صورته: ولا يخفى عليه أنه اختلاف المشهور.
قوله: (فإن قسمه) أي الواهب بنفسه أو نائبه، أو أمر الموهوب له بأن يقسم مع شريكه كل ذلك تتم به الهبة كما هو ظاهر لمن عنده أدنى فقه.
تأمل رملي.
والتخلية في الهبة الصحيحة قبض لا في الفاسدة.
جامع الفصولين.
قوله: (ولو سلمة شائعا الخ) قال في الفتاوى الخيرية: ولا تفيد الملك في ظاهر الرواية.
قال الزيلعي: ولو سلمه شائعا لا يملكه حتى لا ينفذ تصرفه فيه فيكون مضمونا عليه وينفذ فيه تصرف الواهب، ذكره الطحاوي وقاضيخان، وروي عن ابن رستم مثله، وذكر عصام أنها تفيد الملك وبه أخذ بعض المشايخ ا ه.
ومع إفادتها للملك عند هذا البعض أجمع الكل على أن للواهب استردادها من الموهوب له، ولو كان ذا رحم محرم من الواهب.
قال في جامع الفصولين رامزا لفتاوى الفضلي: ثم إذا هلكت أفتيت بالرجوع للواهب هبة فاسدة لذي رحم محرم منه، إذ الفاسدة مضمونة على ما مر، فإذا كانت مضمونة بالقيمة بعد الهلاك كانت مستحقة الرد قبل الهلاك ا ه.
وكما يكون للواهب الرجوع فيها يكون لوارثه بعد موته لكونها مستحقة الرد، ويضمن بعد الهلاك كالبيع الفاسد إذا مات أحد المتبايعين فلورثته نقضه، لانه مستحق
الرد ومضمون بالهلاك.
ثم من المقرر أن القضاء يتخصص، فإذا ولى السلطان قاضيا ليقضي بمذهب أبي حنيفة لا ينفذ قضاؤه بمذهب غيره، لانه معزول عنه بتخصيصه فالتحق فيه بالرعية، نص على ذلك علماؤنا رحمهم الله تعالى ا ه ما في الخيرية.
وأفتى به في الحامدية أيضا والتاجية، وبه جزم في الجوهرة والبحر.
ونقل عن المبتغى بالغين المعجمة: أنه لو باعه الموهوب له لا يصح، وفي نور العين عن الوجيز: الهبة الفاسدة مضمونة بالقبض، ولا يثبت الملك فيها إلا عند أداء العوض، نص عليه محمد في المبسوط، وهو قول أبي يوسف، إذ الهبة تنقلب عقد معاوضة ا ه.
وذكر قبله: هبة المشاع فيما يقسم لا تفيد الملك عند أبي حنيفة، وفي القهستاني: لا تفيد الملك، وهو المختار كما في المضمرات، وهذا مروي عن أبي حنيفة وهو الصحيح اه.
فحيث علمت أنه ظاهر الرواية وأنه نص عليه محمد ورووه عن أبي حنيفة ظهر أنه الذي عليه العمل وإن صرح بأن المفتى به خلافه، ولا سيما أنه يكون ملكا خبيثا كما يأتي، ويكون مضمونا كما علمته فلم يجد نفعا للموهوب له فاغتنمه، وإنما أكثرت النقل في مثل هذه لكثرة وقوعها وعدم تنبيه أكثر الناس للزوم الضمان على قول المخالف ورجاء لدعوة نافعة في الغيب.
قوله: (بالقبض) لكن ملكا خبيثا، وبه يفتى.
قهستاني: أي وهو مضمون كما علمته آنفا فتنبه.
وفي حاشية المنح: ومع إفادتها للملك يحكم بنقضها للفساد كالبيع الفاسد ينقض له.
تأمل.
قوله: (في البزازية) عبارتها: هل يثبت الملك بالقبض.
قال الناطفي عند الامام: لا يفيد الملك.
وفي بعض الفتاوى يثبت فيها فاسدا.
وبه يفتى.
ونص في الاصل أنه لو وهب نصف داره من آخر وسلمها إليه فباعها الموهوب له لم يجز دل أنه لا يملك حيث أبطل البيع بعد القبض، ونص في الفتاوى أنه هو المختار، ورأيت بخط بعض الافاضل على هامش المنح بعد نقله ذلك وأنت تراه عزا رواية إفادة الملك بالقبض والافتاء بها إلى بعض الفتاوى فلا تعارض رواية الاصل، ولذا اختارها قاضيخان وقوله: لفظ الفتوى الخ قد يقال بمنع(6/261)
عمومه، لا سيما هذه الصيغة في مثل سياق البزازي، فإذا تأملته تقضي برجحان ما دل عليه الاصل
اه.
قوله: (وتعقبه) قد علمت ما فيه مما قدمناه عن الخيرية، فتنبه.
قوله: (للعقد لا طارئ) أقول: منه ما لو وهب دارا في مرضه وليس له سواها ثم مات ولم يجز الورثة الهبة بقيت الهبة في ثلثها وتبطل في الثلثين كما صرح به في الخانية.
قوله: (البعض الشائع) أي حكما، لان الزرع مع الارض بحكم الاتصال كشئ واحد، فإذا استحق أحدهما صار كأنه استحق البعض الشائع فيما يحتمل القسمة فتبطل الهبة في الباقي.
كذا في الكافي.
درر.
قال في الخانية: والزرع لا يشبه المتاع.
قوله: (بالبينة) لينظر لو ظهر بإقرار الموهوب له، أما إقرار الواهب فالظاهر أنه لغو، لانه أقر بملك الغير.
قوله: (لانه كمشاع) قال في شرح الدرر: هذه نظائر المشاع لا أمثلتها فلا شيوع في شئ منها لكنها في حكم المشاع حتى إذا فصلت وسلمت صح، وقوله: لانه بمنزلة المشاع.
أقول: لا يذهب عليك أنه لا يلزم أن يأخذ حكمه في كل شئ، ولا لزم أن لا تجوز هبة النخل من صاحب الارض، كذا عكسه، والظاهر خلافه، والفرق بينهما أنه ما من جزء من المشاع وإن دق إلا وللشريك فيه ملك فلا تصح هبته، ولو من الشريك لان القبض الكامل فيه لا يتصور، وأما نحو النخل في الارض والتمر في النخل والزرع في الارض، لو كان كل واحد منها لشخص فوهب صاحب النخل نخله كله لصاحب الارض أو عكسه فإن الهبة تصح، لان ملك كل منهما متميز عن الآخر، فيصح قبضه بتمامه، ولم أر من صرح به لكن يؤخذ الحكم من كلامهم، ولكن إذا وجد النقل فلا يسعنا إلا التسليم.
فرع: له عليه عشرة فقضاها فوجد القابض دانقا زائدا فوهبه للدائن أو للبائع أن الدراهم صحاحا يضرهما التبعيض يصح لانه مشاع لا يحتمل القسمة.
وكذا هبة بعض الدراهم والدنانير إن ضرها التبعيض تصح، وإلا لا.
بزازية.
قوله: (ظاهر الدرر نعم) أقول: صرح به في الخانية فقال: ولو وهب زرعا بدون الارض أو تمرا بدون النخل وأمره بالحصاد والجذاذ ففعل الموهوب له ذلك جاز، لان قبضه بالاذن يصح في المجلس وبعده.
وفي الحامدية عن جامع الفتاوى: ولو وهب زرعا في(6/262)
أرض أو ثمرا في شجر أو حلية سيف أو بناء دار أو دينارا على رجل أو قفيزا من صبرة وأمره بالحصاد
والجذاذ والنزع والنقض والقبض والكيل ففعل صح استحسانا الخ.
قوله: (أصلا) أي وإن سلمها مفرزة.
قوله: (لانه معدوم) أي حكما، وكذا لو وهب الحمل وسلم بعد الولادة لا يجوز، لان في وجوده احتمالا فصار كالمعدوم.
منح.
قوله: (جديد) وهذا لان الحنطة استحالت وصارت دقيقا، وكذا غيرها، وبعد الاستحالة هو عين آخر على ما عرف في الغصب، بخلاف المشاع لانه محل للملك لا أنه لا يمكن تسليمه، فإذا زال المانع جاز.
منح.
قوله: (بالقبول) إنما اشترط القبول نصا، لانه إذا لم يوجد كذلك يقع الملك فيها بغير رضاه لانه لا حاجة إلى القبض، ولا يجوز ذلك لما فيه من توهم الضرر، بخلاف ما إذا لم يكن في يده وأمره بقبضه فإنه يصح إذا قبض، ولا يشترط القبول لانه إذا قدم على القبض كان ذلك قبولا ورضا منه بوقوع الملك له فيملكه ط ملخصا.
وهذا معنى قوله: بعد لانه حينئذ عامل لنفسه أي حين قبل صريحا.
قوله: (بلا قبض) أي بأن يرجع إلى الموضع الذي فيه العين ويمضي وقت يتمكن فيه من قبضها.
قهستاني.
قوله: (ولو بغصب) انظر الزيلعي.
قوله: (عن الآخر) كما إذا كان عنده وديعة فأعارها صاحبها له فإن كلا منهما قبض أمانة فناب أحدهما عن الآخر.
قوله: (عن الادنى) فناب قبض المغصوب والمبيع فاسدا عن قبض المبيع الصحيح، ولا ينوب قبض الامانة عنه.
منح.
قوله: (لا عكسه) فقبض الوديعة مع قبض الهبة يتجانسان لانهما قبض أمانة، ومع قبض الشراء يتغايران لانه قبض بلا ضمان، فلا ينوب الاول عنه كما في المحيط، ومثله في شرح الطحاوي لكنه ليس على إطلاقه، فإنه إذا كان مضمونا بغيره كالبيع المضمون بالثمن والمرهون المضمون بالدين لا ينوب قبضه عن القبض الواجب كما في المستصفى، ومثله في الزاهدي، فلو باع من المودع احتاج إلى قبض جديد وتمامه في العمادي.
قهستاني.
قوله: (على الطفل) فلو بالغا يشترط قبضه ولو في عياله.
تاترخانية.
قوله: (في الجملة) أي ولو لم يكن له تصرف في ماله.
قوله: (بالعقد) أي بالايجاب فقد كما يشير إليه الشارح.
كذا في الهامش، وهذا إذا أعلمه أو أشهد عليه والاشهاد للتحرز عن الجحود بعد موته، والاعلام لازم لانه بمنزلة القبض.
بزازية.
قال في التاترخانية: فلو أرسل العبد في حاجة أو كان آبقا في دار الاسلام فوهبه من ابنه صحت، فلو لم يرجع العبد حتى مات الاب لا يصير ميراثا عن الاب ا ه.
قوله: (لو الموهوب الخ) لعله احتراز عن نحو: وهبته شيئا من مالي.
تأمل.
قوله: (معلوما) قال محمد رحمه الله: كل شئ وهبه لابنه الصغير وأشهد عليه وذلك الشئ معلوم في نفسه فهو جائز.
والقصد أن يعلم ما وهبه له، والاشهاد ليس بشرط لازم لان الهبة تتم بالاعلام.
تاترخانية.
قوله: (أو يد مودعه) أي أو يد مستعيره لا كونه في يد غاصبه أو مرتهنه أو المشتري منه بشراء فاسد.
بزازية.
قال السائحاني: إنه إذا انقضت الاجارة أو ارتد الغصب تتم الهبة كما تتم في نظائره.
قوله: (يتولاه) كبيعه ماله من طفله.
تاترخانية.
قوله: (ثم وصيه) ثم الوالي ثم(6/263)
القاضي ووصي القاضي كما سيأتي في المأذون، ومر قبيل الوكالة في الخصومة والوصي كالاب والام كذلك لو الصبي في عيالهما إن وهبت له أو وهب له تملك الام القبض، وهذا إذا لم يكن للصبي أب ولا جد ولا وصيهما، وذكر الصدر أن عدم الاب لقبض الام ليس بشرط، وذكر في الرجل إذا زوج ابنته الصغيرة من رجل فزوجها يملك قبض الهبة لها، ولا يجوز قبض الزوج قبل الزفاف وبعد البلوغ.
وفي التجريد: قبض الزوج يجوز إذا لم يكن الاب حيا، فلو أن الاب ووصيه والجد ووصيه غائب غيبة منقطعة جاز قبض الذي يتولاه، ولا يجوز قبض غير هؤلاء الاربعة مع وجود واحد منهم، سواء كان الصغير في عياله أو لا، وسواء كان ذا رحم محرم أو أجنبيا، وإن لم يكن واحد من هؤلاء الاربعة جاز قبض من كان الصبي في حجره، ولم يجز قبض من لم يكن في عياله.
بزازية.
قال في البحر: والمراد بالوجود الحضور اه.
وفي غاية البيان: ولا تملك الام وكل من يعول الصغير مع حضور الاب.
وقال بعض مشايخنا: يجوز إذا كان في عيالهم كالزوج، وعنه احترز في المتن بقوله في الصحيح ا ه.
ويملك الزوج القبض لها مع حضور الاب، بخلاف الام وكل من يعولها غير الزوج، فإنهم لا يملكونه إلا بعد موت الاب أو غيبته غيبة منقطعة في الصحيح، لان تصرف هؤلاء للضرورة لا بتفويض الاب، ومع حضور الاب لا ضرورة.
جوهرة.
وإذا غاب أحدهما غيبة متقطعة جاز قبض الذي يتلوه في الولاية، لان التأخير إلى قدوم الغائب تفويت للمنفعة للصغير فتنقل الولاية إلى من يتلوه كما في الانكاح، ولا يجوز قبض غير هؤلاء مع وجود أحدهم، ولو في عيال القابض أو رحما محرما منه كالاخ والعم والام.
بدائع
ملخصا.
لو قبض له من هو في عياله مع حضور لاب قيل لا يجوز، وقيل يجوز، وبه يفتى.
مشتمل الاحكام.
والصحيح الجواز كما لو قبض الزوج والاب حاضر.
خانية.
والفتوى على أنه يجوز.
اسروشني.
فقد علمت أن الهداية والجوهرة على تصحيح عدم جواز قبض من يعوله مع عدم غيبة الاب، وبه جزم صاحب البدائع، وقاضيخان وغيره من أصحاب الفتاوى صححوا خلافه، وكن على ذكر مما قالوا لا يعدل عن تصحيح قاضيخان، فإن فقيه النفس، ولا سيما وفيه هنا نفع للصغير، فتأمل عند الفتوى، وإنما أكثرت من النقول لانها واقعة الفتوى، وبعض هذه النقول نقلتها من خط منلا علي التركماني، واعتمدت في عزوها عليه فإنه ثقة ثبت رحمه الله تعالى.
قوله: (عدمهم) ولو بالغيبة المنقطعة.
قوله: يعقل التحصيل) تفسير التمييز.
قوله: (لكن) استدراك على قوله: وعند عدمهم ح.
قوله: (بوصل ولو بأمه) يعني جاز وصل قول المتن ولو مع وجود أبيه بقوله: بأمه وأجنبي ح.
كذا في الهامش.
قوله: (ولو بأمه) متعلق بوصل.
قوله: (وصح رده) أي رد الصبي، وانظر حكم رد الولي، والظاهر أنه لا يصح حتى لو قبل الصبي بعد رد وليه يصح ط.
قوله: (لها) أي للهبة.
قوله: (وهب له) قال في التاترخانية: روي عن محمد نصا أنه يباح.
وفي الذخيرة وأكثر مشايخ بخارى على أنه لا يباح.
وفي فتاوى سمرقند: إذا أهدى الفواكه للصغير يحل للابوين الاكل منها إذا أريد بذلك الابوان، لكن الاهداء للصغير استصغارا للهدية اه.(6/264)
قلت: وبه يحصل التوفيق ويظهر ذلك بالقرائن، وعليه فلا فرق بين المأكول وغيره، بل غيره أظهر فتأمل.
قوله: (فأفاد) أصله لصاحب البحر وتبعه في المنح.
قوله: (إلا لحاجة) قال في التاترخانية: وإذا احتاج الاب إلى مال ولده: فإن كانا في المصر واحتاج لفقره أكل بغير شئ، وإن كانا في المفازة واحتاج إليه لانعدام الطعام معه فله الاكل بالقيمة ا ه.
قوله: (فالقول له) لانه هو المملك.
قوله: (وكذا زفاف البنت) أي على هذا التفصيل بأن كان من أقرباء من الزوج أو المرأة، أو قال المهدي: أهديت للزوج أو المرأة كما في التاترخانية.
وفي الفتاوى الخيرية: سئل فيما يرسله الشخص إلى غيره في الاعراس ونحوها هل يكون حكمه حكم القرض فيلزمه الوفاء به أم لا؟ أجاب: إن كان العرف بأنهم يدفعونه على وجه البدل يلزم الوفاء به مثليا فبمثله، وإن قيميا فبقيمته، وإن كان العرف
خلاف ذلك بأن كانوا يدفعونه على وجه الهبة ولا ينظرون في ذلك إلى إعطاء البدل فحكمه حكم الهبة في سائر أحكامه فلا رجوع فيه بعد الهلاك أو الاستهلاك، والاصل فيه أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا اه.
قلت: والعرف في بلادنا مشترك، نعم في بعض القرى يعدونه فرضا حتى إنهم في كل وليمة يحضرون الخطيب يكتب لهم ما يهدي، فإذا جعل المهدي وليمة يراجع المهدي الدفتر فيهدي الاول إلى الثاني مثل ما أهدى إليه.
قوله: (لولده) أي الصغير، وأما الكبير فلا بد من التسليم كما في جامع الفتاوى، وأما التلميذ فلو كبيرا فكذلك، ويملك الرجوع عن هبته لو أجنبيا مع الكراهة، ويمكن حمل قوله: ليس له الرجوع عليه.
سائحاني.
قوله: (أو لتلميذه) مسألة التلميذ مفروضة بعد دفع الثياب إليه.
قال في الخانية: اتخذ شيئا لتلميذه فأبق التلميذ بعد ما دفع إليه إن بين وقت الاتخاذ أنه إعارة يمكنه الدفع إليه فافهم.
قوله: (وإن قصده) بسكون الصاد ورفع الدال.
وعبارة المنح: وإن قصد به الاضرار، وهكذا رأيته في الخانية.
قوله: (وعليه الفتوى) أي على قول أبي يوسف: من أن التنصيف(6/265)
بين الذكر والانثى أفضل من التثليث الذي هو قول محمد.
رملي.
قوله: (ولو بعوض) وأجازها محمد بعوض مساو كما ذكر آخر الباب الآتي، وعبارة المجمع: وأجازها محمد بشرط عوض مساو اه.
وسيأتي قبيل المتفرقات.
سئل أبو مطيع عن رجل قال لآخر ادخل كرمي وخذ من العنب، كم يأخذ؟ قال: يأخذ عنقودا واحدا.
وفي العتابية: هو المختار.
وقال أبو الليث: مقدار ما يشبع إنسان.
تاترخانية.
وفيها عن التتمة: سئل عمر النسفي عمن أمر أولاده أن يقتسموا أرضه التي في ناحية كذا بينهم، وأراد به التمليك فاقتسموها وتراضوا على ذلك، هل يثبت لهم الملك أم يحتاج إلى أن يقول لهم الاب ملكتكم هذه الاراضي، أو يقول لكل واحد منهم ملكتك هذا النصيب المفرز؟ فقال: لا.
وسئل عنها الحسن فقال: لا يثبت لهم الملك إلا بالقسمة.
وفي تجنيس الناصري: ولو وهب دارا لابنه الصغير ثم اشترى بها أخرى فالثانية لابنه الصغير خلافا لزفر، ولو دفع إلى ابنه مالا فتصرف فيه الابن يكون للابن إذا دلت دلالة على التمليك ا ه.
وسئل الفقيه عن امرأة وهبت مهرها الذي لها على الزوج لابن صغير له وقبل الاب؟ قال: أنا
في هذه المسألة واقف فيحتمل الجواز كمن كان له عبد عند رجل وديعة فأبق العبد ووهبه مولاه من ابن المودع فإنه يجوز.
سئل مرة أخرى عن هذه المسألة فقال: لا يجوز، وقال الفقيه أبو الليث: وبه نأخذ.
وفي العتابية: وهو المختار.
تاترخانية.
قوله: (دارا) المراد بها ما يقسم.
قوله: (وبقلبه) وهو هبة واحد من اثنين.
قال في الهامش: دفع لرجل ثوبين وقال أيهما شئت فلك والآخر لابنك فلان، إن يكن قبل أن يتفرقا جاز، وإلا لا.
له على آخر ألف نقد وألف غلة فقال وهبت منك أحد المالين جاز، والبيان إليه وإلى ورثته بعد موته.
بزازية.
قوله: (لكبيرين) أي غير فقيرين، وإلا كانت صدقة فتصح كما يأتي.
قوله: (يحتمل القسمة) انظر القهستاني.
قوله: (بكبيرين) هذه عبارة البحر وقد تبعه المصنف، وظاهرها أنهما لو كانا صغيرين في عياله جاز عندهما.
وفي البزازية ما يدل عليه فراجعه.
وأقول: كان الاولى عدم هذا القيد لانه لا فرق بين الكبيرين والصغيرين والكبير والصغير عند أبي حنيفة، ويقول أطلق ذلك، فأفاد أنه لا فرق بين أن يكونا كبيرين أو صغيرين أو أحدهما كبيرا والآخر صغيرا، وفي الاوليين خلافهما.
رملي.
قوله: (في عيال الكبير) صواب: في عيال الواهب، كما يدل عليه كلام البحر وغيره.
قوله: (أو لابنيه الخ) عبارة الخانية: وهب داره لابنين له أحدهما صغير في عياله كانت الهبة فاسدة عند الكل، بخلاف ما لو وهب من كبيرين وسلم إليهما جملة، فإن الهبة جائزة لانه لم يوجد الشيوع وقت العقد، ولا وقت القبض، وأما إذا كان أحدهما صغيرا فكما وهب يصير قابضا حصة الصغير فيتمكن الشيوع(6/266)
وقت القبض ا ه فليتأمل.
ثم ظهر أن التفصيل مبني على قولهما، أما عنده فلا فرق بين الكبيرين وغيرهما في الفساد.
قوله: (لم يجز) والحيلة أن يسلم الدار إلى الكبير ويهبها منهما.
بزازية.
وأفاد أنها للصغيرين تصح لعدم المرجح لسبق قبض أحدهما، وحيث اتحد وليهما فلا شيوع في قبضه.
ويؤيده قول الخانية: داري هذه لولدي الاصاغر يكون باطلا لانها هبة، فإذا لم يبين الاولاد كان باطلا اه.
فأفاد أنه لو بين صح.
ورأيت في الانقروي عن البزازية أن الحيلة في صحة الهبة لصغير مع كبير أن يسلم الدار للكبير ويهبها منهما، ولا يرد ما مر عن الخزانة.
ولو تصدق بدار على ولدين له صغيرين لم
يجز، لانه مخالف لما في المتون والشروح.
سائحاني: أي من أن الهبة لمن له ولاية تتم بالعقد.
قوله: (اتفاقا) لتفرق القبض.
قوله: (صدقة) انظر ما نكتبه بعد الباب عند قول المتن والصدقة كالهبة وفي المضمرات: ولو قال وهبت منكما هذه الدار والموهوب لهما فقيران صحت الهبة بالاجماع.
تاترخانية.
لكن قال بعده: وفي الاصل: هبة الدار من رجلين لا تجوز، وكذا الصدقة، فيحتمل أن قوله: وكذا الصدقة: أي على غنيين، والاظهر أن في المسألة روايتين ا ه.
قال في البحر: وصحح في الهداية ما ذكره في الفرق.
قوله: (لا لغنيين) هذا قوله، وقالا يجوز، وفي الاصل أن الهبة لا تجوز، وكذا الصدقة عنده ففي الصدقة عنه روايتان.
خانية.
قوله: (لا تملك) تقدم أن المفتى به أن الفاسدة تملك بالقبض، فهو مبني على ما قدمنا ترجيحه.
تأمل.
قوله: (لو قسمها الخ) قاله: في البحر.
قوله: (إن استويا) أي وزنا وجودة.
خانية.
قوله: (جاز) مخالف لما في الخانية، فإنه ذكر التفصيل فيما إذا قال نصفهما، ثم قال: وإن قال أحدهما لك هبة لم يجز كانا سواء أو مختلفين.
قوله: (ثلثهما جاز) هذا يفيد أن المراد بقوله سابقا أو نصفهما واحد منهما لا نصف كل، وإلا فلا فرق بينه وبين الثلث في الشياع، بخلاف حمله على أن المراد أحدهما فإنه مجهول فلا يصح.
قوله: (مطلقا) استويا أو اختلفا.
منح.
قوله: (تجوز هبة حائط الخ) وفي الذخيرة: هبة البناء دون الارض جائزة.
وفي الفتاوى عن محمد فيمن وهب لرجل غلة وهي قائمة لا يكون قابضا لها حتى يقطعها ويسلمها إليه.
وفي الشراء إذا خلي بينه وبينهما صار قابضا لها.
متفرقات التاترخانية وقدمنا نحوه عن حاشية الفصولين للرملي.(6/267)
باب الرجوع في الهبة في الهامش: ولو قال الواهب أسقطت حقي في الرجوع لا يبطل حقه في.
بزازية.
قوله: (لكن سيجئ) أي عن المجتبى، والضمير في اشتراطه للعوض.
قال الرملي: وقد يقال: ما في الجواهر لم يدخل في كلام المجتبى، إذ ما في الجواهر صلح عن حق الرجوع نصا وقد صح الصح فلزم سقوطه ضمنا، بخلاف ما لو أسقطعه قصدا، فكم من شئ يثبت ضمنا ولا يثبت قصدا، وليس بحق
مجرد حتى يقال بمنع الاعتياض عنه كما هو ظاهر.
وما في المجتبى مسألة أخرى فتأمله.
قوله: (اشتراطه) أي العوض، لكن سيجئ البحث في هذا الاشتراط.
قوله: (ويمنع الرجوع الخ) هو كقول بعضهم: (الرجز) ويمنع الرجوع في فضل الهبة * يا صاحبي حروف دمع خزقه قال الرملي: قد نظم ذلك والدي العلامة شيخ الاسلام محيي الدين فقال: منع الرجوع من المواهب سبعة * فزيادة موصولة موت عوض وخروجها عن ملك موهوب له * زوجية قرب هلاك قد عرض قوله: (يعني الموانع) لا يقال بقي من الموانع الفقر لما سيأتي أنه لا رجوع في الهبة للفقير لانها صدقة.
شرنبلالية.
قوله: (فالدال الزيادة) قيد بها لان النقصان كالحبل وقطع الثوب بفعل الموهوب له أو لا غير مانع.
بحر.
وفي الحيل كلام يأتي.
قوله: (في نفس العين) خرج الزيادة من حيث السعر فله الرجوع.
بحر.
قوله: (القيمة) خرج الزيادة في العين فقط كطول الغلام وفداء الموهوب له لو جنى الموهوب خطأ.
بحر وتمامه فيه.
قوله: (كأن شب ثم شاخ) فيه أنه من قبيل زوال المانع كما قاله الاسبيجابي ولهذا سموها موانع.
وعبارة القهستاني مانع الزيادة إذا ارتفع، كما إذا بني ثم هدم عادم حق الرجوع كما في المحيط وغيره، ومن الظن أنه ينافيه ما في النهاية أنه حين زاد لا يعود حق الرجوع بعده، لانه قال ذلك فيما إذا زاد وانتقص جميعا كما صرح به نفسه اه.
قلت: في التاترخانية: ولو كانت الزيادة بناء فإنه يعود حق الرجوع والمانع من الرجوع الزيادة في العين.
كذا ذكر شمس الائمة السرخسي.
قوله: (لان الساقط) تعليل لما يفهم من قوله: فليتنبه له فإنه بمنزلة قوله: وفيه نظر ح.
قوله: (وإلا رجع) أي إن لم يعدا زيادة رجع.
قال في الخانية: وهب دارا فبنى الموهوب له في بيت الضياقة التي تسمى بالفارسية كاسناه تنورا للخبز كان للواهب(6/268)
أن يرجع، لان مثل هذا يعد نقصانا لا زيادة ا ه.
قوله: (ولو عدا الخ) مفهوم قوله: في كل الارض
وقوله: في قطعة منها بأن كانت عظيمة.
قوله: (ومداواته) أي لو كان مريضا من قبل، فلو مرض عنده فداواه لا يمنع الرجوع.
بحر.
قوله: (وحمل تمر) قال الزيلعي: ولو نقله من مكان إلى مكان حتى ازدادت قيمته واحتاج فيه إلى مؤنة النقل: ذكر في المنتقى أن عندهما ينقطع الرجوع.
وعند أبي يوسف لا، لان الزيادة لم تحصل ف يالعين فصار كزيادة السعر.
ولهما أن الرجوع يتضمن إبطال حق الموهوب له في الكراء ومؤنة النقل، بخلاف نفقة البعد، لانها ببدل وهو المنفعة والمؤنة بلا بدل اه.
قلت: ورأيت في شرح السير الكبير للسرخسي أنه لو كانت الهبة في دار الحرب فأخرجها الموهوب له إلى موضع يقدر فيه على حملها لم يكن للواهب الرجوع، لانه حدث فيها زيادة بصنع الموهوب له، فإنها كانت مشرفة على الهلاك في مضيعة وقد أحياها بالاخراج من ذلك الموضع اه.
لكنه ذكر ذلك في صورة ما إذا ألقى شيئا وقال حين ألقاها من أخذه فهو له.
ذكره في التاسع والتسعين اه.
قوله: (وفي البزازية) أقول: ما في البزازية جزم به في الخلاصة.
قوله: (وإن نقص لا) قال في الهداية: والجواري في هذا تختلف، فمنهن من إذا حبلت اضفر لونها ودق ساقها، فيكون ذلك نقصا فيها لا يمنع الواهب من الرجوع ا ه.
وينبغي حمل هذا على ما إذا كان الحبل من غير الموهوب له، فلو منه لا رجوع، لانها ثبت لها بالحمل منه وصف لا يمكن زواله، وهو أنها تأهلت لكونها أم ولده كما إذا ولدت منه بالفعل كما ذكره بعض المتأخرين تفقها، وقد ذكروا أن الموهوب له إذا دبر العبد الموهوب انقطع الرجوع ط.
قوله: (كولد) بنكاح أو سفاح.
بزازية.
قوله: (قول أبي يوسف) أقول: وظاهر الخانية اعتماد خلافه حيث قال: ولو ولدت الهبة ولدا كان للواهب أن يرجع في الام في الحال.
وقال أبو يوسف: لا يرجع حتى يستغني الولد عنها، ثم يرجع في الام دون الولد اه.
وكتبنا في أول العتق عند قوله: والولد تبع الام الخ مسألة الحبل فراجعها.
قوله: (ولو حبلت) تقدم قريبا أن الحبل إن زاد خيرا منع، وإن نقص لا فليكن التوفيق.
سائحاني.
قوله: (ولم تلد) مفهومه أنها لو ولدت ثبت الرجوع كما لو زال البناء.
تأمل.
قوله: (وقال الزيلعي الخ) والتوفيق ما مر عن البزازية وعن الهندية.
قوله: (نعم) لانه نقصان، وقدم في باب خيار العيب عن النهر أن الحبل عيب في بنات آدم لا في البهائم اه.
قوله: (مريض مديون الخ).(6/269)
فروع: وهب في مرضه ولم يسلم حتى مات بطلت الهبة، لانه وإن كان وصية حتى اعتبر فيه الثلث فهو هبة حقيقة فيحتاج إلى القبض.
وهب المريض عبدا لا مال له غير ثم مات وقد باعه الموهوب له لا ينقض البيع ويضمن ثلثيه، وإن أعتقه الموهوب له والواهب مديون ولا مال له غيره قبل موته جاز، وبعد موت الواهب لا لان الاعتاق في المرض وصية، وهي لا تعمل حال قيام الدين، وإن أعتقه الواهب قبل موته ومات لا سعاية على العبد لجواز الاعتاق ولعدم الملك يوم الموت.
بزازية.
ورأيت في مجموعة منلا علي الصغيرة بخطه عن جواهر الفتاوى: كان أبو حنيفة حاجا فوقعت مسألة الدور بالكوفة، فتكلم كل فريق بنوع، فذكروا له ذلك حين استقبلوه، فقال من غير فكر ولا روية: أسقطوا السهم الدائرة تصح المسألة، مثاله: مريض وهب عبدا له من مريض وسلمه إليه ثم وهبه من الواهب الاول وسلمه إليه ثم ماتا جميعا ولا مال لهما غيره، فإنه وقع في الدور حتى رجع إليه شئ منه زاد في ماله، وإذا زاد في ماله زاد في ثلثه، وإذا زاد في ثلثه زاد فيما يرجع إليه، وإذا زاد فيما يرجع إليه زاد في ثلثه، ثم لا يزال كذلك فاحتيج إلى تصحيح الحساب، وطريقه أن تطلب حسابا له ثلث وأقله تسعة ثم تقول: صحت الهبة في ثلاثة منها ويرجع من الثلاثة سهم إلى الواهب الاول، فهذا السهم هو سهم الدور فأسقطه من الاصل بقي ثمانية، ومنه تصح.
وهذا معنى قول أبي حنيفة: أسقطوا السهم الدائر.
وتصح الهبة في ثلاثة من ثمانية، والهبة الثانية في سهم فيحصل للواهب الاول ستة ضعف ما صححناه في هبته، وصححنا الهبة الثانية في ثلث ما أعطينا فثبت أن تصحيحه بإسقاط سهم الدور، وقيل دع الدور يدور في الهواء اه ملخصا.
وفيه حكاية عن محمد فلتراجع.
قوله: (وقد وطئت) أي من الموهوب له أو غير ط.
قوله: (والميم الخ) لينظر ما لو حكم بلحاقه مرتدا، أما إذا مات الموهوب له فلان الملك قد انتقل إلى الورثة.
وأما إذا مات الواهب فلان النص لم يوجب حق الرجوع إلا للواهب، والوارث ليس بواهب.
درر.
قلت: مفاد التعليل أنه لو حكم بلحاقه مرتدا فالحكم كذلك، وليراجع صريح النقل، والله
أعلم.
قوله: (بطل) يعني عقد الهبة، والاولى بطلت: أي لانتقال الملك للوارث قبل تمام الهبة.
سائحاني.
قوله: (ولو اختلفا) أي الشخصان لا بقيد الواهب والموهوب له، وإن كان التركيب يوهمه بأن قال وارث الواهب ما قبضته في حياته وإنما قبضته بعد وفاته وقال الموهوب له بل قبضته في حياته والعبد في يد الوارث ط.
قوله: (فالقول للوارث) لان القبض قد علم الساعة والميراث قد تقدم القبض.
بحر.
قوله: (كفارة) سقوطها إذا لم يوص بها، وكذا الخراج.
قوله: (ديه) بسكون الهاء، وخراج بإسكان الجيم، ولو قال هكذا لكان موزونا.
خراج ديات ثم كفارة كذا.
قوله: (ضمان) أي إذا أعتق نصيبه موسرا فضمنه شريكه.
قوله: (نفقات) أي غير المستدانة بأمر القاضي.
قوله:(6/270)
(صلات) بكسر الصاد.
قوله: (والعين العوص) وهب لرجل عبدا بشرط أن يعوضه ثوبا إن تقايضا جاز، وإلا لا.
خانية.
قوله: (سقط الرجوع) أي رجوع الواهب والمعوض كما في الانقروي، وإليه يشير مفهوم الشارح.
سائحاني.
قال في الهامش: المرأة إذا أرادت أن يتزوجها الذي طلقها فقال المطلق لا أتزوجك حتى تهبيني ما لك علي فوهبت مهرها الذي عليه على أن يتزوجها ثم أبى أن يتزوجها قالوا: مهرها الذي عليه على حاله تزوجها أو لم يتزوجها، لانها جعلت المال على نفسها عوضا عن النكاح، وفي النكاح العوض لا يكون على المرأة.
خانية.
وأفتى في الخيرية بذلك اه.
قوله: (رجع كل) برفع كل منونا عوضا عن المضاف إليه، لان التمليك المطلق يحتمل الابتداء ويحتمل المجازاة، فلا يبطل حق الرجوع بالشك.
مستصفى.
قوله: (بهبته) ها هنا كلام، وهو أن الاصل المعروف كالملفوظ كما صرح به في الكافي، وفي العرف يقصد التعويض، ولا يذكر خذ بدل هبتك ونحوه استحياء، فينبغي أن لا يرجع، وإن لم يذكر البدلية.
وفي الخانية: بعث إلى امرأته هدايا وعوضته المرأة وزفت إليه ثم فارقها فادعى الزوج أن ما بعثه عارية وأراد أن يسترد وأرادت المرأة أن تسترد العوض فالقول للزوج في متاعه لانه أنكر التمليك، وللمرأة أن تسترد ما بعثه إذ تزعم أنه عوض للهبة، فإذا لم كن ذلك هبة لم يكن هذا عوضا فلكل منهما استرداد متاعه.
وقال أبو بكر الاسكاف: إن صرحت حين بعثت أنه عوض فكذلك، وإن لم تصرح به ولكن نوت أن يكون عوضا كان ذلك هبة منها وبطلت نيتها، ولا يخفى أنه على هذا ينبغي أن يكون في مسألتنا اختلاف.
يعقوبية.
قوله: (أو
يسيرا) أي أقل من الموهوب، لان العوض ليس ببدل حقيقة، وإلا لما جاز بالاقل للربا.
قوله: (أن يعوض) وإن عوض فللواهب الرجوع لبطلان التعويض.
بزازية.
قوله: (من ماله) أي من مال الصغير، ولو من مال الاب صح لما سيأتي من صحة التعويض من الاجنبي.
سائحاني.
قوله: (وهب العبد) فوهب مبني للمفعول.
أي وهب له شخ ص شيئا.
قوله: (ثم عوض) أي عوض العبد عن هبته.
قوله: (الرجوع) لعدم ملك التاجر المأذون الهبة فلم يصح العوض.
قوله: (بحر) لان العبد المأذون لا يملك أن يهب أولا أو آخرا في التعويض.
سائحاني.
ويحتمل أن وهب مبني للفاعل وعوض مبني للمفعول.
قوله: (من نصراني) من بمعنى اللام.
قوله: (خمرا) مفعول تعويض.
قوله: (في هبة) يعني إذا وهبه دراهم تعينت، فلو أبدلها بغيرها كان إعراضا منه عنها، فلو أتى بغيرها ودفعه له فهو هبة مبتدأة وإذا قبضها الموهوب له وأبدلها بجنسها أو بغير جنسها لا رجوع عليه، ومثل الدراهم الدنانير(6/271)
ط.
قوله: (ورجوع) أي ليس له أن يرجع إلا إذا كانت دراهم الهبة قائمة بعينها، فلو أنفقها كان إهلاكا يمنع الرجوع ط.
قوله: (بالطحن) أي فلا يقال إنه عين الموهوب أو بعضه.
قوله: (ثم عوضه) أي البعض: أي جعله عوضا عن الهبة لحصول الزيادة فكأنه شئ آخر.
قوله: (امتنع الرجوع) لانه ليس له الرجوع في الولد فصح العوض.
قوله: (ولا رجوع) أي للمعوض على الموهوب له ولو كان شريكه سواء كان بإذنه أو لا، لان التعويض ليس بواجب عليه، فصار كما لو أمره أن يتبرع لانسان إلا إذا قال على أني ضامن، بخلاف المديون إذا أمر رجلا بأن يقضي دينه حيث يرجع عليه وإن لم يضمن، لان الدين واجب عليه.
منح.
قوله: (لعدم) علة لقوله: ولا رجوع.
قوله: (والاصل الخ) تقدم قبل كفالة الرجلين أصلان آخران.
قوله: (لكن) استدراك على قوله: وما لا فلا قوله: (رجع بنصف العوض) قال في الجوهرة: وهذا أي الرجوع فيما إذا لم يحتمل القسمة، وإن فيما يحتملها إذا استحق بعض الهبة بطل في الباقي ويرجع بالعوض اه: أي لان الموهوب له تبين أنه لم يملك ذلك البعض المستحق فبطل العقد من الاصل لانه هبة مشاع فيما يحتمل القسمة.
قوله: (وعكسه لا) أي إن استحق نصف العوض لا يرجع بنصف الهبة، لان النصف الباقي مقابل لكل الهبة، فإن الباقي يصلح
للعوض ابتداء فكان إبقاء، إلا أنه يتخير، لانه ما أسقط حقه في الرجوع إلا ليسلم له كل العوض ولم يسلم له فله أن يرده.
قوله: (ليسلم) الاولى لانه لم يسلم له العوض.
قوله: (الغير المشروط) أي في العقد.
قوله: (ولو عوض النصف الخ) عوضه في بعض هبته بأن كانت ألفا عوضه درهما منه، فهو فسخ في حق الدرهم ويرجع في الباقي، وكذا البيت في حق الدار.
بزازية.
قوله: (ولا يضر الشيوع)(6/272)
أي الحاصل بالرجوع في النصف.
قوله: (ولم أر من صرح الخ) قائله صاحب المنح.
أقول: صرح به في غاية البيان ونصه: قال أصحابنا: إن العوض الذي يسقط به الرجوع ما شرط في العقد، فأما إذا عوضه بعد العقد لم يسقط الرجوع، لانه غير مستحق على الموهوب له، وإنما تبرع به ليسقط عن نفسه الرجوع يكون هبة مبتدأة، وليس كذلك إذا شرط في العقد، لانه يوجب أن يصير حكم العقد حكم البيع، ويتعلق به الشفعة ويرد بالعيب، فدل أنه قد صار عوضا عنها.
وقالوا أيضا: يجب أن يعتبر في العوض الشرائط المعتبرة في الهبة من القبض وعدم الاشاعة لانه هبة.
كذا في شرح الاقطع.
وقال في التحفة: فأما العوض المتأخر عن العقد فهو لاسقاط الرجوع، ولا يصير في معنى المعاوضة لا ابتداء ولا انتهاء، وإنما يكون الثاني عوضا عن الاول بالاضافة إليه نصا كهذا عوض عن هبتك، فإن هذا عوض إذا وجد القبض ويكون هبة يصح، ويبطل فيما تصح وتبطل به الهبة، وأما إذا لم يضف إلى الاول يكون هبة مبتدأة وثبت حق الرجوع في الهبتين جميعا اه مع بعض اختصار.
ومفاده: أنهما قولان أو روايتان: الاول لزوم اشتراطه في العقد.
والثاني لا بل لزوم الاضافة إلى الاول.
وهذا الخلاف في سقوط الرجوع، وأما كونه بيعا انتهاء فلا نزاع في لزوم اشتراطه في العقد.
تأمل.
قوله: (وفروع المذهب الخ) قلت: الظاهر أن الاشتراط بالنظر لما سبق من توزيع البدل على المبدل لا مطلقا، وحينئذ فما في المجتبى لا يخالف إطلاق فروع المذهب فتأمل.
أبو السعود المصري.
قوله: (كما مر) من دقيق الحنطة وولد إحدى جاريتين.
قوله: (سواء كان) أي رجوع الثاني.
قوله: (فسخ) فإذا عاد إلى الواهب الثاني ملكه عاد بما كان متعلقا به.
قوله: (لم يرجع الاول) لان حق الرجوع لم يكن ثابتا في هذا الملك.
درر عن المحيط.
قوله: (لا يمنع الرجوع) وجازت الاضحية كما في المنح عن
المجتبى.
قوله: (فجعله) أي الموهوب له.
قوله: (عبد عليه دين الخ) صبي له على مملوك وصية دين، فوهب الوصي عبده للصبي ثم أراد الوصي الرجوع، في ظاهر الرواية له ذلك، وعن محمد المنع.
بزازية.
قوله: (استحسانا) قال في الخانية: وفي القياس لا يصح رجوعه في الهبة، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة والمعنى عن أبي يوسف وهشام عن محمد، وعلى قول أبي يوسف: إذا رجع في الهبة ويعود الدين والجناية، وأبو يوسف استفحش قول محمد وقال: أرأيت لو كان على العبد دين لصغير فوهبه مولاه منه فقبل الوصي وقبض فسقط الدين، فإن رجع بعد ذلك لو قلنا لا يعود الدين كان(6/273)
قبول الوصي الهبة تصرفا مضرا على الصغير ولا يملك ذلك، وأما مسألة النكاح ففيها روايتان عن أبي يوسف في رواية: إذا رجع الواهب يعود النكاح ا ه.
قوله: (كعكسه) أي لو وهبت لرجل ثم نكحها رجعت ولو لزوجها.
قوله: (لذي رحم محرم) خرج من كان ذا رحم وليس بمحرم، ومن كان محرما وليس بذي رحم.
درر.
فالاولى كابن العم، فإذا كان أخاه من الرضاع أيضا فهو خارج أيضا، واحترز عنه بقوله: نسبا فإنه ليس بذي رحم محرم من النسب كما في الشرنبلالية، والثاني كالاخ رضاعا.
قوله: (منه نسبا) الضمير في منه للرحم، فخرج الرحم غير المحرم كابن العم، والمحرم غير الرحم كالاخ رضاعا، والرحم المحرم الذي محرميته لا من الرحم كابن عم هو أخ رضاعا، وعلى هذا لا حاجة إلى قوله: نسبا.
نعم يحتاج إليه لو جعل الضمير للواهب ليخرج به الاخير.
تدبر.
قوله: (ولو ابن عمه) أي ولو كان أخوه رضاعا ابن عمه، وهذا خارج بقوله: منه أو بقوله: نسبا لان محرميته ليست من النسب بل من الرضاع.
ولا يخفي أن وصله بما قبله غير ظاهر، لان قوله: المحرم بلا رحم لا يشمله لكونه رحما، ويمكن أن يقال قوله: بلا رحم الباء فيه للسببية: أي لمحرم بسبب غير الرحم كالباء في قوله بعده بالمصاهرة قوله: (ولمحرم) عطف على لمحرم فلا يمنع الرجوع.
باقاني.
قوله: (والربائب الخ) وأزواج البنين والبنات.
خانية.
قوله: (رجع) لان الملك لم يقع فيها للقريب من كل وجه بدليل أن العبد أحق بما وهب له إذا احتاج إليه وهذا عنده، وقالا: يرجع في الاولى دون الثانية كما في البحر.
قوله: (ذا رحم محرم) صورته: أن يكون لرجل أختان
لكل واحدة منهما ولد وأحد الولدين مملوك للآخر، أن يكون له أخ من أبيه وأخ من أمه وأحدهما مملوك للآخر.
قوله: (هلاك العين) وكذا إذا استهلكت كما هو ظاهر، صرح به أصحاب الفتاوى.
رملي: قلت: وفي البزازية: ولو استهلك البعض له أن يرجع بالباقي.
قوله: (مسبب النسب) بضم الميم وفتح السين وتشديد الباء وهو المال: أي ادعى بسبب النسب مالا لازما وكان المقصود إثباته دون النسب.
منح.
قوله: (ولا يصح الخ) قال قاضيخان: وهب ثوبا لرجل ثم اختلسه منه فاستهلكه(6/274)
ضمن الواهب قيمة الثوب للموهوب له، لان الرجوع في الهبة لا يكون إلا بقضاء أو رضا.
سائحاني.
قوله: (أو بحكم الحاكم إلخ) الواهب إذا رجع في هبته في مرض الموهوب له بغير قضاء يعتبر ذلك من جميع مال الموهوب له أو من الثلث: فيه روايتان، ذكر ابن سماعة في القياس: يعتبر من جميع ماله.
خانية.
قوله: (بمنعه) أي وقد طلبه لانه تعدي، فلو أعتقه قبل القضاء نفذ، ولو منعه فهلك لم يضمن لقيام ملكه فيه، وكذا إذا هلك بعد القضاء لانه أول القبض غير مضمون وهذا دوام عليه.
بحر.
قوله: (وإعادة) بنصبه مطوف على فسخا.
قوله: (لا هبة) أي كما قاله زفر رحمه الله.
قوله: (في الشائع) بأن رجع لبعض ما وهب.
قوله: (على بائعه) أي بحكم خيار العيب: يعني ولم يعلم بالعيب قبل الهية.
أبو السعود.
قوله: (مطلقا) حال من رجوع الواهب.
قوله: (وصف السلامة) ولهذا لو زال العيب امتنع الرد.
قوله: (لعاد المنفصل) أي الزوائد المنفصلة المتولدة من الموهوب.
كذا في الهامش.
قوله: (لا صح رجوعه) صفة للموضع.
كذا في الهامش.
قوله: (لانها هبة) أي الاقالة هبة: أي مستقلة.
وعبارة البزازية: استقال المتصدق عليه بالصدقة فأقاله لم يجز حتى يقبض لانه هبة مستقلة، وكذا إذا كانت الهبة لذي رحم محرم، وكل شئ لا يفسخه الحاكم إذا اختصما إليه فهذا حكمه، وتمامه فيها فراجعها في نسخة صحيحة، قوله: (وكل شئ يفسخه) قيل الظاهر أنه سقط منه لفطة لا والاصل لا يفسخه كما هو الواقع في الخانية اه.
وبه يظهر المعنى ويكون المراد منه تعميم المحارم وغيرهم مما لا رجوع في هبتهم.
قوله: (ولو وهب إلخ) سيجئ في الورقة الثانية أن المعتمد الصحة.
سائحاني.
قوله: (عاد الرجوع) مبني على ما قدمه عن الخانية واعتمده
القهستاني، لكن في كلامه هناك إشارة إلى اعتماد خلافه.
قلت: ولا يخفى ما في إطلاق الدرر، فإن المانع قد يكون خروج الهبة من ملكه ثم تعود بسبب جديد، وقد يكون للزوجية ثم نزول، وفي ذلك لا يعود ارجوع كما صرحوا به، نعم صرحوا به فيما إذا بنى في الدار ثم هدم البناء وفيما إذا وهبها لآخر ثم رجع، ولعل المراد زوال المانع العارض، فالزوجية وإن زالت لكنها مانع من الاصل، والعود، بسبب جديد بمنزلة تجدد ملك حادث من جهة غير الواهب فصارت بمنزلة عين أخرى غير الموهوبة، بخلاف ما إذا عادت إليه بما هو فسخ، هذا ما(6/275)
ظهر لي فتدبره.
قوله: (وضمن) بتشديد الميم والمستحق فاعله والموهوب مفعوله.
قوله: (التقابض) أي في المجلس وبعده بالاذن.
سائحاني.
قوله: (في العوضين) فإن لم يوجد التقابض فلكل واحد منهما أن يرجع، وكذا لو قبض أحدهما فقط فلكل الرجوع، القابض وغيره سواء.
غاية البيان.
قوله: (بيع انتهاء) أي إذا اتصل القبض بالعوضين.
غاية البيان.
إلا أنه لا تحالف لو اختلفا في قدر العوض لما في المقدسي عن الذخيرة اتفاقا على أن الهبة بعوض.
واختلفا في قدره ولم يقبض والهبة قائمة، خير الواهب بين تصديق الموهوب له والرجوع في الهبة أو بقيمتها لو هالكة، ولو اختلفا في أصل العوض فالقول للموهوب له في إنكاره، وللواهب الرجوع لو قائما، ولو مستهلكا فلا شئ له، ولو أراد الرجوع فقال أنا أخوك أو عوضتك أو إنما تصدقت بها فالقول للواهب استحسانا ا ه ملخصا.
قوله: (بلا شرط) متعلق بوهب.
قوله: (إلى الفرق) قال شيخ والدي: وقد يفرق بينهما بأن الواقف لما شرط الاستبدال وهو يحصل بكل عقد يفيد المعاوضة كان هذا العقد داخلا في شرطه، بخلاف هبة الاب مال ابنه الصغير.
كذا قاله الرملي في حاشيته على المنح.
مدني.
فصل في مسائل متفرقة قوله: (إلا حملها) اعلم أن استثناء الحمل ينقسم ثلاثة أقسام: في قسم يجوز التصرف ويبطل الاستثناء كالهبة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد.
وفي قسم لا يجوز أصل التصرف كالبيع والاجارة والرهن، لان هذه العقود تبطل بالشروط، وكذا باستثناء الحمل.
وفي قسم يجوز التصرف
والاستثناء جميعا كالوصية، لان أفراد الحمل بالوصية جائز فكذا استثناؤه.
يعقوبية.
قوله: (شيئا عنها) أي شيئا مجهولا ح.
قوله: (لانه بعض) وقد مر متنا أنه يشترط أن لا يكون العوض بعض الموهوب.
قوله: (أو مجهول) الاول: راجع إلى صورة هبة الدار، والثاني: إلى قوله: أو على أن يعوض ولا(6/276)
يشمل الثلاث التي بعد الاولى، فالاولى تعليل الهداية بأن هذه الشروط تخالف مقتضى العقد، فكانت فاسدة والهبة لا تبطل بها، إلا أن يقال قوله: والهبة لا تبطل بالشروط من تتمة التعليل.
قوله: (ولا تنس الخ) نبه عليه إشارة إلى دفع ما قاله الزيلعي تبعا للنهاية من أن قوله: أو على أن يعوض الخ فيه إشكال، لانه إن أراد به الهبة بشرط العوض، فهي والشرط جائزان فلا يستقيم قوله: بطل الشرط وإن أراد به أن يعوضه عنها شيئا من العين الموهوبة فهو تكرار محض، لانه ذكره بقوله: على أن يرد عليه شيئا منها وحاصل الدفع أن المراد الاول، وإنما بطل الشرط لجهالة العوض.
كذا أفاده في البحر.
ثم رأيت صدر الشريعة صرح به فقال: مرادهم ما إذا كان العوض مجهولا، وإنما يصح العوض إذا كان معلوما.
قوله: (بشرط محض الخ).
فروع: وهبت مهرها لزوجها على أن يجعل أمر كل امرأة يتزوجها عليها بيدها ولم يقبل الزوج، قيل لا يبرأ، والمختار أن الهبة تصح بلا قبول المديون، وإن قبل إن جعل أمرها بيدها فالابراء ماض، وإن لم يجعل فكذلك عند البعض، والمختار أنه يعود، وكذا لو أبرأته على أن لا يضربها ولا يحجرها أو يهب لها كان فإن لم يكن هذا شرطا في الهبة لا يعود المهر.
منعها من المسير إلى أبويها حتى تهب مهرها، فالهبة باطلة لانها كالمكرهة.
وذكر شمس الاسلام خوفها بضرب حتى تهب مهرها فإكراه إن كان قادرا على الضرب، وذكر بكر سقوط المهر.
لا يقبل التعليق بالشرط، ألا ترى أنها لو قالت لزوجها إن فعلت كذا فأنت برئ من المهر لا يصح.
قال لمديونه: إن لم أقتض ما لي عليك حتى تموت فأنت في حل فهو باطل، لانه تعليق والبراءة لا تحتمله.
بزازية.
قوله: (لانه مخاطرة) لاحتمال موت الدائن قبل الغد أو قبل موت المديون ونحو
ذلك، لان المعنى إذا مت قبلي وإن جاء الغد والدين عليك فيحتمل أن يموت الدائن قبل الغد أو قبل موت المديون، فكان مخاطرة.
كذا قرره شيخنا.
وأقول: الظاهر أن المراد أنه مخاطرة في مثل إن مت من مرضك هذا، وتعليق في مثل إن جاء الغد والابراء لا يحتملهما، وأن المراد بالشرط الكائن الموجود حالة الابراء.
وأما قوله إن مت بضم التاء فإنما صح وإن كان تعليقا لانه وصية، وهي تحتمل التعليق فافهم.
وتقدمت المسألة في متفرقات البيوع فيما يبطل بالشرط، ولا يصح تعليقه به.
قوله: (جاز العمرى) بالضم من الاعمار كما في الصحاح.
قال في الهامش: العمى هي أن يجعل داره له عمره فإذا مات ترد عليه اه.
قوله: (لا(6/277)
تجوز الرقبى) هي أن تقول إن مت قبلك فهي لك لحديث أحمد وأبي داود والنسائي مرفوعا من أعمر عمرى الخ كذا في الهامش في كافي الحاكم الشهيد باب الرقبى.
رجل حضرته الوفاة فقال داري هذه حبيس، لم تكن حبيسا وهي ميراث، وكذا إن قال داري هذه حبيس على عقبى من بعدي، والرقبى هو الحبيس وليس بشئ.
رجل قال لرجلين عبدي هذه لاطولكما حياة، أو قال عبدي هذا حبيس على أطولكما حياة فهذا باطل وهو الرقى، وكذا لو قال لرجل داري لك حبيس، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أنه إذا قال لك حبيس فهي له إذا قبضها، وقوله: حبيس باطل، وكذلك إذا قال هي لك رقبى اه.
وفيه أيضا فإذا قال داري هذه لك عمرى تسكنها وسلمها إليه فهي هبة، وهي بمنزلة قوله: طعامي هذا لك تأكله وهذا الثوب لك تلبسه، وإن قال وهبت لك هذا العبد حياتك وحياته فقبضه فهي هبة جائزة، وقوله: حياتك باطل، وكذا لو قال أعمرتك داري هذه حياتك أو قال أعطيتكها حياتك فإذا مت فهي لي وإذا مت أنا فهي لوارثي، وكذا لو قال هو هبة لك ولعقبك من بعدك، وإن قال أسكنتك داري هذه حياتك ولعقبك من بعدك فهي عارية، وإن قال هي لك ولعقبك من بعدلك فهي هبة له، وذكر العقب لغو ا ه.
قوله: (فلا عوض) لانها إنما قصدت التعويض عن هبة، فلما ادعى العارية ورجع لم يوجد التعويض فلها الرجوع.
قوله: (من غير قبول) لما فيه من معنى
الاسقاط ح.
قوله: (عقد صرف أو سلم) لانه لا يتوقف على القبول في السلم والصرف لكونه موجبا للفسخ فيهما لا لكونه هبة.
منح.
قوله: (لكن يرتد الخ) استدراك على قوله: يتم من غير قبول بمعنى أنه وإن تم من غير قبول لما فيه من معنى الاسقاط لكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك ح.
قال في الاشباه: الابراء يرتد بالرد إلا في مسائل: الاولى: إذا أبرأ المحتال المحال عليه فرده لا يرتد.
وكذا إذا قال المديون أبرئني فأبرأه، وكذا إذا أبرأ الطالب الكفيل.
وقيل يرتد.
الرابعة: إذا قبله ثم رده لم يرتد اه.
قوله: (الاسقاط) تعليل للتعميم: يعني وإنما صح الرد في غير المجلس لما فيه من معنى الاسقاط، إذ التمليك المحض يتقيد رده بالمجلس، وليس تعليلا لقوله: يرتد بالرد لما علمت أن علته ما فيه من معنى التمليك فتنبه ح.
قوله: (لكن في الصيرفية) استدراك على تضعيف صاحب العناية القول الثاني.
قوله: (لكن في المجتبى) استدراك على جعلهم كلا من الهبة والابراء إسقاطا من وجه تمليكا من وجه، وأنت خبير بأن هذا الاستدراك مخالف للمشهور ح.
قوله: (تمليك) أي فيحتاج(6/278)
إلى القبول.
قال في الهامش: فمن قال بالتمليك يحتاج إلى الجواب.
منح.
قوله: (إسقاط) ومن قال للاسقاط لا يحتاج إليه منح.
كذا في الهامش.
قوله: (على قبضه) أي وقبضه.
قال في جامع الفصولين: هبة الدين ممن ليس عليه لم تجز إلا إذا وهبه وأذن له بقبضه جاز صك لم يجز، إلا إذا سلطه على قبضه فيصير كأنه وهبه حين قبضه ولا يصح إلا بقبضه ا ه.
فتنبه لذلك.
رملي.
قال السائحاني: وحينئذ يصير وكيلا في القبض عن الامر، ثم أصيلا في القبض لنفسه.
ومقتضاه صحة عزله عن التسليط قبل القبض، وإذا قبض بدل الدراهم دنانير صح، لانه صار الحق للموهوب له فملك الاستبدال، وإذا نوى في ذلك التصدق بالزكاة أجزأه كما في الاشباه اه.
قوله: (ما على أبيه) أي وأمرته بالقبض.
بزازية مدني.
قوله: (للتسليط) أي إذا سلطته على القبض كما يشير إليه قوله: ومنه وفي الخانية: وهبت المهر لابنها الصغير الذي من هذا الزوج الصحيح أنه لا تصح الهبة إلا إذا سلطت ولدها على القبض فيجوز ويصير ملكا للولد إذا قبض ا ه.
فقول الشارح للتسليط أي التسليط صريحا لا حكما كما فهمه السائحاني وغيره، لكن لينظر فيما إذا كان الابن لا يعقل فإن القبض يكون لابيه،
فهل يشترط أن يفرز الاب قدر المهر ويقبضه لابنه أو يكفي قبوله كما في هبة الدين ممن عليه.
قوله: (بالبيع) فلو دفع للموكل عن دين المشتري على أن يكون ما على المشتري للوكيل لا يجوز.
قوله: (وليس منه) أي من تمليك الدين ممن ليس عليه.
قوله: (فتأمله) يمكن الجواب بأن المراد الدين الذي لي على فلان بحسب الظاهر هو لفلان في نفس الامر، فلا إشكال فتدبر ح.
أقول: ويمكن أن يكون مبينا على الخلاف، فإنه قال في القنية راقما لعلي السعدي: إقرار الاب لولده الصغير بعين من ماله تمليك إن أضافه إلى نفسه في الاقرار، وإن أطلق فإقرار كما في سدس داري وسدس هذه الدار، ثم رقم لنجم الائمة البخاري إقرار في الحالتين لا تمليك اه.
قال في إقرار المنح: فيفيد أن في المسألة خلافا، ولكن الاصل المذكور هو المشهور، وعليه فروع الخانية وغيرها.
وقد يجاب بأن الاضافة في قوله: الدين الذي لي إضافة نسبة لا مالك، كما أجاب به الشارح في الاقرار عن قولهم جميع ما في بيتي لفلان فإنه إقرار، وكذا قالوا من ألفاظ الاقرار جميع ما يعرف بي أو جميع ما ينسب إلي، والله تعالى أعلم.
وقد مرت المسألة قبيل إقرار المريض وأجبنا عنه بأحسن مما هنا فراجعه.
قوله: (غير مقبوضة) فإن قلت: قدم أن الصدقة لفقيرين جائزة فيما يحتمل القسمة بقوله: وصح تصدق عشرة لفقيرين.
قلت: المراد هنا من المشاع أن يهب بعضه لواحد فقط(6/279)
فحينئذ هو مشاع يحتمل القسمة، بخلاف الفقيرين فإنه لا شيوع كما تقدم.
بحر.
قوله: (ولو على غني) اختاره في الهداية مقتصرا عليه، لانه قد يقصد بالصدقة على الغني الثواب لكثرة عياله.
بحر.
وهذا مخالف لما مر قبيل باب الرجوع من أن الصدقة على الغني هبة، ولعلهما قولان.
تأمل.
قوله: (فأمر السلطان) هذا إنما يتم في أرض موات أو ملك السلطان، أما إذا أقطعه من غير ذلك فللامام أن يخرجه متى شاء كما سلف ذلك في العشر والخراج ط.
قوله: (أو أقرضته) وسيأتي ما لو تصرف في ما لها وادعى أنه بإذنها.
قوله: (وإلا فميراث) بأن دفع إليه ليعمل للاب.
فروع: دفع دراهم إلى جل وقال أنفقها ففعل فهو قرض، ولو دفع إليه ثوبا وقال ألبسه نفسك فهو هبة، والفرق مع أنه تمليك فيهما أن التمليك قد يكون بعوض، وهو أدنى من تمليك المنفعة، وقد
أمكن في الاول لان قرض الدراهم يجوز، بخلاف الثانية.
ولوالجية.
وفيها: قال أحد الشريكين للآخر وهبتك حصتي من الربح والمال قائم لا تصح، لانها هبة مشاع فيما يحتمل القسمة، ولو كان استهلكه الشريك صحت.
رجل اشتري حليا ودفعه إلى امرأته واستعملته ثم ماتت، ثم اختلف الزوج وورثتها أنها هبة أو عارية، فالقول قول الزوج مع اليمين أنه دفع ذلك إليها عارية، لانه منكر للهبة.
منح.
وانظر ما كتبناه أول كتاب الهبة عن خزانة الفتاوى: قال الرملي: وهذا صريح في در كلام أكثر العوام أن تمتع المرأة يوجب التمليك ولا شك في فساده ا ه.
وسبقه إلى هذا صاحب البحر كما ذكرناه عنه في باب التحالف، وكتبنا هناك عن البدائع: أن المرأة إن أقرت أن هذا المتاع اشتراه ليس سقط قولها، لانها أقرت بالملك لزوجها ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت إلا بالبينة ا ه.
وظاهره شمول ثياب البدن، ولعله في غير الكسوة الواجبة وهو الزائد عليها.
تأمل وراجع.
ويدل عليه ما مر أول الهبة من قوله: اتخذ لولده ثيابا الخ فحيث لا رجوع له هناك ما لم يصرح بالعارية فهنا أولى.
قوله: (خوان) بكسر الخاء(6/280)
وأخونة قبلها بكسر التاء منونة.
قوله: (على الصلات) بكسر الصاد.
قوله: (مطلقا) أي سواء قبل المديون أو لا، وقيل لا بد من القبول، ويظهر لك منه ما في كلام البحر حيث قال أول باب الرجوع: وأطلق الهبة فانصرفت إلى الاعيان، فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول، بخلافه قبله لكونه إسقاطا اه.
وكأنه اشتبه عليه الرد بالرجوع، تأمل.
قوله: (وإبراء ذي نصف الخ) قال قاضيخان: وإذا كان دين شريكين فوهب أحدهما نصيبه من المديون جاز، وإن وهب نصف الدين مطلقا ينفذ في الربع كما لو وهب نصف العبد المشترك اه.
كذا في الهامش.
قوله: (على حجها الخ) اشتمل البيت على مسألتين: الاولى: امرأة تركت مهرها للزوج على أن يحج بها فلم يحج بها، قال محمد ابن مقاتل إنها تعود بمهرها، لان الرضا بالهبة كان بشرط العوض، فإذا انعدم العوض انعدم الرضا والهبة لا تصح بدون الرضا.
والثانية: إذا قالت لزوجها وهبت مهري منك على أن لا تظلمني فقبل صحت الهبة، فلو ظلمها بعد ذلك فالهبة ماضية.
وقال بعضهم: مهرها باق إن ظلمها.
كذا في الهامش.
قوله:
(معلق تطليق الخ) البيت للشرنبلابي نظم فيه مسألة سئل عنها وهي: قال لها متى نكحت عليك أخرى وأبرأتني من مهرك فأنت طالق، فهل إذا ادعى أنه أوفاها المهر فلم يبق ما تبرئه عنه وأنكرت يقبل في عدم الحنث؟ وإن لم يقبل بالنظر بسقوط حقها كما يقبل قوله: لو اختلفا في وجود الشرط؟ فأجاب: أن رد الابراء لم يحنث، لانه لو كان كما ادعت فرده أبطله، وإن كان كما ادعى فالرد معتبر لبطلان الابراء المقتضي للحنث، وإنما اعتبر الرد مع دعوى الدفع لما يأتي أنه إذا قبض دينه ثم أبرأ غريمه وقبل صح الابراء ويرجع عليه بما قبض ا ه ملخصا.
ومفهومه: أنه لو لم يقبل لم يصح الابراء، قال: وإنما سطرته دفعا لما يتوهم من الحنث بمجرد الابراء، وانظر ما ذكر الشارح في آخر باب التعليق.
وقال في الهامش: أي إذا علق طلاق امرأته على نكاح أخرى مع الابراء عن المهر فتزوج فادعت امرأته الابراء فادعى دفع المهر فالقول له في عدم الحنث، لكن قال في الاشباه: وعلى أن الابراء بعد القضاء صحيح لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لها لا يبطل التعليق، فإذا أبرأته براءة إسقاط وقع ا ه.
كذا في الهامش.
قوله: (وإن قبض الانسان) باع متاعا وقبض الثمن من المشتري ثم أبرأ البائع المشتري من الثمن بعد القبض يصح إبراؤه، ويرجع المشتري على البائع بما كان دفعه إليه من الثمن.
كذا في الهامش.
قوله: (صحيحة) أي هي صحيحة.
كذا في الهامش.
قوله:(6/281)
(أي بنكاح) عبارة الشرنبلالي: أي بقهر المرأة لبقائها في نكاحه مع الضرة، وهو الانسب حيث كان المعلق طلاقها لا طلاق الضرة.
فائدة: قال الزاهدي في كتابه المسمى بحاوي المنية للقاضي عبد الجبار: انتهب وسادة كرسي العروس وباعها بحل إن كانت وضعت للنهب اه.
أقول: وعليه يقاس شمع الاعراس والموالد.
رملي على المنح، والله سبحانه أعلم.
قال الفقير إلى الباري سبحانه المرتجى كرمه وإحسانه وامتنانه محمد علاء الدين ابن المؤلف: هذا آخر ما وجدته على نسخة شيخنا المؤلف المرحوم الوالد السيد محمد أفندي عابدين عليه رحمة أرحم الراحمين وأحسن له الفوائد، ولكن يحتاج بعضه إلى مراجعة أصله المنقول عنه، فإنه لم يظهر لي، وليس
عندي أصله لارجع إليه، والله المسؤول وعليه التكلان ونسألة سبحانه التوفيق لاقوم طريق وهو حسبي ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وذلك في خامس وعشري صفر الخير نهار الاربعاء قبيل الظهر سنة ألف ومائتين وستين، أحسن الله ختامها آمين.(6/282)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله واصحابه ومن والاه آمين.
كتاب الاجارة أقول: الاجارة بكسر الهمزة هو المشهور، وحكى الرافعي ضمها.
وقال صاحب المحكم: هي بالضم اسم للمأخوذ، مشتقة من الاجر وهو عوض العمل.
ونقل عن ثعلب الفتح فهي مثلثة الهمزة.
وفي تكملة البحر للعلامة عبد القادر الطوري: لو قال الايجار لكان أولى، لان الذي يعرف هو الايجاز الذي هو بيع المنافع، لا الاجارة التي هي الاجرة، قال قاضي زاده: ولم يسمع في اللغة أن الاجارة مصدر.
ويقال أجره: إذا أعطاه أجرته، وهي ما يستحق على عمل الخير، وفي الاساس: آجرني داره واستأجرتها وهو مؤجر، ولا تقل مؤاجر فإنه خطأ وقبيح.
قال: وليس آجر هذا فاعل بل هو أفعل اه.
قلت: لكن نقل الرملي في حاشية البحر: قال الواحدي عن المبرد: يقال: أجرت داري ومملوكي غير ممدود وممدودا والاول أكثر إجارا وإجارة، وعليه فلا اعتراض.
تدبر.
قوله: (لكونها تمليك عين) أي والاعيان مقدمة على المنافع، ولانها بلا عوض وهذه به والعدم مقدم، ثم للاجارة مناسبة خاصة لفصل الصدقة من حيث إنهما يقعان لازمين فلذا عقبها بها.
أفاده الطوري.
قوله: (اسم للاجرة) قال الزيلعي: وفي اللغة: الاجارة فعالة اسم للاجرة، وهي ما يعطى من كراء الاجير، وقد أجره: إذا أعطاه أجرته اه.
وفي العيني: فعالة أو إعالة بحذف فاء الفعل اه.
وقدمنا أنها تكون مصدرا.
قوله: (وهو ما يستحق) ذكر الضمير لعوده على الاجر المفهوم من ذكر مقابله وهي الاجرة، والاوضح الاظهار فلا خلل في كلامه، فافهم.
قوله: (تمليك) جنس يشمل بيع العين والمنفعة، وهو وإن كان جنسا كما يكون مدخلا يكون مخرجا، فدخل به العارية لانها تمليك المنافع والنكاح لانه تمليك البضع وليس بمنفعة، وبقوله نفع تمليك العين، وقوله بعوض تمام التعريف.
طوري.
قال في المنح: وهو أولى بالقبول، من قولهم تمليك نفع معلوم بعوض كذلك، لانه إن كان تعريفا للاجارة الصحيحة لم يكن مانعا لتناوله الفاسدة بالشرط الفاسد وبالشيوع الاصلي، وإن كان تعريفا للاعم لم يكن تقييد النفع والعوض بالمعلوم صحيحا، وما اختير في هذا المختصر تبعا للدرر تعريفا للاعم اه.
وفيه نظر، لان التي عرفها أئمة المذهب الاجارة الشرعية وهي الصحيحة، والفاسدة ضدها فلا يشملها التعريف.
قال في المبسوط: لا بد من إعلام ما يرد عليه عقد الاجارة على وجه ينقطع به المنازعة ببيان المدة والمسافة والعمل، ولا بد من إعلام البدل اه.
وإلا كان العقد عبثا كما في البدائع، على أنه لا تمليك بعوض غير معلوم فعاد إلى كلامهم.
وتمامه في الشرنبلالية.
قوله: (مقصودة من العين) أي في الشرع(6/283)
ونظر العقلاء، بخلاف ما سيذكره، فإنه وإن كان مقصودا لمستأجر لكنه لا نفع فيه وليس من المقاصد الشرعية، وشمل ما يقصد، ولو لغيره لما سيأتي عن البحر من جواز استئجار الارض مقيلا ومراحا، فإن مقصوده الاستئجار للزراعة مثلا، ويذكر ذلك حيلة للزومها إذا لم يمكن زرعها.
تأمل قوله: (أو أواني) منصوب بفتحة ظاهرة على الياء، وفي بعض النسخ بحذفها، وكأنه من تحريف النساخ.
قوله: (أنه له) أي الدار أو العبد وما بعده، وأفرد الضمير لعطف المذكورات بأو، وهذه المسائل ستأتي متنا في الباب الآتي.
قوله: (ولا أجر له) أي ولو استعملها فيما ذكره، وقولهم إن الاجرة تجب في الفاسدة بالانتفاع محله فيما إذا كان النفع مقصودا ط.
وقيد في الخلاصة عدم الاجر في جنس هذه المسائل بقوله: إلا إذا كان الذي يستأجر قد يكون يستأجر لينتفع به اه.
وسيأتي تمام الكلام فيه.
قوله: (وسيجئ) أي في باب ما يجوز من الاجارة.
قوله: (أي بدلا في البيع) فدخل فيه الاعيان، فإنها تصلح بدلا في المقايضة فتصلح أجرة.
قوله: (لانها ثمن المنفعة) أي وهي تابعة للعين، وما صلح بدلا عن الاصل صلح بدلا عن التبع.
قوله: (ولا ينعكس كليا) قيد به ليفهم أن المراد به العكس اللغوي لا المنطقي، وهو عكس الموجبة الكلية بالموجبة الجزئية، إذ يصح بعض ما صلح أجرة صلح ثمنا.
قوله: (كما سيجئ) أي في آخر باب الاجارة الفاسدة.
قوله: (وتنعقد بأعرتك إلخ) وبلفظ الصلح كما ذكره الحلواني.
والاظهر أنها تنعقد بلفظ البيع إذا وجد التوقيت، وإليه رجع الكرخي كما في البحر، لكن في الشرنبلالية جزم في البرهان بعدم الانعقاد
فقال: لا تنعقد ببعت منفعتها لان بيع المعدوم باطل، فلا يصح تمليكا بلفظ البيع والشراء اه.
ونقل مثله عن الخانية.
قوله: (بخلاف العكس) يعني أن الاجارة بلا عوض لا تنعقد إعارة.
قال في البزازية: لو قال آجرتك منافعها سة بلا عوض تكون إجارة فاسدة لا عارية اه.
وفي المنح عن الخانية: لو قال آجرتك هذه الدار بغير عوض كانت إجارة فاسدة ولا تكون عارية، كما لو قال: بعتك هذه العين بغير عوض كان باطلا أو فاسدا لا هبة، ويخالفه ما في عارية البحر عن الخانية: آجرتك هذه الدار شهرا بلا عوض كانت إعارة، ولو لم يقل شهرا لا تكون إعارة اه.
قال في التاترخانية: بل إجارة فاسدة، وقد قيل بخلافه اه.
وانظر ما قدمنا في العارية.
قوله:(6/284)
(منافعها شهرا بكذا) تنازع في هذه المعمولات الثلاث الفعلان قبلها، وما في المتن ذكره في البحر، لكن ذكر بعده: لو أضاف العقد إلى المنافع لا يجوز، بأن قال: آجرتك منافع هذه الدار شهرا بكذا، وإنما يصح بإضافته إلى العين اه.
وبينهما تناف.
لكن قال الرملي: ذكر في البزازية وكثير من الكتب قولين في المسألة اه.
وفي الشرنبلالية عن البرهان: لا تنعقد بأجرت منفعتها لانها معدومة، وإنما تجوز بإيراد العقد على العين ولم يوجد.
وقيل تنعقد به لانه أتى بالمقصود من إضافة الاجارة إلى العين اه.
وظاهره ترجيح خلاف ما مشى عليه المصنف والشارح، ولذا اقتصر عليه الزيلعي.
قوله: (أفاد أن ركنها الايجاب والقبول) أي بقوله هي تمليك أو بقوله وتنعقد.
تأمل.
ثم الكلام فيهما وفي صفتهما كالكلام فيهما في البيع.
بدائع.
وفي تكملة الطوري عن التاترخانية: تنعقد أيضا بغير لفظ، كما لو استأجر دارا سنة فلما انقضت المدة قال ربها للمستأجر: فرغها لي اليوم، وإلا فعليك كل شهر بألف فجعل بقدر ما ينقل متاعه بأجرة المثل، فإن سكن شهرا فهي بما قال اه.
قوله: (وشرطها إلخ) هذا على أنواع: بعضها شرط الانعقاد، وبعضها شرط النفاذ، وبعضها شرط الصحة، وبعضها شرط اللزوم، وتفصيلها مستوفى في البدائع، ولخصه ط عن الهندية.
قوله: (كون الاجرة والمنفعة معلومتين) أما الاول فكقوله بكذا دراهم أو دنانير وينصرف إلى غالب نقد البلد، فلو الغلبة مختلفة فسدت الاجارة ما لم يبين نقدا منها، فلو كانت كيليا أو وزنيا أو عدديا متقاربا فالشرط بيان القدر والصفة، وكذا مكان
الايفاء لو له حمل ومؤنة عنده، وإلا فلا يحتاج إليه كبيان الاجل، ولو كانت ثيابا أو عروضا فالشرط بيان الاجل والقدر والصفة لو غير مشارا إليها، ولو كانت حيوانا فلا يجوز إلا أن يكون معينا.
بحر ملخصا.
وأما الثاني فيأتي في المتن قريبا.
قوله: (ساعة فساعة) لان المنفعة عرض لا تبقى زمانين، فإذا كان حدوثه كذلك فيملك بدله كذلك قصدا للتعادل، لكن ليس له المطالبة بالبدل إلا بمضي منفعة مقصودة كاليوم في الدار والارض والمرحلة في الدابة كما سيأتي.
قوله: (وهل تنعقد بالتعاطي) قال في الوهبانية: وقد جوزوها في القدور تعاطيا قال الشرنبلالي: المسألة من الظهيرية: استأجر من آخر قدورا بغير أعيانها لا يجوز للتفاوت بينها صغرا وكبرا، فلو قبلها المستأجر على الكراء الاول جاز، وتكون هذه إجارة مبتدأة بالتعاطي، وتخصيصه في النظم بالقدور اتباع للنقل، وإلا فهو مطرد في غيرها.
ففي البزازية: غير الاجارة الطويلة ينعقد بالتعاطي لا الطويلة، لان الاجرة غير معلومة لانها تكون في سنة دانقا أو أقل أو أكثر اه.
وفي التاترخانية عن التتمة: سألت أبا يوسف رحمه الله تعالى عن الرجل يدخل السفينة أو يحتجم أو يفتصد أو يدخل الحمام أو يشرب الماء من السقاء ثم يدفع الاجرة وثمن الماء.
قال: يجوز استحسانا ولا يحتاج إلى العقد قبل ذلك اه.
قلت: ومنه ما قدمناه عنها من انعقادها بغير لفظ، وسيأتي في المتفرقات عن الاشباه السكوت في الاجارة رضا وقبول، وفي حاوي الزاهدي رامزا: استأجر من القيم دارا وسكن فيما ثم بقي ساكنا(6/285)
في السنة الثانية بغير عقد وأخذ القيم شيئا من الاجرة فإنه ينعقد به في كل السنة لا في حصة ما أخذ فقط اه.
ومثله في القنية في باب انقضاء الاجارة بعد انقضاء مدتها ووجوب الاجر بغير عقد.
حامدية.
قوله: (ظاهر الخلاصة نعم) عبارتها كعبارة البزازية المذكورة آنفا.
قوله: (إن علمت المدة) صوابه الاجرة.
قال في المنح بعد نقل ما في الخلاصة: مفاده أن الاجرة إذا كانت معلومة في الاجارة الطويلة تنعقد بالتعاطي، لانه جعل العلة في عدم انعقادها كون الاجرة فيها غير معلومة، والله تعالى أعلم.
اه.
قوله: (وفي البزازية) يوهم أنه غير في الخلاصة مع أن عبارتهما واحدة، ثم إن الاجارة
الطويلة على ما سيأتي بيانها الاجرة فيها معلومة، لكنها فيما عدا السنة الاخيرة تكون بشئ يسير، فتأمل.
قوله: (ببيان المدة) لانها إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة معلوما.
قوله: (وإن طالت) أي ولو كانت لا يعيشان إلى مثلها عادة، واختاره الخصاف، ومنعه بعضهم.
بحر.
وظاهر إطلاق المتون ترجيح الاول.
قوله: (وللمؤجر بيعها اليوم) أي قبل مجئ وقتها بناء على أن المضافة تنعقد ولكنها غير لازمة، وهو أحد تصحيحين.
وأيد عدم اللزوم بأن عليه الفتوى كما سيأتي في المتفرقات.
وفي البزازية: فإن جاء غد والمؤجر عاد إلى ملكه بسبب مستقبل لا تعود الاجارة، وإن رد بعيب بقضاء أو رجع في الهبة عادت إن قبل مجئ الغد.
قوله: (في الاوقاف) وكذا أرض اليتيم كما في الجوهرة وأفتى به صاحب البحر والمصنف، وأكثر كلامهم على أنه المختار المفتى به لوجود العلة فيهما وهي صونهما عن دعوى الملكية بطول المدة، بل هذا أولى.
رملي.
وسيأتي عن الخانية أيضا.
وفي فتاوى الكازروني عن شيخه حنيف الدين المرشدي: وأما أراضي بيت المال فإطلاقهم يقتضي جوازها مطلقا.
وأيضا اتساعهم في جواز تصرف الامام فيها بيعا وإقطاعا يفيده اه.
ملخصا.
لكن في حاشية الرملي أنها مثل عقار اليتيم.
قال في الحامدية: والوجه ما قاله اه.
وفي الخيرية من الدعوى: أراضي بيت المال جرت على رقبتها أحكام الوقوف المؤبدة اه.
قوله: (على ثلاث سنين) محله ما إذا آجره غير الواقف وإلا فله ذلك.
وفي القنية: آجر الواقف عشر سنين ثم مات بعد خمس وانتقل إلى مصرف آخر انقضت الاجارة ويرجع بما بقي في تركة الميت.
ط عن سري الدين.
قلت: وفيه كلام سيذكر الشارح آخر باب الفسخ.
قوله: (في غيرها) كالدار والحانوت.
قوله: (كما مر في بابه) أي في كتاب الوقف متنا.
قال الشارح هناك: إلا إذا كانت المصلحة بخلاف ذلك، وهذا مما يختلف زمنا وموضعا اه.
وما مشى عليه المصنف هنا من الاطلاق تبعا للمتون.
قال في الهداية: هو المختار، وما حمله عليه الشارح موافقا لما قدمه في الوقف هو ما أفتى به الصدر الشهيد.
قال في المحيط: وهو المختار للفتوى كما في البحر.
قوله: (والحيلة) أي إذا احتاج القيم أن يؤجر(6/286)
الوقف إجارة طويلة.
قوله: (متفرقة) عبارة الخانية مترادفة قال: ويكتب في الصك استأجر فلان بن
فلان أرض كذا أو دار كذا ثلاثين سنة بثلاثين عقدا كل عقد سنة بكذا من غير أن يكون بعضها شرطا في بعض اه.
ولينظر هل يشترط أن يعقد على كل سنة بعقد مستقل أو يكفي قوله استأجرت ثلاثين سنة بثلاثين عقدا فينوب عن تكرار العقود؟ والظاهر الاول لقوله: والحيلة أن يعقد عقودا مترادفة.
تأمل.
قوله: (كل عقد سنة) أقول: قيد بالسنة ليصح في الضياع وغيرها لا لانه لازم مطلقا، لانه لو جعله في الضياع كل عقد ثلاث سنين صح، بخلاف الاربع فأكثر فيها والزائد على السنة في غيرها، فإن الحيلة حينئذ لا تجدي نفعا.
قوله: (لا الباقي إلخ) مبني على المفتى به من عدم لزوم المضافة كما قدمه ويأتي.
قوله: (يتبع) أي شرطه، لان اتباع شرطه لازم.
قوله: (إلا إذا كانت الخ) بأن كان الناس لا يرغبون في استئجارها سنة وإيجارها أكثر من سنة أدر على الوقف وأنفع للفقراء.
إسعاف.
قوله: (فيؤجرها القاضي) قال في لاسعاف: ولو استثنى في كتاب وقفه فقال: لا تؤجر أكثر من سنة إلا إذا كان أنفع للفقراء فحينئذ يجوز إيجارها إذا رأى ذلك خيرا من غير رفع إلى القاضي للاذن له منه فيه.
قوله: (لان ولايته عامة) لان له ولاية النظر للفقراء والغائبين والموتى.
إسعاف.
والظاهر أنه لو أذن في ذلك للمتولي صح، فافهم.
قوله: (قلت الخ) فالحيلة حينئذ أن يحكم بها حنبلي كما يفعل في زماننا.
قوله: (وسيجئ متنا) لم أره، نعم سيجئ شرحا بعد صفحة.
قوله: (وتفسخ في كل المدة أي لا في الزائدة فقط.
قوله: (لان العقد الخ) هذا ما استظهره في الخانية.
قال في المنح: وفي فتاوى قاضيخان: الوصي إذا آجر أرض اليتيم أو استأجر لليتيم أرضا بمال اليتيم إجارة طويلة رسمية ثلاث سنين لا يجوز ذلك، وكذلك أبو الصغير ومتولي الوقف، لان الرسم أن يجعل شئ يسير من مال الاجارة بمقابلة السنين الاولى ومعظم المال بمقابلة السنة الاخيرة، فإن كانت الاجارة لارض اليتيم أو الوقف لا تصح في السنين الاولى لانها بأقل من أجر المثل، فإنح استأجر أرضا لليتيم أو للوقف ففي السنة الاخيرة يكون الاستئجار بأكثر من أجر المثل فلا يصح، وإذا فسدت في البعض في الوجهين هل يصح فيما كان خيرا لليتيم؟ والوقف على قول من يجعل الاجارة الطويلة عقدا واحدا لا يصح.
وعلى قول من يجعلها عقودا يصح فيما كان خيرا لليتيم ولا يصح فيما كان شرا له، والظاهر هو الفساد في الكل اه.
وقوله: ثلاث سنين الظاهر أن المراد
عقود كل عقد ثلاث سنين يدل عليه أول كلامه وآخره، فتأمل.
قوله: (ورجحه المصنف على ما في أنفع الوسائل) أي من أنه يفسخ الزائد على الثلاث في الضياع وعلى السنة في غيرها، سواء كانت عقدا(6/287)
واحدا زائدا على ما ذكر أو عقودا متفرقة، حتى لو عقد في الضياع على أربع سنين مثلا بعقد أو أكثر يصح في ثلاث ويفسخ في الباقي.
وهل يحتاج ذلك الفسخ إلى طلب الناظر أو ينفسخ بدخول المدة الزائدة؟ الظاهر الاول، وتمامه في أنفع الوسائل.
قلت: لكن في شرح البيري عن خزانة الاكمل: استأجر حجرة موقوفة ثلاثين سنة بقفيز حنطة فهي باطلة، إلا في السنة الاولى اه.
ومثله في تلخيص الكبرى معزيا إلى أبي جعفر اه.
ومقتضاه البطلان بلا طلب.
قوله: (وأفاد) أي المصنف حيث قال بعد عبارة الخانية قلت: يستفاد من هذا فساد ما يقع إلخ.
قوله: (فيستأجر أرضه الخالية) أي بياضها بدون الاشجار، وإنما لا يصح استشجار الاشجار أيضا لما مر أنها تمليك منفعة، فلو وقعت على استهلاك العين قصدا فهي باطلة.
قال الرملي: وسيأتي في إجارة الظئر أن عقد الاجارة على استهلاك الاعيان مقصودا، كمن استأجر بقرة ليشرب لبنها لا يصح، وكذا لو استأجر بستانا ليأكل ثمره.
قال: وبه علم حكم إجارات الاراضي والقرى التي في يد المزارعين لاكل خراج المقاسمة منها، ولا شك في بطلانها والحال هذه، وقد أفتيت بذلك مرارا اه.
قوله: (بمبلغ كثير) أي بمقدار ما يساوي أجرة الارض وثمن الثمار.
قوله: (ويساقي على أشجارها) يعني قبل عقد الاجارة، وإلا كانت إجارة الارض مشغولة فلا تصح كما سيأتي.
وفي مسائل الشيوع من البزازية: استأجر أرضا فيها أشجار أو أخذها زراعة وفيها أشجار: إن كان في وسطها لا يجوز إلا إذا كان في الوسط شجرتان صغيرتان مضى عليهما حول أو حولان لا كبيرتان، لان ورقهما وظلهما يأخذ الارض والصغار لا عروق لها، وإن كان في جانب من الارض كالمسناة والجداول يجوز لعدم الاخلال اه.
قوله: (بسهم) أي بإعطاء سهم واحد لليتيم أو الوقف والباقي للعامل.
قوله: (فمفاده) أي مفاد ما تقدم من قوله: فتفسخ في كل المدة إلخ وقدمنا أن المصنف استفاده من كلام الخانية، وهو بمعنى ما استفاده منه الشارح فافهم.
قوله: (بالاولى) وجه
الاولوية أنه إذا فسد العقد في كل المدة مع اشتماله على ما هو خير لليتيم وشر له ففساد عقد مستقل هو شر محض لليتيم أولى بالفساد.
ثم اعلم نه حيث فسدت المساقاة بقيت الارض مشغولة فيلزم فساد الاجارة أيضا كما قدمناه وإن كان الحظ والمصلحة فيها ظاهرين، فتنبه لهذه الدقيقة.
وفي فتاوى الحانوتي: التنصيص في الاجارة على بياض الارض لا يفيد الصحة، حيث تقدم عقد الاجارة على عقد المساقاة، أما إذا تقدم عقد المساقاة بشروطه كانت الاجارة صحيحة كما صرح به في البزازية، وإذا فسدت صارت الاجرة غير(6/288)
مستحقة لجهة الوقف والمستحق إنما هو الثمرة فقط، وحيث فسدت المساقاة لكونها بجزء يسير لجهة الوقف كان للعامل أجر مثل عمله، وهذا بالنسبة إلى الوقف.
وأما مساقاة المالك فلا ينظر فيها إلى المصلحة كما لو أجر بدون أجر المثل اه.
ملخصا.
وفيه تصريح بما استفاده المصنف وبما نبهنا عليه، فليحفظ.
قوله: (قلت الخ) هو تأييد لما في أنفع الوسائل ح.
قوله: (فتدبر) أشار إلى أن مقتضى هذا أن تفسد في القدر الزائد فقط، لانه قد جمع بين جائز وفاسد في عقد واحد، والفساد غير قوي لعدم الاتفاق عليه فلا يسري، لان المتقدمين لم يدروها بمدة.
قوله: (وجعلوه أيضا من الفساد الطارئ) هذه تقوية أخرى: أي فلا يسري وفي كونه طارئا.
تأمل ط.
قلت: لعل وجه طريانه كونها تنعقد ساعة فساعة.
قوله: (فتنبه) لعله أشار به إلى ما قلنا.
قوله: (ومن حوادث الروم الخ) تقوية أخرى، فإن البيع أقوى من الاجارة، وقد صدر في الملك والوقف بعقد واحد وصح في الملك ط.
قوله: (لدين) أي على زيد الميت.
قوله: (على أنها ملكه) أي بناء على أنها كلها كانت ملك زيد الميت.
قوله: (ملخصها ترجيح الاول) قدمنا عن النهر في باب البيع الفاسد عند قوله: بخلاف بيع قن ضم إلى مدبر ما يؤيده.
قوله: (فتأمل) أشار به إلى أن الاجارة تصح فيما عدا الزائد كذلك، بل أولى لما مر.
قوله: (وفي جواهر الفتاوى الخ) يحتمل أن يكون تأييدا رابعا بقوله: ولو قضى قاض بصحتها يجوز فإنه يفيد أنه مثل الجمع بين العبد والمدبر لا الحر والعبد، فيكون تأييدا للتأييد الاول، والظاهر أنه شروع في تأييد ما اختاره المصنف حيث أطلق عدم الصحة فشملت
العقود كلها، مع أن العقد الاول ناجز، وظاهر كلام عدم صحته أيضا.
ووجه كما في الوالوالجية أن هذا العقد عقد واحد صورة، وإن كان عقودا من حيث المعنى بعضها ينعقد في الحال وبعضها مضاف إلى الزمان المستقبل اه.
قوله: (ثلاث سنين) صوابه ثلاثين سنة كما هو في المنح وغيرها، ووجدته كذلك في بعض النسخ مصلحا.
قوله: (صيانة للاوقاف) أي من أن يدعي المستأجر ملكيتها لطول المدة، وإلا فالوجه يقتضي صحة العقد الاول لانه ناجز وما بعده مضاف، وفي لزومه تصحيحان كما قدمناه، ولكن اعتبر عقدا واحدا كما مر لاجل ذلك، ولهذا قدرها المتأخرون بالسنة أو الثلاث مخالفين لمذهب المتقدمين.
قوله: (ولو قضى قاض الخ) أي مستوفيا شرائط القضاء، ولكن هذا في غير القاضي الحنفي، أما قضاة زماننا الحنفية المأمورون بالحكم بمعتمد المذهب فلا تصح.
قوله: (قلت وسيجئ) أي(6/289)
في أواخر هذا الباب هذا تأييد أيضا لما رجحه المصنف.
ووجهه أنه حيث اختلفت الآراء في سراية الفساد وعدمها يرجح ما هو الانفع للوقف وهو السريان لئلا يقدم مرة الرى على هذا العقد.
قوله: (وفي صلح الخانية) ذكره المصنف في المنح تأييد ا لما رجحه، ولكن ما في الخانية ذكره في صلح الزوجة عن نصيبها على أن يكون نصيبها من الدين للورثة وفي شمول ذلك لمسألتنا تأمل.
إذ قد مر أنهم جعلوها من الفساد الطارئ، وما في الخانية في الفساد المقارن.
نعم ما نقلناه سابقا عن الخانية من قوله والظاهر هو الفساد في الكل يفيد ترجيحه، وحيث علمت ما مر عن جواهر الفتاوى أنها لا تصح الاجارة الطويلة إذا كانت عقودا مع أن العقد الاول ناجز، فما ظنك فيما إذا كانت بعقد واحد لفظا ومعنى.
فالظاهر اعتماد ما رجحه المصنف من كلام قارئ الهداية، فإن له سندا قويا وهو ما في الخانية وجواهر الفتاوى، هذا ما ظهر للفهم القاصر، والله تعالى أعلم.
قوله: (بما يرفع الجهالة) فلا بد أن يعين الثوب الذي يصبغ ولون الصبغ أحمر أو نحوه وقدر الصبغ إذا كان يختلف.
وفي المحيط: لو استأجر لقصر عشرة أثواب ولم يرها فالاجارة فاسدة لانه يختلف بغلظه ورقته.
ذكره في البحر.
قوله: (بيان الوقت أو الموضع) قال في البزازية: استأجر دابة ليشيع عليها أو يستقبل الحاج لا يصح بلا ذكر وقت أو موضع.
وفيها: استأجرها من الكوفة إلى الحيرة يبلغ عليها إلى منزله ويركبها من منزله، وكذا
في حمل المتاع.
وفيها: استأجر أجيرا ليعمل له يوما فمن طلوع الشمس بحكم العادة.
قوله: (فهي فاسدة) أي فلا يجب أجر المثل إلا بحقيقة الانتفاع ط.
قوله: (بالاشارة الخ) لانه إذا علم المنقول والمكان المنقول إليه صارت المنفعة معلومة، وهذا النوع قريب من النوع الاول.
زيلعي.
وحاصله أن الاشارة أغنت عن بيان المقدار فقط.
قوله: (لا يلزم بالعقد) أي لا يملك به كما عبر في الكنز، لان العقد وقع على المنفعة وهي تحدث شيئا فشيئا، وشأن البدل أن يكون مقابلا للمبدل، وحيث لا يمكن استيفاؤها حالا لا يلزم بدلها حالا إلا إذا شرطه ولو حكما بأن عجله لانه صار ملتزما له بنفسه حينئذ وأبطل المساواة التي اقتضاها العقد فصح.
قوله: (بل بتعجيله) في العتابية: إذا عجل الاجرة لا يملك الاسترداد، ولو كانت عينا فأعارها أو أودعها رب الدار فهو كالتعجيل.
وفي المحيط: لو باعه بالاجرة عينا وقبض جاز لتضمنه تعجيل الاجرة.
طوري.
قوله: (أو شرطه) فله المطالبة بها وحبس المستأجر عليها وحبس العين المؤجرة عنه، وله حق الفسخ إن لم يعجل له المستأجر.
كذا في المحيط.
لكن ليس له بيعها قبل قبضها.
بحر.
وانظر كيف جاز هذا الشرط مع أنه مخالف لمقتضى العقد وفيه نفع أحدهما ط.
قلت: هو في الحقيقة إسقاط لما استحقه من المساواة التي اقتضاها العقد، فهو كإسقاط المشتري حقه في وصف السلامة في المبيع، وإسقاط البائع تعجيل الثمن بتأخيره عن المشتري مع أن العقد اقتضى السلامة وقبض الثمن قبل قبض المبيع.
تأمل.
قوله: (أما المضافة الخ) أي فيكون الشرط باطلا(6/290)
ولا يلزمه للحال شئ، لان امتناع وجوب الاجرة فيها بالتصريح بالاضافة إلى المستقبل والمضاف إلى وقت لا يكون موجودا قبله فلا يتغير عن هذا المعنى بالشرط، بخلاف المنجزة لان العقد اقتضى المساواة وليس بمضاف صريحا فيبطل ما اقتضاه بالتصريح بخلافه.
زيلعي ملخصا.
قوله: (وقيل تجعل عقودا الخ) هذا الكلام في المضافة الطويلة، وهي ما قدمه الشارح عن جواهر الفتاوى.
ولها صورة أخرى، وهي أن يؤجرها ثلاثين سنة عقودا متوالية غير ثلاثة أيام من آخر كل سنة ويجعل معظم الاجرة للسنة الاخيرة والباقي لما قبلها، أما استثناء الايام فيكون كل منهما قادرا على الفسخ، وأما جعل الاجرة القليلة لما عدا الاخيرة فلئلا يفسخ المؤجر الاجارة في تلك الايام، فلو أمنا الفسخ لا تلزم
تلك القيود، وهذا بناء على أن المضافة لازمة، فإذا احتاج الناظر إلى تعجيل الاجرة يعقد كذلك، ولكن أورد أنه إن اعتبرت عقدا واحدا يلزم ثبوت الخيار في عقد واحد أكثر من ثلاثة أيام، وإن عقودا فلا تملك بالتعجيل ولا باشتراطه لانها مضافة فيفوت الغرض.
وأجيب: إنما اختاره الصدر الشهيد من أنها تجعل عقدا واحدا في حق ملك الاجرة بالتعجيل أو اشتراطه وعقودا في حق سائر الاحكام، وبأنا لم نجعل تلك الايام مدة خيار بل خارجة عن العقد، وبهذا تعلم أن كلام الشارح غير محرر.
قوله: (أو تمكنه منه) في الهداية: وإذا قبض المستأجر الدار فعليه الاجرة وإن لم يسكن.
قال في النهاية: وهذه مقيدة بقيود: أحدها: التمكن، فإن منعه المالك أو الاجنبي أو سلم الدار مشغولة بمتاعه لا تجب الاجرة.
الثاني: أن تكون صحيحة، فلو فاسدة فلا بد من حقيقة الانتفاع.
الثالث: أن التمكن يجب أن يكون في محل العقد، حتى لو استأجرها للكوفة فأسلمها في بغداد بعد المدة فلا أجر.
الرابع: أن يكون متمكنا في المدة، فلو استأجرها إلى الكوفة في هذا اليوم وذهب بعد مضي اليوم بالدابة ولم يركب لم يجب الاجر، لانه إنما تمكن بعد مضي المدة.
طوري.
وبه علم أن الاولى ذكر القيود فيستغنى عن قوله: إلا في ثلاث كما سيظهر لك.
قوله: (إلا في ثلاث) الاولى: إذا كانت الاجارة فاسدة.
الثانية: إذا استأجر دابة للركوب خارج المصر فحبسها عنده ولم يركبها.
الثالثة: استأجر ثوبا كل يوم بدانق فأمسكه سنين من غير لبس لم يجب أجر ما بعد المدة التي لو لبسه فيها لتخرق، وفي هدا الاستثناء نظر، لان الكلام في الصحيحة كما هو صريح المتن على أن الفاسدة سيذكرها، ولان الاثنية والثالثة يستغنى عنهما بذكر القيود السابقة للمسألة، فإن الثانية خارجة بالقيد الثالث لعدم التمكن في المكان المضاف إليه العقد، بخلاف ما لو استأجرها للركوب في المصر لتمكنه منه إتقاني.
والثالثة لم يوجد فيها التمكن في المدة التي سقط أجرها فهي خارجة بالرابع.
قوله: (ثم فرع على هذا) أي الاخير وهو التمكن من الانتفاع ط.
قوله: (لدار قبضت) أي خالية من الموانع.
قوله: (إلا بحقيقة الانتفاع) أي وإذا وجد التسليم إلى المستأجر من جهة الآجر، أما إذا لم يوجد من جهته فلا أجر وإن استوفى المنفعة.
إتقاني.
واعلم أن الاجر الواجب في الفاسدة مختلف، تارة يكون المسمى، وتارة يكون أجر المثل بالغا ما(6/291)
بلغ، وتارة لا يتجاوز المسى، وسيأتي بيانه في بابها.
قوله: (وظاهر ما في الاسعاف) حيث قال: ولو استأجر أرضا أو دارا وقفا إجارة فاسدة فزرعها أو سكنها يلزمه أجرة مثلها، وإلا لا، على قول المتقدمين.
قال في المنح: فأخذ مولانا صاحب البحر، من مفهومه ما ذكره فإنه يفيد لزوم الاجر على قول المتأخرين، وهذا ظاهر.
إذا علمت ذلك ظهر لك أن منلا خسرو أطلق في محل التقييد اه.
ولا يخفى عليك أنه وارد على متنه أيضا.
وتعقبه العلامة البيري فقال: لم نر في المسألة للمتخرين كلاما.
والذي رأيناه في وقف الناصحي: وإن كانت الاجارة فاسدة فقبضها المستأجر فلم يزرع الارض أو لم يسكن الدار فلا شئ عليه، ثم قال: فيؤخذ من هذا أن المستأجر للوقف فاسدا لا يعد غاصبا ولا يجب عليه الاجر إن لم ينتفع به، ثم نقل عن ا لاجناس التصريح بأنها لا تجب إلا بحقيقة الاستيفاء.
قال: ولا تزاد على ما رضي به المؤجر اه.
أقول: عدم الوقوف على التصريح بذلك في كلام المتأخرين لا ينافيه أبو السعود في حواشي الاشباه: أي الاحتمال أن ما في وقف الناصحي واوناس على مذهب المتقدمين فلا ينافي مفهوم الالاسعاف، والله تعالى أعلم.
قوله: (والمستأجر في البيع وفاء) بفتح الجيم: يعني إذا استأجر من المشتري ما باعه منه وفاء بعد قبض المبيع صح كما مر قبيل الكفالة.
قال الشارح هناك.
قلت: وعليه فلو مضت المدة وبقي في يده، فأفتى علماء الروم بلزوم أجر المثل.
واعترضه شيخ مشايخنا السائحاني بأن الاملاك الحقيقية لم تجب الاجرة بالتمكن في فاسد إجارتها فكيف هذا اه.
وقال ط: وفيه أنه لا إجارة أصلا بعد انقضاء المدة، فتدبر اه.
اقول: ولا سيما على المعتمد من أنه في حكم الرهن فإنه لا يلزمه الاجر، ولو استوفى المنفعة في المدة ولو بعد القبض كما في النهاية.
وأفتى به في الخيرية و الحامدية من كتاب الرهن، خلافا لما قدمه الشارح عن الجلبي قبيل الكفالة.
وقال في البزازية: من جعله فاسدا قال: لا تصح الاجارة ولا يجب شئ، وكذا من جعله رهنا.
ومن جوزه جوز الاجارة من البائع وغيره وأوجب الاجر اه.
قوله: (محل
تردد) أقول: لا تردد في مال اليتيم، لان منافعه تضمن بالغصب وهذا من قبيله.
سائحاني.
وينافيه ما قدمناه آنفا عن البيري من أن المستأجر للوقف فاسدا لا يعد غاصبا إلخ.
قوله: (بالغصب) لان تسليم المحل إنما أقيم مقام تسليم المنفعة للتمكن من الانتفاع، فإذا فات التمكن فات التسليم.
منح.
قال الرملي: فلو لم تفت المنفعة بالغصب كغصب الارض المقررة للغرس والبناء مع الغرس والبناء لا تسقط لوجوده معه وهي كثيرة الوقوع، فتأمل.
قوله: (لا تجري في العقار) أي خلافا لمحمد.
قوله: (وهل تنفسخ بالغصب الخ) ثمرة الخلاف تظهر فيما إذا زال الغصب قبل انقضاء المدة، فعلى القول بعدم الفسخ يستوفي ما بقي من المدة وعليه الاجر بحسابه.
أبو السعود.
وكلام المصنف مفرع عليه.
قوله:(6/292)
(ولو غصب في بعض المدة فبحسابه) وكذا لو سلمه الدار إلا بيتا أو سكن معه فيها كما في البحر.
وفي الشرنبلالية عن البرهان: ويسقط الاجر بغرق الارض قبل زرعها، وإن اصطلمه آفة سماوية لزمن الاجر تاما في رواية عن محمد لانه قد زرعها، والفتوى على أنه يلزمه أجر ما مضى فقط إن لم يتمكن من زرع مثله في الضرر اه.
وسيذكره الشارح قبيل فسخ الاجارة، ويذكر أنه اعتمده في الولوالجية، وأنه في الخانية جزم بالاول.
قوله: (بشفاعة) أي باستعطاف خاطر الغاصب أو حماية: أي دفع ذي شوكة، فإن أمكن ذلك لا تسقط وإن لم يخرجه لانه مقصر.
وأما لو لم يمكن إخراجه إلا بإنفاق مال فلا يلزمه كما في القنية وغيرها.
ذكره أبو السعود في حاشية الاشباه.
قوله: (بحكم الحال) فإن كان فيها غير المستأجر فالقول للمستأجر ولا أجر عليه.
بحر.
قوله: (كمسألة الطاحونة) يعني لو وقع الاختلاف بينهما بعد انقضاء المدة في أصل انقطاع الماء عنها.
وفي الخامس والعشرين في الاختلاف من التاترخانية: الاختلاف هنا على وجهين: إما في مقدار المدة بأن قال المؤجر انقطع الماء خمسة أيام والمستأجر عشرة، وإما في أصل الانقطاع بأن قال المستأجر انقطع عشرة أيام وأنكره المؤجر، ففي أول القول للمستأجر مع يمينه، وفي الثاني يحكم الحال: إن كان الماء جاريا وقت الخصومة فالقول للمؤجر مع يمينه، وإن منقطعا وقتها فللمستأجر اه ملخصا.
ولا يخفى أن هذا حيث لا بينة كما ذكره المصنف، ولذا قال في الذخيرة: ولو أقام المستأجر البينة أن الماء
كان منقطعا فيما مضى يقضى بها وإن كان جاريا للحال اه.
وسيذكر المصنف المسألة آخر باب ضمان الاجير.
قوله: (ولا يقبل قول الساكن الخ) أي في مسألة الغصب: يعني لو آجره الدار وفيها شخص ساكن وخلى بينه وبينها فقال بعد المدة منعني الساكن ولا بينة له والساكن مقر أو جاحد لا يلتفت إلى قول الساكن لانه شاهد على الغير أو مقر، وشهادة الفرد والاقرار على الغير لا يقبل، فبقي الاختلاف بينهما: فينظر إن كان المستأجر هو الساكن حال المنازعة فالقول للمؤجر، وإن كان الساكن غيره فللمستأجر.
ذخيرة.
قوله: (وبقوله) عطف على بقوله السابق، فيفيد أنه مفرع على التمكن أيضا مع أنه من فروع قوله: ولا يلزم بالعقد فكان عليه إبقاء المتن على حاله وجعلها مسألة مستقلة.
قوله: (لانه لم يملكه بالعقد) فإن قيل يشكل عليه صحة الابراء عن الاجرة والكفالة والرهن بها.
قلت: لا إذ ذلك بناء على وجود السبب فصار كالعفو عن القصاص بعد الجرح.
إتقاني.
قوله: (والمراد من تمكنه الخ) أشار إلى أن ما في المتن تفريع على مقدر.
قوله: (إلى المستأجر) يشمل الوكيل بالاستئجار، لكن لو سكنها الوكيل بنفسه قال الثاني لا أجر.
وقال محمد: على الموكل، لان قبض الوكيل كقبضه فوقع القبض أولا للموكل وصار الوكيل بالسكنى غاصبا فلا يجب عليه الاجر، وفيه نظر، لان الغصب من المستأجر يسقط الاجر.
بزازية.
قوله: (فلو سلمه) أي أراد تسليمه، فافهم.
قوله: (المؤجرة) من باب الحذف والايصال ح: أي المؤجر فيها، بخلاف المؤجر الاول كما هو ظاهر.
قوله:(6/293)
(كما في البيع) أي إذا اشترى نحو بيوت مكة قبل زمن الموسم فلم يقع التسليم الا بعد فوته فإن المشتري يخير لفوات الرغبة ط.
ولم يعزه لاحد فليراجع.
وقال ح: يعني إذا استحق بعض المبيع فإن المشتري يتخير لتفرق الصفقة اه.
قال شيخ مشايخنا الرحمتي: وهذا يقتضي أن يكون للمستأجر الخيار مطلقا سواء كان وقتا يرغب فيه أو لا لتفرق الصفقة، ولانه حيث منعه من التسليم في أول المدة ربما يكون مضطرا إلى العين المؤجرة فيستأجر غيرها، فإذا ألزمها بعد مضي بعض المدة بما يتضررر بذلك، فليتأمل اه.
والاظهر ما قاله أبو الطيب: أي إذا لم يوجد في البيع الصفة التي اشتراها للرغبة فيها كالخياطة والكتابة خير المشتري.
قوله: (لضياعه) علة لعدم القدرة.
وعبارة الذخيرة: وفي الجامع الاصغر: آجر من آخر حانوتا ودفع إليه المفتاح ولم يقدر على فتحه وضل المفتاح أياما ثم وجده: فإن
كان يمكن فتحه به فعليه أجر ما مضى، وإلا فلا.
وفي البزازية: إن قدر على الفتح بلا مؤنة لزم الاجر، وإلا فلا، وليس له أن يحتج ويقول: هلا كسرت الغلق ودخلت.
قوله: (ولو اختلفا) أي في العجز وعدمه يحكم الحال.
قال في الذخيرة: ولو اختلفا ولا بينة لهما ينظر إلى المفتاح الذي دفع إليه للحال: إن لاءم هذا الغلق وأمكن فتحه به فالقول للمؤجر، وإلا للمستأجر.
قوله: (ولو برهنا فبينة المؤجر) أي وإن كان المفتاح لا يلائم لانه لا عبرة لتحكيم الحال متى جاءت البينة بخلافه كمسألة الطاحونة، وإنما تقبل إذا كان المؤجر يدعي أنه كان يلائم الغلق ولكن غيره والمستأجر يقول لا، بل لم يكن ملائما من الاصل.
ذخيرة.
قوله: (وكذا البيع) أي إذا اشترى دارا وقبض مفتاحها ولم يذهب إليها: فإن كان المفتاح بحالة يتهيأ له أن يفتحه من غير كلفة يكون قابضا، وإلا فلا.
منح.
وقد ظهر مما تقرر أن تسليم المفتاح مع التخلية بين المستأجر والدار وإمكان الفتح به بلا كلفة تسليم للدار فيجب الاجر بمضي المدة وإن لم يسكن، وقيده في القنية بأن يكون في المصر حيث قال: وتسليم المفتاح في السواد ليس بتسليم للدار وإن حصر في المصر والمفتاح في يده، وأقره في البحر والمنح، لكنه بخلاف ما أفتى به قارئ الهداية وأقره محشو الاشباه كما سيأتي قبيل مسائل شتى.
قوله: (للدار والارض الخ) المراد كل ما تقع الاجارة فيه على المنفعة أو على قطع المسافة أو على العمل.
قوله: (ولو بين تعين) أي لو بين وقت الاستحقاق في العقد تعين، ولذا قال في العزمية: هذا إذا لم تكن الاجرة معجلة أو مؤجلة أو منجمة، وهذا قولهم جميعا على ما قرر في الخلاصة اه.
فالمراد فيما ذكره المصنف ما إذا سكت عن البيان.
قوله: (إذا(6/294)
فرغ وسلمه) اعلم أن أبا حنيفة كان أولا يقول: لا يجب شئ من الاجرة ما لم يستوف جميع المنفعة والعمل، لانه المعقود عليه فلا يتوزع الاجر على الاجزاء كالثمن في المبيع، ثم رجع فقال: إن وقعت الاجارة على المدة كما في إجارة الدار والارض أو قطع المسافة كما في الدابة وجب بحصة ما استوفى لو له أجرة معلومة بلا مشقة ففي الدار لكل يوم وفي المسافة لكل مرحلة.
والقياس أن يجب في كل ساعة بحسابه تحقيقا للمساواة، لكن فيه حرج، وإن وقعت على العمل كالخياطة والقصارة فلا يجب
الاجر ما لم يفرغ منه فيستحق الكل لان العمل في البعض غير منتفع به، وكذا إذا عمل في بيت المستأجر ولم يفرغ لا يستحق شيئا من الاجرة على ما ذكره صاحب الهداية والتجريد.
وذكر في المبسوط و الفوائد الظهيرية والذخيرة ومبسوط شيخ الاسلام وشرح الجامع لفخر الاسلام وقاضيخان والتمرتاشي أنه إذا خاط البعض في بيت المستأجر يجب الاجر بحسابه، حتى إذا سرق الثوب بعد ما خاط بعضه استحق ذلك.
فهذا يدل على أنه يستحق الاجر ببعض العمل في كل ما مر، لكن بشرط التسليم إلى المستأجر، ففي سكنى الدار وقطع المسافة صار مسلما بمجرد تسليم الدار وقطع المسافة في الخياطة بالتسليم حقيقة أو حكما كأن خاطه في منزل المستأجر لان منزله في يده.
زيلعي ملخصا.
وحاصله: أنهم اتفقوا على قول أبي حنيفة أنه لا يجب الاجر على البعض بلا تسليم أصلا، وأما مع التسليم فيجب الاجر على البعض في سكنى الدار وقطع المسافة.
واختلفوا على قوله في الاستئجار على العمل كالخياطة، فالاكثرون على أنه يجب أيضا بالتسليم، ولو حكما، وخالفهم صاحبا الهداية والتجريد فقالا: لا يجب.
قال الزيلعي: وهو الاقرب إلى المروي عن أبي حنيفة من الفرق بينهما في القول المرجوع إليه، وعلى ما ذكروه لا فرق بين الكل اه.
وبه ظهر أن تقييد المصنف بالفراغ والتسليم مبني على ما في الهداية، والتسليم يشمل الحقيقي والحكمي وهو ما عبر عنه بقوله: وإن عمل في بيت المستأجر فلو قال: ولو حكما لكان أخصر وأظهر، ولا معنى لقول من قال: لا معنى له، فافهم.
قوله: (وكذا كل من لعمله أثر) أي في أنه لو هلك في يده لا أجر له، وسيذكر الشارح بعد ورقة المراد بالاثر.
قوله: (نعم لو سرق الخ) هذا مبني على قول الاكثرين من وجوب الاجر على بعض العمل بالتسليم ولو حكما، وأراد به الاستدراك على المصنف، بما ذكره في البحر، حيث قال: وتبعه العلامة الطوري وتلميذه المصنف في شرحه مسألة البناء منصوص عليها في الاصل أنه يجب الاجر بالبعض لكونه مسلما إلى المستأجر، ونقله الكرخي عن أصحابنا، وجوم به في غاية البيان رادا على الهداية فكان هو المذهب ولذا اختاره المصنف: أي صاحب الكنز في المستصفى وإن كانت عبارته هنا مطلقة اه.
فلكلام الشارح وجه وجبه كما علمت وإن كان فيه خفاء، فافهم.
لكن في كون ما في الهداية خلاف المذهب تأمل يظهر مما مر عن الزيلعي، فلو جعله خلاف الاصح لكان أنسب.
تأمل.
قوله: (بعد ما خاط بعضه) يعني في بيت المستأجر، فلو في بيت الاجير لا أجر له اتفاقا لعدم التسليم أصلا.
قوله: (أو انهدم ما بناه) أي قبل الفراغ منه.
قوله: (قبل أن يقبضه رب الثوب)(6/295)
قد علمت أن العمل في بيت المستأجر تسليم.
قوله: (فلا أجر له) لان الخياطة مما له أثر فلا أجر قبل التسليم كما في المبيع.
قوله: (بل له) أي للخياطة لانه بدل ما أتلفه عليه حتى سقطت أجرته.
بحر.
قوله: (تضمين الفاتق) أي قيمة خياطته لا المسمى، لانه إنما لزم بالعقد ولا عقد بينه وبين الفاتق.
رحمتي.
قوله: (ولا يجبر الخ) لانه التزم العمل ووفى به.
رحمتي.
قوله: (كأنه لم يعمل) فلم يوف ما التزمه من العمل فيجبر عليه، لان عقد الاجارة لازم.
رحمتي.
قوله: (بخلاف فتق الاجنبي) لا حاجة إليه ط.
قوله: (الاصح لا) كذا صححه في الخلاصة والبزازية، وفرضوا المسألة بما إذا دفع إليه الثوب فقطعه ومات من غير خياطة وعللوها بأن الاجر في العادة للخياطة لا للقطع.
قلت: فلو بقي حيا لا تظهر الثمرة لانه يجبر على الخياطة، لكن لو تفاسخا العقد بعد القطع فالظاهر أن حكمه كالموت.
تأمل ويظهر من التعليل أنه لو دفعه للتفصيل فقط يلزم أجره، وهو ظاهر لان العقد ورد عليه فقط.
قوله: (لكن في حاشيتها) أي للشيخ شرف الدين الغزي حيث قال: قلت: وفي فتاوى قاضيخان والظهيرية قطع الخياط الثوب ومات قبل الخياطة له أجر القطع هو الصحيح، وفي جامع المضمرات والمشكلات عن الكبرى وعليه الفتوى: وينبغي اعتماده لتأيده بأن الفتوى عليه اه.
قوله: (أن الفتوى على الاول) صوابه على الثاني لما سمعت آنفا من عبارة الكبري، وهو الذي رأيته في التاترخانية.
قوله: (جوهرة) ومثله في غاية البيان معللا بأن العمل في ذلك القدر صار مسلما إلى صاحب الدقيق اه.
وظاهره أنه لا يجري فيه الخلاف المار في الخياط، ولعل العلة وجود الانتفاع هنا.
تأمل.
قوله: (وقالا يضمن الخ) هكذا ذكر الخلاف في الهداية، وعليه فلا فرق بين ما إذا كان في بيت المستأجر أو لا كما سيأتي، فيكون أيضا من مسألة الاجير المشترك الآتية في ضمان الاجير.
وحاصلها: أن المتاع في يده أمانة عند الامام ومضمون عندهما، لكن ذكر في غاية البيان أن ما
ذكر من الخلاف إنما ذكره القدوري برواية ابن سماعة عن محمد، وأنه لم يذكر محمد في الجامع الصغير ولا شراحه خلافا.
بل قالوا: لا ضمان مطلقا، فعن هذا قالوا: ما في الجامع مجري على عمومه.
أما عند أبي حنيفة فلانه لم يهلك بصنعه.
وأما عندهما فلانه هلك بعد التسليم اه.
وعلى ما ذكره الاتقاني في غاية البيان مشى في البحر والمنح، ولما اقتصر بعضهم على ما رجعتهما قال: ما ذكره الشارح سبق(6/296)
قلم، مع أن من تبع الهداية لم يضل فافهم.
قوله: (لتقصيره) أي بعدم القلع من التنور، فإن ضمنه قيمته مخبوزا أعطاه الاجر، وإن دقيقا فلا.
بحر.
قوله: (لعدم التسليم حقيقة) يعني أنه حيث لم يكن في بيت المستأجر لم يوجد التسليم الحكمي فلا بد من التسليم الحقيقي ولم يوجد أيضا فلذا لم يجب الاجر.
قوله: (لو سرق) المناسب زيادة أو احترق ط.
وكأنه تركه لان المراد بعد الاخراج والحرق بعد نادر، فمن قال تركه لانه يضمن فيه اتفاقا فقد وهم.
قوله: (وإن احترق الخبز أو سقط من يده الخ) تقدم أن الحكم كذلك لو كان بيت المستأجر، فلو أن المصنف حذف قوله السابق وقبله لا أجر ويغرم وجعل ما هنا راجعا للمسألتين لكان أولى كما أفاده ط.
قوله: (فله الاجر) لان المستأجر وصل إليه العمل معنى لوصول قيمته ط.
قوله: (ولا يضمن الحطب والملح) لانه صار مستهلكا قبل وجوب الضمان عليه، وحيثما وجب عليه الضمان كان رمادا، زيلعي.
قوله: (إلا إذا كان لاهل بيته) أفاد أن ما ذكره المصنف في الولائم وأنواعها أحد عشر نظمها بعضهم في قوله: إن الولائم عشرة مع واحد * من عدها قد عز في أقرانه فالخرس عند نفاسها وعقيقة * للطفل والاعذار عند ختانه ولحفظ قرآن وآداب لقد * قالوا الحذاق لحذقه وبيانه ثم الملاك لعقده ووليمة * في عرسه فاحرص على إعلانه وكذاك مأدبة بلا سبب يرى * ووكيرة لبنائه لمكانه ونقيعة لقدومه ووضيمة * لمصيبة وتكون من جيرانه ولاول الشهر الاصم عتيرة * بذبيحة جاءت لرفعة شأنه
ط ملخصا.
قوله: (لاهل بيته) المستأجر ح.
قوله: (والاصل في ذلك العرف) فمطلق العقد يتناول المعتاد إذا لم يوجد شرط بخلافه.
إتقاني.
قوله: (فهو ضامن) ومقتضى ما سبق في الخبز أنه يخير بين أن يضمنه قبل الطبخ ولا أجر له، أو بعده وله الاجر ط.
قوله: (للاذن) لانه لا يصل إلى العمل إلا بذلك وهو مأذون له فيه.
بحر.
قوله: (ولضرب اللبن) هو بفتح اللام وكسر الباء والكسر مع السكون لغة، وتفسد بلا تعيين اللبن ما لم يغلب واحد عرفا أو لم يكن غيره.
قهستاني ملخصا.
قوله: (بعد الاقامة) لانها لتسوية الاطراف فكانت من العمل كشف والاقامة النصب بعد الجفاف، فلو ضربه فأصابه مطر فأفسده قبل أن يقيم فلا أجر له وإن عمل في داره.
قهستاني.
قوله: (وقالا بعد تشريحه)(6/297)
بالشين والجيم المعجمتين، وقولهما استحسان.
زيلعي.
ولعله سبب كونه المفتى به.
لكن ذكر الاتقاني أن دليلهما ضعيف.
تأمل.
قال في البحر: وفائدة الاختلاف فيما إذا تلف اللبن قبل التشريح: فعنده تلف من مال المستأجر، وعندهما من مال الاجير، أما إذا تلف قبل الاقامة فلا أجر إجماعا.
قوله: (أي جعل بعضه على بعض) أي بعد الجفاف قوله: قوله: (حتى يعده منصوبا) عبارة المستصفى حتى يسلمه منصوبا عنده ومشرجا عندهما كذا في الايضاح والمبسوط اه.
فلم يشترط العد وهو الاولى، لانه لو سلمه بغير عد كان له ا لاجر كما لا يخفى.
بحر.
وذكر الاتقاني عن شرح الطحاوي مثل ما في المستصفى، وفسر التسليم بالتخلية بين المستأجر وبين اللبن.
قوله: (واشتراط الورق عليه يفسدها) أما اشتراط الحبر فلا.
حموي.
قوله: (حبسها) فعل ماض أو مصدر مبتدأ ثان وخبره محذوف: أي له والجملة خبر من.
بقي هنا إشكال، وهو أنه إنما يستحق المطالبة بعد التسليم كما مر، فإذا حبس فلا تسليم فلا مطالبة.
ويمكن دفعه بأن قوله فيما مر له الطلب إذا فرغ وسلم مفهومه معطل بالمنطوق هنا.
سائحاني، لكن يرد عليه أنه حينئذ لا فائدة لذكر التسليم، وقد قالوا: لا يجب الاجر إلا بالتسليم، فلو هلك في يده قبله سقط لانه لم يسلم المعقود عليه وهو أثر العمل، بخلاف ما لا أثر له فإن الاجر يجب كما فرغ، ولا يمكن حمله على الحبس بعد التسليم، بمعنى أن له الاسترداد لقول الآتي: فإن حبس
فضاع فلا أجر مع أن بالتسليم وجب الاجر على أنه بعد التسليم الحكمي كعمله في بيت المستأجر ليس له الحبس كما سيذكره فكيف بعد الحقيقي، والظاهر أن فائدته عدم الضمان فقط، إذ لو لم يكن له الحبس لضمن بالضياع بعده، فليتأمل.
قوله: (أصحهما الثاني) وكذا صححه في غرر الافكار وغاية البيان تبعا لقاضيخان.
قال في البحر: وصحح النسفي في مستصفاه معزيا إلى الذخيرة الاول فاختلف التصحيح، وينبغي ترجيحه، وقد جزم به في الهداية بقوله: وغسل الثوب نظير الحمل اه.
قوله: (والخياط والخفاف) هذا ظاهر على القول بأن الخيط على رب الثوب في عرف صاحب الظهيرية، وأما على عرف من قبله وهو عرفنا الآن من أنه على الخياظ فلا يظهر لان الخيط كالصبغ.
سائحاني.
قوله: (بالاجر) الباء للسببية أو للتعليل.
قوله: (لتسليمه حكما) لكون البيت في يده وهو كالتسليم الحقيقي فلا يملك الحبس بعده.
قوله: (فإن حبس) أي فيما إذا كان الاجر حالا.
قوله: (لعدم التعدي) فبقي(6/298)
أمانة كما كان، وهذا علة لعدم الضمان، وعلة عدم الاجر هلاك المعقود عليه قبل التسليم.
قوله: (ومن لا أثر لعمله) إلا راد الآبق.
ابن كمال.
قوله: (كالحمال) ضبطه بالحاء أولى من الجيم ليشمل الحمل على الظهر كما ذكره الاتقاني وأشار إليه الشارح.
قوله: (والملاح) بالفتح والتشديد: صاحب السفينة.
قوله: (لا لتحسينه) وإلا كان ممن لعمله أثر، لان البياض كان مستترا وقد أظهره فكأنه أحدثه فله الحبس على الخلاف السابق.
قوله: (وسيجئ في بابه) وذلك أنه لو مثليا وجب مثله، وإن انقطع فقيمته يوم القضاء أو الغصب أو الانقاع على خلاف يأتي، ولو قيميا فقيمته يوم غصبه إجماعا.
قوله: (أي بدلها) تعميم ليشمل المثليات ح.
قوله: (بأن يقول له: اعمل بنفسك أو بيدك) هذا ظاهر إطلاق المتون وعليه الشروح، فما في البحر والمنح عن الخلاصة من زيادة قوله: ولا تعمل بيد غيرك فالظاهر أنه لزيادة التأكيد لا قيد احترازي ليكون بدونه من الاطلاق.
تأمل.
قوله: (لا يستعمل غيره) ولو غلامه أو أجيره.
قهستاني.
لان المعقود عليه العمل من محل معين فلا يقوم غيره مقامه كما إذا كان المعقود عليه المنفعة، بأن استأجر رجلا شهرا للخدمة لا يقوم غيره مقامه لانه استيفاء للمنفعة بلا عقد.
زيلعي.
قال في العناية: وفيه تأمل، لانه إن خالفه إلى خير بأن استعمل من هو أصنع منه أو سلم دابة أقوى
من ذلك ينبغي أن يجوز اه.
وأجاب السائحاني بأن ما يختلف بالمستعمل فإن التقييد فيه مفيد وما ذكر من هذا القبيل اه.
وفي الخانية: لو دفع إلى غلامه أو تلميذه لا يجب الاجر اه.
وظاهر هذا مع التعليل المار أنه ليس المراد بعدم الاستعمال حرمة الدفع مع صحة الاجارة واستحقاق المسمى أو مع فسادها واستحقاق أجر المثل وأنه ليس للثاني على رب المتاع شئ لعدم العقد بينهما أصلا، وهل له على الدافع أجر المثل؟ محل تردد فليراجع.
قوله: (بشرط وغيره) لكن سيذكر الشارح في الاجارة الفاسدة عن الشرنبلالية أنها لو دفعته إلى خادمتها أو استأجرت من أرضعته لها الاجر، إلا إذا شرط إرضاعها على الاصح، وكأن وجه ما هنا أن الانسان عرضة للعوارض فربما يتعذر عليها إرضاع الصبي فيتضرر فكان الشرط لغوا.
تأمل.
قوله: (وإن أطلق) بأن لم يقيده بيده وقال: خط هذا الثوب لي أو اصبغه بدرهم مثلا، لانه بالاطلاق رضي بوجود عمل غيره.
قهستاني.
ومنه ما سيذكره المصنف.
قوله: (أفاد بالاستئجار) أي بقوله: يستأجر غيره قوله قوله: (لاجنبي) أي غير أجير ح.
قوله: (ضمن الاول) أي إذا سرق بلا خلاف.
قهستاني.
قوله: (لا الثاني) هذا عنده.
وعندهما: له تضمين أيهما شاء.
خلاصة.
قوله: (ففرط) أي تماهل ولم يعمل في تلك المدة ولم يقصر في حفظه.
قوله: (لا يضمن) كأنه لان اليوم مثلا يذكر(6/299)
للاستعجال ط.
قوله: (وأجاب شمس الائمة) ظاهره هذا الصنيع أن المعتمد الاول لانفراد شمس الائمة بهذا الجواب ط.
قلت: في جامع الفصولين: واستفتيت أئمة بخاري عن قصار شرط عليه أن يفرغ اليوم من العمل فلم يفرغ وتلف في الغد.
أجابوا: يضمن، ونقل مثله عن الذخيرة.
ثم نقل عن فتاوى الديناري: ولو اختلفا ينبغي أن يصدق القصار لانه ينكر الشرط والضمان والآخر يدعيه، ثم لو شرط وقصره بعد أيام ينبغي أن لا يجب الاجر إذ لم يبق عقد الاجارة، بدليل وجوب ضمانه لو هلك وصار كما لو جحد الثوب ثم جاء به مقصورا بعد جحوده اه.
قوله: (إطلاق) أي حكمه حكم الاطلاق ح.
قوله: (فمات بعضهم الخ) فلو ماتوا جميعا لا أجر أصلا، لان المعقود عليه المجئ بهم ولم ويجد.
رملي.
قوله: (فله أجره بحسابه) أي أجر المجئ، وأما أجر الذهاب فبكماله.
مقدسي عن الكفاية.
سائحاني.
قلت: وقال في المعراج بعد نقله عبارة الهداية: وهي استأجره ليذهب إلى البصرة فيأتي بعياله إلخ هذا اختيار الهندواني: وعن الفضلي: استؤجر في المصر ليحمل الحنطة من القرية فذهب فلم يجد الحنطة فعاد: إن كان قال: استأجرتك حتى تحمل من القرية لا يجب شئ، لان في الاول العقد على شيئين.
الذهاب إلى القرية، والحمل منها.
وفي الثاني شرط الحمل ولم يوجد فلا يجب شئ، كذا في الذخيرة وجامع التمرتاشي اه.
ومثله في التبيين عن النهاية، وظاهر المتون اختيار قول الهنداوني، ولينظر ما الفرق بين القولين على عبارة الهداية، فإن فيها الاستئجار على شيئين.
نعم هو على عبارة المصنف كالكنز ظاهر، ولعل التصريح بالذهاب غير قيد فيظهر الفرق، ويؤيده ما في التاترخانية: استأجره ليحمل له كذا من المطمورة فذهب فلم يجد المطمورة استحق نصف الاجر اه.
وعليه فلو مات كل العيال وجب أجر الذهاب وهو مخالف لما قدمناه عن الرملي، فتأمل.
قوله: (أي للعاقدين) أو ذكر عددهم للاجير.
شرنبلالية.
قوله: (أي له كل الاجر) في القهستاني: فإن جهلوا فسدت ولزم أجر المثل اه.
وإن حمل الكل هنا على كل أجر المثل زال التنافي ط.
قوله: (إن كانت المؤنة تقل إلخ) تقييد لقول المصنف فله أجره بحسابه وهو منقول عن الامام الهندواني.
قوله: (وإلا فكله) كما لو كان الفائت صغيرا أو كان ذلك في استئجار السفينة لانه لا يظهر التفاوت فيها بنقصان عدد ولو من الكبار، وهذا إذا كان الاستئجار على أن يحملهم، فلو على مصاحبتهم والحمل على المرسل أو كان المحل قريبا وهم مشاة أو بعيدا ولهم قدرة على المشي يلزمه الكل، لان مصاحبة جماعة لا تنقص بنقص فرد أو فردين إلا أن يكونوا أرقاء فحفظ البعض منهم أخف من حفظ الكل، حموي بحثا ط.
قوله:(6/300)
(لايصال قط) بالكسر والتشديد، والمراد لايصال شئ مما ليس له مؤنة، وقوله: أو زاد أي مما له مؤنة قوله: قوله: (لا شئ له) أي من أجرة الذهاب والمجئ للزاد بلا خلاف وللكتاب عندهما، وأما عند محمد: فأجرة الذهاب واجبة سواء شرط المجئ بالجواب أم لا كما في النهاية وغيرها، فمن الظن أنه لا بد من التقييد بالمجئ بالجواب حتى تأتى خلاف محمد، وإن لم يقيد به ينبغي أن يكون له تمام
الاجرة عند محمد.
قهستاني.
أقول: نعم، لكن التقييد به كما وقع في الجامع الصغير والهداية والكنز لازم بالنظر للمسألة الآتية عن الدرر كما سيظهر، ومبنى الخلاف بين محمد وشيخيه أن الاجر مقابل عنده بقطع المسافة لما فيه من المشقة دون حمل الكتاب، بخلاف حمل الطعام فإنه مقابل فيه بالحمل لما فيه من المؤنة دون قطع المسافة، وعندهما مقابل بالنقل فيهما لانه وسيلة إلى المقصود وهو وضع الطعام هناك وعلم ما في الكتاب، فإذا رده فقد نقص المعقود عليه.
قوله: (ويدعو فلانا) صورها قاضيخان في تبليغ الرسالة وفرق بينها وبين مسألة إيصال الكتاب بأن الرسالة قد تكون سرا لا يرضى المرسل بأن يطلع عليها غيره، أما الكتاب فمختوم، فلو تركه مختوما لا يطع عليه غيره اه.
وجزم الحلواني بأن الكتاب والرسالة سواء في الحكم وجعل الشارح دعاءه كالرسالة ط.
قلت: أي لانه من أفرادها.
تأمل.
وقد ذكر الشراح أنه لو وجده ولم يبلغه الرسالة ورجع له الاجر بالاجماع أيضا.
ووجهه كما في الزيلعي عن المحيط أن الاجر بقطع المسافة لانه في وسعه، وأما الاسماع فليس في وسعه فلا يقابله الاجر، فليتأمل.
قوله: (وجب الاجر بالذهاب) أي إجماعا كما ذكره الاتقاني وغيره.
قوله: (وهو نصف الاجر المسمى) اعترضه في العزمية بأنه غلط فاحش، فإن كون أجر الذهاب وأجر الاتيان سواء على سبيل المناصفة مما لا يكاد يتفق، ولم نجد هذه العبارة في كلام غيره.
قوله: (ولكن تعقبه المحشون الخ) كالواني والشرنبلالي.
قال في الشرنبلالية: فيه نظر، بل له الاجر كاملا، إذ المعقود عليه الايصال لا غير وقد وجد، فما وجه التنصيف؟ على أن المتن صادق بوجوب تمام الاجر، والمسألة فرضها صاحب المواهب في الاستئجار للايصال ورد الجواب معا اه.
قوله: (عن النهاية) وصرح به في غيرها.
قوله: (فليكن التوفيق) لكن هذا لا يدفع الاعتراض على صاحب الدرر حيث لم يقيد برد الجواب أولا وقيد بنصف الاجر ثانيا.
قوله: (واختلف فيما لو مزقه) قال في الخانية:(6/301)
له الاجر في قولهم إذ لم ينقض عمله.
وقيل إذا مزقه ينبغي أن لا يجب الاجر، لانه إذا تركه ثمة ينتفع به وارث المكتوب إليه فيحصل الغرض، بخلاف التمزيق اه.
ومقتضى النظر أنه إن مزقه بعد إيصاله
فله أجر الذهاب، وإن كان قبله فلا أجر له فيحرر ط.
قلت: وقول الخانية: له الاجر: أي أجر الذهاب كما تفيده عبارة القهستاني وهو ظاهر، وهذا إن شرط المجئ بالجواب، ولينظر فيما لو مزقه المكتوب إليه أو لم يدفع له الجواب وكان شرط المجئ بالجواب هل له نصف الاجر أم كله؟ لان إخباره بما صنع جواب معنى، فليحرر.
قوله: (بغير أجر المثل) الاولى بدون أجر المثل، لان الغير صادق بالاكثر وإن كان المقام يعين المراد ط.
قوله: (كما غلط فيه بعضهم) قال في البحر: وقد وقعت عبارة في الخلاصة أوهمت أن الناظر يضمن تمام أجر المثل فقال متولي الوقف آجر بدون أجر المثل يلزمه تمام أجر المثل اه.
وقد رده الشيخ قاسم في فتاواه بأن الضمير يرجع إلى المستأجر، يدل عليه ما ذكره في تلخيص الفتاوى الكبرى: يلزم مستأجرها إتمام أجر المثل عند بعض علمائنا، وعليه الفتوى اه.
وفي الذخيرة: لو يسلمها المستأجر كان عليه أجر المثل بالغا ما بلغ على ما اختاره المتأخرون من المشايخ اه.
ملخصا.
قوله: (وكذا حكم وصي وأب) أي إذا آجرا عقار الصغير بدون أجر المثل وتسلمه المستأجر فإنه يلزمه تمام الاجر ط.
قوله: (في غصب عقار الوقف) قال في قوله: الولوالجية): الفتوى في غصب العقار والموقوف بالضمان نظرا للوقف، متى قضى عليه بالقيمة تؤخذ منه فيشتري بها ضيعة أخرى تكون على سبيل الوقف الاول، ذكره في شرح تنوير الاذهان ط.
قوله: (وغصب منافعه) قال في جامع الفصولين: شرى دارا ثم ظهر أنها وقف أو للصغير فعليه أجر المثل صيانة لمالهما اه.
ومقابل المفتى به ما صححه في العمدة أنه لا تضمن منافعه، وتبعه في القنية ملخصا.
قوله: (عند الزيادة الفاحشة) أي زيادة أجر المثل من غير تعنت كما يأتي قريبا ط.
قوله: (وصيانة لحق الله تعالى) لان الوقف حبس العين والتصدق بمنفعته لوجهه تعالى قوله: قوله: (حتى فسخ العقد) أي بسبب الموت.
وفي بعض النسخ متى بدل حتى ولو قال: فانفسخ لكان أولى.
قوله: (لو العين في يده) أي لو العين المؤجرة مقبوضة في يد المستأجر.
قال في جامع الفصولين: استأجر بيتا إجارة فاسدة وعجل الاجر ولم يقبض البيت حتى مات المؤجر أو انقضت المدة فأراد حبس البيت لاجر عجله ليس له ذلك في الجائزة ففي الفاسدة أولى، ولو مقبوضا صحيحا أو فاسدا فله الحبس بأجر عجله، وهو أحق بثمنه لو مات المؤجر اه: يعني إذا مات المؤجر وعليه ديوان لغير
المستأجر فبيعت الدار فالمستأجر أحق بالثمن من سائر الغرماء إن كان الثمن قدر الاجرة المعجلة، وإن(6/302)
زاد فالزائد للغرماء أبو السعود على الاشباه.
قوله: (بأقل من قيمته ومن الدين) تركيب فاسد، وصوابه: بالاقل من قيمته ومن الدين فتكون من بيانية لا تفصيلية ح: أي لاقتضائه أن المضمون شئ هو أقل منهما وهو غيرهما مع أنه واحد منهما وهو الاقل.
تأمل.
قوله: (تصح) أي إن كانت من خلاف جنس ما استأجره فلو من جنسه فلا، بخلاف الزيادة من جانب المؤجر فتجوز مطلقا ط عن الهندية ملخصا.
قوله: (وبعدها) صوابه لا بعدها كما هو في الاشباه والمنح، لان محل العقد قد فات والمراد بعد مضي كلها.
أما إذا مضى بعضها: فقال في خزانة الاكمل: لو استأجر دارا شهرين أو دابة ليركبها فرسخين فلما سكن فيها شهرا أو سافر فرسخا زاد في الاجرة فالقياس أن تعتبر الزيادة لما بقي ومحمد استحسن وجعلها موزعة لما مضى ولما بقي أبو السعود عن البيري.
قوله: (ولو ليتيم) عبارة الاشباه: وهو شامل لمال اليتيم بعمومه.
قال الحموي: سوى في الاسعاف بين الوقف وأرض اليتيم حيث قال: ولو أجر مشرف حر الوقف أو وصى اليتيم منزلا بدون أجر المثل.
قال ابن الفضل: ينبغي أن يكون المستأجر غاصبا.
وذكر الخصاف: لا يكون غاصبا ويلزمه أجر المثل، وصرح في الجوهرة بأن أرض اليتيم كالوقف اه.
أقول: وكذا ذكره الشارح قبل أسطر، لكنه غير ما نحن فيه كما لا يخفى على النبيه، فافهم، فإن ما استشهد به فيما لو آجر بدون أجر المثل وكلامنا في الزيادة عليه بعد العقد، والفرق مثل الصبح.
قوله: (لم تقبل) قال في الاشباه: مطلقا اه: أي قبل المدة وبعدها قوله: (كما لو رخصت) أي الاجرة بعد العقد فلا يفسخ لان المستأجر رضي بذلك.
قوله: (فإن الاجارة فاسدة الخ) سيأتي آخر السوادة، لو آجرها بما لا يتغابن الناس فيه تكون فاسدة فيؤجرها صحيحة من الاول أو من غيره بأجر المثل الخ، وهو صريح في أنه لو كان الفساد بسبب الغبن الفاحش لا يلزم عرضها على الاول، وفي العمادية خلافه، لكن ذكر في حاشية الاشباه أن الذي في عامة الكتب هو الاول.
قوله: (لكن الاصل صحتها بأجر المثل) كذا في الاشباه.
وفي بعض النسخ: لكن الاصح الخ.
ومعنى الاستدراك أن الكلام في
الزيادة على المستأجر في الوقف، وأن قوله: فإن الاجارة فاسدة الخ كلام مجمل لاحتمال أن المراد فسادها بسبب كون الاجرة عند العقد بدون أجر المثل، فإذا ادعى فسادها بذلك آجرها الناظر بلا عرض على الاول، لانه لا حق له، فاستدرك عليه بأن المقام يحتاج إلى التفصيل، وهو أن الاصل صحتها بأجر المثل، فمجرد دعوى الزيادة لا يقبل، بل إن أخبر القاضي واحد بذلك يقبل إلى آخر ما قرره الشارح.
وقد اضطربت آراء محشي الاشباه وغيرهم في تقرير هذه العبارة وهذا ما ظهر لي، فليتأمل.
ثم رأيت في أنفع الوسائل: قرر كلامه كذلك، وعليه فكان المناسب أن يأتي بافاء التفريعية بدل الواو في قوله: ولو ادعى.
قوله: (بغبن فاحش) هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين في التفسير(6/303)
المختار، وتمامه في رسالة العلامة قنلي زاده.
قوله: (فإن أخبر الخ) يعني أن القاضي لا يقبل قول ذلك المدعي لانه متهم بإرادة استئجارها لو أجنبيا أو باستخلاصها وإيجارها لغير الاول لو هو العاقد، ومع أن الاصل في العقود الصحة.
قوله: (ذو خبرة) أفاد أن الواحد يكفي، وهذا عندهما خلافا لمحمد.
أشباه.
قوله: (وإن شهدوا الخ) وصل بما قبله، وسيأتي عن الحانوتي آخر السوادة ما يخالفه، إلا أن يراد الشهادة بدون اتصال القضاء ممن يرى ذلك، ويأتي تمام بيانه هناك.
قوله: (وإلا) أي وإن لم يخبر ذو خبرة أنها وقعت بغبن فاحش ففيه تفصيل، وهذا في المعنى مقابل لقوله: فإن الاجارة فاسدة لانها حينئذ صحيحة، فقد استوفى الكلام على القسمين.
قوله: (إضرارا وتعنتا) فسر ذلك ابن نجيم في فتاواه بالزيادة التي لا يقبلها إلا واحد أو اثنان اه.
وفي الينابيع: زاد بعض الناس في أجرتها، لم يلتفت إليه لعله متعنت اه ط.
قوله: (وإن كانت الزيادة أجر المثل) عبارة الاشباه لزيادة باللام وهي كذلك في بعض النسخ، والمراد أن تزيد الاجرة في نفسها لغلو سعرها عند الكل.
أما إذا زادت أجرة المثل لكثرة رغبة الناس في استئجاره فلا، كما في شرح المجمع للعيني.
حموي.
ومثله في شرح ابن مالك.
أقول: وهو غير مغفول، إذ لو كانت الاجرة حنطة مثلا وزادت قيمتها أثناء المدة كما مثل به ابن ملك فما وجه نقض الاجارة؟ بل المراد أن تزيد أجرة المثل بزيادة الرغبات كما وقع في عبارات مشايخ
المذهب.
وفي حاشية الاشباه لابي السعود عن العلامة البيري ما حاصله: أنه لا تعتبر زيادة السعر في نفس الاجرة، فإنه لا فائدة ولا مصلحة في النقض للوقف ولا للمستحقين، كما أفاده العلامة الطرابلسي في فتاواه ورد به ما في شرح المجمع، وجعله من المواضع المنتقدة عليه اه.
مطلب في بيان المراد بالزيادة على أجر المثل بقي شئ يجب التنبيه عليه، وهو ما المراد بزيادة أجر المثل؟ فنقول: وقعت الزيادة في أغلب كلامهم مطلقة، فقالوا: إذا زادت بزيادة الرغبات.
ووقع في عبارة الحاوي القدسي أنها تنقض عند الزيادة الفاحشة.
قال في وقف البحر: وتقييده بالفاحشة يدل على عدم نقضها باليسير، ولعل المراد بالفاحشة ما لا يتغابن الناس فيها، كما في طرف النقصان فإنه جائز عن أجر المثل إن كان يسيرا، والواحد في العشرة يتغابن الناس فيه كما ذكروه في كتاب الوكالة، وهذا قيد حسن يجب حفظه، فإذا كانت أجرة دار عشرة مثلا وزاد أجر مثلها واحدا فإنها لا تنقض كما لو آجرها المتولي بتسعة فلانها لا تنقض، بخلاف الدرهمين في الطرفين اه.
أقول: لكن صرح في الحاوي الحصيري كما نقله عن البيري وغيره أن الزيادة الفاحشة مقدارها نصف الذي أجر به أولا اه.
ونقله العلامة قنلي زاده.
ثم قال: ولم نره لغيره.
والحق أن ما لا يتغابن فيه فو زيادة فاحشة نصفا كانت أو ربعا.
وقال في موضع آخر: وهل هما روايتان، أو مراد العامة أيضا ما ذكره الحصيري؟ لم يحرره أحد قبلنا.
أقول: وكلامه الثاني أقبل، فإن الحكم عليه بالبطلان لا بد له من برهان على أن الاصل عدم(6/304)
تعدد الرواية فيحمل كلام العامة عليه ما لم يوجد نقل بخلافه صريحا فيضطر إلى جعلهما روايتين، وقد أقر العلامة البيري وغيره ما ذكره الامام الحصيري وتبعه في الحامدية، فاحفظ هذه الفائدة السنية.
قوله: (فيفسخها المتولي الخ) قال العلامة قنلي زاده: وهل المراد أنه يفسخها القاضي أو المتولي ويحكم به القاضي؟ لم يحرره المتقدمون، وإنما تعرض له صاحب أنفع الوسائل وجزم بالثاني، وإنما يفسخ القاضي إذا امتنع الناظر عنه اه.
أقول: والقول بالفسخ هو إحدى الروايتين، وسيأتي أه المفتى به.
ثم اعلم أن الشارح قد أطلق الفسخ هنا مع أنه قد فصل بعده.
وحاصل التفصيل: أن ما وقعت عليه الاجارة لا يخلو: إما أن يكون أرضا فارغة وقت الزيادة عن ملك المستأجر كالدار والحانوت والارض السليخة، أو مشغولة به كما لو زرعها أو بنى فيها أو غرس.
ففي الوجه الاول: يفسخها المتولي ويؤجرها لغيره إن لم يقبل الزيادة العارضة بعد ثبوتها.
وفي الثاني: إن كان زرعها في المدة لا تؤجر لغيره وإن فرغت المدة ما لم يستحصد الزرع بل تضم عليه الزيادة من وقتها إلى أن يستحصد، لان شغلها بملكه مانع من صحة إيجارها لغيره كما يأتي.
وإن كان بنى فيها أو غرس.
فإن فرغت المدة كما لو استأجرها مشاهرة وفرغ الشهر فسخها وآجرها لغيره إن لم يقبل الزيادة، وإن كانت المدة باقية لم تؤجر لغيره ما قلنا من أن شغلها بملكه مانع بل تضم عليه الزيادة كما مر في المزروعة، لكن هنا تبقى إلى انتهاء العقد فقط، إذ لا نهاية معلومة للبناء والغرس بخلاف الزرع.
هذا خلاصة ما ذكره الشارح تبعا للاشباه، وهو مأخوذ من أنفع الوسائل عن البدائع وغيرها صريحا ودلالة.
ثم لا يخفى أن ضم الزيادة عليه إنما هو حيث رضي به، وإلا يؤمر بالقلع إن لم يضر بالوقف وتؤجر لغيره صيانة للوقف، وهذا كله إذا زادت أجرة الارض في نفسها لا بسبب بنائه مثلا، وإلا فلا تضم عليه الزيادة أصلا، لان الزيادة حصلت من ملكه كما هو ظاهر.
قوله: (ثم يؤجرها ممن زاد) الاولى حذفه ليتأتى التفصيل المذكور بعده كما فعل صاحب البحر في الوقف وإن عبر في الاشباه كما هنا.
قوله: (عرضها على المستأجر) ولا يعرض في الفاسدة، وقيل يعرض فيها أيضا ط قوله: (فقط) أي لا من أول المدة أشباه.
بل الواجب من أولها إلى وقت الفسخ الاجر المسمى.
قوله: (عليه) أي على المنكر لتثبت الزيادة، لان القول قوله والبينة على المدعي، والاصل بقاء ما كان على ما كان.
حموي.
والظاهر أن هذا على قول محمد، لما مر أن الواحد يكفي عندهما.
تأمل.
قوله: (لم تصح إجارتها لغير صاحب الزرع) أي إن كان مزروعا بحق، فلو لم يكن بحق كالغاصب والمستأجر إجارة فاسدة لا يمنع صحة الاجارة كما في الظهيرية والسراجية لكونه لا يمنع التسليم.
بحر.
وسيذكره الشارح ويأتي(6/305)
متنا بعد ورقة.
قوله: (من وقتها) أي وقت الزيادة، ووجب لما مضى قبلها من المسمى بحسابه كما في البحر.
قوله: (فإن كان استأجرها مشاهرة) في هذا التعبير مسامحة، لان هذا مقابل قوله الآتي: وإن كانت المدة باقية الخ فكان المناسب أن يقول: فإن كانت المدة قد فرغت فإنها تؤجر لغيره إن لم يقبلها: أي الزيادة، لكن لما كان الشهر مدة قليلة صار كأن المدة قد فرغت، فإنه إذا استأجرها مشاهرة كل شهر بكذا صح في واحد وفسد في الباقي على ما يأتي بيانه في الباب الآتي.
قوله: (والبناء يتملكه الناظر بقيمته) أي جبرا على المستأجر إن ضر قلعه بالارض كما يأتي بيانه قريبا.
قوله: (مستحق القلع) سيأتي بيانه في الباب الآتي.
قوله: (للوقف) متعلق بقوله: يتملكه.
قوله: (أو يصبر الخ) يعني إذا رضي الناظر بذلك إن كان القلع يضر، لان الخيار للناظر حينئذ بين تملكه جبرا على المستأجر وبين أن يتركه إلى أن يتخلص بناء المستأجر من الارض كلما سقط شئ دفعه إليه بناء على ما يأتي عن الشروح.
نعم لو لم يضر فالخيار للمستأجر كما يأتي بيانه.
قوله: (وأما إذا زاد الخ) يغني عنه قوله سابقا: وإن كانت الزيادة أجر المثل الخ ط، وقد صحح هذا القول بلفظ الفتوى ولفظ المختار كما هنا ولفظ الاصح كما في كتاب الوقف، فكان المعتمد وإن مشى على خلافه في الاسعاف و التاترخانية و الخانية قائلين: إن أجر المثل يعتبر وقت العقد فلا تعتبر الزيادة بعده، ولكن د علمت مما قدمناه عن الحصيري ما المراد بالزيادة.
قوله: (قلت الخ) أصل البحث للمصنف في المنح ذكره أول الباب تحت قوله: فلو آجرها المتولي أكثر لم تصح.
قوله: (أنه يتملكه) أي إن أراد الناظر، وإلا فيترك إلى أن يتخلص فيأخذه مالكه.
قوله: (كما في عامة الشروح) أي شروح الهداية والكنز وغيرهما، ذكروا ذلك في الباب الآتي عند قوله: إلا أن يغرم له المؤجر قيمته مقلوعا وهو مفهوم عبارات المتون أيضا، ويتناول بإطلاقه الملك والوقف كما نبه عليه المصنف.
قوله: (بخلاف نقول الفتاوى) منها المحيط والتجنيس والخانية والعمادية، فإنهم قالوا: إن كان يضر لا يرفعه المستأجر، بل إما أن يرضى بأن يتملكه الناظر للوقف وإلا يصبر إلى أن يتخلص ملكه، لان تملكه بغير رضاه لا يجوز، ومنها ذكره الشارح عن فتاوى مؤيد زاده.
وحاصله: أنهم جعلوا الخيار للمستأجر ولو كان القلع يضر، وأصحاب الشروح جعلوا الخيار
للناظر إن ضر وإلا فللمستأجر، ثم هذا إذا كان البناء بغير إذن المتولي، فلو بإذنه فهو للوقف ويرجع الباني على المتولي بما أنفق كما في فتاوى أبي الليث.
والظاهر أنه أراد إذنه بالبناء لاجل الوقف، فلو لنفسه وأشهد عليه فلا يكون للوقف كما أفاده العلامة قنلي زاده.(6/306)
أقول: وسيأتي في الباب الآتي أن للمستأجر استبقاء البناء والغرس بعد مضي المدة بأجر المثل جبرا إن لم يضر بالوقف، وهذا مخالف لما تقدم عن الشروح، ولما تقدم عن الفتاوى أيضا، ولما يأتي عن المتون كما سننبه عليه إن شاء الله تعالى.
تنبيه مهم: إذا أذن القاضي أو الناظر عند من لا يرى الاحتياج إلى إذن القاضي للمستأجر بالبناء ليكون دينا على الوقف حيث لا فاضل من ريعه وهو ما يسمونه في ديارنا بالمرصد فالبناء يكون للوقف، فإذا أراد الناظر إخراجه يدفع له ما صرفه في البناء، ثم لا يخفى أنه يزيد أجر المثل بسبب البناء، فالظاهر أنه يلزمه إتمام أجر المثل.
والفرق بين هذا وما تقدم عن الاشباه أن البناء هنا للوقف فلم يزد بسبب ملكه.
ثم رأيت في الفتاوى الخيرية التصريح في ضمن سؤال طويل بلزوم أجر المثل بالغا ما بلغ قبل العمارة وبعدها والرجوع بما صرفه فراجعه.
والواقع في زماننا أنه يستأجر بدون أجر المثل بكثير ويدفع بعض الاجرة ويقتطع بعضها من العمارة.
وقد يقال: لجوازه وجه.
وذلك أنه لو أراد آخر أن يستأجره ويدفع للاول ما صرفه على العمارة لا يستأجره إلا بتلك الاجرة القليلة.
نعم لو استغنى الوقف ودفع الناظر ما للاول فإن كل أحد يستأجره بأجر مثله الآن، فما لم يدفع الناظر ذلك تبقى أجرة المثل تلك الاجرة القليلة، فلا فرق حينئذ بين العمارة المملوكة للمستأجر وبين هذه.
مطلب في المرصد والقيمة ومشد المسكة ورأيت في وقف الحامدية عن فتاوى الحانوتي: شرط جواز إجارة الوقف بدون أجر المثل إذا نابه نائبة أو كان دين الخ، فهذا مؤيد لما قلنا، إذ لا شك أن المرصد دين على الوقف تقل أجرته بسببه،
فتأمل.
وفي شرح الملتقى عن الاشباه: ولا يؤجر الوقف إلا بأجر المثل إلا بنقصان يسير، أو إذا لم يرغب فيه إلا بالاقل اه.
تأمل.
ومثل هذا يقال في الكدك، وهو ما يبنيه المستأجر في حانوت الوقف ولا يحسبه على الوقف فيقوم المستأجر بجميع لوازمه من عمارة وترميم وإغلاق ونحو ذلك ويبيعيونه بثمن كثير، فباعتبار ما يدفعه المستأجر من هذا الثمن الكثير وما يصرفه في المستقبل على أرض الوقف تكون أجرة المثل تلك الاجرة القليلة التي يدفعونها، وقد تكون أصل عمارة الوقف من صاحب الكدك يأخذها منه الواقف ويعمربها ويجعلها للمستأجر ويؤجره بأجرة قليلة وهو المسمى بالخلو، ومثله يقال في القيمة ومشد المسكة في البساتين ونحوها، وهي عبارة عن القمامة والكراب وما يزرعه مما تبقى أصوله ونحو ذلك وحق الغرس والزرع فإنها تباع بثمن كثير، فبسببها تزيد أجرة الارض زيادة كثيرة، وهذه أمور حادثة تعارفوا عليها.
وفي فتاوى العلامة المحقق عبد الرحمن أفندي العمادي مفتي دمشق جوابا لسؤال عن الخلو المتعارف بما حاصله: أن الحكم العام قد يثبت بالعرف الخاص عند بعض العلماء كالنسفي وغيره، ومنه الاحكار التي جرت بها العادة في هذه الديار، وذلك بأن تمسح الارض وتعرف بكسرها ويفرض على قدر من الاذرع مبلغ معين من الدراهم ويبقى الذي يبني فيها يؤدي ذلك القدر في كل سنة من غير إجارة كما ذكره في أنفع الوسائل فإذا كان بحيث لو رفعت عمارته لا تستأجر بأكثر تترك في يده بأجر المثل، ولكن لا ينبغي أن يفتي باعتبار العرف مطلقا خوفا من أن ينفتح باب القياس عليه في كثير(6/307)
من المنكرات والبدع.
نعم يفتى به فيما دعت إليه الحاجة وجرت به في المدة المديدة العادة وتعارفه الاعيان بلا نكير كالخلو المتعارف في الحوانيت، وهو أن يجعل الواقف أو المتولي أو المالك على الحانوت قدرا معينا يؤخذ من الساكن ويعطيه به تمسكا شرعيا فلا يملك صاحب الحانوت بعد ذلك إخراج الساكن الذي ثبت له الخلو ولا إجارتها لغيره، ما لم يدفع له المبلغ المرقوم، فيفتى بجواز ذلك قياسا على بيع الوفاء الذي تعارفه المتأخرون احتيالا عن الربا، حتى قال في مجموع النوازل: اتفق مشايخنا في هذا الزمان على صحته بيعا لاضطرار الناس إلى ذلك.
ومن القواعد الكلية: إذا ضاق الامر اتسع
حكمه، فيندرج تحتها أمثال ذلك مما دعت إليه الضرورة.
والله أعلم اه ملخصا.
قوله: (رفعه) أي جبرا.
قوله: (من تحت البناء) الاولى حذف تحت ط.
قوله: (حيث لا يملك رفعه) حيثية تعليل ط.
قوله: (ولو اصطلحوا الخ) هذا إما بيان للافضل فلا ينافي الجبر عند عدم الاصطلاح، أو هو رواية ضعيفة.
رملي على البحر ملخصا.
وعلى أول يوافق ما مر عن الشروح، وعلى الثاني يوافق ما أطبق عليه أرباب الفتاوى.
قوله: (ولو لحق الآجر دين الخ) محله باب فسخ الاجارة، وسيأتي بيانه هناك.
قوله: (وتجوز بمثل الاجرة الخ) أي تجوز الاجارة بأجرة المثل أو بالاكثر منها مطلقا ما لم تكن بمال وقف أو يتيم كما علم مما مر في الاجارة الطويلة عن الخانية.
قوله: (بما يتغابن فيه الناس) قيد للاقل، فافهم، ثم هذا كله مكرر إذ قد علم مما مر.
قوله: (وفي فتاوى الحانوتي الخ) ونصه: سئل ما قولكم فيما لو حكم حاكم بصحة إجارة وقف وأن الاجرة أجرة المثل بعد أن أقيمت البينة بذلك ثم أقيمت بينة بأنها دون أجر المثل فيعمل ببينة بطلانها أم لا؟ فأجاب: أجاب الشيخ نور الدين الطرابلسي قاضي القضاة الحنفي بما صورته: الحمد لله العلي الاعلى: بينة الاثبات مقدمة، وهي التي شهدت بأن الاجرة أجرة المثل وقد اتصل بها القضاء فلا تنقض.
وأجاب الشيخ ناصر الدين اللقاني المالكي وقاضي القضاة أحمد بن النجار الحنبلي بجوابي كذلك، فأجبت: نعم الاجوبة المذكورة صحيحة اه.
قلت: وهذا حيث لم تكن الشهادة الاولى يكذبها الظاهر، وإلا فلا تقبل وتنقض كما في الحامدية.
قوله: (وقد اتصل بها القضاء) أي واستكمل شروطه.
وفي فتاوى ابن نجيم: ولا يمنع قبولها: أي(6/308)
الزيادة حكم الحنبلي بالصحة لانه غير صحيح اه.
قال في الحامدية: وفيه نظر، لان حكم الحاكم يرفع الخلاف.
تأمل اه.
أقول: مراده أن حكمه بصحة الاجارة ابتداء وأنها بأجر المثل لا يمنع فسخها للزيادة العارضة بكثرة الرغبات بناء على قول المفتى به، لان ذلك غير محكوم به، فيمنع حكم الحنبلي الاول لذلك غير صحيح.
نعم لو حكم بإلغاء الزيادة العارضة بحادثة بخصوصها مستجمعا شرائطه منع من قبولها، وقد صرح بذلك الحانوتي في فتاواه أيضا، حيث ذكر أنه لا يمنع الحاكم الحنفي من قبول الزيادة حكم
الحنبلي بصحة الاجارة ولو وقعت بعد دعوى شرعية، لان الفسخ بقبول الزيادة حادثة أخرى لم يقع الحكم بها اه.
وذكر مثله في موضع آخر، وصرح به أيضا العلامة قنلي زاده، وذكر أنه لا يكفي قوله: ثبت عندي أن هذا من أجر المثل، ولا قوله: ألغيت الزيادة العارضة، لان ذلك فتاوى لا أحكام نافذة ما لم تكن على وجه خصم جاحد اه.
ومثله ما لو حكم بصحة الاجارة شافعي مثلا لا يمنع الحنفي فسخها بالموت ما لم يحكم الشافعي بخصوص ذلك بعد الموت كما صرح به ابن الغرس، فتنبه.
والله تعالى أعلم.
باب ما يجوز من الاجارة وما يكون خلافا فيها أي في الاجارة قوله: (وما يكون خلافا) أي والفعل الذي يكون خلاف الجائز فيها.
قوله: (حانوت) على وزن فاعول وتاؤه مبدلة عن هاء، وقيل: فعلوت كملكوت.
وهو كما في القاموس: دكان الخمار والخمار نفسه يذكر ويؤنث، والنسبة إليه حاني وحانوتي.
وفسر الدكان به أيضا، فقال كرمان: الحانوت جمعه دكاكين معرب، وعليه فهما مترادفان، والمراد به هنا: ما أعد ليباع فيه مطلقا.
قوله: (بلا بيان ما يعمل فيها) أي في هذه الاماكن وهي الحانوت والدار، فأطلق الجمع على ما فوق الواحد.
تأمل.
قوله: (لصرفه للمتعارف) وهو السكنى وأنه لا يتفاوت.
منح.
قوله: (فله أن يسكنها غيره) أي ولو شرط أن يسكنها وحده منفردا.
سري الدين.
وهذا في الدور والحوانيت ط.
ومثله عبد الخدمة فله أن يؤجره لغيره، بخلاف الدابة والثوب وكذا كل ما يختلف باختلاف المستعمل كما في المنح.
قوله: (فيتد) مضارع من باب المثال: أي يدق الوتد ح.
قوله: (ويربط دوابه) أي في موضع أعد لربطها لان ربطها في موضع السكنى إفساد كما في غاية البيان.
قال السائحاني: وينتفع ببئرها، ولو فسدت لم يجبر على إصلاحها، ويبنى التنور فيها فلو احترق به شئ لم يضمن.
قلت: إلا إذا فعله في محل لا يليق به كقرب خشب.
مقدسي اه.
قوله: (ويكسر حطبه) ينبغي تقييده أخذا مما قبله ومما بعده بأن يكون بمحل لا يحصل به إضرار بالارض وما تحتها من مجرى الماء.
ثم رأيت الزيلعي قال: وعلى هذا له تكسير الحطب المعتاد للطبخ ونحوه لانه لا يوهن البناء، وإن زاد على العادة بحيث يوهن البناء فلا، إلا برضا المالك، وعلى هذا ينبغي أن يكون الذق على هذا التفصيل اه.
قوله: (ويطحن برحى اليد وإن ضر، به
يفتى.
قنية) لم أر هذه المسألة في القنية، بل رأيت ما قبلها.
وأما هذه فقد ذكرها في البحر معزوة(6/309)
للخلاصة، وتبعه المصنف في المنح وتبعهما الشارح، وفيه سقط، فإن الذي وجدته في الخلاصة هكذا: لا يمنع من رحى اليد إن كان لا يضر، وإن كان يضر يمنع، وعليه الفتوى، ومثله في الشرنبلالية عن الذخيرة.
قوله: (بالبناء للفاعل أو المفعول) سهو منه، وإنما هو بفتح الياء من الثلاثي المجرد أو بضمها من الرباعي، وحدادا حال على الاول ومفعول به على الثاني ح.
ووجه كونه سهوا أنه بالبناء للفاعل على الوجهين.
قوله: (لانه يوهن الخ) قال الزيلعي: فحاصله أن كل ما يوهن البناء أو فيه ضرر ليس له أن يعمل فيها إلا بإذن صاحبها، وكل ما لا ضرر فيه جاز له بمطلق العقد واستحقه به.
قوله: (فيتوقف على الرضا) أي رضا المالك أو الاشتراط.
وفي أبي السعود عن الحموي: يفهم منه أنه لو كان وقفا ورضي المتولي بسكناه لا يكون كذلك.
قوله: (كما لو أنكر أصل العقد) فإن القول له: أي فكذا إذا أنكر نوعا منه ط.
قوله: (ولو فعل ما ليس له) أي وقد انقضت المدة، أما لو مضى بعضها هل يسقط أجره أو يجب؟ يحرر.
ط عن المقدسي.
قوله: (ولا أجر) أي فيما ضمنه.
نهاية.
وأما الساحة فينبغي الاجر فيها، كذا في الذخيرة.
سائحاني.
قوله: (يبطل) بضم الياء من أبطل، ويجوز الفتح ولكن كان حقه أن يجعله مستأنفا ويقول ويبطل فيه.
قوله: (بخلاف ما يختلف به) كالركوب واللبس.
قوله: (كما سيجئ) أي بعد نحو ورقة.
قوله: (بخلاف الجنس) أي جنس ما استأجر به، وكذا إذا آجر مع ما استأجر شيئا من ماله يجوز أن تعقد عليه الاجارة فإنه تطيب له الزيادة كما في الخلاصة.
قوله: (أو أصلح فيها شيئا) بأن جصصها أو فعل فيها مسناة وكذا كل عمل قائم، لان الزيادة بمقابلة ما زاد من عنده حملا لامره على الصلاح كما في المبسوط، والكنس ليس بإصلاح، وإن كرى النهر قال الخصاف: تطيب، وقال أبو علي النسفي: أصحابنا مترددون، وبرفع التراب لا تطيب وإن تيسرت الزراعة، ولو استأجر بيتين صفقة واحدة وزاد في أحدهما يؤجرهما بأكثر ولو صفقتين فلا خلاصة ملخصا.
قوله: (لا تصح) أي قبل القبض أو بعده كما في الجوهرة ولو تخلل ثالث على الراجح، وهي رواية عن محمد وعليها الفتوى.
بزازية.
قوله: (وتنفسخ الاجارة في الاصح) أي الاجارة الاولى، وأما الثانية فبالاتفاق.(6/310)
قوله: (وسيجئ) أي في المتفرقات، وسيذكر الشارح التوفيق هناك ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
قوله: (للجهالة) المفضية إلى المنازعة في عقد المعاوضة، فإن من الزرع ما ينفع الارض ومنه ما يضرها.
قوله: (وتنقلب صحيحة بزرعها) أي استحسانا، لان المعقود عليه صار معلوما بالاستعمال، وصار كأن الجهالة لم تكن.
زيلعي مختصرا.
قال العلامة المقدسي: ينبغي تقييده بما إذا علم المؤجر بما زرع فرضي به، وبما إذا علم من لبس الثوب وإلا فالنزاع ممكن.
ط مختصرا.
قوله: (وللمستأجر الشرب والطريق) أي وإن لم يشترطهما، بخلاف البيع لان الاجارة تعقد للانتفاع ولا انتفاع إلا بهما فيدخلان تبعا.
وأما البيع فالمقصود منه ملك الرقبة لا الانتفاع في الحال، حتى جاز بيع الجحش والارض السبخة دون إجارتهما.
منح.
قوله: (ويزرع زرعين) قال في القنية: لو استأجرها سنة لزرع ما شاء له أن يزرع زرعين: ربيعيا، وخريفيا اه.
فأنت ترى أن هذه مفروضة في استئجار مدة يمكن فيها زرعان وقد أطلق في عقد الاجارة ط.
قوله: (وتمامه في القنية) حيث قال: كما لو استأجرها في الشتاء تسعة أشهر ولا يمكن زراعتها في الشتاء جاز لما أمكن في المدة.
أما لو لم يمكن الانتفاع بها أصلا بأن كانت سبخة فالاجارة فاسدة.
وفي مسألة الاستئجار في الشتاء يكون الاجر مقابلا بكل المدة لا بما ينتفع به فحسب، وقيل بما ينتفع به اه.
قلت: وسيذكر الشارح في باب الفسخ عن الجوهرة: لو جاء من الماء ما يزرع بعضها: إن شاء فسخ الاجارة كلها، أو ترك ودفع بحساب ما روى منها.
قوله: (بزرع غيره) أي غير المستأجر، فلو كان الزرع لا يمنع صحتها، والغير يشمل المؤجر والاجنبي، فلو كان للمؤجر: أي رب الارض فالحيلة أن يبيع الزرع منه بثمن معلوم ويتقابضا ثم يؤجره الارض كما في الخلاصة عن الاصل، وكذا لو ساقاه عليه قبل الاجارة لا بعدها كما قدمناه.
قوله: (إن كان الزرع بحق) كأن كان بإجارة ولو فاسدة كإجارة الوقف بدون أجر المثل على ما رجحه الخصاف من أن المستأجر بدون أجر المثل لا يكون غاصبا وعليه أجر المثل.
وفي فتاوى قارئ الهداية: أن المستأجر إجارة فاسدة إذا زرع يبقى، وكذا المساقاة اه ط.
وسيأتي أنه يلحق بالمستأجر المستعير فيترك إلى إدراكه بأجر المثل.
قوله: (ما لم يستحصد)
أي يدرك ويصلح للحصاد.
قوله: (به يفتى بزازية) ومثله في الخانية.
قوله: (إلى المستقبل) أي إلى وقت يحصد الزرع فيه وتصير الارض فارغة عنه.
قوله: (مطلقا) أي سواء كان الزرع بحق أو لا، وسواء استحصد أو لا.
قوله: (بجبره) أي بسبب جبر الزارع.
قوله: (وسيجئ في المتفرقات) أي متفرقات(6/311)
كتاب الاجارة، وسيجئ أيضا حمل ما في الاشباه على ما لو استأجر عينا بعضها فارغ وبعضها مشغول: يعني وفي تفريغ المشغول ضرر فلا ينافي ما في الوهبانية.
قوله: (ومقيلا ومراحا) عطف على قوله: للبناء.
مثل قوله تعالى: * (لتركبوها وزينة) * (النحل: 8)، والمقيل: مكان القيلولة، والمراح بالضم: مأوى الماشية، والمراد بهما هنا المصدر الميمي ليصح جعلهما مفعولا لاجله، ثم هذا ذكره صاحب البحر بحثا وتبعه الطوري وأفتى به الشهاب الشلبي والحانوتي، ويراد به إلزام الاجرة بالتمكن من الارض شملها الماء وأمكن زراعتها أو لا.
قال: ولا شك في صحته لانه لم يستأجرها للزراعة بخصوصها حتى يكون عدم ريها فسخا لها، وأطال فوقف الاشباه في الاستدلال على ذلك، ونقل الحموي أنه توقف في صحتها بعضهم وأطال أيضا فراجعهما.
قوله: (أمكن زراعتها أم لا) هذا فيما لم يستأجرها للزرع فلو له لا بد من إمكانه كما مر ويأتي، فتنبه.
قوله: (قلعهما) أي إلا أن يكون في الغرس ثمرة فيبقى بأجر المثل إلى الادراج ط.
قوله: (وسلمها فارغة) وعليه تسوية الارض لانه هو المخرب لها.
ط عن الحموي.
قوله: (لعدم نهايتهما) أي البناء والغرس، إذ ليس لهما مدة معلومة، بخلاف الزرع كما يأتي.
قوله: (مقلوعا) أي مستحق القلع فإنه أقل من قيمة المقلوع كما في الغصب.
قهستاني.
وفي الشرنبلالية: أي مأمورا مالكهما بقلعهما، وإنما فسرناه بكذا لان قيمة المقلوع أزيد من قيمة المأمور بقلعه لكون المؤنة مصروفة للقلع.
كذا في الكفاية اه.
قوله: (بأن نقوم الارض بهما) أي مستحقي القلع كما علمته.
وبه اندفع اعتراض العيني في الغصب بأن هذا ليس بضمان لقيمته مقلوعا، بل هو ضمان لقيمته قائما، وإنما يكون ضمانا لقيمته مقلوعا أن لو قوم البناء والغرس مقلوعا موضوعا على الارض اه.
وكأنه فهم أنه تقوم الارض بهما مستحقي البقاء، وليس المراد هذا ولا الثاني الذي ذكره بل ما مر، فتدبر.
قوله: (لان فيه نظرا لهما) حيث أوجبنا للمؤجر تسلم الارض
بعد انقضاء مدة الاجارة وللمستأجر قيمتهما مستحقي القلع، لان أصل وضعهما بحق.
قوله: (قال في البحر الخ) لا يخفى أن مفاد الكلام حينئذ أن للمؤجر أن يتملكه جبرا على المستأجر، سواء نقصت الارض بالقلع أم لا، مع أنه ليس له ذلك إلا إذا كانت تنقص به، فلهذا قال ازيلعي وغيره من شراح الهداية: هذا إذا كانت تنقص بالقلع دفعا للضرر عن المؤجر ولا ضرر على المستأجر، لان الكلام في مستحق القلع والقيمة تقوم مقامه، فإن لم تنقص به لا يتملكه إلا برضا المستأجر لاستوائهما في ثبوت الملك وعدم ترجح أحدهما على الآخر اه ملخصا.
فعلم أن قول البحر بعد بيان مرجع الاستثناء لا حاجة إلى هذا الحمل كما فعل الزيلعي وغيره غير ظاهر، مع أنه اضطر ثانيا إليه فذكر هذا التفصيل كما فعل شارحنا بقوله: لكن الخ فتنبه، وهذا(6/312)
ما مرت الاشارة إليه قبل هذا الباب من أن ما في الفتاوى مخالف لما في الشروح بل ولما في المتون، وقدمنا عن المصنف هناك أنه يشمل الملك والوقف.
قوله: (إن بأجر) بأن يعقد لبقائهما عقد إجارة بشروطها ط.
قوله: (فلهما) مرتبط بقوله: وإلا فإعارة ط: أي لانه لو كان الترك بأجر لم يبق لرب الارض مدخل.
قوله: (المسبلة) قال الرملي: تقدم في كتاب الوقف أن السبيل هو الوقف على العامة.
قوله: (إلى آخره) تمام عبارة القنية: ويجوز للمستأجر غرس الاشجار والكروم في الموقوفة إذا لم يضر بالارض بدون صريح إذن من المتولي دون حفر الحياض، وإنما يحل للمتولي الاذن فيما يزيد به الوقف خيرا، وهذا إذا لم يكن له قرار العمارة فيها، أما إذا كان فيجوز الحفر والغرس والحائط من ترابها لوجود الاذن في مثلها دلالة اه.
بحر.
قوله: (ولو استأجر أرض وقف) قيد بالوقف، لما في الخيرية عن حاوي الزاهدي عن الاسرار من قوله: بخلاف ما إذا استأجر أرضا ملكا ليس للمستأجر أن يستبقيها كذلك إن أبى المالك إلا القلع، بل يكلفه على ذلك إلا إذا كانت قيمة الغراس أكثر من قيمة الارض فيضمن المستأجر قيمة الارض للمالك فيكون الاغراس والارض للغارس، وفي العكس يضمن المالك قيمة الاغراس فتكون الارض والاشجار له، وكذا الحكم في العارية اه.
قوله: (وبنى) الواو بمعنى أو ط.
قوله: (كذا في القنية) الاشارة لجميع ما ذكره المصنف، وأفتى به في الخيرية قائلا:
وأنت على علم أن الشرع يأبى الضرر خصوصا والناس على هذا، وفي القلع ضرر عليهم، وفي الحديث الشريف عن النبي المختار: لا ضرر ولا ضرار اه.
وأفتى به في الحامدية، لكنه في الخيرية أفتى في موضع آخر بخلافه، وقال: يقلع وتسلم الارض لناظر الوقف كما صرحت به المتون قاطبة اه.
أقول: وحيث كان مخالفا للمتون فكيف يسوغ الافتاء به مع أنه من كلام القنية، ولا يعمل بما فيها إذا خالف غيره كما صرح به ابن وهبان وغيره، وما في المتون قد أقره الشراح وأصحاب الفتاوى، وإنما اختلفوا في تملك المؤجر البناء والغرس جبرا على المستأجر كما مر، وحيث قدم ما في الشروح على ما تفق عليه أصحاب الفتاوى في تلك المسألة، فما اتفق عليه الكل أولى بالتقديم، فليت المصنف لم يذكره في متنه وما أجاب به أبو السعود في حاشية مسكين بأن ما في القنية مفروض فيما إذا اشترط الاستبقاء، وما مر في المتن من اشتراط رضا المؤجر فيما إذا لم يشترط الاستبقاء لا ينفي المخالفة، لان ما في المتون مطلق ومفاهيمها حجة، ما أنه قد يقال: هذا الشرط مفسد لما فيه من نفع(6/313)
المستأجر إن لم يؤد إلى استيلائه على الوقف، وتصرفه فيه تصرف الملك كما هو مشاهد في زماننا، ويصير يستأجره بما قل وهان ويدعي أن الزيادة عليه ظلم وبهتان.
ومنشأ ذلك من النظار أعمى الله أنظارهم طمعا في الرشوة التي يسمونها بالخدمة، على أن ما في القنية لو قوي بما ذكره الخصاف كما يأتي وفرض أن ذلك صار صالحا لمعارضة المتون والشروح والفتاوى لا يفتى به، لما مر أن يفتى بكل ما هو أنفع للوقف مما اختلف العلماء فيه وبنوا عليه تصحيح القول بفسخ الاجارة لزيادة أجر المثل في المدة كما مر، وكل ذلك صار الامر فيه بالعكس في زماننا، حتى إن القضاة حيث لم يجدوا حيلة في المذهب على الوقف توسلوا إليها بمذهب الغير، فآل الامر إلى الاستيلاء على الاوقاف واندراس المساجد والمدارس والعلماء وافتقار المستحقين وذراري الواقفين.
وإذا تكلم أحد بين الناس بذلك يعدون كلامه منكرا من القول، وهذه بلية قديمة، فقد ذكر العلامة قنلي زاده ما ملخصه: أن مسألة البناء والغرس على أرض الوقف كثيرة الوقوع في البلدان خصوصا في دمشق، فإن بساتينها كثيرة وأكثرها أوقاف
غرسها المستأجرون وجعلوها أملاكا، وأكثر إجاراتها بأقل من أجر المثل، إما ابتداء، وإما بزيادة الرغبات، وكذلك حوانيت البلدان، فإذا طلب المتولي أو القاضي رفع إجاراتها إلى أجر المثل يتظلم المستأجرون ويزعمون أنه ظلم وهم ظالمون، كما قال الشاعر: تشكو المحب ويشكو وهي ظالمة * كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان وبعض الصدور والاكابر يعاونونهم ويزعمون أن هذا يحرك فتنة على الناس، وأن الصواب إبقاء الامور على ما هي عليه، وأن شر الامور محدثاتها، ولا يعلمون أن الشر في إغضاء العين عن الشرع، وأن إحياء السنة عند فساد الامة من أفضل الجهاد، وأجزل القرب، فيجب على كل قاض عادل عالم وعلى كل قيم أمين غير ظالم أن ينظر في الاوقاف، فإن كان بحيث إذا رفع البناء والغرس تستأجر بأكثر أن يفسخ الاجارة ويرفع باءه وغرسه أو يقبلها بهذه الاجرة، وقلما يضر الرفع بالارض، فإن الغالب أن فيه نفعا وغبطة للوقف، إلى آخر ما قال رحمه الله تعالى، وهذا علم في ورق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
مطلب في الارض المحتكرة ومعنى الاستحكار قوله: (المحتكرة) قال في الخيرية: الاستحكار عقد إجارة يقصد بها استبقاء الارض مقررة للبناء والغرس أو لاحدهما.
قوله: (وهي منقولة الخ) الضمير لمسألة القنية، والمقصود تقويتها فيكون مخصصا لكلام المتون، ووجهه إمكان رعاية الجانبين من غير ضرر وعدم الفائدة في القلع، إذ لو قلعت لا تؤجر بأكثر منه، وعليه فلو مات المستأجر فلورثته الاستبقاء، ولو حصل ضرر ما بأن كان هو أو وارثه مفلسا أو سئ المعاملة أو متغلبا يخشى على الوقف منه أو غير ذلك من أنواع الضرر لا يجبر الموقوف عليهم.
تأمل.
رملي ملخصا.
وقد أفتى بخلافه في فتاواه قبيل باب ضمان الاجير في خصوص الارض المحتكرة فقال: للقيم أن يطالب برفع البناء وتسليم الارض فارغة كما هو مستفاد من إطلاقاتهم.
اه.
ولا يخفى أن الضرر الآن متحقق.
وقد صرح في الاسعاف: لو تبين أن المستأجر يخاف(6/314)
منه على رقبة الوقف يفسخ القاضي الاجارة ويخرجه من يده اه.
فكيف تؤجر منه بعد مضي مدتها؟ قوله: (والرطبة كالشجر) هذه من مسائل المتون، فصل المصنف بينها وبين ما قبلها بعبارة القنية، فقوله
كالشجر: أي في الحكم المار من لزوم القلع، إلا أن يغرم المؤجر قيمتها الخ.
وبه ظهر أن قول الشارح: فتقلع الخ تفريع صحيح وليس تفريعا على ما في القنية فافهم.
قوله: (أو زهرة) الاولى التعبير بالثمر ليعم الزهر وغيره ط.
قوله: (كما في الفجل) بضم الفاء.
وفيه أن الفجل والجزر ليسا من الرطبة بل يقلعان مرة واحدة ثم لا يعودان ط.
قوله: (وقواه بما في معاملة الخانية) المعاملة: المساقاة.
ذكر في الهندية: لو دفع أرضا ليزرع فيها الرطاب أو دفع أرضا فيها أصول رطبة باقية ولم يسم المدة: فإن كان شيئا ليس لابتداء نباته ولا لانتهاء جذه وقت معلوم فالمعاملة فاسدة، فإن كان وقت جذه معلوما يجوز ويقع على الجذة الاولى كما في الشجرة المثمرة ط.
قوله: (قلت بقي الخ) الباذنجان من هذا القبيل في بعض البلاد، وكذا البيقيا.
سائحاني.
قوله: (والزرع يترك) أي بالقضاء أو الرضا كما سيأتي.
قوله: (رعاية للجانبين) أي جانب المؤجر بإيجاب أجر المثل له، وجانب المستأجر بإبقاء زرعه إلى انتهائه.
قوله: (بخلاف الموت) والفرق كما سيشير إليه الشارح أنه بانتهاء مدة الاجارة لم يبق حكم ما تراضيا من المدة، ألا ترى أنه بانقضاء المدة ارتفعت هي فاحتيج إلى تسمية جديدة، ولا كذلك قبل انقضائها، لانه بقي بعض المدة التي سمياها فلم يرفع حكمها فاستغنى عن تسمية جديدة إتقاني.
قوله: (وإن انفسخت الاجارة) يخالفه ما في الباب الخامس من جواهر الفتاوى: لو استأجرا من رجل أيضا ثم مات أحد المستأجرين لا تنفسخ بموته إذا كان الزرع في الارض، ويترك في ورثته بالمسمى لا بأجر المثل حتى يدرك الزرع وهو الصحيح، بخلاف ما إذا انقضت المدة الخ، ومثله ما سيذكره الشارح في باب فسخ الاجارة عن المنية أنه يبقى العقد بالمسمى حتى يدرك، فتأمل.
ثم رأيت في البدائع أن وجوب المسمى استحسان، والقياس أن يجب أجر المثل لان العقد انفسخ حقيقة، وإنما أبقيناه حكما فأشبه شبهة العقد فوجب أجر المثل كما لو استوفاها بعد انقضاء المدة اه.
قوله: لا تنفسخ وقوله: يبقى العقد، أي حكما لا حقيقة.
تنبيه: لو تفاسخا عقد الاجارة والزرع بقل: قيل: لا يترك، وقيل: يترك.
ذخيرة.
واقتصر في البزازية على الاول لان المستأجر رضي به.
قوله: (فيترك إلى إدراكه بأجر المثل) أي سواء وقتها أو لا، وفي الكلام إشعار بأنه استعارها للزرع، وقدم في العارية أنه لو استعارها للبناء والغرس صح، وله
الرجوع متى شاء ويكلفه قلعهما إلا إذا كان فيه مضرة بالارض فيتركان بالقيمة مقلوعين، وإن وقت(6/315)
العارية فرجع قبله ضمن للمستعير ما نقص بالقلع، وقدمنا الكلام عليه.
قوله: (مطلقا) أي وإن لم يدرك ط.
قوله: (حتى لا يجب الخ) هذا في غير ما استثناه المتأخرون من الوقف والمعد للاستغلال ومال اليتيم، فإنها إذا مضت المدة وبقي الزرع بعدها حتى إدرك يقضي بأجر المثل لما زاد على المدة مطلقا.
شرنبلالية.
قوله: (للركوب والحمل) لكن لو استأجرها للحمل له الركوب بخلاف العكس، فلو حمل عليها لا أجر عليه لان الركوب يسمى حملا، يقال: حمل معه غيره لا العكس.
بحر عن الخلاصة مختصرا.
وفيه عن العمادية: استأجرها ليحمل حنطة من موضع إلى منزله يوما إلى الليل فحمل وكلما رجع كان يركبها.
قال الرازي: يضمن لو عطبت.
وقال أبو الليث في الاستحسان: لا لجريان العادة به والاذن دلالة اه.
فالحاصل: أنهم اتفقوا على أنها لو للحمل له الركوب، لكن الرازي قيده بأن لا يجمع بينهما والفقيه عممه اه.
قوله: (والثوب للبس) ويكفي في استئجاره التمكن منه وإن لم يلبس وهو كالسكنى، وفي الدابة لا يكفي التمكن لما في العمادية: استأجر دابة ليركبها إلى مكان معلوم فأمسكها في منزله في المصر لا يجب الاجر ويضمن لو هلك اه.
بحر ملخصا.
ومن تمامه.
قوله: (ليجنبها) يقال جنب الدابة جنبا بالتحريك: قادها إلى جنبه، ومنه قولهم خيل مجنبة: شدد للكثرة.
والجنيبة: الدابة تقاد، وكل طائع منقاد جنيب.
والاجنب: الذي لا ينقاد.
صحاح ملخصا.
قوله: (جنيبة بين يديه) أي مقادة كما علم مما مر، وكأن التقييد بالظرف للعادة، وإلا فظاهر الصحاح الاطلاق.
قوله: (ولا يركبها) لم يصرح بمفهومه، وهو يفيد أنه لو استأجرها لهما يصح نظرا للركوب وغيره تبع له، ويحرر ط.
أقول: ذكر في الخلاصة والتاترخانية بعد سر نظائر هذه المسألة: أن الاجارة فاسدة، ولا أجر له إلا إذا كان الذي يستأجر قد يكون يستأجر لينتفع به اه.
وظاهره أنه إذا كان كذلك فعليه الاجر وإن لم يذكر الركوب ونحوه، فإذا استأجرها لهما لزمه بالاولى، وهذا بالنظر إلى لزوم الاجر، وأما الصحة فراجعة إلى بيان المنفعة.
قوله: (ليصلي فيه) وقع في عبارة الخانية: استأجر بيتا من مسلم ليصلي(6/316)
فيه، واحترز به ابن وهبان عن الكافر.
قال ابن الشحنة: ينبغي كون مفهومه مهجورا لان العلة جهل المدة، فلو علمت تصح، وكذا لو جعلت كون المنفعة غير مقصودة فتأمله اه ملخصا.
أقول: وفي التاترخانية: استأجر الذمي من الذمي بيتا يصلي فيه لا يجوز، ولو استأجر من المسلم بيعه ليصلي فيها لا يجوز أيضا، وفي السواد جاز، ولو استأجر مسلم من مسلم بيتا يجعله مسجدا يصلي فيه لا يجوز في قول علمائنا، لان الاستئجار على ما هو طاعة لا يجوز، وكذلك الذمي يستأجر رجلا ليصلي بهم لا يجوز اه ملخصا، ففيه التصريح بأن المسلم غير قيد، وأن العلة غير ما ذكره، ومفاده عدم الجواز وإن بين المدة.
قوله: (أو كتابا الخ) لان القراءة إن كانت طاعة كالقرآن أو معصية كالغناء فالاجارة عليها لا تجوز، وإن كانت مباحة كالادب والشعر فهذا مباح له قبل الاجارة فلا تجوز، ولو انعقدت تنعقد على الحمل وتقليب الاوراق، والاجارة عليه لا تنعقد ولو نص عليه لانه فائدة فيه للمستأجر، ولوالجية.
قوله: (وإن لم يقيدها) صادق بالاطلاق كقوله: للركوب أو اللبس مثلا ولم يزد عليه، وبالتعميم كقوله على أن أركب أو ألبس من شئت، هذا هو المراد هنا، كما أن المراد الاول بقول الشارح بعده ولو لم يبين، ولكن في التعبيرين خفاء، فافهم.
والفرق أنه في الاطلاق صار الركوبان مثلا من شخصين كالجنسين فيكون المعقود عليه مجهولا، وفي التعميم رضي المالك بالقدر الذي يحصل في ضمن الركوب فصار المعقود عليه معلوما.
أفاد في البحر.
قوله: (فسدت) ومثله الحمل لما في البزازية: استأجر ولم يذكر ما يحمل فسدت.
وفي الخانية: ليطحن بها كل يوم بدرهم وبينما يطحن من الشعير أو نحوه، ذكر في الكتاب أنه يجوز وإن لم يبين مقداره.
وقال في خواهر زاده: لا بد من بيان مقدار ما يطحن كل يوم، وعليه الفتوى.
قوله: (وتنقلب صحيحة بركوبها) سواء ركبها أو أركبها، ويجب المسمى استحسانا لزوال الجهالة بجعل التعيين انتهاء كالتعيين ابتداء، ولا ضمان بالهلاك لعدم المخالفة.
زيلعي ملخصا.
قوله: (ضمن) لانه صار متعديا لا الركوب واللبس مما يتفاوت فيه الناس، فرب خفيف جاهل أضر على الدابة من ثقيل عالم.
قوله: (وإن سلم) لان يكون غاصبا ومنافع الغصب غير مضمونة إلا فيما استثنى ط.
قوله: (وأنه مما لا يوهن) أي بالفعل وإن كان مما من شأنه أن يوهن،
فافهم.
قوله: (لانه مع الضمان ممتنع) تعليل لقوله: ولا أجر عليه لكنه خاص بحالة العطب، فإن سلم فقد مر تعليله.
قوله: (ومثله في الحكم) أي في كونه يضمن إذا عطبت مع المخالفة والتقييد.
بحر.
قوله: كالفسطاط) قال في الدرر: حتى لو استأجره فدفعه إلى غيره إجارة أو إعارة فنصبه وسكن فيه: ضمن عند أبي يوسف لتفاوت الناس في نصبه واختيار مكانه وضرب أوتاده.
وعند محمد: لا يضمن لانه للسكنى فصار كالدار اه.
وقوله ضمن عند أبي يوسف، وقال أبو السعود: أي إن كان قيد بأن يستعمله بنفسه.
حموي.
وكذا عند أبي حنيفة على ما نقله شيخنا عن المفتاح اه.(6/317)
وفي التاترخانية: استأجر قبة لنصبها في بيته شهرا بخمسة دراهم جاز وإن لم يسم مكان النصب، ولو نصبها في الشمس أو المطر وكان فيه ضرر عليها ضمن ولا أجر، وإن سلمت عليه الاجر استحسانا، وإن نصبها في دار أخرى في ذلك المصر لا يضمن، وإن أخرجها إلى السواد لا أجر سلمت أو هلكت، ولو استأجر فسطاطا يخرج به إلى مكة أن يستظل بنفسه وبغيره لعدم التفاوت، ولو انقطع أطنابه وانكسر عموده فلم يستطع نصبه لا أجر، وإن اختلفا في مقدار الانتفاع فالقول للمستأجر وإن في أصله حكم الحال كمسألة الطاحون، وتمامه فيها.
قوله: (له أن يسكن غيره) أي غير ذلك الواحد.
وفي شرح الزيلعي أول الباب: وله: أي للمستأجر أن يسكن غيره معه أو منفردا، لان كثرة السكان لا تضر بها بل تزيد في عمارتها، لان خراب المسكن بترك السكن اه.
وقدمنا أن له ذلك وإن شرط أن يسكن وحده منفردا، فما قيل إن سكنى الواحد ليس كسكنى الجماعة بحث معارض للمنقول وإن كان ظاهرا، لكن قد يقال: معنى كلامهم أن له أن يسكن غيره في بقية بيوت الدار، لانه إذا سكن في بيت منها وترك الباقي خاليا يلزم الضرر لعدم تفقده من وكف المطر ونحوه بما يخر بها.
تأمل.
قوله: (لما مر) أي أول الباب.
قوله: (ككر بر) الكر قدر، والبر نوع.
والكر: ستون قفيزا.
وثمانية مكاكيك.
والمكوك: صاع ونصف، فيكون اثني عشر وسقا.
مصباح.
وهذا عند أهل بغداد والكوفة.
ط عن الحموي.
قوله: (له حمل مثله) أي في الضرر بشرط التساوي في الوزن، وما في الدرر من قوله: وإن تساويا في الوزن، قال الشرنبلالي: الواو فيه زائدة.
قوله: (مقدرة) أي معينة قدرا دخل فيه زراعة الارض إذا عين نوعا للزراعة له أن يزرع مثله أخف لا أضر كما في البحر.
قوله: (أو مثلها) كما لو حمل كر بر لغيره بدل كر بر.
قال
في البحر: وغلط من مثل بالشعير، للمثل، لانه يلزم عليه أنه لو استأجرها لحمل كر شعير له أن يحمل كر حنطة، وليس كذلك لانه فوقه.
قوله: (أو دونها) ككر شعير بدل كر بر لانه أخف وزنا.
قوله: (ومنه) أي مما لم يخرج.
قوله: (لا شعيرا في الاصح) أي لو عين قدرا من الحنطة فحمل مثل وزنه شعيرا جاز، فلا يضمن لو عطبت استحسانا وهو الاصح، لان ضرر الشعير في حق الدابة عند استوائهما وزنا أخف من ضرر الحنطة، لانه يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما تأخذه الحنطة فيكون أخف عليها بالانبساط، بخلاف ما إذا حمل مثل وزن الحنطة قطنا لانه يأخذ من ظهرها أكثر من الحنطة وفيه حرارة فكان أضر عليها من الحنطة، فصار كما إذا حمل عليها تبنا أو حطبا، وكذا لو حمل مثل وزنها حديدا أو ملحا لانه يجتمع في مكان واحد من ظهرها فيضرها، فحاصله متى كان ضرر أحدهما فوق ضرر الآخر من وجه لا يجوز وإن كان أخف ضررا من وجه آخر.
كذا أفاده الزيلعي.
أقول: ولم يذكر ما يضمن في هذه الاوجه.
وحاصل ما في البدائع: أن الخلاف الموجب للضمان إما في الجنس أو في القدر أو الصفة، فالاول: كما إذا استأجرها لحمل كر شعير فحمل كر حنطة يضمن كل القيمة لانها جنس آخر وأثقل فصار غاصبا ولا أجر لانهما لا يجتمعان.
والثاني: كما إذا استأجرها ليحمل عشرة أقفزة حنطة فحمل أحد عشر، فإن سلمت لزم المسمى وإلا ضمن جزءا من أحد عشر جزءا من قيمتها.
والثالث: كما إذا استأجرها ليحمل مائة رطل قطن فحمل مثل وزنه أو أقل حديدا يضمن قيمتها، لان الضرر ليس للثقل فلم يكن مأذونا، ولا أجر لما قلنا، وسيأتي تمامه.
قوله: (ولو أردف) الرديف: من تحمله خلفك(6/318)
على ظهر الدابة، واحترز به عما لو أقعده في السرج، ويأتي الكلام فيه.
قوله: (يضمن النصف) أي سواء كان أخف أو أثقل.
إتقاني.
لان ركوب أحدهما مأذون فيه دون الآخر وعليه الاجر لانه استوفى المعقود عليه وزيادة، غير أن الزيادة استوفيت من غير عقد فلا يجب لها الاجر.
بدائع.
قوله: (ولا اعتبار للثقل) أي فلا يضمن بقدر ما زاد وزنا فصار كحائط بين شريكين أثلاثا أشهد على أحدهما فوقعت منه آجرة على رجل فعلى المشهد عليه نصف الدية وإن كان نصيبه من الحائط أقل من النصف، لان التلف ما حصل بالثقل بل بالجرح، والجراحة اليسيرة كالكثيرة في الضمان، كمن جرح إنسانا
جراحة وجرحه آخر جراحتين فمات ضمنا نصفين.
بدائع.
قوله: (بكل حال) أي وإن كان لا يستمسك ط.
قوله: (لكونه في مكان واحد) فيكون أشق على الدابة.
زيلعي.
قوله: (صغير لا يستمسك) محترز قوله: من يستمسك وانظر هل الكبير الذي لا يستمسك كالصغير.
قوله: (بقدر ثقله) ذكره الزيلعي والاتقاني، وهو مخالف للتعليل السابق.
تأمل.
والعلة أنه لعدم استمساكه اعتبر كالحمل.
إتقاني.
وعليه فالكبير العاجز مثل.
فليراجع.
قوله: (كحمله شيئا آخر) أي فإنه يضمن بقدر الزيادة إذا لم يركب على موضع الحمل.
قوله: (وليس المراد الخ) جواب عما يقال: قدر الزيادة المحمولة لا تعرف إلا بعد وزنها ووزن الرجل، فيخالف ما مر من أن الآدمي غير موزون.
قوله: (لما مر) أي من كونهما في مكان واحد.
قوله: (وكذا لو لبس ثيابا كثيرة) أي يضمن الكل لو لبس أكثر مما كان عليه وقت الاستئجار وكان مما لا يلبسه الناس عادة، كذا يفهم من المجتبى.
قوله: (لركوبه بنفسه) أشار به مع ما بعده إلى ما قاله في البحر.
لا يقال: كيف اجتمع الاجر والضمان.
لانا نقول: إن الضمان لركوب غيره والاجر لركوبه بنفسه، وسيأتي إيضاحه.
قوله: (لركوب غيره) أي لو ممن يستمسك، وإلا فقد تقدم التصريح بأنه يضمن بقدر ثقله لا النصف، فافهم.
قوله: (ثم إن ضمن الراكب) أراد بالراكب المستأجر.
قوله: (لا يرجع) أي على الرديف لانه ملكها بالضمان، فصار الرديف راكبا دابته بإذنه فلا رجوع عليه سواء كان الرديف مستأجرا منه أو مستعيرا.
رحمتي.
قوله: (رجع) أي على الراكب لانه غره في ضمن عقد المعاوضة، بخلاف ما لو كان مستعيرا فلا رجوع له، لانه لم يضمن له السلامة حيث لم يكن بينهما عقد.
رحمتي قوله: (وإلا لا) أي وإلا يكن الرديف مستأجرا من المردف، بل كان مستعيرا.
قوله: (لانها لو سلمت) أي في جميع الصور ط.
قوله: (عن الغاية) أي غاية البيان، ونصها: هذا إذا أردفه حتى(6/319)
صار كالاجنبي كالتابع له، فأما إذا أقعده في السرج صار غاصبا ولم يجب عليه شئ من الاجر لانه رفع يده عن الدابة وأوقعها في يد متعدية فصار ضامنا، والاجر لا يجامع الضمان اه.
وعزاه إلى شرح الكافية.
قوله: (لكن في السراج الخ) فإنه قال: قوله فأردف رجلا معه خرج مخرج العادة،
لان العادة أن المستأجر يكون أصلا ولا يكون رديفا، إذ المستأجر لو جعل نفسه رديفا وغيره أصلا فحكمه كذلك اه: أي فيجب عليه أيضا النصف لو تطيق مع لزوم الاجر كما مر عن البدائع، ولولا تطيق فالكل، وحيث جعله في الغاية مقابلا للاول وصرح بأنه لم يجب عليه شئ من الاجر فهو صريح في المخالفة خلافا لمن وهم.
قوله: (فليتأمل عند الفتوى) إشارة إلى إشكاله، فلا ينبغي الاقدام على الافتاء به قبل ظهور وجهه.
قوله: (كيف وفي الاشباه الخ) استبعاد لما في السراج وبيان لوجه التوقف عند الفتوى فإنه مخالف للقاعدة المذكورة.
قوله: (لا يجتمعان) أي وهنا لما صار غاصبا وضمن ملكه مستندا فإذا ألزمناه الاجر بارتدافه لزم اجتماعهما لوجوب الاجر فيما ملكه.
والفرق بينه وبين ما لو أردف غيره أنه هنا لما أخرجها من يده صار غاصبا، كما لو استأجرها ليركب بنفسه فأركب غيره يجب كل القيمة كما مر، فإذا ارتدف خلفه صار تابعا ولا يمكن وجوب الاجر بارتدافه لما قلنا.
أما لو ركب في السرج فقد أتى بما هو مأذون فيه، فإذا أردف غيره فقد خالف فيما شغله بغيره، ولا يملك شيئا بالضمان فيما شغله بركوب نفسه وجميع المسمى بمقابلة ذلك، وإنما يضمن ما شغله بركوب الغير ولا أجر بمقابلة ذلك ليسقط عنه، وإذا راجعت النهاية اتضح لك ما قررناه، فافهم.
قوله: (أكثر منه) أشار إلى أنه من جنس المسمى كما يأتي مع ذكر محترزه.
قوله: (ضمن ما زاد الثقل) أشار إلى أن الضمان في مقابلة الزائد والاجر في مقابلة الحمل المسمى فلم يجتمعا كما مر نظيره، أفاده في البحر، وسيشير إليه بعد أيضا.
قوله: (عمادية) وعبارتها كما في البحر: استكرى إبلا على أن يحمل كل بعير مائة رطل فحمل مائة وخمسين إلى ذلك المحل ثم أتى الجمال بإبله وأخبره المستكري أنه ليس كل حمل إلا مائة رطل فحمل الجمال إلى ذلك الموضع وقد عطب بعض الابل لا ضمان على المستكري، لان صاحب الجمل هو الذي حمل فيقال له: كان ينبغي لك أن تزن أولا اه.
قوله: (وجب النصف) أي وجب عليه من قيمة الدابة ما يقابل النصف من الزيادة، ثم ما في المتن نثله في المنح عن المحيط ونقل بعده عن الخلاصة أنه يضمن ربع القيمة، ومثله في التاترخانية عن الذخيرة والشرنبلالية عن تتمة الفتاوى.
فالصواب أن المراد الربع إذا كانت الزيادة مساوية للمشروط، لما في البزازية: استأجره ليحمل عشرة مخاتيم فجعل عشرين وحملا معا ضمن ربع القيمة، لان النصف مأذون والنصف لا، فيتنصف
هذا النصف.
قوله: (في جولقين) الجوالق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام وكسرها: وعاء(6/320)
معروف جمعه جوالق كصحائف وجواليق وجوالقات.
قاموس.
فحقه أن يرسم بعد الواو ألف في مثناه ومفرده أيضا وهو خلاف ما رأيته في النسخ.
قوله: (أو متعاقبا) لم يذكره في المنح، ولم أره في عبارة غاية البيان.
قوله: (ومفاده الخ) إنما يكون مفاده ذلك لو غبر في الغاية بقوله: أو متعاقبا، وإنما عبر بقوله ووضعاه على الدابة جميعا وعزاه إلى تتمة الفتاوى، وهكذا عبر في التاترخانية عن الذخيرة، وهكذا عبر في الخلاصة، وزاد بعده: وكذا لو حمل المستأجر أو لا الخ فما في الغاية لا يخالف ما في الخلاصة، بل زاد في الخلاصة مسألة أخرى لم تفهم من كلام الغاية، وهي ما ذكره الماتن من التفصيل، ولو فرض أن قوله: أو متعاقبا موجود في عبارة الغاية فهو مفهوم، وما في الخلاصة منطوق صريح فكيف يعدل عنه، وقد قالوا: إن صاحب الخلاصة من أجل من يعتمد عليه فيجب المصير إلى ما قاله اتباعا للنقل، والله أعلم.
قوله: (فتنبه) أقول: تنبه لما قدمته لك فهو أظهر.
قوله: (أي ما مر من الحكم) وهو ضمان ما زاد الثقل في المسألة الاولى ط.
قوله: (الاجر للحمل الخ) جواب عن اجتماعهما كما قدمناه آنفا.
قوله: (وأفاد الخ) لان الزيادة من جنس المزيد عليه ط.
قوله: (ثم حمل عليها الزيادة وحدها) قيده في التاترخانية بما لو حملها على مكان المسمى، فلو في مكان آخر ضمن قدر الزيادة، ومثله في جامع الفصولين، وفيه أيضا: بخلاف ما لو استأجر ثورا ليطحن به عشرة مخاتيم فطحن أحد عشر أو ليكرب به جريبا فكرب جريبا ونصفا فهلك ضمن كل القيمة، إذ الطحن يكون شيئا فشيئا، فلما طحن عشرة انتهى العقد، فهو في الزيادة مخالف من كل وجه فضمن كلها، والحمل يكون دفعة وبعضه مأذون فيه فلا يضمن بقدره اه.
قوله: (قال ولم يتعرضوا الخ) أقول: صرح به في البدائع كما قدمناه قوله: (ومن علم الخ) أي علم أنه إن زاد شيئا وسلمت أنه يجب المسمى فقط وإن كان لا يحل له الزيادة إلا برضا المكاري، ولهذا قالوا: ينبغي أن يرى المكاري جميع ما يحمله.
بحر.
ولهذا روي عن بعضهم أنه دفع إليه صديق له كتابا ليوصله فقال: حتى استأذن من الجمال اه.
وهذا لو عين قدرا، وسيذكر المصنف في المتفرقات أنه يصح استئجار جمل ليحمل عليه محملا وراكبين إلى مكة، وله الحمل
المعتاد ورؤيته أحب.
فرع: في المنح عن الخانية: ليس لرب الدابة وضع متاعه مع حمل المستأجر، فإن وضع وبلغت(6/321)
المقصد لا ينقص شئ من الا جر، بخلاف شعل المالك بعض الدار فإنه ينقص بحسابه اه ملخصا.
قوله: (وكبحها) بالباء الموحدة والحاء المهملة.
في المغرب: كبح الدابة باللجام: إذا ردها، وهو أن يجذبها إلى نفسه لتقف ولا تجري، كذا في المنح ح.
قوله: (لتقييد الاذن بالسلامة) لان السوق يتحقق بدون الضرب وإنما تضرب للمبالغة.
قوله: (ضمن) أي الدية وعليه الكفارة، بخلاف ضرب القاضي الحد والتعزير، لان الضمان لا يجب بالواجب.
ط عن الحموي.
قوله: (لوقوعه) أي إنما يضمن لان التأديب يمكن وقوعه بزجر وتعريك بدون ضرب ح.
والتعريك: فرك الاذن.
قوله: (وقالا لا يضمنان بالمتعارف) أي الاب والوصي لا يضمنان بالضرب المتعارف لانه لاصلاح الصغير، فكان كضرب المعلم بل أولى، لانه يستفيد ولاية الضرب منهما، والخلاف جار في ضرب الدابة وكبحها أيضا لاستفادته بمطلق العقد، وهذا بخلاف ضرب العبد المستأجر للخدمة حيث يضمن بالاجماع.
والفرق لهما أنه يؤمر وينهى لفهمه فلا ضرورة إلى ضربه، وأطلق في ضرب الدابة وكبحها، وهو محمول على ما إذا كان بغير إذن صاحبها، فلو بإذنه وأصاب الموضع المعتاد لا يضمن بالاجماع كما في التاترخانية.
قوله: (وفي الغاية عن التتمة الخ) ظاهرة أن رجوعه في مسألة الصغير دون الدابة، وينبغي أن يكون كذلك، لان مسألة الدابة جرى عليها أصحاب المتون، فلو ثبت رجوع الامام فيها لما مشوا على خلافه، لان ما رجع عنه المجتهد لم يكن مذهبا له، على أن المصنف مشى في كتاب الجنايات على قول الامام في مسألة الصغير، وعبر عن رجوعه بقيل، وسيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى.
قوله: (لا بسوقها) أي المعتاد لما في التاترخانية: إذ عنف في السير ضمن إجماعا.
قوله: (وظاهر الهداية الخ) كذا قاله في البحر، ولعله أخذه من تعليله الضمان عند الامام بتقييد الاذن بالسلامة، فيفيد أن الضرب مأذون فيه بشرط السلامه.
وفي معراج الدراية: وقد صح أن النبي (ص) نخس بعير جابر وضربه وكان أبو بكر ينخس بعيره بمحجنه، ثم قال: وفعل النبي (ص) يدل على إباحته، ولا
ينفى الضمان لانه مقيد بشرط السلامة اه.
فالحاصل إباحة الضرب المعتاد للتأديب للمالك وغيره ولو غير مستأجر.
تأمل.
قوله: (وأما ضربه دابة نفسه الخ) قال في القنية: وعند أبي حنيفة لا يضربها أصلا وإن كانت ملكه، وكذا حكم كل ما يستعمل من الحيوانات.
ثم قال: لا يخاصم ضارب الحيوان فيما يحتاج إليه للتأديب ويخاصم فيما زاد عليه.
كذا في البحر.
أقول: الظاهر أن المراد بقول الامام لا يضربها أصلا: أي لا ينبغي له ذلك ولو للتأديب وإن كان ضرب التأديب المعتاد مباحا فلا ينافي ما قدمناه.
ويدل عليه قوله: لا يخاصم فيما يحتاج إليه للتأديب.
ونقل ط عن شرح الكنز للحموي قالوا: يخاصم ضارب الحيوان بلا وجه لانه إنكار حال مباشرة المنكر، ويملكه كل أحد، ولا يخاصم الضارب بوجه إلا إذا ضرب الوجه فإنه يمنع ولو بوجه.
وهذا معنى قول محمد في المبسوط: يطالب ضارب الحيوان لا بوجهه إلا بوجهه.
قوله: (وبنزع السرج والايكاف) أفاد الحموي والشلبي أن مجرد نزع السرج موجب للضمان.
وفي الجوهرة: استأجرها(6/322)
ليركبها بسرج لم يركبها عريانا، ولا يحمل متعا، ولا يستلقي، ولا يتكئ على ظهرها، بل يركب على العرف والعادة.
ط ملخصا.
بقي لو استأجره عريانا فأسرجه: ففي كافي الحاكم يضمن.
وقال الاسبيجابي في شرحه: هذا لو حمارا لا يسرج مثله عادة، فلو كان يسرج لا يضمن.
وقال القدوري: فصل أصحابنا وقالوا إن ليركبه خارج المصر لا يضمن، وكذا لو فيه وهو من ذوي الهيئات وإلا ضمن، وهل يضمن كل القيمة أو بقدر ما زاد؟ صحح قاضيخان في شرح الجامع الاول.
قلت: وينبغي كون الاصح الثاني لانه كالحمل الزائد على الركوب.
غاية البيان ملخصا.
أقول: وفيه نظر، لما مر أنه لو ركب موضع الحمل ضمن الكل، وقد نقله الاتقاني نفسه، فتدبر وفي البحر أن ما في الكافي هو المذهب لانه ظاهر الرواية كما لا يخفى اه.
قوله: (ووضع الايكاف) لا معنى لتقدير هذا المضاف، فإن معنى الايكاف وضع الاكاف ح: أي فقد اشتبه عليه الايكاف مصدرا بالاكاف الذي هو اسم لما يوضع على ظهر الدابة، ويمكن الجواب بأن الاضافة بيانية، والداعي لتقديره المضاف إفادته أنه معطوف على نزع لا على السرج.
تأمل.
قوله: (سواء وكف بمثله أو لا) لان
الجنس مختلف لان الاكاف للحمل والسرج للركوب، وكذا ينبسط أحدهما على ظهر الدابة ما لا ينبسط الآخر فصار نظير اختلاف الحنطة والحديد.
زيلعي.
قوله: (وبالاسراج) معطوف على الايكاف، والاولى حذف الباء الجارة وعطفه بأو كما في الكنز لئلا يوهم العطف على نزع.
قال ابن الكمال: أي إن نزع السرج وأسرجه بسرج آخر، فإن كان هذا السرج مما لا يسرج هذا الحمار بمثله يضمن.
قوله: (جميع قيمته) أي عند الامام في رواية الجامع الصغير وقدر ما زاد في رواية الاصل وهو قولهما، هذا إذا كان الحمار يوكف بمثله، وإن كان لا يوكف أصلا أو لا يوكف بمثله ضمن كل القيمة عندهم.
كذا في الحقائق، ابن كمال.
ونقل الشرنبلالي أن الفتوى على قولهما.
قال الزيلعي: وتكلموا على معنى قولهما أنه يضمن بحسابه، وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة، فمنهم من قال إنه مقدر بالمساحة، حتى إذا كان السرج يأخذ من ظهر الدابة قدر شبرين، والاكاف قدر أربعة أشبار فيضمن بحسابه، وقيل يعتبر بالوزن.
قوله: (مكان الايكاف) أي بدله.
قوله: (وكذا لو أبدله) تشبيه بحكم مفهوم المتن بقرينة التعلل، والشارح تبع البحر والمنح.
والذي في غاية البيان هكذا.
وقال الكرخي: إن لم يكن عليه لجام فألجمه فلا ضمان عليه إذا كان مثله يلجم بذلك اللجام، وكذلك إن أبدله، وذلك لان الحمار لا يختلف باللجام وغيره ولا يتلف به فلم يضمن بإلجامه اه.
قوله: (غير ما عينه المالك) أي مالك الطعام كما في الهداية، وكذا مالك الدابة كما في الغاية، فلو لم يعين لا ضمان.
بحر.
قوله: (بحيث لا يسلكه الناس) وأما إذا كان بحيث يسلك فظاهر الكتاب أنه إن كان بينهما تفاوت ضمن وإلا فلا.
بحر.
ونقله الزيلعي عن الكافي والهداية معللا بأنه عند(6/323)
عدم التفاوت لا يصح التعيين لعدم الفائدة.
قوله: (أو حمله في البحر) أي حمل المتاح.
قوله: (وإن بلغ المنزل) السماع في بلغ بالتشديد: أي وإن بلغ الجمال المتاع إلى ذلك الموضع المشروط، ويجوز التخفيف على إسناد الفعل إلى المتاع: أي إن بلغ المتاع إلى ذلك الموضع.
إتقاني.
قوله: (فله الاجر) أي المسمى.
قوله: (لحصول المقصود) لان جنس الطريق واحد، فلا يظهر حكم الخلاف إلا بظهور أثر التفاوت وهو الهلاك، فإذا سلم بقي التفاوت صورة لا معنى فوجب المسمى.
إتقاني.
قوله: (بزرع رطبة) كالقثاء
والبطيخ والباذنجان وما جرى مجراه.
ط عن السمرقندي.
قوله: (وأمر بالبر) الواو للحال.
قوله: (لان الرطبة أضر من البر) لانتشار عروقها وكثرة الحاجة إلى سقيها فكان خلافا إلى شر مع اختلاف الجنس فيجب عليه جميع النقصان، بخلاف ما لو أردف غيره أو زاد على المحمول المسمى حيث يضمن بحسابه لتلفها بمأذون فيه وغيره، فيضمن بقدر ما تعدى لاتحاد الجنس.
زيلعي ملخصا.
قوله: (ولا أجر) أقول ينبغي أن يرجع لجميع المسائل التي قيد فيها، والتقييد مفيد إذا خالف.
طوري قوله: (لانه غاصب) أي لما خالف صار غاصبا واستوفيى المنفعة بالغصب، ولا تجب الاجرة به.
زيلعي.
قوله: (إلا فيما استثنى) قال في المنح قلت: ما ذكر هنا من عدم وجوب الاجر ووجوب ما نقص من الارض مذهب المتقدمين من المشايخ.
وأما مذهب المتأخرين فيجب أجر المثل على الغاصب لارض الوقف واليتيم والمعد للاستغلال كالخان ونحوه.
قوله: (وبخياطة قباء) القميص إذ قد من قبل كان قباء طاق فإذا خيط جانباه كان قميصا، وهو المراد بالقرطق.
زيلعي ملخصا.
وذكر الاتقاني أن السماع في القرطق في الهداية بفتح الطاء، وفي مقدمة الادب سماعا عن الثقات بالضم، ولهما وجه.
قوله: (وله أخذ القباء) أي في ظاهر الرواية لانه يشبه القميص من وجه، فإن الاتراك يستعملونه استعمال القميص.
وروى الحسن أنه ليس له أخذه بل يترك الثوب ويضمنه قيمته.
قوله: (ودفع أجر مثله) لانه غير عليه العمل فيغير عليه الاجر، كما لو اشترط على الحائك رقيقا فجاء صفيقا أو بالعكس.
إتقاني.
وسيأتي آخر الباب الآتي ما إذا اختلفا في المأمور به.
قوله: (فإن الحكم كذلك) وهو التخير لاتحاد أصل المنفعة من الستر ودفع الحر والبرد، ولوجود الموافقة في نفس الخياطة.
زيلعي.
قوله: (في الاصح) وقيل يضمن بلا خيار للتفاوت في المنفعة والهيئة.
قوله: (فتقييد الدرر) أي بقوله وبخياطة قباء، ومثله في عامة المتون اتباعا للفظ محمد في الجامع الصغير، لكن زاد بعده في الهداية والملتقى قوله: وكذا إذا خاطه سراويل، فأفاد أن القيد اتفاقي.
قوله: (قيمة ثوب أبيض) أي إن كان دفعه مالكه كذلك.
قوله: (لا يضمن) أي وله الاجر المسى فيما يظهر ط.(6/324)
قلت: يدل عليه ظاهر قوله الآتي: إن قدر أصبع ونحوها عفو لكن في البزازية عن المحيط: أمره
بزعفران ويشبع الصبغ ولم يشبع ضمنه قيمة ثوبه أو أخذه وأعطاه أجر المثل لا يزاد على المسمى.
تأمل.
قوله: (عند أهل فنه) أي صنعته.
قوله: (كذا) راجع للثلاثة قبله.
قوله: (عفو) أي وله الاجر كما في البزازية لقلة التفاوت، ولعسر الاحتراز عنه، والاولى فهو عفو.
قوله: (ضمنه) لانه مما يخل بالمقصود فيعد إتلافا ط.
قوله: (لا يضمن) لانه قطعه بإذن، وفي الاول أذن بقطعه بشرط الكفاية، وكذا لو قال الخياط: نعم فقال المالك: فاقطعه أو قطعه إذن ضمن إذ علق الاذن بشرط.
فصولين.
وفيه: دفع إليه ثوبا ليخيطه فخاطه فميصا فاسدا وعلم به ربه ولبسه ليس له أن يضمنه إذ لبسه رضا، وعلم منه مسائل كثيرة اه.
قوله: (فالعبرة لعادتهم) أي لعادة أهل السوق، فإن كانوا يعملون بأجر يجب أجر المثل وإلا فلا.
قوله: (اعتبر عرف البلدة الخ) فإن كان العرف يشهد للاستاذ يحكم بأجر مثل تعليم ذلك العمل، وإن شهد للمولى فأجر مثل الغلام على الاستاذ.
درر.
قوله: (مطلقا في الاصح) أي استأجرها ذاهبا فقط أو ذاهبا وجائيا، وقيل هذا إذا استأجرها ذاهبا فقط لانتهاء العقد بالوصول.
قوله: (كما في العارية) بخلاف المودع لانه مأمور بالحفظ قصدا فيبقى الامر بعد العود للوفاق، وفي الاجارة والاعارة مأمور به تبعا للاستعمال، فإذا انقطع الاستعمال لم يبق هو نائبا.
هداية.
قوله: (لا أجر له) لنقضه العمل، وظاهره أنه لا أجر له بقدر ما سأل أيضا يدل عليه ما مر عند قوله: استأجره لايصال قط أو زاد فراجعه.
مطلب: خوفوه من اللصوص ولم يرجع بقي لو خوفوه ولم يرجع هل يضمن؟ قال في البزازية: استأجرها إلى موضع وأخبر بلصوص في الطريق فسلكه مع ذلك ولم يلتفت فأخذوها إن سلكه الناس مع سماع ذلك الخبر لا يضمن، وإلا ضمن اه.
قوله: (وينبغي أن يجبر على الاعادة) لبقاء العقد يدل عليه ما تقدم من أن الخياط لو فتق(6/325)
الثوب يجبر على الاعادة، ولو فتقه غيره لا.
ومثله ما في الطوري عن المحيط: رد السفية إنسان لا أجر للملاح، وليس عليه أن يعيدها، وإن ردها الملاح لزمه الرد.
قوله: (لا ضمان) لانه لا يتمكن من فسخ الاجارة وحده بلا رضا صاحبه إلا بعذر فبقي حكم العقد بعد النهي، ومن حكمه كون العين أمانة عند الاجير فلا يضمن بلا تقصير.
وتمامه في جامع الفصولين.
قوله: (قال لا) سيأتي أن أجير
الواحد يستحق الاجر وإن لم يعمل، لكن في البزازية: يستحق الاجر بلا عمل، لكن لو لم يعمل لعذر كمطر وغيره لا يلزم الاجر.
سائحاني.
قوله: (فحملها دونه) فلو عجزت عن المضي فتركها وضاعت أفتى القاضي بعدم الضمان.
بزازية.
قوله: (ما لم يمنع حسا من الطحن) المراد والله تعالى أعلم أن يحال بينه وبين الدوارة فلا يقدر عليها ط.
قوله: (فغرق مدة) أي وصار بحيث لا ينتفع به انتفاع مثله.
بزازية.
قوله: (ويسقط) أي يسقط جميع الاجر عن المستأجر مدة العمارة إن انهدم جميع الدار ح.
قوله: (مثل ما) بالنصب صفة مصدر محذوف: أي سقوطا مماثلا لسقوطه: أي الاجر لو انهدم بعض الدار.
قوله: (فالهدم يحرز) بتقديم الزاي على الراء: أي يعلم قدر أجر المنهدم بالحزر والتخمين ويسقط، ومثله في البزازية، لكن قال ابن الشحنة: ظاهر الرواية أنه لا يسقط من الاجر شئ بانهدام بيت منها أو حائط، بخلاف ما إذا شغل المؤجر بيتا منها لانه بفعله فيسقط بحسابه اه ملخصا.
ونقل نحوه السائحاني عن المقدسي.
وذكر في البزازية: وإذا سقط حائط من الدار، فإن كان لا يضر بالسكنى ليس له أن يفسخ، وإن ضر له الفسخ، وإذا لم يفسخ يلزمه المسى.
قوله: (وخالف) فعل ماض وآمر فاعله والمفعول محذوف: أي خالف المستأجر.
وصورتها: أمره رب الدار بالبناء ليحسبه من الاجر فاتفقا على البناء واختلفا في مقدار النفقة فالقول لرب الدار بيمينه لانه ينكر الزيادة قالوا: هذا إذا أشكل الحال بأن اختلف فيه أهل تلك الصناعة، أما إذا اجتمعوا على قول أحدهما وقالوا يذهب من النفقة في مثل هذا البناء ما يقوله أحدهما فالقول قوله ولا يلتفت إلى قولهما.
ذخيرة ملخصا.
ومثله في التاترخانية والبزازية، وأفتى به الرملي.
والحيلة في تصديقه أن يعجل من الاجرة قدرا ويقبضه المؤجر ثم يأمره بإنفاقه فيكون القول له لانه أمين كما نظمه في المحبية.
قوله: (في قدر العمارة) أي قدر نفقتها.
قوله:(6/326)
(قلت) البحث للشرنبلالي ح.
قوله: (ومفاده) أي مفاد إطلاق النظم الآمر عن التقييد بالرجوع، فافهم.
قوله: (بمجرد الامر) أي وإن لم يقل على أن ترجع بذلك علي وهو الصحيح خانية، ونقله ابن الشحنة عن القنية.
قوله: (إلا في تنور وبالوعة الخ) لان المقصود منهما نفع المستأجر.
قوله: (ولو خربت الدار الخ) تكرار مع صدر البيت الاول مع ما بيناه ح.
قوله: (بحضرة المؤجر) تبع فيه الشرنبلالي.
وقد قال في شرحه على الملتقى ناقلا عبارة الصغرى مع توضيح أنه بانهدام جدار أو بيت من دار يفسخ بحضرته
إجماعا وبانهدام كلها له الفسخ بغيبته، ولا تنفسخ ما لم يفسخ هو الصحيح لصحلايتها لنصب الفسطاط، لكن تسقط الاجرة فسخ أو لم يفسخ لعدم تمكنه مما قصده.
قلت: وهي صريحة في الفرق بين انهدام كلها وبعضها فيرجع إلى المخل وغير المخل، ولا خيار في غير المخل أصلا على ما مر فتدبر اه.
ملخصا.
وقد رد الشارح بذلك على القهستاني حيث أطلق عدم اشتراط حضرته وهنا أطلق اشتراطها، ففيما نقله رد على إطلاقه هنا أيضا، وقد صرح بالتفصيل أيضا في الخانية وغيرها.
وفي القنية: انهدم بعضها والمؤجر غائب أو متمرض لا يحضر مجلس القاضي ينصب عنه القاضي وكيلا فيفسخه، وسيأتي في باب الفسخ تمام الكلام عليه، وعلى اشتراط القضاء أو الرضا.
قوله: (وإذا بنيت لا خيار له) لزوال سببه قبل الفسخ، والظاهر أنه فيما لو بناها كما كانت وإلا فله الفسخ، وليحرر.
قوله: (قاله ابن الشجنة) ووقع مثله في الهندية عن محيط السرخسي ط.
قوله: (قلت) البحث للشرنبلالي ح.
قوله: (أما أجرة المثل) أي مثل العرصة، قوله: أو حصة العرصة أي من الاجر المسمى ط.
قوله: (ما يفيده) هو قوله: وفي التبيين: لو انقطع ماء الرحى والبيت مما ينتفع به لغير الطحن فعليه من الاجرة بحصته لبقاء المعقود عليه، فإذا استوفاه لزمه حصته اه ح.
قلت: سنذكر في باب الفسخ ما يفيد تقييده بما إذا كان منفعة السكنى مثلا معقودا عليها مع منفعة الطحن، وبه يشعر قول التبيين لبقاء المعقود عليه، وحينئذ فلا يتم الاستشهاد تأمل.
وظاهر ما قدمناه عن شرح الملتقى من قوله لعدم تمكنه مما قصده يفيده أيضا، ويفيد عدم لزوم أجر أصلا، ولعل(6/327)
في المسألة خلافا، والله تعالى أعلم.
قوله: (للعطلة) بالضم: اسم من تعطل بقي بلا عمل.
قاموس.
ويعني أنها تفسد، وكان الاولى أن يصرح به كما في البزازية، لكنه يعلم من مقابله، ووجه الفساد أن مقتضى العقد أن لا تلزم الاجرة مدة العطلة قلت أو كثرت كما في الذخيرة، فتقييد حظ الشهرين مما لم يقتضه العقد، بخلاف اشتراط حط قدرها، وهذا نظير ما لو شرى زيتا في زق واشترط حط أرطال لاجل الزق فسد، بخلاف حط مقدار الزق.
قوله: (أجرة السجن) الظاهر أنه مفروض فيما لو كان
مملوكا لاحد، فلو مبنيا من بيت المال أو مسبلا فلا أجر.
تأمل.
قوله: (في زماننا) لعل وجهه عدم انتظام بيت المال، فلو منتظما فالسجن وأجرة السجان منه.
تأمل.
قوله: (على رب الدين) لانه محبوس لاجله ولم يفرقوا بين كون المدين مماطلا أو لا ط.
قلت: وذكر الشارح في كتاب السرقة أجر المحضر للخصوم في بيت المال، وقيل على المتمرد.
وفي قضاء الخانية: هو الصحيح، لكن في قضاء البزازية: وقيل على المدعي وهو الاصح اه.
قوله: (لا يلزمه الكراء لهذه السنة الخ) سيأتي أواخر باب الفسخ عن الخانية: استأجر دارا أو حماما شهرا فسكن شهرين يلزمه أجر الشهر الثاني إن معدا للاستغلال وإلا لا، به يفتى، ويأتي تمامه.
قوله: (آجر داره الخ) سيذكر المصنف هذه المسألة متنا في الباب الآتي.
قوله: (فلكل الفسخ الخ) لان الشهر الاول صحيح وما بعده فاسد، أو لان الاول منجر وما بعده مضاف، وفي لزومه خلاف كما مر ويأتي، ثم إن الفسخ إنما يكون بمحضر من صاحبه، وإلا لا يصح خلافا لابي يوسف، وقيل اتفاقا كما في ط عن الهندية.
قوله: (لانها ليست بخصم) ولاشتراط حضوره كما مر.
قوله: (فتنفذ الثانية) أي يظهر أثر عقدها وإلا فالعقد الاول صحيح ط، والله أعلم.
باب الاجارة الفاسدة تأخير الاجارة الفاسدة عن صحيحها لا يحتاج إلى معذرة لوقوعها في محلها.
منح.
قوله: (من العقود) احتراز عن العبادات، إذ لا فرق بين فاسدها وباطلها.
قوله: (دون وصفه) وهو ما عرض عليه من الجهالة أو اشتراط شرط لا يقتضيه العقد حتى لو خلا عنه كان صحيحا ط.
قوله: (والباطل) كأن استأجر بميتة أو دم أو استأجر طيبا ليشمه أو شاة لتتبعها غنمه أو فحلا لينزو أو رجلا لينحت له صنما(6/328)
ط.
قوله: (ولا بوصفه) لانه حيث بطل الاصل تبعه الوصف.
قوله: (وجوب أجر المثل) أي أجر شخص مماثل له في ذلك العمل، والاعتبار فيه لزمان الاستئجار ومكانه من جنس الدراهم والدنانير لا من جنس المسى لو كان غيرهما، ولو اختلف أجر المثل بين الناس فالوسط والاجر يطيب وإن كان السبب حراما كما في المنية.
قهستاني.
ونقل في المنح أن شمس الائمة الحلواني قال: تطيب الاجرة في
الاجرة الفاسدة إذا كان أجر المثل، وذكر في المسألة قولين وأحدهما أصح، فراجع نسخة صحيحة.
وفي غرر الافكار عن المحيط: ما أخذته الزانية إن كان بعقد الاجارة فحلال عند أبي حنيفة لان أجر المثل في الاجارة الفاسدة طيب وإن كان الكسب حراما، وحرام عندهما، وإن كان بغير عقد فحرام اتفاقا لانها أخذته بغير حق اه.
قوله: (بالاستعمال) أي بحقيقة استيفاء المنفعة فلا يجب بالتمكن منها كما مر ويأتي، إلا في الوقف على ما هو ظاهر عبارة الاسعاف كما مر أول كتاب الاجارة.
قوله: (لو المسمى معلوما) هذا إنما يصح لو زاد المصنف لا يتجاوز به المسمى، كما فعل ابن الكمال تبعا للهداية والكنز، فكان على الشارح أن يقول: إذا لم يكن مسمى أو لم يكن معلوما، لان وجوب أجر المثل بالغا ما بلغ على ما أطلقه المصنف إنما يجب في هذين الصورتين، أما لو علمت التسمية فلا يزاد على المسمى كما يأتي.
قوله: (فإنه لا أجر فيه بالاستعمال) ظاهره ولو معدا للاستغلال، لانه إنما يجب الاجر فيه إذا لم يستعمله بتأويل عقد أو ملك كما سلف، وهنا استعمله بتأويل عقد باطل، ويحرر ط.
وفيه أن الباطل لا حكم له أصلا فوجوده كالعدم كما في البدائع.
تأمل.
وينبغي وجوبه في الوقف ومال اليتيم، لان ما ذكر من اشتراط عدم الاستعمال بتأويل إنما هو في المعد للاستغلال كما يأتي في الغصب.
وفي البزازية حيث قال: والسكنى بتأويل ملك أو عقد في الوقف لا يمنع لزوم أجر المثل، وقيل دار اليتيم كالوقف.
ثم ذكر: لو سكن في حوانيت مستغلة وادعى الملك لا يلزم الاجر، وإن برهن المالك عليه ثم قال المستأجر إذا سكن بعد فسخ الاجارة بتأويل، إن له حق الحبس حتى يستوفي الاجر الذي أعطاه عليه الاجرة إذا كانت معدة للاستغلال في المختار، وكذا في الوقف على المختار اه.
فتأمل.
وقد صرحوا أنه لو اشترى دارا وسكنها ثم ظهر أنها وقف أو ليتيم لزم أجر المثل صيانة لما لهما كما مر في الوقف، وهو المعتمد ويأتي في الغصب.
قوله: (بخلاف فاسد الاجارة) لان قبض المنفعة غير متصور، إلا أنا أقمنا قبض العين مقام قبض المنفعة وذلك إنما يتأتى في العقد الصحيح ضرورة إتمامه.
قوله: (حتى لو قبضها الخ) تفريع على عدم الملك في الفاسدة.
قوله: (وجب أجر المثل) أي على المستأجر الاول لانه يعد به مستعملا، ولا يكون بفعل ما ليس له فعله غاصبا حتى لا تجب عليه الاجرة - وأما المستأجر الثاني إذا سمى بينهما أجر هل يجب المسمى نظرا للتسمية وهو الظاهر أو أجر
المثل لترتبها على فاسد؟ يحرر ط.
قوله: (وللاول) أي للمؤجر الاول نقض الثانية أي ويأخذ الدار،(6/329)
لانه لو باع بيعا فاسدا ثم المشتري آجره فله أن ينقض الاجارة، فكذا هذا بخلاف البيع، لان الاجارة تفسخ بالاعذار والبيع لا، كذا في المضمرات.
منح.
قوله: (جاز) وفي النصاب هو الصحيح.
وفي السراجية: وبه أفتى ظهير الدين المرغيناني.
تاترخانية.
ونقل ابن المصنف عن البزازية والعمادية والخلاصة مثله.
قال الرملي: ومن طالع في كتبهم علم أن في المسألة اختلاف تصحيح وإفتاء اه.
أقول: لكن المعظم على الجواز كما ترى، ولذا عبر المصنف عن مقابله بقيل فيما سيأتي.
وقال البزازية: يجوز في الصحيح.
وقيل لا استدلالا بما لو دفع إليه دارا ليسكنها ويرمها ولا أجر وآجر المستأجر من غيره وانهدمت من سكنى الثاني ضمن اتفاقا لانه صار غاصبا.
وأجابوا بأن العقد فيه إعارة ولا إجارة، لانه ذكر المرمة على سبيل المشورة لا الشرط اه.
قوله: (وسيجئ) أي متنا آخر المتفرقات.
قوله: (فكل) تفريع على مقدر، أي الاجارة نوع من البيع إذ هي بيع المنافع.
قوله: (أو مدة) إلا فيما استثنى.
قال في البزازية: إجارة السمسار والمنادي والحمامي والصكاك وما لا يقدر فيه الوقت ولا العمل تجوز لما كان للناس به حاجة، ويطيب الاجر المأخوذ لو قدر أجر المثل وذكر أصلا يستخرج منه كثير من المسائل، فراجعه في نوع المتفرقات والاجرة على المعاصي.
قوله: (وكشرط طعام عبد وعلف دابة) في الظهيرية: استأجر عبدا أو دابة على أن يكون علفها على المتسأجر، ذكر في الكتاب أنه لا يجوز وقال الفقيه أبو الليث: في الدابة نأخذ بقول المتقدمين، أما في زماننا فالعبد يأكل من مال المستأجر عادة اه.
قال الحموي: أي فيصح اشتراطه.
واعترضه ط.
بقوله: فرق بين الاكل من مال المستأجر بلا شرط ومنه بشرط اه.
أقول: المعروف كالمشروط، وبه يشعر كلام الفقيه كما لا يخفى على النبيه، ثم ظاهر كلام الفقيه أنه لو تعورف في الدابة ذلك يجوز.
تأمل.
والحيلة أن يزيد في الاجرة قدر العلف ثم يوكله ربها بصرفه إليها، ولو خاف أن لا يصدقه فيه فالحيلة أن يعجله إلى المالك ثم يدفعه إليه المالك ويأمره بالانفاق فيصير أمينا.
بزازية ملخصا.
قوله: (ومرمة الدار أو مغارمها) قال في البحر: وفي الخلاصة
معزيا إلى الاصل: لو استأجر دارا على أن يعمرها ويعطي نوائبها تفسد لانه شرط مخالف لمقتضى العقد اه.
فعلم بهذا أن ما يقع في زماننا من إجارة أرض الوقف بأجرة معلومة على أن المغارم وكلفة الكاشف على المستأجر أو على أن الجرف على المستأجر فاسد كما لا يخفى اه.
أقول: وهو الواقع في زماننا، ولكن تارة يكتب في الحجة بصريح الشرط فيقول الكاتب: على أن ما ينوب المأجور من النوائب ونحوها كالدك وكري الانهار على المستأجر، وتارة يقول: وتوافقا على أن ما ينوب إلخ.
والظاهر أن الكل مفسد لانه معروف بينهم وإن لم يذكر، والمعروف كالمشروط.
تأمل.
قوله: (أو خراج) قيل هذا خراج المقاسمة لانه مجهول، أما خراج الوظيفة فجائز، لكن الفتوى على أنه لا يجوز مطلقا ح عن المنح.
وجعل الفساد في حواشي الاشباه على قول الامام لان الخراج على المؤجر عنده ط.
ووجه المفتى به أن خراج الوظيفة قد ينقص إذا لم تطق الارض ذلك فيلزم الجهالة أيضا.
قوله: (بالشيوع) أي فيما يحتمل القسمة أو لا عنده، وعليه الفتوى.
خانية.
قوله: (بأن يؤجر نصيبا من داره) أي ويجب أجر المثل هو الصحيح.
وقيل لا ينعقد حتى لا يجب الاجر أصلا.
جامع الفصولين.(6/330)
قوله: (أو نصيبه من دار مشتركة) فيه روايتان، والاظهر أنه لا يجوز.
نور العين عن الخانية.
قوله: (على الظاهر) أي ظاهر الرواية عند أبي حنيفة وينشدها في رواية جامع الفصولين.
قوله: (أو آجر الواحد الخ) أي تفسد في حصة الميت وتبقى في حصة الحي في الصورتين كما في جامع الفصولين.
وفيه: ولو وكله له فآجره من اثنين، فإن أجمل وقال آجرت الدار منكما جاز وفاقا، ولو فصل بقوله: نصفه منك ونصفه منك أو نحوه كثلث أو ربع يجب أن يكون عند أبي حنيفة، على خلاف مر فيما إذا كان بينهما وآجر أحدهما النصف من أجنبي اه.
ومر أن عدم الجواز الاظهر.
وعن هذا أفتى في الحامدية: في رجلين استأجرا معا سوية من زيد طاحونة بأن لفظ سوية بمنزلة التفصيل فتفسد.
قوله: (وهو الحيلة الخ) الضمير راجع للطارئ: أي في بعض صوره وهي الصورة الاولى، أو للفسخ المفهوم من فسخ، ومثله ما لو حكم بها حاكم.
قال ط عن الهندية: والمحكم كالقاضي إن تعذرت المرافعة.
قوله: (فيجوز) أي في أظهر الروايتين.
خانية، قوله: (وجوزاه بكل حال) أي سواء كان من شريكه أو لا فيما
يحتمل القسمة أو لا ح.
لكن بشرط بيان نصيبه، وإن لم يبين لا يجوز في الصحيح.
زيلعي.
قوله: (فلا يعول عليه) بل المعول عليه ما في الخانية أن الفتوى على قول الامام، وبه جزم أصحاب المتون والشروح فكان هو المذهب، أفاده المصنف وعليه العمل اليوم.
قوله: (وفي البدائع الخ) تخريج على قول الامام ط.
قوله: (وسلم جاز) ظاهره ولو بعد المجلس ويدل عليه ما بعد فإنه اعتبر الحكم ط.
قوله: (لم يجز) ينبغي أن تجوز إجارة بالتعاطي إذ لا مانع منه بعد فسخ الاولى.
رحمتي.
مطلب في إجارة البناء قوله: (ويفتى بجوازه الخ) قال في الدر المنتقى: وذكر القهستاني أن الفتوى على جواز إجارة البناء وحده، وقيل: لا، لانه كالمشاع.
قلت: لكن نص محمد أن من استأجر أرضا فبنى فيها بناء ثم آجرها من صاحبها استوجب من الاجر حصة البناء، فلولا جواز البناء لما استحق الاجر وقاسه على الفسطاط، وبه أفتى مشايخنا، ولو كان البناء ملكا والعرصة وقفا وآجر المتولي بإذن مالك البناء فالاجر ينقسم على البناء والعرصة، وجاز إجارة بنائه لمالك الارض اتفاقا، وكذا لغيره على المفتى به.
وتمامه في العمادية وأقره الباقاني اه.
وسيأتي تمامه آخر المتفرقات قوله: (يعني الوسط منه) أي من الفصل المذكور والاوضح أن يقول أعني والواقع أنه قريب من النصف الثاني منه ط.
قوله: (كتسمية ثوب أو دابة) مثال لمجهول الكل(6/331)
وما بعده مثال مجهول البعض ويلزم منه جهالة الكل، فصح قوله بعد فيصير الاجر مجهولا.
قوله: (لصيرورة المرمة) أي نفقتها.
قوله: (وبعد التسمية) كآجرتك داري شهرا أو سنة ولم يقل بكذا منح.
قوله: (أو بتسمية خمر أو خنزير) يفيد أن هذه إجارة فاسدة لا باطلة ط: أي فيخالف ما مر.
قوله: (يعني الوسط منه) أي عن اختلاف الناس فيه ط.
قوله: (لا بالتمكين) أي تمكين المالك له من الانتفاع.
وفي بعض النسخ بالتمكن أي تمكن المستأجر منه.
قوله: (كما مر) أي متنا في قوله أول هذا الباب بالاستعمال وفي قوله أول كتاب الاجارة.
أما في الفاسدة فلا يجب إلا بحقيقة الانتفاع، وقدمنا تقييده بما إذا وجد التسليم إليه من جهة الاجارة، وتقدم هناك استثناء الوقف وما بحثه
الشارح، فراجعه.
قوله: (بالغا ما بلغ) أي إذا لم يبينه المؤجر بعد، أما إذا بينه فليس له أزيد منه.
قال في الولوالجية: وإن تكارى دابة إلى بغداد، إن بلغه إياها فله رضاه فبلغه فقال: رضاي عشرون درهما فله أجر مثلها إلا أن يكون أكثر من عشرين فلا يزاد عليها لان الاجر مجهول، ولا يزاد على عشرين لانه أبرأه عن الزيادة.
سائحاني.
قوله: (ولا ينقص عن المسمى) هكذا يوجد في موضعين: الاول بعد قوله: يعني الوسط منه، والثاني بعد قوله: لعدم ما يرجع إليه، وأفاد المحشي أنه لا حاجة إلى هذه الزيادة، بل لا معنى لها في الموضعين: أي لان المفروض جهالة المسمى.
قيل إلا أن يريد بالمسمى ما جهل بعضه كإجارتها بعشرة على أن يرمها اه.
أقول: لا يصح ذلك فإنه ذكر في الخانية أنه يجب في جهالته بعضا أو كلا أجر المثل بالغا ما بلغ ثم قال: فأما إذا فسد بحكم شرط فاسد ونحوه فلا يزاد على المسمى اه.
وكيف يصح ذلك مع قوله لعدم ما يرجع إليه.
قوله: (لم يزد على المسمى) فلو كان أجر المثل اثني عشر والمسمى عشرة فهي له.
قوله: (وينقص عنه) بأن كان المسمى خمسة عشر فله اثنا عشر.
قوله: (لفساد التسمية) أي بفساد العقد لانه إذا فسد الشئ فسد ما في ضمنه.
قوله: (واستثنى الزيلعي الخ) أي من كونه لا يزاد على المسمى إذا فسدت بالشرط، وقد تبع الشارح فيه صاحب البحر، وليس في كلام الزيلعي استثناء، بل ظاهر كلامه أنه من فروع جهالة المسمى فراجعه.
قوله: (فسدت) لان فيه نفعا لرب الدار لا يقتضيه العقد،(6/332)
لانه إذا لم يسكن فيها لا تمتلئ البالوعة والمتوضاة، وإن لم يكن في الدار بالوعة أو بئر وضوء لا تفسد بالشرط لعدم ما قلنا.
بزازية وغيرها.
قوله: (وحمله في البحر الخ) حيث قال: وفيه يعني في استثناء الزيلعي نظر، الاجرة إن لم تكن مسماة فهي المسألة المتقدمة، وإن كانت مسماة ينبغي أن لا يجاوز به المسمى كغيرها من الشروط، وقد ذكرها في الخلاصة.
ولم يتعرض للاجرة اه.
وظاهر كلامه اختيار الشق الاول بدليل ما ذكره عن الخلاصة ووجه كونه من جهالة المسمى مع عدم التسمية أن الشرط المذكور فيه نفع للمالك وقد جعله بدلا وهو مجهول فيجب أجر المثل بالغا ما بلغ.
تأمل.
قوله: (لكن أرجعه الخ) اعترض بأنه عين ما في البحر فلا وجه للاستدراك.
قلت: قد يجاب أنه حمله على الشق الثاني، وهو ما إذا كانت الاجرة مسماة.
ووجه إرجاعه إلى جهالة المسمى حينئذ أنه جعل الاجرة ذلك المسمى وعدم السكنى فصار نظير ما تقدم فيما لو استأجر بمائة درهم على أن يرمها المستأجر، وعلل الشارح المسألة بقوله: لصيرورة المرمة من الاجر فيصير الاجر مجهولا.
وحاصله: أنه بجهالة البعض يحصل جهالة الكل فلهذا قال: أرجعه إلى جهالة المسمى، بخلاف ما في البحر فإنه محمول على جهالة الكل ابتداء، هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم.
ثم رأيت في غاية البيان ما يدل على ما قلته، ولله تعالى الحمد، فإنه قال: إذا فسدت الاجارة لفوات شرط مرغوب من جهة الاجير كما لو آجر داره كل شهر بعشرة على أن يعمرها ويؤدي نوائبها فسدت، فإن لم يفعل يجب أجر المثل بالغا ما بلغ ولا ينقص عن المسمى، وكذا لو قال: آجرتك هذه الدار شهرا بعشرة على أن لا تسكنها فسدت، فإن سكن يجب أجر المثل بالغا ما بلغ ولا ينقص عن المسمى، وهذا أيضا يرجع إلى جهالة المسمى في الحقيقة كذا قال في فخر الدين قاضيخان اه.
فقد فرض المسألة فيما لو كان مسمى وشبهها بمسألة المرمة، وقال: وهذا أيضا يرجع إلى جهالة المسمى: أي كما يرجع الاول وهذا عين ما حملت عليه كلامه قبل أن أراه، والحمد لله.
قوله: (فافهم) لعله إشارة إلى الفرق الذي ذكرناه، ونكات هذا الشارح الفاضل أدق من هذا كما يعرفه من مارس كلامه وعلم مرامه.
قوله: (قلت الخ) هو منقول في جامع الفصولين سائحاني.
أقول: بل تقدم متنا حيث قال: متولي أرض الوقف آجرها بغير أجر المثل يلزم مستأجرها تمام أجر المثل.
وقال الشارح هناك عن مجمع الفتاوى: وكذا حكم وصي وأب اه.
ومما استثنى ما لو استأجر دارا بعبد معين فسكن شهرا ولم يدفع العبد حتى أعتقه صح وكان عليه للشهر الماضي أجر المثل بالغا ما بلغ وتنقض الاجارة فيما بقي لفسادها بإعتاقه وفيها تفصيل ينظر في خزانة الاكمل.
وفي البزازية: استأجرها على عين مسماة وسكن الدار وهلكت العين قبل التسليم أو استهلكها المستأجر يجب أجر المثل بالغا ما بلغ، بخلاف سائر الاجارات فإنه لا يزاد فيه على المسمى اه.
فهذا المسمى فيه معلوم معين ووجب الاجر بالغا ما بلغ.
قوله: (ولم يدفعه) أما لو عجله وقبله المؤجر منه لا يزاد به عليه لرضاه
وهل تنقلب صحيحة يراجع.
رحمتي.(6/333)
وفي الشرنبلالية وجوب أجر المثل غير متوقف على عدم دفعه إذ هو الواجب للفساد فلا مفهوم له بل هو بيان للواقع، بخلاف ماءذا عينه الخ.
قوله: (حانوتا) مثال، لانه لو استأجر ثورا ليطحن عليه كل يوم لو بدرهم فالحكم كذلك.
طوري.
قوله: (وفسد في الباقي) مقيد بثلاثة أمور تعلم مما بعده بألا يسكن فيما بعد الشهر الاول، وأن لا يعجل أجرته، وأن لا يسمي جملة الشهور، فإن وجد واحد منها صح فيه.
وفي البزازية: فلو أبرأه عن أجرة الابد لا يصح إلا عن شهر واحد.
قوله: (لجهالتها) أي الشهور.
قوله: (متى دخل كل) أي لفظ كل.
قوله: (فيما لا يعرف منتهاه) كالاشهر والايام، وهذا يفيد أن قوله كل شهر مثال، فمثله كل سنة أو يوم أو أسبوع كما أفاده الرملي.
قوله: (تعين أدناه) أي تعين للصحة، إذ ما بعد الاول داخل تحت العقد ولهذا اشترط حضورهما عند الفسخ فهو فاسد، لكن ينقلب صحيحا بالسكنى هكذا يستفاد من كلامه.
ثم رأيت الطوري قال: وظاهر قوله صح في شهر واحد الفساد في الباقي.
قال في المحيط: وهذا قول بعضهم.
والصحيح أن الاجارة كل شهر جائزة وإطلاق محمد يدل عليه، فيجوز العقد في الشهر الاول والثاني والثالث، وإنما يثبت خيار الفسخ في أول الثاني لانها مضافة إلى المستقبل ولكل منهما فسخ المضافة اه.
وهو مخالف لقول المصنف كالهداية والتبيين وفسد في الباقي، إلا أن يقال: المراد بالفساد عدم اللزوم، وأطلق عليه ذلك لانه قابل للافساد.
تأمل.
قوله: (بشرط حضور الآخر) والحيلة إذا غاب أن يؤجر من آخر فإذا انقضى الشهر صح للآخر في الثاني وانفسخ الاول كما في جامع الفصولين: أي لانه يغتفر في الضمني ما لا يغتفر في الصريح.
سائحاني.
وقدم الشارح ذلك قبيل هذا الباب.
قوله: (وبه يفتى) وهو ظاهر الرواية.
وذكر بعض المشايخ أنه ساعة من أوله، وعليه مشى القدوري وصاحب الكنز وهو القياس وفيه حرج.
كذا في الهداية والزيلعي.
قال الرملي: وفي البزازية: الاصح أن وقت الفسخ اليوم الاول مع ليلته واليوم الثاني والثالث، لان خيار الفسخ في أول الشهر وأول الشهر هذا وعليه الفتوى اه.
وهذا خلاف القولين المذكورين،
وقد صرح بأن الفتوى عليه فتأمل فيه وفي قول الشارح وبه يفتى.
وقد تقرر أنه إذا تعارضت الشروح والفتاوى فالاعتبار لما في الشروح اه.
مع أن ما في الشروح ظاهر الرواية كما علمت.
قوله: (حتى ينقضي) أي ذلك الشهر الذي سكن في أوله على الاقوال الثلاثة.
قوله: (إلا بعذر) أي من أعذار الفسخ الآتية.
قوله: (كما لو عجل) تنظير في الصحة لما في المتن.
قال الزيلعي: فلا يكون لواحد منهما الفسخ في قدر المعجل أجرته لانه بالتقديم زالت الجهالة في ذلك القدر فيكون كالمسمى في العقد.
قوله: (إلا أن يسمي الكل) استثناء من قوله: وفسد في الباقي أي كل ما قصد العقد عليه، هذا كما إذا قال آجرتها ستة أشهر كل شهر بكذا.
قوله: (لزوال المانع) أي(6/334)
الذي كان في صورة عدم تسمية الكل.
قوله: (وتقسم سوية) أي على المشهور، وفائدته تظهر في الفسخ أثناء المدة.
وفي التاترخانية: ولو قال آجرتك سنة بألف كل شهر بمائة فقبل فهو إجارة بألف ومائتين كل شهر بمائة والاخير يكون فسخا للاول.
قال الفقيه: وهذا إذا كان قصدا، فلو غلطا فالاجر هو الاول.
قوله: (إن سمى) بأن يقول من شهر رجب من هذه السنة.
درر: أي ما لم يكن خيار شرط، فإن كان فمن وقت سقوطه.
سري الدين عن الكافي ط.
قوله: (والمراد اليوم الاول) أي لا وقت إبصار الهلال حقيقة.
قوله: (اعتبر الاهلة) حتى لو نقص الشهر يوما كان عليه كمال الاجرة.
بدائع.
قوله: (وإلا فالايام) أي وإن كان في أثناء الشهر فيعتبر الايام لان الشهر الاول يكمل بالايام من الثاني فيصير أول الثاني بالايام فيكمل بالثالث وهكذا.
بدائع.
قوله: (وقال يتم الاول بالايام وفي الذخيرة: إن عقد الاجارة على كل شهر بدرهم وإن وجدت في وسطه يعتبر كل شهر بالايام بلا خلاف، لانهما إنما يعتبران أن الاهلة إذا علم آخر المدة ليمكن تكميله منه اه.
وعن أبي يوسف رواية كأبي حنيفة.
قال ابن الكمال: وعند محمد وهو رواية أخرى عن أبي يوسف: يعتبر الاول بالايام ويكمل من الاخير ويعتبر الباقي بالاهلة، فإن آجر في عاشر ذي الحجة سنة فذو الحجة إن تم على ثلاثين يوما، فالسنة تتم عند محمد على عاشر ذي الحجة، وإن تم على تسعة وعشرين فالسنة تتم على الحادي عشر من ذي الحجة.
فإن قلت: هلا يلزم أن يتكرر عيد الاضحى في سنة واحدة؟ قلت نعم، لكن في السنة التي
قدرت بها مدة الاجارة لا في السنة المعروفة، فالمحذور غير لازم واللازم غير محذور اه.
قوله: (كما مر) أي قبل ورقة ومر الكلام فيه.
قوله: (وجاز إجارة الحمام) قدمنا أن الاجارة اسم للاجرة: أي جاز أخذ الحمامي أجرة الحمام.
وفي أبي السعود عن الحموي: الحمام مؤنث في الاغلب وجمعه حمامات على القياس.
وفي ذكرى أول من وضعه نبي الله سليمان عليه السلام.
مطلب في حديث دخوله عليه الصلاة والسلام الحمام وحديث ما رآه المؤمنون حسنا قوله: (لانه عليه الصلاة والسلام دخل حمام الجحفة) قال منلا علي القاري: ذكر الدميري والنووي أنه ضعيف جدا، فقول شيخنا ابن حجر المكي في شرح الشمائل: إنه موضوع باتفاق الحفاظ وإن وقع في كلام الدميري وغيره ليس في محله اه ملخصا.
قوله: (وللعرف) لان الناس في سائر الامصار يدفعون أجرة الحمام وإن لم يكن يعلم مقدار ما يستعمل من الماء ولا مقدار القعود، فدل إجماعهم على جواز ذلك، وإن كان القياس يأباه لوروده على إتلاف العين مع الجهالة.
إتقاني.
قوله: (كما ذكره ابن حجر) وكذا رواه أحمد في كتاب السنة من حديث أبي وائل عن ابن مسعود قال: إن الله نظر(6/335)
في قلوب العباد فاختار محمدا (ص) فبعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد فاختار له أصحابا فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح وهو موقوف حسن، وكذا أخرجه البزار والطيالسي والطبراني في ترجمة ابن مسعود من الحلية اه.
من المقاصد الحسنة ط.
قوله: (هو الصحيح) ومن العلماء من كرهه لما روي عن عمارة بن عقبة أنه قال: قدمت على عثمان بن عفان فسألني عن مالي، فأخبرته أن لي غلمانا وحماما له غلة، فكره لي غلة الحجامين وغلة الحمام وقال: إنه بيت الشياطين، وسماه رسول الله (ص) شر بيت، فإنه تكشف فيه العورات وتصب الغسالات والنجاسات.
ومنهم من فصل بين حمام الرجال وحمام النساء.
زيلعي.
قوله: (لكثرة أسباب اغتسالهم) أي من الحيض والنفاس والجنابة، واستعمال الماء البارد قد يضر وقد لا يتمكن من الاستيعاب به وإزالة الوسخ.
زيلعي.
قوله: (وقيل إلا لمريضة أو نفساء) روي في السنن
مسندا إلى عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص) قال: إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلها الرجال إلا بالازار، وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء إتقاني.
قوله: (قلت الخ) قائله ابن الهمام.
أقول: ولا يختص ذلك بحمام النساء، فإن في ديارنا كشف العورة الخفيفة أو الغليظة متحقق من فسقة العوام الرجال، فالذي ينبغي التفصيل، وهو إن كان الداخل يغض بصره بحيث لا يرى عورة أحد ولا يكشف عورته لاحد فلا كراهة مطلقا، وإلا فالكراهة في دخول الفريقين حيث كانت العلة ما ذكر، فتدبر.
قوله: (لانه عليه الصلاة والسلام احتجم الخ) روى البخاري مسندا إلى ابن عباس.
قال: احتجم النبي (ص) وأعطى الحجام أجرة ولو علم كراهية لم يعطه.
وفي رواية السنن: ولو علمه خبيثا لم يعطه.
إتقاني.
قوله: (وحديث النهي) وهو ما ذكره صاحب السنن بإسناده إلى رافع بن خديج أن رسول الله (ص) قال: كسب الحجام خبيث، وثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث إتقاني.
قوله: (منسوخ) أي بما روي: أنه عليه الصلاة والسلام قال له رجل: إن لي عيالا وغلاما حجاما أفأطعم عيالي من كسبه؟ قال: نعم زيلعي.
وأجاب الاتقاني بحمل حديث الخبث على الكراهة طبعا من طريق المروءة لما فيه من الخسة والدناءة.
قال: على أنا نقول راويه رافع ليس كابن عباس في الضبط والاتقان والفقه فيعمل بحديث ابن عباس دونه اه.
وفي الجوهرة: وإن شرط الحجام شيئا على الحجامة كره.
قوله: (والظئر) بالجر عطفا على الحمام.
قوله: (بكسر فهمز) أي همزة ساكنة ويجوز تخفيفها.
حموي.
قوله: (المرضعة) خير لمبتدإ محذوف.
وفي القاموس: الظئر: العاطفة على ولد غيرها المرضعة له في الناس(6/336)
وغيرهم للذكر والانثى، وجمعه أظؤر وأظآر وظؤر وظؤورة وظؤار وظؤرة.
قوله: (لتعامل الناس) علة للجواز، وهذا استحسان لانها ترد على استهلاك العين وهو اللبن.
ويشترط التوقيت إجماعا.
حموي عن المنصورية.
والاطلاق مشير إلى أنه يجوز للمسلمة أن تؤجر نفسها لارضاع ولد الكافر، وبه صرح في الخانية، بخلاف ما إذا أجرت نفسها لخدمة الكافر فإنه لا يجوز.
قال في الاشباه: استأجر نصراني
مسلما للخدمة لم يجز، ولغيرها جاز إن وقت.
أبو السعود.
قوله: (بخلاف بقية الحيوانات) أي بخلاف استئجارها للارضاع.
وفي التاترخانية: استأجر بقرة ليشرب اللبن أو كرما أو شجرا ليأكل ثمره أو أرضا ليرعى غنمه القصيل أو شاة ليجز صوفها فهو فاسد كله وعليه قيمة الثمرة والصوف والقصيل لانه ملك الآجر وقد استوفاه بعقد فاسد، بخلاف ما إذا استأجر أرضه ليرعى الكلا.
قوله: (وكذا بطعامها وكسوتها) أشار إلى أنها مسألة مستقلة، وأنهما عليها إن لم يشترطا على المستأجر بالعقد.
قوله: (لجريان العادة الخ) جواب عن قولهما لا تجوز لان الاجرة مجهولة.
ووجهه أن العادة لما جرت بالتوسعة على الظئر شفقة على الولد لم تكن الجهالة مفضية إلى النزاع، والجهالة ليست بمعانة لذاتها بل لكونها مفضية إلى النزاع.
قوله: (وللزوج أن يطأها) أي وإن رضي بالاجارة فليس للمستأجر منعه مخافة الحبل، لانه ضرر موهوم والمنع من الوطئ ضرر متحقق، وليس للظئر أن تمنعه نفسها.
إتقاني.
قوله: (شأنه إجارتها أولا) أي سواء كانت الاجارة تشين الزوج: أي تعبيه بأن كان وجيها بين الناس أو لا، لما أن له أن يمنعها من الخروج وأن يمنع الصبي الدخول عليها، ولان الارضاع والسهر بالليل يضعفها ويذهب جمالها، فكان له المنع كما يمنعها من الصيام تطوعا.
زيلعي.
قوله: (وللمستأجر فسخها الخ) لان لبين الحبلى والمريضة يضر بالصغير وهي يضرها أيضا الرضاع، فكان لها ولهم الخيار ولها أيضا الفسخ بأذية أهله لها، وكذا إذا لم تجر لها عادة بإرضاع ولد غيرها، وكذا إذا عيروها به لانها تتضرر به على ما قيل: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
زيلعي.
وهذا إذا أمكن معالجته بالغذاء أو بأخذ لبن للغير وإلا فليس لها الفسخ، وعليه الفتوى كما بسطه في التاترخانية.
قوله: (وفجورها) أي زناها لانها تشتغل به عن حفظ الصبي.
قوله: (ونحو ذلك) كما إذا أرادوا سفرا وأبت الخروج معهم أو كانت بذية اللسان أو سارقة أو يتقيأ لبنها أو لا يأخذ ثديها، وكذا كل ما يضر بالصبي لا محالة نحو الخروج من منزله زمانا كثيرا وما أشبهه، فلهم أن يمنعوها عنه لا ما لا يضر، وأما ما كان فيه وهم الضرر فليس لهم منعها عنه، وليس عليها أن ترضعه في منزل الاب ما لم يكن عرف بين الناس أو يشترطوا ذلك عليها.
تاترخانية وغيرها.
قوله: (لا بكفرها) لان كفرها في اعتقادها.
زيلعي.
قال ط: ويخالفه في الخانية إذا ظهرت الظئر كافرة أو مجنونة أو زانية أو حمقى فلهم فسخ الاجارة.
قوله: (ولو مات أبوه لا)
أي لا تنتقض لان الاجارة واقعة للصبي لا للاب سواء كان له مال أو لا، ولهذا لو كان للصبي مال(6/337)
تجب الاجرة من ماله إذ هي كالنفقة.
زيلعي.
قوله: (وثيابه) بالجر عطف على الصبي وأطلق في غسل الثياب.
وفي الكفاية: الصحيح أن غسل ثياب الاي من البول ونحوه عليها، ومن الوسخ والدرن لا يكون عليها.
حموي.
ومثله في شرح المجمع.
قوله: (وإصلاح طعامه) يريد به أن تصنع له الطعام ولا تأكل شيئا يفسد لبنها ويضر به.
تاترخانية عن المضمرات.
قوله: (فعادة أهل الكوفة) وقد قالوا في توابع العقود التي لا ذكر لها فيها: إنها تحمل على عادة كل بلد كالسلك على الخياط، والدقيق الذي يصلح الحائك به الثوب على رب الثوب، وإدخال الحنطة المنزل على المكاري، بخلاف الصعود بها إلى الغرفة أو السطح، والاكاف على رب الدابة، والحبال والجوالق على ما تعارفوه.
بدائع ملخصا.
قوله: (على أبيه) قال في التاترخانية وفي الظهيرية: ولو لم يكن له مال حين استأجرها الاب ثم أصاب الصغير مالا، قال: سئل والدي عنها، فقال: قيل: أجر ما مضى على الاب، وما بقي في مال الصغير اه.
وفيها إرضاع اليتيم على من تجب عليه نفقته، فإن كان لا وارث له ففي بيت المال.
قوله: (فإن أرضعته بلبن شاة) أي بأن أقرت به أو شهدت بينة به، وإن جحدت فالقول لها مع يمينها استحسانا، ولو شهدوا أنها ما أرضعت بلبن نفسها لم يقبل لقيامها على النفي مقصودا، بخلاف الاول لدخوله في ضمن الاثبات، وإن أقام فالبينة بينة الظئر كما في الذخيرة شرنبلالية.
قوله: (لان الصحيح الخ) أي فلم تأت بالعمل الواجب عليها وهو الارضاع وهذا إيجار وليس بإرضاع.
وفي المحيط: استأجر شاة لترضع جديا أو صبيا لا يجوز، لان للبن البهائم قيمة فوقعت الاجارة عليه وهو مجهول فلا يجوز، وليس للبن المرأة قيمة فلا تقع الاجارة عليه، وإنما تقع على فعل الارضاع والتربية والحضانة.
زيلعي.
قوله: (هو الارضاع) وهو ما يقع بلبن الآدمية وما وراءه يكون إطعاما.
إتقاني.
قوله: (لا اللبن) أي مطلقا ط.
قوله: (حيث تستحق الاجرة) أي استحسانا، لان الانسان تارة يعمل بنفسه وتارة بغيره، ولانها لما عملت بأمر الاولى صار كأنها عملت بنفسها.
بدائع.
قوله: (عن الذخيرة) ونصها: اختلف المشايخ فيه، والصحيح أنها لا تستحق اه.
ومثله في التاترخانية.
قوله: (لذلك) أي للارضاع.
قوله: (ولم يعلم الاولون) أي حتى يفسخوا هذه الاجارة.
تاترخانية.
ومفاده أن لهم فسخ الثانية.
قوله: (أثمت) لانه استحق عليها كمال الرضاع، فلما أرضعت صبيين(6/338)
فقد أضرت بأحدهما لنقصان اللبن.
قوله: (ولها الاجر كاملا على الفريقين) ويطيب لها، ولا ينقص من الاجر الاول إن أرضعت ولدهم في المدة المشروطة ويطرح من الاجر بقدر ما تخلفت.
تاترخانية.
قوله: (لشبهها بالاجير الخاص والمشترك) جواب إشكال، وهو أن أجير الواحد ليس له أن يؤجر نفسه من آخر، فإن آجر لا يستحق تمام الاجر على المستأجر الاول ويأثم.
قال في الذخيرة: وهذا لا يشكل إذا قال أبو الصغير استأجرتك لترضعي ولدي هذا سنة بكذا، لانها في هذه الصورة أجيرة مشتركة لانه أوقع العقد أولا على العمل، وإنما يشكل إذا قال استأجرتك سنة لترضعي الخ لانه أوقع العقد على المدة أولا، وسيأتي بيانه.
والوجه أن الاجير الواحد في الرضاع يشبه المشترك من حيث إنه يمكنه إيفاء العمل بتمامه إلى كل واحد منهما كالخياط، وإن كان أجير واحد فتأثم لشبهها بأجير الواحد ولها الاجر كاملا لشبهها بالمشترك اه ملخصا.
قوله: (لا تصح الاجارة لعسب التيس) لانه عمل لا يقدر عليه وهو الاحبال.
مطلب في الاستئجار على المعاصي قوله: (مثل الغناء) بالكسر والمد: الصوت، وأما المقصور فهو اليسار.
صحاح.
قوله: (والنوح) البكاء على الميت وتعديد محاسنه.
قوله: (والملاهي) كالمزامير والطبل، وإذا كان الطبل لغير اللهو فلا بأس به كطبل الغزاة والعرس لما في الاجناس: ولا بأس أن يكون ليلة العرس دف يضرب به ليعلن به النكاح.
وفي الولواجية: وإن كان للغزو أو القافلة يجوز.
إتقاني ملخصا.
قوله: (يباح) كذا في المحيط.
وفي المنتقى: امرأة نائحة أو صاحبة طبل أو زمر اكتسبت مالا ردته على أربابه إن علموا وإلا تتصدق به، وإن من غير شرط فهو لها.
قال الامام الاستاذ: لا يطيب، والمعروف كالمشروط اه.
قلت: وهذا مما يتعين الاخذ به في زماننا لعلمهم أنهم لا يذهبون إلا بأجر البتة ط.
مطلب في الاستئجار على الطاعات قوله: (ولا لاجل الطاعات) الاصل أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها عندنا لقوله عليه الصلاة والسلام: اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به وفي آخر ما عهد رسول الله (ص) إلى عمرو بن العاص: وإن اتخذت مؤذنا فلا تأخذ على الاذان أجرا ولان القربة متى حصلت وقعت على العامل ولهذا تتعين أهليته، فلا يجوز له أخذ الاجرة من غيره كما في الصوم والصلاة.
هداية.
مطلب: تحرير مهم في عدم جواز الاستئجار على التلاوة والتهليل ونحوه مما لا ضرورة إليه قوله: (ويفتى اليوم بصحتها لتعليم القرآن الخ) قال في الهداية: وبعض مشايخنا رحمهم الله تعالى استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم لظهور التواني في الامور الدينية، ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن، وعليه الفتوى اه.
وقد اقتصر على استثناء تعليم القرآن أيضا في متن الكنز و مواهب الرحمن وكثير من الكتب، وزاد في مختصر الوقاية ومتن الاصلاح تعليم الفقه، وزاد في متن المجمع الامامة، ومثله في متن الملتقى ودرر البحار، وزاد بعضهم: الاذان والاقامة والوعظ، وذكر المصنف(6/339)
معظمها، ولكن الذي في أكثر الكتب الاقتصار على ما في الهداية، فهذا مجموع ما أفتى به المتأخرون من مشايخنا وهم البلخيون على خلاف في بعضه، مخالفين ما ذهب إليه الامام وصاحباه، وقد اتفقت كلمتهم جميعا في الشروح والفتاوى على التعليل بالضرورة وهي خشية ضياع القرآن كما في الهداية، وقد نقلت لك ما في مشاهير متون المذهب الموضوعة للفتوى فلا حاجة إلى نقل ما في الشروح والفتاوى، وقد اتفقت كلمتهم جميعا على التصريح بأصل المذهب من عدم الجواز، ثم استثنوا بعده ما علمته فهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على أن المفتى به ليس هو جواز الاستئجار على كل طاعة، بل على ما ذكروه فقط مما فيه ضرورة ظاهرة تبيح الخروج عن أصل المذهب من طرو المنع، فإن مفاهيم الكتب حجة ولو مفهوم لقب على ما صرح به الاصوليون بل هو منطوق، فإن الاستثناء من أدوات العموم كما صرحوا به أيضا.
وأجمعوا على أن الحج عن الغير بطريق النيابة لا الاستئجار، ولهذا لو فضل مع النائب شئ من النفقة يجب عليه رده للاصيل أو ورثته، ولو كان أجره لما وجب رده، فظهر
لك بهذا عدم صحة ما في الجوهرة من قوله.
واختلفوا في الاستئجار على قراءة القرآن مدة معلومة: قال بعضهم: لا يجوز، وقال بعضهم: يجوز وهو المختار اه.
والصواب أن يقال على تعليم القرآن، فإن الخلاف فيه كما علمت لا في القراءة المجردة فإنه لا ضرورة فيها، فإن كان ما في الجوهرة سبق قلم فلا كلام، وإن كان عن عمد فهو مخالف لكلامهم قاطبة فلا يقبل.
وقد أطنب في رده صاحب تبيين المحارم مستندا إلى النقول الصريحة: فمن جملة كلامه قال تاج الشريعة في شرح الهداية: إن القرآن بالاجرة لا يستحق الثواب لا للميت ولا للقارئ، وقال العيني في شرح الهداية: ويمنع القارئ للدنيا، والآخذ والمعطي آثمان.
فالحاصل: أن ما شاع في زماننا من قراءة الاجزاء بالاجرة لا يجوز، لان فيه الامر بالقراءة وإعطاء الثواب للآمر والقراءة لاجل المال، فإذا لم يكن للقارئ ثواب لعدم النية الصحيحة فأين يصل الثواب إلى المستأجر، ولولا الاجرة ما قرأ أحد لاحد في هذا الزمان، بل جعلوا القرآن العظيم مكسبا ووسيلة إلى جمع الدنيا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
اه.
وقد اغتر بما في الجوهرة صاحب البحر في كتاب الوقف وتبعه الشارح في كتاب الوصايا حيث يشعر كلامها بجواز الاستئجار على كل الطاعات ومنها القراءة.
وقد رده الشيخ خير الدين الرملي في حاشية البحر في كتاب الوقف حيث قال: أقول: المفتى به جواز الاخذ استسحانا على تعليم القرآن لا على القراءة المجردة، كما صرح به في التاترخانية حيث قال: لا معنى لهذه الوصية ولصلة القارئ بقراءته، لان هذا بمنزلة اورة والاجارة في ذلك باطلة، وهي بدعة ولم يفعلها أحد من الخلفاء، وقد ذكرنا مسألة تعليم القرآن على استسحان اه: يعني للضرورة، ولا ضرورة في الاستئجار على القراءة على القبر.
وفي الزيلعي وكثير من الكتب: ولو لم يفتح لهم باب التعليم بالاجر لذهب القرآن فأفتوا بجوازه ورأوه حسنا، فتنبه اه كلام الرملي.
وما في التاترخانية فيه رد على من قال: لو أوصى لقائ يقرأ على قبره بكذا ينبغي أن يجوز على وجه الصلة دون الاجر، وممن صرح ببطلان هذه الوصية صاحب الولوالجية والمحيط والبزازية، وفيه رد أيضا على صاحب البحر حيث علل البطلان بأنه مبني على القول بكراهة القرآن على القبر وليس كذلك، بل لما فيه من شبه الاستئجار على القراءة كما علمت، وصرح به في الاختيار وغيره، ولذا قال
في الولوالجية ما نصه: ولو زار قبر صديق أو قريب له وقرأ عنده شيئا من القرآن فهو حسن، أما(6/340)
الوصية بذلك فلا معنى لها، ولا معنى أيضا لصلة القارئ، لان ذلك يشبه استجاره على قراءة القرآن وذلك باطل، ولم يفعل ذلك أحد من الخلفاء اه.
إذ لو كانت العلة ما قاله لم يصح قوله هنا فهو حسن، وممن أفتى ببطلان هذه الوصية الخير الرملي كما هو مبسوط في وصايا فتاواه، فراجعها.
ونقل العلامة الحلواني في حاشية المنتهى الحنبلي عن شيخ الاسلام تقي الدين ما نصه: ولا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت، لانه لم ينقل عن أحد من الائمة الاذن في ذلك.
وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لاجل المال فلا ثواب له فأي شئ يهديه إلى الميت؟ وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح، والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الائمة، وإنما تنازعوا في الاستئجار التعليم اه بحروفه.
وممن صرح بذلك أيضا الامام البركوي قدس سره في آخر الطريقة المحمدية.
فقال: الفصل الثالث في أمور مبتدعة باطلة أكب الناس عليها على ظن أنها قرب مقصودة، إلى أن قال: ومنها الوصية من الميت باتخاذ الطعام والضيافة يوم موته أو بعده وبإعطاء دراهم لمن يتلو القرآن لروحه أو يسبح أو يهلل له، وكلها بدع منكرات باطلة، والمأخوذ منها حرام للآخذ، وهو عاص بالتلاوة والذكر لاجل الدنيا اه ملخصا.
وذكر أن له فيها أربع مسائل.
فإذا علمت ذلك ظهر لك حقيقة ما قلناه، وأن خلافه خارج عن المذهب، وعما أفتى به البلخيون وما اطبق عليه أئمتنا متونا وشروحا وفتاوى، ولا ينكر ذلك إلا غمر مكابر أو جاهل لا يفهم كلام الاكابر، وما استدل به بعض المحشين على الجواز بحديث البخاري في اللديغ فهو خطأ، لان المتقدمين المانعين الاستئجار مطلقا جوزوا الرقية باورة ولو بالقرآن كما ذكره الطحاوي، لانها ليست عبادة محضة بل من التداوي.
وما نقل عن بعض الهوامش وعزي إلى الحاوي الزاهدي من أنه لا يجوز الاستئجار على الختم بأقل من خمسة وأربعين درهما فخارج عما اتفق عليه أهل المذهب قاطبة.
وحينئذ فقد ظهر لك بطلان ما أكب عليه أهل العصر من الوصية بالختمات والتهاليل مع قطع النظر عما يحصل فيها من المنكرات التي لا ينكرها إلا من طمست بصيرته، وقد جمعت فيها رسالة سميتها
(شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختمات والتهاليل) وأتيت فيها بالعجب العجاب لذوي الالباب، وما ذكرته هنا بالنسبة إليها كقطرة من بحر أو شذرة من عقد نحر، وأطلعت عليها محشي هذا الكتاب فقيه عصره ووحيد دخر، السيد أحمد الطحاوي مفتي مصر سابقا، فكتب عليها وأثنى الثناء الجميل، فالله يجزيه الخير الجزيل، وكتب عليها غيره من فقهاء العصر.
قوله: (فسدت في الكل) ويجب أجر المثل لا يجاوز به المسمى.
زيلعي.
قوله: (بجزء من عمله) أي ببعض ما يخرج من عمله، والقدرة على التسليم شرط وهو لا يقدر بنفسه.
زيلعي.
قوله: (عن قفيز الطحان) وهو المسألة الثالثة التي ذكرها المصنف كما ذكره الزيلعي.
قوله: (والحيلة أن يفرز الاجر أولا) أي ويسلمه إلى الاجير، فلو خلطه بعد وطحن الكل ثم أفرز الاجرة ورد الباقي جاز، ولا يكون(6/341)
في معنى قفيز الطحان إذ لم يستأجره أن يطحن بجزء منه أو بقفيز منه كما في المنح عن جواهر الفتاوى.
قال الرملي: وبه علم بالاولى جواز ما يفعل في ديارنا من أخذ الاجرة من الحنطة والدارهم معا ولا شك في جوازه اه.
قوله: (بلا تعيين) أي من غير أن يشترط أنه من المحمول أو من المطحون فيجب في ذمة المستأجر.
زيلعي.
قوله: (نصف هذا الطعام) قيد بالنصف، لانه لو استأجره ليمل الكل بنصفه لا يكون شريكا فيجب أجر المثل وهي مسألة المتن.
النهرلا أجر له أصلا أي لا المسمى ولا أجر المثل.
عناية.
قوله: (لصيرورته شريكا) قال الزيلعي: لان الاجير ملك النصف في الحال بالتعجيل فصار الطعام مشتركا بينهما فلا يستحق الاجر، لانه لا يعمل شيئا لشريكه إلا ويقع بعضه لنفسه هكذا قالوا.
وفي إشكالان: أحدهما: أن الاجارة فاسدة والاجرة لا تملك بالصحيحة منها بالعقد عندنا، سواء كان عينا أو دينا على ما بيناه من قبل، فكيف ملكه هنا من غير تسليم ومن شرط التعجيل.
والثاني أنه قال ملكه في الحال، وقوله لا يستحق الاجر ينافي الملك، لانه لا يملكه إذا ملكه إلا بطريق اورة، فإذا لم يستحق شيئا فكيف يملكه وبأي سبب يملكه؟ اه.
قوله: (أجاب عنه المصنف)، قلت: وأجاب في الحواشي السعدية بقوله: لعل مرادهم: أي بقولهم لا يستحق الاجر نفي الملك، لان
وجوده يؤدي إلى عدمه وما هو كذلك يبطل، فقولهم: ملك الاجر في الحال كلام على سبيل الفرض والتقدير، والظاهر أن وضع المسألة فيما إذا سلم إلى الاجير كل الطعام فيكون تقدير الكلام: لو وجب الاجر في الصورة المفروضة لملك الاجير الاجرة في الحال بالتعجيل، والثاني باطظل إذ يكون حينئذ مشتركا فيفضي إلى عدم وجوب الاجرة، وكل ما أفضى وجوده إلى انتفاء لزومه فهو باطل اه.
وحاصل جواب المصنف عن الاول: أن الاجرة هنا معجلة كما صرح به الزيلعي في صدر تقريره، وهي تملك بالتعجيل كما تملك باشتراطه.
وعن الثاني: أنه لما ملكه بالتعجيل وعمل تبين بعد العمل عدم استحقاقه لشئ من الاجرة، كما لو عجلها عند العقد فاستحقها مستحق تبين كونه ليس بمالك لها اه.
وفيه نظر فإن هذا العقد لا يخلو إما أن يكون باطلا أو فاسدا أو صحيحا، أما الباطل فلا أجر فيه أصلا كما مر أول الباب فكيف يملك بالتعجيل؟ وأما الفاسد فلا يجب الاجر فيه إلا بحقيقة الانتفاع كما مر مرارا فلا يملك بالتعجيل أيضا قبل العمل، وبعد العمل يجب أجر المثل، وفرض المسألة هنا أنه لا أجر أصلا.
وأما الصحيح فيملك الاجر بالتعجيل مع الافراز وهنا حصل في ضمن التسليم، إذ لو أفرزه وسلمه إلى الاجير ثم خلطه وحمل الكل معا جاز كما قدمناه آنفا عن جواهر الفتاوى، إلا أن يقال: انعقد صحيحا ثم طرأ عليه الفساد عند العمل قبل الافراز، وحينئذ(6/342)
فقول الزيلعي: إن هذه الاجارة فاسدة: أي مآلا، أما في الحال فهي صحيحة، فليتأمل.
مطلب: يخص القياس والاثر بالعرف العام دون الخاص قوله: (كما زعمه مشايخ بلخ) قال في التبيين: ومشايخ بلخ والنسفي يجيزون حمل الطعام ببعض المحمول ونسج الثوب ببعض المنسوج لتعامل أهل بلادهم بذلك، ومن لم يجوزه قاسه على قفيز الطحان.
والقياس يترك بالتعارف.
ولئن قلنا: إنه ليس بطريق القياس بل النص يتناوله دلالة فالنص يخص بالتعارف، ألا ترى أن الاستصناع ترك القياس فيه، وخص من القواعد الشرعية بالتعامل، ومشايخنا رحمهم الله لم يجوزوا هذا التخصيص، لان ذلك تعامل أهل بلدة واحدة وبه لا يخص الاثر، بخلاف
الاستصناع فإن التعامل به جرى في كل البلاد، وبمثله يترك القيام ويخص الاثر اه.
وفي العناية: فإن قيل: لا نتركه بل يخص عن الدلالة بعض ما في معنى قفيز الطحان بالعرف كما فعل بعض مشايخ بلخ في الثياب لجريان عرفهم بذلك.
قلت: الدلالة لا عموم لها حتى تخص اه.
ط.
قوله: (فيفضي للمنازعة) فيقول المؤجر المعقود عليه العمل والوقت ذكر للتعجيل ويقول المستأجر بل هو الوقت والعمل للبيان.
وقال الصاحبان: هي صحيحة، ويقع العقد على العمل، وذكر الوقت للتعجيل تصيحا للعقد عند تعذر الجمع بينهما فترتفع الجهالة.
وظاهر كلام الزيلعي ترجيح قولهما، وهذا إذا أخر الاجرة، أما إذا وسطها فالمعقود عليه المتقدم لتمام العقد بذكر الاجر، ثم المتأخر إن كان وقتا فللتعجيل، وإن كان عملا فلبيان العمل في ذلك الوقت فلا يفسد، كما نقله ابن الكمال عن الخانية، ومثله في القهستاني عن الكرماني، وزاد في المنية: وإذا قدمها فسد أيضا.
ثم اعلم أن الخلاف أيضا فيما إذا كان العمل مبين المقدار معلوما حتى يصلح لكونه معقودا عليه فيزاحم الوقت فيفسد، ولذا قال ليخبز له كذا قفيز دقيق، فلو لم يبين صح لانه لجهالته كأنه لم يذكر إلا الوقت، كما إذا استأجر رجلا يوما ليبني له بالآجر والجص جاز بلا خلاف، فلو بين العمل على وجه يجوز إيراد العقد عليه بأن بين قدر البناء لا يجوز عند الامام كما ذكره في الاصل، وحينئذ فلا يشكل ما سيأتي في بحث الاجير الخاص لو استأجره شهرا لرعي الغنم بكذا صح، مع أن فيه الجمع بين المدة والعمل لانه لم يبين قدر الغنم المرعي كما نبه عليه العلامة الطوري فاحفظه.
قوله: (جازت إجماعا) أما في الاول وهو رواية عن الامام كما ذكره الزيلعي فلان كلمة في للظرف لا لتقدير المدة فلا تقتضي الاستغراق، فكان المعقود عليه العمل وهو معلوم، بخلاف ما إذا حذفت فإنه يقتضي الاستغراق، وقد مر نظيره في الطلاق في قوله: أنت طالب غدا أو في الغد.
وأما في الثاني فلان اليوم لم يذكر مقصودا كالعمل حتى يضاف العقد إليهما، بل ذكر لاثبات صفة في العمل والصفة تابعة للموصوف غير مقصودة بالعقد كما في التبيين.
قوله: (بشرط أن يثنيها) في القاموس ثناة تثنية: جعله اثنين اه.
وهو على حذف مضاف: أي يثتي حرثها.(6/343)
وفي المنح: إن كان المراد أن يردها مكروبة فلا شك في فساده، وإلا فإن كانت الارض لا تخرج الريع إلا بالكراب مرتين لا يفسد وإن ما تخرج بدونه، فإن كان أثره يبقى بعد انتهاء العقد يفسد لان فيه منفعة لرب الارض، وإلا فلا اه ملخصا.
وذكر في التاترخانية عن شيخ الاسلام ما حاصله: أن الفساد فيما إذا شرط ردها مكروبة بكراب يكون في مدة الاجارة، أما إذا قال على أن تكربها بعد مضي المدة أو أطلق صح وانصرف إلى الكراب بعده.
قال: وفي الصغرى واستفدنا هذا التفصيل من جهته، وبه يفتى.
قلت: ووجهه أن الكراب يكون حينئذ من الاجرة.
تأمل.
قوله: (أي يحرثها) فالحرث هو الكرب وهو إثارة الارض للزراعة كالكراب.
قاموس.
قوله: (أو يكري) من باب رمى: أي يحفر.
قوله: (العظام) لان أثره يبقى إلى القابل عادة، بخلاف الجداول: أي الصغار فلا تفسد بشرط كربها هو الصحيح.
ابن كمال.
قوله: (أو يسرقنها) أي يضع فيها السرقين وهو الزيل لتهييج الزرع ط.
قوله: (فلو لم تبق) بأن كانت المدة طويلة لم تفسد لانه لنفع المستأجر فقط.
قوله: (أو بشرط أن يزرعها الخ) أي استأجر أرضا ليزرعها وتكون الاجرة أن يزرع المؤجر أرضا أخرى هي للمستأجر لا يجوز عندنا.
منح.
فهو إجارة المنفعة بالمنفعة المتحدة، وسيأتي الكلام فيها.
قوله: (لما يجئ) أي قريبا ح.
قوله: (أن الجنس بانفراده يحرم النساء) والزراعة المطلقة من جنس الزراعة المطلقة فإن قلت: العين قائمة مقام المنفعة على ما هو مقرر فلم يوجد النساء.
قلنا: العين إنما تقام مقام المنفعة على خلاف القياس للضرورة، وذلك فيما إذا وقعت المنفعة معقودا عليها وهي في مسألتنا ما لم يصحبه الباء، فما صحبه لا تقام العين فيه مقام المنفعة فبقي على الاصل نسيئة ح.
قوله: (لانه شرط يقتضيه العقد) لان نفعه للمستأجر فقط.
قوله: (فلا أجر له) أي لا المسمى ولا أجر المثل.
زيلعي.
لان الاجر يجب في الفاسدة إذا كان له نظير من الاجارة الجائزة وهذه لا نظير لها.
إتقاني.
وظاهر كلام قاضيخان في الجامع أن العقد باطل لانه قال لا ينعقد العقد.
تأمل.
قوله: (لانه لا يعمل الخ) فإن قيل: عدم استحقاقه للاجر على فعل نفسه لا يستلزم عدمه بالنسبة إلى ما وقع لغيره.
فالجواب أنه عامل لنفسه فقط لانه الاصل، وعمله لغيره مبني على أمر مخالف للقياس فاعتبر الاول، لاونه ما من
جزء يحمله إلا هو شريك فيه فلا يتحقق تسليم المعقود عليه لانه يمنع تسليم العمل إلى غيره فلا أجر.
عناية وتبيين ملخصا.
وفي غاية البيان: طعام بين اثنين ولاحدهما سفينة فاستأجر الآخر نصفها بعشرة دراهم جاز، وكذا لو أراد أن يطحنا الطعام فاستأجر نصف الرحى الذي لشريكه استأجر أنصاف جواليقه هذه ليحمل الطعام إلى مكة جاز، ولو استأجر عبد صاحبه أو دابة عبد صاحبه أو دابته ليحمله أو استأجر العبد لحفظ الطعام لا يجوز سواء استأجر العبد أو الدابة كله أو نصفه ولا أجر له، والاصل أن كل ما(6/344)
لا يستحق الاجر إلا بإيقاع عمل في العين المشتركة لا يجوز، وكل ما يستحق بدونه يجوز، فإنه تجب الاجرة بوضع العين في الدار والسفينة والرحى لا بإيقاع عمل اه.
ملخصا: أي فإن للعبد والدابة عملا في العين المشتركة وهو الحمل أو الحفظ، أما السفينة مثلا فلا عمل لها أصلا.
قوله: (لنفعه بملكه) الذي ينبغي أن يقول لانتفاعه بملكه اح.
وإنما كان كذلك لان المرتهن غير مالك للمنافع فلا يملك تمليكها وإنما هي للراهن ولكنه ممنوع من الانتفاع لتعلق حق المرتهن، فإذا آجره فقد أبطل حقه.
قوله: (لانه يسترد الخ) بيانه أنه قد باعه منفعة الحمام مدة معلومة وقد استوفى المؤجر بعضها فانفسخ بقدره، ثم الاجرة تثبت في ذمة المستأجر بالعقد، والقدر الذي فسخت فيه غير معلومة ولا يمكن إسقاط شئ بحسابه للجهالة فبقي جميع الاجرة على المستأجر.
رحمتي.
قوله: (أو أي شئ يزرعها) أي أو ذكر أنه يزرعها ولم يذكر أي شئ يزرع.
قوله: (كما مر) أي أول باب ما يجوز من الاجارة، وهذه المسألة في الحقيقة تصريح بمفهوم قوله هناك: وأرض للزراعة الخ.
قوله: (عاد صحيحا) كذا في الملتقى والغرر والاصلاح والمنح، واعترضه في الشرنبلالية بأن صحة العقد لا تتوقف على مضي الاجل بعد الزراعة، بل إذا زرع ارتفعت الجهالة اه.
أقول: إنما ذكره ليفرع عليه قوله: فله المسمى فإنه لو بقي فاسدا وجب أجر المثل.
قوله: (وكذا لو لم يمض الاجل) أي يعود صحيحا، وهو إشارة إلى ما قدمناه عن الشرنبلالي، ومنشأ الاعتراض زيادة قوله عاد صحيحا وإنما ذكره ثم اعترضه لان المصنف ذكر في تقرير شرح متنه فكان
مرادا له.
وقد يدفع الاعتراض بأن عوده صحيحا بعد الزرع ومضي الاجل صحيح: أي بعد مجموع هذين الشيئين فليس فيه ما يقتضي توقف عوده صحيحيا على مضي الاجل، فتأمل.
قوله: (قبل تمام العقد) أي قبل تمام مدته، وقول العناية: قبل تمام العقد بنقض الحاكم مما لا تقبله الفطرة السليمة فإنه ينفسخ من الاصل بنقض الحاكم، فكيف يتم به وتمام الشئ من آثار بقائه.
طوري.
قوله: (كقاضيخان) وعبارته: فإن زرعها فله ما سمى من الاجر لانه عاد جائزا، وهذا استحسان لان الاجارة تنعقد ساعة فساعة على حساب حدوث المنفعة، والفساد كان لاجل الجهالة، فإذا ارتفعت كان الارتفاع في هذه الساعة كالارتفاع في وقت العقد فيعود جائزا.
قوله: (فحمله المعتاد) خرج غير المعتاد فيضمن إن هلك كما في الاتقاني.
قوله: (لفساد الاجارة الخ) كذا في الدرر والمنح، والاولى قول(6/345)
الهداية: لان العين أمانة وإن كانت الاجارة فاسدة.
قوله: (لما مر في الزراعة) أي من ارتفاع الجهالة قبل تمام العقد، وظاهره أنها تنقلب صحيحة بمجرد حمل المعتاد قبل بلوغه إلى بغداد، وبه صرح الاتقاني، وتقدم في كلام الشارح في باب ما يجوز من الاجارة حيث قال: ولو لم يبين من يركبها فسدت للجهالة وتنقلب صحيحة بركوبها اه.
وهو مخالف لما تقدم عن الهداية آنفا.
تأمل.
قوله: (فسخت) أي أبطلها القاضي لان العقد الفاسد يجب نقضه وإبطاله.
ذخيرة.
قوله: (دفعا للفساد) الاولى رفعا بالراء مكان دفعا بالدال لان الفساد قائم يحتاج إلى الرفع لا غير قائم حتى يحتاج إلى الدفع فافهم، إتقاني.
قوله: (لقيامه بعد) أي في الحال ط.
قوله: (والاجر والضمان لا يجتمعان) أي أجر ما بعد الجحود مع ضمان الدابة لو هلكت بعد الجحود ح.
قلت: وأما أجر ما قبل الجحود فيجب وإن هلكت بعده، ولا يلزم اجتماعهما لاختلاف الجهة كما مر نظيره.
تأمل.
قوله: (وعند محمد يجب المسمى) أي إن سلمت الدابة.
قال المقدسي في شرح الكنز: وأوجب محمد الاجر لانه سلم من الاستعمال فسقط الضمان، كذا في التبيين وشروح المجمع.
وأنت خبير بأن المسألة السابقة ونظائرها تؤيد ما قال ح.
قلت: وفيه نظر، فإنه في المسألة السابقة غير غاصب لاقراره بالاجارة وانقلابها صحيحة بارتفاع
الجهالة كما مر.
مطلب: يجب الاجر في استعمال المعد للاستغلال ولو غير عقار نعم ينبغي وجوب الاجر لو مدة للاستغلال فإنه لا يختص بالعقار كما وهم، وقد أفتى في الحامدية بوجوب الاجر على مستعمل دابة المكاري مستندا للنقل كا سنذكره في الغصب، ومثله في المرادية، فتنبه.
قوله: (وفي الاشباه الخ) كلام مجمل، وبيانه ما في الولوالجية: رجل دفع ثوبا إلى قصار ليقصره فجحده ثم جاء به مقصورا وأقر بذلك: إن قصره قبل الجحود له الاجر لان العمل وقع لصاحب الثوب، وإن بعده لا لوقوع العمل للعامل لانه غاصب بالجحود، ولو كان صباغا والمسألة بحالها: إن صبغه قبل الجحود له الاجر، وإن بعده إن شاء رب الثوب أخذه وأعطاه قيمة ما زاد الصبغ فيه، وإن شاء تركه وضمنه قيمته أبيض، ولو دفع غزلا إلى نساج والمسألة بحالها: إن نسجه قبل الجحود له الاجر، وإن بعده لا أجر له والثوب للنساج وعليه قيمة الغزل، كما إذا كان حنطة فطحنها.
قوله: (إجارة المنفعة الخ) هذه أعم من قوله السابق أو أن يزرعها بزراعة أرض أخرى.
قوله:(6/346)
(كإجارة السكنى بالسكنى) أي سكنى دار بأخرى، فلو بحانوت يصح للاختلاف منفعة، وقيل لا يصح.
ومعاوضة البقر بالبقر في الاكداس لا تجوز لاتحاد الجنس، والبقر بالحمير يجوز لاختلاف الجنس، جامع الفصولين، والكدس: بالضم: الحب المحصود المجموع.
قاموس، وفي شرح قاضيخان: وخدمة العبد والامة جنس واحد، فإن خدم أحد هذين دون الآخر: في رواية: يجب أجر المثل، وفي رواية: لا يجب شئ اه.
وفي التاترخانية: إذا قوبلت المنفعة بجنسها واستوفى الآخر عليه أجر المثل في ظاهر الرواية، وعليه الفتوى.
قوله: (لما تقرر الخ) تقدم الكلام فيه، وعلل بعلة أخرى، وهي أن عنده من ذلك الجنس ملكا والاجارة جوزت على خلاف الجنس للحاجة.
قوله: (لفساد العقد) الاولى أن يقول: بحكم عقد فاسد، ويكون الجار متعلقا باستيفاء ط.
قوله: (جاز) لانه أجير وحد وشرطه بيان لا الوقت.
قوله: (وإلا لا) أي والحطب للعامل ط.
قوله: (فسد) قال في الهندية: ولو قال هذا الحطب فالاجارة فاسدة والحطب للمستأجر وعليه أجر مثله اه.
ط.
قوله: (وبه يفتى.
صيرفية) قال
فيها: إن ذكر اليوم فالعلف للآمر وإلا فللمأمور، وهذه رواية الحاوي، وبه يفتى.
قال في المنح: وهذا يوافق ما قدمناه عن المجتبى، ومن ثم عولنا عليه في المختصر.
قوله: (لم يجز) لان هذا العمل من الواجب عليها ديانة لان النبي (ص) قسم الاعمال بين فاطمة وعلي، فجعل عمل الداخل على فاطمة وعمل الخارج على علي وأفاد المصنف آخر الباب أن استئجار المرأة للطبخ والخبز وسائر أعمال البيت لا تنعقد ونقله عن المضمرات ط.
قلت: كأنه واجب عليها ديانة، ثم راجعت باب النفقة فرأيته علل به وزاد: ولو شريفة، لانه عليه الصلاة والسلام قسم الاعمال الخ، وهذا يدل على ما قدمناه من أن المفتى به عند المتأخرين في الاستجئار على الطاعات ما نصوا عيه لا كل طاعة.
قوله: (فلا أجر) لان منفعة السكنى تعود إليها، ولان الزوج يخرج من الدار في بعض الاوقات، وعسى أن يكون عامة نهاره في السوق وتكون الدار في يد المرأة.
خانية.
قوله: (قال قاضيخان) ذكره في شرحه على الجامع الصغير.
وفي الزيادات له: ما تقدم ذكره في فتاواه أفاده المصنف في المنح، وحيث ذكره في شرحه كان هو المعتمد، ولهذا قال الشيخ شرف الدين: قوله لا أجر، أقول: هذا قول، والمفتى به وجوبه الخ.
قوله: (لتبعيتها له في(6/347)
السكنى) فلا تمنع من التخلية والتسليم.
قوله: (والمدة) عبر في الذخيرة وغيرها بأو، فالواو هنا بمعناها.
مطلب في استئجار الماء مع القتاة واستئجار الآجام والحياض للسمك قوله: (والنهر) هو مجرى الماء.
قوله: (مع الماء) أي تبعا.
قال في كتاب الشرب من البزازية: لم تصح إجارة الشرب لوقوع الاجارة على استهلاك العين مقصودا، إلا إذا آجر أو باع مع الارض فحينئذ يجوز تبعا، ولو باع أرضا مع شرب أرض أخرى: عن ابن سلام أنه يجوز، ولو آجر أرضا مع شرب أرض أخرى لا يجوز.
وتمامه فيه.
مطلب: الاجارة إذا وقعت على العين لا تصح والحيلة فيه وذكر هنا الاجارة إذا وقعت على العين لا تصح، فلا تجوز على استئجار الآجام والحياض لصيد
السمك أو رفع القصب وقطع الحطب أو لسقي أرضها أو لغنمه منها، وكذا إجارة المرعى.
والحيلة في الكل أن يستأجر موضعا معلوما لعطن الماشية ويبيح الماء والمرعى، وإنما يحتاج إلى إباحة ماء البئر والعين إذا أتى الشرب على كل الماء، وإلا فلا حاجة إلى الاذن إذا لم يضر بحريم البئر أو النهر.
استأجر نهرا يابسا أو أرضا أو سطحا مدة معلومة ولم يقل شيئا صح، وله أن يجري فيه الماء اه.
مطلب في أجرة الدلال تتمة: قال في التاترخانية: وفي الدلال والسمسار يجب أجر المثل، وما تواضعوا عليه أن في كل عشرة دنانير كذا فذاك حرام عليهم.
وفي الحاوي: سئل محمد بن سلمة عن أجرة السمسار، فقال: أرجو أنه لا بأس به، وإن كان في الاصل فاسدا لكثرة التعامل، وكثير من هذا غير جائز فجوزوه لحاجة الناس إليه كدخول الحمام.
وعنه قال: رأيت ابن شجاع يقاطع نساجا ينسج له ثيابا في كل سنة.
مطلب: أسكن المقرض في داره يجب أجر المثل وفي الخانية: رجل استقرض دراهم وأسكن المقرض في داره، قالوا: يجب أجر المثل على المقرض لان المستقرض إنما أسكنه في داره عوضا عن منفعة القرض لا مجانا، وكذا لو أخذ المقرض من المستقرض حمارا ليستعمله إلى أن يرد عليه الدراهم اه.
وهذه كثيرة الوقوع، والله تعالى أعلم.
باب ضمان الاجير لما فرغ من ذكر أنواع الاجارة صحيحها وفاسدها شرع في بيان الضمان، لانه من جملة العوارض التي تترتب على عقد الاجارة فيحتاج إلى بيانها.
كذا في غاية البيان، ولا يخفى أن معنى ضمان الاجير إثباتا ونفيا، ولو لم يكن معناه ذلك بل إثبات الضمان فقط لزم أن لا يصح عنوان الباب على قول(6/348)
الامام أصلا لانه لا ضمان عنده على أحد من الاجير المشترك والخاص.
طوري.
مبحث للاجير المشترك قوله: (فالاول الخ) قال في العناية: والسؤال عن وجه تقديم المشترك على الخاص دوري اه.
يعني لو قدم الخاص لتوجه السؤال عن سبب تقديمه على المشترك أيضا، لان لتقديم كل منهما على الآخر وجها، أما المشترك فه بمنزلة العام بالنسبة إلى الخاص مع كثرة مباحثه، وأما الخاص فلانه بمنزلة المفرد من المركب، لكن تقديم المشترك هنا أولى، لان الباب باب ضمان الاجير وذلك في المشترك، فتأمل.
فإن بما ذكر لم يظهر وجه اختيار تقديم المشترك كما لا يخفى وكان لا بد منه، سعدية.
قوله: (من يعمل لا لواحد) قال الزيلعي: معناه من لا يجب عليه أن يختص بواحد عمل غيره أو لم يعمل، ولا يشترط أن يكون عاملا لغير واحد، بل إذا عمل لواحد أيضا فهو مشترك إذا كان بحيث لا يمتنع ولا يتعذر عليه أن يعمل لغيره.
قوله: (ونحوه) أتى به وإن أغنت عنه الكاف لئلا يتوهم أنها استقصائية، فافهم.
قال الطوري: وفي العتابية: المشترك الحمال والملاح والحائك والخياط والنداف والصباغ والقصار والراعي والحجام والبزاغ البناء والحفار اه.
قوله: (وسيتضح) أي في بحث الاجير الخاص، لكنه هناك أحال تحقيقه على الدرر، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
قوله: (وفي جواهر الفتاوى الخ) أراد به التنبيه على حكم الاجير المشترك والمعقود عليه، قال الزيلعي: وحكمهما: أي المشترك والخاص أن المشترك له أن يتقبل العمل من أشخاص، لان المعقود عليه في حقه هو العمل أو أثره، فكان له أن يتقبل من العامة لان منافعه لم تضر مستحقة لواحد، فمن هذا الوجه سمي مشتركا والخاص لا يمكنه أن يعمل لغيره لان منافعه في المدة صارت مستحقة للمستأجر والاجر مقابل بالمنافع ولهذا يبقى الاجر مستحقا وإن نقض العمل اه.
قال أبو السعود: يعني وإن نقض عمل الاجير رجل، بخلاف ما لو كان النقض منه فإنه يضمن كما سيأتي.
قوله: (حتى يعمل) لان الاجارة عقد معاوضة فتقتضي المساواة بينهما، فما لم يسلم المعقود عليه للمستأجر لا يسلم له العوض والمعقود عليه هو العمل أو أثره على ما بينا فلا بد من العمل.
زيلعي.
والمراد لا يستحق الاجر مع قطع النظر عن أمور خارجية، كما إذا عجل له ا لاجر أو شرط تعجيله كما في السعدية، وقدمناه أوائل كتاب الاجارة، وتقدم هناك أنه لو طلب الاجر إذا فرغ وسلمه فهلك قبل تسليمه يسقط الاجر، وكذا كل من لعمله أثر، وما لا أثر له كحمال له الاجر كما فرغ وإن لم يسلم.
قوله: (مجتبى) عبارته: شارط قصارا على أن يقصر له ثوبا مرويا بدرهم ورضي به، فلما رأى الثوب القصار قال: لا أرضى، فله ذلك، وكذا(6/349)
الخياط، والاصل فيه أن كل عمل يختلف باختلاف المحل يثبت فيه خيارا الرؤية عند رؤية المحل، وما لا فلا، كمن استأجر ليكيل له هذه الحنطة أو يحجم عبده فلما رأى محل العمل امتنع ليس له ذلك، ثم قال: والاصل أن الاستئجار على عمل في محل هو عنده جائز، وما ليس عنده فلا، كبيع ما ليس عنده اه.
منح.
ومثله في البزازية قبيل الخامس.
قوله: (ولا يضمن الخ) اعلم أن الهلاك إما بفعل الاجير أو لا، والاول إما بالتعدي أو لا.
والثاني إما أن يمكن الاحتراز عنه أولا، ففي الاول بقسميه يضمن اتفاقا.
وفي ثاني الثاني لا يضمن اتفاقا، وفي أوله لا يضمن عند الامام مطلقا، ويضمن عندهما مطلقا، وأفتى المتأخرون بالصلح على نصف القيمة مطلقا، وقيل إن مصلحا لا يضمن، وإن غير مصلح ضمن، وإن مستورا فالصلح اه.
ح.
والمراد بالاطلاق في الموضعين المصلح وغيره.
مطلب: يفتى بالقياس على قوله وفي البدائع: لا يضمن عنده ما هلك بغير صنعه قبل العمل أو بعده لانه أمانة في يده وهو القياس.
وقالا: يضمن إلا من حرق غالب أو لصوص مكابرين وهو استسحان اه.
قال في الخيرية: فهذه أربعة كلها مصححة مفتى بها، وما أحسن التفصيل الاخير، والاول: قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
وقال بعضهم: قول أبي حنيفة قول عطاء وطاوس وهما من كبار التابعين، وقولهما قول عمر وعلي، وبه يفتى احتشاما لعمر وعلي وصيانة لاموال الناس، والله اعلم اه.
وفي التبيين: وبقولهما يفتى لتغير أحوال الناس وبه يحصل صيانة أموالهم اه.
لانه إذا علم أنه لا يضمن ربما يدعى أنه سرق أو ضاع من يده.
وفي الخانية والمحيط والتتمة: الفتوى على قوله، فقد اختلف الافتاء، وقد سمعت ما في الخيرية.
وقال ابن ملك في شرح المجمع: وفي المحيط: الخلاف فيما إذا كانت الاجارة صحيحة، فلو فاسدة لا يضمن اتفاقا، لان العين حينئذ تكون أمانة لكون المعقود عليه وهو المنفعة مضمونة بأجر المثل اه.
قلت: ومحل الخلاف أيضا فيما إذا كان الهالك محدثا فيه العمل كما في الجوهرة للحدادي أو لا يستغنى عنه ما يحدث فيه العمل، لما في البدائع: روى هشام عن محمد فيمن دفع إلى رجل مصحفا
يعمل فيه ودفع الغلاف معه أو سكينا ليصقله ودفع الجفن معه، قال محمد: يضمن المصحف والغلاف والسيف والجفن، لان المصحف والسيف لا يستغنيان عن الغلاف والجفن، فإن أعطاه مصحفا يعمل له غلافا أو سكينا يعمل له نصابا فضاع المصحف أو السكين لم يضمنه لانه لم يستأجره على أن يعمل فيهما بل في غيرهما ه.
قوله: (وبه جزم أصحاب المتون) كالوقاية والملتقى والغرر والاصلاح، فكلهم صرحوا بعدم الضمان وإن شرطه.
وأما القدوري والهداية والكنز والمجمع فأطلقوا عدم الضمان فيفهم ذلك من كلامهم.
قوله: (خلافا للاشباه) أي من أنه إن شرط ضمانه ضمن إجماعا ح.
وهو منقول عن الخلاصة، وعزاه ابن مالك للجامع.
قوله: (وأفتى المتأخرون بالصلح) أي عملا بالقولين، ومعناه عمل في كل نصف بقول حيث حط النصف وأوجب النصف.
بزازية.
قال في شرح الملتقى: قال(6/350)
الزاهدي: على هذا أدركت مشايخنا بخوارزم، وأقره القهستاني اه.
وفي جامع الفصولين: منهم شمس الائمة الاوزجندي وأئمة فرغانة.
قوله: (وقيل إن الاجير مصلحا الخ) عزاه في جامع الفصولين إلى فوائد صاحب المحيط.
قوله: (وهل يجبر عليه) أي على الصلح.
قوله: (حرر في تنوير البصائر نعم) حيث قال: فإن قلت: كيف يصح الصلح جبرا؟ قلت: الاجارة عقد يجري فيها الجبر بقاء، ألا ترى أن من استأجر دابة أو سفينة مدة معلومة وانقضت مدتها في وسط البرية أو في لحجة البحر فإنها تبقى الاجارة بالجبر ولا يجري الجبر في ابتدائها، وهذه الحالة حالة البقاء فيجري فيها الجبر اه.
قلت: هذا السؤال والجواب مذكوران في البزازية بالحرف مع زيادة في الجواب، ذكرهما صاحب البزازية بعد قوله: وبعضهم أفتوا بالصلح، ثم قال بعدهما: ولا يرد ما قاله في العون ربما لا يقبلان: أي الاجير والمستأجر الصلح فاخترت قول الامام، لما قلنا: إن الصلح مجاز عن الحط.
ثم قال في البزازية: وأئمة سمرقند أفتوا بجواز الصلح بلا جبر اه.
فعلم أنهما قولان في الجبر وعدمه، بدليل قوله: حط النصف وأوجب النصف، فإن الايجاب جبري والصلح فيه مجاز عن الحط كما علمت، وهذا قول الاوزجندي وأئمة خوارزم وفرغانة كما مر، والثاني قول أئمة سمرقند، فما في المنح مما يفيد أن الامام ظهير الدين رجع عن القول بالجبر لا يدل على أن القول به مهجور، إلا أن ينقل الرجوع عن
كل من قال به، فافهم.
قوله: (تبقى الاجارة بالجبر) بيان لوجه الشبه الذي تضمنه الكاف ط.
وبحث فيه بعضهم بأنه قياس مع الفارق لتحقق الضرورة في المقيس عليه.
قوله: (ويضمن ما هلك بعمله) أي من غير قصد في قول علمائنا الثلاثة، ولا يستحق الاجرة لانه ما أوفى بالمنفعة بل بالمضرة.
بدائع.
وعمل أجيره مضاف إليه فيضمنه وإن لم يضمن الاجير لانه أجير وحد له ما لم يتعد كما سيذكره آخر الباب.
قوله: (من دقه) أي بنفسه أو بأجيره، فلو استعان برب الثوب فتخرق ولم يعلم أنه من أي دق فعلى قول الامام ينبغي عدم الضمان للشك، وعن الثاني يضمن نصف النقصان، كما لو تمسك به لاستيفاء الاجر فجذبه صاحبه فتخرق.
حميو عن الظهيرية ملخصا.
قال في التبيين: ثم صاحب الثوب إن شاء ضمنه غير معمول ولم يعطه الاجر، وإن شاء ضمنه معمولا وأعطاه الاجر.
ط ملخصا.
قوله: (وزلق الحمال) الظاهر أنه بالحاء المهملة، المراد الحمال على ظهره مثلا، أما بالجيم فعلى تقدير مضاف: أي جمل الجمال.
قال في شرحه على الملتقى: أي إذا لم يكن من زحمة الناس.
فلو منها لم يضمن خلافا لهما كما في شرح المجمع.
قال: وكذا يضمن لو ساق المكاري دابته فعثرت فسقطت الحمولة اه.
وكذا يضمن بانقطاع الحبل الذي يشد به المكاري كما في الكنز والملتقى، ولو كان الحبل لصاحب المتاع فانقطع لا يضمن.
كذا في التاترخانية: وفي البدائع: وكذا يضمن الراعي المشترك إذا ساق الدواب على السرعة فازدحمت على القنطرة أو الشط فدفع بعضها بعضا فسقطت في الماء أو عطبت الدبة بسوقه أو ضربه ولو معتادا.
قوله: (وغرق السفينة من مده) قيد بالمد، لانها لو غرقت من ريح أو موج أو شئ وقع عليها أو صدم جبل فهلك ما فيها لا يضمن في قول الامام رحمه الله.
قلت: ويجب(6/351)
على المستأجر أجر ما سارت السفينة قبل الغرق بحسابه، وفروع المذهب تشهد لذلك اه.
سري الدين عن المجتبى، وهذا إنما يظهر إذا كان المستأجر معه، وإلا فلم يوجد تسليم، وقد سبق أنه لا أجر للمشترك إلا به، فتأمل ط.
قوله: (ونحوه) كالبزاغ والفصاد.
قوله: (والفرق في الدرر وغيرها) حاصله أن بقوة الثوب ورقته يعلم ما يتحمله من الدق بالاجتهاد فأمكن تقييده بالصلامة منه، بخلاف الفصد ونحوه فإنه ينبني على قوة الطبع وضعفه، ولا يعرف ذلك بنفسه ولا ما يتحمل من الجرح فلا يمكن
تقييده بالسلامة فسقط اعتباره اه ح.
قوله: (على خلاف ما بحثه صدر الشريعة) حيث قال: ينبغي أن يكون المراد بقوله: ما تلف بعمله عملا جاوز فيهالقدر المعتاد على ما يأتي في الحجام اه ح.
قوله: (لكن قوى القهستاني) حيث قال: بل يضمن بعمله ما هلك من حيوان وغيره عملا غير مأذون فيه كالدق المخرق للثوب كما في المحيط وغيره فهو غير معتاد بالضرورة، ولذا فسر المصنف: أي صدر الشريعة العمل به، فمن الباطل ما ظن أنه بطل تفسير المصنف بما في الكافي في أن قوة الثوب ورقته مثلا تعرف بالاجتهاد، فأمكن التقييد بالمصلح اه ح.
أقول: ومقتضى كلامه أن كل عمل متلف يكون غير معتاد فلا يصح تقييد صدر الشريعة ما تلف بعمله بقوله عملا غير معتاد، ويبقى مخالفا لما في الكافي المفيد أن العمل المتلف قد يكون معتادا.
هذا، الذي يظهر لي أنه لا منافاة بين كلامهم، وأن الكل يقولون إن المتلف للثوب غير معتاد، ولكن لما كان نحو الحجام ضمانه مقيد بغير المعتاد دون المعتاد أرادوا التنبيه على أن نحو القصار غير مقيد بهذا القيد ليفيدوا الفرق بينهما، ولكن الخروج عن المعتاد في نحو الثوب فلا يظهر لنا إلا بالاتلاف، فحيث كان متلفا علم أنه غير معتاد فيضمن لتقصيره، فإن الماهر في صنعته يدرك المتلف، بخلاف نحو الحجام فإن لعمله محلا مخصوصا، فإذا لم يتجاوزه لا يضمن، فإنه لا يمكن إدراكه بمهارته فأنيط الضمان على مجاوزته المحل المخصوص، فظهر بهذا أن كل متلف في عمل نحو القصار خارج عن المعتاد يدل عليه ما في البدائع، وهو أنه يمكنه التحرز بالاجتهاد بالنظر في آلة الدق ومحله وإرسال المدقة على المحل على قدر ما يحتمله مع الحذاقة في العمل، وعند مراعاة هذه الشرائط لا يحصل الفساد، فلما حصل دل أنه مقصر وهو في حقوق العباد ليس بعذر اه.
فعلم أنه لا فرق بين الكلامين وإن كان في التعبير مسامحة، فافهم.
قوله: (فتنبه) لعله يشير إلى ما قلنا، والله أعلم.
قوله: (هذا إذا لم يكن الخ) الاشارة إلى الضمان المذكور في المتن ضمنا.
مطلب: ضمان الاجير المشترك مقيد بثلاث شرائط وحاصل ما في الطوري عن المحيط أن ضمان المشترك ما تلف مقيد بثلاث شرائط: أن يكون في قدرته رفع ذلك، فلو غرقت بموج أو ريح أو صدمة جبل لا يضمن، وأن يكون محل العمل
مسلما إليه بالتخلية، فلو رب المتاع أو وكيله في السفينة لا يضمن، وأن يكون المضمون مما يجوز أن يضمن بالعقد فلا يضمن الآدمي كما يأتي.
قوله: (إذا لم يتجاوز المعتاد) ولم يتعمد الفساد.
شرنبلالية عن(6/352)
الخانية.
وكان بأمر يمكن التحرز عنه.
أفاده المكي.
ط.
قوله: (وركبها الخ) وكذا إذا كان هو والمكاري راكبين على الدابة أو سائقين وقائدين، لان المتاع في أيديهما فلم ينفرد الاجير باليد.
وروى بشر عن أبي يوسف: إذا سرق من رأس الحمال ورب المتاع يمشي معه لا ضمان، لانه لم يخل بينه وبين المتاع، وقالوا: إذا كان المتاع في سفينتين وصاحبه في إحداهما وهما مقرونتان أو لا إلا أن سيرهما وحبسهما جميعا لا يضمن الملاح، وكذا القطار إذا كان عليه حمولة وربها على بعير أن المتاع في يد صاحبه لانه الحافظ له.
بدائع.
وفيه كلام يأتي قريبا.
قوله: (وقدمنا) أي في كتاب الوديعة أراد به التنبيه على أن المودع بأجر يخالف الاجير المشترك وإن شرط عليه الضمان، كان الاولى ذكره عند قول المصنف: ولا يضمن الخ كما فعل الزيلعي.
وذكر الفرق بأن المعقود عليه في الاجير المشترك هو العمل والحفظ واجب تبعا، بخلاف المودع بأجر فإنه واجب عيه مقصودا ببدل.
أقول: وذكر المصنف في الوديعة أن اشتراط الضمان على الامين باطل، به يفتى اه.
وفي البزازية: دفع إلى صاحب الحمام واستأجره وشرط عليه الضمان إذا تلف لا أثر له فيما عليه الفتوى، لان الحمامي عند اشتراط الاجر للحفظ والثيابي كالاجير المشترك اه.
قوله: (مطلقا) أي صغيرا أو كبيرا على الصحيح كما في التبيين،، وقيل عدم الضمان إذا كان كبيرا يستمسك على الدابة ويركب وحده وإلا فهو كالمتاع.
ط عن المكي.
قوله: (بل بالجناية) ولهذا يجب على العاقلة، وضمان العقود لا تتحمله العاقلة.
ابن كمال.
قوله: (لاذنه فيه) أي من المستأجر أصيلا أو وليا لعبد أو صغير.
قوله: (وإن انكسر دن الخ) في البزازية عن المنتقى: حمل متاعا وصاحبه معه فعثر وسقط المتاع ضمن، لان عثارة جناية يده.
استأجر حمولة بعينها ورب المتاع معه فساق المكاري فعثرت الدابة ضمن عندنا لانه أجير مشترك أفسد بيده اه.
ولينظر الفرق بينه وبين ما قدمناه عن البدائع، ولعله اختلاف رواية أو محمول على ما إذا ساقها بعنف.
تأمل.
ثم رأيت صاحب الذخيرة فرق بين ما إذا كان صاحب المتاع راكبا عليها
فعثرت من سوق الاجير لا يضمن، وبين ما إذا كان يسير خلفها مع الاجير فيضمن.
وتمامه فيها.
قوله: (في الطريق) قيد به لما في البدائع، وإن حمله إلى بيت صاحبه ثم أنزله الحمال من رأسه وصاحب الزق فوقع من أيديهما ضمن، وهو قول محمد الاول، ثم رجع وقال: لا يضمن.
قوله: (بصنعه) يشمل ما لو زلقت رجله في الطريق أو غيره فسقط وفسد حمله.
بدائع.
قوله: (فلا ضمان) لان المتاع أمانة عنده.
قوله: (خلافا لهما) فيضمن قيمته في موضع الكسر بلا خيار كما في التبيين.
وفي البدائع: ولو زحمه الناس حتى فسد لم يضمن بالاجماع لانه لا يمكنه حفظ نفسه عن ذلك فكان بمعنى الحرق الغالب، ولو كان الحمال هو الذي زاحم الناس ضمن عند علمائنا الثلاثة اه.
فتأمل.(6/353)
قوله: (أي بيطار) فهو خاص بالبهائم.
قوله: (لم يجاوز الموضع المعتاد) أي وكان بالاذن.
قال في الكافي: عبارة المختصر ناطقة بعدم التجاوز وساكتة عن الاذن، وعبارة الجامع الصغير ناطقة بالاذن ساكتة عن التجاوز، فصار ما نطق به هذا بيانا لما سكت عنه الآخر، ويستفاد بمجموع الروايتين اشتراط عدم التجاوز والاذن لعدم الضمان، حتى إذا عدم أحدهما أو كلاهما يجب الضمان انتهى.
طوري.
وعليه ما يأتي عن العمادية.
قوله: (فلو قطع الختان الحشفة) أي كلها.
قال في الشرنبلالية: وبقطع بضعها يجب حكومة عدل كما ذكره الاتقاني.
قوله: (دية كاملة) قال الزيلعي: هذا من أعجب المسائل حيث وجب الاكثر بالبرء والاقل بالهلاك.
قوله: (تجب دية الحر) أي لو كان الغلام حرا وقيمة العبد لو كان عبدا.
قال ح: لان فعله غير مأذون فيه حيث لم يعتبر إذنهما للحجر عليهما في الاقوال.
قوله: (لانه خطأ) أي من القتل خطأ إذا لم يتعمد قتله، والدليل عليه عدم مجاوزة الفعل المعتاد ط.
قوله: (قال يجب القصاص) لانه قتله بمحدد ط: أي وهو قاصد لقتله فكان عمدا.
قوله: (ويسمى أجير واحد) بالاضافة خلاف المشترك من الوحد بمعنى الوحيد، ومعناه أجير المستأجر الواحد، وفي معناه الاجير الخاص، ولو حرك الحاء يصح لانه يقال رجل وحد بفتحتين: أي منفرد مغرب، وظاهره أنه لا فرق بينهما، وسنذكر ما يفيد أن بينهما عموما مطلقا.
قوله: (وهو من يعمل) صوابه إسقاط العاطف لانه خبر المتبدأ ح.
مبحث: الاجير الخاص قوله: (لواحد) أي لمعين واحدا أو أكثر.
قال القهستاني: لو استأجر رجلان أو ثلاثة رجلا لرعي غنم لهما أو لهم خاصة كان أجيرا خاصا كما في المحيط وغيره اه.
فخرج من له أن يعمل لغير من استأجره أو لا.
قوله: (عملا مؤقتا) خرج من يعمل لواحد من غير توقيت كالخياط إذا عمل لواحد ولم يذكر مدة ح.
قوله: (بالتخصيص) خرج نحو الراعي إذا عمل لواحد عملا مؤقتا من غير أن يشرط عليه عدم العمل لغيره.
قال ط: وفيه أنه إذا استؤجر شهرا لرعي الغنم كان خاصا وإن لم يذكر التخصيص، فلعل المراد بالتخصيص أن لا يذكر عموما، سواء ذكر التخصيص أو أهمله، فإن الخاص يصير مشتركا بذكر التعميم كما يأتي في عبارة الدرر.
قوله: (وإن لم يعمل) أي إذا تمكن من العمل، فلو(6/354)
سلم نفسه ولم يتمكن منه لعذر كمطر ونحوه لا أجر له كما في المعراج عن الذخيرة.
قوله: (للخدمة) أي لخدمة المستأجر وزوجته وأولاده ووظيفته الخدمة المعتادة من السحر إلى أن تنام الناس بعد العشاء الاخيرة وأكله على المؤجر، فلو شرط على المستأجر كعلف الدابة فسد العقد، كذا في كثير من الكتب، لكن قال الفقيه: في زماننا العبد يأكل من مال المستأجر.
حموي عن الظهيرية والخانية.
وتقدم ما فيه ط: أي أول الباب السابق.
قوله: (أو لرعي الغنم المسمى) كذا قيده في الدرر والتبيين.
وقد ذكر المصنف في الباب السابق: لو استأجر خبازا ليخبز له كذا اليوم بدرهم فسد عند الامام لجمعه بين العمل والوقت فيخالف ما هنا، ولذا قال الشرنبلالي: إذا وقع العقد على هذا الترتيب كان فاسدا كما قدمناه، وصحته أن يلي ذكر المدة الاجر اه.
قلت: وقدمنا هناك ما يقتضي وجوب حذف قوله المسمى، فراجعه.
قوله: (وتحقيقه في الدرر) ونصه: اعلم أن الاجير للخدمة أو لرعي الغنم إنما يكون أجيرا خاصا إذا شرط عليه أن لا يخدم غيره أو لا يرعى لغيره أو ذكر المدة أو لا، نحو أن يستأجر راعيا شهرا ليرعى له غنما مسماة بأجر معلوم فإنه أجير خاص بأول الكلام.
أقول: سره أنه أوقع الكلام على المدة في أوله فتكون منافعه للمستأجر في تلك المدة فيمتنع أن
تكون لغيره فيها أيضا، وقوله بعد ذلك لترعى الغنم يحتمل أن يكون لايقاع العقد على العمل فيصير أجيرا مشتركا لانه من يقع عقده على العمل، وأن يكون لبيان نوع العمل الواجب على الاجير الخاص في المدة، فإن الاجارة على المدة لا تصح في الاجير الخاص ما لم يبين نوع العمل، بأن يقول استأجرتك شهرا للخدمة أو للحصاد فلا يتغير حكم الاول بالاحتمال فيبقى أجير واحد ما لم ينص على خلافه بأن يقول على أن ترعى غنم غيري مع غنمي، وهذا ظاهر، أو أخر المدة بأن استأجره ليرعى غنما مسماة له بأجر معلوم شهرا، فحينئذ يكون أجيرا مشتركا بأول الكلام لايقاع العقد على العمل في أوله، وقوله شهرا في آخر الكلام يحتمل أن يكون لايقاع العقد على المدة فيصير أجير واحد، ويحتمل أن يكون لتقدير العمل الذي وقع العقد عليه فلا يتغير أول كلامه بالاحتمال ما لم يكن بخلافه اه.
مطلب: ليس للاجير الخاص أن يصلي النافلة قوله: (وليس للخاص أن يعمل لغيره) بل ولا أن يصلي النافلة.
قال في التاترخانية: وفي فتاوى الفضلي وإذا استأجر رجلا يوما يعمل كذا فعليه أن يعمل ذلك العمل إلى تمام المدة ولا يشتغل بشئ آخر سوى المكتوبة.
وفي فتاوى سمرقند: وقد قال بعض مشايخنا: له أن يؤدي السنة أيضا.
واتفقوا أنه لا يؤدي نفلا، وعليه الفتوى.
وفي غريب الرواية قال أبو علي الدقاق: لا يمنع في المصر من إتيان الجمعة، ويسقط من الاجر بقدر اشتغاله إن كان بعيدا، وإن قريبا لم يحط بشئ، فإن كان بعيدا واشتغل قدر ربع النهار يحط عنه ربع الاجرة.
قوله: (ولو عمل نقص من أجرته الخ) قال في التاترخانية: نجار استؤجر إلى الليل فعمل لآخر دواة بدرهم وهو يعلم فهو آثم، وإن لم يعلم فلا شئ(6/355)
عليه وينقص من أجر النجار بقدر ما عمل في الدواة.
قوله: (وظاهر التعليل الخ) أي فقول الجوهرة: ما دام يرعى منها شيئا لا مفهوم له.
ورأيت بخط بعض الفضلاء أن مراد الجوهرة تحقيق تسليم نفسه بذلك لا شرط استحقاق الاجر كما فهم المصنف والمتون، والتعليل يفيده اه.
وهو حسن.
قوله: (وبه صرح في العمادية) وهو الموافق لتصريح المتون بأنه يستحق الاجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل.
فرع: أراد رب الغنم أن يزيد فيها ما يطيق الراعي له ذلك لو خاصا، لانه في حق الرعي بمنزلة
العبد، وله أن يكلف عبده من الرعي ما يطيق.
تاترخانية.
قوله: (ولا يضمن ما هلك في يده) أي بغير صنعه بالاجماع، وقوله أو بعمله: أي المأذون فيه، فإن أمره بعمل فعمل غيره ضمن ما تولد منه.
تاترخانية.
وفيها: وإذا ساق الراعي الغنم فنطح أو وطئ بعضها بعضا من سوقه، فإن كان الراعي مشتركا ضمن على كل حال، وكذا لو كانت لقوم شتى وهو أجير أحدهم.
وإن كان خاصا: فإن كانت الاغنام لواحد لا ضمان، وإن لاثنين أو ثلاثة ضمن.
وصورة الاجير الخاص في حق الاثنين أو الثلاثة أن يستأجر رجلان أو ثلاثة راعيا شهرا ليرعى غنما لهما أو لهم اه.
وقال في الذخيرة: فقد فرق في الاجير الخاص بين أن يكون لواحد أو لغير واحد، يحفظ هذا جدا اه.
قلت: ومفاده أن بين الخاص والواحد عموما مطلقا كما قدمناه.
وفي جامع الفصولين: ولا يضمن لو هلك شئ في سقي أو رعي، ولو ذبحها الراعي أو الاجنبي، ضمن لو رجا حياتها أو أشكل أمرها، ولو تيقن موتها لا للاذن دلالة هو الصحيح، ولا يذبح الحمار ولا البغل إذ لا يصلح لحمهما ولا الفرس عنده لكراهته تحريما، ولو قال ذبحتها لمرضها لم يصدق إن كذبه لاقراره بسبب الضمان ويصدق في الهلاك وإن شرط أن يأتيه بسمة ما هلك اه ملخصا: أي يصدق بيمينه كما في الجوهرة.
قوله: (كالمودع) أي إذا تعمد الفساد فإنه يضمن ط.
قوله: (لكونها أجير وحد) قال أبو السعود: الحاصل أن المسائل في الظئر تعارضت، فمنها ما يدل على أنها في معنى أجير الوحد كقولهم بعدم الضمان في هذه، ومنها ما يدل على أنها في معنى المشترك كقولهم إنها تستحق الاجر على الفريقين إذا أجرت نفسها لهما.
قال الاتقاني: والصحيح أنه إن دفع الولد إليها لترضعهسش فهي أجير مشترك، وإن حملها إلى منزله فهي أجير وحد اه.
ملخصا ط.
مطلب في الحارس والخاناتي قوله: (وكذا لا ضمان على حارس السوق وحافظ الخان) قال في جامع الفصولين: استؤجر(6/356)
رجل لحفظ خان أو حوانيت فضاع منها شئ: قيل ضمن عند أبي يوسف ومحمد لو ضاع من خارج الحجرة لانه أجير مشترك، وقيل: لا في الصحيح، وبه يفتى لانه أجير خاص، ألا ترى أنه لو أراد أن
يشغل نفسه في صنع آخر لم يكن له ذلك، ولو ضاع من داخلها بأن نقب اللص فلا يضمن الحارس في الاصح، إذ الاموال المحفوظة في البيوت في يد مالكها وحارس السوق على هذا الخلاف اه.
وكذا في 24 من الذخيرة.
قال في الحامدية: ويظهر من هذا أنه إذا كسر قفل الدكان وأخذ المتاع يضمن الحارس اه.
قلت: إنما يظهر هذا على القول بأنه أجير مشتر ك، أما على القول بأنه خاص فلا، لما سمعت من المفتى به.
نعم يشكل ما مر آنفا عن التاترخانية والذخيرة في الراعي لو كان خاصا لاكثر من واحد يضمن، فليتأمل، اللهم إلا أن يقال: إذا كسر القفل يكون بنومه أو غيبته فهو مفرط فيضمن.
وفي الخلاصة: ولو استأجره واحد من أهل السوق فكأنهم استأجروه، ولكن هذا إن كان ذلك الواحد رئيسهم ويحل له الاجرة.
وفي المحيط: ولو كرهوا ولم يرضوا فكراهتهم باطلة.
قوله: (وصح ترديد الاجر) قيد إتقاني، إذ لا فرق بين ترديده ونفيه لما في المحيط: إن خطته اليوم فلك درهم، وإن غدا فلا أجر لك.
قال محمد: إن خاطه في الاول فله درهم، وإن في الثاني فأجر المثل لا يزاد على درهم في قولهم جميعا.
طوري.
قوله: (في الاول) متعلق بقوله: وصح.
قوله: (ملحقا) قال الرملي: ليس في متنه وكتبه في الشرح بالاحمر ملحقا على هامشه.
قوله: (ولم يشرحه) نعم لم يشرحه عقبه بل شرحه بعد قوله: والحمل وأطال فيه.
ونقل عبارته المحشي، وكأن الشارح لم ينظر تمام كلامه.
قوله: (وسيتضح) أي حكمه بعد أسطر، وبه يستغنى عن قوله: قال شيخنا الخ كما قاله ح.
قوله: (وكذا لو خيره بين ثلاثة) أي من هذه المسائل كلها ط.
قوله: (كما في البيع) قيد للثلاثة والاربعة، والجامع دفع الحاجة، وانظر ما في العزمية.
قوله: (إلا في تخيير الزمان الخ) تقدم مثاله، لان العقد المضاف إلى الغد لم يثبت في اليوم فلم يجتمع في اليوم تسميتان فلم يكن الاجر مجهولا في اليوم والمضاف إلى اليوم يبقى إلى الغد، فيجتمع في الغد تسميتان درهم ونصف درهم، فيكون الاجر مجهولا وهي تمنع جواز العقد.
درر.
وهذا مذهب الامام.
وعندهما: الشرطان جائزان.
وعند زفر: فاسدان.
وتمامه في المنح.
قوله: (لا يزاد على درهم) أي ولا ينقص عن نصف، وهذا يدل على أنه قد يزاد على نصف درهم.(6/357)
وروي عن أبي حنيفة أنه لا يزاد على نصف درهم لانه المسمى صريحا، فعنه روايتان.
وجه ظاهر الراوية أنه اجتمع في الغد تسميتان، فتعتبر الاولى لمنع الزيادة عليها، والثانية لمنع النقصان عملا بهما، وهذا أولى من الترجيح بالمصرح.
كفاية ملخصا.
وصحح الزيلعي الرواية الثانية، ومثله في الايضاح وذكر أنها رواية الاصل.
قوله: (وفيه خلافهما) قال الزيلعي: ولو خاطه بعد غد فالصحيح أنه لا يجاوز به نصف درهم عند أبي حنيفة لانه لم يرض بتأخيره إلى الغد بأكثر من نصف درهم، فأولى أن لا يرضى إلى ما بعد الغد، والصحيح على قولهما أنه ينقص من نصف درهم ولا يزاد عليه.
قوله: (أو كانونا) هو المناسب لذكر الاحتراق.
أفاده ح.
قوله: (لا ضمان عليه) لان هذا انتفاع بظاهر الدار على وجه لا يغير هيئة الباقي إلى النقصان، بخلاف الحفر لانه تصرف في الرقبة، وبخلاف البناء لانه يوجب تغير الباقي إلى النقصان.
جامع الفصولين.
قوله: (إن علم أنه لا يجده) الظاهر أن المراد به غلبة الظن، وظاهر هذا الصنيع أنه يصدق في دعواه أنه لا يجده ط.
قلت: وفي البزازية: دفع إلى المشترك ثورا للرعي فقال: لا أدري أين ذهب الثور، فهو إقرار بالتضييع في زماننا.
قوله: (بعد الطلب) أي في حوالي مكان ضل فيه، ولو ذهب وهو يراه ولم يمنعه ضمن، يريد به لو غاب عن بصره لتقصيره في حفظه لعدم المنع، وعلى هذا لو جاء به إلى الخباز واشتغل بشراء الخبز فضاع لو غاب عن بصره ضمن، وإلا فلا.
خلاصة.
وفي الخانية: إذا غيبها عن نظره لا يكون حافظا لها وإن ربطها بشئ.
قوله: (فلا يضمن) أي إجماعا لو خاصا، ولو مشتركا فكذلك عنده.
منح.
قوله: (ضمن) لانه ترك الحفظ بعذر يمكن الاحتراز عنه.
قال في الذخيرة: ورأيت في بعض النسخ: لا ضمان عليه فيما ندت إذا لم يجد من يبعثه لردها أو يبعثه ليخبر صاحبها بذلك، وكذا لو تفرقت فرقا ولم يقدر على اتباع الكل لانه ترك الحفظ لعذر، وعندهما: يضمن اه.
قال في البزازية: لانه تعذر طمعا في الاجر الوافر بتقبل الكثير.
قوله: (يوم الخلط) لانه يوم الاستهلاك.
قوله: (ولا يسافر بعبد) ظي بل يخدمه في المصر وقراه فيما دون السفر.
ط عن البزازية قوله: (لمشقته) أي لمشقة السفر، ولان مؤنة الرد على المولى ويلحقه ضرر بذلك فلا يملكه إلا بإذنه.
زيلعي.
قوله: (إلا بشرط) أو يرضى به بعده ط.
قوله: (لان الشرط أملك) أي أشد ملكا وأدخل في الاتباع فهو أفعل(6/358)
تفضيل من المبني للفاعل أو المفعول: أي أشد مالكية أو مملوكية بالنظر لمن اشترطه أو لمن اشترط عليه ط.
قوله: (عليك) متعلق بمحذوف حال من الضمير في أملك ط.
قوله: (أم لك) فيه الجناس التام اللفظي كقوله: إذا ملك لم يكن ذا هبه * فدعه فدولته ذاهبه قوله: (وكذا لو عرف بالسفر) أي وكا متهيئا له كما في التبيين.
قوله: (بخلاف العبد الموصى بخدمته) مثله المصالح على خدمته.
ط عن سري الدين.
قوله: (مطلقا) أي سواء شرط السفر به أم لا.
منح.
قوله: (لان الاجر والضمان لا يجتمعان) أي في حالة واحدة، فلو أوجبنا الاجر عند السلامة وأوجبنا الضمان عند الهلاك في سفره لاجتمعا في حالة واحدة وهي حالة السفر ط.
قوله: (من عبد أو صبي) أي آجر نفسه بلا إذن مولى أو ولي.
قوله: (أجرا) مفعول يسترد، والمراد به أجر المثل في الصورتين كما في التبيين عن النهاية.
قوله: (لعودها بعد الفراغ صحيحة) لانه محجور عن التصرف الضار لا النافع، ولذا جاز قبول الهدية بلا إذن وجواز الاجارة بعد ما سلم من العمل تمحض نفعا لحصول الاجر بلا ضرر فصح قبضه الاجرة لانه العاقد فلا يملك المستأجر الاسترداد.
زيلعي ملخصا.
قال ط: وهذا التعليل يقتضي لزوم المسمى اه.
وإذا هلك المحجور من العمل: إن كان صبيا فعلى عاقلة المستأجر ديته وعليه الاجر فيما عمل قبل الهلاك، وإن كان عبدا فعليه قيمته ولا أجر عليه فيما عمل له، لانه إذا ضمن قيمته صار مالكا له من وقت الاستعمال فيصير مستوفيا منفعة عبد نفسه.
كفاية ملخصا.
قال الزيلعي: فإن أعتقه المولى في نصف المدة نفذت الاجارة ولا خيار للعبد، فأجر ما مضى للمولى وما يستقبل للعبد، وإن آجره المولى ثم أعتقه في نصف المدة فللعبد الخيار: فإن فسخ الاجارة فأجر ما مضى للمولى، وإن أجاز فأجر ما يستقبل للعبد والقبض للمولى لانه هو العاقد اه.
قوله: (استحسانا) والقياس له أن يأخذه، لان عقد المحجور عليه لا يجوز فيبقى على ملك المستأجر لانه بالاستعمال صار غاصبا له.
زيلعي.
قوله: (ولا يضمن غاصب عبد الخ) أي إذا غصب رجل
عبدا فآجر العبد نفسه فأخذ الغاصب الاجرة من يد العبد فأكلها لا ضمان عليه.
زيلعي.
قوله: (لعدم تقومه) لانه غير محرز، لان الاحراز إنما يثبت بيد حافظة كيد الملك أو نائبه ويد المالك لم تثبت عليه ويد العبد ليست يد المولى، لان العبد في يد الغاصب حتى كان مضمونا عليه، ولا يحرز نفسه عن الغاصب فكيف يكون محرزا ما في يده.
كفاية.
قوله: (عند أبي حنيفة) وقالا: عليه ضمانه لانه أتلف مال الغير بغير إذنه من غير تأويل.
قوله: (وجاز للعبد قبضها) أي الاجرة الحاصلة من إيجاره نفسه اتفاقا لانه نفع(6/359)
محض مأذون فيه كقبول الهدية.
وفائدته تظهر في حق خروج المستأجر عن عهدة الاجرة بالاداء إليه.
درر.
قال الطوري: وهذه مكررة مع قوله: زولا يسترد مستأجر الخ لانه أفاد صحة القبض ومنع الاخذ، فتأمل.
قوله: (لانه العاقد) أي لان المولى.
كذا تفيده عبارة العناية، فلبس عله لقوله: وجاز للعبد قبضها لو آجر نفسه وإن كان صالحا لها، وانظر ما لو آجره الغاصب هل يملك العبد القبض؟ ومفاد التعليل أنه لا يجوز قبضه ط.
قوله: (أخذها) لانه وجد عين ماله.
ابن كمال.
قوله: (كمسروق بعد القطع) فإنه لم يبق متقوما، حتى لا يضمن بالاتلاف ويبقى الملك فيه حتى يأخذه المالك.
زيلعي.
قوله: (صح على الترتيب) لانه إن لم ينصرف الشهر المذكور أولا إلى ما يلي العقد لكان الداخل في العقد شهرا منكرا من شهور عمره، وهذا فاسد، فلا بد من صرفه إلى ما يلي العقد تحريا لجوازه، وكذلك الاقدام على الاجارة دليل تنجز الحاجة إلى تملك منفعة العبد فوجب صرف الشهر المذكور أولا إلى ما يليه قضاء للحاجة الناجزة.
كفاية.
مبحث: اختلاف المؤجر والمستأجر قوله: (في إباق العبد أو مرضه) كأن قال المستأجر في آخر الشهر أبق أو مرض في المدة وأنكر المولى ذلك أو أنكر إسناده إلى أول المدة فقال: أصابه قبل أن يأتيني بساعة.
زيلعي.
قوله: (فيكون القول قول من يشهد له الحال) لان وجوده في الحال يدل على وجوده في الماضي فيصلح الظاهر مرجحا وإن لم يصلح حجة، لكن إن كان يشهد للمؤجر ففيه إشكال من حيث إنه يستحق الاجرة بالظاهر وهو لا يصلح للاستحقاق، وجوابه أنه يستحقه بالسبب السابق وهو العقد، وإنما الظاهر
يشهد على بقائه إلى ذلك الوقت.
زيلعي.
ملخصا.
قوله: (فالقول قول من في يد الثمر) هذا إنما يظهر إذا كان الثمر باقيا، فأما إذا كان هالكا أو مستهلكا فلم يتكلم عليه، والظاهر أنه ينظر ليد من هلك عنده أو استهلك، ويحرر ط.
قوله: (فالقول للمستأجر) لانكاره ضمان الزائد.
قوله: (ولو في نفسه) أي نفس الانقطاع، وهو من تتمة ما في الخلاصة ويغني عنه ما في المتن.
قوله: (والقول قول رب الثوب الخ) بأن قال أمرتك أن تعمله قباء.
وقال الخياط: قميصا أو أن تصبغه أحمر وقال الصباغ أصفر أو أن تعمله لي بغير أجر وقال: بل بأجر فالقول لرب الثوب، لان الاذن يستفاد من جهته فكان أعلم بكيفيته، ولانه ينكر تقوم عمله ووجوب الاجر عليه.
زيلعي ملخصا.
قوله: (بيمينه) فإذا حلف في الصورة الاولى: إن شاء ضمنه قيمة الثوب غير معمول ولا أجر له، وإن شاء أخذه وأعطاه أجر مثله(6/360)
لا يتجاوز به المسمى لانه امتثل أمره في أصل ما أمر بهوهو القطع والخياطة، لكن خالفه في الصفة فيختار أيهما شاء، وفي الثانية: إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض، وإن شاء أخذ ثوبه وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به المسمى أيضا.
درر.
قوله: (معاملا له) قال في العناية: بأن تكررت تلك المعاملة بينهما بأجر.
وفي التبيين: بأن كان يدفع إليه شيئا للعمل ويقاطعه عليه.
قوله: (بشهادة الظاهر) لانه لما فتح الدكان لاجله جرى ذلك مجرى التنصيص عليه اعتبارا لظاهر المعتاد.
زيلعي.
قوله: (فيتحالفان) ويبدأ بيمين المستأجر لان كلا تتمة: يدعي عقدا والآجر ينكره، فأحدهما يدعي هبة العمل والآخر بيعه.
اختيار قال في الخانية: استأجر شيئا فلم يتصرف به حتى اختلفا فقال المستأجر: الاجر خمسة دراهم، وقال المؤجر: عشرة يتحالفان، وأي نكل لزمه ويبدأ بيمين المستأجر، فإذا تحالفا فسخ القاضي العبد وأي برهن يقبل، وإن برهنا يقضى ببينة المؤجر لانه يثبت حق نفسه، وكذا لو اختلفا في مدة أو مسافة، إلا أنه يبدأ فيهما بيمين المؤجر وأي برهن يقبل، ولو برهنا يقضي ببينة المستأجر، ولو قال المستأجر: آجرتني شهرين بعشرة وقال الآخر بل شهرا واحدا بعشرة فأيهما برهن يقبل، ولو برهنا فبينة المستأجر ولو اختلفا في أجر ومدة جميعا أو في أجر ومسافة جميعا يتحالفان فتفسخ الاجارة وأي برهن يقبل، ولو برهنا يقضي بهما جميعا فيقضي بزيادة الاجر ببينة المؤجر وبزيادة المدة أو المسافة ببينة
المستأجر وأي بدأ بالدعوى يحلف صاحبه أولا، ولو اختلفا في هذه الوجوه بعد مضي مدة الاجارة عند المستأجر أو بعدما وصل المقصد فالقول للمستأجر بيمينه ولا يتحالفان إجماعا، ولو اختلفا في الاجر بعد مضي بعض المدة أو بعد ما سار بعض الطريق يتحالفان فتفسخ فيما بقي والقول للمستأجر في حصة الماضي اه.
قوله: (يضمنه أستاذه) لانه عمل بإذنه ولا يضمن هو لانه أجير واحد لاستاذه يستحق الاجر بتسليم نفسه في المدة كما قدمناه.
قوله: (ادعى نازل الخان الخ) قال في التاترخانية: بناء على أن الخان غالبا يكون معدا للكراء فسكناه رضا بالاجر.
وبعض المشايخ قالوا: الفتوى على لزوم الاجر، إلا إذا عرف بخلافه بأن صرح أنه نزل بطريق الغصب، أو معروفا بالظلم مشهورا بالنزول، في مساكن الناس، لا بطريق الاجارة اه.
أقول: والظاهر أن هذا مبني على قول المتقدمين بأن منافع الغصب غير مضمونة مطلقا، أما على ما أفتى به المتأخرون من ضمان المعد للاستغلال ومال الوقف واليتيم فالاجر لازم، ادعى الغصب أو لا عرف به أولا.
تأمل.
قوله: (وساكن المعد للاستغلال) عطف عام على خاص.
قوله: (والاجر(6/361)
واجب) أي أجر المثل ط.
قوله: (كالخراج) أي الموظف لاخراج المقاسمة وهو ظاهر ح.
قوله: (على المعتمد) مخالف لما في حواشي الاشباه عن الوالوالجية من أن ما وجب من الاجرة قبل الاصطلام لا يسقط، وما وجب بعده يسقط ولا يؤخذ بالخراج، لان سبب وجوبه ملك أرض نامية حولا كاملا حقيقة أو اعتبارا، والاعتماد على هذه الرواية.
قوله: (وسقط ما بعده) لكن هذا إذا بقي بعد هلاك الزرع مدة لا يتمكن من إعادة الزراعة، فإن تمكن من إعادة مثل الاول أو دونه في الضرر يجب الاجر.
قال في البزازية عن المحيط: وعليه الفتوى، ومثله في الذخيرة والخانية والخلاصة والتاترخانية.
والظاهر أن التقييد بإعادة مثل الاول أو دونه مفروض فيما إذا استأجرها على أن يزرع نوعا خاصا، أما لو قال: على أن أزرع فيها ما أشاء فلا يتقيد، فإن التعميم صحيح كما مر تأمل.
قوله: (وهو ما اعتمده في الولوالجية) قدمنا آنفا حاصل عبارته عن حواشي الاشباه.
قوله: (لكن جزم في الخانية الخ) ما ذكره في الخانية ذكره في الولوالجية أيضا واعتمد خلافه كما سمعت، على أنه في الخانية
ذكر التفصيل المار، وقال: وهو المختار للفتوى فكيف يكون جازما بخلافه؟ وقد علمت التصريح بأن عليه الفتوى عن عدة كتب.
قوله: (لزم الاجر) أي بتمامه، والله تعالى أعلم.
باب فسخ الاجارة تأخر هذا الباب ظاهر المناسبة، لان الفسخ بعد الوجود.
معراج.
قوله: (تفسخ) إنما قال: تفسخ لانه اختار قول عامة المشايخ وهو عدم انفساخ العقد بالعذر وهو الصحيح، نص عليه في الذخيرة، وإنما لم ينفسخ لا لامكان الانتفاع بوجه آخر، لانه غير لازم، بل لان المنافع فاتت على وجه يتصور عودها.
ذكره في الهداية.
ابن كمال.
وفي الفتاوى الصغرى والتتمة: إذا سقط حائط أو انهدم بيت من الدار للمستأجر الفسخ ولا يملكه بغيبة المالك بالاجماع، وإن انهدمت الدار كلها فله الفسخ من غير حضرته، لكن لا تنفسخ ما لم يفسخ لان الانتفاع بالعرصة ممكن.
وفي إجارات شمس الائمة: إذا انهدمت كلها فالصحيح أنه لا تنفسخ لكن سقط الاجر فسخ أو لا.
إتقاني.
وقدمناه قبيل الاجارات الفاسدة.
قوله: (بالقضاء أو الرضا) ظاهره أنه شرط في خيار الشرط والرؤية والعيب والعذر لانه ربطه بالكل، وفيه كلام سيأتي قريبا.
قوله: (بخيار شرط الخ) أي(6/362)
قبل انقضاء الايام الثلاثة، فلو استأجر دكانا شهرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام يفسخ فيها، فلو فسخ في الثالث منها لم يجب أجر اليومين، لان ابتداء المدة من وقت سقوط الخيار، وفيه إشعار بأنه لا يشترط حضور صاحبه ولا علمه خلافا للطرفين، والاول أصح.
وقيل للمفتي الخيار في ذلك كما في المضمرات.
قهستاني.
وهذا خلاف ما أشهر به كلام الشارح.
قوله: (ورؤية) فلو استأجر قطعات من الارض صفقة واحدة ثم رأى بعضها فله فسخ الاجارة في الكل، وفيه إشعار بأنه لا يشترط في هذا الفسخ القضاء ولا الرضا، وينبغي أن يكون فيه خلاف خيار الشرط.
قهستاني.
وتقدم أول باب ضمان الاجير أن للاجير المشترك خيار الرؤية في كل عمل يختلف باختلاف المحل.
والحاصل: أنه لا يشترط القضاء أو الرضا في خيار الشرط والرؤية.
وأما في خيار العيب ففي
نحو انهدام الدار كلها يفسخ بغيبة صاحبه، بخلاف انهدام الجدار ونحوه كما مر.
وأما في غيره من الاعذار فسيأتي أن العذر إن كان ظاهرا ينفرد.
وإن مشتبها لا ينفرد، ثم إن خيار الشرط يثبت للعاقدين، أما خيار الرؤية فلا يكون للمؤجر كما في البيع.
قال الحموي: ولم أره، وهكذا بحثه غيره وهو ظاهر استدلالهم هنا بالحديث: من اشترى شيئا ولم يره فله الخيار وقولهم إنها بيع المنفعة، وبه أفتى منلاعلي التركماني.
قوله: (حاصل قبل العقد) أي ولم يره قبله، فإن رآه فلا خيار لرضاه به كما في الاختيار، ولو استوفى المنفعة فيما له الخيار بحدوثه يلزمه الاجر كاملا كما سيذكره الشارح.
وفي الخلاصة: خيار العيب في الاجارة يفارق البيع في أنه ينفرد بالرد بالعيب قبل القبض لا بعده، وفي الاجارة ينفرد المستأجر بالرد قبل القبض وبعده اه.
ولا تنس ما مر.
قوله: (يفوت النفع به) والاصل فيه أن العيب إذا حدث بالعين المستأجرة: فإن أثر في المنافع يثبت الخيار للمستأجر، كالعبد إذا مرض والدار إذا انهدم بعضهم، لان كل جزء من المنفعة كالمعقود عليه، فحدوث عيب قبل القبض يوجب الخيار، وإن لم يؤثر في المنافع فلا كالعبد المستأجر للخدمة إذا ذهبت إحدى عينيه أو سقط شعره، وكالدار إذا سقط منها حائط لا ينتفع به في سكناها، لان العقد ورد على المنفعة دون العين، وهذا النقص حصل بالعين دون المنفعة، والنقص بغير المعقود عليه لا يثبت الخيار.
إتقاني.
وفي الذخيرة: إذا قلع الآجر شجرة من أشجار الضياع المستأجرة فللمستأجر حق الفسخ إن كانت الشجرة مقصورة.
قوله: (وانقطاع ماء الرحى) فلو لم يفسخ حتى عاد الماء لزمت ويرفع عنه من الاجر بحسابه،(6/363)
قيل: حساب أيام الانقطاع، وقيل: بقدر حصة ما انقطع من الماء، والاول أصح لان ظاهر الرواية يشهد له، فإنه قال في الاصل: الماء إذا انقطع الشهر كله ولم يفسخها المستأجر حتى مضى الشهر فلا أجر عليه في ذلك، ولو كانت منفعة السكنى معقودا عليها مع منفعة الطحن وجب بقدر ما يخص منفعة السكنى.
كذا في التاترخانية، ومفاده أنه لا يجب أجر بيت الرحى صالحا لغر الطحن كالسكنى ما لم تكن معقودا عليها.
ونقل بعده عن القدوري: إن كان البيت ينتفع به لغير الطحن فعليه من الاجر
بحصته اه.
ونحوه ما يأتي عن التبيين.
تأمل.
والانقطاع غير قيد.
لما في التاترخانية أيضا: وإذا انتقص الماء: فإن فاحشا فله حق الفسخ، وإلا فلا.
قال القدوري: إذا صار يطحن أقل من النصف فهو فاحش، وفي واقعات الناطفي: لو يطحن على النصف له الفسخ، وهذه تخالف رواية القدوري، ولو لم يرده حتى طحن كان رضا منه وليس له الرد بعده اه.
قوله: (كما مر) أي صريحا قبيل الاجارة الفاسدة حيث قال: ولو خربت الدار سقط كل الاجر ولا تنفسخ به ما لم يفسخها المستأجر هو الاصح اه.
ودلالة من قول المصنف تفسخ فإنه يفيد عدم الانفساخ، وقدمنا التصريح به عن التاترخانية والاتقاني.
قوله: (ودفع بحساب ما روي منها) نظيره ما قدمه الشارح عن الوهبانية قبيل الاجارة الفاسدة: لو انهدم بيت من الدار يسقط من الاجر بحسابه، لكن قدمنا هناك عن ابن الشحنة وغيره أنه خلاف ظاهر الرواية، فتأمل.
قوله: (وفي الولوالجية الخ) ذكره في الفصل الثالث من كتاب المزارعة.
وفيها: وإن استأجرها بشربها سقط عنه الاجر لفوات التمكن من الانتفاع.
ثم قال: ولو لم ينقطع الماء لكن سال عليها حتى لا تتهيأ له الزراعة فلا أجر عليه لانه عجز عن الانتفاع به وصار كما إذا غصبه غاصب اه.
قوله: (بغير شربها) أقول: تقدم في باب ما يجوز من الاجارة وما لا يجوز أن للمستأجر الشرب والطريق، وقدمنا هناك الفرق بينها وبين البيع فلعل ما هنا محمول على التصريح بعدم الشرب.
تأمل.
وتقدم هناك فروع متعلقة بعدم التمكن من الزراعة فراجعها.
قوله: (استأجر حماما الخ) في التاترخانية: سئل شمس الائمة الحلواني عمن استأجر حماما في قرية فنفر الناس ووقع الجلاء ومضت مدة الاجارة هل يجب الاجر؟ قال: إن لم يستطع الرفق بالحمام فلا.
وأجاب ركن الاسلام السغدي بلا مطلقا، ولو بقي بعض الناس وذهب البعض يجب الاجر ه.
والظاهر أن المراد بالرفق به الارتفاق: أي الانتفاع بنحو السكنى.
وفرض المسألة فيما إذا مضت المدة، فلو لم تمض فالظاهر أن له خيار الفسخ لانه مخل بالمنفعة كمسألة الجوهرة.
تأمل.
وتقدم قبيل الاجارة الفاسدة أن الحمام لو غرق(6/364)
يجب بقدر ما كان منتفعا.
قوله: (ففزعوا ورحلوا) عبارة لسان الحكام: فوقع الجلاء ونفر الناس.
قوله: (في الجملة) أي دون الانتفاع المعتاد.
قوله: (كمرض العبد) في البزازية: استأجر عبدا للخدمة فمرض
العبد: إن كان يعمل دون العمل الاول له خيار الرد، فإن لم يرد وتمت المدة عليه الاجر، وإن كان لا يقدر على العمل أصلا لا يجب الاجر، وعلى قياس مسألة الرحى يجب أن يقال: إذا عمل أقل من نصف عمله له الرد اه.
وفي الولوالجية: وكذا لو أبق فهو عذر أو كان سارقا لانها توجب نقصانا في الخدمة اه.
وقيد بمرض العبد، إذ لو مرض الحر المستأجر، وإن كان يعمل بأجرائه فليس بعذر، وإن بنفسه فعذر كما في البزازية.
قوله: (ودبر الدابة) بالفتح: جرح ظهر الدابة أو خفها.
قاله ابن الاثير ط.
قوله: (وبسقوط حائط دار) أي إن كان يضر بالسكنى، وإلا فليس له أن يفسخ كما قدمناه عن البزازية.
قوله: (وفي التبيين الخ) مثله في الهداية.
قوله: (والبيت) أي بيت الرحى.
قوله: (لغير الطحن) كالسكنى مثلا.
قوله: (بحصته) ى بحصة ما ينتفع به من غير الطحن.
قوله: (لبقاء بعض المعقود عليه) يشعر بأن منفعة غير الطحن معقود عليها، فلو لم تكن معقودا عليها فلا أجر، وقدمنا عن التاترخانية أنه الاصح، وأن ظاهر الرواية يشهد لهذا، لكن لقوله: فإذا استوفاه الخ يفيد أنه لو لم يستوفه بالفعل لا يجب، ولو لكان معقودا عليه لوجب وإن لم يستوف، فتأمل.
ويدل على الاول ما ذكره الزيلعي وغيره في الاستدلال على القول بعدم انفساخ الاجارة بانهدام الدار ما لم يفسخها، لان أصل الموضع مسكن بعد انهدام البناء ويتأتى فيه السكنى بنصب الفسطاط فبقي العقد، لكن لا أجر على المستأجر لعدم التمكن من الانتفاع على الوجه الذي قصده بالاستئجار اه وتقدم الكلام قبيل الاجارة الفاسدة فيما لو سكن في الساحة.
قوله: (فإن لم يخل العيب به) أي بالنفع كما قدمناه عن عور العبد وسقوط شعره وسقوط حائط الدار الذي لا يخل.
قوله: (أو أزاله المؤجر) أي أزال العيب كما لو بنى المنهدم، ومثله ما لو زال بنفسه كما لو برئ العبد المريض.
وفي التاترخانية وغيرها: قال محمد رحمه الله في السفية المستأجرة: إذا انقضت وصارت ألواحا ثم ركبت وأعيدت سفينة لم يجبر على تسليمها إلى المستأجر اه: أي لانها بالنقض لم تبق سفينة ففات المحل كموت العبد، بخلاف انهدام الدار.
تأمل.
قوله: (أو انتفع بالمخل) بالخاء المعجمة والبناء للفاعل: أي بالشئ المستأجر المشتمل على العيب المخل أو بالبناء للمفعول.
قال الزيلعي: لانه
قد رضي بالعيب فيلزمه جميع البدل كما في البيع.
قوله: (لزوال السبب) علة لقوله: أو أزاله المؤجر لان(6/365)
العقد يتجدد ساعة فساعة فلم يوجد العيب فيما يأتي بعده فسقط الخيار.
زيلعي.
قوله: (وتطيينها) أي تطيين سطحها كما عبر به في الولوالجية لان عدمه مخل بالسكنى، بخلاف تطيين جدرانها.
تأمل.
مطلب: إصلاح بئر الماء والبالوعة والمخرج على المالك وإخراج التراب والرماد على المستأجر قوله: (وإصلاح بئر الماء الخ) هذه المسألة مثل ما قبلها من كل وجه فلا معنى لفصلها بكلام على حدة ح.
وتفريغ البئر إذا امتلات على المالك بلا جبر أيضا.
قال في الولولجية: لان المعقود عليه منفعة السكنى وشغل باطن الارض لا يمنع الانتفاع بظاهرها من حيث السكنى، ولهذا لو سكنه مشغولا لزمه كل الاجر، وإنما للمستأجر ولاية الفسخ لانه تعيب المعقود عليه.
قوله: (والبالوعة والمخرج) عطف على الماء لقول البزازية: وإصلاح بئر البالوعة والماء الخ، وكذا تفريقغهما، ولو امتلا من المستأجر على المالك كما في المنح، وأفتى به في الحامدية، وكذا في الخيرية ونقله عن عدة كتب.
وقال في الولوالجية: وأما البالوعة وأشباهها فليس على المستأجر تفريغها استحسانا.
والقياس أن يجب لان الشغل حصل من جهته.
وجه الاستحسان أن المشغول بهذه الاشياء باطن الارض فلا يمنع التسليم بعد انقضاء العقد، ولو شرطه رب الدار على المستأجر حين آجره في الاستسحان لا يجوز ويفسد العقد، لانه لا يقتضيه ولاحدهما فيه منفعة اه.
وفي البزازية: ولو امتلا مسيل الحمام فعلى المستأجر تفريغه ظاهرا كان أو باطنا اه.
وفيها: وتسييل ماء الحمام وتفريغه على المستأجر وإن شرط نقل الرماد والسرقين رب الحمام على المستأجر لا يفسد العقد، وإن شرط على رب الحمام اه.
فتأمل.
ولعله مفرع على القياس أو مبني على العرف، ففي البزازية: وفي استئجار الطاحونة في كري نهرها يعتبر العرف، وفيها: خرج المستأجر من البيت وفيه تراب أو رماد على المستأجر إخراجه، بخلاف البالوعة، وإن اختلفا في التراب الطاهر فالقول للمستأجر أنه استأجرها وهو فيه.
قوله: (لانه لا يجبر على إصلاح ملكه) قال الحموي: يفهم من هذا التعليل أن الدار لو كانت وقفا يجبر الناظر على ذلك اه ط.
قوله: (فهو متبرع) أي ولا يحسب له من الاجر: بقي هل له قلعه؟ فيه تفصيل قال في جامع الفصلوين:
بنى بلا أمر ثم انفسخت الاجارة أو انقضت مدتها، فلو كان البناء من لبن اتخذ من تراب الدار فللمستأجر رفع البناء ويغرم قيمة التراب لمالكه، وإن كان من طين لا ينقض إذ لو نقض يعود ترابا اه.
وحاصله: أنه إن عمر بما لو نقض يبقى مالا فله نقضه وإلا فلا، ويتفرع عليه أمور كثيرة.
سائحاني.
قوله: (فله تركهما) عبارة البزازية: فله ترك الاخرى لتفرق الصفقة.
قوله: (وفي حاشية(6/366)
الاشباه الخ) قال أبو السعود في حاشيتها: ثم الفسخ إنما يكون بالقضاء على رواية الزيادات، حتى لو باع المؤجر دكانه قبل القضاء لا يجوز، وعلى رواية الاصل يكون بدونه فيجوز بيعه، والاولى أصح لان الفسخ مختلف فيه فيتوقف على القضاء كالرجوع في الهبة.
قال الولوالجي: وهذا في الدين خاصة، أما في أعذار أخر ينفرد من له العذر بالفسخ بلا قضاء هو الصحيح من الرواية، ومن المشايخ من وفق بينهما بأن العذر إن كان ظاهرا لم يحتج إلى القضاء وإلا كالدين الثابت بإقراره يحتاج إليه ليصير العذر بالقضاء ظاهرا.
وقال قاضيخان والمحبوبي: القول بالتوفيق هو الاصح، وقواه الشيخ شرف الدين بأن فيه إعمال الروايتين في مناسبة في التوزيرع فينبغي اعتماده.
وفي تصحيح العلامة قاسم: ما يصححه قاضيخان مقدم على ما يصححه غيره لانه فقيه النفس، وبه ظهر أن قول الشارح أول الباب: تفسخ بالقضاء أو الرضا ليس على ما ينبغي مع إيهامه اشتراط ذلك في خيار الشرط والرؤية أيضا، وقد علمت ما فيه مما قدمناه عن القهستاني هناك، فتنبه.
قوله: (إن العذر ظاهرا) كمسألة سكون الضرس واختلاع المرأة.
قوله: (وبعذر الخ) فلا تفسخ بدونه إلا إذا وقعت على استهلاك عين كالاستكتاب، فلصاحب الورق فسخها بلا عذر، وأصله في المزارعة لرب البذر الفسخ دون العامل.
أشباه.
وفي حاشيتها لابي السعود عن البيري: والحاصل أن كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله يثبع له حق الفسخ.
مطلب في رجم الدار من الجن هل هو عذر في الفسخ؟ قال البيري: يؤخذ منه أن الرجم الذي يقع كثيرا في البيوت ويقال إنه من الجان عذر في فسخ
الاجارة لما يحصل من الضرر الخ ما ذكره اه.
أقول: يظهر هذا لو كان الرجم لذات الدار، أما لو كان لشخص مخصوص فلا، وقد أخبرني بعض الرفقاء أن أهل زوجته سحروا أمه، فكلما دخلت داره يحصل الرجم، وإذا خرجت ينقطع، والله تعالى أعلم.
تأمل.
مطلب: فسق المستأجر ليس عذرا في الفسخ فرع كثير الوقوع: قال في لسان الحكام: لو أظهر المستأجر في الدار الشر كشرب الخمر وأكل الربا والزنا واللواطة يؤمر بالمعروف وليس للمؤجر ولا لجيرانه أن يخرجوه فذلك لا يصير عذرا في الفسخ ولا خلاف فيه للائمة الاربعة.
وفي الجواهر: إن رأى السلطان أن يخرجه فعل اه.
وقدمنا عن الاسعاف: لو تبين أن المستأجر يخاف منه على رقبة الوقف يفسخها القاضي ويخرجه من يده، فليحفظ.
قوله: (كما في سكون ضرس الخ) التقييد بسكون الضرس وموت العرس أو اختلاعها يفهم منه أنه بدونه لا يكون له الفسخ.
قال الحموي: وفي المبسوط: إذا استأجره ليقطع يده للاكلة أو لهدم بناء له ثم بدا له في ذلك كان عذرا، إذ في إبقاء العقد إتلاف شئ من بدنه أو ماله، وهذا صريح في أنه لو لم يسكن الوجع يكون له الفسخ اه.
أقول: وفي جامع الفصولين: كل فعل هو سبب نقص المال أو تلفه فهو عذر لفسخه كما لو استأجره ليخيط له ثوبه أو ليقصر أو ليقطع أو يبني بناء أو يزرع أرضه ثم ندم له فسخه اه.
زاد في(6/367)
غاية البيان عن الكرخي: أو ليفصد أو ليحجم أو يقلع ضرسا له صم يبدو له أن لا يفعل فله في ذلك كله الفسخ لان فيه استهلاك مال أو غرما أو ضررا اه.
ثم رأيت الشرنبلالي بحث كما قلناه وقال: ثم رأيته في البدائع إلا مسألة الخلع لكنه يفيد ذلك اه.
أقول: وذكر شراح الجامع أنه يقال للشافعي رحمه الله: ما تقول فيمن استؤجر لقلع سن أو اتخاذ وليمة ثم زال الوجع وماتت العرس فحينئذ يضطر إلى الرجوع عن قوله الخ، فظهر أن القيد ذكر لزيادة الالزام فلا مفهوم له فتنبه.
قوله: (وبعذر لزوم دين) أطلقه فشمل القليل والكثير كما في شرح البيري عن جوامع الفقه.
وإذا فسخت يبدأ من الثمن بدين المستأجر وما فضل للغرماء، حتى لو لم يكن في
الثمن فضل لا تفسخ كما في الزيادات.
وفي البزازية: والدرهم دين قادح تفسخ به، بخلاف الاقل.
وفي الولوالجية: أراد نقض الاجارة وبيع الدار لنفقته ونفقة أهله لكونه معسرا له ذلك.
وفي شرح الزيادات للسرخسي: قيل يفسخها القاضي ثم يبيع، والمختار أنها تنفسخ ضمن القضاء بنفاذ البيع، أبو السعود على الاشباه.
وحكي في الخلاصة قولين في فصخها للنفقة: الاول عن أبي الليث، والثاني عدم الفسخ عن ظهير الدين.
قوله: (بعيان أو بيان الخ) الظاهر أن أحدهما مغن عن الآخر، وأن المراد بالاقرار: الاقرار السابق على ا لاجارة، وإلا يلزم أن يكون حجة متعدية.
منلا مسكين.
وفي كلام الشارح إشارة إلى دفع الاول لان المراد بالعيان مشاهدة الناس وبالبيان إقامة البينة، ويافي الثاني قولهم في الاستدلال للامام جوابا عن قول الصاحبين: إن هذا الاقرار يضر المستأجر فلم يجز في حقه، وللامام أن الاقرار يلاقي ذمة المقر ولا حق لاحد فيه فيصح ثم يتعدى اه.
تأمل.
ثم رأيب في غاية البيان عن شرح الطحاوي صرح بكون الاقرار بالدين بعد عقد الاجارة فتأيد ما قلناه.
فرع: أقر بداره لرجل بعدما آجرها صح في حق نفسه لا في حق المستأجر، فإذا مضت المدة يقضى للمقر له.
ولوالجية.
قوله: (أي المستأجر) بالبناء للمفعول تفسيرا للضمير في غيره أو للفاعل تفسيرا للضمير في له، ولكل مرجح فتبصر.
قوله: (لانه يحبس به) باعتبار أنه قد لا يصدق على عدم مال آخر.
ابن كمال.
قوله: (تستغرق قيمتها) أي قيمة العين المستأجرة: أي بأن لا يكون في قيمتها فضل على دين المستأجر من الاجرة المعجلة، وبه صرح في الزيادات، فقول الحانوتي: هذا قيد حسن في فسخها وهو غريب لم أقف عليه غير مسلم.
أفاده أبو السعود.
قوله: (وبعذر إفلاس مستأجر دكان) وكذا إذا كسد سوقها حتى لا يمكنه التجارة.
هندية.
وفي المنية: لا يكون الكساد عذرا اه.
ويمكن حمله على نوع كساد.
سائحاني.
أما لو أراد التحول إلى حانوت آخر هو أوسع أو أرخص ويعمل ذلك العمل لم يكن عذرا، وإن ليعمل عملا آخر ففي الصغرى عذر.
وفي فتاوى الاصل إن تهيأ له الثاني على ذلك الدكان فلا، وإلا فنعم.
تاترخانية.
فالافلاس غير قيد وسيأتي.
قوله: (لا بإبرته) لان رأس ماله حينئذ إبرة ومقراض، فيعمل بالاجر فلا يتحقق في حقه العذر إلا بأن تظهر خيانته عند الناس فيمنعونه عن تسليم الثياب.
تاترخانية.
قوله: (استأجر عبدا الخ) صفة ثانية لخياط.
قوله: (وبعذر بداء(6/368)
مكتري دابة) البداء بالمد وفتحتين مصدر بدا له: أي ظهر له رأي غير الاول منعه عنه.
منح.
فالظاهر أن من في قوله: من سفر بمعنى: عن أو للبدلية.
تأمل.
وفي الخلاصة: ولو اشترى المستأجر إبلا فهذا عذر اه.
بخلاف ما لو اشترى منزلا فأراد التحول إليه، والفرق مكان إكراء الدار لا الدابة، لان الركوب يختلف باختلاف المستعمل، بخلاف السكنى.
بزازية.
قوله: (وسهولة) الواو بمعنى أو ط.
قوله: (بخلاف بداء المكاري) أي بلا سبب ظاهر يصلح عذرا، كما إذا وجد من يستأجر بأكثر، وسيذكر الشارح ما لو مات المكاري في الطريق.
قوله: (قلت وبالاولى يفتى) نقله في شرحه عن القهستاني، وقال: إنه المختار عند المصنف: أي لانه قدمه كما هو عادته.
قوله: (ثم قال) أي في الملتقى.
قوله: (فعذر) كذا أطلقه في البزازية، ثم نقل عن المحيط ما قدمنا آنفا من التفصيل، وسينقله عن الولوالجية.
مطلب: ترك العمل أصلا عذر بقي شئ: وهو أن قولهم: فتركه لعمل آخر مع هذا التفصيل يفيد أنه لو ترك العمل أصلا كان عذرا، ويدل عليه ما في الخانية: استأجر أرضا ليزرعها ثم بدا له ترك الزراعة أصلا كان عذرا اه.
وقد علمت أن الافلاس في مسألة الدكان غير قيد، وهكذا حرره الرملي في حاشيته.
واستشهد له بما في جواهر الفتاوى: استأجر حماما سنة وصار بحال لا يتحصل من الغلة قدر الاجرة وأراد أن يرد الحمام: إن لم يعمل الحمامي فله أن يرده: أي حيلته أن يترك العمل الخ، فراجعه.
ويظهر لي أنه يحلف كمسألة السفر الآتية.
تأمل.
مطلب: إرادة السفر أو النقلة من المصر عذر في الفسخ قوله: (ثم أراد السفر) وكذا الانتقال من المصر عذر في نقض إجارة العقار، لانه لا يمكنه الانتفاع إلا بحبس نفسه وهو ضرر.
جامع الفتاوى وغيره، ومثله في القنية.
ثم قال رامزا طب، وهذا يدل على أن القروي إذا استأجر دارا في الشتاء وأراد الخروج في الصيف إلى قريته، أو المصري أراد الخروج إلى الرستاق صيفا فله نقض الاجارة، ولا يشترط أن يكون بين المصرين مسيرة سفر اه.
وفي
البزازية: استأجر أرضا في قرية وهو سا كن في أخرى: إن بينهما مسيرة سفر فعذر، وإلا فلا اه.
تأمل.
قوله: (ولو اختلفا) بأن قال المستأجر: أريد السفر وقال المؤجر: إنه يتعلل.
قوله: (فيخلف الخ) هذا أحد أقوال، وإليه مال الكرخي والقدوري.
وقيل: يسأل رفقته، وقيل: يحكم زيه وثيابه، وقيل: القول لمنكر السفر.
وفي الخلاصة: لو خرج إلى السفر بعد الفسخ ثم رجع وقال بدا لي في ذلك وقال خصمه إنه كاذب: يحلف بالله إنك صادق في خروجك بعد الفسخ.
قوله: (وفي الاشباه الخ) ذكره في(6/369)
الولوالجية عن خواهر زاده.
ثم قال: وذكر محمد في الكتاب أنه يؤمر أن يرسل غلاما يتبع الدابة، لان الواجب على الآجر التخلية بين الدابة والمستأجر وقد وجد فيجب الاجر اه.
وهو تعليل للاول كما لا يخفى، وظاهره في ترجيحه ولذا اقتصر عليه في الاشباه.
تأمل.
قوله: (وبخلاف ترك خياطة الخ) تركيب ركيك المعنى مع تتابع الاضافة، ولو قال: وبخلاف خياط استأجر عبدا للخياطة فتركها ليعمل في الصرف لكان أوضح ط.
قوله: (ليخيط) متعلق بمستأجر.
قوله: (لامكان الجمع) إذ يمكنه أن يعقد الغلام للخياطة في ناحية ويعمل في الصرف في ناحية.
منح.
قوله: (وبخلاف بيع ما آجره) أي بدون إذن المستأجر.
قال في البزازية: فلو أذن حتى انفسخت الاجارة ثم المشتري رد المبيع بطريق ليس بفسخ لا تعود الاجارة بلا إشكال، وإن بطريق هو فسخ تعود، وبه يفتى اه.
وقيد بالبيع لما في التاترخانية عن المحيط: اشترى شيئا وآجره من غيره ثم اطلع على عيب فله رده بالعيب وتفسخ الاجارة.
قوله: (نفذ) لان عند الامام الثاني يجوز البيع.
بزازية.
قلت: هذا في غير قضاة زماننا، فتدبر.
قوله: (للمرتهن فسخه) قال الشرنبلالي في شرح الوهبانية: والمختار أنه موقوف، فيفتى بأن بيع المستأجر صحيح لكنه غير نافذ، ولا يملكان فسخه في الصحيح وعليه الفتوى، وإذا علم المشتري بكونه مرهونا أو مستأجرا: عندهما يملك النقض، وعند أبي يوسف لا يملك مع علمه، وبه أخد المشايخ اه.
رحمتي.
قوله: (بلا حاجة إلى الفسخ) بخلاف ما مر، ولذا عبر هناك بقوله: تفسخ وهنا بقوله: تنفسخ.
قوله: (لا بجنونه مطبقا) قال في الدر المنتقى:
ولا بردته إلا أن يلحق بدراهم ويقضى به، فإن عاد مسلما في المدة عادت الاجارة كما في الباقاني عن الظهيرية.
قوله: (إلا لضرورة) قال في الدر المنتقى: وقد تقرر استثناء الضروريات، فمن الظن أنه ينتقض بموت المزارع أو المكاري في طريق مكة فإنه لا ينفسخ حتى يبلغ مأمنا، لان الاجارة كما تنتقض بالاعذار تبقى بالاعذار، فليحفظ.
نعم يشكل بموت المعقود عليه كدابة معينة فإنه ينفسخ اه.
قلت: وتبطل بعجز المكاتب بعدما استأجر شيئا كما في البدائع، وبملك المستأجر العين بميراث أو هبة أو نحو ذلك كما في التاترخانية.
قوله: (كموته) أي موت المؤجر، فلو مات المستأجر لزمه الاجر بحساب ما سار.
ولوالجية.
قوله: (في طريق مكة ولا حاكم) قال في الولوالجية: قالوا: هذا إذا كان في موضع يخاف أن ينقطع به وليس ثمة قاض ولا سلطان يرفع الامر إليه، فكان المؤثر في بقاء عقد الاجارة كلا المعنيين اه.
وذكر في التاترخانية أن المستأجر إذا أنفق عليها في الطريق أو استأجر من(6/370)
يقوم عليها لا يرجع على ورثه المكاري.
قوله: (فيؤجرها) أي ممن هي في يده للاياب.
قوله: (بلا خصم) أو ينصب القاضي وصيا عنه كما في الولوالجية.
قوله: (لانه يريد الخ) وإنما يشترط الخصم لقبول البينة إذا أراد المدعي أن يأخذ منه شيئا من يده.
ولوالجية.
قوله: (إن معدا للاستغلال نعم) قال الشارح في كتاب الغصب: بأن بناه لذلك أو اشتراه لذلك، قيل أو أجره ثلاث سنين على الولاء وبموت رب الدار وبيعه يبطل الاعداد، ولو بنى لنفسه ثم أراد أن يعيد: فإن قال بلسانه ويخبر الناس صار.
ذكره المصنف اه.
وقدمنا أنه غير مختص بالعقار، وسيأتي في الغصب إن شاء الله تعالى.
قوله: (وإلا لا) لكن لو دفع أجرة ما سكن لا يستردها منه، وهكذا ذكره في التاترخانية، ولم يقيده بالمعد للاستغلال.
قوله: (قلت فكذا الوقف الخ) هذه الملحقات مصرح بها في شرح الوهبانية ح.
قوله: (وطالبه بالاجر) عطف تفسير على تقاضاه: أي طلب منه أجر الشهر الثاني ح.
قوله: (قيل نعم) في التاترخانية عن جامع الفتاوى: عليه الفتوى لانه مضى على الاجارة وما غصب خصوصا في مواضع أعدت للعقد.
قوله: (وقيل هو كالمسألة الاولى) أي مسألة ما إذا إذا سكن شهرين ح.
وهذا القول رجحه في البزازية حيث قال: سكن المستأجر بعد موت المؤجر، قيل يجب الاجر بكل حال لانه ماض على
الاجارة، والمختار للفتوى جواب الكتاب وهو عدم الاجر قبل طلبه، أما إذا سكن بعد طلب الاجر يلزم، ولا فرق بين المعد للاستغلال وغيره، وإنما الفرق في ابتداء الطلب.
وفي المحيط: والصحيح لزوم الاجر إن معدا بكل حال اه.
والحاصل: أن المرجح في سكناه بعد الموت كما في سكناه قبله، فإن معدا للاستغلال أو تقاضاه هو أو الوارث يلزم، وإلا لا، ومثله لو تقاضاه ولى اليتيم، ولا يتأتى هنا الوقف لانه لا يكون ميراثا ولا تفسد إجارته بموت المؤجر، وظاهره أن الاعداد لا يبطل بالموت فيخالف ما قدمناه عن الشارح، فتأمل.
قوله: (وينبغي الخ) مذكور في الخانية، ونقله في المنح مصدرا بقوله: وقال مولانا الخ، والمراد به قاضيخان لا صاحب البحر شيخ المصنف، فافهم.
ثم إن قوله: لا يظهر الانفساخ أي لا يظهر حكمه، ومقتضاه أنه يجب الاجر المسمى في العقد السابق كما سيذكره عن المنية في مسألة الزرع.
قوله: (ما لم يطالب الوارث الخ) أي فيظهر حكم الانفساخ، لان مطالبته بالتفريغ دليل عدم رضاه بالمضي على العقد السابق وبإنشاء عقد لاحق، ومطالبته بالتزام أجر آخر دليل رضاه بإنشاء عقد لاحق ونقض حكم العقد السابق، فيظهر حينئذ حكم الانفساخ وهو عدم وجوب المسمى في العقد السابق.
قوله: (ولو معدا للاستغلال) لا يخفى أن قاعدة لو الوصلية أن يكون نقيض ما بعدها أولى بالحكم نحو:(6/371)
أكرمك ولو أهنتني، وهنا كذلك، فإنه إذا ظهر الانفساخ في المعد بالمطالبة المذكورة مع أن الاعداد دليل بقاء الاجارة فغير المعد أولى، فافهم.
قوله: (لانه فصل) علة لقوله: لا يظهر الخ.
قوله: (وهل يلزم الخ) هذا راجع إلى ما قبل قوله: وينبغي الذي بحثه في الخانية، أما ذلك البحث فقد علمت أنه لو سكن قبل المطالبة يجب المسمى في العقد السابق.
وأما بعدها: فإن طالبه بالتفريغ وسكن بعده فينبغي وجوب أجر المثل لو معدا للاستغلال دون المسمى في العقد السابق لظهور انفساخه، وإن طالبه بأجر آخر وسكن بعده ينبغي لزوم ذلك الاجر الذي طالبه به كما سيظهر في المتفرقات عن الاشباه.
قوله: (وفي المنية الخ) حاصله التفرقة فيما إذا لم يدرك الزرع بين موت أحدهما في أثناء المدة وبين انقضائها، ففي الاول يترك إلى الحصاد بالمسمى، وفي الثاني بأجر المثل، وقد تقدمت المسألة متنا في
باب ما يجوز من الاجارة، وحررنا هناك أن العقد انفسخ بالموت حقيقة واعتبر باقيا حكما للضرورة فلذا وجب المسمى، فقوله هنا: بقي العقد أي حكما لا حقيقة، فتنبه.
قوله: (أي لجوازها بالتعاطي) لان ظاهره أنه لم يصدر لفظ من كل منهما، ولذا قال في البدائع: ويكون بمنزلة عقد مبتدأ اه.
أما لو قال اتركها في يدي بالاجر السابق فقال: رضيت أو نعم، فهو إيجاب وقبول صريحان لا يحتاج التنبيه عليه.
وفي التاترخانية عن الملتقط: استأجر أجيرا للحفظ كل شهر بكذا ثم مات فقال وصية للاجير: اعمل على ما كنت تعمل فإنا لا نحبس عنك الاجر باع الوصي الضيعة فقال المشتري للاجير كذلك، فمقدار ما عمل في حياة الاول يجب المسمى في تركته، وفيما عمل للوصي والمشتري أجر المثل.
قال الفقيه: إذا لم يعلما مقدار المشروط من الميت، فإن علماه فالمسمى أيضا.
وسيأتي قريبا في المتفرقات عن الاشباه: السكوت في الاجارة رضا وقبول الخ.
قوله: (وفي حاشية الاشباه الخ) مخالف لما قدمه قبيل باب ما يجوز من الاجارة من أن المتسأجر أحق لو العين في يده ولو بعقد فاسد،(6/372)
وسيذكره أيضا في المتفرقات، وقدمنا بيانه عن جامع الفصولين.
وفي الحموي عن العمادية والبزازية: بين فاسد هذه العقود وصحيحها فرق في مسألة واحدة، وهي ما إذا وقعت الاجارة أو البيع كان للمستأجر أو المشتري على الآجر أو البائع ثم فسخا العقد وكان فاسدا لا يكون للمشتري ولا للمستأجر حق الحبس لاستيفاء الدين، ولا يكون أولى بها من سائر الغرماء، بخلاف ما إذا كان العقد صحيحا والرهن الفاسد كالصحيح في الحياة والممات فالمرتهن أحق به، لكن إذا لحق الدين الرهن الفاسد، أما لو سبق الدين ثم تفاسخا بعد قبضه فليس أحق به وليس له الحبس اه ملخصا.
فالظاهر أن المراد بما نقله عن حاشية الاشباه من الفرق بين الصحيح والفاسد هذه المسألة فلا يخالف ما مر، فتدبر.
قوله: (لاتفاقهم على عدم عتق قريب الوكيل) أي لو اشتراه، وتمام عبارة شيخه الرملي: وعدم فساد نكاحها لو اشتراها.
قوله: (والفساد) أي فساد النكاح فيما إذا اشترى بالوكالة امرأته من سيدها.
قوله: (بموت المستأجر) أي الوكيل المستأجر ح.
قوله: (والنقل به مستفيض) قال السائحاني: ففي البدائع أن الاجارة لا تبطل بموت الوكيل سواء كان من طرف المؤجر أو المستأجر اه.
قلت: ومثله في القهستاني عن قاضيخان: وفي التاترخانية: كل من وقع له عقد الاجارة إذا مات تنفسخ الاجارة بموته، ومن لم يقع العقد له لا ينفسخ بموته وإن كان عاقدا يريد الوكيل والوصي، وكذا المتولي في الوقف اه.
قوله: (لبقاء المستحق له) عبارة الدرر والمنح: لبقاء المستحق عليه والمستحق اه والمراد بالاول المستأجر لانه استحق عليه الاجرة، وبالثاني أهل الوقف ونحوهم.
تأمل.
قوله: (قلت وإطلاق المتون بخلافه) ذكر هذه العبارة صاحب الاشباه.
وفي بعض النسخ قال بدل قلت وضميره لصاحب الاشباه.
قال العلامة عبد البر: والذي في غالب كتب المذهب يقتضي عدم بطلان الاجارة في الوقف بموت المؤجر سواء الواقف وغيره من القيم والوصي والقاضي، وذلك مقتضى تعليلاتهم أن المستحق إذا كان ناظرا لا تبطل بموته وإن كان مستحقا لجميع الريع، إذ لا ملك له في الرقبة وإنما حقه في الغلة، وذكره الشرنبلالي ط.
قوله: (أفتى قارئ الهداية) حيث قال: لا تنفسخ بموت الناظر المؤجر وإن كان هو المستحق بانفراده.
قوله: (إلا في مسألتين) الاستثناء منقطع، أما في الاولى فلانه بطل بالردة كما صرح به في التعليل وصارت ميراثا بالموت، فتأمل.
وأما في الثانية(6/373)
فلما قال ابن الشحنة: إن أصل المسألة في وقف أوجر وهذا مؤجر ملك لا وقف.
قوله: (على معين) الذي في معاياة الوهبانية وشرحها على غير معين.
قوله: (تنفسخ) لان ابتداء العقد كان لنفسه ح.
قوله: (لكنه مخالف الخ) أقول: بل هو مخالف لسائر المتون، ويكن أن يجاب عن ابن نجيم بأن يكون المراد بالمؤجر والمستأجر في كلامه الناظر، وأنه قصد الجواب عن مسالتين: الاولى إذا آجر الناظر أرض الوقف، والثانية إذا استأجر الناظر أرضا من شخص من مال الوقف يستغلها للوقف ح.
قوله: (وفيها أيضا) هذا أيضا مما يرد على ما نقله صاحب الاشباه فيما إذا كان المؤجر متولي وقف خاص وجميع غلته له، فالاولى ذكر ذلك قبل قوله: وفي فتاوى ابن نجيم وأشار بقوله فتنبه إلى الرد المذكور ط.
قوله: (وبقيت في حصة الحي) ولا يضره الشيوع لانه طارئ كما تقدم في محله.
قوله: (أو غيره) كوكيله وليس موجودا في عبارة الاشباه.
قوله: (إحياء لمال الوقف) لانه بدون التسليم لا تلزم الاجرة، لكن لا يخفى أن التسليم ليس شرطا لصحة العقد، وقد تقدم وقد تقدم أنه إذا كانت الاجارة صحيحة وتمكن من
الانتفاع يجب الاجر، أما في الفاسدة فلا يجب إلا بحقيقة الانتفاع، وتقدم أيضا أن ظاهر الاسعاف إخراج الوقف فتجب أجرته في الفاسدة بالتمكن، فينبغي حمل كلامه هنا على ما إذا لم يتمكن منه، فتأمل.
قوله: (عن بيوع فتاوى قارئ الهداية) ونصها: سئل عن شخص اشترى من آخر دارا ببلدا وهما ببلدة أخرى وبين البلدتين مسافة يومين ولم يقبضها، بل خلى البائع بين المشتري والمبيع التخلية الشرعية ليتسلم، فهل يصح ذلك وتكون التخلية كالتسليم؟ أجاب: إذا لم تكن الدار بحضرتهما وقال البائع: سلمتها لك وقال المشتري: تسلمت لا يكون ذلك قبضا ما لم تكن الدار قريبة منهما بحيث يقدر المشتري على الدخول فيها والاغلاق فحينئذ يصير قابضا، وفي مسألتنا: ما لم تمض مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها لم يكن قابضا اه.
مطلب في تخلية البعيد وفي حاشية الحموي قال بعض الفضلاء: ما ذكره المصنف من أن تخلية البعيد باطلة مخالف لما في المحيط كما هو في شرح الكنز وفي ابن الهمام قبيل باب خيار الشرط، وقد أطنبنا فيه اه.
قوله:(6/374)
(والدخول فيها) أقول: فائدة ذكره حصول التمكن من الانتفاع، إذ لو لم يتمكن من الدخول فيها لوجود غاصب ونحوه لا يجب الاجر كما مر، وليس المراد أن الدخول نفسه شرط، فافهم، والله تعالى أعلم.
مسائل شتى قوله: (أي بقايا الخ) تفسيري مراد.
قال في المنح: حصائد جمع حصيد وحصيدة، وهما الزرع المحصود والمراد بها ها هنا ما يبقى من أصول القصب المحصود في الارض اه: أي لجريان العادة بإحراقه.
قوله: (مستأجرة أو مستعارة) قال منلا مسكين في شرحه: وإنما وضع المسألة فيهما دون أرض ملكه لما لم يضمن هنا فعدم الضمان بالاحراق في أرضه بالاولى اه.
ومقتضى هذه العبارة مع عبارة المتن أنه لو كانت في أرض الغير بلا إذنه أنه يضمن ما أحرقته في مكان تعدت إليه، وهو خلاف ما في جامع الفصولين وكثير من الكتب، فقد قال في جامع الفصولين: أوقد نارا في أرض بلا إذن المالك ضمن ما أحرقته في مكان أوقدت فيه لا ما أحرقته في مكان آخر تعدت إليه، وفرق
بين الماء والنار، فإنه لو أسال الماء إلى ملكه فسال إلى أرض غيره وأتلف شيئا ثمة ضمن، بخلاف النار إذ طبع النار الخمود، والتعدي يكون بفعل الريح ونحوه فلم يضف إلى فعل الموقد فلم يضمن، ومن طبع الماء السيلان، فالاتلاف يضاف إلى فعله اه فتدبر.
رملي.
أقول: لكن هذا حيث زالت عن ذلك الموضع بمزيل، فلو زالت لا بمزيل يضمن كما حققه في الخانية وسيذكره الشارح قريبا.
قوله: (ومثله الخ) قاله شيخه الرملي أيضا.
قوله: (وحاصله) ليس حاصلا لما نحن فيه فكان عليه تأخيره.
سائحاني.
قوله: (بنفس) متعلق بأحرقته.
قوله: (لا ما نقلته الريح) أي التي هبت بعد وضعه كما يعلم مما سيأتي ح.
قوله: (على ما عليه الفتوى) أي من التفصيل المذكور، فقد قال في الخانية: إنه أظهر، وعليه الفتوى، ومقابله ما قاله الحلواني: إذا وضع جمرة في الطريق أو مر بنار في ملكه أنه لا يضمن وأطلق الجواب فيه.
قوله: (لانه تسبب) وشرط الضمان فيه التعدي ولم يوجد، فصار كمن حفر بئرا في ملك نفسه فتلف به إنسان، بخلاف ما إذا رمى سهما في ملكه فأصاب إنسانا حيث يضمن لانه مباشر فلا يشترط فيه التعدي.
زيلعي.
قوله: (إن لم تضطرب الرياح) أي بأن كانت ساكنة وقت الوضع ح، وقيده في جامع الفصولين عن الذخيرة بما لو أوقد نارا يوقد مثلها، ونقل عن غيرها لا يضمن مطلقا.
ثم نقل عن فتاوى أبي الليث: أحق شوكا أو تبنا في أرضه فذهبت الريح بشرارات إلى أرض جاره وأحرقت زرعه: إن كان ببعد من أرض الجار على وجه لا يصل إليه الشرر عادة لم يضمن لانه(6/375)
حصل بفعل النار وإنه هدر، ولو بقرب من أرضه على وجه يصل إليه الشرر غالبا ضمن، إذ له الايقاد في ملك نفسه بشرط السلامة اه.
ومثله في غاية البيان، وقال: هذا كما إذا سقى أرض نفسه فتعدى إلى أرض جاره.
قوله: (ضمن أي استحسانا.
طوري) عن الخانية.
قوله: (لانه يعلم الخ) يظهر منه أنه لو كانت الريح تتحرك خفيفا بحيث لا يتعدى الضرر ثم زادت لم يضمن، فليحرر.
قوله: (على كل حال) فسره الشارح بعد بقوله: سواء تلف الخ.
قوله: (ثم آخر) أي ثم وضع آخر فالمعطوف محذوف وهو وضع.
وقال ح: هو عطف على فاعل الوضع المحذوف: أي كوضع شخص جرة في الطريق
ثم وضع آخر أخرى اه.
فليتأمل ط.
قوله: (فتدحرجتا) فلو تدحرجت إحداهما على الاخرى وانكسرت المتدحرجة ضمن صاحب الواقفة، وكذا دابتان أوقفا، ولو عطبت الواقفة لا ضمان لانتساخ الفعل الاول، سائحاني عن قاضيخان.
قوله: (وكذا يضمن في كل موضع الخ) هذا لم يذكره صاحب الخانية، بل اعتبر حق الوضع وعدمه.
وقد يثبت حق المرور ولا يثبت حق الوضع كما في الطريق، وإنما الذي اعتبر حق المرور وعدمه صاحب الخلاصة، وذكر أن عليه الفتوى.
قال في المنح: وفصل في الخلاصة فيما لو سقط منه جمرة في موضع ليس له فيه حق المرور بين أن يقع منه فيضمن، وبين إن ذهبت بها الريح فلا يضمن.
قال: وهذا أظهر، وعليه الفتوى، وغالب الكتب على ما ذكره قاضيخان ط.
قوله: (من الكير) هو بالكسر: زق ينفخ فيه الحداد، وأما المبني من الطين فكور والجمع أكيار وكيرة كعنبة وكيران.
قاموس.
فالمناسب الكور لانه هو الذي يخرج منه ط.
لكن ورد في الحديث: المدينة كالكير تنفي خبثها فلعله مشترك.
تأمل.
وعبر الاتقاني بالكور.
قوله: (وأحرق شيئا ضمن) وإن فقأ عين رجل فديته على عالته إتقاني.
قوله: (لا تحتمله) يعني لا تحتمل بقاءه بأن كانت صعودا وأرض جاره هبوطا يعلم أنه لو سقى أرضه نفذ إلى جاره ضمن، ولو كان يسقر في أرضه ثم يتعدى إلى أرض جاره، فلو تقدم إليه بالاحكام ولم يفعل ضمن، ويكون هذا كإشهاد على حائط، ولو لم يتقدم لم يضمن كما في جامع الفصولين.
شرنبلالية.
أقول: زاد في نور العين عن الخانية بعد قوله ضمن ما نصه: ويؤمر بوضع المسناة حتى يصير(6/376)
مانعا ويمنع عن السقي قبل وضع المسناة، وفي الفصل الاول: لا يمنع عن السقي: يعني بالفصل الاول صورة عدم التقدم اه.
وبهذه الزيادة حصل الجواب عن اعتراض ط بأنه يلزم أن لا يتصور انتفاع رب الصاعدة اه.
فافهم.
وفي شرب الخلاصة المذكورة في عامة الكتب: أنه إذا سقى غير معتاد ضمن، وإن معتادا لا يضمن.
قوله: (صح) لان شركة الصنائع يتقبل كل منهما العمل، على أن ما يتقبله يكون أصلا فيه بنفسه ووكيلا عن شريكه فيكون الربح بينهما وهنا كذلك، فإن ما يلقيه عليه صاحب الحانوت من العمل يعمله الصانع أصالة عن نفسه ووكالة عن صاحب الحانوت فيكون الاجر
بينهما كذلك.
رحمتي.
قوله: (استحسانا) والقياس أن لا يصح، وبه أخذ الطحاوي، لانه استئجار بنصف ما يخرج من عمله وهو مجهول كقفيز الطحان.
قوله: (لانه شركة الصنائع) فيه تعريض بصاحب الهداية حيث جعلها شركة وجوه.
ورده الزيلعي بأن شركة الوجوه أن يشتركا على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا، وليس في هذا بيع ولا شراء.
وأجاب في العزمية بأنه لم يرد بها المصطلح عليها، بل ما وقع فيها تقبل العمل بالوجاهة يرشدك إليه قوله: هذا بوجاهته يقبل وهذا بحذاقته يعمل اه.
وفيه بعد.
قوله: (كاستئجار جمل).
التشبيه في كون صحة كل على خلاف القياس.
قوله: (محملا) بفتح الميم الاول وكسر الثاني أو بالعكس: الهودج الكبير الحجاجي.
إتقاني عن المغرب.
قوله: (وله المحمل المعتاد) أي في كل بلدة.
قال في الجوهرة: ولا بد من تعيين الراكبين أو يقول على أن أركب من أشاء.
أما إذا قال: استأجرت على الركوب فالاجارة فاسدة، وعلى المكري تسليم الحزام والقتب والسرج والبرة التي في أنف البعير واللجام للفرس والبردعة للحمار، فإن تلف شئ في يد المكتري لم يضمنه كالدابة، وعلى المكري إشالة المحمل وحطه وسوق الدابة وقودها وأن ينزل الراكبين للطهارة وصلاة الفرض، ولا يجب للاكل وصلاة النفل لانه يمكنهم فعلها على الظهر، وعليه أن يبرك الجمل للمرأة والمريض والشيخ الضعيف.
قوله: (ورؤيته أحب) نفيا للجهالة وخروجا من خلاف الامام أحمد.
قوله: (وفي الولوالجية) عبارتها: وإذا تكارى من الكوفة إلى مكة إبلا مسماة بغير أعيانها فالاجارة جائزة، وينبغي أن لا تجوز لان المعقود عليه حينئذ مجهول، كما لو استأجر عبدا لا بعينه لا يجوز.
قال خواهر زاده في شرح الكافي: ليس صورة المسألة أن يكاري إبلا مسماة بغير أعيانها، لكن صورتها أن المكاري يقبل الحمولة، كأن قال المستكري: احملني إلى مكة على الابل بكذا فقال المكاري: قبلت فيكون المعقود عليه حملا في ذمة المكاري وإنه معلوم والابل آلة المكاري ليتأدى ما وجب في ذمته، وجهالة الآلة لا توجب إفساد الاجارة، قال الصدر الشهيد: عندي يجوز كما ذكر في الكتاب اه.
ومراده بالكتاب الاصل للامام محمد وهو المذكور أولا، فقد نقله في التاترخانية عنه.
وفي(6/377)
البزازية: ويفتى بالجواز للعرف، فإن لم يصر معتادا لا يجوز اه.
فقول الشارح: ويجعل المعقود عليه الخ هو تفسير خواهر زاده، وقد علمت أن المفتى به خلافه إن تعورف.
قوله: (وحوه) قال الاتقاني: وكذا غير الزاد من المكيل والموزون إذا انتقص له أن يزيد عوض ذلك.
قوله: (إلا إذا أنكره الخ) أي لم يجب المسمى، وهل يجب أجر المثل؟ وسيأتي في الغصب أنه يجب في الوقف ومال اليتيم والمعد للاستغلال.
ولك أن تقول: إذا أنكر الملك في المعد للاستغلال لا يكون غاصبا ظاهرا.
سائحاني: أي فلا يلزمه أجرة لما سيأتي أنه لو سكن المعد للاستغلال بتأويل ملك لا يلزمه أجر.
قوله: (فلو قال الخ) في التاترخانية: اكترى دارا سنة بألف فلما انقضت قال: إن فرغتها اليوم وإلا فهي عليك كل شهر بألف والمستأجر مقر له بالدار، فإنا نجعل في قدر ما ينقل متاعه بأجر المثل وبعد ذلك بما قال المالك.
قوله: (بقي لو سكت الخ) هذه حادثة بيت المقدس سنة 996 أجاب عنها المصنف بما ذكر كما قاله قبيل باب ضمان الاجير، ثم قال: وقد صرحوا بالحكم هكذا في كثير من المسائل.
مطلب في إجارة المستأجر للمؤجر ولغيره قوله: (للمستأجر أن يؤجر المؤجر الخ) أي ما استأجره بمثل الاجرة الاولى أو بأنقص، فلو بأكثر تصدق بالفضل إلا في مسألتين كما مر أول باب ما يجوز من الاجارة.
قوله: (قيل وقبله) أي فالخلاف في الاجارة كالخلاف في البيع، فعندهما: يجوز، وعند محمد: لا يجوز، وقيل: لا خلاف في الاجارة، وهذا في غير المنقول، فلو منقولا لم يجز قبل القبض.
كذا في التاترخانية.
قوله: (من غير مؤجره) سواء كان مؤجره مالكا أو مستأجرا من المالك كما يفيده التعليل الآتي، لان المستأجر من المالك مالك للمنفعة.
ووقع في المنح عن الخلاصة أن المستأجر الثاني إذا آجر من المستأجر الاول يصح، وقد راجعت الخلاصة فلم أجد هذه الزيادة، وهكذا رأيت في هامش المنح بخط بعض الفضلاء أنه راجع عدة نسخ من الخلاصة فلم يجد ذلك، فتنبه.
قوله: (وإن تخلل ثالث) أي بأن استأجر من(6/378)
المستأجر شخص فآجر للمؤجر الاول.
قوله: (به يفتى) وهو الصحيح، وبه قال عامة المشايخ.
ابن الشحنة.
قوله: (للزوم تمليك المالك) لان المستأجر في حق المنفعة قائم مقام المؤجر فيلزم تمليك المالك.
منح.
وفي التاترخانية: استأجر الوكيل بالايجار من المستأجر لا يجوز لانه صار آجرا ومستأجرا.
وقال
القاضي بديع الدين: كنت أفتي به ثم رجعت، وأفتى بالجواز.
أقول: يظهر من هذا حكم متولي الوقف لو استأجر الوقف ممن آجره له، وقد توجه فيه بعض الفضلاء وقال: لم أره.
تأمل.
قوله: (الصحيح لا) بل في التاترخانية عن شمس الائمة أن القول بالانفساخ غلط، لان الثاني فاسد والاول صحيح: أي والفاسد لا ويرفع الصحيح.
قوله: (وقدمنا) أي في باب ما يجوز من الاجارة.
قوله: (عن الخلاصة) ونصها: وتأويل ما ذكر في النوازل أن الآجر قبض المستأجر بعد ما استأجر، لانه لو قبض منه بدون الاجارة سقط الاجر عن المستأجر فهذا أولى.
قال في المحيط: وإن لم يقبض منه فعلى المستأجر الاول الاجر اه.
أقول: فيه نظر، فإن الكلام في انفساخ الاولى وعدمه وسقوط الاجر لا يستلزم الانفساخ كما لا يخفى، ويدل عليه ما في التاترخانية عن العتابية: إن قبضها رب الدار سقط الاجر عن المستأجر ما دامت في ديه وللمستأجر أن يطالبه بالتسليم اه.
فقد صرح بسقوط الاجر وبأن له المطالبة بتسليم العين المستأجرة، ولو انفسخت لم يكن له ذلك.
قوله: (فتأمل) قد علمت أن هذا التوفيق غير ظاهر فتعين ما قاله ح.
الذي يظهر ما في الوهبانية نظرا للعلة ولتصحيح قاضيخان والمضمرات.
قوله: (وهل تسقط الاجرة الخ) أقول: الذي في شرح الوهبانية عن أبي بكر البلخي أنه لا يسقط الاجر عن المستأجر.
ونقل في البزازية عن أبي الليث موافقة البلخي.
وذكر في المنتقى بالنون الصحيح أن الاجارة والاعارة لا يكونان فسخا، لكن لا يجب الاجر على المستأجر ما دام في يد الآجر اه ملخصا.
وأنت خبير أن ما قدمه من التوفيق محله هنا على ما قررناه سابقا، بأن يقال: إن قبضه من المستأجر سقط الاجر وإلا فلا، فتدبر، وقد أفادت عبارة المنتقى أن الاعارة حكمها كالاجارة في الصحيح.
فرع: في فتاوى ابن نجيم: إذا تقايل المؤجر الاول والمستأجر منه فالتقايل صحيح وتنفسخ الاولى والثانية اه.
قوله: (ورجع الوكيل بالاجر على الآمر) سواء منعها من الآمر أو لا.
درر.
ونقل في البزازية الرجوع عن أبي يوسف.
ثم قال: الصحيح أنه لا يرجع على الآمر استحسانا لانه بالحبس صار غاصبا، والغصب من غير المالك متصور اه.
ومثله في الخلاصة وغيرها عن جد صاحب المحيط.
فرع: وهب الآجر الاجر من الوكيل أو أبرأه صح، وللوكيل أن يرجع على الآمر.
خلاصة.(6/379)
مطلب في إجارة المستأجر للمؤجر ولغيره قوله: (يستحق القاضي الاجر الخ) قيل على المدعي إذ به إحياء حقه فنفعه له، وقيل على المدعى عليه إذ هو يأخذ السجل، وقيل على من استأجر الكاتب، وإن لم يأمره أحد وأمره القاضي فعلى من يأخذ السجل وعلى هذه أجرة الصكاك على من يأخذ الصك في عرفنا، وقيل يعتبر العرف.
جامع الفصولين.
وفي المنح عن الزاهدي: هذا إذا لم يكن له في بيت المال شئ اه.
تأمل.
قوله: (قدر ما يجوز لغيره) قال في جامع الفصولين: للقاضي أن يأخذ ما يجوز لغيره، وما قيل في كل ألف خمسة دراهم لا نقول به ولا يليق ذلك بالفقه، وأي مشقة للكاتب في كثرة الثمن؟ وإنما أجر مثله بقدر مشقته أو بقدر عمله في صنعته أيضا كحكاك وثقاب يستأجر بأجر كثير في مشقة قليلة اه.
قال بعض الفضلاء: أفهم ذلك جواز أخذ الاجرة الزائدة وإن كان العمل مشقته قليلة ونظرهم لمنفعة المكتوب له اه.
قلت: ولا يخرج ذلك عن أجرة مثله، فإن من تفرغ لهذا العمل كثقاب اللآلئ مثلا لا يأخذ الاجر على قدر مشقته فإنه لا يقوم بمؤنته، ولو ألزمناه ذلك لزم ضياع هذه الصنعة فكان ذلك أجر مثله.
قوله: (ليكتب شهادته) لعل المراد بها خطه الذي يكتب على الوثيقة، وإلا فالكلام في القاضي لا الشاهد ط.
قوله: (وقيل مطلقا) أي ولو لم يكن في البلدة غيره، وهو ظاهر ما مر في المتن، ووجهه ظاهر للتعليل المذكور.
قوله: (لاجل السحر) أي لاجل إبطاله، وإلا فالسحر نفسه معصية بل كفر لا يصح الاستئجار عليه.
قوله: (إن بين قدر الكاغد) ليظهر مقدار ما يسعه من السطور عرضا، والتفاوت في الزيادة لبعض الكلمات مغتفر، وقوله: والخط الظاهر أن المراد به عدد الاسطر.
ط.
قوله: (وكذا المكتوب) أي إذا استأجر رجلا ليكتب كتابا إلى حبيبه فإنه يجوز إذا بين قدر.
قوله: (وكذا المكتوب) أي إذا استأجر رجلا ليكتب كتابا إلى حبيبه فإنه يجوز إذا بين قدر الخط والكاغد.
منح.
قوله: (بخلاف المشتري) فإنه يكون خصما للكل.
منح.
قوله: (وهل يشترط الخ) قال في المنح: ما في الصغرى من أن المشتري لا يكون خصما للمستأجر: يعني بانفراده، بل لا بد من حضور الآخر، يخالفه ما في البزازية عن فتاوى القاضي: آجر ثم باع وسلم تسمع دعوى المستأجر عن المشتري وإن
كان الآجر غائبا، لكن نقل بعده ما يوافق ما في الصغرى، فليتأمل عند الفتوى اه ملخصا.
قوله:(6/380)
(والمعاملة) أي المساقاة.
قوله: (كل ما كان تمليكا للحال) أي أمكن تنجيزه للحال فلا حاجة لاضافتها.
بخلاف الفصل الاول لان الاجارة وما شاكلها لا يمكن تمليكها للحال، وكذا الوصية، وأما الامارة والقضاء فمن باب الولاية، والكفالة من باب الالتزام.
زيلعي.
قوله: (وإبراء الدين) احتراز عن الابراء عن الكفالة فيصح مضافا عند بعضهم.
ط عن الحموي.
قوله: (به يفتى) أي بأن للمتولي فسخها فكان عليه أن يذكره عقبه كما فعل في السوادة قبيل باب ما يجوز من الاجارة.
قوله: (أو فاسدا الخ) هذا موافق لما ذكره قبيل ما يجوز من الاجارة من أنه مقدم على الغرماء، ومخالف لظاهر ما قدمه قبيل قوله: فإن عقدها لغيره وقدمنا تأويله.
قوله: (استأجر مشغولا وفارغا الخ) تقدمت أول باب ما يجوز.
قوله: (لكن حرر مشحي الاشباه الخ) حيث قال: ينبغي حمل ما ذكر المصنف على ما ذكره قاضيخان، وهو لو استأجر ضياعا بعضها فارغ وبعضها مشغول.
قال ابن الفضل: تجوز في الفارغ المشغول اه.
لانه إذا استأجر بيتا مشغولا لا يجوز ويؤمر بالتفريغ والتسليم، وعليه الفتوى كما في الخانية فتعين حمل كلامه على الضياع فقط اه.
وفي حاشية البيري عن جوامع الفقه: كانت الدار مشغولة بمتاع الآجر والارض مزروعة، قيل لا تصح الاجارة، والصحيح الصحة، لكن لا يجب الاجر ما لم تسلم فارغة أو يبيع ذلك منه، ولو فرغ الدار وسلمها لزمت الاجرة.
قوله: (ما لم يكن فيه ضرر) كما إذا كان الزرع لم يستحصد.
قوله: (فله الفسخ) تفريع على المنفي وهو يكن.
قوله: (لعدم العرف) ولانها وقعت على إتلاف العين، وقد مر في إجارة الظئر في باب الاجارة الفاسدة.
قوله: (المستأجر فاسدا الخ) تقدمت أول باب الاجارة(6/381)
الفاسدة.
قوله: (وتقدم الكل) أي كل هذه المسائل، وقد بينت لك مواضعها.
قوله: (بشروط الاجارة) أما ما يفعلونه في هذه الازمان حيث يضمنها من له ولايتها لرجل بمال معلوم ليكون له خراج مقاسمتها ونحوه فهو باطل، إذ لا يصح إجارة لوقوعه على إتلاف الاعيان قصدا ولا بيعا، لانه معدوم
كما بينه في الخيرية.
مطلب في إجارة المقطع وانفساخها بموت المقطع وإخراجه له قوله: (فهي صحيحة) سئل العلامة قاسم: هل للجندي أن يؤجر ما أقطعه الامام من أراضي بيت المال؟ فأجاب: نعم له ذلك، ولا أثر لجواز إخراج الامام له في أثناء المدة، كما لا أثر لجواز موت المؤجر في أثناء مدة الاجارة، وإذا مات أو أخرجه الامام تنفسخ الاجارة اه ملخصا.
أقول: وقدمنا البحث في مدة إجارته عند قوله أول كتاب الاجارة: ولم تزد في الاوقاف على ثلاث سنين وهل تنفسخ لو فرغ المؤجر لغيره وقرر السلطان المفروغ له فإنه يتضمن إخراج الاول أم لا كالبيع؟ لم أره فليراجع، وهي حادثة الفتوى.
ثم رأيت شيخ مشايخنا السائحاني في كتابه الفتاوى النعمية ذكر الانفساخ بالفراغ أو الموت أخذا من قولهم: من عقد الاجارة لغيره لا تنفسخ بموته كوكيل، لانهم آجروا لغيرهم أو استأجروا لغيرهم، قال: وهنا آجر لنفسه وربما يضرر من سيصير له لو لم تفسخ اه.
تأمل.
قوله: (صح استئجار قلم الخ) في التاترخانية: استأجر قلما ليكتب به، إن بين لذلك وقتا صحت، وإلا فلا.
وفي النوازل إذا بين الوقت والكتابة صحت.
قوله: (لزم الاجر) قال الفقيه: لانه خلاف إلى خير وفي الدابة إلى شر، ولانه يحتاج في الدابة إلى ذكر المكان وفي الثوب إلى ذكر الوقت.
بزازية.
فتأمل.
قوله: (إلا لعذر بها) أي بحيث لا يقدر على الركوب كما في غاية البيان.
قوله: (وأعطى أجر مثله) ولا يجاوز به المسمى.
ولوالجية.
قوله: (وأخذ منه القيمة) أي قيمة الكاغد والحبر.
قوله: (أعطاه بحسابه من المسمى) هذا فيما أصاب به ويعطيه لما أخطأ أجر مثله، لانه وافق في البعض وخالف في البعض.
ذكره في الولوالجية.
قوله: (استرد الاجرة الخ) لانه إنما أعطاه الاجر ليميز الزيوف من الجياد.
مطلب: أنكر الدافع وقال: ليس هذا من دراهمي فالقول للقابض في الذخيرة: ولو أنكر الدافع وقال: ليس هذا من دراهمي فالقول قول القابض، لانه لو أنكر القابض أصلا كان القول قوله.(6/382)
مطلب: ضل لهن شئ فقال: من دلني عليه فله كذا
قوله: (إن دلني الخ) عبارة الاشباه: إن دللتني.
وفي البزازية والولوالجية: رجل ضل له شئ فقال من دلني على كذا فله كذا فهو على وجهين: إن قال ذلك على سبيل العموم بأن قال: من دلني، فالاجارة باطلة لان الدلالة والاشارة ليست بعمل يستحق به الاجر.
وإن قال على سبيل الخصوص بأن قال لرجل بعينه: إن دللتني على كذا فلك كذا: إن مشى له فدله فله أجر المثل للمشي لاجله لان ذلك عمل يستحق بعقد الاجارة إلا أنه غير مقدر بقدر فيجب أجر المثل، وإن دله بغير مشي فهو والاول سواء.
قال في السير الكبير: قال أمير السرية: من دلنا على موضع كذا فله كذا يصح ويتعين الاجر بالدلالة فيجب الاجر اه.
قوله: (إلا إذا عين الموضع) قال في الاشباه بعد كلام السير الكبير: وظاهره وجوب المسمى، والظاهر وجوب أجر المثل إذ لا عقد إجارة هنا.
وهذا مخصص لمسألة الدلالة على العموم لكونه بين الموضع اه: يعني أنه في الدلالة على العموم تبطل، إلا إذا عين الموضع فهي مخصصة أخذا من كلام السير، لان قول الامير على موضع كذا فيه تعيينه، بخلاف من ضل له شئ فقال: من دلني على كذا: أي على تلك الضالة فلا تصح لعدم تعيين الموضع، إلا إذا عرفه باسمه ولم يعرفه بعينه فقال: من دلني على دابتي في موضع كذا فهو كمسألة الامير، وهذا معنى قول الشارح: إلا إذا عين الموضع وقول الاشباه: والظاهر وجوب أجر المثل الخ، وحاصله البحث في كلام السير، فإنه حيث كان عاما لم يوجد قابل يقبل العقد فانتفى العقد.
أقول: حيث انتفى العقد أصلا كان الظاهر أن يقال: لا يجب شئ أصلا كما في مسألة الضالة.
والجواب عما قاله ما ذكره الشيخ شرف الدين من أنه يتعين هذا الشخص والعقد بحضوره وقبوله خطاب الامير بما ذكر، فيجب المسمى لتحقق العقد بين شخصين معينين لفعل معلوم.
وأما إذا لم يكن الفعل معلوما كمسألة الضالة فلا يجب شئ، بخلاف ما إذا كان الشخص معينا لوقوع العقد حينئذ على المشي لكنه غير مقدر فوجب أجر المثل، فقد ظهر الفرق بين المسائل الثلاث، وقد خفي على بعض محشي الاشباه فوقع في الاشتباه.
نعم يمكن أن يقال: لما لم يتعين الشخص بحضورهم وقبولهم خطاب صاحب الضالة كمسألة الامير فينعقد العقد على المشي وإن لم يتعين الموضع كما لو خاطب معينا، فليتأمل.
قوله: (عشرة في عشرة) بالنصب تمييز: أي مقدرا عشرة طولا في عشرة عرضا.
قوله:
(وبين العمق) أي والموضع.
قال في التاترخانية: لا بد أن يبين الموضع وطول البئر وعمقه ودوره اه.
وتمام تفاريعه فيها من الفصل 25.
قوله: (كان له ربع الاجر) لان العشرة في العشرة مائة والخمسة في الخمسة خمسة وعشرون فكان ربع العمل.
أشباه.
قوله: (هذا قولهما وهو المختار) لان عند الصاحبين تصح إجارة المشاع، لكنه خلاف المعتمد كما مر في الاجارة الفاسدة.
وفي البدائع: استأجر طريقا من دار ليمر فيه وقتا معلوما لم يجز في قياس قوله: لان البقعة غير متميزة فكان إجارة المشاع، وعندهما:(6/383)
يجوز.
قوله: (من دلنا الخ) هذه مسألة السير الكبير، وقد علمت أنه يجب فيها المسمى لتعين الموضع والقابل للعقد بالحضور وإن كان لفظ من عاما، وقوله: لان الاجر يتعين أي يلزم ويجب.
قوله: (إجارة هبة الخ) قال في الولوالجية: ولو قال داري لك هبة إجارة كل شهر بدرهم أو إجارة هبة فهي إجارة، أما الاول فلانه ذكر في آخر كلامه ما يغير أوله، وأوله يحتمل التغيير بذكر العوض، وأما الثاني فلان المذكور أولا معاوضة فلا تحتمل التغيير إلى التبرع، ولذا لو قال آجرتك بغير شئ لا تكون إعارة وتنعقد الاجارة بلفظ العارية اه.
ملخصا.
قوله: (غير لازمة الخ) قال الاتقاني: ولم يذكر في المبسوط أنها لازمة أو لا.
وحكي عن أبي بكر بن حامد قال: دخلت على الخصاف واستفدنا منه فوائد إحداها هذه وهو أنها لا تلزم، فلكل الرجوع قبل القبض وبعده، ولكن إذا سكن يجب الاجر لانه أمكن العمل باللفظين فيعمل بهما بقدر الامكان كالهبة بشرط العوض اه ملخصا.
وظاهره أنه يجب الاجر المسمى.
وفي البيري عن الذخيرة التصريح بوجوب أجر المثل.
قوله: (وفي لزوم الاجارة المضافة تصحيحان) عبر باللزوم لانه لا كلام في الصحة فلا ينافي ما قدمه الشارح قريبا من صحتها بالاجماع، فافهم.
قوله: (بأن عليه الفتوى) لما في الخانية: لو كانت مضافة إلى الغد ثم باع من غيره، قال في البزازية المنتقى، فيه روايتان، والفتوى على أنه يجوز البيع وتبطل الاجارة المضافة وهو اختيار الحلواني اه.
وقدمنا بقية الكلام أول الكتاب، ثم الظاهر أن عدم اللزوم من الجانبين لا من جانب المؤجر فقط فلكل فسخها كما هو مقتضى إطلاقهم.
تأمل.
قوله: (وبه يفتى) تقدم نحوه في أول الاجارة الفاسدة وتكلمنا هنا عليه، وقال في القنية: وفي ظاهر الرواية لا يجوز لانه لا ينتفع بالبناء وحده.
قوله: (وكره إجارة
أرضها) هكذا قال في الهداية، وفي خزانة الاكمل: لو آجر أرض مكة لا يجوز فإن رقبة الارض غير مملوكة.
قال: ومفهومه يدل على جواز إيجار البناء: شرح ابن الشحنة.
قوله: (وفي الوهبانية) فيه أن البيت الخامس والشطر الثاني من البيت الرابع من نظم ابن الشحنة، وليس أيضا من نظم الشرنبلالي كما قيل.
قوله: (وفي الكلب) أي كلب الصيد أو الحراسة.
قوله: (والبازي) بالتشديد.
قوله: (قولان) يعني روايتان حكاهما قاضيخان الاولى: لا يجب الاجر، والثانية: إن بين وقتا معلوما يجب، وإلا فلا.
ولا يجوز في السنور لاخذ الفأر مطلقا، لان المستأجر يرسل الكلب والبازي فيذهب بإرساله فيصيد وصيد السنور بفعله، وفي استئجار الفرد لكنس البيع خلاف.
وتمامه في الشرح.
قوله: (كأم القرى) هي مكة المشرفة: أي في إيجار بنائها قولان.
قال الناظم: وإنما نصصت عليه مخافة أن يتوهم أنه لا يجوز كما لا يجوز بيع الارض.
قوله: (أو أرضها) مبتدأ والجملة بعده خبر، وأو بمعنى الواو الاستئنافية.
تأمل.
قوله: (لو راح الخ) أي لو ذهب التاجر بالثوب ولم يظفر به الدلال لا يضمن لانه مأذون له في هذا الدفع عادة.
قال قاضيخان: وعندي إذا فارقه ضمن، كما لو أودعه عند أجنبي أو(6/384)
تركه عند من يريد الشراء، والنظم لا إشعار له باختيار قاضيخان.
شرح.
قوله: (ومن قال الخ) تقدم عليها الكلام في باب الفسخ.
قوله: (فافسخن) أمر من الفسخ مؤكد بالنون، وفي بعض النسخ فامتحن من الامتحان إشارة إلى القول بتحكيم الزي والهيئة، والاولى أولى لقوله فحلفه، فافهم.
قوله: (من ترك التجارة) أي من أجل تركها، وتقدم الكلام عليها.
قوله: (ما اكترى) مفعول يفسخ.
قوله: (ولو كان) أي المستأجر: يعني لو سار بعض الطريق فبدا له أن لا يذهب له ذلك على ما مر بيانه.
قوله: (ومؤجر) أي ضعف المؤجر: أي وللمؤجر فسخها إذا مرض.
قال ابن الشحنة: وهو خلاف هذه الرواية، وإليه أشار بقوله يذكر، لكن قدم الشارح أن به يفتى تأمل.
ذي ضعف أي مريض مرض الموت.
قوله: (من الكل جائز) أي نافذ من كل ماله.
قال في العمادية: تبرع المريض بالمنافع يعتبر من جميع المال، لانها لا تبقى بعد الموت حتى يتعلق بها حق الورثة والغرماء.
اه.
ملخصا.
قوله: (من ذاك) أي تعجله لمدة مستقبلة.
قوله: (أجدر) أي المستأجر أوله به من الغرماء، إلا أنه لو هلك عنده لا
يسقط دينه بخلاف الرهن، والله تعالى أعلم.(6/385)
كتاب المكاتب المكاتب اسم مفعول من كاتب مكاتبة، والمولى مكاتب الكسر، وكان الانسب أن يقول كتاب الكتابة، لان علم الفقه يبحث فيه عن فعل المكلف وهو الكتابة لا المكاتب، لكن في القهستاني: هو مصدر ميمي بمعنى الكتابة، والعدول عنها للتباعد عن نوع تكرار.
قوله: (مناسبته للاجارة الخ) فيه إشارة للجواب عما يقال: كان الاولى ذكره عقب العتاق لان مالهما الولاء كما فعل الحاكم الشهيد، والجواب أن العتق إخراج الرقبة عن الملك بلا عوض، والكتابة لبست كذلك، بل فيها ملك الرقبة للسيد والمنفعة للعبد وهو أنسب للاجارة، لان نسبية الذاتيات أولى من العرضيات كما حققه في العناية، وقدمت الاجارة لشبهها بالبيع في التمليك والشرائط وجريانها في غير الخولى وعبده، وقيل لان المنافع فيها يثبت لها حكم المال ضرورة بخلاف الكتابة، والكل مناسبات تقريبية لا تحتمل التدقيقات المنطقية.
قوله: (وهو جمع الحروف) الاولى وهو الجمع مطلقا ومنه الكتابة لانها جمع الحروف.
قوله: (سمي به الخ) قال في المستصفى: الكتب الجمع لغة، ويستعمل في الالزام، فالمولى يلزم العبد البدل، والعبد يلزم المولى العتق عند أداء البدل.
قال المطرزي: قولهم: إنه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة ضعيف، والصحيح أن كلا منهما كتب على نفسه أمرا: هذا الوفاء وهذا الاداء، وسمي كتابة لانه يخلو عن العوضين في الحال ولا يكون الموجود عند العقد إلاص الكتابة، وسائر العقود لا تخلو عن الاعواض غالبا اه.
أقول: قوله غالبا قيد لهما فتدبر، ولعل وجه الضعف ما قاله السائحاني: إن حرية اليد لم تكن في العقد وإن حرية الرقبة بعد انتهائه.
قوله: (تحرير المملوك) أي كلا أو بعضا كما سيذكره، وأطلقه فشمل القن والمدبر وأم الولد.
قوله: (يدا) أي تصرفا في البيع والشراء ونحوهما.
جوهرة.
قوله: (أي من جهة اليد) أشار إلى أنه منصوب على التميز.
وفي شرح مسكين أنه بدل بعض.
واعترض بأنه لا بد له من رابط، وبأن اليد هنا بمعنى
التصرف لا الجارحة، فكان الظاهر أن يقول بدل اشتمال والرابط محذوف، ومثله يقال في رقبة.
قوله: (حالا) أي عقب التلفظ بالعقد حتى يكون العبد أحق بمنافعه.
ط عن الحموي.
قوله: (ورقبة مآلا) أخرج العتق المنجز والمعلق، ثم هذا تعريف بالحكم، ولو أراد التعريف بالحقيقة لقال: هي عقد يرد على تحرير اليد.
طوري.
قوله: (يعني عند أداء البدل) أفاد أن تأخير الاداء غير شرط.
قوله: (حتى لو أداه حالا عتق حالا) تفريع على التفسير، ولا تظن أن العتق معلق على الاداء، بل إنما عتق عند الاداء، لان موجب الكتابة العتق عند الاداء، وكان القياس أن يثبت العتق عند العقد لان حكمه يثبت عقبه، لكن يتضرر المولى بخروج عبده عن ملكه بعوض في ذمة المفلس.
والفرق بين التعليق والكتابة في مسائل: منها أنه في التعليق يجوز بيعه ونهيه عن التصرف(6/386)
ويملك أخذ كسبه بلا إذنه كما في التبيين.
وفي غاية البيان: ولو مات قبل الاداء لا يؤدي عنه مما ترك، وكذا لو مات المولى يورث عنه العبد مع أكسابه، ولو ولدت ثم أدت لم يعتق ولدها، ولو حط عنه البعض فأدى الباقي أو أبرأه عن الكل لم يعتق، بخلاف الكتابة وبخلاف العتق على مال، كأنت حر على ألف فقبل العبد فإنه يعتق من ساعته والبدل في ذمته اه.
ملخصا.
قوله: (وركنها الخ) الحاجة إليه فيمن يثبت حكم العقد فيه مقصودا لا تبعا كالولد ونحوه مما يأتي.
بدائع ملخصا.
قوله: (أو ما يؤدي معناه) كما يأتي قريبا متنا.
قوله: (وشرطها الخ) هذا الشرط راجع إلى البدل ومثله كونه مالا، وأن لا يكون البدل ملك المولى وهي شروط انعقاد، وكونه متقوما وهو شرط صحة.
وأما ما يرجع إلى المولى: فالعقل والبلوغ والملك والولاية، فلا تنفذ من فضولي بل من وكيل، وكذا أب ووصي استحسانا للولاية، وهذه شروط انعقاد.
والرضا وهو شرط صحة احترازا عن الاكراه والهزل لا الحرية والاسلام، لكن مكاتبة المرتد موقوفة عنده نافذة عندهما.
وأما ما يرجع إلى المكاتب فمنها العقل وهو شرط انعقاد.
وأما ما يرجع إلى نفس الركن فمنه خلو العقد عن شرط فاسد في صلبه مخالف لمقتضاه، فإن لم يخالف جاز الشرط أو لم يدخل في صلبه بطل وصح العقد.
بدائع ملخصا.
لكن اشتراط كون البدل مالا خلاف ما سيأتي من صحتها على الخدمة إلا أن يراد المال وما في
معناه.
تأمل.
قوله: (معلوما الخ) في البزازية الخانية: كل ما يصلح مهرا في النكاح يصلح بدلا في الكتابة.
قوله: (ممنجما أو مؤجلا) الفرق ينهما أن المؤجل ما جعل لجميعه أجل واحد، والمنجم كما سيأتي ما فرق على آجال متعددة لكل بعض منه أجل ط.
قوله: (لصحتها بالحال) خلافا للشافعي رحمه الله.
قوله: (لا الرقبة) ولهذا يقال: المكاتب طار عن ذل العبودية ولم ينزل في ساحة الحرية، فصار كالنعامة إن استطير تباعر وإن استحمل تطاير.
زيلعي.
قوله: (إلا بالاداء) فإن أدى يعتق وإن لم يقل له المولى: إذا أديته إلي فأنت حر خلافا للشافعي.
زيلعي.
قوله: (وعوده لملكه الخ) هذا من الاحكام المتعلقة بالعبد، وأما بالنظر إلى المولى فاسترداده إلى ملكه إذا عجز، وبه عبر في الدرر ط.
قوله: (يعقل): أي يعقل البيع والشراء لان الكتابة إذن له بالتجارة وهو صحيح عندنا، فلو كان لا يعقل أو مجنونا فأدى عنه رجل فقبل المولى لا يعتق واسترد ما أدى، ولو قبل عنه رجل الكتابة ورضي به المولى لم يجز أيضا، وهل تتوقف على إجازة العبد بعد البلوغ؟ الصحيح لا تتوقف، إذ لا مجيز له وقت التصرف والصغير ليس من أهل الاجازة، بخلاف الكبير الغائب لو قبل عنه فضولي توقف على إجازة العبد، فلو أدى القابل عن الصغير إلى المولى عتق استحسانا، وكذا إذا كان كبيرا غائبا ولا يسترد المؤدي، فإن أدى البعض استرده إلا إذا بلغ العبد فأجاز قبل أن يسترد، فليس للقابل الاسترداد وإن عجز العبد عن أداء الباقي، لان المكاتبة لا تنفسخ بالرد إلى الرق بل تنتهي، فكان العقد قائما فيما أدى، بدائع ملخصا.
قوله: (بمال) ليس قيدا احترازيا عن الخدمة لما سيأتي.
شرنبلالية.
قوله: (حال) كقوله علي ألف درهم فإنه(6/387)
يمكنه أن يحصله بالاستقراض أو الاستيهاب عقب العقد.
إتقاني.
قال في الهداية: وفي الحال كما امتنع من الاداء يرد في الرق.
قال الاتقاني: ولكن لا يرد إلا بالتراضي أو بقضاء القاضي، وإن قال: أخرني وله مال حاضر أو غائب يرجى قدومه آخر يومين أو ثلاثة.
قوله: (أو مؤجل) هو أفضل كما في السراج.
شرنبلالية.
قوله: (فإن أديته فأنت حر) لا بد منه لان ما قبله يحتمل الكتابة والعتق على مال، ولا تتعين جهة الكتابة إلا بهذا القيد.
وأما قوله: وإن عجزت لا حاجة إليه، وإنما ذكره حثا للعبد على الاداء عند النجوم، كذا في النهاية والكفاية و التبيين، وما زعمه الواني وغيره من لزوم الثاني أيضا
رده في العزمية بحصول المراد بالاول، وما قدمناه عن الزيلعي من أنه يعتق وإن لم يقل إذا أديته فأنت حر فذاك في الكتابة الصريحة كما نبه عليه الاتقاني.
قوله: (لاطلاق قوله تعالى: * (فكاتبوهم) *) فإنه يتناول جميع ما ذكر: الحال والمؤجل والصغير والكبير.
وقال الشافعي رحمه الله: لا تجوز كتابة الصغيرة ولا الحالة.
زيلعي.
قوله: (والامر للندب) أي للوجوب بإجماع الفقهاء.
هداية.
وخص الفقهاء لانه عند الظاهرية للوجوب إذا طلبها العبد وعلم المولى فيه خيرا.
كفاية.
قوله: (على الصحيح) احتراز عن قول بعض مشايخنا إنه للاباحة، كقوله تعالى: * (فاصطادوا) * وهو ضعيف لان فيه إلغاء الشرط وهو الخيرية، لان الاباحة ثابتة بدونه وفي الندب إعمال له.
قوله (والمراد بالخيرية الخ) وقيل: الوفاء وأداء الامانة والصلاح، وقيل المال.
زيلعي.
قوله: (جاز) فإن أدى الكتابة عتق نصفه وسعى في بقية قيمته كما سيذكره آخر الباب الآتي.
قوله: (ثم فرع عليه) أي على قوله: خرج من يده لا على قوله: دون ملكه كما لا يخفى، وفيه إشارة إلى أنه كان ينبغي أن يأتي بالفاء بدل الواو كما فعل في المجمع، وبهذا اعترض الطوري على الكنز حيث أتى بالواو، فافهم.
قوله: (وغرم الخ) قال صاحب التسهيل: ولو شرط وطأها في العقد لا يضمن العقر اه.
وفي غاية البيان في أوائل باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله ما يخالفه فراجعه.
سعدية.
أقول: الذي رأيته في غاية البيان فساد الكتابة بهذا الشرط، فتأمل، لكن في الطوري عن المحيط: فإن وطئت ثم أدت غرم عقرها لان العقد الفاسد ملحق باصحيح.
قوله: (لحرمته عليه) أقول: الحرمة لا تستلزم العقر كما لا يخفى، فالمناسب ما في الهداية من قوله لانها صارت أخص بأجزائها.
ثم العقر كما في الشرنبلالية عن الجوهرة في الحرائر مهر المثل، وفي الاماء عشر القيمة لو بكرا، ونصف العشر لو ثيبا.
ولو وطئ مرارا لا يلزمه إلا عقر واحد، وما تأخذه من العقر تستعين به على الكتابة لانه بدل منفعة مملوكة كما في البدائع.
قال الشرنبلالية: وقد قال في البدائع قبل(6/388)
هذا: ثم مال العبد ما يحصل بعد العقد بتجارة أو بقبول الهبة والصدقة لان ذلك ينسب إلى العبد، ولا يدخل فيه الارش والعقر وإن حصلا بعد العقد ويكون للمولى لانه لا ينسب إلى العبد اه.
فليتأمل.
وكذا قال الحدادي.
وأما أرش الجراحة والعقر فذلك لا يدخل وهو المولى اه.
فلينظر فيه مع إلزام المولى العقر بوطئها والارش بالجناية عليها اه.
ووفق بينهما أبو السعود في حاشية مسكين بحمل هذا على ما إذا كاتبه عن نفسه فقط، وما تقدم على ما إذا كاتبه عن نفسه وعن المال الذي في يداه اه.
قلت: يؤيده ما الشرنبلالية عن السراج: الكتابة إما عن النفس خاصة أو عنها وعن المال الذي في يد العبد وكلاهما جائز، ولو كان ما في يده أكثر من بدلها فليس للمولى إلا بدل الكتابة اه.
لكن يعكر عليه ما في الهندية عن المضمرات حيث ذكر مسألة الكتابة عن النفس والمال.
ثم قال: وما له هو حصل له من تجارته أو وهب له أو تصدق عليه.
وأما أرش الجناية والعقر فللمولى اه.
وهكذا ذكر في البدائع، وعليه فلم يظهر بين الكتابتين فرق، فليتأمل.
قوله: (أو أتلف المولى مالها) أي فإنه يغرم مثله أو قيمته أو أرشه لو عبدا مثلا.
قوله: (للشبهة) أي شبهة ملك الرقبة.
قوله: (مجانا) أي لو كان المولى صحيحا، فلو مريضا اعتبر من الثلث.
قهستاني.
قوله: (وفسد إن كاتبه) لا معنى لتقدير فسد كما لا يخفى ح: أي للاستغناء عنه بقول المصنف بعد فهو فاسد وسيأتي في باب موت المكاتب أن في الفاسدة للمولى الفسخ بلا رضاه، بخلاف الجائزة، وأن المكاتب يستقل بالفسخ مطلقا.
قوله: (فلو كانا ذميين جاز) أفاد أنه لو كان أحدهما مسلما لا يجوز للعلة المذكورة.
قوله: (أو على قيمته) كان ينبغي ذكره قبل الخمر والخنزير لئلا يوهم عود الضمير على الخنزير وإن صح عوده على الخمر.
قوله: (لجهالة القدر) أي باختلاف التقويم، لكن يعتق بأداء القيمة وتثبت بتصادقهما، وإلا فإن اتفق اثنان على شئ فهو القيمة، وإلا فيعتق بأداء الاقصى.
قهستاني.
قوله: (معينة) أي نتعين بالتعيين كالثوب والعبد ونحوهما من المكيل والموزون غير النقدين، حتى لو كاتب على دراهم أو دنانير بعينها وهي لغيره يجوز.
منح.
قوله: (لغيره) فلو كاتبه على عين في يد العبد من جملة كسبه فيه روايتان.
وفي الاتقاني عن شرح الكافي: والصحيح أنه يجوز، وإذا أدى يعتق.
قوله: (وصيفا) هو الغلام وجمعه وصفاء، والجارية وصيفة وجمعها وصائف.
مغرب.
قوله: (غير معين) هذا عندهما خلافا لابي يوسف، فلو معينا جازت بالاتفاق كما في غاية البيان.
قوله: (لما ذكرنا) أي من العلل الاربع ح.
قوله: (فإن أدى الخمر عتق) لم يبين حكم العتق في باقي الصور الفاسدة، وقدمنا أنه يعتق بأداء قيمته إذا كاتبه عليها لانها معلومة من
وجه، وتصير معلومة من كل وجه عند الاداء.
وإذا كاتبه على عين لغيره، ففي العناية لم ينعقد العقد في ظاهر الرواية إلا إذا قال: إن أديت إلي فأنت حر فحينئذ يعتق بحكم الشرط اه.
فهذا يفيد أنه باطل لا فاسد، وأما مسألة الوصيف فظاهر كلام الزيلعي أنه باطل.
شرنبلالية ملخصا.
فالمراد بالفاسد هنا ما يعم الباطل كما في العزمية.
قوله: (بالاداء) أي أداء عين الخمر والخنزير، سواء قال إن(6/389)
أديت فأنت حر أو لا، لانهما مال في الجملة، بخلاف الميتة والدم فلم ينعقد العقد أصلا، فاعتبر فيهما معنى الشرط لا غير وذلك بالتعليق صريحا.
وتمامه في المنح.
قوله: (وسعى في قيمته) أي قيمة نفسه.
قوله: (يعني قبل أن يترافعا) تقييد لقوله: فإن أدى لا لقوله: عتق لانفهامه من قوله بالاداء.
قال في الكفاية وفي المبسوط: فإن أداه قبل أن يترافعا إلى القاضي وقد قال له أنت حر إذا أديته أو لم يقل فإنه يعتق اه.
فافهم.
قوله: (واعلم الخ) قال الزاهدي في شرحه: فإن قلت: قوله ولم ينقص من المسمى ويزاد عليه لا يتصور في الكتابة بالقيمة، ولا بالخمر والخنزير لانه لا يجب المسمى فلا يتصور النقصان والزيادة عليه.
قلت: قد تأملت في الجواب عنه زمانا وفتشت الشروح وباحثت الاصحاب فلم يغنني ذلك منه شيئا حتى ظفرت بما ظفر الامام ركن الائمة الصباغي في شرحه فقال: وهذا إذا سمى مالا وفسدت الكتابة بوجه من الوجوه لا ينقص من المسمى ويزاد عليه.
والحاصل: أن هذه الصورة مستأنفة غير متصلة بالاول، وهذا كمن كاتب عبده على ألف رطل من خمر، فإذا أدى ذلك عتق عليه سواء قال إذا أديت إلي ألفا فأنت حر أو لم يقل، وتجب عليه الزيادة إن كانت القيمة أكثر، وإن كانت قيمته أقل من الالف لا يسترد الفضل عندنا اه.
فقد رمز الشارح إلى هذا.
قوله: (لم ينقص الخ) لان المولى لم يرض أن يعتقه بأقل مما سمى فلا ينقص منه إن نقصت قيمته عنه والعبد يرضى بالزيادة حتى ينال شرف الحرية فيزاد عليه إذا زادت قيمته.
زيلعي.
قوله: (إلا إذا علقه بالشرط صريحا فيعتق) ولا شئ عليه لعدم المالية، كذا في الاختيار.
ثم قال: ولو علق عتقه بأداء ثوب أو دابة أو حيوان لا يعتق للجهالة الفاحشة اه.
ويخالفه قول الزيلعي: يعتق بأداء ثوب لانه
تعليق صريح فصار من باب الايمان وهي تنعقد مع الجهالة فينصرف إلى ما يطلق عيه اسم الثوب اه.
شرنبلالية.
قوله: (بين جنسه فقط الخ) كذا قال في العناية: إذا كاتبه على حيوان وبين جنسه كالعبد والفرس ولم يبين النوع أنه تركي أو هندي، ولا الوصف أنه جيد أو ردئ جازت، وينصرف إلى الوسط لان الجهالة يسيرة، ومثلها يتحمل في الكتابة لان مبناها على المساهلة فيعتبر جهالة البدل بجهالة الاجل، حتى لو كاتبه إلى الحصاد صحت اه.
ولكن في الاختيار: الكتابة على الحيوان والثوب كالنكاح إن بين النوع صح، وإن أطلق لا يصح اه.
ومثله في البدائع.
ثم قال: وإن على عبد أو جارية صح لانها جهالة الوصف فقد سمي النوع جنسا والوصف نوعا فلا مخالفة في الحكم.
قوله: (ويجبر على قبولها) كما يجبر على قبول العين لان كل واحد أصل، فالعين أصل تسمية، والقيمة أصل أيضا لان الوسط لا يعلم إلا بها فاستويا.
زيلعي.
قوله: (فله قيمة الخمر) لتعذر تسليم عينها بالاسلام.(6/390)
قوله: (وعتق بقبضها) يحتمل رجوع الضمير إلى القيمة، وعليه مشى المصنف وهو ما لا خلاف فيه، ويحتمل رجوعه إلى الخمر وهو ما قرره الشارح وعليه مشى في الهداية والدرر وغيرهما، وفيه روايتان كما في العناية.
قوله: (كما مر) في مسألة كتابة المسلم على خمر أو خنزير.
قوله: (على خدمته شهرا) هذا استحسان لانها تصير معلومة بالعادة، وبحال المولى أنه في أي شئ يستخدمه، وبحال العبد أنه لاي شئ يصلح كما لو عينها نصا، ولم يذكر الوقت فسدت لان البدل مجهول.
بدائع.
قوله: (والآجر) بالمد والتشديد: اللبن المحرق.
شرنبلالية.
قوله: (بما يرفع النزاع) بأن سمى له طول البئر وعمقها ومكانها ويريه آجر الدار وجصها وما يبنى بها.
بدائع.
قوله: (لحصول الركن والشرط) أي الايجاب والقبول ومعلومية البدل.
قوله: (لا تفسد الكتابة بشرط) أي شرط فاسد وهو المخالف لمقتضى العقد، كما إذا كاتبه على أن لا يخرج من المصر أو أن لا يتجر ونحوه مما لا يدخل في صلب الكتابة.
إتقاني.
قوله: (لانها الخ) بيان لوجه الشبه، وقوله: وهو التصرف أي غير المال هو التصرف: أي فك الحجر إذ البدل مقابل به.
قوله: (لشبهها بالبيع انتهاء) كذا في الدرر، وفيه كلام يعلم من الشرنبلالية.
قوله: (لانه في البدل) أي لان الشرط في صلب العقد واقع في البدل كالكتابة على بدل مجهول أو حرام، أو على
ألف على أن يطأها ما دامت مكاتبة أو تخدمه ولم يبين وقتا أو وهي حامل من غيره، واستثنى ما في بطنها.
إتقاني.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله قوله: (للمكاتب البيع والشراء) كذا الاجارة والاعارة والايداع والاقرار بالدين وا ستيفائه وقبول الحوالة بدين عليه، لا إن لم يكن عليه، وأن يشارك عنانا لا مفاوضة لاستلزامها الكفالة، وله الشفعة فيما اشتراه المولى، وللمولى الشفعة فيما اشتراه المكاتب، وأن يتوكل بالشراء وإن أوجب عليه ضمان الثمن للبائع، وأن يأذن لعبده، وأن يحط شيئا بعد البيع بعيب ادعى عليه أو يزيد في الثمن، وأن يرد بالعيب ولو اشترى من مولاه إلا أنه لا يجوز له أن يرابح فيما اشتراه من مولاه إلا أن يبين، وكذلك المولى فيما اشتراه منه، ولا أن يبيع من مولاه درهما بدرهمين لانه صار أحق بمكاسبه فصار كالاجنبي في المعاوضة المطلقة.
كذا في البدائع ملخصا.
ولا يرد ما مر أن له أن يكاتبه عن نفسه وماله الذي في يده ولو أكثر من البدل لورود العقد ثمة وهو قن، وإن أوصى بوصية ومات قبل الاداء لا تجوز وإن ترك وفاء، وإن مات بعد الاداء: فإن قال: إذا عتقت فثلث مالي وصية صحت إجماعا، وإن أوصى بعين ماله لا تجوز إجماعا، لانه ما أضافها إلى حالة فتعلقت بملكه في وقت لا يملك التبرع إلا إذا أجازها بعد العتق، وإن أوصى بثلث(6/391)
ماله فعنده: لا تجوز إلا أن يجيزها بعد العتق.
وعندهما: تجوز.
بدائع ملخصا.
قوله: (يسيرة) تقييد لاطلاق المتن تبعا للشرنبلالية عن الخانية مع أنه هو قول الامام.
قال في البدائع: وله أن يبيع بقليل الثمن وكثيره وبأي جنس كان، وبالنقد والنسيئة في قول أبي حنيفة وعندهما: لا يملك البيع إلا بما يتغابن الناس في مثله، وبالدراهم والدناير، وبالنقد لا بالنسيئة كالوكيل بالبيع المطلق اه.
قوله: (وإن شرط المولى عدمه) أي عدم السفر، لان البيع والشراء ربما لا يتفق في الحضر ولا يبطل العقد لان الشرط ليس في صلبه: أي لم يدخل في أحد البدلين كما مر.
قوله: (وتزويج أمته) وكذا مكاتبته لانه من باب الاكتساب، بخلاف عبده.
بدائع.
ولا يزوجها من
عبده.
وعن أبي يوسف: أنه يجوز.
قهستاني.
قوله: (وكتابة عبده) إلا ولده ووالديه لانهم يعتقون بعتقه فلا يجوز أن يسبق عتقهم عتقه، ولانهم دخلوا في كتابته فلا يكاتبون ثانيا.
بدائع.
قوله: (بعد عتقه) أي عتق الاول لانه صار أهلا للولاء.
قوله: (فلسيده) ولا يرجع الولاء إلى الاول بعد عتقه، لانه متى ثبت لا يحتمل الانتقال بحال.
بدائع.
قوله: (لا التزوج) فإن عتق قبل إجازته نفذ على المكاتب كما مر في النكاح، قيل وكذا التسري وسيجئ.
در منتقى.
قوله: (ولا الهبة الخ) قال في البدائع: وإذا وهب هبة أو تصدق ثم عتق ردت حيث كانت لانه عقد لا مجيز له حال وقوعه فلا يتوقف، وظاهره المنع منهما ولو بإذن المولى.
قال أبو السعود: وهو مصرح به، ووجهه أن المولى لا ملك له في كسبه.
قوله: (إلا بيسير منهما) قيد في الشرنبلالية التصدق باليسير من المأكول مستندا للبدائع.
أقول: ونصها: ولا يملك التصدق إلا بشئ يسير حتى لا يجوز له أن يعطي فقيرا درهما ولا أن يكسيه ثوبا، وكذا لا يجوز أن يهدي إلا شيئا قليلا من المأكول، وله أن يدعو إلى الطعام اه.
وفي القهستاني عن الكرماني: اليسير هو ما دون الدرهم لانه يتوسع فيه الناس اه.
فتأمل.
قوله: (ولا التكفل) أي عن غير سيده فيجوز عنه، لان بدل الكتابة واجب عليه فلم يكن متبرعا والاداء إليه وإلى غيره سواء.
بدائع.
قوله: (ولو بإذن بنفس) تفسير للاطلاق: أي سواء كانت بإذن المولى أو المكفول أو لا بنفس أو مال، فقوله: بنفس داخل تحت المبالغة: أي ولو بنفس.
وفي البدائع: فإن أدى فعتق لزمته الكفالة لوقوعها صحيحة في حقه لانه أهل بخلاف الصبي.
قوله: (لانه تبرع) فإنها التزام تسليم النفس أو المال بغير عوض والمولى لا يملك كسبه فلا يصح إذنه بالتبرع.
قوله: (ولا الاقراض) لانه تبرع بابتدائه.
بدائع.
وينبغي جوازه باليسير كالهبة.
قهستاني.
بل هو أولى.
برجندي.
قوله: (ولو بمال) كأنت حر على ألف فإذا قبل عتق، وكذا تعليقه بأدائه كإن أديت إلي ألفا فأنت حر، وكذا قوله وبيع نفسه: أي نفس العبد منه لان فيها إسقاط الملك وإثبات الدين على المفلس.
قوله: (وتزويج عبده) ولو من أمته كما مر.
قوله: (في رقيق صغير) تركيب إضافي لا توصيفي.
قوله: (فيما ذكر) من التصرفات(6/392)
ثبوتا ونفيا، فيملكان كتابة قنه وإنكاح أمته لا إعتاق عبده ولو بمال الخ.
وإذا أقر بقبض بدل الكتابة،
فإن كانت ظاهرة بمحضر من الشهود صدقا وعتق، وإن لم تكن معروفة لم يجز الاقرار بالعتق، لانه في الاول إقرار باستيفاء الدين فيصح، وفي الثاني بالعتق فلا يصح بدائع.
قوله: (ولو مفاوضة) كذا في الكافي حيث جعله كالمأذون، وجعله في النهاية كالمكاتب.
قوله: (على الاشبه) قال الزيلعي: وجعله كالمأذون أشبه بالفقه.
قوله: (لاختصاص تصرفهم بالتجارة) فإن الاصل أن من كان تصرفه عاما في التجارة وغيرها يملك تزويج الامة والكتابة كالاب ونحوه، ومن كان تصرفه خاصا بالتجارة لا يملكه.
قوله: (تبعا له) لان المشري لو كان مكاتبا أصالة لبقيت بعد عز المكاتب الاصلي.
قوله: (والمراد قرابة الولاد) وأقواهم دخولا الولد المولود في الكتابة، ثم الولد المشتري، ثم الابوان، وعن هذا يتفاوتون في الاحكام كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في باب موت المكاتب.
قوله: (خلافا لهما) حيث قالا: يكاتب عليه، لان وجوب السلة يشمل القرابة المحرمية للنكاح، ولهذا يعتق على الحر كل ذي رحم محرم منه، وله أن للمكاتب كسبا لا ملكا ولذا تحل له الصدقة وإن أصاب مالا، ولا يملك الهبة، ولا يفسد نكاح امرأته إذا اشتراها، غير أن الكسب يكفي للصلة في الولاد، حتى أن القادر على الكسب يخاطب بنفقة الوالد والولد ولا يكفي لغيرها، حتى لا تجب نفقة الاخ إلا على الموسر.
وتمامه في الهداية وشروحها وثمرة الخلاف أنه لو ملكه له بيعه عنده خلافا لهما كما في الدرر، وأنه إذا مات لا يقوم مقامه فلا يسعى على نجومه عنده كما يظهر من الشرنبلالية.
قوله: (أم ولده) يعني المستولدة بالنكاح.
عزمية.
قوله: (وكذا لو شراها ثم شراه) قال ابن الملك: والاصح أنه إذا اشتراه أولا ثم اشتراها حرم بيعها، لان الولد يكاتب عليه أولا وبواسطته تكاتبت أمه.
وإذا اشتراها أولا لا يحرم بيعها لانتفاء المقتضى وهو تكاتب الولد، ثم إذا اشترى الولد حرم بيعها عند شراء الولد لوجود المقتضى اه.
فالمدار على اجتماعهما في ملكه أعم من أن يكون قد اشتراهما معا أو متعاقبا، فالتقييد بالمعية خلاف الاصح.
قوله: (لتبعيتها لولدها) لقوله (ص): أعتقها ولدها.
قوله: (لانه لم يملكها) أي حقيقة فهي كسبه لا ملكه كما مر، وهذا علة للمفرع، والمفرع عليه.
قوله: (فجاز) تفريع على قوله: ولا ينفسخ نكاحه.
قوله: (فكذا المكاتبة الخ) أي فله أن يطأها بالنكاح لانها لم تملك رقبته حقيقة.
هندية عن البناية.
العيني.
قوله: (مطلقا) أي سواء كان معه ولده منها أو لا رحمتي.
قوله:
(لان الحرية لم تثبت من جهتها) يعني الحرية المنتظرة، والمعنى أنها إذا اشترت بعلها مع ابنها منه تبعها ابنها في الكتابة ولا يتبعه أبوه في تلك الكتابة المؤدية إلى الحرية، لان التبعية للولد خاصة بجهتها، فهي التي تتبع ولدها كما يتبعها هو في الرقبة والحرية والتدبير، فشراء الولد يمنع بيع أصله لو كانت الحرية المنتظرة من جهة الام بأن كان ذلك الاصل، أما كما في المسألة السابقة، فلو كان أبا لا يمتنع بيعه،(6/393)
هذا ما ظهر لي، وعبارة الزيلعي: لان الجزئية بالجيم والزاي.
والمعنى أن البعضية التي تمنع بيع الاصل معتبرة من جهتها كما قدمناه ولم توجد هنا، ولم أر من أوضح هذه العبارة بعد المراجعة الكثيرة، فتأمل.
قوله: (وإن ولد له من أمته ولد) اعترض بأن المكاتب لا يملك وطئ أمته.
وأجيب بأن النسب لا يتوقف على الحل كما في وطئ أمة ابنه أو أمة مشتركة فيثبت لشبهة ملك اليد كما في شروح الهداية.
قال في الجوهرة: أو نقول: صورته أن يتزوج أمة قبل الكتابة، فإذا كوتب اشتراها فتلد له ولدا اه.
وعلى هذا فلا يحتاج إلى قول الشارح: فادعاه لبقاء النكاح بعد الشراء كما مر.
قوله: (لانه كسب كسبه) وهو الولد.
قال الزيلعي: فإنه في حكم مملوكه.
قوله: (زوج المكاتب) كذا في غير ما كتاب.
واستشكله في الشرنبلالية بما تقدم من أن المكاتب لا يزوج عبده، وليس تزويجه عبده يكون موقوفا كتزوجه، إذ لا مجيز له حال صدوره فصار كهبته الكثير، وتزوجه هو له مجيز وهو للولي الحر.
ثم أجاب بأنه لا يمنع ثبوت النسب لانه يثبت للشبهة كالنكاح الفاسد كما مر اه.
وأرجع ابن ملك الضمير للمولى وهو المتبادر من التبيين و الهداية وشروحها، وظاهره إنه المولى الحر، وعليه فلا إشكال أصلا.
ونقل أبو السعود عن الشلبي وغيره أنه ينبغي أن يقرأ المكاتب بكسر التاء، وأنه لو ذكر المولى لكان أولى اه.
قلت: ويحتاج إلى ادعاء مجاز الاول.
قوله: (فولدت) أشار إلى أنهما لو قبلا الكتابة عن أنفسهما وعن ولد لهما صغير فقتل الولد تكون قيمته بينهما، ولا تكون الام أحق به لان دخوله في الكتابة هنا بالقبول عنه لا بمجرد التبعية والقبول وجد منهما فيتبعهما.
زيلعي.
قوله: (لان تبعيتها أرجح) من إضافة المصدر إلى مفعوله، وذلك لانه انفصل من الاب وليس له قيمة وانفصل من الام
متقوما فكان تبعيتها أرجح، ولانه يتبعها في الرق والحرية فلذا كانت أخص بكسبه.
إتقاني.
قوله: (خلافا لمحمد) حيث قال: هو حر بالقيمة يعطيها للمستحق في الحال إن كان التزوج بإذن المولى وإلا فبعد العتق، ثم يرجع هو بما ضمن من قيمة الولد على الامة المستحقة بعد العتق إن كانت هي الغارة، وكذا إذا غره عبد مأذون أو غير مأذون له في التجارة أو مكاتب رجع عليه بعد العتق لانه ليس من باب التجارة فلا ينفذ في حق مولى الغار، وإن غره حر رجع عليه في الحال، وكذا حكم المهر فإن المستحق يرجع عليه في الحال إذا كان التزويج بإذن مولاه، وإلا فبعد الحرية، وليس له هو أن يرجع على أحد بالمهر على ما عرف في موضعه، وحكم الغرور يثبت بالتزويج دون الاخبار بأنها حرة.
زيلعي.
قوله: (لانه ولد المغرور) دليل قول محمد فهو علة لمحذوف: أي فإنه قال: هو حر بالقيمة لانه ولد المغرور دفعا للضرر عنه كالحر.
قوله: (وخصا المغرور الخ) قال الزيلعي: ولهما أنه مولود بين رقيقين فيكون رقيقا، إذ الولد يتبع الام في الرق والحرية، وتركنا هذا في الحر بإجماع الصحابة رضي الله تعالى(6/394)
عنهم، والعبد ليس في معنى الحر لان حق المولى وهو المستحق في الحر مجبور بقيمة واجبة في الحال، وفي العبد بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتق فتعذر الالحاق لعدم المساواة، هكذا ذكروا هنا اه.
وحاصله أن المغرور خاص بالحر، ولا يمكن قياس الرقيق عليه لانه لا مساواة بينهما فإنه لا يطالب بالقيمة حالا كالحر فيلزم ضرر المستحق.
قوله: (واستشكله الزيلعي) حيث قال: وهذا مشكل جدا، فإن دين العبد إذا لزمه بسبب أذن فيه المولى يظهر في حق المولى ويطالب به للحال، والموضوع هنا مفروض فيما إذا كان بإذن المولى، وإنما يستقيم هذا إذا كان التزوج بغير إذن المولى لانه لا يظهر الدين فيه في حق المولى فلا يلزمه المهر ولا قيمة الولد في الحال، وتشهد المسألة التي تلي هذه المسألة بهذا المعنى اه...وهو في الحقيقة استشكال لقوله في الاستدلال بتأخر المطالبة إلى ما بعد العتق مع إذن المولى بالنكاح لا لتخصيصهما المغرور بالحر كما يوهمه كلام الشارح.
وأجاب بعضهم بأن إذن المولى هنا ليس سببا لحرية الولد أو رقه، وإنما سببها حرية الام أو شرط كون الولد حرا في الزوج الحر فلم يظهر في حقه فلم يطالب به في الحال.
ونقل ط عن الرازي نحوه، وعن الواني أن الاذن
بالشئ إنما يكون إذنا بما يتعلق به إذا كان من لوازمه والوطئ ليس كذلك اه.
فتأمل.
وأجاب الطوري بأن المكاتب والمأذون أعطيناهما حكم الاحرار ولم يتضمن ما أذن فيه المولى النكاح وتوقف صحته على الاذن للحل لا ليضمن ذلك المولى، بخلاف مسألة البيع الآتية لان الاذن فيها تناول الفاسد فافترقا اه.
ولا يخفى ضعف الكل، فتأمل.
هذا، والمصرح به في المعراج والكفاية أنه على قول محمد: لو نكح بإذن المولى لزم قيمة الولد والمهر في الحال وإلا فبعد العتق، وقد مر أيضا فاستشكال الزيلعي على ما ذكر في الاستدلال موافق للمنقول عن محمد، فتأخر المطالبة المذكور في الاستدلال خاص بما إذا كان بلا إذن كما قيده به في الكفاية، وبه يندفع الاشكال، نعم يرد عليه أنه ليس فرض المسألة ولذا حذفه بعض الشراح واستغنى بالكلام الاول.
قوله: (فوطئها) أي بغير إذن المولى.
هداية.
أما بإذن فبالاولى.
معراج.
قوله: (لشرائها) الاولى حذفه كما في عبارة الدرر.
قوله: (أو شراها صحيحا) اعترضه في الشرنبلالية بأن الاستحقاق يمنع صحة الشراء اه.
فالاولى الاقتصار على عبارة المتن، وإن أجيب عنه بأنه وصفه بالصحة باعتبار الظاهر.
قوله: (لدخوله في كتابته) أي لدخول العقر.
قال في الهداية: لان التجارة وتوابعها داخلة تحت الكتابة وهذا العقر من توابعها أو لدخول الشراء ولو فاسدا، لان الكتابة تنتظمه بنوعيه كالتوكيل كما في الهداية ايضا، أو لدخول المذكور من الشراء مطلقا والعقر وهو أولى ليشمل الصور تين.
قوله: (لان الاذن بالشراء إذن بالوطئ) أخذه من الدرر حيث قال فيها: قال صدر الشريعة: ولقائل أن يقول: إن العقر يثبت بالوطئ لا بالشراء، والاذن بالشراء ليس إذنا بالوطئ، والوطئ ليس من التجارة في شئ فلا يكون ثابتا في حق المولى.
أقول: جوابه أنا سلمنا أن العقر ثبت بالوطئ لا بالشراء ابتداء، لكن الوطئ مستند إلى الشراء إذ(6/395)
لولاه لكان الوطئ حراما بلا شبهة فلا يثبت به العقر ويجب الحد، فيكون الاذن بالشراء إذنا بالوطئ، والوطئ نفسه وإن لم يكن من التجارة لكن الشراء منها فيكون ثابتا في حق المولى اه.
قال في الشرنبلالية: قوله: فيكون الاذن بالشراء إذنا بالوطئ غير مسلم فكان ينبغي تركه،
والاقتصار على ما ذكره قبله وبعده يوضحه ما في العناية: الكتابة أوجبت الشراء، والشراء أوجب سقوط الحد، وسقوط الحد أوجب العقر، فالكتابة أوجبت العقر ولا كذلك النكاح: أي في المسألة الآتية.
قوله: (بلا إذنه) متعلق بنكاح.
قال ط: أما بالاذن فيظهر في حق المولى ويطالب المكاتب به حالا.
شلبي اه.
قوله: (أي بعد عتقه) هذا إذا كانت المرأة ثيبا، فلو بكرا فافتضها يؤاخذ به في الحال.
إتقاني عن شرح الطحاوي.
قوله: (لعدم دخوله) أي النكاح بلا إذن ح: أي لانه ليس من الاكتساب.
قوله: (كما مر) أي أول الباب من أن المكاتب ليس له التزوج بلا إذن.
قوله: (في الفصلين) بدل من قوله: فيهما أي فصل الشراء بقسميه وفصل النكاح والعلة واحدة، فإن الاذن رفع الحجر كالكتابة فيملك التجارة والنكاح ليس منها، بخلاف الشراء.
قوله: (فلها الخيار) لانه تلقاها جهتا حرية عاجلة ببدل وآجلة بغير بدل فتتخير بينهما.
عيني.
قوله: (إن شاءت مضت على كتابتها) فإن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها البدل.
زيلعي.
قوله: (وتأخذ العقر منه) وتستعين به في أداء بدل الكتابة إذا كان العلوق في حال الكتابة، لان المولى كالاجنبي في منافعها ومكاسبها والعقر بدل بضعها.
إتقاني.
ويعلم كون العلوق في حال الكتابة بإقراره أو بأن تلد لاكثر من ستة أشهر مذ كاتبها، فإن جاءت به لاقل فلا عقر عليه.
قوله: (عجزت نفسها) أي أقرت بالعجز عن أداء البدل.
قوله: (ويثبت نسبه بلا تصديقها) وإن ولدت آخر لم يثبت من غير دعوى حرمة وطئها عليه، وولد أم الولد إنما يثبت نسبه بلا دعوى إذا كان وطؤها حلالا، وما في الدرر من جواز استيلاد المكاتبة فالمراد به الصحة لا الحل كما نبه عليه الشرنبلالي.
قوله: (لانها ملكه رقبة) بخلاف ما إذا ادعى ولد جارية المكاتبة حيث لا يثبت النسب منه إلا بتصديق المكاتبة لانه لا ملك له حقيقة في ملك المكاتبة وإنما له حق الملك.
منح.
قوله: (بموته بالاستيلاد) الباء الاولى للمصاحبة والثانية للسببية: أي تقت بموته بلا شئ وسقط عنها البدل، لانها عتقت بسبب أمومية الولد لبقاء حكم الاستيلاد بعد الكتابة لعدم التنافي بينهما وتسلم لها الاولاد والاكساب لانها عتقت وهي مكاتبة، كما إذا أعتقها المولى حال حياته.
زيلعي.
قوله: (وسعى المدبر في ثلثي قيمته الخ) لانه سلم له بالتدبير السابق على الكتابة الثلث فيكون البدل بمقابلة الثلثين، لانه لما كان الاعتاق عند الامام متجزئا بقي ما وراء الثلث عبدا وبقيت الكتابة فيه، فتوجه لعتقه جهتان: كتابة
مؤجلة وسعاية معجلة فيخير، لجواز أن يكون أكثر البدلين أيسر باعتبار الاجل وأقلهما أعسر أداء(6/396)
لكونه حالا، فكان فيه فائدة وإن كان جنس المال متحدا.
وعند أبي يوسف: يسعى في الاقل منهما.
وعند محمد: في الاقل من ثلثي قيمته وثلثي البدل.
وتمامه في التبيين.
قوله: (لم يترك غيره) فلو موسرا بحيث يخرج من الثلث عتق بالتدبير.
در منتقى.
قوله: (ولو دبر مكاتبه) هذه عكس ما قبلها لان التدبير هنا بعد الكتابة.
قوله: (صح) أي التدبير لانه يملك تنجيز العتق فيه فيملك التعليق فيه بشرط الموت.
زيلعي.
قوله: (وإلا) أي وإلا يعجز، فإن أدى بدلها قبل موت السيد عتق وإلا سعى الخ.
قوله: (في ثلثي قيمته الخ) هذا عنده.
وقالا: يسعى في الاقل منهما، فالخلاف في الخيار مبني على تجزي الاعتاق وعدمه، أما المقدار فمتفق عليه لان بدل الكتابة مقابل بكل الرقبة إذ لم يستحق شيئا من الحرية قبل ذلك، فإذا عتق بعض الرقبة مجانا بعد ذلك سقط حصته من البدل، بخلاف ما إذا تقدم التدبير لانه سلم له بالتدبير الثلث فيكون البدل مقابلا بما لم يسلم له وهو الثلثان.
زيلعي.
وقولهما أظهر كما في المواهب.
أبو السعود عن الحموي.
قوله: (فإنه يعتق مجانا) وسقط عنه بدل الكتابة لانه التزمه لتحصيل العتق وقد حصل بدونه، وذا المولى كان يستحقه مقابلا بالتحرير وقد فات ذلك بازتاق مجانا.
زيلعي.
هذا، وقال في غاية البيان وقول صاحب الهداية مع سلامة الاكساب له يفهم منه أن الاكساب تسلم للمكاتب بعد الاعتاق، وفيه نظر لان الرواية لم توجد في كتب محمد ومن بعده من المتقدمين كالطحاوي والكرخي وأبي الليث وغيرهم، فينبغي أن يكون الاكساب للمولى بعدما أعتقه كما بعد عجز المكاتب، ثم أطال في الاستدلال، ولم أر من تعرض لهذا من الشراح كالمعراج والعناية والكفاية، والله تعالى أعلم.
قوله: (صح استحسانا) والقياس أن لا يصح لانه اعتياض عن الاجل بالمال.
ووجه الاستحسان أن الاجل في حق المكاتب مال من وجه لانه لا يقدر على الاداء إلا به، وبدل الكتابة ليس مالا من وجه حتى لا تصح الكفالة به فاعتدلا.
ابن كمال.
قوله: (على ألفين) قال في الحقائق: التقدير ليس بلازم، بل المراد أن بدل الكتابة أكثر من قيمته.
ابن كمال.
ولو استويا بأن كان البدل ألفا وجب
تعجيل ثلثي الالف اتفاقا كما في حاشية أبي السعود عن المفتاح.
قوله: (التأجيل) قيد به لان المريض لم يتصرف في حق الورثة إلا في حق التأجيل فكان لهم أن يردوه، إذ تأجيل المال أخر حق الورثة، وفيه ضرر عليهم فلا يصح بدون إجازتهم.
كذا في المبسوط.
معراج.
قوله: (ولم يترك غيره) أما إذا ترك مالا غيره يخرج هذا البدل من ثلثه صح التأجيل فيه، لان الوصية تصح بعينه، فلان تصح بتأجيله أولى، كذا ظهر لي وحرره ط.
قوله: (ثلثي القيمة) وهي الالف.
قوله: (والباقي إلى أجله) أي الباقي من الالفين على القولين ح.
قوله: (لقيام البدل الخ) تعليل لقوله: أدى ثلثي البدل ح.
قوله: (على ألف)(6/397)
أي على نصف قيمته.
قوله: (اتفاقا) والفرق لمحمد بين هذه وبين الاولى أن الزيادة على القيمة كانت حق المريض في الاولى حتى كان يملك إسقاطها بالكلية بأن يبيعه بقيمته فتأخيرها أولى لانه أهون من الاسقاط، وهنا وقعت الكتابة على أقل من قيمته فلا يملك إسقاط ما زاد على ثلث قيمته ولا تأجيله لان حق الورثة تعلق بجميعه، بخلاف الاولى.
زيلعي.
قوله: (الغائب) قيد به لانه فرض المسألة في كلام المصنف كما يشهد به السباق واللحاق وإلا فالحاضر مثله.
قوله: (وقبل المولى) صوابه: الحر أو الرجل كما عبر به الزيلعي ومنلا مسكين.
قال محشيه أبو السعود نقلا عن الحموي: وهذا صريح في أن الامر لا يكون إيجابا في باب الكتابة كالبيع، فليحرر.
قوله: (ثم أدى الحر ألفا) يفهم منه بعد قوله: وقبل الرجل أنه لو لم يقبل وأدى ألفا لا يعتق، خلافا لما يظهر من الدرر حيث أطلق في أنه يعتق بالاداء ولم يقيده بقبول الرجل، ولهذا قيده في العزمية بقوله: عتقه بالاداء مقيد بما إذا قبل الرجل ثم أدى ألفا كما ذكره الزيلعي اه.
أبو السعود.
قوله: (عتق العبد) ويقع العتق عن المأمور، وكذا لو قال: كاتب عبدك عني بألف بخلاف أعتق عبدك عني بألف فإنه يقع عن الآمر، والفرق بينهما مبسوط في المعراج.
قوله: (يعتق استحسانا) أي لا قياسا، بخلاف الاولى فهي قياس واستحسان.
ووجه القياس هنا أن العقد موقوف والموقوف لا حكم له ولم يوجد التعليق.
قوله: (لنفوذ تصرف الفضولي الخ) قال في الكفاية: وهذا لان المولى ينفرد بإيجاب العتق والحاجة إلى قبول المكاتب لاجل البدل، فإذا تبرع الفضولي بأدائه عنه تنفذ الكتابة في حق هذا الحكم وتتوقف في حق لزوم الالف على العبد.
قوله: (ولا
يرجع الحر على العبد) وقيل يرجع على المولى ويسترد: ما أداه إن أداه بضمان لان ضمانه كان باطلا لانه ضمي غير الواجب.
زيلعي.
قوله: (لانه متبرع) يعني وقد حصل مقصوده وهو عتق العبد، ولا بد من هذه الزيادة لانه إذا أدى بعض البدل يرجع بما أداه على المولى لعدم حصول مقصوده وهو العتق، سواء أدى بضمان أو بغير ضمان.
شرنبلالية.
أقول: كون هذه الزيادة لا بد منها محل نظر، لان الكلام في الرجوع على العبد.
تأمل.
قوله: (صار مكاتبا) لان الكتابة كانت موقوفة على إجازته وقبوله فصار إجازته انتهاء كقبوله ابتداء، ولو قال العبد: لا أقبله فأدى عنه الرجل الذي كاتب عنه لا تجوز لان العقد ارتد برده، ولو ضمن الرجل لم يلزمه شئ لان الكفالة ببدل الكتابة لا تجوز.
زيلعي.
قوله: (إنما يحتاج لقبوله الخ) أي توقف الكتابة في حق لزوم البدل عليه متوقف على قبوله كما قدمناه.
قوله: (على نفسي) كذا عبارة التبيين، والاولى عن بدل على كما في الهداية وغيرها.
قوله: (صح العقد استحسانا) وفي القياس يصح عن نفسه(6/398)
لولايته عليها، ويتوقف في حق الغائب لعدم الولاية عليه.
هداية.
قوله: (في الحاضر أصالة الخ) قال الزيلعي: وجه الاستحسان أن المولى خاطب الحاضر قصدا وجعل الغائب تبعا له، والكتابة على هذا الوجه مشروعة، كالامة إذا كوتبت دخل في كتابتها ولدها المولود في الكتابة والمشتري فيها والمضموم إليها في العقد تبعا لها حتى يعتقوا بأدائها وليس عليهم شئ من البدل، ولان هذا تعليق العتق بأداء الحاضر والمولى ينفرد به في حق الغائب فيجوز من غير توقف ولا قبول من الغائب اه.
قلت: وفي التعليل الثاني نظر لانه يحصل بالعتق بأداء الغائب، وكذا بإبراء الحاضر كما يأتي.
تأمل.
قوله: (بلا رجوع) أي من كل على صاحبه لان الحاضر قضى دينا عليه والغائب متبرع به غير مضطر إليه.
هداية.
قوله: (من أحدهما) أما الحاضر فلان البدل عليه، وأما الغائب فلانه ينال به شرف الحرية وإن لم يكن البدل عليه، وصار كمعير الرهن إذا أدى الدين.
هداية.
قوله: (لا يعتبر) أي في كونه مطالبا.
قال في الدرر: فلا يؤخذ بشئ لنفاذ العقد على الحاضر اه: أي بلا توقف ولا قبول من الغائب كما مر.
قلت: وبه ظهر الفرق بين هذه وبين المسألة السابقة حيث قدم أنه إذا بلغ العبد فقبل صار مكاتبا: يعني نفذت الكتابة في حق لزوم البدل عليه كما قدمناه، فدبر.
وقد توقف فيه الواني واقره نوح افندي كما ذكره أبو السعود.
قوله: (ولو حرره) أي أعتق الغائب.
قوله: (سقط عن الحاضر حصته) أي من البدل، لان الغائب دخل في العقد مقصودا فكان البدل منقسما وإن لم يكن مطالبا به، بخلاف الولد المولود في الكتابة حيث لا يسقط عن الام شئ من البدل بعتقه، لانه لم يدخل مقصودا ولم يكن يوم العقد موجودا وإنما دخل بعد ذلك تبعا لها.
زيلعي.
قوله: (أدى الغائب حصته حالا وإلا رد قنا) لانه دخل مقصودا، بخلاف المولود في الكتابة حيث يبقى على نجوم والده إذا مات.
كذا في الدرر.
فإن قلت: هذا ينافي ما تقدم من أنه داخل في العقد تبعا.
قلت: هو أصيل باعتبار إضافة العقد إليه تبع باعتبار عدم مشافهته به، بخلاف المولود في الكتابة فإنه تبع من كل وجه لعدم وجوده وقت العقد.
كذا يؤخذ من العناية ح.
قلت: ويؤخذ مما قدمناه عن الزيلعي أيضا.
قوله: (ولو أبرأ الحاضر أو وهبه له عتقا) أي وهبه البدل، وقيد بالحاضر لانه لو أبرأ الغائب أو وهبه لا يصح لعدم وجوبه عليه كما في التبيين.
قوله: (وإن كاتب الاة الخ) والحكم في العبد كذلك، وكذا في الكبيرين.
وفائدة التقييد بالامة والصغيرين مبسوطة في المعراج.
قوله: (صح استحسانا) وذهب بعض المشايخ إلى أنه هنا قياس واستحسان لان الولد تابع لها، بخلاف الاجنبي فإنه استحسان لا قياس.
قال في العناية: وأرى أنه الحق.
شرنبلالية.
قوله: (لما مر) أي من التبعية فهي أصل وأولادها تبع، بل هي أولى من الاجنبي كما في الهداية،(6/399)
وليس بطريق الولاية، إذ لا ولاية للحرة على ولدها فكيف الامة.
إتقاني.
قوله: (ممن ذكر) أي من الام أو الابنين إذا كبرا.
إتقاني.
قوله: (إلى آخر ما مر) قال الزيلعي: وقبول الاولاد الكتابة وردهم لا يعتبر، ولو أعتق المولى الام بقي عليهم من بدل الكتابة بحصتهم يؤدونها في الحال، بخلاف الولد المولود في الكتابة والمشتري حيث يعتق بعتقها ويطالب المولى الام بالبدل دونهم، ولو أعتقهم سقط عنها حصتهم وعليها الباقي على نجومها، ولو اكتسبوا شيئا ليس للمولى أن يأخذه ولا له أن يبيعهم، ولو أبرأهم عن
الدين أو وهبهم لا يصح ولها يصح، فتعتق ويعتقون معها لما ذكرنا في كتابة الحاضر مع الغائب.
قوله: (فرع) تقدم أول الكتاب مع زيادة في كل من الموضعين على الآخر ح.
قوله: (وسعى في بقية قيمته) وما اكتسب قبل الاداء نصفه له ونصفه للمولى، لان نصفه مكاتب ونصفه رقيق عند أبي حنيفة لنجزي الكتابة عنده.
بدائع.
وفي الهندية: فإن اشترى المولى منه جاز في النصف، وإن اشترى هو من المولى جاز في الكل استحسانا كما لو اشترى من غيره.
مطلب: القياس مقدم هنا وفي القياس: لا يجوز إلا في النصف، وبالقياس أخذ.
كذا في المبسوط اه.
باب كتابة العبد المشترك أخره لان الاصل عدم الاشتراك.
إتقاني.
وقال غيره: لان الاثنين بعد الواحد.
قوله: (لصاحبه) أي شريكه الآخر.
قوله: (حظه) أي حظ المأذون.
كفاية.
قوله: (ويقبض) قال الزيلعي: فائذة الاذن بالكتابة أن لا يكون له حق الفسخ كما إذا لم يأذن.
وفائدة إذنه بالقبض أن ينقطع حقه فيما قبض اه.
وسيشير الشارح إلى ذلك.
قوله: (عند الامام) وعندهما غير متجزئة، فالاذن بكتابة نصيبه إذن بكتابة الكل، فهو أصيل في البعض وكيل في البعض والمقبوض مشترك بينهما، ويبقى كذلك بعد العجز كما في الهداية.
قوله: (لاذنه) أما إذا كاتبه بغير إذن شريكه صار نصيبه مكاتبا، وعندهما كله لما مر، وللساكت الفسخ اتفاقا قبل الاداء دفعا للضرر عنه، بخلاف ما لو باع حظه إذ لا ضرر، وبخلاف العتق وتعليقه بشرط إذ لا يقبل الفسخ، ولو أدى البدل عتق نصيبه خاصة عنده لما مر، وللساكت أن يأخذ من الذي كاتبه نصف ما أخذ من البدل.
وتمامه في التبيين.
قوله: (بعض الالف) بدل من قوله: بعضه.
قوله: (لاذنه له بالقبض) ال الزيلعي: لان إذنه بالقبض إذن للعبد بالاداء يه منه فيكون متبرعا بنصيبه على المكاتب فيصير المكاتب أخص به، فإذا قضى به دينه اختص به القابض وسلم له كله اه.
قوله: (فيكون متبرعا) أي(6/400)
على العبد المكاتب كما سمعته من عبارة الزيلعي.
وفي الاصلاح وزالدرر: على القابض.
وادعى في
العزمية أنه غير صواب.
قلت: ولا منافاة لما في الكفاية حيث قال: فيصير الآذن متبرعا بنصيب نفسه من الكسب على العبد ثم على الشريك، فإذا تبرعه بقبض الشريك لم يرجع الخ.
قوله: (عتق حظ القابض) ولا يضمن لشريكه لانه برضاه، ولكن يسعى العبد في نصيب الساكت.
عزمية عن الكافي.
قوله: (خلافا لهما) حيث لا تصح دعوة الاخير عندهما.
واعلم أنهم ذكروا في جميع الكتب خلافهما بعد تمام المسألة: أي بعد قوله وهو ابنه، والشارح قدمه، فيوهم أن لا اختلاف في ثبوت النسب من الثاني وليس كذلك.
قال العيني وغيره: وهذا كله عند أبي حنيفة.
وعندهما: هي أم ولد الاول، وهي مكاتبة كلها، وعليه نصف قيمتها لشريك عند أبي يوسف وعند محمد: الاقل من نصف قيمتها ومن نصف ما بقي من بدل الكتابة، ولا يثبت نسب الولد الاخير من الآخر، ولا يكون الولد بالقيمة ويغرم العقر لها، وهذا الخلاف مبني على الاختلاف في تجزي استيلاد المكاتبة فعنده يتجزى لا عندهما، واستيلاد القنة لا يتجزى بالاجماع، واستيلاد المدبرة يتجزى بالاجماع.
قوله: (بعد ذلك) أي بعد الوطأين والدعوتين.
قوله: (لزوال المانع) وهو الكتابة من الانتقال: أي من انتقال الاستيلاد تماما إليه مع قيام المقتضى فيعمل المقتضى عمله من وقت وجوده كالبيع بشرط الخيار للبائع إذا أسقط الخيار يثبت الملك به من وقت وجوده.
زيلعي.
قوله ووطؤه سابق جواب عما عساه يقال إن كلا له ملك فيها وقد وطئ كل وادعى، فما المرجح لاختصاص الاول بكونها أم ولد له؟ ط.
قوله: (وضمن لشريكه نصف قيمتها) يعني حال كونها مكاتبة لانه تملك نصيبه لما استكمل الاستيلاد.
درر.
وفي الشرنبلالية عن الفتح: وقيمة المكاتب نصف قيمته قنا لانه حر يدا وبقيت الرقبة.
قوله: (ونصف عقرها) لوطئه أمة مشتركة فوجب العقر كله عليه، ثم لما عجزت سقط عنه نصيبه وبقي نصيب صاحبه.
إتقاني.
قوله: (لوطئه أم ولد الغير حقيقة) بناء على ما مر من أنها لما عجزت استكمل الاستيلاد للاول لزوال المانع.
قوله: (لانه بمنزلة المغرور) لانه وطئها على ظن أنها على حكم ملكه، وظهر بالعجز وبطلان الكتابة أنه لا ملك له فيها، وولد المغرور ثابت النسب منه حر بالقيمة.
زيلعي.
وادعى بعض الشراح أن ضمان الثاني القيمة قولهما، لان ولد أم الولد كأمه في عدم
التقوم عند أبي حنيفة.
قال الحموي: وهو ممنوع، فقد أطبق الشراح على أنه قول أبي حنيفة، غاية ما فيه أنه يشكل على قوله، وقد أجيب عنه بأن عنه روايتين في تقدمهما اه.
والاحسن ما أجاب به في المبسوط كما نقله بعضهم، من أن عدم تقوم ولد أم الولد عنده بعد ثبوت أمية الولد ولم تثبت في الولد(6/401)
لانه حر الاصل، فلهذا كان مضمونا بالقيمة.
قوله: (ترده للمولى) أي ترد العقر لانه ظهر اختصاصه بها.
زيلعي.
قوله: (والمسألة بحالها) أي وقد كاتباها ووطئ الاول فولدت فادعاه.
قوله: (بطل التدبير) لانه لم يصادف الملك.
أما عندهما فظاهر لان المستولد تملكها قبل العجز.
وأما عنده فلانه بالعجز تبين أنه تملك نصيبه من وقت الوطئ فتبين أنه مصادف ملك غيره والتدبير يعتمد الملك، بخلاف النسب لانه يعتمد الغرور على ما مر.
هداية.
قوله: (نصف قيمتها) لانه تملك نصفها بالاستيلاد على ما بينا، وقوله: نصف عقرها أي لوطئه جارية مشتركة.
زيلعي.
قوله: (والولد للاول) لان دعواه قد صحت على ما مر، وهذا كله بالاجماع.
زيلعي.
واعترض قوله: والولد للاول بأنه يوهم كون الثاني وطئ وادعى والمفروض خلافه، فلو أبدله بقوله وتم الاستيلاد للاول لكان أولى.
قوله: (فعجزت) قيد به لانه يظهر به أثر الاعتاق ويصير تعديا فيغرم، أما قبله فلا يضمن شيئا عند أبي حنيفة لانها مكاتبة في نصيب شريكه كما كانت لتجزي الاعتاق عنده فلم يتلف نصيب صاحبه، لان معتق النصف يسعى بمنزلة المكاتب وهنا ذلك النصف مكاتب قبل الاعتاق فلم يظهر الاعتاق فيه.
وعلى قولهما يغرم في الحال لعدم تجزي الاعتاق.
وتامه في غاية البيان.
قوله: (فرع) هو من مسائل المتون.
قوله: (أو ضمن شريكه في الاولى فقط) أي ضمنه قيمته مدبرا وهي ثلثا قيمته قنا لانه أتلفه وهو مدبر، بخلاف ما إذا تأخر التدبير حيث لا يضمنه لانه بمباشرة التدبير يصير ميراثا للمعتق عن الضمان لمعني، وهو أن نصيبه كان قنا عند إعتاق المعتق فكان تضمينه إياه متعلقا بشرط تملك العين بالضمان وقد فوت ذلك التدبير.
كذا في العناية ح.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى تأخيره ظاهر التناسب إذ الموت والعجز بعد العقد.
قوله: (عن أداء نجم) النجم: هو الطالع، ثم
سمي به الوقت المضروب، ثم سمي به ما يؤدي فيه من الوظيفة، واشتقوا منه قولهم: نجم الدية: أي أداءها نجوما.
صحاح ومغرب ملخصا.
فاستعماله بمعنى ما يؤدي مجاز بمرتبتين.
قوله: (سيصل إليه) كدين يقتضيه أو مال يقدم.
هداية.
قوله: (الحاكم) شمل المحكم لان حكمه يصح فيما سوى الحدود والقصاص إذا كان له أهلية القضاء.
إتقاني.
قوله: (لابلاء الاعذار) أي لاختيار أصحابها، قال في الهداية: كإهمال الخصم للدفع والمديون للقضاء.
قوله: (وإلا عجزه إلخ) أي إن لم يرج له مال وهذا عندهما، وهو الصحيح.
قهستاني عن المضمرات.
وقال أبو يوسف: لا يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان(6/402)
لقول علي رضي الله عنه: إذا توالى عليه نجمان رد في الرق وحملاه على الندب: أي يندب أن لا يرده قبلهما لتعارض الآثار.
قوله: (وفسخها) أي وجوبا، وذكر الفسخ بعد التعجيز لان التعجيز غير كاف.
ط عن الحموي.
قوله: (فالمولى له الفسخ) بل يجب عليه رفعا للاثم بالرجوع عن سببه ط.
قوله: (وعاد رقه) أي حكم رقه، والاولى قول الهداية والكنز أحكام الرق لان رقه لم يزل.
أفاده القهستاني.
قوله: (وما في يده لمولاه) ولو صدقة وهو غني في الصحيح كما سيأتي.
قوله: (وله مال لم تفسخ) لانه عقد معاوضة، وفيه إشعار بأنه إذا لم يترك وفاء تنفسخ، حتى لو تبرع أحد بالبدل لا يقبل منه، وهذا قول أبي بكر الاسكاف.
وذهب الفقيه أبو الليث إلى أنه لا ينفسخ بدون الحاكم كما في الصغرى.
قهستاني.
قوله: (وتؤدى كتابته من ماله) فلو عليه ديون للمولى ولاجنبي ففي البدائع: يبدأ بدين الاجنبي ثم ينظر: فإن كان في التركة وفاء بدين المولى وبالكتابة بدئ بدين المولي، وإلا فبالكتابة، ويستوفي المولى الدين إذا ظهر لهمال.
أما لو بدئ به صار عاجزا، ولا يجب للمولى على عبده القن دين.
قوله: (كما يحكم بعتق أولاده الخ) هذا يقتضي أنه لا يحكم بعتق أصوله وفروعه الذين اشتراهم في كتابته مع أنه يحكم بعتقهم، فالصواب أن يقال: كما يحكم بعتق من دخل في كتابته ح.
وفي الغرر: وحكم بعتق بنيه، سواء ولدوا في كتابته أو شراهم حال كتابته أو كوتب هو وابنه صغيرا أو كبيرا بمرة: أي بكتابة واحدة، فإن كلا منهم يتبعه في الكتابة وبعتقه عتقوا اه ط.
قوله: (المولودين في كتابته) أي من أمته بالتسري وإن حرم لعدم منافاتها ثبوت النسب كما قدمناه عن الشرنبلالية، وسنذكر صورتين عن البدائع
غير هذا.
قوله: (لورثته) أي لالاده الاحرار، بأن ولدوا من امرأة حرة، وكذا المولودون في الكتابة والذين اشتراهم فيها ووالداه يعتقهم بعتقه، وكذا ولده المكاتب معه بمرة لا المكاتب على حدة لانه يموت حرا وولده مكاتب والمكاتب لا يرث.
بدائع.
فإن لم يكن له وارث من القرابة فلسيده بالولاء.
قوله: (ولو لم يترك مالا) لا حاجة إلى التقدير مع قول المتن: ولا وفاء له ح.
قوله: (ولد في كتابته) بأن تزوج أمة بإذن مولاه فولدت منه ثم اشتراها المكاتب وولدها أو المكاتبة ولدت من غير مولاها.
بدائع.
قوله: (وسعى) ظاهره أنه لا بد أن يكون قادرا على السعي وليس كذلك.
قال في الكافي: لو كاتب أمته على أنه بالخيار ثلاثة أيام فولدت في مدة الخيار وماتت وبقي الولد يبقى خياره وعقد الكتابة عند الامام.
والثاني: وله أن يجيزه.
وإذا أجاز يسعى الولد على نجوم الام، وإن أدى عتقت الام في آخر جزء من أجزاء حياتها، وهذا استحسان.
وعند الثالث: تبطل الكتابة، ولا تصح إجازة المولى وهو القياس اه طوري.
وظاهره أنه ينتظر قدرته على السعي،(6/403)
وتوقف فيه الشرنبلالي، ونقل عنه أنه أجاب في هامش حاشيته بأن القاضي ينصب له شخصا وصيا فيجمع له مالا وتنفك رقبته، ومثل الصغير المقعد والزمن والمجنون اه.
والله تعالى أعلم.
قوله: (على نجومه) فلا يرد إلى الرق إلا إذا أخل بنجم أو نجمين على الاختلاف.
بدائع.
قوله: (حكم بعتق أبيه قبل موته وبعتقه) كذا جعل العتق مستندا صاحب الهداية والكنز وغيرهما.
قال في الشرنبلالية: ويخالفه ما في الظهيرية من أنه لا يستند بل يقتصر على وقت الاداء.
قوله: (أدى البدل حالا أو رد الخ) هذا قول الامام، لان الاجل يثبت بالشرط في العقد فيثبت في حق من دخل تحت الكتابة، والمشتري لم يدخل لانه لم يضف إليه العقد ولم يسر حكمه يه لكونه منفصلا وقت الكتابة.
وأورد عليه أنه قد مر في فصل تصرفات المكاتب أنه إذا اشترى أباه أو ابه دخل في كتابته: وأيضا لو لم يسر حكمه إليه لما عتق عنده بأداء البدل حالا.
وأجيب بأن المراد بدخول المشتري ليس لسراية حكم العقد الجاري بين المكاتب والمولي إليه، بل يجعل المكاتب مكاتبا لولده باشترائه إياه تحقيقا للصلة، وبأن عتق الولد المشتري عنده بالاداء حالا ليس الاجل السراية أيضا بل بصيرورة المكاتب كأنه
مات عن وفاء كما أفصح عنه في الكافي.
طوري ملخصا.
قوله: (وسويا بينهما) فيسعى على نجوم أبيه عندهما، وكذا كل ذي رحم محرم منه اشتراهم.
إتقاني.
قوله: (فيردان للرق) هذا على رواية الاصل.
وفي إملاء رواية أبي سليمان جعله كالود المشتري في الكتابة، فعن أبي حنيفة روايتان كما في التاترخانية، ونقل في غاية البيان الثانية عن شرح الكافي للبزدوي، وعليها اقتصر في البدائع، ثم هذا إذا لم يكن للمكاتب أحد من أولاده.
قال في الجوهرة: فإن ترك مع الولود في الكتابة أبوي وولدا آخر مشتري في الكتابة فهم موقوفون على أداء بدل الكتابة من المولود في الكتابة، وليس للمولي بيعهم ولا أن يستسعيهم، فإذا أدى المولود فيها بدلها عتق وعتقوا جميعا، وإن عجز ورد في الرق رد هؤلاء معه إلا أن يقولوا نحن نؤدي المال الساعة فيقبل ذلك منهم قبل قضاء القاضي بعجز المولود في الكتابة.
قوله: (كما مات) أي بمجرد موته، ولا يقبل منهما بدل حال ولا مؤجل عند الامام ح.
قوله: (وقالا إن أديا حالا عتقا وإلا لا) المصرح به في شرح المجمع والشرنبلالية أن الاصول كالفروع عندهما في السعي على النجوم، فلينظر من أين أخذ الشارح هذا الكلام ح.
أقول: الذي أوقعه في ذلك الشرنبلالي، فإنه ذكر في فصل تصرفات المكاتب أن الوالدين يردان للرق كما مات، وعزاه للتبيين والعناية.
ثم قال: ويخالفه ما في ئ: إذا مات المكاتب من غير مال يقال للولد المشتري وللوالدين: إما أن تؤدوا الكتابة حالا، وإلا رددناكم في الرق، بخلاف الولد المولود في الكتابة اه.
لكن تنتفي المخالفة بحمل ما في البدائع على قول الصاحبين: وبحمل غيره على قول الامام كما صرح به في مختصر الظهيرية، وسنذكره.
اه كلام الشرنبلالي.
ثم نقل في هذا الباب عن مختصر الظهيرية أن الولدين ليسا كالولد فيباعان كسائر أكسابه، وهذا عند أبي حنيفة.
وعندهما: إذا ترك ولدا مشترى أو أبا أو أما يسعى على نجوم المكاتب كالمولود في الكتابة اه.
فحمله ما في البدائع من أن الوالدين كالمشتري في الكتابة على قول الصاحبين هو عين ما قاله الشارح وهو غير صحيح، بل ما في البدائع هو رواية الاملاء عن أبي حنيفة كما قدمناه عن التاترخانية، وما استند إليه في الحمل(6/404)
المذكور من كلام مختصر الظهيرية لا يفيده بوجه من الوجوه، فإنه مصرح بأن الابوين عندهما كالمولود
في الكتابة لا كالمشتري.
والحاصل: أن الوالدين والولد المشتري في الكتابة وكذا كل ذي رحم محرم اشترى فيها يسعون على نجوم المكاتب عند الصاحبين كالمولود فيها بلا فرق بين الجميع.
وأما عند الامام فلكل حكم يخصه بينه المصنف والشارح، سوى المحارم لعدم دخولهم عنده في كتابته كما مر في محله، وهذا على رواية الاصل.
وعلى رواية الاملاء: الوالدان كالولد المشتري عنده، وهي ما مشى عليه في البدائع، فاغتنم هذا التحرير بعون الملك القدير.
قوله: (وابنه الكبير) التقييد بالكبير خطأ مخالف لصريح الغرر حيث قال: أو كوتبغ هو وابنه صغيرا أو كبيرا بمرة ح.
أقول: وعلله ابن الكمال بقوله: فإن الصغير يتبعه وهو مع الكبير جعلا كشخص واحد اه.
فلما كان الصغير تابعا له قيد بالكبير لتظهر الفائدة.
تأمل.
قوله: (كتابة واحدة) فلو كل على حدة فلا يرث لانه يموت والولد مكاتب كما قدمناه عن البدائع.
قوله: (أي معتقة) فسر الحرة بذلك، أخذا من قوله: ولو قضى به أي بالولاء لقوم أمه، فإن حرة الاصل لا ولاء لاحد على ولدها كما سيذكره الشارح قبيل فصل ولاء الموالاة.
قوله: (ضرورة أن الاب) الخ علة للقضاء على عاقلة الام ح.
قوله: (لم يعتق بعد) لانه وإن ترك مالا وهو الدين لا يحكم بعتقه إلا عند الاداء.
قوله: (لعدم المنافاة) أي لعدم منافاة القضاء على عاقلة الام للكتابة، بل قال في الهداية: إن هذا القضاء يقرر حكم الكتابة، لان من قضيتها إلحاق الولد بموالي الام وإيجاب العقل عليهم، لكن على وجه يحتمل أن يعتق فينجر الولاء إلى موالي الاب والقضاء بما يقرر حكمه لا يكون تعجيزا.
قوله: (ولا رجوع) فيه طي، والتقدير كما في غاية البيان: فإن خرج الدين وأديت الكتابة رجع ولاء الولد إلى موالي الاب ولا رجوع لموالي الام بما عقلوا عنه بعد وفاته اه.
لكن يخالفه قول الطوري: وكانوا مضطرين فيما عقلوا فلهم الرجوع على موالي الاب اه.
نعم ذكر في النهاية والمعراج تفصيلا يدفع المخالفة، وهو أنهم لا يرجعون بما عقلوا من جناية الولد في حياة المكاتب على موالي الاب، لانه إنما حكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته فلا يستند عتقه إلى أول عقد الكتابة، أما لو عقلوا عن جنايته بعد موت الاب قبل أداء البدل رجعوا لان عتق الاب استند إلى حال حياته فتبين أن ولاءه كان لموالي الاب من ذلك الوقت ووالي الام كانوا
مجبورين على الاداء اه.
ومثله في حاشية أبي السعود عن تكملة فتح القدير للعلامة الديري، وبه ظهر أن قول الشارح: ولا رجوع في غير محله، لان فرض المسألة في كلام المصنف كالكنز فيما إذا جنى الولد بعد موت المكاتب، ولهذا اقتصر الطوري على قوله: فلهم الرجوع.
قوله: (قيد بالدين الخ) قال الزيلعي: هذا كله فيما إذا مات المكاتب عن وفاء فأديت الكتابة أو عن ولد فأداها، فأما إذا مات لا عن وفاء ولا عن ولد فاختلفوا في بقاء الكتابة.
قال الاسكاف: تنفسخ، حتى لو تطوع إنسان بأداء(6/405)
البدل لا يقبل منه.
وقال أبو الليث: لا تنفسخ ما لم يقض بعجزه اه.
ومقتضاه أن الدين ليس بقيد وأن أداء الولد: أي المولود في الكتابة أو المشتري فيها كخروج الدين.
قوله: (لان في العين) يعني الموفى بالبدل لتعليله بإمكان الوفاء في الحال.
شرنبلالية.
قال ط: والمراد بالعين ما يعم النقود الموجودة في التركة اه.
قوله: (لامكان الوفاء في الحال) إن قلت: إنه قد يمكن الوفاء من الدين في الحال بأن يكون المديون حاضرا ساعة موت المكاتب فيطالب ما عليه فيدفع حالا.
قلت: المراد الامكان القريب وهذا إمكان بعيد ط.
قوله: (ولو قضى به الخ) يعتني اختصموا بعد موت الولد في إرثه بالولاء قبل أداء البدل فقضى القاضي بالولاء لقوم الام يكون قضاء بعجز المكاتب وموته عبدا، لان من ضرورة كون الولاء لقوم الام موت المكاتب عبدا، لانه لو مات حرا لانجر الولاء من قوم الام.
كفاية.
قوله: (لانه في فصل مجتهد فيه) علة لما تضمنه.
قوله: فهو تعجيز من نفاذ القضاء.
قال في الهداية: فهو قضاء بالعجز، لان هذا اختلاف في الولاء مقصودا، وذلك يبتني على بقاء الكتابة وانتقاضها، فإنها إذا فسخت مات عبدا واستقر الولاء على موالي الام، وإذا بقيت واتصل بها الادء مات حرا وانتقل الولاء إلى موالي الاب، وهذا فصل مجتهد فيه فينفذ ما يلاقيه اه.
وحاصله: أن ثبوت التعجيز للقضاء بالولاء الام فالتعجيز ثابت ضمنا، وإنما نفذ هذا القضاء لان المكاتب عند بعض الصحابة يموت عبدا وإن ترك وفاء، فكان قضاء في فصل مجتهد فيه وهو نافذ إجماعا فتجب رعايته، وإن لزم منه بطلان الكتابة لانها مختلف فيها فصيانته أولى.
قوله: (ما أدى) أي المكاتب إليه: أي إلى المولى.
قوله: (فعجز) كذا لو عجز قبل الاداء إلى المولى، وهذا عند
محمد ظاهر لانه بالعجز يتبدل الملك، وكذا عند أبي يوسف، وإن كان بالعجز تقرر ملك المولى عنده، لانه لا خبث في نفس الصدقة وإنما الخبث في فعل الاخذ لكونه إذلالا به، ولا يجوز ذلك للغني من غير حاجة ولا للهاشمي لزيادة حرمته والاخذ لم يوجد من المولى.
هداية.
قوله: (لتبدل الملك) فإن العبد يتملكه صدقة والمولى عوضا عن العتق.
قوله: (وأصله حديث بريرة) يوهم أنها أهدت إليه (ص) بعدما عجزت مع أنها أهدت إليه وهي مكاتبة كما في العناية ح.
قوله: (هي لك) الذي في الهداية وشروطها لها بضمير الغائبة.
قوله: (فإنها تطيب له) لما مر أن الخبث في فعل الاخذ.
قوله: (لان الملك لم يتبدل) لان المباح له يتناوله على ملك المبيح.
ونظيره المشتري شراء فاسدا إذا أباح لغيره لا يطيب له، ولو ملكه يطيب.
هداية.
قوله: (جاهلا بجنايته) إذ لو كان عالما بها عند الكتابة يصير مختارا للفداء كما في الداية.
قوله: (بما جنى) أي بموجبه.
معراج.
قوله: (فعجز) أي في الصرتين.
قوله: (دفع العبد) أي(6/406)
لولي الجناية.
قوله: (لزوال المانع) أي من الدفع وهو الكتابة، فصار قنا قبل انتقال الحق عن الرقبة فعاد الحكم الاصلي، وهو إما الدفع أو الفداء.
قوله: (بيع فيه لانتقال الحق من رقبته إلى قيمته) يشير إلى أن الواجب هو القيمة لا الاقل منها ومن الارش، وهو مخالف لما ذكرنا من رواية الكرخي والمبسوط، وعلى هذا يكون تأويل كلامه إذا كانت القيمة أقل من أرش الجناية.
كذا في العناية ح.
قوله: (ويلزمه الاقل الخ) فلو الارش أقل وجب لان المجني عليه لا يستحق أكثر منه، ولو القيمة أقل وجبت لان حكم الجناية تعلق برقبته.
قوله: (قبل القضاء) أي بموجب الجناية الاولى.
قوله: (فعليه قيمة واحدة) يعني إذا كانت أقل من الارش، وإلا فالواجب الاقل منها ومن الارش كما صرح به في شرح المجمع والشرنبلالية.
بقي هنا ثلاثة أمور: أن المراد بالارش في هذه المسألة جملة أروش الجنايات التي جناها فيصير المعنى: يجب الاقل من قيمة واحدة ومن جملة الارش.
الثاني أن ذلك الاقل يقسم بين أرباب الجنايات بالحصص.
الثالث أن ما بقي من الاروش يطالب به بعد العتق، وكل من هذه الثلاثة يحتاج إلى التنقير في كتب المذهب ح.
أقول: عبارة شرح درر البحار تفيد الاولين حيث قال: فيؤمر بالسعاية للاولياء في أقل من قيمته وأرش الجنايات لتعذر دفع نفسه للكتابة.
قوله: (ولو بعده فقيم) حتى لو جنى جنايتين مثلا وجب عليه الاقل من قيمته من أرش الاولى، ويجب عليه الاقل من قيمته ومن أرش الثانية.
ج.
قوله: (بطلت) أي في الحال في حق المولى.
قال في شرح درر البحار: لو عجز بعد إقرار بقتل خطأ قبل القضاء بقيمته يطالب بعد عتقه اتفاقا اه.
وأما ما في الشرنبلالية عن شرح المجمع من أنه لو أقر به فقضى عليه ثم عجز يطالب به بعد العتق عنده، وقالا مطلقا: أي في الحال وبعده اه.
فليس مما نحن فيه لان كلام الشارح في العجز قبل الحكم، فافهم.
قوله: (ويؤدي المال إلى ورثته) لانهم قاموا مقامه.
قال في الجوهرة: ولو دفع إلى وصي الميت عتق، سواء كان على الميت دين أو لا، لان الوصي قائم مقام الميت، فصار كما لو دفعه إليه، وإن دفعه إلى الوارث إن كان على الميت دين لم يعتق، لانه دفعه إلى من لا يستحق القبض منه، فصار كالدفع إلى أجنبي، وإن لم يكن عليه دين لم يعتق أيضا حتى يؤدى إلى كل واحد من الورثة حصته ويدفع إلى الوصي حصة الصغار، لانه إذا لم يدفع على هذا الوجه لم يدفع إلى المستحق اه.
وظاهر إطلاقه أنه إذا لم يدفع للوصي ودفع للوارث وكان عليه دين لا يعتق وإن لم يكن الدين مستغرقا، وبه صرح الزيلعي.
قال أبو السعود: وفيه نظر، ففي غاية البيان: إذا كان الدين محيطا بماله يمنع انتقاله إلى الوارث فيفيد أن غير المحيط لا يمنع فحينئذ يعتق بقبض الوارث، فتدبر اه.
قوله:(6/407)
(لخراب ذمته) أي يبطل الاجل، لان ذمته قد خربت وانتقل الدين إلى التركة وهي عين.
زيلعي.
قوله: (إلا من الثالث) أي فيؤدى ثلثي البدل حالا والباقي على نجومه.
شرنبلالية.
والمسألة مرت في باب ما يجوز للمكاتب مع ما فيها من التفصيل والخلاف.
قوله: (عتق مجانا) أي وسقط عنه مال الكتابة، ومعناه: يعتق من جهة الميت حتى أن الولاء يكون للذك سور من عصبته دون الاناث.
جوهرة.
قوله: (استحسانا) وفي القياس: لا يعتق لانهم لم يرثوا رقبته وإنما ورثوا دينا فيها.
جوهرة.
قوله: (ويجعل إبراء اقتضاء) هذا وجه الاستحسان، قال في الجوهرة: وجه الاستحسان أن عتقهم تتميم لكلتابة،
فصار كالاداء أو الابراء ولانهم بعتقهم إياه مبرئون له من المال وبراءته توجب عتقه كما لو استوفوا منه، ولا يشبه هذا ما إذا أحدهم لان إبراءه له إنما يصادف حصته لا غير، ولو برئ من حصته بالاداء لم يعتق.
كذا هذا.
قوله: (على الصحيح) وقيل: يعتق إذا أعتقه الباقون ما لم يرجع الاول.
زيلعي وبالثاني جزم القهستاني، ولينظر وجه الاول وما نقله المحشي عن العناية إنما يظهر فيما لو أعتقه البعض فقط، وكذا ما قدمناه عن الجوهرة.
، تأمل.
قوله: (فملكها) يعني بعد عتقه.
شرنبلالية.
وقوله: أن يطأها أي بملك اليمين، لان المملوكة لا ينكحها مولاها وليس للمكاتب التسري بها.
قال ح: وهذه المسألة ليست من كتاب المكاتب في شئ، فإن كل رجل حرا كان أو قنا أو مدبرا أو مكاتبا أو ابن أم ولد أو مستسعى إذا طلق امرأته الامة ثنتين غلظت حرمتها فلا يحل له إيراد عقد النكاح عليها ولا وطؤها بملك اليمين حتى تنكح زوجا غيره، وإلى هذا أشار الشارح بقوله: كما تقرر في محله اه.
قوله: (كاتبا عبدا كتابة واحدة الخ) قيد بالعبد الواحد احترازا عن عبدين لرجلين كاتباهما كتابة واحدة ثم عجز أحدهما كان لمولاه أن يفسخ الكتابة وإن كان مولى الآخر غائبا.
هندية عن المحيط ط.
قوله: (لانهما) أي السيدين كسيد واحد وهو لا يقبل التجزي ط.
قوله: (يعجزه بطلب أحدهم) أي بعد طلب العبد لان أحد الورثة ينتصب خصما عن الباقين ط.
قوله: (بمرة) أي بعقد واحد ط.
قوله: (ولم يعلم) أي القاضي، والظاهر أنه ليس بقيد احترازي، وأن فائدة ذكره جواز الاقدام على الرد.
قوله: (لم يصح) لان كتابتهما واحدة وليس أحدهما نائبا عن الآخر كما في المسألة التي قبلها.
رحمتي.
قوله: (فليس للآخر) كذا في المنح، أبو داود الذي رأيته في نسختي المجتبى: فليس للقاضي، وفي الهندية و التاترخانية عن المحيط: فإن غاب هذا الذي رد في الرق بسبب عجزه وجاء(6/408)
الآخر واستسعاه المولى في نجم أو نجمين فأراد أن يرده أو القاضي فليس له ذلك.
قوله: (في قدر البدل) وكذا في جنسه، كأن قال المولى كاتبتك على ألفين أو على الدنانير وقال العبد: بل على ألف أو على الدراهم.
بدائع.
وإن اختلفا في الاجل أو في مقداره فالقول للمولي.
ولو في مضيه فللعبد ولو في مقدار ما نجم عليه في كل شهر فللمولى.
هندية.
قوله: (فالقول للمكاتب عندنا) سواء أدى
شيئا من البدل أو لا، وهو قول أبي حنيفة آخرا، لانه متى وقع الاختلاف في قدر المستحق أو جنسه فالقول للمستحق عليه، وكان يقول: يتحالفان ويتردان كالبيع.
بدائع.
قوله: (في الكتابة) أي في بدلها، وفي للسببية كما في: دخلت النار امرأة في هرة حبستها وإنما لا يحبس به لانه دين قاصر حتى لا تجوز الكفالة به.
بدائع.
قوله: (وفيما سوى دين الكتابة) كدين استهلاك أو دين أخذه من سيده حال إذنه ثم كاتبه أو قرض ط.
قوله: (وفي غير جنس الحق الخ) فيه ثلاث مسائل: الاولى: لو كان المولى استولى على مال لمكاتبه من غير جنس بدل الكتابة له مطالبته به ويحبسه الحاكم عليه.
الثانية: من مفهوم ذلك لو كان من جنسه قاصصه به.
الثالثة: أن العبد مخير في الكتابة له فسخها بلا رضا المولي.
قوله: (ولاء) مبتدأ، وقوله: لاولاد متعلق بمحذوف نعت ولاء وقوله: لزوجين نعت أولاد.
وقوله: حررا بالبناء للمجهول: أي أعتقا نعت زوجين وقوله: لمولى أبيهم متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وقوله: ليس للام أي لولاها خبر مقدم، ومعبر مصدر ميمي من العبور بمعنى الدخول مبتدأ مؤخر، والجملة استئنافية مؤكدة لما قبلها.
والمعنى: ولاء أولاد الزوجين المعتقين لموالي الاب دون موالي الام لان الاب هو الاصل، ولو تزوجت عبدا أو مكاتبا فالولاء لمواليها، فإذا أعتق الاب جر الولاء إلى مواليه.
وتمامه في شرح ابن الشحنة.
قوله: (توفي وما وفى) الضميران للمكاتب، وأما مفعول بع ولميت نعت لاما ومن الولد بضم الواو وسكون اللام بيان لميت والحي مبتدأ على حذف مضاف تقديره: وأم الحي، وتسعى خبره وتحضر من أحضر: أي تحضر البدل.
والمعنى: أن المكاتب إذا توفي لا عن وفاء وله أم ولد قد ولد في كتابة أبيه أو اشتراه معها حتى دخل في كتابته، فإن لم يكن معها الولد بأن مات بيعت، إلى آخر ما قال الشارح، والله تعالى أعلم.(6/409)
كتاب الولاء أورده عقب المكاتب لانه من آثار زوال ملك الرقبة، ولم يذكره عقب العتق ليكون واقعا عقب سائر أنواعه.
قوله: (مشتق من الولي) بفتح الواو وسكون اللام مصدر وليه يليه بالكسر فيهما، وهو شاذ.
كذا في جامع اللغة ح.
قوله: (وبهذا علم الخ) فيه تعريض بصدر الشريعة حيث فسره بالميراث،
وتعريض بالمصنف أيضا تبعا لصاحب الحقائق، ولذا عدل عن تفسيريهما بقوله: بل قرابة حكمية تبعا للكنز وغيره، فإن الولاء يتحقق بدون الارث والتناصر، كما إذا أعتق كافر مسلما، قال في المبسوط: لا يرثه لكونه مخالفا له في الملة، ولا يعقل عنه لانه باعتبار النصرة، ولا نصرة بين المسلم والكافر.
قاله ابن الكمال وسيشير إليه الشارح: وأيضا فإن ما ذكره المصنف مفض إلى الدور لاخذه الولاء في تعريفه.
قوله: (بل قرابة حكمية) أي حاصلة من العتق أو الموالاة.
كنز.
قوله: (تصلح سببا للارث) أتى بلفط تصلح للاشارة إلى أنه لا يكون سببا للارث دائما كما علمته آنفا، ولانه إنما يكون عند عدم العصبة النسبية.
قوله: (لا الاعتاق) خلافا للجمهور مستدلين بحديث: الولاء لمن أعتق فإن ترتيب الحكم على المشتق دليل على أن المشتق منه علة الحكم.
والجواب: أن الاصل في الاشتقاق هو مصدر الثلاثي وهو العتق.
قوله: (لان بالاستيلاد) اسم أن ضمير الشأن محذوفا، والمراد به أن تكون الجارية أم ولده فإنها تعتق عليه بموته لا بإعتاقه ط.
قوله: (وإرث القريب) كما لو مات أبوه وهو مالك لاخيه لامه.
قوله: (فجرى على الغالب) أو أن القصر إضافي.
حموي عن المقدسي.
فيكون المعنى: الولاء لمن أعتق لا لمن شرطه لنفسه من بائع ونحوه كواهب وموص.
أبو السعود.
قوله: (ولو من وصية) كما لو أوصى بأن يعتق عبده بعد موته أو يشتري عبدا من ماله بعد موته ثم يعتق ح: أي لانتقال فعل الوصي أيه.
زيلعي.
قوله: (أو يفرع له) أي للاعتاق.
قوله: (ولو امرأة) أي ولو كان السيد امرأة وأتى بذلك للتنبيه على مخالفته للعصبة النسبية فإنه ليس فيها أنثى.
قوله: (أو ذميا) وإن كان لا يرث العتق المسلم.
قوله: (أو ميتا) أشار به إلى ما ذكره ابن الكمال حيث قال: لا يقال كيف يكون الولاء بالتدبير والاستيلاد للسيد والمدبر وأم الولد إنما يعتقان بعد موت السيد لما عرفت: أن الولاء ليس نفس الميراث بل قرابة حكمية تصلح سببا له وثبوتها بالتدبير، والاستيلاد لا يتوقف على العتق بموت المدبر والمتولد، صرح بذلك في المبسوط حيث قال: لان المدبر والمكاتب والمستولد استحق ولاءهم لما باشر السبب، ولو سلم أنه ميراث فمعنى كونه للمولى أنه يستوفي منه ديونه، وتنفذ وصاياه ولو كان لورثته لما كان كذلك، وبما قررنا تبين أن ما ارتكبوه في دفع ما ذكر من فرض ارتداد المولى منشؤه قلة التدبر بل عدم التدرب اه.
قوله: (حتى تنفذ وصاياه الخ) بأن مات بعده قبل قبض ميراثه منه.
قوله: (لمخالفته للشرع)(6/410)
وهو ما روي أن عائشة رضي الله تعالى عنها أرادت أن تشتري بريرة لتعتقها فقال أهلها: على أن ولاءها لنا، فقال رسول الله (ص): لا يمنعك ذلك، فإن الولاء لمن أعتق.
إتقاني.
قوله: (الموجود عند العتق) أشار به إلى علة عدم الانتقال، وإلا فهو معلوم من قوله: فولدت لاقل من نصف حول لكن يوجد في بعض النسخ بعد قوله: أبدا ما نصه: لان الحمل كان موجودا وقت الاعتاق، فإعتاقه وقع قصدا فلا ينتقل ولاؤه عن معتقه.
صدر الشريعة اه.
قال الطوري: وأورد أن هذا مخالف لقولهم في كتاب الاعتاق: وإن أعتق حاملا عتق حملها تبعا لها اه.
قلت: قد يجاب بأنه من حيث لم يرد عليه الاعتاق بخصوصه، وإنما ورد على الام كان تبعا ومن حيث إنه جزء منها، وإعتاقها إعتاق لجميع أجزائها كان مقصودا.
تأمل، والاحسن أن يقال: لما لم يشترط في عتقه ولادته لاقل المدة ذكروا التبعية لعدم تحقق الجزئية دائما، ولما كان نظرهم هنا إلى عدم انتقال الولاء والشرط فيه، ولادته للاقل ذكروا القصدية لتحقق الجزئية، فتدبر.
قوله: (أبدا) أي ولو عتق أبوه حتى لو جنى الولد حكم بجنايته على موالي الام.
ط عن الحموي.
قوله: (ضرورة كونهما توأمين) أي حملت بهما جملة لعدم تخلل مدة الحمل بينهما، فإذا تناول الاول الاعتاق تناول الآخر أيضا.
زيلعي.
قوله: (لاكثر من نصف حول) الاولى أن يقول: لنصف حول فأكثر كما في البدائع، وأما التعبير بأكثر من الاقل فهو مساو لتعبير الشارح، فافهم.
قوله: (لتعذر تبعيته للاب) يعني أنه وإن انتفى تحقق الجزئية هنا لاحتمال علوقه بعد العتق لكن لا يمكن تبعيته للاب لانه لم يعتق بعد فيثبت من موالي الام على وجه التبعية لانه عتق تبعا لا مقصودا.
قوله: (قبل موت الولد لا بعده) قال في إيضاح الاصلاح: يعني إن أعتق الاب قبل موت الولد، لانه إن مات قبل عتقه لا ينتقل ولاؤه من موالي الام اه.
وهو يقتضي أنه لو كان لهذا الولد الميت ولد لا ينتقل ولاؤه إلى موالي الاب، فليراجع ح.
أقول في الذخيرة: الجد لا يجر ولاء حافده في ظاهر الرواية، سواء كان الاب حيا أو ميتا، وروى اوب الحسن أنه يجر.
وصورته: عبد تزوج بمعتقه قوم وحدث له منها ولد ولهذا العبد أب حي وأعتق الاب بعد
ذلك وبقي العبد على حاله ثم مات العبد وهو أبو هذا الولد، ثم مات الولد ولم يترك وارثا يجر ميراثه كان لموالي الام اه.
قوله: (لزوال المانع) وهو رق الاب، ولانه لم يرد العتق على الحمل قصدا بل عتق تبعا لامه كما قدمناه، والمنافي لنقل الولاء عتقه قصدا.
قوله: (هذا) أي جر الولاء والتفصيل بين الولادة لاقل من نصف حول أو لاكثر.
قوله: (إذا لم تكن معتدة) أي وقت عتقها.
قوله: (من الفراق) أي بموت أو طلاق ح.
قوله: (لا ينتقل لموالي الاب) لتعذر إضافة العلوق إلى ما بعد الموت وهو ظاهر، وإلى ما بعد الطلاق البائن لحرمة الوطئ، وكذا بعد الرجعي لانه يصير مراجعا بالشك، لانه إذا جاءت(6/411)
به لاقل من سنتين احتمل أن يكون موجودا عند الطلاق فلا حاجة إلى إثبات الرجعة لثبوت النسب، واحتمل أن يكون فيحتاج إلى إثباتها ليثبت النسب، وإذا تعذر إضافته إلى ما بعد ذلك أسند إلى حاجة النكاح فكان الولد موجودا عند الاعتاق فعتق مقصودا فلا ينتقل ولاؤه، وتبين من هذا أنها إذا جاءت به لاقل من ستة أشهر كان الحكم كذلك بطريق الاولى للتيقن بوجود الولد عند الموت أو الطلاق، وأما إذا جاءت به لاكثر من سنتين فالحكم فيه يختلف بالطلاق البائن والرجعي، ففي البائن مثل ما كان، وأما الرجعي فولاء الولد لموالي الاب لتيقننا بمراجعته.
عناية.
قوله: (عجمي) الخ العجم جمع العجمي، وهو خلاف العربي وإن كان فصيحا.
كذا في المغرب.
وفي الفوائد الظهيرية هذه المسألة على وجوه: إن زوجت نفسها من عربي فولاء الاولاد لقوم الاب في قولهم، وإن من عجمي له آباء الاسلام فلقوم الاب عند أبي يوسف، وعلى قولهما اختلف المشايخ: حكي عن أبي بكر الاعمش وأبي بكر الصفار أنه لقوم الاب، وقال غيرهما لقوم الام، وإن من حربي أسلم ووالى أحدا أو لم يوال فهي مسألة الكتاب، وإن من عبد أو مكاتب فلموالي الام إجماعا إلا إذا أعتق العبد فيجر الولاء.
كفاية.
قوله: (أو لم يكن له ذلك) إنما فرضه المتن فيمن له مولى موالاة لفهم مقابلة بالاولى، فلو قال فولاء ولدها لمواليها، وإن كان له مولى الموالاة كما في الكنز لكان أولى ح.
قوله: (لا يكون في العرب) أي لا يكون العربي مولى أسفل ح.
قوله: (ولو لعربي) صوابه: ولو لعجمي، لانه إذا كان الولاء للمولى العجمي كان للعربي بالاولى ح.
قوله: (لمولاها) هذا
عندهما، وعند أبي يوسف: لمولى الاب ترجيحا لجانب الاب.
قوله: (حتى اعتبر فيه الكفاءة) مر بيانه في بابها ويأتي قريبا، وأيضا فإنه مقدم على ذي الارحام، ولا يقبل الفسخ بعد الوقوع، والموالاة بعكس ذلك كله.
قوله: (لا في العجم وولاء الموالاة) أي لا تعتبر الكفاءة فيهما من حيث النسب والحرية، فإن الحرية والنسب في حق العجم ضعيفان، لان حريتهم تحتمل الابطال بالاسترقاق، بخلاف العرب، ولانهما ضيعوا أنسابهم، فإن تفاخرهم قبل الاسلام بعمارة الدنيا وبعده به، وإليه أشار سيدنا سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه بقوله: سلمان أبوه الاسلام.
فإذا ثبت الضعف في جانب الاب كان هو والعبد سواء.
قوله: (والمعتق مقدم على الرد) من هنا إلى بيت المال من مسائل الفرائض فينبغي حذفها ح.
قوله: (مؤخر عن العصبة النسبية) أي بأقسامها الثلاث: بالنفس، وبالغير، ومع الغير.
واحترز بالنسبية عن النوع الآخر من السببية وهو مولى الموالاة، فإن المعتق مقدم عليه وعصبة المعتق مثله.
قوله: (لانه عصبة سببية) أي والنسب أقوى.
قوله: (ثم المعتق) بفتح التاء.
قوله: (ولا وارث له نسبي) يعم صاحب الفرض والعصبي.
قوله: (لاقرب عصبة المولى) أخرج عصبة عصبته، فلو أعتقت عبدا ثم ماتت عن زوج وابن منه وأخ لغير أم ثم مات العبد فالولاء لابنها فقط، فإن كان مات الابن وترك خاله وأباه فهو للخال لانه عصبتها دون الاب، لانه عصبة ابنها.
وتمامه في البدائع والذخيرة.(6/412)
قوله: (الذكور نعت للعصبة) أي لا للنساء، إذ ليس هنا عصبة بغيره أو مع غيره للحديث المذكور.
قوله: (وسنحققه في بابه) أي في باب الميراث، ولم يزد على ما هنا سوى التعليل بالحديث.
قوله: (وليس للنساء الخ) استئناف في موقع الاستثناء، لان قوله: لاقرب عصبة المولى يشمل بعض النساء، ولذا فرع عليه بعده بقوله: فلو مات الخ وبهذا علمت أن تقييد الشارح أولا بالذكور غير لازم.
قوله: (المذكور في الدرر وغيرها) وهو قوله (ص): ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن، أو كاتبن أو كاتب من كاتبن، أو دبرن أو دبر من دبرن، أو جر ولاء معتقهن أو معتق معتقهن اه.
وقوله جر عطف على دبر أو أعتق وولاء مفعوله ومعتقهن فاعله.
قهستاني.
فإذا دبرت
عبدا فماتت ثم مات العبد فولاؤه لها حتى يكون للذكور من عصبتها، وكذا لو ماتت فعتق المدبر بموتها فدبر عبدا ثم مات فولاؤه لعصبتها.
تتمة: قال أبو السعود عن تكملة الفتح للديري: عبر بما الموضوعة لما لا يعقل، لان الرقيق بمنزلة الميت الملحق بالجماد، نظيره.
قوله تعالى: * (أو ما ملكت أيمانهم) * (المؤمنون: 6) وبعد عتقه عبر بمن في أو أعتق من أعتقن لانه صار بالعتق حيا حكما.
قوله: (لكن قال العيني وغيره الخ) وقال: والوارد عن علي وابن مسعود وابن ثابت أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء إلا ما كاتبن أو أعتقن.
قوله: (وسيجئ الجواب عنه في الفرائض) نصه هناك، وهو وإن كان في شذوذ لكنه تأكد بكلام كبار الصحابة فصار بمنزلة المشهور كما بسطه السيد وأقره المصنف ح.
وسنذكر هناك تمام الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
قوله: (وذكر الزيلعي الخ) ومثله في الذخيرة، قال: وهكذا كان يفتي الامام أبو بكر البرزنجري والقاضي الامام صدر الاسلام لانها أقرب إلى الميت من بيت المال، فكان الصرف إليها أولى، إذ لو كانت ذكرا تستحق المال.
قوله: (ترث في زماننا) عبارة الزيلعي: يدفع المال إليها لا بطريق الارث، بل لانها أقرب الناس إلى الميت ح.
قوله: (وكذا ما فضل الخ) عزاه في الذخيرة إلى فرائض الامام عبد الواحد الشهيد.
قوله: (للابن أو البنت رضاعا) عزاه في الذخيرة إلى محمد رحمه الله.
قوله: (وأقره المصنف وغيره) قال في شرح الملتقى: قلت: ولكن بلغني أنهم لا يفتون بذلك فتنبه، وفيه من كتاب الفرائض.
قلت: ولم أر في زماننا من أفتى بهذا ولا من قضى به، وعلى القول به فينبغي جوازه ديانة، فليحرر وليتدبر اه.
قوله: (ولو مسلما) أتى به لان الكلام في ثبوت الولاء، وأما الميراث فلا يثبت ما دام المعتق كافرا وسينبه عليه، فافهم.
قوله: (فلو مسلما لا يرثه) لانعدام شرط الارث وهو اتحاد الملة،(6/413)
حتى لو أسلم الذمي قبل موت المعتق ثم مات المعتق يرث به، وكذا لو كان للذمي عصبة من المسلمين كعم مسلم يرثه لانه يجعل الذمي كالميت، فإن لم يكن له عصبة مسلم يرد إلى بيت المال، ولو كان عبد مسلم بين مسلم وذمي فنصف ولائه للمسلم والنصف الآخر لاقرب عصبة الذمي من المسلمين إن كان، وإلا رد لبيت المال.
بدائع.
قوله: (ولا يعقل عنه) فإن كان المعتق من نصارى تغلب فالعقل على
قبيلته كما في التاترخانية، ويؤخذ منه أنه إذا لم يكن للمعتق الذمي قبيلة فعقل العبد المسلم على نفسه، فإنه صرح في المسألة السابقة، وهي ما إذا لم يكن له عصبة مسلم فالارث لبيت المال والعقل على العبد نفسه.
قوله: (وبهذا اتضح الخ) لان الولاء وجد بلا ميراث ح.
قوله: (ولو أعتق حربي) التقييد بالحربي مفيد بالنظر إلى قوله: لا يعتق إلا أن يخلى سبيله لانه في المسلم يعتق بمجرد القول كما سيذكره، وأما بالنظر إلى قوله: ولا ولاء له فإنه والمسلم سواء، وسنذكر قريبا الكلام فيه.
لم يتم عبدا حربيا فلو مسلما أو ذميا عتعق بالاجماع وولاؤه له.
بدائع.
قوله: (فإذا خلاه عتق) أي صح عتقه، لكنه العتق في حق زوال الرق وإن صح في حق إزالة الملك، لان كون الحربي في داره سبب لرقه.
طوري عن المحيط.
قوله: (ولا ولاء له) هذا قول أبي حنيفة ومحمد لانه لم يعتق عندهما بكلام الاعتاق بل بالتخلية، والعتق الثابت بها لا يوجب الولاء.
بدائع.
لما علمت أنها لا تزيل الرق وإن أزالت الملك.
قوله: (خلافا للثاني) فعنده ولاؤه له، لان إعتاقه بالقول صح، وكذا إن دبره في دار الحرب فهو على هذا الاختلاف، ولا خلاف أن استيلاده جائز لان مبناه على ثبوت النسب وهو يثبت في دار الحرب.
بدائع.
قوله: (عتق بلا تخلية) أي وكان ولاؤه له كما يفيده التعليل المار فإنه عتق بالقول لا بالتخلية، لكن في الشرنبلالية عن البدائع أنه لا يعتق بالقول بل بالتخلية عنده، وعند أبي يوسف: يصير مولاه اه.
وهو خلاف ما ذكر الشارح.
ولم أجده في نسختي البدائع.
نعم، رأيت في الهندية معزيا إلى البدائع: لو أعتق مسلم عبدا له مسلما أو ذميا في دار الحرب فولاؤه له لان إعتاقه جائز بالاجماع، وإن أعتق عبدا له حربيا في دار الحرب لا يصير مولاه عنده، وعند الثاني يصير اه.
وليس فيه أنه لا يعتق بالقول لان قوله لا يصير مولاه لا يستلزم عدم العتق، بل صرح في التاترخانية بأنه يعتق حيث قال: إذا دخل المسلم دار الحرب فاشترى حربيا وأعتقه عتق، إلا أن الولاء لا يثبت منه في قولهما.
وقال أبو يوسف: يثبت استحسانا، وذكر نحوه الطوري عن المحيط.
ثم رأيت في كتاب الاعتاق من البحر ما نصه: المسلم إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا 6 حربيا فأعتقه ثمة فالقياس أنه لا يعتق بدون التخلية، وفي الاستحسان: يعتق بدونها ولا ولاء له عندهما قياسا، وله الولاء عند أبي يوسف استحسانا اه.
وبه يحصل التوفيق، فتدبر.
قوله: (ولو كان العبد مسلما الخ) لم يستوف الاقسام.(6/414)
وحاصل ما في التاترخانية لا يخلو أن يكون المعتق مسلما أو ذميا فيثبت الولاء له وإن كان العبد ذميا، أما لو حربيا ففيه الخلاف المار، ولو كان المعتق حربيا فإن في دار الاسلام عتق وثبت له الولاء، سواء كان العبد مسلما أو ذميا أو حربيا، وإن في دار الحرب والعبد مسلم أو ذمي فكذلك، ولو حربيا لا يعتق بلا تخلية، وإذا عتق فلا ولاء.
قوله: (في دار الاسلام) مثله ما إذا كان في دار الحرب والمولى مسلم كما قدمناه عن الهندية.
فرع مهم: شرى حربي مستأمن عبدا فأعتقه ثم رجع إلى داره فسبي فاشتراه عبده المعتق فأعتقه كان كل منهما مولى للآخر، وكذلك ذمي أو امرأة مرتدة لحقا بدار الحرب فسبيا.
بدائع.
قوله: (يقضي بالميراث والولاء لهما) أي ولو كان المال في يد أحدهما، إذ المقصود من هذه الدعوى الولاء وهما سيان، ولم يرجح ذو اليد لان سبب الولاء وهو العتق لا يتأكد بالقبض، بخلاف الشراء كما في مختصر الظهيرية، وهذا إذا لم يوقنا ولم يسبق القضاء بإحدى البينتين لما قال في البدائع: لو وقتا فالسابق أولى لانه أثبت العتق في وقت لا ينازعه فيه أحد، ولو كان هذا في ولاء الموالاة كان ذو الوقت الاخير أولى، لان ولاء الموالاة يحتمل النقص والفسخ، فكان عقد الثاني نقضا للاول، إلا أن يشهد شهود صاحب الوقت الاول أنه كان عقل عنه لانه حينئذ لا يحتمل النقض فأشبه ولاء العتاقة.
وتمامه في الشرنبلالية.
قوله: (المولى) أي المعتق ولو بكتابة أو تدبير أو استيلاد ط.
قوله: (يستحق الولاء أولا) أي إذا مات، أما لو كان حيا فلا شبهة فيه، وهذا مكرر مع قوله فيما سبق: أو ميتا الخ.
قوله: (في ولاء العتاقة) بخلاف ولاء الموالاة كما مر.
قوله: (فمعتقه التاجر الخ) الانسب أن يقول: فمعتق التاجر كف ء لمعتقة العطار، ولا يكون كفؤا لها معتق الدباغ، لان الكفاءة تعتبر لها لا له، فليتأمل ط.
قوله: (بمعنى عدم الرق في أصلها) أي ولا فيها أيضا، وإنما فسره بذلك لان حر الاصل يطلق أيضا على من لم يجر عليه نفسه رق، سواء جرى على أصله رق أو لا، وليس بمراد هناكما حققه في الدرر ح.
قوله: (فلا ولاء على ولدها) أي وإن كان الاب معتقا لما ذكرنا أن الولد يتبع الام في الرق والحرية ولا ولاء لاحد على أمه فلا ولاء على ولدها.
بدائع.
ووافقه في شرح التكملة ومختصر المحيط ومختصر
المسعودي كما ذكره في الدرر.
قال في سكب الانهر: هذا فرع مهم فاحفظه فإنه مزلة الاقدام اه.
وفي العزمية: اعلم أن سادتنا العلماء الذين أفتوا بقسطنطينية المحمية بالامر السلطاني والنصف الخاقاني من حين الفتح إلى عامنا هذا وهو السادس والثلاثون بعد الالف افترقوا فرقتين، فذهبت فرقة منهم إلى هذا القول المنقول من البدائع كصاحب الدرر والمولى ابن كمال باشا والمولى قاضي زاده والمولى بستان زاده والمولى زكريا والمولى سعد الدين بن حسن خان والمولى صنع الله، وذهبت فرقة منهم أخرى إلى عدم اشتراط ذلك منهم المولى سعد جلبي والمولى علي الجمالي والمولى الشهير بجوى زاده الكبير وابنه، وقد أفتى المولى أبو السعود أولا على هذا وصرح برجوعه في فتوى منه فأفتى بعده(6/415)
على موافقة ما في البدائع، واستقر رأيه على ذلك إلى أن قضى نحبه، جعل الله سعيهم مشكورا وعملهم مبرورا.
ورأيت في شرح الوجيز ما نصه من أمه حرة أصلية وأبوه رقيق لا ولاء عليه ما دام الاب رقيقا، فإن أعتق فهل يثبت الولاء عليه لموالي الاب يحكى فيه قولان اه.
ونحوه في المعراج.
قوله: (والاب إذا كان كذلك) أي الاصل.
قوله: (فلو عربيا) التقييد به اتفاقي، لانه لو كان الاب مولى عربي لا ولاء لاحد على ولده لان حكمه حكم العربي لقول النبي (ص): إن مولى القوم منهم كذا في البدائع.
شرنبلالية ومثله في الهندية.
قوله: (مطلقا) أي لا لقوم الاب ولا لقوم الام لان الولاء لجهة الاب ولا رق في جهته ح.
وفسر الاطلاق في العزمية بقوله: أي سواء كانت أمه معتقة أو لا.
قوله: (خلافا لابي يوسف) أي فإنه يقول الولد يتبع الاب في الولاء كما في العربي، لان النسب للآباء وإن ضعف.
ولهما أنه للنصرة ولا نصرة له من جهة الاب، لان من سوى العرب لا يتناصرون بالقبائل.
بدائع.
والحاصل: أن الصور خمسة: أربعة وفاقية، والخامسة خلافية.
الاولى: حران أصليان بمعنى عدم دخول رق فيهما ولا في أصولهما فلا ولاء على أولادهما.
الثانية: معتقان أو في أصلهما معتق فالولاء لقوم الاب.
الثالثة: الاب معتق أو في أصله معتق والام حرة الاصل بذلك المعنى عربية أولى فلا ولاء لقوم الاب.
الرابعة: الام معتقة والاب حر الاصل بذلك المعنى، فإن عربيا لا ولاء لقوم
الام، وإلا وهي الخامسة: الخلافية، فعندهما: لقوم الام، وعند الثاني: لا ولاء عليه.
وتمام تحقيق المسألة في الدرر.
والله تعالى أعلم.
فصل في ولاء المولاة أخره لانه قابل للتحول والانتقال، ولانه مختلف فيه، فعند مالك والشافعي: لا اعتبار له أصلا بخلاف العتاقة والادلة في المطولات.
قوله: (رجل ملكف) أي عاقل بالغ، فليس للصبي العاقل أن يوالي غيره ولو بإذن وليه على ما يأتي بيانه والتقييد بالرجل اتفاقي لصحته من المرأة كما يأتي.
قوله: (أو والى غيره) أي غير من أسلم على يده، وعند عطاء: هو مولى للذي أسلم على يده.
بدائع.
قوله: (الشرط كونه عجميا لا مسلما) تعقب على قوله: أسلم قال في اللتاترخانية: وقد صرح شيخ الاسلام في مبسوطه بأنه ذكر على سبيل العادة.
قوله: (على ما مر وسيجئ) مرتبط بقوله: عجميا فإنه ذكر قبل هذا الفصل أن الموالاة لا تكون في العرب وسيجئ أيضا في قوله: أن لا يكون عربيا ويصرح بعده بأن الاسلام ليس بشرق.
قوله: (على أن يرثه) بأن يقول: أنت مولاي ترثني إذا مت وتعقل عني إذا جنيت، فيقول: قبلت أو يقول: واليتك، فيقول: قبلت بعد أن ذكر الارث والعقل في العقد.
بدائع.
وظاهره أن ذكره شرط وسيصرح به.
قوله: (وإرثه له) قال في المبسوط: ولو مات الاعلى ثم(6/416)
الاسفل فإنما يرثه الذكور من أولاد الاعلى دون الاناث على نحو ما بينا في ولاء العتاقة.
طوري.
قوله: (وكذا لو شرط الارث من الجانبين) أي بعد استيفاء الشروط الآتية في كل منهما فيرث كل صاحبه الذي مات قبله، وقد ذكر في عامة الكتب من غير خلاف، ونقل المقدسي عن ابن الضياء أنه عند أبي حنيفة يصير الثاني مولى الاول، ويبطل ولاء الاول، وقالا: كل مولى صاحبه.
تمامه في الشرنبلالية ونقل الخلاف أيضا في غاية البيان عن التحفة.
قوله: (ولو والى صبي عاقل) قيد به لانه إذا لم يعقل لم يعتبر تصريفه أصلا.
درر.
وعبارة الزيلعي: ولو عقد ومع الصغير أو مع العبد اه.
فالاولى أن يقول: صبيا عاقلا أو عبدا بالنصب ليفهم أن الصبي أو العبد مولى أعلى لما في البدائع.
وأما البلوغ فهو شرط الانعقاد في جانب الايجاب، حتى لو أسلم الصبي على يدي رجل ووالاه لم يجز وإن أذن أبوه
الكافر، إذ لا ولاية للاب الكافر على الابن المسلم، ولهذا لا تجوز سائر عقوده بإذن كالبيع ونحوه، فأما من جانب القبول فهو شرط النفاذ، حتى لو والى بالغ فقيل صبيا توقف على إجازة أبيه أو وصيه، وكذا لو والى رجل عبدا توقف على إجازة المولى، إلا أن الولاء من المولى وفي الصبي منه لانه أهل للملك والمكاتب كالعبد اه ملخصا.
قوله: (لضعفه) لان الموالاة عقدهما فلا يلزم غيرهما، وذو الرحم وارث شرعا فلا يملكان إبطاله.
درر.
قوله: (وله النقل عنه بمحضره) أي بعلمه.
بدائع.
والضمير في له للمولى الاسفل، وقوله: إلى غيره متعلق بالنقل، والضمير فيه للاعلى، وتقييده بالحضرة مخالف لما في الهداية، حيث اعتبرها قيدا للتبري عن الولاء دون الانتقال في ضمن عقد آخر مع غيره.
وقال في الكفاية: للمولى الاسفل أن يفسخ الولاء بغير محضر من الآخر في ضمن عقد الموالاة مع غيره، ولكن ليس للاعلى والاسفل أن يفسخ الولاء بغير محضر من صاحبه قصدا اه.
ومثله في البدائع والتبيين وغرر الافكار والدرر والملتقى و الجوهرة وغيرها وكذا في غاية البيان عن كافي الحاكم، لان عقده مع غيره فسخ حكمي فلا يشترط فيه العلم، وقد يثبت الشئ ضرورة وإن كان لا يثبت قصدا كما لو وكل ببيع عبد وعزله والوكيل غائب لم يصح، ولو باع العبد أو أعتقه انعزل علم أو لا.
بدائع.
وعبارة الكنز مساوية لعبارة المصنف.
وقيد ابن الكمال في الاصلاح بالحضرة في الموضعين، فهذا إن لم يكن قولا آخر يحتاج إلى إصلاح، ولم أر من نبه على ذلك.
نعم، ذكر في الشرنبلالية نحو ما في الاصلاح عن تاج الشريعة، فليتأمل.
قوله: (أو عن ولده) يشير إلى أنه يدخل في العقد أولاده الصغار، وكذا من يولد له بعده كما في التبيين، بخلاف الكبار، حتى لو والى ابنه الكبير رجلا آخر فولاؤه له، ولو كبر بعض الصغار، فإن كان المولى عقل عنه أو عن أبيه أو عن واحد منهم لم يكن له أن يتحول.
بدائع.
قوله: (لا ينتقل) وكذا ولده كما علمت.
قوله: (لتأكيده) بالياء، وفي بعض النسخ لتأكده لانه صار كالعوض في الهبة.
قوله: (للزوم ولاء العتاقة) لان سببه وهو العتق لا يحتمل النقض بعد ثبوته، فلا ينفسخ ولا ينعقد معه، لانه لا يفيد.
زيلعي.
وفي التاترخانية: ذمي أعتق عبدا ثم لحق بدار الحرب فاسترق ليس لمعتقه أن يوالي آخر، لان له مولى عتاقة، فإن عتق مولاة فإنه يرثه إن مات، وإن جنى بعد ذلك عقل عن نفسه، ولا يعقل عنه مولاه في عامة الروايات.(6/417)
وفي بعضها قال: يرثه ويعقل عنه اه.
فأفاد المنع من الموالاة ولو مع قيام المانع في مولى العتاقة.
قوله: (مجهول النسب) هو الذي لا يدرى له أب في مسقط رأسه ط.
قوله: (لانه نفع محض لانه يعقله إذا جنى فصار كقبول الهبة وما ذكر قول الامام، وعندهما: لا يتبعها.
قوله: (وعقد الموالاة) على حذف مضاف: أي وعاقد عقد الموالاة ح.
والمراد بالعاقد الموجب لا القابل.
قوله: (أن يكون حرا) لا ينافي ما مر من صحة موالاة العبد بإذن سيده كما وهم، لان ذاك في القابل وكلامنا في الموجب.
قوله: (مجهول النسب) أقول: صرحوا بأن للابن أن يعقد الموالاة أو يتحول بولائه إلى غير مولى الاب إذا لم يعقل المولى عنه، فهذا الشرط لا يوافقه.
سعدية.
ونقل نحوه ح عن المقدسي.
أقول: ويؤيده قوله في غرر الافكار: ولو علم نسبه، وهو المختار، وفي شرح المجمع: كونه مجهول النسب ليس بشرط عند البعض وهو المختار.
قوله: (وأن لا يكون عربيا) يعني: ولا مولى عربي كما في البدائع، ويغني عن هذا كونه مجهول النسب لان العرب أنسابهم معلومة.
شرنبلالية وسعدية.
قوله: (وأن لا يكون له ولاء عتاقة) أي وإن قام بالمولى مانع كما قدمناه.
قوله: (ولا ولاء موالاة الخ) لو قال ولا عقل عنه غير الذي والاه كما في البدائع لدخل فيه الرابع، فإذا عقل عنه بيت المال صار ولاؤه لجماعة المسلمين، فلا يملك تحويله إلى واحد منهم بعينه.
بدائع.
قوله: (والخامس) بقي سادس وسابع وثامن.
قال الزيلعي: وأن يكون حرا عاقلا بالغا اه، فإنها شروط في العاقد الموجب، وقد علمت مما مر، وهذا الخامس صرح باشتراطه كثيرون منهم صاحب الهداية، واعترضه في غاية البيان بعبارات لم يصرح فيها به ورده قاضي زادة وغيره بأنه لا يدل على عدم الاشتراط.
قوله: (وأما الاسلام فليس بشرط الخ) استشكله في الدرر بأن الارث لازم للولاء، واختلاف الدينين مانع من الارث، ثم قال: اللهم إلا أن يقال معناه: أن سبب الارث يثبت في ذلك الوقت، ولكن لا يظهر ما داما على حالهما، فإذا زال المانع يعود الممنوع، كما أن كفر العصبة أو صاحب الفرض مانع من الارث، فإذا زال قبل الموت يعود الممنوع اه.
ورده الشرنبلالي بما نقله الشارح عن البدائع، وفيه نظر ظاهر، لانه إن أراد أن العقد صحيح فهو مما لا نزاع فيه، لان الاستشكال في وجه الحكم لا في نقله،
وإن أراد أن تنزيله منزلة الوصية يفيد استحقاق الموالي المال بعد موت من والاه لا عن وارث، وإن اختلف الدين كما فهمه بعضهم فيحتاج إلى نقل صريح، كيف وقد عدوا الموالاة من أسباب الميراث وسموه وارثا مستحقا جميع المال، على أنه نقل الطوري عن المحيط: ذمي والى مسلما فمات لم يرثه، لان الارث باعتبار التناصر، والتناصر في غير العرب إنما هو بالدين اه.
واستشكله وأجاب بما ذكره في الدرر وحيث ثبت النقل بصحة العقد، وبعدم الارث مع قيام المانع وجب المصير إليه.
والله تعالى أعلم.
قوله: (فتجوز موالاة المسمل الذمي) وإن أسلم على يد حربي ووالاه هل يصح؟ لم يذكره في الكتاب، وفيه خلاف: قيل يصح لانه يجوز أن يكون للحربي ولاء العتاقة على المسلم، فكذا ولاء الموالاة كما في(6/418)
الذمي، وقيل: لا يصح لان فيه تناصر الحربي وموالاته وقد نهينا عنه، بخلاف الذمي.
درر عن المحيط.
قوله: (والذمي الذمي وإن أسلم الاسفل) عبارة البدائع: وكذا الذمي إذا والى ذميا ثم أسلم الاسفل.
واعترض بأنه لا وجه للتقييد بإسلام الاسفل، ولا حاجة إليه مع قوله فتجوز موالاة المسلم الذمي وعكسه.
أقول: لعل فائدته التنبيه على أنه لا فرق بين كون اختلاف الدين حاصلا وقت العقد أو بعده، وعبارة الشارح في هذا التأويل أظهر من عبارة البدائع، فتأمل.
قوله: (كالوصية) أي في صحتها من المسلم والذمي للمسلم أو الذمي، لكن بينهما فرق من جهة أن الموصى له يستحقها بعد موت الموصى مع اختلاف الدين، بخلاف المولى كما علمت.
قوله: (ولاؤه) مبتدأ ثان وله خبره، والجملة خبر الاول وهو معتق ط.
قوله: (فالولاء له) لانه هو المعتق ط.
قوله: (والاجر له إن شاء الله) أتى بالمشيئة لانه ثابت بخير ا لواحد وهو لا يفيد القطع، قال عبد البر ط.
مطلب: يصل ثواب أعمال الاحياء للاموات قوله: (من غير أن ينقص من أجر الابن) المناسب زيادة والفاعل.
قال العلامة عبد البر: والمسألة مبنية على وصول ثواب أعمال الاحياء للاموات، وقد ألف فيها قاضي القضاة السروجي وغيره، وآخر من صنف فيها شيخنا قاضي القضاة سعد الدين الديري كتابا سماه (الكواكب النيرات) محط
هذه التأليفات أن الحيح من مذهب جمهور العلماء الوصول ط.
والله تعالى أعلم.(6/419)
كتاب الاكراه قيل في مناسبته: إن الولاء من آثار العتق، والعتق لا يؤثر فيه الاكراه فناسب ذكره عقبه، أو لانه نادر كالموالاة.
قوله: (وشرعا: فعل) أي لا بحق، لان الاكراه بحق لا يعدم ا لاختيار شرعا، كالعنين إذا أكرهه القاضي بالفرقة بعد مضي المدة، ألا ترى أن المديون إذا أكرهه القاضي على بيع ماله نفذ بيعه، والذمي إذا أسلم عبده فأجبر على بيعه نفذ بيعه، بخلاف ما إذا أكرهه على البيع بغير حق.
منح عن مجمع الفتاوى.
والفعل يتناول الحكمي كما إذا أمر بقتل رجل ولم يهدد بشئ إلا أن المأمور يعلم بدلالة الحال أنه لو لم يقتله لقتله أو قطعه الآمر فإنه إكراه.
قهستاني وسيجئ.
ويشمل الوعيد بالقول، ولذا قال في الدرر: أعم من اللفظ وعمل سائر الجوارح.
قوله: (في المحل) أي المكره بفتح الراء ح.
قوله: (يصير) أي اللمحل وضمير به للمعنى الذي هو الخوف ح.
قوله: (مدفوعا إلى الفعل) أي بحيث يفوت رضاه به وإن لم يبلغ حد الجحر بحيث يفسد الاختيار فيشمل القسمين كما يظهر قريبا.
قوله: (وهو نوعان) أي الاكراه، وكل منهما معدم للرضا، لكن الملجئ وهو الكامل يوجب الالجاء ويفسد الاختيار، فنفي الرضا أعم من إفساد الاختيار والرضا بإزاء الكراهة والاختيار بإزاء الجبر، ففي الاكراه بحبس أو ضرب لا شك في وجود الكراهة وعدم الرضا وإن تحقق الاختيار الصحيح، إذ فساده إنما هو بالتخويف بإتلاف النفس، أو العضو وحكمه إذا حصل بملجئ أن ينقل الفعل إلى الحامل فيما يصلح أن يكون المكره آلة للحامل، كأنه فعله بنفسه كإتلاف النفس والمال، وما لا يصلح أن يكون آلة له اقتصر على المكره كأنه فعله باختياره مثل الاقوال والاكل، لان الانسان لا يتكلم بلسان غيره ولا يأكل بفم غيره، فلا يضاف إلى غير المتكلم والآكل، إلا إذا كان فيه إتلاف فيضاف إليه من حيث الاتلاف لصلاحية المكره آلة للحامل فيه، فإذا أكرهه على العتق يقع كأنه أوقعه باختيار حتى يكون الولاء له ويضاف إلى الحامل من حيث الاتلاف فيرجع عليه بقيمته.
وتمامه في التبيين.
قوله: (أو عضو) كذا بعض العضو كأنملة.
شرنبلالية.
قوله: (أو ضرب مبرح) أي موقع في برح قال في
القاموس: البرح: الشدة والشر اه.
وعبر في الشرنبلالية عن البرهان بقوله: أو ضرب يخاف منه على نفسه أو عضو من أعضائه.
قوله: (وإلا فناقص) كالتخويف بالحبس والقيد والضرب اليسير.
إتقاني.
قوله: (سلطانا أو لصا) هذا عندهما، وعند أبي حنيفة: لا يتحقق إلا من السلطان، لان القدرة لا تكون بلا منعة، والمنعة للسلطان.
قالوا: هذا اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان، لان في زمانه لم يكن لغير السلطان من القوة ما يتحقق به الاكراه، فأجاب بناء على ما شاهد وفي زمانهما ظهر الفساد وصار الامر إلى كل متغلب، فيتحقق الاكراه من الكل.
والفتوى على قولهما.
كذا في الخلاصة درر.
واللص: السارق، وفسره القهستاني بالظالم المتغلب غير السلطان.
قال: وإنما ذكره بلفظ اللص تبركا بعبارة محمد، ولذا سعى به بعض حساده إلى الخليفة.
وقال سماك في كتابه: لصا.
وتمامه فيه.
قوله: (أو نحوه) لا يحتاج إليه بناء على ما ذكرناه عن القهستاني.
قوله: (في الحال) كذا في الشرنبلالية(6/420)
عن البرهان، والظاهر أنه اتفاقي، إذ لو توعده بمتلف بعد مدة وغلب على ظنه إيقاعه به صار ملجأ.
تأمل.
لكن سيذكر الشارح آخرا أنه إنما يسعه ما دام حاضرا عنده المكره وإلا لم يحل.
تأمل.
قوله: (ليصير ملجأ) هذه الشروط لمطلق الاكراه لا للملجئ فقط، فالمناسب قول الدرر ليصير محمولا على ما دعي إليه من الفعل.
وقدمنا أن المراد بالحمل ما يفوت به الرضا فيشمل النوعين.
قوله: (متلفا نفسا) أي حقيقة أو حكمية كتلف كل المال فإنه شقيق الروح كما في الزاهدي.
قهستاني.
وتقييده بكل المال مخالف لما سيشير إليه الشارح آخرا عن القنية كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
قوله: (يعدم الرضا) أي مع بقاء الاختيار الصحيح، وإلا فالاكراه بمتلف يعدم الرضا أيضا، ولكنه يفسد الاختيار كما قدمناه.
قوله: (إما لحقه) أي إما أن يكون امتناعه عما أكره عليه لكونه خالص حقه كإكراهه على إتلاف ماله ولو بعوض كبيعه، ويأتي الاكراه في ذلك بغير الملجئ، بخلاف القسمين بعده كما يأتي.
قوله: (متلف) فيه أن التصرفات الآتية من البيع ونحوه يتحقق فيه الاكراه ولو بغير ملجئ كما مر ويجئ، لتفويته الرضا والمتلف من الملجئ، ولا يتوقف فوات الرضا عليه ولذا قال فيما يجئ: بخلاف حبس يوم الخ لانه لا يعدم الرضا.
قوله: (لا على المذاكير والعين) لانه يخشى منه التلف.
قوله: (أو حبس)
أي حبس نفسه.
قال الزيلعي: والاكراه بحبس الوالدين أو الاولاد لا يعد إكراها لانه ليس بملجئ ولا يعدم الرضا بخلاف حبس نفسه اه.
لكن في الشرنبلالية عن المبسوط: أنه قياس، وفي الاستحسان: حبس الاب إكراه.
وذكر الطوري أن المعتمد أنه لا فرق بين حبس الوالدين والولد في وجه الاستحسان.
زاد القهستاني: أو غيرهم من ذوي رحم محرم، وعزاه للمبسوط.
قوله: (بخلاف حبس يوم أو قيده) فيه إشارة إلى أن الحبس المديد ما زاد على يوم، وكذا يستفاد من العيني والزيلعي ط.
وفي الخانية: أما الضرب بسوط واحد أو حبس يوم أو قيد يوم لا يكون إكراها في الاقرار بألف اه.
وظاهر أنه يكون إكراها في المال القليل.
قوله: (إلا لذي جاه) لان ضرره أشد من ضرر الضرب الشديد، فيفوت به الرضا.
زيلعي.
وفي مختارات النوازل: أو لذي ضعف.
قوله: (فسخ ما عقد) لا يشمل الاقرار فهو مجاز أو اكتفاء كما نبه عليه القهستاني.
مطلب: بيع المكره فاسد وزوائده مضمونة بالتعدي قوله: (ولا يبطل إلى قوله أو أمضى) مأخوذ من حاشية شيخه على المنح.
وقال بعد قوله: ويضمن بالتعدي تأمل.
فيشير إلى أنه ذكره تفقها وهو تفقه حسن، لانهم صرحوا بأن بيع المكره فاسد إلا في أربع صور تأتي متنا.
وقال في جامع الفصولين: زوائد المبيع فاسدا لو منفصلة متولدة(6/421)
تضمن بالتعدي لا بدونه، ولو هلك المبيع فللبائع أخذ الزوائد وقيمة المبيع ولو منفصلة غير متولدة له أخذ المبيع مع هذه الزوائد، ولا تطيب له ولو هلكت في يد المشتري لم يضمن، ولو أهلكها ضمن عندهما لا عنده، ولو هلك المبيع لا الزوائد فهي للمشتري، بخلاف المتولدة ويضمن قيمة المبيع فقط اه.
قوله: (بموت أحدهما) أي المكره والمكره فيقوم ورثة كل مقامه كورثة المشتري.
قوله: (ولا بالزيادة المنفصلة) سواء كانت متولدة كالثمرة أو كالارش، وكذا المتصلة المتولدة كالسمن، وأما غير المتولدة كصبغ وخياطة ولت سويق فتمنع الاسترداد إلا برضا المشتري، كذا ذكروا في البيع الفاسد.
وفي البحر: متى فعل المشتري في المبيع يعني فاسدا فعلا ينقطع به حق المالك في الغصب ينقطع به حق المالك في الاسترداد: كما إذا كان حنطة فطحنها.
قوله: (وسيجئ) أي قريبا.
قوله: (يعدمان الرضا)
قال ابن الكمال في هامش شرحه: أخطأ صدر الشريعة في تخصيصه إعدام الرضا بغير الملجئ اه.
قوله: (فلذا صار له حق الفسخ والامضاء) أي لفقد شرط الصحة وهو الرضا فيتخير، فإن اعتبار هذا الشرط ليس لحق الغير بل لحقه، ولهذا خالف سائر البيوع الفسادة، فإن الفسخ فيها واجب عند فقد شرط الصحة، لان الفساد فيها لحق الشرع.
وقد صرحوا بأن بيع المكره يشبه الموقوف ويشبه الفاسد فافهم.
قوله: (ثم إن تلك العقود نافذة عندنا) أي عند أئمتنا الثلاثة وليست بموقوفة.
قوله: (وحينئذ) أي حين إذ قلنا إنها نافذة غير موقوفة تفيد الملك بالقبض: أي يثبت بالبيع أو بالشراء مكرها الملك للمشتري لكونه فاسدا كسائر البياعات الفاسدة.
وقال زفر: لا يثبت به الملك لانه بيع موقوف وليس بفاسد، كما لو باع بشرط الخيار وسلمه.
زيلعي.
قال ابن الكمال: فمن قال إن الابراء يمنع النفاذ فقد ضل عن سبيل السداد، وكتب في هامش هذا من المواضع التي أخطأ فيها صدر الشريعة، وكأنه غافل عن أن النافذ يقابل الموقوف، فما لا يكون نافذا يكون موقوفا فينطبق ما ذكره على قول زفر اه.
وسنذكر جوابه قربا.
قوله: (وكذا كل تصرف لا يمكن نقضه) كالتدبير والاستيلاد والاستيلاد والطلاق، فلا يصح بيعه وهبته وتصدقه ونحوها مما يمكن نقضه.
قهستاني.
قوله: (فإن قبض الخ) تفريع على ما فهم من التخيير السابق، وهو أن تمام البيع بانقلابه صحيحا موقوف على إجازته بناء على أن الفساد كان لحقه لا لحق الشرع، فكأنه يقول: لما توقف انقلابه صحيحا على رضا البائع وإجازته فبقبضه الثمن أو تسليمه المبيع طوعا ينقلب صحيحا بدلالتها على الرضا والاجازة.
ابن كمال.
قوله: (أو سلم المبيع) قيد بالمبيع للاحتراز عن الهبة، فإذا أكره عليها، ولم يذكر الدفع فوهب ودفع يكون باطلا، لان مقصود المكره الاستحقاق لا مجرد اللفظ، وذلك في الهبة بالدفع وفي البيع بالعقد، فدخل الدفع في الاكراه على الهبة دون البيع.
هداية.
وقيده في البزازية بحضور المكره، فقال: الاكراه على الهبة إكراه على التسليم إذا كان المكره وقت التسليم حاضرا، وإلا لا قياسا واستحسانا اه.
وأراد بقوله باطلا: الفاسد لانه يملك فاسدا بالقبض.
إتقاني.
قوله: (نفذ)(6/422)
لوجود الرضا.
قوله: (لما مر) تعليل لتفسير النفاذ باللزوم، ومقتضاه أن النفاذ واللزوم متغايران، فيراد
بالنفوذ الانعقاد وباللزوم الصحة، فبيع المكره نافذ: أي منعقد لصدوره من أهله في محله والمنعقد منه صحيح.
ومنه فاسد، وهذا العقد فاسد، لان من شروط الصحة الرضا وهو هنا مفقود، فإذا وجد ولزم، وهذا موافق لما مر أن النافذ مقابل للموقوف، فإن الموقوف كما في بيوع البحر ما لا حكم له ظاهرا: يعني لا يفيد حكمه قبل وجود ما توقف عليه، وهذا يفيد حكمه وهو الملك قبل الرضا، لكن بشرط القبض كما في سائر البيوع الفاسدة، وهذا منها عندنا كما صرحوا به قاطبة خلافا لزفر.
فظهر بهذا التقرير: أن اللزوم أمر وراء النفاذ كما حققه ابن الكمال حيث نقل عن شرح الطحاوي أنه إذا تداولته الايدي فله فسخ العقود كلها، وأيا أجازه جازت كلها لانها كانت نافذة، إلا أنه كان له الفسخ لعدم الرضا اه.
فهذا صريح في أن النفاذ كان موجودا قبل الرضا، وأن الموقوف على الرضا أمر آخر، وهو لزومها وصحتها فتعين أن يفسر قوله: نفذ بلزم، وبالجملة فالرضا شرط اللزوم لا النفاذ، ولكن هذا مخالف لما في كتاب الاصول كالتوضيح والتلويح والتقرير وشرح التحرير وشروح المنار حيث قالوا: إن بيع المكره ينعقد فاسدا لعدم الرضا الذي هو شرط النفاذ، فلو أجازه بعد زوال الاكراه صريحا أو دلالة بقبض الثمن أو تسليم المبيع طوعا صح لتمام الرضا والفساد كان لمعنى وقد زال اه.
وهذا موافق لما قاله المصنف، ولقول صدر الشريعة: إن الاكراه يمنع النفاذ، فالمراد في كلامهم بالنفاذ اللزوم فهما بمعنى واحد وهو الصحة.
وبه يحصل التوفيق بينه وبين ما في شرح الطحاوي، وظهر به أن تعبير المصنف بقوله: نفذ كالوقاية والدرر لا اعتراض عليه، ولا لوم لموافقته لكلام القوم، واندفع تشنيع ابن الكمال المار على صدر الشريعة بالكلمات الفظيعة، والله تعالى الموفق لا رب سواه.
قوله: (أن ما لا يصح مع الهزل) كالبيع والشراء.
قوله: (وما يصح) أي مع الهزل وهو ما يستوي فيه الجد والهزل كالطلاق والعتاق.
قوله: (يجوز بالاجازة) أي ينقلب صحيحا بها، بخلاف غيره من البيوع الفاسدة كبيع درهم بدرهمين مثلا لا يجوز، وإن أجازاه لان الفساد فيه لحق الشرع.
قوله: (والفعلية) كقبض الثمن وتسليم المبيع طوعا.
قوله: (المشترى منه) أي من البائع المكره.
قوله: (وإن تداولته الايدي) لان الاسترداد فيه لحقه لا لحق الشرع.
قوله: (وقت الاعتاق دون وقت القبض) مخالف لما في البزازية حيث قال: إن احتمل النقض نقضه وإلا يحتمل يضمن المكره قيمته يوم التسليم إلى
المشتري، وإن شاء ضمن المشتري يوم قبضه أو يوم أحدث فيه تصرفا لا يحتمل النقض، لانه أتلف به حق الاسترداد، بخلاف المشتري شراء فاسدا حيث لا يضمنه يوم الاحداث بل يوم قبضه اه.
ومثله في غاية البيان، فكان عليه أن يقول: له تضمين القيمة يوم الاعتاق أو القبض.
قوله: (الثمن) أي فيما إذا كان المكره هو البائع، وقوله: والمثمن أي فيما إذا كان هو المشتري.
قوله: (أماة في يد المكره)(6/423)
وهو البائع في الاول والمشتري في الثاني.
قوله: (لاخذه بإذن المشتري) أي أو البائع ح.
قوله: (بخلافها) أي الصور الاربع ح.
تنبيه: أكرها على بيع العبد وشرائه وعلى التقابض فهلك الثمن والعبد ضمنهما المكره لهما، فإن أراد أحدهما تضمين صاحبه سئل كل عما قبض، فإن قال: كل قبضت على البيع الذي أكرهنا عليه ليكون لي فالبيع جائز ولا ضمان على المكره، وإن قال: قبضته مكرها لارده على صاحبه وآخذ منه ما أعطيت وحلف كل لصاحبه على ذلك لم يضمن أحدهما الآخر، وإن نكل أحدهما: فإن كان المشتري ضمن البائع أيا شاء، فإن ضمن المكره قيمته رجع بها على المشتري، وإن ضمنها المشتري لم يرجع على المكره بها ولا على البائع بالثمن، وإن كان الناكل البائع: فإن شاء المشتري ضمن المكره الثمن ورجع به على البائع، وإن شاء ضمنه البائع ولم يرجع به على المكره اه ملخصا من الهندية عن المبسوط.
قوله: (يقتله الخ) هذا في الاكراه الملجئ كما مر.
قوله: (أو تلف عضوه) التلف مخاف منه لا مخالف عليه، فالاصوب حذف تلف أو الاتيان به على صيغة المضارع.
قوله: (وبه يفتى) أي بأنه يتحقق الاكراه بما ذكر من غير السلطان.
قوله: (الزوج سلطان زوجته) يعني إن قدر على الايقاع كما سيأتي ح.
قال في البزازية: وسوق اللفظ يدل على أنه على الوفاق، وعند الثاني: لو بنحو السيف فإكراه، وعند محمد: إن خلا بها في موضع لا تمتنع منه فكالسلطان اه.
قلت: وظاهر قولهم سلطان زوجته أن يتحقق بمجرد الامر حيث خافت منه الضرر، ويدل عليه ما سيذكره الشارح عن شرح المنظومة.
تأمل.
قوله: (أكره المحرم) الاولى ذكرها بعد مع مسائل الاكراه على المعصية.
قوله: (كان مأجورا) لانه من حقوقه تعالى ثابت بنص القرآن كما يأتي في كلام
الشارح، فإن قتل الصيد فلا شئ عليه قياسا، ولا على الآمر.
وفي الاستحسان: على القاتل الكفارة، وإن كانا محرمين فعلى كل كفارة، ولو توعده بالحبس وهما محرمان ففي القياس تلزم الكفارة القاتل فقط.
وفي الاستحسان: على كل الجزاء ولو حلالين في الحرم، فإن توعده بالقتل فالكفارة على الآمر وإن بالحبس فعلى القاتل خاصة.
هندية عن المبسوط.
قوله: (لا المشتري) فلو كان مكرها أيضا فقد مر في قوله: الثمن والمثمن أمانة.
وفي الخانية: ولو كان المشتري مكرها دون البائع فهلك عنده بلا تعد يهلك أمانة اه.
وفي القهستاني عن الظهيرية: أكره البائع فقط لم يصح إعتاقه قبل القبض، وفي عكسه نفذ إعتاق كل قلبه، وإن أعتقا معا قبله فإعتاق البائع أولى.
قوله: (ضمن قيمته) لو قال: ضمن بدله كان أولى لانه يشمل المثلي والقيمي.
طوري.
قوله: بقبضه بعقد فاسد) أي بسبب قبضه مختارا على سبيل التملك بعقد فاسد.
قوله: (له أن يضمن أيا شاء) لان المكره كالغاصب والمشتري كغاصب(6/424)
الغاصب، وإن ضمن المشتري لا يرجع على المكره.
زيلعي.
قوله: (رجع على المشتري بقيمته) لانه بأداء الضمان ملكه فقام مقام المالك المكره فيكون مالكا من وقت وجب السبب بالاستناد.
زيلعي.
قوله: (يعني جاز) المراد هنا بالجواز الصحة لا الحل كما لا يخفى، فافهم.
قوله: (لما مر) من أنه نافذ قبل الاجازة والموقوف عليها اللزوم بمعنى الصحة بناء على ما في شرح الطحاوي، وقد مر الكلام فيه.
قوله: (كل شراء بعده) أي لو تعدد الشراء، وكذا نفذ شراء المشتري من المكره، وهذا مسألة ذكرها الزيلعي مستقلة موضوعها: لو تداولته الايدي، وما قبلها موضوعها: في مشتر واحد جمعهما المصنف في كلام واحد اختصارا.
قوله: (لو ضمن المشتري الثاني مثلا) أفاد بقوله: مثلا أن له أن يضمن أيا شاء من المشترين، فأيهم ضمنه ملكه كما في التبيين.
قوله: (أحد البياعات) ولو العقد الاخير.
أبو السعود.
قوله: (لزوال المانع بالاجازة) قال الزيلعي: لان البيع كان موجودا والمانع من النفوذ حقه وقد زال المانع بالاجازة فجاز الكل، وأما إذا ضمنه فإنه لم يسقط حقه، لان أخذ القيمة كاسترداد العين فتبطل البياعات التي قبله، ولا يكون أخذ الثمن استردادا للبيع بل إجازة فافترقا.
قوله: (فإن أكره على أكل ميتة الخ) الاكراه على المعاصي أنواع: نوع يرخص له فعله ويثاب على تركه كإجراء كلمة الكفر
وشتم النبي (ص) وترك الصلاة وكل ما ثبت بالكتاب، وقسم يحرم فعله ويأثم بإتيانه: كقتل مسلم أو قطع عضوه أو ضربه ضربا متلفا أو شتمه أو أذيته والزنا.
وقسم يباح فعله ويأثم بتركه: كالخمر وما ذكر معه.
طوري عن المبسوط.
وزاد في الخانية رابعا: وهو ما يكون الفعل وعدمه سواء كالاكراه على إتلاف مال الغير لكنه مخالف لما سيأتي كما سننبه عليه.
قوله: (أو شرب خمر) عبارة ابن الكمال أو شرب دم أو خمر، وكتب في هامشه: الدم من المشروب.
قال في المبسوط: ذكر عن مسروق قال: من اضطر إلى ميتة أو لحم خنزير أو دم ولم يأكل ولم يشرب فمات دخل النار.
قوله: (بحبس) قال بعض المشايخ: أن محمدا أجاب هكذا بناء على ما كان من الحبس في زمانه، فأما الحبس الذي أحدثوه اليوم في زماننا فإنه يبيح التناول كما في غاية البيان.
شرنبلالية.
قوله: (أو ضرب) إلا على المذاكير والعين كما مر فإنه يخاف منه التلف.
قوله: (أو ضرب مبرح) قدره بعضهم بأدنى الحد وهو أربعون سوطا، ورد بأنه لا وجه للتقدير بالرأي والناس مختلفة، فمنهم من يموت بأدنى منه، فلا طريق سوى الرجوع إلى رأي المبتلي كما في التبيين.
قال في البزازية: ويحكى عن جلاد مصر أنه يقتل الانسان بضربة واحدة بسوطه الذي علق عليه الكعب.
قوله: (حل الفعل) لان هذه الاشياء مستثناة عن الحرمة في حال الضرورة، والاستثناء عن الحرمة حل.
ابن كمال.
قوله: (أثم) لان إهلاك النفس أو العضو بالامتناع عن المباح حرام.
زيلعي.
قوله: (إلا إذا أراد مغايظة الكفار) لم يعز الشارح هذا لاحد، وقد راجعت كتبا كثيرة من كتب الفروع(6/425)
والاصول فلم أجده، والله تعالى أعلم.
ثم رأيته بعد حين ولله تعالى الحمد في كتاب مختارات النوازل لصاحب الهداية.
قوله: (في أول الاسلام) أي في عهد النبي (ص).
إتقاني: يعني قبل انتشار الاحكام، وليس المراد أول إسلام المخاطب لما قالوا: تجب الاحكام بالعلم بالوجوب أو الكون في دارنا، وعليه فمن أسلم في دارنا يجب عليه قضاء ما ترك من نحو صوم وصلاة قبل تعلمه، وإن كان جهله عذرا في رفع الاثم، فافهم.
قوله: (أو في دار الحرب) أي في حق من أسلم من أهلها فيها.
قوله: (كما في المخمصة) أي المجاعة الشديدة فإنه إن صبر أثم، وهذا يشير إلى أن قوله تعالى: * (إلا ما اضطررتم
إليه) * (الانعام: 119) يشمل الاكراه الملجئ لانه من الضرورة، وإن خص بالمخمصة فالاكراه ثابت بدلالة النص كما بيناه في حاشيتنا على شرح المنار للشارخ.
قوله: (مجمع وقد ورى) أي ذكر مسألة السب في المجمع ومختصر القدوري، فافهم.
قوله: (بقطع أو قتل) أي بما يخشى منه التلف.
قوله: (ويوري) التورية أن يظهر خلاف ما أضمر في قلبه.
إتقاني.
قال في العناية فجاز أن يراد بها هنا اطمئنان القلب وأن يراد بها هنا اطمئنان القلب وأن يرد الاتيان بلفظ يحتمل معنيين اه.
وفيه أنه قد يكره على السجود للصنم أو الصليب ولا لفظ، فالظاهر أنها إضمار خلاف ما أظهر من قول أو فعل، لانها بمعنى الاخفاء فهي من عمل القلب.
تأمل.
قوله: (ثم إن ورى لا يكفر) كما إذا أكره على السجود للصليب أو سب محمد (ص) ففعل وقال: نويت به الصلاة لله تعالى ومحمدا آخر غير النبي.
قوله: (وبانت امرأته قضاء لا ديانة) لانه أقر أنه طائع بإتيان ما لم يكره عليه وحكم هذا الطائع ما ذكرنا.
هداية.
قوله: (وإن خطر بباله التورية الخ) أي إن خطر بباله الصلاة لله تعالى وسب غير النبي ولم يور كفر، لانه أمكنه دفع ما أكره عليه عن نفسه ووجد مخرجا عما ابتلي به، ثم لما ترك ما خطر على باله، وشتم محمدا النبي (ص) كان كافرا، وإن وافق المكره فيما أكرهه، لانه وافقه بعد ما وجد مخرجا عما ابتلي فكان مضطر.
قال في المبسوط: وهذه المسألة تدل على أن السجود لغير الله تعالى على وجه التعظيم كفر.
كفاية.
وبقي قسم ثالث، قال في الكفاية: وإن لم يخطر بباله شئ وصلى للصليب أو سب محمدا (ص) وقلبه مطمئن بالايمان لم تبن منكوحته لا قضاء ولا ديانة لانه فعل مكرها، لانه تعين ما أكره عليه ولم يمكنه دفعه عن نفسه إذا لم يخطر بباله غيره اه وظهر من هذا أن التورية إنما تلزم عند خطورها، فإذا خطرت لزمته وبقي مؤمنا ديانة، وظهر أن التورية ليست الاطمئنان لفقدها في الثالث مع وجوده فيه، خلافا لما قدمناه عن العناية.
واعلم أن هذا الثالث هو المراد بقول المصنف الآتي: ولا ردته فلا تبين زوجته كما صرح به الزيلعي، فلا ينافي ما هنا كما خفي على الشارح كما يأتي.
قوله: (نوازل وجلالية) الاقرب عزوه إلى الهداية، فإنها من المشاهير المتداولة.
قوله: (ويؤجر لو صبر) أي يؤجر أجر الشهداء لما روي: أن خبيبا وعمارا ابتليا بذلك فصبر خبيب حتى قتل، فسماه النبي (ص) سيد الشهداء وأظهر عمار وكان قلبه مطمئنا بالايمان، فقال النبي (ص): فإن عادوا فعد أي إن عاد الكفار إلى الاكراه فعد أنت إلى مثل ما
أتيت به أولا من إجراء كلمة الكفر على اللسان وقلبك مطمئن بالايمان.
ابن كمال.
وقصتهما شهيرة.(6/426)
قوله: (لتركه الاجراء المحرم) أتى بلفظ المحرم ليفيد الفرق بينه وبين ما قبله، فإن ذاك زالت حرمته فلذا يأثم لو صبر.
فإن قيل: كما استثنى حالة الضرورة في الميتة استثنى حالة الاكراه هنا.
قلنا: ثمة استثنى من الحرمة فكان إباحة فلم يكن رخصة وهنا من الغضب، فينتفي الغضب في المستثني، ولا يلزم من انتفائه انتفاء الحرمة فكان رخصة.
وذكر في الكشاف: من كفر بالله شرط مبتدأ وجوابه محذوب، لان جواب من شرح دال عليه كأنه قيل: من كفر بالله فعليهم غضب إلا من أكره فليس عليه غضب، ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله.
كفاية.
قوله: (كإفساد صوم) أي من مقيم صحيح بالغ، فلو مسافرا أو مريضا يخاف على نفسه، فلم يأكل ولم يشرب، وعلم أن ذلك يسعه يكون آثما كما في غاية البيان.
قوله: (وصلاة) عبارة غاية البيان: وكذلك المكره على ترك الصلاة المكتوبة في الوقت إذا صبر حتى قتل وهو يعلم أن ذلك يسعه كان مأجورا اه.
ولو لغيره وهذا ظاهر، أما إفسادها فقد ذكروا جواز قطعها لدرهم، تأمل.
وقد يجاب بأن الكلام في الاجر على الصبر لاخذه العزيمة وإن جاز الاخذ بالرخصة.
قوله: (وقتل صيد حرم) بإضافة صيد إلى حرم وقوله: أو في آحرام عطف على حرم وقدمنا عن الهندية الكلام عليه.
قوله: (وكل ما ثبتت فرضيته بالكتاب) زاد الاتقاني: ولم يرد نصا بإباحته حالة الضرور، وفيه أنه ورد بإباحة ترك الصوم لاقل من الضرورة، وهو السفر فينبغي أن يأثم لو صبر، إلا أن يقال: الكلام في الافساد بعد الشروع والوارد إباحته الافطار قبله.
تأمل.
وفي غاية البيان: اضطر إلى الميتة وهو محرم وقدر على صيد لا يقتله ويأكل الميتة.
قوله: (يعني بغير الملجئ) أشار بهذه العناية إلى أن القتل والقطع ليسا قيدا، بل ما كان ملجئا فهو في حكمهما كالضرب على العين والذكر وحبس هذا الزمان كما قاله بعض أهل بلخ، والتهديد يأخذ كل المال كما بحثه القهستاني ط.
وقدمنا أنه نقله عن الزاهدي لا أنه بحث منه.
قوله: (إذ التكلم بكلمة الكفر لا يحل أبدا) هذا إنما يصلح علة لقوله سابقا: لترك الاجراء المحرم فالاولى ذكر ذلك بلصقه ط.
قوله: (ويؤجر لو صبر) لاخذه بالعزيمة، لان أخذ مال الغير من المظالم وحرمة الظلم لا تنكشف ولا تباح بحال كالكفر.
إتقاني.
وفيه إشارة إلى أن ترك الاتلاف أفضل، ولذا قالوا: إن تناول مال الغير أشد حرمة من شرب الخمر كما في القهستاني عن الكرماني.
وقدمنا عن الخانية أن الفعل والترك سواء.
وفي الخانية: اضطر حال المخمصة وأراد أخذ مال الغير فمنعه صاحبه ولم يأخذ حتى مات يأثم اه.
ونقل الاتقاني أنهم فرقوا بينها وبين الاكراه، وأن الفقيه أبا إسحاق الحافظ كان يقول: لا فرق بين المسألتين بتأويل ما في المخمصة على ما إذا كان صاحبه يعطيه بالقيمة، فلم يأخذ حتى مات يأثم، وكذا في الاكراه لو كان رب المال يعطيه بالقيمة يأثم.
قوله: (كالآلة) وذلك لان فعل المكره آلة للمكره ينقل إلى المكره، والاتلاف(6/427)
من هذا القبيل بأن يأخذه ويلقيه على مال الغير فيتلفه، فصار كأن المكره باشره بنفسه فلزمه الضمان، بخلاف ما لا يصلح آلة كالاكل والوطئ والتكلم، ولذا لو أكره على الاعتاق ضمنن المكره، لان المكره في حق الاتلاف يصلح آلة، لكن الولاء للمكره لانه لا يصلح آلة في حق التكلم.
إتقاني وفي الشرنبلالية عن السراج: حتى لو حمله مجوسي على ذبح شاة الغير لا يحل أكلها اه.
وسيأتي خلافه.
قوله: (أو سبه) مخالف لما في والقهستاني عن المضمرات من أنه بالملجئ يرخص شتم المسلم، وأنه لو أكره على الافتراء على مسلم يرجى أن يسعه كما في الظهيرية اه.
وقال في التاترخانية: ألا ترى أنه لو أكره بمتلف أن يفتري على الله تعالى كان في سعة فهنا أولى، إلا أنه علق الاباحة بالرجاء، وفي الافتراء على الله لم يعلق، لانها هناك ثابتة بالنص، وهنا ثبت دلالة.
قال محمد عقيب هذه المسألة: ألا ترى أنه لو أكره بوعيد تلف على شتم محمد (ص) كان في سعة إن شاء الله تعالى، وطريقه ما قلنا، ولو صير حتى قتل كان مأجورا وكان أفضل اه.
قوله: (أو قطع عضوه) أي ولو أذن له المقطوع غير مكره، فإن قطع فهو آثم ولا ضمان على القاطع ولا على المكره، ولو اكره على القتل فأذن له فقتله أثم والدية في مال الآمر.
تاترخانية.
لكن في الخاني: قال له السلطان اقطع يد فلان وإلا لاقتلنك، وسعه أن يقطع وعلى الآمر القصاص عندهما، ولا رواية عن أبي يوسف اه.
ثم رأيت الطوري وفق بأنه إن أكره على القطع بأغلظ منه وسعه، وإن بقطع أو بدونه فلا.
تأمل.
وأتى بضمير الغيبة العائد على غيره لما في الهندية: أكره بالقتل على قطع يد نفسه وسعه ذلك، وعلى المكره القود، ولو على قتل نفسه فقتل فلا شئ على
المكره اه.
وفي المجمع أكره على قطع يده: أي يد الغير ففعل ثم قطع رجله طوعا فمات يوجب أبو يوسف الدية في ماليهما، وأوجبا القصاص عليهما.
قوله: (ويقاد في العمد المكره فقط) يعني أنه لا يباح الاقدام على القتل بالملجئ، ولو قتل أثم ويقتص الحامل ويحرم الميراث لو بالغا، ويقتص المكره من الحامل ويرثهما.
شرنبلالية.
قوله: (خلافا لما في النهاية) من قوله سواء كان الآمر بالغا أو لا عاقلا أو معتوها، فالقود على الآمر وعزاه للمبسوط، ورده في العناية تبعا لشيخه السكاكي صاحب المعراج نقلا عن شيخه علاء الدين عبد العزيز بأن عبارة المبسوط: سواء كان المكره الخ، وهو بفتح الراء فتوهم أنه بالكسر فعبر بالآمر، وهو سهو يؤيده ما قاله أبو اليسر في مبسوطه: ولو كان المكره الآمر صبيا أو مجنونا لم يجب القصاص على أحد، لان القاتل في الحقيقة هذا الصبي أو المجنون وهو ليس بأهل لوجوب العقوبة عليه.
أقول: ولم يذكر الشراح حكم الدية في هذه الصورة، وفي الخانية: تجب على عاقلة المكره: أي بالكسر في ثلاث سنين.
قوله: (لان القاتل كالآلة) أي فيما يصلح آلة وهو الاتلاف، بخلاف الاثم لانه بالجناية على دينه، ولا يقدر أحد أن يجني على دين غيره، وكذا لو أكره مسلم مجوسيا على ذبح شاة، فإنه ينقل الفعل إلى المسلم الآمر في حق الاتلاف، فيجب عليه الضمان، ولا ينقل في حق الحل في(6/428)
الذبح في الدين، وبالعكس يحل.
زيلعي.
ومثله في المعراج، فما في الشرنبلالية من عكسه الحكم سهو في النقل.
قوله: (ونفاه أبو يوسف عنهما) لكن أوجب الدية على الآمر في ثلاث سنين.
خانية.
قوله: (للشبهة) أي شبهة العدم، فإن أحدهما قاتل حقيقة لا حكما، والآخر بالعكس.
وقال زفر: يقاد الفاعل لانه المباشر.
قوله: (ولو أكره) أي بملجئ ويدل عليه ما يجئ.
قوله: (بضياعها) لان ولد الزنا هالك حكما لعدم من يربيه، فلا يستباح بضرورة ما كالقتل.
درر.
قوله: (بل يغرم المهر) ولا يرجع على المكره بشئ، لان منفعة الوطئ حصلت للزاني، كما لو أكره على أكل طعام نفسه جائعا.
تاترخانية.
قوله: (لانهما) أي المهر والحد لا يسقطان جميعا في دار الاسلام.
قوله: (لا ينقطع) أي عن الام.
قوله: (لكنه يسقط الحد في زناها) أي بغير الملجئ، لانه لما كان الملجئ رخصة لها كان غيره شبهة لها.
قوله: (لانه لما لم يكن الملجئ له الخ) تعليل لقوله: لا زناه وإذا لم يرخص له يأثم في الاقدام عليه، وأما المرأة هل تأثم؟ ذكر شيخ الاسلام: إن أكرهت على أن تمكن من نفسها فمكنت تأثم، وإن لم تمكن وزنى بها فلا، وهذا لو بملجئ، وإلا فعليه الحد بلا خلاف لا عليها، ولكنها تأثم.
هندية.
قوله: (ظاهر تعليلهم) أي بأنه لا يرخص للرجل لان فيه قتل النفس، ويرخص للمرأة لعدم قطع النسب منها.
قوله: (أن حكم اللواطة) أي من الفاعل والمفعول ولو برجل ط.
قوله: (فترخص بالملجئ) في باب الاكراه من النتف: لو أكره على الزنا واللواطة لا يسعه وإن قتل اه.
فمنع اللواطة مع أنها لا تؤدي إلى هلاك الولد ولا تفسد الفراش اه.
سري الدين.
وظاهر إطلاق النتف يعم الفاعل والمفعول ط.
وقد ذكر في المنح أيضا عبارة النتف.
قوله: (لانها لم تبح بطريق ما) بخلاف الوطئ في القبل فإنه يستباح بعقد وبملك، فافهم.
قوله: (ولكون قبحها عقليا) لان فيها إذلالا للمفعول ويأبى العقل ذلك، وقد انضم قبحها العقلي إلى قبحها طبعا، فإنه محل نجاسة وفرث وإخراج لا محل حرث وإدخال وطهارة وإلى قبحها شرعا ط.
قوله: (وصح نكاحه) فلو أكره عليه بالزيادة بطلت الزيادة، وأوجبها الطحاوي، وقال: يرجع بها على المكره.
بزازية.
قوله: (لو بالقول لا بالفعل الخ) تبع ابن الكمال في ذكره ذلك هنا، وصوابه ذكره بعد قوله: ورجع بقيمة العبد لان الفرق بينهما في الرجوع وعدمه لا في صحة العتق.
وعبارة الاشباه سالم من هذا الاشتباه حيث قال: أكره على الاعتاق فله تضمين المكره، إلا إذا أكره على شراء من يعتق عليه باليمين أو بالقرابة اه.
وفي البزازية: أكره على شراء ذي رحمه أو من حلف بعتقه وقيمته ألف على أن يشتري بعشرة آلاف، فاشترى عتق ولزمه ألف لا عشرة، لان الواجب فيه القيمة لا الثمن، ولا يرجع بشئ على(6/429)
المكره لانه دخل في ملكه قبل ما خرج اه.
قوله: (ورجع بقيمة العبد) يعني في صورة الاكراه على الاعتاق لانه صلح له آلة فيه من حيث الاتلاف فانضاف إليه.
ابن كمال.
والولاء للمأمور لما مر عن الاتقاني، ويرجع بالقيمة عليه ولو معسرا لانه ضمان إتلاف، ولا يرجع المكره على العبد بما ضمن لوجوبه عليه بفعله، ولا سعاية على العبد.
وتمامه في الزيلعي.
قوله: (ونصف المسمى إن لم يطأ) لان ما
عليه كان على شرف السقوط بوقوع الفرقة من جهتها بمعصية كالارتداد وتقبيل الزوج، وقد تأكد ذلك بالطلاق، فكان تقريرا للمال من هذا الوجه فيضاف تقريره إلى المكره، والتقرير كالايجاب فكان متلفا له فيرجع عليه، وقيد بالمسمى لانه إن لم يكن مسمى فيه ورجع عليه بما لزمه من المتعة.
ابن كمال.
وقيد بقوله: إن لم يطأ لانه إن وطئ لا يرجع، لان المهر تقرر هنا بالدخول لا بالطلاق.
زيلعي.
والمراد بالوطئ ما يعم الخلوة، وفيه إشارة إلى أن الحامل أجنبي، فلو كان زوجة لم يكن لها شئ عليه، وهذا إذا أكرهت بالملجئ، وأما بغيره فعليه نصف المهر كما في الظهيرية.
قهستاني.
قوله: (ونذره) أي بكل طاعة كالصوم والصدقة والعتق وغيرها لانه مما لا يحتمل الفسخ فلا يتأتى فيه أثر الاكراه.
قهستاني.
لانه من اللاتي هزلهن جد، ولا يرجع على المكره بما لزمه لانه لا مطالب له في الدنيا فلا يطالب هو به فيها.
زيلعي.
قوله: (ويمينه وظهاره) أي اليمين على الطاعة أو المعصية، وذلك لان اليمين والظهار لا يعمل فيهما بالاكراه، لانهما لا يحتملان الفسخ فيستوي فيهما الجد والهزل.
زيلعي.
قوله: (ورجعته) لانها استدامة النكاح فكانت ملحقة به.
زيلعي.
قوله: (وإيلاؤه وفيئه فيه) لان الايلاء يمين في الحال وطلاق في المآل، والفئ فيه كالرجعة في الاستدامة، ولو بانت بمضي أربعة أشهر ولم يكن دخل بها لزمه نصف المهر، ولا يرجع على المكره لتمكنه من الفئ في المدة، وكذا الخلع لانه طلاق أو يمين من جانب الزوج، وكل ذلك لا يؤثر فيه الاكراه، ثم إن كانت المرأة غير مكرهة لزمها البدل.
زيلعي.
وفي البزازية: أكرهت على أن قبلت من الزوج تطليقة بألف وقعت رجعية ولا شئ عليها.
قوله: (بقول أو فعل) كذا قال أيضا في شرحه على الملتقى.
والذي في عامة الكتب كشروح الهداية وشروح الكنز والدرر والمنح تخصيصه القول، ولعل وجهه كون الكلام فيما لا يؤثر فيه الاكراه من الاقوال، فليس التقييد احترازيا لان الفعل أقوى من القول، فإذا لم يحتمل القول الفسخ فالفعل أولى، وهكذا يقال في الرجعة تشمل القول والفعل لكن الكلام في الاقوال.
تأمل.
قوله: (وما في الخانية من التفصيل) من أنه لو حربيا يصح ولو ذميا فلا، ومثله في مجمع الفتاوى عن المبسوط، وجعل المستأمن كالذمي، وبين في المنح وجه الفرق بأن إلزام الحربي بالاسلام ليس بإكراه لانه بحق، بخلاف الذمي فإنه لا يجبر عليه.
قوله: (والاستحسان صحته مطلقا) قال الرملي: وقد علم أن العمل
على جواب الاستحسان إلا في مسائل ليست هذه منها، فيكون المعول عليه اه.
والفرق بينه وبين الكفر أن الاسلام يعلو ولا يعلى عليه، وهذا في الحكم، وفيما بينه وبين الله تعالى لا يصير مسلما.
سائحاني.
قوله: (وتوكيله بطلاق وعتاق الخ) مقتضاه أنه لو أكره على التوكيل بالنكاح يصح وينعقد، ولكن لم أره منقولا.
كذا في حاشية أبو السعود على الاشباه عن حاشية الشيخ صالح.
ويخالف ما في(6/430)
حاشية المنح للرملي حيث قال: أقول: لم يتعرض كغيره للنكاح، ولم أر من صرح به، والظاهر أن سكوتهم عنه لظهور أنه لا استحسان فيه بل هو على القياس اه.
أقول: علة الاستحسان تشمل جميع أنواع الوكالة، فإنهم قالوا: القياس أن لا تصح الوكالة لانها تبطل بالهزل، فكذا مع الاكراه كالبيع وأمثاله، ووجه الاستحسان أن الاكراه لا يمنع انعقاد البيع ولكن يوجب فساده، فكذا التوكيل ينعقد مع الاكراه، والشروط الفاسدة لا تؤثر في الوكالة لكونها من الاسقاطات، فإذا لم يبطل نفذ تصرف الوكيل اه.
ثم رأيت الرملي نفسه ذكر في حاشيته على البحر في باب الطلاق الصريح أن الظاهر أنه كالطلاق والعتاق لتصريحهم بأن الثلاث تصح مع الاكراه، ثم ذكر ما قدمناه ثم قال: فانظر إلى علة الاستحسان في الطلاق تجدها في النكاح فيكون حكمهما واحدا.
تأمل اه.
ثم اعلم أن المكره يرجع على المكره استحسانا ولا ضمان على الوكيل، ولو أكره بملجئ على توكيل هذا ببيع عبده بألف وعلى الدفع إليه فباع الوكيل وأخذ الثمن فهلك العبد عند المشتري وهو والوكيل طائعان ضمن أي الثلاثة شاء، فإن ضمن المشتري لا يرجع بالقيمة على أحد بل بالثمن على الوكيل، وإن ضمن الوكيل رجع على المشتري بالقيمة وهو عليه بالثمن فيتقاصان ويترادان الفضل، وإن ضمن المكره رجع على المشتري أو على الوكيل، ولو الاكراه بغير ملجئ لم يضمن المكره شيئا، وإنما للمولى تضمين الوكيل القيمة ويتقاص مع المشتري بالثمن أو تضمين المشتري، ثم لا رجوع للمشتري على أحد اه ملخصا من الهندية.
عن المحيط.
قوله: (ما في الاشباه من خلافه) وهو عدم الوقوع بطلاق الوكيل وإعتاقه.
قوله: (يصح مع الاكراه) أي فيما عدا مسألة الوكالة لما علمت من خروجها عن
القياس.
قوله: (لا يؤثر فيه الاكراه) أي من حيث منع الصحة، لان الاكراه يفوت الرضا وفواته يؤثر في عدم اللزوم وعدمه يمكن المكره من الفسخ، فالاكراه يمكن المكره من الفسخ بعد التحقق، فما لا يحتمل الفسخ لا يعمل فيه الاكراه.
منح.
قوله: (وعديناها) صوابه عددناها لانه من العد لا من التعدية.
قوله: (نظما) هو لصاحب النهر، وعبارته هناك: نظم في النهر ما يصح مع الاكراه، فقال: طلاق وإيلاء ظهار ورجعة * نكاح مع استيلاد عفو عن العمد رضاع وأيمان وفئ ونذره * قبول لايداع كذا الصلح عن عمد طلاق على جعل يمين به أتت * كذا العتق والاسلام تدبير للعبد وأيجاب إحسان وعتق فهذه * تصح مع الاكراه عشرين في العد(6/431)
أقول: والتحقيق أنها خمسة عشر للتداخل، ولان قبول الايداع ليس منها كما في النهر، والمذكور منها في عامة الكتب عشرة نظمها ابن الهمام بقوله: يصح مع الاكراه عتق ورجعة * نكاح وإيلاء طلاق مفارق وفئ ظهار واليمنين ونذره * وعفو لقتل شاب منه مفارق وزدت عليه الخمسة الباقية بقولي: رضاع وتدبير قبول لصلحه * كذلك إيلاد والاسلام فارق قوله: (أو إبراؤه كفيله) وكذا قبول الكفالة على ما أفتى به الحامدي وغيره، وكذا قبول الحوالة على ما في حوالة البحر.
سائحاني.
قوله: (لان البراءة تصح مع الهزل) لانها إقرار بفراغ الذمة فيؤثر فيها الاكراه.
قوله: (لا تبطل شفعته) فإذا زال الاكراه فإن طلب عند ذلك وإلا بطلت، وكذا لو أكره على تسليمها بعد طلبها لا تبطل.
هندية وغيرها.
قوله: (ولا ردته الخ) ذكره ليفرع عليه قوله: فلا تبين زوجته وإلا فقد مر ما يغني عنه.
قوله: (لانه لا يكفر به) ذكر الضمير لان المراد التلفظ اللساني.
قال في الهداية: لان الردة تتعلق بالاعتقاد، ألا ترى لو كان قلبه مطمئنا بالايمان لا يكفر، وفي اعتقاده الكفر شك فلا تثبت البينونة بالشك.
قوله: (والقول له) أي لو ادعت تبدل اعتقاده وأنكر هو فالقول له.
قوله: (استحسانا) والقياس أن يكون القول قولها حتى يفرق بينهما، لان كلمة الكفر سبب لحصول الفرقة، فيستوي فيه الطائع والمكره كلفظة الطلاق.
ووجه الاستحسان أن هذه اللفظة غير موضوعة للفرقة، وإنما تقع الفرقة باعتبار تغير الاعتقاد، والاكراه دليل على عدم تغيره فلا تقع الفرقة ولهذا لا يحكم عليه بالكفر.
زيلعي.
قوله: (وقدمنا عن النوازل الخ) الذي قدمه عن النوازل أنه إن ورى بانت قضاء فقط، وإلا مع خطورها بباله بانت ديانة أيضا.
وقدمنا أنه بقي قسم ثالث: وهو ما إذا لم يخطر بباله شئ أصلا وأتى بما أكره به مطمئنا فلا بينونة ولا كفر أصلا، وصرح الزيلعي بأن هذا هو المراد بالمذكور في المتن كما قدمناه فلا منافاة أصلا.
قوله: (أكره القاضي) قيد به لانه الذي يقيم الحدود في العادة، وإلا فلكل متغلب كذلك، ولا فرق بين كونه بملجئ أو غيره لما في التاترخانية عن التجريد: أكره بضرب أو حبس حتى يقر بحد أو قصاص فهو باطل، فإن خلاه ثم أخذه فأقر مستقبلا أخذ به.
قوله: (على ما ذكر) أي بناء على إقراره مكرها.
قوله: (وإن متهما الخ) أي ولا بينة عليه.
هندية.
قوله: (لا يقتص من القاضي استحسانا) ولكنه يضمن جميع ذلك في ماله كما في الهندية عن المحيط.
قوله: (للشبهة) أي شبهة أنه فعل ما أقر به مع دلالة الحال عليه.
قوله: (قيل له الخ) أي أكره بملجئ(6/432)
على فعل أحد هذين الفعلين.
قوله: (فهو إكراه) أي فيخير بين الفسخ والامضاء بعد زوال الاكراه، لان حرمة الشرب قطعية فلم يكن راضيا بالبيع.
تأمل.
وهل يسعه الشرب وترك البيع؟ الظاهر: نعم، لان الشرب يباح عند الضرورة.
تأمل.
وفي الخانية: أكره بالقتل على الطلاق أو العتاق فلم يفعل حتى قتل لا يأثم، لانه لو صبر على القتل ولم يتلف مال نفسه يكون شهيدا، فلان لا يأثم إذا امتنع عن إبطال ملك النكاح على المرأة كان أولى اه.
قوله: (وكذا الزنا وسائر المحرمات) أي لو أكرهه على البيع أو الزنا ونحوه فباع يكون مكرها، وهذا في الترديد بين محرم وغيره، ولم يذكر لو ردد له بين محرمين أو غير محرمين.
وفي الخانية: أكره بملجئ على كفر أو قتل مسلم لم يقد استحسانا، وتجب الدية في ماله في ثلاث سنين إن لم يعلم أنه يرخص له إجراء الكفر مطمئنا وإن علم: قيل يقتل، وقيل لا، ولو على قتل أو زنا لا يفعل واحدا منهما لان كلا لا يباح بالضرورة، فإن زنى لا يحد استحسانا وعليه المهر،
وإن قتل يقتل الآمر لانه لا يخرج عن كونه مكرها، ولو على قتل أو إتلاف مال الغير له أن لا يتلف ولو المال أقل من الدية لانه مرخص لا مباح، فإن قتل يقتل به إذ لا يرخص، وإن أتلف ضمن الآمر ولو على طلاق قبل الدخول أو عتق غرم الآمر الاقل من قيمة العبد ومن نصف المهر، وإن كان دخل لا يلزم الآمر شئ اه ملخصا.
قوله: (صادره السلطان) أي طالبه بأخذ ماله.
قال في القاموس: صادره على كذا: طالبه به.
قوله: (لعدم تعينه) أي البيع، إذ يمكنه أداء ما طلبه منه بالاستقراض ونحوه.
قوله: (والحيلة) أي ليكون بيعه فاسدا، ولا بد فيه أيضا من أن يكرهه على التسليم وقبض الثمن، وإلا نفد البيع كما مر متنا.
قوله: (فقد صار مكرها فيه) أي في البيع لما مر أن أمر السلطان إكراه وإن لم يتوعده، فافهم.
قوله: (بالضرب) قيده في الخانية بالمتلف، والظاهر أنه اتفاقي قوله: (فليس بإكراه) لان كل فعل من هذه الافعال جائز شرعا، والافعال الشرعية لا توصف بالاكراه ط.
قلت: نعم، ولكن يدخل عليها غما يفصد صبرها ويظهر عذرها، وقد مر ان البيع ونحوه يفسد بما يوجب غما بعدم هذه الرضا، ويدل عليه ما يذكره بعده، فإن منع المريضة عن أبويها ومنع البكر عن الزفاف لا يغمها أكثر من الافعال، ولكن لا مدخل للعقل مع النقل.
هذا، وقدمنا أن ظاهر قولهم الزوج سلطان زوجته أنه يكفي فيه مجرد الامر حيث كانت تخشى منه الاذى.
والله تعالى أعلم.
قوله: (وبه أفتى أبو السعود) وكذلك الرملي وغيره، ونظمه في فتاواه بقوله: ومانع زوجته عن أهلها * لتهب المهر يكون مكرها(6/433)
كذاك منع والد لبنته * خروجها لبعلها من بيته ثم قال: وأنت تعلم أن البيع والشراء والاجارة كالاقرار والهبة، وأن كل من يقدر على المنع من الاولياء كالاب للعلة الشاملة فليس قيدا، وكذلك البكارة ليست قيدا كما هو مشاهد في ديارنا من أخذ مهورهن كرها عليهن حتى من ابن ابن العم وإن بعد، وإن منعت أضر بها أو قتلها اه.
قوله: (المكره بأخذ المال) الاولى التعبير بعلى ط.
قوله: (لا يضمن) بل الضمان على الآمر.
قوله: (فالقول للمكره مع يمينه) لانكاره الضمان ومثله لو أكره على قبول الوديعة أو الهبة وقال: قبضتها لاردها إلى
مالكها كما في الخانية.
قوله: (ما دام حاضرا عنده المكره) قال في الهندية عن المبسوط: فإن كان أرسله ليفعل فخاف أن يقتله إن ظفر به إن لم يفعل لم يحل، إلا أن يكون رسول الآمر معه على أن يرده عليه إن لم يفعل، ولو لم يفعل حتى قتل كان في سعة إن شاء الله تعالى، ولو هدده بالحبس أو القيد لم يسعه الاقدام اه.
قوله: (لزوال القدرة والالجاء بالبعد) لكن يخاف عوده، وبه لا يتحقق الاكراه.
بزازية.
قوله: (إن جائعا لا رجوع) فإن قلت: يشكل بما لو كان الطعام للغير حيث يضمن الآمر مع أن النفع للمأمور.
قلت: هناك أكل طعام الآمر، لان الاكراه على الاكل إكراه على القبض لعدم إمكانه بدونه، فكأنه قبضه وقال له كل، وهنا لا يمكن جعل الآمر غاصبا قبل الاكل، لانه لا يمكن وهو في يده أو فمه فصار آكلا طعام نفسه، إلا أنه إن كان شبعانا فقد أكره على إتلاف ماله فيضمن الآمر.
بزازية ملخصا.
قوله: (وإن شبعانا) صرفه لان مؤنثه قابل للتاء كما في القاموس، فافهم.
قوله: (لامتناع الكذب على الانبياء) تعليل لقوله: لا يسعه أي لان قول النبي حجة على الخلق فلا يباح الكذب، بخلاف غيره فلذلك يسعه.
خانية.
قوله: (لم يحل) أي دفع الجارية، لان هذا ليس إكراها حتى يرخص لها الزنا، ولم يكره على الدفع.
وأما الاسارى فالله تعالى قادر على تخليصهم وتصبيرهم على بليتهم ط.
قوله: (لم يعتق) لان الاقرار يفسده الاكراه كما مر، وكذا لو أكره ليقر بطلاق أو نذر أو حد أو قطع أو نسب لا يلزمه شئ.
خانية.
قوله: (ظاهر القنية نعم) وعبارتها ف ع متغلب قال لرجل: إما أن(6/434)
تبيعني هذه الدار أو أدفعها إلى خصمك فباعها منه، فهو بيع مكره إن غلب على ظنه تحقيق ما أوعده.
قال رضي الله تعالى عنه: فهذه إشارة إلى أن الاكراه بأخذ المال إكراه شرعا، وفي بعض ألفاظ متعارضة الدلالة، ولم أجد فيه رواية إلا هذا القدر اه.
وظاهره عدم اشتراط كونه كل المال، وقدمنا عن القهستاني ما يخالفه.
وفي الهندية عن المسوط: قال الفقيه أبو الليث: إن هدد السلطان وصي يتيم بملجئ ليدفع ماله إليه ففعل لم يضمن، ولو بأخذ مال نفسه إن علم أنه يأخذ بعض ماله ويترك ما يكفيه يسعه، فإن فعل ضمن مثله، وإن خشي أخذ جميع ماله فهو معذور، وإن أخذه السلطان بنفسه لا ضمان على الوصي في الوجوه كلها.
قوله: (إني مرافع) أي مرافعك للحاكم: أي وكان ظلما
يؤذي بمجرد الشكاية كما في القنية.
قوله: (لتبرئ) ظاهره أنه علة للمرافعة ولا يصح، لان المعنى إن لم تبرئني أرافعك فالعلة عدم الابراء، ويمكن جعله علة لقوله: وإن يقل لكن كان الظاهر أن يقال ليبرئ بضمير الغائب.
تأمل قوله: (وصح) إلى آخر البيت مكرر مع قوله المار وإسلامه وإسلامه سوى قوله ويجبر: أي على الاسلام بالحبس.
والله سبحانه وتعالى أعلم.(6/435)
كتاب الحجر أورده بعد الاكره، لان في كل سلب ولاية المختار عن الجري على موجب الاختيار، والاكراه أقوى لان فيه السلب ممن له اختيار صحيح وولاية كاملة فكان بالتقديم أحرى.
قوله: (هو لغة المنع) يقال حجر عليه حجرا من باب قتل: منعه من التصرف، فهو محجور عليه والفقهاء يحذفون الصلة تخفيفا، ومنه سمي الحطيم حجرا بالكسر، لانه منع من الكعبة، وكذا العقل لمنعه من القبائح.
قوله: (مطلقا) ولو عن الفعل أو عما هو مطلوب ط.
قوله: (وشرعا منع من نفاذ تصرف قولي) أي من لزومه، فإن عقد المحجور ينعقد موقوفا، والنافذ أعم من الزم.
قهستاني.
وقدمنا ما فيه الاكراه.
والحاصل: أن المنع من ثبوت حكم التصرف فلا يفيد الملك بالقبض، وفيه أنه لا يشمل سوى العقود الدائرة بين النفع والضر، مع أن القول قد يلغو أصلا كطلاق الصبي، وقد يصح كطلاق العبد، فالمناسب في تعريفه ما في الايضاح بقوله: وفي اصطلاح الفقهاء عبارة عن منع مخصوص بشخص مخصوص عن تصرف مخصوص أو عن نفاذه.
وتفصيله أنه منع للرقيق عن نفاذ تصرفه الفعلي الضار وإقراره بالمال في الحال، وللصغير والمجنون عن أصل التصرف القولي إن كان ضررا محضا، وعن وصف نفاذه إن كان دائرا بين الضرر والنفع اه.
وكتب في هامشه: الحجر على مراتب: أقوى، وهو المنع ن اصل التصرف ومتوسط وهو المنع عن وصفه وهو النفاذ، وضعيف، وهو المنع عن وصف وصفه وهو كون النفاذ حالا اه.
وقد أدخل في التعريف المنع عن الفعل كما ترى، ودخل فيه نحو الزنا والقتل في الصبي والمجنون، فإنه محجور عليهما بالنسبة لحكمه، وهو الحد والقصاص كما في الجوهرة، ويظهر لي أن هذا هو التحقيق، فإنه إن جعل الحجر هو المنع من ثبوت
حكم التصرف فما وجه تقييده بالقولي ونفي الفعلي مع أن لكل حكما؟ وبهذا يندفع ما استشكله الشارح من أصله، واما ما علل به من قوله: لان الفعل بعد وقوعه لا يمكن رده نقول الكلام في منع حكمه لا منع ذاته، ومثله القول لا يمكن رده بذاته بعد وقوعه بل رد حكمه.
فإن قلت: قيد بالقولي لان الافعال لا يحجر عنها كلها فإن ما يوجب الضمان منها يؤاخذ بها.
قلت: وكذلك القول بعضه غير محجور عنه كالذي تمحض نفعا كقبول الهبة والهدية والصدقة، إلا أن يفرق بالقلة والكثرة، فليتأمل.
قوله: (لمنع نفاذ فعله في الحال) كاستهلاكه للاموال فإنه صدق عليه منع النفاذ في الحال، ومع أنه فعل لا قول، ونفاذه في المآل لا ينافي وجود المنع في الحال، وإلا لزم أن لا يصح قولنا محجور عن الاقرار مثلا في حق المولى، فافهم.
وهذا من المنع عن وصف الوصف كما قدمناه.
قوله: (بل بعد العتق الخ) أي بل ينفذ بعده، ولان توقفه كان لحق المولى وقد زال.
ثم اعلم أن الذي يتوقف هو إقراره بالمال كما يأتي، وكذا مطالبته بالمهر ولو تزوج بلا إذن مولاه ودخل بها كما ذكره الزيلعي في باب النكاح الرقيق، وكأنه لما كان برضاها صارت راضية بتأخير المهر.
وأما ما ذكره عن البدائع تبعا لابن الكمال.
من أنه لو أتلف مال الغير لا يؤاخد به في الحال، فهو(6/436)
المتبادر من التبيين والدرر، ويخالفه ما نقله المصنف عن ابن مالك من أنه مؤاخذ في الحال بما استهلكه.
وسيأتي مثله في المأذون عن العمادية.
قال الرملي: ومثله في النهاية والجوهرة والبزازية والخلاصة والوالوجية.
ثم قال: والحاصل أن النقل مستفيض في هذه المسألة بالضمان في الحال فيباع أو يفديه المولى اه ملخصا ومثله في الحامدية عن سثش السراج.
ثم قال: وفي التاترخانية من الكفالة: فإن كان له كسب يوفى ذلك من كسبه وإلا تباع رقبته بدين الاستهلاك إلا أن يقضيه المولى اه.
وفي القنية من باب أمر الغير بالجناية رامزا لبكر خواهر زاده: عبد محجور جنى على مال فباعه المولى بعد علمه بالجناية، فهو في رقبة العبد يباع فيها على من اشتراه، بخلاف الجناية على النفس، وفي التاترخانية من التاسع من الجنايات: فرق بين الجناية على الآدمي وبين الجناية على المال، ففي الاول خير المولى بين الدفع والفداء، وفي الثاني خير بين الدفع والبيع اه.
قوله: (اللهم إلا أن يقال) أي في الجواب عن الاشكال،
وهذه الصيغة تؤتى في صدر جواب فيه ضعف كأنه يطلب من الله تعالى صحته.
قوله: (الاصل فيه ذلك) أي الاصل في فعله النفاذ في الحال لما يأتي أن الرق ليس بسبب للحجر في الحقيقة.
لكنه أي النفاذ أخر لعتقه أي لوقت عتقه أو إليه لقيام المانع وهو حق المولى.
قوله: (وسببه صغر والجنون) اعلم أن الله تبارك وتعالى جعل بعض البشر ذوي النهي، وجعل منهم أعلام الدين وأئمة الهدى ومصابيح الدجى، وابتلى بعضهم بما شاء من أسباب الردى كالجنون الموجب لعدم العقل والصغر والعته الموجبان لنقصانه، فجعل تصرفهما غير نافذ بالحجر عليهما، ولولا ذلك لكان معاملتهما ضررا عليهما بأن يستجر من يعاملهما مالهما باحتياله الكامل، وجعل من ينظر في مالهما خاصا كالاب وعاما كالقاضي، وأوجب عليه النظر لهما، وجعل الصبا والجنون سببا للحجر عليهما، كل ذلك رحمة منه ولطفا والرق ليس بسبب للحجر في الحقيقة لانه مكلف محتاج كامل الرأي كالحر غير أنه وما في يده ملك المولى، فلا يجوز له أن يتصرف الاجل حق المولى والانسان إذا منع عن التصرف في ملك الغير يكون محجورا عليه كالحر، لا يقال إنه محجور عليه، مع أنه ممنوع عن التصرف في ملك الغير، ولهذا يؤخذ العبد بإقراره بعد العتق، لزوال المانع وهو حق المولى ولعدم نفوذه في الحال وتأخره إلى ما بعد الحرية جعله من المحجور عليهم.
زيلعي.
قوله: (يعم القوي والضعيف) أشار إلى أن سبب الحجر هو مطلق الجنون كما في الايضاح، وأراد بالقوي المطبق وبالضعيف غيره، أو أراد بالقوي القسمين والضعيف العته، فقوله كما في المعتوه الكاف فيه للتنظير على الاول، وللتمثيل على الثاني تأمل.
واختلفوا في تفسير المعتوه وأحسن ما قيل هو هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون.
درر.
قوله: (وحكمه كمميز) أي حكم المعتوه كالصبي العاقل في تصرفاته وفي رفع التكليف عنه.
زيلعي.
قوله: (فلا يصح طلاق صبي) أين ولو مميزا.
قوله: (ومجنون مغلوب الخ) قد يذكر هذا القيد ويراد به الغلبة على العقل، فيحترز به عن المعتوه كما وقع في الهداية، حيث قال: ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب بحال، وقد يراد به من صار(6/437)
مغلوبا للجنون، بحيث لا يفيق أي لا يزول عنه ما به من الجنون قويا كان أو ضعيفا، فيدخل فيه
المعتوه ويحترز به عمن يجن ويفيق فإنه يجوز تصرفه عل ما يأتي فمن احترز به عن المعتوه فقد وهم لظنه أن المراد في الكلامين واحد مع أن طلاق المعتوه أيضا لا يصح.
كذا أفاده ابن الكمال وتبعه الشارح.
قوله: (وأما الذي يجن ويفيق فحكمه كمميز) ومثله في المنح والدرر وغاية البيان وكذا في المعراج حيث فسر المغلوب بالذي لا يعقل أصلا ثم قال: واحترز به عن المجنون الذي يعقل البيع ويقصده فإن تصرفه كتصرف الصبي العاقل على ما يجئ فيتوقف إلى إجازة الولي اه.
وهذا هو المعتوه كما قدمناه وبه صرح في الكفاية، وجعله الزيلعي في حال إفاقته كالعاقل والمتبادر منه أنه كالعاقل البالغ.
وبه اعترض الشرنبلالي على الدرر، فلا تتوقف تصرفاته ووفق بينهما الرحمتي والسائحاني بحمل ما هنا على ما إذا لم يكن تام العقل في حال إفاقته، وما ذكره الزيلعي على ما إذا كان تام العقل ووفق الشلبي في حاشية الزيلعي بحمل ما هنا على ما إذا لم يكن لافاقته وقت معلوم، وما في شرح الزيلعي على ما إذا كان لها وقت معلوم: أي لانه في الاول لا يتحقق صحوه.
أقول: والذي يحل عقدة الاشكال ما قدمناه عن ابن الكمال فإنه إن أريد بالمغلوب من غلب على عقله: أي الذي لا يعقل أصلا فيراد بالذي جن ويفيق ناقص العقل وهو المعتوه كما صرح به صاحب الكفاية وغيره حيث قال: والمجنون الذي يجن ويفيق، وهو المعتوه الذي يصلح وكيلا عن غيره، وهو قد يعقل البيع ويقصده، وإن كان لا يرجح المصلحة على المفسدة اه.
ومعنى إفاقته على هذا أنه يعقل بعض الاشياء دون بعض والمعتوه في تصرفاته كمميز كما مر فلهذا جعله شراح الهداية مثله وإن أريد به من لا يفيق من جنونه الكامل أو الناقص، فيحترز به عمن يفيق أحيانا أي يزول عنه ما به بالكلية، وهذا كالعاقل البالغ في تلك الحالة، وهو محمل كلام الزيلعي، ومنشأ الاشتباه عدم التفرقة بين الكلامين فاعتنم هذا التحقيق وبالله التوفيق.
وبه ظهر أنه كان ينبغي للشارح أن يقول: فحكمه كعاقل أي في حال إفاقته كما قاله الزيلعي ليظهر للتقييد بالمغلوب فائدة فإنه حيث كان غير المغلوب كمميز لا يصح طلاقه ولا إعتاقه كالمغلوب، وأما ما نثله عن النهاية فهو موافق لعبارة الهداية حيث لم يخصص فيها بعض التصرفات بالذكر.
والحاصل: أنه يتعين أن يحترز بالمغلوب في عبارة الهداية عن المعتوه، وفي عبارة المصنف عن الذي ما به بالكلية، فتدبر.
قوله: (وإقرار ما) أي المغلوب والصبي، والمراد الصبي المحجور، فلو
مأذونا يصح إقراره كالمعتوه والعبد المأذون كما يأتي آخر كتاب المأذون.
قوله: (نظرا لهما) علة لقوله لا يصح.
قوله: (وصح طلاق عبد) لانه أهل ويعرف وجه المصلحة فيه، وليس فيه إبطال ملك المولى، ولا تفويت منافعه، درر.
قوله: (في حق نفسه فقط) قيل الواجب إسقاطه ليكون التفصيل الآتي بيانا لاجمال صحة الاقرار اه.
تأمل.
قوله: (لا سيده) أي لا في حق سيده رعاية لجانبه، لان نفاذه لا يعرى عن تعلق الدين برقبته أو كسبه وكلاهما إتلاف ماله.
درر.
قوله: (فلو أقر) أي العبد المحجور لان الكلام فيه، وقد علم من عدم صحة إقرار الحر الصغير عدم صحة إقرار العبد الصغير بالاولى.
قوله: (أخر إلى عتقه) لوجود الاهلية حينئذ وارتفاع المانع.
قوله: (هدر) أي أي لا يلزمه شئ بعد عتقه، لما تقرر أن المولى لا يستوجب على عبده مالا.
درر.
قوله: (وبحد وقود) أي بما يوجبهما، والواو بمعنى أو(6/438)
ولهذا أفرد الضمير في قوله: أقيم.
قوله: (أقيم في الحال) وحضرة المولى ليست بشرط، وهذا إذا أقر، وأما إذا أقيم عليه البينة فحضرة المولى شرط عندنا وقال أبو يوسف: ليست بشرط.
جوهرة.
وفيها قتل رجلا عمدا ووجب القصاص فأعتقه المولى لا يلزمه شئ، ولو كان للقتيل وليان فعفا أحدهما بطل حقه وانقلب نصيب الآخر مالا، وله أن يستسعي العبد في نصف قيمته، ولا يجب على المولى شئ لانه انقلب مالا بعد الحرية ويجب نصف القيمة لان أصل الجناية كان في حال الرق.
ولو أقر بقتل خطأ لم يلزم المولى شئ وكان في ذمة العبد يؤخذ به بعد الحرية.
كذا في الخجندي.
وفي الكرخي: إقراره بجناية الخطأ وهو مأذون أو محجور باطل، فإن أعتق لم يتبع بشئ من الجناية اه.
وسيأتي تمامه في كتاب الجنايات إن شاء الله تعالى.
قوله: (في حقهما) أي الحد والقود لانهما من خواص الآدمية، وهو ليس بمملوك من حيث إنه آدمي، وإن كان مملوكا من حيث إنه مال، ولهذا لا يصح إقرار المولى عليه بهما، وإذا بقي على أصل الحرية فيهما ينفذ إقراره لانه أقر بما هو حقه وبطلان حق المولى ضمني.
كفاية.
قوله: (يدور بين نفع وضر) أما النفع المحض فيصح كقبوله الهبة والصدقة، وكذا إذا آجر نفسه ومضى على ذلك العمل وجبت الاجرة استحسانا، ويصح قبول بدل الخلع من العبد المحجور بغير إذن المولى، لانه نفع محض، وتصح عبارة الصبي في مال غيره وطلاقه وعتاقه إذا كان وكيلا.
جوهرة.
قوله: (من
هؤلاء المحجورين) المراد الصبي والرقيق فأطلق لفظ الجمع على الاثنين كقوله تعالى: * (فإن كان له إخوة) * (النساء: 11) والمراد أخوان، وقيل المراد العبد والصبي والمجنون الذي يفيق.
جوهرة.
قوله: (يعرف أن البيع سالب الخ) سيأتي في المأذون قيد آخر، وزاد في الجوهرة: ويعلم أنه لا يجمع الثمن والمثمن في ملك واحد.
قال في شاهان: ومن علامة كونه غير عاقل إذا أعطى الحلواني فلوسا فأخذ الحلوى وبقي يقول أعطني فلوسي، وإن ذهب ولم يسترد الفلوس فهو عاقل اه.
قوله: (أجاز وليه) أي إن لم يكن فيه غبن فاحش، فإن كان لا يصح وإن أجازه الولي بخلاف اليسير.
جوهرة.
وسيأتي بيان الولي آخر المأذون وإنه يصح إذن القاضي وإن أبى الاب.
قوله: (أي هؤلاء المحجورين) صوابه المحجورون.
قوله: (ضمنوا) فلو أن ابن يوم انقلب على قارورة إنسان مثلا فكسرها يجب الضمان عليه في الحال، وكذا العبد والمجنون إذا أتلفا شيئا لزمهما ضمانه في الحال.
كذا في النهاية ويوافقه ما في الكافي.
عزمية.
قوله: (لكن ضمان العبد بعد العتق) يعني في إتلافه المال، أما في النفس فيقتص منه في الحال إن جنى على النفس بما يوجب القصاص، ويدفع أو يفدي إن جنى عليها بما لا يوجب القصاص، أو جنى على الطرف عمدا أو خطأ ح.
قوله: (على ما مر) أي عن البدائع، وعلمت أنه مخالف لما في النهاية وغيرها، ووافق بينهما ط والسائحاني بحمل ما في البدائع على ما إذا ظهر بإقراره لما في الغاية إذا كان الغصب ظاهرا يضمن في الحال فيباع فيه، ولو ظهر بإقراره لا يجب إلا بالعتق.
كذا قال الفقيه.
قوله: (مؤاخذ فأفعاله) هذا من باب خطاب الوضع، وهو لا يتوقف على(6/439)
التكليف لان الخطاب نوعان: خطاب وضع، وخطاب تكليف كما في جمع الجوامع.
قوله: (وإذا قتل) أي الصبي المحجور.
وليس التقييد بالحجر في هذه احترازيا، حتى لو كان مأذونا له في التجارة فالحكم كذلك.
أبو السعود على الاشباه.
قوله: (إلا في مسائل) استثناء من قوله: فيضمن أي فلا يضمن في هذه، لانه مسلط من المالك كما أفاده في الاشباه.
لكن في أبي السعود في القنية: أنها ضمان عقد عندهما، والصبي ليس من أهل إلزام الضمان، وعند أبي يوسف: ضمان فعل وهو من أهل التزام الفعل اه.
وفي التاترخانية: أودع صبيا أو عبدا مالا فاستهلكه لم يضمن عند محمد، وقال
أبو يوسف: يضمن العبد بعد العتق والصبي بعد زوال الحجر اه.
فتأمل.
وسنذكر له تتمة آخر كتاب المأذون.
قوله: (لو أتلف ما اقترضه) أطلق الجواب في نسخ أبي حفص، وفي نسخ أبي سليمان أنه قولهما، وفي قول أبي يوسف: هو ضامن وهو الصحيح، بيري عن الذخيرة.
والظاهر أنه تصحيح لنقل الخلاف لا لقول أبي يوسف.
تأمل.
قال أبو السعود عن شرح تنوير الاذهان: ولو أتلف مال غيره بلا سبق إيداع أو إقراض ضمن ب الاجماع.
قوله: (وما أودع عنده) احترز به عما إذا إتلف ما أودع عند أبيه فإن يضمنه، وأطلق عدم الضمان في الوديعة، وهو مقيد بما سوى العبد والامة، أما إذا كانت عبدا أو أمة واستهلكه يضمن إجماعا، بيري عن البدائع.
قال الحموي: وفي أحكام الصغار للاستروشني ما يخالفه حيث قال: صبي محجور أودع عبدا فقتله فعلى عاقلته القيمة، ولو طعاما فأكله لا يضمن اه.
قلت: وقد يوفق بأن الضمان إجماعا على العاقلة.
تأمل.
قوله: (بلا إذن وليه) يغني عنه ما بعده، فلو إذن وليه في أخذ الوديعة يضمن اتفاقا كما في المصفى، أبو السعود.
قوله: (ويستثنى من إيداعه الخ) يستثنى أيضا ما إذا كانت عبدا بناء على ما في البدائع.
قوله: (مثله) أي صبيا محجورا وهو بالنصب مفعول أول لاودع والثاني محذوف: أي وديعة.
قوله: (فللمالك تضمين الدفع أو الآخد) قال في جامع الفصولين: وهي من مشكلات إيداع الصبي.
وأجاب في الاشباه بأنه لم يوجد فيها التسليط من مالكها، بخلاف ما مر وأورد عليه بأنه وجد التسليط بنفس الدفع إلى الاول كما في الحموي.
قلت: مدفوع إذ لو دفعه المالك إلى الاول لم يكن له تضمينه كما مر في المستثنيات.
قوله: (ولا يحجر حر الخ) في بعض النسخ على حر.
واعلم أن الحجر عند أبي حنيفة على الحر العاقل البالغ لا يجوز بسبب السفه والدين والفسق والغفلة وعندهما: يجوز بغير الفسق، وعند الشافعي: يجوز بالكل كفاية.
وأما الحجر على المفتي الماجن وأخويه فليس بحجر اصطلاحي كما يأتي، وظاهر الدرر أن عندهما أيضا يحجر عليه بالفسق، وهو مخالف لعامة الكتب كما نبه عليه في العزمية، وكلام المصنف والشارح هنا مجمل، فتأمل.
قوله: (هو تبذير المال الخ) فارتكاب غيره من المعاصي كشرب الخمر والزنا لم يكن من السفه المصطلح في
شئ.
قهستاني.
والمراد أنه كان رشيدا ثم سفه لما يأتي متنا أنه لو بلغ غير رشيد لم يسلم إليه ماله الخ.(6/440)
قوله: (على خلاف مقتضى الشرع أو العقل) كالتبذير والاسراف في النفقة، وأن يتصرف تصرفات لا لغرض أو لغرض لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا، كدفع المال إلى المغنين واللعابين وشراء الحمامة الطيارة بثمن غال والغبن في التجارات من غير محمدة.
وأصل المسامحات في التصرفات والبر والاحسان مشروع، إلا أن الاسراف حرام كالاسراف في الطعام والشراب، قال تعالى: * (إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) * (الفرقان: 67) كفاية.
قوله: (فيحجر عليه عندهما) مستدرك مع ما يأتي مع عدم صحة التفريع أيضا ح.
قوله: (وتمامه الخ) هو ما ذكرناه آنفا عن الكفاية.
قوله: (وفسق) أي من غير تبذير مال.
فان الفاسق اهل للولاية على نفسه واولاده عند جمى اصحابنا وان لم يكن حافضا لماله.
قهستاني.
قوله: (ودين) وإن زاد على ماله وطلب الغرماء من القاضي الحجر عليه، قهستاني.
قوله: (وغفلة) أي لا يحجر على العاقل بسبب غفلة وهو ليس بمفسد ولا يقصده، لكنه لا يهتدي إلى التصرفات الرائجة فيغبن في البياعات لسلامة قلبه: زيلعي.
قوله: (بل يمنع) أشار به إلى أنه ليس المراد به حقيقة الحجر، وهو المنع الشرعي الذي يمنع نفوذ التصرف، لان المفتي لو أفتى بعد الحجر وأصاب جاز، وكذا الطبيب لو باع الادوية نفذ، فدل أن المراد المنع الحسي كما في الدرر عن البدائع.
قوله: (ماجن) قال في الجمهرة: مجن الشئ يمجن مجونا: إذا صلب وغلظ وقولهم رجل ماجن كأنه مأخوذ من غلظ الوجه وقلة الحياء وليس بعربي محض.
ابن كمال.
قوله: (كتعليم الردة الخ) وكالذي يفتي عن جهل.
شرنبلالية عن الخانية.
قوله: (وطبيب جاهل) بأن يسقيهم دواء مهلكا، وإذا قوي عليهم لا يقدر على إزالة ضرره.
زيلعي.
قوله: (ومكار مفلس) بأن يكري إبلا وليس له إبل ولا مال ليشتريها به، وإذا جاء أوان الخروج يخفي نفسه.
جوهرة.
فمنع هؤلاء المفسدين للاديان والابدان والاموال دفع إضرار بالخاص والعام، فهو من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما في القهستاني وغيره، قيل وألحق بهذه الثلاثة ثلاثة أخرى: المحتكر، وأرباب الطعام إذا تعدوا في البيع بالقيمة، وما لو أسلم عبدا لذمي وامتنع من بيعه باعه القاضي اه.
قلت: وباب الامر بالمعروف أوسع من هذا.
تأمل.
نعم، ينبغي ذكر المريض فإنه ممنوع عن التصرف فيما فوق الثلث.
تنبيه: يعلم من هذا عدم جواز ما عليه أهل بعض الصنائع والحرف من منعهم من أراد الاشتغال في حرفتهم وهو متقن لها أو أراد تعلمها فلا يحل التحجير كما أفتى به في الحامدية.
قوله: (وعندهما يحجر على الحر) أي العاقل البالغ.
قال في الجوهرة: ثم اختلفا فيما بينهما: قال أبو يوسف: لا يحجر عليه إلا بحجر الحاكم، وينفك حتى يطلقه.
وقال محمد: فساده في ماله يحجره وإصلاحه فيه يطلقه والثمرة فيما باعه قبل حجر القاضي يجوز عند الاول لا الثاني.
قوله: (بالسفه والغفلة) أي والدين كما يأتي، وعبر بعضهم عن الغفلة بالفساد ليس المراد به الفسق.
فافهم.
قال في الدر المنتقى: ويشترط لصحة الحجر عندهما القضاء بالافلاس ثم الحجر بناء عليه، ولا يشترط ذلك في الحجر بالسفه مع(6/441)
كونه يعم جميع الاموال.
وأما الحجر بالدين فيخص المال الموجود، حتى ينفذ تصرفه في مال حدث بعده بالكسب كما يعلم من القهستاني والبرجندي، فليحفظ اه.
وفي التاترخانية: الحجر بالدين يفارق الحجر بالسفه من وجوه ثلاثة: أحدها، أن حجر السفيه لمعنى فيه وهو سوء اختياره لا لحق الغرماء بخلافه بسبب الدين فيفتقر للقضاء.
الثاني: أن المحجور بالسفه إذا أعتق عبدا ووجبت عليه السعاية وأدى لا يرجع بما سعى على المولى بعد زوال الحجر، بخلاف المحجور بالافلاس الثالث: أن المحجور بالدين لو أقر حالة الحجر ينفذ إقراره بعد زوال الحجر، وكذا حالة الحجر فيما سيحدث له من المال حالة الحجر والمحجور بالسفه لا يجوز إقراره لا حال الحجر ولا بعده، ولا في المال القائم ولا الحادث اه ملخصا.
قلت: ويزاد ما مر من توقف الحجر بالدين على القضاء: أي على قول أبي يوسف لكونه لحق الغرماء، بخلاف الحجر بالسفه لانه لحقه فلا يتوقف كما أشير إليه فيما مر، وظاهر كلامهم ترجيحه على قول محمد.
قوله: (به) أي بقولهما يفتى به، صرح قاضيخان في كتاب الحيطان، وهو صريح فيكون أقوى من الالتزام.
كذا قال الشيخ قاسم في تصحيحه.
ومراده أن ما وقع في المتون من القول
بعدم الحجر على الحر مصحح بالالتزام، وما وقع في قاضيخان من التصريح بأن الفتوى على قولهما تصريح بالتصحيح فيكون هو المعتمد، وجعل عليه الفتوى مولانا في فوائده.
منح.
وفي حاشية الشيخ صالح: وقد صرح في كثير من المعتبرات بأن الفتوى على قولهما.
وفي القهستاني عن التوضيح أنه المختار اه.
وأفتى به البلخي وأبو القاسم كما ذكره في المنح عن الخانية قبيل قوله الآتي: والقاضي يحبس الحر المديون.
قوله: (كصغير) أي يعقل ومثله البالغ المعتوه كما في حواشي الاشباه.
قوله: (إلا في نكاح وطلاق) فإن سمى جاز منه مقدار مهر المثل وبطل الفضل، وإن طلقها قبل الدخول وجب نصف المسى، لان التسمية صحيحة في مقدار مهر المثل، وكذا لو تزوج أربع نسوة أو تزوج كل يوم واحدة فطلقها، لان التزوج من حوائجه الاصلية، زيلعي.
قوله: (وعتاق) وعلى العبد أن يسعى في قيمته عند محمد وهو الصحيح.
طوري.
قوله: (واستيلاد) بأن ولدت جاريته فادعاه ثبت نسبه وصارت أم ولده وتعتق من جميع ماله بموته، ولا تسعى هي ولا ولدها في شئ، لان ثبوت نسب الولد شاهد لها، ولو لم يكن معها ولد فقال: هذه أم ولدي لم تبع وسعت بموته في كل قيمتها بمنزلة المريض.
زيلعي.
وهي ثلث قيمتها قنا.
جوهرة.
قوله: (وتدبير) ويسعى بموت المولى غير رشيد في قيمته مدبرا وقيمة المدبر ثلثا قيمته قنا، وقيل نصفها، وعليه الفتوى.
جوهرة.
لكن سيأتي صحة وصاياه بالقرب من الثلث والتدبير منها.
وفي الطوري عن المحيط: قال مشايخنا: هذا: أي سعيه إذا كان أهل الصلاح يعدون هذه الوصية إسرافا، فإن كانوا لا يعدونها إسرافا بل معهودا حسنا لا يسعى في قيمته إذا كان يخرج من الثالث.
قوله: (ووجوب زكاة) ويدفعها القاضي إليه ليفرقها لانها عبادة لا بد فيها من نيته، ولكن يبعث معه أمينا كي لا يصرفها في غير وجهها.
هداية.
قوله: (وفطرة) فيه أنها تجب على الصغير حتى لو لم يخرجها وليه وجب الاداء بعد البلوغ كما مر في بابها فليست مما خالف فيها الصغير، وإلا أن يقال المخاطب بها وليه.
تأمل.
قوله: (وحج) لانه واجب بإيجاب الله تعالى من غير صنعه، ولا يمنع(6/442)
من عمرة واحدة فيها استحسانا، ولا من القرآن لانه لا يمنع من إفراد السفر لكل واحدة منهما، فلا يمنع من الجمع بينهما للخلاف في وجوبها، ويسلم النفقة إلى ثقة لئلا يتلفها، فإن جامع قبل الوقوف
يدفع القاضي نفقة الرجوع، ولا تلزمه الكفارة إلا بعد زوال الحجر، وإن أفسد العمرة يقضيها بعد زواله أيضا.
وتمامه في الجوهرة.
ولو أحرم بحجة تطوع دفع إليه من النفقة مقدار ما لو كان في منزله، ويقال له: إن شئت فاخرج ماشيا، إلا أن يكون القاضي وسع في النفقة، فقال: أنا أكري بذلك الفضل وأنفق على نفسي فلا يمنع من ذلك.
طوري.
قوله: (وعبادات) أي بدلية لا مالية ولا مركبة منهما أيضا.
ففي شرح المفتاح لابن السبكي: كل موضع يدعى فيه أنه من عطف العام على الخاص، يراد بالعام ما عدا ذلك الخاص فيكون من عطف المباين.
قال: وهذا هو التحقيق.
حموي.
وبه صرح في السعدية أبو السعود.
قلت: فيكون من العام المخصوص أو المراد به الخصوص، وهل الاول حقيقة في الباقي أو مجاز كالثاني؟ خلاف بينته في حاشية شرح المنار أول بحث العام، هذا وفي استثناء الحج والعبادات نظر، فإنها تصح من الصغير أيضا، إلا أن يقال: المراد صحتها على سبيل الوجوب.
تأمل.
قوله: (وزوال ولاية أبيه أو جده) يعني عدم ولايتهما عليه، بخلاف الصغير.
حموي: أي فإن ولايتهما عليه ثابتة.
قوله: (وفي صحة إقراره بالعقوبات) كما لو أقر على نفسه بوجوب القصاص في نفس أو فيما دونها، حموي.
قوله: (وفي الانفاق) أي على نفسه وولده وزوجته ومن تجب عليه نفقته من ذوي أرحامه من ماله.
شرح تنوير الاذهان.
وفي بعض النسخ: وفي الايقاف من أوقف، ولكن في الاشباه: إن وقفه باطل.
واختلفوا فيما لو كان بإذن القاضي: فصححه البلخي، وأبطله أبو القاسم اه.
قوله: (وفي صحة وصاياه بالقرب من الثالث) يعني إذا كان له وارث، والقياس أن لا تجوز وصيته كتبرعاته.
وجه الاستحسان أن الحجر عليه لمعنى النظر له كي لا يتلف ماله ويبقى كلا على غيره، وذلك في حياته لا فيما ينفذ من الثلث بعد وفاته حال استغنائه، وذلك إذا وافق وصايا أهل الخير والصلاح كالوصية بالحج أو للمساكين أو بناء المساجد والاوقاف والقناطر والجسور، وأما إذا أوصى بغير القرب لا تنفذ عندنا.
طوري.
قوله: (كبالغ) أي غير محجور وإلا فهو بالغ ح.
قوله: (وفي كفارة كعبد) فلو حلف وحنث أو نذر نذرا من هدي أو صدقة أو ظاهر من امرأته لا يلزمه المال، ويكفر يمينه وغيرها بالصوم.
زيلعي.
قوله: (والحاصل الخ) مستغنى عنه بقوله: ثم هذا الخلاف الخ لكن أعاده لقوله: إلا
بإذن القاضي وإنما حصره به لما مر من زوال ولاية أبيه وجده.
قوله: (لم يسلم إليه ماله الخ) هذا بالاجماع كما في الكفاية، وإنما الخلاف في تسليمه له بعد خمس وعشرين سنة كما يأتي، فلو بلغ مفسدا وحجر عليه أولا فسلمه إليه فضاع ضمنه الوصي، ولو دفعه إليه وهو صبي مصلح وأذن له في التجارة فضاع في يده لم يضمن كما في المنح عن الخانية.
وفي حاشية أبي السعود معزوا للولوالجية: وكما يضمن بالدفع إليه وهو مفسد فكذا قبل ظهور رشده بعد الادراك اه.
وسئل العلامة الشلبي: عمن بلغت وعليها وصي، هل يثبت رشدها بمجرد البلوغ أم لا بد من(6/443)
البينة؟ فأجاب: بأنه لا يثبت إلا بحجة شرعية، ومثله في الخيرية.
وفي شرح البيري عن البدائع: لا بأس للولي أن يدفع إليه شيئا من ماله ويأذن له بالتجارة للاختبار، فإن آنس منه رشدا دفع إليه الباقي.
قوله: (حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة) أي ما لم يؤنس رشده قبلها.
قوله: (فصح تصرفه قبله) الاولى التعبير بالواو كما في الكنز، لمن لما كان قوله: لم يسلم إليه بمعنى المنع لان العاقل البالغ لا يحجر عليه عند الامام، وإنما هذا منع للتأديب لا حجر صح التفريع، فافهم.
قوله: (ضمن) أي إذا هلك في يده لتعديه في المنع، وأما إذا بلغ فمنعه فقبل أن ينكشف حاله ويعلم رشده وصلاحيته بالاختبار فهلك لا يضمن.
قال شهاب الدين الجلبي في فتاواه: والواجب على الوصي أن لا يدفع إليه المال إلا بعد الاختبار، فإذا منعه لذلك كان منعا لواجب فلا يكون متعديا، وفي الخانية ما يشهد له.
رملي.
قوله: (قاله شيخنا) يعني الرملي في حاشية المنح.
قوله: (وإن لم يكن رشيدا) لانه قد بلغ سنا يتصور أن يصير جدا، ولان منع المال عنه للتأديب، فإذا بلغ هذا السن فقد انقطع رجاء التأدب.
زيلعي ملخصا.
قوله: (وقالا لا يدفع) أي وإن صار شيخا، وبه قالت الائمة الثلاثة.
معراج.
قوله: (ولا يجوز تصرفه فيه) أي ما لم يجزه القاضي على ما مر، وهذه ثمرة الخلاف، وتظهر أيضا في الضمان عندهما لو دفع إليه بعد ما بلغ هذه المدة مفسدا إلا عنده.
قوله: (فإن آنستم) أي عرفتم أو أبصرتم ذكره البكري في تفسيره ط.
قوله: (هو كونه مصلحا في ماله) هو معنى ما في البيري عن النتف الرشيد عندنا أن ينفق فيما يحل ويمسك عما يحرم ولا ينفقه في البطالة والمعصية ولا يعمل فيه
بالتبذير والاسراف.
قوله: (فقط) أي لا في دينه أيضا، خلافا للشافعي رحمه الله.
قوله: (ولو فاسقا) تأكيد لقوله: فقط وأطلقه فشمل الفسق الاصلي والطارئ كما في الهداية، وهذا ما لم يكن مفسدا لماله.
قوله: (ليبيع ماله) أطلق المال فشمل المرهون والمؤجر والمعار، وكل ما هو ملك له.
رملي.
ولا يكون ذلك إكراها لانه بحق كما مر في محله إذ هو ظالم بالمنع.
قوله: (يعني بلا أمره) لان للدائن أن يأخذ بيده إذا ظفر بجنس حقه بغير رضا المدين فكان للقاضي أن يعينه.
زيلعي.
قوله: (وكذا لو كان) أي كل من ماله ودينه وفي نسخ كانا بضمير التثنية.
قوله: (استحسانا) والقياس أن لا يجوز، لان هذا الطريق غير متعين لقضاء الدين فصار كالعروض.
قوله: (لاتحادهما في الثمنية) بيان لوجه الاستحسان، ولهذا يضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة مع أنهما مختلفان في الصورة حقيقة وهو ظاهر، وحكما لانه لا يجري بينهما ربا الفضل، فبالنظر للاتحاد يثبت للقاضي ولاية التصرف، وبالنظر للاختلاف يسلب عن الدائن ولاية الاخذ عملا بالشبهين، بخلاف العروض لان الاغراض تتعلق بصورها وأعيانها.
أقول: ورأيت في الحظر والاباحة من المجتبى رامزا ما نصه: وجد دنانير مديونة وله عليه درهم(6/444)
له أن يأخذه لاتحادهما جنسا في الثمنية اه.
ومثله في شرح تلخيص الجامع الكبير للفارسي في باب اليمين في المساومة.
تنبيه: قال الحموي في شرح الكنز نقلا عن العلامة المقدسي عن جده الاشقر عن شرح القدوري للاخصب: إن عدم جواز الاخذ من خلاف الجنس كان في زمانهم لمطاوعتهم في الحقوق، والفتوى اليوم على جواز الاخذ عند القدرة من أي مال كان لا سيما في ديارنا لمداومتهم العقوق.
قال الشاعر: عفاء على هذا الزمان فإنه * زمان عقوق لا زمان حقوق وكل رفيق فيه غير مرافق * وكل صديق فيه غير صدوق ط قوله: (خلافا لهما وبه يفتى) الاولى أن يقول وقالا: يبيع وبه يفتى كما لا يخفى ح.
قوله: (أي
بقولهما يبيعهما) العرض والعقار، وأشار بهذا التفسير إلى أن ما عداه لا خلاف فيه.
قوله: (اختيار) ومثله في الملتقى.
قوله: (ويبيع كل ما لا يحتاجه في الحال) قال في التبيين: ثم عندهما يبدأ القاضي ببيع النقود، ثم العروض، ثم العقار.
وقال بعضهم: يبدأ ببيع ما يخشى عليه التوى من عروضه، ثم بما لا يخشى عليه، ثم بالعقار.
فالحاصل: أنه يبيع ما كان أنظر له ويترك عليه دست من ثيابه: يعني بدلة، وقيل: دستان لانه إذا غسل ثيابه لا بد له من ملبس.
وقالوا: إذا كان يكتفي بدونها تابع ويقضي الدين ببعض ثمنها ويشتري بما بقي ثوبا يلبسه، وكذا يفعل في المسكن.
وعن هذا قالوا: يبيع ما لا يحتاج إليه في الحال كاللبد في الصيف والنطع في الشتاء، وينفق عليه وعلى زوجته وأطفاله وأرحامه من ماله اه ملخصا.
قال الرحمتي: ومفاده أنه لا يكلف إلى أن يسكن بالاجرة كما قالوا في وجوب الحج.
تأمل اه.
وفي حاشية المدني: أقول: وكذا لو كان عنده عقارات وقف سلطاني زائدة على سكناه أو صدقات في الدفاتر السلطانية لا يؤمر ببيعها كما أفتى به غير واحد من العلماء اه: أي لا يؤمر بالفراغ عنها إذ لا يجوز بيعها.
تأمل.
مطلب: تصرفات المحجور بالدين كالمريض قوله: (يلزمه بعد الديون) أي يقضيه بعد قضاء الديون التي حجر لاجلها ونحوها مما ذكره بعد، وهذا ما لم يكن استفاد مالا بعد الحجر، وإلا فيقضى ما أقر به منه كما في المواهب والهداية، وقدمناه عن التاترخانية وشرح الملتقى.
وفي التاترخانية: ثم إذا صح الحجر بالدين صار المحجور كمريض عليه ديون الصحة، فكل تصرف أدى إلى إبطال حق الغرماء فالحجر يؤثر فيه كالهبة والصدقة.
وأما البيع: فإن بمثل القيمة جاز، وإن بغبن فلا، ويتخير المشتري بين إزالة الغبن وبين الفسخ كبيع المريض، فإن باع من الغريم وقاصصه بالثمن جاز لو الغريم واحدا، وإلا صح البيع من أحدهم لو بمثل القيمة دون المقاصصة، وكذا لو قضى دين البعض كالمريض اه.
ملخصا.
قوله: (ببينة) بأن شهدوا على الاستقراض أو الشراء بمثل القيمة، تاترخانية.
قوله: (أو علم قاض) المعتمد عدم جواز القضاء بعلمه(6/445)
ط.
قوله: (كمال استهلكه) فإن مالكه يزاحم الغرماء، وكذا لو تزوج امرأة بمهر مثلها.
ابن ملك والمراد باستهلاكه المال أنه ثبت بغير إقراره مما مر، فلو به، ففي التاترخانية أنه يسأل عن إقراره بعد ما صار مصلحا أن ما أقر به كان حقا أو لا؟ فإن قال: نعم يؤاخذ به، وإلا فلا، ويجب أن يكون الجواب في الصبي المحجور كذلك اه.
قوله: (أفلس الخ) أي صار إلى حال ليس له فلوس وبعضهم قال: صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم.
مصباح.
والمراد حكم الحاكم بتفليسه.
واعلم أنه إنما يستوي مع الغرماء إذا كان الثمن حالا فلو مؤجلا لم يشاركهم ولكن يشاركهم بعد الحلو فيما قبضوه بالحصص كذا في المقدسي سائحاني.
قوله: (كان له استراداه) أي فيما لو أفلس بعد قبضه بغير إذن.
وقوله: وحبسه بالثمن فيما لو أفلس قبله، ففيه لف ونشر على عكس الترتيب.
تأمل.
قوله: (كذا في الخانية الخ) استدراك على المتن تبعا للشرنبلالية، حيث نقل ما في الخانية ثم قال: فقد شرط مع الاطلاق إجازة صنعه اه.
أقول: الذي يظهر أن الاجازة شرط لجواز صنعه لا لجواز الاطلاق، والمذكور في المتن جواز الاطلاق فلا استدراك بل هو إفادة حكم آخر.
تأمل.
قوله: (لان حجر الاول مجتهد فيه) علله في الهداية أولا بأن الحجر منه فتوى وليس بقضاء، لانه لم يوجد المقضي له والمقضي عليه، ثم قال: ولو كان قضاء فنفس القضاء مختلف فيه فلا بد من الامضاء.
قال الزيلعي: يعني حتى يلزم، لان الاختلاف إذا وقع في نفس القضاء لا يلزم، ولا يصير مجمعا عليه، وإنما يصير مجمعا عليه أن لو كان الاختلاف موجودا قبل القضاء فيتأكد أحد القولين بالقضاء، فلا ينقص بعد ذلك، وأما إذا كان الاختلاف في نفس القضاء، فبالقضاء يحصل الاختلاف، فلا بد من قضاء آخر ليصير مجمعا عليه لقضائه بعد وجود الاختلاف، هذا معناه، ولكن فيه إشكال هنا لان الاختلاف فيه موجود قبل القضاء، فإن محمدا يرى حجره بنفس السفه، ولا تنفذ تصرفاته أصلا فيصير القضاء به على هذا التقدير قضاء بقول محمد فيتأكد قوله بالقضاء، بخلاف القضاء على الغائب فإن الاختلاف فيه في نفس القضاء هل يجوز أم لا؟ فعندنا لا ينفذ، وعند الشافعي يجوز فيحصل الاختلاف بالقضاء فلا يرتفع حتى يحكم بجواز هذا القضاء اه.
قوله: (ما لم يعلم) أي بالحجر.
قال في البزازية: فلو أخبره عدل وصدقه انحجر،
وإن لم يصدقه فكذلك، ثم قال: ولا فرق بين الاذن والحجر في أنه يصير مأذونا إذا ترجح الصدق في خبره عند العبد أو صدقه.
ذكره الفقيه أبو بكر البلخي، وعليه الفتوى والاعتماد خلافا لمن يفرق بينهما اه.
ثم إن هذا مبني على قول أبي يوسف لما مر أن السفيه ينحجر عند محمد بلا قضاء.
قوله:(6/446)
(ولا يرتفع الحجر بالرشد الخ) هذا أيضا قول أبي يوسف، خلافا لمحمد كما قدمناه عن الجوهرة مع بيان ثمرة الخلاف.
قوله: (ولو ادعى الرشد) يعني بعد ما حجر عليه القاضي ادعى أنه صار رشيدا ليبطل حجره.
قوله: (أشباه) استدل فيها على ذلك بما في المحيط عند ذكره دليل أبي يوسف، على أن السفيه لا ينحجر إلا بحجر القاضي من أن الظاهر زوال السفه، لان عقله يمنعه.
قال في الاشباه: وكل بينة شهد لها الظاهر لم تقبل اه.
أقول: الظاهر أن ظهور زوال السفه فيما إذا كان قبل الحكم يدل على سياق كلام المحيط، أما بعد الحكم كما هو موضوع المسألة في الاشباه فقد تأكد وثبت فالاصل بقاؤه، ويدل عليه أن الحجر بعد ثبوته لا يرتفع عند أبي يوسف إلا بالقضاء، فلو كان الاصل زواله لما احتاج إليه.
ولذا قال المقدسي في حاشية الاشباه: لم يوجد بعد الحجر من القاضي ما يقتضي خلافه، فالظاهر بقاؤه اه.
وهكذا نقل الحموي عن الشيخ الصالح فينبغي تقديم بينة الزوال، وذكر نحوه العلامة البيري ثم قال: ورأيت في ذخيرة الناظر الجزم به، ونقله أبو السعود وأقره، وبالجملة لم نر أحدا تابع صاحب الاشباه سوى الشارح، والله أعلم.
قوله: (وفي الوهبانية الخ) الشطر الثاني من البيت الاول مغير، وأصله: فمن يدعي التأخير ليس يؤخر ويحجر في محل جر مضاف إلى قبل.
ومعنى البيت الاول: أنه لو قال بعد صلاحه أقررت وأنا محجور بأني استهلكت لك كذا وقال رب المال بل حال صلاحك فالقول للمقر لانه إضافه إلى حالة معهودة تنافي صحة الاقرار، فيكون في الحقيقة منكرا لا مقرا، وكذا لو قال: أقررت لي به حال فسادك لكنه حق وقال المقر: لم يكن ذلك حقا فالقول له، ومعنى الثاني لو باع المحجور وأجاز القاضي بيعه لكن نهى المشتري عن دفع الثمن إليه فدفعه وهلك يضمن الثمن للقاضي، لانه لما نهاه صار حق القبض للقاضي والمجور كالاجنبي، فلو لم ينهه جاز لان في إجازته البيع إجازة
لدفع الثمن كالوكيل بالبيع وكيل بالقبض، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل: بلوع الغلام بالاحتلام الخ بتنوين فصل وبلوغ مبتدأ وما بعده خبر ومعطوف عليه، والجارية مجرور عطفا على الغلام أو مرفوع على تقدير مضاف محذوف، وإنابته منابه، والبلوغ لغة: الوصول، واصطلاحا: انتهاء حد الصغر، ولما كان الصغر أحد أسباب الحجر وكان له نهاية ذكر هذا الفصل لبيانها.
والغلام كما قال عياض يطلق على الصبي من حين يولد إلى أن يبلغ، وعلى الرجل باعتبار ما كان.
قوله: (بالاحتلام) قال في المعدن: الاحتلام جعل اسما لما يراه النائم من الجماع، فيحدث معه إنزال المني غالبا، فغلب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره من أنواع المنام لكثرة الاستعمال اه ط.
قوله: (والانزال) بأي سبب كان.(6/447)
قوله: (والاصل هو الانزال) فإن الاحتلام لا يعتبر إلا معه، والاحبال لا يتأتى إلا به.
قوله: (والجارية) هي أنثى الغلام.
قوله: (صريحا) قيد به لانه مذكور ضمنا في الاحتلام والحبل.
فإن لم يوجد فيهما أي في الغلام والجارية شئ مما ذكر الخ، مفاده: أنه لا اعتبار لنبات العانة خلافا للشافعي، ورواية عن أبي يوسف، ولا اللحية.
وأما نهود الثدي فذكر الحموي أنه لا يحكم به في ظاهر الرواية، وكذا ثقل الصوت كما في شرح النظم الهاملي أبو السعود، وكذا شعر الساق والابط والشارب.
قوله: (به يفتى) هذا عندهما، وهو رواية عن الامام، وبه قالت الائمة الثلاثة، وعند الامام: حتى يتم له ثماني عشرة سنة ولها سبع عشر سنة.
قوله: (لقصر أعمار أهل زماننا) ولان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عرض على النبي (ص) يوم أحد وسنه أربعة عشر فرده ثم يوم الخندق وسنة خمسة عشر فقبله، ولانها العادة الغالبة على أهل زماننا وغيرها احتياط فلا خلاف في الحقيقة، والعادة إحدى الحجج الشرعية فيما لا نص في نص عليه الشمني وغيره.
در منتقى.
قوله: (وأدنى مدته) أي مدة البلوغ والضمير في له للغلام وفي لها للجارية.
قوله: (كما في أحكام الصغار) هو اسم كتاب للاستروشني.
قوله: (فإن راهقا) يقال رهقه: أي دنا منه رهقا: أي دنا منه رهقا، ومنه: إذا صلى أحدكم إلى سترة فليرهقها، وصبي مراهق مدان للحلم.
مغرب.
قوله: (إن لم يكذبهما الظاهر) هو معني قوله الآتي:
وهو أن يكون بحال يحتلم مثله.
وفي المنع عن الخاينة: صبي أقر أنه بالغ وقاسم وصي الميت: قال ابن الفضل: إن كان مراهقا ويحتلم يقبل قوله وتجوز قسمته، وإن كان مراهقا ويعلم أن مثله لا يحتلم لا تجوز قسمته ولا يقبل قوله لانه يكذب ظاهرا، وتبين بهذا أن بعد اثنتي عشرة سنة إذا كان بحال لا يحتلم مثله إذا أقر بالبلوغ لا يقبل اه.
قوله: (فعبد ثنتي عشرة سنة) ادعى صاحب جامع الفصولين أن الصواب إبدال بعد بقبل، زعما منه أنه شرط لغير المراهق، ورده في نور العين ونسبه إلى الوهم وقلة الفهم.
قوله: (وفي الشرنبلالية) وعبارتها: يعني وقد فسرا ما به علما بلوغهما وليس عليهما يمين اه.
قال أبو السعود: والظاهر أن هذا هو المراذ مما نقله الحموي عن شرح درر البحار من أنه يشترط لقبول قولهما أن يبينا كيفية المراهقة حين السؤال عنه اه.
قلت: وفي جامع الفصولين فتاوى النسفي عن القاضي محمود السمرقندي أن مراهقا أقر في مجلسه ببلوغه فقال: بماذا بلغت؟ قال: باحتلام، قال: فماذا رأيت بعد ما انتهبت؟ قال: الماء، قال: أي ماء فإن الماء مختلف؟ قال المني؟ قال: ما المني؟ قال ماء الرجل: الذي يكون منه الولد، قال: على ماذا احتلمت على ابن، أو بنت أو أتان؟ فقال القاضي: لا بد من الاستقصاء فقد يلقن(6/448)
الاقرار بالبلوغ كذبا.
قال شيخ الاسلام: هذا من باب الاحتياط، وإنما يقبل قوله مع التفسير، وكذا جارية أقرت بحيض اه.
والظاهر أن المراد بقوله وإنما يقبل مع التفسير: أي تفسير ما بلغ به من احتلام أو إحبال فقط ب هذا الاستقصاء.
قوله: (لا تصح البينة) صوابه البتة من البت وهو القطع كما جاء في جامع الفصولين، وقد وجد كذلك في بعض النسخ: أو يقول لا يصح الاقرار(6/449)
كتاب المأذون أي الاذن فهو مصدر كمعسور، وإن كان الظاهر أنه صفة لكنه يحتاج لحذف المضاف والصلة، في الكرماني: يقال مأذون له أو لها وترك الصلة ليس من كلام العرب، وأقره القهستاني.
در منتقى.
وتقدير المضاف إذن المأذون، لان البحث عن الافعال لا عن الذوات، وفي المصباح أن الفقهاء
يحذفون الصلة لفهم المعنى، وأورده بعد الحجر لان الاذن يقتضي سبق الحجر.
قوله: (الاذن لغة الاعلام) تبع الزيلعي والنهاية، قال الطوري: قال شيخ الاسلام في مبسوطه: الاذن هو الاطلاق لغة لانه ضد الحجر وهو المنع، فكان إطلاقا عن شئ إلى شئ اه.
وفي النهاية: الاذن في الشئ: رفع المانع لمن هو محجور عنه وإعلام بإطلاقه فيما حجر عليه، من أذن له في الشئ إذنا، وأبعد الامام الزيلعي حيث قال: إنه الاعلام، ومنه الاذان وهو الاعلام، لان الاذن من أذن في كذا إذا أباحه، والاذان من أذن بكذا إذا أعلم اه.
وفي أبي السعود: قال قاضي زاده في التكملة: لم أر قط كتب اللغة مجئ الاذن بمعنى الاعلام.
قوله: (عن العبد المأذون) الاول إسقاط لفظة العبد، فإنالحكم في الصبي والمعتوه كذلك ح.
قوله: (في غير باب التجارة) كالتزوج والتسري والاقراض والهبة ونحوها مما سيأتي.
قوله: (وإسقاط الحق) كالتفسير لقوله فك الحجر، ولا يخفى عليك أن الصبي والمعتوه ليس فيه إسقاط حق.
سعدية.
لكن قال ابن الكمال: يعني حق المنع لا حق المولى لانه من اختصاصه بإذن العبد غير صحيح، لان حق المولى لا يسقط بالاذن ولذك يأخذ من كسبه جبرا على ما سيأتي اه.
قوله: (هو توكيل وإنابة) ستأتي ثمرة الخلاف.
قوله: (ثم يتصرف) عطف على المعنى فكأنه قال: إذا أذن المولى ينفك العبد من الحجر ثم يتصرف الخ.
ابن كمال.
قوله: (العبد) إنما خص البيان به الخفاء الحال فيه، وإلا فالحكم مشترك.
ابن كمال.
قوله: (لنفسه) أي لا لسيده بطريق الوكالة، قهستاني.
ولا يلزم أن يكون مالكا له لانه بجملته مملوك للمولى، فإذا تعذر ملكه لما تصرف فيه يخلفه المولى في الملك.
شرنبلالية.
قوله: (بأهليته) لان العبد أهل للتصرف بعد الرق، لان ركن التصرف كلام معتبر شرعا لصدوره عن تمييز، ومحل التصرف ذمة صالحة لالتزام الحقوق وهما لا يفوتان بالرق لانهما من كرامات البشر، وهو بالرق لا يخرج عن كونه بشرا إلا أنه حجر عليه من التصرف لحق المولى، كي لا يبطل حقه بتعلق الدين برقبته لضعف ذمته بالرق، حتى لا يجب المال في ذمته إلا وهو شاغل لرقبته، فإذا أذن المولى فقط أسقط حقه فكان العبد متصرفا بأهليته الاصلية.
زيلعي.
قوله: (ولا يتخصص بنوع) أي ولا بمكان.
قهستاني.
وفي التاترخانية: هذا إذا صادف الاذن عبدا محجورا، أما إذا صادف عبدا مأذونا يتخصص، فلو أذن له في التجارة ثم دفع إليه مالا وقال: اشتر لي
به الطعام، فاشترى العبد الرقيق يصير مشتريا لنفسه، نص عليه محمد رحمه الله.
قوله: (تفريع على كونه إسقاطا) فإن الاسقاطات لا تقبل التقييد كما يأتي كالطلاق والعتاق، ولا يقال: لو كان إسقاطا لما ملك(6/450)
نهيه.
لانا نقول: ليس بإسقاط في حق ما لم يوجد، فيكون النهي امتناعا عن الاسقاط فيما لم يوجد.
زيلعي.
قوله: (ولا يرجع بالعهدة) أي بحق التصرف كطلب الثمن وغيره، والعهدة فعله بمعنى مفعول من عهدة لقيه.
قهستاني.
قوله: (لفكه الحجر) ظاهره أن قوله ولا يرجع تفريع على قوله فك الحجر، وجعله القهستاني تفريعا على كون تصرفه لنفسه.
قوله: (تفريع على فك الحجر) فيه نظر، والظاهر أنه تفريع على التفريع، وهو قوله فلا يتوقف كما يدل عليه التعليل.
تأمل.
قوله: (لان الاسقاطات لا تتوقت) لانها تتلاشى عند وقوعها.
قوله: (فإذا أذن في نوع الخ) سواء سكت عن غيره أو نهى بطريق الصريح نحو أن يأذن في شراء البز وقال: لا تشتر غيره اه تاترخانية عن المضمرات.
قوله: (لانه فك الحجر لا توكيل) أعاده، وإن مر التنبيه على ثمرة الخلاف بيننا وبين زفر والشافعي، فافهم.
قوله: (ثم اعلم الخ) قال في المنح: التخصيص قد لا يكون مفيدا إذا كان المراد به الاستخدام، لانه لو جعل ذلك إذنا لانسد باب الاستخدام لافضائه إلى أن من أمر عبده بشراء بقل بفلسين كان مأذونا يصح إقراره بديون تستغرق رقبته ويؤخذ بها في الحال، فلا يتجرأ أحد على استخدام عبده فيما اشتد له حاجته، لان غالب استعمال العبيد في شراء الاشياء الحقيرة، فلا بد من حد فاصل بين الاستخدام والاذن بالتجارة وهو أنه إن أذن بتصرف مكرر صريحا مثل أن يقول: اشتر لي ثوبا وبعه، أو قال بع هذا الثوب واشتر بثمنه، أو دلالة كأد إلي الغلة كل شهر أو أد إلي ألفا وأنت حر، فإنه طلب منه المال وهو لا يحصل إلا بالتكسب وهو دلالة التكرار، ولو قال: أقعد صباغا أو قصارا، لانه أذن بشراء ما لا بد منه دلالة، وهو نوع من الانواع يتكرر بتكرر العمل المذكور كان ذلك إذنا، وإن أذن بتصرف غير مكرر كطعام أهله وكسوتهم لا يكون إذنا كما قررناه.
وبهذا التفصيل صرح في البزازية.
فإن قلت: ينتقض هذا الاصل بما إذا غصب العبد متاعا وأمره مولاه ببيعه فإنه إذن في التجارة، وليس الامر بعقد مكرر.
قلت: أجيب عنه بأنه أمر بالعقد المكرر دلالة، وذلك لان تحصيصه
ببيع المغصوب باطل لعدم ولايته عليه، والاذن قد صدر منه صريحا، فإذا بطل التقييد ظهر الاطلاق اه.
وكلام البزازية الهداية يشير إلى الفاصل هو التصرف النوعي والشخصي والاذن بالاول إذن دون الثاني فتأمل، كذا في العناية وكلام الوقاية يقيده اه.
ويثبت الاذن دلالة الخ في الحقائق: إنما يجعل سكوت المولى إذنا لم يسبق منه ما يوجب نفي الاذن حالة السكوت كقوله: إذا رأيتم عبدي يتجر فسكت، فلا إذن له بالتجارة، ثم رآه يتجر فسكت لا يصير مأذونا اتفاقا.
قوله: (فعبد رآه سيده الخ) عبد مبتدأ خبره مأذون، وساغ الابتداء به لوقوعه موصوفا.
وأفاد الزيلعي أنه إذا رأى أجنبيا يبيع ماله وسكت، فإن سكوته لا يكون إذنا له، وكذا لو أتلف مال غيره وصاحبه ينظر وهو ساكت حتى كان له أن يطالبه بالضمان اه.
قال بعض الفضلاء: ولينظر هذا مع قول الفصول العمادية في الثالث والثلاثين: ولو شق زق غيره فسال ما فيه وهو ساكت فإنه يكون رضا، اللهم إلا أن يحمل ما هنا على الاتلاف الغير الممكن(6/451)
تداركه، فليتأمل اه.
قوله: (بزازية) عبارتها: وإن رآه يشتري ويبيع فسكت فأذن إلا أن ينهاه ولكنه فيما باع من مال مولاه لا يجوز حت يأذن له بالنطق اه.
قوله: (ودرر على الخانية) في عبارة الخانية اضطراب، فإنه قال أول الباب: رأى المولى عبده يبيع عينا من أعيان المالك فسكت لم يكن إذنا، وقال بعد أسطر: ولو رآه في حانوته فسكت حتى باع متاعا كثيرا كان إذنا، ولا ينفذ على المولى بيع العبد ذلك المتاع، ثم قال: ولو أن رجلا دفع إلى عبد رجل متاعا ليبيعه فباع فرآه المولى ولم ينهه كان إذنا له في التجارة، ويجوز ذلك البيت على صاحب المتاع اه حموي.
أقول: لا اضطراب في كلامه، فإن معنى كلامه الاول لم يكن إذنا في ذلك البيع المسكوت عنه فلا ينفذ بيعه عليه، وإن صار مأذونا في التجارة بعده كما فسره كلام الثاني والثالث، وإنما نفذ البيع في متاع الاجنبي لاذنه: أي الاجنبي فيه، وهذا معنى ما في البزازية، ويدل على ما قلنا ما في شرح البيري عن البدائع: رأى عبده يبيع ويشتري فسكت صار مأذونا عندنا إلا في البيع الذي صادفه السكوت، بخلاف الشراء اه.
ثم رأيت العلامة الطوري وفق كذلك مستدلا بعبارة البدائع وغيرها، واعترض على الزيلعي
حيث قال: ولا فرق في ذلك بين أن يبيع عينا مملوكا للمولى أو لغيره بإذنه أو بغير إذنه بيعا صحيحا أو فاسدا.
هكذا ذكر صاحب الهداية.
وذكر قاضيخان: إذا رأى عبدا يبيع عينا من أعيان المالك فسكت لم يكن إذنا اه.
فاعترضه بأن ظاهر كلامه أنه فهم المخالفة بين كلام الهداية والخانية، ثم قال: ويكف يجوز حمل كلام الخانية على خلاف ما ذكره محمد في الاصل اه.
فقول الشارح فيما نقله عن البزازية: ولم يجز حتى يأذن بالنطق، معناه لم يجز ذلك البيع بخصوصه على المولى، وإن صار العبد به مأذونا، وليس معناه لم يكن إذنا له كما فهمه المحشي والشارح وغيرهما، والحاصل أنه لا فرق في كونه مأذونا بين كل المبيع ملكا للمولى أو لغيره، وإنما الفرق في جواز ذلك البيع الذي صادفه السكوت، فإن كان لاجنبي جاز وإن للمولى فلا إلا بالنطق، فاغتنم هذا التحرير في هذا المقام فإنه من مزال أقدام الافهام.
قوله: (لكن سوى بينهما الزيلعي وغيره) أي كصاحب الهداية كما سمعت عبارته، والاستدراك مبني على ما فهمه كغيره من مخالفة ما في البزازية والخانية لما في الهداية، وقد علمت أنه لا مخالفة في أنه يصير مأذونا بعد السكوت مطلقا.
وإنما أفاد في الخانية شيئا لم يذكره في الهداية، وهو أنه لا يجوز ذلك البيع بخصوصه لو ملكا للمولى وإلا جاز.
قوله: (ورجحه في الشرنبلالية) أي رجح ما ذكره الزيلعي وابن الكمال وغيرهما من التسوية بين مال المولى وغيره.
ونقل بعده عن جامع الفصولين ما قدمناه من أن أثر الاذن يظهر في المستقبل لا في ذلك الشئ، وغاب عنه أنه مراد قاضيخان وغيره وعلى ما مر، فلا مخالفة بين ما في المتون والشروح وبين ما في الفتاوى.
والله تعالى الموفق.
قوله: (ويشتري ما أراد) الواو بمعنى أو بقرينة قول الشارح بعد: أو شرائه ولعل المراد بالتعميم أن المراد بالشراء ما يعم أنواع المشتري ولو محرما، ولذلك قال القهستاني: ويشتري ولو كان خمرا ط.
قوله: (إلا إذا كان المولى قاضيا) قال الحموي في شرح الكنز: وقال المقدسي في الرمز: ظهر لي في توجيهه أن القاضي ممن لا يباشر الاعمال بنفسه، فلا يدل مع تكرار الاعمال من عبده على إذنه(6/452)
لقوة احتمال التوكيل اه.
فأفاد هذا التعليل أن القاضي ذكر للتمثيل، فالمراد به كل من لا يباشر الاعمال بنفسه.
وقال في حاشية الاشباه: أقول: لم يذكر صاحب الظهيرية هذه المسألة على سبيل الاستثناء، وذكرها قاضيخان لا على طريق الاستثناء، فقال القاضي: إذا رأى عبده يبيع ويشتري فسكت لم يكن إذنا اه.
وقد قدمنا أن إطلاق صاحب الهداية يفهم منه أنه لا فرق بين أن يكون المولى قاضيا أو لا، وأن ما في المتون والشروح مقدم على ما في الفتاوى اه.
وأقره أبو السعود في حاشية الاشباه.
وأقول: لا يبعد أن يكون مراد قاضيخان أنه لا يصير مأذونا في ذلك التصرف الذي صادفه السكوت، كما أن ذلك، والمراد من كلامه المار كما علمت فيكون مأذونا بعده، وعليه فلا استثناء، وما ذكره المقدسي يصلح وجها لتنصيصه على القاضي مع أنه داخل في عموم كلامه السابق: يعني أن حكم عبد القاضي كغيره وإن قوي احتمال كونه وكيلا عنه فلا ينافي إطلاق المتون والشروح، ولذا لم يذكره في الخانية و الظهيرية على طريق الاستثناء كما فعل في الاشباه، ثم رأيت الطوري قال بعد ذكر المسألة: وفهم بعض أهل العصر أن سكوت القاضي لا يكون إذنا، بخلاف سكوت المولى كما فهم الامام الزيلعي اه.
وظاهره أن هذا الفهم مخالف لكلامهم كفهم الزيلعي المار.
وهذا مؤيد لما قلناه، فتدبر.
قوله: (لا في ذلك الشئ) فيه أن الكلام مفروض فيما إذا باع ملك الاجنبي، وحينئذ لا يتصور أن يكون سكوت السيد إذنا في بيع ذلك الشئ حتى يصح نفيه، وإلى هذا أشار الشارح بقوله: فلا ينفذ على المولى بيع ذلك المتاع لكنه شرح لا يطابق المشروح، فكان عليه أن يبرزه في قالب الاعتراض ح.
وحاصله: أن عدم كونه مأذونا في بيع ذلك الشئ إنما هو فيما لو باع ملك المولى، أما لو باع ملك الاجنبي بإذنه نفذ عليه كما قدمناه، ونفاذه لا بسكوت المولى بل بأمر صاحب المتاع، وهل العهدة على العبد أو على صاحب المتاع؟ اختلف المشايخ فيه، ذخيرة وتاترخانية.
لكن ظاهر كلام السراج يفيد عدم الفرق، فإنه قال: ولو رأى عبده يبيع ويشتري فسكت ولم ينهه صار مأذونا، ولا يجوز هذا التصرف الذي شاهده المولى إلا أن يجيزه بالقول، سواء كان ما باعه للمولى أو لغيره ويصير مأذونا فيما يتصرف بعد هذا اه إلا أن يرجع التعميم إلى قوله: صار مأذونا، أو يحمل على ما إذا لم يكن بإذن الاجنبي وهو الاقرب، فلا ينافي ما قدمناه عن البزازية والخانية وغيرهما، فتأمل.
قوله: (قبل أن يصير
مأذونا) لانه لا يثبت الاذن إلا إذا باع أو اشترى بحضرته لا قبله، فبالضرورة يكون ذلك البيع غير مأذون فيه فلا ينفذ.
قوله: (وهو باطل) لانه يلزم عليه تقدم الشئ على نفسه.
قوله: (معزيا للذخيرة) نص عبارة الذخيرة هكذا: وإذا رأى عبده يشتري بماله: يعني بمال المولى فلم ينهه فهذا من المولى إذن له في التجارة، وما اشتراه فهو لازم وللمولى أن يسترد ماله، ثم إذا استرد المولى ماله دراهم أو دنانير لا ينتقض البيع وإن كان ماله عرضا أو مكيلا أو موزونا ينتقض البيع اه.
قوله: (من ماله مولاه) الاولى أن يقول بمال بالباء بدل من كما لا يخفى.
قوله: (فيفتقر إلى الفرق) الاولى حذف الفاء ط.(6/453)
ولعل الفرق ما ذكروه في باب الفضولي من أن الشراء أسرع نفاذا، فتأمل ح.
قلت: وفي شرح درر البحار في صورة الشراء ينفذ على المولى لدخول المبيع في ملكه، وفي صورة البيع لا ينفذ عليه لزوال المبيع من ملكه اه.
ونقل مثله الحموي عن البدائع شرح المجمع، وأورد عليه أن في كل إدخالا وإخراجا.
أقول: إن كان الثمن دراهم أو دنانير لا يشكل، لانها لا تتعين بالتعيين بل تجب في الذمة، ولذا لو استرد المولى لا ينتقض البيع كما قدمناه، وإن كان غيرهما فيشكل لانه بيع مقايضة والثمن فيها مبيع من وجه، فيصدق عليه أنه باع ملك المولى، وقد مر غير مرة أنه لا ينفذ عليه، وأنه إنما يصير مأذونا بعده، وجوابه: أن اللازم ما اشتراه العبد، وأما ما دفعه من ملك المولى فلم ينفذ على المولى، ولذا كان له أن يسترد، فإذا أجاز مصنع العبد ولم يسترده نفذ عليه ذلك وصار مأذونا فيه وفيما بعده، لان الاجاز اللاحقة كالسابقة، هذا ما ظهر لي.
قوله: (بلا قيد) بيان للاطلاق بأن قال له: أذنت لك في التجارة، ولم يقيده بشراء شئ بعينه، ولا بنوع من التجارة.
زيلعي.
قوله: (صح كل تجارة منه) لان الفظ يتناول جميع أنواع التجارات.
زيلعي.
قوله: (أما لو قيد) أي بنوع من التجار أو بوقت أو بمعاملة شخص.
زيلعي.
أو بمكان كما مر.
وأما لو أمره بشراء شئ بعينه كالطعام والكسوة لا يكون مأذونا له لانه استخدام كما مر بيانه.
قوله: (خلافا للشافعي) أي ولزفر بناء على أنه توكيل عندهما، وعندنا إسقاط ط كما مر.
قوله: (ولو بغبن فاحش) أطلقه فشمل ما إذا نهاه عن البيع بالغبن
الفاحش أو أطلق له كما في البزازية.
منح.
قوله: (خلافا لهما) وعلى هذا الخلاف بيع الصبي والمعتوه المأذون لهما.
زيلعي.
قوله: (ويوكل بهما) أي بالبيع والشراء.
زاد في شرح الملتقى: ويسلم ويقبل السلم.
وفي التبيين: وله المضاربة أخذا ودفعا.
قوله: (لانه من عادة التجار) يصلح علة للجميع حتى الغبن الفاحش، فإنه من صنيعهم استجلابا للقلوب، ويبيع بغبن فاحش في صفقة ويربح في أخرى كما في التبيين، وفيه لو مرض العبد المأذون له وحابى فيه يعتبر من جميع المال إذا لم يكن عليه دين، وإن كان فمن جميع ما بقي بعد الدين، لان الاقتصار في الحر على الثالث لحق الورثة ولا وارث للعبد والمولى رضي بسقوط حقه بالاذن، بخلاف الغرماء، وإن كان الدين محيطا يقال للمشتري: أد جميع المحاباة وإلا فرد المبيع كما في الحر، وهذا لو المولى صحيحا، وإلا فلا تصح محاباة العبد إلا من ثلث مال المولى، لان المولى باستدامة الاذن بعد ما مرض أقامه مقام نفسه فصار تصرفه كتصرفه، والفاحش من المحاباة وغير الفاحش فيه سواء، فلا ينفذ الكل إلا من الثالث اه ملخصا.
قوله: (ويصالح الخ) لانه كأنه اشتراه ببدل الصلح وله الشراء ط.
قوله: (فلا) لان فيه تهمة، فلا يجوز هذا لان حق الغرماء تعلق بالمالية فليس له أن يبطل حقهم، بخلاف ما إذا حابى الاجنبي عند أبي حنيفة، لانه لا تهمة فيه.
وقالا: يجوز ولو بغبن فاحش، ولكن يخير المولى بين أن يزيل الغبن أو ينقض البيع، بخلاف ما إذا باع من الاجنبي به حيث لا يجوز أصلا عندهما، لان المحاباة على أصلهما لا تجوز إلا بإذن المولى، وهو آذن(6/454)
فيما يشتريه بنفسه غير أن إزالة المحاباة لحق الغرماء.
واختلفوا في قوله: قيل يفسد البيع، والاصح أن قوله كقولهما فصار تصرفه مع مولاه كتصرف المريض المديون مع الاجنبي، والغبن الفاحش واليسير سواء عنده كقولهما.
زيلعي.
قوله: (ويبطل الثمن) وإذا بطل الثمن صار كأنه باع بغير ثمن فلا يجوز البيع، ومراده ببطلان الثمن بطلان تسليمه والمطالبة به وللمولى استرجاع المبيع.
جوهرة.
لكن في التبيين بعد ما ذكر أنه لا يطالب العبد بشئ، لانه بتسليم المبيع سقط حقه في الحبس، وإن عندهما تعلق حقه بعينه فكان أحق به من الغرماء، إلى أن قال: هذا جواب ظاهر الرواية.
وعن أبي يوسف أن للمولى أن يسترد المبيع إن كان قائما ويحبسه حتى يستوفي الثمن اه.
وكذا قال في النهاية: بطلان الثمن جواب ظاهر الرواية.
وعن
أبي يوسف هذا: إذا استهلك العبد المبيع، فلو قائما فللمولى أن يسترده الخ.
قوله: (خلافا لما صححه المجمع الخ) حيث قال: وقيل لا يبطل الثمن وإن سلم المبيع أو لا، لانه يجوز أن يعقد البيع ويتأخر وجوب الثمن دينا كما تأخر في المبيع بالخيار إلى وقت سقوطه.
قال صاحب المحيط: هذا القول هو الصحيح اه كلام شارح المجمع.
ورأيت بهامشه ما نصه: فيه نظر، لان صاحب المحيط إنما حكم بصحة القول بجواز البيع من العبد لا بعدم سقوط الثمن عنه على تقدير بيع مولاه منه كما فهمه الشارح ح.
قوله: (حتى لو كان) تفريع على قوله: دين وبيان لمفهومه، لان العرض لما تعين بالعقد ملكه بعينه، ويجوز أن يكون غير ملكه في يد عبده وهو أحق به من الغلماء.
نهاية.
قوله: (وهذا كله) أن بيع العبد من مولاه وعكسه بالقيمة أو لا.
قوله: (وإلا لم يجز بينهما بيع) لعدم الفائدة، لان الكل مال المولى ولا حق فيه لغيره: زيلعي.
قوله: (فيما كان من التجارة) لم أر من ذكره غير المصنف.
وقال ط: لم أر مفهوم التقييد به، ولعله يحترز به عن المبيع إذا كان للاكل أو للبس فإنه لا فسخ فيه وحرره اه.
قوله: (بحق ما) كبيع وإجارة وشراء أو شهدوا عليه بغصب أو استهلاك وديعة أو على إقراره بذلك.
عماد ية.
أي ويؤاخذ بما أقر به من ذلك في الحال كما في البزازية.
قوله: (يعني لا تقبل على مولاه) حتى لا يخاطب المولى ببيع العبد.
عمادية.
قوله: (ولو حضرا) أي المولى والمحجور.
قوله: (قضى على المولى) فيخاطب ببيعه لان العبد مؤاخذ بأفعاله.
قوله: (على المحجور) مستدرك، لان كلامه فيه.
قوله: (تسمع على العبد) أي فيؤاخذ بعد عتقه.
قوله: (وقيل على المولى) قائله أبو يوسف، والاول قولهما كما في العمادية.
وفي البزازية: فإن لم(6/455)
يقر لكن أقيمت عليه البينة فحضرة المولى شرط إلا عند الثاني.
قوله: (ولو شهدوا على إقرار العبد) أي المحجور، فالاولى أن يأتي بالمضمر مكان المظهر، أما إقرار المأذون فقد علمت أنها تقبل على المولى، وسيأتي له تتمة.
قوله: (لم يقض على المولى) أي بل يؤخر إلى عتقه، وقد ذكر أول كتاب الحجر: لو أقر العبد بمال أخر إلى عتقه لو لغير مولاه، ولو له هدر وبحد وقود أقيم في الحال.
وفي البزازية: والمحجور يؤاخذ بأفعاله لا بأقواله إلا فيما يرجع إلى نفسه كالقصاص والحدود.
وحضرة المولى لا تشترط، ولو أتلف ما لا يؤاخذ به في الحال، أما الاقرار بجناية توجب الدفع أو الفداء لا يصح محجورا أو مأذونا، وإقرار المحجور بالدين والغصب وعين مال لا يصح، وفي المأذون يصح ويؤاخذ به في الحال، ولو أقر المأذون بمهر امرأته أو صدقة يؤخذ به بعد الحرية اه.
قوله: (مطلقا) سواء كان المولى حاضرا أو غائبا.
عمادية.
قوله: (ومزارعة) في البزازية: ويأخذها مزارعة ويدفعها مطلقا كان البذر منه أو لا اه.
وهي في المعنى إيجار أو استئجار كما يأتي في بابها فكانت من التجارة.
قوله: (ويؤاجر ويزارع) يعني له أن يدفع الارض إجارة ومزارعة.
قوله: (ويشارك عنانا) قال في النهاية: شركة العبدان المأذونان شركة عنان على أن يشتريا بالنقد والنسيئة بينهما لم يجز من ذلك النسيئة، وجاز النقد، لان في النسيئة معنى الكفالة عن صاحبه، ولو أذن لهما الموليان في الشركة على الشراء بالنقد والنسيئة ولا دين عليهما فهو جائز، كما لو أذن لكل واحد منهما مولاه بالكفالة أو التوكيل بالشراء بالنسيئة.
كذا في المبسوط والذخيرة، غير أنه ذكر في الذخيرة: وإذا أذن له المولى بشركة المفاوضة، فلا تجوز المفاوضة لان إذن المولى بالكفالة لا يجوز في التجارات.
كذا في الشرنبلالية.
أقول: يمكن حمل كلام الذخيرة آخرا على ما إذا كان المأذون مديونا ح.
قوله: (لا مفاوضة) لعدم ملكه الكفالة فمفاوضته تنقلب عنانا.
بزازية.
قوله: (ويستأجر ويؤجر) أي يستأجر أجراء ويؤجر غلمانه ويستأجر البيوت والحوانيت، ويؤجرها لما فيها من تحصيل المال.
ذكره الزيلعي.
قوله: (ولو نفسه) أتى به لان فيه خلاف الشافعي رحمه الله.
قوله: (ويقر بوديعة الخ) لان الاقرار من توابع التجارة، لانه لو لم يصح إقراره لم يعامله أحد.
زيلعي.
وفيه إشعار بأن المأذون بالتجارة مأذون بأخذ الوديعة كما في المحيط وغيره، لكن في وديعة الحقائق خلافه.
قهستاني.
وأطلقه فشمل ما إذا أقر للمولى أو لغيره، وما إذا كان عليه دين أو لا، وما إذا كان في صحته أو مرضه أو صحة مولاه أو مرضه، ويأتي بيان ذلك.
وفي التاترخانية: وإذا أقر بعد الحجر بدين أو بعين لرجل جاز بقدر ما في يده فقط اه.
وفي البزازية: يجوز إلا فيما أخذه المولى منه.
قوله: (ولو عليه دين) أي إذا كان الاقرار في صحته، فلو في المرض قدم غرماء الصحة كما في حق الحر.
فحاصله: أن ما يكون من باب التجارة من ديونه ويصح إقراره به صدقه المولى أو لا، وما لا
يكون من باب التجارة لا يصدق فيه إلا بتصديقه لانه في كالمحجور.
زيلعي.
والاول يؤاخذ به في(6/456)
الحال، والثاني بعد العتق كما في الهندية.
ومثال الثاني: إقراره بمهر امرأته أو بجناية كما مر عن البزازية.
وفي الطوري عن المبسوط: لو أقر بدين في مرض مولاه فعلى أقسام: الاول: لا دين عليه وعلى المولى دين الصحة، جعل كأن المولى أقر في مرضه، ويبدأ بدين الصحة.
الثاني: على العبد دين ولا دين على المولى في صحته، فإقرار العبد به صحيح، لانه إنما يحجر في مرض سيده لو على السيد دين صحة محيط بماله ورقبة العبد وما في يده.
الثالث: على كل دين صحة فلا يخلو إما أن تكون رقبة العبد وما في يده لا يفضل عن دينه أو يفضل عنه لا عن دين المولى أو يفضل عنهما ففي الاول لا يصح إقراره لانه شاغل لرقبته وما في يده وفي الثاني يكون الفاضل لغرماء صحة المولى وفي الثالث يصح إقراره في ذلك الفاضل ولولا دين عل أحدهما فأقر المولى في مرضه بألف ثم العبد بألف تحاصا في ثمن العبد ولو أقر العبد أولا ثم المولى بدئ بدين العبد اه ملخصا.
قوله: (لغير زوج الخ) أي لمن لا تقبل شهادة العبد له لو كان حرا كما في الخانية.
قوله: (وولد ووالد) قال في المبسوط إذا أقر المأذون لابنه وهو حر أو لابيه أو لزوجته وهي حرة أو مكاتب ابنه أو لعبد ابنه وعليه دين أو لا فإقراره لهؤلاء باطل في قول الامام وفي قولهما جائز ويشاركون الغرماء في كسبه ط.
قوله: (وسيد الخ) قال في الهندية: وإن كان على المأذون دين فأقر بشئ في يده أنه وديعة لمولاه أو لابن مولاه أو لابيه أو لعبد تاجر عليه دين أو لا أو لمكاتب مولاه أو لام ولده فإقراره لمولاه ومكاتبه وعبده وأم ولده باطل فأما إقراره لابن مولاه أو أبولابيه فجائز ولو لم يكن عليه دين كان إقراره جائزا في ذلك كله اه ط.
قوله: (ولو بعين صح الخ) في المبسوط إذا أقر المأذون بعين في يده لمولاه أو لعبد مولاه إن لم يكن عليه دين جاز وإلا فلا ولو أقر بدين لمولاه لا يجوز مطلقا لانه لا يستحق على عبده دينا طوري وظاهر التعليل احتصاص التفرقة بين الدين والعين وبالولى دون زوج المقر وولده ووالده وهو خلاف ما يفهم من كلام الشارح، ولم أر من صرح به فليراجع وعبارة الوهبانية:
وإقراره بآلعين لا الدين جائز * لمولاه إلا حيثما الدين يظهر ولو أقر لمولاه أو عبده بدين ولا دين عليه ثم لحقه دين بطل إقراره، ولو بعين فلا حتى يكون المولى أحق بها من الغرماء.
وفيها أقر لابن نفسه أو أبيه أو مكاتب لابنه لم يجز شئ مما أقر به عليه دين أو لا عند الامام اه.
فقوله: لم يجز شئ يشمل الدين والعين فيؤيد ما قلناه.
تأمل.
ثم رأيت في حاشية أبي السعود التعليل لقول الامام بأن إقراره لهم إقرارا صورة وشهادة معنى، وشهادته لهم غير جائزة لو كان حرا فكذا إقراره.
ثم نقل عن شيخه أنه اعترض على صاحب الدرر في تقييده بطلان الاقرار لهم بالدين بأن الزيلعي أطلقه.
اه.
ويؤيده التعليل بأنه شهادة معنى فلا فرق بين الدين والعين إلا في المولى ولله الحمد.
قوله: (بما لا يعد سرفا) حذف الشارح جملة فيها متعلق الباء، وأصل العبارة كما في المنح عن البزازية: ولهذا يملك إهداء مأكول وإن زاد على درهم بما لا يعد سرفا، فإن(6/457)
الباء متعلقة بزاد ح.
قوله: (وجزم به ابن الشحنة) حيث قال بعد كلام: وقد علمت تقييدهم ما يملكه من الهدية بالمأكولات فيحتاج إلى التنبيه عليه في النظم لانه أطلق اه.
قلت: ومثله في التبيين، وصرح به في التاترخانية عن المحيط فقال: ولا يملك الاهداء بما سوى المأكولات من الدراهم والدنانير اه.
وفيها عن الاصل: ولو وهب هبة وكانت شيئا سوى الطعام وقد بلغت قيمته درهما فصاعدا لا يجوز، وإن أجاز المولى هبته إن لم يكن عليه دين تعمل إجازته وإلا فلا، وكذا لا يتصدق إلا بدرهم فما دونه.
قوله: (بخلاف ما لو دفع إليه قوت شهر) لانهم لو أكلوه قبل الشهر يتضرر به المولى.
هداية.
قوله: (كرغيف ونحوه) لان ذلك غير ممنوع عنه في العادة.
هداية.
بقي لو كان في بيته من في مقام المرأة كحاجبه وغلامه، نقل ابن الشحنة عن ابن وهبان أنه لم يره في كلامهم، وأنه ينبغي أن يجوز قياسا عليها، ثم نقل عنه أنه لو كانت الزوجة ممنوعة من التصرف في بيته تأكل معه بالفرض، ولا يمكنها من طعامه والتصرف في شئ من ماله ينبغي أن لا يجوز لها الصدقة، واعترضه بأنه جرى العرف بالتصدق بذلك مطلقا.
تأمل.
قوله: (بقدر ماله) أي ما في يده من مال التجارة.
قال ابن الشحنة عن التتمة: حتى روي عن ابن سلمة إذا كان عشرة آلاف درهم
فاتخذ ضيافة بعشرة دراهم تكون يسيرة، وإن كان عشرة دراهم فبدانق كثيرة فينظر في العرف في قدر مال التجارة ثم قال: وأطلق في المنتقى عن أبي يوسف أنه لا بأس للرجل أن يجيب دعوة العبد المحجور عليه اه.
قلت: والمأذون بالاولى.
تأمل.
قوله: (بعيب) فلا يحط بدونه إذ هو تبرع محض منح.
قوله: (ويحابي) أي ابتداء لانه قد يحتاج إليه التاجر قدمنا عن الزيلعي شيئا من الكلام على المحاباة.
قوله: (مجتبى) ومثله في التبيين قوله: (ولا يتزوج) لان ليس من باب التجارة ولان فيه ضررا على المولى بوجوب المهر والنفقة في رقبته، زيلعي قوله: ولا يتسرى لانه مبني على ملك الرقبة والعبد لا يملك وإن ملك قوله: (وقال أبو يوسف يزوج الامة) لما فيه من تحصيل المهر وسقوط النفقة فأشبه إجارتها، ولهذا جاز للمكاتب ووصي الاب والاب.
ولهما أن الاذن تناول التجارة والتزويج ليس منها، بخلاف المكاتب لانه يملك الاكتساب وذلك لا يختص بالتجارة، وكذا الاب والجد والوصي، ولان تصرفهم مقيد بالانظر للصغير وتزويج الامة من الا نظر، وعلى هذا الصرف الصبي والمعتوه المأذون لهما والمضارب والشريك عنانا ومفاوضة، وجعل صاحب الهداية الاب والوصي على هذا الخلاف وهو سهو.
زيلعي.
قوله: (ولا يكاتبه) لانها توجب حرية اليد حالا والرقبة مآلا، والاذن لا يوجب شيئا من ذلك والشئ لا يتضمن ما هو فوقه.
زيلعي.
قوله: (إلا أن يجيزه المولى) لان الامتناع لحقه، فإذا أجازه زال المانع فينفذ.
قوله: (ولا دين عليه) جملة حالية: أي دينا مستغرقا.
قال الزيلعي: وذكر في النهاية: لو عليه دين قليل أو كثير فكتابته باطلة وإن أجازها المولى، وهذا مشكل، فإن لم(6/458)
يستغرق رقبته وما في يده لا يمنع الدخول في ملك المولى إجماعا، حتى جاز للمولى عتق ما في يده، وإنما الخلاف في المستغرق فيمنع عنده لا عندهما اه.
قلت: وأجيب بإمكان حمله على قول الامام أولا بأن غير المستغرق يمنع الدخول أيضا، وما ذكر قوله: آخرا.
قوله: (وولاية القبض للمولى) لان العبد نائب عن المولى كالوكيل فكان قبض البدل لمن نفذ العقد من جهته، لان الوكيل فيه سفير ومعبر، فلا تتعلق به حقوق العبد كالنكاح، بخلاف المبادلة المالية، ولو أدى المكاتب البدل إلى المولى قبل الاجازة ثم أجاز المولى لا يعتق وسلم المقبوض إلى المولى
لانه كسب عبده.
زيلعي.
قوله: (ولا يعتق) لانه فوق الكتابة فكان أولى بالامتناع.
زيلعي.
قوله: (إلى آخر ما مر) أي من قوله: ولا دين عليه وولاية القبض للمولى، ولو اقتصر على هذا الاستثناء هنا وقال: إلا أن يجيزهما المولى الخ كما فعل في شرحه على الملتقى لكن أخصر.
قال الزيلعي: وإن كان عليه دين مستغرق لا ينفذ عند أبي حنيفة خلافا لهما بناء على أنه يملك ما في يده أم لا اه.
قوله: (ولا بغيره) أي بغير مال وهو أولى بالمنع من الاول كما لا يخفى.
منح.
قوله: (ولا يقرض) لانه تبرع ابتداء وهو لا يملكه.
منح.
قوله: (ولا يهب) قدمنا عن التاترخانية عن الاصل أنه يهب ويتصدق بما دون الدرهم، وجرى عليه في الشرنبلالية.
قوله: (ولو بعوض) لانه تبرع ابتداء، أو ابتداء وانتهاء.
زيلعي.
يعني لو بلا عوض ولا يبرئ لانه كالهبة.
درر.
قوله: (ولا يكفل) لانها ضرر محض.
درر.
قوله: (ولا يصالح الخ) لانه تصرف في رقبته ولم يدخل تحت الاذن وعفوه تبرع ط.
قوله: (ويصالح عن قصاص الخ) مستدرك مع ما تقدم ح: أي تقدم متنا.
قوله: (وأمثلة الثاني) المناسب ذكره قبل قوله: وإجارة واستئجار لانهما بمعنى التجارة كغرم الوديعة وما بعده، نص عليه في الكفاية.
قوله: (وأمانة) كمضاربة وبضاعة وعارية.
قوله: (فتنبه) لعله يشير إلى أن عبارة المصنف أحسن، لان غرم الغصب يكون بلا جحود لانه متعد به، بخلاف الوديعة والامانة فإنه إذا جحدها ضمنهما كما إذا استهلكهما، لكن كان الاحسن تقديم الغصب على الوديعة.
فإن قلت: قدمت عن البزازية إن إقرار المأذون بالدين والغصب وعين مال يصح ويؤاخذ به في الحال بخلاف المحجور عليه فلم قيد بالجحود؟ قلت: ليصير دينا فيدخل تحت قوله: وكل دين لان الكلام فيما يتعلق برقبته، ولا يكون كذلك إلا بالجحود وإن كان مؤاخذا بإقراره بالعين كما قدمه.
فإن قلت: الغصب عين.
قلت: نعم قبل التعدي عليه، وكلامه في غرمه ولا يكون إلا بعده فيكون دينا.
قوله: (وعقر الخ) لاستناده إلى الشراء، فإنه لولا الشراء لوجب عليه الحد لا العقر، سواء وجب بإقراره أو البينة.
كفاية: أي فيكون في حكم الشراء، واحترز به عما وجب عليه بالتزويج فليس بمعنى التجارة.
قهستاني.
قوله: (بعد الاستحقاق) متعلق بوجب لا بوطئ ط.
قوله: (يتعلق برقبته) لانه دين ظهر وجوبه في حق المولى.
درر.
واستثنى في الاشباه عن إجارة منية المفتي ما إذا كان أجيرا في(6/459)
البيع والشراء: أي فإن الضمان يتعلق بالآذن، وهو المستأجر وما قاله المقدسي من أنه لا يحتاج إلى الاستثناء إذ ليس بمأذون بل كوكيل المستأجر بحث في معرض النقل.
بيري.
قوله: (كدين الاستهلاك) أي كدين ترتب بذمته بسبب استهلاكه لشئ آخر ط.
قوله: (يباع فيه) ولا يجوز بيعه إلا برضا الغرماء أو بأمر القاضي، لان الغرماء حق الاستسعاء ليصل إليهم كمال حقهم، ويبطل ذلك ببيع المولى فاحتيج إلى رضاهم.
والوالجية.
وفيها: ولو باعه القاضي لمن حضروا يحبس حصة من غاب من ثمنه.
قال الزيلعي: ولا يعجل القاضي ببيعه بل يتلوم، لاحتمال أن يكون له مال يقدم عليه أو دين يقتضيه، فإذا مضت مدة التلوم ولم يظهر له وجه باعه اه.
وفيه من موضع آخر: ثم المولى ببيع عبده المأذون له المديون بعد العلم بالدين لم يجعل مختارا للفداء بالقيمة وببيع العبد الجاني بعد العلم بالجناية جعل مختارا للفداء بالارش، لان الدين هنا على العبد بحيث لا يبرأ بالعتق، ولا يجب على المولى شئ.
ولو اختار المولى الفداء صريحا بأن قال: أقضي دينه كان عدة منه تبرعا فلا يلزمه، بخلاف الجناية فإن موجبها على المولى خاصة.
قوله: (لاحتمال الخ) علة لاشتراط الحضرة، وأفاد أن بيعه غير حتم، بل يخير مولاه بين البيع أو الفداء: أي أداء جميع الديون، ولم يرد به أداء قيمته نبه عليه في الكفاية.
قوله: (لان العبد خصم فيه) أي في كسبه دون رقبته، فإذا ادعى رقبته إنسان كان المولى هو الخصم دون العبد، وإذا ادعى كسبه فالعبد خصم فيه دون المولى كما في التبيين.
قوله: (ويقسم ثمنه بالحصص) سواء ثبت الدين بإقرار العبد، أو بالبينة.
جوهرة.
قال الرحمتي: وهذا كله إذا كان الدين حالا، ولو بعضه مؤجلا يعطي أرباب الحال حصتهم ويمسك حصة صاحب الاجل إلى حلوله.
قال في الرمز: قلت: مر في المفلس عن الينابيع أنه يعطى الكل لصاحب الحال، فإذا حل المؤجل قيل له: شاركه، وهذا إذا كان كل الدين ظاهرا، ولو بعضه لم يظهر، ولكن ظهر سببه كما لو حفر بئرا في طريق وعليه دين يباع، ويدفع للغريم قدر دينه من الثمن، وإن كان الدين مثل الثمن دفعه كله، فإذا وقع في البئر دابة رجع صاحبها على الغريم بحضرته يضرب كل بماله اه.
حموي عن الكنز.
قوله: (قبل الدين) أي وبعد الاذن، بخلاف ما قبله كما سيذكره.
قوله: (هذا) أي قوله: وإن لم يحضر وقوله: قيد الاولى أن يقول: تعميم في الكسب والاتهاب ط.
لكن على جعله شرطا
محذوف الجواب يصح لان الشروط قيود.
تأمل.
قوله: (لانه الخصم في كسبه) مستغنى عنه بما تقدم قبله قريبا ط.
قوله: (ثم إنما يبدأ بالكسب) لانه أهون على المولى مع إيفاء حق الغرماء.
زيلعي.
قوله: (وعند عدمه) أي أصلا أو عدم أيفائه ط.
قوله: (مطلقا) يعني سواء وجده في يد(6/460)
العبد أو في يد الغريم، ولو استهلكه الغريم للمولى أن يضمنه.
رملي.
قوله: (ومفاده) أي مفاد كون المولى أحق بكسب عبده الحاصل قبل الاذن.
قوله: (وأودعه) الضمير المستتر عائد على المحجور فيفيد أن إيداعه قبل الاذن بالتجارة، والظاهر أن إيداعه بعد الاذن كذلك، لانه إيداع مال الغير بدون إذنه.
قوله: (للمولى تضمينه الخ) أقول: ما بحثه صرح به في الاشباه من كتاب الامانات حيث قال: وفي البزازية: الرقيق إذا اكتسبه واشترى شيئا من كسبه وأودعه وهلكت عند المودع فإنه يضمنه لكونه مال المولى مع أن للعبد يدا معتبرة، حتى لو أودع شيئا وغاب فليس للمولى أخذه اه.
وقوله: فليس للمولى أخذه: أي سواء كان العبد مأذونا أو محجورا مديونا أو لا.
بيري.
لكن هذا إذا لم يعلم أنه ماله أو كسب عبده، فإن علم فله حق الاخذ بلا حضور العبد.
حموي عن البزازية.
قوله: (لانه كمودع الغاصب) عبادة الرملي: لانه ماله: أي مال السيد أودعه عنده بلا إذنه فصار كمودع الغاصب.
قال ط: يفاد من هذا التعليل أن للمودع أن يرجع على العبد بما غرمه بعد عتقه، فتأمل.
قوله: (قبل الدين) قيد به لما في الطوري عن المحيط: لو كان عليه دين يوم أخد قليلا كان أو كثيرا لم يسلم للمولى ما أخذه، ويظهر ذلك فيما إذا لحقه دين آخر يرد المولى جميع ما كان أخذه، لانا لو جعلنا بعضه مشغولا بقدر الدين وجب على المولى رد قدر المشغول على الغريم، فإذا أخذه كان للغريم الثاني أن يشاركه فيه إن كان دينهما سواء، وكان للغريم الاول أن رجع بما أخذه منه على السيد، وإذا أخذ منه ثانيا كان للغريم الآخر أن يشاركه ثم وثم إلى أن يأخذ منه جميع ما أخذه من كسبه اه.
وفي القهستاني: يتعلق ذلك الدين بما أخذه بعد الدين فيسترد منه، كما إذا كان على المأذون خمسمائة وكسبه ألف فأخذه السيد ثم لحقه دين خمسمائة أخرى فإنه يسترد الالف من السيد اه.
وعزاه للكرماني.
وفي الذخيرة: فإن لم يلحقه دين آخر فالمولى لا يغرم إلا خمسمائة.
وفي النهاية: رد ما أخذ
لو قائما بعينه وضمانه له مستهلكا اه.
وهذا بخلاف الضريبة فإنه يرد ما زاد على غلة مثله كما يأتي قريبا، فافهم.
قوله: (وطولب المأذون بما بقي) لتقرر الدين في ذمته وعدم وفاء الرقبة.
درر.
وصرح بالمأذون لئلا يتوهم عود الضمير على المولى.
قوله: (ولا يباع ثانيا) لان المشتري يمتنع حينئذ عن شرائه، فيؤدي إلى امتناع البيع بالكلية فيتضرر الغرماء.
درر.
وكذا لو اشتراه سيده بعد ذلك لانه ملك جديد، وتبدل الملك كتبدل العين حكما فصار كأنه عبد آخر.
زيلعي.
وإنما يباع في نفقة الزوجة مرارا لانها وجبت شيئا فشيئا كما مر في النكاح.
قهستاني.
قوله: (ولمولاه أخذ غلة مثله) فلو أخذ أكثر رد الفضل على الغلماء لتقدم حقهم، ولا ضرورة فيه.
درر.
وقال في العناية: ومعناه له أن يأخذ الضريبة التي ضربها عليه في كل شهر بعد ما لزمه الديون كما كان يأخذ قبل ذلك، وما زاد على ذلك من ريعه يكون للغرماء اه.
وفي البحر عن الفتح قبيل كتاب العتق: يجوز وضع الضريبة على العبد، ولا يجبر عليها، بل إن اتفقا على ذلك اه.
وفي القهستاني: للسيد أن يأخذ منه غلة قبل وضع الضريبة وقبل لحوق الدين، وأن يأخذ أكثر(6/461)
من غلة مثله قبل الدين، ولا يأخذ الاكثر بعده، وأن يضع الضريبة بعد الدين كما في الكرماني اه.
وفي قوله: وأن يضع الضريبة بعد الدين، مخالفة لما قدمناه عنه وعن غيره من أنه يسترد منه بعد الدين، ولتقييد الشارح كغيره بقوله: قبل لحقوق الدين، إلا أن يوفق بأن له وضعها بعد الدين غير المستغرق لما في يده: أي بقدر ما يفضل بعد الدين أو أقل دون الاكثر، ويحتمل أن يعطف قوله: وأن يضع على مدخول النفي في قوله ولا يأخذ، فتأمل.
قوله: (بوجود دينه) الظاهر أن الباء بمعنى مع.
رحمتي.
قلت: وبها عبر ابن الكمال.
قوله: (استحسانا) والقياس أن يرد جميع ما أخذ، لان حق الغرماء في كسبه مقدم على حق المولى.
نهاية.
قوله: (فينسد باب الاكتساب) فصار ما يأخذه كالتصيل للكسب، وأما أخذ الاكثر فلا يعد من التحصيل فلا يحصل مقصود الغرماء.
نهاية.
قوله: (لدفع الضرر
عنه) قال في الهداية: لانه يتضر به حيث يلزمه قضاء الدين من خالص ماله بعد العتق وما رضي به ح.
قوله: (وأكثر أهل سوقه) هذا استحسان، لان إعلام الكل متعذر أو متعسر، فلو حجر عليه بحضرة الاقل لم يصر محجورا عليه، حتى لو بايعه من علم منهم ومن لم يعلم جاز البيع، لانه لما صار مأذونا له في حق من لم يعلم صار مأذونا في حق من علم أيضا، لان الحجر لا يقبل التخصيص ولا يتجزأ كالاذن.
قال في النهاية: ثبت بهذا عدم صحة الحجر الخاص، وإن من شرط صحة الحجر التعميم.
قوله: (إن كان الاذن شائعا) وكذا بشرط كون الحجر قصدا.
قال في النهاية: ثم اعلم أن اشتراط إهار الحجر فيما بين أهل سوقه فيما إذا ثبت الحجر قصدا كعزل الوكيل، فلو ضمناه لغيره فلا، كما إذا باع عبده المأذون غير المديون اه.
وسيشير إليه قريبا.
قوله: (أما إذا لم يعلم الخ) محترز قوله: شائعا.
قوله: (كفى في حجره علمه به فقط) فلو لم يعلم فاشترى وباع كان مأذونا والحجر باطل، لان حكم الحجر لا يلزمه إلا بعلمه.
إتقاني.
قوله: (باع عبده المأذون الخ) وكذا لو وهبه من رجل وقبضه، فلو رجع في الهبة لا يعود الاذن، وكذا رده المشتري بالعيب بالقضاء وإن عاد إليه قديم ملكه.
نهاية.
قوله: (لصحة البيع) وهو حجر ثبت حكما للبيع لا مقصودا، لان البيع لم يوضع للحجر، ويجوز أن يثبت الشئ حكما لغيره وإن لم يثبت قصدا كعزل الوكيل الغائب.
نهاية.
قوله: (وان عليه دين) أي وباعه بلا اذن الغرماء، وقوله (لا) أي: لا يصير محجورا، قوله: (لفساد البيع) علة لقوله: لا وقد وقع في كلام الامام محمد أن البيع باطل، فقيل أراد سيبطل لانه موقوف على إجازة الغرماء، وقيل أراد به أنه فاسد إلا أن الفساد فيه دون سائر العقود الفاسدة لانه خال عن الشروط الفاسدة والمالك غير مكره عليه، إنما عدم الرضا من صاحب الحق لا غير، فأظهرنا زيادته(6/462)
على سائر العقود الفاسدة في إفادته قبل القبض ملكا موقوفا.
تاترخانية ملخصا.
وعليه لينظر ما فائدة قول الشارح: ما لم يقبضه المشتري فإن الملك حاصل قبله.
تأمل.
قوله: (إن ديو نهم حلة نعم) أي لهم فسخه، ولو مؤجلة فلا، فإن حل الاجل ضمن المولى لهم قيمته، وكذا لو وهب العبد قبل حلول الدين لرجل وقبضه أو آجره جاز، فإن حل الاجل ضمن لهم القيمة وليس لهم رد الهبة وكان لهم نقض الاجارة، وأما الرهن فكالبيع.
تاترخانية.
وأما العتق فسيأتي متنا.
قوله: (وفاء) أي بديون المأذون.
قوله: (وبموت سيده) وكذا الصبي يحجر بموت الاب والوصي.
وأما المأذون من قبل القاضي فلا ينعزل بموته لانه حكم كما في شرح المجمع.
در منتقى.
قوله: (وجنونه مطبقا) سنة فصاعدا أو يفوض للقاضي، وبه يفتى، فإن مست الحاجة إلى التوقيت يفتى بسنة كما في تتمة الواقعات.
در منتقى.
قوله: (ولحوقه) قال في شرح المجمع: أقول قد تسامح فيه لان اللحاق بدون القضاء لا يكون كالموت عندنا.
قوله: (وكذا بجنون المأذون ولحوقه أيضا) فلو قال وموت أحدهما ولو حكما أو جنونه مطبقا لكان أتم وأخصر.
عزمية.
قوله: (وإن لم يعلم أحد به) أي بهذا الحجر أو بالموت، وما ذكر بعده قال الزيلعي: فصار محجورا عليه في ضمن بطلان الاهلية فلا يشترط فيه علمه ولا علم أهل سوقه، لان الحجر حكمي فلا يشترط فيه العلم كانعزال الوكيل بهذه الاشياء اه.
قوله: (لانه موت حكما) حتى يعتق مدبروه وأمهات أولاده، ويقسم ماله بين ورثته، وهذا علة لقوله: ولحوقه فكان ينبغي تقديمه على قوله: وإن لم يعلم أحد به.
قوله: (وينحجر حكما) كان ينبغي ذكره عند قوله: وبموت سيده لان كل ذلك حجر حكمي كما علمت.
قوله: (بإباقه) لان المولى لم يرض بتصرف عبده المتمرد الخارج عن طاعته عادة فكان حجرا عليه دلالة.
زيلعي.
وسيذكر آخرا عن الاشباه تصحيح خلافه ويأتي ما فيه.
قوله: (وإن لم يعلم أحد) أي من أهل سوقه.
قوله: (كان حجرا دلالة) هذا استحسان، لان العادة جرت بتحصين أمهات الاولاد، وأنه لا يرضى بخروجها واختلاطها بالرجال في المعاملة ودليل الحجر كصريحه.
زيلعي.
قوله: (ما لم يصرح بخلافه) لان الصريح يفوق الدلالة.
زيلعي.
قوله: (لا بالتدبير) لان العادة لم تجر بتحصين المدبرة فلم يوجد دليل الحجر.
منح.
وكذا المدبر بالاولى.
قوله: (وضمن بهما قيمتهما) أي ضمن المولى بالاستيلاد والتدبير قيمتهما، لانه أتلف بهما محلا تعلق به حق الغرماء لانه بفعله اتنع بيعهما.
زيلعي.
وظاهر كلام المصنف أن يضمن القيمة مطلقا مع أنه يتوقف على اختيار الغرماء، فلو زاد إن شاؤوا لكان أولى لما في المحيط، وإن شاؤوا استسعوا العبد في دينهم، وإن ضمنوا المولى لا سبيل لهم على العبد حتى يعتق.
وفيه: عليه دين لثلاثة لكل ألف اختار اثنان ضمان المولى فضمناه ثلثي قيمته واختار الثالث استسعاء العبد في جميع دينه جاز، ولا يشارك أحدهما الآخر فيما قبض، بخلاف ما إذا
كان الغريم واحدا، فإذا اختار أحدهما بطل حقه في الآخر.
طوري.
قوله: (فقط) أي لا ما زاد على(6/463)
القيمة من الدين بل يطالبان به بعد العتق.
قوله: (أن ما معه) قيد بالمعية، إذ إقراره في حق رقبته بعد الحجر لا يصح حتى لا تباع رقبته بالدين إجماعا كما في التبيين.
قوله: (صحيح) أي بشروط تؤخذ من الزيلعي وغيره، وهي أن لا يكون إقراره بعد أخذ المولى ما في يده أو بعد ما باعه من غيره، وأن لا يكون عليه دين مستغرق لما في يده وقت الحجر، وأن لا يكون ما في يده اكتسبه بعد الحجر.
قوله: (وقالا لا يصح) يعني حالا وهو القياس.
شرنبلالية.
قوله: (فلم يعتق عبد الخ) أي في حق الغرماء، فلهم أن يبيعوه ويستوفوا ديونهم، وأما في حق المولى فهو حر بالاجماع حتى أن الغرماء لو أبرؤوا العبد من الدين أو باعوه من المولى أو قضى المولى دينه فإنه حر.
تاترخانية عن الينابيع.
قوله: (وقالا يملكه) لانه وجد سبب الملك في كسبه وهو ملك رقبته، ولهذا يملك إعتاقه ووطئ المأذونة.
وله أن ملك المولى إنما يثبت خلافه عن العبد عند فراغه عن حاجته والمحيط به الدين مشغول بها فلا يخلفه فيه.
هداية.
قوله: (ولو اشترى الخ) معطوف على لم يعتق فهو مفرع على قول الامام.
قوله: (ولو ملكه لم يضمن) ظاهره أن عند القائل بالملك لا يضمن، وليس كذلك بل الضمان متفق عليه.
لكن يضمن قيمته للحال عندهما لانه ملكه، وإنما ضمنه لتعلق حق الغير به، وعنده في ثلاث سنين لانه ضمان جناية لعدم ملكه كما في التبيين.
قوله: (خلافا لهما) راجع إلى مسألة ذي الرحم أيضا اه ح.
قوله: (صح تحريره) أي تحرير المولى العبد الذي اكتسبه المأذون.
قوله: (إجماعا) أي عندهما، وعنده في قوله الاخير وفي قوله الاول لا يملك، فلا يصح أعتاقه.
زيلعي.
قوله: (حال كون المأذون) الانسب أن يقول: أي المأذون حال كون ح.
قوله: (ولو بمحيط) هذا بالاجماع لقيام ملكه فيه، وإنما الخلاف في أكسابه بعد الاستغراق بالدين وقد بينانه.
زيلعي.
قوله: (وضمن المولى الخ) سواء علم المولى بالدين أو لا بمنزلة إتلاف مال الغير لما تعلق به حقهم.
زيلعي.
قوله: (الاقل من دينه وقيمته) لان حقهم تعلق بماليته فيضمنها، كما إذا أعتق الراهن المرهون.
زيلعي.
قوله: (وإن شاؤوا اتبعوا العبد) لان الدين مستقر في ذمته.
زيلعي.
قال في المحيط: وما قبضه أحدهم من العبد لا يشاركه فيه الباقون، بخلاف
ما قبضه أحدهم من القيمة التي على المولى، لانها وجبت لهم على المولى بسبب واحد وهو العتق والدين متى وجب لجماعة بسبب واحد كان مشتركا بينهم اه.
طوري.
قوله: (لا يبرأ الآخر) لانه وجب على كل واحد منهما دين على حدة، بخلاف الغاصب مع غاصب الغاصب، لان الضمان واجب على أحدهما.
زيلعي.
قوله: (بعد عتقه) مستدرك لان الفرض أنه قد أعتق.
قوله: (وصح تدبيره الخ) إنما أعاد صدر(6/464)
المسألة مع تصريح المصنف به آنفا ليرتب عليه عجزها ط.
قوله: (ويخير الغرماء) إن شاؤوا ضمنوا المولى قيمة العبد، وإن شاؤوا استسعوا العبد في ديونهم، فإن ضمنوا المولى القيمة فلا سبيل لهم على العبد حتى يعتق وبقي العبد مأذونا على حاله، وإن استسعوا العبد أخذوا من السعاية ديونهم بكمالها وبقي العبد مأذونا على حال.
هندية.
وبه ظهر معنى الاستثناء ط: أي في قوله: إلا أن الخ بخلاف العتق كما مر فإنه باتباع أحدهما لا يبرأ الآخر.
قوله: (أحد الشيئين) وهما تضمين المولى واستسعاء العبد.
قوله: (ولو أعتقه المولى الخ) هذه مرتبط بقوله: وصح إعتاقه لا بمسألة المدبر.
قال الزيلعي: ولو أعتقه المولى بإذن الغرماء فلهم أن يضمنوا مولاة القيمة، وليس هذا كإعتاق الراهن عبد الرهن بإذن المرتهن وهو معسر، لانه قد خرج عن الرهن بإذنه، والعبد المأذون له لا يبرأ من الدين بإذن الغريم اه: أي في عتقه.
أما المدبر فلا ضمان بإعتاقه مطلقا لما ذكره المؤلف من التعليل، فتدبر ط.
وعبارة الطوري: وقوله وضمن شمل ما إذا أعتق بإذن الغرماء الخ قوله: (بأقل من الديون) أو وكان بلا إذن الغرماء والدين حال، وأما إذا كان بخلاف هذه الاشياء الثلاثة فلا ضمان على المولى.
نهاية.
وزاد المقدسي عن شرح الجامع لابي الليث: وكان البيع بأقل من القيمة، أما لو باعه بقيمته أو أكثر وقبض هو في يده فلا فائدة في التضمين ولكن يدفع الثمن إليهم اه.
نقله السائحاني.
قوله: (وغيبه) بالغين المعجمة در منتقى.
قوله: (كان لهم فسخ البيع) أي قبل القاضي لهم بالقيمة، فلو بعده ففيه تفصيل يأتي عن الزيلعي.
قوله: (كما مر) أي قبل نحو صفحة السراجية.
قوله: (ضمن الغرماء البائع قيمته) أي سواء كانت قدر الثمن أو دونه أو أزيد، هذا إذا كانت قدر الدين أو دونه، فلو كانت أزيد يضمن بقدر الدين فقط.
رحمتي.
قوله: (لتعديه) أي ببيعه وتسليمه إلى المشتري.
منح.
قوله: (فإن
رد العبد) يعني إذا اختاروا أخذ القيمة من المولى ثم ظهر العبد واطلع المشتري على عيب ورده به الخ.
قوله: (قبل القبض الخ) نظر فيه الشرنبلالي بأن الصورة فيما إذا غيبه المشتري، وليس إلا بعد القبض، قال: ولعله إنما ذكر ذلك لقوله: مطلقا ليقابله بقوله: أو بعده بقضاء.
قوله: (مطلقا) أي بقضاء أو رضا ح.
قوله: (أو بخيار رؤية أو شرط) أي مطلقا قبل القبض أو بعده بقضاء أو رضا فكان عليه(6/465)
تأخير قيد الاطلاق إلى هنا ح.
وإنما لم يحتج للقضاء لان العيب يمنع تمام الصفقة فيكون الرد فسخا، وخيار الشرط يمنع ابتداء الحكم فكأن البيع لم يكن لعدم شرطه وهو الرضا، وخيار الرؤية يمنع تمام الحكم فالرد بهما لا يكون إلا فسخا.
رحمتي.
قوله: (أو بعده بقضاء) راجع لما في المتن: أي أو رد بعيب بعد القبض بقضاء لانه بالقضاء يصير فسخا.
رحمتي.
قوله: (لزوال المانع) أي من تعلق حقهم بالعبد وهو البيع والتسليم الذي هو سبب الضمان.
قال الزيلعي: فصار كالغاصب إذا باع وسلم وضمن القيمة ثم رد عليه بالعيب كان له أن يرد المغصوب على المالك ويرجع عليه بالقيمة التي دفعها إليه.
قوله: (فلا سبيل لهم على العبد) أي في استسعائه.
قوله: (ولا للمولى على القيمة) أي في استردادها من الغرماء.
قوله: (وهي بيع في حق غيرهما) أي غير المتبايعين كما تقدم في الاقالة أنها فسخ في حق المتبايعين بيع جديد في حق ثالث والغرماء ثالث، ففي حقهم كأنه اشتراه من مشتريه وبيعه الاول على حاله.
رحمتي.
فلذا قال: فلا سبيل لهم على العبد ولا للمولى على القيمة، فليس المراد بالغير العبد، فافهم.
قوله: (أو ضمنوا مشتريه) أي ضمنوه القية لانه متعد بالشراء والقبض والتغييب.
زيلعي.
قال ح: وأنت خبير أن الثمن وإن كان أقل من الدين في مسألتنا كما ذكره الشارح، لكن القيمة قد تكون أكثر من الدين.
فينبغي تقييد ضمان القيمة بما إذا كانت مثل الدين أو أقل.
أما لو كانت أكثر فينبغي أن لا يضمن إلا مقدار الدين كما لا يخفى، وحينئذ ينظر في كيفية الرجوع على البائع اه.
قال ط: إن كان الثمن قدر ما ضمن من القيمة رجع به، وإن كان المضمون أكثر فلا وجه لرجوع المشتري على البائع بالزيادة، فليتأمل اه.
قوله: (عطف على البائع) إنما يصح لو كان قوله: ضمنوا ليس من عبارة المتن، وهو خلاف ما رأيناه في النسخ، وعليه فهو عطف على قوله: ضمن
من عطف الجمل.
قوله: (ويرجع المشتري بالثمن عل البائع) لان أخذ القيمة منه كأخذ العين.
زيلعي.
وقوله: بالثمن أشار به إلى أنه لا يرجع بما ضمن، بل بما أداه للبائع من الثمن، وما بقي من القيمة لا مطالبة له على البائع به، وظاهر أن هذا فيما إذا كانت القيمة أكثر من الثمن اه.
شرنبلالية.
قوله: (أو أجازوا البيع الخ) قال الزيلعي: حاصله: أن الغرماء يخيرون بين ثلاثة أشياء: إجازة البيع، وتضمين أيهما شاؤوا، ثم إن ضمنوا المشتري رجع المشتري بالثمن على البائع، وإن ضمنوا البائع سلم المبيع للمشتري وتم البيع لزوال المانع، وأيهما اختاروا تضمينه برئ الآخر حتى لا يرجعون عليه وإن نويت القيمة عند الذي اختاروه، ولو ظهر العبد بعدما اختاروا تضمين أحدهما ليس لهم عليه سبيل إن كان القاضي قضى لهم بالقيمة ببينة أو بإباء يمين لان حقهم تحول إلى القيمة بالقضاء، وإن قضى بالقيمة بقول الخصم مع يمينه، وقد ادعى الغرماء أكثر منهم فهم بالخيار: إن شاؤوا رضوا بالقيمة، وإن شاؤوا ردوها وأخذوا العبد فبيع لهم، لانه لم يصل إليهم كمال حقهم بزعمهم وهو نظير المغصوب في ذلك.
كذا ذكره في النهاية، وعزاه إلى المبسوط.
قال الراجي عفو ربه: الحكم المذكور في المغصوب مشروط بأن تظهر العين وقيمتها أكثر مما(6/466)
ضمن، ولم يشترط هنا ذلك، وإنما شرط أن يدعي الغرماء أكثر مما ضمن، وأن كمال حقهم لم يصل إليهم بزعمهم، وبينهما تفاوت كثير لان الدعوى قد تكون غير مطابقة، فيجوز أن تكون قيمته مثل ما ضمن أو أقل، فلا يثبت لهم الخيار فيه، وإنما يثبت لهم الخيار إذا ظهر وقيمته أكثر مما ضمن فلا يكون المذكور هنا مخلصا اه.
ويجاب بما ذكره الشلبي عن خط قارئ الهداية بأن لهم أن يردوا ما أخذوا وإن كانت قيمته مثل ما ضمن أو أقل، لان لهم فيه فائدة وهو حق استسعائه بجميع دينه.
أبو السعود.
وبمثله أجاب الطوري.
قوله: (معلما بدينه) اسم فاعل من الاعلام حال من ضمير السيد.
وعبارة الهداية والكنز: وأعلمه بالدين.
قال في الكفاية: أي أعلم البائع المشتري بأن هذا العبد مديون، وفائدته سقوط خيار المشتري في الرد بعيب الدين حتى يقع البيع لازما فيما بين البائع والمشتري، وإن لم يكن لازما في حق الغرماء إذا لم يكن في ثمنه وفاء بديونهم اه.
ومثله في التبيين وغيره وسيشير إليه الشارح.
قوله: (يعني
مقرا به لا منكرا كما سيجئ) قد علمت أن قوله: معلما حال من السيد البائع فهو وصف له، والذي سيجئ اعتبار إقرار المشتري لا البائع، وأصل هذا الكلام لابن الكمال حيث ذكر أن فائدة قوله: معلما تظهر في المسألة الآتية وهي قوله: وإن غاب البائع فالمشتري ليس بخصهم لهم لو منكرا دينه قال: فإنه دل بمفهومه على أنه يخاصم مقرا فلا بد من فرض العلم حتى يتيسر تصوير الانكار مرة والاقرار أخرى اه.
لكنه لم يفسر الاعلام بالاقرار كما فعل الشارح، بل جعله مبني تصوير الانكار الآتي صريحا والاقرار المفهوم ضمنا ولذا قال ح: إن قوله مقرا به لا يصلح تفسيرا للمتن ولا تقييدا له، وقد غلط في عبارة ابن الكمال ولم يفهمها اه.
ويمكن أن يكون قوله: يعين مقرا تفسيرا لمفعول باع الاول: أي باع مشتريا مقرا أو حالا من المشتري المفهوم من المقام، ولو قال لمقر لكان أظهر، وفيما ذكره ابن الكمال من الفائدة نظر لان المسألة رباعية غاب العبد، وقد مر غاب البائع أو غاب المشتري وسيأتي، حضر الكل: وهي التي الكلام فيها، ولذا قال ط: هذا مفروض فيما إذا كان العبد حاضرا ليباين قوله سابقا: وإن باعه سيده وغيبه المشتري فلو قال المصنف: وإن كان العبد حاضرا فلهم الفسخ بحضرتهما لكان أخصر وأوضح اه.
وفي هذه إن كان المشتري مقرا بالدين فالامر ظاهر، وإن كان منكرا فعلى الغرماء إثباته لعدم المانع لوجود الخصم فيها، وإنما الكلام في غيبة البائع، فإن كان المشتري مقرا لهم رد البيع لانه خصم، وإلا فلا، فقوله: معلما في مسألة حضرة الكل لا يظهر له فائدة في هذه مسألة أصلا، وإنما فائدته ما مر عن الكفاية وغيرها فتدبر.
هذا ما ظهر لي.
قوله: (لتحقق المخاصمة) تحقق فعل مضارع حذف منه إحدى التاءين، والمخاصمة فاعل: يعني أن فائدة إقرار المشتري بالدين فيما إذا غاب البائع صحة كونه خصما للغرماء في رد البيع.
قوله: (فللغرماء رد البيع) لان حقهم تعلق به وهو حق الاستسعاء أو الاستيفاء من رقبته.
وفي كل منهما فائدة: فالاول تام مؤخر، والثاني ناقص معجل، وبالبيع تفوت هذه الخيرة فكان لهم رده.
زيلعي.
قوله: (إن لم يصل ثمنه إليهم) قال في الهداية: قالوا تأويل المسألة إذا لم يصل إليهم الثمن، فإن وصل ولا محاباة في البيع ليس لهم أن يردوه لوصول حقهم.
قال(6/467)
الزيلعي: وفيه نظر لانه يشير إلى أنهم لا يكون لهم خيار الفسخ عند وصول الثمن إليهم، إذا لم يكن في اليع محاباة وإن لم يف الثمن بحقهم، وإن كان في البيع محاباة ثبت لهم خيار الفسخ وإن وفى الثمن بحقهم، وليس كذلك بل لهم خيار الفسخ إذا لم يف الثمن بحقهم، وإن لم يكن فيه محاباة لاجل الاستسعاء وقد ذكره بنفسه قبيله، ولا خيار لهم إن وفى الثمن بحقهم وإن كان فيه محاباة لوصول حقهم إليه.
ولو قال وتأويل المسألة فيما إذا باعه بثمن لا يفي بدينهم استقام وزال الاشكال، لان الثمن إذا لم يف بدينهم لهم نقض البيع كيفما كان، وإذا وفى ليس لهم نقضه كيفما كان، وإذا لم يوجد شئ مما ذكرنا من تأجيل الدين وطلبهم البيع ووفاء الثمن بالدين فالبيع موقوف حتى يجوز بإجازة الغرماء وهي مسألة الكتاب اه.
ونحوه في شروح الهداية.
قوله: (لان قبضهم الخ) تعليل لمفهوم قوله: إن لم يصل ثمنه إليهم والتقدير: فإن وصل ليس لهم الرد لان الخ، والاولى أن يقول بالبيع ط.
ثم إن هذا جواب عن صاحب الهداية وأصله لصاحب النهاية حيث قال: اللهم إلا أن يريد بقوله: فإن وصل ولا محاباة في البيع رضاهم بأخذ الثمن وهو رضا بالبيع، ثم قال: ولكن احتمال إحضار الثمن والتخلية بينهم وبين الثمن بلفظ الوصول باق، فكان المعول عليه قول الامام قاضيخان: تأويله إذا باع بثمن لا يفي بديونهم اه.
وحاصله: أن الوصول يحتمل معنى الاحضار والتخلية كما يحتمل معنى القبض فلا يدل على الرضا.
أقول: لكن قول صاحب الهداية قبله: إن له الخيار إذا لم يف الثمن بحقهم قرينة ظاهرة، على أنه أراد بالوصول القبض كي لا يتناقض كلامه، وإعمال الكلام أولى من إهماله سيما من مثل هذا الامام، ولذا جزم به ابن الكمال وجعل ما سواه من حشاوي الاوهام قوله: (إلا إذا كان فيه محاباة) إذ لهم حينئذ أن يقولوا: إنما قبضنا الثمن لاعتقادنا أنه تمام القيمة.
ابن مال: أي فلا يدل على الرضا ما لم يف الثمن بحقهم.
قوله: (وقال المصنف) أي تبعا للزيلعي وغيره.
قوله: (هذا) أي ثبوت رد البيع للغرماء.
قوله: (وإلا فالبيع نافذ) أي بأن كان الدين مؤجلا، لانه باع ملكه قادرا على تسليمه قبل تعلق حق الغير، أو كان البيع بإذنهم لانه بمنزلة بيعهم لانفسهم، ومحله إذا باعه من غير محاباة، وإلا فالظاهر ثبوت الرد لهم لما تقدم.
ط.
قلت: الظاهر كون المولى وكيلا عنهم فيجري فيه ما مر في كتاب الوكالة.
تأمل.
قال أبو السعود: وكذا ينفذ إذا كان بإذن القاضي كما قدمناه اه.
أو كان لثمن يفي بدينهم لان حقهم قد وصل إليهم.
قوله: (لزوال المانع) وهو حق الغرماء.
قوله: (ليس بخصم لهم) لان الدعوى تتضمن فسخ العقد، فيكون الفسخ قضاء على الغائب.
زيلعي.
قوله: (منكرا دينه) أي لو كان المشتري منكرا دين العبد.
قوله: (خلافا للثاني) حيث قال: هو خصم ويقضي للغرماء بدينهم لانه يدعي الملك لنفسه(6/468)
في العين فيكون خصما لمن ينازعه فيها.
زيلعي.
قوله: (ولو مقرا فخصم) لان إقراره حجة عليه فيفسخ بيعه إذا لم يف الثمن بديونهم.
زيلعي.
قوله: (لا خصومة إجماعا) لان الملك واليد للمشتري، ولا يمكن إبطالهما وهو غائب، فما لم يبطل ملكه لا تكون الرقبة محلا لحقهم.
زيلعي.
قوله: (لكن لهم تضمين البائع قيمته) لانه صار مفوتا حقهم بالبيع والتسليم، فإذا ضمنوه القيمة جاز البيع فيه وكان الثمن للبائع.
زيلعي.
قوله: (أو إجازة البيع) وتكون بمنزلة الاذن السابق، ولم يذكر تضمين المشتري إذا كان مقرا بديونهم.
والظاهر أن لهم ذلك ويحرر، وهي الخيارات التي جرت في المسألة السابقة ط.
قوله: (فهو مأذون) أي يصدق في حق كسبه حتى تقضي به ديونه استحسانا ولو غير علد لان في ذلك ضرورة وبلوى، لان إقامة الحجة عند كل عقد غير ممكن.
زيلعي.
قوله: (ساكتا) حال من العبد: أي لم يخبر بشئ.
قوله: (ومفاده) أي مفاد قوله: وأمر مسلم وكذا قول الزيلعي: لان الظاهر أنه مأذون له لان عقله ودينه يمنعانه عن ارتكاب المحرم، لكن قال ح: في النفس منه شئ اه.
قلت: لانه خبر في المعاملة، وقد قالوا: الخبر ثلاثة: خبر في الديانة تشترط له العدالة دون العدد، وخبر في الشهادة فالعدالة والعدد، وخبر في المعاملة.
فلا يشترط واحد لئلا يضيق الامر، ولانه في الهداية علله بأنه إن أخبر بالاذن فالاخبار دليل عليه، وإلا فتصرفه جائز لان الظاهر أن المحجور يجري على موجب حجره، والعمل بالظاهر هو الاصل في المعاملات كي لا يضيق الامر على الناس اه.
فقد اقتصر على العمل بالظاهر والضرورة، فيشمل الكل، ولا ينافيه ذكر العقل والدين، ولانه بالنظر لبعض الاشخاص.
تأمل.
قوله: (بالمسلم) أي بالعبد المسلم.
قوله: (ولكن لا يباع الخ) لانه
لا يقبل قوله في الرقبة لانها خالص حق المولى، بخلاف الكسب لانه حق العبد.
هداية.
قوله: (أو أثبته الغريم بالبينة) أي بحضرة المولى وإلا فلا تقبل، لان العبد ليس بخصم في رقبته، وإن أقر العبد بالدين فباع القاضي أكسابه وقضى دين الغرماء ثم جاء المولى وأنكر الاذن، فإن برهن الغرماء على الاذن وإلا ردوا للمولى ما أخذوا من ثمن كسبه، ولا ينقض بيع القاضي لان له ولاية بيع مال الغائب، ويؤخر حقهم إلى العتق لان المحجور لا يؤاخذ بأقواله للحال.
إتقاني عن مبسوط شيخ الاسلام.
مبحث في تصرف الصبي ومن له الولاية عليه وترتيبها قوله: (وتصرف الصبي والمعتون الخ) ذكر هذه المسألة في هذا الكتاب نظرا إلى إذن ولي الصبي، وكونه مأذونا بإذنه وبين حكم.
، وذكرها في كتاب الحجر حيث قال: ومن عقد منهم وهو يعقله أجاز وليه أو رده نظرا إلى كونه محجورا وبين حكمه.
يعقوبية.
قوله: (الذي يعقل البيع والشراء) صفة لكل(6/469)
من الصبي والمعتوه ط عن الحموي.
قوله: (محضا) أي من كل الوجوه.
قوله: (والاتهاب) أي قبول الهبة وقبضها وكذا الصدقة.
قهستاني.
قوله: (وإن ضارا) أي من كل وجه: أي ضررا دنيويا، وإن كان فيه نفع أخروي كالصدقة والقرض.
قوله: (كالطلاق والعتاق) ولو على مال فإنهما وضعا لازالة الملك وهي ضرر محض، ولا يضر سقوط النفقة بالاول وحصول الثواب بالثاني وغير ذلك مما لم يوضعا له، إذ الاعتبار للوضع، وكذا الهبة والصدقة وغيرهما.
قهستاني.
قوله: (لا وإن أذن له وليهما) لاشتراط الاهلية الكاملة، وكذا لو أجازه بعد بلوغه، إلا إذا كانت بلفظ يصلح لابتداء العقد كأوقعت الطلاق أو العتاق، وكذا لا تصح من غيره كأبيه ووصيه والقاضي للضرر.
قلت: ومواضع الضرورة مستثناة عن قواعد الشرع كما لو كان مجبوبا أو ارتد أو أسلمت امرأته وأبى الاسلام أو كاتب وليه حظه من عبد مشترك واستوفى بدلها فقد صار الصبي مطلقا في قول كما صار معتقا.
وتمامه في القهستاني والبرجندي.
در منتقى.
قوله: (كالبيع) أي ولو يضعفا القيمة لان العبرة بأصل وضعه دون ما عرض له باتفاق الحال وهو بأصله متردد بخلاف الهبة له، وتحقيقه في المنح.
قوله: (في كل أحكامه) فيصير مأذونا بالسكوت ويصح إقراره بما في يده من كسبه، ولا يملك
تزويج عبده ولا كتابته كما في العبد.
جوهرة.
ولا يتقيد بنوع من التجارة، ويجوز بيعه بالغبن الفاحش عنده خلافا لهما إلى غير ذلك من الاحكام التي في العبد.
زيلعي.
ثم استثنى آخر الباب فقال: إلا أن الولي لا يمنع من التصرف في مالهما وإن كان عليهما دين، ولا يقبل إقراره عليهما وإن لم يكن عليهما دين، بخلاف المولى.
والفرق أن إقرار الولي عليهما شهادة، لانه إقرار على غيره فلا يقبل، ودينهما غير متعلق بمالهما وإنما هو في الذمة لانهما حران فكان للولى أن يتصرف بعد الدين كما كان له قبله اه.
أقول: وهذا في الحقيقة فرق بين المولى والولي لا بين العبد والصبي، فلا حاجة لاستثنائه لان الكلام في تصرفات الصبي أشار إليه في المعراج.
قوله: (أن يعقلا البيع الخ) أي أن يعرفا مضمون البيع لا مجرد العبارة.
يعقوبية وغيرها.
قال في الولوالجية: فإنه ما من صبي لقن البيع والشراء إلا ويتلقنهما.
قوله: (سالبا للملك) أي ملك المبيع وجالبا للثمن وبالعكس في الشراء.
قوله: (زاد الزيلعي) أي تبعا لغيره من شراح الهداية وغيرهم.
قوله: (وإن يقصد الربح) كان ينبغي له أن يأتي بألف التثنية في يقصد ويعرف ليناسب المتن ح.
لكن حكى الشارح عبارة الزيلعي: وإفراد الضمير هنا باعتبار المذكور والخطب سهل.
قوله: (ويعرف الغبن الخ) بحث شيخنا في هذا الشرط بأن الفرق بين اليسير والفاحش مختص بحذاق التجار فينبغي أن لا يعتبر ح.
قلت: وأصله للعلامة يعقوب باشا محشي صدر الشريعة ذكره أوائل كتاب الوكالة، لكنه بحث(6/470)
مصادم للمنقول في المذهب، فالشأن في تأويله: ولعل مرادهم فيما تكون قيمته معروفة مشهورة، وإلا فغيره قد يغبن فيه أعقل الناس، أو المراد أن يعرف أن الخمسة فيما قيمته عشرة مثلا غبن فاحش وأن الواحد فيها يسير، فإن من لم يدرك الفرق بينهما غير عاقل، كصبي دفع له رجل كعبا وأخذ به ثوبه، فإنه إذا فرح به ولم يعرف أنه مغبون لا يصح تصرفه أصلا.
والظاهر أن هذا هو المراد.
وأجاب في وكالة السعدية بأنه قد يقام التمكن من الشئ مقام ذلك الشئ، فالتمكن من المعرفة بالعقل وذلك موجود في الصبي الذي كلامنا فيه، فليتأمل اه.
وحاصله: أن ما ذكر كناية عن أن يكون عاقلا، وليس المراد حقيقة هذه المعرفة فهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم، والله تعالى أعلم.
قوله: (وهو ظاهر) كأنه ظاهر بالنسبة إليه أو الجملة حالية.
والمعنى أن يعرف الغبن المذكور حال كونه ظاهرا لكل ذي عقل فيكون بمعنى ما أجبنا به.
قوله: (ووليه أبوه) أي الصبي.
وفي الهندية: والمعتوه الذي يعقل البيع يأذن له الاب الوصي والجد دون الاخ والعم، وحكمه حكم الصبي، ثم ذكر بطلان إذن ابنه له.
ويمكن رجوع الضمير في المتن إلى الصبي والمعتوه باعتبار المذكور، ثم هذا إذا بلغ معتوها، أما إذا بلغ عاقلا ثم عته لا تعود الولاية إلى الاب قياسا بل إلى القاضي أو السلطان.
وفي الاستحسان: تعود إليه، قيل الاول قول أبي يوسف، والثاني قوله محمد، وقيل الاول قول زفر، والثاني قول زفر، والثاني قول علمائنا الثلاثة كما في التاترخانية.
قوله: (ثم وصى وصيه) قال الرملي في حاشية البحر: أي وإن بعد كما في جامع الفصولين.
قوله: (الصحيح) احتراز عن الجد الفاسد كأبي الام.
قوله: (ثم الوالي) المراد بالوالي من إليه تقليد القضاة بدليل قول الهداية: بخلاف صاحب الشرط لانه ليس إليه تقليد القضاة ح.
وأخر في العناية الوالي عن وصي القاضي.
قال في اليعقوبية: وفيه كلام.
قوله: (بالطريق الاولى) أي ثبوت الولاية للوالي أولى، لان القاضي يستمدها منه.
قوله: (ثم القاضي أو وصيه) إنما سمي وصيا مع أن الايصاء هو الاستخلاف بعد الموت، لانه هنا يصير خليفة للاب كأن الاب جعله وصيا، فإن فعل القاضي يصير كفعل الاب، أبو السعود عن الشمني.
واستشكل في اليعقوبية تأخير القاضي بما سيأتي من أن القاضي لو أذن للصغير وأبى أبوه يصير مأذونا، قال: فإنه يستلزم تقدمه على الاب في الاذن كما لا يخفى اه.
أقول: وسنذكر جوابه.
قوله: (أيهما تصرف صح الخ) أي أن كلا منهما في مرتبة واحدة كما قاله في الدر المنتقى.
قال القهستاني: وإنما عدل عن كلمة الترتيب إلى التسوية إشعارا بصحة ولاية كل من الوالي والقاضي ووصيه بعد موت وصي وصي الجد اه.
وحاصله: أنه لا ولاية للجد مع وصي الاب ولا للوالي والقاضي مع الجد أو وصيه وبعد الجد أو وصية لا ترتيب.
قوله: (دون الام أو وصيها) قال الزيلعي: وأما ما عدا الاصول من العصبة كالعم والاخ أو غيرهم كالام ووصيها وصاحب الشرطة لا يصح إذنهم له، لانهم ليس لهم أن يتصرفوا في
ماله تجارة، فكذا لا يملكون الاذن له فيها، والاولون يملكون التصرف في ماله فكذا يملكون الاذن له في التجارة اه.
قوله: (هذا في المال) ليس على إطلاقه.
ففي وكالة البحر عن خزانة المفتين: وليس(6/471)
لوصي الام ولاية التصرف في تركة الام مع حضرة الاب أو وصيه أو وصي وصيه أو الجد، وإن لم يكن واحد ممن ذكرنا فله الحفظ وبيع المنقول لا العقار والشراء للتجارة، وما استفاده الصغير من غير مال الام مطلقا.
وتمامه فيها اه.
لكن بيع المنقول من الحفظ.
قال في السابع والعشرين من جامع الفصولين: ولو لم يكن أحد منهم، فلوصي الام الحفظ وبيع المنقول من الحفظ، وليس له بيع عقاره ولا ولاية الشراء على التجارة إلا شراء ما لا بد منه من نفقة وكسوة، وما ملكه اليتيم من مال غير تركة أمه فليس لوصي أمه التصرف فيه منقولا أو غيره.
وتمامه فيه فراجعه.
قوله: (بخلاف النكاح) فإنه لا مدخل للاوصياء فيه بل هو للاولياء وللام ولايته أيضا عند عدم العصبة.
تتمة: للصبي أو المعتوه المأذون أن يأذن لعبده أيضا، لان الاذن في التجارة تجارة، وليس لابن المعتوه أن يأذن لابيه المعتوه، ولا أن يتصرف في ماله، وكذا إذا كان الاب مجنونا.
وتمامه في التبيين.
قوله: (أو عبد نفسه) أي عبد القاضي نفسه بناء على ما فهمه صاحب الاشباه وقدمنا ما فيه.
قوله: (كما مر) أي أوائل كتاب المأذون.
قوله: (لا يكون إذنا) لانه لا حق له في مال الغير حتى يكون الاذن إسقاطا لحقه.
ذكره الزيلعي أو الكتاب، وهو يفيد كونه إذنا لعبده فيتأيد ما قدمناه.
قوله: (إذا كان لكل واحد منهما) صوابه: أو كان بأو بدل إذا عطفا على لم يكن كما عبر به الزيلعي عند قول الكنز: ويثبت بالسكوت وقوله: ولعبدهما عطف على اليتيم والمعتوه، وانظر ما نكتة تأخيره، وقوله عند طلب متعلق بقوله يأذن.
والحاصل: أن القاضي يصح إذنه لهما عند عدم الولي، فإن كان فلا، إلا إذا امتنع الولي، وهذا ما يأتي عن البرجندي والنظم، وعلله في معراج الدراية بأن الاب صار عاضلا له، فتنتقل الولاية إلى القاضي بسبب عضله كالولي في باب النكاح اه.
وبه ظهر أنه لا يلزم منه تأخر ولاية الاب عن القاضي.
ولذا قال في التاترخانية: فإنه جائز وإن كانت ولاية القاضي مؤخرة عن ولاية الاب
والوصي، وبه اندفع ما قدمناه عن اليعقوبية.
فتدبر.
قوله: (قلت وفي البرجندي الخ) ومثله في الخلاصة، ولعله أعاده مع أنه ما في المتن، لانه ليس فيه تقييد الاذن بوقت الطلب، فيفيد أنه قيد اتفاقي ومثله ما يأتي عن النظم، وكذا قول الهندية عن المحيط: فرأى القاضي أن يأذن له وأبى أبوه.
تأمل.
قوله: (لا يتجر بعد ذلك أصلا) أي وإن مات القاضي أو عزل، بخلاف موت الاب أو(6/472)
الوصي للعلة التي ذكرها، وبه صرح في التاترخانية.
قوله: (إلا بحجر قاض آخر) فلا يتجر بحجر الاب.
تاترخانية.
قوله: (ولو أقر الانسان) أي أقر للصبي والمعتوه المأذونان كما في النهاية والهندية، والمراد بالانسان غير الاب الآذن لما في التاترخانية: الصبي المأذون من جهة الاب إذا أقر لابيه بمال في يده أو بدين لم يصح إقراره اه.
ومفهومه أنه لو كان مأذونا من جهة القاضي يصح إقراره لابيه، يدل عليه ما في الولوالجية: لو باع صبي مأذون له من أبيه وعليه دين بما يتغابن فيه جاز، فإن أقر بقبض الثمن لم يصدق إلا ببينة، لانه إقرار للاب وقد استفاد الاذن منه كما لو ادعى الاب الايفاء اه.
قوله: (بما معهما) يتناول العين والدين.
نهاية.
قوله: (صح على الظاهر) يعني إن أقرا أن ما ورثاه من أبيهما لفلان صح في ظاهر الرواية، وعن أبي حنيفة أنه لا يصح فيما ورثه، لان صحة إقراره في كسبه لحاجته إلى ذلك في التجارات ولا حاجة في الموروث، وجه الظاهر أنه بانضمام رأي الولي التحق بالبالغ وكل من المالين ملكه فصح أقراره فيهما.
درر.
وكون الميراث من الاب غير قيد كما في النهاية.
قوله: (كمأذون) هذا ليس في الدرر على أن المأذون لا إرث له.
سائحاني.
قوله: (إلا في مسألة الخ) حاصله: أن اشتراط العلم إذا كان الاذن قصديا، فلو ضمنيا كهذه جاز بدونه، ونقل البيري عن الولوالجية أنه لا يصير مأذونا، قال: فصار فيه روايتان.
قوله: (فبايعوه وهو لا يعلم صار مأذونا) فكان له أن يبايع غيرهم، ولو لم يبايعوه بل بايعه قوم آخرون لا تصح مبايعتهم ولا يصير مأذونا لان الاذن ثبت في ضمن مبايعة الذين أمرهم فلا يثبت الاذن قبلها.
تاترخانية.
وبه يظهر كون الاذن فيها ضمنيا وإن قال: فإني أذنت له، فتدبر.
پبخلاف قوله بايعوا ابني الصغير لم يظهر لي وجه الفرق فلينظر.
حموي.
قلت: وعلى الرواية الثانية لا فرق، وفي شرح تنوير الاذهان عن الزيادات لو قال بع عبدك من ابني الصغير بألف فباعه بها: إن علم الابن أمر الاب جاز، وإلا فلا، وفي بعض الروايات: جاز مطلقا، وحمل بعض المشايخ الاول على القياس، والثاني على الاستحسان، وبعضهم قال على الروايتين.
والحاصل: أن الاذن بالتصرف لو ثبت مقصودا يشترط له علم المأذون لو ثبت ضمنا لغيره، فقيل فيه قياس واستحسان، وقيل: روايتان، ومن المشايخ من قال: لا فرق بينهما وهو الظاهر اه.
ملخصا.
قال أبو السعود: وهو صريح في رد المخالفة التي ذكرها المصنف بقوله: بخلاف ما إذا قال بايعوا ابني الصغير اه.
وأقره شيخنا هبة الله البعلي في شرحه على الاشباه.
قوله: (لا يصح الاذن للآبق) عللوا عدم انحجار العبد بالاباق على قول زفر بأنه لا ينافي ابتداء الاذن، وعليه مشى في فن القواعد من الاشباه فقال: الاذن له صحيح، لكن قال الزيلعي: لنا أن نمنعه، لان الاباق يمنع الابتداء على ما ذكره شيخ الاسلام، وذكر في شرح المجمع أنه محمول على اختلاف الرواية.
وذكر في العناية: إن علم به كان مأذونا.
قوله: (المجحود ولا بينة) أي تشهد بالغصب.
وفي الخانية أذن للآبق لا(6/473)
يصح وإن علم الآبق، وإن أذن له في التجارة مع من كان العبد في يده صح، وإن أذن للمغصوب أن الغاصب مقرا أو عليه بينة صح، وإلا فلا، لانه لو باعه في هذا الوجه جاز بيعه فجاز إذنه.
قوله: (على الصحيح) في الخانية: العبد المأذون ينحجر بالاباق لا المدبر المأذون، والصحيح أن العبد المأذون لا ينحجر بالغصب، وكذا بالاسر قبل الاحراز بل بعده، فإن وصل إلى مولاه بعد ذلك لا يعود مأذونا، وكذا إن عاد من الاباق في الاصح اه.
ملخصا.
قال في شرح تنوير الاذهان: فكلام المصنف ليس على إطلاقه اه: أي بالنسبة إلى الاباق، فكلامه محمول على المدبر المأذون لا العبد المأذون: أي القن، وبه تندفع المنافاة بين ما هنا وبين ما مر في المتن، فافهم.
قوله: (ولو أذن القاضي) مستغنى عنه بما مر متنا وشرحا.
قوله: (يعقوب) هو اسم يوسف العلم.
قوله: (الصغير) أي المحجول.
وفي القنية: استودع صبيا ألفا فاستهلكها لم يضمن عندهما.
وقال أبو يوسف: يضمن في ماله.
ولو ركب الدابة الوديعة فعطبت على الخلاف، وإن استودعها عبدا محجورا فاستهلكها منها بعد العتق عندهما.
وقال أبو يوسف: يباع
فيها، ولو كانت عبدا فقتله الصبي أو العبد فهو كفيلهما ما ليس بوديعة عندهما، والفرق أن المولى لا يملك روح العبد، ولا التسليط عليه، بخلاف المتاع والدابة، ولو أقرض صبيا وعبدا محجورين لا ضمان في الحال ولا المآل بلا خلاف، وقيل القرض على الخلاف.
شرنبلالي.
قوله: (وتحليفه الخ) أي المأذون: أي لو ادعى على المأذون شيئا فأنكره اختلفوا في تحليفه: ذكر في كتاب الاقرار يحلف وعليه الفتوى.
خانية.
فلو قال: وحلف مأذونا إذا هو ينكر لكان أشبه.
شرنبلالي.
قوله: (ولو رهن المحجور) المراد به هنا العبد وإن كان الصبي العاقل مثله، فافهم.
قوله: (فما يتغير) أي بل يبقى ما صنعة على حاله لصحته بإجزة مولاه.
قوله: (قال) يعني ابن وهبان المفهوم من قوله وفي الوهبانية.
قوله: (وكذا) أي كالعبد المحجور فيما ذكر.
قوله: (قلت الخ) البحث للشرنبلالي، على أن هذا وارد على القرض ولم يذكر في النظم، وإنما ذكره الشرنبلالي، فهو اعتراض على غير مذكور ح.
أقول: هو داخل في عموم التصرف المذكور في التعليل فافهم، والله تعالى أعلم.(6/474)
كتاب الغصب وجه المناسبة كما قال الاتقاني: إن المأذون يتصرف في الشئ بالاذن الشرعي، والغاصب بلا إذن شرعي، ولما كان الاول مشروعا قدمه، وسيأتي أن الغصب نوعان: ما فيه إثم، وما لا إثم فيه، وأن الضمان يتعلق بهما.
قوله: (هو لغة أخذ الشئ) وقد يسمى المغصوب غصبا تسمية بالمصدر.
قوله: (إزالة يد محقة) أي بفعل في العين كما ذكره ابن الكمال ليخرج الجلوس على البساط، فإن الازالة موجودة فيه لكن لا بفعل في العين ح.
وفي كون الازالة موجودة هنا نظر كما ستعرفه، فتدبر.
ولا يضمن ما صار مع المغصوب بغير صنعه، كما إذا غصب دابة فتبعتها أخرى أو ولدها لا يضمن التابع لعدم الصنع، وكذا لو حبس الملك عن مواشيه حتى ضاعت لا يضمن لما ذكرنا ولعدم إثبات اليد المبطلة.
زيلعي.
فإن قيل: وجد الضمان في مواضع ولم يتحقق العلة المذكورة كغاصب الغاصب فإنه يضمن، وإن لم يزل يد الملك بل أزال يد الغاصب والملتقط إذا لم يشهد مع القدرة على الاشهاد مع أنه لم يزل يدا، وتضمن الاموال بالاتلاف تسببا كحفر البئر في غير الملك، وليس ثمة إزالة يد أحد ولا
إثباتها، فالجواب: أن الضمان في هذه المسائر لا من حيث تحقق الغصب، بل من حيث وجد التعدي كما في العناية.
وقال الديري في التكملة: وقد يدخل في حكم الغصب ما ليس بغصب إن ساواه في حكمه كجحود الوديعة، لانه لم يوجد الاخذ ولا النقل اه.
إذا علمت هذا ظهر سقوط ما أورده الشلبي معزيا للخانية، وجرى عليه بعضهم من أنه إذا قتل إنسانا في مفازة وترك ماله ولم يأخذه فإنه يكون غصبا مع عدم أخذ شئ، وما إذا غصب عجلا فاستهلكه حتى يبس لبن أمه يضمن قيمة العجل ونقصان الام وإن لم يفعل فيالام شيئا لما علمت من أن وجود الضمان، لا باعتبار تحقق الغصب، بل من حيث وجود التعدي وإن لم يتحقق الغصب.
أبو السعود.
أقول: التزام هذا يوجب ضمان العقار والزوائد لوجود التعدي، فليتأمل.
وزاد بعضهم بعد قوله: إزالة يد محققة أو قصرها عن ملكه كما إذا استخدم عبدا ليس في يد مالكه.
قلت: يرد عليه أنه يشمل العقار مع أن المراد إخراجه، فتأمل.
قوله: (ولو حكما) مبالغة على قوله إزالة يد فإن يد المودع يد صاحب الوديعة قبل الجحود وبعده أزيلت يد صاحبها حكما، ولو أخره بعد قوله بإثبات يد مبطلة لكان أولى، فإن ذلك إثبات يد مبطلة حكما فيكون راجعا إليهما ط، وعلى ما مر لا حاجة إلى هذا التعميم فإنه تعد لا غصب، لكن في جامع الفصولين في ضمان المودع عن فتاوى رشيد الدين: لو جحدها إنما يضمن إذا نقلها من مكان كانت فيه حال الجحود وإلا فلا، فلو قلنا بوجوب الضمان في الوجهين فله وجه اه.
وعلى الاول الازالة حقيقية.
تأمل.
نعم نقل في الخلاصة عن المنتقى: الضمان مطلقا.
قوله: (بإثبات يد مبطلة) الباء بمعنى مع كما أشار إليه مسكين، والنسبة بين إزالة اليد وإثباتها بالعموم والخصوص الوجهي، فيجتمعان في أخذ شئ من يد مالكه بلا رضاه، وينفرد الاول في تبعيد المالك والثاني في زوائد المغصوب.
أفاده أبو السعود.
وفي القهستاني: الاصل إالة اليد المحقة لا إثبات المبطلة، ولهذا لو كان في يد إنسان درة فضرب على يده فوقعت في(6/475)
البحر يضمن وإن فقد إثبات اليد، ولو تلف ثمن بستان مغصوب لم يضمن، وإن وجد الاثبات لعدم
إزالة اليد اه.
وهذا منطبق على قول محمد كما يأتي، فإنه صريح في أن الغصب هو الازالة فقط، وهو خلاف كلام غيره من أنه لا بد من الازالة والاثبا ت معا، لكن قال بعده: وذكر الزاهدي أنه على ضربين: ما هو موجب للضمان فيشترط له إزالة اليده وما هو موجب للرد فيشترط له إثبات اليد اه: أي كغصب العقار فإنه موجب للرد دون الضمان عندهما.
قال أبو السعود: وبه يحصل التوفيق في كلامهم اه.
تأمل.
قوله: (واعتبر الشافعي إثبات اليد فقط) واعتبر محمد إزالة اليد المحقة في غصب المنقول، وفي غيره يقيم الاستيلاء مقام الازالة كما حققه في النهاية ولذا ضمن العقار وإن لم تتحقق فيه الازالة.
قوله: (والثمرة الخ) أي ثمرة الخلاف تظهر في زوائد المغصوب.
قوله: (لا تضمن عندنا) أي بالهلاك متصلة أو منفصلة لعدم إزالة اليد ما لم يمنعها الطلب فتضمن بالاجماع.
غاية البيان.
قلت: وسيأتي في الفصل متنا أنها تضمن بالتعدي أيضا، وشرحا لو طلب المتصلة لا يضمن.
قوله: (فلا يتحقق في ميتة وحر) وكذا في كف من تراب وقطرة ماء ومنفعة، فلو منع صاحب الماشية من نفعها فهلكت لم يضمن.
قهستاني عن النهاية.
قال الرحمتي: والمراد بالميتة: أي حتف أنفها من غير السمك والجراد، أما المنخنقة وما في حكمها فهي من الثاني وهو غير المتقوم، وأما السمك والجراد فهو مال يتحقق فيه الغسب اه.
قوله: (قاله منقوم) هو بكسر الواو حيث ورد لانه اسم فاعل، ولا يصح الفتح على أن يكون اسم مفعول، فإنه مأخوذ من تقوم وهو قاصر، واسم المفعول لا يبنى إلا من متعد.
رحمتي عن شرح المنهاج للدمير، وفسره القهستاني بمباح الانتفاع شرعا.
قال: وهو احتراز عن الخمر والخنزير والمعازف عندهما ه.
وكأنه لم يفسره لما له قيمة لئلا يتكرر مع قوله مال لكن يخرج عنه خمر الذمي مع أن الغصب يجري في مال الكافر لا محالة كما في العزمية، وإليه أشار الشارح تبعا لابن الكمال وصدر الشريعة بقوله: خمر مسلم فالاولى تفسيره بما له قيمة شرعا، وهو أخص من قوله مال فيكون فصلا فلا يتكرر.
قوله: (فلا يتحقق في خمر مسلم) قال في المجتبى: غصب من مسلم خمرا فعليه ضمان الرد وإن لم يكن عليه ضمان القيمة اه.
فقوله: لا يتحقق أي غصب الضمان لا غصب الرد، فتأمل ط.
قوله: (في مال حربي) كذا في النهاية و التبيين، لكن مع زيادة كونه في دار الحرب.
شرنبلالية.
قوله: (قابل للنقل) مستدرك مع إزالة اليد بفعل في العين، لكن المصنف لما لم يذكر القيد في الاول احتاج إلى هذا القيد ح.
قال ط: قلت: قد يوجد الفعل في غير القابل، كما إذا هدم الدار وكرب الارض: يعني أن العين يشمل غير القابل فتعبير المصنف أحسن.
تأمل.
قوله: (فلا يتحقق في العقار) خلافا لمحمد لعدم إزالة اليد كما يأتي بيانه.
قال القهستاني: والصحيح الاول في غير الوقف، والثاني في الوقف كما في العمادي اه.
وسيذكره الشارح.
قوله: (بغير إذن مالكه) لا حاجة إليه مع قوله بإثبات اليد المبطلة ح.
قوله: (عن الوديعة) أي ونحوها كالعارية لصدق التعريف عليهما سوى قوله بإثبات يد مبطلة وقوله(6/476)
بغير إذن مالكه.
قوله: (لكان أولى) أي وإن أمكن أن يراد بامالك ولو للمنفعة كما قال بعضهم: أو للتصرف، وكالوقف الموصى بمنفعته وما في يد وكيل أو أمين.
قوله: (وفيه لابن الكمال كلام) حاصلة: أن السرقة داخلة باعتبار أصلها في الغصب، إلا أن فيها خصوصية أدخلتها في الحدود، فلا ينافي دخولها باعتبار أصلها في الغصب كالشراء من الفضولي فإنه غصب، مع أنه مذكور في باب من البيوع باعتبار ما فيه من خصوصية بها صار من مسائل البيوع اه.
وأجاب السائحاني بأنه أراد بقوله لا بخفية ما يقطع به، فإنه لو هلك لا يضمن مع أن المغصوب شأنه أن يضمن بعد الهلاك اه.
وهو حسن.
قوله: (فاستخدام العبد) أي ولو مشتركا كما في القهستاني، وهذا لو استعمله لنفسه فلو لغيره: أي في عمل غيره لا ضمان كما يأتي آخر الغصب.
وسنذكر عن البزازية هناك أن هذا أيضا إذا خدمه عقب الاستخدام، وإلا لا ضمان.
قوله: (وتحميل الدابة) أي ولو مشتركة وكذا ركوبها، فيضمن نصيب صاحبها، ولو ركب فنزل وتركها في مكانها لم يضمن، لان الغصب لم يتحقق بدون النقل كما في المحيط.
وينبغي أن يكون الاستخدام كذلك.
قهستاني.
لمن إذا تلفت بنفس الحمل والركوب يضمن، وإن لم يحولها لوجود الاتلاف بفعله كما يأتي، وكذا يضمن ببيع حصته من الدابة المشتركة وتسليمها للمشتري بغير إذن شريكه كما في فتاوى قارئ الهداية.
أبوالسعوزد.
وقدمه الشارح آخر الشركة عن المحبية.
قوله: (لازالة يد المالك) أي وإثبات اليد المبطلة فيهما.
منح.
قوله: (لعدم إزالتها) أي يد المالك، لان البسط فعل المالك فتبقى يد المالك ما بقي أثر فعله، لعدم ما يزيلها بالنقل والتحويل، تبيين وغيره.
ومثله لو ركب الدابة ولم يزل عن مكانه.
معراج.
فقول ح: صوابه لازالتها لا بفعل في العين
اه.
فيه كلام، وهو مبني على ما قدمه على ابن الكمال.
قوله: (وكذا لو دخل الخ) التشبيه في الضمان المقدر بعد قوله: ما يهلك بفعله فإن تقديره فيضمن.
قوله: (وإن لم يحوله) أي يحول ما استعمله من العبد والدابة، وهو إشارة إلى ما قدمناه، وقوله: ولم يجحد أي في مسألة أخذ المتاع، وهو محترز قوله: وجحد ومثله الدابة لما في البزازية: قعد في ظهرها ولم يحولها لا يضمن ما لم يجحدها، وقوله: ما لم يهلك بفعله أو يخرجه من الدار أي في مسألة المتاع أيضا، فانظر ما أحسن هذه العبارة القليلة وما تضمنته من الفوائد الجليلة.
قوله: (ولغير من علم الاخيران) أي وحكمه لغير من علم أنه مال الغير الرد أو الغرم فقط دون الاثم قوله: (بالحديث) وهو قوله عليه الصلاة والسلام: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان معناه: رفع مأثم الخطأ.
إتقاني.
قوله: (المغصوب منه مخير الخ) وكذا له تضمين كل بعضا كما سيأتي متنا، ويستثنى أيضا ما في جامع الفصولين: هشم إبريق فضة لاحد ثم هشمه الآخر برئ الاول من الضمان وضمن الثاني مثلها، وكذا لو صب ماء على بر ثم صب عليه الآخر ماء وزاد في(6/477)
نقصانه برئ الاول وضمن الثاني قيمته يوم صب الثاني، إذ لا يمكن للمالك رد البر والابريق إلى الحالة التي فعل الاول ليضمنه المثل أو القيمة اه.
تأمل.
هذا وكالغصب منه ما إذا رهنه الغاصب أو آجره أو أعاره فهلك كما في شرح الطحاوي، وقال في حاوي القدسي: الغاصب إذا أودع المغصوب عند إنسان فهلك فلصاحبه أن يضمن أيهما شاء: فإن ضمن المودع رجع به على الغاصب وإن ضمن الغاصب لم يرجع بشئ، وإن غصب من الغاصب فهلك في يد الثاني: إن ضمن الثاني لم يرجع على الاول، وإن ضمن الاول رجع على الثاني.
بيري.
وسيأتي قبيل الفصل مسائل أخر.
قوله: (المغصوب) نعت للوقف.
قوله: بأن غصبه) أي الغاصب الثاني.
قوله: (وقيمته أكثر) جملة حالية قيد لقوله غصبه.
قوله: (كذا في وقف الخانية) أي في آخر الاوقاف منها.
ونصها: رجل غصب أرضا موقوفة قيمتها ألف ثم غصب من الغاصب رجل آخر بعد ما ازدادت قيمة الارض وصارت تساوي ألفي درهم، فإن المتولي يتبع الغاصب الثاني إن كان مليا على قول من يرى جعل العقار مضمونة بالغصب، لان تضمين الثاني أنفع للفقير، وإن كان الاول أملا من الثاني يتبع الاول، لان تضمين الاول يكون
أنفع للوقف، وإذا اتبع القيم أحدهما برئ الآخر عن الضمان، كالمالك إذا اختار تضمين الغاصب الاول أو الثاني برئ الآخر اه.
وهكذا نقلها البيري.
ونقلها أيضا في شرح تنوير الاذهان، لكن قال: وإن كان الاول أملا من الثاني يتبع القيم أحدهما، وباتباع أحدهما يبرأ الآخر عن الضمان الخ: قال أبو السعود في حاشية الاشباه: فالنقل عن الخانية قد اختلف، وعبارة المصنف يستفاد من مفهومها موافقة ما ذكره البيري اه.
أقول: الذي وجدته في الخانية هو ما قدمته بحروفه، والمستفاد من كلام المصنف هو الثاني.
وقد يقال: لا مخالفة ولا اختلاف في النقل، فإن قول الخانية: وإن كان الاول أملا يتبع الاول ليس على سبيل اللزوم، بل له أن يتبع الثاني بدليل ما بعده، فمن قال يتبع أحدهما أتى بحاصل كلام الخانية، ويقربه أنه عبر بقوله أملا فيفيد أن الثاني ملئ أيضا، لان أملا أفعل تفصيل، فلذا كان القيم بالخيار، وهذا هو المفهوم من قول المصنف مخير إلا إذا كان الخ فإن مفهومه أنه إذا لم يكن الثاني أملا: أي بأن كان الاول يبقى على خياره، فقول ح: في كلام المصنف اختصار مخل مدفوع فافهم.
قوله: (وفي غصبها) أي غصب الخانية، ونقله في النهاية عنها وعن الذخيرة قائلا: إن هذا الفرع مخالف للاصل الذي ذكروه حيث أوجب نقصان الام، وإن لم يفعل الغاصب في الام فعلا يزيل يد المالك اه.
وقدمنا الكلام على أول الكتاب.
قوله: (من هدم حائط غيره ضمن نقصانه) في شرح النقاية للعلامة قاسم: إن شاء ضمنه قيمة الحائط والنقض للضامن، وإن شاء أخذ النقض وضمنه النقصان، وليس له أن يجبره على البناء كما كان، لان الحائط ليس من ذوات الامثال، وطريق تضمين النقصان أن تقوم الدار مع حيطانها وتقوم بدون هذه الحائط فيضمن فضل ما بينهما اه.
ومنه يظهر ما في كلام(6/478)
المصنف.
حموي.
وقيل: إن كان الحائط جديدا أمر بإعادته، وإلا لا.
وفي البزازية: هدم جدار غيره من التراب وأعاده مثل ما كان برئ، وإن كان من الخشب فأعاده كما كان فكذلك، وإن بناه من خشب آخر لا يبرأ لانه متفاوت، حتى لو علم أن الثاني أجود يبرأ اه.
وفيها: لو فيه تصاوير مصبوغة يضمن قيمة الجدار والصبغ لا التصاوير لانها حرام اه:
يعني إذا كانت لذي روح، وإلا فيضمن قيمتها أيضا.
أبو السعود.
وهذا في غير الوقف.
بيري.
وأما الوقف فيأتي قريبا.
قوله: (إلا في حائط المسجد) لم يذكر قاضيخان على سبيل الاستثناء كما ذكره المصنف، ولم يظهر لي الفرق بين حائط المسجد وحائط غيره، والعلة بأنه ليس من ذوات الامثال جارية في حائط المسجد.
حموي.
وفي شرح البيري: أما الوقف فقد قال في الذخيرة: وإذا غصب الدار الموقوفة فهدم بناء الدار وقطع الاشجار للقيم أن يضمنه قيمة الاشجار والنخيل والبناء إذا لم يقدر الغاصب على ردها، ويضمن قيمة البناء مبنيا وقيمة النخيل نابتا في الارض، لان الغصب ورد هكذا اه.
مطلب فيما لو هدم حائط أقول: ومقتضاه أنه إذا أمكنه رد البناء كما كان وجب، ولم يفصل فيه بين المسجد وغيره من الوقف ولهذا قال البيري فيما سبق: وهذا في غير الوقف.
وفي إجازات فتاوى قارئ الهداية فيمن استأجر دارا وقفا فهدمها وجعلها طاحونا أو فرنا، أجاب بأنه ينظر القاضي إن كان ما غيرها إليه أنفع وأكثر ريعا أخذ منه الاجرة وأبقى ما عمره للوقف وهو متبرع، وإلا ألزم بهدمه وإعادته إلى الصفة الاولى بعد تعزيزه بما يليق بحاله اه.
فظهر أن لا فرق بين المسجد وغيره من الوقف، بخلاف الملك ويحتاج إلى وجه الفرق كما مر، ولعله قولهم يفتي بما هو أنفع للوقف، ولا شك أن تعميريه كما كان أنفع من الضمان.
تأمل.
ثم رأيت في حاشية الرملي على الفصولين عن الحاوي: ولو القى نجاسة في بئر خاصة يضمن النقصان دون النزح وفي بئر العامة يؤمر بنزحها كما مر في هدم حائط المسجد، لان للهادم نصيبا في العامة ويتعذر تمييز نصيب غيره عن نصيبه في إيجاب الضمان، بخلاف الخاصة اه.
قوله: (وفي القنية الخ) ونصها: رجل كان يتصرف في غلات امرأته ويدفع ذهبها بالمرابحة ثم ماتت فادعى ورثتها أنك كنت تتصرف في ما لها بغير إذنها فعليك الضمان، فقال الزوج بل بإذنها، فالقول قول الزوج لان الظاهر شاهد له: أي والظاهر يكفي للدفع.
حموي.
قلت: وسيأتي في شتى الوصايا فيما لو عمر دار زوجته أنه لو اختلفا في الاذن وعدمه فالقول لمنكره.
تأمل.
مطلب في رد المغصوب وفيما لو أبى المالك قبوله قوله: (ويجب رد عين المغصوب) لقوله عليه الصلاة والسلام: على اليد ما أخذت حتر ترد(6/479)
ولقوله عليه الصلاة والسلام: لا يحل لاحدكم أن يأخذ مال أخيه لاعبا ولا جادا، وإن أخذه فليرده عليه زيلعي.
وظاهره أن رد العين هو الواجب الاصلي، وهو الصحيح كما سيذكره الشارح وسنوضحه.
قوله: (ما لم يتغير تغيرا فاحشا) سيأتي تفسيره بأنه ما فوت بعض العين وبعض نفعه وإنه حينئذ يتسلم الغاصب العين ويدفع قيمتها، أو يدفعها ويضمن نقصانها، والخيار في ذلك للمالك.
رحمتي.
قوله: (لتفاوت القيم الخ) فلو غصب دراهم أو دنانير فطالبه المالك في بلدة أخرى عليه تسليمها، وليس للمالك طلب القيمة وإن اختلف السعر، ولو غصب عينا فلو القيمة في هذا المكان الغصب أو أكثر فللمالك أخذ المغصوب لا القيمة، ولو القيمة أقل أخذ القيمة على سعل مكان الغصب أو انتظر حتى يأخذه في بلده، ولو وجده في بلد الغصب وانتقص السعر بأخذ العين لا القيمة يوم الغصب، وإن كان هلك وهو مثلي وسعر المكانين واحد يبرأ برد المثل، ولو سعر هذا المكان الذي التقيا فيه أقل أخذ المالك القيمة في مكان الغصب وقت الغصب أو انتظر، ولو القيمة في هذا المكان أكثر أعطاه الغاصب مثله في مكان الخصومة أو قيمته حيث غصب ما لم يرض المالك بالتأخير، ولو القيمة في المكانين سواء للمالك أن يطالبه بالمثل.
منح عن الخانية ملخصا.
قوله: (ويبرأ بردها) أي رد العين المغصوبة إلى المغصوب منه: أي العاقل لما في البزازية: غصب من صبي ورده إليه إن كان من أهل الحفظ يصح الرد، وإلا لا اه.
وشمل الرد حكما لما في جمع الفصولين: وضع المغصوب بين يدي مالكه برئ، وإن لم يوجد حقيقة القبض، وكذا المودع، بخلاف ما لو أتلف غصبا أو وديعة فجاء بالقيمة لا يبرأ ما لم يوجد حقيقة القبض.
وفيه: أتى بقيمة المتلف فلم يقبلها المالك، قال أبو نصر: يرفع الامر إلى القاضي حتى يأمر بالقبول فيبرأ.
وفيه.
جاء لما غصبه فلم يقبله مالكه فحمله الغاصب إلى بيته برئ ولم يضمن، ولو وضعه بين يديه فلم يقبله فحمله إلى بيته ضمن، وهو الاصح لانه يتم الرد في الثانية بوضعه، وإن
لم يقبله فإذا حمله بعده إلى بيته غصب ثانيا: أما إذا لم يضعه بين يديه لم يتم الرد اه.
والمراد بوضعه وضعه بحيث تناله يده كما في البزازية.
فيها: أما إذا كان في يده ولم يضعه عند المالك فقال: للمالك أخذه فلم يقبله صار أمانة في يده.
قوله: (غصب دراهم إنسان من كيسه) أي أخذ جميع ما فيه لما في الثالث من البزازية أيضا: ولو في كيسه ألف أخذ رجل نصفها ثم رد النصف إلى الكيس بعد أيام يضمن النصف المأخوذ المردود لا غير.
وقيل يبرأ بردها إلى الكيس اه.
تأمل.
وفيها ركب دابة غيره وتركها مكانها يضمن على قول الثاني، والصحيح أنه لا يضمن عند الامام حتى يحولها من موضعها وإذا لبس ثوب غير ثم نزعه ووضعه في مكانه فهو على الخلاف، وهذا في لبسه على العادة، فإن كان قميصا فوضعه على عاتقه ثم أعاده إلى مكانه لا يضمن اتفاقا لانه حفظ لا استعمال ه.
قوله: (خلافا(6/480)
للشافعي) أي في مسألة الاكل.
قال في جامع الفصولين: وأجمعوا أنه لو كان برا فطحنه وخبزه وأطعمه مالكه أو تمرا فنبذه وسقاه إياه أو كرباسا فقطعه وخاطه وأكساه إياه لم يبرأ إذ ملكه زال لما فعل.
قوله: (وهو مثلي) سنذكر بيان المثلي في آخر سوادة الشارح الآتية.
قوله: (ابن كمال) ومثله في التبيين عن النهاية معزيا إلى البلخي.
قوله: (يوم الخصومة) أي المعتبرة، وهي ما تكون عند القاضي ولذا قال: أي وقت القضاء.
قوله: (ورجحا) أي قول أبي يوسف وقول محمد، وكان الاولى أن يقول أيضا: أي كما رجح قول الامام ضمنا لمشي المتون عليه وصريحا.
قال القهستاني: وهو الاصح كما في الخزانة وهو الصحيح كما في التحفة، وعند أبي يوسف يوم الغصب، وهو أعدل الاقوال كما قال المصنف، وهو المختار على ما قاله صاحب النهاية، وعند محمد يوم الانقطاع، وعليه الفتوى كما في ذخيرة الفتاوى، وبه أفتى كثير من المشايخ.
قوله: (يوم غصبه إجماعا) هذا في الهلاك كما هو فرض المسألة.
قال القهستاني: أذا إذا استهلكت فكذلك عنده، وعندهما يوم الاستهلاك اه.
وفي جامع الفصولين: غصب شاة فسمنت ثم ذبحها ضمن قيمتها يوم غصب لا يوم ذبحه عنده، وعندهما يوم ذبحه، ولو تلف بلا إهلاكه ضمن قيمتها يوم غصب اه.
قوله: (وشيرج الخ) أفاد أنه لا فرق بين ما تعسر تمييزه أو تعذر.
قوله: (كدهن نجس) فإنه قيمي، ولعله أراد المتنجس كما عبر به فيما يأتي قريبا لانه المتقوم.
قال
الشارح في باب البيع الفاسد: ونجيز الدهن المتنجس والانتفاع به في غير الاكل، بخلاف الودك اه.
أي لانه جزء الميتة، نعم قدم في باب الانجاس جواز الاستصباح بالودك في غير مسجد لكن لا يلزم منه تقومه، نعم قدمنا قبيل الشهادات عند قوله صب دهنا لانسان وقال كانت نجسة عن الشيخ شرف الدين أنه يضمن القيمة لا المثل.
بقي ما لو كان طاهرا فنجسه، ففي حاشية الاشباه عن البزازية: نظر إلى دهن غيره وهو مائع حي أراد الشراء فوقع من أنفه دم وتنجس: إن بإذنه لا يضمن، وإلا فإن الدهن مأكولا ضمن مثل ذلك القدر والوزن، وإن غير مأكول يضمن النقصان.
تأمل.
قوله: (كقمقم وقدر) وكذا القلب بالضم وهو السوار المفتول من طاقين، لكن قال في الخلاصة: إذا غصب قلب فضة إن شاء المالك أخذه مسكورا وإن شاء تركه وأخذ قيمته من الذهب، وإن كان القلب من الذهب يضمن من الدراهم.
قال في العناية: إذ لو أوجبنا مثل القيمة من جنسه أدى إلى الربا أو مثل وزنه أبطلنا حق المالك في الجودة والصنعة اه ملخصا.
قوله: (ورب وقطر) في القاموس: الرب بالضم سلافة خثارة كل ثمرة بعد اعتصارها.
والقطر ما قطر الواحد قطرة، وبالكسر النحاس الذائب، وبالضم الناحية اه.
وهو في عرق مصر والشام: السكر المذاب على النار.
قوله: (يتفاوت بالصنعة) قال في حاوي الزاهدي: أتلف دبسه فعليه قيمته، لان كل ما كان من صنيع العباد لا يمكنهم مراعاة الممائلة لتفاوتهم في الحذاقة، ولو جعل الدابس أجره في الاجارات لا يجوز، ثم رمز أنه يجوز(6/481)
استقراضه، وقال: فعليه هو مثلي.
قوله: (والجبن قيمي) لانه يتفاوت تفاوتا فاحشا.
جامع الفصولين وهو بالضم وبضمتين وكعتل.
قاموس.
قوله: (ولو نيئا) هذا هو الصحيح والمطبوخ بالاجماع.
فصولين.
قوله: (والآجر) بالمد، وفيه روايتان عن الامام.
هندية.
قوله: (وفيما يجلب التيسير) عطف على هنا ح.
مطلب: الصابون مثلي أو قيمي قوله: (وكذا الصابون) نقل في الاسماعيلية من السلم عن الصيرفية قولين، قال: ولم نر ترجيحا لاحدهما، إلا أن في كلام الصيرفية ما يؤذن بترجيح صحة السلم فيه، ثم قال: فتلخص من كلامهم أنه يتسامح في السلم ما لا يتسامح في ضمان العدوان اه.
وأفتى في الاسماعيلية من الغصب في
وضع بأنه قيمي، وفي آخر بأنه مثلي.
وأقول: المشاهد الآن تفاوته في الصنعة والرطوبة والجفاف وجودة الزيت المطبوخ منه وغير ذلك، ولذا قال في الفصولين: حتى لو كانا سواء بأن اتخذا: أعني الصابونين من دهن واحد يضمن مثله اه.
فعلى هذا ينبغي أن يقال: إن أمكنت المماثلة كأن أتلف مقدارا معلوما وعنده من طبخته المسماة في عرفنا فسخة يضمن مثله منها، وإلا فقيمته.
قوله: (والورق) أي ورق الاشجار، أما الكاغد فمثلي كما في الهندية ط.
قلت: وكذا في الفصولين، ومقتضى ما قدمناه عن الحاوي أنه قيمي والمشاهد تفاوته.
تأمل.
قوله: (والعصفر) كذا قال في الفصولين، وذكر قبله عن كتاب آخر أنه مثلي لانه يباح وزنا وما يباع وزنا يكون مثليا.
قوله: (والصرم) بالفتح الجلد معرب، وبالكسر الضرب والجماعة.
أفاده صاحب القاموس، ولعله أراد الاهاب قبل دبغه وبالجلد ما دبغ ط.
قوله: (والدهن المتنجس) مكرر بما مر على ما قدمناه.
قوله: (وكذا الحفنة) يعني ما دون نصف سماع كما عبر به القهستاني.
وفي جامع الفصولين الخبز قيمي في ظاهر الروايات والماء قيمي عندهما، وعند محمد أنه مكيل، والصحيح أن النحاس والصفر مثليان، وثمار النخل كلها جنس واحد لا يجوز فيها التفاضل للحديث، وأما بقية الثمار فكل نوع من الشجر جنس يخالف ثمرة النوع الآخر، والخل والعصير والدقيق والنخالة والجص والنورة والقطن والصوف وغزله والتبن بجميع أنواعه مثلي اه.
وفي الحاوي في كون الغزل مثليا روايتان، ومن أراد الزيادة فعليه بالفتاوى الحامدية.
قوله: (وكل مكيل) مبتدأ خيره مضمون.
قوله: (كسفينة موقورة) المقصود من التمثيل المكيل والموزون المطروحان ط.
والوقر بالكسر الحمل الثقيل أو أعم، ويقال دابة موقرة كما في القاموس.
تأمل.
قوله: (يضمن قيمتهما ساعته) أي ساعة الالقاء: أي قيمته مشرفا على الهلاك، فإن له قيمة وإن قلت لاحتمال النجاة، وأفاد أن المثلي يخرج عن المثلية بمعنى خارج، ثم هذا إذا ألقى بلا إذن واتفاق، وإلا ففيه تفصيل سنذكره إن شاء الله تعالى آخر كتاب القسمة.(6/482)
قوله: (وفي الصيرفية الخ) مثله في التاترخانية عن القدوري قال: وكذا لو صب ماء في دهن أو زيت.
قوله: (هذا إذا لم ينقلها) أي قبل الصب، والاشارة إلى ضمان القيمة.
قال في التاترخانية: لانه لم يكن فيه غصب متقدم.
قوله: (فلو نقلها لمكان الخ) الظاهر أن المراد مجرد تحويلها عن مكانها.
قوله: (بخلاف ما لو صب الخ) لان الغصب حصل بالاتلاف وليس سابقا عليه كما مر، وهو حين الاتلاف لم يبق مثليا فيضمن قيمته سابقا عليه.
تأمل.
قوله: (وسيجئ الخ) أي في سوط الفصل الآتي.
قوله: (والحاصل الخ) قال في المنح عن الوقاية: ويجب المثل في المثلي كالمكيل والموزون والعددي والمتقارب.
قال صدر الشريعة: اعلم أنه جعل هذه الاقسام الثلاثة مثليا، مع أن كثيرا من الموزونات ليس بمثلي بل من ذوات القيم كالقمقمة والقدر ونحوهما.
فأقول: ليس المراد بالوزني مثلا ما يوزن عند البيع، بل ما يكون مقابلته بالثمن مبنيا على الكيل أو الوزن أو العدد ولا يختلف الصنعة، فإنه إذا قيل هذا الشئ بدرهم إنما يقال إذا لم يكن فيه تفاوت، وحينئذ يكون مثليا، وإنما قلنا: لا يختلف بالصنعة حتى لو اختلف كالقمقمة والقدر لا يكون مثليا، ثم ما لا يختلف بالصنعة: إما غير مصنوع، وإما مصنوع لا يختلف كالدراهم والدنانير والفلوس، وكل ذلك مثلي.
وإذا عرفت هذا عرفت حكم المذروعات، وكلما يقال يباع من هذا الثوب ذراع بكذا فهذا إنما يقال فيما لا يكون فيه تفاوت.
وقد فصل الفقهاء المثليات وذوات القيم ولا احتياج إلى ذلك، فما يوجد له المثل في الاسواق بلا تفاوت يعتد به فهو مثلي، وما ليس كذلك فمن ذوات القيم، وما ذكر من الكيلي وأخواته فمبني على هذا اه.
قوله: (بلا تفاوت يعتد به) الظاهر أنه ما لا يختلف بسببه الثمن.
تأمل.
قوله: (مرتبطة الخ) أي هذه العبارة وارتباطها من جهة التفريع على ما مر من وجوب رد العين في المثلي والقيمي.
قوله: (لانه الموجب الاصلي) لانه أعدل وأكمل في رد الصورة والمعنى، ولذا يطالب به قبل الهلاك، ولو أتى بالقيمة أو المثل لا يعتد به، ولذا يبرأ برد العين بلا علم المالك بأن سلمه بجهة أخرى بهبة أو إطعام أو شراء أو إيداع، وقيل هو المثل أو القيمة ورد العين مخلص، ولذا صح إبراؤه عن الضمان مع قيام العين فلا يضمن بالهلاك، وتصح الكفالة بالمغصوب، ولا يصح الابراء عن العين ولا الكفالة بها.
وتمام تحقيقه في التبيين.
وأفاد القهستاني ضعف الاول، وأن الجمهور ذهبوا إلى الثاني وعزاه إلى رهن الهداية والكافي.
قوله: (ورد المثلي) الاصوب المثل بلا ياء.
قوله: (حبس حتى يعلم) يعني القاضي لا يعجل بالقضاء، وليس لمدة التلوم مقدار بل ذلك موكول إلى رأي القاضي، وهذا التلوم إذا لم يرض المغصوب منه بالقضاء بالقيمة له وأما إذا رضي بذلك أو تلوم القاضي: فإن اتفقا على قيمتها على شئ أو أقام المغصوب منه البينة على ما يدعي من قيمتها قضي(6/483)
بذلك.
شرنبلالية.
قوله: (وقيمة) الواو بمعنى أو.
قوله: (وعكسه) فعل ماض لا مصدر بالنصب عطفا على الهلاك، والمراد عكس قوله: عند صاحبه وأما عكس قوله: بعد الرد فهو صحيح، ولكن لا يكون له مفهوم إلا إن كان الهلاك بهلاك البعض أو بالنقصان: أي هلاك الوصف، فتدبر.
قوله: (أولى) أي عند محمد لانه يثبت الرد وهو عارض والبينة لمن يدعي العوارض.
زيلعي.
قوله: (خلافا للثاني) فعنده بينة المال ك أولى لانها تثبت وجوب الضمان والآخر ينكر والبينة للاثبات.
زيلعي.
وظاهره اعتماد قول محمد وهو خلاف ما قدمه في القضاء ط.
قوله: (وسيجئ) أي أول الفصل، وسيجئ أيضا أن القول للغاصب بيمينه إن لم يبرهن المالك، وما لو قال: لا أعرف قيمته لكن علمت أنها أقل مما يقوله المالك، ويأتي بيان ذلك.
قوله: (ولو في نفس المغصوب) بأن قال الغاصب لثوب هذا هو الذي غصبته وقال المالك بل هو هذا.
قوله: (فالقول للغاصب) لان القول للقابض في تعيين ما قبض أمينا كان أو ضمينا.
قوله: (لم يضمن) أي عندهما لما قدمناه من عدم إمكان إزالة اليد المحقة عنه.
قوله: (خلافا لمحمد) فإنه كما قدمناه عن النهاية، وإن كان الغصب عنده بإزالة اليد المحقة، لكنه في غير المنقول يقيم الاستيلاء مقام الازالة.
قوله: (وبه يفتى في الوقف) أي بأن هلك لا بفعل الغاصب كسكناه مثلا بل بآفة سماوية، فالمراد ضمان ذاته لا منافعه بقرينة ما يأتي عن ظهير الدين، ولان الكلام فيه لا في المنافع.
وسيأتي في الفصل متنا أن منافع الغصب غير مضمونة، إلا أن يكون وقفا أو مال يتيم أو معدا للاستغلال، فصرح بضمان منافع الثلاثة، وهنا صرح بضمان ذات الوقف، وهل مثله مال اليتيم والمستغل؟ لم أره صريحا فليراجع.
ثم رأيت في حاشية الاشباه قال الكمال: الفتوى على ضمان العقار في ثلاثة أشياء الخ.
قوله: (الموقوفة) نعت للعقار والدور جميعا ح.
مطلب: شرى دارا وسكنها فظهرت لوقف أو يتيم وجب الاجر وهو المعتمد قوله: (لزمه أجر المثل) خلافا لما صححه في العمدة ومشى عليه في القنية وإن أفتى به في الاسماعيلية فإنه ضعيف كما في وقف البحر.
وفي القنية من موضع آخر: ادعى القيم منزلا وقفا في يد رجل فجحد، فأقام البينة عليه وحكم بالوقفية لا يجب عليه أجر ما مضى، وأما إذا أقر أو كان متعنتا في الانكار وجبت الاجرة اه.
وفي الاختيار: باع المتولي منزل الوقف فسكنه المشتري فعلى المشتري أجر المثل اه.(6/484)
قال الحمولي: وهو مبني على تصحيح المحيط، وهو الذي ينبغي اعتماده.
وقال الشيخ شرف الدين: وهو المختار كما في التجنيس والمزيد.
قلت: وهو ما اعتمده في وقف البحر ومشى عليه الشارح هناك في موضعين وهنا.
وأفتى به في الخيرية وغيرها فليحفظ.
قوله: (في الرد) أي في وجوب رده على مالكه، فلو لم يتحقق الغصب عندهما أيضا فيما عدا الضمان لما تحقق وجوب الرد.
قوله: (فكذا في استحقاق الاجرة) استشكله محشو هذا الكتاب بأن منافع الغصب إذا استوفاها الغاصب لا تضمن إلا في الثلاثة المستثناة كما سيذكره في الفصل.
وأقول: كأنهم ظنوا وجوب الاجر عليه بسكناه وليس كذلك، بل المراد أنه لو أجره الغاصب فالاجر المسمى يستحقه العاقد، وإن كان لا يطيب له بل يتصدق به أو يرده على المالك كما سنذكره قريبا، وكيف يصح حمله على ما ظنوا مع مناقضته لصدر العبارة، فإن وجوب الاجر عليه ضمان، ووجه تحقق الغصب فيه أنه لو لم يتحقق لكان المستحق للاجرة المالك لا الغاصب، فافهم.
قوله: (قيل الخ) هذه عبارة متن الدرر، وتعبيره بقيل ربما يشعر بالضعف، وليس في كلام الفصول، ثم قوله الاصح الخ يفيد الاختلاف فيه.
وقول جامع الفصولين: يضمن بالبيع والتسليم بالاتفاق، والعقار يضمن بالانكار عند أبي حنيفة رحمه الله، حتى لو أودع رجلا وجحد الوديعة هل يضمن؟ فيه روايتان أيضا عنه، والاصح أنه يضمن بالبيع والتسليم بالجحود أيضا اه.
يفيد أوله لا خلاف فيه، وآخره أن
فيه خلافا.
شرنبلالية.
أقول: تعبيره بقيل مناسب، لان المتون والفتوى على قول الامام من أن الغصب لا يتحقق في العقار، وذكر هده المسائل كالاستثناء من قوله لم يضمن، وقول جامع الفصولين: والاصح الخ: أي على قول الامام وأبي يوسف، فيكون موافقا لقول محمد فلا ينافي قوله قبله بالاتفاق: أي بين أئمتنا الثلاث، فتدبر، نعم صحح في الهداية أن مسألة البيع والتسليم على الخلاف في الغصب.
قال الاتقاني: احترازا عن قول بعضهم إنها بالاتفاق، وفي التبيين: ومسألة الوديعة على الخلاف في الاصح، ولئن سلم: أي أنها على الاتفاق فالضمان فيها بترك الحفظ الملتزم بالجحود، والشهود إنما يضمنون العقار بالرجوع، لانه ضمان إتلاف لا ضمان غصب اه.
وظاهره تسليم أن مسألة الشهود على الوفاق.
تأمل.
قوله: (بالبيع والتسليم) يعني إذا باعه الغاصب وسلمه لانه استهلاك.
خانية.
قوله: (في العقار الوديعة) الذي في أغلب النسخ والوديعة بالعثد ولا محل له، لان المراد جحود العقار إذا كان وديعة.
قوله: (وبالرجوع عن الشهادة) بأن شهدا على رجل بالدار ثم رجعا بعد القضاء ضمنا.
درر.
قوله: (وعد هذه الثلاثة) الضمان فيها من حيث كونه إتلافا لا من حيث كونه غصبا كما أفاده تعليلهم ط.
وزاد في الدر المنتقى: الوقف ومال اليتيم والمعد للاستعلال، قال: فهي ستة اه.
تأمل.
قوله: (ضمن النقصان بالاجماع) لانه إتلاف، وقد يضمن بالاتلاف ما لا يضمن بالغصب أصله الحر.
إتقاني.(6/485)
واختلفوا في تفسير النقصان، قال نصير بن يحيى: أنه ينظر بكم تستأجر هذه الارض قبل الاستعمال وبعده، فيضمن ما تفاوت بينهما من النقصان، وقال محمد بن سلمة: يعتبر ذلك بالشراء: يعني أنه ينظر بكم تباع قبل الاستعمال وبكم تباع بعده، فنقصانها ما تفاوت من ذلك فيضمنه وهو الاقيس.
قال الحلواني: وهو الاقرب إلى الصواب، وبه يفتى كما في الكبرى، لان العبرة لقيمة العين لا المنفعة، ثم يأخذ الغاصب رأس ماله وهو البذر وما غرم من النقصان وما أنفق على الزرع، ويتصدق بالفضل عند الامام محمد، فلو غصب أرضا فزرعها كرين فأخرجت ثمانية ولحقه من المؤنة قدر كر ونقصها قدر كر فإنه يأخذ أربعة أكرار ويتصدق بالباقي، وقال أبو يوسف: لا يتصدق بشئ،
وبيانه في التبيين.
قال في الدر المنتقى: وأفاد أنه لا يصرفه لحاجته إلا إذا كان فقيرا كالغني لو تصرف تصدق بمثله، ولو أدى لمالكه حل له التناول لزوال الخبث، ولا يصير حلالا بتكرار العقود وتداول الالسنة.
ذكره القهستاني.
قوله: (فيعطي ما زاد البذر) التفريع غير ظاهر.
قال في المنح عن المجتبى: زرع أرض غيره ونبت، فللمالك أن يأمره بقلعه، فإن أبى يقلعه بنفسه، وقبل النبات ترك الارض حتى تنبت، فيأمره بقلعه أو أعطاه ما زاد البذر، فتقوم مبذورة ببذر غيره له حق القلع، وتقوم غير مبذورة فيعطى فضل ما بينهما.
وعن أبي يوسف أن يعطيه مثل بذره، والاول أصح اه.
قوله: (وتمامه في المجتبى) حيث قال بعد ما مر: ولو زرعها أحد الشريكين بغير إذن صاحبه فدفع إليه صاحبه نصف البذر ليكون الزرع بينهما قبل النبات لم يجز، وبعده يجوز، وإن أراد قلع الزرع من نصيبه يقاسمه الارض فيقلعه من نصيبه ويضمن الزارع نقصان الارض بالقلع.
قال أستاذنا: الصواب نقصان الزرع كما ذكره القدوري في شرحه اه.
قال الشيخ خير الديم: الظاهر أن الصواب الاول كما هو المروي لنقصها بقلع الزرع منها قبل إدراكه لضعفها عن الغلة الكاملة في عامها ذلك كما هو مشاهد، وأما الثاني فلي س له وجه.
قوله: (بفعله) عبارة الهداية: بفعله أو بفعل غيره، قال الاتقاني: لانه مضمون عليه بمجرد الغصب، فلم يتفاوت هلاكه بفعله أو بغير فعله، ولذا وجب عليه قيمته يوم الغصب اه.
وقوله: أو بغير فعله أعم من قول الهداية أو بفعل غيره لشموله نحو العور والشلل والصم فإنه يضمن به أيضا كما صرح به في مسكين.
قوله: (ضمن هو لا الغاصب) كذا في جامع الفصولين وهو مناسب لتقييده أو لا بفعله، لكن علمت ما فيه.
وقال السائحاني: الذي في المقدسي إن كان النقص بفعل الغير خير المالك بين تضمين الغاصب، ويرجع على الجاني أو يضمن الجاني، ولا يرجع على أحد اه.
ونقله ط عن الهندية: وفي الجوهرة: فإن كان بفعل غيره رجع عليه بما ضمن، لانه قرر عليه ضمانا كان يمكنه أن يتخلص منه برد العين اه.(6/486)
أقول: ويمكن الجواب بأنه لما كان مدار الضمان على الجاني قال ضمن هو لا الغاصب فلا ينافي ما مر، فتدبر.
تنبيه: النقصان أنواع أربعة: بتراجع السعر، وبفوات أجزاء العين، وبفوات وصف مرغوب فيه كالسمع والبصر واليد والاذن في العبد والصياغة في الذهب واليبس في الحنطة، وبفوات معنى مرغوب فيه.
فالاول: لا يوجب الضمان في جميع الاحوال إذا رد العين في مكان الغصب.
والثاني: يوجب الضمان في جميع الاحوال.
والثالث: يوجب الضمان في غير مال الربا نحو أن يغصب حنطة فعفنت عنده أو إناء فضة فهشم في يده فصاحبه بالخيار: إن شاء أخذ ذلك نفسه ولا شئ له غيره، وإن شاء تركه وضمنه مثله تفاديا عن الربا.
والرابع: هو فوات المعنى المرغوب فيه في العين كالعبد المحترف إذا نسي الحرفة في يد الغاصب، أو كان شابا فشاخ في يده يوجب الضمان أيضا، هذا إذا كان النقصان قليلا، أما إذا كان كثيرا فيخير المالك بين أخذه وتركه مع أخذ جميع قميته، وستعرف الحد الفاصل بينهما من مسألة الخرق اليسير والفاحش.
مسكين.
قوله: (في هذه الاجارة) الذي في المنح: في مدة الاجارة، وهي أحسن.
قوله: (من نسخ الشرح) أي من المتن الممزوج فيه.
قوله: (لدخوله إلخ) إنما يظهر دخوله على ما في نسخ المنح من قوله: وإن استغله ضمن ما نقص وتصدق بالغلة، والشارح ذكر ضمان النقصان شرحا لا متنا على ما وجدناه من النسخ.
قوله: (ضمن النقصان) أي من حيث فوات الجزء لا من حيث السعر، ومراده غير الربوي، إذ فيه لا يمكن ذلك مع استرداد الاصل لانه يؤدي إلى الرباء.
جوهرة.
قوله: (وتصدق إلخ) أصله أن الغلة للغاصب عندنا، لان المنافع لا تتقوم إلا بالعقد، والعاقد هو الغاصب فهو الذي جعل منافع العبد مالا بعقدة، فكان هو أولى ببدلها، ويؤمر أن يتصدق بها لاستفادتها ببدل خبيث وهو التصرف في مال الغير.
درر.
قوله: (بما بقي) أخرج به عبارة المتن كالكنز عن ظاهرها لما قال الزيلعي: كان ينبغي أن يتصدق بما زاد على ما ضمن عندهما لا بالغلة كلها ه.
وهو وإن كان ذكره بحثا لكن جزم به في متن الملتقى، فالظاهر أنه منقول والملتقى من المتون المعتبرة.
هذا، وقال الزيلعي: ولو هلك في يده بعد ما استغله له أن يستعين بالغلة في أداء الضمان، لان الخبث كان لاجل
المالك فلا يظهر في حقه، بخلاف ما لو باعه الغاصب فهلك وضمن المالك المشتري قيمته فرجع على الغاصب بالثمن لا يستعين بها في أداء الثمن، لان المشتري ليس بمالك إلا إذا كان الغاصب فقيرا اه.
ملخصا.
فتلخص أنه لا فرق بين النقصان والهلاك في أنه يستعين ويتصدق بما بقي.
قوله: (لكن نقل المصنف الخ) استدراك على إطلاق قوله وتصدق بما بقي أي فإنه مقيد بالفقير لما في البزازية: الغاصب إذا أجر المغصوب فالاجر له، فإه تلف المغصوب من هذا العمل أو تلف لا منه وضمنه الغاصب له الاستعانة بالاجر في أداء الضمان وتصدق بالباقي إذا كان فقيرا، فإذا كان غنيا له أن(6/487)
يستعين بالغلة في أداء الضمان في الصحيح اه.
وهذه مساوية لعبارة الزيلعي، وكلامنا في النقصان وهذه في الهلاك، والظاهر عدم الفرق فيصح الاستدراك، فافهم.
قوله: (والوديعة) أي بغير إذن المالك.
قوله: (إذا كان متعينا بالاشارة) وذلك كالعروض فلا يحل له الربح: أي ولو بعد ضمان القيمة.
قال الزيلعي: فإن كان مما يتعين لا يحل له التناول منه قبل ضمان القيمة وبعده يحل، إلا فيما زاد على قدر القيمة وهو الربح فإنه لا يطيب له ويتصدق به.
وفي القهستاني: وله أن يؤديه إلى المالك، ويحل له التناول لزوال الخبث.
قوله: (أو بالشراء) لا محل للعطف هنا ولذا قال ط: الاخصر والاوضح أن يقول: أوغير متعين ونقده.
قوله: (يعني يتصدق بربح) تفسير للتشبيه فيقوله: كما لو تصرف وبيان لما بعده بعبارة أوضح.
قوله: (فعلى أربعة أوجه) زاد في التاترخانية عن المحيط خامسا، وهو ما إذا دفعها إلى البائع ثم اشترى وحكمه كالاول.
قوله: (فكذلك يتصدق) لان الاشارة إليه لا تفيد التعيين، فيستوي وجودها وعدمها إلا إذا تأكد بالنقد منها.
زيلعي.
قوله: (أو أطلق) بأن قال اشتريت بألف درهم ونقد من دراهم الغصب أو الديعة عزمية، وفي التاترخانية عن الذخيرة أنه إذا أطلق ولم يشر، فإن نوى النقد منها فلا يخلو إن حقق نيته فنقد منها، فالاصح أنه لا يطيب، وإن لم يحقق نيته يطيب، لان مجرد العزم لا أثر له، وإن لم ينو ثم نقد منها طاب.
قال الحلواني: إنما يطيب إذا نوى أن لا ينقد منها ثم بدا له فنقد، أما إذا نوى النقد منها مع علمه أنه ينقد لا يطيب اه.
ملخصا.
وفي البزازية: وقول الكرخي عليه الفتوى، ولا تعتبر النية في الفتوى، ثم حمل ما مر على حكم
الديانة.
قوله: (قيل وبه يفتى) قاله في الذخيرة وغيرها كما في القهستاني، ومشى عليه في الغرر ومختصر الوقاية والاصلاح، ونقله في اليعقوبية عن المحيط، ومع هذا لم يرتضه الشارح فأتى بقيل لما في الهداية.
قال مشايخنا: لا يطيب قبل أن يضمن وكذا بعد الضمان بكل حال، وهو المختار لاطلاق الجواب في الجامعين والمضاربة: أي كتاب المضاربة من المبسوط.
وإني على الدرر.
قال الزيلعي: ووجهه أن بالنقد منه استفاد سلامة المشري، وبالاشارة استفاد جواز العقد، لتعلق العقد به في حق القدر والوصف، فيثبت فيه شبهة الحرمة لملكه بسبب خبيث.
قوله: (مطلقا) أي في الاوجه الاربعة.
قوله: (واختار بعضهم إلخ) هذا من كلام الزيلعي المعزو آخر العبارة وأتى به، وإن علم مما مر لاشعار هذا التعبير بعدم اعتماده نفيه تأييد لتعبيره بقيل مخالفا لما جزم به المصنف، ولكن لا يخفى أنهما قولان مصححان.
قوله: (كما لو اختلف الجنس) قال الزيلعي: وهذا الاختلاف بينهم فيما إذا صار بالتقلب من جنس ما ضمن بأن ضمن دراهم مثلا وصار في يده من بدل المضمون دراهم، ولو طعام أو عروض لا يجب عليه التصدق بالاجماع، لان الربح إنما يتبين عند اتحاد الجنس، وما لم(6/488)
يصر بالتقلب من جنس ما ضمن لا يظهر الربح اه.
ثم هل الدراهم والدنانير هنا جنس واحد نظرا للثمنية أو جنسان؟ يراجع.
رحمتي.
أقول: رأيت في الطوري عن المحيط: ولو اشترى بالدراهم المغصوبة طعاما حل التناول، ولو اشترى بها دنانير لم يجز له أن يتصرف فيها، فوجب عليه ردها لان البيع في الطعام لا ينتقض باستحقاق الدراهم لانه يجب عليه رد مثلها لا عينها اه.
فأفاد أنهما جنس واحد حيث أوجب ردها مع أن المغصوب دراهم، وهذه مما يزاد على قول العمادية: الدنانير تجري مجرى الدراهم في سبعة كما مر في باب البيع الفاسد.
وفي الطوري أيضا: ولو اشترى بالثوب المغصوب جارية يحرم عليه وطؤها حتى يدفع قيمة الثوب إلى صاحبه، ولو اشتراها بالدراهم يحل وطؤها لفساده باستحقاق الثوب لتعلق البيع بعينه دون الدراهم، ولو زوج بالثوب امرأة له وطؤها، لان النكاح لا ينتقض باستحقاق المهر اه.
وفي الملتقى وشرحه: ولو اشترى بألف الغصب أو الوديعة جارية تعدل ألفين، فوهبها أو طعاما
فأكله، أو تزوج بأحدهما امرأة أو سرية أو ثوبا حل الانتفاع، ولا يتصدق بشئ اتفاقا لان الحرمة عند اتحاد الجنس اه.
ونحوه في القهستاني.
ونقل ط عن الحموي عن صدر الاسلام: أن الصحيح لا يحل له الاكل ولا الوطئ لان في السبب نوع خبث اه.
فيتأمل.
قوله: (وغير المغصوب) أي بالتصرف فيه احترازا عن صبي غصبه، فصار ملتحيا عنده فإنه يأخذه بلا ضمان.
قهستاني.
ومثله في التاترخانية، وفيها: ولو غصب جارية ناهدة الثديين فانكسر ثديها عنده أو عبدا مخترفا فنسي ذلك عنده ضمن النقصان اه.
ومثله ما سيذكره آخرا عن الوهبانية.
تأمل.
وفي الدرر: صار العنب زبيبا بنفسه أو الرطب تمرا أخذه المالك أو تركه وضمنه.
قوله: (فزال اسمه) احتراز عن كما غد فكتب عليه أو قطن فغزله، أو لبن فصيره مخيضا أو عصير فخلله، فإنه لا ينقطع به حق المالك، وقيل ينقطع.
قهستاني عن المحيط.
وعما إذا غصب شاة فذبحها فإن ملك مالكها لم يزل بالذبح المجرد حيث يقال شاة مذبوحة.
درر.
قوله: (فسبكها) عطف على محذوف: أي غصبها فسبكها.
قوله: (بضرب) كذا قيد به في السراح، فلو صاغ الدراهم بعد سبكها دراهم لا ينقطع بالاولى وسواء كانت مثل الدراهم الاولى أم لا، وحرره اه ط.
قوله: (مغنيا عن أعظم منافعه) من جعلها ثمنا والتزين بها ط قوله: (مغنيا عن أعظم منافعه) أي عن هذا اللفظ.
قوله: (وغيره) هو صاحب العناية، فإن هذا القيد جعله في الكفاية احترازا عن حنطة غصبها وطحنها، قال: فإن المقاصد المتعلقة بعين الحنطة كجعلها هريسة ونحوها تزول بالطحن، قال في العناية: وتبعه في الدرر، وظاهر أنه تأكيد لان قوله زوال اسمه يتناوله، فإنها إذا طحنت صارت دقيقا لا حنطة اه.
وما ذكره الشارح من بيان المحترز والايراد مأخوذ من القهستاني.
قوله: (بملك الغاصب) وكذا بمغصوب آخر لما في التاترخانية عن الينابيع: غصب من كل واحد منهما ألفا فخلطهما لم يسع أن يشتري بهما شيئا مأكولا فيأكله، ولا يحل له أكل ما اشترى حتى يؤدي عوضه اه.(6/489)
وفيها عن المنتقى: معه سويق ومع آخر سمن فاصطدما فانصب السمن في سويقه يضمن مثل السمن، لانه استهلكه دون الآخر، لان هذا زيادة في السويق.
وفيها عن الخانية: اختلطت نورته
بدقيق آخر بلا صنع أحد يباع المختلط، ويضرب كل واحد منهما بقيمته، إذ ليس أحدهما أولى بإيجاب النقصان عليه.
قوله: (كبره بشعيرة) أي بر الغاصب بعشير الغصب أو بالعكس.
قوله: (ضمنه وملكه) أي الضمان فللتعدي وأما الملك في التغير وزوال الاسم فلانه أحدث صنعة متقومة، وفي الاختلاط لئلا يجتمع البدلان في ملك المغصوب منه.
تتمة: كل موضع ينقطع حق المالك فيه، فالمغصوب منه أحق بذلك الشئ من سائر الغرماء حتى يستوفي حقه، فإن ضاع ذلك ضاع من مال الغاصب اه.
أبو السعود عن الحموي عن التاترخانية.
وزاد في البزازية: وليس بمنزلة الرهن قوله: (بلا حل انتفاع إلخ) وفي المنتقى: كل ما غاب صاحبه ويخاف عليها لفساد فلا بأس بأن ينتفع به بعد ما يشهد على نفسه بضمانه، ولا يخرجه ذلك من إثم الغصب.
وفي جامع الجوامع: اشترى الزوج طعاما أو كسوة من مال خبيث جاز للمرأة أكله ولبسها والاثم على الزوج.
تاترخانية.
قوله: (أي رضا مالكه إلخ) أشار إلى أن المراد بالاداء رضا الملاك وهو أعم.
قوله: (أو تضمين قاض) فإن الرضا من المالك موجود فيه أيضا لانه لا يقضي إلا بطلبه كما أشير إليه في الهداية.
عزمية.
هذا، وما أفاده كلامه من أن الملك في المغصوب ثابت قيل أداء الضمان، وإنما المتوقف على أداء الضمان الحل هو ما في عامة المتون، فما في النوازل من أنه بعد الملك لا يحل له الانتفاع لاستفادته بوجه خبيث كالملوك بالبيع الفاسد عند القبض إلا إذا جعله صاحبه في حل اه.
مخالف لعامة المتون.
نبه عليه في المنح.
وفي القهستاني: وقال بعض المتأخرين: إن سبب الملك الغصب عند أداء الضمان كما في المبسوط.
فلو أبى المالك أخذ القيمة وأراد أخذ المغير لم يكن له ذلك كما في النهاية.
قوله: (وهو رواية) جعلها في الخلاصة وغيرها قول الامام: والاستحسان قولهما.
وفي البزازية: وكان الامام نجم الدين النسفي ينكر أن يكون هذا قول الامام ويقول: أجمع المحققون من أصحابنا أنه لا يملكه إلا بأحد الامور الثلاثة، وقالوا جميعا: الفتوى على قولهما اه.
قلت: ما قاله المحققون مخالف لعامة المتون كما مر، فتدبر.
ثم رأيت بعضهم نقل أن العلامة قاسم تعقبه.
قوله: (كذبح شاة) تمثيل لقوله: فإن غصب وغير، أو تنظير لقوله: ضمنه وملكه أي كما يضمنه في ذبح شاة إلخ.
قوله: (بالتنوين بدل الاضافة) فيه أنهم قسموا تنوين العوض إلى ما يكون عوضا عن جملة أو عن حرف أو عن كلمة كقوله تعالى: * (فضلنا بعضهم على بعض) * (الاسراء:
12) * (وكل في فلك) * (يس: 40) * (أيا ما تدعوا) * (الاسراء: 110) والاضافة أمر معنوي، فالانسب إبدالها بالمضاف إليه، على أن بعض المحققين أنكر القسم الثالث، وقال إنه من تنوين التمكين يزول مع(6/490)
الاضافة ويثبت مع عدمها.
قوله: (وطبخها أو شيها) إنما ذكره لان بمجرد الذبح لا يتغير الاسم، بل ولو مع التأريب: أي التقطيع، لانه لا يفوت ما هو المقصود بالذبح بل يحققه.
سائحاني.
قوله: (والبناء على ساجة) في الهداية: قال الكرخي والفقيه أبو جعفر: إنما لا ينقض إذا بنى في حوالي الساجة لانه غير معتد في البناء، أما إذا بنى على نفس الساجة ينقض، لانه متعد، وجواب الكتاب يرد ذلك وهو الاصح.
قوله: (بالجيم) أما الساحة بالحاء فتأتي.
قوله: (خشبة عظيمة الخ) أي صلبة قوية تستعمل في أبواب الدور وبنائها وأساسها.
إتقاني.
قوله: (وقيمته أي البناء أكثر منها) جملة حالية: قال في المنح: وأما إذا كان قيمة الساجة أكثر من قيمة البناء، فلم ينقطع حق المالك عنها كما في النهاية عن الذخيرة، وبه قيد الزيلعي كلام الكنز اه.
وفيها عن المجتبى: فله أخذها، وكذا في الساحة: أي بالحاء.
قوله: (وكذا لو غصب أرضا إلخ) هذه مسألة الساحة بالحاء وستأتي متنا: أي فلو قيمة البناء أكثر يضمن الغاصب قيمة الارض ولا يؤمر بالقلع، وهذا قول الكرخي.
قال في النهاية: وهو أوفق لمسائل الباب: أي مسألة الدجاجة الآتية ونحوها، لكن في العمادية: ونحن نفتي بجواب الكتاب اتباعا لمشايخنا فإنهم كانوا لا يتركونه أي من أنه يؤمر بالقلع والرد إلى المالك مطلقا.
وفي الحامدية عن الانقروي: أنه لا يفتى بقول الكرخي، صرح به المولى أبو السعود المفتي.
قال: وبالامر باقلع أفتى شيخ الاسلام علي أفندي مفتي الروم أخذا من فتاوى أبي السعود والقهستاني، ونعم هذا الجواب، فإن فيه سد باب الظلم، ويمكن أن يفرق بين هذه وبين مسألة اللؤلؤة ونحوها بأنه في تلك أمر اضطراري صدر بدون قصد معتبر، وأما الغصب فهو فعل اختياري مقصود اه ملخصا.
وقد ظهر لك أن الشارح جرى هنا على قول الكرخي، وكذا فيما سيأتي حيث قيد قول المتن يؤمر بالقلع بما إذا كانت قيمة الارض أكثر، فما اقتضاه التشبيه في قوله وكذا لو غصب أرضا من أنه لا يؤمر بالقلع صحيح، لان الكلام فيما إذا كانت قيمة البناء أكثر، ولم يتعرض لكلام غير الكرخي
وإن كان المفتى به كما علمت، فافهم.
قوله: (يضمن صاحب الاكثر قيمة الاقل) فإن كانت قيمتهما على السواء يباع عليهما، ويقتسمان الثمن.
تاترخانية.
قوله: (فمات) فلو بقي حيا يضمن قيمتها، ولا ينتظر إلى أن تخرج منه.
تاترخانية.
قوله: (وفي تنوير البصائر أنه الاصح) وفي البزازية: وعن محمد: لا يشق بطنه لو درة، وعليه الفتوى، لان الدرة تفسد فيه فلا يفيق الشق والدنانير لا تفسد.
وفي البيري عن تلخيص الكبرى: لو بلع عشرة دراهم ومات يشق، وأفاد البيري عدم الخلاف في الدارهم(6/491)
والدنانير لعدم فسادها، وقد علم اختلاف التصحيح في الدرة ولفظ الفتوى أقوى: تأمل.
قوله: (يباع البناء عليهما) هكذا العبارة في البزازية والشرنبلالية، وظاهر أن المراد يباع مع الساجة بقرينة ما بعده.
قوله: (إن قضى عليه بالقيمة لا يحل) وإذا نقص لم يستطع رد الساجة.
شرنبلالية عن الذخيرة.
قوله: (لتضييع المال) عبارة القهستاني: قيل يحل، وقيل لا يحل لتضييع المال.
قوله: (وهو لمالكه مجانا) فلا يضمن للغاصب شيئا لاجل الصياغة، لانه لم يوجد إلا مجرد العمل، إلا إذا جعله من أوصاف ملكه، بحيث يكون في نزعه ضرر كما لو جعله عروة مزادة أو صفائح في سقف ونحو ذلك، فقد انقطع لصاحبه اليد عنه وقت غصبه.
تاترخانية.
قوله: (أو أخذها وضمنه نقصانها) لانه إتلاف من وجه لفوات بعض المنافع كالحمل والدر والنسل، وبقاء بعضها وهو اللحم.
درر.
قوله: (وكذا الحكم لو قطع يدها) لانه إتلاف من وجه أيضا، وهذا في مثل البقر ونحوه ظاهر، وكذا في الشاة لانها تضعف عن الذهاب إلى المرعى فيقل درها ويضعف نسلها.
تأمل.
قوله: (أو قطع طرف دابة غير مأكولة) لوجحود الاستهلاك من كل وجه.
هداية.
وقيد باليد والطرف، لان في عين الحمار أو البغل أو الفرس ربع القيمة، وكذا في عين البقرة والجزور، وفي عين الشاة ما نقصها، وسيجئ ذلك في كتاب الديات إن شاء الله تعالى.
إتقاني.
قوله: (غير سديد هنا) لان قوله: أو أخذها وضمنه نقصانها خاص بالمأكولة، وعلى أسقاط لفظة غير يكون من التعميم بعد التخصيص.
قوله: (قلت الخ) جواب عن الملتقى.
وحاصله: أن مراده بإلحاق غير المأكولة بالمأكورة في الحكم من حيث وجود التخيير فيهما بين طرحها على الغاصب، وبين إمساكها، وإن كان بينهما فرق من حيث أنه إذا أمسك المأكولة له أن
يضمن الغاصب النقصان، بخلاف غير المأكولة لما علمت من وجود الاستهلاك من كل وجه، وقد نبه الشارح على هذا الفرق بقوله: لكن إذا اختار الخ فافهم.
أقول: وقد يجاب بأن المراد الرجوع بالنقصان أيضا كالمأكولة كما هو قضية التشبيه، ولكن يقيد بما إذا كان لما بقي قيمة لعدم وجود الاستهلاك من كل وجه، والقرينة على هذا التقييد لفظ النقصان، فإنه إذا لم يكن لما بقي قيمة لم يقل له نقصان بلا هلاك، ودليل ذلك على ما في النهاية وغيرها.
عن المنتقى بالنون قطع يد حمار أو رجله وكان لما بقي قيمة فللمالك أن يمسكه ويأخذ النقصان، وكذا لو ذبحه وكان لجلده ثمن لا إن قتله، لان الذبح بمنزلة الدباغ اه ملخصا.
هذا، وفي النهاية عن المبسوط ما يفيد أن المراد هنا بغير المأكولة ما يشمل الفرس.
(بخلاف طرف العبد) مرتبط بقوله: لكن إذا(6/492)
اختار ربها أخذها لا يضمنه شيئا.
قوله: (فإن فيه الارش) أي له أخذه مع الارش لانه ينتفع به أقطع، ولا كذلك الدابة الغير المأكولة.
منح.
قوله: (خرق ثوبا إلخ) معطوف على ما قبله: أي للمالك أيضا أن يطرحه عليه ويضمنه القيمة، أو يمسكه النقصان.
قوله: (وهو ما فوت إلخ) اقتصر عليه لانه هو الصحيح في الفرق بين الفاحش واليسير من أقوال أربعة مذكورة في الشرنبلالية وغيرها.
قوله: (لا كله) أي كل النفع.
قوله: (ضمن كلها) أي كل العين.
قوله: (نقصه) أي نقص العين، وذكر الضمير باعتبار الثوب، ويصح إرجاعه للنفع، وقوله بعده ولم يفوت شيئا من النفع أي لم يفوته بتمامه.
قال في الهداية: واليسير ما لا يفوت به شئ من المنفعة، وإنما يدخل فيه النقصان، لان محمدا جعل في أصل قطع الثوب نقصانا فاحشا والفائت به بعض المنافع اه.
والحاصل كما في النهاية وغيرها: أنه ما تفوت به الجودة بسبب نقصان في المالية.
قوله: (ما لم يجدد فيه صنعة) بأن خاطه قميصا فإن ينقطع به حق المالك عنه عندنا.
زيلعي.
قوله: (أو يكون ربويا) فيخير المالك بين أن يمسك العين ولا يرجع على الغاصب بشئ، وبين أن يسلمها ويضمنه مثلها أو قيمتها، لان تضمين النقصان متعذر لانه يؤدي إلى الربا.
زيلعي.
وقوله: أو قيمتها أي في نحو مصوغ.
تأمل.
قوله: (ومنه يعلم) أي من قوله أو يكون ربويا.
قوله: (حياصة) الاصل حواصة وهي
سير يشد به حزام السراج.
قاموس.
قوله: (بين تضمينها مموهة) أي تضمين القيمة من غير الجنس على الظاهر ط.
قوله: (لانه تابع) عبارة شيخه الرملي: لان الذهب بالتمويه صار مستهلكا تبعا للفضة فتعتبر جميعها فضة غير أنها انتقصت بذهابه.
قوله: (شراء) بالمد والتنوين: أي بأن اشترتها بفضة مساوية لها وزنا وزال المتوية عندها: يعني ووجدت بها عيبا قديما.
قوله: (فلا رد) أي بالعيب القديم لتعيبها بزوال التمويه عندها وهو مانع من الرد.
قوله: (ولا رجوع بالنقصان) أي نقصان العيب القديم.
قوله: (للزوم الربا) لانه يبقى أحد البدلين زائدا على الآخر بلا عوض يقابله، وهذه مما يزاد على المسائل التي تمنع الرجوع بالنقصان المذكورة في باب خيار العيب ولهذا قال: فاغتنمه الخ.
قوله: (قاله شيخنا) يعني الخير الرملي في حواشي المنح.
قوله: (ومن بنى) أي بغير تراب تلك الارض، وإلا فالبناء لرب الارض، لانه لو أمر بنقضه يصير ترابا كما كان.
در منتقى.
قوله: (بغير إذنه) فلو بإذنه فالبناء لرب الدار، ويرجع عليه بما أنفق جامع الفصولين من أحكام العمارة في ملك الغير، وسيذكر الشارح في شتى الوصايا مسألة من بنى في دار زوجته مفصلة.
قوله: (لو قيمة الساحة أكثر) بالحاء المهلة، ولو(6/493)
قيمتها أقل فللغاصب أن يضمن له قيمتها ويأخذ.
درر عن النهاية.
وهذا على قول الكرخي وقدمنا الكلام عليه آنفا.
قوله: (أي مستحق القلع الخ) وهو أقل من قيمته مقلوعا مقدار أجرة القلع، فإن كانت قيمته الارض مائة وقيمة الشجر المقلوع عشرة وأجرة القلع درهم بقيت تسعة دراهم، فالارض مع هذا الشجر تقوم بمائة وتسعة دراهم فيضمن المالك التسعة.
منح.
قوله: (إن نقصت الارض به) أي نقصانا فاحشا بحيث يفسدها، أما لو نقصها قليلا فيأخذ أرضه ويقلع الاشجار ويضمن النقصان.
سائحاني عن المقدسي.
مطلب: زرع في أرض الغير يعتبر عرف القرية قوله: (ولو زرعها يعتبر العرف إلخ) قال في الذخيرة قالوا إن كانت الارض معدة للزراعة، بأن كانت الارض في قرية اعتاد أهلها زراعة أرض الغير وكان صاحبها ممن لا يزرع بنفسه ويدفع أرضه مزارعة، فذلك عن المزارعة، ولصاحب الارض أن يطالب المزارع بحصة الدهقان على ما هو
متعارف أهل القرية النصف أو الربع أو ما أشبه ذلك.
وهكذا ذكر في فتاوى النسفي وهو نظير الدار المعدة للاجارة إذا سكنها إنسان، فإنه يحمل على الاجارة، وكذا ها هنا، وعلى هذا أدركت مشايخ زماني، والذي تقرر عندي وعرضته على من أثق به أن الارض وإن كانت معدة للزراعة تكون هذه مزارعة فاسدة، إذ ليس فيها بيان المدة، فيجب أن يكون الخارج كله للمزارعة، وعلى المزارع أجر مثل الارض اه.
أقول: لكن سيذكر الشارح في كتاب المزارعة: أن المفتى به صحتها بلا بيان المدة، وتقع على أول زرع واحد، فالظاهر أن ما عليه المشايخ مبني على هذا، في مزارعة البزازية بعد نقله ما مر عن الذخيرة: قال القاضي: وعندي أنها إن معدة لها وحصة العامل معلومة عند أهل تلك الناحية جاز استحسانا، وإن فقد أحدهما لا يجوز وينظر إلى العادة إذا لم يقر بأنه زرعها لنفسه قبل الزراعة أو بعدها، أو كان ممن لا يأخذها مزارعة ويأنف مذلك حينئذ تكون غصبا.
والخارج له وعليه نقصان الارض، وكذا لو زرعها بتأويل بأن استأجر أرضا لغير المؤجر بلا إذن ربها، ولم يجزها ربها وزرعها المستأمجر لا تكون مزارعة، لانه زرعها بتأويل الاجارة اه.
قوله: (وإلا فالخارج للزارع إلخ) أي إن لم يكن عرف في دفعها مزارعة ولا في قسم حصة معلومة يكون الزارع غاصبا فيكون الخارج له.
وقوله: وعليه أجر مثل الارض مشكل، ولا تفيده النقول المارة، لانها حينئذ ليست مما أعد للاستغلال، حتى يجب عليه الاجر، بل الواجب عليه نقصانها.
اللهم إلا أن يحمل على أنها مال يتيم، وهو بعيد جدا، أو أعدها صاحبها للاجارة، فتكون مما أعد للاستغلال وأما الوقف فيأتي قريبا، وليس في جامع الفصولين ما يفيد ما ذكره أصلا، فإن الذي فيه من الفصل الحادي والثلاثين نحو ما قدمناه عن الذخيرة و البزازية.
قوله: (وأما في الوقف إلخ) عبارة الفصولين: إلا في الوقف: فيجب فيه الحصة أو الاجر بأي جهة زرعها أو سكنها أعدت للزراعة أو لا، وعلى هذا استقر فتوى عامة المتأخرين اه.
ورأيت في هامشه عن مفتي دمشق العلامة عبد الرحمن أفندي العمادي أن قوله تجب الحصة(6/494)
أي في زرع الارض، وقوله: أو الاجر أي في سكنى الدار، فقوله زرعها أي الارض، أو سكنها:
أي الدار ففيه لف ونشر مرتب اه.
ودخل في قوله بأي جهة زرعها ما لو زرعها على وجه الغصب صريحا أو دلالة أو على وجه المزارعة أو تأويل عقد، فإن ذلك مذكور في عبارة الفصولين قبل قوله: إلا في الوقف.
وذكر في الاسعاف أنه لو زرع أرض الوقف يلزم أجر مثلها عند المتأخرين اه.
أقول: والظاهر حمله على ما إذا لم يكن عرف أو كان الاجر أنفع للوقف.
تأمل.
ويمكن تفسير قول الفصولين فتجب الحصة: أي إن كان عرف، وقله أو الاجر أي إن لم يكن عرف، أو كان الاجر أنفع.
تأمل.
مطلب مهم والحاصل: أنها إن كانت الارض ملكا: فإن أعدها ربها للزراعة اعتبر العرف في الحصة، وإلا فإن أعدها للايجاب فالخارج للزارع وعليه أجر المثل، وإلا فعليه النقصان إن انتقصت، وإن كانت وقفا فإن ثمة عرف وكان أنفع اعتبر، وإلا فأجر المثل لقولهم يفتى بما هو أنفع للوقف، فاغتنم هذا التحرير المفرد المأخوذ من كلامهم المبدد.
بقي هنا شئ يخفى على كثيرين وهو: ما لو كانت الارض سلطانية أو وقفا بيد زارعها الذين لهم مشد مسكتها كغالب الاراضي الدمشقية إذا زرعها غير من له المشد بغير إذنه ودفع ما عليها من الحصة للمتكلم عليها، هل لصاحب المشد أن يطالبه بحصة من الخارج، أو بأجرة زرعها دراهم أم لا؟ أجاب في الخيرية بقوله: لا، وإن قلنا: لا ترفع يده عنها ما دام مزارعا يعطي ما هو المعتاد فيها على وجهه المطلوب اه.
فعلم بهذا أن الحصة لا يستحقها صاحب المشد، بل صاحب الاقطاع أو المتولي، فتنبه.
وفي الحامدية: سئل في أرض وقف سليخة جارية في مشد مسكة رجل زرعها زيد بلا إذن من المتولي ولا من ذي المشد ولم تكن في إجازته.
أجاب: للناظر مطالبة زيد بأجرة مثلها، والله أعلم.
فليحفظ ذلك فإنه مهم.
قوله: (بكل حال) علمت معناه مما قدمناه.
قوله: (فصبغه) فلو الصبغ بلا فعل أحد كإلقاء الريح فلا خيار لرب الثوب، بل يدفع قيمة الصبغ لصاحبه، لانه لا جناية من صاحب الصبغ حتى يضمن الثوب.
زيلعي.
قوله: (لا عبرة للالوان إلخ) بيان لنكتة عدم تعرض المصنف للون
الصبغ، وإن ما روي عن الامام إن السواد نقصان وعندهما زيادة كالحمرة والصفرة راجع إلى اختلاف عصر وكان، فمن الثياب ما يزداد بالسواد ومنها ما ينتقص كما في التبيين وغيره.
قوله: (بل لحقيقة الزيادة والنقصان) فلو كان ثوبا ينقصه الصبغ بأن كانت قيمته ثلاثين درهما مثلا فتراجعت الصبغ إلى عشرين، فعن محمد ينظر إلى ثوب يزيد فيه ذلك الصبغ، فإن كانت الزيادة خمسة يأخذ رب الثوب ثوبه وخمسه دارهم، لان صاحب الثوب وجب له على الغاصب ضمان نقصان قيمة ثوبه عشرة دراهم، ووجب عليه للغاصب قمة صبغه الخمسة بالخمسة قصاص، ويرجع عليه بما بقي من النقصان وهو خمسة.
رواه هشام عن محمد.(6/495)
واستشكله الزيلعي بما حاصله: أن المالك لم يصل إليه كل حقه ولم ينتفع بالصبغ بل ضره، فكيف يغرم والاتلاف موجب لكل القيمة صار مسقطا؟ وأجاب الطوري بما لا يشفى فراجعه.
قوله: (فالمالك مخير) لانه صاحب أصل والآخر صاحب وصف، يقال: ثوب مصبوغ وسويق ملتوت فخير لتعذر التمييز.
قوله: (وسماه) أي القيمة بمعنى البدل ح.
وهو جواب عن المتن حيث يفهم منه خلاف ما في المبسوط.
وقوله: وقدمنا قولين: أي أوائل الغصب جواب آخر، فما في المتن مبني على القول الآخر وهو ظاهر المتون، وفي الدر المنتقى أنه مثلي، وقيل قيمي لتغيره بالقلي لكن تفاوته قليل، فلم يخرج عن كونه مثليا كما في شرح المجمع اه.
وصحح الاتقاني أنه قيمي.
قوله: (وغرم ما زاد الصبغ) برفع الصبغ فاعل زاد: أي غرم من النقود بقدر الزيادة الحاصلة في الثوب بسبب الصبغ.
قوله: (وغرم السمن) أشار إلى أن السمن منصوب عطفا على ما، والمراد غرم مثل السمن، وبين فائدة إدراجه لفظة غرم المانعة من عطفه على الصبغ المرفوع بقوله: لانه مثلي أي فالواجب فيه ضمانه: أي ضمان مثله لا قيمته.
وفي الدر المنتقى: وقيل بالرفع والصواب النصب.
ذكره الزاهدي اه، قبل اتصاله لم يقل وقت اتصاله كما قاله في سابقه، لان خروج الصبغ عن المثلية بامتزاجه بالماء كان قبل اتصاله بالثوب، بخلاف السمن، فإنه لم يخرج عنها إلا وقت اتصاله بالسويق، فافهم.
وهذا وجه الفرض بين ضمان مثل السمن وبدل الصبغ.
مطلب في أبحاث غاصب الغاصب
قوله: (إذا كان قبضه القيمة معروفا) الظاهر أن الحكم في رد عين المغصوب كذلك، فلو أقر الغاصب بقبضه منه وأنكره المالك لا يصدق في حق المالك، لانه بقبضه دخل في ضمانه.
وبدعوى الرد يدفع الضمان عنه فلا يصدق في حق نفسه، فتأمل وراجع المنقول.
رملي على الفصولين.
ونقله ط(6/496)
عن الحموي عن العمادي، والله أعلم.
قوله: (أو بينة) أي أقامها غاصب الغاصب.
قوله: (لا بإقرار الغاصب) أي الاول فلا يصدق في حق المالك، فهو بالخيار في تضمين أيهما شاء.
بيري.
قوله: (إلا في حق نفسه وغاصبه) أي فيما إذا اختار المالك تضمين الثاني يرجع على الاول بما أقر بقبضه، وكذا فيما إذا اختار تضمين الاول وأراد الاول الرجوع على الثاني ليس له ذلك مؤاخذة له باإقراره، فإنه لولا إقراره لرجع كما يأتي.
قوله: (بعض الضمان) أطلقه فشمل النصف أو الثالث أو الربع كما في الهندية قوله: (له ذلك سراجية) اختلف النقل عن السراجية، فبعضهم نقل ليس له، وبعضهم نقل كما هنا، وهو المذكور في الفصولين عن فوائد صدر الاسلام وفي الهندية عن الذخيرة.
قوله: (والمالك بالخيار) إلا في مسألة تقدمت متنا أول الغصب.
وفي الهندية: إن ضمن الاول يرجع الاول على الثاني بما ضمن، وإن ضمن الثاني لا يرجع على الاول اه.
وفي البزازية: وهب الغاصب المغصوب أو تصدق أو أعار هلك في أيديهم وضمنوا للمالك لا يرجعون بما ضمنوا للمالك على الغاصب، لانهم كانوا عاملين في القبض لانفسهم، بخلاف المرتهن والمستأجر والمودع فإنهم يرجعون بما ضمنوا على الغاصب، لانهم عملوا له، والمشتري إذا ضمن قيمته يرجع بالثمن على الغاصب البائع لان رد القيمة كرد العين اه.
قوله: (وإذا اختار تضمين أحدهما) أي ولم يقبض منه القيمة، ولم يقض عليه بها كما يأتي.
قوله: (لم يملك تركه) أي وإن توى المال عليه كما في الفصولين: أي بأن وجده معدما أو مات مفلسا وشمل تضمين أحدهما البعض، فليس له بعد أن ضمن أحدهما البعض أن يضمن ذلك البعض للآخر، بخلاف الباقي.
قال في البزازية: تضمين
الكل تمليك من الضامن، فلا يملك التمليك من الآخر، وتضمين البعض تمليك ذلك فيملك تمليك الباقي بعد ذلك من الآخر.
قوله: (وقيل يملك) جزم في الفصولين بالاول، ثم رمز وقال: فيه روايتان.
وفي الهندية عن المحيط: لو اختار تضمين أحدهما ليس له تضمين الآخر عندهما.
وقال أبو يوسف: له ذلك ما لم يقبض الضمان منه اه.
وظاهره أن بعد القبض لا يملك تضمين الثاني بلا خلاف، ولذا عبر بالاختيار، وكالقبض بالتراضي القضاء بالقيمة كما في الهندية أيضا.
فرع: أخذه من الغاصب ليرده إلى المالك فلم يجده فهو غاصب الغاصب يخرج عن العهدة برده إلى الغاصب الاول.
هندية.
مطلب في لحوق الاجازة للاتلاف ولافعال قوله: (الاجازة لا تلحق الاتلاف) يستثنى منه ما ذكره الحموي: لو جاء رب اللقطة وأجاز تصدق الملتقط بها لانه كالاذن ابتداء، والاذن حصل من الشارع لا من المالك، ولذا لا تتوقف على(6/497)
قيامها في يد الفقير، بخلاف إجازة بيع الفضولي.
قوله: (معزيا للبزازية) أي من كتاب الدعوى، وفي البيري عنها: اتخذ أحد الورثة ضيافة من التركة حال غيبة الآخرين، ثم قدموا وأجازوا ثم أرادوا تضمينه لهم ذلك، لان الاتلاف لا يتوقف حتى تلحقه الاجارة.
قوله: (عن العمادية) ذكره في الفصولين في آخر الفصل 24 في بحث ما ينفذ من التصرفات السابقة بإجازة لاحقة، فراجعه.
قوله: (تلحق الافعال) قال في جامع الفصولين: بعث دينه بيد رجل إلى الدائن، فجاء إليه الرجل وأخبره به فرضي وقال: اشتر لي به شيئا ثم هلك، قيل: يهلك من مال المديون، وقيل: من مال الدائن، وهو الصحيح، إذا الرضا بقبضه في الانتهاء كالاذن ابتداء وهذا التعليل إشارة إلى أن الصحيح أن الاجازة تلحق الافعال وهو الصحيح اه.
قوله: (قال) أي المصنف وقال ابنه الشيخ صالح: ألا أن يقال: المراد بالافعال غير الاتلاف عملا بنقول المشايخ كلهم مع إمكان الحمل اه.
قال الحموي: يعني أن الافعال منها ما يكون إعداما، ومنها ما يكون إيجادا، فيحمل قول المشايخ على الفعل الذي لا يكون إعداما اه.
أبو السعود على الاشباه.
أقول: ذكر في البزازية: أفسد الخياط الثوب فأخذه صاحبه ولبسه عالما بالفساد، ليس له التضمين اه، قال في التاترخانية: ويعلم من هذه المسألة كثير من المسائل اه.
فتأمل.
قوله: (لا يملكه) قال في التاترخانية: ولم يتعرض لما إذا زادت قيمته بالكسر، وينبغي أن لا يملكه أيضا اه.
قوله: (تطيب به) ولا فرق بين أن تكون الاجرة قدر أجرة المثل أم لا، أبو السعود على الاشباه (قول: فوصله) أي عند الحداد.
قوله: (انقطع حقه) لانه أحدث به صنعه.
قوله: (وعلى المستعير قيمته منكسرا) لانه انكسر حال استعماله فلم يكن مضمونا عليه.
قوله: (شرح وهبانية) ذكره عند قول النظم: (الطويل) ولو رفأ المخروق في الثوب خارق * يغرم النقص فيه فيقدر يقال: رفيت الثوب ورفوته، وبعض العرب يهمزه رفأت: إذا أصلحته: أي يقوم صحيحا ويقوم مرفوا فيضمن فضل ما بينهما، شرنبلالي.
قوله: (فانهدم شئ بركوبه) قيد بالانهدام، إذا لو هدم دار غيره بغير أمره وبغير أمر السلطان حتى ينقطع عن داره ضمن ولم يأثم، بمنزلة جائع في مفازة ومع صاحبه طعام له أخذه كرها ثم يضمنه، ولا إثم عليه.
تاترخانية.
وظاهره أنه بأمر السلطان لا يضمن.
قال الشيخ خير الدين: ووجهه أن له ولاية عامة يصح أمره لرفع الضرر العام اه.
أقول: والظاهر أنه يضمن ما هدمه مشرفا على الهلاك نظير ما قدمه الشارح من مسألة السفينة(6/498)
الموقرة تأمل.
قوله: (لا يجوز دخول بيت إنسان إلا بإذنه) قيد بالبيت لما في التاترخانية: أراد أن يمر بأرض إنسان أو ينزل بها إن كان لها حائط أو حائل ليس له ذلك لانه دليل عدم الرضا، وإلا فلا بأس به، وفي الكبرى: المعتبر في ذلك عادات الناس اه.
مطلب فيما يجوز فيه دخول دار غيره بلا إذن منه قوله: (إلا في الغزو) أي إذا كان ذلك البيت مشرف على العدو فللغزاة دخوله ليقاتلوا العدو منه أو نحو ذلك.
تأمل.
قوله: (وخاف لو أعلمه أخذه) وينبغي أن يعلم الصلحاء أنه إنما يدخل لذلك، ولو لم يخف أخذه لا يجوز من غير ضرورة، ذخيرة.
وفيها مسائل أخر.
منها: نهب منه ثوبا ودخل
الناهب داره لا بأس بدخولها ليأخذ حقه، لان مواضع الضرورة مستثناة، ومنها: له مجرى في دار رجل أراد إصلاحه ولا يمكن أن يمر في بطنه يقال لرب الدار: إما أن تدعه يصلحه وإما أن تصلحه.
ومنها: أجر دارا وسلمها له دخولها لينظر حالها فيرمها وإن لم يرض المستأجر عندهما، وعنده إن رضي.
قوله: (فله نبشه) أي نبشه لاخراج الميت.
قوله: (وله تسويته) أي بالارض والزراعة فوقه.
أشباه قوله: (وإن وقفا فكذلك) أي فله قيمة حفره، وهذا ذكره في الاشباه بحثا فقال: وينبغي أن يكون الوقف من قبيل المباح فيضمن قيمة الحفر، ويحمل سكوته عن الضمان في صورة الوقف عليه اه: أي على الضمان في المباح، وفي حاشية أبي السعود عن حاشية المقدسي: وهذا لو وقف للدفن فلو على مسجد للزرع والغلة فكالمملوكة.
تأمل.
اه.
قوله: (ولا يكره لو الارض متسعة) أي لا يكره الدفن.
نظيره في بسط المصلي في المسجد أو نزل في الرباط فجاء آخر، فلو في المكان سعة لا يزاحم الاول، وإلا فله ولوالجية.
وأفاد كراهة الدفن لو لم تكن الارض متسعة فلا يصح التعبير بقولنا ولو متسعة كما لا يخفى، فافهم.
مطلب فيما يجوز من التصرف بمال الغير بدون إذن صريح قوله: (إلا في مسائل مذكورة في الاشباه) الاولى: يجوز للولد والوالد الشراء من مال المريض ما يحتاج إليه المريض بلا إذنه، ولا يجوز في المتاع، وكذا أحد الرفقة في السفر لانه بمنزلة أهله في السفر.
الثانية: أنفق المودع على أبوي المودع بلا إذنه وكان في مكان لا يمكن استطلاع رأي القاضي لم يضمن استحسانا، وإطلاق الكنز الضمان محمول على الامكان.
الثالثة: إذا مات بعض الرفقة في(6/499)
السفر فباعوا فراشه وعدته وجهزوه بثمنه وردوا البقية إلى الورثة أو غمى عليه فأنفقوا عليه من ماله لم يضمنوا استحسانا.
وحكى عن محمد أنه مات بع ض تلامذته فباع محمد كتبه لتجهيزه، فقيل إنه لم يوص، فتلا قوله تعالى: * (والله يعلم المفسد من المصلح) * فما كان على قياس هذالا يضمن ديانة، أما في الحكم فيضمن وكذا المأذون في التجارة لو مات مولاه فأنفق في الطريق لم يضمن، وكذا لو أنفق بعض أهل المحلة على مسجد لا متولي له من غلته لحصير ونحوه، أو أنفق الورثة الكبار على الصغار ولا وصي
لهم، أو قضى الوصي دينا علمه على الميت بلا معرفة القاضي فلا ضمان في الكل ديانة اه.
من الاشباه وحواشيها، وفي التاترخانية: وضع القدر على الكانون وتحتها الحطب فجاء آخر وأوقد النار فطبخ لا يضمن استحسانا.
ومن هذا الجنس خمس مسائل: إحداها: هذه.
الثانية: طحن حنطة غيره ضمن، ولو أن المالك عل الحنطة في الزورق وربط الحمار وجاء آخر فساقه لا يضمن.
الثالثة: رفع جرة غيره فانكسرت ضمن، ولو رفعها صاحبها وأمالها إلى نفسه فجاء آخر وأعانه فانكسرت لا، الرابعة: حمل على دابة غيره فهلكت ضمن، ولو حملها المالك شيئا فسقط فحملها آخر فهلكت لا.
الخامسة: ذبح أضحية غيره في غير أيامها لا يجوز ويضمن، ولو في أيامها يجوز ولا يضمن.
ومن جنسها أحضر فعله لهدم دار فجاء آخر وهدمها لا يضمن استحسانا، ذبح شاة القصاب إن بعد ما شد القصاب رجلها لا يضمن، وإلا ضمن.
والاصل في جنس هذه المسائل كل عمل لا يتفاوت فيه الناس تثبت الاسحعانة من كل أحد دلالة، وإلا فلا، فلو علقها بعد الذبح للسلخ فسلخها آخر بلا إذنه ضمن اه.
ملخصا.
وفي القنية: أخذ أحد الشريكين حمار صاحبه الخاص وطحن به فمات لم يضمن للاذن دلالة.
قال: عرف بجوابه هذا أنه لا يضمن فيما يوجد الاذن دلالة وإن لم يوجد صريحا، كما لو فعل بحمار ولده أو بالعكس، أو أحد الزوجين: أو أرسل جارية زوجته فأبقت اه.
قوله: (ضمنه) مخالف لما في المعراج والبزازية وغيرهما من أنه إن لم يسقه معها لا يضمنه، وقدمناه أول الغصب عن الزيلعي.
لكن نقل عن الشرنبلالي عن قاضيخان: أنه ينبغي أن يضمنه أيضا لانه لا يساق إلا بسوقها، كما قالوا: إذا غصب عجلا فيبس لبن أمه ضمنه مع نقصان الام اه.
أقول: إن كانت المسألة من تخريجات المشايخ فما اختاره قاضيخان وجيه، ولذا مشى عليه ابن وهبان، وإن كان منقولة عن المجتهد فاتباعه أوجه، فليراجع.
قوله: (بما يتغير) الظاهر أن المراد به المضمون وهو الجحش هنا، فإنه لما هلك تغير عن حاله وقد ضمنه مع أنه لم يباشر فيه فعلا، تأمل.
قوله: (هل له منه شربه) الجواب: نعم إن حول النهر عن موضعه كره الشرب والتوضؤ منه لظهور أثر الغصب بالتحويل، وإلا لا لثبوت حق كل أحد فيهما.
ابن الشحنة.
قوله: (وهل ثم نهر طاهر لا
مطهر) الجواب أنه القرس السريع فإنه يسمى نهرا وبحرا لقوله بعضهم في قوله تعالى: * (وهذه الانهار تجري من تحتي) * (الزخرف: 51) أي الخيل، ولقوله (ص) في فرس أب طلحة: إنا وجدناه لبحرا ابن الشحنة.
والله تعالى أعلم.(6/500)
فصل لما ذكر مقدمات الغصب وكيفية ما يوجب الملك للغاصب بالضمان ذكر في هذا الفصل مسائل متفرقة تتصل بمسائل الغصب كما هو دأب المصنفين.
نهاية.
قوله: (غيب) الاولى أن يقول غاب ليشمل ما إذا كان عبدا فأبق، فإنه إذا ضمن قيمته ملكه.
أفاده الطوري وقال: يعلم حكم التغييب بالاولى.
قوله: (وضمن قيمته لمالكه) أي إن شاء المالك التضمين، وإلا فله أن يصبر إلى أن يوجد كما في العناية ح.
قوله: (ملكه عندنا إلخ) أي خلافا للشافعي لما مر أن الغصب محظور فلا يكون سببا للملك كما في المدبر.
ولنا أنه ملك البدل بكماله والمبدل قابل للنقل من ملك إلى ملك فيملكه دفعا للضرر عنه، بخلاف المدبر لانه غير قابل للنقل.
ابن كمال.
قوله: (فتسلم له الاكساب لا الاولاد) تفريع على قوله مستندا لانه الملك الثابت الاستناد ناقص يثبت من وجه دون وجه، فلم يظهر أثره في الزيادة المنفصلة.
كذا في العناية وغاية البيان.
والفرق أن الولد بعد الانفصال غير تبع، بخلاف الكسب فإنه بدل المنفعة، فيكون تبعا محضا.
أقول: وظاهره أن المراد بالاكساب مطلق الزيادة المتصلة كالحس والسمن، وبالولد مطلق الزيادة المنفصلة كالدر والثمر، فلا تسلم له إذا ملك المغصوب بالضمان، يدل عليه ما مروقول الزيلعي: بخلاف الزيادة المتصلة والكسب لانه تبع، ولا كذلك المنفصلة، بخلاف البيع الموقوف أو الذي فيه الخيار، حيث يملك به الزيادة المنفصلة أيضا لانه سبب موضوع للملك فيستند من كل وجه اه.
تأمل.
قوله: (والقول له بيمينه) أي للغاصب لانكاره الزيادة التي يدعيها المالك بأن يقول ما قيمته إلا عشرة مثلا.
منية المفتي.
قوله: (فللمالك) لانها مثبتة للزيادة.
قال في النهاية: ويشترط في دعوى المالك ذكر أوصاف المغصوب، بخلاف سائر الدعاوي، وينبغي أن تحفظ هذه المسألة اه.
شرنبلالية.
قوله: (ولا تقبل بينة الغاصب إلخ) قال في المنح: فإن عجز المالك
عن إقامة البينة وطلب يمين الغاصب وللغاصب بينة تشهد بقيمة المغصوب لم تقبل، بل يحلف على دعواه، لان بينته تنفي الزيادة والبينة على النفي لا تقبل.
وقال بعض مشايخنا: ينبغي أن تقبل لاسقاط اليمين كالمودع إذا ادعى رد الوديعة فإن القول قوله، ولو أقام بينة على ذلك قبلت.
وكان أبو علي النسفي يقول: هذه المسألة عدت مشكلة، ومن المشايخ من فرق بينهما وبين مسألة الوديعة وهو(6/501)
الصحيح.
وكذا في العناية والنهاية والتبيين اه.
قوله: (ونقل المصنف إلخ) نقل المصنف ذلك في منحه عن البحر عن جواهر الفتاوى عند قوله اول الغصب ولو ادعى الغاصب الهلاك الخ ثم عاد النقل عن جواهر الفتاوى هنا، وقد نقل الشارح المسألة قبيل كتاب الاقرار وعزاها لدعوى البحر ونقلها في البحر قبيل الكنز: ولا ترد يمين على مدع، وعزاها إلى المحيط عن الامام محمد، ونقل عن المحيط أنه قال: وهذه من خواص هذا الكتاب وغرائب مسائله فيجب حفظها، وقد لفق الشارح هذه العبارة من عبارة البحر المنقولة عن المحيط، ومن عبارة الجواهر على أحسن وجه، فإنه في عبارة الجواهر على أحسن وجه، فإنه في عبارة البحر بين حكم ما إذا حلف الغاصب وسكت عما إذا نكل، وفي عبارة الجواهر بعكس ذلك، وجميع ما ذكره الشارح منقول لم ينفرد بشئ منه سوى حسن التعبير، فجزاه الله خيرا.
قوله: (لو قال الغاصب إلخ) أي بعد ما بين المالك مقدارا بأن قال قيمته مائة مثلا.
قوله: (فالقول للغاصب) اقتصر عليه لان المودع بتعدية صار غاصبا ح.
قوله: (ويجبر على البين) لانه أقر بقيمة مجهولة.
بحر عن المحيط: أي يأمره القاضي بذلك لاحتمال كذبه بقوله لا أعرف قيمته.
قوله: (فإن لم يبين الخ) عبارة البحر: فإذا لم يبين يحلف على ما يدعي المغصوب منه في الزيادة، فإن حلف يحلف المغصوب منه أيضا أن قيمته مائة، ويأخذ من الغاصب مائة اه.
فالمراد بالزيادة ما تضمنتها دعوى المالك التي نفاها الغاصب بقوله: علمت أن قيمته أقل مما يقوله، والمراد أنه يحلف على نفيها بأن يقول ليست قيمته مائة كما ادعاه المالك، وقيد بقوله لم يبين عما إذا بين وقال قيمته خمسون مثلا فإن القول له، وهي مسألة المتن السابقة فلا يصح أن يكون أصل النسخة فإن بين لاختلاف حكم المسألتين، فافهم.
قوله: (ولو حلف المالك أيضا) أفاد بلفظ أيضا أن المراد حلف بعد ما حلف الغاصب.
قال ح: لم يظهر وجهه فليراجع اه: أي وجه تحليف
المالك أيضا.
وأقول وبالله التوفيق: لعل وجهه أن الغاصب لما لم يبين لم يمكن أن يكون القول له بيمينه، بخلاف مسألة المتن فلم ترتفع دعوى المالك، لانها ترتفع لو بين شيئا يصدق فيه باليمين وفائدة تحليفه، وإن كان لا يرفع دعوى المالك التوصل إلى ثبوتها بنكوله، فإذا حلف لم تثبت دعوى المالك، لعدم النكول ولم ترتفع لعدم البيان فبقيت بحالها فاحتاجت إلى التنوير باليمين، وإن كانت من المدعي لعدم إفادة يمين المدعى عليه، ونظير ذلك مسائل منها: لو اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو المبيع تحالفا، مع أن أحدهما مدع والآخر منكر، وهي من مسائل المتون، هذا ما ظهر لي.
وجه المقل دموعه، هذا وذكرى البيري في دعوى الاشباه عن التاترخانية أن الحاكم أبا محمد طعن على محمد رحمه الله تعالى بأن اليمين لم تشرع عندنا للمدعي، وقال: الجواب الصحيح عندي أن يقول القاضي للغاصب بعد ما امتنع عن البيان: أكانت قيمته مائة أكانت خمسين أكانت ثلاثين إلى أن ينتهي إلى أقل ما لا ينقص منه قيمته في العرف والعارة، فإذا انتهى إلى ذلك لزمه وجعل القول له في الزيادة مع يمينه، كالجواب فيما إذا أقر بحق مجهول في عين في يده لغيره يسمى له القاضي السهام حتى ينتهي إلى أقل ما لا يقصدونه بالتمليك عرفا وعادة ويلزمه به اه ملخصا.
قوله: (ثم إن ظهر إلخ) لا حاجة إليه مع ما يذكره المصنف بعد.
لان الغاصب ضمن بقول المالك على ما ذكر فلا خيار للمالك ط.(6/502)
قلت: قصد الشارح ذكر عبارة البحر بتمامها مع أن المصنف لم يصرح بخيار الغاصب، بل نفى خيار المالك ولا تلازم بينهما، على أن في ثبوت الخيار للغاصب في مسألة المتن كلاما سنذكره، فافهم.
قوله: (ودفع قيمته) أي إن لم يكن دفعها.
قوله: (وأخذ القيمة) أي إن كان دفعها.
قوله: (وهي من خواص كتابنا) قد ذكرنا سابقا أن ذلك من كلام صاحب المحيط من جملة المنقول قبله، ووجه الخصوصية تضمنها ورود اليمين على المدعي، فإنه لم يشتهر في الكتب، فافهم.
قوله: (على الاصح) راجع لقوله أو مثله أو دونه وهو ظاهر الرواية، لانه لم يتم رضاه حيث لم يعط ما يدعيه والخيار لفوات الرضا، خلافا لقول الكرخي: إنه لا خيار له.
هداية.
قوله: (فالاولى ترك قوله وهي أكثر) أو
يفعل كما فعل القدوري وصاحب الكنز والملتقى حيث قدموا ذكر المسألة الثانية على الاولى، وجعل بعض الشراح ذلك قيدا للسابقة فقط، ولكن الاولى كما قال الشارح تبعا للقهستاني فإنه ليس قيدا فيهما.
قوله: (وقد ضمن بقوله) أي الغاصب مع يمينه.
قوله: (أخذه المالك) وللغاصب حبسه حتى يأخذ ما دفعه.
زيلعي.
قوله: (ولا خيار للغاصب إلخ) فيه رد على ما بحثه في اليعقوبية بأنه على التعليل بعدم رضا المالك ينبغي ثبوت الخيار للغاصب لو قيمته أقل لعدم رضاه أيضا ولذا قال: ولو قيمته أقل، فافهم.
قوله: (للزوم بإقراره) أقول: ولانه ظالم بغصبه وتغييبه، لان تمام ملكه كان متوقفا على رضا المغصوب منه وقد وجد.
تأمل.
قوله: (أو نكول الغاصب) أي عن الحلف بأن القيمة ليست كما يدعي المالك.
شرنبلالية.
قوله: (فهو له ولا خيار للمالك) وكذا لا خيار للغاصب لرضاه حيث أقدم على الغصب.
رحمتي.
وذكر ط أن له الخيار أخذا من قوله في الاولى: ولا خيار للغاصب بطريق الاشارة اه.
وأقول: قد راجعت كثيرا فلم أظفر بصريح النقل في ذلك، والذي يقتضيه النظر ما قاله الرحمتي، فإن الغاصب ظالم بالغصب وبالتغييب عن المالك، فإصراره على ذلك دليل الرضا، وحيث كان ظالما لا يراعي جانبه يدل عليه اقتصارهم على بيان الخيار في المسألتين من جانب المالك فقط لكونه مظلوما، ولذا قال الاتقاني في تعليل خيار المالك في الاولى: لانه كالمكره على نقل حقه من العين إلى بدل لم يرض به، والمكره يثبت له الخيار في الفسخ اه.
وقول المصنف كغيره، فهو له ظاهر في عدم الخيار له لان ملكه كان موقوفا على رضا المالك وقد وجد، ولا سيما فيما إذا كان نكل فإن النكول إقرار.
وأما ثبوت الخيار له في المسألة السابقة عن البحر والجواهر فلا يدل على ثبوته هنا، لاختلاف موضوعهما، ولانه ظهر صدقه في يمينه الذي حلفه ولم يرض بقول المالك ولم يقم عليه برهان ولم ينكل عن اليمين، بخلاف هذه المسألة في جميع ما ذكر، وبالجملة فإثبات الخيار له حكم شرعي يحتاج للنقل، فليراجع.
قوله: (فضمنه المالك) قيد بتضمين المالك احترازا عما لو باعه الغاصب فباعه المالك من الغاصب أو وهبه له أو مات المالك والغاصب وارثه،(6/503)
فإن بيع الغاصب يبطل، لانه طرأ ملك بات على موقوف على أداء الضمان فأبطله أبو السعود عن شيخه.
قوله: (نفذ بيعه) هذا إن ضمنه قيمته يوم الغصب.
قال في جامع الفصولين قبيل الخامس والعشرين: غصب شيئا وباعه، فإن ضمنه المالك قيمته يوم الغصب جاز بيعه، لا لو ضمنه قيمته يوم البيع اه.
قوله: (لان تحرير) تعليل للتفسير المفهوم من أي ح.
قوله: (نافذ في الاصح) أي لو أعتق المشتري من الغصب م ضمن المالك الغاصب نفذ إعتاقه في الاصح عند الشيخين، وكذا ينفذ بإجازة المالك البيع لانه عتق ترتب على سبب ملك تام بنفسه بدليل أن المبيع يملك عند الاجازة بزوائده المتصلة والمنفصلة ولو لم يكن تاما بنفسه لما كان كذلك.
وتمامه في التبيين.
قوله: (لان المالك الناقص إلخ) نقصانه بثبوته مستندا كما مر، ولم يرتض ابن الكمال هذا التعليل، قال: لانه منقوض بإعتاق المشتري من الغاصب، وعلل بأن الغصب غير موضوع لافادة الملك اه.
فتأمل.
قوله: (وزوائد المغصوب إلخ) ليس منها الاكساب الحاصلة باستغلال الغاصب فإنها غير مضمونة وإن استهلكها، لانها عوض عن منافع المغصوب ومنافعه غير مضمونة عندنا كما يأتي فكذا بدلها.
كفاية.
قوله: (أمانة لا تضمن إلا بالتعدي) أي خلافا للشافعي، وهذه ثمرة الخلاف بيننا وبينه في حقيقة الغصب كما نبه عليه الشارح أول الغصب، فلو قتله الغاصب ضمنه مع الزيادة ابن ملك.
ولو هلكت الجارية بعد الزيادة ضمن قيمتها وقت الغصب ولا يضمن الزيادة، وكذا لو زادت قيمتها.
نهاية.
قوله: (لانها أمانة) مكرر مع ما في المتن.
قوله: (ولو طلب المتصلة لا يضمن) لان دفعها غير ممكن فلا يكون مانعا اه ح.
بقي ما لو طلبها مع الاصل بأن قال سلمني الجارية أو الدابة بعد الحسن أو السمن فمنعه ينبغي أن يضمنه كالاصل، وليحرر.
رحمتي.
أقول: ذكر في المجمع أن الزيادة المتصلة لا تضمن بالبيع والتسليم.
قال شارحه: أي عند أبي حنيفة: أما المنفصلة فمضمونة اتفاقا، لانه بالتسليم إلى المشتري صار متعديا اه.
وفي الاختيار: وإن طلب المتصلة لا يضمن بالبيع للغير، لان الطلب غير صحيح لعدم إمكان رد الزوائد بدون الاصل اه.
فحيث لم تضمن بالتسليم إلى المشتري لا تضمن بالمنع أيضا.
وقدمنا أول الغصب عن جامع الفصولين: غصب شاة فسمنت فذبحها ضمن قيمتها يوم غصب لا يوم ذبحه عند أبي حنيفة كما لو تلفت بلا
إهلاكه.
تأمل.
قوله: (وما نقصته الجارية) أي انتقصت، لان نقص يجئ لازما ومتعديا وهاهنا لازم.
ابن مالك.
وأما الضمير المتصل به فلا يدل على التعدي، لانه ضمير المصدر فإنه عائد إلى ما الواقعة على النقصان.
قوله: (مضمون) أي إذا حبلت عند الغاصب أو زنت بعبد الغاصب، أما إذا كان الحبل من الزوج أو المولى لا ضمان.
جوهرة.
وفي الطوري عن المحيط: غصبها حاملا أو مريضة فماتت في يده من ذلك ضمنها وبها ذلك العيب.
قوله: (بقيمته) أي إن نزل حيا، وهو بدل من قوله: بولدها والمراد إذا ردها وولدها يجبر نقصان الولادة به نظرا إلى قيمته.
قوله: (أو بغرته) أي لو ضرب الغاصب أو غيره بطنها فألقته ميتا وهي نصف عشر قيمته.
حيا لو ذكرا وعشر قيمته لو أنثى.
قال في الاختيار: لانها قائمة مقامه لوجوبها بدلا عنه.
قوله: (إن وفى به) أي بالنقصان، وكذا إن زاد كما في غاية البيان.(6/504)
قوله: (وإلا إلخ) أي إن لم يف به يجبر بقدره وضمن الباقي.
قوله: (ولو ماتت إلخ) في هذه المسألة ثلاث روايات عن الامام: يبرأ برد الولد، يجبر بالولد قدر نقصان الولادة، ويضمن ما زاد على ذلك من قيمة الام.
وفي ظاهر الراوية: عليه رد قيمتها يوم الغصب كاملة كما في النهاية عن المبسوط.
شرنبلالية.
قوله: (زنى بأمة) أي الغاصب أو غيره.
ط عن الحموي وقيد به، إذ لو حبلت من الزوج أو المولى فلا ضمان وإن ماتت.
إتقاني.
قوله: (أي غصبها) فائدة هذا التفسير دفع ما ربما يتوهم من شمول قوله: مغصوبة ما إذا زنى بأمة غصبها غيره، فإن الضمان على الغاصب لا الزاني، فافهم.
قوله: (فماتت بالولادة) أي بسببها لا على فورها.
قال قاضيخان: وماتت في الولادة أو في النفاس، فإن على قول أبي حنيفة إن كان ظهر الحبل عند المولى لاقل من ستة أشهر من وقت رد الغاصب ضمن قيمتها يوم الغصب اه.
وقال في المواهب: عليه قيمتها يوم العلوق عند أبي حنيفة، وقالا: عليه نقص الحبل على الاصح اه.
شرنبلالية.
قوله: (ضمن قيمتها) أي وإن بقي ولدها، ولا يجبر بالولد كما في الهندية لانه غصبها، وما انعقد فيها سبب التلف وردت وفيها ذلك فلم يوجد الرد على الوجه الذي أخذ فلم يصح الرد فلا يبرأ عن الضمان، كما إذا جنت عنده فردها فقتلت بتلك الجناية أو دفعت بها فيرجع عليه المالك بكل
القيمة كأنه لم يردها.
قوله: (يوم علقت) كذا في الهداية والمجمع وغيرهما، وبحث فيه في اليعقوبية أنه ينبغي أن يكون يوم الغصب فراجعها، ويوافقه ما قدمناه آنفا عن قاضيخان.
قوله: (بخلاف الحرة) أي إذا زنى بها رجل مكرهة أو لا.
إتقاني.
فما في الدرر فيه نظر.
عزمية.
وفيه نظر، فتدبر.
قوله: (بعد فساد الرد) أي بسبب الحبل.
زاد الزيلعي والمصنف: ولا يجب ردها أصلا.
قال الرملي: سيأتي في الجنايات أن من خدع امرأة رجل يحبس حتى يردها أو يموت، فلعل ما هنا قياس وما هناك استحسان قطعا للفساد.
تأمل.
قوله: (ولو ردها محمومة إلخ) أي الامة، والفرق بين هاتين المسألتين ومسألة المتن أن الهلاك لضعف الطبيعة عن دفع آثار الحمى المتوالية، وذلك لا يحصل بالحمى الاولى عند الغاصب فإنه ليس بموجب لما بعده، والزنا يوجب جلدا مؤلما لا متلفا، فلا يضاف إلى الزنا، بخلاف الهلاك بحبل الزنا فإنه بالسبب الاول.
قوله: (لا يضمن) أي لا يضمن كل القيمة بل نقصان الحمى كما في الدر المنتقى.
قوله: (وكذا) أي لا يضمن القيمة بل نقصان عيب الزنا.
زيلعي.
قوله: (ولو زنى بها) أي بأمة غصبها واستولدها: أي حبلت منه.
درر.
قوله: (ثبت النسب) أي إن ضمنها وادعاه كما في الدرر ح.
قوله: (والولد رقيق) لان التضمين ممن له حق التضمين أورث شبهة والنسب يثبت بالشبهة، بخلاف الحرية.
درر عن الكافي.
ونقل في العزمية أن صاحب الدرر(6/505)
أساء التحرير في المسألة، ولا تتضح إلا بمراجعة الكافي.
قلت: وذكر في التاترخانية المسألة حيث قال: ليس للغاصب أن يستخدم أو يملك من غيره، حتى يختار المولى، فإن اختار أخذ القيمة استأنف الاستبراء، وإن اختار أخذها بطل ما فعل من التصرف إلا إذا استولدها يثبت النسب استحسانا والولد رقيق اه.
فقد فرض ما مر فيما إذا اختار المالك أخذها لا أخذ القيمة، فتأمل في وجهه.
مطلب في ضمان منافع الغصب قوله: (منافع الغصب) أي المغصوب.
قوله: (استوفاها أو عطلها) صورة الاول: أن يستعمل
العبد شهرا مثلا ثم يرده على سيده، والثاني: أن يمسكه ولا يستعمله ثم يرده كما في الدرر.
قوله: (عندنا) أي خلافا للشافعي رحمه الله.
قوله: (لكن لا يلائمه إلخ) أقول: بل يلائمه بعطفه عليه بالرفع فيفيد أنه غير مضمون ط: أي بتقدير حذف الخبر، والاصل: وخمر المسلم غير مضمون بدليل ما قبله، كقولك هند غير قائمة وعمرو، على أن عدم الملاءمة فيما ذكره أشد، لانه معطوف على قوله: بخلاف الحرة ومخالطة الحرة للامة في الحكم ظاهر وبينهما مناسبة، بخلاف منافع الغصب، إذ لا مناسبة بينهما إلا بتكلف.
تأمل.
قوله: (مع أنه) أي ما شرح عليه.
قوله: (أن يكون وقفا) وكما تضمن منافعه تضمن ذاته كما قدمه عن العيني وغيره عند الكلام على غصب العقار.
وفي الولوالجية: ومتى قضى عليه بالقيمة تؤخذ منه فيشتري بها ضيعة أخرى على سبيل الوقف الاول اه.
قوله: (للسكنى أو للاستغلال) أقول: أو لغيرهما كالمسجد، فقد أفتى العلامة المقدسي في مسجد تعدى عليه رجل وجعله بيت قهوة بلزوم أجرة مثله مدة شغله كما في الخيرية والحامدية.
قوله: (أو مال يتيم) أقول: وكذا اليتيم نفسه لما في البزازية: يتيم لا أب له ولا أم استعمله أقرباؤه مدة في أعمال شتى بلا إذن الحاكم وبلا إجارة له طلب أجر المثل بعد البلوغ إن كان ما يعطونه من الكسوة والكفاية لا يساوي أجر المثل اه.
وبه أفتى في الخيرية والحامدية.
وفي إجارات القنية: غصب صبيا حرا وأجره وعمل فالاجر للعاقد، ثم رمز الاجر للصبي، ثم رمز وهو الصواب، لانه ذكر في المنتقى: أجر عبده سنة ثم أقام العبد بينة أن مولاه أعتقه قبل الاجارة فله الاجر إلخ.
قوله: (سكنت أمه) أي أم اليتيم.
قوله: (في داره) أي اليتيم.
قوله: (بلا أجر) أي بلا التزام أجر بعقد إجارة من وليه.
تأمل.
قوله: (ليس لهما ذلك) أي يحرم عليهما.
قوله: (قلت ويستثنى أيضا) قائله الشيخ شرف الدين.
قوله: (سكنى شريك اليتيم) أي بأن كانت بينه وبين بالغ فسكنها البالغ(6/506)
مدة.
قوله: (وكذا الاجنبي بلا عقد) أي وكدا إذا سكنها أجنبي عنه غير أمه وغير شريكه.
قوله: (وقيل دار اليتيم كالوقف) أي في ضمان منافعهما وهو قول المتأخرين، وهو المعتمد كما يأتي في كلام الشارح.
قوله: (قلت ويمكن حمل كلا الفرعين) أي فرع أم اليتيم، وفرع سكنى شريكه، وصرح بذلك
الحموي، وبحمل الاول صرح صاحب المنح.
قوله: (بعدم أجرته) أي بعدم لزومها.
قوله: (وأما على القول المعتمد إلخ) أي وحينئذ فلا استثناء، ولذا قال العلامة البيري: والعجب من المؤلف كيف عدل عما عليه الفتوى بلا موجب فاحذره.
قوله: (فتلزمه الاجرة) لان الاجرة تجب على الغاصب دون من يتبعه، ونقل البيري عن المحيط: إن لم يكن لها زوج لها السكنى بحكم الحاجة، وإن كان فلا، كما إذا كان لها مال.
قوله: (وما في الصيرفية إلخ) عبارتها: سكنت مع زوجها ببيت ابنها الصغير.
قال: إن كان بحال لا يقدر على المنع بأن كان ابن سبع سنين أو ست فعليها أجر المثل، لانها غير محتاجة حيث كان لها زوج، وإن كان بحال يقدر على المنع فلا أجر عليها اه.
وفيها مخالفة لما في البيري عن المحيط حيث فرض المسألة فيما إذا سكنت بغير أم الزوج وقدر مدة قدرة الابن على المنع بأن كان ابن عشر فأكثر، فإن ظاهره أنها سكنت وحدها، وأنه له كان ابن ثمان أو تسع يلزمها الاجر.
تأمل.
قوله: (وإلا فعليها) في بعض النسخ بضمير التثنية، وهو غير موافق لعبارة الصيرفية المارة.
قوله: (غير ظاهر) خبر المبتدأ، ووجهه أنه وإن قدر على المنع فلا عبرة بتبرعه وهو صبي.
قوله: (وعليه) أي على القول المعتمد من أنها كالوقف.
كذا في تنوير البصائر.
لا على ما في الصيرفية كما قيل، فافهم.
قوله: (فهو عليه) أي فالاجر واجب على الزوج لا عليها.
أقول: وعلى ما قدمناه من ظاهر عبارة المحيط: فهو عليها لا عليه.
قوله: (ثم نقل عن الخانية إلخ) نقل أولا عن العمادية عن محمد: إن علم الحاضر أن الزرع ينفعها لها زرع كلها، فإذا حضر الغائب له أن ينتفع بكل الارض مث تلك المدة لثبوت رضا الغائب بمثل ذلك دلالة، وإن علم أنه ينقصها ليس للحاضر ذلك، فإن الرضا غير ثابت.
ثم نقل عن القنية أن الحاضر لا يلزمه في الملك المشترك أجر، وليس للغائب استعماله بقدر تلك المدة لان المهايأة بعد الخصومة.
قال: وبينهما تدافع، إلا أن يفرق بين الارض والدار، وهو بعيد، أو أنهما روايتان.
ثم نقل عن الخانية أن مسألة الدار كمسألة الارض، وأن للغائ أن يسكن مثل ما سكن شريكه، وأن المشايخ استحسنوا ذلك، وهكذا روي عن محمد وعليه الفتوى اه.
ملخصا.
ونقل البيري عبارة الخانية أيضا مفصلة وأقرها، وكذلك المحشي أبو السعود.
قوله: (قالوا وعليه الفتوى) لفظة قالوا يؤتى بها غالبا للتضعيف، ولم أرها في(6/507)
هذه المسألة في كلام غيره، ولعله زادها إشعارا باختيار خلافه، وهو ما ذكره آخر كتاب الشركة عن المنظومة المحبية، وبه أفتى ابن نجيم، وهو الذي عليه العمل اليوم، هذا وكان ينبغي للشارح أن يذكر هذه المسألة بعد قوله: إلا إذا سكن بتأويل ملك كما فعل البيري وغيره.
قوله: (قيل أو آجره إلخ) نقل المصنف في المنح أنه يصير معدا لذلك، ثم نقل أنها بسنة أو سنتين أو أكثر لا تصير معدة.
أقول: وفي أوائل إجارات القنية عن الاصل: استأجر أرضا فزرعها سنين، فعليه أجر السنة الاولى الاولى ونقصان الارض فيما بعدها، ويتصدق بالفضل عند أبي حنيفة ومحمد.
قال القاضي الصدر: هذا إذا لم تكن الارض معروفة بالاجارة بأن كانت لا تؤجر كل سنة، فلو عرفت بها يجب أجر السنين المستقبلة بلا خلاف، فعرف بهذا أن عند أبي حنيفة ومحمد لا تصير الارض معدة للاجارة سنة أو سنتين، ونحوه في المحيط اه، أقول: وظاهره اعتماد أنها تصير معدة بأكثر من الثلاث، ففي إطلاق الاشباه الآتي نظر، فتدبر.
قوله: (لا تصير الدار إلخ) قيد بها لان الارض تصير معدة للزراعة، بأن كانت في قرية اعتاد أهلها زراعة أرض الغير وكان صاحبها ممن لا يزرع بنفسه فلصاحبها مطالبة الزارع بالمتعارف كما في البيري عن الذخيرة وقدمنا الكلام عليه مستوفى.
قوله: (بالنسبة للمشتري) أي ما لم يشترها المشتري لذلك.
قوله: (وأن لا يكون المستعمل مشهورا بالغصب) كذا قيده في الذخيرة حيث قال: قالوا في المعدة للاستغلال يجب الاجر إذا سكن على وجه الاجارة عرف ذلك منه بطريق الدلالة، وذكر في مزارعتها أن السكنى فيها تحمل على الاجارة إلا إذا سكن بتأويل ملك اه.
تأمل.
أقول: وذكر الشارح قبيل فسخ الاجارة ما نصه: وفي الاشباه ادعى نازل الخان وداخل الحمام وساكن المعد للاستغلال الغصب لم يصدق والاجر واجب.
قلت: فكذا مال اليتيم على المفتى به فتنبه اه.
فتأمل.
أقول: وهذا كله إذا لم يطالبه بالاجر، وإلا فيجب ولو لم يكن معدا للاستغلال لما في إجارات القنية، قالوا جميعا: المغصوب منه إذا أشهد على الغاصب أنه إن رددت إلى داري وإلا أخذت منك كل
شهر ألف درهم فالاشهاد صحيح، فلو أقام فيها الغاصب بعده يلزمه الاجر المسمى اه.
قوله: (قاله شيخنا) أي في حاشية المنح ولم يعزه لاحد.
أقول: وينبغي تقييده بما إذا لم يكن إعداده ظاهرا مشهورا كالخان والحمام، وبه يحصل التوفيق بين هذا وبين ما قدمناه آنفا أنه لو ادعى الغصب لم يصدق.
تأمل.
قوله: (صار) في بعض النسخ جاز.
تنبيه: قدمنا في كتاب الاجارات أن المعد للاستغلال غير خاص بالعقار، فقد أفتى في الحامدية(6/508)
بلزوم الاجر على مستعمل دابة المكاري بلا إذن ولا إجارة، ونقل عن مناهي الانقروي عن حاشية القنية عن ركن الائمة: استعمل ثور إنسان أو عجلته يجب عليه أجر المثل، إذا كان أعده للاجارة بأن قال بلسانه أعددته لها اه.
فليحفظ فهو محل اشتباه.
قوله: (إلا في المعد للاستغلال إلخ) أفاد أن الاستثناء من قوله أو معدا فقط، وأن الوقف ومال اليتيم يجب فيه الاجر على كل حال، والداعي إلى هذا التقييد مع أنه خلاف المتبادر من عبارة المتن ما قدمه من القول المعتمد، ولذا قدم الشارح عند الكلام في غصب العقار أنه لو شرى دارا وسكنها فظهرت وقفا أو الصغير لزمه الاجر صيانة لهما، وقدمنا أنه المختار مع أنه سكنها بتأويل ملك أو عقد، فاحفظه فقد يخفى على كثير.
قوله: (كبيت) وكذا الحانوت كما في العماية.
قوله: (فتنبه) أي ولا تغفل عن كونه مبنيا على قول المتقدمين ح.
قوله: (إذا سكنه أحدهما) أي أحد الموقوف عليهما أو أحد الشريكين، بأن كان البعض ملكا له والبعض وقفا على الآخر.
قوله: (بالغلبة) قيد به لما قدمه أول كتاب الوقف أنه لو سكن بعضهم ولم يجد الآخر موضعا يكفيه فليس له أجرة ولا له أن يقول أنا أستعمله بقدر ما استعملته، لان المهايأة إنما تكون بعد الخصومة إلخ.
قوله: (ثم بان للغير) أي ظهر أن البيت لغير الراهن حال كونه معدا للاجارة ح.
قوله: (فلا شئ عليه) لانه لم يسكنها ملتزما للاجر كما لو رهنها المالك فسكنها المرتهن.
قنية.
أقول: بل الاجر على الراهن لانه غاصب فتأمله.
بيري.
قوله: (بقي لو آجر الغاصب أحدها) أي أحد ما منافعه مضمونة من مال وقف أو يتيم أو معد للاستغلال.
أشباه.
قوله: (فعلى المستأجر المسمى)
أي للغاصب لانه العاقد.
قوله: (ولا يلزم الغاصب الاجر) أي أجر المثل كما هو في عبارة الاشباه.
قوله: (بل يرد ما قبضه للمالك) حاصله: أنه لا يلزمه إلا الذي آجر به وإن كان دون أجر المثل.
حموي.
قوله: (وقنية) عبارتها: ولو غصب دارا معدة للاستغلال أو موقوفة أو ليتيم وآجرها وسكنها المستأجر يلزمه المسمى أجر المثل، قيل له: وهل يلزم الغاصب الاجر لمن له الدار؟ فكتب لا، ولكن يرد ما قبض على المالك وهو الاولى.
ثم سئل: يلزم المسمى للمالك أم للعاقد؟ فقال: للعاقد، ولا يطيب له بل يرده على المالك، وعن أبي يوسف: يتصدق به اه.
قال العلامة البيري: الصواب أن هذا مفرع على قول المتقدمين، وأما على ما عليه المتأخرون فعلى الغاصب أجر المثل اه: أي إن كان ما قبضه من المستأجر أجر المثل أو دونه، فلو أكثر برد الزائد أيضا لعدم طيبه له كما حرره الحموي وأقره أبو السعود.
قوله: (وفي الشرنبلالية إلخ) عبارتها: إلا إذا سكن بتأويل ملك أو عقد وينظر ما لو عطل إلخ أقول: إن كان الضمير في عطل للساكن فلا معنى له لانه مستوف لا معطل، وإن كان لمن له تأويل ملك فلا وجه للتوقف، لانه إذا سكن واستوفى المنفعة لا يلزمه أجر فكيف يلزمه إذا عطلها، وإن كان للغاصب: أي لو عطل غاصب منفعة أحد هذه الثلاثة ولم يستوفها فهو معلوم من عبارة المصنف وصاحب الدرر، لان استثناء هذه الثلاثة من قوله سابقا استوفاها أو عطلها يفيد أنها مضمونة بالاستيفاء أو التعطيل.
تأمل.(6/509)
وسئل في الحامدية عن حانوت وقف عطله زيد مدة فأفتى بلزوم أجر المثل مستدلا بعبارة المصنف، وأما عود الضمير للمستأجر من الغاصب فلا مساغ له فإنه لم يتعرض في الشرنبلالية للمستأجر، فافهم.
قوله: (بأن أسلم وهما في يده) وكذا لو حصلهما وهو مسلم، فإن الحكم لا يختلف فيما يظهر، وإنما ذكر ذلك تحسينا للظن بالمسلم ط.
وفي جواهر الفتاوى: مسلم غصب من مسلم خمرا، هل يجب على الغاصب أداء الخمر إليه حتى لو لم يرده يؤاخذ به يوم القيامة إذا علم قطعا أنه يستردها ليخللها يقضي بردها إليه، وإن علم أنه يستردها ليشربها يؤمر الغاصب بالاراقة كمن في يده سيف لرجل فجاء مالكه ليأخذه منه إن علم أنه يأخذه ليقتل به مسلما يمسكه إلى أن يعلم أنه
ترك هذا الرأي اه.
منح.
قوله: (فلا ضمان) نتيجة قوله وبخلاف إلخ ووجهه عدم تقومها في حق المسلم لانه باعتبار دين المغصوب منه.
قال في الشرنبلالية: وكذا لا يضمن الزق بشقه لاراقة الخمر على قول أبي يوسف وعليه الفتوى كما في البرهان اه.
وهذا حكم الدنيا، بقي حكم الآخرة: فإن كان المغصوب منه خلا لاتخذا العصير للخل فعلى الغاصب إثم الغصب، وإن اتخذها للشرب فلا حق له عليه في الآخرة، كما في المنح عن جواهر الفتاوى.
قوله: (المسلم) أما الذمي فيضمن مثل الخمر وقيمة الخنزير.
ابن ملك.
قوله: (قيمتهما) أي الخمر والخنزير، وفي بعض النسخ قيمتها بلا ضمير تثنية: أي قيمة الخمر، والاولى هي الموافقة لقول المصنف كالكنز والقدوري: لو كانا لذمي بالتثنية، والثانية موافقة لتعليل الشارح، ولما في غاية البيان في شرح الكافي: إذا أتلف المسلم الخنزير على ذمي فلا ضمان عليه عنده خلافا لهما.
وتمامه فيه.
قوله: (قيمي حكما) أي وإن كانت من ذوات الامثال، لان المسلم ممنوع عن تمليكها وتملكها لما فيه من إعزازها.
زيلعي.
قوله: (لو كانا لذمي) أطلقه فشمل ما إذا أظهر بيعهما.
قال في المنح عن المجتبى: ذمي أظهر بيع الخمر والخنزير في دار الاسلام يمنع منه، فإن أراده رجل أو قتل خنزيره ضمن، إلا أن يكون إماما يرى ذلك فلا يضمن الزق ولا الخنزير ولا الخمر لانه مختلف فيه اه.
ونقل ط عن البرهان تقييد الاطلاق بما إذا لم يظهرها.
تأمل.
وسيأتي تمام الكلام عليه.
قوله: (يرى ذلك عقوبة) حال من الامام: أي يرى جواز العقوبة به بأن كان مجتهدا أو مقلدا لمجتهد يراه كما يفيده التعليل السابق.
تأمل.
قوله: (ولا ضمان في ميتة ودم أصحا) أي مطلقا، ولو لذمي كما سيصرح به، إذ لا يدين تمولهما أحد من أهل الاديان.
هداية.
وهذا في الميتة حتف أنفها، لان ذبيحة المجوسي ومخنوقته وموقوذته يجوز بيعها عند أبي يوسف، خلافا لمحمد فينبغي أن يجب الضمان.
إتقاني.
وجزم به في الكفاية.
قوله: (وشربها) المراد مطلق الاتلاف كما في المنح عن القنية.
قوله: (لانه فعله إلخ) بيان لوجه المخالفة بين الغصب والشراء.
قال في المنح: لكن فيه أنه مخالف للقاعدة المشهورة: وهي أن المتضمن يبطل ببطلان المتضمن، وهنا لما بطل البيع في الخمر وجب أن يبطل ما في ضمنه من التسليط، إلا أن يدعي خروجه عن(6/510)
القاعدة ببيان وجه أو أنها أكثرية اه.
قال الرملي: لقائل أن يمنع كونه منها، إذ التسليط حصل بالفعل قصدا لا ضمنا، فتأمل اه.
قوله: (ثم أسلما أو أحدهما) أي قبل القضاء بمثل الخمر أو بعده.
منح.
قوله: (إلا في رواية) أي عن الامام وهي قول محمد.
قوله: (على قيمة الخمر) أي على المتلف إذا أسلم وحده، وكذا إذا أسلما وسبق إسلامه.
قال الزيلعي: ولو أسلم الطالب بعد ما قضى له بمثلها فلا شئ له على المطلوب، لان الخمر في حقه ليست بمتقومة فكان بإسلامه مبرئا له عما كان في ذمته من الخمر، وكذا لو أسلما لان في إسلامهما إسلام الطالب.
ولو أسلم المطلوب وحده أو أسلم المطلوب ثم أسلم الطالب بعده، قال أبو يوسف: لا يجب عليه شئ، وهو رواية عن أبي حنيفة.
وقال محمد: يجب قيمة الخمر، وهو رواية عن أبي حنيفة اه.
فافهم.
وقيد بالخمر لما في التاترخانية أنه في الخنزير يبقى الضمان بأسلامهما أو إسلام أحدهما، لان موجبه الاصلي القيمة والاسلام لا ينافيها اه.
قوله: (أخذهما المالك مجانا) لان ذلك تطهير له بمنزلة الغسل فيبقى على ملكه إذ لا تثبت المالية به.
قوله: (ولكن لو أتلفهما ضمن) لما كان هنا المغصوب خمر المسلم وقد مر أن خمر المسلم لا يضمن بالاتلاف كان مظنة لتوهم عدم الضمان هنا أيضا، فالاستدراك في محله، فافهم.
قوله: (ضمن) أي مثل الخل وقيمة الجلد ح.
قوله: (يضمن فيمته مدبوغا) أي في صورة الاتلاف ط.
قوله: (واعتمده في الملتقى) حيث قال: فلو أتلفه الغاصب ضمن قيمته.
مدبوغا، وقيل طاهرا غير مدبوغ.
قوله: (ملكه) لان الملح والخل مال متقوم والخمر غير متقوم فيرجح جانب الغاصب فيكون له بلا شئ.
قوله: (لمالكه) أي المالك الاول.
قوله: (خلافا لهما) فعندهما يأخذ المالك إن شاء ويرد قدر وزن الملح من الخل، فلو أتلفها الغاصب لا يضمن خلافا لهما.
ملتقى.
قوله: (كقرظ) بفتحتين وبالظاء المشالة: ورق السلم.
شرنبلالية.
وما في المنح بخط المصنف كقرض بالضاد تصحيف كما نبه عليه الرملي.
قوله: (الجلد) مفعول دبغ.
قوله: (أخذه المالك) وقول صدر الشريعة: وإذا دبغ بذي قيمة يصير ملكا للغاصب سهو من قلم الناسخ الاول كما بسطه الباقاني.
در منتقى.
قيل: والفرق بين الخل والجلد في أن المالك يأخذ الجلد لا الخل، أن الجلد باق لكن أزال عنه النجاسات، والخمر غير باقية بل صارت حقيقة أخرى.
ولابن الكمال فيه كلام.
قوله: (ورد ما زاد
الدبغ) بأن يقوم مدبوغا وذكيا غير مدبوغ ويرد فضل ما بينهما.
ملتقى.
قال في شرحه: وليس له أن يدفع الجلد للغاصب ويضمنه قيمته غير مدبوغ لعدم تقومه قبل الدبغ.
قوله: (وللغاصب حبسه إلخ) فإن هلك في يده سقط عن المالك قيمة الزيادة.
ابن كمال.
قوله: (ولو أتلفه لا يضمن) أي لو أتلفه عند أبي حنيفة، وقالا: يضمن قيمته طاهرا، لان تقوم الجلد حصل بفعله وحقه قائم فيه، والجلد تبع لفعله في حق التقوم لانه لم يكن متقوما قبل الدباغة، والاصل وهو الصنعة غير مضمون عليه بالاتلاف، فكذا تبعه، بخلاف المدبوغ بما لا قيمة له لانه ليس للغاصب فيه شئ متقوم، وبخلاف ما(6/511)
لو استهلكه غير الغاصب لان الاصل مضمون عليه.
فكذا التبغ.
ابن ملك.
وفي النهاية: لو جعله الغاصب بعد دباغته فروا: فإن جلد ذكي فعليه قيمته يوم الغصب اتفاقا، وإن جلد ميتة فلا شئ عليه لانه تبدل اسمه ومعناه بفعله.
وتمامه في التبيين.
قوله: (ولا ضمان إلخ) مكرر مع ما مر، لكن أعاده ليربطه بما بعده إظهارا للفرق بينهما كما أشار إليه في الهداية من أنا لما أمرنا بترك أهل الذمة على ما اعتقدوه من الباطل وجب علينا ترك أهل الاجتهاد على ما اعتقدوه مع احتمال الصحة فيه بالاولى، والفرق أن ولاية المحاجة ثابتة لقيام الدليل على الحرمة فلم يعتبر اعتقاد الضمان، فافهم.
قوله: (ولو لمن يبيحه) أي ولو كان مملوكا لمبيحه كشافعي.
قوله: (لان ولاية المحاجة ثابتة) أي بنص.
ولا تأكلوا.
قال في العناية: لقائل أن يقول: لا نسلم ذلك لان الدليل الدال على ترك المحاجة مع أهل الذمة دال على تركها مع المجتهدين الطريق الاول على ما قررتم.
والجواب: أن الدليل هو قوله عليه الصلاة والسلام: ارتكوهم وما يدينون وكان ذلك بعقد الذمة وهو منتف في حق المجتهدين اه.
وفي الحواشي السعدية: والاولى أن استحلال متروك التسمية مخالف لنص الكتاب والخصم مؤمن به يثبت ولاية المحاجة.
قوله: (آلة اللهو) كبربط ومزمار ودف وطبل وطنبور.
منح.
والذي قاله ابن الكمال أن العزف بلا ميم هو آلة اللهو، وأما المعزف بالميم فهو نوع من الطنابير يتخذه أهل اليمن.
وكتب على الهامش أن صدر الشريعة أخطأ حيث لم يفرق بين المعزف والعزف وهو كفلس،
جمعه معازف على غير قياس، وعزف كضرب.
سائحاني.
ومثله في القهستاني.
قوله: (ولو لكافر) الاولى ولو لمسلم ليفيد الكافر بالاولى لما قيل إنه بالاتفاق كما يأتي، ولان خمر المسلم غير مضمون، بخلاف خمر الكافر كما مر، فإذا ضمن معزف المسلم مع عدم ضمان خمره علم ضمان معزف الكافر بالاولى، فتدبر.
وعبارة ابن الكمال: وإنما لم يقل لمسلم كما قال صاحب الهداية لعدم الفرق بين كونه له وكونه لكافر.
قوله: صالحا لغير اللهو) ففي الدف قيمته دفا يوضع فيه القطن، وفي البربط قصعة ثريد.
إتقاني.
قوله: (سيجئ بيانه) بينه في الهداية هنا فقال: السكر: أي بفتحتين اسم للنئ من ماء الرطب إذا اشتهد، والمنصف ما ذهب نصفه بالطبخ.
قوله: (وصح بيعها كلها) لانها أموال متقومة لصلاحيتها للانتفاع بها لغير اللهو، فلم تناف الضمان كالامة المغنية، بخلاف الخمر فإنها حرام لعينها.
وأما السكر ونحوه فحرمته عرفت بالاجتهاد وبإخبار الآحاد فقصرت عن حرمة الخمر، فجوزنا البيع، وقلنا: يضمن بالقيمة لا بالمثل، لان المسلم يمنع عن ذلك، ولكن لو أخذ المثل جاز لعدم سقوط التقوم.
إتقاني ملخصا.
وبه يندفع توقف المحشي.
قوله: (وقال إلخ) هذا الاختلاف في الضمان(6/512)
دون إباحة إتلاف المعازف، وفيما يصلح لعمل آخر وإلا لم يضمن شيئا اتفاقا، وفيما إذا فعل بلا إذن الامام، وإلا لم يضمن اتفاقا، وفي غير عود المغني وخابية الخمار، وإلا لم يضمن اتفاقا، لانه لو لم يكسرها عاد لفعله القبيح، وفيما إذا كان لمسلم، فل لذمي ضمن اتفاقا قيمته بالغا ما بلغ، وكذا لو كسر صليبه، لانه مال تقوم في حقه.
قلت: لكن جزم القهستاني وابن الكمال أن الذمي كالمسلم فليحرر.
در منتقى.
أقول: وجزم به في الاختيار أيضا، ولعله اقتصر في الهداية على ذكر المسلم لكونه محل الخلاف وبه يتحرر المقام، فتدبر.
قوله: (والدف الذي يباح إلخ) احتراز عن المصنج.
ففي النهاية عن أبي الليث: ينبغي أن يكون مكروها.
قوله: (غير صالحة لهذا الامر) أي ويضمن قيمة العبد غير خصي ط.
قوله: (فهلكت) عبر به ليفيد أنه لو حصل ذلك بفعله ثبت موجبه من غير خلاف، وحرره ط.
أقول: في التاترخانية عن شرح الطحاوي: ولو جنى على كل منهما يجب أرش الجناية على الجاني
بالاجماع قوله: (لتقوم المدبر) أي بثلثي قيمة القن، وقيل بنصفها.
أفاده العيني.
ولا يملكه بأداء الضما لانه لا يقبل النقل من ملك إلى ملك.
أبو السعود.
قوله: (لتقومها) أي أم الولد وقيمتها ثلث قيمة القن.
حموي وفي بعض النسخ بضمير التثنية.
قوله: (حل قيد عبد غيره) الخلاف في العبد المجنون، فول عاقلا لا يضمن اتفاقا.
شرنبلالية عن البزازية.
قوله: (فذهبت هذه المذكورات) عدم الضمان قولهما خلافا لمحمد في الدابة والطير، وظاهر القهستاني والبرجندي أن الخلاف في الكل، وأن المودع لو فعل ما ذكر ضمن بالاتفاق لالتزامه الحفظ.
در منتقى.
وفي الشرنبلالية: قال في النظم: لو زاد على ما فعل بأن فتح القفص وقال للطير كش كش أو باب اصطبل فقال للبقر هش هش أو للحمار هر هر يضمن اتفاقا، وأجمعوا أنه لو شق الزق والدهن سائل أو قطع الحبل حتى سقط القنديل يضمن اه ط.
مطلب في ضمان الساعي قوله: (أو سعى إلى سلطان) الظاهر أن هذه المسألة والتي بعدها لا ضمان فيهما اتفاقا لازالة الضرر اه ط.
قوله: (قد يغرم وقد لا يغرم) بتشديد الراء على البناء للفاعل من مزيد الثلاثي.
قال في المنح: والفتوى اليوم بوجوب الضمان على الساعي مطلقا.
قوله: (فقال) الاول إسقاطه.
قوله: (إنه وجد كنزا) زاد في جامع الفصولين: فظهر كذبه ضمن إلا إن كان عدلا، أو قد يغرم وقد لا يغرم، ورمز(6/513)
أيضا السعاية الموجبة للضمان أن يتكلم بكذب يكون سببا لاخذ المال منه، أو لا يكون قصده إقامة الحسبة كما لو قال إنه وجد مالا وقد وجد المال فهذا يوجب الضمان، إذ الظاهر أن السلطان يأخذ منه المال بهذا السبب اه.
قوله: (وبه يفتى) أي دفعا للفساد وزجرا له وإن كان غير مباشر، فإن السعي سبب محض لاهلاك المال والسلطان يغرمه اختيارا لا طبعا، هذا وفي الاسماعيلية ما يفيد أنه ورد نهي سلطاني عن سماع القضاة هذا الدعوى، فإنه أفتى بأنه لا يقضي عليه بالضمان إلا بأمر سلطاني.
قوله: (وعزر) قال في الخيرية: وقد جوز السيد أبو شجاع قتله، فإنه ممن يسعى في الارض بإفساد ويثاب قاتلهم، وكان يفتى بكفرهم، ومختار المشايخ أنه لا يفتى بكفرهم، وجواز القتل لا يدل على الكفر كما
في القطاع والاعونة من المحاربين الله ورسوله.
قاله في البزازية اه.
قوله: (ونقل المصنف) أي عن العمادية: فيما لو ادعى عليه سرقة فحبس، فسقط من السطح لما أراد أن ينفلت خوفا من التعذيب فمات ثم ظهرت السرقة على يد غيره، ثم نقل المصنف عن القنية: شكى عند الوالي حق وأتى بقائد فضرب المشكو فكسر سنه أو يده يضمن الشاكي أرشه كالمال، وقيل إن من حبس بسعاية فهرب وتسور جدار السجن فأصاب بدنه تلف يضمن الساعي، فكيف هنا؟ فقيل: أتفتي بالضمان في مسألة الهرب؟ قال: لا إلخ.
تأمل.
قوله: (غرم الشاكي) أي لو بغير حق كما يفهم مما مر من عدم غرامة الاموال فليكن مثلها غرامة النفس.
سائحاني.
قلت: ويؤخذ أيضا من قول العمادية: ثم ظهرت السرقة على يد غيره كما مر.
تأمل.
قوله: (والفرق إلخ) استشكله في جامع الفصولين بما في فوائد صاحب المحيط: أمر قن غيره بإتلاف مال رجل يغرم مولاه ثم يرجع على آمره، إذ الآمر صار مستعملا للقن فصار غاصبا.
قال: ويمكن الجواب بأنه لا ضمان على القنو ولا على مولاه في إتلاف مال مولاه فلا رجوع على الآمر، بخلاف إتلاف مال غيره، أو في المسألة روايتان لكنه يفيد أن الآمر يضمن، وإن لم يكن سلطانا ولا مولى ويأتي خلافه.
قال: ويمكن الجواب بأن المراد ثمة هو الضمان الابتدائي الذي بطريق الاكراه، ألا ترى أن المباشر لا يضمن ثمة، بخلاف ما نحن فيه فافترقا.
مطلب: الآمر لا ضمان عليه إلا في ستة قوله: (واعلم أن الآمر لا ضمان عليه) فلو خرق ثوبا بأمر غيره ضمن المخرق لا الآمر.
جامع الفصولين.(6/514)
قال الرملي في حاشيته عليه: أقول وجه عدم صحة الامر أن لا ولاية له أصلا عليه، فلو كان له عليه ولاية كدابة مشتركة بين اثنين استعارها أجنبي من أحدهما فأمر رجلا بتسلمها للمستعير فدفعها له فلا شبهة في ضمان الآمر الشريك، لان تسليم مأموره كتسليمه هو، وإن شاء ضمن المأمور لتعديه بدفع مال الغير بغير إذنه.
تأملاه.
قوله: (إلا في ستة) هذا على ما في بعض نسخ الاشباه، وفي
بعضها خمسة بإسقاط أو أبا.
قوله: (إذا كان الآمر سلطانا) لان أمره إكراه كما مر في بابه.
قوله: (أو أبا) صورته: أمر الاب ابنه البالغ ليوقد نارا في أرضه ففعل، وتعدت النار إلى أرض جاره فأتلفت شيئا يضمن الاب لان الامر صح، فانتقل الفعل إليه كما لو باشره الاب، بخلاف ما لو استأجر نجارا ليسقط جداره على قارعة الطريق ففعل وتلف به إنسان، فإن الضمان على النجار لعدم صحة الامر.
كذا في شرح تنوير الاذهان، وظاهر هذا التصوير أنه ليس المراد كل أمر من الاب للبالغ، حتى لو أمره بإتلاف مال أو قتل نفس يكون ضمانه على الابن لفساد الامر ط.
أقول: ووجهه أنه في الاول استخدام فصح الامر لوجوب خدمة الاب، بخلاف غيره فإنه عدوان محض.
تأمل.
وينبغي تقييده بما لو أوقد النار في يوم ريح، أو نارا لا يوقد مثلها، أو كانت أرض الجار قريبة، بحيث يصل إليها شرار النار غالبا، وإلا فلا ضمان على المالك لو فعل ذلك كما في جامع الفصولين، فكذا بفعل ابنه بأمره.
قوله: (أو سيدا) اي والمأمور منه قوله: (أو المأمور صبيا) كما إذا أمر صبيا بإتلاف مال الغير فأتلفه ضمن الصبي ويرجع به على الآمر.
أشباه.
وفي الخانية: حر بالغ أمر صبيا بقتل رجل فالدية على قالة الصبي، ثم يرجعون على عاقلة الآمر، فلو الآمر صبيا أيضا فلا رجوع، ولو عبدا مأذونا لا يضمن الآمر اه.
ملخصا.
وفي جامع الفصولين: قال لصبي اصعد هذه الشجرة فانفض لي ثمرها فصعد فسقط تجب ديته على عاقلة آمره، وكذا لو أمره بحمل شئ أو كسر حطب بلا إذن وليه، ولو لم يقل اصعد لي بل قال اصعدها وانفض لنفسك أو نحوه فسقط ومات فالمختار هو الضمان، وقيل لا ضمان اه.
قوله: (أو عبدا أمره بإتلاف مال غير سيده) أو بالاباق أو بقتل نفسه كما مر، فلو أمره بإتلاف مال سيده لا يضمن كما مر أيضا.
قال الحموي: إذ لو ضمن لرجع على سيد العبد بما ضمنه لسيده ولا فائدة فيه اه.
قوله: (وإذا أمره) الضمير المنصوب يعود إلى المأمور لا بقيد كونه صبيا أو عبدا.
قوله: (ورجع على الآمر) أفاد في التاترخانية أن الرجوع فيما إذا قال له احفر لي بزيادة لفظة لي أو قال في حائطي أو كان ساكنا في تلك الدار أو استأجره على ذلك دون ذلك كله من علامات الملك، وإلا فلا يرجع لان الامر لم يصح بزعم المأمور اه.
وعليه فلو قال احفر لي في حائط الغير أو علم أنه للغير لا يرجع،
فإطلاق الشارح في محل التقييد، فتنبه.
تتمة: في الهندية عن الذخيرة: أمر غيره أن يذبح له هذه الشاة، وكانت لجاره ضمن الذابح علم أو لا، لكن إن علم لا يكون له حق الرجوع، وإلا رجع اه.
وفي البزازية: أمر أجيره برش الماء في فناء دكانه فرش فما تولد منه فضمانه على الآمر، وإن بغير أمره فالضمان على الراش اه.
قلت: فصارت المستثنيات ثمانية، ويزاد تاسعة، وهي ما قدمناه قريبا عن الرملي، والتتبع ينفي(6/515)
الحصر.
قوله: (استعمل عبد الغير) ومثله الصبي كما مر، فلو غصب حرا صغيرا ضمن إلا إن مات حتف أنفه، فلو غرق أو قتله قاتل ضمن اه.
جامع الفصولين.
قوله: (لنفسه) زاد في البزازية قيدا آخر ونصه: استخدام عبد الغير إذا اتصل به الخدمة غصب لقبضه بلا إذنه، حتى إذا هلك من ذلك العمل يضمن، وإن لم تتصل به الخدمة لا يضمن، علم أنه عبد الغير أو لا اه.
قوله: (وفيها إلخ) مكرر مع المتن ح، إلا أن يقال: قصد بنقلها توضيح المتن.
قوله: (أي في عمل غيره) أي ولو كان ذلك الغير نفس العبد وحده كما يدل عليه ما بعده.
قوله: (لم يضمن الآمر) لعله مبني على خلاف المختار الذي قدمناه عن جامع الفصولين، إلا أن يدعي الفرق بين الصبي والعبد.
فليتأمل.
قوله: (لانه استعمله كله في نفعه) هذا ما علل به قاضيخان حين أفتى بالضمان، ووجهه أن نفع الآمر لا يحصل إلا باستعمال العبد كله لعدم تجزيه وإن قصد العبد نفع نفسه أيضا، ولانه لم يصعد إلا بأمره يوضحه ما في العمادية أيضا: غلام حمل كوز ماء لبيت مولاه بإذنه فدفع إليه رجل كوزه ليحمل ماء له من الحوض فهلك في الطريق، قال صاحب المحيط مرة: يضمن نصف القيمة، ثم قال في المرة الثانية: كلها، لانه نسخ فعله فعل المولى اه.
فحيث ضمن الكل مع أن العبد في خدمة المولى يضمن في مسألتنا بالاولى.
قوله: (فغيره بالاولى) كذا قاله في المنح، وظاهره أن العاقلة تضمنه أيضا، وقد علل ضمان العاقلة في المعتاد في جامع الفصولين بأنه خطأ، وهل غير المعتاد خطأ أيضا؟ محل نظر فليحرر.
وقدم الشارح المسألة في باب ضمان الاجير وذكر أنه لو فصد نائما وتركه حتى مات من السيلان يجب القصاص.
قوله: (ضمن قيمة العبد عاقلة الفصاد) لان إذنه لا يعتبر، وظاهره ولو مأذونا لان ذلك ليس من التجارة، ومثله
الصبي ط.
قوله: (صار غاصبا للمال أيضا) فلو أبق ضمن غاصبه المال وقيمته.
فصولين.
قوله: (بل قالوا إلخ) وجه الترقي أن الثياب تابعة له، بخلاف المال.
قوله: (بخلاف الحر) لان ثيابه تحت يده.
فصولين.
وفي البزازية: ضرب رجلا وسقط حتى مات، قال محمد: يضمن ماله وثيابه التي عليه اه: أي لفساد اليد.
تأمل.
قوله: (ولو نسي الحرفات) جمع حرفة: أي في يد الغاصب.
قوله: (أو شاخ) أي صار شيخا أو عجوزا لفوات وصف مقصود يزيد في المالية.
قوله: (يذكر) أي ضمان النقصان.
قوله:(6/516)
(ولو علم الدلال إلخ) قال الشرنبلالي عن القنية: الدلال إذا علم القيمة ونقص منها المباع للخزانة السلطانية أو للامير بما لا يتغابن فيه يضمن النقص، وخرج على هذا تقويم شهود القيمة والقسمة وشيخ الصحافين ونحوهم لاموال الايتام والاوقاف الخراب للامراء والنواب والحاكم كما هو المعتاد، ويظهر فيه الفبن الفاحش، وقد يعلم القاضي حالهم سيما في الاستبدالات من جهتي المسوغ والقيمة، وحينئذ ينبغي القول بتضمين القاضي أيضا اه.
قوله: (ومتعلف إحدى فردتين) المراد أحد شيئين لا ينتفع صاحبهما الانتفاع المقصود إلا بهما معا كمصراعي باب وزوجي خف أو مكعب.
قوله: (يسلم البقية) أل من البقية تتمة الشطر الاول: أي يدفع للغاصب الفردة البقية: أي الباقية إن شاء ويضمنه قيمة المجموع.
وقال بعضهم: يمسك الباقية ويضمن الثنتين.
قوله: (وأقره الشرنبلالي) أي في شرحه على النظم.
قوله: (وذكر ما يفيد أن السلطان إلخ) أي الواقع في النظم، وقدمنا عبارته آنفا.
خاتمة: غصب السلطان نصيب أحدهم من شرب أو دار وقال لا أغصب إلا نصيبه فهو بينهم جميعا.
فصولين.
لكن في التاترخانية: المختار أن غصب المشاع يتحقق.
تشبث رجل بالثوب فيجذبه صاحبه فانخرق ضمن الرجل نصف الثوب.
قام فانشق ثوبه من جلوس رجل عليه ضمن الرجل نصف الشق، وعلى هذا المكعب دخلت دابة زرعه فأخرجها ولم يسقها بعد ذلك لم يضمن هو المختار، وإن ساقها بعد ما أخرجها يضمن سواء ساقها إلى مكان يأمن فيه منها على زرعه أو أكثر منه، وعليه الفتوى.
ماتت دابة لرجل في دار آخر إن لجلدها قيمة يخرجها المالك والاقرب الدار.
قال مشايخنا رحمهم
الله تعالى: الغاصب إذا ندم ولم يظفر بالمالك يمسك المغصوب إلى أن ينقطع رجاؤه فيتصدق به إن شاء بشرط أن يضمن إن لم يجز صدقته، والاحسن أن يرجع ذلك إلى الامام لان له تدبيرا ورأيا في مال الغيب.
الكل من التاترخانية.
والله تعالى أعلم، وله الحمد على ما علم.(6/517)
كتاب الشفعة قوله: (مناسبته إلخ) أي مناسبته للغصب، ولم يذكر وجه تقديمه عليها مع أنها مشروعه بخلافه، وهو كثرة وقوعه، وأنه قد يدخل في العقار والمنقول، بخلافها لما قال في السعدية: إن بيان وجه تأخيره عن المأذون يغني عنه.
قوله: (هي لغة الضم قال) الزيلعي: مأخوذة من الشفع، وهو الضم ضد الوتر، ومنه شفاعة النبي (ص) للمذنبين لانه يضمهم بها إلى الفائزين.
يقال: شفع الرجل شفعا: إذا كان فردا فصار ثانيا، والشفيع يضم المأخوذ إلى ملكه فلذلك سمي شفعة اه.
وفي القهستاني: هي لغة فعلة بالضم بمعنى المفعول اسم للملك المشفوع بملك اه.
وأفاد في المغرب استعمالها في المعنيين وأنه لم يسمع من الشفعة فعل، وأما قولهم: الدار التي يشفع بها فمن استعمال الفقهاء.
قوله: (وشرعا تمليك البقعة) الاول ما وقع في الكنز وغيره تملك لانه من أوصاف الشفيع، وهو مالك لا مملك، بل الاولى ما في غاية البيان أنها عبارة عن حق التملك، إذ لولا هذا المضاف كما قال قاضي زاده في تكملة الفتح لزم أن لا يكون لقوله وتستقر بالاشهاد صحة، لان التملك لا يوجد بدون القضاء أو الرضا، وأيضا فإن حكمها جواز الطلب وحكم الشئ يعقبه أو يقارنه، فلو حصل التملك قبل الطلب لزم تحصيل الحاصل، والمراد البقعة أو بعضها ليشمل ما إذا اشتراها أحد شفعائها كما سيأتي.
قوله: (جبرا على المشتري) ليس للاحتراز عما لو رضي بذلك، بل لان الغالب عدم رضاه كما أشار إليه القهستاني.
أبو السعود.
وأفاد ابن الكمال أن المراد به عدم اعتبار الاختيار، لا أنه يعتبر عدم الاختيار، واحترز بقوله على مشتريه عما ملكه بلا عوض كما بالهبة والارث والصدقة، أو بعوض غير عين كالمهر والاجارة والخلع والصلح عن دم عمد، ودخل فيه ما وهب بعوض فإنه اشتراء انتهاء.
قهستاني.
وبه ظهر أنه ليس الاولى تركه بل زيادة البائع، لانه قد
يكون جبرا عليه إذا أقر بالبيع وأنكر المشتري.
وفي الفتاوى الصغرى: الشفعة تعتمد زوال الملك عن البائع لا على ثبوته للمشتري، ولذا تثبت إذا باع بشرط الخيار للمشتري اه.
فافهم.
قوله: (بما قام عليه) يعني حقيقة أو حكما كما سيأتي في الخمر وغيره.
طوري.
والمراد ما لزم المشتي من المؤن بالشراء، وبه يعلم ما في كلام العيني كصاحب الدرر من القصور حيث قال بما: أي بالثمن الذي قام عليه، فلو أبقى المتن على عمومه لكان أولى.
أبو السعود.
قوله: (وسببها إلخ) قال الطوري: وسببها دفع الضرر الذي ينشأ من سوء المجاورة على الدوام من حيث إيقاد النار وإعلاء الجدار وإثارة الغبار اه.
والظاهر أنه سبب المشروعية وما ذكره المصنف سبب الاخذ.
تأمل.
لا يقال: ما ذكر ضرر موهوم، والاخد من المشتري ضرر محقق به.
لانا نقول: هو غالب فيرفع قبل وقوعه، وإلا فربما لا يمكن رفعه، وما أحسن ما قيل كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع * وما نرى أحدا لم يؤذه بشر قوله: (بالمشتري) بفتح الراء.
قوله: (بشركة أو جوار) متعلق باتصال، وشمل الشركة في البقعة(6/518)
والشركة في الحقوق كما يأتي، وشمل قليل الشركة وكثيرها كالجوار، نبه عليه الاتقاني ط.
قوله: (وشرطها إلخ) المراد بالعقار هنا غير المنقول، فدخل الكرم والرحا والبئر والعلو وإن لم يكن طريقه في السفل، وخرج البناء والاشجار فلا شفعة فيهما إلا بنبعية العقار وإن بيع بحق القرار.
در منتقى، ويشترط كونه مملوكا كما علم مما قدمه ويأتي فخرح الوقف، وكذا الاراضي السلطانية لا العشرية والخراجية، إذ لا ينافي ذلك الملك كما سنذكره قبيل الباب الآتي، وكون العقد معاوضة، وزوال ملك البائع عن المبيع فلا شفعة في بيع بخيار، وزوال حق البائع فلا شفعة في شراء فاسد، وملك الشفيع لما يشفع به وقت الشراء، وعدم الرضا من الشفيع بالبيع ولو دلالة كما يعلم ذلك كله مما يأتي.
قوله: (وإن لم يكن طريقه في السفل) أي طريق العلو المبيع.
قال في الذخيرة: فإن كان طريقه في السفل فالشفعة بسبب الشركة في الطريق، وإن في السكة
العظمى فبسبب الجوار، وإن لم يأخذ صاحب العلو السفل بها حتى انهدم العلو فعلى قول أبي يوسف بطلت، لان الجوار بالاتصال وقد زال كما لو باع التي يشفع بها قبل الاخذ.
وعلى قول محمد تجب، لانها ليست بسبب البناء بل بالقرار وحق القرار باق، وإن كانت ثلاثة أبيات بعضها فوق بعض وباب كل إلى السكة فبيع الاوسط تثبت للاعلى والاسفل، وإن بيع الاسفل أو الاعلى فالاوسط أولى اه ملخصا.
قوله: (بما له من حق القرار) لان حق التعلي يبقى على الدوام وهو غير منقول فتستحق به الشفعة كالعقار.
زيلعي.
وظاهره ترجيح قول محمد المار.
قوله: (إذا بيع مع حق القرار) كالبناء في الارض السلطانية أو أرض الوقف المحتكرة.
قوله: (فرده شيخنا إلخ) اقتصر في الرد على الاستناد إلى النقل، وكان ينبغي إبداء الفرق بينه وبين مسألة العلو للايضاح، ولعله أن البناء فيما ذكر ليس له حق البقاء على الدوام بل هو على شرف الزوال، لما قالوا: إن الارض المحتكرة إذا امتنع المحتكر من دفع أجرة المثل يؤمر برفع بنائه وتؤجر لغيره وكذا يقال في السلطانية: إذا امتنع من دفع ما عينه السلطان، بخلاف حق التعلي فإنه يبقى على الدوام كما مر.
وبه اندفع ما ذكره ح من أن تعليلهم إلحاق العلول بالعقار بأن له حق القرار يؤيد ابن الكمال اه.
فتأمل.
قوله: (تبعا للبزازية وغيرها) ففي البزازية: ولا شفعة في الكردار: أي البناء، ويسمى بخوارزم حق القرار لانه نقلي كالاراضي السلطانية التي حازها السلطان لبيت المال ويدفعها مزارعة إلى الناس بالنصف فصار لهم فيها كردار كالبناء والاشجار والكبس بالتراب فبيعها باطل، وبيع الكردار إذا كان معلوما يجوز لكن لا شفعة فيه اه ملخصا.
ونحوه في النهاية والذخيرة.
وفي التاترخانية عن السراجية: رجل له دار في أرض الوقف فلا شفعة له، ولو باع هو عمارته فلا شفعة لجاره اه.
مطلب في الكلام على الشفعة في البناء نحو الارض المحتكرة هذا، وقد انتصر أبو السعود في حاشية مسكين لابن الكمال وجزم بخطأ من أفتى بأنه لا شفعة(6/519)
في البناء في الارض المحتكرة كالطوري، إذ لا سند له في فتواه، ثم استدل بما في شرح المجمع
الملكي: لو بيع النخل وحده أو البناء وحده فلا شفعة لانهما لا قرار لهما بدون العرصة.
قال: فتعليله كالصريح في ثبوت الشفعة في البناء في المحتكرة لما له من حق القرار اه.
واستدل قبل هذا أيضا بما هو دليل عليه لا له كما تعرفه.
وأما ما في شرح المجمع فلا دليل فيه أيضا، لان التعليل المذكور لبيان الفرق بين بيع البناء أو النخل وحده وبين بيعه مع محله القائم فيه فإنه تثبت فيه الشفعة لوجود حق القرار على الدوام، بخلاف بيع البناء أو الشجر وحده ولو في الارض المحتكرة كما علمته مما قررناه سابقا، ويمكن أن يكون مراد ابن الكمال بحق القرار المحل القائم فيه فلا يكون فين مخالفة لغيره، وقوله إذ لا سند له في فتواه عجيب بعد ما قدمناه من النقول، ومما يدل عليه قطعا ما في الجامع الصعير أن بيع أرض مكة لا يجوز وإنما يجوز بيع البناء فلا تجب الشفعة.
وروى الحسن عن أبي حنيفة أنها تجب، وهو قولهما وعليه الفتوى لانه باع المملوك اه.
قال في شرح الوهبا نية: ولا يخفى أن مفاد هذا الكلام أن الشفعة فيها إنما تثبت بناء على القول بأن أرضها مملوكة، لا أن مجرد البناء فيها يوجب الشفعة فيكون حكمه مخالفا لحكم غيره من الابنية كما توهمه عبارة ابن وهبان اه: أي فإن عبارته توهم أن ثبوت الشفعة فيها لمجرد البناء فتجب، ولو قيل إن أرضها غير مملوكة فيخالف حكم غيره من الابنية وليس كذلك، بل ثبوتها خاص بالقول بملكية أرضها ليكون تابعا للارض فلا يكون من بيع المنقول.
والعجب من أبي السعود حيث استدل بهذا الكلام وجعله صريحا فيما ادعاه مع أنه صريح بخلافه كما لا يخفى فإنه على القول بأن أرضها غير مملوكة فالبناء فيها له حق القرار على الدوام، ومع هذا لا شفعة فيه فكيف البناء في الارض المحتكرة.
لا يقال: يلزم من هذا عدم ثبوتها في العلو.
لانا نقول: البناء من المنقول بخلاف العلو كما مر، وأشار إليه الزيلعي فيما يأتي، فاغتنم هذه الفوائد، الفرائد.
قوله: (ولو بعد سنين) مرتبط بقوله: جواز الطلب أي إذا لم يعلم بها ط.
قوله: (لا عليه) أي لا يجب عليه الطلب بها، فالمراد بالوجوب الثبوت كما قال الاتقاني.
قوله: (بعد البيع) لم يقل بالبيع لانه شرط.
ابن كمال.
قوله: (ولو فاسدا انقطع فيه حق المالك) بالهبة أو البناء أو الغرس.
قوله: (كما يأتي) أول الباب الثاني.
قوله: (أو بخيار للمشتري) متعلق بمحذوف منصوب على الحالية عطفا على قوله:
ولو فاسدا المقرو بالواو الحالية لا على مدخول لو لفساد المعني، لانه لو كان الخيار للبائع أو لهما فلا شفعة اتفاقا، لان المبيع لم يخرج عن ملك بائعه، بخلاف ما إذا كان للمشتري، وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الباب الثاني.
وفي القهستاني عن قاضيخان: لا شفعة في بيع الوفاء لان حق المالك لا ينقطع رأسا.
قوله: (وتستقر بالاشهاد) أي بالطلب الثاني وهو طلب التقرير.
والمعنى أنه إذا أشهد عليها لا تبطل بعد ذلك(6/520)
بالسكوت إلا أن يسقطها بلسانه أو يعجز عن إيفاء الثمن فيبطل القاضي شفعته، ولا بد من طلب المواثبة لانها حق ضعيف يبطل بالاعراض فلا بد من الطلب والاشهاد.
جوهرة.
قوله: (في مجلسه أي طلب المواثبة) هو أن يطلب كما سمع، وهذا هو الطلب الاول من الثلاثة الآتية، وفيه مخالفة لما قدمناه عن الجوهرة، ولقوله فلا تبطل بعده لان تأخير طلب التقرير مبطل لها أيضا كما يأتي، وهو متابع لابن الكمال حيث قال: أراد بالاشهاد طلب المواثبة، لان حق الشفعة قبله متزلزل بحيث لو أخر تبطل، وإذا لم يؤخر استقر: أي لا تبطل بعد ذلك اه.
ويمكن أن يجاب عن عبارة الشارح بأن يقال: المراد بالاشهاد هو الطلب الثاني إذا كان في مجلس طلب المواثبة لما سيأتي أنه حينئذ يقوم مقال الطلبين، لكن يبعده الضمير في مجلسه، فإنه لو رجع إلى طلب المواثبة لزوم عدوه على غير مذكور، والظاهر أنه راجع إلى الاشهاد، وقد فسره بقوله: أي طلب المواثبة فينافي حمله على طلب الثاني.
والعبارة الصحيحة أن يقال ولو في مجلس طلب المواثبة بزيادة لو وإسقاط الضمير وأداة التفسير، ويكون المراد بالاشهاد الطلب الثاني كما قلنا، فتدبر.
قوله: (فلا تبطل بعده) أي بتأخير الطلب الثالث وهو طلب التملك، إما مطلقا أو إلى شهر كما يأتي.
قوله: (ويملك) بالياء المثناة التحتية.
قال في الدرر: أي العقار وما في حكمه اه.
ونحوه في المنح.
والذي رأيناه في النسخ تملك بالتاء الفوقية، وعليه فالضمير يعود إلى البقعة المذكورة أولا.
قوله: (بالاخذ إلخ) لان ملك المشتري تم فلا ينتقل عنه إلا بأحدهما كالرجوع في الهبة، فلو مات أو باع المستحق بها أو بيعت دار بجنبها قبل الاخذ أو الحكم بطلت ولو أكل المشتري ثمرا حدث بعد قبضه لم يضمنه.
وتمامه في الجوهرة.
قوله: (عطف على الاخذ) فلو قدمه عليه كما في الغرر لسلم من الايهام ط.
قوله: (كما حرره منلا خسرو) أي تبعا لغيره من الشراح.
قوله: (بقدر رؤوس الشفعاء) لاستوائهم في استحقاق الكل لوجود علته فيجب الاستواء في الحكم، وشمل ما لو كان المشتري أحدهم وطلب معهم فيحسب واحدا منهم ويقسم المبيع بينهم كما في الوهبانية وشروحها، وسيأتي في الباب الثاني.
قوله (إن لم يكن) أي لم يوجد خليط في نفس المبيع مستحق بأن لم يوجد أصلا، أو كان غائبا، أو كان حاضرا وسقطت شفعته بمسقط غير التسليم.
قوله: (له) متعلق بتجب ولم يعده الشارح لظهوره بعد ما نبه عليه فيما قبله، وقوله في حق المبيع متعلق بالضمير المجرور لعوده على الخيط وهو جائز عند بعضهم كقول الشاعر: وما هو عنها بالحديث المرجم أي وما الحديث عنها، والاولى إظهاره وإضمار ما بعده بأن يقول ثم للخليط في حقه، ولذا قال ابن الكمال: من قال ثم له في حق المبيع أضمر فيما حقه الاظهار وأظهر فيما يكفي فيه الاضمار.
قوله: (وهو الذي قاسم إلخ) كذا في العيني: قال المرحوم الشيخ شاهين: فيه نظر لان الخليط في حق(6/521)
المبيع أعم ممن قاسم أو لا، بأن كان خليطا في حق المبيع من غير قسمة، ويمكن أن يجاب بأنه غير احترازي، فالمتن على إطلاقه اه.
وأقول: بل هو احترازي لانه قبل القسمة يستحقها من حيث كونه شريكا في نفس المبيع لا في حقه، إذ الشريك في المبيع مقدم على الخليط في حقه.
أبو السعود.
قوله: (كالشرب والطريق إلخ) الشرب بكسر الشين: النصيب من الماء، وعطف القهستاني الطريق بثم وقال: فلو بيع عقار بلا شرب وطريق وقت البيع فلا شفعة فيه من جهة حقوقه، ولو شاركه أحد في الشرب وآخر في الطريق فصاحب الشرب أول.
قال في الدر المنتقى: ونقل البرجندي أن الطريق أقوى من المسيل فراجعه اه.
قوله: (لا تجري فيه السفن) قيل أراد به أصغر السفن، وعامة المشايخ على أن الشركاء على النهر إن كانوا يحصون فصغير وإلا فكبير.
ثم اختلفوا، فقيل ما لا يحصى خمسمائة، وقيل أربعون، وقيل
الاصح تفويضه إلى رأي كل مجتهد في زمانه اه.
كفاية ملخصا.
قال العيني: وهو الاشبه.
وفي الدر المنتقى عن المحيط، وهو الاصح.
وفيه عن النتف: فلو باع حصته بشربها فالشفعة للخليط ثم لاهل الجدول ثم لاهل الساقية ثم لاهل النهر العظيم اه.
أقول: أصل مياه دمشق من بردى، ويتشعب منه أنهار كقنوات بانياس وتورا، ويتشعب منها لشرب البيوت طوالع، وكل طالب قد يتشعب منه طوالع وهكذا، ومقتضى ما في النتف أن يعتبر أخص طالع ثم ما فوقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى النهر العظيم وهو بردى الذي يسقي دمشق وقراها، ومسافة ذلك أكثر من ثمان ساعات فلكية، وعليه فلو بيعت أرض شربها من أصل بردى ولا شركة فيها نفسها فلجميع أهل تلك المسافة حق أخذها بالشفعة، وفيه توسيع للدائرة جدا، فلا جرم كان الاصح الاشبه تفويضه لرأي المجتهد في كل زمان.
والظاهر أن المراد بالمجتهد الحاكم ذو الرأي المصيب للعلم بانقطاع المجتهد المصطلح عليه.
نعم على ما نذكره قريبا عن الهداية لا يلزم المحذور، والله تعالى أعلم.
قوله: (وطريق لا ينفذ) فكل أهلها شفعاء ولو مقابلا، والمراد بعدم النفاذ أن يكون بحيث يمنع أهله من أن يستطرقه غيرهم كما في الدر المنتقى، فلو فيه مسجد فنافذ حكما إذا كان مسجد خطة لا محدثا.
وتمامه في البزازية: فإن كانت سكة غير نافذة يتشعب منها أخى غير نافذة مستطيلة لا شفعة لاهل الاولى في دار من هذه، بخلاف عكسه.
ولو كان نهر صغير يأخد منه نهر أصغر منه فهو على قياس الطريق فلا شفعة لاهل النهر الصغير في أرض متصلة بالاصغر كما في الهداية وشروحها، وخرج بالمستطيلة المستديرة ومر بيان ذلك وتوجيهه في متفرقات القضاء.
قوله: (شرب نهر) أي صغير.
قوله: (فلكل أهل الشرب) أي من ذلك النهر الخاص ومثله الطريق الخاص، فكل أهله شفعاء ولو مقابلا كما قدمناه، فالذي في أوله كالذي في آخر.
إتقاني.
قوله: (ثم لجار ملاصق) ولو متعددا، والملاصق من جانب واحد ولو بشبر كالملاصق من ثلاثة جوانب فهما سواء.
إتقاني.
وفي القهستاني:(6/522)
الملاصق المتصل بالمبيع ولو حكما كما إذا بيع بيت من دار فإن الملاصق له ولاقصى الدار في الشفعة سواء اه.
قوله: (بابه في سكة أخرى) نافذة أو لا.
در منتقى.
قوله: (وظهر داره لظهرها) أي لظهر
الدار المشفوعة، وعبارة الهداية: وغيرها على ظهرها، وهذا القيد غير لازم، وما ذكره الاتقاني وغيره أنه للاحتراز عن المحاذي معناه: ولو بينهما طريق نافذ، لما في الجوهرة: ثم الجار هو الملاصق الذي إلى ظهر المشفوعة وبابه من سكة أخرى دون المحاذي وبينهما طريق نافذ فلا شفعة له وإن قربت الابواب، لان الطريق الفارقة تزيل الضرر اه.
أبو السعود ملخصا.
أقول: إذ لو كان محاذيا والطريق غير نافذة فهو خليط لا جار كما مر ويأتي.
قوله: (فلو بابه في تلك السكة) أي وهي غير نافذة كما سبق ط.
قوله: (كما مر) من قوله وطريق لا ينفذ.
تنبيه: بينهما منزل في دار لقوم باع أحدهما نصيبه منه فشريكه فيه أحق، ثم الشركاء في الدار لانهم أقرب، ثم في السكة، ثم للجار الملاصق.
نهاية وغيرها.
قال أبو السعود: لانها لدفع الضرر الدائم، فكلما كان أخص اتصالا كان أخص بالضرر فكان أحق بها إلا إذا سلم اه.
واعلم أن كل موضع سلم الشريك الشفعة فإنما تثبت للجار إن طلبها حين سمع البيع وإن لم يكن له حق الاخذ في الحال.
أما إذا لم يطلب حق سلم الشريك فلا شفعة له.
شرح المجمع.
ومثله في النهاية وغيرها.
قوله: (وواضع جذع على حائط) أي حائط لا ملك له فيه وإلا فهو المسألة الآتية.
قوله: (ولو في نفس الجدار فشريك) أي ولو كان شريكا في نفس الجدار فهو شريك في المبيع: أي في بعضه.
قوله: (قلت لكن إلخ) وفق الشارح في الدر المنتقى بحمل ما في الملتقى على ما إذا كان البناء والمكان الذي عليه البناء مشتركا اه ح.
أقول: وهو المصرح به في الكفاية عن المغني حيث قال: الجار المؤجر عن الشريك في الطريق أن لا يكون شريكا في أرض الحائط المشترك، أما إذا كان شريكا فيقدم إلخ.
قوله: (لا يستحق بها الشفعة) أي شفعة الشريك لا مطلقا لانه جار ملاصق، أو المعنى: لا يستحق الشفعة وحده دون بقية الجريان.
تأمل.
قوله: (وكذا للجار المقابل إلخ) دفع به ما يتوهم من قوله: وظهر داره لظهرها أنه قيد ط.
وفيه أنه لا ملاصقة هنا.
وأيضا فإن ما مر فيما إذا كان بابه في سكة أخرى وفيما نحن فيه السكة واحدة فيما يظهر، ولذا وجهه أبو السعود بأن استحقاقها فيه للشركة في حق المبيع فلا تعتبر الملاصقة، فالظاهر أنه تعمي لقوله: وطريق لا ينفذ أفاد به أنه يشمل المقابل، وبهذه الافادة لا يقال
إنه مكرر فافهم.
نعم كان ينبغي ذكره هناك.
قوله: (بخلاف النافذة) قدمنا وجهه عن الجوهرة.
قوله: (أسقط بعضهم حقه إلخ) قد مر أن الشفيع يثبت له الملك بمجرد الحكم قبل الاخذ، وسيذكر المصنف آخر الباب الآتي أنه ليس له تركها بعد القضاء، فإن حمل الاسقاط هنا على أنه تمليك للبائع أو المشتري(6/523)
فلم لا يكون لمن بقي أخذها به، فليتأمل.
ثم رأيت ط نقل عن العلامة المكي أن عدم أخذ الباقين نصيب التارك لعدم صحة الترك لتقرر ملكه بالقضاء لا لانقطاع حقهم به مع صحة الترك منه اه.
وبه يزول الاشكال.
قوله: (لزوال المزاحمة) أي مزاحمة المشارك لهم في الاستحقاق وزوالها بتركه قبل تقرر ملكه.
وفي النهاية: إذا سلم أحدهما لم يكن للآخر إلا أن يأخذها كلها أو يدعها لان مزاحمة من سلم قد زالت فكأنه لم يكن.
قوله: (في الجميع) أي جميع المبيع.
قوله: (وكذا لو كان الشريك غائبا إلخ) يغني عنه ما قبله.
تأمل.
قوله: (ثم إذا حضر وطلب) أي الغائب في الصورتين.
قوله: (قضى له بها) قال في الهداية: وإن قضى لحاضر بالجميع ثم حضر آخر يقضي له بالنصف، ولو حضر ثالث فبثلث ما في يد كل واحد تحقيقا للتسوية.
قوله: (فلو مثل الاول) أي لو كان الذي حضر مثل الاول كشريكين أو جارين.
قوله: (ولو فوقه) كأن يكون الاول جارا والثاني شريكا فيقضي له بالكل ويبطل شفعة الاول.
قوله: (ولو دونه) كعكس ما قلنا.
قوله: (لفقد شرطه وهو البيع) أي وإن وجد السبب وهو اتصال ملك الشفيع بالمشري لانه لا يكون سببا إلا عند وجود الشرط كما في الطلاق المعلق.
منح ملخصا.
قوله: (لم يملك ذلك) فيه إشارة إلى أن شفعته لم تبطل بذلك.
وفي المجمع: ولا يجعل: يعني أبو يوسف قوله أخذ نصفها تسليما، وخالفه محمد.
قال شارحه: وفي المحيط: الاصح قول محمد اه.
ومثله في غرر الافكار وشرحه.
وفي الخانية: قال للمشتري سلم لي نصفها فأبى المشتري لا تبطل شفعته في الصحيح، لان طلب تسليم النصف لا يكون تسليما اه: يعني إسقاطا للباقي.
قوله: (ولو جعل إلخ) أي قبل القضاء، أما بعده فلا يسقط حقه كما يعلم مما مر.
قوله: (بناء أنه) أي على أنه.
قوله: (إذ شرط صحتها أن يطلب الكل) لانه يستحق الكل والقسمة للمزاحمة، وكذا لو كانا حاضرين فطلب كل منهما النصف بطلت، ولو طلب أحدهما الكل والآخر النصف بطل حق من طلب
النصف، وللآخر أن يأخذ الكل أو يترك، وليس له أن يأخذ النصف.
زيلعي.
أقول: والظاهر أن المراد بالطلب هنا طلب المواثبة والاشهاد، وما قدمناه آنفا عن المجمع محمول على ما إذا طلب أخذ النصف بعدهما فلا منافاة، فتأمل، وسيأتي بعيد الحيل ما يؤيده، فتأمل.
قوله: (فتجب الشفعة فيها) أفاد أن وجوبها فرع عن جواز بيع أرضها على قولهما المفتى به، وإلا(6/524)
فمجرد البناء لا يوجب الشفعة، وقدمنا بيانه.
قوله: (وسنحققه في الحظر) نقل فيه عن إجارة الوهبانية والتاترخانية.
قال أبو حنيفة: أكره إجارة بيوت مكة أيام الموسم، وكان يفتي لهم أن ينزلوا عليهم في بيوتهم، لقوله تعالى: * (سواء العاكف فيه والباد) * ورخص فيها في غير الموسم.
قلت: وبه يظهر الفرق والتوفيق: أي الفرق بين أيام الموسم وغيرها والتوفيق بين من عبر بكراهة الاجارة وبين من نفاها ط.
قوله: (ويصح الطلب إلخ) قال في الولوالجية: الوكيل بشراء الدار إذا اشترى وقبض فطلب الشفيع الشفعة منه إن لم يسلم الوكيل الدار إلى الموكل صح، وإن سلم لا يصح الطلب وتبل شفعته هو المختار اه.
ومثله في التاترخانية والقنية.
ولعل وجه البطلان أن الوكيل بعد التسليم لم يبق خصما، وإنما الخصم هو الموكل فصار مؤخرا للطلب بطلبه من غير خصم مع القدرة على الطلب من الخصم.
تأمل.
قوله: (ولا شفعة في الوقف) أي إذا بيع.
قال في التجريد: ما لا يجوز بيعه من العقار كالاوقاف لا شفعة في شئ من ذلك عند من يرى جواز بيع الوقف، ثم قال: لا شفعة في الوقف ولا بجواره اه.
نقله الرملي.
قوله: (ولا له) يغني عنه قول المصنف بعده ولا بجواره ولعله ذكره لانه أعم من الجوار لشموله ما إذا كان خليطا مع الملك المبيع كما صور به الشارح فيما يأتي فليس تكرارا محضا، فافهم.
قوله: (شرح مجمع) عبارته ما في المتن.
قوله: (وخانية) عبارتها كما في المنح: ولا شفعة في الوقف لا للقيم ولا للموقوف عليه.
قوله: (خلافا للخلاصة والبزازية) حيث قالا: وكذا تثبت الشفعة لجوار دار الوقف اه.
أقول: وفي نسختي البزازية: لا تثبت.
نعم رأيت في نسختي الخلاصة كما قال.
قوله: (ولعل لا ساقطة) يؤيده أنه ذكر في كل من الخلاصة والبزازية قبله بأقل من سطر: ما لا يجوز بيعه من
العقار لا شفعة فيه إلخ، فالتشبيه يقتضيه فافهم.
قوله: (وحمل شيخنا الرملي) أي في حاشية المنح.
وحاصله أن الوقف منه ما لا يملك بحال فلا شفعة فيه لعدم صحة بيعه، ولا له: أي لا لقيمه ولا للموقوف عليه لعدم المالك.
ومنه ما قد يملك، كما إذا كان غير محكوم به فلا شفعة له لعدم المالك، بل فيه الشفعة إذا بيع لجواز البيع.
فيحمل الاول وهو ما في النوازل وشرح المجمع من عدم الشفعة فيه أو له على ما إذا كان لا يملك بحال، وما في الخلاصة والبزازية من ثبوتها بجواره على ما إذا كان قد يملك، والمراد من ثبوتها بجواره ثبوتها فيه إذا بيع نفسه بسبب جواره.
وأما التوفيق بين ما في الخانية من أنه لا شفعة فيه وبين ما في البزازية والخلاصة من ثبوتها بجواره.
فهو بحمل الاول على الاخذ به: أي أخذ دار بيعت في جواره، والثاني على أخذه نفسه إذا كان مما قد يملك هكذا يفهم من كلام شيخه في الحاشية، وبه ظهر أنه اقتصر على التوفيق فقط، إذ ما في النوازل و شرح(6/525)
المجمع لا يمكن حمله على الاخذ به فقط كما لا يخفى فاغتنم هذا التحرير.
قوله: (الاول) هو ما في الخانية فقط لما علمته، فكان ينبغي له عبارتها.
قوله: (والثاني) هو ما في الخلاصة والبزازية.
قوله: (وأما إذا بيع بجواره) الباء زائدة، والجوار بمعنى المجاور نائب فاعل، أو الباء بمعنى في الظرفية متعلقة بمحذوف صفة لموصوف محذوف: أي بيع عقار كائن في جواره.
تأمل.
وقد تبع شيخه في هذا التعبير.
قوله: (أو كان بعض المبيع ملكا إلخ) حاصله أنه لا شفعة له لا بجوار ولا بشركة، فهو صريح بالقسمين كما أشار إليه الشارح بنقل عبارة النوازل، ونبهنا عليه.
قوله: (فلا شفعة للوقف) إذ لا مالك له.
مطلب مهم كون الارض عشرية أو خراجية لا ينافي الملكية، فتجب فيها الشفعة ما لم تكن سلطانية تتمة: قدمنا أنه لا شفعة في الاراضي السلطانية، وذكر في الخيرية أين كون الارض عشرية أو خراجية لا ينافي الملك، ففي كثير من الكتب: أرض الخراج أو العشر مملوكة يجوز بيعها وإيقافها وتورث، فتثبت فيها الشفعة، بخلاف السلطانية التي تدفع مزراعة لا تباع فلا شفعة فيها، فلو ادعى
واضع اليد أن الارض ملكه وأنه يؤدي خارجها فالقول له على من نازعه في الملكية البرهان إن صحت دعواه عليه، وإنما ذكرته لكثرة وقوعه في بلادنا اه ملخصا.
وقدمنا أيضا أنه لا شفعة في البناء في الارض المحتكرة ولا لها كالوقف.
مطلب: باع دارا بعضها محتكر هل تثبت للجار الشفعة وسئلت من نائب قاضي دمشق عما إذا بيعت دار فيها قطعة محتكرة فهل للدار الشفعة؟ فأجبته: بأني لم أرها صريحا، ولكن الظاهر أن له أخذ الدار سوى تلك القطعة وما عليها من البناء، بشرط أن لا يكون جواره للدار المبيعة بملاصقته لتلك القطعة، أخذا من قولهم: باع أرضين صفقة ورجل شفيع لواحدة له أخذها فقط.
ومما سيأتي في الحيل: لو باع عقارا إلا ذرعا في جانب الشفيع فلا شفعة لعدم الاتصال.
تأمل.
والله تعالى أعلم.
باب طلب الشفعة قوله: (من مشتر) متعلق بعلمه ح.
قوله: (أو عدل أو عدد) أي لو كان المخبر فضوليا، والمراد بالعدد عدد الشهادة رجلان أو رجل وامرأتان، وأفاد عدم اشتراط العدالة في العدد، وكذا في المشتري لانه خصم، ولا تشترط العدالة في الخصوم، ومثله رسوله كما في التاترخانية.
وفيها: إن كان الفضولي واحدا غير عدل: فإن صدقه ثبت الشراء، وإن كذبه لا، وإن ظهر صدق الخبر عند أبي حنيفة اه.
قال في الدرر: وقالا: يكفي واحد حرا كان أو عبدا صبيا أو امرأة إذا كان الخبر صدقا.(6/526)
قوله: (بالبيع) متعلق بعلمه.
قوله: (وإن امتد المجلس) ما لم يشتغل بما يدل على الاعراض.
درر البحار.
قوله: (كالمخيرة) أي كخيار المخيرة وهي التي قال لها زوجها أمرك بيدك.
قوله: (هو الاصح) واختاره الكرخي.
قوله: (وعليه المتون) أي ظاهرها ذلك لانهم عبروا بالمجلس.
قوله: (خلافا لما في جواهر الفتاوى إلخ) أشار إلى عدم اختياره لمخالفته لظاهر المتون، لكن هذا القول مناسب لتسميته طلب المواثبة، ولظاهر الحديث الآتي، وظاهر الهداية اختياره ونسبه إلى عامة المشايخ.
قال في الشرنبلالية: وهو ظاهر الرواية، حتى لو سكت هنية بغير عذر ولم يطلب أو تكلم بكلام لغو بطلت
شفعته كما في الخانية والزيلعي وشرح المجمع اه.
وقوله وعليه الفتوى من كلام الجوهري، وهذا ترجيح صريح مع كونه ظاهر الرواية فيقدم على ترجيح المتون بمشيهم على خلافه لانه ضمني.
فروع: أخبر بكتاب والشفعة في أوله أو وسطه وقرأه إلى آخره بطلت.
هداية.
سمع وقت الخطبة فطلب بعد الصلاة إن بحيث يسمع الخطبة لا تبطل، وإلا ففيه اختلاف المشايخ، ولو أخبر في التطوع فجعله أربعا أو ستا فالمختار أنها تبطل، لا إن أتم ما بعد الظهر أربعا في الصحيح، ولو ستا تبطل، ولا تبطل إن أتم القبلية أربعا.
وسلامه على غير المشتري يبطلها، ولو عليه لا، كما لو سبح أو حمدل أو حوقل أو شمت عاطسا.
تاترخانية: أي على رواية اعتبار المجلس.
كفاية وشرنبلالية.
مطلب: لو سكت لا تبطل المشتري والثمن وفي الخانية: أخبر بها فسكت، قالوا: لا تبطل ما لم يعلم المشتري والثمن، كالبكر إذا استؤمرت ثم علمت أن الاب زوها من فلان صح ردها اه.
أقول: وبه أفتى المسنف التمرتاشي في فتاواه، فليحفظ.
قوله: (بلفظ يفهم طلبها) متعلق بقوله يطلبها، والمراد أي لفظ كان، حتى حكى ابن الفضل: لو قال القروي شفعة شفعة كفى.
تاترخانية.
قوله: (طلب المواثبة) سمي به تبركا بلفظه (ص): الشفعة لمن واثبها أي طلبها على وجه السرعة.
إتقاني.
قوله: (أي المبادرة) مفاعلة من الوثوب على الاستعارة، لان من يثب: هو من يسرع في طي الارض بمشيه.
إتقاني.
قوله: (والاشهاد فيه ليس بلازم) كذا في الهداية وغيرها، لان طلب المواثبة ليس لاثبات الحق بل ليعلم أنه غير معرض عن الشفعة.
نهاية ومعراج.
قوله: (بل لمخافة الجحود) أي جحود المشتري الطلب.
كما قالوا: إذا وهب الاب لطفله وأشهد على ذلك، وما ذكروا الاشهاد لكونه شرطا لصحة الهبة بل لاثباتها عند إنكار الاب.
معراج.
قال السائحاني: وظاهره أنه لا يصدق بيمينه مع أنه يصدق إذا قال طلبت حين علمت.
نعم لو قال علمت أمس وطلبت كلف إقامة البينة كما في الدرر اه.
هذا، وظاهر الكلام الدرر أن الاشهاد فيه لا يلزم فيما إذا كان في مكان خال من الشهود، لانه صرح بأن مما يبطلها ترك الاشهاد عليه مع القدرة لانه دليل الاعراض، لكن قال الشرنبلالي: إنه سهو،
لان الشرط الطلب فقط دون الاشهاد عليه اه.
ويأتي تمام الكلام فيه في الباب الآتي.
وفي القهستاني: يجب الطلب وإن لم يكن عنده أحد لئلا تسقط الشفعة ديانة وليتمكن من الحلف عند الحاجة كما في(6/527)
النهاية، ولا يشترط الاشهاد فيصح بدونه لو صدقه المشتري كما في الاختيار وغيره اه.
فهذا دليل على أنه غير شرط مطلقا، وكذا يدل عليه تصديقه بيمينه فيما مر، فتدبر.
قوله: (ثم يشهد إلخ) أتى بثم إشارة إلى أن مدة هذا الطلب ليست على فور المجلس في الاكثر، بل مقدرة بمدة التمكن من الاشهاد كما في النهاية وغيرها.
قهستاني.
قوله: (لو العقار في يده) وإلا فلا يصح الاشهاد على ما ذكره القدوري وعصام والناطفي، واختار الصدر الشهيد، وذكر شيخ الاسلام وغيره أنه يصح استحسانا كما في المحيط.
قهستاني.
قوله: (وإن لم يكن ذا يد إلخ) رد على المصنف في المنح لمخالفته لما في الجوهرة والدرر والنهاية والخانية وغيرها.
قوله: (أو عند العقار) لتعلق الحق به.
اختيار.
قوله: (وهو طلب إشهاد) أقول: ظاهر عباراتهم لزوم الاشهاد فيه، لكن رأيت في الخانية: إنما سمي الثاني طلب الاشهاد شرط بل لتمكنه إثبات الطلب عند جحود الخصم اه.
تأمل.
قوله: (حتى لو تمكن إلخ) أشار إلى أن مدته مقدرة بالتمكن منه كما مر، فلو افتتح التطوع بعد طلب المواثبة قبل طلب الاشهاد بطلت خانية.
مطلب: طلب عند القاضي قبل طلب الاشهاد بطلت وأفتى في الخيرية بسقوطها إذا طلب عند القاضي قبل طلب الاشهاد، فليحفظ.
وفي الخانية: إن كان المتبايعان والشفيع والدار في مصر والدار في يد البائع فإلى أيهم ذهب الشفيع وطلب صح، ولا يعتبر فيه الاقرب والابعد لان المصر مع تباعد الاطراف كمكان واحد إلا أن يجتاز على الاقرب ولم يطلب فتبطل، وإن كان الشفيع وحده في مصر آخر فإلى أيهم ذهب صح، وإن أحد المتبايعين في مصر الشفيع فطلب من الابعد بطلت اه ملخصا.
قوله: (لي) أي مملوكة لي حال من دار.
قوله: (لشمل الشريك في نفس المبيع) لان قوله بدار كذا يفيد أنها غير الدار المشفوعة فيكون جارا أو شريكا في الحقوق فقط، بخلاف قوله بسبب كذا فإنه يشمل الثلاثة، فافهم.
قوله: (هذا) أي قول الشفيع
للقاضي مرة: أي مر المشتري مفروض فيما لو قبضها المشتري: يعني أو وكيله.
قوله: (وطلب الخصومة لا يتوقف عليه) أي على قبض المشتري، إذ لو كانت في يد البائع يصح الطلب أيضا ويأمره بتسليمها للشفيع، وإنما يتوقف على حضرة المشتري وحده مطلقا أو مع البائع لو قبل التسليم كما يذكره قريبا.
وحاصل كلامه: أن كون الامر متوجها للمشتري ليس بقيد، لان قبضه غير شرط لصحة الطلب، فافهم.
قوله: (به يفتى) كذا في الهداية والكافي.
درر.
قال في العزمية: وقد رأيت فتوى(6/528)
المولى أبي السعود على هذا القول.
قوله: (وقيل يفتى بقول محمد) قائله شيخ الاسلام وقاضيخان في فتاواه وشرحه على الجامع، ومشى عليه في الوقاية والنقاية والذخيرة والمغني.
وفي الشرنبلالية عن البرهان أنه أصح ما يفتى به.
قال: يعني أنه أصح من تصحيح الهداية والكافي.
وتمامه فيها.
وعزاه القهستاني إلى المشاهير كالمحيط والخلاصة والمضمرات وغيرها.
ثم قال: فقد أشكل ما في الهداية والكافي.
قوله: (بلا عذر) فلو بعذر كمرض وسفر أو عدم قاض يرى الشفعة بالجوار في بلده لا تسقط اتفاقا.
شرح مجمع.
قوله: (يعني دفعا للضرر) بيان لوجه الفتوى بقول محمد.
قال في شرح المجمع: وفي جامع الخاني: الفتوى اليوم على قول محمد لتغير أحوال الناس في قصد الاضرار اه.
وبه ظهر أن إفتاءهم بخلاف ظاهر الرواية لتغير الزمان فلا يرجح ظاهر الرواية عليه وإن كان مصححا أيضا كما مر في الغصب في مسألة صبغ الثوب بالسواد، وله نظائر كثيرة، بل قد أفتوا بما خالف رواية أئمتنا الثلاثة كالمسائل المفتى فيها بقول زفر وكمسألة الاستئجار على التعليم ونحوه، فافهم.
قوله: (قلنا إلخ) أي في الجواب عن ذلك، وظاهر كلام الشارح أنه يميل إلى ظاهر الرواية كالمصنف، وهو خلاف ظاهر كلامه في شرحه على الملتقى.
والجواب عنه أنه ليس كل أحد يقدر على المرافعة، وقد لا يخطر بباله أن دفع الضرر بذلك خصوصا بعد ما إذا بنى أو غرس فإن الضرر أشد، وقد شاهدت غير مرة من جاء يطلبها بعد عدة سنين قصدا للاضرار وطمعا في غلاء السعر، فلاجرم كان سد هذا الباب أسلم، والله أعلم.
قوله: (وإذا طلب الشفيع إلخ) ذكر سؤال القاضي الخصم عقب طلب الشفيع، وليس كذلك، بل القاضي
يسأل أولا الشفيع عن موضع الدار وحدودها لدعواه فيها حقا فلا بد من العلم بها، ثم هل قبض المشتري الدار، إذ لو لم يقبض لم تصح دعواه عليه ما لم يحضر البائع، ثم عن سبب شفعته وحدود ما يشفع به فلعل دعواه بسبب غير صالح أو هو محجوب بغيره، ثم متى علم وكيف صنع، فلعله طال الزمان أو أعرض، ثم عن طلب التقرير كيف كان وعند من أشهد، وهل كان أقرب أم لا؟ فإذا بين ولم يخل بشرط تم دعواه وأقبل على الخصم فسأله.
زيلعي ملخصا.
قوله: (الخصم) وهو المشتري.
زيلعي: أي لان المصنف فرضه كذلك.
قوله: (عن مالكية الشفيع) لانه بمجرد كونها في يده لا يستحق الشفعة.
ابن ملك.
قوله: (أو نكل) قدمه هنا وفيما يأتي على قوله: أو برهن مع أن المناسب تأخيره عنه، لان النكول بعد العجز عن البرهان رعاية للاختصار، إذلو أخره احتاج إلى إبراز الفاعل، فافهم.
قوله: (على العلم) بأن يقول بالله ما أعلم أنه مالك لما يشفع به لانها يمين على فعل الغير، وهذا قول الثاني، وعند الثالث على البتات، والفتوى على الاول كما في القهستاني.
قال ابن ملك: وهذا إذا قال المشتري ما أعلم، ولو قال أعلم أنه مملوك يحلف على البتات.
قوله: (أو برهن إلخ) بأن يقولا إنها ملك هذا الشفيع قبل أن يشتري هذا المشتري هذا العقار وهي له إلى الساعة ولم نعلم أنها خرجت عن ملكه، فلو قالا إنها لهذا الجار لا يكفي كما في المحيط.
وعن أبي يوسف لا حاجة إلى البرهان.
قهستاني.
قوله: (سأله عن الشراء) ليثبت كونه خصما عنده.
ابن(6/529)
ملك.
قوله: (على الحاصل في شفعة الخليط) لان ثبوت الشفعة فيه متفق عليه، فيقول بالله ما استحق الشفيع في هذا العقار الشفعة من الوجه الذي ذكره.
قهستاني، لان في الاستحلاف على السبب إضرار للمدعى عليه لجواز أن يكون فسخ العقد.
ابن ملك.
قوله: (أو على السبب إلخ) بأن يقول بالله ما اشتريت هذه الدار، لانه لو حلف فيه على الحاصل يصدق في يمينه في اعتقاده فيفوت النظر في حق المدعي.
قوله: (هذا إذا لم ينكر المشتري إلخ) ظاهره أنه إذا أنكر طلبه الشفعة وقد كان أنكر الشراء فأقام عليه البرهان به أو عجز عن فطلب يمينه فنكل أن يكون القول قوله، ولا يعد متناقضا ويحرر ط.
قوله: (فالقول له بيمينه) أي المشتري، فإن أنكر طلب المواثبة حلف على
العلم أو طلب التقرير فعلى البتات لاحاطة العلم به كما في الكبرى.
قهستاني.
لكن قدمنا عنه عن النهاية أن طلب المواثبة واجب لئلا تسقط شفعته وليتمكن من الحلف عند الحاجة، ومفاده أن القول للشفيع بيمينه في طلب المواثبة، إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا قال علمت أمس وطلبت، أما إذا قال طلبت حين علمت فالقول له بيمينه كما قدمناه عن الدرر، فتدبر.
قوله: (وإن لم يحضر الثمن) إن وصلية: أي لم يحضره إلى مجلس القاضي، لان الثمن لا يجب قبل القضاء.
قال في الهداية: وهذا ظاهر رواية الاصل.
وعن محمد: لا يقضي حتى يحضره، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، لان الشفيع عساه يكون مفلسا.
قوله: (فلو قيل للشفيع إلخ) أي قيل له ذلك بعد القضاء بها فأخر: أي قال ليس عندي الثمن أو أحضره غدا أو ما أشبه ذلك لا تبطل شفعته بالاجماع، وإن قال ذلك قبل القضاء تبطل عند محمد، نص عليه الزيلعي.
رملي.
قوله: (والخصم للشفيع المشتري مطلقا إلخ) المراد بالاطلاق قبل التسليم أو بعده، وبالتسليم تسليم المبيع للمشتري وبالاول المشتري وبالثاني البائع، الباء في بملكه وبيده للسببية: أي أن الاول خصم بسبب ملكه والثاني بسبب كون العقار المبيع بيده.
وفي ذكر الاطلاق هنا نظر يظهر من سوق كلام ابن الكمال، فإنه قال: والخصم للشفيع البائع والمشتري إن لم يسلم أحدهما بيده والآخر بملكه فلا تسمع البينة على البائع حتى يحضر المشتري، وإن سلم إلى المشتري لا يشترط حضور البائع لزوال الملك واليد عنه اه.
ملخصا.
وحاصله: أن الخصم قبل التسليم هو البائع والمشتري وبعد المشتري وحده، فقول الشارح الخصم المشتري إن أراد وحده لا يصح قوله مطلقا، وإن أراد مع البائع لا يناسب قوله قبل التسليم، فكان عليه أن لا يذكر الاطلاق.
وأما كون الخصم بعد التسليم هو المشتري وحده فسينبه عليه بعده، فتدبر.
قوله: (ولكن لا تسمع) الاستدراك في محله بالنظر إلى مجرد المتن، وأما بالنظر إلى عبارة الشارح حيث زاد أولا المشتري فهو مستدرك، والمقام مقام التفريع كما قدمناه في عبارة ابن الكمال.
تأمل.(6/530)
قوله: (لانه المالك) قال الزيلعي: لان الشفيع مقصوده أن يستحق الملك واليد فيقضي القاضي بهما لان لاحدهما يدا ولر ملكا.
اه: أي فلذا كان لا بد من حضورهما كما في الهداية، وفي قوله: ويفسخ
بحضوره إشارة إلى علة أخرى لحضور المشتري وهي أن يصير مقضيا عليه بالفسخ كما نبه عليه في الهداية: لان القضاء على الغائب لا يجوز ملكا أو فسخا.
كفاية.
قوله: (ويفسخ بحضوره) أي حضور المشتري.
وصورة الفسخ أن يقول: فسخت شراء المشتري ولا يقول فسخت البيع لئلا يبطل حق الشفعة لانها بناء على البيع فتتحول الصفقة إلى الشفيع ويصير كأنه المشتري، أفاده صاحب الجوهرة فلم ينفسخ أصله وإننما انفسخت إضافته إلى المشتري ط.
وهذا في الحكم على البائع قبل التسليم، أما بعده فالحكم على المشتري.
لان البائع صار أجنبيا كما مر يكون الاخذ منه شراء من المشتري كما يأتي قريبا.
تأمل.
قوله: (لزوال الملك واليد عنه) فصار أجنبيا هداية.
فرع: اشترى دارا بألف وباعها لآخر بألفين ثم حضر الشفيع وأراد أخذها بالبيع الاول: قال أبو يوسف: يأخذها من ذي اليد بألف ويقال اطلب بائعك بألف أخرى.
وعندهما: يشترط حضرة المشتري الاول، وإن طلب البيع الثاني لا يشترط حضرة الاول اتفاقا.
تاترخانية.
قوله: (والعهدة) بالجر مع جواز الرفع.
قهستاني.
فقوله على البائع متعلق بيقضي وعلى الرفع خبر.
قوله: (لضمان الثمن إلخ) أي ضمان الثمن الذي تقلده الشفيع إذا استحق المبيع.
قوله: (وعلى المشتري لو بعده) في التاترخانية عن الثاني: إذا كان المشتري نقد الثمن ولم يقبض الدار حتى قضى للشفيع بالشفعة فنقد الشفيع الثمن للمشتري فالعهدة عليه وإن للبائع فالعهدة عليه اه.
طوري.
قوله: (لما مر) من قوله: لزوال الملك واليد عنه.
قوله: (للشفيع خيار الرؤية والعيب) لان الاخذ بالشفعة شراء من المشتري إن كان الاخذ بعد القبض، وإن كان قبله فشراء من البائع لتحول الصفقة إليه، فيثبت له الخيار إن فيه كما إذا اشتراه منهما اختيارهما، ولا يسقط خياره برؤية المشتري ولا بشرط البراءة منه، لان المشتري ليس بنائب عن الشفيع فلا يعمل شرطه ورؤيته في حقه.
زيلعي.
قوله: (دون خيار الشرط والاجل) أي لعدم الشرط كما في القهستاني والاجل عطف على خيار الشرط لا على الشرط اه ح.
والمراد الاجل في الثمن.
قوله: (إلا في ضمان الغرور) فلو استحق المبيع بعد ما بنى الشفيع لا يرجع بنقصان قيمة البناء على البائع أو المشتري، لانه لم يصر مغرورا لتملكه جبرا، والمسألة ستأتي في هذا الباب متنا، وقوله المنح كالاشباه.
فلا رجوع للمشتر على الشفيع قاصر ومقلوب، فتنبه.
قوله: (في الثمن) أي في جنسه كقول أحدهما
هو دنانير والآخر دراهم، أو قدره كقول المشتري بمائتين والشفيع بمائة أو صفته كاشتريته بثمن معجل وقال الشفيع بل مؤجل.
درر البحار.
قوله: (والدار مقبوضة والثمن منقود) أي مقبوضة للمشتري والثمن منقود منه للبائع، وقد راجعت كثيرا فلم أجد من ذكر هذين القيدين سوى بعض شراح الكنز لا أدري اسمه، ثم رأيته أيضا في هامش نسخة عتيقة من نسخ الكنز معزيا للكافي.(6/531)
وفي تكملة الطوري ما نصه: وأطلق المؤلف فشمل ما إذا وقع الاختلاف قبل القبض الدار ونقد الثمن أو بعدهما قبل التسليم إلى الشفيع أو بعده.
لكن في التاترخانية: اشترى دارا وقبضها ونقد الثمن ثم اختلف الشفيع والمشتري في الثمن فاقول للمشتري.
انتهى ما في التكملة.
وزاد في الذخيرة على ما في التاترخانية: فالقول للمشتري مع يمينه، ولا يتحالفان لان الشفيع مع المشتري بمنزلة البائع مع المشتري، إلا أن البائع والمشتري يتحالفان إلخ، فتأمل.
وقال ط: وقد يقال: إن الثمن إن كان غير منقود يرجع إلى البائع فيؤخذ بقوله إن كان أقل مما يدعيه المشتري ويكون خطأ كما في المسألة الآتية: وعلى هذا فالمدار على كون الثمن منقودا فقط اه.
قوله: (لانه منكر) فإن الشفيع يدعي استحقاق الدار عند نقد الاقل وهو ينكره.
هداية.
قوله: (ولا يتحالفان) لان المشتري لا يدعي على الشفيع شيئا، لان الشفيع مخير بين الاخذ والترك فلم يتحقق كونه مدعى عليه، لانه الذي إذا ترك الدعوى لا يترك فلم يكن في معنى النص، وهو إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفا وتردا، لانه فيما إذا وجد الانكار والدعوى من الجانبين.
إتقاني.
قوله: (لان بينته ملزمة) أي للمشتري، بخلاف بينة المشتري لان الشفيع مخير والبينات للالزام فالاخذ ببينته أولى.
إتقاني.
قال القهستاني: وفيه إشعار بأنه لو اختلف البائع والمشتري أو هما والشفيع فبينة البائع أحق لانها تثبت الزيادة.
قوله: (بلا قبضه) أي قبض البائع كل الثمن سواء قبض المشتري العقار أو لا.
قهستاني.
قوله: (فالقول له) أي بلا يمين.
قهستاني.
فيأخذها الشفيع بما قال البائع، لانه إن كان كما قال فظاهر، وإلا فهو حط والحط يظهر في حق الشفيع.
قوله: (ومع قبضه للمشتري) فيأخذ الشفيع بما قال المشتري إن شاء، ولا يلتفت إلى قول البائع، لانه لما استوفى الثمن انتهى حكم العقد وخرج هو من البين وصار كالاجنبي، فبقي الاختلاف
بين المشتري والشفيع، وقد بيناه.
هداية: بأن القول فيه للمشتري.
واعلم أن هذا إذا كان القبض ظاهرا بأن أثبته المشتري بالبينة أو اليمين كما في الدرر، بقي ما إذا كان القبض غير ظاهر: أي غير معلوم للشفيع، فإما أن يقر البائع بالقبض أو لا، فإن كان الثاني(6/532)
ولم يذكره في الكتاب فالظاهر أن حكمه حكم ما إذا كان غير مقبوض، وإن كان الاول والمشتري يدعي الاكثر والدار في يده، فإما أن يقر أو لا بمقدار الثمن ثم بالقبض أو بالعكس، فإن كان الاول كما لو قال بعت الدار منه بألف وقبضته أخذها الشفيع بألف، لانه إذا بدأ بالاقرار بالبيع بمقدار تعلقت الشفعة به ثم بقوله قبضت يريد إسقاط حق الشفيع المتعلق بإقراره من الثمن، لانه إذا تحقق ذلك يبقى أجنبيا من العقد، إذ لا ملك له فيجب الاخذ بما يدعيه المشتري، لما مر آنفا أن الثمن إذا كان مقبوضا أخذ بما قال المشتري وليس له إسقاط حق الشفيع، فيرد عليه قوله قبضت، وإن كان الثاني، كما لو قال قبضت الثمن وهو ألف لم يلتفت إلى قوله ويأخذها بما قال المشتري، لانه بإقراره بالقبض صار أجنبيا وسقط اعتبار قوله في مقدار الثمن.
عناية.
قوله: (بما قال البائع) لان فسخ البيع لا يوجب بطلان حق الشفيع، وهل يحلف البائع؟ ينبغي أن لا يحلف لانه حلف مرة، إتقاني عن الاسبيجابي.
قوله: (وحط البعض) أي حط البائع بعض الثمن عن المشتري، فلو حط وكيل البائع: أي بالبيع لا يلتحق بأصل العقد فلا يظهر في حق الشفيع.
أشباه: أي وإن صح حطه وبرئ المشتري، لان الوكيل يضمن ما حطه فكأنه هبة مبتدأة كما أوضحه الحموي.
قوله: (فيأخذ بالباقي) أو يرجع على المشتري بالزيادة إن كان أوفاه الثمن كما في العزمية.
قوله: (إلا إذا كانت بعد القبض) أي قبض الثمن، لانه صار عينا بالتسليم فلا يسترد الشفيع شيئا، أما قبله فيسترد لانها هبة دين في الذمة.
شرح تنوير الاذهان.
قال الحموي: بقي أن يقال: يفهم من التقييد بهبة البعض أو هبة الكل لا تظهر في حق الشفيع مطلقا فهل يأخذ بالمسمى أو بالقيمة؟ لم أر نقلا صريحا.
وفي الظهيرية شرى دارا بألف ثم تصدق بها على المشتري يأخذها الشفيع بالقيمة إلا أن يكون بعد قبض الالف اه.
فعلى قياسه يقال: إن وهب كل الثمن قبل القبض يأخذ الشفيع بالقيمة، وإلا
فبالثمن اه ملخصا.
أقول: ورأيت في التاترخانية عن المحيط ما ملخصه: الحط والهبة والابراء إذا كانت قبل القبض، فلو كانت في بعض الثمن تظهر في حق الشفيع ولو في كله فلا، وإذا كانت بعد القبض فالحط والهبة على هذا التفصيل، وأما الابراء عن الكل أو البعض فلا يصح اه.
وعليه جرى القهستاني، فتأمل.
قوله: (وحط الكل والزيادة لا) أي لا يظهر إن في حق الشفيع، أما حط الكل فلانه لا يلتحق بأصل العقد وإلا بقي العقد بلا ثمن، وهو فاسد لا باطل خلافا لما في الدرر، ولا شفعة في الفاسد كما يأتي، لكنه: أي حط الكل يظهر في حق المشتري.
قهستاني.
وأما الزيادة فلانها وإن التحقت ففيها إبطال حق الشفيع لاستحقاقه الاخذ بالمسمى قبلها، والمراد الزيادة في الثمن.
أما في المبيع فتظهر كما يذكره الشارح قريبا عن القنية لانها من قبيل الحط.
قوله: (ولو حط النصف إلخ) النصف ليس بقيد.
قال في الجوهرة: هذا أي عدم الالتحاق إذا حط الكل بكلمة واحدة، أما إذا(6/533)
كان بكلمات يأخذ بالاخيرة اه ط.
قلت: ووجهه أنه كلما حط شيئا يلتحق بالعقد ويصير الثمن ما بقي، فإذا حط جميع ما بقي يكون حطا لكل الثمن وهو ما بقي فيأخذه به.
قوله: (ولو علم إلخ) أشار إلى أنه لا فرق بين ما إذا كان الحط قبل الاخذ بالشفعة أو بعده كما في التبيين.
قوله: (كما لو باعه بألف) أي له الشفعة أيضا لما قدمنا آنفا، وهل يأخذ الزيادة أيضا، توقف فيه بعضهم، ثم رأيت في النهاية قال: يأخذ الدار بحصتها من الثمن اه.
ولا يخالفه ما في شرح المجمع: الملكي باع عقارا مع العبيد والدواب تثبت في الكل تبعا للعقار اه.
لان المراد به الارض والحراثون وآلة الحراثة، فتتحقق التبعية لوجود ما هو المقصود من الارض ولذا صح فيها الوقف تبعا كما مر في موضعه، بخلاف الجارية أو المتاع مع الدار، هذا ما ظهر لي، فتأمل.
قوله: (ولو حكما كالخمر إلخ) لو ذكره بعد قوله وفي القيمي لسلم مما اعترضه ح بأنه يقتضي أن الخمر مثلي حكما في حق المسلم وأنه يأخذ بمثل الخمر، وليس كذلك بل بقيمتها لانها مثلي حقيقة قيمي حكما في حقه، وعبارة ابن الكمال لا غبار عليها حيث قال: وبالمثل في الشراء بثمن مثلي حقيقة وحكما، لان من المثلي ما التحق بغير المثلي كالخمر في حق المسلم اه
ملخصا.
فقوله حقيقة وحكما للاخراج لا للادخال.
قوله: (بالقيمة) أي وقت الشراء لا وقت الاخذ بالشفعة كما في الذخيرة.
قهستاني.
قوله: (يأخذ الشفيع) أي شفيع كل من العقارين.
قوله: (مؤجل) أي بأجل معلوم وإلا يفسد البيع، ولا شفعة في البيع الفاسد.
معراج.
وسيأتي من الشارح التنبيه على ذلك آخر هذا الباب.
قوله: (يأخذ بحال) أي يأخذ في الحال بتخفيف اللام بثمن حال بتشديدها، لان الاجل ثبت بالشرط ولا شرط بين الشفيع والبائع، ثم إن أخذ بثمن حال من البائع سقط الثمن عن المشتري، لما مر أن البيع انفسخ في حق المشتري، وإن أخذ من المشتري رجع البائع على المشتري بثمن مؤجل كما كان، لان الشرط الذي جرى بينهما لم يبطل بأخذ الشفيع.
هداية.
قوله: (أو طلب) عطف على يأخذ: أي أنه مخير بين الاخذ في الحال بحال وبين الطلب في الحال والاخذ بعد الاجل.
قوله: (ولا يتعجل إلخ) كذا في الملتقى، والمراد لو أخذ الشفيع بثمن حال من المشتري لا من البائع كما قدمناه آنفا.
قوله: (ولو سكت عنه إلخ) فائدة قوله: أو طلب في الحال.
قوله: (بطلت شفعته) لان حقه قد ثبت، ولذا كان له أن يأخذ بثمن حال، ولولا أن حقه ثابت لما كان له الاخذ في الحال، والسكوت عن الطلب بعد ثبوت حقه يبطلها.
زيلعي ودرر.
وفيه نظر لان هذا طلب تملك، ولا تبطل الشفعة بتأخيره إلى حلول الاجل، لا عند الامام لانه لم يقدر له مدة، ولا عند محمد لتقديره بشهر.
شرنبلالية، وما قيل في الجواب: المراد طلب المواثبة يأباه قوله لان حقه قد ثبت فإنه يقتضي أن المراد طلب التملك.
أبو السعود.
أقول: النظر معلول والجواب مقبول، لان ثبوت الشفعة للشفيع بعد البيع واستقرارها بعد(6/534)
الطلبين كما مر متنا، فإذا صدر البيع وثبت حقه فيها ثم علم به ولم يطلب طلب مواثبة بطلت لانه سكت بعد ثبوت حقه، ومنشأ ما مر اشتباه الثبوت بالاستقرار، فتدبر.
قوله: (بمثل الخمر وقيمة الخنزير) فلو بيعت بميتة فلا شفعة إلا إن كانوا يتمولونها، إتقاني.
قوله: (والشفيع ذميا) ومثله المستأمن لا المرتد قبل أو مات أو لحق خلافا لهما، ولا تثبت لورثته، أما لو شرى فقتل لم تبطل شفعة الشفيع لتعلقها بالخروج عن الملك، ولو شرى مسلم في دار الحرب دارا شفيعها مسلم لا شفعة له وإن أسلم
أهلها، لان أحكامنا لا تجري فيها.
إتقاني.
قوله: (لا بد أن يكون إلخ) بيان لفائدة زيادة البائع والمشتري.
قوله: (لما مر) أي في كتاب الغصب حيث قال: إن الخمر في حقنا قيمي حكما، أو في قوله آنفا ولو حكما كالخمر في حق المسلم بناء على ما قدمنا من أن حقه أن يذكره بعد قوله وفي القيمي.
قوله: (لو كان الشفيع مسلما) فلو مسلما وكافرا فالنصف للمسلم بنصف قيمة الخمر وللكافر بمثل نصفه.
إتقاني.
وفيه أسلم قبل الاخذ لم تبطل وصار كالمسلم الاصلي.
وإن أسلم أحد المتابعين والخمر غير مقبوضة انتقض البيع قبضت الدار أو لا، ولم تبطل الشفعة لان انفساخ البيع لا يبطلها.
قوله: (ثم قيمة الخنزير إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أنه مر في باب العاشر أنه يعشر الخمر: أي يأخذ من قميته لا الخنزير لانه قيمي، وقيمة القيمي كعينه، وتقرير الجواب ظاهر، وقدم الشارح جوابا غيره في باب العاشر عن سعدي، وهو أنه لو لم يأخذ الشفيع بقيمة الخنزير يبطل حقه أصلا فيتضرر ومواضع الضرورة مستثناة.
قوله: (بخلاف المرور على العاشر) فإنه يعشر الخمر لا الخنزير، فافهم فغيره سبق قلم.
قوله: (بالرجوع) الباء للتصوير.
قوله: (إلى ذمي أسلم إلخ) وفي البحر من باب العاشر في الكافي: يعرف بالرجوع إلى أهل الذمة.
قوله: (ولو اختلفا فيه) أي اختلف الشفيع والمشتري فيما ذكر من القيمة ط.
قوله: (فالقول للمشتري) قال في العناية: كما لو اختلفا في مقدار الثمن.
قوله: (كما مر في الغصب) من أن قيمتهما مستحقي القلع أقل من قيمتهما مقلوعين بقدر أجرة القلع ط.
قوله: (قلت وأما لو دهنها إلخ) بيان للفرق بين البناء والدهن، وكان ينبغي تأخيره عن قوله: أو كلف المشتري قلعهما فإن المخالفة بينهما من هذه الجهة.
تأمل.
قوله: (أو طلاها بجص كثير) ليس من عبارة(6/535)
الزاهدي، بل ذكره الرملي بعدها بقوله: أقول وعلى هذا لو طلاها إلخ.
قوله: (لتعذر نقضه) علة لمحذوف تقديره: ولا يكلف المشتري النقض لتعذر نقضه: أي على وجه ما يكون له قيمة.
قوله: (وسيجئ) أي ما ذكره بقوله وأما لو دهنها آخر كتاب الشفعة في الفروع.
قوله: (أو كلف) عطف على يأخذ.
قوله: (إلا إذا كان إلى قوله وعن الثاني) موجود في بعض النسخ.
قال ط: هو استثناء من محذوف تقديره ولا يجبر المشتري على البيع اه.
قلت: يؤيده قول الاتقاني: ويأمره القاضي بالقلع إلا إذا كان إلخ.
قوله: (أن يأخذها) أي الارض جبرا على المشتري.
قوله: (مع قيمة البناء والغرس) والاوضح قول النهاية: مع البناء والاغراس بقيمتها.
قوله: (مقلوعة) أي مستحقة القلع، وبدل عليه قوله غير ثابتة ط.
قوله: (وعن الثاني إلخ) أي في مسألة المتن، فلا يكلف المشتري القلع لانه ليس بمعتد في البناء والغرس لثبوت ملكه فيه بالشراء فلا يعامل بأحكام العدوان الذي هو القلع ط.
قوله: (وقيمة البناء والغرس) أي قائمين على الارض غير مقلوعين.
نهاية عن شرح الطحاوي.
قوله: (ولذا) أي لكون حق الغير وهو الشفيع أقوى.
قوله: (ويبقى بالاجر) أي رعاية لجانب المشتري والشفيع كما أوضحه الزيلعي.
هذا، وعبارة الاتقاني عن شرح الطحاوي: لا يجبر المشتري على قلعة بالاجماع، بل ينظر إلى وقت الادراك ثم يقضي للشفيع اه.
ومقتضاه عدم الاجر إذا لم تخرج الارض عن ملك المشتري لعدم القضاء تأمل.
وقال السائحاني: الذي في المقدسي ثم الارض تترك بغير أجر، وعن أبي يوسف بأجر اه.
قلت: ومثله في التاترخانية.
قوله: (ولا يرجع بقيمة البناء والغرس) يعني بنقصان قيمتها، وعن أبي يوسف أنه يرجع.
قوله: (على أحد) أي سواء تسلمها من البائع أو من المشتري ط.
قوله: (لانه ليس بمغرور) لانه أخذها بالشفعة جبرا كما مر.
قوله: (بخلاف المشتري) إذا استحق ما اشتراه بعد البناء، لان البائع غره بالعقد فيرجع عليه بما خسر.
قوله: (ويأخذ بكل الثمن إلخ) أي إذا اشترى رجل دارا فخربت أو بستانا فجف الشجر فللشفيع الاخذ بكل الثمن لانهما تابعان للارض.
منح.
قوله: (بلا فعل أحد) يأتي محترزه متنا.
قوله: (لا الوصف) أي ما لم يقصد إتلافه فيقابل بحصته من الثمن كما يأتي.
رحمتي.
والاولى أن يقول لا التبع.
لان البناء والشجر ليسا وصفا للدار والبستان.
نعم الجفاف وصف.(6/536)
قال في التبيين: لانهما تابعان للارض حتى يدخلان في البيع من غير ذكر فلا يقابلهما شئ من الثمن ولهذا يبيعهما مرابحة في هذه الصورة من غير بيان اه ط.
قوله: (من نقض أو خشب) لف ونشر مرتب ط.
قوله: (حيث لم يكن تبعا للارض) علة لقوله تسقط حصته من الثمن ط.
فهو عين مال
قائم تفي محتبسا عند المشتري.
زيلعي.
قوله: (فقد هلك ما دخل تبعا) أي لما كان من التوابع وتحولت الصفقة إلى الشفيع فقد هلك التبع بعد دخول الاصل في ملك الشفيع قبل القبض، فافهم.
فإن قلت: تقدم عن الزيلعي أنالاخذ بالشفعة شراء من المشتري إن كان الاخذ بعد القبض، وإلا فمن البائع لتحول الصفقة إليه، ومقتضاه عدم السقوط فيما أخذه المشتري أيضا لانه قبل شراء الشفيع وقبضه فلم يدخل تبعا.
قلت: تقدم أيضا أن الشفعة تملك البقعة بما قام على المشتري، فلو لم تسقط حصته من الثمن لم يكن كذلك، تأمل.
وكذا يقال فيما يأتي.
قوله: (لان الفائت بعض الاصل) في بعض النسخ: لان الغائب والكل صحيح، لان المراد بالفائت الهالك، وبالغائب: أي في الماء الهالك أيضا، ولكن الاول الذي في الزيلعي.
ثم هذا بيان وجه المخالفة بينه وبين المسألة السابقة.
قوله: (إن نقص المشتري البناء) فلو لم ينقضه ولكن باعه من غيره بلا أرض فللشفيع نقض البيع، وكذا النبات والنخل، طوري عن التاترخانية.
قوله: (لانه قصد الاتلاف) أي والتبع إذا صار مقصودا به يسقط ما يقابله من الثمن ط.
قوله: (ويقسم الثمن إلخ) فتقوم الارض وعليها البناء وتقوم بغيره، فبقدر التفاوت يسقط من الثمن ط.
قلت: فلو اختلفا في قيمة البناء فالقول للمشتري أيضا ولو في قيمة الارض يوم وقع الشراء نظرا إلى قيمته اليوم، لان الظاهر أنه كان كذلك، فمن شهد له كان القول له.
إتقاني.
قوله: (بخلاف انهدامه إلخ) أي بخلاف ما إذا انهدم بنفسه وأخذ النقص حيث يعتبر قيمته يوم الاخذ كما مر، لانه صار مانعا بحبسه فيقول عليه بالحبس في يومه.
تأمل وافهم.
قوله: (والنقص بالكسر) قال المكي: قلت وقد حصل في نقض البناء وهو منقوض لغتان، ضم النون وكسرها، فالازهري وصاحب المحكم اقتصر على الضم، والجوهري وابن فارس على الكسر، وهو(6/537)
القياس كالذبح والرعي والنكث بمعنى المذبوح والمرعى والمنكوث ط.
قوله: (بثمرها) الباء بمعنى مع ط.
قوله: (لاتصاله) هذا وجه الاستحسان، وفي القياس: لا يكون له أخذ الثمرة لعدم التبعية كالمتاع الموضوع فيها.
منح.
وبيان وجه الاستحسان أنه باعتبار الاتصال صار تبعا للعقار كالبناء في الدار.
هداية.
قوله: (وثمرا) بأن شرطه في البيع لان الثمر لا يدخل في البيع إلا بالشرط لانه ليس بتبع.
زيلعي.
قوله: (بعد الشراء في يده) متعلقان بأثمر، وقيد بقوله: في يده لانه إذا أثمر في يد البائع قبل القبض ثم قبضه المشتري له حصة من الثمن، كما إذا كان موجودا وقت الشراء.
كفاية.
قوله: (وإن جذه) بالذال المعجمة المشددة.
قال الزيلعي في باب البيع الفاسد: الجذاذ بالذال عام في قطع الثمار، وبالمهملة خاص بالنخل اه.
ط عن الحموي.
وضبطه مسكين هنا بالمهملة.
قال أبو السعود: لانه أنسب بالمقام، وقوله المشتري ليس بقيد بل مثله البائع والاجنبي كما في غاية البيان.
قوله: (فليس للشفيع أخذه) أي في الفصلين.
هداية: أي إذا اشتراه بالثمر أو أثمر في يده وكان عليه أن يقول: وليس بالواو ويذكره بعد جواب الشرط الآتي.
قوله: (لما مر) أي آنفا من قوله لزوال التبعية بانفصاله ولا يخفى أن الثمر في الاولى وإن دخل بالشرط كما مر ووقع الشراء عليه قصدا، لكن دخوله في الشفعة بالتبعية للعقار باعتبار الاتصال كما قدمناه، وبالانفصال تزول التبعية للعقار فتسقط الشفعة، فافهم.
قوله: (وقد اشتراها بثمرها) مزيدة على الدرر ولا معنى لها ح: أي لمنافاته للتفصيل الآتي.
قوله: (سقط حصته من الثمن في الاول) لانه دخل في البيع قصدا فيقابله شئ من الثمن.
هداية.
قوله: (لحدوثه بعد القبض) فلا يكون مبيعا إلا تبعا فلا يقابله شئ من الثمن.
هداية.
قوله: (لتحويل الصفقة إليه) أي ولا يجوز له إبطالها منفردا من غير مقتض شرعا ط.
قوله: (بخلاف ما قبل القضاء) قدم المصنف أنها تملك بالاخذ بالتراضي وبقضاء القاضي، فالقضاء هنا غير قيد.
تأمل.
قوله: (وقت انقطاع) حق البائع كان تصرف فيها المشتري ببناء ونحوه كما يأتي.
قوله: (وفي هبة بعوض مشروط) أي في العقد.
وصورته أن يقول: وهبت هذا لك على أن تعوضني كذا، وأجمعوا أنه لو قال وهبت هذا لك بكذا أنه بيع.
إتقاني.
وفي الخانية: فلو كانت بغير شرط العوض ثم عوضه بعدها فلا شفعة.
قوله: (ولا شيوع فيهما) أي فيالهبة والعوض بأن كان العوض عقارا أيضا.
قال ط: أما إذا كانت في شائع: فإن كانت مما يقسم فهي فاسدة، وإلا فهي صحيحة وتجري فيها الشفعة، وهذا قياس ما تقدم في الهبة اه.
وفي غاية البيان: قال أصحابنا: إذا وهب نصف دار بعوض فلا شفعة فيه، لان هبة المشاع فيما يقسم لا تجوز اه.
قوله: (وقت التقابض) أي من الجانبين، فلو قبض أحد العوضين فلا شفعة.
إتقاني.(6/538)
ولو سلمها قبل قبض الآخر فهو باطل كما سيذكره الشارح عن المبسوط، ومثله في الجوهرة عن المستصفى.
قال في النهاية: ولا بد من القبض عندنا خلافا لزفر فلا شفعة ما لم يتقابضا.
وعلى قوله تجب قبل التقابض بناء على أن الهبة بشرط العوض عنده بيع ابتداء وانتهاء، وعندنا بر ابتداء، وبمنزلة البيع إذا اتصل به القبض من الجانبين.
كذا في المبسوط اه.
وفي القهستاني عن المحيط: يعتبر الطلب عند التقابض في ظاهر الرواية، فقول السائحاني عن المقدسي: وفي رواية وقت العقد وهو الصحيح مشكل، فإنه مبني على قول زفر، ولم أر من صححه من شراح الهداية وغيرها، فتأمل.
قوله: (ووقت الاجازة عند الثالث) هذا هو الصحيح كما سيذكره الشارح أول الباب الآتي، وفيه كلام ستعرفه.
قوله: (يقول له إلخ) قال في البزازية: ولم يذكر في الكتب أن من لا يرى الشفعة بالجوار إذا طلبها عند حاكم يراها: قيل لا يقضي له لانه يزعم بطلان دعواه، وقيل يقضي لان الحاكم يراها، وقيل يقول له إلخ.
قال الحلواني: وهذا أحسن الاقاويل اه.
قوله: (وإلا يقله) عبارة البزازية: وإن قال لا فلا.
تأمل.
قوله: (إيجاب الطلب) أي إثباته عند القاضي، فإن الطلب عنده وهو الثالث متضمن إثبات طلب المواثبة وطلب التقرير، فلفظ إيجاب في محلة فافهم، وهذا مبني على قول محمد المفتى به من أنه لو أخرها شهرا بلا عذر بطلت كما مر.
قوله: (فامتنع) أي القاضي أو من وجبت عليه الشفعة: أفاده أبو السعود ط.
قوله: (بخلاف سبت اليهودي) فإن القاضي يحضره وإن كان يوم السبت، هذا إن كانت الشفعة واجبة عليه، وإن كانت واجبة له فالمعنى يطلب من القاضي وإن كان يوم السبت وهذا يظهر إذا كان يوم السبت آخر الشهر، إذ تأخر الطلب قبل الشهر لا يبطلها اتفاقا، إلا أن يكون المراد طلب المواثبة أو التقرير.
تأمل.
ومثل السبت الاحد للنصراني كما أفاده الحموي.
قوله: (كما يأتي) أي في الفروع آخر كتاب الشفعة.
قوله: (أخذها بخمسين) عزاها في الخانية إلى ابن الفضل ثم قال بعده: وقال القاضي السعدي: لا يطرح عن الشفيع نصف الثمن وإنما يطرح عنه حصة النقصان، وظاهر تقديم الخانية الاول اعتماده كما هو عادته.
قوله: (لان ثمنها إلخ) ظاهر التعليل أن قيمتهما سواء وقت العقد، فلو اختلفت لا يتعين أخذها بخمسين بل(6/539)
يقسم الثمن بحسبها، تأمل.
قوله: (إذا قبض الكل) مبني للمجهول: أي كل من البدلين أو للمعلوم: أي كل من المتبادلين.
قوله: (فهو) أي التسليم.
قوله: (كان له أن يأخذ الدار بالشفعة) لانه وقت انعقاد المعاوضة، ولذا عبر المصنف بالتقابض الدال على حصول القبض من الاثنين في قوله وفي هبة بعوض وقت التقابض ط.
والله تعالى أعلم.
باب ما تثبت هي فيه أو لا قوله: (لا تثبت قصدا إلخ) قيد به لانها تثبت في غير العقار تبعا له كالبناء والغرس والثمرة على ما مر وكذا في آلة الحراثة تبعا للارض كما قدمناه عن شرح المجمع.
قوله: (ملك) بالتشديد أو التخفيف صفة عقار، وسيأتي محترزه وهو ما بيع بخيار للبائع ونحوه.
قوله: (خرج الهبة) أي التي لم يشترط فيها العوض، وهذه المحترزات أتى بها المصنف بعد فالاولى حذفها ط.
قوله: (وإن لم يكن يقسم) أدرج لفظ يكن ليفيد أن المراد ليس مما اتصف بكونه يقسم: أي يقبل القسمة، وليس المراد نفي القسمة أعم من كونه قابلا لها أو لا.
تأمل.
قوله: (خلافا للشافعي) لان من أصله أن الاخذ بالشفعة لدفع ضرر مؤنة القسمة وذا لا يتحقق فيما لا يحتملها.
وعندنا لدفع ضرر التأذي بسوء المجاورة على الدوام.
كفاية.
قوله: (وحمام) فيأخذه الشفيع بقدره لانه من البناء دون القصاع لانها غير متصلة بالبناء.
نهاية.
وفي الطوري عن المحيط: ويدخل في الرحى الحجر الاسفل دون الاعلى، لانه مبني بالارض.
قوله: (بالسكون) أي سكون الراء.
وفي المغرب: العرض بفتحتين ويجمع على عروض: حطام الدنيا.
قوله: (ما ليس بعقار) تفسير مراد هنا، قال في الصحاح: والعرض بسكون الراء: المتاع، وكل شئ فهو عرض سوى الدراهم والدنانير وقال أبو عبيدة: العروض: الامتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا تكون حيوانا ولا عقارا.
قوله: (إذ بيعا قصدا) أي بيعا قصديا فتثبت الشفعة فيهما بتبعية العقار، فلو اشترى نخلة أو بأرضها ففيها الشفعة تبعا للارض، بخلاف ما إذا اشترى ليقلعها حيث لا شفعة فيها لانها نقلي كما في البناء والزرع كما في المحيط.
قهستاني.
قوله: (ولو مع حق القرار) قدمنا الكلام فيه بما لا مزيد(6/540)
عليه.
قوله: (ولا في إرث) أي موروث.
درر.
لان الوارث يملك على حكم ملك الميت ولهذا يرد على بائعه بالعيب فكأن ملك الميت لم يزل.
إتقاني فهو أيضا محترز قوله ملك.
تأمل.
قوله: (وصدقة وهبة إلخ) لانها ليست بمعاوضة مال بمال فصارت كالارث منح.
قوله: (لا بعوض مشروط) قدمنا فائدته.
قوله: (ودار قسمت) أي بين الشركاء لان القسمة فيها معنى الافراز ولهذا يجري فيها الجبر، والشفعة لم تجر إلا في المبادلة المطلقة.
منح.
قوله: (أو جعلت أجرة إلخ) لانها تثبتت، بخلاف القياس بالآثار في معاوضة مال بمال مطلق فيقتصر عليها، منح.
قوله: (أو صلح عن دم عمد) قيد به لما في المبسوط: لو كان عن جناية خطأ تجب الشفعة، فلو عن جنايتين عمد وخطأ لا شفعة عنده.
وعندهما تجب فيما يخص الخطأ اه.
طوري.
وإن ادعى حقا على إنسان فصالحه على دار للشفيع أخذها، سواء كان عن إقرار أو إنكار أو سكوت لزعم المدعي أنها عوض حقه فيؤاخذ بزعمه، ولو ادعى عليه دارا فصالحه على دراهم: فإن عن إقرار تجب لزعمه ملكها بعوض لا إن كان عن إنكار لزعمه أنها لم تزل عن ملكه، أو سكوت لزعمه أن المعطي لافتداء يمينه كما في درر البحار.
قوله: (أو مهر) صوابه أو مهرا بالنصب كما في الغرر عطفا على أجرة، إذ لو جعلت بدل مهر المثل أو المسمى عند العقد أو بعده تثبت فيه الشفعة لانه مبادلة مال بمال لانه بدل عما في ذمته من المهر كما في التبيين وغيره.
قوله: (وإن قوبل ببعضها مال) بأن تزوج امرأة على دار على أن ترد عليه ألف درهم فلا شفعة في شئ منها.
منح.
قوله: (لان معنى البيع تابع فيه) أي في هذا العقد، لانه وإن اشتمل على نكاح وبيع لكن المقصود منه النكاح بدليل أنه ينعقد بلفظ النكاح، ولا شفعة في الاصل فكذا التبع.
قوله: (بيعت بخيار البائع) وكذا بخيارهما، لان المبيع لم يخرج عن ملكه، بخلاف خيار المشتري وهذا في التي فيها الخيار، فلو بيعت دار بجنبها والخيار لاحدهما فله الشفعة، فلو للبائع سقط لارادته الاستبقاء وكذا المشتري وتصير إجازة، بخلاف ما إذا اشتراها ولم يرها فلا يبطل خياره بأخذ ما بيع بجنبها، لان خيار الرؤية لا يبطل بصريح الابطال فكيف بدلالته؟ ثم إذا حضر شفيع الاولى له أخذها دون الثانية لانعدام ملكه في الاولى حين بيعت الثانية.
عناية ملخصا.
قوله: (في الصحيح) كذا في الهداية معللا بأن البيع يصير سببا لزوال الملك عند ذلك، ومثله في الجوهرة والدرر والمنح، وأقره شراح الهداية.
وقال في العناية
ومعراج الدارية: وقوله في الصحيح احترازا عن قول بعض المشايخ: إنه يشترط الطلب عند وجود البيع لانه هو السبب اه.
أقول: لكن في الظهيرية قال: يشترط الطلب والاشهاد عند البيع، حتى لو لم يطلب ولم يشهد عند البيع ثم جاز البيع بالاجازة أو عند مضي مدة الخيار فلا شفعة له في ظاهر الرواية.
وقال بعض العلماء: إنما يشترط عند جواز البيع، وهو رواية عن أبي يوسف، ونظيره: الدار إذا بيعت ولها جار وشريك فالشفعة للشريك لا للجار، ولكن مع هذا يشترط الطلب من الجار عند البيع، بخلاف بيع(6/541)
الفضولي فإن الطلب عند إجازة المالك.
والفرق أن البيع بالخيار عقد تام، ألا ترى أنه يعمل من غير إجازة أحد ولا كذلك عقد الفضولي اه.
فليتأمل.
وفي القهستاني: يطلب بعد سقوط الخيار، وقيل عند البيع، والاول أصح كما في الكافي، والثاني الصحيح كما في الهداية اه.
والظاهر أن العبارة مقلوبة، لان المصحح في الهداية هو الاول، فقد ظهر تصحيح كل من القولين، ولكن إن ثبت أن الثاني ظاهر الرواية لا يعدل عنه.
قوله: (أو بيعت الدار بيعا فاسدا) أي لا شفعة فيها أيضا، أما قبل القبض فلعدم زوال ملك البائع، وأما بعده فلاحتمال الفسخ، وفي إثبات الشفعة تقرير للفساد فلا يجوز.
جوهرة.
وفي الكلام تلويح إلى أنه وقع فسادا ابتداء، لان الفساد إذا كان بعد انعقاده صحيحا فحق الشفعة على حاله، فإن النصراني لو اشترى من نصراني دارا بخمر فلم يتقابضا حتى أسلما أو أسلم أحدهما أو قبض الدار ولم يقبض الخمر فإنه يفسد البيع وحق الشفعة باق لفساده بعد وقوعه صحيحا.
عناية.
قوله: (كأن بنى المشتري فيها) أو أخرجها عن ملكه بالبيع أو غيره، فإن باعها فللشفيع أخذها بالبيع الثاني بالثمن أو بالبيع الاول بقيمتها لانها الواجبة فيه، وتمامه في التبيين.
قوله: (كما مر) أي قبيل الباب.
قوله: (خلافا لما زعمه المصنف إلخ) حيث علقه برد.
قال في الشرنبلالية: وهو خطأ في الرد بخيار رؤية أو شرط، على أن القضاء في الرد بعيب ليس شرطا لابطال الاخذ بالشفعة مطلقا بل فيما بعد القبض، لانه قبل القبض فسخ من الاصل كما في الكافي وغيره،
وفيما بعد القبض يكون إقالة لعدم القضاء به، وهي بيع جديد في حق ثالث وهو الشفيع فله الشفعة.
قال في الذخيرة: إذا سلم الشفيع الشفعة ثم إن المشتري رد الدار على البائع: إن كان الرد بسبب هو فسخ من كل وجه نحو الرد بخيار الرؤية أو الشرط وبالعيب قبل القبض بقضاء أو بغير قضاء وبعد القبض بقضاء لا يتجدد للشفيع حق الشفعة، فإن كان الرد بسبب هو بيع جديد في حق ثالث نحو الرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء والرد بحكم الاقالة تتجدد للشفيع الشفعة اه.
قوله: (بعد ما سلمت) فلو قبله تبقى شفعته مع كل فسخ وبدون فسخ.
شرنبلالية.
قوله: (لانه فسخ) علة للثلاث.
قوله: (بعد القبض) هذا التقييد لصاحب الهداية موافق لما قدمناه آنفا عن الذخيرة.
قال الزيلعي: إنما يستقيم على قول محمد، لان بيع العقار عنده قبل القبض لا يجوز كما في المنقول فلا يمكن حمله على البيع، وأما عندهما فيجوز بيعه قبل القبض فما المانع من حمله على البيع: أي بالنظر إلى الشفيع، وتامه فيه.
قال أبو السعود: وتعقبه الشلبي نقلا عن خط قارئ الهداية بأن الرد بالعيب قبل القبض فسخ في حق الكل، حتى كان له أن يرده على بائعه وإن كان بغير قضاء، وصار بمنزلة خيار الشرط والرؤية فبطل بحثه اه.
قوله: (والاقالة) بالنصب عطفا على الرد والظرف بعده خبر إن، وكون الاقالة بمنزلة بيع مبتدأ إذا كانت بلفظ الاقالة، فلو بلفظ مفاسخة أو متاركة أو(6/542)
تراد لم تجعل بيعا اتفاقا كما مر في بابها.
سائحاني.
قوله: (المستغرق) بصيغة اسم الفاعل: أي الذي استغرق نفسه وماله بالدين وبصيغة اسم المفعول: أي الذي استغرقه الدين ط.
قوله: (ليس بشرط) بل الشرط كونه مديونا إذا كان البائع مولى العبد المأذون والعبد شفيعه أو بالعكس.
أما إذا كان غير المولى فلا يشترط وجود الدين أصلا كما أفاده في النهاية.
قوله: (وشراء أحدهما من الآخر يجوز) أي إن كان العبد مديونا كما قدمناه، وإلا فهو باطل، فلا شفعة للمولى لان البيع وقع له لا للغرماء.
قوله: (أصالة أو وكالة) لكن الوكيل يطلب الشفعة من الموكل، بخلاف الاصيل فإنه لا يحتاج إلى الطلب كما في الخانية، وكذا تثبت للاب لو شرى لطفله على ما يأتي بيانه في الفروع.
قوله: (وفائدته أنه لو كان المشتري) أي أصالة أو وكالة.
وبيان ذلك: باع أحد شريكين في دار حصته منها للآخر فاشترى لنفسه أو لغيره بالوكالة أو باع أحدهما حصته لوكيل الشريك الآخر فجاء ثالث وطلب الشفعة: فإن كان شريكا قسمت بينه وبين المشتري في الاول، أو بينه وبين الموكل في الثاني، وإن كان جارا فلا شفعة له مع وجود المشتري أو موكله لانه شريك ما لم يسلم.
وفي القنية: اشترى الجار دارا ولها جار آخر فطلب الشفعة وكذا المشتري، فهي بينهما نصفين لانهما شفيعان.
قال ابن الشحنة: فقوله وكذا المشتري: أي إذا طلب ولم يسلم للشفيع الآخر، وعلى هذا لو جاء ثالث قسمت أثلاثا أو رابع فأرباعا، ثم نقل عن الظهيرية: لو سلم الجار المشتري كلها للجار الآخر كان نصفها له بالشفعة والنصف بالشراء اه.
قال الشرنبلالي: وفيه تأمل.
أقول: الظاهر أنه شراء بالتعاطي لانه تملك النصف بالشفعة جبرا على المشتري، فإذا سلم له النصف الثاني برضاه فقبله الآخر كان شراء.
تأمل.
هذا، وفي كلام ابن الشحنة إشارة إلى أن قول القنية فطلب الشفعة، المراد به أنه لم يسلم الكل للآخر لا حقيقة الطلب، فلا ينافي ما قدمناه عن الخانية أن الاصيل لا يحتاج إلى الطلب.
تأمل.
قوله: (لا شفعة لمن باع أصالة) كأن باع عقارا له مجاورا لعقار له آخر وللعقار المبيع جار طلب الشفعة لا يشاركه البائع فيها.
قوله: (أو وكالة) كأن باع عقارا بالوكالة مجاورا لعقاره.
قوله: (أي وكل بالبيع) تفسير لقوله أو بيع له كأن وكل غيره ببيع عقار بجنب عقار الموكل.
قوله: (أو ضمن الدرك) بفتحتين أو السكون: أي الثمن عند الاستحقاق، فلا شفعة لضامنه في عقار البائع لانه كالبائع.
قهستاني.
لان ضمان الدرك تقرير للبيع كما في الدرر.
قوله: (والاصل إلخ) وأخذه بالشفعة يكون سببا في نقض ماتم من جهته وهو الملك واليد للمشتري، وسعى الانسان في نقض ما تم من جهته مردود.
درر: أي بخلاف الوكيل بالشراء أو المشتري نفسه لانه محقق لما تم من جهته.
والله تعالى أعلم.(6/543)
باب ما يبطلها قوله: (يبطلها ترك طلب المواثبة) أي ولو جاهلا بثبوت الطلب له، لما في الخانية: رجلان ورثا أجمة واحدهما لم يعلم بالميراث فبيعت أجمة بجنبها فلم يطلب الشفعة، فلما علم أن له فيها نصيبا طلب
الشفعة في المبيعة، قالوا: تبطل شفعته والجهل ليس بعذر اه.
قوله: (وتقدم ترجيحه) أي على القول بأنه على فور العلم وعلمت ما فيه في باب الطلب.
قوله: (أو ذي يد) الاولى أن يقول: أو أحد العاقدين، لما تقدم أنه يصح الاشهاد على المشتري وإن لم يكن العقار في يده، وكذا على البائع وإن لم تكن الدار في يده استحسانا كما ذكره شيخ الاسلام ط.
قوله: (لا الاشهاد) عطف على طلب لا على الاشهاد كما لا تخفى ح.
قوله: (لانه غير لازم) كذا قال في الهداية، بل فائدته مخافة الجحود فيصح الطلب بدونه لو صدقه المشتري كما قدمناه، وهذا رد على صاحب الدرر حيث قال: يبطلها ترك الاشهاد على طلب المواثبة قادرا اغترارا بظاهر قول الهداية هنا، إذا ترك الشفيع الاشهاد حين علم وهو يقدر على ذلك بطلت شفعته اه.
فحمله على ما إذا علم وكان عنده من يشهده فسكت ولم يشهد بدليل قوله وهو يقدر، وحمل قول الهداية أولا أنه غير لازم على ما إذا علم في مكان خال.
ورده الشرنبلالي بأن الشرط الطلب فقط دون الاشهاد عليه، وبما قاله الاكمل وغيره أن المراد بالاشهاد في قوله الهداية، إذ ترك الاشهاد نفس طلب المواثبة بدليل قوله لاعراضه عن الطلب، وبأنه صرح قبل هذا بأن المراد بقول القدوري أشهد في مجلس هو طلب المواثبة، فلا تنافي بين كلامي الهداية اه ملخصا.
وقد يقال: المراد إذا ترك الاشهاد على أحد العاقدين أو عند الدار حين علم فتركه وهو يقدر بطلت، لكن فيه أنها لا تبطل بدليل أنه لو صدقه المشتري صح كما علمته، فافهم.
قوله: (مع القدرة كما مر) حيث قال: وهذا الطلب لا بد منه، حتى لو تمكن ولو بكتاب أو رسول ولم يشهد بطلت شفعته وإن لم يتمكن منه لا تبطل اه: أي بأن سد أحد فمه أو كان في الصلاة.
منح.
ولا تنس ما قدمناه عن الخانية من أن الاشهاد غير شرط فيه أيضا.
قوله: (ويبطلها تسليمها) قال في التاترخانية: إذا قال سلمت ضفعة هذه الدار صح وإن لم يعين أحدا، وكذا لو قال للبائع سلمت لك شفعتها ولو بعد قبض المشتري استحسانا لان معناه لاجلك، وكذا لو قال للوكيل ولو بعد الدفع إلى الموكل استحسانا، ولو قال لاجنبي، فإن مسبوقا بكلام كقوله سلم لهذا الشمتري فقال الشفيع سلمها لك صح، ولو ابتداء كلام فلا، وإذا سلم الجار مع قيام الشريك صح، فإن سلم الشريك بعده ليس للجار الاخذ اه ملخصا.
وفي المجمع: ولا يجعل: أي أبو يوسف قول الشفيع آخذ نصفها تسليما، وخالفه محمد،
والاول أصح.
ابن ملك عن المحيط.
قوله: (علم بالسقوط أو لا) قال في المنح: لانه لا يعذر بالجهل بالاحكام في دار الاسلام اه.
والاصح أن يذكره فيما إذا سكت لانه هو الذي يتوهم كونه الجهل فيه عذرا، أما عند التسليم منه فلا وجه له ط.
قلت: فالمناسب ما في التاترخانية: علم بوجوب الشفعة أو لا، وعلم من سقط إليه هذا الحق(6/544)
أو لا.
قوله: (لا قبله كما مر) لم أره فيما مر صريحا.
قوله: (خلافا لمحمد) حيث أبطل التسليم وجعل للصغير أخذها بعد البلوغ، وعلى هذا الخلاف إذا بلغهما شراء دار بجوار دار الصبي فلم يطلبا.
ابن ملك.
قوله: (فيما بيع بقيمته أو أقل) فلو بأكثر مما لا يتغابن الناس في مثله جاز التسليم اتفاقا، والاصح أنه لا يجوز اتفاقا لانه لا يملك الاخذ فلا يملك التسليم.
ابن ملك.
ومقتضاه أنه لو سلم فيما بيع بأكثر ثم بلغ الصبي له الطلب.
قوله: (وإلا لم يصح) هذا قولهما وقول أبي يوسف الاول.
وقال آخرا: يصح مطلقا كما في التاترخانية.
وفيها عن الولوالجية تسليم الشفعة من الوكيل صحيح وإن لم تكن الدار في يده عندهما، وعليه الفتوى خلافا لمحمد.
قوله: (وسكوت من يملك التسليم تسليم) ومنه الاب والوصي كما قدمنا آنفا، ولا تنس ما قدمناه عن الخانية وفتاوى المصنف أن الشفيع إذا سمع بالبيع فسكت لا تبطل شفعته ما لم يعلم المشتري والثمن كالبكر إذا استؤمرت.
قوله: (ويبطلها صلحه منها على عوض إلخ) لانها ليست بحق متقرر في المحل بل مجرد حق التملك فلا يصح الاعتياض عنه، ولا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشروط فبالفاسد أولى فيبطل الشرط ويصح الاسقاط.
هداية.
وفي عدم جواز التعليق كلام سنذكره في الفروع إن شاء الله تعالى.
قوله: (لما يأتي) أي بعد سطر ونصف، وكان ينبغي ذكره هنا قبل مسألة البيع.
قوله: (ويبطلها بيع شفعته بمال) قال في الهداية: لما بينا.
وقال في النهاية بعد عزوه بطلانها إلى المبسوط أيضا.
وفي الذخيرة: وإذا وهبها أو باعها لانسان لا يكون تسليما، لان البيع لم يصادف محله، والاول أصح اه.
ملخصا.
أقول: وفي الخانية: الشفيع إذا باع الشفعة أو وهبها لانسان بعدما وجبت له لا تبطل لانها لا تحتمل التمليك فلم يصادف محله اه.
وظاهره حمل البطلان على ما إذا كان البيع قبل الوجوب لما فيه
من ترك الطلب إلا أن يكون مبنيا على مقابل الاصح، وتأمل هذا مع ما ذكره في المنح عن الخانية والمجتبى.
قوله: (وكذا الكفالة) يعني إذا صالح الكفيل بالنفس المكفول له على مال تسقط الكفالة، ولا يجب المال في رواية وهي الاصح، وفي أخرى لا تبطل ولا يجب المال.
وتمامه في الكفاية وغاية البيان.
قوله: (بخلاف القود) لانه حق متقرر في المحل، فإن نفس القاتل كانت مباحة في حق من له القصاص وبالصلح يحدث له العصمة في دمه فيجوز العوض بمقابلته.
معراج.
قوله: (ولا تسقط شفعته) لانه لم يوجد منه الاعراض عن الاخذ بالشفعة، بخلاف مسألة المتن السابقة.
فالحاصل كما في النهاية أن صلح الشفيع مع المشتري على ثلاثة أوجه: في وجه يصح، وفي وجه لا يصح ولا تبطل الشفعة، وفي وجه تبطل ولا يجب المال.
قوله: (ويبطلها موت الشفيع إلخ)(6/545)
لانها مجرد حق التملك وهو لا يبقى بعد موت صاحب الحق فكيف يورث.
درر.
قوله: (ولو مات بعد القضاء لا تبطل) لما تقدم متنا أنها تملك بالاخذ بالتراضي وبقضاء القاضي.
قوله: (لا موت المشتري) وكذا البائع.
خانية.
ولا تباع في دين المشتري ووصيته، ولو باعها القاضي أو الوصي أو أوصى المشتري فيها بوصية فللشفيع أن يبطله ويأخذ الدار لتقدم حقه ولهذا ينقض تصرفه في حياته.
هداية.
قوله: (ويبطلها بيع ما يشفع به) أي كله لما في الخانية: الشفيع بالجوار إذا باع الدار التي يستحق بها الشفعة إلا شقصا منها لا تبطل شفعته، لان ما بقي يكفي للشفعة ابتداء فيكفي لبقائها اه.
قوله: (علم ببيعها) أي بيع المشفوعة وقت بيعه ما يشفع به.
قوله: (وكذا) عطف على يبطلها: أي وتبطل بهذه الاشياء قبل القضاء بالشفعة لانها بمنزلة الزائل عن ملكه كما في الدرر.
قوله: (أو وقفا مسجلا) ينبغي على القول بلزوم الوقف بمجرد القول أن تسقط به وإن لم يسجل.
شرنبلالية.
قوله: (ولو باع إلخ) أي الشفيع ما يشفع به، وأفاد أن المراد بقوله بيع ما يشفع به البيع البات.
قوله: (لبقاء السبب هو اتصال ملكه بالمشفوعة لان خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه.
وعبارة الهداية: لانه يمنع الزوال فبقي الاتصال اه.
فافهم.
قوله: (ويبطلها شراء الشفيع من المشتري) لانه بالاقدام على الشراء من المشتري أعرض عن الطلب وبه تبطل الشفعة.
منح.
قوله (فلمن دونه) كما إذا كان شريكا وللمبيع جار.
قوله:
(بالعقد الاول أو الثاني) انظر ما كتبناه عن التاترخانية عند قول المصنف ويفسخ بحضوره.
قوله: (بخلاف ما لو اشتراها ابتداء) أي قبل أن يثبت له فيها حق الاخد، لانه لم يتضمن إعراضا لاقباله على التملك وهو معنى الاخذ بالشفعة، وإنما اشتراها لعدم التمكن من أخذها بطريق آخر.
زيلعي.
قوله: (حيث لا شفعة لمن دونه) بل تكون له ولمن هو مثله كما أوضحناه قبيل هذا الباب.
قوله: (إن استأجرها أو ساومها إلخ) أي بعد علمه بالبيع.
معراج.
وقيد بضمير المشفوعة، لما في التاترخانية: اشترى دارا فساوم الشفيع داره وقد أشهد على طلبه فهو على شفعته.
قوله: (أو طلب منه) أي طلب الشفيع من المشتري.
قوله: (أو يوليه) أي يبيعه تولية وهي البيع بمثل الثمن الاول ح، ومثل التولية المرابحة ط.
وكذا لو طلبها مزارعة أو مساقاة بعد علمه بالبيع.
إتقاني.
قوله: (مستدرك بما مر آنفا) لم يمر في هذا الباب المعقود للبطلان، وقد مر قبيله ط.
قوله: (قيمته ألف أو أكثر) وكذا لو أقل بالاولى كما في العناية.
قوله: (فله الشفعة) لان التسليم كان لاستكثار الثمن في الاول، أو لعدم قدرته على الدراهم في الثاني فلا يلزم منه التسليم منه.
قوله: (قيمتها الف) أي أو اكثر بالاولى، بخلاف الاقل(6/546)
قوله: (والفرق بينهما) أي بين العرض وبين البر والشعير، والعددي المتقارب أن العرض قيمي والواجب فيه القيمة وهي دراهم أو دنانير فلا يظهر فيه التيسير، وذاك مثلي يؤخذ بمثله فربما يسهل عليه لعدم قدرته على الدارهم.
وأما الفرق في مسألة الدنانير فلانهما كما في العناية جنس واحد في المقصود وهو الثمنية عندنا، ومبادلة أحدهما بالآخر متيسرة عادة.
وقال زفر: له الشفعة لاختلاف الجنس.
تنبيه: أخبر أن الثمن عروض كالثياب والعبيد فبان أنه مكيل أو موزون أو أخبر أنه مكيل أو موزون فبان أنه جنس آخر منه فهو على شفعته، وإن بان أنه جنس آخر من عروض أو فضة أو ذهب كقيمة ما بلغه فلا شفعة لعدم الفائدة.
زيلعي.
قوله: (ولو علم أن المشتري هو مع غيره) الانسب ولو بان كما لا يخفى ح.
قوله: (لا شفعة له) قال في الذخيرة: هذا محمول على ما إذا كان ثمن النصف مثل ثمن الكل، بأن أخبر بشراء الكل بألف فسلم فظهر أنه اشترى النصف بالالف، فلو ظهر بخمسمائة
فهو على شفعته.
جوهرة.
وعبر عنه الزيلعي بقيل.
قوله: (على الظاهر) أي ظاهر الرواية.
قال في العناية: احترازا عما روي عن أبي يوسف على عكس هذا، لانه قد يتمكن من تحصيل ثمن النصف دون الجميع، وقد تكون حاجته إلى النصف لتتم به مرافق ملكه.
قوله: (إلا ذراعا مثلا) أي مقدار عرض ذراع أو شبر أو أصبع وطوله تمام ما يلاصق دار الشفيع.
درر.
قوله: (لعدم الاتصال) استشكل السائحاني هذه الحيلة بما نقله الشرنبلالي عن عيون المسائل: دار كبيرة ذات مقاصير باع منها مقصورة فلجار الدار الشفعة لان المبيع من حملة الدار، وجار الدار جار المبيع وإن لم يكن متصلا به اه.
أقول: المشكل ما في العيون لا ما هنا.
تأمل.
قوله: (والقول) مبتدأ وسهو الثاني خبره، وهذا رد على صاحب الدرر حيث قال: وكذا لا تثبت فيما بيع إلا ذراع، وما في الوقاية من قوله إلا ذراعا بالنصب كأنه سهو اه.
وأجاب عنه في العزمية بأنه مستثنى من مالا من ضمير بيع، فالنصب على التبعية باعتبار محل المجرور والتبعية لضمير بيع تقتضي الرفع لانه كلام تام غير موجب اه.
ملخصا.
أقول: أما النصب في عبارة المصنف فواجب بلا شبهة لانه استثناء من كلام تام موجب.
وأما في عبارة الوقاية والدرر فكذلك، والاستثناء من ضمير بيع لا من الموصول وهو من كلام تام موجب أيضا لان النفي غير متوجه إليه، يوضحه لو أهانك جماعة إلا زيدا منهم فقلت لا أكرم من أهانوني إلا زيدا، على أن زيدا مستثنى من الواو ولا من الموصول وجب فيه النصب لانه مستثنى من الواو قبل دخول النفي، لان المعنى من أهانوني إلا زيدا لا أكرمهم، وصار زيد كالمسكوت عنه في حصول الاكرام له وعدمه، ولو جعلته مستثنى من الموصول بأن كان من المهينين أيضا جاز فيه النصب والرفع(6/547)
لانه من كلام تام غير موجب وصار محكوما عليه بالاكرام قطعا.
وعبارة الدرر من قبيل الاول، لان المعنى ما بيع إلا ذراعا لا شفعة فيه، ولو كان الذراع مستثنى من الموصول لكان المعنى أن الشفعة تثبت فيه ولا يخفى فساده، فاغتنم هذا التحرير في هذا المقام فقد زل فيه كثير من الافهام.
قوله: (لو وهب هذا القدر) أي الذراع مثلا، والظاهر أن المراد وهبه بعد بيع ما عدا هذا القدر بقرينة قوله للمشتري، ومثله ما لو باعه له لانه صار شريكا في الحقوق فلا شفعة للجار، وعلى هذا فليست هذه حيلة ثانية بل
من تتمة الاولى، ويحتمل أن الهبة قبل البيع، فقوله للمشتري من مجاز الاول، فيشترط في الهبة أن لا تكون بعوض مشروط عليه فهي حيلة ثانية.
تأمل.
قوله: (فالشفعة للجار في السهم الاول فقط) قال في المستصفى: تأويل هذه المسألة إذا بلغه بيع سهم منها فرده، أما إذا بلغه البيعان فله الشفعة، والتعليل بقوله لان الشفيع جار فيها إلا أن المشتري في الثاني شريك فيقدم عليه يقتضي الاطلاق، وعلى هذا عبارة عامة الكتب.
كفاية.
قوله: (لانه شريك) أي نظرا إلى ما قبل الاخذ منه.
قال في العناية: لانه حين اشترى الباقي كان شريكا بشراء الجزء الاول، واستحقاق الشفيع الجزء الاول لا يبطل شفعة المشتري في الجزء الثاني قبل الخصومة لكونه في ملكه بعد فيتقدم على الجار اه.
قلت: ونظيره ما ذكره الاتقاني: إذا اشترى دارا لصيق داره ثم باع داره الاولى ثم حضر جار آخر للثانية يقضي له بالنصف.
قوله: (وحيلة كله) أي حيلة منع الشفعة في كل العقار: أي لانه وإن ثبت له الشفعة في السهم الاول، لكنه ذا رآه ببيع بمعظم الثمن تقل رغبته فيمتنع عن أخذه، ولا يخفى أن الاولى حيلة كله أيضا لان مشتري الذراع صار شريكا في الحقوق فيقدم على الجار كما قدمناه، فكلامه بالنظر إلى الثانية فقط.
قوله: (أن يشتري الذراع أو السهم) أي يشتري جزءا معينا كذراع مثلا من أي جهة كانت أو جزءا شائعا كتسع أو عشر.
أقول: وأما ما وقع في كلامهم من حمل الذراع على المذكور في الحيلة الاولى ففيه نظر لاستقلاله فيها بمنع الشفيع عن الكل بلا توقف على كثرة الثمن، فافهم.
واعلم أن هذه الحيلة لتقليل رغبة الشفيع كما قدمناه، والاولى لابطال شفعته، وأن هذه الحيلة مضرة للمشتري لو كانت الدار لصغير لعدم جواز بيع الباقي بالباقي لما فيه من الغبن الفاحش فيلزم المشتري السهم بالثمن الكثير، ولا يجوز شراؤه للباقي كما في غاية البيان.
فائدة: إذا خاف أحدهما أن لا يوفي صاحبه يشترط الخيار لنفسه ثلاثة أيام، فإذا لم يوف له في المدة فسخ فيها، وإن خافا شرط كل منها الخيار لنفسه ثم يجيزان معا، وإن خاف كل منهما إذا أجاز أن لا يجيز صاحبه يوكل كل منهما وكيلا ويشترط عليه أن يجيز بشرط أن يجيز صاحبه.
زيلعي بزيادة.
قوله: (وليس له تحليفه إلخ) سيأتي آخر الباب تحقيق ذلك بما لا مزيد عليه إن شاء الله تعالى.
قوله: (ما
كان تلجئة) بيع التلجئة: هو أن يظهرا عقدا وهما لا يريدانه يلجئ إليه خوف عدوه وهو ليس ببيع في الحقيقة، بل كالهزل كما تقدم قبيل كتاب الكفالة ح.
قوله: (وإن ابتاعه) أي ابتاع العقار كما يظهر من كلام الشرح، ولا مانع من أرجاع الضمير إلى السهم.
تأمل.
قوله: (بثمن كثير) كأضعاف قيمته.
قوله:(6/548)
(ثم دفع ثوبا عنه) أي دفع عن ذلك الثمن الكثير: أي بدله ثوبا قيمته كقيمة المبيع.
قوله: (لا بالثوب) لان الثوب عوض عما في ذمة المشتري فيكون البائع مشتريا للثوب بعقد آخر غير العقد الاول.
زيلعي.
قوله: (فلا يرغب) أي الشفيع في ذلك المبيع لكثرة الثمن، وأشار إلى هذه الحيلة لا تبطل شفعته، إذ لو رضي بدفع ذلك الثمن له الاخذ، بخلاف الحيلة الاولى كما قدمناه.
قوله: (وهذه حيلة تعم الشريك والجار) أي بخلاف ما قبلها فإنهما لا يحتال بهما في حق الشريك، أما الاولى فظاهر، وأما الثانية فلان للشريك أخذ نصف الباقي بنصف الباقي من الثمن القليل.
قوله: (لكنها تضر بالبائع) الاولى قد تضر.
قوله: (إذ يلزمه كل الثمن إلخ) لوجوبه عليه بالبيع الثاني ثم براءته، كأن حصلت بطريق المقاصة بثمن العقار، فإذا استحق بطلت المقاصة.
زيلعي.
قوله: (بدينار) الاولى بدنانير بقدر قيمة العقار كما عبر الزيلعي.
قوله: (ليبطل الصرف إذا استحق) لانه يكون صرفا بما في ذمته من الدراهم، فإذا استحق العقار تبين أن لا دين على المشتري فيبطل الصرف للافتراق قبل القبض فيجب رد الدنانير لا غير.
زيلعي.
قوله: (مع قبضة فلوس إلخ) القبضة بالفتح وضمه أكثر: ما قبضت عليه من شئ.
قاموس.
ومثلها الخاتم المعلوم العين المجهول المقدار كما في المنح.
قوله: (أشير إليها) قيد به ليصح إلحاقها بالثمن، وبقوله وجهل قدرها لتسقط الشفعة، وبقوله وضيع إلخ لئلا يمكن للشفيع معرفتها، ولذا زاد في المجلس أخذا من قول المنح عن المضمرات: ثم يستهلكه من ساعته، فافهم.
قوله: (عن مقطعات الظهيرية) أي من كتاب الشفعة، وعادته التعبير عن المتفرقات بالمقطعات، ولم يذكر في المنح لفظ مقطعات بل ذكره الرملي.
ونص ما فيها: اشترى عقارا بدراهم جزافا واتفق المتبايعان على أنهما لا يعلمان مقدار الدراهم وقد هلك في يد البائع بعد التقابض فالشفيع كيف يفعل؟ قال القاضي الامام عمر بن أبي بكر: يأخذ الدار بالشفعة ثم يعطي الثمن على زعمه، إلا إذا أثبت المشتري زيادة عليه اه.
أقول: وهذا مشكل، إذ كيف يحل له الاخذ جبرا على المشتري بمجرد زعمه مع أن الشفيع إنما
له الاخذ بما قام على المشتري من الثمن، اللهم إلا أن يكون عالما بقدره بقرينة قوله: إلا إذا أثبت المشتري زيادة عليه، فإنه يدل على أن الثمن علم قبل هلاكه، فتأمل.
قوله: (وأقره شيخنا) أي الخير الرملي في حاشية المنح وفي فتاواه الخيرية.
قوله: (لكن تعقبه ابنه) ابن المصنف.
قوله: (بأنه مخالف للاول) أي ما في المتن.(6/549)
أقول: لا مخالفة، با غايته أنه تخصيص لاطلاق الاول أنه ليس فيه أن هذه الحيلة باطلة، بل أن صحتها مبنية على ما إذا وافقهما الشفيع على عدم معرفة الفلوس، فإن كان يعلمها وادعى ذلك فقد بطلت الحيلة لعدم الجهالة المانعة من حكم الحاكم، ويدل على هذا التخصيص نفس كلام المضمرات حيث علل السقوط بها بأن الشفيع يأخذ المبيع بمثل الثمن أو قيمته، وهنا يعجز القاضي عن القضاء بهما جميعا بيبب الجهالة.
وقال الرملي: ظاهر ما في الظهيرية أن الشفيع لا يحلف على ما زعم، لان المتبايعين لم يدعيا قدرا معينا أنكره الشفيع، بل اتفقا على أنهما لا يعلمان قدر الثمن، فلا يقال: إنه منكر فلا يحلف.
وبهذا علم أن هذه الحيلة إنما تتم لو وافقهما الشفيع على عدم المعرفة، ويشير إليه قولهم لتعذر الحكم، فتأمل اه.
وهو عين ما قلناه.
قوله: (وما في المتون) كالغرر والشروح كالمضمرات فإنه شرح علي القدوري، وقوله مقدم خبر ما وذلك لان مسائل المتون هي المنقولة عن أئمتنا الثلاثة أو بعضهم وكذلك الشروح، بخلاف ما في الفتاوى فإنه مبني على وقائع تحدث لهم ويسألون عنها وهم من أهل التخريج، فيجيب كل منهم بحسب ما يظهر له تخريجا على قواعد المذهب إن لم يجد نصا، ولذا ترى في كثير منها اختلافا، ومعلوم أن المنقول عن الائمة الثلاثة ليس كالمنقول عمن بعدهم من المشايخ، ولا يخفى عليك أن مسألتنا هذه ليست كذلك، فإنها لم تذكر في المتن التي شأنها كذلك كمختصر القدوري و الهداية والكنز والوقاية والنقاية والمجمع والملتقى والمواهب والاصلاح.
وقد قال في المنح: ولم أقف على هذه الحيلة في غير الكتاب المذكور: يعني الدرر والغرر، ثم رأيتها في المضمرات اه.
وذكرها في المضمرات لا يدل على أنها منقولة عن أئمة المذهب حتى تترجح على ما في الفتاوى، كيف
وكثير من الشروح كالنهاية وغيرها ينقلون عن أصحاب الفتاوى فيحتمل أنه نقلها عنهم أيضا، فتأمل منصفا.
قوله: (وقدمنا إلخ) هذه ذكرها الرملي عن حاوي الزاهي من جملة الحيل.
أقول: ولا شبهة في أنه لا يحل فعلها وأنها مضرة لفاعلها في دينه بمباشرة العقد الفاسد وفي دنياه إذا طلب الشفيع بعد ما سقط الفسخ ببناء ونحوه.
قوله: (ذكره البزازي) أقول: ما اقتصر عليه البزازي لا يصح مسقطا، إذ لو سكت الشفيع أو قال لا أشتري لا تسقط شفعته.
وعبارة النهاية: وذلك أن يقول المشتري للشفيع أنا أبيعها منك بما أخذت فلا فائدة لك في الاخذ فيقول الشفيع نعم أو يقول اشتريت فتبطل شفعته اه.
أقول: ومنها أن يشتري منه الشفعة أو يصالحه عليها بمال فإنها تبطل ويسترد المال كما تقدم.
قوله: (ويفتى بقول أبي يوسف في الشفعة) بل نقل في النهاية أن منهم من قال: إنه لا خلاف فيها.
وفي البزازية: وإن قبل الثبوت لا بأس به عدلا كان: يعني الشفيع، أو فاسقا في المختار لانه ليس(6/550)
بإبطال.
قوله: (واستحسنه محشي الاشباه) هو العلامة شرف الدين الغزي في تنوير البصائر، حيث قال: وينبغي إعماد هذا القول لحسنه اهط.
قوله: (في الزكاة والحج وآية السجدة) كأن يبيع السائمة بغيرها قبل الحول أو يهب لابنه المال قبله أو قبل أشهر الحج أو يقرأ سورة السجدة ويدع آيتها.
قال ط: قلت: أو يقرأها سرا بحيث لا يسمع نفسه على المشهور اه: أي من أن المعتبر إسماع نفسه لا مجرد تصحيح الحروف.
قوله: (لاسقاط الحيلة) أي في الشفعة، أما في غيرها فقد وجد كما بينه البيري.
قوله: (قال) أي في البزازية.
أقول: أصل هذا الكلام لصاحب الظهيرية عن والده، وذكر الرحمتي أن ما تقدم من أن له أن يحلفه أن البيع الاول ما كان تلجئة، وكذا قوله أنا أعلم قيمة الفلوس يصلح حيلة لاسقاط الحيلة.
مطلب: لا شفعة للمقر له بدار تتمة: رأيت بخط شيخ مشايخنا منلاعلي عن جواهر الفتاوى ما حاصله: أقر بسهم من الدار ثم باع منه البقية لا شفعة للجار، ذكره الخصاف وأنكره الخوارزمي، والمذهب ما قاله.
فالرواية منصوصة
فيمن أقر بدار لآخر وسلمها، ثم بيعت دار بجنبها لا شفعة للمقر له في قول أبي حنيفة ومحمد، خلافا لابي يوسف اه: أي لان الاقرار حجة قاصرة، ومقتضاه أن لا شفعة للمقر أيضا مؤاخذة له بإقراره.
تأمل.
قوله: (والبائع واحد) أقول: فلو تعدد كل من البائع والمشتري لم أره، والظاهر أنه كذلك لا كالعكس كما يفيده التعليل الآتي، وليراجع.
قوله: (لان فيه تفريق الصفقة على المشتري) أي فيتضرر بعيب الشركة.
وفي الكفاية عن الذخيرة: لو اشترى نصيب كل بصفقة فللشفيع أخذ نصيب أحدهم لان المشتري رضي بهذا العيب حيث اشترى نصيب كل بصفقة اه.
ثم بين ما تتفرق به الصفقة وما تتحد، فراجعه.
قوله: (لقيام الشفيع إلخ) ولان الجار متعدد فله أن يرضى بأحدهما دون غيره، أما إذا رضي بجوار المشتري في نصيب واحد فقد رضي أيضا في نصيب آخر لعدم تجزئ جوار الواحد.
درر البحار.
قوله: (بلا فرق إلخ) هو الصحيح، إلا أن قبل القبض لا يمكنه أخذ نصيب أحدهم إذا نقد ما عليه ما لم ينقد الآخر حصته كي لا يؤدي إلى تفريق اليد على البائع بمنزلة أحد المشتري.
هداية: أي إذا نقد ما عليه من الثمن لا يقبض نصيبه من الدار حتى يؤدي المشترون ما عليه من الثمن، وكذا الشفيع.
قوله: (قبل القبض أو بعده) أي قبض المشتري الدار.
معراج.
قوله:(6/551)
(فهو على شفعته) أي في الباقي، وقيل بطلت.
قهستاني.
وفي التاترخانية: وإذا كان المشتري واحدا والبائع اثنين وطلب الشفيع نصيب أحدهما مع أنه ليس له أن يأخذه هل يكون على شفعته؟ ذكر في الاصل نعم.
قال بعضهم: هذا محمول على ما إذا كان بعد طلب المواثبة وطلب الاشهار في الكل، فلو طلب في النصف أولا بطلت.
وقال بعضهم على إطلاقه اه.
قلت: يؤيد الاول ما قدمه الشارح قبيل باب الطلب عن الزيلعي من أن شرط صحتها أن يطلب الكل، وبه يتأيد ما ذكرناه هناك من التوفيق بينه وبين قول المجمع.
ولا يجعل قوله آخذ نصفها تسليما، فتدبر.
قوله: (لا أحدهما) وقال زفر: له شفعة أحدهما، قيل والفتوى على قوله، وقيد بمصرين لما في الحقائق لو كانا في مصر واحد، فقوله كقولنا.
وفي المصفى والايضاح أنه قيد اتفاقي وبصفقة، إذ لو بيعتا بصفقتين له أخذ أيهما شاء اتفاقا وبكونه شفيعا لهما، إذ لو كان شفيعا لاحدهما يأخذ التي
هو شفيعها اتفاقا، لان الصفقة وإن اتحدث فقد اشتملت على ما فيه الشفعة، وعلى ما ليست فيه حكم بها فيما تثبت فيه أداء لحق العبد.
كذا في درر البحار وشرح المجمع.
قوله: (ويأتي) أي عن النظم الوهباني.
قوله: (فلو وكل واحد جماعة) أي بالشراء فاشتروا له عقارا واحدا بصفقة واحدة أو متعددة.
زيلعي.
وتمام التفريع: ولو وكل جماعة واحدا به ليس للشفيع أخذ نصيب بعضهم.
قوله: (فللشفيع إلخ) هذا إذا وكل كلا في نصيب، وأما إذا وكل كلا في شراء الجميع فلا شفعة إلا في الجميع، فليتأمل ط.
أقول: هذا مقبول للنفس لو لم يخالفه ما نقلناه آنفا عن الزيلعي، فتأمل.
قوله: (وإن وقع في غير جانبه) وعن أبي حنيفة أنه يأخذه إذا وقع في جانب الدار التي يشفع بها لانه لا يبقى جارا فيما يقع في الجانب الآخر.
هداية.
قوله: (أو رضا على الاصح) وعن أبي حنيفة: لو بغير قضاء له النقض.
إتقاني.
قوله: (لانها من تمام القبض) لما عرف أن قبض المشاع فيما يحتمل القسمة قبض ناقص.
كفاية.
قوله: (حتى لو قاسم) أي المشتري وهو تفريع على التعليل بكون القلسمة من تمام القبض.
أفاده ط.
قوله: (حيث يكون للشفيع نقضه) لان هذه القسمة لم تجر بين العاقدين فلا يمكن جعلها قبضا بحكم العقد فجعلت مبادلة، وللشفيع أن ينقض المبادلة.
كفاية.
قوله: (كما لو اشترى إلخ) تشبيه في النقض(6/552)
ط.
قوله: (وللجار تحليفه على العلم) لانه تحليف على فعل غيره.
منح.
فيقول: لا أعلم أنه مالك لما يشفع به.
قوله: (فإنه يحلف على العلم) موافق لما في التاترخانية عن فتاوى أبي الليث، وهو محمول على ما إذا قال الشفيع علمت أمس وطلبت فإنه يكلف إقامة البينة، فإن لم يقمها حلف المشتري، أما لو قال طلبت حين علمت: أي ولم يسنده لما مضى فالقول له بيمينه كما في الدرر والخانية والبزازية فيحصل التوفيق.
أفاده الرملي وقدمناه.
قوله: (عند لقائه) قيد به لانه لو أنكر طلب الاشهاد عند لقاء البائع أو عند الدار حلف على العلم لعدم إحاطة العلم اه ح.
قوله: (فبينة الشفيع أحق) لانها تثبت الاخذ والبينات للاثبات ط.
قوله: (وهو) أي الغير الذي هو المستأجر.
قوله: (أخذها بالشفعة) لوجود سببها وبطلان الاجارة.
قوله: (وإلا بطلت الاجارة وإن ردها) عبارة الاشباه: بأن ردها، وعزا المسألة إلى
الولوالجية.
قال الحموي: وفيه نظر لان عدم إجازة البيع لا يوجب بطلان الاجارة.
والذي في الولوالجية: ولو لم يجز البيع ولكن طلب الشفعة أبطلت الاجارة لانه لا صحة للطلب إلا بعد بطلان الاجارة اه.
فالصواب أن طلبها: يعني الشفعة اه ملخصا.
وما في الولوالجية مذكور في الخانية والقنية والهندية عن المحيط.
قال ط: وأفاد هذا أن له الاخذ بالشفعة لنفاذ البيع بين المتعاقدين، وحينئذ فلا فرق بين أن يجيز ويطلب أو يطلب الشفعة فقط، والعبارة لا تخلو عن ركاكة اه: أي لايهامها أن لا شفعة له إن طلب فقط مع أن له الشفعة كما صرح به في الخانية.
أقول: المسألة مسوقة في الولوالجية وغيرها لبيان الفرق بينها وبين ما إذا باع دارا على أن يكفل الشفيع الثمن فكفل لا شفعة له.
والفرق أنه لما كانت الكفالة شرطا في البيع صار جوازه مضافا إليها وصار الشفيع بمنزلة البائع، أما هنا البيع جائز من غير إجازة المستأجر إلى آخر ما ذكروه.
وحاصله: أن للمستأجر الشفعة سواء أجاز البيع صريحا أو ضمنا، بخلاف الكفيل، فلا ركاكة في كلامهم بعد الوقوف على مرامهم، فافهم.
قوله: (الشفعة) فيقول اشتريت وأخذت بالشفعة فتصير الدار له ولا يحتاج إلى القضاء.
خانية، وقيده في النهاية والمعراج بما إذا لم يكن فيه للصبي ضرر ظاهر كما في شرائه مال ابنه لنفسه.
قوله: (والوصي كالاب) أي على قول من يقول: للوصي شراء مال اليتيم لنفسه، وعلى قول من يقول: لا يملك ذلك فله الشفعة أيضا، لكن يقول اشتريت وطلبت الشفعة ثم يرفع الامر إلى القاضي لينصب قيما عن الصغير فيأخذ الوصي منه بالشفعة ويسلم الثمن إليه(6/553)
ثم هو يسلم الثمن إلى الوصي.
ولولجية وخانية وقنية.
قوله: (لكن في شرح المجمع ما يخالفه) حيث قال: وقيد بالاب لان الوصي لا يملك أخذها لنفسه اتفاقا، لان ذلك بمنزلة الشراء، ولا يجوز للوصي أن يشتري مال اليتيم لنفسه بمثل القيمة اه.
ومثله في درر البحار والخانية أيضا في موضع آخر، لكن بلا ذكر الاتفاق.
ويمكن التوفيق بأنه ليس له ذلك بلا رفع إلى القاضي ونصب قيم، لكن في خزانة الاكمل أن الوصي يطلب ويشهد ويؤخر الخصومة لبلوغ الصغير، وهو ما يأتي عن المنظومة الوهبانية، وبه وفق
الطرسوسي فحمل ما مر آنفا على نفي طلب التملك للحال كما نقله الشرنبلالي.
أقول: وينبغي أن يكون لزوم التأخير المذكور إذا لم يرفع الامر إلى القاضي، وبه يوفق بين ما في الخزانة وما قدمناه عن الولوالجية وغيرها.
هذا، وقد ذكر في النهاية والمعراج وتبعهما الزيلعي تفصيلا آخر، وهو أن الوصي له الاخذ إذا كان فيه للصغير نفع ظاهر بأن كان في الشراء غبن يسير، وإلا بأن وقع الشراء للصغير بمثل القيمة فلا بالاتفاق، كما في شرائه مال صغير لنفسه اه.
ملخصا.
ومثله في الذخيرة والتاترخانية، وعليه يحمل ما قدمناه من النقول السابقة أيضا.
والذي تحرر من هذا كله أن للوصي الشفعة إن كان ثمة نفع ظاهر للصغير بشرط أن يرفع الامر إلى القاضي وإلا يؤخر الخصومة إلى البلوغ، وإن لم يكن فيه نفع ظاهر فلا، فاغتنم هذا التوفيق المفرد بين كلامهم المبدد.
قوله: (لبعض المبيع) كذا في الاشباه.
ومعناه: إذا كان المبيع متعددا كدارين له جوار بإحداهما كما ذكره الحموي وغيره، وقدمناه عن الاتقاني: لو كان أحد الجارين ملاصقا للمبيع من جانب والآخر من ثلاث فهما سواء، فتنبه.
وفي البزازية: قرية خاصة باعها بدورها وناحية منها تلي أرض إنسان فللشفيع أخذ الناحية التي تليه اه: أي لانها في حكم المتعدد.
تأمل.
قوله: (الابراء العام من الشفيع) كما إذا قال له البائع أو المشتري أبرئنا من كل خصومة لك قبلنا.
ولوالجية.
قوله: (مطلقا) أي سواء علم أنه وجبت له قبلهما شفعة أو لا.
قوله: (لا ديانة إن لم يعلم بها) قال في زواهر الجواهر: هذا على قول محمد، أما على قول أبي يوسف فيبرأ قضاء وديانة في البراءة من المجهول، وعليه الفتوى كما في شرح المنظومة والخلاصة اه ح.
أقول: علل في الولوالجية عدم البراءة ديانة بقوله: لانه لو علم بذلك الحق لم يبرئهما.
قال: ونظيره لو قال الآخر: اجعلني في حل لا يبرأ ديانة إذا كان بحال لو علم ذلك الحق لم يبرئه اه.
فتأمل.
هذا، واستشكل المسألة الحموي بما في الظهيرية: لو قال إن لم أجئ بالثمن إلى ثلاثة أيام فأنا برئ من الشفعة فلم يجئ، قال عامة المشايخ: لا تبطل شفعته وهو الصحيح، لانها متى ثبتت بطلب
المواثبة وتقررت بالاشهاد لا تبطل ما لم يسلم بلسانه اه.
وهو صريح في أنها لا تبطل بالابراء الخاص(6/554)
فبالعام أولى اه.
واعترض بأنه لا معنى لهذا الاستشكال، لان غاية ما استفيد من الظهيرية أن الشفعة لا يبطلها الابراء العام في الصحيح اه.
أقول: وفيه غفلة عن كون هذا المستفاد هو منشأ الايراد.
وقد يجاب عن الاشكال بأن ما في الظهيرية بعد استقرار الشفعة بالطلبين، والظاهر أن مسألتنا فيما قبل ذلك، فتأمل.
قوله: (إذا صبغ المشتري إلخ) مستدرك هو وما بعده بما تقدم في باب الطلب.
أفاده ط.
قوله: (أخر بالجار طلبه إلخ) قدمنا أنه مبني على قول محمد المفتى به.
قوله: (يهودي سمع إلخ) الظاهر أنه قيد اتفاقي فليس الاحد عذرا للنصراني، ونكتة تخصيص اليهودي بالذكر أنهم نهوا عن الاعمال يوم السبت ولم تنه النصاري عنها يوم الاحد لكنه نسخ في شرعنا.
حموي.
قوله: (لم يكن عذرا) وكذا لو كان الشفيع في عسكر الخوارج أو أهل البغي فخاف على نفسه أن يدخل في عسكر العدل فلم يطلبها بطلت لانه غير معذور.
خانية.
قوله: (قاله المصنف) أي قبيل باب ما تثبت هي فيه أو لا ح.
قوله: (وسنذكره) أي كلام الوهبانية قريبا ح.
قوله: (لان ابن المصنف) الظاهر أنه علة للاعادة المفهومة من قوله: وسنذكره فإنها تقتضي العناية والتأكيد ط.
قوله: (أيده) حيث قال: أقول ما ذهب إليه ابن وهبان أولى من جهة الفقه، لانه قال: كل موضع لو أقر به لا يلزمه شئ لو أنكره لا يحلف وهنا لو أقر بالحيلة لعدم ثبوتها ابتداء لا يلزمه شئ فلا يحلف، والحيلة لعدم ثبوتها ابتداء لا تكره عند أبي يوسف.
وعلى قوله الفتوى كما في الدرر والغرر.
وقال قاضيخان بعد ذكر جملة من الحيل المبطلة للشفعة ففي هذه الصور: ولو أراد الشفيع أن يحلف المشتري أو البائع بالله تعالى ما فعل هذا فرارا عن الشفعة لم يكن له ذلك لانه يدعي شيئا لو أقر به لا يلزمه اه.
أقول: والعبد الضعيف إلى ما ذهب إليه ابن وهبان وأفاده العلامة فقيه النفس فخر الدين قاضيخان أميل.
أقول: وفي الولوالجية: ثم ذكر في بعض كتب الشفعة عقب هذه الحيل وقال: يستحلف
المشتري بالله تعالى ما فعلت هذا فرارا من الشفعة، ولا معنى لهذا لانه يدعي عليه معنى لو أقر به لا يلزمه شئ، فكيف يستخلف اه كلام ابن المصنف في الزواهر ح.
أقول وبالله التوفيق: ذكر في الولوالجية أيضا أول الفصل الثالث: تصدق بالحائط الذي يلي جاره(6/555)
على رجل بما تحته وقبضه ثم باع منه ما بقي فليس للجار شفعة، فإن طلب يمين المشتري بالله تعالى ما فعل الاول ضررا ولا فرارا من الشفعة على وجه التلجئة له ذلك لانه يدعي عليه معنى لو أقر به لزمه وهو خصم، فإن حلف فلا شفعة، وإلا ثبتت لانه ثبت كونه جارا ملازقا اه.
وقال الامام قاضيخان بعد عبارته السابقة: لكن إن أراد تحليف المشتري أن البيع الاول ما كان تلجئة له ذلك لانه ادعى عليه معنى لو أقر به يلزمه، قال: وما ذكر في الاصل أن الشفيع إذا أراد تحليفه أنه لم يرد به إبطال الشفعة كان له ذلك معناه إذا ادعى أن البيع كان تلجئة اه.
ومثله في التجنيس والمزيد لصاحب الهداية، وقدمه الشارح عن مؤيد زاده معزوا للوجيز وبه ظهر عدم المنافاة بين ما ذكره الشارح هنا تبعا للاشباه وبين ما يأتي عن الوهبانية، وقدمنا أن بيع التلجئة هو أن يظهرا عقدا لا يريد أنه إلخ فيكون البيع باطلا.
هذا، ولا يخفى أن المفهوم مما نقلناه أن المتعاقدين إن قصدا حقيقة البيع فرارا من الشفعة كان بيعا جائزا وإلا بل أظهراه للشفيع لم يكن جائزا لانه تلجئة، ولذا يجاب الشفيع إلى التحليف لو ادعى الثاني دون الاول، وليس في كلامهم أن كل ما يحتال به لابطال الشفعة يكون تلجئة وإلا بطل قولهم: إنه ليس له أن يحلفه أنه ما فعل هذا فرارا من الشفعة إلخ، فمن استشكل ذلك وقال: لم أر من تعرض لذكره ثم أجاب بما لا يجدي فقد خفى عليه المرام، فاغتنم هذا التحقيق في هذا المقام.
قوله: (تعليق إبطالها بالشرط جائز) قال في الجامع الصغير: لو قال الشفيع سلمت لك الشفعة إن كانت اشتريتها لنفسك وقد اشتراها لغيره فليس بتسليم، لان تسليم الشفعة إسقاط محض كالطلاق والعتاق فصح تعليقه بالشرط ولا ينزل إلا بعد وجوده اه.
قال في العناية: وهذا يناقض قول المصنف: يعني صاحب الهداية فيما تقدم: ولا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشروط فبالفاسد أولى اه.
قال الطوري: وقد يجاب بالفرق بين شرط وشرط، فما سبق في الذي يدل على الاعراض عن الشفعة والرضا بالمجاورة وما هنا فيما لا يدل على ذلك اه.
أقول: وأورد في الظهيرية على ما في الجامع ما ذكره السرخسي في مبسوطه أن القصاص لا يصح تعليق إسقاطه بالشرط ولا يحتمل الاضافة إلى الوقت وإن كان إسقاطا محضا، ولهذا لا يرتد برد من عليه القصاص، ولو أكره علي إسقاط الشفعة لا تبطل.
قال: وبهذا يتبين أن تسليمها ليس بإسقاط محض، وإلا لصح مع الاكراه كعامة الاسقاطات اه.
وبنى على ذلك الخير الرملي أن الشفيع لو قال قبل البيع إن اشتريت فقد سلمتها أنه لا يصح، وقدمنا ذلك قبيل باب الصرف فراجعه.
قوله: (يقول هذه الدار داري إلخ) لانه إذا ادعى رقبتها تبطل شفعته، وإذا ادعى الشفعة تبطل دعواه في الرقبة لانه يصير متناقضا، فإذا قال ذلك لا يتحقق السكوت عن طلب الشفعة لان الجملة كلام واحد، وأفاد أبو السعود أن هذا مبني على اشتراط الطلب فورا، وأما على الصحيح من أن له الطلب في مجلس علمه(6/556)
فيمكن أن يدعي رقبتها وهو في المجلس ثم يطلب الشفعة فيه إن منع.
قوله: (إن اعتمد على قول عالم) بحث فيه في الزواهر بأن قولهم لا يثبت الملك للشفيع إلا بعد الاخذ بالتراضي أو بعد قضاء القاضي يقتضي أن استيلاءه حرام، ولا ينفعه قول العالم اه ح.
أقول: عبارة الولوالجية: إن كان من أهل الاستنباط وقد علم أن بعض الناس قال ذلك لا يصير فاسقا لانه لا يصير ظالما إلخ، فالبحث غير متوجه، فتدبر.
قوله: (وإلا كان ظالما) يؤخذ منه أن يعزر اه.
أبو السعود عن الزواهر.
قوله: (أشياء على عدد الرؤوس) أي تقسم على عدد الرؤوس لا على قدر الانصباء.
قوله: (العقل) أي الدية أو القيمة، فإذا وجد حر أو عبد قتيلا في مكان مملوك قسمت القيمة أو الدية على عدد الملاك دون قدر الملك، وتمام بيانه في حاشية الاشباه للحموي.
قال: وعلى كون العقل بمعنى الدية استحسن الدماميني قول ابن نباتة: أعيذ سناه والعذار وريقه * بما قد أتى في النور والنمل والنحل وأصبوا إلى السحر الذي في جفونه * وإن كنت أدري أنه جالب قتلي
وأرضى بأن أمضي قتيلا كما مضى * بلا قود مجنون ليلى ولا عقل قوله: (وأجرة القسام) قيد بالقسام لما يذكره الشارح قريبا في القسمة أن أجرة الكيال والوزان بقدر الانصباء إجماعا، وكذا سائر المؤن إلخ.
قوله: (والطريق إذا اختلفوا فيه) لم يرد به هنا طريقا عاما لانه غير مملوك لاحد، بل ما يكون في سكة غير نافذة.
حموي.
تتمة: تقدم في متفرقات القضاء أن ساحة الدار إذا اختلفوا فيها تقسم على عدد الرؤوس، فذو بيت من دار كذي بيوت منها، وسيذكر الشارح آخر القسمة أن الغرامات لو لحفظ الانفس فكذلك، وكذا ما اتفقوا على إلقائه من السفن لو خافوا الغرق، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى، فالمجموع سبعة نظمها الفاضل الحموي بقوله: إن التقاسم بالرؤوس يكون في * سبع لهن حلي عقد نظام في ساحة مع شفعة ونوائب * إن من هواء أجرة القسام وكذاك ما يرمى من السفن التي * يخشى بها غرق وطرق كرام وكذاك عاقلة وقد تم الذي * حررته لافاضل الاعلام قال: وبقي ما في فتاوى الحانوتي، وهو أن الضيافة التي جرت بها العادة في الاوقاف تقسم على عدد الرؤوس لا قدر الوظائف.
ومنها ما أفتى به شيخنا يعني الشرنبلالي تبعا لمشايخه، وهو الحلوان الذي جرت به العادة في الاقاف يقسم على عدد الرؤوس لا على قدر الوظائف، ولا يختص به الناظر.
ومنها ما ذكره القهستاني بحثا: لو قتل صيد الحرم حلالان فعلى كل نصف قيمته، وينبغي أن يقسم على عدد الرؤوس إذا قتله جماعا اه.
قوله: (لا ولي له) أي من أب أو جد أو وصي أحدهما،(6/557)
وأشار إلى أن الخصم عن الصبي في الشفعة له أو عليه من ذكر، وعند عدمهم القاضي أو قيمة كما في الشرنبلالية، وتقدم أول هذا الباب الكلام في تسليمهم شفعته والسكوت عنها.
قوله: (لا تبطل شفعته) فله أن يطلبها إذا بلغ ط.
قوله: (إن الاشجار وقت القبض مثمرة) سواء كانت مثمرة عند العقد أو أثمرت بعد العقد قبل القبض كما أفاده المصنف سابقا ط.
قوله: (ويأخذ إلخ) في البيت مسألتان قدمنا
قريبا الكلام عليهما مستوفى، وقوله أب تنازع فيه يأخذ ويشتري، وقوله: ووصي مبتدأ والواو فيه للاستئناف وجملة يؤخر خبره وللبلوغ متعلق به.
قوله: (وليس له) أي للشفيع، وقوله: بيعتا أي صفقة واحدة وهو شفيعهما فيأخذهما جميعا أو بتركهما لتفريق الصفقة كما تقدم، وقوله: ولو غير جار أي لهما جميعا بل لاحدهما، ولو فيه وصلية، وقوله: والتفرق أجدر مبتدأ وخبر ترجيح للقول بأن له أخذ ما يجاوره فقط، وهو قولهما وقول الامام آخرا، وعليه الفتوى..وفي نسخ الوهبانية: فالتفرق بالفاء بدل الواو، فلو شرطية.
قوله: (وما ضر إلخ) أي لا بأس بإسقاط الشفعة بالحيلة والمصدر مضاف إلى فاعله والمفعول محذوف: أي الشفعة، وفاعل صر المصدر ومفعوله قوله: مسقطا لا محذوف فافهم.
قوله: (وتحليفه إلخ) أي تحليف الشفيع أحد العاقدين في وقت إنكاره التحيل أنكر: أي منكر شرعا لانه يدعي عليه معنى لو أقر به لا يلزمه، وهو محمول على ما إذا لم يدع أن البيع كان تلجئة وإلا فله التحليف، فلا منافاة بينه وبين ما مر كما نبهنا عليه سابقا، والله تعالى أعلم.
ونسأل الله تعالى ولي كل نعمة، أن يقسم لنا من شفاعة ورسوله نبي الرحمة، (ص) أوفر القسمة، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم.(6/558)
كتاب القسمة هي مشروعة بالكتاب.
قال تعالى: * (ونبئهم أن الماء قسمة بينهم) * (القمر: 28)، أي لكل شرب محتضر.
وقال: * (لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) * (الشعراء: 55)، وقال: * (وإذا حضر القسمة أولى القربى) * (النساء: 8) وبالسنة فإنه عليه الصلاة والسلام باشرها في الغنائم والمواريث وقال: أعط كل ذي حق حقه، وكان يقسم بين نسائه وهذا مشهور، وأجمعت الامة على مشروعيتها.
معراج.
قوله: (مناسبته إلخ) الاولى أن تكون المناسبة أن الشفيع يملك مال المشتري جبرا عليه، وفي القسمة يملك نصيب الشريك جبرا عليه إذ هي مشتملة على معنى المبادلة مطلقا في القيمي والمثلي، وإنما قدم الشفعة لانها تملك كلي وهذا تملك البعض فكانت أقوى.
رحمتي.
قوله: (اسم للاقتسام) كما في المغرب وغيره، أو التقسيم كما في القاموس، لكن الانسب بما يأتي من لفظ القاسم أن تكون مصدر قسم الشئ بالفتح: أي جزأه كما في المقدمة وغيرها.
قهستاني.
قوله: (كالقدوة) مثلثة الاول وكعدة ما تسننت
به واقتديت به.
قاموس.
فقوله: للاقتداء المناسب فيه من الاقتداء لئلا يوهم أنه اسم مصدر له.
تأمل.
قوله: (في مكان) متعلق بجمع.
قوله: (على وجه الخصوص) لان كل واحد من الشريكين قبل القسمة منتفع بنصيب صاحبه فالطالب للقسمة يسأل القاضي أن يخصه بالانتفاع بنصيبه ويمنع الغير من الانتفاع بملكه فيجب على القاضي إجابته إلى ذلك.
نهاية.
قوله: (ككيل وذرع) وكذا الوزن والعد.
نهاية.
وفيه بحث لانهم اختلفوا في أن أجرة القسمة على الرؤوس أو الانصباء، واتفقوا على أن أجرة الكيل ونحوه على الانصباء.
شرنبلالية عن المقدسي: أي ومقتضى كونه ركنا أن يكون على الخلاف أيضا.
قال أبو السعود: ويجاب بما سيأتي من أن الكيل والوزن إن كان للقسمة قيل هو محل الخلاف اه.
فليتأمل.
قوله: (وشرطها إلخ) أي شرط لزومها بطلب أحد الشركاء.
شرنبلالية.
قوله: (المنفعة) أي المعهودة وهي ما كانت قبل القسمة، إذ الحمام بعدها ينتفع به لنحو ربط الدواب، وسيذكره الشارح عن المجتبى.
قوله: (ولذا لا يقسم نحو حائط) يعني عند عدم الرضا من الجميع، أما إذا رضي الجميع صحت كما سيأتي متنا اه ح.
قوله: (وحكمها) وهو الاثر المترتب عليها.
منح.
قوله: (مطلقا) أي سواء كانت في المثليات أو القيميات.
منح.
قوله: (والافراز هو الغالب على المثلي) لان ما يأخذه أحدهما نصفه ملكه حقيقة ونصفه الآخر بدل النصف الذي بيد الآخر، فباعتبار الاول إفراز وباعتبار الثاني مبادلة،(6/559)
إلا أن المثلي إذا أخذ بعضه بدل بعض كان المأخوذ عين المأخوذ عنه حكما لوجود المماثلة، بخلاف القيمي.
قوله: (وما في حكمه) أي حكم المثلي.
أقول: نقل في جامع الفصولين عن شرح الطحاوي: كل كيلي ووزني غير مصوغ وعددي متقارب كفلوس وبيض وجوز ونحوها مثليات والحيوانات والذرعيات، والعددي المتفاوت كرمان وسفرجل، والوزني الذي في تبعيضه ضرر وهو المصوغ قيميات اه.
ثم نقل عن الجامع العددي المتقارب كله مثلي كيلا وعدا ووزنا.
وعند زفر قيمي، وما تتفاوت آحاده في القيمة فعددي متفاوت ليس بمثلي إلخ.
فتأمل.
قوله: (في الخانية إلخ) أراد به بيان فائدة هي أنه إذا قسم ذو اليد حصته بغيبة صاحبه كما قال في المتن: لا تنفذ القسمة ما لم تسلم حصة الآخر.
قوله: (إن سلم حط الآخرين) أي
الغائب والصغير، ومفهومه أن سلامة ما أخذه لا تشترط كما سيظهر.
قوله: (وإلا لا) وإن لم يسلم بأن هلك قبل وصوله إليهما لا تنفذ القسمة بل تنتقض ويكون الهالك على الكل ويشاركه الآخران فيما أخذ لما في هذه القسمة من معنى المبادلة.
قوله: (بين دهقان) هو من له عقار كثير كما في المغرب، والمراد به هنا رب الارض.
قوله: (أمره الدهقان بقسمتها) أي فقسمها الدهقان غائب.
منح.
قوله: (فهلاك الباقي عليهما) أي إذا رجع فوجد ما أفرز لنفسه قد هلك فهو عليهما ويشارك الدهقان فيما سلمه إليه، وقوله: وإن بحظ نفسه أي وإن ذهب بنصيب نفسه إلى بيته أو لا، فلما رجع وجد ما أفرزه للدهقان قد هلك فهو على الدهقان خاصة كما في المنح عن الخانية، ولعل وجهه أنه في الاولى لما ذهب بحصة الدهقان أولا قصد القبض للدهقان أولا والقبض لنفسه فيما بقي بعد رجوعه، فلما رجع ورأى الباقي قد هلك كان الهلاك قبل القبض منهما فيكون عليهما كهلاك البعض قبل القسمة أصلا، بخلاف ما إذا حمل نصيب نفسه إلى بيته أولا فإنه بمجرد التحميل والذهاب صار قابضا فقد هلك الباقي بعد قبض نصيبه يقينا فيكون هلاكه على صاحبه، لكن لا يخفى مخالفته لقوله في المسألة الاولى نفذت القسمة إن سلم حظ الآخرين وإلا لا فإنه هنا لما سلم حظ الغائب وهو الدهقان انتقضت القسمة فجعل الهلاك عليهما، ولما سلم حظ الحاضر وهو الزراع دون الغائب نفذت، وكون القسمة هنا مأمور بها من الغائب بخلافها في المسألة الاولى لا يظهر به الفرق، ولئن سلم فالمراد عدم الفرق كما يقتضيه التشبيه في قوله كصبرة.
فليتأمل.
هذا، وقد نقل في البزازية بعد ما تقدم عن واقعات سمرقند ما نصه: إذا تلف حصة الدهقان قبل قبضه نقضها ويرجع على الاكار بنصف المقبوض، وإن تلف حصة الاكار لا تنقض لان تلفه بعد قبضه والغلة كلها في يده، والاصل أن هلاك حصة الذي المكيل في يده قبل قبض الآخر نصيبه لا(6/560)
يوجب انتقاض القسمة، وبهلاك حصة من لم يكن المكيل في يده قبل قبض حصته يوجب انتفاضها اه.
وهذا التقرير والاصل واضح وموافق للمسألة الاولى، وقد أطال صاحب الذخيرة في تقريره وعزاه إلى شيخ الاسلام، وقال: عليه يخرج جنس هذه المسائل.
ثم قال: وقال الحاكم عبد الرحمن
وساق ما ذكره الشارح هنا عن الخانية، ولعل قول الخانية: كذا قاله بعض المشايخ أراد به الحاكم المذكور، وأشار بلفظ كذا إلى عدم اختياره والله تعالى أعلم.
قوله: (وإن أجبر عليها إلخ) إن وصلية، والمراد بذلك بيان عدم المنافاة بين كون المبادلة غالبة في القيمي وبين كونه يجبر على القسمة في متحد الجنس منه، وذكر وجهه الشارح بقوله لما فيها إلخ.
فائدة: القسمة ثلاثة أنواع: قسمة لا يجبر الآبي عليها كقسمة الاجناس المختلفة، وقسمة يجبر في المثليات.
وقسمة يجبر في غير المثليات كالثياب من نوع واحد والبقر والغنم.
والخيارات ثلاثة: شرط، وعيب، ورؤية.
ففي قسمة الاجناس المختلفة تثبت الثلاثة، وفي المثليات يثبت خيار العيب فقط، وفي غيرها كالثياب من نوع واحد يثبت خيار العيب، وكذا خيار الرؤية والشرط على الصحيح المفتى به.
وتمامه في الشرنبلالية.
قوله: (في متحد الجنس منه) أي من غير المثلى، وقوله فقط قيد لمتحد الجنس، ويدخل متحد الجنس المثلى بالاولى كما أفاده ط.
وظن الشرنبلالي أنه قيد لغير المثلي فقال فيه تأمل، لانه يوهم أنه في متحد الجنس المثلي لا يجبر الآبي عليها وهو خلاف النص اه.
قوله: (سوى رقيق غير المغنم) لان رقيق المغنم يقسم بالاتفاق، ورقيق غير المغنم لا يقسم بطلب أحدهم ولو كان إماء خلصا أو عبيدا خلصا عند أبي حنيفة.
والفرق له بين الرقيق وغيره من متحد الجنس فحش تفاوت المعاني الباطنة كالذهن والكياسة، وبين الغانمين وغيرهم حق الغانمين بالمالية دون العين، حتى كان للامام بيع الغنائم وقسم ثمنها.
زيلعي.
قوله: (على أن المبادلة إلخ) ترق في الجواب: أي وإن نظرنا إلى ما فيها من معنى المبادلة فلا منافاة أيضا لان المبادلة إلخ، وهذه مبادلة تعلق فيها حق الغير لان الطالب للقسمة يريد الاختصاص بملكه ومنع غيره عن الانتفاع به فيجري الجبر فيها أيضا.
قوله: (وينصب قاسم) أي ندب للقاضي أو للامام نصبه.
ملتقى وشرحه.
قوله: (يرزق من بيت المال) أي المعد لمال الخراج، وغيره مما أخذ من الكفار كالجزية وصدقة بني تغلب فلا يرزق من بيوت الاموال الثلاثة الباقية كبيت مال الزكاة وغيره إلا بطريق القرض.
قهستاني.
قوله: (غلط) لمناقضته لما بعده إن عاد ضمير هو إلى قوله بلا أجر وإن عاد إلى النصف فلمخالفته لقول الملتقى وغيره ندب.
تأمل.
قوله: (لانها ليست بقضاء حقيقة إلخ) قال في العناية: ويجوز للقاضي أن يقسم بنفسه بأجر، لكن الاولى أن لا يأخذ لان القسمة
ليست بقضاء على الحقيقة حتى لا يفترض على القاضي مباشرتها، وإنما الذي يفترض عليه جبر الآبي على القسمة، إلا أن لها شبها بالقضاء من حيث إنها تستفاد بولاية القضاء، فإن الاجنبي لا يقدر على الجبر، فمن حيث إنها ليست بقضاء جاز أخذ الاجر عليها، ومن حيث إنها تشبه القضاء يستحب عدم(6/561)
الاخذ اه.
ومثله في النهاية والكفاية والمعراج والتبيين.
وفي الدرر ما يخالفه، فإنه ذكر أن الاصح أن القسمة من جنس عمل القضاة.
ثم قال: فإن باشرها القاضي بنفسه، فعلى رواية كونها من جنس عمل القضاة لا يجوز له الاخذ، وعلى رواية عدم كونه منه جاز اه.
ومقتضاه ترجيح عدم الجواز، ونقله في الدر المنتق عن الخلاصة والوهبانية قال: وأقره القهستاني وغيره اه.
قلت: لكن المتون على الاول.
تأمل.
هذا وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين كون القاسم القاضي أو منصوبة فلذا قال الشارح فجاز له أي للقاضي كما في المخ مع أن الكلام في منصوبه.
تأمل.
قوله: (مأقا) أي سواء تساووا في الانصباء أم لا، وسواء طلبوا جميعا أو أحدهم.
قال في الهداية: وعنه أنه على الطالب دون الممتنع لنفعه ومضرة الممتنع.
قوله: (خلافا لهما) حيث قالا: الاجر على قدر الانصباء لانه مؤنة الملك، وله أن الاجر مقابل بالتمييز، وهو قد يصعب في القليل وقد ينعكس فتعذر اعتباره فاعتبر أصل التمييز.
ابن كمال.
قوله: (قيد بالقاسم) أي في قوله وينصف قاسم أو هو على تقدير مضاف: أي بأجر القاسم الذي عاد عليه الضمير في قوله وهو على عدد الرؤوس وهذا أنسب بما بعده.
تأمل.
قوله: (وغيرها) كأجرة بناء الحائط المشترك أو تطيين السطح أو كري النهر أو إصلاح القناة لانها مقابلة بنقل التراب أو الماء والطين، وذلك يتفاوت بالقلة والكثرة، أما التمييز فيقع لهما بعمل واحد.
معراج.
قوله: (زاد في الملتقى) أي بعد قوله إجماعا.
قوله: (إن لم يكن) أي الكيل أو الوزن للقسمة بل كان للتقدير.
قال الشارح: بأن اشتريا مكيلا أو موزونا وأمرا إنسانا بكيله ليعلما قدره، فالاجر بقدر السهام اه.
قوله: (لكن ذكره في الهداية) أي ذكر هذا التفصيل بلفظ قيل فأشعر بضعفه، بل صرح بعده بنفسه حيث قال: ولا يفصل.
قال الاتقاني: يعني لا تفصيل في أجرة الكيل والوزن بل هي بقدر الانصباء اه.
وفي المعراج عن المبسوط: والاصح الاطلاق.
قوله: (وتمامه إلخ) أي تمام هذا الكلام، وهو بيان الفرق لابي حنيفة بينه وبين القسام بأن الاجر هنا على الانصباء وإن كان الكيل للقسمة للتفاوت في العمل، لان عمله لصاحب الكثير أكثر فكان أصعب والاجر بقدر العمل، بخلاف القسام.
قوله: (يجب كونه عدلا إلخ) لان القسمة من جنس عمل القضاة هداية.
وأفاد القهستاني أن هذا التعليل مشعر بأن ما ذكر غير واجب لعدم وجوبه في القضاء، فالمراد بالوجوب العرفي الذي مرجعه إلى الاولوية كما أشار إليه في الاختيار وخزانة المفتين اه.
أقول: تقدم في القضاء أن الفاسق أهل له لكنه لا يقلد وجوبا ويأثم مقلده، فعلم أنه لا يجب في صحة القضاء العدالة بل يجب على الامام أن يولي عدلا، وكذا يقال هنا: يجب أن ينصب قاسما عدلا، ولا يجب في صحة نصبه العدالة والوجوب الاول على حقيقته والثاني بمعنى الاشتراط فتدبر.
قوله: (أمينا) ذكر الامانة بعد العدالة وإن كانت من لوازمها لجواز أن يكون غير ظاهر الامانة كفاية.
واعترضه في اليعقوبية بأن ظهور العدالة يستلزم ظهورها كما لا يخفى اه.
وأجيب بأن المذكور العدالة(6/562)
لا ظهورها.
قوله: (ولا يتعين إلخ) الاولى قول الملتقى كالهداية، ولا يجبر الناس على قاسم واحد ولا يترك القسام ليشتركوا.
قوله: (بالزيادة) أي على أجر المثل.
بالقسام بالضم والتشديد جمع قاسم.
قوله: (خوف تواطئهم) أي على مغالاة الاجر وعند عدم الشركة يتبادر كل منهم إليه خيفة الفوت فيرخص الاجر.
هداية.
قوله: (وصحت إلخ) ما مر في القسمة بالجبر، وهذا في القسمة بالتراضي.
قوله: (إلا إذا كان) استثناء منقطع كما يفيده قوله بعد لعدم لزومها استثناء من محذوف: أي ولزمت اه ط.
وأراد بالصحة اللزوم.
قوله: (إلا بإجازة القاضي) الظاهر رجوعه للمستثنيات الثلاث.
قوله: (أو الغائب أو الصبي إذا بلغ) ولو مات الغائب أو الصبي فأجازت ورثته نفذت عندهما خلافا لمحمد.
منية المفتي.
والاولى استحسان والثاني قياس، وكما تثبت الاجازة صريحا بالقول تثبت دلالة بالفعل كالبيع كما في التاترخانية.
وفي المنح عن الجواهر: طفل وبالغ اقتسما شيئا ثم بلغ الطفل وتصرف في نصيبه وباع البعض يكون إجازة.
قوله: (هذا) أي لزومها بإجازة القاضي ونحوه لو كانوا شركاء في الميراث
فلو شركاء في غيره تبطل، ومقتضاه أنهالا تنفذ بالاجازة فليتأمل.
وعبارة المنية هكذا: اقتسم الورثة لا بأمر القاضي وفيهم صغير أو غائب لا تنفذ إلا بإجازة الغائب أو ولي الصغير أو يجيز إذ بلغ اقتسم الشركاء فيما بينهم وفيهم صغير أو غائب لا تصح القسمة، فإن أمرهم القاضي بذلك صح اه.
أقول: سيذكر المصنف تبعا لسائر المتون أن القاضي لا يقسم لو كانوا مشترين وغاب أحدهم فكيف تصح قسمة الشركاء بأمر القاضي؟ اللهم إلا أن يراد به الشركاء في الميراث، لكن يبقى قول الشارح ولو شركاء بطلت محتاجا إلى نقل.
ونقل الزاهدي في قنيته: قسمت بين الشركاء وفيهم شريك غائب فلما وقف عليها قال لا أرضى لغبن فيها ثم أذن لحراثه في زراعة نصيبه لا يكون رضا بعد ما رد اه فليحرر ولا تنس ما قدمه من أن للشريك أخذ حصته من المثلي بغيبة صاحبه، وما نقله عن الخانية فإنه مخصص لما هنا.
قوله: (ملكه مطلقا) أي غير بيان سبب ط.
قوله: (أو شراءه) الاولى أن يقول أو بسبب ليعم نحو الهبة ط.
قوله: (فلا فرق إلخ) أي من حيث إنه يقسم بمجرد الاقرار اتفاقا، وإنما اقتصر المصنف على الارث، لان العقار الموروث يفتقر إلى البرهان ولانه هو الذي فيه الخلاف، فما سكت عنه يفهم حكمه مما ذكره بالطريق كما نبه عليه في المنح.
قوله: (ومن النقلي البناء والاشجار) يعني فتقسم، وقوله: حيث لم تتبدل إلخ متعلق بهذا المقدار.
وعبارة شيخه في حاشية المنح في هذا المحل: أقول: دخل في النقلي البناء والاشجار لانها من قسم المنقولات كما صرح به في البحر في كتاب الدعوى، فتجري فيه قسمة الجبر حيث لم تتبدل المنفعة بالقسمة وإن تبدلت بها لا تجوز كالبئر والحائط والحمام ونحوها تأمل اه.(6/563)
أقول: وبعد التقييد بالحيثية المذكورة لا ينافيه ما في المبسوط حيث قال: بناء بين رجلين في أرض رجل قد بنياه بإذنه ثم أرادا قسمته وصاحب الارض غائب فلهما ذلك بالتراضي، وإن امتنع أحدهما لم يجبر عليه اه.
ونظمه ابن وهبان.
تأمل.
قوله: (وقالا يقسم) أي العقار المدعى إرثه باعترافهم كما يقسم في الصور الاخر، وهي النقلي مطلقا والعقار المدعى شراؤه أو ملكيته المطلقة.
لهما أه في أيديهم، وهو دليل الملك ولا منازع لهم.
وله أن التركة قبل القسمة مبقاة على ملك الميت بدليل ثبوت حقه في الزوائد كأولاد ملكه وأرباحه حتى تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه، وبالقسمة ينقطع حقه
عنها فكانت قضاء عليه بإقرارهم، وهو حجة قاصرة فلا بد من البينة، بخلاف المنقول لانه يخشى عليه التلف والعقار محصن، وبخلاف العقار المشترى لانه زال عن ملك البائع قبل القسمة فلم تكن القسمة على الغير، وبخلاف المدعى ملكيته المطلقة لانهم لم يقروا بالملكية لغيرهم، هذا حاصل ما في الدرر وشرح المجمع.
قوله: (ولا إن برهنا) عطف على قوله لا يقسم قال العيني تبعا لزيلعي: وهذه المسألة بعينها هي المسألة السابقة وهي قوله أو ملكه مطقا، لان المراد فيها أن يدعوا الملك ولم يذكروا كيف انتقل إليهم ولم يشترط فيها إقامة البينة على أنه ملكهم وهو رواية القدوري، وشرط ها هنا وهو رواية الجامع الصغير، فإن كان قصد الشيخ تعيين الروايتين فليس فيه ما يدل على ذلك، وإلا فتقع المسألة مكررة اه.
وأجاب المقدسي بحمل ما في الجامع على ما إذا ذكر أنه بأيديهما فقط وبرهنا عليه فلا يكون من اختلاف الروايتين لاختلاف الموضوع فلا تكرار اه.
أقول: وهو الظاهر من قول الهداية.
وفي الجامع الصغير: أرض ادعاها رجلان وأقاما البينة أنها في أيديهما لم تقسم حتى يبرهنا أنها لهما لاحتمال أن تكون لغيرهما: أي بوديعة أو بإجارة أو إعارة كما قال الشارح، وهكذا قرره في العزمية، فافهم.
قوله: (اتفاقا في الاصح) قال في الهداية بعد ما نقلناه آنفا: ثم قيل هو قول أبي حنيفة خاصة، وقيل قول الكل وهو الاصح، لان قسمة الحفظ في العقار غير محتاج إليها وقسمة الملك تفتقر إلى قيامه ولا ملك فامتنع الجواز.
قوله: (فتكون قسمة حفظ إلخ) وهي ما تكون بحق إليه لاجل الحفظ والصيانة كقسمة المودعين الوديعة بينهما للحفظ، وقسمة الملك ما تكون بحق الملك لتكميل المنفعة كما في غاية البيان.
قوله: (ولو برهنا) أي برهن بالغان حاضران فيكون الصغير أو الغائب ثالثهما فصار الورثة متعددين، فلذا أتى بضمير الجمع في قوله فيهم وبينهم، وأتى به مثنى في قول معهما: أي مع اللذين برهنا مخالفا لما في الهداية لما سيذكره أنه لو كان مع الصغير أو الغائب شئ منه لا يقسم، وإن أجيب عن الهداية بأنه مبني على أن أقل الجمع اثنان.(6/564)
قوله: (بالاولى) إذا لا يشترط فيه البرهان على الموت وعدد الورثة عنده كما مر.
قوله: (وفيهم صغير) أي حاضر كما يأتي.
قوله: (قسم بينهم) أفاد أن القاضي فعل ذلك.
قال في المحيط: فلو قسم بغير
قضاء لم تجز إلا أن يحضر أو يبلغ فيجيز.
طوري.
وهذا ما قدمه الشارح.
قوله: (ونصب قابض لهما) وهو وصي عن الطفل ووكيل عن الغائب.
درر.
قوله: (ولا بد من البينة على أصل الميراث) كذا في الدرر، ولعل المراد به جهة الارث كالابوة ونحوها.
والذي في الهداية والتبيين: ولا بد من إقامة البينة هنا أيضا عنده، وليس فيهما ذكر أصل الميراث ولم يذكر في المسألة الاولى، فالمراد أن قوله ولو برهنا على الموت وعدد الورثة لا بد منه عنده أيضا كما في المسألة السابقة، بل أولى لان الورثة هناك كلهم كبار حضور، واشترط البرهان وهنا فيه قضاء على الغائب أو الصغير كما أفاده في النهاية.
قوله: (خلافا لهما) فعندهما يقسم بينهما بإقرارهما.
قوله: (لا يقسم إلخ) أي وإن أقام البينة لان الواحد لا يصلح مخاصما ومخاصما، وكذا مقاسما ومقاسما.
هداية.
والاول عند الامام بالبينة، والثاني عندهما لقولهما بعدمها.
وعن أبي يوسف أن القاضي ينصب عن الغائب خصما، ويسمع البينة عليه ويقسم.
أفاده في الكفاية.
قوله: (ولو أحدهما صغيرا) فينصب القاضي عنه وصيا كما مر.
واعلم أن هنا مسألة لا بد من معرفتها، هي أنه إنما ينصب القاضي وصيا عن الصغير إذا كان حاضرا فلو غائبا فلا، لان الخصم لا ينصب عن الغائب إلا لضرورة، ومتى كان المدعى عليه صبيا ووقع العجز عن جوابه لم يقع عن إحضاره، فلا ينصب خصما عنه في حق غير الحضرة فلم تصح الدعوى لانها من غير مدعى عليه حاضر ولا كذلك إذا حضر، لانه إنما عجز عن الجواب فينصب من يجيب عنه، بخلاف الدعوى على الميت، لان إحضاره وجوابه لا يتصور فينصب عنه واحدا في الامرين جميعا.
كفاية، ونحوه في النهاية والمعراج وغيرهما.
قال في البزازية: وهذا يدل على أن من ادعى على صغير بحضرة وصيه عند غيبة الصغير أنه لا يصح، وقد مر خلافه في الدعوى اه.
ومثله في المنية.
قلت: وفي أوائل دعوى البحر: والصحيح أنه لا تشترط حضرة الاطفال الرضع عند الدعوى اه.
فتأمل ويرد عليه ما في الكفاية وغيرها أنه منقوض بالغائب البالغ كما في الشرنبلالية عن المقدسي، لكن ذكر أبو السعود أنه أجيب عنه بأن الشرنبلالية عن المقدسي، لكن ذكر أبو السعود أنه أجيب عنه بأن اشتراط حضوره للنصب خاص بما إذا كان الوارث الحاضر واحدا لانه لتصحيح الدعوى، أما إذا كانا اثنين فالنصب للقبض، إذا صحة الدعوى والقسمة موجودة قبله بجعل أحدهما خصم.
قوله: (أو موصى له) لانه يصير شريكا بمنزلة الوارث فكأنه حضر
وارثان.
معراج.
قوله: (مشترين) بياء واحدة لا بياءين كما في بعض النسخ لانه مثل مفتين وقاضين(6/565)
كما هو ظاهر.
قوله: (أي شركاء إلخ) أفاد به أن المراد مطلق الشركة في الملك بغير الارث، وهو مأخوذ من حاشية شيخه الرملي.
قوله: (بخلاف الارث) قال في الدرر: فإن ملك الوارث ملك خلافه، حتى يرد بالعيب على بائع المورث، ويصير مغرورا بشراء الموروث حتى لو وطئ أمة اشتراها مورثه فولدت فاستحقت رجع الوارث على البائع بثمنها وقيمة الولد للغرور من جهته، فانتصب أحدهم خصما عن الميت فيما في يده والآخر عن نفسه، فصارت القسمة قضاء بحضرة المتقاسمين.
وأما الملك الثابت بالشراء فملك جديد بسبب باشره في نصيبه ولهذا لا يرد بالعيب على بائع بائعه فلا ينتصب الحاضر خصما عن الغائب، فتكون البينة في حق الغائب قائمة بلا خصم فلا تقبل اه.
تتمة: الشركة إذا كان أصلها الميراث فجرى فيها الشراء بأن باع واحد منهم نصيبه أو كانت أصلها الشراء فجرى فيها الميراث بأن مات واحد منهم، ففي الوجه الاول يقسم القاضي إذا حضر البعض لا في الثاني، لانه في الاول قام المشتري مقام البائع في الشركة الاولى وكانت أصلها وراثة، وفي الثاني قام الوارث مقام المورث في الشركة الاولى وكان أصلها الشراء، فينظر في هذا الباب إلى الاول.
ولوالجية وغيرها.
قوله: (في صورة الارث) وهي قوله ولو برهنا إلخ وهذه محترز قوله هناك وهو أي العقار معهما.
قوله: (أو بعضه) مكرر مع قول المتن أو شئ منه حقولة.
قوله: (مع الوارث الطفل أو الغائب) أو يد مودع الغائب أو يد أم الصغير والصغير غائب فلا يقسم وإن كان الحاضر أمينا.
بزازية وغيرها.
قوله: (للزوم القضاء) أي لئلا يلزم القضاء عليهما بإخراج شئ مما في أيديهما بلا خصم حاضر منهما: أي من جهتهما.
والذي في الهداية وغيرها عنهما.
هذا، وذكر القهستاني أنه لا يقسم إلا أن ينصب عنه خصما ويقيم البينة فإنه يقسم على ما روى عن الثاني انتهى.
وأقره في العزمية.
قلت: لكن في الهداية والتبيين: ولا فرق في هذا بين إقامة البينة: أي على الارث، وعدمها هو الصحيح كما أطلق في الكتاب: أي في قوله لا يقسم وهو احتراز عن رواية المبسوط أنه يقسم إذا
قامت البنية.
كفاية فتأمل.
قوله: (وقسم المال المشترك) أي الذي تجري فيه القسمة جبرا بأن كان من جنس واحد كما مر ويأتي.
قوله: (وبطلب ذي الكثير) أي إن انتفع بحصته وأطلقه لعلمه من المقام، ومفهومه أنه لا يقسم بطلب ذي القليل الذي لا ينتفع إذا أبى المنتفع.
ووجهه كما في الهداية أن الاول منتفع فاعتبر طلبه والثاني متعنت فلم يعتبر اه.
ولذا لا يقسم القاضي بينهم إن تضرر الكل وإن طلبوا كما في النهاية، وحينئذ فيأمر القاضي بالمهايأه كما سيذكره الشارح.
قوله: (وفي الخانية) وقيل بعكس ما تقدم.
قوله: (فعليهما المعول) وصرح في الهداية وشروحها بأنه الاصح، وزاد في في الدرر: وعليه الفتوى.
قوله: (لم يقسم إلا برضاهم) ظاهره كعبارة سائر المتون أن للقاضي مباشرتها.
وقال الزيلعي:(6/566)
لكن القاضي لا يباشر ذلك وإن طلبوا منه لانه لا يشتغل بما لا فائدة فيه ولا يمنعهم منه، لان القاضي لا يمنع من أقدم على إتلافي ماله في الحكم اه.
وعزاه ابن الكمال للمبسوط، وذكر الطوري أن فيه روايتين.
قوله: (لئلا يعود على موضوعه بالنقض) يعني أن موضوع القسمة الانتفاع بملكه على وجه الخصوص وهو مفقود هنا.
حلبي.
قوله: (في المجتبى إلخ) أراد به بيان المراد بالانتفاع المذكور في المتن، وإلا فنحو الحمام قد ينتفع به بعد القسمة لربط الدواب ونحوه كما قدمناه.
قوله: (وقسم عروض اتحد جنسها) لان القسمة تميز الحقوق، وذلك ممكن في الصنف الواحد كالابل أو البقر أو الغنم أو الثياب أو الدواب أو الحنطة أو الشعير، يقسم كل صنف من ذلك على حدة.
جوهرة.
قوله: (بعضهم في بعض) أي بإدخال بعض في بعض، بأن أعطى أحدهما بعيرا والآخر شاتين مثلا جاعلا بعض هذا في مقابلة ذاك.
درر.
قوله: (فتعتمد التراضي إلخ) لان ولاية الاجبار للقاضي تثبت بمعنى التمييز لا المعاوضة.
درر.
قوله: (ولا الرقيق) لان التفاوت في الآدمي فاحش فلا يمكن ضبط المساواة، لان المعاني المقصودة منه: العقل والفطنة والصبر على الخدمة الاحتمال والوقار والصدق والشجاعة والوفاق، وذلك لا يمكن الوقوف عليه فصاروا كالاجناس المختلفة، وقد يكون الواحد منهم خيرا من ألف من جنسه.
قال الشاعر: ولم أر أمثال الرجال تفاوتا * إلى الفضل حتى عد ألف بواحد
بخلاف سائر الحيوانات لان تفاوتها يقل عند اتحاد الجنس، ألا ترى أن الذكر والانثى من بني آدم جنسان ومن الحيوانات جنس واحد.
جوهرة.
قوله: (وحده) اعلم أنه إذا كان مع الرقيق دواب أو عروض أو شئ آخر قسم القاضي الكل في قولهم، وإلا فإن ذكور أو إناثا فكذلك عنده، وإن ذكورا وإناثا فلا إلا برضاهم.
والحاصل: أن عند أبي حنيفة لا يجوز الجبر على قسمة الرقيق إلا أن يكون معه شئ آخر هو محل لقسمة الجمع كالغنم والثياب فيقسم الكل قسمة جمع.
وكان أبو بكر الرازي يقول: تأويل هذا المسألة أنه يقسم برضا الشركاء، فأما مع كراهة بعضهم فالقاضي لا يقسم.
والاظهر أن قسمة الجبر تجرى عند أبي حنيفة باعتبار أن الجنس الآخر الذي مع الرقيق يجعل أصلا في القسمة، والقسمة جبرا تثبت فيه فتثبت في الرقيق أيضا تبعا.
وقد يثبت حكم العقد في الشئ تبعا وإن كان لا يجوز إثباته مقصودا كالشرب والطريق في البيع والمنقولات في الوقف.
كذا في شروح الهداية والكنز والدرر.
فما مشى عليه في المنح خلاف الاظهر.
قوله: (كما تقسم الابل) أي ونحوها كالبقر والغنم.
قوله: (ورقيق(6/567)
المغنم) قدمنا عن الزيلعي وجه الفرق بينه وبين رقيق غيره.
قوله: (والحمام والبئر والرحى) ينبغي تقييد بما إذا كان صغيرا لا يمكن لكل من الشريكين لانتفاع به كما كان، فلو كان كبيرا بأن كان الحمام ذا خزانتين والرحى ذات حجرين يقسم.
وقد أفتى في الحامدية بقسمة معصرة زيت لاثنين مناصفة وهي مشتلمة على عودين ومطحنين وبئرين للزيت قابلة للقسمة بلا ضرر، مستدلا بما في خزانة الفتاوى: لا يقسم الحمام والحائط والبيت الصغير إذا كان بحال لو قسم لا يبقى لكل موضع يعمل فيه.
قوله: (وكل ما في قسمه ضرر) فلا يقسم ثوب واحد لاشتمال القسمة على الضرر، إذ لا تتحقق إلا بالقطع.
هداية.
لان فيه إتلاف جزء عناية، ولا يقسم الطريق لو فيه ضرر.
بزازية.
قوله: (لما مر) من قوله لئلا يعود على موضوعه بالنقض وهو علة لعدم القسمة.
قوله: (ولا تقسم بالاوراق ولو برضاهم) الظاهر أن المراد لا يباشر القاضي قسمتها، لما مر أن القاضي لا يباشر ذلك ولا يمنعهم منه.
وتأمل عبارة المنح.
مطلب: لكل من الشركاء السكنى في بعض الدار بقدر حصته قوله: (قوله أمر القاضي بالمهايأة) أقول: ذكر في العمادية في الفصل 34 لكل واحد من الشركاء أن يسكن في بعض الدار بقدر حصته اه.
وبمثله أفتى في الحامدية.
وانظر إذا طلب أحدهما ذلك والآخر المهايأة أيهما يقدم؟ وهي تقع كثيرا.
يقول لي خشبة أسكن تحتها فليحرر.
وسيأتي بيان المهايأة وأحكامها آخر الباب، وأن الاصح أن القاضي يجبر عليها بطلب أحدهما ومنه يظهر الجواب.
تأمل.
قوله: (دور مشتركة) مثلها الاقرحة كما في الهداية وهي جمع قراح: قطعة من الارض على حيالها لا شجر فيها ولا بينا.
واحترز بالدور عن البيوت، والمنازل جمع منزل أصغر من الدار وأكبر من البيت، لانه دويرة صغير فيها بيتان أو ثلاثة، والبيت مسقف واحد له دهيلز.
قوله: (منفردة) أي يقسم كل من الدور أو الدار، والضيعة: وهي عرصة غير مبنية أو الدار، والحانوت: وهو الدكان قسمة فرد، فتقسم العرصة بالذراع والبناء بالقيمة، قهستاني.
لا قسمة جمع، بأن يجمع حصة بعضهم في الدار مثلا وحصة الآخر في غيرها، لانها أجناس مختلفة أو في حكمها كما يعلم في الهداية.
ولذا قال القهستاني: لو اكتفى بما سبق من قوله ولا الجنسان لكن أخصر.
قوله: (مطلقا) يفسره ما بعده، ولم يذكر المنازل والبيوت المحترز عنها.
قال مسكين: والبيوت تقسم قسمة واحدة متباينة أو متلازقة، والمنازل كالبيوت لو متلازقة، وكالدور لو متباينة.
وقالا في الفصول كلها: ينظر القاضي إلى أعدل الوجوه فيمضي القسمة(6/568)
على ذلك اه قال الرملي: ويستثنى منه ما إذا كانا في مصرين فقولهما كقوله اه.
أقول: ولعل هذا في زمانهم، وإلا فالمنازل والبيوت ولو من دار واحدة تتفاوت تفاوتا فاحشا في زماننا، يدل عليه قولهم هنا: لان البيوت لا تتفاوت في معنى السكنى ولهذا تؤجر أجرة واحدة في كل محلة، وكذا ما ذكروه في خيار الرؤية، وإفتاؤهم هناك بقول زفر من أنه لا بد من رؤية داخل البيوت لتفاوتها.
تأمل.
قوله: (أو مصرين) مكرر مع قول المتن أولا اه ح.
قوله: (إذا كانت كلها في مصر واحد أو لا) لو قال ولو في مصر لكان أخصر وأظهر اه ح.
قوله: (فقولهما كقوله) الاولى أن يقول فكقوله.
قوله: (ويصور القاسم إلخ) أي ينبغي إذا شرع في القسمة أن يصور ما يقسمه بأن
يكتب في كاغده أن فلانا نصيبه كذا وفلانا كذا ليمكنه حفظه إن أراد رفعه للقاضي ليتولى الاقراع بينهم بنفسه ويعدله: أي يسويه، ويروي يعزله: أي يقطعه بالقسمة عن غيره ليعرف قدره.
عناية.
قوله: (ويذرعه) شامل للبناء، لما قال الزيلعي: ويذرعه يقوم البناء لان قدر المساحة يعرف بالذرع والمالية بالتقويم، ولا بد من معرفتهما ليمكن التسوية في المالية، ولا بد من تقويم الارض وذرع البناء اه.
شرنبلالية.
قوله: (ويفرز إلخ) بيان للافضل، فإن لم يفعل أو لم يمكن جاز.
هداية وغيرها.
والظاهر أن معناها: إذا شرط القاسم ذلك فلا ينافي ما يأتي من أنه إذا لم يشترط فيها صرف إن أمكن وإلا فسخت القسمة، فافهم.
قوله: (لتطيب القلوب) أشار إلى أن القرعة غير واجبة، حتى أن القاضي لو عين لكن واحد نصيبا من غير إقراع جاز لانه في معنى القضاء فملك الالزام.
هداية.
مطلب في الرجوع عن القرعة تنبيه: إذا قسم القاضي أو نائبه بالقرعة فليس لبعضهم الاباء بعد خروج بعض السهام كما لا يلتفت إلى إبائه قبل خروج القرعة، ولو القسمة بالتراضي له الرجوع، إلا إذا خرج جميع السهام إلا واحدا لتعين نصيب ذلك الواحد وإن لم يخرج، ولا رجوع بعد تمام القسمة.
نهاية.
قوله: (فمن خرج اسمه أولا إلخ) بيانه: أرض بين جماعة لاحدهم سدسها والآخر نصفها ولآخر ثلثها يجعلها أسداسا اعتبارا بالاقل ثم يلقب السهام بالاول والثاني إلى السادس ويكتب أسامي الشركاء ويضعها في كمه، فمن خرج اسمه أولا أعطي السهم الاول، فإن كان صاحب السدس فله الاول، وإن صاحب الثلث فله الاول والذي يليه، وإن صاحب النصف فله الاول واللذان يليانه كما في العناية.
قوله: (واعلم أن الدراهم) قيد الدراهم في الدرر بالتي ليست من التركة، وذكر في الشرنبلالية أنه غير احترازي فلا تدخل في القسمة ولو من التركة.
أقول: وما في الدرر ذكره ابن الكمال والقهستاني وشراح الهداية كالمعارج والنهاية الكفاية.
وعلل المسألة الزيلعي بأنه لا شركة فيها، ويفوت به التعديل أيضا في القسمة، لان بعضهم يصل إلى(6/569)
عين المال المشترك في الحال ودراهم الآخر في الذمة فيخشى عليها التوى، ولان الجنسين المشتركين لا
يقسمان فما ظنك عنه عدم الاشتراك اه.
فقد يقال، التعليل الاخير يفيد ما ذكره الشرنبلالي.
تأمل.
قوله: (أو منقول) صرح به القهستاني.
قوله: (إلا برضاهم) فلو كان بعض العقار ملكا وبعضه وقفا: فإن كان المعطي هو الواقف جاز ويصير كأنه أخذ الوقف واشترى بعض ما ليس بوقف من شريكه، وإن بالعكس فلا لانه يلزم منه نقض بعض الوقف، وحصة الوقف وقف ما اشتراه ملك له ولا يصير وقفا، كذا في الاسعاف من فصل المشاع.
قوله: (ولا تمكن التسوية) بأن لم تف العرصة بقيمة البناء.
زيلعي.
قوله: (واستحسنه في الاختيار) وقال في الهداية: إنه يوافق رواية الاصول.
قوله: (لم يشترط) أما لو اشترط تركهما على حالهما فلا تفسخ، ويكون له ذلك على ما كان قبل القسمة.
جوهرة.
قوله: (واستؤنفت) أي على وجه يتمكن كل منهما من أن يجعل لنفسه طريقا ومسيلا لقطع الشركة.
بقي ما إذا لم يمكن ذلك أصلا وإن استؤنفت فكيف الحكم، والظاهر أنها تستأنف أيضا لشرط فيها فليراجع.
قوله: (أبقيناه) المناسب لما في الزيلعي نبقيه.
ونصه: ولو اختلفوا في إدخال الطريق في القسمة بأن قال بعضهم لا يقسم الطريق بل يبقى مشتركا كما كان قبل القسمة نظر فيه الحاكم: فإن كان يستقيم أن يفتح كل في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق لجماعتهم تكميلا للمنفعة وتحقيقا للافراز من كل وجه.
وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم لتحقيق تكميل المنفعة فيما وراء الطريق اه.
قوله: (إن أمكن إفراز كل) من إضافة المصدر إلى فاعله والمفعول محذوف: أي إفراز كل منهم طريقا على حدة.
قوله: (اختلفوا في مقدار عرض الطريق) أي في سعته وضيقه وطوله، فقال بعضهم: يجعل سعته أكبر من عرض الباب الاعظم وطوله من الاعلى إلى السماء.
وقال بعضهم غير ذلك.
عناية.
وبه ظهر أن الاختلاف في تقدير الطريق المشترك لا في طريق كل نصيب، فافهم.
قوله: (أي ارتفاعه) أفاد أن المراد هو الطول من حيث الاعلى لا من حيث المشي وهو ضد العرض، لانه إنما يكون إلى حيث ينتهون بها إلى الطريق الاعظم أفاده في الكفاية وغيرها من شروح الهداية، وأفادوا أنه يقسم بينهم ما فوق طول الباب من الاعلى ويبقى قدر طول الباب من الهواء مشتركا بينهم.
قوله: (إن فوق الباب) أي له ذلك إن كان فيما فوق طول الباب لانه مقسوم بينهم كما علمت، فصار بانيا على خالص حقه لا فيما دونه لبقائه مشتركا، وبما قررناه اندفع ما بحثه الحموي.
قوله: (مشترك) لان اختلاف(6/570)
الشركاء في تقدير طريق واحد مشترك بينهم كما أفاده ما قدمناه عن العناية لا في طريق لكل نصيب بانفراده حتى يرد أنه حق المقاسم، فافهم.
قوله: (جاز) لان رقبة الطريق ملك لهم وهي محل للمعاوضة، ولوالجية.
قوله: (بالاكرار) جمع كر: كيل معروف.
وفي الولوالجية: تجوز بالاحمال لان التفاوت فيها قليل.
قوله: (بالشريجة) قال في القاموس في فصل الشين المعجمة من باب الجيم: الشريجة شئ من سعف يحمل فيه البطيح ونحوه.
قوله: (سفل) بضم السين وكسرها.
قوله: (وعلو مجرد مشترك) أي بين الشريكين في السفل الاول كما في شرح المجمع، وتظهر ثمرته على قولهما، تدبر.
قوله: (وقسم بالقيمة) لان السفل يصلح لما لا يصلح له العلو من اتخذه بئر ماء أو سردابا أو إصطبلا أو غير ذلك فلا يتحقق التعديل إلا بالقيمة.
هداية.
قوله: (عند محمد) وعندهما يقسم بالذراع، ثم اختلفا، فقال الامام: ذارع من سفل بذراعين من علو، وقال الثاني: ذراع بذراع، وبيانه في الهداية وشروحها، ثم الاختلاف في الساحة.
أما البناء فيقسم بالقيمة اتفاقا كما في الجوهرة والايضاح.
قوله: (تقبل) لانهما شهدا بالاستيفاء وهو فعل غيرهما لا بالقسمة.
وفي الجوهرة: هذا قولهما، وقاسم القاضي وغيره سواء.
قوله: (وإن قسما بأجر في الاصح) مثله في الجوهرة معزو للمستصفى، وذكر قبله أن عند محمد لا تقبل في الوجهين لانهما يشهدان على فعل أنفسهما لان فعلهما التمييز.
وأما إذا قسما بالاجر فلان لهما منفعة إذا صحت القسمة إلخ.
قوله: (أو لم يقربه) أقوله: هذا يفهم بالاولى من جهة أنه يصدق بالبرهان فإن لم يتناقض أصلا.
فإذا صدق به مع الاقرار فمع عدمه بالاولى، وإنما احتيج للبرهان هنا أيضا لما في الخانية من أن الظاهر وقوع القسمة على وجه المعادلة فلا تنقض إلا ببينة، وإن لا بينة فبالنكول.
قوله: (أو نكوله) فلو كانوا جماعة ونكل واحد جمع نصيبه مع نصيب المدعي وقسم بينهما على قدر أنصبائهما كما في الهداية.
قوله: (فلو قال إلخ) قال في القاموس: البرهان الحجة، فلا فرق حينئذ، إذ كل منهما يعم البينة وإقرار الخصم أو نكوله.
رحمتي.
قوله: (ولا نناقض إلخ) جواب عن قول صاحب الهداية: ينبغي أن لا تقبل دعواه أصلا لتناقضه، وإليه أشار القدوري إليه بقوله بعده: وإن قال قبل إقراره بالاستيفاء أصابني من كذا إلى كذا إلخ فإنه يفيد أنه لو
أقر فلا تحالف.
وما ذاك إلا لعدم صحة الدعوى بسبب التناقض، وأقره الشراح على هذا البحث.(6/571)
واستدلوا له بما يأتي متنا وشرحا عن الخانية: وبما في المبسوط: اقتسما الدار وأشهد على القسمة والقبض والوفاء ثم ادعى أحدهما بيتا في يد صاحبه لم يصدق إلا أن يقر به صاحبه لانه متناقض، ووفق ابن الكمال يحمل الحجة على الاقرار، وزاد القهستاني: أو يراد بالغلط الغصب اه.
وقال صدر الشريعة: وجه رواية المتن أنه اعتمد على فعل القاسم في إقراره.
ثم لما تأمل حق التأمل ظهر الغلط في فعله فلا يؤاخذ بذلك الاقرار عند ظهور الحق اه.
ومثله في الدرر، وهو الذي ذكره الشارح، وأخذ منه في الحامدية توفيقا حسنا بحمل ما في المتن على ما إذا باشر القسمة غيره، وما في الخانية و المبسوط على ما إذا باشر القسمة بنفسه بدليل قول المبسوط: اقتسما فإن ظاهره أنه بأنفسهما.
تأمل وظاهر كلام صدر الشريعة أنهما روايتان فلا حاجة إلى التوفيق، بل الاهم الترجيح.
فتقول: عامة المتون على ما مشى عليه المصنف، وهي الموضوعة لنقل المذهب، ولما عليه الفتوى.
وعبارة متن المواهب: تقبل بينته، وقيل لا.
وفي الاختيار: وقيل لا تقبل دعواه للتناقض، فإفادا عدم اعتماد الثانية.
وفي البزازية: وإن أقر وبرهن لا تصح الدعوى إلا على الرواية التي اختارها المتأخرون أن دعوى الهزل في الاقرار تصح ويحلف المقر له على أنه ما كان كاذبا وفي إقراره اه.
قلت: وقدم الشارح في كتاب الاقرار قبيل باب الاستثناء أنه بها يفتى، لكن تبقى المنافاة بين هذا وبين مفهوم ما يأتي متنا كما أشار إليه في الهداية، وما ذكره صدر الشريعة لا يدفع المنافاة، لان هذا الاقرار إن كان مانعا من صحة الدعوى لا تسمع البينة لابتناء سماعها على صحة الدعوى، وإن لم يكن مانعا ينبغي أن يتحالفا كما في الحواشي السعدية.
وقد يجاب بأن قولهم هنا وقد أقر بالاستيفاء صريح، وقولهم الآتي قبل إقراره بالاستيفاء مفهوم، والمصرح به أن الصريح مقدم على المفهوم، فليتأمل.
قوله: (لان منكر) أي والآخر يدعي عليه الغصب.
قوله: (وإن قال قبل إقراره بالاستيفاء) المراد أنه لم يحصل منه إقرار أصلا.
ط عن الشرنبلالية.
قوله: (أصابني من ذلك كذا إلى كذا) الاولى حذف لفظ ذلك كما عبر في الغرر.
قوله: (تحالفا وتفسخ القسمة) لان الاختلاف في مقدار ما حصل له بها.
هداية.
قوله: (ولو اقتسما دارا إلخ) هذه عين قوله فيما مر ولو ادعى إلخ إلا أنها أعيدت لبناء مسائل أخر عليها.
كفاية.
قوله: (لانه خارج) فترجع بينته على بينة ذي اليد كما مر في محله.
قوله: (وإن كان قبل الاشهاد) مفهوم قوله وأصاب كلا طائفة فإن المراد وأشهدوا على ذلك اه ح.
قوله: (وكذا لو اختلفا في الحدود) بأن قال أحدهما هذا الحد لي قد دخل في نصيبه وقال الآخر كذلك وأقاما البينة يقضي لكل واحد بالجزء الذي في يد صاحبه لما مر، وإن قامت لاحدهما بينة قضى له، وإن لم تقم لواحد تحالفا كما في البيع.
هداية وكفاية.
قوله: (وإن استحق بعض معين إلخ) قيد بالبعض لانه لو(6/572)
استحق جميع ما في يده يرجع بنصف ما في يد شريكه كما في شرح المجمع.
قوله: (على الصحيح) الاولى أن يقول على الصواب كما يظهر من كلام شراح الهداية.
قوله: (تفسخ اتفاقا) لانه لو بقيت لتضرر المستحق بتفرق نصيبه في النصيبين، بخلاف النصيب الواحد إذ لا ضرر.
أفاده في الهداية.
قوله: (لا تفسخ جبرا) أي على المستحق منه لان له الخيار.
قوله: (خلافا للثاني) فعنده تفسخ لاجل المستحق، لانه ظهر أنه شريك ثالث بلا رضاه باطلة، وأشار إلى أن قوله محمد كقول الامام وهو الاصح كما في الهداية.
قوله: (بل المستحق منه يرجع إلخ) يوهم أنه في الاولى ليس كذلك، فلو قال كابن الكمال وإن استحق بعض حصة أحدهما مشاع أو لا لم تفسخ ورجع بقسطه في حصة شريكه أو نقضها وتفسخ في بعض مشاع في الكل لكان أخصر وأظهر.
قوله: (أو نقض القسمة) هذا إذا لم يكن باع شيئا مما في يده قبل الاستحقاق، وإلا فله الرجوع فقط كما أفاده في الهداية.
قوله: (قلت إلخ) هذه العبارة لابن الكمال ملخصة من كلام صدر الشريعة المذكور في المنح.
قوله: (فإن كان شائعا) كالنصف مما في يد كل مشاعا أو نصف أحدهما وربع الآخر فهذا صادق على التساوي والتفاوت، بخلاف الشيوع في الكل في المسألة السابقة فإنه على التساوي فقط، كما لو اقتسما دارا مثالثة فاستحق نصفها مشاعا فله نصف ما في يد كل، لكن الحكم في كل الشيوعين واحد وهو الفسخ لما قدمناه، فافهم.
قوله: (فإن تساويا فظاهر) أي أنه لا فسخ ولا رجوع، كما لو استحق من نصيب كل خمسة أذرع.
قوله: (وإلا) أي إن لم يتساويا كأربعة من أحدهما وستة من الثاني: فلا فسخ أيضا لعدم الضرر
على المستحق كما قدمناه، ويرجع الثاني على الاول بذراع لانه زاد عليه به.
قوله: (فلذا إلخ) تفريع على قوله كما مر: أي لما شابهت هذا المسائل ما مر في الاحكام لم يفردوها بالذكر لفهمها من العلل السابقة، أما الفسخ في الشائع وعدمه في المعين فللضرر على المستحق وعدمه كما علمته، وأما الرجوع على الشريك عند عدم التساوي فإنه يعلم من قوله: يرجع في نصيب شريكه أي ليصل كل إلى حقه بلا زيادة لاحدهما على الآخر، ومقتضاه أن له نقض القسمة أيضا دفعا لضرر التشقيص، وأما عدم الرجوع عند التساوي فظاهر لانه لم يزد أحدهما على الآخر بشئ فافهم.
تتمة: إذا جرت القسمة في دارين أو أرضين وأخذ كل واحدة ثم استحقت إحداهما بعد ما بنى فيها صاحبها يرجع على صاحبه بنصف قيمة البناء، قيل هذا قول الامام لان عنده قسمة الجبر لا تجري في الدارين فكانت في معنى البيع، والاصح أنه قول الكل خانية، ولو في دار لم يرجع.
تاترخانية.
قوله: (ظهر دين إلخ) ومثله لو ظهر موصى له بألف مرسلة فتفسخ إلا إذا قضوه لتعلق حق الدائن والموصى له مرسلا بالمالية، بخلاف ما إذا ظهر وارث آخر أو موصى له بالثلث أو الربع فقال الورثة(6/573)
نقضي حقه ولا تفسخ القسمة لتعلق حقهما بعين التركة فلا ينتقل إلى مال آخر إلا برضاهما كما في النهاية، لكن هذا إذا كانت القسمة بغير قاض، فلو به فظهر وارث وقد عزل القاضي نصيبه لا تنقض وكذا لو ظهر الموصى له في الاصح كما في التاترخانية.
قوله: (ذمم الورثة) كذا في الدرر.
قال ط: فيه أن الدين تعلق بعين التركة بعد تعلقه بذمة الميت اه.
تتمة: أجاز الغريم قسمة الورثة قبل قضاء الدين له نقضها، وكذا إذا ضمن بعض الورثة دين الميت برضا الغريم، إلا أن يكون بشرط براءة الميت لانها تصير حوالة فينتقل الدين عليه وتخلو التركة عنه وهي الحيلة لقسمة تركة فيها دين كما بسطه في البزازية وغيرها.
قوله: (ولو ظهر غبن فاحش في القسمة) أي في التقويم للقسمة، بأن قوم بألف فظهر أنه يساوي خمسمائة، قيد بالفاحش لانه لو يسيرا يدخل تحت تقويم المقومين لا تسمع دعواه، ولا تقبل بينته كما في المنح.
قوله: (خلافا لتصحيح الخلاصة) من أنه لا تسمع دعواه.
قال المصنف في المنح: والصحيح المعتمد ما قدمناه عن الكافي
وقاضيخان، وبه جزم أصحاب المتون وصححه أصحاب الشروح، وبه أفتيت مرارا.
قوله: (قلت إلخ) مأخوذ من حاشية الرملي حيث قال: وقوله بطلت.
قال في الكنز: ولو ظهر غبن فاحش في القسمة تفسخ، وفي متن الغرر تبطل، فتبعه بقوله هنا بطلت فيفهم ظاهره أنها تحتاج إلى الفسخ مع أن الامر بخلافه، فكان ينبغي له موافقته دون متن الغرر اه.
أقول: وفيه نظر يدل عليه قول الخانية تسمع دعواه في الغبن، وله أن يبطل القسمة كما لو كانت بقضاء القاضي وهو الصحيح، فمقتضاه أنها تحتاج إلى الفسخ، وأن معنى تبطل وبطلت له إبطالها، وبه يشعر قول الكنز تفسخ حيث لم يقل تنفسخ، والظاهر أن لفظة لا ساقطة من قلم الرملي قبل قوله تحتاج.
تأمل.
قوله: (لا تسمع دعوى الغلط) تقدم الكلام عليه مستوفى وأنه مخالف للمتون.
قوله: (وتمامه في الخانية) ذكر عبارتها في المنح.
قوله: (صح دعواه) فتنقض القسمة إلا بالقضاء أو الابراء كما مر، ولو كان باع أحدهم حصته بطل البيع كالقسمة كما في الخانية.
قوله: (لتعلق الدين بالمعنى) وهو مالية التركة، ولذا كان لهم أن يقضوا الغريم ويستقلوا بها كما مر.
قوله: (بأي سبب كان) أي بشراء أو هبة أو غير ذلك.
ونقل السائحاني عن المقدسي: اقتسما التركة ثم ادعى أحدهما أن أباه كان جعل هذا المعين له، إن كان قال في صغري يقبل، وإن مطلقا لا اه.
لان التناقض في موضع الخفاء عفو كما مر في محله.
قوله: (إذ الاقدام على القسمة) قيد به لانها إذا كانت جبرا على المدعي(6/574)
تسمع دعواه ولا يكون تناقضا.
رملي.
قوله: (لم تقبل بينته) لدخول البناء والنخل تبعا، فلو اقتسموا شجرا أو بناء فادعى أحدهما الارض كلها أو بعضها جاز لعدم التبعية لجواز كونه مشتركا دون الارض.
ففي الخلاصة وغيرها: لو ادعى شجرا فقال المدعى عليه ساومني ثمره أو اشتر مني لا يكون دفعا لجواز كونه الشجر له والثمرة لغيره وهي واقعة الفتوى، وأفتيت بسماعها لما ذكر.
رملي ملخصا.
قوله: (ليس له أن يجبره على قطعها) أي الاغصان.
قال في الخانية: كما لو وقع في قسم أحدهما حائط عليه جذوع للآخر فإنه لا يؤمر برفعه.
قوله: (لانه استحق الشجرة بأغصانها) أي على هذه الحالة
ط.
قوله: (بغير إذن الآخر) وكذا لو بإذنه لنفسه لانه مستعير لحصة الآخر، وللمعير الرجوع متى شاء.
أما لو بإذنه للشركة يرجع بحصته عليه بلا شبهة.
رملي.
على الاشباه.
قوله: (وإلا هدم البناء) أو أرضاه بدفع قيمته.
ط عن الهندية.
أقول: وفي فتاوى قارئ الهداية: وإن وقع البناء في نصيب الشريك قلع وضمن ما نقصت الارض بذلك اه.
وقد تقدم في كتاب الغصب متنا أن من بنى أو غرس في أرض غيره أمر بالقلع، وللمالك أن يضمن له قيمة بناء أو غرس أمر بقلعه إن نقصت الارض به، والظاهر جريان التفصيل هنا كذلك.
تأمل.
قوله: (في عقار أو غيره) لم أر هذا التعميم لغيره وإن كان ظاهر المتن، لان المصنف عزاه للبزازية.
وعبارتها: قسموا الاراضي وأخذوا حصتهم إلخ، فهو خاص بالعقار كما يظهر قريبا.
قوله: (لان قسمة التراضي) كذا في غالب النسخ، وفي بعضها الاراضي وهو الذي في المتن، وهكذا رأيته في البزازية وغيرها.
وعلل في الذخيرة بأن القسمة في غير المكيل والموزون في معنى البيع فكان نقضها بمنزلة الاقالة اه.
أقول: والظاهر منه أن القسمة في المثلي لا تنتقض بمجرد التراضي لانها ليست بعقد مبادلة، لان الراجح فيه جانب الافراز كما مر.
نعم إذا خلطوا ما قسموه من المثلى برضاهم تجددت شركة أخرى، وبه ظهر ما ذكرناه آنفا.
تأمل.
قوله: (ومبادلتها) عبارة البزازية: وإقالتها.
قوله: (جزم بالقيل في(6/575)
الاشباه) لكن اعترضه البيري بأنه مبني على ما ظنه من أن الباطل والفاسد في القسمة سواء، والمنقول خلافه.
ونقل الحموي عن المصنف أنه لم يطلع على ما ذكره في الاشباه، وذكر هو أيضا أنه لم يقف عليه وأنه يحتمل أن لا وقعت سهوا.
ثم قال: وعلى كل فالفتوى والعمل على أنها تملك بالقبض لانه هو المنقول في كتب المذهب وغيره لم يطلع عليه إلا في عبارة الاشباه مع ما فيها من الاحتمال فلا يصح أن يعول عليها اه.
أقول: والعجب من المصنف حيث ذكره في متنه بعد قوله لم أطلع عليه وكان في سعة من عدم ذكره ولا سيما المتون مبنية على الاختصار وموضوعة عليه الفتوى.
تتمة: اقتسموا أرضا موقوفة بتراضيهم ثم أراد أحدهم بعد سنين إبطال القسمة له ذلك، لان قسمتها بين الموقوف عليهم لا تجوز عند الجميع.
حاوي الزاهدي.
وفيه: أرض قسمت فلم يرض أحدهم بنصيبه ثم زرعه لم يعتبر لان القسمة ترتد بالرد.
قوله: (ولو تهايأ) الهيئة: الحالة الظاهرة للمتهيئ للشئ، والتهايؤ تفاعل منها.
وهو أن يتواضعوا على أمر فيتراضوا به، والمهايأة بإبدال الهمزة ألفا لغة، وهي في لسان الشرح: قسمة المنافع، وإنها جائزة في الاعيان المشتركة التي يملك الانتفاع بها على بقاء عينها.
وتمامه في شرح الهداية.
قوله: (يسكن هذا بعضا إلخ) أشار إلى أن التهايؤ قد يكون في الزمان وقد يكون من حيث المكان، والاول متعين في العبد الواحد ونحوه كالبيت الصغير، ولو اختلفا في التهايؤ من حيث الزمان والمكان في محل يحتملها يأمر القاضي بأن يتفقا لانه في المكان أعدل لانتفاع كل في زمان واحد، وفي الزمان أكمل لانتفاع كل بالكل، فلما اختلفت الجهة فلا بد من الاتفاق، فإن اختاراه من حيث الزمان يقرع في البداية نفيا للتهمة.
هداية.
وقيد بالزمان لان التسوية في المكان تمكن في الحال بأن يسكن هذا بعضا والآخر بعضا، أما الزمان فلا تمكن إلا بمضي مدة أحدهما.
كفاية.
أقول: لكن قد يقع الاختلاف في تعيين المكان فينبغي أن يقرع.
تأمل.
قال الرملي: ولو تشاحا في تعيين المدة مثلا بأن قال أحدهما سنة بسنة والآخر شهر بشهر لم أره، والظاهر تفويضه للقاضي.
ولا يقال: يأمرهما بالانفاق كالاختلاف من حيث الزمان والمكان لان مع كل وجها فيها، بخلافه هنا، وإن قيل يقدم الاقل حيث لا ضرر بالآخر لانه أسرع وصولا إلى الحق فله وجه.
تأمل اه.
تنبيه: في الهداية: لكل واحد أن يستغل ما أصابه بالمهايأة وإن لم يشرط ذلك لحدوث المنافع على ملكه اه.
قال السائحاني: أفاد في التاترخانية أن تهايؤ المستأجرين صحيح غير لازم، وإن شرطا على المؤجر أن لاحدهما مقدم الدار وللآخر مؤخرها فسد العقد، ولو لم تسع سكناهما وأحدهما ساكن وطلب الآخر التهايؤ زمانا يجاب كما في حيطان الخانية اه.
قوله: (كذلك) أي يأخذ هذا شهرا والآخر شهرا، أو يأخذ هذا غلة هذه والآخر غلة الاخرى.
قوله: (ولا تبطل بموت أحدهما إلخ) لانها لو(6/576)
بطلت لاستأنفها الحاكم ولا فائدة في الاستئناف.
زيلعي.
وإذا تهايأ في مملوكين استخداما فمات أحدهما أو أبق انتقضت، ولو استخدمه الشهر كله إلا ثلاثة أيام نقص من الشهر الآخر ثلاثة أيام، ولو زاد ثلاثة لا يزيد الآخر، ولو أبق الشهر كله واستخدم الآخر فيه فلا أجر ولا ضمان، ولو عطب أحد الخادمين أو انهدم المنزل من السكنى أو احترق من نار أوقدها فلا ضمان.
تاترخانية.
قوله: (بطلت) عبارة الهداية: يقسم وتبطل المهايأة، وقد أفاد أنه لو طلب أحدهما المهايأة والآخر القسمة يجاب الثاني كما في الهداية.
وفي التاترخانية: أجر كل منهما الدار التي في يده فأراد أحدهما نقض المهايأة وقسمة رقبة الدار له ذلك إذا مضت مدة الاجارة، وذكر قبله: لكل نقض المهايأة ولو بلا عذر في ظاهر المذهب.
قال الحلواني: هذا إذا قال أريد بيع نصيبي أو قسمته، أما لو أراد عود المنافع مشتركة فلا.
وقال شيخ الاسلام: ما في ظاهر الرواية من أن له نقضها ولو بلا عذر إذا حصلت بتراضيهما، فلو بالقضاء فلا ما لم يصطلحا، لانه في الاول يحتاج إلى ما هو أعدل وهو القسمة بالقضاء.
قوله: (ولو اتفقا إلخ) وكذا لو سكتا فطعام كل مخدومه استحسانا، وفي القياس عليهما، وقوله بخلاف الكسوة فيه تفصيل، إن لم يبينا مقدارا معلوما لا يجوز، وإن بينا يجوز استحسانا، أما الطعام فجائز اشتراطه على من يخدم، وإن لم يبين مقداره استحسانا، أفاده ط عن الهندية.
قوله: (وما زاد إلخ) أي من الغلة وهو مرتبط بقول المصنف: أو في غلة دار أو دارين.
قوله: (مشترك) لتحقيق التعديل، بخلاف ما إذا كان التهايؤ على المنافع فاستغل أحدهما في نوبته زيادة، لان التعديل فيما وقع عليه التهايؤ حاصل وهو المنافع فلا يضره زيادة الاستغلال.
هداية.
أقول: ظهر من هذا أن زيادة الغلة في نوبة أحدهما لا تنافي صحة المهايأة والجبر عليها، ويتأمل هذا مع ما في فتاوى قارئ الهداية أن السفينة لا يجبر على التهايؤ فيها حملا ولا استغلالا من حيث الزمان بأن يستغلها هذا شهرا والآخر شهرا بل يؤجرانها والاجرة لهما اه.
وعلله بعضهم بأنه قد تكون غلة شهر أزيد من غلة آخر فلا يوجد التساوي اه.
ولعل المراد لا يجبر على وجه يختص كل منهما بالزائد من الغلة وإلا فهو مشكل، فليتأمل.
قوله: (لا في الدارين) لان فيهما معنى التمييز والافراز راجع لاتحاد زمان الاستيفاء، وفي الدار الواحدة يتعاقب الوصول فاعتبر قرضا وجعل كل
منهما في نوبته كالوكيل عن صاحبه.
هداية.
قوله: (على السكنى والخدمة) بأن يسكن أحدهما الدار سنة ويستخدم الآخر العبد سنة، وعلى الغلة باطلة عنده خلافا لهما.
ذخيرة.
قال في الدر المنتقى: الجواز في المتحد، ففي المختلف أولى.
قوله: (وكذا في كل مختلفي المنفعة) قال في الدر المنتقى: كسكنى الدور وزرع الارضين وكحمام ودار كما في الاختيار.
قوله: (وتمامه إلخ) هو ما ذكرناه.
قوله: (لا يصح في المسائل الثمان) لكن الثانية والرابعة والخامسة والسادسة عند الامام والباقي بالاتفاق كما أوضحه في المنح.(6/577)
قال في الدرر: أما في عبد أو بغل واحد فلان النصيبين يتعاقبان في الاستيفاء، فالظاهر التغير في الحيوان فتفوت المعادلة، بخلاف الدار الواحدة لان الظاهر عدم التغير في العقار، وأما في عبدين أو بغلين فلان التهايؤ في الخدمة جوز للضرورة لامتناع قسمتها ولا ضرورة في الغلة لانها تقسم، وأما في ركوب بغل أو بغلين فلتفاوته بالراكبين فلا تتحقق التسوية فلا يجبر القاضي عليه، وأما في ثمرة شجرة أو لبن شاة ونحوه فلان التهاؤيو مختص بالمنافع لامتناع قسمتها بعد وجودها بخلاف الاعيان اه ملخصا.
ولو لهما جاريتان فتهايأ على أن ترضع إحداهما ولد أحدهما والاخرى ولد الآخر جاز، لان لبن الآدمي لا قيمة له فجرى مجرى المنافع.
منح.
قوله: (ونحوها) أي من الاعيان التي لا تجري فيها المهايأة.
أقول: ومنها عدة الحمام كالمزبلة والحمير والمناشف ونحوها، فتنبه له فإنه مما يغفل عنه.
قوله: (أن يشتري حظ شريكه) أي من الشجرة والشاة كما في الكفاية لا من الثمرة، فافهم.
قوله: (ثم يبيع كلها) أي حصتها وما اشتراه من شريكه، فافهم.
قوله: (أو ينتفع باللبن) هذا مقابل لقوله أن يشتري لكنه ناظر إلى الشاة: أي إما أن يشتري حظه من الشاة، وإما أن يستقرض لبنها فلا يصح عطفه بالواو، فافهم.
قوله: (بمقدار معلوم) بأن يزن ما يحلبه كل يوم حتى تفرغ المدة ثم يستوفي صاحبه مقداره في نوبته.
وفي الخانية: تواضعا في بقرة على أن تكون عند كل منهما خمسة عشر يوما يحلب لبنها كان باطلا، ولا يحل فضل اللبن لاحدهما وإن جعله صاحبه في حل لانه هبة المشاع فيما يقسم، إلا أن يكون استهلكه فيكون إبراء عن الضمان فيجوز.
قوله: (إذ قرض المشاع جائز) ومنه ما في هبة
النهاية: إذا دفع إليه ألفا وقال خمسمائة قرضا وخمسمائة شركة جاز، واعترض في السعدية بأن قرض المشاع وإن جاز لكن تأجيله لا يجوز.
قلت: فيه نظر لانه غير لازم لا غير جائز كما مر في بابه، فتدبر.
تتمة: لم يذكر في الكتاب المهايأة على بس الثوبين.
قال بعض مشايخنا: لا يجوز عند الامام خلافا لهما لتفاوت الناس في اللبس تفاوتا فاحشا.
طوري عن المحيط.
قوله: (إن كانت) هذا أحد أقوال ثلاثة حكاها في الولوالجية وغيرها، ثانيها على الاملاك مطلقا، ثالثها عكسه.
بقي الكلام في معرفة ما هي لحفظ الاملاك وما هي لحفظ الرؤوس في زماننا وهو عسير، فإن الظلمة يأخذون المال من أهل قرية أو محلة أو حرفة مرتبا في أوقات معلومة وغير مرتب بسبب وبلا سبب.
ورأيت في آخر قسمة الحامدية ما ملخصه موضحا: ولم أر أحدا تعرض للتفصيل غير المرحوم والدي علي أفندي العمادي، وهو أن القاعدة أنه إذا قطع النظر عن إضافة الاملاك إلى أهل القرية صار أهلها كالتركمان والعربان فلا يوزع عليهم إلا ما يطلبه السلطان من نحو التركمان كالعوارض وجريمة ما يتهمون به من سرقة أو قتل أو عدم مدافعة ذلك، وكالقيام بالضيف إلا نحو العلف لانهم لا يزرعون، وما يأخذه الوالي من المشاهرة وما عداه مما يطلب بسبب الاملاك كالتبن والشعير والحطب والذخيرة فعلى الملاك بحسب أملاكهم اه.
فتأمل.
قوله: (ولا يدخل صبيان ونساء) الظاهر أنه خاص فيما لحفظ الانفس(6/578)
يرشد إليه التعليل.
قال في النهر، الولوالجيه: فإن لتحصين الاملاك فعلى قدرها لانها لتحصين الملك فصارت كمؤنة حفر النهر، وإن لتحصين الابدان فعلى قدر الرؤوس التي يتعرض لهم لانها مؤنة الرأس، ولا شئ على النساء والصبيان لانه لا يتعرض لهم اه.
فتدبر.
قوله: (ولو خيف الغرق إلخ) نقله في الاشباه عن فتاوى قارئ الهداية.
قوله: (فاتفقوا إلخ) يفهم منه أنهم إذا لم يتفقوا على الالقاء لا يكون كذلك بل على الملقى وحده، وبه صرح الزاهدي في حاويه.
قال رامزا: أشرفت السفينة على الغرق فألقى بعضهم حنطة غيره في البحر حتى خفت يضمن قيمتها في تلك الحال اه.
رملي على الاشباه.
وقوله في تلك الحال متعلق بقيمتها: أي يضمن قيمتها مشرفة على الغرق كما ذكره الشارح في كتاب
الغصب ثم قال رملي: ويفهم منه أن لا شئ على الغائب الذي له مال فيها ولم يأذن بالالقاء، فلو أذن بأن قال: إذا تحققت هذه الحالة فألقوا اعتبر إذنه اه.
قوله: (بعدد الرؤوس) يجب تقييده بما إذا قصد حفظ الانفس خاصة كما يفهم من تعليله.
أما إذا قصد حفظ الامتعة فقط كما إذا لم يخش على الانفس وخشي على الامتعة بأن كان الموضع لا تغرق فيه الانفس وتتلف فيه الامتعة فهي على قدر الاموال، وإذا خشي على الانفس والاموال فألقوا بعد الاتفاق لحفظهما فعلى قدرهما، فمن كان غائبا وأذن بالالقاء إذا وقع ذلك اعتبر ماله لا نفسه، ومن كان حاضرا بماله اعتبر ماله ونفسه، وما كان بنفسه فقط اعتبر نفسه فقط، ولم أر هذا التحرير لغيري، ولكن أخذته من التعليل فتأمل.
رملي على الاشباه.
وأقره الحموي وغيره.
قوله: (المشترك إذا انهدم إلخ) استثنى الشيخ شرف الدين منه مسألة، وهي جدار بين يتيمين خيف سقوطه وفي تركه ضرر عليهما ولهما وصيان فأبى أحدهما العمارة يجبر على البناء مع صاحبه، وليس كإباء أحد المالكين لرضاه بدخول الضرر عليه عليه فلا يجبر وهنا الضرر على الصغير كما في الخانية، ويجب أن يكون الوقف كذلك اه.
أبو السعود ملخصا.
قوله: (وإلا بنى إلخ) في حاشية الشيخ صالح على الاشباه: أطلق المصنف في عدم الجبر فيما لا يحتمل القسمة فشمل ما إذا انهدم كله وصار صحراء أو بقي منه شئ.
وفي الخلاصة: طاحونة أو حمام مشترك انهدم وأبى الشريك العمارة يجبر، هذا إذا بقي منه شئ، أما إذا انهدم الكل وصار صحراء لا يجبر، وإن كان الشريك معسرا يقال له أنفق ويكون دينا على الشريك إلخ.
وفي الخلاصة أيضا: ولو أبى أحدهما أن يسقي الحرث يجبر.
وفي أدب القضاء من الفتاوى: لا يجبر ولكن يقال اسقه وأنفق ثم ارجع بنصف ما أنفقت اه.
أبو السعود.
أقول: استفيد مما في الخلاصة أن عدم الجبر لو معسرا.
تأمل.
ولا يخفى أن نحو الحمام مما لا يقسم إذا انهدم كله وصار صحراء صار مما يقسم كما صرحوا به فلا يرد على إطلاق المصنف، لان الكلام فيما لا يحتمل القسمة، فافهم.
هذا، وظاهر كلام الخلاصة الثاني أن الجبر بنحو الضرب والحبس، وقد فسره في موضع آخر بأمر القاضي بأن ينفق ويرجع بنصفه، ومثله في البزازية: تأمل.
وما ذكره الشارح سيأتي قريبا عن الوهبانية.
تتمة: زرع بينهما في أرضهما طلبا قسمته دون الارض، فلو بقلا واتفقا على القلع جازت، وإن شرطا البقاء أو أحدهما فلا ولو مدركا، فإن شرطا الحصاد جازت اتفاقا أو الترك فلا عندهما وجازت عند محمد، وكذلك الطلع على النخيل على التفصيل، ولو طلبا من القاضي لا يقسمه بشرط الترك،(6/579)
وأما بشرط القلع فعلى الروايتين، ولو طلب أحدهما منه لا يقسم مطلقا.
تاترخانية.
قوله: (له التصرف في ملكه إلخ) إن أريد بالملك ما يعم ملك المنفعة شمل الموقوف للسكنى أو الاستغلال.
أفاده الحموي.
قوله: (قال المصنف إلخ) ونقله ابن الشحنة عن أئمتنا الثلاثة وعن زفر وابن زياد، وقال: وهو الذي أميل إليه وأعتمده، وأفتى به تبعا لوالدي اه.
وجعله في العمادية للقياس وقال: لكن ترك القياس في المواضع التي يتعدى ضرر تصرفه إلى غيره ضررا بينا، وبه أخذ كثير من مشايخنا وعليه الفتوى اه.
وهذا قول ثالث.
قال العلامة البيري: والذي استقر عليه رأي المتأخرين أنه الانسان يتصرف في ملكه وإن أضر بغيره ما لم يكن ضررا بينا، وهو ما يكون سببا للهدم أو ما يوهن البناء أو يخرج عن الانتفاع بالكلية، وهو ما يمنع من الحوائج الاصلية كسد الضوء بالكلية، والفتوى عليه اه.
وفي حاشية الشيخ صالح: والمنع هو الاستحسان، وهو الذي أميل إليه إذا كان الضرر بينا اه.
وبه أفتى أبو السعود مفتي الروم، وهو الذي عليه العمل في زماننا، ومشى عليه الشرنبلالي، وكذا المصنف في متفرقات القضاء، وارتضاه الشارح هناك.
ثم قال: وبقي ما لو أشكل هل يضر أم لا؟ وقد حرر محشي الاشباه المنع قياسا على مسألة السفل والعلو أنه لا يتد إذا ضر، وكذا إن أشكل على المختار إلخ.
قوله: (وفي الوهبانية وشرحها) الثلاثة الاول من الوهبانية والاربعة الباقية من نظم شارحها ابن الشحنة، لكنه ذكر الاخير بعد أبيات، فافهم.
قوله: (ولو زرع الانسان أرزا إلخ) الارز كقفل، وقد تضم راؤه وتشدد الزاي، وبعضهم يفتح الهمزة وبعضهم يحذفها، وهذا مبني على ظاهر الرواية، والفتوى على التفصيل.
شرنبلالي.
قوله: (وحيط) جعله ابن الشحنة مجرورا بواو رب، والاولى رفعه مبتدأ وجملة له أهل أي أصحاب صفة له، وقوله: فحمل واحد أي وضع عليه جذوعه معطوف على متعلق الجار، وقوله: ولا حمل فيه قبل جملة حالية وفي بمعنى على أي لم يكن عليه جذوع
قبل ذلك، وجملة ليس يغير خبر المبتدأ: أي ليس للشريك الآخر رفع ما حمله أحدهم.
قال ابن الشحنة: وهذا لو الحائط يحتمل ذلك كما في البزازية، ويقال للآخر ضع أنت مثل ذلك إن شئت، وهذا بخلاف ما إذا كان لهما عليه خشب فأراد أحدهما أن يزيد على خشب صاحبه أو يتخذ عليه سترا أو يفتح كوة أو بابا فللآخر منعه لان القياس المنع من التصرف في المشترك إلا أنا تركنا القياس في الاولى للضرورة، إذ ربما لا يأذن له شريكه فيتعطل عليه منفعة الحائط اه بمعناه.
قوله: (وما لشريك(6/580)
إلخ) صورة ذلك: حائط بين رجلين قدر قامة أراد أحدهما أن يزيد في طوله وأبى الآخر فله منعه.
ذخيرة وغيرها.
وإلى ترجيحه لكونه رواية عن محمد أشار بتقديمه، وتعبيره عن الثاني بقيل أفاده ابن الشحنة، ثم نقل تقييد المنع بما إذا كان شيئا خارجا عن العادة، ووفق به بين القولين، واعتمده ونظمه في بيت غير به نظم الوهبانية، وكأن الشارح لم يعول عليه لظهور الوجه للاول، لانه تصرف المشترك بلا ضرورة فيبقى على الاصل من المنع، ولذا اقتصر عليه في الخانية في باب الحيطان وقال: ليس له الزيادة بلا إذن أضر الشريك أو لا.
وفي الخيرية: ومثله في كثير من الكتب والفقه، فيه أنه يصير مستعملا لملك الغير بلا إذنه فيمنع، وهذا مما لا شبهة فيه اه.
فتنبه.
قوله: (وممنوع قسم) أي ما لا تمكن قسمته كالحمام، وقوله: من الرم متعلق بمنع: أي عند امتناع الشريك من الترميم، وقوله قاض مؤجر مبتدأ وخبر والجملة خبر المبتأ وهو ممنوع يعني أن القاضي يؤجره ويعمره بالاجرة، وهذا أحد قولين حكاهما في الخانية.
قوله: (وينفق في المختار إلخ) هذا هو القول الثاني.
قال في الخانية: والفتوى عليه.
قال ابن الشحنة: والمراد بالراضي الراضي بالرم والعمارة، يظهر ذلك من مقابلته بالآبي، وضمير إذنه للقاضي، وقبل يخسر: أي قبل أن يخسر للباني ما يخصه مما صرفه اه.
وحاصله: أنه ينفق الراضي بالترميم بإذن القاضي ويمنع الآبي من الانتفاع قبل أداء ما يخصه.
وقال ابن الشحنة: ومفهوم التقييد بالرم أنه لو انهدم جميعه حتى صار صحراء لا يجري ما ذكر من الاختلاف كما صرح به في البزازية اه: أي لانه يصير حينئذ مما يقسم كما قدمناه.
قوله: (وخذ منفقا) بفتح اسم مفعول، وهذا زاده ابن الشحة تفصيلا لبيت من الوهبانية، وهو هذا:
وذو العلو لم يلزم لصاحب سفله * بناه خلا من هذه منه يصدر قال الشرنبلالي: عدى اللزوم إلى مفعولين بالهمزة في بناه وهو المفعول الاول وباللام في الثاني وهو لصاحب، ويقال هد البناء: إذا هدمه، والمسألة من الذخيرة: إذا انهدم السفل بغير صنع لا يجبر صاحبه على البناء، ويقال لذي العلو: إن شئت فابن السفل من مالك لتصل لنفعك، فإذا بناء بإذن القاضي أو أمر شريكه يرجع بما أنفق وإلا فبقيمة البناء وقت البناء، وهذا هو الصحيح المختار للفتوى، فيمنع صاحب السفل من الانتفاع حتى يأخذ ذلك منه جبرا.
وأما إذا هدمه بصنعه فإنه يؤاخذ بالبناء لتفويته حقا استحق وليصل صاحب العلو لنفعه، ونظم الشارح التفصيل.
والتصحيح في بيت فقال: وخذ منفقا إلخ اه.
ونقل الشارح ابن الشحنة هذا التفصيل في الجدار أيضا فالضمير في منه لصاحب العلو أو الشريك في الجدار، وقوله: كحاكم على تقدير مضاف: أي كإذن حاكم، وقوله: إلا بكسر همزة إن الشرطية: أي إن لا إذن ممن ذكر، فافهم.
وهذه المسألة هي التي قدمها الشارح عن الاشباه، وظاهر كلامه هناك عدم اختصاص الحكم بالسفل والجدار، والله تعالى أعلم.(6/581)
كتاب المزارعة وتسمى المخابرة والمحاقلة، ويسميها أهل العراق: القراح، وبيانه في المنح.
قوله: (مناسبتها ظاهرة) وهي قسمة الخارج.
قوله: (هي لغة مفاعلة من الزرع) ذكر في البدائع أن المفاعلة على بابها، لان الزرع هو الانبات لغة وشرعا، والمتصور من العبد التسبب في حصول النبات، وقد وجد من أحدهما بالعمل ومن الآخر بالتمكين منه بإعطاء الآلات إلا أنه اختص العامل بهذا الاسم في العرف كاسم الدابة لذوات الاربع اه.
أو يقال: إن المفاعلة قد تستعمل فيما لا يوجد إلا من واحد كالمداواة والمعاجلة.
قال الحموي: ولا حاجة إلى هذا كله، فإن الفقهاء نقلوا هذا اللفظ وجعلوه علما على هذا العقد اه.
أبو السعود ملخصا.
أقول: وفيه نظر، فإن الكلام في المعنى اللغوي لا الاصطلاحي.
تأمل.
قوله: (من الزرع) هو طرح الزراعة بالضم: وهو البذر، وموضعه المزرعة مثلثة الراء كما في القاموس، إلا أنه مجاز حقيقته
الانبات، ولذا قال (ص): لا يقولن أحدكم زرعت بل حرثت أي طرحت البذر كما في الكشاف وغيره.
قهستاني.
قوله: (عقد على الزرع) يصح أنه يراد بالزرع الصدر واسم المفعول، لما في البزازية: زرع أرض غيره بغير إذنه ثم قال لرب الارض ادفع إلي بذري فأكون أكارا: إن البذر صار مستهلكا في الارض لا يجوز، وإن قائما يجوز، معناه: أن الحنطة المبذورة قائمة في الارض ويصير الزارع مملكا الحنطة المزروعة بمثلها وذا جائز، لكن تفسد المزارعة لعدم الشرائط، وإذا لم يتناه الزرع فدفعه إلى غيره مزارعة ليتعاهده صح لا إن تناهى اه.
سائحاني.
قوله: (ببعض الخارج) لا ينتقض بما إذا كان الخارج كله لرب الارض أو العامل فإنه ليس مزارعة، إذ الاول استعانة من العامل والثاني إعارة من المالك كما في الذخيرة.
قهستاني.
قوله: (وأركانها إلخ) وحكمها في الحال ملك المنفعة وفي المآل الشركة في الخارج، وصفتها أنها لازمة من قبل من لا بذر له فلا يفسخ بلا عذر، وغير لازمة ممن عليه البذر قبل إلقاء البذر في الارض فملك الفسخ بلا عذر حذرا عن إتلاف بذره، بخلاف المساقاة فإنها لازمة من الجانبين لعدم لزوم الاتلاف فيها.
بزازية موضحا.
قوله: (ولا تصح عند الامام) إلا إذا كان البذر والآلات لصاحب الارض والعامل فيكون الصاحب مستأجرا للعامل والعامل للارض بأجرة ومدة معلومتين ويكون له بعض الخارج بالتراضي، وهذه حيلة زوال الخبث عنده، وإنما لم يصح بدونها لاختلاف فيه من الصحابة والتابعين لتعارض الاخبار عن سيد المرسلين صلوات الله عليه وعليهم إلى يوم الدين كما في المبسوط.
وقضى أبو حنيفة بفسادها بلا حد.
ولم ينه عنها أشد النهي كما في الحقائق، ويدل عليه أنه فرع عليها مسائل كثيرة، حتى قال(6/582)
محمد: أنا فارس فيها، لان فرع عليها وراجل في الوقف لانه لم يفرع عليه كما في النظم قهستاني.
وفي الهداية: وإذا فسدت عنده فإن سقى الارض وكربها ولم يخرج شئ فله أجر مثله لو البذر من رب الارض، ولو منه فعليه أجر مثل الارض والخارج في الوجهين لرب البذر.
قوله: (لانها كقفيز الطحان) لانها استئجار ببعض ما يخرج من عمل فتكون بمعناه، وقد نهى عنه (ص)، وهو أن يستأجر رجلا ليطحن له كذا منا من الحنطة بقفيز من دقيقها.
وتمام الادلة من الجانبين مبسوط
في الهداية وشروحها، وفي الشرنبلالية عن الخلاصة أن الامام فرع هذا المسائل في المزارعة على قول من جوزها لعلمه أن الناس لا يأخذون بقوله.
قوله: (صلاحية الارض للزرع) فلو سبخة أن نزة لا تجوز، ولو لم تصلح وقت العقد بعارض على شرف الزوال كانقطاع الماء وزمن الشتاء ونحوه اه ط ملخصا.
قوله: (وأهليه العاقدين) بكونهما حرين بالغين أو عبدا وصبيا مأذونين أو ذميين، لانه لا يصح عقد بدون الاهلية كما في الهداية فلا تختص به فتركه أولى.
قهستاني.
قوله: (مجتبى وبزازية) عبارة البزازية: وعن محمد جوازها بلا بيان المدة، وتقع على أول زرع يخرج واحد، وبه أخذ الفقيه وعليه الفتوى، وإنما شرط محمد بيان المدة في الكوفة ونحوها، لان وقتها متفاوت عندهم وابتداؤها وانتهاؤها مجهول عندهم اه.
لكن قال في الخانية بعد ذلك: والفتوى على جواب الكتاب: أي من أنه شرط.
قال في الشرنبلالية: فقد تعارض ما عليها لفتوى اه.
قوله: (وذكر رب البذر) ولو دلالة بأن قال دفعتها إليك لتزرعها لي أو أجرتك إياها أو استأجرتك لتعمل فيها: فإن فيه بيان أن البذر من قبل رب الارض، ولو قال: لتزرعها بنفسك ففيه بيان أن البذر من العامل، وإن لم يكن شئ من ذلك قال أبو بكر البلخي: يحكم العرف في ذلك إن اتحد وإلا فسدت، لان البذر إذا كان من رب الارض فهو مستأجر للعامل، أو من العامل فهو مستأجر للارض وعند اختلاف الحكم لا بد من البيان كما في الواقعات.
قهستاني.
قوله: (وذكر جنسه) لان الاجر بعض الخارج وإعلام جنس الاجر شرط، ولان بعضها أضر بالارض، فإذا لم يبين فإن للبذر من رب الارض جاز لانها لا تتأكد عليه قبل إلقائه، وعند الالقاء يصير الاجر معلوما، وإن من العامل لا يجوز إلا إذا عمم بأن قال تزرع ما بد لك وإلا فسدت، فإن زرعها تنقلب جائزة خانية وظهيرية.
وفي منية المفتي: قال إن زرعتها حنطة فبكذا(6/583)
أو شعيرا فبكذا جاز، ولو قال على أن تزرع بعضهات حنطة وبعضها شعيرا لا.
قوله: (لا قدرة إلخ) كذلك قاله في الخانية.
ومفاد التعليل أن معرفة الارض شرط، لكن في الخانية أيضا: وينبغي أن يكون العامل يعرف الارض، لانه إذا لم يعلم والاراضي متفاوتة لا يصير العمل معلوما اه.
تأمل.
وقد يقال: إن القدر ليس إن علمت الارض وإلا فهو شرط، وبه يحصل التوفيق بين ما في
الخانية وما في الاختيار.
تأمل.
قوله: (وذكر قسط العامل الآخر) المراد منه من لا بذر منه.
وكان الاوضح ذكر العامل بعد لفظ الآخر لئلا يوهم تعدد العامل.
وفي الخانية: الشرط الرابع بيان نصيب من لا بذر منه، لان ما يأخذه إما أجر لعمله أو لارضه فيشترط إعلام الاجر، وإن بينا نصيب العامل وسكتا عن نصيب رب البذر حاز العقد، لان رب البذر يستحق الخارج بحكم أنه نماء ملكه لا بطريق الاجر، وبالعكس لا يجوز قياسا لان ما يأخذه أجر فيشترط إعلامه وفي الاستحسان: يجوز العقد، لانه لما بين نصيب رب البذر كان ذلك بيان أن الباقي للاجير اه.
وحاصله: أنه يشترط بيان نصيب من لا بذر منه صريحا أو ضمنا.
تأمل.
قوله: (وبشرط التخلية إلخ) وهي أن يقول صاحب الارض للعامل سلمت إليك الارض، فكل ما يمنع التخلية كاشتراط عمل صاحب الارض مع العامل يمنع الجواز، ومن التخلية أن تكون الارض فارغة عند العقد، فإن كان فيها زرع قد نبت يجوز العقد ويكون معاملة لا مزارعة، وإن كان قد أدرك لا يجوز العقد لان الزرع بعد الادراك لا يحتاج إلى العمل فيتعذر تجويزها معاملة أيضا.
خانية.
قوله: (ولو مع البذر) يعني ولو كان البذر من رب الارض، وإنما قال كذلك لانه لو كان من العامل تشترط التخلية بالاولى لانه يكون مستأجرا للارض لان الاصل أن من كان البذر منه فهو المستأجر كما سنذكره فقد صرح بالمتوهم، وذلك أنه إذا كان البذر من رب الارض يكون مستأجرا للعامل فربما يتوهم أنه لا تشترط التخلية بينه وبين الارض لكونها غير مستأجرة، فافهم.
قوله: (وبشرط الشركة في الخارج) أي بعد حصوله لانه ينعقد شركة في الانتهاء، فما يقطع هذه الشركة كان مفسدا للعقد.
هداية.
وفي الشرنبلالية أن هذا الشرط مستدرك للاستغناء عنه باشتراط ذكر قسط العامل.
قوله: (فتبطل) أي تفسد كما يفيده ما نقلناه آنفا عن الهداية.
قوله: (أو رفع) بالرفع في الموضعين عطفا على قفزان المرفوع على النيابة عن الفاعل لشرط المذكور فافهم.
قوله: (وتنصيف الباقي) بالرفع معمول لشرط أيضا.
قال ح: وهو راجع للمسائل الاربع اه.
وإنما فسدت فيها لانها قد تؤدي إلى قطع الشركة في الخارج فإنه يحتمل أن لا تخرج الارض إلا ذلك المشروط.
قوله: (بعد رفعه) أي رفع ذلك المشروط والظروف متعلق
بالباقي، فافهم.
قوله: (للارض أو لاحدهما) اللام فيهما للتعليل اه ح: أي العشر للارض بأن كانت(6/584)
عشرية أو لاحدهما بأن شرطا رفع العشر من الخارج لاحدهما والباقي بينهما فإنه يجوز.
قال القهستاني: وهذا حيلة لرب الارض إذا أراد أن يرفع بذره، وقال السائحاني: فلو لم يشترط رفع عشر الارض، قال الشارح في الزكاة: إن كان البذر من رب الارض فعليه، ولو من العامل فعليهما أقول: هو تفصيل حسن اه.
قوله: (أو شرط التبن إلخ) هذه المسألة تشتمل على ثمان صور: ستة منها فاسدة، وثنتان صحيحتان كما في الخانية، وأسقط هنا واحدة، وهي ما إذا شرطا تنصيف التبن وسكتا عن الحب، وهي غير جائزة، وذكر سبعة، لان قوله هنا لاحدهما وقوله بعده والحب لاحدهما تحتهما أربع صور، لان المراد بالاحد فيهما إما رب البذر أو العامل.
قوله: (والتبن لغير رب البذر) برفع التبن عطفا على تنصيف، وكذا قوله والحب لاحدهما.
قوله: (لانه خلاف مقتضى العقد) ولانه يؤدي إلى قطع الشركة، إذ ربما يصيب الزرع آفة فلا يخرج إلا التبن.
معراج چ قوله: (كما هو مقتضى العقد) لانه لو سكتا عنه كان له فمع الشرط أولى، لانه شرط موجب العقد وبه ولا تتغير صفة العقد.
معراج.
قوله: (تبعا للصدر) أي صدر الشريعة وغيرها كصاحب الهداية، فإنه قال: ثم التبن يكون لصاحب البذر لانه نماء بذره وفي حقه لا يحتاج إلى الشرط.
وقال مشايخ بلخ: التبن بينهما أيضا اعتبارا للعرف فيما لم ينص عليه المتعاقدان، ولانه تبع للحب والتبع يقول بشرط الاصل اه.
وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي: ويكون التبن لرب البذر وهو ظاهر الرواية اه.
قال في الكفاية: والجواب عما قاله مشايخ بلخ أن الاصل فيها عدم الجواز، لانها تثبت مع المنافي، فبقدر ما وجد المجوز يعمل به وما لم يوجد فلا اه.
قوله: (المزارع بالربع إلخ) هذا محمول على ما إذا كان شرط أو عرف في الصورتين بدليل ما مر عن مشايخ بلخ، وإلا فالذي يقتضيه الفقه المشاركة على حسب نصيب كل منهما، وكذا حققه السيد المرشدي اه ح ملخصا.
أقول: وقد صرح في القنية بالتعليل بقوله لمكان التعارف، ثم قال أيضا: قال أستاذنا: والمختار في زماننا أنه لا شئ للمزارع بالربع من التبن لمكان العرف وظاهر الرواية اه.
وذكر ابن الشحنة أن
أقول: والحاصل، أن مبنى كلام القنية فيما إذا كان العل خاصة من المزارع اه.
كل من المسألتين على اعتبار العرف كما هو مذهب البلخيين، لكن انضم إلى الاولى مع العرف موافقتهما لظاهر الرواية من كون التبن لرب البذر فصارت وفاقية وبقيت الثانية مبنية على مذهبهم فقط، هذا هو التحرير لهذا المحل بعون الله تعالى.
وأما كون مقتضى الفقه المشاركة حيث لا عرف، ولا شرط ففيه نظر، بل مقتضى الفقه ظاهر الرواية بل هي الفقه، فافهم.(6/585)
قوله: (وكذا صحت إلخ) هذه الجمل من جملة شروطها.
زيلعي.
قوله: (فهذه الثلاثة جائزة) لان من جوزها إنما جوزها على أنها إجازة ففي الاولى: يكون رب البذر والارض مستأجرا للفاعل وبقره تبعا له لاتحاد المنفعة لان البقر آلة له، كمن استأجر خياطا ليخيط له بإبرته.
وفي الثاني: يكون رب البذر مستأجر للارض بأجر معلوم من الخارج فتجوز كاستئجارها بدراهم في الذمة.
وفي الثالثة: يكون مستأجرا للعامل وحده.
والاصل فيها أن صاحب البذر هو المستأجر وتخرج المسائل على هذا كما رأيت.
زيلعي ملخصا.
وقد نظمت هذه الثلاثة في بيت واحد فقلت: أرض وبذر كذا أرض كذا عمل * من واحد ذي ثلاث كلها قبلت قوله: (وبطلت في أربعة أوجه إلخ) أما الاول، فلان رب البذر استأجر الارض واشتراط البقر على صاحبها مفسد للاجارة، إذ لا يمكن جعل البقر تبعا للارض لاختلاف المنفعة، لان الارض للانبات والبقر للشق.
وأما الثاني، فلان الارض لا يمكن جعلها تبعا لعمله كذلك.
وأما الثالث فقالوا هو فاسد، وينبغي أن يجوز قياسا على العامل وحده أو الارض وحدها، والجواب أن القيام أن لا تجوز المزارعة لما فيها من الاستئجار ببعض الخارج، إنما ترك بالاثر وهو ورد في استئجار العامل أو الارض فيقتصر عليه، وأما الرابع، فلما ذكرنا في الثاني.
زيلعي ملخصا.
وفي اليعقوبية: ما صدر فعله عن القوة الحيوانية جنس، وما صدر عن غيرها جنس آخر اه.
وفي الكفاية: واعلم أن مسائل المزارعة في الجواز والفساد مبنية على أصل وهو أنها تنعقد إجارة وتتم شركة، وإنما تنعقد إجارة على منفعة الارض أو العامل، ولا تجوز على منفعة غيرهما من بقر وبذر
اه.
وقد جمعت هذه الاربعة في بيت أيضا فقلت: والبذر مع بقر أو لا كذا بقر * لا غير أو مع أرض أربع بطلت قوله: (فهي بالتقسيم العقلي سبعة أوجه) الحصر صحيح بناء على أن بعض الاربعة من واحد والباقي من آخر، أما لو كان بعضها من واحد والباقي منهما فهي أكثر من سبعة كما لا يخفى.
بقي الكلام في حكم ما عدا هذه السبعة، وقد ذكر له البزازي ضابطا فقال: كل ما لا يجوز إن كان من واحد لا يجوز إذا كان من اثنين، وفرع عليه ما لو أخذ رجلان أرض رجل على أن يكون البذر من أحدهما والبقر والعمل من آخر لا يصح اه: أي لان الارض هنا منهما، ولو كانت من أحدهما لا يصح ونقل هذا الضابط الرملي وقال: وبه تستخرج الاحكام، مثلا: إذا كان البذر مشتركا والباقي من واحد لا يجوز، لانه لو كان من واحد لا يجوز فكذا إذا كان منهما، ومثله إذا كان الكل مشتركا، لكن في هاتين الصورتين يكون الخارج بينهما على قدر بذرهما ولا أجرة للعامل لعمله في المشترك، فافهم.
واستخرج بقية الاحكام بفهمك اه.
ويأتي في عبارة المتن ما هو من هذا النوع.
أقول: وقد ذكر القهستاني ما يخالف هذا الضابط، فراجعه.
متأملا.
قوله: (فهي ثلاثة) لان الارض إما أن يكون معها(6/586)
البذر أو البقر أو العمل والباقيان من الآخر اه ط.
قوله: (ومتى دخل ثالث فأكثر بحصة فسدت) قال في الخانية: لو اشترك ثلاثة أو أربعة ومن البعض البقر وحده أو البذر وحده فسدت، وكذا لو من أحدهم البذر فقط أو البقر فقط، لان رب البذر مستأجر للارض فلا بد من التخلية بينه وبينها وهي في يد العامل لا في يده اه.
وعد في جامع الفصولين من الفاسدة ما لو كان البذر لواحد والارض لثان والبقر لثالث والعمل لرابع أو البذر والارض لواحد والبقر لثان والعمل لثالث، لان استئجار البقر ببعض الخارج لم يرد به أثر، فإذا فسدت في حصة البقر تفسد في الباقي، وعنهما فساد البعض لا يشيع في الكل، وتمامه في الفصل الثلاثين.
وفي البزازية: دفع إليه أرضا ليزرعها ببذره وبقره ويعمل هذا الاجنبي على أن الخارج بينهم أثلاثا لم يجز بينهما وبين الاجنبي، ويجوز بينهما، وثلث الخارج لرب الارض والثلثان للعامل، وعلى
العامل أجر مثل عمل الاجنبي، ولو كان البذر من رب الارض جاز بين الكل اه.
وبه يظهر ما في كلام الشارح من الاجمال.
قوله: (في الصحيحة) ويأتي محترزه قريبا، ولكن يغني عنه قوله وإذا صحت وإنما لم يكن له شئ لانه يستحقه شركة ولا شركة في غير الخارج، بخلاف ما إذا فسدت لان أجر المثل في الذمة لا تفوت الذمة بعدم الخارج.
هداية.
قوله: (إلا رب البذر إلخ) لانه لا يمكنه المضي إلا بإتلاف ماله وهو إلقاء البذر في الارض، لا يدري هل يخرج أم لا؟ فصار نظير ما إذا استأجره لهدم داره ثم امتنع.
منح.
قال الرملي: أما إذا لم يأب لكن وجد عاملا أرخص منه أو أراد العلم بنفسه يجبر لعدم العلة يدل عليه التشبيه، إذ لو لم يمتنع عن الهدم لكن وجد أرخص منه أو أراد هدمها بنفسه ليس به ذلك، وعلى هذا للعامل تحليفه عند الحاكم على الامتناع لانه يجوز أن يريد غير ما أظهره.
وقد ذكر في الجوهرة في الاجازة في مسألة يد المستأجر عن السفر ما يفيد هذه الاحكام وهي كثيرة الوقوع.
تأمل اه.
قوله: (ومتى فسدت إلخ) فإن أراد أن يطيب الخارج لهما يميزا نصيبهما ثم يصالح كل صاحبه بهذا القدر عما وجب عليه، فإن لم يفعل: فإن كان رب البذر صاحب الارض لا يتصدق بشئ، وإلا تصدق بالزائد عما غرمه من نفقة وأجر، ولا يعتبر أجرة نفسه لعدم العقد على منافعه لانه صاحب الاصل الذي هو البذر كما في المقدسي.
سائحاني.
قوله: (ويكون الآخر) أي للعامل لو كان البذر من رب الارض أو لرب الارض لو كان البذر من العامل كما في الهداية، فقوله أجر مثل عمل أو أرضه لف ونشر على ذلك، ولو جمع بين الارض والبقر حتى فسدت فعلى العامل أجر مثل الارض والبقر هو الصحيح.
هداية.
وقيل أجر مثل الارض مكروبة.
نهاية.
قوله: (وبالغا ما بلغ عند محمد) عطف على قوله ولا يزاد إلخ وانتصاب بالغا على الحال من أجر، وما اسم موصول أو نكرة موصوفة في محل نصب مفعول بالغا، وجملة بلغ صلة أو صفة.
قوله: (ولو امتنع رب الارض) أي والبذر من(6/587)
قبله كما في الهداية وإلا فيجبر على المضي كما تقدم.
قوله: (إذ لا قيمة للمنافع) فيه إيجاز، وعبارة شراح الهداية: لان المأتي به مجرد المنفعة وهي لا تتقوم إلا بالعقد والعقد مقوم بجزء من الخارج وقد
فات.
قوله: (ويسترضي ديانة) أي يلزمه استراضؤه فيما بينه وبين الله تعالى، وهذا حكاه في الهداية بقيل، لكن جزم به في الملتقى و التبيين وغيرهما.
قوله: (فيفتي) أي يفتيه المفتي بذلك وإن كان القاضي لا يحكم عليه به.
قوله: (لغرره) أي لانه صار مغرورا في عمله من جهة رب الارض بالعقد ط ثم تعيينه الاسترضاء بأجر المثل موافق لما في التبيين، لكن في القهستاني أنه لم تثبت رواية في مقدار ما به الاسترضاء اه.
تأمل.
قوله: (وتفسخ) أي ويجوز فسخ المزارعة ولو بلا قضاء ورضا كما في رواية الاصل: وإليه ذهب بعضهم، ويشترط فيه أحدهما في رواية، وبه أخذ بعضهم كما في الذخيرة قهستاني.
بقي ما لو كان البذر منه.
وفي المقدسي: ويضمن له بذره عند أبي يوسف، وقال محمد: تقوم الارض مبذورة وغير مبذورة، فيضمن ما زاد البذر، وقيل لاتباع لان الالقاء ليس باستهلاك حتى ملكه الوصي ونحوه.
سائحاني.
قوله: (بدين محوج إلى بيعها) فيه إشارة إلى أنه لا مال له سواها، وإنما لم يذكر ما يوجب الفسخ من جانب المزارع كمرضه وخيانته اكتفاء بما سيأتي في المساقاة، ومنه عزيمة سفره والدخول في حرفة أخرى كما في النظم، وإلى أنه لو باع بعد الزرع بلا عذر توقف على إجازة المزارع، فإن لم يجزه لم تفسخ حتى يستحصد أو تمضي المدة على ما قال الفضلي كما في قاضيخان.
قهستاني.
قوله: (لكن يجب أن يسترضي إلخ) كذا قاله ابن الكمال، ولم أره لغيره، وعبارة الملتقى: ولا شئ للعامل إن كرب الارض أو حفر النهر، وكذا في الهداية والتبيين والدرر وغيرها، مع أنهم ذكروا في المسألة السابقة أنه يسترضي إلا أن يحمل نفيهم هنا على القضاء كما حمل عليه الشارح.
عبارة الملتقى في شرحه، تأمل.
ثم رأيت في النهاية قال: إن قوله ولا شئ للعامل إنما يصح لو البذر منه، فلو من رب الارض فللعامل أجر مثله عمله لانه في الاول يكون العالم مستأجرا للارض فيكون العقد واردا على منفعة الارض فيبقى عمل العامل من غير عقد ولا شبهة عقد فلا يتقوم على رب الارض.
وفي الثاني يكون رب الارض مستأجرا للعامل فكان العقد واردا على منافع الاجير فتقوم على رب الارض ويرجع عليه بأجر مثل عمله، كذا في الذخيرة عن مزارعة شيخ الاسلام اه.
فتأمله ممعنا.
قوله: (فإن مضت
إلخ) الاولى الاتيان بالواو بدل الفاء كما في الملتقى وغيره لئلا يوهم التفريع على مسألة الفسخ.
واعلم أن من تتمة أحكام هذه المسألة كون نفقة الزرع عليهما بقدر الحصص إلى أن يدرك،(6/588)
وسيذكره المصنف بعد، فكان عليه أن يؤخر قوله فإن مضت إلخ على المسائل التي فصل فيها بينه وبين تمام أحكامه، ليتم نظام كلامه وليتضح فهم مرامه.
وعبارة الدرر والغرر: مضت المدة قبل إدراكه فعلى المزارع أجر مثل نصيبه من الارض حتى يدرك الزرع، لانه استوفى منفعة بعض الارض لتربية حصته فيها إلى وقت الادراك، ونفقة الزرع كأجر السقي والمحافظة والحصاد والرفاع والدوس والتذرية عليهما بقدر حقوقهما حتى يدرك.
وفي موت أحدهما قبل إدراك الزرع يترك في مكانه إلى إدراكه، ولا شئ على المزارع، لانا أبقينا عقد الاجارة ها هنا استحسانا لبقاء مدة الاجارة فأمكن استمرار العامل أو وارثه على ما كان عليه من العمل، أما في الاول فلا يمكن الابقاء لانقضاء المدة اه.
قوله: (أجر مثل نصيبه) أي أجر مثل ما فيه نصيبه من الارض.
ابن كمال.
قوله: (كما في الاجارة) أي إذا استأجر أرضا فمضت المدة قبل الادراك يبقى الزرع فيها إلى إدراكه بأجر المثل كما مر في بابه.
قوله: (حيث يكون الكل) أي من أجر السقي والمحافظة إلى آخر ما قدمانه.
وعبارة الهداية: حيث يكون العمل.
قوله: (على أن يزرعها) أي الآخر، وكذا الضميران بعده.
قوله: (فالمزارعة فاسدة) لما سيذكره من اشتراط الاعارة.
قوله: (ويكون الخارج بينهما نصفين) تبعا للبذر.
قوله: (أجر نصف الارض لصاحبها) فلو كانت الارض لبيت المال يدفع لبيت المال ما هو له ثم يقسم الباقي بينهما نصفين، وهذه واقعة الحال.
رملي على جامع الفصولين.
قوله: (لفساد العقد) أي وقد استوفى بهذا العقد الفاسد منافع نصف الارض فيجب أجره.
قوله: (والريع) الفتح وسكون الياء والمثناة التحتية الفضل، والمراد به الخارج.
قوله: (لاشتراطه الاعارة في المزارعة) أي إعارة بعض الارض للعامل، فافهم.
قال في الخانية: لان صاحب الارض يصير قائلا للعامل ازرع أرضي ببذري على أن يكون الخارج كله لي وازرعها ببذرك على أن يكون الخارج كله لك، فتفسد، لانها مزارعة بجميع الخارج
بشرط إعارة نصف الارض من العامل، وكذا لو شرطاه أثلاثا اه والمراذ بالخارج الاول الخارج من بذر رب الارض، وبالثاني الخارج من بذر العامل.
ثم قال في الخانية: وإذا فسدت فالخارج بينهما على قدر بذرهما وسلم لرب الارض ما أخلانه نماء ملكه في أرضه ويطيب للعامل قدر بذره ويرفع قدر أجر نصف الارض وما أنفق أيضا، ويتصدق بالفضل لحصوله من أرض الغير بعقد فاسد، ولو كانت الارض لاحدهما والبذر منهما وشرطا العمل عليهما على أن الخارج نصفان جاز لان كلا عامل في نصف لارض ببذرة فكانت إعارة لا بشرط العمل، بخلاف الاول اه: أي فلم تكن مزارعة حتى يقال شرط فيها إعارة كما أفاده في الفصولين.
وتمام هذا المسائل في الخانية فراجعها.
قوله: (مطلقا) أي(6/589)
سواء احتيج إليها قبل انتهاء الزرع أو بعده ح.
قوله: (بعد مضي مدة المزارعة) الذي أحوجه إلى هذا التقييد فصل المصنف بينه وبين قوله فإن مضت المدة ولو وصله به كغيره لم يحتج إلى ذلك.
قوله: (عليهما) لانها كان على العامل لبقاء العقد لانه مستأجر في المدة، فإذا مضت المدة انتهى العقد فتجب عليهما مؤنته على قدر ملكهما لانه مشترك بينهما.
منح.
قوله: (كنفقة بذر) أي بذره في الارض وحمله إلى موضع إلقائه ط.
قوله: (كحصاد) بفتح الحاء وكسرها، وكذا الرفاع: وهو جمع الزرع إلى موضع الدياس: أي الدراس، وهذا الموضع يسمى الجرن البيدر، سائحاني.
قوله: (وحمل عليه أصل صدر الشريعة) حيث قال: وبهذا ينكشف لك أن قول صدر الشريعة.
فالحاصل أن كل عمل قبل الادراك فهو على العامل محمول على ما إذا كان قبل مضي مدة المزارعة ليتصور بقاء العقد واستحقاق العمل على العامل، إذ لو مضت فلا عقد ولا استحقاق.
قوله: (فإن شرطاه) الضمير راجع إلى نفقة الزرع لا مطلقا بل النفقة المحتاج إليها بعد الانتهاء، ففي الكلام شبه الاستخدام اه ح.
قوله: (فسدت) هذا ظاهر الرواية كما في الخانية، ويأتي تصحيح خلافه.
قوله: (بخلاف) متعلق بقوله ونفقة الزرع عليهما بالحصصح.
قوله: (أو وارثه) فيما لو كان الميت العامل وسيأتي في الفروع عن الملتقى، أو كان الميت كل منهما.
تأمل.
قوله: (لبقاء مدة العقد) أي فيكون العقد باقيا استحسانا فلا أجر عليه للارض، لكن ينتقض العقد فيما بقي من السنين كما في الخانية وغيرها لعدم الضرورة.
قال في التاترخانية: وهذا إذ قال المزارع لا أقلع الزرع، فإن قال أقلع لا يبقى عقد الاجارة، وحيث اختار القلع فلورثة رب الارض خيارات ثلاثة: إن شاؤوا قلعوا والزرع بينهم، أو أنفقوا عليه بأمر القاضي ليرجعوا على المزارع بجميع النفقة مقدرا بالحصة أو غرموا حصة المزارع والزرع لهم، هذا إذا مات رب الارض بعد الزراعة، فلو قبلها بعد عمل المزارع في الارض انتقضت ولا شئ له، ولو بعدها قبل النبات ففي الانتقاض اختلاف المشايخ، وإن مات المزارع والزرع بقل، فإن أراد ورثته القلع لا يجبرون على العمل ولرب الارض الخيارات الثلاثة اه ملخصا.
وفي الذخيرة: وفرق بين موت الدافع والزرع بقل وبين انتهاء المدة كذلك أن ورثة الدافع في الثاني يرجعون بنصف القيمة مقدرا بالحصة، لان بعد انتهاء المدة النفقة عليهما نصفان، وفي الموت على العامل فقط لبقاء العقد.
وفرق من وجه آخر هو أن ورثة الدافع لو غرموا حصة العامل من الزرع(6/590)
يغرمونه نابتا غير مقلوع، لان له حق القرار والترك لقيام المزارعة، وفي انقضاء المدة يغرمونه مقلوعا اه بالمعنى.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في المساقاة مزيد بيان.
قوله: (كما مر) من قوله: وأما قبل مضيها إلخ.
قوله: (ولا شئ لكرابه) بخلاف ما مر من أنه لو امتنع رب الارض من المضي فيها وقد كرب العامل يسترضي ديانة.
قال الزيلعي: لانه كان مغرورا منجهته بالامتناع باختياره، ولم يوجد ذلك هنا لان الموت يأتي بدون اختيار اه.
قوله: (كما مر) لم أر ما يفيده في كلامه للسابق.
قوله: (وكذا لو فسخت بدين محوج) أي ليس للعامل أن يطالبه بشئ.
زيلعي، وظاهره أنه لا يؤمر باسترضائه ديانة وهو خلاف ما قدمه المصنف وقدمنا الكلام فيه.
قوله: (وصح اشتراط العمل) أي المحتاج إليه بعد الانتهاء، وهذا مقابل ظاهر الرواية الذي قدمه.
قوله: (ونسف) هو تخليص الحب من تنبه ويسمى بالتذرية.
سائحاني.
قوله: (للتعامل) فصار كالاستصناع.
در منتقى.
قال في الخانية: لكن إن لم يشترط يكون عليهما، كما لو اشترى حطبا في المصر لا يجب على البائع أن يحمله إلى منزل المشتري، وإذا شرط عليه لزمه للعرف، ولو شرط الجذاذ على العامل في المعاملة فسد عند الكل لعدم العرف.
وعن نصر بن يحيى ومحمد بن سلمة أن هذا كله على العامل شرط عليه أم لا للعرف.
قال السرخسي: وهو
الصحيح في ديارنا أيضا، وإن شرطا شيئا من ذلك على رب الارض فسد العقد عند الكل لعدم العرف اه.
قوله: (ولو فاسدة) بيان للاطلاق.
قوله: (ولو فاسدة) بيان للاطلاق.
قوله: (فلا تصح الكفالة بها) أي بحصة رب الارض منها فلا يضمن الكفيل ما هلك عند العامل بلا صنعه، سواء كان البذر من رب الارض أو العامل لان حصته أمانة عند المزارع وتفسد المزارعة إن كانت الكفالة شرطا فيها كالمعاملة.
خانية.
قوله: (نعم لو كفله) أي كفل له رجل عن صاحب بحصته ط.
قوله: (إن استهلكها) شرط لكفل لا لصحت.
قوله: (صحت المزارعة والكفالة) لان الكفالة أضيفت إلى سبب وجوب الضمان وهو الاستهلاك.
خانية.
قوله: (وإلا) بأن كانت على وجه الشرط فسدت المزارعة، لان دين الاستهلاك لا يجب بعقد المزارعة فتفسد المزارعة، كمن كفل للبائع عن المشتري بما يجب على المشتري لا بعقد البيع، خانية.
وتخصيص الفساد بالمزارعة يفهم صحة الكفالة لعدم المنافاة فيما يظهر لي فليراجع، ثم رأيتعه صريحا في التاترخانية عن المحيط.
قوله: (بهذا السبب) هو التقصير.
قوله: (كما مر) في قوله: وأما قبل مضيها إلخ.
قوله: (وهي) أي حصة الآخر بقرينة المقام، إذ ليس كل الزرع في يده أمانة لان بعضه له، فافهم.
قوله: (في(6/591)
السراجية إلخ) المقصود من نقله بيان المضمون.
قوله: (فيضمن فضل ما بينهما) أي نصف الفضل كما في الخانية.
قوله: (لا يضمن) لانه ليس بتقصير.
قوله: (وإلا ضمن) أي لو المزارعة صحيحة كما مر.
قوله: (شرط عليه الحصاد إلخ) هذا بناء على الاصح من صحة اشتراطه عليه.
قوله: (ترك حفظ الزرع إلخ) هذا إذا لم يذرك الزرع، فأما إذا أدرك فلا ضمان على المزارع بترك الحفظ.
هندية عن الذخيرة.
وسيأتي أنه على العامل للعرف ط.
قوله: (حتى أكله كله) التقييد بالكل اتفاقي فيما يظهر ط.
قوله: (زرع أرض رجل إلخ) قدمنا الكلام عليه في كتاب الغصب مستوفى، فراجعه.
قوله: (حرث) أي زرع قاموس، وقوله بين رجلين: أي مشترك بينهما لا بالمزارعة، لان المزارع يضمن إذا قصر بلا مرافعة كما قدمه، وما ذكره هنا في جامع الفصولين، وكذا في التاترخانية عن أبي يوصف.
قوله: (أبى أحدهما) أي امتنع عن السفي لما طلب الآخر منه أن يسقيه معه.
قوله: (أجبر) أي أجبره الحاكم، وهذا أحد قولين قدمناهما في آخر القسمة عن الخلاصة.
ثانيهما: أنه لا يجبر ويقال للطالب اسقه وأنفق ثم
ارجع بنصف ما أنفقت.
ونقل الثاني في التاترخانية عن جامع الفتاوى مقتصرا عليه.
قوله: (وإن رفع إلى القاضي إلخ) وجه الضمان أنه بأمر القاضي تحقق الوجوب عليه كالاشهاد على صاحب الحائط المائل، فإذا امتنع بعده وفسد الزرع صار فيضمن حصة شريكه، لان الزرع مشاع بينهما لا يمكن شريكه أن يسقي حصته منه، ولا يلزمه سقي الجميع وحده، ولا يمكنه قسمته جبرا ولا بالتراضي ما لم يتفقا على القلع كما قدمناه في القسمة، هذا ما ظهر لي، فافهم.
قوله: (شرط البذر إلخ) ذكر في جامع الفصولين مسائل من هذا النوع.
ثم قال: فالحاصل: أنه لو كان البذر لرب الارض أو المزارع وزرعه أحدهما بلا إذن الآخر ونبت الزرع أو لم ينبت حتى قام عليه الآخر بلا إذنه حتى أردك، ففي كل الصور يكون الخارج بينهما إلا في صورة واحدة.
وهي أن يكون البذر لرب الارض وزرعها ربها بلا إذن المزارع ونبت ثم قام(6/592)
عليه المزارع فالخارج كله لرب الارض اه.
قوله: (من الآجر) بالجيم: أي المؤجر متعلق بدفع.
قوله: (جاز أن البذر من المستأجر) إذ لو كان من المؤجر مع أن الارض له والعمل منه لم يبق من الآخر شئ فينتفي مفهوم المزارعة اه ح.
أقول: وهذا التفصيل خلاف المعتمد، فقد ذكره في البزازية عن أبي يوسف.
ثم قال: وقال محمد: لو البذر من المستأجر أو المؤجر يجوز.
ثم رجع وقال لا، وهو المأخوذ به لانه أجبر بنصف ما يخرج من أرضه إلا أن يكون استأجر الرجل بدراهم اه.
وذكر في المنح أيضا أنه الاصح.
قوله: (ومعاملة) أي مساقاة معطوف على مزارعة.
قوله: (لم يجز) قال ح: لما قدمنا.
قوله: (ليعمل فيها) أي عمل كان غير المعاملة، فإن حكمها عدم الجواز كما ذكره بقوله: ومعاملة لم يجز ط.
قوله: (بستاني) أي معامل لا أجير بقرينة ما يأتي ح.
قوله: (وتلفت الكروم) أي الاشجار.
قوله: (يضمن الكروم) إذا يجب عليه حفظها لا الحيطان.
جامع الفصولين.
قوله: (لا العنب إلخ) قال في جامع الفصولين: ولكن يجب نقصان الكرم، إذ حفظه يلزمه فيقوم الكرم مع العنب وبدونه فيرجع بفضل ما بينهما، وهذا جواب الكتاب.
أما على قول المشاريخ يضمن مثل العنب حصة رب الكرم.
قوله: (أنفق بلا إذن الآخر) فيه
إشعار بأن الآخر حي.
قال في منية المفتي: مات العامل فأنفق رب الكرم بغير أمر القاضي لم يكن متبرعا ورجع في الثمن بقدر ما أنفق، وكذا في المزارعة، ولو غاب العامل والمسألة بحالها لم يرجع اه.
قوله: (كمرمة دار مشتركة) تقدم الكلام عليه آخر القسمة.
قوله: (فله ذلك) لبقاء العقد حكما نظرا للوارث، وقدمنا أنه إن اختار القلع له ذلك ولرب الارض خيارات ثلاثة.
قوله: (إن كان ما هو ببذر) ما نافية، وضمير هو لليتيم.
وحاصله: أنه إن كان البذر من جهة الوصي يجوز، وإن من جهة اليتيم لا، وعليه الفتوى، لانه في الاول يصير مستأجرا أرض اليتيم ببعض الخارج، وفي الثاني يصير مؤجرا نفسه من اليتيم، والاول جائز لا الثاني.
ولوالجية.
قال ابن وهبان: وينبغي أن تكون الغبطة فيما يشترط لليتيم على ما هو(6/593)
المعروف في سائر التصرفات التي لليتيم، وعلى هذا ينبغي أن يجوز للوصي المعاملة في أشجار اليتيم.
وتمامه في شرح ابن الشحنة.
قوله: (مزارع) فاعل قال والحصد مصدر حصد.
والمسألة من قاضيخان: زرع أرض غيره حصد الزرع قال صاحبها كنت أجيري زرعتها ببذري وقال المزارع كنت أكارا وزرعت ببذري فالقول للمزارع، لانهما اتفقا على أن البذر كان في يده اه وتمامه في الشرح.
خاتمة بفرع مهم: يقع كثيرا ذكره في التاترخانية وغيرها: مات رجل وترك أولادا صغارا وكبارا وامرأة والكبار منها أو من امرأة غيرها فحرث الكبار وزرعوا في أرض مشتركة أو في أرض الغير كما هو المعتاد والاولاد كلهم في عيال المرأة تتعاهدهم وهم يزرعون ويجمعون الغلات في بيت واحد وينفقون من ذلك جملة صارت هذه واقعة الفتوى.
واتفقت الاجوبة أنهم إن زرعوا من بذر مشترك بينهم بإذن الباقين لو كبارا أو إذن الوصي لو صغارا فالغلة مشتركة، وإن من بذر أنفسهم أو بذر مشترك بلا إذن فالغلة للزارعين اه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.(6/594)
كتاب المساقاة
قوله: (لا تخفى مناسبتها) وهي الاشتراك في الخارج ثم مع كثرة القائلين بجوازها وورود الاحاديث في معاملة النبي (ص) أهل خيبر، قدمت المزارعة عليها لشدة الحاجة إلى معرفة أحكامها وكثرة فروعها ومسائلها كما أفاده في النهاية.
قوله: (هي المعاملة إلخ) وآثر المساقاة لانها أوفق بحسب الاشتقاق قهستاني: أي لما فيها من السقي غالبا، وقدمنا الكلام على المفاعلة.
قوله: (فهي لغة وشرعا معاقدة) أفاد اتحاد المعنى فيهما تبعا لما في النهاية والعناية أخذا مما في الصحاح: أنها استعمال رجل في نخيل أو كروم أو غيرهما لاصلاحها على سهم معلوم من غلتها، وفسرها الزيلعي وغيرها لغة بأنها مفاعلة من السقي، وشرعا بالمعاقدة.
أقول: والظاهر المغايرة لا عتبار شروط لها في الشرع لم تعتبر في اللغة، والشروط قيود، والاخص غير الاعم مفهوما، فتدبر.
قوله: (معاقد دفع الشجر) أي كل نبات بالفعل أو بالقوة يبقى في الارض سنة أو أكثر بقرينة الآتي فيشمل أصول الرطبة والفوة وبصل الزعفران، وذلك بأن يقول دفعت إليك هذه النخلة مثلا مساقاة بكذا ويقول المساقي قبلت، ففيه إشعار بأن ركنها الايجاب والقبول كما أشير إليه في الكرماني وغيره.
قهستاني.
قال الرملي: وقيد بالشجر لانه لو دفع الغنم والدجاج ودود القز معاملة لا يجوز كما في المجتبى وغيره، وكذا النخل.
وفي التاترخانية: أعطاه بذر الفيلق ليقوم عليه ويعلفه بالاوراق على أن الحاصل بينهما فهو لرب البذر وللرجل عليه قيمة الاوراق وأجر مثله، وكذا لو دفع بقرة بالعلف ليكون الحادث نصفين اه.
قوله: (وهل المراد إلخ) الجواب نعم كما يفيده كلام القهستاني المار، ولا ينافي تصرحي التعريف بالثمر، لان الراد به ما يتولد منه، فيتناول الرطبة وغيرها كما صرح به القهستاني أيضا، أو هو مبني على الغالب.
تأمل.
قوله: (لم أره) أقول: في البزازية ما نصه: يجوز دفع شجر الحور معاملة لاحتياجه إلى السقي والحفظ.
حتى لو لم يحتج لا يجوز اه وفيها آخر الباب: معاملة الغيظة لاجل السعف والحطب جائزة كمعاملة أشجار الخلاف اه.
والخلاف بالكسر والتخفيف على وزن ضد الوفاق: نوع من الصفصاف وليس به كما في القاموس.
قوله: (إلى من يصلحه) بتنظيف السواقي والسقي والتلقيح والحراسة وغيرها.
قهستاني.
قوله: (حكما) وهو الصحة على المفتى به، وخلافا: أي بين الامام وصاحبيه.
قوله: (تمكن) صفة لقوله شروطا وقوله ليخرج إلخ تعليل للتقييد به فإنه لا يشترط بيان البذر هنا: أي بيان جنسه، وكذا بيان ربه وصلاحية الارض للزراعة، فهذه الثلاثة لا تمكن هنا فلا تشترط، وكذا بيان المدة، وبقي من شروط المزارعة الثمانية الممكنة هنا أهلية العاقدين، وذكر حصة العامل، والتخلية بينه وبين الاشجار، والشركة في الخارج، ويدخل في الاخير كون الجزء المشروط له مشاعا، فافهم.(6/595)
وفي التاترخانية: ومن شروط المعاملة أن يقع العقد على ما هو في حد النمو بحيث في نفسه بعمل العامل اه، وأما صفتها فقدمنا أنها لازمة من الجانبين، بخلاف المزارعة.
قوله: (فلا تشترط هنا إلخ) تبيع فيه المصنف حيث قال: إلا في أربعة أشياء استثناء من قوله وشروطا اه.
والاولى أن يجعل مستثنى من قوله وهي كالمزارعة فإن المستثنيات ليست كلها شروطا في المزارعة، فتدبر ط.
قوله: (بخلاف المزارعة) فإن رب البذر إذا امتنع قبل الالقاء لا يجبر عليه اللضرر.
قوله: (تترك بلا أجر) أي للعامل القيام عليها إلى انتهاء الثمرة لكن بلا أجل عليه، لان الشجر لا يجوز استئجاره.
قوله: (وفي المزارعة بأجر) أي في الترك والعمل، لان الارض يجوز استئجارها والعمل عليهما بحسب ملكهما في الزرع لان رب الارض لما استوجب الاجر على العامل لا يستوجب عليه العمل في نصيبه بعد انتهاء المدة، وهنا العمل على العامل في الكل لانه لا يستوجب رب النخل عليه أجرا كما قبل انقضاء المدة فيكون العمد على العامل كما كان قبل الانقضاء.
كفاية.
قوله: (وإذا استحق النخيل يرجع إلخ) مقيد بما إذا كان فيه ثمر، وإلا فلا أجر له.
قال في الولوالجية: وإذا لم تخرج النخيل شيئا حتى استحقت لا شئ للعامل، لان في المزارعة لو استحقت الارض بعد العمل قبل الزراعة لا شئ للمزارع فكذا هنا، ولو أخرجت رجع العامل بأجر مثله على الدافع، لان الاجرة صارت عينا انتهاء وهو كالتعيين في الابتداء، ومتى كانت عينا واستحقت رجع بقيمة المنافع، وكذا لو دفع إليه زرعا بقلا مزارعة فقام عليه حتى عقد ثم استحقت يخير بين أخذ نصف المقلوع أو رده ورجع على الدافع بأجر مثله، وكذا لو دفع إليه الارض مزارعة والبذر ما الدفع فزرعها ونبت ثم استحقت قبل أن يستحصد فاختار المزارع رد المقلوع يرجع بأجر مثل
عمله.
وقال الهنداوني: بقيمة حصته نابتا.
قوله: (وفي المزارعة بقيمة الزرع) كذا أطلقه الزيلعي، وقد علمت التفصيل.
وفي التاترخانية: دفع أرضه مزارعة والبذر من العامل ثم استحقت أخذها المستحق بدون الزرع، وله أن يأمره بالقلع، ولو الزرع بقلا ومؤنة القلع على الدافع والمزارع نصفين: والمزارع بالخيار إن شاء رضي بنصف المقلوع ولا يرجع على الدفاع بشئ أو رد المقلوع عليه وضمنه قيمة حصته نابتا له حق القرار، ولو البذر من الدافع خير المزارع إن شاء رضي بنصف المقلوع أو رده عليه ورجع بأجر مثل عمله عند البلخي، وبقيمته عند أبي جعفر اه.
ومثله في الذخيرة، وتأمله مع ما قدمناه عن الولوالجية.
قوله: (ليس بشرط هنا) أي في المساقاة إن علمت المدة كما يفيده التعليل لا مطلقا بدليل ما يأتي.
قوله: (للعلم بوقته عادة) لان الثمرة لادراكها وقت معلوم قلما يتفاوت، بخلاف الزرع، لانه إن قدم في إبقاء البذر يتقدم حصاده وإن أخر يتأخر لانه قد يرزع خريفا وصيفا وربيعا.
إتقاني.
فإذا كان لابتداء الزرع وقت معلوم عرفا جاز أيضا وتقدم أن عليه الفتوى فلا فرق.
قوله: (وحينئذ) أي حين إذ لم يشترط بيان المدة ولم يبيناها.
قال القهستاني: وأول المدة وقت العمل في الثمر المعلوم، وآخرها وقت(6/596)
إدراكه المعلوم اه.
فرع: تجوز إضافة المزارعة والمعاملة إلى وقت في المستقبل، بزازية.
قوله: (في أول السنة) عبارة ابن ملك: في تلك السنة لانه متيقن وما بعده مشكوك اه.
وهي أولى ط.
قوله: (وفي الرطبة) بالفتح بوزن كلبه: القصب ما دام رطبا والجمع رطاب بوزن كلاب.
وقيل جميع البقول.
ط عن الحموي ويأتي ما فيه.
قوله: (على إدراك بذرها) يعني إذا دفعها مساقاة لا يشترط بيان المدة فيمتد إلى إدراك بذرها لانه كإدراك الثمر في الشجر.
ابن كمال.
وهذا إذا انتهى جذاذها كما قيد به في العناية، وسيذكره المصنف، وإلا كان المقصود الرطبة ويقع على أول جزة كما يأتي.
قوله: (إن الرغبة فيه وحده) كذا قيد به في العناية أيضا قال: لانه يصير في معنى الثمر للشجر، وإدراكه له وقت معلوم وهو يحصل بعمل العامل فصح اشتراط المناصفة فيه والرطبة لصاحبها، ولو ذكر هذا القيد عند كلام المصنف الآتي لكان أخصر وأظهر.
قوله: (فإن لم يخرج إلخ) مرتبط بالمتن، وقد نقله المصنف عن الخانية وهذا إذا لم يسم
مدة، وإذا سمى مدة فسيأتي بيانه ط قوله: (لعدم التيقن إلخ) بل هو متوهم في كل مزارعة ومساقاة بأن يصطلم الزرع أو الثمر آفة سماوية.
درر.
قوله: (فعلى الشرط) هذا إذا كان الخارج يرغب فيه، وإن لم يرغب في مثله في المعاملة لا يجوز.
شرنبلالية عن البزازية: لان ما ما لا يرغب فيه وجوده وعدمه سواء.
خلاصة.
قلت: وأفتى في الحامدية بأن لو برز البعض دون البعض في المدة فله أخذ ما برز بعمله فيها دون البارز بعدها.
قوله: (وإلا فسدت) أي وإلا يخرج في الوقت المسمى بل تأخر فللعامل أجر المثل لفساد العقد، لانه تبين الخطأ في المدة المسماة فصار كما إذا علم ذلك في الابتداء، بخلاف ما إذا لم يخرج أصلا أن الذهاب بآفة فلا يتبين فساد المدة فبقي العقد صحيحا، ولا شئ لكل واحد منهما على صاحبه.
هداية.
قوله: (ليدوم عمل إلخ) عبارة صدر الشريعة: ليعمل إلى إدراك الثمر.
واعترضها المصنف تبعا لليعقوبية وغيرها بأن مفادها أن الاجر بمقابلة العمل اللاحق إلى النضج وليس كذلك، لانه لما تبين فساد العقد بعدم الخروج لزم أجر العمل السابق.
وأجابوا بأن يمكن أن يقال: معنى قوله ليعمل: ليدوم عمله، والادراك بمعنى الخروج، لانه ما لم يخرج لا يستحق الاجر أصلا لجواز أن لا يخرج أصلا لآفة سماوية اه.
وأجاب ابن الكمال بأن المعنى أجر مثل العامل المستأجر ليعمل إلى إذراك الثمر لا أجر مثل العامل المستأجر إلى زمان ظهور فساد العقد فإن أجر المثل يتفاوت بقلة المدة وكثرتها.
فافهم فإنه دقيق اه.
تأمل.
قوله: (لم تبلغ الثمرة) أي لم تبلغ الغراس الثمرة.
كذا في شروح الهداية.
فالثمرة بالنصب مفعول تبلغ، وفاعله ضمير الغراس.
والمعنى: أنها لم تبلغ زمنا تصلح فيه للاثمار لا أنها لم تثمر بالفعل، لانها لو كانت صالحة للاثمار لكنها وقت الدفع لم تكن مثمرة يصح بلا بيان المدة ويقع على أول ثمرة تخرج كما مر، ولهذا عبر هناك بالشجر وهنا عبر(6/597)
بالغراس فتفطن لهذه الدقيقة.
قوله: (تفسد) لان الغراس يتفاوت بقوة الارض وضعفها تفاوتا فاحشا، فلا يمكن صرفه إلى أول ثمرة تخرج منه.
زيلعي.
قوله: (وكذا لو دفع أصول رطبة إلخ) أي تفسد، وقوله بخلاف الرطبة إلخ يوهم أن الفرق بينهما من حيث إن المدفوع في الاولى أصول الرطبة، وفي
الثانية الرطبة نفسها، وليس كذلك، بل الفرق أنه إذا لم يعلم أول جزة منها متى تكون تفسد، وإن علم تجوز.
قال في غاية البيان: ولو دفع أصول رطبة يقوم عليها حتى تذهب أصولها ينقطع نبتها وما خرج نصفان فهو فاسد، وكذلك النخل والشجر لانه ليس لذلك وقت معلوم فكانت المدة مجهولة، أما إذا دفع النخيل أو أصول الرطبة معاملة ولم يقل حتى تذهب أصولها إلخ يجوز، وإن لم يبين المدة إذا كان للرطبة جزة معلومة فيقع على أول جزة، وفي النخيل على أول ثمرة تخرج.
وإذا لم يكن للرطبة جزة معلومة، فلا يجوز بلا بيان المدة.
قوله: (على أول جز) بفتح الجيم وتشديد الزاي: أي مجزوز بمعنى مقطوع.
قوله: (جاز) أي إن كان البذر يرغب فيه كما مر مطلب في المساقاة على الحور والصفصاف تنبيه: قدمنا صحة المعاملة في نحو الحور والصفصاف مما لا ثمرة له، والظاهر أن حكمه كالرطبة فيصح وإن لم يسم المدة ويقع على أول جزة، وكذا إذا دفع له أصوله وسمي مدة.
تأمل.
قوله: (المراد منها جميع البقول) كذا قاله ابن الكمال.
والضمير للرطاب.
وفي الجوهرة: الرطاب جمع رطبة كالقصعة والقصاع والبقول غير الرطاب، فالبقول مثل الكرات والسلق ونحو ذلك، والرطاب كالقثاء والبطيخ والرمان والعنب والسفرجل والباذنجان وأشباه ذلك ه.
تأمل.
قوله: (له فيه إلخ) ليس المراد بالتقييد الاحتراز عن شجر ثمرة له لما علمت، بل عما فيه ثمرة مدركة بقرينة ما بعد.
قوله: (يعني تزيد بالعمل) أقول: أراد بالعمل ما يشمل الحفظ، لما في الولوالجية وغيرها: دفع كرما معاملة لا يحتاج لما سوى الحفظ: إن بحال لو لم يحفظ يذهب ثمره قبل الادراك جاز ويكون الحفظ زيادة في الثمار، وإن بحال لا يحتاج للحفظ لا يجوز ولا نصيب للعامل من ذلك اه.
قوله: (وإن مدركه إلخ) قال الكرخي في مختصره: دفع إليه نخلا فيه طلع معاملة بالنصف جاز، وكذا لو دفعه وقد صار بسرا أخضر أو أحمر إلا أنه لم يتناه عظمه، فإن دفعه انتهى عظمه ولا يزيد قليلا ولا كثيرا إلا أنه لم يرطب فسد، فإن أقام عليه وحفظه حتى صار ثمرا فهو لصاحب النخل وللعامل أجر مثله، وكذلك العنب وجميع الفاكهة في الاشجار، وكذلك الزرع ما لم يبلغ الاستحصاد، وإذا استحصد لم يجز دفعه لمن يقوم(6/598)
عليه ببعضه، والجواب فيه كالاول.
إتقاني.
قوله: (بيضاء) أي لا نبات فيها.
قوله: (مدة معلومة) وبدونها بالاولى.
قوله: (وتكون الارض والشجر بينهما) قيد به، إذا لو شرط أن يكون هذا الشجر بينهما فقط صح.
مطلب: يشترط في بيان المدة قال في الخانية: دفع إليه أرضا مدة معلومة على أن يغرس فيها غراسا على أن ما تحصل من الاغراس والثمار يكون بينهما جاز اه، ومثله في كثير من الكتب، وتصريحهم بضرب المدة صريح في فسادها بعدمه.
ووجهه أنه ليس لادراكها مدة معلومة، كما قالوا فيما لو دفع غراسا لم تبلغ الثمرة على أن يصلحها خيرية من الوقف والمساقاة، ومثله في الحامدية والمرادية، وهكذا حققه الرملي في الحاشية، وهذه تسمى مناصبة ويفعلونها في زماننا بلا بيان مدة، وقد علمت فسادها، قال الرملي: وإذا فسدت لعدم المدة ينبغي أن يكون الثمر والغرس لرب الارض وللآخر قيمة الغرس وأجرة المثل، كما لو فسدت باشتراط بعض الارض لتساويهما في العلة وهي واقعة الفتوى اه.
أقول: وفي الذخيرة: وإذا انقضت المدة يخير رب الارض، إن شاء غرم نصف قيمة الشجرة ويملكها وإن شاء قلعها اه.
وبيان ذلك فيها في الفصل الخامس، فراجعها.
هذا، وفي التاترخانية والذخيرة: دفع إلى ابن له أرضا ليغرس فيها أغراسا على أن الخارج بينهما نصفان ولم يؤقت له وقتا فغرس فيها ثم مات الدافع عنه وعن ورثة سواه فأراد الورثة أن يكلفوه قلع الاشجار كلها ليقسموا الارض: فإن كانت الارض تحتمل القسمة قسمت، وما وقع في نصيب غيره كلف قلعه وتسوية الارض ما لم يصطلحوا، وإن لم تحتمل يؤمر الغارس بقلع الكل ما لم يصطلحوا اه.
فهذا كالصريح في أن المناصبة تفسد بلا بيان المدة كما فهمه الرملي من تقييدهم بالمدة، إذ لو صحت لكان الغراس مناصفة كما شرطا، لكنه يفيد أنه حيث فسدت فالغراس للغارس لا للدافع، وهو خلاف ما بحثه الرملي، فليتأمل.
ويمكن ادعاء الفرق بين هذا وبين ما إذا فسدت باشتراط نصف الارض، ويظهر ذلك مما عللوا
به الفساد، فإنهم عللوا له بثلاثة أوجه: منها كما في النهاية أنه جعل نصف الارض عوضا عن جميع الغراس ونصف الخارج عوضا لعمله فصار العامل مشتريا نصف الارض بالغراس المجهول فيفسد العقد، فإذا زرعه في الارض بأمر صاحبها فكأن صاحبها فعل ذلك بنفسه فيصير قابضا ومستهلكا بالعلوق فيجب عليه قيمته وأجر المثل اه.
ولا يتأتى ذلك في مسألتنا، بل هو في معنى استئجار الارض بنصف الخارج، وإذا فسد العقد لعدم المدة يبقى الغراس للغارس، ونظيره ما مر في المزارعة أنها إذا فسدت فالخارج لرب البذر، ولا يخفى أن الغرس كالبذر، وينبغي لزوم أجر مثل الارض كما في المزارعة، هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم.
قوله: (لاشتراط الشركة إلخ) هذا ثاني الاوجه التي عللوا بها الفساد، وعليه اقتصر في الهداية وقال: إنه أصحها.
قال في العناية: لانه نظير من استأجر صباغا ليصبغ ثوبه بصبغ نفسه على أن يكون نصف المصبوغ للصباغ، فإن الغراس آلة تجعل الارض بها بستانا كالصبغ للثوب، فإذا فسدت الاجارة بقيت الآلة متصلة بملك صاحب الارض وهي متقومة(6/599)
فيلزمه قيمتها، كما يجب على صاحب الثوب قيمة ما زاد الصبغ في ثوبه وأجر عمله اه.
قوله: (فيما هو موجود قبل الشركة) وهو الارض.
قوله: (فكان كقفيز الطحان) إذ هو استئجار ببعض ما يخرج من عمله وهو نصف البستان.
هداية.
هذا، وأما وجه صحة المناصبة فقال في الذخيرة: لانهما شرطا الشركة في جميع ما يخرج بعمل العامل، وهذا جائز في المزارعة فكذا في المعاملة اه.
ومقتضى هذا أن كونها في معنى قفيز الطحان لا يضر إذ هو جار في معظم مسائل المزارعة والمعاملة، ولهذا قال الامام بفسادهما، وترك صاحباه القياس استدلالا بأنه عليه الصلاة والسلام عامل أهل خيبر على نصف ما يخرج من ثمر أو زرع وهذا يفيد ترجيح الوجه الذي قدمناه عن النهاية، فليتأمل.
قوله: (يوم الغرس) كذا أفاده الرملي، وقال: لان الضمان في مثله من وقت الاستهلاك فتعتبر قيمته من وقته لا من وقت صيرورته شجرا مثمرا ولا من وقت المخاصمة، فاعلم ذلك فإن المحل قد يشتبه اه.
قوله: (وحيلة الجواز إلخ) هذه الحيلة وإن أفادت صحة الاشتراك في الاض والغراس لكنها تضر صاحب الارض، لان استئجار الشريك على
العمل في المشترك لا يصح ولا يستحق أجرا إن عمل، فقد يمتنع عن العمل ويأخذ نصف الارض بالثمن اليسير، اللهم إلا أن يحمل على أنهما أفرزا الغراس وغرس كل نصف في جانب فتصح الاجارة أيضا، فتأمل.
قوله: (إلا بعد ذهاب لحمها) أي وبعد ذهابه لا قيمة للنواة فكانت كالمسألة الاولى ط قال في المنح عن الخانية: بخلاف الصيد إذا فرخت في أرض كالمسألة الاولى ط إنسان أو باضت، لان الصيد ليس من جنس الارض ولا متصل بها.
قوله: (فإن مات العامل إلخ) أشار إلى أن العقد وإن بطل لكنه يبقى حكما: أي استحسانا كما في شرحه على الملتقى وغيره دفعا للضرر، فاندفع ما في الشرنبلالية من دعوى التنافي.
تأمل.
قوله: (وإن أرادوا القلع) التعبير به يناسب المزارعة لا المساقاة اه ح.
قلت: والاحسن القطع لانه أشمل.
تأمل.
قوله: (لم يجبروا على العمل) أي بل يخير الآخر بين أن يقسم البسر على الشرط، وبين أن يعطيهم قيمة نصيبهم من البسر، وبين أن ينفق على البسر حتى يبلغ فيرجع بذلك في حصتهم من الثمر كما في الهداية.
قوله: (يقوم العامل إلخ) ولو التزم الضرر تتخير(6/600)
ورثة الآخر كما مر، ونظيره في المزارعة كما في الهداية أيضا.
واستشكل الزيلعي الرجوع على العامل أو ورثته في حصته من الثمر فقط، وكان ينبغي الرجوع بجميع النفقة، لان العامل إنما يستحق بالعمل وكان العلم كله عليه، ولهذا إذا اختار المضي أو لم يمت صاحبه كان العمل كله عليه، فلو كان الرجوع بحصته فقط يؤدي إلى أن العمل يجب عليهما حتى تستحق المؤنة بحصته فقط، وهذا خلف لانه يؤدي إلى استحقاق العامل بلا عمل في بعض المدة، وكذا هذا الاشكال وارد في المزارعة أيضا اه.
وأجاب في السعدية بأن المعنى أن الرجوع في حصة العامل بجميع النفقة لا بحصته كما فهمه هذا الفاضل اه.
وهذا الجواب موافق لما قدمناه في المزارعة على التاترخانية، من أنه يرجع بجميع النفقة مقدارا بالحصة، ولقول الهداية هناك: يرجع بما ينفقه في حصته، ولم يقل بنفسه ولا بحصته، ومعنى كونه مقدرا بالحصة أنه يرجع بما أنفق في حصة العامل إن كان قدرها أو دونها لا بالزائد عليها كما نقل عن المقدسي.
قال الحموي: نعم يرد هذا: أي إشكال الزيلعي على ما في الكافية والغاية والمبسوط من أنه يرجع بنصف ما أنفقه.
هذا، واعلم أن الرجوع بجميع النفقة هو الموافق لما قرره في المزارعة، وتقدم متنا من أنه لو
مات رب الارض والزرع بقل فالعمل على العمال لبقاء العقد، ولو انقضت المدة فعليهما بالحصص، وعن هذا صرح في الذخيرة بأن ورثة رب الارض إذا أنفقوا بأمر القاضي رجعوا بجميع النفقة مقدارا بالحصة، وفي انتهاء المدة يرجع رب الارض على الزارع بالنصف مقدارا بالحصة.
والفرق بقاء العقد في الاول، وكون العمل على العامل فقط، بخلاف الثاني.
وتمامه مر في المزارعة.
وهذا كله وإن كان في المزارعة، لكن المساقاة مثلها كما قدمناه آنفا عن الهداية ويأتي، ولم يفرقوا هنا بينهما إلا من وجه واحد يأتي قريبا.
ثم اعلم أن ظاهر التقييد بأمر القاضي أنه لا رجوع بدونه، فتنبه.
قوله: (وإن ماتا إلخ) قال في الهداية: فإن أبى ورثة العامل أن يقوموا عليه كان الخيار في ذلك لورثة رب الارض على ما وصفنا.
قوله: (بل انقضت مدتها) أي والثمر نئ، فهذا الاول سواء.
هداية.
قوله: (إن شاء عمل) أي كالمزارعة، لكن هنا لا يجب على العامل أجر حصته إلى أن يدرك لان الشجر لا يجوز استئجاره، بخلاف المزارعة حيث يجب عليه أجر مثل الارض، وكذا العمل كله على العامل وفي المزارعة عليهما، زيلعي.
وإن أبى عن العمل خير الآخر بين خيارات ثلاثة كما بينا.
إتقاني.
فرع: قال العامل على الكرم أياما ثم ترك فلما أدرك الثمر جاء يطلب الحصة: إن ترك في وقت صار للثمرة قيمة له الطلب، وإن قبله فلا.
بزازية.
قوله: (وتفسخ بالعذر) وهل يحتاج إلى قضاء القاضي؟ فيه روايتان ذكرناهما في المزارعة.
إتقاني.
وهل سفر العامل عذر؟ فيه روايتان.
قال في البزازية: والصحيح أنه يوفق بينهما، فهو عذر إذا شرط عليه عمل نفسه، وغير عذر إذا أطلق، وكذا التفصيل في مرض العامل اه.
قوله: (وسعفه) بالتحريك جمع سعفة: غصن النخل صحاح، ونقله ابن الكمال عن المغرب، وكتب في الهامش أن ما في زكاة العناية من أنه ورق الجريد الذي يتخذ منه المرواح ليس بذاك اه.
لكن ذكر القهستاني أنه عليهما يطلق.
قوله: (منه) أي من العامل متعلق بقوله(6/601)
يخاف.
قوله: (ولو شرط على العامل فسدت اتفاقا) عبارة الهداية: ولو شرط الجذاذ على العامل فسدت اتفاقا لانه لا عرف فيه اه.
وقدم الشارح آخر المزارعة عن الخلاصة أنه يضمن العنب بترك الحفظ للعرف، فتنبه.
قوله: (والاصل إلخ) لم يفد شيئا زائدا على ما قبله، فإن ما قبله أصل لذكره على
وجه العموم.
تأمل.
وذكر في التاترخانية عن الينابيع أن اشتراط ما لا تبقى منفعته بعد المدة على المساقي كلتلقيح والتأبير والسقي جائز، وما تبقى منفعته بعدها كإلقاء السرقين ونصب العرائش وغرس الاشجار ونحو ذلك مفسد.
قوله: (كما بعد القسمة) أي كالعمل الذي بعد قسمة الخارج.
قال في العناية: كالحمل إلى البيت والطحن وأشباههما وهما ليسا من أعمالها فيكونان عليهما، لكن فيما هو قبل القسمة على الاشتراك، وفيما هو بعدها على كل واحد منهما في نصيبه خاصة لتميز ملك كل واحد منهما عن ملك الآخر.
قوله: (ثم زاد أحدهما إلخ) ذكر في الهندية أصلا حسنا فقال: الاصل ما مر مرارا أن كل موضع احتمل إنشاء العقد احتمل الزيادة، وإلا فلا، والحط جائز في الموضعين، فإذا دفع نخلا بالنصف معاملة فخرج الثمر: فإن لم يتناه عظمه جازت الزيادة منهما أيهما كان، ولو تناهى عظم البسر جازت الزيادة من العامل لرب الارض، ولا تجوز الزيادة من رب الارض للعامل شيئا اه.
فإن حمل ما ذكر هنا على ما إذا تناهى العظم حصل التوفيق، أما قبل التناهي فهو بمنزلة إنشاء العقد، وإنشاؤه حينئذ من الطرفين جائز كما يشير إليه أصل الهندية، فتدبر اه ط.
قلت: وذكر نحو هذا الاصل في التاترخانية، وذكر أن المزارعة والمعاملة سواء.
قوله: (دفع الشجر لشريكه مساقاة لم يجز) أي إذا شرط له أكثر من قدر نصيبه، قال في التاترخانية: وإذا فسدت فالخارج بينهما نصفان على قدر نصيبهما في النخيل، ولو اشتراطا أن يكون الخارج بينهما نصفين جاز اه.
وفساد مساقاة الشريك مذكور في المنح وغيرها، وبه أفتى في الخيرية والحامدية، فما يفعل في زماننا فاسد، فتنبه.
وقيد بالمساقاة لان المزارعة بين الشريكين في أرض وبذر منهما تصح في أصح الروايتين.
والفرق كما في الذخيرة أن معنى الاجارة في المعاملة راجح على معنى الشركة، وفي المزارعة بالعكس.
فرع: لو ساق أحد الشريكين على نصيبه أجنبيا بلا إذن الآخر هل يصح؟ فعند الشافعية نعم.
قال الرملي: والظاهر أن مذهبنا كذلك لان المساقاة إجارة وهي تجوز في المشاع عندهما، والمعول عليه في المساقاة والمزارعة مذهبهما، فتجوز المساقاة في المشاع، ولم أر من صرح به.
ثم رأيت المؤلف أجاب
بأنها تصح عندهما كما تفقهت، ولله تعالى الحمد والمنة اه.
أقول: فيه بحث، لان معنى الاجارة وإن كان راجحا في المساقاة كا قدمناه آنفا، لكن الاجارة(6/602)
فيها من جانب العامل لا الشجر، لان استئجار الشجر لا يجوز كما مر، فالعامل في الحقيقة أجير لرب الشجر بجزء من الخارج، ولا شيوع في العامل بل الشيوع في الاجرة فلم يوجد هنا إجارة المشاع التي فيها الخلاف، فتدبر.
على أنه ذكر في التاترخانية في الفصل الخامس ما نصه: إذا دفع النخيل معاملة إلى رجلين: يجوز عند أبي يوسف، ولا يجوز عند أبي حنيفة وزفر، ولو دفع نصف النخيل معاملة لا يجوز اه.
فإن كان المراد أن النخيل كله للدافع كما هو المتبادر فعدم الجواز فيه يدل على عدم الجواز في المشترك بالاولى، بل يفيد عدم الجواز ولو بإذن الشريك كما لا يخفى على المتأمل، وإن كان المراد أن النخيل مشترك ودفع أحدهما لاجنبي فالامر أظهر، فتعين ما قلناه وثبت أن مساقاة الشريك لاجنبي ولو بإذن الشريك الآخر لا تصح كمساقاة أحد الشريكين للآخر، هذا ما ظهر لفهمي القاصر، والله أعلم.
قوله: (لانه شريك إلخ) هذا يوضح لك ما أردناه على الحيلة التي نقلها عن صدر الشريعة.
قوله: (فيقع العمل لنفسه) أي أصالة ولغيره تبعا ط.
قوله: (وما للمساقي إلخ) فلو ساقى بلا إذن فالخارج للمالك كما أفتى به في الحامدية.
قال في الذخيرة: دفع إليه معاملة ولم يقل له اعمل برأيك فدفع إلى آخر فالخارج لمالك النخيل وللعامل أجر مثله على العامل الاول بالغا ما بلغ، ولا أجر للاول لانه لا يملك الدفع، إذ هو إيجاب الشركة في مال الغير، وعمل الثاني غير مضاف إليه لان العقد الاول لم يتناوله، ولو هلك الثمر في يد العامل الثاني بلا عمله وهو على رؤوس النخيل لا يضمن وإن من عمل الاجير في أمر يخالف فيه أمر الاول يضمن لصاحب النخيل العامل الثاني لا الاول، وإن هلك من عمله في أمر لم يخالف أمر الاول فلرب النخيل أن يضمن أيا شاء، وللاخير إن ضمنه الرجوع على الاول اه.
ومثله في التاترخانية والبزازية، وبه أفتى العلامة قاسم، ونقله عن عدة كتب، فتنبه لذلك فإنه خفي على كثيرين.
بقي أنه لم يبين حكم المزارع، وذكر في الذخيرة وغيرها أنه على وجهين: الاول أن يكون البذر من رب الارض، فليس للمزارع دفعها مزارعة إلا بإذن ولو دلالة، لان فيه اشتراك غيره في مال رب الارض بلا رضاه.
والثاني أن يكون من المزارع فله الدفع ولو بلا إذن لانه يشرك غيره في ماله، وتفاصيل المسألة طويلة فلتراجع.
قوله: (وأي شياه إلخ) هي الشاة التي ندت خارج المصر ولا يقدر على أخذها يكفي فيها الجرح في أي مكان مع التسمية كالصيد، والمراد بالكفر الستر، سمي الزارع كافرا لانه يستر الحب، فكل مزارع ومساق إذا بذر يكفر: أي يستر، شرنبلالي.
وفي كون المساقي يستر نظر، فتدبر والله تعالى أعلم.(6/603)
كتاب الذبائح قوله: (مناسبتها للمزارعة إلخ) كذا في شروح الهداية.
قال في الحواشي السعدية: كان ينبغي أن تبين المناسبة بين الذبائح والمساقاة لذكرها بعد المساقاة، ويقول في كل منهما إصلاح مالا ينتفع به بالاكل في الحال للانتفاع في المآل اه.
أقول: قد يجاب بأنه، لما كانت المساقاة متحدة مع المزارعة شروطا وحكما وخلافا كما مر، وذكرا في كثير من الكتب في ترجمة واحدة، ونقل القهستاني عن النتف أن المساقاة من المزارعة تسامحوا في ذلك.
قوله: (إتلافا في الحال) لان فيهما إلقاء البذر في الارض واستهلاكه فيه وإزهاق روح الحيوان وتخريب بنيته، لكن هذا الاتلاف في الحقيقة إصلاح فلا ينافي ما مر، فتدبر.
قوله: (الذبيحة اسم ما يذبح) فالاطلاق باعتبار ما يؤول.
قوله: (كالذبح بالكسر) فهما بمعنى واحد، ومنه قوله تعالى: * (وفديناه بذبح عظيم) *.
قوله: (وأما بالفتح) في بعض النسخ: وأما الفتح، والمراد المفتوح.
قوله: (فقطع الاوداج) فيه تغليب كما يأتي.
قوله: (من شأنه الذبح) أي شرعا لان السمك والجراد يمكن ذبحهما ط: أي إن كان لهما أوداج، وإلا فلا يمكن فيهما أصلا.
تأمل.
قوله: (ودخل) أي فيما يحرم المتردية والنطيحة، وكذا المريضة والتي بقر الذئب بطنها على ما يأتي بيانه.
قوله: (وكل ما لم يذك) هذا الدخول اقتضى خروج المتن عن كونه قيدا في التعريف اه ح.
قوله: (ذكاء شرعيا) المعروف الذكاة بالهاء فليراجع اه ح.
أقول: في القاموس: التذكية: الذبح كالذكاء والذكاة.
قوله: (وذكاة الضرورة) أي في صيد غير مستأنس ونحوه مما يأتي متنا وشرحا.
قوله: (وطعن وإنهار دم) كذا في المنح، فالاول عطف خاص على عام، والثاني مسبب عنهما.
قال ط: ولو اقتصر على الجرح كما اقتصر غيره لكان أولى.
قوله: (بين الحلق واللبة) الحلق في الاصل الحلقوم كما في القاموس: أي من العقدة إلى مبدأ الصدر، وكلام التحفة والكافي وغيرهما يدل على أن الحلق يستعمل في العنق بعلاقة الجزئية، فالمعنى بين مبدأ الحلق: أي أصل العنق كما في القهستاني، فكلام المصنف محتمل للروايتين والآتيتين.
قوله: (بالفتح) أي والتشديد.
قوله: (وعروقه) أي الحلق لا الذبح.
قهستاني.
قوله: (الحلقوم) هو الحلق زيد فيه الواو والميم كما في المقاييس.
قهستاني.
قوله: (وسطه أو أعلاه أو أسفله) العبارة للامام محمد في الجامع الصغير لكنها بالواو، وأتى الشارح بأو إشارة إلى أن الواو فيها بمعنى أو، إذ ليس الشرط وقوع الذبح في الاعلى والاوسط والاسفل بل في واحد منها، فافهم.
قال في الهداية وفي الجامع الصغير: لا بأس بالذبح في الحلق كله وسطه وأعلاه وأسفله، والاصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام: الذكاة ما بين(6/604)
اللبة واللحيين ولانه مجمع العروق يحصل بالفعل فيه إنهار الدم على أبلغ الوجوه، فكان حكم لكل سواء اه.
وعبارة المبسوط: الذبح ما بين اللبة واللحيين كالحديث.
قال في النهاية: وبينهما اختلاف من حيث الظاهر، لان رواية المبسوط تقتضي الحل فيما إذا وقع الذبح قبل العقدة لانه اللبة واللحيين، ورواية الجامع تقتضي عدمه، لانه إذا وقع قبلها لم يكن الحلق محل الذبح فكانت رواية الجامع مقيدة لاطلاق رواية المبسوط.
وقد صرح في الذخيرة بأن الذبح إذا وقع أعلى من الحلقوم لا يحل، لان الذبح هو الحلقوم، لكن رواية الامام الرستغفني تخالف هذه، حيث قال: هذا قول العام وليس بمعتبر، فتحل سواء بقيت العقدة مما يلي الرأس أو الصدر، لان المعتبر عندنا قطع أكثر الاوداج وقد وجد، وكان شيخي يفتي بهذه الرواية ويقول: الرستغفني إمام معتمد في القول والعمل، ولو أخذنا يوم القيامة للعمل بروايته نأخذه كما أخذنا اه.
ما في النهاية ملخصا.
وذكر في العناية أن الحديث دليل ظاهر لهذه الرواية ورواية المبسوط تساعدها، وما في
الذخيرة مخالف لظاهر الحديث اه.
أقول: بل رواية الجامع تساعد رواية الرستغفني أيضا، ولا تخالف رواية المبسوط بناء على ما مر عن القهستاني من إطلاق الحلق على العنق، وقد شنع الاتقاني في غاية البيان على من خالف تلك الرواية غاية التشنيع، وقال: ألا ترى قول محمد في الجامع أو أعلاه: فإذا ذبح في الاعلى لابد ان تبقى العقدة تحت، ولم يلتفت الى العقدة في كلام الله تعالى ولا كلام رسوله (ص)، بل الذكاة بين اللبة واللحيين بالحديث، وقد حصلت لا سيما على قول الامام من الاكتفاء بثلاث من الاربع أيا كانت.
ويجوز ترك الحلقوم أصلا، فبالاولى إذا قطع من أعلا، وبقيت العقدة أسفل اه.
ومثله في المنح عن البزازية، وبه جزم صاحب الدرر والملتقى والعيني وغيرهم، لكن جزم في النقاية والمواهب والاصلاح بأنه لا بد أن تكون العقدة مما يلي الرأس، وإليه مال الزيلعي، وقال: ما قاله الرستغفني مشكل، فإنه لم يوجد فيه قطع الحلقوم ولا المرئ، وأصحابنا وإن اشترطوا قطع الاكثر فلا بد من قطع أحدهما عند الكل، وإذا لم يبق شئ من العقدة مما يلي الرأس لم يحصل قطع واحد منهما فلا يؤكل بالاجماع إلخ.
ورده محشيه الشلبي والحموي.
وقال المقدسي: قوله لم يحصل قطع واحد منهما ممنوع بل خلاف الواقع، لان المراد بقطعهما فصلهما عن الرأس أو عن الاتصال باللبة اه.
وقال الرملي: لا يلزم منه عدم قطع المرئ إذ يمكن أن يقطع الحرقد كزبرج وهو أصل اللسان وينزل على المرئ فيقطعه فيحصل قطع الثلاثة اه.
أقول: والتحرير للمقام أن يقال: إن كان بالذبح فوق العقدة حصل قطع ثلاثة من العروق.
فالحق ما قاله شراح الهداية تبعا للرسغفني، وإلا فالحق خلافه، إذ لم يوجد شرط الحل باتفاق أهل المذهب، ويظهر ذلك بالمشاهدة أو سؤال أهل الخبرة، فاغتنم هذا المقال ودع عنك الجدال.
قوله: (على الصحيح) لانه المذكور في أكثر كتب اللغة والطب.(6/605)
وفي الهداية أنه مجرى العلف والماء، والمرئ مجرى النفس.
قال صدر الشريعة: وهو سهو، لكن نقل مثله ابن الكمال عن الكشاف في تفسير سورة الاحزاب والقهستاني عن المبسوطين.
وقال في
الطلبة: الحلقوم مجرى الطعام، والمرئ مجرى الشراب.
وفي العيني أنه مجراهما.
قوله: (والمرئ) بالهمزة، قال في القاموس كأمير.
قوله: (والودجان) تثنية ودج بفتحتين: عرقان عظيمان في جانبي قدام العنق بينهما الحلقوم والمرئ.
قهستاني.
قوله: (إذ للاكثر حكم الكل) ولقوله عليه الصلاة والسلام: أفر الاوداج بما شئت وهو اسم جمع وأقله الثلاث، قال في العناية: والفري القطع للاصلاح، والافراء للافساد فكسر الهمزة أنسب.
قوله: (وهل يكفي قطع أكثر كل منها) أي من الاربعة، وهذا قول محمد والاول قول الامام.
وعند أبي يوسف يشترط قطع الاولين وأحد الودجين، وكان قوله قول الامام.
وعن أبي يوسف رواية ثالثة، وهي اشتراط قطع الحلقوم مع آخرين.
ذكره الاتقاني وغيره.
قوله: (وصحح البزازي إلخ) عبارته: أصح الاجوبة في الاكثر عنه: إذا قطع الحلقوم والمرئ والاكثر من كل ودجين يؤكل وما لا فلا اه.
ويظهر من كلام غيره أن الضمير في عنه راجع للامام محمد، فتأمل.
قوله: (وسيجئ) أي قبيل قوله ذبح شاة.
وفي المنح عن الجوهرة والينابيع: إذا مرضت الشاة ولم يبق فيها من الحياة إلا مقدار ما يعيش المذبوح، فعندهما لا تحل بالذكاة، والمختار أن كل شئ ذبح وهي حي أكل، وعليه الفتوى لقوله تعالى: * (إلا ما ذكيتم) * (المائدة: 3) من غير تفصيل.
قوله: (بكل) متعلق بقطع.
قوله: (أراد بالاوداج إلخ) يشير إلى أنه ليس المراد خصوص الودجين والجمع لما فوق الواحد، بل المراد الاربعة تغليبا: أي بكل آلة تقطعها، ولا يخفى أن وصف الآلة بذلك لا يفيد اشتراط قطع الاربعة للحل حتى ينافي ما مر، فافهم.
قوله: (ولو بنار) قال في الدر المنتقى: وهل تحل بالنار على المذبح؟ قولان، الاشبه لا كما في القهستاني عن الزاهدي.
قلت: لكن صرحوا في الجنايات بأن النار عمد وبها تحل الذبيحة، لكن في المنح عن الكفاية: إن سال بها الدم تحل وإن تجمد لا اه.
فليحفظ وليكن التوفيق اه.
قوله: (أو بليطة) بكسر اللام وسكون الياء آخر الحروف: هي قشر القصب اللازق والجمع ليط اه.
ط عن الحموي.
قوله: (أو مروة) صححها بعض شراح الوقاية بكسر الميم ولم نجده في المعتبرات من اللغات، وقد أوردها صاحب الدستور في الميم المفتوحة كذا قاله أخي زاده.
منح.
قوله: (مع الكراهة) أي كراهة الذبح بها، وأما أكل الذبيح بها لا بأس به كما في العناية والاختيار.
شرنبلالية.
قوله: (بشفرة) بفتح الشين.
ح
عن جامع اللغة.
وفي القاموس أنها السكين العظيم، وما عرض من الحديد وححد وجمعه شفار.
قوله: (وندب إلخ) للامر به في الحديث، لانها تعرف ما يراد بها كما جاء في الخبر أبهمت البهائم إلا عن(6/606)
أربعة: خالقها، ورازقها، وحتفها، وسفادها شرنبلالية عن المبسوط.
قوله: (إن بقيت حية إلخ) قال الفقيه أبو بكر الاعمش: وهذا إنما يستقيم أن لو كانت تعيش قبل قطع العروق بأكثر مما يعيش المذبوح حتى تحل بقطع العروق ليكون الموت مضافا إليه، وإلا فلا تحل لانه يحصل الموت مضافا إلى الفعل السابق.
إتقاني.
لكن رأيت بهامشه، قال الحاكم الشهيد: هذا التفصيل يصح فيما إذا قطعه بدفعتين، فلو بدفعة فلا حاجة إليه كما قلنا في الديات: لو شجه موضحتين بضربة ففيه أرش وبضربتين أرشان اه.
أقول: وهو الذي يظهر لمن تدبر، ولذا لميذكر جمهور الشراح هذا التفصيل.
قوله: (والنخع) بالنون والخاء المعجمة والعين المهملة.
قوله: (بلوغ السكين النخاع) المناسب إبلاغ السكين اه ح.
وقيل النخع: أن يمد رأسه حتى يظهر مذبحه، وقيل أن يكسر عنقه قبل أن يسكن عن الاضطراب، فإن الكل مكروه لما فيه من تعذيب حيوان بلا فائدة.
هداية.
وذكر الزمخشري أن الاخير هو البخع بالباء دون النون، وصوبه المطرزي وغيره، إلا أن الكواشي رده بأن البخاع بالباء لم يوجد في اللغة.
وقال ابن الاثير: طالما بحثت عنه في كتب اللغة والطب والتشريح فلم أجده، فمجرد منع الفاضل التفتازاني لذلك ليس بشئ.
قهستاني.
والنخاع بالنون قال في العناية: بالفتح والكسر والضم لغة.
قوله: (وكره إلخ) هذا هو الاصل الجامع في إفادة معنى الكراهة.
عناية.
قوله: (أي تسكن عن الاضطراب) كذا فسره في الهداية.
قوله: (وهو تفسير باللازم) لانه يلزم من برودتها سكوتها بلا عكس.
قوله: (لمخالفته السنة) أي المؤكدة لانه توارثه الناس فيكره تركه بلا عذر.
إتقاني.
قوله: (إن كان صيدا) قيد لقوله حلالا، وقوله خارج الحرم، واحترز به عن ذبح الشاة ونحوها فتحل من محرم وغيره ولو في الحرم.
قوله: (فصيد الحرم لا تحله الذكاة في الحرم مطلقا) أي سواء كان المذكى حلالا أو محرما، كما أن المحرم لا يحل الصيد بذكاته في الحل أو الحرم، وتقييده بقوله في الحرم يفيد أن الحلال لو أخرج إلى
الحرم وذبحه فيه يحل.
قال ط: والظاهر خلافه اه.
أقول: يؤيده إطلاق الاتقاني حيث قال: وكذا صيد الحرم لا تحل ذبيحته أصلا لا للمحرم ولا للحلال، ويؤيده أيضا قول الهداية: لان الذكاة فعل مشروع، وهذا الصنيع محرم فلم يكن ذكاة.
قوله: (ذميا أو حربيا) وكذا عربيا أو تغلبيا، لان الشرط قيام الملة.
هداية.
وكذا الصابئة لانهم يقرون بعيسى عليهالسلام.
قهستاني.
وفي البدائع: كتابهم الزبور ولعلهم فرق، وقدم الشارح في الجزية أن السامرة تدخل في اليهود لانهم يدينون بشريعة موسى عليه السلام، ويدخل في النصارى الافرنج والارمن سائحاني.
وفي الحامدية: وهل يشترط في اليهودي أن يكون إسرائيليا وفي النصراني أن لا يعتقد أن المسيح إله؟(6/607)
مقتضى إطلاق الهداية وغيرها عدمه، وبه أفتى الجد في الاسرائيلي، وشرط في المستصفى لحل مناكحتهم عدم اعتقاد النصراني ذلك.
وفي المبسوط: ويجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إن اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيا إله، ولا يتزوجوا بنسائهم، لكن في مبسوط شمس الائمة: وتحل ذبيحة النصارى مطلقا سواء قال ثالث ثلاثة أو لا، ومقتضى الدلائل الجواز كما ذكره التمرتاشي في فتاواه، والاولى أن لا يأكل ذبيحتهم ولا يتزوج منهم إلا للضرورة كما حققه الكمال ابن الهمام اه.
وفي المعراج أن اشتراط ما ذكر في النصارى مخالف لعامة الروايات.
قوله: (إلا إذا سمع منه عند الذبح ذكر المسيح) فلو سمع منه ذكر الله تعالى لكنه عنى به المسيح قالوا يؤكل، إلا إذا نص فقال باسم الله الذي هو ثالث ثلاثة.
هندية.
وأفاد أنه يؤكل إذا جاء به مذبوحا.
عناية.
كما إذا ذبح بالحضور وذكر اسم الله تعالى وحده.
قوله: (ولو الذابح مجنونا) كذا في الهداية، والمراد به المعتوه كما في العناية عن النهاية لان المجنون لا قصد له ولا نية، لان التسمية شرط بالنض وهي بالقصد وصحة القصد بما ذكرنا: يعني قوله إذا كان يعقل التسمية والذبيحة ويضبط اه.
ويضبط اه.
ولذا قال في الجوهرة: لا تؤكل ذبيحة الصبي الذي لا يعقل والمجنون والسكران الذي لا يقعل اه.
شرنبلالية، لكن في التبيين: لو سمى ولم تحضره النية صح اه.
فيفيد أنه لا حاجة إلى التأويل كذا قيل، وفيه نظر لقول الزيلعي بعده لان ظاهر(6/608)