طاقات المرأة وقدراتها العقلية والعلمية
تتجلى في شخصية
"د.عزيزة المانع"
بقلم:
ربيع بن هادي عمير المدخلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه:
أما بعد:
فقد اطلعت على مقال للكاتبة "عزيزة المانع" نشرته جريدة عكاظ في يوم الجمعة 21 محرم 1425هـ الموافق 12 ماري 2004 السنة السادسة والأربعون العدد (13712) تحت عنوان " الخوف من الندية".
ضمنته دفاعا عن زينب غاصب التي شاركت مجموعة من النساء في منتدى نسائي تحدثن فيه عن حقوق النساء باسم الإسلام، ووقعن في مخالفات لما قرره الكتاب والسنة عن حقوق الرجال والنساء،وكانت أشدهن مخالفة الكاتبة " زينب غاصب" فرددت بعض أقوالهن نظراً لضيق وقتي لكني أعطيت كلام زينب شيئاً من الاهتمام لكثرة مخالفتها وشدتها.
فتصدت الكاتبة "عزيزة المانع" للدفاع عنها لكنها لم تناقش إلا بعض انتقاداتي لمخالفات زينب فماذا عملت "د.عزيزة".
لقد عقدتُ ثلاثة فصول في رسالتي " الحقوق والواجبات للرجال والنساء في الإسلام" تبطل دعاوى زينب غاصب ومن سبقها من دعاة تحرير المرأة، في أن المرأة مساوية للرجل مساواة مطلقة وند له في الحقوق والواجبات.
فإن كانت لديها قدرة وإنصاف فلتوف الموضوع حقه، بمناقشة كل ما تضمنته هذه الرسالة من أدلة وبراهين أقمتها على بطلان شبهات دعاة تحرير المرأة.
ولعل سائلا يقول: ماذا عملت د.عزيزة المانع التي جاءت لتدافع عن فكرها وعن زميلتها في هذا الفكر ألا وهي زينب غاصب.
فأجيبه:
لقد كان عملا هزيلا جداً يتناسب مع ضعف المرأة وضعف عقلها وتهافت حججها أمام خصمها.
... 1- لقد انتقتْ بعض أدلتي القرآنية التي وقفت عليها وجفلت عن البعض الآخر، وعن تفسيرها الذي نقلته عن بعض أئمة التفسير.
... 2- انتقتْ بعض تعليقاتي على هذه الأدلة وحادت عن تعليقات أخرى، مهمة جداً فيها تقوية لحججي، وفيها توضيح لمن لا يفهم من القراء معاني النصوص القرآنية.(1/1)
... 3- قامتْ بتجزئة بعض النصوص التي انتقتها، فتتعلق بالبعض الذي تظن أنها ستغالط به القراء، وتزعم أنه حجة لها، وتهمل وتتجاهل الجزء الذي هو موضع الاستشهاد، وحجة ناصعة عليها وعلى دعاة تحرير المرأة والمنادين بمساواتها المطلقة للرجل.
4- نقلت تفسير الشوكاني لقوله تعالى ( أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ) بأن المراد به النساء، وذكر الشوكاني صفات النساء التي تدل على ضعفهن، وضعف عقولهن وحجتهن، ثم نقلت عنه تفسير ابن زيد بأن المراد بذلك إنما هو الأصنام، ثم علقت عليه بقولي:" وهو تفسير غير صحيح يرده ما يكاد يجمع عليه المفسرون وعلى رأسهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما"، ونقل الشوكاني عن ابن عباس قوله ( أومن ينشأ في الحلية ) قال : "هو النساء فرق بين زيهن وزي الرجال، ونقَصهن من الميراث، وبالشهادة وأمرهن بالقعدة، وسماهن خوالف " .
فتجاهلت عزيزة هذا الكلام الذي ضمنته قولي " يرده ما يكاد يجمع عليه المفسرون ومنهم ابن عباس ..الخ " وزعمت أن تفسير الشوكاني إنما يمثله وحده، وهو عندها رأي غير ملزم لأحد .
... 5- إن هذه المرأة لتتسم بالجرأة المتناهية فتراها تعارض النصوص القرآنية والنبوية بهواها وهوى غيرها بشكل مرعب، وتعارض كلام العلماء.
... 6- وتراها لا تعتد بكلام العلماء من مفسرين وغيرهم مع فقرها المدقع في العلوم الشرعية، وجهلها المطبق بالقرآن والسنة.
ولقد اتهمتني بالانتقاء كما هو شأن دعاة تحرير المرأة، ومنهم بعض المشاركات في المنتدى المشار إليه، حيث اتهمت العلماء بانتقاء النصوص التي تساير التقاليد والأعراف.
وإني لأطالب الجميع بإثبات هذه الدعوى الكبيرة وأخص منهم "د.عزيزة" وهذه المشاركة المشار إليها، وأقول لهم جميعاً ( وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم).
وأقول بماذا نصف أعمال هذه المرأة "عزيزة" أترك ذلك إلى القراء المنصفين.
وأقول لها :"أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا يا سعد تورد الإبل".(1/2)
وأقول لها :" رمتني بدائها وانسلت".
وليرجع القارئ إلى رسالتي " الحقوق والواجبات للرجال والنساء في الإسلام" وإلى مقالها الذي نشر في جريدة عكاظ بالتاريخ المذكور، وإلى تعقبي عليها في هذا المقال، ليرى أحقية وصدق ما نسبته إليها من أعمال.
وإني لأرجو من الله أن ينفع المسلمين بما تضمنته هذه المناقشات من بيان للحق ورد للباطل.
كتبه :
ربيع بن هادي عمير المدخلي
وإلى مناقشة الدكتورة عزيزة المانع في مقالها :
أولاً- قالت الكاتبة "عزيزة المانع":" كتب الدكتور ربيع المدخلي في إحدى الصحف يقول إنه قرأ كلاماً لزينب غاصب فحواه أنها ترى (أن المرأة ليست تابعة للرجل بل هي ند للرجل), وأن (الله سبحانه وتعالى لم يجعل العمل والأجر حكراً على الرجل ولم يجعله مضاعفاً له وإنما ساوى بينهما في الحقوق والواجبات). وأنه يريد أن يبين لها ولغيرها أن لا مساواة بين الرجل والمرأة, وأن المرأة عليها أن تعلم أنها (تابعة) للرجل وليست (نداً) له. والذين يقرأون تعقيب د.المدخلي يلحظون مدى ما بذله من اجتهاد في انتقاء ما يراه أدلة صالحة لإقناع القراء ببطلان قول زينب غاصب عن ندية المرأة للرجل, وصواب قوله في تبعيتها له ".
أقول:
هنا يظهر عجز النساء وتهربهن عن الإجابة عن كل أدلتي وكلام العلماء في تفسير هذه الأدلة ، لماذا لا تدافع زينب الغاصب عن نفسها وعن دعاواها ؟ لماذا تلجأ "عزيزة المانع" إلى هذا الانتقاء؟
أنا لم أنتق الأدلة التي أراها صالحة لإقناع القراء ببطلان قول زينب الغاصب بندية المرأة للرجل وصواب قولي في تبعيتها له، وسيرى القراء أن "د.عزيزة" هي التي تعارض القرآن والسنة ثم تنتقي ما يوافق هواها
ثانياً- قالت الكاتبة:" وأنا هنا لن أخوض فيما اختلف حوله الكاتبان(1)
__________
(1) انظر كيف غلَّبَت الرجل على المرأة فقالت الكاتبان ولم تقل الكاتبتان تغليباً للرجل على المرأة.
ونسألها لماذا غلبت الرجل على المرأة، وهل لو فعلت هذا يقرك الناس رجالاً ونساء؟.
بل هل تسمح لك نفسك بذلك، ألا يدل هذا أن تبعية المرأة للرجل أمر مستقر في أعماق النفوس .
ونسألها هل يشرع أن يجعل من النساء أئمة مساجد يأممن الناس في الصلوات المكتوبة، ويصلين بالناس في الجمع والأعياد ويلقين الخطب فيها؟.
وهل يصح أن يكون منهن أميرات يقدن الناس في الجهاد والحج.
إن قلت نعم كذبك الإسلام والمسلمون.(1/3)
فهذا شأنهما, لكني فقط سأتوقف عند بعض ما أورده الدكتور المدخلي من استشهادات يرى أنها تدل على تبعية المرأة للرجل " .
أقول لهذه الكاتبة لماذا توقفت عند هذا البعض وأحجمت عن ما اختلف فيه الكاتبان أليس هذا انتقاء يدل على العجز عن مواجهة كل أدلتي وما رافقها من أقوال أئمة الإسلام وهي كثيرة وقوية ودامغة وهي تدل على أن الكاتب قد ساق من الأدلة ما يقنع بعضه القراء فضلا عن كله ، وإذا كانت هذه الكاتبة تصر على أني انتقيت من الأدلة ما رأيته صالحا لإقناع القراء ببطلان قول زينب الغاصب الخ فلتأت ببقية الأدلة التي كتمتها إن كانت صادقة في دعواها وإلا تبين للناس سقوط دعواها واتهامها وقد سبقها إلى هذه الدعوى أميرة كشغري حيث اتهمت العلماء بانتقاء الأدلة التي توافق العادات والتقاليد فطلبت منها الإتيان بما كتمه العلماء ولا أزال أطلب منها الإتيان بما يدين هؤلاء العلماء بالكتمان كما أطلب مثل ذلك من الدكتورة "عزيزة المانع" .
ثالثاً- قالت الكاتبة :" وعليه أن يأتي بغيرها إن كان ملحا في إقناع القراء بتبعية المرأة للرجل " .
أقول:
1- إن هذه الأدلة التي تصديتِ لمناقشتها كافية لإثبات هذه التبعية.
2- أنا جئت بغير هذه الأدلة وما جئت به كثير شاف كاف قال تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) .
3- أن هذا الطلب الذي طلبته مني لا يلزمني وإنما يلزمك أنت التي ادعيت عليّ أنني انتقيت من الأدلة ما أراه صالحا لإقناع القراء ..الخ والبينة على المدعي وصدق الله العظيم في قوله ( أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين )، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول عن النساء:" إنكن ناقصات عقل ودين" .(1/4)
رابعا- قالت الكاتبة : أولاً: استشهد بقوله تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات} وقوله سبحانه: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}. ثم علق على هاتين الآيتين بقوله: (تأملوا أيها المؤمنون والمؤمنات العقلاء قول الله تعالى: {خلق لكم من أنفسكم} و{جعل لكم من أنفسكم} لتدركوا ما ميز الله به الرجل على المرأة وأنها جعلت للرجل ومن أجله). ولقد تأملت في هذه الآيات كما طلب منا الكاتب الكريم, فما وجدتُ فيها ما يدل على اختصاصها بالرجال دون النساء, فهذه الآيات, كما يدل ظاهرها, خطاب موجه للجنسين فهي تشمل الرجال والنساء, ومن ثم فإن المعنى الذي ذكره الكاتب هو معنى مشترك بين الرجال والنساء, فإن كانت المرأة خلقت للرجل ومن أجله فإن الرجل أيضا خلق للمرأة ومن أجلها " .
أقول : تأملت الكاتبة هذه الآيات فما وجدت فيها ما يدل على اختصاصها بالرجال دون النساء .
وأقول لقد تأملها علماء الأمة ومفسروها فوجدوا هذه الآيات ظاهرة الدلالة على اختصاصها بالرجال ولم يفهم أحد أبدا شمولها للجنسين بل الأمر لا يحتاج إلى كثير تأمل وإذا كان كذلك فلا يضر عدم وجدانك لهذا الاختصاص .
ولم يقل أحد أبداً إن الرجل خلق للمرأة فإن في هذا القول مكابرة ورد لظاهر القرآن .
خامساً- قالت الكاتبة : " ولا أظن الدكتور المدخلي يجهل أن الخطاب العام في اللغة العربية متى جاء بصيغة جمع المذكر شمل الإناث ".
أقول: هداك الله هذا الخطاب يقال للصغار من طلبة العلم ولا يقال لمن قضى دهراً في دراسة الشريعة الإسلامية .
وأقول لإفادة بعض القراء إن العام بحسب المراد منه ثلاثة أنواع :(1/5)
الأول : العام الباقي على عمومه وقد قال الأصوليون إنه قليل ومثلوا له بقوله تعالى : (حرمت عليكم أمهاتكم ) فإنه لا خصوص فيها وقوله تعالى ( يأيها الناس اعبدوا ربكم ) ، (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) فهذان النصان وأمثالهما خطاب لجميع العقلاء عربهم وعجمهم ذكورهم وإناثهم لا يخرج منه فرد ولا جنس ولا نوع.
وقوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا فهذا النص المراد به جميع المؤمنين ذكورا وإناثا) .
الثاني : العام المراد به الخصوص مثل قوله تعالى ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ) فلفظ الناس هنا يشمل البشر جميعا ولكن العموم غير مراد إذ القائل بعض الناس بالتأكيد ، بل قيل في كتب التفسير إن القائل رجل واحد من خزاعة والمقول لهم بعض الناس أيضا ، ومثله قوله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) وقوله ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) .
فالعموم في هذين النصين لا يشمل النساء إذ وجوب الجهاد خاص بالرجال وكذلك وجوب السعي إلى الجمعة وترك البيع خاص بالرجال فلا تجب الجمعة ولا الجماعة على النساء ، فالعموم في هذا النوع الثاني يراد به الخصوص فلا يدخل فيه النساء .
والنوع الثالث : العام المخصوص وله أمثلة : منها قول الله تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) فخص الوجوب على الناس بالمستطيعين دون غيرهم .
فحديثها عن العموم يدل على جهل بالعموم وأنواعه وصيغه وهي كثيرة ومنها كل وجميع وأدوات الشرط والاستفهام والموصولات .
قولها :" إن العام إذا جاء بصيغة جمع المذكر يدخل فيه الإناث" ليس على إطلاقه كما مرت بنا الأمثلة وكما هو معروف لدى علماء الأصول وغيرهم بل هو منقوض بنصوص كثيرة .(1/6)
ومنها قول الله لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم : ( وحرض المؤمنين على القتال) وقوله تعالى :" يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ) الأنفال(65) وقوله تعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) فهذه النصوص لفظ المؤمنين فيها خاص بالرجال ولا يدخل فيه النساء فإن قيل: إن هذه النصوص خاصة بالجهاد ووجوب الجهاد وخاص بالرجال قلنا وكفى بذلك فضلا للرجال وميزة على النساء.
ثم إن هذه النصوص أدلة على بطلان دعواها من إطلاق العموم وبطلان دعواها بندية النساء ومساواتهن للرجال وعدم تبعيتهن للرجال .
ثم نسألها لم يدخل النساء كثراً وكثيراً في صيغ العموم التي يخاطب الله فيها الرجال ويأمرهم أو ينهاهم؟ ولا يوجد العكس على الإطلاق ألا يدل هذا على فضل الرجال على النساء وأن النساء تابعات للرجال.
سادساً- قالت الكاتبة :"كما أن كلمة أزواج تطلق على المرأة والرجل فما الذي يجعلنا نفهم من الآية أنها خطاب خاص بالرجال دون النساء " .
أقول: إن كلامك بهذا الإطلاق باطل لا سند له من كلام الله ولا من كلام رسوله ولا من كلام العرب.
وأقول:
إن لفظ أزواج ليس كما تصورته هذه المرأة، والمتتبع لموارده في نصوص القرآن يجد أنه:
1- قد يطلق على الحيوانات كما قال تعالى : ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ) وقال : ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ) الآيات .
فلفظ أزواج في هذه الآيات يتناول ذكور هذه الحيوانات وإناثها.
2- وقد يطلق في القرآن فيتناول ذكور كل الأجناس من الجن والإنس والحيوانات والنباتات وما لا يعلمه إلا الله كما قال تعالى : ( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ).(1/7)
3- وإذا كان الخطاب لبني آدم وجاء هذا اللفظ منكَّراً فإن كانت هناك قرينة تصرفه إلى أحد الجنسين صرف إليه وإلا بقي على عمومه يتناول الذكور والإناث مثل قوله تعالى : ( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا ) فلفظ أزواج أطلق هنا على الذكور والإناث.
4- وإذا جاء أيضاً منكَّراً وهناك قرائن تصرفه إلى أحد الجنسين صرف إليه مثل قوله تعالى:
أ - ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) البقرة (234) .
ب- وقوله تعالى :( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم) البقرة (240).
ج- وقوله تعالى:( ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية) الرعد(38).
د- وقوله تعالى:( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) النحل(72)
هـ - وقوله تعالى:( والله خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها).
فإنه ينظر إلى ألفاظ النص وسياقه إذ السياق يخصص العام ويقيد المطلق، والناظر في ألفاظ هذه الآيات وسياقاتها ، ومنها هاتان الآيتان التي دار الحوار حولهما، يقطع بأن المراد بلفظ الأزواج فيهما إنما هو النساء، ومن هنا أطبقت كتب التفسير على أن المراد بالأزواج إنما هو النساء.
ومن هنا قال الشوكاني عند تفسير آية النحل (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا):"قال المفسرون يعني النساء فإنه خلق حواء من ضلع آدم. أو المعنى: خلق لكم من جنسكم أزواجاً لتستأنسوا بها، لأن الجنس يأنس إلى جنسه ويستوحش من غير جنسه وبسبب هذه الآنسة يقع بين النساء والرجال ما هو سبب للنسل الذي هو مقصود الزواج، ولهذا قال(وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) " فتح القدير(3/213-214).
5- وإذا جاء مضافاً إلى ضمير الذكور فالمراد بالأزواج النساء قطعاً كما في قوله تعالى :" وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة).
-وقوله تعالى:( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين).(1/8)
- وقوله تعالى:( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد).
- وقوله تعالى في قوم لوط:( وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم).
- وقوله تعالى:( وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم).
- وقوله تعالى:( خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا).
- وقوله تعالى:( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).
- وقوله تعالى:( وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج).
- وقوله تعالى:( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين).
- وقوله تعالى:( والذين يرمون أزواجهم ثم لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين).
فالمراد قطعاً ويقيناً بالأزواج في كل هذه الآيات إنما هن النساء .
6 - وإذا أضيف لفظ "أزواج" إلى ضمير الإناث فالمراد به قطعاً الذكور لا الإناث مثل قول الله تعالى:( فلا يعضلوهن أن ينكحن أزواجهن).
7- وإذا وصف لفظ الأزواج بوصف الإناث كقوله تعالى في سياق جزاء المؤمنين في الدار الآخرة ( ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون ) البقرة (25) وقوله تعالى (للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ) آل عمران (15) كان هذا الوصف في هذا السياق نصاً بأن المراد بالأزواج في الآيتين إنما هو الإناث.
وبهذا التقرير الواضح المفصل تسقط مغالطات هذه المرأة ومعارضاتها للآيات التي احتججنا بها على أن المرأة خلقت للرجل ومن أجله.
وبعد هذا تأمل أيها القارئ كل من الآيتين اللتين جادلت فيهما هذه المرأة التي تجادل بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
الأولى من سورة النحل، والثانية من سورة الروم، يتجلى لك أن الخطاب إنما هو للذكور والضمائر إنما هي لهم.
ففي الآية الأولى أضاف الأزواج إلى ضمير الذكور ( وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) وهذا يجعلك تقطع أن المراد بالأزواج هنا إنما هن النساء.(1/9)
وفي الآية الثانية ترى الخطاب أيضاً إنما هو موجه إلى الرجال، والضمائر إنما تعود إليهم، فيكون المراد بالأزواج النساء، وفي أخرها ما يؤكد ذلك وهو قوله (لتسكنوا إليها) فالضمير في إليها ضمير الإناث وهو عائد إلى لفظ الأزواج والمراد به الإناث.
وأعتقد أيها القارئ أنك أدركت صواب ما قررناه من أن الندية المزعومة التي تدعيها هذه المرأة ومن وراءها، لا أساس لها، وأن المرأة تابعة للرجل وخلقت له ومن أجله.
والمؤمنة لا تتأفف من هذه التبعية التي شرعها الله، وإنما ترى أنها شرف لها، لأن ذلك ناشئ عن حكم الله الكوني وحكمه الشرعي، والمؤمن لا يعارضهما، لأنه يؤمن بأن ذلك من حق الله ومن مقتضى ربوبيته وألوهيته وسيأتي زيادة تقرير لهذا الحق إن شاء الله.
سابعاً- قالت الكاتبة:" استشهد الكاتب بقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" وعلق على ذلك بقوله فالمتاع هو ما ينتفع به من عرض الدنيا قليلها وكثيرها وخير ما ينتفع به الرجل المرأة الصالحة"وهو قول حق ولكن أليس أيضاً (خير ما تنتفع به المرأة المؤمنة الزوج الصالح)؟".
أقول:
هذه المرأة المسكينة تعارض النصوص بعقلها والرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن النساء :" إنكن ناقصات عقل ودين".
فإن استمتاع الرجل بالمرأة يختلف عن استمتاع المرأة بالرجل، فالرجل الصالح بنشد المرأة الصالحة ويبذل الغالي والرخيص للحصول عليها فإذا وجد مطلوبه حصل له السكن كما قال تعالى (( لتسكنوا إليها)).
ثم إن الحديث الذي عارضته برأيها، يلتقي مع الآية الكريمة التى حادت عنها وتجاهلتها، وهي قول الله تعالى (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب)).(1/10)
فالمراد بالناس هنا الرجال لا يدخل فيه النساء، لأنهن من جملة مطالب الرجال ومتاعهم، والذي يطلب ويكد ويتعب في الحصول على مطالبه يجد عند نجاحه من اللذة والمتعة والراحة والسكن والهناء، ما لا يجده المسترخي المنتظر لما يأتيه ولمن يأتيه.
فالمتاع الذي يحدثنا عنه القرآن والسنة غير المتاع الذي تقوله "د.عزيزة" ، وقد قال الصحابي الجليل أبو هريرة لرجل :" يا ابن أخي إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فلا تضرب له الأمثال" رواه ابن ماجة(22).
وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا حدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث فعارضه أحد أو خالفه، يغضبون أشد الغضب لأنهم يحدثون عن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى.
ثامناً- قالت الكاتبة:" ثالثاً: استشهد الكاتب بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم, وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم} ثم علق على الآية بقوله: (فالمرأة غير الصالحة قد تفتن الرجل في دينه وتثبطه عن الطاعات وعن فعل الخير وتحمله على قطيعة الرحم...) وهنا أيضاً يمكن القول: أليس الرجل غير الصالح هو كذلك قد يفتن المرأة في دينها ويثبطها عن الطاعات إلخ? وواقع الحياة مليء بأمثلة ذلك. كما أن الآية لا يبدو فيها ما يفيد أنها خاصة بالرجال دون النساء, فهي ينطبق عليها ما قيل عن الآيتين السابقتين".
أقول:
إن ما قلتُه حق لأنه مبني على قول الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
1- وقولك معارِضَةً لقول الله تعالى:" أليس الرجل غير الصالح هو كذلك قد يفتن المرأة في دينها ويثبطها عن الطاعات إلخ?".
فأقول:
لا يجوز لك هذه المعارضة وما قلتِه نادر قطعاً ، والأحكام لا تبنى على الأمور النادرة، والله أعلم بأحوال عباده وتعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.(1/11)
فالله لا يتحيز للرجال تعالى وتقدس وهو أعلم بأحوال النساء وما يخفيه غير الصالحات من مكر وكيد.
... ... 2- وقولك:" وواقع الحياة مليء بأمثلة ذلك. كما أن الآية لا يبدو فيها ما يفيد أنها خاصة بالرجال دون النساء, فهي ينطبق عليها ما قيل عن الآيتين السابقتين".
أقول:
هذا من التخرص والمعارضة بالباطل، فما هي أدلتك على أن الواقع كذلك؟، وعلى أي الدراسات والإحصائيات اعتمدت؟، وكم هن النساء الصالحات القانتات قد فسدن عن طريق أزواجهن؟.
إن الأمور النادرة لا تبنى عليها الأحكام ولا يعارض بها الشرائع، بل هي واضحة جدا كما بينت بطلان دعواك عدم الخصوصية فيما سبق قريباً وأن المراد بالأزواج في هذه الآية إنما هن النساء.
تاسعاً- قالت الكاتبة:" يقول د المدخلي: وكما أن المرأة من نعم الله على الرجل في هذه الحياة الدنيا فهي في الآخرة نعمة تدخل ضمن ما يجازى الله به عباده الصالحين على إيمانهم وعملهم الصالح" ثم يدلل على قوله هذا بآيتين من القرآن الكريم هما:(( قل هل أنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزوج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)) وقوله عزل وجل :(( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون))، لكن هاتين الآيتين هما أيضا لا يوجد فيهما ما يدل على اقتصارهما على الرجال فقوله تعالى (للذين اتقوا) و(الذين آمنوا) يدخل فيه النساء والرجال معاً، ولهذا فإنه يصح لنا أن نستعير تعليق المدخلي السابق لندلل به على أن الرجل هو أيضاً من نعم الله على المرأة في هذه الدنيا وفي الآخرة".
أقول فمع الأسف الشديد :(1/12)
1- لقد حذفت هذه المرأة هنا آية كريمة من أقوى أدلتي ألا وهي قوله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب ) آل عمران (14) .
ثم حذفتْ وجه استدلالي بها ومعظم تعليقي عليها وهو قولي الآتي :
" فجعل هذه الأشياء من شهوات الرجال ومطامحهم ومما يتمتعون به في هذه الحياة الدنيا ومن ضمن ذلك بل أولها المرأة، فهي من متاع الرجل وفي مقدمة شهواته .
فإن كان الرجل صالحاً والمرأة صالحة فنعم المتاع .
وكذلك الأموال إن استعان بها على طاعة الله فنعم المال الصالح للرجل الصالح .
وإن كان الرجل والمرأة غير صالحين فبئس المتاع والمستمتع .
ولم تبق من هذا التعليق إلا قولي:
"وكما أن المرأة من نعم الله على الرجل في هذه الحياة الدنيا فهي في الآخرة نعمة تدخل ضمن ما يجازي الله به عباده الصالحين على إيمانهم وعملهم الصالح" .
فلا أدري لأي غرض أبقتْ هذين السطرين فقط، بعد حذفها للآية السالفة، ومعظم تعليقي عليها.
أليس هذا انتقاءً خطيراً يهدم أمانة الفاعل؟!!.
2- إن هذه المرأة على إعجابها بنفسها، يتجلى في جدالها ضعف المرأة وقصورها وضعف حجتها، فهي تنظر إلى جزء من الدليل وتنسى الجزء الذي هو موضع الاستدلال، وتذكر بعض أدلتي وتغفل أو تحذف عمداً بعضها.
ولا تستحي من الله والمؤمنين فتذهب تعارض بجهلها وهواها كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بكل جرأة.
ووالله إني لأكفكف قلمي عن وصف عملها هذا بما يستحق وعن تشبيه عملها بأعمال قوم خرجوا على الأمة بمثل هذه المعارضات الباطلة.
3- لقد قالت بعد الآيتين اللتين ساقتهما وعارضتهما:" وقد ذكر الله جزاء المؤمنين في الآخرة في عدد من سور القرآن ومن ضمن هذا الجزاء الحور العين.(1/13)
وقال تعالى في سورة النبأ:(( إن للمتقين مفازاً حدائق وأعناباً وكواعب أتراباً وكأسا دهاقاً لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً)) وإذا ذكر جزاء المؤمنات فإنما يذكر تبعاً ولا يعدهن برجال من أوصافهم كذا وكذا .
قال تعالى:(( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم)) محمد(15)، ثم سقت آية أخرى في هذا المعنى ثم علقت بقولي:" ومن هذه الآيات يدرك المؤمنون والمؤمنات بالله فضل الرجال على النساء في الدنيا والآخرة وأن المرأة دون الرجل في الدنيا والآخرة لا ينازع في ذلك إلا من يجادل في آيات الله بالباطل ليدحض به الحق فيا ويل له من عقاب الله .
يؤكد كل هذا ما يأتي من النصوص القرآنية والنبوية ".
ثم سقتُ آيتين وحديثين يدل كل منها على نقصان المرأة عن الرجل، ومجموع ما سقته في هذا الباب عشرة نصوص قرآنية ونبوية كلها تدل على فضل الرجل على المرأة وسقت كلام العلماء في شرحها وبيانها.
دع عنك ما ذكرته في الباب الثاني من الأدلة والمناقشات لزينب غاصب وغيرها من الأمور التي تهربت منها "د.عزيزة".
4- وبعد هذا أعود إلى المناقشة لأبين للقارئ نقصان عقل المرأة ودينها مهما اغترت بنفسها وانتفخت إعجاباً بها وأعجب بها السفهاء.
قالت بعد أن ساقت الآيتين وأهملت الثالثة وما بعدها من الأدلة في هذا الفصل الذي انتقته :" لكن هاتين الآيتين هما أيضا لا يوجد فيهما ما يدل على اقتصارهما على الرجال فقوله تعالى (للذين اتقوا) و(الذين آمنوا) يدخل فيه النساء والرجال معاً، ولهذا فإنه يصح لنا أن نستعير تعليق المدخلي السابق لندلل به على أن الرجل هو أيضاً من نعم الله على المرأة في هذه الدنيا وفي الآخرة".(1/14)
أقول: إني أجد نفسي مضطراً لإعادة نص الآيتين اللتين أغفلت موضع الاستدلال منهما، ليرى القارئ مدى جهل هذه المرأة وضعف أمانتها.
قال تعالى:(( قل أؤنبكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ) آل عمران (15) .
فماذا فعلتْ هذه المرأة المسكينة، لقد أهملت موضع الاستدلال وهو قوله في هذه الآية ( وأزواج مطهرة)، والأزواج المطهرة هنا النساء اللاتي وعد الله بهن الرجال المتقين.
فقد يكون للمؤمن في الجنة زوجتان وفي بعض الروايات سبعون زوجة من الحور العين وذلك جزاء يخص الرجال.
أما النساء فيدخلن في ضمن جزاء المؤمنين ولم يعدهن الله بأزواج مطهرين فيكون للمرأة مثلا زوجان أو سبعون زوجا ، فظهر بهذا فضل الرجل على المرأة في الآخرة.
ونص الآية الثانية:(( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون ) البقرة (25) .
ماذا فعلت "د.عزيزة" لقد تناست موضع الشاهد من هذه الآية وهو قوله( ولهم فيها أزواج مطهرة) والقول فيها مثل ما أسلفنا في التعليق على الآية الأولى فلا نعيده.
ولنا أن نسأل الدكتورة لماذا تعارضين كلام الله وكلام رسوله؟، ألست قد رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً فما حكم هذه المعارضات بالعقل والهوى؟، ولماذا تغفلين وتحيدين عن موضع الاستدلال من النصوص؟ بل لماذا تحذفين بقية أدلتي؟، ولماذا تحذفين ما لا مجال للقول فيه من قريب ولا من بعيد وهو قول الله تعالى : ( إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا) فهل الكواعب من الذكور أو الإناث؟، وهل يشترك الذكور والإناث وإذا قلنا أنه خاص بالإناث فهل يدخلن ضمن جزاء المؤمنات حتى تساوي المرأة الرجل في الآخرة؟.(1/15)
أو أن المرأة المؤمنة تصير من الكواعب الأتراب لتكون من ضمن جزاء الرجل المؤمن؟.
أرجوا أن تكون الإجابة عن هذه الأسئلة نابعة من الإسلام لا من مناهج أوربا وأمريكا.
وحتى الأوربيين والأمريكان يحاربون بتر النصوص وحذفها، ويعتبرونه من الخيانة المسقطة لمرتكبها، وقد وقعت في هذا زينب غاصب التي تحامين عنها فوقعتِ في شر مما وقعت فيه من تحريف النصوص ومعارضتها وبترها وحذفها.
فتوبي إلى الله وأنيبي إليه خير لك في الدنيا والآخرة فوالله لأن تكوني جزاءً لأدنى المؤمنين درجة في الجنة خير لك من أن تكوني من أهل النار، واعلمي أن أكثر أهل النار من النساء، فاحذري أن تدخلي في غمار هذه الكثرة.
وقولك:" ولهذا فإنه يصح أن نستعير تعليق المدخلي السابق لندلل به على أن الرجل هو أيضاً من نعم الله على المرأة في هذه الدنيا وفي الآخرة".
أقول:
1- لا سواء فكلامي مستمد من كلام الله وكلام رسوله مطابق لهما وكلامك نابع من الهوى ويجري مجرى المعارضة لنصوص القرآن الكريم.
إن المرأة تستفيد من الرجل في الدنيا لأنه يسوق لها مهراً ويؤمن لها السكن والنفقات وما أستحي من ذكره ، ولكن هذا لا يقتضي المساواة بينهما بل هذا يدل على علو مكانة الرجل وهو في خلقته وما زوده الله به من الرجولة والشجاعة، وكمال العقل وحسن التصرف، فهذا وذاك لا يسمح بادعاء المساواة بين الرجل والمرأة ولهذا اختار الله الأنبياء والرسل من الرجال لا من النساء والخلافة والقضاء والوزارة وغيرها لم تشرع إلا للرجال.
وقد دلت النصوص وتطبيقات الخلفاء الراشدين وتقريرات العلماء أن هذه المهمات العظيمة إنما تناط بالرجال.(1/16)
وهذا وذاك لا يسمح بادعاء المساواة إلا من لم يرض بالله رباً وبالإسلام ديناً، والله يفعل ما يشاء ويحكم في ملكه بما يريد، فله أن يفضل بعض الرجال على بعض بل بعض الرسل على بعض وله أن يفضل الرجال على النساء ولا يستطيع أهل السموات والأرض مجتمعين أو متفرقين أن يقولوا لم فعلت كذا ولم فضلت فلاناً على فلان، ولم فضلت الرجال على النساء .
وقد جعل الله لكل شيء قدراً، وما ربك بظلام للعبيد.(1/17)
عاشراً- قالت الكاتبة:" خامساً: يقول د.المدخلي: إن الله سبحانه (إذا ذكر جزاء المؤمنات فإنما يذكره تبعاً لجزاء المؤمنين ولا يعدهن برجال من أوصافهم كذا وكذا, قال تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن, وأنهار من لبن لم يتغير طعمه, وأنهار من خمر لذة للشاربين, وأنهار من عسل مصفى, ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم} (سورة محمد/15), وقال تعالى: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً} (الفتح/5), وهاتان الآيتان الأولى منهما لا يظهر فيهما مطلقاً تخصيص ذكر للنساء, حيث هن متضمنات(1)في قوله تعالى (المتقون) فكيف يمكن القول إن جزاء المؤمنات جاء فيها تبعاً لجزاء المؤمنين? أما الآية الثانية فهي وإن كان فيها نص على ذكر المؤمنات إلا أن جزاءهن لا يبدو (تبعاً) لجزاء المؤمنين, وإنما هو مرافقة ومصاحبة. ويردف الكاتب هذه الآيات بقوله: (ومن هذه الآيات يدرك المؤمنون والمؤمنات بالله فضل الرجال على النساء في الدنيا والآخرة, وأن المرأة دون الرجل في الدنيا والآخرة لا ينازع في ذلك إلا من يجادل في آيات الله بالباطل ليدحض الحق). وما يقوله د.المدخلي كلام خطير, فهو يسعى إلى أن يقنعنا بأن جزاء المؤمنات في الآخرة دون جزاء المؤمنين, مهما عملن من الصالحات, ومهما بلغ بهن الفضل. ولا أدري كيف استطاع أن يقرر ذلك, وعلى أي شيء استند في هذا الحكم? وهل نفهم من قوله هذا أن نساء مثل مريم وخديجة وعائشة وفاطمة, هن في الآخرة دون الرجال في الأجر بسبب أنوثتهن? وهل يريد منا كاتبنا الموقر(2)أن نؤمن أن الله سبحانه العادل يساوي بين النساء(3)والرجال في العقوبة, ولا يساوي بينهم في المثوبة?"
__________
(1) تقصد مضمنات.
(2) لن أعلق على قصدها من هذه الكلمة وأترك فهمها للقارئ.
(3) لتقديم النساء هنا على الرجال مغزاه.(1/18)
أقول: لي معها وقفات في هذا المقطع:
... 1- إنني أتحدث إلى المؤمنات الراضيات بتشريع الله المسلِّمات تسليماً بما شرعه الله في الإسلام من الحقوق والواجبات للرجال والنساء وبما فضل الله به بعض خلقه على بعض في الدنيا والآخرة.
وقد بينت مكانة المرأة المسلمة في الكتاب والسنة وعند المسلمين وعلمائهم وبينت منزلة المرأة في النحل والديانات الأخرى، وما لقيته المرأة في هذه النحل وعند أهلها من الذل والهوان بما يزيد معرفة بفضل الإسلام الذي لا يلحق في تعامله مع المرأة ، لأن فضل الأشياء يتبين بمعرفة أضدادها.
وأنا والحمد لله ممن يكرم المرأة ويدعوا إلى إكرامها، لكني لا أكذب على الإسلام فأدعي لها ما لم يشرعه الله كما يفعل دعاة تحرير المرأة.
... 2- أنا قلت هنا إذا ذكر جزاء المؤمنات فإنما يذكره تبعاً لجزاء المؤمنين ولا يعدهن برجال من أوصافهم كذا وكذا، بعد ذكري لجزاء المؤمنين وأن المرأة تدخل ضمن جزاء المؤمن، وسقت للبرهنة على ذلك عددا من النصوص من بين نصوص كثيرة في القرآن والسنة .
ومن هذه النصوص التي ذكرتها قوله تعالى في وعد المؤمنين:( ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون) ذكر الأزواج المطهرة في نصين ، والثالث فيه :( إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا).
فهذه النصوص الثلاثة وعد الله فيها المؤمنين بأصناف الجزاء وفي ضمنها جزاؤهم بالأزواج المطهرة من النساء، وهذا أمر يبين فضل الرجل المؤمن على المرأة المؤمنة فضلا عن الكافرة، وهذا أمر يسلم به المسلم والمسلمة ولا يكابر فيه إلا معاند أو مسفسط.
وكان من اللازم لها وهي تريد أن تثبت مساواة المرأة بالرجل أن تجيب على قولي :" ولا يعدهن برجال من أوصافهم كذا وكذا " ولكنها لم تفعل ولن تجد .
ولو كان ما تدعيه من المساواة ثابتاً شرعاً لوجدت نصوصاً في القرآن والسنة واضحة جلية ومستقلة تبين المساواة بين الرجل والمرأة في الدنيا والآخرة.(1/19)
ومن إنصاف المؤمنين وفقههم لنصوص القرآن والسنة التي ترد خطاباً للذكور وعداً ووعيداً وأمراً ونهياً أنهم يقولون هذا الخطاب يدخل فيه النساء".
وذلك الدخول إنما هو بالتبع، ولو كانت هناك مساواة مطلقة لما اطردت نصوص الكتاب والسنة بمخاطبة الرجال بالوعد والوعيد والتشريعات والأوامر والنواهي.
ولو كانت هناك مساواة لوجدت الخطابات والتشريعات متنوعة ومناصفة، تارة للرجال وتارة أو تارات للنساء، يا أيتها المؤمنات قاتلن الكفار، يا أيتها المؤمنات كتب عليكن القصاص، يا أيتها المؤمنات إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعين إلى ذكر الله، كتب عليكن الصيام، ويدخل المؤمنون في هذه المخاطبات.
ولما لم تجد "د.عزيزة" ذلك هربت إلى المغالطات والمماحكات بالباطل كما درجت عليها من أول مقالها إلى آخره.
... 3- ساقت الكاتبة الآيتين من سورة محمد وسورة الفتح المذكورتين أعلاه ثم قالت:" وهاتان الآيتان الأولى منهما لا يظهر فيها مطلقاً تخصيص ذكر للنساء, حيث هن مضمنات في قوله تعالى (المتقون) فكيف يمكن القول إن جزاء المؤمنات جاء فيها تبعاً لجزاء المؤمنين?"
أقول:
إنني لم أدع تخصيص ذكر النساء ولا ادعيت الظهور في هذا التخصيص وإنما ادعيت أن النساء المؤمنات يدخلن في هذا الوعد تبعاً للمؤمنين.
فلماذا هذا الخبط؟، ولماذا هذه الأنفة من تبعية الرجال؟.
أليست المرأة تزف على بيت زوجها لتكون تابعة له تاركة تبعيتها لأبيها وإخوتها وعشيرتها، وتصبح تحت رعاية زوجها وقوامته عليها( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ).
فإن كنت تأنفين من التبعية فأعلني أنه لا مهور للنساء ولا سكنى ولا نفقة ولا رجولة للرجال ولا قوامة، ولتدفع المرأة المهر للرجل ولتؤمن له السكن والنفقة و..و..و حتى يكون تبعاً للنساء ، أو تتم المساواة بين الجنسين، ويتم التحرر من الإسلام .(1/20)
ولا أظنك تستطيعين ذلك ولا يرضى المؤمنون و المؤمنات بذلك، لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية العقلية ولا من ناحية القدرة.
وعلى ذلك، فالمرأة ضعيفة تحتاج إلى من يرعاها ويحميها ويقوم عليها، علم الله ذلك منها وهو العليم الخبير(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، لا "عزيزة المانع" ولا دعاة التحرر أفراخ أوربا وأمريكا .
ووالله إن تبعيتها للرجل الكفؤ المؤمن لشرف لها خاصة إذا كانت مثقفة واطلعت على نظرة النحل والملل إلى المرأة وأنها نجس، وملعونة، وشيطانة، إلى آخر الإهانات.
بل لو اطلعت على حال المرأة في الغرب وهي تعيش مثل حياة الحيوانات،وكيف يلعب بها الرجال، ويعتبرونها سلعة رخيصة تعرض في الأسواق والمعارض والصحف والمجلات،وفي دور التمثيل والمسارح والمسابح، وكيف تتنقل بين الأخدان يعبث بشرفها - إن كان لها شرف- الرجل بعد الآخر ، وإذا لم تفعل ذلك غضب عليها أهلها واعتبروها فاشلة، وقد تطرد من عند أهلها، فإذا لم تجد عملاً خسيساً لجأت إلى الشوارع لتكون لها مأوى.
ولقد وقفت على مقابلة صحفية ل"عزيزة المانع" تشيد فيها بحياة الفتيات في أمريكا، وأنها بعد سن الثامنة عشرة تصبح حرة طليقة لا يعترض عليها أحد .
فأف لهذه الحياة التي أعجبت بها وتريدين مثلها في بلاد المسلمين والعرب وخاصة الجزيرة العربية مهبط الوحي ومعدن الشرف والعزة والكرامة والإباء لدى الرجال والنساء.
... 4- وقالت:" أما الآية الثانية فهي وإن كان فيها نص على ذكر المؤمنات إلا أن جزاءهن لا يبدو (تبعاً) لجزاء المؤمنين, وإنما هو مرافقة ومصاحبة".
أقول:
إن الله تبارك وتعالى يحدثنا في هذه الآية وغيرها عن جزاء المؤمنين، وفي المؤمنين الأنبياء والرسل، والصديقون، والشهداء، والصالحون، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، والغالب أنه لا يذكر المؤمنات.(1/21)
فيسأل السائل لماذا لا يذكر الله جزاء المؤمنات؟، فيجيبه العلماء بأن المؤمنات يندرجن في هذه النصوص بسبب اتصافهن بالإيمان والعمل الصالح.
وفي هذه الآية تحدث عن جزاء المؤمنين وفيهم الرسل الكرام وعلى رأسهم أولو العزم ثم أبتاعهم من الصديقين إلخ، فهل تأنف "عزيزة المانع" أن تُذكَر تابعة للمؤمنين وعلى رأسهم الرسل، فإذا قيل لها ادخلي الجنة تابعة للمؤمنين وفيهم الرسل قالت لا أريد أن أكون تابعة، بل مرافقة ومصاحبة للرسل، وليكن سائر أصناف المؤمنين بعد السيدة عزيزة.
إني أخشى عليك بهذا المنطق المتعالي أن لا تدخلي الجنة لا تابعة ولا مرافقة ولا مصاحبة( إنه لا يحب المستكبرين)، " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر".
فتواضعي لله ولشرعه واحرصي على دخول الجنة بأي صورة من الصور ولو زحفاً في آخر الناس وآخر النساء.
... 5- قالت الكاتبة:" ويردف الكاتب هذه الآيات بقوله: (ومن هذه الآيات يدرك المؤمنون والمؤمنات بالله فضل الرجال على النساء في الدنيا والآخرة, وأن المرأة دون الرجل في الدنيا والآخرة لا ينازع في ذلك إلا من يجادل في آيات الله بالباطل ليدحض الحق)".
أقول: نعم وإني لأؤكد ما قلته فإن الآيات التي ذكرتها في هذا الباب وغيرها والأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحة جلية في ذلك لا ينازع فيما دلت عليه إلا من يجادل في آيات الله بالباطل.
وقد تبين أنك تجادلين بالباطل.
وأقول وعلى نفسها تجني براقش ، (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً).
... 6- ثم قالت :" وما يقوله د.المدخلي كلام خطير, فهو يسعى إلى أن يقنعنا بأن جزاء المؤمنات في الآخرة دون جزاء المؤمنين, مهما عملن من الصالحات, ومهما بلغ بهن الفضل. ولا أدري كيف استطاع أن يقرر ذلك, وعلى أي شيء استند في هذا الحكم? وهل نفهم من قوله هذا أن نساء مثل مريم وخديجة وعائشة وفاطمة, هن في الآخرة دون الرجال في الأجر بسبب أنوثتهن?".(1/22)
يريد منا كاتبنا الموقر أن نؤمن بأن الله سبحانه العادل يساوي بين النساء والرجال في العقوبة ولا يساوي بينهم في المثوبة " .
أقول : أنا لم أقرر نقص المرأة عن الرجل اختراعاً واعتباطاً من عندي وإنما استندت إلى كلام الله رب العالمين ، وعلى سنة رسوله سيد المرسلين ، وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وعلى ما قرره علماء الإسلام ، من فقهاء ، ومحدثين ، ومفسرين ، فإن المرأة دون الرجل في الدنيا ، وهي لا تساويه في الآخرة ، وإنما تدخل ضمن جزاء الرجل كما دل على ذلك نصوص الكتاب والسنة .
وذكرت في رسالتي أن المرأة دون الرجل في مواطن منها الشهادة فإن شهادتها على النصف من شهادة الرجل استنادا إلى قوله تعالى ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان )، وعلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - مخاطبا النساء " يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " .
قلن: وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال أليس شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل؟، قلن بلى؛ قال: فذلك نقصان عقلها .
أليس المرأة إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ قلن : بلى ، قال فذلك نقصان دينها "متفق عليه
ومنها - نقصانها في الميراث فميراثها على النصف من ميراث الرجل ، بنتا كانت أو أختا أو أما أو زوجة ، والآيات من سورة النساء واضحة في ذلك ، وفي ذلك أحاديث صحيحة .
ومنها - تفاوتهما في العقيقة إذ يعق عن الغلام بشاتين ويعق عن الجارية بشاة واحدة.
ومنها - أن ديتها على النصف من دية الرجل .
ومنها - أنها لا تملك حق عقد الزواج على نفسها وإنما يقوم بذلك ولي أمرها(1/23)
وعلى كل ذلك أدلة من السنة الثابتة الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقيت أمور أخرى ذكرتها في رسالتي " الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام"
وأما أنها دونه في الآخرة ، فيكفي في ذلك النصوص الكثيرة في القرآن ، أن المرأة تدخل ضمن جزاء المؤمنين المتقين في الدار الآخرة .
منها ما ذكرته في رسالتي الحقوق والواجبات ومنها ما ذكر في هذه المناقشة وأضيف الآن ما يأتي :
قال تعالى في جزاء السابقين المقربين (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون) الآيات. الواقعة (10-24 ).
انظر كيف ذكر الحور العين ضمن جزاء السابقين المقربين ، فأي مؤمنة ترفض ذلك ، وأن تكون من الحور العين كأمثال اللؤلؤ المكنون تعيش في جنات النعيم زوجة لأحد المقربين .
وقال تعالى في جزاء أصحاب اليمين وهم المقتصدون ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) الواقعة (34-40 ).
انظر أيها المؤمن إلى قوله تعالى ( إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ) .(1/24)
ألا تؤمن بأن هؤلاء النساء قد تفضل الله بهن على عباده المؤمنين المخلصين وجعلهن جزاء عمله الصالح مع ما ذكره في هذه الآيات من الإكرام والإنعام وذلك لا يضر المرأة المؤمنة لأنها في نعيم وإكرام ، وهل ترى أنه خير للمؤمنة الصادقة أن تكون في جنات النعيم منعمة مكرمة مع هؤلاء المنشآت في الجنة ، أو أنها تركب رأسها وتستكبر على تشريع ربها وتعارضه بالسفسطات ، راكضة وراء أقوام يدعون إلى النار ، فتكون من أهل النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين.
إني أدعو المسلمين والمسلمات جميعاً إلى الالتزام بتشريع الله وحكمه في كل شأن من شئون الدنيا والدين.
وأدعو المرأة المسلمة إلى التمسك بدينها في جميع الشئون وخاصة تجاه دعاة تحرير المرأة الذين يستدرجونها إلى الانسلاخ من دينها وخلقها وعفتها وشرفها باسم حقوق المرأة وباسم المساواة بين الرجل والمرأة وكأن القوم يرون أن الإسلام قد ظلمها وانتقص حقوقها.
وكذبوا، فوالله لا يوجد دين من الأديان أو قانون من القوانين أعطى المرأة حقها وكرمها في الدنيا والآخرة مثل الإسلام ، لقد بسطتُ حقوقها وواجباتها والذي لها والذي عليها في رسالتي " الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام " فلترجع إليه المرأة المؤمنة لتعرف ما الذي عليها وما الذي لها فيما يختلف فيه الناس هذه الأيام .
7- وقولها : " فهو يسعى إلى أن يقنعنا بأن جزاء المؤمنات في الآخرة دون جزاء المؤمنين مهما عملن من الصالحات ومهما بلغ بهن الفضل ولا أدري كيف استطاع أن يقرر ذلك وعلى أي شيء استند في هذا الحكم " .
أقول :
قد قررت في رسالتي " الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام " أن الحسنة عند الله بعشر حسنات سواء كانت من الرجل أو المرأة وبينت أيضا أن النساء المطهرات يدخلن ضمن جزاء المؤمنين في الجنة وسقت عددا من الآيات في بيان هذا الأمر وهذا من تفضيل الرجل على المرأة .(1/25)
كما أن للرجل عددا من الزوجات في الجنة من زوجتين إلى سبعين كما ورد في السنة والمرأة ليس لها إلى زوج واحد ، وهذا يبين فضل الرجل على المرأة وذلك من فضل الله ولقد استندت إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أما أنت فخاوية الوفاض في غاية الإفلاس ولا سند لدعواك من شرع ولا عقل.
وأقول : قال تعالى : (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله ) .
فلا تمنين ما فضل الله به الرجال على النساء.
8- وقولها : " هل نفهم من قوله هذا إن نساء مثل مريم وخديجة وفاطمة وعائشة هن في الآخرة دون الرجال بسبب أنوثتهن ؟ "
أقول:
قد ذكرت أن الحسنة بعشر أمثالها سواء صدرت من الرجل أو المرأة ، وأذكر الآن أن جزاء السيئة سيئة مثلها سواء صدرت من الرجل أو المرأة.
وأقول فيمن ذكرتِ من النساء ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - في فاطمة رضي الله عنها :" إنها سيدة نساء العالمين".
وأدين بما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كمل من الرجال كثير وكمل من النساء ثلاث آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " .
اعترف لهن بهذا الفضل لكن هذا العدد القليل من النساء اللاتي خصهن الله بالكمال دون النساء من عهد آدم إلى يوم القيامة لا يهدم القاعدة التي قررها القرآن وقررتها السنة، فالقواعد والأحكام لا تبنى على الأمور النادرة.
وأسألك ما تقولين في تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء جميعاً على هؤلاء أتسلمين به أولا؟.
بل ما رأيك في تفضل الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة على هؤلاء النسوة ما عدا مريم فإني متوقف في أمرها وذلك لا يخرم القاعدة؟، إن سلمت سقط تهويلك، وإن عاندت فما ذلك بمستغرب.(1/26)
ثم أسألك عن هؤلاء النسوة أليست كل واحدة منهن ستصبح زوجة لرجل من رجال الجنة؟، فعائشة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وفاطمة لعلي رضي الله عنهما والباقيتان لا بد لكل واحدة منهما من رجل واحد فقط، ولأزواجهن حق التعديد وهو واقع كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا يظهر فضل الرجل على المرأة ولو من هذه الناحية بل هناك نواح يفضل عليهن الرجل مثل الميراث والدية والشهادة .
وأنت لو دخلت الجنة فليس لك إلا زوج واحد ولزوجك حق التعديد فقد تصل زوجاته إلى السبعين وستكونين راضية ومطمئنة ويكون قد تساقطت عنك كل هذه الوساوس والخيالات الفاسدة.
9- أما قولك:" وهل يريد منا كاتبنا الموقر أن نؤمن أن الله سبحانه العادل يساوي بين النساء والرجال في العقوبة, ولا يساوي بينهم في المثوبة?"
أقول:
إن الخلاف واسع جداً فلا تحصريه الآن في الثواب والعقوبة، فقد قررت قبل اعتراضاتك في رسالتي " الحقوق والواجبات" أن الحسنة بعشر أمثالها سواء صدرت من الرجل أو المرأة .
وأقرر الآن جواباً على سؤالك هذا أني أدين الله بأن جزاء السيئة سيئة مثلها سواء صدرت من الرجل أو المرأة ، فإذا كنت مقتنعة بكل الفوارق بين الرجل والمرأة التي قررها الله ورسوله ودان بها العلماء، ومنها القوامة القائمة على تفضيل الرجل على المرأة من جهة أنه رجل يمتاز بصفات لا تشاركه فيها المرأة منحه الله إياها الخلاق العليم الحكيم العدل، ومن جهة أخرى أنه ينفق عليها ويؤمن لها السكن ويؤمن لها مطالب أخرى إيماناً بقول الله تعالى :( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا).(1/27)
إن سلمت بهذا إيماناً بهذا النص وغيره وبما قرره الله من الفوارق الأخرى سقطت دعاوى المساواة، وإن لم تسلمي فانظري ما عندك من الإيمان ، لأن الأمر خطير جداً فالله يقول:( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)، وقوله:( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً).
وقوله :(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما).(1/28)
الحادي عشر- قالت الكاتبة:" سادساً: يستشهد الكاتب الفاضل بتفسير الشوكاني لقوله تعالى عن الإناث: {أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} حيث يقول إن (معنى ينشأ, يربى والنشوء التربية والحلية الزينة, والمعنى: أو جعلوا له سبحانه مَنْ شأنه أن يربى في الزينة وهو عاجز أن يقوم بأمور نفسه وإذا خوصم لا يقدر على إقامة حجته ودفع ما يجادله به خصمه لنقصان عقله وضعف رأيه). وتفسير الشوكاني الذي يبرر عجز الإناث عن الإبانة وإقامة الحجة بنقصان العقل وضعف الرأي, يمثل رأي الشوكاني وحده وهو رأي غير ملزم لأحد. فواقع الحياة يُبرهن على أن هناك نساء ناجحات في مواقع قيادية أو في المحاماة أو غيرها من المناصب التي تقتضي وجود التفكير وقوة الحجة وبلاغة العبارة مما لا(1)ينافي قول الشوكاني بنقصان العقل وضعف الرأي في هذه المسألة. وإذا كان الشوكاني فهم الآية بهذا المعنى الذي يناقضه واقع الحياة, فإن هناك من يفهمها على أنها وصف لواقع تنشئة كانت تعيشها النساء في تلك الفترة, حيث تنشأ النساء في عزلة عن خوض تجارب الحياة التي تكسب الإنسان الخبرة وتمده بالصلابة والذرابة والقدرة على المحاجة. فالآيات لا تنسب تلك الصفات في المرأة إلى فطرتها الطبيعية, وإنما هي آيات تصف سمة اكتسبتها النساء بسبب التنشئة التي يتلقينها".
أقول :
1- إني لم أستشهد بكلام الشوكاني وإنما استشهدت بهذه الآية من كلام الله عز وجل الذي هو حجة قاطعة ملزمة، فلماذا عدلت عن قول استشهد بالآية إلى قولك استشهد بكلام الشوكاني أليست هذه مغالطة .
__________
(1) تريد هنا أن تقول: "مما ينافي" لكن لنقصان عقلها جاءت هنا بالنفي في موضع الإثبات، ويحتمل أن يكون هذا من سبق القلم ولا يبعد ما أشرت إليه .(1/29)
2 - ليس الشوكاني وحده الذي فسر الآية بهذا التفسير، بل كل المفسرين والمحدثين والفقهاء معه في ذلك لا يخالفهم فيما أعلم إلا ابن زيد، الذي بينا أنه غير صحيح في رسالتي " الحقوق والواجبات على الرجل والنساء في الإسلام"، وفي مقدمة هذا البحث .
وحجتهم هذه الآية كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وحجتهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن النساء"إنكن ناقصات عقل ودين".
وحجتهم الواقع التأريخي والحالي فالمرأة هي المرأة ، فما زالت تحيض وتحمل وتنفس وتعيش مع الأطفال والنساء فهي ناقصة عقل ودين.
وقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم نقصان الدين بتركها الصلاة والصيام أيام الحيض وفي ذلك إشارة إلى توابعه من النفاس الذي قد يصل إلى أربعين وإلى ستين يوماً .
فإذا اجتمعت أيام الحيض في السنة فكم يفوتها من الصلوات المكتوبات والنوافل وكم يفوتها في عمرها كله.
وما مدى تأثير هذا المرض الشهري الذي يستغرق من كل شهر ربعه في الغالب.
وإذا كانت تحمل كل سنة وتنفس ، فهل ينكر أحد تأثير الحمل ومعاناته على جسم المرأة وعلى أخلاقها وعقلها وأعصابها، يتلوه أيام ألم النفاس التي تحتاج إلى راحة منه لتستعيد صحتها ، وهذه الأمور يعرفها العقلاء والأطباء.
فمن يتجاهلها يشبه من يحاول أن يغطي السماء بالمنخل كما في المثل.
3- إن هذه الآية تنزيل من حكيم حميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهي كغيرها من نصوص القرآن والسنة صالحة لكل زمان ومكان، فهي على عمومها وشمولها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لن يتغير معناها بتغير الحضارات تطوراً وهبوطاً.
فالمرأة هي المرأة حالها وواقعها ما تضمنته هذه الآية الكريمة، فهي تنشأ في الزينة منذ القرون الأولى قبل نزول القرآن، وأيام نزوله ، وإلى يومنا هذا وإلى أن تنتهي البشرية.(1/30)
ألا ترين ويرى الناس أسواق الذهب مكتضة بأصناف الحلي، وأسواق الملابس مكتضة بالأزياء النسائية من الحرير ومن مختلف أنواع ما يلبس ، مما طوره الرجال الفجار ليعبثوا بالنساء المنحلات الناقصات العقل والدين.
ألا ترين أن كثيراً من النساء على مر الأيام يزددن هبوطاً وولعاً بأنواع الزينات ، لكي يفتن الرجال ويثرن إعجاب الشباب المنحل ، وشهواتهم وغرائزهم الدنيئة.
ألا يدل هذا الواقع الأسود على صدق هذه الآية، وأنها تنطبق على نساء القرن الحادي والعشرين أكثر مما تنطبق على أهل القرون الأولى .
4-إن القول بهذا النجاح المزعوم يصادم تشريعات الإسلام في كثير من أحكامه وعقائده ، وقد يكون من ورائه رجال مكرة يتسمون بالدهاء، وقد يتخلله ضعف شديد يصاب به تلكم المصابات بجنون العظمة من ضعف التفكير والتركيز.
وفي أيام الحيض الذي يطرأ عليها في كل شهر وذلك يعادل ربع حياتها العملية فلابد أن يختل توازنها ويضعف تفكيرها فتشبه حالها هذه حال أذكياء المجانين الذين تأتيهم نوبات الجنون فلا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً إبان هذه النوبات.
أضف إلى ذلك ما يصيبهن من الوهن أيام معانات والوحم الحمل والولادة والنفاس وذلك يأخذ وقتا كثيراً من حياتهن، ولذلك كله آثار سلبية على حياتها وأعمالها، فكيف يوصفن بالنجاح وهذا واقع حياتهن.
والرجل الذي يتولى مثل أعمالها ليس كذلك دون شك، فظهر الفرق الكبير بين الرجل والمرأة فيما يناط بهما من أعمال قيادية أو محامات أو غيرها شهريا وسنويا وعلى مستوى العمر العملي.
ودعنا من هذا وذاك وما لنا ولأعمال أناس لا يحسبون حساباً للقاء الله والدار الآخرة.
فخير أعمال المرأة المسلمة وأنجحها أن تقر في بيتها وتتفرغ لتربية أبنائها وبناتها على الأدب والأخلاق الإسلامية وأن تنشأهم على التدين الصحيح الذي يحميهم من الجهل والخرافات فيسدين إلى أنفسهن وأبنائهن وبناتهن ومجتمعهن الإسلامي خيراً كثيراً.(1/31)
بل يكنَّ قد أنشأن بتوفيق الله مجتمعاً إسلاميا راقياً في دينه وأخلاقه وذوقه صدقاً وأمانة وشرفاً.
فإذا تركن بيوتهن وأهليهن وأبنائهن فأي جيل ينشأ عن هذا الإهمال.
أيها الفضلاء أترك لكم تصور واقع هذا الجيل .
ومن سنن الله الكونية أنه قد فرق بين الذكور والإناث حتى في الحيوانات، فترى الجمل تظهر فيه القوة والشجاعة والبطش بمن يؤذيه إلى درجة القتل أحياناً، وتراه يرعى ويقود الإناث من الإبل فينقدن له ويخضعن له، ويتميز عن الأنثى بالهدير الذي يظهر فيه ذكوريته وليست الناقة كذلك.
وترى الثور يتميز عن البقرة بقوته وكبر قرونه وطولها، وتراه يخور ويناطح، ويظهر قوته وشجاعته، وليست البقرة كذلك، بل تراها تخضع له وتنقاد.
ومن الغنم ترى التيس له معمعة وصولة وليس ذلك للإناث والكبش يناطح والتيس يتميز بطول قرونه وليس ذلك للإناث من الضأن والمعز.
والقرود يسيطر الذكور منها على الإناث، ودور الإناث الخضوع للذكور.
والديك يتميز عن الدجاجة بشكله وعرفه الجميل، وبصياحه في أوقات الصلوات وليست الدجاجة كذلك.
فظاهرة الفرق بين الذكور والإناث في هذه الحيوانات وغيرها ملموسة معروفة لدى الناس.
فهل دعاة المساواة سيحرضون الإناث من الحيوانات على المطالبة بالمساواة بين ذكورها وإناثها؟، وهل سيعارضون الله في التفريق بين الذكور والإناث في البشر وغيرهم.
5- لقد أكثرت من معارضة القرآن والسنة وهذا يدل أنك تحملين فكراً خطيراً، ففي هذا الموطن بالذات عارضت آية وثلاثة أحاديث، فالآية هي أمام القارئ وأما الأحاديث:
أ- فقوله - صلى الله عليه وسلم - عن النساء:" يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار؛ فقلن: وبم يا رسول الله؟؛ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن؛ قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟؛ قال: أليس شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى؛ قال: فذلك نقصان عقلها.(1/32)
أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى؛ قال فذلك نقصان دينها"متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ب- وقوله صلى الله عيه وسلم:" رأيت النار فرأيت أكثر أهلها النساء يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟، قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط" متفق عليه من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (البخاري في الحيض حديث 29 ومسلم في الكسوف حديث 907، وعند مسلم من حديث جابر في العيدين حديث880" لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير".
جـ- حديث أبي بكرة رضي الله عنه لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال:" لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة" أخرجه البخاري في المغازي حديث(4424) وفي الفتن حديث (7099) وأحمد في المسند(5/251) وفي مواضع أخر كما رواه الترمذي والنسائي.
فهذه ثلاثة أحاديث من أصح الأحاديث وأثبتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقتها الأمة بالقبول إلى جانب الآية الكريمة، ومجموعها يدل على نقصان عقل المرأة ودينها، وكفرانها للعشير وكفرانها للإحسان وكثرة شكاتها، دليل على نقصان عقلها ونقصان دينها.
أيتها المسكينة المتعالمة؛ أمثلك يصلح لمعارضة القرآن والسنة وعلماء الأمة من مفسرين ومحدثين وفقهاء؟.
بل أمثلك يصلح لمعارضة الشوكاني؟؛ بل أمثلك يصلح لمعارضة طالب علم؟.
والله لو جئت أنت والآلاف من دعاة تحرير المرأة وعلى رأسهم قاسم أمين وهدى الشعراوي وسادتهم من أعداء الإسلام من أوربيين وأمريكيين ما صلحوا لمعارضة رجل واحد هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في حديث واحد فضلا عن معاندتهم لرب العالمين.
5- قالت هذه المتعالمة :" فواقع الحياة يُبرهن على أن هناك نساء ناجحات في مواقع قيادية أو في المحاماة أو غيرها من المناصب التي تقتضي وجود التفكير وقوة الحجة وبلاغة العبارة".(1/33)
ونسألها: ما هي مقاييس النجاح عندك أهي إسلامية أم يهودية ونصرانية؟.
وما دين هذه الناجحات؟؛ إن كن كافرات فكفرهن بالله وكتبه ورسله وبالإسلام خاصة من أقوى الأدلة أنهن لا عقول لهن ولا دين لهن، إذ لو كان لهن عقول لآثرن الإسلام على ديانتهن الكافرة بالله ورسله واليوم الآخر، ولما آثرن الكفر على التوحيد والإيمان، فهن كما قال الله في الكفار:( ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) وكما قال تعالى:( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).
وإذا كن قد نجحن في أمور دنيوية فهذا بمقاييس الكفر الباطلة.
ثم ما قيمة هذا النجاح وقد سقطن سقوطا فظيعاً لا نظير له بإيثارهن الكفر على الإيمان والضلال على الهدى.
وقد يكون عندهن من السقوط في الأخلاق المحرمة في الأديان كلها ما لا يعلمه إلا الله، وما هو واقع بلدان هذه الناجحات عندك؟.
ثم بعد هذا يقال، كم عدد هؤلاء الفاشلات اللاتي تصفينهن بالناجحات وكم نسبتهن إلى البلايين من النساء في التأريخ الإنساني والواقع الحالي؟.
فلو نجحن نجاحاً حقيقياً بميزان الإسلام لما جاز لعاقل فضلاً عن مسلم أن يعارض بهذا النجاح كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكلام رسوله الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
والأحكام لا تبنى على الأمور النادرة، وإنما تبنى على الأمور الغالبة والعامة.
ولقد نزل القرآن في عصر فيه نساء يتمتعن بالنجاح الحقيقي دنياً وعقلا وذكاء، فلم يعتد الله ورسوله ولا المؤمنون بهذا النجاح لأنه نادر لا ينبني عليه حكم، ومن تلك الناجحات خديجة وعائشة وفاطمة وحفصة بنت عمر بن الخطاب وأسماء بنت عميس وأسماء بنت أبي بكر وأم سليم وأم أيوب رضوان الله عليهن لقلة عددهن بالنسبة لأعداد النساء في العالم ومنهن بنت كسرى وغيرها من نساء العرب والعجم اللاتي يجاوزن الملايين والآن البلايين.(1/34)
فكيف تعتدين أنت وأمثالك بنجاح الفاشلات الساقطات في أعظم الامتحانات ذلكم الفشل الذي يترتب عليه غضب الله وانتقامه الأبدي بالنار وبئس القرار، فلو كن عاقلات لتجنبن هذا الهلاك والمصير الأسود الذي لا تنقشع ظلمات نيرانه وجحيمه أبد الآبدين ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)وبالمقابل( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه).
فاخْشَي رَبكِ وكوني من هؤلاء ولو في آخر قافلتهم، واحذري طرق أولئك الهالكين، فإني قرأت عنك من قبل قراءة بسيطة فرأيت من يتهمك بالعلمانية ورأيت امرأة وهي سهيلة زين العابدين تدفع عنك هذا الاتهام وفي الوقت نفسه لها عليك مؤاخذات وإن أسلوبك هذا في التعامل مع القرآن والسنة ليقوي جانب التهمة .
وإني لأنصحك بالتوبة إلى الله التوبة الصادقة النصوح نصيحة مخلص يتمنى لك ولكل دعاة تحرير المرأة الاعتزاز بالإسلام جملة وتفصيلا ويتمنى لكم السلامة من طريق البوار المؤدية إلى غضب الله وعذابه بالنار كما يتمنى لكم الفوز برضى الله وجزاء المؤمنين الأبرار.
6- أما قولك:" فإن هناك من يفهمها- تعني الآية (أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)- على أنها وصف لواقع تنشئة كانت تعيشها النساء في تلك الفترة, حيث تنشأ النساء في عزلة عن خوض تجارب الحياة التي تكسب الإنسان الخبرة وتمده بالصلابة والذرابة والقدرة على المحاجة. فالآيات لا تنسب تلك الصفات في المرأة إلى فطرتها الطبيعية, وإنما هي آيات تصف سمة اكتسبتها النساء بسبب التنشئة التي يتلقينها".
أقول:(1/35)
أ- إن المرأة هي المرأة لن يتبدل حالها والآيات والأحاديث صالحة لكل زمان ومكان لأنها صادرة عن الخلاق العليم بما كان وما يكون أزلاً وأبداً، فمن المستحيلات أن يتبدل كلام الله ولو عارضه الذين يريدون أن يبدلوا كلام الله.
لقد انحلت المرأة وانفلتت وخالطت الرجال في الحضارة اليونانية والرومانية بل وفي الحياة الغربية الحالية، واكتسبت المرأة الحنكة والدربة إلخ، فلم يخرجهن ذلك من مضمون الآية الكريمة،وكذلك ما تعشه المنفلتات الآن في الحياة الأوربية والأمريكية فلم يخرجهن عن مقتضى الآية والحديث، ولو بالغن في الانفلات فإنهن لن يزددن إلا سقوطاً وضلالاً وضياعاً للعقول والدين والأخلاق.
ومن هنا أنزل الله لإنقاذ البشرية من هذا الانفلات المهلك في الدنيا والآخرة زاجراً عن هذه الحياة الدنيئة قوله تعالى:( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله).
ففضل الله ورسوله للنساء القرار في البيوت، وشرع لهن الحجاب، وأمرهن بعبادته وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الحياة هي خير حياة وأرضاها للمرأة المسلمة؛ فهل ترضينها للمرأة المسلمة؟.
ب- إذا كنت مسلمة صادقة فلماذا تعارضين القرآن والسنة وتركضين وراء كلام أعداء الإسلام وأذنابهم؟، وأنا أعرف هذا الكلام من زمن بعيد، وإنما أنت مقلدة عمياء شأنك شأن النساء في التقليد الأعمى .
فكيف تركضين وراء هؤلاء في معارضة القرآن والسنة ومعارضة كلام علماء الإسلام وأئمته؟.
أليس عملك هذا وأمثالك من النساء من أعظم الدلالات والآيات الكونية على مصداقية قول الله : (أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) وقول رسوله صلى الله عليه وسلم في النساء:" إنكن ناقصات عقل ودين"، ولا يجاريهن في هذا المضمار إلا أشباه النساء الذين فقدوا رجولتهم وعقولهم وأخلاقهم.(1/36)
الثاني عشر- قالت الكاتبة:" أخيراً, ما الذي يضير الرجل في أن تكون المرأة نداً له? اللهم إلا أن تكون الغاية أن يعيش الرجل حياة سلطوية يكون فيها وحده الآمر الناهي, أما أن يكون يرغب في اتباع الحق, فإن الحق ما جاء به رسول الهدى الذي وصف النساء بأنهن (شقائق الرجال)".
أقول:
... 1- إن الضرر في هذا لكبير واضح جداً، كيف والإيمان بهذه الندية يصادم نصوص الكتاب والسنة وما عليه علماء الإسلام وأئمة المسلمين، وما أظن أن امرأة مسلمة ترضى هذه الندية لأنه طعن في الدين وفي الأمة وتأريخها المشرق وانسياق وراء المنحلين من الأمم الكافرة.
... 2- وقولك:" اللهم إلا أن تكون الغاية أن يعيش الرجل حياة سلطوية يكون فيها وحده الآمر الناهي".
أنت بين أمرين: إما أنك جاهلة جهلاً مطبقاً بالإسلام قرآنا وسنة وفقها.
وإما أنك متمردة على تعاليم رب السماوات والأرض وخالقها ومدبر أمرها بقدرته ومشيئته وحكمته.
فإن كنت متمردة فلا جدال معك من ناحية شرعية ولا عقلية، ومع هذا فأينما ذهبت فلن تخرجي عن أوامر الرجال بل والنساء بدأ بشرطي المرور إلى مدير المدرسة ومدير الجامعة ، وإن ظلمت أحداً أو ظلمك فلابد أن تخضعي للمحكمة، ولن تستريحي من هذا التسلط إلا إذا ذهبت إلى جزيرة لا يسكنها البشر، ومع ذلك فقد لا تستريحين من تسلط الحيوانات بها والوحوش الضارية.
وأما إن كنت جاهلة فاعلمي أن الله قد نظم هذا الكون قدراً وشرعاً، فشرع نصب إمام للأمة يحكمهم بشريعته ولابد لهذا الإمام من أعوان يساعدونه على تنفيذ هذه الشريعة الغراء، فينصب في المجتمع الإسلامي ولاة ووزراء وأمراء وقضاة ومحتسبين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وكل هؤلاء ولاة أمر يجب عليهم تنظيم المجتمع والقيام فيه بضبط الأمن وبالعدل والحفاظ على حياة الناس وحماية أموالهم وأعراضهم وحماية رقعة الإسلام.(1/37)
وقد سماهم الله في كتابه ولاة أمر، وأمر المؤمنين رجالا ونساء بطاعتهم في غير معصية قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً).
وللرسول الكريم توجيهات وأوامر كثيرة بطاعة أولي الأمر، ونواهٍ شديدة عن معصيتهم والخروج عليهم أذكر منها حديثاً واحداً نظراً لضيق المقام.
قال صلى الله عليه وسلم:" من أطاع أميري فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ومن عصى أميري فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله".
فهذا تنظيم المجتمع باختصار ولا بد فيه من طاعة الرجال والنساء في غير معصية لمن أمر الله ورسوله بطاعتهم من ولاة الأمور ولا يأنف من هذه الطاعة إلا أهل الجاهلية الفوضويين .
وكذلك نظم الله الأسر التي هي نواة المجتمع، إذ لابد لهذه الأسر من آمر وناه قال تعالى :( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما انفقوا فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً).
وقد فسرتُ هذه الآية ونقلتُ أقوال المفسرين في معناها في رسالتي " الحقوق والواجبات".
فماذا تعني القوامة إذا كان لك عقل وإدراك؟، وما المراد بقول تعالى (بما فضل الله به بعضهم على بعض) في هذا السياق؟.
هل يعني بذلك الندية والمساواة المطلقة التي تطالب بها "د.عزيزة" ومن وراءها؟!!.
وما معنى ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله )، أليس المراد بالقنوت الطاعة لزوجها القائم على شئون الأسرة، وسيدها الذي منحه الله السلطة على زوجته وأسرته؟!.
وقد اعترف محمد عبده وهو من رؤوس دعاة تحرر المرأة برآسة الرجل على المرأة .(1/38)
وإذا نشزت وتمردت على أوامره فما المشروع في مواجهة هذا العصيان والتمرد، لقد شرع الله للزوج القوام أن يعظ هذه الناشز المترفعة على طاعة زوجها وأوامره، أن يعظها أولا،وأن يهجر فراشها ثانياً تأديباً لها، فإن رجعت إلى صوابها وتنازلت عن ترفعها المقيت فذاك، وإلا انتقل إلى تأديب آخر بحكم سلطانه عليها الذي منحه الله خالقه وخالقها وسيدهما، فشرع له ضربها تأديباً لها لأنها وإن ترفعت وتطاولت لا تخرج عن منزلة الطفل الذي لابد له من آمرٍ وناهٍ ومؤدبٍ بالضرب وغيره.
وأقول: إن ترفعت عزيزة على زوجها فله الحق أن يؤدبها بحكم سلطته المشروعة بالضرب وما ذكر في الآية . وليزداد القارئ فقها للحياة وفقها في سنن الله الكونية والشرعية أسوق الآيات الآتية:
قال تعالى:( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم) الأنعام(165).
وقال تعالى:( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً) الزخرف (32).
وقال تعالى:( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا).
وهذا التفضيل اختبار وامتحان للعباد كما قال تعالى (ليبلوكم فيما آتاكم)، فالمؤمن يرضى بقسمة الله ولا يرفضها ولا يسخطها فقد يكون فقيراً لا منصب له ولا جاه وفوقه بدرجات أغنياء وقضاه وأمراء ومدراء وسادة عشائر، فلا يسخط ذلك بل يرضى بحكم الله الشرعي والكوني القدري.
والفاجر يتسخط ويتذمر رجلاً كان أو امرأة فلا يرضى بحكم الله الكوني ولا بحكمه الشرعي.
فأُحذر المؤمنات من الانجراف وراء الدعايات المسمومة والناشئة عن التمرد على الشرع والتذمر منه، ومن ذلك المناداة بتحرر المرأة وتحريرها من رق الإسلام كما يزعمون، وإن كانوا لذلك يخفون وبالإسلام يتسترون .(1/39)
ولقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتن التي هي من أشراط الساعة ومنها فتنة النساء التي ينعق بها دعاة تحرير المرأة من رجال ونساء فقال صلى الله عليه وسلم:" إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بيني إسرائيل كانت في النساء".
وقال صلى الله عليه وسلم :" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء".
فما يقوم به بعض النساء من المناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة إما جهلا بالإسلام وإما تمرداً على تعاليمه لهو فتنة عظيمة، من أعظم الفتن وأشدها.
وإنها لمقدمة خطيرة لفتن كقطع الليل المظلم لا ينتهي إلا بهلاك الأمة ديناً ودنيا وأخلاقاً إلا أن يتداركهم الله بلطفه وتوفيقه لهم بالعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
فعلى الأمة علماء وحكاماً وأولياء هؤلاء النساء أن يقوموا بحسم هذه الفتنة وتجنيب المسلمين عواقبها الوخيمة المردية للأمة في هاوية الانحطاط الأخلاقي والديني.
الثاني عشر- قالت الكاتبة:" أما أن يكون يرغب في اتباع الحق, فإن الحق ما جاء به رسول الهدى الذي وصف النساء بأنهن (شقائق الرجال)".
أقول :
سبحان الله تدْعِين الرجل إلى اتباع الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأسلوب يحصر الحق فيما وصف به النساء من أنهن شقائق الرجال ، وتنسين نفسك فلا تأمرينها باتباع الحق الذي جاء به رسول الهدى في عشرات الآيات والأحاديث.
والفرق بينك وبين من تأمرينهم ، أنهم لم يخالفوا هذا الحديث وأنت تخالفين العشرات من الآيات والأحاديث ولم تفهمي هذا الحديث.
عجباً لهذه المرأة التي تعارض كلام الله وتعارض أحاديث الرسول الثابتة المشهورة المتلقاة من الأمة بالقبول، وتعلقت بحديث واحد فقط سلكت فيه مسالك أهل الزيغ في اتباع المتشابه والإعراض عن النصوص المحكمات.(1/40)
تعلقت به لتضرب به نصوص القرآن والسنة الواضحة في تقديم الرجال على النساء في ميدان الحقوق والواجبات، الأمر العادل الحكيم من رب السماوات والأرض والذي لا تقوم الحياة إلا به، والذي يحسم الفوضى والهمجية ، والانحلال الديني والخلقي لو قامت الحياة على خلافه.
وكما هو حال الأمم المعروفة في الدعوة إلى حرية المرأة ، فأوصلهم ذلك إلى مشاكل اجتماعية وأخلاقية ونفسية وفوضى أسرية وشذوذ جنسي ، الأمر الذي جعل مفكريهم يضجون ويتململون من هذه الحياة التعيسة، ويتوقعون الدمار لهذه الأمم الغارقة في أنواع الفساد والانحطاط.
أعود فأسأل هذه المرأة: هل هذا الحديث يقتضي الندية بين الرجل والمرأة بدأً من ولادتها؟، فلو ولدت امرأة توأمان ذكر وأنثى، فهل يقتضي هذا الحديث المساواة والندية المطلقة بين هذين الشقيقين التوأمين؟كلا،لأن هذا نص مجمل وهناك آيات وأحاديث صحيحة مفصلة مبينة تنص على الفرق بينهما بدأ من هذه النقطة.
فهناك أحاديث تنص على أنه يعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة، فإن سلمت بهذا الفرق منذ الولادة سقطت مناداتك بالندية والمساواة.
وإذا مات أبوهما أو أمهما ، فهل تسلمين بما نص عليه القرآن من أن للرجل مثل حظ الأنثيين؟، وإذا ماتت قبله ورث مالها كله، وإن مات قبلها ورثت النصف فهل تسلمين بهذا الفرق؟.
وإذا تزوج شقيقها وماتت زوجته وليس لها ولد ورث نصف مالها ، وإذا تزوجت هذه الشقيقة وماتت قبل زوجها وليس لها ولد ورث نصف مالها، وإن مات قبلها وليس له ولد ورثت ربع ماله إلى آخر التفاصيل في الوارثين والوارثات التي نص عليها القرآن والسنة وفقهاء الأمة.
فهل تؤمنين بهذا التفاوت بين الرجل والمرأة بنتاً كانت أو زوجة أو أماً أو أختاً؟، فإن سلمت بذلك فقد سقطت دعواك وسقط استدلالك بهذا الحديث.(1/41)
وإذا قتل الشقيقان خطأ في لحظة واحدة فقد شرع الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وإن قتلا عمداً واختار أولياؤهما الدية فدية المرأة على النصف من دية الرجل، وإذا اختار القصاص فالنفس بالنفس، فيقتل قاتل المرأة قصاصاً كما يقتل قاتل الرجل.
وهذه صورة من الصور التي يتساوى فيها الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات ومنها المساواة في التكاليف كالصلاة والصوم والزكاة والحج، وفي الحقوق مثل حق التملك والشهادة في بعض المجالات في الجملة( إذ شهادتها تعدل نصف شهادة الرجل)، وقبول أخبارها عند توفر شروط القبول فيها، والتصرف في المال، وهذه أمور لا ينكرها مسلم.
وهناك فروق بين الرجل والمرأة لا يجوز أن ينكرها المسلم ومنها حق القوامة للرجل على المرأة وحقه عليها في الطاعة مادامت في عصمته، فلا تخرج من بيته إلا بإذنه ولو إلى زيارة أبيها وأمها، ولو إلى المسجد، ولا يجوز لها السفر مع محرم إلا بإذنه، ولا تأذن لأحد أن يدخل بيته إلا بإذنه.
ومن هذه الفروق أن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل، ومنها أن للرجل أن يتزوج أربعاً، وليس لها أن تعدد الأزواج.
ومنها الولاية على المرأة في عقد النكاح فلا يجوز لها ان تعقد النكاح على نفسها ولا على غيرها، بل ذلك من حق وليها فيعقد النكاح لنفسه وعلى مولياته من النساء.
فإن سلمت هذه المرأة من منطلق إسلامي بهذه الفروق سقطت دعاواها ومطالباتها بالندية والمساواة وسقط تعلقها بالحديث.
ووجب عليها إعلان توبتها من هذه الفتنة العمياء التي افتعلها أعداء الإسلام وهي من أخطر المكايد التي حاكها أعداء الإسلام وتلقفها الخونة المنحلون من الإسلام وقذفوا بها في أوساط الأمة الإسلامية فاشتعلت نيرانها في بلدان المسلمين.(1/42)
فترى الآن في كثير من بلدان المسلمين من الانحلال والتهتك المخزي الذي لا تستطيع أن تفرق فيه بين اليهودية والمسلمة ولا بين النصرانية والمسلمة ولا بين المجوسية والهندوكية والمسلمة.
وقد رضي هؤلاء النساء المنحلات بالتبعية العمياء المخزية لعدوات وأعداء الإسلام في الوقت الذي ترفض فيه التبعية لزوجها المسلم.
وستنكر النساء الداعيات إلى التحرر والمساواة ورفض التبعية التي شرعها الله أن يكن يقصدن الدعوة إلى مثل هذا التحلل.
فنقول: إن مثل هذه الحيل لا تنطلي على الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات الذين اطلعوا على بدايات هذه الدعوات ونهاياتها بالاختلاط في المدارس والجامعات، ومخاصرة النساء للرجال في الشوارع، وإلى الرقص الخليع العاري في المسارح والسينما والفضائيات، إلى كتابات الداعرات في الحمامات تصف الواحدة جسمها من أم رأسها إلى قدميها بكل خسة ووقاحة.
وإلى أن وصل الأمر في بعض بلدان المسلمين إلى مناداة بعض النساء بجواز تعدد الأزواج وإلى القول بأن الإسلام قد ظلم المرأة وهذا إلحاد واضح كانت نواته دعوة قاسم أمين وهدى شعراوي ومعظم النار من مستصغر الشرر ، فهل من مستيقظ معتبر؟؟!!.
هذا وأعيد للأذهان بأني في رسالتي السابقة قد بينت ما يجب للرجل وعليه، وما يجب للمرأة وعليها، ولم أحاب الرجل ولم أظلم المرأة والحمد لله.
ولقد اطلع عليه بعض العلماء وطلاب العلم وقروا به عيناً ، وقد فرح به كثير من المؤمنات الصادقات.
والله أسأل أن يطفئ هذه الفتنة، وأن يتوب على من ينادون بمخالفة تشريع الله العادل مغلفين دعوتهم بغلاف الإسلام، وأن يأخذ بنواصيهم إلى الحق والخير وإلى الرضى والاطمئنان بما شرعه الله للنساء وقسمه لهن .
إن ربي لسميع الدعاء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه الفقير إلى عفو ربه:
ربيع بن هادي عمير المدخلي
25 محرم الحرام 1425هـ
مكة المكرمة(1/43)