حادثتانِ باطلتانِ تنسبانِ إلى معاويةَ رضي اللهُ عنهُ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كتبتُ بحثاً عن معاويةَ بنِ أبي سفيانٍ – رضي الله عنهما - ، وذكرتُ فيه جملةً من مناقبهِ وفضائلهِ ، وقد نال معاويةُ – رضي الله عنه – من سهامِ المبتدعةِ وطعنهم فيه ما لم ينلهُ غيرهُ ، بل عند البعضِ يُلعنُ معاويةُ – رضي اللهُ عنه - ، وأما أهلُ السنةِ والجماعةِ فيعرفون له فضلهُ ومكانتهُ ، فيحبونهُ ويجلونهُ .
فهذا عبدُ اللهِ بنُ المباركِ – رحمهُ اللهُ – يقولُ في حقِّ معاويةَ – رضي اللهُ عنه – كما في " البدايةِ والنهايةِ " (8/139) لابنِ كثيرٍ : " معاويةُ عندنا محنةٌ ، فمن رأيناهُ ينظرُ إليهِ شزراً ، اتهمانهُ على القومِ – يعني الصحابةَ – " .
وقال الربيعُ بنُ نافعٍ الحلبي كما في " البدايةِ والنهايةِ " (8/139) أيضاً : " معاويةُ سترٌ لأصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فإذا كشف الرجلُ السترَ ، اجترأ على ما وراءهُ " .
وفي هذا البحثِ سنقفُ مع حادثةٍ ومقالةٍ باطلتين في حقَّ معاويةَ رضي اللهُ عنه .
قصةُ ترشيحِ معاويةَ ابنه يزيد لولايةِ العهدِ بمشورةٍ من المغيرة بن شعبة :(1/1)
نسبةُ القصصِ التي لا تصحُ في حقِّ معاويةَ كثيرةٌ جداً ، ومنها قصةٌ ترشيحِ معاويةَ ابنهُ يزيد لولايةِ العهدِ بمشورةٍ من الصحابي الجليلِ المغيرة بنِ شعبةَ رضي اللهُ عنه ، ويعتبرونهُ العقلَ المدبرَ – زعموا – للفكرةِ ، واعتمدوا في ذلك على روايةٍ مفادها : " أن المغيرةَ بنَ شعبة – رضي اللهُ عنهُ – دخل على معاويةَ ، واستعفاهُ من ولايةِ الكوفةِ فأعفاهُ ، واراد معاويةُ أن يولي بدلاً منه سعيدَ بنَ العاص ، فبلغ ذلك أحد الموالين للمغيرة ، وتأثر المغيرةُ عند ذلك وتمنى العودةَ للإمارةِ ، فقام فدخل على يزيد وعرّض له بالبيعةِ ، فأخبر يزيد والدهُ بما قال له المغيرةُ ، فاستدعى معاويةُ المغيرةَ بنَ شعبةَ ، وأمرهُ بالرجوعِ والياً مرةً أخرى على الكوفة وأن يعملَ في بيعةِ يزيد " .
ولنا مع هذه الروايةِ وقفاتٌ :
الوقفةُ الأولى :
أورد الشيبانيُّ في " مواقفِ المعارضةِ في خلافةِ يزيد بنِ معاويةَ " ( ص 84 ) هذه الروايةَ وقال عنها : " أوردها ابن أبي الدنيا في " الإشرافِ في منازلِ الأشرافِ " ( ص 121) بإسنادٍ ضعيفٍ ، والطبري في " تاريخِ الأممِ والملوكِ " (5/301 – 302) بإسنادٍ ضعيفٍ جداً ، والذهبي في " تاريخِ الإسلام " في حوادثِ (61 – 80) ص 272 بإسنادٍ ضعيفٍ جداً " .ا.هـ.
فالروايةُ لا تثبتُ سنداً .
وقال الشيباني أيضاً ( ص 85 ) : " وبالنظرِ إلى التناقضِ الذي تحملهُ هذه الروايةُ تجعلنا نقفُ موقف المتشككِ والمنكرِ لهذه الروايةِ ، وخاصةً أن سندها لا يشجعُ على قبولها أو الاستئناسِ بها بأي حالٍ من الأحوالِ " .ا.هـ.
الوقفةُ الثانيةُ :
مما يردُّ التهمة عن المغيرة بنِ شعبةَ – رضي الله عنه – بأنه صاحبُ فكرةِ ترشيحِ يزيد بنِ معاويةَ لولايةِ العهدِ ما ذكرهُ ابنُ كثيرٍ في " البدايةِ والنهايةِ " (8/80) : " وقد كان معاويةُ لما صالحَ الحسنَ ، عهد للحسنِ بالأمرِ من بعدهِ ، فلما مات الحسنُ قوي أمر يزيد عند معاويةَ " .(1/2)
علق الدكتور خالد الغيث في " مروياتِ خلافةِ معاويةَ " ( ص 450 ) : " وهذا يردُّ التهمةَ الموجهةَ إلى المغيرة بنِ شعبةَ بأنه صاحبُ فكرةِ ترشيحِ يزيد بنِ معاويةَ لولايةِ العهدِ ، لأن المغيرةَ توفي سنة 50 هـ ، أي قبل وفاةِ الحسنِ رضي اللهُ عنهما " .ا.هـ.
الوقفةُ الثالثةُ :
أن معاويةَ هو من أمر بعزلِ المغيرة بنِ شعبةَ – رضي الله عنه - ، وعين بدلاً منهُ زياد بن أبي سفيان .
قال الشيباني في " مواقفِ المعارضةِ في خلافةِ يزيد بنِ معاويةَ " ( ص 85 ) : " ثبت عن عميرِ بنِ سعيدٍ النخعي الأصبهاني حين قال لِمُطَرِّف : " ألا أخبرك بكل أميرٍ أتانا حتى مات معاويةُ : أتانا سعيدٌ ثم ... ثم إن معاويةَ استعمل علينا المغيرةَ بنَ شعبةَ ، ثم عزل المغيرةَ ، واستعمل علينا زياداً ... " .
أخرجهُ أحمدُ في " العللِ ومعرفةِ الرجال (2/25) بإسنادٍ صحيحٍ .
وجاء من طريقٍ آخر عند الطبري ما يعضدُ ويؤكدُ رواية عمير بنِ سعيدٍ النخعي ، حيثُ إن المغيرةَ كتب إلى معاويةَ : " أما بعد ، فإني قد كبرت سني ، ودق عظمي ، وشَنِفَت لي قريشٌ ، فإن رأيت أن تعزلني فاعزلني . فكتب إليه معاويةُ : جاءني في كتابك تذكرُ فيه أنه كبرت سنك ، فلعمري ما أكل عمرك غيرك ، وتذكرُ أن قريشاً قد شنفت لك ، ولعمري ما أصبت خيراً إلا منهم ، وتسألني أن أعزلك ، فقد فعلت ، فإن تك صادقاً فقد شفعتك ، وإن تك مخادعاً فقد خدعتك " .
أخرجهُ الطبريُّ في " تاريخِ الأممِ والملوكِ (5/331) بإسنادٍ رجالهُ ثقاتٌ إلى جعفر بنِ بُرقان
وبهذا يتبينُ أن المغيرةَ بنَ شعبةَ قد عُزل فعلاً عن الكوفة ، ولم يتولى الإمارةَ حتى مات سنة خمسين للهجرةِ " .ا.هـ. بتصرف .
الوقفةُ الرابعةُ :(1/3)
قال الشيباني ( ص 86 ) : " ثم إذا فرضنا أن هذه الحادثةَ كانت حوالي سنة 45 ، أو 46 هـ ، فإن سنّ يزيد في تلك الفترة لم يتجاوز الثامنةَ عشرة ، فكيف يمكن أن يغامر معاويةُ بالبيعةِ لولده في تلك السن ، ولم يُعرف يزيدُ بشيءٍ من الأعمالِ الجليلةِ حتى ذلك التاريخ – أي أن ذلك قبل قيادته لجيش القسطنطينية بحوالي أربع سنوات " .ا.هـ.
وفي هذه الوقفاتِ كفايةٌ لمن أراد الحقَّ ، وأنصفَ الخلق ، وعرف للصحابةِ حقهم .
مقولةٌ تُنسبُ إلى الحسنِ البصري
مقولةٌ نُسبت إلى الحسنِ البصري في حقِّ معاويةَ رضي اللهُ عنه ، وطار بها الحاقدون المبغضون لمعاويةَ رضي اللهُ عنه ، وأصبحوا يرددونها كلما ورد ذكرُ معاويةَ رضي الله عنه ، ويتناقلونها على أنها مما ينبغي التسليم بها ، ونصها :
قال أبو مخنف : عن الصقعب بن زهير ، عن الحسن ، قال : أربعُ خصالٍ كن في معاويةَ ، لو لم تكن فيه إلا واحدةٌ لكانت موبقةً : انتزاؤهُ على هذه الأمةِ بالسيفِ حتى أخذ الأمرَ من غيرِ مشورةٍ وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلةِ ، واستخلافهُ بعده ابنهُ – يزيد – سكيراً خميراً يلبسُ الحريرَ ويضرب بالطنابيرِ – أي العود وهو من آلات اللهو - ، وادعاؤه زياداً ، وقد قال رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم - : " الولدُ للفراشِ وللعاهرِ الحجر " ، وقتلهُ حُجراً – وهو أحدُ الصحابةِ العباد – وأصحاب حجر ، فيا ويلاً له من حُجرٍ ويا ويلاً له من حُجرٍ وأصحاب حُجرٍ " .
أخرجها ابنُ الأثيرِ في " الكامل " (3/487) بغير سندٍ ، والطبري في " تاريخِ الأمم والملوكِ " (3/232) .
وفي سندها أبو مخنف لوط بنِ يحيى الأزدي ، قال عنه الحافظُ الذهبي في " الميزانِ " (3/419) : " إخباري تالفٌ لا يوثق بهِ " ، فالخبرُ لا يصلحُ للاحتجاجِ به ، إلى جانب أنه شيعي محترقٌ كما ذكر ابنُ عدي .(1/4)
وقد ردَّ العسقلاني في " بل ضللت " ( ص 399 – 401 ) على كلِّ ما نُقل عن الحسنِ البصري فقال : " لو فرضنا صحة هذا الكلام عن الحسن ، لما كان فيه أي مطعن في معاوية ، فالادعاء بأن معاوية أخذ الامر من غير مشورة فباطل ، لأن الحسن تنازل له عن الخلافة وقد بايعه جميع الناس ولم نعلم أن أحداً من الصحابة امتنع عن مبايعته .
وأما استخلافه يزيد فقد تم بمبايعة الناس ومنهم عبد الله بن عمر ، ولم يتخلّف إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير ، وليس تخلّف من تخلف عن البيعة بناقض لها ولا يمثل أي مطعن في معاوية .
أما أن يزيد خميراً يلبس الحرير الخ ، فقد كذّبه ابن عليّ محمد بن الحنفية الذي أقام عند يزيد فوجده بخلاف ما يدعون .
أما ادعاؤه زياداً بخلاف حديث النبي صلى اللهُ عليه وسلم عندما قال لعبد بن زمعة : " هو لك الولد للفراش وللعاهر الحجر " باعتبار أنه قضى بكونه للفراش وبإثبات النسب فباطل لأن النبي صلى اللهُ عليه وسلم لم يثبت النسب، لأن عبداً ادعى سببين : أحدهما : الأخوة ، والثاني : ولادة الفراش ، فلو قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم هو أخوك ، الولد للفراش لكان إثباتاً للحكم وذكراً للعلة ، بيد أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم عدل عن الأخوة ولم يتعرض لها وأعرض عن النسب ، ولم يصرح به ، وإنما هو في الصحيح في لفظ ( هو أخوك ) ، وفي آخر ( هو لك ) معناه فأنت أعلم به بخلاف زياد فإن الحارث بن كلدة الذي ولد زياد على فراشه لم يدّعيه لنفسه ولا كان ينسب إليه فكل من ادعاه فهو له إلا أن يعارضه من هو أولى به منه فلم يكن على معاوية في ذلك مغمز بل فعل فيه الحق على مذهب الإمام مالك ، ومن رأى أن النسب لا يلحق بالوارث الواحد أنكر ذلك مثل الحسن على فرض صحة نسبة هذا الادعاء له فكيف إذا ظهر كذب هذه النسبة إليه ، وعلى كل فالمسألة اجتهادية بين أهل السنة ، وأما قتل حجر فقد ذكرت الأسباب التي دعت معاوية لذلك بما يغني عن الإعادة هنا .(1/5)
ومما سبق يتضح لدينا أن هذه المآخذ الأربعة على معاوية لا تمثل في حقيقتها أي مطعن به والحمد لله رب العالمين " .ا.هـ.
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
سؤال عن الإسراء والمعراج
سؤال من الأخ الخافي :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام أما بعد فسؤالي هو الأتي: عندما عُرج بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، وأنتقل من يثرب (المدينة المنورة) إلى بيت المقدس الشريف، وصلى بالملائكة والنبيين في بيت المقدس ، فأين كانت قبلتهم ؟ فمن كانت لديه الجواب الكافي , فـ أنا في أنتظار الرد . نفع الله الجميع،،،،،
الجواب :
الأخ الخافي .
أولا : انتقال النبي في الإسراء والمعراج لم يكن من المدينة بل كان من مكة كما جاء في روايات الإسراء والمعراج في كتب السنن وغيرها .
لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ......
ثانيا : عندما صلى بالملائكة والأنبياء كانت قبلتهم بيت المقدس وهذا بنص القرآن والسنة
أما القرآن فقد قال تعالى : " سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " .(1/1)
وأما السنة فقد روى البخاري وغيره عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ " فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ وَهُمْ الْيَهُودُ " مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ : هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ .
والآيات والأحاديث كما ترى أنها مدنية وحادثة الإسراء مكية والله أعلم
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^14@.ef0bbaf/1
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
قصة الصحابي عبد الله بن حذافة السهمي مع ملك الروم !!
الأخ المسلم المعاصر .
القصة التي ذكرتها قصة رائعة ولكن كما يقول أهل الحديث : أثبت العرش ثم انقش .
نعلم أنك نقلت القصة لما فيها من صور العزة عند المسلم وغير ذلك من الفوائد التي تستنبط من القصة ولكني لا أظنك ترضى أن ينسب إلى صحابي جليل مثل هذه القصة المكذوبة .
وإليك الدليل بارك الله فيك .
يقول مشهور حسن سلمان في كتاب " قصص لا تثبت " [ الجزء الثالث ] ( ص 74-75) :
هكذا يردد بعض الخطباء والوعاظ هذه القصة وقد أطلتُ النفس في تتبعها من مصادرها فلم أظفر بما يورده بعضهم في هذه القصة من تفصيلات وقمت بدراسة أسانيدها فلم أجد شيئا يفرح به مع أن هذه القصة فيها كثير من المعاني السامية والصبر على الابتلاء والتسامي على الأعداء ..... ولكن هذا شيء والبحث العلمي والحقائق الثابتة بالأدلة الصحيحة شيء آخر .ا.هـ.
ثم بين طرق القصة فقال ( ص77) :
لهذه القصة طرق كثيرة شديدة الضعف وهذا البيان ..... ا.هـ.
ثم ذكر طرقها ، وسأذكرها باختصار مع ذكر العلة .
1 - أخرجها أبو إسحاق الفزاري في السير وقال الشيخ مشهور عن إسنادها ( ص77) : وهذا منقطع فإن الأوزاعي لم يدرك عبد الله بن حذافة ولم يشهد هذه الحادثة فأرسلها دون إسناد .ا.هـ.
2 - وأخرجها أبو العرب التميمي في كتاب المحن وقال عنها الشيخ مشهور ( ص 80) : وهذا إسناد ضعيف جدا عبد الله بن محمد مجهول وعبيد الله بن عائشة مثله وهما غير معروفين بالرواية .... وعبد العزيز بن مسلم شيخ فيه جهالة وقواه بعضهم كذا في الميزان .ا.هـ.
3 - وأخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة وابن الجوزي في الثبات عد الممات وقال الشيخ مشهور (ص 82) عنها : وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالمجاهيل والضعفاء فيه عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي قال الذهبي في الميزان : أحد الضعفاء أتى عن مالك بمصائب .ا.هـ.(1/1)
وعمر بن المغيرة قال البخاري عنه : منكر الحديث مجهول .
وعطاء بن عجلان متروك بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب ... فهذا الإسناد واهٍ بمرة لا يفرح به البتة .ا.هـ.
4 - وأخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق أيضا وقال عن هذه الطريق الشيخ مشهور (ص 84 ) : وهذا إسناد ضعيف جدا وفيه علل :
الأولى : الانقطاع بين الزهري وعبد الله بن حذافة .
الثانية : يزيد بن سمرة قال ابن حبان : ربما أخطأ .
الثالثة : هشام بن عمار فيه ضعف .
أفاده شيخنا الألباني في الأرواء (8/157 ح 2515) .ا.هـ.
5 - وذكر ابن حجر في الإصابة أن القصة في فوائد هشام بن عمار من مرسل الزهري .
6 - وذكرها الذهبي في السير (2/15) قال عنها الشيخ مشهور ( ص85) : وللقصة طريق أخرى مقطوعة .ا.هـ.
7 - ورواها ابن عائذ وقال عنها الشيخ مشهور ( ص 86) : وإسناده مقطوع .ا.هـ.
8 - أخرجها ابن عساكر أيضا وقال عنها الشيخ مشهور ( ص88) : وهذا إسناد ضعيف جدا فيه ضرار بن عمرو وهو ضعيف جدا قال عنه ابن معين : لا شيء . وقال الدولابي : فيه نظر .ا.هـ.
ثم قال بعد ذكره لهذه الطرق وبيان عللها ( ص 86) : فهذه الأسانيد جميعها ضعيفة لا تنهض بالقصة ولا تقوى على عدّها حقيقة تاريخية لا شك فيها فهي شديدة الضعف ولذا لما سمع بعض العلماء راويا يحدث بها استغربها .ا.هـ
وذكر الشيخ مشهور في الرواية الثامنة بعد سرد القصة من استغربها فقال :
ثم قال : قال أحمد بن سلمة : سألني عن هذا الحديث محمد بن مسلم ومحمد بن إدريس وقال لي : ما سمعنا بهذا الحديث قط .ا.هـ.
قال الشيخ مشهور عقب ذكره لأسانيد القصة ( ص 90) : ملاحظات مهمة :
وأخيرا نلفت نظر القارىء إلى الملاحظات التالية :
أولا : نص شيخنا الألباني - رحمه الله - على ضعف القصة في كتابه القيم " إرواء الغليل " ولم يعزها إلا لابن عساكر .(1/2)
ثانيا : لا يستلزم من ضعف القصة عد أسر عبد الله بن حذافة من قبل الروم فقد ذكر ذلك خليفة في تاريخه وعنه الذهبي في تاريخ الإسلام قال في أحداث سنة تسع عشرة : وفيها اسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي .
وأسند ذلك الحاكم في المستدرك عقب حديث أبي سعيد الخدري قال : وكان الروم قد أسروه في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأرادوه على الكفر فعصمه الله عز وجل حتى أنجاه الله تبارك وتعالى منهم .
وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى (4/190) قال محمد بن عمر - الواقدي - : وكانت الروم قد اسرت عبد الله بن حذافة فكتب فيه عمر بن الخطاب إلى قسطنطين فخلى عنه ومات عبد الله بن حذافة في خلافة عثمان بن عفان .
ثالثا : في مقولة الواقدي الأخيرة إضعاف ضمني لهذه القصة إذ فيها أن فكاك عبد الله بن حذافة من الأسر كان هو سبب كتابة عمر إلى ملك الروم وعبارة البلاذري في أنساب الأشراف أوضح من ذلك قال : عن عمر بن الخطاب كتب إلى قسطنطين ملك الروم لما أسرته بشأنه فأطلق سراحه .
اللهم إلا أن يُتكلف فيقال : ولعل امتحانه من قبل الروم وتخويفه واختبار إيمانه جاء عقب كتاب عمر ليرى ذلك ملك الروم !
ويغنينا عن كل ما قدمنا أن هذه القصة لو كانت ثابتة لوردت بأسانيد نظيفة فإن همم العدول والثقات تتداعى على حمل مثلها وحينئذ لا تفوت الحفاظ الكبار والأئمة العظام كأبي حاتم وغيره ولا يبعد أن مراد البخاري في التاريخ الكبير ( ترجمة عبد الله بن حذافة ) في قوله : لا يصح حديثه مرسل . هذه القصة .ا.هـ. كلام الشخ مشهور .
وبهذا يتبين من خلال هذه النقول أن القصة غير ثابتة عن الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة .
والله أعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
مروياتُ قِصةِ سببِ إِسلامِ عمرَ بنِ الخطابِ
الحمد لله وبعد ؛
إن فضلَ الصحابةِ معروفٌ عند من عمرَ اللهُ قلبه بمحبتهم ، وحبهم علامةُ من علاماتِ الإيمانِ كما صحت بذلك الأخبار عن سيدِ الأطهارِ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ولست في هذا المقامِ بصددِ ذكر فضائلِ أولئك الرجالِ الذين عايشوا التنزيلَ ، وصحبوا النبي صلى الله عليه وسلم فقد ألف العلماءُ في ذكر مناقبهم المجلدات ، وسطروا في فضائلهم الصفحاتِ ، وليس هذا كثيرٌ في حقهم ، بل هو قليلٌ ، ولهذا غصت حلوقُ أهلِ البدعِ من الرافضةِ وغيرهم بذكر مناقبهم وفضائلهم ، كيف لا ؟ وهم يتعبدون الله بلعنهم وسبهم ليلاً ونهاراً ، سراً وجهاراً ، وهذا ما يصرحُ به علمائهم وعامتهم ، وإن أخفوا ذلك فإنما تقيةً ، لأن كتبهم مليئةٌ بالشتمِ واللعنِ ، ولن يستطيعوا أن ينكروا ذلك .
والذبُ عن عرضِ الصحابةِ دينٌ يتقربُ به العبدُ المؤمنُ ، من أجلِ ذلك حرص العلماءُ وطلبةُ العلمِ على ردِ ما لم يصح من رواياتٍ تنسبُ إليهم ، ومما اشتُهر في كتبِ السيرةِ قصةُ إسلامِ عمرَ رضي الله عنه ، وجاءت عدةُ رواياتٍ في كيفيةِ إسلامه رضي الله عنه ، من أشهرها سماعهُ فواتح سورةِ طه ، وكذلك قصةُ سببِ تسميته بـ " الفاروق " .
إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بعُمَرَ
قَالَتْ عَائِشَةُ : إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بعُمَرَ .
أخرجه الإمام أحمد (6/184) وصحح إسناده الشيخ شعيب الأرنؤوط في " تخريج مسند الإمام أحمد " (42/77) ، وجاء من رواية عبد الله بن مسعود كما في " فضائل الصحابة " لإمام أحمد (340) ، ومن رواية علي بن أبي طالب عند الطبراني في " الأوسط " (5545) .
وقبل البدءِ في تخريجِ الرواياتِ ، لا شك أن سيرةَ الخليفةِ أميرِ المؤمنين عمرَ بنِ الخطابِ سيرةٌ تأنسُ بها الآذانُ ، وتظهرُ فيها عزةُ الإسلامِ .(1/1)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - هُوَ اِبْنُ مَسْعُود - قَالَ : مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ . رواه البخاري (3684) .
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : أَيْ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْجَلَد وَالْقُوَّة فِي أَمْر اللَّه .ا.هـ.
ولذلك اهتم العلماءُ بسيرتهِ ، وألفوا في ذلك المؤلفات ، ومن أشهرها " مناقب عمر " لابن الجوزي ، ومن أجمعها " محضُ الصوابِ في فضائلِ أمير المؤمنين عمرَ بنِ الخطاب " للإمامِ المحدثِ يوسف بن الحسن بن عبد الهادي المعروف بـ " ابن المبرد " ( ت 909 ) ، وحُقق الكتابُ في ثلاثةِ مجلداتٍ في رسالةٍ علميةٍ في الجامعةِ الإسلاميةِ بالمدينة بتحقيق : د . عبدِ العزيزِ بنِ محمد بنِ عبدِ المحسن الفريح .
مروياتُ قصةِ سببِ إسلامِ عمرَ رضي اللهُ عنه :
وردت عدةُ رواياتٍ في سبب إسلام عمرَ رضي الله عنه ، وجُلها بسبب سماعه للقرآن ، وتأثره به ، نأتي عليها بالتفصيلِ ، وما يصحُ منها ، وما لا يصحُ منها نأتي عليها :
1 – قصةُ سماعهِ فواتح سورةِ " طه " :(1/2)
عن أنسٍ رضي اللهُ عنه قال : خرج عمرُ متقلداً بالسيفِ فلقيه رجلٌ من بني زهرة فقال له : أين تغدو يا عمرُ ؟ قال : أريدُ أن أقتلَ محمداً . قال : وكيف تأمنُ بني هاشم وبني زهرة ؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك ! قال : أفلا أدلك على العجب ؟! إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك ، فمشى عمرُ ذَامِراً – أي مُتَهَدِّداً - حتى أتاهما ، وعندهما رجلٌ من المهاجرين يقال له : خباب – وهو ابن الأرت - ، فلما سمع خبابُ بحسِ عمرَ ، توارى في البيت ، فدخل عليهما فقال : ما هذه الهَيْنَمَةُ – أي الصوت الخفي - التي سمعتها عندكم ؟ وكانوا يقرأون " طه " فقالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا . قال : فلعلكما قد صبأتما ؟ فقال له ختنه : يا عمر ، إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأً شديداً : فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها ، فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها .(1/3)
فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ، فقالت أخته : إنك رجس وإنه " لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة : 79 ] فقم فتوضأ ، فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ " طه" حتى انتهى إلى " إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي " [ طه : 14 ] فقال عمر : دلوني على محمد ، فلما سمع خباب قول عمر ، خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك - ليلة الخميس - " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ، أو بعمر بن هشام " قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا ، فانطلق عمر حتى أتي الدار ، وعلى الباب حمزة وطلحة في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى حمزة رضوان الله عليه وَجَلَ القومُ من عمرَ قال : " نعم فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً " ، قال : والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر ، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : " ما أراك منتهياً يا عمر حتى يُنْزلَ الله بك – يعني من الخزي والنكال – ما أنزل الله بالوليد بن المغيرة ، اللهم اهد عمر بن الخطاب ، اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب ، فقال عمر رضي الله عنه : " أشهد أنك رسول الله ، وقال : اخرج يا رسول الله " .
رواه ابن الجوزي في " مناقب عمر " ( ص 15 ) ، وابن سعد في " الطبقات " (3/267 – 269) ، والدارقطني في " السنن " (1/123) ، مختصرة ، والحاكم في " المستدرك " (4/59 – 60) من طريق إسحاق بن الأزرق ، نا القاسم بن عثمان البصري ، عن أنس به .
وفي سندها القاسم بن عثمان البصري .(1/4)
قال الذهبي في " الميزان " (3/375) عند ترجمته : القاسم بن عثمان البصري عن أنس . قال البخاري : له أحاديث لا يتابع عليها .
قلت : حدث عنه إسحاق الأزرق بمتن محفوظ ، وبقصة إسلام عمر ؛ وهي منكرة جداً .ا.هـ.
ورواه ابن إسحاق بلاغا في " السيرة النبوية " (1/423 – 426) لابن هشام ، وبلاغات ابن إسحاق لا يعتمد عليها .
طريقٌ أخرى :
وجاءت قصة إسلام عمر أيضا بسياقٍ مختصرٍ من طريق آخر عند الحاكم في " المستدرك " (4/59 – 60) فقال : أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب ، ثنا محمد بن أحمد بن الوليد الأنطاكي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، ثنا أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر قال : لما فتحت له أختي قلت : يا عدوة نفسها ، أصبوت ؟ قالت : ورفع شيئا فقالت : يا ابن الخطاب ؛ ما كنت صانعا فاصنعه ، فإني قد أسلمت . قال : فدخلت فجلست على السرير فإذا بصحيفة وسط البيت فقلت : ما هذه الصحيفة هنا ؟ قالت : دعنا عنك يا ابن الخطاب أنت لا تغتسل من الجنابة ، ولا تطهر ، وهذا " لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة : 79 ] .
وهذا السند فيه أربع علل :
الأولى : محمد بن أحمد الأنطاكي .
قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/74) : سئل أبي عنه فقال : شيخ .ا.هـ.
قال الحافظ الذهبي في " الميزان " (2/385) عن لفظة " شيخ " عندما يطلقها أبو حاتم على الرجل : فقوله : هو شيخ ، ليس هو عبارة جرح ، ولهذا لم أذكر في كتابنا أحدا ممن قال فيه ذلك ، ولكنها أيضا ما هي عبارة توثيق ، وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة . ومن ذلك قوله : يكتب حديثه ؛ أي ليس هو بحجة .ا.هـ.
الثانية : إسحاق بن إبراهيم الحنيني .
قال أبو حاتم : رأيت أحمد بن صالح لا يرضاه . وقال البخاري : في حديثه نظر . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال الذهبي في " الميزان " (1/179) : صاحب أوابد .
الثالثة : أسامة بن زيد بن أسلم .(1/5)
قال الإمام أحمد : منكر الحديث ، ضعيف . وقال يحيى بن معين : أسامة بن زيد بن أسلم ، وعبد الله بن زيد بن أسلم ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، هؤلاء إخوة ، وليس حديثهم بشيء جميعا .
الرابعة : الانقطاع بين زيد بن أسلم وعمر .
قال البزار (3/169 كشف الأستار ) : لا نعلم رواه أحد بهذا الإسناد إلا الحنيني .ا.هـ.
قال الذهبي في التلخيص عن هذه الرواية : قد سقط منه ، وهو واهٍ منقطع .ا.هـ
وقال الهيثمي في " المجمع " (9/65) : رواه البزار وفيه أسامة بن زيد وهو ضعيف .ا.هـ.
وضعف الشيخ مقبل الوادعي في " تتبع أوهام الحاكم التي سكت عنها الذهبي " (4/151) هذه الرواية .
طريقٌ أخرى أيضاً :
وجاءت أيضا عند الطبراني في " المعجم الكبير " (2/97 رقم 1428) فقال :
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن ربيعة ، ثنا أبو الأشعث ، عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب " ، وقد ضرب أخته أول الليل ، وهي تقرأ : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " حتى أظن أنه قتلها ، ثم قام من السحر ، فسمع صوتها تقرأ : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " فقال والله ما هذا بشعر ، ولا همهمة فذهب حتى أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد بلالا على الباب فدفع الباب فقال : بلال من هذا ؟ فقال : عمر بن الخطاب ، فقال : حتى أستأذن لك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بلال : يا رسول الله عمر بالباب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يرد الله بعمر خيرا أدخله في الدين ، فقال لبلال : افتح ، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضبعيه فهزه فقال : ما الذي تريد ، وما الذي جئت ، فقال له عمر : أعرض علي الذي تدعو إليه ، قال : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله ، فأسلم عمر مكانه ، وقال : اخرج .
وفي سندها يزيد بن ربيعة الرحبي .(1/6)
قال عنه الذهبي في " الميزان " (4/422) : قال البخاري : أحاديثه مناكير . وقال أبو حاتم وغيره : ضعيف . وقال النسائي : متروك . وقال الجوزجاني : أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة .
قال الهيثمي في " المجمع " (9/62) : وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو متروك ، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، وبقية رجاله ثقات .ا.هـ.
2 – بسبب إسلامه سمي " الفاروق " :
عن ابن عباس قال : سألت عمر : لأي شئ سميت ( الفاروق ) ؟ قال : أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام ، ثم شرح الله صدري للإسلام فقلت : الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ، فما في الأرض نسمة أحب إليَّ من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت أختي : هو في دار الأرقم بن أبي الأرقم عند الصفا ، فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوسٌ في الدار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت : فضربت الباب ، فاستجمع القوم ، فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر بن الخطاب ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابي ثم نترني نترةً ، فما تمالكت أن وقعت على ركبتي فقال : ما أنت بمنته يا عمر ! فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فكبر أهل الدار تكبيرةً سمعها أهل المسجد فقلت : يا رسول الله ! ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : بلى ! والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم ! قلت : ففيم الإختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن فأخرجناه في صفين : حمزة في أحدهما وأنا في الآخر ، له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد ، فنظرت إلى قريش وإلى حمزة ، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها ، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ( الفاروق ) .
أخرجها ابن الجوزي في " مناقب عمر " ( ص 12) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/40) .(1/7)
والقصة في سندها إسحاق بن أبي فروة وقد لخص الحافظ ابن حجر في " التقريب " آراء علماء الجرح والتعديل في الرجل فقال : " متروك " .
وذكرها الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (4/280) وقال : " وأخرج محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحاق بن أبي فروة " .ا.هـ.
وقال صاحب " كنز العمال " (12/551) : وفيه أبان بن صالح ليس بالقوي ، وعنه إسحاق بن عبدالله الدمشقي متروك .ا.هـ.
قال صاحب اللسان (3/378) : والكَدِيدُ : التُّرابُ النَّاعمُ ، فإِذا وُطِئَ ثارَ غُبارُه ؛ أَراد أَنهم كانوا في جماعة ، وأَنَّ الغُبار كان يَثُور من مشيهم .ا.هـ.
3 – قصةُ سماعهِ لآياتٍ من سورة ِ الحاقة :
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ قَالَ : فَقُلْتُ : هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ ، قَالَ : فَقَرَأَ : " إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ . وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ " [ الحاقة : 40 – 41 ] قَالَ : قُلْتُ : كَاهِنٌ قَالَ : " وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ . " تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ " [ الحاقة : 42 – 47 ] ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ، قَالَ : فَوَقَعَ الْإِسْلَامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ .(1/8)
أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (1/17) بسنده فقال : حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ به .
وسنده ضعيف لانقطاعه بين شريح بن عبيد وعمر بن الخطاب رضي الله عنه .
قال الهيثمي في " المجمع " (9/62) : رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن شريح بن عبيد لم يدرك عمر .ا.هـ.
وقال الشيخ أحمد شاكر في " تخريج مسند الإمام أحمد " (1/201 رقم 107) : إسناده ضعيف لانقطاعه ، شريح بن عبيد الحمصي : تابعي متأخر ، لم يدرك عمر .ا.هـ.
وضعف الإسناد بالانقطاع الشيخ شعيب الأرنؤوط في " تخرج مسند الإمام أحمد " (1/262 -263 رقم 107) .
وللبحثِ بقيةٌ ....
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@40.8bM4fRtUTeD.1@.1dd3f129
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/9)
مَقْتَلُ الحُسْيَنِ بَيْنَ أَهْلِ السُنَّةِ والرَافِضَةِ
الحمد لله وبعد ؛
مع العدِ التنازلي ليومِ عاشوراء يستعدُ الرافضةُ لهذا الحدثِ بطريقتهم المعهودةِ المعروفةِ من لطمٍ للخدودِ ، وشقٍ للجيوبِ ، ونياحةٍ – الحمد لله على نعمة العقل - ، بينما في المقابل نجد أن أهل السنة يذكّرون بصيام ذلك اليوم لحث النبي صلى الله أمته على صيامه على سبيل الاستحباب ، ولما فيه من الأجر المترتب على صيامه ، وفرقٌ بين الحالتين .
وعند الرافضة تُقرأ قصةُ مقتل الحسين بأسلوب مؤثرٍ ، يبدأ بالبكاء والعويل ، وينتهي بالدماء التي تتدفق من رؤوسهم وأجسادهم ، وبنوك الدم بحاجة لمثل هذه الدماء إن قبلت به ، وفي هذه القصة عندهم من الكذب الذي تعوده الرافضة واتخذوه دينا ما الله به عليم ، وقد سمعنا بأصوات حاخاماتهم ، ورأينا ما يحصل في ذلك اليوم عن طريق " النت " ما يندى له الجبين ، ويصد أهل الكفر عن الدخول إلى هذا الدين بسبب هذه الصورة المكذوبة عن دين الإسلام ، والإسلام منها بريء براءة الذئب من دم يوسف .
يقول ابن كثير في " البداية والنهاية " (6/260) عن الأكاذيب التي قيلت في مقتل الحسين : وقد ذكروا في مقتله أشياء كثيرة أنها وقعت من كسوف الشَّمس يومئذ وهو ضعيف ، وتغيير آفاق السَّماء ولم ينقلب حجر إلا وجد تحته دم ، ومنهم من خصص ذلك بحجارة بيت المقدس ، وأن الورس استحال رماداً ، وأنَّ اللَّحم صار مثل العلقم ، وكان فيه النَّار إلى غير ذلك مما في بعضها نكارة وفي بعضها احتمال والله أعلم .(1/1)
وقد مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو سيد ولد آدم في الدُّنيا والآخرة ولم يقع شيء من هذه الأشياء ، وكذلك الصِّديق بعده مات ولم يكن شيء من هذا ، وكذا عمر بن الخطَّاب قتل شهيداً وهو قائم يصلِّي في المحراب صلاة الفجر ، وحصر عثمان في داره وقتل بعد ذلك شهيداً ، وقتل علي ابن أبي طالب شهيداً بعد صلاة الفجر ولم يكن شيء من هذه الأشياء والله أعلم .ا.هـ.
وقد نقل ابن كثير في " البداية والنهاية " شيئا من صور الاحتقال بذلك اليوم عند الرافضة ، وما حصل بسببه من قتال بين أهل السنة والرافضة نقف مع بعضها ، فدعونا نورد ما نقله هذا الإمام رحمه الله .
ما وقع من الفتن بين السنة والرافضة بسبب مأتم الحسين :
قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (11/293) : ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلاثمائة فيها : في عاشوراء عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض ، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد ، بين أهل السنة والرافضة ، وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه ، بعيد عن السداد ، وذلك : أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسموها عائشة ، وتسمى بعضهم بطلحة ، وبعضهم بالزبير ، وقال : نقاتل أصحاب علي ، فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلقٌ كثير ، وعاث العيارون في البلد فساداً ، ونهبت الأموال ، ثم أخذ جماعة منهم فقتلوا وصلبوا ، فسكنت الفتنة .ا.هـ.
وقال أيضا (12/36) : ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ... وفيها : عملت الرافضة بدعتهم الشنعاء وحادثتهم الصلعاء في يوم عاشوراء ، من تعليق المسوح ، وتغليق الأسواق ، والنوح والبكاء في الأزقة ، فأقبل أهل السنة إليهم في الحديد فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فقتل من الفريقين طوائف كثيرة ، وجرت بينهم فتن وشرور مستطيرة .ا.هـ.
وقال (12/222) : ثم دخلت سنة عشر وخمسمائة ... في يوم عاشوراء وقعت فتنة عظيمة بين الروافض والسنة بمشهد علي بن موسى الرضا بمدينة طوس ، فقتل فيها خلق كثير .ا.هـ.(1/2)
قوةُ شوكةِ أهلِ السنةِ على الرافضةِ تمنعُ ظهورَ البدعِ :
قال ابن كثير (11/356) : ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وثلاثمائة . في عاشر محرمها أمر الوزير أبو الحسن علي بن محمد الكوكبي - ويعرف بابن المعلم - وكان قد استحوذ على السلطان أهل الكرخ وباب الطاق من الرافضة بأن لا يفعلوا شيئاً من تلك البدع التي كانوا يتعاطونها في عاشوراء من تعليق المسوح ، وتغليق الأسواق والنياحة على الحسين ، فلم يفعلوا شيئاً من ذلك ولله الحمد .ا.هـ.
وقال أيضا : ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة . وفيها : منع عميد الجيوش الشيعة من النوح على الحسين في يوم عاشوراء ، ومنع جهلة السنة بباب البصرة وباب الشعير من النوح على مصعب بن الزبير بعد ذلك بثمانية أيام ، فامتنع الفريقان ولله الحمد والمنة .ا.هـ.
وقال أيضا في ترجمة " عميد الجيوش الوزيرالحسن بن أبي جعفر أستاذ هرمز " (11/397) : ومنع الروافض النياحة في يوم عاشوراء ، وما يتعاطونه من الفرح في يوم ثامن عشر ذي الحجة الذي يقال له : عيد غدير خم ، وكان عادلاً منصفاً .ا.هـ.
وقال أيضا (12/115) : ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة . في يوم عاشوراء أغلق أهل الكرخ دكاكينهم وأحضروا نساء ينحن على الحسين ، كما جرت به عادتهم السالفة في بدعتهم المتقدمة المخالفة ، فحين وقع ذلك أنكرته العامة ، وطلب الخليفة أبا الغنائم وأنكر عليه ذلك .
فاعتذر إليه بأنه لم يعلم به، أنه حين علم أزاله ، وتردد أهل الكرخ إلى الديوان يعتذرون من ذلك ، وخرج التوقيع بكفر من سب الصحابة وأظهر البدع .ا.هـ.
وعندما تضعف شوكة أهل السنة يكون العكس .
قال ابن كثير (12/3) : ثم دخلت سنة ست وأربعمائة . في يوم الثلاثاء مستهل المحرم منها وقعت فتنة بين أهل السنة والروافض ، ثم سكّن الفتنة الوزير فخر الملك على أن تعمل الروافض بدعتهم يوم عاشوراء من تعليق المسوح والنوح .ا.هـ.
والله المستعان .
البدعةُ لا تقابلُ ببدعةٍ مثلها :(1/3)
قال ابن كثير : ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلاثمائة . وفيها : أرادت الشيعة أن يصنعوا ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فيما يزعمونه ، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين إلى السنة فادعوا أن في مثل هذا اليوم حصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار فامتنعوا من ذلك ، وهذا أيضاً جهل من هؤلاء ، فإن هذا إنما كان في أوائل ربيع الأول من أول سني الهجرة ، فإنهما أقاما فيه ثلاثاً ، وحين خرجا منه قصدا المدينة فدخلاها بعد ثمانية أيام أو نحوها ، وكان دخولهما المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، وهذا أمر معلوم مقرر محرر.
ولما كانت الشيعة يصنعون في يوم عاشوراء مأتماً يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي ، قابلتهم طائفة أخرى من جهلة أهل السنة ، فادعوا أن في اليوم الثاني عشر من المحرم قتل مصعب بن الزبير ، فعملوا له مأتماً كما تعمل الشيعة للحسين ، وزاروا قبره كما زاروا قبر الحسين ، وهذا من باب مقابلة البدعة ببدعة مثلها ، ولا يرفع البدعة إلا السنة الصحيحة .ا.هـ.
الله أكبر ، لله درك أيها العالم النحرير .
وبعد ذكر هذه الحوادث نأتي على أمر مهما أيضاً لنعلم الفرق بين قصة مقتل الحسين عند أهل السنة وبين الرافضة ، وقد تكلم عن قصة مقتل الحسين عدد من أهل العلم ، وممن ذكرها بالتفصيل الشيخ عثمان الخميس – حفظه الله - ، وبما أن هؤلاء الرافضة يكذبون عند سرد القصة نريد أن نقف معها من خلال نصوص أهل السنة لنعرف حقيقة ذلك الحدث ، لكي يكون أهل السنة على بينةٍ من ذلك ، فلا يأتي رافضي ويلبس على السني في قصة مقتل الحسين بأمور لا أساس لها من الصحة .
ومع هذا الشريط .
أسأل الله أن ينفعَ بهذا الشريطِ ، وينيرَ الطريقَ لكلِ طالبٍ للحقِ
مَقْتَلُ الحُسَيْنِ .. لعُثْمَانُ الخَمِيسُ
1 - http://www.islamway.com/arabic/images/lessons/othmaan///Husain1.rm(1/4)
2 - http://www.islamway.com/arabic/images/lessons/othmaan///Husain2.rm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@69.4GAPejxeeRI.14@.1dd3280f
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
هل قرأتَ قصةَ الملكِ مع العالم
السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِين وَ ابْنُ أَبِي الطَّيِّبِ
قال الإمام الذَّهبي في سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ (18/173 - 175) :
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ ، المُفَسِّر الأَوْحَدُ ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي الطَّيْبِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ .
لَهُ تَفْسِيْرٌ فِي ثَلاَثِيْنَ مجلداً ، وَآخر فِي عَشْرَة ، وَضَعهُ فِي ثَلاَث مُجَلَّدَات .
وَكَانَ يُمْلِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهِ ، وَمَا خَلَّفَ مِنَ الكُتُب سِوَى أَرْبَعِ مُجَلَّدَات ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ آيَةً فِي الحِفْظِ، مَعَ الوَرَع وَالعِبَادَة وَالتَّأَلُّه .
قِيْلَ : إِنَّهُ حُمِلَ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِين ليسمع وَعْظَهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ جلسَ بِلاَ إِذن ، وَأَخَذَ فِي رِوَايَة حَدِيْثٍ بِلاَ أَمر ، فَتَنَمَّرَ لَهُ السُّلْطَانُ ، وَأَمر غُلاَماً ، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً أَطْرَشَتْهُ ، فَعَرَّفَهُ بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ منزلَتَهُ فِي الدِّينِ وَالعِلْمِ ، فَاعْتذر إِلَيْهِ ، وَأَمَرَ لَهُ بِمَال ، فَامْتَنَعَ ، فَقَالَ : يَا شَيْخُ : إِنَّ لِلمُلْكِ صَولَةً ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى السِّيَاسَة ، وَرَأَيْتُ أَنَّكَ تَعَدَّيْتَ الوَاجِبَ ، فَاجعلْنِي فِي حِلٍّ .
قَالَ : اللهُ بَيْنَنَا بِالمِرصَاد ، وَإِنَّمَا أَحَضَرتَنِي لِلوعظ ، وَسَمَاعِ أَحَادِيْث الرَّسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَللخشوع لاَ لإِقَامَة قوَانِيْنَ الرِّئَاسَة .
فَخَجِلَ المَلِكُ وَاعْتَنَقَهُ .ا.هـ
علق الإمام الذَّهبي :
قُلْتُ : رُتْبَةُ مَحْمُوْدٍ رفِيعَةٌ فِي الجِهَادِ وَفتحِ الهِنْد وَأَشيَاء مليحَة ، وَلَهُ هَنَاتٌ ، هَذِهِ مِنْهَا ، وَقَدْ نَدِمَ وَاعْتَذَرَ ، فَنَعُوذ بِاللهِ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار .(1/1)
وَقَدْ رَأَينَا الجَبَّارِيْنَ المُتَمَرِّدين الَّذِيْنَ أَمَاتُوا الجِهَاد ، وَطَغُوا فِي البِلاَد ، فَوَاحسرَةً عَلَى العِبَاد .ا.هـ
هذا يقوله الإمام الذهبي في زمانه وقد أُميت الجهاد فكيف لو رأى زماننا ؟ فماذا هو قائلٌ ؟ ... الله المستعان
---
جلالُ الدولةِ والقاضي الماوردي
قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (12/46 - 47) :
ثم دخلت سنة تسع وعشرين وأربع مئة...
وفي رمضان لقب جلال الدولة شاهنشاه الأعظم ملك الملوك بأمر الخليفة ، وخطب بذلك على المنابر ، فنفرت العامة من ذلك ، ورموا الخطباء بالآجر ، ووقعت فتنة بسبب ذلك ، واستفتي الفقهاء في ذلك ، فأفتى أبو عبد الله الصيمري أن هذه الأسماء يعتبر فيها القصد والنية ، وقد قال الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا " [ البقرة : 247 ] ، وقال : " وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ " [ الكهف : 79 ] ، وإذا كان في الأرض ملوك جاز أن يكون بعضهم فوق بعض؛ لتفاضلهم في القوة والإمكان، وجاز أن يكون بعضهم أعظم من بعض ، وليس في ذلك ما يوجب التكبر ولا المماثلة بين الخالق والمخلوقين .
وكتب القاضي أبو الطيب الطبري أن إطلاق ملك الملوك جائز ، ويكون معناه ملك ملوك الأرض ، وإذا جاز أن يقال : كافي الكفاة وقاضي القضاة ، جاز ملك الملوك ، وإذا كان في اللفظ ما يدل على أن المراد به ملوك الأرض زالت الشبهة ، ومنه قولهم : اللهم أصلح الملك ، فيصرف الكلام إلى المخلوقين ، وكتب التميمي الحنبلي نحو ذلك .(1/2)
وأما القاضي الماوردي صاحب " الحاوي الكبير " فنقل عنه أنه أجاز ذلك أيضا ، والمشهور عنه ما نقله ابن الجوزي والشيخ أبو عمرو بن الصلاح في "أدب المفتي" أنه منع من ذلك ، وأصر على المنع ، مع صحبته للملك جلال الدولة ، وكثرة ترداده إليه ، ووجاهته عنده ، وأنه امتنع من الحضور في مجلسه حتى استدعاه جلال الدولة في يوم عيد، فلما دخل عليه ، دخل وهو وجل خائف أن يوقع به مكروها ، فلما واجهه قال له : قد علمت أنه إنما منعك من موافقة الذين جوزوا ذلك، مع صحبتك إياي ووجاهتك عندي، دينك واتباعك الحق ، ولو حابت أحدا من الناس لحابيتني ، وقد زادك ذلك عندي محبة مكانة .
قلت ( ابن كثير ) : والذي صار إليه القاضي الماوردي من المنع من ذلك هو السنة التي وردت بها الأحاديث الصحيحة من غير وجه ؛ قال الإمام أحمد بن حبل في " مسنده " : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" أخنع اسم عند الله يوم القيامة رجل تسمى بملك الأملاك ، قال أحمد : سألت أبا عمرو الشيباني عن "أخنع اسم" قال : أوضع .
وقد رواه البخاري عن علي بن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، وأخرجه مسلم من طريق همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل تسمى ملك الأملاك ، لا ملك إلا الله عز وجل .
وقال الإمام أحمد : حدثني محمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، عن خلاس ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشتد غضب الله على من قتله نبيه ، واشتد غضب الله على رجل تسمى بملك الأملاك، لا ملك إلا الله عز وجل " . والله تعالى أعلم بالصواب .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@134.lM8rdl8Uxa8.0@.1dd2c524
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
وَظَهرت خِياناتُ أحفادِ ابنِ العلقمي
الحمد لله وبعد ؛
كلنا يعرف دور ابن العلقمي في دخول التتار إلى بغداد ، وتسهيل الطريق لهم ، وقد نقل لنا الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " تفصيل دور ابن العلقمي - لعنه الله - في تلك المقتلة الكبيرة التي حدثت على يد هولاكو .
قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (13/234) : وهو أن هولاكو لما كان أول بروزه من همدان متوجهاً إلى العراق أشار الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي على الخليفة بأن يبعث إليه بهدايا سنية ليكون ذلك مداراة له عما يريده من قصد بلادهم فخذل الخليفة عن ذلك دويداره الصغير أيبك وغيره، وقالوا إن الوزير إنما يريد بهذا مصانعة ملك التتار بما يبعثه إليه من الأموال، وأشاروا بأن يبعث بشيء يسير، فأرسل شيئاً من الهدايا فاحتقرها هولاكو خان، وأرسل إلى الخليفة يطلب منه دويداره المذكور، وسليمان شاه، فلم يبعثهما إليه ولا بالا به حتى أزف قدومه. ووصل بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية، وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة، لا يبلغون عشرة آلاف فارس، وهم وبقية الجيش كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم في الأسواق وأبواب المساجد .
وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام وأهله، وذلك كله عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي، وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة حتى نهبت دور قرابات الوزير .
فاشتد حنقه على ذلك، فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد، وإلى هذه الأوقات، ولهذا كان أول من برز إلى التتار هو، فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه، فاجتمع بالسلطان هولاكو خان لعنه الله .(1/1)
ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة، فاحتاج الخليفة إلى أن خرج في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورؤوس الأمراء والدولة والأعيان، فلما اقتربوا من منزل السلطان هولاكو خان حجبوا عن الخليفة إلا سبعة عشر نفساً، فخلص الخليفة بهؤلاء المذكورين، وأنزل الباقون عن مراكبهم، ونهبت وقتلوا عن آخرهم، وأحضر الخليفة بين يدي هولاكو فسأله عن أشياء كثيرة فيقال إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت .
ثم عاد إلى بغداد، وفي صحبته خوجة نصير الدين الطوسي، والوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة، فأحضر من دار الخلافة شيئاً كثيراً من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاماً أو عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة، فلما عاد الخليفة إلى السلطان هولاكو أمر بقتله .
ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي، والمولى نصير الدين الطوسي، وكان النصير عند هولاكو قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الألموت، وانتزعها من أيدي الإسماعيلية، وكان النصير وزيراً لشمس الشموس ولأبيه من قبله علاء الدين بن جلال الدين، وكانوا ينسبون إلى نزار بن المستنصر العبيدي، وانتخب هولاكو النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم هولاكو وتهيب من قتل الخليفة هون عليه الوزير ذلك فتقلوه رفساً، وهو في جوالق لئلا يقع على الأرض شيء من دمه، خافواً أن يؤخذ بثأره فيما قيل لهم، وقيل بل خنق، ويقال بل أغرق فالله أعلم .(1/2)
فباؤوا بإثمه وإثم من كان معه من سادات العلماء والقضاة والأكابر والرؤساء والأمراء وأولي الحل والعقد ببلاده - وستأتي ترجمة الخليفة في الوفيات - ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش، وقنى الوسخ، وكمنوا كذلك أياماً لا يظهرون .
وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار .
ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي وطائفة من التجار أخذوا لهم أماناً، بذلوا عليه أموالاً جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم .
وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة، وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف مقاتل، منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف .
ثم كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله طمعاً منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر البدعة الرافضة وأن يقيم خليفة من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتيين، والله غالب على أمره، وقد رد كيده في نحره، وأذله بعد العزة القعساء، وجعله حوشكاشا للتتار بعد ما كان وزيراً للخلفاء، واكتسب إثم من قتل ببغداد من الرجال والنساء والأطفال، فالحكم لله العلي الكبير رب الأرض والسماء .ا.هـ.(1/3)
وقال أيضا : وقتل شيخ الشيوخ مؤدب الخليفة صدر الدين علي بن النيار، وقتل الخطباء والأئمة وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد، وأراد الوزير ابن العلقمي قبحه الله ولعنه أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض، وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون علمهم بها وعليها، فلم يقدره الله تعالى على ذلك، بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة، وأتبعه بولده فاجتمعا والله أعلم بالدرك الأسفل من النار .ا.هـ.
هذا هو درو ابن العلقمي أيها السنة ، فماذا فعل أحفاد ابن العلقمي في العراق اليوم ؟
الآن تتكرر الصورة وكما قيل : " مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَة بِالْبَارِحَةِ " ، تصدر الفتاوى من حاخامات الرافضة بعدم مقاومة الصليبين ، وإفساح الطريق لهم للدخول إلى مدينة النجف الأعظم كما يزعمون ، بل ظهرت على شاشة التلفاز كما أخبرت أن الرافضي يقف في وجه العلج الإمريكي ويقول له : علي نو ، سيتي نو بربلوم . أي : قبر علي لا ، والمدينة لا مشكلة في احتلالها .
وإليكم الرابط الصوتي للمحادثة التي جرت بين أحد المراسلين وعبد المجيد الخوئي ، والذي صرح فيه بأن أحد مراجعهم افتى بعدم مقاومة الصليبين ، قبحكم الله يا خونة ، يا أهل الغدر .
http://news.bbc.co.uk/media/audio/39047000/rm/_39047893_rnr13565__.ram
رابط الموضوع
http://www.muslm.net/vbnu/showthread.php?s=&threadid=78255
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)