محاولات التحالف بين المغول والصليبيين
ضد المسلمين
في القرنين السابع والثامن الهجريين وآثارها
بقلم
الدكتور شفيق جاسر أحمد محمود
الأستاذ المساعد بقسم التاريخ الإسلامي
في كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية
الحمد للّه رب العالمين الذي منّ على عباده بدينه القويم، والصلاة والسلام على نبيه الأمين سيد العالمين وعلى آلة وصحبه وثمن تبعه إلى يوم الدين.
جذور العداء بين المسلمين والنصارى:
منذ أن منّ اللّه تعالى على خلقه بنبي الرحمة وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء هاديا ومبشرا ونذيرا، ومنذ أن أضاء نور الإسلام جزيرة العرب، ولامست أشعة نوره جوارها من بلاد العراق والشام ومصر والحبشة، اتخذ منه النصارى واليهود موقفا معاديا، فتقولوا عليه الأقاويل، ونالوا منه أبشع نيل، وحاربوه بألسنتهم وسيوفهم وبذلوا في سبيل ذلك جهدهم.
{وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(1) فعمت الدعوة الإسلامية العراق والشام ومصر وشمال إفريقيا في سنوات معدودة، وزال عنها نفوذ النصرانية ودخل جل أهلها في الإسلاَم. وقبل ذلك زالت اليهودية من الجزيرة العربية فقبعت مذمومة مدحورة في قلوب أهلها.
ولهذا تأججت الأحقاد في قلوب النصارى، ولم تزد الأيام حقدهم وكرههم للإسلام والمسلمين إلا اشتعالا، حيث لم تجد فيهم نظرة الإسلام السمحة إلى الديانات السماوية ومعتنقيها، واعترافه بأنبياء الله عموما، وما لاقاه أهل الذمة تحت ظل الإسلام في المشرق، والمغرب من إحسان ورعاية وعدل، وما تمتعت به مقدساتهم من رعاية وحماية واحترام، وما وفرته الدولة الإسلامية من أمن وحماية لحجاجهم. {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(2).
__________
(1) سورة التوبة آية: 32.
(2) سورة البقرة آيه: 120.(1/1)
وزاد العداء النصراني حدة بازدياد ما حققه الإسلام من توسع على حساب النصرانية، حيث غزاها في عقد دارها في أرمينية وآسيا الصغرى والأندلس بل وعبر البحر إلى جزر بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط) وجنوب فرنسا وإيطاليا، وهدد أكثر من مرة باجتياح عاصمتها الشرقية (القسطنطينية) خصوصا في عهد الأتراك السلاجقة، حيث تمكن سلطانهم المسلم ألب أرسلان من أن يهزم رأس نصارى الشرق- الإمبراطور رومانوس البيزنطي- في معركة ملاذكرد عام 463 هـ (1071 م) وأن يهدد العاصمة نفسها.
ففقدت أوروبا صوابها، وبادرت بشن حرب صليبية بشعة حاقدة، اكتوى بنارها الشرق والغرب مسلمون ونصارى، قرابة قرنين من الزمان، توجوا خلالها انتصاراتهم بالاستيلاء على القدس من المسلمين، وإقامة مملكة صليبية دامت قرابة القرن، على أشلاء سبعين ألف مسلم من سكانها لم ينج منها مخبَّر.
قيض اللّه للمسلمين الناصر صلاح الدين الأيوبي، رحمه اللّه، ومن خلفوه من أيوبيين ومماليك، جاهدوا في الله حق جهاده، حتى اندحر الصليبيون دون أن يحققوا أهدافهم، ولم يبق منهم إلا جيوب هنا وهناك في صور، وقبرص، وغيرهما، تعلقوا بآمال واهية ارتبطت باحتمال مساعدة أوروبية صليبية أو مغولية وثنية تعيد إليهم ما فقدوه.
ظهور المغول:
وفي هذه الأثناء التي انحطت فيها قوى الصليبين في المشرق وأوروبا- ما عدا الأندلس حيث كانت هجماتهم على أشدها- ظهرت قوة طاغية جبارة في المشرق تتفجر عنفا ورغبة في سفك الدماء - أي دماء -(1) هي قوة المغول. وقد نشأوا في هضبة مغوليا بشمال صحراء جوبى، في أواسط آسيا ما بين جنوب سيبريا وشمال التبت وغرب منشوريا وشرق التركستان. بين جبال التاي غربا وجبال خنجان شرقا(2).
__________
(1) ابن الأثير، علي بن أحمد بن عبد الكريم ت 630هـ، الكامل في التاريخ 9 أجزاء، دار الفكر ببيروت 1978م حوادث سنة 617هـ (1220م).
(2) د. مصطفى طه بدر. محنة الإسلام الكبرى. (ص73) دار الفكر العربي.(1/2)
وكان مؤسس إمبراطوريتهم هو جنكيز خان، الذي نظم الدولة ووضع قانون اليساق(1) ثم لم يلبث أن توفي عام 623هـ (1223م) فانساح خلفاؤه في كل اتجاه، ومنهم مغول إيران الذين انساحوا غربا مع هولاكو وخلفائه فجرفوا ما صادفوه أمامهم وخربوا وهدموا كالعاصفة المدمرة. حتى قال عنهم المؤرخ ابن الأثير المعاصر لتلك الأحداث: "وقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر الحادثة - خروج التتر إلى بلاد الإسلام - استعظاما لها، كارها لذكرها، فأنا أقدم رجلا وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه نعي الإسلام ! ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك ؟! فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا… وهذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عظمت الليالي عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين… وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنّة…"(2)
وقد أورد توماس أرنولد، وصفا لقسوة الهجمة المغولية على بلاد الإسلام جاء فيها: "لا يعرف الإسلام من بين ما نزل به من الخطوب والويلات خطباً أشد هولاً من غزوات
المغول، فقد انسابت جيوش جنكيزخان انسياب الثلوج على قمم الجبال واكتسحت في طريقها الحواضر الإسلامية، وأتت على ما كان لها من مدينه وثقافة لم يتركوا وراءهم من تلك البلاد سوى خرائب وأطلال بالية" (3)
__________
(1) اليساق أو الياسة: هو مجموعة أنظمة وضعها جنكيز خان للمغول، أصبح لديهم بمنزلة الكتاب الديني. القلشقندي، أبو العباس أحمد ت 831هـ (1427م). صبح الأعشى في صناعة الانشا 14 جزءا، القاهرة، دار الكتب المصرية 1914- 1915م. جـ4 (ص 310- 312).
(2) ابن الأثير، الكامل (جـ9 ص329، 370).
(3) Arnold, sir, t. w. the preaching of Islam. 3 rd ed. Tra. By. Regnold Nicholson. (London, 1935) pp. 218- 219.
سيرتوماس. و. أرنولد: الدعوة إلى الإسلام: الترجمة العربية، محسن إبراهيم حسن ص 248- 249.(1/3)
ولم يقتصر المغول في توسعهم على البلاد المسلمين بل توسعوا أيضا في بلاد النصارى كروسيا وبولندا وهنغاريا وغيرها وقتلوا وخربوا، لا يفرقون بين جنس وجنس ولا بين دين ودين، فلا يعني الإسلام ولا النصرانية لهم شيئا (1)
نظرة الصليبين إلى المغول:
ومع كل ذلك فقد رأى فيهم النصارى والصليبيون، حليفا طبيعيا، ونعمة ساقها الله إليهم لمساعدتهم في صراعهم التاريخي ضد المسلمين، خصوصا لما رأوه من عنفهم وشراستهم، وسرعة اجتياحهم للبلاد التي قصدوها في عهد إمبراطورهم كيوك، من الصين شرقا حتى أواسط روسيا وإيران وجبال طورس غربا، وما ألحقوه من هزيمة بكيخسرو الثاني سلطان سلاجقة الروم في آسيا الصغرى، وإخضاعهم هيثيوم ملك أرمينية النصراني لسلطانهم (2) فرأوا أن هؤلاء لو تحالفوا معهم أو استطاعوا أن يدخلوهم في النصرانية، فسوف يشكلون قوة هائلة تضغط على المسلمين في الشام ومصر من الشرق، في حين تضغط عليهم أوروبا من الغرب، فيصبحون بين المطرقة والسندان، مما قد يؤدي لاجتثاثهم.
بدء الاتصالات بين الصليبيين والمغول:
لهذا بدأ الصليبيون الأوروبيون في الاتصال بإيلخانات المغول، ومراسلتهم وتبادل الهدايا معهم، ودعوتهم إلى الإحسان لرعاياهم من النصارى، واستعدائهم على المسلمين من أيوبيين ومماليك وعباسيين، بل وإلى دعوتهم الصريحة وبإلحاح إلى الدخول في النصرانية (3).
ومن هذه المحاولات ما فعله البابا انوسنت الرابع، innocent 644هـ (1245م) حين أرسل إلى توراكيتا خان في قرة قوروم (4)
__________
(1) د. مصطفى طه بدر: مغول إيران بين المسيحية والإسلام، دار الفكر العربي (ص5،6).
(2) عاشور، سعيد عبد الفتاح: الحركة الصليبية صفحة مشرفة في تاريخ الجهاد العربي في العصور الوسطى، الطبعة الأولى 1963م، (جـ2/ص 1098).
(3) نفسه.
(4) قرة قوروم: مدينة وقاعدة التتار، وهي قرية جنكيزخان التي أخرجته، ونشأ بها.
القلشقندي، صبح الأعشى (جـ4/ ص480- 481).(1/4)
مبعوثاً هو الراهب الفرنسيسكاني حناّ دي بلانوكاربنيس john de Plano carpinis يدعوه للدخول في الديانة النصرانية، فرد عليه مشترطا خضوعه - أي البابا- وخضوع أمراء أوروبا لسلطانه كثمن لذلك(1) فلم يسع البابا قبول هذا المطلب الذي كان ثمنا باهظاً لمطلبه الجريء.
كما أن البابا انوسنت الرابع نفسه قد أرسل سفارة إلى بيجو زعيم مغول القوقاز تدعوه إلى الدخول في النصرانية. (2) وذلك سنة 644هـ (1246م).
موقف الإيلخان كيوك 644 -646 هـ (1246- 1248م) من هذه الدعوة.
__________
(1) رأى هذا الرسول في بلاط كيوك خان عددا من الرسل منها وفد ركن الدين قليبج أرسلان الرابع عن سلاجقة آسيا الصغرى، ووفد المستعصم الخليفة العباسي، ووفد أرمينيا الصغرى، ووفد فارس، وأمير روسيا، ياروسلاف نفسه الذي جاء ليقدم الولاء، بالإضافة للموفد البابوي كاربيني مندوب البابا انوسنت الرابع الذي رد عليه الخان كيوك برسالة جاء فيها: "لقد أمر الله أسلافي وأمرني أيضا بإبادة الأمم الضالة، وها أنت تسأل فيما إذا كنت مسيحي المعتقد، فإن الله يعلم، وإن شاء البابا أن يعلم فمن الأولى به أن يشخص بنفسه إلينا".
Lamb, genghiz khan, emperor of ali men, (London 1965) pp. 203-211.
انظر: عبد القادر أحمد يوسف، علاقات بين الشرق والغرب في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، منشورات الكنيسة العصرية، صيدا بيروت (ص196).
(2) setton, (k. m.) a history of the crusades,2 vole, (pensylvania, 1958), ll: pp. 722.(1/5)
يبدو أن هذه المحاولات قد لقيت صدى مبكراً في نفوس بعض الإيلخانات، حيث قيل أن هذا الإيلخان قد اعتنق النصرانية على المذهب النسطوري، وتبعه بعض الوزراء والقواد، مما شكل نصراً مبكراً للنصرانية، لو تم بشكل واسع ومستمر، لأدى إلى دخول المغول في النصرانية، ولكان في ذلك كل الخطر على الإسلام والمسلمين ولأصبحوا كما يتمنى الصليبيون بين فكي كماشة (1).
وكان عمل كيوك هذا إدراكا منه لأهمية ما يعرضه عليه الصليبيون، ورغبة في استغلاله لصالحه، فقام نائبه على القوقاز وفارس- جغطاي خان- بعرض عقد تحالف مغولي صليبي مع الملك الفرنسي لويس التاسع عام 1248م (646هـ) ضد الخلافة العباسية والأيوبيين والمماليك في الشام، وذلك خلال مرور لويس التاسع بقبرص في طريقه لغزو دمياط بمصر. وكان رسولاه إليه راهبين نسطوريين هما داود ومرقص، وقصده- أي جغطاي- من ذلك إشغال المماليك عن نجدة الخلافة العباسية، التي كان ينوي مهاجمتها(2).
وقد قام لويس التاسع بإرسال رده على هذا العرض مع وفد وجهه إلى أذربيحان- حيث كان جغطاي- ومنها إلى قرة قوروم- حيث كان يقيم الخان الأعظم كيوك- فوصل الوفد بعد وفاة هذا الخان 644 هـ( 1248م)
موقف منكوخان 646-655 هـ (1248 -1257م) من محاولات الصليبين:
__________
(1) Cambridge mid history. (Cambridge, 1957) vol. 6. p. 75.
عاشور، الحركة الصليبية (جـ2/ ص1098 -1099).
(2) عاشور، الحركة الصليبية ( جـ2/ ص 1100).
Atiya, (a.s) the crusades in the later middle ages (London 1938). P. 242.(1/6)
استقبل منكوخان خليفة كيوك خان، وفد لويس التاسع بفتور، حيث إنه لم يكن ميالا للتعاون معه(1) ولكن هذا الاستقبال لم يدفع لويس التاسع إلى اليأس، فكرر المحاولة بعد أن هزمه المصريون في المنصورة وأرسل رسولا آخر إلى منكوخان هو وليم روبروك - William of rubruck الراهب الفرنسيسكاني - فوصل العاصمة قرة قوروم، التي كانت تعج بالكثيرين من رسل الملوك والأمراء الذين جاؤوا يطلبون صداقة الخان الجديد، والتحالف معه، ويظهرون له الطاعة ويخطبون وده.
وكان شرط منكوخان للاستجابة لطلب لويس التاسع أن يخضع الملك لويس له فعاد الرسول خائبا في هذه السفارة أيضا.
إلا أن هذا الرسول سمع في قرة قوروم أثناء إقامته بها أخباراً تفيد أن المغول ينوون مهاجمة بلاد الخلافة العباسية والاستيلاء على بغداد نفسها. فبادر لدى عودته إلى عكا بإرسال الخبر إلى لويس التاسع الذي كان قد غادرها إلى فرنسا(2).
وقام هيثيوم الأول ملك أرمينية الصغرى بمثل ما قام به لويس التاسع من تودد لمنكوخان، حيث أرسل أخاه سمباد على رأس سفارة إلى عاصمة المغول عام 1247 -1248م (645-646 هـ)(3) ثم أتبعها بزيارة شخصية قام بها بنفسه للتأكيد على ولائه لمنكوخان وأصبح تابعا له(4).
__________
(1) عاشور، المرجع السابق (2/1100).
(2) عاشور، الحركة الصليبية (جـ 2/ ص1102).
(3) نفسه.
(4) setton, (k. m.) op cit, ll. P. 572.
Runciman, s. a history of the crusades. (Cambridge, 1957) vol. Ll. P. 247.(1/7)
وهكذا يمكن اعتبار هذه الاتصالات المتكررة التي أثمرت انحياز منكوخان للنصارى بالعطف عليهم ورعايتهم وبإعلان حمايته للكنيسة، ووعده لهم بأنه سوف ينفذ أخاه هولاكو نحو الغرب ليحطم الخلافة العباسية- رمز الإسلام والمسلمين- ويستعيد الأراضي المقدسة في الشام ويسلمها للصليبيين الذين أخرجوا منها على يد صلاح الدين وخلفائه، حلفاً أثلج صدور الصليبيين وزاد من أملهم في سقوط الخلافة(1).
يمكن اعتبار هذه المبادرة الخطيرة نوعا من التحالف غير المعلن بين المغول والصليبيين ضد المسلمين، لعب في عقده كل من لويس التاسع وهيثيوم الأول الدور الأكبر، في حين لم يحاول بقايا الصليبين في الشام وقبرص القيام بأي جهد في هذا المجال، فلم يتصلوا قط بالمغول(2) إلا نادراً. منها ما رواه المقريزي: "أن جماعة من الفرنج خرجوا من الغرب وبعثوا إلى أبغا بن هولاكو بأنهم واصلون لمواعداته من جهة سيس في سفن كثيرة... "(3).
وما رواه مفضل بن أبي الفضائل أن صاحب طرابلس بعد أن عقد هدنة مع بيبرس 669 هـ (1271م) توسل إلى أبغا وأرسل إليه يطلب معونته ضد المسلمين، ويصف ما فتحه بيبرس من القلاع والحصون حتى صاح به أبغا "أنت ما جئت إلا لتخوفني منه وتنفرني عنه وتملأ قلوب عسكري رعبا" (4).
__________
(1) عاشور، الحركة الصليبية (جـ2/1103 ).
(2) نفسه (ص1102).
(3) المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي ت 845هـ. السلوك لمعرفة دول الملوك، نشره ووضع حواشيه / محمد مصطفى زيادة، الطبعة الثانية 1957م، لجنة التأليف والترجمة والنشر، (جـ2/ص845) حوادث سنة 668هـ.
(4) مفضل بن أبى الفضائل: كتاب النهج السديد والدر الفريد فيما بعد تاريخ ابن العميد باريس 1932م (ص 192- 195).(1/8)
بالإضافة لما ذكره بعض المؤرخين من اتصالات قليله كانت تحدث أحيانا بين الصليبيين بالشام والمغول بقصد شن هجمات محدودة على المسلمين (1) كما حدث عندما أغار الفرنجَ على قاقون بمواعدة التتار (2).
التحالف بين المغول والصليبيين في عهد كوبيلان خان 655- 693 هـ (1257-1294م):
خلف كوبيلان خان، منكوخان في زعامة المغول العظمى، وفي عهده قام هولاكوخان- وكان وثنيا- باجتياح بلاد خوارزم والاستيلاء على عاصمة الخلافة العباسية بغداد، حيث ارتكب المغول فيها من المجازر مالا زالت النفوس تشمئز منه وتقشعر منه الأبدان، فزاد عدد من قتلوه من المسلمين عن المليون، وهدموا وخربوا عاصمة كانت منار العالم علما وعمرانا وازدهارا، ومع ذلك فلم يقدم على إيذاء النصارى من أهل بغداد بل وضعهم تحت حمايته، وأجاز جاثليقهم النسطوري ووهبه منزل الدفتر دار الصغير(3) وذلك لميله لهم ولتأثير زوجته النصرانية النسطورية دكوزخان (4) كما أقر فعله ابنه أبغا الذي خلفه من بعده (5).
__________
(1) عاشور، الحركة الصليبية (جـ2/1111).
(2) المقريزي: السلوك (جـ1/600).
(3) howorth, (sir Henry) history of mangols. Ill (London 1988) ill. P. 208.
د. مصطفى طه بدر: مغول إيران (ص10).
(4) ابن كثير: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل ت 774هـ. البداية والنهاية 14 جزءاً، دار الفكر العربي (جـ 83ص 248). حوادث سنة 658هـ (1260م) ذكر أن زوجة هولاكو، وكان اسمها ظفر خاتون قد تنصرت، وكانت تفصل النصارى على سائر الخلق.
(5) howorth, op. cit pp. 208- 211.
انظر: د. مصطفى بدر، مغول إيران (ص100).(1/9)
وقد قدر الصليبيون ذلك فتعاونوا مع المغول في اجتياحهم لبلاد المسلمين حتى اتخذت هذه الحملة طابع الحملة الصليبية (1) فاشتركت فرقة من الأرمن مع المغول في غزو ميافارقين وساهموا في ذبح سكانها من المسلمين والحفاظ على النصارى من سكانها، واشترك هيثيوم الأول، ملك أرمينية الصغرى في وضع خطة غزو بلاد الشام، وطلب منه هولاكو أن يلاقيه بجيشه عند الرها، ليصحبه معه إلى بيت المقدس فيخلصها من أيدي المسلمين ويسلمها للصليبيين (2) وشارك في هذا التأييد للغزو المغولي بوهيمند السادس أمير أنطاكية وطرابلس الصليبي وزوج ابنة هيثيوم الأول (3) والبابا اسكندر الرابع الذي أرسل سنة 658هـ -1260م إلى هولاكو يهنئه على بطولاته ويدعوه للدخول في النصرانية (4) وسارع مطران اليعاقبة في حلب إلى لقاء هولاكو وبذل جهده في استعدائه على المسلمين(5) لذلك لم يقم هولاكو بالاعتداء على نصارى حلب، ولم يتعرض لكنيسة اليعاقبة في الوقت الذي أحرق فيه مسجدها وذبح معظم أهلها من المسلمين بتحريض من حليفه ومرافقه الصليبي هيثيوم الأول (6).
__________
(1) عاشور: الحركة الصليبية (جـ2/ص1103).
(2) نفسه.
(3) setton, op. cit. lll. P. 572.
(4) howorth, op. cit. lll. P. 208- 211.
(5) أبو الفداء، الملك المؤيد إسماعيل بن علي بن عماد الدين: المختصر في أخبار البشر 14 جزءاً، القاهرة 325هـ، حوادث سنة 658هـ. (1260م).
(6) نفسه.(1/10)
وأرسل رسالة تهديد إلى قطز جاء فيها: "من ملك الملوك شرقا وغربا القائد الأعظم ... يعلم... قطز الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم... أنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه وسلطنا على من حل به غضبه... وأسلموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء... ونحن لا نرحم من بكى ولا نرق لمن شكا... فأبشروا بالمذلة والهوان... فقد حذر من أنذر، وقد ثبت عندكم أن نحن الكفرة وقد ثبت عندنا إنكم الفجرة... " فغضب قطز وقطع رؤوس أعضاء الوفد ما عدا صبي استبقاه مملوكا له (1) ولكن رشيد الدين الهمداني أورد نصا آخراً لهذه الرسالة تضمن نفس المعنى، وذكر أن قطز قتل رسل هولاكو بناء على مشورة بيبرس (2).
وعندما اضطر هولاكو للعودة إلى الشرق مستخلفا على معظم جيشه قائده كتبغا المشهور بميله للنصارى (3) لإكمال مهمته في اجتياح بلاد الشام ومصر، قام هيثيوم الأول ملك أرمينية الصغرى وصهره بوهيمند السادس أمير أنطاكية وطرابلس بمرافقته، ودخلا معه مدينة دمشق، وطلبا منه أن يغلق مساجدها وأن يحول بعضها إلى كنائس، فأجابها إلى طلبهما رغم استعطاف المسلمين (4).
__________
(1) المقريزي، السلوك (جـ2 ق1) حوادث سنة 658هـ (1260م) ( ص 427- 428).
(2) رشيد الدين الهمداني، جامع التواريخ، تاريخ المغول، ترجمة/ محمد صادق ورفاقه، دار إحياء الكتب العربية 1960م (جـ1 ص311، 313).
(3) ابن كثير، البداية والنهاية (جـ13/ص 231).
(4) المقريزي، السلوك (جـ2 ق1) حوادث 658هـ . (1260م).(1/11)
وتحمس نصارى الشام لهذه الحملة حتى ظنوا أنهم إنما يقومون بدعم حملة صليبية جديدة، فعندما أقبل المغول إلى دمشق نظم النصارى في طرقهم المواكب الكبيرة، وأخذوا يرتلون التراتيل النصرانية، واستطالوا على المسلمين، حتى وصف أبو الفداء ذلك فقال: "واستطالوا على المسلمين بدق النواقيس وإدخال الخمر في الجامع الأموي" (1) وروى المقريزي في حوادث سنة 658هـ ما نصه "استطال النصارى بدمشق على المسلمين، وأحضروا فرمانا من هولاكو بأمرهم وإقامة دينهم، فتظاهروا بالخمر في نهار رمضان، ورشوه على ثياب المسلمين في الطرقات، وصبوه على أبواب المساجد، وأمروا أصحاب الحوانيت بالقيام إذا مروا بالصليب عليهم. وأهانوا من امتنع عن القيام للصليب، وصاروا يمرون به في الشوارع إلى كنيسة مريم، ويخطبون في الثناء على دينهم وقالوا جهرا: ظهر الدين الصحيح دين المسيح. فقلق المسلمون من ذلك وشكوا أمرهم إلى كتبغا، فأهانهم وضرب بعضهم، وعظم قدر قسوس النصارى. ونزل إلى كنائسهم وأقام شعائرهم (2)".
وفي عام 659هـ (1260م) جهز الظاهر بيبرس جيشا لطرد المغول من حلب، وعندما وصل الجيش إلى غزة، كتب الفرنجة إلى المغول يحذرونهم فرحلوا عنها مسرعين (3).
الإيلخان أباقا (ابغاخان) بن هولاكو: 665- 681هـ (1265- 1282م)
__________
(1) أبو الفداء، المختصر، حوادث سنة 658هـ . (1260م).
(2) المقريزي، السلوك (جـ2 ق1) حوادث سنة 658هـ . (1260م).
(3) ابن كثير، البداية والنهاية (جـ13 ص 231) حوادث سنة 659هـ . (1261م).(1/12)
وفي عهد أباقا بن هولاكو ازدادت هجمة النصارى عليه محاولة إدخاله في دينهم، فأرسل إليه أربعة من البابوات هم كليمنت الرابع، وجريجوري العاشر، ويوحنا السادس والعشرون، ونقولا الثالث، يحضونه على الدخول في النصرانية (1) فتزوج من امرأة نصرانية هي مارية ابنة الإمبراطور البيزنطي ميشيل باليوغولوس التي سماها المغول باسم (دسينا)، وأظهر ميلا للنصارى وعطفا عليهم، فأقر إعطاء دار الدفتردار الصغير في بغداد للجاثليق النسطوري.
وطمع أباقا بمساعدة النصارى الأوروبيين فأرسل إلى ملك إنجلترا إدوارد الأول 673 هـ (1274م)(2) في ذلك فرد عليه يعده خيراً ويوصيه بالنصارى.
كما أرسل إلى فيليب الثالث ملك فرنسا يطلب منه التعاون معه في محاربة المماليك، فرد عليه واعداً إياه بالمساعدة(3) كما وراسل إلى جيمس الثاني ملك أرغونة واتفق معه على إعداد حمله صليبيه ضد المماليك، وتوجهت هذه الحملة فعلا ولكنها فشلت بسبب كبر سن جيمس الثاني، وتحطم سفنه في الطريق(4).
وعندما عقد مجمع ليون عام 1274م (673 هـ) حضره مبعوثان من قبل أباقا عرضا على المجتمعين مشروع تحالف صليبي مغولي، وتم تعميدهما نصرانيين دون أن يجابا إلى طلبهما(5).
الإيلخان أحمد تكوادر (أحمد بن هولاكو):
__________
(1) مصطفى بدر: مغول إيران (ص8).
(2) نفسه. Howorth. Op. cit. lll. P. 280.
(3) lbid
(4) lbid. P. 271- 286.
(5) عاشور، الحركة الصليبية (جـ2 ص1112).(1/13)
لقد شذ هذا الإيلخان الذي تولى السلطة عام 681 هـ (1282م) عن سابقيه في الميل للنصارى والرغبة في التحالف مع الصليبيين ضد المسلمين، فلم يلبث بعد توليه الحكم بعد أباقا خان، أن دخل في الإسلام، رغم أنه كان نصرانيا منذ طفولته، وأنه سبق أن عمد باسم نقولا، فسمى نفسه أحمدا، وأرسل رسله إلى بغداد وسلطان مصر المملوكي، يخبرهم بإسلامه ويعرض عليهم التحالف وإنهاء العداء التقليدي بين المغول والمسلمين. ولكنه لم يلبث في الحكم سوى ست سنوات حيث ثار عليه بعض قادته وقتلوه عندما حاول نشر الإسلام بين شعبه(1).
الإيلخانات أرغون وكيخانو وبايدو:
تولى إرغون السلطة بعد أحمد تكوادر عام 688 هـ (1288م)(2) عن طريق الجيش، وكان كأبيه محبا للنصارى، فعمل على الحد من نفوذ المسلمين في الدولة، وأبعدهم عن المراكز الهامة وعن الظهور في بلاطه، وغالى في عدائه لهم حتى أعلن بتأثير من وزيره اليهودي سعد الدولة أنه سيعمل على جعل مكة معبدا وثنيا، ولكن اللّه تعالى أخذه أخذ عزيز مقتدر هو ووزيره الغاشم(3).
وكان قبل موته قد اتصل بالملك إدوارد الأول ملك إنجلترا مقترحا عليه شن هجوم مشترك على الأراضي المقدسة من الشرق والغرب، ولكن الملك الإنجليزي اعتذر إليه بانشغاله بالحروب الاسكتلندية.
__________
(1) د. عبد القادر اليوسف، علاقات بين الشرق والغرب، المكتبة العصرية صيدا بيروت ص 223.
(2) howorth. Op. cit. p. 286.
(3) انظر: مصطفى بدر: مغول إيران (ص12، 13). Lbid.
انظر سيرتوماس ارنولد. الدعوة إلى الإسلام، ترجمة حسن إبراهيم ورفاقه. دار النهضة المصرية، ص 257.(1/14)
وكرر عرضه هذا على فيليب الرابع ملك أرغون عام 688 هـ (1289م) مقترحا عليه التعاون في غزو مصر، ويعده بمنحة دمشق وكثير من الخيول والإمدادات، ويعلمه بأن ملكي بلاد الكرج(1) سينضمان إلى حلفهما، وحدد لبداية الغزو شهر محرم 690 هـ (1291م)(2).
وكان الإِيلخان كيخانوا خليفة أرغون مؤيدا للنصارى كسابقيه(3) إلا أنه اتبع أسلوبا معتدلا في ميله إليهم، وصار يظهر شيئا من العطف على المسلمين، فأعفى آل البيت من دفع عامة الضرائب(4) وكتب شعارات إسلامية على عملته، حيث كتب على أحد وجهيها "لا اله إلا الله محمد رسول اللّه"(5).
أما الإيلخان بايدو الذي خلف كيخانوا فقد كان ظاهر الميل والتأييد للنصارى بتأثير من دسبينا زوجة أباقا خان، التي كانت لا تزال على قيد الحياة، وكانت ذات تأثير شديد عليه، حيث كان يقضي معظم وقته عندها. فقام بتعليق صليب فخم في عنقه، وسمح للنصارى ببناء الكنائس وقرع أجراسها في معسكره، وعاقب بشدة كل من يحاول الدخول في الإسلام من المغول، ومع هذا فإنه كان يحاول إظهار الاعتدال تجاه المسلمين، فيرسل ابنه ليصلي كما يصلون(6).
الإيلخان غازان (قازان): 694- 4 70 هـ (1295- 4 130 م)
__________
(1) مملكة الكرج: خضعت للمغول عام 634هـ (1236م) وشارك ملكها داود أولو في الهجوم على بغداد، وفي معركة عين جالوت، ثم ثار ضد المغول ولكن جيشه تخلى عنه ففر هاربا، ثم استرضاه هولاكو بسبب خلافه مع بركة خان زعيم مغول القبيلة الذهبية المسلم، وأعاده إلى ملكه وظل حتى مات سنة 667هـ (1269م) تابعا للمغول.
المقريزي، السلوك (جـ1 ق2) (ص537) حاشية 1.
(2) howorth, op. cit. p. 260.
انظر: مصطفى بدر، مغول إيران (ص11) lbid
(3) howorth, op. cit. p. 260.
(4) lbid
(5) Malcolm, the history of Persia. L. p. 271
(6) الصياد، فؤاد عبد المعطى المغول في التاريخ، القاهرة 1960 م (ص 13).(1/15)
كان هذا الإيلخان في أول عهده بوذيا، ثم اعتنق الإسلام أثناء ولايته للعهد، وذلك في الرابع من شعبان عام 694 هـ (1295م)(1) فكان ذلك مفاجأة كبرى وانتصاراً غير متوقع للإِسلام على المحاولات النصرانية لتنصير المغول. لأن هذا الخان فور ارتقائه العرش جعل الإسلام دين الدولة الرسمي، وأدخل في الإسلام عدداً كبيرا من قبائل المغول. ودخل من جيشه في الإسلام عشرة آلاف وقيل مائة ألف من القادة(2).
وقد اختلف في سبب إسلامه ومدى إخلاصه، فقيل أنه أسلم لكسب تأييد المسلمين الذين يؤلفون غالبية شعبه ضد عدوه وعدوهم بايدو. وقيل كان بضغط وإلحاح من قائده نوروس، وتوسلات من بعض أمرائه وبعض المشايخ.
ومهما كان السبب وحتى لو كان إسلامه في البداية سياسيا، فإن من الثابت أنه فيما بعد قد أصبح مسلما حقيقيا، وذلك بشهادة رشيد الدين، أحد معاصريه ووزرائه، فقد ذكر أنه كان يشك في صحة إسلام غازان ولكنه تأكد فيما بعد من صحته من حديث جرى بينه وبين غازان حول الذنوب والأوثان(3).
وقد عرف عنه إنه تعلم شرائع الإسلام فصلى وصام وانقطع عن الولاء لخاقان التتار ألغى اسمه عن عمله إيران.
ومع ذلك فإن غازان قد حارب المماليك المسلمين، وقيل أنه حاول الاستعانة بالنصارى ضدهم واعداً إياهم أن يرد إليهم الأراضي المقدسة عندما يستخلصها، فراسل البابا بانونيفاس الثامن ودعاه لشن حرب صليبية ضد المماليك سنة 699 هـ (1300 م) واعداً إياه وملوك أوروبا بإعطائهم فلسطين ثمنا لذلك (4).
__________
(1) غيات الدين بن محمد همام الدين ت 942هـ، حبيب السير في أخبار البشر. م3 (جـ1/ ص 83).
(2) نفسه.
(3) رشَيد الدين الهمداني جامع التواريخ، تاريخ المغول (جـ1 ص 15).
(4) الصياد، فؤاد عد المعطى، المغول في التاريخ (ص 64).(1/16)
وقد استجاب له جيمس الثاني ملك أرغونة وأرسل إليه سنة 698 هـ (1299م) يهنئه بانتصاراته ويعده بإمداده بالسفن ويعلمه بأنه سمح لمن يرغب من رجاله بالانضمام إليه. كما زعم بعضهم أن غازان عرض على الأوروبيين أن يعتنق النصرانية في سبيل الحصول على مساعدتهم ضد المماليك(1).
هذا وقد قام الإيلخان خدا بنداه خان خليفة غازان(2) 703 هـ (3 هـ 1303 م) والذي كان مسلماً منذ 694 هـ (1294م) ويلقب بغيات الدين محمود بالاتصال بالملك الناصر قلاوون، وتصالح معه وأظهر تراجعا عن سياسة سلفه(3).
ثم إنه لم يلبث في أواخر عهده أن عاد لمعاداة المماليك والاستعانة بأوروبا ملوكا وبابوات ضدهم، فاتصل بالبابا كليمنت الخامس، والملك إدوارد الثاني ملك إنجلترا، والملك فيليب الجميل ملك فرنسا، محاولا الاستعانة بهم ضد المماليك(4).
__________
(1) انظر: د/ مصطفى بدر، المغول في التاريخ (ص.2).
وذكر ابن كثير أن قازان هذا هزم السلطان المنصور لاجين ووصل دمشق "وشرع التتار وصاحب سيس في نهب الصالحية ومسجد الأسدية ومسجد خاتون، ودار الحديث الأشرفية بها واحترق جامع التوبة بالعقيبية، وكان هذا من جهة الكرج والأرمن من النصارى الذين هم مع التتار قبحهم الله، وسبوا من أهلها خلقا كثيرا وجمعا غفيراً".
البداية والنهاية (جـ14/ص8) حوادث سنة 699هـ. (1299م).
(2) أبو المحاسن: جمال الدين يوسف بن تغري بردي ت 873هـ. النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، طبعة دار الكتب 1929م (ص168).
(3) muir, (sir William): the mamluke, or slave dynasty of Egypt. P. 69. (London 1891).
المقريزي، السلوك (جـ2ق1) (ص115).
(4) المقريزي، السلوك ( جـ2 ق1) (ص 115).(1/17)
وحاول إعانة بعض الأمراء المتمردين، فذكر المقريزي بأنه أعد حملة هدفها الشام مع الأميرين سنقر والأقرم الهاربين من الملك محمد بن قلاوون، ثم لم تلبث هذه الحملة أن فشلت وتخلت عن مهمتها بعد أن سمعت بخروج السلطان لملاقاتها(1).
ومنذ عهد الإيلخان أبي سعيد الذي خلف خدا بنداه سنة 716 هـ (1316م) الذي كف عن معاداة المماليك، وصادق الناصر محمد بن قلاوون وراسله وهاداه وعقد معه اتفاقيات فتحا بموجبها حدودهما للتجارة، وتعهد له الناصر بحماية الحجاج الإيرانيين والمحمل اللإيلخاني(2) وتبعه في ذلك خلفاؤه من الإيلخانات الذين ضعف شأنهم وانشغلوا بنزاعاتهم على العرش، لم يعد التاريخ يعلمنا بغارات مغولية على الشام بل انعكس الحال فصار بعض المماليك يحاولون التوسع في أراضي الإيلخانات(3).
موقف مغول القفجاق (القبيلة الذهبية) من المماليك المسلمين.
يطلق اسم القفجاق (القبشاق) أو (القبيلة الذهبية) golden horde على المغول الذين أقاموا في البلاد التي منحها جنكيزخان قبل وفاته لابنه الأكبر جوشي. وتشمل سهول جنوب روسيا وأقصى غرب آسيا وسيبيريا فيما بين نهر آتش والسواحل الجنوبية لبحر قزوين. وسمى هؤلاء باسم القبيلة الذهبية لأن خيام معسكراتهم كانت ذات لون ذهبي.
انقسمت هذه الدولة بعد جوشي 624 هـ (1227 م) بين أولاده الأربعة عشر الذين كانوا بزعامة أكبرهم أوردا، ثم سيطر أخوه باطو على القسم الغربي من المملكة الذي سمى باسم القبيلة الزرقاء أو القبشاق الغربي، واقتصر حكم أوردا على القسم الشرقي الذي عرف بالقبيلة البيضاء.
__________
(1) المقريزي، السلوك (جـ2 ق1) (ص 115). Muir, op. cit. p. 64.
(2) المقريزي، السلوك (جـ2 ق1) (ص 209- 210).
(3) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة (جـ5 ق1) (ص137).(1/18)
ولما كان باطو هذا على قدر من الشجاعة والقوة فقد غزا أوروبا، وتوغل في روسيا وبولندا والمجر 625-640 هـ (1227 -1242م) وحمل اسم خان القبيلة الذهبية بشكل عام وطغى اسمه على اسم أخيه أوردا (1).
وخلف باطو خان ابنه طرطق خان الذي توفي في نفس السنة ليخلفه ابن أخيه وهو بركة خان بن ناظو خان بن جوشي 1256 -1267م (656-666 هـ) الذي اعتنق الدين الإسلامي على يد أحد التجار، فجعل الإسلام دين الدولة الرسمي وأظهر شعار الإسلام وقرب العلماء، كما أسلمت زوجته وبنت لها مسجدا. ورغم محاولات البعض التشكيك في صحة إسلامه إلا أن التاريخ يعلمنا أنه أسلم منذ صغره، وإنه حفظ القرآن الكريم، وإن جيشه كان مسلما يحمل كل فرد سجادة صلاة وهذا أغضب خصومه حتى تآمروا عليه(2).
وبما أن هذه القبيلة كانت على عداء دائم مع أقربائهم وجيرانهم مغول فارس الذين " كان يتزعمهم هولاكو وخلفاؤه، بسبب خلافاتهم على الأرض وعلى زعامة المغول، فإنه كان من الطبيعي أن يتعاون القفجاق مع أكبر دولة إسلامية تحمي الإِسلام والمسلمين وهي دولة المماليك، العدوة الطبيعية لأعدائهم مغول إيران، كما كان من الطبيعي أيضا أن يتحالف مغول إيران مع الصليبيين أعداء المماليك.
__________
(1) المقريزىَ، السلوك، (جـ1 ق2) (ص394-395) حاشية 2.
د. عاشور، فايد، العلاقات السياسية بين المماليك والمغول في الدولة المملوكية الأولى، دار المعارف (ص206).
(2) جمال سرور، دولة الظاهر بيبرس وحضارة مصر في عهده (ص102) حاشية رقم 2. القاهرة 1960م.
يروي ابن خلدون، في تاريخه حـ5، ص 534هـ. أنه أسلم على يد الشيخ شمس الدين الباخوري الذي كان مقيما في بخارى، حيث دعاه إلى الإسلام فاستجاب لدعوته وذهب إلى بخارى وأعلن إسلامه وعاهد الشيخ على العمل على نشر الإسلام.
وانظر: سيرتوماس و. أرنولد. الدعوة إلى الإسلام، ترجمة حسن إبراهيم، مكتبة النهضة المصرية 1970م ص 259.(1/19)
وازدادت حاجة كل منهما إلى حليفه بازدياد الصراع بين هولاكو وبركة خان عام 661 هـ (1262م) عندما هزم بركة خان زعيم القبيلة الذهبية هولاكو خان زعيم مغول إيران، فقام هولاكو بالانتقام من تجار من القفجاق تابعين لبركة خان بأن قتلهم في بلاده، فأغضب ذلك بركة خان فأمر أفراد جيشه الذين كانوا يحاربون مع هولاكو أن ينضموا إلى الظاهر بيبرس ففعلوا(1).
وقد وصف القاضي محي الدين بن عبد الظاهر (620-622 هـ)(2)
__________
(1) د. جمال سرور: دولة الظاهر بيبرس وحضارة مصر في عهده (ص110) حاشية 1.
(2) ابن كثير: البداية والنهاية (جـ 13/ص234) حوادث سنة 660هـ (1262م) أشار إلى ذلك بقوله: "وفي ذي الحجة قدمت وفود كثيرة من التتار على الملك الظاهر مستأمنين فأكرمهم وأحسن إليهم وأقطعهم إقطاعات حسنة" وأشار إلى سبب النزاع بين بركة وهولاكو قائلاً "وفيها - أي سنة 660هـ - وقع الخلاف بين هولاكو وبين السلطان بركة خان ابن عمه وأرسل إليه بركة يطلب منه نصيبا مما فتحه من البلاد وأخذه من الأموال، على ما جرت به عادة ملوكهم، فقتل رسله، فاشتد غضب بركة، وكاتب الظاهر ليتفقا على هولاكو" ويصف في (ص239) حوادث سنة (661هـ)
(1263م) قائلاً: "وفيها التقى بركة خان وهولاكو فاقتتلوا فهزم الله هولاكو هزيمة فظيعة وقتل أكثر أصحابه".(1/20)
(1) وهو معاصر للأحداث. وصول هؤلاء الجنود الفارين من جيش هولاكو فقال: "وصل كتاب الحاج علاء الدين- متولي دمشق سنة 660 هـ (1262م) بأن الكشافة وجدوا جماعة كبيرة من التتار مستأمنين وافدين إلى الباب الشريف لأنهم من أصحاب الملك بركة وكانوا نجده عند هلاون (هولاكو) فلما وقع بينهما كتب الملك بركة إليهم بالحضور إليه وإن لم يقدروا على ذلك ينحازون إلى عسكر الديار المصرية، ويذكرون أن العداوة قد استحكمت بينهما، وأن ولد هلاون قتل في المصاف، وإنهم فوق المئتي فارس، فكتب السلطان إلى النواب في الشام بإكرامهم وحمل الخلع إليهم وإلى نسائهم وأحسن إلى مقدميهم الأربعة... وخرج السلطان للقائهم... فكان يوما عظيما، ورأوا من كثرة العساكر وكثرة العالم شيئا بهر عقولهم... وبلغ التتار ذلك فتوافدوا جماعة بعد جماعة والسلطان يعتمد معهم هذا الإحسان "(2).
وكانت العلاقات قد توطدت بين بيبرس وبركة خان(3) حيث لم يكد بيبرس يسمع بإسلام بركة خان حتى كتب إليه يغريه بقتال هولاكو ويرغبه في ذلك(4).
__________
(1) القاضي محي الدين بن عبد الظاهر (620- 692هـ) الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر (ص137) تحقيق ونشر عبد العزيز الخويطر، الرياض 1396هـ.
(2) القاضي محمي الدين بن عبد الظاهر، الروض الزاهر (ص 137 -138).
(3) تزوج بيبرس من ابنة بركة خان بن دولة خان الخوارزمي، وليس من ابنة بركة خان زعيم القبيلة الذهبية، كما ذكر جمال سرور في كتابه الظاهر بيبرس، (ص113) وحسن إبراهيم، ولين بول وغيرهم.
القاضي محي الدين بن عبد الظاهر (ص 177) حاشية .
(4) المقريزي، السلوك (جـ1 ص 465) وانظر: عاشور، سعيد عبد الفتاح العصر المماليكي في مصر والشام (ص 226) ط دار النهضة العربية 1965.(1/21)
ويصف صاحب الروض الزاهر سفارة بركة خان إلى الظاهر بيبرس بأنها كانت مكونة من الأمير جلال الدين بن القاضي والشيخ نور الدين علي، عن طريق الإسكندرية، ويحملون رسالتين "مضمونهما السلام والشكر وطلب الإنجاد على هلاون (هولاكو) والإعلام بما هو عليه من مخالفة جنكيزخان وشريعة أهله، وأن كل ما فعله من إتلاف النفوس بطريق العدوان منه "وإنني قد قمت أنا وإخوتي الأربعة بحربه في سائر الجهات، لإِقامة منار الإسلام وإعادة مواطن الهدى إلى ما كانت عليه من العمارة، وذكر اللّه والأذان والقراءة والصلاة وأخذنا ثأر الأئمة والأمة" ويلتمس إنقاذ جماعة من العسكر إلى جهة الفرات لإمساك الطريق على هلاون، ويوصي على السلطان عز الدين صاحب الروم ويستمد مساعدته (1)".
ورد السلطان الظاهر بيبرس على رسالة وسفارة الملك بركه خان يخبره بأحوال المسلمين، وبمبايعة الخليفة العباسي وبأنه أمر بأن يدعي له في خطب مكة والمدينة المنورة والقدس وحمل رسله بالهدايا الثمينة(2). وذلك في عام 661 هـ (1261م).
وعندما عاد وفد بيبرس من بلاد الملك بركة خان ذكروا أنهم رأوا في بلاده لكل أمير عشرة مؤذن وإمام، ولكل خاتون مؤذن وإمام، وأن الصغار كانوا يتلقون القرآن العزيز في المكاتب(3).
وفي أواخر عام 661 هـ (1261م) وصل حوالي ألف وثلاثمائة فأرسل مغولي من المستأمنين فاستقبلهم السلطان بيبرس وعرض عليهم الإسلام فأسلموا، وتكرر بعد ذلك وصول جماعة منهم(4).
__________
(1) القاضي محي الدين بن عبد الظاهر، الروض الزاهر (ص 170- 171).
(2) نفسه (ص 138- 174).
(3) نفسه (ص 217).
(4) نفسه (ص 180).(1/22)
واشتعلت نار الحرب بين بركة خان وعدوه هولاكو، وتوفي هولاكو سنة 663 هـ (1265م) وخلفه ابنه أبغا، فقاتله بركة خان حتى هزمه(1).
وتوفي بركة خان عام 665 هـ (1266م)، وخلفه منكوتمر، فواصل سياسة سلفه في نشر الإسلام بين المغول والتحالف مع المماليك ضد مغول إيران، فقام بمحاربة أبغا بن هولاكو فهزمه وخلص منه الأسرى، مما قوى معنويات المسلمين وشجعهم على الاستبسال في محاربته، ولم يكتف بذلك بل قدم بنفسه ليساعد المماليك في قتاله واستعادة أرض المسلمين من أيدي المغول.
__________
(1) ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية (جـ13/ ص 245) حوادث سنة 663هـ ما نصه: "وفيها- أي سنة 663- جاءت الأخبار بأن سلطان التتار هولاكو قد هلك بمرض الصرع بمدينة مراغه، واجتمعت التتار على ابنه أبغا، فقصده الملك بركة خان فكسره وفرق جموعه" والأصح أن موت هولاكو كان سنة 665هـ وليس 663هـ .(1/23)
وعندما توفي سنة 680 هـ (1281م) خلفه أخوه تدان منكو، الذي دخل في الإسلام، وأرسل يبشر قلاوون بذلك ويطلب منه أن يلقبه بلقب، ويجهز له علم الخليفة وعلم السلطان ليقاتل بهما أعداء الإِسلام، فلبى السلطان قلاوون طلبه سنة 682هـ (1283 م)(1) وأرسل له هدية قيمة وأموالا(2) ولكن تدان لم يلبث أن تنازل عن عرشه وتزهد وانقطع للعبادة، ومصاحبة العلماء، فخلفه ابن أخيه تولا يوغا بن منكوتمر بن طوغان 686هـ (1287م)، ولكنه ما لبث أن مات غيلة سنة 690هـ (1291م) على يد طقطقا (طقطاي) الذي كان على دين المغول والذي حكم حتى عام 713 هـ (1314 م) فعمت في عهده المجاعة(3) وأرسل طقطاي هذا إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون عام 704 هـ (1304م)، فطلب محالفته ضد غازان، فاعتذر إليه حيث أن خدا بنده أخو غازان قد تولى الحكم وعقد معه الناصر صلحا، وكرر طلبه عام 713 هـ (1313م) عندما هاجمه خدا بنده وهزمه فوعده الناصر باستعادة بغداد وإعادة الخليفة العباسي إليها.
وهكذا استمرت العلاقات بين خليفة طقطاي وهو أزبك 713- 741 هـ
(1313- 1340م)، وابن أخيه، الذي أسهم في العمل على نشر الإسلام فصاهره الملك الناصر ودامت العلاقة جيدة بين المماليك وخانات القبيلة الذهبية فيما بعد.
نتائج محاولات التحالف:
مما سبق نرى أنه لم يتم عقد تحالف فعلي فعال بين المغول من جهة والصليبيين في أوروبا والشام وآسيا الصغرى من جهة أخرى، وذلك راجع لأسباب متعددة تتعلق بكل منهما.
فالأوروبيون كان أملهم ضعيفا في استراد الأراضي المقدسة بعد أن حاولوا ذلك سنين طويلة، بالإضافة لانشغالهم بخلافاتهم الداخلية، وكون دولتهم لازالت في دور التكوين والنشوء في ظل حركة القوميات الحديثة(4). فلم تكن إيطاليا موحدة، وكذلك ألمانيا، وكانت أرغون وصقلية مشغولتين بصراعهما.
__________
(1) المقريزي، السلوك (جـ1 ق3) (ص 716).
(2) نفسه (ص738).
(3) نفسه (ص 942).
(4) د. مصطفى بدر، سول إيران (ص 124).(1/24)
والمغول في إيران كانوا حكاما لبلاد إسلامية من الصعب عليهم- كحكام غير مسلمين- السيطرة على شعوب مسلمة لفترة طويلة وسوقها لمحاربة مسلمين، مما كان يضطر بعضهم إلى مصانعة المسلمين، ويضطر البعض الآخر إلى اعتناق الإسلام ومصادقة المماليك، ومحاولة الابتعاد عن الأوروبيين، ولا يخفى أن اعتناق بعض الإلخانات للإسلام كان يتسبب في فتور همته في عدائه للمسلمين.
يضاف إلى ذلك أن تحالف مغول القبيلة الذهبية المتواصل مع المماليك وتعاونهم الفعلي معهم لدفع خطر أقربائهم مغول فارس، وتهديدهم لحدودهم، كان يخفف من حدة توجه هؤلاء نحو بلاد الشام ويشل قوتهم.
أما نصارى الشرق فقد وقفوا مواقف متفاوتة من المغول والأوروبيين فقد أحجم بقايا الصليبيين في الشام عن التعاون معهم، ونظروا للمغول نظرة شك وخوف، بل وتعاونوا أحيانا مع المماليك ضدهم، بينما اقتصر تعاون نصارى بلاد الشام مع المغول على إظهار السرور بانتصاراتهم وإظهار الشماتة بهزائم المسلمين بطرق غوغائية، واحتفالات مهرجانية لا يلبثون أن يتلقوا العقوبة عليها. ولم تكن جهودهم تتجاوز ذلك لأن خبرتهم التاريخية أقنعتهم بعدم جدوىَ ذلك(1).
__________
(1) حتى إنه عندما دخلت إمارة أنطاكية في حلف مع المغول بإلحاح من ملك أرمنيا الصغرى في الهجوم على حلب عام 1260 (658هـ) اعتبرت عكا ذلك خطراً شديداً على صليبي الشرق، لأن هذا التحالف وقع بضغط من أرمينيا والمغول، وأن ذلك سيؤدي إلى اعتماد الطقوس النصرانية الأرمنية بدل الكاثوليكية بالإضافة لانزعاج تجار البندقية المتواجدين في عكا وما حولها لأن المغول كانوا حلفاء غريمتهم جنوا، كما أن المغول لا ينظرون لأي حليف على قدم المساواة معهم وإنما يعتبرونه تابعا.
عبد القادر أحمد يوسف، علاقات بين الشرق والغرب، المكتبة العصرية. صيدا (ص211).(1/25)
أما الدولة البيزنطية فلم يكن لديها من القوة ما يمكنها من تهديد المماليك(1) جيرانها، بالإضافة إلى أن المغول وحلفاءهم لا يقلون عداءً لها عن المسلمين. وكانوا يدركون أن النصر سيكون حليفا للمماليك على المدى البعيد، كما أدرك ذلك بعدهم ملك أرغون فسارع إلى طلب صداقة السلطان محمد بن قلاوون في عدة سفارات في سنوات 1303، 1305، 1314، 1318م (702، 704، 714، 718 هـ).
ولم يكن حليفا للمغول إلا دولتي أرمينية الصغرى وبلاد الكرج، وهؤلاء كانوا أقرب إلى التابعين للمغول منهم إلى حلفائهم، حيث كانوا تحت سلطة المغول كتابعين أذلاء لا يملكون من أمرهم شيئا.
وهكذا لم يرد اللّه تعالى لهذه المحاولات الخبيثة أن تتم، لأنه لو تمت لأدى ذلك إلى نتائج لا يعلمها إلا الله، إذ لو دخل مغول إيران في النصرانية فلربما جروا إيران إلى التنصر، مما كان سيؤدي لنشوء دولة صليبية في المشرق تقوم بالتعاون مع الصليبيين في الغرب والشمال بوضع بلاد الشام ومصر في وضع خطير ولكن اللّه سلم فله الحمد أولا وأخرا.
المماليك
شجرة الدر ... 647هـ-1250م
المعز، عز الدين أيبك ... 647هـ -1250م
المنصور نور الدين علي أيبك ... 656هـ -1259م
المظفر سيف الدين قطز ... 659هـ-1259م
الظاهر ركن الدين بيبرس البند قداري ... 660هـ - 1260م
السعيد بركة بن بيبرس ... 679هـ - 1279م
سلامش بن بيبرس ... 679هـ - 1279م
سيف الدين قلاوون ... 679هـ - 1280م
خليل بن قلاوون ... 689هـ -1290م
الناصر محمد بن قلاوون ... 693هـ -1294م
العادل كتبغا ... 694هـ - 1225م
حسام الدين لاجين ... 696هـ - 1297م
الناصر محمد بن قلاوون (للمرة الثانية) ... 698هـ -1299م
عز الدين بيبرس (الثاني) ... 709هـ -1309م
الناصر محمد بن قلاوون (للمرة الثانية) ... 709هـ - 1309م
خانات المغول
جنكز خان ... 603هـ -1206م
اوكتياي (أجتاي) ... 624هـ -1227م
__________
(1) د. طه مصطفى بدر، مغول إيران (ص124).(1/26)
توراكينا ... 639هـ -1241م
كيوك ... 644هـ -1246م
اوغول قيمتس (وصيه) ... 644هـ -1246م
صوتكو (مانجو) ... 646هـ -1248م
قوبيلاي ... 655هـ -1257م
اولجاتيو ... 693هـ -1294م
كيويوك ... 706هـ -1307م
بويانتو ... 711هـ -1311م
جحن الى توغان تيمور ... 720-732 / 1320-1332
إيلخات فارس
655هـ-756هـ / 1256- 1353م
هولاكو ... 655هـ -1256م
أباقا ... 665هـ -1265م
أحمد تكوادر ... 681هـ -1282م
ارغون ... 688هـ -1288م
كيختو ... 690هـ -1291م
بايدو ... 694هـ -1295م
غازان محمود ... 649هـ-1295م
اولجايتو خدا بنده محمد ... 703هـ -1304م
أبو سعيد بهادر ... 717هـ -1317م
أربا كماون (معز الدين) ... 735هـ -1335م
موسى ... 736هـ -1336م
خانات القبيلة الذهبية
جوجي ... 623هـ -1226م
فرع باتو خانات القبيلة الزرقاء
جنوب روسيا وغرب بلاد القبجاق
باتو جوجي ... 639هـ -1227م
سارتاق ... 654هـ -1255م
اولاغجي ... 655هـ -1256م
بركة بن جوجي ... 656هـ -1257م
منكو تيمور ... 666هـ -1267م
تودا منكو ... 679هـ -1280م
تولا يوغا ... 686هـ -1287م
تقتو (غياث الدين) ... 689هـ -1290م
تيني بك ... 741هـ -1341م
جاتي بك ... 741هـ -1341م
المراجع
المراجع العربية
- ابن الأثير محمد بن علي بن أبي الكرم ت 630هـ، الكامل في التاريخ 12 جزاءا دار الفكر.
- ابن خلدون عبد الرحمن بن محمد (ت 808هـ) ، تاريخ ابن خلدون ج5 ط1391هـ.
- عماد الدين أبو الفداء اسماعيل ت 774هـ، بيروت 1978م، البداية والنهاية، 14 جزاء ، دار الفكر العربي.
- د.جمال سرور، دولة الظاهر بيبرس وحضارة مصر في عصره، القاهرة 1960م.
- الديار بكري حسن بن محمد بن الحسن ت 966هـ، الخميس في أحوال أنفس نفيس، ج1 ، 2 طبعة القاهرة 1302هـ.
- سير تومارس ، .و. أرنولد. الدعوة إلى الإسلام، ترجمة حسن إباهيم ورفاقه، ط دار النهضة المصرية 1970م.
- الصياد فؤاد عبد المعطي: المغول في التاريخ، القاهرة 1960م.(1/27)
- عاشور، سعيد عبد الفتاح: الحركة الصليبية صفحة مشرفة في تاريخ الجهاد العربي في العصور الوسطى، ج2، الطبعة الأولى 1963م، مكتبة الأنجلو المصرية.
- عبد القادر أحمد اليوسف، علاقات بين الشرق والغرب في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، المكتبة العصرية صيدا.
- غياث الدين محمد بن همام الدين ت 942هـ: حبيب السير في أخبار البشر، المجلد الثالث الجزء الأول.
- أبو الفداء ، الملك المؤيد اسماعيل بن علي بن عماد الدين، المخصتر في أخيار البشر، 14 جزءا القاهرة 1325هـ.
- القلقشندي، أبو العباس أحمد ت 821هـ، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء ، 14 جزءا ، دار الكتب المصرية 1914-1915م.
- أبو المحاسن، جمال الدين يوسف بن تغري بردي، (813-874هـ) : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
- محيي الدين عبد الظاهر، ت692هـ: الروض الزاهر في سرة الملك الظاهر، تحقيق ونشر عبد العزيز الخويطر، الرياض 1396هـ.
- د.مصطفى بدر: مغول إيران بين المسيحية والإسلام، دار الفكر العربي.
- مفضل بن أبي الفضائل: كتاب النهج السديد والدر الفريد فيما بعد تاريخ ابن العميد، باريس 1921م.
- المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي ت845هـ، السلوك لمعرفة دول الملوك، صححه ووضع حواشيه محمد مصطفى زيادة حتى نهاية حوادث سنة 755هـ ، ج2 في ست مجلدات، القاهرة 1934-1955م.
- الهمداني ، رشيد الدين فضل الله ، جامع التواريخ، تاريخ المغول، نقله إلى العربية محمد صادق نشأت، وفؤاد عبد المعطي الصياد، القاهرة 1960م.
المراجع الأجنبية.
1- arnold, sir,t.w the preaching of islam, 3 rd ed, tra. By. Regnold nicholson (london 1935)
2- atiya , a.s. the crusades in the middele ajes (london1938).
3- cambridje mid.history. (cambridje 1957).
4- howorth, (sir henry): history of manjols, part///.(london, 1888).
5- lamb h.jenjhizkhan, emperor of allmen. (1965).(1/28)
6- malcolm, the hiostory of persia.
7- mills, the history of the crusades.
8- muir, (sir william) : the mamluke, or slave dynasty of egypt. (London).
9- runciman, s.a history of the crusades (cambridge, 1957).
10- setton, (k.m.) : a history of the crusades (2 vols.) , (pensylvania 1958).(1/29)