كتاب
الأمثال السائرة من شعر المتنبي
تأليف
الصاحب بن عباد
تحقيق
الدكتور جميل عبد الله عويضة
1430هـ/ 2009م
الصاحب بن عباد :
عصره :
الدولة البويهية :
بلغت الدولة البويهية التي حكمت منطقة فارس والعراق في القرنين الرابع والخامس الهجريين مبلغا عظيما من الجاه والسلطان، وخضع لنفوذها خلفاء الدولة العباسية في الفترة التي امتدت بين سنتي (334 - 447هـ = 945 – 1055م) وأطلق على هذه الفترة عصر نفوذ البويهيين؛ حيث أصبح الخليفة العباسي مجردا من كل سلطان، ليس له من رسوم الخلافة سوى الدعاء على المنابر وكتابة اسمه على السّكة، وتعيين القضاة وخطباء المساجد.
وزراء بني بويه
وكان "بنو بويه" يحبّون العلم والأدب، ويستعينون بالعلماء والكتاب والشعراء في المناصب الكبرى بدولتهم كالوزارة التي تولاها نفر من سدنة العلم وأعلام الأدب والكتابة كأبي الفضل بن العميد الذي وَلِي الوزارة لركن الدولة البويهي سنة (328هـ = 939م) وظل في منصبه ثلاثون عاما، وكان يُضرب به المثل في البلاغة والفصاحة حتى لقب بالجاحظ الثاني، وقيلت فيه العبارة السائرة: "بُدئت الكتابة بعبد الحميد وانتهت بابن العميد". والمقصود بعبد الحميد هنا هو "عبد الحميد بن يحيى" كاتب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.
وبعد وفاة أبي الفضل ابن العميد خلفه ابنه أبو الفتح في الوزارة، وكان كاتبا بليغا وسياسيا ماهرا، ويضاف إليهما الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي.
وكان هؤلاء الوزراء من أصحاب الكفايات النادرة، التي تجمع إلى جانب الفطنة والذكاء والبلاغة والفصاحة مقدرةً فذة على إدارة شئون الدولة، وتسيير أمورها، وضبط أحوالها المالية، وقيادة جيوشها في المعارك، فكان الوزير منهم يجمع في منصبه اختصاصات وزارات عدة كالخارجية والداخلية والمالية والحربية، وهو أمر لم تشهده الوزارة من قبل.
الصاحب في عصره (1) :
__________
(1) مصادر ترجمة الصاحب:
يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر 3/188 ـ 286 ، معجم الأدباء 6/168 ـ 317 ، نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، 238 ـ 240
إنباه الرواة على أنباه النحاة 1/236 ـ 238 ، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة 1/449 ـ 451 ، تاريخ ابن خلدون 4/466 ، تاريخ أبي الفداء 2/130 ، تاريخ ابن كثير 11/314 ـ 317 ، تلخيص ابن مكتوم ، ص 38 ، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان 1/228 ـ 233 ، الفهرست ، ص194، روضات الجنات ، ص 104 ـ 110 ، كشف الظنون ، ص 619 ، 901 ، 1376 ،1621 . مرآة الجنان 2/421 ـ 4424 ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ، ص 86 ـ 89 ، معاهد التنصيص 4/111ـ 136 ، النجوم الزاهرة 4/169 ـ 171، الكامل في التاريخ 7/471 ـ 472، شذرات الذهب في أخبار من ذهب3/113 ـ 116 ، المنتظم لابن الجوزي 7/179 ، نهاية الأرب 3/108 ، لسان الميزان 1/413 ، سفينة البحار ـ القمي 2/13، أعيان الشيعة ـ العاملي 12/240 ، الكنى والألقاب 2/365 ، فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 1/73/ المكتبة الشاملة ، معجم المؤلفين 2/274 / المكتبة الشاملة ، هدية العارفين 2/209(1/1)
... هو كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني .
أفرد غير واحد من رجال التأليف كتابا في ترجمته منهم:
1 - مهذب الدين محمد بن علي الحلي المزبدي المعروف بأبي طالب الخيمي له كتاب [الديوان المعمور في مدح الصاحب المذكور].
2 - الشيخ محمد علي بن الشيخ أبي طالب الزاهدي الجيلاني المولود سنه 1103هـ والمتوفى سنة 1181هـ .
3 - السيد أبو القاسم أحمد بن محمد الحسني الحسيني الاصبهاني، له كتاب [رسالة الإرشاد في أحوال الصاحب بن عباد] ألفها سنة 1259.
4 - خليل مردم بك له كتاب : الصاحب بن عباد .
5 ـ محمد حسن آل ياسين له كتاب : الصاحب بن عباد : حياته وأدبه .
6 ـ بدوي طبانة – الصاحب بن عباد الوزير الأديب العالم .
وبعد هذه الشهرة الواسعة فليس علينا إلا سرد ترجمة بسيطة هي جماع ما في هذه الكتب.
ولد الصاحب في إحدى كور فارس باصطخر ، أو بطالقان في (16 من ذي القعدة سنة 326 هـ = 14 من أكتوبر سنة 938م ) ،وأخذ العلم والأدب عن والده ، الذي كان كاتبًا ماهرًا، ولي الوزارة لركن الدولة البويهي، وقبل أن يكون وزيرا كان من أهل العلم والفضل، سمع من علماء بغداد وأصفهان والري، وروى عنه جماعة من العلماء، وعني بتربية ابنه، وتعهده بالتعليم والتثقيف؛ حتى يكون كاتبا مثله، يتصل ببلاط الملوك، ويخلفه في الوزارة.
واتصل إسماعيل بن عباد بأبي الفضل بن العميد الوزير المعروف، وتتلمذ على يديه، وتدرب على طريقته في الكتابة والقيام بأعمال الوزارة، وكان دائم الصحبة له حتى لُقِّب بالصاحب، كما تتلمذ على يد العالم الكبير أبي الحسين أحمد بن فارس، المتوفى سنة (375هـ = 985م)، وتوثقت بينهما أسباب الصلة والمودة، حتى إن ابن فارس لمّا ألّف كتابه في فقه اللغة أطلق عليه لقب تلميذه، فسماه الصاحبي، وأهداه إليه بعدما أصبح وزيرًا معروفًا.(1/2)
واتّصل بأبي الفضل العباس بن محمد النحوي الملقب بعرام، وأبي سعيد السيرافي وأبي بكر بن مقسم، والقاضي أبي بكر أحمد بن كامل بن شجرة، و عبد الله بن جعفر بن فارس ويروي عن الأخيرين.
قال السمعاني: إنه سمع الأحاديث من الاصبهانيين والبغداديين والرازيين وحدث، وكان يحث على طلب الحديث وكتابته، وروى عن ابن مردويه أنه سمع الصاحب يقول: من لم يكتب الحديث لم يجد حلاوة الاسلام.
وكان يملي الحديث على خلق كثير فكان المستملي الواحد ينضاف إليه الستة كل يبلغ صاحبه، فكتب عنه الناس الكثير الطيب منهم: القاضي عبد الجبار. والشيخ عبد القاهر الجرجاني. وأبو بكر بن المقري. والقاضي أبو الطيب الطبري. وأبو بكر بن علي الذكواني. وأبو الفضل محمد بن محمد بن إبراهيم النسوي الشافعي.
ثم شاع نبوغه في العلوم وتضلعه في فنون الأدب، واعترف به الشاهد والغائب, وأطراه الحر العاملي في (أمل الآمل) بأنه محقق متكلم عظيم الشأن جليل القدر في العلم.(1/3)
كما أن الثعالبي في (فقه اللغة) جعله أحد أئمتها الذين اعتمد عليهم في كتابه أمثال الليث، والخليل، وسيبويه، وخلف الأحمر، وثعلب، وابن الكلبي، وابن دريد، وعده الأنباري أيضا من علماء اللغة فأفرد له ترجمته في كتابه: طبقات الأدباء النحاة، وكذلك السيوطي في (بغية الوعاة) في طبقات اللغويين والنحاة، وقال ابن الجوزي في (المنتظم): كان يخالط العلماء والأدباء ويقول لهم: نحن بالنهار سلطان وبالليل إخوان، وسمع الحديث وأملى، وروى أبو الحسن علي بن محمد الطبري المعروف بكيا قال: سمعت أبا الفضل زيد بن صالح الحنفي يقول: لما عزم الصاحب إسماعيل بن عباد على الإملاء وكان حينئذ في الوزارة خرج يوما متطلسا متحنكا بزي أهل العلم فقال: قد علمتم قدمي في العلم فأقروا له بذلك. فقال: وأنا متلبس بهذا الأمر وجميع ما أنفقته من صغري إلى وقتي هذا من مال أبي وجدي، ومع هذا فلا أخلو من تبعات، أشهد الله وأشهدكم أني تائب إلى الله من كل ذنب أذنبته. واتخذ لنفسه بيتا وسماه بيت التوبة، ولبث أسبوعا على ذلك، ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحة توبته، ثم خرج فقعد للإملاء وحضر الخلق الكثير وكان المستملي الواحد ينضاف إليه ستة كل يبلغ صاحبه، فكتب الناس حتى القاضي عبد الجبار، وكان الصاحب ينفذ كل سنة إلى بغداد خمسة آلاف دينار تفرق في الفقهاء وأهل الأدب وكان لا تأخذه في الله لومة لائم].
ثقافة متنوعة :
لم يكن الصاحب كاتبا موهوبا ووزيرا قديرا فحسب، وإنما جمع إلى ذلك مشاركة في علوم كثيرة؛ فله معرفة ورواية في الحديث النبوي؛ إذ سمع الحديث من أعلامه في العراق والري وأصبهان، وترجم له الحافظ الكبير أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "ذكر أخبار أصبهان"، باعتباره محدثا لا رجل دولة، وذكر في أخباره أنه كان يناظر ويدرس ويملي الحديث.(1/4)
ووصف الصاحب بأنه كان من أفقه علماء الشيعة، وعقد له في وقت من الأوقات مجلس للإملاء وإلقاء الدرس، فاحتفل الناس لحضوره واحتشد لسماعه وجوه الأمراء وكبار العلماء، وكان ممن يكتب عنه القاضي عبد الجبار الهمذاني وأمثاله من كبار الفقهاء والمحدثين، وإلى جانب ذلك كان إماما في اللغة، متمكنا من علومها وأدواتها، يَشهد له بذلك المعجم الكبير الذي ألفه، والمعروف باسم المحيط، وقد رتب مواده اللغوية وفق ترتيب مخارج الحروف، مثلما فعل الخليل بن أحمد في معجمه العين؛ أول المعاجم العربية، وقد نشر هذا العمل الكبير في العراق.
كما وصف بأنه كان عالما بعلم النجوم ، وصحة حكمه بها (1) .
واعترافا بعلمه وأدبه ألف له غير واحد من الأعلام الأفذاذ تآليف قيمة منهم :
1 - أبو جعفر القمي ألف له كتابه [عيون أخبار الرضا]
2 - الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي كتابه [نفي التشبيه] كذا في لسان الميزان ، نقلا عن فهرست النجاشي، ويظهر من النجاشي إنه غيره ولم يسمه.
3 - الشيخ الحسن بن محمد القمي ألف له كتابه [تاريخ قم] .
4 - أبو الحسن أحمد بن فارس الرازي اللغوي كتابه [الصاحبي].
5 - القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني كتابه [التهذيب].
6 - أبو جعفر أحمد بن أبي سليمان داود الصواف المالكي، ألف للصاحب كتابه [الحجر] ووجهه إليه فقال الصاحب: ردوا الحجر من حيث جاء. ثم قبله ووصله عليه (2) .
وللصاحب آثار خالدة في العلم والأدب منها:
1 - كتاب أسماء الله وصفاته.
2 - كتاب نهج السبيل في الأصول.
3 - كتاب الإمامة في تفضيل أمير المؤمنين.
4 - كتاب الوقف والابتداء.
5 - كتاب المحيط في اللغة في عشر مجلدات (3) .
6 - كتاب الزيدية.
__________
(1) انظر فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم لابن طاووس 1/73 / المكتبة الشاملة .
(2) انظر ترجمته في الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب 1/167ـ 168
(3) كذا في معجم الأدباء ، وفي كشف الظنون : في سبع مجلدات(1/5)
7 - كتاب المعارف في التاريخ.
8 - كتاب الوزراء.
9 - كتاب القضاء والقدر.
10 - كتاب الروزنامجه. ينقل عنه الثعالبي في (يتيمة الدهر).
11 - كتاب أخبار أبي العيناء.
12 - كتاب تاريخ الملك واختلاف الدول.
13 - كتاب الزيديين.
14 - كتاب جوهرة الجمهرة لابن دريد.
15 - كتاب الاقناع في العروض.
16 - كتاب نقض العروض.
17 - كتاب ديوان رسائله في عشر مجلدات.
18 - كتاب الكافي في الرسائل وفنون الكتابة.
19 - كتاب الأعياد وفضائل النيروز.
20 - كتاب ديوان شعره.
21 - كتاب الشواهد.
22 - كتاب التذكرة.
23 - كتاب التعليل.
24 - كتاب الأنوار.
25 - كتاب الفصول المهذبة للعقول.
26 - كتاب رسالة الإبانة عن مذهب أهل العدل.
27 - كتاب في الطب.
28 - كتاب في الطب أيضا.
29 - كتاب الكشف عن مساوي شعر المتنبي . قال الثعالبي في (اليتيمة): ولما عمل الصاحب هذه الرسالة عمل القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني كتابه (الوساطة) بين المتنبي وخصومه في شعره، وقال فيه بعض أدباء نيسابور:
أيا قاضيا قد دنت كتبه وإن أصبحت داره شاحطه
كتاب (الوساطة) في حسنه لعقد معاليك كالواسطه
30 - رسالة في فضل سيدنا عبد العظيم الحسني المدفون بالري.
31 - كتاب السفينة نسبها إليه الثعالبي في تتمة اليتيمة.
32 - كتاب مفرد في ترجمة الشافعي محمد بن إدريس إمام الشافعية كما في (الكواكب الدرية) ص 263.
وذكر حسين محفوظ أنه رأى من تآليف الصاحب ما يلي:
1 - الفصول الأدبية والمراسلات العبادية، مرتبة على خمسة عشر بابا في كل باب خمسة عشر فصلا، والنسخة مؤرخة بسنة 628.
2 - رسالة في الهداية والضلالة، مخطوطة بالخط الكوفي، نسخت من نسخة المؤلف وعليها خطه.
3 - الأمثال السائرة من شعر أبي الطيب المتنبي، وهي 372 بيتا .(1/6)
والقارئ جد عليم بأن مؤلف هذه الكتب المتنوعة أحد أفذاذ العلم الذين لم يعدهم أي مقام منيع من الفنون، فهو فيلسوف متكلم فقيه محدث مؤرخ لغوي نحوي أديب كاتب شاعر، فما ظنك بمثله من نابغة جمع الشوارد، وألف بين متفرقات العلوم، وهل تجده إلا في الذروة والسنام من الفضل الظاهر، فحق له هذا الصيت الطاير. والذكر السائر مع الفلك الدائر.
كانت للصاحب مكتبة عامرة وقد نوه بها لما أرسل إليه صاحب خراسان الملك نوح بن منصور الساماني في السير يستدعيه إلى حضرته، ويرغبه في خدمته وبذل البذول السنية، فكان من جملة أعذاره قوله: ثم كيف لي بحمل أموالي مع كثرة أثقالي؟ وعندي من كتب العلم خاصة ما يحمل على أربعمائة حمل أو أكثر .
في (معجم الأدباء) قال أبو الحسن البيهقي: وأنا أقول: بيت الكتب الذي بالري دليل على ذلك بعد ما أحرقه السلطان محمود بن سبكتكين فإني طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلدات، فإن السلطان محمود لما ورد إلى الري قيل له: إن هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع فاستخرج منها كل ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه.
يظهر من كلام البيهقي هذا أن عمدة الكتب التي أحرقت هي خزانة كتب الصاحب ، وكان خازن تلك المكتبة ومتوليها أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي المقري (1) المتوفى سنة 381 هـ ، وأبو محمد عبد الله الخازن بن الحسن الاصبهاني.
وزارته ، صلاته ، مادحوه :
__________
(1) ترجمته في الوافي بالوفيات(1/7)
التحق الصاحب بن عباد بمؤيد الدولة ابن ركن الدولة البويهي أمير الري وأصفهان، وعمل له كاتبا، وظل مقدما عنده، ثم ولي له منصب الوزارة في سنة (366هـ = 976م)، وظل في الوزارة حتى وفاة مؤيد الدولة سنة (373هـ = 983م)، ثم أقره أخوه "فخر الدولة" على وزارته، وقد نجح الصاحب في إدارة شئون الدولة وتدبير أمورها على خير وجه، وجمع إلى جانب ما يتمتع به من ثقافة موفورة وعمل غزير وقدرة عالية على كتابة الرسائل الديوانية –كفاية حربية وموهبة عسكرية؛ فكان قائدا شجاعا حتى إنه فتح في خلال وزارته خمسين قلعة حصينة، وكان إداريا عظيما؛ فظلت الأنظمة الإدارية التي استحدثها تطبق في عهد من خلفه الوزراء.
وقد أَعْلَت هذه الملكات الخاصة من شأن الوزير النابه؛ فوثق به الأميران: مؤيد الدولة وأخوه فخر الدولة، وأطلقا يده في إدارة شئون البلاد التابعة لهما، وفرضت كفايته وخبرته احترام كبار رجال الدولة له، حتى قيل إن قواد بني بويه وحكامهم كانوا يقفون ببابه، ومن يُؤْذَن له في الدخول عليه يظن أنه قد بلغ الآمال وأقبلت عليه الدنيا.
وبلغ من علوّ مكانته وتأثيره في سياسة الدولة أن الأمير عضد الدولة أعظم أمراء دولة بني بويه كان يقول لجلسائه: إنه لا يحسد أحدا من الملوك إلا أخاه مؤيد الدولة؛ لتولي الصاحب بن عباد الوزارة له، وكان الأمير عضد الدولة – الذي كان يحكم العراق وما حولها – يخرج بنفسه لاستقبال الصاحب إذا قدم إليه؛ فقد خرج في سنة (370هـ = 980م) على رأس كبار رجال دولته إلى خارج مدينة بغداد لاستقبال الصاحب بن عباد وإكرامه.
قال أبو بكر الخوارزمي: الصاحب نشأ من الوزارة في حجرها، ودب ودرج من وكرها، ورضع أفاويق درها، وورثها عن آبائه كما قال أبو سعيد الرستمي في حقه:
ورث الوزارة كابرا عن كابر موصولة الاسناد بالإسناد
يروي عن العباس عباد وزارته وإسماعيل عن عباد(1/8)
وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد فقيل له: صاحب ابن العميد، ثم أطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة وبقي علما عليه، وذكر الصابي في كتاب التاجي: أنه إنما قيل له الصاحب لأنه صحب مؤيد الدولة ابن بويه منذ الصبى وسماه الصاحب فاستمر عليه هذا اللقب واشتهر به ثم سمي به كل من ولي الوزارة بعده.
إستكتبه مؤيد الدولة من 347 تقريبا إلى سنة 366 وسافر معه إلى بغداد سنة 347 حتى استوزره من سنة 366، إلى وفاة مؤيد الدولة سنة 373 ثم استوزره أخوه فخر الدولة، وسافر معه إلى الري عاصمة مملكته، ولم يؤل الصاحب جهدا في خدمة أميره وتوسيع مملكته قال الحموي: فتح الصاحب خمسين قلعة سلمها إلى فخر الدولة لم يجتمع عشر منها لأبيه ولا لأخيه.
وله أيام وزارته عطائه الجزل، وسيب يده المتدفق، وبرء المتواصل إلى العلماء والشعراء، قال الثعالبي: حدثني عون بن الحسين قال: كنت يوما في خزانة الخلع للصاحب فرأيت في ثبت حسابات كاتبها - وكان صديقي - مبلغ عمائم الخز التي صارت تلك الشتوة للعلويين والفقهاء والشعراء خاصة غير الخدم والحاشية ثمانمائة وعشرين، وكان ينفذ إلى بغداد في السنة خمسة آلاف دينار تفرق على الفقهاء والأدباء، وكانت صلاته وصدقاته وقرباته في شهر رمضان تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنة، فكان لا يدخل عليه في شهر رمضان أحد كائنا من كان فيخرج من داره إلا بعد الإفطار عنده، وكانت داره لا تخلو في كل ليلة من لياليه من ألف نفس مفطرة فيها.(1/9)
كان عهده أخصب عهد للعلم والأدب بتقريبه رجالات الفضيلة وتشويقه إياهم وتنشيطهم لنشر بضائعهم الثمينة حتى نفق سوقها، وراج أمرها، وكثر طلابها، و نبغ روادها، فكانت قلائد الدرر منها تقابل بالبدر والصرر فمدحه على فضله المتوفر. وجوده المديد الوافر خمسمائة شاعر، تجد مدائحهم مبثوثة في الدواوين والمعاجم، قال الحموي، حدث ابن بابك قال: سمعت الصاحب يقول: مدحت والعلم عند الله بمائة ألف قصيدة شعرا عربية وفارسية. وقد خلدت تلك القصائد له على صفحة الدهر ذكرا لا يبلى، وعظمة لا يخلقها مر الجديدين ومن أولئك الشعراء:
1 - أبو القاسم الزعفراني عمر بن إبراهيم العراقي ، له قصائد في الصاحب منها نونية مطلعها :
سواك يعد الغنى واقتنى ويأمره الحرص أن يخزنا
وأنت ابن عباد ن المرتجى تعد نوالك نيل المنى
2 - أبو القاسم عبد الصمد بن بابك يمدح الصاحب بقصيدة أولها :
خلعت قلائدها عن الجوزاء عذراء رقصها لعاب الماء
3 - أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف الوزير من آل بويه له قصيدة منها:
أقول وقلبي في ذراك مخيم وجسمي جنيب للصبا والجنائب
يجاذب نحو الصاحب الشوق مقودي وقد جاذبتني عنه أيدي الشواذب
4 - الوزير أبو العباس الضبي المتوفى 398 هـ ، له قصايد في مدح المترجم.
5 - الكاتب أبو القاسم علي بن القاسم القاشاني كتب إلى الصاحب بقصيدة أولها :
إذا الغيوم أرجفن باسقها وحف أرجاءها بوارقها
6 - أبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي العراقي المتوفى سنة 394 له في الصاحب قصيدة أولها:
رقى العذال أم خدع الرقيب سقت ورد الخدود من القلوب
وله فيه أرجوزة منها:
فما تحل الوزراء ما عقد بجهدهم ما قاله وما اجتهد
شتان ما بين الأسود والنقد هل يستوي البحر الخضم والثمد
أمنيتي من كل خير مستعد أن يسلم الصاحب لي طول الأبد
7 - القاضي أبو الحسن علي بن العزيز الجرجاني المتوفى سنة 392 له من قصيدة في الصاحب قوله.(1/10)
أو ما انثنيت عن الوداع بلوعة ملأت حشاك صبابة وغليلا؟!
ومدامع تجري فيحسب أن في آماقهن بنان إسماعيلا؟!
يا أيها القرم الذي بعلوه نال العلاء من الزمان السولا
قسمت يداك على الورى أرزاقها فكنوك قاسم رزقها المسئولا
وله فيه قصايد كثيرة أخرى.
8 - أبو الحسن علي بن أحمد الجوهري الجرجاني ، له قصايد كثيرة في الصاحب همزية. رائية. فائية. بائية وغيرها.
9 - أبو الفياض سعد بن أحمد الطبري، له في الصاحب قصايد منها ميمية أولها:
الدمع يعرب ما لا يعرب الكلم والدمع عدل وبعض القول متهم
10 - أبو هاشم محمد بن داود بن أحمد بن داود بن أبي تراب علي بن عيسى بن محمد البطحائي بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.المعروف بالعلوي الطبري له شعر كثير في الصاحب وللصاحب فيه كذلك.
11 - أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي له قصايد في الصاحب ومن قصيدة يمدحه:
ومن نصر التوحيد والعدل فعله وأيقظ نوام المعالي شمائله
ومن ترك الأخيار ينشد أهله أحل أيها الربع الذي خف آهله
12 - أبو سعد نصر بن يعقوب له قصيدة في الصاحب مطلعها:
أبي لي أن أبالي بالليالي وأخشى صرفها فيمن يبالي
13 - السيد أبو الحسين علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام صهر الصاحب له قصيدة تربو على الستين بيتا يمدح بها الصاحب خالية من حرف الواو، ذكر الثعالبي في يتيمة الدهر منها 20 بيتا، ومؤلف (الدرجات الرفيعة) 14 بيتا أولها.
برق ذكرت به الحبائب لما بدى فالدمع ساكب
14 - أبو عبد الله الحسين بن أحمد الشهير بابن الحجاج البغدادي المتوفى 391 هـ ، له فائية يمدح بها الصاحب أولها:
أيها السائل عني أنا في حال طريفه
وأخرى مطلعها:
ساق على حسن وجهها تلفي وسرها ما رأته العين من دنفي
وله نونية في مدحه أولها:
يا عذولي أما أنا فسبيلي إلى العنا
وحديثي من حقه في الزمان أن يدونا(1/11)
15 - أبو الحسن علي بن هارون بن المنجم له قصيدة في الصاحب يصف بها داره بقوله:
وأبوابها أثوابها من نقوشها فلا ظلم إلا حين ترخى ستورها
16 - الشيخ أبو الحسن بن أبي الحسن صاحب البريد ابن عمة الصاحب له قصيدة يصف بها دارا بناها المترجم بإصبهان وانتقل إليها:
دار على العز والتأييد مبناها وللمكارم والعلياء مغناها
17 - أبو الطيب الكاتب له في وصف دار الصاحب بإصبهان قصيدة مطلعها:
ودار ترى الدنيا عليها مدارها تحوز السماء أرضها وديارها
18 - أبو محمد ابن المنجم له رائية يصف بها دار الصاحب مستهلها:
هجرت ولم أنو الصدود ولا الهجرا ولا أضمرت نفسي الصروف ولا الغدرا
19 - أبو عيسى ابن المنجم يمدح الصاحب بقصيدة يصف داره ويقول:
هي الدار قد عم الأقاليم نورها ولو قدرت بغداد كانت تزورها
20 - أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن المعلى يصف دار الصاحب بقصيدة أولها:
بي من هواها وإن أظهرت لي جلدا وجد يذيب وشوق يصدع الكبدا
21 - أبو العلاء الأسدي يمدحه بقصيدة ويصف داره مطلعها:
واسعد بدارك إنها الخلد والعيش فيها ناعم رغد
22 - أبو الحسن الغويري له قصايد في الصاحب منها قصيدة يصف بها داره بإصبهان أولها:
دار غدت للفضل داره أفلاك أسعده مداره
23 - أبو سعيد الرستمي محمد بن محمد بن الحسن الاصبهاني مدح الصاحب بقصائد منها بائية مستهلها:
عقني بالعقيق ذاك الحبيب فالحشى حشوه الجوى والنحيب
وله من قصيدة لامية يمدح بها الصاحب قوله:
أفي الحق أن يعطى ثلاثون شاعرا ويحرم ما دون الرضا شاعر مثلي؟!
كما ألحقت واو بعمرو زيادة وضويق باسم الله في ألف الوصل
24 - أبو محمد عبد الله بن أحمد الخازن الاصبهاني له قصايد يمدح بها الصاحب أجودها قصيدة مطلعها:
هذا فؤادك نهبى بين أهواء وذاك رأيك شورى بين آراء
25 - أبو الحسن علي بن محمد البديهي وهو الذي قال فيه صاحبنا المترجم:
تقول البيت في خمسين عاما فلم لقبت نفسك بالبديهي(1/12)
له قصائد يمدح بها الصاحب منها لامية أولها:
قد أطعت الغرام فاعص العذولا ما عسى عائب الهوى أن يقولا
26 - أبو إبراهيم إسمعيل بن أحمد الشاشي العامري، له قصايد صاحبية منها بائية أولها:
سرينا إلى العليا فقيل كواكب وثرنا إلى الجلي فقيل قواضب
27 - أبو طاهر بن أبي الربيع عمرو بن ثابت له صاحبيات منها جيمية أولها:
أما لصحابي بالعذيب معرج على دمن أكنافها تتأرج
28 - أبو الفرج الحسين بن محمد بن هند وله صاحبيات منها قصيدة أولها:
لها من ضلوعي أن يشب وقودها ومن عبراتي أن تفض عقودها
29 - العميري قاضي قزوين، أهدى إلى الصاحب كتبا وكتب معها:
العميري عبد كافي الكفاة وإن اعتد في وجوه القضاة
خدم المجلس الرفيع بكتب مفعمات من حسنها مترعات
فوقع الصاحب بقوله:
قد قبلنا من الجميع كتابا ورددنا لوقتها الباقيات
لست أستغنم الكثير فطبعي قول خذ ليس مذهبي قول هات
30 - أبو الرجاء الأهوازي مدح الصاحب لما ورد الصاحب الأهواز ومن قصيدته:
إلى ابن عباد أبي القاسم الصاحب إسماعيل كافي الكفاة
وتشرب الجند هنيئا بها من بعد ماء الري ماء الفرات (1)
31 - أبو منصور أحمد بن محمد اللجيمي الدينوري له شعر يمدح به الصاحب.
32 - أبو النجم أحمد الدامغاني المعروف ب (شصت كله) المتوفى سنة 432 له قصيدة بالفارسية مدح بها الصاحب.
33 - الشريف الرضي ، مدح الصاحب بدالية سنة 375هـ ، ولم ينفذها إليه، وأخرى سنة 385 قيل وفاة الصاحب بشهر وأنفذها إليه.
34 - القاضي أبو بكر عبد الله بن محمد بن جعفر الأسكي، له شعر في الصاحب ومنه قوله:
كل بر ونوال وصله واصل منك إلى معتزله
يا بن عباد ستلقى ندما لفراق الجيرة المرتحله
__________
(1) جاء في معجم الأدباء ج 6 ص 254 (من بعد ماء الري ماء الصراة) والصواب ما أثبتناه(1/13)
35 - أبو القاسم غانم بن محمد بن أبي العلا الاصبهاني، له صاحبيات مدحا ورثاء قال الثعالبي في تتميم يتيمته: كان يساير الصاحب يوما فرسم له وصف فرس كان تحته فقال مرتجلا:
طرف تحاول شأوه ريح الصبا سفها فتعجز أن تشق غباره
بارى بشمس قميصه شمس الضحى صبغا ورض حجاره بحجاره
36 - أبو بكر محمد بن أحمد اليوسفي الزوزني له صاحبية أولها:
أطلع الله للمعالي سعودا وأعاد الزمان غضا جديدا
ومنها:
بعث الدهر جنده وبعثنا نحوه دعوة الإله جنودا
يا عميد الزمان إن الليالي كدن يتركن كل قلب عميدا
حادثات أردن إحداث هدم لعلاه فأحدثت تشييدا
وله من أخرى قوله:
سلام عليها إن عيني عندما أشارت بلحظ الطرف تخضب عندما
37 - أبو بكر يوسف بن محمد بن أحمد الجلودي الرازي له قصيدة صاحبية منها قوله:
رياض كأن الصاحب القرم جادها بأنوائه أو صاغها من طباعه
يجلي غيابات الخطوب برأيه كما صدع الصبح الدجى بشعائه
ومنها:
سحاب كيمناه وليل كبأسه وبرق كماضية وخرق كباعه
38 - أبو طالب عبد السلام بن الحسين المأموني، قال فريد وجدي في (دائرة المعارف) (1) : مدح الصاحب بقصايد فأعجبه نظمه توفي سنة 383هـ .
39 - أبو منصور الجرجاني، كتب إلى الصاحب قوله:
قل للوزير المرتجى كافي الكفاة الملتجى
إني رزقت ولدا كالصبح إذ تبلجا
لا زال في ظلك ظل المكرمات والحجى
فسمه وكنه مشرفا متوجا
فوقع الصاحب تحتها بقوله:
هنئته هنئته شمس الضحى بدر الدجا
فسمه محسنا وكنه أبا الرجا
40 - الأوسي مدح الصاحب ببائية أنشدها بين يديه فلما بلغ إلى قوله :
لما ركبت إليك مهري أنعلت بدر السماء وسمرت بكواكب
قال له الصاحب. لم أنثت المهر؟ ولم شبهت النعل بالبدر ولا يشبهه؟ ولو شبهته بالهلال لكان أحسن فإنه علي هيئته فقال: الأوسي: أما تأنيث المهر فلأني عنيت المهرة؟ وأما تشبيهي النعل ببدر السماء فلأني أردت النعل المطبقة.
__________
(1) دائرة المعارف 6/20(1/14)
41 - إبراهيم بن عبد الرحمن المعري مدح الصاحب بقصيدة منها:
قد ظهر الحق وبان الهدى لمن له عينان أو قلب
مثل ظهور الشمس في حجبها إذ رفعت عن نورها الحجب
بالملك الأعظم مستبشر شرق بلاد الله والغرب
42 - محمد بن يعقوب أحد أئمة النحو كتب إلى الصاحب كما في (دمية القصر) (1) :
قل للوزير أدام الله نعمته مستخدما لمجاري الدهر والقدر
أردت عبدا وقد أعطيته ولدا فسمه بأسم من بالعرب مفتخر
وإن وصلت له تشريف كنيت جمعت بالطول بين الروض والمطر
لا زال ظلك ممدودا ومنتشرا فإنه خير ممدود ومنتشر
هنيته ابنا يشيع الأنس في البشر هنيت مقدم هذا الصارم الذكر
43 - محمد بن علي بن عمر أحد أعيان الري قرأ على الصاحب ومدحه برائية.
والأدباء يعبرون عن المترجم وأبي إسحاق الصابي بالصادين كما وقع في قول الشيخ أحمد البربير المتوفى سنة 1226 في كتابه (الشرح الجلي) يمدح كاتبا مليحا.
لله كاتبا الذي أنا رقه وهو الذي لا زال قرة عيني
في ميم مبسمه ولام عذاره ما بات ينسخ بهجة الصادين
شعره :
للصاحب شعر جيد في المديح والوصف والغزل والإخوانيات، وقد جمع أشعاره "محمد آل ياسين"، ونشرها في النَّجف بالعراق، وسنشير هنا إلى شيء مما تفرّد به ، من ذلك أنه رحمه الله قال قصيدة معراة من الألف التي هي أكثر الحروف دخولا في المنثور والمنظوم وأولها :
قد ظل يجري صدري من ليس يعدوه فكري
وهي في مدح أهل البيت عليهم السلام في سبعين بيتا فتعجب الناس ، وتداولتها الرواة فسارت مسير الشمس في الآفاق ، فاستمر الصاحب على تلك الطريقة، وعمل قصائد كل واحدة منها خالية من حرف واحد من حروف الهجاء وبقيت عليه واحدة تكون خالية من الواو فانبرى صهره أبو الحسين علي لعملها وقال قصيدة ليست فيها واو ومدح الصاحب بها وأولها:
برق ذكرت به الحبائب لما بدا فالدمع ساكب
و كان للصاحب خاتمان نقش أحدهما هذه الكلمات:
على الله توكلت وبالخمس توسلت
ونقش الآخر:
__________
(1) دمية القصر 1/301(1/15)
شفيع إسماعيل في الآخرة محمد والعترة الطاهرة
وله أيضا إسهامات في النقد الأدبي، ققد ترك رسالة بعنوان "الكشف عن مساوئ المتنبي"، وهي لا تخلو من نظرات نقدية صائبة، وإن شابها تحامُل على الشاعر الكبير، وهي التي نقوم بتحقيقها في هذا الكتاب ، مع رسالة أخرى .
الصاحب ومذهبه :
يشير كثير من الشعر الذي نسب إلى الصاحب ـ إن صحّت نِسبته إليه ـ أنه كان من علية الشيعة الإمامية ، كما يشهد بذلك نثره، وقد نص على مذهبه هذا السيد رضي الدين ابن طاووس في كتاب (اليقين) ، وذكر المجلسي الأول أنه من أفقه فقهاء أصحابنا، واقتفى أثره ولده في مقدمات البحار، فصرح بأنه كان من الإمامية ، وعده القاضي الشهيد في مجالسه من وزراء الشيعة، ويقول الحر العاملي في أمل الآمل. إنه كان شيعيا إماميا، وعده ابن شهر آشوب في المعالم من شعراء أهل البيت المجاهرين، وقال الشهيد الثاني : من أصحابنا، و في (معاهد التنصيص): إنه كان شيعيا جلدا كآل بويه معتزليا، والشيخ المفيد فيما حكاه عنه ابن حجر في (لسان الميزان) ، ورسالته في أحوال عبد العظيم الحسني المندرجة في خاتمة (المستدرك) من جملة الشواهد أيضا، وفي (لسان الميزان) : كان الصاحب إمامي المذهب و أخطأ من زعم أنه كان معتزليا ، وقد قال عبد الجبار القاضي لما تقدم الصلاة عليه : ما أدري كيف أصلي على هذا الرافضي. وعن ابن أبي طي: إن الشيخ المفيد شهد بأن الكتاب الذي نسب إلى الصاحب في الاعتزال وضع على لسانه ونسب إليه وليس هو له.(1/16)
وهناك نقول تفيد اعتناق الصاحب مذهب الاعتزال تارة ، وتمذهبه بالشافعية أخرى، وبالحنفية طورا، وبالزيدية مرة، وقد جاء في ( لسان الميزان ) أنه كان شافعيا في الفروع ، معتزليا في الأصول ، وإن كان النص على تشيعه أكثر وأوكد ، وربما كان في تعصبه للجاحظ الذي هو من أركان المعتزلة مدعاة للقول بأنه معتزلي ، غير أنا نظن ظناً مُسامتاً لليقين أن هذا التعصب كان لأدبه لا لمذهبه ، كتعصب الشريف الرضي للصابي ، وربما لأن الصاحب كغيره من أعلام الإمامية كان يوافق المعتزلة في بعض المسائل كمسألة العدل التي تطابقت آراء الشيعة والمعتزلة فيها على مجابهة الأشاعرة في الجبر واستلزامه تجوير الحق تعالى، وإن افترقا من ناحية أخرى في باب التفويض وأمثال هذه، فقد كان يصعب على الباحث التمييز بين الفريقين فيرمى كل فريق باسم قسيمه .
ومن أبدع التناقض قول أبي حيان : إنه كان يتشيع لمذهب أبي حنيفة ومقالة الزيدية ، وقد أبان عن مذهبه في شعره ومنه قوله:
إن المحبة للوصي فريضة أعني أمير المؤمنين عليا
قد كلف الله البرية كلها واختاره للمؤمنين وليا
نوادر فيها المكارم:
1 - يحكى أن الصاحب استدعى في بعض الأيام شرابا فأحضروا قدحا فلما أراد أن يشربه قال له بعض خواصه: لا تشربه فإنه مسموم - وكان الغلام الذي ناوله واقفا - فقال للمحذر: ما الشاهد على صحة قولك؟ فقال: تجربه في الذي ناولك إياه. قال: لا أستجيز ذلك ولا استحله. قال: فجر به في دجاجة قال: التمثيل بالحيوان لا يجوز. ورد القدح وأمر بقلبه، وقال: للغلام انصرف عني ولا تدخل داري، وأمر بإقرار جارية وجرايته عليه، وقال لا يدفع اليقين بالشك، والعقوبة بقطع الرزق نذالة.
2 - كتب إليه بعض العلويين يخبره بأنه قد رزق مولودا ويسأله أن يسميه ويكنيه فوقع في رقعته:(1/17)
أسعدك الله بالفارس الجديد، والطالع السعيد، فقد والله ملأ العين قرة، و النفس مسرة مستقرة، والاسم علي ليعلي الله ذكره، والكنية أبو الحسن ليحسن الله أمره، فإني أرجو له فضل جده، وسعادة جده، وقد بعثت لتعويذه دينارا من مائة مثقال، قصدت به مقصد الفال، رجاء أن يعيش مائة عام، ويخلص خلاص الذهب الأبرز من نوب الأيام، والسلام.
3 - كتب بعض أصحاب الصاحب إليه رقعة في حاجة فوقع فيها، ولما ردت إليه لم ير فيها توقيعا، وقد تواترت الأخبار بوقوع التوقيع فيها، فعرضها على أبي العباس الضبي فم أزال يتصفحها حتى عثر بالتوقيع وهو ألف واحدة، وكان في الرقعة:
فإن رأى مولانا أن ينعم بكذا؟ فعل. فأثبت الصاحب أمام (فعل) ألفا يعني: أفعل.
4 - كتب الصاحب إلى أبي هاشم العلوي وقد أهدى إليه في طبق فضة عطرا:
العبد زارك نازلا برواقكا يستنبط الاشراق من إشراقكا
فاقبل من الطيب الذي أهديته ما يسرق العطار من أخلاقكا
والظرف يوجب أخذه مع ظرفه فأضف به طبقا إلى أطباقكا
5 - نظر أبو القاسم الزعفراني يوما إلى جميع من فيها من الخدم والحاشية عليهم الخزوز الفاخرة الملونة فاعتزل ناحية وأخذ يكتب شيئا فسأل الصاحب عنه، فقيل: إنه في مجلس كذا يكتب. فقال: علي به. فاستهل الزعفراني ريثما يكمل مكتوبه فأعجله الصاحب، وأمر بأن يؤخذ ما في يده من الدرج، فقام الزعفراني إليه وقال:أيد الله الصاحب.
اسمعه ممن قاله تزدد به عجبا فحسن الورد في أغصانه
قال: هات يا أبا القاسم. فأنشده أبياتا منها:
سواك يعد الغنى ما اقتنى ويأمره الحرص أن يخزنا
وأنت ابن عبادٍ المرتجى تعد نوالك نيل المنى
وخيرك من باسط كفه وممن ثناها قريب الجنى
غمرت الورى بصنوف الندى فأصغر ما ملكوه الغنى
وغادرت أشعرهم مفحما وأشكرهم عاجزا الكنا
أيا من عطاياه تهدي الغنى إلى راحتي من نأى أو دنا
كسوت المقيمين والزائرين كسى لم يخل مثلها ممكنا
وحاشية الدار يمشون في ضروب من الخز إلا أنا(1/18)
ولست أذكر لي جاريا على العهد يحسن أن يحسنا
فقال الصاحب قرأت في أخبار معن بن زائدة: أن رجلا قال له: احملني أيها الأمير، فأمر له بناقة وفرس وبغلة وحمار وجارية، ثم قال له: لو علمت أن الله تعالى خلق مركوبا غير هذه لحملتك عليه، وقد أمرنا لك من الخز بجبة، وقميص. ودراعة. وسراويل وعمامة. ومنديل. ومطرف. ورداء. وجورب، ولو علمنا لباسا آخر يتخذ من الخز لأعطيناكه، ثم أمر بإدخاله الخزانة، وصب تلك الخلع عليه، وتسليم ما فضل عن لبسه في الوقت إلى غلامه.
6 - كتب أبو حفص الوراق الاصبهاني إلى الصاحب: لولا أن الذكرى أطال الله بقاء مولانا الصاحب الجليل - تنفع المؤمنين: وهزة الصمصام تعين المصلتين لما ذكرت ذاكرا، ولا هززت ماضيا، ولكن ذا الحاجة لضرورته يستعجل النجح،
ويكد الجواد السمح، وحال عبد مولانا أدام الله تأييده في الحنطة مختلفة، وجرذان داره عنها منصرفة، فإن رأى أن يخلط عبده بمن أخصب رحله، ولم يشد رحله؟ فعل إن شاء الله تعالى، فوقع الصاحب فيه:
أحسنت أبا حفص قولا، وسنحسن فعلا، فبشر جرذان دارك بالخصب: و أمنها من الجدب، فالحنطة تأتيك في الأسبوع، ولست عن غيرها من النفقة بممنوع إن شاء الله تعالى.
7 - عن أبي الحسن العلوي الهمداني الشهير بالوصي إنه قال: لما توجهت تلقاء الري في سفارتي إليها من جهة السلطان فكرت في كلام ألقى به الصاحب، فلم يحضرني ما أرضاه، حين استقبلني في العسكر، وأفضى عناني إلى عنانه جرى على لساني:
(ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم). فقال: إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندوني، ثم قال: مرحبا بالرسول ابن الرسول، الوصي ابن الوصي.
8 - مرض الصاحب في الأهواز بإسهال فكان إذا قام عن الطست ترك إلى جانبه عشرة دنانير، حتى لا يتبرم به الخدم، فكانوا يودون دوام علته، ولما عوفي تصدق بنحو من خمسين ألف دينار.
9 - في (اليتيمة) عن أبي نصر ابن المرزبان إنه قال: كان الصاحب إذا شرب ماء بثلج أنشد على أثره:(1/19)
قعقعة الثلج بماء عذب تستخرج الحمد من أقصى القلب
ثم يقول: أللهم جدد اللعن على يزيد.
10 - في (معجم الأدباء) كان ابن الحضيري يحضر مجلس الصاحب بالليالي فغلبته عينه ليلة فنام وخرجت منه ريح لها صوت، فخجل وانقطع عن المجلس، فقال الصاحب: أبلغوه عني:
يا بن الحضيري لا تذهب على خجل لحادث كان مثل الناي والعود
فإنها الريح لا تسطيع تحبسها إذ لست أنت سليمان بن داود
من غرر كلام الصاحب التي تجري مجرى الأمثال
ـ من استماح البحر العذب، استخرج اللؤلؤ الرطب.
ـ من طالت يده بالمواهب، إمتدت إليه ألسنة المطالب.
ـ من كفر النعمة، استوجب النقمة.
ـ من نبت لحمه على الحرام، لم يحصده غير الحسام.
ـ من غرته أيام السلامة، حدثته ألسن الندامة.
ـ من لم يهزه يسير الإشارة، لم ينفعه كثير العبارة.
ـ رب لطائف أقوال، تنوب عن وظائف أموال.
ـ الصدر يطفح بما جمعه، وكل إناء مؤد ما أودعه.
ـ اللبيب تكفيه اللمحة، وتغنيه اللحظة عن اللفظة.
ـ الشمس قد تغيب ثم تشرق، والروض قد يذبل ثم يورق.
ـ البدر يأفل ثم يطلع، والسيف ينبو ثم يقطع.
ـ العلم بالتذاكر، والجهل بالتناكر.
ـ إذا تكرر الكلام على السمع، تقرر في القلب.
ـ الضمائر الصحاح أبلغ من الألسنة الفصاح.
ـ الشيئ يحسن في إبانه، كما أن الثمر يستطاب في أوانه.
ـ الآمال ممدودة، والعواري مردودة.
ـ الذكرى ناجعة، وكما قال الله تعالى نافعة.
ـ متن السيف لين، ولكن حده خشن، ومتن الحية ألين، ونابها أخشن
ـ عقد المنن في الرقاب لا يبلغ إلا بركوب الصعاب.
ـ بعض الحلم مذلة، وبعض الاستقامة مزلة.
ـ كتاب المرء عنوان علقه، بل عيار قدره، ولسان فضله، بل ميزان علمه.
ـ إنجاز الوعد من دلائل المجد واعتراض المطل من إمارات البخل، وتأخير الاسعاف من قرائن الأخلاف.
ـ خير البر ما صفا وضفا، وشره ما تأخر وتكدر.
ـ فراسة الكريم لا تبطي، وقيافة الشر لا تخطي.
ـ قد ينبح الكلب القمر؟ فليلقم النابح الحجر.(1/20)
ـ كم متورط في عثار رجاء أن يدرك بثار.
ـ بعض الوعد كنقع الشراب، وبعضه كلمع السراب.
ـ قد يبلغ الكلام حيث تقصر السهام.
ـ ربما كان الاقرار بالقصور أنطق من لسان الشكور.
ـ ربما كان الامساك عن الاطالة أوضح في الابانة والدلالة.
ـ لكل امرئ أمل، ولكل وقت عمل.
ـ إن نفع القول الجميل، والأنفع السيف الصقيل.
ـ شجاع ولا كعمرو، مندوب ولا كصخر.
ـ لا يذهبن عليك تفاوت ما بين الشيوخ والأحداث، والنسور والبغاث.
ـ كفران النعم عنوان النقم.
ـ جحد الصنائع داعية القوارع.
ـ تلقي الاحسان بالجحود تعريض النعم للشرود.
ـ قد يقوى الضعيف، ويصحو النزيف، ويستقيم المائد، ويستيقظ الهاجد.
ـ للصدر نفثة إذا أحرج، وللمرء بثة إذا أحوج.
ـ ما كل امرء يستجب للمراد، ويطيع يد الارتياد.
ـ قد يصلي البرئ بالقسيم، ويؤخذ البر بالأثيم.
ـ ما كل طالب حق يعطاه، ولا كل شائم مزن يسقاه.
وقد أكثر الثعالبي في ذكر أمثال هذه الكلم الحكمية في (يتيمة الدهر) و ذكرها الأمين العاملي في (أعيان الشيعة).
وفاته:(1/21)
توفي الصاحب ليلة الجمعة الرابع والعشرين من صفر سنة 385 بالري ولما توفي عطلت المدينة وأسواقها، واجتمع الناس على باب قصره، ينتظرون خروج جنازته، وحضر فخر الدولة وسائر القواد، وقد غيروا بزاتهم، فلما خرج نعشه من الباب على أكتاف حامليه للصلاة عليه قام الناس بأجمعهم إعظاما، وصاحوا صيحة واحدة، وقبلوا الأرض، وخرقوا ثيابهم، ولطموا وجوههم، وبلغوا في البكاء و النحيب عليه جهدهم، وصلى عليه أبو العباس الضبي، ومشى فخر الدولة أمام الجنازة وقعد في بيته للعزاء أياما، وبعد الصلاة عليه علق نعشه بالسلاسل في بيت إلى أن نقل إلى اصفهان فدفن في قبة هناك تعرف بباب درية (1) ، قال ابن خلكان: وهي عامرة إلى الآن وأولاد بنته يتعاهدونها بالتبييض. وقال السيد في (روضات الجنات) قلت: بل وهي عامرة إلى الآن، وكان أصابها تشعث وانهدام فأمر الإمام العلامة محمد إبراهيم الكرباسي في هذه الأيام بتجديد عمارتها، ولا يدع زيارتها مع ما به من العجز في الأسبوع والشهر والشهرين، وتدعى في زماننا بباب الطوقچي والميدان العتيق، و الناس يتبركون بزيارته، ويطلبون عند قبره الحوائج من الله تعالى.
قال الثعالبي : لما كنّى المنجمون عما يعرض عليه له في سنة موته قال الصاحب من الرجز (2) :
يا مالك الأرواح والأجسام وخالق النجوم والأحكام
مدبر الضياء والظلام لا المشترى أرجوه للانعام
ولا أخاف الضر من بهرام وإنما النجوم كالأعلام
والعلم عند الملك العلام يا رب فاحفظني من الأسقام
ووقني حوادث الأيام وهجنة الأوزار والآثام
هبني لحب المصطفى المعتام وصنوه وآله الكرام
ورثي الصاحب بقصايد كثيرة منها نونية أبي منصور أحمد بن محمد اللجيمي (من الوافر ) و منها (3) :
أكافينا العظيم إذا وردنا ومولانا الجسيم إذا فقدنا
__________
(1) بفتح الدال المهملة وكسر الراء كذا ضبطت في أعيان الشيعة، وفي يتيمة الدهر 4/409 بالذال المجمعة .
(2) يتيمة الدهر 3/278
(3) يتيمة الدهر 4/409(1/22)
أردنا منك ما أبت الليالي فأبطل ما أرادت ما أردنا
شققت عليك جيبي غير راض به لك فاتخذت الوجد خدنا
ولو أني قتلت عليك نفسي لكان إلى قضاء الحق أدنى
أفدنا شرح أمر فيه لبس فإنا صائبا كنا استفدنا
ألم تلك منصفا عدلا؟ فأني عمرت حفيرة وقلبت مدنا
وكيف تركت هذا الخلق حالت خلائقهم فليس كما عهدنا؟!
تملكنا اللئام وصيرونا عبيدا بعد ما كنا عبدنا
لئن بلغت رزيته قلوبا فذبن أو أعينا منا فجدنا
لما بلغت حقائقها ولكن على الأيام نعرف من فقدنا
وله في رثائه من قصيدة ( من الطويل ) (1) :
مضى من إذا ما أعوز العلم والندى أصيبا جميعا من يديه وفيه
مضى من إذا أفكرت في الخلق كلهم رجعت ولم أظفر له بشبيه
ثوى الجود والكافي معا في حفيرة ليأنس كل منهما بأخيه
هما اصطحبا حيين ثم تعانقا ضجيعين في قبر بباب ذريه
وقد يعزى بعض هذه الأبيات إلى أبي القاسم بن أبي العلاء الاصبهاني مع حكاية طيف عنه.
ومنها نونية أبي القاسم بن أبي العلاء الاصبهاني ( من البسيط ) (2) منها :
يا كافي الملك ما وفيت حظك من وصف وإن طال تمجيد وتأبين
فقت الصفات فما يرثيك من أحد إلا وتزيينه إياك تهجين
ما مت وحدك لكن مات من ولدت حواء طرا بل الدنيا بل الدين
هذي نواعي العلا مذ مت نادبة من بعد ما ندبتك الخرد العين
تبكي عليك العطايا والصلات كما تبكي عليك الرعايا والسلاطين
قام السعاة وكان الخوف أقعدهم فاستيقظوا بعد ما مات الملاعين
لا يعجب الناس منهم إن هم انتشروا مضى سليمان وانحل الشياطين
ومنها دالية أبي الفرج بن ميسرة ( من الوافر ) (3) منها :
ولو قبل الفداء لكان يفدى وإن حل المصاب على التفادي
ولكن المنون لها عيون تكد لحاظها في الانتقاد
فقل للدهر: أنت أصبت فالبس برغمك دوننا ثوبي حداد
إذا قدمت خاتمة الرزايا فقد عرضت سوقك للكساد
__________
(1) يتيمة الدهر 4/409
(2) يتيمة الدهر 3/280
(3) يتيمة الدهر 3/280(1/23)
ومنها دالية لأبي سعيد الرستمي ( من الطويل ) منها (1) :
أبعد ابن عباس يهش إلى السرى أخو أمل أو يستماح جواد؟!
أبى الله إلا أن يموتا بموته فما لهما حتى المعاد معاد
ومنها لأمية أبي الفياض سعيد بن أحمد الطبري (2) ( من الوافر ) ومنها :
خليلي كيف يقبلك المقيل؟ ودهرك لا يَقيل ولا يُقيل
ينادي كل يوم في بنيه ألا هبوا فقد جد الرحيل
كأن مثال من يفنى ويبقى رعيل سوف يتلوه رعيل
فهم ركب وليس لهم ركاب وهم سفر وليس لهم قفول
حياتي بعده موت وحي وعيشي بعده سم قتول
عليك صلاة ربك كل حين تهب بها من الخلد القبول
ومنها ميمية أبي القاسم غانم بن محمد بن أبي العلا الاصبهاني يقول فيها (3) :
مضى نجل عباد المرتجى فمات جميع بني آدم
أوارى بقبرك أهل الزمان فيرجح قبرك بالعالم
وله من قصيدة أخرى في رثاء الصاحب يقول فيها (4) :
هي نفس فرقتها زفراتي ودماء أرقتها عبراتي
لشباب عذب المشارع ماض ومشيب جذب المراتع آت
زمن أذرت الجفون عليه من شؤوني ما كان ذوب حياتي
تتلاقى من ذكره في ضلوعي ودموعي مصايف ومشاتي
بل ندى الصاحب الجليل أبي القاسم نجل الأمير كافي الكفاة
تتبارى كلتا يديه عطايا ومنايا حتما لعاف وعات
ومنها تائية رثاه بها صهره السيد أبو الحسن علي بن الحسين الحسني ومنها (5) .
ألا إنها أيدي المكارم شلت ونفس المعالي إثر فقدك سُلَّت
حرام على الظلماء إن هي قُوضت وحَجر على شمس الضحى إن تجلت
لتبك على كافي الكفاة مآثر تباهي النجوم الزهر في حيث حلت
لقد فدحت فيه الرزايا وأوجعت كما عظمت منه العطايا وجلت
ألا هل أتى الآفاق آيةُ غُمة أطلت؟! ونُعمي أي دهر تولت؟!
وهل تعلم الغبراء ماذا تضمنت وأعواد ذاك النعش ماذا أقلت؟!
__________
(1) يتيمة الدهر 3/280
(2) وهي قصيد تزيد على الأربعين بيتا ، انظر : يتيمة الدهر 3/280 ـ 282 ،
(3) تتمة يتيمة الدهر ، ص 139 ـ 140
(4) تتمة يتيمة الدهر ، ص 140
(5) معجم الأدباء 6/263 ـ 264(1/24)
فلا أبصرت عيني تهلل بارق يحاكي ندى كفيك إلا استهلت
ولو قبلت أرواحنا عنك فدية لجدنا بها عند الفداء وقلت
وقال أبو الحسن محمد بن الحسين الحسني ، المعروف بالوصي الهمداني في رثائه (1) ( من مجزوء الكامل ) :
مات الموالي والمحب لأهل بيت أبي تراب
قد كان كالجبل المنيع لهم فصار مع التراب
وله في رثائه أيضاً ( من الكامل ) (2) :
نوم العيون على الجفون حرام ودموعهن مع الدماء سجام
تبكي الوزير سليل عباد العلا والدين والقرآن والاسلام
تبكيه مكة والمشاعر كلها وحجيجها والنسك والإحرام
تبكيه طيبة والرسول ومن بها وعقيقها والسهل والأعلام
كافي الكفاة قضى حميدا نحبه ذاك الإمام السيد الضرغام
مات المعالي والعلوم بموته فعلى المعالي والعلوم سلام
ورثاه الشريف الرضي بقصيدة لامية شرحها أبو الفتح عثمان بن جني المتوفى 392هـ في مجلد واحد (3) أولها ) من الكامل ) :
أَكَذا المَنونُ تُقَنطِرُ الأَبطالا أَكَذا الزَمانُ يُضَعضِعُ الأَجيالا
أَكَذا تُصابُ الأُسدُ وَهيَ مُذِلَّةٌ تَحمي الشُبولَ وَتَمنَعُ الأَغيالا
أَكَذا تُقامُ عَنِ الفَرائِسِ بَعدَما مَلَأَت هَماهِمُها الوَرى أَوجالا
أَكَذا تُحَطُّ الزاهِراتُ عَنِ العُلى مِن بَعدِ ما شَأَتِ العُيونَ مَنالا
ومر أبو العباس الضبي بباب الصاحب بعد وفاته فقال ( من الخفيف ) (4) :
أيها الباب لم علاك اكتئاب؟! أين ذاك الحجاب والحجاب؟!
أين من كان يفزع الدهر منه؟! فهو اليوم في التراب تراب
__________
(1) يتيمة الدهر3/286
(2) يتيمة الدهر3/286
(3) انظر معجم الأدباء 12/112 ، ولنشر القصيدة في ديوان الشريف وفي غير واحد من أمات الكتب نكتفي بذكر ما ذكرناه منها ، وتبلغ أبياتها [ 112 ] بيتا .
(4) يتيمة الدهر 3/285 ـ 286(1/25)
ولأبي حيان التوحيدي المتوفى سنة 380 هـ رسالة [مثالب الوزيرين] (1) ألفها في تعيير المترجم الصاحب وأبي الفضل ابن العميد وقد سلب عنهما مالهما من المآثر والفضائل، وبالغ في التعصب عليهما، وجاء بأمر خداج، وأتى بمنكر من قول وزور، وفاحشة مبينة، وما أنصف وما أبر بإجماع المؤرخين.
بسم الله الرحمن الرحيم
... قال الصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد رحمه الله تعالى : الحمد لله الذي ضرب الأمثال للناس ، [ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ] (2) ، وصلى الله على أفصح العرب ، وسرّ عبد المطلب ، صلى الله عليه وعلى آله أخيار الأمم ، وأنوار الظلم ، كم مثل ضرب فيه الحجة البالغة ، والحكمة الواضحة ، ثم إنّ الله تعالى قد أحيا بالأمير السيد شاهنشاه فخر الدولة ، وملِك الأمة ، أطال الله بقاءه ، ونصر لواءه ، دائر العلوم والآداب ، وأقام برأيه ورايته أسواقهما ، وإنْ كانت في يد الكساد ، بل الذهاب ، فهو يقدِّم على المعرفة ، ويقرّب على التَّبصرة ، لا كالملوك الذين يُقال لهم :
/ ... دَعِ المَكارِمَ لا تَنهض لِبُغيَتِها وَاِقعُد فَإِنَّكَ أَنتَ الطاعِمُ الكاسي (3) 2ب
__________
(1) نشرت في [الامتاع والمؤانسة] ص 53 - 67
(2) البقرة 26
(3) من البسيط ، للحطيئة ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وفيه : لا ترحل لبغيتها .(1/26)
ومِن نعم الله تعالى عليه ، أدام الله تعالى النِعَم لديه أنَّ الله قرن ألفاظه بفصل المقال ، ووشح كلامه بضرب الأمثال ، وسمعته أعزّ الله نصره يتمثّل كثيرا بفصوص من شعر المتنبي ، هي لب اللب ، يضع فيها الهناء موضع النقب ، وهذا الشاعر مع تميّزه وبراعته وتبريزه في صناعته ، له في الأمثال خصوصا مذهب سبق به أمثاله ، فأمليت ما صدر عن ديوانه من مثل واقع في فنّه ، بارع في معناه ولفظه ؛ ليكون تذكرة في المجلس العالي ، تلحظها العين العالية ، وتصيبها الأذن الواعية ، ثم إنْ أمرَ أعلى الله أمره أمليت بمشيئة الله ما وقع في الأمثال من شعر جاهل أو مخضرم أو إسلامي ، فما أجد من عمل في ذلك من الأدباء كتابا مُقنِعاً ، أو جمعا مُشبعاً ، قرن الله السعادة بأيامه ، والمناجح بأعلامه ، إنَّه فعَّالٌ لما يريد .
قال المتنبي (1) :
... فَعُد بِها لا عَدِمتُها أَبَداً ... خَيرُ صِلاتِ الكَريمِ أَعوَدُها (2)
/ ... صَبراً بَني إِسحاقَ عَنهُ تَكَرُّماً إِنَّ العَظيمَ عَلى العَظيمِ صَبورُ (3) 3أ
... يَمَّمتُ شاسِعَ دارِهِم عَن نِيَّةٍ إِنَّ المُحِبَّ عَلى البِعادِ يَزورُ (4)
... فَمَوتي في الوَغى أَرَبي لِأَنّي رَأَيتُ العَيشَ في أَرَبِ النُفوسِ (5)
__________
(1) شرح الأبيات من التبيان في شرح الديوان المنسوب خطأً لأبي البقاء العكبري ،وهوفي الحقيقة لعلي بن عدلان الموصلي ، وتوثيق الأبيات من الديوان طبعة دار الكتب العلمية
(2) من المنسرح ، ديوانه 1/53
أعودها : أكثرها عودا
(3) من الكامل ، ديوانه 1/117
على العظيم : أي على الأمر العظيم ، وروى ابن جني عن العظيم : أي عن الرجل العظيم .
(4) من الكامل ، ديوانه 1/118
عن نية : أي عن قصد ، أو النية بمعنى النوى ، أي البعد ، يقول : قصدت ديارهم البعيدة لحبي إياهم ؛ لأن المحب يزور حبيبه ، وإن شطت به النوى .
(5) من الوافر ، ديوانه 1/99
الأرب : الحاجة ، يقول : إذا قُتلت في الوغى ـ الحرب ـ فذلك هو حياتي ، لأن حقيقة الحياة ما يكون فيما تشتهيه النفس ، وأنا أشتهي أن أموت محاربا ، وإذا أدركت ما أشتهي ؛ فكأني حييت .(1/27)
... أَهوِن بِطولِ الثَواءِ وَالتَلَفِ وَالسِجنِ وَالقَيدِ يا أَبا دُلَفِ (1)
... لَو كانَ سُكنايَ فيكَ مَنقَصَةً لَم يَكُنِ الدُرُّ ساكِنَ الصَدَفِ (2)
... غَيرَ اِختِيارٍ قَبِلتُ بِرَّكَ بي وَالجوعُ يُرضي الأُسودَ بِالجِيَفِ (3)
... إِذا قيلَ رِفقاً قالَ لِلحِلمِ مَوضِعٌ وَحِلمُ الفَتى في غَيرِ مَوضِعِهِ جَهلُ (4)
... يَفنى الكَلامُ وَلا يُحيطُ بِوَصفِكُم أَيُحيطُ ما يَفنى بِما لا يَنفَدُ (5)
... يَفدي بَنيكَ عُبَيدَ اللَهِ حاسِدُهُم بِجَبهَةِ العيرِ يُفدى حافِرُ الفَرَس (6)
... خَيرُ الطُيورِ عَلى القُصورِ وَشَرُّها يَأوي الخَرابَ وَيَسكُنُ الناوّسا (7)
__________
(1) من المنسرح ، ديوانه 1/95
أهون بكذا : أي ما أهونه ، صيغة تعجب ، والثواء : الإقامة ، يريد مقامه في السجن ، يقول : ما أهون هذه الأشياء ! ، أي أنني وطّنت نفسي عليها ، ومَن وطّن نفسه على شيء هان عليه ، وإنْ اشتد ؛ ولأنه شجاع ، قوي القلب صبور ، لا يهوله ذلك
(2) من المنسرح 1/96
كان أبو دلف قد أهدى للمتنبي وهو في السجن هدية ، فهو يقول : قبلت برّك بي اضطراراً لا اختياراً ؛ لاحتياجي إليه ، كالأسد يرضى بأكل الجِيّف إذا لم يجد غيرها لحما .
(3) من المنسرح ، ديوانه 1/96
السكنى : بمعنى السكون ، يقول : لو كان نزولي فيك يُلحق بي نقصا ، لما كان الدر على شرف قدره ساكنا في الصدف الذي لا قيمة ولا قدْر له ، شبَّه نفسه في السجن بالدُّر في الصدف .
(4) من الطويل ، ديوانه 1/89
يقول : إذا طُلِب إليه الرفق بالأقران ، وقيل له ارفق رفقا ، قال : إنّ موضع الحلم غير الحرب ، يعني أنّ الرفق والحلم إنما يكونان في السلم ، أما الحرب فلا رفق فيها ، والمتحلم فيها جاهل أحمق ، يضع الشيء في غير موضعه .
(5) من الكامل ، ديوانه 1/94
ينفد : يفنى .
(6) من البسيط ، ديوانه 1/68
(7) من الكامل ، ديوانه 1/104
الناووس والناؤوس مقبرة النصارى والمجوس ، دخيل ، ويُطلق على حجر منقور تُجعل فيه جثّة الميت ، وهذا مثل ، يقول : خيرالشعر ما يُمدح به الملوك كالطيور النفيسة ، مثل البزاة ، تطير إلى قصور الملوك ، وشرّ الشعر ما يُمدح به اللئام والأرذال يعني : أنت خير الناس ، وكلامي خير الكلام ، فأنت أولى به .(1/28)
... وَما الكَرَمُُ الطَريفُ وَإِن تَقَوّى بِمُنتَصِفٍ مِنَ الكَرَمِ التِلادِ (1)
... وإِنَّ الجُرحَ يَنفِرُ بَعدَ حينٍ إِذا كانَ البِناءُ عَلى فَسادِ (2)
... يَجني الغِنى لِلِّئامِ لَو عَقَلوا ما لَيسَ يَجني عَلَيهِمِ العَدَمُ (3)
... هُمُ لِأَموالِهِم وَلَسنَ لَهُم وَالعارُ يَبقى وَالجُرحُ يَلتئِمُ (4)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 1/132 ، وفيه : وما الغضب الطريف
الطريف : المستحدث ، وانتصف منه : استوفى حقّه ، والتلاد : القديم ، يقول : إنّ الغضب الحادث وإنْ كان قويا نزاعا إلى الانتقام ، لا يغلب الكرم القديم الذي يقتضي العفو والصفح ، فلا ينتصف منه باستيفاء حق الانتقام
(2) من الوافر ، ديوانه 1/132 ، وفيه : فإن الجرح
نفر الجرح : هاج وورم بعد البرء ، وقوله : إذا كان البناء على فساد أي إذا نبت اللحم على ظاهره ، وله غور فاسد ، يقول : إنهم يطوون العداوة في أنفسهم حتى تمكّنهم الفرصة
(3) من المنسرح ، ديوانه 1/137
اللئيم : الدنيء الأصل ، الشحيح النفس ، نقيض الكريم ، والعدم بفتح العين والدال ، وبضم العين وسكون الدال ، وبضمها الفقر وقلة المال ، ويجني لهم : يكسب لهم المذمّة ، يقول : لؤم الغني يكسبه المذمة لو كان عاقلا ن ولو كان فقيرا لسقط عنه الذم ، لأن فقره يقطعه عنه ، ولا يُظهر لؤمه ؛ لأنه يُقصد ، والغني يتصل به الأطماع ، واللؤم يمنعه من تحقيقها ، فيتوجه عليه الذم .
(4) من المنسرح ، ديوانه 1/138 ، والذي كتب في المخطوطة : والجرح يبقى ، والعار ملتئم ، وما أثبتناه من الديوان .
التأم الجرح : التحم ، يقول : إن اللئام مملوكون لأموالهم ، لأنهم يتعبون في سبيل حفظها ، وجمعها ، ومنعها ، وهي كأنها تشير عليهم بأن يصونوها ، ولا يبذلونها ، فيطيعونها ، وهم لا يملكونها ، لأنهم ليست لهم قدرة على البذل لها ، ولا أن يكسبوا بها محمدة في الدنيا ، أو أجرا ومثوبة في العقبى ، فضلاً عن أنها صائرة إلى الورثة ، ثم قال : إنّ العار أبقى من الجرح ؛ لأن جرح السيف يبرأ ويلتئم ، أما جرح العار فإنه يبقى ، ولا يزول عن صاحبه .(1/29)
... وَدَهرٌ ناسُهُ ناسٌ صِغارٌ وَإِن كانَت لَهُم جُثَثٌ ضِخامُ (1)
/ ... وَما أَنا مِنهُمُ بِالعَيشِ فيهِم وَلَكِن مَعدِنُ الذَهَبِ الرَغامُ (2) 3ب
... خَيلُكَ أَنتَ لا مَن قُلتَ خِلّي وَإِن كَثُرَ التَجَمُّلُ وَالكَلامُ (3)
... وَلَو حيزَ الحِفاظُ بِغَيرِ عَقلٍ تَجَنَّبَ عُنقَ صَيقَلِهِ الحُسامُ (4)
... وَشِبهُ الشَيءِ مُنجَذِبٌ إِلَيهِ وَأَشبَهُنا بِدُنيانا الطِغامُ (5)
... وَلَو لَم يَرعَ إِلّا مُستَحِقٌّ ... ... لِرُتبَتِهِ أَسامَهُمُ المُسامُ (6)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 1/144
يقول : إنهم صغار الهمم ، وإن كانوا ضخام الأبدان .
(2) من الوافر ، ديوانه 1/144 ، والذي كتب في المخطوطة : والعيش فيهم ، وما أثبتناه من الديوان .
الرغام : التراب ، يقول : لست من هؤلاء الذين ذكرتهم ، وإن عشت فيما بينهم ، مثلي في ذلك مثل الذهب الذي معدنه التراب ، ثم لا يُعد بكونه فيه منه .
(3) من الوافر ، ديوانه 1/145
يقول : لا صديق لأحد على الحقيقة إلاّ نفسه ، وليس مَنْ تقول هو خليلي خليلا لك ، وإن كثر تملقه ، ولان لك قوله .
(4) من الوافر ، ديوانه 1/145
الحفاظ : المحافظة على الحقوق ، ورعي الذمام ، والصقيل : الذي يعمل السيوف ، والحسام : السيف القاطع ، يقول : لو كان بالإمكان أن يُحافِظ على الوفاء ، وعلى الذمام ما لا عقل له ؛ لكان السيف إذا ضرب به عنق الصقيل الذي صقله لا يقطعه ، يعني أنهم لا عقول لهم ، ولذلك ليس لهم حِفاظ .
(5) من الوافر ، ديوانه 1/145
الطغام : رذال الناس وغوغاؤهم ، يقول : إنّ الشيء يميل إلى شبهه ، والدنيا خسيسة ، فلذلك ألفت الخسائس ؛ لأنهم أشباهها في اللؤم والخسة ، والشكل إلى الشكل أميل .
(6) من الوافر ، ديوانه 1/145
يرعى : أي يكون راعيا ، وسامت الماشية : إذا رعت ، وهي سائمة ، وأسامها صاحبها ، ويريد بالمسام هنا الرعية ، والضمير في أسامهم لقوله ملوك في أول القصيدة ، يقول : لو كانت الامارة بالاستحقاق لوجب أن يكون أولئك الملوك رعية ، ورعيتهم ملوكا يسوسونهم ؛ لأنهم أحق منهم بالملك ، وقال ابن فورجّة : المسام : المال المرسل في مراعيه ، يقول : هؤلاء شرّ من البهائم ، فلو كانت الولاية بالاستحقاق لكان الراعي لهم البهائم ؛ لأنها أشرف منهم ، وأعقل .(1/30)
... وَلَو لَم يَعلُ إِلّا ذو مَحَلٍّ تَعالى الجَيشُ وَاِنحَطَّ القَتامُ (1)
... وَمَن خَبَرَ الغَواني فَالغَواني ضِياءٌ في بَواطِنِهِ ظَلامُ (2)
... وَما كُلٌّ بِمَعذورٍ بِبُخلٍ وَلا كُلٌّ عَلى بُخلٍ يُلامُ (3)
... وَما الفِضَّةُ البَيضاءُ وَالتِبرُ واحِدٌ نَفوعانِ لِلمُكدي وَبَينَهُما صَرفُ (4)
... وَزارَكَ بي دونَ المُلوكِ تَحَرُّجي إِذا عَنَّ بَحرٌ لَم يَجُز لي التَيَمُّمُ (5)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 1/145
ذو محل : أي ذو منزلة رفيعة ، والقتام : الغبار ، يقول : إنّ علوّهم في الدنيا لا يدلّ على محلّهم ، واستحقاقهم ، ولو كان كذلك لما ارتفع الغبار فوق الجيش .
(2) من الوافر ، ديوانه 1/145
الغواني : جمع غانية ، وهي التي غنيت بحسنها عن التجمّل ، يقول : مَنْ جرّب الغواني فالغواني ضياء في الظاهر ، ظلام في الباطن ، يريد أنهنّ يُتعبْن مَنْ يصبو إليهن ، ويُعلِّق قلبه بحبهن .
(3) من الوافر ، ديوانه 1/146
ليس كل أحد يُعذر إذا بخل ؛ لأن الواجد الغني لا عذر له في البخل والمنع ، وليس كل أحد يُلام على البخل ، فإن المعسر المحتاج إلى ما في يده ، لا يلام في بخله .
ووجه آخر : وهو أن الذي لا يُعذر في بخله مَنْ ولدته الكرام ، والذي لا يلام على بخله مَن كان آباؤه لئاما بخلاء ، لم يتعلم غير البخل ولم ير في آبائه الجود والكرم ، فكيف يكون كريما ؟
(4) من الطويل ، ديوانه 1/ 152 ، وفيه : ولا الفضة .
نفوعان : أي هما نفوعان ، والمكدي : الفقير الذي لا خير عنده ، والمراد بينهما تفاوت ، يقول : ليس الذهب والفضة سواء ، وإن اجتمعا في المنفعة ، وكذلك الفرق بينك وبينهم .
(5) من الطويل ، ديوانه 1/161
التحرج : تجنب الحرج ، وهو الاثم ، يقول : تحرجي هو أن أقصد غيرك من الملوك مع إمكان قصدك ، حملني على ايثارك بالزيارة ، واختصاصك بها دونهم ، ثم ضرب له المثل بالبحر ، وللملوك بالتراب ، وإذا حضر الماء بطل التيمم . والباء في قوله : وزارك بي للتعدية ، تقول : زرتك بزيد ، وزرتك زيدا ، وأزرت زيدا إياك .(1/31)
... وَلِكُلِّ عَينٍ قُرَّةٌ في قُربِهِ حَتّى كَأَنَّ مَغيبَهُ الأَقذاءُ (1)
... وَلَكِنَّ حُبّاً خامَرَ القَلبَ في الصِبا يَزيدُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَيَشتَدُّ (2)
/ ... وَأَصبَحَ شِعري مِنهُما في مَكانِهِ وَفي عُنُقِ الحَسناءِ يُستَحسَنُ العِقدُ (3) 4أ
... في سَعَةِ الخافِقَينِ مُضطَرَبٌ وَفي بِلادٍ مِن أُختِها بَدَلُ (4)
... أَبلَغُ ما يُطلَبُ النَجاحُ بِهِ الـ طَبعُ وَعِندَ التَعَمُّقِ الزَلَلُ (5)
... وَمَن يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ يَجِد مُرّاً بِهِ الماءَ الزُلالا (6)
__________
(1) من الكامل ، ديوانه 1/171
قرة العين : كناية عن السرور ، قرّت عينه : بردت ، ودمع الفرح بارد ، والأقذاء جمع قذىً ، وهو ما يقع في العين والشراب من ترابٍ ونحوه ، والمغيب : الغيبة ، يقول : كلّ عين تُسرُّ برؤيته وقربه ، وتتأذّى بغيبته ، فكأنها تقذى إذا غاب فلم تره ، فكأن غيبته قذى للعيون .
(2) من الطويل ، ديوانه 1/251
هذا كالاعتذار عن حبه إياهن بعدما أبان عن مساوئ أخلاقهن ، يقول : ولكنَ حباً خالط قلبه في زمن الصبا ، واستمرت مرارته حتى ألفه ، وصار كأنه من طبعه ، من شأنه أن يزداد ويشتد على كرّ الغداة ، ومر العشي .
(3) من الطويل ، ديوانه 1/253
يقول : وأصبح شعري من علي وابنه في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه ، لأنهما أهل لأن يُمدحا به ، فزاد حسنه ، كما أنّ العقد يزداد حسنه إذا وضع في عنق الحسناء .
(4) من المنسرح ، ديوانه 1/180
الخافقان : المشرق والمغرب ، المضطرب : موضع الاضطراب ، وهو الذهاب والمجيء ، يقول : الأرض واسعة ، والبلاد كثيرة فإذا لم يطب لي موضع ، فلي عنه بدل .
(5) من المنسرح ، ديوانه 1/182
التعمّق : بلوغ عمق الشيء ، وهو أقصاه ، يريد المبالغة ، ومجاوزة الحد ، يقول : إنّ النجاح في الأمور مقرون بما يفعله الإنسان ، حسب مقتضى طبعه ، وحين يرسل نفسه على سجيتها ، فإذا تكلف وبالغ وتعمَّق زلّ فأخطأ .
(6) من الوافر ، ديوانه 1/186
الزلال : العذب ، الصافي الذي يزلّ في الحلق ، وهذا مثل ضربه ، يقول : مثلهم معي كمثل المريض مع الماء الزلال ، ويجده مرّاً لمرارة فمه ، كذلك هؤلاء ، إنما يذمونني لنقصانهم ، وغبائهم ، وعدم إدراكهم فضلي وشعري ، فالنقص فيهم لا فيَّ ، ولو صحت حواسهم لعرفوا فضلي .(1/32)
... ما كُلُّ مَن طَلَبَ المَعالِيَ نافِذاً فيها وَلا كُلُّ الرِجالِ فُحولا (1)
... الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا (2)
... وَأَرَى المُشيرَ عَلَيكَ فيَّ بِضَلَّةٍ فَالحَرُّ مُمتَحِنٌ بِأَولادِ الزِنا (3)
... وَمَكايِدُ السُفَهاءِ واقِعَةٌ بِهِم وَعَداوَةُ الشُعَراءِ بِئسَ المُقتَنى (4)
... لُعِنَت مُقارَنَةُ اللَئيمِ فَإِنَّها ضَيفٌ يَجِرُّ مِنَ النَدامَةِ ضَيفَنا (5)
__________
(1) من الكامل ، ديوانه 1/193
نفذ الشيء : إذا خرقه وبلغ غايته ، يقول : ليس كل مَن طلب العلو ، والرفعة بلغها ، ولا كل الرجال أبطال شجعان ، وإنما الرفعة والسيادة خصّ الله تعالى بها أقواما . ونافذا وفحولا : منصوبان بما ، على لغة الحجاز .
(2) من الكامل ، ديوانه 1/194
اللسن : بضم السين الجارحة المعروفة ، ، وبفتحها الفصيح ، يقول : غاية الحب أن يمنع لسان صاحبه من الكلام ، فلا يقدر على وصف ما في قلبه منه .
(3) من الكامل ، ديوانه 1/198 ، وفيه : وَاِنهَ المشير
الضلة : الضلال ، قال الواحدي : كان الأعور بن كروس قد وشى به إلى بدر بن عمار لما سار ، وتأخّر عنه المتنبي ، يقول : أشار عليك بهجراني وحرماني ، وهذا ضلال ؛ لأني لا أستحق ذلك ، وقال ابن جني : ضلة ، أي إذا قبلت منه ما أشار به عليك ، وأطعته فيَّ ضللت ، يهدده بالهجاء ، وعنى بالحر نفسه ، وبأولاد الزنا الوشاة .
(4) من الكامل ، ديوانه 1/ 198
السفيه : الذي لا عقل له ولا رأي ، وأصله الذي لا يعرف أنْ يُدبّر أمره ، والأصل فيه الخفَّة ، وتسفّهت فلانا عن ماله إذا خدعته عنه ، وعنى بالسفهاء الوشاة الذين وشوا به ، يقول : كيدهم يعود عليهم بالشر ، ثم قال : وإذا عودي الشاعر ألحق بعرض عدوه ما يبقى لاحقا به بقاء الدهر ، وهو تهديد بالهجاء .
(5) من الكامل ، ديوانه 1/ 198
الضيفن : الذي يتبع الضيف ، يقول : إنّ مخالطة اللئيم مذمومة ملعونة ، لما تجرّ وراءها من الندامة ، فهي كضيف يليه ضيف من الندامة .(1/33)
... وَأَنفَسُ ما لِلفَتى لُبُّهُ وَذو اللُبِّ يَكرَهُ إِنفاقَهُ (1)
... لا اِفتِخارٌ إِلّا لِمَن لا يُضامُ مُدرِكٍ أَو مُحارِبٍ لا يَنامُ (2)
... ذَلَّ مَن يَغبِطُ الذَليلَ بِعَيشٍ رُبَّ عَيشٍ أَخَفُّ مِنهُ الحِمامُ (3)
... كُلُّ حِلمٍ أَتى بِغَيرِ اِقتِدارٍ حُجَّةٌ لاجِئٌ إِلَيها اللِئامُ (4)
... مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ (5)
... إِنَّ بَعضاً مِنَ القَريضِ هُذاءٌ لَيسَ شَيئاً وَبَعضَهُ أَحكامُ (6)
/ ... وَرُبَّما فارَقَ الإِنسانُ مُهجَتَهُ يَومَ الوَغى غَيرَ قالٍ خَشيَةَ العارِ (7)
__________
(1) من المتقارب ، ديوانه 1/203
يقول : أعز وأثمن ما للإنسان عقله ، ذو العقل يكره ضياع عقله .
(2) من الخفيف ، ديوانه 1/207
يقول : لا فخر إلاّ لمن لا يُظلَم لامتناعه وقدرته على دفع الظلم ، وهو إمَّا مدرك ما طلب ، أو محارب لا ينام ، ولا يغفل ؛ حتى يدرك مطلوبه .
(3) من الخفيف ، ديوانه 1/207
غبط الرجل : إذا تمنى أن يكون مثله ، دون أن يتمنى زوال نعمته ، وإلاّ كان حاسدا ، والحمام : الموت ، يقول : مَن عاش في ذلك ، فليس له عيش ، يُغبَط عليه ، ومَن غُبِط على ذلك العيش الذليل فهو ذليل ؛ لأن الموت في العز أخف من الموت في الذل .
(4) من الخفيف ، ديوانه1/ 208
اللئيم : الخسيس ، ضد الكريم ، يقول : إذا لم يكن الحلم عن اقتدار فهو عجز ، وهو حجة يحتج بها اللئام عند عدم قدرتهم على مقارعة العدو .
(5) من الخفيف ، ديوانه1/ 208
يقول : إذا هانت على الإنسان نفسه ، سهُل عليه احتمال الهوان ، كالميت الذي لا يتألم بالجراحة .
(6) من الخفيف ، ديوانه1/ 211
القريض : الشعر ، وهذى يهذي هذاء وهذيان ، إذا قال قولا لا فائدة منه ، والأحكام جمع حكم ، بمعنى الحكمة ، يقول : بعض الشعر هذيان ، وبعضه حكمة .
(7) من البسيط ، ديوانه 1/211
القالي : من قلاه إذا أبغضه ، شبه فراقه الممدوح بفراق الإنسان روحه ، يقول : قد يعرض للمرء ما يوجب له فراق روحه من غير بغض للروح ، كذلك أنا أفارقك كارها لذلك مضطرا .(1/34)
4ب
... أَفاضِلُ الناسِ أَغراضٌ لِذا الزَمَنِ يَخلو مِنَ الهَمِّ أَخلاهُم مِنَ الفِطَنِ (1)
... فَقرُ الجَهولِ بِلا عَقلٍ إِلى أَدَبٍ فَقرُ الحِمارِ بِلا رَأسٍ إِلى رَسَنِ (2)
... ... لا يُعجِبَنَّ مَضيماً حُسنُ بِزَّتِهِ وَهَل يَروقُ دَفيناً جَودَةُ الكَفَنِ (3)
... إِلى مِثلِ ما كانَ الفَتى يَرجِعُ الفَتى يَعودُ كَما أُبدي وَيُكري كَما أَرمى (4)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 1/ 213
الأغراض : جمع غرض ، وهو الهدف الذي يُرمى ، يقول : إنّ الأفاضل من الناس كالأغراض للزمان ، يرميهم بنوائبه ، ويقصدهم بالمحن ، فلا يزالزن محزونين ، وإنما يخلو من الحزن مَنْ كان خاليا من الفطنة ، وحاصل المعنى أنّ الزمان إنما يقصد بشره الأفاضل .
(2) من البسيط ، ديوانه 1/ 214 ، وفيه : فقر الجهول بلا قلب
الجهول : كثير الجهل ، والجهل ضد العقل ، والرسن : الحبل الذي تُقاد به الدابة ، يقول : إنّ الجاهل لا يفتقر إلى الأدب ، إذ لا عقل له ، وأول ما يحتاج إليه الإنسان العقل ، الذي به يعقل ، ثم يتأدب بعد ذلك ، فإذا لم يكن عاقلا ، لم يحتج إلى أدب ، كالحمار ما لم يكن له رأس ، لم يحتج إلى الرسن .
(3) من البسيط ، ديوانه 1/ 215
المضيم : المظلوم ، والبزة : اللباس ، وراقه الشيء : أعجبه ، والدفين : المدفون ، وأراد بحسن البزة اليسر ، وسعة الرزق ، يقول : لا ينبغي للمظلوم أن يُسرَّ بسعة رزقه ، التي من آثارها حسن البزة ، مع ما هو فيه من الذل ، فإنه مثل الميت الذي دُفِن ، والميت لا يُسرّ بحسن كفنه ، شبّه المظلوم الذي لا يدفع الظلم عن نفسه بالميت ، وجعل ثوبه الحسن كالكفن .
(4) من الطويل ، ديوانه 1/ 218 ، وفيه : إلى مثل ما كان الفتى مرجع الفتى .
أبدي : أصله من الهمز ( أبدئ) أي أبدأه الله ، وليّنه للضرورة ، وأكرى الشيء : نقص ، وأرمى : أربى وزاد ، يقول : إنّ كل واحد يرجع إلى مثل ما كان عليه من العدم ، ويعود إلى حالته الأولى ، كما أُبدئ ، وينقص ما حدث فيه من الحياة كما زاد ، وعليه فلا ذنب للحوادث حتى تُذم أو تُحمَد .(1/35)
... اِنعَم وَلَذَّ فَلِلأُمورِ أَواخِرٌ أَبَداً إِذا كانَت لَهُنَّ أَوائِلُ (1)
... وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ (2)
... في الناسِ أَمثِلَةٌ تَدورُ حَياتُها كَمَماتِها وَمَماتُها كَحَياتِها (3)
... وَمَن يُنفِقِ الساعاتِ في جَمعِ مالِهِ مَخافَةَ فَقرٍ فَالَّذي فَعَلَ الفَقرُ (4)
... ضُروبُ الناسِ عُشّاقٌ ضُروبا فَأَعذَرُهُم أَشَفُّهُمُ حَبيباً (5)
... وَمِن نَكَدِ الدُنيا عَلى الحُرِّ أَن يَرى عَدُوّاً لَهُ ما مِن صَداقَتِهِ بُدُّ (6)
__________
(1) من الكامل ، ديوانه 1/223
يقول : تمتع بالنعمة واللذة ما بقي لك شبابك ، فله آخِر من حيث كان له أوّل ، يعني أنه يفنى ، ولا يبقى .
(2) من الكامل ، ديوانه 1/225
يقول : إذا ذمّني ناقص كان ذمُّه دليل كمالي وفضلي ، لأن الناقص لا يحب الكامل الفاضل ، لما بينهما من التفاضل .
(3) من الكامل ، ديوانه 1/233
أمثلة : جمع مثال ، أي صور ، يقول : إنهم أشباه الناس ، وليسوا بناس في الحقيقة ، تدور بين الوجود والعدم ، وحياتها كمماتها ، في أنه لا غناء فيها ، ولا نفع ، ومماتها كحياتها في عدم المبالاة به .
(4) من الطويل ، ديوانه 1/ 234
يقول : مَن يجمع المال خوف الفقر ، كان ذلك هو الفقر ، لأنه إذا جمع حرم ، والحرمان فقر .
(5) من الوافر ، ديوانه 1/237
الضروب : الأصناف ، وأشفهم : أفضلهم ، يقول : أصناف الناس على اختلافهم يحبون أصناف المحبوبات على اختلافها ، وأحقهم بأن يعذر في العشق والحب من كان محبوبه أفضل .
(6) من الطويل ، ديوانه 1/242
النكد : قلة الخير ، والمراد بالحر : الكريم ، ضد اللئيم ، يقول : من نكد الدنيا أنّ الكريم لا يجد مندوحة من إظهار الصداقة فيها لعدوه مع علمه أنه له عدو ؛ ليأمن شره ، ويدفع غائلته .(1/36)
... وَأَكبِرُ نَفسي عَن جَزاءٍ بِغيبَةٍ وَكُلُّ اِغتِيابٍ جُهدُ مَن مالُهُ جُهدُ (1)
... فَما في سَجاياكُم مُنازَعَةُ العُلى وَلا في طِباعِ التُربَةِ المِسكُ وَالنَدُّ (2)
... مِنَ الحِلمِ أَن تَستَعمِلَ الجَهلَ دونَهُ إِذا اِتَّسَعَت في الحِلمِ طُرقُ المَظالِمِ (3)
... إِذا لَم تَكُن نَفسُ النَسيبِ كَأَصلِهِ فَماذا الَّذي تُغني كِرامُ المَناصِبِ (4)
/ ... لَو كانَ يُمكِنُني سَفَرتُ عَنِ الصِبا فَالشَيبُ مِن قَبلِ الأَوانِ تَلَثُّمُ (5)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 1/243 ، وقد كتب في المخطوطة : من لا له جهد ، وما أثبتناه من الديوان .
الغيبة : اسم من الاغتياب ، وهو الوقوع في عرض الغائب ، والجهد : الطاقة ، يقول : إني أُكبر نفسي أن أُجازي عدوي بالاغتياب ؛ لأن ذلك طاقة مَن لا طاقة له بمواجهة عدوه ومحاربته .
(2) من الطويل ، ديوانه 1/245
يقول : ليس في طبائعكم أن تنازعوه العلا ، كما أنه ليس في طبع التراب أن يفوح بالمسك والند .
(3) من الطويل ، ديوانه 1/254
الحلم : الأناة والعقل ، والجهل هنا نقيض الحلم ، والمظالم : جمع مظلِمة ، وهي الظلم ، يقول : إذا كان حلمك داعيا إلى ظلمك فإن من الحلم أن تجهل ؛ لأن الحلم إنما يلجا إليه لتدارك الشر ، فإذا تفاقم به الشر ، ولم يتدارك الشر إلاّ بالجهل كان الجهل حلما .
(4) من الطويل ، ديوانه 1/269 ، والذي كتب في الأصل المخطوط : فما الذي تغني ، وما أثبتناه من الديوان ، وهو الصواب .
النسيب : ذو النسب الشريف ، والمناصب : الأصول ، يقول : إذا لم تكن نفس النسيب مشابهة لأصله في الكرم ، لم ينفعه الانتساب إلى أصل كريم ، يعني أن كرم الأصل لا ينفع مع لؤم النفس .
(5) من الكامل ، وهذا البيت غير موجود في طبعة دار الكتب العلمية ، واكتفى الشارح بذكر ثلاثة أبيات من هذه القصيدة ، وهذا البيت هو الخامس في هذه القصيدة ، وهو في التبيان في شرح الديوان 4/123 ، المنسوب لأبي البقاء العكبري .
سفرت : من سفور المرأة ، أي كشفت عن وجهها ،يقول : لو أمكنني أن أُظهر صباي لكشفت عنه ، فإني حديث السن ، ولكن الشيب جارٍ عليّ عاجلا ، فستر شبابي ، فكأنه تلثم بستر ما تحته من السواد ، يعني أنَّ على شبابه لثاما من الشيب الذي عجل إليه قبل وقته .(1/37)
5 أ
... وَالهَمُّ يَختَرِمُ الجَسيمَ نَحافَةً وَيُشيبُ ناصِيَةَ الصَبِيِّ وَيُهرِمُ (1)
... ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ (2)
... وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ (3)
... لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ (4)
... لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ (5)
__________
(1) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/124
يخترم : يقتطع ويستأصل ، والجسيم : العظيم الجسم ، والنحافة : الهزال ، والناصية : شعر مقدم الرأس ، يقول : إنّ الحزن إذا استولى على المرء أذهب جسم العظيم الجسد ، وهزَّله حتى يأتي عليه من الهزال ، ويشيب الصبي قبل الأوان ، حتى يصير كالهرم من الضعف والعجز ، يشير إلى علة مشيبه ، وأنّ الهم هو الذي أشابه .
(2) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/124
يقول : إنّ العاقل يشقى وإن كان في نعمة ؛ لتفكيره في عاقبة الأمور ، وعلمه بتحوّل الأحوال ، والجاهل ينعم ، وهو في الشقاوة لغفلته ، وقلة تفكيره في العواقب .
(3) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/125
نبذ الشيء : ألقاه وطرحه ، والحفاظ المحافظة على الحقوق والعهود ، وأولاه كذا : أنعم به عليه ، من العفو عن الإساءة ، يقول : إن الناس لا يحافظون على الحقوق ، ولا يراعون الحرمة والحق ، ويتركون عرفان النعم ، فمطلق من الإسار ينسى إحسان مطلقه ، وعافٍ عن مُسيء يندم ، لما يرى من كفران صنيعته ، وعدم شكرها .
(4) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/ 125
لا تنخدع ببكاء عدو يستعطفك ، ولا ترحمه ، وارحم نفسك منه ، فإنك إن رحمته ، وأبقيت عليه ، ثم ظفر بك ، لم يرحمك ، ولم يبق عليك .
(5) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/125
لا يسلم للشريف شرفه من أذى الحساد والمعادين ، حتى يقتل حساده وأعداءى ، فإذا سفك دماءهم سلِم شرفه ؛ لأنه يصير مهيباً فلا يُتعرَّض له .(1/38)
... يُؤذي القَليلُ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ مَن لا يَقِلُّ كَما يَقِلُّ وَيَلؤُمُ (1)
... والظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ (2)
... وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ (3)
... وَالذُلُّ يُظهِرُ في الذَليلِ مَوَدَّةً وَأَوَدُّ مِنهُ لِمَن يَوَدُّ الأَرقَمُ (4)
... وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ وَمِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ (5)
... أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ (6)
__________
(1) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/125
القليل هنا ليس قليل العدد ، وإنما هو الخسيس الحقير ، واللئام : جمع لئيم ، ضد الكريم ، يقول : إنّ اللئيم مطبوع على أذى الكريم ، لعدم المشاكلة بينهما .
(2) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/125
الشيم : جمع شيمة ، وهي الخليقة والطبيعة ، يقول : الظلم من طبائع النفوس ، وقد جبلوا عليه ، فإذا رأيت عفيفا لا يظلم ، فإنما تركه لعلة ، كالخوف ، والعجز وغيرهما .
(3) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/127
يقول : من البلية التي يُبتلَى بها الإنسان عذل الجاهل الذي لا يرجع ، ولا يُقلع عن غيه ، وخطابك من لا يفهم ما تقول ؛ لجهله أو غيه .
(4) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/130
المودة : المحبة ، والأرقم : ضرب من الحيّات فيه سواد وبياض ، يقول : الذليل يظهر المودة لمن يبغضه ، ولو كان ذا أنفة لما ساتره ، وإن يظهر وده عداوة ، فهو يظهر المودة لذله لمن يخالفه ، إذ ليس يقدر على مكافأته ، ولا امتناع عنده ، فيتودد إليه ، والحية أقرب إلى المصافاة من الذليل إذا أظهر المودة لمن يودّ .
(5) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/130
يعني أنّ عداوة الساقط تدل على مباينة طبعه فتنفع ، وصداقته تدل على مناسبته فتضر .
(6) من الكامل ، التبيان في شرح الديوان 4/132
الأعاجم عند العرب لئام ، وهم الذين لا يتكلمون لغة العرب ، يقول : الفعل يشابه النسب ، فمن كرمت مناسبه كرمت أفعاله ، وعلى الضد من هذا مَن كان لئيم النسب ، كانت أفعاله لئيمة .(1/39)
... وَلَكِنَّ الغُيوثَ إِذا تَوالَت بِأَرضِ مُسافِرٍ كَرِهَ المُقاما (1)
... فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ (2)
... يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ (3)
/ ... وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ (4) 5 ب
... وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ (5)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 1/276
الغيوث : جمع غيث ، وهو المطر ، وتوالت : تتابعت ، والغمام : السحاب : يقول : المسافر إذا كثر عليه المطر ملّ مقامه واحتباسه لأجل المطر ، وكذلك نحن ، عطاياك تأتينا ، وأنت قيدتنا بإحسانك ، ولولا أننا على سفر لم نملك إنعامك ، فالمطر يسأله كل واحد إلاّ المسافر ، هذا كلام الواحدي ، وقال غيره : إنّ المسافر إذا كثرت عليه الأمطار بالأرض التي هو بها ، اشتاق إلى وطنه ، وكره المقام بأرض السفر ، كذلك نحن ، قد أحسنت إلينا كل الإحسان ، فنحن نشتأق أن نأتي الوطن ، ونسرع الارتحال . والأول أوجه وأظهر .
(2) من الوافر ، ديوانه 1/273
يقول : طعم الموت في الأمر الهين ، كطعمه في الأمر الشديد الصعب ، إذا فلا سبيل للمغامر إلاّ أن يقصد أسمى الأمور .
(3) من الوافر ، ديوانه 1/274
الجبناء : جمع جبان ، يقول : لؤم طبع الجبان يريه العجز عقلا ، حتى يظن أن عجزه ، وجريه على حكم الجبن عقل ، وليس كذلك ، وإنما ذلك لسوء طبعه الرديء .
(4) من الوافر ، ديوانه 1/274
يقول : الشجاعة في غير الحكيم ، ليست مثل الشجاعة في الحكيم ، وكل الشجاعة حسنة مغنية في أي شخص كائنا ما كان ، وكيف كانت ، فإذا كانت في الحكيم العاقل ، كانت أتم وأحسن ، لانضمام العقل إليها .
(5) من الوافر ، ديوانه 1/274
الآفة : العاهة . يقول : كم من إنسان يعيب قولا حسنا لجهله به ، وإنما أتى العيب من سوء فهمه .(1/40)
... وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ (1)
... كَلامُ أَكثَرِ مَن تَلقى وَمَنظَرُهُ مِمّا يَشُقُّ عَلى الآذانِ وَالحَدَقِ (2)
... إِلفُ هَذا الهَواءِ أَوقَعَ في الأَن فُسِ أَنَّ الحِمامَ مُرُّ المَذاقِ (3)
... وَالغِنى في يَدِ اللَئيمِ قَبيحٌ قَدرَ قُبحِ الكَريمِ في الإِملاقِ (4)
... وَمِن قَبلِ النِطاحِ وَقَبلَ ياني تَبينُ لَكَ النِعاجُ مِنَ الكِباشِ (5)
... وَيُظهِرُ الجَهلَ بي وَأَعرِفُهُ وَالدُرُّ دُرٌّ بِرَغمِ مَن جَهِلَه (6)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 1/274
الفقريحة : خالص الطبع ، يقول : كل أحد يأخذ على قدر فهمه ، وكل أذن تأخذ من الكلام الذي تسمعه على قدر طبع صاحبها ، فإن كان عارفا فهمه وقبله بطبعه ، وإن كان جاهلا نفر عنه طبعه ، فكل أذن تدرك من الكلام على قدر طبع صاحبها .
(2) من البسيط ، ديوانه 1/275
منظره : أي وجهه ، أو النظر إليه ، يشق : يثقل ، يقول : إنّ أكثر مَن تلقاه من الناس يشق كلامه على الآذان : لأنه يقول قولا فاحشا منكرا ، ومنظره على العيون ، لما ينطوي عليه من الغل والخبث ، وإضمار غير الجميل ، وإن كان يلقاك بالبشر .
(3) من الخفيف ، ديوانه 1/279
الحمام : الموت ، يقول : إنّ نفوسنا ألفت هذا الهواء ، فظنت أنّ الموت كريه المذاق ؛ وذلك لإلفها الهواء الرقيق الطيب ، وهذا أوقع في النفوس أنّ الموت مرّ الطعم .
(4) من الخفيف ، ديوانه 1/279
الإملاق : الفقر والحاجة ، أراد أنّ الغنى عند البخيل قبيح ، كما أن الفقر والعسر عند الكريم قبيح .
(5) من الوافر ، ديوانه 1/283
النطاح : مناطحة دواب القرون ، يقول : قبل المناطحة ، وقبل أوانها يتبيّن مَن يناطح ، ممن لا يُناطح ، ومن يقاتل ممن لا يقاتل وذلك أنّ الكباش تتلاعب بقرونها ، وإن لم ترد الطعن بها ، وكذلك يتلاعب الناس بالأسلحة في غير الحرب ، فيعرف من يحسن استعمالها ممن لا يُحسن .
(6) من المنسرح ، ديوانه 1/ 288
يقول : هذا الذي لا يساوي الخبز ذي أكله ( كما قال في البيت السابق ) يظهر أنني أعرفه ، وهو لا يعرفني ، ولكن الجوهر الثمين يظل جوهرا وإن تجاهله بعضهم . وهذا يشبه إلى حد قول جميل بن معمر :
إذا ما رأوني طالعا من ثنيّة يقولون مَن هذا وقد عرفوني(1/41)
... فَصِرتُ كَالسَيفِ حامِداً يَدَهُ لا يَحمَدُ السَيفُ كُلَّ مَن حَمَلَه (1)
... وَفاؤُكُما كَالرَبعِ أَشجاهُ طاسِمُه بِأَن تُسعِدا وَالدَمعُ أَشفاهُ ساجِمُه (2)
... وَقَد يَتَزَيّا بِالهَوى غَيرُ أَهلِهِ وَيَستَصحِبُ الإِنسانُ مَن لا يُلائِمُه (3)
... قِفي تَغرَمِ الأَولى مِنَ اللَحظِ مُهجَتي بِثانِيَةٍ وَالمُتلِفُ الشَيءَ غارِمُه (4)
... وَما خَضَبَ الناسُ البَياضَ لِأَنَّهُ قَبيحٌ وَلَكِن أَحسَنُ الشَعرِ فاحِمُه (5)
__________
(1) من المنسرح ، ديوانه 1/ 289
يقول : أنا أحمده كما يحمده السيف ، لآنه لا يضرب إلاّ في مضرب قاتل ، والسيف ليس يحمد كل حامل له ، فصرت أحمده حمد سيف له .
(2) من الطويل ، ديوانه 2/3
أ شجاه : أحزنه وأغضبه ، يقول مخاطبا اللذين عاهداه على أن يُسعداه عند ربع الأحبة بالبكاء ، فقال لهما : وفاؤكما بإسعادي على البكاء ، كهذا الربع ، ثم بيّن وجه الشبه ، فقال : أشجى الربع دارسه ، كلما تقدم عهده ، كان أحزن لزائره ، وأشد لحزنه ، وأشفى الدمع للحزن سائله المنهل الجاري ، يريد : ابكيا معي بدمع ساجم ، فإنه أشفى للغليل ، كما أن الربع أشجى للمحب إذا درس .
(3) من الطويل ، ديوانه 2/3
يتزيّا : يتكلف الزيّ ، وهو اللباس ، ويلائمه : يوافقه ، يقول : إنّ صاحبيه ليسا من أهل الهوى ، فإن أقسما به وتكلّفاه ، فقد يتكلّف الإنسان الشيء ، وليس هو من أهله ، وقد يُصاحب الإنسان من لم يوافقه في أحواله ، ويُعرِّض بأن صاحبيه لم يفيا له بما عاهداه عليه من الإسعاد بالبكاء ، وأنهما لم يكونا من أرباب الهوى ، ولا يعتقدانه .
(4) من الطويل ، ديوانه 2/3
يقول إنه لمَّا نظر إليها نظرة أتلفت مهجته ، وأراد أن ينظر إليها أخرى ؛ لترجع إليه نفسه ، جعل الأولى كأنها الغارمة في الحقيقة ، لأنها سبب التلف .
(5) من الطويل ، ديوانه 2/5
الفاحم : الأسود الشديد السواد ، يقول : البياض في الشعر حسن ، ولم يخضب البياض لأنه مستقبح ، ولكن السواد أحسن منه ، فالخاضب إنما يطلب الأحسن من لون الشعر .(1/42)
... وَما كُلُّ سَيفٍ يَقطَعُ الهامَ حَدُّهُ وَتَقطَعُ لَزباتِ الزَمانِ مَكارِمُه (1)
... وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ (2)
/ ... فَكَثيرٌ مِنَ الشُجاعِ التَوَقّي وَكَثيرٌ مِنَ البَليغِ السَلامُ (3) 6أ
... وَلَو جازَ الخُلودُ خَلَدتَ فَرداً وَلَكِن لَيسَ لِلدُنيا خَليلُ (4)
... وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَليلٌ وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ (5)
... نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/7
اللزبات جمع لزبة ، وهي الشدة والقحط ، يقول : هو أفضل من السيف ، فقد ينبو حد السيف فلا يقطع ، ومكارم هذا الممدوح تُذهب شدائد الزمان ، وتقطعها عن كل إنسان ، فلا يشبه فعله فعل السيف حتى يُسمّى باسمه ، فقد بان له على السيف فضل ظاهر ، وشرف بيّن فاخر ، وأنه يقصر عنه ، ويتواضع دونه .
(2) من الخفيف ، ديوانه 2/8
يقول : إذا عظمت الهمة ، وكبرت النفس ، تعب الجسم في طلب المعالي من الأمور ، ولا يرضى بالمنزلة الدنيئة ، فيطلب الرتبة الشريفة .
(3) من الخفيف ، ديوانه 2/9
يقول : إنْ توقاه الشجاع ، وحفظ منه نفسه ، فذلك منه كثير ، والبليغ إنْ أمكنه أن يسلّم عليه ، فذلك غاية بلاغته .
(4) من الوافر ، ديوانه 2/11
يقول : لو جاز أن يُخلّد إنسان لخلِّدت وحدك ، لما جمع الله فيك من الفضائل ، ولكن الدنيا لا تخلِّد أحدا ، وشأنها أن تفني أهلها ، فهي مطبوعة على الغدر ، وإلاّ لخلَّدتك .
(5) من الوافر ، ديوانه 2/12 ، وفيه :ومن لم يعشق الدنيا قديما قديما
يقول : إنّ النفوس مجبولة على حب الدنيا مع التيقن بسرعة زوالها ، والتحقق من امتناع وصالها ، وإنّ سرورها يعقبه الحزن ، وحياتها يعقبها الموت .
يريد : من ذا الذي لم يعشق الدنيا من قديم الدهر ؟ فكل أحد يهواها ، ولكن لا سبيل إلى وصالها ، أي إلى دوام وصالها .
(6) من الوافر ، ديوانه 2/12
يقول : نصيب الإنسان من وصال حبيبه في حياته ، كنصيبه من وصال خياله في منامه ، باتّفاق الأمرين في سرعة انقطاعهما ، واشتباههما في عجلة زوالهما ، فإن الحالين كلاهما يُعدم ، فما ظنك بحق يشبه الباطل ، ويقظة يشاكلها النوم ، فجعل العمر كالمنام ، والموت كالانتباه .(1/43)
... وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ (1)
... وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ (2)
... فَإِن تَفُقِ الأَنامَ وَأَنتَ مِنهُم فَإِنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزالِ (3)
... إِلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ وَلا رَأى في الحُبِّ لِلعاقِلِ (4)
... يُرادُ مِنَ القَلبِ نِسيانُكُم وَتَأبى الطِباعُ عَلى الناقِلِ (5)
... خُذوا ما أَتاكُم بِهِ وَاِعذِروا فَإِنَّ الغَنيمَةَ في العاجِلِ (6)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 2/15
يقول : لو أنّ نساء العالم كهذه المفقودة في الكمال والعفاف ؛ لفضِّلْن على الرجال .
(2) من الوافر ، ديوانه 2/15
يقول : ربّ تأنيث يقصر التذكير عنه ، ولا يبلغ مبلغه ، ولا ينال موضعه لتفضيل المرأة على الرجل بحجة لم يسبق إليها ، لأنه أراد أن الشمس مؤنثة ، وهي مصدر النور على الأرض ، ووصف الهلال بالتذكير ، وهو كثير التنقل ، ويصيبه المحاق ، فجعل ذلك كالنقص فيه .
(3) من الوافر ، ديوانه 2/16
يقول : إنْ فضلت الناس وأنت من جملتهم ، فقد يفضل بعض الشيء الكل جملة ، كالمسك وهو بعض دم الغزال ، يفضله فضلا كثيرا
(4) من المتقارب ، ديوانه 2/17
يقول : إلى متى يطمع العاذل في استماعي كلامه ؟ والحي يقع اضطرارا لا اختيارا ، والعاقل لا يقع في شرك الحب باختياره ، فلا معنى للومه ، لأن المحب مغلوب على أمره ، فلا فائدة في لومه .
(5) من المتقارب ، ديوانه 2/17
لطباع والطبيعة بمعنى واحد ، وهي الخليقة ، يقول : العاذل يريد من قلبي أن يسلاكم ، وقد جرى حبكم في مجرى الطبيعة ، وحلّ فيه محلّ الخليقة ، والطبيعة لا تنقاد لناقلها ، ولا تتأتى لمخالفها .
(6) من المتقارب ، ديوانه 2/20
أتاكم : بمعنى جاءكم ، وهو مقصور ، والممدود بمعنى أعطاكم ، يريد الاستهزاء بهم ، والتوبيخ لهم ، يقول : خذوا ما جاءكم به من ضمان أبي وائل ، فالغنيمة فيما عجَّل لكم ، وما تأخر لعله لا يصل إليكم ، يريد ما جاءكم به من هذه الوقعة .(1/44)
... أَعلى المَمالِكِ ما يُبنى عَلى الأَسَلِ وَالطَعنُ عِندَ مُحِبِّيهِنَّ كَالقُبَلِ (1)
... وَلا يُجيرُ عَلَيهِ الدَهرُ بُغيَتَهُ وَلا تُحَصِّنُ دِرعٌ مُهجَةَ البَطَلِ (2)
... بِذي الغَباوَةِ مِن إِنشادِها ضَرَرٌ كَما تُضِرُّ رِياحُ الوَردِ بِالجُعَلِ (3)
... إِذا ما تَأَمَّلتَ الزَمانَ وَصَرفَهُ تَيَقَّنتَ أَنَّ المَوتَ ضَربٌ مِنَ القَتلِ (4)
... هَلِ الوَلَدُ المَحبوبُ إِلّا تَعِلَّةٌ وَهَل خَلوَةُ الحَسناءِ إِلّا أَذى البَعلِ (5)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/ 22
الممالك : جمع مملكة ، وهي سلطان الملك في رعيته ، والأسل : الرماح ، والقُبَل : جمع قُبْلَة ، يقول : أعلى الممالك ما جاء قسرا وغلَبة بالطعن ، لا ما جاء عفوا ، والقتال عند محبه كالقبل المستعذبة .
(2) من البسيط ، ديوانه 2/ 23
يقول : إنّ سيف الدولة قد قرنه الله بالنصر ، وأمده من عونه بما لا يمنعه الدهر معه من بغيته ، ولا يجير عليه من اعتقد له معصيته ، ولا يحصن الدرع منه مهجة من خالفه ، ولا يعصمه من الهلاك إذا أراده .
(3) من البسيط ، ديوانه 2/ 23
الغبي : الجاهل ، والجُعْل : دويبة معروفة تأوي في النجاسات ، يقول : إذا أُنشد شعري بَعُد على فهم الجاهل ، وأثّر ذلك في نفسه وانكشف له قدر تقصيره ، واستضرّ بحسن قولي ، وبديع شعري ، كما يستضرّ الجعل برياح الورد التي تؤذيه وتقتله ؛ لمضادته لها .
(4) من الطويل ، ديوانه 2/ 30
يقول : إذا تأملت تصاريف الزمان ، وتدبرت الدهر وخطوبه تيقنت أن الموت نوع من القتل ، فمن لم يقتل بالسيف مات بتقلب حوادث الدهر ، فالنتيجة واحدة .
(5) من الطويل التبيان في شرح الديوان 3/51
التعلة : التعلل ، والحسناء : يريد المرأة الحسناء ، يقول : السرور بالولد المحبوب لا يدوم ، وإنما هو تعليل إلى وقت ، والحزن بسببه أكثر من السرور به ، ثم قال : الاختلاء بامرأة أذى في الحقيقة لمن يخلو بها ، لأنها قد تأتي بولد يكون سببا للهم والغم ، ولعل العاقبة تكون إلى الثكل ، أي أنه ينهى عن الاختلاء بالنساء مخافة الإنجاب ، والشقاء في تربية الولد .(1/45)
/ ... وَما الدَهرُ أَهلٌ أَن تُؤَمَّلَ عِندَهُ حَياةٌ وَأَن يُشتاقَ فيهِ إِلى النَسلِ (1) 6 ب
... وَرُبَّما قالَتِ العُيونُ وَقَد يَصدُقُ فيها وَيَكذِبُ النَظَرُ (2)
... أَعاذَكَ اللَهُ مِن سِهامِهِمِ وَمُخطِئٌ مَن رَمِيُّهُ القَمَرُ (3)
... وَإِذا وَكَلتَ إِلى كَريمٍ رَأيَهُ في الجودِ بانَ مَذيقُهُ مِن مَحضِهِ (4)
... إِنَّ الرِياحَ إِذا عَمَدنَ لِناظِرٍ أَغناهُ مُقبِلُها عَنِ اِستِعجالِهِ (5)
... دونَ الحَلاوَةِ في الزَمانِ مَرارَةٌ لا تُختَطى إِلّا عَلى أَهوالِهِ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/ 30
يقول : إنّ الدهر مذموم أمره ، شديد مكره ، فلا تؤمل عنده حياة ، ولا هو ممن يُشتاق فيه إلى نسل ، لأن مآل الحياة فييه إلى الموت ، ومآل النسل إلى القبر ، بعد طول الشغل والنصب ، ةومعاناة الكد والطلب ، وما كان كذلك فالسرور يسير بوجوده ، والحزن غير واجب عند فقده .
(2) من المنسرح ، ديوانه 2/32
قالت : أخطأت ، يقول : إنني اخترت الدهماء ، ولكن ربما كنت مخطئاً في الاختيار ، فإن النظر قد يصدق في العيون فتصيب ، وقد يكذب فتخطئ
(3) من المنسرح ، ديوانه 2/32
يدعو له أن يحفظه الله من سهام الأعداء ، ويقول : إنهم لا يصيبونك برميهم ، كما لا يصيب القمرَ من رماه ؛ لأنه أرفع محلا من أن يبلغه سهم راميه ، وكذا أنت .
(4) من الكامل ، ديوانه 2/33
المذيق : الممذوق ، أي الممزوج ، والمحض : الخالص ، يقول : إذا فوّضت الأمر في الجود إلى الكريم ، ولم تقترح عليه شيئا بان معيب الرأي من سديده ، لأن المعيب لا يعطي شيئا وإن كثر الإلحاح عليه ، أما سديد الرأي فلا يحتاج إلى سؤال وإنما يعطي على سجية طبعه .
(5) من الكامل ، ديوانه 2/36
مقبلها : أولها ، وهو ما يستقبل منها ، يقول : هو غير محتاج إلى محرك له في السؤدد والفضل ، كما أنّ الرياح إذا رأيتها مقبلة إليك لم تعجل إلى استعجالها ؛ لسرعتها . التبيان 3/59 ـ 60
(6) من الكامل ، ديوانه 2/38
يقول : تركت إلى الحلاوة أهوال الزمان ، للوصول إليها ، كما يقال : لا تقطع الفلاة إلاّ على الإبل ، ولا يُتوصَّل إلى حلاوة الزمان إلاّ بعد ذوق مرارته .(1/46)
... وَهَل تُغني الرَسائِلُ في عَدوٍّ إِذا ما لَم يَكُنَّ ظُبىً رِقاقا (1)
... وَإِن جَزِعنا لَهُ فَلا عَجَبٌ ذا الجَزرُ في البَحرِ غَيرُ مَعهودِ (2)
... فَما تُرَجّي النُفوسُ مِن زَمَنٍ أَحمَدُ حالَيهِ غَيرُ مَحمودِ (3)
... مَن يَعرِفُ الشَمسَ لا يُنكِر مَطالِعَها أَو يُبصِرُ الخَيلَ لا يَستَكرِمِ الرَمَكا (4)
... وَما ذاكَ بُخلاً بِالنُفوسِ عَلى القَنا وَلَكِنَّ صَدمَ الشَرِّ بالشَرِّ أَحزَمُ (5)
... أَهلُ الحَفيظَةِ إِلّا أَن تُجَرِّبُهُم وَفي التَجارِبِ بَعدَ الغَيِّ ما يَزَعُ (6)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 2/43
الظبى : جمع ظبة ، وهي حد السيف ، وهذا استفهام إنكاري ، يقول : إنّ حاسديّ لا تكفي أمرهم الرسائل ، إنما يكفي أمرهم السيوف ، يعني ليس يشفيني منهم الرسائل ، إنما يشفيني منهم القتل بالسيف .
(2) من المنسرح ، ديوانه 2/44
يقول : إنّ المصائب قد تقع ، ولكن لم يعهد مثل هذه المصيبة ، كما أن الجزر يكون فيما دون البحر ، فإن جزر البحر فذلك أمر عظيم ، فشبه موته بجزر البحر ، وهو رجوع مائه إلى الخلف ونضوبه . التبيان1/262
(3) من المنسرح ، ديوانه 2/45
يقول : مستفهما ، ومعناه الإنكار : لا رجاء عند زمان أحكد حاليه البقاء ، وهو غير محمود ، لأن معجله بلاء ، ومؤجله فناء . التبيان 1/263
(4) من البسيط ، ديوانه 2/48
الرمك : جمع رمكة ، وهي الفرس التي تتخذ للنتاج دون الركوب ، يقول : مَن عرف الشمس لا ينكر مطالعها باختلافها ، ومن عرف سيف الدولة لم يستعظم غيره ؛ لاختلاف مقاصده ، ومن أبصر عتاق الخيل لم يستكرم الهجان الرَّمك . التبيان 2/ 374
(5) من الطويل ، ديوانه 2/56
اعتذر للفوارس عند تحصنهم ، فقال : لم يفعلوا ذلك بخلا بنفوسهم ، لأنهم شجعان لا يخافون الموت ، ولا يبالون بالقتل إلاّ أنهم قابلوا الشر بمثله ، وهو فعل الحازم اللبيب ، ومن شهد الحرب غير مستعد ، بغير سلاح ، فهو أخرق . التبيان 3/360
(6) من البسيط ، ديوانه 2/62
الحفيظة : الحمية والأنفة ، والغي : الفساد ، ويزع : يكف ، يقول : أصحاب سيف الدولة يظهرون الحمية والصبر والجلد والإقدام ، ويتزينون بذلك ، ما لم يجرَّبوا ، فإذا جُرِّبوا لم يكونوا كذلك . التبيان 2/221(1/47)
... لَيسَ الجَمالُ لِوَجهٍ صَحَّ مارِنُهُ أَنفُ العَزيزِ بِقَطعِ العِزِّ يُجتَدَعُ (1)
... وَالمَشرَفِيَّةُ لا زالَت مُشَرَّفَةً دَواءُ كُلِّ كَريمٍ أَوهِيَ الوَجَعُ (2)
... لا تَحسَبوا مَن أَسَرتُم كانَ ذا رَمَقٍ فَلَيسَ يَأكُلُ إِلّا المَيِّتَ الضَبُعُ (3)
/ ... مَن كانَ فَوقَ مَحَلِّ الشَمسِ مَوضِعَهُ فَلَيسَ يَرفَعُهُ شَيءٌ وَلا يَضَعُ (4) 7أ
... فَقَد يُظَنُّ شُجاعاً مَن بِهِ خَرَقٌ وَقَد يُظَنُّ جَباناً مَن بِهِ زَمَعُ (5)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/62
المارن : مقدم الأنف ، وهو ما لان منه ، يقول : ما لنفسي والحياة ، وقد علمت أنّ حياة الإنسان على الحال التي يكرهها ، والطريقة التي لا يستحسنها دناءة ودنس ، فعلام الحرص على الحياة ، والركون إليها مع هذا الحال ، فلا أريد حياة ، ولا أشتهيها إذا كانت كذا . التبيان 2/ 222
(2) من البسيط ، ديوانه 2/62
يقول : السيوف لا زالت مشرفة ، فإما أن يصل الكريم بها إلى بغيته ، فتكون كالدواء ، وإما أن يُقتل بها دون مراده ، فتكون له كالوجع . التبيان 2/222 ـ 223
(3) من البسيط ، ديوانه 2/64
يقول : لا تحسبوا هؤلاء الذين أسرتم كان فيهم رمق ، بل أموات ، والميت لا يأكله إلاّ الضبع ، فأنتم لخستكم ودناءة أنفسكم قتلتم هؤلاء القوم الضعفاء . التبيان 2230
(4) من البسيط ، ديوانه 2/65
يقول : من بلغ وحلَّ في الفضائل محلك ، واشتعر بالشجاعة اشتهارك ، فتواضعت الشمس عن موضعه ، وقصر محتدها عن محتده ، فلم يبق له في الشرف غاية يبلغها فترفعه ، ولا للعيب سبيل إليه فيضعه ، أي لم يكن للنهاية محل يرتفع إليه ، فلا يرتفع بنصره أحد ، ولا يتضع بخذلانه ، لأن قدره فوق كل قدر ، وشجاعته فوق كل شجاعة . 2/232
(5) من البسيط ، ديوانه 2/66
الخُرق : الطيش والخفة ، وقيل : الدَّهش من الخوف أو الحياء ، والزَّمع : رِعدة تعتري الشجاع من الغضب ، يقول : إنّ الظن يخطئ ، فقد يُرى مَن به دهش وخفة شجاعا ، وقد يُرى مَن تعتريه رِعدة من غضب جبانا ، وأنا قد تحققت من أمرك بالتجربة ، فإذا مدحتك بعد اختباري فلا أُخطئ ، ولا أكذب . التبيان 2/234(1/48)
... إِنَّ السِلاحَ جَميعُ الناسِ تَحمِلُهُ وَلَيسَ كُلُّ ذَواتِ المِخلَبِ السَبُعُ (1)
... وَما الخَوفُ إِلّا ما تَخَوَّفَهُ الفَتى وَلا الأَمنُ إِلّا ما رَآهُ الفَتى أَمنا (2)
... وَحيدٌ مِنَ الخُلّانِ في كُلِّ بَلدَةٍ إِذا عَظُمَ المَطلوبُ قَلَّ المُساعِدُ (3)
... بِذا قَضَتِ الأَيّامُ مابَينَ أَهلِها مَصائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ (4)
... وَكُلٌّ يَرى طُرقَ الشَجاعَةِ وَالنَدى وَلَكِنَّ طَبعَ النَفسِ لِلنَفسِ قائِدُ (5)
... فَإِنَّ قَليلَ الحُبِّ بِالعَقلِ صالِحٌ وَإِنَّ كَثيرَ الحُبِّ بِالجَهلِ فاسِدُ (6)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/66
يقول : ليس كل مَن يحمل السلاح شجاعا ، ولا كل ذي مخلب سبُعا يفترس به ، بل يوجد ذوات مخالب والسبع يفضلها ، وكذا سيف الدولة يتزيون بشكله ، ويشاركونه في لبس السلاح ، ولكنهم يقصرون عن فعله ، وعما يبلغ بالسلاح من البطش . التبيان 2/234
(2) من الطويل ، ديوانه 2/68
يقول : الخوف على الحقيقة ما يراه الإنسان خوفا ، فإن خاف شيئا غير مخوف فقد صار خوفا ، وإن أمن غير مأمون فقد تعجل الأمن .
(3) من الطويل ، ديوانه 2/70
الخلان : الأصحاب والأصدقاء ، يقول : أنا وحيد ما لي مساعد على ما أطلب ، وذلك لعظم مطلبي ، وإذا عظم المطلوب قلّ مَن يساعد عليه . التبيان 1/270
(4) من الطويل ، ديوانه 2/72
يقول : إنّ عادة الأيام سرور قوم بإساءة آخرين ، وما حدث في الدنيا شيء إلاّ سُرَّ به قوم ، وسيء به آخرون . التبيان 1/276
(5) من الطويل ، ديوانه 2/72
يقول : إنط مطبوع على الشجاعة والندى ، وأنت مجبول عليهما ، وكل أحد يراهما ويعرف طريقهما ، ولكن لا يسلك طريقهما إلاّ مَن قادته نفسه إليها . التبيان 1/276
(6) من الطويل ، ديوانه 2/72
يقول : أنا أُحبك بعقل ، فينتفع بي ، وغيري يحبك بجهل ، فلا يُنتفع به . التبيان 1/280(1/49)
... وَقَد فارَقَ الناسُ الأَحِبَّةَ قَبلَنا وَأَعيا دَواءُ المَوتِ كُلَّ طَبيبِ (1)
... وَلِلتَركُ لِلإِحسانِ خَيرٌ لِمُحسِنٍ إِذا جَعَلَ الإِحسانَ غَيرَ رَبيبِ (2)
... فَرُبَّ كَئيبٍ لَيسَ تَندى جُفونُهُ وَرُبَّ كَثيرِ الدَمعِ غَيرُ كَئيبِ (3)
... وَفي تَعَبٍ مَن يَحسُدُ الشَمسَ نورَها وَيَجهَدُ أَن يَأتي لَها بِضَريبِ (4)
... وَمَن صَحِبَ الدُنيا طَويلاً تَقَلَّبَت عَلى عَينِهِ حَتّى يَرى صِدقَها كِذبا (5)
... وَمَن تَكُنِ الأُسدُ الضَواري جُدودَهُ يَكُن لَيلُهُ صُبحاً وَمَطعَمُهُ غَصبا (6)
... أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ (7)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/73
من قبلنا فارق الناس أحبتهم ، وتعذر على الأطباء علاج داء الموت .
(2) من الطويل ، ديوانه 2/74
يقول : إنّ الدهر أحسن إلينا بالاجتماع ، وأساء فيما جمع من الفرقة ، فترك المُحسن إحسانه أحسن من أن يشوبه بالإساءة . التبيان 1/53
(3) من الطويل ، ديوانه 2/75
يقول : إنَ الدّمع ليس دليلا على الحزن ، فقد يحزن مَن لا يبكي ، وقد يبكي من لا يحزن . التبيان 1/54
(4) من الطويل ، ديوانه 2/75
يقول : مَن يقدر أن يأتي للشمس بمثل فليأت ، فإن لم يقدر فليمت غيظا ، فكما أنه لا مثل للشمس ، كذلك لا مثل له . التبيان 1/56
(5) من الطويل ، ديوانه 2/76
يقول : مَن طالت محبته للدنيا ، أي ظاهرها وباطنها وأمامها وخلفها ، وتقلبت على عينه ، لا يخفى عليه منها شيء ، عرف أنّ صدقها كذب ، وأنها غرور وأماني ، ويجوز أن يكون هذا التقلب بأحوالها من المسرة والمضرة ، والشدة والرخاء . التبيان 1/57
(6) من الطويل ، ديوانه 2/77
يقول : مَن كان ولد الشجعان ، وكان جدوده كالأسود التي تعودت أكل اللحوم ، يكن الليل له نهارا ، لآنه لا تعوقه الظلمة عن إدراك ما يريد ، وكان مطعمه مما يغصِب من الأعداء ، فهو يركب الليل لقضاء حاجاته . التبيان 1/60
(7) من البسيط ، ديوانه 2/82
يقول : أن نظراتك صادقة ، إذا نظرت إلى شيء عرفته على ما هو عليه ، فلا تغلطُ فيما تراه ، ولا تحسبُ الورم شحما ، يريد : لا تظن المتشاعر شاعر ، كما يُحسب السقم صحة ، والورم سِمناً . التبيان 3/366(1/50)
/ ... وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ (1) 7ب
... إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللَّيْثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنّنَّ أنَّ الليْثَ يَبْتَسِمُ (2)
... إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ (3)
... وَبَينَنا لَو رَعَيتُم ذاكَ مَعرِفَةٌ إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهى ذِمَمُ (4)
... شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ (5)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/82
يقول : لا ينتفع أخو الدنيا بنظره ، ولا يعود عليه ذلك بفائدة إذا استوت عنده الصحة والسقم ، والأنوار والظلم ، يريد : عليك أن تميّز بيني وبين غيري ممن لم يبلغ درجتي . التبيان 3/367
(2) من البسيط ، ديوانه 2/83
النيوب جمع ناب ، والليث : الأسد ، يقول : إذا كشّر الأسد عن نابه ، فليس ذلك تبسما ، وإنما هو قصد للافتراس . التبيان 3/368
(3) من البسيط ، ديوانه 2/83
يقول : إن كان ما فعله الحاسد لنا ، واختلقه الواشي بيننا ، مرضيا لكم ، مستحسنا عندكم ، فما يتشكّى الجرح إذا أرضاكم مع شدة وجعه ، ولا يكره مع استحكام ألمه ، حرصا على موافقتكم ، وإسراعا إلى إرادتكم . التبيان 3/370
(4) من البسيط ، ديوانه 2/84
النهى : العقول ، والذمم : العهود ، والمعارف : جمع معرفة ، يقول : بيننا معرفة لو رعيتم تلك المعرفة ، فإن لم يجمعنا الحب ، فقد جمعتنا المعرفة ، وأهل العقل يراعون أهل المعرفة ، والمعارف عندهم عهود وذمم لا يضيعونها ، فبيننا وسائل المعرفة ، ولنا إليكم شوافع المحالفة إن أحسنتم المراعاة ، والمعارف عند أمثالكم من ذوي العقول الراجحة ، والأخحلام الوافرة ، ذمم لا يضيع حفظها . التبيان 3/370
(5) من البسيط ، ديوانه 2/84
يصم : يعيب ، والوصم : العيب ، يقول : شر البلاد بلاد لا يوجد فيها من يؤنس بوده ، ويُسكن إلى كريم فعله ، وشر ما كسبه الإنسان ما عابه وأذله . التبيان 3/373(1/51)
... وَشَرُّ ما قَنَصَتهُ راحَتي قَنَصٌ شُهبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ وَالرَخَمُ (1)
... وَإِن كانَ ذَنبي كُلَّ ذَنبٍ فَإِنَّهُ مَحا الذَنبَ كُلَّ المَحوِ مَن جاءَ تائِبا (2)
... وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَلِ (3)
... وَالهَجرُ أَقتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ أَنا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ (4)
... خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ (5)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/84
الشهب : جمع أشهب ، وهو ما فيه بياض يخالطه سواد ، والرخم : طئر من الجوارح الكبيرة الجثة ، الوحشية الطباع ، يقول : شر صيد صدته ما شاركتني فيه اللئام ، يريد : إذا تساويت أنا وخساس الشعراء في العطاء ، فأي فضل لي عليهم؟ التبيان 3/373
(2) من الطويل ، ديوانه 2/86
يقول : إن كان ذنبي ذنبا لا يدانيه ذنب ، فالتوبة من الذنب محو لا محو فوقه ، مصداقة قوله صلى الله عليه وسلم : التائب من الذنب كمن لا ذنب له . التبيان1/71
(3) من البسيط ، ديوانه 2/87
الصبابة : رقّة الشوق ، يقول : إن المشتاق الذي لا يأمل لقاء حبيبه أشد حالا ممن يأمل ، لأنه إذا كان على أمل خفف التأميل تبريح اشتياقه ، ويجوز أن يكون أخف حالا لاستراحته إلى اليأس ، والأول أوجه ،
(4) من البسيط ، ديوانه 2/87
يقول : هجر هذه المحبوبة أقتل لي من سلاح مَنْ أراقبه ، وموقع ما أحذره من الرقيب في جنب ما أشكوه من هجران الحبيب كموقع البلل عند الغريق الذي هو أقل ما يحذره ، وأهون ما يخافه ، ويتوقعه . التبيان 3/76
(5) من البسيط ، ديوانه 2/89
يقول مخاطبا نفسه : امدحه بما تشاهده من فضله ، وتراه من مجده ، ودع عنك شيئا سمعت به ، ولم تشهده ، وأُخبِرتَ عنه ولم تبصره ، ففضل سيف الدولة على الملوك كفضل الشمس على سائر النجوم ، وفيه ما يُغني عنهم ، وهو أكرم منهم ، كما أن الشمس تغني عن زحل . التبيان 3/81(1/52)
... إِن كُنتَ تَرضى بِأَن يُعطو الجِزى بَذَلوا مِنها رِضاكَ وَمَن لِلعورِ بِالحَوَلِ (1)
... لَعَلَّ عَتبَكَ مَحمودٌ عَواقِبُهُ فَرُبَّما صَحَّتِ الأَجسامُ بِالعِلَلِ (2)
... لِأَنَّ حِلمَكَ حِلمٌ لا تَكَلَّفُهُ لَيسَ التَكَحُّلُ في العَينَينِ كَالكَحَلِ (3)
... وَما ثَناكَ كَلامُ الناسِ عَن كَرَمٍ وَمَن يَسُدُّ طَريقَ العارِضِ الهَطِلِ (4)
... وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ (5)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/90
الجزى : جمع جِزية ، وهو ما يعطيه أهل الذمة ليدفعوا به عن أنفسهم ، ويحفظوا به دماءهم ، يخاطب سيف الدولة قائلاً : إن كنت ترضى من الروم بجزيتهم ، وتقبل ما يبذلون لك من طاعتهم، بادروا في ذلك إلى أمرك ، واحتملوا على رأيك ، فهم كالأعور الذي يتمنى الحَوَل ، لأنه خير من العَوَر ، والجزية خير لهم من القتل . التبيان 3/84
(2) من البسيط ، ديوانه 2/91
يقول : لعل ما أحدثه الواشون من عتبك ، وأوجبوه من موجدتك محمود العاقبة ، مشكور الخاتمة ، يُفضي إلى السعادة بحسن رأيك ، فرب علة انقادت بعد شدّة ، وكانت سبب السلامة والصحة . التبيان 3/86
(3) من البسيط ، ديوانه 2/91
التكحل : الاكتحال ، والتحسن للعين ، يقول : إنّ حلمه حلم طُبع عليه ، فهو لا يتكلفه ، كالكحل الذي يكون في العين من غير تكلّف ، فقد طُبعت عليه ، وحلم الطبع غير حلم التكلّف . التبيان 3/87
(4) من البسيط ، ديوانه 2/91
ثناه : ردّه وصرفه ، العارض : السحاب ، الهطل : الكثير المطر ، يقول : لا يصرفك كلام الناس في إفساد ما بيننا ، كما لا يقدرون أن يصرفوك عن الكرم ، ومن يقدر على هذا إلاّ كمن يقدر أن يرد صوب السحاب الممطر ، فالذي يصرفك عن جودك ، كالذي يرد السحاب ، لأن جودك أغزر من فيض السحاب . التبيان 3/87
(5) من الوافر ، ديوانه 2/95
يقول : إذا احتاج أحد إلى أن يعلم النهار بدليل يدل عليه ، لم يصح في فهمه شيء ـ يريد : إذا لم يصح ما أنظمه ، ويُفهم ما أورده ، فكأنه لم يعرف النهار ، وأنكر وجوده ؛ لأنه كالنهار الذي لا تطلب الأدلة عليه ، ولا يمكن أحد المخالفة فيه . التبيان 3/92(1/53)
/ ... وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئاً قَصَدتُهُ وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ (1) 8 أ
... وَإِطراقُ طَرفِ العَينِ لَيسَ بِنافِعٍ إِذا كانَ طَرفُ القَلبِ لَيسَ بِمُطرِقِ (2)
... وَمَن كُنتَ بَحراً لَهُ يا عَلِيُّ لَم يَقبَلِ الدُرَّ إِلّا كِبارا (3)
... لَيالِيَّ بَعدَ الظاعِنينَ شُكولُ طِوالٌ وَلَيلُ العاشِقينَ طَويلُ (4)
... وَبِتنَ بِحِصنِ الرانِ رَزحى مِنَ الوَجى وَكُلُّ عَزيزٍ لِلأَميرِ ذَليلُ (5)
... فَإِن تَكُنِ الأَيّامُ أَبصَرنَ صَولَهُ فَقَد عَلَّمَ الأَيّامَ كَيفَ تَصولُ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/100
يقول : لم أقصد كمدَ حسادي ، ولكنهم إذا تعرّضوا لي لم يطيقوا مزاحمتي ، فحزنوا فكانوا كمن زاحم البحر فغرق في تياره . التبيان 2/314
(2) من الطويل ، ديوانه 2/100
الإطراق : أن ترمي بنظرك إلى الأرض ، وطرف العين : نظرها ، يقول : إغضاؤه عن العابثين لا ينفعهم ، إذا كان يعرفهم بقلبه فلا يخفى عليه حالهم . التبيان 2/ 315
(3) من المتقارب ، ديوانه 2/119
يقول : من كان مرجوه مثلك لم يرض بالقليل
(4) من الطويل ، ديوانه 2/107
شكول : جمع شكل ، وشكل الشيء مثله ، الظاعنون : المرتحلون ، يقول : ليالي بعد المرتحلين من أحبتي متشابهة في تعذيبي وسهدي . التبيان 3/95
(5) من الطويل ، ديوانه2/110
حصن الران : حصن من حصون الروم ، والرزح : التعب والكلال ، والوجى : الوجع في الحافر ، يقول : باتت خيل سيف الدولة تعبة بما لاقته من سفرها ، وقد خضع ملك الروم وقومه لسيف الدولة ، فذل عزيزهم ، ودان منيعهم ، واعترف بعبوديته كبيرهم وصغيرهم . التبيان 3/103
(6) من الطويل ، ديوانه 2/112
الصولة : حملة الباطش ، يقول : إن تكن الأيام أبصرت وقائع سيف الدولة وبطشه ، فقد علَّمها من ذلك ما لم تعلمه ، وكشف لها ما لم تعرفه ، ونهج لها سبيل الصول والقدرة ، ونبهها على حقائق الغلبة ، مع أن هذه الأحوال إلى الأيام تنسب ، وآثارها فيها تمثل . التبيان 3/107(1/54)
... أَيَدري ما أَرابَكَ مَن يُريبُ وَهَل تَرقى إِلى الفَلَكِ الخُطوبُ (1)
... يُجَمِّشُكَ الزَمانُ هَوىً وَحُبّاً وَقَد يُؤذي مِنَ المِقَةِ الحَبيبُ (2)
... لِكُلِّ اِمرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا وَعادَتُ سَيفِ الدَولَةِ الطَعنُ في العِدا (3)
... وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا (4)
... إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا (5)
وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا ...
مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى (6)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 2/115
أرابه : أفزعه ، يقول : هل يدري هذا المّمل الذي أصاب الممدوح أي الناس أقلق ـ ويتساءل متعجبا : وهل ترقى مصائب الدهر إلى الفلك . جعله كالفلك لعلو قدره ، ورفعة شأنه .
(2) من الوافر ، ديوانه 2/115
التجميش : الملاعبة بين الحبيبين ، المقة : المحبة ، يقول : إنّ الذي ألم بك إنما هو مداعبة من الزمان لحبه لك ، وتعلقه بك لأنك جماله ، وأمثل أهله ، وقد يكون الحب سببا لإيذاء المحبوب .
(3) من الطويل ، ديوانه 2/123 ، والذي كتب في المخطوط : وعادات سيف الدولة الفتك ، وما أثبتناه من ديوانه .
يقول : كل امرئ يعمل بعادته ، وما تعوَّده وتربى عليه ، لا يتكلفه ، وعادة هذا الممدوح أن يغزو أعداءه ، ويقتلهم ، ويطعنهم برمحه . التبيان 1/281
(4) من الطويل ، ديوانه 2/125
يقول : مَن عفا عن حر صار كأنه قتله ، لأنه يسترقّه بالعفو عنه ، فيذل له وينقاد ، ولكن أين الحر الذي يحفظ النعمة ، ويراعي حقّها ؟ . التبيان 1/288
(5) من الطويل ، ديوانه 2/125
يقول : إنّ الكريم يعرف قدر الإكرام ، فيصير كالمملوك لك إذا أكرمته ، واللئيم إذا أكرمته يزيد عتواً وجراءة عليك . التبيان 1/288
(6) من الطويل ، ديوانه 2/126
يقول : كل يجازى ويعامل على استحقاقه ، ممستحق العطاء لم يُستعمَل معه السيف ، ومن استحق السيف لم يُكرَم بالعطاء ، وإذا فعل أحد ذلك أضرَّ بعلاه . التبيان 1/288(1/55)
... وَقَيَّدتُ نَفسي في ذَراكَ مَحَبَّةً وَمَن وَجَدَ الإِحسانَ قَيداً تَقَيَّدا (1)
... وَأَتعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ وَأَغيَظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ (2)
... وَما تَرَكوكَ مَعصِيَةً وَلَكِن يُعافُ الوِردُ وَالمَوتُ الشَرابُ (3)
/ ... تَرَفَّق أَيُّها المَولى عَلَيهِم فَإِنَّ الرِفقَ بِالجاني عِتابُ (4) 8ب
... وَما جَهِلَت أَيادِيَكَ البَوادي وَلَكِن رُبَّما خَفِيَ الصَوابُ (5)
... وَكَم ذَنبٍ مُوَلِّدُهُ دَلالٌ وَكَم بُعدٍ مُوَلِّدُهُ اِقتِرابُ (6)
... وَجُرمٍ جَرَّهُ سُفَهاءُ قَومٍ وَحَلَّ بِغَيرِ جارِمِهِ العَذابُ (7)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/127
يقول : أقمت عندك حبَّا لك ، وإحسانك هو الذي قيّدني . التبيان 1/292
(2) من الطويل ، ديوانه 2/130
يقول : إنما لا أجيبهم لأتعبهم بترك الجواب ، كما أنهم يغيظونني بالمعاداة ، وهم غير أشكال لي . التبيان 3/117
(3) من الوافر ، ديوانه 2/134
الورد : الورود ، يقول : إنك لما طلبتهم انهزموا خوفا منك لا عصيانا ، وإذا كان الشراب الموت كُره وروده . التبيان 1/75
(4) من الوافر ، ديوانه 2/136
يقول : إنهم إن كانوا أخطأوا فترفق بهم ، فإنّ مَن رفق بمن جنى عليه كان رفقه عتابا ، والرفق بالجاني ، والإحسان إليه يجعله عبدا لك . التبيان 1/79
(5) من الوافر ، ديوانه 2/136
البوادي : أهل البدو ، يقول : إن هؤلاء البوادي ما جهلوا سوابق نعمتك ، ولكن قد يخفى الصواب على المرء ، فيأتي غيره . التبيان 1/81
(6) من الوافر ، ديوانه 2/136
يقول : الذنب يتولد من الدلال ، والبعد يأتي من القرب ، وذلك أنّ صاحب الذنب يأتي بذنب ، وهو يظنه دلالا ، وقد يكون بعد سببه القرب . التبيان 1/81
(7) من الوافر ، ديوانه 2/136
السفهاء : الجهال ، ومن لا عقل لهم ، والجرم : الذنب ، يريد كم ذنب ، أو ربّ ذنب جناه سفيه جاهل ، فنزل العذاب بغيره . التبيان 1/81 ـ 82(1/56)
... تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ (1)
... وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ (2)
... أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ وَقَد عَرَفَت ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ (3)
... وَما تَنفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنا إِذا لَم يَكُن فَوقَ الكِرامِ كِرامُ (4)
... وَإِن كُنتَ لا تُعطي الذِمامَ طَواعَةً فَعَوذُ الأَعادي بِالكَريمِ ذِمامُ (5)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/139
تفيت : من الفوت ، وأفاته الشيء حمله على فوته ، غوارم : جمع غارمة ، وغرم الدين أداه ، يقول : إذا سلبت الليالي شيئا أفتَّه عليها ، فلم تقدر على استرداده ، وهي إذا أخذت منك شيئا غرمت ، يعني : أنت أقوى من الدهر ، فإنه لا يقدر على مخالفتك . التبيان 3/382
(2) من الطويل ، ديوانه 2/140
البيض : السيوف ، الخفاف : المرهفة ، الصوارم : القواطع ، يقول : من طلب الفتح المبين ، فإنما مفاتيح ذلك السيوف الصارمة ، الخفاف الماضية . التبيان 3/388
(3) من الطويل ، ديوانه 2/141
الليث : الأسد ، يذوقه : يجربه ويختبره ، يقول : لو كان حازما لكفاه ما يعرفه ويسمعه من أخبارك ، ويشاهده من شجاعتك ، أي أنه يسمع خبرك ، ويأتيك مقاتلا ثم ينهزم ، ولو انهزم من غير قتال لكان أحزم . التبيان 3/390
(4) من الطويل ، ديوانه 2/144
يقول : إنك تردّهم عما يطلبون من الهدنة ، ردك لوم اللائمين لك في العطاء ، أي كما أنك لا تصغي إلى لومة لائم في سخائك ، فكذلك لا تقبل الهدنة . التبيان 3/394
(5) من الطويل ، ديوانه 2/144 ، والذي في المخطوطة : فإن تك تعطي الزمام ، وما أثبتناه من الديوان .
الذمام : العهد ، طواعة : أي طواعيّة باختيارك ، يقول : إن كنت لا تعطي الروم عهدا وصلحا بالطوع ، فلياذهم بك يوجب لهم الذمام ، لأن من لاذ بالكريم ، وجبت له الذمة . التبيان 3/ 394 ـ 395(1/57)
... وَشَرُّ الحِمامَينِ الزُؤامَينِ عيشَةٌ يَذِلُّ الَّذي يَختارُها وَيُضامُ (1)
... وَما الحُسنُ في وَجهِ الفَتى شَرَفاً لَهُ إِذا لَم يَكُن في فِعلِهِ وَالخَلائِقِ (2)
... وَما بَلَدُ الإِنسانِ غَيرُ المُوافِقِ وَلا أَهلُهُ الأَدنَونَ غَيرُ الأَصادِقِ (3)
... وَما يوجِعُ الحِرمانُ مِن كَفِّ حارِمٍ كَما يوجِعُ الحِرمانُ مِن كَفِّ رازِقِ (4)
... وَلَو لَم تُبقِ لَم تَعِشِ البَقايا وَفي الماضي لِمَن بَقِيَ اِعتِبارُ (5)
... لَعَلَّ بَنيهِمِ لِبَنيكَ جُندٌ فَأَوَّلُ قُرَّحِ الخَيلِ المِهارُ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/144
الزؤام : الموت العاجل ، المضام : المغلوب ، يقول : إنّ عيشة الذل شر الموتتين ، ميتة الذل ، وميتة الحتف . التبيان 3/395
(2) من الطويل ، ديوانه 2/147 ، والذي في المخطوطة : وما الحسن في طبع الفتى شرف له إذا لم يكن في طبعه والخلائق وما أثبتناه من الديوان ، وهو الصحيح .
الخلائق : الخصال ، يقول : ليس الحُسن في وجه الفتى شرفا ورفعة إذا لم يكن في الأفعال والخلائق والشمائل ، يريد : إذا لم يحسن فعل الفتى وخلقه ، لم يكن حسن وجهه شرفا له . التبيان 2/320
(3) من الطويل ، ديوانه 2/147
الأصادق : جمع صديق ، والأدنون : الأقربون ، يقول : إنّ كل بلد يوافقك فهو بلدك ، وكل أهل ود أصفوك ودّهم فهم أهلك ، فما بلد الإنسان إلاّ الذي يوافقه ، وما الأدنون إلاّ الذين يخلصون ودهم لك . التبيان 2/320
(4) من الطويل ، ديوانه 2/148
يقول : إنّ إساءته إليهم أوجع لهم من إساءة غيره ، لأنهم تعوَّدوا إحسانه ، فإذا قطعه عنهم أوجع ذلك . التبيان 2/322
(5) من الوافر ، ديوانه 2/155
يقول : لو لم تعف عمن بقي منهم لهلكوا ، والباقي يعتبر بالمقتول فلا يعصي لك أمرا أبدا . التبيان 2/108
(6) من الوافر ، ديوانه 2/157
القُرَّح : التي قد استوت وصار لها خمس سنين ، والمهار : جمع مهر وهو الصغير من الخيل ، يقول : أولادهم يكونون أجنادا لأولادك ، يستعطفه عليهم ، فضرب المهار والقرح مثلا له . التبيان 2/112(1/58)
/ ... وَما في سَطوَةِ الأَربابِ عَيبٌ وَلا في ذِلَّةِ العُبدانِ عارُ (1) 9أ
... لَكَ إِلفٌ يَجُرُّهُ وَإِذا ما كَرُمَ الأَصلُ كانَ لِلإِلفِ أَصلا (2)
... إِنَّ خَيرَ الدُموعِ عَوناً لَدَمعٌ بَعَثَتهُ رِعايَةٌ فَاِستَهَلّا (3)
... وَإِذا لَم تَجِد مِنَ الناسِ كُفواً ذاتُ خِدرٍ أَرادَتِ المَوتَ بَعلا (4)
... وَلَذيذُ الحَياةِ أَنفَسُ في النَف سِ وَأَشهى مِن أَن يُمَلَّ وَأَحلى (5)
... وَإِذا الشَيخُ قالَ أُفٍّ فَما مَلـ لَ حَياةً وَإِنَّما الضَعفَ مَلّا (6)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 2/157
العبدان : جمع عبد ، والأرباب جمع رب ، وهو المالك ، يقول : هم عبيدك ، وليس في سطواتك عليهم عيب ، ولا في ذلتهم لك وخضوعهم عار . التبيان 2/113
(2) من الخفيف ، ديوانه 2/159
الإلف : السكون إلى الشيء ، يقول : لك إلف يجرّ إليك الحزن ، والوفاء من كرم الأصل ، وإن الكريم ألوف ، وإذا كان ألوفا حزن على فراق من يألفه . التبيان 3/124 ـ 125
(3) من الخفيف ، ديوانه 2/160
الرعاية : حسن المحافظة ، والاستهلال : الانسكاب ، يقول : إنّ خير الدموع دمع سببه رعاية العهد ، وهو عون على الحزن وذلك أن الدمع يخفف تباريح الوجد . التبيان 3/125
(4) من الخفيف ، ديوانه 2/161
الكفو : المثل ، والخدر : الخيمة ن والحجال ، البعل : الزوج ، يقول : إذا كانت ذات الخدر لا تجد من الناس كفوا ، أرادت أن يكون الموت بعلا لها ، يتكفل بصيانتها . التبيان 3/129
(5) من الخفيف ، ديوانه 2/161
اللذيذ : المُستحب ، والنفيس : الرفيع المطلوب ، يقول : الحياة لا تُملّ ، وهي أعز وأحلى من أن يملها صاحبها . التبيان 3/129
(6) من الخفيف ، ديوانه 2/161
أفِّ : اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر ، يقول : إذا قال الشيخ أفّ لنفسه ، وأظهر الاستطالة لمدة عمره ، لم يكن ذلك لأنه ملّ الحياة ، ولكنه ملّ الضعف والهرم . التبيان 3/130(1/59)
... آلَةُ العَيشِ صِحَّةٌ وَشَبابٌ فَإِذا وَلَّيا عَنِ المَرءِ وَلّى (1)
... أَبَداً تَستَرِدُّ ما تَهَبُ الدُن يا فَيا لَيتَ جودَها كانَ بُخلا (2)
... وَهيَ مَعشوقَةٌ عَلى الغَدرِ لا تَحـ فَظُ عَهداً وَلا تُتَمِّمُ وَصلاً (3)
... كُلِّ دَمعٍ يَسيلُ مِنها عَلَيها وَبِفَكِّ اليَدَينِ عَنها تُخَلّى (4)
... رُبَّ أمرٍ أَتاكَ لا تحْمَدُ الفَعـ عال فِيه وتحمَدُ الأَفعالا (5)
... وَالعِيانُ الجَلِيُّ يُحدِثُ لِلظَنـ نِ زَوالاً وَلِلمُرادِ اِنتِقالا (6)
... وَإِذا ما خَلا الجَبانُ بِأَرضٍ طَلَبَ الطَعنَ وَحدَهُ وَالنِزالا (7)
__________
(1) من الخفيف ، ديوانه 2/162
يقول : إنّ العيش إنما يُطلب بالشباب ، فإذا ذهب الشباب ، تنغص عليه العيش وتكدّر . التبيان 3/130
(2) من الخفيف ، ديوانه 2/162
يقول : الدنيا تسترد ما تهب ، فليتها بخلت ، وما جادت . التبيان 3/130
(3) من الخفيف ، ديوانه 2/162
يقول يقول : إنّ الدنيا محبوبة لدى طلبها رغم غدرها ، وقلة وفائها لهم . التبيان 3/131
(4) من الخفيف ، ديوانه 2/162
يقول : كل مَن أبكته الدنيا إنما يبكي عليها ، وبحلّ اليدين المتماسكتين تترك وتزايل ، وبفكها عنها تخلى وتباين ، وهذا أشارة إلى الموت الذي يغلب أهل الدنيا على قربها ، ويخرجهم عنها مع كلفهم بحبها . التبيان 3/131
(5) من الخفيف ، ديوانه 2/166
يقول : ربّ أمر أتاك به أعداؤك ، قاصدين لحرجك ، محاولين لكيدك ، فذممت رأيهم ، ولم تحمد فعالهم ، وأفضت الأفعال منهم إلى إرادتك ، فصار تدبيرهم ورأيهم أغرى الحوادث بهم . التبيان 3/138
(6) من الخفيف ، ديوانه 2/168
الجلي : الظاهر المكشوف ، يقول مشيرا إلى فرار الروم : إن ما تيقنوه من قصد سيف الدولة ، وتسابفه نحوهم أكذبّ ما ظنوه ، وأراهم الجلية فيما حاولوه ، وعرّفهم لأأن حظهم الانتقال عما أضمروه من الإقدام إلى الفرار والانهزام ، فأزال العيان ما كان الظن يحدّث لهم . التبيان 3/143
(7) من الخفيف ، ديوانه 2/168
الجبان : ضد الشجاع ، وهو الذي يتراجع عند لقاء العدو ، يقول : إذا ما خلا الجبان بأرض ، وابتعد عن الأقران طلب الطعن والمنازلة ، وتعاطي القتال والمبارزة ، فإذا أحسّ بمن يقاتله ، رجع إلى طبعه . التبيان 3/143(1/60)
... أَقسَموا لا رَؤوكَ إِلّا بِقَلبٍ طالَما غَرَّتِ العُيونُ الرِجالا (1)
... إِنَّما أَنفُسُ الأَنيسِ سِباعٌ يَتَفارَسنَ جَهرَةً وَاِغتِيالا (2)
/ ... مَن أَرَادَ اِلتِماسَ شَيءٍ غِلاباً وَاِغتِصاباً لَم يَلتَمِسهُ سُؤالا (3) 9ب
... كُلُّ غادٍ لِحاجَةٍ يَتَمَنّى أَن يَكونَ الغَضَنفَرَ الرِئبالا (4)
... وَرَفَلتَ في حُلَلِ الثَناءِ وَإِنَّما عَدَمُ الثَناءِ نِهايَةُ الإِعدامِ (5)
... الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثاني (6)
__________
(1) من الخفيف ، ديوانه 2/168
يقول : حلفوا ليحضرنّ عقولهم ، وليعملنّ أفكارهم في قتالك ، ولطالما اغتروا بمواقعتك ، فأفنيت جيوشهم ، وأتلفت نفوسهم . التبيان 3/143
(2) من الخفيف ، ديوانه 2/169
الأنيس : جماعة الناس ، التفارس : التقاتل ، والاغتيال : القتل بالخديعة ، يقول : إنّ أنفس الناس كالسباع فيما تبتغيه من الغلبة ، وتطلبه من الاستعلاء والقدرة ، فهي تتقاتل سرا وجهرا ، ومكاشفة وغيلة . التبيان 3/147
(3) من الخفيف ، ديوانه 2/169 ، وفيه : من أطاق
الغلاب : الغلبة ، والاغتصاب : الأخذ بالقهر ، يقول : من أطاق أن يأخذ منهم شيئا قهرا ، لم يأخذه سؤالا ومخادعة . التبيان 3/147
(4) من الخفيف ، ديوانه 2/169
الغضنفر والرئبال : اسمان من أسماء الأسد ، يقول : كل غاد منهم لحاجته ، يود لو أنه أسد بأساً وشدة واقتدارا وقوة ، ليأخذ ما يريد بقوة بأسه وشدته . التبيان 3/147
(5) من الكامل ، ديوانه 2/186
رفل في ثيابه : إذا أطالها وجرّها متبخترا ، يقول : عليك من الثناء حللا تتبختر فيهن ن وعدم الثناء هو غاية العدم ، لا عدم الثراء . التبيان 4/10
(6) من الكامل ، ديوانه 2/171
يقول : إن العقل مقدم على الشجاعة ، والشجاعة إن لم تصدر عن عقل أتت على صاحبها ، وأوردته المهالك ، ولم تعد شجاعة ، بل خرق ، والحاصل أن العقل في ترتيب المناقب ، هو الأول ، والشجاعة ثان له .(1/61)
... وَلَرُبَّما طَعَنَ الفَتى أَقرانَهُ بِالرَأيِ قَبلَ تَطاعُنِ الأَقرانِ (1)
... لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنى ضَيغَمٍ أَدنى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإِنسانِ (2)
... وَتَوَهَّموا اللَعِبَ الوَغى وَالطَعنُ في ال هَيجاءِ غَيرُ الطَعنِ في المَيدانِ (3)
... عُقبى اليَمينِ عَلى عُقبى الوَغى نَدَمُ ماذا يَزيدُكَ في إِقدامِكَ القَسَمُ (4)
... لا تَطلُبَنَّ كَريماً بَعدَ رُؤيَتِهِ إِنَّ الكِرامَ بِأَسخاهُم يَداً خُتِموا (5)
... وَلا تُبالِ بِشِعرٍ بَعدَ شاعِرِهِ قَد أُفسِدَ القَولُ حَتّى أُحمِدَ الصَمَمُ (6)
__________
(1) من الكامل ، ديوانه 2/ 171
الأقران : جمع قِرن ، وهو الند والكفء في الحرب ، يقول موكدا تفضيل العقل : قد يطعن الفتى أقرانه بالمكيدة ، ولطف التدبير ، ودقة الرأي ، قبل أن يُصرَّح بالقتال .
(2) من الكامل ، ديوانه 2/171
الضيغم : الأسد ، أدنى ضيغم : أخس وأقل ، أدنى إلى شرف : أقرب ، يقول : إنما تتفاضل النفوس بالعقول ، فالإنسان يفضل البهيمة بعقله ، وإلاّ لو كان التفاضل بالضخامة في الجثث لكان كثير من البهائم أفضل من الأناسي ، وكذا يتفاضل الناس بحسب عقولهم ، لا بحسب جسومهم .
(3) من الكامل ، ديوانه 2/172
الوغى والهيجاء : من أسماء الحرب ، يقول : إذا لعبوا بالرماح في الميدان ظنوا أن ذلك هو الطعن في الحرب ، غير أن الطعن في الحرب غير الطعن في اللعب ، ففي الهيجاء الطعن مع الموت ، وفي اللعب طعن مع البقاء .
(4) من البسيط ، ديوانه 2/177
الإقدام : الشجاعة ، القسم : اليمين ، يقول: إنه من حلف على الظفر في الحرب فإنه يندم عند ملاقاة سيف الدولة . التبيان 4/15
(5) من البسيط ، ديوانه 2/183
يقول : إذا رأيت سيف الدولة فلا تطلبن كريما بعده ، فهو خاتم الكرماء . التبيان 4/26
(6) من البسيط ، ديوانه 2/183
يقول ، ولا تبال ألاّ تسمع شعراً بعد شاعره ـ يعني نفسه ـ فالقول من غيره فاسد ، والصمم أفضل من الاستماع إليهم . وهذا آخر بيت قاله في مدح سيف الدولة . التبيان 4/26(1/62)
... وَما عاقَني غَيرُ قَوْلِ الوُشاةِ وَإِنَّ الوِشاياتِ طُرقُ الكَذِب (1)
... وَمَن رَكِبَ الثَورَ بَعدَ الجَوادِ أَنكَرَ أَظلافَهُ وَالغَبَب (2)
... وَإِذا خامَرَ الهَوى قَلبَ صَبٍّ فَعَلَيهِ لِكُلِّ عَينٍ دَليلُ (3)
... زَوِّدينا مِن حُسنِ وَجهَكِ ما دا مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حالٌ تَحولُ (4)
... إِن تَريني أَدِمتُ بَعدَ بَياضٍ فَحَميدٌ مِنَ القَناةِ الذُبولُ (5)
__________
(1) من المتقارب ، ديوانه 2/197 ، وفيه : غير خوف الوشاة
يقول : لم يمنعني من اللحوق بك إلاّ خوف الوشاة ، والوشاية طريقها الكذب ، فالذي يشي كاذب . التبيان 1/97
(2) من المتقارب ، ديوانه 2/198
الغبب : للبقر والديك ، ما تدلّى تحت حنكيهما ، والظلف : للبقرة ، والشاة والظبي ، وهو ما تطأ به الأرض كالقدم للإنسان ، والخف للبعير ، والحافر للفرس والبغل والحمار ، وهذا مثل ضربه لمن يلقى بعده من الملوك ، وذكر الركوب غير مستحسن هنا ، فلا تخاطب به الملوك . التبيان 1/98
(3) من الخفيف ، ديوانه 2 /188
خامر : خالط ، ولابس ، الصب : الشديد الشوق ، وهو الذي يصبو إلى حبيبه ، يقول : إذا خالط قلب محب هوى من يحبه ، فملكه واستولى عليه وغلبه ، ففيما يظهر من تغير حاله ، دليل لكل عين على ما يضمره ويستره . التبيان 3/149
(4) من الخفيف ، ديوانه 2/188
ما دام : هنا بمعنى ثبت ، يقول لمحبوبته : زودينا من حسن وجهك غير مُعرضة ، ومتِّعينا بالنظر إليه غير مُخيِّبة ، فحسن الوجوه حال تذهب وتفنى وتحول ، ويتبدل جمالها ويزول ، لأن الشبيبة يتلوها الكبر ، والاقتبال يعاقبه التغير والهرم . التبيان 3/149
(5) من الخفيف ، ديوانه 2/189
أدم : بضم الدال وفتحها ، شحب لونه وتغير ، ونزع إلى السواد ظاهره ، والقناة : الرمح ، والذبول : اليبس والدقة ، يقول : إذا كانت الأسفار غيّرت وجهي ، فليس ذلك بعيب فيَّ ، وإن كان عيبا في غيري ، بل هو وصف محمود فيَّ ، كما أن الذبول وإن كان مذموما فهو في القناة محمود ؛ لأنه يؤدي إلى صلابتها . التبيان 3/150(1/63)
/ ... وَكَثيرٌ مِنَ السُؤالِ اِشتِياقٌ وَكَثيرٌ مِن رَدِّهِ تَعليلُ (1) 10 أ
... ما الَّذي عِندَهُ تُدارُ المَنايا كَالَّذي عِندَهُ تُدارُ الشَمولُ (2)
... غَدَرتَ يا مَوتُ كَم أَفنَيتَ مِن عَدَدِ بِمَن أَصَبتَ وَكَم أَسكَتَّ مِن لَجَبِ (3)
... وَإِن تَكُن تَغلِبُ الغَلباءُ عُنصُرُها فَإِنَّ في الخَمرِ مَعنىً لَيسَ في العِنَبِ (4)
... وَعادَ في طَلَبِ المَتروكِ تارِكُهُ إِنّا لَنَغفُلُ وَالأَيّامُ في الطَلَبِ (5)
... فَلا تَنَلكَ اللَيالي إِنَّ أَيدِيَها إِذا ضَرَبنَ كَسَرنَ النَبعَ بِالغَرَبِ (6)
__________
(1) من الخفيف ، ديوانه 2/189
يقول : الذي حملني على السؤال الاشتياق ، ولكن أتعلل بالسؤال عن الجواب ، وكثير من الجواب تعليل للسائل ، دون جهل بحقيقة ما يطلبه . التبيان 3/152
(2) من الخفيف ، ديوانه 2/191
الشمول : الخمر الباردة ، وهي التي ضربتها ريح الشمال ، يقول : إنّ غيره من الملوك يشتغلون باللهو وشرب الخمر ، وهو مشغول بالحرب ، أي لست كمن تدار عندهم كؤوس الخمر ، وأنت تدار عندك أحاديث الحرب . التبيان 3/157
(3) من البسيط ، ديوانه 2/192
اللجب : الصوت والجلب ، يقول : غدرت يا موت بسيف الدولة ، حيث أخذت أخته ، وأنت به تفني العدد الكثير ، وتهلك الجيوش ذات الأصوات والجلبة ، فكان معينا لك على الإهلاك ، وكان من حقه عليك ألاّ تفجعه بأخته . التبيان 1/87
(4) من البسيط ، ديوانه 2/194
يقول : وإن تكن من قبيلة تغلب الغالبين الناس لشجاعتهم فإنها أفضل منهم ، لأن العنب أصل الخمر ، وفي الخمر معان ليست فيه وهذا تفضيل لها على قومها . التبيان 1/91
(5) من البسيط ، ديوانه 2/195
يقول : إنّ الموت ترك الكبرى ، ثم عاد فأخذها . التبيان 1/93
(6) من البسيط ، ديوانه 2/195
النبع : شجر تتخذ منه القسي ، الغرب : نبت ضعيف ينبت على الأنهار ، يقول : أنتم بين الملوك كالقنا على سائر القصب ، ففضلكم عليهم كفضل القنا على القصب ، ثم دعا له ألاّ تناله الليالي ، فإنها إذا ضربت كسرت القوي بالضعيف . التبيان 1/94(1/64)
... فلا تَغُرَّ عَدُوّاً أَنتَ قاهِرُهُ فَإِنَّهُنَّ يَصِدنَ الصَقرَ بِالخَرَبِ (1)
... وَإِن سَرَرنَ بِمَحبوبٍ فَجَعنَ بِهِ وَقَد أَتَينَكَ في الحالَينِ بِالعَجَبِ (2)
... وَما قَضى أَحَدٌ مِنها لُبانَتَهُ وَلا اِنتَهى أَرَبٌ إِلّا إِلى أَرَبِ (3)
... تَخالَفَ الناسُ حَتّى لا اِتِّفاقَ لَهُم إِلّا عَلى شَجَبٍ وَالخُلفُ في الشَجَبِ (4)
... فَقيلَ تَخلُصُ نَفسُ المَرءِ سالِمَةً وَقيلَ تَشرَكُ جِسمَ المَرءِ في العَطَبِ (5)
... وَمَن تَفَكَّرَ في الدُنيا وَمُهجَتِهِ أَقامَهُ الفِكرُ بَينَ العَجزِ وَالتَعَبِ (6)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/195 ، وفيه : وَلا يُعِنَّ
الخرب : ذكر الحبارى ، يدعو له أن لا تعين الليالي من عاداه ، فإنهن يصدن القوي بالضعيف . التبيان 1/95
(2) من البسيط ، ديوانه 2/195
يقول : إنْ سرّتك الأيام بمحبوب فجعتك بفقده إذا استردّتْه ، وقد أرينك العجب حيث سررنك ثم فجعنك ، فهي سبب للسرور والفجيعة ، وهذا عجب أن يكون شيء واحد سببا للسرور والفجيعة . التبيان 1/95
(3) من البسيط ، ديوانه 2/196
اللبانة : الحاجة ، والأرب : الحاجة ، يقول : لا تنقضي حاجة أحد من الليالي ، وذلك أن حاجات الإنسان لا تنقضي ، كلما قضى حاجة أتت أخرى . التبيان 1/95
(4) من البسيط ، ديوانه 2/196
الشجب : الهلاك والحزن ، يريد أن الناس يتخالفون في كل شيء ، ويُجمعون على الهلاك ، وأنه منتهى الناس والحيوان ، ثم تخالفوا في الموت وهل تفنى النفس بموت الجسم أم تبقى حيّة . التبيان 1/95 ـ 96
(5) من البسيط ، ديوانه 2/196
يريد بالنفس الروح ، واختلاف الناس في هلاك الأرواح فمن قائل أن الروح تفنى كالجسم ، وقائل أن الأرواح تسلم من الهلاك ، ولا تفنى بفناء الأجسام . التبيان 1/96
(6) من البسيط ، ديوانه 2/196
يقول : إن من تفكر في الدنيا يتعب تارة في طلب الدنيا ، وتارة يترك طلبها خوفا على نفسه . التبيان 1/96(1/65)
... كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا (1)
... تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى صَديقاً فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيا (2)
... إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا (3)
/ ... فلا يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا (4) 10ب
... فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا (5)
... إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى فَلا الحَمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/202
يقول : كفاك من ايذاء الزمان لك أن تتمنى معه الموت ز التبيان 4/282
(2) من الطويل ، ديوانه 2/202
أعيا : صعب وعزَّ ، المداجي : المساتر للعداوة ، يقول : تمنّيت الموت لما طلبت صديقا مصافيا فأعجزك ، أو عدوا ساترا للعداوة فلم تجد . التبيان 4/282
(3) من الطويل ، ديوانه 2/202
الحسام : القاطع ، واليماني : المنسوب إلى اليمن ، يقول مخاطبا نفسه : إنما يحتاج إلى عمل السيف ليرفع به الذل ، فإذا رضيت أن تعيش ذليلا ، فما تصنع بالسيف القاطع؟ التبيان 4/282
(4) من الطويل ، ديوانه 2/202 وفيه : فما ينفع
الطوى : الجوع ، والضواري : الجريئة ، يقول : إذا كان في الأسد حياء ، لم ينفعه ، ولن يشبع ، وإنما يشبع الذي يفترس ، فلو لزم عرينه ، ولم يصد لبقي جائعا غير مهيب ، وإنما يُتقى إذا كان ضاريا مفترسا . التبيان 4/282
(5) من الطويل ، ديوانه 2/203
غُدر : جمع غادر ، الظاعنين : الراحلين ، يقول : إذا جرت الدموع إثر فراق الغادر فهي غادرة بصاحبها ؛ لأنه ليس من حق الغادر أن يُبكى عليه ، والمعنى : لا تف لغادر . التبيان 4/283
(6) من الطويل ، ديوانه 2/203
يقول : إذا لم يتخلّص الجود من المنِّ به ، لم يبق المال ، ولم يحصل الحمد ؛ لأن المال يذهبه الجود ، والأذى يُذهب الحمد ، فالذي يمن بالجود غير محمود ولا مأجور . التبيان 4/284(1/66)
... وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا (1)
... خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا (2)
... قَواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ وَمَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا (3)
... حُسنُ الحَضارَةِ مَجلوبٌ بِتَطرِيَةٍ وَفي البَداوَةِ حُسنٌ غَيرُ مَجلوبِ (4)
... فَما الحَداثَةُ مِن حِلمٍ بِمانِعَةٍ قَد يوجَدُ الحِلمُ في الشُبّانِ وَالشيبِ (5)
... أَبى خُلُقُ الدُنيا حَبيباً تُديمُهُ فَما طَلَبي مِنها حَبيباً تَرُدُّهُ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/203
السخاء : الجود ، يقول : نفس الإنسان لها أخلاق تدل عليه ، أسخي هو أم متشبه بالأسخياء ، فأخلاقه تدل عليه ، فيعرف أنّ جوده طبع أم تطبع . التبيان 4/284
(2) من الطويل ، ديوانه 2/203
يقول : لو فارقت الشيب الذميم برحيلي إلى الصبا ، وهو خير حياة الإنسان لكان ذلك الفراق موجعا لقلبي ، مبكيا لعيني . التبيان 4/284
(3) من الطويل ، ديوانه 2/204
القصد : الطلب ، والسواقي : جمع ساقية ، وهي النهر الصغير ، يقول : قصدنا بها كافورا ، وتركنا غيره من الملوك ؛ لأنه كالبحر ، وغيره كالساقية . التبيان 4/287
(4) من البسيط ، ديوانه 2/211
الحضارة : الإقامة في الحضر ، البداوة : الإقامة في البدو ، والمراد حسن أهل الحضارة ، وأهل البداوة ، فحذف المضاف ، يقول : حسن الحضريات مجلوب بالاحتيال ، وحُسن البدويات طبع طُبعن عليه . التبيان 1/168
(5) من البسيط ، ديوانه 2/212
الحداثة : يريد الشباب ، وحداثة السن ، يقول : قد كنت قبل تحليم الحوادث حليما ، فإن الشباب لا يمنع من الحلم ، فقد يكون الشاب حليما . التبيان 1/170
(6) من الطويل ، ديوانه 2/215
يقول : خلق الدنيا يأبى أن تديم حبيبا ، فكيف نطلب منها شيئا ترده علينا ! التبيان 2/19(1/67)
... وَأَسرَعُ مَفعولٍ فَعَلتَ تَغَيُّراً تَكَلُّفُ شَيءٍ في طِباعِكَ ضِدُّهُ (1)
... وَأَتعَبُ خَلقِ اللَهِ مَن زادَ هَمُّهُ وَقَصَّرَ عَمّا تَشتَهي النَفسُ وُجدُهُ (2)
... فَلا مَجدَ في الدُنيا لِمَن قَلَّ مالُهُ وَلا مالَ في الدُنيا لِمَن قَلَّ مَجدُهُ (3)
... وَفي الناسِ مَن يَرضى بِمَيسورِ عَيشِهِ ... وَمَركوبُهُ رِجلاهُ وَالثَوبُ جِلدُهُ (4)
... وَما الصارِمُ الهِندِيُّ إِلّا كَغَيرِهِ إِذا لَم يُفارِقهُ النِجادُ وَغِمدُهُ (5)
... وَما مَنزِلُ اللَذّاتِ عِندي بِمَنزِلٍ إِذا لَم أُبَجَّل عِندَهُ وَأُكَرَّمِ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/215
يقول : الدنيا لو أسعفتنا بقرب أحبتنا لما دام ذلك لنا ، لأنها بُنيت على التغيّر والتنقّل ، فإذا فعلت غير ذلك كانت كمن تكلف شيئا هو ضد طباعه ، فيدعه عن قريب ، ويعود إلى طبعه . التبيان 2/19
(2) من الطويل ، ديوانه 2/216
الوجد : السعة ، يقول : أنا أتعب خلق الله لزيادة همتي ، وقصور طاقتي من العيّ عن مبلغ ما أهم به . التبيان 2/22
(3) من الطويل ، ديوانه 2/216
يقول : إنّ صاحب المال بلا مجد فقير ، وصاحب المجد بلا مال متوجه عليه زوال مجده لعدم المال ، يريد أنّ صاحب المال إذا لم يطلب المجد بماله فكأنه لا مال له لمساواته الفقير . التبيان 2/23
(4) من الطويل ، ديوانه 2/216
يقول : في الناس مَن هو دنيء الهمة يرضى بدون العيش ، ولا يبالي ، ولا يطلب ما وراء ذلك ، ويرضى أن يعيش عاريا راجلا .التبيان 2/23
(5) من الطويل ، ديوانه 2/219
الهندي القاطع المنسوب إلى الهند ، النجاد : حمائل السيف ، يقول : السيف الهندي القاطع كغيره من السيوف إذا كان في غمده ولم يُجرَّب ، وإنما يُعرف مضاؤه إذا سُلَّ وجُرِّب ، وأنا كذلك ، إذا لم أجرب لم يُعرف ما عندي ، ولم يكن بيني وبين غيري فرق . التبيان 2/29
(6) من الطويل ، ديوانه 2/220
أبجل : أعظم ويُرفع قدري ، يقول : لا أُقيم بمنزل لطيب العيش والحياة ، إذا لم أكن مُعظَّما مُكرَّما ؛ لأنه مع الذل لا يطيب لي . التبيان 4/134(1/68)
/ ... إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ (1) 11أ
... أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ (2)
... وَأَحلُمُ عَن خِلّي وَأَعلَمُ أَنَّهُ مَتى أَجزِهِ حِلماً عَلى الجَهلِ يَندَمِ (3)
... وَإِن بَذَلَ الإِنسانُ لي جودَ عابِسٍ جَزَيتُ بِجودِ التارِكِ المُتَبَسِّمِ (4)
... وَما كُلُّ هاوٍ لِلجَميلِ بِفاعِلٍ وَلا كُلُّ فَعّالٍ لَهُ بِمُتَمِّمِ (5)
... وَلَم أَرجُ إِلّا أَهلَ ذاكَ وَمَن يُرِد مَواطِرَ مِن غَيرِ السَحائِبِ يَظلِمِ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/222
يقول : المُسيء يُسيء الظن ، لأنه لا يأمن ممن أساء إليه ، وما يخطر بقلبه من التوهم على إساءة غيره يصدق ذلك ، فكلما سمع من شخص كلام سوء يظنه فيه ، لسوء وهمه وفعله . التبيان 4/135
(2) من الطويل ، ديوانه 2/222
النفس : يريد بها الهمة ، والمعاني التي في جسم الإنسان من أخلاقه ، فهو يذكر لطف حسّه ، ودقة علمه ، يقول : قبل أن أصادق المرء ، أصادق نفسه أولا ، وأستدل على ذلك بكلام المرء وفعله . التبيان 4/135
(3) من الطويل ، ديوانه 2/222
يقول : أصفح عن خليلي علما بأنني إذا جازيته على سفهه بالحلم ، ندم على قبيح فعله ، فاعتذر إليّ ، ورجع إلى مرادي . التبيان 4/136
(4) من الطويل ، ديوانه 2/222
يقول : إنْ بذل الإنسان لي جوده وهو عابس الوجه ، غير منشرح الصدر ، جازيته مجازاة من بذل لي جوده وهو ضاحك ، ولم أكافئه . التبيان 4/136
(5) من الطويل ، ديوانه 2/222
هاوٍ : محب ، يقول : ليس كل من أحب الأمر الجميل يصنعه ، ولا كل من يصنعه يتممه . التبيان 4/137
(6) من الطويل ، ديوانه 2/223
يقول : أنت أهل أن يرجى عندك ما أرجوه ، ولم أضع الرجاء في غير موضعه ؛ لأني لا أرجو إلاّ من متمكن ، كمن يطلب المطر من السحاب ، ولم يطلبه من غير السحاب . التبيان 4/139(1/69)
... فَأَحسَنُ وَجهٍ في الوَرى وَجهُ مُحسِنٍ وَأَيمَنُ كَفٍّ فيهِمُ كَفُّ مُنعِمِ (1)
... وَأَشرَفُهُم مَن كانَ أَشرَفَ هِمَّةً وَأَكبَرَ إِقداماً عَلى كُلِّ مُعظَمِ (2)
... لِمَن تَطلُبُ الدُنيا إِذا لَم تُرِد بِها سُرورَ مُحِبٍّ أَو إِساءَةَ مُجرِمِ (3)
... وَلَكِنَّ ما يَمضي مِنَ العُمرِ فائِتٌ فَجُد لي بِحَظِّ البادِرِ المُتَغَنِّمِ (4)
... إِنَّما تُنجِحُ المَقالَةُ في المَر ءِ إِذا صادَفَت هَوىً في الفُؤادِ (5)
... قَد يُصيبُ الفَتى المُشيرُ وَلَم يَجـ هَد وَيُشوي الصَوابَ بَعدَ اِجتِهادِ (6)
... وَإِذا الحِلمُ لَم يَكُن في طِباعِ لَم يُحَلِّم تَقادُمُ الميلادِ (7)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/224
يقول : إذا أحسن بالعطاء فوجهه أحسن الوجوه بالإحسان ، ويده أيمن الأيدي بالإنعام . التبيان 4/141
(2) من الطويل ، ديوانه 2/224
يقول : إنه خال عما يمدح به الملوك من نسب ، أو حسب ، أو شرف تليد ، فإن لم يستحدث لنفسه شرفا ، لم يكن له خصلة يمدح بها . التبيان 4/141
(3) من الطويل ، ديوانه 2/224
يقول : إنما تطلب الدنيا لأحد أمرين : نفع المحبين ، وضرّ الأعداء ، وليست تصلح اغير هذين . التبيان 4/141
(4) من الطويل ، ديوانه 2/224
يقول : الفائت من العمر غير مرتجع ، ولا يعود على أحد ، أي لا تطول مدة البقاء ، فإن الماضي غير مستدرك ، فجد لي بحظ من يستعجل ، ويغتنم الفرصة والإمكان . التبيان 4/142
(5) من الخفيف ، ديوانه 2/225
يقول : إنما يبلغ القول النجاح إذا سمعه من يوافق هواه ذلك القول . التبيان 2/31
(6) من الخفيف ، ديوانه 2/226
يشوي : يُخطئ ، يقول : قد يصيب المشير الذي لم يجتهد ، وقد يخطئ المجتهد بعد الاجتهاد . التبيان 2/32
(7) من الخفيف ، ديوانه 2/226
يقول : إذا لم يطبع المرء على الحلم الغريزي ، لم يفده علو سنه ، وتقديم ميلاده ، وليس الشيخ أولى بصحة الرأي من الشاب . التبيان 2/33(1/70)
... وَأَطَاعتْك أُسْدُ دهْرِكَ وَالطا عَةُ لَيسَت خَلائِقُ الآسادِ (1)
... وَإِذا كانَ في الأَنابيبِ خُلفٌ وَقَعَ الطَيشُ في صُدورِ الصِعادِ (2)
/ ... كَيفَ لا يُترَكُ الطَريقُ لِسَيلٍ ضَيِّقٍ عَن أَتِيِّهِ كُلُّ وادِ (3) 11 ب
... وَما الخَيلُ إِلّا كَالصَديقِ قَليلَةٌ وَإِن كَثُرَت في عَينِ مَن لا يُجَرِّبُ (4)
... إِذا لَم تُشاهِد غَيرَ حُسنِ شِياتِها وَأَعضائِها فَالحُسنُ عَنكَ مُغَيَّبُ (5)
... لَحا اللَهُ ذي الدُنيا مُناخاً لِراكِبٍ فَكُلُّ بَعيدِ الهَمِّ فيها مُعَذَّبُ (6)
__________
(1) من الخفيف ، ديوانه 2/226 ، وفيه : وَأَطاعَ الَّذي أَطاعَكَ
يقول : وبمثل هذا الرأي أطاعك الناس الذين كأنهم أسود ، غير أن الأسود ليس من خلقها الدخول تحت الطاعة . التبيان 2/33
(2) من الخفيف ، ديوانه 2/227
الصعاد : جمع صعدة وهي القناة المستقيمة ، الطيش : الخفّة ، والأنابيب : جمع أنبوب ، يقول : إذا اختلف الخدم جرى بين السادة التنازع والتحارب ، كالرماح إذا اختلفت أنابيبها لم تستقم صدورها . التبيان 2/34
(3) من الخفيف ، ديوانه 2/227
الأتي : السيل الذي يأتي من موضع إلى موضع ، يقول : كيف لا يترك الطريق لسيل يضيق عن مائه الوادي ، وإذا كان الماء غالبا ضاق عنه بطن الوادي ، وكل موضع أتى عليه صار طريقا له . التبيان 2/38
(4) من الطويل ، ديوانه 2/230
يقول : الخيل الأصيلة المجربة قليلة ، والصديق الذي يخلص لصديقه في شدته قليل أيضا ، والتجربة هي التي تكشف عن أصالة الفرس ، وإخلاص الصديق . التبيان 1/180
(5) من الطويل ، ديوانه 2/230
يقول : إذا لم تر من حسن الخيل غير حسن الألوان والأعضاء ، فلم تر حسنها ، لأن حسنها إنما يكون في العدو والجري . التبيان 1/180
(6) من الطويل ، ديوانه 2/230
لحا الله : دعاء عليه ، يريد أنه يذم الدنيا ، فيقول : هي بئس المنزل ، فهي تعذب أصحاب الهمم العالية . التبيان 1/180(1/71)
... وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ وَكُلُّ مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ (1)
... وَلَو جازَ أَن يَحوُوا عُلاكَ وَهَبتَها وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لَيسَ يوهَبُ (2)
... وَأَظلَمُ أَهلِ الظُلمِ مَن باتَ حاسِداً لِمَن باتَ في نَعمائِهِ يَتَقَلَّبُ (3)
... وَقَد يَترَكُ النَفسَ الَّتي لا تَهابُهُ وَيَختَرِمُ النَفسَ الَّتي تَتَهَيَّبُ (4)
... فلا يُديمُ سُروراً ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ (5)
... يا مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِسِهِ كُلٌّ بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَهَنُ (6)
... ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ (7)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/232
يريد أن الممدوح يوليه الجميل فهو يحبه ، وهو عنده طيب يختاره على أهله . التبيان 1/182
(2) من الطويل ، ديوانه 2/232
يقول : لو كانت العلا موهوبة وهبتها ، بل من الأشياء ما لا يوهب ، وإنما الله القادر على ذلك . التبيان 1/184
(3) من الطويل ، ديوانه 2/232
يقول : أشد الظلم وأقبحه حسد المنعم عليك ، يريد : من بات في نعمة رجل ، ثم بات حاسدا له ، فهو أظلم الظالمين ، يريد أن الحاسدين يحسدونه وهو وليّ نعمتهم . التبيان 1/185
(4) من الطويل ، ديوانه 2/232
يقول : قد ينجو من الموت من يطرح نفسه في المهالك ، وقد يصيب الموت ُ من يحترس منه . التبيان 1/185
(5) من البسيط ، ديوانه 2/234 ، وفيه : فَما يَدومُ سُرورُ ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ
يقول : الفرح لا يدوم ، ولا بدّ له من انقضاء ، وإذا حزنت على فائت تعبت ، ولا يرده عليك حزنك . التبيان 4/234
(6) من البسيط ، ديوانه 2/235
الناعون : جمع ناعٍ وهو الذي يأتي بخبر الميت ، يقول : أنا قد نُعيت بمجلسكم على البعد ، وكل أحد مرتهن بالموت ، فلا بدّ له منه . التبيان 4/235
(7) من البسيط ، ديوانه 2/235
يقول : أعدائي يتمنون ، ولا يدركون ما يتمنون ، فالرياح تجري ، وليس كل ما تجري ترضى بها السفن ، وإنما ترضى السفن بالرياح الطيبة . التبيان 4/236(1/72)
... غَيرَ أَنَّ الفَتى يُلاقي المَنايا كالِحاتٍ وَلا يُلاقي الهَوانا (1)
... وَلَوَ أَنَّ الحَياةَ تَبقى لِحَيٍّ لَعَدَدنا أَضَلَّنا الشُجعانا (2)
... وَإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ فَمِنَ العَجزِ أَن تَكونَ جَبانا (3)
... كُلُّ ما لَم يَكُن مِنَ الصَعبِ في الأَن فُسِ سَهلٌ فيها إِذا هُوَ كانا (4)
/ ... فَإِن يَكُ إِنساناً مَضى لِسَبيلِهِ فَإِنَّ المَنايا غايَةُ الحَيَوانِ (5) 12أ
... قالَ الزَمانُ لَهُ قَولاً فَأَفهَمَهُ إِنَّ الزَمانَ عَلى الإِمساكِ عَذّالُ (6)
... القاتِلِ السَيفَ في جِسمِ القَتيلِ بِهِ وَلِلسُيوفِ كَما لِلناسِ آجالُ (7)
__________
(1) من الخفيف ، ديوانه 2/237
كالحات : معبسات ، يقول : لقاء الموت الكريه أفضل من ملاقاة الهوان . التبيان 4/242
(2) من الخفيف ، ديوانه 2/237
يقول : لو كان الجبان يسلم من الموت ، ويلقاه الشجاع ، كان الشجاع ضالاً في إقدامه ؛ لأنه يتعرض للقتل ، ولكن الحياة لا تبقى لشجاع ولا لجبان ، بل الموت ينال الجميع . التبيان 4/242
(3) من الخفيف ، ديوانه 2/237
يقول : الموت لا بدّ منه ، فإذا كان كذلك ، فالجبان لا ينفعه جبنه ، والشجاع لا يضره إقدامه ، فمن العجز يكون الجبن . التبيان 4/242
(4) من الخفيف ، ديوانه 2/237
يقول : الأمر الشديد إنما يصعب على النفس قبل وقوعه ، فإذا وقع سهل . التبيان 4/242
(5) من الطويل ، ديوانه 2/238
الحيوان : كل ما كان فيه روح ، والمنايا : جمع منية ، وهي الموت ، يقول : الموت غاية كل حيّ ، فإذا هلك شبيبٌ فلا عار عليه من ذلك . التنيان 4/243
(6) من البسيط ، ديوانه 2/251
يقول : عرّفه الزمان أنّ المال لا يبقى ، ففهم ذلك عن الزمان ، ففرّق ماله فيما يورث المجد ، ولم يكن ثم قول ، ولكنه اتّعظ ، واعتبر بتصاريف الزمان . التبيان 3/279
(7) من البسيط ، ديوانه 2/251
يقول : لجوده ضربه يقتل المقتول ، وما يقتله به ، وهو السيف ، يريد : إنه يكسره في جسمه ، فجعل ذلك قتلا للسيف ، وجعل للسيوف آجالاكالناس وغيرهم . التبيان 3/280(1/73)
... يَروعُهُ مِنهُ دَهرٌ صَرفُهُ أَبَداً مُجاهِرٌ وَصُروفُ الدَهرِ تَغتالُ (1)
... لَطَّفتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكرِمَتي إِنَّ الكَريمَ عَلى العَلياءِ يَحتالُ (2)
... لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ (3)
... وَإِنَّما يَبلُغُ الإِنسانُ طاقَتُهُ ما كُلُّ ماشِيَةٍ بِالرَحلِ شِملالُ (4)
... إِنّا لَفي زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ مِن أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ (5)
... ذِكرُ الفَتى عُمرُهُ الثاني وَحاجَتُهُ ما قاتَهُ وَفُضولُ العَيشِ أَشغالُ (6)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/253 ، وفيه : يروعهم
يروعه : يفزعه ، وصروف الدهر : حوادثه ، والمجاهرة : الإعلان ، والاغتيال : الإهلاك على غفلة ، يقول : هذا دهر يغتال الأعداء جهارا ، وصروف الدهر تهلكهم من حيث لا يعلمون ، وجعله كالدهر تعظيما لشأنه . التبيان 3/284
(2) من البسيط ، ديوانه 2/253
لطفت : بلغت الغاية من اللطف ، يقول : توصلت إلى إكرامي بالبر والصلة بلطف رأي وتدبير ، والكريم يحتال لا تعجزه الحيلة ، ولا تضعف نيته اجتهاده . التبيان 2/286
(3) من البسيط ، ديوانه 2/254
يقول : لولا المشقة تمنع من السيادة لسادة الناس كلهم ، ثم بيّن العلة فيها ، والسيادة يصعبان ، ولولا الصعوبة ساد الناس بأسرهم . التبيان 3/287
(4) من البسيط ، ديوانه 2/254
الشملال : الناية القوية السريعة ، يقول : كل أحد يجري في السيادة على قدر طاقته ، وليس كل مَن يمشي على رجله شملالا يقدر على السرعة ، يريد : ليس كل كريم يبلغ غاية الكرم ، ولا كل شريف يبلغ غاية الشرف ، وليس كل من سعى من الرؤساء يبلغ مبلغ فاتك الذي لا يعادل في فضله ، ولا يماثل في جلالة قدره . التبيان 3/287
(5) من البسيط ، ديوانه 2/254
يقول : إنا في زمان إمساك أهله عن قبيح الفعل يعد هو الفضل الذي يؤثر ، والإحسان الذي يُشكر . التبيان 3/287
(6) من البسيط ، ديوانه 2/254
يقول : ذكر الفتى جميل مساعيه ، وما يخلده من كرمه ومعاليه ، عمره الثاني لعمره ، وخلقه من الدنيا المُبقي لذكره ، وحاجته فيما عدا هذا قوتٌ يبلغه ، وكفاف من العيش يستره ، ومن طلب من الدنيا غير ذلك فإنه يتعلق بفضول شغله ، وأباطيل تموّله ، والمطلوب من الدنيا العفاف والكفاف . التبيان 3/288(1/74)
... وَلَمّا صارَ وُدُّ الناسِ خِبّاً جَزَيتُ عَلى اِبتِسامٍ بِاِبتِسامِ (1)
... وَصِرتُ أَشُكُّ فيمَن أَصطَفيهِ لِعِلمي أَنَّهُ بَعضُ الأَنامِ (2)
... وَآنَفُ مِن أَخي لِأَبي وَأُمّي إِذا ما لَم أَجِدهُ مِنَ الكِرامِ (3)
... أَرى الأَجدادَ تَغلِبُها كَثيراً عَلى الأَولادِ أَخلاقُ اللِئامِ (4)
... عَجِبتُ لِمَن لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ وَيَنبو نَبوَةَ القَضِمِ الكَهامِ (5)
... وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلى المَعالي فَلا يَذَرُ المَطِيَّ بِلا سَنامِ (6)
/ ... وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ (7)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 2/247
الخب : المكر ، والود : الحب والصداقة ، يقول : لما صار ودّ الناس غير صادق ، صرت كأحدهم ، أفعل بهم كما يفعلون ، فإذا تبسّنوا إليّ تبسمت لهم . التبيان 4/144
(2) من الوافر ، ديوانه 2/247
يقول : لم أكن على ثقة من مودة مَن أودّه ، لعلمي أنه من جملة الناس ، وذلك لعموم فساد الخلق كلهم ، إذا اخترت أحدا للمودة ، لم أثق بمودّته . التبيان 4/144
(3) من الوافر ، ديوانه 2/247
آنف : أستنكف ، يقول : أبغض البخلاء ، وأحب الكرام ، حتى أنني أكره أخي إذا لم أجده كريما . التبيان 4/144
(4) من الوافر ، ديوانه 2/247
يقول : الخلق اللئيم قد يغلب الأصل الطيب ، حتى يكون صاحبه لئيما ، وإن كان من أصل كريم . التبيان 4/144
(5) من الوافر ، ديوانه 2/247
القضم : السيف المفلل ، وفيه قضم ، وينبو : يرتفع ،والكهام : الذي لا يقطع ، يقول : عجبت لمن له حدّ النصل ، وقدّ الرجال ، ثم لا ينفذ في الأمور ، ولا يكون ماضيا . التبيان 4/145
(6) من الوافر ، ديوانه 2/247
يقول : عجبت لمن وجد الطريق إلى معالي الأمور ، فلا يقطع إليها الطريق ، ولا يُتعب مطاياه في ذلك الطريق ، حتى تذهب أسنمتها . التبيان 4/145
(7) من الوافر ، ديوانه 2/247
يقول : لا عيب أبلغ من عيب من قدر أن يكون كاملا في الفضل ، فلم يكمل ، أي لا عذر له في ترك الكمال إذا قدر على ذلك ، ثم تركه ، والعيب ألزم من الناقص الذي لا يقدر على الكمال . التبيان 4/145(1/75)
12ب
... وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِدقُ شَرٌّ إِذا أَلقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ (1)
... فَإِنَّ لِثالِثِ الحالَينِ مَعنىً سِوى مَعنى اِنتِباهِكَ وَالمَنامِ (2)
... وَلِلسِرِّ مِنّي مَوضِعٌ لا يَنالُهُ نَديمٌ وَلا يُفضي إِلَيهِ شَرابُ (3)
... وَما العِشقُ إِلّا غِرَّةٌ وَطَماعَةٌ يُعَرِّضُ قَلبٌ نَفسَهُ فَيُصابُ (4)
... وَغَيرُ فُؤادي لِلغَواني رَمِيَّةٌ وَغَيرُ بَناني لِلزُجاجِ رِكابُ (5)
... أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سابِحٍ وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ (6)
__________
(1) من الوافر ، ديوانه 2/248
يقول : إنها صادقة الوعد في الورود ، وذلك الصدق شرٌّ من الكذب ؛ لأنه صدق يضر ولا ينفع ، كمن أوعد ، ثم صدق في وعيده التبيان 4/147
(2) من الوافر ، ديوانه 2/249
ثالث الحالين : الموت ، يقول : الموت غير اليقظة والرقاد ، فلا تظنن الموت نوما . التبيان 4/149
(3) من الطويل ، ديوانه 2/242
يفضي : يصل إلى الشيء ، يقول : إنه يكتم السرّ فيضعه بحيث لا يبلغه النديم ، ولا يصل إليه الشراب مع تغلغله في البدن . التبيان 1/192
(4) من الطويل ، ديوانه 2/242
الغرّة : الاغترار ، والغِر : الذي لم يجرب الأمور ، يقول : العشق اغترار وخداع وطمع في الوصل ، يريد أنّ القلب يوقع نفسه في البلاء لتعرضه لذلك . التبيان 1/192
(5) من الطويل ، ديوانه 2/242
الغواني : التي غنيت بجمالها عن التجمل بالحلى وغيره ، يقول : لست ممن يصبو إلى الغواني واللعب بالشطرنج ، وقيل : يريد قلبي لا تصيبه النساء بسيوف ألحاظهن ؛ لأني لا أميل اليهن ’ فإني لست غزلا زيرا ، ولا أحب الخمر ومعاقرتها ، فبناني لا يركبها الزجاج ، لأني لا أحمل كأس الخمر بيدي . التبيان 1/192
(6) من الطويل ، ديوانه 2/243
يقول : السرج أعز مكان ؛ لأني أبلغ عليه ما أريد من لقاء الملوك ، ومن محاربة الأعداء ، ويهرب عليه من الضيم واحتمال الأذى ، فيدفع عن نفسه الشر ، وعليه أصل إلى الخير ، وأما الكتاب فهو خير صديق ، يخبره بأخبار الأولين بلا زيف ، ولا تكلّف لتبيان 1/193(1/76)
... أَيا أَسَداً في جِسمِهِ روحُ ضَيغَمٍ وَكَم أُسُدٍ أَرواحُهُنَّ كِلابُ (1)
... وَقَد تُحدِثُ الأَيّامُ عِندَكَ شيمَةً وَتَنعَمِرُ الأَوقاتُ وَهِيَ يَبابُ (2)
... إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالمالُ هَيِّنٌ وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابُ (3)
... وَلَكِنَّكَ الدُنيا إِلَيَّ حَبيبَةً فَما عَنكَ لي إِلّا إِلَيكَ ذَهابُ (4)
... أَنوَكُ مِن عَبدٍ وَمِن عِرسِهِ مَن حَكَّمَ العَبدَ عَلى نَفسِهِ (5)
... يا مَن يَرى أَنَّكَ في وَعدِهِ كَمَن يَرى أَنَّكَ في حَبسِهِ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/243
الضيغم : من أسماء الأسد ، يقول : أنت أسد ، وهمتك همة الأسود ، والأسد يوصف بعلو الهمة ، لأنه لا يأكل إلاّ من فريسته ، ولا يأكل مما افترس غيره . التبيان 1/197
(2) من الطويل ، ديوانه 2/244
الشيمة : العادة ، واليباب : الخراب الذي ليس به أحد ، يقول : إنّ الأيام قد تترك عاداتها عندك من قصد ذوي الفضول لحصولهم في ذمتك وفي جوارك ، والأوقاف تصير لهم عامرة بمطلوبهم عندك ، والمعنى : إن أظفرتني الأيام بمطلوبي عندك فلا عجب ، فإن الأيام تحدث عادة غير عادتها ، خوفا منك وهيبة ، فلا تقصد الأيام عندك مساءتي . التبيان 1/197
(3) من الطويل ، ديوانه 2/245
يريد : إذا كان لي منك المحبة فالمال هيّن ، ليس بشيء ، المحبة الأصل ، وكل ما على وجه الأرض فأصله منها ، يعني من التراب ، ويصير إلى التراب . التبيان 1/200
(4) من الطويل ، ديوانه 2/245
يريد أنك السلطان ، والسلطان هو الدنيا ، بريد : أنت جميع الدنيا ، فإن ذهبتُ عنك عدتُ إليك ، فإن الحيَّ لا بدّ له من الدنيا . التبيان 1/201
(5) من السريع ، ديوانه 2/267
النوك : الحمق ، والأنوك : الأحمق ، والعِرس : المرأة ، يقول : الذي يجعل العبد حاكما على نفسه أحمق من العبد ، ومن عرس نفسه ، أي أحمق من العبد ومن المرأة . التبيان 2/203
(6) من السريع ، ديوانه 2/267 ، وفيه : ما مَنْ يرى
يخاطب نفسه قائلا : أنت في حبس كافور ، لأنّ مَن تكون في وعده يحسن إليك ويبرّك ، ومن يرى أنك محبوس عنده يذلك ، وقيل : أراد أن العبد جاهل بحق مثله ، فهو يرى أنه في حبسه ، فليس له منه مخلص ، فما يبالي به ، والحر الكريم يرى أنك في وعده ، فهو يضمر الإنجاز فيما وعد . التبيان 2/204(1/77)
... ولا يُرجَّى الخَيرَ عِندَ اِمرِئٍ مَرَّت يَدُ النَخّاسِ في رَأسِهِ (1)
... فَقَلَّما يَلؤُمُ في ثَوبِهِ إِلّا الَّذي يَلؤُمُ في غِرسِهِ (2)
/ ... لا شَيءَ أَقبَحُ مِن فَحلٍ لَهُ ذَكَرٌ تَقودُهُ أَمَةٌ لَيسَت لَها رَحِمُ (3) 13أ
... إِذا أَتَتِ الإِساءَةُ مِن لَئيمٍ وَلَم أُلُمِ المُسيءَ فَمَن أَلومُ (4)
... ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ (5)
... جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ (6)
__________
(1) من السريع ، ديوانه 2/267 ، وفيه : فلا تُرجِّ
النخاس : هو الذي يبيع الدواب والعبيد ، وفي غيرهما السمسار والدلاّال ، يقول : الخير لا يُرجى عند عبد قد رأى الهوان والذلة وقد مرت يد النخاس برأسه ، التبيان 2/204
(2) من السريع ، ديوانه 2/267
الغِرْس : جلدة رقيقة تخرج على رأس الولد عند الولادة ، واللؤم : البخل وسوء الطباع ، يقول : إنه طبع عند الولادة على البخل ومَن كان لئيما في كبره ، فإنما كان لئيما عند ولادته ، فهو مطبوع على اللؤم . التبيان 2/205
(3) من البسيط ، ديوانه 2/265
يريد بالفحل الذي له ذكر : عسكره ، وبالأمة التي لا رحم لها : الأسود ، يقول توبيخا لهم بانقيادهم للأسود : لا شيْ أقبح في الدنيا من رجل ينقاد لأَمَةٍ ، حتى تقوده إلى ما تريده . التبيان 4/150
(4) من الوافر ، ديوانه 2/266
يقول : إذا كان اللئيم يسيء إليّ ، لمَ يتوجه اللوم على غيره . التبيان 4/152
(5) من البسيط ، ديوانه 2/271
يريد أن الشعراء يحسدونه على كافور ، وهو باكٍ بما يلقى من كافور وبخله ، فهو يشكو من عجائب الدهر وتصاريفه ، ثم يقول أعجبها ما أنا فيه ، ذلك أني محسود بما أشكوه وأبكيه . التبيان 2/41
(6) من البسيط ، ديوانه 2/271
يقول : الناس كرمهم من أيديهم ، وهؤلاء يجودون بالمواعيد دون الأموال ، ثم دعا عليهم ، فقال : لا كانوا ولا كان جودهم . التبيان 2/42(1/78)
... العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ (1)
... لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ (2)
... إِنَّ اِمرَءاً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ (3)
... مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ (4)
... أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ (5)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/271
يقول : الحر لا يؤاخي العبد ؛ لبعد ما بينهما في الأخلاق ، يعني أن العبد إنْ أظهر الود فليس هو بمصافٍ له مخلص . التبيان 2/43
(2) من البسيط ، ديوانه 2/271
المناكيد : جكع منكود ، وهو الذي فيه نَكَد ، يقول : العبد لا ينفع معه الإحسان ، ولا يصلح لك إلاّ بالضرب لسوء خُلُقه ، فلا يجيء إلاّ على الهوان ، لا على الإحسان . التبيان 2/43
(3) من البسيط ، التبيان في شرح الديوان 2/45
المفؤود : الذي لا فؤاد له ، وهو أيضا الذي أصابه داء في فؤاده ، والمستضام : الذي ناله الضيم ، وهو الذل ، ، يقول : إنّ الذي تدبّره أمَة حُبلى ، جعله أمة لعدم آلة الرجال ، وجعله حبلى لعظم بطنه ، وكذا خِلقة الخصيان ، يريد أنّ الذي يدبره مثل هذا مظلوم سخين العين ، مصاب القلب ، لا عقل له ، ولا فؤاد له . التبيان 2/45
(4) من البسيط ، ديوانه 2/ 272
البيض : الكرام ، الصيد : جمع أصيد ، وهم الملوك ذوو الكبرياء ، يقول : مِن أين لهذا الأسود مكرمة ؟ أمن قومه الكرام ، أم من آبائه الملوك العظماء ؟ ليس له عراقة في الملك ، إنما هو دخيل فيه . التبيان 2/46
(5) من البسيط ، ديوانه 2/ 272
يريد تحقير شأنه ، وأنه مملوك ، وثمنه قليل ، لو زيد عليه قدر فلسين لم يُشتَرَ لخسته ، وسوء خُلقه ، وقبح منظره . التبيان 2/46(1/79)
... وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ (1)
... فَتىً زانَ في عَينَيَّ أَقصى قَبيلِهِ وَكَم سَيِّدٍ في حِلَّةٍ لا يَزينُها (2)
... وَما كُلُّ مَن قالَ قَولاً وَفى وَلا كُلُّ مَن سيمَ خَسفاً أَبى (3)
... وَلا بُدَّ لِلقَلبِ مِن آلَةٍ وَرَأيٍ يُصَدِّعُ صُمَّ الصَفا (4)
... وَكُلُّ طَريقٍ أَتاهُ الفَتى عَلى قَدَرِ الرِجلِ فيهِ الخُطا (5)
... وَمَن جَهِلَت نَفسُهُ قَدرَهُ رَأى غَيرُهُ مِنهُ مالا يَرى (6)
... الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ وَالدَمعُ بَينَهُما عَصِيٌّ طَيِّعُ (7)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/ 272
يقول : البيض عن فعل المكارم عاجزة ، فكيف بالخِصية السود الذين لا قدر لهم . التبيان 2/46
(2) من الطويل ، ديوانه 2/277
القبيلة : الجماعة تكون من أب واحد ، والجمع قبائل ، يقول : هذا الرجل زين عشيرته ورهطه ، وإن تباعدوا عنه في النسب ، وغيره من السادة لا يزين قومه . التبيان 4/251
(3) من المتقارب ، ديوانه 2/274
سيم : أُكْرِه ، الخسف : الذل ، يقول : ليس كل قائل وافياً ، وليس كل مَن كُلِّف ضيما يأباه . التبيان 1/42
(4) من المتقارب ، ديوانه 2/275
يصدع صم الصفا : يشق الحجارة القوية ، وينفذ فيها ، يريد أن آلته : العقل والرأي ، وما فيه من السجايا الكريمة . التبيان 1/42
(5) من المتقارب ، ديوانه 2/275
يقول : كل واحد في الطريق الذي يأتيه خطاه على قدر رِجله ، فإذا طالت رجله اتّسعت خطاه ، يريد : كل واحد يعمل على قدر وسعه وطاقته . التبيان 1/42
(6) من المتقارب ، ديوانه 2/275
يقول : مَنْ أُعجب بنفسه ، فلم يعرف قدر نفسه إعجابا وذهابا في شأنه ، خفيت عليه عيوبه ، فاستحسن من نفسه ما يستقبحه غيره . التبيان 1/44
(7) من الكامل ، ديوانه 2/255
يقول : الحزن لأجل هذه المصيبة يُقلقني ، والصبر يمنعني عن الجزع ، والتهالك والدمع عاص للتجمل ، مطيع للقلق . التبيان 2/268(1/80)
... إِنّي لَأَجبُنُ مِن فِراقِ أَحِبَّتي وَتُحِسُّ نَفسي بِالحِمامِ فَأَشجَعُ (1)
... وَيَزيدُني غَضَبُ الأَعادي قَسوَةً وَيُلِمُّ بي عَتبُ الصَديقِ فَأَجزَعُ (2)
... تَصفو الحَياةُ لِجاهِلٍ أَو غافِلٍ عَمّا مَضى فيها وَما يُتَوَقَّعُ (3)
... وَلِمَن يُغالِطُ في الحَقائِقِ نَفسَهُ وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فَتَطمَعُ (4)
... أَينَ الَّذي الهَرَمانِ مِن بُنيانِهِ ما قَومُهُ ما يَومُهُ ما المَصرَعُ (5)
__________
(1) من الكامل ، ديوانه 2/255
يقول : إني أخاف فراق الأحبة خوف الجبان ، وأشجع عند الموت فلا أخاف ، يريد أن الفراق عنده أعظم من الموت . التبيان 2/269
(2) من الكامل ، ديوانه 2/255
يريد أنه صعب على الأعداء ، لا يلين لهم ، ولا يعتبهم ، ويزداد عليهم قسوة إذا غضبوا ، ولكنه عند عتب الصديق يجزع ، ولا يطيق احتماله . التبيان 2/269
(3) من الكامل ، ديوانه 2/255
يقول : إنّ الحياة لا تصفو لمن يلحظ الدنيا بعين المعرفة ، ويتأملها تأمل الدراية ، فهي تصفو لجاهل لا يعرف عواقبها فيتوقعها أو لغافل لا يتمثّل صوارفها وتصاريفها ويتذكرها فهي تصفو للغافل عما مضى من حياته ، وما يتوقع في العواقب من انقضائها ، أو حادث لا يطيق حمله . التبيان 2/269
(4) من الكامل ، ديوانه 2/255
يقول : إنما تصفو الحياة لمن يغالط فيها عقله ، وتحسن عند من يُكابر في نفسه ، ويسومها المحال ، فتركن إليه ، أو منيها فتعتمد بآمالها عليه ، يريد أنّ الدنيا دار غرور وأخطار ، والإنسان فيها على خطر عظيم ، والحياة فانية وإن طالت ، فمن غلِط في هذا ، ومنّى نفسه السلامة والبقاء ، صفا عيشه ، حين ألقى عن نفسه التفكير في العواقب ، وكلّف نفسه طلب المحال من البقاء في السلامة مع نيل المراد ، وطمعت في ذلك نفسه . التبيان 2/269
(5) من الكامل ، ديوانه 2/255
يقول : إنهما بقيا بعد مَن بناهما ، واندرس ذكره وذكر قومه ، فما يُعرفون ، ولا يُعرف بأيّ ميتة هلك ، ولا في أي وقت ، لطول ما مرّ من الدهر عليه ، يريد أن الدنيا مفنية لأهلها ، منكرة على من اغتر بها . التبيان 2/270(1/81)
... بِأَبي الوَحيدُ وَجَيشُهُ مُتَكاثِرٌ يَبكي وَمِن شَرِّ السِلاحِ الأَدمُعُ (1)
... وَإِذا حَصَلتَ مِنَ السِلاحِ عَلى البُكا فَحَشاكَ رُعتَ بِهِ وَخَدَّكَ تَقرَعُ (2)
... قُبحاً لِوَجهِكَ يا زَمانُ فَإِنَّهُ وَجهٌ لَهُ مِن كُلِّ قُبحٍ بُرقُعُ (3)
... وَمَن ضاقَتِ الأَرضُ عَن نَفسِهِ حَرىً أَن يَضيقَ بِها جِسمُهُ (4)
... تُسَوِّدُ الشَمسُ مِنّا بيضَ أَوجُهِنا وَلا تُسَوِّدُ بيضَ العُذرِ وَاللِمَمِ (5)
__________
(1) من الكامل ، ديوانه 2/257
يقول : هذا الوحيد أفديه بأبي ، أي الوحيد من الأنصار مع كثرة جيوشه ، المنفرد من الأصحاب ، مع توفّر جمعه ، الباكي على نفسه عند انقضاء بقية عمره ، ومن شر السلاح عند المدافعة ، وأظهره تقصيرا عند المغالبة ، البكاء الذي لا ينفع ، والدمع الذي لا يُغني . التبيان 2/274
(2) من الكامل ، ديوانه 2/257
تقرع : تضرب ، والقرع : الضرب ، ورعت : أي أخفت ، يقول : إذا حصلت من سلاحك على الحزن ، ومن أنصارك على البكاء ، فحشاك تروع بحزنك ، وخدك تضرب بدمعك ، ولا يرد عنك شيئا ، يريد أن الدمع لا يدفع شيئا . التبيان 2/274
(3) من الكامل ، ديوانه 2/257
يقول : قبّح الله وجهك يا زمان ؛ لأنه وجه اجتمعت فيه القبائح ، يقول هذا منبها على جور الزمان ، أي قبح الله وجهك ، وأهانه ولا أكرمه ، لأنه وجه مبرقع بضروب القبح ، وصروف اللؤم ، لا يُحمد مثله ، ولا يُشكر فعله ؛ لأنه زمان سوء . التبيان 2/275
(4) من المتقارب ، ديوانه 2/263
حري : خليق ، جدير ، يقول : إنّ مَن ضاقت الأرض عن همته لخليق أن يضيق جسمه بهمته ، فلا يسعها ، وإذا لم يسعها ، ولم يطق احتمالها هلك ؛ لعظم ما يطلبه . التبيان 4/154
(5) من البسيط ، ديوانه 2/259
العذر الشعر النابت على الخد ، واللمم : الشعر الذي على المنكب ، يقول : الشمسس تغير ألواننا البيض ، وتؤثر في أوجهنا بالسواد، ولا تؤثر مثل ذلك التأثير في شعرنا الأبيض . التبيان 4/155(1/82)
... وَكانَ حالُهُما في الحُكمِ واحِدَةً لَوِ اِحتَكَمنا مِنَ الدُنيا إِلى حَكَمِ (1)
... حَتّى رَجَعتُ وَأَقلامي قَوائِلُ لي المَجدُ لِلسَيفِ لَيسَ المَجدُ لِلقَلَمِ (2)
... تَوَهَّمَ القَومُ أَنَّ العَجزَ قَرَّبَنا وَفي التَقَرُّبِ ما يَدعو إِلى التِهَمِ (3)
... وَلَم تَزَل قِلَّةُ الإِنصافِ قاطِعَةً بَينَ الرِجالِ وَلَو كانوا ذَوي رَحِمِ (4)
/ ... هَوِّن عَلى بَصَرٍ ما شَقَّ مَنظَرُهُ فَإِنَّما يَقَظاتُ العَينِ كَالحُلُمِ (5) 14أ
... وَلا تَشَكَّ إِلى خَلقٍ فَتُشمِتَهُ شَكوى الجَريحِ إِلى الغِربانِ وَالرَخَمِ (6)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/259
الحكم : بمعنى الحاكم ، يقول : لو احتكمنا إلى حاكم من حكام الدنيا ، لحكم بأنّ ما يسوِّد الوجه يسوّد الشعر ، ولكن الله حكم بأن الشمس تسود الوجوه ، ولا تسود الشعور . التبيان 4/156
(2) من البسيط ، ديوانه 2/261
يقول : عدت إلى وطني وأنا أعلم أن المجد يدرك بالسيف لا بالقلم ؛ لأن القلم غير مُعظّم ، ولا مهيب هيبة السيف ، ولا يدركه من أمور المجد والشرف ما يدركه . التبيان 4/160
(3) من البسيط ، ديوانه 2/261
يقول : القوم الذين قصدناهم بالمديح ، توهّموا أن العجز عن طلب الرزق قربنا ، ثم قال : والتّقرب قد يدعو إلى التهمة ؛ لأنك إذا تقرّبت إلى إنسان توهمك عاجزا محتاجا إليه . التبيان 4/161
(4) من البسيط ، ديوانه 2/261
يقول : ترك الإنصاف داعية القطيعة بين الناس ، وإن كانوا أثارب . التبيان 4/161
(5) من البسيط ، ديوانه 2/262
يقول : هوّن على العين ما شقَّ عليها النظر إليه مما تراه من المكارم ، وهب أنك تراه في الحلم ؛ لأن ما تراه في اليقظة يشبه ما تراه في المنام ، لأنهما يبقيان قليلا ، ثم يزولان . التبيان 4/162
(6) من البسيط ، ديوانه 2/262
يقول : لا تشك إلى أحد من الناس ما تلقاه ، لأنك لا تأمن أن يكون المشكو إليه شامتا إذا علم بالشكية . التبيان 4/162(1/83)
... وَكُن عَلى حَذَرٍ لِلناسِ تَستُرُهُ وَلا يَغُرُّكَ مِنهُم ثَغرُ مُبتَسِمُ (1)
... غاضَ الوَفاءُ فَما تَلقاهُ في عِدَةٍ وَأَعوَزَ الصِدقُ في الإِخبارِ وَالقَسَمِ (2)
... إِن أَوحَشَتكَ المَعالي فَإِنَّها دارُ غُربَه (3)
... كَدَعواكِ كُلٌّ يَدَّعي صِحَّةَ العَقلِ وَمَن ذا الَّذي يَدري بِما فيهِ مِن جَهلِ (4)
ذَريني أَنَل ما لا يُنالُ مِنَ العُلى
فَصَعبُ العُلى في الصَعبِ وَالسَهلُ في السَهلِ (5)
... تُريدينَ لُقيانَ المَعالي رَخيصَةً وَلا بُدَّ دونَ الشَهدِ مِن إِبَرِ النَحلِ (6)
__________
(1) من البسيط ، ديوانه 2/262
يقول : إحذر الناس ، واستر حذرك منهم ، ولا تغترّ بابتسامهم إليك ، فإن خدعهم في صدورهم ، فهم يضمرون في قلوبهم ما لا يبدون لك من المكر . التبيان 4/162
(2) من البسيط ، ديوانه 2/262
يقول : نقص الوفاء فما ترى له وفاءً ، وقد قلّ الصدق فما يوجد في أخبار ، ولا قسم ، إذا أخبرك أحد بشيء فما يصدق فيه وإذا حلف لم يصدق . التبيان 4/163
(3) من المجتث، ديوانه 1/295
يقول : إذا استوحشت من المعالي فلا بدع في ذلك ؛ لأنك غريب عنها . التبيان 1/209
(4) من الطويل ، ديوانه 2/281
يقول للعاذلة : كل أحد يدّعي دعواكِ من صحة العقل ، ويظن ما تظنينه في عذلك من صواب الفعل ، فيدَّعيه كل ذي رأي سواك ، ومن ذا الذي يشعر بمقدار جهله ، وينظر بعين الحقيقة في نفسه ؟ التبيان 3/289
(5) من الطويل ، ديوانه 2/281
يقول للعاذلة : دعيني من لومك أنل من العلى ما لم ينل قبلي ، فإن العلى الصعبة ، وهي التي لم يبلغها أحد ، في الأمر الصعب الذي لم يدركه أحد ، والأمر السهل الذي يدركه كل أحدفي السهل الوصول إليه ، يريد : لا يُدرك من المعالي ما تجلّ قيمته إلاّ بتكلف ما تعظم مشقته ، وما كان منها يقرب تناوله ، فبحسب ذلك يكون تسافله . التبيان 3/290
(6) من الطويل ، ديوانه 2/282
يقول للعاذلة : تريدين أن أملك المعالي رخيصة ، ومن اجتنى الشهد قاسى لسع النحل ، ولا يبلغ حلاوة العسل إلاّ بمقاساة اللسع . التبيان 3/291(1/84)
... وَلَيسَ الَّذي يَتَّبَّعُ الوَبلَ رائِداً كَمَن جائَهُ في دَهرِهِ رائِدُ الوَبلِ (1)
... وَما أَنا مِمَّن يَدَّعي الشَوقَ قَلبُهُ وَيَحتَجُّ في تَركِ الزِيارَةِ بِالشُغلِ (2)
... تُحاذِرُ هَزلَ المالِ وَهيَ ذَليلَةٌ وَأَشهَدُ أَنَّ الذُلَّ شَرٌّ مِنَ الهَزلِ (3)
... قَد كُنتُ أَحذَرَ بَينَهُم مِن قَبلِهِ لَو كانَ يَنفَعُ حائِناً أَن يَحذَرا (4)
... إِنَّ في المَوجِ لِلغَريقِ لَعُذراً واضِحاً أَن يَفوتَهُ تَعدادُه (5)
... ما سَمِعنا بِمَن أَحَبَّ العَطايا فَاِشتَهى أَن يَكونَ فيها فُؤادُه (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/283
يقول : ليس من يقصد الخير كمن يأتيه بلا قصد ولا تعب ، فليس من يطلب المطر كمن يُمطر في داره . التبيان 3/294
(2) من الطويل ، ديوانه 2/283
يقول : ولست ممن يدّعي الشوق ، ولا يصدّق ذلك بظاهر فعله ، ويحتج في ترك الزيارة بما ترادف عليه من شغله ، يريد : أنه لو تأخر عن قدومه الكوفة ، لقصده أبو الطيب ، ولم يحتج بشغل ، فالمُدّعي الشوق إذا تعلل بالشغل كان كاذبا في دعواه ولأن المشتاق الصادق لا يمنعه عن الزيارة مانع ، ولا يقطعه عنها قاطع . التبيان 3/295
(3) من الطويل ، ديوانه 2/284
يقول : أنها تحاذر على أموالها الضياع والهزال ، وتستسهل لأنفسها الصَّغَار والذل ، وأشهد أن الذل أشد من الهزال ، وأن الصَّغَار أوجع لقلوب الأحرار من الفقر . التبيان 3/ 297
(4) من الكامل ، ديوانه 2/287 ، المثبت في المخطوطة : لو كان ينفع حاذرا ، وما أثبتناه من الديوان .
الحائن : الهالك ، يقول : كنت أحذر فراقهم قبل وقوعه ، ولكن الهالك لا ينفعه الحذر . التبيان 2/162
(5) من الخفيف ، ديوانه 2/294
يقول : إن فاتني عدّ بعض فضائلك وأوصافك ، حتى لم آت على جميعها ، كان عذري واضحا ، فإني غرقت بها لكثرة صفات مدحك ، والغريق في البحر يُعذر إذا لم يستطع عدّ أمواج البحر . التبيان 254
(6) من الخفيف ، ديوانه 2/294
يقول : لم نسمع قبله بجواد يُحب العطاء ، ويكون قلبه من جملة الإعطاء ، يريد : أنّ ما أفاده من العلم من نتيجة عقله ، وثبات فكره ، فعبّر عن العلم بالفؤاد ؛ لأن محله الفؤاد . التبيان 2/55(1/85)
... وَغَيظٌ عَلى الأَيّامِ كَالنارِ في الحَشا وَلَكِنَّهُ غَيظُ الأَسيرِ عَلى القِدِّ (1)
/ ... وَلَيسَ حَياءُ الوَجهِ في الذِئبِ شيمَةً وَلَكِنَّهُ مِن شيمَةِ الأَسَدِ الوَردِ (2) 14ب
... يُعَلِّلُنا هَذا الزَمانُ بِذا الوَعدِ وَيَخدَعُ عَمّا في يَدَيهِ مِنَ النَقدِ (3)
... كُلُّ جَريحٍ تُرجى سَلامَتُهُ إِلّا فُؤاداً دَهَتهُ عَيناها (4)
... وَخَلِّ زِيّاً لِمَن يُحَقِّقَهُ ما كُلُّ دامٍ جَبينُهُ عابِد (5)
... لا بُدَّ لِلإِنسانِ مِن ضَجعَةٍ لا تَقلِبُ المُضجَعَ عَن جَنبِهِ (6)
__________
(1) من الطويل ، ديوانه 2/298
القد : سيْر يُشدّ به الأسير ، يقول : لي غيظ على الأيام ، مثل النار تلتهب في الأحشاء ، إلاّ أنه غيظ على من لا يبالي بغيظي اغتظت عليها ، أم رضيت عنها ، فهو كغيظ الأسير على ما يُشدّ به من القدّ ، فهو غيظ على جائر غير راحم . التبيان 61
(2) من الطويل ، ديوانه 2/299
الشيمة : الخليقة والعادة ، والورد : الذي في لونه حُمرة ، يقول : الذئب في الخبث لا يوصف بحياء ، لأن الحياء مُناف شيمته ، وإنما الحياء في الأسد مخلوق في طبيعته . التبيان 2/62
(3) من الطويل ، ديوانه 2/301
يقول : لقد طال انتظارنا المهدي ، والدهر يعللنا ، ويعدنا بوعد طويل ، وأنه يخدعنا عما عنده من النقد بالوعد ، يريد أن الممدوح هو المهدي نقدا حاضراً ، ومن يُنتظر خروجه وعدا ، فتعليل وخدع ، وكأن الدهر يسخر بنا ويخدعنا ، ولا حقيقة لما يعدنا ، فإن كان حقا وعده ، فهذا الممدوح نقد لا وعد . التبيان 2/68
(4) من المنسرح ، ديوانه 2/303
يقول : مَن دهته وأصابته بعينها ، لم تُرج سلامته . التبيان 4/271
(5) من المنسرح ، ديوانه 2/321
يقول : إنك تدّعي المملكة والملوكية ، ولست لها بأهل ، فدعها عنك واسترح ، فليست لك بحق ، وإنما أنت تتزيا بهذا الزي ، فدعه لمن يستحقه ، فليس كل مَن دمي جبينه عابدا ، وتشبهك بالملوك لا يليق بك . التبيان 2/77
(6) من السريع ، ديوانه 2/ 324
يقول : لا بدّ للإنسان من اضطجاع في القبر ، يبقى بتلك الضجعة إلى يوم البعث ، لا يقلبه ذلك الاضطجاع . التبيان 1/211(1/86)
... يَنسى بِها ما كانَ مِن عُجبِهِ وَما أَذاقَ المَوتُ مِن كَربِهِ (1)
... نَحنُ بَنو المَوتى فَما بالُنا نَعافُ مالا بُدَّ مِن شُربِهِ (2)
... تَبخَلُ أَيدينا بِأَرواحِنا عَلى زَمانٍ هِيَ مِن كَسبِهِ (3)
... فَهَذِهِ الأَرواحُ مِن جَوِّهِ وَهَذِهِ الأَجسامُ مِن تُربِهِ (4)
... لَو فَكَّرَ العاشِقُ في مُنتَهى حُسنِ الَّذي يَسبيهِ لَم يَسبِهِ (5)
... لَم يُرَ قَرنُ الشَمسِ في شَرقِهِ فَشَكَّتِ الأَنفُسُ في غَربِهِ (6)
... يَموتُ راعي الضَأنِ في جَهلِهِ مَوتَةَ جالينوسَ في طِبِّهِ (7)
__________
(1) من السريع ، ديوانه 2/ 325
يقول : إذا نزل في القبر نسي الإعجاب ، وما ذاق من كرب الموت ؛ لأن الميت إذا نزل في قبره نسي ما كان لقي من شدة ، وغيرها . التبيان 1/211
(2) من السريع ، ديوانه 2/ 325
يقول : نحن بنو الأموات ، والموت كأس مُدارة علينا ، ولا بدّ لنا من شربها ، فما بالنا نكرهها ، فكما مات أباؤنا ، فنحن على إثرهم . التبيان 1211
(3) من السريع ، ديوانه 2/325
يقول : تبخل أيدينا بأرواحنا ، وتُمسك بها بخلا بها على الزمان ، والأرواح مما أكسبه الزمان . التبيان 1/212
(4) من السريع ، ديوانه 2/325
يقول : إنّ الإنسام مركب من الأجسام والأرواح ، والأرواح من جوهر لطيف ، وهو الهواء ، والأجسام من جوهر كثيف ، وهو الأرض . التبيان 1/212
(5) من السريع ، ديوانه 2/325
يقول : لو فكَّر العاشق في منتهى حسن المعشوق ، وأنه يصير إلى زوال لم يعشقه ، ولم يملك العشق قلبه ، وهذا يطّرد في كل شيء ، فلو فكر الحريص أن آخر ما يجمعه من المال للزوال ، أو أنه يموت عنه ، لما حرص على جمعه . التبيان 1/212
(6) من السريع ، ديوانه 2/325
قرن الشمس : أول ما يبدو منها ، يقول : لا بدّ من الفناء ، فمن رأى الشمس طالعة عرفها غاربة ، كذا الحوادث ، منتهاها إلى زوال ؛ لأن الحدوث سبب الزوال . التبيان 1/212
(7) من السريع ، ديوانه 2/325
راعي الضأن : أي أحقر القوم وأجهلهم ، يريد : الموت لا يسلم منه شريف ، ولا وضيع ، ولا الطبيب ولا المطبوب ، ولا العاقل ولا الجاهل ، فالجاهل يموت كما يموت اللبيب الحاذق . التبيان 1/213(1/87)
... وَرُبَّما زادَ عَلى عُمرِهِ وَزادَ في الأَمنِ عَلى سِربِهِ (1)
... وَغايَةُ المُفرِطِ في سِلمِهِ كَغايَةِ المُفرِطِ في حَربِهِ (2)
... فَلا قَضى حاجَتَهُ طالِبٌ فُؤادُهُ يَخفِقُ مِن رُعبِهِ (3)
/ ... ما كانَ عِندي أَنَّ بَدرَ الدُجى يوحِشُهُ المَفقودُ مِن شُهبِهِ (4) 15
إِنَّ النُفوسَ عَدَدُ الآجالِ (5)
وَرُبَّ قُبحٍ وَحُلىً ثِقالِ أَحسَنُ مِنها الحُسنُ في المِعطالِ (6)
فَخرُ الفَتى بِالنَفسِ وَالأَفعالِ مِن قَبلِهِ بِالعَمِّ وَالأَخوالِ (7)
__________
(1) من السريع ، ديوانه 2/325
السرب هنا النفس ، يريد أنّ راعي الضأن ربما زاد عمرا على جالينوس ، وكان آمنا نفسا وولدا على جهله ، وقلة عمله ، يريد بهذا كله أنّ الموت حتم على جميع الخلق . التبيان 1/213
(2) من السريع ، ديوانه 2/325
المفرط : المتجاوز في الحد ، يريد أن الكل إلى فناء فالذي أفرط في السلم كالذي أفرط في الحرب ، لذا فلا عذر لمن يجزع . التبيان 1/213
(3) من السريع ، ديوانه 2/325
الرعب : الخوف ، يريد أن مَنْ خاف الموت لا أدرك حاجته ، وهذا دعاء عليه ، أي أنه ما دام الهلاك متيقنا فلم يخاف الإنسان من الموت ، ويجزع فزعا منه . التبيان 1/213
(4) من السريع ، ديوانه 2/326
الشهب : جمع شهاب ، وهي الكواكب ، جعله بدرا وأهله حوله نجوما ، فيقول : إذا كنت بدرا وهم الكواكب ، فلا ينبغي أن تستوحش لفقد أحدهم ، لأن البدر يستغني بنوره عن الكواكب
(5) من الرجز ، ديوانه 2/329
يقول : النفوس مُعدَّة للآجال حتى تأخذها . التبيان 3/315
(6) من الرجز ، ديوانه 2/333
المعطال : التي لا حلى عليها ، يقول : الحلى لا ينفع من القبح ، فرب قبح يتحلى ، فيكون حسن المرأة التي لا حلى عليها أحسن منه ، والمعنى : غيرك لا ينفعه النسب الشريف ، كالقبح يحاول ستلاه بالحلى الفاخرة ، فتفضحه المرأة الحسناء المعطال . التبيان 3/324
(7) من الرجز ، ديوانه 2/333
يقول : يفخر الفتى بشرف نفسه وأفعاله ، قبل أن يفخر بعمه وخاله، ففخر الفتى بنفسه أوكد من فخره بعمه وخاله ، وكمال الشرف أن ينصر آخره أوله ، ويين حديثه متقدمه . التبيان 3/324 ـ 325(1/88)
هذا آخر ما استخرجه الصاحب كافي الكفاة ابن عباد من شعر أبي الطيب من الأمثال بالتمام ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم .
نقل هذا الكتاب من الكتبخانة الخديوية ، الكائنة بمصر المحمية ، بسراي درب الجماميز ، على يد كاتبه الفقير إلى الله مصطفى فهمي ، وكان الفراغ منه في ( 8 ) جماد أول من سنة ألف ومائتين وسبع وتسعين هجرية ، على صاحبها أفضل الصلاة ، وأتم التسليم .(1/89)