عقود الجمان
في
علم المعاني والبيان
تأليف
الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي
المتوفى سنة (911 )هـ
- وهو نظم لكتاب تلخيص المفتاح للخطيب القزويني المتوفى سنة (739)هـ(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأعزاء أقدم لكم ألفية البلاغة المسماة
(عقود الجمان في علم المعاني والبيان )
نظم الإمام العلامة جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ
وقد نظم فيها كتاب تلخيص المفتاح لجلال الدين القزويني وقد اشتهر الإمام السيوطي بجودة النظم بل هو من أبرع الناظمين في زمانه .فقد نظم رحمه الله تعالى في أغلب فنون الآلة ولم يختر إلاالكتب المهمة الأجمع في كل فن وماعليه اعتماد المتأخرين :
1-في (علم النحو ) فقد نَظَمَ ألفية سماها : (الفريدة في النحو والتصريف والخط) وشَرَحهافي كتاب سماه [المطالع السعيدة ] وهو مطبوع.ولكنها لم تشتهر كما اشتهرت ألفية ابن مالك وعلى الأخيرة الإعتماد في هذا الفن.وقد نظمها في ثلاثة أيام.
2 _ ( في علم البلاغة )نَظَمَ كتاب تلخيص المفتاح للقزويني السابق الذكر في ألفية تسمى (عقود الجمان في علم المعاني والبيان ) .وقد نظمها في يومين.
3- في (علم أصول الفقه ) نَظَمَ كتاب جمع الجوامع للعلامة تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى الذي جمعه من زهاء مئة مصنف في الأصول في منظومه سماها ( الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع ) في 1480 بيت .
4-في (علم مصطلح الحديث ) نَظَمَ كتاب مقدمة ابن الصلاح في ألفية لكنها لم تشتهر كاشتهار الفية الحافظ العراقي . لأنها أقعد في الفن ولإمامة مؤلفها وقد خُدمت بالشرح من نخبة من علماء الحديث .
وقد أوصى شيوخنا حفظهم الله تعالى بحفظ المتون لأنها تُرَسِّخ العلم في ذهن الطالب وتبني طالب العلم بناء محكماً.
وأعرف من طلاب العلم من حفظ هذه المنظومات وزاد عليها .(1/1)
فأوصيك ياطالب العلم بحفظ هذه المنظومات ولاتنثني عنها الإ لعارض الموت ..ولاتقل هذا من المحال .. فإن كلَّ الفية لاتأخذ من طالب العلم سوى سنة واحدة فقط إذا واظب على حفظ ثلاثة أبيات كل يوم بإستثناء شهري رمضان والحج ..فإن كان طالب العلم لايستطيع أن يفعل ماذكر فليشتغل بالعبادة خيراً له .....وقد خُدمت هذه الألفيات بالشرح من عدد من العلماء.
وهذه المنظومة التي أقدمها أليكم لاأعلم أنها طُبعت مفردة إلى يومنا هذا فشمرت عن ساعد الجد وأمضيت في كتابتها زمنا ليس بالقصير وأتعبت نفسي رجاءخدمة لغة القرآن ورجاء النفع في الدارين... إلا أنها تحتاج إلى ضبط وتصحيح لبعض الأبيات ولإنشغالي عنها بعلوم أخرى أحببت ألا أحرم إخواني منها ممن هو بصدددراستها .
ولعدم تفرغي لضبطها آثرت نشرها على شبكة الإنترنت حتم يعم بها النفع للجميع .
راجيا الدعاء لي ولوالدي وذريتي ومشايخي ............والله من وراء القصد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه أخوكم أبو عبدالله
...(1/2)
قال الفقير عابد الرّحمن ... الحمد للّه على البيان
و أفضل الصلاة و السلام ... على النبي أفصح الأنام
وهذه أرجوزة مثل الجمان ... ضمنتها علم المعاني والبيان
لخصت فيها ماحوى التلخيص مع ... ضمّ زيادات كأمثال اللمع
ما بين إصلاح لما ينتقد ... وذكر أشياء لها يعتمد
و ضمّ ما فرقه للمشبه ... والله ربي أسأل النفع به
و أن يزكى عملي و يعرضا ... عن سوئه وأن ينيلنا الرّضا
مقدمة
يوصف بالفصاحة المركب ... ومفرد و منشئ مرتب
و غير ثان صفه بالبلاغة ... و مثلها في ذلك البراعة
فصاحة المفرد أن لا تنفرا ... حروفه كهعخع استشزرا
وعدم الخلف لقانون جلى ... كالحمد لله العلي الأجلل
و فقده غرابة قد ارتجا ... كفاحما ومرسنا مسرجا
قيل وفقد كرهه في السمع ... نحو جرشاه وذا ذو منع
وفي الكلام فقده في الظاهر ... لضعف تأليف وللتنافر
في الكلمات وكذا التعقيد مع ... فصاحة في الكلمات تتبع
فالضعف نحو جفوني ولم ... أجف الأخلاء وما كنت عمى
وذو تنافر أتاك النصر ... كليس قرب قبر حرب قبر
كذاك أمدحه الذي تكررا ... والثالث الخفاء في قصد عرا
لخلل في النظم أو في الانتقال ... إلى الذي يقصده ذوو المقال
وأن لا يكثر التكرّر ... ولا الإضافات وفيه نظر
وحدّها في متكلم شهر ... ملكة على الفصيح يقتدر
بلاغة الكلام أن يطابقا ... لمقتضى الحال وقد توافقا
فصاحة والمقتضى مختل ... حسب مقامات الكلام يؤلف
فمقتضى تنكيره وذكره ... والفصل الايجاز خلاف غيره
كذا خطاب للذكيّ والغبيّ ... وكلمة لها مقام أجنبي
مع كلمة تصحبها فالفعل ذا ... إن ليس كالفعل الذي تلا إذا
والارتفاع في الكلام وجبا ... بأن يطابق اعتبارا ناسبا
وفقدها انحطاطه فالمقتضى ... مناسب من اعتبار مرتضى
ويوصف اللفظ بتلك باعتبار ... إفادة المعنى بتركيب يصار
وقد يسمى ذاك بالفصاحة ... ولبلاغة الكلام ساحة
بطرفين حدّ الاعجاز عل ... وماله مقارب والأسفل
هو الذي إذا لدونه نزل ... فهو كصوت الحيوان مستفل
بينهما مراتب وتتبع ... بلاغة محسنات تبدع
وحدها في متكلم كما ... مضى فمن إلى البلاغة انتمى(1/1)
فهو فصيح من كليم أو كلام ... وعكس ذا ليس يناله التزام
قلت ووصف من بديع حرّره ... شيخي وشيخه الامام حيدره
ومرجع البلاغة التحرز ... عن الخطأ في ذكر معنى يبرز
والميز للفصيح من سواه ذا ... يعرف في اللغة والصرف كذا
في النحو والذي سوى التعقد ... المعنوي يدرك بالحسّ قد
وما به عن الخطا في التأدية ... محترز علم المعاني سميه
وما عن التعقيد فالبيان ... ثم البديع مابه استحسان
الفن الأول: علم المعاني
و حده علم به قد تعرف ... أحوال لفظ عربي يؤلف
مما بها تطابق لمقتضى ... حال وحدى سالم ومرتضى
يحصر في أحوال الإسناد وفي ... أحوال مسند إليه فاعرف
و مسند تعلقات الفعل ... و القصر و الإنشاء ثمّ الوصل
والفصل والإيجاز والإطناب ... و نحوه تأتيك في أبواب
مسئلة
محتمل للصدق والكذب الخبر ... وغيره الإنشا و لا ثالث قر
تطابق الواقع صدق الخبر ... وكذبه عدمه في الأشهر
و قيل بل تطابق اعتقاده ... ولو خطا والكذب في افتقاده
ففاقد اعتقاده لديه الجاحظ الصدق الذي يطابق ... واسطة و قيل لا عليه
و فاقد مع اعتقاده الكذب ... معتقدا و واقعا يوافق
و وافق الراغب في القسمين ... وغير ذا ليس بصدق أو كذب
ووصف الثالث بالوصفين
أحوال الإسناد الخبري
القصد بالاخبار أن يفادا ... مخاطب حكما له أفادا
أو كونه علمه و الأوّلا ... فائدة الاخبار سمّ واجعلا
لازمها الثاني وقد ينزل ... عالم هذين كمن قد يجهل
لعدم الجري على موجبه ... وما أتى لغير ذا أول به
فليقتصر على الذي يحتاج له ... من الكلام وليعامل عمله
فان يخاطب خالي الذهن من ... حكم ومن تردّد فلتغتنى
عن المؤكدات أو مردّد ... وطالبا فمستجيدا أكدا
أو منكرا فأكدن وجوبا ... بحسب الإنكار فالضروبا
أولها سمّ ابتدائيا وما ... تلاه فهو الطلبي وانتمى
تاليه للانكار ثم مقتضى ... ظاهره إيرادها كما مضى
وربما خولف ذا فليورد ... كلام ذي الخلق كالمردد
إذا له قدم ما يلوح ... بخبر فهو لفهم يجنح
كمثل ما يجنح من تردّدا ... لطلب فالحسن أن يؤكدا
ويجعل المقرّ مثل المنكر ... إن سمة النكر عليه تظهر(1/2)
كقولنا لمسلم وقد فسق ... يا أيها المسكين إن الموت حق
ويجعل المنكر إن كان معه ... شواهد لو يتأمل مردعه
كغيره كقولك الاسلام حق ... لمنكر والنفي فيه ما سبق
ثم من الاسناد ما يسمى ... حقيقة عقلية كأن ما
يسند فعل للذي له لدى ... مخاطب وشبهه فيما بدا
كقولنا أنبت ربنا البقل ... وأنبت الربيع قول من جهل
وجاء زيد مع فقد الفعل ... علما وما يدعى المجاز العقلي
إسناده إلى الذي ليس له ... بل لملابس وقد أوّله
وأنه يلابس الفاعل مع ... مفعوله ومصدر وما اتبع
من الزمان والمكان والسبب ... فهو إلى المفعول غير ما انتصب
وفاعل أصل وغير ذا مجاز ... كعيشة راضية إذا تجاز
والسيل مفعم وليل ساري ... وجد ّ جدّهم ونهر جاري
وقد بنيت مسجدا وقائل ... أوّله يخرج قول الجاهل
من ثم لم يحمل على ذا الحكم ... أشاب كرّ الدهر دون علم
فقل مجاز قول الألمعي ... ميز عنه قنزعا عن قنزع
جذب الليالي أبطئ أو أسرعي ... لقوله عقيب هذا المطلع
أفناه قيل الله للشمس اطلعى ... حتى إذا واراك أفق فارجعي
أقسامه حقيقتان الطرفان ... أو فمجازان كذا مختلفان
كأنبت البقل شباب العصر ... والأرض أحياها ربيع الدهر
وشاع في الإنشاء والقرآن ... يقول يا هامان مثل ذان
وشرطه قرينة تقال ... أو معنوية كما يحال
قيامه في عادة بالمسند ... أو عقل أو يصدر من موحد
كهزم الأمير جنده الغوى ... وجاء بي إليك حبك القوي
وفهم أصله يكون واضحا ... كربحت تجارة أى ربحا
وذا خفا كسرّني منظركا ... أى سرني الله لدى رؤيتكا
ويوسف أنكر هذاجاعله ... كناية بأن أراد فاعله
حقيقة ونسبة الانبات له ... قرينة وقد أباه النقله
أحوال المسند إليه
فلاجتناب عبث قل حذفه ... أو لاختبار سامع هل ينبه
أو قدر فهمه وجنح لدليل ... أقوى هو العقل له قلت عليل
أو صونه عن ذكره أو صونكا ... أو لتأتي الجحدان تجنح لكا
أو كونه معينا أو ادعا ... أو المقام صيق أو سمعا
وذكره للأصل أو يحتاط إذ ... تعويله على القرينة انتبذ
أو سامع ليس بذي تذكير ... أو كثرة الايضاح والتقرير
أو قصده تحقيره او رفعته ... أو بركات شانه أو لذته(1/3)
أو بسطه الكلام حيث يطلب ... طول المقام كالذي يستعذب
وكونه معرفة فمضمر ... إذ المقام غائب أو حاضر
والأصل في الخطاب ان يعينا ... مخاطب وفقد ذاك يعتنى
كقوله سبحانه ولو ترى ... لكي يعم كل شخص قد يرى
وعلم لأجل أن يحضر في ... ذهن بعينه باسمه الوفي
في الابتدا كقل هو الله أحد ... أو لكناية ورفعة وضد يوصل للتقرير أو إن فخما
أو لتبرك ولذة وما ... كأنّ ما أهدى إليك يعمله
أو فقد علم سامع غير الصلة ... تنبيهه على الخطا ونحو ذا
أو هجنة التصريح بالاسم كذا ... لخبر وقد يكون ذا هنا
أو لإشارة إلى وجه البنا ... أو غيره أو لسواه وزد
ذرية لرفع شأن المسند ... وقال في الايضاح في هذا نظر
ذريعة لأجل تحقيق الخبر ... أكمل تمييز كهذا من غزا
واسم إشارة لكي يميزا ... مستبلد كالبيت ذي المجامع
كذا لتعريض بأن السامع ... أو بعد أو تحقيره بالقرب
أو لبيان حاله من قرب ... أو كونه بالوصف بعده حرى
أو رفعه بالبعد أو تحقر ... قد زاده على المواضى يوسف
أو لم يكن بغير ذاك يعرف ... أو لحقيقة وربما ترد
ثم بأل إشارة لما عهد ... نحو ادخل السوق ولا عهد عنى
لواحد لعهده في الذهن ... حقيقة كعالم الغيب قدم
كالنكر معنى ولأفراد تعم ... أشمل إذ صح ّ وجود مفرد
ومنه عرفي وعموم المفرد ... في الدار دون ما إذا فرد يقال
ورجلين مع قول لا رجال ... و بين الافراد بالاتفاق
ولا تنافي بين الاستغراق ... عن وحدة وبالاضافة استقرّ
لأنه يدخل مع قطع النظر ... إليه أو مضاف هذا أو خلاف
للاختصار أو لتعظيم المضاف ... عبد إمام المسلمين عندي
هذين أو إهانة كعبدي ... عنه ومن أل ذا بهذى أثبت
قلت والاستغراق لكن سكتوا ... نوع مجاز وترقق جلا
ويوسف رأى الإشارة إلى ... كرجل نوعية أو رفعته
ودونه نكرة لوحدته ... وقد أتى لرفعة وكثرته
أو ضدّها أو كثرة أو قلته ... وغيره نكر قصدا لعظم
قد كذبت رسل مثال فافهم ... والنوع والافراد حقا عنا
نحو بحرب ولضدّ ظنا ... أو قصد العموم إن نفيا ولى
في دابة من ماء الذي تل ... ذو القول والسامع غير ذلك
أو لتجاهل أو أن لا يدركا ... إذا أتت نكرة مكررة(1/4)
ثم من القواعد المشتهره ... توافقا كذا المعرفان
تغايرا وإن يعرّف ثاني ... لن يغلب اليسرين عسر أبدا
شاهدها الذي روينا مسندا ... وقال ذى قاعدة مستشكله
ونقض السبكي ذى بأمثلة ... تأكد والمدح والذمّ رأوا
ووصفه للكشف والتخصيص أو ... توهم المجاز والسهو اندفع
وكونه أكد للتقرير مع ... لكشفه نحو أبو حفص عمر
أو عدم الشمول والبيان قر ... ذا الباب والمسند أو ردّ نفى
والعطف للتفصيل بالايجاز في ... أو صرف حكم للسوى في عطف بل
به الخطا في جا أبوك لا الأجل ... ذلك مما حرف عطف قد حوى
والشك والتشكيك قلت أو سوى ... لزيد تقرير و إيضاح يقال
وبدل الشئ وبعض واشتمال ... والميز من نعت وللتأكد
والفصل تخصيصا له بالمسند ... تقدم المسند أمر مرتضى
وكونه مؤخرا فلاقتضا ... لكونه الأصل ومخرج عدم
وكونه مقدما إذ هو المهمّ ... في المبتدا تشوق له أخذ
أو لتمكن خبر في الذهن إذ ... أو لمساءة العدوّ العاذل
أو سرعة السرور للتفاؤل ... أو لازم الخاطر والذي شبه
أو كونه يوهم الاستلذاذ به ... تالى نفى نحو ما أنا أضرّ
ٍ قيل وللتخصيص بالفعل الخبر ... ولا سواى القياس متضح
أى بل سواى ولهذا لم يصحّ ... وما أنا ضربت إلامن عدا
ولا كما أنا رأيت أحدا ... على الذي يزعم غيره انفرد
وما سوى التالي لتخصيص وردّ ... بنحو لا غيري أكد أولا
أو شاركوا نحو أنا الذي علا ... تقوية الحكم كذا يولى الندا
ونحو وحدي ثانيا ووردا ... فذا علا عن لا تذمّ ولو تضمّ
ولو نفى الفعل كأنت لا تذم ... للحكم والفعل إن النكر تلا
أنت إذ التأكيد للمحكوم لا ... كرجل جا لا رجال أو مره
فهو لجنس أو لفرد حصره ... فاعله معنى فقط مؤخرا
وقال يوسف كذا إن قدرا ... لم يستفد غير التقوّي فاستمع
وإن يجز ولم يقدر أو منع ... ففاعلا في اللفظ أيضا قدرا
إلا منكر و لو إن أخرا ... خشية فقد للخصوص إذ خلا
بجعله من الضمير مبدلا ... من ابتداء لا معرفا وسم
من سبب سواه فالمنع لزم ... شرّ أهرّ ذا أذى أما على
بشرط فقد مانع التخصيص لا ... أهر شر غير خير و أما
جنس فلامتناع أن يراد ما ... لقصدهم وإذ هموا قد صرحوا(1/5)
على انفراد فهو ليس يجنح ... الا فبالتنكير فظع شأن شر
تخصيصه إذ أوّلوا بما أهر ... قال وزيد عالم إذا استتر
و في جميع قوله هذا نظر ... من قام لا كمثله إذ ينسب
فيه ضمير في التقوى يقرب ... لم تك جملة ولا كهى بنا
لشبه خال صفة و من هنا ... مثلك لا يبخل يا ابن العالم
مما يرى تقديمه كالازم ... أنت إذا لم يك تعريض لشى
و مثله غيرك لا يجود أى ... سواك يا فردا بلا مشبه
و لم أقل مثلك أعنى به ... لم يأت إذ تأخيره هنا يدل
و ربما قدّم إذ عم ككل ... عن كل فرد وهو حكم قبلا
على انتفا الحكم عن المجموع لا ... كل بأن أداته تقدمت
الشيخ إن في حيز النفى أتت ... أو عمل المنفي فيه عنا
كقوله ما كل ما تمنى ... آخذ كل المال أو ذا قدّمن
كما أتى الرجال كلهم ولن ... أثبت للبعض وإلا فليعم
توجه النفى إلى الشمول ثم ... عليّ ذنبا كله لم أصنع
كأصبحت أم الخيار تدعى
مسئلة
قد يخرج الكلام عما ذكرا ... من ذلك المضمر عما أظهرا
كنعم عبدا وضمير الشان ... ليثبت التاليه في الأذهان
و عكسه إشارة للاعتنا ... بكونه مميزا إذ ضمنا
حكما بديعا وادّعاء الشهرة ... أو الندا على كمال الفطنة
لسامع و الضدّ و التهكم ... به كمثل ما إذا كان عمى
و غيرها زيادة التمكين قد ... مثله بقوله الله الصمد
أو ليقوى داعى المأمور ... أو يدخل الروع على الضمير
أو المهابة و الاستعطاف ... قلت كذا الوصلة للأوصاف
و عظم الأمر و تنبيه على ... علته وعود معناه على
و قال في المفتاح كل ما ذكر ... ليس بمختص بذا الذي قدر
بل غيبة وأخواها قد نقل ... كل لآخر التفات مستقلّ
ورد فالأشهر أنه أخصّ ... لأنه التعبير عن معنى ينص
من الثلاث بعد ذكر بسواه ... منها ليرفل الكلام في حلاه
لأن نقل القول في المهايع ... أنشط للاصغاء في المسامع
و قد يخص كل موضع نكت ... كمثل ما أم الكتاب قد حوت
فالعبد إذ يحمد من يحق له ... ثم يجىء بالسمى المبجله
فكلها محرّك الاقبال ... لمالك الأمور في المآل
فيوجب الاقبال و الخطابا ... بغاية الخضوع والتطلابا
للعون في كلّ مهم يقصد ... وقس عليه كلّ ما قد يرد(1/6)
و لم يكن في جملة كما في ... عروس الافراح وفي الكشاف
ومن خلاف المقتضى إن جاوبا ... مخاطبا بغير ما ترقبا
بحمله على خلاف قصده ... لأنه أولى به من ضده
أو سائلا بغير ما قد سأله ... لأنه الأولى أو المهمّ له
ومنه ماض عن مضارع وضع ... لكونه محققا نحو فزع
قلت وللاشراف أو إبراز كا ... في معرض الحاصل غير ذلكا
ومنه قلب كعرضت الابلا ... على الحياض ثم هل ذا قبلا
ثالثها الأصح إن لم يقتضى ... معنى لطيفا لا وإلا فارتضى
كمهمه مغبرة أرجاؤه ... كأن لون أرضه سماؤه
و منه ذكر جمع أو مثنى ... أو مفردا عن آخر قد عنا
والانتقال من خطاب بعض ذى ... إلى خطاب آخر نوع شذى
أحوال المسند
فتركه لا مضى و يحتمل ... كليهما صبر جميل قد نقل
و شرطه قرينة كذكر ... سؤال أو تقديره لخبر
قد يجى من أوّل أو آخر ... وصالحا الذين عند السابر
و خبر المبتدا أو إن أو ... كان على قبح وفعلا بعد لو
و ذكره لا مضى أو حتم ... مجيئه بالفعل أو بالاسم
قلت وللتعجيب في المفتاح قد ... زاد وفي الايضاح ردّ وانفرد
لكونه لا سببيا مع عدم ... إفادة القوة للحكم المتم
والسببي ما جرى لغير ما ... يسبقه كهند عبدها انتمى
و كنه فعلا لأن يقيدا ... بوقته ويفهم التجددا
و اسما لفقد قيده ما ذكرا ... قلت وقال بعض من تأخرا
إفادة الثبوت للاسم فقد ... إن كان ما يتلوه فعلا وانتقد
و كونه مقيدا بقيد ... لنحو مفعول لزيد القيد
ونحو كنت قائما كان الذي ... قيدت المنصوب لا العكس احتذى
و الترك للمانع كانتهاز ... لفرصة تغنم والايجاز
و كونه قيد بالشرط لأن ... يفيد معنى الأدوات كيف عن
و كلها مبسوطة في النحو ... وابحث هنا في إن إذا ولو
فغير لو للشرط في الاستقبال ... لكنّ إن تختصّ بالمحال
لكونها في الأصل للذي عدم ... جزما وعكسها إذا من ثمّ عمّ
الماضي فيها والجزم إن ترد ... تجاهلا أو لمخاطب فقد
جزما وللتوبيخ والذي يرى ... كجاهل إذ ما على العلم جرى
كذا لتغليب الذي لم يتصف ... به على المصوف ثمّ ذا عرف
في غير ما فنّ كمثل العمرين ... القانتين الخافقين القمرين
قلت: ومن يشرط أن يغلبا ... أدنى أو الأعلى فلن يصوبا(1/7)
واختصتا بالجملة الفعلية ... مستقبلا وتركه لنكتة
كمثل إبراز الذي لم يحصل ... في صورة الحاصل والتفاؤل
والقصد للرغبة في وقوعه ... وقيل والتعريض من فروعه
نحو لئن أشركت والتعريض سم ... بمنصف الكلام ممن قد حكم
و منه مالى تلوه لا أعبد ... وحسنه إسماع من قد يقصد
خطابه الحقّ على وجه منع ... غضبه إذ لم يكن فيما صنع
نسبته للذّمّ و الاعانة ... على قبوله لما أبانه
من نصحه إذ لم يرد له سوى ... مراده لنفسه كما نوى
ولو لشرط الاض وانتفائه ... لا لانتفا المشروط أو بقائه
فذاك باللازم هكذا اذكر ... جماعة وشيخنا له نصر
من ثم غالبا تلي الفعلية ... وفعل جزأيها الزمن مضيه
و لانحتام كون ذاك واقعا ... وقصد الاستمرار جا مضارعا
وقصد الاستحضار مثل ما أتى ... في غير ذا وقد تقضى ضدتا
قلت وأما نفيه فالأحرف ... ستّ لمعنى كلّ حرف يؤلف
فما وإن كليس نفى الحال ... لا ولن لنفى الاستقبال
وافترقا ن أنّ للتأكيد لن ... ونفى ما كان حصوله يظنّ
قيل وللتأبيد لكن تركا ... وخصه لاابن خطيب زملكا
قال ولن لنفي ما قد قربا ... والارتشاف فيه هذا قد أبى
ولم ولما نفى ماض وانفرد ... لما بالاستغراق مع مدخول قد
و كون ما اسند ذا تنكر ... لقصد أن لا عهد أو لم يحصر
كذاك للتفخيم أو للضعف ... وكونه مخصصا بالوصف
أو باضافة لكونها أتمّ ... فائدة وتركه للفقد عمّ
و كونه معرّفا ليفهما ... مخاطب حكما على ما علما
ببعض ما عرف بالذي جهل ... أو لازما كذا أخي أو الأجل
عهدا أو الجنس أرد كعكس ... ذين وقد يفيد قصر الجنس
ذو اللام تحقيقا على شيئ كذا ... مبالغا كهو الأمير والأذى
ومن يقل معين للابتدا ... اسم وللاخبار وصف فارددا
وجملة تجئ للتقوية ... أو سببيا كان كالاسمية
فعلية شرطية لما مضى ... ظرفية تقديرها الفعل رضا
فلاختصارها وفي تأخيره ... لنكتة اهتمام شأن غيره
وعكسه لكونه بالمسند ... إليه مخصوصا كما فيها عدى
من ثم في لا ريب فيه أخرا ... كي لا يفيد الريب فيما غبرا
أو فهم الاخبار به من أول ... أو لتشوّق أو التفاؤل
قلت وللمفعول إنما بنى ... لكونه في الذكر نصب الأعين(1/8)
أو السياق دل أو لا يصدر ... عن غيره أو كونه يحقر
كذاك للجهل والاختصار ... والسجع والروى والايثار
تنبيه
غالب هذا الباب والذي خلا ... يجىء في سواهما تأملا
الفعل أو بقية العوامل ... مع اسمها المنصوب مثل الفاعل
في ذكره ليفهم التعلقا ... دون إفادة الوقوع مطلقا
فحذفه إن أطلق الاثبات له ... أو نفيه للاسم أعنى فاعله
لكونه نزل كالكلام لا ... مقدر فيه فأما جعلا
الفعل كانيا عن الفعل يخص ... معمول دل عليه نوع نص
كشجو حسادك أن يرى بصر ... أي أن يكون مبصرا لما ظهر
أو لا يكون مثل ما تلونا ... هل يستوي الذين يعلمونا
أما الذي يحذف وهو ما رفض ... فلائقا قدر وفي هذا الغرض
من بعد الابهام البيان مثل شا ... مالم يك التباسه مستوحشا
أو دفع أن يبتدر الذهن إلى ... غير المراد واعتناء كملا
بذكر الايقاع له بعد على ... صريحه أو أدب مع العلا
أو اختصار مع دليل قام له ... أو هجنة أو أن تراعى الفاصله
كذا إفادة العموم بالكلام ... كقوله يدعو إلى دار السلام
ونحو ذا وكونه مقدّما ... لرد تعيين الخطا من ثم ما
يقال ما أبو البقاء لمته ... ولا سواه لا ولكن عبته
أما في الاشتغال فالتأكيد إن ... قدر ما فسر قبله يعن
وبعد تخصيص وهذا يغلب ... فيه كيا ربي إليك أرغب
وقد يفيد في الجميع الاهتمام ... به ومن ثم الصواب في المقام
تقدير ما علق باسم الله به ... مؤخرا فان يرد بسببه *
تقديمه في سورة اقرأ فهنا ... كان القراءة الأهم المعتنى
قلت وشرط الاختصاص منع أن ... يستوجب التقديم أو بالوضع عن
أو كان مصلحا لأن يركبا ... وبعضهم للاختصاص قد أبى
ويرفع الخلاف قول السبكي ... ليس رديف الحصر غير شك
وبعض معمولاته يقدم ... على السوى إذ أصله التقدم
والاقتضا لمعدل كأول ... أعطى وكالفاعل أو لخلل
يحصل بالتأخير في معناه أو ... تناسب والاختصاص قد حكوا
وقد يجى عن مصدر سواه ... لنكتة تدرك من فحواه
ونكتة التمييز حين حوّلا ... فخامة تدرك حين يجتلى
الباب الخامس:القصر
إما حقيقي وإما غير ذا ... فالقصر للموصوف والوصف اللذا
أعم معنى أول الحقيقي ... كأنما محمد صديقي(1/9)
أي ماله وصف سواه يورد ... وهو عزيز لا يكاد يوجد
والثاني منه غالب كليس في ... ذا الدار إلا ذا وربما يفى
مبالغا إذ غيره ما اعتد به ... وأول المجاز خذ لا يشتبه
تخصيص أمر صفة دون صفه ... أو وضعت عنها وثاني ذى الصفه
تخصيصه الوصف بأمر دون ما ... سواه أو مكان ذاك فهما
ضربان فالخطاب بالأول من ... ضربيهما لمن لشركة يظن
فقصر إفراد لقطع الشركة ... والثاني من يعتقد العكس التى
فقصر قلب أو تساويا لدى ... مخاطب فقصر تعيين بدا
والشرط في الموصوف إذ ما يفرد ... أن لا تنافي في الصفات يوجد
والقلب إن يوجد والتعيين عم ... وطرق القصر كثيرة تضم
كالعطف زيد قائم لا قاعد ... وليس عمرو شاعرا بل حامد
والنفي مع إلا كما محمد ... إلا رسول ما الحمى إلا اليد
وإنما وما أصاب الجاحد ... كأنما الله إله واحد
كذا إذا قدمته نحو بنا ... مرّ وفي الوصف تميمى أنا
قلت وقيل أن بالفتح وما ... كأنما يوحى إليّ أنما
وذكر مسند إليه وكذا ... تعريفه ومسند وغير ذا
واختلفت من أوجه فالوضع قل ... للكل لا التقديم فالفحوى يدل
والأصل ذكر مثبت والمنفي ... في أوّل نعنى به في العطف
وربما لكره الاطناب سقط ... وفي البواقي ذكر مثبت فقط
والنفي لا يجامع الثاني فلا ... لا تنف إن نفى بغيرها خلا
وللأخيرين وقد تجامع ... كأنما أنا الندى لا اللامع
وقيل شرط جمعه مع إنما ... أن لا يخصّ الوصف بالذي انتمى
وقيل شرط الحسن وهو أقرب ... وأصل ثان جهل من يخاطب
وجحده لما له يستعمل ... ويجعل المعلوم كالذ يجهل
فخذ له الثاني لأمر ناسبا ... واستعملنه مفردا أو قالبا
كمثل ما محمد إلا رسول ... إذ أعظموا مماته مثل الجهول
أي هو مقصور عليها ما عدا ... إلى التبرى من هلاك وردى
وقوله:إن أنتم إلا بشر ... لزاعم الرسل سواه وأصر
مخاطب على ادّعا الرساله ... وقولهم إن نحن مثل القاله
من المجاراة لخصم كي عثر ... إرادة التبكيت لا للنفي قر
وإنما بعكسه كأنما ... هذا أخواك أي فرق وارحما
وربما ينزل المجهول في ... دعوى الظهور كسواه فتفي
ثم على العطف لها مزيه ... إذ يعلم الحكمان بالمعيه(1/10)
ومثلها التقديم في التعريض ... وخير ما تورد في التعريض
يجئ بين مبتدا وخبر ... والفعل مع تعلق لا المصدر
وأخرن ما عليه قد قصر ... مستثنيا مع الأداة وندر
تقديم هذين لئلا يلزما ... قصر الصفات قبل أن تتمما
وأخرن في إنما لئلا ... يعرض لبس غير مثل إلا
في القصر والمنع من الجمع للا ... وإنما جا القصر في الذي خلا
لأن نفي فارغ الاستثنا ... موجه إلى الذي يستثنى
منه مقدّر وعاما ناسبا ... تاليه جنسا فاذا ما أوجبا
شيئ بالا منه جاء قطعا ... ووضع ذى هنا أتم صنعا
الباب السادس:الانشاء
وإنما المقصود منه الطلبي ... طالب ما يفقد وقت الطلب
أنواعه منها التمني ووضع ... ليت له ولو محالا فاستمع
كمثل يا ليت الشباب عائد ... وقد يجى بهل كهل من عاضد
لفقده علما وهكذا بلو ... ويوسف كأن منهما حذوا
هلا وألا بانقلاب الهاء مع ... لولا ولو ما بمزيد ما وقع
إذ أشربا معنى التمنى ليفى ... في الماض تنديم كذا التحضيض في
مستقبل هلا أتيت هلا ... تجى وخذ تمنيا بعلا
فانصب جوابها كليت والخبر ... تضمينه لفظ التمني مستطر
ومنها الاستفهام بالهمز وهل ... ما من وأيّ كم وكيف أين دلّ
أنى متى أيان فالهمز اذكر ... لطلب التصديق والتصوّر
نحو أزيد قائم أذاك خلّ ... أم عسل قلت وذو التصديق حل
تاليه أم منقطعا والثاني ... متصلا ولم يقبح بانى
نحو أزيد قام الجهولا ... عرفت ثم أولها المسئولا
بها كفاعل ومفعول بما ... مضى وفعل في أخلت المنتمى
قلت وذا الحكم لغيرها استقرّ ... كذاك في العروس والطيبي ذكر
وهل لتصديق فقط كهل أتى ... زيد وهل عمرو أبو هذا الفتى
من ثم لا يعطف بعدها بأم ... ونحو هل زيد اضر بت القبح أم
إذ أفهم التقديم تصديقا حصل ... بالفعل نفسه خلاف ما اشتغل
وقال في المفتاح هل عبد عرف ... قبح له ولازم عما وصف
جواز هل زيد وبعض عللا ... قبحهما بأن هل تأصلا
رديف قد والهمز قبل حذفا ... لكثرة الوقوع قلت اختلفا
في كونها تفيد ذاك فضلا ... عن كونها لذاك وضعا أصلا
وإنما الزمخشري قاله ... وكم إمام رد ذى المقاله
وخصصت مضارعا بما يجى ... فلا تقل هل تطردين المرتجى(1/11)
كما يجى في همزة لأجل ... ذين لها تخصص بالفعل
من ثم أنتم شاكرون بعد هل ... من تشكروا لطلب الشكر أدل
لأن إبراز الذي جدد في ... معرض ثابت أدل إذ يفي
على كمال الاعتنا بأن حصل ... ومن أأنتم وعلى الثبوت دل
لأن هل للفعل أدعى منها ... فتركه معها أدل كنها
من ثم لا يحسن هل مليحى ... منطلق إلا من الفصيح
وهل بسيط للوجود يطلب ... وما وجوده لشى مركب
فأول كهل سكونه وجد ... والثان هل سكونه دوم عهد
تنبيه
مستفهم التصديق يوسف وفى ... للحكم بالثبوت أو بالانتفا
ومن نفى مستفهم النفى بهل ... كصاحب المصباح والمغنى وهل
بالباقيات يطلب التصور ... فما لشرح الاسم قبل تذكر
أو لحقيقة المسمى وهل ... بسيطة رتبتها الأولى تلى
ومن بها يطلب أن يعينا ... مشخص يعلم نحو من هنا
وقيل ما للجنس والوصف تعم ... ففي جواب ما لديك الثوب أم
وفي جواب ما أخوك المرتضى ... ومن لجنس عالم وما ارتضى
لا وصفه واسأل بأى عما ... يميز الشركة فيما عما
واسأل بكم عن عدد وكيف عن ... حال وأين للمكان والزمن
متى وأيان لذى استقبال ... قيل وللتفخيم في الأهوال
أنى ككيف تارة كأنى ... شئتم ومن أين كثيرا عنا
وربما تستعمل الأداة في ... سواه كاستبطائه وإن يفي
تعجب كمثل مالي لا أرى ... كذا لتنبيه الضلال قد عرى
وللوعيد كألم أؤدب ... زيدا لمن يرى مسىء الأدب
كذا لتقرير بهمز قد سبق ... مقررا به وللانكار حق
وذا لتكذيب وتوبيخ يرد ... ولتهكم وتهويل وضد
كذا للاستبعاد قلت ألفا ... فيها كتاب قد محا عنها الخفا
وزيد للتشويق والترغيب مع ... تسوية والعرض والأنس وقع
والأمر والنهي وقد يجتمعا ... مثل تعجب وتوبيخ معا
وهل ترى المعنى الأصيل يسبر ... مع هذه أو زال فيه نظر
فصل
والأمر من أنواعه ثم الأصح ... صيغته باللام أولا قد وضح
لطلب الفعل مع استعلا ... وقد يجى للعال كالدعاء
وللمساوى فالتماس وترد ... إباحة كذا لتهديد قصد
* ولاهانة وللتسخير ... والخبر والتعجيز والتخيير
وللتمني وامتنان والعجب ... تسوية والاحتقار والأدب
وقال في المفتاح للفور اقتضى ... قلت أعمّ منه في القول الرضى(1/12)
والنهى فاعدده من الانشاء ... وحرفه لا وهو ذو استعلاء
وقد يجى طالب غير الكف ... والترك كالتهديد للتشفي
قلت:وللتقليل وامتنان ... وللدّعاء الارشاد والبيان
وهذه الأنواع قد يقدر ... شرط يليها جازما لايذكر
كليت لي مالا أصدق أى إن ... أرزقه زرني أشف أي إن زرتني
وولد العرض من استفهام ... فقل ألا تنزل تعد السامي
ولدليل جاز أن يقدرا ... في غيرها فالله هو لمن قرا
ثم الندا منها وربما ترد ... صيغته لغير ماله قصد
كمثل الاغراء كيا مظلوم ... لمن شكا الظلم ويا محروم
والاختصاص أنا أيها الرجل ... أفعله أي متخصصا فقل
قلت والاستغاثة تعجب ... تحسر كيا ديار العرب
وأصل يا لدى النداء للبعيد ... وقد تجي لغيره مثل البليد
والحرص في وقوعه والاعتنا ... أو شأنه عظمه أو هوّنا
ثم الترجي بلعلّ أهملا ... وقد يجي توقعا تعللا
كذا لشك وللاستفهام ... وطلب الاعطاف بالاقسام
تنبيه
وقد يجى الاخبار موضع الطلب ... تحرزا عن صورة الأمر أدب
ولتفاؤل وقصد الحرص في ... وقوعه واحتملا إذا يفي
من البليغ صيغة الماضي دعا ... أو حمله عليه من قد سمعا
قلت وقد يعكس ذا لنكت ... تدرك في محلها بالفطنة
ثمت الانشاء كمثل الخبر ... في غالب الذي مضى فاعتبر
الوصل والفصل
تعاطف الجمل يدعى الوصلا ... وتركه الفصل فأما الأولى
فان يكن لها محل ّ وقصد ... تشريك تاليها لها فيما وجد
فاعطف وشرط كونه مقبولا ... تناسب للفقد جىء مفصولا
أو لا محلّ وارتباط يحتذى ... بعاطف لا الواو فاعطفها بذا
كراح زيد ثم جاء أو فجا ... عمرو بمهلة وفور نهجا
أولا ولم يعط الذي للأولى ... لها ففصل وكذا إن يولى
مع كمال الاتصال أو سواه ... من غير إيهام كلاهما حواه
أو شبه هذين وإلا فصل ... أما كمال الانقطاع المكمل
فلا اختلاف بين إنشا وخبر ... لفظا ومعنى أو بمعنى مستقرّ
كمات زيد غفر الرحمن له ... أو فقد جامع هناك شمله
ثم كمال الاتصال مثل أن ... يكون توكيدا للاولى فادفعن
توهم المجاز والسهو كلا ... ريب فلما بنهاية العلا
بولغ في وصف الكتاب إذ جعل ... المبتدا ذلك واللام دخل(1/13)
في خبر جاز توهم المجاز ... قبل تأمل فدفعه يحاز
فهو وزان نفسه مؤكدا ... زيدا كذاك قوله بعد هدى
فان معناه بلوغه إلى ... درجة نحو الهدى لن توصلا
حتى كأنه هدى محض وذا ... من ذلك الكتاب قطعا أخذا
لأن معناه الكتاب الكامل ... أي في الهدى إذ لا سواه حامل
فهو وزان زيد الثاني إذا ... كررته فقس عليه وخذا
أو بدلا من تلك غير وافيه ... بما يراد أو كغير الوافيه
ويقتضى المقام الاعتناء ... بشأنه لنكتة تراءى
ككونه في نفسه مطلوبا ... فظيعا أو لطيفا أو عجيبا
كقوله جلّ أمدّكم بما ... ثم أمدكم وعدّ الأنعما
فالقصد ذكر نعم والثاني ... أوفى به إذ فصل المعاني
ولم يحل فهو وزان الوجه في ... أعجب زيد وجهه البدر الوفي
كذلك ارحل لا تقيمنّ عندنا ... فقصده إظهار كره واعتنا
ولا تقم أوفى به إذ دلا ... مطابقا وأكد المحلا
فهو وزان الحسن في أعجبنا ... وجه حبيب حسنه حين رنا
أو كونها عطف بيان للخفا ... مع اقتضا إزالة له وفى
كوسوس الذي تلاه قال يا ... آدم فهو قد أبان الخافيا
فهو وزان عمر فيمن شعر ... أقسم بالله أبو حفص عمر
وشبه الانقطاع كون عطف ذى ... يوهمه على سواها وخذ
تظنّ سلمى أنني البيت مثل ... وسم بالقطع الذي لذا انفصل
وشبه الاتصال كونها جواب ... سؤال الاولى اقتضته والصواب
تنزيلها منزلة فتفصل ... فصل جوابه وقيل يجعل
مقدرا لنكتة كالاغتنا ... عنه وترك السمع منه يعتنى
وسمها وفصلها استئنافا ... وهو ثلاث أضرب قد وافى
إذ السؤال قد يكون عن سبب ... حكم عموما أو خصوصا ينتخب
أو غير ذين ثم منه ما أتى ... باسم الذي استؤنف عنه كالفتى
أحسن إليه الفتى به حرى ... أو وصفه وهو أشدّ فاذكر
نحو صديقك القديم قد أهل ... وصدر الاستئناف ربما خزل
فكله مع قائم مقامه ... أو دونه ودافع إيهامه
بوصله كمثل قول الداعى لا ... وأيد الله حماك بالعلا
وصل إذا توسط بينهما ... يكون فيهما كأن تلفيهما
توافقا إنشاء أو فخبرا ... في لفظ أو معنى بجامع يرى
وهو يكون باعتبار المسند ... إليهما والمسندين فقد
فمنه عقلى بأن يكون في ... تصوّر بينهما إذا يفي(1/14)
تماثل أو اتحاد أو يرى ... تضايف كأصغر وأكبرا
وإن يكن بين تصوريهما ... شبه تماثل فللوهم انتمى
كلونى البياض والصفرة إذ ... يبرزهما كالمثل وهم ما انتبذ
كذا اتضاد كالبياض والسواد ... أو كالسما والأرض مشبه التضاد
وإن يكن يسبق في الخيال ... تفارن فجامع خيالي
واختلفت أسبابه فاختلفت ... صوره فوضحت أو فخفت
وحسن الوصل تناسب وجد ... في اسمية وفي مضيها وضدّ
قلت وفي الشرطية الظرفية ... والحصر والتأكيد للمزية
تذنيب
الأصل في الحال المفيد نقلة ... خلوّها فان أتاك جملة
تحتج لما يربطها فان خلت ... عن مضمر فهي بواو قرنت
وكل جملة ترى عن مضمر ... ما صح عنه نصبها حالا عرى
يصح أن تكون حالا عنه ... بالواو أما إن تكن حوته
فما على حصول وصف ما ثبت ... مقارن لماله قد قيدت
دلّ فضاهى المفرد المؤصلا ... فامنع بها الواو وما ليس فلا
فأوّل مضارع قد أثبتا ... فالاقتران إذ مضارعا أتى
وبالثبوت فالصفات تحصل ... وما حواها شذ أو مؤوّل
وإن نفى تجوزا لكونه ... دلّ على القران لا حصوله
كمثبت الماضى فللحصول لا ... للاقتران ولذا قد دخلا
مقربا وبعضهم لم يشترط ... وقال من أوجبها فقد غلط
وما نفى فلا حصول إذ نفى ... ولكن اقترانه حقا يفى
لأن لما نفيها يستغرق ... وغيرها نفى لما قد يسبق
والأصل الاستمرار فيه فإذا ... أطلقته فالاقتران يحتذى
خلاف مثبت فان الفعلا ... بوضعه على الحدوث دلا
وإن تكن اسمية فالمرتضى ... جواز تركها بعكس ما مضى
في مثبت الماضي ولكن رجحا ... دخولها إذ الثبوت ما انمحى
مع كون الاستئناف فيها قد بدا ... وقيل الزم إذ يكون المبتدا
ضمير ذى الحال وإن يسبق خبر ... ظرف فحسن تركها قد استقر
كذا بحرف داخل في المبتدا ... أو تلت الجملة حالا مفردا
قلت وذات الشرط واوا تلزم ... إذ فقدت ما لامتناع يحتم
المساواة والاطناب والايجاز
المفهم المراد مما يقبل ... إن لفظه ساواه فهو الأول
أو زاد مع فائدة فالثان أو ... وفى بنقص فهو الايجاز رأوا
فخرج التطويل والحشو كمع ... فائدة وبالوفا الاخلال دع
ومن نفى حدهما أو ادعى ... فقد المساواة فلن يتبعا(1/15)
بلا يحيق المكر مثل أوّلا ... ضربان للايجاز قصر قد خلا
من حذف شيء آية القصاص ... فقد حوت فوائد اختصاص
على الذي أوجز مافيه شهر ... القتل أنفى بعد للقتل ذكر
بقلة الحروف والنص على ... مطلوبه والنكر تعظيما جلا
وبالطباق وعن التقدير ... غنى وإن خلا عن التكرير
قلت لقد قسم في التبيان ذا ... إلى ثلاث كل قسم يحتذى
أن يقصر اللفظ على معناه ... قصرا يرى فقد الذي ساواه
وزائد المعنى على المنطوق ... إيجاز تقدير مع التضييق
والجامع اللفظ حوى المعاني ... كآية العدل مع الاحسان
والثان ذو الحذف فما قد حذفا ... مضاف أو موصوف أو ما وصفا
أو شرط او جوابه خصر عنى ... أو يذهب السامع كل ممكن
قلت وموصول ووصل وكذا ... جزآ إضافة وثانيها خذا
وذو تعلق مع المجرور ... والعطف والمعطوف والتفسير
والحال والمبدل والمستثنى ... وجزء كلمة وحرف معنى
أو جملة مسببا أو سببا ... كقوله فانفجرت أي ضربا
أو فوقها فأرسلون يوسف ... ومنه ما لا نوب عما يحذف
وقد يناب ثم عقل قد يدل ... عليه والتعيين مقصود يحلّ
أو عادة أو اقتران أو شروع ... في الفعل بسم الله مثل في الفروع
ويرد الاطناب بالايضاح ... من بعد إبهام لقصد ضاحي
مثل التلذاذ كامل للعلم به ... أو مكنة في النفس بعد طلبه
ومنه توشيع بآخر ترد ... تثنية مضمونها بعد فرد
وذكر خاص بعد ذى عموم ... منبها بفضله المعلوم
كعطف جبريل وميكال على ... ملائك قلت وعكسه جلا
ومنه تكرير لأجل نكتة ... مثل تأكد ونفى التهمة
أو طول أو تنويه أو تلذذ ... أو الجزاء نفس شرطه احتذى
أو قصد الاستيعاب والترديد حق ... علق تكرير بغير ما سبق
ومثله تعطف لكن حذا ... في فقرتين ثم ترجيع شذا
ومنه إيغال كلام قد ختم ... بما يفيد ما بدونه يتم
ثم الأصح أنه ليس يخص ... بالشعر فالقرآن فيه جاء نص
ومنه تذييل بجملة حوت ... مؤكدا معنى التي قبل خلت
فمنه ما كمثل ومنه لا ... وأكد المنطوق والضدّ جلا
ومنه تكميل وربما سمى ... بالاحتراس أن يجى في موهم
خلاف مقصود بما يدفعه ... فان لغير موهم أتبعه
بفضلة لنكتة فيها تراض ... فذاك تتميم ومنه الاعتراض(1/16)
بجملة أو فوق مالها محلّ ... بين كلام أو كلامين اتصل
لنكتة تقصد كالتنزيه ... لادفع الايهام وكالتنبيه
وكالدعاء في قوله بلغتها ... بعد الثمانين وما أشبهها
وبعضهم جوّزه في الطرف ... وقال قوم غير جملة يفي
وقد يكون مطنبا بغير ذا ... من جمل وأحرف لها شذا
وبهما كلامهم موصوف ... إن كثرت أو قلت الحروف
بنسبة إلى كلام آخر ... ساواه في المعنى إذا ما نظرا
الفن الثاني:علم البيان
علم البيان هو ما به عرف ... إيراد معنى واحد بالمختلف
من طرق في الاتضاح مكمله ... فاللفظ إن دلّ على الموضوع له
فسمها دلالة وضعية ... أو جزئه أو خارج عقليه
وإنما يختلف الإيراد في ... عقلية وليس في تلك يفي
وما به أريد لازم وقد ... قامت قرينة على أن لم يرد
مجاز وإلا فكناية وقد ... يبنى على التشبيه أول ورد
التشبيه
هو الدلالة على اشتراك ... أمر لآخر بمعنى زاكي
لا كاستعارة بتحقيق ولا ... كناية ولا كتجريد خلا
فدخل الذي أداته فقد ... كقوله صم ونحو ذا أسد
أركانه أربعة أداته ... ووجهه والطرفان ذاته
وههنا ينظر في هذى وفي ... أقسامه وغرض منه وفى
فالطرفان منه حسيان ... مختلفان أو فعقليان
كالخد والورد ونور وهدى ... والسبع والموت وجهل وردى
فكل ما يدرك إحدى الخمس ... إياه أو مادته فالحسى
منه الخياليّ كتشبيهه الشقيق ... بعلم الياقوت والعود الرقيق
بالرمح من زبرجد في النظم ... وغيره العقلي ومنه الوهمي
ما ليس مدركا ولو قد أدركا ... كان بحس لا سواء مدركا
ومنه ذو الوجدان نحو الألم ... ووجهه ذو الاشتراك فاعلم
ولو تخيلا كتشبيه النجم ... بسنن بين ابتداع في الظلم
ووجهه حصول شيء أزهرا ... أبيض في جنب ظلام أغبرا
وذاك في السنة ليس يوجد ... إلا على التخييل فيما يرد
لأن الابتداع يجعل الردى ... كالماش في الظلمة ليس يهتدى
وعكسه السنة فهي والهدى ... كالنور ثم شاع هذا وغدا
يطرق في الخيال إن الثاني ... مما له البياض كاللمعان
وأوّل خلافه فهو كمن ... تشبيهه بالشيب في الشباب عن
من ثم وجه النحو في الكلام ... كالملح إذ يكون في الطعام(1/17)
هو الصلاح بالوجود والفساد ... بالفقد لا ما قاله بعض العباد
كون القليل مصلحا ويفسد ... كثرته فالنحو حقا يفقد
تفاوتا والوجه قسمين اقسمن ... فغير خارج عن الطرفين من
شبه في نوع وجنس ملحفه ... بمثلها و خارج وهو صفه
* منها الحقيقة كالحسيه ... كيفية تختص بالجسميه
كمدرك الطرف من اللون ومن ... شكل وقدر وتحرك زكن
والسمع من صوت ضعيف أو قوي ... والذوق من طعم كريه أو شهي
والشم من ريح كذاك اللمس من ... حر ومن برد ويبس وخشن
ونحو ذلك وكالعقليه ... كيفية مثل الذكا نفسيه
* ثم الاضافية كالإزالة ... للحجب في الشمس شبيه الحجة
واقسمه واحدا مركبا عدد ... وكلها حسي أو عقلي ورد
في ثالث مختلفا والحس ثم ... طرفاه حسيين والغير أعم
فكل ما شبه بالحسي صح ... بغيره من غير عكس ووضح
مرادهم بالحس ما افراده ... تدرك بالحس وذا تعداده
الواحد الحسي حمرة خفا ... والطيب واللذة واللين وفا
في الخد بالورد وصوت قد ضعف ... بالهمس والعنبر نكهة رشف
والجلد بالحرير والشيء بمن ... والواحد العقلي كالعراء عن
فائدة وجرأة والاهتدا ... مع استطاب النفس فيما نقدا
نفعا بمعدوم وعلم بفلق ... والشخص بالسبع وعطر بخلق
وذو تركب غدا حسيا ... في مفرد طرفاه كالثريا
شبه بالعنقود من كرم لما ... حوته من صورته إذ نظما
وحبه أبيض واستدارا ... وقارب الرؤية والمقدارا
وما تركبا كقولي أخذا ... من قول بشار مماثلا لذا
والنقع فوق رءوسنا والأسيف ... ليل تهاوى شهبه وتخطف
بجامع السقوط في أجرام ... مشرقة طويلة الأجسام
تناسقت أقدارها مفرقه ... في جنب شيء مظلم متسقه
وما تخالفا كما الشقيق مر ... والزهر في ربا في ليل ذي قمر
وحسنه في هيئة بها تقع ... حركة أو وصف أو جرّد مع
تحرك إلى جهات فالأول ... كالشمس كالمرآة في كف الأشل
والثان كالبرق إذا بدا ولاح ... كمصحف القاري انطباقا وانفتاح
وهيئة السكون ربما تلى ... يقعى جلوس البدوي المصطلى
وذو تركب عن العقل انتسب ... كمثل حرمان انتفاع مع تعب
في مثل اليهود بالحمار ... زالحمل للتوراة والأسفار
وراع في تعدد ما يحصل ... به إذا أسقط منه خلل(1/18)
وذو تعدد من الحسي كمن ... شبه فنافى صفاته بفن
وضده من بالغراب في الحذر ... شبه طيرا والفساد والنظر
والثالث التشبيه للإنسان ... بالشمس في الحسن ورفع الشان
وربما يؤخذ وجه للتشبيه ... من التضادّ لاشتراك الضدّ فيه
لقصد تلميح أو التهكم ... كوصفه مبخلا بحاتم
فصل
أداته الكاف ومثل وكأن ... والأصل في الكاف وما أشبه أن
تولى مشبها به وربما ... تولى سواه مثل الدنيا كما
قلت ولا يكون مثل إلا ... في ذي غرابة وشأن جلا
وربما يذكر فعل ينبى ... عنه فان كان مريد القرب
علمت زيدا أسدا والمبعد ... حسبته قلت وذا منتقد
فصل
غرضه يعود للمشبه ... في أكثر الأمر وفي أغلبه
بيان إمكان وحال وكذا ... قدر وتقرير لها وكل ذا
يقضى بأن الوجه في المشبه ... به أتم وهو أشهر به
وفيه نقد ثم للتشويه ... وزينة والظرف كالتشبيه
للفحم ذى الجمر ببحر مسك ... وموجه من ذهب ذي سبك
ووجه ظرف كونه يبرز في ... ممتنع أو قل في الذهن يفي
وبمشبه به الغرض عم ... إما لابهام بأنه أتم
وذاك في المقلوب أو للاهتمام ... كجائع يشبه خبزا بالتمام
إظهار مطلوب وكل ذا إذا ... إلحاق ناقص بغير يحتذى
وقد يراد الجمع للشيئين في ... أمر ولم ينظر لنقص أو وفى
فالأحسن العدول للتشابه ... وذكره التشبيه من صوابه
أقسام التشبيه
فباعتبار الطرفين مفرد ... بمفرد كلاهما مقيد
أم لا أم الخلاف فيهما حصل ... كالشمس كالمرآة في كف الأشل
وذو تركب به ومفرد ... وعكسه والطرفين فاعدد
بالمشبهات فابدأن أو لا تحق ... والأول الملفوف والثاني فرق
كالنشر مسك والوجوه أنجم ... والريق خمر والبنان عندم
وإن تعدّد أولا فالتسويه ... أو ثانيا تشبيه جمع سميه
وباعتبار الوجه تمثيل غدا ... منتزعا من عدد وقيد
بكونه غير الحقيقي يوسف ... وغير تمثيل له مخالف
ومجمل ما وجهه لم يذكر ... فظاهر وذو خفا بالنظر
فمنه ما من وصف طرفيه عرا ... أو مشبه أو وصف كل ذكرا
وغيره مفصل والمبتذل ... فيه إلى مشبه به انتقل
من غير تدقيق وغيره الغريب ... إذ وجهه في ظاهر غير غير قريب
لكثرة التفصيل أو حضور ... مشبه به على ندور(1/19)
لبعد ما ناسب أو وهميا ... يأتيك أو مركبا عقليا
كذا خياليا كذاك الحسي ... تكراره قلّ كبيت الشمس
وكثرة التفصيل أن ينظر في ... أكثر من وصف وأوجها يفي
أعرفها أخذك بعضا وتدع ... بعضا وإن تعتبر الكل ومع
كثرته فهو البليغ والغريب ... لبعده وقد يجاء في القريب
* بنكتة تغربه كذكر ... شرط وما محسن ذو حصر
وباعتبار في الأداة يخزل ... مؤكد وما عداه مرسل
وباعتبار غرض فان وفى ... إفادة كأن يكون أعرفا
بوجهه في حالة المشبه به ... أو بالغ التمام في ذي سببه
أو حكمه ليس مخاطب جحد ... فذاك مقبول وما عداه رد
خاتمة
أعلاه في القوّة حذف وجهه ... وآلة أو ذاك مع مشبه
فحذف وجه أو أداة هكذا ... وقد خلا عن قوّة خلاف ذا
الحقيقة والمجاز
الأول الكلمة المستعمله ... في الاصطلاح في الذي توضع له
وغيره مع قرينة على ... وجه يصح وإرادة جلا
عدمها فهو المجاز المفرد ... فالزم علاقة وكل عدد
يعزى لعرف ولشرع ولغه ... والعرف عم أو فخص مبلغه
كدابة الأربع والإنسان ... والفعل للفظ وللحدثان
كذا الصلاة للسجود والدعا ... وأسد لسبع والشجعا
ومن يزد تحقيقا او تأويلا ... في الحد زاد فيهما تطويلا
ثم المجاز المرسل العلاقة ... لا شبه وغيره استعارة
وغالبا يطلق في استعمال سم ... مشبه به لمشبه رسم
فالطرفان المستعار منه له ... والمستعار اللفظ ثم المرسله
كاليد في القدرة والتسمية ... بالكل أو بالجزء أو بالآلة
أو سبب مسبب حال محل ... مجاور آل له عنه انتقل
والاستعارة فتحقيقية ... وهي مجاز لغويّ أثبتوا
إن حقق المعنى بها في الحس أو ... عقلي ومن جعلها عقلا أبوا
من كذب تماز بالتأويل ثم ... إن لم تشب وصفا فلا تأتي علم
واشرط لها قرينة فواحدا ... كأسد يرمى ترى فصاعدا
كإن تعافوا العدل والإيمانا ... فان في إيماننا نيرانا
أو يستدل بمعان تلتئم ... وباعتبار الطرفين تنقسم
إلى الوفاقية أن يجتمعا ... في ممكن وذي العناد امتنعا
وما بضد والنقيض استعملا ... ذات تهكم وتمليح حلا
وباعتبار جامع قسمين ... فداخل أو ليس في الطرفين
وإن خفى غربية وإن بدا ... عامية إلا بتصريف شدا(1/20)
وباعتبار ذى الثلاث ستة ... أول هذي كلها حسية
أو جامع عقلى أو قد اختلف ... أو غير حسي بفرعه الطرف
كمثل عجلا نسلخ المطلعه ... شمس ومن مرقدنا للأربعه
فاصدع بما تؤمر للمختلف ... كذا طغى الماء بعكسه يفي
وباعتبار اللفظ فاسم الجنس ... أصلية كأسد وحبس
وتبعية سواه فالذي ... في الفعل والمشتق للأصل خذ
وما يكون شبها في الحرف ... فذو تعلق به فقل في
نطقت الحالة للدلالة ... بالنطق أو ناطقة ذي الحالة
والدور في قرينة المذكور ... للفاعل المفعول والمجرور
وباعتبار آخر مطلقة ... إن لم يقارن فرع أو فصفة
وإن بما لاءم ماله استعير ... تجريدا ومنه فترشيحا يصير
وربما يجتمعان والأجل ... موشح ثمت مبناه حصل
على تناسى شبه فيدعى ... المنع واستواء طرفيه معا
أما المركب فما يستعمل ... فيما بمعنى الأصل قد يمثل
مبالغا وسمى التمثيلا ... مطلقا أو سالكا السبيلا
فإن فشا كذاك الاستعمال ... فمثل تغييره محال
والمستعار منه في كليهما ... لدى تحقق وفرض قسما
فصل
قد يضمر التشبيه في النفس فلا ... يذكر شيء من أداته خلا
مشبها ثم لهذا يثبت ... ما اختص بالآخر ذا القرينة
فسم ذا التشبيه بالمكنيه ... عنها وذا الاثبات تخييلية
فصل
والاستعارة لدى يوسف أن ... يذكر ما من طرف التشبيه عن
مريدا الآخر بادعاء ... دخول ما شبه باقتفاء
في جنس مشبه به وقسما ... إلى مصرح ومكنى فما
ينوى مشبه فقط مصرحه ... وعكسها المكني قول رجحه
والتبعية إليها ردّا ... وشيخنا يقول عكس أجدى
وفي الحقيقة تمثيل دخل ... لديه والتخييل عكسه جعل
فصل
الحسن في استعارة التخييل ... بحسب المكني والتمثيلي
وذى الكناية وذى التحقيق أن ... يرعى الذي في وجه تشبيه زكن
ولا يشم ريحه لفظا وإن ... يجلو ولا يكون كالألغاز عن
فلا يقال أسد لأبخرا ... وإن قوى التشبيه حتى صيرا
طرفيه كالواحد مثل العلم ... والنور فاستعارة ذو حتم
خاتمة
قد يطلق المجاز فيما غيرا ... إعرابه بزيد او حذف عرا
ليس كمثله يريد المثلا ... وكاسأل القرية يعنى الأهلا
الكناية
لفظ أريد لازم معناه مع ... جواز أن يقصد معناه تبع(1/21)
ومن هنا تخالف المجازا ... أقسامها ثلاثة ما انحازا
بها سوى نسبة أو وصف وذا ... يكون معنى أو معان يحتذى
شرطهما التخصيص بالذي كنى ... عنه وما يطلب بها الوصف إن
تنقل بلا واسطة قريبة ... وهذه واضحة خفية
طول النجاد عن طويل القامة ... وذو القفا العريض عن بلادة
ونسبة التصريح ما منها حوت ... مضمرة ساذجة ما قد خلت
أو بوساطة فذو الإبعاد ... كالكريم مكثر الرماد
وللوقود فالطبيخ ينتقل ... فكثرة الآكل فالضيف وصل
وما عدا النسبة من مطلوبه ... كالمجد في برديه أو في ثوبه
إذ لم يصرّح بثبوت ذاك له ... بل في الذي احتوى عليه جعله
وربما في ذين يحذف الذي ... بوصف مثل ما تقول للبذي
من سلم الأنام من لسانه ... ويده فمسلم لشانه
قلت وقد يراد هذان معا ... فهو كنايتان فيه وقعا
ويوسف قسم ذا الباب إلى ... رمز وتلويح وتعريض تلا
إشارة إيماء فالذي حذف ... موصوفه مناسب تعريضا عرف
ووجهه التنويه والتلطف ... أو يترك الإغلاظ أو يستعطف
ومنه ما يراد معناه معه ... ومنه لا حرره من جمعه
إن كثرت وسائط فوصفا ... ملوحا وإن تقل مع خفا
رمز وإلا فالأخيران وقد ... مجازا التعريض في بعض ورد
كقوله آذيتني ستعرف ... يريد من لا بالخطاب يوصف
وإن ترد بذاك كلا منهما ... كناية واشرط دليلا لهما
وكون هذى والمجاز أبلغا ... من ضد هذين اتفاق البلغا
والاستعارة من التشبيه ... إذ قوّة المجاز لا تليه
قلت وذو التمثيل باستعارة ... أبلغ منه لا بلا استعارة
وأبلغ الأنواع تمثيلية ... مكنية بعد فتصريحية
وبعدها كناية وقد علا ... ذو نسبة فصفة فما خلا
وهذه الثلاث من قسم الخبر ... والخلف إنشاء ذي التشبيه قر
الفن الثالث:علم البديع
علم البديع ما به قد عرفا ... وجوه تحسين الكلام إن وفى
مطابقا وقصده جلي ... فمنه لفظي ومعنوي
المعنوي
منه الطباق بالتضاد مائل ... الجمع بين اثنين ذي تقابل
في جملة من نوع أو نوعين ... اسمين أو فعلين أو حرفين
كمثل أيقاظا وهم رقود ... يحيى ويميت وله تعديد
طباق منفى طباق موجب ... كاخش ولا تخش وذي تسبب
قلت وقيل الشرط في الطباق ... أن يأتي اللفظان بالوفاق(1/22)
وإنما يحسن مع مزيد ... ولهم تطابق الترديد
ومنه تدبيج بألوان ترد ... مكنية أو تورية لما قصد
ومنه نوع سمي المقابله ... وهي مجيء أحرف مقابله
ترتب الثاني على الأوائل ... كمثل قولي في خطاب العاذل
اعفف وذم صل وعز وأفق ... أوخن وزك اقطع وهن وشاقق
وقال في المفتاح مهما شرطا ... في أوّل فالضدّ في الثاني اشرطا
قلت وذا المثال بالمفوّف ... يسمى ومن أنواعه عد الصفي
ثم مراعاة النظير جمع ... أمر وما ناسبه ويدعوا
تناسبا فان مناسبا ختم ... مبتدأ تشابه الأطراف سم
ومنه الارصاد وذا أن تجعلا ... من قبل عجز البيت ما دل على
تمامه إذا الرويّ عرفا ... والبعض بالتسهيم هذا وصفا
قلت بشرط أن يكون اللفظ دل ... فان يك المعنى فتوشيح أجل
ومنه ما يدعونه المشاكله ... أن يذكر الشيء بلفظ ليس له
لكونه صحبته تحقيقا أو ... مقدرا ومكر الله تلوا
وقولهم قالوا اقترح شيئا نجد ... قلت اطبخوا لي جبة بيت عهد
ثم المزاوجة إن زواج في ... الشرط والجزا المعنى قد يفي
والعكس تأخير الذي قدم في ... أحد طرفي جملة أن تضف
أو جملتين اسميتين أوجلا ... فعليتين والرجوع ان على
كلامه السابق قد يعود ... لنقضه لنكتة يريد
قلت ومنه السلب والإيجاب إن ... من جهتين اشتملاه حيث عن
ومنه مدح الشيء ثم ذمه ... أوعكسه تغاير يعمه
ومنه الايهام ويدعى التوريه ... وفضلوا ذا النوع ثم تاليه
إطلاق لفظ شركة ويقصد ... بعيده فتارة يجرّد
مما يلائم القريب كاستوى ... ثم المرشح الذي له حوى
قلت لقد قصر في بيانها ... فليس في البديع مثل شانها
وكل ما بلازم لا يقترن ... لا لقريب أو بعيد قد زكن
فهي التي تجردت وألحقا ... ما اللازمان استويا واتفقا
وسم ما يلازم الذي دنا ... مرشحا وضده مبينا
كلاهما قبل أو بعد ذكر ... ثم المهيأة فما لا تستقر
إلا بلفظ قبلها أو بعدها ... أو لفظتين فقد لفظ فقدها
واعدد هنا الترشيح والتوهيما ... وافرق بذهن قد حوى تقويما
ومنه الاستخدام أن يرادا ... بكلمة بعض الذي أفاد
ثم بمضمر لها البواقي ... أو أوّل بمضمر والباقي
بآخر كجل عينا أحمد ... أخجلها وهابها المعتمد(1/23)
ومنه الارداف بأن يذكر ما ... يرادف المقصود لا ما لزما
فان أتى بما يكون أبعدا ... فذلك التمثيل إذ ما قصدا
واللف والنشر بأن يعددا ... لفظا و بعد ما لكلّ عددا
ولم يعين ماله توكيدا ... لسامع مجملا أو تفصيلا
مرتبا أو غيره معكوسا او ... مشوشا وفيه رابعا حكوا
والخلف في الأفضل من هذين قر ... وقيل لا خلف بتحرير النظر
والجمع أن يجمع في حكم عدد ... كقول بعض الشعراء إذ زهد
إن الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء أيّ مفسدة
وعكسه التفريق أن يباينا ... بينهما في مدح أو أمر عنى
فان يعدد وأضاف ما لكل ... إليه تعيينا فتقسيم يحل
وإن هما أدخل في معنى وقد ... فرق وجهى ذاك أو يجمع عدد
حكم فتقسيم تلا أو عكس ذا ... كلاهما جمع وأوّل خذا
إليه تفريقا وذا تقسيما ... وقد تجي ثلاثة تضميما
كيوم يأتي بعد لا تكلم ... لآخر القصة فهي تنظم
ويطلق التقسيم إذ ما استوفى ... أقسامه أو حاله مضيفا
كلا إلى ملائم نحو يهب ... آية شورى ويقال البيت هب
ومنه تجريد بأن ينزع من ... ذي صفة آخر مثله زكن
مبالغا في أنه فيها كمل ... كمن فلان لي صديق وأجل
وإن سألت أحمدا لتسألن ... بحرا به مندفقا ومنه أن
يخاطب الانسان نفسه وقد ... نصحا وتوبيخا وتعريضا قصد
وأبلغ الأقسام ما قد ثنيا ... ثم المبالغة أن يدعيا
بلوغه في الضعف أو في شدة ... حدا محالا أو بعيد الرتبة
فان يكن عقلا وعادة ورد ... يمكن فالتبليغ أو فى العقل قد
فذاك إغراق كلاهما قبل ... أولا ولا فهو غلوّ ما احتمل
ما لم يقربه لذاك شيء ... نحو يكاد زيتها يضيء
أو فيه نوع من تخيل حسن ... أو مخرج الهزل من الشاعر عن
قلت وبعض وهن المبالغه ... أصلا وبعض في السموّ نابغه
وضدها التفريط عد اليمنى ... وما رأيت غيره بمعتنى
وجعله للنوع جنسا عظما ... إلحاق جزئيّ بكليّ نما
ثمة منه المذهب الكلامي ... إيراده الحجة للمرام
على طريقهم كقوله علا ... لو كان فيهما وما له تلا
ومنه تفريع وذا أن يثبتا ... لمتعلق به ما أثبتا
لآخر له فان بما نفى ... أولا عن الذي بشيء وصفا
أفعل للوصف مناسبا وقد ... عدى بمن إلى الذي ذاك قصد(1/24)
فذاك بالتفضيل حقا دعيا ... والحسن في التعليل أن يدعيا
للوصف علة له تناسب ... بلطف معنى لا حقيقي يصحب
فتارة يكون ثابتا قصد ... علته وذاك ضربين عهد
مالم تبن علته في العادة ... أو علة خلاف ذي قد بانت
وما قصد ثبوته من ممكن ... أو غيره وما على الشك بنى
ومنه تأكيدك للمدح بما ... يشبه ذما وثلاثا قسما
والأفضل استثناء وصف فضل ... من وصف ذم قد نفى من قبل
مقدرا دخوله فيه كلا ... عيب له إلا ارتقاه للعلا
ومنه الاستثناء قبل وصف ... مدح يلي وصفا له لا ينفي
ومنه أن يولى به معرفا ... عامله للذمّ معنى قد وفى
وما به استثنى يحوى الفضلا ... نحو وما تنقم منا إلا
ثمة الاستدراك في ذا الباب ... كمثل الاستثناء باقتراب
وعكسه ضربان أن يستثنى ... من نفى وصف المدح ذم يعنى
إن دخلت كمن ما فيه هدى ... إلا عمى عن الطريق المهتدى
وإن يجئ تلو وصف ذمّ ... كجاهل لكنه ذو ظلم
وزيد بعد الذمّ وصف يوهم ... زواله ثم لذمّ يفهم
ومنه الاستتباع مدح باللذا ... يستتبع المدح بشيء غير ذا
وإن تضمن فيه معنىوهو لم ... يسق له فذاك إدماج أعمّ
قلت الأصح الأول الوصف بنص ... يفهم وصفا للذي الأول خص
ومنه توجيه بأن يوافى ... محتملا وجهين باختلاف
كقول من قال لأعور ألا ... ياليت عينيه سواء جعلا
قلت الصفيّ فسر التوجيه أن ... يأتي بألفاظ شهيرة بفن
يوردها بغير ماله اشتهر ... كالرفع والنصب وكالجزم وجر
نحو ارتفاع في محله وجب ... من أمره جزم وللحكم انتصب
وجعل السابق من تفسيره ... تفسير الابهام كذا لغيره
قال ونحو ذلك بالمواربه ... لكنه يأتي لمن قد عاتبه
بمخلص ولا يجي في الابتدا ... به كذا بل غيره قد أوردا
كقوله قد ضاع شعري لما ... أو خذ بل قد ضاء صغت النظما
والهزل ذو الجد فقل لمن أتى ... مباحثا كيف تهجي باوتا
قلت ومنه يقرب التهكم ... والهجو في معرض مدح نظموا
وإن خلا الهجومن الفحاشة ... ونحوها فسمّ بالنزاهة
تجاهل العارف سوق ما علم ... مساق غيره لنكتة تهم
مثل المبالغة في المدح البهي ... والذم والتوبيخ والتدله
كمعشر الظباء يا حور النظر ... أمنكم سعاد أم من البشر(1/25)
القول بالموجب أن يأتي إلى ... وصف بقول غيره أطلق على
شئ له أثبت حكم يثبت ... هذا لغيره ولكن يسكت
عن نفيه عنه أو الثبوت له ... ومنه لفظ في كلام حمله
على خلاف قصده مما احتمل ... بذكر ذي تعلق له حصل
كقوله سلوت يا هذا عن ... فقل له عن صحبتي ووطني
قلت ومنه يقرب التسليم أن ... يسلم الفرض المحال ثم عن
لازمه يصد إذ قد وجدا ... مامنع أتباعه ويوردا
وإن على الممكن مع ما ناقضه ... مريده علق فالمناقضه
كذاك الاستدراك والاستثنا ... حيث أفادا بهجة وحسنا
والاطراد ذكرك اسم من علا ... وأبه وجده على الولا
بلا تكلف على وجه جلى ... مثل الحسين بن الحسين بن علي
قلت ومنه الاحتباك يختصر ... من شقى الجملة ضذ ما ذكر
وهو لطيف راق للمقتبس ... بينه ابن يوسف الأندلسي
والطرد والعكس قريب منه ... حرره الطيبي فابحث عنه
يقرر الأول بالمنطوق ذا ... مفهوم تاليه وبالعكس خذا
ومنه نفي الشئ بالإيجاب ... نفى الثبوت بانتفا الأسباب
وإن أتى في البيت وعظ لامع ... أو حكمة فهو الكلام الجامع
حكاية التحاور المراجعه ... ترتيبه أوصافه المتابعه
ثم الترقي وهو ذكر المعنى ... ففوقه ثم التدلى يعنى
ومنه الاستطراد أن ينتقلا ... من غرض لآخر قد شاكلا
والافتنان الجمع للفنين ... كالمدح والهجو ونحو ذين
والاشتقاق أخذ معنى من علم ... فان يطابق فبالاتفاق سم
ومنه الالغاز ونوع القسم ... والاكتفاء حذف بعض الكلم
وخيره عندي ما فيه وفت ... تورية عن اكتفاء صرفت
وجمعه مؤتلفا أو مختلف ... والاتساع شامل لما عرف
وإن يكن في اللفظ لبس فيفي ... تفسيره فذاك تفسير الخفي
وإن يزل لبسا عن الابهام ... فذاك إيضاح بلا إبهام
وإن أتى مشترك يبادر ... غير المراد فاشتراك صادر
حسن البيان زاد في المصباح ... ورده الجلال في الإيضاح
وقد وجدت مقصدا بديعا ... سميته التأسيس والتفريعا
قاعدة كلية يمهدها ... يبنى عليها شعبة يقصدها
مثاله لكلّ دين خلق ... وخلق ذا الدين الحياء المونق
والنفي للموضوع قصدا صنعه ... مثاله ليس الشديد الصرعه
وإن أتى بجمل للمقصد ... توصلا لحكم ما به ابتدى(1/26)
وصح حذف الوسط الموصول ... فذلك التمهيد للدليل
ومنه تصحيف بأن يعتمدا ... به وبالتصحيف أمن قصدا
القسم الثاني:اللفظي
منه الجناس بين لفظين بأن ... تشابها فان يك الوفاق عن
تعدد الحروف والأنواع ثم ... ترتيبها وهيئة فالتام سم
فإن يكن نوعا فذا مماثل ... أولا فمستوفى كقائل وقائل
فإن يكن مركبا إحداهما ... جناس تركيب فان تساهما
خطا فذو تشابه وإلا ... فذاك مفروق وإن تجلى
من كلمة وجزئها فالمرفو ... أو ركبا ملفق والخلف
في النقط إن يوجد فالمصحف ... أو حركات فهو المحرّف
أو عدد فناقص بحرف ... في أول أو وسطه أو طرف
بمطرف مكتنف مردوف ... مذيل إن زيدت الحروف
أو نوع حرف لم يكن بأكثر ... من واحد في أول أو آخر مضارع ولاحق إن جانبا
أو وسط ثم إذا تقاربا ... كالضاد والظاء فذاك اللفظي
قلت فإن تناسبا في اللفظ ... بالقلب في الكل وفي البعض رعى
وإن يخالف في ترتب دعى ... آخره فهو مجنح قفى
فإن يقع في أول البيت وفي ... وإن تواليا فذا المزدوج
وفوق حرف أولا متوج ... مشوش قد زاد في التبيان
وإن يكن تجاذب الطرفان ... أحدهما تشابه اللفظين
وبالجناس ألحقوا شيئين ... والآخر الجمع في الاشتقاق
قلت وذا تجانس الاطلاق ... ركنيه والمرادفين تذكرا
قلت الجناس المعنوي أن تضمرا ... أو ما يدلّ باشارة عرف
وذكره لواحد وما ردف ... وشرط حسن فيه أن لا يكثرا
ثم توسط الجناس قررا ... في واحد قفد علا وافتخرا
فإن يصر تورية وانحصرا ... إن تقع اللفظة صدر النثر
ومنه رد عجز لصدر ... في آخر وشبهها في الصدر
وشبهها في ختمه والشعر ... قبل كذا في حشوه أو ختم ذا
لذلك المصراع أو صدر اللذا ... أول تال فهو تسبيغ وفى
قلت فإن قافية تعاد في ... عدّة أسماء وبعد تخبرا
ومنه تطريز وذا أن تذكرا ... تعديدك الأوصاف فردا عنه
* بصفة كررتها ومنه ... تلاحمت مستحسنا ملتئمة
تنسيقهم قلت صفات العظمة ... ما غيره يسد فالفرائد *
وإن يجئ لفظ فصيح وارد ... تخصص تنكيتهم فاستعمله
وإن يجئ وغيره سد وله ... في ختمها بواحد والفاضل
السجع أن تواطأ الفواصل ... يطول ثان ثم ثالث ومن(1/27)
ما استوت القرينتان ثم أن ... وكل الاعجاز ابنها وسكن
طول الاولى زائدا لم يحسن ... يقال أسجاع فعنها قد علا
وفي القرآن قل فواصل ولا ... عشرة وضعفها ما طوّلا
قلت وخير السجع ما قلّ إلى ... مطرف وإن وفاقا تلفى
ثم اللتان وزنها ذو خلف ... وزنا ولا تقفية لما تلا
وليس ما في أول مقابلا ... أو خصّ بالعجزين فالمصرع
فالمتوازي ضدّه مرصع ... في الوزن لا تقفية موازنة
وإن تكن قد ساوت المقارنة ... يقال في أوزانها مماثله
فإن تكن أفرادها مقابله ... ومنه ما يدعون بالتشطير
وقيل لا يختصّ بالتنثير ... وخالف الآخر ما قد سبقا
في كل شطر سجعتان اتفقا ... ثلاثة وبالوفاق وافت
وسم بالتسميط إن توالت ... مخالفا جزءا بجزء تجزئه
وأن يسجع كله وجزءه ... عذوبة ومن عقادة خلا
والانسجام ما علا تسهلا ... من غير قصدا قد يرى منتظما
وغالبا في النثر إذ ما انسجما ... كطرده كمثل كل في فلك
ومنه قلب عكسه إذا سلك ... فسمه لزوم ما لا يلزم
والحرف من قبل الرويّ يلزم ... وزرك ظهرك وبعد ذكركا
كقوله تقهر وتنهر صدركا ... أو كلمات فهي تضييق قوى
قلت فإن كان اللزوم في الروى ... قافيتين البيت كل قد حلا
ومنه تشريع ان يبنى على ... ووسمه التوأم ذو التحرير
وهو الذي أبدعه الحريري ... فذلك التخيير خذ ما يرجح
قلت الروى إذ لا شيئا يصلح ... فذلك التمكين مهد قبلها
وإن تجئ قافية كملها ... صحيحة توافق الأوزان
ومنه أن تأتلف المعاني ... وضده الطاعة والعصيان
أو وافق الألفاظ والأوزان ... تركه حذف وبالخلف يفي
والوصل والقطع ونقط الحرف ... يعاب قد سميته المنتحلا
واللفظ إذ يقرؤه الألثغ لا ... اللفظ معنى دون عكس وقعا
وأصل حسن ما مضى أن يتبعا
خاتمة في السرقات الشعرية وما يتصل بها
إن قائلان اتفقا في الغرض ... على العموم فكلاهما ارتضى
كالوصف بالسخاء والشجاعة ... ولا يعد سرقة للعادة
أو في الدلالة عليه كالمجاز ... وهيئة تخص من للوصف حاز
كوصفه الجواد بالتهلل ... لطالب والقبض للمبخل
فإن يكن مقررا كالبطل ... بأسد فحكمه كالأول
أو لا ففيه السبق كالزيادة ... قد يدعى فمنه ذو غرابة(1/28)
في أصله ومنه ذو ابتذال ... أغربه الحسن في الاستعمال
فسم بالابداع ما قد اخترع ... من المعاني ليس قبله صنع
أو سمه سلامة اختراع ... وذلك الشامل للأنواع
وسم ذا الشهرة مع إغراب ... بالطرفة النوادر الاغراب
والأخذ والسرقة ظاهر ولا ... فالظاهر الأخذ لمعنى كملا
مع لفظه أو بعضه أو دونه ... فذاك محض سرقة يدعونه
والانتحال النسخ ليس يقبل ... كذا إذا بردفه قد يبدل
وأخذ بعض اللفظ بالتغيير سم ... إغارة والمسخ ثم ذا قسم
فإن يكن أبلغ لاختصاصه ... لنكتة فامدحه لاقتصاصه
أو دونه ذمّ وإن تساويا ... أبعد عن ذمّ وفضل باديا
أو أخذ المعنى فقط فالمام ... والسلخ وهو ذو الثلاثة الأقسام
وغير ذى الظهور كالتشابه ... في المعنيين حين قد أتى به
أو لمحلّ آخر قد نقلا ... أو لنقيض أو يكون أشملا
أو أخذ البعض وزاد حسنا ... وكلّ ذا يقبل حيث عنا
بل ربما أحسن في التصرف ... فصار كالمبدع لا كالمقتفي
وكلما كان أشد في الخفا ... فهو إلى القبول أقرب اقتفا
هذا إذا يعلم أن الثاني ... قد اقتفى الأول في المعاني
إذ جاز أن يكون من توارد ... الخاطرين لا بقصد وارد
وعند فقد العلم قل قال كذا ... وغيره سبقه أو نحو ذا
فصل فيما يتصل بالسرقات
من ذاك الاقتباس أن يضمنا ... من القرآن والحديث ما عنا
على طريق ليس منه مثل ما ... قال الحريري ولما دهما
قلنا جميعا شاهت الوجوه ... وقبح اللكع و من يرجوه
فمنه ما لم ينقل المقتبس ... عن أصله ومنه ما قد يعكس
وربما غير للوزن فلا ... يضره كقول بعض من خلا
قد كان ما قد خفت أن يكونا ... إنا إلى الإله راجعونا
قلت وأما حكمه في الشرع ... فما لك مشدد في المنع
وليس فيه عندنا صراحا ... لكن يحيى النووي أباحه
في النثر وعظا دون نظم مطلقا ... والشرف المقرى فيه حققا
جوازه في الزهد والوعظ وفي ... مدح النبي ولو بنظم فاقتفي
وتاجنا السبكي جوازه نصر ... إذا التميمي الجليل قد شعر
وقد رأيت الرافعي استعمله ... وغيره من صلحاء كمله
ومنه تضمين بأن يضمنا ... من شعر غيره وأن يبينا
ذلك إن لم يشتهر عند أولى ... بلاغة والحسن فيه أن يلى(1/29)
لنكتة ليست هناك ثم لا ... يضرّ تغيير فبيت كملا
سمّ استعانة وللمصراع ... فدونه بالرفو والايداع
قلت فان من نظمه قد جعله ... فذاك تفصيل بصاد مهمله
ومنه عقد نظم نثر لا على ... طريق الاقتباس مما قد خلا
وضده الحل وتلميح بأن ... لقصة يشير أو شعر يعن
قلت كذا قدم ميما وانتقد ... وشبهه العنوان فافهم ما قصد
فصل
وينبغي التأنيق في ابتداء ... وفي تخلص وفي انتهاء
بأعذب اللفظ وحسن النظم ... وصحة المعنى وطبق الفهم
فليجتنب في اللفظ ما يطير ... به وما منه المقام ينفر
وخيره مناسب للحال ... وسمه براعة استهلال
واعن بتشبيب يجئ في الكلام ... قبل الشروع ما يمهد المرام
وراع في تخلص للمقصد ... ملائما لما به قد ابتدى
وربما إلى سواه ينتقل ... كما رأى المخضرمون والأول
والحسن في فصله بأما بعد أو ... هذا كما في ذكر صاد قد تلوا
وزاد في التبيان حسن المطلب ... بعد وسيلة أتى بالطلب
وإن يجئ في الانتهاء مؤذن ... بختمه فهو البليغ الأحسن
وسور القرآن في ابتدائها ... وفي خلوصها وفي انتهائها
واردة أبلغ وجه وأجل ... وكيف لا وهو كلام الله جل
ومن لها أمعن في التأمل ... بان له كل خفي وجلي
وتم ذا النظم بتيسير الأحد ... سلخ جمادى الثاني في يوم الأحد
من عام ثنتين وسبعين الذي ... بعد ثمانمائة للهجرة
في ألف بيت كالنجوم تزهر ... وكالرياض فاح منها الزهر
أرجوزة فريدة في أهلها ... إذ لم يكن في فنها كمثلها
بكر منيع سترها لمن دنا ... ومن أتاها خاضعا نال المنى
زففتها لمن نهاه راجح ... ومهرها منه الدعاء الصالح
على إذا صرت قرين الرمس ... تنفعني دعوته في بؤسي *
والحمد لله على الإنعام ... حمدا يفوق البدر في التمام
مصليا على نبيّ قد علت ... أوصافه بين الورى وكملت(1/30)