آفة من آفات اللسان نجدها عند الخصومة
احذر منها أخي المسلم
قال الشيخ بكر أبو زيد في " معجم المناهي اللفظية " عند لفظة : " يا حمار يا تيس ... يا كلب " ( ص 575) :
قال النووي :
فصل : ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قوله لمن يخاصمه : يا حمار ، يا تيس ، يا كلب ، ونحو ذلك ، فهذا قبيح لوجهين ،
أحدهما : انه كذب .
والآخر : أنه إيذاء ، وهذا بخلاف يا ظالم ، ونحوه ، فإن ذلك يسامح به لضرورة المخاصمة ، مع أنه يصدق غالبا ، فقلَّ إنسانٌ إلا وهو ظالم لنفسه ولغيرها .ا.هـ.
وقال الشيخ بكر أيضا ( ص 582) عند لفظة " يا كلب " :
عن المسيب قال : لا تقل لصاحبك ؛ يا حمار . يا كلب . يا خنزير . فيقول يوم القيامة : أتراني خلقت كلبا أو حمارا أو خنزيرا ؟ رواه ابن أبي شيبة . وفيه عن مجاهد ، وإبراهيم ، وبكر بن عبد الله المزني ، رحمهم الله ، وقيل بالتفريق بين ذوي الهيئات وغيرهم .ا.هـ.
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
إعجاز القرآن العلمي وأحداث سبتمبر
للشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت
للسماع http://www.islamway.com/arabic/images/lessons/khaledassabt/015-11Sept&Quran.rm
جزى الله خيرا الشيخ الدكتور خالد السبت على هذا البيان .
وليتكم تنشرون هذا الكلام في منتديات الحوار الأخرى .
والشيخ من أهل الاختصاص في علوم القرآن ، وهو متخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وأكمل الماجستير والدكتوراه في الجامعة الإسلامية .
ورسالة الماجستير بعنوان : " مناهل العرفان . دراسة وتقويم " في مجلدين . دار ابن عفان .
ورسالة الدكتوراه بعنوان : " قواعد التفسير . جمعا ودراسة . في مجلدين . دار ابن عفان .
وللشيخ كتاب بعنوان : " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . أصوله وضوابطه وآدابه . إصدار المنتدى الإسلامي .
والشيخ له دروس في التفسير وشرح صحيح مسلم والفقه وأصول الفقه .
فجزى الله الشيخ خير الجزاء .
إذاعة طريق الإسلام
http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=10268&scholar_id=339&scholar_name=%CE%C7%E1%CF+%DA%CB%E3%C7%E4+%C7%E1%D3%C8%CA&scholar_directory=khaledassabt
رابط الموضوع
http://www.muslm.net/cgi-bin/showflat.pl?Cat=&Board=islam&Number=13442&page=0&view=collapsed&sb=5
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
1 ،2 ، 3 ..... أرقام عربية أم هندية ؟!
من قرارات المجمع الفقهي بمكة المكرمة
القرار الثالث
في عدم جواز استبدال رسم الأرقام العربية برسم الأرقام المستعملة في أوروبا
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا - أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في الكتاب الواردة إلى الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي من معالي وزير الأوقاف والشئون الإسلامية في الأردن الاستاذ كامل الشريف ، والبحث المقدم من معاليه إلى مجلس الوزراء الأردني بعنوان " الأرقام العربية من الناحية التاريخية " والمتضمن أن هناك نظرية تشيع بين بعض المثقفين ، مفادها أن الأرقام العربية في رسمها الراهن (1-2-3-4 ألخ) هي أرقام هندية ، وأن الأرقام الأوربية (etc 4-3-2-1 ) هي الأرقام العربية الأصلية ، ويقودهم هذا الاستنتاج إلى خطوة أخرى هي الدعوة إلى اعتماد الأرقام في رسمها الأوروبي في البلاد العربية ، داعمين هذا المطلب بأن الأرقام الأوربية أصبحت وسيلة للتعامل الحسابي مع الدول والمؤسسات الأجنبية التي باتت تملك نفوذاً واسعاً في المجالات الإقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية ، وأن ظهور أنواع الآلات الحسابية و(الكمبيوتر) التي لاتستخدم إلا هذه الأرقام يجعل اعتماد رسم الأرقام الأوربي في البلاد العربية أمراً مرغوباً فيه إن لم يكن شيئاً محتوماً لا يمكن تفاديه .
ونظرا أيضا فيما تضمنه البحث المذكور من بيان للجذور التاريخية لرسم الأرقام العربية والأوروبية .
واطلع أيضا على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته الحادية والعشرين المنعقدة في مدينة الرياض ما بين 17 - 28 من شهر ربيع الآخر عام 1403 هـ في هذا الموضوع ، والمتضمن أنه لا يجوز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حاليا إلى رسم الأرقام المستعملة في العالم الغربي للأسباب التالية :(1/1)
أولا : أنه لم يثبت ما ذكره دعاة التغيير من أن الأرقام المستعملة في الغرب هي الأرقام العربية ، بل إن المعروف غير ذلك ، والواقع يشهد له ، كما أن مضيّ القرون الطويلة على استعمال الأرقام الحالية في مختلف الأحوال والمجالات يجعلها أرقاما عربية ، وقد وردت في اللغة العربية كلمات لم تكن في أصولها عربية وباستعمالها أصبحت من اللغة العربية ، حتى أنه يوجد شيء منها في كلمات القرآن الكريم ( وهي الكلمات التي توصف بأنها كلمات معربة )
ثانياً : أن الفكرة لها نتائج سيئة ، وآثار ضارة ، فهي خطوة من خطوات التغريب للمجتمع الإسلامي تدريجياً ، يدل لذلك ما ورد في الفقرة الرابعة من التقرير المرفق بالمعالمة ونصها " صدرت وثيقة من ورزاء الإعلام تفيد بضرورة تعميم الأرقام المستخدمة في أوروبا لأسباب أساسها وجوب التركيز على دواعي الوحد الثقافية والعلمية وحتى السياحية على الصعيد العالمي " .
ثالثاً : أنها " أي هذه الفكرة " ستكون ممهدة لتغيير الحروف العربية واستعمال الحروف اللاتينية بدل العربية ولو على المدى البعيد .
رابعاً : أنها " أيضا " مظهر من مظاهر التقليد للغرب واستحسان طرائقه .
خامساً : أن جميع المصاحف والتفاسير ، والمعاجم ، والكتب المؤلفة كلها تستعمل الأرقام الحالية في ترقيمها أو في الإشارة إلى المراجع ، وهي ثروة عظيمة هائلة ، وفي استعمال الأرقام الافرنجية الحالية ( عوضاً عنها ) ما يجعل الأجيال القادمة لا تستفيد من ذلك التراث بسهولة ويسر .
سادساً : ليس من الضروري متابعة بعض البلاد العربية التي درجت على استعمال رسم الأرقام الأوروبية ، فإن كثيراً من تلك البلاد قد عطلت ما هو أعظم من هذا وأهم وهو تحكيم شريعة الله كلها مصدر العز والسيادة والسعادة في الدنيا والآخرة ، فليس عملها حجة .
وفي ضوء ما تقدم يقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ما يلي :(1/2)
أولا : التأكيد على مضمون القرار الصادر عن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في هذا الموضوع والمذكور آنفا ، والمتضمن عدم جواز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حاليا برسم الأرقام الأوروبية المستعملة في العالم الغربي للأسباب المبينة في القرار المذكور .
ثانيا : عدم جواز قبول الرأي القائل بتعميم رسم الأرقام المستخدمة في أوروبا بالحجة التي استند إليها من قال ذلك ، وذلك أن الأمة لا ينبغي أن تدع ما اصطلحت عليه قرونا طويلة لمصلحة ظاهرة وتتخلى عنه تبعا لغيرها .
ثالثا : تنبيه ولاة الأمور في البلاد العربية إلى خطورة هذا الأمر ، والحيلولة دون الوقوع في شرك هذه الفكرة الخطيرة العواقب على التراث العربي والإسلامي .
والله ولي التوفيق وصلى الله علي سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .
المصدر : فتاوى إسلامية (4/528 - 530)
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^22@.ef0e485/7
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
أنواعُ المصائبِ التي يُثابُ عليها العبدُ
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله - في " مجموع الفوائد واقتناص الأوابد " (ص70) :
المصيبة التي تصيب العبد ويؤمر بالصبر عليها ويثاب على ذلك نوعان :
مصيبة تأتيه بغير اختياره وعمله كفقد الأحباب والمكاره التي تصيبه في بدنه أو قلبه أو ماله أو حبيبه فمن نعمة الله على المؤمن أنه إذا قام بوظيفة الصبر والرّضى واحتساب الأجر أعطاه الله أجره بغير حساب .
النوع الثاني : المصيبة التي تنال المؤمن بأسباب عمله الصالح كالجهاد والحج والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذه تشارك الأولى في ثوابها والصبر عليها وتزيد عليها بشرف سببها حيث نشأت عن طاعة الله فكانت أسبابها خير الأسباب وثمرتها خير الثمار وكانت مع ذلك تابعة لتلك الطاعة التي قام بها العبد .
قال تعالى في المجاهدين بأنهم : " لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... " الآية [التوبة : 120] .
وقال : " إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ " [النساء : 104] .
" وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " [آل عمران : 157] .
وهذه أيضا يعان عليها العبد ما لا يعان على الأخرى فإن الله تعالى شكور يشكر عبده الذي قام بمراضيه بأنواع من الثواب في قلبه وإيمانه وثوابه والتحمل عنه وربما استحلاها المؤمن بحسب إيمانه وهنا مصيبة ثالثة تكون من أسباب عمله بالمعاصي فهذه إذا اقترن بها الصبر والاحتساب كانت من مكفرات الخطايا وإلا فهي تابعة للسيئات ونموذج للعقوبات . والله أعلم .ا.هـ
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@162.UabAb9B3xj4^0@.ef19498
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
إليكم كذب التكفيري الجهمي حسن السقاف من كتبه
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
لقد فضح اللهُ هذا الخسافَ أو السخافَ في قناةِ المستقلةِ بفضائح عدةٍ ومنها عبارةُ قالها في حق شيخِ الإسلامِ وهي في اسمِ شيخِ الإسلام " الحَرَّاني " ، فكتبهُ الخسافُ أو السخافُ " الحِراني " من الحِرَ وهو الفرج كما جاء في الحديثِ :
أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي كِتَاب الْأَشْرِبَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غُنْم قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِر أَوْ أَبُو مَالِك الْأَشْعَرِيّ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَام يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِير وَالْخَمْر وَالْمَعَازِف " .
وعندما ذكر ذلك الشيخُ عائضُ الدوسري أنكر السخافُ أو الخسافُ ، وقال : إنه لا يعلم عنها شيئاً .
إليكم أيها الأحبة صورة من كتابهِ الذي وردت فيه العبارة ليتبين لكم كذب الرجل ، وهو في هذه الحالة له احتمالان :
1 - إما أنه استخدم التقيةَ .
2 - أو أنه لا يكتبُ كتبه بنفسه وإنما إناسٌ يكتبونها له ، ثم يوضع اسمهُ عليها .
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ : " مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ... "
رواهُ البخاري
* يزعم السقاف عليه من الله مايستحق أن قول شيخ الإسلام رحمه الله ( إن شاء الله تحقيقا ) بأنه يعلم الغيب !
وهنا الرد
http://www.alserdaab.com/alandalosee/shbhaat.ra
للتحميل : حفظ باسم
---
محمد الأمين أبو خُبزة يفضحُ التكفيري حسنَ السقاف [ ملف صوتي ]
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛(1/1)
كما تعلمون أن الناسَ في كثيرِ من أصقاعِ العالم يتابعون قناةَ المستقلة المتواضعة ، والحلقاتُ في هذه المرةِ عن " تراثِ شيخِ الإسلامِ رحمه الله " ، والمتناظران أحدهما يكفرُ شيخِ الإسلامِ لأنه يثبتُ صفاتِ الله كما جاءت في كتابِ اللهِ والسنةِ ، ويلزمهُ أنه يكفرُ كلَ من قال بقولِ شيخِ الإسلامِ ، فكلُ من أخذ بقولِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ فهو كافرٌ في نظرِ التكفيري حسن السقاف .
والسخاف يذكرنا بقصةِ ذلك الرجل الذي بال في بئرِ زمزم ، فضربهُ الناسُ ، فقيل له : لماذا فعلت ذلك ؟ فقال : ليقول الناسُ أنني بُلتُ في بئرِ زمزم .
وبعد حلقةِ الأمس اتصل أحدُ الإخوةِ في غرفة السرداب في البال توك بـ " محمد الأمين أبو خُبزة التطواني " من بلادِ المغرب ، وسألهُ عن حقيقة التكفيري حسن السقاف ، وأترككم مع الملف ِ الصوتي الخاص باللقاء :
http://www.alwarethoon.com/Audio/Alshaikh_Abu_Khobza.rm
للتحميل : حفظ باسم
وهذا ملفٌ آخر وفيه الكوراني يثني على السقافِ بعد انتهاءِ إحدى الحلقاتِ في برنامج " البال توك " .
ولتعلموا أيها العقلاءُ من أهلِ السنةِ أن المبتدعةَ يمدون جسورَ المودةِ والتعاونِ والثناءِ لبعضهم البعض إن كان في سبيلِ إسقاطِ أهلِ السنةِ الذين يدينون بعقيدةِ الصحابةِ والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، ثم خطّأ الكورانيُّ السقافَ عندما فسر الكرسي بالعلمِ .
أترككم مع الرابطِ ولا تنسوا التعليقَ بما لديكم .
http://www.alwarethoon.com/Audio/AlKokokorany_&_Saqaf.rm
تابع : بعضٌ من خياناتِ السقاف العلميةِ خلال مناظراتِ المستقلةِ
http://saaid.net/Doat/Zugail/303.htm
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
الفرح بموت الظالمين والطغاة
الحمد لله وبعد .
عن أنس رضي الله عنه قال : مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وجبت ، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا
فقال : وجبت .
فقال عمر : ما وجبت ؟
قال : هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار .
أنتم شهداء الله في الأرض . رواه البخاري (1367) وغيره .
وبوب عليه البخاري في صحيحه : باب ثناء الناس على الميت .
قال النووي : والظاهر أن الذي أثنوا عليه شرا كان من المنافقين .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/272) :
قلت : يرشد إلى ذلك ما رواه أحمد من حديث أبي قتادة بإسناد صحيح أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل على الذي أثنوا عليه شرا وصلى على الآخر .ا.هـ.
الشاهد : أننا شهداء الله في الأرض ، فمن مات من الصالحين والعلماء وأهل الفضل نحزن على موته ، ونثني عليه خيرا لأننا شهداء الله في الأرض .
ومن مات من الطغاة والظلمة نفرح بموته ، ونشهد على أنه ظلم وطغى وتجبر وقتل الأنفس بغير حق ، ونثني عليه شرا .
بل إن الدواب والشجر تفرح بموت هؤلاء الطغات .
عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري قال : مُر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقال : مستريح ومستراح منه .
فقالوا : يا رسول ما المستراح وما المستراح منه ؟
قال : إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى ، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب .
رواه البخاري (6512) .
ولهذا شُرع لنا سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم .
روى ابن سعد في طبقاته (6/280) قال : أخبرنا عبدالحميد بن عبدالرحمن الحِماني ، عن أبي حنيفة عن حماد قال : بشرت إبراهيم بموت الحجاج ، فسجد ، ورأيته يبكي من الفرح .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
هل هذه المقولة صحيحة : اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً
السؤال:
((ان الله ينصر الدولة الكافره العادله على الدولة المسلمه الظالمه ))
لمن ينسب هذا الكلام
الرجاء ممن يعرف ان يفيدنا بارك الله فيكم
الجواب :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " في " رسالة في الحسبة " ما نصه :
فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ وَعَاقِبَةُ الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ وَلِهَذَا يُرْوَى : " اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً " .
وقال الإمام الذهبي في " السير " (6/58) : قُلْتُ: فَرِحنَا بِمَصِيْرِ الأَمْرِ إِلَيْهِم ، وَلَكِنْ - وَاللهِ - سَاءنَا مَا جَرَى ؛ لِمَا جَرَى مِنْ سُيُولِ الدِّمَاءِ ، وَالسَّبْيِ، وَالنَّهْبِ - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - فَالدَّولَةُ الظَّالِمَةُ مَعَ الأَمنِ وَحَقنِ الدِّمَاءِ ، وَلاَ دَوْلَةً عَادلَةً تُنتَهَكُ دُوْنَهَا المَحَارِمُ ، وَأَنَّى لَهَا العَدْلُ ؟ بَلْ أَتَتْ دَوْلَةً أَعْجَمِيَّةً خُرَاسَانِيَّةً جَبَّارَةً، مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?14@64.Jb6pfhHmTGH.23@.1dd3444c/0
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
المُخْتَصَرُ الجَلِيُّ فِي تَأْرِيخِ بِنَاءِ قُبَّةِ مَسْجِدِ َالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
فإن قبةَ مسجدِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم لها مكانةٌ عند الصوفيةِ أربابَ القبابِ والقبورِ ، ويصورنها على أنها مرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بقبرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، وكيف يكونُ ذلك – يا أمةَ محمدٍ - وهو صلى اللهُ عليه وسلم ارسل بالتوحيدِ ، وإزالةِ الشركِ ، وهدمِ القبابِ على القبورِ ، وحذر الأمةَ من سلوكِ سَننِ اليهودِ والنصارى في اتخاذِ القبورِ مساجد ؟!
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكِ الصُّوَرَ أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . أخرجهُ البخاري (427) ، ومسلم (528) .
عَنْ عَائِشَةَ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا : " لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ : " لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا . أخرجهُ البخاري (435) ، ومسلم (531) .
والأحاديثُ في هذا البابِ كثيرةٌ جداً .(1/1)
والقبةُ التي في مسجدِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم لم تكن موجودةً في الثلاثةِ القرونِ المفضلةِ ، وإنما أُحدثت بعد ذلك ، وقد حقق الشيخُ مقبلٌ الوادعي – رحمهُ اللهُ – في بحثٍ له ضمن كتابِ " رياضِ الجنةِ " ( ص 225 – 255 ) هذه المسألةَ تحقيقاً لا مزيد عليه ، سأنقلُ منه كلامَ الذين أرخوا لبناءِ القبةِ ، وإنكارَ أهلِ العلمِ لهذه القبةِ المحدثةِ ، لكي يكونَ المؤمنُ الموحدُ على بينةٍ من أمرهِ ، وأن لا يغتر بما يتناقلهُ الصوفيةُ وغيرهم من تعظيمٍ لها .
قال الشيخُ مقبلٌ الوادعي ( ص 240 ) : " قال الشيخُ أحمدُ بنُ عبدِ الحميدِ العباسي – رحمهُ اللهُ – المتوفى في القرنِ العاشرِ الهجري في كتابهِ " عمدة الأخبارِ في مدينةِ المختارِ " ( ص 124 ) : " ومن ذلك أنهُ لما كان عام ثمانٍ وسبعين وست مئة هجرية أمر السلطانُ الملكُ المنصورُ قلاوون الصالحي والد السلطانِ الملك الناصر محمد بن قلاوون ببناءِ قبةٍ على الحجرةِ الشريفةِ ، ولم يكن قبل هذا التاريخِ عليها قبةٌ ، ولها بناءٌ مرتفعٌ ، وإنما كان حظيرٌ حول الحجرةِ الشريفةِ فوق سطحِ المسجدِ ، وكان مبنياً بالآجرِ مقدارنصفِ قامةٍ بحيث يميزُ سطحُ المسجدِ ، وكان منياً بالآجرِ فعملت هذه القبةُ الموجودةُ اليوم ... " .ا.هـ.
وقال زينُ الدينِ المراغي المتوفى سنة عشرة وثمان مئة في كتابهِ " تحقيق النصرةِ بتلخيصِ معالمِ دارِ الهجرةِ " ( ص81 ) : " اعلم أنهُ لم يكن قبل حريقِ المسجد ولا بعدهُ على الحجرةِ الشريفةِ قبةٌ ، بل كان ما حول حجرةِ النبي صلى الله عليه وسلم في السطحِ مقدار نصفِ قامةٍ مبني بالآجرِ تميز الحجرةَ الشريفةَ على بقيةِ السطحِ إلى سنةِ ثمانٍ وسبعين وست مئة في أيامِ الملكِ المنصورِ قلاوون الصالحي ... " .ا.هـ.(1/2)
ونحو ما تقدم عما في " وفاءِ الوفاءِ " للسمهودي المتوفى سنة إحدى وعشر وتسع مئة (2/609) فقد ذكر نحو ما تقدم ثم قال : " رأيتُ في " الطالعِ السعيدِ الجامعِ أسماء الفضلاءِ والرواةِ بأعلى الصعيد " في ترجمةِ الكمالِ أحمدَ بنِ البرهانِ غبد القوي الربعي ناظرِقوص أنه بنى على الضريحِ النبوي هذه القبةِ المذكورةِ ، قال : " وقصد خيراً وتحصيل ثوابٍ – علق الشيخُ مقبل في الحاشيةِ : " هكذا يتخبطُ ذوو الأموالِ الذين ليس لديهم علم ، فينفقونها فيما ليس من الشرعِ في شيءٍ ، بل ربما كان مخالفاً للشرعِ ووبالاً على صاحبهِ . فانظر إلى هذا الذي قصد الخيرَ فأصبح فتنةً لكثيرٍ من القبوريين " - ، وقال بعضهم : " أساء الأدب بعلو النجارين ودق الحطب " ، قال : " وفي تلك السنةِ وقع بينه وبين بعضِ الولاةِ كلامٌ ، فوصل مرسومٌ بضربِ الكمالِ ، فضرب ، فكان من يقولُ إنه أساء الأدب يقولُ : " إن هذا مجازةً له ، وصادره الأميرُ علمُ الدين الشجاعي ، وخرب دارهُ ، وأخذ رخامها وخزائنها ... " .ا.هـ.
إنكارُ أهلِ العلمِ لهذهِ القبةِ :
أنكر العلماءُ بناء القبةِ على قبرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم لأنهُ أمرٌ حرمهُ النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، وحذر الأمةَ منه .(1/3)
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " اقتضاءِ الصراطِ المستقمِ (2/685) " : " ولهذا لما بُنيت حجرتُهُ على عهدِ التابعين - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم ، تركوا في أعلاها كوةً إلى السماءِ ، وهي إلى الآن باقيةٌ فيها ، موضوعٌ عليها مشمعٌ على أطرافه حجارةٌ تمسكه ، وكان السقفُ بارزاً إلى السماءِ ، وبنى كذلك لما احترق المسجدُ والمنبرُ سنةَ بضعٍ وخمسين وست مئة ، وظهرت النارُ بأرضِ الحجازِ التي أضاءت لها أعناقُ الإبلِ ببصرى ، وجرت بعدها فتنةُ التترِ ببغداد وغيرها ، ثم عُمر المسجدُ والسقفُ كما كان ، وأُحدث حول الحجرةِ الحائطُ الخشب ، ثم بعد ذلك بسنين متعددةٍ بنيت القبةُ على السقفِ ، وأنكرهُ من كرهه " .ا.هـ.
وقال الصنعاني – رحمهُ اللهُ – في " تطهير الاعتقادِ " : " فإن قلت : " هذا قبرُ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم قد عُمرت عليه قبةٌ عظيمةٌ انفقت فيها الأموالُ " .
قلتُ : " هذا جهلٌ عظيمٌ بحقيقةِ الحالِ فإن هذه القبةَ ليس بناؤها منهُ صلى اللهُ عليه وسلم ، ولا من أصحابهِ ، ولا من تابعيهم ، ولا من تابعِ التابعين ، ولا علماء الأمةِ وأئمة ملتهِ ، بل هذه القبةُ المعمولةُ على قبرهِ صلى اللهُ عليه وسلم من أبنيةِ بعضِ ملوكِ مصر المتأخرين ، وهو قلاوون الصالحي المعروف بالملكِ المنصورِ في سنةِ ثمانٍ وسبعين وست مئة ، ذكرهُ في تحقيقِ النصرةِ بتلخيصِ معالمِ دارِ الهجرةِ ؛ فهذه أمورٌ دولية لا دليليةٌ " .ا.هـ.
وقال الشيخُ حسينُ بنُ مهدي النعمي في كتابهِ " معارج الألبابِ بعد قولِ بعضِ المفتين محتجاً بقبةِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم على جوازِ بناءِ سائرِ القبابِ " : " فقال ذلك المفتي : " ومن المعلومِ أنه صلى اللهُ عليه وسلم له قبةٌ ، وأولياءُ المدينةِ ، وأولياءُ سائرِ البلدانِ ، وأنها تزارُ كل وقتٍ ، ويعتقدُ بها حلولُ البركةِ " .ا.هـ. كلام ذلك المفتي .(1/4)
فتعقبهُ النعمي – رحمهُ اللهُ – فقال : " أقولُ : " الأمرُ كذلك فكان ماذا بعد أن حذر صلى اللهُ عليه وسلم ، وأنذر ، وبرأ جانبهُ المقدس الأطهر صلى اللهُ عليه وسلم ، فصنعتم له عين ما تقدم بالنهي عنه ، أفلا كان هذا كافياً لكم عن أن تجعلوا أيضاً مخالفتكم لأمرهِ حجة ً عليه وتقدماً بين يديهِ ، فهل أشار بسيءٍ من هذا ، أو رضيهُ ، أو لم ينه . وأما اعتقادكم حلول البركةِ فمن عندكم لا من عند اللهِ فهو ردٌ عليكم " .ا.هـ.
قال الشيخ مقبلٌ في ختام بحثه : " هذا وقد هم الإخوان – رحمهم اللهُ – في زمنِ عبدِ العزيز – رحمهُ اللهُ – عند دخولهم المدينة أن يزيلوا هذه القبةَ ، وليتهم فعلوا ، ولكنهم خشوا – رحمهم اللهُ – من قيامِ فتنةٍ من القبوريين أعظم من إزالةِ القبةِ ، فيؤدي إزالةُ المنكرِ إلى ما هو أنكرُ منهُ " .ا.هـ.
فتوى رقم ( 5576 ) :
س : أرجو التكرم بإعلامي عن حكم الدين في إنتاج مجسمات فنية للحرمين الشريفين بما في ذلك الكعبة المشرفة بغرض بيعها على الحجاج وغيرهم من المسلمين الذين يرغبون في اقتنائها على سبيل التذكار .
ج : لا يجوز إنتاج المجسمات الفنية للحرمين الشريفين ؛ لما قد تشتمل عليه من صور لمن بالحرم المكي من الطائفين والمصلين ولمن بالمسجد النبوي والقراء وغيرهم ، ولخروج صورة القبة الخضراء مع صورة المسجد النبوي مما يدفع بعض الناس إلى الاعتقاد في القباب وأهلها ، وهذا يفضي إلى الشرك الأكبر ، ولما يفضي إليه ذلك من مفاسد أخرى أعاذنا الله منها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد , وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود
عمارةُ القبةِ(1/5)
في عام 678هـ أمر السلطان المملوكي المنصور قلاوون الصالحي بعمارة قبة فوق الحجرة النبوية الشريفة، فجاءت مربعة من أسفلها، مثمنة من أعلاها، مصنوعة من أخشاب كسيت بألواح بالرصاص. وفي الفترة من عام 755 – 762هـ جدَّد الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ألواح الرصاص التي على القبة الشريفة. وفي عام 765هـ عمل السلطان شعبان بن حسين بعض الإصلاحات في القبة الشريفة. وفي عام 881هـ أبدل السلطان قايتباي سقف الحجرة الخشبي بقبة لطيفة، جاءت تحت القبة الكبيرة.
وفي عام 886 هـ احترقت القبة الكبيرة باحتراق المسجد النبوي الشريف ، فأعاد السلطان قايتباي بناءها بالآجر عام 892 هـ ، ثم ظهرت بعض الشقوق في أعاليها فعمل لها بعض الترميمات ، وجعلها في غاية الإحكام .
وفي عام 974هـ أصلح السلطان سليمان القانوني العثماني رصاص القبة الشريفة ووضع عليها هلالاً جديدًا.
وفي عام 1228هـ جدَّد السلطان محمود الثاني العثماني القبة الشريفة ، ودهنها باللون الأخضر ، فاشتهرت بالقبة الخضراء ، بعد أن كانت تعرف بالبيضاء أو الزرقاء أو الفيحاء .
ومنذ بداية العهد السعودي وإلى تاريخ إعداد هذه المعلومة 1419 هـ أعيد صبغ القبة باللون الأخضر عدة مرات ، مع بعض الإصلاحات والترميمات اللازمة لها .
وبهذا يتبينُ أن القبةَ محدثةٌ ولم تكن موجودةً في العصورِ الثلاثةِ المفضلةِ .(1/6)
قال أبو عبدِ الإلهِ صالحٌ العصيمي في " بدعِ القبورِ . أنواعها وأحكامها " ( ص 253 ) : " رابعاً : إن استمرارَ هذه القبةِ على مدى ثمانيةِ قرونٍ لا يعني أنها أصبحت جائزة ، ولا يعني أن السكوتَ عنها إقرارٌ لها أو دليلٌ على جوازها ، بل يجبُ على ولاةِ المسلمين إزالتها ، وإعادة الوضعإلى ما كان عليه في عهدِ النبوةِ ، وإزلة القبةِ والزخارفِ والنقوشِ التي في المساجدِ ، وعلى رأسها المسجدُ النبوي ، ما لم يترتب على ذلك فتنةٌ أكبر منه ، فإن ترتبَ عليه فتنةٌ أكبر ، فلولي الأمرِ التريث مع العزمِ على استغلالِ الفرصة متى سنحت ، ومما يستأنسُ به قولهُ صلى اللهُ عليه وسلم لعائشةَ رضي اللهُ عنها : " يَا عَائِشَةُ ؛ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ " [ أخرجهُ البخاري (1586) ، ومسلم (1333) ] .(1/7)
قال النووي - رحمهُ اللهُ - في " شرحِ مسلم " (9/94) : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِقَوَاعِد مِنْ الْأَحْكَام مِنْهَا : إِذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِح أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَة وَمَفْسَدَة وَتَعَذَّرَ الْجَمْع بَيْن فِعْل الْمَصْلَحَة وَتَرْك الْمَفْسَدَة بُدِئَ بِالْأَهَمِّ ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ نَقْضَ الْكَعْبَة وَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِد إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْلَحَة , وَلَكِنْ تُعَارِضهُ مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ , وَهِيَ خَوْف فِتْنَة بَعْض مَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا , وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ فَضْل الْكَعْبَة , فَيَرَوْنَ تَغْيِيرهَا عَظِيمًا , فَتَرَكَهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَمِنْهَا فِكْر وَلِي الْأَمْر فِي مَصَالِح رَعِيَّته , وَاجْتِنَابه مَا يَخَاف مِنْهُ تَوَلُّد ضَرَر عَلَيْهِمْ فِي دِينَ أَوْ دُنْيَا إِلَّا الْأُمُور الشَّرْعِيَّة كَأَخْذِ الزَّكَاة وَإِقَامَة الْحُدُود وَنَحْو ذَلِكَ .
وَمِنْهَا : تَأَلُّف قُلُوب الرَّعِيَّة وَحُسْن حِيَاطَتهمْ وَأَلَّا يَنْفِرُوا وَلَا يَتَعَرَّض لِمَا يَخَاف تَنْفِيرهمْ بِسَبَبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْك أَمْر شَرْعِيّ كَمَا سَبَقَ " .ا.هـ.
وقال العصيمي قبل ذلك : " وظلت القبةُ تحملُ اللونَ الأزرقَ حتى جاء السلطانُ محمودُ بنُ السلطانِ عبدِ الحميدِ فأمر بتجديدها فهدم أعاليها ، وأعيد بناؤها متقنا وذلك سنة 1233 هـ ، ثم أمر بصبغها فصبغت باللونِ الأخضرِ ، وكان لونها قبل أزرق لون الرصاص الذي عليها ، ثم صارت تصبغُ باللونِ نفسه كلما خسف سابقه من تأثيرِ الشمسِ " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/8)
المصائب التي تصيب المسلم والمسلمين
الأخُ لجين .
يبدو أنك تقصدُ هذا الحديثَ .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ حَتَّى الشَّوْكَةِ تُصِيبُهُ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ " . رواهُ مسلمٌ (2572) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ " بَلَغَتْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا " ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَارِبُوا وَسَدِّدُوا ، فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا ، أَوْ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا " . رواهُ مسلمٌ
قال شيخُ الإسلامِ في " الفتاوى " ( 24 / 375 ) : " وَمَا يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا وَالْبَرْزَخِ وَالْقِيَامَةِ مِنْ الْأَلَمِ الَّتِي هِيَ عَذَابٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى حَتَّى الشَّوْكَةَ يَشَاكُهَا إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ " .
وقال أيضاً ( 7 / 500 ) : " السَّبَبُ الثَّامِنُ : مَا يَحْصُلُ فِي الْقَبْرِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالضَّغْطَةِ وَالرَّوْعَةِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُكَفَّرُ بِهِ الْخَطَايَا " .
وقال أيضا في " منهاج السنَّة " ( 6 / 238 ) : " أن مما يكفِّر السيئات : ما يُبتلى به المؤمن في قبره من الضغطة ، وفتنة الملَكين ".
أما المذنبُ أوالظالمُ فإن تاب من ذنبه أو مظلمته فإن الله يتوبُ عليه .(1/1)
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ " . أخرجهُ أبو داود (4278) ، وأحمدُ (4/410 ، 418) .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده الْمَسْعُودِيّ وَهُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود الْهُذَلِيّ الْكُوفِيّ اِسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيّ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْر وَاحِد .
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ : تَغَيَّرَ فِي آخِر عُمْره فِي حَدِيثه اِضْطِرَاب .
وَقَالَ اِبْن حِبَّان الْبُسْتِيّ : اِخْتَلَطَ حَدِيثه فَلَمْ يَتَمَيَّز فَاسْتَحَقَّ التَّرْك . اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .
وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْحَاكِم وَصَحَّحَهُ وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيّ وَفِي مُقَدِّمَة الْفَتْح عَبْد الرَّحْمَن الْكُوفِيّ الْمَسْعُودِيّ مَشْهُور مِنْ كِبَار الْمُحَدِّثِينَ إِلَّا أَنَّهُ اِخْتَلَطَ فِي آخِر عُمْره .
وَقَالَ أَحْمَد وَغَيْره مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ قَبْل أَنْ يَخْرُج إِلَى بَغْدَاد فَسَمَاعه صَحِيح اِنْتَهَى وَاَللَّه أَعْلَم .(1/2)
وقال الشيخُ شعيب الأرنؤوط في " تخريجِ مسندِ الإمامِ أحمد " (32/454 - 457) : " ضعيفٌ ... " واستقصى طرقَ هذا الحديثِ وقال في آخرِ التخريجِ : " وقد أشار شيخُ الصنعةِ الإمامُ أبو عبد اللهِ البخاري في كتابهِ " التاريخ الكبير " (1/39) بعد أن أورد طرقَ هذا الحديثِ وبيَّنَ ما فيها من اضطرابٍ : والخبرُ عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعةِ وأن قوماً يعذبون ثم يخرجون أكثرُ وأبينُ وأشهرُ . وهذا يدلُ على أن البخاري رحمهُ اللهُ أضاف إلى اضطرابِ السندِ نقد المتنِ وأنهُ مخالفٌ للأحاديثِ الصحيحةِ التي تكادُ تكونُ متواترةً بأن أناساً من أمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يدخلون النارَ ثم يخرجون منها بشفاعةِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم " .ا.هـ.
فالحديثُ لا يثبتُ لأنه مضطربٌ سنداً ومتناً ، ولولا خشيةُ الإطالةِ لنقلتُ تخريجَ الشيخِ كاملاً ، واللهُ أعلم ُ .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
المُعْجِزَةُ المَزْعُومَةُ فِي أَحْدَاثِ بُرْجَيِّ التِّجَارَةِ العَالَمِي فِي إمريكا
للحصول على نسخة من الموضوع على هيئة zip Word
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد :
فقد كثُر السؤال عن ورقة تداولها الناس ، كما نُشر مضمونها في " الشبكة العنكبوتية " ، وحاصلها الربط بين آية من سورة براءة وبين ما حدث لبرجي التجارة في إمريكا .
ومع تهافت محتوى تلك الورقة في ميزان العلم الصحيح إلا أن كثيرا من الناس اغتروا بها ، واعتبروا ذلك من أدلة إعجاز القرآن حيث أخبر عن هذا الأمر قبل وقوعه بما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان !! وفي آخر الورقة حثٌ على تصويرها ونشرها !
وقد عجبت من جُرأة كاتبها على الله وعلى كتابه ، والله يقول : " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " . [ الأعراف : 33 ] ، وقال : " وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . [ يونس : 60 ] ، وقال : " قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ " . [ يونس : 69 ] ، وقال : " إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ " . [ النحل : 105 ] .
ولما كان إيمان السلف رضي الله عنهم وافراً ، وعلومهم راسخة اشتد تحرجهم من القول على الله بلا علم ، وكانوا أبعد الناس عن التكلف ، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ على المنبر : " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " [ عبس : 31 ] فقال : هذه الفاكهة عرفناها فما الأبُّ ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال : إن هذا لهو التكلف يا عمر ! (1) .(1/1)
وفي رواية عن أنس رضي الله عنه قال : كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه أربع رقاع ، فقرأ : " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " [ عبس : 31 ] فقال : فما الأبُّ ؟ ثم قال : إن هذا لهم التكلف !! فما عليك أن لا تدريه ؟ (2)
وهذا ابن عباس حَبْرُ الأمة ، وترجمان القرآن – كما روى عنه ابن أبي مليكة – أنه سُئل عن آية لو سُئل عنها بعضكم لقال فيها ، فأبى أن يقول فيها . (3)
وسأله رجل عن " يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ " [ السجدة : 5 ] فقال له ابن عباس : فما " يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [ المعارج : 4 ] ؟ فقال له الرجل : إنما سألتك لتحدثني !! فقال ابن عباس : هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما ، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم . (4)
وهذا جندب بن عبد الله رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه طلق بن حبيب فيسأله عن آية من القرآن ، فقال : أُحَرِّجُ عليك إن كنت مسلما لَما قمت عني – أو قال - : أن تُجالسني . (5)
ولم يكن هذا الورع والتحرز مقتصراً على الصحابة رضي الله عنهم بل كان خُلُقاً لمن جاء بعدهم من أهل الرسوخ والتُّقى ، فهذا سعيد بن المسيب رحمه الله وهو من خيار علما التابعين يُسئل عن تفسير آية من القرآن فبقول : إنَّا لا نقول في القرآن شيئا . (6)
وذكر عنه يحيى بن سعيد أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن . (7)
وسأله رجل عن آية من القرآن فقال : " لا تسألني عن القرآن ... " (8)
وقال يزيد بن أبي يزيد : كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحرام والحلال وكان أعلم الناس ، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع . (9)
وأخرج ابن جرير عن عبيد الله بن عمر قال : أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير ، منهم سالم بن عبيد الله ، والقاسم بن محمد ، وسعيد بن المسيب ، ونافع . (10)(1/2)
وقال هشام بن عروة بن الزبير : ما سمعت أبي يؤول آية من كتاب الله قط . (11)
وسأل محمد بن سيرين عَبِيْدَةَ السلماني عن آية من القرآن فأجابه بقوله : " ذهب الذين كانوا يعلمون فِيْمَ أُنْزِلَ القرآن . فاتق الله ، وعليك بالسداد . (12)
وهذا إبراهيم النخعي يقول : كان أصحابنا – يعني أصحاب ابن مسعود كعلقمة والأسود وغيرهم من أصحاب ابن مسعود – يتقون التفسير ويهابونه . (13)
وقال الشعبي رحمه الله : والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ، ولكنَّها الرواية عن الله عز وجل . (14) وقال ابن مسروق : اتقوا التفسير ، فإنما هو الرواية عن الله . (15)
وهذا شيح الإسلام ابن تيمية مع تَبَحُّرِهِ في العلم وسعة اطلاعه حتى إنه إذا سُئل عن فن ظن الرائي والسامع أنه لا يَعرف غير ذلك الفن ، وحَكَم بأن لا يعرفه أحد مثله ، وله يد طُولَى في التفسير مع قوة عجيبة في استحضار الأدلة من الكتاب والسنة (16)، فمع هذا كله كان رحمه الله يقول : ربما طالعت الآية الواحدة نحو مائة تفسير ، ثم أسأل الله الفهم وأقول : يا معلم آدم وإبراهيم علمني ، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأُمَرِّغ وجهي في التراب ، وأسأل الله تعالى وأقول : يا معلم إبراهيم فهمني . (17)
وهذا طرف يسير من شدة تحرزهم في الكلام على التفسير ، وأما ما ورد عنهم من عظم الورع في الفتيا والجواب على المسائل الموجهة إليهم فهذا أمر يطول وصفه ولا تحتمله هذه المقدمة . (18)
وبعد هذا أقول : أين حال هؤلاء المجترئين على الله تعالى من حال هؤلاء السلف رضي الله عنهم ؟
وأما الرد على مضمون تلك الورقة المشار إليها فمن ثمانية أوجه هي :
الأول : أن مدار هذه الفرية يعود إلى ما يسمونه بـ ( الإعجاز العددي في القرآن ) .(1/3)
وهذا النوع من الإعجاز باطل جملة وتفصيلا ، إذ لم يكن معهوداً لدى المخاطبين بالقرآن من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم ، وهم أعلم الأمة بكتاب الله ، وأبرها قلوباً ، وأكثرها صواباً ، فلم يُنقل عن أحد منهم بإسناد صحيح شيء من هذا القبيل إطلاقا ، ولو كان هذا من العلم المُعتبر لكانوا أسبق الناس إليه ، وأعلم الأمة به ، وذلك أن هذا الأمر لا يتطلب آلات وتقنيات حتى يتمكن الإنسان من اكتشافه ، وإنما هو مجرد إحصاء وعدد ، وهذا أمرٌ لا يُعْوِزُ أحداً ، وقد عَدَّ السلفُ جميع كلمات القرآن ، وجميع حروفه ، وعرفوا بذلك أعشاره ، وأرباعه ، وأثلاثه ، وأخماسه ، وأسداسه ، وأسباعه ، وأثمانه ، وأتساعه ، وأنصاف ذلك كله ، وغير ذلك بدقة متناهية كما هو معروف في محله . (19)
فكيف خفي عليهم هذا العلم جملة وتفصيلا وعرفه من بعدهم ؟
هذا لا يكون أبداً ، وما يذكره بعضهم من أمثلة على هذا الإعجاز المزعوم كثير منه لا يصح فيه العد أصلاً – كما في موضوعنا هذا كما سيأتي – وما كان العَدُّ فيه صحيحاً فإن ما يُذكر معه إنما هو من باب الموافقة والمصادفة ، ولا يَعْجَزُ الإنسان إذا أحصى أموراً كثيرة مما ورد في القرآن – مثلاً – كعدد المرات التي ذُكرت فيها الجنة ، والنار ، والبر ، والأبرار ، والخير ، والشر ، والنعيم ، والجزاء ، والعذاب ، والمحبة ، والبغض ، والكفار ، وأصحاب الجنة ، وأصحاب النار ، والمؤمنون ، والكفار ، والمنافقون ، والكفر ، والإيمان ، والنفاق ... إلخ .
فإذا أحصيت ذلك كله ستجد أشياء منه تستطيع أن تلفق منها بعض الفِرَى ، فقد تتساوى بعض الأعداد ، أو يكون بعضها على النصف بالنسبة لغيره ، وهكذا مما لا يعجز معه أهل التلبيس من إيجاد وجوه للربط بينها يطرب لها بعض السذج والمغفلين .
وليس المقصود هنا التفصيل فيما يُسمى بـ ( الإعجاز العددي ) وإنما المقصود الإشارة إلى بطلان هذا الأمر الذي تدور حوله تلك الورقة المشار إليها . (20)(1/4)
الثاني : زعم هذا الكاتب أن رقم السورة - وهو تسعة – موافق للشهر الذي وقع فيه الحدث ، وهو الشهر التاسع .
والجواب عن هذا لا يخفى إذ إن ترتيب السور في المصحف لم يكن عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما كان عن اجتهاد صدر عن الصحابة رضي الله عنهم في زمن عثمان رضي الله عنه حينما جمع الناس على مصحف واحد (21) . وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز أن يُرتب على هذا الترتيب للسور استنباطات في المعاني ولا غيرها ، ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم قبل جمع عثمان رضي الله عنه للمصاحف كانوا يتفاوتون في ترتيب مصاحفهم ، فبعضهم كان يرتب السور حسب النزول ، وبعضهم على غير ذلك ، وبهذا تعرف قيمة ما بناه ذلك الكاتب على هذا الرقم (9) .
الثالث : زعم كاتب الورقة أن سورة براءة تقع في الجزء الحادي عشر من أجزاء القرآن الكريم ، وأن هذا يوافق اليوم الذي وقع فيه الحدث ، وهو اليوم الحادي عشر .
والجواب عن هذا يتبين مما قبله ، إذ لو لم تُرتب السور في المصحف على هذا الترتيب الذي أجمع عليه أصحاب النبي صلى الله عليه زمن عثمان رضي الله عنه لما وقعت السورة في الجزء المشار إليه .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى نقول : إن تجزئة القرآن على ثلاثين جزءاً لم تكن معروفة زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة ، لا في زمن عثمان رضي الله عنه ولا قبله ولا بعده ، وإنما وقع ذلك بعدهم ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يحزبون القرآن بطريقة أُخرى حسب السور على النحو التالي :
1 – السبع الطوال . 2 – المئين . 3 – المثاني . 4 – المفصل .
ولا شك أن هذا الترتيب الذي كانوا عليه أدق وأفضل ، إذ إن ترتيب القرآن على الأجزاء يفضي إلى انتهاء الجزء قبل تمام المعنى ، حيث يفصل بين أجزاء الموضوع الواحد .(1/5)
أما طريقة الصحابة رضي الله عنهم فهي – كما سبق – على السور ، وبناء على ذلك تكون المعاني تامة . وإذا كان الأمر كذلك فليس لأحد أن يتمسك برقم الجزء الذي وقعت فيه السورة ليربط بينه وبين أمر آخر ليخرج لنا بمعنى كهذا .
الرابع : في البداية كانت الآية التي تعلق بها الكاتب هي الآية رقم (110) من سورة التوبة ، وهي قوله تعالى : " لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " وإنما تعلق بهذه الآية لتوافق عدد الأدوار في الأبراج حيث تبلغ هذا العدد ، ولكن مضمون الآية لا يساعده ، وإنما المناسب أن تكون الآية التي قبلها وهي (109) وذلك قوله تعالى : " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ... " ثم رأيت في الأوراق المنشورة مؤخراً الإحالة إلى هذه الآية (109) لكن هذه يتطلب كذبة إضافية لحبك الدعوى ، ولم يتطلب هذا من الكاتب كبير جهد حيث زعم أن عدد الأدوار (109) فأسقط دوراً ليوافق ذلك مُدَّعاه ، وهذا من أعجب الأمور !! ولا أدري كيف يسمح الناس لمثل هذا أن يستخف بعقولهم إلى هذا الحد ؟(1/6)
الخامس : أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي ، وهو حساب متوارث عن أُمم وثنية ، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة ، وهو الأدق والأضبط ، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر والأهلة حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ . (22) وهذا لا يعرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهلة ، ويدل عليه أيضا الحديث المخرج في الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى ... الحديث . (23) ، وقد صرح الحافظ رحمه الله أنهم كانوا لا يعتبرون الحساب بالشمس (24) .(1/7)
وقال ابن القيم رحمه الله تعليقا على قوله تعالى : " هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ " [ يونس : 5 ] ، وقوله تعالى : " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ . وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ " [ يس : 38-39 ] : ولذلك كان الحساب القمري أشهر وأعرف عند الأمم وأبعد من الغلط ، وأصح للضبط من الحساب الشمسي ، ويشترك فيه الناس دون الحساب ، ولهذا قال تعالى : " وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ " [ يونس : 5 ] ولم يقل ذلك في الشمس ، ولهذا كانت أشهر الحج والصوم والأعياد ومواسم الإسلام إنما هي على حساب الشمس وسيرها حكمة من الله ورحمة وحفظا لدينه لاشتراك الناس في هذا الحساب ، وتعذر الغلط والخطأ فيه ، فلا يدخل في الدين من الاختلاف والتخليط ما دخل في دين أهل الكتاب (25) .
وربما يُفهم من العبارة الأخيرة لابن القيم رحمه الله أن أهل الكتاب كانوا يعتمدون الحساب بالشمس ، وهذا قد صرح الحافظ ابن حجر رحمه الله برده بعد أن نسبه لابن القيم (26) .(1/8)
والواقع أنه لم يكن معتبرا في شرعهم وإنما وقع لهم بعد ذلك لدى جهلتهم ، ويؤيده ما أخرجه الطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : " لَيْسَ يَوْم عَاشُورَاء بِالْيَوْمِ الَّذِي يَقُولهُ النَّاس , إِنَّمَا كَانَ يَوْم تُسْتَر فِيهِ الْكَعْبَة , وَكَانَ يَدُور فِي السَّنَة , وَكَانُوا يَأْتُونَ فُلَانًا الْيَهُودِيَّ - يَعْنِي لِيَحْسِبَ لَهُمْ - فَلَمَّا مَاتَ أَتَوْا زَيْدَ اِبْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلُوهُ " (27) وقد فسره الحافظ رحمه الله بما نقله من كتاب " الآثار القديمة " للبيروني ما حاصله : أن جهلة اليهود يعتمدون في صيامهم وأعيادهم حساب النجوم ، فالسنة عندهم شمسية لا هلالية . قال الحافظ : فَمِنْ ثَمَّ اِحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يَعْرِف الْحِسَاب لِيَعْتَمِدُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (28) .
السادس : أن الآية المشار إليها تتحدث مع ما قبلها وبعدها عن مسجد الضرار الذي بناه المنافقون ، ورَبْطها بالحدث الجديد تلاعب بكتاب الله تعالى ، وتحميل له ما لا يحتمل إطلاقا من أي وجه من وجوه الدلالة المعروفة لدى العلماء . وهذا أمر أوضح من أن يشرح .
السابع : زعم كاتب الورقة أن عدد الحروف من بداية السورة إلى الآية (109) = (2001) حرفا .
وهذا إضافة إلى الأوجه السابقة الدالة على عدم الاعتداد به فإنه كذب محض ، ذلك أن كل وجهين ( صفحتين ) من المصحف الكريم تحويان ما يقرب من ألف حرف ، وعدد الأوجه من أول السورة إلى الآية المشار إليها يبلغ (17.5) تقريبا ، فإذا اعتبرت هذا العدد عرفت البون الشاسع بين ما ذكره الكاتب وبين الحقيقة ؛ ولذا رأيت في بعض طبعات تلك الورقة المعدلة أن هذا الرقم (2001) هو عدد الكلمات من أول السورة إلى الآية المشار إليها ، وهذا أيضا غير صحيح ذلك أن العدد الحقيقي للكلمات هناك يزيد على (2920) كلمة .(1/9)
وإذا أحسنَّا الظن بالكاتب قلنا إنه لا يحسن العَدَّ ، ذلك أن الكلمة عند أهل العربية على ثلاثة أقسام :
1 – الاسم .
2 – الفعل .
3 – الحرف الذي جاء لمعنى نحو : من ، على ، إلى ، والباء وغيرها من حروف الجر وما في حكمها ، وهكذا الضمائر سواء كانت متصلة أو منفصلة فإنها تُعد كلمات أيضا .
الثامن : زعم الكاتب أن المركز المشار إليه يقع على شارع اسمه : " جرف هار " .
وهكذا كذب مُلَفَّق ، وقد سألت من يعرفون تلك البلاد فلم يعرفوا هذا الاسم ، كما اطلعت على بعض المعلومات والخرائط التي توضح الموقع وما حوله عبر الشبكة العنكبوتية ، وليس لهذا الاسم ذكر في شيء من ذلك .
ثم لو فرضنا جدلا أن هذا هو الاسم الحقيقي لشارع فنقول : إن هذا الاسم أعجمي ، والقرآن بلسان عربي مبين ، ومعلوم أن الألفاظ قوالب المعاني ، وإنما تُفَسَّر الألفاظ بحسب ما وُضِعَت له من المعاني في اللغة التي تضاف إليها ، فكم من لفظة أعجمية توافق لفظا كلمة عربية وتناقضها في معناها ومدلولها ، ولا يقول أحد له أدنى مسكة من عقل بأن هذه الألفاظ المتوافقة في مجرد اللفظ أنها تُحمل على مدلول واحد .
ومعلوم أن ( الجرف ) في العربية هو المكان الذي يأكله السيل (29) .
وأما ( الهار ) فإن أصل الكلمة هذه الكلمة يدور على معنى واحد وهو السقوط والانهدام (30) .
ولا يبعد على هذا الكاتب وأمثاله أن يخرج علينا باستنباط جديد بعد أن عرف معنى هاتين الفظتين في لغة العرب ، وهو أن يقول بأن المبنى المشار إليه يمر بجانبه نهر ، فهو يقع على ضفافه وبالتالي فهو على جرف هار ، والدجل ليس له حد ينتهي إليه .(1/10)
وفي الختام أنبه القارىء الكريم أن المقصود الأهم من كتابة هذه الورقات إنما هو التنبيه على حال هذه المُخْتَلَقَات وهي كثيرة ومتنوعة وذلك بعرضها على ميزان العلم فينكشف أمرها ، وهذا الذي بين يديك يمكنك أن تعتبر به حال كثير مما يمر بك مما قد يستهوي بعض السذج والبسطاء ، والله الموفق .
كتبه
د . خالد بن عثمان السبت
2/3/1423 هـ
---
الحاشية :
(1) إسناده صحيح . أخرجه أبو عبيد (1/58) ، وابنُ أبي شيبة (10/512 – 513) ، وسعيد بن منصور في تفسيره (1/181) ، والحاكم (2/514) ، والبيهقي في الشعب (2084) .
(2) إسناده صحيح . أخرجه عبد بن حميد في تفسيره كما في الفتح (13/271) ، وابن سعد (3/327) ، وابن جرير (30/60-61) ، والبيهقي في الشعب (2084) ، وأصله في البخاري مختصرا .
(3) إسناده صحيح . أخرجه ابن جرير .
(4) إسناده صحيح . أخرجه أبو عبيد ، وابن جرير .
(5) إسناده صحيح . أحرجه ابن جرير . ولعل السائل أورد عليه مسألة مُتَكَلَّفَة ، وإلا فمن المعلوم أن السؤال عما يعني في التفسير وغيره أمرٌ غير مُسْتَنكَر .
(6) إسناده صحيح . أخرجه ابن جرير ، وابن سعد .
(7) إسناده صحيح . أخرجه أبو عبيد ، وابن جرير .
(8) إسناده صحيح . أخرجه أبو عبيد ، وابن جرير ، وابن أبي شيبة .
(9) إسناده صحيح . أخرجه ابن جرير .
(10) إسناده صحيح .
(11) إسناده جيد . أخرجه أبو عبيد .
(12) إسناده صحيح . أخرجه أبو عبيد ، وابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور ، والبيهقي في الشعب .
(13) إسناده صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة ، والبيهقي في الشعب ، وأبو نعيم في الحلية .
(14) إسناده صحيح . أخرجه ابن جرير .
(15) إسناده صحيح . أخرجه أبو عبيد .
(16) انظر : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية ص 706 .
(17) العقود الدرية ص 26، وهو في الكواكب ص 78 .
(18) للتوسع انظر على سبيل المثال : سنن الدارمي (1/53) فما بعدها ، الموافقات (4/286) .
((1/11)
19) انظر في ذلك على سبيل المثال : فنون الأفنان لابن الجوزي ص 245 فما بعدها ، البرهان للزركشي (1/249) ، الإتقان للسيوطي (1/197) ، جمال القراء للسخاوي (1/231) .
(20) ورأيت بعضهم يحتج له بأن الله جعل خزنة النار تسعة عشر .
وهذا لحكمة يعلمها الله تعالى ولكن ما وجه الإعجاز في ذلك ؟ وهكذا سائر الأعداد المذكورة في القرآن كابواب النار وغير ذلك وسيكون بيان ذلك كله – إن شاء الله – في غير هذه الورقات عند الكلام على التفسير العلمي للقرآن .
(21) مع أننا نقول في الوقت نفسه : إن هذا الترتيب وقع عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم في زمن عثمان رضي الله عنه ، فينبغي اتباعه في طباعة المصاحف ، ولا تصح مخالفته .
(22) أخرجه أحمد (4/107) ، والبيهقي في السنن (9/188) ، وسنده حسن ، وذكره الألباني في الصحيحة (1575) .
(23) أخرجه البخاري (2004) ، ومسلم (1130) .
(24) انظر : الفتح (4/291) ، وانظر (7/323) .
(25) مفتاح الدار السعادة ص 538 – 539 .
(26) انظر : الفتح (7/323) .
(27) قال في الفتح (4/248) : وسنده حسن " .
(28) السابق ، وللتوسع في هذا الحساب راجع : صبح الأعشى (2/382-401) .
(29) انظر : المفردات للراغب ( مادة : جرف ) .
(30) انظر : المقاييس في اللغة ، كتاب الهاء ، باب الهاء والواو وما يثلثها .
نقله عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/12)
المواقع الحوارية ما لها وما عليها
الجزء الأول
http://www.nawafith.net/Sound_nawa/muntada1.rm
للحفظ
http://www.nawafith.net/Sound_nawa/muntada1.rm
الجزء الثاني
http://www.nawafith.net/Sound_nawa/muntada2.rm
للحفظ
http://www.nawafith.net/Sound_nawa/muntada2.rm
لقاء في إذاعة القرآن الكريم في أبو ظبي ..23&24
http://www.nawafith.net/archives_nawafith/archives_nawafith.htm
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
برنامج إضاءات ؟ هل حققَ إضاءاتٍ أم ظلماتٍ ؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
تركي الدخيل ... اسم قُرن ببرنامجٍ يقدمهُ في قناةٍ هابطةٍ ، وسماهُ " إضاءات " ، وفكرةُ البرنامجِ أن تركي الدخيل يستضيفُ في كل أربعاء ضيفاً ، ويطرحُ عليه بعضَ الأسئلةِ التي تتأقلمُ مع فكرِ الضيفِ ، ومنذ بث البرنامجِ وهو يستضيفُ العلماني ، والليبرلي ، والساقطَ ، والسافرةَ ، والصوفي ، والرافضي ، والمفكر الإسلامي ، والنكرة الغير معروف ، خليطٌ من المترديةِ والنطيحةِ وما أكل السبعُ ، ونشرٌ لأفكارهم وتلميعٌ لبعضهم كيداً بالمجتمع - زعموا - .
ولنا مع البرنامجِ وصاحبِهِ وقفاتٌ :
الوقفةُ الأولى :
البرنامجُ ليس لهُ هدفٌ مرجو ... البرنامجُ مجردُ إثارةٍ فقط ... البرنامجُ نشرٌ لأفكارِ زبالةِ المجتمعِ من ليبرلي وعلماني وصوفي ورافضي ومتحلل وسافرة ... وسلسلةٌ لا تنتهي من غيرِ ردٍّ على أفكارهم المنحرفةِ وشبههم المثارةِ ، بل على العكسِ تماماً تلميعٌ لأفكارهم ، وكأنهم يمثلون شريحةً كبيرةً في المجتمعِ ، وإنما هم شرذمةٌ قليلون حقدوا على المجتمعِ ، بسببِ تمسكهِ بدينهِ وقيمهِ .
والسمةُ الغالبةُ على البرنامجِ استضافةُ المنحرفين فكرياً وعقدياً ، ومن آخرها استضافتهُ لتلك المرأةِ الساقطةِ ، والجلوسِ معها ، والكلامِ عن أمرٍ ذكرهُ اللهُ في كتابهِ وألزم النبي صلى اللهُ عليه وسلم به نساء المؤمنين ، وهو الحجابُ .
الوقفةُ الثانيةُ :
مقدمُ البرنامجِ تركي الدخيل - هداه الله - دخيلٌ على كل تخصصٍ ، ولا مانع لديه من اقتحامِ حمى الشرعِ أو قولِ أي شيءٍ على حساب دينه ما دام هناك ردود أفعالٍ قويةٍ ، وإن تعجب فعجبٌ أمر تركي الدخيل ، درس في جامعة الإمام محمد بن سعود ، كلية أصول الدين ، قسم السنة ، فلم يستفد من العلمِ الذي درسهُ ، واللهُ المستعانُ .(1/1)
رجلٌ حبُّ الشهرةَِ قصمهُ باستضافتهِ للعلماني والليبرلي والصوفي والرافضي وغير ذلك ، وحبُّ الشهرةِ على حسابِ الدينِ ونشرِ الرذيلةِ والأفكارِ المنحرفةِ والعقائدِ الكفريةِ سمةٌ من سماتِ الأزمانِ المتأخرةِ ، وقد حذر السابقون من خطرِ الشهرةِ .
قَالَ أَيُّوْبُ : " مَا صَدَقَ عَبْدٌ قَطُّ ، فَأَحَبَّ الشُّهرَةَ " .
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : قَالَ لِي سُفْيَانُ : " إِيَّاكَ وَالشُّهْرَةَ ، فَمَا أَتَيْتُ أَحَداً إِلاَّ وَقَدْ نَهَى عَنِ الشُّهرَةِ " .
وعلق الإمامُ الذهبي على عبارةِ : " مَا صَدَقَ عَبْدٌ قَطُّ ، فَأَحَبَّ الشُّهرَةَ " ، فقال : " قُلْتُ : عَلاَمَةُ المُخْلِصِ الَّذِي قَدْ يُحبُّ شُهرَةً ، وَلاَ يَشعُرُ بِهَا ، أَنَّهُ إِذَا عُوتِبَ فِي ذَلِكَ ، لاَ يَحرَدُ وَلاَ يُبرِّئُ نَفْسَه ، بَلْ يَعترِفُ ، وَيَقُوْلُ : رَحِمَ اللهُ مَنْ أَهدَى إِلَيَّ عُيُوبِي ، وَلاَ يَكُنْ مُعجَباً بِنَفْسِهِ ؛ لاَ يَشعرُ بِعُيُوبِهَا ، بَلْ لاَ يَشعرُ أَنَّهُ لاَ يَشعرُ ، فَإِنَّ هَذَا دَاءٌ مُزْمِنٌ " .
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ ، قَالَ : " أَدْنَى السُّكُوتِ السَّلاَمَةُ ، وَكَفَى بِهِ عَافِيَةً ، وَأَدْنَى ضَرَرِ المَنْطِقِ الشُّهرَةُ ، وَكَفَى بِهَا بَلِيَّةً " .
وَعَنْ بِشْرٍ : " مَا اتَّقَى اللهَ مَنْ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ " .
وَقِيلَ عَمَّنْ مَضَى : " مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ يُتَّهَمُ " ، وَفِي رِوَايَةٍ : " مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهَمِ فَلَا يَأْمَنْ مِنْ إسَاءَةِ الظَّنِّ بِهِ " .
وقيل : " حب الظهورِ يقصمُ الظهور " .
وقد قال الخطيبُ البغدادي : " مَنْ صَنَّفَ ، فَقَد جَعلَ عقلَه عَلَى طَبَقٍ يَعْرِضُه عَلَى النَّاسِ " ، فهذا فيمن صنف كتاباً ، فكيف بمن يستضيفُ زبالةَ المجتمعِ ؟!
ونحن نقولُ : " من استضاف أمثال من يستضيفهم الدخيل فقد استباح عرضه " .(1/2)
وقد يقولُ قائلٌ : إن الشهرةَ أمرٌ قلبي ولا يعلمُ به أحدٌ " ، نقولُ : " نعم ؛ ولكن لهُ علاماتٌ تظهرُ على محبها " ... حبُ الأضواءِ مرضٌ خطيرٌ يا تركي الدخيل فاخذر منه ، وقبل ذلك احذر من الوقوفِ بين يدي اللهِ عن برنامجك الذي نشرت فيه من الأفكارِ الهدامةِ والعقائدِ المنحرفة ما ستتحمل وزرها يوم القيامةِ ولا شك .
وأنا أقترحُ على تركي الدخيل أن يسميهِ " ظُلمات " اقتباسٌ من قولهِ تعالى : " ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ " .
وأنا أخشى أن يكونَ حالُ الدخيلِ كحالِ ذلك الرجلِ الذي بال في بئرِ زمزم ... والقصةُ معروفةٌ .
وختاماً : أخي القارىء لمقالي هذا ضع ما لديك من ملحوظاتٍ على البرنامجِ .
نسألُ اللهَ الهدايةَ لتركي الدخيل ، وأن يردهُ إلى الحق رداً جميلاً .
وأنا أعلمُ أن البعضَ لن يعجبهُ كلامي ، ولكن تركي الدخيل جاوز الحدَّ ، وأبعد النجعة ، فلا بد من بيانِ ما جاوزه .
قال تعالى : " أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً " .
وقال تعالى : " أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ " .
---
كتبتُ في مقالٍ لي عن أبي الهش موقفنا من المجاهرِ بالمعاصي من جهةِ من عمّ فسادهُ وشرهُ ، ويدخلُ في هذا البابِ ما يقومِ به تركي الدخيل ، فهو يستضيفُ أربابَ الفسقِ والمجونِ والأفكارِ الهدامةِ والمنحرفةِ ، وفعله شرٌ واضحٌ ولو طبل لهُ من طبل ، وأيدهُ على باطله من أيد ، وأنقلُ ما ذكرهُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمهُ الله .(1/3)
فالمغني المسلم المجاهر بمحونه وفسقه أو صاحب ستار أكاديمي ، أو غيرهما ليس لنا أن نظهر للناس حبنا له بما عنده من أصل الإيمان ، أو بعض طاعاته كالصلاة والصيام والحج لأن هذا غشا للمسلمين وتلبيسا للحقائق وترويجا للباطل والحالة هذه لو ذكرنا حبنا لأهل الفساد والمجون بما عندهم من طاعات مغمورة ، وتجاهلنا ما عندهم من شر ظاهر وفساد عريض لعطلنا قضية الولاء والبراء في قلوب المسلمين ، ولبَّسْنَا الحقَّ بالباطل ، وعندها ستندرس كبريات قضايا أصولِ الدينِ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (15/286) : " ولهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة ، كما روي عن الحسن البصري وغيره ، لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له ، وأدنى ذلك أن يذم عليه ، لينزجر ويكف الناس عنه وعن مخالطته ، ولو لم يذم ويُذكرْ بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغْتَرَّ به الناس ، وربما حَمَلَ بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه ، ويزدادُ أيضا هو جرأة وفجورا ومعصية ، فإذا ذُكِرَ بما فيه انْكَفَّ وانْكَفَّ غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته قال الحسن البصري : أترغبون عن ذكر الفاجر ؟ اذكروه بما فيه كي يحذره الناس " .ا.هـ.
فكيف لو رأى شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ ما يقدمهُ تركي الدخيل في قناةٍ فاسدةٍ ، ويستضيفُ فيها من أربابِ الأفكارِ المنحرفةِ والهدامةِ والفسقِ والمجونِ لنشرها بين الناس بحجةِ الرأي والرأي الآخر - زعموا - ؟!
إلى جانبِ أن برنامجهُ ليس لهُ هدفٌ سوى الإثارة والشهرة ، فالدخيل كلما رأى المجتمعَ يثارُ فيه كلامٌ عن شخصيةٍ معينةٍ فإنه في الأسبوعِ الذي بعدهُ يستضيفهُ مباشرةً ، وهذا ما حصل مع هيفاء المنصور ومن قبلها ، ولا ندري ربما نرى قريباً أبا الهشِ في قناةِ العربيةِ في برنامجِ " ظلمات " للدخيلِ ، نسألُ اللهَ لهُ الهدايةَ .
---(1/4)
ومصداقُ ذلك من كتابِ اللهِ قولهُ تعالى : " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ " [ الرعد : 17 ] .
قال ابنُ كثيرٍ : " كَذَلِكَ يَضْرِب اللَّه الْحَقّ وَالْبَاطِل " أَيْ إِذَا اِجْتَمَعَا لَا ثَبَات لِلْبَاطِلِ وَلَا دَوَام لَهُ كَمَا أَنَّ الزَّبَد لَا يَثْبُت مَعَ الْمَاء وَلَا مَعَ الذَّهَب وَالْفِضَّة وَنَحْوهمَا مِمَّا يُسْبَك فِي النَّار بَلْ يَذْهَب وَيَضْمَحِلّ وَلِهَذَا قَالَ" فَأَمَّا الزَّبَد فَيَذْهَب جُفَاء " أَيْ لَا يُنْتَفَع بِهِ بَلْ يَتَفَرَّق وَيَتَمَزَّق وَيَذْهَب فِي جَانِبَيْ الْوَادِي وَيُعَلَّق بِالشَّجَرِ وَتَنْسِفهُ الرِّيَاح وَكَذَلِكَ خَبَث الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد وَالنُّحَاس يَذْهَب وَلَا يَرْجِع مِنْهُ شَيْء وَلَا يَبْقَى إِلَّا الْمَاء وَذَلِكَ الذَّهَب وَنَحْوه يُنْتَفَع بِهِ وَلِهَذَا قَالَ " وَأَمَّا مَا يَنْفَع النَّاس فَيَمْكُث فِي الْأَرْض كَذَلِكَ يَضْرِب اللَّه الْأَمْثَال " كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ " .ا.هـ.
وفي نفسِ الوقتِ لا بد من البيانِ وتحذيرِ الناسِ مما يؤثرُ على عقيدتهم وفكرهم .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/5)
بعد صلاةِ العيدِ ... خبرٌ نزل علي كالصاعقةِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
صليتُ العيدَ مع جماعةِ المسلمين ، ورجعتُ إلى البيتِ ، وإذ بجرسِ الهاتفِ يرنُ ...
قلتُ في نفسي : ربما والدتي أو أحدُ أقاربي يريدُ أن يباركَ لي بالعيدِ ، رفعتُ السماعةَ ...
قال المتصلُ : السلامُ عليكم ورحمةُ اللهُ وبركاتهُ .
قلتُ : وعليكم السلامُ ورحمةُ الله وبركاتهُ ... من معي .
أجاب : أبو سعد .
قلتُ : حياك اللهُ يا أبا سعدٍ .
قال لي : كل عام وأنت بخيرٍ ، وتقبل اللهُ طاعتك .
أجبتهُ : وأنت كذلك ...
صوتُ أبي سعد ليس كعادتهِ ، صوتٌ فيه حشرجةٌ ، صوتٌ يخرجُ بصعوبةٍ ... وفجأة قال لي الخبرَ ...
عبدُ الله ... مات ... ماذا ؟؟؟ !!!!
لم أصدق ... لم أصدق ... لم أصدق ... تلعثمتُ ، وهالني الخبرُ ... رددتُ عليه الاسم : عبد الله قطري ... أكيد يا أبا سعد .
قال لي : سيصلى عليه صلاة العصر في مسجد ... ، والعبراتُ تخنقهُ ، وبدأت أسمعُ له أزيزاً كأزيزِ المرجلِ من البكاءِ .
ثم قال لي : أخبرِ الشبابَ ... وسلم ... وأغلق السماعةَ وهو يبكي ...
تفكرتُ قليلاً ، لم أصدق !!! لم أفق من شدةِ الخبرِ ... عبد الله قطري مات ...
رجلٌ في مقتبلِ العمرِ ، يمتلىءُ حيويةً ونشاطاً ، رجلٌ رياضي ويمارسُ الرياضةَ منذ صغرهِ ، كان ذا قلبٍ طيبٍ ، ونفسٍ لا تحقدُ على أحدٍ ، ويحبهُ الشبابُ كثيراً .
اتصلتُ بمن أعرفهم من الشبابِ لأخبرهم الخبرَ ... اتصلتُ بالأولِ لم يصدق ... اتصلتُ بالثاني لم يصدق ... اتصلتُ بالثالث بكى ...
فكرتُ قليلاً وقلت : أتصلُ بأخيه لأستيقن الخبرَ ... وإذ هو يردُ علي وتأكدتُ حينئذٍ لم أتمالك نفسي من البكاءِ في الجوالِ ... لم استطع التكلم ... كانت الكلماتُ تخرجُ بصعوبةٍ ... سألتهُ كيف مات ؟ قال لي : إنه لديهِ ضعفٌ في القلبِ ... وسيصلى عليه صلاة العصر في مسجدِ ...
لم استطع أن أكملَ الحديثَ معه ... سلمتُ وأغلقتُ الجوال ... وبكيتُ(1/1)
لا نقولُ إلا ما يرضي الرب ... إنا للهِ وإنا إليه راجعون ....
رحمك اللهُ يا عبد الله رحمةً واسعةً ، وألهم والديك وإخوانك وزوجتك الصبر والسداد
نسألُ اللهَ أن تكونَ له خاتمةُ خيرٍ ، بعد أن صامَ معنا رمضانَ .
أين نحنُ من مثلِ هذه العبرِ والمواقفِ التي تهزُ قلوبَ أهلِ الإيمانِ ؟؟
ربنا إنا نسألك حسنَ الخاتمةِ
قد يقولُ البعضُ : وما لنا نحنُ بهذا الموضوعِ ؟
أقولُ : لتذكيرِ نفسي أولاً ، ولإخواني ثانياً ، وأن هادمَ اللذاتِ لا يعرفُ صغيراً ولا كبيراً ، ولا شيباً ولا شباباً .
فماذا قدمنا لأنفسنا إذا حضر الموتُ ؟؟؟؟
قال تعالى : " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ " [ آل عمران : 185 ]
يُخْبِر تَعَالَى إِخْبَارًا عَامًّا يَعُمّ جَمِيع الْخَلِيقَة بِأَنَّ كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت كَقَوْلِهِ تَعَالَى " كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام " فَهُوَ تَعَالَى وَحْده الَّذِي لَا يَمُوت وَالْجِنَّ وَالْإِنْس يَمُوتُونَ وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَة وَحَمَلَة الْعَرْش وَيَنْفَرِد الْوَاحِد الْأَحَد الْقَهَّار بِالدَّيْمُومَةِ وَالْبَقَاء فَيَكُون آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَهَذِهِ الْآيَة فِيهَا تَعْزِيَة لِجَمِيعِ النَّاس فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَد عَلَى وَجْه الْأَرْض حَتَّى يَمُوت
---
جزاكم اللهُ خيراً على الدعاءِ لأخينا ، وهو بحاجةٍ إلى الدعاءِ
شهدنا بالأمس الصلاةَ عليه ، ثم توجهنا إلى المقبرةِ لدفنهِ ، وقد كان الإخوان يعزون بعضاً ، ورأيت وسمعتُ البكاءَ بين الشبابِ في المقبرة ، وكانت المقبرةُ مليئةً لشهودِ دفنهِ .
الأخ أنيس
رجع من عملهِ ، وشعر بألمٍ في صدره ، وأُخذ إلى المستشفى ، ومات هناك رحمهُ اللهُ
نسألُ اللهُ أن يرحمهُ رحمةً واسعةً
ولا تنسوهُ من الدعاءِ
---
الأخ أنس(1/2)
جمعني ليلة البارحة مجلسٌ مع إخوانهِ ، وسألتُ أحدهم عن موتهِ ، فقال لي : رجع من العملِ بعد المغرب ، ثم قال : إنه متعبٌ وسينام ، ونام إلى الساعةِ الثانيةِ أو الثانية والنصف - الوهم مني - ثم قام فشعر بألم في صدره ومشى إلى بابِ البيت وسقط ، فسمعت زوجتهُ سقوطه ، فجاءت إليه وهو يغرغر ، فطرقت الأبوابَ من حولها ، ونادت إخوانها لأنهم يسكنون بجوارها ، واتصلوا بالهلال الأحمر ، وأخذ إلى المستشفى ، ولكنه قد مات - رحمه الله رحمة واسعة - .
هذه قصةُ موتهِ أخذتها من في أخيه .
اللهم اغفر وارحم عبدك عبد الله
---
وصلتني رسالةٌ من الأخِ الأكبرِ لعبدِ اللهِ القطري ، وهو الأخُ خالد - جزاهُ اللهُ خيراً - ، وطلب مني نشرها هنا ، وإليكم نصُ الرسالةِ :
أخواني الأعزاء
بادئ ذي بدء الحمد لله الذي أكرمنا بأن استودعنا عبد الله ليكون فردا من العائلة والحمد لله الذي استرد وديعته في وقت مبارك بعد انتهاء شهر رمضان .
بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن العائلة أتقدم بأكبر آيات العرفان و الشكر على مواساتكم لنا في مصابنا الكبير. لقد كان عبد الله أخاً للجميع قريباً من الجميع باراً بالجميع مشاركاً للجميع في أفراحهم و أتراحهم وقد ظهر عياناً بياناً أثر ذلك في الأيام القليلة السابقة حيث غمرنا بمشاعر لا يمكن أن أصفه مما كان له أكبر الأثر على تخفيف مصابنا. لقد أحسسنا أن عبد الله لم يكن ابنا وأخاً لنا فقط إنما كان ملكا لكل الناس.
دعواتنا لله عز و جل أن يرحم عبد الله رحمة واسعة ونسأله بعفوه أن يزحزحه عن النار و بكرمه أن يدخله الجنة و بجوده أن يسكنه الفردوس الأعلى و أن نلقاه ومحبيه و المسلمين أجمعين هناك . إنه سميع مجيب وانا لله وانا اليه راجعون .
أخوكم
خالد احمد القطري
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
بعضُ أحكامِ المجاهرين بالمعاصي - أبو الهش مثالاً
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
أمرُ بعضِ الناسِ غريبٌ !
عندما ظهر أبو الهشِ - كما يلقبونهُ - مع الأميرِ الوليدِ بنِ طلالٍ وهما يصليانِ في مزرعةِ الأميرِ رفع البعضُ عقيرتهُ وبدأ يتكلم عن التكفيرِ ، ويقولُ : " كيف يُكفرُ أبو الهشِ وهو يصلي كما ظهر في الفلم ؟ " ، والحقيقةُ أن هذا الكلامَ فيه مغالطاتٌ لا بد من تجليةِ أمرها ، فالبعضُ عندما يجدُ نبذ المجتمعِ لمثلِ ظاهرةِ أبي الهش ، يبدأُ بإخراجِ التكفيرِ ، ويتقيأُ بكلامٍ غير موزون لا عقلاً ولا شرعاً ، وكأن التكفير كلمة سهلة يريدُ بها وصم غيرهُ بحقٍ أو بباطلٍ - مع الأسف - إلى جانبِ أنه لم يقل أحدٌ بكفرِ أبي الهشِ ، ونضعُ في نقاطٍ المآخذَ على هذا الكلامِ .
النقطةُ الأولى : مقدمةٌ لا بد منها :
إن من أعظمِ المصائبِ التي تصابُ بها الأمةُ العبثَ بأفكارِ أجيالها على اختلافِ الأزمانِ والعصورِ ، ومع تقدم العلمِ ، وتقاربِ الزمانِ ، وشهودِ ثورةٍ إعلاميةٍ هدفها شبابُ الأمةِ يخرجُ علينا ممن عاش في بلادِ التوحيدِ ، وتربى في مدارسها ، ونشأ على أرضها ، ويأتي من أماكنِ الفسوقِ والمجونِ والخنا وكأنه جاء من أرضِ الجهادِ ، ويستقبل استقبال الفاتحين ، وبالورودِ والرياحين ، وينتظرهُ في المطارِ من تأثروا به ، واقتفوا سنتهُ وطريقتهُ من الذكورِ والإناثِ ، وأعانهُ على ذلك بعضُ الذين يحق أن يحجر عليهم فسخروا أموالهم وثروتهم في محاربةِ الفضيلةِ والدين ، بل حصل للمفتونين به كما يقالُ بلغةِ العصر " جنون البقرِ " ، وأنفقوا لتشجيعيهِ الملايين من الأموالِ التي ذهبت دعماً للكفارِ وغيرهم ، ولو صرفت في داخلِ بلادنا لسدت رمق كثيرٍ من الفقراءِ الذين لا يجدون لقمةَ العيشِ .(1/1)
وانتهت مسرحيةُ " ستار أكاديمي " ، ومن المفترضِ أن يقالَ عنه : " ستار هدمي " ، فماذا جنت بلادنا منه ؟ وماذا استفاد شبابنا من وراءه ؟ ماذا خرجت لنا تلك الأكاديميةَ المزعومة أكاديمية الهدم ؟ ولماذا هذه البلادُ وما جاورها يُختارُ منها الفائزون ؟ كم من الأموالِ صرفت واستنزفت من بلادنا لمتابعةِ البرنامجِ ؟ ... وأسئلةٌ كثيرةٌ مطروحةٌ .
وأتركُ الإجابةَ عن الأسئلةِ المطروحةِ لمن سيشاركُ في المقالِ .
النقطةُ الثانيةُ : المجاهرُ بالمعاصي يبغضُ على قدرِ معاصيه :
إن من التقريراتِ المهمةِ عند أهلِ السنةِ أن المجاهر بالمعاصي يبغضُ على قدرِ معصيتهِ ، فالبغضُ في اللهِ من ثمراتِ الإيمانِ .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية : " وإذا اجتمع في الرجلِ الواحدِ خيرٌ وشرٌ وفجور ، وطاعةٌ ومعصيةٌ ، وسنةٌ وبدعةٌ : استحق من الموالاةِ بقدرِ ما فيه من الخيرِ ، واستحق من المعاداةِ والعقابِ بحسب ما فيه من الشرِ ، فيجتمعُ في الشخصِ الواحدِ موجبات الإكراهِ والإهانةِ ، فيجتمعُ له من هذا وهذا ... هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة
وقال ابنُ أبي العزِ في شرح الطحاوية : الحبُّ والبغضُ بحسب ما فيهم من خصالِ الخير والشر ، فإن العبد يجتمعُ فيه سبب الولاية وسبب العداوة ، والحب والبغض ، فيكون محبوبا من وجهٍ ، ومبغوضا من وجه ، والحكم للغالب
قال الحسن البصري : أترغبون عن ذكر الفاجر ؟ اذكروه بما فيه كي يحذره الناس(1/2)
فالمغني المسلم المجاهرُ بمحونهِ وفسقهِ أو صاحبُ ستار هدمي ، أو غيرهما ليس لنا أن نظهرَ للناس حبنا له بما عندهُ من أصلِ الإيمانِ ، أو بعض طاعاته كالصلاة والصيام والحج لأن هذا غشا للمسلمين وتلبيسا للحقائق وترويجا للباطل والحالة هذه لو ذكرنا حبنا لأهل الفساد والمجون بما عندهم من طاعات مغمورة ، وتجاهلنا ما عندهم من شر ظاهر وفساد عريض لعطلنا قضية الولاء والبراء في قلوب المسلمين ، ولبَّسْنَا الحقَّ بالباطل ، وعندها ستندرس كبريات قضايا أصولِ الدينِ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (15/286) : " ولهذا لم يكن للمعلنِ بالبدعِ والفجورِ غيبةٌ ، كما روي عن الحسن البصري وغيره ، لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له ، وأدنى ذلك أن يذم عليه ، لينزجر ويكف الناس عنه وعن مخالطته ، ولو لم يذم ويُذكرْ بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغْتَرَّ به الناس ، وربما حَمَلَ بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه ، ويزدادُ أيضا هو جرأة وفجورا ومعصية ، فإذا ذُكِرَ بما فيه انْكَفَّ وانْكَفَّ غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته قال الحسن البصري : أترغبون عن ذكر الفاجر ؟ اذكروه بما فيه كي يحذره الناس " .ا.هـ.
ولكن الناس في هذه الأزمان – مع الأسف – قلبوا الموازين ، وانتكستِ الفطرُ ، فأصبح صاحبُ الفسقِ والمجونِ المجاهر بها هو الذي يحبُ ويقدمُ ويستقبلُ في المطارات استقبال الفاتحين ، وصدق النبي صلى اللهُ عليه وسلم : " المرءُ مع من أحبَّ " متفق عليه ، وصاحبُ الدينِ أو الذي قدم إنجازاً ونفع الأمةَ هو الذي لا يأبهُ بهِ ، ولا يلتفتُ إلى ما نفع الأمةَ به . والله المستعان .
النقطةُ الثالثة : عدمُ سِترِ المجاهرين بالمعاصي :
الأصلُ في أهلِ المعاصي عموما هو السِترُ .(1/3)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . رواه مسلم (2590) .
وقال أحدُ الوزراءِ لبعضِ من يأمرُ بالمعروفِ : " اجتهد أن تسترَ العصاةَ ، فإن ظهور معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلامِ ، وأولى الأمور سترُ العيوبِ "
وهذا السِتر في غيرِ المجاهرين بها ، أما من جاهر بالمعصيةِ والفسقِ فالأمر يختلف تماماً .
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ... الحديث " . أخرجه البخاري ومسلم .
قال الإمامُ النووي : " وَأَمَّا السَّتْر الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُنَا فَالْمُرَاد بِهِ السَّتْر عَلَى ذَوِي الْهَيْئَات وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد . فَأَمَّا الْمَعْرُوف بِذَلِكَ فَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُسْتَر عَلَيْهِ , بَلْ تُرْفَع قَضِيَّته إِلَى وَلِيّ الْأَمْر إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَة ؛ لِأَنَّ السَّتْر عَلَى هَذَا يُطْمِعهُ فِي الْإِيذَاء وَالْفَسَاد ، وَانْتَهَاك الْحُرُمَات ، وَجَسَارَة غَيْره عَلَى مِثْل فِعْله . هَذَا كُلّه فِي سَتْر مَعْصِيَة وَقَعَتْ وَانْقَضَتْ ، وَأَمَّا مَعْصِيَة رَآهُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ بَعْد مُتَلَبِّس بِهَا ، فَتَجِب الْمُبَادَرَة بِإِنْكَارِهَا عَلَيْهِ ، وَمَنْعه مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا يَحِلّ تَأْخِيرهَا فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ رَفْعهَا إِلَى وَلِيّ الْأَمْر إِذَا لَمْ تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَة " .ا.هـ.(1/4)
وقال الخلالُ في " الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر " ( ص 35 ) : " قال الإمامُ أحمدُ : " الناس يحتاجون إلى مدارةٍ ، ورفِقٍ في الأمرِ بالمعروفِ ، بلا غلظةٍ ، إلا رجلاً مبايناً ، معلناً بالفسقِ والرَّدى ، فيجبُ عليك نهيهُ وإعلامهُ ، لأنه يقالُ : ليس لفاسقٍ حُرمةٌ ، فهذا لا حرمةَ له " .ا.هـ.
وقال ابنُ رجبٍ في " جامع العلوم والحكم " (2/292 – 293) : " واعلم أن الناس على ضربين :
أحدهما : من كان مستوراً لا يُعرفُ بشيءٍ من المعاصي ، فإذا وقعت هفوةٌ أو زلةٌ فإنه لا يجوزُ كشفها ولا هتكها ، ولا التحدث بها .
والثاني : من كان مشهوراً بالمعاصي معلنا بها ، لا يبالي بما ارتكب منها ولا بما قيل له ، فهذا هو الفاجرُ المعلن ، وليس له غيبةٌ ، كما نص على ذلك الحسنُ البصري وغيره .
ومثل هذا لا بأس بالبحثِ عن أمره لتُقام عليه الحدود ، صرح بذلك بعض أصحابنا ، واستدل بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم " وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا " .
ومثلُ هذا لا يُشفعُ له إذا أُخذ ، ولو لم يَبْلُغ السلطان ، بل يتركُ حتى يقام عليه الحد لينكف شره ، ويرتد به أمثاله " .ا.هـ.
والنصوصُ عن العلماءِ في هذا الباب كثيرةٌ جداً .
النقطةُ الرابعةُ : وجوبُ تعزيرِ المجاهرين بما يردعهم :
والتعزيرُ هو التأديبُ في المعاصي التي لا حد فيها ولا كفارة ، وهو أصلٌ معروفٌ في الشريعةِ ، والتعزير له عقوباتٌ كثيرةٌ .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية في " الفتاوى " (12/500) عن التعزير : " فمنها عقوباتٌ مقدرةٌ ، مثل جلدِ المفتري ثمانين ، وقطع السارقِ ، ومنها عقوبات مقدرةٌ قد تسمى التعزير وتختلف مقاديرها ، أو صفاتها بحسب كِبَرِ الذنوب وصِغرها ، وبحسب حالِ الذنبِ في قلتهِ وكثرتهِ " .ا.هـ.(1/5)
وقال أيضاً (28/107) : " والتعزيرُ أجناسٌ : فمنه ما يكونُ بالتوبيخِ والزجرِ بالكلامِ ، ومنه ما يكونُ بالحبس ، ومنه ما يكونُ بالنفي عن الوطن ، ومنه ما يكونُ بالضربِ " .ا.هـ.
ولذا تعددت عقوبات السلفِ لأهل الفسق والمجاهرين بالمعاصي فتارة تكون بالضربِ ، وتارة بالحبسِ .
قال الشيخُ عبد القدر بن بدران في " المدخل " : " يجوزُ حبسُ المشهورين بالدعارةِ والفسادِ ، حتى تظهر توبتهم ، ولو لم يثبت عليهم جُرمٌ معينٌ بطريقٍ قضائي دفعا لشرهم " .ا.هـ.
وتارة تكون العقوبة بالنفي والتغريب .
قال البخاري : باب نفي أهل المعاصي والمُخَنثين " .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ " ، وَقَالَ : " أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ " ، وَأَخْرَجَ فُلَانًا ، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا " .(1/6)
الْمُرَاد بِالْمُخَنَّثِينَ الْمُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ لَا مَنْ يُؤْتَى ، أَيْ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ فِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالْخِضَابِ وَالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ وَالتَّكَلُّمِ وَسَائِرِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ مِنْ خَنِثَ يَخْنَثُ ، كَعَلِمَ يَعْلَمُ : إِذَا لَانَ وَتَكَسَّرَ ، فَهَذَا الْفِعْلُ مَنْهِيٌّ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ . قَالَ النَّوَوِيُّ : الْمُخَنَّثُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَكَلَّفْ التَّخَلُّقَ بِأَخْلَاقِ النِّسَاءِ وَزِيِّهِنَّ وَكَلَامِهِنَّ وَحَرَكَاتِهِنَّ وَهَذَا لَا ذَمَّ عَلَيْهِ وَلَا إِثْمَ وَلَا عَيْبَ وَلَا عُقُوبَةَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ، وَالثَّانِي مَنْ يَتَكَلَّفُ أَخْلَاقَ النِّسَاءِ وَحَرَكَاتِهِنَّ وَسَكَنَاتِهِنَّ وَكَلَامَهُنَّ وَزِيَّهُنَّ فَهَذَا هُوَ الْمَذْمُومُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنُهُ
فأين تضعون أصحابَ ستار هدمي من هذا الوصف للمخنثين ؟
النقطةُ الخامسةُ : لا غيبة للمجاهر بالمعاصي :
يعتقدُ الكثيرُ أن الغيبةَ محرمةٌ حتى للمجاهرِ بالمعاصي ، وهو اعتقادٌ خاطىءٌ ، جاءت نصوصُ السنةِ بخلافهِ ، ونأتي على شيءٍ منها .
عن عَائِشَةُ : أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " ائْذَنُوا لَهُ فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ ، أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ " ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ " ، قَالَ : " يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ ، أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ " .
رواه البخاري (6054) ، ومسلم (2591) .(1/7)
قال الإمامُ النووي في " شرح مسلم " : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث مُدَارَاة مَنْ يُتَّقَى فُحْشه ، وَجَوَاز غِيبَة الْفَاسِق الْمُعْلِن فِسْقه ، وَمَنْ يَحْتَاج النَّاس إِلَى التَّحْذِير مِنْهُ " .ا.هـ.
وترجم البخاري للحديث : " باب ما يجوزُ من اغتيابِ أهلِ الريبِ والفسادِ " .
وفي قصةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حين شاورت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تنكح .
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَ : " وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ " ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : " لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ " ، ... فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي قَالَتْ : " فَلَمَّا حَلَلْتُ ، ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا أَبُو جَهْمٍ ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ ، فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَكَرِهْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : " انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا ، وَاغْتَبَطْتُ " رواه مسلم (1480) .
قال الإمامُ النووي في " رياضِ الصالحين " : اعلم أن الغيبةَ تباحُ لغرضٍ صحيحٍ شرعي لا يمكنُ الوصولُ إليه إلا بها ، وهو ستةٌ : ... الخامس : أن يكونَ مجاهراً بفسقهِ أو ببدعتهِ ، كالمجاهرِ بشربِ الخمرِ ... وذكره بما يجاهرُ به ، ويحرمُ ذكره بغيره من العيوبِ " .(1/8)
وقال شيخُ الإسلامِ في " الفتاوى " (28/219) : " فَمَنْ أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ ، وَأَنْ يُهْجَرَ وَيُذَمَّ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ " مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ " ، بِخِلَافِ مَنْ كَانَ مُسْتَتِرًا بِذَنْبِهِ مُسْتَخْفِيًا ، فَإِنَّ هَذَا يُسْتَرُ عَلَيْهِ لَكِنْ يُنْصَحُ سِرًّا وَيَهْجُرُهُ مَنْ عَرَفَ حَتَّى يَتُوبَ وَيَذْكُرَ . وَأَمْرَهُ عَلَى وَجْهِ النَّصِيحَةِ " .ا.هـ.
النقطةُ السادسةُ : المجاهرُ بالمعاصي يُسَاءُ الظنُ به :
قرر أهلُ العلمِ أن إساءةَ الظنِ بأهلِ المعاصي المجاهرين بها جائزٌ ، وهذا التقريرُ ليس من بابِ الهوى والتشهي كما يظنُ البعضُ ، بل على أساسٍ من استقراءِ النصوصِ .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا " . قَالَ اللَّيْثُ : " كَانَا رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ " .
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بِهَذَا ، وَقَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا ، وَقَالَ : " يَا عَائِشَةُ ؛ مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ " . أخرجهُ البخاري (6067 ، 6068)
وبوب عليه البخاري : " باب ما يجوزُ من الظنِ(1/9)
قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في " الفتح " (10/501) : " وَحَاصِل التَّرْجَمَة أَنَّ مِثْل هَذَا الَّذِي وَقَعَ فِي الْحَدِيث لَيْسَ مِنْ الظَّنّ الْمَنْهِيّ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَام التَّحْذِير مِنْ مِثْل مَنْ كَانَ حَاله كَحَالِ الرَّجُلَيْنِ ، وَالنَّهْي إِنَّمَا هُوَ عَنْ الظَّنّ السُّوء بِالْمُسْلِمِ السَّالِم فِي دِينه وَعِرْضه وَقَدْ قَالَ اِبْن عُمَر : إِنَّا كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الرَّجُل فِي عِشَاء الْآخِرَة أَسَأْنَا بِهِ الظَّنّ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَغِيب إِلَّا لِأَمْرٍ سَيِّئ إِمَّا فِي بَدَنه وَإِمَّا فِي دِينه " .ا.هـ.
وَقِيلَ عَمَّنْ مَضَى : " مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ يُتَّهَمُ " وَمِثْلُهُ لِابْنِ حَجَرٍ وَنَصُّهُ : وَجَاءَ فِي " الْأَثَرِ " : " مَنْ وَقَفَ مَوْقِفَ تُهْمَةٍ " ، وَفِي رِوَايَةٍ : " مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهَمِ فَلَا يَأْمَنْ مِنْ إسَاءَةِ الظَّنِّ بِهِ "
قال البهوتي في " كشافِ القناع " : " وَلَا حَرَجَ بِظَنِّ السَّوْءِ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الشَّرُّ ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ " مَحْمُولٌ عَلَى الظَّنِّ الْمُجَرَّدِ الَّذِي لَمْ تُعَضِّدْهُ قَرِينَةٌ تَدُلَّ عَلَى صِدْقِهِ " .ا.هـ.(1/10)
وقال ابنُ مفلحٍ في " الفروعِ " : " قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَيَحْرُمُ سُوءَ الظَّنِّ بِمُسْلِمٍ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ ، وَيُسْتَحَبُّ ظَنُّ الْخَيْرِ بِالْأَخِ الْمُسْلِمِ ، قَالَ : وَلَا يَنْبَغِي تَحْقِيقُ ظَنِّهِ فِي رِيبَةٍ . وَفِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ : حُسْنُ الظَّنِّ بِأَهْلِ الدِّينِ حَسَنٌ . وَذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيَّانِ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ ظَنُّ الشَّرِّ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْخَيْرُ ، وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ بِظَنِّهِ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الشَّرُّ " .ا.هـ.
وقال الشيخُ محمدُ بنُ صالحٍ العثيمين في " الشرحِ الممتعِ " : وأما من عُرف بالفسوقِ والفجورِ ، فلا حرج أن نُسيء الظن بهِ ، لأنهُ أهلٌ لذلك " .ا.هـ.
وبعد هذه النصوصِ فهل يُحسنُ الظنُّ بمثلِ بالمغني الماجن ، أو بالمغنيةِ الماجنةِ ، أو بالممثلِ الذي يعانقُ النساءَ في أفلامهِ ومسلسلاتهِ ، أو بالممثلةِ التي تظهرُ وهي نائمةُ في سرير واحدٍ مع ممثلٍ مثلها ، أو من أمثالِ بطل ستار هدمي ؟
اللهم احفظ علينا اعراضنا .
النقطةُ السابعةُ : تحريمُ التشبهِ بالمجاهرِ بالمعاصي :
وبطل ستار هدمي – زعموا – كم من الناس سيتشبه به ؟ ويتمنى أن يكونَ مثله ؟
والتشبه بالفساق المجاهرين بالمعاصي محرمٌ في الشريعةِ .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " .
أجرحه أبو داود (4031) .
قَالَ الْقَارِي : أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسه بِالْكُفَّارِ مَثَلًا مِنْ اللِّبَاس وَغَيْره ، أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوْ الْفُجَّار " .(1/11)
وقال المناوي في " فيضِ القدير " : " وقيل المعنى من تشبه بالصالحين وهو من أتباعهم يكرم كما يكرمون ومن تشبه بالفساق يهان ويخذل كهم ، ومن وضع عليه علامة الشرف أكرم وإن لم يتحقق شرفه وفيه أن من تشبه من الجن بالحيات وظهر يصورتهم قتل وأنه لا يجوز الآن لبس عمامة زرقاء أو صفراء كذا ذكره ابن رسلان ، وبأبلغ من ذلك صرح القرطبي فقال : لو خص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم فقد يظنّ به من لا يعرفه أنه منهم فيظن به ظنّ السوء فيأثم الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه " .ا.هـ.
ومع الأسف أصبحنا في زمنٍ رُفع فيه هؤلاءِ الفساقُ ، وهم القدواتُ الذين يقتدى بهم ، وقُدموا على أهلِ الصلاحِ والتقى ، والله المستعان .
---
خطبةٌ رائعةٌ للشيخِ محمد صالح المنجدِ عن أبي الهشِ ، وعنوانها : " أكاديمي 2 " .
استمعوا لها
اكادمي 2 - للتحميل : حفظ باسم
http://38.113.141.121/2005/04/masjidomar22.rm
---
عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ ، سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ مَعْدَانَ يَقُوْلُ : مَنِ الْتَمَسَ المَحَامِدَ فِي مُخَالَفَةِ الحَقِّ ، رَدَّ اللهُ تِلْكَ المَحَامِدَ عَلَيْهِ ذَمّاً ، وَمَنِ اجْترَأَ عَلَى المَلاَوِمِ فِي مُوَافِقَةِ الحَقِّ ، رَدَّ اللهُ تِلْكَ المَلاَومَ عَلَيْهِ حَمْداً .
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ (4/540)
---
بيان العلماء والدعاة حول برنامج ستار أكاديمي2
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/12)
بعضٌ من خياناتِ السقاف العلميةِ خلال مناظراتِ المستقلةِ
الخيانة العلمية (1) عند السقاف
في كتاب درء التعارض التي طلبها الدكتور الهاشمي، والتي تجاهلها السقاف ولم يقرأها :
تابع الموضوع
http://saaid.net/Doat/Zugail/303.htm
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
تَأْصِيلٌ عِلْمِيٌّ شَرْعِيٌّ بَعِيدٌ عَنِ العَاطِفَةِ
الحمد لله وبعد ؛
كما نعلم أن ربط أحداث الحادي عشر من سبتمبر ببعض الآيات القرآنية من العجائب التي ظهرت في هذا الزمان ، وكنت قد نشرت كلاما للشيخ خالد السبت بخصوص هذا ، ورابط الموضوع هو :
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/102.htm
والرابط الصوتي هو :
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/100.htm
والعجيب أن هذا الربط بين الآيات والأحداث لم يرجع فيه إلى أهل الاختصاص من العلماء وطلبة العلم ، بل اجتهادات العامة الذين لو قيل لأحدهم حال مرضه : اذهب إلى المهندس لكي يصف لك الدواء . لصاح في وجهك وقال : أتسخر بي ؟! يجب أن أرجع في مرضي إلى الدكتور لأنه هو المختص بعلاج الأمراض .
ولكن العامة في مثل هذه الأمور لا يرجعون إلى أهل العلم حملة الشريعة . والله المستعان .
وإتماما لكلام الشيخ الدكتور خالد السبت في الروابط الآنفة ، وجدت كلاما للشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض يتعلق بمسألة الربط بين الأحداث وبين آيات القرآن لكي تتضح الصورة أكثر ، وكذلك إقامة الحجة ، وإبراء للذمة . والنقل لكلام الشيخ الدكتور مساعد الطيار ليس مقتصرا على الربط ، وإنما أضاف الشيخ كلاما بخصوص " الإعجاز العددي " .
قال الشيخ الدكتور مساعد الطيار في كتابه " مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر " ( ص 7 – 13 حاشية ) عند قوله : " ومصطلح الإعجاز العلمي " :(1/1)
لقد كتبت في هذا الموضوع رسالة أرجو أن ييسر الله أمرها ، وقد كنت أتحاشى الكتابة في هذا الموضوع لما فيه من كثرة المطروح ، وبعد أن قرأت في بعض هذه الكتب التي تتحدث عن الإعجاز العلمي ، ظهر لي أن الأمر يحتاج إلى إيضاح لهذا الموضوع ، وضبطٍ لما يُفسَّر به القرآن من هذه القضايا التي أنتجها البحث التجريبي المعاصر ، وظهر لي أن في تسميته بهذا الاسم خللاً ، وأنه يصدق عليه أن يكون " دلائل صدق القرآن " ، وليس الإعجاز ، كما في نسبته إلى " العلمي " خللاً آخر ؛ لأنه يُفهم منه أن التفسيرات غيره ليست علميه ، مع ملاحظة أن هذه التسمية فيها آثار التغريب الذي يجعل العلوم الدنيوية توسم بالعلم ، وغيرها من العلوم الأدبية والاجتماعية والشرعية على وجه الخصوص لا توسم بذلك ، والموضوع ذو شجون ، وإنما أشرت إليه هنا لأخلص إلى سؤالين طُرحا عليَّ بشأن مسألتين متعلقتين بما يُسمى الإعجاز :
السؤال الأول : فيما ظهر لبعض الناس من توافق عددي بين ماحصل من الحدث العظيم الذي عاقب الله به الكفار ف (11 : 9 : 2001) مع آية في سورة التوبة ، فقد ظهر لذلك القارىء أن الآية العاشرة بعد المائة (110) تشير إلى أحد البرجين الذي تتكون طوابقه من هذا العدد ، وأن عدد السورة في ترتيب المصحف هي التاسعة تشير إلى الشهر الميلادي ، وأن الجزء الذي فيه هذه الآية هو الحادي عشر تشير إلى اليوم الذي وقع فيه هذا الحدث ، فزعم أن هذا من إعجاز القرآن ؛ لأنه ـ بزعمه ـ أشار إلى هذا الحدث المستفبلي ! .
ولا أدري لِمَ لَم ينظر إلى العدّ بالحساب القمري ، ولا ذكر البرج الثاني الذي لا يتوافق مع العدد الذي ظهر له ؟! .(1/2)
وهذا بلا شك موافقة إلى غير مقصودة ، والآية نازلة في مسجد الضرار ، وليس هنا علاقة بينها وبين ما حدث لا من قريب ولا من بعيد ، ومن قال : إن هذا البرج من مباني الضرار ، فأين موقع الآخر من الآية ، وإذا كان يعد هذين البرجين من مباني الضرار ، قياسا عل مسجد الضرار ، فإنه يدخل في الآية كل مباني الضرار التي يعملون بها ضد العالم ، وضد المسلمين بالذات .
ثم ما الحاجة الداعية إلى هذا الربط الغريب العجيب ، ومن ذا الذي يجزم بأن هذا مراد الله . إن هذا مما يحل في الرأي المذموم ؛ لأنه قول على الله بغير علم ، ما أكثر مايقع من أصحاب مايسمى بالإعجاز العلمي ، أو التفسير العلمي .
وهل يعتمد صاحب هذا القول على أن هذا الترتيب جاء بالتوفيق ، أم يرى أنه على ما جاء من مصادفة الترتيب هذه .
فإن كان جاء مصادفة ، فما أكثر المصادفات التي يمكن أن تظهر لك ، فقد تظهر لك مصادفات متعلقة بالأرقام وأ،ت تقرأ كتاب تاريخ ، أو غيره ، فهل هذه المصادفات من قبيل الأعجاز ؟! .
وإن كان يزعم أن هذا مراد ، وأنه ليس من قبيل المصادفة ، فقوله منقوض بأمور :
الأول : أن ترتيب الأجزاء من عمل المتأخرين ، وليس فيه توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو عمل اجتهادي .
الثاني : أن في ترتيب السور قولين : قيل : إنه اجتهادي ، وقيل : إنه توقيفي ، ولعل من ظهر له ذها التوافق العجيب لا يعلم بهذا ، وإن علم فهل حرر مسألة التوقيف والاجتهاد في ترتيب السور ليجعل ما توصل إليه من هذا التوافق صحيحا .
الثالث : هل يعلم قائل هذا القول علما يسمى " علم عدِّ الآي " وهل يعلم أنه مختلف في عدد آي السورة على قولين : الجمهور على أنها مائة وثلاثون آية ، وفي العد الكوفي الذي عليه عدُّ المصحف الذي بين يديك عدد آياتها مائة وتسع وعشرون آية . وعلى قول الجمهور ينتقض عدد الآية ؛ لأنه يكون عددها على قولهم آية 111 ، فهل دري بهذا ، وحرر هذه المسألة ؟ .(1/3)
وكأني بك القريء الكريم تقول : قد أطالت في هذا ، وهو مما لايحتاج إلى إطالة في بطلانه ، فأقول لك معتذرا : إن عصرك عصر يسود فيه من يأتي بالغرائب ، ويبرز فيه من يحسن جلبها ن فأحببت أن أرد من يتعرض لكتاب الله بما لا يقبله عقل العقلاء ؟ ولكي يعلم أن العلم له باب من أراده من غير بابه خرج بما لا تقبله العقول ، وجاء بما لا ينطلي إلا على قلوب الأغرار ، ولو كانوا يٌعدون عند الناس من الكبار .
وإني أخبرك بأنك لست بحاجة للإثبات عظمة القرآن وصدقه إلى هذا السبيل ، وهو ما يسمى بالإعجاز ، إذ أنه ليس هو السبيل الوحيد لإثبات عظمة هذا القرآن ، بل هو أحد هذه السبل ، واعلم أن العلم وحده قد لا يكفي ما لم يكن له قوة تحميه ، وإن الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن ، فافهم عني ما قلت ، والله الموفق إلى سواء السبيل .
السؤال الثاني : قال السائل سمعت في شريط الإعجاز العلمي للدكتور زغلول النجار حديثه عن ما يتعلق بقوله تعالى : " وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ " [ حديد : 25] وكان مما قاله في هذا ما نصه : " كنت أٌ لقي هذه المحاضرة في جامعة ملبورن في أستراليا من أربع سنوات ، فوقف لي أستاذ كيمياء في الجامعة ، وقال لي : ياسيدي ، هل حاولت أن تقارن بين رقم سورة الحديد في القرآن الكريم والوزن الذري للحديد ، ورقم الآية في السورة والعدد الذري للحديد ؟ .
قلت له : لا ، موضوع الأرقام موضوع حرج للغاية ، إذا لم يدخله الإنسان بحذر شديد يدمِّر نفسه .
قال : ارجوك ، حينما تعود إلى بلدك أن تتحقق من هذه القضية ...(1/4)
أتيت بالمصحف الشريف ، وبالجدول الدوري للعناصر ، وكتاب في الكيمياء غير العضوية ، فأذهلني أن رقم سورة الحديد سبع وخمسون ، والحديد له ثلاث نظائر ( 54 ، 56 ، 57 ) ورقم الآية في السورة ( 25 ) ، والعدد الذري للحديد ( 26 ) ، فقلت : إن هذا القرب الشديد لا بدَّ أن له تفسيرا ، فألهمني ربي آية قرآنية مبهرة ، يقول فيها الحق تبارك وتعالى مخاطبا هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم ... " وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ " [ الحجر : 87 ] ، فالقرآن بنصه يفصل الفاتحة عن بقية بنصه يفصل الفاتحة عن بقية القرآن الكريم ، ويعتبر الفاتحة مقدمة للقرآن ، فقلت : إذا فصلنا الفاتحة عن بقية سور القرآن الكريم يصبح رقم سورة الحديد ( 56 ) ، ولو بقيت ( 57 ) ، ففيه نظير للحديد ( 57 ) ، لكن أكثر النظائر انتشارا للحديد ( 56 ) .
الآية رقم (25 ) ، والعدد الذري للحديد ( 26 ) ، ووجدت القرآن الكريم يصف الفاتحة بأنها سبع من المثاني ، وآياتها ستٌّ ، فالبسملة آية من الفاتحة وآية من كل سورة قرآنية ذكرت فيها البسملة ما عدا سورة التوبة ، فإذا أضفنا البسملة في مطلع سورة الحديد يصبح رقم الآية ( 26 ) ، ويعجب الإنسان إلى هذه اللفتة المبهرة ، من الذي علَّم المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك قبل ألف واربع مئة سنة ، لم يكن أحد يعلم شيئا عن الأوزان الذرية ، ولا لأعدادها الذرية ، ولكن هذه معجزة هذا الكتاب الخاتم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهذه الومضات القرآنية المبهرة تبقى دائما شهادة صدق على أن القرآن كلام الله ، وأن هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم كان موصولا بالوحي " ( محاضرة الإعجاز العلمي في القرآن الكرم ، للدكتور زغلول النجار ، تسجيلات أحد ) .(1/5)
ولا أرى أنه يخفى غلى العامي قبل المتعلم ذلك التكلف الذي قام به الدكتور الفاضل لإثبات قضية لا شأن لها في ذاتها ، فضلا عن أن تكون معجزة من معجزات القرآن ، ولا يخفى على طالب العلم ما وقع له في تفسير الآية ، ولا أدري هل يعرف الدكتور الفاضل التفسير النبوي لهذه الآية ؟! فالوارد عنه صلى الله عليه وسلم يجعل السبع المثاني والقرآن العظيم وصفين للفاتحة ، والعطف هنا من باب عطف الصفات لا عطف الذوات ، فقد روى البخاري وغيره جملة من الأحاديث في هذا المعنى ، ومنها :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ : السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ .
رواه البخاري برقم (4704) ، وقال ابن كثير معلقا على هذه الروايات : " فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقران العظيم " . تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، تحقيق : سامي السلامة (547:1) ، وما دام ثبت النص عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا ، فإن غيره من الأقوال تسقط ، ويكون تفسير الآية ما قاله صلى الله عليه وسلم .
كما لا يخفى ما وقع منه في جزمه بأن البسملة آية من كل سورة ، بلا تحقيق في هذه المسائل ، ولا رجوع إلى أهل العلم الذين يُعرفُ كلامهم فيها ، بل اختار ما يناسب ما يريد أن يذهب إليه ، وهو معرض عن ما لا يناسبه ، بلا تحقيق علميٍّ ، كما عوده البحث في العلوم التجريبية ، وهل يصح هذا الاختيار بلا تحقيق ؟!
وكذلك لا يسعفه علم عدِّ الآي فعدد آيات السورة في العدِّ الكوفي والبصري (29) ، وفي عد الباقين (28) ؛ وبهذا تكون الآية (24) بدلا من أن تكون (25) ، ولو جعل البسملة آية على هذا القول ، لصارت الآية (25) ولا نتقض ما بناه أيضا .(1/6)
وكل هذا التكلف في محاولة ربط مثل هذه القضايا بالقرآن إنما يصدر ممن يأتي إلى القرآن بمقررات سابقة ويريد أن يطوِّع القرآن لمقرراته ، ضاربا بكل ما خالفها عُرض الحائط ، ولوكان ما خالف قوله هو العلم الصحيح ، وفي هذه المحاضرة في الإعجاز العلمي أخطاء أخرى ليس هذا محل عرضها .
( ينظر في ما ذُكر من عد الآي : كتاب البيان في عدّ آي القرآن ، للداني ، تحقيق : الدكتور غانم قدوري الحمد ) .ا.هـ.
وبعد نقل كلام الشيخ الدكتور مساعد الطيار – جزاه الله خيرا - أعلم أن بعض القراء للمقال لن يعجبه هذا الرد لأن فكره قد رسخ فيه مسألة الإعجاز العلمي والعددي ، وأن هذه المسائل من الجبال الرواسي ، ولكني أقول : شيء من التجرد للحق ، وسبر كلام أهل العلم الذين يجعلون نصوص الكتاب والسنة نصب أعينهم ، وليس دغدغة العواطف .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@2.EtpncjlrQvq^0@.ef3aaf3
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/7)
تَطَاولُ الْأَقْزامِ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ،
كَتَبَ المَدْعُو خَالِدٌ الغنامي مَقَالاً فِي جريدةِ " الوَثَنِ " عَنْوَنَ لَهُ : " تتبع الرخص ... هل صحيح من تتبع الرخص تزندق " ، وَكَعَادتِهِ جَاءَ فِيهِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ اعتِمَادٌ ، وَلا لَهُ عِمَادٌ ، بَل مِنْ شِدَّةِ كَذِبِهِ أَنَّهُ جَعَلَ مَسْأَلَةَ تَتَبُّعِ الرُّخَصَ مَوْضُوْعاً حَسَّاساً فِي نَجدٍ ، وَ لاَ أَدْرِي مَا السِّرُّ فِي الهُجُومِ وَ الكَذِبِ عَلَى أَهلِ نَجْدٍ ؟!
وهذا دليلٌ واضحٌ على جهلِهِ بمثلِ هذهِ المسائلِ التي لا يخلو منها كتابٌ من كتبِ أصولِ الفقهِ أو كتبِ الأشباهِ والنظائرِ لجميعِ المذاهبِ الإسلاميةِ المعتبرةِ ، إلى جانب المؤلفاتِ الكثيرةِ التي سُطرت بخصوصِ تتبعِ الرخصِ .
وأما كاتبُ المقالِ فقد وجد سوقاً رائجةً لأفكاره في جريدةٍ تنشرُ لمثلِ أفكارهِ ، وَالتي تدلُ دلالةً واضحةً لمن أنار الله بصيرتهُ بالعلمِ أنه صاحبُ هوى ولا شك ولا ريب ، بل وترحبُ بمقالاتهِ لأنها معولُ هدمٍ عن طريق المسمى الغنامي ، ولكن إذا أغلقت الأبوابُ لأهلِ الردِّ على مثلِ هذهِ الأفكارِ فإن اللهَ يفتحُ لهم أبواباً أخرى لدحضِها وبيان عوارها - وللهِ الحمدُ والمنةُ - ومنها الشبكةُ العنكبوتيةُ .
مُقَدَّمَةِ :
يَصْدُقُ في مثلِ الغنامي قولُ القائلِ: " ولا يزالُ أمرُ الأمةِ في انحدارٍ وسفالٍ حتى ظهر الرويبضةُ التافهُ يتكلمُ في أمورِ العامةِ ، واندثر عصرُ المفتين ، وجاء عصرُ المفتونين ، وذهب زمنُ العلماءِ وجاء زمنُ المثقفين ؛ بل وأنصاف المثقفين ! وصار يفتي من ليس بِفتِي ، وأصبحت مسائلُ الشرعِ وأحكامُ الملةِ كالكلأِ ترتعُ فيه كلُ سائمةٍ ، وحتى مصنفاتُ الأئمةِ ودواوينُ الإسلامِ لم تسلم من عبثِ الأقزامِ ؛ بل من ذا الذي لم يعد يفهمِ الدين أصولاً وفروعاً في هذا الزمان ؟!(1/1)
أليست المدارسُ ، قد انتشرت والكتب الشرعية قد طبعت ؟!
إذن لماذا الكبتُ على حرياتِ الناسِ ، وتكميم الأفواه عن الكلامِ في الشريعةِ ؟!
لماذا التسلط على عقولِ الآخرين والحجرِ على أفكارهم ؟!
وهل هذه إلا رهبنةٌ ، ولا رهبانيةٌ في الإسلامِ !! " اللهم إنا نشكو إليك هذا الغثاء " .
وما نراه اليوم في الفضائياتِ من فضائح على هيئةِ نصائح ، ومواقف مخزية وفتاوى مردية ، وأقوال مخجلة ، وآراء مجلجلة ، " مبنية على التجري لا التحري ، تعنت الخلق ، و تشجي الحلق ، من قبل مفتي الجمهور ، و العالم الهامور ، الذي يفتي في وقت أضيق من بياض الميم ، أو من صدر اللئيم ، بما يتوقف فيه شيوخ الإسلام ، وأئمته الأعلام " .ا.هـ.
وهذه حقيقةٌ يلمسها من عايش الاختلافَ بين فترةِ حياةِ العلماءِ في بلادنا وبعد موتهم من أمثالِ سماحةِ الوالدِ عبدِ العزيزِ بنِ بازٍ رحمهُ الله ، ومحمدِ بنِ صالحٍ العثيمين رحمهُ اللهُ ، فبعد موتهم رحمهم الله أجمعين رفع أهلُ الأهواءِ والبدعِ والمنافقين عقيرتهم ، وقاموا يضربون المتبعين للكتابِ والسنةِ على فهمِ سلفِ الأمة عن قوسٍ واحدٍ ، ولكن نعلمُ يقيناً أن دينَ اللهِ باقٍ ، نسألُ اللهَ أن يرد كيدهم في نحورهم .
عِبَارَاتٌ لِلسَّلَفِ عَنْ خُطُورَةِ تَتَبُّعِ الرُّخَصَ :
تعالوا بنا نستعرضُ نصوصاً عن موضوعِ تتبعِ الرخصِ والتي عدها المدعو الغنامي بزعمه " مقولة من المقولات الشائعة " ، وكيف أن هذا الموضوعَ شغل سلف الأمةَ والعلماءَ العاملين ؟ الذين حذروا الأمةَ من الوقوعِ في منزلق تتبعِ الرخصِ .
وأبدأُ بقصةٍ ذكرها الإمامُ البيهقي في " سننه " (10/211) بسندهِ ، والذهبي في " السيرِ " (13/465) لعالمٍ حكم على صاحبِ كتابٍ بأنهُ زنديقٌ ، وماسبب ذلك ، أترككم مع القصةِ .(1/2)
رَوَى أَبُو العَبَّاسِ بن سُرَيْج ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي ، قَالَ : وَدَخَلْتُ مرَّةً ، فَدَفَعَ إِليَّ كِتَاباً ، فنظرتُ فِيْهِ ، فَإِذَا قَدْ جَمَعَ لَهُ فِيْهِ الرُّخَص مِنْ زلل العُلَمَاء ، فَقُلْتُ : مُصَنِّفُ هَذَا زِنْدِيْقٌ . فَقَالَ : أَلم تَصِحَّ هَذِهِ الأَحَادِيْث ؟ قُلْتُ : بَلَى ، وَلَكِنْ مَنْ أَبَاحَ المُسْكر لَمْ يُبح المُتْعَة ، وَمَنْ أَبَاحَ المُتْعَة لَمْ يُبِحِ الغِنَاء ، وَمَا مِنْ عَالِمٍ إِلاَّ وَلَهُ زَلَّة ، وَمن أَخَذَ بِكُلِّ زَلَل العُلَمَاء ذهبَ دِينُه . فَأَمَرَ بِالكِتَابِ فَأُحْرِق .
اللهُ أكبرُ ؛ هل إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي مِنْ نجدٍ ؟! هل كان ضيقَ الأفقِ ؟! هل كان متعصباً للمذهبِ ؟!
وهذا نصٌ آخر لعالمٍ إمامٍ جهبذٍ ليس من نجدٍ بل من بلادِ الشامِ ، قال عنهُ الذهبي في " السير " (7/108) : " شَيْخُ الإِسْلاَمِ ، وَعَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ ، أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ ، انظروا ماذا قال في حق من تتبع الرخص !
قال الذهبي في " السير " (7/126) : " قَالَ مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ : سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ : " مَنْ أَخَذَ بِنوَادِرِ العُلَمَاءِ ، خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ " .ا.هـ.
وهذا إمامٌ ثالثٌ يقررُ خطورةَ تتبعِ الرخصِ ليس من نجدٍ أيضاً ، نعتهُ الإمامُ الذهبي في " السيرِ " (6/197) : " الإِمَامُ ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ ، أَبُو المُعْتَمِرِ التَّيْمِيُّ ، البَصْرِيُّ " .
قال الإمامُ الذهبي (6/199) : " قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ : لَوْ أَخَذتَ بِرُخصَةِ كُلِّ عَالِمٍ ، اجْتَمَعَ فِيْكَ الشَّرُّ كُلُّهُ " .ا.هـ.
وقال إبراهيمُ بنُ أبي عبلةَ : " مَنْ تَبَعَ شَواذَّ العُلَمَاءِ ضَل " .
فهل هذه مقولةٌ شائعةٌ يا الغنامي ؟! وهل هي لأهلِ نجدٍ يا العزيزي ؟!(1/3)
الإمامُ ابنُ عبدِ البرِ حكى الإجماعَ على تحريمِ تتبعِ الرخص في " جامعِ بيانِ العلمِ " (2/91) فقالَ : " لَا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ تَتَبُّعُ الرُّخَصِ إجْمَاعًا " .ا.هـ.
فهل ابنُ عبدِ البرِ نجدي ؟
وقال الإمامُ النووي في " فتاويه " التي جمعها العلامةُ علاءُ الدينِ العطار : " لا يجوزُ تتبعُ الرخصِ ، واللهُ أعلمُ " .
هل النوويُّ نَجْديٌّ أيضاً ؟
وبعد هذه النقولِ ظهر من مقالك يا الغنامي أنك تريد أن تصلَ إلى أمرٍ لبست فيه ودلست على القراءِ وهو قولك : " فإنه يكون بذلك قد أصبح زنديقاً أي كافراً " .
أقول : ألا تخافُ من اللهِ ، تريد أن توهمَ القراءَ بهذهِ العبارةِ أن أئمةَ أهلِ السنةِ ممن ذكروا آنفاً يكفرون الخلقَ بسببِ تتبعِ الرخص !!! سبحانك هذا بهتانٌ عظيمٌ .
لماذا هذا التدليسُ على الناسِ ؟ هل تعرفُ ما المقصودُ بالزندقةِ في أقوالِ الأئمةِ ؟
وسأنقلُ لك من كلامِ الأئمةِ والعلماءِ ماذا يقصدونَ بالزندقةِ في تتبعِ الرخص ؟
اللهم أرنا الحقَ حقاً وارزقنا اتباعه ، وارنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابهُ . آمين .
---
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ،
أَبْدَأُ بِالرَّدِّ عَلَى السُّؤَالِ المَطْروحِ : " مَاذَا يَقْصِدُ العُلَمَاءُ بِالزَّنْدَقَةِ عِندْ كَلامِهِمْ عَنْ تَتَبَّعِ الرُّخَصِ ؟ " .
وَقَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى السُّؤَالِ ، أَنْقُلُ مِنْ " سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ " (18/190 - 193) لِلإِمَامِ الذَّهَبِيِّ قِصَّةً وَتَعْلِيْقاً لِلذَّهَبِيِّ عَلَيْهَا عِندْ تَرْجَمَةِ الإِمَامِ ابنِ حَزْمٍ ، وَهُو وَتَعْلِيْقٌ نَفِيْسٌ ، نَحْتَاجُه لِيَعْلَمَ الوَاحِدُ مِنَّا قَدْرَ نَفْسِهِ أَمَامَ هَؤُلاَءِ الأَعْلاَمِ .(1/4)
قَالَ الذَّهَبِيُّ : وَحَدَّثَنِي عَنْهُ عُمَرُ بنُ وَاجِب قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْد أَبِي بِبَلَنْسِيةَ وَهُوَ يُدَرِّسُ المَذْهَب ، إِذَا بِأَبِي مُحَمَّدٍ بن حَزْم يَسْمَعُنَا ، وَيَتَعَجَّب ، ثُمَّ سَأَلَ الحَاضِرِيْنَ مَسْأَلَةً مِنَ الفِقْهِ ، جُووب فِيْهَا ، فَاعْترَض فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الحُضَّار : هَذَا العِلْمُ لَيْسَ مِنْ مُنْتَحَلاَتِكَ ، فَقَامَ وَقَعَدَ ، وَدَخَلَ مَنْزِله فَعكَف ، وَوَكَفَ مِنْهُ وَابِلٌ فَمَا كَفَّ ، وَمَا كَانَ بَعْدَ أَشْهُرٍ قَرِيْبَة حَتَّى قَصَدْنَا إِلَى ذَلِكَ المَوْضِع، فَنَاظر أَحْسَن منَاظرَة ، وَقَالَ فِيْهَا : أَنَا أَتبع الحَقَّ ، وَأَجتهد ، وَلاَ أَتَقَيَّدُ بِمَذْهَب .
قُلْتُ - الذَّهَبِيُّ - : نَعم ، مَنْ بَلَغَ رُتْبَة الاجْتِهَاد ، وَشَهِد لَهُ بِذَلِكَ عِدَّة مِنَ الأَئِمَّةِ ، لَمْ يَسُغْ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ ، كَمَا أَنَّ الفَقِيْه المُبتدئ وَالعَامِي الَّذِي يَحفظ القُرْآن أَوْ كَثِيْراً مِنْهُ لاَ يَسوَغُ لَهُ الاجْتِهَاد أَبَداً ، فَكَيْفَ يَجْتَهِدُ ، وَمَا الَّذِي يَقُوْلُ ؟ وَعلاَم يَبنِي ؟ وَكَيْفَ يَطيرُ وَلَمَّا يُرَيِّش ؟(1/5)
وَالقِسم الثَّالِث : الفَقِيْهُ المنتهِي اليَقظ الفَهِم المُحَدِّث ، الَّذِي قَدْ حَفِظ مُخْتَصَراً فِي الفروع ، وَكِتَاباً فِي قوَاعد الأُصُوْل ، وَقرَأَ النَّحْو ، وَشَاركَ فِي الفضَائِل مَعَ حِفْظِهِ لِكِتَابِ اللهِ وَتشَاغله بتَفْسِيْره وَقوَةِ مُنَاظرتِهِ ، فَهَذِهِ رُتْبَة مِنْ بلغَ الاجْتِهَاد المُقيَّد ، وَتَأَهَّل لِلنظر فِي دلاَئِل الأَئِمَّة ، فَمتَى وَضحَ لَهُ الحَقُّ فِي مَسْأَلَة ، وَثبت فِيْهَا النَّصّ ، وَعَمِلَ بِهَا أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ كَأَبِي حَنِيْفَةَ مِثْلاً ، أَوْ كَمَالِك ، أَوِ الثَّوْرِيِّ ، أَوِ الأَوْزَاعِيِّ ، أَوِ الشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ ، وَأَحْمَدَ ، وَإِسْحَاق ، فَلْيَتَّبع فِيْهَا الحَقّ وَلاَ يَسْلُكِ الرّخصَ ، وَلِيَتَوَرَّع ، وَلاَ يَسَعُه فِيْهَا بَعْدَ قيَام الحُجَّة عَلَيْهِ تَقليدٌ .(1/6)
فَإِن خَاف مِمَّنْ يُشَغِّب عَلَيْهِ مِنَ الفُقَهَاء فَلْيَتَكَتَّم بِهَا وَلاَ يَترَاءى بِفعلهَا ، فَرُبَّمَا أَعْجَبته نَفْسُهُ ، وَأَحَبّ الظُهُوْر ، فَيُعَاقب ، وَيَدخل عَلَيْهِ الدَّاخلُ مِنْ نَفْسِهِ ، فَكم مِنْ رَجُلٍ نَطَقَ بِالْحَقِّ ، وَأَمر بِالمَعْرُوف ، فَيُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِ مَنْ يُؤذِيْه لِسوء قَصدهِ ، وَحُبِّهِ لِلرِّئَاسَة الدِّينِيَّة ، فَهَذَا دَاءٌ خَفِيٌّ سَارٍ فِي نُفُوْسِ الفُقَهَاء ، كَمَا أَنَّهُ دَاءٌ سَارٍ فِي نُفُوْسِ المُنْفِقِين مِنَ الأَغنِيَاء وَأَربَاب الوُقُوْف وَالتُّرب المُزَخْرَفَة ، وَهُوَ دَاءٌ خفِيٌّ يَسرِي فِي نُفُوْس الجُنْد وَالأُمَرَاء وَالمُجَاهِدِيْنَ ، فَترَاهم يَلتقُوْنَ العَدُوَّ ، وَيَصْطَدِمُ الجمعَان وَفِي نُفُوْس المُجَاهِدِيْنَ مُخَبّآتُ وَكمَائِنُ مِنَ الاختيَالِ وَإِظهَار الشَّجَاعَةِ ليُقَالَ ، وَالعجبِ ، وَلُبْسِ القرَاقل المُذَهَّبَة ، وَالخُوذ المزخرفَة ، وَالعُدد المُحلاَّة عَلَى نُفُوْس مُتكبّرَةٍ ، وَفُرْسَان مُتجبِّرَة ، وَيَنضَافُ إِلَى ذَلِكَ إِخلاَلٌ بِالصَّلاَةِ ، وَظُلمٌ لِلرَّعيَّةِ ، وَشُربٌ لِلمسكرِ ، فَأَنَّى يُنْصرُوْن ؟ وَكَيْفَ لاَ يُخذلُوْن ؟ اللَّهُمَّ : فَانصر دينَك ، وَوَفِّق عِبَادك .
فَمَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِلعمل كسره العِلْمُ ، وَبَكَى عَلَى نَفْسِهِ ، وَمِنْ طلب العِلْم لِلمدَارس وَالإِفتَاء وَالفخر وَالرِّيَاء ، تحَامقَ ، وَاختَالَ ، وَازدرَى بِالنَّاسِ ، وَأَهْلكه العُجْبُ ، وَمَقَتَتْهُ الأَنْفُس : " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا " [ الشَّمْس : 9 - 10 ] أَي دسَّسَهَا بِالفجُور وَالمَعْصِيَةِ . قُلِبَتْ فِيْهِ السِّينُ أَلِفاً " ا.هـ.
أَرْجُو أَنْ يَتَأَمَّلَ كُلٌ مِنَّا تَعلِيقَ الذَّهَبِيِّ ، وَيُطَبّقَهُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ .(1/7)
وَنَأْتِي عَلَى المَقْصُوْدِ مِنْ البَحثِ .
لَقَدْ أَوْضَحَ الإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ فِي " إِعلاَمِ المُوقِعِينَ " (4/185) فِي مَعْرِضِ كَلاَمِهِ عَنِ الحِيَلِ الحَكَمَ عَلَى مَنْ تَتَبُّع الرُّخَصَ فَقَالَ : " وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ وَالْإِفْتَاءُ فِي دِينِ اللَّهِ بِالتَّشَهِّي وَالتَّخَيُّرِ وَمُوَافَقَةِ الْغَرَضِ فَيَطْلُبُ الْقَوْلَ الَّذِي يُوَافِقُ غَرَضَهُ وَغَرَضَ مِنْ يُحَابِيهِ فَيَعْمَلُ بِهِ ، وَيُفْتِي بِهِ ، وَيَحْكُمُ بِهِ ، وَيَحْكُمُ عَلَى عَدُوِّهِ وَيُفْتِيهِ بِضِدِّهِ ، وَهَذَا مِنْ أَفْسَقِ الْفُسُوقِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ " .ا.هـ.
وَقَالَ أَيْضاً (4/195) : " لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي تَتَبُّعُ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ ، وَلَا تَتَبُّعُ الرُّخَصِ لِمَنْ أَرَادَ نَفْعَهُ ، فَإِنْ تَتَبَّعَ ذَلِكَ فَسَقَ ، وَحَرُمَ اسْتِفْتَاؤُهُ ، فَإِنْ حَسُنَ قَصْدُهُ فِي حِيلَةٍ جَائِزَةٍ لَا شُبْهَةَ فِيهَا وَلَا مَفْسَدَةَ لِتَخْلِيصِ الْمُسْتَفْتِي بِهَا مِنْ حَرَجٍ جَازَ ذَلِكَ ، بَلْ اُسْتُحِبَّ ، وَقَدْ أَرْشَدَ اللَّهُ - تَعَالَى - نَبِيَّهُ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى التَّخَلُّصِ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ ضِغْثًا فَيَضْرِبَ بِهِ الْمَرْأَةَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً .(1/8)
وَأَرْشَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا إلَى بَيْعِ التَّمْرِ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يَشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ تَمْرًا آخَرَ فَيَتَخَلَّصُ مِنْ الرِّبَا فَأَحْسَنُ الْمَخَارِجِ مَا خَلَّصَ مِنْ الْمَآثِمِ ، وَأَقْبَحُ الْحِيَلِ مَا أَوْقَعَ فِي الْمَحَارِمِ ، أَوْ أَسْقَطَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْحَقِّ اللَّازِمِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ النَّوْعَيْنِ مَا لَعَلَّكَ لَا تَظْفَرُ بِجُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ " .ا.هـ.
فَالإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ حَكَمَ عَلَى مَنْ تَتَبُّع الرُّخَصَ فَقَالَ : " وَهَذَا مِنْ أَفْسَقِ الْفُسُوقِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ " ، وَقَالَ : " فَإِنْ تَتَبَّعَ ذَلِكَ فَسَقَ " ، فَلَم يَحْكُمْ بِكُفْرِهِ كَمَا زَعَمَ الغناميُّ وَأَيَّدَهُ العزيزي - هَدَاهُمَا اللهُ - .
وَقَالَ الْفَتُوحِيُّ عَالِمُ مِصْرَ الشَّهِيرُ بِابْنِ النَّجَّارِ فِي " شرحِ الْكَوْكَبِ الْمُنِيرِ " (4/577) : " ( وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ) أَيْ : عَلَى الْعَامِّيِّ ( تَتَبُّعُ الرُّخَصِ ) وَهُوَ أَنَّهُ كُلَّمَا وَجَدَ رُخْصَةً فِي مَذْهَبٍ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَعْمَلُ بِغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ الْمَذْهَبِ ( وَيَفْسُقُ بِهِ ) أَيْ : بِتَتَبُّعِ الرُّخَصِ .
لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِإِبَاحَةِ جَمِيعِ الرُّخَصِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ : فَإِنَّ الْقَائِلَ بِالرُّخْصَةِ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ لَا يَقُولُ بِالرُّخْصَةِ الْأُخْرَى الَّتِي فِي غَيْرِهِ .(1/9)
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ تَتَبُّعُ الرُّخَصِ إجْمَاعًا ، وَمِمَّا يُحْكَى : أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ تَتَبَّعَ رُخَصَ الْمَذَاهِبِ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ . وَجَمَعَهَا فِي كِتَابٍ ، وَذَهَبَ بِهِ إلَى بَعْضِ الْخُلَفَاءِ ، فَعَرَضَهُ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْيَانِ ، فَلَمَّا رَآهَا قَالَ " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَذِهِ زَنْدَقَةٌ فِي الدِّينِ ، وَلَا يَقُولُ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ " .ا.هـ.
وَأَختِمُ بِكَلاَمٍ لشَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي " مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى " (20/220 - 221) يَقُوْلُ : " أَنَّ مَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا ثُمَّ فَعَلَ خِلَافَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ لِعَالِمِ آخَرَ أَفْتَاهُ ؛ وَلَا اسْتِدْلَالَ بِدَلِيلِ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ وَمِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ يُبِيحُ لَهُ مَا فَعَلَهُ ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ وَعَامِلًا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَقْلِيدٍ فَاعِلًا لِلْمُحَرَّمِ بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ فَهَذَا مُنْكَرٌ .(1/10)
وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَعْتَقِدَ الشَّيْءَ وَاجِبًا أَوْ حَرَامًا ثُمَّ يَعْتَقِدَهُ غَيْرَ وَاجِبٍ وَلَا حَرَامٍ بِمُجَرَّدِ هَوَاهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا لِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَيَعْتَقِدَهَا أَنَّهَا حَقٌّ لَهُ ثُمَّ إذَا طَلَبْت مِنْهُ شُفْعَةَ الْجِوَارِ اعْتَقَدَهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ ثَابِتَةً أَوْ مِثْلَ مَنْ يَعْتَقِدُ إذَا كَانَ أَخًا مَعَ جَدٍّ أَنَّ الْإِخْوَةَ تُقَاسِمُ الْجَدَّ فَإِذَا صَارَ جَدًّا مَعَ أَخ اعْتَقَدَ أَنَّ الْجَدَّ لَا يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ أَوْ إذَا كَانَ لَهُ عَدُوٌّ يَفْعَلُ بَعْضَ الْأُمُورِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَشُرْبِ النَّبِيذِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَلِعْبِ الشِّطْرَنْجِ وَحُضُورِ السَّمَاعِ أَنَّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُهْجَرَ وَيُنْكَرَ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَدِيقُهُ اعْتَقَدَ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي لَا تُنْكَرُ فَمِثْلُ هَذَا مُمْكِنٌ فِي اعْتِقَادِهِ حِلُّ الشَّيْءِ وَحُرْمَتُهُ وَوُجُوبُهُ وَسُقُوطُهُ بِحَسَبِ هَوَاهُ هُوَ مَذْمُومٌ بِخُرُوجِهِ خَارِجٌ عَنْ الْعَدَالَةِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ .
وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ مَا يُوجِبُ رُجْحَانَ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ إمَّا بِالْأَدِلَّةِ الْمُفَصَّلَةِ إنْ كَانَ يَعْرِفُهَا وَيَفْهَمُهَا وَإِمَّا بِأَنْ يَرَى أَحَدَ رَجُلَيْنِ أَعْلَمَ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْآخَرِ وَهُوَ أَتْقَى لِلَّهِ فِيمَا يَقُولُهُ فَيَرْجِعُ عَنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ لِمِثْلِ هَذَا فَهَذَا يَجُوزُ بَلْ يَجِبُ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ " .ا.هـ.(1/11)
وَفِي هَذَا القَدْرِ كِفَايَةٌ لِمَنْ طَلَبَ الحَقِّ وَأَرَادَهُ صَادِقاً ، مُخْلَصاً فِي ذَلِكَ ، وَاَمَا مَنْ أَرَادَ غَيْرِ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللهَ لَهُ الهدَايَةَ .
أَرْجُو مِمَّنْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي الجَرِيْدَةِ الَّتِي نَشَرَتْ مَقَال الغنامي أَنْ يَنْقُلَ هَذَا الرَّدِّ ، وَيَكُونَ عنوَانُهُ :
تَطَاولُ الْأَقْزامِ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/12)
توبة بعض المغنين من الغناء وخذلان بعضهم الآخر
الحمد لله وبعد ؛
إن الإنسانَ المؤمنَ ليفرحُ ويُسرُ عند سماعِ توبةِ عاصٍ من العصاةِ ، ثم يتحولُ بعد التوبةِ إلى فردٍ يسخرُ جهدهُ ووقتهُ لا ستغلالِ ما وهبهُ اللهُ له من نعمةٍ في خدمةِ دينهِ ، أو نفسهِ لتدارك ما فاتهُ من العمرِ الذي قضاهُ في مرحلةِ المعاصي ، فيستكثرُ من الطاعاتِ المقربةِ إلى اللهِ جل وعلا .
والمتأملُ في حالِ بعضِ اهل المعاصي من أهلِ الغناءِ يستغربُ من أحوالهم ، وكيف أن الشيطانَ زينَ لهم سوءُ أعمالهم من الضربِ بالعودِ ، والغناءِ الماجنِ ، وغير ذلك من الآت اللهو المحرم .
وقد يهدي الله بعضا من هؤلاء ، فتجد حاله ينقلب رأسا على عقب - وهذا كله بيد الله - والمسلمُ ليس له إلا أن يسال الله أن يهدي اولئك الذي يضيعون أعمارهم وأوقاتهم في مثل هذه المعصية التي تجر معها أنواعا أخرى من المعاصي - نسأل الله أن يجنبنا الفواحش - .
وقد وجدت قصصا تحكي توبة من اشتغلوا بالغناء ، ثم هداهم الله ، وتابوا من هذا الفعل ، والتزموا الجادة .
- قصة توبة زاذان من الغناء :
جاء في ترجمة زاذان في سير أعلام النبلاء (4/280 - 281) ما نصه :
وقال ابن عدي تاب على يد ابن مسعود .
وعن أبي هاشم الرماني قال : قال زاذان : كنتُ غلاماً حسنِ الصوتِ ، جيِّد الضربِ بالطُّنْبُور ، فكنت مع صاحبٍ لي ، وعندنا نبيذٌ ، وأنا أغنِّيهم ؛ فمر ابنُ مسعودٍ فدخل فضرب الباطِيَةَ - كل إناء يجعل فيه الخمر - بدَّدَها ، وكسر الطنبور ، ثم قال : لو كان ما يُسمَعُ من حُسنِ صوتك يا غلامُ بالقرآن كنت أنتَ أنتْ ، ثم مضى . فقلتُ لأصحابي : من هذا ؟ قالوا : هذا ابنُ مسعود ؛ فألقى في نفسي الَّتوبة ، فسعيت أبكي ، وأخذتُ بثوبه ، فأقبل علي فاعتنقني وبكى ، وقال : مرحبا بمن أحبه الله ، اجلس ؛ ثم دخل وأخرج لي تمرا .
قال زبيد : رأيت زاذان يصلي كأنه جِذْع .
فوائد من القصة :(1/1)
1 - إنكار الصحابي الجليل ابن مسعود للمنكر ، وتكسيره آنية الخمر ، والطنبور . وهذا فيه أن من كسرها لا يضمن ، لأنها مما يتلف بسبب استخدامها في المعصية .
2 - أثرت كلمة ابن مسعود في زاذان ، بالرغم أن ابن مسعود قال كلمة بسيطة ولكن انظروا مدى تأثر ذلك الشاب بها .
وفي هذا درس لنا أننا نحرص على حسن اختيار الألفاظ مع العصاة الذين يرجى منهم الرجوع إلى الجادة وإلى الطريق السوي . وكذلك لا ننتظر النتائج بعد إلقاء الموعظة على العاصي مباشرة .
3 - هداية الله لزاذان بسبب تلك الكلمة ، التي لامست قلبه فقادته إلى الهداية .
4 - حسن استقبال ابن مسعود للتائب ، ومعانقته إياه ، والفرح برجوعه إلى الطريق المستقيم ، والتلطف معه في العبارة .
وهكذا ينبغي أن يكون حالنا مع التائبين .
- توبة أحد أئمة الحنابلة من الغناء :
ذكر الحافظ ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة (3/330) عند ترجمة عبد الرحمن بن النفيس بن الأسعد الغياثي ، الفقيه المقرىء أبو بكر :
كان في ابتداء أمره يغني ، وله صوت حسن ، ثم تاب وحسنت توبته .
وقرأ القرآن في زمن يسير ، وتعلم الخط في أيام قلائل ، وحفظ كتاب الخرقي وأتقنه . وقرأ مسائل الخلاف على جماعة من الفقهاء . وكان ذكيا جدا ، يحفظ في يوم واحد ما لا يحفظه غيره في شهر .ا.هـ.
الله أكبر ؛ كيف يفتح الله على العبد إذا أخلص التوبة لله ؟؟؟!!!
وعكس هذه الصور من التوبة ، صورٌ تبين ما قد يقلب الله به حال أهل الطاعة والهدى إلى حال أهل المعصية والردى ، نسأل الله العافية والسلامة .
- انتكاس ابن أبي وداعة :
ذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (10/215) في حوادث سنة ثنتين وتسعين ومئة في ترجمة إسماعيل بن جامع بن أبي وداعة ما نصه :
أحد المشاهير بالغناء ، كان ممن يضرب به المثل ! وقد أولاً يحفظ القرآن ! ثم صار إلى صناعة الغناء وترك القرآن .ا.هـ.(1/2)
وذكر ابن كثير قصصا من اشتغاله بالغناء ، نسأل الله السلامة والعافية .
- سيد درويش البحر :
في " الأعلام " للزركلي في ترجمة " سيد درويش البحر " (3/146) قال :
سيد درويش البحر النجار : ولد بالإسكندرية ، وحفظ القرآن وتحول من ترتيله إلى إلقاء التواشيح .... وابتلي بشم " الكوكايين " فمات بتأثيره في الإسكندرية .
نعوذ بالله من الحور بعد الكور .
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
خطة عمل مشروع " ما يطلبه المسلمون "
مقدمة :
الحمد لله القائل في كتابة : " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ " [ آل عمران : 104] .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله - : فكل من دعا الناس إلى خير على وجه العموم ، أو على وجه الخصوص ، أو قام بنصيحة عامة أو خاصة ، فإنه داخل في هذه الآية الكريمة.ا.هـ.
والحمد لله القائل : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ " [ النحل : 125] .
والقائل في حق نبيه صلى الله عليه وسلم : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [ الأحزاب : 45 ، 46] .
والقائل في حقه أيضا : " لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ " [ الحج : 67] .
والقائل في حقه أيضا : " وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " [ القصص : 87] .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله - : " وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ " أي اجعل الدعوة إلى ربك ، منتهى قصدك وغاية عملك .
والقائل في حقه أيضا : " فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ " [ الشورى : 15] .
إن الدعوةَ إلى الله هو طريقُ الأنبياء ، وعلى رأسهم أولو العزم منهم كما قال تعالى فيهم مثبتا نبيه صلى الله عليه وسلم على الصبر في سبيل الدعوة إلى الله : " فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ " [ الأحقاف : 35] ، وعلى رأس أولو العزم نبينا صلى الله عليه وسلم .(1/1)
وطرقُ الدعوة كثيرةٌ جدا ، ومن نعم الله علينا نحن المسلمون أن سخر لنا في هذه الأزمان سُبل الدعوة إلى الله ، ومنها الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ، والتي فتحت مجالا أوسع في الدعوة إلى الله لو استغلت استغلالا مدروسا .
والمشروع الذي أود أن أطرحه لاستغلال هذه الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) في الدعوة إلى الله يتمثل في تلبية طلبات إخواننا من المسلمين في كثير من بلاد العالم ممن لا تتوفر لديهم الكتب والأشرطة لكي يتعرفوا على دينهم بشكل صحيح ، وخاصة في أمور العقيدة .
فكرة المشروع
تكونت فكرة المشروع عندما كنت استمع إلى برنامج في إذاعة القرآن الكريم بعنوان " رسائل المستمعين " ، وفكرة البرنامج تقوم على رسائل ترسل إلى إذاعة القرآن ، يطلب فيها أصحابها كتبا وأشرطة ، ولسان حال مقدم البرنامج يقول لنا : هذه رسائل إخوانكم يطلبون فيها كذا وكذا فهلا قمتم بتلبية طلباتهم يا أهل الدعوة إلى الله ؟
ومن ضمن ما سمعته في البرنامج رسالة معاتبة من أحدهم يعاتب فيها البرنامج على عدم تلبيته لطلبه ، وكان عذر مقدم البرنامج أن سبب ذلك يعود إلى عدم تمكنهم تلبية جميع ما يرد إليهم من رسائل .
وبعد سماع البرنامج قلت في نفسي : لماذا لا نقوم نحن بهذا العمل عن طريق ما يرد إلى البرنامج من طلبات ؟
فطرحت الفكرة في بعض منتديات الحوار ، والحمد لله وجدت القبول . فلله الحمد والمنة .
وأنا أعلم أن هناك جهوداً فردية يقوم بها بعض الشباب في هذا المجال ، ولكن – في رأي – أن للعمل المنظم آثارا أكبر ، وتوسيع الدائرة في هذا المجال يلبي أكبر عدد مما يحتاجه إخواننا في جميع أنحاء العالم .
وينبغي أن يلاحظ أن هؤلاء الذين يطلبون جاءوا راغبين ، واختيارهم لإذاعة القرآن الكريم عندنا دليل واضح أنهم وثقوا بها من خلال ما تطرحه من برامج مفيدة .
وكذلك ينبغي أن يُعلم أننا لا ندعي الكمال في هذا المشروع وسيظهر هذا بعد البدء في المشروع .(1/2)
وهذه الأهداف التي طرحتها قابلة للنقاش بما يرقى بهذا المشروع إلى الأفضل بحول الله وقوته .
أهداف المشروع
إنه لا بد لأي مشروع دعوي أن يقام على أهداف . وأهدافنا من هذا المشروع تتلخص في النقاط التالية :
أولا : إيصال الإسلام الصحيح إلى إخواننا ، وذلك عن طريق ما يرسل إليهم مع ما يطلبونه ، وبخاصة مجال العقيدة ، فكما هو معلوم أن كثيرا من ديار المسلمين – مع الأسف – تعيش صورا من الشرك بالله ، وهي صور كثيرة لا مجال لحصرها وعدها .
فالهدف الرئيس من هذا المشروع : إنقاذ أولئك المسلمين من براثن الشرك بالله ، وهذا واجب علينا لأن الله أنعم علينا بأن عشنا في بيئة تعلمت العقيدة الصحيحة ، وعرفت ما يُخرج من الدين ، فمن حقهم علينا أن نوصل لهم هذه العقيدة كما أخذناها نحن .
وذلك امتثالا للحديث عَنْ أَنَسٍ : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ . رواه البخاري ومسلم .
ثانياً : إن من نعم الله علينا نعمة الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) إذا استغلت في خدمة هذا الدين ، وهذا المشروع من أهدافه الأساسية أنه يعتمد على الشبكة العنكبوتية في نجاح هذا المشروع .
فعن طريقه نستطيع أن نوصل طلبات المسلمين بشكل سريع ، فكل منا يستطيع أن يخدم هذا المشروع عن طريق الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) .
ثالثاً : إن هذا المشروع يقوم على الاحتساب عند الله ، والتطوع للمشاركة فيه ، ومن أفضل الأماكن لبثه ونشره هو منتديات الحوار التي على منهج أهل السنة والجماعة ، وهذه المنتديات يرتادها عدد كبير ، وفي ظني أن كل واحد منهم يهمه أمر هذا الدين ، والعمل له ، ومن خلال هذا المشروع نستطيع أن نستغل طاقات رواد منتديات الحوار للعمل لهذا الدين .(1/3)
رابعاً : إننا لن نستطيع أن نلبي كل طلب يطلب منا ، لأن هناك من يطلب مجلدات ، وأشرطة كثيرة ، فيكون تركيزنا على الكُتيبات الصغيرة ، والمطويات ، والأشرطة . وكما قيل : ما لا يدرك كله ، لا يترك جله .
خطة العمل للمشروع
إن خطة العمل لهذا المشروع في النقاط التالية :
أولا : تسجيل برنامج " رسائل المستمعين " الذي يذاع في إذاعة القران الكريم ليلة الإثنين عند الساعة العاشرة والنصف .
ثانيا : كتابة الطلبات التي وردت إلى الإذاعة في ورقة ، ومن ثَم اختيار الطلبات التي تخلو من طلب مجلدات كثيرة ، أو أشرطة كثيرة .
ثالثا : طرح الطلبات في الصفحة المعدة لهذا الغرض ، بحيث يشارك رواد المنتديات في تلبية هذه الطلبات كل بحسب استطاعته وقدرته المالية .
رابعا : لن يطرح عنوان صاحب الطلب لكي لا يستغل من بعض أهل المناهج المنحرفة ، والمخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ، بل يرسل لمن تبنى طلبا معينا عنوان صاحب الطلب على عنوانه البريدي .
خامسا : يشترط لمن أراد أن يرسل طلبا أن يرفق مع الطلب كتيبا ، أو مطويةً ، أو شريطاً في العقيدة ، وموضوعها يكون بحسب ما يكون في بلد المرسل إليه من صور الشرك بالله .
سادسا : بعد إرسال الطلب يوافينا المتبني للطلب في الأسبوع الذي بعده بأنه أرسله أو لم يرسله ، ويكون تبني الطلب كحد أقصى أسبوعين . فإن لم يرسله بعد أسبوعين فإنه يخبرنا لكي يتبناه غيره .
سابعا : لن يكتفى بما لدى برنامج " رسائل المستمعين " فقط ، بل قد تتسع دائرة العمل فتشمل بعض الهيئات الخيرية ، ومراكز دعوة الجاليات وغيرهما .
وفي البداية سيقتصر المشروع على ما يرد إلى برنامج إذاعة القرآن الكريم ، ويكون بداية انطلاقة المشروع . ويقيم المشروع بناء على مدى نجاح هذه التجربة وعدمها .
ثامنا : يفضل لمن يرسل الطلب أن يضع بريد الالكتروني الخاص بالصفحة التي ستنشأ لهذا الغرض داخل الرسالة لكي يستطيع المرسل إليه أن يتواصل معنا من خلالها .(1/4)
هذا ما لدي من خطة للمشروع ، فمن كان لديه أفكار أو اقتراحات أخرى فإنني انتظر وبفارغ الصبر ما تضعونه من أفكار واقتراحات .
ولتعلموا أن هذا المشروع ليس لي فقط ، بل هو لكل من يشارك في إقامته ، والبذل له ، وسنرى بحول الله وقوته ثمرة هذا المشروع إذا كتب الله له النجاح .
وختاما أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول العمل ، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ، وأن يعيننا على خدمة هذا الدين بكل ما نستطيع . آمين .
للاقتراحات والملحوظات أرجو المراسلة على بريد :
zugailam@yahoo.com
أو
zugailam@hotmail.com
محبكم في الله : عبد الله زقيل(1/5)
خيانة ابن العلقمي للأهل السنة
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
ابْنُ العَلْقَمِيِّ ... اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى الخِيَانَةِ وَالغَدْرِ ... اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى سُقُوْطِ الدَّولَةِ العَبَّاسِيَّةِ ... اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى مُوَالاَةِ الكُفَّارِ ... اسْمٌ لاَ يَخْلُو مِنْهُ عَصْرٌ أَو مِصْرٌ حَيْثمَا وُجِد الرَّافِضَّةُ ... اسْمٌ لاَ يَخْلُو مِنْهُ كِتَابٌ سُطِر فِيهِ التَّارِيْخُ الإِسلاَمِيُّ .
ذَلِكَ الرَّافضِيُّ الخَائِنُ يُدَافِعُ عَنْهُ بَنُو مِلَّتِهِ ، وَيَنفُونَ عَنْهُ تُهْمَةَ الخِيَانَةِ كَالصَّفَّارِ ، وَفِي المُقَابِلِ يُثْنِي بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا وَيَعُدُّوْنَهَا مِنْ أَعْظَمِ المَنَاقِبِ لَهُ .
تَعَالَوْا مَعِي نَعِيْشُ تِلْكَ الخِيَانَة بِشَيْءٍ مِنَ الاختصَارِ ، وَبِقَلَمِ الدُكتور نَاصِرٍ القِفَاري فِي " أُصُوْلِ مَذْهَبِ الشِّيْعَةِ " .
مُؤَامَرَةُ ابْنِ العَلْقَمِيِّ الرَّافضِيِّ
وملخصُ الحادثةِ أن ابنَ العلقمي كان وزيراً للخليفةِ العباسي المستعصمِ ، وكان الخليفةُ على مذهبِ أهلِ السنةِ ، كما كان أبوهُ وجدهُ ، ولكن كان فيه لينٌ وعدمُ تيقظٍ ، فكان هذا الوزيرُ الرافضي يخططُ للقضاءِ على دولةِ الخلافةِ ، وإبادةِ أهلِ السنةِ ، وإقامةِ دولةٍ على مذهبِ الرافضةِ ، فاستغل منصبهُ ، وغفلةَ الخليفةِ لتنفيذِ مؤامراتهِ ضد دولةِ الخلافةِ ، وكانت خيوطُ مؤامراتهِ تتمثلُ في ثلاثِ مراحلٍ :
المرحلةُ الأولى : إضعافُ الجيشِ ، ومضايقةُ الناسِ .. حيثُ سعى في قطعِ أرزاقِ عسكرِ المسلمين ، وضعفتهم :
قالَ ابنُ كثيرٍ : " وكان الوزيرُ ابنُ العلقمي يجتهدُ في صرفِ الجيوشِ ، وإسقاطِ اسمهم من الديوانِ ، فكانت العساكرُ في أخرِ أيامِ المستنصرِ قريباً من مائةِ ألفِ مقاتلٍ .. فلم يزلْ يجتهُد في تقليلهم ، إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف "[ البداية والنهاية : 13/202 ] .(1/1)
المرحلةُ الثانيةُ : مكاتبةُ التتارِ : يقولُ ابنُ كثيرٍ : " ثم كاتب التتارَ ، وأطمعهم في أخذِ البلادِ ، وسهل عليهم ذلك ، وحكى لهم حقيقةَ الحالِ ، وكشف لهم ضعفَ الرجالِ " [ البداية والنهاية : 13/202 ] .
المرحلةُ الثالثةُ : النهي عن قتالِ التتارِ ، وتثبيط الخليفةِ والناسِ :
فقد نهى العامةَ عن قتالِهِم [ منهاج السنة : 3/38 ] وأوهم الخليفةَ وحاشيتهُ أن ملكَ التتارِ يريدُ مصالحتهم ، وأشار على الخليفةِ بالخروجِ إليهِ ، والمثولِ بين يديهِ لتقع المصالحةُ على أن يكونَ نصفُ خراجِ العراقِ لهم ، ونصفهُ للخليفةِ ، فخرج الخليفةُ إليهِ في سبعمائةِ راكبٍ من القضاةِ والفقهاءِ والأمراءِ والأعيانِ .. فتم بهذهِ الحيلةِ قتلُ الخليفةِ ومن معهُ من قوادِ الأمةِ وطلائعها بدونِ أي جهدٍ من التترِ ، وقد أشار أولئك الملأُ من الرافضةِ وغيرِهِم مِنْ المنافقين على هولاكو أن لا يصالحَ الخليفةَ ، وقال الوزيرُ ابنُ العلقمي : متى وقع الصلحُ على المناصفةِ لا يستمرُ هذا إلا عاماً أو عامين ، ثم يعودُ الأمرُ إلى ما كان عليه قبل ذلك ، وحسنوا له قتلَ الخليفةِ ، ويقال إن الذي أشار بقتلهِ الوزيرُ ابنُ العلقمي ، ونصيرُ الدينِ الطوسي [ وكان النصيرُ عند هولاكوا قد استصحبهُ في خدمتهُ لما فتح قلاعَ الألموت، وانتزعها من أيدي الإسماعيليةِ (ابن كثير/ البداية والنهاية : (13/201) ]
ثم مالوا على البلدِ فقتلوا جميعَ من قدروا عليه من الرجالِ والنساءِ والولدان والمشايخِ والكهولِ والشبانِ ، ولم ينج منهم أحدٌ سوى أهل الذمةِ من اليهودِ والنصارى ، ومن التجأ إليهم ، وإلى دار الوزيرِ ابنِ العلقمي الرافضي [ البداية والنهاية : 13/201-202 ](1/2)
وقد قتلوا من المسلمين ما يقالُ إنهُ بضعةُ عشر ألفِ ألفِ إنسانٍ أو أكثر أو أقل ، ولم يُر في الإسلامِ ملحمةٌ مثلَ ملحمةِ التركِ الكفارِ المسمين بالتترِ ، وقتلوا الهاشميين ، وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين ، فهل يكونُ موالياً لآلِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم من يسلطُ الكفارَ على قتلهم وسبيهم وعلى سائرِ المسلمين ؟ [ منهاج السنة : 3/38 ]
وقتل الخطباءُ والأئمةُ ، وحملةُ القرآنِ ، وتعطلت المساجدُ والجماعاتُ والجمعاتُ مدة شهورٍ ببغداد [البداية والنهاية : 13/203 ]
وكان هدفُ ابنِ العلقمي " أن يزيلَ السنةَ بالكليةِ وأن يظهرَ البدعةَ الرافضة ، وأن يعطلَ المساجدَ والمدارسَ ، وأن يبني للرافضةِ مدرسةً هائلةً ينشرون بها مذهبهم فلم يقدرهُ اللهُ على ذلك ، بل أزال نعمتهُ عنه وقصف عمره بعد شهورٍ يسيرةٍ من هذه الحادثةِ ، وأتبعه بولدهِ " [ البداية والنهاية : 13/202 - 203 ] .
فتأمل هذه الحادثةَ الكبرى والخيانةَ العظمى ، واعتبر بطيبةِ بعضِ أهلِ السنةِ إلى حد الغفلةِ بتقريبِ أعدى أعدائهم ، وعظيمَ حقدِ هؤلاءِ الروافضِ وغلهم على أهلِ السنةِ ، فهذا الرافضي كان وزيراً للمستعصمِ أربعَ عشرةَ سنة ، وقد حصل له من التعظيمِ والوجاهةِ ما لم يحصل لغيرهِ من الوزراءِ ، فلم يجد هذا التسامحَ والتقديرَ في إزالةِ الحقدِ والغلِ الذي يحملهُ لأهلِ السنةِ ، وقد كشف متأخروا الرافضةِ القناعَ عن قلوبهم ، وباحوا بالسرِ المكنون فعدوا جريمةَ ابنِ العلقمي والنصيرِ الطوسي في قتل المسلمين من عظيمِ مناقبهما عندهم .
فقال الخميني في الإشادةِ بما حققهُ نصيرُ الطوسي : ".. ويشعرُ الناسُ ( يعني شيعته ) بالخسارةِ .. بفقدانِ الخواجةِ نصيرِ الدينِ الطوسي وأضرابهِ ممن قدم خدماتٍ جليلة للإسلامِ " [ الحكومة الإسلامية : ص 128 ] .(1/3)
والخدماتُ التي يعني هنا هي ما كشفها الخوانساري من قبله في قولهِ في ترجمةِ النصيرِ الطوسي : " ومن جملةِ أمرهِ المشهورِ المعروفِ المنقولِ حكايةً استيزاره للسلطانِ المحتشمِ .. هولاكو خان.. ومجيئهِ في موكبِ السلطانِ المؤيدِ مع كمالِ الاستعدادِ إلى دارِ السلامِ بغداد لإرشادِ العبادِ وإصلاحِ البلادِ .. بإبادةِ ملكِ بني العباسِ ، وإيقاعِ القتلِ العامِ من أتباعِ أولئك الطغام ، إلى أن أسالَ من دمائهم الأقذار كأمثالِ الأنهارِ ، فانهار بها في ماءِ دجلة ، ومنها إلى نارِ جهنم دارِ البوارِ" [ روضات الجنات : 6/300 - 301 ، وانظر أيضاً في ثناء الروافض على النصير الطوسي النوري الطبرسي / مستدرك الوسائل : 3/483 ، القمي / الكنى والألقاب : 1/356 ] .
فهم يعدون تدبيرهُ لإيقاعِ القتلِ العامِ بالمسلمين ، من أعظمِ مناقبهِ ، وهذا القتلُ هو الطريقُ عندهم لإرشادِ العبادِ وإصلاحِ البلادِ ، ويرون مصيرَ المسلمين الذي استشهدوا في هذهِ " الكارثة " إلى النارِ ، ومعنى هذا أن هولاكو الوثني وهو الذي يصفه بالمؤيدِ ، وجنده هم عندهم من أصحابِ الجنةِ ؛ لأنهم شفوا غيظ هؤلاء الروافضِ من المسلمين ، فانظر إلى عظيمِ هذا الحقدِ !! حتى صار قتلُ المسلمين من أغلى أمانيهم.. وصار الكفارُ عندهم أقربَ إليهم من أمةِ الإسلامِ .(1/4)
هذه قصةُ ابنِ العلقمي أوردتها معظمُ كتبِ التاريخِ [ وانظر أيضاً في قصة تآمره : ابن شاكر الكتبي / فوات الوفيات : 2/313 ، الذهبي / العبر : 5/225 ، السبكي / طبقات الشافعية : 8/262-263 وغيرها ] ، وأقرتها كتبُ الرافضةِ ، وأشادت بها.. ومع ذلك فقد حاول الراوفضُ المعاصرين توهين القصةِ والطعنَ في ثبوتها ، وحجتهُ أن الذين ذكروا الحادثةَ غير معاصرين للواقعةِ ، وحينما جاء على من ذكر الحادثةَ من معاصريها مثل : أبي شامة شهابِ الدين عبدِ الرحمن بنِ إسماعيل ( ت665 هـ ) كان جوابُهُ عن ذلك بأنهُ وإن عاصرَ الحادثةَ معاصرةً زمانيةً ، لكنه من دمشق فلم تتوفر فيه المعاصرةُ المكانيةُ [ انظر : محمد الشيخ الساعدي / مؤيد الدين بن العلقمي وأسرار سقوط الدولة العباسية ، وقد ساعدت جامعة بغداد على نشر الكتاب ] .
وهي محاولةٌ لردِ ما استفاض أمرُهُ عند المؤرخين ، كمحاولتهم في إنكارِ وجودِ ابنِ سبأ، وقد بحثتُ في كتبِ التاريخِ فوجدتُ شهادةً هامةً لأحدِ كبارِ المؤرخين تتوفرُ فيه ثلاثُ صفاتٍ :
الأولى : أن الشيعةَ يعدونهُ من رجالهم .
والثانية : أنه من بغداد .
والثالثة : أنه متوفى سنة 674 هـ .
فهو شيعي بغدادي معاصرٌ للحادثةِ ؛ ذلك هو الإمامُ الفقيهُ علي بنُ أنجب المعروف بابنِ الساعي الذي شهد بجريمةِ ابنِ العلقمي فقال : "... وفي أيامهِ ( يعني المستعصم ) استولت التتارُ على بغداد ، وقتلوا الخليفة ، وبه انقضت الدولةُ العباسيةُ من أرض العراقِ ، وسببهُ أن وزيرَ الخليفةِ مؤيدَ الدين ابنَ العلقمي كان رافضياً.. ثم ساق القصةَ [ مختصر أخبار الخلفاء : ص 136 - 137 ]
وابنُ الساعي هذا ذكرهُ محسنُ الأمين من رجالِ الشيعةِ فقال : " علي بنُ أنجبٍ البغدادي المعروف بابنِ الساعي له أخبارُ الخلفاءِ ت 674 هـ " [ أعيان الشيعة : 1/305 ] .(1/5)
ويكفي دلالة على صلة الروافض بنكبة المسلمين وتمني حصول أمثالها هذا التشفي الذي صدر على ألسنة شيوخهم المتأخرين والمعاصرين كالخوانساري ، والخميني وأمثالهما.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/6)
مِنْ " ذكرياتِ " الشيخِ علي الطنطاوي - رحمهُ الله - . . . فوائد وفرائد
الحمدُ للهِ وبعدُ ،
عليٌّ الطنطاوي - رحمهُ اللهُ - ارتبط اسمهُ في أذهاننا منذ الصغرِ من خلالِ برنامجهِ الذي كان يقدمهُ في الرائي بعنوان : " نور وهداية " ، وكان لهُ برنامجٌ بعد الإفطارِ في رمضان ، وكان من المعمرين ، فمات - رحمهُ اللهُ - وقد تجاوز التسعين .
قال الشيخُ سليمان الخراشي في " الطنطاوي في الميزان " ( ص 5 ) : " هذا الشيخُ قد عرفناهُ ونحن صغارٌ بأحاديثهِ الممتعةِ عبر الإذاعةِ ومن خلالِ الرائي ، وقد ارتبط اسمهُ لدينا بشهرِ رمضان حيث كان يقدمُ البرامجَ المميزةَ خلال الشهرِ الكريمِ ، وكان يجمعُ في برامجهِ بين الإصلاحِ الاجتماعي والحديثِ الشجي الجذابِ .
هذا الشيخُ هو عليٌّ الطنطاوي الذي يعرفهُ الصغارُ والكبارُ في بلادنا ، حيث حلَّ ضيفاً علينا منذ عشراتِ السنين ، مستقراً في أم القرى ، ناشراً دعوتهُ عبر القنواتِ والوسائلِ التي تيسرت له منذ قدومهِ إلى اليوم " .ا.هـ.
ترك الشيخُ عليٌّ الطنطاوي مؤلفاتٍ كثيرةً من أشهرها : " ذكريات " ، وهي سلسلةٌ في ثمانية مجلداتٍ ، كتب فيها ذكرياتهُ في أسلوبٍ أدبيٍّ بسيطٍ ، إلى جانبِ السرد التاريخي لحياتهِ - رحمهُ اللهُ - ، حوت جملةً كبيرةً من الفوائدِ الأدبيةِ ، والتاريخيةِ ، واللغويةِ ، والفقيةِ ، وغيرِ ذلك مما يحسنُ جمعهُ في مجلدٍ لطيفٍ .
وقد رأيتُ أن أضع بين أيديكم ما جمعتهُ من تلك الفوائدِ للاستفادة منها ، وبدأتُ بالمجلدِ الثامنِ ثم ننزل بالتدرج إلى الأول إن شاء اللهُ تعالى ، نسألُ اللهَ الإعانةَ والسداد .
فائدةٌ :(1/1)
نقل الشيخُ محمدٌ المجذوب عن الطنطاوي أنه قال : " إنهُ نشأ أول أمرهِ في وسطٍ صوفي ، إذ كان والدهُ نقشبندياً مثل أكثرِ المشايخِ ، فتعلم منه كره ابنَ تيميةَ والوهابيةَ ، حتى إذا شخص إلى مصر ، وصحب خالهُ المرحوم الأستاذ محب الدين الخطيب ، بدأ ينظرُ إلى ذلك الموضوعِ بروحٍ جديدةٍ دفعتهُ إلى إعادةِ النظرِ في أمرِ القومِ . . . بيد أنه لم ينتهِ إلى الاستقرارِ إلا بعد اتصالهِ بالشيخِ بهجةٍ البيطار ، فمن هناك بدأت استقامتهُ على الطريقةِ والتزامِ الجادةِ ، وكان من أثرِ ذلك كتاباهُ اللذان أخرجهما عن حياةِ الشيخِ محمدِ بنِ عبد الوهاب [ قال الشيخُ سليمان الخراشي في الحاشية : وعليهما ملاحظات ] . . . إلا أن هذا الاستقرار لم يأتِ بالمجانِ بل كلفهُ وأخاهُ عبد الغني - كما يقولُ - طويلاً من النقاشِ مع الشيخِ بهجة ، غفر اللهُ لنا ولهُ ، فقد دخلا معه في معركةِ جدالٍ حادةٍ ، بلغت بهما حدَّ إغضابهِ ، وهو المعروفُ بوقارِ العلمِ وسعةِ الصدرِ ، والبعد عن التعصب ، حتى لم يعد لهما حجةٌ يصح الاعتدادُ بها بعد أن اتضحت معالمُ الحقِّ في أجلى بيانٍ . . " .ا.هـ.
سبحان الله ! فقد أراد اللهُ للشيخِ عليٍّ الطنطاوي أن يبحثَ عن الحقِّ فهداهُ اللهُ إليهِ .
والآن مع الفوائدِ . . .
حمى الدينِ مستباحٌ لكلِّ أحدٍ :
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي (8/8) : " وللطبِّ حُماتهُ ، والذائذون عنهُ ، فإن انتحل صفةَ الطبيبِ من ليس من أهلهِ ، ففتح عيادةً ، أو كتب وصفةً لاحقوهُ قضائياً فعاقبوهُ ، وكذلك من ادعى أنهُ مهندسٌ وما هو بمهندسٍ ، فرسم خريطةً حاكموهُ وجازوهُ ، فما لنا نرى بابينِ مفتوحين لا حارس عليهما ، ولا بواب ، يدخلهما من شاء ، وهما أخطرُ من الطب ومن الهندسةِ ، هما : " الدينُ والسياسيةُ " .
فمن أراد تكلم في الدينِ ، ولو خالف الأئمةَ الأولين والآخرين ، أو أفتى ولو جاء بما لم يقل به أحدٌ من المفتين ...(1/2)
فما للدينِ لا يجدُ من يحميهِ ؟ لقد كانوا يقولون قديماً :
لقدْ هزلتْ حتى بدا من هُزالها * * * * سلاها وحتى سامها كلُّ مفلسِ
فماذا نقولُ وقد زاد بها الهزالُ حتى لم يبق منها إلا العظام ، وحتى أقدمت عليها السباعُ والضباعُ والهوامُ " .ا.هـ.
وصدقَ - رحمهُ اللهُ - .
فائدةٌ لغويةٌ :
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي (8/9) : " حتى أنّ مديرَ مدرستنا الابتدائية التي كنتُ أدرّسُ فيها في أوائلِ العشرينيات " لا العشرينات " من هذا القرنِ " .ا.هـ.
تصحيحٌ لمفهومٍ خاطىءٍ عن النعامةِ :
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي (8/10) : " ... فهل نصيرُ كالنعامةِ التي كذبوا عليها فزعموا أنها تدفنُ رأسها في الرملِ تظنُ أنها إن لم ترَ عدوها فإنه لا يراها ، وهي لا تفعلُ ذلك ولكنها فريةٌ افتروها عليها ، وهي لا تملكُ لساناً تردُّ به عن نفسها ، أما أنا فإني أملكُ بحمدِ اللهِ لساني وقلمي " .ا.هـ.
مناظرةٌ مع نصراني :
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي - رحمهُ اللهُ - (8/11 - 12) : " ذلك أنهُ كان من عادةِ رؤساءِ الجمهوريةِ في دمشق أنهم يدعون القضاةَ والعلماءَ ، ومن يسمونهم برجالِ الدينِ إلى مائدةِ الإفطارِ في رمضان ، وقد ذهبتُ مرتين فقط إلى دعوتين من الرئيسينِ هاشم بك الأناسي وشكري بك القوتلي رحمةُ اللهِ عليهما ، فجمع أحدهما بيننا نحن قضاة الشرعِ والمشايخِ ورجالِ الدين من النصارى ، وكانت أحاديث مما يُتحدثُ به في أمثالِ تلك المجالسِ ، أحاديث تمسُ المشكلاتِ ولا تخترقها ، وتطيفُ بها ولا تداخلها ، ففاجأنا مرةً واحدٌ من كبارهم يعتبُ علينا ، إننا ندعوهم كفاراً .(1/3)
فجزع الحاضرون ووجموا ، وعرتِ المجلسُ سكتةً مفاجأةً ، فقلتُ للرئيسِ : تسمح لي أن أتولى أنا الجواب ؟ وسألتهُ : هل أنت مؤمنٌ بدينك ؟ قال : نعم ، قلتُ : ومن هم الذين تدعونهم مؤمنين بهِ : أليسوا هم الذين يعتقدون بما تعتقد ؟ قال : بلى ، قلتُ : وماذا تسمي من لا يعتقدُ بذلك ؟ ألا تدعوه كافراً ؟ فسكت . قلتُ إن الكافرَ عندك هو الذي يرفضُ أن يأخذَ بما تراهُ أنت من أسس الدينِ ، وأصولِ العقائدِ ، وكذلك نحنُ فالناسُ عندنا بين مسلمٍ يؤمنُ بما نؤمنُ به من رسالةِ محمدٍ - صلى اللهُ عليه وسلم - ، وإن القرآن أنزلهُ اللهُ عليهِ ، وآخرُ لا يؤمنُ بذلك فنسميه كافراً فهل أنت مسلم ٌ ؟ فضحك وقال : لا ، طبعاً ، قلتُ : وهل أنا في نظرك وبمقاييس دينك مؤمنٌ بما لدى النصارى أو كافرٌ به ؟ فسكت وسكتوا ، قلتُ : أنا أسألك ، فإن لم تجب أجبتُ عنك ، أنا عندك كافرٌ لأني لا أعتقدُ بأن المسيحَ ابنُ اللهِ ، ولا بأنهم ثلاثةٌ الأبُ والابنُ وروحُ القدسِ ، والثلاثةُ واحدٌ ، ولا بمسألةِ الفداءِ ، ولا بامثالِ ذلك مما هو من أصولِ عقائدِ النصارى . وأنت عندي كافرٌ لأنك تقولُ بها ، فلماذا تنكرُ عليّ ما تراهُ حقاً لك ؟ إن ديننا ظاهرٌ معلنٌ ، ليس فيه خبايا ولا خفايا ولا أسرار ، والقرآنُ يتلى في كلِّ إذاعةٍ في الدنيا ، حتى أنني سمعتهُ مرةً في إذاعةِ إسرائيل ، والقرآنُ يقول : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ " [ المائدة : 17 ] ، ويقولُ في الآيةِ الثانيةِ : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ " [ المائدة : 73 ] ، فالكفرُ والإيمانُ إذن مسألةٌ نسبيةٌ ، ما تسميه أنت كفراً أسميه أنا إيماناً ، وما أسميه أنا كفراً تسميه أنت إيماناً ، واللهُ هو الذي يفصلُ بيننا يومَ القيامةِ ، فسكتوا " .ا.هـ.
نسيانُ الأمةِ لعظمائها :(1/4)
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي (8/36) : " وكان الرئيسُ هو الأستاذُ مصباح محرم ، وهو قاض كبير نسيهُ الناسُ كما نسوا من أمثالهِ الكثير ، لأن مكانهم في أذهانهم امتلأ بأسماءِ المغنين والممثلين ولاعبي الكرة في الملعبِ واللاعبين بمصالحِ الأممِ من السياسين في المجالسِ والأحزابِ " .ا.هـ.
عاقبةُ التفرقِ والانفرادِ :
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي (8/38 - 39) : " ... حتى ظهر مصطفى كمال فألقى القناعَ الأبيضَ المزورَ ، فظهر من ورائهِ الوجهُ الأسودُ القبيحُ ، لما بدأت تظهرُ نوايا الاتحاديين ألفت أحزابٌ ، وتجمعت جماعاتٌ لمقاومةِ دعوتهم إلى تتريكِ العناصرِ العثمانيةِ ، فكان منها ) الجمعية المحمدية ( ومنها ) حزب الحرية والائتلاف ( الذي كان الشيخُ مسعودٌ من أكبر العاملين له ، والساعين لإنشائهِ .
تنبه العربُ لمكايدِ الاتحاديين ، ولكنهم على عادتهم يخالفون دائماً أمرَ ربهم ، فيعمدون إلى التفرقِ والانفرادِ ، بدل التجمعِ والاتحادِ ، فيعملُ كلٌ وحدهُ وفق اجتهادهِ ولا يعملون معاً ، لذلك لم تفلح واحدةٌ من هذه الجماعاتِ وهذه الأحزابِ وبقي حزبُ " الاتحادِ والترقي " هو الحاكمُ ، حتى أدخلنا بسوءِ رأيهِ ، وفسادِ طويتهِ في الحربِ العالميةِ الأولى ، وجعلنا في الجانبِ الخاسرِ ، فكان السبب في انهيارِ هذا الصرحِ العظيمِ الذي ظل يقارعُ الأحداثَ ويثبتُ على الزلازلِ والهزاتِ خمسةَ قرونٍ : صرحُ الدولةِ العثمانيةِ على ما كان منها " .ا.هـ.
خطبةٌ في مكانٍ أسفله وأعلاه بنكٌ :(1/5)
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي )8/49( : " وكان إلى جنبِ المشيريةِ مسجدٌ ) هو مسجدُ عيسى باشا ( وأمامها مسجدٌ . أما الذي إلى جنبها فقد أقيمت في مكانهِ عمارةٌ كبيرةٌ جعلوا للمسجدِ طبقةً منها ، وفي الطبقةِ التي تحتها مصرفٌ ) بنك ( وفي الطبقةِ التي فوقها مصرفٌ ) بنك ( . خطبتُ فيه مرةً خطبةَ الجمعةِ ، فقلتُ للناسِ : " إني أقومُ على هذا المنبرِ أقولُ إن اللهَ حرم الربا ، فيقولُ لي من هو تحتي : " كذابٌ " ، ويقولُ الذين هم فوقي : " كذابٌ " .
وجعلُ المساجد طبقة في عمارةٍ كبيرةٍ بدعة لم أعرفها في غير الشام وبيروت ، وهي حرامٌ ، لأن أرضَ المسجدِ وسماءهُ له فلا يجوزُ أن يملك تحته ولا ما فوقه " .ا.هـ.
وصفٌ غالبٌ في السِّمَانِ :
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي (8/51) : " والسِّمانُ عادةً يكونون خفافَ الروحِ ويكونون من أظرفِ الناسِ ، كأن الذي زاد في شحمهم ولحمهم خفف من دمهم . هذا هو الغالبُ عليهم فإن وجدتم فيهم من ثقُل دمهُ كما ثقُل جسمهُ فتلك هي المصيبةُ الكبرى . ولحملُ صخرةٍ تصعدُ بها الجبل ، أهونُ من مجالسةِ سمينٍ ثقيل الدم " .ا.هـ.
هِمَّةُ الشيخِ عليًّ الطنطاوي في القراءةِ :
قال الشيخُ عليًّ الطنطاوي (8/58) : " قلتُ : ومن يقرأُ أكثر مني ؟ أنا من سبعين سنةِ إلى الآن ، من يوم كنتُ صبياً ، أقرأُ كلَّ يومٍ مئةَ صفحة على الأقل ،وأقرأُ أحياناً ثلاث مئة أو أكثر ، ما لي عمل إلا القراءة ، لا أقطعها إلا أن أكون مريضاً أو على سفرٍ ، فاحسبوا كم صفحة قرأتُ في عمري . لقد قرأتُ أكثرَ من نصفِ مليون صفحة وأعرفُ من قرأ أكثر مني كالأستاذ العقاد والأمير شكيب أرسلان ومحمد كرد علي ومحب الدين الخطيب رحمهم الله " .ا.هـ.
موقفٌ طريفٌ في مصر :(1/6)
قال الشيخُ عليٌّ الطنطاوي (8/67) : " ذهبتُ في إحدى سفراتي أزورُ الأستاذَ الزيات ، وكان قد انتقل إلى ( المنيل ) إلى شارعٍ سماه لي شارع ( مسجد السلطان قايتباي ) فأخذتُ سيارةً وذهبتُ المنيل أسألُ عن هذا الشارع فلم يعرفهُ أحدٌّ ممن سألتهُ عنهُ ، وطُفتُ في المكانِ خمسةَ أشواطٍ وأنا لا أعرفُ أين يقعُ هذا الشارع حتى كانت مصادفةٌ من أعجب المصادفاتِ ، أرويها لكم على حقيقتها وأحسبكم ستشكون فيها ، هي أنني وقفتُ على بابِ محلٍ تجاريٍّ أسألُ صاحبهُ عن الشارعِ فاهتم بي ، ولكن ما عرفهُ ، فرفعتُ رأسي وغذا لوحةٌ باسم الشارعِ على الجدارِ فوق هذا المحلِ فلما نبهتهُ إليها عجب كثيراً وضحك طويلاً وأقسم أنه لم ير اللوحةَ إلا الآن " ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/7)
رأي فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله –
في العمليات الانتحارية
الأخ الفاضل إحسان العتيبي .
جزاك الله خيرا على هذا الموقف ممن خاضوا في فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ .
ونسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتك .
والعجيب أن هذا القول قال به فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ولم تقام الدنيا بسبب رأي الشيخ محمد بن صالح العثيمين كما قام الرويبضة الآن .
وهذا ما قاله فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في شرحه لـ " رياض الصالحين " (1/165 - 166) في شرحه لحديث الغلام والساحر :
رابعا : أن الإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامَّة للمسلمين فإن هذا الغلام دلَّ الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه وهو أن يأخذ سهما من كنانته ... إلخ .
قال شيخ الإسلام : " لأن هذا جهاد في سبيل الله ، آمنت أمة وهو لم يفتقد شيئا لأنه مات وسيموت آجلا أو عاجلا " .
فأما ما يفعله بعض الناس من الانتحار بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم ، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله .
ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام .
لأن هذا قتل نفسه لا في مصلحة الإسلام لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مئة أو مئتين ، لم ينتفع الإسلام بذلك فلم يُسلم الناس ، بخلاف قصة الغلام . وهذا ربما يتعنت العدو أكثر ويُوغر صدره هذا العمل حتى يفتِكَ بالمسلمين أشد فتك .
كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين فإن أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من جراء ذلك ستين نفرا أو أكثر فلم يحصل في ذلك نفع للمسلمين ولا انتفاع للذين فُجرت المتفجرات في صفوفهم .(1/1)
ولهذا نرى أن ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار نرى أنه قتل للنفس بغير حق وأنه موجب لدخول النار والعياذ بالله وأن صاحبه ليس بشهيد . لكن إذا فعل الإنسان هذا متأولا ظانا أنه جائز فإننا نرجو أن يسلم من الإثم ، وأما أن تكتب له الشهادة فلا . لأنه لم يسلك طريق الشهادة . ومن اجتهد وأخطأ فله أجر .ا.هـ.
وسئل الشيخ أيضا في اللقاء الشهري (20/73 - 76) سؤالا :
يقول فضيلة الشيخ علمتَ ما حصل في يوم الأربعاء من حادثٍ قُتل فيه أكثر من عشرين يهوديا على يد أحد المجاهدين وجرح فيه نحو من خمسين وقد قام هذا المجاهد فلفَّ على نفسه المتفجرات ، ودخل في إحد حافلاتهم ففجرها ، وهو إنما فعل ذلك أولا لأنه يعلم أنه إن لم يقتل اليوم قتل غدا لأن اليهود يقتلون الشباب المسلم هناك بصورة منتظمة .
ثانيا : إن هؤلاء المجاهدين يفعلون ذلك انتقاما من اليهود الذين قتلوا المصلين في المسجد الإبراهيمي .
ثالثا : إنهم يعلمون أن اليهود يخططون هم والنصارى للقضاء على روح الجهاد الموجودة في فلسطين ، والسؤال هو : هل هذا الفعل منه يعتبر إنتحارا أو يعتبر جهادا ؟
وما نصيحتك في مثل هذه الحال ، لأننا إذا علمنا أن هذا أمر محرم لعلنا نبلغه إلى إخواننا هناك وفقك الله ؟
الجواب : هذا الشاب الذي وضع على نفسه اللباس الذي يقتل أول من يقتل نفسه فلا شك أنه هو الذي تسبب في قتل نفسه ، ولا يجوز مثل هذه الحالة إلا إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للإسلام ، فلو كانت هناك مصلحة كبيرة ونفع عظيم للإسلام كان ذلك جائزا .
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على ذلك ، وضرب لهذا مثلا بقصة الغلام ....
يقول شيخ الإسلام : هذا حصل فيه نفع كبير للإسلام .(1/2)
وإن من المعلوم أن الذي تسبب في قتل نفسه هو هذا الغلام لا شك ، لكنه حصل بهلاك نفسه نفع كبير آمنت أمة كاملة ، فإذا حصل مثل هذا النفع فللإنسان أن يفدي دينه بنفسه ، أما مجرد قتل عشرة أو عشرين دون فائدة ، ودون أن يتغير شيء ففيه نظر بل هو حرام ، فربما أخذ اليهود بثأر هؤلاء فقتلوا المئات والحاصل أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى فقه وتدبر ونظر في العواقب وترجيح أعلى المصلحتين ودفع أعظم المفسدتين ، ثم بعد ذلك يقدر كل حالة بقدرها .ا.هـ.
فهذا هو كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - فقيه العصر في هذه المسألة .
فما بالكم لم تشنعوا عليه كما شنعتم على سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ؟؟؟؟
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
رجلٌ أعمالٍ مسلمٍ يعرضُ مسجداً للبيعِ بالمزادِ العلني ... أين أنتم ؟؟؟
بيانٌ من لجنةِ تبرعاتِ مسجدِ أستراليا في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ
فلقد قام أحدُ كبارِ المحسنين في المملكةِ العربيةِ السعودية بتبني شراءِ مسجدِ أستراليا بمبلغٍ 2600000 ( مليونين وستمائة ألف دولار أسترالي ) جزاهُ اللهُ خيرَ الجزاءِ الأوفى وأصلح اللهُ نيتهُ وذريتهُ وبارك في عمرهِ وعملهِ .
وقد تم جمعُ مبلغِ 250000 ( مائتين وخمسين ألف ريال سعودي ) عن طريقِ حسابِ المسجدِ .
وسيتمُ إن شاءَ اللهُ تسديدُ بعضِ قيمةِ العربونِ الذي اقترضهُ بعضُ الأخوةِ في أستراليا ، والذي تم دفعهُ للبائعِ عند توقيعِ العقدِ بعد التنسيقِ مع الجهةِ المختصةِ ( المتبنيةِ لشراءِ المسجدِ ) .
نرجو من الجميعِ التوقف عن الإيداعِ في الحسابين المخصصين لتبرعاتِ المسجدِ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ ، والمعلن عنهما سابقا برقم 333444 و 127004 لصالحِ المشروعِ .
وجزى اللهُ المحسنين خيرَ الجزاءِ وصلى اللهُ وسلم على نبيهِ محمدٍ وصحبهِ وسلم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لجنةُ جمعِ تبرعاتِ مسجدِ أستراليا في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ
---
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
قال تعالى : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا [ البقرة : 114 ] .
اختلف أهلُ العلمِ من المرادُ بالآيةِ على أقوالٍ ، والذي يهمنا أن العبرةَ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السببِ كما يقول أهلُ الأصولِ ، ولهذا من الأقوال التي قيلت في معنى الآية : أنها عامةٌ في كلِ ظالمٍ منع أي مسجدٍ من مساجدٍ اللهِ أن يذكرَ فيه اسمُ اللهِ .(1/1)
قال القرطبي عند تفسيرِ الآية : وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ الْبُقْعَة إِذَا عُيِّنَتْ لِلصَّلَاةِ بِالْقَوْلِ خَرَجَتْ عَنْ جُمْلَة الْأَمْلَاك الْمُخْتَصَّة بِرَبِّهَا وَصَارَتْ عَامَّة لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ , فَلَوْ بَنَى رَجُل فِي دَاره مَسْجِدًا وَحَجَزَهُ عَلَى النَّاس وَاخْتَصَّ بِهِ لِنَفْسِهِ لَبَقِيَ عَلَى مِلْكه وَلَمْ يَخْرُج إِلَى حَدّ الْمَسْجِدِيَّة , وَلَوْ أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ كُلّهمْ كَانَ حُكْمه حُكْم سَائِر الْمَسَاجِد الْعَامَّة , وَخَرَجَ عَنْ اِخْتِصَاص الْأَمْلَاك .ا.هـ.
بعد هذه المقدمةِ ؛ تفاجأتُ بخبرٍ في جريدةِ الوطن مر مرورَ الكرامِ على كثيرٍ منا وهو أن رجلَ أعمالٍ مسلمٍ في أسترليا عرض مسجد الأزهر الشريف للبيعِ بالمزادِ العلني .
وهذه صورةُ الموقعِ الذي عرض المسجد :
وكنتُ اليوم مع أحد الإخوةِ الذين كانوا يصلون في ذلك المسجدِ قبل قدومهِ إلى هذه البلادِ ، وأخبرني بالخبرِ وخطورة الموقفِ ، وقبل ذلك أرسل لي رسالةً أن أهلَ الخيرِ من المشايخِ وغيرهم تحركوا لهذا الأمرِ ، إلى جانبِ نص الخبر في جريدةِ الوطن وهو كالآتي :
شكلت مجموعة من علماء السعودية لجنة لمتابعة مسجد الأزهر الشريف المعروض للبيع في مدينة بلمور الأسترالية من قبل رجل أعمال عربي طرحه للمزاد العلني عبر شركة لجهوكر .
وضمت اللجنة في عضويتها الشيخ متعب بن سليمان الطيار رئيسا، ومحمد بن عبدالله الدويش، والدكتور عمر بن سعود العيد، إلى جانب محمد العطا منسقا للمركز الإسلامي العام بسدني. ويقول العطا لالوطن إن المركز استطاع إيقاف المزاد قبل أسبوع من طرح المسجد على الجاليات الدينية الأخرى بعد دفع 10% من القيمة التي بلغت 2.65 مليون دولار، مشيرا إلى أن صاحب المسجد سلم المفاتيح إلى المركز الإسلامي العام بشرط يقضي ألا يصلي أحد فيه مدة ثلاثة أشهر حتى يتم سداد باقي المبلغ .(1/2)
وأشار العطا إلى أن رجل الأعمال العربي أصر في مفاوضاته على أن تكون الـ10% المدفوعة عربونا لا يمكن استرداده في حالة عدم الوفاء بكامل المبلغ. وتخشى الجالية المسلمة في أستراليا أن يتم تهويد الحي المسلم في حالة بيع المسجد للجالية اليهودية، خاصة أنه كان في وقت سابق كنيسة اشتراها المسلمون بصعوبة لتحويله إلى مسجد.
يذكر أن المركز الإسلامي العام في بلمور أسسه سماحة المفتي ابن باز (رحمه الله) منذ سنين بعد ابتعاث محمد جمال عمران إلى هناك من أجل وضع أساس لأهل السنة والجماعة في أستراليا.
ويعد المركز من أشهر المراكز الإسلامية في أوروبا متميزا بتخريجه أفواجا من الدعاة، ويمدون المراكز الإسلامية الأخرى بخطباء. ويقول محمد العطا إن المركز كان له إذاعة لمدة خمس سنوات، إلا أنها أقفلت بعد ضائقة مالية تعرض لها المركز. ويضيف للتواصل مع إخواننا في أستراليا، فإن الدعاة في السعودية ينظمون كل يوم سبت محاضرة يتم بثها بالهاتف إلى المركز الإسلامي العام في بلمور، ويتم نقلها عبر مكبرات الصوت وترجمتها فوريا للحضور، ومن ثم يتم بثها في اليوم التالي عبر إذاعة صوت الحق في سيدني.
وشارك في المحاضرات الهاتفية عدد من الشيوخ منهم سماحة مفتي السعودية، والشيخ محمد العريفي، محمد الدويش وآخرون. ويصف العطا محاولات رابطة أهل السنة والجماعة المنبثقة من المركز الإسلامي العام، سداد عربون المبلغ بعد أن قام عدد من المسلمين هناك برهن منازلهم مقابل الاحتفاظ بالمسجد الذي لم يتحدد مصيره بعد.
http://www.alwatan.com.sa/daily/2004-05-17/first_page/first_page02.htm
ومع الرسالةِ التي أرسلها أرقامُ المشايخِ المتابعين لإنقاذِ الموقفِ ، ورقم الحسابِ للشيخ الدكتور عمر العيد ، بعد أخذ الموافقةِ منه لنشره وهي كالآتي :
الى جميع الأفاضل :(1/3)
إذا شرح الله صدركم لهذا المشروع وأحببتم المساهمة فيه فيمكن الاتصال على أحد أعضاء لجنة جمع التبرعات لمسجد الأزهر وهم :
فضيلة الشيخ : عمر بن سعود العيد ( جوال 0505457377 )
فضيلة الشيخ : متعب بن سليمان الطيار ( جوال 0505454710 )
فضيلة الشيخ : محمد بن عبدالله الدويش ( جوال 0505103850 )
منسق اللجنة : الأخ محمد العطا ( جوال رقم 0506497490 )
وفي حال اردت التبرع يمكنك تحويل أي مبلغ الى الحساب التالي :
اسم صاحب الحساب : الشيخ عمر بن سعود العيد ( جوال 0505457377 )
اسم البنك : شركة الراجحي المصرفية للاستثمار - فرع رقم 195
حساب رقم : 4/12700
وزودني بـ سي دي فيه وثائقٌ عن المسجدِ ، ولقطات فيديو وهو مغلقٌ ، والمساكن التي حولهُ .
وبعد ذلك اتصلتُ بالأخ محمد العطا ، وأخبرني عن وضعِ المسجدِ ، وأنه في الأصلِ كان كنيسةً ، وحول إلى مسجدٍ ، ولكن المسجد كان بأيدي أناسٍ من عوامِ المسلمين الذين كانوا بين فترةٍ وأخرى تحدث مشكلة فيرفوعونها إلى رجلٍ الأعمال الذي تبرع به ، ولكثرة تلك المشاكل أغلق المسجدَ سنةً كاملةً ، حتى جاءه أناسٌ أطمعوه في بيع الأرضِ فقرر وضعها في المزادِ على الصفحة الآنفة .
وتحرك أهلُ الخير بعد ذلك وحاولوا بعد جهودٍ مظنيةٍ تزويد رجل الأعمالِ بمبلغ كمقدم ، ولكنه مع الأسف اعتبره عربون يذهب إذا هم تأخروا في إتمامِ باقي المبلغ في مدةٍ أقصاها ثلاثة أشهر .
وأخبرني الأخ محمد العطا أن المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ متابعٌ للموضوعِ ، وأنه أمر المشايخَ بالتحركِ ، وأخبرهم أنه سيسعى أيضاً بنفسه - جزاه اللهُ خيراً - .
وأخبرني أيضاً أن أولَ المتبرعين من العاصمةِ المقدسةِ تبرع 100000 دولار - جزاهُ اللهُ خيراً - .
فيا أهلَ الإسلامِ ... أيها التجارُ ... أيها المحسنون ...
أين أنتم لكي تنقذوا بيتاً من بيوتِ الله يراد له أن يباعَ وتنقطعُ عنه عبادةُ اللهِ للجالية المسلمةِ هناك ؟(1/4)
أين أنتم لو علمتم أن اليهودَ والنصارى والأحباش والرافضة يترصدون لكي يشتروا ذلك المسجد ولو بأغلى الأثمان ؟؟؟
أسألُ اللهَ أن يلينَ قلوبَ أهلِ الغيرةِ للتحركِ لإنقاذِ المسجدِ .
آخر التطورات في موضوع مسجد الأزهر الشريف – سيدني – أستراليا المعروض للبيع بالمزاد العلني
? قام رئيس لجنة جمع التبرعات لمسجد الأزهر ( المركز الإسلامي بلمور – سيدني – أستراليا ) فضيلة الشيخ متعب بن سليمان الطيار حفظه الله ورعاه بفتح حساب خاص لصالح المسجد باسم الشيخ لدى :
شركة الراجحي المصرفية للإستثمار
فرع الربوة – فرع رقم 296 – حساب رقم : 4/33344
وذلك بالتنسيق مع باقي أعضاء اللجنة من المشايخ ( الشيخ عمر سعود العيد والشيخ محمد عبدالله الدويش ) حفظهم الله ورعاهم .
جارية الآن حملة تبرعات قوية في أستراليا لصالح المركز وذلك بالتعاون مع إذاعة الصوت الإسلامي والذي يبث عبر الأنترنت على العنوان :
http://www.sydneyislamicradio.com
والبث الحي على :
mms://203.19.70.237:8080/
والحملة مستمرة ...
بلغت التبرعات داخل أستراليا وخارجها حتى تاريخ 19/5/2004 إلى :
182700.00 دولار أميركي ( مئة واثنان وثمانون ألفا وسبعمائة دولار أميركي )
من أصل مبلغ 2 مليون دولار أميركي ...
والحملة مستمرة ... وعلى الله التكلان ..
ندعو كل من لديه غيرة على دين الله أن يتحرك معنا بالجمع ولو بدولار واحد .. تحت شعار ..
" ادفع دولاراً تنقذُ مسجداً "
وذلك عبر الإنترنت وفي المساجد وخطب الجمعة وعبر رسائل الجوال ...
بيانٌ من اللجنةِ المشرفةِ على شراءِ مسجدِ " الأزهر الشريف " في بلمور
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم
أما بعدُ(1/5)
فقد اصطلعت اللجنةُ المشرفةُ على شراءِ المسجدِ في القارةِ الاستراليةِ ، كما اطلع كثيرٌ من المتصلين علينا - جزاهم اللهُ خيراً - أنه قد طُرحت كتاباتٌ في الساحاتِ تزعمُ أن الملبغَ المراد جمعهُ لشراءِ المسجدِ المسمى " الأزهر الشريف " في بلمور قد جُمع بالكاملِ ، والذي يقدرُ باثنين مليون دولار أمريكي .
وعليه نفيدُ إخواننا المسلمين أن هذا الزعمَ باطلٌ لا أساس له من الصحةِ ، وأنه من فعلِ بعضِ الجهاتِ المشبوهةِ التي تحاولُ تفويت الفرصةِ على أهلِ السنةِ والجماعةِ لشراءِ المسجدِ ليعود منبراً من منابرِ التوحيدِ والسنةِ .
ونفيدُ إخواننا أن اللجنةَ القائمةَ باستراليا لم تجمع حتى الآن سوى 83000 دولار أمريكي ، علماً أننا لم نفتح الرصيدَ في السعودية لإلا منذ أيامٍ قلائل ، وإذا تم جمعُ المبلغِ المطلوبِ سيتمُ التنويهُ عنهُ في حينهِ .
قال تعالى : " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ " [ التوبة : 18 ] .
وعن عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ : حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ - بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ " .
رواهُ البخاري(1/6)
نسألُ اللهَ أن يحفظَ بيتهُ ، وأن يعيدهُ إلى أهلِ السنةِ والجماعةِ ليستأنفَ دورهُ في الدعوةِ إلى التوحيدِ والسنةِ على ضوء الكتابِ والسنةِ بفهمِ سلفِ الأمةِ ، وأن يجعلهُ مركزاً من مراكزِ الخيرِ والتوحيدِ ، وأن يجزي كلَ من ساهم فيه خيرَ الجزاءِ الأوفى ، وأن يلبسهُ ثوبَ الصحةِ والعافيةِ ، وأن يسبغَ عليه نعمهُ ظاهرةً وباطنةً ، وأن يباركَ في عمرهِ ومالهِ وأهلهِ .
وآخر دعوانا أن الحمد للهِ ربِ العالمين .
أعضاء لجنة جمع التبرعات لمسجد الأزهر
فضيلة الشيخ : عمر بن سعود العيد ( جوال 0505457377 )
فضيلة الشيخ : متعب بن سليمان الطيار ( جوال 0505454710 )
فضيلة الشيخ : محمد بن عبدالله الدويش ( جوال 0505103850 )
منسق اللجنة : الأخ محمد العطا ( جوال رقم 0506497490 )
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/7)
سألتُ الشيخ علوي السقاف عن البيان فقال ..
من عبد الله زقيل إلى الشيخ الفاضل علوي بن عبد القادر السقاف حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعلكم اطلعتم على البيان الذي وقعه عددٌ من المثقفين والردود عليه فما رأيكم فيها ؟
وما رأيكم في مشاركة بعض المشبوهين ومشاركة المرأة في التوقيع ؟
وهل عرض عليكم البيان؟ وهل لو عرض عليكم ستوقعون عليه ؟
نريد جوابا على هذه الأسئلة بما يفتحه الله عليكم
والله يحفظكم ويرعاكم
عبد الله زقيل
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم ، اطلعت عليه وقرأته ورأيت فيه فقراتٍ جيدة يشكرون عليها ، لكن فيه ثغرات وعموميات وعبارات مجملة كان الأولى بالموقعين أن يتريثوا ويتأنوا وأن يحرِّروا كثيراً من ألفاظه ، لأن الألفاظ قوالب المعاني ، وكان بالإمكان أن يكون البيان أفضل مما هو عليه الآن بكثير خاصة أنه صدر بعد شهرين من بيان الأمريكان المردود عليه .
أمَّا الردود فقد كانت كثيرة ولم أتمكن إلا من قراءة القليل منها ولمست من أصحابها الغيرة على هذا الدين وحماساً كبيراً ، لكن في بعضها تجنٍ وظلم وتقويل لأصحاب البيان وتفسير لبعض العبارات على غير وجهها أو إن شئت فقل على أحد وجهي الاحتمال دون الآخر، كما أن في بعضها شدة واتهاماً لموقعي البيان كنت أتمنى الترفع عنه، مع أنَّ في بعض الردود حقاً وصواباً .
وفي المقابل اطلعت على ردود تبرئ المردود عليهم جملة وتفصيلاً وكل هذا خطأ ، وكان الأولى أن يسلك الجميع مسلك التوسط والاعتدال في المدح والقدح .(1/1)
وقد لفت انتباهي أنَّ بيان الأمريكان في بعض ألفاظه قوة وفي البعض الآخر لين كما أنَّ في بعض ألفاظ البيان المذكور قوة وفي البعض الآخر لين فرأيت في الردود عجباً ، فمن كان من الطرف الأول مؤيداً للبيان زعم ضعف بيان الأمريكان وعزة بيان الذين ردوا عليه ، ومن كان من الطرف الثاني زعم عزة بيان الأمريكان وأخذ ألفاظ اللين الموجودة في البيان المذكور واستشهد بها على ذلة ومهانة أسلوبه ، والحق أنَّ في كلا البيانين شيء من هذا وشيء من هذا والذي يهمنا بالطبع بيان الإسلاميين والذي كنا نتمنى أن يخلوا من بعض الألفاظ الاسترضائية ، وأن يكون أكثر قوة وعزة، ولكن لله الأمر من قبل ومن بعد .
أمَّا عن توقيع بعض المشبوهين فرأيي أنه ليست هناك حاجة لأمثالهم دون ضرورة تدعوا لذلك ، وأخشى أن يأتي يوم يشترك فيه القوميون والعلمانيون والمبتدعة مع الإسلاميين .
أمَّا النساء الصالحات فرأيي أنه لا حرج في ذلك فيما يخصهن من قضايا ، ولا أرى إقحامهن في غير ذلك وجعلهن يزاحمن الرجال بدعوى أن لدينا مثقفات إسلاميات ، وأرى أنه علينا أن نحرص على الإبقاء على تميز المرأة في هذه البلاد .
أمَّا سؤالك : هل عُرض علي البيان ؟
فالجواب : لا ، ولو عُرض ما وقعت عليه وهو بهذه الصورة ، لكن هنا أمر يجب التنبيه عليه وهو أنه كوني لا أرضاه لنفسي لا يعني أن أشنِّع على من ارتضاه لنفسه ، فالمسألة قابلة للاجتهاد ، وفي المقابل فهذا لا يعني أيضاً أنَّ من رأى فيه خطأً وبينه بالتي هي أحسن يشنع عليه ، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه والشدة ما كانت في شيء إلا شانته ، والإنصاف عزيز .
هذا جواب مختصر على سؤالك وليس نقداً أو تعليقاً على البيان أو الردود عليه .
أسأل الله عز وجل أن يبعد عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوحِّد كلمة العاملين للإسلام إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وجزاك الله خيراً على حسن ظنك بأخيك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رابط الموضوع(1/2)
http://alsaha.fares.net/sahat?14@112.uX0mbiVxxz7^2@.ef1b0f6
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
أيها الناسُ !!! كفوا أيديكم عن نشرِ صورِ العراقياتِ المغتصباتِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
انتشرت في خضمِ الأحداثِ المؤلمةِ في بلادِ الرافدينِ العراق صورٌ فاضحةٌ لنساءٍ عراقياتٍ وهن يغتصبن من قِبلِ العلوجِ المحتلين ، وتناقل الناسُ من خلالِ منتدياتِ الحوارِ أو القوائمِ البريديةِ هذه الصورَ على أنهُ من بابِ إثارةِ الإعلامِ العالمي للضغطِ على أمريكا ومن سار في مصافها لكي تخرج من أرضِ الرافدين ، وكذلك من بابِ ضغطِ شعوبِ تلك البلاد على حكوماتها لمحاكمةِ الفاعلين لتلك الجرائمِ الدنيئةِ .
ورأيتُ أن الصورَ انتشرت بطريقةٍ سريعةٍ بين الناسِ ، وكأن المبررات الآنفةِ الذكرِ مسوغاً شرعياً في تداولها ونشرها ، وسنقفُ مع هذا الحدثِ من جهةٍ شرعيةٍ لكي نكونَ على بينةٍ من أمرنا ، ولئلا يتكرر الفعلُ في مراتٍ قادمةٍ ، وإنهُ ليحزننا ما نسمعُ من مثلِ هذه الأفعالِ في العراقِ وغيرها ، ولكن لا يسوغ لنا أن ننشرَ مثلَ هذه الصور أبداً سواء ثبتت أنها من فعلِ العلوجِ حقيقةً أم أنها صورٌ مدبلجةٌ .
لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً
لقد أخبر اللهُ في كتابهِ العزيزِ صفةً من صفاتِ الكفارِ إذا لاحت لهم الفرصةُ وظهروا على المؤمنين فقال تعالى : " كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ " [ التوبة : 8 ] ، وقال تعالى : " لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ " [ التوبة : 10 ] .(1/1)
قال ابنُ كثير : " يَقُول تَعَالَى مُحَرِّضًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى مُعَادَاتهمْ وَالتَّبَرُّؤِ مِنْهُمْ وَمُبَيِّنًا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يَكُون لَهُمْ عَهْد لِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَكُفْرهمْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ ظَهَرُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأُدِيلُوا عَلَيْهِمْ لَمْ يُبْقُوا وَلَمْ يَذَرُوا وَلَا رَاقَبُوا فِيهِمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّة " .ا.هـ.
وقال الشيخُ ابنُ سعدي : " أي لا ذمة ولا قرابة ، ولا يخافون الله فيكم ، بل يسومونكم سوءَ العذابِ ، فهذه حالكم معهم لو ظهروا .ا.هـ.
والناظرُ إلى تاريخِ هؤلاءِ العلوجِ قديماً وحديثاً يجدُ مصداقَ ما أخبر اللهُ عنهم " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا " [ النساء : 122 ] ، " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " [ النساء : 87 ] ، ولو جلسنا نسردُ تاريخَ هؤلاءِ الكفرةِ وما فعلوه في المسلمين عندما ظهروا عليهم لشابت الرؤوس من هولِ ما قاموا به ، ولست في مقامِ السردِ لتلك الأحداثِ ، وإنما يكفي هذا الشاهدُ المعاصرُ وما يفعلهُ العلوجُ في أرضِ الرافدين من قتلٍ واغتصابٍ وإهلاكٍ للحرثِ والنسلِ ، وقبل ذلك ما صنعهُ العلوج الصرب في البوسنةِ والهرسك وغير ذلك ، وهذه شواهدُ معاصرةُ رأها القريبُ والبعيدُ .
كُفوا عن نشرِ صورِ العراقياتِ المغتصباتِ
لقد انتشرت الصورُ انتشارَ النارِ في الهشيمِ ، وتناقلها الناسُ في منتدياتهم وبريدهم وكأن الشارع يسوغُ هذا الفعلَ ، وعلى العكسِ من ذلك تماماً فالشرعُ يحرمُ مثل هذا الفعلِ من عدةِ وجوهٍ :(1/2)
أولاً : النظرُ إلى ما حرم اللهُ ، وهذا ولا شك أنه إثمٌ ، واللهُ جل وعلا حرم الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن فقال تعالى : " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ " [ الأعراف : 33 ] .
عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا أَحَد أَغْيَر مِنْ اللَّه فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا أَحَد أَحَبّ إِلَيْهِ الْمَدْح مِنْ اللَّه " . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ
والنظر إليها لا شك أنه من الإثم بصريحِ الآيةِ ، وقد فسر الإثم بالمعصيةِ ، قال ابنُ كثير : " وَحَاصِل مَا فُسِّرَ بِهِ الْإِثْم أَنَّهُ الْخَطَايَا الْمُتَعَلِّقَة بِالْفَاعِلِ نَفْسه " .ا.هـ.
وهذه بعض الفوائد نسوقها إليك لعل الله أن ينفعنا وإياك بها :
1- أن غض البصر امتثال لأمر الله ، قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) النور / 30 ، وامتثال أمر الله هو غاية سعادة العبد في الدنيا والآخرة .
2- أنه طهارة القلب وزكاة النفس والعمل .
3- أنه يمنع وصول أثر السهم المسموم ؛ فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس .
4- تعويض من غض بصره بحلاوة الإيمان في القلب .
5- حصول الفراسة الصادقة التي يميز بها بين الحق والباطل .
6- أنه يخلص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق بصره دامت حسرته .
7- أنه يورث القلب سرورا وفرحا ونورا وإشراقا أعظم من اللذة الحاصلة بالنظر .
8- أنه يخلص القلب من أسر الشهوة فإن الأسير هو أسير هواه وشهواته .
9- أن غض البصر يقوي العقل ويزيده ويثبته، وإرسال النظر لا يحصل منه إلا خفة العقل وعدم ملاحظته للعواقب .(1/3)
ثانياً : نشرها فيه إثمٌ آخر من جهةِ أنه تعاونٌ على الإثمِ والعدوانِ ، قال تعالى : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " [ المائدة : 2 ] .
قال ابنُ كثير : " يَأْمُر تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُعَاوَنَةِ عَلَى فِعْل الْخَيْرَات وَهُوَ الْبِرّ وَتَرْك الْمُنْكَرَات وَهُوَ التَّقْوَى وَيَنْهَاهُمْ عَنْ التَّنَاصُر عَلَى الْبَاطِل وَالتَّعَاوُن عَلَى الْمَآثِم وَالْمَحَارِم " .ا.هـ.
وقال الإمامُ ابنُ القيمِ في " الرسالة التبوكية " ( ص 12 ) : وقد اشتملت هذه الآيةُ على جميعِ مصالحِ العبادِ في معاشهم ومعادهم ، فيما بينهم بعضهم بعضاً ، وفيما بينهم وبين ربهم ، فإن كلَ عبدٍ لا ينفكُ عن هاتين الحالتين ، وهذين الواجبين : واجب بينهُ وبين اللهِ ، وواجب بينه وبين الخلق .ا.هـ.
ولا شك ولا ريب أن نشرَ الصورِ بهذه الطريقةِ من بابِ التعاونِ على الإثمِ والعدوانِ ، فينبغي أن يتوقفَ المتداولون لها ، لئلا يدخلون في الآيةِ التي تنهى عن هذا التعاون الآثم .
ثالثاً : ما قد تحدثهُ هذه الصور في نفوسِ الناظرين إليها ، وتعلقهم بها ، بل قد تكونُ سبباً من أسباب ارتكابِ المعاصي ، وفتحُ بابِ شرٍ ، وخاصةً إذا وقعت في أيدي أهلِ المجونِ والفسقِ ، ولا يؤمنُ أيضاً من نظرِ الأبناءِ إليها فتفسدُ أخلاقهم .
رابعاً : نفى البعضُ صحةَ هذه الصور وقالوا : " إنها مدبلجةٌ " ، وأقر آخرون بأنها صورٌ حقيقةٌ لعلوجٍ فعلوا هذه الجرائمِ الشنيعةِ ، وعلى فرضِ كلا القولين فيبقى الأمرُ محرماً سواء دبلجتِ الصور أم أنها حقيقة .
نسألُ اللهَ أن يزيلَ الغمةَ عن إخوننا في العراق ، وأن يرزقهم الصبرَ والسدادَ ، وأن يرزق النساءَ العفافَ .
16 ربيع الأول 1425 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
صورٌ من احتسابِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ ( 2 )
لازلنا نعيشُ مع صورٍ من احتسابِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ - رحمهُ اللهُ - ، والصورةُ التي معنا كانت سبباً لتأليفِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ - رحمهُ اللهُ - كتاب '' الصارمِ المسلولِ على شاتمِ الرسولِ - صلى اللهُ عليه وسلم - ، وكان تأليفهُ بسببِ رجلٍ يدعى '' عَسَّافاً '' ، وكان نصرانياً
أتركُ الإمامَ ابنَ كثيرٍ يروي لنا الواقعةَ بالتفصيلِ ، وماجرى لشيخِ الإسلامِ - رحمهُ اللهُ - بسببها ، وكيف كان احتسابه ؟(1/1)
قال ابنُ كثيرٍ في '' البدايةِ والنهايةِ '' (13/335 - 336) : '' واقعةُ عَسَّافٍ النصراني : كان هذا الرجلُ من أهلِ السويداء ] مكانٌ من جبلِ حوران [ ، قد شهد عليه جماعةٌ أنهُ سبَّ النبيَّ - صلى اللهُ عليه وسلم - ، وقد استجار عَسَّاف هذا بابنِ أحمدَ بنِ حجى أميرِ آل عليٍّ ، فاجتمع الشيخُ تقي الدينِ ابنُ تيميةَ ، والشيخُ زينُ الدينِ الفارقي شيخُ دارِ الحديثِ ، فدخلا على الأميرِ عز الدينِ أيبك الحموي نائبِ السلطنةِ فكلماهُ في أمرهِ فأجابهما إلى ذلك ، وأرسل ليحضرهُ فخرجا من عنده ومعهما خلقٌ كثيرٌ من الناسِ ، فرأى الناسُ عسافاً حين قَدِم ، ومعه رجلٌ من العربِ فسبوهُ وشتموهُ . فقال ذلك الرجلُ البدوي : '' هو خيرٌ منكم '' - يعني النصراني - فرجمهما الناسُ بالحجارةِ ، وأصابت عسافاً ووقعت خبطةٌ قويةٌ فأرسل النائبُ فطلب الشيخين ابنَ تيميةَ والفارقي فضربهما بين يديهِ ، ورسم عليهما في العذراوية ، وقدم النصراني فأسلم ، وعُقد مجلسٌ بسببهِ ، وأثبت بينه وبين الشهودِ عداوةً ، فحُقن دمهُ . ثم استدعى بالشيخين فأرضاهما وأطلقهما ، ولحق النصراني بعد ذلك ببلادِ الحجازِ ، فاتفق قتلهُ قريباً من مدينةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قتلهُ ابنُ أخيهِ هنالك ، وصنف الشيخُ تقيُّ الدينِ ابنُ تيميةَ في هذه الواقعةِ كتابهُ '' الصارم المسلول على ساب الرسول '' .ا.هـ.
وقال أيضاً ابنُ كثيرٍ عن عاقبةِ الذي أجار عَسَّافاً النصراني (13/360) : '' وفيها - أي : سنة 694 هـ - : في أواخرِ ربيع الأول جاء الخبرُ بأنّ عسافَ بنَ أحمد بن حجى ، الذي كان قد أجار ذلك النصراني الذي سب الرسولَ قُتل ففرح الناسُ بذلك '' .ا.هـ.(1/2)
فبسببِ احتسابِ شيخِ الإسلامِ - رحمهُ اللهُ - على عَسَّافٍ النصراني ألف كتابهُ '' الصارم المسلول '' ، والذي عالج فيه شيخُ الإسلامِ - رحمهُ اللهُ - مسائل عدة من أهمها : حكمُ شاتمِ الرسولِ - صلى اللهُ عليه وسلم - ، ورجح - رحمهُ اللهُ - أن الساب يُقتلُ سواء كان مسلماً أو كافراً ، ويُعدُّ الكتابُ من أهم الكتبِ المصنفةِ في المسألةِ ، ومرجعاً لا يستغني عنه من أراد التحقيقَ في شتمِ الرسولِ - صلى اللهُ عليه وسلم - .
وأختمُ بكلامٍ نفيسٍ لأبي حفصٍ البزار في '' الأعلامِ العليةِ '' ( ص 22 ) عن مصنفاتِ شيخِ الإسلام ابنِ تيميةَ - رحمهُ اللهُ - ومنها '' الصارم المسلول '' فقال : '' صنّف عدةَ كتبٍ صغاراً وكباراً ، وذكر فيها ما احتاج إلى ذكرهِ من الأحاديث والآثارِ وأقوالِ الصحابةِ وأسماءِ المحدثين والمؤلفين ومؤلفاتهم ، وعزا كلَّ شيءٍ من ذلك إلى ناقليه وقائليه بأسمائهم ، وذكر أسماءَ الكتبِ التي ذكر فيها ، وفي أي موضعٍ فيها ، كل ذلك بديهة من حفظهِ لأنه لم يكن عنده حينئذٍ كتابٌ يطالعهُ ، ونُقبت واعتُبرت ، فلم يوجد بحمد الله خللٌ ولا تغييرٌ ، ومن جملتها كتاب '' الصارم المسلول على شاتمِ الرسول '' ، وهذا من الفضلِ الذي خصه اللهُ به '' .ا.هـ.
---
صورة ضوئية للمقال
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/!cid_88655130528082005-1B9F.jpg
رابط المقال فر جريدة المدينة ملحق الرسالة
http://www.almadinapress.com/index.aspx?Issueid=1089&pubid=5&CatID=230&articleid=123686
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
صورٌ من احتسابِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ ( 1 )
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ عالمٌ رباني شهد له الأعداءُ قبل الأصدقاءِ بعلمه وعمله ، بحرٌ في العلمِ ... في الدعوةِ ... في الاحتسابِ ... أُلفت في سيرتهِ المؤلفاتُ ، وحُققت كتبهُ في الجامعاتِ ، وخُصصت رسائل علمية في فنونٍ مختلفةٍ من علومه ، ردَّ على الفلاسفةِ والمبتدعةِ واليهودِ والنصارى ، عاش في زمنٍ عزت فيه السنةُ ، وغلبتِ البدعةُ ، كان جبلاً شامخاً في الاحتسابِ ، لا يخشى في اللهِ لومةَ لائمٍ ، شجاعٌ في أصعبِ المواقفِ وأحلكِ الظروفِ ، كان اتصالهُ بالناسِ مباشراً ، متحسساً لمشكلاتهم ، حريصاً عليهم ، لم يكن منقطعاً عنهم .
دعونا نأخذُ جانباً واحداً من جوانبِ حياةِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ - رحمهُ اللهُ - وهو جانبُ الاحتسابِ ، ليتبين أننا لم نتجاوزِ الحدَّ في الثناءِ عليه ، مع اعتقادنا الجازم أنه بشرٌ يقعُ منه الخطأ ، ولا ندعي عصمتهُ ، ولكنهُ عالمٌ رباني بحقٍ ، كان يعيشُ بين الناسِ بعلمهِ وعملهِ ، فرحمهُ اللهُ رحمةً واسعةً .
الصورةُ الأولى : كان شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةُ من أشدِّ الناسِ إنكاراً على البدعِ التي تقعُ في مجتمعهِ ، وخاصةً ما يوقعُ الأمة في الشركِ ، فكان يحتسبُ في إنكارها ، فمن حين سماعه بمنكرٍ ظاهرٍ يستخيرُ اللهَ ويخرج للانكارِ ، وهكذا يكونُ العلماءُ في الأمةِ ، فما فائدةُ العالمِ إذا كان لا يعيشُ هموم الأمةِ ؟!(1/1)
جاء في '' الجامعِ لسيرةِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ خلال سبعة قرون '' ( ص 134 ) ، تحت فصلٍ فيما قام به ابنُ تيميةَ وتفرد به وذلك في تكسير الأحجارِ لخادمِ شيخِ الإسلامِ إبراهيم بن أحمد الغياني ما نصه : '' فبلغ الشيخ أن جميعَ ما ذكر من البدعِ يتعمدها الناسُ عند العمودِ المُخَلَّقِ الذي داخل ( البابِ الصغيرِ ) الذي عند ( دربِ النافدانيين ) . فشدَّ عليه وقام ، واستخار اللهَ في الخروجِ إلى كسرهِ ، فحدثني أخوهُ الشيخُ الإمامُ القدوةُ شرفُ الدينِ عبدُ اللهِ ابنُ تيميةَ قال : فخرجنا لكسرهِ فسمع الناسُ أن الشيخَ يخرجُ لكسرِ العمودِ المُخَلَّقِ ؛ فاجتمع معنا خلقٌ كثيرٌ . قال : فلما خرجنا نحوه ، وشاع في البلدانِ : ابنُ تيميةَ طالعٌ ليسكر العمودَ المُخَلَّقَ ، صاح الشيطانُ في البلدِ ، وضجتِ الناسُ بأقوالٍ مختلفةٍ ، هذا يقولُ : '' ما بقيت عينُ الفيجةِ تطلعُ '' ، وهذا يقولُ : '' ما ينزلُ المطرُ ، ولا يثمرُ الشجرُ '' ، وهذا يقولُ : '' ما بقي ابنُ تيميةَ يفلحُ بعد أن تعرّض لهذا '' ، وكل من يقولُ شيئاً غير هذا .
قال الشيخُ شرفُ الدينِ : فما وصلنا إلى عنده إلا وقد رجع عنا غالبُ الناسِ ، خشية أن ينالهم في أنفسهم آفةٌ من الآفاتِ ، أو ينقطعُ بسببِ كسرهِ بعضُ الخيراتِ .
قال : فتقدمنا إليه ، وصحنا على الحجَّارين : '' دونكم هذا الصنم '' فما جسر أحدٌ منهم يتقدمُ إليه . قال فأخذتُ أنا والشيخ المعاول منهم ، وضربنا فيه ، وقلنا : '' جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا '' ] الإسراء : 81 . [ وقلنا : إن أصاب أحداً منه شيءٌ نكونُ نحن فداهُ . وتابعنا الناسُ فيه بالضربِ حتى كسرناهُ ، فوجدنا خلفهُ صنمين حجارة مجسَّدة مصوَّرة ، طول كل صنم نحو شبر ونصف .(1/2)
وقال الشيخُ شرفُ الدين : قال الشيخُ النووي : '' اللهم أقم لدينك رجلاً يكسر العمودَ المُخَلَّقَ ، ويخرب القبر الذي في جيرون '' فهذا من كراماتِ الشيخِ محيى الدين ( أي النووي ) . فكسرناهُ ولله الحمدُ ، وما أصاب الناسُ من ذلك إلا الخيرَ . والحمدُ للهِ وحدهُ '' .ا.هـ.
فالأمةُ بحاجةٍ لعلماء مثل شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ - رحمهُ اللهُ - في الاحتسابِ على المنكراتِ الظاهرةِ ، والتي توقعُ الناس في الشركِ ، والعالمُ الذي لا يتحركُ ولا يهتمُ بوقوعِ الأمةِ في الشركِ ، فمتى يتحركُ ؟!
ومع قصةٍ أخرى ...
---
رابط المقال فر جريدة المدينة ملحق الرسالة
http://www.almadinapress.com/index.aspx?Issueid=1069&pubid=5&CatID=230&articleid=121570
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
عُلَمَاءُ العِرَاقِ وَالدَّوْلَةُ العَلْمَانِيَّةُ
سُلَيْمَانُ الظَفِيري
تَمْهِيدٌ :
بَعْد رَحِيلِ العثمانيين عن العِرَاقِ وسُقُوْطِهِ في قَبْضَةِ الاستعمارِ البريطاني شهد تكوينَ حكومةٍ هشةٍ على رَأْسِهَا فَيَصِلُ بنُ الحُسَيْنِ [ 1883-1933 ] لَيَكُوْنَ مَلِكاً شكلياً على عرشِ العِرَاقِ ، وموظفاً في الحكومةِ البريطانيةِ حقيقةً ، وقد نودي به مَلِكاً على العِرَاقِ في 32 آب 1921م ، واستمر حكمُ أَسَرَتْهِ وَأَبنَائِهِ إلى سنةِ 1958م ؛ حيثُ قَامَتْ مجزرةُ الهَاشِمِيِّينَ . ثم جاء العَهْدُ الجمهوري وَاسْتَمَرَّ إِلَى الآنَ ؛ وقد تَمَيَّزَ هذا العَهْدُ بالانقلاباتِ العسكريَةِ والمجازرِ الدمويةِ الرهيبةِ ، تَخْرِيْبِ الأَخْلاَقِ ، ومُحَارَبَةِ الإِسْلاَمِ ، والتآمرِ عليهِ ، وقتلِ علمائهِ ، وجعلِ الدِّيْن في زَّوَايَا ضَيِّقَةٍ مِنَ الحَيَاةِ .
وَهَذِهِ الفَتْرَةُ الطَّوِيْلَةَ الَّتِي تشملُ حُكمَ الهَاشِمِيِّينَ تحت الحِرابِ الإنجليزيةِ ، وكذلك العَهْدُ الجمهوري بعُهُوْدِهِ الثَّلاَثَةِ [ القَاسِمِيّ ، العارفي ، والتَّكْرِيْتِيُّ ] هي مقصدِي بِالدَّولَةِ العَلْمَانِيَّةِ ، وهي عَلْمَانِيَّةُ بِكلِ مَا تَحَمَّلهُ الكَلِمَةُ من حربٍ للإِسْلاَمِ وتحجيمٍ لدورهِ ؛ كما سنرى .
مَنْزِلَةُ عُلَمَاءِ العِرَاقِ قبل العَهْدِ العَلْمَانِي :(1/1)
كَانَ العُلَمَاءُ على العَهْدِ العُثْمَانِيِّ الإِسلاَمِيِّ محلَ احْترَامِ الوَالِي ومُسَاعِديهِ ، وَكَانُوا محلَ المَشُوْرَةِ والنُّصْرَةِ والتأييدِ ؛ فَالشَّيْخُ عبدُ اللهِ السُّوَيْدِيّ وهو جدُ الأسرةِ السويديةِ في العِرَاقِ اسْتَدْعَاهُ الوَالِي العُثْمَانِيّ لِلْمُنَاظَرَةِ الشَّهيرَةِ التي رغب بها دَوْلَةُ الوَالِي مع عُلَمَاءِ شاهِ إيران ، وهي التي دَارَتْ في مَسَائِلَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيْعَةِ ، دان فِي نِهَايَتِها كَبِيْرُ عُلَمَاءِ الشِّيْعَةِ للسُّوَيْدِيّ رَحِمَهُ اللهُ [1] .
وقد كَانَ العَلاَّمَةُ مُحَمَّدُ فيضي الزهاوي ( 1797- 1890 ) وَالعَلاَّمَةُ أَبُو الثَّنَاءِ الآلُوْسِيُّ ( 1217- 1270 م ) من المُقَدَّمِيْنَ عند وُلاَةِ العِرَاقِ العُثْمَانِيينَ وهم أهلُ الفُتْيَا ، وَالقَضَاءِ ، وَشُيُوْخ العُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ ، وَلَهُمْ مَكَانَةٌ واحْترَامُ الدَوْلَةِ وَالعَامَّةِ ، وَقَدْ كَانَتْ العنَايَةُ بالعُلَمَاءِ الوَافدين لِنَشْرِ العِلْمِ فِي العِرَاق جَارِيَةٌ وَقَائِمَةٌ ؛ فَالشَّيْخُ غُلاَمُ رَسُوْل الهِنْدِيّ ( 1912 م ) أُعْطِيَ مَكَانَةً مرموقةً ، واسْتَمَرَّ على ذلك حتى وَفَاتِهِ ، بل كان المتطوعون لخدمتهِ كُثراً ؛ لأنهُ غَرِيْبٌ لا أهل له ، وَالعَلاَّمَةُ الشَّيْخُ مَحْمُوْدُ شُكْرِي الآلُوْسِيُّ (1857- 1942م ) كان رَسُوْلَ السُّلْطَان العُثْمَانِيّ إلى المَلِكِ عَبْدِ العَزِيْزِ آل سُعُوْد خِلاَل الحَرْبِ الأُوْلَى ، وَالسُّلْطَانُ العُثْمَانِيُّ جعل بلاَطَهُ وإِكْرَامِهُ لمن قدم عليه من عُلَمَاءِ العِرَاقِ وَغَيْرِهِم .(1/2)
وَلَكِنْ لما سيطر العَلْمَانِيون على أرضِ الرافدين قَرَّبُوا المتهمين فِي دِيْنِهِم والمنحرفين ، قَرَّبُوا الصُّوْفِيَّ وَقَرَّبُوا المُبْتَذَلَ ؛ حتى كان وَزِيْرُ الأَوقَافِ على عهدِ فَيَصِل أَوَّلَ رَجِلٍ تَخْرُجُ ابْنَتَهُ وَتُجَالِسُ الرِّجَالَ وتُدَرِّسُ في كُلِّيَّةَِ الحُقُوْقِ وهي صَبِيْحَةُ الشيخ داود ( 1912- 1975 م ) ، وقد كَانَت فخريةُ سَعِيْد زَوْجَةُ جَعْفَرٍ العَسْكَرِيّ المُرَبِّي للمَلِكِ نجل المَلِكِ فَيَصِل تَدْخُلُ لندن سَافِرَةً من غيرِ حِجَابٍ ، كاسِيَةً عَارِيةً .
وكان يَحْظَى كلٌ من الشَّاعِرِ الضَّالِّ جَمِيْل صِدْقِي الزهاوي ، والشَّاعِرِ العَلْمَانِي مُحَمَّد مَهْدِيّ الجواهري بِقَدَرِ عالٍ من الاحْتِرَامِ وَالتَّبْجِيلِ ؛ بِخِلاَفِ عُلَمَاءِ السّنّةِ الَّذِيْنَ أسيئت معاملتهم ، ولم يَتَبَوَّأُ أحدٌ منهم الوَزَارَةَ في حين تولى الوَزَارَةَ مِن الشِّيْعَةِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الصَّدْر ( 1883- 1965م ) وَرُسْتُمَ حَيْدَر وهو من شِّيْعَةِ لُبْنَانَ ، وَتَوَلَّى رِئَاسَةَ مَجْلِسٍ النُّوَابِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ رضا الشَّبِيْبِيُّ ( 1889-1965م ) .
كان المُخَطَّطُ محبوكاً بِقصدِ إِبْعادِ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ مِن الوَظَائِفِ الكَبِيْرَةِ ، وَحَصَرِهِم في وَظَائِفِ الأَوقَافِ .
وقد بلغ الاسْتِهْتارُ دَرَجَةً عَالِيَةً في العَهْدِ الهَاشِمِيِّ بِالعُلَمَاءِ وتهميشِ دورهم ؛ فكم من المَرّاتِ تم إغْلاقُ جمعيةِ الْأُخُوَّةِ الإِسلاَمِيَةِ ، وسحب امْتِيَازُ مجلتها ، وكان صَاحِبُ الامْتِيَازِ مُحَمَّدُ مَحْمُوْد الصَّوَّافُ رَحِمَهُ اللهُ .(1/3)
أما في العَهْدِ الجُمْهُورِيِّ فقد نال العُلَمَاءُ السِّجْنَ َوَالتّعْذِيبَ وَالإِعدَامَ ، فالعَلاَّمَةُ أمجدُ الزهاوي ( 1882 - 1967م ) سجنهُ عبدُ الكريم قاسم ، ثم بعد ذلك ترك العِرَاقَ مع الشَّيْخِ الصواف ، وهكذا العَلاَّمَةُ فُؤَادُ الآلُوْسِيُّ ( 1321 ـ 1384هـ ) سَجَنَه قَاسِمٌ الذي قام بحلِ الحِزْبِ الإِسلاَمِيِّ ووإلْغَائِهِ ، وإلْغَاءِ صَحِيْفَةِ " الحِياد " ، وصَحِيْفَةِ " الحِزْبِ " ، وكذلك صَحِيْفَة " السِّجِلِّ " للأُسْتَاذِ طه الفَيَّاضُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى .
وفي العَهْدِ البَعْثِي قُتل من أَعْلاَمِِ الحَرَكَةِ الإِسلاَمِيَة : الشيخُ عَبْدُ العَزِيْز البَدْرِيُّ ( 1930- 1969م ) والأُسْتَاذان العَسْكَرِيُّان : مُحَمَّدُ فرج الجاسم ، وَعَبْدُ الخَالِقِ السَّيِّد عُثْمَان ، وَالمَشَايِخ : مَحْمُوْدُ أَبُو سعدَةَ ، والشيخُ تَلْعَة ، وغيرهم ؛ هذا غير الَّذِيْن تَرَكُوا العِرَاقِ ، و فَرُّوا مُسْتَوْطِنين بِلاَداً أُخْرَى ، وتَرَكُوا بِلاَدَهُم كالشَّيْخِ مُحَمَّدُ مَحْمُوْد الصَّوَّافُ يَرْحَمُهُ اللهُ .
تجميدُ الأَوقَافِ الإِسلاَمِيَةِ وتحجيمُ المَدَارِسِ الإِسلاَمِيَةِ :
أَمَّا الأَوقَافُ الإِسلاَمِيَةُ فقد كَانَتْ تَشْمُلُ عَدَداً كَبِيْراً جداً من البنايات ، وَالبَسَاتِيْنِ ، والدَّكاكينِ ، فالأَوقَافُ الكيلانية أُوْكَلْت إلى آلِ النَّقِيْب ، وهي ضَخْمَةٌ جداً ، وآلُ النَّقِيْب مَشْهُوْرُوْنَ أَيَّامِ الهَاشِمِيِّينَ بِالقُرْبِ مِنْهُم ، ولا يُعْرَفُ أن أَحَداً مِنْهُم مِن العُلَمَاءِ بل كان مِنْهُم شَّيْخُ الصُّوفِيَّةِ .(1/4)
و كَانَتْ الدَّوْلَةُ العُثْمَانِيِّةُ تَحْرِصُ على أن لاَ تَكُوْنَ الأَوقَافُ وِزَارَةً يَرتَقِي إِلَيْهَا أَحدٌ مِن غيرِ أهلِ السُّنَّةَ ؛ فَيَذْهَبُ شرطُ الوَاقفِ ؛ لكن العَهْدَ العَلْمَانِيّ غيّر إِدَارَة الأَوقَافِ إلى وِزَارَةٍ قَامَتْ بتَضْيِيعِ الأَوقَافِ والْإِشْراف على تَّبديدِ أَمْوَالهَا وإِضاعةِ شرطِ الوَاقفِ .
كَانَتْ هذه الأَوقَافُ مَصْدَرَ تَمْوِيلِ المَدَارِسِ الإِسلاَمِيَة ، وَالقَائِمِيْنَ عَلَيْهَا من العُلَمَاءِ وَغَيْرِهِم ، الأَمْرُ الَّذِي أَغْنَى عُلَمَاءنَا وَجَعَلَهُم بعيدين عن الحَاجَةُِ إلى غَيْرِهِم .
والقادةُ العَلْمَانِيَّون إدْراكاًً مِنْهُم لأهميةِ هذهِ المؤسَّسةِ ودورها في تعزيزِ الإِسْلاَمِ وعُلَمَائِهِ بِأَرْضِ العِرَاقِ قَامُوا أَوَلاً بتبديدِ هذهِ الأَوقَافِ ، ثم قَامُوا بتحجيمِ المَدَارِسِ ، ثُمَّ كَانَتْ الخَطْوَةُ الثَّالِثَةُ القِيَامَ بإلغائها ، وَمَثَلاً على ذلك :
مَدْرَسَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ العَزِيْزِ ابنِ سَالِمٌ السَامَرَّائي ( 1917- 1973م ) في الفلوجة الَّتِي مَا زَالُوا بها حتى أَضْعَفُوهَا وحَاصَرُوْها ، ثُمَّ أُلْغِيَتْ بَعْدَ مَوْتِهِِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ، وَأَكْثَرُ عُلَمَاءِ المَنْطِقَةِ الغَربيَّةِ من الجِيْلِ الحَاضِرِ والجِيْلِ المَاضِي هم خَرِيجُوا هذه المَدْرَسَةِ .(1/5)
وَالحَلْقَةُ العِلَمِيَّةُ للعَلاَّمَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الكَرِيْمِ المدرس مَا زَالُوا خَلْفَهَا حتى تَهَدَّمَت وَانْفَلَّ أَركانِها ؛ وَحَدَّثَنِي العَالِمُ الفَاضِلُ الشَّيْخِ الأَدِيْبُ مُصْعَبُ العزاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قال : " كُنْتُ أَدرسُ فيها فَكَانُوا يَأْتُوْنَ بِطُلاَّبِ الأَدَبِ يُجْلِسونَهم مَعَنَا لكي يَرَوْا المُقارَنةَ بين التَّعْلِيْمِِ القَدِيْمِِ ، والتَّعْلِيْمِِ الجَامِعِي الحَدِيْثَ ، قال : فكان هَؤُلاَءِ الجَامِعِيون يَأْتُوْنَ بالأَمْثِلَةِ على القَوَاعِدِِ من الكِتَابِ المُقَرَّرِ عِنْدَهُم ولا يَبْرَحُونه أَبَداً ، أما طُلاَّبُنا فَكَانُوا يُمْطَرُونهم بالأَمْثِلَةِ الكَثِيْرَةِ من القُرْآنَ الكَرِيْمِ والحَدِيْثِ وَالشِّعرِ ، وكان أساتذتُهُم يَتَعَجَّبُوْنَ من كَفاءةِ طُلاَّبِنا العَالِيَةِ و مُسْتوى طُلاَّبِهم المتدني " .
وهذا المَعْهَدُ العِلَميُّ في سَامَرَّاء الَّذِي تخرج فيه كِبَارُ مَشَايِخِ سَامَرَّاء من الأَساتذةِ أَصْبَحَ أَثَراً بَعْد عَيْنٍ ، وقُل مثل ذلك في المَعْهَدِ الإِسلاَمِيُّ في سيو أبكار ، والمَعْهَدِ الإِسلاَمِيُّ في حلبجة ، والمَعْهَدِ الإِسلاَمِيُّ فِي البَصْرَة .
وَأَكْبَرُ خرَابٍ حلّ بِدورِ العِلْمِِ هو إغْلاقُ مَدْرَسَةِ " النَّجَاةِ " فِي الزُّبَيْرِ التي أسسها العَلاَّمَةُ المُجَاهِدُُ مُحَمَّدُ الأَمِيْن الشنقيطي ( 1293- 1332هـ ) فِي مَدِيْنَةِ الزُّبَيْرِ ، وكَانَتْ هذهِ المَدْرَسَةُ مِحْضَنَ الكَثِيْرِ من أَعْلاَمِ الخَلِيْجَ والجَزِيْرَةَ العَرَبِيَّةَ وَلاَ سِيَّمَا الكويت ؛ لقد أَغْلَقوها بعد موتِ الشَّيْخِ فَصَارَتْ أَطلالاً بَاكِيَةً .(1/6)
ثم قف وَاسْأَلِ الحَيْدَر خانة عن مَدْرَسَةِ العَلاَّمَةِ الإِمَامِ مَحْمُوْدُ شُكْرِي الآلُوْسِيُّ وما فُعِلَ بِتِلْكَ المَدْرَسَةِ ؛ ولقد خَلفَه في هذا المَسْجِدِ العَظِيْمِ شَّيْخٌ مشبوهٌ كان يغشُ في لامْتِحَانِ في كُلِّيَّةِ الشَّرِيْعَةِ .
وَاسْأَلِ أَيْضاً بدُمُوعٍِ بَاكِيَةً أَطْلالَ مَدْرَسَةِ جَامِعِ مرجال حَيْثُ مَكَانُ العَلاَّمَةِ الإِمَامِ نُعْمَانُ خَيْر الدِّيْنِ الآلُوْسِيُّ ؛ حَيْثُ كَانَتْ مَدْرَسَتُةُ العِلميَّة ؛ لقد خَرَّبوها كُلِّهَا وصَرَفوا النَّاسَ عَنْهَا ، فقلّ العُلَمَاءُ وَكْثُرَ الجَهْلُ ، ، وَأَلزِمُوا العُلَمَاءَ زِيَادَةً في الإذْلالُ بالخِدْمَةِ العسكريَة لا لِيُجَاهدُوا عَدُوّاً ، ولكن لِيَنَالُوا من كَرَامَتِهِم ، وَيَحُطُّوا من منزلتهم ، ويعطَّلُوا دورَهم في التَّعْلِيْمِ والإِرْشَادِ .
لقد تَخرج من هذه المَدَارِسِِ أَعْلاَمُ العِرَاقِ الكِبَارِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالأُدَبَاءِ وَأَهْلِ الفَضْلِ ، بل حتى بَعْضُ العَلْمَانِيين فقد أخذ كَامِلُ الجادرجي ( 1897-1967م ) عُلُوْمَ العَرَبِيَّةِ وَآدَابَها مِنَ الشَّيْخِ العَلاَّمَةِ عَلِيّ عَلاَء الدِّيْنِ الآلُوْسِيُّ ، وَالشَّاعِرُ مَعْرُوْفٌ الرُّصَافِيّ ( 1875-1945م ) تخرج من بين يدي العَلاَّمَةِ مَحْمُوْدُ شُكْرِي الآلُوْسِيُّ .
رِجَالُ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى وَقُرْبُهُم مِنْ صِنَاعَةِ القَرَارِ :(1/7)
على طُولِ هَذهِ الفَتْرَةِ للدَّوْلَةِ العَلْمَانِيَّةِ نَهَجَ العَلْمَانِيَّون طَرِيْقاً وَاحِداً َتَمثَّلَ في إِبْعادِ العُلَمَاءَ وَتَقَرِيْبِ مَنْ عَدَاهُمْ ؛ حَتَّى اليَهُوْدُ وَالنَّصَارَى ؛ حَيْثُ حَصَلوا عَلَى تَرْخيصٍ بِإِنشَاءِ مَدْرَسَةِ الاليانس الخَاصَّةِ ، وَكَانَ رِجَالُ الحُكْمِ يُرْسِلُوْنَ أَوْلاَدَهُم إِلَيْهَا ، بل كَانَ المَلِكُ فَيَصِلُ الأَوَّل ، وَجَعْفَرُ بَاشَا العَسْكَرِيُّ ممن يَزُورُونَ هَذِهِ المَدْرَسَة و يَحضُرُون مُنَاسَبَاتها ومن رِجَالِ اليَهُوْدِ العِرَاقِيِّيْنَ الَّذِيْنَ بَرَزَتْ أَسمَاؤُهُم : ( ساسون عقِيْل ) فقد قَرَّبَهُ الحُكَّامُ آنذاك إِلَيْهَم حتى صار وَزِيْراً للمَالِيَّة ، ومن رِجَالِ الخَارجيَة المَشْهُوْرِينَ (مير البَصْرِيّ) وهو ما زال حياً يُقِيْمُ في لندن يَكْتُبُ كُتُباً كَثِيْرَةً في تَرَاجِمِ رِجَالِ العِرَاقِ مع نَبْزِ أَعْيَانِ السُّنَّةَ .
ومن النَّصَارَى أَبْرَِزُوا القَسّ انستاس الكرملي ( 1866-1947م ) وكان هذا القَسُّ من العُمَلاءِ المُخْلَصِيْنَ للإنجليز وقد أَرْسَلُوْهُ بِذَّهَبَ وَمَالٍ إلى العَلاَّمَةِ مَحْمُوْدُ شُكْرِي الآلُوْسِيُّ لإقناعه بوَظِيفَةِ الإِفتاءِ أو القَضَاءِ في دَّوْلَةِ الإنجليز فَرَفَضَ الشَّيْخُ الذَّهَبَ والوَظِيفَةَ ، بل ورَفَضَ مُقَابَلَةَ المَلِكِ فَيَصِل الأَوَّل إلا بعد إِلحَاحٍ شَدِيْدٍ .
وهذا القَسُّ له جهودٌ ونَشَاطاتٌ في التَّارِيْخِ ، وعِلمِ اللُّغَةِ والأَدَبِ العَرَبِيِّ ، وبصماتهُ النَّصْرَانِيَّةُ وَاضِحَةٌ في آثَارِهِ .(1/8)
وقد أُتِيحَ لِلنَّصَارَى فتحُ المَدَارِسِ التنصيريةِ ، وبِنَاءً الكَنَائِسِ ، وتَعمِيْرُ مَقَابِرِهِم، ، وفُتِحَتْ لهم الأَبْوَابُ إلى الوَظَائِفِ الكَبِيْرَةِ ، والوُصُوْلُِ إلى الوَزَارَتِ ، وَلَيْسَ ( طَارِقُ حنا عَزِيْز ) نَائِبُ رَئِيْسِ الوُزَرَاءِ العِرَاقِيِّ الحالي المِثَالَ الوَحيدَ ، بل السَّفَارَاتُ ، ومَوقِعُ التَّأثيرِ الاَقتصَادي كَانَتْ لهم ، وَمَا زَالَتْ تحت سُلطَانهم ! نَسْأَلُ اللهَ أن يَنْقُذَ العِرَاقَ وَأَهْلَهُ من ظلم وَجبروتِ البَعْثِ وأَزْلامِهِ .
المَصْدَرُ : مَجَلَّةُ البَيَان - العَدَدُ 130 - جُمَادَى الآخِرَةِ 1419 هـ
--------------
[1] انْظُرْ المُنَاظَرَةَ مطبوعَةً تحت اسم ( مُؤْتَمِر النَّجفِ ) مع كِتَابِ ( الخُطُوط العرِيضَةِ ) للعَلاَّمَةِ محب الدين الخَطِيْبُ رَحِمَهُ اللهُ .
اختاره
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/9)
بَحْثٌ فِي عِبَارة : " فِي مُسْتَقَرِ رَحْمَتِهِ "
الحمد لله وبعد ؛
نسمع كثيرا لفظة " في مستقر رحمتك " في الدعاء ، وقد وردت الكراهة بقولها عن بعض السلف . وفي هذا البحث جمعت شتات الموضوع . أسأل الله أن ينفع به .
ما ورد من نصوص بخصوص " مستقر رحمتك " :
الأثر الأول :
عن أبي وجزة ، عن أبيه قال : حضرت الخنساء بنت عمرو السلمية حرب القادسية ، ومعها بنوها أربعة رجال ، فذكر موعظتها لهم وتحريضهم على القتال ، وعدم الفرار ، وفيها : إنكم أسلمتم طائعين ، وهاجرتم مختارين ، وإنكم لبنوا أب واحد وأم واحدة ما هجنت آباءكم ، ولا فضحت أخوالكم فلما أصبحوا باشروا القتال واحدا بعد واحد حتى قتلوا ، وكان منهم أنشد قبل أن يستشهد رجزا فأنشد الأول :
يا إخوتي إن العجوز الناصحة * قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة
بمقالة ذات بيان واضحة * وإنما تلقون عند الصائحة
من آل ساسان كلابا نابحة
وأنشد الثاني :
إن العجوز ذات حزم وجلد * قد أمرتنا بالسداد والرشد
نصيحة منها وبرا بالولد * فباكروا الحرب حماة في العدد
وأنشد الثالث :
والله لا نعصي العجوز حرفا * نصحا وبرا صادقا ولطفا
فبادروا الحرب الضروس زحفا * حتى تلفوا آل كسرى لفا
وأنشد الرابع :
لست لخنساء ولا للأخرم * ولا لعمرو ذي السناء الأقدم
إن لم أرد في الجيش جيش الأعجم * ماض على الهول خضم حضرمي
قال : فبلغها الخبر فقالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته ، قالوا : وكان عمر بن الخطاب يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة حتى قبض .
أخرج القصة ابن عبد البر في " الاستيعاب " (12/294 – 298 حاشية الإصابة ) ، وابن الأثير في " أسد الغابة " (7/90) بسياق ليس فيه الشعر المذكور من أبناءها ، والحافظ في " الإصابة " (12/227 – 228) ، بإسناد :(1/1)
وذكر الزبير بن بكار ، عن محمد بن الحسن المخزومي ، وهو المعروف بابن زبالة ، عن عبدالرحمن بن عبدالله ، عن أبيه ، عن أبي وجزة به .
وسياق القصة للحافظ ابن حجر ، وإلا فهي عند ابن عبد البر أطول من هذا السياق .
وأعل الحافظ ابن حجر سندها فقال في سياق سندها : عن محمد بن الحسن المخزومي ، وهو المعروف بابن زبالة ، أحد المتروكين .ا.هـ.
ومحمد بن الحسن بن زَبَالة كلام أهل العلم بالجرح والتعديل فيه معروفٌ ، ولخص الحافظ ابن حجر كلام أهل العلم في " التقريب " : كذبوه .
فالقصة واهية بهذا الرجل فقط ، فما بالك إذا وجد في سندها غيره ؟
والشاهد من القصة قولها : " وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته "
الأثر الثاني :
عن أبي الحارث الكرماني قال : سمعت رجلا قال لأبي رجاء : أقرأ عليك السلام ، وأسأل الله أن يجمع بيني وبينك في مستقر رحمته . قال : وهل يستطيع أحد ذلك ؟ قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : الجنة . قال : لم تُصِب . قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : رب العالمين .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (768) ، وأورده المزي في " تهذيب الكمال " (33/215) عند ترجمة أحد رجال السند وهو " أبو الحارث الكرماني " .
بوب له البخاري في " الأدب المفرد " : باب من كره أن يقال : " اللهم اجعلني في مستقر رحمتك " .
وصححه إسناده العلامة الألباني – رحمه الله – في صحيح الأدب المفرد (591) . وصحح إسناده أيضا أبو إسحاق الحويني في كتاب " الصمت وآداب اللسان " لابن أبي الدنيا ( ص 194) .
ومن خلال تبويب الإمام البخاري يظهر أن بعض السلف كرهوا هذه اللفظة .
الأثر الثالث :(1/2)
قَالَ وَهْب أَيْضًا وَغَيْره : وَلَمَّا اِشْتَرَى مَالِكُ بْن دعر يُوسُف مِنْ إِخْوَته كَتَبَ بَيْنهمْ وَبَيْنه كِتَابًا : هَذَا مَا اِشْتَرَى مَالِك بْن دعر مِنْ بَنِي يَعْقُوب , وَهُمْ فُلَان وَفُلَان مَمْلُوكًا لَهُمْ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا , وَقَدْ شَرَطُوا لَهُ أَنَّهُ آبِق , وَأَنَّهُ لَا يَنْقَلِب بِهِ إِلَّا مُقَيَّدًا مُسَلْسَلًا , وَأَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَهْد اللَّه . قَالَ : فَوَدَّعَهُمْ يُوسُف عِنْد ذَلِكَ , وَجَعَلَ يَقُول : حَفِظَكُمْ اللَّه وَإِنْ ضَيَّعْتُمُونِي , نَصَرَكُمْ اللَّه وَإِنْ خَذَلْتُمُونِي , رَحِمَكُمْ اللَّه وَإِنْ لَمْ تَرْحَمُونِي ; قَالُوا : فَأَلْقَتْ الْأَغْنَام مَا فِي بُطُونهَا دَمًا عَبِيطًا لِشِدَّةِ هَذَا التَّوْدِيع , وَحَمَلُوهُ عَلَى قَتَب بِغَيْرِ غِطَاء وَلَا وِطَاء , مُقَيَّدًا مُكَبَّلًا مُسَلْسَلًا , فَمَرَّ عَلَى مَقْبَرَة آل كَنْعَان فَرَأَى قَبْر أُمّه - وَقَدْ كَانَ وُكِّلَ بِهِ أَسْوَد يَحْرُسهُ فَغَفَلَ الْأَسْوَد - فَأَلْقَى يُوسُف نَفْسه عَلَى قَبْر أُمّه فَجَعَلَ يَتَمَرَّغ وَيَعْتَنِق الْقَبْر وَيَضْطَرِب وَيَقُول : يَا أُمَّاهُ ! اِرْفَعِي رَأْسك تَرَيْ وَلَدك مُكَبَّلًا مُقَيَّدًا مُسَلْسَلًا مَغْلُولًا ; فَرَّقُوا بَيْنِي وَبَيْن وَالِدِي , فَاسْأَلِي اللَّه أَنْ يَجْمَع بَيْننَا فِي مُسْتَقَرّ رَحْمَته إِنَّهُ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ ... القصة .
وهذه القصة من الإسرائيليات أوردها القرطبي في " الجامع " (9/105) عند تفسير قوله تعالى : " وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ " [ يوسف : 21 ] ، والتي لا يعول عليها ، وخاصة أنها من رواية وهب بن منبه وهو ممن عرف برواية الإسرائيليات .
الأثر الرابع :
عن مجاهد أنه كان يكره أن يقول : اللهم ادخلني في مستقر من رحمتك ، فإن مستقر رحمته هو نفسه .(1/3)
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب " الصمت وآداب اللسان " (347) بسنده فقال :
حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عبد الله بن قُبَيصة ، عن ليث ، عن مجاهد به .
وضعف إسناده المحقق الشيخ أبو إسحاق الحويني فقال : إسناده ضعيف . وعبد الله بن قبيصة ، قال العقيلي : " لا يتابع على كثير من حديثه " . وقال ابن عدي : " له مناكير " – كما في " الميزان " ، وليث هو ابن أبي سليم فيه مقال أيضا ، ولم أقف عليه من قول مجاهد .ا.هـ.
كلام أهل العلم عليها :
تكلم أهل العلم عن لفظة : " في مستقر رحمته " ، وهذه أقوالهم فيها :
1 - قال الإمام النووي في " الأذكار " ( ص 547) :
فصل : ومن ذلك ما رواه النحاسُ عن أبي بكر محمد بن يحيى قال : وكان من الفقهاء الأدباء العلماء ، قال : لا تقلْ : جمعَ اللّه بيننا في مستقرُ رحمته ، فرحمةُ اللّه أوسعُ من أن يكون لها قرار ؛ قال : لا تقلْ : ارحمنا برحمتك .
قلت : لا نعلمُ لما قاله في اللفظين حجة ، ولا دليلَ له فيما ذكره ، فإن مرادَ القائل بمستقرّ الرحمة : الجنة ، ومعناه : جمعَ بيننا في الجنة التي هي دار القرار ودار المقامة ومحل الاستقرار ، وإنما يدخلها الداخلون برحمة اللّه تعالى ، ثم من دخلَها استقرّ فيها أبداً ، وأمِنَ الحوادث والأكدار ، وإنما حصل له ذلك برحمة اللّه تعالى ، فكأنه يقول : اجمع بيننا في مستقرّ نناله برحمتك .ا.هـ.
2 - ونقل البعلي عن شيخ الإسلام ابن تيمية في " الاختيارات الفقهية " ( ص 460) ما نصه :
وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ بِالْبَقَاءِ لِكُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أَصْرَمَ .
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ جَمَعَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ فَقَالَ : لَا تَقُلْ هَذَا .
وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ - يعني شيخ الإسلام - : يَمِيلُ إلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بِذَلِكَ .(1/4)
وَيَقُولُ : إنَّ الرَّحْمَةَ هَهُنَا الْمُرَادُ بِهَا الرَّحْمَةُ الْمَخْلُوقَةُ ، وَمُسْتَقَرُّهَا الْجَنَّةُ ، وَهُو قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ .ا.هـ.
3 - وقال الإمام ابن القيم في " بدائع الفوائد " (2/253 -254) :
وعلى هذا فلا يمتنع الدعاء المشهور بين الناس قديما وحديثا وهو قول الداعي اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك ، وذكره البخاري في كتاب " الأدب المفرد " له عن بعض السلف ، وحكى فيه الكراهة قال : إن مستقر رحمته ذاته ، وهذا بناء على أن الرحمة صفة ، وليس مراد الداعي ذلك بل مراده الرحمة المخلوقة التي هي الجنة .
ولكن الذين كرهوا ذلك لهم نظر دقيق جدا ، وهو أنه إذا كان المراد بالرحمة الجنة نفسها لم يحسن إضافة المستقر إليها ، ولهذا لا يحسن أن يقال اجمعنا في مستقر جنتك فإن الجنة نفسها هي دار القرار ، وهي المستقر نفسه كما قال : " حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " [ الفرقان : 76 ] فكيف يضاف المستقر إليها ؟ والمستقر هو المكان الذي يستقر فيه الشيء ، ولا يصح أن يطلب الداعي الجمع في المكان الذي تستقر فيه الجنة فتأمله ، ولهذا قال مستقر رحمته ذاته ،
والصواب : أن هذا لا يمتنع ، حتى ولو قال صريحا : " اجمعنا في مستقر جنتك " ، لم يمتنع ، وذلك أن المستقر أعم من أن يكون رحمة أو عذابا ، فإذا أضيف إلى أحد أنواعه أضيف إلى ما يبينه ويميزه من غيره ، كأنه قيل في المستقر الذي هو رحمتك لا في المستقر الآخر .
ونظير هذا أن يقال : " اجلس في مستقر المسجد " ، أي : المستقر الذي هو المسجد ، والإضافة في مثل ذلك غير ممتنعة ولا مستكرهة ، وأيضا : فإن الجنة وإن سميت رحمة لم يمتنع أن يسمى ما فيها من أنواع النعيم رحمة ، ولا ريب أن مستقر ذلك النعيم هو الجنة فالداعي يطلب أن يجمعه الله ومن يحب في المكان الذي تستقر فيه تلك الرحمة المخلوقة في الجنة ، وهذا ظاهر جدا فلا يمتنع الدعاء بوجه والله أعلم .ا.هـ.(1/5)
وقال في موضع آخر (4/95 -96) :
ومن مسائل أحمد بن أحرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله ابن حسان بن عبد الله بن المغفل المزني الصحابي
سمعته وقال له رجل : " جمعنا الله تعالى وإياك في مستقر رحمته " ، فقال : " لا تقل " هكذا .
قلت : اختلف السلف في هذه الدعوة ، وذكرها البخاري في كتاب " الأدب المفرد " له ، وحكى عن بعض السلف أنه كرهها ، وقال : " مستقر رحمته ذاته " ، هذا معنى كلامه ، وحجة من أجازها ولم يكرهها ، الرحمة ههنا المراد : الرحمة المخلوقة ، ومستقرها الجنة ، وكان شيخنا يميل إلى هذا القول .ا.هـ.
ويقصد بشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقد مر معنا رأيه كما نقله عنه البعلي في " الاختيارات " .
4 - وقال السيوطي في " الحاوي " (1/253) :
مسألة : رجل قال : اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك ، فأنكر عليه شخص فمن المصيب ؟
الجواب : هذا الكلام أنكره بعض العلماء ، ورد عليه الأئمة منهم النووي وقال : الصواب جواز ذلك ، ومستقر الرحمة هو الجنة .ا.هـ.
5 - وقال العلامة الألباني في تعليقه على أثر أبي العطاردي في " صحيح الأدب المفرد " ( ص 286 – 287) :
وهذا الأثر عنه - أي عن أبي رجاء العطاردي - يدل على فضله وعلمه ، ودقة ملاحظته ، فإن الجنة لا يمكن أن تكون مستقر رحمته تعالى ؛ لأنها صفة من صفاته ، بخلاف الجنة فإنها خلق من خلق الله ، وإن كان استقرار المؤمنين فيها إنما هو برحمته تعالى ، كما في قوله تعالى : " وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [ آل عمران : 107 ] يعني الجنة .ا.هـ.
6 - وذكر الشيخ بكر أبو زيد في " معجم المناهي اللفظية " مبحث عبارة " مستقر رحمتك " في عدة مواضع وهي :(1/6)
نقل في ( ص 333 – 334) عند عبارة " صباح الخير " كلاما لابن حجر الهيتمي من الفتاوى الحديثية ، وفي آخره : ... وزعم أنه يكره أن يقول : ارحمنا برحمتك ، كاجمع بيننا في مستقر رحمتك ، يردهما أنه لا دليل له بوجه إذ المراد : اجمع بيننا في الجنة التي هي دار القرار ولا تنال إلا بالرحمة .ا.هـ.
ونقل في ( ص 599) عند عبارة " ارحمنا برحمتك " كلام الإمام النووي الذي ذكرناه آنفا .
وقال في ( ص 604) عند عبارة " الهم اجمعنا في مستقر رحمتك " :
حرر ابن القيم – رحمه الله – القول في هذا الدعاء ، مرجحا جواز الدعاء بذلك على قول من قال بالكراهة من السلف فقال – رحمه الله تعالى – في مبحث كلامه على الرحمة والبركة من تحية الإسلام المضافتين إلى الله تعالى على نوعين :
أحدهما : مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله ، والثاني : مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها . وذكر للأول منهما عدة نصوص : منها قوله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله الرحمة يوم خلقها مئة رحمة " الحديث . ثم قال : ... ا.هـ.
ونقل كلام ابن القيم الآنف الذكر .
وذكر في ( ص 633) عند عبارة " جمعنا الله في مستقر رحمته " حديث البخاري في " الأدب المفرد" ، ثم قال : والذي رجحه ابن القيم – رحمه الله تعالى – في " البدائع 2/184 " جواز الدعاء به ، وفي " بدائع الفوائد 4/72 " ذكر أن شيخه مال إليه . والله أعلم .ا.هـ.
وبعد هذه النقول نجد أن بعض السلف كره هذه اللفظة ، والبعض الآخر من العلماء أجازوها ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
وقد وجدت بعض المؤلفين يستخدم هذه العبارة حال الدعاء ، ولو ذكرت أمثلة لطال بنا المقام . وفي هذا القدر كفاية . والله أعلم .
نسخة من البحث على ملف اكروبات
http://saaid.net/Doat/Zugail/169.pdf
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/7)
انْتَبِهْ !!! لَوْحَةٌ تَقُولُ : " قِسْمُ العَائِلاتِ "
المَطَاعِمُ العَائِلِيَّةُ
ملخص الخطبة
1- ظاهرة انتشار المطاعم العائلية
2- المحاذير الشرعية والأخطاء التي تقع فيها هذه الظاهرة
3- بعض حُجج من يفعلون ذلك والتنبيه إلى عدم التساهل في الذهاب إليها والبديل عن ذلك
الخطبة الأولى
وبعد :
فقد انتشرت في هذه الأيام بين عدد من الأسر المسلمة والنساء المسلمات ظاهرة غريبة عن المجتمع الإسلامي المحافظ على صيانة المرأة وسترها وحيائها . ألا وهي ظاهرة غشيان المطاعم العائلية أو ذات الأقسام العائلية .
والناظر بعين الشرع والبصيرة بالواقع يرى في ذلك عددا من الأخطار والمحذورات الشرعية .
فمن ذلك :
أولا : أن الحواجز الموجودة في كثير من تلك المطاعم لا تحجب المرأة حجبا شرعيا كاملا عن الرجال الأجانب وذلك إما لقصر الحاجز أو ارتفاعه من الأسفل بحيث تُرى القدم أو الساق أو شفافية هذا الحاجز بحيث يمكن تمييز شيء من بدن المرأة أو أن يكون في هذا الحاجز نقوش مفرّغة بحيث تمكن رؤية من وراءه من خلال هذه الفراغات.
وفي عدد من الأقسام العائلية في كثير من هذه المطاعم لا يوجد أصلا حواجز بين طاولات العوائل وإنما الحواجز فقط بين أماكن جلوس الرجال وبين أماكن العوائل. ولا شكّ أن هذه الطريقة تجعل من الممكن لكل فرد من أفراد العائلة الواحدة رؤية أيّ فرد من أفراد العائلة الأخرى .
ثانيا : من المعلوم أنّ كثيرا من النساء الجالسات في هذه الأقسام متهاونات بالحجاب الشرعي بحيث تبدو وجوههن أو شعورهن أو أقدامهن فما فوق عبر الثياب المشقوقة التي يرتدينها، وحتى النساء المحجّبات يكشف معظمهن وجوههنّ عند تناول الطعام فإذا كانت الحواجز على الطريقة التي سبق وصفها فإنّ رؤية ما حرّم الله كشفه أمر حاصل وواقع .(1/1)
ثالثا : إن أكثر هذه المطاعم يدخل خدم المطعم - وهم رجال - إلى أماكن جلوس النساء لكتابة الطلب أو إحضار أطباق الطعام، وليس كلّ هؤلاء من الذين يستأذنون، ولا كلّ النساء من اللاتي يحتجبن عند دخول الخدم بشكل متكرر، بل إنّ عددا من النّساء لا يبالين بالحجاب أمام بعض الجنسيات التي منها خدم المطاعم في الغالب.
رابعا : أنّ هذه الأماكن صارت مرتادة من قِبَل عدد من أصحاب الفجور والشهوات الذين يتعرّف الواحد منهم على فتاة ثمّ يصطحبها إلى هذه المطاعم بحجّة أنها زوجته ، فصارت هذه الأقسام متنفّسا لكلّ من يريد الحرام.
خامسا : أن عددا من بنات المترفين صِرْن يُقِمْن حفلات لزميلاتهن في المدرسة أو الكلية في المناسبات المختلفة في هذه المطاعم ومعلوم أن عددا كبيرا منهنّ غير متمسكات بالحجاب الشرعي، وبعض أوليائهن يتساهلون في شأن هؤلاء البنات بحجة أنهن صغيرات مع أنّ حجم هؤلاء كاف جدا لحصول الفتنة، فيأخذ كل سائق هذه البنت إلى موعد ومكان الحفلة في المطعم العائلي مع ما في ذلك من الشرّ العظيم.
سادسا : بالنظر إلى حجم الأموال التي تنفق في تلك الوجبات - خصوصا وأن أكثر تلك المطاعم أسعارها مرتفعة - فإننا نجد أن الإسراف متحقّق في الأكل في هذه المطاعم بالإضافة إلى أنّ باقي الطعام يُرمى - في الغالب - بخلاف ما لو أكل هؤلاء في بيوتهم . والاقتصاد كما قال صلى الله عليه وسلم: جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوّة ( رواه الترمذي رقم 2010 وهو حديث صحيح ) .
سابعا : إن ترددّ النساء على المطاعم العائلية يؤدي إلى زيادة خروجهن من بيوتهن بغير حاجة وهذا مخالف لقوله تعالى: وقرن في بيوتكن ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى ومعلوم أنّ الشريعة لا تريد مطلقا أن تُصبح المرأة خرّاجة ولاّجة، لما في ذلك من المفاسد التي لا تُحمد عقباها والتي من أعظمها ذهاب الحياء بالتدريج .(1/2)
ثامنا : إنّ نظافة طعام البيت وفائدته الصحيّة أفضل بكثير من المأكولات التي تُطبخ في المطاعم علما بأنّ كثيرا من الطبّاخين في المطاعم التي يسمّونها راقية هم من الكفرة الذين لا يُراعون طهارة ولا نجاسة ، وكثيرا ما يُصاب عدد من روّاد المطاعم بحالات من الإسهال والتسمم المعوي .
والأهمّ من ذلك كلّه أنّ الآكلين في هذه المطاعم لا يدرون عن نوعية اللحوم المُستخدمة في الأطعمة بخلاف المطبوخ في البيت مما يكون تحت نظر الإنسان ومعرفته.
لهذه المحاذير وغيرها ينبغي على المسلم أن يصون أهله عن مثل هذه الأماكن وأن يمتثل لقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون .
وقد يزعم البعض أنّ هذا الخروج للترفيه وتغيير جوّ البيت، وأنّ زوج المرأة أو وليها سيكون معها، وأنّها ستعطي ظهرها للباب، وأنّ الخدم في المطعم سيستأذنون قبل الدخول، وأنّها ستغطي وجهها عند دخولهم وتكون بالحجاب الكامل، أو أنّ الخدم من النساء، وأنّ المطعم خال من الموسيقى، وأنّ مكان جلوس العائلة في غرفة محكمة الإغلاق والسّتر، وأنّ هذا الخروج مرة في الشهر، ولن يُصبح عادة، وأنّ الأموال التي ستُنفق معتدلة.
ولستُ أُريد التضييق والتشديد من خلال الردّ على هذه المزاعم أو تفنيدها، لأنّه قد يوجد في الواقع - وإن كان نادرا - توافر لعدد من هذه الاحترازات، ولكنني أقول: إذا أردنا الصّدق مع أنفسنا ونُشدان الحقّ. فما هي - يا تُرى - نتيجة المقارنة إذا عقدناها بين الواقع وبين هذه الضوابط المزعومة؟ وكم نسبة الذين يطّبقون ذلك فعلا؟ ولو فعل ذلك بعض الأخيار والقدوات في بعض المطاعم لشروط يرونها متحقّقة فماذا سيفهم العامة من ذلك؟(1/3)
ولست أُنكر أنّ الحاجة – وليس كسل ربّة البيت – تدعو أحيانا إلى طعام من المطاعم مثلما يحدث في الأسفار وعند الخروج في بعض الرحلات أو ظرف يحدث لربّة المنزل، ولكن هناك من الحلول ما يُغنينا عن الدخول بنسائنا إلى المطاعم مثل استعمال خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل أو جلب الطعام المعبّأ والمغلّف إلى البيت أو غرفة الفندق مع استشارة المرأة فيما تريده أن يُجلب إليها من القائمة أو "البوفيه"، وعلى وجه العموم فإن اللجوء إلى المطاعم عند الحاجة يكون مختلفا تماما في النتيجة عما إذا كان من باب الاختيار أو الترفيه.
أسأل الله تعالى أن يعيننا على صيانة أهلينا وأن يوفقنا لاتّباع الحقّ وأن يهدينا سواء السبيل. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
اسم الخطيب
الشيخ محمد بن صالح المنجد
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@69.4GAPejxeeRI.14@.1dd3280f
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
قصيدةٌ مهداةٌ إلى مسلسلِ ... [ ملف صوتي ]
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كما تعلمون أن الناسَ في شهرِ رمضانَ هو شهرُ العبادةِ وشهرُ تصفيدِ مردةِ الشياطين ، وبالرغمِ من تصفيدِ مردةِ الشياطين إلا أن هناك شياطنُ الإنسِ ممن أخذوا على عاتقهم إبعادَ الناسِ عن هدفِ الصيامِ الشرعي وهو تقوى الله كما قالَ تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [ البقرة : 183 ] .
وصورُ إبعادِ الناسِ عن هدفِ الصيامِ من قِبلِ شياطينِ الإنسِ كثيرةٌ جداً ، ولكن من أشهرها مسلسلُ " طاش ما طاش " ، فقد فتن به كثيرٌ من المسلمين ، وأصبحوا ينتظرونه بفارغِ الصبرِ أشدَ من انتظارهم لشهرِ رمضانَ نفسهِ .
ولست بصددِ الكلامِ على المسلسلِ من ناحيةً شرعيةً فقد قال العلماءُ كلمتهم فيه ، وزمجر المزمجرون بسبب الفتاوى التي صدرت بخصوص المسلسلِ ومنها فتوى الشيخِ العلامةِ عبد الرحمن البراك - حفظه اللهُ - وهي :
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله :
أما بعد فإن من ركائز الإعلام المهمة التي يعوّل عليها في جذب المستمعين والمشاهدين التمثليات والمسلسلات ولهذه المسلسلات هدفان :
أحدهما : إمتاع المشاهدين والمستمعين .
وثانيهما : غرس أفكار و أخلاق يعنى بنشرها صنّاع هذه التمثليات - أو من ورائهم - ويراد صياغة المجتمع عليها وصبغة بها .
ومعلوم لكل من نور الله بصيرته بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ما يبثه الإعلام من هذه المسلسلات لا يخلو من باطل بدرجات متفاوتة ، من اللهو الجالب للغفلة والصاد عن ذكر الله وعن الصلاة ، إلى تزيين الفواحش و المنكرات ، و إلى الكفر بالله و الاستهزاء بآياته و أنبيائه وأوليائه و بأهل طاعته .(1/1)
فأما ما يبثه الكفار عبر قنواتهم فهو فساد و الإفساد و الإلحاد الذي هو حرب موجهة إلى المسلمين لإفساد عقائدهم و أخلاقهم و صدهم عن دينهم ، وليس هذا بمستغرب من الكفار بل هذا هو المنتظر ، فهمهم كما أبان الله عن نوايا طوائف الكفر في المسلمين كما قال تعالى : " وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ " وقال : " وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا " ، ولكن الغريب أن يقوم بهذه الهجمة طوائف من المنتسبين للإسلام ثم يُروج باطلهم على كثير من المسلمين ، فسبحان مصرف القلوب ومقلب القلوب .
وواجب ولاة الأمر وفقهم الله أن يحموا أمتهم من الأسباب الجالبة للفساد في الدين والأخلاق و يأخذوا على أيدي من يهيئ الأسباب لاستقبال ما تبثه هذه القنوات من الذين همهم الحصول على أكبر قدر ممكن من المال يظنونه ربحاً وهو سحت و وبال ، وهم بهذا يشاركون في نشر الفساد وتحقيق أهداف الكفار في المسلمين فعليهم من وزر الإفساد والإضلال بحسب تسببهم و تأثيرهم .
ومما يسوء كلّ غيور على دين الله ومعظّم لحرماته ما يقوم به بعض المسلمين من تمثليات يدّعون أنهم يعالجون بها مشاكل اجتماعية وهي لا تخرج في مضمونها عن الهدفين الرئيسين وهما :
1- إمتاع المشاهدين بما تحويه من اللهو و اللعب والباطل .
2- نشر أفكار و أخلاق تساير و توافق التوجهات المنحرفة .
و مدار هذه التمثليات على النكت والفكاهات و الكذب والتمويهات والسخرية بأشخاص وجماعات يراد تحقيرها ، ولا سيما الذين ينكرون هذه التوجهات والسلوكيات والأهداف لهذه التمثليات ، من العلماء والصلحاء و أهل الغيرة من الرجال والنساء ، وفي مقابل ذلك إظهار الإعجاب بالكفار الذين يوصفون بالحضارة والتقدم ، وبالمتشبهين بهم من المسلمين من الرجال و النساء .(1/2)
و أهم ركائز هذه المسلسلات عند أصحابها وجود عنصر المرأة فيها ، ومعلوم ما ينشأ عنه مع الاختلاط المحرم من الكلمات والحركات و النظرات وما فوق ذلك من المنكرات .
وكلما كانت هذه المسلسلات أكثر جذباً للمشاهدين وشداً لهم - لاشتمالها على المشاهد و الكلمات المؤثرة والمثيرة و الباعثة على المتعة دون تمييز بين حلالها وحرامها - كان ذلك عند المفتونين بهذه المسلسلات علامة على تميزها و تفوق كُتّاب قصتها و مهارة مخرجيها و ممثليها .
ومن تلبيس الشيطان على أصحاب هذه الصناعة ومروجيها تخصيص شهر رمضان المبارك من ذلك الباطل بنصيب ، ففي الوقت الذي يستعد فيه المسلمون لاغتنام هذا الشهر بالصيام والقيام و الإحسان وتلاوة القرآن يستعد هؤلاء بتقديم ما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويحوّل ساعات الذكر والشكر لتكون وقتاً للهو و اللعب والغفلة ، مع ما تتضمنه حلقات المسلسل من منكرات قولية وفعلية .
ومن هذا الباطل المسلسل المعروف بـ [ طاش ما طاش ] وقد أفاد المتابعون له لرصد مضامين حلقاته أنه يشتمل على أنواع من المنكرات ، من ذلك السخرية بأهل الغيرة على نسائهم ، و الكذب عليهم بالغلو في الغيرة ، وتمثيل ذلك بمشهد لا حقيقة له ، والغاية من هذا المشهد تشويه صورة الغيورين على محارمهم و إظهارهم بالمظهر المزري ليضحك منهم المشاهدون و ينفروا عن ذلك الخلق الكريم البريء من الإفراط والتفريط ، وفي مقابل ذلك مشهد ينبئ عن الإعجاب بحال المتهاونين بالحرمات و المسايرين للتقاليد السيئة ، كجلوس الأسرة على الشاطئ من غير احتشام ولا اهتمام .
ومن ذلك مشاهد تبرز أهل الخير والصلاح و الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمظهر المزري المضحك في حركاتهم وكلامهم ولباسهم ، وفي ذلك تشويه لصورتهم في عقول المشاهدين من الصبيان والسفهاء من الرجال والنساء .(1/3)
ومن ذلك مشاهد تتضمن الاختلاط والسخرية بالحجاب ، وتمثيل بعض العلاقات الزوجية التي لو كانت حقيقية لما جاز نشرها ، كيف وهي تمثيل لتلك العلاقات من رجال ونساء أجانب ، وهي مشاهد محرم تمثيلها وعرضها ، وهذه المشاهد مدارها على الإثارة الجنسية وفي ذلك دعوة لمضامين هذه المشاهد .
وجملة القول أن تلك المشاهد تشتمل على باطل كثير ومنكرات قولية وفعلية فيها تشويه للحق وتنفير عن الفضيلة وتزيين للباطل و إغراء به ، و أهون ما فيه الهزل القولي و الفعلي الذي يراد منه شد أنظار المشاهدين و إمتاعهم بالرخيص و السخيف ، ليضحكوا ويقهقهوا بعد ما شبعوا في هذا الموسم العظيم .
هذا بعض التصور عن هذا المسلسل فيما مضى ، فماذا سيكون عليه في هذا العام ؟
والموجب للتنصيص على مسلسل طاش ما طاش أنه مخصص لشهر رمضان ، ويستهدف فئات المجتمع ، ويبث في وقت الذروة من حيث عدد المشاهدين ، فالفتنة بما فيه من اللغو واللهو والمنكر أعظم .
وبعد هذا العرض المجمل لمحتوى و أهداف المسلسلات ، يتبين أنها من الأعمال المنكرة ، يشترك في إثمها معدوها و مشاهدوها ، وعلى معديها مثلُ آثام من أضلوه وصدوه عن ذكر الله وعن الصلاة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : من دعا إلى ضلالة كان عليه من آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً .
و إني لأدين لله بتحريم تمثيل ومشاهدة هذه المسلسلات والتي منها [ طاش ما طاش ] لذلك أوصى جميع المسلمين أن يتقوا الله ويراقبوه ويتوبوا إليه ويذكروا الموت و ما بعده والحساب و الجزاء ، وليعلم من فرط في حق الله و اجترأ على محارم الله ولم يتب أنه سيندم حين لا ينفع الندم كما قال تعالى : " أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ " .(1/4)
كما أوصى المعجبين بهذا المسلسل و المتابعين له و لغيره أن يتوبوا إلى الله من الافتتان به ومتابعته ، ليكونوا من الذين قال الله فيهم : " وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ " وقال : " وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِمَرُّوا كِرَامًا " و أن يأخذوا بالأسباب التي تعينهم على طاعة الله وذكره ، و اغتنام هذا الموسم العظيم من مواسم التزود للآخرة .
نسأل الله أن يمن على الجميع بالهداية إلى صراطه المستقيم ، و أن يعيذنا من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا و من الشيطان الرجيم ، وصلى الله على نبينا محمد و على آله وصحبة أجمعين .
حرر في 15/8/1421هـ
أملاه / عبدالرحمن بن ناصر البراك
وهناك فتوى أخرى مفصلةً للجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ بخصوصِ المسلسلِ أيضاً
http://saaid.net/fatwa/f9.htm
ولم يكن للعلماءِ فقط كلمتهم بخصوص المسلسل بل حتى المثقفين فهذا الدكتور محمد الحضيف يكتبُ بخصوصهِ فيقولُ :
(طاش ما طاش) ... فن (تشويه) الشخصية العامة.
د. محمد الحضيف
تقوم وسائل الإعلام، ضمن أساليبها في التأثير، بصياغة الواقع الاجتماعي ، والاقتصادي ، والسياسي ، لنا كجمهور، ويقصد بـ(الواقع) هنا، ذلك (الجزء) الذي تتعمد تلك الوسائل أن تعرضه علينا، أو تنشره لنا، عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع. بحيث يبدو وكأنه ممثل للواقع، ومعبر عن الحقيقة، فعلى الجانب الاجتماعي مثلا، قد يكون الفقر والتخلف هما السمة العامة لمجتمع ما، لكن وسائل الإعلام من خلال تركيزها على (جزء صغير) من المجتمع، تعطي انطباعا مغايرا لما هو عليه في الحقيقة. أو تقدم (واقعا) مختلفا و(مختلقا)، إذا أردنا أن نستخدم التعبير المناسب لهذا الموضوع.(1/5)
وسائل الإعلام لا تكتفي فقط بصياغة (الواقع)، بل تقوم أيضا بـ(قولبة) الأشخاص والجماعات، والشعوب بنفس الطريقة: صناعة (صورة) مبتسرة للأفراد والجماعات، يتم تعميمها كأنموذج معياري (قالب)، يتم الحكم على الناس، والتعامل معهم على أساسه.
في المثال السابق، تتم (صياغة الواقع) Defining Reality ، بأن تعرض وسائل الإعلام فئات اجتماعية غنية ومتعلمة، تسكن في منطقة تتمتع بخدمات جيدة، ولديها مؤسسات اجتماعية واقتصادية متقدمة، فتقدم هذه الفئة على أنها هي (كل) المجتمع. وسائل الإعلام بعملها هذا تعرض جزءا صغيرا من الصورة الكاملة للمجتمع، كما هو التعبير السائد والجزء الصغير من (الصورة)، الذي تم عرضه عن المجتمع، هو الذي ستبنى عليه بقية الصورة في أذهان الجمهور، العملية إذن، تقوم بشكل أساسي على (الصورة الذهنية) التي تتشكل في عقل المتلقي، الكلام نفسه ينطبق على (القولبة)، حيث تتم صياغة الأفراد والجماعات في قالب أو صورة ذهنية، مشوهة في الغالب، تتجاهل الفروقات الفردية والثقافية.
مفهوم (الصورة الذهنية) IMAGE هذا، الذي أطلقه (والترليبمان) في أوائل القرن الميلادي العشرين، يصلح أساسا لتفسير الكثير من عمليات التأثير التي تقوم بها، وسائل الإعلام، وتستهدف بشكل رئيسي ذهن الإنسان.
ليبمان (1922)، تحدث عما سماه (الصورة النمطية)
STEREOTYPE أو ذلك التصور المحدود، أو الانطباع الذي يحتفظ فيه الإنسان في ذهنه عن إنسان وأمر ما. هذا التصور يختزل تفاصيل كثيرة في مشهد واحد. لو عدنا لمثالنا السابق عن المجتمع المتخلف، فإن الصورة الذهنية التي ستبقى في عقل الإنسان عن ذلك المجتمع، هي تلك الصورة (الجميلة) التي عرضتها وسائل الإعلام. حيث الشريحة الاجتماعية التي تملك قسطا من التعليم والثروة. والتي تمثل نقطة مضيئة صغيرة، في الصورة المعتمة الكاملة لذلك المجتمع المتخلف الفقير.(1/6)
إن وسائل الإعلام، من خلال توظيف مفهوم الصورة الذهنية، تصيغ لنا واقعا، عن المجتمعات والأفراد، غير دقيق، أو بلغة أخرى واقعا (آخر) غير الأصلي، الواقع الذي تصنعه لنا الصورة الذهنية، التي تتكون من خلال التعرض لوسائل الإعلام، عن المجتمع الأمريكي على سبيل المثال، هو (واقع) ذاك المجتمع الغني النظيف، المرتب، الذي تسوده العدالة والمساواة بين الناس. على اختلاف ألوانهم، ودياناتهم، وطبقاتهم الاجتماعية، لقد تم لوسائل الإعلام (صياغة واقع) كهذا. من خلال عرض نتف صغيرة من الصورة الكاملة للمجتمع الأمريكي. والتي تحتوي أيضا على مساحات كبيرة من (البقع المعتمة). وسائل الإعلام لم تعرض أجزاء صورة المجتمع الأمريكي الأخرى، المتعلقة بالأمن والجريمة والعنصرية ولا تلك المتعلقة بمستوى الفقر، والتشرد، وتعاطي الخمور، والمخدرات، والاغتصاب، وسفاح المراهقات (بين 13 و16 سنة)، وزنا المحارم، وجمعيات الشذوذ الجنسي. لو تم عرض مثل هذه (الأجزاء) وغيرها، لكنا أمام (واقع) غير ذلك الذي صاغته لنا وسائل الإعلام، والذي ليس سوى (صورة ذهنية) مبتسرة لواقع أكبر، وأشمل، وأكثر تباينا وتناقضا.
في شهر رمضان المبارك عرض التلفزيون، كعادته كل عام حلقات برنامج (طاش ما طاش)، الذي يؤدي فيه الممثلون القائمون على إنتاجه أدوارا، يفترض أنها تعالج سلبيات اجتماعية، بعضها مما له علاقة بالأداء الوظيفي في الجهاز الحكومي،والبعض الآخر عن ممارسات وسلوكيات اجتماعية، يزعم أصحاب البرنامج أنها خاطئة، هذه المقالة ليس من أهدافها تقييم أداء الممثلين، في طريقة معالجتهم للقضايا التي يتناولونها في برنامجهم، وليست بصدد الحديث عن مصداقية و(نزاهة) أولئك الممثلين، وهم يتصدون لانتقاد شخصية اعتبارية تمثل شريحة كبيرة من المجتمع. تهدف هذه المقالة إلى توضيح (حجم الجناية) التي يرتكبها أولئك الممثلون وهم يقومون بـ(تنميط) فئة معتبرة، وكبيرة من المجتمع.(1/7)
دأب القائمون على برنامج (طاش ما طاش) في السنوات الأخيرة على إبراز شخصية المواطن المتدين بقالب، أو صورة نمطية Stereotype منفرة. تتعمد تشويهه، وتقديمه للمشاهد بشكل (كاريكاتيري) مضحك ومقزز، (الصورة الذهنية) IMAGE التي يقدمها البرنامج عن الفرد الملتزم، تختزله في شخص متطرف، ضيق الأفق، يضطهد المرأة، مسكون بالهاجس الجنسي، رث الهيئة، ومخادع لا يعبر مظهره عن مخبره. فعلى سبيل المثال، قدم البرنامج في إحدى حلقاته، المواطن المتدين على أنه (خائن) و(مرتشي)، حينما أبدى الممثل الذي يقوم بدور شخص متدين استعداده لتزوير ميزانية إحدى الشركات. في حلقة قديمة قدمت الشخصية المتدينة على أنها غبية ومتطرفة. ففي رحلة خاوية (يحرص) المتدين، كما يقدمه البرنامج، على أن تكون المسافة بينه وبين (أقرب) مجموعة من الناس كيلومتر واحد، كما أنه يستخدم المقرب (الدربيل) ليتأكد من ذلك، وتوضع الأغطية الثقيلة على النساء في آخر المشهد الكاريكاتيري السخيف. في مشهد آخر يقوم ابن أحد الممثلين بدور شاب متدين ويبدو من خلال ذلك الدور، أبلها معتوها، مظهره وهيئته منفران.
هذا التحليل لا علاقة له بفتوى اللجنة الدائمة، إنما هي قراءة علمية لعملية تشويه، وتدمير متعمدة ومقصودة، للشخصية العامة. وهي تعني كل بيت في هذا الوطن الذي لا يكاد يخلو من شاب ملتزم، أو فتاة ملتزمة. إن (القولبة) شيء كريه وبغيض، وهي مع كونها ذات بعد ديني، فإنها كذلك لها أبعاد اجتماعية وسياسية خطيرة. وهي اعتداء سافر على أحد مكونات النسيج الاجتماعي لهذه البلاد، بطريقة لا تخلو من الابتذال والتهريج.(1/8)
إن معالجة الأخطاء والظواهر السلبية شيء، وتدمير الشخصية الاعتبارية لفئة من الناس شيء آخر. إنه مثلما أننا لا نستطيع أن نختزل (الهند النووية)، على سبيل المثال، بسائق (الليموزين) الهندي الذي يفتح باب سيارته ويبصق في الشارع (صار بعض المواطنين يمارس هذه العادة القبيحة)، فنحن كذلك، لا يمكن أن ندعي أننا نمارس نقدا بناء من خلال (القولبة) وتشويه شريحة كبيرة ومهمة من المجتمع. إن الممثل الذي يقدم ابنه ليؤدي دور شاب متدين، أبله وساذج، لا يستطيع أن ينكر أن أوائل طلبة الثانوية العامة هم في الغالب، من الشباب المتدين. كما أن الذين انبروا للدفاع عن البرنامج، وشبهوا الموقف منه، بالموقف الذي وقفه الشعب المصري من رواية الزندقة والإلحاد (وليمة لأعشاب البحر) لا يقدرون على إنكار تميز الشخص المتدين في مجتمعنا، في أكثر من موقع، فهناك عشرات بل المئات من المتدينين، من الأطباء والمهندسين، وأساتذة الجامعات، وغيرهم، من المتفوقين علميا، على الصعيدين المحلي والعالمي.(1/9)
إن كثيرا من الدول، بما فيها الولايات المتحدة، قد سنت قوانين لحماية الأقليات والفئات الاجتماعية، من تجني وسائل الإعلام، خاصة الترويج للصورة النمطية، التي تستهدف التشويه، أو الاعتداء على تلك الفئات، بأفرادها أو كجماعات. إننا من نفس المنطلق لا نقبل، ولا نسمح، كسياسة رسمية، أو كموقف شعبي بـ(تنميط) أي فئة من فئات شعبنا، على أساس من الانتماء الجغرافي. ليس لأن هذا العمل (غير أخلاقي) فقط، بل لأن آثاره على وحدة النسيج الاجتماعي خطيرة. إننا يجب أن نقاوم (القولبة) و(التنميط) بكل ما أوتينا من قوة. وأن نرفض أي محاولة لنشر (الكراهية) باسم النقد والمعالجة البناءة. إن رفض (القولبة) التي تستهدف تشويه وتدمير الشخصية العامة، لأي فئة في المجتمع، ليس مهمة اللجنة الدائمة، ولا أي مؤسسة دينية، إنها مهمة المجتمع كله، الذي سيكون هو الضحية لمثل هذه الممارسات. إن اللجوء إلى القضاء، ومقاضاة المسؤولين عن عمليات (التنميط) ونشر الكراهية، وإلزامهم بدفع تعويض لمن تضرروا من عمليات (القولبة) المنظمة، والمقصودة، سوف يوجد أرضية جيدة لتنظيم أكثر فاعلية تقوم به مؤسسات المجتمع ضد هذا النوع من الممارسات.
إن هناك بعدا تربويا كذلك، فكيف أستطيع أن اقنع ابني، وتستطيع ان تقنع ابنك، وأن تقنع هي ابنها، بأن يكون مواطنا صالحا، ملتزما بدينه،إذا كان يرى عملية (قولبة) كريهة تتم، لما نعتبره نحن جميعا أنموذجا، وهدفا نسعى إليه، وهو صلاح أولئك الأبناء جوهرا ومظهرا، ليكونوا أعضاء فاعلين ومنتجين لأمتهم ووطنهم.(1/10)
إن تأثير وسائل الإعلام على الجمهور، من خلال توظيف مفهوم الصورة الذهنية، ليس قصرا على جوانب الحياة العامة، والموقف من الأفراد والجماعات، التي وردت في الأمثلة السابقة، بل يتعداها إلى كل جوانب الحياة البشرية، بما في ذلك أسلوب الحياة. فقد تصوغ وسائل الإعلام (نمط حياة) من صنعها هي، لتقدمه للجمهور على أنه (الواقع) الذي يجب أن يحتذى، وتتعامل مع الجمهور في هذه المسألة خصوصا، من خلال استثارة خياله، بتقديم أنموذج لواقع، على أنه مثالي وتوحي للجمهور بتقليده وإشعاره في الوقت نفسه، أن ما هو فيه بائس ومتخلف. فنمط حياة المرأة الغربية هو (الأمثل) لأنها تملك هامشا من الحرية كبيرا.. مسؤولة عن نفسها، وتتصرف بحسدها كما تشاء، وتقود السيارة (...) .ا.هـ.
وأيضاً الشعراءُ جادت قريحتُهم بالشعرِ المنتقدِ لشخصيةِ كبيرِ السنِ ، فإن من الأمور المنتقدةِ على المسلسل السخريةُ بكبارِ السنِ وذلك عن طريقِ تقمصِ أحدِهم وهو السدحان لشخصيةِ كبار السنِ ، فجاء أحدُ الشعراءِ وأرسل قذائف شعرهِ على المسلسل بشكل عامٍ ، والمتقمصِ لكبيرِ السن بشكلٍ خاصٍ .
أترككم مع القصيدةِ ، وانتظر رأيكم فيها .
http://www.eqla3.net/Majallah1/Qasidah.ram
للتحميلِ حفظ باسم .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/11)
كَبْوَةُ فَارِسٍ .. رَدٌّ وتعقيبٌ على مقالِ الدكتورِ محمدٍ الهرفيِّ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
وصلني على بريدي ردٌّ على مقالِ الدكتور محمدٍ الهرفي - غفر اللهُ له - في جريدِ الوطنِ والذي نُشر في يومِ الثلاثاءِ الموافق 24 - 3 - 1426 هـ ، ورأيتُ أنه ردٌّ يستحقُ النشرَ .
كَبْوَةُ فَارِسٍ
رَدٌّ وتعقيبٌ على مقالِ الدكتورِ محمدٍ الهرفيِّ
في المقال الأخير للدكتور محمد بن علي الهرفي بعنوان : ( أمير الرياض والمرأة ) والذي نشره الثلاثاء الموافق 24/3/1426هـ في جريدة الوطن ، وقد بين - رعاه الله - أن الواجب في قضية المرأة مراعاة الجانب الشرعي عند الحديث عن المرأة فقال : ( الذي أراه أن الضابط الشرعي هو الوحيد الذي تجب مراعاته )
وهذا كلام جيد ، لأن الشرع هو المقدم دائما عند المسلمين ، وآمل ألا تكون هذه العبارة كعبارات قاسم أمين حيث قال : ( إننا نتمسك بعوائدنا الإسلامية ونحترمها ) ، وقال : ( السعي لدى الحكومة في إصدار القوانين التي تضمن للمرأة حقوقها ؛ بشرط أن لا تخرج في شيء من ذلك عن الحدود الشرعية ) .
فكلمة الضابط الشرعي لا تعني الكثير .
ثم ساق الدكتور محمد بعض المسائل التى رأى أن من الواجب مناقشتها ومن هذه المسائل : ( مسألة كشف وجه المرأة ) !!!.(1/1)
حق لي أن أتعجب جدا من هذه القضية الكبرى التى طرحها الدكتور ، وسبب التعجب أن جعلها الدكتور قضية يجب بحثها ، مع أن العقلاء يتفقون أن تغطية الوجه للمرأة أفضل من الكشف ـ هذا مع القول بالجواز ـ وقد دل الشرع المطهر على ذلك قال تعالى : (( وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) [ النور : 60 ] فأجاز الله للمرأة وضع الثياب ثم قرر أن العفة خير ، ولا يتصور أن الله أباح للقواعد كشف شعورهن أمام الأجانب ، بل أباح لهن كشف وجوههن فقط .
وأنا لن أحاورك يا دكتور محمد من الجانب الشرعي فقد يطول الأمر ، وتقول في نفسك : المسألة فيها خلاف ، ولكن سأحتج عليك بعمل الأمة الإسلامية ، فإن كشف الوجه أمر منكر قبل الإستخراب (الاستعمار) ولم تعرف الأمة كشف الوجه إلا على يد أذناب المحتلين (المستعمرين) ، وأنا أنقل لجانبكم الكريم صوراً من عدد من الدول الإسلامية يقول الدكتور النصراني فيليب حِتي ( كانت النساء عند خروجهن من دورهن يتأزرن بمآزر بيضاء تسدل إلى وجه القدم ، وكنّ يسترن وجوههن ببراقع (مناديل) ملونة لا يرى من ورائها الناظر شيئاً ، تعلوهنّ الحشمة والوقار ، ولا يجرؤ أحد على الدنوّ منهن ولو كان من ذوي القربى ، لأن تكلم الرجل مع المرأة في الأسواق كان يعدّ من المعايب ) . (1)
وقال الشيخ رشيد رضا رحمه الله في وصف نساء لبنان اللواتي كن يحضرن بعض المحاضرات : (... وإنما يكن مع الرجال سادلات على وجوههن النقاب الإسلامبولي الأسود ، لا سافرات ) (2)
هذا في لبنان ، وانظر لحال لبنان في هذا الوقت بسبب ما يسمى بتحرير المرأة .(1/2)
ويقول الأستاذ عبدالعزيز العظمة - رحمه الله - ، وهو من المؤرخين المخضرمين الذين أدركوا الشام قبل الاستعمار الفرنسي وأثناءه : ( كانت النساء عند خروجهن من دورهن يتأزرن بمآزر بيضاء تسدل إلى وجه القدم، وكنّ يسترن وجوههن ببراقع (مناديل) ملونة لا يرى من ورائها الناظر شيئاً، تعلوهنّ الحشمة والوقار ، ولا يجرؤ أحد على الدنوّ منهن ولو كان من ذوي القربى ، لأن تكلم الرجل مع المرأة في الأسواق كان يعدّ من المعايب ) . (3)
هذا في الشام ،فكيف حال الشام الآن ؟
يقول الأستاذ عباس بغدادي واصفًا حال المرأة العراقية قبل الإستعمار : ( أما العبي النسائية ، فكانت من النوع الحريري الأسود ، ..... ، والمرأة المحتشمة تلبس عباءتين : داخلية تُلبس على الكتف ، وخارجية على الرأس مع (البوشية) التي تغطي الوجه ولا تمنع الرؤية ، وهي سوداء عدا بوشيات اليهوديات والمسيحيات ، فهي مصنوعة من الحرير والكلبدون ، ويمكن رفعها إلى الأعلى وتسمى "بيجة" ) (4)
هذا كان حال العراق ، ومن عرف ما وصل له حال العراق قبل الاستعمار الأمريكي الأخير يعرف أثر ما يمسى بتحرير المرأة ، فقد شرعت الدعارة في العراق علانية .
أما المغرب العربي فيقول الأستاذ محمد بن أحمد اشماغو: ( وبما أن النساء كن محجبات .. لا تبرز للعيان الجميلة منهن والعادية والدميمة ) ، ويُعلق الدكتور مصطفى الحيا على التأثير الفرنسي في مجال اللباس بالمغرب فيقول : (.. ظلت المرأة المغربية لعهود طويلة تُعرف بزيها الأصيل والمحتشم الذي يشمل الجلباب والنقاب ...) (5)(1/3)
وأختم بكلام المرأة التي حملت لواء خلع الحجاب في العالم الإسلامي وعليها وزر من عمل بذلك إلى يوم القيامة ، هدى شعراوي حيث وصفت حالها وحال صاحبتها صفية زغلول وهما عائدتين من فرنسا فقالت : ( وقد بدأ سعد زغلول يهنئني على توفيقي في الوصول إلى رفع الحجاب ، وقال : إنه سر عندما رأى صورتي بهذا الزي الجديد ، ثم طلب من السيدة حرمه أن تقلدني فوعدت بذلك ، ثم لما صعدت على ظهر الباخرة للنزول وإذا بها تقابلني ببرقعها وملاءتها ... ) إلى آخر ما قالت(6) ، فهذا كان حال النساء المسلمات في جميع الدول الإسلامية بلا استثناء حتى ظهر لنا أدعياء تحرير المرأة .
أما قولك يا دكتور محمد : (إذا كان كشف وجه المرأة مباحاً عند طائفة معتبرة من علماء المسلمين فلماذا لا يكون هذا الموضوع اختياراً وبحسب قناعة المرأة ؟ فمن أرادت كشف)
فالجواب عليه أن المسائل العامة لا تترك للناس كل واحد منهم يفعل ما يريد ، فلا يصح أن يدرس الأستاذ ما يشاء من المواد غير المقررة بزعم أن المقرر الذي اختاره هو جيد ، وسأسر لك بسر لا يحب سماعه صاحب السمو الملكي امير الرياض : وهو أن حكم الناس بطريق غير الشورى لا يصححها عدد من العلماء ومن أبرز المعاصرين الدكتور محمد الغزالي رحمه الله ، فهل نجعل هذه المسألة من المسائل التي يجوز للبعض قبولها وللآخر الرفض ؟!
ولي عودة أخرى مع باقي مطالب الدكتور محمد - هداه الله - .
---
كَبْوَةُ فَارِسٍ [ 2 ]
أقف مع الدكتور محمد الهرفي رعاه الله في نقطة ثانية ألا وهي : قيادة السيارة للمرأة ، وأعجب من الدكتور أن يوافق أزلام العلمانية بالمطالبة بقيادة المرأة للسيارة وكأن هذا الطلب أمر عظيم وأن قضايا المرأة ستحل بهذا المطلب !!.(1/4)
وعندنا أمور أهم من هذه المعضلة ـ قيادة السيارة ـ كالعنوسة ، وظلم الآباء وقهر البنات ، وهروب البنات من البيوت حتى صار ظاهرة ، ومشاركة النساء في العصابات الإجرامية ، بل وصل الأمر باكتشاف عصابة نسائية من رأسها حتى أخمص قدميها ،وغيرها .
وقد كتب عدد لا بأس به من طلبة العلم حول مسألة قيادة السيارة للنساء ، وهي إن كانت قد تصلح في بلاد غير بلادنا فهي لا تصلح في بلادنا فكل بلد له خصوصيته وظروفه .
مسألة قيادة السيارة للنساء وإن كانت مسألة فرعية في الفقة الإسلامي ولكن المسألة الفرعية التي يختلف في حكمها الناس : يُؤخذ فيها بالإجماع ، فإن لم يُوجد ، أخذ بالأحوط ـ لدين المسلم ـ ، ثم بالأوثق دليلاً ، ثم يُؤخذ بقول من يُظن أنه أفضل وأعلم . هذا قول جمع من أهل العلم .
ولا شك أن ترك المرأة لقيادة السيارة في هذا العصر هو الأحوط على أقل تقدير ؛ فإن" فعل ما يُخاف منه الضرر إذا لم يكن محرماً فلا أقَلَّ أن يكون مكروهاً "، حتى وإن تكلف رب الأسرة مهام نقل نسائه ، أو اضطر لجلب الرجل الأجنبي لتولي هذه المهمة ـ كما هو حاصل في بعض البلاد (7) ـ فإن هذا في العموم أهون الشرين ، وأخف الضررين ؛ لأن الضرر الخاص الذي تكلفه هذا الأب وأمثاله ، وما يمكن أن يحصل من الرجل الأجنبي يُتحمل في سبيل دفع الضرر العام (8) الذي يمكن أن يعم المجتمع بتوسيع دائرة قيادة النساء للسيارات ، فإن المفسدة العامة المنع فيها أشد من المفسدة الخاصة(1/5)
وعلينا بدفع الشر ولو صغر خوفا مما قد يعقبه ، وكما قيل : معظم النار من مستصغر الشرر ؛ ففي بريطانيا قبل خمسين سنة تقريبًا كانت المرأة لا تحصل على رخصة القيادة إلا بعد إذن زوجها (9) ، ثم ما لبث أن فتح لهن الباب على مصراعية. وهكذا طبائع الناس تنتقل من الأهون إلى الأشد بالتدريج حتى يصبح الممنوع مرغوبًا فيه ، والسيارة كمركبة متحركة داخل المجتمع ليست حصنًا للمرأة من أن تُنال بسوء ، أو تتعرض للفتنة ، أو تعرض غيرها للافتتان ، ولا سيما عندما تتعطل مركبتها في أماكن لا تأمن فيها المرأة على نفسها .
وسأذكر لجنابكم المحترم بعض أسباب المنع :
1. قيادة المرأة للسيارة يعرضها للتلف (10) ، فإن السيارة آلة عنيفة لا تناسب طبيعة الإناث ، وقد أكدت ذلك دراسة بريطانية على مجموعة من النساء السائقات ، حيث توصلت إلى " أن 58% منهن يتوفين قبل الأربعين ، و 60% منهن يصبن بأمراض نفسية ، وقالت الدراسة : إن قيادة المرأة للسيارة لا تليق ولا تتناسب معها"(11) .
ويحاول بعض المتحمسين لتمرير موضوع قيادة المرأة للسيارة بضبطه من خلال منعهن من السفر بسيارتهن خارج المدن ، والسماح لهن بقيادتها في فترات النهار دون الليل (12) . وقد اتضح من خلال بعض الدراسات المحلية بالمملكة العربية السعودية أن 79% من حوادث السيارات تحصل داخل المدن ، و65% منها تحصل في فترات النهار ، كما أن 65% من هذه الحوادث تشارك فيها سيارات من الحجم الصغير (13) ، وهو الحجم المناسب من السيارات المرشح للمرأة .
2. إشكالية الطرق : فمشاكل الطرق لا تخفى على أحد من الناس ففي قيادة المرأة للسيارة في السعودية :(1/6)
زيادة الاختناقات المرورية التي نشتكي منها حالياً ، فما ظنك بعد قيادة النساء " وبالرغم من التوسع الهائل في المملكة في إنشاء الطرق داخل المدن وخارجها فإن هذا التوسع لا يُواكب الزيادة الهائلة في أعداد السيارات ووسائل النقل الأخرى، وهذا قد سبب ـ ولا شك ـ الكثير من الاختناقات المرورية والزحام الشديد في المواصلات خاصة في المدن الكبيرة كجدة والرياض "(14) .
فهاتان المدينتان مع مدينة الدمام تستوعب ثلث سكان المملكة تقريباً (15) .
ولا شك أن لو سُمح للنساء بالقيادة لزاد عدد السيارات بصورة كبيرة لا تستوعبها الطرق ، وذكرت نشرة (تطوير) التي تصدرها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض (العدد 33) : أن الرحلات اليومية ( وهي المسافة التي يقطعها فرد واحد لتحقيق هدف واحد داخل المدينة ) لم تتجاوز 5,5 ملايين رحلة يومياً حتى عام 1422هـ ، وأنها سترتفع إلى 15 ميلون رحلة يومياً عام 1442هـ . وقس على ذلك بقية المدن .
3. الإشكالية الخلقية : ففي قيادة المرأة للسيارة : تعريضها للمضايقات والتحرشات من الشباب المتهور ( وما أكثرهم ! ) بل قد يصل الأمر إلى محاولة اختطافها بالقوة ، كما حدث في دول مجاورة . وإذا كانت المرأة لدينا لم تسلم وهي متحجبة ومع سائق من معاكسات وتحرشات الشباب الطائش ، فكيف تسلم منهم بعد القيادة ؟!
ومن تأمل شكاوى البلاد التي سبقتنا في هذا الباب بل حتى الدول الكافرة تشهد أن التحرش بالفتيات السائقات أكثر من غيرهن .
وأكثر ما نقلته كان من كتاب الدكتور عدنان حسن باحارث وعنوانه : " مبررات منع المرأة من قيادة المركبات من المنظور التربوي الإسلامي " ، وهو من أحسن ما كتب في هذا الباب. اضغط هنا لتحميل الكتاب
ولي وقفة أخرى قادمة إن شاء الله تعالى
---
كَبْوَةُ فَارِسٍ [ 3 ] وَالأَخِيْرَة(1/7)
قدمت في حلقتين ماضيتين الرد على الدكتور محمد الهرفي ، وأنا أكتب ردي هذا اطلعت على مقاله الآخر بعنوان " تجديد الخطاب الديني " ، فصرت في حيرة هل أكمل هذا الرد أم أرد على مقال التجديد؟
ولا أدري ما الذي حدث للدكتور حتى انقلب هذا الانقلاب !!.
ثم عقدت العزم على اكمال هذا الرد المختصر ثم أحاول أن أكتب شيئا حول تجديد الخطاب الديني وهو مما يدندن عليه العلمانيين أيضا وغيرهم وكلٍ له نيته ومقصده .
في هذا المقال سأناقش فكرة الاختلاط التي دعا لها الدكتور محمد !! ، وهي عجيبة جدا من مثله خاصة في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي جورش بوش لمنع الاختلاط في التعليم ! ، وترسل اليابان وفدا لدراسة التجربة السعودية في الفصل بين البنين والبنات يأتي من يطرح قضية الاختلاط !! .
وإن كنت في المقال الأول لم أطرح الأدلة الشرعية لأنها حمالة وجوه والدكتور سيجد من المشايخ من يبيح الاختلاط ، ولكن سأحرص على طرحها بطريقة واقعية عقلية لذا سأنقل عن الكفار قبل النقل عن المؤمنين ، فالحق ما شهدت به الأعداء .
تقول الصحفية الأمريكية " هيليان ستانبري : " أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم ، امنعوا الاختلاط ، وقيدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا لعصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ، ومجون أوربا وأمريكا ، امنعوا الاختلاط ، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير ، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعًا مليئًا بكل صور الإباحية والخلاعة ، إن ضحايا الاختلاط يملؤون السجون ، إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي ، قد هدد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق " .
وتقول الكاتبة : " أنارود " إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال " .
وفي بريطانيا حذرت الكاتبة الإنجليزية " الليدي كوك " من أخطار وأضرار اختلاط النساء بالرجال ، حيث كتبت محذرة : " على قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى .(1/8)
وننتقل من الأمريكان والأوربين للشرق أوسطين ، وتحت عنوان : " قطارات طوكيوا تمنع الاختلاط " نقرأ : " أثارت حملة متزايدة تشنها شركات قطارات طوكيو لحماية النساء من الرجال الذين يتحسسون أجسادهن بزيادة عدد العربات المخصصة للنساء فقط غضب بعض الركاب من الذكور" .
بدأ عدد من شركات السكك الحديدية في العاصمة اليابانية في إدخال العربات المخصصة للنساء فقط اليوم الاثنين في إطار سعي المدينة لمعالجة مشكلة الرجال الذين يستغلون ازدحام العربات ويتحسسون أجساد الراكبات.
وفي دراسة أجريت في طوكيو في العام الماضي قال نحو ثلثي النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 20 و40 عاما أن رجالا تحسسوا أجسادهن في القطارات ،وارتفع عدد بلاغات حوادث التحسس والاعتداء الجنسي الى 2201 عام 2004 .(1/9)
ويقول الدكتور محمد كامل عبد الصمد في كتابه : " الإعجاز العلمي في الإسلام السنة النبوية " : لقد أثبتت التجارب والمشاهدات الواقعية , أن اختلاط الرجال بالنساء يثير في النفس الغريزة الجنسية بصورة تهدد كيان المجتمع ، ونتيجة للاختلاط الكائن بين الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات ذكرت جريدة لبنانية : أن الطالبة في المدرسة والجامعة لا تفكر إلا بعواطفها والوسائل التي تتجاوب مع هذه العاطفة .. وأن أكثر من ستين في المائة من الطالبات سقطن في الامتحانات , وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في الجنس أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن .. وهذا مصداق لما يذهب إليه الدكتور ألكس كارليل إذ يقول : عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان تفرز نوعا من المادة التي تتسرب في الدم إلى دماغه وتخدره فلا يعود قادرا على التفكير الصافي .. ولذا فدعاة الاختلاط لا تسوقهم عقولهم , وإنما تسوقهم شهواتهم , وهم يبتعدون عن الاعتبار بما وصلت إليه الشعوب التي تبيح الاختلاط والتحرر في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة .. من ذلك ما أورده تقرير لجنة الكونجرس الأمريكية عن تحقيق جرائم الأحداث , من أن أهم أسبابها الاختلاط بين الشباب من الجنسين بصورة كبيرة .. وغير ذلك من شواهد يومية تقرر الحكمة العلمية والعملية للحديث الشريف , مما يعد إطارا منهجيا في تحديد مجالات العلاقات الاجتماعية بوجه عام , وبين الرجل والمرأة بوجه خاص .. ثم إن الاختلاط من أعظم آثاره تلاشى الحياء الذى يعتبر سياجا لصيانة وعصمة المرأة بوجه خاص , ويؤدى إلى انحرافات سلوكية تبيح تقليد الغير تحت شعار الحضرية والتحرر , ولقد ثبت من خلال فحص كثير من الجرائم الخلقية أن الاختلاط المباح هو المسئول الأول عنها ..(1/10)
وماذا يقول أنصار الاختلاط عن فضيحة وزير الصناعة في إنجلترا مع سكرتيرته التي أشارت إحدى الصحف إليها بأنها تنتظر مولودا منه , الغريب أن صحيفة التايمز البريطانية قد أشارت إلى أن مارجريت تاتشر , قد لعبت دورا رئيسيا في إقناع وزير الصناعة باركتسون بعدم الزواج من سكرتيرته والاستمرار مع زوجته على أمل ألا يحط زواجه من السكرتيرة من قدره ... وهذا الخبر يحمل في مضمونه أثر الاختلاط بين وزير وسكرتيرته بدون محرم ... هذا من ناحية , من ناحية أخرى يحمل عدم الاعتراف بما نجم عن هذا الاختلاط , وهذا يعنى بصورة غير مباشرة عدم الاعتراف بالاختلاط والاستمرار فيه فالاختلاط في عمومه يحمل من الآثار السيئة ما يجعل كثيرا من الدعاة المخلصين يدعون إلى تنظيمة في إطار محدد يمنع شروره ... مما يعد رجوعا إلى الهدى النبوى الشريف منذ أربعة عشر قرنا .
إن العاقل لا يقول : " لنلقي إنسانًا وسط أمواج متلاطمة ثم نطلب منه أن يحافظ على ثيابه من البلل .
وهو لا يقول : " لنلقي إنسانًا وسط نيران متوقدة ، ثم نطلب منه أن يحافظ على جسمه من الاحتراق " .
_______________________________________
(1) في كتابه " تاريخ لبنان " ( ص 516 – 5518 ) نقلا عن بداية سفور المرأة ـ سليمان الخراشي
(2) انظر : رحلات محمد رشيد رضا ؛ للدكتور يوسف ايبش ، ص 244 – 247 نقلا عن بداية سفور المرأة ـ سليمان الخراشي
(3) سجل في كتابه الشهير " مرآة الشام " التغيرات التي طرأت على المجتمع بسبب الاستعمار النصراني ، ومن تقييداته التي تهمنا : قوله ( ص 74 ) نقلا عن بداية سفور المرأة ـ سليمان الخراشي
(4) في كتابه " بغداد في العشرينات " ( ص 143 ) نقلا عن بداية سفور المرأة ـ سليمان الخراشي
((1/11)
5) في كتابه " المجتمع المغربي كما عرفته خلال خمسين سنة ، من عام 1350إلى عام 1400 هـ " ( ص 23 ) متحدثًا عن طبقات المجتمع المغربي " الغنية والمتوسطة والفقيرة " قائلا ( ص23 ) نقلا عن بداية سفور المرأة ـ سليمان الخراشي
(6) عودة الحجاب 1/79
(7) انظر : ولي، نور بيكم محمد. دراسة استطلاعية عن كيفية ودواعي اعتماد الأسرة السعودية على السائقين المستقدمين ص 68، 158 ـ 159.
(8) انظر : البورنو ، محمد صدقي . الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية. ص 206.
(9) الموسى ، عبد الرسول . " الوظيفة كأحد إفرازات التحضر في الكويت " ص 128.
(10) انظر : المحرر . قطوف جمادى الأولى 1419هـ. ص 9.
(11) المحرر . " سياقة المرأة للسيارة تقصر العمر " ص 1.
(12) انظر : المحرر . قطوف شعبان 1421هـ. ص 96.
(13) انظر : أ ـ دياب ، عبد العزيز أحمد . " الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلاج " ص 10 ـ 11.
ب ـ عبد العال ، جمال عبد المحسن . " الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها " ص 22.
(14) فهيم ، محمد عيسى وآخران : " السلوك المزعج الصادر عن السائقين أثناء القيادة ـ دراسة ميدانية بمدينة مكة المكرمة ". ص 6. ( بتصرف ) .
(15) الوهيد ، محمد سليمان . " القيم الاجتماعية وأثرها في مشكلة المرور ". ص 43 .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/12)
كُتَّابَ المُنْتَدَيَاتِ ... هَلَّا فَكَّرْتُمْ فِي هَذِهِ النِّهَايَةِ ؟
الحمد لله وبعد .
نظرةٌ سريعةٌ على منتدياتِ الحوارِ في الشبكةِ العنكبوتيةِ [ الإنترنت ] .
ماذا نقرأُ ؟
نقرأُ جدلاً عقيماً وقد قال تعالى في ذم الجدل : " مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا " [ الزخرف : 58 ] . عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : " مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ " .
أخرجه الترمذي وقال : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ وَحَجَّاجٌ ثِقَةٌ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ .
نقرأُ انتصاراً لأشخاصٍ وقد قال تعالى في حقِ نبيهِ صلى اللهُ عليه وسلم : " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " [ آل عمران : 144 ] . وقال أبو بكر الصديق : " أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ : " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ " [ الزمر : 30 ] . وَقَالَ : " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " . أخرجه البخاري(1/1)
وعن عبد الله قال لا يقلدن أحدكم دينه رجلا فإن آمن آمن وإن كفر كفر وإن كنتم لا بد مقتدين فاقتدوا بالميت فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة .
أخرجه الطبراني في " الكبير " وقال الهيثمي في " المجمع " (850) : رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح .
نقرأُ لمزا وهمزا وتنابزاً بالألقابِ وقد قال تعالى : " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " [ الهمزة : 1 ] . وقال تعالى : " وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ " [ الحجرات : 11 ] .
نقرأُ تفرقاً في الكلمةِ وقد قال تعالى : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا " [ آل عمران : 103 ] .
نقرأُ عدواةً وحطاً للرأي المقابل وقد قال تعالى : " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا " [ آل عمران : 103 ] . عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ اللَّه يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَط لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّه أَمْرَكُمْ وَيَسْخَط لَكُمْ ثَلَاثًا : قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَة السُّؤَال وَإِضَاعَة الْمَال " . أخرجه مسلم
نقرأُ بُعداً عن نهج الأخوة الإيمانية وقد قال تعالى : " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ " [ الحجرات : 10 ] . عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ..." أخرجه البخاري(1/2)
نقرأُ فرحَ المنافقين وأهلَ البدعِ والكفارِ بما يحصل بين أهلِ السنةِ وقد قال تعالى : " إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا " [ آل عمران : 120 ] .
نقرأ اختلافاً في الآراءِ وكلٌ ينتصر لرأيهِ وقد قال تعالى : " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " [ الأنفال : 46 ]
نقرأُ ...
ونقرأُ ...
ونقرأُ ... سلسلةً لا تنتهي .
أيها الكُتَّابُ في المنتديات ...
أيها المشرفون على المنتديات ... هل نسيتم أو تناسيتم نهاية الإنسان ؟
تعال وانظر إلى حالك بعد المعاركِ الطاحنةِ في المنتدياتِ .
http://www.saaid.net/Minute/mm1.htm
http://www.saaid.net/Minute/mm2.htm
http://www.saaid.net/Minute/mm.pps
http://www.saaid.net/Minute/mm.zip
ماذا أعددت لهذه النهاية ؟
هل اتقيت اللهَ حال الكتابةِ لتجد ذلك في تلك الحفرة ؟
اللهم إنا نسألك الثباتَ عند السؤالِ .
اذكر نفسي وإخواني بهذه النهايةِ وأسأل الله أن يجعل في هذا التذكيرِ أثرا في كتابتنا وتعاملنا مع إخواننا . واللهُ المستعان
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@34.doDpezoH0zJ.0@.1dd375f6
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
كَلامُ الأَقْرَانِ يُطْوى ولا يُرْوى
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
لقد أصل أهل العلم أصولا عظيمة وقواعد جليلة في فنون كثيرة .
ومن هذه القواعد والأصول الجيدة في الجرح والتعديل قاعدة : كلام الأقران يُطوى ولا يُروى .
وأفرد الإمام ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العلم وفضله " بابا بعنوان :
حكم قول العلماء بعضهم في بعض .
وذكر تحت هذا الباب جملةً من الأحاديث والآثار .
وممن أشار إلى عدم الأخذ بكلام الأقران بعضهم في بعض الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في سير أعلام النبلاء ، والميزان .
وهذا المنهج الذي رسمه الإمام الذهبي رحمه الله ومن قبله ابن عبد البر يحتاج إلى معرفته بوجه خاص طلبة العلم الذين يحصل بينهم من الحسد ما يجعلهم ينالون من أعراض إخوانهم في الله ، نسأل الله السلامة والعافية من هذا الداء الخطير .
وقد جمعت جملة من هذه الأقوال لتكون نبراسا لطلبة العلم في عدم الأخذ بكلام الأقران في بعضهم البعض ، وأنه ينبغي أن يصون طالب العلم لسانه عن الكلام في إخوانه من طلبة العلم الآخرين ، وأن يجاهد نفسه على إزالة ما قد يقع في قلبه من الحسد لأقرانه ممن منَّ الله عليهم بالقبول في الأرض .
وقبل البدء أذكر هذه النصيحة التي ذكرها السبكي في طبقات الشافعية في ترجمة الحارث المحاسبي (2/39) :
ينبغي لك أيها المسترشد أن تسلك سبيل الأدب مع الأئمة الماضين ، وأن لا تنظر إلى كلام بعضهم في بعض ، إلا إذا ببرهان واضح ، ثم إن قدرت على التأويل وتحسين الظن فدونك وإلا فأضرب صفحا عما جرى بينهم ، فإنك لم تخلق لهذا ، فاشتغل بما يعنيك ودع مالا يعنيك ولا يزال طالب العلم نبيلا حتى يخوض فيما جرى بين السلف الماضين ، ويقضى لبعضهم على بعض ، فإياك أن تصغي إلى ما اتفق بين أبي حنيفة وسفيان الثوري أو بين مالك وابن أبي ذئب .ا.هـ.
وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/1117) :(1/1)
فمن أراد أن يقبل قول العلماء الثقات الأئمة الأثبات في بعض فليقبل قول من ذكرنا قوله من الصحابة رضوان الله عليهم بعضهم في بعض ، فإن فعل ذلك ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا وكذلك إن قَبِل في سعيد بن المسيب قول عكرمة ، وفي الشعبي وأهل الحجاز وأهل مكة وأهل الكوفة وأهل الشام على الجملة ، وفي مالك والشافعي وسائر من ذكرناه في هذا الباب ما ذكرنا عن بعضهم في بعض ، فإن لم يفعل ولن يفعل إن هداه الله وألهمه رشده فليقف عند ما شرطنا في أن لا يقبل فيمن صحت عدالته ، وعُلمت بالعلم عنايته ، وسلم من الكبائر ولزم المروءة والتصاون ، وكان خيره غالبا وشره أقل عمله ، فهذا لا يقبل فيه قول قائل لا برهان له به ، وهذا هو الحق الذي لا يصح غيره إن شاء الله .ا.هـ.
وإليكم جملة من كلام العلماء في هذا الباب :
1 - قال الإمام الذهبي في السير (4/558) عند ترجمة رَجَاء بن حَيْوَة :
قَالَ مَكْحُوْلٌ : مَا زِلْتُ مُضْطَلِعاً عَلَى مَنْ نَاوَأَنِي حَتَّى عَاوَنَهُم عَلَيَّ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ سَيِّدَ أَهْلِ الشَّامِ فِي أَنْفُسِهِم .
وقد أورد هذا الكلام المزي في تهذيب الكمال (9/154) برواية أخرى فقال :
ما زلت مستقلا بمن بغاني حتى أعانهم عليَّ رجاء بن حيوة وذلك أنه رجل من أهل الشام .
قال الذهبي عقب إيراده لكلام مكحول :
قُلْتُ : كَانَ مَا بَيْنَهُمَا فَاسِداً ، وَمَا زَالَ الأَقْرَانُ يَنَالُ بَعْضُهُم مِنْ بَعْضٍ ، وَمَكْحُوْلٌ وَرَجَاءٌ إِمَامَانِ ، فَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ مِنْهُمَا فِي الآخَرِ .ا.هـ.
2 - وقال الإمام الذهبي في السير (5/275) أيضا عند ترجمة قتادة :(1/2)
أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ : حَدَّثَنَا أَبَانٌ العَطَّارُ ، قَالَ : ذُكِرَ يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ عِنْدَ قَتَادَةَ ، فَقَالَ : مَتَى كَانَ العِلْمُ فِي السَّمَّاكِيْنَ ؟! فَذُكِرَ قَتَادَةُ عِنْدَ يَحْيَى ، فَقَالَ : لاَ يَزَالُ أَهْلُ البَصْرَةِ بِشَرٍّ مَا كَانَ فِيْهِم قَتَادَةُ .
قُلْتُ : كَلاَمُ الأَقْرَانِ يُطْوَى وَلاَ يُرْوَى ، فَإِنْ ذُكِرَ، تَأَمَّلَهُ المُحَدِّثُ ، فَإِنْ وَجَدَ لَهُ مُتَابعاً ، وَإِلاَّ أَعرَضَ عَنْهُ .ا.هـ.
3 - وقال أيضا في السير (5/399) عند ترجمة أبي إسحاق السَّبيعي :
وَقَالَ جَرِيْرٌ ، عَنْ مُغِيْرَةَ : مَا أَفسَدَ حَدِيْثَ أَهْلِ الكُوْفَةِ غَيْرُ أَبِي إِسْحَاقَ ، وَالأَعْمَشِ .
قُلْتُ : لاَ يُسْمَعُ قَوْلُ الأَقرَانِ بَعْضُهُم فِي بَعْضٍ ، وَحَدِيْثُ أَبِي إِسْحَاقَ مُحْتَجٌّ بِهِ فِي دَوَاوِيْنِ الإِسْلاَمِ ، وَيَقَعُ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ .ا.هـ.
4 - وقال في السير (7/40) عند ترجمة ابن إسحاق :
وَذَكَرَ البُخَارِيُّ هُنَا فَصلاً حَسَناً عَنْ رِجَالِهِ ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ ، فَقَدْ أَكْثَرَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ .
قَالَ البُخَارِيُّ : وَلَوْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ تَنَاوُلُهُ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمَ الإِنْسَانُ ، فَيَرْمِي صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَلاَ يَتَّهِمُهُ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا .(1/3)
قَالَ : وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ : عَنْ مُحَمَّدِ بنِ فُلَيْحٍ : نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا فِي (المُوَطَّأِ) ، وَهُمَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِمَا ، وَلَمْ يَنجُ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ كَلاَمِ بَعْضِ النَّاسِ فِيْهِم ، نَحْوَ مَا يُذْكَرُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ مِنْ كَلاَمِه فِي الشَّعْبِيِّ ، وَكَلاَمِ الشَّعْبِيِّ فِي عِكْرِمَةَ ، وَفِيْمَنْ كَانَ قَبْلَهُم ، وَتَنَاوَلَ بَعْضُهُم فِي العِرْضِ وَالنَّفْسِ ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا النَّحوِ إِلاَّ بِبَيَانٍ وَحُجَّةٍ ، وَلَمْ تَسقُطْ عَدَالَتُهُم إِلاَّ بِبُرْهَانٍ ثَابِتٍ ، وَحُجَّةٍ ، وَالكَلاَمُ فِي هَذَا كَثِيْرٌ .
قُلْتُ : لَسْنَا نَدَّعِي فِي أَئِمَّةِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ العِصْمَةَ مِنَ الغَلَطِ النَّادِرِ ، وَلاَ مِنَ الكَلاَمِ بنَفَسٍ حَادٍّ فِيْمَنْ بَيْنَهُم وَبَيْنَهُ شَحنَاءُ وَإِحْنَةٌ ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ مُهدَرٌ ، لاَ عِبْرَةَ بِهِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا وَثَّقَ الرَّجُلَ جَمَاعَةٌ يَلُوحُ عَلَى قَوْلِهُمُ الإِنصَافُ .
وَهَذَانِ الرَّجُلاَنِ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ نَالَ مِنْ صَاحِبِه ، لَكِنْ أَثَّرَ كَلاَمُ مَالِكٍ فِي مُحَمَّدٍ بَعْضَ اللِّيْنِ ، وَلَمْ يُؤثِّرْ كَلاَمُ مُحَمَّدٍ فِيْهِ وَلاَ ذَرَّةٍ ، وَارتَفَعَ مَالِكٌ ، وَصَارَ كَالنَّجمِ ، فَلَهُ ارْتفَاعٌ بِحَسْبِهِ ، وَلاَ سِيَّمَا فِي السِّيَرِ ، وَأَمَّا فِي أَحَادِيْثِ الأَحكَامِ ، فَيَنحَطُّ حَدِيْثُه فِيْهَا عَنْ رُتْبَةِ الصِّحَّةِ إِلَى رُتْبَةِ الحَسَنِ ، إِلاَّ فِيْمَا شَذَّ فِيْهِ ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْكَراً ، هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِي حَالِهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ - .ا.هـ. كلامه - رحمه الله -(1/4)
لله درك يا أيها الإمام .
والذي كان بين مالك وابن إسحاق مشهور .
نقل الإمام الذهبي في السير (7/39) عن الخطيب أنه قال : أَمَّا كَلاَمُ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ فَمَشْهُوْرٌ ، ...
وقد نقل أيضا الإمام الذهبي في السير (7/44) كلاما قال :
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ : سَأَلْتُ عَلِيّاً : كَيْفَ حَدِيْثُ ابْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَك ، صَحِيْحٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، حَدِيْثُه عِنْدِي صَحِيْحٌ . قُلْتُ : فَكَلاَمُ مَالِكٍ فِيْهِ ؟ قَالَ : مَالِكٌ لَمْ يُجَالِسْهُ ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ ، وَأَيَّ شَيْءٍ حَدَّثَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالمَدِيْنَةِ ؟!...
5 - وقال الإمام الذهبي في السير (7/142-143) عند ترجمة ابن أبي ذئب :
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ : بَلَغَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ مَالِكاً لَمْ يَأْخُذْ بِحَدِيْثِ : " البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ " . فَقَالَ : يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ . ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ : هُوَ أَوْرَعُ وَأَقْوَلُ بِالحَقِّ مِنْ مَالِكٍ .
قُلْتُ : لَوْ كَانَ وَرِعاً كَمَا يَنْبَغِي ، لَمَا قَالَ هَذَا الكَلاَمَ القَبِيْحَ فِي حَقِّ إِمَامٍ عَظِيْمٍ ، فَمَالِكٌ إِنَّمَا لَمْ يَعْمَلْ بِظَاهِرِ الحَدِيْثِ ؛ لأَنَّهُ رَآهُ مَنْسُوْخاً .
وَقِيْلَ : عَمِلَ بِهِ ، وَحَمَلَ قَوْلَه : " حَتَّى يَتَفَرَّقَا " عَلَى التَّلَفُّظِ بِالإِيجَابِ وَالقَبُولِ ، فَمَالِكٌ فِي هَذَا الحَدِيْثِ ، وَفِي كُلِّ حَدِيْثٍ لَهُ أَجْرٌ وَلاَ بُدَّ ، فَإِنْ أَصَابَ ، ازْدَادَ أَجراً آخَرَ ، وَإِنَّمَا يَرَى السَّيْفَ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ الحَرُوْرِيَّةُ .(1/5)
وَبِكُلِّ حَالٍ : فَكَلاَمُ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ لاَ يُعَوَّلُ عَلَى كَثِيْرٍ مِنْهُ ، فَلاَ نَقَصَتْ جَلاَلَةُ مَالِكٍ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِيْهِ ، وَلاَ ضَعَّفَ العُلَمَاءُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ بِمَقَالَتِهِ هَذِهِ ، بَلْ هُمَا عَالِمَا المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِمَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا .
وَلَمْ يُسنِدْهَا الإِمَامُ أَحْمَدُ، فَلَعَلَّهَا لَمْ تَصِحَّ .ا.هـ.
6 - وقال أيضا في السير (10/92) عند ترجمة الإمام الشافعي :
قُلْتُ : كَلاَمُ الأَقْرَانِ إِذَا تَبَرْهَنَ لَنَا أَنَّهُ بِهَوَىً وَعَصَبِيَّةٍ ، لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ ، بَلْ يُطْوَى ، وَلاَ يُرْوَى ، كَمَا تَقَرَّرَ عَنِ الكَفِّ عَنْ كَثِيْرٍ مِمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ، وَقِتَالِهِم رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِيْنَ وَمَا زَالَ يَمُرُّ بِنَا ذَلِكَ فِي الدَّوَاوينِ ، وَالكُتُبِ ، وَالأَجْزَاءِ ، وَلَكِنْ أَكْثَرُ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ ، وضَعِيْفٌ ، وَبَعْضُهُ كَذِبٌ ، وَهَذَا فِيْمَا بِأَيْدِيْنَا وَبَيْنَ عُلُمَائِنَا ، فَيَنْبَغِي طَيُّهُ وَإِخْفَاؤُهُ ، بَلْ إِعْدَامُهُ ، لِتَصْفُوَ القُلُوْبُ ، وَتَتَوَفَّرَ عَلَى حُبِّ الصَّحَابَةِ ، وَالتَّرَضِّي عَنْهُمُ ، وَكُتْمَانُ ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ عَنِ العَامَّةِ ، وَآحَادِ العُلَمَاءِ ، وَقَدْ يُرَخَّصُ فِي مُطَالعَةِ ذَلِكَ خَلْوَةً لِلْعَالِمِ المُنْصِفِ ، العَرِيِّ مِنَ الهَوَى ، بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَغفرَ لَهُم ، كَمَا عَلَّمَنَا اللهُ تَعَالَى حَيْثُ يَقُوْلُ : " وَالَّذِيْنَ جَاؤُوَا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُوْلُوْنَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِيْنَ سَبَقُونَا بِالإِيْمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوْبِنَا غِلاَّ لِلذِيْنَ آمَنُوا " [الحشرُ: 10] .ا.هـ.
7 - وقال أيضا في السير (11/431-432) عند ترجمة هشام بن عمار :(1/6)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ : ذَكَرَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ ، فَقَالَ : طَيَّاشٌ ، خَفِيْفٌ .
قُلْتُ : أَمَّا قَوْلُ الإِمَامِ فِيْهِ : طَيَّاشٌ ، فَلأَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطبَتِهِ : الحَمْدُ للهِ الَّذِي تَجَلَّى لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ .
فَهَذِهِ الكَلِمَةُ لاَ يَنْبَغِي إِطْلاَقُهَا ، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعْنَىً صَحِيْحٌ، لَكِنْ يَحْتَجُّ بِهَا الحُلُوْلِيُّ وَالاتِّحَادِيُّ .
وَمَا بَلَغَنَا أَنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَجَلَّى لِشَيْءٍ إِلاَّ بَجَبَلِ الطُّورِ ، فَصَيَّرَهُ دَكّاً .
وَفِي تَجَلِّيْهِ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتِلاَفٌ أَنكَرَتْهُ عَائِشَةُ ، وَأَثْبَتَهُ ابْنُ العَبَّاسِ .
وَبِكُلِّ حَالٍ : كَلاَمُ الأَقْرَانِ بَعْضُهُم فِي بَعْضٍ يُحتَمَلُ ، وَطَيُّهُ أَوْلَى مِنْ بَثِّهِ ، إِلاَّ أَنْ يَتَّفِقَ المُتَعَاصِرُوْنَ عَلَى جَرْحِ شَيْخٍ ، فَيُعْتَمَدُ قَوْلُهُم - وَاللهُ أَعْلَمُ - .ا.هـ.
وقد أورد لفظة " الحمد لله الذي تجلى لخلقه بخلقه " الشيخ بكر أبو زيد في معجم المناهي اللفظية (ص236-237) وقال :
قالها هشام بن عمار واستنكرها عليه الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - .
وأورد كلام الذهبي الآنف الذكر . ولكن وقع خطأ مطبعي في سياق كلام الذهبي في معجم المناهي وهو : لكن لا يحتج بها الحلولي والاتحادي .
فأضيف حرف " لا" في سياق الكلام . فلينتبه .
8 - وقال الذهبي في " السير " (11/451) في ترجمة السَّمِيْنُ ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَاتِمِ بنِ مَيْمُوْنٍ المَرْوَزِيُّ :
وَذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ ، فَقَالَ : لَيْسَ بِشَيْءٍ .
قُلْتُ : هَذَا مِنْ كَلاَمِ الأَقْرَانِ الَّذِي لاَ يُسمَعُ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ ثَبْتٌ حُجَّةٌ .ا.هـ.(1/7)
9 - وقال الذهبي في " السير " (12/61) عند ترجمة البُوَيْطِيُّ ، يُوْسُفُ أَبُو يَعْقُوْبَ بنُ يَحْيَى المِصْرِيُّ :
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ : فَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ ، عَنِ البُوَيْطِيِّ أَنَّهُ قَالَ : بَرِئَ النَّاسُ مِنْ دَمِي إِلاَّ ثَلاَثَةً : حَرْمَلَةَ وَالمُزَنِيَّ وَآخَرَ .
قُلْتُ: اسْتَفِقْ ، وَيْحَكَ ! وَسَلْ رَبَّكَ العَافِيَةَ ، فَكَلاَمُ الأَقْرَانِ بَعْضُهُم فِي بَعْضٍ أَمْرٌ عَجِيْبٌ ، وَقَعَ فِيْهِ سَادَةٌ - فَرَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ - .ا.هـ.
10 - وقال الذهبي في " السير " (14/42) عند ترجمة مُطَيَّنٌ ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ :
وَسُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ : ثِقَةٌ جَبَلٌ .
قُلْتُ : صَنّفَ المُسْنَد وَالتَّارِيْخ وَكَانَ مُتْقِناً .
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَتكلَّمَ هُوَ فِي ابْنِ عُثْمَانَ ، فَلاَ يُعْتَدُّ غَالباً بكَلاَمِ الأَقرَانِ ، لاَ سيَّمَا إِذَا كَانَ بينهُمَا منَافسَةٌ ، فَقَدْ عَدَّدَ ابْنُ عُثْمَانَ لمُطَيَّن نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْهَامٍ ، فَكَانَ مَاذَا ؟
وَمُطَيَّن أَوْثَقُ الرَّجُلَينِ ، وَيَكْفِيهِ تَزْكِيَةُ مِثْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ .ا.هـ.
وقال عنه في ميزان الاعتدال :
محمد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي الحافظ مطين محدث الكوفة .
حط عليه محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وحط هو على ابن أبي شيبة ، وآل أمرهما إلى القطيعة ، ولا يعتد بحمد الله بكثير من كلام الأقران بعضهم في بعض .ا.هـ.
11 - وقال الذهبي في " السير " (14/505) عند ترجمة ابْنُ صَاعِدٍ ، يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدِ بنِ كَاتِبٍ :(1/8)
وَقَدْ ذَكَرنَا مُخَاصَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ ، وَحَطَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ ، وَنَحْنُ لاَ نَقْبَلُ كَلاَمَ الأَقرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضِ ، وَهُمَا - بِحَمْدِ اللهِ - ثِقَتَانِ .ا.هـ.
12 - وقال الذهبي في " السير " (17/462) عند ترجمة أَبُو نُعَيْمٍ المِهْرَانِيُّ ، أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ :
قُلْتُ : كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة يُقذِعُ فِي المَقَال فِي أَبِي نُعَيْمٍ لمَكَان الاعْتِقَادِ المُتَنَازع فِيْهِ بَيْنَ الحَنَابِلَةِ وَأَصْحَابِ أَبِي الحَسَنِ ، وَنَال أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضاً مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي تَارِيْخِهِ ، وَقَدْ عُرف وَهنُ كَلاَم الأَقرَانِ المُتَنَافِسين بَعْضِهُم فِي بَعْض . نَسْأَلُ اللهَ السَّمَاح .ا.هـ.
14 - وقال الذهبي في " السير " (18/18) عند ترجمة أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي ، عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عُثْمَانَ :
وَقَدْ كَانَ بَيْنَ أَبِي عَمْرٍو ، وَبَيْنَ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ حَزْم وَحْشَةٌ وَمُنَافرَة شَدِيْدَة ، أَفْضَتْ بِهِمَا إِلَى التَّهَاجِي ، وَهَذَا مَذْمُومٌ مِنَ الأَقرَان ، مَوْفُورُ الوجُوْد . نَسْأَل اللهَ الصَّفْحَ .
وَأَبُو عَمْرٍو أَقوم قِيلاً ، وَأَتبعُ لِلسُّنَّة ، وَلَكِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ أَوسعُ دَائِرَةً فِي العُلُوْم ، بلغتْ تَوَالِيف أَبِي عَمْرٍو مائَةً وَعِشْرِيْنَ كِتَاباً .ا.هـ.
وقال أيضا في " ميزان الاعتدال " :
قرأت بخط يوسف بن أحمد الشيرازي الحافظ ، رأيت بخط ابن طاهر المقدسي يقول : اسخن الله عين أبي نعيم يتكلم في أبي عبد الله بن مندة وقد اجمع الناس على إمامته وسكت عن لاحق وقد اجمع الناس على انه كذاب .(1/9)
قلت : كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبا به ؛ لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ما ينجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أن عصراً من الاعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ، ولو شئت لسردت من ذاك كراريس . اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم .ا.هـ.
15 - وقال الذهبي في " ميزان الاعتدال :
ونسب إلى العقيلي أنه كان يحمل عليه وينسبه إلى الكذب .
وكان يروي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي ، ولم ير الربيع ، ولا سمع منه ، وذكر غير ذلك .
توفي سنة ثمان عشرة وثلاثمائة ، ولا عبرة بقول مسلمة .
وأما العقيلي فكلامه من قبيل كلام الأقران بعضهم في بعض مع أنه لم يذكر في كتاب الضعفاء .ا.هـ.
هذه بعض النصوص من كلام الذهبي ، وقد ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر ، وأقول ختاما كما قال الإمام الذهبي : " اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم " . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@152.LQTLbcRdXjC^3@.ef26a5a
.
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/10)
كلامُ الإمامِ الذهبي في الرافضةِ من كتاب " السير"
تاريخُ الرافضةِ ملطخٌ بالخياناتِ والدماءِ فماذا نتوقعُ منهم ؟
كم الأمةُ بحاجةٍ لمعرفةِ تاريخِ هؤلاءِ القومِ ؟
وإليكم بعضاً من كلامِ الإمامِ الذهبي عنهم في كتابهِ العظيمِ " سِيَر أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ " .
• قال - رَحِمَهُ اللهُ - (1/141) : " فَهَذَا مَا تَيَسَّرَ مِنْ سِيْرَةِ العَشَرَةِ ، وَهُمْ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ ، وَأَفْضَلُ السَّابِقِيْنَ المُهَاجِرِيْنَ ، وَأَفْضَلُ البَدْرِيِّيْنَ، وَأَفْضَلُ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ ، وَسَادَةُ هَذِهِ الأُمَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .
فَأَبْعَدَ اللهُ الرَّافِضَةَ مَا أَغْوَاهُمْ ، وَأَشَدَّ هَوَاهُمْ ، كَيْفَ اعْتَرَفُوا بِفَضْلِ وَاحِدٍ مِنْهُم ، وَبَخَسُوا التِّسْعَةَ حَقَّهُمْ ، وَافْتَرَوْا عَلَيْهِمْ بِأنَّهُمْ كَتَمُوا النَّصَّ فِي عَلِيٍّ أَنَّهُ الخَلِيْفَةُ ؟
فَوَاللهِ مَا جَرَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، وَأَنَّهُمْ زَوَّرُوا الأَمْرَ عَنْهُ بِزَعْمِهِمْ ، وَخَالَفُوا نَبِيَّهُمْ ، وَبَادَرُوا إِلَى بَيْعَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمً، يَتَّجِرُ وَيَتَكَسَّبُ ، لاَ لِرَغْبَةٍ فِي أَمْوَالِهِ ، وَلاَ لِرَهْبَةٍ مِنْ عَشِيْرَتِهِ وَرِجَالِهِ ، وَيْحَكَ أَيَفْعَلُ هَذَا مَنْ لَهُ مسْكَةُ عَقْلٍ ؟
وَلَوْ جَازَ هَذَا عَلَى وَاحِدٍ لَمَا جَازَ عَلَى جَمَاعَةٍ ، وَلَوْ جَازَ وُقُوْعُهُ مِنْ جَمَاعَةٍ ، لاَسْتَحَالَ وُقُوْعُهُ وَالحَالَةُ هَذِهِ مِنْ أُلُوْفٍ مِنْ سَادَةِ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ ، وَفُرْسَانِ الأُمَّةِ ، وَأَبْطَالِ الإِسْلاَمِ ، لَكِنْ لاَ حِيْلَةَ فِي بُرْء الرَّفْضِ ، فَإِنَّهُ دَاءٌ مُزْمِنٌ ، وَالهُدَى نُوْرٌ يَقْذِفُهُ اللهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ ، فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ " .ا.هـ.(1/1)
• وقال عند ترجمةِ الإِمَامِ الصَّادِقِ (6/256) : " وَكَانَ يَغضَبُ مِنَ الرَّافِضَّةِ ، وَيَمقُتُهُم إِذَا عَلِمَ أَنَّهُم يَتَعَرَّضُوْنَ لِجَدِّهِ أَبِي بَكْرٍ ظَاهِراً وَبَاطِناً ، هَذَا لاَ رَيْبَ فِيْهِ ، وَلَكِنَّ الرَّافِضَّةَ قَوْمٌ جَهَلَةٌ ، قَدْ هَوَى بِهِمُ الهَوَى فِي الهَاوِيَةِ ، فَبُعداً لَهُم " .
• وقال أيضاً بعد أن نقلَ نقولاً كثيرةً عن الإِمَامِ الصَّادِقِ في تولي أبي بكرٍ وعمرَ (6/261) : " قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مُتَوَاتِرٌ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ إِنَّهُ لَبَارٌّ فِي قَوْلِهِ ، غَيْرُ مُنَافِقٍ لأَحَدٍ ، فَقَبَّحَ اللهُ الرَّافِضَّةَ " .ا.هـ.
• وقال عند ترجمةِ هَارُوْن الرَّشِيْدِ (9/291) : " قُلْتُ : حَجَّ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَلَهُ فُتُوحَاتٍ وَمَوَاقِفُ مَشْهُوْدَةٌ ، وَمِنْهَا فَتحُ مَدِيْنَةِ هِرَقْلَةَ ، وَمَاتَ غَازِياً بِخُرَاسَانَ ، وَقَبْرُهُ بِمَدِيْنَةِ طُوْسَ ، عَاشَ خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلَدُهُ صَالِحٌ .
تُوُفِّيَ : فِي ثَالِثِ جُمَادَى الآخِرَةِ ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ .(1/2)
وَزَرَ لَهُ يَحْيَى بنُ خَالِدٍ مُدَّةً ، وَأَحْسَنَ إِلَى العَلَوِيَّةِ ، وَحَجَّ سَنَةَ (173) ، وَعَزَلَ عَنْ خُرَاسَانَ جَعْفَرَ بنَ أَشْعَثَ بِوَلَدِهِ العَبَّاسِ بنِ جَعْفَرٍ ، وَحَجَّ أَيْضاً فِي العَامِ الآتِي ، وَعَقَدَ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ لِوَلَدِهِ الأَمِيْنِ صَغَيْراً ، فَكَانَ أَقبَحُ وَهْنٍ تَمَّ فِي الإِسْلاَمِ ، وَأَرْضَى الأُمَرَاءَ بِأَمْوَالٍ عَظِيْمَةٍ ، وَتَحَرَّكَ عَلَيْهِ بِأَرْضِ الدَّيْلَمِ يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ الحُسَيْنِيُّ ، وَعَظُمَ أَمرُهُ ، وَبَادرَ إِلَيْهِ الرَّافِضَةُ ، فَتَنَكَّدَ عَيْشُ الرَّشِيْدِ ، وَاغتَمَّ ، وَجَهَّزَ لَهُ الفَضْلَ ابْنَ وَزِيْرِهِ فِي خَمْسِيْنَ أَلْفاً ، فَخَارَتْ قِوَى يَحْيَى ، وَطَلَبَ الأَمَانَ ، فَأَجَابَه ، وَلاَطَفَهُ ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ ، وَحَبَسَهُ ، ثُمَّ تَعَلَّلَ ، وَمَاتَ " .ا.هـ.
• وقال عند ترجمةِ عَلِيٍّ الرِّضَى (9/393) : " وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ الرِّضَى كَبِيْرَ الشَّأْنِ ، أَهْلاً لِلْخِلاَفَةِ ، وَلَكِنْ كَذَبَتْ عَلَيْهِ وَفِيْهِ الرَّافِضَّةُ ، وَأَطْرَوْهُ بِمَا لاَ يَجُوْزُ ، وَادَّعَوْا فِيْهِ العِصْمَةَ ، وَغَلَتْ فِيْهِ ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً . وَهُوَ بَرِيْءٌ مِنْ عُهْدَةِ تِلْكَ النُّسَخِ المَوْضُوْعَةِ عَلَيْهِ " .ا.هـ.
• وقال عند ترجمةِ أَحْمَدَ بنِ بُوَيْه (16/233) : " وَضَاعَ أَمرُ الإِسلاَمِ بِدولَةِ بَنِي بُوَيْه ، وَبَنِي عُبَيْدٍ الرَّافِضَةِ ، وَتَرَكُوا الجِهَادَ ، وَهَاجَتْ نَصَارَى الرُّوْمِ ، وَأَخَذُوا المَدَائِنَ ، وَقَتَلُوا وَسَبَوا " .ا.هـ.(1/3)
• وقال عند ترجمةِ الإِمَامِ الحَافِظِ الدَّارَقُطْنِيّ (16/458) : " وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ :اختلفَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ ، فَقَالَ قَوْمٌ : عُثْمَانُ أَفضلُ ، وَقَالَ قَوْمٌ : عليٌّ أَفضلُ . فَتَحَاكَمُوا إِليَّ ، فَأَمسكتُ ، وَقُلْتُ :الإِمْسَاكُ خَيْرٌ .
ثُمَّ لَمْ أَرَ لِدِيْنِي السُّكُوتَ ، وَقُلْتُ لِلَّذِي اسْتَفْتَانِي : ارْجِعْ إِلَيْهِم ، وَقُلْ لَهُم : أَبُو الحَسَنِ يَقُوْلُ : عُثْمَانُ أَفضَلُ مِنْ عَلِيٍّ بِاتِّفَاقِ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هَذَا قَولُ أَهْلِ السُّنَّةَ ، وَهُوَ أَوَّلُ عَقْدٍ يَحلُّ فِي الرَّفْضِ .
قُلْتُ : لَيْسَ تَفْضِيْلُ عَلِيٍّ بِرَفضٍ ، وَلاَ هُوَ ببدعَةٌ ، بَلْ قَدْ ذَهبَ إِلَيْهِ خَلقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ ، فَكُلٌّ مِنْ عُثْمَانَ وَعلِيٍّ ذُو فضلٍ وَسَابِقَةٍ وَجِهَادٍ ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي العِلْمِ وَالجَلاَلَة ، وَلعلَّهُمَا فِي الآخِرَةِ مُتسَاويَانِ فِي الدَّرَجَةِ ، وَهُمَا مِنْ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، وَلَكِنَّ جُمُهورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرَجيْحِ عُثْمَانَ عَلَى الإِمَامِ عَلِيٍّ ، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ .
وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يسيرٌ ، وَالأَفضَلُ مِنْهُمَا - بِلاَ شكٍّ - أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، مَنْ خَالفَ فِي ذَا فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ ، وَمَنْ أَبغضَ الشَّيْخَيْنِ وَاعتقدَ صِحَّةَ إِمَامَتِهِمَا فَهُوَ رَافضيٌّ مَقِيتٌ ، وَمَنْ سَبَّهُمَا وَاعتقدَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِإِمَامَيْ هُدَى فَهُوَ مِنْ غُلاَةِ الرَّافِضَةِ - أَبعدَهُم اللهُ - " .ا.هـ.(1/4)
• وقال عند ترجمةِ الإِمَامِ الحَافِظِ هَيَّاج (18/395) : " وَرُزِقَ الشَّهَادَة فِي كَائِنَة بَيْنَ السُّنَّة وَالرَّافِضَّة ، وَذَلِكَ أَن بَعْض الرَّافِضَّة شكَا إِلَى أَمِيْر مَكَّة أَنَّ أَهْلَ السّنَّة يَنَالُوْنَ مِنَّا ، فَأَنفذ ، وَطلب هَيَّاجاً وَأَبَا الفَضْل بن قوَام وَابْنَ الأَنْمَاطِيّ ، وَضَرَبَهُم ، فَمَاتَ هَذَانِ فِي الحَال ، وَحُمِلَ هَيَّاج ، فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّام رَضِيَ اللهُ عَنْهُم " .ا.هـ.
• وقال عن أحداثِ سنةِ 561 : " وَفِي سَنَةِ 561 : عَملت الرَّافِضَّة مَأْتَم عَاشُورَاء ، وَبَالغُوا ، وَسبُّوا الصَّحَابَة ، وَخَرَجت الكَرَج ، وَبدَّعُوا فِي الإِسْلاَمِ ... " .ا.هـ.
• وقال عن أحداثِ سنةِ 655 (23/181) : " وَجَرَتْ فِتْنَةٌ مَهُولَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ النَّاس وَبَيْنَ الرَّافِضَّةِ ، وَقُتِلَ عِدَّة مِنَ الفَرِيْقَيْنِ ، وَعَظُمَ البَلاَءُ ، وَنُهِبَ الكَرْخُ ، فَحنقَ ابْن العَلْقَمِيّ الوَزِيْرُ الرَّافضِيُّ ، وَكَاتَبَ هُوْلاَكُو ، وَطَمَّعَهُ فِي العِرَاق ، فَجَاءت رُسُل هُوْلاَكُو إِلَى بَغْدَادَ ، وَفِي البَاطِنِ مَعَهُم فَرمَانَات لِغَيْرِ وَاحِدٍ ، وَالخَلِيْفَةُ لاَ يَدْرِي مَا يَتُم ، وَأَيَّامُه قَدْ وَلّت ، وَصَاحِب دِمَشْق شَابٌّ غرٌّ جبَانٌ ، فَبَعَثَ وَلَدَهُ الطِّفْلَ مَعَ الحَافِظِيِّ بِتقَادمٍ وَتُحَفٍ إِلَى هُوْلاَكُو ، فَخَضَعَ لَهُ ، وَمِصْرُ فِي اضْطِرَابٍ بَعْدَ قَتلِ المُعِزِّ ، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ قَدْ هَرَبَ إِلَى بِلاَدِ الأَشكرِيِّ ، فَتَمَرَّدَ هُوْلاَكُو وَتَجَبَّرَ ، وَاسْتَوْلَى عَلَى المَمَالِكِ ، وَعَاثَ جُندُه الكَفرَةُ يَقْتُلُوْنَ وَيَأْسرُوْنَ وَيَحرِقُوْنَ " .ا.هـ.(1/5)
• وقال عن حقدِ ابْنِ العَلْقَمِيِّ (23/184) : " وَعَمِلَ ابْنُ العَلْقَمِيِّ عَلَى تَركِ الجُمُعَاتِ ، وَأَنْ يَبنِيَ مَدْرَسَةً عَلَى مَذْهَبِ الرَّافِضَّةِ ، فَمَا بلغَ أَملُه ، وَأُقيمتِ الجُمعَاتُ " .ا.هـ.
وقد ترجم الإمامُ الذهبي للرافضي ابْنِ العَلْقَمِيِّ (23/363) فقال : " ابْنُ العَلْقمِيِّ ، مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ ، المُدبرُ ، المُبِير ، مُؤَيَّد الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ابْن العَلْقَمِيّ البَغْدَادِيّ ، الرَّافضِيّ ، وَزِيْرُ المُسْتَعْصِم .
وَكَانَتْ دَوْلَتُه أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَأَفشَى الرَّفْض، فَعَارضه السُّنَّة ، وَأُكْبِتَ ، فَتَنَمَّرَ ، وَرَأَى أَنَّ هُولاَكو عَلَى قصد العِرَاق ، فَكَاتَبَه وَجَسَّرَهُ ، وَقوَّى عَزْمه عَلَى قصد العِرَاق ، لِيتَّخذَ عِنْدَهُ يَداً ، وَلِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَغرَاضِهِ ، وَحَفَر لِلأُمِّةِ قَلِيْباً ، فَأُوقع فِيْهِ قَرِيْباً ، وَذَاقَ الهوَانَ ، وَبَقِيَ يَرْكَبُ كديشاً وَحْدَهُ ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ركبته تُضَاهِي مَوْكِبَ سُلْطَان ، فَمَاتَ غَبْناً وَغَمّاً ، وَفِي الآخِرَةِ أَشدَّ خِزْياً وَأَشَدَّ تَنكيلاً .(1/6)
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ابْن المُسْتَعْصِم وَالدُّويدَار الصَّغِيْر قَدْ شدَّا عَلَى أَيدِي السُّنَّةِ حَتَّى نُهِبَ الكَرْخ ، وَتَمَّ عَلَى الشِّيْعَة بلاَءٌ عَظِيْمٌ ، فَحنق لِذَلِكَ مُؤَيَّد الدِّيْنِ بِالثَّأْر بسيف التَّتَار مِنَ السُّنَّةِ ، بَلْ وَمِنَ الشِّيْعَةِ وَاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى ، وَقُتِلَ الخَلِيْفَةُ وَنَحْوُ السَّبْعِيْنَ مِنْ أَهْلِ العقد وَالحلّ ، وَبُذِلَ السَّيْف فِي بَغْدَادَ تِسْعَةً وَثَلاَثِيْنَ نَهَاراً حَتَّى جرت سيول الدِّمَاء ، وَبقيت البلدَة كَأَمس الذَّاهب - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - وَعَاشَ ابْن العَلْقَمِيّ بَعْد الكَائِنَة ثَلاَثَة أَشْهُرٍ ، وَهَلَكَ " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/7)
كُنَّاشَةُ الشبكةِ العنكبوتيةِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
تمرُ على الإنسانِ سواءٌ كان طالبَ علمٍ أو غيرهِ أثناء القراءةِ بعضُ الفوائدِ المهمةِ التي يحتاجها لاحقاً ، وهذه الفوائدُ لا بد من تقيديها وإلا ضاعت ، وقد كان هذا الفعلُ دأبُ المتقدمين والمتأخرين من أهلِ العلمِ والعلماءِ .
وإليكم ما قالهُ ونقلهُ الشيخُ علي العمران في " المشوق إلى القراءةِ وطلبِ العلم" ( ص 119 ) بخصوصِ أمر تقييدِ الفوائدِ وأهميته : إذا انخرط الطالبُ في سِلكِ القُرَّراءِ وانضم إلى ناديهم ، فلابُدَّ له من استثمارِ قراءتهِ وتوظيفها ، ليجني منها ما تمنى ، ولا يضيعُ تعبهُ سدى ... قال الإمامُ النووي [ المجموع (1/39) ] – وهو يرشدُ الطالبَ إلى تعليقِ النفائسِ والغرائبِ مما يراهُ في المطالعةِ أو يسمعهُ من شيخه - : " ولا يحتقرن فائدةً يراها أو يسمعها في أي فن كانت ، بل يبادرُ إلى كتابتها ، ثم يواظبُ على مطالعةِ ما كتبه ... " .
وقال أيضاً [ المجموع (1/38) ] ولا يؤخرُ تحصيلَ فائدةٍ – وإن قَلَّت – إذا تمكن منها ، وإن أمِنَ حصولها بعد ساعةٍ ، لأن للتأخيرِ آفاتٌ ، ولأنهُ في الزمنِ الثاني يُحَصِّلُ غيرها " .
فهذهِ نصيحةٌ غاليةٌ ، ولفتةٌ من إمامٍ فتمسك بها تُفْلِح .
فكم من عالمٍ أبدى أسفه وحسرتهُ على فوائد فاته تقييدها فشردت ، أو اتكل على حافظته فخانته ( والحفظُ خوانٌ ) ، فهذا الإمامُ ابنُ حجر ( حافظ عصره ) فاته تقييدُ شيءٍ من الفوائدِ فتأسف عليه ، قال تلميذهُ السخاوي في " الجواهر والدرر " (2/611) : " أما التفسير فكان آيةً من آياتِ الله تعالى ، بحيث كان يُظْهِرُ التأسفَ في إهمالِ تقييد ما يقع له من ذلك مما لا يكونُ منقولاً ... وفي أواخرِ الأمرِ صار بعضُ طلبتهِ يعتني بكتابةِ ذلك " .ا.هـ.(1/1)
ثم ذكر الشيخُ علي العمران أمثلةً من سير العلماءِ في هذا الباب نأخذُ واحداً منها فقال : " فهذا الإمامُ البخاري ( جبلُ الحفظِ ) يستيقظُ مراتٍ كثيرةٍ في الليلِ ليقيِّد الفوائد ، قال راويتهُ الفربري : " كنتُ مع محمدِ بنِ إسماعيل بمنزلةِ ذات ليلةٍ ، فأحصيتُ عليه أنه قام وأسْرَجَ يستذكرُ أشياءَ يعلقها في ليلةٍ ثمان عشرة مرة " .
ثم ذكر الشيخُ علي العمران ما صنف في هذا الباب فقال : " وقد دون كثيرٌ من العلماءِ هذه الفوائد في كتبٍ مفردةٍ ، مثل : " الفنون " لابن عقيل وهو من أضخم الكتبِ ، " والفوائدُ العونيةُ " للوزيرِ ابنِ هبيرةِ ، و" صيد الخاطر " وغيره لابن الجوزي ، و"قيد الأوابد " في ( 400 مجلد ) للدغولي ، و" عيون الفوائد " لابن النجار في ( 6 أسفار ) ، و" بدائع الفوائد " و" الفوائد " لابن القيم ، و" التذكرة " للكندي في ( 50 مجلداً ) ، و" مجمع الفوائد ومنبع الفرائد " للمقريزي كالتذكرة في نحو ( 100 مجلد ، وقيل 80 ) وغيرها كثير " .ا.هـ.
وما زال العلماءُ وطلبةُ العلم يؤلفون في بابِ الفوائد من الكتبِ حتى من المعاصرين .
هذا الشيخُ ابنُ عثيمين يقولُ في مقدمةِ " فرائدِ الفوائدِ " : " كنت أقيد بعض المسائل الهامة ، التي تمر بي ـ حرصاً على حفظها ، وعدم نسيانها ـ في : " دفتر" ، وسميتها : " فرائد الفوائد " . وقد انتقيت منها ما رأيته أكثر فائدة ، وأعظم أهمية ؛ وسمّيت ذلك : " المنتقى من فرائد الفوائد " .ا.هـ
ويقولُ مصطفى السباعي رَحِمَهُ اللَّهُ ، في مقدمة كتابه : ” القلائد من فرائد الفوائد ” : كان دأبُ طلابِ العلمِ ـ ولا يزلون كذلك ـ أن يقيدوا ما يجدونه من فوائد متناثرة ، خلال مطالعاتهم ، في أوراق خاصة ، يرجعون إليها عند الحاجة لها ، وقد كان مما يوصي به علماؤنا طلابَهم : ” قَيِّدُوا العِلْمَ بالكِتابِ ” أ.هـ
طريقةُ تقييدِ الفوائدِ :
تختلفُ طريقة التقييد للفوائدِ من شخصٍ لآخر .(1/2)
نقل الشيخُ عبد الله الشمراني في " كُنَّاشهِ " تحت الفائدة الثالثة " فائدة في تقييد الفوائد، والدرر " عن فضيلةِ الشيخِ ، العلامة ، الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد ـ حَفِظَهُ اللَّه ـ في كتابه : ”حلية طالب العلم” (ص 175 ـ 176) أنه قال : " ابذُلِ الجُهْدَ في حفظ العلم ( حفظ كتاب ) ؛ لأنَّ تقييدَ العلم بالكتابةِ أمانٌ من الضيَّاعِ ، وقَصْرٌ لمسافةِ البحث عند الاحتياجِ ، لا سيَّما في مسائلِ العلمِ التي تكونُ في غير مظانِّها ، ومن أَجِلِّ فوائده أنَّه عند كِبَرِ السنِّ وضَعْف القوى ، يكون لديك مادَّةٌ تَسْتَجِرُّ منها مادَّةً تكتبُ فيها بلا عناءٍ في البحث والتقصِّي .
ولذا فاجعل لك ” كُنَاشا ً” ، [ الكُنَاشَ : بضم الكاف ، وتخفيف النون ، وشين معجمة ، على وزن : ( غراب ) ، لفظ سرياني ، بمعنى : المجموعة ، والتذكرة ] أو ” مُذَكِّرة ” ، لتقييدِ الفوائدِ ، والفرائدِ ، والأبحاثِ ، المنثورةِ في غيرمظانِّها ، وإنِ استعملتَ غلافَ الكتابِ لتقييدِ ما فيه من ذلك ؛ فَحَسَنٌ ، ثم تنقُلُ ما يجتمعُ لك بَعْدُ في مذكِّرة مرتباً له على الموضوعاتِ ، مُقَيِّداً رأْسَ المسألة ، واسْمَ الكتابِ ، ورقمَ الصفحة والمُجَلَّد ، ثم اكْتُب على ما قَيَّدْتَهُ : ” نُقِل ” ، حتى لا يختلطَ بما لم يُنْقَل ، كما تكتبُ : ” بَلَغَ صفحة كذا ” فيما وَصَلْتَ إليه من قراءةِ الكتاب ، حتى لا يفوتَك ما لم تبلُغْه قراءةً .
وللعُلماء مؤلفاتٌ عدَّة في هذا؛ منها : ” بدائع الفوائد ” لابن القيِّم ، و ” خبايا الزوايا ” للزَّرْكَشي ، ومنها كتاب : ” الإغفال ” ، و ” بقايا الخباي ا”، وغيرها .
وعليه فَقَيِّدِ العلمَ بالكتاب لا سيَّما بدائعَ الفوائدِ في غير مظانِّها ، وخَبَايا الزوايا في غير مساقِها ، ودُرَراً منثورةً تراها وتسمعُها تخشى فواتها ، وهكذا؛ فإنَّ الحفظَ يضعُفُ ، والنِّسيان يَعْرِضُ .(1/3)
قال الشعبي: " إذا سمعتَ شيئاً فاكْتُبْه ، ولو في الحائِطِ " . رواه ابن أبي خَيْثَمةُ
وإذا اجتمع لديك ماشاء اللهُ أن يجتمعَ فَرَتِّبْه في : ” تذكِرة ” ، أو ” كُنَاش ” على الموضوعاتِ ، فإنَّه يُسْعِفُك في أضيقِ الأوقاتِ ، التي قد يَعْجَزُ عن الإدراكِ فيها كبارُ الأثباتِ " .ا.هـ
وقال أيضا الشيخ الشمراني في الحاشية : " وبعضهم يرى تقييد ” الفوائد ” في نفس الكتاب المأخوذة منه ، وغالبهم يجعل من الورقات الأُوَل البيض للكتاب ( ما بعد الغلاف ) مكاناً لتسويد ” الفوائد ” الموجودة في نفس الكتاب .ا.هـ.
فكلُ واحدٍ له طريقتهُ الخاصة في كتابةِ الفوائدِ ، ولك أخي أن تختارَ أيها شئت مما ذكر آنفاً .
وبما أن هذه الفوائد قد تمرُ على أحدنا فيُسَوُّفُ في كتابتها في حينها رأيتُ أن أضعَ موضوعاً في الساحاتِ لجمعِ الفوائدِ التي يصطادها الإخوةُ من طلبة العلم خلال القراءةِ ثم يضعها هنا مع الأخذِ في الاعتبارِ ما يلي :
أولاً : ذكرُ مصدرِ الفائدةِ [ الكتاب ، الجزء ، الصفحة ، الطبعة ] ، وهذا من بابِ الأمانةِ العلميةِ في النقلِ ، إلى جانبِ الرجوعِ إليها حال الحاجةِ إليها .
ثايناً : إذا نقلت من كتابٍ ، وصاحبُ الكتابِ نقل من كتابٍ آخر فلابد من ذكر المصدر الذي نقلت منه مع العزو إلى المصدر الذي نقل منه صاحب الكتاب .
ثالثا : ذكر عنوانٍ للفائدةِ يناسبها ، ولو كان باقتباس عبارةٍ من الفائدةِ المنقولةِ .
رابعا : تصنيف الفائدةِ من جهةِ موضعها فتقولُ مثلاً : فائدةٌ فقهيةٌ ، فائدةٌ حديثية ، فائدةٌ تاريخية ، فائدةٌ إسنادية ... وهكذا .
خامساً : قد تكونُ القائدةُ في أكثرِ من مصدرٍ فأنت بالخيارِ إما أن تنقلها من مصدرٍ واحد ثم تعزو للباقي ، أو أنك تنقلها بنصها من باقي المصادر وهذا أفضل لكي يعلم الفرق بينها .(1/4)
سادساً: ترقيمُ الفائدةِ بحسب ما يوضعُ في المقال ... على سبيل المثال : وضعتُ الفائدة رقم 4 ، يأتي الذي بعدي بفائدة يجعلها رقم 5 وهكذا دواليك . فلابد قبل طرحِ الفائدة أن تستعرضَ جميع الردود لكي لا يحصل تكرارٌ في الأرقامِ .
وإليكم طريقة كتابة الفائدة :
فائدةٌ تاريخية رقم ( 1 )
عنوانُ الفائدةِ
نص الفائدةِ
المصدر : الجلد / الصفحة
وختاماً ؛ لا تبخل أخي طالب العلمِ من وضعِ ما لديك من الفوائدِ ، وإن لم تستطع المشاركةَ فلا عليك إلا أن ترسلَ بفائدتك على بريدي الخاص الموجود في ملفي الشخصي ، وأبشر بما يسرك إن شاء الله ، واحتسب الأجرَ ، وأسألُ اللهَ أن يجعل في هذا المقال النفعَ والفائدةَ ، آمين .
---
فائدةٌ في العلمِ
حراسةُ العلمِ أولى من حراسةِ العالمِ
قال الشيخُ علي العمران : " ولهذهِ الكلمةِ قصةٌ ، من المناسبِ أن نسوقها .
قال أبو حيان التوحيدي [ البصائر والذخائر (9/20) ] : قال أبو سعيد السيرافي : " كان أبو بكر - يعني ابن دُريد - ضعيفاً في التصريفِ والنحو خاصةً ، وفي كتابِ " الجمهرةِ " خللٌ كثيرٌ ، قلنا له : " فلو فصلت بالبيانِ عن هذا الخللِ ، وفتحت لنا باباً من العلمِ ، فقال : " نحنُ إلى سترِ زلاتِ العلماءِ أحوجُ منا إلى كشفها ، وانتهى الكلامُ .
فلما نهضنا من مجلسهِ قال بعضُ أصحابنا : " قد كان ينبغي لنا أن نقولَ له : " حراسةُ العلمِ أّوْلى من حراسةِ العَالمِ " ، وفي السكوتِ عن أبي بكرٍ إجلالٌ ، ولكن خيانةٌ للعلمِ " .
المصدرُ
تعقباتُ الحافظِ ابنِ حجر على الإمامِ الذهبي في ميزانِ الاعتدال ( ص 6 )
جمعها وعلق عليها : علي بن محمد العمران
---
فائدةٌ رقم (2)
فائدةٌ لغويةٌ
اللحنُ في الكلامِ(1/5)
عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ : " تَحَدَّثْتُ أَنَا وَالْقَاسِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدِيثًا ، وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً وَكَانَ لِأُمِّ وَلَدٍ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ : " مَا لَكَ لَا تَحَدَّثُ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا ،أَمَا إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ ، هَذَاأَدَّبَتْهُ أُمُّهُ ، وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ " ، قَالَ فَغَضِبَ الْقَاسِمُ وَأَضَبَّ عَلَيْهَا ، فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ قَدْ أُتِيَ بِهَا قَامَ قَالَتْ : " أَيْنَ ؟ " ، قَالَ : " أُصَلِّي " ، قَالَتْ : " اجْلِسْ " ، قَالَ : " إِنِّي أُصَلِّي " ، قَالَتْ : " اجْلِسْ غُدَرُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ " . رواهُ مسلمٌ (560)
لَحَّانَة : كَثِير اللَّحْن فِي كَلَامه
وقد ورد في تراجمِ عددٍ من أهلِ العلمِ أنهم يلحنون من ذلك ، ذكرهم الإمامُ الذهبي في " السير "
1 - نافعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَرَاوِيَتُهُ .
قال الإمام الذهبي (5/98) : وَيُقَالُ : كَانَ فِي نَافِعٍ لُكْنَةٌ وَعُجْمَةٌ . قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ : كُنَّا نَرُدُّ عَلَى نَافِعٍ اللَّحْنَ، فَيَأْبَى .
2 - أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بَهْمَنَ بنِ فَيْرُوْزٍ الأَسَدِيُّ الكِسَائِيُّ(1/6)
قال الإمامُ الذهبي (9/133) : ابْنُ مَسْرُوْقٍ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، قَالَ الكِسَائِيُّ : صَلَّيْتُ بِالرَّشِيْدِ ، فَأَخْطَأْتُ فِي آيَةٍ ، مَا أَخْطَأَ فِيْهَا صَبِيٌّ ، قُلْتُ : لَعَلَّهُمْ يَرْجِعِيْنَ ، فَوَاللهِ مَا اجْتَرَأَ الرَّشِيْدُ أَنْ يَقُوْلُ : أَخْطَأْتَ ، لَكِنْ قَالَ: أَيُّ لُغَةٍ هَذِهِ ؟ قُلْتُ : يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ ! قَدْ يَعْثُرُ الجَوَادُ . قَالَ: أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ .
وَعَنْ سَلَمَةَ ، عَنِ الفَرَّاءِ ، سَمِعْتُ الكِسَائِيَّ يَقُوْلُ : رُبَّمَا سَبَقَنِي لِسَانِي بِاللَّحْنِ .
وَعَنْ خَلَفِ بنِ هِشَامٍ : أَنَّ الكِسَائِيَّ قَرَأَ عَلَى المِنْبَرِ : " أَنَا أَكْثَرَ مِنْكَ مَالاً " بِالنَّصْبِ ، فَسَأَلُوْهُ عَنِ العِلَّةِ ، فَثُرْتُ فِي وُجُوْهِهِم ، فَمَحَوْهُ ، فَقَالَ لِي : يَا خَلَفُ ! مَنْ يَسْلَمُ مِنَ اللَّحْنِ ؟
وَعَنِ الفَرَّاء ، قَالَ : إِنَّمَا تَعَلَّمَ الكِسَائِيُّ النَّحوَ عَلَى كِبَرٍ ، وَلَزِمَ مُعَاذاً الهَرَّاءَ مُدَّةً، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الخَلِيْلِ .ا.هـ.
قال محققُ الكتابِ في الحاشيةِ : " وكان سببُ تعلمهِ أنه جاء يوماً وقد مشى حتى أعيى ، فجلس إلى القومِ فيهم فضلٌ ، وكان يجالسهم كثيراً ، فقال : قد عَيَّيْتُ ، فقالوا له : " تجالسنا وأنت تلحن " ، فقال : " كيف لحنت ؟ " فقالوا : إن كنت أردت من التعب فقل : أعييتُ ، وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في اللأمرِ ، فقل : " عييت " مخففة ، فأنف من هذه الكلمة ، وقام من فورهِ فسأل عمن يعلمُ النحو ، فأرشدوه إلى معاذ الهراء ، فلزمه حتى أنفد ما عنده .ا.هـ.
وجاء أيضاً في " تهذيب الكمال " (3/76) عند ترجمةِ إسماعيلَ بنِ أبي خالد : وقال هُشيم : كان لإسماعيلُ فحشَ اللحنِ ، كان يقولُ : حدثني فلانٌ عن أبوه .ا.هـ.
ولا بأس بالاجتهادِ في إصلاحِ اللحن عن طريقِ التعلمِ .(1/7)
قال الإمامُ الذهبي في " السير " (7/115) : وَقَالَ بِشْرُ بنُ بَكْرٍ التِّنِّيْسِيُّ : قِيْلَ لِلأَوْزَاعِيِّ : يَا أَبَا عَمْرٍو ! الرَّجُلُ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْهِ لَحْنٌ ، أَيُقِيْمُهُ عَلَى عَرَبِيَّتِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ بِعَرَبِيٍّ .
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ : سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ : لاَ بَأْسَ بِإِصلاَحِ اللَّحْنِ وَالخَطَأِ فِي الحَدِيْثِ .ا.هـ.
وقال أيضا (11/87) : وَقَالَ عَبَّاسٌ : قُلْتُ لِيَحْيَى : مَا تَقُوْلُ فِي الرَّجُلِ يُقَوِّمُ لِلرَّجُلِ حَدِيْثَهُ ؟ يَعْنِي : يَنزِعُ مِنْهُ اللَّحْنَ . فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهِ .
---
فائدة رقم (3)
الثأرُ لراويةِ الإسلام أبي هريرة رضي الله عنه
جاء في " البدايةِ والنهايةِ " (12/208) عند ترجمة " يوسف بن علي " :
أبو القاسم الزنجاني الفقيه ، كان من أهل الديانة ، حكى عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي عن القاضي أبي الطيب ، قال : كنا يوماً بجامع المنصور في حلقة فجاء شاب خراساني فذكر حديث أبي هريرة في المطر فقال الشاب : غير مقبول . فما استتم كلامه حتى سقطت من سقف المسجد حية فنهض الناس هاربين وتبعت الحية ذلك الشاب من بينهم ، فقيل له : تب تب . فقال : تبت. فذهبت فلا ندري أين ذهبت .
رواها ابن الجوزي عن شيخه أبي المعمر الأنصاري عن أبي القاسم هذا ، والله أعلم .ا.هـ.(1/8)
وقال المباركفوري في " تحفة الأحوذي " (1/33) : عِبْرَةٌ : قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ فِي بَحْثِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ , وَإِنَّمَا كَانَا صَالِحَيْنِ فَرِوَايَتُهُمَا إِنَّمَا تُقْبَلُ فِي الْمَوَاعِظِ لَا فِي الْأَحْكَامِ , وَهَذِهِ جُرْأَةٌ عَلَى اللَّهِ وَاسْتِهْزَاءٌ فِي الدِّينِ عِنْدَ ذَهَابِ حَمَلَتِهِ وَفَقْدِ نَصَرَتِهِ ; وَمَنْ أَفْقَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ ؟ وَمَنْ أَحْفَظُ مِنْهُمَا خُصُوصًا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ بَسَطَ رِدَاءَهُ وَجَمَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ فَمَا نَسِيَ شَيْئًا أَبَدًا وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْمُعَافَاةَ مِنْ مَذْهَبٍ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالطَّعْنِ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَلَقَدْ كُنْت فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ مِنْ مَدِينَةِ السَّلَامِ فِي مَجْلِسِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّامَغَانِيِّ قَاضِي الْقُضَاةِ , فَأَخْبَرَنِي بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَدْ جَرَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهَا بَعْضُهُمْ يَوْمًا وَذَكَرَ هَذَا الطَّعْنَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ فَسَقَطَ مِنْ السَّقْفِ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَتْ فِي سَمْتِ الْمُتَكَلِّمِ بِالطَّعْنِ وَنَفَرَ النَّاسُ وَارْتَفَعُوا وَأَخَذَتْ الْحَيَّةُ تَحْتَ السَّوَارِي فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَتْ , فَاِرْعَوى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مِنْ التَّرَسُّلِ فِي هَذَا الْقَدْحِ . اِنْتَهَى .
---
فائدة رقم (4)(1/9)
العلامةُ الألباني يصححُ فهمَ حديث : " مَنَعَتْ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا ... "
قال العلامةُ الألباني في " الصحيحة " (7/1/198 رقم 3072) : وأيضاً ؛ فإنهُ يشهدُ له حديثُ أبي هريرةَ مرفوعاً بلفظ :
" مَنَعَتْ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا ، وَمَنَعَتْ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا ، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا ... " الحديث .
رواهُ مسلمٌ وغيرُهُ ، وهو مخرجٌ في " صحيحِ أبي داود " (2679) ، وأخرجهُ البيهقي (9/137) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (6/457) .
( فائدةٌ ) : قال النووي رحمهُ اللهُ في " شرح مسلم " :
وَفِي مَعْنَى مَنَعَتْ الْعِرَاق وَغَيْرهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ :
أَحَدهمَا : لِإِسْلَامِهِمْ , فَتَسْقُط عَنْهُمْ الْجِزْيَة , وَهَذَا قَدْ وُجِدَ .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْعَجَم وَالرُّوم يَسْتَوْلُونَ عَلَى الْبِلَاد فِي آخِر الزَّمَان , فَيَمْنَعُونَ حُصُول ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ , وَقَدْ رَوَى مُسْلِم هَذَا بَعْد هَذَا بِوَرَقَاتٍ عَنْ جَابِر قَالَ : يُوشِك أَلَّا يَجِيء إِلَيْهِمْ قَفِيز ... " فذكر الحديث ، قال النووي :
" وَهَذَا قَدْ وُجِدَ فِي زَمَاننَا فِي الْعِرَاق , وَهُوَ الْآن مَوْجُود .
وَقِيلَ : لِأَنَّهُمْ يَرْتَدُّونَ فِي آخِر الزَّمَان , فَيَمْنَعُونَ مَا لَزِمَهُمْ مِنْ الزَّكَاة وَغَيْرهَا .
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّ الْكُفَّار الَّذِينَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَة تَقْوَى شَوْكَتهمْ فِي آخِر الزَّمَان ؛ فَيَمْتَنِعُونَ مِمَّا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ مِنْ الْجِزْيَة وَالْخَرَاج وَغَيْر ذَلِكَ " .
قلتُ : وهذا المعنى هو الظاهرُ المتبادرُ من لفظِ " المنعِ " ؛ بخلافِ المعنى الأول ، فهو عنه بعيدٌ جداً ؛ لأن من أسلم وسقطت عنه الجزيةُ لا يصحُ أن يقالَ فيه : امتنع من أداءِ ما عليه ؛ كما هو ظاهرٌ بين .(1/10)
ولقد كان الداعي إلى تخريجِ هذا الحديث ؛ وبيانِ أن الموقوفَ منه في حكمِ المرفوعِ ؛ وبيانِ معناه ؛ أن بعضَ الناسِ اليوم ظنوا أن لهذا الحديثِ علاقةٌ بالفتنةِ العمياءِ التي حلت على المسلمين بسبب اجتياحِ الجيشِ العراقي لدولةِ الكويتِ ، وما فُرض على العراقِ من الحصارِ البري والبحري والجوي ، لمنع وصولِ المؤنِ والأرزاقِ إليها من البلادِ المسالمةِ لها !
فكثر السؤالُ عن هذا الحديثِ بهذه المناسبةِ ، وهل له علاقةٌ أو ارتباطٌ بهذا الحصارِ للعراق ؟
فأجبتُ بالنفي ، وبينتُ لهم معناهُ بنحو ما تقدم نقلهُ عن الإمامِ النووي - رحمه الله - .
كتبتُ هذا نهار الأربعاء : 1 صفر 1411 هـ . كفى اللهُ المسلمين شرَ الفتنِ ، ما ظهر منها وما بطن .ا.هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/11)
كيف تضبط كلمة ( ابن تيميه ) بالتاء المربوطة ( ـة ) أم بالهاء ( ـه ) ؟؟
السؤال:
فقد سمعت بعض طلبة العلم يقول : الصواب أنها بالهاء ، فهل هذا صحيح ؟؟
الجواب :
الصواب : بالتاء المربوطة .
ولو رجعنا إلى سبب التسمية علمنا أنها بالتاء المربوطة .
ذكر المؤرخون في سبب انتساب الأسرة إلى " تيمية " ومنهم الذهبي في " السير " (22/289) ، وابن عبد الهادي في " العقود الدرية " ( ص 4) ، و " تاريخ أربل " (1/97) .
قال الإمام الذهبي في " السير " : قِيْلَ: إِنَّ جدَّه حَجَّ عَلَى دربِ تَيْمَاءَ ، فَرَأَى هُنَاكَ طِفْلَةً ، فَلَمَّا رَجَعَ ، وَجدَ امْرَأَتَه قَدْ وَلَدَتْ لَهُ بِنْتاً ، فَقَالَ: يَا تَيْمِيَةُ ! يَا تَيْمِيَةُ ! فَلقِّبَ بِذَلِكَ .
وَأَمَّا ابْن النَّجَّارِ ، فَقَالَ : ذكرَ لَنَا أَنَّ جَدَّه مُحَمَّداً كَانَتْ أُمُّهُ تُسَمَّى تَيْمِيَةَ ، وَكَانَتْ وَاعِظَةً.ا.هـ.
وذكر الحافظ ابن رجب في " ذيل طبقات الحنابلة " (2/161) أن الحافظ المنذري ذكر أن الفخر ابن تيمية سئل عن سبب تسميتهم بذلك ، فذكر القصة السابقة عن جده .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=10318
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ ... خبرٌ وصورةٌ منذ 38 سنة
مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ
مَثَلٌ يُرَدَّدُ عَلَى الأَلْسِنَةِ ، قَدْ يَجْهَلُ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ مَعْنَاهُ ، أَفْصَحَ أَبُو الفَضْلِ المَيْدَانِيُّ عَنْهُ فَقَالَ فِي " مَجْمَعِ الأَمْثَالِ " : " أي ما أشبَهَ بعضَ القوم ببعض . يضرب في تساوِي الناس في الشر والخديعة . وتمثل به الحسنُ رضي الله عنه في بعض كلامه للناس .
وهو من بيت أولُه :
كُلُّهُمُ أرْوَغُ من ثَعْلَبٍ * * * مَا أشْبَهَ الَّليْلَةَ بِالبَارِحَهْ
وإنما خص البارحة لقُرْبِهَا منها ، فكأنه قَالَ : ما أشبه الليلة بالليلة ، يعنى أنهم في اللؤم من نصاب واحد ، والباء في " البارحة " من صلة المعنى ، كأنه في التقدير شيء يشبه الليلة بالبارحة ، يُقَال : شبهته كذا وبكذا . يضرب عند تشابه الشيئين " .ا.هـ.
بَعْدَ هَذِهِ المُقَدَّمَةِ ، نَقِفُ مَعْ خَبرٍ نُشِر منذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً فِي جَرِيْدَةِ النيويورك تايمز الامريكيه ، يُشْبِهُ تَمَّاماً مَا يَجْرِي فِي العِرَاقِ .
أَتْرُكُكم مَعَ الخَبرِ وَأَقُوْلُ : " مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ " .
الولايات المتّحدة متشجعه من تصويت فيتنام : المسؤولين الامريكيين يستشهدون بمشاركة 83% بالانتخابات بالرغم من ارهاب الفيتكونغ( الفيتكونغ هي المقاومه الفيتناميه )
مجزرة قام بها الجنود الامريكيين في قرية ماي لاي في السادس عشر من ابريل عام 1968 وكما هو واضح من الصورة معظم القتلى نساء وأطفال .
من بيتر غروس ، خاص بنيويورك تايمز بتاريخ 4 سبتمبر(ايلول) 1967
واشنطن ، سيبتمبر/ أيلول. 3 - كان المسؤولون الاميركيين مذهولين وسعداء لحجم المشاركه في الانتخابات الرئاسيه الفيتناميه بالرغم من حملة ارهابيي الفيتكونغ لتعطيل الانتخابات.(1/1)
أستنادا الى تقارير من سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبيه) فان 83% من الخمسة ملايين وثمان مئه وخمسين الف ناخب مسجل قد ادلوا باصواتهم يوم امس . جازف العديد منهم بالرغم من التهديدات بالانتقام من قبل الفيتكونغ.
حجم التصويت الشعبي وعدم قدرة الفيتكونغ على تدمير ميكانيكية الانتخابات كانتا الحقيقتين البارزتين في تحليل مبدئي لانتخابات الشعب بناءا على المعلومات الغير مكتمله التي وصلتنا.
بانتظار تقارير مفصله ، لا وزارة الخارجيه ولا البيت الابيض لديهم الاستعداد للتعليق على الانتخابات او انتصار المرشحين العسكريين الملازم جنرال نغيون فان ثيو وهو مرشح للرئاسه ولا رئيس الوزراء نغيون كاو كاي وهو مرشح لنائب الرئيس.
إن وجود انتخابات ناجحه كان منذ فترة طويله ركيزه مهمه في سياسة الرئيس جونسون لتشجيع نمو العمليه الدستوريه في فيتنام الجنوبيه. الانتخابات كانت ذروة التطور الدستوري والتي بدات في يناير(كانون الثاني) 1966. وكان الرئيس جونسون قد اعطى التزامه الشخصي لهذه العمليه عندما التقى رئيس الوزراء كاي والجنرال ثيو في هنولولو( هاواي) في شهر فبراير(شباط).
سبب هذه الانتخابات هو اعطاء الشرعيه لحكومة سايغون والتي تأسست نتيجة الانقلابات وتلاعبات القوى المختلفه منذ شهر نوفمبر(تشرين الثاني) 1963عندما اطاحت الطغمه العسكريه بالرئيس نغو دنه ديم. بعض اعضاء هذه الطغمه لازالوا موجودين, لكن الغالبيه اما عزلوا او طردوا من البلد نتيجة تغير السلطات الحاكمه.
الأهميه لم ينقص من قيمتها
حقيقة ان المصوتين دعموا الجنرالات الذين يحكمون فيتنام الجنوبيه منذ سنتين لاتقلل حسب وجهة نظر الإداره الامريكيه من أهمية أخذ هذه الخطوه الدستوريه.(1/2)
الأمل هنا هو ان الحكومه الجديده تستطيع ان تناور بالثقه والشرعيه التي طالما افتقدتها سياسة فيتنام الجنوبيه. هذا الامل كان من الممكن ان يتحطم اما عن طريق مشاركه ضعيفه بالانتخابات مما يدل على سخريه واسعه او نقص اهتمام في التطور الدستوري او عن طريق تعطيل الفيتكونغ للانتخابات.
المسؤولين الامريكيين كان ياملون بمشاركة 80% في الانتخابات. هذا كان الرقم في انتخابات سيتمبر(ايلول) للمجلس الانتخابي. 78% من المصوتين المسجلين ادلوا باصواتهم لانتخاب المسؤولين المحليين في الربيع الفائت.
قبل ان تبدأ نتائخ الانتخابات الرئاسيه بالوصول, كان المسؤولين الامريكيين يحذرون من ان نسبة المشاركه بالانتخابات الفيتناميه ممكن ان تكون اقل من 80% لأن اماكن الاقتراع ستفتح ساعتين الى 3 ساعات اقل من انتخابات العام الماضي. نسبة المشاركه والتي بلغت 83% كانت مفاجاه ساره. بالمقارنه, المشاركه بالانتخابات الرئاسيه بالولايات المتحده عام 1964 كان 62% .
الوثائق التي استولي عليها والتحقيقات تشير الى انه في الاسبوع الماضي كان هناك تخوف لدى قادة الفيتكونغ انه لابد من جهد عظيم ليجعلوا الانتخابات عديمة الفائده. بناءا على التقارير الوارده من سايغون فان هذه الجهود لم تنجح .
تعليق :
هذا ماكتبتهُ أكبرُ الصحفِ الامريكيةِ [ النيويورك تايمز ] عن الانتخاباتِ الفيتناميةِ تحت الاحتلالِ الامريكي عام 1967 م .
وواضحٌ من التقريرِ المتفائلِ أنهُ يدعمُ السياسةَ الامريكيةَ هناك . وجريدةُ النيويورك تايمز هي نفسُ الجريدةِ التي كانت تطبلُ لحربِ العراقِ وأسلحةِ الدمارِ الشاملِ بقيادةِ الكاتبةِ اليهوديةِ جوديث ميلير .
وللمعلوميةِ عائلةُ سولزبرغ اليهوديةِ الامريكيةِ تملك صحيفةَ نيويورك تايمز .(1/3)
بعد هذه الانتخاباتِ صعدت المقاومةُ الفيتناميةُ من عملياتها حتى هزيمةِ وطردِ القواتِ الامريكيه من فيتنام في الثلاثين من ابريل عام 1975 م . وقد بلغت خسائرُ امريكا البشريه 58,226 قتيل و153,303 جريح .
وبلغت خسائرُ الدولِ الأخرى المشاركه للقواتِ الامريكيةِ باحتلالِ فيتنام كالتالي :
كوريا الجنوبيه قرابة 5 الاف قتيل
استراليا 501 قتيل و 3,131 جريح .
نيوزيلاند 38 قتيل و 187 جريح .
تايلاند 351 قتيل .
واعداد غير معروفه من الفلبينيين والكنديين.
مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ
---
عقود من التجارب الأمريكية
فهد عامر الأحمدي
في مناسبات عديدة أجرت الحكومة الأمريكية تجارب سرية على البشر لصالح الأغراض العسكرية والمخابراتية.. وحين أفكر شخصياً في الحوادث التي قرأت أو كتبت عنها أجد أكثر من 72 حادثة أخفت فيها الحكومة حقيقة التجارب التي تجريها عن الضحايا أنفسهم (لعل آخرها مرض حرب الخليج وما حدث في سجن ابو غريب) .
وأول قرار حكومي رسمي بهذا الشأن يعود لعام 1931 حين أنشأ الدكتور كورنيل رودز أول مختبرات متخصصة للحرب البيولوجية والكيميائية.. وأول تجربة تمت في هذه المختبرات (الموجودة حتى اليوم في ولاية ماريلاند) تعريض عدد من الجنود لأشعة نووية بغرض دراسة تأثيرها على البشر!!
ونظراً لطول القائمة سأختار واحدة أو اثنتين من التجارب المهمة - في كل عقد على حدة - بدءاً من الثلاثينات وحتى التسعينات من القرن العشرين:
ففي عقد الثلاثينات مثلاً تجاهل الجيش إصابة 200 جندي أسود بمرض السيفلس.. فبغرض دراسة تأثير المرض على الجنود أعطي المرضى أدوية منزوعة الفعالية الأمر الذي تسبب بوفاتهم جميعاً عام 1932!(1/4)
وفي مطلع الأربعينات تم حقن 400 سجين في شيكاغو بجراثيم الملاريا - بدون علمهم - بغرض دراسة المرض.. وفي عام 1942 أجرت وكالة الأسلحة الكيميائية تجارب سرية على 4000 مجند لدراسة تأثير الغازات السامة على الرئتين - بهدف مواكبة التفوق الياباني والنازي في هذا المجال!
وفي عقد الخمسينات نظمت المخابرات الأمريكية مشروعين مهمين؛ الأول يدعى «مكلترا» للبحث في انتاج عقاقير تتيح السيطرة على عقول الآخرين (واستمر لأحد عشر عاماً بدءاً من 1953).. أما المشروع الثاني فهو نشر جراثيم حقيقية فوق خليج تامبا (في عام 1955) لدراسة سرعة ومعدل الاصابة بين البشر!!
وفي منتصف الستينات بدأت المخابرات الأمريكية مشروعاً جديداً يدعى «مكسيرش» لانتاج عقاقير قادرة على تغيير سلوكيات البشر.. وفي عام 1968 قام عملاء المخابرات بحقن مواد كيميائية في انابيب المياه (في واشنطن العاصمة) لدراسة الآثار المحتملة لأي عملية تخريبية من هذا النوع!
وفي عقد السبعينات اعترف الجيش بسعيه لإيجاد أسلحة عرقية تستهدف عرقاً بعينه (اعتماداً على أي تباين محتمل بين الأعراق البشرية).. وفي عام 1978 نظمت وكالة الأغذية والعقاقير تجارب واسعة حول الفيروس الكبدي B اتضح - في النهاية - تركيزها على المشردين والفقراء فقط !
وفي الثمانينات ظهر الإيدز ولاحظ الأطباء تشابه فيروس المرض HIV مع الفيروس الموجود لدى قردة التجارب الخضراء.. هذا التشابه عزز فرضية تسرب الايدز من مختبرات الجيش الأمريكي في ماريلاند - خصوصاً أنه كان موجهاً ضد الشواذ فقط !!
وفي عام 1994 قدم السيناتور جون روكفلر تقريراً يتضمن خمسين عاماً من التجارب السرية التي قام بها الجيش الأمريكي على جنوده هو.. وبعد ذلك بعامين فقط اعترفت وزارة الدفاع بحقن جنودها بمواد كيميائية انتجت في مختبراتها في هيوستن (وسببت ما يعرف بمتلازمة حرب الخليج) !!!
...(1/5)
أما أول فضيحة ظهرت في القرن الواحد والعشرين فهي استعمال سلاح الجو الأمريكي عقاقير قوية تمنع الطيارين - أثناء قصف أفغانستان - من النوم أو فقد التركيز ( وهي قوية لدرجة حاجة الطيار إلى أخذ عقاقير مضادة بغرض النوم في الأيام التالية ) .. أما آخر فضيحة فهي استعمال أمصال جديدة أثناء التحقيق مع نزلاء أبو غريب تفقد السجين قدرته على الكذب أو إخفاء الحقيقة !!
بقي أن أشير إلى أن هذه المعلومات تتضمن نسبة عالية من المصداقية كونها اعتمدت على اعتراف وزير الصحة الأمريكي (أمام الكونجرس عام 1977) بخصوص وجود 239 مدينة ملوثة في أمريكا بسبب التجارب التي قام بها الجيش والمخابرات الأمريكية.. كما اعتمدت أيضاً على التقرير الذي قدمه الجيش الأمريكي نفسه الى الكونجرس عام 1986 واعترف فيه بامتلاكه أسلحة بيولوجية وجرثومية عديدة (شملت: فيروسات حيوانية معدلة ومواد شديدة السمية في ظروف خاصة وعقاقير قادرة على تدمير أو تغيير المورثات البشرية...).
وكما يقولون.. ما خفي كان أعظم
http://www.alriyadh.com/2005/02/01/article35380.html
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/6)
مَا الأَسْمَاءُ الحَقِيقِيةُ لِهَذِهِ الكُتُبِ ؟ (2)
الحلقة ألأولى
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
استكمالا للموضوع الأول ، هذه هي الحلقة الثانية ، أسأل الله أن ينفع بها .
11 - تلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 90 ) : طُبع هذا الكتاب طبعات متعددة بهذا العنوان ، وهو عنوان خطأٌ معنىً وحقيقةً ؛ أما خطأ معناه ، فلأن الحبير وصفٌ لا يليق بالمؤلف ، حتى يقال ( تلخيص الحبير ) ، حيث إنه بمعنى الحسن أو الجديد أو الفُرِح ؛ وهذه أوصاف تصح للكتاب ، فهو التلخيص الحسن والجديد والسعيد ( مجازا ، لحسن تأليفه ! ) . وأما خطؤه في حقيقه ، فلأن السخاوي والبقاعي وهما من تلامذة المصنف سمّياه بـ ( التلخيص الحبير ) ؛ فهذا هو عنوانه .ا.هـ.
12 - توالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس للحافظ ابن حجر ( ت 852 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 82 ) : طُبع هذا الكتاب أكثر من طبعة بهذا العنوان ، وبين صواب تسميته د . موفق بن عبد الله في كتابه ( توثيق النصوص ) ، وهو أنه : ( توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس ) .ا.هـ.
13 - التوحيد وإثبات صفات رب العالمين لابن خزيمة .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 66 ) : طُبع هذا الكتاب بهذا العنوان ، والصواب في اسمه أنه : ( التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل التي وصف بها نفسه في محكم تنزيله الذي أنزله على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى لسان نبيه بنقل الأخبار الثابتة الصحيحة نقل العدول عن العدول من غير قطع في إسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار ) .
14 - الثقات لأبي الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العِجْلي ( ت 261 )
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 71 ) : طُبع هذا الكتاب بهذا العنوان ، بتحقيق د . عبد المعطي القلعجي . بينما طبع بتحقيق د . عبد العليم البستوي ، بعنوان : ( معرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث ومن الضعفاء ، وذكر مذاهبهم وأخبارهم ) .(1/1)
ومن المعلوم أن طبعتي كتاب العجلي ليستا سوى طبعتين لترتيب الكتاب لا لأصله ، حيث قام بترتيب كتاب العجلي إمامان هما : تقي الدين السبكي ( ت 756هـ ) ، ونور الدين الهيثمي ( 807هـ ) .
... وعلى هذا : فأولى ما يُسَمَّى به كتاب العجلي هو هذا الاسم : ( التاريخ ) لوروده في أقدم نسخة خطية للكتاب عُرفت حتى اليوم ، ولكونه اسماً نص عليه جماعة من العلماء ، ولأنه اسم موافق لمضمون الكتاب .ا.هـ.
15 - جامع الترمذي أو سنن الترمذي .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 54 ) : والكتاب الثالث الذي حقق عبد الفتاح أبو غدة اسمَه في كتابه المذكور آنفا – يقصد كتاب : تحقيق اسمي الصحيحين ، واسم جامع الترمذي - هو كتاب الترمذي ، فبين بالأدلة الواضحات أن اسمه هو ( الجامع المختصر من السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة الصحيح والمعلول ، وما عليه العمل ) .
وقد طُبع كتاب الترمذي طبعات متعددة ، ولم تأت إحدى طبعاته بهذا العنوان الصحيح !! بل أشهر طبعاته التي بتحقيق المحدث أحمد بن محمد شاكر ( ت 1377 هـ ) كُتب على غلافها : ( الجامع الصحيح ، وهو سنن الترمذي ) .
وهذه التسمية خطأ محض ، لا هي عنوان الكتاب الصحيح ، ولا هي مطابقة لمضمون الكتاب ومنهجه . بخلاف العنوان الصحيح ذاك ، الذي هو من أوضح الأمثلة على أن العنوان الذي وضعه المؤلف أَقْدَرُ عنوان على وَصْفِ الكتاب وصفاً دقيقاً معبِّراً في كلمات يسيرات .
قلت هذا ، ثم طُبع كتاب الترمذي طبعة جديدة ، بعناون ( الجامع الكبير ) !! فالترمذي الذي يُسمِّي كتابه ( الجامع المختصر ) ، والحقق يسميه ( الكبير ) !!! .ا.هـ.
16 - جامع المسانيد والسُّنَن الهادي إلى أقوم سُنَن للحافظ ابن كثير ( ت 774 هـ ) .(1/2)
ذكر الشيخ الشريف حاتم تحت مبحث " إحكام كتابة عنوان الكتاب " أمثلة في الخطأ في ضبط أحرف العنوان ومن ذلك قول الشيخ ( ص 97 ) : ومن أمثلة الأخطاء في الضبط : كتاب ( جامع المسانيد والسُّنَن الهادي إلى أقوم سُنَن ) للحافظ ابن كثير الدمشقي . طُبع هذا الكتاب وعلى غلافه هذا العنوان ، بضبط كلمة ( سُنَن ) الأخيرة بضم السين ، والصواب فَتْحُها ( الهادي إلى أقوم سَنَن ) ، أي : طريق ، ولا يقال إن ( سنن ) مثلثة ، لأنها وإن كانت كذلك لكن استخدامها بالضم أصبح عرفا على سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد بها هنا النَّهْج والطريق ، وهو بالفتح فيها أشهر .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ
جامع المسانيد : لابن كثير – تحقيق د . عبد المعطي القلعجي .
17 - ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته عن الثقات عند البخاري ومسلم للإمام أبي الحسن الدارقطني ( ت 385 هـ ) .
طُبع هذا الكتاب بهذا العنوان ، والصواب فيه هو العنوان السايق لكن بوضع حرف ( مِنْ ) بدلاً من ( عن ) ، فالصواب : " ممن صحت روايته ( من ) الثقات " ؛ فكذلك جاء اسم الكتاب على غلاف النسختين الخطيتين اللتين اعتمد محققا الكتاب عليهما .
وبتصويب هذا الخطأ يكون العنوان أوضحَ معنى من سابقه ، بل يصحُّ فهمُهُ دون سابقه الذي لا يصح فهمُهُ ولا تصوُّرُ معناه ! .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ
ذكر أسماء التابعين للدارقطني – تحقيق بوران الضناوي وكمال يوسف الحوت . الطبعة الأولى ( 1406 هـ ) . مؤسسة الكتب الثقافية : بيروت .
18 - ذيل تاريخ بغداد لمحب الدين ابن النجار ( ت 643 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 78 ) : طُبعت أجزاء من هذا الكتاب بهذا العنوان في مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند ، بتصحيح د . قيصر فرح . وصُوِّرَتْ هذه الطبعة غير مرة ، وصُفّت صفّاً جديدا أيضا ، بالعنوان السابق .(1/3)
مع أن الاسم الصحيح للكتاب هو : ( التاريخ المجدَّد لمدينة السلام ، وأخبار علمائها الأعلام ، ومن وردها من فضلاء الأنام ) . فهذا هو العنوان الوارد في الورقة الأولى من إحدى نسخة المخطوطة ، في حين أن ابن العديم ( ت 660 هـ ) في كتابه ( بغية الطلب في تاريخ حلب ) كثيرا ما ينقل عن كتاب ابن النجار ، فيختصر اسمه ويسميه ( التاريخ المجدّد لمدينة السلام ، ومثله فَعَلَ الحافظ ابن حجر في ( المعجم المفهرس ) .ا.هـ.
19 - دُرّة الحِجَال في أسماء الرجال لأبي العباس ابن القاضي ( ت 1025 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 90 ) : طُبع هذا الكتاب بهذا العنوان ، مع أن المؤلف يقول في مقدمته : " وسميته : دُرّة الحِجَال في غُرّة أسماء الرجال " .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ
دُرّة الحجال : لابن القاضي – تحقيق محمد الأحمدي أبو النور . دار التراث : القاهرة ، والمكتبة العتيقة : تونس – ( 1/5 ) .
20 - دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني ( ت 430 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 75 ) : طبع هذا الكتاب طبعات متعددة بهذا العنوان ، مع أن المطبوع إنما هو ( منتخب دلائل النبوة ) ومختصرٌ منه ؛ كما صرح بذلك محققا الكتاب ، حيث قالا : " والأمر الذي نستغربه هو أن الكتاب في كلا الطبعتين حمل اسم ( دلائل النبوة ) ، وكان المفروض أن يحمل اسم ( المنتخب من دلائل النبوة .
قلت : والأمر البالغ غاية الاستغراب أن قائلي هذا الكلام أيضا طبعا الكتاب باسم ( دلائل النبوة ) في طبعتين للكتاب بتحقيقهما !! .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ
دلائل النبوة : لأبي نعيم – تحقيق د . محمد رواس قلعجي وعبد البر عباس . الطبعة الثانية ( 1406 هـ ) . دار النفائس : بيروت ( 21 – 26 ) .
للموضوعِ بقيةٌ .....
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@89.8ogRbhAhV8l^1@.ef25aa4
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
مَا الأَسْمَاءُ الحَقِيقِيةُ لِهَذِهِ الكُتُبِ ؟ (1)
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كنتُ أبحثُ في مكتبتي ، وإذ يدي تقعُ على كتابٍ من مؤلفات الشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني – حفظه الله - ، وعنوانه " من أصول التحقيق . العنوان الصحيح للكتاب . تعريفهُ وأهميتهُ . وسائل معرفتهِ وإحكامه . أمثلةٌ للأخطاءِ فيهِ " ، والذي شدني في الكتاب الأسماء الحقيقية لكثير من كتب السنة ، والتي كنتُ أظن أنها أسماءٌ حقيقيةٌ لها كما ظن غيري .
وكتاب الشيخ اشتريته حين طبع [ الطبعة الأولى . غرة جماد الآخرة 1419هـ ] ، ولكني لم أطلع عليه ، بل وضعته في المكتبة ، واحتجت إليه في أمر ما ، فوجدت فيه فوائد جمة في بابها ، من أهمها الأسماء الحقيقة لكتب السنة .
وفي هذا المقال نقف مع هذه الأسماء كما قررها المؤلف ، ونقف مع فوائد أخرى ذكرها الشيخ في الكتاب . نسأل الله أن ينفعنا بها .
وحاجة طالب العلم إليها أشد من غيره ، إلى جانب معرفة الناس لهذه الأسماء من الأهمية بمكان .
أما الطريقة التي سأتبعها في ذكر هذه المؤلفات فستكون على ترتيب حروف المعجم كما فعل الشيخ الشريف حاتم في آخر الكتاب ، فقد وضع فهرسا في ( ص 109 – 112 ) بعنوان " فهرست أسماء الكتب المصوبة على حروف المعجم بأسمائها التي طبعت عليها " ، إضافة إلى ذلك ، أذكر ما علق به الشيخ على كل مؤلف بشيء من التصرف الغير مخل .
وطريقة الشيخ أنه يكتب العنوان الخطأ ، ثم يعلق بما يبين العنوان الصواب .
ولنشرع – بعون الله – مع المؤلفات .
1 - الأجوبةُ المُرْضِيةُ فيما سُئل - السخاوي - عنه من الأحاديث النبوية .(1/1)
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 80) : طُبع هذا الكتاب بهذا العنوان ، واستوفقني فيه ما استوقفني من العنوان السابق ، وهو عدم صحة السجعة ! لأن كلمة ( المُرْضِيَة ) ضبطت في المطبوعة بضم الميم وسكون الراء وكسر الضاد وفتح الياء المخففة . وتخفيف الياء هو الذي دلني إلى أن الصواب يجب أن يكون ( المَرْضِيَّة ) بفتح الميم وسكون الراء وكسر الضاد وفتح الياء المُشددة ؛ وعلى هذا تصح السجعة !!
وليس هذا فقط ، فالاسم الصحيح ، كما في النسخة الأصلية ، هو ( الأجوبة المَرْضِيَّة فيما أُسألُ عنه من الأحاديث النبوية ) : للسخاوي .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ :
الأجوبة المرضية : للسخاوي – تحقيق د. محمد إسحاق محمد إبراهيم . الطبعة الأولى ( 1418هـ ) . دار الراية : الرياض – (1/21/ من مقدمة التحقيق ) .
2 - أخبار المكيين لابن أبي خيثمة .
تحت عنوان " إحكام كتابة عنوان الكتاب " ضرب أمثلةً في موضوع سوء إخراج عنوان الكتاب ، والخطأ في ترتيب مقاطعه وجُمَلِهِ وفي أحجامها صغرا وكبرا وفي إبراز ما حقه أن يكون دون غيره في البروز .
فقال ( ص 100 ) : وكتاب ( التاريخ ) لابن أبي خيثمة ( ت 279هـ ) . طُبع منه جزء يتضمن تراجم المكيين ، باسم ( أخبار المكيين من كتاب التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة ) . وكان الأصوب أم يُسمَّى بـ ( التاريخ ) ، ثم يكتب تحته بخط أصغر وبين قوسين ( جزءٌ يتضمن أخبار المكيين ) .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ :
أخبار المكيين : لابن أبي خيثمة – تحقيق إسماعيل حسن حسين . الطبعة الأولى ( 1418هـ ) . دار الوطن : الرياض .
3 - الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي ( ت 446 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 74) : طبع هذا الكتاب بهذا العنوان ، والصواب هو ( منتخب كتاب الإرشاد ) بانتخاب وانتقاء أبي طاهر السِّلَفي ( ت 576هـ ) .(1/2)
فقد جاء في أحد سماعات الكتاب هذه العبارة : " سمع الجزء كُلَّه على منتخِبِه من كتاب ( الإرشاد ) الشيخ الإمام العالم الحافظ صدر الحفاظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السِّلَفي الأصبهاني "
وخُتم الكتاب بهذه العبارة : " آخر الجزء العاشر من انتخاب الإمام الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السِّلَفي " .
وقد قال الذهبي من قَبْل في ( سير أعلام النبلاء 17/666 ) عن الخليلي : " وَمُصَنِّفُ كِتَابِ ( الإِرْشَادِ فِي مَعْرِفَةِ المُحَدِّثِيْنَ ) ، وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيْرٌ انتَخَبَه الحَافِظُ السِّلَفِيُّ . سَمِعْنَا( المُنْتَخَبَ ) .
وقد حاول محقق الكتاب تأويل هذه العبارات ، لكي لا يكون الكتاب الذي يحققه منتخب الإرشاد ، فلم يُصب في ذلك !! فالعبارات السابقة واضحة بخلاف ما ذهب إليه ، إضافة إلى نقص في الكتاب عن نُقُولِ بعض أهل العلم منه ، مما يدل على أن الموجود من الكتاب لا يُمثِّلُ الكتاب بأكمله .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ :
الإرشاد إلى معرفة علماء الحديث : للخليلي – تحقيق د . محمد سعيد بن عمر إدريس . الطبعة الأولى ( 1409هـ ) . مكتبة الرشد : الرياض – (1/104) .
4 - أسامي مشايخ الإمام البخاري لابن مندة ( ت 395 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 78 ) : طُبع الكتاب بهذا العنوان ، مع أن الذي جاء على غلاف أصله المخطوط هو : ( تسمية المشايخ الذين روى عنهم الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في كتابه الجامع الصحيح الذي صنّفه ) .
ومن فوائد هذا العنوان الصحيح أنه لا يوهم بأن المؤلف ( وهو ابن منده ) أراد ذكر جميع شيوخ البخاري الذين روى عنهم في كتبه كلِّها ، كما يوهمه ذلك العنوان الخطأ ، بل إنما أراد جَمْعَ شيوخه في الصحيح فقط .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ :
أسامي مشايخ البخاري : لابن مندة – تحقيق نظر محمد الفريابي . الطبعة الأولى ( 1412هـ ) . مكتبة الكوثر : الرياض – ( 19 ) .(1/3)
5 - إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث لابن قتيبة ( ت 276 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 82 ) : طُبع الكتاب بهذا العنوان ، والصواب في اسمه : ( إصلاح الغلط في غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله ) . فكذلك سُمي الكتاب على غلاف نسخة الكتاب الأصلية ، وكذلك سماه ابن خير في ( فِهْرِسْتِهِ ) لكن بزيادة كلمة ، حيث سماه ( إصلاح الغلط الواقع في غريب الحديث لأبي عبيد ) .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ :
إصلاح غلط أبي عبيد : لابن قتيبة – تحقيق عبد الله الجبوري . الطبعة الأولى ( 1403هـ ) . دار الغرب : بيروت – ( 29 ) .
6 - الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به لأبي بكر الباقلاني ( ت 403 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 90 ) : طُبع الكتاب بهذا العنوان ، فبين فضيلة الشيخ د . عبد الرحمن بن صالح المحمود في كتابه الجليل ( موقف ابن تيمية من الأشاعرة ) أن الصواب في اسم الكتاب هو ( رسالة الحُرّة ) ، وذكر أدلة ذلك .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ :
الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز جهله : للباقلاني . تحقيق عماد الدين أحمد حيدر . الطبعة الأولى ( 1407هـ ) . عالم الكتب : بيروت .
7 - البحر الزخار المعروف بمسند البزار للإمام أبي بكر البزار ( ت 292 هـ ) .
قال الشيخ الشريف خاتم ( ص 65 ) : طُبع الكتاب الجليل بهذا العنوان ، بتحقيق محفوظ الرحمن زين الله ( ت 1418هـ ) . مع أن جميع النسخ التي اعتمد عليها المحقق لم يأت فيها بهذا العنوان ، وإنما سُمِّي الكتاب فيها بـ ( مسند البزار ) . ولعل أصل العنوان هو ( المسند ) فحذفت الألف واللام وأُضيف اللفظ إلى مصنف الكتب ، كما حصل مع أمثاله من كتب المسانيد .
وقد تكلم عن ذلك ، ورَّد ذلك العنوان ، الأخ الفاضل فيصل بن عابد اللحياني في رسالته للماجستير بجامعة أم القرى ( مسند البزار – تحقيق ودراسة لجزء من مسند أبي عباس ) .ا.هـ.
8 - بغية الراغب المتمني في ختم النسائي للسخاوي .(1/4)
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 79 ) : طُبع هذا الكتاب بهذا الاسم ، والصواب في اسمه دلّني عليه عدم تمام السَّجْعة في العنوان ، تلك السجعة التي اعتدناها من السخاوي ومعاصريه في أسماء مصنفاتهم ! فرجعت إلى نماذج المخطوطة في أول تحقيق الكتاب ، فوجدت عنوانها كالسابق ، لكن بإضافة ( رواية ابن السُّنِّي ) في آخر العنوان !!
ومن فوائد هذه الإضافة : بيانُ موضوع الكتاب ، وأنه خَتْمٌ متضمِّنٌ الكلام عن ( المجتبى ) للنسائي ، الذي برواية ابن السُّنِّي عن النسائي . وبهذا نعلم أنه ليس ختما للسنن الكبرى للنسائي ، الذي ألف فيه السخاوي كتابه الآخر ، المسمى ( القول المعتبر بختم النسائي رواية ابن الأحمر ) .ا.هـ.
طبعةُ الكتابِ :
بغية الراغب المتمني للسخاوي – تحقيق د ز عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف . الطبعة الأولى ( 1414هـ ) . مكتبة العبيكان : الرياض – (19) .
9 - البيان والتبيين للجاحظ ( ت 250 هـ ) .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 83) : طُبع هذا الكتاب الأصيل من كتب الأدب بهذا العناون ، بتحقيق شيخ المحققين عبد السلام محمد هارون ، وطبع أربع طبعات بتحقيقه ، كلها بالعنوان السابق . ثم أُجري مع شيخ المحققين حوارٌ سنة ( 1401هـ ) بمجلة الفيصل السعودية في العدد (54) منها ، ونُشر هذا الحوار ضمن كتاب ( قطوف أدبية ) . وقد صَوّب في هذا الحوار اسم كتاب الجاحظ ، وذكر أن صوابه هو ( البيان والتبيُّن ) بياء واحدة مشددة مضمومة ، ودلل بأدلة تعجب معها كيف خالفها هذا المحقق القدير ( عليه رحمة الله ) !! ويكفيه أنه لما أخطأ صَوّبَ خطأه بنفسه ، حتى قال في آخر كلامه : " وسأعيد هذه التسمية الصحيحة إلى نصابها في الطبعة الخامسة إن شاء الله " .ا.هـ.
10 - التاريخ الصغير للبخاري .
قال الشيخ الشريف حاتم ( ص 58 ) : طُبعَ هذا الكتاب بهذا العنوان غير طبعة ، والصواب أنه ( التاريخ الأوسط ) للبخاري .(1/5)
ذكر ذلك ودلل عليه أبو عبد الله محمود بن محمد الحداد في ( فهرس مصنفات البخاري ) .ا.هـ.
وقد استبعد الشيخ أن يُسمِّي البخاري كتبه الثلاثة بـ ( التاريخ الكبير ) و ( التاريخ الأوسط ) و ( التاريخ الصغير ) ، ودلل بكلام طويل يُرجع إليه .
للموضوعِ بقيةٌ .......
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@29.XwMAbeOrVfz^0@.ef25320
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
ماذا تعرفُ عن المدينةِ المنكوبةِ " بام BAM " الإيرانية ؟ حقائق مهمة
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
فقد كثر الكلامُ عن هويةِ المدينةِ المنكوبةِ " بام " الإيرانيةِ ، فالبعضُ يقولُ : إنها مدينةٌ سنيةٌ .
والبعضُ الآخر يقولُ : نسبةٌ كبيرةٌ منهم سنةٌ .
وآخرون يقولون : مدينةٌ شيعيةٌ صرفةٌ لا يوجدُ فيها سنةٌ البتة .
وبياناً لحقيقةِ الأمرِ ؛ هذا سؤالٌ وجهتُهُ لمديرِ موقعِ " مفكرة الإسلامِ " أخي الحبيب صويان الهاجري سألتُهُ فيها عن حقيقةِ أهلِ السنةِ في تلك المنطقةِ المنكوبةِ في ظلِ التخبطِ فيها .
فأرسل لي جواباً نصهُ :
أخي الفاضل عبد الله زقيل
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته
الحقيقة أنه وردت إلي تساؤلاتٌ كثيرةٌ عن المدينةِ الإيرانيةِ المنكوبةِ " بام " ، وحقيقتها ولم يكن لدي رغبةٌ في الحديثِ عن واقعها قبل الزلزالِ ولكني رأيتُ بعد ذلك كثيراً من التخبطاتِ في بعضِ القنواتِ العربيةِ حتى الإسلاميةِ منها وللأسف حتى بعض الدعاةِ المعروفين فقررتُ أن أضعَ تعريفاً عنها وعن واقعها ، ثم ترددتُ كثيراً غير أني قررتُ أن أجيبَ عليك .
فمدينة " بام " قديمةٌ جداً ، وكانت ذاتَ أغلبية سنية حيث كانت تصلُ نسبتهم فيها قبل قرابة ثمانين سنة يصل إلى أكثر من 70 % غير أن هذه النسبةَ بدأت تتغيرُ بعد ذلك بعدما ثم رأت القياداتُ الشيعيةُ في إيران أنه لا بد من زرعِ مدينةٍ شيعيةٍ وسط الجنوب السني حتى يمكن التحكم فيها من خلال سياسةِ العزلِ والتفريقِ ، وهي نفسُ السياسةِ الشيوعيةِ التي تقومُ بها السلطاتُ السوفيتيةُ سابقاً مع الجمهورياتِ الإسلاميةِ ، ولهذا قامت بستةٍ أمورٍ :
الأول : حثُ الشيعةِ على الانتقالِ والتوطنِ فيها حيث قَدِمَت إليها أعدادٌ كبيرةٌ تم تسكينهم في قلبِ المدينةِ ، وطرد العديدُ من أهلِ السنةِ من ذلك المكان لأن من تمكن من القلبِ مَلك الجوارح .(1/1)
الثاني : التضييقُ على أهلِ السنةِ باحتلالِ مساجدهم القديمةِ ، وتحويلها إلى حسينيات ، ومنع إحداث مساجد لأهلِ السنةِ بعكس ما نشاهدهُ الآن في بلادِ السنةِ من حيث السماح لهم بالبناءِ ، فحسينياتُ الكويتِ والبحرين والقطيفِ والأحساءِ عددها كبير ولا ندري أين مزاعمُ قياداتِ الشيعةِ في العالمِ من كونهم مذهبُ العدلِ والتقاربِ والتسامحِ ، ويكفي شاهداً على ذلك أنه لا يوجدُ في طهران عاصمةِ الشيعةِ الكبرى أي مسجدٍ سني .
ثالثاً : اضطهادُ أهلِ السنةِ على يدِ أهلِ هذهِ المدينةِ وباقي منطقة كرمان حيث تم الاستيلاءُ على منازلهم ومزارعهم وأراضيهم في حملةٍ تشبهُ الحملةَ الشيوعيةَ القديمةَ حتى هرب أهلُ السنةِ بأنفسهم .
رابعاً : قتلُ واغتيالُ القياداتِ السنيةِ في تلك المنطقةِ والمناطقِ المجاورةِ لها في محاولةٍ للضغطِ على العلماءِ حتى يهاجروا منها ، وبالتالي يبقى العوامُ بلا عالم يرجعون إليه فيسهلُ التأثيرُ عليهم وتشيعهم ، وهي نفسُ الطريقةِ التي يُعملُ بها الآن في العراقِ وبالذات الجنوب السني ... قتلُ العلماءِ والتبليغُ عليهم وزجهم في السجونِ هي الجريمةُ الرائدةُ بين أهلِ التشيعِ هناك .(1/2)
خامساً : بما أن دينهم يقومُ على قاعدةٍ يهوديةٍ قديمةٍ وهي " أن الغايةَ تبررُ الوسيلة " فقد قاموا بتفعيلها في تشييعِ سنةِ أهلِ تلك المدينةِ حيث كان يسكنها قبل ثمانين سنة عددٌ كبيرٌ من البلوش ، والبلوشُ يختلفون في مذهبهم فأكثريتهم ما بين حنفي وشافعي وقلةٌ منهم مالكية ، وليس معنى القلة أن يكونوا فعلاً قلة ، ولكنهم قلةٌ بالنسبةِ لغيرهم من بقية البلوش ، وإن كان عددهم كبيراً ، وقد استغل الرافضةُ بطريقةٍ ماكرةٍ حيث اعتقلوا علماءهم حتى لم يبق في المدينةِ عالمٌ يذكرُ إلا وسجن أو هرب فبقي عوامُ المسلمين السنة هناك لا يعرفون من الإسلام إلا قليلاً بحكم التضييقِ الشديدِ عليهم ثم أتوا الشيعةُ بدعاةٍ جددٍ منهم لهذه المنطقةِ ممن لم يحصل بينهم وبين سكانه أي مشاكل حتى لا يكون هناك أي عائقٍ في دعوتهم وأدخلوا على هؤلاء البلوش فكرةً أن طريقتنا غير طريقةِ دعاةِ الشيعةِ في المنطقةِ ، ونحن خيرٌ منهم ، وأنه لا فرق بيننا وبينكم في الملةِ إلا أشياء بسيطة ، وبما أن الصلاة هي أهمُ عباداتِ أهلِ السنةِ الظاهريةِ فقد كان التركيز عليها حيث دخلوا عليهم من قضيةِ إسدالِ اليدِ في الصلاةِ كما هو مذهبُ مالكٍ رحمهُ اللهُ وقالوا لهم : انظروا فكل أهلِ السنةِ يخالفونكم وينكرون عليكم ما عدانا فنحن الذين نوافقكم ، ومازال تأليفُ قلوبهم على التشيعِ قائماً حتى بدأ التشيعُ يظهرُ بين البلوش حتى تشيع عددٌ كبيرٌ منهم من أهلِ تلك المنطقة ، وإن كان عددهم بالنسبة لقبيلة البلوش يعتبر قليلاً .(1/3)
سادساً : اتخذوا طريقةَ صليبي الأندلس لما فرغوا الأندلس من مسلميها في بضعِ سنين من خلال عمليات القبضِ والاعتقالِ الذي يستمر لعدةِ سنواتٍ بل إن بعضَ الدعاةِ مكث في سجنهم أكثرَ من خمسة عشر عاماً ، ثم قتل بعد ذلك مما جعل الناس يظهرون التشيع كما حصل لمسلمي الأندلس ، وكل ذلك رغبةً في الأمانِ ولعل هناك فرجٌ قريبٌ غير أنهُ لم يحصل فرجٌ ، وخرجت أجيالٌ تأثرت بهذا نتيجةَ سكوتِ الأبِ خوفاً على أسرته ونفسه .
وهكذا أصبحت المدينةُ الآن ذات أغلبيةٍ شيعيةٍ حيث تتراوح نسبة الشيعة فيها الآن بين 85 – 90 % وأهلُ السنّة يتراوح تعدادهم بين 10 – 15 % وليس بصحيحٍ كونُ أهل السنة أغلبيةٌ مطلقةٌ كما ذكر هذا بعضُ المراكزِ الإعلاميةِ الإسلاميةِ ، وعدد ليس بالقليل من الدعاة .
وصارت هذه المدينة هي نقطة انطلاقِ عملِ الثورةِ الإيرانيةِ ؛ فيكفي أن القيادات العسكرية والمدينة في الجنوب في غالبها من هذه المدينة نظراً لشدة وقسوة أهلها حيث طبيعة أرضها والتي هي خليط بين جبال وصحارٍ غير أنها تتفق في قلة المطر وندرته .
وما قتل عالم في الجنوب السني إلا وكان ( في الغالب ) لعسكر هذه المدينة نصيب فيه فإما هو الآمر أو هو المنفذ ، ولهذا هرب أهلُ السنةِ من هذه المدينة نجاة بدينهم وأرواحهم .ا.هـ. كلامهُ – جزاهُ اللهُ خيراً - .
وإلى اللهِ المشتكى .....
ولكم أن تقارنوا بين حال الشيعةِ في دولِ الخليجِ ، وبين حالِ أهلِ السنة هناك .
يا أهلَ السنةِ في إيران لا بواكي لكم ، يُشيعُ أهلُ السنةِ هناك بالحديدِ والنارِ .
فأين أهلُ السنةِ من مثلِ هذا التاريخِ ؟؟
وهذه الطرقُ يعملُ بها في أرضِ الرافدين .
وصورةٌ مشرقةٌ من هناك ؛ منطقةٌ في شمال غرب " بام "غالبها سنة فيها مدرسةٌ سنيةٌ يدرسُ فيها 1000 طالب ، هبوا وسارعوا لإنقاذ الناس في " بام " .(1/4)
لله دركم يا أهلَ السنةِ ؛ ما أطيب قلوبكم ، وكيف أنكم تعملون بما تمليه عليكم عقيدتكم وأخلاقكم على الرغم مما فُعل بكم ؟؟؟
---
نظرات إلى زلزال بام
د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
منظر الدمار في زلزال بام الإيرانية هو منظر الكوارث التي تأتي بدون توقُّع ولا نذر مسبقة، ورأينا -ورأى الناس- الدمار على معالم شُيِّدت منذ آلاف السنين، فإذا هي نثار من الأحجار، ورأينا الموت في آلاف اللفائف البشرية التي ردمت في قبور جماعية، ورأينا الفاجعة في عيون دامعة ونظرات زائغة على وجوه الناجين، ينظرون إلى بيوتهم التي كانت مسكنهم ومأواهم، فإذا هي قبور أقاربهم!.
مشهد مريع ودمار مفجع ومآسٍ وأسى ترويها الوجوه الحزينة الشاحبة، كل ذلك نتيجة هزَّة أرضية استمرت عشر ثوان، لتعقب هذا الدمار كله.
إن المؤمن ينظر من وراء كل حركة في الكون إلى قدر الله الذي قدره، وتدبيره في خلقه، ولا يقف بصر بصيرته أمام الحوادث والكوارث دون أن يقول: قدَّر الله وما شاء فعل، هذا خلق الله وهذا قدره، وبهذه النظرة الإيمانية كان –صلى الله عليه وسلم- يعيش مع الكون موصولاً بخالقه، وينظر إلى الخالق في خلقه وإلى القدير في قدره، فإذا نزل الغيث حسر ثوبهُ ليتلقى آثار رحمة الله، وإذا كسفت الشمس خرج فزعاً يخشى أن يكون هذا التغير الفلكي نذير عذاب على أمته. وهكذا ينظر المؤمن إلى هذه الحوادث والكوارث، على أنها شواهد القوة والعظمة الإلهية، وشهادة الضعف والعجز البشري، ومحدودية القوة لدى الإنسان الذي عجز عن مجرد توقع هذه الكوارث فضلاً عن دفعها.(1/5)
ينظر المؤمن إلى مشاهد الزلزال بدمارها ومآسيها نتيجة هزة أرضية لم تستمر أكثر من عشر ثوان، فيتذكر عظيم النعمة التي تمتَّع بها طويلاً، والتي لا نعرف قدرها إلا بمشاهد فقدها. كم قرأنا الآيات وسمعناها (أمن جعل الأرض قراراً)، (والأرض فرشناها فنعم الماهدون)، (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) ولا ندرك من عميق معناها وعظيم منة الله بها ما ندركه ونحن ننظر آثار أن تميد الأرض ثواني معدودة، (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه). ولئن كان هذا آثار حركة يسيرة في زاوية من الأرض، فيكف لو أن الراجفة رجفت بالأرض من أقطارها وهزتها من كل أنحاءها فأي قرار بعد لأهلها، وأي عمار سيكون على ظهرها، بل كيف لو اضطربت الحركة في نظام الفلك بمجراته وشموسه وكواكبه؟ بل (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) كيف لو اضطربت وظائف أجسادنا عن نظامها الذي حفظها الله به؟ فكم في أجسادنا من ساكن لو تحرك أو متحرك لو سكن لاضطرب نظام هذا الجسم وانهار بناؤه، إنها نعم الله التي نتمتع بها طويلاً ولا نعرف قدرها إلا عند فقدها (وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها).
نرى مشاهد الزلزال، فنرى مشهداً من مشاهد القيامة فهذه الزلازل أمام أعيننا قيامة صغرى تذكرنا بالزلازال الكوني الأعظم، إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان ما لها، إذا رجت الأرض رجاً، وبست الجبال بساً، فكانت هباء منبثا، إذا حملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة، فهي يومئذ واهية.(1/6)
نرى هذه المشاهد تقع هنا وهناك من حولنا، ويصرفها الله عنا، وليس ذاك لأنا أبناء الله وأحباؤه، ولكنه مزيد إنعام من الله وفضل، يستوجب ذكرُه مزيد شكر للمنعم جل وعز، واعتراف بتقصيرنا في جناب الله الذي هذا فضله وهذه نعمته، ونحن في قبضته وتحت تصرفه لنقول: نبوء بنعمتك علينا ونبوء بذنوبنا فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واكشف عنا وعن المسلمين البأساء والضراء، وأهدنا وإياهم إليك سواء السبيل.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/7)
مَاذَا تَعْرِفُ عَنْ هَدْمِ الكَعْبَةِ ؟؟؟
الأَحَادِيثُ الواردةُ في هَدْمِ الكَعْبَةِ :
جاءت الأحاديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيان حال الكعبة في آخر الزمان وإليك نص الأحاديث :
1 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ أَبَا قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُبَايَعُ لِرَجُلٍ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ ، وَلَنْ يَسْتَحِلَّ الْبَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ هَلَكَةِ الْعَرَبِ ، ثُمَّ تَأْتِي الْحَبَشَةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَدًا ، وَهُمْ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ .
رواه الإمام أحمد في مسنده (2/291 ، 312 ، 328 ، 351) ، والحاكم في المستدرك (4/452) .
قال الهيثمي في المجمع (3/298) : رواه أحمد ورجاله ثقات .
وقال أحمد شاكر في تعليقه على المسند (15/35 ح 7897) : إسناده صحيح .
وقال الشيخ الألباني في الصحيحة (2/120 ح 579) : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الصحيحين غير سعيد بن سِمعان وهو ثقة .
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (13/190 ح 7910) : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن سِمعان ...ا.هـ.
2 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ . رواه البخاري (1591 ، 1596) ، ومسلم (2909) .
ذُوالسُّوَيْقَتَيْنِ : تَثْنِيَة سُوَيْقَة وَهِيَ تَصْغِير سَاقَ أَيْ لَهُ سَاقَانِ دَقِيقَانِ .(1/1)
قال ابن الأثير في غريب الحديث (2/423) : السويقة : تصغير الساق ، وهي مؤنثة ، فلذلك ظهرت التاء في تصغيرها ، وإنما صغر الساق لأن الغالب على سوق الحبشة الدقة والحموشة .ا.هـ.
3 - عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَنْقُضُهَا حَجَرًا حَجَرًا . يَعْنِي الْكَعْبَةَ . رواه البخاري (1595) .
أفحج : قال ابن الأثير في النهاية (3/415) : الفحج تباعد ما بين الفخذين .
4 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُوالسُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ ، وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا ، وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ ، أُفَيْدِعَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِهِ .
أصليع : قال ابن الأثير في غريب الحديث (3/47) : تصغير أصلع ، وهو الذي انحسر الشعر عن رأسه .
أُفيدع : قال ابن الأثير في غريب الحديث (3/420) : تصغير أفدع ، والفدع بالتحريك زيغ بين القدم وبين عظم الساق ، وكذلك يكون في اليد ، وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها .
إيرادٌ :
هل هناك نعارض بين قوله تعالى : " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا " [ العنكبوت : 67] ، وبين الأحاديث الآنفة الذكر ؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/461) :
قِيلَ : هَذَا الْحَدِيث يُخَالِف قَوْله تَعَالَى : " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا " [ العنكبوت : 67] ، وَلِأَنَّ اللَّه حَبَسَ عَنْ مَكَّة الْفِيل وَلَمْ يُمَكِّن أَصْحَابه مِنْ تَخْرِيب الْكَعْبَة وَلَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ قِبْلَة , فَكَيْفَ يُسَلِّط عَلَيْهَا الْحَبَشَة بَعْدَ أَنْ صَارَتْ قِبْلَة لِلْمُسْلِمِينَ ؟(1/2)
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ يَقَع فِي آخِر الزَّمَان قُرْب قِيَام السَّاعَة حَيْثُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْض أَحَد يَقُول اللَّهُ اللَّهُ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم " لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الْأَرْض اللَّهُ اللَّهُ " وَلِهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة سَعِيد بْن سَمْعَان " لَا يَعْمُر بَعْده أَبَدًا " وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ الْقِتَال وَغَزْو أَهْل الشَّامّ لَهُ فِي زَمَن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة ثُمَّ مِنْ بَعْده فِي وَقَائِع كَثِيرَة مِنْ أَعْظَمهَا وَقْعَة الْقَرَامِطَة بَعْدَ الثَّلَاثمِائَةِ فَقَتَلُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَطَاف مَنْ لَا يُحْصَى كَثْرَة وَقَلَعُوا الْحَجَر الْأَسْوَد فَحَوَّلُوهُ إِلَى بِلَادهمْ ثُمَّ أَعَادُوهُ بَعْدَ مُدَّة طَوِيلَة , ثُمَّ غُزِيَ مِرَارًا بَعْدَ ذَلِكَ , كُلّ ذَلِكَ لَا يُعَارِض قَوْله تَعَالَى : " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا " [ العنكبوت : 67] لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَقَعَ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُطَابِق لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَنْ يَسْتَحِلّ هَذَا الْبَيْت إِلَّا أَهْله " , فَوَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مِنْ عَلَامَات نُبُوَّته , وَلَيْسَ فِي الْآيَة مَا يَدُلّ عَلَى اِسْتِمْرَار الْأَمْن الْمَذْكُور فِيهَا . وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ.
اختلافُ العلماءِ في تحديدِ زمن تخريب الكعبة :
لقد نقل المباركفوري محقق كتاب " السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها لأبي عمر الداني " (4/899) الخلاف بين العلماء فقال :
ووقع اختلاف بين العلماء في تحديد الزمن الذي يقع فيه تخريب الكعبة على عدة أقوال :(1/3)
منها : أنه يقع في زمن عيسى عليه السلام ، وهو مروي عن كعب الأحبار ، واختاره الحليمي ، وذكره ابن كثير عن كعب ، ثم عقب عليه بقوله : " قلت : وتقدم في الحديث الصحيح : أن عيسى عليه السلام يحج بعد نزوله إلى الأرض .
وقيل : إنه يقع في زمنه ، وبعد هلاك يأجوج ومأجوج ، للحديث المذكور ، ولما ثبت : " لحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج " . ويمن أن يقال في الإجابة عنه : إن المراد بذلك ليحجن مكان البيت .
وقيل أيضا : إنه يقع قبل خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام ذكره القرطبي عن أبي حامد الغزالي .
وقيل : إنه يقع بعد خروج الدابة .
وقيل : إنه يقع بعد الآيات كلها قرب قيام الساعة حين ينقطع الحج ، ولا يبقى في الأرض من يقول : الله ، الله ، ذكر هذا والذي قبله البرزنجي والسفاريني ، وذكرا في تأييد الأخير أن زمن عيسى عليه السلام كله زمن سلم و بركة وأمان وخير ، وأن البيت قبلة الإسلام ، والحج إليه أحد أركان الدين ، فالحكمة تقتضي بقاءه ببقاء الدين ، فإذا جاءت الريح الباردة الطيبة ، وقبضت المؤمنين فبعد ذلك يهدم البين .
ونقل السفاريني عن الشيخ مرعي الكرمي كلاما طويلا في ذلك ، خلاصته أن هدم الكعبة بعد الآيات كلها ، ثم قال : وإن كان هذا لا يخلو من تأمل .
وذهب القرطبي وابن كثير إلى أن ذلك يقع بعد موت عيسى عليه السلام .
ويبدو لي أن الأنسب هو عدم التعرض لتحديد الوقت الذي يقع فيه هدم الكعبة لكون أحاديث الباب مطلقة ، إلا أنه من كبرى العلامات التي تعقبها الساعة ، لأنه جاء في حديث أبي هريرة : فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا . والله أعلم .ا.هـ.
وسيكون لنا سلسلة - بحول الله وقوته - عن أشراط الساعة الصغرى والكبرى . نسأل الله الإعانة .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@197.bB62cUnYlwM^1@.ef2bd8c
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/4)
ماذا فُعل بِأهلِ السنةِ في العراق ؟ .... تفضل وانظر [ملفاتٌ مرئيةٌ ]
http://www.h-alali.net/iraq/
تعذيب أحد أهل السنة - 1
http://www.h-alali.net/iraq/videos/man-1.wmv
تعذيب أحد أهل السنة - 2
http://www.h-alali.net/iraq/videos/man-2.wmv
تعذيب وقتل والتمثيل في خمسة من أهل السنة
http://www.h-alali.net/iraq/videos/5man.wmv
اقتحام مسجد لأهل السنة
http://www.h-alali.net/iraq/videos/mosq&man.wmv
تشييع جنازة الخمسة من أهل السنة
http://www.h-alali.net/iraq/videos/jnazah.wmv
المصدر : http://www.h-alali.net/iraq/
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
مَحَبَّةُ الأَخْيَارِ والاتِّصَالِ بِهِم
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله - في مجموع الفوائد واقتناص الأوَابد (ص106) :
كتبت إلى بعض الفضلاء مكتوبا قلت فيه :
أخبرك يا أخي بما في قلبي لك من الود المبني على ما وصل إلي من أخلاقكم الجميلة وسيرتكم الحميدة والرغبة الأكيدة بالاتصال بأمثالكم من الأخيار فإن الاتصال بالأخيار فيه فوائد عديدة أكبرها وأفضلها :
* أن هذه طاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ومما يحبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
* ومنها : أن هذا تابع لمحبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فتمام محبة الله وسوله - صلى الله عليه وسلم - محبة من يحبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم .
* ومنها : ما في ذلك من النصوص الحاثة على هذه المحبة ، منها حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، فذكر رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه .
* ومنها : أنه ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أدعية في هذا الشأن ، منها قوله : اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك . وكل مطلوب مسؤول كما عليك أن تسأله من الله ، فعليك أن تسعى بجميع الأسباب الجالبة له المحصلة له ، فالمؤمن يدعو الله بحصول المطالب الدينية والدنيوية ، وفي دفع المكاره ، ومن لازم ذلك السعي في تحصيل المطلوب وفي دفع المكروه ، فيجمع بين الدعاء والسعي في نيل المطلوب ، فالدعاء وحده من دون سعي قليل الجدوى .
* ومنها : أنه من أعظم المكاسب وأجل المغانم كسب صداقة الأخيار واغتنام أدعيتهم في الحياة وبعد الممات .
* ومنها : أنه بسبب ذلك يحصل من الأدعية والتوجيهات القلبية ما ينتفع به كُلٌ منهما من الآخر في الحياة وبعد الممات .(1/1)
* ومنها : أن هذا من البشرى في الحياة الدنيا ، فمتى وفق العبد لمحبة الصالحين وصحبتهم والاتصال بهم ، رجي أن يدخل تحت قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا " ( مريم :96 ) ، أي : منه ومن دعاء الصالحين .
* ومنها : أن الله تعالى يجمع لأهل دار السعادة جميع المسرات التي من جملتها الاجتماع في الجنة والمنازل العالية بمن يحبهم ويتصل بهم ، كما قال تعالى : " جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ " (الرعد :23) ، فالأزواج هم النظراء في العمل والمحبة ، وإن دخلت فيه الزوجات بوجه آخر ، فبعض هذه الفوائد تكفي في الترغيب في محبة الأخيار والاتصال بهم .ا.هـ.
رحمك الله يا شيخ عبدالرحمن ، وجزاك الله خيرا على هذه الكلمات التي لو وضعناها في الاعتبار لكسبنا من الدعوات الكثير .
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^4@.ef10dce
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
مستقلةُ الهاشمي وهاشميُّ " المستقلةِ "
. الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
يبدأُ هاشميَّ المستقلةِ الليلةَ ببرنامجٍ عن تراثِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ - زعم - في قناتهِ التي جعلها سهماً وغرضاً للنيلِ من رموزِ أهلِ السنةِ ، فبدأ في قناتهِ المتواضعةِ بالحوارِ الرافضي السني ، وثنى بدعوةِ الشيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ ، وثلث بالمنهجِ السلفي ، والآن يطالعنا بـ " تراثِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ " !!!
ولست هنا لعملِ دعايةٍ لبرنامجهِ بقدرِ ما يُعملُ العاقلُ فكرهُ مما يقومُ به هاشمي المستقلةِ !!!
هنا سؤالٌ يفرضُ نفسهُ بعد سلسلةٍ من المواقفِ الغريبةِ من هاشمي المستقلةِ ظهرت للعيانِ ، وسمع بها القاصي والداني .
هل مواضيعُ مستقلةِ الهاشمي من فكرهِ هو أو مفروضة عليه ؟؟؟!!!
تستضيفُ الليلةَ مستقلةُ الهاشمي رأساً من رؤوسِ الجهميةِ والبدعةِ والكذبِ حسن السقاف ، أو السخاف كما يسميهِ البعضُ ، من الطرف الذي سيكيلُ الكذبَ والزورَ عن شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ ، وكلنا يعلم أن موضوعاً كتراثِ شيخَ الإسلامِ اينِ تيميةَ وجبةٌ دسمةٌ للنيلِ والطعنِ منه وخاصةً من أمثالِ حسن السقاف وغيرهِ من طوائفِ المبتدعةِ .
وقد بدأت بعضُ مواقعِ الرافضةِ للتخطيطِ لعملِ جسرٍ لوجستكي - كما يُعبرُ عنهُ في هذا العصر - لمساندةِ الجهمي المبتدعِ حسن السقاف .
وإليكم هنا ماقاله الرافضي الفاطمي في موقعِ هجر الرافضي مع المعذرة في عدم وضع الرابط :
كاتب الرسالة الأصلية : الفاطمي
شيخنا العاملي العزيز
لولا علمي بمكانتك عند المعنيين لما طلبت ما طلبت من جنابكم ولولا خشيتي من تدخل اخوتنا في لندن لما طلبت منك ذلكوشخصيا ان اتصلت او لم اتصل فلا يجدي ذلك واظنك تعلم لماذا ؟
فمالعمل !!
ومن يتصل ؟
أخي الفاضل الشهيد الحي(1/1)
افضل شيء نفعله هو مساندة السيد السقاف ودعمه من جميع النواحي فالرجل يحتاج الى فريق معه او على الاقل شخص اوأثنان لديهم المام بخرابيط ابن تيمية مع تجهيز كامل من توفير شقة مناسبة مجهزة بخطوط انترنت وفاكس وكل ما من شانه تسهيل مهمته وللاسف لم ننتبه الى ذلك منذ البداية ولكن ما زال هناك متسع من الوقت لذلك .
فقط نحتاج الى تنسيق بيننا وبينه وعادة يبدأ بين الكبار مثل شيخنا العاملي .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهذا أمرٌ ليس بالمستغربِ من طوائفِ المبتدعةِ ؛ فهم دائماً وأبداً ، قديماً وحديثاً ، يتعاونون فيما بينهم للنيلِ من أهلِ السنةِ ومن رموزِ أهلِ السنةِ ، ولكن الله غالب على أمرهِ .
ويعلمُ اللهُ أنني لم أكتب هذا المقالَ إلا بعد أن بلغَ السيلُ الزبى من هاشمي المستقلةِ ، وسأطرحُ على هاشمي المستقلةِ سؤالاً أرجو أن يصلهُ عن طريقِ مقالي هذا .
لماذا لا تجعل مستقلةُ الهاشمي حلقاتٍ عن رموزٍ غير رموزِ أهلِ السنةِ ؟ ولنقل على سبيل المثال :
* الخميني
* مؤلفُ كتابِ " فصل الخطابِ في تحريفِ كتابِ ربِ الأرباب " .
* مؤلف كتاب " الكافي "
* وهذا الكتابُ " الكافي " فيه من الطوامِ والخرافاتِ والخزعبلاتِ ما ينسفُ مذهب الرفضِ من أصولهِ لو عرضت مستقلةُ الهاشمي فصولاً منه ، وطُرح للمناقشةِ لرجع كثيرٌ من عوامِ الرافضةِ عن مذهبهم .
وأترككم مع الشيخِ عثمانَ الخميس في رحلةٍ سياحيةٍ مع كتابِ " الكافي " ، وهي محاضراتٌ ألقاها الشيخُ في غرفةِ السردابِ في البال توك ، وسماها :
سياحة في أكبر وأوثق كتاب لدى الشيعة
http://media.islamway.com/lessons/othmaan///KItAB1.rm
http://media.islamway.com/lessons/othmaan///KItAB2.rm
* الفتاوى الجنسية عند السيستاني والصدر
* الانقسامات داخل البيت الشيعي .
وقد بدأ هاشمي المستقلةِ مع الخالصي في حلقات مضت عن هذا الموضوع ، ولم تستمر أكثر من أربعة أيام ، فقطعها فجأةً !!!(1/2)
وغير ذلك من المواضيعِ الكثيرةِ
فإن كنتَ يا هاشمي المستقلةِ مسيراً في مواضيعك فأخبرنا ، وإن كنت مخيراً فأين العدلُ والإنصافُ في طرحك ؟؟؟
وسؤالٌ آخر : أيهما أولى بالنقاشِ يا هاشمي المستقلةِ دينٌ قام على الكتابِ والسنةِ أم عقيدةٌ محدثةٌ لم تظهر إلا بعد العصورِ المفضلةِ ؟؟؟
أرجو ممن له اتصالٌ بـ " مستقلةِ الهاشمي " أو " هاشمي المستقلةِ " أن يطرحَ عليه هذا السؤال ، ويجيبُ هاشمي المستقلة باستقلاليةٍ كما سمى قناتهُ ؛ نسألُ اللهَ لنا وله الهدايةَ .
18 - 12 - 1424 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
مسيرة تحرير المرأة من خلال بعض دعاتها البارزين (1)
الحمد لله وبعد ؛
إن من الدعوات الخطيرة التي تنتشر في بلاد المسلمين ، دعوة " تحرير المرأة " . هذه الدعوة الخبيثة بدأت في مصر من خلال دعاة لها تأثروا بما عند الغرب من حضارة وتقدم ، والأدهى والأمر أنها بدأت من خلال أناس انتسبوا إلى العلم .
ومن خلال هذا الموضوع سنلقي الضوء على بعض دعاة تحرير المرأة ، وما حملوا من أفكار لنشر هذه الدعوة الخبيثة .
لقد شخص الدكتور محمد محمد حسين سبب هذه الدعوة الخبيثة فقال في كتابه " الإسلام والحضارة الغربية " ( ص 14) :
... وأمام هذا الشعور بالخطر بدأ الإحساس بضرورة تعزيز الجيوش إلى البلاد الإسلامية ، وتطلع المسلمون إلى الأخذ بأساليب البلاد الغربية في تنظيم جيوشها وتسليحا ، وعزموا على نقل العلوم الغربية لتحقيق هذا الهدف . واتخذ هذا النقل طريقين :
* أُرسِلت بعثات إلى البلاد الأوربية في بعض الأحيان .
* واستُقدِمَ أساتذة وخبراء غربيون في أحيان أخرى للتدريس في المعاهد العلمية على اختلاف أنواعها ودرجاتها .ا.هـ.
وصدق - رحمه الله - فالذي ينظر إلى رؤوس هذه الدعوة يجد أنهم ممن تأثروا بما عند الغرب سواء ذهبوا إلى تلك البلاد ، أو سمعوا بما عندهم من التقدم والمدنية الزائفة .
ولنأخذ بعضا من رؤوس دعاة تحرير المرأة في مصر وغيرها لكي نكون على حذر ممن يندسون في صفوف المسلمين من أمثالهم .
1 - رفاعة الطهطاوي (1216 - 1290هـ = 1801 - 1873م) :
قال د/ البرازي في كتاب " حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " (2/406) :
هو واعظ مصري . صحب البعثة المصرية المتوجهة إلى فرنسا كإمام لها غير أنه فُتِنَ بأفكار الثورة الفرنسية ، لِمَا كان عليه المجتمع الإسلامي - آنذاك - من ضعف ديني ، وتخلف سياسي .(1/1)
وحين عاد إلى مصر حمل معه الروح الجديدة المتأثرة بالفرنسيين وعاداتهم ، خصوصا فيما يتعلق بالمرأة ، فكتب ثلاثة كتب كانت بذور الدعوة الأولى لما يسمى : بـ " تحرير المرأة " .
وهذه الكتب هي :
1 - تلخيص الإبريز في تلخيص باريز .
2 - مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية .
3 - المرشد الآمين للبنات والبنين .ا.هـ.
وكتاب " تلخيص الإبريز في تلخيص باريز " كتبه الطهطاوي أثناء إقامته في فرنسا ، وعرضه على أستاذه " جومار " قبل أن ينشره بعد عودته .
وقال د / محمد محمد حسين في كتاب " الإسلام والحضارة الغربية " عن دور رفاعة الطهطاوي :
وكان من أعضاء الجيل الأول لهؤلاء المبعوثين الشيخ " رفاعة الطهطاوي " ، الذي أقام في باريس خمس سنوات " من 1826 - 1831م " تقريبا ، وكان قد رافق البعثة المصرية كواعظ وإمام لها ، وما أن عاد إلى مصر حتى بدأ يبذر البذور الأولى لكثير من الدعوات التي تحمل جراثيمها معه من فرنسا ، مثل الدعوة إلى فكرة " الوطنية القومية " بمفهومها المادي المحدود المنابذ للرابطة الإسلامية بين المسلمين مهما تباعدات أوطانهم ، وكذا استوحى من واقع الحياة الفرنسية أفكارا عن المرأة هي أبعد عن شرائع الإسلام وآدابه ، وقد تجلى في مواقفه الجريئة من قضايا تعليم الفتاة ، وتعدد الزوجات ، وتحديد الطلاق ، واختلاط الجنسين ، حيث ادّعى في كتابه " تلخيص الإبريز في تلخيص باريز " ( ص305) أن " السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعيا إلى الفساد " ، وذلك ليبرر دعوته إلى الاقتداء بالفرنسين حتى في إنشاء المسارح والمراقص ، مدعيا أن الرقص على الطريقة الأوربية ليس من الفسق في شيء بل هو أناقة وفتوة ، وأنه لا يخرج عن قوانين الحياء ، ودعا المرأة إلى التعلم حتى تتمكن من تعاطي الأشغال والأعمال التي يتعاطاها الرجال .ا.هـ.
وقال د / السيد أحمد فرج في كتاب " المؤمراة على المرأة المسلمة " ( ص38) :(1/2)
وكانت دعوة جريئة من رفاعة لم يجد لها معارضا خاصة وأن حاكم البلاد قد بارك دعوته ، وبارك أول كتاب وضعه رفاعة وهو " تلخيص الإبريز في تلخيص باريز " يبرز فيه تقدم الغرب ، ويُحسن لمواطنيه الانتفاع بتقدمه ، وأكثر من هذا فقد قرأ " محمد علي " الكتاب قبل نشره بناء على تزكية له من الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر فأمر بطبعه ، وأصدر أمره بقراءته في قصوره ، وتوزيعه على الدواوين ، والمواظبة على تلاوته ، والانتفاع به في المدارس المصرية ، بل إنه أمر بعد ذلك بترجمته إلى التركية .ا.هـ.
وقال الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في كتابه الرائع " عودة الحجاب " " القسم الأول " ( ص 27) :
لقد كان رفاعة أول من وضع الأفكار النظرية موضع التنفيذ ، وأول من أنتج عملا فكريا يمهد لخطة اجتماعية عملية ، وتجلى ذلك في مؤلفيه " تلخيص الإبريز " و " المرشد الأمين " الذي ألفه بناء على أمر الخديوي إسماعيل وذلك عام (1872م ) قبل افتتاح أول مدرسة للبنات ترعاها الحكومة بعام واحد ، وقبل موت رفاعة بأعوام قليلة ، ولما كان الخديوي إسماعيل يقود - في بداية تلك المرحلة - حركة التحديث في كل ميادين السياسية والفكرية والاجتماعية ، فقد حاول بعد ذلك أن يقنع أهل الرأي بتأليف كتاب في الحقوق والعقوبات يطبقه في المحاكم ، بحيث يكون سهل العبارة ، مرتب المسائل على نحو ترتيب القوانين الأوربية ، ولكن رفض أهل الرأي من مشايخ الأزهر هذه الدعوة ، فطلب الخديوي من الشيخ رفاعة إقناعهم بقبول ذلك ، ولكنه اعتذر عن ذلك على الوجه الذي وصفه الشيخ رشيد رضا في كتاب تاريخ الإمام محمد عبده على الوجه التالي :(1/3)
قال الشيخ رشيد : حدثني علي باشا رفاعة بن رفاعة بك الطهطاوي قال : إن إسماعيل باشا الخديوي لما ضاق بالمشايخ ذرعا ، استحضر والده رفاعة بك ، وعهد إليه أن يجتهد في إقناع شيخ الأزهر وغيره من كبار الشيوخ بإجابة هذا الطلب ، وقال له : إنك منهم ، ونشأت معهم ، وأنت أقدر على إقناعهم ، فأخبرهم أن أوربا تضطرب إذا هم لم يستجيبوا إلى الحكم بشريعة نابليون فأجابه بقوله : إنني يا مولاي قد شخت ، ولم يطعن أحد في ديني ، فلا تعرضني لتكفير مشايخ الأزهر في آخر حياتي ، وأقلني من هذا الأمر ، فاقاله .ا.هـ. كلام رشيد رضا .
وكان أن انزوى الطهطاوي بعيدا عن مكان الصدارة ، وانتأى بعيدا ، ليحتل مكانه الشيخ محمد عبده الذي كان في ذلك الوقت في شرخ الشباب ، يحدوه جرأة الشباب وإقدامه ، وهنا تبدأ مرحلة جديدة من مراحل " تحرير المرأة " .ا.هـ. كلام محمد المقدم .
فهذا ملخص للبذرة الأولى من بذور دعاة تحرير المرأة على يد رفاعة الطهطاوي ، وسنأتي على باقي الدعاة .
وليعلم أن هذا السرد التاريخي ليس الهدف منه مجرد الترف الفكري ، بل أخذ العبرة والاستفادة من هذا التاريخ ، فليتنا نحاول من خلال هذا السرد التاريخي أن نستخرج الدروس والعبر ، وذلك من خلال ما لدى الرواد من طرح .
وللموضوع تتمة إن شاء الله تعالى ..........
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
فائدة : ماذا يقول شيخُ الشيخِ ابن عثيمين عن المصيبة التي يثاب عليها العبد
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله - في " مجموع الفوائد واقتناص الأوابد " (ص70) :
المصيبة التي تصيب العبد ويؤمر بالصبر عليها ويثاب على ذلك نوعان :
- مصيبة تأتيه بغير اختياره وعمله كفقد الأحباب والمكاره التي تصيبه في بدنه أو قلبه أو ماله أو حبيبه فمن نعمة الله على المؤمن أنه إذا قام بوظيفة الصبر والرّضى واحتساب الأجر أعطاه الله أجره بغير حساب .
- النوع الثاني : المصيبة التي تنال المؤمن بأسباب عمله الصالح كالجهاد والحج والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذه تشارك الأولى في ثوابها والصبر عليها وتزيد عليها بشرف سببها حيث نشأت عن طاعة الله فكانت أسبابها خير الأسباب وثمرتها خير الثمار وكانت مع ذلك تابعة لتلك الطاعة التي قام بها العبد .
قال تعالى في المجاهدين بأنهم : " لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل ... " الآية [التوبة : 120] .
وقال : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لايرجون " [النساء : 104] .
" ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون " [آل عمران : 157] .
وهذه أيضا يعان عليها العبد ما لا يعان على الأخرى فإن الله تعالى شكور يشكر عبده الذي قام بمراضيه بأنواع من الثواب في قلبه وإيمانه وثوابه والتحمل عنه وربما استحلاها المؤمن بحسب إيمانه وهنا مصيبة ثالثة تكون من أسباب عمله بالمعاصي فهذه إذا اقترن بها الصبر والاحتساب كانت من مكفرات الخطايا وإلا فهي تابعة للسيئات ونموذج للعقوبات . والله أعلم .ا.هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
معجزات الماء
قال الله تعالى : " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ " [ الأنبياء : 30]
قال الله تعالى : " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [ الإسراء : 85]
(سبحان الله ) : يعصي المخلوق ربه ، ويأتي الله سبحانه وتعالى الرحيم وينذر ويمهل ويبين معجزاته .. ملهماً عباده بالبحوث والمتابعة .. فحمداً لله وشكراً على عدد ما أحصى
التجارب الطبية – معجزات العلاج بالماء
فلقد قامت الجمعية اليابانية لشئون الأمراض بإصدار نشرة تتضمن ما توصلت إليه التجارب التي تعتمد على العلاج (بالماء) ، كما ذهبت هذه النشرة في إدعائها قائلة إلى نسبة النجاح من العلاج بلغت 100% سواء كان ذلك للحالات المرضية المزمنة أو الحديثة ، أما بالنسبة للتجارب موضوع النشرة كان كما يلي :
1- وجع الرأس ، ضغط الدم ، الأنيميا(فقر الدم) ، ألام المفاصل ، خفقان القلب ، البدانة
2- السعال ، الإلتهاب الشعبي ، الربو ، السل .
3- إلتهاب السحايا ، وأي مرض له علاقة بالبول والكبد .
4- فرط الحموضة ، إلتهاب المعدة ، الديزنطاريا ، الإمساك ، البواسير ، وداء البول والسكري
5- أي مرض له علاقة بالعين ، الأنف ، الحنجرة .
6- عدم إنتظام الدورة الشهرية لدى النساء .
طريقة العلاج :
1- إنهض باكراً وأشرب عدد (2) كاس ماء سعة 320مل للكأس الواحد أي (640مل) للكأسين تعادل قارورة ماء الصحة الصغيرة حيث سعتها (650مل) وذلك على معدة فارغة ، وأمتنع بعد ذلك عن تناول أي طعام أو شراب مدة (45) دقيقة ، وفي حالة عدم قبول الكمية (الماء) مرة واحدة وهذا صعب في البداية فقط عندها يتم اللجوء للأسلوب التدريجي في تناول كمية الماء حتى تتمكنوا بعد فترة قصيرة من شرب الكمية المنصوح بها مرة واحدة .
2- بعد إنقضاء فترة (45) دقيقة يمكنكم تناول طعام الإفطار المعتاد .(1/1)
3- بعد تناول طعام الإفطار أمتنع عن تناول أي من الأطعمة أو المشروبات لمدة ساعتين وكرر ذلك على وجبة الغداء والعشاء المعتاد أي (شرب نفس الكمية من الماء ) في الثلاث وجبات وبنفس الطريقة .
4- بعد تناول العشاء المعتاد وقبل النوم يجب الإمتناع تماماً عن تناول إلى طعام أو شراب .
ولقد أثبتت التجارب أن الأمراض المبينة أدناه قد تم الشفاء منها بإذن الله بعد العلاج بالماء في خلال الفترات الموضحة أمام كل منها : -
(([ضغط الدم 30 يوما] [مشاكل المعدة 10 أيام ] [البول السكري 30يوماً ] [ الإمساك 10 أيام ] [ السرطان 5 أشهر ] [ السل 60 يوماً ] )) .
أما بالنسبة للأشخاص الذين يشكون من مرض المفاصل فعليهم تجربة ذلك (3) مرات يومياً ولمدة أسبوع واحد وبعد ذلك إنقاص التجربة لمرة واحدة يومياً صباح كل يوم في الأيام الأولى وسوف يضطر البعض للتبول أكثر من المعتاد إلا أن ذلك لن يترتب عليه أي تأثيرات جانبية .
( والله الشافي المعافي )
قال تعالى : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ " [ النحل : 125]
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
من سيرة الفضيل بن عياض - رحمه الله -
الحمد لله وبعد ،
إن سير العلماء مما يبعث الهمم على الاقتداء بهم ، ومن العلماء الذين سارت الركبان بسيرته الفضيل بن عياض - رحمه الله - .
ومن الوقفات العجيبة في سيرة هذا الإمام قصة توبته .
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/423) :
قال أبو عمار الحسين بن حُريث ، عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبِيوَرْد وسَرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينما هو يرتقي الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ ..." [ الحديد : 16] فلما سمعها ، قال : بلى يارب ، قد آن ، فرجع ، فآواه الليل إلى خَرِبة ، فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا .
قال ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مُجاورة البيت الحرام .
قال الإمام الذهبي تعليقا على القصة :
وبكل حال : فالشرك أعظم من قطع الطريق ، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة . فنواصي العباد بيد الله ، وهو يضل من يشاء ، ويهدي إليه من أناب .
- موقف للفضيل مع هارون الرشيد :(1/1)
عباس الدوري : حدثنا محمد بن عبدالله الأنباري ، قال : سمعت فضيلا يقول : لما قدم هارون الرشيد الى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ، وقوم من الهاشمين ، وأحضروا المشايخ ، فبعثوا إليّ فأردت أن لا أذهب ، فاستشرت جاري ، فقال : اذهب لعله يريد أن تعظه ، فدخلت المسجد ، فلما صرت إلى الحجر ، قلت لأدناهم : أيكم أمير المؤمنين ؟ فأشار اليه ، فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فرد علي ، وقال : اقعد ، ثم قال : إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ، وتعظنا ، فأقبلت عليه ، فقلت : يا حسن الوجه ، حساب الخلق كلهم عليك . فجعل يبكي ويشهق ، فرددت عليه ، وهو يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني ، وقال : اذهب بسلام .
قال الذهبي (8/440) :
وعنه : يا مسكين ، أنت مسيءٌ وترى أنك محسن ، وأنت جاهل وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ، وأملك طويل .
قلت ( الذهبي ) : إي والله ، صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ، وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله .
- رسالة ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض :
روى الحافظ ابن عساكر عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال: أملي عليَّ عبد اللّه بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وأنشدها إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب(1/2)
قال: فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام ، فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ، ثم قال : أنت ممن يكتب الحديث ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فاكتب هذا الحديث كراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا ، وأملى عليّ الفضيل بن عياض :
حدثنا منصور بن المعتمر ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رجلاً قال : يا رسول اللّه علِّمني عملاً أنال به ثواب المجاهدين في سبيل اللّه ، فقال : "هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر ، وتصوم فلا تفطر ؟ " فقال : يا رسول اللّه أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ، ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : " فوالذي نفسي بيده لو طُوِّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله ، أوما علمت أن الفرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات ؟!
الحديث رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب الجهاد والسير .
والله اعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
نحنُ إلى كثيرٍ من الأدبِ أحوجُ منا إلى كثيرٍ من الحديثٍ
قال مخلد بن الحسين لابن المبارك : " نحنُ إلى كثيرٍ من الأدبِ أحوجُ منا إلى كثيرٍ من الحديثِ "
كنتُ أبحثُ عن عبارةِ : " نحنُ إلى كثيرٍ من الأدبِ أحوجُ منا إلى كثيرٍ من الحديثِ " في مُحركاتِ البحثِ في الشبكةِ ، وبعد البحثِ ظهرت النتيجةُ ، فإذ من ضمنِ نتائجِ البحثِ مقالٌ د . هشام عبد القادر آل عقدة ، وعنوانه : " مفهومُ الانتماءِ للسُّنَّةِ " ، وهو مقالٌ طويلٌ نقل في آخرهِ نقولاتٍ لسلفِ الأمةِ ما نحن بحاجةٍ إليه فقال - جزاهُ اللهُ خيراً :
فمن انتمائنا للسنة أن نكون متأدبين بآدابها وأخلاق حملتها , وهذا من أعظم المقصود من العلم بالسنة , وللقرآن والسنة آداب لحملتهما , ومَن لازم حملة القرآن أو السنة فينبغي أن يستفيد من أخلاقهم , كما يستفيد من أعمالهم .
وقد كان الليث بن سعد - رحمه الله - كثيراً ما يقول لأصحاب الحديث : " تعلَّموا الحِلم قبل العلم " , وقال حبيب بن الشهيد لابنه : " يا بني اصحب الفقهاء والعلماء وتعلم منهم وخذ من أدبهم ؛ فإن ذلك أحب إليَّ من كثير من الحديث " ، وقال ابن وهب : " ما تعلمت من أدب مالك أفضل من علمه " , وهذا يدلك على مدى أدب العلماء وأخلاقهم , فعلم مالك معروف , ومع ذلك كان أدبه أعظم , فتأمل مدى تفريطنا في هذه الأيام , حيث انفصل العلم كثيراً عن الأدب والسلوك .
وقال مخلد بن الحسين (المتوفَّى في عام 191هـ) لابن المبارك : " نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث " .
يقول ذلك في القرون المفضلة فكيف لو رأى سوء أدبنا في هذا الزمان ؟! .
وقال ابن سِيرين : " كانوا - أي الصحابة - يتعلمون الهدى (أي السيرة والهيئة والطريقة والسَّمْت) كما يتعلمون العلم " .
وقال بعضهم لابنه : " يا بني لأن تتعلم باباً من الأدب أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين باباً من أبواب العلم " .(1/1)
وقال أبو حنيفة : " الحكايات عن العلماء أحب إليَّ من كثير من الفقه ؛ لأنها آداب القوم وأخلاقهم " .
وقال الحسن البصري - رحمه الله - : " إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين " .
وقال ابن المبارك - رحمه الله - : " تعلمت الأدب ثلاثين سنة , وتعلمت العلم عشرين سنة " .
وعن الحسن قال : " كان طالب العلم يرى ذلك في سمعه وبصره وتخشُّعه " .
ونختم بقول الشافعي - رحمه الله - : " ليس العلم ما حُفظ , العلم ما نَفع " .
لعلِّي بهذا أكون قد ساهمت في تجلية مفهوم الانتماء للسنة والحديث .
والله - تعالى - أعلم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .ا.هـ.
أسألُ اللهَ أن ينفعَ بهذه النقولاتِ ، وأن يجهلَ لها مستقراً في قلوبِكم . آمين .
رابطُ مقالِ د. هشام عبد القادر آل عقدة :
http://www.almanar.net/issues/10/3.htm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@29.ckvCfM0VUDG.0@.1dd3d01d
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
هل الأشجارُ من ذواتِ الأرواح ؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
أخي الحبيب ؛ يبدو أنهُ حصل عندك لبسٌ في لفظةِ " الروحِ " ، فالإنسانُ والحيوانُ يطلقُ عليهما من ذواتِ الأرواحِ ، لأن الروحَ دابةٌ فيهما ، فإذا نزعت الروحُ ، صار جثةً هامدةً لا حراك فيها ، أما الأشجارُ فيطلقُ عليها ما لا روح فيه ، ولو أنها من مخلوقاتِ اللهِ ، بل ربما تكونُ أفضلَ من الإنسانِ من جهةِ عبوديتها للهِ ، فالعبرةُ بوجودِ الروحِ فيها .
وهذا ما يفهمُ من نصوصِ السنةِ الواردةِ في البابِ ، ومن ذلك :
1 - عن أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : " أَتَانِي جِبْرَيلُ فَقَالَ : " إنّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ البَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعَنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ البَيْتَ الّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلاّ أَنّهُ كَانَ في بَابِ البَيْتِ تِمْثَالُ الرّجَالِ ، وَكَانَ في البَيْتَ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ ، وَكَانَ في البَيْتِ كلْبٌ . فَمُرْ بِرَأْسِ التّمْثَالِ الّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَليَصِيرَ كَهَيْئَةِ الشّجَرَةِ ، وَمُرْ بِالسّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلُ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبِذَتَيْنِ تُوطَآنِ ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ . فَفَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلْبُ جِرْواً لِلْحُسَيْنِ أَوْ للحَسَنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُ ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ " .
رواهُ أبو داود (4158) ، والترمذي (2806) وقال : " هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ " ، والحديثُ أصلهُ في الصحيحين مختصراً .
والشاهدُ من الحديثِ قولهُ صلى اللهُ عليه وسلم : " فَمُرْ بِرَأْسِ التّمْثَالِ الّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَليَصِيرَ كَهَيْئَةِ الشّجَرَةِ " . فقطعُ الرأسِ يجعلها تشبهُ الشجرة ، لأنه بقطعِ الرأسِ تخرجُ الروحُ فيصير جماداً لا حراك فيه .(1/1)
2 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ، فَأَفْتِنِي فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي . فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي . فَدَنَا حَتَّىَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَىَ رَأْسِهِ ، قَالَ : أُنَبُّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ ، يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْساً ، فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ " . وَقَالَ : إنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَاصْنَعِ الشَّجَرَ ، وَمَا لاَ نَفْسَ لَهُ ، فَأَقَرَّ بِهِ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ .
رواهُ البخاري (2225) ، ومسلم واالفظ له .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " الفتاوى " (29/370) : " ولهذا يفرق بين الحيوانِ وغيرِ الحيوانِ ، فيجوزُ تصويرُ صورة الشجر والمعادنِ في الثيابِ والحيطانِ ونحو ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من صور صورةً كُلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخٍ " ، ولهذا قال ابنُ عباسٍ للمستفتي الذي استفتاهُ : " صور الشجرَ ما لا روح فيه " . وفي السنن عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم أن جبريل قال له في الصورةِ : " فَمُرْ بِالرَأْسِ فَلْيُقْطَعْ " ، ولهذا نص الأئمةُ على ذلك ؛ وقالوا : " الصورةُ هي الرأسُ ، لا يبقى فيها روح ، فيبقى مثل الجمادات " .ا.هـ.
وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ في " الفتح " (10/408) : " كذا أطلق وظاهره التعميم فيتناول صورة ما لا روح فيه ، لكن الذي فهم ابن عباس من بقية الحديث التخصيص بصورة ذوات الأرواح من قوله : " كلف أن ينفخ فيها الروح " فاستثنى ما لا روح فيه كالشجر " .ا.هـ.(1/2)
وعلى الرغمِ من وضوحِ الأدلةِ المخصصةِ المجيزةِ لتصوير ما لا روح فيه فقد اختلف فيها أهلُ العلمِ على أقوالٍ :
القولُ الأولُ :
جوازُ تصويرِ ما لا روح فيه من الجبالِ والأشجارِ والأوديةِ والكواكبِ كالشمسِ والقمرِ والنجومِ وسائر الأفلاكِ .
ويستثنى ما إذا صورت هذه المخلوقاتُ ، أو بعضها بقصدِ العبادةِ لها من دونِ اللهِ فحينئذٍ يحرمُ تصويرها .
وهذا القولُ هو رأي جمهورِ أهلِ العلمِ ، قال الإمامُ النووي في " شرح مسلم " (14/81 - 82) : " قال أصحابنا وغيرهم من العلماءِ : تصويرُ صورة الحيوان حرام شديد التَّحريم ، وهو من الكبائر ، لأنَّه متوعَّد عليه بهذا الوعيد الشَّديد المذكور في الأحاديث ، وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره ، فصنعته حرام بكلِّ حالٍ لأنَّ فيه مضاهاة لخلق اللهِ ، وسواء ما كان في ثوب ، أو بساط ، أو درهم ، أو دينار ، أو فلس ، أو إناء ، أو حائط أو غيرها . وأمَّا تصوير صورة الشَّجر ، ورحال الإبل وغير ذلك ممَّا ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام ، هذا حكم نفس التَّصوير .
وأمَّا اتِّخاذ المصوّر فيه صورة حيوان فإن كان معلَّقاً على حائط ، أو ثوباً ملبوساً ، أو عمامة ونحو ذلك ممَّا لا يعدُّ ممتهناً فهو حرام ، وإن كان في بساط يداس ، ومخدَّة ووسادة ونحوها ممَّا يمتهن فليس بحرام ، ولكن هل يمنع دخول ملائكة الرَّحمة ذلك البيت ؟ فيه كلام نذكره قريباً إن شاء اللَّهُ ، ولا فرق في هذا كلُّه بين ما له ظلٌّ ، وما لا ظلَّ له ، هذا تلخيص مذهبنا في المسألة . وبمعناه قال جماهير العلماء من الصَّحابة ، والتَّابعين ومن بعدهم ، وهو مذهب الثَّوريُّ ، ومالك ، وأبي حنيفة وغيرهم " .ا.هـ.
واستدلوا بالأدلةِ التي ذُكرت آنفاً . وهو الرأي الراجحُ .
القولُ الثاني :
التحريم ، وممن ذهب إلى هذا القول القرطبي وجماعةٌ .
واستدلوا :
قال تعالى : " مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا " [ النمل : 60 ] .(1/3)
قال الإمامُ القرطبي عند تفسير الآية : " قلت : وقد يستدلُ من هذا على منعِ تصويرِ شيءٍ سواء كان له روحٌ أم لم يكن ؛ وهو قول مجاهد . ويعضده قولهُ صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرَّة، أو: ليخلقوا حبَّة، أو شعيرة " رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ؛ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله عز وجل ... فذكره ؛ فعم بالذمِ والتهديدِ والتقبيحِ كل من تعاطى تصوير شيءٍ مما خلقه الله وضاهاه في التشبيه في خلقه فيما انفرد به سبحانهُ من الخلقِ والاختراعِ هذا واضح .
وذهب الجمهورُ إلى أن تصويرَ ما ليس فيه روح يجوز هو والاكتساب به . وقد قال ابن عباس للذي سأل أن يصنع الصور : إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له " خرجه مسلم أيضا . والمنع أولى والله أعلم لما ذكرنا ".ا.هـ.
القولُ الثالثُ :
تحريمُ تصويرِ ما عبدهُ المشركون كالشمسِ والقمرِ والنجومِ ، وبعضِ الأشجارِ ، والأحجارِ التي عبدت في الجاهليةِ ، وممن ذهب إلى هذا القول أبو محمد الجويني .
واستدل : أن في تصويرها وسيلةً إلى عبادتها بالقولِ ، والفعلِ ، والاعتقادِ مرة ثانية ، فالواجبُ منعُ تصويرها سداً للبابِ .
ولكن يقالُ : إنها إذا صورت لغرضِ عبادتها فإنه يحرمُ ، لأنها أصبحت وسيلةً إلى الشركِ باللهِ ، والوسائل لها أحكامُ المقاصدِ كما قال الأصوليون .
القولُ الرابعُ :
الكراهةُ ، وذهب إلى هذا القولِ أبو سليمان الخطابي .
قال في " أعلام الحديث " (3/2160) : " فأما النقاشُ الذي ينقشُ أشكالَ الشجرِ ، ويعملُ التداوير ، والخواتيم ونحوها ، فإني أرجو ألا يدخل في هذا الوعيد ، وإن كان جملة هذا البابِ مكروهاً ، وداخلاً فيما يلهي ، ويشغلُ القلب بما لا يغني .(1/4)
هذا ملخصُ الأقوالِ في المسألةِ ، والراجح منها هو القولُ الأولُ لقوةِ الأدلةِ وصراحتها في المسألةِ ، وقد لخصتها من كتابِ " أحكام التصوير في الفقهِ الإسلامي " ، تأليف : محمد بن أحمد بن علي واصل . واللهُ أعلمُ .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/5)
هَلْ المُقَاطَعَةُ لِلْبَضَائِعِ فَقَط ؟
الحمد لله وبعد ؛
تقومُ عَادُ هذا الزمان أمريكا بممارسة إرهابها الذي دعت إلى محاربته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، واستجابت كلُ دول العالم لمحاربة الإرهاب – زعموا – من أجل عيون عادٍ أي أمريكا . ولكن عاداً قلبت على تلك الدول وخاصةً الإسلامية منها ظهر المجن ، وأصبحت تمارسُ إرهاباً لم يسبق له مثيلٌ في تاريخ البشرية !! تحتلُ بلداً مسلماً من أجل أسلحة الدمار الشامل كما تزعم ، وفي حقيقةِ الأمر إنما هو احتلالٌ من أجل نهب ثروات وخيارات العراق . نسأل اللهَ أن يدمرها ، ويمزقَ ولاياتها .
أخي المسلم ؛ وقبل الدخول في الموضوع أريدُ أن أبينَ لك من هم قومُ عاد ؟
قوم عاد ذكرهم الله في كتابه فقال جل وعلا : " فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ " [ فصلت : 15 ] .(1/1)
قال ابن جرير الطبري عند تفسير هذه الآية : " فَأَمَّا عَاد " قَوْم هُود " فَاسْتَكْبَرُوا " عَلَى رَبّهمْ وَتَجَبَّرُوا " فِي الْأَرْض " تَكَبُّرًا وَعُتُوًّا بِغَيْرِ مَا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ بِهِ " وَقَالُوا مَنْ أَشَدّ مِنَّا قُوَّة أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّه الَّذِي خَلَقَهُمْ " وَأَعْطَاهُمْ مَا أَعْطَاهُمْ مِنْ عِظَم الْخَلْق , وَشِدَّة الْبَطْش " هُوَ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة " فَيَحْذَرُوا عِقَابه , وَيَتَّقُوا سَطْوَته لِكُفْرِهِمْ بِهِ , وَتَكْذِيبهمْ رُسُله .ا.هـ. وهذا هو حال أمريكا الآن ، حالها كحال عاد الأولى ، فهي تفتخر بقوتها ، وسطوتها ، فماذا كان عقاب عاد الأولى : " فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ " [ فصلت : 16 ] .
وقال تعالى : " وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ " [ الذرايات : 41 ] .
وقال جل وعلا : " وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ " [ الحاقة : 6 ] .
فنسأل الله أن يعجل بهم ، وأن يشفي صدور قوم مؤمنين .
وقد قامت قبل مدة دعوةٌ لمقاطعة كل منتجٍ قادمٍ من تلك البلاد ، وتفاعل معها المسلمون ، وآتت أكلها ، وعملت عملها في اقتصاد عاد أمريكا ولا شك .
ونحن الآن نعيدُ ونذكرُ بها مرة أخرى فإن الذكرى تنفعُ المؤمنين ، فلنبادر بها ، ولنضع على عاتقنا هذا الأمر بقدر المستطاع ، مع الأخذ في الاعتبار أن البدائل موجودة ولله الحمد ومتوفرة في السوق ، فلا يشترط أن يشتري المسلم الرز الإمريكي ، ولا يشترط كذلك أن يشتري السيارة الإمريكية .(1/2)
والمسلمُ الذي وقرَ في قلبهِ الإيمانُ ليتقطعُ قلبه لما يحدث في العراق ، وقبل ذلك في فلسطين ، ولا شك أنها حملةٌ صليبيةٌ بكل ما تعنيه الكلمة ، وقد صرح بذلك فرعون هذا الزمان بوش وغيره ، ومع الأسف يأتي من أبناء جلدتنا ، ويتكلمون بألستنا من يدافع من المخذلين في القنوات الفضائية ويقول : ليست حربا صليبية !!! ، ولا أدري ماذا يريدون أن يقال لها ؟!
ومع هذه الحرقة في القلوب المؤمنة ، لا بد أن يتولد منها عمل ، ولا أقل من مقاطعة المنتجات الإمريكية والبريطانية وغيرها ممن ساندوا وأيدوا الضربة على العراق .
وقد أُلقيت محاضراتٌ لعددٍ من المشايخ الفضلاء عن موضوع المقاطعة ، وبينوا أنه سلاح لا ينبغي أن يغيب عنا نحن المسلمون .
ونأتي الآن على عنوان المقال ، فقد يقول قائل : ماذا تقصد به ؟
أقول : إن كثيراً من بلاد المسلمين قد دخلها ما يعرف " بالشبكة العنكبوتية " الإنترنت " ، ومن خلال هذه الشبكة نستطيع أن نقوم بدور المقاطعة ، قد تقولون : كيف ؟
تعال معي .
أليس لديك - أخي المسلم - بريد إلكتروني مجاني مع بعض المواقع الإمريكية والبريطانية لكي تتصل بغيرك من أنحاء العالم ؟
غالب المسلمين مشتركون في بريد الهوت ميل [ Hotmail ] ، الياهو [ Yahoo ] وغيرها ، فلماذا لا نقاطع هذا البريد ؟
ولكن سيقول البعض : أين البديل ؟
إليك هذا الرابط لتعرف وتتعرف على البديل :
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/190.htm
ألست تشتري - أخي المسلم – عن طريق الشبكة منتجات إمريكية وبريطانية ؟ فلماذا لا تقاطعهم ؟
وغير ذلك من المعاملات الإلكترونية التي تتم عن طريق الشبكة العنكبوتية ، والتي لست ملماً بها ، ولكن أرجو أن تكون الفكرة وصلت ، وظهرت ، وبعد ذلك نبادر إلى العمل .(1/3)
أخي المسلم ؛ لا تستهين بهذا السلاح الحيوي ، سلاح المقاطعة ، سلاح اقتصادي يهدد اقتصاديات الدول المحاربة للإسلام ، فعلينا أن نحث غيرنا ، وأن نضع شعارا في بيوتنا " لا للمنتجات المحاربة للإسلام " .
وقد صدرت بعض الفتاوى المتعلقة بمقاطعة البضائع الإمريكية من علماء الأمة ومنها فتوى الشيخ الدكتور عبد الله بن جبرين حفظه الله وغيره من أهل العلم . وفي الرابط الفتاوى :
http://www.alshamsi.net/a/qatea/fatwa.html
فلنحث على المقاطعة في جميع طبقات المجتمع ، ولنحتسب الأجر ، حتى من وهبهم الله قدرة على التصميم في مجال الصفحات ، أو الفلاشات ، أو الإعلانات يقومون بتصميم أشياء تحث الناس على المقاطعة ، وبهذا نكون قد قمنا بتفعيل دور السلاح المعطل ألا وهو المقاطعة الاقتصادية .
نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه خير الإسلام والمسلمين .
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?14@150.mODKeCsYORl.3@.1dd35d09/1
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
هَلْ رَأَيتُمْ خَسْفَاً ؟
الحمد لله وبعد ؛
ذكر الله لنا في كتابه العزيز في مواضع عن الخسف .
فما معنى الخسف ؟
وهل ظهر في الأمم السابقة ؟
وهل يظهر في هذه الأمة ؟
وهل رأيت خسفا على الحقيقة ؟
تعال معي أخي صاحب القلب الحي لنتدبر الآيات ، ونجيب على الأسئلة الماضية ، نسأل الله أن يرقق قلوبنا التي قست ، فأصبحت الآيات تمر علينا مر السحاب ، فلا تدبر ، ولا اتعاظ ، ولا خشوع ، اللهم ارحمنا برحمتك .
وهذه بعض الآيات .
1 - قال تعالى : " أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ " [ النحل : 45 ]
قال ابن كثير : يُخْبِر تَعَالَى عَنْ حِلْمه وَإِنْظَاره الْعُصَاة الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات وَيَدْعُونَ إِلَيْهَا وَيَمْكُرُونَ بِالنَّاسِ فِي دُعَائِهِمْ إِيَّاهُمْ وَحَمْلهمْ عَلَيْهَا مَعَ قُدْرَته عَلَى أَنْ يَخْسِف بِهِمْ الْأَرْض أَوْ يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب " مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ " أَيْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ مَجِيئَهُ .ا.هـ.
2 - وقال تعالى : " أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ " [ الإسراء : 68 ] .
3 - وهذا قارون ماذا قال الله فيه ؟
اقرأ وتمعن وتدبر : " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ " [ القصص : 81 ] .(1/1)
قال ابن كثير : لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى اِخْتِيَال قَارُون فِي زِينَته وَفَخْره عَلَى قَوْمه وَبَغْيه عَلَيْهِمْ عَقَّبَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ خَسَفَ بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عِنْد الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَنْ سَالِم أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُل يَجُرّ إِزَاره إِذْ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَل فِي الْأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " .ا.هـ.
4 - وقال تعالى في صور من العذاب ومنها الخسف : " فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " [ العنكبوت : 40 ] .
قال ابن كثير : وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْض " وَهُوَ قَارُون الَّذِي طَغَى وَبَغَى وَعَتَا وَعَصَى الرَّبّ الْأَعْلَى وَمَشَى فِي الْأَرْض مَرَحًا وَفَرِحَ وَمَرِحَ وَتَاهَ بِنَفْسِهِ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ أَفْضَل مِنْ غَيْره وَاخْتَالَ فِي مِشْيَته فَخَسَفَ اللَّه بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض فَهُوَ يَتَجَلْجَل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " .ا.هـ.
5 - وقال تعالى مبينا لنا حلمه بنا : " أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ " [ سبأ : 9 ] .
6 - وقال تعالى : " أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ " [ الملك : 16 ] .(1/2)
قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَأَمِنْتُمْ عَذَاب مَنْ فِي السَّمَاء إِنْ عَصَيْتُمُوهُ .
بعد ذكر هذه الآيات التي تهز القلوب الحية نأتي على الإجابة على الأسئلة التي طرحتها :
أولا : تعريف للخسف .
عرفه القرطبي بقوله : وَالْخَسْف : أَنْ تَنْهَار الْأَرْض بِالشَّيْءِ ; يُقَال : بِئْر خَسِيف إِذَا اِنْهَدَمَ أَصْلهَا .
وَعَيْن خَاسِف أَيْ غَارَتْ حَدَقَتهَا فِي الرَّأْس .
وَعَيْن مِنْ الْمَاء خَاسِفَة أَيْ غَازٍ مَاؤُهَا .
وَخَسَفَتْ الشَّمْس أَيْ غَابَتْ عَنْ الْأَرْض . وَقَالَ أَبُو عَمْرو :
وَالْخَسِيف الْبِئْر الَّتِي تَحْفِر فِي الْحِجَارَة فَلَا يَنْقَطِع مَاؤُهَا كَثْرَة .
وَالْجَمْع خُسُف .ا.هـ.
ثانياً : هل ظهر في الأمم السابقة ؟
الآيات السابقة واضحة في ذلك .
ثالثا : هل يظهر في هذه الأمة ؟
وما المانع ، لقد وقع في هذا الزمن كثيرٌ من الخسوفات ، ونسمع عنها في أماكن متفرقة من الأرض ، وهي نذير بين يدي عذاب شديد ، وتخويف من الله لعباده ، وعقوبة لأهل البدع والمعاصي ؛ كي يعتبر الناس ، ويرجعوا إلى ربهم ، ويعلموا أن الساعة قد أزفت وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه .
ولا يكاد يخلو مؤلفٌ في أشراط الساعة الصغرى إلا ويذكر أن مِن أشراطها ظهور الخسف والمسخ والقذف ، ولولا الإطالة لذكرتها ولكن سنفرد لها مقالا آخر .
نسأل الله أن لا يعاملنا بذنوبنا ، وأن لا يؤخذنا بما فعل السفهاء منا . آمين .
رابعاً : هل رأيت خسفا على الحقيقة ؟(1/3)
وهنا هو أهم الفقرات الأربعة ، ادخل على الرابط ، وانظر بأم عينك خسفا على الحقيقة ، وقبل أن تدخل إليه اقرأ ما كتبته آنفا ، ورقق قلبك بالآيات ، واستحضر عظمة الله ، وكيف أنه جل وعلا كما قال عن نفسه : " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا " [ فاطر : 45 ] .
قال ابن كثير : أَيْ لَوْ آخَذَهُمْ بِجَمِيعِ ذُنُوبهمْ لَأَهْلَكَ جَمِيع أَهْل السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ دَوَابّ وَأَرْزَاق .ا.هـ.
ولا تنسونا من دعائكم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@6.dWsfe9dSe0g.0@.1dd315e5
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
هَلْ لَدَيْكَ بَرِيْدٌ إِلِكْتُرُوني فِي هَذَا المَوْقِعِ ؟
الحمد لله القائل في كتابه : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى " [ المائدة : 2 ] ، والصلاة والسلام على القائل : " مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ " [ رواه مسلم ] .
لا يشك مستخدمٌ للشبكة العنكبوتية " إنترنت " أهمية البريد الإلكتروني بالنسبة له ، فهو وسيلة اتصال مهمة مع العالم الخارجي ، وسيلة قربت البعيد ، ووفرت الوقت ، وقد تسابق كثيرٌ من المواقع العالمية مثل الياهو ، والهوت ميل وغيرهما إلى تقديم هذه الخدمة لأنها تُكثرُ من عدد الداخلين عليها ، ويرافق ذلك الدعاية الكثيرة التي تجذب المستخدم للبريد لكي يدخل عليها .
وفي الحقيقة أن غالب خدمات البريد الإلكتروني متشابهة جدا ، بل قد يسرق بعضهم من بعض التقنيات التي عند الآخر ، والمنافسة على أشدها بينهم في هذا الجانب لتقديم أفضل الخدمات البريدية عبر الإنترنت .
والذي دعاني لكتابة هذا الموضوع موقع يقدم هذه الخدمة مثله مثل غيره من المواقع التي تقدمها ، مع فروق نذكرها لاحقا ، وقد رأيت أن كثيرا من المسلمين غفلوا ، وجهلوا عن هذا الموقع ، وهو موقع " طريق الإسلام " وقبل أن أتطرق للفروق بينه وبين غيره من المواقع الأخرى التي تقدم خدمة البريد الإلكتروني المجاني لا بد لي من ذكر نبذة يسيرة عن موقع " طريق الإسلام " ، لأن كثيرا من المسلمين الذين يدخلون على الشبكة العنكبوتية " الإنترنت " لا يعرفون عن هذا الموقع شيئا ، وإليكم لغة الأرقام ماذا تقول عن الموقع :
1 - الموقع بلغة الأرقام .
http://islamway.com/sindex.php?section=statistics
2 - التبرعات
http://islamway.com/bindex.php?section=deduction
3 - من نحن ؟
http://islamway.com/bindex.php?section=who
لك أن تدخل أخي إلى الروابط الآنفة وتعرف بنفسك ما يقوم به هذا الموقع من جهودٍ مشكورةٍ .(1/1)
هذه هي لغة الأرقام إخواني في الله . ولكم أن تتخيلوا كم من المسلمين انتفع بهذا الموقع ؟
أما ما يتعلق بخدمة البريد الإلكتروني في الموقع فلا شك أن الاشتراك فيه من صور الدعم له ، وتقويته >
وإليك الفروق التي بين خدمة البريد الإلكترواني المجانية وبين غيره من المواقع :
1 – حجم بريدك لو اشتركت في الموقع هو : 15 ميغا ، بينما في موقع الياهو 6 ميغا ، والهوت ميل 2 ميغا على سبيل المثال ، وحقيقة حجم كبير وخاصة في للملفات الكبيرة .
2 – خلو بريد " طريق الإسلام " من الدعايات التي تخدش الحياء ، والتي فيها دعاية للقمار ، أو لبعض شركات الخمور وللرذيلة وغير ذلك من الأمور التي لا تقرها شريعتنا ولله الحمد ، بينما في بريد بريد " طريق الإسلام " تجد دعاية لشريط إسلامي ، لمحاضرة ، لمؤتمر ... وغير ذلك مما يسر الناظرين .
3 - في بريد " طريق الإسلام " فلترة للبريد الخبيث ، وهذا أمر مهم جدا ، فهم يكفونك مؤنة هذا الأمر .
4 – إلى الآن عدد المشاركين في بريد " طريق الإسلام " 84 ألف مشترك ، وهذا عدد مقارنة بالمواقع المشهورة التي تزود خدمة البريد الإلكتروني لا يعد شيئا .
5 – إمكانية تشغيله على الأوت لوك إكسبرس Outlook Express .
6 – بريد " طريق الإسلام " بتتبع حالة بريدك المرسل .
7 – اشتراكك في بريد " طريق الإسلام " دعم للموقع ، ونشر لاسمه ، فلا تبخل على نفسك بهذا الباب العظيم من أبواب الدلالة على الخير .
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي ، فَقَالَ : مَا عِنْدِي . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ . رواه مسلم .(1/2)
قال النووي : فِيهِ : فَضِيلَة الدَّلَالَة عَلَى الْخَيْر وَالتَّنْبِيه عَلَيْهِ , وَالْمُسَاعَدَة لِفَاعِلِهِ .ا.هـ.
وإليك رابط الاشتراك في بريد " طريق الإسلام " ، فبادر في الدخول إليه ، والتسجيل ، ودل عليه غيرك .
http://bareedy.islamway.com/
وهذا رابط الموقع :
http://www.islamway.com
رابط الموضوع
http://www.muslm.net/vbnu/showthread.php?s=&threadid=72809
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
هل يُخصُ عليُ بنُ أبي طالبٍ بـ " كرمَ اللهُ وجههُ " ؟؟
الحمدُ للهِ وبعد .
نسمع ونقرأ كثيرا عبارة تطلق على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا وهي " كرمَ اللهُ وجههُ " .
فهل إطلاقها صحيح ؟
وماذا قال أئمة أهل السنة في خصوص هذه العبارة ؟
قال ابن كثير في التفسير (3/517) :
وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال عليه السلام من دون سائر الصحابة أو كرم الله وجهه وهذا وإن كان معناه صحيحا لكن ينبغي أن يسوى بين الصحابة في ذلك فإن هذا من باب التعظيم والتكريم فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه رضي الله عنهم أجمعين .ا.هـ.
وقد ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة (3/289) نصه :
س : لم لقب علي بن أبي طالب بتكريم الوجه ؟
جـ : تلقيب علي بن أبي طالب بتكريم الوجه وتخصيصه بذلك من غلو الشيعة فيه ، ويقال أنه من أجل أنه لم يطلع على عورة أحد أصلا أو لأنه لم يسجد لصنم قط ، وهذا ليس خاصا به بل يشاركه غيره من الصحابة الذين ولدوا في الإسلام .ا.هـ.
وقال الشيخ بكر أبوزيد في معجم المناهي اللفظية (ص454) :
كرم الله وجهه :
سبق سياق كلام ابن كثير - رحمه الله تعالى - في حرف الصاد ، عند قول : صلى الله عليه وسلم ، علي غير الأنبياء . وقد ساقه السفاريني في غذاء الألباب ثم قال : ( قلت : قد ذاع ذلك وشاع ، وملأ الطروس والأسماع . قال الأشياخ : وإنما خص علي رضي الله عنه بقول : كرم الله وجهه ، لأنه ما سجد لصنم قط ، وهذا إن شاء الله لاباس به ، والله لموفق ) اهـ .
قلت : أما وقد اتخذته الرافضة أعداء علي ـ رضي الله عنه ـ والعترة الطاهرة ـ فلا منعا لمجاراة أهل البدع . والله أعلم .(1/1)
ولهم في ذلك تعليلات لا يصح منها شيء ومنها : لأنه لم يطلع على عورة أحد أصلا ، ومنها : لأنه لم يسجد لصنم قط . وهذا يشاركه فيه من ولد في االإسلام من الصحابة رضي الله عنهم علماً أن القول بأي تعليلات لابد له من ذكر طريق الإثبات .
تنبيه :
في مسند أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية فهزها ثم قال : " من يأخذها بحقها " فجاء فلان ، فقال : أنا ، قال: " أمط " ثم جاء رجل . فقال : " أمط " ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي كرم وجه محمد لأعطينها رجلا لا يفر ، هاك يا علي .." الحديث .
وفي مسند سلمة بن الأكوع أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل .
وفي سياق بعض الأحاديث تجد قولهم ـ كرم الله وجه ـ عند ذكر علي رضي الله عنهولانعرف هذا في شيء من المرفوع ، ولا أنه من قول ذلك الصحابي ، ولعله من النساخ . والأمر يحتاج إلى الوقوف على النسخ الخطية الأولى .ا.هـ
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@95.ynSVa3EQ3iF^0@.ef0e39f
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
والذي نفسي بيده ... لقد وقَفَّ شعري مما رأيتُ ... ألا يُعَدُّ إرهابا ؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
رأيتُ ملف فيديو الجوال والذي عُرض فيه مجموعةٌ من الشبابِ وهم يعاكسون شابتين بطريقةٍ أقل ما يقالُ عنها : " إرهابٌ أخلاقيٌّ خطيرٌ " ، وهالني – والذي نفسي بيده – ما رأيت وقَفَّ شعرُ رأسي ، وتمنيتُ لو أن الأرضَ انشقت وبلعتني ولم أرَ ذلك المنظر ، وسألتُ نفسي : " ألهذه الدرجة وصلت أخلاقُ شبابنا ؟! " وصدق رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عندما قال : " إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ " .
ولنا مع هذا الحدثِ الجللِ والانحرافِ الأخلاقي وقفاتٌ :
الوقفةُ الأولى : لا شك أنّ شباننا من الذكورِ والإناثِ يعيشون أزمةَ أخلاقٍ ، وهذا الفعلُ شاهدٌ قويٌّ على ذلك ، ولكن السؤال الذي يطرحُ نفسه : " من وراء هذه الأزمةِ الأخلاقيةِ عند شبابنا ؟ " .
للإجابة على السؤال نجد أن معاولَ الهدم لأخلاقِ الشبابِ كثيرةٌ تبدأ بالبيتِ وتمرُ بالمدرسةِ وتنتهي بالمجتمعِ ، بيتٌ يعجُ بالمنكراتِ من أفلامٍ ساقطةٍ ، وأغانٍ ماجنةٍ ، ودعوةٍ إلى الرذيلةٍ وكل ذلك عن طريقِ القنواتِ الفضائيةِ التي تحاربُ اللهَ في السماءِ ، وتنشرُ سمومها في البيوتِ ، وتخرجُ جيلاً يعيشُ سُعاراً جنسياً لكثرةِ ما يراهُ من مناظرٍ للنساءِ العاريات .
ثم يخرجُ الشبابُ إلى المدرسةِ ليزداد الاختلاطُ بقرناءِ السوءِ ممن يزينون الرذيلةَ ، ويعينون على زيادة السعار الجنسي ، وزاد الطينُ بِلةً أجهزةُ الجوالِ وما يُحمّلُ فيها من مقاطع فيديو أو صور يتبادلها الشبابُ فيما بينهم سواء كانوا ذكوراً أم أناثاً .
وأما المجتمع فزيارةٌ عابرةٌ للأسواقِ والمجمعاتِ التجاريةِ تظهر لك عن أزمةِ الأخلاقِ التي يعيشها الشبابُ والشاباتُ ، وحدث ولا حرج عن تلك الأماكن وما يقعُ فيها من أمورٍ يندى لها الجبينُ !(1/1)
الوقفةُ الثانيةُ : إن المنظرَ الذي صور ونشر في الشبكةِ العنكبوتيةِ ليجعلنا كمجتمعٍ عُرف بإسلامه وقيمهِ وأخلاقهِ وعاداته وتقاليده المستمدة من الكتابِ والسنةِ نقفُ ضد هذه الصورِ السيئةِ ، وتجعلنا نبحثُ بشكلٍ جادٍ وسريعٍ عن السببِ ثم نضعُ العلاجَ المناسب ، ولن يكون هذا إلا بتكاتفِ الجميعِ من بيتٍ ومدرسةٍ ومؤسساتٍ تربويةٍ وهيئاتٍ ذاتِ صلاحيةٍ للحدِّ منها ، والوقوفِ في طريقها .
الوقفةُ الثالثةُ : مثل هذا التصوير يجعلنا نقف مع دعاةِ إخراجِ المرأةِ من بيتها أو بالمعنى الحقيقي مع دعاةِ تحريرِ المرأةِ ، ونقولُ لهم : " هل ما زلتم بعد هذا المقطع مقتنعون بخروجِ المرأة للعملِ أو السياقةِ للسيارةِ وحضور المرأة إلى مدرجات سباق السيارات الذي سمعنا بها أخيراً ؟! " .
هل يأمنُ الواحدُ منا على عرضهِ وشرفهِ لو خرجت أختي وأختك أو ابنتي وابنتك أو زوجتي وزوجتك لقضاءِ أغراضها من السوقِ أو المجمعِ التجاري ؟!
لو فرضنا عرف أولياءُ أمور البنتين في مقطع الفيديو بهؤلاءِ الشبابِ فماذا ستكونُ العاقبةُ ؟ ربما يقع سفك دماء وقتل لأن العرض والشرفَ عند المسلم الحق عزيزٌ وغالٍ .
أجيبوا يا دعاةَ تحريرِ المرأةِ !
قد يحتجُ بعضُ دعاةِ تحريرِ المرأةِ بأن هذه حادثة عابرة لا يقاسُ عليها ، فنقولُ : كم من الحوادثِ العابرةِ حصلت في المجتمع أقمتم الدنيا وأقعدتموها ، ورفعتم عقيرتكم بها ، وصُورت على أنها قضايا ينبغي أن يُحسم فيها الأمرُ ، وصدق الله إذ يقولُ : " وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ " [ النور : 49 ] .
إلى جانب أن هذا ما نالته كاميرا الجوال ، وما لم تنله أدهى وأمر .(1/2)
الوقفةُ الرابعةُ : لا شك أن الشابات يتحملن وزراً من السعارِ الأخلاقي عند الشبابِ ، فالشابةُ التي تخرجُ بكاملِ زينتها من عباءةٍ مطرزةٍ ضيقةٍ مخصرةٍ ، ومن رائحةِ عطرٍ يفوحُ منها ، وضحكةٍ تصك الآذان ، وصوتٍ يفتنُ الشباب كلُّ هذه من عواملِ الفتنةِ التي تجعل الشبابَ يعيثون فساداً في أعراضهن .
وقد كثرت وسائلُ الفسادِ والإفسادِ في هذه الأزمان المتأخرةِ عما كان في السابق ، فالإنترنت والجوال وغرف المحادثة المصورة من التقنياتِ التي تطور الفسادُ بتطورها . نسألُ اللهَ أن يحفظ علينا أعراضنا .
الوقفةُ الخامسةُ : على ولاةِ الأمرِ أن يقفوا ضد هذه المظاهرِ الأخلاقيةِ الخطيرةِ التي تؤدي بالمجتمعِ إلى انحرافاتٍ خطيرةٍ لا يأمن المسلمُ معها على عرضهِ ، وكما قال عثمان رضي اللهُ عنه : " إن الله ليزعُ بالسلطانِ ما لا يزعُ بالقرآن " ، فقوةُ السلطان في مقابلةِ هذا الانحرافِ الخطيرِ له دوره في الحدِّ منه ، وبإقامةِ شرعِ الله فيهم سعادةٌ للمجتمع وأمانٌ له .
وعلى الدعاةِ من العلماءِ وطلابِ العلمِ التحذيرُ من الانحطاطِ الأخلاقي بسببِ البعدِ عن شرعِ اللهِ ، والتحذير من سلوك طريقِ الشيطانِ الذي يزينُ للشبابِ من الذكور والإناثِ الأعمال السيئة والأخلاق المشينة ، ولا بد للدعاةِ من استغلالِ وسائلِ التأثير على الناسِ كخطبِ الجمعةِ والدروسِ والمحاضراتِ للتذكيرِ بأخلاقِ الإسلامِ ، وبأهميةِ التربيةِ الإسلاميةِ للشبابِ والشاباتِ ، وإبعاد وسائلِ هدم الأخلاق ونشرِ الرذيلةِ من البيوتِ كالفضائياتِ وغيرها .
وختاماً نسألُ اللهَ أن يحفظ علينا أخلاقنا ، وأن يوفق شبابنا إلى أحسن الأخلاقِ ، كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
وَقَفَاتٌ مَعَ جُهُودِ عُلَمَاءِ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ فِي نَجْدٍ
فِي الرَّدِ عَلَى المُخَالِفِينَ
عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ آلُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالِمِيْنَ ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَبَعْدُ :
فَالرَّدُّ عَلَى المُخَالِفِينَ سَوَاء كَانُوا مِنْ المُبْتَدِعَةِ ، أو الكَافِرِيْنَ ، أو المُنَافِقِيْنَ ، أو غَيْرِهِم نَوْعٌ مِنَ الجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللهِ تَعَالَى ؛ فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ القُرُبَاتِ ، وَأَعْظَمِ الطَّاعَاتِ ، فَفِيْهِ إِظْهَارٌ لِلسَّنَةِ ، و تَحذِيرٌ مِنَ البِدْعَةِ ، وَقَضَاءٌ على الفِتْنَةِ ، و استِبانةُ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ.
وَالرَّدُّ عَلَى المُخَالِفِينَ لا يَكُوْنُ عَمَلاً صَالِحاً مَقْبُوْلاً إِلا إِذَا أُرِيْدُ بِهِ بَيَانُ الحَقِّ وَإِظهَارُهُ ، وَرَحْمَةُ الخَلْقِ وَهِدَايَتُهُم ، كما كان أَهْلُ السُّنَّةِ قَدِيْماً وَحَدِيْثاً : " يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ، وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ " .(1/1)
ولَيْسَ الحَدِيْثُ عن عُلَمَاءِ نَجْدٍ تعصُّباً لإِقلِيْمٍ .. فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ دعَاوَى الجَاهِلِيَّةِ ونَعَرَاتِ القَوْمِيَّةِ ، لَكِنَّهُ الحَدِيْثُ عن الأَقْرَبِيْنَ ، مِمَّنْ لهم مَوَاقِفُ رَائِعَةٌ مَغْمُوْرَةٌ ، وأَيادٍ بَيْضَاءُ مَنْسِيَّة ، وَجِهَادٌ وَدَعْوَةٌ وَصَبَرٌ وَتَضْحِيَةٌ كَغَيْرِهِم ، فمع أن عُلَمَاءِ نَجْدٍ كَانُوا مُنْشَغِلِينَ بالتَّدْرِيْسِ والفُتْيَا وَالقَضَاءِ وَغَيْرِهَا إلا أَنَّهُم اجْتَهَدُوا فِي الرَّدِّ عَلَى المُخَالِفِينَ أيّاً كَانُوا ، فَصَدَعُوا بِالحَقِّ لا يَخافون فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ، ولم تَمنَعْهُم سَطْوَةُ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ عن إِبلاغِ رِسَالَاتِ اللَّهِ تَعَالَى : " الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا " [ الأَحْزَاب : 39 ] .
اجْتَهَدَ عُلَمَاءِ نَجْدٍ فِي الرَّدِّ عَلَى المُخَالِفِينَ ، وَسَطَّرُوا كُتُباً كَثِيْرَةً ، وَرَسَائِلَ مُتَعَدِّدَةً فِي الرَّدِّ عَلَى طَوَائِفِ الكُفْرِ وَأَهْلِ البِدَعِ وَسَائِرِ المُخَالِفِينَ لِدِيْنِ اللهِ تَعَالَى ، وَدَوَّنُوا أَجوبَةً شَافِيَةً فِي إِزَالَة إِشكَالاَتٍ وَكَشْفِ شُبْهَاتٍ ، وَحَسْبُكَ أن تُلْقِيَ نَظْرَةً عَلَى الجُزْءِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ " الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ فِي الأَجوبَةِ النَجْدِيَّةٍ " ، و كِتَابِ : " مُخْتَصَرَاتِ الرُدُودِ " وتَبْلُغُ صفحَات هَذَا الجُزْءِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةِ صَفحَةٍ من الحَجْمِ الكَبِيْرِ مع أن هَذَا الجُزْءَ يَقْتَصِرُ عَلَى بعضِ الرُدُودِ لا كُلِّهَا ، و عَلَى مُخْتَصَرَاتِ الرُدُودِ دون مُطوّلاَتِها لتُعْرَفَ مدى ذلك .
ومِن خِلالِ مُتَابَعَةٍ وَاطِّلاعٍ لجُمْلةٍ من هذه الرُدُودِ ، أَقفُ بعضَ الوقَفَاتِ :(1/2)
1 - كَثْرَةُ الرُدُودِ وَتَعَدُّدِها وشَمُولُها :
مَا أَكْثَر الكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ الَّتِي دَوَّنَها أُوْلَئِكَ العُلَمَاءُ فِي الرَّدِّ على المُنْحرِفين ، ومَا أَكْثَر القَصائِدِ الَّتِي نَظْمَهَا العُلَمَاءُ في الجَوَابِ عَلَى المُبْتَدِعَةِ وَبَقِيَّةِ المُخَالِفِينَ ، وقد تَمَيَّزَ بعضُ عُلَمَاءِ نَجْدٍ بِكَثْرَةِ الرُدُودِ وتعدُّدِها ، ومن ذَلِكَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَسَن بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ ( ت 1385هـ ) ، وَابْنُهُ العَلاَّمَةُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ( ت 1393هـ ) ، وَالشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بنُ سَحْمَان ( ت 1349هـ ) والشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّوْسَرِيُّ ( ت 1399هـ ) والشَّيْخُ حَمْوُدُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُويْجْرِي ( ت1413هـ ) رَحِمَهُمُ اللهُ جَمِيْعاً .
ولقد كَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ ردّاً على دَاوُدِ بنِ جرجيس النَّقْشَبَنْدِي ، وَجملَةً مِنَ الرُدُودِ على عُثْمَانَ بنِ مَنْصُوْرٍ ، و ردّاً على ابنِ َحُمَيْدٍ صَاحِبِ " السُّحْبِ الوابِلَةِ " ، وردّاً على مَحْمُوْدٍ الكشميري ، وغيرهم .
وأما الرُدُودُ التي حَرَّرَها العَلاَّمَةُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ فهي كَثِيْرَةٌ ، منها : ردٌ مُطوّلٌ وآخرُ مختصر على دَاوُدِ بنِ جرجيس ، وَجملَةٌ مِنَ الرُدُودِ على عُثْمَانَ بنِ مَنْصُوْرٍ ، وَ " البرَاهينُ الإِسلامِيةُ فِي الرَّدِّ عَلَى الشُّبُهَاتِ َالفَارِسِيَّةِ " ، وَردٌ على الصَّحَّاف ، والبولاقي ، وابنِ عُمَيْرٍ ..(1/3)
وأما الرُدُودُ التي كَتَبَهَا الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بنُ سَحْمَان فهي كَثِيْرَةٌ جِداً ، منها : " الأَسِنَّةُ الحِدَادُ في الردّ على عَلَوِيٍّ الحَدَّادُ " ، وَ " الصَّوَاعِقُ المُرْسَلَةُ الشِهَابيةُ " الرد على مُحَمَّدٍ الكسم السُّوْرِيّ ، وَ " كشفُ غَياهِبِ الظَّلاَمِ " رداً على " مُخْتَارٍ العَظْم " ، وَ " الضِّيَاءُ الشارِقُ " رد اً على " الزهاوي " الشَّاعِرِ ، وله قَصائِدُ طَوِيْلَةٌ في دِيْوَانُهِ " عُقُودِ الجَوَاهِرِ المُنضدةِ الحِسَانِ في الرد على أَئِمَّةِ الضَّلاَلِ " مثل " أَحْمَد زيني دَحْلان " و " النَّبْهانِيِّ " وَنَحْوِهِم .
وَحَرَّرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّوْسَرِيُّ عَدَداً مِن المَقَالاَتِ والقَصَائِدِ في هَذَا البَابِ ، فَكَتَبَ ردّاً على أَحْمَدَ زَكِي رَئِيْسِ تَحْرِيْرِ مَجَلَّةِ " العَرَبِيَّ " ، وَنظم قصيدَةً فِي الرَّدِّ على الشَّاعِرِ القَرَوِيِّ ، وَردّاً على القُومِيينَ والاشتراكِيينَ في مَقَالاَتٍ مُتَعَدِّدَةٍ نُشِرَتْ في مَجَلَّةِ " رَايَةِ الإِسْلاَم " الَّتِي كَانَتْ تصدرُ في الرِياضِ ، ثمُّ توقَّفَت .
وَدَوَّنَ الشَّيْخُ حَمْوُدٌ التُويْجْرِي عِدةَ رُدُودٍ مِنها : " إِيضَاحُ المَحَجَّةِ فِي الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ طَنْجَةَ " ، ردّاً على أَحْمَدَ الصِّدِّيْقُ الغُمارِي ، وَ " الرَّدُّ القَوِيُّ على الرِّفَاعِيُّ وَالمَجْهُول وابنِ عَلَوِيّ " ، وَ " الانْتِصَارُ على من أَزْرَى بالمُهاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ " ردّاً على عَبْدِ اللهِ السَّعْدُ ، وَ السِّرَاجُ الوَهَّاجُ لِمحوِ أباطيلِ أَحْمَدَ شلبي عن الإِسْرَاءِ والمِعْراجِ " .(1/4)
وَلَمْ يَقْتَصِرْ عُلَمَاءُ نَجْدٍ في رُدُودِهِم على طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَحَسْبُ ، بل شَمَلَتِ رُدُودهم جَمِيْعَ الطَّوَائِفِ وَالمبتدعَةِ ، فَكَتَبُوا في الرَّدِّ على الملاَحدَةُ ، والزّنَادقَةِ ، وَالنَّصَارَى ، وَالبَاطِنِيَّةِ ، وَالمتَصَوِّفَةِ ، والخُرَافِيين ، وَكَذَلِكَ الرَّدُّ عَلَى الرَّافِضَةِ ، وَالأَشَاعِرَةِ وَغَيْرِهِمْ .
2- تَنَوُّعُ الرُدُودِ حَسْبَ اخْتِلاَفِ الأَحْوَالِ :
تَنَوَّعَت رُدُودُ عُلَمَاءِ نَجْدٍ وَاخْتَلَفَتْ حَسْبَ ما اسْتَجَدَّ مِنْ الانْحِرَافَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ ، فَغَلَبَ عَلَى رَسَائِل أَئِمَّةِ الدَّعْوَةِ زَمَنَ الدَّوْلَةِ السُعُودِيَةِ الأُوْلَى الرَّدُّ عَلَى المُخَالفِيْن في تَوْحِيْدِ العِبَادَةِ لِكَثْرَةِ المُخَالِفِ آنَذَاكَ ، وَأَظْهَرُ مِثَالٍ على ذلك ما نَجِدُهُ في مُؤْلَفاتِ وَرَسَائِلِ الشَّيْخِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ .
وَلَمَّا انْتَشَرَتْ الدَّعْوَةُ السَّلَفِيَّةُ فِي بَقِيَّةِ أَنْحاءِ الجَزِيْرَةِ العَرَبِيَّةِ وخَارِجَها احْتَاجَ الأَمْرُ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ وَتَفصيلٍ فِي مَبْحَثِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، وَذَلِكَ لِغَلَبَةِ الانْحِراف فِي هَذَا البَابِ فِي كَثِيْرٍ من بِلاَدِ المُسْلِمِيْنَ ، كما نَجِدُهُ جَلِيّاً في رَسَائِلِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أبي بطين ( ت1282هـ ) ، والشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَنٍ ، وَابْنِهِ العَلاَّمَةِ عَبْدِ اللَّطِيْفِ .(1/5)
وفِي هَذَا الزَّمَانِ اسْتفحَلَ حُكُمُ الطَّاغُوتِ في بِلاَدِ المُسْلِمِيْنَ ، الذي تَمَثَّلَ في الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ ، فاهتم عُلَمَاءِ نَجْدٍ بِالرَّدِّ على تلك الْقَوَانِينِ ، ومن ذلك ما سَطَرَهُ العَلاَّمَةُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ في رِسَالَتِهِ " تَحْكِيْمُ الْقَوَانِينِ " وفتَاويهِ وَأَجوبتهِ المُتَعَدِّدَةِ في تَقْرِيْرِ الْحَاكِمِيَّة للهِ تَعَالَى ، وَنَقْدِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْوَضْعِيَّةِ وَالْأَنْظِمَةِ الطَّاغُوتِيةِ [1] ، وَكَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّوْسَرِيُّ كِتَاباً فِي ثَلاَثَةِ أَجزَاءٍ بعُنْوَانِ " الْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ " في َنَقْدِ الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ .
وَلَمَّا ظَهَرَت مَوْجةُ الإِلحَادِ والاسْتِهْزاءِ بِالغَيْبِياتِ ، وَإِنْكَارِ وُجُوْدِ اللهِ تَعَالَى ، كما هو عند الشُّيُوعِيَّيْن ، انْبَرَى لهم عُلَمَاءُ نَجْدٍ ، فَكَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السِّعْدِيُّ ( ت 1376هـ ) رِسَالَةً بعُنْوَانِ " الأَدِلَّةُ القَواطِعُ وَالبرَاهينُ في إِبْطَالِ أُصُوْلِ المُلْحِدِيْنَ " ، وَكَتَبَ رِسَالَةً أُخْرَى بعُنْوَانِ " انْتِصَارُ الْحَقِّ " في المَوْضُوْعِ نَفْسِهِ .
وَكَتَبَ الشَّيْخُ بنُ سَحْمَان جَوَاباً عن أَسْئِلَةٍ أَلْقَاهَا بَعْضُ زَنَادِقَةِ عَصْرِهِ سنة 1332هـ ، حيث تَتضمَّنُ هذه الأَسْئِلَةُ طَعْناً فِي الحِكْمَةِ الإِلَهِيَّةِ فِي تشرِيعِ مَنَاسِكِ الحَجِّ ، وَسَمَّى جوَابَهُ " إِقَامَةُ الحُجَّةِ وَالدَّلِيْلِ وإِيضَاحُ المَحَجَّةِ والسَّبِيْلِ " .(1/6)
وعندما زَاغَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلَيٍّ القَصِيمِيُّ ، تَصَدَّى له عُلَمَاءُ نَجْدٍ بِالرَّدِّ فَأَلَّفَ الشَّيْخُ السِّعْدِيُّ رِسَالَةً بعُنْوَانِ " تَنْزِيْهُ الدِّيْنِ وَحَمَلَتِهِ عَمَّا افْترَاهُ القَصِيمِيُّ في أَغْلاَلِهِ " ، وَأَلَّفَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيْمُ السويح ( ت 1369هـ ) كِتَاباً بعُنْوَانِ " بَيَانُ الهُدَى مِنَ الضَّلاَلِ في الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الأَغْلاَلِ " ، وَصَنَّفَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بنُ يَابِس ( ت1389هـ ) كِتَاباً بعُنْوَانِ " الرَّدُّ القَويمِ على مُلْحِدِ القَصِيمِ " .
3 - لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الرُدُودُ تَرَفاً أو فُضُولاً أو كَلاَماً بَارِدَاً :(1/7)
لقد كان البَاعثُ على تَدْوِيْنِ تلك الرُدُودِ هو الغَيْرَةُ عَلَى دِيْنِ اللهِ تَعَالَى ، وَالذَّبُّ عن شَعَائِرِ اللهِ ، وَ الغَضَبُ لِحُرُمَاتِ اللهِ عَزَ وَجل ، فهذه ال جُهُودِ في الرَّدِّ علَى المُخَالِفِينَ من مُقْتَضَيَاتِ الوَلاَءِ وَالبَرَاءِ ، ومن لَوازِمِ الحُبِّ في اللهِ والبُغْضِ في اللهِ ، الذي يُعَدُّ أَوْثَقَ عُرَى الإِيْمَانِ كما أَخْبَرَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ ، ومن ثَمَّ فإن أَحَدَهُم يَردُ عَلَى المُخَالِفِ أَياً كان ، سَوَاءً أَكَانَ حَاكِماً أو مَحَكُوماً ، قَرِيْباً ً أو بَعِيْداً ، مع مُراعَاتِهِم لأَحْوَالِ ِالنَّاسِ وَمَنَازِلَهِم ، وَمَدَى قُرَّبِهِم أو بُعْدِهِمْ عَنِ الحَقِّ ، فَعَلَى سَبِيْلِ المِثَالِ نَجِدُ الشَّيْخَ حَمَدَ بنَ عَتِيْقٍ ( ت1301هـ ) يَرُدُّ على اعتِرَاضَاتِ أَحَدِ الحُكَّامِ فِي زَمَانِهِ ، كما ردَّ على أَخْطَاءٍ فِي تَفْسِيْر " فَتْحِ البَيَانِ " لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ صِدِّيْق حسن رَحِمَهُ اللهُ ، وَكَانَ الشَّيْخُ حَمَدُ فِي غَايَةِ الصَّلاَبَةِ وَالشِّدَّةِ مع ذاك الحَاكِمِ ، بينما كَانَتْ رسَالَتُهُ إلى الشَّيْخِ مُحَمَّدِ صِدِّيْق حسن فِي غَايَةِ اللُّطْفِ وَاللينِ فَمَع مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ صِدِّيْق من أَخْطَاءٍ وهَنَاتٍ فِي تَفْسِيْرِهِ ، ومع ما اشْتُهِرَ عن ابنِ عَتِيْقٍ مِن الغَيْرَةِ الإِيمَانِيَةِ وَالقُوَّةِ فِي دِيْنِ اللهِ تَعَالَى ، إلا أَنَّنَا نَجِدُ الشَّيْخَ ابنَ عَتِيْقٍ يَلْتَمِسُ لمُحَمَّدِ صِدِّيْق المَعَاذِيْرَ ، ويُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ ، لِما كان عليه مُحَمَّدُ صِدِّيْق من عُمُوْمِ لاتِّبَاعِ لمَذْهَبِ السَّلَفِ الصَّالِحِ .(1/8)
لقد صَدَعَ الشَّيْخُ بِكَلِمَةِ الحَقِّ أَمَامَ حُكَّامِ زَمَانِهِ ، فلم يُدَاهنْ أَحَداً منهم بل رَدَّ عليهم دون خوفٍ فَقَالَ في إِحْدَى رَسَائِلِه مُخاطِباً أَحَدَهُمْ : " وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ من التّخويفَاتِ فجوَابُهُ : " إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم " [ هود : 56 ] ، و نصَدَعُ بالحَقِّ إِنْ شَاءَ اللهُ ، ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِهِ ، ولا يَمْنَعُنا من ذلك تّخويفُ أحدٍ [2] .
ولا غَرابَةَ أَنْ يَقُوْمَ الشَّيْخُ هَذَا المَقَامَ الرّفِيعَ ، فلقد كان من الْمُدَافِعِين عَنْ هَذَا الدَّيْنِ ، وَالْغِيرَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ شُغْلَهُ الشَّاغل ، وهَمُّهُ الوَحِيدُ ، حتى إِنّهُ كَتَبَ جَوَاباً لمن عَزَّاهُ في وَفَاةِ ابْنَيْهِ قَائِلاً : " وَلَكِنْ وَاللهِ مَا بَلَغْت مُصِيْبَتِي الابْنَينِ مِعشَارَ ما بَلغ بي من المُصِيْبَةِ التي حَلتَ بِكَثِيْرٍ مِنَ الإِخْوَانِ .. بَيْنَمَا الرَّجُلُ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيْدِ ، وَيُحَذِّرُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ إذا هو مُنْقَلِبٌ عَلَى عَقِبَيْهِ " [3]
--------------------
[1] انظر فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 12/250 ، 254 ، 264 ، 270 ، 468 .
[2] الدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/261 .
[3] هداية الطريق في رسائل وفتاوى الشيخ حمد بن عتيق ص 229 .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/9)
يا خُطباءَ الجمع ... ذكروا الناسَ بهذهِ الآيةِ العَظِيْمَةِ
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ العَظِيْمَةِ حَصَلَتْ فِي الأَيَّامِ المَاضِيَةِ ، لا يَنْبَغِي أَنْ تَمُرَّ عَلَى خُطَبَاءِ الجُمَعِ مُرورَ الكِرَامِ ، فَقَدْ كَانَ نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغِلُّ مِثْلَهَا لِلتَّحذِيرِ وَالتَّذكيرِ ، فَعِنْدَمَا خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : " كَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيم " ، فَبَيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا بَاطِل لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَادَفَ مَوْت إِبْرَاهِيم رَضِيَ اللَّه عَنْهُ .
وَالزَّلْزَالُ الَّذِي حَصَلَ وَغَرِقَت بِسَبِبِهِ دُوَلٌ آيَة تَسْتَحِقُّ التَّذكيرَ ، وَخَاصَّةً أَنَّهَا قَرِيْبَةٌ مِنَّا كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلكُمْ مِنْ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَات لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " ، وَقَوْله : " وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة أَوْ تَحُلّ قَرِيبًا مِنْ دَارهمْ " .
الآيَاتُ مِنَ القُرْآنِ :
1 - قَالَ تَعَالَى : " وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا " [ الإِسْرَاءُ : 59 ] .
عَنْ قَتَادَة قَوْله : " وَمَا نُرْسِل بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا " وَإِنَّ اللَّه يُخَوِّف النَّاس بِمَا شَاءَ مِنْ آيَة لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ ، أَوْ يَذَّكَّرُونَ ، أَوْ يَرْجِعُونَ " .
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : " وَمَا نُرْسِل بِالْعِبَرِ وَالذِّكْر إِلَّا تَخْوِيفًا لِلْعِبَادِ " .(1/1)
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى " (24/264) : " وَالزَّلَازِلُ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ كَمَا يُخَوِّفُهُمْ بِالْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالْحَوَادِثُ لَهَا أَسْبَابٌ وَحِكَمٌ فَكَوْنُهَا آيَةً يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ هِيَ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ ... " .ا.هـ.
2 - وَقَالَ تَعَالَى : " وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلكُمْ مِنْ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَات لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " [ الأَحْقَافُ : 27 ] .
3 - وَقَالَ تَعَالَى : " إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا " [ الزَّلْزَلَةُ : 1 - 2 ] .
قَالَ عَطِيَّةُ سَالِم فِي " تَتمتِهِ لأَضْواءِ البَيَانِ " : ولذا فَإِنّ الزَّلْزَالَ أَشَدُّ مَا شَهِد العالمُ مِنْ حَرَكَةٍ ، وَقَدْ شُوهِدت حَرَكَاتُ زِلْزَالٍ فِي أَقلمِنْ رُبعِ الثانِيةِ فَدمَّرَ مُدُناً وَحَطمَ قُصُوراً ، ولذا فَقَدْ جَاءَ فِي وَصفِ هَذَا الزَّلْزَالِ بِكُونِهِ شَيْئاً عَظِيْماً فِي قَوْلهِ تَعَالَى : " إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيْمٌ " [ الحَجّ : 1 ] ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الشِّدَّةِ تِكرَارُ الكَلِمَةِ فِي " زُلْزِلَتِ " وَفِي " زِلْزَالَهَا " كَمَا تُشعرُ بِهِ هَذِهِ الإِضافَةُ " .ا.هـ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي زَمنِ وُقُوْعِ الزَّلْزَالِ فِي الآيةِ :(1/2)
مِنَ العُلَمَاءِ مَن ذَهَبَ إِلَى أَنّها فِي الدُّنْيَا ، وَهِي مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ : " فِي هَذَا قَتَلْتُ ، وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي ، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا " .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1013) .
وَذَهَبَ آخَرُوْنَ أَنَّهَا زَلْزَلَةُ يَوْمِ القِيَامَةِ لِقَوْلهِ تَعَالَى : " يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ " .
الأَحَادِيْثُ مِنَ السُّنَّةِ :
التَّذكيرُ وَالوَعْظُ عِنْدَ وُقُوْعِ الْآيَاتِ :
1 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ " .
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ : " قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَوِّفُ اللهُ عِبَادَهُ بِالْكُسُوفِ " .
قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ : " آيَتَانِ مِنْ آيَات اللَّه " أَيْ : الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيَّة اللَّه وَعَظِيم قُدْرَته أَوْ عَلَى تَخْوِيف الْعِبَاد مِنْ بَأْس اللَّه وَسَطَوْته ، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى : " وَمَا نُرْسِل بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا " .
وَقَالَ أَيضاً : " وَلَكِنْ يُخَوِّف اللَّه بِهَا عِبَاده " مُوَافِق لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَمَا نُرْسِل بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا " .(1/3)
2 - عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَت : " زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ حَتَّى اصْطَفَقَتْ السُّرَرُ ، فَوَافَقَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَلَمْ يَدْرِ ، قَالَ فَخَطَبَ عُمَرُ لِلنَّاسِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : " لَقَدْ عَجِلْتُمْ " ، قَالَ : " وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا قَالَ : " لَئِنْ عَادَتْ لَأَخْرُجَنَّ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانِيكُمْ " .
أَخْرَجَهُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " مُصَنَّفَهِ " (2/473) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " سُنَنِهِ " (3/342) بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ .
كَثْرَةُ الزَّلاَزِلِ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ :
3 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ - وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ .
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ : " مَا قِيلَ فِي الزَّلاَزِلِ وَالْآيَاتِ " .
قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ : " قَدْ وَقَعَ فِي كَثِير مِنْ الْبِلَاد الشَّمَالِيَّة وَالشَّرْقِيَّة وَالْغَرْبِيَّة كَثِير مِنْ الزَّلَازِل وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِكَثْرَتِهَا شُمُولهَا وَدَوَامهَا " .ا.هـ.
وَالوَاقعُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ ، وَهِي مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى .
4 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : " كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً ، وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا ... " . أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ .(1/4)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ : " الَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عَدّ جَمِيع الْخَوَارِق تَخْوِيفًا ، وَإِلَّا فَلَيْسَ جَمِيع الْخَوَارِق بَرَكَة ، فَإِنَّ التَّحْقِيق يَقْتَضِي عَدّ بَعْضهَا بَرَكَة مِنْ اللَّه كَشِبَعِ الْخَلْق الْكَثِير مِنْ الطَّعَام الْقَلِيل وَبَعْضهَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ اللَّه كَكُسُوفِ الشَّمْس وَالْقَمَر ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الشَّمْس وَالْقَمَر آيَتَانِ مِنْ آيَات اللَّه يُخَوِّف اللَّه بِهِمَا عِبَاده " وَكَأَنَّ الْقَوْم الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بِذَلِكَ تَمَسَّكُوا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى : " وَمَا نُرْسِل بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا " ، وَوَقَعَ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق الْوَلِيد بْن الْقَاسِم عَنْ إِسْرَائِيل فِي أَوَّل هَذَا الْحَدِيث " سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بِخَسْفٍ فَقَالَ : كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد نَعُدّ الْآيَات بَرَكَة ، الْحَدِيث " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/5)
يا روادَ منتديات الحوار
أين نحنُ من سلامةِ الصدرِ بيننا ؟
الحمد لله القائل في محكم كتابه : " وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ " [ الذاريات : 55] .
قال ابن كثير في تفسيره : أي إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين القائل : إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ . رواه مسلمٌ من حديث جابر رضي الله عنه .
إن الناظر فيما يقع بين الإخوة من شحناءٍ وبغضاءٍ بسبب سوء فهم ، أو عمل غير مقصود ، أو غير ذلك من الأسباب ليحزنُ أشدَ الحزنِ على ذلك .
وإننا نرى أن الشيطان قد نجح في زرع هذه العداواتِ ، وكيف لا وهو الذي أخذ العهد على نفسه بمثل هذه الأفعال .
ومما يبعث الحزن أكثر أن تجد هذا الأمر بين أناس من خيار شباب المجتمع ، بل ممن تربوا على العلم الشرعي الذي يحصن المسلم من الوقوع في مثل هذه الزلات ، والهفوات ، والتي قد تحسب عليه ، نسأل الله السلامة والعافية .
وفي هذا الموضوع أريد أن أذكر نفسي أولا ، ثم إخواني ثانيا بخصلة عظيمة نسيناها أو تناسيناها في زحمة المشاغل الدنيوية ، وعدم القراءة لسير سلف هذه الأمة .
هذه الخصلة هي " سلامةُ الصدرِ " .
نقف في هذا التذكير مع نصوص الكتاب والسنة ، ومع سير سلف هذه الأمة ، لعلنا نصلح ما قد أفسده الشيطان بين الإخوان .
نقف في هذا التذكير مع أنفسنا وقفة صادقة متجردة من الهوى ، وحظوظ النفس ، ونسأل أنفسنا : هل صدورنا وقلوبنا سليمةٌ على إخواننا الذين أخطأوا في حقنا ؟
1- سلامةُ الصدرِ في القرآن :
- فضل كظم الغيظ ، والعفو عن الناس :
يقول تعالى : " الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ آل عمران : 134](1/1)
الشاهد من الآية " وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ " .
يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تيسير الكريم الرحمن ( ص 148) :
" وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ " أي : إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم - وهو امتلاء قلوبهم من الحنق ، الموجب للانتقام بالقول أو الفعل - ، هؤلاء لا يعملون بمقضى الطباع البشرية ، بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ ، ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم .
" وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ " يدخل في العفو عن الناس ، العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل ، والعفو أبلغ من الكظم ، لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء ، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة وتخلى عن الأخلاق الرذيلة ، وممن تاجر مع الله ، وعفا عن عباد الله رحمة بهم ، وإحسنا إليهم ، وكراهة لحصول الشر عليهم ، وليعفو الله عنه ، ويكون أجره على ربه الكريم ، لا على العبد الفقير كما قال تعالى : " فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ " [ الشورى : 40] .ا.هـ.
اللهم اجعلنا ممن يكظمون غيظهم ، ويعفون عن الناس .
- يوسف عليه السلام يضرب المثل في سلامة الصدر :
قال تعالى : " قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " [ يوسف : 91 - 92] .
الله أكبر ! يوسف في موقف القوة ، وكان باستطاعته بإشارة منه أن ينتقم ممن آذاه ، ولكن سلامة الصدر ، والعفو ، والصفح .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في فوائده المستنبطة من قصة يوسف ( ص 62) :(1/2)
الفائدة السبعة والعشرون : مبلغ عفو يوسف عليه السلام : ومنها : ما مَنَّ الله به على يوسف من حسن عَفْوه عن إخوانه ، وأنه عفا عمّا مضى ، ووعد في المستقبل أن لا يثرب عليهم ، ولا يذكر منه شيئا لأنه يجرحهم ويحزنهم ، وقد أبدوا الندامة التامة ، ولأجل هذا قال : " مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي " [ يوسف : 100] .
ولم يقل : من بعد أن نزغهم ، بل أضاف الفعل إلى الشيطان ، الذي فرَّق بينه وبين إخوته . وهذا من كمال الفتوة وتمام المروءة .ا.هـ.
- ثناءُ اللهِ على الأنصار بسبب سلامةِ صدورهم - رضي الله عنهم - :
قال تعالى : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا " [ الحشر : 10]
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (10/119) :
وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار فقال : " وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " أى مما أوتى إخوانهم المهاجرون . قال المفسرون : لا يجدون فى صدورهم حاجة أي : حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون ، ثم قال بعضهم : من مال الفيء ، وقيل : من الفضل والتقدم .ا.هـ.
قال الشوكاني في فتح القدير (5/201) :
" وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً " أي : لا يجد الأنصار في صدورهم حسدا وغيظا وجزازة .ا.هـ.
- الدعاء بخلو قلب المؤمن من الغل على المؤمنين :
قال تعالى : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " [ الحشر : 1]
قال الإمام الشوكاني في فتح القدير (5/202) :(1/3)
" وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا " أي : غشا وبغضا وحسدا . أمرهم الله سبحانه بعد الاستغفار للمهاجرين والأنصار أن يطلبوا من الله سبحانه أن ينزع من قلوبهم الغل للذين آمنوا على الأطلاق ، فيدخل في ذلك الصحابة دخولا أوليا لكونهم أشرف المؤمنين ، ولكون السياق فيهم .ا.هـ.
وأكتفي بهذه الآيات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
2 - سلامةُ الصدرِ في السنة :
- اللهُ يأمرُ نبيهُ بأخذِ العفو :
قال تعالى : " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " [ الأعراف : 199] .
قال الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التفسير ، باب خذ العفو ، وأمر بالعرف ، وأعرض عن الجاهلين :
حَدَّثَنَا يَحْيَى ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا فِي أَخْلَاقِ النَّاسِ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ أَوْ كَمَا قَالَ .
- وصفُ التوراةِ للنبي صلى الله بسلامةِ الصدرِ :(1/4)
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ، قَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا " [ الأحزاب : 45] وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ ، وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا . رواه البخاري (2125) .
وقد تأكد هذا الوصف من كلام عائشة رضي الله عنها .
عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ . رواه الترمذي (2016) ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي : ولكن يعفو : أي في الباطن .
ويصفح : أي يعرض في الظاهر عن صاحب السيئة لقوله تعالى : " فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ المائدة :13] .ا.هـ.
- مواقفُ من سلامةِ الصدرِ عند نبينا صلى الله عليه وسلم :(1/5)
لقد ضرب نبينا صلى الله عليه وسلم المثل في هذا الباب العظيم ، وهذه الخصلة ، فكانت له مواقف يقتدى بها صلى الله عليه وسلم وهي :
1 - ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش :
لقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش له الكثير ، ولكنه صلوات الله وسلامه عليه صبر ، وسلم صدره منهم على كفرهم ، وعنادهم . وهاهي عائشة رضي الله عنها تسأله عن هذا الأمر .
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ ؟ قَالَ : لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، فَقَالَ : ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا . رواه البخاري (3231) .(1/6)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/364) :
وفي هذا الحديث بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على قومه , ومزيد صبره وحلمه , وهو موافق لقوله تعالى : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ " [ آل عمران : 159] ، وقوله : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " [ الأنبياء : 107] .ا.هـ.
2 - موقفُ النبي صلى الله عليه وسلم من أهلِ مكةَ بعدما دخلها فاتحاً :
كان للنبي صلى الله عليه وسلم موقف مع أهل مكة عندما دخلها منتصرا ، فاتحا . وكان بإمكان النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتقم لنفسه من أذى قريش له عندما كان في مكة صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ضرب لنا مثلا رائعا في الصفح ، والعفو عن حقه ضد من آذاه في دعوته إلى الله . وقد استثنى النبي صلى الله عليه وسلم الذين أهدر دماؤهم صلى الله عليهم وسلم .
عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أُصِيبَ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا وَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ فِيهِمْ حَمْزَةُ فَمَثَّلُوا بِهِمْ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ : لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِثْلَ هَذَا لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ " [ النحل : 126] فَقَالَ رَجُلٌ : لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُفُّوا عَنْ الْقَوْمِ إِلَّا أَرْبَعَةً .
رواه الترمذي (3129) ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ .
ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على المسند (5/135) بلفظ :(1/7)
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قُتِلَ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا ، وَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَئِنْ كَانَ لَنَا يَوْمٌ مِثْلُ هَذَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ : لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِنَ الْأَسْوَدُ وَالْأَبْيَضُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا نَاسًا سَمَّاهُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ " [ النحل : 126] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَصْبِرُ وَلَا نُعَاقِبُ .
وقد أورد هذا الحديث الشيخ مقبل الوادعي في " الصحيح المسند من أسباب النزول " ( ص 91) ، وحسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (35/152) .
3 - موقفُ النبي صلى الله عليه وسلم من الأعرابي الذي خنقهُ :(1/8)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ . رواه البخاري (5809) .
ونكتفي بهذه المواقف من النبي صلى الله عليه وسلم .
- ما هو القلبُ المخمومُ ؟ :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ . قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ : هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لَا إِثْمَ فِيهِ ، وَلَا بَغْيَ ، وَلَا غِلَّ ، وَلَا حَسَدَ . رواه ابن ماجة (4216) .
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/299) : هذا إسناد صحيح رواه البيهقي في سننه من هذا الوجه .ا.هـ.
وقال الألباني في الصحيحة (2/669 ح 948) : وهذا إستاد صحيح رجاله ثقات .ا.هـ.
قال السندي في حاشيته على سنن ابن ماجة :
قوله ( كل مخموم القلب ) : قال السيوطي : بالخاء المعجمة ، قال في النهاية : هو من خممت البيت إذا كنسته ونظفته . قوله ( ولا غل ) بالكسر الحقد .
- قصة الصحابي الذي بات عنده عبد الله بن عمرو مع بيان ضعفها :(1/9)
عَنِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ : إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ ، قَالَ : نَعَمْ .(1/10)
قَالَ أَنَسٌ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا ، فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ ، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ ، وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ . قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ .
رواه أحمد (3/166) .
وهذا الحديث ضعيف لأن فيه انقطاعا بين الزهري وأنس بن مالك رضي الله عنه .
قال االحافظ المزي في تحفة الأشراف (1/395) :
قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ : لم يسمعه الزهري من أنس ؛ رواه عن رجل عن أنس ؛ كذلك رواه عقيل وإسحاق بن راشد وغير واحد ، عن الزهري ؛ وهو الصواب .ا.هـ.
وقال االحافظ ابن حجر في النكت الظراف :(1/11)
قلت : وذكر البيهقي في الشعب : أن شعيبا رواه عن الزهري ، حدثني من لا أتهم ن عن أنس . ورواه معمر ، عن الزهري ، أخبرني أنس ؛ كذلك أخرجه أحمد عنه . ورويناه في مكارم الأخلاق ، وفي عدة أمكنة عن عبد الرزاق . وقد ظهر أنه معلول .ا.هـ.
وقال العلامة الألباني – رحمه الله – في ضعيف الترغيب والترهيب (2/247) :
قلت : هو كما قال – يقصد الشيخ الألباني قول المنذري : رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري ومسلم - ، لولا أنه منقطع بين الزهري وأنس ، بينهما رجل لم يسم كما قال الحافظ حمزة الكناني على ما ذكره الحافظ المزي في تحفة الأشراف ، ثم الناجي ، وقال : وهذه العلة لم ينتبه لها المؤلف . ثم أفاد أن النسائي إنما رواه في " اليوم والليلة " لا في " السنن " على العادة المتكررة في الكتاب ، فتنبه .
قلت : أخرجه عبد الرزاق في المصنف ومن طريقه جماعة منهم أحمد : قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : أخبرني أنس بن مالك . وهذا إسناد ظاهر الصحة ، وعليه جرى المؤلف والعراقي في " تخريج الإحياء " ، وجرينا على ذلك برهة من الزمن ، حتى تبينت العلة ، فقال البيهقي في " الشعب " عقبه : ورواه ابن المبارك عن معمر فقال عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس . ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ، قال : حدثني من لا أتهم .. ، وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري . وانظر " أعلام النبلاء " (1/109) .
ولذلك قال الحافظ عقبه في " النكت الظراف على الأطراف " : فقد ظهر أنه معلول .ا.هـ.
وذهب الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (20/125) إلى تصحيح الحديث فقال : إسناده صحيح على شرط الشيخين .ا.هـ.
وفي سير أعلام النبلاء (1/109) قال الشيخ شعيب في الحاشية رقم (2) على حديث أنس : ذكره صاحب الكنز ونسبه إلى ابن عساكر ، وقال : ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن ابن شهاب قال : حدثني من لا أتهم ، عن أنس .. ا.هـ.(1/12)
يعلق شيخ الإسلام ابن تيمية على القصة في الفتاوى (10/119) فيقول :
فقول عبد الله بن عمرو له : هذه التي بلغت بك ، وهي التي لا نطيق . يشير إلى خلوه وسلامته من جميع أنواع الحسد .ا.هـ.
- عمرُ بنُ الخطاب وقافٌ عند كتاب الله :
عَنِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ ، وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ : يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ ، قَالَ : سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ ؛ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ ، وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ . فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ ، فَقَالَ الْحُرُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " [ الأعراف : 199] وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ ، فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ .
رواه البخاري (7286) في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال االحافظ ابن حجر في الفتح (13/274) :(1/13)
قال الطيبي : ما ملخصه أمر الله نبيه في هذه الآية بمكارم الأخلاق فأمر أمته بنحو ما أمره الله به ، ومحصلهما الأمر بحسن المعاشرة مع الناس وبذل الجهد في الإحسان إليهم والمداراة معهم والإغضاء عنهم وبالله التوفيق .
فهذه بعض المواقف من سلامة الصدر في السنة النبوية ، ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر .
انتهى ،،،
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/14)
يَا وُزَرَاءَ الصِّحَّةِ ... غَيِّرُوا هَذَا الشِّعَارِ
شِّعَارُ الثُّعْبَانِ عَلَى زُجَاجٍ الصَّيَدَلِيَاتِ إِلَهُ الشِفَاءِ عِنْدَ الإِغرِيقِ
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
تَعَوَّدَنا عَلَى رُؤْيَةِ شِّعَارِ الثُّعْبَانِ عَلَى زُجَاجٍ الصَّيَدَلِيَاتِ ، وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَدُنَا نَفْسَهُ :
" إِلَى مَاذَا يَرْمُزُ هَذَا الشِّعَارِ ؟ " .
قَدْ تَكُوْنُ حَقِيقَةُ الشِّعَارِ مَعْرُوْفَةً لِلبَعْضِ ، لَكِنَّهَا مَجْهُوْلَةٌ لِلكَثيرِ مِنْهُم ، وَمُصِيْبَتُنَا الكُبْرَى أَنَّنَا نَتَلَقَّفُ مَا عِنْدَ الغَرْبِ مِنْ غَيرِ تمْحِيصٍ .
الثعبان شعاراً للصيدليات
المجيب عبد الحكيم محمد بلمهدي
التصنيف السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ : حوادث وعبر
التاريخ 2/5/1424هـ
من موقع الشيخ سلمان العودة
السؤال
سمعنا أن شعار الثعبان الموجود على الصيدليات هو إله الشفاء عند الإغريق، فأرجو توضيح الأمر، وبيان الجواب بالمراجع الموثقة، والله يحفظكم.
الجواب
الحمد لله، نعم إن الشعار الذي يوضع على معظم الصيدليات والمراكز الطبية في العالم هو رمز لإله الطب عند الإغريق، وهو المعروف عندهم باسم (اسكليبيوس)، وهو ينحدر من عائلة تعاطت الطب في زمنهم، وجده على ما قالوا هو الإله (أبولو)، وهو أيضاً من آلهة الطب، وزوجته أو ابنته على الخلاف بين مؤرخيهم هي إلهة الصحة واسمها (هيجيا) .
ومما ذكروه عنه أن شيرون علمت اسكليبيوس أسرار الطب بالأعشاب، وتعاطي هذه المهنة حتى تفوق فيها، ولكنه خالف تعليمات من علموه فحاول إحياء الموتى ببعض الأعشاب، وذكروا أنه وفق في ذلك، وهذا ما يفسر تجني بعض الغربيين ممن قالوا بأن عيسى -عليه السلام- أخذ علم إحياء الموتى من كتب الإغريق وأنه وفق للنبتة التي ضل عنها كثير من الناس وأن ذلك ليس معجزة من الله .(1/1)
ويرمزون لهذا الإله بصورة رجل يحمل بيمينه عصا يلتف حولها ثعبان، والرجل هو (اسكليبيوس) ، والعصا شعار المسافر الذي لا يقر له قرار، والثعبان دليل المعرفة، فهو الذي عرف اسكليبيوس بنبتة الحياة، ولهم في ذلك قصة، وهي أن اسكليبيوس هذا كان مسافراً، وفي أحد الأيام برز له ثعبان وهو في الفلاة، وبينما هو ينظر إليه إذ خرج ثعبان آخر يحمل في فيه نبتة حتى وضعها في فم الثعبان الميت، وما هي إلا لحظات حتى عادت الحياة إلى الثعبان الأول، فعلم اسكليبيوس بسر هذه النبتة وأصبح يستخدمها في إحياء الموتى .
والملاحظ أن معظم الصيدليات لا تضع صورة اسكليبيوس وإنما صورة العصا والثعبان، وأحياناً الثعبان يلتف حول كأس ، وإن كان ذلك موجوداً في بعض البلدان الغربية ، وللكأس أيضاً قصة عندهم ، وأحيل السائل إذا أراد الاستزادة حول الموضوع بالرجوع إلى الموسوعات العالمية العربية وغيرها في المصطلحات التالية :
(اسكليبيوس) للباحث في الموسوعات العربية مثل الموسوعة العربية العالمية، الموسوعة الميسرة:
(asclepius) للباحث في الموسوعات الإنجليزية.
(Esculape) للباحث في الموسوعات الفرنسية.
(Asklepios) أو (Asclepios) للباحث في الموسوعات الإيطالية والإسبانية.
يمكن البحث في الشبكة العالمية لمن لا يتيسر له الرجوع للموسوعات بالكلمات السابقة.
والأولى بالمسلمين أن يتركوا هذا الشعار ويتجنبوه، وإن كان أكثرهم لا يعرف مدلوله، ويستبدلوه بشعار آخر كما فعلوا في المنظمات الإغاثية، إذ استبدلوا شعار الصليب بالهلال، وهذا أمر ميسور والحمد لله، خاصة وأن المسلمين لهم قدم السبق في علم الصيدلة وهذا ما يقر به الغربيون أنفسهم.
يَا وُزَرَاءَ الصِّحَّةِ
يَا أَيُّهَا الصَيادِلةُ
مِنُ هَذَا المِنْبَرِ نُطَالِبُ بِتَغْييرِ هَذَا الشِّعَارِ إِلَى شِّعَارٍ يتَنَاسَبُ مَعَ دِيْنِنَا وَقِيمِنا .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)