بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد وردت السنة بفضل صيام يوم عاشوراء، حيث جاءت النصوص بأن صيامه يكفر ذنوب صائمه سنة كاملة.
ولكن أهل العلم اختلفوا في تعيين ذلك اليوم اختلافاً كثيراً هل هو العاشر من شهر الله المحرم أم التاسع منه؟!!
لذا رغبت على الاطلاع فيما ورد من الأدلة وكلام أهل العلم؛ التماساً لمعرفة الصواب من القولين.
وقد ظهر لي بعد سبر الأدلة وكلام أهل العلم المختلف ودليل كل قول أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وضوح الشمس في رابعة النهار، وقد جاء البحث فيه في فصول، وذلك على النحو التالي:
فصل في بيان تفضل الله على عباده المسلمين بتكفير ذنوب سنة بصيام يوم عاشوراء.
وفصل في وجه صيام النبي _صلى الله عليه وسلم_ يوم عاشوراء وأمره بصيامه.
وفصل فيما رواه ابن عباس في فضل صيام يوم عاشوراء.
وفصل فيما رواه ابن عباس _رضي الله عنهما_ مما ظاهره أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم.
وفصل في تفسير ابن عباس _رضي الله عنهما_ يوم عاشوراء باليوم التاسع من شهر الله المحرم.
وفصل في منشأ الخلاف في تعيين يوم عاشوراء، ثم الخلاصة.
هذا والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه، مصيباً لشرعه، نافعاً لي ووالدي وكافة المسلمين إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وكتبه العبد الضعيف
فريح بن صالح البهلال
22/صفر/1427هـ
فصل في
بيان تفضل الله على عباده المسلمين بتكفير ذنوب سنة بصيام يوم عاشوراء من شهر الله المحرم
اعلم رحمك الله أنه ثبت عن رسول الله " أنه قال: =صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية+ من حديث أبي قتادة الأنصاري ÷ .(1/1)
رواه أحمد ( 5 / 296 , 297) رقم22535 , ومسلم في الصحيح ( 2/819) رقم 197 _ 1162 , والنسائي في الكبرى ( 2/153) رقم 2816 , والطحاوي في معاني الآثار (2/77), والبغوي في شرح السنة ( 6/342) رقم 1789, وابن حزم في المحلى (6/438) رقم 793 من طريق شعبة, ثنا غيلان بن جرير, عن عبد الله بن معبد الزماني, عن أبي قتادة به.
ورواه أحمد أيضاً ( 5/308) رقم 22621, ومسلم (2/820) رقم 198 _ 1162, والطحاوي في المعاني (2/77) والبيهقي في الكبرى (4/286).
من طريق مهدي بن ميمون, عن غيلان بن جرير به.
ورواه مسلم في الصحيح (2/818) رقم 196 _ 1162 , وابن حبان في الصحيح (8/395) رقم3632، وابن خزيمة في الصحيح (3/288), رقم 2087, والطحاوي (2/77), والبيهقي في الكبرى (4/286), والجامع لشعب الإيمان (7/346) رقم 3483 , والبغوي (6/344) رقم 1790 .
من طريق حماد بن زيد, عن غيلان بن جرير به
ورواه مسلم في الصحيح (2/820) رقم 197 _ 1162
من طريق أبان بن يزيد العطار, عن غيلان بن جرير به.
ورواه الطحاوي في المعاني (2/77).
من طريق جرير بن حازم عن غيلان به.
ورواه البيهقي في الكبرى (4/286) من طريق قتادة, عن غيلان به.
ألفاظ حديث أبي قتادة الأنصاري ÷
من طريق غيلان بن جرير
لفظ: =إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله +.
جاء عند مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة, وابن خزيمة وابن حبان, والبغوي والطحاوي.
لفظ: =أحتسب عند الله أن يكفر السنة + جاء عند أحمد
لفظ: =إني لأحتسب على الله أن يكفر السنة + ورد عند البيهقي.
لفظ: =يكفر السنة الماضية+ جاء عند أحمد ومسلم والبغوي.
وروى عبد الرزاق في مصنفه ( 4/286) رقم 7832 عن سفيان الثوري, عن منصور, عن(مجاهد)(1).
__________
(1) _ سقط من السند عنده وقد ثبت وجوده عند أحمد والنسائي.(1/2)
عن حرملة بن إياس الشيباني, عن أبي قتادة, قال سئل النبي" عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: =كفارة السنة+ ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد في مسنده ( 5/304) رقم22588, والنسائي في الكبرى (2/150) رقم 2797 والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان (7/365) رقم3503, 3504 .
ورواه النسائي أيضاً ( 2/ 150) رقم 2796.
من طريق يحيى, عن سفيان, قال: حدثني منصور عن مجاهد عن إياس بن حرملة, عن أبي قتادة, عن النبي ": =صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية, وصوم عرفة يكفر السنتين, الماضية, والمستقبلة+.
ويحيى لعله ابن سعيد القطان.
وقد ذكر النسائي اختلاف الناقلين لخبر أبي قتادة فيه وأخرجه أحمد في المسند (5/296) رقم 22530 قال: ثنا سفيان, قال: سمعناه من داود بن شابور, عن أبي قزعة, عن أبي الخليل, من أبي حرملة, عن أبي قتادة, قال: صيام عرفة يكفر السنة والتي تليها, وصيام عاشوراء يكفر سنة+.
قال عبد الله: قال أبي: =لم يرفعه لنا سفيان, وهو مرفوع+اهـ.
ومن طريق سفيان أخرجه النسائي في الكبرى ( 2/151) رقم 2804 , والإمام الشافعي في الأم ( 8/155) والبيهقي في المعرفة (6/307) رقم 8951.
وقال الإمام أحمد في مسنده (5/307) رقم 22616 :
حدثنا عفان, حدثنا همام, قال: سئل عطاء بن أبي رباح _ وأنا شاهد _ عن الفضل في صوم يوم عرفة؟ فقال: جاء هذا من قبلكم يا أهل العراق, حدثنيه أبو الخليل عن حرملة ابن إياس, عن أبي قتادة, أن النبي " قال: كلمة تشبه عدل ذلك قال: =صوم عرفة بصوم سنتين وصوم عاشوراء بصوم سنة+.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف (3/58):
حدثنا علي بن مسهر, عن ابن أبي ليلى, عن عطاء, عن أبي الخليل, عن أبي قتادة قال: قال رسول الله " : =صوم عاشوراء كفارة سنة, وصوم يوم عرفة كفارة سنتين: سنة ماضية, وسنة مستقبلة+.
إسناده ضعيف ابن أبي ليلى صدوق سيء الحفظ جداً قاله الحافظ في التقريب وفيه انقطاع.
أبو الخليل وهو صالح ابن أبي مريم الضبعي لم يسمع من أبي قتادة.(1/3)
تراجم مخرجي حديث أبي قتادة لحديثه هذا
قال الإمام الترمذي: =باب ما جاء في الحث على صوم يوم عاشوراء+.
وقال الإمام ابن ماجة: =باب صيام يوم عاشوراء+.
وقال الإمام عبد الرزاق: =باب صيام يوم عاشوراء+.
وقال الإمام البيهقي : =باب فضل يوم عاشوراء+.
وقال الإمام أبو داود : =باب في صوم الدهر تطوعاً+.
وقال الإمام ابن خزيمة : =باب ذكر تكفير الذنوب بصيام عاشوراء, والبيان أن العمل الصالح يتقدم الفعل الشيء يكون بعده, فيكفر العمل الصالح الذنوب تكون بعد العمل الصالح, لا كما يتوهم من خالفنا في تقديم كفارة اليمين قبل الحنث وزعم أنه غير جائز أن يتقدم المرءُ عملاً صالحاً يكفر ذنباً يكون بعده+.
وقال الإمام ابن حبان: =ذكر مغفرة الله _ جل وعلا _ للمسلم ذنوب سنة بصيام يوم عاشوراء, وتفضله _جل وعلا_ عليه بمغفرة ذنوب سنتين بصيام يوم عرفة+.
المراد بالذنوب المكفرة بصيام يوم عاشوراء ويوم عرفة
قال النووي في شرح مسلم (8/51):
=قوله ": =احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله, والسنة التي بعده+ معناه: يكفر ذنوب صائمه في السنتين+ قالوا: والمراد بها الصغائر, وسبق بيان مثل هذا في تكفير الخطايا بالوضوء, وذكرنا هناك أنه إن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر, فإن لم يكن رفعت درجات+.
وقال الشوكاني في نيل الاوطار (4/268):
=وقد استشكل تكفيره السنة الآتية, لأن التكفير التغطية, ولا تكون إلا لشيء قد وقع, وأجيب بأن المراد يكفره بعد وقوعه، أو المراد أنه يلطف به فلا يأتي بذنب فيها بسبب صيامه ذلك اليوم, وقد قيد ذلك جماعة من المعتزلة وغيرهم بالصغائر.
قال النووي: =فإن لم تكن صغائر كفر من الكبائر, وإن لم تكن كبائر كان زيادة في رفع الدرجات+اهـ.
وقال البيهقي في جامع شعب الإيمان ( 7/366) رقم3504 :(1/4)
قال الحليمي ×: =فما روينا من الصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر, والجمعة إلى الجمعة وغير ذلك, وقد يجوز أن يكون معنى هذه الإخبار أن كل واحدة من الصلوات الخمس, ثم الجمعات, ثم صيام رمضان, ثم صيام عرفة, ثم صيام عاشوراء له من القدر عند الله أن يعفى على أثر السيئات كلها بالغة ما بلغت, وكائنت ما كانت ما لم يكن كبائر, وإذا كانت بهذه المنزلة وقع بها تكفير ما يصادفه من السيئات, وما لم يصادفه منها سيئات فيكفرها انقلبت زيادة في درجات أنفسها, وهذا كما يقال:
والوضوء طهارة أو أنه رافع للحدث, أو يقال: =العتق كفارة, فيكون المعنى إن كان هناك ما يتطهر منه أو كان ما يكفر, فإن لم يكن كان عبادة وفضلاً وبراً يوجب لصاحبه الثواب, وبَسَطَ الكلام فيه+اهـ.
فصل في وجه صيام النبي " يوم عاشوراء وأمره بصيامه
كان =يوم عاشوراء+ يوماً معظماً عند قريش أيام الجاهلية, ولتعظيمهم له كانوا يصومونه, ويكسون فيه الكعبة الشريفة (1) وقد شاركهم نبينا " في صيامه, ولما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومونه أيضاً معللين صيامهم له بأنه يوم عظيم, نجى الله فيه موسى وقومه من الغرق وأهلك فيه فرعون وقومه, وأن موسى " صامه شكراً لله, فكان النبي " يرى أنه أحق وأولى بموسى وبصيام هذا اليوم من اليهود فصامه وأمر بصيامه. وإليك الأدلة على ذلك.
روى الإمام مالك بن أنس _ رحمه الله تعالى _ في الموطأ (1/299) عن هشام بن عروة عن أبيه, عن عائشة زوج النبي" أنها قالت: =كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية,وكان رسول الله " يصومه في الجاهلية, فلما قدم رسول الله " المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة,وترك يوم =عاشوراء+ فمن شاء صامه, ومن شاء تركه+.
__________
(1) _ فتح الباري للحافظ ابن حجر (4/236 ) ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/311).(1/5)
ومن طريق مالك أخرجه الإمام الشافعي _رحمه الله تعالى_ في مسنده =شفاء العي+ (1/458) رقم 699, والإمام البخاري _ رحمه الله تعالى _ في الجامع الصحيح (2/250) رقم 2002 والإمام أبو داود في السنن (2/718) رقم 2442
وسقط عند الشافعي سطر: =وكان رسول الله " يصومه في الجاهلية+ وأخرجه الإمام مسلم _ رحمه الله تعالى _ في الصحيح ( 2/792) رقم 113 _ 1125.
من طريق جرير بن عبد الحميد, عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة _ رضي الله عنها _ قالت: كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية, وكان رسول الله " يصومه, فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه, فلما فرض شهر رمضان قال: =من شاء صامه, ومن شاء تركه+.
وأخرجه الإمام الترمذي _ رحمه الله تعالى _ في الجامع (3/127) رقم753 من طريق عَبْدَة بن سليمان عن هشام ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة, قالت:
=كان =عاشوراء+ يوماً تصومه قريش في الجاهلية,وكان رسول الله " يصومه, فلما قدم المدينة صامه, وأمر الناس بصيامه, فلما افترض رمضان, كان رمضان هو الفريضة, وترك عاشوراء, فمن شاء صامه,ومن شاء تركه+.
فصل فيما رواه ابن عباس _ رضي الله عنهما _
في فضل صيام يوم عاشوراء
قال الحميدي _ رحمه الله تعالى _ في مسنده ( 1/226) رقم484:
ثنا سفيان, قال : ثنا عبيدالله بن أبي يزيد, قال: سمعت ابن عباس يقول: =ما علمت رسول الله " صام يوماً يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم يعني عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان+.(1/6)
ومن طريق سفيان بن عينية أخرجه أحمد في المسند (1/222) رقم 1938 والبخاري في الصحيح (2/251) رقم2006 والشافعي في مسنده, شفاء العي (1/457) رقم697, وابن أبي شيبة في المصنف (3/58) ومسلم في الصحيح (2/797) رقم 131_ 1132, وابن خزيمة في الصحيح (3/287) رقم 2086 , والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان (7/363) رقم 3501, والنسائي في المجتبى(4/204) وأبو عوانة في المستخرج (2/231) رقم 2954 وابن عبد البر في الاستذكار(10/135) رقم14271, والتمهيد (7/203).
وقال الإمام أحمد أيضاً (1/313) رقم 2854 :
=ثنا محمد بن بكر, قال: أنا ابن جريج, قال: أخبرني عبيدالله بن أبي يزيد, أنه سمع ابن عباس يقول: =ما علمت رسول الله " كان يتحرى يوماً كان يبتغي فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء أو شهر رمضان+.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (4/287) رقم 7837 ومن طريقه أخرجه مسلم (2/797), رقم 131 _ 132 وأبو عوانة في المستخرج (2/231) رقم 7837 ومن طريقه أخرجه مسلم (2/797), رقم 131 _ 1132,وأبو عوانة في المستخرج (2/231) رقم 2957.
وأخرجه أحمد أيضاً (1/367) رقم 3475, والبيهقي في الكبرى (4/286) والطبراني في الكبير (11/126) رقم11252.
من طريق عبد الرزاق وابن بكر, قالا: أنا ابن جريج, قال: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (11/127) رقم 1125, والطحاوي في معاني الآثار (2/75) والبيهقي في الجامع (7/364) رقم 3502,وابن عدي في الكامل (5/1962) من طريق عبد الجبار بن الورد سمعت ابن أبي مليكة يقول: سمعت عبيد الله بن أبي يزيد, قال: قال ابن عباس: قال رسول الله ": =ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان أو يوم عاشوراء+.
ورواه عبدالجبار بن الورد أيضاً عن عمرو بن دينار, عن عبيد الله بن أبي يزيد, عن ابن عباس يرفعه ... الحديث.
عند الطبراني في الكبير ( 11/126 , 127) رقم 11252(1/7)
ورواه عطاء بن السائب, عن عبيدالله بن أبي يزيد به، عند الطبراني في الكبير (11/127) رقم 11254، ورواه يحيى ابن كثير, عن عبيدالله به، عند الطبراني ( 11/127) رقم11255.
وأخرجه الطبراني (11/128) رقم 11256، من طريق زياد بن سعد, عن عبيد الله بن أبي زياد به.
وأخرجه الطبراني (11/128) رقم 11257، من طريق ورقاء بن عمر اليشكري, عن عبيد الله بن أبي زياد به.
ورواه أبو عوانة في المستخرج (2/232) رقم 2958، من طريق حجاج وروح عن ابن جريج بإسناده مثله، أي مثل حديث ابن جريج.
فصل فيما رواه ابن عباس _ رضي الله عنهما _
مما ظاهره أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم
اعلم _ أرشدك الله تعالى _ أن ابن عباس _رضي الله عنهما_ روى عن النبي " أنه كان يصوم يوم عاشوراء من شهر الله المحرم, وثبت عنه ما ظاهره أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم، وإليك طائفة من مروياته في ذلك:
فأولاً : هاك رواياته عن النبي " أنه " كان يصوم اليوم المسمى بعاشوراء من شهر الله المحرم.
قال الإمام الحافظ عبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده (1/239) رقم115: =ثنا سفيان, قال: ثنا أيوب السختياني, قال : أخبرني عبد الله بن سعيد بن جبير, عن أبيه, عن ابن عباس قال:
=قدم النبي " المدينة, واليهود تصوم يوم عاشوراء, فقال: =ما هذا اليوم الذي تصومونه؟+ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وأغرق آل فرعون فيه, فصامه موسى شكراً.
فقال رسول الله ": =فنحن أحق بموسى منكم, فصامه , وأمر بصيامه+.
ومن طريق سفيان بن عيينة أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/288) رقم 7843 ومسلم في الصحيح (2/796) رقم 128 _1130 , والنسائي في الكبرى (3/230) رقم 2848 وابن ماجه (1/552) رقم 1734, والبيهقي أيضاً في الجامع لشعب الإيمان (7/359) رقم 3498 وأبو عوانة في المستخرج (2/126) رقم 2963 , 2964 .(1/8)
وأخرجه أحمد في المسند (1/336) رقم 3112 , وابن حبان في الصحيح (8/389) رقم 3625 , وعبد الرزاق في المصنف (4/288) رقم7843، ومسلم في الصحيح (2/796) رقم 1130 _ 128 , وأبو عوانة في المستخرج (2/233) رقم 2964 من طريق معمر بن راشد, عن أيوب, عن عبد الله بن سعيد بن جبير, عن أبيه عن ابن عباس به.
وأخرجه أحمد (1/291) رقم 2633, 2831 والبخاري في الصحيح (2/251) رقم 2004, وأبو يعلى في المسند (4/441) رقم2567, وأبو عوانة (2/233) بعد رقم2964 من طريق عبد الوارث, ثنا أيوب به.
ورواه شبابة بن سوار عند ابن أبي شيبة ( 3/56).
ومحمد بن جعفر غندر عند أحمد (1/340) رقم 3164, والبخاري (5/211) رقم 3480 ورواه روح بن عبادة عند البخاري في الصحيح (5/239) رقم 4737, والطحاوى في معاني الآثار (2/75) والبيهقي في الكبرى (4/289) وأبي عوانة ( 2/232) رقم 2960.
ورواه سهل بن حماد, عند الدارمي في السنن (ص/417)
ورواه عمرو بن مرزوق عند الطبراني في الكبير (12/50) رقم 12442.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص: 342 رقم 2625
ستتهم عن شعبة بن الحجاج, عن أبي بشر بيان بن بشر الأحمسي عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: =لما قدم رسول الله " المدينة .. الحديث.
وأخرجه البخاري في الصحيح (4/269) رقم 3943, ومسلم في الصحيح (2/795) رقم 127 _ 1130, والنسائي في الكبرى (3/230) رقم 2847 , وأبو داود في السنن (2/818) رقم 2444, وابن خزيمة (3/286) رقم 2083, والبغوي في شرح السنة (6/ 333) رقم 1782, والبزار في البحر الزخار (11/322) وأبو عوانة (2/232) رقم 2961, وابن عبد البر في التمهيد (7/209).
من طريق هشيم بن يشير, عن أبي بشر به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (12/24) رقم 12362، من طريق قيس بن الربيع, عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد ابن جبير به.
وأخرجه أبو عوانة في المستخرج (2/132) رقم 2962، من طريق وهيب, عن أيوب, عن عبد الله بن سعيد بن جبير به.(1/9)
فهذه الطرق الكثيرة والمتواترة قد تظاهرت وتطابقت _ كما ترى _ على أن رسول الله " صام يوم عاشوراء, وأمر بصيامه، وهذا ما دعاني إلى ذكر هذه الطرق من مصادرها هنا.
فصل في تفسير ابن عباس _ رضي الله عنهما _
يوم عاشوراء باليوم التاسع من شهر الله المحرم
قال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (3/58):
حدثنا وكيع بن الجراح, عن حاجب بن عمر, عن الحكم ابن الأعرج, قال: انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم, فقلت: أخبرني عن صيام يوم عاشوراء, فقال: =إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, وأصبح صائماً التاسع+.
قلت: هكذا كان محمد رسول الله " يصومه؟ قال: نعم+.
ومن طريق وكيع أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/344) رقم3212, وابن خزيمة في الصحيح(2/291) رقم 2097, والبغوي في شرح السنة (6/ 338) رقم 1786 , ومسلم في الصحيح (2/797) رقم 132_ 1133 ,والترمذي في الجامع (3/128) رقم 754, وابن حزم في المحلى (6/438) رقم793، هذا لفظ ابن أبي شيبة.
ولفظ أحمد: =أخبرني عن عاشوراء أي يوم أصومه؟ فقال: إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, فأصبح من التاسعة صائماً ... الخ.
ولفظ مسلم: =أخبرني عن صوم عاشوراء؟ فقال: إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, وأصبح يوم التاسع صائماً, قلت: هكذا كان رسول الله " يصومه؟ قال: نعم+.
ولفظ ابن خزيمة : =فسألته عن صيام عاشوراء؟ فقال: =اعدد, فإذا أصبحت يوم التاسع من المحرم, فأصبح صائماً...الخ+.
ولفظ البغوي: =أخبرني عن يوم عاشوراء, أي يوم أصومه؟ قال: إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, ثم أصبح من التاسع صائماً ... الخ.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/239) رقم 2135(1/10)
من طريق معاذ بن معاذ, ثنا حاحب بن عمر, حدثني عمي, الحكم بن الأعرج, قال: أتيت ابن عباس وهو متكئ عند زمزم, فجلست إليه, وكان نعم الجليس فقلت: أخبرني عن يوم عاشوراء؟ قال: عن أي باله تسأل؟ قلت: عن صومه: قال: =إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, فإذا أصبحت من تاسعة, فأصبح منها صائماً. قلت: أكذلك كان يصومه محمد "؟ قال: نعم+.
وأخرجه أحمد أيضاً (1/280) رقم 2540، من طريق عفان ثنا حاحب بن عمر أبو خشينة أخو عيسى النحوي قال: ثنا الحكم بن الأعرج قال : جلست إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه عند بئر زمزم, فجلست إليه وكان نعم الجليس فسألته عن عاشوراء؟ فقال: عن أي باله تسأل؟ قلت: عن صيامه قال: إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد فإذا أصبحت من تاسعة, فصم ذلك اليوم قلت: أهكذا كان يصومه محمد " قال: نعم+.
وأخرجه ابن حبان في الصحيح (8/395) رقم3633، من طريق أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي, حدثنا حاجب بن عمر, حدثنا الحكم بن الاعرج, قال: انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه عند زمزم, فجلست إليه ونعم الجليس كان فسألته عن عاشوراء؟ فاستوى جالساً, ثم قال: عن أي بابِه تسأل؟ قال: قلت: عن صيامه, أي يوم نصومه؟ قال: إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, ثم أصبح من تاسعهِ صائماً, قلت: أكذلك كان يصوم محمد " ؟ قال نعم+.
ورواه أبو داود في سننه (2/819) رقم 2446
من طريق إسماعيل بن علية, أخبرني حاجب بن عمر, عن الحكم بن الأعرج, قال: أتيت ابن عباس _ وهو متوسد رداءه في المسجد الحرام _ فسألته عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: =إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, فإذا كان يوم التاسع, فأصبح صائماً, فقلت: كذا كان محمد " ؟ فقال: كذلك كان محمد " يصوم+.
وقال عبد بن حميد في مسنده (1/568) رقم 669:(1/11)
حدثنا وهب بن جرير, أنا حاجب بن عمر, عن الحكم ابن الأعرج, قال: أتيت ابن عباس وهو مسند ظهره إلى حجرة زمزم, فقلت: أخبرني عن عاشوراء ؟ فقال: عن أي باله تسأل؟ قلت: عن صومه. قال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد تسعاً, ثم أصبح منها صائماً. قلت: أكذلك كان رسول الله " يصومه؟ قال: نعم+.
رواه الطحاوي في معاني الآثار (2/75) والبيهقي في الكبرى (4/287)، من طريق روح بن عبادة. قال: ثنا حاجب بن عمر, قال: سمعت الحكم بن الأعرج يقول: قلت لابن عباس: أخبرني عن يوم عاشوراء؟ قال: عن أي باله تسأل ؟ قلت: أسأل عن صيامه أي يوم أصوم؟ قال: إذا أصبحت من تاسعة فأصبح صائماً+. قلت: كذلك كان يصوم محمد " ؟ قال: نعم+.
هذا لفظ الطحاوي:
ولفظ البيهقي: قال: انتهيت إلى ابن عباس ÷ وهو متوسد رداءه عند زمزم، قال: فجلست إليه _ وكان نعم الجليس _ فقلت: أخبرني عن يوم عاشوراء؟ فاستوى قاعداً, ثم قال: عن أي حاله تسأل؟ قلت: عن صيامه أي يوم نصوم؟ قال: إذا رأيت هلال المحرم. فاعدد, فإذا أصبحت من تاسعه, فأصبح صائماً, قال: قلت: كذلك كان يصوم محمد"؟ قال: نعم+.
وقد قرن البيهقي بروح أبا داود الطيالسي.
وأخرجه الامام مسلم في الصحيح (2/797) رقم132_ 1133, وأبو داود في السنن (2/819) رقم2446, والنسائي في الكبرى ( 3/238) رقم 2872 , وابن خزيمة في الصحيح (3/291) رقم 2096 , والطبراني في الكبير (12/213) رقم12925، من طريق يحيى بن سعيد القطان, ثنا معاوية ابن عمرو بن غلاب, عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج, قال: سألت ابن عباس _ رضي الله عنهما _ وهو متوسد رداءه عند زمزم, عن صوم عاشوراء؟ قال مسلم: بمثل حديث حاجب بن عمر+اهـ.
قلت: يعني رواية وكيع بن الجراح.
ولفظ : النسائي: =أتيت ابن عباس في المسجد الحرام, فسألته عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: اعدد فإذا أصبحت يوم التاسع, فأصبح صائماً. قلت: كذلك كان محمد " يصوم؟ قال: نعم كذلك كان يصومه+.
ولفظ ابن خزيمة:(1/12)
=قال: سألت ابن عباس _ وهو في المسجد الحرام, وهو متوسد رداءه _ فسألته عن صيام عاشوراء؟ فقال: اعدد, فإذا أصبحت يوم التاسع من المحرم, فأصبح صائماً, قال: أكذاك كان محمد " يصوم؟ قال: كذاك كان يصوم+.
ورواه ابن خزيمة أيضاً في صحيحه (3/291) رقم 2098، من طريق شعبة, عن حاجب بن عمر, عن الحكم ابن الأعرج, عن ابن عباس في يوم عاشوراء, قال: هو يوم التاسع. قلت: كذلك صام محمد " ؟
ورواه عبد الرزاق في المصنف ( 4/288) رقم 7840, وأحمد في المسند (1/360) رقم 3393، من طريق إسماعيل ابن عبد الله, قال: أنا يونس بن عبيد, عن الحكم ابن الأعرج, قال: سألت ابن عباس عن يوم عاشوراء؟ فقال: =إذا رأيت هلال المحرم فاعدد, فإذا أصبحت من تاسعة فأصبح صائماً, قال يونس, فأنبئت عن الحكم أنه قال: فقلت: كذاك صام محمد " ؟ قال : نعم+، هذا لفظ أحمد.
ولفظ عبد الرزاق قال:
=عن ابن عباس اذا أصبحت بعد تسع وعشرين (1) ثم أصبح صائماً, فهو يوم عاشوراء+ قال يونس:
=وأخبرني ابن اخي الحكم عنه أنه قال: ذلك اليوم الذي أمر رسول الله " بصيامه+.
وقال الإمام أحمد _ رحمه الله تعالى _ في مسنده (1/246) رقم 2214:
ثنا علي بن عاصم, أنا معاوية بن عمرو بن غلاب عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج, قال: كنت عند ابن عباس في بيت السقاية وهو متوسد برداً له. قال: فقلت: يا أبا عباس, أخبرني عن عاشوراء؟ قال: عن أي باله؟ قال: قلت: عن صيامه قال: إذا أنت أهللت المحرم, فأعدو تسعاً, ثم أصبح يوم التاسع صائماً. قلت: كذا كان يصومه محمد " ؟ قال: نعم+.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف (3/59): حدثنا يزيد ابن هارون عن الجريري, عن الحكم بن(2) الأعراج عن ابن عباس قال: هو يوم التاسع+.
__________
(1) _ هكذا جاء =وعشرين+ ولم أعرف معناها !!
(2) _ جاء _(عن) والصواب (ابن).(1/13)
ففي هذه الرواية الصحيحة عن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ النص على أن النبي " كان يصوم اليوم التاسع من المحرم, وأن ابن عباس فسر يوم عاشوراء باليوم التاسع كما ترى _ وهذا ظاهره يتعارض مع ما روى هو _ أيضاً _ عن النبي" أنه لم يصمه, وذلك أنه شرط على نفسه أنه إن بقي إلى قابل ليصومن اليوم التاسع, وإليك طائفة مما رواه في ذلك:
قال الإمام أحمد _ رحمه الله تعالى _ في مسنده (1/345) رقم 3123 :
ثناوكيع, ثنا ابن أبي ذئب, عن القاسم بن عباس, عن عبد الله بن عمير مولى لابن عباس, عن ابن عباس, قال: قال رسول الله " : =لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع+.
ومن طريق وكيع أخرجه الإمام مسلم _ رحمه الله تعالى _ في الصحيح (2/798) رقم 134 _ 1134 , وابن أبي شيبة في المصنف (3/58) والحافظ المزي في تهذيب الكمال (15/385) وابن ماجه (1/552) رقم 1736.
ولفظ ابن أبي شيبة:
قال: قال رسول الله " : =لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع _ يعني يوم عاشوراء+اهـ
وأخرجه مسلم أيضاً (2/798) رقم 133 _ 1143, والطبراني في الكبير (10/391) رقم 10785 والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان (7/369) رقم 3506 من طريق يحيى ابن أيوب, حدثني إسماعيل بن أمية, أنه سمع أبا غطفان ابن طريف المري يقول: سمعت عبد الله بن عباس _ رضي الله عنهما _ يقول حين صام رسول الله " يوم عاشوراء, أمر بصيامه, قالوا: يا رسول الله, إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى, فقال رسول الله " : =فإذا كان العام المقبل _ إن شاء الله _ صمنا اليوم التاسع+، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله "+.
وأخرجه الطبراني في الكبير أيضاً (11/130) رقم11266،
من طريق مسلم بن خالد الزنجي,عن إسماعيل بن أمية, عن أبي المنهال, عن ابن عباس قال: ذكر للنبي " أن يهود يصومون يوم عاشوراء, فقال النبي ":
=إن عشنا خالفنا هم وصمنا اليوم التاسع+.(1/14)
وأخرجه البيهقي في المعرفة ( 6/350) رقم 8965، من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك, قال: حدثنا محمد ابن عبد الرحمن بن أبي ذئب به.
وقال الإمام أحمد _ رحمه الله تعالى _ (1/236) رقم2106:
ثنا يزيد بن هارون, أنا ابن أبي ذئب وروح, قال: ثنا ابن أبي ذئب, عن القاسم بن عباس, عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس, عن ابن عباس, أن رسول الله " قال:
=لئن عشت _ قال روح: لئن سلمت إلى قابل لأصومن التاسع, يعني عاشوراء+.
ومن طريق يزيد بن هارون أخرجه عبد بن حميد في المسند (1/568) رقم 670 ومن طريق روح بن عبادة أخرجه البيهقي في الكبرى (4/287) والجامع (7/370) رقم 3508 ولفظ عبد بن حميد:
=لئن عشت إلى قابل _ إن شاء الله _ لأصومن اليوم التاسع _يعني عاشوراء+.
وقال الإمام أحمد _رحمه الله تعالى_(1/224) رقم1971
حدثني أبو معاوية, ثنا ابن أبي ذئب, عن القاسم ابن عباس, عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس, عن ابن عباس قال: قال رسول الله ": =لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع+.
وأخرجه الطحاوي في المعاني (2/77 , 78) والبيهقي في الجامع (7/370) رقم 3508 من طرق عن ابن أبي ذئب به.
ورواه الطبراني في الكبير (11/16) رقم 10891، من طريق إسماعيل بن مسلم, عن عمرو بن دينار, عن طاووس, عبن ابن عباس, أن النبي " قال: =لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع+.
وقال الإمام عبد الرزاق _ رحمه الله تعالى _ في المصنف (4/287) رقم 7893 : =أخبرنا ابن جريج, قال: أخبرني عطاء, أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود, وصوموا التاسع والعاشر+. ومن طريق عبدالرزاق أخرجه البيهقي في الكبرى (4/287), وقال: وهذا موقوف صحيح الإسناد.
ورواه الطحاوي في المعاني (2/78) والبيهقي في الجامع (7/371) رقم 3509 من طريق روح بن عبادة, قال: ثنا ابن جريج به.
وأخرجه الترمذي في الجامع مع (3/129) تعليقاً، وقال الحافظ ابن رجب في اللطائف ص:108 :(1/15)
=وقد صح هذا عن ابن عباس من قوله من رواية ابن جريج... الخ، ثم نقل عن الإمام أحمد أنه قال: =أنا أذهب إليه+.
وروى عنه مولاه عبد الله بن عمير, تعليل صيام اليوم التاسع, لئلا يفوته صيام اليوم العاشر.
فقد أخرج الحافظ الطبراني في الكبير (10/401) رقم10817، من طريق الحسين بن جعفر القتات ومحمد ابن العباس المؤدب, قالا: ثنا أحمد بن يونس, ثنا ابن أبي ذئب, عن القاسم بن عباس, عن عبد الله بن عمير, عن ابن عباس, قال: قال رسول الله " : =إن عشت _ إن شاء الله _ إلى قابل صمت التاسع مخافة أن يفوتني يوم عاشوراء+.
وأخرجه البيهقي في الجامع (7/370) رقم 3507 من طريق أحمد بن يونس به وقال ابن ماجه (1/552) بعد رقم1736: =وقال أبو علي : رواه أحمد بن يونس, عن ابن أبي ذئب, وزاد فيه : =مخافة أن يفوته عاشوراء+.
وقال البيهقي في الكبرى (4/287) والمعرفة (6/352) رقم 8974 ، 8975 : =ورواه أحمد بن يونس عن ابن أبي ذئب, وقال في متنه : =إن عشت _ إن شاء الله _ صمت اليوم التاسع مخافة أن يفوته يوم عاشوراء+.
قلت: الحديث قد رواه من تلاميذ محمد بن عبد الرحمن ابن المغيرة بن أبي ذئب ثمانية عنه _ فيما وقفت عليه _ وهم وكيع بن الجراح, ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير, وأسد بن موسى وأبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو, وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي, ومحمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك, فلم يذكرها أحد منهم.
وعلى هذا فقد تفرد بهذا الزيادة أحمد بن عبد الله ابن يونس.
أضف إلى هذا أن هذه الزيادة لم ترد في الطرق الأخرى التي جاء بها هذا الحديث عن ابن عباس _ فيما وقفت عليه فقد مر معنا أنه رواه عن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ سعيد ابن جبير, والحكم بن عبد الله بن الأعرج, وعبدالله بن عمير مولى ابن عباس, وأبو غطفان بن طريف المُرِّيي, وأبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم البناني.(1/16)
وعن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ قال: قال رسول الله": =صوموا يوم عاشوراء, وخالفوا فيه اليهود, صوموا قبله يوماً أو بعده يوماً+, رواه أحمد في المسند (1/241) رقم2154، من طريق هشيم, أنا ابن أبي ليلى, عن داود ابن علي, عن أبيه, عن جده بن عباس به.
ومن طريق هشيم أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (3/290) رقم 2095, والبيهقي في الكبرى (4/287) وابن عدي في الكامل ( 3/956) والبيهقي أيضاً في الجامع (7/372) رقم3511 هذا لفظ أحمد وابن خزيمة والبيهقي.
ولفظ ابن عدي والبيهقي في الجامع:
=وصوموا يوم عاشوراء, وخالفوا فيه اليهود, وصوموا قبله يوماً, وبعده يوماً+.
وأخرجه الحميدي في مسنده (1/227) رقم 485 ومن طريقه البيهقي في الكبرى (4/287) والجامع (7/372) رقم3510.
عن سفيان بن عيينة, عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى, عن داود بن علي عن أبيه, عن جده, أن رسول الله" قال: =لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله أو يوم بعده _ يعني يوم عاشوراء+.
ومن طريق سفيان بن عيينة أخرجه بن عدي في الكامل (3/956) بلفظ: =لئن بقيت إلى قابل لأصومن يوماً قبله, ويوماً بعده _ يعني يوم عاشوراء+.
وأخرجه الطحاوي في معاني الآثار (2/78) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى, قال: حدثني أبي, قال: حدثني ابن أبي ليلى عن داود بن علي, عن أبيه, عن جده ابن عباس, عن النبي " في صوم يوم عاشوراء:
=صوموه, وصوموا قبله يوماً, أو بعده يوماً, ولا تتشبهوا باليهود+.
ورواه البزار في البحر الزخار (11/399) رقم 5238:
من طريق عيسى, عن ابن أبي ليلى به سواء إلا أن فيه: =صوموا قبله يوماً وبعده يوماً+.
قال البزار: قد روي عن ابن عباس من وجوه, ولا نعلم روى عن ابن عباس, ولا عن غير ابن عباس, أن النبي " أمر أن يصام قبله يوماً (1) وبعده يوماً إلا في حديث داود ابن علي عن أبيه, عن ابن عباس, وقد تقدم ذكرنا لداود+.
__________
(1) _ هكذا جاء بالنصب والصواب بالرفع لأنه نائب فاعل.(1/17)
قلت: والذي تقدم ما ذكره في داود هذا هو قوله في (11/395) رقم 5232: =داود بن علي كان نسبه عال, ولم يكن بالقوي في الحديث, على أنه لا يتوهم عليه إلا الصدق, وإنما يكتب من حديثه ما لم يروه غيره+اهـ.
وقال الذهبي في الميزان (2/13): ليس بحجة .
وقال في المغني (1/219) : ليس حديثه حجة, قال ابن معين: ارجو أنه لا يكذب+ اهـ .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (4/ 273):
رواية أحمد هذه ضعيفة منكرة من طريق داود بن علي, عن أبيه, عن جده, رواها عنه ابن أبي ليلى + اهـ .
قلت: وابن أبي ليلى ضعيف سيء الحفظ جداً, ضعفه الإمام أحمد ولم يرضه وقال: هو مضطرب الحديث.
وقال: شعبة : ما رأيت أحدا أسوأ حفظاً منه. وأمر زائدة بترك حديثه. نقل ذلك عنهم العقيلي في الضعفاء الكبير (4/89, 100).
وقال ابن حبان في الضعفاء والمجروحين (2/244):
=كان رديء الحفظ, كثير الوهم, فاحش الخطأ, يروي الشيء على التوهم, ويحدث على الحسبان, فكثر المناكير في روايته, فاستحق الترك, تركه أحمد بن حنبل وابن معين+اهـ.
قلت: فمن كانت هذه حاله عند أئمة أهل الحديث, وخالف الثقات فإن روايته تكون منكرة,كما تقرر ذلك عند علماء مصطلح الحديث.
وقال الإمام الترمذي في الجامع (3/128) رقم 755 :
حدثنا قتيبة, حدثنا عبد الوارث, عن يونس, عن الحسن, عن ابن عباس قال: =أمر رسول الله " بصوم عاشوراء يوم العاشر+.
قلت : إسناده صحيح، رجاله ثقات إلا أن في سماع الحسن من ابن عباس مقالاً.
وقال: ابن مفلح في الفروع (3/11) : إسناده ثقات رواه الترمذي وقال : حسن صحيح +اهـ.
وقال الإمام عبد الرزاق في المصنف ( 4/288) رقم 7841
أخبرنا معمر, عن أيوب, عن مسعود بن فلان, عن ابن عباس, قال: =يوم عاشوراء العاشر+.
مسعود بن فلان لم أقف له على ترجمة.
وجاء في الاستذكار لابن عبد البر (10/139) رقم14288 و التمهيد (7/214) : وقال معقل بن يسار وابن عباس: يوم عاشوراء اليوم التاسع, ولكن اسمه العاشوراء+.(1/18)
وقال ابن أبي شيبة في المصنف (3/59) :
حدثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا ابن أبي ذئب, عن شعبة، عن ابن عباس، أنه كان يصوم يوم عاشوراء في السفر، ويوالي بين اليومين مخافة أن يفوته+.
ورواه ابن عبدالبر في الاستذكار (10138) رقم14286، من طريق القطان، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس .. فذكره وزاد =فكان ابن سيرين يصوم العاشر, فبلغه أن ابن عباس كان يصوم التاسع والعاشر فكان ابن سيرين يصوم التاسع والعاشر+ وأخرجه البيهقي في المعرفة (6/351) رقم897 من طريق جعفر بن عوانه, قال: أخبرنا ابن أبي ذئب به.
فانظر _ رحمك الله تعالى _ إلى ما روي عن ابن عباس _رضي الله عنهما_ من الاختلاف في صيام عاشوراء من شهر الله المحرم, فقد جاء كما ترى على عدة أوجه:
الأول : جاء عنه أن النبي " كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه كما في رواية سعيد بن جبير وأبي غطفان بن طريف المري عنه.
الثاني: أنه ورد عنه أن نبي الله " كان يصوم يوم عاشوراء, وظاهر الرواية أن يوم عاشوراء عنده هو اليوم التاسع من المحرم كما في رواية الحكم بن عبدالله بن الأعرج عنه.
الثالث: جاء عنه: أن نبي الله " لم يصم اليوم التاسع, وإن بقي إلى قابل ليصومنه, كما في رواية عبيد الله بن عمير عنه.
الرابع: جاء عنه أن رسول الله " لم يصم اليوم التاسع, وإن عاش إلى قابل ليصومنه مخالفة لليهود. كما في رواية أبي المنهال عبد الرحمن بن مطعم البناني وطاووس عنه.
الخامس: ورد عنه أن نبي الله " قال: إن عشت _ إن شاء الله _ إلى قابل صمت التاسع مخافة أن يفوتني يوم عاشوراء كما في رواية عبد الله بن عمير أيضاً عنه وفيها مقال.
السادس: أن ابن عباس نفسه أمر بصيام التاسع والعاشر ومخالفة اليهود كما في رواية عطاء بن أبي رباح عنه.(1/19)
السابع: ورد عنه: أن نبي الله " نهى عن التشبه باليهود, وأمر بمخالفتهم في صيام يوم عاشوراء وقال: =صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده+ وفي لفظ: =صوموا قبله يوماً, وبعده يوماً+ وفي أخرى: =لأمرن بصيام يوم مثله, أو يوم بعده+.
وفي رواية: =لئن بقيت إلى قابل لأصومن يوماً قبله ويوماً بعده+ كما في رواية داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس.
وتقدم التنبيه على أن هذه الرواية منكرة, كما هي ظاهرة الاضطراب كما ترى.
الثامن: جاء عنه: =أن النبي " أمر بصوم عاشوراء يوم العاشر+، كما في رواية الحسن البصري عنه.
التاسع: جاء عنه أنه فسر يوم عاشوراء باليوم العاشر كما في رواية مسعود بن فلان.
العاشر: جاء عنه: أن نبي الله " قال:
=لئن عشت إلى قابل صمت يوم عاشوراء يوم التاسع+، كما في رواية عبدالله بن عمير عنه / عند البيهقي في الجامع رقم3508.
الحادي عشر: قال ابن عبدالبر في التمهيد (7/214):
حدثنا عبدالوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم ابن اصبغ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النيسابوري، قال: حدثنا محمد بن جعفر الوركاني، قال: حدثنا سلام بن سالم الطويل، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن معقل ابن يسار وابن عباس أنهما قالا:
=يوم عاشوراء اليوم التاسع، ولكن اسمه العاشوراء+.
إسناده تالف، سلاَّم بن سالم، ويقال: ابن سليم الطويل تركوه.
قال أحمد: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك / انظر ميزان الاعتدال (2/175) رقم3343، وشيخه ضعيف أيضاً.
فصل في منشأ الخلاف في تعيين يوم =عاشوراء+
اعلم أن منشأ الخلاف في تعيين =يوم عاشوراء+ هو تفسير الإمام الجليل عبدالله بن عباس _ رضي الله عنهما _ لليوم التاسع من المحرم بيوم =عاشوراء+ منه وذلك أنه ثبت عنه أنه قال فيما رواه عن النبي " أنه قال:
=لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع+: يعني =يوم عاشوراء+.(1/20)
وذلك من رواية وكيع، ثنا ابن أبي ذئب، عن القاسم ابن عبدالله، عن عبدالله بن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس به وتقدم.
وجاء مثل ذلك في رواية يزيد بن هارون وروح بن عبادة عن ابن أبي ذئب به.
يؤيد هذا أن الحكم بن عبدالله بن الأعرج سأله عن صيام يوم =عاشوراء+؟ فأجابه بقوله:
=إذا رأيت هلال المحرم، فاعدد، فإذا أصبحت من تاسعة، فأصبح صائماً+.
وفي لفظ: =ثم أصبح يوم التاسع صائماً+.
وفي رواية أجاب بقوله: =هو يوم التاسع+ وقد سلف.
تراجم أهل العلم بالحديث لهذه الرواية
قال أبو داود في السنن: باب ما روي أن =عاشوراء اليوم التاسع+.
وقال الترمذي: باب ما جاء =عاشوراء+ أي يوم هو؟+.
وترجمه النسائي بلفظ: أيُّ يوم =عاشوراء+.
وجاء في صحيح مسلم: =باب أيُّ يوم يصام في عاشوراء؟+.
وترجمه البغوي: =باب في عاشوراء أي يوم هو؟+.
ومما يستدل به لهذا القول ما ذكره الإمام البغوي في شرح السنة (6/338) رقم1786 بما نصه:
=واختلف أهل العلم في يوم =عاشوراء+، فقال بعضهم: هو اليوم العاشر.
وقال بعضهم: هو اليوم التاسع.
روي ذلك عن ابن عباس، وزعم بعض أهل اللغة أن اسم =عاشوراء+ مأخوذ من أعشار أوراد الإبل، والعشر عندهم تسعة أيام.
تقول العرب: وَرِدَتْ الإبلُ عِشراً إذا وردت يوم التاسع، وذلك أنهم يحسبون في الأظماء يوم الوِرْدِ، فإذا أقاموا في الرعي يومين، ثم أوردوا اليوم الثالث قالوا: أوردنا رِبعاً، وإنما هو اليوم الثالث في الأظماء، وإذا أقاموا في الرعي ثلاثاً ووردوا اليوم الرابع قالوا: أوردنا خِمساً.
فعاشوراء على هذا القياس هو اليوم التاسع.
ومن هذا قالوا: عشرين على الجمع. ولم يقولوا عِشْريْن, لأنهم جعلوا =ثمانية عشر يوماً عشرين, واليوم التاسع عشر والمكمل عشرين طائفة من الورد, فجمعوه عشرين+.
قال الإمام النووي _ رحمه الله تعالى _ بعد سياقه لبعض روايات ابن عباس في هذا الباب:(1/21)
=هذا تصريح من ابن عباس بأن مذهبه أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم, ويتأوله على أنه مأخوذ من أظماء الإبل, فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الورد رِبعاً, وكذا باقي الأيام على هذه النسبة, فيكون التاسع =عشراً+. وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن =عاشوراء+ هو اليوم العاشر من المحرم وممن قال ذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري ومالك وأحمد, وإسحاق وخلائق, وهذا ظاهر الأحاديث ومقتضى اللفظ.
وأما تقدير أخذه من الأظماء فبعيد, ثم إن حديث ابن عباس الثاني يرد عليه, لأنه قال: =إن النبي " كان يصوم =عاشوراء+ فذكروا أن اليهود والنصارى تصومه فقال: =إنه في العام المقبل يصوم التاسع+.
وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه ليس هو =التاسع+ فتعين كونه العاشر+اهـ(1).
قلت: والحديث الثاني الذي أشار إليه النووي _ رحمه الله تعالى _ هو ما رواه أبو غطفان بن طريف المري سمع ابن عباس, يقول حين صام رسول الله " يوم عاشوراء وأمر بصيامه: قالوا : يا رسول الله, إنه يوم تعظمه اليهود, والنصارى, فقال رسول الله ":
=فإذا كان العام المقبل _ إن شاء الله _ صمنا اليوم التاسع+ قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله "، رواه مسلم وغيره وتقدم.
ففي هذا الحديث التصريح بأن يوم =عاشوراء+ هو العاشر من المحرم بدليل أن ابن عباس بين أن النبي " صامه, وأنه لما أخبر بأن اليهود والنصارى يعظمونه قال _عليه الصلاة والسلام_:
=فإذا كان العام المقبل _ إن شاء الله _ صمنا اليوم التاسع+.
__________
(1) _ انظر صحيح مسلم بشرح النووي (8/12).(1/22)
فهذا يمنع منعاً باتاً القول بأن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم. أي فكيف يسوغ أن يفسر =يوم عاشوراء+ الذي ثبت عنه " أنه كان يصومه _ باليوم التاسع الموعود بصيامه أن أبقاه الله إلى العام القابل ؟!!! لكن لعل ابن عباس أراد بذلك التفسير الجمع بين اليومين العاشر والتاسع, وذلك أنه روى أنه =ذكر للنبي " أن يهود يصومون يوم عاشوراء, فقال النبي": =إن عشنا خالفناهم وصمنا اليوم التاسع+ رواه الطبراني وتقدم وقال ابن مفلح في الفروع (3/110 ,111) : ويستحب صوم المحرم .. وأفضله عاشوراء وهو العاشر وفاقاً لأكثر العلماء ثم تاسوعاء وهو التاسع+ اهـ باختصار.
ونقل الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي _رحمه الله تعالى_ في اكمال المعلم بفوائد مسلم (4/85) عن الإمام المازري _رحمه الله تعالى _ أنه قال: =عندنا أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم, وعند المخالف: أنه التاسع فمن قال: إنه العاشر تعلق بأن مقتضى هذا اللفظ أنه العاشر, وهو مأخوذ من العشر, ومن قال: =إنه التاسع تعلق بهذا الحديث, وبما ورد عن العرب في تسميتها الثالث من أيام الورد ربعاً وكذلك على هذا الحساب يحسبون أيام الإظماء, والأوراد, فيكون التاسع عشراً على هذا+.
قال القاضي عياض معقباً على ذلك:(1/23)
=اختلف العلماء في ذلك على ما ذكر, فذهب مالك والحسن وسعيد بن المسيب أنه العاشر, وهو قول جماعة من السلف, وهو الذي تدل عليه الأحاديث كلها ومنها هذا الحديث الذي فيه: =لأصومن التاسع+ فدل على أن صومه _عليه السلام_ كان العاشر وهذا الآخر فلم يسنه بَعْدُ, ولا بلغه ولعله على طريق الجمع مع العاشر لئلا يشبه بالهود كما ورد في رواية أخرى : =فصوموا التاسع والعاشر، وإلى هذا ذهب جماعة من السلف, وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق(1) إما لهذه العلة أو للاحتياط للخلاف فيه, ولعل معنى هذا الحديث هو الذي أخبر به ابن عباس في الحديث الآخر في صيام التاسع: =أن محمداً كان يصومه+ لخبره أنه سيصومه قابلاً, واعتقاد ابن عباس: أن النبي " كان مزمعاً على فعله, إذ ابن عباس راوي الحدثين معاً.
وذهب قوم إلى أنه التاسع, وهو المروي عن الشافعي.
واستبعد الإمام الحافظ ابو العباس أحمد بن عمر ابن إبراهيم القرطبي _ رحمه الله تعالى _ في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/190) رقم 994/ استبعد الاستدلال بما ورد عن العرب في تسميتها الثالث من أيام الورد ربعاً على أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع+
=ومن باب صيام عاشوراء: وزنه: فاعولاء, والهمزة فيه للتأنيث وهو معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة, لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم للعقد الأول, واليوم مضاف إليها, فإذا قلت =يوم عاشوراء+ كأنك قلت: يوم الليلة العاشرة إلا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فاستغنوا عن الموصوف, فحذفوا الليلة.
وعلى هذا فيوم عاشوراء هو العاشر. قاله الخليل وغيره.
__________
(1) _ واو العطف _ ساقطة في الأصل(1/24)
وقيل: هو التاسع وسمي =عاشوراء+ على عادة العرب في الإظماء, وذلك أنهم يحسبون في الإظماء يوم الورد, فإذا أقامت الإبل في الرعي يومين, ثم وردت في الثالث قالوا: وردت ربعاً, وإذا وردت في الرابع قالوا: وردت خمساً؛ لأنهم يحسبون في كل هذا بقية اليوم الذي وردت فيه قبل الرعي وأول اليوم الذي ترد فيه بعده. وهذا فيه بعد, إذ لا يمكن أن يعتبر في عدد ليالي العشر وأيامه ما يعتبر في الإظماء, فتأمله.
وعلى القول الأول سعيد والحسن ومالك وجماعة من السلف.
وذهب قوم إلى أنه التاسع,وبه قال الشافعي متمسكاً بما ذكر في الإظماء وبحديث ابن عباس الآتي _ إن شاء الله _ وذهب جماعة من السلف إلى الجمع بين صيام التاسع والعاشر,وبه يقول الشافعي في قوله الآخر وأحمد وإسحاق وهو قول من أشكل عليه التعيين, فجمع بين الأمرين احتياطاً+ اهـ.
ثم قال ص:194 في حديث ابن عباس _رضي الله عنهما_:
=لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع+:
=ظاهره: أنه كان عزم على أن يصوم التاسع بدل العاشر, وهذا هو الذي فهمه ابن عباس, حتى قال للذي سأله عن يوم عاشوراء: =إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائماً, وبهذا تمسك من رآه التاسع,ويمكن أن يقول من رأى صوم التاسع والعاشر ليس فيه دليل على أنه يترك صوم العاشر, بل وعد بأن يصوم التاسع مضافاً إلى العاشر, وفيه بعد عند تأمل مساق الحديث, مبنياً على جواب سؤال سبق فتأمله.
وقول ابن عباس: =هكذا كان رسول الله " يصومه, يعني أنه لو عاش لصامه كذلك, لوعده الذي وعد به, لا أن رسول الله " صام اليوم التاسع بدل العاشر, إذ لم يسمع ذلك عنه ولا روي قط+اهـ.
وقال ابن حزم _ ونستحب صوم عاشوراء، وهو التاسع من المحرم وإن صام العاشر بعده فحسن+اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب في اللطائف ص: 109 .
=قال ابن سيرين : كانوا لا يختلفون أنه اليوم العاشر إلا ابن عباس فإنه قال: =إنه التاسع+.(1/25)
وقال الإمام أحمد _ في رواية الميموني _: =لا أدري هو التاسع أو العاشر, ولكن نصومهما, فإن اختلف في الهلال صام ثلاثة أيام احتياطاً، وابن سيرين يقول ذلك+اهـ.
فصل في تعيين يوم =عاشوراء+ عند أهل العلم
قال ابن عبد البر في التمهيد ( 7/215).
=والآثار عن ابن عباس في هذا الباب مضطربة مختلفة ولكن ما ذكره ابن وهب ووكيع أصح من حديث زيد العمي ومن حديث الحكم بن الأعرج. والله أعلم ومن صام يومين كان على يقين من صيام عاشوراء. وقال صاحب العين: عاشوراء اليوم العاشر من المحرم قال: ويقال: التاسع+اهـ.
وترجم الإمام ابن حبان في صحيحه (8/395) رقم3633 لحديث الحكم بن الأعرج بقوله: =ذكر الاستحباب للمرء أن يصوم يوماً قبل يوم عاشوراء, ليكون أخذاً بالوثيقة في صومه يوم عاشوراء+.
وترجمه الإمام ابن خزيمة بقوله في الصحيح (3/291) رقم 2096 :
=باب استحباب صوم يوم التاسع من المحرم اقتداء بالنبي"+.
وقال الامام ابن القيم _ رحمه الله تعالى _ في تهذيب السنن (3/323) رقم 2335 : والصحيح أن المراد صوم التاسع مع العاشر, لا نقل اليوم, لما روى أحمد في مسنده من حديث ابن عباس, يرفعه إلى النبي " قال:
=خالفوا اليهود, صوموا يوما قبله أو يوما بعده+(1).
وقال عطاء, عن ابن عباس: =صوموا التاسع والعاشر,وخالفوا اليهود+ ذكره البيهقي وهو يبين أن قول ابن عباس:
=إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, فإذا كان يوم التاسع, فأصبح صائماً+ أنه ليس المراد به : أن عاشوراء هو التاسع, بل أمره أن يصوم اليوم التاسع قبل عاشوراء.
فإن قيل : ففي آخر الحديث: =قيل: كذلك كان يصومه محمد" ؟ قال: نعم+ فدل على أن المراد به نقل الصوم, لا صوم يوم قبله.
قيل: قد صرح ابن عباس بأن النبي "قال:
=لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع+, فدل على أن الذي كان يصومه هو العاشر.
__________
(1) _ تقدم القول بأن هذا الحديث منكر.(1/26)
وابن عباس راوي الحديثين معاً فقوله هكذا كان يصومه محمد أراد به والله أعلم قوله : =لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع+ عزم عليه, وأخبر أنه يصومه إن بقي قال ابن عباس: =هكذا كان يصومه+ وصدق ÷ هكذا كان يصومه لو بقي فتوافقت الروايات عن ابن عباس.
واعلم أن المخالفة المشار إليها بترك إفراده, بل يصام يوم قبله أو يوم بعده.
ويدل عليه: أن في رواية الإمام أحمد، قال رسول الله ": =لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع _ يعني لصوم عاشوراء, وخالفوا اليهود فصوموا قبله يوماً وبعده يوماً+(1) فذكر هذا عقب قوله : =لأصومن التاسع+ يبين مراده وبالله التوفيق اهـ.
قلت: قول من قال: التاسع هو اليوم الذي قبل العاشر من المحرم هو الصواب بلا ريب فقد نص علماء اللغة وعلماء غريب الحديث على ذلك وإليك أمثلة لهذا : قال الجوهري في الصحاح (3/1191):
=والتاسوعاء : مثل يوم العاشوراء وأظنه مولد+(2).
وقال الفيروزأبادي في القاموس: =والتاسوعاء: مثل يوم عاشوراء مولد+(2).
وقال ابن الأثير في غريب الحديث (1/189):
=تسع+ فيه لئن بقيت إلى قابل لأصومن تاسوعاء+، هو اليوم التاسع من المحرم, وإنما قال ذلك كراهة لموافقة اليهود, فإنهم كانوا يصومون عاشوراء وهو العاشر, فأراد أن يخالفهم, ويصوم التاسع, قال الأزهري: أراد بتاسوعاء عاشوراء, كأنه تأول فيه =عِشْرَ+ وِرْدِ الإبل, تقول العرب: وردت الإبل =عِشراً+ إذا وردت اليوم التاسع+.
وظاهر الحديث يدل على خلافه؛ لأنه قد كان يصوم عاشوراء وهو اليوم العاشر ثم قال: =لئن بقيت إلى قابل لأصومن =تاسوعاء+ فكيف يعد بصوم يوم قد كان يصومه؟!!!+ اهـ.
وقال الفيروز آبادي في القاموس المحيط (2/92):
=والعاشوراء : عاشر المحرم أو تاسعه+.
وقال إبراهيم الحربي في غريب الحديث (1/155).
__________
(1) _ تقدم القول بأن هذا الحديث منكر.
(2) _2 _ بل إسلامي نطق به الرسول " ونص عليه ابن الأثير كما علمت.(1/27)
قوله: =فوجدهم يصومون يوماً+,وهو اليوم العاشر من المحرم. ذهب قوم إلى أنه التاسع، وذلك أن العرب تنقص واحداً من العدد، فيقولون: وردت الإبل =عِشراً+ إذا وردت يوم التاسع, ووردت =تسعاً+ إذا وردت يوم الثامن, وفلان حُمَّ رِبعاً إذا حُمَّ بيوم الثالث+.
وقال ابن الأثير أيضاً في النهاية (3/240).
=عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وهو اسم إسلامي, وليس في كلامهم فاعولا بالمد غيره, وقد ألحق به =تاسوعاء+ وهو تاسع المحرم.
وقيل: =إن عاشوراء هو التاسع مأخوذ من =العِشر+ في أوراد الإبل+.
وقال ابن منظور في لسان العرب ( 8/34) مقرراً لكلام ابن الأثير:
قال ابن بري : لا أحسبهم سموا =عاشوراء+ تاسوعاء إلا على الإظماء نحو العشر؛ لأن الإبل تشرب في اليوم التاسع, وكذلك الخمس تشرب في اليوم الرابع, قال ابن الأثير: =إنما قال ذلك كراهة لموافقة اليهود, فإنهم كانوا يصومون =عاشوراء+ وهو العاشر, فأراد أن يخالفهم, ويصوم التاسع, قال: وظاهر الحديث يدل على خلاف ما ذكر الأزهري من أنه عنى =عاشوراء+ كأنه تأول فيه عشر ورد الإبل؛ لأنه كان يصوم عاشوراء,وهو اليوم العاشر, ثم قال: إن بقيت إلى قابل لأصومن تاسوعاء فكيف يعد بصوم يوم قد كان يصومه؟!+اهـ.
وقال الحافظ في الفتح (4/245) من كتاب الصوم/ باب صيام يوم عاشوراء:
=وعاشوراء بالمد على المشهور, وحكي فيه القصر .. واختلف أهل الشرع في تعيينه, فقال الأكثر, هو اليوم العاشر.
قال القرطبي: عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم, وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة؛ لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم العقد. واليوم مضاف إليها فإذا قيل: =يوم عاشوراء+ فكأنما قيل: يوم الليلة العاشرة إلا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية, فاستغنوا عن الموصوف, فحذفوا الليلة, فصار هذا اللفظ علماً على اليوم العاشر.(1/28)
وذكر أبو منصور الجواليقي: أنه لم يسمع =فاعولاء+ إلا هذا وضار وراء وساروراء ودالولاء من الضار والسار والدال.
وعلى هذا فيوم عاشوراء هو العاشر, وهذا قول الخليل وغيره.
وقال الزين بن المنير: الأكثر على أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم وهو مقتضى الاشتقاق والتمسية.
وقيل: هو اليوم التاسع فعلى الأول, فاليوم مضاف لليلته الماضية، وعلى الثاني هو مضاف لليلته الآتية.
وقيل: إنما سمي يوم التاسع =عاشوراء+ أخذاً من أوراد الإبل, كانوا إذا رعو الإبل ثمانية أيام ثم أوردوها في التاسع. قالوا: وردنا =عشراً+ بكسر العين وكذلك إلى الثلاثة وروى مسلم من طريق الحكم بن الأعراج:
=انتهيت إلى ابن عباس, وهو متوسد رداءه, فقلت: أخبرني عن يوم عاشورا قال: =إذا رأيت هلال المحرم, فاعدد, وأصبح يوم التاسع صائماً, قلت: أهكذا كان النبي" يصومه؟ قال: نعم.
وهذا ظاهره أن يوم =عاشوراء+ هو اليوم التاسع, لكن قال الزين بن المنير: =قوله: إذا أصبحت من تاسعه, فأصبح+ يشعر بأنه أراد العاشر, لأنه لا يصبح صائماً بعد أن أصبح من تاسعه إلا إذا نوى الصوم من الليلة المقبلة وهو الليلة العاشرة+اهـ.
قلت: ويقوي هذا الاحتمال ما رواه مسلم أيضاً من وجه آخر, عن ابن عباس, أن النبي " قال:(1/29)
=لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع+ فمات قبل ذلك" فإنه ظاهر في أنه " كان يصوم العاشر, وهم بصوم التاسع, فمات قبل ذلك ثم ما هم به من صوم التاسع يحتمل معناه أنه لا يقتصر عليه, بل يضيفه إلى العاشر, إما احتياطاً له وإما مخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح, وبه يشعر بعض روايات مسلم, ولأحمد من وجه آخر, عن ابن عباس مرفوعاً: =صوموا يوم عاشوراء, وخالفوا اليهود, صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده+ وهذا كان في آخر الأمر وقد كان " يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه شيء, ولاسيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان. فلما فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضاً, كما ثبت في الصحيح, فهذا من ذلك, فوافقهم أولاً, وقال: =نحن أحق بموسى منكم+ ثم أحب مخالفتهم, فأمر بأن يضاف إليه يوم مثله, ويوم بعده خلافاً لهم, ويؤيده رواية الترمذي: من طريق أخرى بلفظ: =أمرنا رسول الله " بصيام عاشوراء يوم العاشر+.
وقال بعض أهل العلم: قوله " في صحيح مسلم: =لئن عشت إلى قابل لأصومن =التاسع+ يحتمل أمرين: أحدهما_أنه أراد نقل العاشر إلى التاسع, والثاني _ أراد أن يضيفه إليه في الصوم, فلما توفي " قبل بيان ذلك كان الاحتياط صوم اليومين.
وعلى هذا فصيام =عاشوراء+ على مراتب:
أدناها: أن يصام وحده, وفوقه : أن يصام التاسع معه, وفوقه, أن يصام التاسع والحادي عشر . والله أعلم+اهـ.
قلت: الراجح _ إن شاء الله تعالى _ الاقتصار على صيام التاسع والعاشر, لضعف إسناد حديث : =صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده+ كما تقدم ولحديث: =فاعدد فإذا أصحبت من تاسعة, فأصبح صائماً, قال: قلت كذلك كان يصوم محمد"؟ قال: نعم+.
قال الإمام البيهقي: _ رحمه الله تعالى _ في توجيه هذا الحديث في الكبرى (4/287): وكأنه ÷ أراد صومه مع العاشر, وأراد بقوله في الجواب: =نعم+ ما روى من عزمه " على صومه+ اهـ.(1/30)
ثم قال: والذي يبين هذا قول ابن عباس : =صوموا التاسع والعاشر, وخالفوا اليهود+.
وقال الإمام الطحاوي _ رحمه الله تعالى _ في شرح معاني الآثار (2/78) في رواية: =لأصومن عاشوراء يوم التاسع+: إخبار منه على أنه يكون ذلك اليوم يوم عاشوراء وقوله: =لأصومن يوم التاسع+ يحتمل لأصومن يوم التاسع مع العاشر أي لئلا أقصد بصومي إلى يوم عاشوراء بعينه كما يفعل اليهود, ولكن أخلطه بغيره, فأكون قد صمت بخلاف ما تصومه اليهود+اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله تعالى _ في مجموع الفتاوى (25/311): =اليوم الذي أمر الناس بصيامه كان يوماً واحداً, فإنه قدم المدينة في شهر ربيع الأول, فلما كان في العام القابل صام يوم عاشوراء, وأمر بصيامه ثم فرض شهر رمضان ذلك العام, فنسخ صوم عاشوراء.
وقد تنازع العلماء: هل كان صوم ذلك اليوم واجباً أو مستحباً؟ على قولين مشهورين, أصحها أنه كان واجباً .. إلى أن قال: والصحيح أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع,لأن هذا آخر أمر النبي " لقوله: =لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر+، كما جاء ذلك مفسراً في طرق الحديث فهذا الذي سنه رسول الله"+ اهـ.
وقال الامام النووي _ رحمه الله تعالى _ في شرح مسلم (8/12/13) :
قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون: يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا لأن النبي " صام العاشر,ونوى صيام التاسع إلى أن قال:
=قال بعض العلماء: ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر أن لايشبه باليهود في إفراد العاشر, وفي الحديث إشارة إلى هذا وقيل: للاحتياط في تحصيل عاشوراء والأول أولى والله أعلم+ اهـ.
قلت: بل ثبت عن ابن عباس ÷ بسند صحيح وذلك فيما رواه عبد الرزاق (4/287) رقم 7839 , من طريق ابن جريج, قال: أخبرني عطاء, أنه سمع ابن عباس يقول: في يوم =عاشوراء+:
=خالفوا اليهود, وصوموا التاسع والعاشر+.(1/31)
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البيهقي في الكبرى (4/287) وأخرجه أيضاً في المعرفة (6/350) رقم 8966 من طريق سفيان بن عيينة, أنه سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول سمعت ابن عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر ولا تتشبهوا باليهود، هذا لفظ عبد الزراق.
ولفظ الترمذي والبيهقي : =صوموا التاسع والعاشر, وخالفوا اليهود+.
ورواه البيهقي أيضاً في الجامع لشعب الإيمان (7/371) رقم 3509 , والطحاوي في شرح المعاني (2/78)، من طريق روح بن عبادة, قال: ثنا ابن جريج, قال : أخبرني عطاء, أنه سمع ابن عباس يقول:
=خالفوا اليهود, صوموا التاسع والعاشر +.
بل لقد رواه ابن عباس مرفوعاً عن النبي " بلفظ: =أمر رسول الله " بصوم عاشوراء يوم العاشر+ وتقدم(1).
وتقدم أيضاً ما رواه عبد الرزاق بسنده أن ابن عباس قال: =يوم عاشوراء : العاشر+(2).
وقال الإمام أحمد (4/409) رقم 19669 :
ثنا أبو اسامة, حدثني أبو العميس, عن قيس بن مسلم, عن طارق بن شهاب, عن أبي موسى، قال: كان يوم عاشوراء يوماً تصومه اليهود, تتخذه عيداً فقال رسول الله": =صوموه أنتم+.
ومن طريق أبي أسامة عن أبي عميس أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/55) والبخاري في الصحيح (2/251) رقم2005, و (4/269)رقم 3942, ومسلم في الصحيح (2/796) رقم129, 130 _ 131, والبيهقي في الكبرى (4/289) وأبو عوانة في المسند (2/33) رقم 2965 بلفظ : =يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود, تتخذه عيداً+، وفي لفظ: قال: يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود, تتخذه عيداً فقال رسول الله ": =صوموه أنتم+.
ولفظ البخاري: =كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً, قال النبي " : =فصوموه أنتم+.
ولفظه الآخر: قال: دخل النبي " المدينة, وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء, ويصومونه. فقال النبي " : =نحن أحق بصومه, فأمر بصومه+.
__________
(1) _ انظر ص: 39.(1/32)
وفي لفظ لمسلم: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً, ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم فقال رسول الله " : =فصوموه أنتم+.
وأخرجه ابن حبان في الصحيح (8/391) رقم 3627 , وأبو عوانة في المستخرج (2/233) رقم 266 من طريق حفص بن غياث, قال: حدثنا أبي,عن أبي عميس به, ولفظه: =كانت يهود تتخذ يوم عاشوراء عيداً. فقال رسول الله": =خالفوهم, صوموا أنتم+.
ففي هذا الحديث بيان أن اليهود كانوا يَعُدُّون يوم عاشوراء ويتخذونه عيداً, ويعظمونه ويصومونه.
قال الحافظ في فتح الباري (4/248) رقم 2005 في شرح هذا الحديث: =ظاهره أن الباعث على الأمر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه, لأن يوم العيد لا يصام, وحديث ابن عباس يدل على أن الباعث على صيامه موافقتهم على السبب وهو شكر الله تعالى على نجاة موسى, لكن لا يلزم من تعظيمهم له واعتقادهم بأنه عيد أنهم كانوا لا يصومونه, فلعلهم كان من جملة تعظيمهم في شرعهم أن يصوموه, وقد ورد ذلك صريحاً في حديث أبي موسى هذا فيما أخرجه المصنف في الهجرة بلفظ: =وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه, ولمسلم من وجه آخر, عن قيس ابن مسلم بإسناده, قال:
قال: =كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء, يتخذونه عيداً, ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم, وهو بالشين أي هيئتهم الحسنة+اهـ.
قلت: وجاء تعظيمهم وصومهم له عند أحمد وأبي عوانة أيضاً.
تنبيه حول زيادة في الحديث
تقدم في ص41 أن أحمد بن يونس قال : ثنا ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس عبد الله بن عمير, عن ابن عباس, قال: قال رسول الله " : =إن عشت _ إن شاء الله _ إلى قابل صمت التاسع, مخافة أن يفوتني يوم عاشوراء+.
فزاد أحمد بن عبد الله بن يونس _ وهو ثقة حافظ _: =مخافة أن يقوتني يوم عاشوراء+ .
فهذه الزيادة قد تفرد بها أحمد هذا مخالفاً سبعة من الحفاظ الثقات الذي رووا هذا الحديث عن ابن أبي ذئب وهم:(1/33)
وكيع بن الجراح, ويزيد بن هارون, وروح بن عبادة, وأبو معاوية محمد بن خازم وأسد بن موسى وأبوعامر العقدي وأبو داود الطيالسي فلم يذكرها أحد منهم ولم ترد في حديث من أحاديث ابن عباس المروية عنه في صيام يوم عاشوراء البتة فيما وقفت عليه ولا جاءت في رواية أحد غير ابن عباس ممن روى أحاديث صيام يوم عاشوراء عن النبي ".
أضف إلى هذا أن الأحاديث المروية عن النبي " في هذه المسألة قد تواطأت وتطابقت على أن العلة في صيام يوم عاشوراء هي مخالفة اليهود والنصارى لا غير، وإنما جاءت هذه الزياد من فعل ابن عباس نفسه بسند ضعيف, كما تقدم أنه كان يصوم اليومين في السفر مخافة أن يفوته+(1).
تنبيه آخر حول حديث خارجة بن زيد بن ثابت _رضي الله عنهما_
قال الحافظ الطبراني في معجمه الكبير (5/138) رقم4876: حدثنا أحمد بن محمد الجواري الواسطي ثنا زيد بن أبي أخزم ثنا أبو عامر العقدي عن ابن أبي الزناد, عن أبيه عن خارجة بن زيد, عن أبيه قال ليس بيوم عاشوراء باليوم الذي يقوله الناس, إنما كان يوم تستر فيه الكعبة, وتقلس(2) فيه الحبشة عند رسول الله " وكان يدور في السنة, فكان الناس يأتون فلاناً اليهودي فيسألونه فلما مات اليهودي أتوا زيد بن ثابت, فسألوه+.
قال الهيثمي في المجمع (3/187):
رواه الطبراني في الكبير, ولا أدري ما معناه وفيه عبدالرحمن بن أبي الزناد, وفيه كلام كثير, وقد وثق+اهـ.
وقال الحافظ في فتح الباري (4/248) رقم 2004 : سنده حسن.
قلت: رجاله ثقات ما خلا عبد الرحمن بن أبي الزناد وقد تغير حفظه لما قدم بغداد وهو صدوق قاله الحافظ في التقريب.
وقال علي بن المديني. حديثه بالعراق مضطرب(3).
قلت : وهذا منها, فالراوي عنه هنا هو أبو عامر القعدي عبد الملك بن عمرو القيسي البصري.
__________
(1) _ انظر ص:41.
(2) القلس: اللعب بين يدي الأمير إذا وصل البلد بالسيوف والريحان/ النهاية لابن الأثير (4/100).
(3) _ انظر تاريخ بغداد (10/229) رقم 5359.(1/34)
وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث عن ابن أبي الزناد,وكان يخط على حديثه(1) وقال الأمام أحمد _ رحمه الله تعالى _ فيه:
=مضطرب الحديث+(2).
وقال ابن رجب في اللطائف ص/ 109 :
=وابن أبي الزناد لا يعتمد على ما ينفرد به,وجعل الحديث كله عن زيد بن ثابت وآخره لا يصلح أن يكون من قول زيد, فلعله من قول من دونه+.
فائدة:
قال الحافظ أبو الفرج بن رجب في لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص110:
=وكان طائفة من السلف يصومون عاشوراء في السفر منهم: ابن عباس, وأبو اسحاق السبيعي والزهري _ وقال: رمضان له عدة من أيام أخر, وعاشوراء يفوت ,ونص أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر+ اهـ.
لطيفة:
قال الحافظ ابن رجب أيضاً ص/ 103 , 110 :
=ومن أعجب ما رود في =عاشوراء+ أنه كان يصومه الوحش والهوام+، وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي
قلت: روى الإمام أحمد في مسنده (2/359)رقم 8717
ثنا أبو جعفر, ثنا عبد الصمد,عن أبيه,عن شبيل, عن أبي هريرة,قال: =مر النبي " : بأناس من اليهود قد صاموا يوم عاشوراء فقال ما هذا من الصوم؟ قال: هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق, وغرق فيه فرعون, وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكراً لله تعالى، فقال النبي": أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم فأمر أصحابه بالصوم+.
قال الهيثمي في المجمع (3/184): =رواه أحمد وفيه حبيب ابن عبد الله الأزدي لم يرو عنه غير ابنه+ اهـ.
قلت: إسناده ضعيف لجهالة حبيب هذا.
الخلاصة
اعلم أيها المسلم الكريم أن الحق في هذه المسألة جلي وواضح, وهو أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم, وليس هو التاسع منه بلاريب.
لكن لقوة النزاع في المسألة بين علماء المسلمين كاد أن يجعلها في عداد المسائل المشكلة الغامضة.
__________
(1) _ انظر تاريخ بغداد (10/229) رقم 5359.
(2) _ الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/252 ) رقم 1201.(1/35)
وهذا ما دعاني إلى نقل نصوص كثير من أهل العلم فيها, وذلك بهدف التوصل إلى معرفة الحق والصواب.
وبعد الاطلاع على الأدلة وكلام أهل التحقيق من أهل العلم تبين لي أن الرسول " قد حسم النزاع فيها بفعله وقوله فشفى وكفى, وذلك أنه ثبت عنه " _ كما تقدم أنه كان يصوم يوماً واحداً من المحرم سَمَّاه رواة الحديث =يوم عاشورا+ ثم أنهم رووا عنه أنه لما رأى اليهود يفردون هذا اليوم المذكور بالصوم أحب مخالفتهم فقال: لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع, يعني مع اليوم العاشر, وذلك أن صيام اليوم التاسع مع العاشر تتحقق فيه المخالفة المقصودة, والذي يبين لك هذا أنه محال عقلاً وشرعاً أن يصوم يوماً ثم يعد أن يصوم هذا اليوم نفسه في العام القادم, يؤيد هذا أن راوي هذا الحديث ابن عباس قد ثبت عنه بسند صحيح أنه أمر بصيام التاسع والعاشر مخالفة لليهود+.
بل قد روى عن النبي ": =أنه أمر بصيام عاشوراء اليوم العاشر + كما في رواية الحسن ومسعود بن فلان عنه.
إذا تقرر هذا فاعلم أن صيام يوم عاشوراء سنة باتفاق أهل العلم, وإنما الخلاف في فرضيته.
قال القاضي عياض في إكمال المعلم (4/78):
=واختلف العلماء في صيام عاشوراء فقيل: كان فرضاً, فنسخ برمضان على ظاهر لفظ الحديث.
وقيل: لم يكن فرضاً, ولكنه كان مرغباً فيه فخفف أمره, وحصل التخيير في صيامه بعد ذلك وروي عن بعض السلف أن فرضه باق لم ينسخ, وقد انقرض القائلون بهذا وحصل الإجماع عل خلافه وروي عن ابن عمر كراهة قصد صومه, وتعيينه بالصوم, وقد روي في ذلك حديث عن رسول الله " وذكر مسلم عن ابن عمر, وكافة العلماء على أنه مرغب فيه مقصود بالصوم, للأحاديث الواردة في فضله وصوم النبي " له وكونه غير فرض لقوله عليه السلام : =وتصوم رمضان+اهـ.
وقال أبو عمر بن عبد البر في التمهيد (7/203) وفي الاستذكار (10/133) رقم 14260:
=لا يختلف العلماء أن يوم عاشوراء ليس بفرض صيامه, ولا فرض إلا صوم رمضان+.(1/36)
وقال الحافظ ابن رجب في اللطائف ص/ 104 :
=وقد اختلف العلماء _ رضي الله عنهم _ هل كان صوم يوم عاشوراء قبل فرض رمضان واجباً أم كان سنة متأكدة على قولين مشهورين ومذهب أبي حنيفة أنه كان واجباً حنيئذ, وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وأبي بكر الأثرم وقال الشافعي ×: =بل كان متأكد الاستحباب فقط وهو قول كثير من أصحابنا+ اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/246) رقم2000 قول ابن عبد البر في ذلك بلفظ:
=ونقل ابن عبد البر الإجماع أنه الآن ليس بفرض, والإجماع على أنه مستحب وكان ابن عمر يكره قصده بالصوم, ثم انقرض القول بذلك+ اهـ.
وقال الإمام النووي في شرح مسلم (8/4):
اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء اليوم ليس بواجب واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شرع صومه قبل صوم رمضان فقال أبو حنيفة: كان واجباً, واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين أشهرهما عندهم أنه لم يزل سنة من حين شرع, ولم يكن واجباً قط في هذه الأمة ولكن كان متأكد الاستحباب فلما نزل صوم رمضان صار مستحباً دون ذلك الاستحباب.
والثاني: كان واجباً كقول أبي حنيفة وتظهر فائدة الخلاف في اشتراط نية الصوم الواجب من الليل فأبو حنيفة لا يشترطها ويقول: كان الناس مفطرين أول يوم عاشوراء, ثم أمروا بصيامه بنية من النهار ولم يؤمروا بقضائه بعد صومه وأصحاب الشافعي يقولون: كان مستحباً، فصح بنية من النهار، ويتمسك أبو حنيفة بقوله: =أمر بصيامه+ والأمر للوجوب وبقوله: =فلما فرض رمضان قال: =من شاء صامه ومن شاء تركه+.
ويحتج الشافعية بقوله : =هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه+...
إلى أن قال في قول ": =من شاء صامه ومن شاء تركه+:
معناه أن ليس متحتماً، فأبو حنيفة يقدره ليس بواجب, والشافعية يقدرونه ليس متأكداً أكمل التأكيد, وعلى المذهبين: فهو سنة مستحبة الآن من حين قال النبي " هذا الكلام.(1/37)
قال القاضي عياض: =وكان بعض السلف يقول: كان صوم عاشوراء فرضاً(1) وهو باق على فرضيته لم ينسخ قال: وانقرض القائلون بهذا وحصل الإجماع على أنه ليس فرض، وإنما هو مستحب، وروي عن ابن عمر كراهة قصد صومه وتعيينه بالصوم، والعلماء مجمعون على استحبابه وتعيينه للأحاديث+اهـ.
وقال العيني في عمدة القارئ (11/118):
=اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء سنة، وليس بواجب، واختلفوا في حكمه أول الإسلام، فقال أبو حنيفة: كان واجباً، واختلف أصحاب الشافعي على وجهين: أشهرهما: أنه لم يزل سنة من حين شُرِعَ، ولم يكن واجباً قط في هذه الأمة، ولكنه كان يتأكد الاستحباب، فلما نزل صوم رمضان صار مستحباً دون ذلك الاستحباب.
والثاني: كان واجباً كقول أبي حنيفة، وقال عياض: كان بعض السلف يقول: كان فرضاً، وهو باق على فرضيته لم ينسخ، قال: وانقرض القائلون بهذا، وحصل الإجماع على أنه ليس بفرض، وإنما هو مستحب+اهـ.
إذا تقرر هذا فإنه ينبغي للمسلم أن يحرص على صيام اليوم العاشر من شهر الله المحرم، ويصوم معه التاسع منه؛ ليخالف ما كان عليه اليهود من صيامه مفرداً.
وإذا اشتبه عليه دخول الشهر يصوم ثلاثة أيام للاحتياط.
فقد نقل الحافظ ابن رجب في اللطائف ص109 والموفق ابن قدامة في المغني (4/441) عن الإمام أحمد ومحمد ابن سيرين أنهما قالا:
=إن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام، وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر+اهـ.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
وكتبه العبد الفقير إلى ربه
فريح بن صالح البهلال
22/2/1427هـ
__________
(1) _ جاء في الأصل =فرض+ ولعل الصواب ما أثبته لكونه خبر =كان+.(1/38)