حض المؤمنات علي التشبه بالحور المقصورات
جمع وترتيب :
أبو عبد الرحمن محمد بن عمران
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
مقدمة
إن قولنا بلزوم النساء بيوتهن ، والإنكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة ليس من نافلة القول بل هو كما قال الإمام القرطبي رحمه الله : والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن .(1/1)
وعلي المرأة العاقلة التي رضت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيًا رسولاً أن تجيب داعيّ الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ... الآية) وأن تكرر هذا النشيد الخالد الذي ردده المسلمون علي مر الأزمان (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) ولتعلم أنها لم تُخلق إلا لإن تكون أمة عابدة لربها عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فيجب أن تسارع في طاعة ربها ولا تختار علي رضاه شيئًا أبدًا (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) ولتعلم أن الحياة الطيبة إنما هي في ظلال شرع الله وعمل الصالحات (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) أما من أعرضت عن شرع ربها ورددت وراء كل ناعق وناعقة تلك الكلمات التي يوحيها الشيطان إلي أوليائهم فلن تجد إلا المعيشة الضنك (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) ولتكن قدوتك أختي المسلمة تلك المرأة الصالحه المسارعة في تلبية أمر ربها عز وجل :
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَلَ لما أنزل الله (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شققن مروطهن فاختمرن بها . رواه البخاري . المرط : كساء من صوف(1/2)
وروي ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أتي النساء بعد صلاة العيد ، فكلمهن في الصدقة فأخذن ينزعن الفُتخ والقرطة والعقود والأطواق والخواتيم والخلاخيل ويلقينها في ثوب بلال –وكان بلال قد بسط ثوبه ليضع فيه النساء صدقاتهن .
وكذلك فعل النساء حين نزلت آية الصدقة (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : لقد ألزم الإسلام الرجل والمرأة بالعبودية لله وحده في صورة الخضوع لمنهجه ودينه ، وهذه العبودية هي أرقي مراتب الحرية ، فالإنسان من خلال توجهه إلي الله وحده يتحرر من كل سلطان فلا يوجه قلبه ، ولا يطأطئ رأسه إلا لخالق السماوات والأرض .
فالإنسان بالإسلام يتحرر من سيطرة الهوي والشهوة ، والسلطان الذي يسيطر عليه إنما هو سلطان الشرع الحنيف ، قال تعالي (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) .
إذن هي حرية في صورة العبودية ، ولا يمكن للبشرية أن تتحرر حقًا إلا بتحقيق هذه العبودية .
والحرية في غير الإسلام تصبح حرية جوفاء لا معني لها ، بل هي العبودية المذلة المهينة ، وإن بدت في صورة الحرية ، فإن الخضوع للطواغيت من الزعماء والرؤساء والمناهج والقوانين والنظم وما تهواه الأنفس بعيدًا عن تشريع الخالق إنما هو عبودية لغير الله وأي عبودية :
هربوا من الِّرقِّ الذي خُلِقُوا له ... فَبُلُوا بِرقِّ الكفرِ والشيطانِ
ولتعلمي أختي المسلمة أن التشريعات الإسلامية منزهة عن الظلم والإجحاف (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(1/3)
دعونا نقولها وبصراحة : نحن لا ننكر أن الهوة فسيحة بين ما نحن عليه ، وبين ما ينبغي أن نكون عليه ، ويُخطئ من يعتذر عن هذا بأن خروج المرأة ومغادرتها حصنها مخالطةً للرجال قد أصبح أمرًا واقعًا وقاعدة مقررة ، فلا نملك إلا الخضوع لها والجريان وراء التيار ..
ولكن كلامنا نقوله لكل مسلمة ترجو الله واليوم الآخر ، وتعلم أنها مسئولة غدًا بين يدي ربها عز وجل : إن هذا الذي يُسمي "الأمر الواقع" سوف يظل في ميزان إسلامنا الحنيف باطلاً منقوضًا مهما طال العهد عليه لأنها سنن الله الكبري التي لا تتبدل ولا تتحول ، والمعاند لها هالك لا محالة ، فالحق واحد لا يتغير ، ومهما يتقادم العهد علي الباطل فسيظل باطلاً ، ومهما يجر العمل علي غير الحق فسيظل الحق هو هو وإن حاد عنه كل الناس ، ثم إنه لا يبقي علي توالي الأزمان إلا الحق ، لآن الباطل زهوق لا تدوم له دولة ، والحق هو الناموس ، هو قانون الله الذي لا يتبدل ، هو فطرة الله التي فطر عليها الخلق ، هو ما ركبه الله سبحانه في طبائع الأشياء حين أعطي كل شيء خلقه ثم هدي (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) ، ولكن الذي يحول ويزول هو المعاند لسنة الله وفطرته ، والذي يعارض الناموس ويخرج علي الفطرة ، كالوعل الأحمق الذي وصفه الأعشي قديمًا حين قال :
كناطِحٍ صخرةً يومًا ليُوهنها ... ... فلم يَضرها وَأوهَي قَرْنَه الوَعْلُ
إن الله سبحانه وتعالي عليم بخلقه سواء منهم الرجل أو المرأة أو الشيطان قال جل وعلا (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) وقد نبهنا الله سبحانه أن غاية الشيطان في هذا الباب أن يوقع النوعين في حضيض الفحشاء ، لكنه يسلك في تزيينها ، والإغراء بها مسلك التدرج والإستدراج عن طريق خطوات يقود بعضها إلي بعض .(1/4)
وإن الأصل الأصيل اعتبار قرار المرأة في البيت في دائرة عملها ، وكما ذكرنا كلام الإمام القرطبي أن الشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن . وإليكِ أختي المسلمة بعض الأدلة الدالة علي ذلك :
* تفسير قول الله عز وجل (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) :
قال الإمام أبو بكر الجصاص رحمه الله تعالي :
إن معني (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) كن أهل وقار وهدوء وسكينة ، يُقال : وقر فلان في منزله يقر وقورًا إذا هدأ واطمأن به ، وفيه الدلالة علي أن النساء مأمورات بلزوم البيوت منهيات عن الخروج .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله :
قوله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) يعني اسكنَّ فيها ، ولا تتحركن ، ولا تبرحن منها حتى إنه رُوي –ولم يصح- أن النبي صلي الله عليه وسلم لما انصرف من حجة الوداع قال لأزواجه "هذه ، ثم ظهور الحصر" ، إشارة إلي ما يلزم المرأة من لزوم بيتها ، والإنكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة .
قال الشيخ محمد المقدم تعليقًا علي الحديث الماضي : لكن صححه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 4/88 ، وأنظر صحيح الجامع الصغير 6/77 .
وقال الإمام أبو عبد الله القرطبي رحمه الله :
معني هذه الآية بلزوم البيت ، وإن كان الخطاب لنساء النبي فقد دخل غيرهن فيه بالمعني ، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء ، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن ، والإنكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة .
وقال الألوسي رحمه الله :(1/5)
والمراد علي جميع القراءات أمرهن رضي الله تعالي عنهن بملازمة البيوت وهو أمر مطلوب من سائر النساء ، اخرج الترمذي والبزار عن ابن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم قال "إن المرأة عورة ، فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها" وأخرج البزار عن أنس قال : جئن إلي النساء إلي رسول الله فقلن : يارسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالي فهل لنا عمل ندرك به فضل المجاهدين في سبيل الله تعالي؟ فقال "من قعدت منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالي" وقد يحرم عليهن الخروج بل قد يكون كبيرة كخروجها لزيارة القبور إذا عظمت مفسدته ، وخروجهن ولو إلي المسجد وقد استعطرن وتزين إذا تحققت الفتنة .
وقال المودودي رحمه الله :
إن مقام المرأة ومستقرها هو البيت ، وما وُضعت عنهن واجبات خارج البيت إلا ليلازمن البيوت بالسكينة والوقار ويقمن بواجبات الحياة العائلية ، أما إن كان بهن حاجة إلي الخروج فيجوز لهن أن يخرجن من البيوت بشرط أن يراعين جانب العفة والحياء .
وقال فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق رحمه الله:
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الزمنها ، فلا تخرجن لغير حاجة شرعية ، ومثلهن في ذلك سائر نساء المؤمنين .
وقال الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله :
لزوم المرأة المسلمة بيتها وهو مقر عملها الطبيعي ، فلا تخرج إلا لحاجة ماسة إذ البيت هو محل تربية أولادها ، وخدمة زوجها ، وعبادة ربها بالصلاة والزكاة وذكر الله وما والاه .
وقال الشيخ عبد العزيز بن خلف رحمه الله :(1/6)
قد قرن الله تعالي هذا التوجيه بالتقوى حيث لا تلتزم بتلك الصفات المحمودة المشروعة إلا من تخشي الله تعالي وتتقيه من كل النساء ، وهذا السياق قيل لنساء النبي ، فهل يقول أحد من المسلمين : إن الحكم خاص بأزواج النبي فقط ؟! وأن للنساء المؤمنات أن يخالفنه ؟ وهذا لا يقول به أحد ، والحكم لعموم اللفظ لا لخصوص السبب .
.... وهذا كله ظاهر ، لأن هذه كلها أحكام وآداب وتوجيه من الله جل جلاله لتحفظ المرأة المسلمة بكرامتها وحصانتها ، ولقطع دابر الوسائل التي تقرب إلي الفتنة والشر ، وهذا سبيل من كان يرجو الله واليوم الآخر .
ثم إليكِ بعض ما جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم وزوجاته وأصحابه رضوان الله عليهم جميعًا
* قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "والمرأة في بيت زوجها راعية ، وهي مسئولة عن رعيتها" متفق عليه .
* قال ابن مسعود رضي الله عنه : إنما النساء عورة ، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس ، فيستشرفها الشيطان ، فيقول : إنك لا تمرين برجل إلا أعجبتِهِ ، وإن المرأة لتلبس ثيابها ، فيُقال : أين تريدين ؟ فتقول : أعود مريضًا ، أو أشهد جنازة ، أو أصلي في مسجد ، وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها . رواه الطبراني في الكبير وقال الهيثمي في المجمع : رجاله ثقات ، وقال المنذري : إسناده حسن ووافقه الألباني .
* عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها" رواه الطبراني ، قال الهيثمي : رجاله موثقون .(1/7)
* وعن أبي أسيد مالك بن ربيعة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول –وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق- "استأخرن ، فليس لكن أن تحْقُقنَ الطريق ، عليكن بحافات الطريق" فكانت المرأة تلصَق بالجدار ، حتي إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . تحْقُقنَ : تذهبن في وسط الطريق . رواه أبو داود وسكت عنه المنذري ، وله شاهد عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ "ليس للنساء وسط الطريق" رواه ابن حبان في صحيحه .
* وقد أفرد النبي صلي الله عليه وسلم في المسجد بابًا خاصًا للنساء يدخلن ويخرجن منه ، لا يخالطهن ولا يشاركهن فيه الرجال : عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : لو تركنا هذا الباب للنساء ؟ قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتي مات . رواه أبو داود في الصلاة : باب التشديد في خروج النساء إلي المساجد ، وقال الألباني صحيح علي شرط الشيخين .
* وعن نافع مولي ابن عمر قال : كان عمر بن الخطاب ينهي أن يُدْخَلَ المسجدُ من باب النساء . رواه أبو داود وإسناده منقطع .
* وقد شرع النبي صلي الله عليه وسلم للرجال إمامًا ومؤتمين أن لا يخرجوا فور التسليم من الصلاة إذا كان في الصفوف الأخيرة بالمسجد نساء ، حتي يخرجن ، وينصرفن إلي دورهن قبل الرجال ، لكي لا يحصل الإختلاط بين الجنسين –ولو بدون قصد- إذا خرجوا جميعًا ؛ عن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا سلم مكث قليلاً ، وكانوا يرون أن ذلك كيما يَنفُذَ النساء قبل الرجال . رواه أبو داود في الصلاة : باب إنصراف النساء قبل الرجال من الصلاة ورواه البخاري أيضًا وفيه قال ابن شهاب : فنري والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم –أي الرجال- .
* وعن أم سلمة قال : كان يسلِّم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم . رواه البخاري .(1/8)
* وعزا الحافظ ابن حجر إلي النسائي : أن النساء كن إذا سلمن قمن ، وثبت رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن صلي من الرجال ما شاء الله ، فإذا قام رسول الله صلي الله عليه وسلم قام الرجال .
* وعن أم حميد الساعدية أنها جائت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت يارسول الله إني أحب الصلاة معك ، فقال "قد علمت أنكِ تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي" رواه أحمد والطبراني وإسناد الإمام أحمد حسن .
* وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلي المساجد ، وبيوتهن خير لهن" رواه أبو داود وأحمد .
* وعن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها" رواه الجماعة إلا البخاري .
قال الشيخ سيد سابق ج2ص214: وإنما كان خير صفوف النساء آخرها لما في ذلك من البعد عن مخالطة الرجال ، بخلاف الوقوف في الصف الأول فإنه مظنة المخالطة لهم .
وهذا كله في حالة العبادة والصلاة التي يكون فيها المسلم أو المسلمة أبعد ما يكون عن وسوسة الشيطان وأعوانه .
* دخلت علي عائشة مولاة لها ، فقالت : يا أم المؤمنين ، طفت بالبيت سبعًا ، واستلمت الركن مرتين أو ثلاثًا ، فقالت عائشة : لا آجركِ الله ، لا آجركِ الله ، تدافعين الرجال ؟! ألا كبَّرتِ ومررتِ ؟! . رواه الشافعي في مسنده .
* قال ابن حجر : روي الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال : نهي عمر أن يطوف الرجال مع النساء ، قال : فرأي رجلاً معهن فضربه بالدرة .
* عن عائشة قالت : لو رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما مُنِعَهُ نساءُ بني إسرائيل . متفق عليه .(1/9)
قال صاحب الظلال : فماذا أحدث النساء في حياة عائشة ؟ وماذا كان يمكن أن يحدثن حتي نري أن رسول كان مانعهن من الصلاة ؟! ماذا بالقياس إلي ما نراه في هذه الأيام ؟! .
* قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن بين أيديكم فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا ، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي" ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال "كونوا أحلاس بيوتكم" . رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والمعني : ألزموا بيوتكم في الفتن كلزوم الحلي لظهر الدابة ، والحلس هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب .
* قال ابن مسعود : كونوا ينابيع الخير ، مصابيح الحكمة ، سرج الليل ، جدد القلوب ، أحلاس البيوت ، خلقان الثياب ، تعرفون في السماء وتخفون علي أهل الأرض .
* قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : بلغني أن نسائكم يزاحمن العلوج في الأسواق ! ألا تستحيون ؟! ألا تغارون؟! يترك أحدكم امرأته تخرج بين الرجال !! . جاء في "المغني" و"الزواجر عن اقتراف الكبائر" .
* عن أنس قال : جئن النساء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وقلن : يارسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالي ، فما لنا من عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله تعالي ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من قعدت –أو كلمة نحوها- منكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالي" رواه البزار وإسناده جيد وضعفه البعض .
* قال محمد بن سيرين : ثبت أنه قيل لسودة بنت زمعة زوج النبي صلي الله عليه وسلم : ما لكِ لا تحجين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك ؟ فقالت : قد حججت واعتمرت ، وأمرني الله تعالي أن أقر في بيتي ، فوالله لا أخرج من بيتي حتي أموت . قال : فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتي خرجت جنازتها . "السراج المنير" للخطيب الشريبني 3/343 .(1/10)
سبحان الله ! إن البيوت بدون الزوجات والأمهات الصالحات قبور ، سبحان الله ! بيت بلا زوجة كمسجد لا تقام فيه صلاة . سبحان الله ! لو علمت المرأة ثواب جلوسها في بيتها ما خرجت منه إلا ثلاث مرات : مرة من بيت أبيها إلي بيت زوجها ، ومرة من بيتها إلي البيت الحرام لأداء فريضة ربها مع محرم لها ، ومرة إلي قبرها .
* حكم خروج المرأة لطب العلم :
إذا كان العلم الذي تطلبه المرأة مفروضًا عليها فرض عين ، وجب علي وليها أن يعلمها إياه –إن كان قادرًا علي التعليم أو من خلال اشرطة أهل العلم الموثوق فيهم- وليس لها الخروج لسؤال العلماء إذ الرجل قائمًا بتعليمها ، وإن قصر علم الرجال ، ولكن ناب عنها في السؤال فأخبرها بجواب المفتي فليس لها الخروج ، فإن لم يكن ذلك ، فلها أن تخرج للسؤال ، بل واجب عليها ذلك ، ويذنب الرجل بمنعها ، وإذا تعلمت ما هو مفروضًا عليها ، فليس لها أن تخرج إلي مجلس ذكر أو طلب علم إلا بإذن الولي ورضاه . من كلام الإمام الغزالي في "الإحياء" تحت عنوان : متي يجوز للمرأة الخروج لسؤال العلماء . والشيخ سيد سابق في "فقه السنة" .
وقد سُئل الشيخ محمد مختار الشنقيطي في موسوعة الفتاوي الإسلامية عن مثل هذا فقال في جوابه : كم من نساء صالحات قد لزمن بيوتهم وقررن في قرارهن وابتعدن عن الفتنة فلا فتن غيرهن ولا افتتن ، وهن عند الله بمكان ، من اللاتي يخرجن ويدخلن .
وقال أيضًا : والمرأة في الأصل مأمورة أن تقر في بيتها .
* شروط خروج المرأة من بيتها :
حدد الإسلام خروج المرأة من البيت لحاجة وبشروط تُجمل فيما يلي :
1- الخروج للحاجة ، لا للهو وإضاعة الأوقات ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أُذن لكن في الخروج لحاجتكن" رواه البخاري .
2- الخروج بإذن الزوج أو الوليّ لمن ليس لها زوج .(1/11)
3- اتخاذ الستر الحق عند الخروج : وذلك بأن تخرج بحجابها الشرعي التي أُمرت به ، وأن تغض نظرها في سيرها ، فلا تنظر هنا وهناك بغير حاجة .
4- ترك العطر أو استعمال أدوات الزينة المعطرة ولو في الخروج إلي الصلاة .
5- لا تمش وسط الطريق أو في زحمة الرجال .
6- تمشي متواضعة علي أدب وحياء .
7- إذا اضطرت لمحادثة أجنبيًا –غيرمَحْرم لها- تحادثه بصوت عادي منخفض ، وتسعي جهدها أن يكون خاليًا من الرقة والتكسر والإغراء ، قال تعالي (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) .
8- إذا ذهبت لشراء بعض حاجتها ، فلا تنفرد برجل .
9- إذا دخلت علي صديقة لها تزورها فلا تضع ثيابها ، لئلا يراها رجل عن غير قصد أو آخر يتلصص ، أو يكون في المجلس امرأة سوء تصفها لغيرها .
10- لا تسافر دون زوج أو مَحْرم ولو لأداء فريضة الحج .
* حكم التزين خارج البيت :
قال صلي الله عليه وسلم "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، ولكن ليخرجن وهن تفلات" رواه أبو داود وأحمد والدارمي وصححه الألباني في صحيح الجامع . جاء في شرح الحديث في "عون المعبود شرح سنن أبي داود" ويلحق بالطيب ما في معناه من المحركات لداعي الشهوة كحسن الملبس والتحلي الذي يظهر أثره والزينة الفاخرة.
* حكم سفر المرأة بدون مَحْرم :
المراد بالمَحْرم : الزوج ، أو من تحرم عليه علي التأبيد بنسب (يعني بقرابة) أو بسبب مباح (وهي الرضاعة والمصاهرة) .
والذين يحرمون بالنسب سبعة : الأب ، الإبن ، الأخ ، ابن الأخ ، ابن الأخت ، العم ، الخال .
والذين يحرمون بسبب الرضاع : ما ثبت في الحديث "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" .
والذين يحرمون بسبب المصاهرة أربعة : أبو زوجها (حماها) ، وابن زوجها ، وزوج بينتها (وهؤلاء الثلاثة محارم بمجرد العقد) والرابع زوج الأم بعد الدخول بها .(1/12)
اختلف العلماء في حكم سفر المرأة بدون مَحْرم في صورة واحدة فقط وما عدا ذلك فالإجماع منعقد علي أنه لا يجوز لها السفر بدون مَحْرم ولو إلي حج نفل .
والصورة الوحيدة التي اختلفوا فيها هي السفر إلي حج الفريضة فذهب الحنفية والحنابلة إلي عدم جواز سفر المرأة إلي حج الفريضة بغير مَحْرم وجعلوه شرطًا في إيجاب الحج ، فإن فُقد فلا يجب الحج علي المرأة واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول "لا يخلون رجل بإمرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال : يارسول الله ، إن امرأتي خرجت حآجّة ، وإني أكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال : "انطلق فحُجَّ مع امرأتك" متفق عليه .
بينما ذهب المالكية والشافعية إلي أن المحرم ليس شرطًا في حج الفريضة ، وأما حج النفل أو أي سفر آخر فلا يجوز خروجها إلا مع محرم اتفاقًا ، واستدلوا بحديث النبي "يوشك أن تخرج الظعينة –المرأة- من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها ، لا تخاف إلا الله" رواه البخاري .
ويُجاب عن هذا بأنه إخبار عما سيقع من الأمن ، ولا تعلق لهذا بحكم سفر المرأة بلا محرم .
واستدلوا كذلك بحديث رُوي عن النبي بتفسيره للإستطاعة بالزاد والراحلة عند الترمذي 812 ولكنه حديث ضعيف لا يصح الإحتجاج به لضعفه .
فإن المرأة مظنة الشهوة والطمع ، وهي لا تكاد تقي نفسها ، لضعفها ونقصها ، ولا يغار عليها مثل محارمها ، الذين يرون أن النيل منها نيل من شرفهم وعرضهم .
تنبيه : قال النووي : كل ما يُسمي سفرًا تُنهي عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوم أو بريدًا أو غير ذلك لرواية ابن عباس رضي الله عنهما المطلقة "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمي سفرًا .
* من حقوق الزوج علي زوجته ألا تخرج من بيته بغير إذنه وله منعها ولو لأداء حج تطوع :(1/13)
قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها -الزوج- من الخروج إلي الحج التطوع . المغني 3/240 .
قال ابن قدامة : وللزوج منعها من الخروج من منزله إلي ما لها منه بُد ، سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما ، أو حضور جنازة أحدهما .. قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن زوجها .
ثم قال بعد ذلك : لا ينبغي للزوج منعها عيادة والديها وزيارتهما ؛ لأن في ذلك قطيعة لهما ، وحملاً علي مخالفته ، وقد أمر الله تعالي بالمعاشرة بالمعروف ، وليس هذا من المعاشرة بالمعروف .
قال النووي في "الشرح المهذب" في حكم منع الزوج زوجته من مساجد الله : فإن منعها لم يحرم عليه ، هذا مذهبنا ، قال البيهقي : وبه قال عامة العلماء ، ويجاب عن حديث "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" بأنه نهي تنزيه ، لأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجبة ، فلا تتركن لفضيله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن المرأة (إذا خرجت من داره بغير إذنه فلا نفقة لها ولا كسوة) وقال أيضًا : ولا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذنه ، ولا يحل لأحد أن يأخذها إليه ، ويحبسها عن زوجها ، سواء كان ذلك لكونها مرضعًا ، أو لكونها قابلة أو غير ذلك من الصناعات ، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله ، ومستحقة للعقوبة .
تنبيه : قال الأستاذ عدنان حسن باحارث حفظه الله :
والمرأة تكون عاصية لله ورسوله إن هي أهملت شأن بيتها بإنشغالها خارجة ، حيث قال عليه الصلاة والسلام "والمرأة راعية علي بيت زوجها وولده ، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"رواه البخاري
قال الشيخ جمال عبد الرحمن حفظه الله :(1/14)
قال تعالي (حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) والمقصورات أي المحبوسات . قال أبو عبيدة : خُدِّرن في الخيام : أي سُترن فيها ، وليس الحبس هنا هو الحبس المذموم الذي هو ضد الحرية ، وإنما القصد هو الستر لهن فقط علي أزواجهن . أقول : إذا كانت الجنة هي دار النعيم وليس فيها فتن ولا طمع ولا معصية ، جعل الله تعالي النساء فيها مستورات مقصورات علي أزواجهن فما بالنا بدار الدنيا دار الفتن والشهوات والمعاصي والمحرمات ، والنظر والتطلعات ؟ أليس لكل عاقل منصف غيور أن يقول : إن النساء فيها أجدر بالتستر والإقتصار ؟ هداكم الله يادعاة الإباحية والتحرر والتبرج والسفور ، والتكشف والظهور .
المراجع :
المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية . الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم
أدلة الحجاب . الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم
نصائح للشباب تهذيب غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني . تهذيب وتخريج وتعليق الشيخ محمد حسين يعقوب
فتاوي علماء البلد الحرام . مجموعة علماء
ففروا إلي الله . الشيخ أبو ذر القلموني
فقه السنة . الشيخ سيد سابق
تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة . الشيخ عادل بن يوسف العزازي
صحيح فقه السنة . الشيخ كمال بن السيد سابق
الزواج الإسلامي السعيد . الشيخ محمود المصري
10- مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة . أ.عدنان حسن صالح باحارث
11- إمتاع السامعين في وصف الحور العين . الشيخ محمود عبد الرحمن
جمع وترتيب :
أبو عبد الرحمن محمد بن عمران
غفر الله له ولأهله
Omran_19844@hotmail.com(1/15)