
ويجوز عدم التداوي وهو قول : لبعض العلماء0
ويجوز للطبيب الكافر أن يقوم على معالجة المسلم0
ويجوز للرجل أن يداوي المرأة عند الضرورة0
ويجوز للمرأة أن تداوي الرجل عند الضرورة ، ويشترط عدم المس إذا أمكن.
عن جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله"0 (م2204)
عنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ قالَ: أن رسول اللهّ - صلى الله عليه وسلم - قال :"تَدَاوَوْا، فَإنّ الله تَعَالَى لَمْ يَضَعْ دَاءً إلاّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ"0(ص هـ3436)
والظاهر أن الأمر فى الحديث للأباحة.
والتداوي وتركه سواء عند : المالكية .
والتداوي أفضل عند : بعض الشافعية .
وترك التداوي أفضل عند: الحنبلية .
والتداوي آكد عند: الأحناف .
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون". (خ 6472)
وعند مسلم: "ولا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون".
( م 218)
لا يسترقون : الاسترقاء طلب الرقية أي لا يطلبون الرقية.
لا يتطيرون : لا يتشاءمون.(1/13)
لا يكتوون: الاكتواء استعمال الكي فى البدن ، وهو إحراق الجلد بجديدة محماة0
طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعَفِيّ سَأَلَ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَمْرِ؟ فَنَهَاهُ ، أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا. فَقَالَ: إِنّمَا أَصْنَعُهَا لِلدّوَاءِ. فَقَالَ: "إِنّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ. وَلَكِنّهُ دَاءٌ". ( م1984)
عن ابن مسعود قال ِ: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
(طب 9714 ص صحيحة4/175)
عن الربيع بنت معوذ قالت: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نسقي ونداوي الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة. (خ 2883)
فيجوز للمرأة الأجنبية معالجة الرجل عند الضرورة بشرط عدم المباشرة والمس إذا أمكن وإلا فالضرورة تبيح المحذور ، ويجوز للرجل معالجة المرأة الأجنبية عند الضرورة : بشرط أن تكشف له إلا موضع المرض0
العلاج بالأدوية الطبيعية:
1- عسل النحل:
قال الله تعالى : ( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ للناس)(النحل: 69)
فهو يقوى المعدة ، ويلين الطبع ، ويجلو الأوساخ التي فى العروق ، ويغسل المعدة ، وينقى الكبد والصدر ، سمّه نافع للروماتيزم ، وشمعه يمضغ للجيوب الأنفية ، وإن اكتحل به جلا ظلمة البصر، ولم يخلق لنا مأكول أفضل منه0
2- الحبة السوداء :
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن هذه الحبَّة السوداء شفاء من كل داء، إلا من السام". قلت: وما السام؟ قال: "الموت". ( خ5687)
تحلل الأرياح ، وتجفف المعدة الرطبة ، وتدر البول والحيض واللبن ، تذيب الحصى بالكلى والمثانة ، تقطع البلغم وأوجاع الصدر والسعال وضيق التنفس والغثيان ، وتوسع الأوردة وتذيب الكلسترول فى الدم ، وزيتها نافع للحموضة والقرحة ، وهي تطرد الديدان والأميبا وتفيد مرض المفاصل ، وتهدئ الأعصاب ، وتنشط جهاز المناعة ، فهي دواء لكل داء0
3- الثوم :(1/14)
عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل الثوم فلولا أني أناجي الملك لأكلته"0 (حلية 8/357 ص ج 4493 )
ملين ، يحلل الرياح، هاضم الطعام ، ينفع من السعال المزمن، ومن أوجاع الصدر والبرد ، نافع لمن أشرف على الشلل النصفي ، يقطع البلغم ، يصفي الحلق ، ينفع الطحال ويحلل الأورام وحصى الكلى ، يدر الحيض والبول ، نافع الضغط المرتفع والمفاصل وديدان الأمعاء والإيدز ، تناول فص على الريق نافع للإمساك ، وهو مضاد حيوي 0
4- البصل :
مولد للرياح ، فاتق لشهوة الطعام ، يقطع البلغم ، يفتت الحصى ، يمنع الذبحة الصدرية وتجلط شرايين القلب ، ويخفض نسبة السكر فى الدم ، ويقوى الجهاز الهضمي ، ويفيد فى الإمساك وكسل الأمعاء ، ويعالج عسر الهضم والانتفاخ والزكام والتشنجات العصبية والأزمات القلبية ويخفض نسبة الكلسترول وضغط الدم المرتفع ، ويقطر فى الأذنين للطنين ، ويجلو البصر اكتحالا ، المخلل منه يقوي المعدة ، والمشوي صالح للسعال وخشونة الصدر ، وشمه يمنع القيء والدوخة والإغماء ، وعصيره يدلك به فروة الرأس لمنع سقوط الشعر وأكله يهيج الباه 0
5- السنامكي :
عن أُبَيِّ بْنَ أُمِّ حَرَام عن النبيِ - صلى الله عليه وسلم - قال ُ: "عَلَيْكُمْ بِالسَّنَى وَالسَّنُّوتِ. فَإِنَّ فِيهِمَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إِلاَّ السَّامَ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا السَّامُ؟ قَالَ :"الْمَوْتُ".
( هـ3457 صحيحة1798)
السَّنُّوتُ الشِّبِتُّ. وَقيلَ : هُوَ الْعَسَلُ الَّذِي يَكُونُ فِي زِقَاقِ السَّمْنِ.
يقوى القلب ، ينفع من الصداع العتيق والجرب والحكة والبثور والصرع والإمساك والمفاصل والوسواس والبواسير وأوجاع الظهر ، ومنقوع ثماره مع العرق سوس مسهل ممتاز 0
6- التين :(1/15)
هو أغذى من جميع الفواكه ، ملين ينفع السعال المزمن ويدر البول يسمن ويقوى الكبد ويزيد فى العقل ، وينفع فى الأورام وأوجاع المفاصل والنقرس والطحال والباثور وعسر البول وهزال الكلى والخفقان والربو وعسر النفس وأوجاع الصدر ، ومنقوع ثلاث ثمار منه ليلاً وأكلها صباحاً علاج للإمساك0
7- الحلبة :
تلين الحلق والصدر والبطن ، وتسكن السعال والربو وعسر النفس ، وتزيد فى الباه ، وهي جيدة للريح والبلغم والبواسير وتطبخ بالعسل للإمساك المزمن ، وهي أفضل لبخة للدمامل والخراجات0
وينبغي أن تكون هي المشروب الأول بدلاً من الشاي الضار0
8- الزنجبيل :
يقوى الباه ، يسخن المعدة ، يعين على الهضم ، ملين ، محلل للرياح ، منشف للبلغم ، يزيد فى الحفظ ، مضاد للحمى ، نافع للكحة وأمراض البرد والبحة ، ويدر البول والحيض ، ويقوي القلب 0
9- التمر :
عن عَائِشَةَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بَيْتٌ لا تَمْرَ فيهِ جِيَاعٌ أهْلُه"0 (م2046)
يقوى الكبد ويلين الطبع ، ويزيد فى الباه ، وأكله على الريق يقتل الدود ، يصلح أوجاع الصدر ويقوى الكلى ، ويعالج السعال والبلغم0
10- العنب :
مقوى للبدن، ملين ، يسمن ، عصيره طارد للبلغم والسعال ، ومخفض للحرارة ، ويعالج للنقرس والروماتيزم ويقي من سوء الهضم والقبض والبواسير والحصاة وينشط الكبد ، ويعطى للمصابين بفقر الدم 0
والزبيب ينفع السعال ، ووجع الكلى والمثانة ، ويقوى المعدة ويلين البطن ويقوى الكبد والطحال وينفع الأنيميا والضغط المنخفض والحفظ 0
قال الزهري : من أحب أن يحفظ الحديث فليأكل الزبيب 0
العلاج بالأدوية الروحية:
1- الصلاة :
تبرئ من ألم الفؤاد والمعدة والأمعاء والآلام ، فهي تدفع الأمراض بالبركة ، والنفس تلهو فيها عن الألم ، وهي رياضة للنفس والجسد ، لأنها تشمل على قيام وركوع وسجود وتورك وغير ذلك 0
فالصلاة لها تأثير عجيب خاصة إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً.
2- الصوم :(1/16)
هو جنة من أدواء الروح والقلب والبدن ، يذيب الفضلات ويحبس النفس عن تناول المؤذي 0
قال الله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة:183)3- القرآن :
يشفي من الضلالة والجهالة ، ومن جميع الأمراض القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة0
قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَاراً) (الاسراء:82)أي وننزل من القرآن ما كله شفاء0
4- الفاتحة :
هي الشفاء التام والرقية الناجحة ، دافعة للهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها فهي قد اشتملت على أصول أسماء الله ، وإثبات المعاد ، وذكر التوحيد والافتقار إلى الرب فى طلب الإعانة والهداية منه ، وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم0
قال ابن القيم فى زاد المعاد :
ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه وفقدت الطبيب والدواء فكنت أتعالج بالفاتحة آخذ شربة من ماء زمزم وأقرأ عليها مراراً ثم أشربه ، فوجدت بذلك البرء التام ، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فانتفع بها غاية الانتفاع0(1/17)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ أَنّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا فِي سَفَرٍ. فَمَرّوا بِحَيَ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ. فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإِنّ سَيّدَ الْحَيّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ. فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. فَبَرَأَ الرّجُلُ. فَأُعْطِيَ قَطِيعاً مِنْ غَنَمٍ. فَأَبَىَ أَنْ يَقْبَلَهَا. وَقَالَ: حَتّىَ أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - . فَأَتَى النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ وَاللّهِ مَا رَقَيْتُ إِلاّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. فَتَبَسّمَ وَقَالَ: "وَمَا أَدْرَاكَ أَنّهَا رُقْيَةٌ؟" ثُمّ قَالَ: "خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ". (خ 2276)
القطيع: هو الطائفة من الغنم وسائر النعم وهي ثلاثون شاة فى هذا الحديث.
واضربوا لي بسهم: فإنما قاله تطييباً لقلوبهم ومبالغة في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه.
وفى الحديث : جواز أخذ الأجرة على الرقية ، وهو متفق عليه0
وكذلك يجوز أخذها على تعليم القرآن عند: الجمهور لحديث "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله".(خ 5737) 0
5- البقرة :
تطرد الشيطان من البيت :
عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرأوا سورة البقرة فى بيوتكم ، فإن الشيطان لا يدخل بيتاً يقرأ فيه سورة البقرة". (ك 561 ص ج 1170 )(1/18)
عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أَعْظَمُ؟" قَالَ قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟" قَالَ قُلْتُ: الله لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: "وَالله لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِر0 ( م 810 )
أي ليكن العلم هنيئاً لك0
عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلة كفتاه". ( خ 4008)
كفتاه: حفظتاه من الشر ووقتاه من المكروه، قيل: كفتاه ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة وذلك لما فيهما من معاني الإيمان والإسلام، والالتجاء إلى الله عز وجل، والاستعانة به والتوكل عليه، وطلب المغفرة والرحمة منه
6- المعوذات :
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحصن عند نومه بقراءة الإخلاص والمعوذتين0
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه، وقرأ بالمعوذات، ومسح بهما جسده. (خ6319)
عن عقبة بن عامر قال، قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط: {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}"0 ( م 814)
الرقى:
تجوز الرقى بشروط ثلاثة :
1- أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته مشتملة على ذكر الله 0
2- أن تكون بلسان عربي أو بما يعرف معناه 0
3- أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بنفسها بل بفعل الله تعالى 0(1/19)
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيّ قَالَ: كُنّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيّةِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ كَيْفَ تَرَىَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "اعْرِضُوا علَيّ رُقَاكُمْ. لاَ بَأْسَ بِالرّقَىَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْك"0( م2200)
قال الشافعي : لا بأس أن ترقى بكتاب الله وبما تعرف من ذكر الله 0
1- علاج جميع الأمراض العضوية :
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كان إذا أتى مريضاً أو أتي به، قال: "أذهب الباس رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً".
(خ 5675)
الباس: الشدة والألم ونحو ذلك.
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثّقَفِيّ أَنّهُ شَكَا إِلَىَ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعاً، يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "ضَعْ يَدَكَ عَلَىَ الّذِي تَأَلّمَ مِنْ جَسَدِكَ. وَقُلْ: بِاسْمِ اللّهِ، ثَلاَثاً. وَقُلْ، سَبْعَ مَرّاتٍ: أَعُوذُ بِاللّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِر"0
( م 2202 )
عنِ ابنِ عَبّاسٍ عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْ أجَلُهُ فقالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَاراً: أسْألُ الله الْعَظِيمَ رَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أنْ يَشْفِيكَ، إلاّ عَافَاهُ الله مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ"0(ص ت2080)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه، نفث في كفيه بـ {قل هو الله أحد} وبالمعوِّذتين جميعاً، ثم يمسح بهما وجهه، وما بلغت يداه من جسده، قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به.
(خ 5748)
2- علاج الحسد :(1/20)
عن ابن عباس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين، ويقول: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة".( خ 3371 )
يعوذ: من التعويذ وهو الالتجاء والاستجارة.
التامة: الكاملة في فضلها وبركتها ونفعها.
هامة: كل حشرة ذات سم، وقيل: مخلوق يهم بسوء.
لامة: العين التي تصيب بسوء، وتجمع الشر على المعيون. وقيل: هي كل داء وآفة تلم بالإنسان.
عن أبي سعيد قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من عين الجان وعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك. (ص هـ3511)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّ جِبْرَائِيلَ أَتَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! اشْتَكَيْتَ؟ قَال: "نَعَمْ" قَالَ: بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ. مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ. مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ حَاسِدٍ اللهُ يَشْفِيكَ. بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ. (م2186)
من شر كل نفس : نفس الآدمي أو العين.
وعلاج العين بعد الإصابة يكون بغسل العائن أطرافه وداخلة إزاره ، ثم يصب ماء الغسل على رأس المعين من خلفه بعته0
وقيل : إصابة النظرة تدفع بدعاء العائن للمعين بالبركة ، وبقوله : ما شاء الله لا قوة إلا بالله0
3- علاج الجنون والصرع :(1/21)
عن أبي بن كعب قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجاء أعرابي فقال: يا نبي الله إن لي أخا وبه وجع، قال: "وما وجعه"؟ قال به لمم، قال: "فأتني به". فوضعه بين يديه، فعوذه النبي - صلى الله عليه وسلم - بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وهاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد} وآية الكرسي وثلاث آيات من آخر سورة البقرة، وآية من آل عمران {شهد الله أنه لا إله إلا هو} وآية من الأعراف {إن ربكم الله} وآخر سورة المؤمنين {فتعالى الله الملك الحق} وآية من سورة الجن {وأنه تعالى جد ربنا} وعشر آيات من أول الصافات، وثلاث آيات من آخر سورة الحشر، و {قل هو الله أحد} والمعوذتين، فقام الرجل كأنه لم يشتك قط . ( حم 5/128 رقم 21073 وهذا الحديث ضعيف ولكن يجوز العمل به لأن العلاج بالقرآن مطلقاً جائز، والحديث حسن في المسند)
ما يجب على المريض :
1- على المريض أن يرضى بقضاء الله ، ويصبر على قدره ، ويحسن الظن بربه ، ذلك خير له :
عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ. إِنّ أَمْرَهُ كُلّهُ خَيْرٌ. وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاّ لِلْمُؤْمِنِ. إِنْ أَصَابَتْهُ سَرّاءُ شَكَرَ. فَكَانَ خَيْراً لَهُ. وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَه"0 (م2999)
2- ينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء، يخاف عقاب الله على ذنوبه ، ويرجو رحمة ربه :
عن أَنَسٍ أَنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ على شَاب وهُوَ في المَوْتِ فقَالَ: "كَيْفَ تَجِدُكَ"؟ قالَ والله يا رسولَ الله إنّي أرْجُو الله وإنّي أَخَافُ ذُنُوبِي. فقَالَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - : "لاَ يَجْتَمِعَانِ في قَلْبِ عَبْد في مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ إلاّ أَعْطَاهُ الله مَا يَرْجُو، وآمنة مِمّا يَخَاف"0(ح ت983)
3- لا يتمنى الموت مهما اشتد به المرض :(1/22)
عن أم الفضل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على العباس وهو يشتكي فتمنى الموت فقال: "يا عباس يا عم رسول الله لا تتمن الموت إن كنت محسنا تزداد إحسانا إلى إحسانك خير لك وإن كنت مسيئا فإن تؤخر تستعتب خير لك فلا تتمن الموت"0( ك1/339)
وعند الشيخين : "فإن كان لا بد فاعلاً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي"0
4- إذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى أصحابها ، إن تيسر له ذلك ، وإلا أوصى بذلك :
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" 0 ( خ 2449 )(1/23)
الباب الثاني
الاحتضار والموت والروح
أولاً : الاحتضار
1- يستحب لأهل المريض الرفق به ، واحتمالهم الصبر على ما يشق من أمره 0
2- ينبغي ألا يكره المريض على تناول الدواء والطعام0
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : "لاَ تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. فَإِنَّ اللهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِم"0(ص هـ3444)
3- ينبغي للمريض أن يحرص على تحسين خلقه ، وأن يجتنب المخاصمة والمنازعة فى أمور الدنيا وأن يستحضر أن هذا آخر أوقاته فى دار الأعمال فيختمها بخير0
4- ينبغي أن يستحل زوجه وأولاده وسائر أهله وخدمه وجيرانه وأصدقائه وأن يرضيهم 0
5- ينبغي أن يتعاهد نفسه بقراءة القرآن والذكر وحكايات الصالحين وأخبارهم عن الموت0
6- أن يحافظ على الصلوات الخمس ويتجنب النجاسة0
7- أن يوصي المريض أهله بالصبر وترك النوح عليه0
8- أن يوصي أهله بترك بدع الجنائز كلها0
9- يستحب حضور الصالحين عند المحتضر ، والدعاء له بالمغفرة ، والتخفيف عنه0
عَنْ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ، أَوِ الْمَيّتَ، فَقُولُوا خَيْراً. فَإِنّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمّنُونَ عَلَىَ مَا تَقُولُونَ" قَالَتْ: فَلَمّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَتَيْتُ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - . فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ. قَالَ: "قُولِي: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَىَ حَسَنَةً" قَالَتْ: فَقُلْتُ. فَأَعْقَبَنِي الله مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ. مُحَمّداً - صلى الله عليه وسلم - ( م919 )
10- يسن تلقين المحتضر شهادة لا إله إلا الله ، لتكون آخر كلامه فى الدنيا فينجو من النار 0(1/1)
عن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "من كان آخر كلامه لا إله إلا اللّه دخل الجنة"0 (ص د 2673 )
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله".( م916)
لقنوا موتاكم: أي ذكروا من حضره الموت منكم، بكلمة التوحيد، بأن تتلفظوا بها عنده.
والحديث يدل على استحباب تلقين المحتضر ( لا إله إلا الله ) 0
والمؤمن إذا احتضر بشرته الملائكة بالجنة 0
قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30)والكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالنار 0
قال الله تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ - لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون 99-100)
وقال تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ - فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (النحل 28 -29)
ثانياً : الموت
الموت جسر بين حياة الدنيا الفانية وحياة الآخرة الخالدة ، وهو انتقال من عالم لآخر وليس فناء0
الموت لابد منه لكل مخلوق ، فعلى العاقل أن يكثر من ذكره ، لأنه يزهد فى الدنيا ،وأن تستعد له بالتوبة ، وبعمل الصالحات ، وترك السيئات ، والخروج من المظالم0
ويكره للشخص أن يتمنى الموت لضر نزل به ، كمرض أو فقر أو محنة أو نحو ذلك 0
فإن خاف أن يفتن فى دينه فإنه يجوز له تمني الموت 0(1/2)
قال الله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)(آل عمران: 185)
وقال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ - وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)(الرحمن 26 – 27)
وقال سبحانه : (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) (النساء: 78)
لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت ، فإذا انتهت البرية ، أقام الله القيامة ، وجازى الخلائق بأعمالهم قليلها وكثيرها ، فلا يظلم أحد مثقال ذرة 0
وقال تعالى: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (قّ:19)وقال جلا وعلا : (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ )(الأنعام: من الآية93)
وقال تعالى : (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ - وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)
(الواقعة 83-84)
وقال تعالى : (كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ - وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ - وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ - وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ - إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ) (القيامة26-30) فالموت حقيقة رهيبة قاسية لابد لكل حي أن يلاقيه ، فالجميع يموت0
الصالحون يموتون ، والطالحون يموتون ، والمجاهدون يموتون ، والقاعدون يموتون، والشجعان يموتون ، والجبناء يموتون ، فالكل يموت 0 وإنا لله وإنا إليه راجعون 0
عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت".
(ص ت2307)
هاذم اللذات : قاطع ومزيل اللذات : أي نغصوا بذكره لذاتكم حتى ينقطع ركونكم إليها فتقبلوا على اللّه 0(1/3)
عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" ، قالت عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت ، قال: "ليس ذاك ، ولكنَّ المؤمن إذا حضره الموت بُشِّر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بُشِّر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله وكره الله لقاءه"0(خ 6507 )
قال العيني : قال النووي( 19/53):
الكراهة المعتبرة هي التي تكون عند النزع في حالة لا تقبل توبته ولا غيرها، فحينئذ يبشر كل إنسان بما هو صائر إليه وما أعد له ويكشف له عن ذلك، فأهل السعادة يحبون الموت ولقاء الله لينتقلوا إلى ما أعد لهم0
ويحب الله لقاءهم : أي فيجزل لهم العطاء والكرامة.
وأهل الشقاوة يكرهون لقاءه لما علموا من سوء ما ينتقلون إليه
ويكره الله لقاءهم : أي يبعدهم عن رحمته وكرامته ولا يريد لهم الخير.
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا يتمنينَّ أحدكم الموت من ضُرٍّ أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي" .( خ 5671 )
ضر: مرض أو فقر أو سوء حال.
فإذا خشي أن يقع فى محنة دنيوية أو خوف من عدو أو مرض نزل به أو فاقة حلت به أو نحو ذلك من مشاق الدنيا ، كره له تمنى الموت 0
والحكمة فى ذلك أنه مناف للصبر 0
فإن لم يستطع فليقل هذا الدعاء 0
أما إذا كانت الفتنة فى الدين فإنه لا بأس من تمنى الموت 0
فقد قالت مريم : ( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً)(مريم: 23)
قال ابن تيميه : إن الثواب على المصائب معلق على الصبر عليها ، وأما الرضا فمنزلة فوق الصبر 0 أ هـ(1/4)
عن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بين يديه ركوة، أو: علبة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه، ويقول: "لا إله إلا الله، إن للموت سكرات". ثم نصب يده فجعل يقول: "في الرفيق الأعلى". حتى قبض ومالت يده. ( خ2449 )
المطلوب من الحاضرين بعد الموت :
1- أن يغمضوا عينيه ، ويدعوا له :
عَنْ أُمّ سَلَمَةَ. قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَىَ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقّ بَصَرُهُ. فَأَغْمَضَهُ. ثُمّ قَالَ: "إِنّ الرّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَر". فَضَجّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ. فَقَالَ: "لاَ تَدْعُوا عَلَىَ أَنْفُسِكُمْ إِلاّ بِخَيْرٍ. فَإِنّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمّنُونَ عَلَىَ مَا تَقُولُونَ". ثُمّ قَالَ: "اللّهُمّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيّينَ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ. وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبّ الْعَالَمِينَ. وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ. وَنَوّرْ لَهُ فِيه"0( م 920)
2- أن يغطوه بثوب يستر جميع بدنه :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حين توفي سُجِّي ببرد حبرة. ( خ 5814 )
سجي: غطي.
برد : كساء مربع فيه صغر، وقد يكون أسود وقد يكون أخضر، والعرب تطلق الأسود على الأخضر وبالعكس
حبرة : من برود اليمن 0
فتستحب تغطية جسد الميت كله ، وتغطية وجهه ورأسه وأطرافه 0
أما المحرم فلا تغطى رأسه ، ولا يغطى وجهه 0
3- أن يعجلوا بتجهيزه وإخراجه إذا بان موته :
لحديث : أسرعوا بالجنازة 0
4- أن يدفنوه فى البلد الذي توفى فيه ، ولا ينقلوه إلى غيره ، لأنه ينافي الإسراع المأمور به :(1/5)
عن جابر بن عبد اللّه قال: كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم، فجاء منادي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم. (ص د 3165)
قال النووي فى الأذكار : وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر لا تنفذ وصيته فإن النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون وصرح به المحققون.
5- أن يبادر بعضهم بقضاء دينه من ماله ، فإن لم يكن له مال فعلى الدولة ، وإن تطوع بعضهم جاز 0
عن سعد بن الأطول أن أخاه مات وترك ثلثمائة درهم وترك عيالاً فأردت أن أنفقها على عياله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن أخاك محبوس بدينه فاقض عنه" فقال: يا رسول الله فقد أديت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة قال: "أعطها فإنها محقة". ( ص هـ 2433)
6- المبادرة بتجهيز الميت.
يطلب من ولى المتوفى :
1- المبادرة بتنفيذ وصيته 0
2- الإسراع بتغسيله متى تحقق موته مخافة أن يتغير 0
3- التعجيل بالصلاة عليه ، ودفنه تكريماً له 0
ولا ينتظر قدم أحد إلا الولي ، فإنه ينتظر ما لم يخش عليه التغير 0
عَنْ عَلِيّ بنِ أبي طَالِبٍ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ لَهُ : "يَا عَليّ ثَلاَثٌ لاَ تُؤَخّرْهَا: الصّلاَةُ إذَا آتَتْ. وَالْجَنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ. وَالأيّمُ إِذَا وَجَدَتّ لَهَا كُفْؤاً ".
( حم 1/105 ص مشكاة 605 )
إذا آنت: أي حانت ، وفى رواية آتت.
والأيم : أي المرأة للعزبة ولو بكرا 0
الكفؤ: المثل.
ما يجوز للحاضرين:
يجوز للحاضرين: كشف وجه الميت ، وتقلبيه ، والبكاء عليه ثلاث أيام0
عن جابر قال: لما قتل أبي، جعلت أكشف الثوب عن وجهه، أبكي وينهوني عنه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينهاني فجعلت عمتي فاطمة تبكي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "تبكين أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه" . ( خ 1244 )(1/6)
عن عائشة: أن أبي بكر قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - بين عينيه وبكى0 ( خ 1141 )
عنْ عَبْدِ الله بنِ جَعْفَرٍ: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمْهَلَ آلَ جَعْفَرِ ثَلاَثَاً أنْ يَأْتِيهُمْ ثُمّ أتَاهُمْ فَقَالَ: "لاَ تَبْكُوا عَلَى أخِي بَعْدَ الْيَوْمِ" 0 (ص د4192)
فيجوز البكاء والتحزن على الميت من غير ندبة ونياحة ثلاثة أيام.
ما يجب على أقارب الميت :
يجب على أقارب الميت حين يبلغهم وفاته : الصبر والرضا بالقدر ، والاسترجاع.
عن أم سلمة ؛ أنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :"ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم ! أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها". (م918)
ما أمره الله : أي في ضمن مدح الصابرين، بقوله في سورة البقرة: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة:156)اللهم أجرني: أعطني أجري وجزاء صبري وهمي في مصيبتي.
وأخلف لي: رد عليّ مثله ، فيقال له : أخلف الله عليك ، فإن كان والداً أو عماً أو حالاً يقال له: خلف الله عليك ، كأن الله خليفة منه عليك 0
ما يحرم على أقارب الميت :
1- النياحة : وهي رفع الصوت بالبكاء 0
عن ابن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الميت يعذب في قبره بما نيح عليه"0(خ 1292)
ذهب الجمهور على من وصى بأن يبكى عله ويناح بعد موته فنفذت وصيته فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم عليه.
قال السبكي: وأحسن تأويل أن المراد بالتعذيب توبيخ الملائكة للميت بما يندبه أهله بها 0
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "اثنتان في الناس هما بهم كفر. الطعن في النسب والنياحة على الميت"0(م 67)(1/7)
فيحرم البكاء إذا صاحبه نياحة أو ندب أو ضجر أو ضرب خد أو شق جيب أو خمش وجه أو نثر شعر أو عويل وصراخ أو دعاء بالويل والثبور ونحو ذلك مما يدل على عدم الرضا بقضاء الله وقدره ومن أستحله كفر0
والثبور هو الهلاك0
من أوصى أن يبكى عليه فنفذت وصيته فهذا يعذب ببكائهم عند : الجمهور0
2- ضرب الخدود وشق الجيوب :
عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية" . (خ 1294 )
ليس منا : من أهل سنتا المهتدي بهدينا وطريقتنا الكاملة ، وليس المراد إخراجه من الدين إلا إن استحل ما ذكر مع العلم بتحريمه ، أو فعله ساخطاً على القضاء فإنه يكفر0
لطم: اللطم ضرب الوجه بباطن الكف.
الجيوب: جمع جيب، وهو فتحة الثوب من أعلاه ليدخل فيه الرأس، والمراد شق الثياب عامة.
بدعوى الجاهلية: قال في بكائه ونوحه ما كان يقوله أهل الجاهلية، كقولهم: يا سندنا وعضدنا، وأمثال هذه العبارات
3- حلق الشعر ونشره :
عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: أنا بريء ممن بريء منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة. ( م 104 )
الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة.
الحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة.
الشاقة: التي تشق ثيابها عند المصيبة.
عن امْرَأةٍ مَنَ المُبَايَعَاتِ قالَتْ: كَانَ فِيمَا أخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في المَعْرُوفِ الّذِي أخَذَ عَلَيْنَا أنْ لاَ نَعْصِيَهُ فِيهِ أنْ لاَ نَخْمِشَ وَجْهاً وَلاَ نَدْعُوَ وَيْلاً، وَلاَ نَشُقّ جَيْباً، وَلاَ نَنْشُرَ شَعْرا . (ص د 3131)
فيما أخذ علينا : أي العهد الذي أخذ علينا.
أن لا نَخْمِش : أي لا نخدش وجوهنا بأظفارنا.
ولا نَدْعُوَ ويلا: والويل أن يقول عند المصيبة وا ويلاه.
ولا ننشر شعرا : أي لا ننشر ولا نفرق شعراً.(1/8)
وإعفاء بعض الرجال لحاهم أياما قليلة حزنا على ميتهم ، فإذا مضت عادوا إلى حلقها فهذا الإعفاء فى معنى نشر الشعر ، كما هو ظاهر، يضاف إلى ذلك أنه بدعة ( أحكام الجنائز للألباني ) 0
4- نعي الميت :
هو الإخبار بموت الشخص :
وإعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح بموته من غير نوح ، ولا منكر ، لتجهيزه والصلاة عليه وتشيعه ودفنه والدعاء له وغير ذلك 0
عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعا. ( خ 1245 )
أما إذا كان الإعلام للمفاخرة فهو مكروه كما يقع من كثير من أهل هذا الزمان ، إذا مات عظيم أعلنوا عن موته فى الصحف وغيرها0
ومن النعي المنهي عنه ، إذا مات عظيم وقفوا على المنارات ونحوها يخبرون بموته 0
فيجوز إعلان الوفاة إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية ، فقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك 0
ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت0
الإحداد :
هو ترك ما يتزّين به من حلي أو كحل أو حرير أو دهن أو خضاب أو لبس ثوب بما له رائحة 0
حكمه: واجب على المسلمة المكلفة التي مات زوجها أربعة أشهر وعشراً تأسفاً على زوال نعمة النكاح لأنه سبب لعفتها وكفاية مؤنتها0
يجوز للمرأة الإحداد على قريب غير زوج ثلاثة أيام فقط ما لم يمنعها زوجها0
عن أم عطية ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوباً مصبوغا إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر، إذا اغتسلت إحدانا من محيضها، في نبذة من كست أظفار، وكنا ننهى عن اتباع الجنائز. ( خ 5341 )
ثوب عصب : نوع من الثياب اليمانية ، يعصب غزلها - أي يجمع - ويصبغ قبل أن ينسج.
نبذة : قطعة صغيرة أي يجوز لها وضع الكست أو الأظفاربعد الاغتسال لإزالة الرائحة الكريهة.(1/9)
الكست : نوع من العود.
الأظفار : نوع من العود.
والحكمة فى إحداد المرأة أربعة أشهر وعشراً أن الولد يتكامل خلقه وتنفخ فيه الروح بعد مضي 120 يوما ويزيد العشر أحتياطا 0
أما الإحداد على غير الزوج لما يغلب على لوعة الحزن ، وليس ذلك واجباً ، ولو طلبها الزوج للجماع لا يحل لها منعه0
ويجوز للمعتدة المتوفى عنها زوجها الأكتحال بالإثمد ونحوه عند : الجمهور والحنفية وأحمد 0
الموت فى أحد الحرمين :
يستحب طلب الموت فى أحد الحرمين ، فإنه من مات فى أحدها نال فضلاً عظيماً ، ورضا وقبولاً 0
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من مات في أحد الحرمين بعث آمناً يوم القيامة"0 (طب فى الأوسط كنز 35005 )
عن عمر - صلى الله عليه وسلم - قال: اللهم ارزقني شهادة فى سبيلك ، واجعل موتي فى بلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 0 (خ 1890 )
موت الحامل :
الحامل إذا تحرك ولدها يشق بطنها أو يستخرج ولدها من محل الولادة 0
موت الغربة :
من أسباب الشهادة الأخروية موت الشخص غريباً فى غير موطنه ، فقد تجرع مرارة فراق الأحبة والخلان والأهل والأوطان ، ولا يجد من يحضره إذا احتضر من الأهل ، فإذا صبر على ذلك محتسباً كان له الجزاء الأوفى 0
عن ابن عمرو قال : توفى رجل بالمدينة فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "يا ليته مات في غير مولده" ، فقال رجل من الناس: لم يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الرجل إذا توفى في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة". (ص حم 6656 )
من مولده : أي المكان الذي ولد فيه.
منقطع أثره : أى المكان الذى مات فيه.
ليته مات فى غير مولده : ليته كان غريبا مهاجرا إلى المدينة ومات بها والمعنى: أنه يفسح له فى الجنة بقدر المسافة التي بين وطنه وبين موضع موته زيادة عما كان يستحق لو مات بوطنه0
موت الفجأة :(1/10)
أي الموت بغتة بلا سبق مرض ، وهو مذموم ، لأن من مات فجأة لا يمكنه الاستعداد للتوبة ، والعمل الصالح والوصية وغيرها ، ويحرم من ثواب المرض الذي يكفر الذنوب ، ولذا استعاذ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
ومع هذا فهو راحة للمؤمن الصالح من عناء الدنيا لأنه مستعد للموت بالأعمال الصالحة 0
أما الفاجر فموته فجأة من علامات غضب الله عليه ، لأنه لم يتركه حتى يتدارك ما فاته من التفريط ويستعد للموت بالتوبة أو لم يمرض لتكفر ذنوبه 0
عن عبيد بن خالد السّلمي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "موت الفجأة أخذة الأسف للكافر رحمة للمؤمن"0(ص د3110)
أسف : غضب.
والمراد من علامات غضب الله على عبده قبضه بغتة 0
موت النبي - صلى الله عليه وسلم - :
توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأثنين 12 ربيع الأول سنة 11 هـ الموافق 8 يونيه سنة 632 م ، وعمره 63 سنة0
ولما قبض دهش أصحابه وطاشت عقولهم واختلط أمرهم 0
أختلط عمر - صلى الله عليه وسلم - فجعل يصيح ويقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمت 0
وأقعد علي - صلى الله عليه وسلم - فلم يستطع حراكاً 0
وأخرس عثمان - صلى الله عليه وسلم - 0
وأضنى عبد الله بن أنيس - صلى الله عليه وسلم - حتى مات كمداً ، أي : أصابه الضنى ، وهو مرض يتولد من وجع القلب0
عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وما في بيتى من شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رفٍّ لي، فأكلت منه، حتى طال علي، فكلته ففني. ( خ 3097 )
كان الشعير غير مكيل فكانت البركة فيه ، فلما كالته فني.
عن عائشة رضي الله عنها: أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن، فقالت عائشة: أليس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا نورث، ما تركنا صدقة0 ( خ 6730 )(1/11)
عن أنس قال: لما ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يتغشاه، فقالت فاطمة عليها السلام: واكرب أباه، فقال لها: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم". فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب ربا دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب. ( خ 4462 )
يتغشاه: يغطيه ما اشتد به من مرض فيأخذ بنفسه ويغمه.
واكرب أباه: أندب ما يصيب أبي من هم وغم وثقل.
ننعاه: من نعى الميت إذا أذاع موته وأخبر به.
أطابت: كيف طابت ورضيت مع حبكم الشديد له.
تحثوا: تهيلوا وتدفعوا وتضعوا.
البكاء على الميت :
البكاء هو خروج الدموع مع الصوت المنخفض ، وهو جائز إذا خلا من الصراخ والنوح ودعوة الويل والثبور وضرب الخدود0
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:دخلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سيف القين، وكان ظئرا لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - : وأنت يا رسول الله؟ فقال: "يا ابن عوف ، إنها رحمة". ثم أتبعها بأخرى، فقال - صلى الله عليه وسلم - : "إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون" . ( خ 1303 )
القين : الحداد.
ظئرا : زوج مرضعته، وهي خولة بنت المنذر الأنصارية.
تذرفان : يجري دمعهما.
إنها رحمة : أي ما تراه من دمع العين رحمة أودعها الله فى قلوب عباده المؤمنين تنشأ عن رقة القلب لا من الجزع0(1/12)
لمحزونون : كان حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - بحكم الطبيعة البشرية وهذا ليس محذوراً فى الشرع إلا أن صحبه رفع صوت وجزع ، وخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنه إبراهيم بهذه الكلمات مع أنه لم يكن يفهم الخطاب لصغره واحتضاره ليبين أن مثل هذا القول ليس منهياً عنه0
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بكوا، فقال: "ألا تسمعون، إن الله لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا" - وأشار إلى لسانه – "أو يرحم" 0 ( خ 1304 )
ويجوز البكاء بصوت إذا غلب على الباكي حزن ولم يبلغ إلى الحد المنهي عنه0
ثالثاً : الروح
قال الله تعالى : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً) (الاسراء:85) الروح أمر غيبي استأثر الله بعلمه 0
وقيل : إن الروح جسم نوراني لطيف حي متحرك ينفذ فى الأعضاء وهذا هو الصواب الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والعقل والفطرة ، والأدلة على ذلك كثيرة منها 0
1- قال الله تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً)
(الزمر:42)في الآية ثلاثة أدلة : الإخبار بتوفيها ، وإمساكها ، وإرسالها 0(1/13)
2- قال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ - وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ )(الأنعام 93 – 94)
وفى الآية أربعة أدلة : بسط أيديهم لتناولها ، ووصفها بالإخراج والخروج ، والإخبار عن عذابها بذلك اليوم ، والإخبار عن مجيئها إلى ربها0
مستقر الأرواح :
ذكر ابن القيم أقوال العلماء فى مستقر الأرواح فقال :
1- أرواح فى أعلى عليين فى الملأ الأعلى ، وهي أرواح الأنبياء وهم متفاوتون فى منازلهم0
2- أرواح فى حواصل طير خضر تسرح فى الجنة حيث شاءت وهي أرواح بعض الشهداء لا جميعهم ، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره0
من يكون محبوساً على باب الجنة
من يكون محبوسا فى قبره كصاحب الشملة التي غلها ثم أستشهد 0
دور النفس : وهي أربع :
الدار الأولى : بطن الأم ، وذلك الحصر والضيق والغم والظلمات الثلاثة وهي البطن والرحم والمشيمة 0
الدار الثانية : الدار التي نشأت فيها وألفتها واكتسبت فيها الخير والشر وأسباب السعادة والشقاوة0
الدار الثالثة : دار البرزخ وهي أوسع من دار الدنيا وأعظم ، بل نسبتها إليها كنسبة دار الدنيا إلى بطن الأم0
الدار الرابعة : دار القرار وهي الجنة أو النار ، فلا دار بعدها0
تلاقي الأرواح وتزاورها :(1/14)
دلت الأدلة على أن الأرواح باقية لا تفنى بفناء الجسم ، فتتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها فى الدنيا ، وما يكون من أهل الدنيا وتتعارف وإن لم يكن من أجسامها تعارف فى الدنيا وأنها تبلغ سلام الأحياء لأمواتهم ، وأن الميت يعرف من يتولى تجهيزه ودفنه لاتصال الروح بالجسد حينئذ 0
عن عبد الله ابن عمرو بن العاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "إن أرواح المؤمنين تلتقي على مسيرة يوم ما رأى أحدهم صاحبه قط". (ص حم 6633 )(1/15)
الباب الثالث
الغسل والتكفين والصلاة علي الميت
أولاً : الغسل
الغسل : بفتح فسكون مصدر غسل0
لغة : الإسالة.
شرعاً : إيصال الماء إلى جميع بدن الميت.
وهو فرض كفاية فى حق المسلم غير الشهيد عند: الأئمة الأربعة والجمهور.
إذا لم يكن خنثي فإن كان فالأولى أن ييمم وقيل يغسل فى ثيابه0
وإذا تيقنا من الموت ينبغي الإسراع بثلاثة أمور : التجهيز وقضاء الديون وتفريق الوصية.
عن ابن عباس : أن رجلا وقصه بعيره، ونحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين ، ولا تمسوه طيبا ، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا"0 (خ1265)
وقصته بعيره : رمت به فدقت عنقه0
فى ثوبيه : يراد بها الإزار والرداء.
سدر : شجرة النبق.
ولا تمس طيب : لا تطيبوه بالحنيط وهو خليط من الطيب .
ولا تخمروا رأسه : لا تغطوه .
شروطه :
هي شروط وجوب وصحة وجواز0
شروط الوجوب :
1- كون الميت مسلماً فلا يجب غسل الكافر ، إلا إذا كان ذا رحم محرم من المسلم فإنه يغسله ويكفنه ويتبع جنازته0
2- وجود الميت كلا أو جلا عند : الحنفية ومالك وداود 0
ويغسل العضو ويصلى عليه عند : الشافعي وأحمد
3- ألا يكون ساعياً فى الأرض بفساد ، فلا يغسل البغاة وقطاع الطرق إذا قتلوا لأن الغسل للكراهة وهؤلاء لا يستحقونها هو قول : أبي حنيفة وأبي يوسف
4- وجود الماء ، فإن لم يوجد سقط الغسل ، وييمم بلا حائل إلا إذا كان أجنبا ييممه بخرقة 0
5- ألا يكون الميت شهيداً لأن الشهيد لا يغسل 0
شروط الصحة :
1- النية : من الغاسل لإسقاط الوجوب عن المكلف لا للطهارة فلا يصح تغسيل الكافر المسلم : وهو قول الجمهور.
ولا تشترط نية الغاسل عند : الشافعي وأبي حنيفة.
والنية واجبة عند : مالك وأحمد.
شرط عند : أبي حنيفة.
2- التسمية شرط عند : أحمد فى رواية.
ولا تشترط عند : الجمهور.
شروط الجواز :(1/1)
يشترط لجواز غسل الميت كن الغاسل ممن يحل نظره للمغسول فلا يغسل الرجل المرأة ولا العكس0
عَن عائشة قالت: رجع رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - من البقيع. فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي. وأنا أقول: وارأساه. فقال: "بل أنا، يا عائشة! وارأساه". ثم قال: "ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك"0
(ص هـ1465)
عَن عائشة قالت: لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - غير نسائه.(حم6/267 ص بغوي 1474)
وقد غسل علي فاطمة ، وغسلت أسماء أبا بكر 0
تجهيز الكافر :
لا يجب على المسلمين غسل الكافر اتفاقاً سواء كان ذمياً أم غيره 0
ويجوز أن يغسل المسلم قريبه الكافر يكفنه ويدفنه عند : أبي حنيفة .
الغسل لمن غسل الميت وأجر الغاسل :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ". (حم 2/280 ح جنائز 53 )
أستحباب الغسل لمن غسل الميت:
عن أبي رافع قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من غسل مسلما فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة ، ومن حفر له فأجنه أجري عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة ، ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس واستبرق الجنة".
( ك 1/354 ص جنائز 51 )
صفة الغسل :
قبل البدء فى العمل لابد من النية فهي فرض ، ثم يقول بعدها : بسم الله 0
وصفته كغسل الجنابة :
1- يوضع الميت على مرتفع من خشب مبخر 0
2- تستر عورته لزوما فى غير الصغير بشد الإزار على العورة لحرمة النظر إليها كعورة الحي0
3- تنزع ثيابه0
4- يستحب أن يغسل فى مكان مستور ، ويكره أن يحضره إلا من يعينه فى غسله.
5- يستحب أن يغسل الميت على سرير متوجه إلى القبلة منحدراً نحو رجليه لينحدر الماء0
6- يمر بيده على بطنه يعصره عصراً رفيقاً ليخرج ما به من نجاسة مع صب الماء وهو قول: مالك والشافعي وأحمد0(1/2)
7- يستحب أن يكون بقرب الميت مجمر فيه بخور0
8- يلف الغاسل على يده خرقة يمسح بها النجاسة 0
9- يوضأ الميت ندباً كوضوء الصلاة بلا مضمضة ولا استنشاق ، ثم يأخذ خرقة خشنة مبلولة فيمسح بها أسنانه وأنفه بدلاً من المضمضة والاستنشاق وهو قول : أبي حنيفة وأحمد0
ويوضأ بمضمضة واستنشاق عند : مالك والشافعي 0
عن أم عطية قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهن في غسل ابنته: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"0 (خ1255)
10- يغسله ثلاثاً بأن يغسل رأسه ولحيته بالصابون أو الماء الخالص أو الحار0
يضجع على يساره ليبدأ باليمين فيغسل حتى ينقى ويصل الماء إلى يساره وهذه غسله0
ثم يضجع على يمينه ويغسل حتى ينقى ويصل الماء إلى اليمين وهذه غسله ثانية0
ثم يضجع على الجانب الأيسر ويغسل بماء فيه كافور إن تيسر وهذه غسله ثالثة0
الواجب فى الغسل مرة واحدة تعمم جميع البدن عند : الأربعة والجمهور0
الأفضل يغسل مجرداً عند : أبي حنيفة ومالك0
الأفضل يغسل فى القميص عند : الشافعي وأحمد0
11- يستحب تسريح شعر المرأة وتضفيره ثلاثة قرون وطرحه خلفها0
عن أم عطية رضى الله عنها : أنهن جعلن رأس بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة قرون نقضته ثم غسلنه ثم جعلنه ثلاثة قرون 0 (خ 1260 )
12- ينشف الميت بثوب نظيف ويجعل الطيب على رأسه ولحيته وأعضاء السجود ، إلا المحرم فلا يطيب0
13- يستحب تطيب الميت :
عن أم عطية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونحن نغسل ابنته، فقال: "اغسلنها ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً "0( خ 1254)
غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - :
تولى غسله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن عباس وأسامة بن زيد وقثم بن العباس وصالح مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
غسل ثلاث مرات بماء وسدر وعليه قميص 0(1/3)
ذهب على يلتمس منه ما يلتمس من الميت ، فلم يجده. فقال: بأبي الطيب. طبت حياً وطبت ميتاً. (ص هـ1417)
ثانياً : التكفين
تكفين الميت بما يستره ولو كان ثوباً واحداً فرض كفاية بالإجماع0
ويكفن الميت من ماله إن كان موسراً ، وإلا فكفنه على من تلزمه نفقته0
حكمه : وجوب التكفين لأن ستر الإنسان واجب فى الحياة فكذا بعد الموت0
ويطلب فى الكفن أمور هي :
1- يستحب أن يكون الكفن أبيض اللون 0
عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم"0 ( ص د4061)
والأمر فى هذا الحديث محمول على الندب 0
2- يستحب تطيب الكفن وتراً بأن يدار المجمر وفيه العود ثلاثاً أو خمساً على الكفن بعد أن يرش عليه ماء الورد0
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا"0
( حم 3/331 ص جنائز ص64)
3- يستحب تحسين كفن الميت بتنظيفه على أن يكون ساتراً للميت غير محرم0
عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه"0 ( م 943 )
4- ينبغي تجنب المغالاة فى الكفن، ويستحب ثلاثة أثواب :
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على أبي بكر - رضي الله عنه - ، فقال: في كم كفنتم النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ، ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت: يوم الإثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الإثنين. قال: أرجو فيما بيني وبين الليل. فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها. قلت: إن هذا خلق؟ قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة.( خ 1387)
سحولية بيض: نسبة إلى السحول وهو ما تبيض به الثياب .(1/4)
أرجو فيما بيني وبين الليل: أتوقع أن تكون الوفاة فيما بين ساعتي هذه وبين الليل ليوافق يوم وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ردع: لطخ وأثر.
خلق: بال غير جديد.
للمهلة: للقيح والصديد الذي يذوب من جسم الميت.
5- يكفن الميت فيما يحل له لبسه حياً فلا يكفن الرجل فى الحرير إلا إذا لم يوجد غيره ، والمرأة يكره تكفينها فى الحرير عند : الجمهور
6- كفن النبي - صلى الله عليه وسلم - فى ثلاث أثواب بيض يمانية من قطن 0
7- وكفن الرجل أقله ثوب يستر جميع البدن0
عن خباب بن الأرت قال: إن مصعب بن عمير قتل يوم أحد، فلم نجد ما نكفنه إلا بردة، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه، وأن نجعل على رجليه من الإذخر. ( خ 1276)
الإذخر : حشيش طيب الرائحة 0
وإذا قلت الأكفان وكثرت الموتى ، جاز تكفين الجماعة منهم فى الكفن الواحد ، لحديث : "يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد". (ص د 3129)
وكفن الرجل ثلاث أنواع :
أ- كفن الضرورة : ثوب واحد ، لحديث خباب 0
ب- كفن الكفاية : يكفن ثوبان : إزار من الرأس إلى القدم ، ولفافة يلف بها من قرنه إلى قدمه 0
ج- كفن السنة : ثلاثة أثواب : قميص وإزار ولفافة 0
فالقميص من العنق للقدم بلا كمين ولا فتحة صدر ، والإزار من الرأس إلى القدم ، ولفافة يلف بها من القرن إلى القدم ولا يجوز المغالاة فى الكفن ولا الزيادة فيه على الثلاثة 0
كيف يكفن الرجل :(1/5)
تبخر الأكفان بالطيب مرة أو ثلاثة أو خمساً ثم تبسط اللفافة ثم الإزار عليها ويوضع الميت فى القميص ثم يوضع الحنوط على رأسه ولحيته ، ويوضع الكافور على جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وقدميه ، ثم توضع على الإزار فيلف عليه من جهة يساره ثم من جهة يمينه ليكون الأيمن على الأيسر ، كما فى حال الحياة ، ثم تلف اللفافة عليه كذلك ، ويجمع ما فضل عند رأسه فيرد على وجهه ، وما فضل عند رجليه فيرد عليهما ، ويربط الكفن إن خيف انتشاره ، وإذا وضع فى القبر حل الرباط0
كفن المرأة :
الواجب فيه ثوب ساتر لجميع البدن :
وكيفية كفن المرأة : هو أن يشد عليها الإزار ثم القميص ثم الخمار ثم تلف فى لفافتين ، ويعقد الكفن إن خيف انتشاره صيانة للميت ثم يحل فى القبر0
وقيل : كفن المرأة كالرجل إذ لا دليل على التفريق 0
كفن المحرم :
إذا مات المحرم يغسل بماء وسدر ولا يكفن فى المخيط ولا يغطى رأسه ولا يطيب بل يكفن فى ثوبيه 0
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تمسوه بطيب ، ولا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ". ( خ 1267 )
كفن الصغير :
هو كالكبير ذكراً كان أو أنثى 0
كفن السقط :
( الجنين ينزل قبل تمامه وهو مستبين الخلق ) وهو من ولد ميتاً يلف فى خرقة كالعضو من الميت 0
كفن الشهيد :
لا تنزع ثيابه بل يدفن وهي عليه 0
ثالثاً : الصلاة على الميت
فضلها : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اتبع جنازة مسلم ، إيمانا واحتسابا ، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها ، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين ، كل قيراط مثل أحد ، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن ، فإنه يرجع بقيراط" 0 ( خ 47 )
القيراط : قسط ونصيب عظيم.(1/6)
قيراطين : قيراط للصلاة ، وقيراط للتشيع مع حضور الدفن والفراغ منه0
حث الشارع الحكيم على شهود الجنازة لما فى ذلك من الفوائد الجمة ، من القيام بحق الميت بالدعاء له والشفاعة والصلاة ، ومن أداء حق أهلهم وجبر خاطرهم عند مصيبتهم فى ميتهم ، ومن تحسين الأجر والثواب للمشيع ومن حصول العظة والاعتبار بمشاهدة الموت والمقابر0
حكم صلاة الجنازة : فرض كفاية
قال الله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ )(التوبة: من الآية103)
عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كان يؤتى بالرجل المتوفى، عليه الدين، فيسأل:"هل ترك لدينه فضلا؟". فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى، وإلا قال للمسلمين: "صلوا على صاحبكم"0(خ 2298)
فهي فرض كفاية بالكتاب والسنة والإجماع ، إلا على سبعة أصناف فتشرع ولا تجب :
1- الطفل والسقط :
تشرع الصلاة عليهما ولا تجب 0
عن عائشة قالت: مات إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمانية عشر شهراً، فلم يصلِّ عليه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - . ( حم 6/267 ح جنائز 80)
عَن جابر قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "إذا استهل الصبي صلى عليه وورث"0 (هـ2750 ص صحيحة 153)
2- الشهيد :
لا يغسل ويكفن فى ثيابه الصالحة للكفن اتفاقاً0
عن أنس: أن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم ولم يصلَّ عليهم.
( حم 3/128 ح جنائز55)
3- الصلاة على المقتول :
القتيل فى حد أو قصاص يغسل ويصلى عليه عند : الجمهور والحنفية والشافعي وأحمد0(1/7)
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أن امرأة من غامد أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني قد زنيت فطهرني. وإنه ردها. فلما كان الغد قالت: يا رسول الله! لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزا. فوالله! إني لحبلى. قال: "إما لا، فاذهبي حتى تلدي". فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة. قالت: هذا قد ولدته. قال :"اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه". فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز. فقالت: هذا، يا نبي الله! قد فطمته، وقد أكل الطعام. فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين. ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها. وأمر الناس فرجموها. فيقبل خالد بن الوليد بحجر. فرمى رأسها. فتنضح الدم على وجه خالد. فسبها. فسمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سبه إياها. فقال :"مهلا! يا خالد! فوالذي نفسي بيده! لقد تابت توبة، لو تابها صاحب مكس لغفر له". ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت. ( م 1695 )
فتنضح: ترشش وانصب.
صاحب مكس: الجباية يأخذها أعوان الظلمة عند البيع والشراء.
4- الصلاة على العصاة :
أ- يصلى على العاصي عند:الشافعي وأحمد وأبي حنيفة والجمهور.
ب- من قتل نفسه لا يصلى عليه عند : أبي يوسف والأوزاعي.
ويصلى عليه عند : مالك والشافعي ومحمد .
ج- يصلى على المبتدع عند: الحنفية والشافعية وابن حزم.
وتحرم الصلاة والاستغفار والترحم على الكفار والمنافقين ، لقوله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) (التوبة:84) عن جابر بن سمرة ؛ قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قتل نفسه بمشاقص. فلم يصل عليه. ( م 978)
بمشاقص: سهام عراض(1/8)
عن زيد بن خالد الجهني : أن رجلا من المسلمين توفي بخيبر وأنه ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال صلوا على صاحبكم قال فتغيرت وجوه القوم لذلك فلما رأى الذي بهم قال:" إن صاحبكم غل في سبيل الله". ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين. (ص هـ2848)
عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعي إلى جنازة سأل عنها فإن أثني عليها خيراً قام فصلى عليها وإن أثني عليها غير ذلك قال لأهلها: "شأنكم بها". ولم يصل عليها. ( حم 5/300)
الفاجر والفاسق مثل: تارك الصلاة والزكاة ، والزاني ومدمن الخمر ونحوهم ، فإنه يصلي عليهم ، إلا أنه لا ينبغي لأهل العلم والدين أن يصلوا عليهم 0
5- المدين الذي لم يترك مالاً يقضي به دينه لحديث أبي هريرة السابق0
6- من دفن قبل أن يصلي عليه ، فيصلى عليه فى قبره0
عن يزيد بن ثابت قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة". قال: ثم أتى القبر فصفنا خلفه وكبر عليه أربعا ( حم 4/ 388-ص إرواء 3/184)
7- من مات فى بلد ليس فيها من يصلي عليه ، وهذا يصلى عليه صلاة الغائب0
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى لهم النجاشي، صاحب الحبشة، في اليوم الذي مات فيه، وقال: "استغفروا لأخيكم"0( خ 3880)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَىَ لِلنّاسِ النّجَاشِيّ فِي الْيَوْمِ الّذِي مَاتَ فِيهِ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلّىَ. وَكَبّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ. ( م 951)
قال الألباني فى أحكام الجنائز :
من مات فى بلد فيها من يصلي عليه ، صلاة الحاضر ، فهذا يصلي عليه طائفة من المسلمين صلاة الغائب0
شروط صلاة الجنازة :
لها شروط عامة وهي ما يشترط للصلاة المكتوبة ، إلا الوقت :
لها شروط خاصة هي :(1/9)
1- إسلام الميت : فلا تصلى على كافر لقوله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً )(التوبة: 84)
2- طهارة الميت : فلا تصح على غير شهيد لم يغسل ، إلا إذا دفن بغير غسل ولم يمكن إخراجه إلا بالنبش فإنه يصلى على قبره بغير غسل للضرورة ، وهو قول : الحنفية والحنبلية0
3- وضع الميت أمام من يصلى عليه : فلا تصح على محمول على الأعناق أو الدابة0
4- حضور الميت كله أو جله : فلا تصح على غائب عند : أبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية 0
وقت صلاة الجنازة :
ليس لها وقت محدود بل يصلى عليها متى حضرت إلا فى أوقات النهى0
عن عقبة بن عامر يقول: ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن. أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع. وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس. وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.
(م831)
قال الألباني : ولا تجوز الصلاة على الجنازة فى الأوقات الثلاثة التي تحرم الصلاة فيها إلا لضرورة(أحكام الجنائز130)
مكان صلاة الجنازة :
الأفضل أن يصلى على الميت خارج المسجد فى مكان معد للصلاة على الجنائز0
وتجوز صلاة الجنازة فى أي مكان طاهر ، وتجوز فى المسجد ، ولا تجوز بين القبور0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صف بهم بالمصلى، فكبر عليه أربعاً.
( خ1328)
عن عائشة أنها أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد. فتصلي عليه. فأنكر الناس ذلك عليها. فقالت: ما أسرع ما نسي الناس ! ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد. (م973)
عن أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور. (طب1/80/2 ح جنائز108)
قال الألباني (الصحيحة 2351) :
تجوز صلاة الجنازة فى المسجد والأفضل فى المصلى.
أركانها :
1- النية : وهي لغة العزم على الشيء ، وشرعاً العزم عليه مقترناً بفعله0(1/10)
قال الله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (البينة: 5)
والإخلاص : هو النية لأنه عمل من أعمال القلب0
ولحديث : إنما الأعمال بالنيات 0 ( خ 1)
2- التكبيرات الأربع : هي ركن بالإجماع يقرأ فى الأولى الفاتحة ، وفى الثانية الصلاة على النبي، وفى الثالثة الدعاء للميت وللمسلمين وفى الرابعة يسلم عن يمينه.
عن أبي هريرة قال: نعى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه النجاشي ثم تقدم، فصفوا خلفه، فكبر أربعاً.(خ1318)
3- القيام للقادر عليه : وهو ركن عند : الجمهور0
4- قراءة الفاتحة :
عن طلحة ، قال: صليت خلف عبد اللّه بن عباس، فقرأ بفاتحة الكتاب ، وقال: لتعلموا أنها سنة0 ( خ 1335 )
عن أبي أمامه ابن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن السنة فى الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا فى نفسه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخلص الدعاء فى الجنازة فى التكبيرات ولا يقرأ فى شئ منهن ، ثم يسلم سراً فى نفسه0 (هق4/39 ص جنائز ص 122)
5- الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - : بعد التكبيرة الثانية .
6- الدعاء للميت : بعد التكبيرة الثالثة .
عَن أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء"0 (ح د3199)
عن عوف بن مالك قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة. فحفظت من دعائه وهو يقول: "اللهم ! اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه. وأكرم نزله. ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد. ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس. وأبدله دارا خيرا من داره. وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه. وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر" (أو من عذاب النار). قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت 0 ( م 963 )(1/11)
اغفر له : المغفرة ستر الذنوب.
ارحمه : الرحمة أبلغ من المغفرة.
عافيه : من الذنوب ومن عذاب القبر وعذاب النار.
واعف عنه: تجاوز عنه ما فعل من المحرمات وما قصر فيه من الواجبات.
أكرم نزله : اجعل نزله وضيافته عند كريمة.
وسع مدخله : مدخله فى القبر بأن يفسح له فيه ويفتح له بابا إلى الجنة.
واغسله بالماء والثلج والبرد : فإن هذه المواد الباردة تقابل حرارة ذنوبه فتطفئ لهيبها وتبردها.
كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس : وخص الأبيض لأن إزالة الأوساخ فيه أظهر من غيره من الألوان.
أبدله داراً خيراً من داره : بأن تبدله دار كرامتك بالجنة عن دار الدنيا التي رحل عنها.
يقرأ على الطفل ويقول كما من حديث أبي هريرة : "اللهم اجعله لنا فرطاً وسلفاً وأجراً"(ح هق ).
7- التسليم : وهو ركن بعد التكبيرة الرابعة 0
عن عبد الله بن مسعود قال: ثلاث خلال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلهن تركهن الناس، إحداهن التسليم على الجنائز مثل التسليم في الصلاة0
(ح هق 4/43 جنائز ص127)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على جنازة فكبر عليها أربعاً وسلم تسليمة واحدة 0 (ك1/360 ح جنائز 128 )
فتشرع التسليمتان وتجوز واحدة0
8- الترتيب بين الأركان : وهو شرط .
سنن صلاة الجنازة :
1- قيام الإمام حذاء رأس الرجل ووسط المرأة 0
عن سمرة قال:صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة ماتت في نفاسها ، فقام عليها وسطها. ( خ 1332 )
عن أبي غَالِبٍ قال صلّيت مع انس بن مالك على جنازة رجل فقام حيال رأسه، ثُمّ جَاؤوا بِجَنَازَةِ امْرَأَةِ مِنْ قُرَيْشٍ. فقَالُوا يا أبَا حَمْزَةَ صَلّ عَلَيْهَا فقَامَ حِيَالَ وَسَطِ السّرير0(ص ت 1039)
2- أن يصلى على الميت جماعة ، ثلاث صفوف ، وكلما كثر الجمع كان أفضل :(1/12)
عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال سمعت رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم اللَّه فيه"0 (م 948)
3- يسن تسوية الصفوف فى صلاة الجنازة كغيرها من الصلوات 0
4- رفع اليدين عند التكبيرة الأولى حذو المنكبين وهو سنة بالإجماع 0
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود0 (قط 2/75 جنائز 116)
5- وضع اليمنى على اليسرى كسائر الصلوات :
6- الثناء بعد التكبيرة الأولى وهو الدعاء بنحو : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك0
7- التعوذ قبل قراءة الفاتحة عند : الحنبلية وبعض الشافعية.
8- التأمين عقب الفاتحة عند : الحنبلية والشافعية.
9- جهر الإمام بالتكبيرات والسلام عند : الجمهور.
10- الإسرار بالقراءة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء عند : الجمهور.
عن أبي أمامه قال: السنة في الصلاة على الجنائز أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة0 (ن1/281 ص جنائز111)
11- الدعاء بعد التكبيرة الرابعة مستحب عند : الشافعية وأحمد.
كيفية صلاة الجنازة :
يكبر الإمام رافعا يديه ، ثم يضع اليمنى على اليسرى فوق الصدر ، ثم يدعو بدعاء الاستفتاح ، ثم يتعوذ ويقرأ الفاتحة ويؤمن ، ويقرأ سورة قصيرة ، ويدعو للميت سرا .
ثم يكبر الثانية ويصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يدعو للميت .
ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ولنفسه وللمؤمنين بالرحمة والمغفرة ، والدعاء بالمأثور أفضل .
ثم يكبر الرابعة ويدعو بنحو قوله : ربنا آتتا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار0
ثم يسلم0
الصلاة على متعدد :
إذا حضر أكثر من ميت فالأفضل إفراد كل ميت بصلاة0
ويجوز أن يصلى عليهم صلاة واحدة
فإن صلى على كل واحد على حدة ، فالأولى تقديم الأفضل فالأفضل(1/13)
وإذا صلى عليهم دفعة واحدة وضعوا واحدا بعد واحد مما يلي القبلة
ليقوم الإمام بحذاء الكل على أن يوضع الرجال مما يلي الإمام والصبيان ورائهم ثم النساء من جهة القبلة0
عن نافع عن ابن عمر أنه صلى على تسع جنائز جميعا الرجال يلون الإمام والنساء يلين القبلة فصفهن صفا واحدا ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد وضعا جميعا والإمام يومئذ سعيد بن العاص وفي الناس ابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الإمام فقال رجل فأنكرت ذلك فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة فقلت ما هذا قالوا هي السنة. (ن1/280 ص جنائز103)
الأحق بالإمامة :
الأحق بالإمامة الوالي أو نائبة ثم القاضي ثم إمام الجهة ثم ولي الميت الأقرب فالأقرب على ترتيب العصبة ، ويقدم الأب على الابن إذا اجتمعا0
المسبوق فى صلاة الجنازة :
لا تصح صلاة المسبوق إلا بتدارك ما فاته قياساً على سائر الصلوات لحديث : ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا 0
ما يفسد صلاة الجنازة :
تفسد بما يفسد به سائر الصلوات من الكلام ونحوه والحدث والأكل والشرب والعمل الكثير والتحول عن القبلة وترك شرط من شروطها أو ركن من أركانها بلا عذر0(1/14)
الباب الرابع
حمل الجنازة والدفن والتعزية
أولاً : حمل الجنازة
حكمها: فرض بالإجماع.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "عودوا المريض واتبعوا الجنازة تذكركم الآخرة". ( حم 273 ح جنائز 66)
واتباعها على مرتين: الأولى من عند أهلها حتى الصلاة عليها ، والثانية من عند أهلها حتى الفراغ من دفنها0
كيفية حمل الجنازة :
يسن أن يحملها أربعة من الرجال إن كان الميت كبيراً.
وأما الصغير فلا بأس أن يحمله واحد0
ويسن أن يبدأ الحامل بمقدم الجنازة يضعه على كتفه الأيمن ثم يضع مؤخرها عليه ثم يضع مقدمها على يساره ثم مؤخرها على يساره 0
كيفية السير فى الجنازة :
يسن لحاملها الإسراع بها إسراعاً وسطا لا يضطرب معه الميت على النعش ولا يحصل منه مشقة على الحامل أو المشيع0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن يك سوى ذلك، فشر تضعونه عن رقابكم"0( خ 1315)
الإسراع من مكان الصلاة إلى القبر
الشهادة للميت :
عن أنس بن مالك قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "وجبت". ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: "وجبت". فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : ما وجبت؟ قال: "هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض".( خ 1367)
المخاطب فى هذا الحديث الصحابة ومن على شاكلتهم من المؤمنين الصالحين0
والمراد بوجوب الجنة لاستحقاقها وثبوتها لذى الخير بمحض فضل الله تعالى ، لأن الثواب من فضل الله تعالى والعقاب عدل منه0
وذكر الثناء فى جانب الشر مشاكلة وإلا فالثناء لا يستعمل إلا فى الخير واستعماله فى الشر شاذ0(1/1)
والشهادة هي شهادة أهل الفضل والصلاح والصدق والأمانة بخلاف الفسقة ، وأنهم قد يذكرون أهل الفسق بالخير ، وأهل الصلاح بالشر ، فليسوا داخلين فى هذا الحديث لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (البقرة: 143)
أي جعلناكم عدولاً خياراً تشهدون على غيركم من الأمم ويكن الرسول مزكياً لكم مبيناً عدالتكم0
ولم ينكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر مساوئ ، مع نهيه عن سب الأموات ، ذلك لأن المنهي عن سبهم إنما هم المؤمنون الصالحون وأما المنافقون والمجاهرون بالفسق فيجوز سبهم للتحذير من التخلق بأخلاقهم0
عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرانه الأدنين إلا قال قد قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون".
(حم 3/242 جنائز 45)
عن عائشة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا "0 (خ1393)
أي : وصلوا إلى ما عملوا من خير أو شر، فيجازيهم الله تعالى به0
والحديث يدل بظاهره على منع سب الأموات مطلقاً ، لكن هذا العموم مخصوص بغير الكافر والمنافق فإن المؤمن الفاسق وإن جاز ذكر مساويه حال حياته يجتنبها ويحذره الناس لا يجوز ذكرها بعد وفاته إذ لا فائدة فيه حينئذ ، خصوصاً مع احتمال أنه مات تائباً 0
تشييع الجنازة :
تشييعها فرض كفاية بالسنة وإجماع الأمة0
عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عودوا المريض وامشوا مع الجنازة تذكركم الآخرة "0(ص حم 1164)
ويجوز المشي أمامها وخلفها وحيث شاء والراكب يسير خلفها ، والأفضل المشي 0
عن المغيرة بن شعبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها قريباً منها"0 (ص هـ1481)(1/2)
وجملة القول فى هذا البحث أن المشي خلف الجنازة أفضل منه أمامها لقوة دليله وأن الراكب لعذره أو غيره يكون خلفها وأن الركوب بعد الانصراف منها جائز بلا كراهة وأن المشي فى الجميع أفضل من الركوب إلا لعذر0
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله"0
(خ 6514)
اتباع النساء الجنازة :
لا يجوز لهن اتباع الجنائز لما يقع منهن من الصياح والنياحة ولطم الخدود وإزعاج الميت وتألم الحي0
وفضل اتباع الجنازة إنما هو للرجال دون النساء0
عن عائشة قالت: لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء، لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل. ( خ 869 )
وهذا فى نساء زمانها رضي الله عنها فما ظنك بنساء زماننا0
عن أم عطية رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا. (خ 1278)
ولم يعزم علينا: أي لم يوجب ولم يشدد علينا في المنع.
القيام للجنازة :
والقيام نوعان : قيام الجالس إذا مرت ، وقيام المشيع لها حتى توضع على الأرض.
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع"0 (خ 1310)
عن عامر بن ربيعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأى أحدكم جنازة، فإن يكن ماشيا معها فليقم حتى يخلفها، أو تخلفه، أو توضع من قبل أن تخلفه"0(خ 1308)
عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس. (ص حم 623)
فالآمر بالقيام منسوخ بحديث علي وغيره0
عن أبي سعيد. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع"0 (م 959)(1/3)
وحكمة النهي عن القعود قبل أن توضع الجنازة أن المشيع إنما جاء اهتماما بشأنها وليس منه أن يجلس قبل وضعها على الأرض0
أما بعد وضعها فيطلب الجلوس ويكره القيام على المختار0
مكروهات الجنازة :
1- الضحك والتحدث فى أمر الدنيا ورفع الصوت بذكر أو قراءة0
2- مس الميت باليد ونحوها تبركا0
3- قعود المشيع لها قبل أن توضع على الأرض0
4- ويكره تحريماً أن تتبع الجنازة بنار0
5- اتباع النساء لها 0
عن عمرو بن العاص قال : إذا أنا متّ فلا تصحبني نائحة ولا نار.
( م 121)
6- ويكره تحريماً تغيير اللباس حزناً على الميت أو ترك بعضه0
7- حمل الجنازة على عربة أو سيارة مخصصة للجنائز ، وتشييع المشيعيين لها وهم فى السيارات ، فهذه الصورة لا تشرع البتة لأنها من عادات الكفار ولأنها بدعة فى عبادة ، ولأنها تفوت الغاية من حملها وتشييعها ، ولأنها سبب قوي لتقليل المشيعين لها ، ولأنها لا تتفق مع ما عرف عن الشريعة المطهرة من البعد عن الشكليات والرسميات0
ثانياً : الدفن
الدفن: هو مواراة الميت0
حكمه : فرض كفاية بالإجماع لأن في ترك الميت على وجه الأرض هتكاً لحرمته ويتأذى الناس من رائحته ، وعليه عمل الناس من لدن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا0
ويدفن المسلم فى مقابر المسلمين ، والكافر فى مقابر المشركين0
وقد أرشد الله تعالى قابيل إلى دفن أخيه هابيل .
قال الله تعالى: (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ )(المائدة: من الآية31)
يبحث : يحفر فيها.
وقال الله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً - أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً)
(المرسلات 25 – 26)
كفاتا : وعاء تضم الناس وتجمعهم.
أي جامعة للأحياء على ظهرها بالمساكن ، والأموات فى بطنها بالقبور
وقال تعالى: (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) (عبس:21)أي أكرمه بدفنه.
وقت الدفن :(1/4)
يجوز الدفن فى أي وقت عدا الأوقات الثلاثة حين طلوع الشمس حين استوائها وحين غروبها0
ويجوز الدفن ليلا عند الضرورة0
عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن. أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع. وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس. وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. (م 831)
جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يوما. فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل. وقبر ليلا. فزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه. إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك. ( م 943)
مكان الدفن :
يدفن الميت فى القبر وأقله حفرة تواري الميت وتمنع بعد ردمها ظهور رائحة تؤذي الحي ولا يتمكن من نبشها سبع0
وأكمله اللحد ، وهو حفرة فى جانب القبر جهة القبلة يوضع فيها الميت وتجعل كالبيت المسقف بنصب اللبن عليه0
والدفن فيه مستحب بالإجماع0
عَن عائشة؛ قالت: لما مات رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا في اللحد والشق. حتى تكلموا في ذلك. وارتفعت أصواتهم. فقال عمر: لا تصخبوا عند رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حياً ولا ميتاً. أو كلمة نحوها. فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد جميعاً. فجاء اللاحد ، فلحد لرَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . ثم دفن - صلى الله عليه وسلم - . (ح هـ1558)
اللحد : يحفر للميت من الجانب القبلي من القبر ما يسع بدنه ، ويوضع الميت على شقه الأيمن مستقبل القبلة ، ثم ينصب اللبن على اللحد ثم يطين ثم يهال عليه التراب0
والشق: حفرة مستطيلة فى وسط القبر تبنى جوانبها أو غيره يوضع فيها الميت ويسقف عليه باللبن أو الخشب أو غيرهما0
ويرفع السقف قليلاً بحيث لا يمس الميت
ولم ينقل عند أحد من السلف أنه دفن فى غير المقبرة ، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - دفن فى حجرته وذلك من خصوصياته - صلى الله عليه وسلم - 0(1/5)
عن أبي بكر قال سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ما نسيته: قال: "ما قبض الله نبيا إلا فى الموضع الذي يحب أن يدفن فيه، فدفنوه فى موضع فراشه".
(ص ت1018)
ويستحب الدفن فى المقبرة التي يكثر فيها الصالحون لتناله بركتهم وكذا فى البقاع الشريفة0
دفن أكثر من واحد فى القبر0
لا يدفن أثنان فأكثر فى قبر ، بل يفرد كل ميت فى قبره فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدفن كل واحد فى قبره ، واستمر عمل الصحابة ومن بعدهم على هذا0
فيكره جمع أثنين فى قبر إلا لضرورة ككثرة الموتى وتعسر إفراد كل ميت فى قبر ، وأقله الدافنين أو ضعفهم ، فيجمع بين الأثنين والأكثر فى قبر بحسب الضرورة0
عن جابر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد. (خ 1345)
من يتولى الدفن :
يتولاه الرجال سواء أكان الميت ذكراً أم أنثى0
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: شهدنا بنتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على القبر، قال: فرأيت عينيه تدمعان، قال: فقال: "هل منكم رجل لم يقارف الليلة". فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل. قال: فنزل في قبرها. (خ1285)
يقارف: يجامع
جالس على القبر : أي قبل الدفن
والحديث يدل على أن الرجال أحق بالدفن من النساء ، لأنهم أقوى عليه منهن ، ولأن المرأة إذا تولته أدى كشف بعض بدنها وهو عورة0
كيفية الدفن :
يدخل الميت القبر كيفما أمكن إما من جهة القبلة أو من مقابلها أو من قبل رأسه أو من رجليه إذ لا نص بعين شيئا من ذلك0
عن أبِي إسْحَاقَ قال: أوْصَى الْحَارِثُ أنْ يُصَلّي عَلَيْهِ عَبْد الله بنُ يَزِيدَ، فَصَلّى عَلَيْهِ ثُمّ أدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْ الْقَبْرِ وَقالَ: هَذَا مِنَ السّنّة 0(د 3211)
قال الألباني : والسنة إدخال الميت من مؤخرة القبر0
رجلي القبر: أي موضع رجلي الميت منه عند وضعه فيه0(1/6)
يجعل الميت فى قبره على جنبه اليمين ، ووجهه قبالة القبلة ، ورأسه ورجلاه إلى يمين القبلة ويسارها ، على هذا جرى عمل أهل الإسلام0
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب. منه خلق وفيه يركب".( م 2955)
عجب الذنب : أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب ، وهو رأس العصعص ، وهو أول ما يخلق من الآدمي وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه0
ما يطلب للدفن :
1- يستحب لواضع الميت الدعاء له ، وإن كان مأثوراً فما أحسنه0
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فقولوا بسم الله وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " . (ص حم 4813)
2- ويلزم توجيه الميت إلى القبلة عند : الجمهور
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبائر: الإشراك بالله، وقذف المحصنة، وقتل النفس المؤمنة، والفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا". (ح د 2875)
ويستحب اتفاقا أن يوضع على شقه الأيمن0
ما يطلب بعد الدفن :
1- يستحب سد القبر سداً محكما بطوب نيء ووضع البوص ونحوه فوق اللبن ليمنع نزول التراب على الميت0
2- يستحب اتفاقا لمن شهد الدفن أن يحثو على القبر ثلاث حثيات بيديه جميعاً من قبل رأس الميت بعد الفراغ من سد اللحد0
عَن أبي هُرَيْرَة أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صلى على جنازة، ثم أتى قبر الميت. فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا. (ص هـ1565)
3- ويسن للمشيعين الانتظار بعد الدفن قدر نحر جمل وتفريق لحمه ليأتنس بهم الميت0
عن عمرو بن العاص قال: فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا. ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور. ويقسم لحمها. حتى أستأنس بكم. وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي. ( م 121)(1/7)
4- ويستحب الاستغفار للميت والدعاء له عند القبر بعد دفنه بالثبات ، فيقول ، مستقبلا وجهه ، اللهم هذا عبدك وأنت أعلم به منا ولا نعلم منه إلا خيراً قد أجلسته لتسأله ، اللهم فثبته بالقول الثابت فى الآخرة كما ثبته فى الدنيا ، اللهم ارحمه وألحقه بنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا تضلنا بعده ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعد واغفر لنا وله ولسائر المسلمين ، أو أي دعاء آخر0
عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: "استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإن الآن يسأل"0 (ح د3221)
أما التلقين بعد الموت فلا يشرع بل هو مبتدع0
ثالثاً : التعزية
لغة : الصبر الحسن
شرعاً : تسلية المصاب وحثه على الصبر والرضا بالقدر ، فإنه لابد للإنسان من أمر يمتثله ، ونهي يجتنبه ، وقدر يصبر عليه ، وهي الحمل على الصبر بوعد الأجر0
قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(يوسف: من الآية90)
حكم التعزية: هي مستحبة.
فضلها :
عن عمرو بن حزم - رضي الله عنه - : عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أخاهُ بِمُصِيْبَتِهِ إِلاَّ كَساهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حُلَلِ الكَرَامَةِ يَوْمَ القِيامَةِ "0 (ح هـ1601)
عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أخرجك من بيتك يا فاطمة". قالت: أتيت أهل هذا البيت فرحمت إليهم ميتهم وعزيتهم0 (ح حم 6574 )
حكمتها :
شرعت التعزية لما فيها من التعاطف والتحاب و التعاون على البر والتقوى والحمل على الصبر والرضا بالقدر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحث على الرجوع إلى الله تعالى ليصل الأجر0
والمشروع منها مرة واحدة 0
وقتها : قال الألباني : ولا تحد التعزية بثلاثة أيام لا يتجاوزها ، بل متى رأى الفائدة فى التعزية أتى بها0
لفظها :(1/8)
تحصل التعزية بأي لفظ يتسلى به المصاب ، ويحمله على الصبر والوارد أفضل0
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه: إن ابنا لي قبض فائتنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: "إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" 0 (خ 1284 )
ويقول فى جواب التعزية : آجرك الله.
الجلوس للتعزية :
يكره لأنه بدعة0
لأن فى مجالس التعزية ترتكب مخالفات كثيرة ومنكرة أهمها :
إتيانهم بقارئ يأخذ على قراءته أجراً 0
توزيع السجائر على المعتزين ، ومن المعروف أن شرب الدخان حرام بالاتفاق لأنه مضر بالصحة ، لأنه مضيع للمال ولأنه مؤذ للناس والملائكة0
قال الألباني :وينبغي اجتناب : الاجتماع للتعزية فى مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد ، اتخاذ أهل الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء 0
وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاماً يشبعهم0
صنع الطعام لأهل الميت :
يستحب لأقارب أهل الميت وجيرانه تهيئة طعام لهم ، إن لم يرتكبوا منكراً : فقد أتاهم من الحزن ما يشغلهم عن تهيئة الطعام لأنفسهم فتقديمه لهم نوع من البر بالقريب والجار والعطف عليه0
وفيه أعظم تسلية لأهل الميت عظيم الأجر لفاعليه عند : الأربعة0
عَن عَبْد اللّه بْن جعفر قَالَ: لما جاء نعي جعفر قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "اصنعوا لآل جعفر طعاما. فقد أتاهم ما يشغلهم، أو أمر يشغلهم"0 (ص د3132)
عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعه الطعام بعد دفنه من النياحة. (ص حم 6905)(1/9)
الباب الخامس
القبور
1- يستحب توسيعه وتحسينه اتفاقاً وكذا إعماقه0
يعمق قدر نصف القامة أو إلى الصدر وإن زاد فحسن0
عَن ابن عباس قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "اللحد لنا، والشق لغيرنا".
(ص ت 1045)
اللحد : حفرة جانب القبر جهة القبلة يوضع فيها الميت ، وتجعل كالبيت المسقف بنصب اللبن عليه ، والدفن فيه مستحب بالإجماع0
الشق : حفرة مستطيلة فى وسط القبر تبنى جوانبها باللبن أو غيره ، يوضع فيها الميت ويسقف عليه باللبن أو الخشب أو غيرهما ، ويرفع السقف قليلاً بحيث لا يمس الميت 0
2- يسن تسنيم القبر أي جعله مرفوعاً كالسنام نحو شبر0
عن أبو بكر بن عياش عن سفيان التمار : أنه رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مسنما.
( خ 1390)
أما رفع القبر فوق الشبر فهو بدعة مذمومة فى الدين مخالفة لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح فليلزم إزالة الزائد0
فما يفعله الناس الآن من تشييد القبور ورفعها كثبرا منكر يجب عليهم تسويتها بلا فرق بين نبي وغيره وصالح وطالح .
عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته. ولا قبرا مشرفا إلا سويته. ( م 969)
قال الترمذي : حسن ، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يكرهون أن يرفع القبر فوق الأرض إلا بقدر ما يعرف أنه لكيلا يوطأ ولا يجلس عليه0
3- يسن بناء القبر باللبن والقصب ( البوص )0
ويكره بناءه بالأجر والجص والخشب إذا لم تكن الأرض رخوة أو نديه وهو قول : الأربعة 0
عن جابر قال: نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. (م 970)
4- يستحب تعليم القبر بحجر أو خشب أو غيره ليعرف0(1/1)
عن المطلب قال: لما مات عثمان بن مظعون أُخرجَ بجنازته فدفن، فأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلاً أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وحسر عن ذراعيه ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال: "أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي"0 (د3206)
قال ابن تيميه فى الاختيارات العلمية :
ولا يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك هو ولا أصحابه ، والعبد لا يدري أين يموت ، وإذا كان مقصود الرجل الاستعداد للموت فهذا يكون من العمل الصالح0
محظورات القبر :
1- النهى عن تجصيص القبور:
عن جابر قال: نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. (م970)
2- النهي عن الكتابة على القبر :
مكروهة عند : الجمهور0
عَن جابر قَالَ: نهى رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب على القبر شيء.
(ص هـ1563)
3- النهي عن القعود على القبور:
وهو يشمل الجلوس والاضطجاع والاستناد والنوم0
والنهي محمول على الكراهة 0
عن أبي مَرثد الغَنَوي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها"0 (م 972 )
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لأن يَقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر". ( م 971)
4- النهي عن المشي على القبر :
عَن عقبة بْن عامر قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "لأن أمشي على جمرة أو سيف، أو أخصف نعلي برجلي، أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم. وما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي، أو وسط السوق"0(ص هـ1567)
أخصف : من خصف النعل بالرجل خرزته بها0
ومحل الحرمة أو الكراهة إذا لم تدع إليه ضرورة كما إذا لم يصل إلى قبر ميته إلا بالمشي على القبور فإنه يجوز اتفاقاً.
ويجوز المشي بالنعلين بين القبور0(1/2)
عن أنس رضي الله عنه : أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم"0 (خ 1338)
5- التحذير من إيقاد السرج عليه :
يحرم إيقاد المصابيح والشموع على القبر ولو قبر نبي أو قبر ولي لما فيه من تضييع المال بلا منفعة والمبالغة فى تعظيم القبور0
وأيضا لكونه بدعة محدثة ، لا يعرفها السلف الصالح ، ولأن فيه تشبها بالمجوس عباد النار0
6- النهي عن اتخاذها عيداً :
تقصد فى أوقات معينة ، ومواسم معروفة للتعبد عندها :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"لا تتخذوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وحيثما كنتم فصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني". (ح د 3236 )
قال ابن تيميه في الاقتضاء ص155:
واعتياد قصد هذه القبور فى وقت معين ، والاجتماع العام عندها فى وقت معين هو اتخاذها عيدا، وهذا من التشبه بأهل الكتابين وهو فتح لباب الشرك وإغلاق لباب الإيمان ويدخل ما يفعله فى مصر والعراق عند قبور الأولياء وغيرهم.
7- النهي عن الذبح عند القبور:
يحرم الذبح لله عند القبور:
عن أنس قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : "لا عقر في الإِسلام". قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر يعني بقرةً أو شاةً. (ص د3222)
دل الحديث على تحريم الذبح عند القبر وأنه من عمل الجاهلية ، كانوا يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد0
8- النهي عن السفر إليها :
عَن أبي هُرَيْرَة أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"0 (خ1189)
9- نبش القبر :
يحرم نبش قبر ميت لدفن غيره لما فيه من هتك حرمة الميت0
فلا يجوز دفن ميت فى موضع ميت حتى يبلى الأول بحيث لا يبقى منه شئ من لحم أو عظم إذا بلى وصار تراباً جاز الدفن فى موضعه اتفاقاً0(1/3)
ويجوز نبش القبر لغرض صحيح كتحسين الكفن ، وغسل من دفن بلا غسل وتوجيه من دفن لغير القبلة ، وإخراج مال وقع فى القبر أو ترك فيه0
عن جابر عنه قال : أتى النبي عبد الله بن أبي بعدما دفن، فأخرجه، فنفث فيه من ريقه، وألبسه قميصه0 (خ1270)
10- وضع الجريد على القبر :
عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه مر بقبرين يعذبان، فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة". ثم أخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله ، لم صنعت هذا؟ فقال: "لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا"0(خ 1361)
قال الخطابي : فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالتخفيف عنهما0
وقال: وليس ذلك من أجل أن فى الجريد الرطب معنى ليس فى اليابس.أهـ
قال الجمهور: ليس فى الحديث ما يدل على استحباب وضع الجريد على القبر لأنه واقعة حال لا تفيد العموم0
قال الألباني (أحكام الجنائز ص 200 ) :
ولا يشرع وضع الآس ونحوها من الرياحين والورود على القبور ، لأنه لم يكن من فعل السلف ولو كان خيراً لسبقونا إليه0
قال الشيخ أحمد شاكر :(1/4)
وقد ازداد العامة إصراراً على هذا العمل الذي لا أصل له ، وغلبوا فيه ، خصوصاً فى بلاد مصر، تقليداً للنصاري حتى صاروا يضعون الزهور على القبور ، ويهادونها بينهم فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم ، ومجاملة للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية فى المجاملات الدولية ، فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلاد أربا ذهبوا إلى قبور عظمائها أو إلى قبر من يسمونه (الجندي المجهول) ووضعوا عليه الزهور ، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها تقليداً للإفرنج ، واتباعاً لسنن من قبلهم ، ولا ينكر ذلك عليهم العلماء أشباه العامة ، بل تراهم أنفسهم يضعون ذلك فى قبور موتاهم ولقد علمت أن أكثر الأوقات التي تسمى أوقاتاً خيرية موقوف ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع على القبور كل هذه بدع ومنكرات لا أصل لها فى الدين ، ولا سند لها من الكتاب والسنة ، ويجب على أهل العلم أن ينكروها وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا0
كسر عظام الميت :
عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسر عظمه حيا".(ص د3207)
ويستفاد من الحديث :
أ- حرمة نبش قبر المسلم لما فيه من تعريض عظامه للكسر0
ويجوز نبش القبر إذا بلي وصار تراباً0
ومنه تعلم تحريم ما ترتكبه بعض الحكومات الإسلامية من درس بعض المقابر الإسلامية ونبشها من أجل التنظيم العمراني ، دون أي مبالاة بحرمتها0
ومن العجائب التي تلفت النظر أن ترى هذه الحكومات تحترم الأحجار والأبنية من القباب والكنائس ونحوها تركتها على حالها0
والحامل على هذه المخالفات ، فيما أعتقد ، إنما هو التقليد الأعمى لأوربا المادية الكافرة التي تريد أن تقضي على كل مظهر من مظاهر الإيمان بالآخرة0
( أحكام الجنائز )
ب- لا حرمة لعظام غير المؤمنين ( غير المسلمين)
ويجوز نبش قبر الكفار لأنه لا حرمة لها كما دل عليه مفهوم الحديث0(1/5)
زيارة القبور:
يستحب زيارة القبور للرجال من غير وطء للقبر ، ولا استعانة بأهلها ، ولا سؤالهم شيئاً ولا من القبر ولا تقبيله ولا الطواف به فإنه من عادة أهل الكتاب ولم يعهد الإسلام إلا للحجر والكعبة ،ويقصد بزيارتها وجه الله تعالى وإصلاح القلب ونفع الميت بالدعاء له وما يتلى عنده لأن زيارتها تحدث فى القلب خشية تذكراً للموت0
عن مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ عن ابنِ بُرَيْدَةَ عن أبِيهِ قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "نَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا"0 (م 977)
نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن زيارة القبر أولاً لقرب عهدهم بالجاهلية فربما تكلموا بما أعتيد حينئذ من فحش القول0
فلما أنتشر الإسلام واطمأنا به وعرفت أحكامه واشتهرت تعاليمه أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالزيارة مع مراعاة الآداب الشرعية0
يسن للرجال زيارة القبور على الوجه المشروع حملا للأمر على الندب عند : الأربعة و الجمهور0
قال الألباني : وتشرع زيارة القبور للاتعاظ بها وتذكر الآخرة شريطة أن لا يقول عندها ما يغضب الرب سبحانه وتعالى كدعاء القبور ، والاستعانة به من دون الله تعالى أو تزكيته والقطع له بالجنة ، ونحو ذلك0
كيفية الزيارة :
يسن أن يخرج الزائر متواضعاً مراقباً الله تعالى معتبراً بمن تقدمه من الموتى قاصداً وجه الله تعالى ، ونفع الميت بالسلام عليه والدعاء له0
قال ابن تيميه :
من الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح ، سواء كان فى المشرق أو غيره وهذا ضلال بين ، وشر واضح ، كما أن بعض الناس يمتنع من استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين ، وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت الله وقبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكل هذه الأشياء من البدع التي تضارع دين النصارى ، وبه قال الأئمة الأربعة 0
ما يقوله الزائر :(1/6)
يستحب للزائر التسليم على أهل القبور والدعاء لهم بالعافية والرحمة والمغفرة 0
عَن سليمان بْن بريدة ، عَن أبيه قَالَ: كان رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر. كان قائلهم يقول: "السلام عليكم، أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون. نسأل اللَّه لنا ولكم العافية". (م975)
زيارة النساء :
يحرم على النساء زيارة القبر إن ارتكبن فى زيارتها ما يغضب الواحد القيوم.
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن زوارات القبور. (ص ت1056)
قال القرطبي هذا اللعن إنما هو المكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج، وما ينشأ منهن من الصياح ونحوه 0 وهو قول الألباني0
عن عائشة رضى الله عنها قالت: قلت: كيف أقولُ يا رسولَ اللّه؟! قال: "قُولي: السَّلامُ على أهْلِ الدّيارِ مِنَ المُؤْمنينَ وَالمُسْلمينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ وَ المُسْتأخِرِين ، وَإنَّا إنْ شاءَ اللَّه بِكُمْ لاحِقُونَ"0( م 974)
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رخص لهن فى زيارة القبور0
عن عبد الله بن أبي ملكية أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر ، فقلت لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر عبد الرحمَن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم ثم أمر بزيارتها0 (ك1/376 ص جنائز ص 181)
عن مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ عن ابنِ بُرَيْدَةَ عن أبِيهِ قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "نَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا"0 (م 977)(1/7)
وبجمع بين الأدلة بأن الأذن فى الزيارة لمن خرجت متسترة خاشعة متذكرة أمر الآخرة معتبرة بما صار إليه أهل القبور تاركة النياحة وضرب الخدود وشق الجيوب وسوء القول ، وبأن المنع لمن فعلت شيئاً مما ذكر كما يقع من كثير من نساء زماننا ولا سيما نساء مصر0
معلوم أن أمنّ الفتنة فى زماننا معدم بل مستحيل عادة إذ المرأة لو خرجت إلى زيارة القبر لا تسلم من ارتكاب الفجور وعبث الفساق وأهل الشرور0
فيطلب طلباً أكيداً عدم خروج النساء لزيارة القبور لا ليلاً ولا نهاراً لا فرق فى ذلك بين شابة وغيرها إذ لكل ساقطة لاقطة ولا سيما ما هو فاش من غالب أهل الزمان من الفساد والإفساد0
ومن القواعد المقررة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح0
ومن ثم ذهب شيخ الإسلام تقي الدين بن تيميه وغيره إلى عدم جواز الزيارة للنساء والله الهادي إلى سواء السبيل0
قال الألباني :
والنساء كالرجال فى استحباب زيارة القبر لوجوه :
1- عموم قوله ( فزروا القبور )
2- مشاركتهن الرجال فى العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور0
زيارة قبر الكافر :
يجوز زيارة قبر من مات على غير الإسلام للعبرة فقط0
عن أبي هريرة قال: زار النبي صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه. فبكى وأبكى من حوله. فقال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي. واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي. فزوروا القبور. فإنها تذكر الموت"0 (م 976 )
وإذا زار المسلم قبر الكافر فلا يسلم عليه ، ولا يدعوا له ، بل يبشره بالنار0
عن سعد ابن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار"0 (طب1/191/1 ص جنائز ص 199 )
بدع المقابر :(1/8)
1- كاتخاذها أعياداً تشد إليها الرحال ويجتمع فيها النساء والرجال والأطفال ولا سيما فى ليلتي العيدين وأول جمعة من رجب وتذبح عندها الذبائح وتطبخ أنواع المآكل فيأكلون ويشربون ويبولون ويتغوطون ويلعنون ويصخبون ويقرأ لهم القرآن من يستأجرون لذلك من العميان ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاكفون0
2- ومن المنكر ما يقع من بعض من لا خلاق لهم من اعتقادهم فى قبور الصالحين والأولياء وبعض الأشجار والأبواب أنها تنفع أو تضر أو تقرب إلى الله تعالى أو تقضي الحوائج بمجرد التشفع بها إلى الله تعالى0
يطوفون بها طواف الحجاج بيت الله الحرام ويخاطبون الميت بالكلمات المكفرة كقولهم ( اقصم ظهره يا سيد وخذ عمره وتصرف فيه يا إمام ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد )
ولكل وجهة رجل ينادونه ، فأهل مصر يدعون الشافعي والبدوي والبيومي0
وأهل العراق والهند والشام يدعون عبد القادر الجيلانى0
وينذرون لهم النذور ويذبحون لهم الذبائح ويوقدون لهم السرج ويضعون الدراهم فى صناديقهم0
ولا ريب أن هذا من أعمال الجاهلية ومخالف لدين الله تعالى ورسوله وما كان عليه سلفنا الصالح رضى الله عنهم 0
فالواجب على كل مسلم عاقل تحذير من يفعل ذلك ، لأنه إضاعة للمال ولا ينفعه ما يخرجه ولا يدفع عنه ضرراً بل فيه المخالفة والمحاربة لله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - 0
القرب تهدى إلى الميت :
الميت ينتفع بما يهدى إليه من الطاعات وأنواع البر كالصدقة والدعاء0
قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ )(الحشر: من الآية10)
عن أبي هريرة أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإِنسان انقطع عنه عمله إلاَّ من ثلاثة أشياء: من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له".
(م1631 )
قال ابن القيم :(1/9)
أفضل ما يهدى إلى الميت العتق والصدقة والاستغفار والدعاء له والحج عنه.
وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجر فيصل إليه ثوابها كما يصل ثواب الصوم والحج0
ولذا اختار المحققون من أصحاب مالك والشافعي أن ثواب القراءة يصل إلى الميت إذا جعلت من قبيل الدعاء بأن يقول: اللهم اجعل لفلان مثل ثواب ما قرأت 0
قال أحمد بن حنبل :
الميت يصل إليه كل شئ من الخير للنصوص الواردة فيه ولأن المسلمين يجتمعون فى كل مصر ويقرؤن ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعاً0
يكره تحريما قراءة القرآن عند القبر لأنه لم يصح فيها شئ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وليس من عمل السلف بل كان عملهم التصدق والدعاء لا القراءة عند : أبي حنيفة ومالك.
فالراجح الذي تشهد له الأدلة الثابتة أن قراءة القرآن عند القبر مكروهة لأنه لم يثبت فيها حديث مرفوع صحيح ولا حسن ولم ينقل عن أحد من الصحابة ولا التابعين 0
ولذا قال الإمام أحمد : القراءة عند القبر بدعة 0
عذاب القبر ونعيمه:
يجب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه وهو ثابت بالكتاب والسنة0
قال الله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (الأنعام:93) الهون : الهوان.
خاطبهم عند الموت بقولهم : اليوم تجزون عذاب الهون.
وهذا وإن كان قبل الدفن فهو من جملة العذاب الواقع قبل يوم القيامة
غمرات الموت: شدائده وسكراته وكرباته.
والملائكة باسطو أيديهم : بالضرب والتعذيب يضربون وجوههم وأدبارهم(1/10)
كما قال تعالى : (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (لأنفال:50) يضربونهم حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم يقولون لهم : أخرجوا أنفسكم : من هذه الغمرات التي وقعتم فيها ، أو أخرجوا أنفسكم من أيدينا وخلّصوها من العذاب ، أو أخرجوا أرواحكم من أجسادكم وسلموها إلينا0
وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والسلاسل والأغلال والحميم وغضب الرحمن الرحيم0
فتفرق روحه من جسده وتعصى وتأبى الخروج فتضربه الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم : أخرجوا أنفسكم0
اليوم تجزون عذاب الهون : أي الهوان الذي تصيرون به فى إهانة وذلة بعد ما كنتم فيه من الكبر والتعاظم0
بما كنتم تقولون على الله غير الحق : أي بسبب قولكم غير الحق من إنكار إنزال الله للكتب على رسله والإشراك به0
وكنتم عن آياته : أي عن التصديق بها والعمل بمقتضاها
تستكبرون: تتعاظمون عن الإيمان بالله والقرآن وكان ما جوزيتم به من عذاب الهون جزاء وفاقاً0
وقال تعالى: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ - النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (غافر45-46) ذكر عذاب الدارين ذكراً صريحاً لا يحتمل غيره0
وحاق بآل فرعون: أحاط ونزل بفرعون وقومه.
سوء العذاب: وهو الغرق فى الدنيا والعذاب بنار الجحيم فى العقبى
النار يعرضون عليها غدوا وعشيا : صباحا ومساء ما بقيت الدنيا فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم فى النار0(1/11)
ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب : يقال للملائكة أدخلوا آل فرعون أشد عذاب النار ألما وأعظمه نكالاً0 فالآية حجة فى إثبات عذاب القبر وفيها رد على من أنكره مطلقاً على من خصه بالكفار 0
وفيها دليل على أن الأرواح باقية بعد فراقها الأجساد وهو قول: أهل السنة والجماعة 0
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ". مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ.(1/12)
قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَال:َ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ فَيَقُول:ُ رَبِّيَ اللَّهُ فَيَقُولَانِ: لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ(1/13)
فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُول:ُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَه:ُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي قَالَ: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي(1/14)
الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ: لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ: لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُول:ُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُول:ُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةَ" .
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ قَالَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ: "فَيَنْتَزِعُهَا تَتَقَطَّعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ".(1/15)
قَالَ: أَبِي وَكَذَا قَالَ زَائِدَةُ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَاذَانُ قَالَ قَالَ الْبَرَاءُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَال:َ "وَتَمَثَّلَ لَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الثِّيَابِ حَسَنُ الْوَجْهِ وَقَالَ فِي الْكَافِرِ وَتَمَثَّلَ لَهُ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ".
(ص حم 17803 ص د 4753)
عن زيد بن ثابت قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها. فلولا أن لا تدافنوا لدعوت لله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه" ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: "تعوذوا بالله من عذاب النار"، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال :"تعوذوا بالله من عذاب القبر"، قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: "تعوذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن"، قالوا: نعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن. قال :"تعوذوا بالله من فتنة الدجال"، قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال. ( م 2867)
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا سعد بن معاذ، ولقد ضم ضمة ثم روخي عنه"0(طب 12/232 ص ج 5306)
عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر"0 (ك2/498 صحيحة 1140)
وأما الأنبياء فليس لهم فى القبور ضمة ولا سؤال لعصمتهم 0
قال ابن القيم :
أما عذاب القبر فحق أعاذنا الله منه ، ولا خلاف بين أهل السنة فى ثبوته بالأخبار الصحيحة الصريحة الكثيرة المتواترة تواتراً معنوياً0
قال أحمد بن حنبل :
عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل 0 أهـ
وأما محل العذاب فالروح والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة0(1/16)
ما ينتفع به الميت :
ينتفع الميت من عمل غيره بأمور :
1- دعاء المسلم له ، إذا توفرت فيه شروط القبول لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10) 2- قضاء ولي الميت صوم النذر عنه :
عن عائشة أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه"0
( خ 1952 )
3- قضاء الدين عنه من أي شخص وليا كان أو غيره0
عن سعد بن الأطول أن أخاه مات وترك ثلثمائة درهم وترك عيالاً فأردت أن أنفقها على عياله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن أخاك محبوس بدينه فاقض عنه". فقال: يا رسول الله فقد قضيت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة قال: "فأعطها فإنها محقة". (ص هـ2433)
4- ما يفعله الولد الصالح من الأعمال الصالحة ، فإن لوالديه مثل أجره دون أن ينقص من أجره شئ لأن الولد من سعيهما وكسبهما والله تعالى يقول : (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى)(لنجم:39) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا وَلَمْ تُوصِ وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ أَفَلَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا ؟ قَالَ: "نَعَمْ"ِ .
(م 1004)
ثواب الصدقة وغيرها يصل من الولد إلى الوالد لأنه من سيعه0
قال ابن تيميه (الاختيارات ص 54 ) :
ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعاً أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا أو قرءوا القرآن يهدون ثواب ذلك إلى أموات المسلمين فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل
قال ابن عبد السلام :(1/17)
لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ قرآنا على الموتى ، لا هو ولا أحد أصحابه وقراءة الفاتحة لم يرد فيها حديث صحيح ولا ضعيف0
قال ابن القيم :
لم يكن هديه - صلى الله عليه وسلم - أن يجتمع القراء ويقرأون القرآن لا عند قبره ولا غيره وكل هذا بدعة مكروهة0
5- ما خلفه من بعده من آثار صالحة وصدقات جارية ، لقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (يّس:12) عن أبي هريرة عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"0 ( م1631)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته"0 (ح هـ242)(1/18)
الباب السادس
الشهيد وبدع الجنائز
أولاً : الشهيد
تعريفه : حي حياة خاصة فى قبره يشهد رحمة الله 0
تجهيز الشهيد :
الشهيد لا يغسل ، ويكفن فى ثيابه الصالحة للكفن اتفاقاً ، ولا يصلى عليه 0
عن جابر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: "أيهم أكثر أخذا للقرآن". فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: "أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة". وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصل عليهم. (خ 1343)
عن عقبة بن عامر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: "إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم"0
(خ1344)
قال أحمد : الصلاة على الشهيد أجود وإن لم يصلوا عليه أجزأ0
كفن الشهيد :
يكفن الشهيد فى ثيابه الصالحة للكفن ، ويكمل إن نقص ما عليه من كفن عن كفن السنة وينقص ما زاد عن الثلاث اتفاقاً 0
عن عبد الله بن ثعلبة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أحد: "زملوهم في ثيابهم" 0(حم5/431 ص جنائز ص 60)
أقسام الشهيد:
1- شهيد الدنيا والآخرة :
وهو من مات فى المعركة فى حرب الكفار أو البغاة ، ولم يراء ، ولم يخن فى الغنيمة ولم يقتل مدبراً عن القتال0
وهم أحياء فى البرزخ حياة خاصة0
ويشترط فيهم العقل والبلوغ والإسلام والطهارة وأن يموت عقب الإصابة0
قال الله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ - فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ - يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران 169 – 171)(1/1)
قال الجمهور : حياة الشهيد حياة محققة ، ترد إليهم أرواحهم فى قبورهم فينعمون ويرزقون من ثمر الجنة ، ويجدون ريحها وليسوا فيها0
عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الشهداء على بارق ، نهر بباب الجنة في قبة خضراء ، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا"0
(ص حم2390)
2- شهيد الدنيا فقط :
وشروطه كشروط شهيد الدنيا والآخرة وهو المقتول فى حرب الكفار ، وقد خان فى الغنيمة ، أو قاتل رياء ، أو قتل مدبراً ، فله حكم الشهادة فى الدنيا 0
3- شهيد الآخرة فقط :
بمعنى أنه له ثواباً خاصاً ، وهو من مات فى الطاعون والغريق والمبطون وغيرها.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما تعدون الشهيد فيكم؟" قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال : "إن شهداء أمتي إذا لقليل" ، قالوا: فمن هم؟ يا رسول الله! قال : "من قتل في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في الطاعون فهو شهيد. ومن مات في البطن فهو شهيد. والغريق شهيد"0( م1915 )
ثانياً : بدع الجنائز
قال الألباني فى كتابه أحكام الجنائز:
بدع قبل الوفاة :
1- وضع المصحف عند رأس المحتضر0
2- قراءة سورة (يس) على المحتضر0
3- توجيه المحتضر إلى القبلة0
4- اعتقاد بعضهم أن روح الميت تحوم حول المكان الذي مات فيه0
5- قراءة القرآن عند الميت حتى يباشر بغسله0
6- تقليم أظافر الميت وحلق عانته0
7- إدخال القطن فى دبره وحلقه وأنفه0
8- ترك أهل الميت الأكل حتى يفرغوا من دفنه0
9- شق الرجل الثوب على الأب والأخ0
10- الحزن على الميت سنة كاملة0
11- إعفاء بعضهم لحيته حزناً على الميت0
12- الإعلان عن وفاة الميت من على المناثر0
13- قولهم عند إخبار أحدهم بالوفاة : الفاتحة على رح فلان0
بدع غسل الميت :
14- ذكر الغاسل ذكراً من الأذكار عند كل عضو يغسله0
15- سدل شعر الميتة من بين ثدييها0
بدع الكفن والخروج بالجنازة :(1/2)
16- كتابة دعاء على الكفن 0
17- تزين الجنازة0
18- حمل الأعلام أمام الجنازة0
19- وضع العمامة على الخشبة ، ويلحق به الطربوش وإكليل العروس وكل ما يدل على شخصية الميت0
20- حمل الأكاليل والآس الزهور وصورة الميت أمام الجنازة0
21- ذبح الخرفان عند خروج الجنازة تحت عتبة الباب0
22- حمل الخبز والخرفان أمام الجنازة وذبحها بعد الدفن وتفريقها مع الخبز.
23- اعتقاد بعضهم أن الجنازة إذا كانت صالحة خف ثقلها على حامليها أسرعت0
24- إخراج الصدقة على الجنازة0
25- التزام البدء فى حمل الجنازة باليمين0
26- حمل الجنازة عشر خطوات من كل جانب من جوانبها الأربعة0
27- الإبطاء فى السير بها0
28- التزاحم على النعش0
29- ترك الإنصات فى الجنازة0
30- الجهر بالذكر أو بقراءة القرآن أ البردة أو دلائل الخيرات ونحو ذلك0
31- اتباع الميت بمجمرة0
32- الطواف بالجنازة حول الأضرحة0
33- الإعلام بالجنائز على أبواب المساجد0
34- التزام حمل الجنازة على السيارات تشييعها على السيارات0
35- حمل بعض الأموات على عربة المدفع0
36- الصلاة على الغائب مع العلم أنه صلى عليه فى موطنه0
37- وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة0
الدفن وتوابعه :
38- إنزال الميت فى القبر من قبل رأس القبر0
39- فرش الرمل تحت الميت لغير ضرورة0
40- جعل الوسادة أو نحوها تحت رأس الميت0
41- قراءة ( منها خلقناكم ) فى الحثوة الأولى ( وفيه نعيدكم ) فى الثانية
( ومنها نخرجكم تارة أخرى ) فى الثالثة0
42- تلقين الميت0
43- الرثاء عقب دفن الميت عند القبر0
44- الصدقة عند القبر 0
التعزية وملحقاتها :
45- التعزية عند القبور0
46- الاجتماع فى مكان للتعزية ، وأيضا مأتم الأربعين0
47- تحديد التعزية بثلاثة أيام0
48- اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت0
49- القراءة للأموات وعليهم0
50- السبحة للميت0
51- العتاقة له0
زيارة القبور :
52- زيارة القبور بعد الموت ( الطلعات )(1/3)
53- زيارة القبور يوم عاشوراء العيدين ورجب وشعبان ورمضان ويوم الإثنين والخميس0
54- قراءة الفاتحة للموتى0
55- قراءة ( يس ) على المقابر0
56- قراءة ( قل هو الله أحد ) إحدى عشرة مرة0
57- إرسال السلام إلى الأنبياء عليهم السلام بواسطة من يزورهم0
58- زيارة قبر الجندي المجهول أ الشهيد المجهول0
59- إهداء ثواب العبادات كالصلاة وقراءة القرآن إلى الأموات0
60- قصد القبر للدعاء عنده رجاء الإجابة0
61- اعتقادهم فى الأولياء بالشفاء من الأمراض.
62- السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين0
63- بناء الدور فى القبور والسكن فيها0
64- جعل الرخام أو ألواحاً من الخشب عليها0
65- جعل الداربزين على القبر0
66- تقديم عرائض الشكاوي وإلقاؤها داخل الضريح0
67- استلام القبر وتقبيله0
68- الطواف بقبور الأنبياء والصالحين والدعاء عندهم0
69- الذبح والتضحية عند القبور0
70- التوسل إلى الله تعالى بالمقبور0
71- الإقسام به على الله0
72- الإستعانة بالميت0
73- العكوف عند القبر والمجاورة عنده0
74- رفع القبر والبناء عليه0
75- نقش اسم الميت وتاريخ موته على القبر0
76- بناء المساجد المشاهد على القبور والآثار0
77- تعليق قنديل على القبر0
78- قصد أهل المدينة زيارة القبر النبوي كلما دخلوا المسجد0
79- السفر لزيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - 0
80- التوسل به - صلى الله عليه وسلم - والإقسام به على الله الاستغاثة به والتمسح بالقبر الشريف وتقبيله0(1/4)
الكتاب الثالث الزكاة
الباب الأول: تعريفها فرضيتها شروطها ما تجب فيه .............................. 5
الباب الثاني: زكاة النقدين وعروض التجارة
أولاً: زكاة النقدين ............... 15
ثانياً: زكاة عروض التجارة ..... 19
الباب الثالث: زكاة الزروع والثمار والأنعام
أولاً: زكاة الزروع والثمار........ 25
ثانياً: زكاة الأنعام ................ 30
الباب الرابع: الركاز والمعادن وفضول المال
أولاً: زكاة الركاز والمعادن....... 39
ثانياً: زكاة وفضول المال ........ 42
الباب الخامس: مصارف الزكاة ...... 47
الباب السادس: زكاة الفطر وصدقة التطوع
أولاً: زكاة الفطر .................. 61
ثانياً: صدقة التطوع ................64
الكتاب الرابع الصوم
الباب الأول: الصوم تعريفه وفضله وصيام رمضان
أولاً: الصوم تعريفه وفضله.........73
ثانياً: صيام رمضان............... 75
الباب الثاني: صيام التطوع والصوم المنهي عنه
أولاً: صيام التطوع................. 85
ثانياً: الصوم المنهي عنه ......... 89
الباب الثالث: آداب ومبطلات ومكروهات ومباحات الصوم
أولاً: آداب الصوم ................ 95
ثانياً: مبطلات ومكروهات ومباحات الصوم .............................. 98
الكتاب الخامس الحج
الباب الأول: الحج تعريفه وحكمه وفضله .................................... 131
الباب الثاني: مناسك الحج.......... 147
الباب الثالث: الأماكن المقدسة ...... 189
الباب الرابع : بدع الحج والزيارة .. 205
الكتاب السادس الأذكار
الباب الأول: فضل الذكر والدعاء ....213
الباب الثاني: أدعية اليوم والليلة ... 229
الباب الثالث: عوارض الحياة إلي الممات .................................... 245
الباب الرابع: الحسد والسحر والمرض والموت ........................... 253
الباب الخامس: أدعية الأنبياء والصالحين وفضائل سور القرآن(1/1)
أولاً : أدعية الأنبياء والصالحين ... 265
ثانياً : فضائل سور القرآن ......... 274
الكتاب السابع الجنائز
الباب الأول: المرض ............... 281
الباب الثاني: الاحتضار والموت والروح
أولاً: الاحتضار ...................309
ثانياً: الموت .......................311
ثالثاً: الروح ..................... 323
الباب الثالث: الغسل والتكفين والصلاة علي الميت
أولاً: الغسل ...................... 327
ثانياً: التكفين ..................... 332
ثالثاً: الصلاة علي الميت ......... 336
الباب الرابع: حمل الجنازة والدفن والتعزية
أولاً: حمل الجنازة ............... 349
ثانياً: الدفن ....................... 354
ثالثاً: التعزية ..................... 359
الباب الخامس: القبور ............. 363
الباب السادس: الشهيد وبدع الجنائز
أولاً: الشهيد ...................... 383
ثانياً: بدع الجنائز .................385
الفهرس ...................... 393(1/2)
الباب الثاني
النذور(1/1)
مختصر
القنديل في فقه الدليل
(الجزء الثالث)
كتبه
أبو المنذر عبد الحق بن عبد اللطيف
(حفظه الله)
1427هـ / 2006 م(1/1)
مختصر
القنديل في فقه الدليل
(الجزء الثالث)
كتبه
أبو المنذر عبد الحق بن عبد اللطيف
(حفظه الله)
1427هـ / 2006 م(1/1)
الكتاب الثامن
الأطعمة و الأشربة
الباب الأول
الأطعمة
الطعام هو ما يأكله الإنسان ويتغذى به من الأقوات وغيرها ، وقد يطلق على ما يشرب.
قال الله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) (الأنعام: من الآية145)
الأطعمة والأشربة النباتية لم يحرم الإسلام منها إلا ما صار خمراً ،وحرم ما يحدث الخدر وكل ما يضر الجسد.
ولم يكن فى الشريعة فى ذلك الوقت محرم غير هذه الأشياء الأربعة ثم نزلت التي فى المائدة وزيد فى المحرمات: المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع 00 وزيد أيضا : الخمر0
وحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ، وحرم الحمر الأهلية وغيرها0
والأصل فى الأطعمة الحل ولا يحل منها إلا ما كان طيبا 0
قال تعالى: (يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)(المائدة: من الآية4)
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً)
(البقرة: من الآية168)
والطيب ما تستطيبه النفس وتشتهيه ، ولا يحرم من الأطعمة إلا ما حرمه الله فى كتابه أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - 0
قال تعالى: ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)
(لأعراف: من الآية157)
والطعام إما جماد وإما حيوان
1- الجماد
وهو حلال كله عدا
أ- النجس
مثل : الدم
ب- المتنجس
مثل : السمن الذي وقعت فيه الفارة
عن ميمونة: أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها فقال: "ألقوها وما حولها وكلوه"0(خ5540)
وأما المائع فإنه ينجس بملاقاة النجاسة عند : أبي حنيفة والشافعي وأحمد فى رواية.(1/1)
ولا ينجس إلا إذا تغير بالنجاسة عند : الزهري والأوزاعي والبخاري ومالك وأحمد فى رواية والظاهرية وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وهو الراجح .
جـ - الضار من السموم وغيرها
مثل: النباتات السامة كالتبغ فإنه ضار بالصحة وفيه تبذير وضياع مال .
ومثل: المسكرات والمخدرات ومثل الزجاج والتراب والحجر: لقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)(النساء: من الآية29)
ولقوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(البقرة: من الآية195)
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضرر ولا ضرار".
(هـ2340 صحيحة250)
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً " 0 ( خ 5778 )
د- ما تعلق به حق الغير كالمسروق والمغصوب0
2- الحيوان
وهو نوعان :
أ- الحيوان البحري
وهو حلال كله ولا يحرم إلا ما فيه سم للضرر سواء أكان سمكاً أو غيره ، وسواء أصيد أم وجد ميتاً وهو لا يحتاج إلى تذكية0
لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ )
(المائدة: من الآية96)
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - عن البحر:" هو الطهور ماؤه الحل ميتته".(ص د83)
السمك المملح بدون إخراج ما فى جوفه كالفسيخ السردين والرنجة وغيرها حلال عند: أبي حنيفة وأحمد وبعض المالكية وبعض الشافعية .
حرام عند: بعض المالكية كخليل والدردير وعليش ، وبعض الشافعية كالبحيري والحلواني ومحمود السبكي .
أما المعلب بعد إخراج ما فى جوفه كالسردين والسلامون والتونة فحلال بلا خلاف .
الحيوان البحري حلال كله عند: مالك.
حلال عدا الضفدع عند: الشافعية .
حلال عدا الضفدع والتمساح عند: أحمد .
السمك حلال فقط عند: أبي حنيفة وبعض الشافعية وبعض لحنابلة .(1/2)
لا يحل أكل خنزير الماء ولا إنسان الماء عند: الحنفية والليث ثبت أن بعض الصحابة أكلوا الحوت الميت نصف شهر ، ومعنى ذلك أنهم ملحوه بعد ما أنتن وأكل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا دليل على إباحة السمك المملح.
ويؤكل الطافي من السمك عند: مالك والشافعي والليث والثوري وداود والأوزاعي .
ومن الحيوان ما يكون فى البر والبحر وما يؤكل منه يزكي .
ويحرم أكل الضفدع للنهى الوارد عن قتلها عند: الشافعي.
ويحل عند: مالك.
عن أبي عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الضفدع للدواء0(ص د3871)
ب - الحيوان البري
ما يحل منه
1- بهيمة الأنعام
وهي الإبل والبقر ومنه الجاموس والغنم ويشمل الضأن والمعز ، ويلحق بها بقر الوحش وإبل الوحش والظباء ، فهذا كله حلال بالإجماع0
قال تعالى: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) (النحل:5) 2- الدجاج ومنه
الأوز والبط والحمام 0
عن أبي موسى قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل دجاجا.(خ 5517)
النعام حلال عند : أحمد والشافعي
3- الأرانب
عن أنس أنه ذبح أرنباً وبعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بوركها أو قال:بفخذيها فقبله.
( خ 5535)
أكله مباح عند: الجمهور.
4- العصافير
عن ابن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأله الله عز وجل عنها يوم القيامة"، قيل: يا رسول الله فما حقها؟ قال:" حقها أن تذبحها فتأكلها ولا تقطع رأسها فيرمى بها".( ص حم 6551 )
5- الجراد(1/3)
قال الله تعالى:( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) (لأعراف:133) خلقته عجيبة جمعت مجموعة من الحيوانات ، لها فخذ بكرة ، وساقا نعامة ، وقادمتا نسر ، ورأس وفم خيل ، وعين فيل ، وذنب حية ، ينتشر لا يمر بزرع إلا أجتاحه0
قال شريح القاضي : قبح اللّه الجرادة فيها خلقة سبعة جبابرة رأسها رأس فرس، وعنقها عنق ثور، وصدرها صدر أسد، وجناحها جناح نسر، ورجلاها رجل جمل، وذنبها ذنب حية، وبطنها بطن عقرب.
عن ابْنُ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ. فَأَمَّا الْمَيْتَتَانَ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ، فَالْكَبِدُ وَالطِّحَال" 0(ص هـ3218)
عن ابن أبي أوفى قال: غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أو ستاً، كنا نأكل معه الجراد.(خ5495 )
فأكله حلال عند: الشافعي وأبي حنيفة وأحمد وحكى النووي الإجماع
ما اختلف فيه:
قال الله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأنعام:145)
1- الضب
يشبه الفأر ولكنه أكبر منه قليلاً يعيش 70 سنة ولا يشرب الماء ويبول فى كل أربعين يوماً قطرة0
عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" الضب لست آكله ولا أحرِّمه". (خ5536)(1/4)
عن خالد بن الوليد قال:أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بضب مشوي، فأهوى إليه ليأكل، فقيل له: إنه ضب، فأمسك يده، فقال خالد: أحرام هو؟ قال: "لا، ولكنه لا يكون بأرض قومي، فأجدني أعافه". فأكل خالد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر. ( خ 5537 )
فالضب حلال عند: مالك والشافعي والأوزاعي والجمهور وأحمد.
مكروه عند: أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد والثوري.
2- الضبع
عن ابِن أبي عَمّارٍ قال: قُلْتُ لَجابر: الضّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قالَ: نَعَمْ. قال قلت: آكُلُهَا؟ قال: نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ أَقَالَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: نَعَمْ .( ص ت 1791 )
الضبع حلال عند: الشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد وابن حزم وداود ومالك .
حرام عند: أبي حنيفة والهادوية.
مكروه عند: أبي حنيفة وأصحابه ومالك .
3-الخيل
سميت الخيل خيلا لاختيالها فى المشي
عن أسماء قالت: نحرنا فرساً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكلناه.( خ 5519 )
الخيل حلال عند: الجمهور والشافعي وأحمد وأبي يوسف وابن تيمية واسحق.
حرام عند: أبي حنيفة .
مكروه عند: مالك والأوزاعي.
قال ابن تيمية : إذا تولد البغل بين فرس وحمار وحشي جاز أكله ، وهكذا كل متولد بين أصليين مباحين0
وإنما حرم ما تولد بين حلال وحرام كالبغل الذي أحد أبويه حمار أهلي
( الفتاوى 35/208 )
عن جابر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، ورخص في الخيل.( خ5520)
4- الحمار الوحشي
عن جابر قال: أكلنا،زمن خيبر، الخيل وحمر الوحش ونهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحمار الأهلي.(م1941)
فالحمار الوحشي حلال بالإجماع
5- القنفذ
حلال عند: الشافعي وأصحاب الرأي وابن أبي ليلى والليث وأبي ثور والشوكاني ومالك والجمهور.
حرام عند: أبي حنيفة .
السلحفاة يجوز أكلها عند: مالك.
6- اليربوع
وتسميه العامة الجربوع حيوان طويل الرجلين قصير اليدين لونه كالغزال(1/5)
حلال عند: الشافعي وأبي ثور ومالك وأحمد فى رواية والشافعي وأصحابه وابن المنذر.
مكروه عند: أبي حنيفة وأحمد فى رواية.
ما يحرم منه
1- العشرة المحرمة فى كتاب الله
قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ )(المائدة: من الآية3)
والآية تفيد الحصر0
أ- الميتة
ما مات حتف أنفه من غير ذكاة ولا اصطياد 0
والحكمة فى تحريمها أنها ضارة ربما تكون قد ماتت بمرض ، كما أن انحباس الدم فيها يؤدي إلى فساد لحمها فهي ضارة للدين والبدن0
الميتْ : هو الذي فارق الحياة.
الميتِّ : الذي فارق الحياة ، والذي لم يمت بعد0
وجلد الميتة قبل الدبغ نجسة وبعده تصير طاهرة عند: الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأبي يوسف .
ولا تطهر بالدبغ عند: أحمد
أنفحة الميتة نجسة عند: الشافعي .
طاهرة عند: أبي حنيفة ومالك.
ب- الدم المسفوح
حرام لضرره ، وهو أصلح بيئة لنمو الميكروبات ، ونجس لا يجوز أكله ولا الانتفاع به0
أما غير المسفوح كالكبد والطحال فحلال ، وكذا ما يكون فى اللحم.
جـ - لحم الخنزير
قذر حيث أن أشهى غذاء للخنزير القاذورات ، وأكل لحمه يسبب الدودة القتالة وهي ذات مخالب تنتقل للإنسان وتتجه إلى قلبه، واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم ، أما شعره فمباح0
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ لَعِبَ بِالنّرْدَشِير ِ، فَكَأَنّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِه"ِ0 (م2260 )(1/6)
عن جابر أنه سمع أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن اللّه حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل: يا رسول اللّه أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال:" لا، هو حرام". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قاتل الله اليهود ، إن الله لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه"0 (خ 2236 )
د- ما أهل لغير الله به
ذكر اسم غير الله عند ذبحه ، وهذا التحريم من أجل المحافظة على التوحيد ، أو ما ذبح لغير الله كالذي يذبح تقرباً للأولياء فهو شرك وإن جعل الذبح لله والثواب للشيخ فهو يحرم أيضا لأنه تشبه بالمشركين والمجوس0
هـ - المنخنقة
التي تخنق فتموت ، إما فى وثاقها، وإما بإدخال رأسها فى الموضع الذي لا تقدر على التخلص منه.
قال قتادة : كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة حتى إذا ماتت أكلوها0
و- الموقوذة
التي ضربت بعصا أو نحوه فقتلت.
قال قتادة: كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصا حتى إذا ماتت أكلوها.
ز- المتردية
التي تقع من مكان عال فتموت ، أو تقع فى بئر ونحوه فتموت0
ح - النطيحة
التي تنطحها أخرى فتموت 0
ط - وما أكل السبع إلا ما ذكيتم
كالأسد أو النمر أو الكلب فأكل بعضها فماتت0
قال قتادة: كان أهل الجاهلية إذا أكل السبع شيئاً من هذا أو أكل منه ، أكلوا ما بقي0 (أثر 1130طبري)
وما جرحه الحيوان المفترس إلا إذا أدركتموه وفيه حياة من هذه المذكورات فذبحتموه فإنه يحل حينئذ ، بحيث إذا أدركت منه عيناً تطرف ، أو ذنباً يتحرك ، أو رجل تركض ، أي تحركت حركة تدل على بقاء الحياة فيها بعد الذبح0
ى - وما ذبح على النصب
ما ذبح وقصد به تعظيم الطاغوت ، والطاغوت كل ما عبد من دون الله أو ما ذبح على الأحجار المنصوبة التي كانوا يعظمونها ، وكان لهم 360 حجراً حول الكعبة يذبحون عندها ويضعون اللحم عليها0(1/7)
الحيوان الذي خنق أو وقذ أو تردى أو أفترس وأدركت فيه حياة مستقرة فإنه لو ذكى حل ، أما لو مات فإنه يحرم .
وإذا لم يمت ولكن غلبه على الظن أنه لن يعيش فإذا زكى حل عند: الأحناف والشافعية ومالك فى قول .
ويحرم عند: بعض المالكية وبعض الشافعية0
عن علي بن أبي طالب. أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" لعن الله من ذبح لغير الله. ولعن الله من آوى محدثا. ولعن الله من لعن والديه. ولعن الله من غير منار الأرض" 0 ( م 1978 )
محدثاً : هو من يأتي لما فيه فساد فى الأرض من جناية على غيره أو غير ذلك0
من ذبح لغير الله لا تحل ذبيحته ، وإن قصد تعظيم المذبوح له كفر0
2- ما قطع من الحي
عنْ أبي وَاقِدٍ قال: قال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - : "مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيّةٌ فَهِيَ مَيّتَة"0
(ص ت 1480)
يستثنى منه ك ميتة السمك والجراد ، وعظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها وجلدها إذا دبغ0
3- الحمر الأهلية والبغال
البغل هو ما تولد بين مأكول وهو الحصان وغير مأكول وهو الحمار فصار حراماً لأن جانب الحظر يغلب جانب الإباحة0 قال الله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً) (النحل:8) عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِي قالّ: حرمّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيّة0(خ 5527)
عن جابر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في لحوم الخيل.(خ5520)
عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر منادياً فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحُمُر الأهلية، فإنها رجس. فأكفئت القدور، وإنها لتفور باللحم. (خ 5528)
ويطهر جلده بالدباغ عند: مالك.
ولحوم الحمر الأهلية حرام عند: الجمهور ومالك فى رواية وأبي حنيفة والشافعي وداود وأحمد.(1/8)
ولحوم البغال حرام عند: الجمهور والشافعي وأبي حنيفة وأحمد ومالك.
وتباح عند: ابن حزم واحتج المجيزون بقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأنعام:145) هذه الآية نزلت بمكة ثم أوحى الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بتحريم أشياء أخرى0
4- السباع
كالأسد والنمر والذئب والكلب والفهد0
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" كُلّ ذِي نَابٍ مِنَ السّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ ".
( م 1933 )
يحرم أكل لحم ما له ناب من السباع عند : أبي حنيفة والشافعي وأحمد ومالك فى رواية والجمهور والهادوية وداود0
عنِ ابنِ عَبّاسٍ قالَ: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنْ أكْلِ كُلّ ذِي نَابٍ مِنَ السّبَاعِ.
( خ 5530)
كل ذي ناب : الناب السن خلف الرباعية ، ولا يجتمع فى حيوان واحد ناب وقرن معاً 0
من السباع: كالأسد والذئب والنمر والفيل والقرد والكلب والفهد والهر، وكل ماله ناب يتقوى به ويصطاد عند الجمهور.
السباع: الفيل والضبع واليربوع والهر عند: أبي حنيفة.
السباع : الأسد والنمر والذئب عند: الشافعي ومالك.
الثعلب : أجاز أكله الشافعي وأصحاب أبي حنيفة ومالك فى رواية
وحرمه أبو حنيفة وأحمد فى رواية.
الفيل : أجاز أكله ابن حزم ومالك فى رواية والشعبي.
ويحرم أكله عند: الجمهور وأبي حنيفة والشافعي وأحمد ومالك وابن قدامه والنووي.
القرد : يحرم أكله عند: الجمهور والأحناف والشافعي والحنابلة وبعض المالكية ونقل ابن عبد البر الإجماع.
ابن آوى : يحرم عند: الأحناف والحنابلة والشافعية.
ويباح عند: بعض المالكية وبعض الشافعية.(1/9)
الهر محرم عند : بعض المالكية وبعض الشافعية.
5- الطير ذو المخلب
مثل: الصقر والعقاب والنسر
عن العِرباضِ وهو ابنِ ساريةَ عن أبيها أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى يَوْم خيبرَ عن لحوم كلّ ذِي نَابٍ من السّبَاعِ وعن كلّ ذِي مَخْلَبٍ من الطيرِ وعن لُحومِ الْحُمُرِ الأهليةِ وعن المُجَثّمَةِ وعن الْخَلِيسَةِ وأن تُوطَأَ الْحَبَالَى حتى يَضَعْنَ ما في بُطونِهِن 0 (ص ت1474)
الْخَلِيسةِ : الذئبُ أو السبعُ يدرِكُهُ الرجلُ فيأخذُه منهُ فيموتُ في يدِه قبل أن يُذَكّيهَا.
المجثّمَةِ : أن يُنْصَبَ الطّيْرُ أو الشيءُ فيُرْمَى
عن ابن عباس قال : نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مخلب من الطير.(م1934)
فهو محرم عند: الجمهور وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وبعض المالكية وداود وابن حزم .
ويحل عند: مالك والليث والأوزاعي0
6- الدب
يحرم أكل لحمه عند : مالك والشافعي وأحمد.
ويباح عند : المالكية والحنابلة.
7- الجلالة
وهي التي تأكل العذرة من الإبل والبقر والغنم والدجاج والجلة هي البعرة وهي أكثر علفها النجاسة.
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه قال: نهى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلالة؛ عن ركوبها، وأكل لحمها. (ص د3811)
وعلة النهي عن ركوبها هي أنها تعرق فتلوث من عليها بعرقها.
عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : نهى عن لبن الجلالة 0 (ص د3786)
وتطهر الجلالة بحبسها وعلفها طاهراً حتى يطيب لحمها، فيذهب اسم الجلالة عنها وتحل0
تحبس الإبل والبقر أربعون يوماً ، والغنم سبعة أيام ، والدجاج ثلاثة ، وهو قول الحنابلة0
عن ابن عمر: أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثاً .
فيحرم أكل الجلالة عند: بعض الشافعية وأحمد والثوري.
ويكره عند: أبي حنيفة والشافعي وأحمد فى رواية ومالك.
أما لبنها وبيضها فطاهرعند: الجمهور.(1/10)
ويكره عند: المالكية والأحناف وأحمد فى رواية والشافعي.
الزروع التي تسقي أو تسمد بالنجاسات طاهرة عند: مالك والشافعي وأبي حنيفة .
نجسة يحرم أكلها عند: أحمد ،وتطهر إذا سقيت بالطاهرات كالجلالة
ما أمر الشارع بقتله
فهو حرام أكله عند الجمهور
عن حَفْصَةُ زَوْجُ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" خَمْسٌ مِنَ الدّوَابّ كُلّهَا فَاسِقٌ. لاَ حَرَجَ عَلَىَ مَنْ قَتَلَهُنّ: الْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَارَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُور"0(م 1198)
الغراب: هو الأبقع الذي فى ظهره وبطنه بياض.
الكلب العقور : كل ما عقر الناس وأخافهم أسداً كان أو ذئباً أو نمراً أو كلباً ، والعقور يعني الجارح.
الغراب يحرم أكله عند: الشافعي وداود وابن حزم.
الحدأة يحرم أكلها عند: الشافعي وداود وابن حزم.
عَنْ سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمّاهُ فُوَيْسِقَاً.
(م 2238)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - :" مَنْ قَتَلَ وَزَغَاً فِي أَوّلِ ضَرْبَة كُتِبَتْ لَهُ مائِةُ حَسَنَةٍ. وَفِي الثّانِيَةِ دُونِ ذَلِكَ. وَفِي الثّالِثَةِ دُونَ ذَلِك".( م2240 )
الوزغ : سام أبرص أي حشرة مؤذية سامة وقيل: هو البرص.
ما نهى الشارع عن قتله
فهو حرام أكله أيضاًُ.
عن ابنِ عَبّاسٍ قالَ: إِنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدّوَابَ: النّمْلَةُ، وَالنّحْلَةُ وَالْهُدْهُدُ وَالصّرَد0(ص د2490)
النملة: السليماني الكبار ذوات الأرجل الطوال فإنها قليلة الأذى ، ولا يجوز قتله بالإجماع.
والنحلة: لكثرة منافعها فيخرج منها العسل وهو شفاء والشمع ، ويجوز أكلها عند : بعض السلف.
والهدهد: لأنه لا يضر ولا يحل أكله و يحرم أكله عند: الشافعي.(1/11)
الصرد: طائر فوق العصفور ، ويجوز أكله عند: مالك والشافعي فى قول.
عن أبي عبد الرحمن بن عثمان: أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الضفدع.
(ص د387)
الحشرات والزواحف :
عن أبي لبابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لا تقتلوا الجنان، إلا كل أبتر ذي طفيتين ، فإنه يسقط الولد، ويذهب البصر، فاقتلوه".( خ3311 )
الجنان : الحيات الصغيرة التي تسكن البيوت.
ذو طفيتين : الحية التي فى ظهرها خطان ، وهي شر الحيات.
يذهب البصر : يعمي البصر.
الأبتر : القصير الذنب.
عن صيفي. وقال فيه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إن لهذه البيوت عوامر. فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب، وإلا فاقتلوه ، فإنه كافر".( م 2236 )
فحرجوا: آذنوا ، والمراد به الإنذار ، ويقتلها من غير إنذار إلا حيات المدينة فينذرها فإن لم تنصرف قتلها0
يقول لها: أنت في حرج ، أي في ضيق ، إن عدت إلينا. فلا تلومينا أن نضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل أو نحو ذلك.
والحرج : الضيق وقيل الإنذار لحيات المدينة وغيرها .
الحيات يحرم أكلها عند: الشافعي وداود وابن حزم وأحمد .
حلال إذا ذكيت عند: مالك.
الفأرة يحرم أكلها عند: الجمهور وأحمد ومالك .
الخفاش يحرم عند: أحمد .
الحشرات كالديدان والخنافس والعقارب محرمة عند: الشافعي وأحمد
ما تولد من مأكول طاهر كدود الخل والجبن والتمر توكل عند: أحمد
10- الخبائث
قال تعالى: ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ )
(لأعراف: من الآية157)
الطيبات : ما ستطيبه الناس من غير ورود نص بتحريمه.
الخبائث : كل مستقذر كالبصاق والمخاط والعرق والمني والروث والقمل والبراغيث ونحو ذلك0
وقيل يحرم من البهيمة المذكاة سبعة : الدم المسفوح والذكر والأنثييان والقبل ـ فرج الأنثى ـ والغدة والمثانة ، مجمع البول ، والمرارة وهو قول الخطابي والشافعي.(1/12)
وقيل الدم حرام والباقي مكروه وهو قول الخطابي والشافعية.
وعند الحنابلة الغدة وأذن القلب مكروهان.
وهذه الأشياء مما تستخبثه الطباع السليمة .
والكلب من الخبائث عند: الشافعي ، أما ما سكت عنده الشارع فهو حلال، تبعاً للقاعدة المتفق عليها وهي الأصل فى الأشياء الإباحة وهذه القاعدة من أصول الإسلام 0
عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم هو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئاً"وتلا {وما كان ربك نسياً}0(ك2/375 ح غايةالمرام2)
وأما ما أنفصل عن الحيوان كاللبن والإنفحة والبيض ، فقد اتفق الفقهاء على أن الخارج من الحيوان الحي يتبع لحم ذلك الحيوان فى إباحته أو كراهته أو تحريمه.
فيباح إذا خرج من الحيوان المأكول.
ويكره إذا خرج من الجلالة.
ويحرم إذا خرج من الميتة0
وأما السمن الصناعي فبعضه نباتي وهو حلال وبعضه مخلوط بشحوم ، وهذه الشحوم إن كانت شحوم خنزير أو حيوان لم يذكى على الوجه الشرعي فإنها تحرم0
أما إذا كانت من شحوم حيوان حلال مذكي فإنها حلال ، أما عن الإنفحة فقد أجمعت الأمة على جواز أكل الجبن ما لم تخالطه نجاسة0
و الإنفحة إن أخذ تها من حيوان ذبح ذبحاً شرعياً فإنها تكون طاهرة عند: الجمهور والأحناف والمالكية والحنابلة0
أما إذا أخذت الإنفحة من ميت أو مذكى ذكاة غير شرعية ، فإنها تكون نجسة لا تؤكل عند: المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية0
وطاهرة عند : أبي حنيفة وابن تيمية.
قال ابن تيمية : المائع لا يتغير بملاقاة النجاسة إذا لم تغير النجاسة أحد أوصافه0
التحريم العارض للحيوانات المباحة
1- الإحرام بالحج أو العمرة:
يحرم صيد الحيوان البري المأكول ، فإذا صاد حيواناً أو أمسكه فذبحه كان كالميتة محرماً0
2- وجود حيوان الصيد البري المأكول فى نطاق (الحرم المكي ):(1/13)
فإنه يحرم قتله أو ذبحه ويكون كالميتة ولا فرق بين أن يكون قاتله محرماً أو غير محرم وذلك لحرمة المكان لقوله تعالى: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً)
(آل عمران: من الآية97)
وقد ثبت أيضا بالسنة الصحيحة وإجماع المسلمين ، وهذا التحريم يشمل الحرم المدني أيضاً عند كثير من الفقهاء0
قال الشوكاني (الدراري 2/158) : الأصل فى كل شئ الحل ولا يحرم إلا ما حرم الله تعالى ورسوله وما سكتا عنه فهو عفو فيحرم ما كان فى الكتاب العزيز وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير والحمر إلا نسيه والجلالة قبل الاستحالة والكلاب والهر وما كان مستخبثاً وما عدا ذلك فهو حلال0
3- وطء الآدمي للحيوان:
يجوز أكله مع الحرمة الشديدة على الواطئ عند: الجمهور0
عن ابنِ عَبَّاسٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"من وجدتموهُ وقعَ على بهيمةٍ فاقتلوهُ واقتُلوا البهيمةَ"0(ح د 4464)
الذكاة الشرعية
الذكاة : هي ذبح الحيوان أو نحره بقطع حلقومه أو مريئه ، وإن لم يذك فلا يحل أكله ، وتحل ذكاة كل مسلم وكتابي ، ذكراً كان أو أنثى0
والذبح لا يحل إلا إذا كان لله تعالى .
عن علي - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لعن الله من ذبح لغير الله "0(م1978)
والحيوان قسمان: مقدور على ذكاته ، وذكاته فى حلقه ولبته0
وغير مقدور على ذكاته وذكاته عقره حيث قدر عليه0
ما يجب فى الذكاة
1- أن يكون الذابح عاقلاً سواء أكان ذكراً أو أنثى ، مسلماً أو كتابياً ، فإن كان مجنوناً أو صبياً غير مميز أو مشركاً أو مرتداً فإن ذبيحته لا تحل0
قال تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ )
(الأنعام: من الآية121)
ثم استثنى فقال: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) (المائدة: من الآية5)(1/14)
يعني تحل ذبيحة النصراني واليهودي ، والمجوس ليسوا بأهل كتاب عند: الجمهور، وهم أهل كتاب عند: أبي ثور والظاهرية.
2- أن تكون الآلة التي تذبح بها محددة يمكن أن تنهر الدم وتقطع الحلقوم ، مثل: السكين والحجر والخشب وكل شئ يقطع إلا السن والظفر.
عن عباية بن رفاعة بن رافع عن جده قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكلوه ، ليس السن والظفر"0 (خ5498)
3- قطع الحلقوم والمرئ والودجين ، وبهذا يتحقق كمال الذبح0
اتفق الفقهاء على محل الذبح وهو الحلق واللبة ، ولا يجوز الذبح فى غير هذا المحل ويكون ميتة.
ولا تصح الذكاة بقطع الودجين مع الحلقوم عند: مالك. وتصح بقطع الحلقوم والمرئ فقط عند: الشافعي وأحمد فى رواية .
ويقطع ثلاثة من الأربعة الحلقوم والمرئ والودجين عند: أبي حنيفة.
إذا استمر الذابح فى ذبحه حتى قطع النخاع فيباح أكلها مع الكراهة عند: الجمهور .
والنخاع: خيط أبيض فى جوف الفقار.
ولا تؤكل عند : المالكية.
الحلقوم : هو مجرى النفس ، والمرئ مجرى الطعام والشراب.
والودجان : هما عرقان فى صفحتي العنق يحيطان بالحلقوم.
والحلق : هو ما بين الفم والمرئ.
واللبة : هي اللهزنة التي فوق الصدر وهي موضع القلادة من العنق
أما إذا ذبح من القفا حتى الودجين والحلقوم أو المرئ فتحل مع الكراهة عند : الجمهور والشافعية ورواية عند الحنابلة .
ولا تحل عند: المالكية والحنابلة فى قول لهما .
الوريد: كل عرق يحمل الدم الأزرق من الجسد إلى القلب.
وحبل الوريد : عرقان بصفحتي العنق متصلان بالوتين.
والوتين : عرق فى القلب إذا قطع مات صاحبه ، وهو الشريان الرئيسي الذي يغذي الجسم بالدم النقي الخارج من القلب.
4- التسمية : كل ما ذبح ولم يذكر اسم الله عليه فهو حرام
قال تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ )
(الأنعام: من الآية121)(1/15)
عن عباية بن رفاعة بن رافع عن جده قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل " .(خ 5498)
إن تركها عمداً حرم وإن تركها نسياناً حل عند: أبي حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد واسحق وأبي ثور وداود .
إن تركها عمداً أو خطأ ما دام الذابح أهلا ًللذبح تحل عند : الشافعي والأوزاعي.
عن عائشة رضي الله عنها: أن قوماً قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن قوماً يأتوننا باللحم، لا ندري: أذُكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: "سمُّوا عليه أنتم وكلوه"،قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر. ( خ5507 )
والتسمية واجبة عند: الأحناف والمالكية والحنابلة والظاهرية .
سنة عند: الشافعية والمالكية فى رواية.
ما يكره فى الذكاة
1-أن يكون الذبح بآلة كالة0
عن شَدَّادِ بن أوس عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنَّ اللَّهَ تَعالى كَتَبَ الإِحْسانَ على كُلَ شَيْءٍ، فإذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ".( م 1955 )
كتب : طلب لتشمل الواجب والمندوب.
الإحسان : فعل حسن.
على : فى.
فأحسنوا القتلة: يختار أسهل الطرق وأخفها ايلاماً وأسرعها ذهوقاً0
( قصد بذلك القتل المشروع كالحد والقصاص)
وليحد : للأمر وجوباً فى الكالة وندباً فى غيرها.
شفرته : السكينة العريضة.
فأحسنوا الذبحة : ارفقوا بالبهائم فلا تصرعوها بعنف ، ولا يجرها جراً عنيفاً ليذبحها ، وأن يحد الآلة0
2- كسر عنق الحيوان أو سلخه قبل زهوق روحه0
3- أن تحد الشفار أمام الحيوان0
وإذا ذبح الحيوان وفيه حياة أثناء الذبح حل أكله ، ولو لم تكن هذه الحياة مستقرة بعيش الحيوان بمثلها ، وكذلك المريضة التي لا يرجى حياتها إذا ذبحت وفيها الحياة0
وتعرف الحياة بحركة يدها أو رجلها أو ذنبها أو جريان نفسها أو نحو ذلك0(1/16)
فإذا صارت فى حالة النزع ولم تحرك يداً أو رجلاً فإنها فى هذه الحالة تعتبر ميتة ولا تفيد فيها الذكاة0
بعض أحكام التذكية:
1- إذا رفع المذكي يده قبل تمام الذكاة ثم رجع فوراً وأكمل الذكاة فإن هذا جائز لأنه جرحها ثم ذكاها بعد وفيها الحياة فهي داخلة فى قوله تعالى ( إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ)(المائدة: من الآية3)
2- الحيوان الذي يحل بالذكاة ، وإن قدر على ذكاته ذكى فى محل الذبح ، وإن لم يقدر عليها كانت ذكاته بجرح منه فى أي موضع من بدنه بشرط أن يكون الجرح مدمياً يجوز وقوع القتل به وهذه فيما لم يقدرعليه.
عن عَبايةَ بنِ رِفاعةَ بنِ رافعِ عن أبيهِ عن جَدّهِ رافعٍ بن خديج قال: كُنّا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ فَنَدّ بَعِيرٌ مِنْ إبِلِ الْقَوْمِ ولم يكُنْ معهُمْ خَيْلٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فحبَسَهُ الله، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :"إنّ لهذه البَهائمِ أوَابِدَ كأوابِدِ الوحْشِ فما فَعَلَ منها هذا فافْعَلُوا به هكذا".(حم4/140 ص غليل 2534)
وعند البخاري بلفظ:( إن هذه الإبل) (خ5509)
ند : شرد وذهب على وجهه.
الأوابد : التي تأبدت أي توحشت.
قال الترمذي : الحيوان الذي تمرد أو شرد فلم نقدر عليه أو وقع فى بحر وخفنا غرقه ، فنضربه بسكين أو بسهم فيسيل دمه فيموت فهو حلال وهذا فى حال الضرورة0
3- إذا خرج الجنين من بطن أمه وفيه حياة مستقرة وجب أن يزكي
فإن ذكيت أمه وهو فى بطنها فذكاته ذكاة أمه إذا خرج ميتاً أو به رمق
وهو قول أحمد واسحق والشافعي وابن القيم وابن المنذر.
وخالفهم : أبو حنيفة والهادوية وابن حزم.
4- إذا خرج الجنين ولم ينبت شعره ويتم خلقه لا يجوز أكله عند: أبي حنيفة ومالك .
ويجوز عند: الشافعي.
عن أبي سعيدٍ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - :"ذكاةُ الجنينِ ذكاةُ أُمِّه" 0 (ص د2827)(1/17)
المصبورة : هي الحيوان الذي يربط ويجعل غرضا للرماة لم يحل أكله ويصير ميتة بالإضافة إلى حرمة هذا الفعل0
عن أنسٌ - رضي الله عنه - : نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِم0 (ص ن4135)
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْراً.(م1959)
والمجثمة : هي الطائر أو الأرنب يربط ويجعل غرضاً ثم يرمى حتى يقتل
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لاَ تَتّخِذُوا شَيْئا فِيهِ الرّوحُ غَرَضا".
(م1957)
5- وتحل ذبيحة المرأة ولو كانت حائضاً ، وتحل ذبيحة الجنب ، وذبيحة الأخرس ، إذا كانت له إشارة مفهمة ، وذبيحة الأعمى ، وذبيحة الأقلف وهو من لم يختتن.
6- سلخ جلد الذبيحة قبل زهوق روحها مكروه ، وأيضاً يكره قطع لحم الذبيحة قبل زهوق روحها عند : الجمهور والحنفية والمالكية والحنابلة .
7- يكره الذبح بسكين مغصوب أو مسروق أو كال غير مسنون، ويكره ترك سنة من سنن الذبح.
8- الحيوان المريض الذي أشرف على الموت يحل أكله عند: الأحناف والشافعية والنووي.
9- الحيوان المذبوح بدون إذن مالكه يحل أكله عند: الجمهور ولا يحل عند إسحق والظاهرية.
10- قال المودودي فى كتابه( ذبائح أهل الكتاب) :الشروط الثابتة من القرآن والأحاديث الصحيحة لحل لحم الحيوان هي :
1- ألا يكون مما قد حرمه الله ورسوله فى حد ذاته .
2- أن يكون مما تحققت ذكاته على الوجه المشروع .
3- أن يكون مما ذكر اسم الله عليه عند ذبحه .
فكل لحم لا يتوفر فيه هذه الشروط الثلاثة خارج من دائرة الطيبات ومعدود من الخبائث التي لا يحل أن يتعاطاها رجل مؤمن بالله واليوم الآخر0(1/18)
11- قال الشوكاني (الدراري2/164) : هو ما أنهر الدم وفرى الأوداج وذكر اسم الله عليه ولو بحجر أو نحوه ما لم يكن سناً أو ظفراً ويحرم تعذيب الذبيحة والمثلة بها وذبحها لغير الله وإذا تعذر الذبح بوجه جاز الطعن والرمي وكان ذلك كالذبح ، وذكاة الجنين ذكاة أمه وما أبين من الحي فهو ميتة ويحل ميتتان ودمان : السمك والجراد والكبد والطحال وتحل الميتة للمضطر0 أهـ
الصيد
الصيد هو: اقتناص الحيوان الحلال المتوحش بالطبع الذي لا يقدر عليه
وهو مباح لقوله تعالى : ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)(المائدة: من الآية2)
والصيد مباح كله عدا صيد الحرم لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (المائدة:96)
صيد البحر : السمك الطري.
طعامه: السمك الميت أو المملح.
السيارة: القافلة.
والصيد المباح هو الذي يقصد به التذكية ، فإن لم يقصد التذكية فإنه يكون حراما ، ولا يجوز قتل الحيوان إلا للمأكل .
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لاَ تَتّخِذُوا شَيْئا فِيهِ الرّوحُ غَرَضا".
( م1957)
غرضاً : الهدف يصوب إليه0
عن ابن عمر أنه مروا بفتية ، نصبوا دجاجة يرمونها ، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها ، وقال ابن عمر: من فعل هذا ؟ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن من فعل هذا0
(خ5515)
ويشترط فى الصائد ما يشترط فى الذابح بأن يكون مسلماً أو كتابياً0
والصيد يكون بالسلاح الجارح كالرماح والسيوف والسهام ونحوها ويكون أيضا بواسطة الحيوان.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ)(المائدة: من الآية94)
أيديكم : أي الضعيف والصغير.
رماحكم: أي الكبير.(1/19)
وقال جل شأنه : (يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (المائدة:4) الجوارح : الكلاب والفهود والصقور المعلمة ونحوها0
فمتى كان الجارح معلماً وأمسك على صاحبه وكان قد ذكر اسم الله عليه حل الصيد وإن قتله بالإجماع0
عن أبي ثعلبة الخُشَني قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك المعلَّم فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك غير معلَّم فأدركت ذكاته فكل"0 (خ 5478)
شروط الصيد بالسلاح
1- أن يخرق السلاح جسم الصيد وينفد فيه0
فيحل ما يصاد بالبنادق التي ترمي بها البارود والرصاص ، لأن الرصاص يخرق فله حكم السلاح وإن لم يدرك الصائد بها ذكاة الصيد إذا ذكر اسم الله على ذلك0
وأما الرمي بالخذف فلا يجوز0
عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف وقال:"إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا. ولكنها تكسر السن وتفقأ العين"0 (م 1954)
2- أن يذكر الصائد اسم الله عند رمي الصيد0
والتسمية شرط عند : أبي ثور والشعبي وداود وأحمد فى رواية.
شروط الصيد بالجوارح
مثل: الصقر والفهد والكلب وغيرها مما يقبل التعليم
1- تعليم الحيوان الصيد
أن يمسك على صاحبه بترك الأكل من الصيد فإن أكل فقد أمسك على نفسه فلا يحل صيد 0
عن عدي بن حاتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أرسلت كلابك المعلَّمة، وذكرت اسم الله، فكل مما أمسكن عليكم وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلب، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه0 ( خ 5487)
2- أن يرسله ويذكر اسم الله
فإذا انبعث الحيوان من تلقاء نفسه من غير إرسال فلا يجوز صيده لأنه صاد لنفسه.(1/20)
إذا رمى الصائد الصيد فأصابه ثم غاب عنه ثم وجده بعد ذلك ميتاً فإنه يكون حلالا بشروط ثلاثة :
1- أن لا يكون قد تردى من جبل ، أو وجده فى الماء ، لاحتمال أن يكون موته بالتردي أو الغرق0
عَنْ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصّيْدِ؟ قَالَ:"إِذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللّهِ. فَإنْ وَجَدْتَهُ قَدْ قَتَلَ فَكُلْ. إلاّ أَنْ تَجِدَهُ قَدْ وَقَعَ فِي مَاءٍ، فَإِنّكَ لاَ تَدْرِي، الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُك"0 ( م1929)
2- أن يعلم أن رميته هي التي قتله وليس به أثر من غيره أو حيوان آخر.
عديِّ بنِ حاتمٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا علمتَ أنَّ سهمكَ قتلهُ ولم ترَ فيهِ أثرَ سبعٍ فكُل".(ص ت 1468)
3- أن لا يفسد فساداً يبلغ درجة النتن فإنه حينئذ يكون من المستقذرات الضارة التي تمجها الطباع0
عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إذا رميت بسهمك فغاب ثلاث ليالي فأدركته فكل ما لم ينتن"0 (ص حم17673)
عن عدي بن حاتم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إذا رميت بالمعراض فخذق فكله ،وإن أصابه بعرضه فلا تأكل".(م 1929)
المعرض: السهم الذي لا ريش عليه.
حكم بيع الكلاب:
لا يجوز بيع الكلاب سواء أكانت معلمة أو غير معلمة عند: الشافعية والحنابلة وبعض المالكية.
ويجوزعند: الأحناف وبعض المالكية.
عَنْ أبي هُريرَةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نَهَى عَنْ ثمنِ الْكَلْبِ، إلاّ كَلْبَ الصّيْدِ.
(ح ت1281)
فالصحيح أنه يجوز بيع الكلاب المعلمة وكلب الصيد مثل: كلب الحراسة
حكم اقتناء الكلاب
يجوز اقتناء الكلاب التي تتخذ للصيد والماشية والزرع بالإتفاق0
لقوله تعالى: ( وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ)(المائدة: من الآية4)(1/21)
عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من اتخذ كلبا، إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع، انتقص من أجره كل يوم قيراط"0 (م 1575)
اتخذ : اقتنى
القيراط : جزء من أجزاء الدينار وهو نصف عشره أي نقص جزء من أجر عمله ويقاس على هذه الثلاثة اتخاذها لحفظ الدور والحراسة إذا احتيج إلى ذلك0
عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب. إلا كلب صيد أو كلب غنم أو ماشية.(م 1571)
كلب ماشية : الكلب الذي يتخذ لحراسة الماشية
عن جابر - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب. حتى أن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله. ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها. وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين. فإنه شيطان .( م 1572)
البهيم: الخالص السواد.
ذو النقطتين : الذي يكون فوق عينيه نقطتان ، ولا يجوز استعماله فى الصيد
والراجح تحريم اقتناء الكلاب لأسباب أخرى هي :
1- أنها تنجس الأواني حيث أن لعابها نجس.
2- وإن فى اقتنائها منعاً لدخول الملائكة.
3- اقتناؤها يروع الضيوف وغيرهم.
أما الكلب العقور قيقتل مطلقاً لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقتل خمس دواب فى الحل والحرم منها الكلب العقور0
ذبائح أهل الكتاب
أهل الكتاب : هم اليهود والنصارى وذبائحهم حلال بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة0
قال تعالى: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ )(المائدة: من الآية5)
والمراد بالطعام الذبائح 0
والكتابي هو الذمي أو الحربي أو العربي0
وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أهدت له يهودية عام خيبر شاة مشوية فأكل منها لقمة ثم قال: إن هذه تخبرني أن فيها سماً.
الكتابي الذي تحل ذبيحته وهو من يدين بدين أهل الكتاب ، والكتابي له ثلاث حالات :
1- الكتابي الذي أبواه كتابيان لا خلاف فى حل ذبيحته0(1/22)
2- الكتابي الذي أبواه غير كتابين أو أحدهما غير كتابي عند الأحناف والمالكية والحنابلة فى رواية0
والخلاصة
ما يرد من اللحوم المعلبة إن كان استيراده من بلاد إسلامية ، أو من بلاد أهل الكتاب وعاداتهم يذبحون بالطريقة الشرعية ، فلا شك فى حله0
وإن كانت تلك اللحوم تستورد من بلاد جرت عادتهم أن يذبحوا بالخنق أو الضرب على الرأس أو بالصعق الكهربائي ونحو ذلك فلا شك فى تحريمه0
والحق أنه لا تجوز لحوم أهل الكتاب لأن عادتهم معروفة اليوم بأنهم لا يسمون على الذبائح خصوصاً النصارى منهم ولأنهم لا يذبحون الحيوان بل يميتونه.
وإن كانت تستورد من بلاد غير إسلامية وغير أهل الكتاب كالوثنيين والمجوس والقاديانية والشيوعية ونحوهم فلا يباح ما ذكوه 0
وإذا جهل الأمر فى تلك اللحوم ولم يعلم حال أهل البلد التي وردت منها اللحوم فلا شك فى تحريم ما صيد منها0
لأنه إذا أجتمع مبيح وحاظر فيتقدم الحاظر على المبيح سواء كان فى الذبائح أو الصيد ومثله فى النكاح ، كما قرره أهل العلم منهم ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وغيرهم0
أما حديث عائشة فى الصحيحين : إن قوماً حديثو عهد بالإسلام يأتوننا باللحوم،فلا ندري أذكر اسم اللّه عليه أم لا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"سموا الله أنتم وكلوا " وقالت عائشة رضي الله عنها: وكانوا حديث عهد بكفر(خ 5570).
لأن الحديث فى قوم مسلمين ، إلا أنهم حديثو عهد بكفر ، بخلاف تلك اللحوم المستوردة التي ذبحها مجهول الحال0
أقوال العلماء فى ذبائح أهل الكتاب
1- المذهب الحنفي : قال ابن عابدين فى العقود الدرية : تحل ذبيحة الكتابي سواء أكان ذمياً يهودياً حربياً أو عربياً لقوله تعالى:( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ )(المائدة: من الآية5)(1/23)
2- المذهب المالكي : اختلفوا فى الحل والحرمة ، فقالوا: التسمية ليست بشرط لحل ذبيحة الكتابي فيجوز للمسلم أن يأكل ذبيحة الكتابي حتى ولو لم يذكروا اسم الله عليها0
3- المذهب الشافعي: قال الشافعي : أحل الله طعام أهل الكتاب ، وإن كان لهم ذبح آخر يسمون عليه غير اسم الله مثل المسيح أو يذبحونه باسم دون الله تعالي لم يحل هذا من ذبائحهم0
4- المذهب الحنبلي: اشترطوا الشروط الأربعة فى الذكاة الشرعية ، وهي:
أ- أهلية المذكي بأن يكون عاقلاً مسلماً أو كتابياً أبواه كتابيان.
ب - الآلة التي تنهر الدم0
ج - قطع الحلقوم والمرئ والودجين0
د - التسمية .
فإن اختل شرط من هذه الشروط فإن الذبيحة لا تحل0
5- قال ابن رجب فى جامع العلوم والحكم ، وما أصله الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان ، فلا تحل إلا بيقين حله من التذكية والعقد0
6- وقال الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد: الأصل فى الأبضاع والحيوانات التحريم فلا يحل البضع إلا بعقد صحيح مستجمع لأركانه وشروطه كما لا يباح أكل الحيوانات إلا بعد تحقق تذكيتها من أهل التذكية0
7- قال الشيخ مخلوف: قد جعل الله تعالى الذكاة شرطاً لحل الأكل ، والذكاة إنما تكون بالذبح وبها يطيب اللحم ويحل بخروج الدم ،وحرم الله تعالى من الذبائح ما أهل لغير الله به، وذبيحة الكتابي تحل إذا لم يسمع وهو يهل بها لغير الله عند الجمهور0
8- وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: أجمع علماء الإسلام على إباحة ذبيحة أهل الكتاب من اليهود والنصارى واختلفوا فى ذبيحة المجوس عباد النار ، والجمهور على تحريم ذبيحة المجوس لأنه يلحق بعباد الأوثان 0
واللحوم التي تباع فى أسواق الدول غير الإسلامية إذا علم أنها من ذبائح أهل الكتاب فهي حل للمسلمين إذا لم يعلم أنها ذبحت على غير الوجه الشرعي إذا الأصل حلها بالنص القرآني فلا يعدل عنه إلا بأمر متحقق يقتضي تحريمها0(1/24)
9- قال ابن عثيمين : ذبيحة أهل الكتاب حلال بالكتاب والسنة والإجماع وذلك إذا ذبح على الطريقة الإسلامية وعلمنا بذلك أما إذا علمنا أنه ذبح على غير الطريقة الإسلامية كأن يقتل بالخنق أو بالصعق فهذا حرام0
10- قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي السعودية سابقاً ، شروط الذكاة المشروعة أربعة :
أ- أهلية المذكي بأن يكون عاقلاً ولو مميزاً مسلماً أو كتابياً
أبواه كتابيان0
ب- الآلة : فتباح بكل ما أنهر الدم بحدة إلا السن والظفر0
ج- قطع الحلقوم : وهو مجرى النفس والمرئ وهو مجرى
الطعام ومحل القطع الحلق واللبة وهي الوهدة أصل العنق
والصدر ، ولا يجوز فى غير ذلك بالإجماع0
د- التسمية : فيقول الذابح عند حركة يده بالذبح :بسم الله0
سنن الذكاة المشروعة
1- أن تكون الآلة حادة وأن يحمل عليها بقوة0
2- حد الآلة والحيوان الذي يراد ذبحه لا يبصره ، ومواراة الذبيحة عن البهائم وقت الذبح0
3- توجيهها إلى القبلة0
4- تأخير كسر العنق وسلخه حتى يبرد ، أي بعد خروج روحه0
حل مشكلة اللحوم المستوردة
1- الإكثار من تربية الحيوانات ، واستيراد مايحتاج إليه حياً ، وكذا الحال بالنسبة لإنشاء مصانع الجبن وتعليب اللحوم والزيوت والسمن وسائر الأدهان0
2- إنشاء مجازر خاصة بالمسلمين فى البلاد التي يراد استيراد اللحوم منها على أن تذبح الحيوانات على الطريقة الشرعية بأيدي عمال مسلمين أمناء عارفين بطريقة التذكية الشرعية0
والخلاصة
1- اللحوم التي تأتي من بلاد إسلامية كالسودان والصومال حلال بالإجماع0
2- اللحوم التي ترد من بلاد وثنية كالشيوعية حرام بالإجماع إلا إذا ذبحها مسلم أو كتابي0
3- اللحوم التي تأتي من أهل الكتاب يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:
أ ما علم أنه ذبح على الطريقة الشرعية فهو حلال0
ب ما علم أنه ذبح على غير الطريقة الشرعية بيقين فهو حرام بالإجماع لأن حكمها حكم المنخنقة و الموقوذة والمتردية0(1/25)
ت ما جهل حاله ، وقد أفتي البعض بحله والبعض الآخر بتحريمه0
ذبائح غير المسلمين والكتابين
ذبائح المشركين : المشركون هم الكفار الذين لا يؤمنون بدين سماوي ، وهؤلاء لا تحل ذبائحهم لأنهم يذكرون عليها اسم معبوداهم ، ومن المشركين :
أ- المجوس : وهم الذين يعبدون النار والكواكب ، وقد أجمع العلماء على تحريم صيدهم وذبائحهم 0
ب - الصابئة والسامرة : لا تحل ذبائحهم 0
ج- الوثني والزنديق والمرتد : الوثني من يعبد الوثن ، والدهرى الذي ينكر وجود الله ، والمرتد الذي يكفر بعد إسلامه بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام كاعتناقه مبدأ الشيوعية أو ادعائه النبوة أو تصديق مدعياً كالقاديانية ، أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة كجحود الصلاة أو الزكاة ، أو أعتقد تحليل شئ محرم بالإجماع كاعتقاده حل الخمر ، والزنديق هو الذي لا يدين، وهؤلاء تحرم ذبائحهم0
د- الوجودي : وهو من يعتمد على المشاهدات والمحسوسات ولا يؤمن إلا بما هو ماثل أمام اتباعه ، أما المغيبات والسمعيات فينكرها فلا يؤمن بالله ولا بالآخرة0 وعلي هذا فذبيحته حرام.
هـ- الشيوعي :هو من ينكر وجود الله ويقول: إن الأديان مخدرة للشعوب ، والحياة مادة وذبيحته لا تحل0
و- العلماني: وهو الذي يعتقد وجوب فصل الدين وعزله عن الحياة العامة وهو مرتد ولا تحل ذبيحته.
الهندي: ذبيحته لا تحل لأنه إما هندوسي يعبد البقر ، أو بوذي يعبد بوذا.
والخلاصة
أن اللحوم المذبوحة من الكفار غير الكتابين حرام0
أما السمك والجراد وأنواع الأطعمة الأخرى المباحة فمباحة0
إباحة أكل المحرم عند الأضرار
للمضطر أن يأكل من الميتة ولحم الخنزير وما لا يحل محافظة على الحياة ، والمقصود بالإباحة هنا وجوب الأكل لقوله تعالى:( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)(النساء: من الآية29)
الأضحية(1/26)
الأضحية أسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقرباً إلى الله تعالى وقد شرعت الأضحية بقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ - فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ - إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)( الكوثر1-3)
وقوله تعالى:(وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ)
(الحج: من الآية36)
البدن : الإبل و قيل : الإبل والبقر0
والأضحية سنة مؤكدة فقد ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - : بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر0(م1966)
الأملح : الأغبر الذي فيه بياض وسواد وبياضه أكثر من سواده.
الأقرن: الذي له قرنان ، ويستحب مباشرة الذبح وأن يتولى ذلك بنفسه ، ويضع رجله على صفحة العنق0
عَنْ أُمّ سَلَمَةَ أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الْحِجّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِه "0 (م 1977)
فالأخذ من الشعر والظفر مكروه عند: مالك والشافعي وأحمد0
ولا يكره عند : أبي حنيفة.
فقوله: أراد أن يضحي دليل أن الأضحية سنة وليست واجبة
وهو قول: أبي يوسف ومحمد ومالك والشافعي وأحمد وابن حزم.
واجبة عند: أبي حنيفة.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"من وجد سعة فلم يضح فلا يقر بن مصلانا".(ص هـ3123)
والحديث يدل على الوجوب ، وما دام قد ترك واجباً فلا فائدة فى التقرب بصلاة العيد مع ترك الواجب ، ولو صلى صحت صلاته0
والأضحية شرعها الله إحياء لذكرى إبراهيم وتوسعة على الناس يوم العيد0
عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "أَيّامُ التّشْرِيقِ أَيّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ". (م1141)
وتكون الأضحية من الإبل والبقر والغنم ، ولا تجزئ من غير هذه الثلاثة 0(1/27)
لقوله تعالى: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ )(الحج: من الآية28)
ويجزئ من الضأن ماله نصف سنة ، ومن المعز ماله سنة ، ومن البقر ماله سنتان ، ومن الإبل ماله خمس سنين ، ولم تجزئ بأقل من هذا السن بالاتفاق ، يستوي فى ذلك الذكر والأنثى ، والخصي وغير الخصي0
عن أبي رافع قال: ضحى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين موجوءَين خصيين.
(حم6/8 ص غليل1147)
الوجاء : الخصاء أي منزوعي الانثيين0
والخصاء : يزيد اللحم طيباً ، وينفى الزهومة وسوء الرائحة0
شروط الأضحية : يشترط فيها السلامة من العيوب فلا تجوز الأضحية بالمعيبة عيباً ظاهراً ينقص اللحم مثل :
1- العوراء البين عورها0
2- المريضة البين مرضها0
3- العرجاء البين ظلعها0
4- العجفاء التي لا تنقى : وهي التي ذهب مخها من شدة الهزال ، وقيل البهيمة التي لا تصيح وليس لها صوت وهي كالأخرس 0
5- العضباء :وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها0
6- الهتماء : وهي التي ذهب ثناياها من أصلها0
7- العصماء:هي ما تكسر غلاف قرنها0
8- العمياء:وهي ملحقة بالعوراء لأنها زائدة على العور0
9- التولاء: وهي التي تدور فى المرعى ولا ترعى0
10- الجرباء : التي كثر جربها0
عن البراء بن عازب قال قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"أربع لا يجزين في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها ، والعجفاء التي لا تنقى ". (ص ت1497)
وقت الذبح
يشترط فى الأضحية أن تذبح بعد طلوع الشمس من يوم العيد أي بعد صلاة العيد ، ويصح ذبحها بعد ذلك فى أي يوم الأيام الثلاثة فى ليل أو نهار ، ويخرج الوقت بانقضاء الأيام الثلاثة0(1/28)
عن البراء ابن عازب قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة، فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء"0 (خ9680-5545)
عن جندب قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - :"من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها". (خ5562 )
وتكفي أضحية واحدة عن البيت الواحد فيضحي الرجل بالشاة عنه وعن أهل بيته، وتجوز المشاركة فى الأضحية إذا كانت من الإبل أو البقر ، فتجزئ البقرة والجمل عن سبعة أشخاص0
عن جابر قال: نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة0( م1318)
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ، فِي عَهْدِ النَّبِي ِّ - صلى الله عليه وسلم - ، يُضَحِّى بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ. ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَ كَمَا تَرَى.
(ص هـ3147)
توزيع لحم الأضحية
يسن للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي الأقارب ويتصدق منها على الفقراء
عن سلمة بن الأكوع قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"كلوا وأطعموا وادَّخروا ".
(خ 5569)
ويجوز نقلها إلى بلد آخر، ولا يجوز بيعها ولا بيع جلدها ، ولا يعطى للجزار من لحمها شيئاً كأجر0
عن علي قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن أقوم على بدنة. وأن أقسم . لحومها وجلودها وجلالها. في المساكين. ولا أعطي في جزارتها منها شيئا. (م 1317)
ويجوز بيع جلدها والتصدق بثمنها عند أحمد واسحق وأبي ثور ولا يجوز عند مالك وأبي حنيفة0
ويسن لمن يحسن الذبح أن يذبح أضحيته بيده ويقول: بسم الله والله أكبر : اللهم هذا عني أو عن فلان ، ويسمى لنفسه ، فإن كان لا يحسن الذبح فليشهده ، ومن لم يجد أضحية ، فليأخذ من شعره ويقلم أظافره ويقص شاربه ويحلق عانته ، فإن فعل فكأنما ضحى.(1/29)
عن ابن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل :"أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله عز وجل لهذه الأمة"، فقال الرجل: أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أبنى أفأضحي بها؟ قال:"لا، ولكن تأخذ من شعرك وتقلم أظافرك وتقص شاربك وتحلق عانتك، فذلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل". (ص حم 6575)
العقيقة
العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود ، وهي سنة مؤكدة ، ولو كان الأب معسراً عند الجمهور ومالك والشافعي وأحمد فى رواية ، وواجبة عند الليث وداود وأحمد فى رواية والظاهرية
عن ابنِ عَبّاسٍ: أنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَقّ عن الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا كَبْشاً كَبْشاً 0(ص د2841)
عن سَمُرَةَ أنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"كُلّ غُلاَمٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمّى"0 (ص د2838)
رهينة : أي أن العقيقة لازمة لابد منها فشبهت بالرهن.
قال أحمد : يريد أنه إن لم يعق عنه فمات طفلا لم يشفع فى والديه0
عن سلمان بن عامر الضَّبيُّ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى". ( خ5472 )
أميطوا: أزيلوا.
الأذى : القذارة والنجاسة.
ومن الأفضل أن يذبح عن الولد شاتان ، وعن البنت شاة ، ويجوز ذبح شاة واحدة عن الغلام لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - 0
عن أُمّ كُرْز قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"عن الْغُلاَمِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَن الْجَارِيَةِ شَاة". (ص د 2458)
وقت الذبح
يوم السابع من ولادته إن تيسر وإلا فى اليوم الرابع عشر ، وإلا فى اليوم الحادي والعشرين وإلا ففى أي يوم من الأيام0
عن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة ولإحدى وعشرين"0 ( هق 303/9 ص ج 4132 )(1/30)
وتجزئ ذبيحة واحدة عن أضحية وعقيقة عند الحنابلة
التسمية والحلق
ومن السنة أن يختار للمولود اسم حسن ، ويحلق شعره ويتصدق بوزنه فضة إن تيسر ذلك سواء أكان المولود ذكراً أو أنثى0
عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: عقّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الْحَسَنِ بشاةٍ وقال يا فاطمةُ احْلِقِي رأْسَهُ وتَصَدّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضّةً، قال فَوَزَنَتْهُ، فكانَ وَزْنَهُ دِرْهَماً أو بعضَ دِرْهَم0(ح ت1519)
عن أبي وهب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة"0 (ص حم 18933)
وتصح التسمية بأسماء الملائكة والأنبياء
وتحرم التسمية بكل معبد لغير الله : كعبد العزى ، وعبد الكعبة ، وعبد النبي ، وعبد الرسول0
وتكره التسمية : بيسار ، ورباح ، ونجيح ، وأفلح ، لأن ذلك ربما يكون وسيلة من وسائل التشاؤم0
عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"وَلاَ تُسَمّيَنّ غُلاَمَكَ يَسَاراً، وَلاَ رَبَاحا ً، وَلاَ نَجِيحا ً، وَلاَ أَفْلَحَ، فَإِنّكَ تَقُولُ: أَثَمّ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ. فَيَقُولُ: لاَ"0 ( م 2136)
الآذان فى أذن المولود
من السنة أن يؤذن فى أذن المولود اليمين ، ليكون أول ما يطرق سمعه اسم الله0
عن أبي رافع - رضي الله عنه - مولى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال؛ رأيتُ رسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - أذّن في أُذن الحسن بن عليّ حينَ ولدتهُ فاطمةُ بالصلاة0 (ص د5105)
ويسن أن يحنك المولود بتمرة ، بأن تمضغ ويدلك بها داخل فمه ويفتح فمه حتى ينزل إلى جوفه منها شئ0
عن أبي موسى قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماه إبراهيم فحنكه بتمرة0 (خ5467)
ثقب أذن الصغير يجوز للبنات ويكره للأولاد0
الفرع والعتيرة :
الفرع :ذبح أول ولد الناقة ، كانت العرب تذبحه لأصنامهم0(1/31)
العتيرة : ذبيحة رجب تعظيماً له وتسمى الرجبية ، وقد نهى الإسلام عن الفرع والعتيرة0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا فرع ولا عتيرة"0 ( خ5473 )(1/32)
الباب الثاني
الأشربة
الأشربة كثيرة منها : الماء العذب ، والماء الحلو ، واللبن0
عن عَائِشَةَ: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ المَاءَ مِنْ بُيُوتِ السّقْيَا0
(ص د3735)
السقيا: هِيَ عَيْنٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ المَدِينَةِ يَوْمَانِ.
أما الأشربة المحرمة فهي :
1- الخمر
هو ما خامر العقل أي يغطيه فيكون الشارب للخمر كالبهيمة فاقد لعقله الذي ميزه الله به عن الحيوانات.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة 90: 92) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :" كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ. وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ ".
(م 2003)
عن ابنَ عُمَرَ يَقُولُ قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " لَعَنَ الله الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالمَحْمُولَةَ إلَيْهِ "0(ص د 3674)
عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من شرب الخمر فى الدنيا ثم لم يتب منها حرمها فى الآخرة "0 (خ5575)
أي لا يدخل الجنة لأن الخمر شراب أهل الجنة ، فإذا حرم شربها دل على أنه لا يدخل الجنة 0 قاله الخطابي والبغوي
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مُدْمِنُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَن ".
(ص ج 3375)
عن جَابِرٍ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَام ".
(ص هـ3392)(1/1)
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِي قَال َ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَيَشَرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ. يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ". (ص هـ4020)
عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: إنه نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة: من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل. (خ 5581 )
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الذي حرم شربها حرم بيعها "0
(ص حم2041)
ويجوز النبيذ (الخشاف) :
عن ابْنِ عَبّاسٍ فَقَالَ: كَان رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْتَبَذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ. قَالَ شُعْبَةُ: مِنْ لَيْلَةِ الاثْنَيْنِ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالثّلاَثَاءِ إِلَى الْعَصْرِ فَإِنْ فَضِلَ مِنْهُ شَيْءٌ، سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ صَبّهُ. (م 2004 )
وفى رواية: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْقعُ لهُ الزّبيبُ. فَيَشْرَبُهُ الْيوْمَ وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ إِلَىَ مَسَاءِ الثّالِثَةِ. (م 2004)
أما الخليطان :
أن ينبذ فى الماء شيئان كأن ينقع الزبيب والتمر وهذا منهي عنه0
عن جابر قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الزبيب، والتمر، والبُسْر، والرُّطب.
(خ 5601)
وذلك لأن الخليطين يتأثران أكثر من نبيذ كل شئ على حدة ، والخلط لا يجوز ولو عند الشرب عند: الجمهور
الخل : العصير إذا طبخ حتى يذهب ثلثه أو نصفه فيصير خمراً ، وإذا ذهب ثلثاه فهو لا يسكر عادة ويصير خلاً 0
والخمر إذا تخللت بنفسها فإنها تطهر ، أما لو تخللت بأن يوضع فيها شئ كالملح فلا تطهر0
عَنْ أَنَسٍ أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ الْخَمْرِ تُتّخَذُ خَلاّ؟ فَقَالَ:" لاَ"0 (م 1983)
وشارب الخمر يجلد ثمانين جلدة 0
2- المخدرات
كالحشيش والأفيون وغيرهما حرام بالاتفاق ، وهو كالخمر تسكر0
3- الدخان
وهو حرام أيضاً بالاتفاق ، وهو كالخمر يسكر0(1/2)
قال تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(البقرة: من الآية195)
عموم الآية يقتضي النهي عن كل ما يؤدي إلى ضرر
ويقول جل شأنه : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ )
(لأعراف: من الآية157)
والآية تدل على تحريم الخبائث والدخان قطعاً من الخبائث0
ويقول تعالى : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الاسراء 26 :27)
والتبذير : هو النفقة فى معصية الله وفى الفساد0
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" لا ضرر ولا ضرار "(ص هـ2340)
ومن إضاعة المال أن يرزقك الله رزقاً حلالاً ونفقة فى معصية الله وإهلاك صحتك (انظر كتاب نذير إلى كل مدخن للمؤلف )
4- الأكل والشرب فى آنية الذهب والفضة حرام
عن حُذَيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة "0 ( خ5426 )
الصحيفة : تشبع الرجل.
المئكلة : تشبع الرجلين والثلاثة.
الصحفة : تشبع الخمسة.
القصعة : تشبع العشرة.
الجفنة: أعظم القصاع.
أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ".(خ5634)
آداب الأكل:
1- القناعة
ويكره أن يأكل كثيراً بحيث يؤذيه0
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من طعام ثلاثة أيام حتى قُبض.
( خ 5374 )
عن المقداد بن معد يكرب قال: سمعت رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه"0 (ص ت2380)
2- التسمية والأكل باليمين(1/3)
عن عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" (خ5376 م2022)
عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يأكلن أحد منكم بشماله. ولا يشربن بها. فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها" ( م2020 )
عن امرأة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نسي أحدكم اسم الله على طعامه فليقل إذا ذكر: بسم الله أوله وآخره "0 (ص د3767)
الأكل بالشمال محرم عند : ابن حزم وابن عبد البر.
والتسمية سنة عند : أحمد.
3- أن يحمد الله بعد الأكل
عن بنِ مُعَاذِ بنِ أنَسِ أنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:" مَنْ أكَلَ طَعَاماً ثُمّ قال الْحَمدُ لله الّذِي أطْعَمَنِي هَذَا الطّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنّي وَلا قُوّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".(ح ت3458)
عن ابن عباس قال: من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ومن سقاه الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن0 (ح د3730)
عن أبي أيوب الأنصاري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أكل أو شرب قال:" الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا " 0 (ص د3851 )
يستحب أن يصغر اللقمة ويطيل المضغ ، لأنه أجود هضماً 0
4- أن يأكل من حافتي الإناء ومما يليه
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ، فَخُذُوا مِنْ حَافَتِهِ، وَذَرُوا وَسَطَهُ. فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهِ "0 (ص هـ3277)(1/4)
عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كلوا في القصعة من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها فإن البركة تنزل في وسطها ". (حم 1/230 ص ج4502)
أن يغض طرفه عن جليسه ، فلا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين ولكن ينظر خفيه ليرى هل يأكل ضيفه أم لا 0
روي أن أعرابيا أكل مع هشام بن عبد الملك ، فرأى هشام في لقمة الأعرابي شعرة فقال له: أزل الشعرة عن لقمتك ؟ فقال له: أتنظر إلي نظر من يرى الشعرة في لقمتي؟ ! والله لا أكلت معك. فخرج من عنده وهو يقول:
وللموت خير من زيارة باخل يلاحظ أطراف الأكيل على عمد
5- أن يأكل بثلاثة أصابع ، ولا يمسح يده حتى يلعقها
ويكره بأقل من ثلاثة لأنه كبر ، وأكثر من ثلاثة لأنه شره 0
عن بن كعب بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاثة أصابع ويلعق يده قبل أن يمسحها0 ( م 2032 )
6- ألا يتنفس في الإناء
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ، فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ. فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَلْيُنَحِّ الإِنَاءَ ثُمَّ لِيَعُدْ، إِنْ كَانَ يُرِيد"0 (ص هـ3427)
7- أن يبحث عن آخر معه خاصة إذا كان محتاجا
عن أبي هُرَيرَةَ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" طعامُ الإثنيِن كافي الثَّلاثةِ وطعامُ الثَّلاثةِ كافي الأربعةِ "0 ( خ5392)
وفى رواية : وطعام الأربعة يكفي الثمانية 0 ( م2059)
وذلك حتى تحصل البركة ، وكلما كثر الجمع زادت البركة0
عن وحشي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله، يبارك لكم فيه "0 (ص هـ3286)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :" الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعىً وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاء "0 (خ5393)(1/5)
ذلك لأن الله يضع البركة فى طعام المسلم فيكفيه القليل0
8- ألا يأكل وهو متكئ ولا منبطح على بطنه
عن أبي جحيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إني لا آكل متكئاً "0 (خ 5398 )
متكئاً : مائلا إلى إحدى جنبي متعمداً عليه وقيل أن يعتمد على يده اليسرى، والمستحب أن يكون جاثياً على ركبتيه وظهور قدميه ، أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى أو يتربع
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : نهى عن الجلوس على مائدة عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه. (ح د3774)
منبطح : متسلق.
يستحب أن يباسط من يأكل معه بالحديث الطيب.
9- ألا يعيب على طعام مباح مطلقاً
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ما عابَ رسولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم - طعاماً قطّ، إن اشتهاه أكلَه، وإن كرهَه تركَه. (خ5409)
عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : كان يؤتى بالتمر فيه دود فيفتشه يخرج السوس منه.
(ص د3832)
10- أفضل الطعام الثريد والتمر والعسل
عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام ".(خ3411 )
الثريد: طعام يكون فيه لحم مطبوخ وخبز مكسور.
عن عامر بن سعيد، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من تَصَبَّح كل يوم سبع تمرات عجوة، لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر "0 (خ 5445)
11- أن يتمضمض بعد الطعام
عن سويد بن النعمان : أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء، وهي أدنى خيبر ، فصلى العصر، ثم دعا بالأزواد ، فلم يؤت إلا بالسويق ، فأمر به فثري، فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكلنا، ثم قام إلى المغرب، فمضمض ومضمضنا، ثم صلى ولم يتوضأ. (خ209)
عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا، فمضمض وقال:" إن له دسما ". (خ211)
تستحب المضمضة من كل شئ دسم0
12- البدء بالطعام إذا حضر(1/6)
عَن أَنَس أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : "إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء"0(خ5463)
13- أن يطعم خادمه معه
عن أبى ذر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم "0 (خ 30)
أخوه : خادمه
14- لا تأكل الطعام وهو حار
عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت إذا ثردت غطته شيئاً حتى يذهب فوره ثم تقول: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :" إنه أعظم للبركةـ يعني الطعام الذي ذهب فوره.(حبان 1344 السلسلة الصحيحة 392)
لأنه لا بركة فيه
قال أبو هريرة - رضي الله عنه - : لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره .
(هق7/280 ص غليل7/38)
15- ألا ينفخ فى الطعام ليبرد
عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه.
(ص د3728)
16- إذا سقطت لقمة فليأخذها
عن أنس - رضي الله عنه - أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث قال وقال:" إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان "0
(ص ت1803)
يمط : يزيل ، فيستحب أكل اللقمة الساقطة بعد مسح أذى يصيبها0
17- الإكثار من المرق والتصدق والإهداء للجيران
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إذا طبختم اللحم فأكثروا المرق فإنه أوسع أبلغ للجيران ".(حم 3/377 ص ج677)
18- يغسل يديه قبل الأكل
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ، فَلَمْ يَغْسِلْ يَدَهُ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ"0 (ص هـ3297)
غمر: ريح اللحم ودسامته.
أصابه شئ : من إيذاء الهوام أو الجان أو البرص.
وتحصل السنة بمجرد الغسل بالماء، والأولى غسل اليد بالشنان والصابون وما فى معناهما0(1/7)
19- أن يخلل الأسنان
عن ابن عمر قال: ترك الخلال يوهن الأسنان0
(طب فى الكبير3/189/1 ص غليل7/33)
20- إذا وقع الذباب فى إناء
عن أبي هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء" . ( خ 5782)
21- أقلل من الجشاء
عن ابن عمر قال:تجشأ رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة ". (ح ت 2478)
الجشوة : صوت غليظ صادر من الفم.
أطولهم جوعاً: تطول مدة جوعهم.
22- التوسط في ألوان الطعام
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام ويشربون ألوان الشراب ويلبسون ألوان الثياب ويتشدقون في الكلام، فأولئك شرار أمتي "0 (طب8/127 ص ج 3663)
المتشدقون فى الكلام: المستهزءون بالناس وعليهم ، الأشداق: جوانب الفم.
23- التوسط فى كمية الطعام
عن المقداد بن معد يكرب قال سمعت رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول:" ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه"0 (ص ت2380)
عن أبي هريرة قال: ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من طعام ثلاثة أيام حتى قُبض.
(خ5374)
24- لا تأكل بلسانك
عن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سيكون قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر من الأرض"0(حم1/176 ص ج 3670)
أن يتخذونها وسيلة للمأكل ، كما تأخذ بألسنتها ، وهؤلاء لا يميزون بين الحلال والحرام ، كما لا تميز البقر فى رعيها بين رطب ويابس وحلو ومر بل تلف الكل 0
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل البقرة بلسانها "0 (حم2/165 ص صحيحة880)
25- لا تقرن بين التمر(1/8)
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه.(خ2489)
لا يقرن : لا يجمع بين التمرتين ، وفى معناه عظم اللقمة
26- أن ينوي بأكله وشربه التقوى على الطاعة ، لتنقلب العادة عبادة0
27- ويحرم الأكل بلا أذن صريح أو قرينة تدل على الأذن حتى ولو كان أكله من بيت قريبة أو صديقه.
28- ويكره لأهل الفضل والعلم الإسراع إلى الإجابة إلى الولائم غير شرعية ، لأن فيه مذلة ودناءة وشرهاً0
29- ويستحب لمن دعى إذا حضر الطعام أكله لأنه أبلغ فى إكرام الداعي وجبر قلبه0
30- لا يشرع تقبيل الخبز ولا الجمادات إلا ما استثناه الشرع كتقبيل الحجر الأسود0
31- لا تطعم إلا تقي
عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لا تصاحب إلاَّ مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلاَّ تقي".(ح د4832)
لا تصاحب إلا مؤمناً: أي كاملاً، أو المراد النهي عن مصاحبة الكفار والمنافقين لأن مصاحبتهم مضرة في الدين
ولا يأكل طعامك إلا تقي: أي متورع أي لا تطعم طعامك إلا تقي ، حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطة ومؤاكلته كأن المطاعمة توقع الألفة والمودة فى القلوب
32- لا يخلو بيتك من تمر
عن عَائِشَةَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " "بَيْتٌ لا تَمْرَ فيهِ جِيَاعٌ أهْلُه "0 (م 2046)
عَنْ عَائِشَة أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ "لاَ يَجُوعُ أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمُ التّمْر "0 (م 2046)
33- الأكل على المائدة
المائدة : هي الخوان الذي عليه طعام ، أي تميد وتميل وتتحرك فتعطي ما عليها ، فهي المطعمة والمعطية للآكلين ، والمائدة ما مد وبسط0
عن أنس - رضي الله عنه - قال: ما علمت النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل على سُكُرُّجَةٍ قطُّ ، ولا خُبِزَ له مرقَّق قطُّ، ولا أكل على خِوَان قطُّ. قيل لقتادة: فعلى ما كانوا يأكلون؟ قال: على السُّفَر. (خ 5415)(1/9)
خوان المائدة التي يؤكل عليها، والخوان هو المرتفع عن الأرض بقوائم
سكرجة: إناء صغير يستعملونها للمخللات للتشهي والهضم ولم يكونوا غالباً يشبعون.
قال الحسن : الأكل على الخوان فعله الملوك وعلى المنديل فعل العجم وعلى السفرة فعل العرب وهو السنة0
مرقق: الواسع الرقيق.
السفرة: الطعام يضع للمسافر، وما يحمل فيه هذا الطعام وتتخذ من الجلود ولها معاليق تنضم وتنفرج فتسفر عما فيها.
34- يقرب الطعام إلى الضيوف ويضعه بين أيديهم
(فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ) (الذريات:27) ما يقوله الضيف بعد الأكل :
عن سعد بن عبادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من أكله عنده قال:" أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة".
(حم 3/138 ص ج 1226)
عن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دعا لأبيه بسر :" اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم" 0 ( م2042)
35- إجابة الدعوة
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية ولا تضربوا المسلمين"0 (حم1/404 ص غليل1616)
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل وإن كان صائما فليدع بالبركة"0
(طب3/83/2 ص غليل1953)
البركة : الخير.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" شر الطعام طعام الوليمة. يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها. ومن لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله ".
(م1432)
يأباها: أي لا يدعى إليها الفقراء وهم فى حاجة لها ، ولا يقصد المدعو بالإجابة نفس الأكل بل ينوي الإجابة الأقتداء بالسنة0
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن طعام المتباريين أن يؤكل.
(ص د 3754)
المتباريين : المتفاخران بما يقدمانه رياء ومباهاة(1/10)
إجابة الدعوة واجبة عند: الشافعي وأحمد
سنة عند : أبي حنيفة
إجابة الدعوة لوليمة النكاح واجبة عند: مالك والشافعي وأحمد.
36- الضيافة ثلاثة أيام
عن أبي شريح الكعبي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له، أن يثوي عنده حتى يحرجه". ( خ 6135)
يثوي: يقيم.
يحرجه: يضيق عليه، حساً ومعنى.
37- ما نهى عنه
عن ابن عمر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانها.(ص د2395)
عن جابر قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عن أكل البصل والكراث فغلبتنا الحاجة فأكلنا منه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أكل من هذه الشجرة المنتنه فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذي مما يتأذي منه الإنسان(ص حم 14954)
عن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" كل الثوم ، فلولا أني أناجي الملك لأكلته". (ص ج 4493)
الملك : جبريل.
عن علي - رضي الله عنه - قال : نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الثوم إلا مطبوخاً.
(ص د 3828)
عن ابْنَيْ بُسْرِ السّلَمِيّيْنِ قالاَ: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدمنا زبداً وتمراً وكان يحب الزبد والتمر.(ص د 3837)
عنْ عَائِشَةَ قالَتْ: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الْبِطّيخَ بالرّطَبِ فَيَقُولُ:" نَكْسِرُ حَرّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا، وَبَرْدَ هَذَا بِحْرّ هَذَا "0 (ص د3339)
عن عَبْدِ الله بنِ جَعْفَر قالَ: كانَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ القِثّاءَ بالرّطَب.(ص د3835)
القثاء: الخيار والعجور والفقوس.
عن عائشة قالت: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلوى والعسل0 (خ5431)
عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الدباء.
(حم3/177 ص ج 4920)(1/11)
الدباء : القرع.
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الذراع. (ص د3780)
عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه القرع0
(ابن عدي170/1 ص ج 4986)
عن أبي أسيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "كلوا الزيت وادهنوا بالزيت فإنه من شجرة مباركة"0(ص ت 1851)
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان أحب العرق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذراع الشاة0
(حم 1/397 ص ج 4626)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : "إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى كُرَاعٍ فَأَجِيبُوا "0 (م 1429)
كراع : ساق البقر والغنم العاري من اللحم.
آداب الشراب
1- ألا يتنفس فى الماء أثناء الشرب
عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء". ( خ 5630 )
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَلْيُنَحِّ الإِنَاءَ ثُمَّ لِيَعُدْ، إِنْ كَانَ يُرِيد0 (ح هـ342)
كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثاً، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس ثلاثاً. (خ 5631)
ولعله المراد هنا بالتنفس هو الاستراحة بأن يشرب ثم يرفع الإناء من فيه ، ثم يشرب ، وهكذا ثلاثاً0
2- أن يسمي الله تعالى عند الشرب ويحمده عند الانتهاء منه
عن نوفل بن معاوية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كان يشرب ثلاثة أنفاس يسمي اللّه في أوله ويحمد اللّه في آخره0 (ابن السني 464 ص ج 4956)
3- أن لا ينفخ فى الإناء
عن ابنِ عباس: أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يُتَنَفّس في الإِناءِ أو يُنْفَخَ فِيه.
(ص هـ3429)
الإناء الذي لا ينفخ فيه يشمل إناء الطعام والشراب.
4- ألا يشرب من فم الإناء
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُشرب مِنْ فِي السِّقاء0( خ5628)(1/12)
قال أيوب : فأنبئت أن رجلاً شرب من فى السقاء فخرجت حية0
فمن أراد أن يشرب فعليه أن يصب الماء فى إناء صغير كالكوب ، والشرب من في السقاء مكروه0
5- ألا يشرب قائما
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء" 0 (حم 2/283 صحيحة176)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَىَ عَنِ الشّرْبِ قَائِماً.(م 2025)
عن ابن عباس قال شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً من ماء زمزم 0 ( خ 5617)
عن ابنِ عُمَرَ قال: كُنّا نَأَكُلُ على عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَمْشِي، وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَام.(ص ت1880)
يجوز الشرب قائماً للحاجة.
قال الشوكاني : النهي على التنزيه وشربه قائماً لبيان الجواز ، والأمر بالاستقاء محمول على الاستحباب0
6- أن يشرب بيمينه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ، وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ وَيَأْخُذُ بِشِمَالِه "ِ0(ص هـ3266)
7- أن يتمضمض إذا شرب لبناً
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبناً فمضمض وقال:" إن له دسماً ".
(خ 5609)
8- ألا يكثر من الشرب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : الْمُؤْمِنُ يشرب فِي مِعي وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يشرب فِي سَبْعَةِ أَمْعَاء0 (م2063 )
9- أحب الشراب
عن عائَشةَ قالت: "كانَ أحَبّ الشّرَابِ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الحُلْوَ الْبَارِد0
(ص ت1895)
10- إذا سقيت القوم فاشرب آخرهم وأعط الناس بالترتيب الأيمن فالأيمن(1/13)
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " سَاقِي الْقَوْمِ أخرهم شُرْبا "0
(ص هـ3434)
عن أنس - رضي الله عنه - :أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابي، وعن شماله أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال:" الأيمن فالأيمن".(خ 5619)
ويجوز أن يبدأ بالأفضل علماً أو بالأحسن 0
11- الإستأذان من صاحب الشراب أو الطعام
عن أبي سعيد : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا أتيت على راعي إبل فناد يا راعي الإبل ثلاثا فإن أجابك وإلا فاحلب واشرب من غير أن تفسد وإذا أتيت على حائط بستان فناد يا صاحب الحائط ثلاثا فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد"0
(ص د2619)
حائط : بستان من نخيل إذا كان له جدار0(1/14)
الكتاب التاسع
اللباس والزينة
تشبه المسلمون بالكافرين خاصة فى عصرنا هذا ، وساروا وراء الكفار يقلدونهم فى جميع أفعالهم وصدق فيهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم ، شبراً بشبر وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم"0 قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن"(خ7320)
وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أشد تحذير من التشبه بالكفار فقال: " من تشبه بقوم فهو منهم".(ص د4031)
وقد تشبه المسلمون بالكافرين فى لباسهم حيث لبسوا ملابسهم ، وفى هيئتهم حيث حلقوا لحاهم ، وفى عاداتهم حيث شربوا المسكرات والمخدرات والدخان مثلهم ، وفى أعمالهم حيث تركوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، وما أخطر قوله عليه الصلاة والسلام (فهو منهم) فاحذر أخي المسلم كل الحذر ، من التشبه بهم فى أي شئ مما يختصون به من ملبوس أو مركوب أو هيئة 0
والله أسأل أن يعصمنا من التشبه بهم ، حتى نلقى الله وهو راض عنا0
قال تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)
(آل عمران:32) فيا أخي المسلم أطع الله وأطع الرسول0
وقال جل وعلا: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)(النساء:115)
ويا أخي المسلم لا تتبع غير سبيل المؤمنين ، حتى يرضى عنك رب العالمين ، وتكون من الناجين 0
واللباس هو كل ما يلبسه الرجال والنساء من الثياب الساترة لجميع البدن أو بعضه من صوف وقطن وحرير وحلي ، وما إلى ذلك مما يلبسه الناس ويتحلون به كالعمامة والجورب والسروال والقفاز وغيرها مما يقي من الحر والبرد ويستدفع به الضرر
وكل لباس حلال إلا ما ورد تحريمه بنص شرعي0
واللباس من الأمور التي تعتريها الأحكام الخمسة :(1/1)
1- الواجب : وهو ما يستر العورة ، ويقي من الحر والبرد ، ويستدفع به الضرر ، وتصح به الصلاة.
2- المندوب : وهو ما فيه جمال وزينة وإظهار للنعمة لا سيما فى الجمع والأعياد ومجامع الناس0
3- الحرام : هو لبس الحرير والذهب للرجال ، ولبس الرجل ملابس النساء ، ولبس النساء ملابس الرجال ، ولبس ثياب الشهرة والاختيال ، وإسبال الثياب أسفل الكعبين ، ولبس ملابس الكفار0
4- المكروه : ويكره ترك ما يستحب من الثياب0
5- المباح : وهو الحلال الذي لم يرد نص يحذر منه0
وهذا الأصل مقرر فى قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) (لأعراف: من الآية26)
أنزلنا عليكم لباساً : خلقنا لكم لباساً.
يواري : يخفي ويستر.
سوءاتكم : السوأة ما يجب ستره.
ريشا : لباسا يتجملون به.
أنزل الله تعالى عليهم لباسا متنوعة يستر عوراتهم ، ويقي أجسامهم من الحر والبرد ، وأنزل عليهم ريشا ، وهو ما ينتفعون به من اللباس والزينة ، وامتن عليهم بما هو خير من هذا وذاك ، وهو لباس التقوى ، أي : لباس الورع واتقاء المعاصي 0
قال تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ - وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (النحل80-81)
الأنعام : الغنم والبقر والإبل.
ظعنكم : ترحالكم.
أثاثاً : متاع البيت الكثير.
أكنانا : موضع يستكن فيه كالكهوف.
سرابيل : ثياب .(1/2)
تستخفونها : تجدونها خفية الحمل.
ظلالا : كالأشجار.
وقال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )(لأعراف: من الآية32)
قل يا محمد من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده من النبات والحيوان كالقطن والصوف ، والطيبات من المأكل والمشرب ، قل هي للمؤمنين حلال ، ويشركهم فيها الكافرون فى الدنيا ، وهي خالصة لهم يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد 0
وقال تعالى: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)
(لأعراف: من الآية31)
أي استروا عوراتكم عند الصلاة .
عن حكيم بن حزام عن أبيه قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك"0 قال: قلت يا رسول الله فإذا كان القوم بعضهم في بعض0 قال: "إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها"0 قلت: فإذا كان أحدنا خالياً قال: "فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه"0 (ح ت 2794 )
عن أبي الأحوص عن أبيه قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثوب دون فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ألك مال" ؟ قال: نعم ، قال: "من أي المال"؟ قال: قد أتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: "فإذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته"0
(ص د4063)
عن محمد بن يحيى بن حبان أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته"0 (ص د1078)
فيسحب للمسلم أن يتخذ من الثياب ما يتجمل به ، ويعبر به عن نعمة الله عليه ، كأن يختار لنفسه ما يخرج به على الناس فى أيام الجمع والأعياد والولائم ، والزيارات الخاصة ، فإن الله تعالى يجب أن يرى أثر نعمته على عباده0(1/3)
عن ابن عمرو قال، قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : : "إن اللَّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"0(ح ت2819)
ويستحب عند الخروج لصلاة الجمعة لبس الثياب البيضاء ، كما يستحب أن يكفن فيها الموتى
عن ابنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُم الْبَيَاضَ فإنّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكم، وَكَفّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُم"0(ص د4061)
ويستحب لبس الجديد يوم العيد ، فإن لم يكن جديداً فليكن جيداً نظيفاً 0
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر"0 قال رجل: يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً؛ قال - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله جميل يحب الجمال0 الكبر بطر الحق وغمط الناس"0 (م 91)
بطر الحق وغمط الناس: إنكار الحق واحتقار الناس.
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - رفعه: إن الله طيب يحب الطيب ، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم ، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم ، ولا تشبَّهوا باليهود0
(ح ت2799)
الفناء : ساحة الدار.
ويستحب لمن خاف على نفسه الرياء والخيلاء والعجب ، أو يلبس من الثياب ما لا يحمله على ذلك ، كالثياب الرخيصة الثمن ، أو الخشنة الملمس أو التي يلبسها من هو دونه فى المنزلة ، وعليه أن يعود نفسه على التواضع حتى يألفه 0
عن معاذ بن أنس أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه اللَّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها"0(ح ت2481)(1/4)
ويكره ترك ما يستحب من الثياب فإن كان الرجل يستطيع أن يلبس من الثياب أفخرها ، وهو خارج الصلاة أو للعيدين أو للقاء وفد من الوفود ، وكان من أصحاب الثراء والنعمة ، ولا يخش عليه من الرياء والخيلاء ، كان من المكروه أن يلبس من الثياب ما لا يعبر عن منزلته وثرائه ، ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخذ له ثوباً فاخراً يلقى به الوفود0
ويحرم على الرجال لبس الحرير والذهب ، وثياب الخيلاء الشهرة ، وكل ما فيه إسراف ، ولبس ملابس النساء ، كما يحرم على النساء لبس ملابس الرجال0
ويباح ما لم يرد نص بتحريمه أو بكراهته :
وسنتناول فى هذا البحث أنواع الملابس ما يحل منها وما يحرم ، وما يستحب منها وما يكره وما يباح 0
1- لباس الحرير
يحرم على الرجال لبس الحرير ويحرم أيضا على الخناثى المكلفين0
عن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة".(خ5834)
قال تعالى:( وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)(فاطر: من الآية33)
فمن لبسه فى الدنيا لم يدخل الجنة0
عن عَلِيَّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حَرِيراً بِشِمَالِهِ، وَذَهَباً بِيَمِيِنِه، ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ فَقَالَ: " إِنَّ هذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي ، حِلٌّ لإِنَاثِهِم"0(ص د4057)
ويباح لبس الحرير للنساء ويباح افتراشه، أما الرجال فيباح لهم عند الأعذار.
عن أنس - رضي الله عنه - قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص ، للزبير وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير لحكة كانت بهما.(خ 5839)
ويجوز لبس الحرير المخلوط بغيره بشرط أن يكون قليلاً 0
عن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع.(م 2069)(1/5)
قال السبكي (الدين الخالص 6/126): ومن الحرير المحرم على الرجال زر الطربوش ، فإن الأدلة عامة فى تحريم الحرير على الرجال ، ولم يستثن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مقدار الأربع أصابع فأقل، وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء0
قال ابن القيم ( زاد المعاد 3/89): والحكمة فى تحريم الحرير على الرجال أنه خلق فى الأصل للنساء كالحلية بالذهب ، فحرم على الرجال لما فيه مفسدة تشبه الرجال بالنساء0
وقيل حرام لما يورثه من الفجور والخيلاء والعجب 0
وقيل حرام لما يورثه للبدن لملامسته من الأنوثة والتخنث ، وضد الشهامة والرجولية 0
فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث ، ولهذا لا تكاد تجد من يلبسه فى الأكثر إلا وعلى شمائله من التخنث والتأنث والرخاوة ما لا يخفى ، حتى لو كان من أشهم الناس وأكثرهم رجولية ، فلابد أن ينقصه لبس الحرير منها ، وإن لم يذهبها ، ولهذا كان أصح القولين أنه يحرم على الولي أن يلبسه الصبي لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنيث0 أهـ
2- لبس القطن والصوف وغيرهما
ويجوز لبس القطن والصوف والكتان والوبر والشعر إذا كان من حيوان طاهر.
قال ابن القيم فى الزاد : وكان غالب ما يلبس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من القطن
وربما لبسوا ما نسج من الصوف والكتان.
3-اللباس المصبوغ والملون
أ- المعصفر : وهو ما صبغ بالعصفر
عن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي ثوبين معصفرين0 فقال: "إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها"0 (م2077)
وعنه قال: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - علي ثوبين معصفرين0 فقال: "أأمك أمرتك بهذا"؟ ، قلت: أغسلهما ، قال: "بل أحرقهما"0( م 2077)
أأمك أمرتك بهذا : أن هذا من لباس النساء وزيهن0
والأمر بإحراقهما عقوبة وتغليظ 0 لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل، والكراهة للون والرائحة0
وروي أن عبد الله أحرقهما ولكن يجوز إعطاؤهما للنساء0(1/6)
قال الخطابي: النهي منصرف إلى ما صبغ من الثياب ويمكن الجمع بأن الصفرة التي كان يصبغ بها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - غير صفرة العصفر المنهي عنه0
ب- المزعفر : وهو أن يستعمل الزعفران فى ثوب أو بدن ، وهو من طيب النساء ، وقيل النهى عن التزعفر فى البدن0
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَهَى النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرّجُلُ0 (خ5846)
الزعفران : نباتان يستعمل فى صبغ الثياب0
ويجوز لبس الأصفر غير المعصفر والمزعفر0
ج- لبس الأحمر : يجوز للنساء دون الرجال لبس الأحمر الخالص ، أما المشوب بالأحمر فجائز للنساء والرجال0
عَنْ الْبَرَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: َنَهَانَا - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْقَسِّيِّ وَالإِسْتَبْرَقِ وَالْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ0(خ 5849)
الديباج: الرقيق من الحرير.
القسي: نسبة إلى بلد يقال لها القس بمصر ، ثياب خالطها حرير.
الإستبرق: الغليظ من الحرير.
المياثر: الميثرة : أغشية للسروج تتخذ من الحرير.
عن البراء - رضي الله عنه - قال: كان رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مربوعا ً، ولقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه0(خ 5848)
الحلة الحمراء: بردان يمنيان منسوجان بخيوط حمر مع سود كسائر البرود اليمنية ، ووصف بالحمرة باعتبار ما فيها من الخيوط الحمر ، وإلا فالأحمر البحت منهي عنه0
فلبس الأحمر الخالص مكروه عند : الحنفية والحنابلة.
د-لبس الأبيض : وهو مستحب
عن ابن عباس أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم"0(ص د4061)
والأمر محمول على الندب
هـ- لبس الأخضر :
عن أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأيت عليه بردين أخضرين. (ص د 4065)
وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء.
و- لبس الأسود : يجوز لبس اللون الأسود(1/7)
عن عائشة0 قالت:خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة ، وعليه مرط مرحل من شعر أسود0 (م 2081)
مرط : كساء طويل واسع من صوف أو شعر أو كتان أو خز، يؤتزر به
مرحل: المنقوش عليه صورة رحال الإبل0 وإنما المحرم صور الحيوان0 قال الخطابي: المرحل الذي فيه خطوط0
ووصف بالأسود لغلبة السواد فيه.
ز- لبس المخطط بما لا يلهى :
عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان أحب الثياب إليه الحبرة0 (خ5813 م 2079)
الحبرة : برد مخطط من قطن أو كتان.
فيجوز لبس الثوب المصبوغ بأي لون عدا الأحمر القاني.
4- القميص
القميص مخيط له كمان وجيب ، يلبس تحت الثياب ، والجيب هو فتحة القميص التي يخرج منها الإنسان رأسه ويدخلها ، وكان جيب ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - على صدره0
عن أُمّ سَلمة قالَتْ: كَانَ أَحَبّ الثّيَابِ إلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - القَمِيص0
(ص ت1817)
وإنما كان القميص أحب الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه أستر للعورة من نحو إزار ورداء ولأنه أقل مؤنة فى اللبس، وأخف فى البدن، ولابسه أكثر تواضعا فيستحب لبسه0
5- القباء والبرنس
يجوز لبس القباء وهو القفطان ، ولبس البرنس فى غير الإحرام0
عن المسور بن مخرمة قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبية ، ولم يعط مخرمة منها شيئا0 (خ5800)
القباء وهو ثوب ضيق الكمين والوسط مشقوق من خلفه يلبس فى السفر والحرب ، لأنه أعون على الحركة 0
عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن رجلا سأله ما يلبس المحرم؟ فقال: "لا يلبس القميص ، ولا العمامة ، ولا السراويل ، ولا البرنس ، ولا ثوبا مسه الورس أو الزعفران"0 (خ134 )
عن أنس قال: كان أحب الثياب إليه الحبرة0 (خ5813 م 2079)
الحبرة : برد مخطط من قطن أو كتان كان يصنع باليمن.
6- السراويل
يستحب لبس السراويل للرجال .(1/8)
عن أبي أمامة يقول : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال: "يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب"0 قال : فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب"0 (حم5/264 ص حجاب ص94)
حمروا وصفروا : أي غيروا الشيب بالحمرة والصفرة.
قال ابن القيم فى زاد المعاد :واشترى - صلى الله عليه وسلم - السراويل ، والظاهر إنما اشتراه ليلبسه وقد روي فى غير حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل ، وكانوا يلبسون السراويلات فى زمانه وبإذنه0 أهـ
البنطلون
هو سروال ضيق من زي الغرب يختلف عن سروال العرب الواسع جداً
قال الألباني فى تسجيلاته : والبنطلون فيه مصيبتان :
المصيبة الأولى : هي أن لابسه يتشبه بالكفار، والمسلمون كانوا يلبسون السراويل الواسعة الفضفاضة التي ما زال البعض يلبسها فى سورية ولبنان ، ما عرف المسلمون البنطلون إلا حينما استعمروا ثم لما انسحب المستعمرون تركوا آثارهم السيئة وتبناها المسلمون بغباوتهم وجهالتهم 0
والمصيبة الثانية : هي أن البنطلون يحجم العورة وعورة الرجل من الركبة إلى السرة ، والمصلي يفترض عليه أن يكون أبعد ما يكون عن أن يعصي الله وهو له ساجد ، فترى إليتيه مجسمتين ، بل وترى ما بينهما مجسماً ، فكيف يصلي هذا الإنسان ويقف بين يدي رب العالمين؟(1/9)
ومن العجب أن كثيراً من الشباب المسلم ينكر على النساء لباسهن الضيق ، لأنه يصف جسدهن ، وهذا الشباب ينسى نفسه ، فإنه وقع فيما ينكر ، ولا فرق بين المرأة التي تلبس اللباس الضيق الذي يصف جسمها ، وبين الشباب الذي يلبس البنطلون ، وهو أيضا يصف إليته فإلية الرجل وإلية المرأة من حيث أنهما عورة كلاهما سواء ، فيجب على الشباب أن ينتبهوا لهذه المصيبة التي عمتهم إلا من شاء الله وقليل ما هم ، فالبنطلون حرام لأنه تشبه بالكفار ولأنه يحجم العورة الكبري0 أهـ
وأضيف مصيبتان أخريان :
الأولى : طول البنطلون الذي قد يصل إلى الأرض ، وهو منهي عنه بحديث:ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار0
وبحديث : إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل
الثانية : انحسار القميص عن البنطلون يؤدي إلى إظهار العورة المغلظة ، وهذا مفسد للصلاة بلا خلاف ، لأن من شروط صحة الصلاة ستر العورة0
7-هيئة اللباس
1- أن يكون وسطاً بين الخسيس والنفيس 0
عن معاذ بن أنس أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه اللَّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها"0 (ص ت 2481)
2- أن لا يبالغ الرجل فى سعة الكم وطوله ، فلا يزيد إتساعه عن شبر لأنه سرف منهي عنه0
قال العز بن عبد السلام : وإفراط توسعة الثياب والأكمام بدعة وسرف0
قال في زاد المعاد: وأما الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالأخراج فلم يلبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ولا أحد من أصحابه البتّة ، وهي مخالفة لسنته، وفي جوازها نظر فإنها من جنس الخيلاء ، وهي ممنوعة0(1/10)
قال في النيل: وقد صار أشهر الناس بمخالفة هذه السنة في زماننا هذا العلماء فيرى أحدهم وقد يجعل لقميصه كمين يصلح كل واحد منهما أن يكون جبة أو قميصاً لصغير من أولاده أو يتيم، وليس في ذلك شيء الفائدة الدنيوية إلا العبث وتثقيل المؤنة على النفس وعدم الانتفاع باليد في كثير من المنافع وتعريضه لسرعة التمزق وتشويه الهيئة وما هو مخالفة للسنة وإسبال وسرف والخيلاء 0 أهـ
قال ابن الحاج فى المدخل : وينبغي للعالم أن يتحفظ فى نفسه بالفعل ، وفيمن يجالسه بالقول من هذه البدعة التي يفعلها كثير ممن ينسب إلى العلم فى تفصيل ثيابهم من طول الكم واتساعه فيقعون فى المحذور ، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال0 أهـ
قال ابن مسعود : العالم يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس مفطرون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخوضون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون0 أهـ
فلم يعرف العالم بوسع كمه وطوله ، ووسع ثوبه وطوله0
3- لا يحل لرجل ولا لامرأة لبس ثوب رقيق خفيف أو ضيق يصف العورة.
8-غطاء الرأس
العمامة : يسن للرجل أن يعتم لاسيما للصلاة ، ولقصد التجمل ، والمسلمون يتعممون على القلانس ، أما لبس القلنسوة وحدها فزي المشركين0
والقلنسوة : غطاء للرأس لها أشكال متعددة
وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس العمامة البيضاء والسوداء والصفراء والمخططة وأفضلها البيضاء0
عن جَابِرٍ: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ يوم فَتْحِ مَكّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاء0 (م1358)
عن عمرو بن حريث أنَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - خطب على المنبر، وعليه عمامة سوداء0 (م1359)(1/11)
العذبة : طرف العمامة المرسل على العنق فأسفل إلى نحو ذراع ، وأقلها أربعة أصابع وأوسطها شبر،لا فرق بين أن يكون المرسل الطرف الأعلى أو الأسفل ، وتسمى أيضاً ذؤابة وهي سنة وإذا أرخى العذبة من بين اليدين فالأفضل إرخاؤها من الجانب الأيمن والتحنيك سنة والعمامة الخالية من العذبة أو التحنيك مكروهة ، والكمال الجمع بينهما.
عن عمرو بن حريث قال : كأني أنظر إلى رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه0(م 1359)
أقوال علماء المذاهب الأربعة فى العذبة :
1-الحنفية : اتفقوا على أن العذبة سنة ، وممن قال بهذا : الحصكفي وابن حجر الهيتمي وملا على القاري والبغوي فى شرح السنة0
2-المالكية : وممن قال باستحباب العذبة : العدوي 0
3-الشافعية : وممن قال بسنية العذبة : ابن حجر والمناوي والباجوري0
4-الحنبلية : وممن قال بسنية العذبة : صاحب الإقناع وشرحه كشاف القناع ، والسفاريني فى غذاء الألباب ، والشمس الشامي ، وابن مفلح0
9-الخيلاء
يحرم على الرجال جر الثياب بقصد الخيلاء ، كما يحرم عليهم لبس ثياب يشتهرون بها بين الناس0
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً".(خ 5788)
لا ينظر الله : لا يرحمه.
عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من لبس ثوب شهرةٍ ألبسه اللّه يوم القيامة ثوباً مثله ثم يلهب فيه النار".(ح د4029)
عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"0 قال أبو بكر: يا رسول الله، إن أحد شقَّي إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لست ممن يصنعه خيلاء"0 (خ 5784)
الشق : الجانب.
أتعاهد ذلك منه : يسترخي إذا غفلت عنه فأشده وأرفعه كلما استرخى.
لست ممن يصنعه خيلاء :أي إنك لا تفعل ذلك عمداً.(1/12)
عجباً لبعض شباب اليوم عندما تنصحه بأن لا يطيل ملابسه أسفل الكعبين ، يقول : لست ممن يصنعه خيلاء ، أقول لهم : تدبروا الحديث ، وتذكروا حديث : ما أسفل الكعبين من إزار ففي النار ، فهو يدل على تحريم الإسبال بداية ، أما أبو بكر فلم يسبل بداية ولكن الإزار كان يتدلى منه ، وكلما تدلى رفعه ، فهل أنت فعلت مثله ؟ فاحذر أن يلحق بك الوعيد 0
عن أبي بكرة قال: خسفت الشمس ونحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقام يجر ثوبه مستعجلا0 (خ 5785)
قال ابن حجر : الجر إذا كان بسبب الإسراع لا يدخل فى النهي ، فهو مستثنى من الوعيد المذكور0
قال الذهبي (سير أعلام النبلاء3/234) : وكذلك ترى الفقيه إذا ليم المترف من الإزار ففي النار ، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء ، وأنا لا أفعل خيلاء ، فتراه يكابر ، ويبرئ نفسه الحمقاء ، ويعمد إلى نص مستقل عام ، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء ويترخص بقول الصديق : إنه يا رسول الله يسترخي إزاري 0 فقلنا: أبو بكر لم يكن يشد إزاره مسدلاً على كعبيه أولاً ، بل كان يشده فوق الكعب ثم فيما بعد يسترخي0 أ هـ
عد إسبال الثوب خيلاء كبيرة ، الذهبي فى كتابه الكبائر (الكبيرة الخامسة والخمسون) وابن حجر فى الزواجر ( الكبيرة التاسعة بعد المائة )
ويتحقق الخيلاء بالفخر بكل ملبوس وإن لم يجر كالجبة والبالطو والعباءة والعمامة وغيرها0
ولباس الشهرة حرام وإن كان قصيراً ، وإن كان بالياً مرقعاً ، وإن كان جوالاً.
قال ابن الجوزي فى تلبيس إبليس ص 193: وفى الصوفية من يبالغ فى تقصير ثوبه وذلك شهرة0
10- الإسبال
يسن للرجل أن يكون ذيل ثوبه إلى نصف الساق ، ويجوز له ما نزل إلى الكعبين ، ويحرم عليه الإطالة أسفل من الكعبين0
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار". (خ5787)
الكعبين فهو في النار: أي صاحبه في النار0(1/13)
قال الخطابي: أن ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة له على فعله،وهو كناية عن دخول الجسم كله النار0
عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إزرة المؤمن إلى نصف الساق ، ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه"0 (ص د4075)
والحديث يدل على أن الإسبال شئ وجر الإزار شئ آخر وأن كلاهما محرم0
قال ابن حزم مسألة 428 : وحق كل ثوب يلبسه الرجل أن يكون إلى الكعبين لا أسفل البتة ، فإن أسبله فزعاً أو نسياناً ، فلا شئ عليه0
قال الحافظ فى الفتح: وفى هذه الأحاديث أن إسبال الإزار خيلاء كبيرة ، وأما الإسبال لغير الخيلاء ، فظاهر الأحاديث تحريمه أيضاً 0
قال الشوكاني فى نيل الأوطار 2/114: الإسبال محرم على الرجال جائز للنساء0
عن ابنِ مَسْعُودٍ قال سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ في صَلاَتِهِ خُيَلاَءَ فَلَيْسَ مِنَ الله في حِلَ وَلاَ حَرَم"0 (ص د623)
أي لا ينفع للحلال ولا للحرام ، ولا يلتفت إليه ، ولا عبرة له ولا بأفعاله وقيل: في حل من الذنوب ، وهو أن يغفر له ولا في أن يمنعه ويحفظه من سوء الأعمال0
فالحديث يدل على تحريم إرخاء الإزار فى الصلاة إذا كان بقصد الخيلاء0
عن أبي هريرة أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن اللّه تعالى لا يقبل صلاة رجلٍ مسبل"0(ص د 638)
قال الهيتمي رجال أحمد رجال الصحيح ، وصححه الذهبي فى الكبائر ، والنووي فى رياض الصالحين وأحمد شاكر فى المحلى0
قال ابن باز : والإسبال من جملة المعاصي التي يجب تركها والحذر منها والواجب على المسلم أن يحذر ما حرم الله من الإسبال وغيره من المعاصي.
( الدعوة 913-920-855)
11-النعال(1/14)
النعل هو الحذاء وكل ما يقي القدم ويستحب لبسها والنعل الأصفر يسر والأسود يغم ويندب المشي حافياً أحياناً إن أمن مؤذياً ومنجساً ، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - 0
عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل"0 (م 2096)
ما يطلب من المنتعل :
1- يستحب له البدء فى لبس النعل باليمنى وفى قلعه باليسرى :
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين ، وإذا نزع فليبدأ بالشمال ، لتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع0 (خ 5855)
2- يستحب لداخل المسجد تفقد نعله لإزالة ما علق به من نجس0
3- يسن لخلع النعل إذا جلس ليستريح قدمه وأن يجعلها وراءه أو على يساره إلا لعذر كخوف عليها0
عن أَبي سَعِيدٍ قال: بَيْنَمَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي بأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوضَعَهُمَا عن يَسَارِه 0 (ص د650)
4- يستحب خلع النعل حال الأكل0
ما يكره للمنتعل :
1- الانتعال قائماً إن كان فيه مشقة
عن جابر قال: نهى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أن ينتعل الرجل قائماً .(ص هـ3618)
قال الخطابي: إنما نهى عن لبس النعل قائماً لأن لبسها قاعداً أسهل عليه وأمكن له وربما كان ذلك سبباً لانقلابه إذا لبسها قائماً فأمر بالقعود لأنه أهل وأسلم من المفسدة 0 أ هـ
2- المشي فى نعل واحد أو خف واحد لغير عذر :
عن أبي هريرة أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يمشي أحدكم في النعل الواحدة لينتعلهما جميعاً ، أو ليخلعهما جميعا"ً0( م 2097)
3-لبس النعل والخف قبل نفضهما0
4-لبس نعل له صوت لأنه زي اليهود0
قال السفاريني فى غذاء الألباب : نص الأمام أحمد على كراهة اتخاذ النعال السندية (وهي نعال لها صوت كصرير الباب)0
ويباح المشي فى قبقاب خشب
قال الإمام أحمد : لا بأس بالخشب أن يمشي فيه إن كان لحاجة.
12- الفراش(1/15)
يطلب الاقتصاد فى الفراش والاكتفاء منه بالمحتاج إليه اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وينبغي تجنب لين الفراش0
والمطلوب فراش للزوج وفراش للزوجة وفراش للضيف ، ولا زيادة على ذلك ، واجتماع الزوج والزوجة فى فراش واحد أفضل، وهو الذي واظب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع قيام الليل ، ويباح وضع الملاءة ونحوها من غير الحرير على الفراش.
عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "فراش للرجل0 وفراش لامرأته0 والثالث للضيف0 والرابع للشيطان"0 (م2084)
عن عائشة قالت: كان فراش رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - من أدم حشوه ليف0(خ6456)
الأدم : الجلد المدبوغ.
13-كسوة الكعبة
كسوتها مشروعة ، ولو بالديباج تعظيماً لها بالإجماع كما قال الحافظ فى الفتح : وأول من كسي الكعبة إسماعيل عليه السلام ، وكساها النبي - صلى الله عليه وسلم - القباطي والحبرات ،وكساها القباطي والحبرات أيضاً : أب بكر وعمر وعثمان ومعاوية ، وكساها الديباج : معاوية ويزيد وابن الزبير وعبد الملك والمأمون0
وأول من أمر بتجريدها من الكسوة العتيقة عمر فكان ينزع كسوتها كل سنة ويستبدل بها جديدة ، ويقسم الأولى بين الحجاج0
وجرت العادة أن تغسل الكعبة يوم 27 من ذي القعدة ، وتشمر ستورها ، وتكسي يوم النحر من كل عام ، ويأخذ الأشراف وبنو شيبة الكسوة العتيقة ويقسمونها ، ثم يبيعونها قطعاً بثمن وفير0
16- آداب اللباس
1- يسن لمن لبس ثوباً جديداً أو عمامة أو نعلاً أن يحمد الله تعالى ويدعو بالوارد0
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوباً سماه باسمه عمامة أو قميصا أو رداء ثم يقول: "اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له"0(ص ت1767)
خيره : هو استعماله في طاعة الله تعالى وعبادته ليكون عونا له عليها0(1/16)
وشره : هو استعماله في معصية الله ومخالفة أمره0
عن معاذ بن أنس أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومن لبس ثوباً فقال: الحمد للّه الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حولٍ منِّي ولا قوَّةٍ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"0(ص د4023)
عن ابن عمرَ : أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى على عمر - رضي الله عنه - ثوباً فقال:" الْبَسْ جَدِيداً ، وَعِشْ حَمِيداً ، وَمُتْ شَهِيدا ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة"0
(ص هـ3558)
2- يلزم غسل الثياب من النجاسة للصلاة، ويسن غسلها من العرق والوسخ:
عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، قال رجل: إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، قال: "إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس" 0 (م 91)
غمط الناس : استحقار الخلق0
17- لباس النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان يلبس من الثياب ما يجده : فقد لبس الإزار والرداء والقميص والجبة ورداء نجراني غليظ الحاشية وقميص قصير الطول واليدين وجبة شامية ضيقة الكمين وجبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج ، والحبرة وهي نوع من البرود اليمنية والقباء والفروج وهو القباء الذي شق من خلفه ، والحلة الحمراء ، والحلة إزار ورداء يخالطها لون خطوط سود ، والخميصة المعلمة والساذجة والثوب الأسود والفروة المكفوفة بالسندس ، والبرد الأخضر وفيه خطوط خضر ، وكساء من شعر ، وسراويل ، وكان أحب اللباس إليه البياض ولم يلبس الطيلسان لأنه تشبه بيهود خيبر0
جبة طيالسة : وهو لباس العجم0
كسروانية : نسبة إلى كسري ملك الفرس0
لبنة : رقعة فى جيب القميص0
المكفوف : أي ما يكف به جوانبه ويعطف عليها ، ويكون في الذيل والفرجين والكمين0
ما نهى عنه النساء :(1/17)