بسم الله الرحمن الرحيم
نحمدك يا من نور مقامات البلغاء بمصابيح المعاني، وزين ألسنة الفصحاء بجواهر اللغى ويواقيت المباني، وصرف ما لهم من الخُطا عن نهج الخطا، وكشف لهم عن وجه الصواب ذياك الغطا، ونصلي ونسلم على من هو سابق البلغاء في حلبة اللغى، ومصقع مصاقع الخطباء فليذر اللغو من لغا، محمد الناطق بالصواب، الهادي إلى هدي الثواب، وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأحبابه، ما اختلفت المباني اختلاف الأشباح، وائتلفت المعاني مثل ائتلاف الأرواح.
أما بعد فيقول الفقير الواهي والحقير اللاهي، من هو المقصور على القصور الجلي، محمد بن إبراهيم بن الحنبلي، الحلبي مولداً، الربعي محمداً، القادري مشرباً، الحنفي مذهباً، صين عن سهم الوهم، ولا شين بشيء من سيئ الفهم: لما احتج أهل الأدب، وطمح نظر من تأدب إلى كتاب (درة الغواص في أوهام الخواص) للأديب الأصمعي والأريب الألمعي أبي محمد القاسم بن علي الربعي، كسي في دار النعيم حريراً، ولا برحَ طرفه في مقام التنعم بها قريراً، لما أنه في عقد الفنون الأدبية درة، وفي علوم العربية غرة، تميل إليه النفوس بالمرة، وتطمح إليه الأنظار لما أنه قرة، وإن كان للمهرة في مضمار القدح في مهرة، وللأذكياء في هيجاء البحث فيه سيف ذو شهرة، أحببت أن أذيله تذييلاً، وأضم إلى استعارته المكنية مني تخييلاً، فشمرت الذيل، ووضعت بإذن الله تعالى هذا الذيل، تذكرة لأخواني، وتبصرة لجلة خلاني، وسميته (سهم الألحاظ في وهم الألفاظ)، إذ كان صرف هذا السهم إلى طرف هذا الوهم، حيث لا حصول للإصابة في حيز الوصول والإصابة.(1/1)
والله أسأل، وإن سواه لن يسأل، أن ينفع به القاصي والداني، والمثري والعاني، وأن لا يجعله مطمح أنظار القادحين، ولا مطرح أعراض ما لهم ولو من بعد حين، ولكن مظنة لمقبول النقول بل مئينة لقبول ذوي العقول ما نقول، وسبباً للدعاء الجميل في العاجلة وطريقاً إلى الجزاء الجليل في الآجلة. إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة معين وجدير.
1 - فمما وهموا فيه وغلطوا: (السبحة)، بضم السين. والصحيح فتحها. وهي بالسين أفصح من الصاد، بتصريح من صاحب القاموس، فهي على عكس "صراط" لما أنه بالصاد أفصح من السين. ومن جزم الجعبري اختيار قراءة الصاد فيه لأنها الفصحى القرشية.
2 - ومن ذلك: (الأنموذج). ففي القاموس: النموذج، بفتح النون: مثال الشيء [معرب ]، والأنموذج لحن.
ولا عبرة بقول من سبقه كصاحب المغرب حيث قال: النموذج بالفتح، والأنموذج، بالضم: تعريب نموذه.
وكالتفتازاني حيث جزم في مباحث الفصاحة من شرح المفتاح بأن الأنموذج معرب نموذه أو نمودار مقراً للسكاكي على استعماله في مفتاحه.
3 - ونظير تعريب نموذه، إذ صار آخره جيماً، تعريب (ساذه) حتى قيل: ساذج، على مثال قالب.
وليس ساذج كلمة عربية لما ذكره الجواليقي من أنك إذا مرت بك كلمة اجتمع فيها السين مع الذال فحكمها أنها كلمة معربة عن كلمة أخرى عجمية.
4 - ومن ذلك: (الحجرة) بالكسر فالسكون: للأنثى من الخيل. ففي القاموس أيضاً ذكر أن الحجر من غير هاء للأنثى منها وأنها بالهاء لحن.
5 - ومن ذلك: (إقليدس). ففي القاموس أيضاً: (أوقليدس، بالضم وزيادة الواو: اسم رجل وضع كتاباً في هذا العلم المعروف، وقول ابن عباد: اقليدس اسم كتاب، غلط).
ووجه تغليطه إياه حذف الواو لا جعله اسم كتاب، لأنه قد أطلق على كتاب ذلك الرجل كثيراً بطريق المجاز، ككتب كثيرة أطلق عليها أسماء واضعيها. ولقد كثر استعمال اقليدس بدون الواو في كلام المولدين حتى كان من قبيل الغلط المشهور.
ومنه ما وقع في قول بعضهم:(1/2)
محيط بأشكال الملاحة وجهه ... كأن به إقليدساً يتحدث
فعارضه خط استواء وخاله ... به نقطة والشكل شكل مثلث
6 - ومن ذلك: (الكس) للحر. والصحيح أن يقال: حر. ففي القاموس أيضاً: الكس، بالضم للحر ليس من كلامهم، إنما هو مولد. هذا كلامه. ويلزم منه أن يكون غلطاً بالنسبة إلى كلام العرب العرباء. وعلى استعماله في كلام المولدين قول من قال:
جاء الشتاء وعندي من حوائجه ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا
كن وكيس وكانون وكاس طلا ... مع الكباب وكس ناعم وكسا
ولكونه مولداً لم يجمع بينه وبين الكمرة في بيت من جمع بين الأعضاء العشرة التي في أوائل أسمائها الكاف في بيت واحد فقال:
إن قلت كم في الفتى عضو بأوله ... كاف فخذه مني عداً يبلغ العشره
كف وكعب وكشح كاهل كتف ... كوع كلى كبد كرسوع الكمره
والكمرة، بفتحتين: واحدة الكمر، كالثمرة واحدة الثمر. والمكمور: الرجل الذي أصاب الخاتن طرف كمرته. وكامرته فكمرته أكمره: إذا غلبته بعظم الكمرة..
7 - ومن ذلك: (المردكوش) بالكاف، للمرزنجوش. وإنما هو بالقاف، معرب مرده كوش، بضم الميم، وقد عربوه بفتح الميم وقلب الكاف قافاً دون حذف الهاء لثبوتها خطاً فقط. وتفسيره بالمرزنجوش، بزيادة نون قبل الجيم، هو ما في القاموس.
وأما معرب الجواليقي ففيه أنه المرزجوش، بدون النون، وذلك أنه قال فيه: (والمرزجوش والمردقوش والعنقز والسمسق واحد. وليس المردقوش والمرزجوش من كلام العرب، إنما هي بالفارسية مردكوش، أي ميت الأذن).
وهو مخالف لما مر من حيث سكون الدال وعدم الهاء خطاً في أصله الفارسي على هذا القول.
8 - ومن ذلك: (المصيصة) بتشديد الصاد، لبلد في الشام. ففي القاموس أنها كسفينة وأنها لا تشدد.
9 - ومن ذلك: (القنبيط) بفتح القاف والنون المشددة. وإنما هو بضم القاف مع فتح النون المشددة.
10 - ومن ذلك: (طاب حمامك). ففي القاموس أنه لا يقال، وإنما يقال: طابت حمتك، بالكسر.(1/3)
11 - ومن ذلك: (انعدم). قال في القاموس: وقول المتكلمين: انعدم، لحن.
12 - ومن ذلك قولهم: (الله) بحذف الألف. فقد جزم البيضاوي بأنه لحن، وجعل الحذف في قوله:
ألا لا بارك الله في سهيل ... إذا ما الله بارك في الرجال
لضرورة الشعر، وهو فيه في المصراع الأول كما لا يخفى.
13 - ومن ذلك: (القيلولة) في معنى الإقالة. فلا يقال: سألته القيلولة في البيع. قال صاحب أدب الكاتب: سألته الإقالة في البيع. والعامة تقول: القيلولة، وذلك خطأ، إنما القيلولة نوم نصف النهار. هذا كلامه.
ويعضده عدم حكاية صاحبي الصحاح والقاموس إياها بهذا المعنى. وقول صاحب المغرب: والقيلولة في معنى الإقالة مما لم أجده.
14 - ومن ذلك: (ترياق) بضم التاء. وإنما هو بكسرها. والدرياق لغة فيه، كما ذكره الجواليقي، قال: وهو رومي معرب، وأنشد: ريقي ودرياقي شفاء السم وحكى صاحب أدب الكاتب: الطرياق، بكسر الطاء أيضاً، فقد تعاقبت الحروف النطعية الثلاثة في أوله، أنها من مخرج واحد تقريبي على ما قرر في محله.
وأما الدرياقة، وهي الخمر، فلم يحك فيها الجواليقي غير الدال، وأنشد لحسان:
من خمر بيسان تخيرتها ... درياقة توشك فتر العظام
وبعد هذا البيت على ما وجدته بخط أبي محمد عبد الله بن بري المقدسي:
وهي حرام طيب شربها ... يا رب ما أطيب شرب الحرام
15 - ومن ذلك (طرسوس) لبلد، بسكون الراء، في غير الشعر، على ما في الصحاح من روايتها بفتح الراء مع الجزم بأنها لا تخفف أي بالإسكان إلا في الشعر، لأن فعلولاً ليس من أبنيتهم.
16 - ومثله: (القربوس) للسرج، جزم أيضاً بأنه لا يخفف إلا في الشعر. وقول الشاعر:
وإذا احتبى قربوسه بعنانه ... علك الشكيم إلى انصراف الزائر
يحتمل الإسكان على الإضمار في (متفاعلن) إلا أن يثبت التحريك بالفتح على التمام.(1/4)
17 - ومن ذلك قولهم: (قرَّ) الله عينك. والصواب: أقر، بالهمزة. وعليه اقتصر صاحب القاموس. والمعنى: أبرد الله دمعتك، لأن دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة.
وأقر مشتق من القرور، وهو الماء البارد. هكذا قال الأصمعي.
قال صاحب الفاخر، وهو المفضل بن سلمة بن عاصم صاحب أبي زكريا يحيى الفراء: وقال غير الأصمعي: معنى (أقر الله عينك) أي صادفت ما يرضيك فتقر عينك من النظر إلى غيره. هذا ما نقله عن غير الأصمعي.
وعلى ما مر عن الأصمعي اعتمد بعض فقهائنا في مسألة بكاء البكر البالغة عند الاستئذان على نكاحها فقال: إن كان دمعها بارداً فدليل الرضى، أو حاراً فدليل خلافه.
وبالجملة فقر المتعدي خطأ، وأما اللازم نحو: قرت عينك فصواب. ولله در الزمخشري إذ قال في المائة النوابغ: (عيني تقر بكم عند تقربكم).
- ومن ذلك: (رزمة) الثياب، بضم الراء بعدها زاي ساكنة. والمنقول في الفاخر كسر الراء: قال الأصمعي وغيره: إنما يقال: رزمة لما كان فيه ثياب مختلفة. وهو من قولهم: قد رازم طعامه، إذا خلط سمناً وزيتاً أوربا وسمناً وغير ذلك.
وفي القاموس: والرزمة، بالكسر: ما شد في ثوب واحد.
19 - ومن ذلك قولهم: جاؤواعلى (بكرة) أبيهم، بكسر الموحدة. والمنقول في الفاخر أيضاً فتحها. والمعنى: جاؤوا على طريقة واحدة، أو جاؤوا بأجمعهم، أو جاؤوا بعضهم إثر بعض. والمعنى الثاني من هذه المعاني الثلاثة هو الملحوظ في زماننا.
20 - ومن ذلك قولهم: (في سبيل الله عليك). قال في أدب الكاتب: وهو خطأ، إنما هو: في سبيل الله أنت.
21 - ومن ذلك قولهم: إن فعلت كذا وكذا (فبها ونعمه). قال في أدب الكاتب: يذهبون إلى النعمة، وإنما هو: ونعمت، بالتاء، في الوقف. يريدون: ونعمت الخصلة، فحذفوا. وقال قوم: فبها ونعمت، بكسر العين وتسكين الميم، من النعيم انتهى.
وفي القاموس: ويقال: إن فعلت فبها ونعمت، بتاء ساكنة وقفاً ووصلاً، أي نعمت الخصلة.(1/5)
22 - ومن ذلك قولهم: (قفلت) الباب، بالتخفيف. فقد اقتصر الجوهري على حكاية أقفل الباب، وقفلت الأبواب، بالتشديد، مثل أغلق، وغلق، به أيضاً. ومنه قوله تعالى: "وغلقت الأبواب".
وجزم صاحب أدب الكاتب بأنه لا يقال: قفلت الباب، بالتخفيف. وهذا كما لا يقال: غلقته، بالتخفيف، فهو مغلوق، لما أنه لغة رديئة متروكة، حتى قال أبو الأسود الدؤلي:
ولا أقول لقدر القوم قد غليت ... ولا أقول لباب الدار مغلوق
وعلى لغة أغلقت جاء قول الفرزدق:
ما زلت أفتح أبواباً وأغلقها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
أنشده الجوهري. وهو من جملة ثلاثة أبيات قالها الفرزدق في مدح أبي عمرو بن العلاء. فعن الفرزدق أنه لما توارى أبو عمرو من الحجاج مازال يتوصل حتى لقيه فقالها، ولكن بلفظ: ما زلت أغلق أبواباً وأفتحها......
وسأله عن اسمه فقال: أبو عمرو. قال: فلم أراجعه لهيبته.
وقول الفرزدق إنه ابن عمار، من باب النسبة بالبنوة إلى الجد وإلا فهو أبو عمرو بن العلاء بن عمار، كما ذكروه.
23 - ومن ذلك قولهم لآلة النجار المخصوصة: (القدوم) بتشديد الدال. ففي أدب الكاتب أنه لا يقال: قدوم، بتشديدها. ومثله عن ابن السكيت. وقال ابن الأنباري: العامة تخطئ فيها وتثقل. ومثله في البارع. وقوله: فقلت أعيراني القدوم لعلني ناطق بتخفيف الدال بلا جدال. فلا مجال لاعتبار قول صاحب المغرب: (وأما القدوم من آلات النجار فالتشديد فيه لغة) بعد هذه الأقوال.
على أن صاحبي المطالع والتقريب لم يحكيا فيها التشديد أصلاً، بل في المطالع أنها مخففة لا غير.
وأما ما روي من أنه (اختتن إبراهيم، عليه السلام، بالقدوم) فالقدوم فيه مروي بالتشديد والتخفيف. وهو على الأول قرية بالشام، كما ذكره صاحب المطالع. زاد صاحب التكملة فقال: عند حلب. وعلى التخفيف يحتمل القرية المذكورة وآلة النجار المخصوصة.
قال النووي: والأكثرون على التخفيف وعلى إرادة الآلة.(1/6)
24 - ومن ذلك قولهم: (الكتان) لما يتخذ منه الخيوط، بكسر الكاف. وإنما هو بفتحها على ما في الصحاح وأدب الكاتب والتقصير من الاقتصار على فتحها. وعلى ما في المغرب من ضبطه بالقلم بالفتح دون غيره. وهو غير القنب الذي يتخذ منه الحبال عند بعض، وغيره عند بعض. وعليه جرى استعمال أهل زماننا.
25 - ومن ذلك: هي ثياب (جدد) بضم الجيم وفتح الدال الأولى. وحكى في أدب الكاتب ضم الدال الأولى، قال: (ولا يقال: جدد، بفتحها). انتهى.
وفي الصحاح: (وثياب جدد، مثل سرير وسرر). قاله بعد أن قال ما نصه: (وجد الشيء، أي صار جديداً، وهو نقيض الخلق. وثوب جديد، وهو في معنى مجدود، يراد به حين جده الحائك، أي قطعه). فاحتمل جدد أن يكون جمعاً لجديد بكلا معنييه.
26 - ومن ذلك قولهم: (انحفظ) و(انقرأ) و(انكتب). ففي ديباجة الانفعال للإمام الصغاني أن (انحفظ وانقرأ وانكتب) مستحدث استحدثه المولدون مما لا يعتد بوجوده ولا يعبأ بكونه.
27 - ومن ذلك: (الجبهة) و(الجبين) لا يكاد الناس يفرقون بينهما. والجبهة مسجد الرجل الذي يصيبه ندب السجود، والجبينان يكتنفانها، من كل جانب جبين. كذا في أدب الكاتب.
وصاحب القاموس على التفرقة بينهما أيضاً. فقد قطع بأن الجبهة موضع السجود من الوجه أو مستوى ما بين الحاجبين إلى الناصية. وأن الجبينين حرفان مكتنفا الجبهة من جانبيهما فيما بين الحاجبين مصعداً إلى قصاص الشعر. إلى أن نقل قولاً آخر في تفسير الجبين فقال: أو حروف الجبهة ما بين الصدغين متصلاً بحذاء الناصية كله جبين. انتهى.
وفي عمدة الحفاظ في تفسير قوله تعالى: "وتله للجبين" أنه واحد الجبينين، وهما جانبا الجبهة.(1/7)
28 - ومن ذلك قولهم: هو ابن عمي (لحيح). وإنما المنقول في الصحاح وأدب الكاتب: هو ابن عمي لحاً، وهو ابن عم لح. قال في الصحاح: (ولححت عينه، بالكسر، إذا لصقت بالرمص. وهو أحد ما جاء على الأصل، مثل: ضبب البلد، بإظهار التضعيف. ومنه قولهم: هو ابن عمي لحاً، أي لاصق النسب. ونصب على الحال لأن ما قبله معرفة. ونقول في النكرة: هو ابن عم لح، بالكسر، لأنه نعت للعم. [ وكذلك المؤنث والاثنان والجمع ]. فإن لم يكن لحاً، وكان رجلاً من العشيرة قلت: (هو ابن عم الكلالة، وابن عم كلالة). هذا كلامه.
وكلالة فيه، بالرفع، صفة ابن، لا بالخفض صفة عم، بخلاف لح في مثال النكرة فإنه صفة عم، كما ذكره.
29 - ومن ذلك قولهم: وقع في الشراب (ذبانة) أو (ذبان) بضم الذال المعجمة وتشديد الموحدة، على توهم الذبانة، بالنون، واحدة الذبان، كالذبابة، بالموحدة بعد الألف، واحدة الذباب، بضم ذالهما وتخفيف بائهما.
والصواب أن يقال: وقع فيه ذبابة أو ذباب، بالباء دون النون نعم يقال: ذبان، بالكسر، في جمع ذباب، كغربان في جمع غراب. حكاه الجوهري. قال: ولا تقل: ذبانة، يعني بالكسر، على أنها واحدة، الذبان، بالكسر، بناء على أنه جنس لا جمع ذباب.
بقي شيء وهو أن من أهمل ذال الذباب فقد لحن أيضاً. وكذا من أهملها وفتح الميم من المذبة، إذ هي الآلة التي يطرد بها الذباب، من: ذببت عن فلان: طردت عنه. فتكون بالإعجام والكسر جزماً.
30 - ومن ذلك: (الكلوة) بكسر الكاف. وإنما هي الكلية أو الكلوة، بالضم فيهما. قال ابن السكيت: ولا تقل: كلوة. ومثله قال في أدب الكاتب بضبط كلوة، التي لا تقال بالكسر. وعلى ضم كلوة اقتصر صاحب القاموس.(1/8)
31 - ومن ذلك قولهم: عرق (الانسا)، بزيادة همزة. وإنما الصواب تركها. قال ابن السكيت: (وهو عرق النسا. قال: وقال الأصمعي: هو النسا، ولا تقل: عرق النسا، كما لا تقل: عرق الأكحل ولا عرق الأنجل، وإنما هو الأكحل والأنجل). كذا في الصحاح. وما في القاموس عن الزجاج: (لا تقل: عرق النسا، لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه) فمردود لأن هذه الإضافة من باب إضافة العام إلى الخاص، نحو شجر الاراك، وعلم الفقه. فإن كان المنع لمجرد ذلك فالمنع في حيز المنع. نعم إن كان لما أن ذلك غير مسموع، فافهم.
32- ومن ذلك قول بعضهم: (يا هو). فعن الشيخ أبي حيان أنه قال: وقول جهلة الصوفية في نداء الله: يا هو، ليس جارياً على كلام العرب. هذا كلامه.
وحكم كلامهم في هذا المقام أن النداء يقتضي الخطاب، فلا يكون ضمير الغيبة، وكذا ضمير التكلم، منادى. وأما ضمير الخطاب ففيه خلاف. وظاهر كلام ابن مالك أنه يجوز، فتقول: يا إياك، ويا أنت، قال: و(يا إياك) هو القياس، لأن المنادى منصوب، فلا يكون إلا من ضمائر النصب. وأما (يا أنت) فشاذ. هذا كلامه.
وقد استشهد على ما جوزه من (يا إياك) و(يا أنت) بشاهدين. إلا أن الشيخ أبا حيان قد تأولهما بما نقله الغرناطي عنه في محله من شرح الدرة الألفية.
33 - ومن ذلك: (الجعبة) بضم الجيم، لكنانة النشاب. وإنما هي بفتحها.
34 - ومن ذلك: (السداب) بضم المهملة وإهمال الدال، للبقل المعروف. وإنما هو بفتح المهملة وإعجام الدال.
35 - ومن ذلك: (البرغوث) بفتح الأول. وإنما هو بضمه.
36 - ومن ذلك: (السنبادج) بكسر الدال المهملة، للحجر الذي يجلو به الصيقل السيوف. وإنما هو بفتح الذال المعجمة.
37 - ومن ذلك: (الشيطرج) للدواء المعروف، بفتح الشين. وإنما هو بكسرها.
38 - ومن ذلك: (الصهريج) بفتح الصاد، لحوض يجتمع فيه الماء. وإنما هو بكسرها. والجمع: الصهاريج.(1/9)
وفي معرب الجواليقي أن الصهاريج كالحياض يجتمع فيها الماء. فلم يجعلها حياضاً، وهو الأظهر.
وقالوا في المفرد والجمع: صهري، بكسر الصاد أيضاً، وصهاري، فقلبوا الجيم ياء وأدغموا. وهذا كما قلب الياء جيماً من قال: خالي عويف وأبو علج أراد: وأبو علي، فقلب الياء جيماً، إلا أن المنقلب ثمة مخفف، وها هنا مشدد.
39 - ومن ذلك: (لمحه): اختلس النظر إليه. وإنما المنقول في القاموس: لمح إليه.
40 - ومن ذلك: (اتزر). ففي القاموس: (وائتزر به وتأزر [ به ] ولا تقل (اتزر). قال: (وقد جاء في بعض الأحاديث، ولعله من تحريف الرواة). انتهى.
وعلى اللغة الأولى جاء في الحديث: (وكان يباشر بعض نسائه وهي مؤتزرة في حالة الحيض). أي مشدودة الإزار.
قال صاحب النهاية: وقد جاء في بعض الروايات: وهي متزرة، وهو خطأ، لأن الهمزة لا تدغم في التاء. انتهى.
ولا يرد عليه (اتخذ) لأنه من (تخذ) لا من أخذ، وهما بمعنى.
41 - ومن ذلك: (الجبريني) في النسبة إلى جبرين كغسلين، لقرية بناحية عزاز، منها أحمد بن هبة الله النحوي المقرئ. ففي القاموس أن النسبة إليها: جبراني، على غير قياس. قال: وضبطه ابن نقطة بالفتح.
42 - ومن ذلك؟: (الجلنار) بضم الجيم واللام المشددة، لزهرة الرمان. وإنما هو بضم الجيم وفتح اللام [ المشددة ]، معرب كلنار.
43 - ومن ذلك: (اعزاز) بهمزة في أوله، لبلدة قرب حلب. وإنما هو بدونها مع فتح أوله، كطرابلس، بفتح الأول، للبلدتين: التي بالشام والتي بالمغرب، خلافاً لمن قال: إن الشامية أطرابلس، بهمزة في أوله، والمغربية بدونها.
44 - ومن ذلك: (خناصرة) بفتح الخاء، لبلدة من عمل حلب. وإنما هي بضمها.
45 - ومن ذلك: (الزمارة) بضم الزاي، لما يزمر به، كالمزمار. وإنما هي بفتحها، كجبانة.
46 - ومن ذلك: (الزنبور) بفتح الزاي، للذباب اللساع. وإنما هو بضمها.
47 - ومن ذلك: (الزعتر) بفتح الزاي، للنبت المعروف. وإنما هو سعتر أو صعتر، بالسين أو الصاد.(1/10)
48 - ومن ذلك: (القبّار): بالقاف، للأصف. وإنما هو الكبر، بالكاف وتحريك الباء.
وأفاد صاحب القاموس أن العامة تقول: كبار، بالكاف.
ومن كلام بعض المحدثين مما استعمل فيه الزعتر والقبار، ما أنشدنيه شيخنا الأديب الأريب علاء الدين أبو الحسن علي الموصلي لأديب راعى في صنعة التورية فأحسن وقال:
سألت أناساً عن ضريح ابن مالك ... فأخبرني شخص به وهو حفار
وقد كان بين الناس يدعى بزعتر ... فوا عجباً من زعتر وهو قبار
49 - ومن ذلك: (سنجة) الميزان، بضم السين. وإنما هي بفتحها، على ما في القاموس، أو بفتح الصاد.
50 - ومن ذلك: (السوكران) لنبت مخصوص. وإنما الصواب أن يقال: الشوكران، بإعجام السين. أو الشيكران، بالياء مع إعجامها، إما مع فتح الكاف أو ضمها. أو السيكران، بالياء، مع إهمالها. قال في القاموس: ووهم الجوهري.
51 - ومن ذلك: (الصبر) بسكون الباء، لعصارة شجر مر. وإنما هو الصبر، ككتف، ولا يسكن إلا في ضرورة الشعر. بنص من الفيروزآبادي، نحو: أمر من مقر وصبر وحظظ وأما الصبر، مراداً به حبس النفس، فهو ساكن الباء مطلقاً. وما ألطف ما قيل:
الصبر يوجد إن باء له كسرت ... لكنه بسكون الباء مفقود
52 - ومن ذلك: (العبيتران) بضم العين وبالمثناة، لنبات مخصوص، مسحوقه إن عجن بعسل واحتملته المرأة أسخنها وحبلها. وإنما هو العبيثران أو العيوثران، بفتح العين وبالمثلثة فيهما.
53 - ومن ذلك: (معارة) علياء. لكورة على مرحلة من حلب. وقرية قرب كفرطاب، من أعمالها. وإنما هي معرة علياء، بالراء المشددة، كمعرة النعمان.
54 - ومن ذلك: (كفرطاب) و(كفر كلببن) ونحوهما من أسماء بعض القرى، بفتح الفاء. وإنما الصواب سكونها، لأن الكفر، بسكونها، اسم القرية. وأما بفتحها فلا.
55 - ومن ذلك: قول بشر بن أبي خازم، لا الطرماح كما قال الجوهري، وغلط في ذلك بتصريح من صاحب القاموس:
وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الخيل بالركض المعار(1/11)
على رواية المعار، بضم الميم، من العارية. ففي القاموس أنه بكسرها للفرس الذي يحيد عن الطريق براكبه.
56 - ومن ذلك: (قيسارية) بكسر القاف وتشديد الياء، لبلدين إحداهما بالروم، والأخرى بفلسطين. والصواب فيهما الفتح والتخفيف.
57 - ومن ذلك: (الكنبار) بضم الكاف، لحبل ليف النارجيل. وإنما هو بكسرها.
58 - ومن ذلك: (الكور) لزق ينفخ فيه الحداد. وإنما هو الكير، بالكسر. وأما الكور فهو المبني من الطين.
59 - ومن ذلك: (ناطرون) بالنون، لقرية بالشام. والصواب فيه: ماطرون، بالميم. قال في القاموس: وذكره الجوهري في (ن ط ر)، وهو غلط.
60 - ومن ذلك: (مغرة) بضم الميم، لطين أحمر. وإنما هو بفتحها، إما مع سكون المعجمة أو مع فتحها.
61 - ومن ذلك: (النوفر) لضرب من الرياحين ينبت في المياه الراكدة. والصواب أن يقال فيه: النيلوفر أو النينوفر، بنون مفتوحة بعدها مثناة تحتية ساكنة فلام ونون مضمومتان.
62 - ومن ذلك: (الدهليز) بالفتح، لما بين الباب والدار. وإنما هو بالكسر، فهو كقنديل الذي إذا كسر صح.
63 - ومن ذلك: (إنسانة) للمرأة. قال في القاموس: والمرأة إنسان، وبالهاء عامية، وسمع في شعر كأنه مولد:
لقد كستني في الهوى ... ملابس الصب الغزل
إنسانة فتانة ... بدر الدجى منها خجل
إذا زنت عيني بها ... فبالدموع تغتسل
64 - ومن ذلك: (المزراب) في الميزاب، على ما ذكره الجواليقي من أنه لا يقال: مزراب. لكن صاحب القاموس على أنه يقال، وأن المئزاب من أزب الماء، كضرب: جرى. قال: أو هو فارسي معرب، أي بل الماء.
65 - ومن ذلك: (بغراص) بضم الموحدة وبالصاد، لبلد بلحف جبل اللكام. وإنما هي بفتح الموحدة وبالسين.
66 - ومن ذلك: (تلمسان) بكسر التاء والميم، بينهما لام ساكنة، لقاعدة مملكة بالغرب مشهورة. وإنما هي بكسر التاء واللام، وسكون الميم.(1/12)
67 - ومن ذلك: (رودس)، بكسر الدال المهملة، لجزيرة للروم تجاه الإسكندرية، على ليلة منها، غزاها معاوية، رضي الله عنه. وإنما هي بكسر الذال المعجمة.
68 - ومن ذلك: (طرسوس) بسكون الراء، لبلد إسلامي كان للأرمن ثم أعيد إلى أهل الإسلام. وإنما هي بفتحها كحلزون.
69 - ومن ذلك: (قبرص) بالصاد، لجزيرة عظيمة للروم، بها توفيت أم حرام بنت ملحان الأنصارية. وإنما هي بالسين.
70 - ومن ذلك: (بلاطنس) بالسين المهملة، لبلد صغير بالشام. وإنما هي بالمعجمة.
71 - ومن ذلك: (الدبس) بالكسر فالسكون، لما يعمل من عصير العنب كالعسل. فقد اقتصر في القاموس على أنه عسل التمر وعسل النحل.
وقال المطرزي: الدبس عصير الرطب. فاقتصر عليه.
71أ - ومن ذلك (الداحس) لقرحة أو بثرة تظهر بين الظفر واللحم فينقلع منها الظفر. وإنما هي الداحوس.
72 - ومن ذلك: (الدرباس) كقرطاس، لخشبة تجعل بين الباب والجدار لئلا يفتح. فقد اقتصر في القاموس على أنه الأسد والكلب العقور.
73 - ومن ذلك (الفلس) بالكسر، لما يباع به ويشترى. وإنما هو الفلس، بالفتح. وأما الفلس، بالكسر، فهو صنم لطيئ.
74 - ومن ذلك: الرمان (المليسي) بفتح الميم وتشديد اللام. والصواب: الإمليسي، بهمزة ولام مكسورتين، بينهما ميم ساكنة.
والإمليس، كإنكيس، وبهاء: الفلاة ليس بها نبات.
والرمان الإمليسي، قال في القاموس: كأنه منسوب إليه.
75 - ومن ذلك: (بيدق) الشطرنج، بإهمال الدال. وإنما هو بإعجامها. وهو في الأصل: الدليل في السفر، والصغير الخفيف. نص على هذين المعنيين صاحب القاموس.
قال الجواليقي: وقد تكلمت به العرب، وأنشد للفرزدق:
منعتك ميراث الملوك وتاجهم ... وأنت لدرعي بيذق في البياذق
قال الجواليقي: أي آخذ سلاح الملوك وأنت راجل تعدو بين يدي. قال: وهو بالفارسية: بيذه.(1/13)
76 - ومن ذلك: (البخنق) لثوب مخصوص ترسله المرأة وراء عنقها وظهرها. وإنما هو على ما في القاموس لأشياء أخر سوى ذلك كالخرقة التي تتقنع بها الجارية فتشد طرفيها تحت حنكها لتقي الخمار من الدهن، والدهن من الغبار، وكالبرقع والبرنس.
77 - ومن ذلك: (أخلاط) بالهمزة، لبلد بإرمينية. وإنما هو بدونها، ككتاب. قال صاحب القاموس: ولا تقل: أخلاط.
78 - ومن ذلك: (شميساط) بشين معجمة ثم مهملة، لبلد بشاطئ الفرات، منه الرئيس المحدث أبو القاسم علي الدمشقي. وواقف الخانقاه بها. وإنما هو بمهملتين.
79 - ومن ذلك: (القط) بالضم، للسنور. وإنما هو بالكسر، كجمعه: قطاط.
80 - ومن ذلك: (فقط) بفتح القاف، لبلد بصعيد مصر موقوف على العلويين من أيام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه. وإنما هو بكسرها.
81 - ومن ذلك: (اليقظة) بإسكان القاف، لنقيض النوم. وإنما هي بفتحها.
82 - ومن ذلك: (بزاعا) بالكسر والقصر، لقرية بين منبج وحلب. منها عبد القاهر البزاعي القائل:
أظنوا أنها بانوا ... وهم في القلب سكان
وإنما هي بزاعة، بالضم والتاء، كثمامة.
83 - ومن ذلك: دير (سمعان) بالفتح، لموضع بحلب، وموضع بحمص، به دفن عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه.
وإنما هو بالكسر، كحرمان.
84 - ومن ذلك: (السميذع) بضم السين، للسيد الكريم الشريف السخي الموطأ الأكناف. وإنما هو بفتحها.
قال في القاموس: السميذع، بفتح السين والميم، بعدها مثناة تحتية، ومعجمة مفتوحة، ولا تضم السين فإنه خطأ.
85 - ومن ذلك: (السقيع) بالسين، للساقط من السماء بالليل كأنه ثلج. وإنما هو بالصاد. وقد صقعت الأرض، بالضم.
86 - ومن ذلك: (الصباغ) بالضم، لما يصبغ به وإنما هو بالكسر، كالصبغ به.
87 - ومن ذلك: (اللثغة) بفتح الأول، لتحول اللسان من السين إلى الثاء، أو من الراء إلى الغين أو اللام أو الياء، أو من حرف إلى حرف، أو لأن لا يتم رفع لسانه، وفيه ثقل. وإنما هي بضمه، مثل اللكنة.(1/14)
88 - ومن ذلك: (الدقاف) بالدال، للخصام والجلاد. وإنما هو بالثاء المثلثة.
89 - ومن ذلك: (حففت) المرأة وجهها من الشعر. وإنما الصواب: حفت حفافاً، بالكسر، وحفاً: قشرته، كاحتفت.
90 - ومن ذلك: (الخطاف) بفتح الخاء، لطائر أسود. وإنما هو بضمها، كرمان.
91 - ومن ذلك: (أخفاف) في جمع الخف الذي يلبس. وإنما جمعه: خفاف ككتاب.
وأما الأخفاف فهو جمع خف البعير أو النعام. ومن أشعارهم:
ودوية قفر تمشى نعامها ... كمشي النصارى في خفاف الأرندج
أي كمشي العذارى في خفافهن المصنوعة من الأرندج. ففي البيت تشبيه مشي ذوات الأخفاف بمشي ذوات الخفاف.
والأرندج بالهمزة والراء والدال المهملة المفتوحات، وبالنون والجيم: جلد أسود.
92 - ومن ذلك: (الشنف) بالضم، للقرط الأعلى، أو للمعلاق الذي فوق الأذن، أو ما علق في أعلاها.
وأما ما علق في أسفلها فقرط.
والصواب فيه الفتح، ففي القاموس أنه بالضم لحن.
93 - ومن ذلك: (الظرف) بالضم، للكياسة. والصواب فيه الفتح. ففي القاموس: الظرف: الوعاء والكياسة، ظرف ككرم ظرفاً، وظرافة، قليلة، فهو ظريف من ظرفاء. هذا كلامه.
ووجه الضم في قول الناس: (فلان فيه لطف وظرف) قصد الازدواج. كما يقال: جبرية، بفتح الباء، إذا قيل: قدرية، للازدواج أيضاً، فيمن قال: إن تسكينها هو الصواب.
وعن بعضهم أنه لحن. والظاهر الأول.
94 - ومن ذلك: (القصف) إذا أريد به الإقامة في الأكل والشرب، في مثل قول بعض المولدين:
تبسم زهر البان عن طيب نشره ... وأقبل في حسن يجل عن الوصف
هلموا إليه بين قصف ولذة ... فإن غصون البان تصلح للقصف
والصواب: قصوف، بالقاف المضمومة والواو. قال في القاموس: وأما القصف من اللهو فغير عربي. انتهى.
وفي آخر البيتين المذكورين تورية حسنة. وما في المعنيين المعتبرين فيها للقصف معنى الكسر. يقال: قصفه يقصفه قصفاً: كسره.(1/15)
95 - ومن ذلك: حصن (كيف): للبلد الذي بين آمد وجزيرة ابن عمر. وإنما هو: حصن كيفى، بكسر الكاف والقصر كضيزى.
96 - ومن ذلك: (الشقرق) بضم الشين والقاف والراء المشددة، للأخيل المذكور في قوله:
ذريني وعلمي بالأمور وشيمتي ... فما طائري فيها عليك بأخيلا
وهو الطائر المعروف المرقط بخضرة وحمرة وبياض.
وإنما هو الشقراق، بفتح الشين أو كسرها مع تشديد الراء. ويقال فيه أيضاً: شقراق، كقرطاس. وشرقرق، كسفرجل، وغير ذلك.
97 - ومن ذلك: (الدكة) بكسر الدال، لرباط السراويل. وإنما الصواب التكة، بكسر التاء.
98 - ومن ذلك: (المصطكا) بكسر الميم، للعلك الرومي المشهور. وإنما الصواب فتحها أو ضمها. ويجوز فيه المد، ولكن مع الفتح فقط.
99 - ومن ذلك: (الثأليل) لبثر صغير معروف. وإنما هو الثؤلول، بضم المثلثة وسكون الهمزة، كزنبور.
100 - ومن ذلك: (القمل) كسكر، لقمل الناس. وإنما هو قمل، بالفتح فالسكون.
قال في القاموس: والقمل، كسكر، صغار الذر والدبا الذي لا أجنحة له، أو شيء صغير بجناح أحمر، وشيء يشبه الحلم [ لا ] يأكل أكل الجراد، خبيث الرائحة، أو دواب صغار كالقردان، واحدتها بهاء، أو قمل الناس، وهذا القول مردود. انتهى.
101 - ومن ذلك: (البرسيم) بفتح الموحدة، لنبات شبيه بالرطبة وأجل منها. وإنما هو بكسرها.
102 - ومن ذلك: (الفجل) بالكسر، لهذه الأرومة التي يقال فيها: إنها هاضمة غير منهضمة، حتى قيل في المثل: (ليت الفجل يهضم نفسه). والصواب أن يقال: الفجل، بالضم، أو بضمتين.
103 - ومن ذلك: (الحصرم) بضمتين، كهدهد، للعنب مادام أخضر. والصواب أن يقال: حصرم، بكسرتين، كزبرج.
104 - ومن ذلك: (أدنة) بتحريك المهملة، لبلد قرب طرسوس. وإنما هي بتحريك المعجمة.(1/16)
105 - ومن ذلك: عين (بازان) للأبزن الذي يأتي إليه ماء العين عند الصفا. والأبزن، مثلثة الأول: حوض يغتسل فيه، وقد يتخذ من نحاس، معرب (آب زن). وأهل مكة يقولون: بازان، لذلك الأبزن الذي عند الصفا، ويريدون (آب زن) أي الأبزن، لأنه شبه حوض كما أفاده صاحب القاموس. قال: ورأيت بعض العلماء العصريين أثبت وصحح في بعض كتبه هذا اللحن، قال: عين بازان من عيون مكة، فنبهته فتنبه.
106 - ومن ذلك: ابن (برهان) بضم الموحدة، لعبد الواحد النحوي. وإنما هو بفتحها.
وهكذا هو لأحمد بن علي بن برهان الفقيه، وهو الذي ذهب إلى أن العامي لا يلزمه التقيد بمذهب. قال صاحب القاموس: ورجحه النووي.
107 - ومن ذلك: (الحردون) بفتح الحاء المهملة، لذكر الضب، أو دويبة أخرى. وإنما هي بكسرها، إما مع إهمال الدال، أو مع إعجامها.
108 - ومن ذلك: رجل (أحسن)، على معنى الصفة المشبهة. ففي القاموس ما نصه: ولا تقل: رجل أحسن في مقابلة: امرأة حسناء. وعكسه: غلام أمرد، ولا يقال: جارية مرداء. وإنما يقال: هو الأحسن على التفضيل.
109 - ومن ذلك: (الحضن) بضم الحاء بعدها معجمة، لمجموع الصدر والعضدين وما بينهما، في قولهم: رأيت فلانة في حضن فلان. وإنما هو بكسر الحاء.
110 - ومن ذلك قولهم لبلد بأرمينية: (أرز) الروم. وإنما هو أرزن الروم بالنون. قال في القاموس: وأرزن كأحمر بلد بأرمينية يعرف بأرزن الروم، منه عبد الله بن حديد الأرزني المحدث.
111 - ومن ذلك: (الرعبون) براء مفتوحة فعين ساكنة، لما يعقد به البيع. وإنما هو العربون، بعين مضمومة فراء ساكنة، أو بفتحهما، أو غير ذلك.
112 - ومن ذلك: رجل (مفنن) لمن يأتي بالفنون، إذ لم نره في مثل القاموس، وناهيك بسعة فوائده وكثرة فرائده، وإنما فيه: رجل مفن، كمسن: يأتي بالعجائب.(1/17)
113 - ومن ذلك: (قرن) بالتحريك، لميقات أهل نجد. والصواب أن يقال: قرن، بالإسكان. وهو عند المطرزي: جبل مشرف على عرفات. وعند صاحب القاموس: قرية عند الطائف، أو اسم للوادي كله.
قال الثاني: وغلط الجوهري في تحريكه وفي نسبة أويس القرني، رضي الله عنه، إليه، لأنه منسوب إلى قرن [ بن ردمان بن ناجية بن مراد ] أحد أجداده.
وجزم الأول بأن القرن، بالتحريك: حي من اليمن، وأن نسبته إليهم. ويسمى هذا الميقات قرن المنازل، كما قال:
ألم تسأل الربع أن ينطقا ... بقرن المنازل قد أخلقا
114 - ومن ذلك: (القنينة) بفتح القاف، لما يجعل فيه الشراب. وإنما هي بكسرها، حتى يحكى أن رجلاً قال للغوي: خذ هذه القنينة، وفتح القاف، فبادر إليه قائلاً: اكسرها، أي اكسر قافها. فظن أنه يريد منه كسر القنينة نفسها، هدها من يده على الأرض فكسرها.
115 - ومثلها: (القنديل) هو بكسر القاف.
116 - ومن ذلك: (الكشنة) بالهاء، للكرسنة. وإنما هي الكشنى، بالقصر، كبشرى.
117 - ومن ذلك: (الهليون) بفتح الهاء وضم المثناة التحتية، لنبت باهي معروف. وإنما هو بكسر الهاء وفتح تلك المثناة، كبرذون.
118 - ومن ذلك: (أهيا شراهيا). والصواب أن يقال: إهيا أشر إهيا أي الأزلي الذي لم يزل. ولكن الناس يغلطون فيقولون: أهيا شراهيا. قال صاحب القاموس: وهو غلط على ما يزعمه أحبار اليهود.
119 - ومن ذلك قول جرير في مرثية عمر بن عبد العزيز:
(الشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا)
على رواية الجوهري إياه هكذا. فقد رواه صاحب القاموس بهذا اللفظ:
فالشمس كاسفة ليست بطالعة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
ثم قال: أي كاسفة لموتك تبكي أيضاً، ووهم الجوهري فغير الرواية بقوله: الشمس طالعة ليست بكاسفة وتكلف لمعناه. انتهى.(1/18)
وفي قوله: أبداً، إشعار بأن نجوم الليل بتقدير: وجود نجوم الليل، وأن تبكي وجود نجوم الليل، على حد آتيك خفوق النجم، أي وقت خفوقه. وكاسفة، على روايته، من كسفت الشمس: احتجبت.
وأما على رواية الجوهري بتقدير صحتها فهكذا: إن كان نجوم الليل منصوباً بتبكي، على أن تبكي بمعنى تغلب بالبكاء، وهو ما اختاره الجوهري حيث قال: وباكيته فبكيته، أي كنت أبكي منه، ثم أنشد البيت المذكور بلفظ: الشمس طالعة ليست بكاسفة إشارة إلى أن تبكي نجوم الليل فيه من باب بكيته، كنت أبكي منه، أي غلبته بالبكاء، وإن لم تسبق فيه صيغة المفاعلة من البكاء.
وأما إن لم يكن منصوباً بتبكي فكاسفة من كسف المتعدي لا من كسف اللازم، فقد حكي: كسف الله الشمس: حجبها. ونجوم الليل منصوب بكاسفة. والمراد أن الشمس صارت بحيث لا تكسف نجوم الليل لعدم استنارة وجهها بواسطة حزنها وكآبتها.
وعلى هذا التوجيه فقوله: تبكي عليك، معترض بين الناصب ومنصوبه.
وعلى كل تقدير ففاعل تبكي ضمير الشمس لا نجوم الليل ليشكل نصبه.
120 - ومن ذلك: (القنفد) بإهمال الدال، للحيوان الذي يسمى بالدلدل كبرثن. وإنما هو بإعجامها.
121 - ومن ذلك: (البرنص) بالصاد، لكل ثوب رأسه منه دراعة كان أو جبة. وإنما هو بالسين.
122 - ومن ذلك: (القصب) بالصاد، للتمر اليابس. وإنما هو محكي في القاموس وغيره بالسين.
والصادر وإن كانت تبدل من السين جوازاً على لغة، إنما تبدل كذلك في تلك اللغة بشرط أن تقع بعدها غين معجمة أو خاء كذلك أو طاء مهملة أو قاف، كما نبه على ذلك صاحب التسهيل فيه غير ملتفت إلى ما يقتضيه ظاهر لفظ الصحاح من أنهم كثيراً ما يقلبون الصاد سيناً إذا كان في الكلمة إحدى هذه الأحرف وبالعكس من غير تفرقة منه بين أن تكون بعد الصاد، كما في الصدغ والصماخ والصراط والصقر، أو قبلها كما في القصر مثلاً.
123 - ومن ذلك: (الخنصر) بضم الخاء والصاد، للإصبع الصغرى. وإنما المحكي، في القاموس وغيره، كسرهما.(1/19)
124 - ومن ذلك: (تادف) بالألف وإهمال الدال، لموضع على بريد من حلب، ننتسب نحن إليه لمكث بعض أجدادنا به أوان توليه القضاء بالباب. وإنما هو بالهمزة الساكنة وإعجام الذال بزنة تضرب، كما وقع في قول امرئ القيس:
ألا رب يوم صالح قد شهدته ... بتأذف ذات التل من فوق طرطرا
نعم يجوز لك فيه قياساً إبدال الهمزة ألفاً ولكن مع إعجام الذال.
124أ - ومن ذلك قولهم: هذا الفرع (يبتني على) ذاك الأصل. بالبناء للفاعل على معنى المطاوعة، مع أنه لم يحك، فيما نعلم، بنيته عليه، فابتنى على ذاك المعنى، وإنما المحكي: ابتناه بمعنى بناه.
نعم لو كان إسناد ذلك الفعل المبني للفاعل إلى مفعوله مجازاً عملياً، كإسناد اسم الفاعل إلى مفعوله في قوله تعالى: "فهو في عيشة راضية" لجاز، إلا أن يقال: لا يلزم من جواز عيشة راضية، جواز: رضيت عيشته، بالفتح، فضلاً عن جواز قولهم: هذا الفرع يبتني على ذاك الأصل، بالفتح.
ألا ترى إلى قول صاحب القاموس: وعيشة راضية: مرضية، ورضيت معيشته كعنيت، ولا يقال: رضيت، بالفتح.
هذا ولواحد أن يقول: لعل منع صحة رضيت، بالفتح. مبني على وجود مانع منها اطلع عليه صاحب القاموس، وإن كان المقتضي لها موجوداً، وهو الملابسة المعتبرة في المجاز العقلي، فلا يلزم منه منع صحة ما نحن فيه، لأنه لم يظهر لنا فيه مانع أصلاً مع أن المقتضي موجود. والأصل في المانع عدمه. وهذا كما صح في المجاز اللغوي إطلاق النخلة على الإنسان الطويل دون الطويل الذي لا يكون إنساناً لتخلف الصحة فيه بواسطة وجود المانع مع أن المقتضي لها، وهو العلاقة، موجود على ما تقرر في كلام الأصوليين حيث ذكروا مسألة في المجاز أنه لا يشترك في آحاد المجاز أن تنقل بأعيانها عن أهل اللغة، بل يكتفي بوجود العلاقة. وبالجملة فالمقام مقام تأمل فتأمل.
125 - ومن ذلك: أنت (سيدي) بكسر السين وتخفيف الياء، في موضع: أنت سيدي، بفتح السين وتشديد الياء.(1/20)
ولو ثبت عن العرب التخفيف لكان مع الفتح، كما في ميت مخفف ميت، وهين مخفف هين. لكنه لم يثبت فيما نعلم. مع أن السيد، بالتخفيف مع الكسر: هو الذئب، وربما سمي به الأسد كم قال: كالسيد ذي اللبدة المستأسد الضاري إذ اللبدة، بالكسر: هي الشعر المتراكب بين كتفيه. وفي المثل: (هو أمنع من لبدة الأسد). والمستأسد: المجترئ.
126 - ومن ذلك: (الجرزون) بتقديم الجيم على الراء، والراء على الزاي، لقضبان الكرم. وإنما هي الزرجون، بتقديم الزاي على الراء، والراء على الجيم، كحلزون. فعن الليث أنه قال: الزرجون، بلغة أهل الطائف والغور: قضبان الكرم، وأنشد:
بدلوا من منابت الشيح والإذ ... خر تيناً ويانعاً زرجونا
والزرجون أيضاً: الخمر، فارسي معرب. قال الجواليقي: وأصله زركون، أي لون الذهب. انتهى كلامه.
وتعضيد ما فهم منه من وجه التسمية ما يفهم من قول الشاعر في وصف الخمر:
كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب
127 - ومن ذلك: (المخدع) بفتح الميم والدال، للقيطون. وعلى ما في القاموس هو للخزانة التي هي مكان الخزن، كالمخزن، كمقعد. وإنما هو بضم الميم أو كسرها مع فتح الدال، على ما في القاموس قال الجواليقي: وقيطون أعجمي معرب، وهو بيت في جوف بيت، وهو المخدع بالعربية. انتهى.
128 - ومن ذلك: (المارستان) بكسر الراء. وإنما هو بفتحها، فارسي، لم يجئ في الكلام القديم، كما نص على ذلك الجواليقي.
129 - ومن ذلك قول بعض الفقهاء وغيرهم: (سواء كان كذا أو كذا). على ما في مغني اللبيب من أن الصواب العطف فيه بأم.
130 - ومن ذلك: (البداية) بالياء، خلاف النهاية. على ما في مغرب المطرزي من أنها عامية، وأن الصواب: البداءة. قال: وهي فعالة، من بدأ، كالقراءة والكلاءة، من قرأ وكلأ.(1/21)
131 - ومن ذلك قولك: (علمته) بتشديد اللام: إذا جعلته ذا علامة. والصواب أن يقال: أعلمته، بالهمزة، على ما في المغرب من الاقتصار على حكاية قولهم: أعلم القصار الثوب: إذ جعله ذا علامة.
وحكى الجوهري: أعلم القصار الثوب فهو معلم، والثوب معلم. وأعلم الفارس: جعل لنفسه علامة الشجعان [ فهو معلم ]. مقتصراً على حكاية ذلك أيضاً.
وفي هذا المقام، فقد اتفق الأنام، بعون الله الملك العلام. والحمد لله وحده، وصلى الله تعالى على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه.
وافق الفراغ من تعليق هذا التأليف المبارك منقولاً عن خط المؤلف شيخنا العلامة المحقق نهار الثلاثاء رابع شهر ذي الحجة الحرام سنة سبع وستين وتسع مائة على يد كاتبه أضعف العباد أحمد بن محمد الشهير بابن الملا الشافعي عفا الله عنه وعن والديه والمسلمين أجمعين.(1/22)