أعطني مثل ما أعطيت المسلم إليه، حتى يكون المسلم فيه لك.
بحر عن الايضاح.
والمرابحة أن يأخذ زيادة على ما أعطى، وقيل يجوز كل من المرابحة والتولية قبل القبض، وبه جزم في الحاوي.
قال في البحر: وهو قول ضعيف والمذهب منعهما.
قوله: (ولو ممن عليه) فلو باع رب السلم المسلم فيه من المسلم إليه بأكثر من رأس المال لا يصح ولا يكون إقالة.
بحر عن القنية.
وانظر ما فائدة التقييد بالاكثر، وتقدم أول فصل التصرف في المبيع أن بيع المنقول من بائعه قبل قبضه لا يصح، ولا ينتقض به البيع الاول، بخلاف هبته منه لانها مجاز عن إقالة.
قوله: (حتى لو وهبه منه الخ) في المبسوط لو أبرأ رب السلم المسلم إليه عن طعام السلم صح إبراءه في ظاهر الرواية، وروى الحسن أنه لا يصح ما لم يقبل المسلم إليه، فإن قبله كان فسخا لعقد السلم، ولو أبرأ إليه رب السلم من رأس المال وقبل الابراء يبطل السلم، فإن رده لا، والفرق أن المسلم فيه لا يستحق قبضه في المجلس بخلاف رأس المال.
نهر.
قال في البحر: والحاصل أن التصرف المنفي في المتن شامل للبيع والاستبدال والهبة والابراء، إلا أن في الهبة والابراء يكون مجازا عن الاقامة، فيرد رأس المال كلا أو بعضا ولا يشمل الاقالة لانها جائزة، ولا التصرف في الوصف من دفع الجيد مكان الردئ والعكس ا ه.
قوله: (إقالة بعض السلم جائزة) أي لو أقاله عن نصف المسلم فيه أو ربعه مثلا جاز، ويبقى العقد في الباقي.
قال في البحر: واحترز به عن الاقالة على مجرد الوصف بأن كان المسلم فيه جيدا فتقايلا على الردئ على أن يرد المسلم إليه درهما لا يجوز عندهما، خلافا لابي يوسف في رواية، فيجوز عنده لا بطريق الاقالة بل بطريق الحط على رأس المال ا ه.
قال الرملي وفيه صراحة بجواز الحط عن رأس المال وتجوز الزيادة فيه، والظاهر فيها اشتراط قبضها قبل التفرق، بخلاف الحط، وقدمنا أنه لا تجوز الزيادة في المسلم فيه ويجوز الحط ا ه.
قوله: (بعد الاقالة) أفاد أن الاقالة جائزة في السلم، مع أن شرط الاقالة قيام المبيع، لان المسلم فيه وإن كان دينار حقيقة فله حكم العين، ولذا لم يجز الاستبدال به قبل قبضه،
وإذا صحت فإن كان رأس المال عينا ردت وإن كانت هالكة رد المثل أو القيمية لو قيمة، وتقدم تمامه في بابها.
قوله: (فلو كان فاسدا جاز الاستبدال) لان رأس ماله في يد البائع كمغصوب.
منح عن جامع الفصولين.
لكن لا يخفى أن جواز الاستبدال لا يدل على جواز التصرف بالشراء كما هو موضوع المسألة كما يظهر لك قريبا.
قوله: (كسائر الديون) أي كدين مهر وأجرة وضمان متلف ونحو ذلك سوى صرف وسلم، لكن التصرف في الدين لا يجوز إلا تمليكه ممن هو عليه بهبة، أو وصية أو بيع أو إجارة لا من غيره إلا إذا سلطه على قبضه، وقدمنا تمام الكلام عليه في فصل التصرف في المبيع والثمن.
قوله: (قبل قبضه) أي قبض رب السلم رأس المال من المسلم إليه.
قوله: (بحكم الاقالة) أي قبضا كائنا بحكم الاقالة لا بحكم عقد السلم، لان رأس المال مقبوض في يد المسلم إليه وإلا لم تصح الاقالة لعدم صحة السلم.
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام الخ) رواه بمعناه أبو داود وابن ماجه(5/348)
وحسنه الترمذي، وتمام في الفتح.
قوله: (فامتنع الاستبدال) فصار رأس المال بعد الاقالة بمنزلة المسلم فيه قبلها فيأخذ حكمه من حرمة الاستبدال بغيره، فحكم رأس المال بعدها كحكمه قبلها إلا أنه لا يجب قبضه في مجلسها، كما كان يجب قبلها لكونها ليست بيعا من كل وجه، ولهذا جاز إبراؤه عنه وإن كان لا يجوز قبلها.
بحر.
وقدم الشارح في باب الاقالة عن الاشباه أن رأس المال بعدها كهو قبلها، إلا في مسألتين الخ.
قوله: (حيث يجوز الاستبدال عنه) لانه لا يتعين بالتعيين، فلو تبايعا دراهم بدنانير جاز استبدالها قبل القبض بأن يمسكا ما أشار إليه في العقد، ويؤديا بدله قبل الافتراق كما سيأتي في باب الصرف، واحترز بالاستبدال عن التصرف فيه لما سيأتي هناك أنه لا يتصرف في ثمن الصرف قبل قبضه، فلو باع دينارا بدراهم واشترى بها قبل قبضها ثوبا فسد بيع الثوب، وبهذا ظهر أن قول المصنف بخلاف الصرف غير منتظم، لان الكلام قبله في الشراء برأس المال قبل قبضه والصرف مثله في ذلك كما علمت.
وظهر أيضا أن قول الشارح لجواز تصرفه فيه غير صحيح، لان الجائز هو الاستبدال ببدل الصرف دون التصرف فيه كما هو مصرح به في المتون، فكان على المصنف أن يقول: ولا يشترط قبض رأس المال في مجلس الاقالة، ولا يجوز الاستبدال عنه بخلاف الصرف.
وأصل المسألة
في البحر حيث قال: قيد بالسلم لان الصرف إذا تقايلاه جاز الاستبدال عنه ويجب قبضه في مجلس الاقالة، بخلاف السلم.
وقال قبله: وفي البدائع: قبض رأس المال شرط حال بقاء العقد لا بعد ارتفاعه بإقالة أو غيرها وقبض بدل الصرف في مجلس الاقالة شرط لصحتها كقبضه في مجلس العقد، ووجه الفرق أن القبض في مجلس العقد في البدلين ما شرط لعينه، بل للتعيين، وهو أن يصير البدل معينا بالقبض صيانة عن الافتراق عن دين بدين، ولا حاجة إلى التعيين في مجلس الاقالة في السلم، لانه لا يجوز استبداله فتعود إليه عينه فلا تقع الحاجة إلى التعيين بالقبض فكان الواجب نفس القبض فلا يراعى له المجلس، بخلاف الصرف، لان التعيين لا يحصل إلا بالقبض لان استبداله جائز فلا بد من شرط القبض في المجلس للتعيين ا ه.
قوله: (ولو شرى المسلم إليه في كر الخ) صورته: أسلم رجلا مائة درهم في كر حنطة فاشترى المسلم إليه كرا وأمر رب السلم بقبضه لم يصح، حتى يكتاله رب السلم مرتين مرة عن المسلم إليه، ومرة عن نفسه.
قال في البحر: قيد بالشراء لان المسلم إليه لو ملك كرا بإرث أو هبة أو وصية فأوفاه رب السلم واكتاله مرة جاز، لان لم يوجد إلا عقد واحد بشرط الكيل وقيد بالكر، لانه لو اشترى حنطة مجازفة فاكتالها مرة جاز لما قلنا، وأشار بالكر المكيل إلى أن الموزون كذلك، وكذا المعدود إذا اشتراه بشرط العد.
وفي البناية: إن فيه روايتين.
قوله: (قضاء) مفعول لاجله.
قوله: (للزوم الكيل مرتين) لانه اجتمع صفقتان صفقة بين المسلم إليه وبين المشتري منه وصفقة بين المسلم إليه وبين رب السلم بشرط الكيل فلا بد منه مرتين.
بحر.
حتى لو هلك بعد ذلك يهلك من مال المسلم إليه وللمسلم أن يطالبه بحقه.
نهر.
قوله: (وصح لو كان الكر قرضا) صورته: استقرض المسلم إليه كرا وأمر رب السلم بقبضه من المقرض، وكذا لو استقرض رجل كرا ثم اشترى كرا وأمر المقرض بقبضه قضاء(5/349)
لحقه كما في البحر.
قوله: (لانه) أي القرض إعارة حتى ينعقد بلفظها فكان المقبوض عين حقه تقديرا.
بحر.
قوله: (ثم لنفسه) الشرط أن يكيله مرتين وإن لم يتعدد الامر، حتى لو قال: اقبض الكر الذي اشتريته من فلان عن حقك، فذهب فاكتاله ثم أعاد كيله صار قابضا، ولفظ الجامع يفيده.
بحر
عن الفتح.
قوله: (لزوال المانع) علة لصح.
قوله: (أي المسلم إليه) تفسير للضمير المتصل المنصوب.
قوله: (في ظرفه) أي ظرف رب السلم، ويفهم منه حكم ما إذا أمره بكيله في ظرف المسلم إليه بالاولى بحر.
وهذا إذا لم يكن في الظرف طعام لرب السلم، فلو فيه طعامه: ففي المبسوط: الاصح عندي أنه يصير قابضا لان أمره بخلطه على وجه لا يتميز معتبر فيصير به قابضا.
فتح.
قوله: (فيصير قابضا بالتخلية) أي سواء كان الظرف له أو للبائع أو مستأجرا، وبه صرح الفقيه أبو الليث.
بحر عن البناية.
قوله: (بذلك) أي بكيله في ظرفه.
قوله: (ظرف البائع) بدل من قوله: ظرفه.
قوله: (لم يكن قبضا لحقه) لان رب السلم حقه في الذمة ولا يملكه إلا بالقبض، فلم يصادف أمره ملكه فلا يصح، فيكون المسلم إليه مستعيرا للظرف جاعلا فيه ملك نفسه كالدائن إذا دفع كيسا إلى المدين وأمره أن يزن دينه ويجعله فيه لم يصر قابضا.
وفي مسألة البيع يكون المشتري استعار ظرف البائع ولم يقبضه فلا يصير بيده، فكذا ما يقع فيه فصار كما لو أمره أن يكيله في ناحية من بيت البائع لان البيت بنواحيه في يد البائع.
بحر.
قوله: (لان حقه في العين) لانه ملكه بنفس الشراء، فيصح أمره لمصادفته ملكه، فيكون قابضا بجعله في الظرف ويكون البائع وكيلا في إمساك الظرف، فيكون الظرف والواقع فيه في يد المشتري حكما.
قال في الهداية: ألا ترى أنه لو أمره بالطحن كان الطحين في السلم للمسلم إليه، وفي الشراء للمشتري لصحة الامر، وكذا إذا أمره أن يصبه في البحر في السلم يهلك من مال المسلم إليه وفي الشراء من مال المشتري ا ه.
قال في النهر: وأورد أنه لو وكل البائع بالقبض صريحا لم يصح، فعدم الصحة هنا أولى.
وأجيب بأنه لما صح أمره لكونه مالكا صار وكيلا له ضرورة، وكم من شئ يثبت ضمنا لا قصدا.
قوله: (كيل العين) مبتدأ وجعلهما معطوف عليه، وقوله: قبض خبره.
وصورة المسألة: رجل أسلم في كر حنطة، فلما حل الاجل اشترى رب السلم من المسلم إليه كر حنطة بعينها ودفع رب السلم ظرفا إلى المسلم إليه ليجعل الكر المسلم فيه والكر المشتري في ذلك الظرف، فإن بدأ بكيل العين المشتري في الظرف صار قابضا للعين لصحة الامر في وللدين المسلم فيه لمصادفته ملكه، كمن استقرض حنطة وأمر المقرض أن يزرعها في أرضه، وإن بدأ بالدين لم يصر قابضا لشئ منهما، أما الدين فلعدم صحة الامر فيه، وأم العين فلانه خلطه بملكه قبل التسليم فصار مستهلكا
عند أبي حنيفة فينتقض البيع، وهذا الخلط غير مرضي به لجواز أن يكون مراده البداءة بالعين، وعندهما بالخيار: إن شاء نقض البيع، وإن شاء شاركه في المخلوط، لان الخلط ليس باستهلاك عندهما.
درر.(5/350)
قوله: (وقبضت) أي قبضها المسلم إليه.
قال في النهر: قيد بذلك لانهما لو تفرقا لا عن قبضها لم تصح الاقالة لعدم صحة السلم.
قوله: (قبل قبضها) أي قبل أن يقبضها رب السلم بسبب الاقالة.
قوله: (أو ماتت) على قوله السابق فتقابلا فيكون الموت بعد القبض.
قوله: (صح) أي عقد الاقالة.
قوله: (لبقاء المعقود عليه) لان الجارية رأس المال، وهو في حكم الثمن في العقد والمبيع هو المسلم فيه، وصحة الاقالة تعتمد قيام المبيع لا الثمن كما مر، فهلاك الامة لا يغير حال الاقالة من البقاء في الاولى والصحة في الثانية.
درر.
قوله: (وعليه قيمتها) لانه إذ انفسخ العقد في المسلم فيه انفسخ في الجارية تبعا فوجب عليه ردها وقد عجز عنه فوجب رد قيمتها.
درر.
قوله: (كذا الحكم في المقايضة) هي بيع العين بالعين فتبقى الاقالة، وتصح بعد هلاك أحد العوضين لان كل واحد منهما مبيع من وجه وثمن من وجه، ففي الباقي يعتبر المبيعة وفي الهالك الثمنية.
درر.
قوله: (بخلاف الشراء بالثمن فيهما) أي في المسألتين، فإذا اشترى أمة بألف فتقايلا فماتت في يد المشتري بطلت الاقالة، ولو تقايلا بعد موتها فالاقالة باطلة، لان الامة هي الاصل في البيع فلا تبقى بعد هلاكها، فلا تصح الاقالة ابتداء ولا تبقى انتهاء لعدم محلها.
درر قوله: (في السلم) أي وفي المقايضة.
قوله: (بخلاف البيع) أي بالثمن.
قوله: (تقايلا البيع الخ) تقدمت هذه المسألة في باب الاقالة متنا.
قوله: (والقول لمدعي الرداءة) هذا صادق بما إذا قال أحدهما شرطنا رديئا فقال الآخر لم نشرط شيئا، وبما إذا ادعى الآخر اشتراط الجودة وقال الآخر إنا شرطنا رديئا والمراد الاول، ولذا أردفه بقوله: لا لنا في الوصف والاجل ولافادة أن الرداءة مثال، حتى لو قال أحدهما شرطنا جيدا وقال الآخر لم نشرط شيئا فالحكم كذلك.
نهر.
والظاهر أن القول إنما يقبل مع اليمين وقد صرح به في مسألة الاجل الآتية، ولا فرق يظهر.
قوله: (وهو الرداءة) أي مثلا.
قوله: (والاجل) بالجر عطفا على الوصف، والاجل مدة الشئ، والمراد به هنا التأجيل، وهو تحديد الاجل بقرينة التعبير
به قبله، وادعى في البحر أنه يتعين كون التأجيل بمعنى الاجل مجازا بدليل ما بعده، ويظهر أن المتعين العكس كما قلنا، لان المراد الاختلاف في أصل التأجيل لا في مقدار الاجل، ويؤيده قول المصنف بعده ولو اختلفا في مقداره.
قوله: (والاصل أن من خرج كلامه تعنتا) بأن ينكر ما ينفعه كأن قال المسلم إليه شرطت لك رديه وقال رب السلم لم نشترط شيئا، فالقول للمسلم إليه لان رب السلم متعنت في إنكار الصحة، لان المسلم فيه يربو على رأس المال في العادة، وكذا لو قال رب السلم كان له أجل وأنكر المسلم إليه فهو متعنت في إنكاره حقا له وهو الاجل، كما في الهداية.
قوله: (وإن خرج خصومة) بأن أنكر ما يضره كعكس التصوير في المسألتين، فالقول لمدعي الصحة عنده وهو رب(5/351)
السلم في الاولى، والمسلم إليه في الثانية، وعندهما الحكم كالاول كما قرره في الهداية وغيرها.
قوله: (ووقع الاتفاق على عقد واحد) احتراز عما إذا لم يتفقا على عقد واحد، كما لو قال رب المال للمضارب شرطت لك نصف الربح إلا عشرة وقال المضارب بل شرطت لي نصف الربح فإن القول لرب المال، لانه ينكر استحقاق زيادة الربح، وإن تضمن ذلك إنكار الصحة، هذا عندهما، وأما عنده فلان عقد المضاربة إذا صح كان شركة، وإذا فسد صار إجازة فلم يتفقا على عقد واحد، فإن مدعي الفساد يدعي إجارة ومدعي الصحة يدعي الشركة، فكان اختلافهما في نوع العقد، بخلاف السلم فإن السلم الحال وهو ما يدعيه منكر الاجل سلم فاسد لا عقد آخر ولهذا يحنث في يمنيه لا يسلم في شئ فقد اتفقا على عقد واحد.
واختلفا في صحته: فالقول لمدعي الصحة.
وتمامه في الفتح.
قوله: (فالقول لمدعي الصحة عندهما وعنده للمنكر) كذا في بعض النسخ وهو سبق قلم.
وعبارة الهداية وغيرها: فالقول لمدعي الصحة عنده، وعندهما للمنكر، وهو كذلك في بعض النسخ.
قوله: (فالقول للطالب) أي رب السلم، فإن يطالب المسلم إليه بالمسلم فيه.
قوله: (وأي برهن قبل) لكن برهان رب السلم وحده مؤكد لقوله لا مثبت، لان القول له بدونه، بخلاف برهان المسلم إليه وحده، ولذا قضى ببينته إذا برهنا معا.
قوله: (فالقول للمطلوب) لانكاره توجهه المطالبة.
بحر.
قوله: (وإن برهنا فبينة المطلوب) لاثباتها زيادة الاجل، فالقول قوله والبينة بينته.
بحر.
قوله: (ولو اختلفا في
السلم تحالفا استحسانا) أي ويبدأ بيمين الطالب وأي برهن قبل، وإن برهنا فبرهان الطالب والمسألة على أوجه، لان رأس المال إما عين أو دين، وعلى كل إما أن يتفقا عليه ويختلفا في المسلم فيه أو بالعكس، أو يختلفا فيهما، فإن كان عينا واختلفا في المسلم فيه فقط كقوله هذا الثوب في كر حنطة وقال الآخر في نصف كر أو في شعير أو حنطة رديئة وبرهنا قدم الطالب، وإن اختلفا في رأس المال فقط هل هو ثوب أو عبد أو فيهما وبرهنا قضى بالسلمين، وإن كان دراهم واتفقا فيه فقط يقضى للطالب بسلم واحد عند الثاني، خلافا لمحمد، وكذا لو الاختلاف في المسلم فيه فقط، ولو فيهما كقوله عشرة دراهم في كري حنطة وقال الآخر خسمة عشر في كر وبرهنا، فعند الثاني تثبت الزيادة فيجب خمسة عشر في كرين، وعند محمد يقضى بالعقدين ا ه فتح ملخصا.
مطلب في الاستصناع قوله: (هو لغة طلب الصنعة) أي أن يطلب من الصانع العمل.
ففي القاموس: الصناعة ككتابة: حرفة الصانع وعمله الصنعة ا ه.
فالصنعة عمل الصانع في صناعته: أي حرفته.
وأما شرعا: فهو طلب العمل منه في شئ خاص على وجه مخصوص يعلم ما يأتي.
وفي البدائع: من شروطه:(5/352)
بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره وصفته، وأن يكون مما فيه تعامل، وأن لا يكون مؤجلا، وإلا كان سلما، وعندهما: المؤجل استصناع إلا إذا كان مما لا يجوز فيه الاستصناع فينقلب سلما في قولهم جميعا.
قوله: (بأجل) متعلق بمحذوف حال من الاستصناع، لكن فيه مجئ الحال من المبتدأ وهو ضعيف، ولا يصح كونه خبرا لانه لا يفيد بل الخبر هو قوله سلم والمراد بالاجل ما تقدم وهو شهر فما فوقه.
قال المصنف: قيدنا الاجل بذلك، لانه إذا كان أقل من شهر كان استصناعا إن جرى فيه تعامل، وإلا ففاسد إن ذكره على وجه الاستمهال، وإن كان للاستعجال بأن قال على أن تفرغ منه غدا أو بعد غد كان صحيحا ا ه.
ومثله في البحر وغيره وسيذكره الشارح.
قوله: (ذكر على سبيل الاستمهال الخ) كان الواجب عدم ذكر هذه الجملة لما علمت من أن المؤجل بشهر فأكثر سلم،
والمؤجل بدونه إن لم يجر فيه تعامل فهو استصناع فاسد، إلا إذا ذكر الاجل للاستعجال فصحيح كما أفاده ط.
وقد تبع الشارح ابن كمال.
قوله: (سلم) أي فلا يبقى استصناعا كما في التتارخانية، فلذا قال الشارح فتعتبر شرائطه أي شرائط السلم، ولهذا لم يكن فيه خيار مع أن الاستصناع فيه يخيار لكونه عقدا غير لازم كما يأتي تحريره.
قوله: (جرى فيه تعامل) كخف وطست وقمقمة ونحوها درر.
قوله: (أم لا) كالثياب ونحوها.
درر.
قوله: (وقالا الاول) أي ما فيه تعامل استصناع، لان اللفظ حقيقة للاستصناع فيحافظ على قضيته، ويحمل الاجل على التعجيل، بخلاف ما لا تعامل فيه، لانه استصناع فاسد، فيحمل على السلم الصحيح، وله أنه دين يحتمل السلم وجواز السلم بإجماع لا شبهة فيه، وفي تعاملهم الاستصناع نوع شبهة فكان الحمل على السلم أولى.
هدية.
قوله: (وبدونه) متعلق بقوله: صح الآتي ومقابل هذا قوله بعد ولم يصح فيما لم يتعامل به.
قوله: (وذكره في المغرب في الشين المعجمة) هو خلاف ما في الصحاح والقاموس والمصباح.
قوله: (وقد يقال) أي في جمعه، وبيانه ما في المصباح الطست.
قال ابن قتيبة: أصلها طس، فأبدلت من أحد المضعفين تاء، لانه يقال في جمعها طساس كسهم وسهام، وجمعت أيضا على طسوس لاعتبار الاصل، وعلى طسوت باعتبار اللفظ.
قوله: (بيعا لا عدة) أي صح على أنه بيع لا على أنه مواعدة، ثم ينعقد عند الفراغ بيعا بالتعاطي، إذ لو كان كذلك لم يختص بما في تعامل.
وتمامه في البحر.
قال في النهر: وأورد أن بطلانه بموت الصانع ينافي كونه بيعا.
وأجيب بأنه إنما بطل بموته لشبهه بالاجارة.
وفي الذخيرة: هو إجارة ابتداء بيع انتهاء، لكن قبل التسليم لا عند التسليم، وأورد أنه لو انعقد إجارة لاجبر الصانع على العمل والمستصنع على إعطاء المسى، وأجيب بأنه إنما لا يجبر لانه لا يمكنه إلا بإتلاف عين له من قطع الاديم ونحوه، والاجارة تفسخ بهذا العذر، ألا ترى أن الذراع له أن لا يعمل إذا كان البذر من جهته، وكذا رب الارض ا ه.
ومثله في البحر والفتح والزيلعي.
قوله: (فيجبر الصانع على عمله) تبع في ذلك الدرر ومختصر الوقاية.
وهو مخالف لما ذكرناه آنفا عن عدة كتب من أنه لا جبر فيه ولقول البحر، وحكمه الجواز دون اللزوم، ولذا قلنا للصانع أن(5/353)
يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع لان العقد غير لازم ا ه.
ولما في البدائع: وأما صفته: فهي أنه عقد غير لازم قبل العمل من الجانبين بلا خلاف حتى كان لكل واحد منهما خيار الامتناع من العمل كالبيع بالخيار للمتبايعين، فإن لكل منهما الفسخ، وأما بعد الفراغ من العمل قبل أن يراه المستصنع فكذلك، حتى كان للصانع أن يبيعه ممن شاء، وأما إذا أحضره الصانع على الصفة المشروطة سقط خياره، وللمستصنع الخيار.
هذا جواب ظاهر الرواية، وروي عنه ثبوته لهما، وعن الثاني عدمه لهما، والصحيح الاول ا ه.
وقال أيضا: ولكل واحد منهما الامتناع من العمل قبل العمل بالاتفاق، ثم إذا صار سلما يراعى فيه شرائط السلم: فإن وجدت صح، وإلا لا ا ه.
وقال أيضا: فإن ضرب له أجلا صار سلما حتى يعتبر فيه شرائط السلم، ولا خيار لواحد منهما إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي عليه في السلم ا ه.
وذكر في كافي الحاكم أن للصانع بيعه قبل أن يراه المستصنع، ثم ذكر أن الاستصناع لا يصح في الثوب، وأنه لو ضرب له أجلا وعجل الثمن جاز وكان سلما، ولا خيار له فيه ا ه.
وفي التتارخانية: ولا يجبر المستصنع على إعطاء الدراهم، وإن شرط تعجيله هذا إذا لم يضرب له أجلا، فإن ضرب قال أبو حنيفة: يصير سلما ولا يبقى استصناعا حتى يشترط فيه شرائط السلم ا ه.
فقد ظهر لك بهذه النقول أن الاستصناع لا جبر فيه إلا إذا كان مؤجلا بشهر فأكثر، فيصير سلما وهو عقد لازم يجبر عليه، ولا خيار فيه، وبه علم أن قول المصنف فيجبر الصانع على عمله لا يرجع الآمر عنه إنما هو فيما إذا صار مسلما فكان عليه ذكره قبل قوله: وبدونه وإلا فهو مناقض لما ذكره بعده من إثبات الخيار للآمر، ومن أن المعقود عليه العين لا العمل، فإذا لم يكن العمل معقودا عليه كيف يجير عليه.
وأما ما في الهداية عن المبسوط، من أنه لا خيار للصانع في الاصح، فذاك بعد ما صنعه ورآه الآمر كما صرح به في الفتح، وهو ما مر عن البائع، والظاهر أن هذا منشأ توهم المصنف وغيره كما يأتي.
وبعد تحريري لهذا المقام رأيت موافقته في الفصل الرابع والعشرين من نور العين إصلاح جامع الفصولين حيث قال بعد أن أكثر من النقل في إثبات الخيار في الاستصناع: فظهر أن قول الدرر تبعا لخزانة المفتي أن الصانع يجبر على عمله والآمر لا يرجع عنه سهو ظاهر ا ه.
فاغتنم هذا
التحرير ولله الحمد.
قوله: (والمبيع هو العين لا عمله) أي أنه بيع عين موصوفة في الذمة لا بيع عمل: أي لا إجارة على العمل، لكن قدمنا أنه إجارة ابتداء بيع انتهاء.
تأمل.
مطلب ترجمة البردعي قوله: (خلافا للبردعي) بالباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهملة وفي آخره عين مهملة، نسبة إلى بردعة بلدة من أقصى بلاد أذربيجان، وهو أحمد بن الحسين أبو سعيد من الفقهاء الكبار، قتل في وقعة القرامطة مع الحاج سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتمام ترجمته في طبقات عبد القادر.
قوله: (بمصنوع غيره) أي بما صنعه غيره.
قوله: (فأخذه) أي الآمر.
قوله: (بلا رضاه) أي رضا الآمر أو رضا الصانع.
قوله: (قبل رؤية آمره) الاولى قبل اختياره، لان مدار تعينه له على اختياره، وهو يتحقق(5/354)
بقبضه قبل الرؤية.
ابن كمال.
قوله: (ومفاده الخ) قدمنا التصريح بهذا المفاد عن البدائع، وعلله بأن الصانع بائع ما لم يره ولا خيار له، ولانه بإحضاره أسقط خيار نفسه الذي كان له قبله فبقي خيار صاحبه على حاله ا ه.
وفي الفتح: وأما بعد ما رآه فالاصح أنه لا خيار للصانع، بل إذا قبله المستصنع أجبر على دفعه له لانه بالآخرة بائع ا ه.
وهذا هو المراد من نفي الخيار في المبسوط، فقول المصنف في المنع ولا خيار للصانع كذا ذكره في المبسوط، فيجبر على العمل، لانه باع ما لم يره الخ، صوابه أن يقول: فيجبر على التسليم، لان الكلام بعد العمل، وأيضا فالتعليل لا يوافق المعلل على ما فهمه، وهذا هو منشأ ما ذكره في متنه أولا، وقد علمت تصريح كتب المذهب بثبوت الخيار قبل العمل، وفي كافي الحاكم الذي هو متن المبسوط ما نصه: والمستصنع بالخيار إذا رآه مفروغا منه، وإذا رآه فليس للصانع منعه ولا بيعه، وإن باعه الصانع قبل أن يراه جاز بيعه.
قوله: (وهو الاصح) وهو ظاهر الرواية، وعنه ثبوت الخيار لهما، وعن الثاني عدمه لهما كما مر عن البدائع.
قوله: (إلا بأجل كما مر) أي بأجل مماثل لما مر في السلم من أن أقله شهر فيكون سلما بشروطه.
قوله: (فإن لم يصح) أي الاجل لعقد السلم بأن كان أقل من شهر.
قوله: (وإن للاستعجال) أي بأن لم يقصد به التأجيل والاستمهال، بل قصد به الاستعجال بلا إمهال، وظاهره أنه لو لم يذكر أجلا فيما لم يجر فيه تعامل
صح، لكنه خلاف ما يفهم من المتن ولم أره صريحا، فتأمل.
قوله: (في الدبس) بكسر وبكسرتين: عسل التمر وعسل النحل، قاموس.
والمشهور الآن أنه ما يخرج من العنب.
قوله: (ولذا) أي لكون النار عملت فيه فصار غير مثلي لا يجوز السلم فيه، وظاهره أن السلم لا يجوز إلا في المثلي، مع أنه يجوز في الثياب والبسط والحصر ونحوها كما مر.
أفاده ط.
قوله: (حتى لو كان عينا) أي لو جعل الاجرة دبسا معينا.
قوله: (الرب) دبس الرطب إذا طبخ.
مصباح.
قوله: (والقطر) نوع من عسل القصب.
قال المؤلف في الغصب: إن كلا منهما يتفاوت بالصنعة ولا يصح السلم فيهما ولا يثبت في الذمة ط.
قوله: (واللحم) ولو نيئا ذكره المؤلف في الغصب وتقدم الكلام فيه.
قوله: (والآجر والصابون) لاختلافهما في الطبخ.
قوله: (والصرم) بالفتح: الجلد، مصباح.
وقدمنا أول الباب عن الفتح: أنه يصح السلم في الجلود إذا بين ما يقع به في الضبط.
قوله: (وبر مخلوط) الاصوب وبرا مخلوطا عطفا على الرب المنصوب.
نعم الرفع جائز على القول بجواز العطف بالرفع على محل اسم إن قبل استكمال العمل فافهم، والله سبحانه أعلم.(5/355)
باب المتفرقات جرت عادتهم أن المسائل التي تشذ عن الابواب المتقدمة فلم تذكر فيها يجمعونها بعد، ويسمونها بأحد هذه الاسماء ط.
قوله: (بمسائل مثنورة) شبهت بالمنثور من الذهب أو الفضة لنفاستها، وهو بالرفع على الحكاية ط ويجوز الجر.
قوله: (من خزف) أي طين.
قال ط: قيد به لانها لو كانت من خشب أو صفر جاز اتفاقا فيما يظهر لامكان الانتفاع بها وحرره ا ه.
وهو ظاهر.
قوله: (ولا يضمن متلفه) كأنه لانه آلة لهو، ولا يقال فيها نحو ما قيل في عود اللهو من أنه يضمن خشبا لا مهيأ على أحد القولين، لانه لا قيمة لهذه الاشياء إذا قطع النظر عن التلهي بها.
ط.
قوله: (وقيل بخلافه) يشعر بضعفه مع أن المصنف نقله عن القنية.
وفي القنية لم يعبر عنه بقيل، بل رمز للاول ثم للثاني.
قوله: (عن أبي يوسف) أي ناقلا عن أبي يوسف، وظاهر أنه قوله لا رواية عنه حتى يقال: إن هذا يشعر بضعفه، ونسبته إلى أبي يوسف لا تدل على أن الامام يخالفه لاحتمال أن يكون له في المسألة
قول، فافهم.
قوله: (ولو عقورا) فيه كلام يأتي.
قوله: (والفيل) هذا بالاجماع لانه منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق فكان مالا بحر عن البدائع: أي ينتفع به لقتال والحمل وينتفع بعظمه.
قوله: (والقرد) فيه قولان كما يأتي.
قوله: (والسباع) وكذا يجوز بيع لحمها بعد التذكية لاطعام كلب أو سنور، بخلاف لحم الخنزير، لانه لا يجوز إطعامه.
محيط.
لكن على أصح التصحيحين من أن الذكاة الشرعية لا تطهر إلا الجلد دون اللحم لا يصح بيع اللحم.
شرنبلالية.
قوله: (حتى الهرة) لانها تصطاد الفار والهوام المؤذية فهي منتفع بها.
فتح قوله: (وكذا الطيور) أي الجوارح.
درر قوله: (علمت أولا) تصريح بما فهم من عبارة محمد في الاصل، وبه صرح في الهداية أيضا، لكن في البحر عن المبسوط أنه لا يجوز بيع الكلب العقور الذي لا يقبل التعليم في الصحيح من المذهب، وهكذا نقول في الاسد إن كان يقبل التعليم ويصطاد به يجوز بيعه، وإلا فلا، والفهد والبازي يقبلان التعليم فيجوز بيعهما على كل حال ا ه.
قال في الفتح: فعلى هذا لا يجوز بيع النمر بحال، لانه لشراسته لا يقبل التعليم، وفي بيع القرد روايتان ا ه.
وجه رواية الجواز وهو الاصح.
زيلعي.
أنه يمكن الانتفاع بجلده، وهو وجه ما في المتن أيضا، وصحح في البدائع عدم الجواز لانه لا يشترى للانتفاع بجلده عادة بل للتلهي به وهو حرام ا ه بحر.
قلت: وظاهره أنه لولا قصد التلهي به لجاز بيعه، ثم إنه يرد عليه ما ذكره الشارح عن شرح الوهبانية من أن هذا لا يقتضي عدم صحة البيع بل كراهته.
الحاصل: أن المتون على جواز بيع ما سوى الخنزير مطلقا، وصحح السرخسي التقييد بالمعلم(5/356)
منها.
قوله: (لا ينبغي اتخاذ كلب الخ) الاحسن عبارة الفتح، وأما اقتناؤه للصيد وحراسة الماشية والبيوت والزرع فيجوز بالاجماع، لكن لا ينبغي أن يتخذه في داره إلا إن خاف لصوصا أو أعداء للحديث الصحيح من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان.
قوله: (خرء حمام كثير) لعل المراد به ما تبلغ قيمته فلسا فإنه أقل قيمة المبيع ط.
ومثل الحمام بقية الطيور
المأكولة لطهارة خرئها، وتقدم في البيع الفاسد جواز بيع سرقين وبعر ولو خالصين والانتفاع به والوقود به، وبيع رجيع الآدمي لو مخلوطا بتراب.
قوله: (لا يجوز) أي إذا لم تبلغ قيمتها فلسا.
قوله: (والقنافذ) جميع قنفذ بضم الفاء وتفتح مصباح.
وذكره في القاموس في الدال المهملة والذال المعجمة.
قوله: (والوزغ) هو سام أبرص.
قوله: (وكل ما فيه) أي في البحر.
قوله: (سوى سمك) عبارة البحر عن البدائع إلا السمك وما جاز الانتفاع بجلده أو عظمه ا ه.
قوله: (بيع ما له ثمن) في الشرنبلالية عن المحيط: يجوز بيع العلق في الصحيح لتمول الناس واحتياجهم إليه لمعالجة مص الدم من الجسد ا ه.
قلت: وعليه فيجوز بيع دودة القرمز، لانها من أعز الاموال وأنفسها في زماننا وينتفع بها، خلافا لمن أفتى بأنه لا يجوز بيعها ولا يضمن متلفها كما حررناه في البيع الفاسد.
قوله: (كسقنقور) حيوان مستقل، وقيل بيض التماسيح إذا فسد ويكبر طول ذراعين على أنحاء السمكة، وتمامه في تذكرة الشيخ داود.
قوله: (وجلود خز) الخز اسم دابة ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها.
مصباح.
قوله: (لو حيا) عبارة البحار عن القنية: قيل يجوز حيا لا ميتا الخ.
مطلب في التداوي بالمحرم قوله: (ورده في البدائع الخ) قدمنا في البيع الفاسد عند قوله: ولبن امرأة أن صاحب الخانية والنهاية اختارا جوازه إن علم أن فيه شفاء ولم يجد دواء غيره.
قال في النهاية وفي التهذيب: يجوز للعليل شرب البول والدم والميتة للتداوي إذا أخبره طبيب مسلم أن فيه شفاءه ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه، وإن قال الطبيب يتعجل شفاؤك به فيه وجهان.
وهل يجوز شرب العليل من الخمر للتداوي؟ فيه وجهان، كذا ذكره الامام التمرتاشي، وكذا في الذخيرة.
وما قيل إن الاستشفاء بالحرام حرام غير مجرى على إطلاقه، وأن الاستشفاء بالحرام إنما لا يجوز إذا لم يعلم أن فيه شفاء، أما إذا علم وليس له دواء غيره يجوز.
ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه: لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم، يحتمل أن يكون قال ذلك في داء عرف له دواء غير المحرم، لانه حينئذ يتسغني بالحلال عن الحرام، ويجوز أن يقال: تنكشف الحرمة عند الحاجة فلا يكون الشفاء بالحرام وإنما يكون بالحلال ا ه نور العين(5/357)
من آخر الفصل التاسع والاربعين.
قوله: (أي متنجس) احترز به عن دهن الميتة والخنزير ا ه ح.
قوله: (وينتفع به للاستصباح) عطف علة على معلول ط.
لان الانتفاع به علة جواز البيع.
قوله: (كما مر) أي في باب الانجاس، لكن عبارته هناك: ولا يضر أثر دهن الادهز ودك ميتة لانه عين النجاسة، حتى لا يدبغ به جلد بل يستصبح به في غير مسجد ا ه.
وقدمنا هناك تأييد ما هنا بالحديث الصحيح، وقدمنا ذلك أيضا في البيع الفاسد.
قوله: (غير الخمر والخنزير الخ) فإنا نجيز بيع بعضهم بعضا لخصوص فيه من قول عمر رضي الله تعالى عنه أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج: حضر عمر بن الخطاب واجتمع إليه عماله، فقال: يا هؤلاء إنه بلغني أنكم تأخذون في الجزية الميتة والخنزير والخمر، فقال بلال: أجل إنهم يفعلون ذلك، فقال: فلا تفعلوا، ولكن ولوا أربابها بيعها ثم خذوا الثمن منهم، ولا نجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم.
فتح.
قوله: (وميتة الخ) هذا زاده ابن الكمال وصاحب الدرر استدراكا على الهداية بأن المستثنى غير محصور بالخمر والخنزير، واستدرك أيضا في النهر شراءه عبدا مسلما أو مصحفا.
قلت: هذا إنما يظهر أن لو كان التشبيه في قولهم: والذمي كالمسلم الخ من جهة الحل والحرمة، والظاهر أنه من جهة الصحة والفساد، لان الصحيح من مذهب أصحابنا أن الكفار مخاطبون بشرائع، هي محرمات، فكانت ثابتة في حقهم أيضا، فلو كان التشبيه من جهة الحل والحرمة لم يصح استثناء شئ، فتعين ما قلنا، وحينئذ فلا يدخل الجبر على البيع في التشبيه حتى يصح استثناؤه، ولذا غاير المصنف في التعبير فقال: وصح شراؤه عبدا الخ، ثم هذا على رواية أن بيع ما لم يمت حتف أنفه صحيح بينهم، وفي رواية أنه فاسد، بخلاف ما مات حتف أنفه فإن بيع باطل فيما بيننا وبينهم، كما مر أول البيع الفاسد.
مطلب أمرنا بتركهم وما يدينون قوله: (وقد أمرنا بتركهم وما يدينون) كذا في الهداية.
وقال: دل عليه قول عمر: ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها ا ه.
وأشار به إلى أن إعراضنا عنهم ليس لكونها مباحة شرعا في حقهم كما
هو قول البعض، بل الحرمة ثابتة في حقهم في الصحيح، لانهم مخاطبون بها كما قلنا لكنهم لا يمنعون من بيعها، لانهم لا يعتقدون حرمتها ويتمولونها، وقد أمرنا بتركهم وما يدينون كما في البحر عن البدائع، لكن الاولى الاستدلال بأن هذا مخصوص بالاثر المنقول عن عمر كما مر، وإلا ورد عليه أنه لو اعتقدوا حل ما مات حتف أنفه أن يصح بيعه، مع أنهم لو ارتفعوا إلينا نحكم ببطلانه، وأيضا لو(5/358)
اعتقدوا حل السلم أو الصرف أو نحوهما بدون شروطه المعتبرة عندنا نحكم بينهم بشرعنا، إلا في الخمر والخنزير فعقدهم عليهما كعقدنا على الشاة والعصير.
وفي البحر عن حدود القنية: ويمنع الذمي عما يمنع المسلم، إلا شرب الخمر فإن غنوا وضربوا العيدان منعوا كالمسلمين لانه لم يستثن عنهم ا ه.
قال في النهر: ويرد عليه أنه لا يمنع من لبس الحرير والذهب بخلاف المسلم ا ه.
قوله: (ويجبر على بيعه) ولو اشتراه من كافر مثله شراء فاسدا أجبر على رده، لان دفع الفساد واجب حقا للشرع، ثم يجبر البائع على بيعه.
بحر.
قوله: (أجبر وليه) وينبغي أن عقد الصغير في هذا لا يتوقف على الاجازة.
نهر: أي لعدم فائدته، لانه إذا أجازه وليه أجبر أيضا على بيعه، وقد يقال: إنه قد يسلم قبل إجبار وليه فيبقى على ملكه فكان للاجازة فائدة.
قوله: (وكذا لو أسلم عنده) في بعض النسخ عبده بالباء بدل النون، وأفاد أنه لا فرق بين كون العبد مسلما وقت الشراء أو بعده.
قوله: (ويتبعه طفلة) أي لو أسلم العبد وله ولد غير بالغ يتبعه في الاسلام والاجبار على بيعه معه.
قوله: (فإن عجز) أي المكاتب.
قوله: (أجبر) أي الكافر على بيعه، ومفهومه أنه لا يجبر ما دام عقد الكتابة وهو ظاهر، لان المكاتب لا يجوز بيعه.
قوله: (من عادته شراء المردان) عبارة النهر عن المحيط: الفاسق المسلم إذا اشترى عبدا أمرد وكان من عادته اتباع المرد أجبر على بيعه دفعا للفساد ا ه.
وعن هذا أفتى المولى أبو السعود بأنه لا تسمع دعواه على أمرد، وبه أفتى الخير الرملي والمصنف أيضا.
قوله: (يؤمر بإرساله) ولا يصح بيعه، ومر بيان ذلك كله في الحج.
قوله: (ولو أسلم مقرض الخمر سقطت) لتعذر قبضها فصار هلاكها مستندا إلى معنى فيها، وفي البيع: لو أسلما أو أحدهما قبل القبض انتقض البيع: أي ثبت حق الفسخ لتعذر القبض بالاسلام فصار كما لو أبق المبيع، وتمامه في البحر.
قوله:
(فروايتان) أي عن الامام في رواية تسقط، وفي رواية عليه قيمتها، وهو قول محمد لتعذره لمعنى من جهته.
بحر.
قوله: (التي أنكحها المشتري الخ) أي إذا اشترى أمة وزوجها لرجل قبل قبضها من البائع فوطئها الزوج صار المشتري قابضا قوله: (فصار فعله) أي الزوج كفعله: أي المشتري.
قوله: (استحسانا) والقياس أن يكون قبضا لانه تعييب حكمي، ألا ترى أنه لو وجد المشتراة مزوجة يردها بالعيب، وجه الاستحسان أنه لم يتصل بها فعل حسي من المشتري، والتزويج فعل تعييب حكمي بمعنى تقليل الرغبات فيها كنقصان السعر، وتمامه في النهر.
قوله: (فلو انتقض البيع) أي بنحو خيار عيب أو فساد.
قوله: (بطل النكاح) لان البيع متى انتقض قبل القبض انتقض من الاصل فصار كأن لم يكن فكان النكاح باطلا.
بحر.
قوله: (وقيده الكمال) لم يقيده الكمال من عنده بل قال: وقيد القاضي الامام أبو بكر بطلان النكاح الخ، فلو قال الشارح: وقيده القاضي أبو بكر لكان أصوب،(5/359)
ولسلم عزوه في آخر العبارة إلى الفتح من الاستدراك.
قوله: (بطلانه) أي البيع.
قوله: (فيلزمه المهر للمشتري فتح) لم أجد هذه العبارة في الفتح بل ذكرها في النهر، ونقل محشي مسكين عن شيخه أنه لم يجدها في النهاية ولا في العناية والبحر، ونقل عن الشيخ شاهين أنه وجدها في المعراج، ثم استشكلها بأنه كيف تكون هالكة من مال البائع ويكون المهر للمشتري فهو مخالف لقولهم: الغرم بالغنم ا ه.
قلت: عدم بطلان النكاح دليل على أن بطلان البيع مقتصر على وقت الموت فلم يصر العقد كأن لم يكن، فيظهر أن النكاح كان على ملك المشتري فيستحق المهر.
تأمل.
وانظر في قدمناه في البيع الفاسد قبيل قوله: ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما.
قوله: (إذ العقار لا يبيعه القاضي) في بعض النسخ لا يبيعه إلا القاضي بزيادة إلا والصواب الاول، وهو الموجود في النهر، وكذا في البحر عن النهاية وجامع الفصولين.
وعبارة جامع الفصولين: جاز للقاضي بيع المبيع وإبقاء الثمن لو كان منقولا لا لو عقارا ا ه.
قوله: (قبل القبض) فلو غاب بعده لا يبيعه القاضي لانه حقه غير متعلق بماليته بل بذمة المشتري، وقيده في جامع الفصولين بما إذا لم يخف عليه التلف، فإن خيف جاز له البيع حيث قال: للقاضي إيداع مال غائب ومفقود، وله إقراضه وبيع منقوله إذا خيف تلفه ولم يعلم
مكان الغائب لا لو علم ا ه.
وينبغي أن يقال: إن خوف التلف محوز للبيع، علم مكانه أو لا، وقدمنا نحوه في خيار الشرط فارجع إليه.
نهر.
قوله: (غيبة معروفة) بأن كانت البلدة التي خرج إليها معروفة وإن بعدت.
نهر.
قوله: (فأقام بائعه بينة الخ) ليست البينة هنا للقضاء على الغائب، بل لنفي التهمة وانكشاف الحال كما في الزيلعي، فلا يحتاج إلى خصم حاضر، لان العبد في يده وقد أقر به للغائب على وجه يكون مشغولا بحقه.
بحر.
قال في جامع الفصولين: الخصم شرط لقبول البينة لو أراد المدعي أن يأخذ من يد الخصم الغائب شيئا، أما إذا أراد أن يأخذ حقه من مال كان للغائب في يده فلا يشترط ولا يحتاج لوكيل كهذه المسألة، وكذا لو استأجر إبلا إلى مكة ذاهبا أو جائيا ودفع الكراء ومات رب الدابة في الذهاب فانفسخت الاجارة فله أن يركبها ولا يضمن، وعليه أجرتها إلى مكة، فإذا أتاها ورفع الامر إلى القاضي فرأى بيعها ودفع بعض الاجر إلى المستأجر جاز، وعلى هذا لو رهن المديون وغاب غيبة منقطعة فرفع المرتهن الامر إلى القاضي ليبيع الرهن ينبغي أن يجوز كما في هاتين المسألتين ا ه.
وأقره في البحر قوله: (إنه باعه منه) وأنه لم ينقد إليه الثمن.
نهر وفتح.
مطلب للقاضي إيداع مال غائب وإقراضه وبيع منقوله الخ قوله: (باعه القاضي أو مأموره) ولو أذن له بأن يؤجر الدابة ويعلفها من أجرها جاز كما في جامع الفصولين، وظاهر كلامهم أن البائع لا يملك البيع بلا إذن القاضي فإن باع كان فضوليا، وإن سلم كان متعديا والمشتري منه غاصب.
بحر.
قلت: وفي الولوالجية: اشترى لحما فذهب ليجئ بالثمن فأبطأ فخاف البائع أن يفسد يسع(5/360)
البائع بيعه، لان المشتري يكون راضيا بالانفساخ، فإن باع بزيادة تصدق بها أو بنقصان وضع على المشتري وهذا نوع استحسان ا ه.
وبه علم أن ما يسرع فساده لا يتوقف على القاضي لرضاه بالانفساخ، بخلاف غيره فإن القاضي يبيعه على ملك المشتري، ولذا كان الفضل له والنقص عليه.
قوله: (نظرا للغائب) أي وللبائع، لان البائع يصل به إلى حقه ويبرأ عن ضمانه، والمشتري أيضا تبرأ
ذمته من دينه ومن تراكم نفقته.
بحر.
فرع: في جامع الفصولين: سئل نجم الدين عمن وهبه أمير أمة فأخبرته أنها لتاجر قتل فأخذت وتداولتها الايدي حتى وصلت إليه ولا يجد وارث القتيل ويعلم أنه لو خلاها ضاعت ولو أمسكها يخاف الفتنة.
فأجاب: للقاضي بيعها من ذي اليد، فلو ظهر المالك كان له على ذي اليد ثمنها.
قوله: (وإن اشترى اثنان شيئا) أي اشتريا عبدا صفقة واحدة كما عبر في الجامع الصغير لقاضيخان.
قوله: (وغاب واحد منهما) أي بحيث لم يدر مكانه نهر.
وقيد به لانه لو كان حاضرا يكون متبرعا بالاجماع، لانه لا يكون مضطرا في إيفاء الكل، إذ يمكنه أن يخاصمه إلى القاضي في أن ينقد حصته ليقبض نصيبه.
فتح.
قوله: (ويجيز الخ) الظاهر أن هذا لو المبيع غير مثلي، أما المثلي كالبر ونحوه مما يمكن قسمته فلا جبر على دفع الكل، ولذا صوروا المسألة بالعبد كما ذكرنا.
تأمل.
قوله: (وله) أي للحاضر قبضه: أي قبض كل المبيع.
قوله: (حتى ينقد شريكه الثمن) أي ثمن حصته إذا كان الثمن حالا.
وفي ط عن الواني: النقد في الاصل تمييز الجيد من الردئ من نحو الدارهم ثم استعمل في معنى الاداء.
قوله: (بخلاف أحد المستأجرين) لو غاب قبل نقد الاجرة فنقد الحاضر جميعها كان متبرعا لانه غير مضطر، إذ ليس للمؤجر حبس الدار الاستيفاء الاجرة.
ذكره التمرتاشي.
نهر.
وهذه الاحكام المذكورة من دفع الثمن وجبر البائع ودفع الكل والقبض والحبس مذهبهما، وخالف أبو يوسف في جميعها ط.
مطلب في العلو إذا سقط قوله: (فكان مضطرا) فصار كمعير الرهن إذا أفلس الراهن وهو المستعير أو غاب، فإن المعير إذا افتكه يدفع الدين يرجع على الراهن لانه مضطر فيه، وكصاحب العلو إذا سقط بسقوط السفل كان له أن يبني السفل إذا لم يبنه مالكه بغير أمره ليتوصل به إلى بناء علوه ثم يرجع عليه ولا يمكنه من دخوله ما لم يعطه ما صرفه.
وتمامه في الفتح.
قوله: (اللهم الخ) بحث لصاحب النهر.
قوله: (لعدم الاولوية) لانه أضاف المثقال إليهما على السواء فيجب من كل واحد منهما نصفه، ويشترط بيان الصفة من الجودة وغيرها، بخلاف ما إذا قال بألف من الدراهم والدنانير حيث لا يشترط بيان الصفة(5/361)
وينصرف إلى الجياد.
نهر.
قوله: (وانصرف للوزن المعهود الخ) فإن المعهود وزن الذهب بالمثاقيل ووزن الفضة بالدراهم، فهو كما لو قال بألف من الدراهم والدنانير.
قوله: (وهذه قاعدة الخ) الاشارة إلى ما ذكره المصنف: أي إن قوله: باع بألف مثقال الخ ليس البيع قيدا في ذلك وكذا الموزون، بل مثله المكيل ونحوه كما لو أقر له برطل من سمن وعسل وزيت أو بمائة من بيض وجوز وتفاح أو بمائة ذراع من كتان وإبريسم وخز يلزمه من كل ثلث.
قوله: (وزن سبعة) أي العشرة من الدراهم وزن سبعة مثاقيل كل درهم أربعة عشر قيراطا ا ه ط.
مطلب فيما ينصرف إليه اسم الدرهم قوله: (وأفاد الكمال الخ) اعلم أنه وقع اشتباه في موضعين بالنظر إلى العرف الحادث: الاول فيما ينصرف إليه اسم الدرهم، والثاني في قيمته.
فذكر في الفتح أن انصراف الدراهم إلى وزن سبعة إذا كان متعارفا في بلد العقد.
وأما في عرف مصر فلفظ الدرهم ينصرف الآن إلى زنة أربعة دراهم بوزن سبعة من الفلوس، إلا أن يعقد بالفضة فينصرف إلى درهم بوزن سبعة.
وأخذ منه في البحر أن الواقف بمصر لو شرط دراهم للمستحق ولم يقيدها ينصرف إلى الفلوس النحاس، وإن قيدها بالنقرة ينصرف إلى الفضة.
واعترضه في النهر بأن ما في الفتح حكاية عما في زمنه، ولا يلزم منه كون كل زمن كذلك، فالذي ينبغي أن لا يعدل عنه اعتبار زمن الواقف إن عرف، وإلا صرف إلى الفضة لانه الاصل ا ه.
الموضع الثاني: قال في النهر: وأما قيمة كل درهم منها، فقال في البحر بعدما أعاد المسألة في الصرف قد وقع الاشتباه في أنها خالصة أو مغشوشة، وكنت قد استفتيت بعض المالكية عنها: يعني به علامة عصره ناصر الدين اللقاني، فأفتى أنه سمع ممن يوثق به أن الدرهم منها يساوي نصفا وثلاثة من الفلوس، قال: فليعول على ذلك ما لم يوجد خلافه ا ه.
وقد اعتبر ذلك في زماننا، لان الادنى متيقن به وما زاد عليه فهو مشكوك فيه، ولكن الاوفق بفروع مذهبنا وجوب درهم وسط لما في جامع الفصولين من دعوى النقرة: لو تزوجها على مائة درهم نقرة ولم يصفها صح العقد، ولو ادعت
مائة درهم مهرا وجب لها مائة وسط ا ه.
فينبغي أن يعول عليه ا ه.
ورأيت في فتاوى بعض الشافعية أن قيمته باعتبار المعاملة نصف وثلث، وأنت قد علمت أن القيمة تختلف باختلاف الازمان، ولا شك في اختلاف أزمنة الواقفين فينبغي اعتبار زمن الواقف، والله تعالى الموفق ا ه.
قلت: وفي زماننا وقبله بمدة مديدة ترك الناس التعامل بلفظ الدرهم، وإنما يذكرون لفظ(5/362)
القرش وهو اسم لاربعين نصف فضة، وهذا يختلف باختلاف الزمان، فينظر إلى قرش زمن الواقف أيضا.
قوله: (فقيمة درهمها نصفان) هذا ذكره في النهر بعدما حرر المقام، والظاهر أن مراده أن ذلك كان في زمن الواقف فلا ينافي ما حرره قبله.
قوله: (أن النقرة تطلق الخ) إطلاقها على الفلوس عرف حادث.
ففي المغرب النقرة: القطعة المذابة من الذهب أو الفضة.
قوله: (فلا بد من مرجح) وذلك كأن يعلم ما كانت تطلق عليه في زمن الواقف أو يكون قيدها بشئ، فافهم.
قوله: (الاستيمارات القديمة) أي التصرفات أو العطايا أو الدفاتر أو نحوها، مأخوذة من استمر الشئ: إذا دام، والمراد أنه ينظر إلى ما جرى عليه التعامل من قديم الزمان فيتبع.
قوله: (ولو قبض زيفا) أي رديئا، وهو من الوصف بالمصدر، لانه يقال: زافت الدراهم تزيف زيفا من باب سار: أي ردأت، ثم وصف به فقيل درهم زيف ودراهم زيوف كفلس وفلوس، وربما قيل زائف على الاصل كما في المصباح.
مطلب في النبهرجة والزيوف والستوقة وفي التتارخانية: الدراهم أنواع أربعة: جياد، ونبهرجة، وزيوف، وستوقة.
واختلفوا في تفسير النبهرجة، قيل هي التي تضرب في غير دار السلطان، والزيوف: هي المغشوشة.
والستوقة: صفر مموه بالفضة.
وقال عامة المشايخ: الجياد فضة خالصة تروج في التجارات وتوضع في بيت المال.
والزيوف ما زيفه بيت المال: أي يرده، ولكن تأخذه التجار في التجارات لا بأس بالشراء بها، ولكن يبين للبائع أنها زيوف.
والنبهرجة: ما يرده التجار.
والستوقة: أن يكون الطاق الاعلى فضة والاسفل كذلك وبينهما صفر، وليس لها حكم الدراهم ا ه.
وقال في أنفع الوسائل: وحاصل ما قالوه أن الزيوف أجود وبعده النبهرجة وبعدهما الستوقة، وهي بمنزلة الزغل التي نحاسها أكثر من فضتها.
قوله: (كان قضاء اتفاقا) لانه صار راضيا بترك حقه في الجودة، وقيد بقوله وأنفقه لانه لو عرضه على البيع ولم ينفقه له رده كما سيذكره الشارح آخر الفروع.
قوله: (ونفق) أي هلك، يقال: نفقت الدابة نفوقا من باب قعد: هلكت.
مصباح.
قوله: (استحسانا) وقولهما قياس كما ذكره فخر الاسلام وغيره، وظاهره ترجيح قول أبي يوسف.
بحر.
قوله: (ولو فرخ طير) يقال فرخ بالتشديد وأفرخ: صار ذا أفراخ، وأفرخت البيضة: انفلقت عن الفرخ فخرج منها.
مصباح.
قوله: (أو تكسر) وقع في الكنز تكنس.
وفي المغرب: كنس الظبي دخل في الكناس كنوسا من باب طلب وتكنس مثله، ومنه الصيد: إذا تكنس في أرض رجل: أي استتر،(5/363)
ويروى تكسر وانكسر ا ه.
وفي الفتح: وفي بعض النسخ تكسر: أي وقع فيها فتكسر احترازا عما لو كسره رجل فيها.
بحر.
وقوله من باب طلب صوابه من باب جلس.
رملي، وقوله احترازا الخ، إنما يتم إذا لم يكن تكسر للمطاوعة وإلا فهو من فعل غيره، يقال كسره بالتشديد فتكسر وكسره بالتخفيف فانكسر: أي قبل ذلك.
تأمل.
قوله: (إلا إذا هيأ أرضه لذلك الخ) أي بأن حفر فيها بئرا ليسقط فيها أو أعد مكانا للفراخ ليأخذها.
فتح.
لان الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد.
بحر.
قوله: (أو كان صاحب الارض قريبا الخ) ظاهره أن سبب الملك أحد شيئين: إما التهيئة، أو القرب، ومقتضاه أنه لو خرج الصيد من أرضه المهيأة قبل قربه منه يبقى على ملكه فليس لغيره أخذه، لكن يشكل عليه ما في الذخيرة عن المنتقى حيث قال: نصب حبالة فوقع فيها صيد فاضطرب وانفلت فأخذه غيره فهو له، فلو جاء صاحب الحبالة ليأخذه فلما دنا منه بحيث يقدر عليه انفلت فأخذه غيره فهو لصاحب الحبالة: والفرق أن صاحب الحبالة فيهما وإن صار آخذا له إلا أنه في الاول بطل الاخذ قبل تأكده، وفي الثاني بعد تأكده، وكذا صيد البازي، والكلب إذا انفلت فهو على هذا التفصيل ا ه.
أفاده ط.
قوله: (فلو أخذه غيره لم يملكه) استدل عليه في النهر بعبارة المنتقى المذكورة.
قوله: (مثل ما مر) بدل من قوله وكذا أو عطف بيان أفاد به أن الاشارة إلى ما ذكر في أول المسألة من أنه لآخذه.
قوله: (أو دخل دار رجل) وكذا لو دخل بيته وأغلق عليه الباب ولم يعلم به لم يصر آخذا مالكا له، حتى لو خرج بعد ذلك فأخذه غيره ملكه.
وعن أبي يوسف: لو اصطاده في دار رجل من الهواء أو على الشجر ملكه، لان حصوله على حائط رجل أو شجرته ليس بإحراز، فإن قال رب الدار كنت اصطدته قبلك: فإن كان أخذه من الهواء فهو له لانه لا يد لرب الدار على الهواء، وإن أخذه من حائطه أو شجره فالقول لرب الدار لاخذه من محل هو في يده، وإن اختلفا في أخذه من الهواء أو الشجرة فكذلك لان الظاهر أن ما في داره يكون له.
وتمامه في البحر.
قوله: (ملكه بهذا الفعل) أي بالاعداد أو الكف، وظاهره أنه بدون ذلك لا يملكه، وإن وقع قريبا منه بحيث تناله يده، والفرق بينه وبين الصيد أن الصيد يملكه بالقرب منه إذا وقع في أرضه ونحوها لا مطلقا، وإلا لزم لزم أنه لو قرب من صيد في برية ملكه والنثار يكون في بيت أهل العرس عادة فلا يعتبر فيه مجرد القرب بل لا بد من إعداد الثوب أو كفه.
وأيضا لو اعتبر مجرد القرب يؤدي إلى المنازعة بين الحاضرين الذين وقع بينهم إذ كلهم يدعيه.
قوله: (ملكه مطلقا) أي وإن لم يعدها لذلك.
قوله: (لانه صار من أنزالها) أي ريعها، فهو بفتح الهمزة جمع نزل.
قال في المصباح: نزل الطعام نزلا من باب تعب: كثر ريعه ونماؤه فهو نزل، وطعام كثير النزل بوزن سبب: أي البركة، ومنهم من يقول: كثير النزل بوزن قفل.
قوله: (لا يجبر عليه) وكذا لا يجبر على إعطاء الصك القديم كما في الخيرية عن جواهر(5/364)
الفتاوى.
قال: نعم لو توقف إحياء الحق على عرضه، كما لو غصب المبيع وامتنعت الشهود من الشهادة حتى يروا خطوطهم يجبر على عرضه، كما أفتى به الفقيه أبو جعفر صيانة لحق المشتري ا ه.
قوله: (ولا على الاشهاد والخروج إليه) أي إلى الاشهاد، وهو عطف تفسير على الاشهاد لانه ليس له الامتناع عن الاشهاد المجرد بقرينة ما بعده.
قوله: (فليس له الامتناع عن الاقرار) فإن لم يقر يرفعه إلى الحاكم، فإن أقر بين يديه كتب سجلا وأشهد عليه.
ملتقط.
قوله: (فغزلته امرأته) أي بإذنه أو بغير إذنه.
ملتقط.
قوله: (المرأة إذا كفنت) أي كفنت زوجها.
وعبارة مجمع الفتاوى وغيرها: أحد الورثة إذا كفن الميت بماله الخ فالمرأة غير قيد، نعم خرج الاجنبي فإنه لا يرجع كما في التتارخانية: أي
إلا إذا كان وصيا.
قوله: (ولو أكثر لا ترجع بشئ) علله في البزازية بأن اختيار ذلك دليل التبرع، وهذا إذا أنفق الوارث من ماله ليرجع، وسيذكر المصنف في باب الوصي أنه إذا زاد في عدد الكفن ضمن الزيادة، وإن زاد في قيمته ضمن الكل: أي لانه صار مشتريا لنفسه فيضمن مال الميت، وقد حررت هذه المسألة بما لا مزيد عليه في تنقيح الحامدية من الوصايا.
قوله: (قال رحمه الله) الضمير عائد إلى صاحب الملتقط، فإن هذه الفروع كلها من الملتقط كما ذكره الشارح آخرها، والعبارة كذلك مذكورة فيه على عادة المتقدمين في كتبهم، فافهم.
قوله: (لا يبعد) لعل وجهه أنه لا يلزم من التكفين بأكثر من كفن المثل اختيار التبرع بالكل بل بالزائد.
مطلب إذا اكتسب حراما ثم اشترى على خمسة أوجه قوله: (اكتسب حراما الخ) توضيح المسألة ما في التتارخانية حيث قال: رجل اكتسب مالا من حرام ثم اشترى فهذا على خمسة أوجه: أما إن دفع تلك الدراهم إلى البائع أولا ثم اشترى منه بها أو اشترى قبل الدفع بها ودفعها، أو اشترى قبل الدفع بها ودفع غيرها، أو اشترى مطلقا ودفع تلك الدراهم، أو اشترى بدراهم أخر ودفع تلك الدراهم، قال أبو نصر: يطيب له ولا يجب عليه أن يتصدق إلا في الوجه الاول، وإليه ذهب الفقيه أبو الليث، لكن هذا خلاف ظاهر الرواية، فإنه نص في الجامع الصغير: إذا غصب ألفا فاشترى بها جارية وباعها بألفين تصدق بالربح.
وقال الكرخي: في الوجه الاول والثاني لا يطيب، وفي الثلاث الاخيرة يطيب.
وقال أبو بكر: لا يطيب في الكل، لكن الفتوى الآن على قول الكرخي دفعا للحرج عن الناس ا ه.
وفي الولوالجية وقال بعضهم: لا يطيب في الوجوه كلها وهو المختار، لكن الفتوى اليوم على قول الكرخي دفعا للحرج لكثرة الحرام ا ه.
وعلى هذا مشى المصنف في كتاب الغصب تبعا للدرر وغيرها.
قوله: (قال الكرخي) صوابه: قال أبو نصر كما رأيته في الملتقط: ولم أر فيه ذكر قول(5/365)
الكرخي أصلا.
قوله: (جاز أخذ ربحه) لان الظاهر أنه اكتسب في الحلال.
الولوالجية.
وظاهره أنه لا كراهة فيه، وتقدم في شركة المفاوضة أن أبا يوسف أجازها مع اختلاف الملة مع الكراهة، وعلله
الزيلعي هناك بأن الكافر لا يهتدي إلى الجائز من العقود.
قوله: (لا يجوز لاحد أخذه الخ) ظاهره أنه لا يجوز الاقدام على الاخذ ما لم يسمع المالك.
قال: ليأخذه من أراده، وظاهره أنه يملكه بالاخذ إذا قال الملك ذلك، وإلا لا.
وتقدم تمام الكلام على هذه المسألة في باب الجناية على الاحرام من كتاب الحج.
قوله: (والاب مفسد فاسق) احتراز عما إذا كان محمودا عند الناس أو مستور الحال فإنه حينئذ يصح بيعه عقار ابنه الصغير كما سيذكره في باب الوصي.
قوله: (لم يجز بيعه) نقضه بعد بلوغه هو المختار، إلا إذا كان خيرا بأن باع بضعف القيمة وبيع منقوله يجوز في رواية ويوضع ثمنه في يد عدل، لا في رواية لولا خير بضعف قيمته، وبه يفتى جامع الفصولين.
قوله: (على أن لا ترجع عليه) قيد بذلك لما في الاشباه شراء الام لابنها الصغير ما لا يحتاج إليه غير نافذ عليه، إلا إذا اشترت من أبيه أو منه ومن أجنبي كما في الولوالجية.
قوله: (جاز وهو كالهبة) قال في الخانية: تكون الام مشترية لنفسها ثم يصير منها هبة لولدها الصغير وصلة، وليس لها أن تمنع الضيعة عن ولدها الصغير ا ه ط.
قوله: (رجع بما أدى) مخالف لما صححه في النفقات حيث قال نقلا عن جامع الفصولين: الاسير ومن أخذه السلطان ليصادره، لو قال لرجل خلصني فدفع المأمور مالا فخلصه، قيل يرجع، وقيل لا في الصحيح.
به يفتى ا ه.
لكن سيأتي في الكفالة قبيل كفالة الرجلين تصحيح الاول، ومثله في البزازية والخانية، وقدمنا في النفقات تأييده، فهما قولان مصححان.
ثم رأيت الجزم بالاول في شرح السير الكبير، ولم يحك فيه خلافا فكان هو المذهب، فافهم.
قوله: (ولو قال بألف الخ) عبارة الملتقط: وقال شداد: إذا قال الاسير الحر اشترني بألف درهم فاشتراه بأكثر منه جاز وعليه قدر الالف، ولا يلزمه الفضل لانه تخليص لا شراء، بخلاف الوكيل بالشراء ا ه.
قلت: بيانه أن الوكيل بالشراء لو شرى بأكثر مما عينه الوكيل وقع الشراء له، ولا يلزم الموكل شئ من الثمن، لان الشراء متى وجد نفاذا على المشتري لزم فيلزمه جميع الثمن ولا يلزم الآمر شئ، وهنا لزم الآمر قدر ما عينه لانه هنا تخليص لا شراء حقيقة، ووقع في جامع الفصولين خلاف هذا، فإنه قال: أسير أمره أن يفديه بألف ففداه بألفين يرجع بألفين عليه، وليس كوكيل بشراء إذ لا عقد هنا، وإنما أمره أن يخلصه فصار كمن أمره أن ينفق عليه ألفا فأنفق عليه ألفين ا ه.
أقول: ويظهر لي أن قوله يرجع بألفين سبق قلم، وصوابه بألف بدليل التعليل والتنظير، فإن المأمور بإنفاق ألف لا شك أنه يرجع بأكثر من ألف، ثم راجعت السير الكبير للسرخسي فرأيت فيه مثل ما قدمناه عن الملتقط وقال: إنما يرجع عليه بالالف خاصة، لان الرجوع بحكم الاستقراض وذلك في الالف خاصة، وهذا بخلاف الشراء الخ، فهذا صريح فيما قلنا والله الحمد.
فافهم.(5/366)
مطلب دبغ في داره وتأذى الجيران قوله: (وتأذى جيرانه) قال في جامع الفصولين: القياس في جنس هذه المسائل أن من تصرف في خالص ملكه لا يمنع ولو أضر بغيره، لكن ترك القياس في محل يضر بغيره ضررا بينا، قيل وبه أخذ كثير من المشايخ وعليه الفتوى ا ه.
وفيه: أراد أن يبني في داره تنورا للخبز دائما أو رحى للطحن أو مدقة للقصارين يمنع عنه لتضرر جيرانه ضررا فاحشا.
وفيه: لو اتخذ داره حماما ويتأذى الجيران من دخانها فلهم منعه إلا أن يكون دخان الحمام مثل دخان الجيران ا ه.
وانظر ما لو كانت دارا قديمة بهذا الوصف، هل للجيران الحادثين أن يغيروا القديم عما كان عليه؟ ط.
مطلب الضرر البين يزال ولو قديما قلت: الضرر البين يزال ولو قديما كما أفتى به العلامة المهمنداري، ومثله في حاشية البحر الرملي من كتاب القضاء كما في كتاب الحيطان من الحامدية.
قوله: (على أنه لحم غنم) الغنم اسم جنس يطلق على الضأن والمعز.
مصباح.
والمراد هنا الضأن بحكم العرف.
قوله: (له الرد) أي لاختلاف الرغبة وإن كانا في باب الربا جنسا واحدا.
تأمل.
قال في الملتقط: وكذلك إذا اشترى على أنه لحم موجوءة فوجده لحم فحل.
قوله: (قال زن لي الخ) في المجرد عن أبي حنيفة: قال للحام كيف تبيع اللحم؟ فقال كل ثلاثة أرطال بدرهم، فقال أخذت منك زن لي فله أن لا يزن، وإن وزن فلكل واحد منهما أن يرجع، فإن قبض المشتري أو جعل البائع في وعاء المشتري بأمره فقد تم البيع وعليه درهم.
قال محمد: قال لقصاب زن لي من هذا اللحم كذا وكذا فوزن فله الخيار، ولو قال زن لي من هذا الجنب كذا بكذا أو قال زن لي ما عندك من اللحم بحساب كذا فوزنه جاز ولا
خيار له.
وعن أبي يوسف مثله.
حاوي الزاهدي.
قلت: ولعل وجه قول الامام: أن هذا بيع بالتعاطي فلا يتم قبل قبض المبيع، وعلى قول محمد: يتم بالوزن إن عين الموضع أو كان العقد على الكل.
تأمل.
قوله: (لم بخير) لعل وجهه أن الخبز المشترى منه لا يختلف، بخلاف اللحم، فإن لحم الرقبة أو الفخذ أحسن من لحم الخاصرة مثلا فيثبت له الخيار بعد الوزن، إلا إذا شرى الكل أو عين الموضع كهذا الجنب فيتم البيع بالوزن كما علمت.
تأمل.
مطلب شرى بذر بطيخ فوجده بذر قثاء قوله: (إن قائما رده الخ) أي لاختلاف الجنس فبطل البيع، ولو اختلف النوع لا يرجع بثمنه جامع الفصولين.
وفيه: شرى على أنه بذر بطيخ شتوي فزرعه فوجده صيفيا بطل البيع فيأخذ المشتري ثمنه وعليه مثل ذلك البذر ا ه.
قلت: ومقتضاه أنه من اختلاف الجنس، كما لو وجده بذر قثاء.
والذي يظهر أنه من اختلاف(5/367)
النوع، ويؤيده ما ذكره فيه أيضا: لو شرى بذرا على أنه بذر بطيخ كذا فظهر على صفة أخرى جاز البيع لاتحاد الجنس من حيث إنه بطيخ، واختلاف الصفة لا يفسد العقد ولا يرجع بنقص العيب عند أبي حنيفة ا ه: أي لانه ظهر عيبه بعد استهلاكه.
وذكر فيه قوله: شرى برا على أنه ربيعي فزرعه فظهر أنه خريفي، اختار المشايخ أنه يرجع بنقص العيب، وهو قولهما بناء على ما إذا شرى طعاما فأكله فظهر عيبه، وقد مر أن الفتوى على قولهما ا ه.
والحاصل أنه إذا ظهر خلاف الجنس كبذر البطيخ وبذر القثاء بطل البيع فيرده لو قائما ويرد مثله لو هالكا ويرجع بالثمن، ولو ظهر خلاف الوصف كالربيعي والخريفي صح البيع فيرده لو قائما، ولا يرجع بشئ لو هالكا عند الامام.
وعندهما: يرجع بنقصانه، وبه يفتى.
بقي ما لو زرعه فلم ينبت، ففي الخيرية: ليس له الرجوع بالثمن ولا بالنقص لانه قد استهلك المبيع، ولا رجوع بعد الاتلاف كما صرح به ظهير الدين في حب القطن، وقيل يرجع بنقصانه إن ثبت عدم نباته لعيب به،
وإلا لا بالاتفاق لاحتمال أن عدم نباته لرداءة حرثه أو لجفاف أرضه أو لامر آخر ا ه.
قلت: الظاهر أن ما نقله عن ظهير الدين مبني على قول الامام، وقوله وقيل يرجع مبني على قولهما المفتى به كما علمت.
قوله: (فانكسروا) في بعض النسخ فانكسرت وهي الاولى لان الواو لجاعة العقلاء.
قوله: (ضمن الاقداح لا القدح) لان القدح قبضه على سوم الشراء بلا بيان الثمن والاقداح انكسرت بفعله فيضمنها بين الثمن أو لا كما في الخانية.
قوله: (بأصلها) هو المدفون في الارض المسمى شرشا.
مطلب شرى شجرة وفي قلعها ضرر قوله: (يقطعه من وجه الارض) عبارة الملتقط يقطعها وفيه أيضا: إذا اشترى أشجارا من وجه الارض وفي قطعها بالصيف ضرر فللبائع أن يدفع إليه قيمتها وهي قائمة، إلا أن يتراضيا على تركها إلى وقت لا ضرر في قطعها.
وفيه أيضا: ولو باع شجرة، إن بين موضع قطعها من وجه الارض فعلى ذلك، وإن بين بأصلها فعلى قرارها من الارض، وإن لم يبين له أن يقطع من أصلها إلا أن تقوم دلالة ا ه.
قوله: (فكسرها المشتري) كذا رأيته في الملتقط وكأنه مصور في الصرف، وإلا فالمناسب فكسرها البائع.
ورأيت فيه تقييد الزيوف بالنبهرجة، ويدل له ما نقله بعض المحشين عن الخانية لو أن المشتري دفع إلى البائع دراهم صحاحا فكسرها البائع فوجدها نبهرجة كان له أن يردها على المشتري، ولا يضمن بالكسر لان الصحاح والمكسرة فيه سواء ا ه.
قوله: (وإن طحنه لا يبيع) أي إلا أن يبين لانه لا(5/368)
يرى.
قوله: (وقال الثاني الخ) وقال أيضا لا بأس أن يشتري بستوقة إذا بين وأرى للسلطان أن يكسرها لعلها تقع في أيدي من لا يبين.
وروى بشر في الاملاء عنه: أكره للرجل أن يعطي الزيوف والنبهرجة والتسوقة وإن بين ذلك، وتجوز بها عند الاخذ من قبل أن إنفاقها ضرر على العوام، وما كان ضررا عاما فهو مكروه خوفا من الوقوع في أيدي المدلسة على الجاهل به ومن التاجر الذي لا يتحرج ا ه ملخصا من الهندية.
قوله: (لا ينفقها حتى يعدها) لاحتمال أن يظهر الدرهم معيبا وقد أنفق الفلوس أو بعضها فيلزم الجهالة في المنفق.
والظاهر أن محله إذا أخذها عددا لا وزنا، وهل ذلك يجري
في صرف الذهب بالفضة؟ يحرر ط تأمل.
قوله: (ثمنه) الضمير راجع للمشتري: أي الثمن الواجب عليه أو للثياب باعتبار كونها مبيعا.
قوله: (لجهالة الاجل) لانه لم يعلم بذلك وقت الدفع.
نعم لو قال إلى شهر على أن يؤديه بسمرقند جاز، ويبطل الشرط كما قدمناه أول البيوع.
قوله: (فهو فاسد) لان فيه نفعا للبائع ولا يقتضيه العقد.
قوله: (من الاكار) أي المزارع.
قوله: (يرجع على الدهقان) أي صاحب الارض.
وفي هذه المسألة كلام سيأتي إن شاء الله تعالى قبيل باب كفالة الرجلين.
قوله: (إن رضي الاكار جاز) أي إذا دفع صاحب الكرم كرمه إلى أكار مساقاة بالربع مثلا وعمل الاكار حتى صار له حصة في الثمر يتوقف بيع الثمر على رضا الاكار لان له فيه حصة، فإن أجاز البيع يقسم الثمن على قيمة الارض وقيمة الثمر فيأخذ الاكار قدر حصته من ثمن الثمر، وأما لو دفع أرضه مزارعة على أن يكون البذر من العامل فباع الارض توقف بيع الارض على إجازة المزارع لانه صار بمنزلة مستأجر الارض كما مر في باب الفضولي، ولا يخفى أن هذه مسألة أخرى، فافهم.
قوله: (فقبله ولم ينفقه) الاوضح فعرضه على البيع ولم ينفقه ط.
قوله: (بخلاف جارية الخ) الفرق أن المقبوض من الدراهم ليس عين حق القابض بل هو من جنس حقه لو تجوز به جاز وصار عين حقه، فإذا لم يتجوز بقي على ملك الدافع فصح أمر الدافع بالتصرف، فهو في الابتداء تصرف للدافع وفي الانتهاء لنفسه، بخلاف التصرف في العين لانها ملكه فتصرفه لنفسه فبطل خياره.
ط عن البحر.
وقدمنا تمام الكلام على هذه(5/369)
المسألة في خيار العيب عند قول المصنف باع ما اشتراه فرد عليه بعيب الخ فراجعه.
قوله (قال أبو حنيفة الخ) لا مناسبة لهذه المسألة هنا، وقدمنا الكلام عليها مستوفى في فصل محرمات النكاح، والله سبحانه أعلم.
ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به لم يترجم له بفصل ولا باب لدخوله في بال المتفرقات، وما اسم موصول مبتدأ خبره: قوله البيع الخ وتقدم في باب البيع الفاسد بيان الشرط الفاسد.
والتعليق: ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى، وتقدم الكلام عليه في كتاب الطلاق، ومثال الشرط الفاسد: بعتك بشرط كذا، ومثال التعليق: بعتك إن رضي فلان.
وفي حاشية الاشباه للحموي عن قواعد الزركشي:
الفرق بين التعليق والشرط: أن التعليق داخل في أصل الفعل بإن ونحوها، والشرط ما جزم فيه بأصل الفعل، أو يقال: التعليق ترتيب أمر لم يوجد على أمر لم يوجد بإن أو إحدى أخراتها، والشرط: التزام لم يوجد في أمر لم يوجد بصيغة مخصوصة ا ه.
قوله: (هاهنا أصلان الخ) الذي تحصل من هذين الاصلين أن ما كان مبادلة مال بمال يفسد بالشرط الفاسد، ويبطل تعليقه أيضا لدخوله في التمليكات لانها أعم، وما ليس مبادلة مال بمال إن كان من التمليكات أو التقييدات يبطل تعليقه بالشرط فقط وإن لم يكن منهما، فإن كان من الاسقاطات والالتزامات التي يحلف بها يصح تعليقه باللائم، وغيره، وإن كان من الاطلاقات والولايات والتحريضات يصح بالملائم فقط، وبه يظهر أن قول المصنف ولا يصح تعليقه به معطوف على ما يبطل عطف تفسير، فالمراد بالشرط التعليق به.
ويحتمل أن يكون قاعدة ثانية معطوفة على الاولى على تقدير ما أخرى: أي وما لا يصح تعليقه به كما في قوله تعالى: * (وما أنزلنا إلينا وما أنزل إليكم) * أي وما أنزل إليكم فيكون ما في المتن قاعدتين الاولى ما يبطل بالشرط، والثانية ما لا يصح تعليقه به، وبدون هذا التقدير يكون قاعدة واحدة أريد بها ما اجتمع فيه الامران، وذلك خاص بالتمليكات التي هي مبادلة مال بمال فإنها تبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقها به، وذلك غير مراد لان المصنف عد من ذلك الرجعة والابراء وعزل الوكيل والاعتكاف والاقرار والوقف والتحكيم، وليس في شئ من ذلك تمليك مال بمال، مع أن السبعة المذكورة لا تبطل بالشرط الفاسد، فتعين أن يكون ما ذكره المصنف قاعدة واحدة هي ما لا يصح تعليقه بالشرط والعطف للتفسير كما قلنا، فإن جميع ما ذكره المصنف يبطل تعليقه بالشرط، أو قاعدتين كما دل عليه ذكر الاصلين المذكورين.
وعليه فما ذكره المصنف منه ما هو داخل تحتهما معا، ومنه ما هو داخل تحت الثانية فقط، ويدل عليه أيضا ما في الزيلعي حيث قال بعد ذكر ما لا يبطل بالشرط الفاسد: ثم الشيخ ذكر هنا ما يبطل بالشروط الفاسدة وما لا يبطل بها وما لا يصح تعليقه بالشرط ولم يذكر ما يجوز تعليقه بالشرط الخ.
إذا علمت ذلك ظهر لك أن هاهنا أربعة قواعد: الاولى ما يبطل بالشرط الفاسد.
الثانية ما(5/370)
لا يصح تعليقه بالشرط وهاتان المذكورتان هنا.
والثالثة عكس الاولى وهي ما يأتي في قول المصنف وما لا يبطل بالشرط الفاسد الخ.
والرابعة عكس الثانية، وهي المذكورة في قول الشارح وبقي ما يجوز تعليقه الخ.
والاولى داخلة تحت الثانية لان كل ما بطل بالشرط الفاسد لا يصح تعليقه به ولا عكس، فالفروع التي ذكرها المصنف كلها داخلة تحت الثانية وبعضها تحت الاولى لخروج الرجعة والابراء ونحوهما كما ذكرناه، وما خرج عنها دخل تحت الثالثة.
والرابعة داخلة تحت الثالثة لان كل ما جاز تعليقه لا يبطله الشرط الفاسد ولا عكس كما ستعرفه.
ثم اعلم أن قوله: لا يصح تعليقه ليس المراد به بطلان نفس التعليق مع صحة المعلق، لان ما كان من التمليكات يفسد بالتعليق، بل المراد أنه لا يقبل التعليق بمعنى أنه يفسد به، فاغتنم تحرير هذا المقام فإن به يندفع كثير من الاوهام كما يظهر لك في تقدير الكلام.
قوله: (وما لا فلا) أي وما لا يكون مبادلة مال بمال بأن كان مبادلة مال بغير مال كالنكاح والطلاق والخلع على مال ونحوها، أو كان من التبرعات كالهبة والوصية لا يفسد بالشرط الفاسد.
وقوله: كالقرض هو تبرع ابتداء مبادلة انتهاء فيصلح مثالا للشيئين، وإنما لم يفسد ذلك لان الشروط الفاسدة من باب الربا وهو في المعاوضات المالية لا غير، لان الربا هو الفضل الخالي عن العوض.
وحقيقة الشروط الفاسدة كما مر هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه فيكون فيها فضل خال عن العوض وهو الربا، ولا يتصور ذلك في المعاوضات الغير المالية ولا في التبرعات، بل يفسد الشرط ويصح التصرف.
وتمامه في الزيلعي.
قوله: (من التمليكات) كبيع وإجارة واستئجار وهبة وصدقة ونكاح وإقرار وإبراء كما في جامع الفصولين فهو أعم مما قبله.
قوله: (أو التقييدات) كرجعة وكعزل الوكيل وحجر العبد كما في الفصولين، وذلك أن في الوكالة والاذن للعبد إطلاقا عما كانا ممنوعين عنه من التصرف في مال الموكل والمولى، وفي العزل والحجر تقييد لذلك الاطلاق، وكذا في الرجعة تقييد للمرأة عما أطلق لها بالطلاق من حقوق الزوجية.
قوله: (يبطل تعليقه بالشرط) أي المحض كما في البحر وغيره، والظاهر أنه احتراز عن التعليق بشرط كائن فإنه تنجيز كما في جامع الفصولين.
قال: ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق إن كان السماء فوقنا والارض تحتنا تطلق للحال، ولو علق البراءة بشرط كائن
يصح، ولو قال للخطاب زوجت بنتي من فلان فكذبه فقال إن لم أكن زوجتها منه فقد زوجتها منك فقبل الخاطب وظهر كذب الاب انعقد.
قوله: (والاصح) أي أن لا يكن من التمليكات والتقييدات بأن كان من الاسقاطات المحضة أو الالتزامات أو الاطلاقات أو الولايات أو التحريضات صح التعليق.
قوله: (لكن في أسقاطات) أي محضة كالطلاق والعتاق.
بحر، احترازا عن الابراء فإنه وإن كان إسقاطا لكنه تمليك من وجه كما يأتي فهو من التمليكات.
قوله: (يحلف بهما) الضمير المثنى عائد إلى إسقاطات والتزامات، وقوله: كحج وطلاق لف ونشر مشوش، وقوله: مطلقا أي بشرط ملائم، أو غير ملائم، ولم يظهر من كلامه حكم ما لا يحلف به من النوعين ولا أمثلته، ولم أر من ذكر ذلك.
ويظهر لي أنه كالتمليكات يبطل تعليقه، وأن من الاول تسليم الشفعة إذا علق بشرط غير كائن فإن فاسد ويبقى على شفعته كما سنوضحه، ومن الثاني ما إذا التزم ما لا يلزمه شرعا، كما لو استأذن جاره لهدم جدار مشترك بينهما فأذن بشرط منع الضرر عنه بنصب خشبات ولم يفعل حتى(5/371)
انهدم منزل الجار لا يضمن، لانه ليس عليه حفظ دار شريكه كما في الولوالجية ففيه التزام الحفظ، كأنه قال اهدم الجدار بشرط نصب الخشبات فلا يصح.
تأمل.
قوله: (وفي إطلاقات) كالاذن بالتجارة وولايات كالقضاء والامارة وتحريضات نحو من قتل قتيلا فله سلبه ا ه ح.
قوله: (بالملائم) أي يصح تعليقها بالشرط الملائم، وفسره في الخلاصة بما يؤكد موجب العقد ا ه.
مثل: إن وصلت إلى بلدة كذا فقد وليتك قضاءها أو إمارتها، أو إن قتلت قتيلا فلك سلبه، بخلاف نحو، إن هبت الريح.
قوله: (فالاول الخ) قد علمت أن حاصل الاصلين المذكورين في الشرح أن من المسائل ما يفسد بالشرط الفاسد، وما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد، وما يصح بالشرط وما يصح تعليقه به، فهي أربعة: الفاسد منها قسمان، والصحيح قسمان.
فقوله فالاول أربعة عشر أراد به الفاسد منها بقسميه، وهو الذي عبر عنه المصنف بقوله: ما يبطل الشرط الفاسد ولا يصح تعليقه وأما ما يصح فسيذكر المصنف القسم الاول منه بقوله: وما لا يبطل بالشرط الفاسد وذكر الشارح بعده القسم الآخر بقوله: وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط كما نبهنا عليه أولا، وحينئذ فلا حاجة إلى أن يراد بالاول
الاصل الاول من الاصلين حتى يرد عليه أن الصور التي ذكرها المصنف ليست كلها مبادلة مال بمال بل بعضها، فافهم.
قوله: (على ما في الدرر الخ) أي كونها أربعة عشر مبني على ما ذكر في هذه الكتب، وأشار به إلى أنها تزيد على ذلك كما نبه عليه الشارح بعد، ويأتي تمامه.
ثم إن المذكور في إجازة الوقاية ما يصح مضافا وهو ما سيأتي آخرا، وليس الكلام فيه كما لا يخفى.
قوله: (البيع) صورة البيع بالشرط قوله: بعته بشرط استخدامه شهرا وتعليقه بالشرط كقوله: بعته إن كان زيد حاضرا، وفي إطلاق البطلان على البيع بشرط تسامح لانه من قبيل الفاسد لا الباطل، وإليه يشير قوله وقد مر في البيع الفاسد.
شرنبلالية.
قوله: (إن علقه بكلمة إن) إلا في صورة واحدة وهي أن يقول بعت منك هذا إن رضي فلان فإنه يجوز إن وقته بثلاثة أيام، لانه اشتراط الخيار إلى أجنبي وهو جائز.
بحر.
لكن فيه أن الكلام في الشرط الفاسد وهذا شرط صحيح.
تأمل.
قوله: (على ما بينا في البيع الفاسد) أي من أنه إن كان مما يقتضيه العقد أو يلائمه أو فيه أثر أو جرى التعامل به كشرط تسليم المبيع أو الثمن أو التأجيل أو الخيار أو حذاء النعل لا يفسد ويصح الشرط وإن لم يكن كذلك، فإن كان فيه منفعة لاهل الاستحقاق فسد وإلا فلا ا ه.
وقول العاقد بشرط كذا بمنزلة على، ولا بد أن لا يقرن الشرط بالواو وإلا جاز ويجعل مشاورة وأن يكون في صلب العقد، حتى لو ألحقاه به لم يلتحق في أصح الروايتين.
مكي.
وفي الذخيرة: اشترى حطبا في قرية شراء صحيحا وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء احمله إلى منزلي لا يفسد، أو استأجر أرضا للزراعة ثم قال بعد تمامها إن الجرف على المستأجر لا تفسد لانه كلام مبتدأ ا ه ط.
وتقدم آخر باب خيار الشرط أن البيع لا يفسد بالشرط في اثنين وثلاثين موضعا ذكرها في الاشباه وأوضحناها هناك قوله: (والقسمة) من صور فسادها بالشرط: ما إذا اقتسم الشريكان على أن لاحدهما الصامت وللآخر العروض، أو على أن يشتري أحدهما من الآخر داره بألف، أو على شرط هبة أو صدقة، أما لو اقتسما على أن يزيده شيئا معلوما فهو جائز كالبيع، وكذا على أن يرد أحدهما على الآخر دراهم مسماة.
بحر عن الولوالجية.
وقال أيضا: وصورة تعليقها أن يقتسموا دارا وشرطوا رضا فلان، لان القسمة فيها معنى المبادلة فهي كالبيع.
عيني.
ومر جواز تعليق(5/372)
البيع برضا فلان على أنه شرط خيار إذا وقته، ولكن في الولوالجية: خيار الشرط والرؤية يثبت في قسمة لا يجبر الآبي عليها وهي قسمة الاجناس المختلفة، لا فيما يجبر عليها كالمثلي من جنس واحد، بحر ملخصا.
وحاصله أن تعليق القسمة على رضا فلان غير موقت لا يصح مطلقا، ومؤقتا يصح في الجنس الواحد على أنه خيار شرط لاجنبي كما يصح في البيع، فكلام العيني محمول على غير الموقت أو على الاجناس المختلفة.
ثم اعلم أن القسمة التي يجبر الآبي عليها لا تختص بالمثلي، لانها تكون في العروض المتحد جنسها، إلا الرقيق والجواهر فلا يجبر عليها كقسمة الاجناس بعضها في بعض، وكدور مشتركة أو دار وضيعة فيقسم كل منها وحده لا بعضها في بعض إلا بالتراضي كما سيأتي في بابها.
قوله: (أما قسمة القيمي الخ) أفاد أن قسمة المثلي لا تصح بالشرط مطلقا، أما قسمة القيمي فتصح إن علقت بخيار شرط أو رؤية وإلا فلا، لكن علمت أن الافتراق بين الجبر وعدمه لا بين المثلي والقيمي، فافهم.
وأيضا فالكلام في الشرط الفاسد كما مر، وشرط الخيار ليس شرطا فاسدا فلا حاجة إلى التنبيه على صحته.
تأمل.
قوله: (والاجارة) أي كأن آجر داره على أن يقرضه المستأجر أو يهدي إليه أو إن قدم زيد.
عيني.
ومن ذلك استأجر حانوتا بكذا على أن يعمره ويحسب ما أنفقه من الاجرة فعليه أجر المثل وله ما أنفق وأجر مثل قيامه عليه، وتمامه في البحر، وبه علم أنها تفسد بالشرط الفاسد وبالتعليق لانها تمليك المنفعة والاجرة.
قوله: (فيصح به يفتى) لعل وجهه أنه وقت يجئ لا محالة فلم يكن تعليقا بخطر، أو هو إضافة لا تعلق والاجارة تقبل الاضافة كما سيأتي، وعليه فلا حاجة إلى الاستثناء.
قوله: (مع أنه تعليق بعدم التفريغ) ولعل وجه صحته أنه لما كان التفريغ واجبا على الغاصب في الحال فإذا لم يفرغ صار راضيا بالاجارة في الحال كأنه علقه على القبول فقيل.
تأمل.
قوله: (فقول البكر) الاولى إبدال البكر بالبالغة كما هو في عبارة البزازية.
قوله: (وكذا كل ما لا يصح تعليقه بالشرط) وهو التمليكات والتقييدات كما مر، وهذا التعميم أخذه في البحر من إطلاق عبارة
الكنز لفظ الاجازة، واستشهد له بما مر عن البزازية، وأقره في النهر.
واعترضه الحموي بما في القنية قال باعني فلان عبدك بكذا فقال إن كان كذا فقد أجزته أو فهو جائز جاز إن كان بكذا أو بأكثر من ذلك النوع، ولو أجاز بثمن آخر يبطل ا ه.
قلت: قد يجاب بأن هذا تعليق بكائن فلم يكن شرطا محضا، كما لو قال إن لم أكن زوجتها من فلان فقد زوجتها منك كما قدمناه.
تأمل.
قوله: (فقصرها على البيع قصور) تعريض بما يفيده كلام العيني حيث صور الاجازة بقوله بأن باع فضولي عبده فقال: أجزته بشرط أن تقرضني أو تهدي إلي أو علق إجازته بشرط لانها بيع معنى ا ه.
ومثله قول الدرر: والبيع وإجازته.
وقال ح: ينبغي أن يراد بالاجازة إجازة عقد هو مبادلة مال بمال، لان كلامه فيما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه(5/373)
بالشرط، وذلك خاص بالمعاوضات المالية، وما ذكره عن البزازية من إجازة النكاح صحيح في نفسه، لكنه لا يلائم المتن، لان إجازة النكاح مثله فلا تبطل بالشرط الفاسد وإن لم يصح تعليقها به ا ه ملخصا.
قلت: قد علمت مما قررناه سابقا أن ما ذكره المصنف قاعدتان لا واحدة، والفروع التي ذكرها المصنف بعضها مفرع على القاعدتين وبعضها على واحدة منهما، فمثل إجازة النكاح مفرعة على الثانية فقط، ومثل إجازة البيع مفرعة على كل منهما، وكأن من اقتصر على تصوير الاجازة بالبيع قصد بيان ما تفرع على القاعدتين.
فافهم.
قوله: (قال شيخنا في بحره) من كلام المصنف في المنح.
قوله: (وأطال الكلام الخ) حاصله أن ما ذكره في الكنز لم ينفرد به بل قاله جماعة غيره، ويدل على بطلانه أن المذكور في كافي الحاكم وغيره أن تعليق الرجعة بالشرط باطل، ولم يذكروا أنها تبطل بالشرط الفاسد، وكيف تبطل به مع أن أصلها وهو النكاح لا يبطل به؟ وصرح في البدائع بأنها تصح مع الاكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح وفي كتب الاصول من بحث الهزل: أن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة، وما لا يصح معه تبطله ا ه.
قلت: وقد مر أيضا في الاصل الاول أن ما ليس مبادلة مال بمال لا يفسد بالشرط الفاسد، ولا
يخفى أن الرجعة كذلك، والجواب عما قاله في البحر أنه مبني على أن قولهم ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به قاعدة واحدة، والفروع المذكورة بعدها مفرعة عليها وذلك غير صحيح، بل هما قاعدتان كما قررناه، والرجعة مفرعة على الثانية منهما فقط فلا بطلان في كلامهم بعد فهم مرامهم، فافهم.
قوله: (لكن تعقبه في النهر) حيث قال: وحيث ذكر الثقات بطلانها بالشرط الفاسد لم يبق الشأن إلا في السبب الداعي للتفرقة بينها وبين النكاح، ثم ذكر الفرق المذكور في الشرح.
واعترضه ح بأنه لا يلزم من مخالفتها النكاح في أحكام أن تخالفه في هذا الحكم ا ه.
قلت: وأيضا فقوله: وتبطل بالشرط هو محل النزاع، فالصواب ذكره بالفاء لا بالواو على أنك قد سمعت الجواب الحاسم لمادة الاشكال.
تنبيه: علل في الخلاصة لعدم صحة تعليق الرجعة بالشرط بأنه إنما يحتمل التعليق بالشرط ما يجوز أن يحلف به ولا يحلف بالرجعة ا ه.
واعترضه في نور العين بأن عدم التحليف في الرجعة قوم الامام، والمفتى به قولهما أنه يحلف، وعليه فينبغي أن يصح تعليقها بالشرط ا ه.
قلت: اشتبه عليه الامر، فإن قول الخلاصة: لا يحلف بالرجعة بتخفيف اللام بمعنى أنه لا يقال إن فعلت كذا فعلي أن أراجع زوجتي كما يقال فعلي حج أو عمرة أو غيرهما مما يحلف به وكأنه ظنه يحلف بتشديد اللام وجعل الباء للسببية: أي إذا أنكر الرجعة لا يحلفه القاضي عليها كبقية المسائل الست التي لا يحلف عليها المنكر عنده، وعندهما يحلف، ولا يخفى أن هذا من بعض الظن فاجتنبه.
قوله: (والصلح عن مال بمال) كصالحتك على أن تسكنني في الدار سنة أو إن قدم زيد، لانه(5/374)
معاوضة مال بمال فيكون بيعا.
عيني.
وفي صلح الزيلعي: إنما يكون بيعا إذا كان البدل خلاف جنس المدعى به، فلو على جنسه: فإن بأقل منه فهو حط وإبراء، وإن بمثله فقبض واستيفاء، وإن بأكثر فهو فضل وربا.
قوله: (وفي النهر الظاهر الاطلاق) أي عدم التقييد بكونه بيعا فيشمل ما إذا كان على جنس المدعى بصوره الثلاث المذكورة آنفا، لكن الاولى منها داخلة في الابراء الآتي، والثالثة فاسدة بدون الشرط والتعليق لكونها ربا، وأما الثانية فيظهر عدم فسادها مطلقا.
ويحتمل أن يراد
بالاطلاق عدم التقييد بكونه عن إقرار بقرينة التفريع، وما قيل من أن الحق التقييد لان الكلام فيما يبطل بالشرط الفاسد وهو المعاوضات المالية والصلح عن سكوت أو إنكار ليس منها، فجوابه ما علمته من أن المفرع عليه قاعدتان لا واحدة، فما لم يصلح فرعا للاولى يكون فرعا للثاني، ولذا اقتصر الشارح على قوله: ولا يجوز تعليقه فافهم.
قوله: (والابراء عن الدين) بأن قال أبرأتك عن ديني على أن تخدمني شهرا أو إن قدم فلان.
عيني.
وفي العزمية عن إيضاح الكرماني بأن قال أبرأت ذمتك بشرط أن لي الخيار في رد الابراء وتصحيحه في أي وقت شئت، أو قال إن دخلت الدار فقد أبرأتك، أو قال لمديونه أو كفيله إذا أديت إلي كذا أو متى أديت أو إن أديت إلي خمسمائة فأنت برئ عن الباقي فهو باطل ولا إبراء ا ه.
وذكر في البحر صحة الابراء عن الكفالة إذا علقه بشرط ملائم كان وافيت به غدا فأنت برئ فوافاه به برئ من المال، وهو قول البعض.
وفي الفتح أنه الاوجه لانه إسقاط لا تمليك.
بحر.
وسيأتي تمام الكلام عليه في بابها.
قوله: (لانه تمليك من وجه) حتى يرتد بالرد وإن كان فيه معنى الاسقاط فيكون معتبرا بالتمليكات فلا يجوز تعليقه بالشرط.
بحر عن العينين.
وفي أن الابراء عن الدين ليس من مبادلة المال بالمال فينبغي أن لا يبطل بالشرط الفاسد، وكونه معتبرا بالتمليكات لا يدل إلا على بطلان تعليقه بالشرط ولذلك فرعه عليه، وعلى هذا فينبغي أن يذكر في القسم الآتي، هذا ما ظهر لي فتأمله ح.
وهكذا قال في البحر: إن الابراء يصح تقييده بالشرط، وعليه فروع كثيرة مذكورة في آخر كتاب الصلح، وذكر الزيلعي هناك: أن الابراء يصح تقييده لا تعليقه ا ه.
وأوضحناه فيما علقناه على البحر، لكن لا بد أن يكون الشرط متعارفا كما يأتي.
والحاصل: أن الابراء مفرع على القاعدة الثانية فقط فلذا ذكره هنا، فافهم.
ومن فروعه ما في البحر عن المبسوط: لو قال الخصم إن حلفت فأنت برئ فهذا باطل، لانه تعليق البراءة بخطر وهي لا تحتمل التعليق ا ه.
ويصح تفريع الابراء على القاعدة الاولى أيضا إذا كان الشرط غير متعارف، ومنه ما نقلناه عن العزمية، فافهم.
قوله: (إلا إذا كان الشرط متعارفا) كما لو أبرأته مطلقته بشرط الامهار فيصح لانه شرط متعارف، وتعليق الابراء بشرط متعارف جائز، فإن قبل الامهار وهم بأن(5/375)
يمهرها فأبت ولم تزوج نفسها منه لا يبرأ لفوات الامهار الصحيح، ولو أبرأته المبتوتة بشرط تجديد النكاح بمهر ومهر مثلها مائة، فلو جدد لها نكاحا بدينار فأبت لا يبرأ بدون الشرط.
قالت المسرحة لزوجها: تزوجني فقال هبي لي المهر الذي لك علي فأتزوجك، فأبرأته مطلقا غير معلق بشر التزوج يبرأ إذا تزوجها، وإلا فلا لانه إبراء معلق دلالة، وقيل لا يبرأ، وإن تزوجها لانه رشوة.
بحر عن القنية.
ومنه يعلم أن التعليق يكون بالدلالة، ويتفرع على ذلك مسائل كثرة فليحفظ ذلك.
رملي.
والمراد بالتعليق المذكور التقييد بالشرط بقرينة الامثلة المذكورة.
قوله: (أو علقه بأمر كائن الخ) منه ما في جامع الفصولين: لو قال لغريمه إن كان لي عليك دين فقد أبرأتك وله عليه دين برئ لانه علقه بشرط كائن فتنجز ا ه.
قوله: (كإن أعطيته شريكي الخ) هذا ذكره في الدرر بألفاظ فارسية، وفسره الواني بذلك: والظاهر أن المراد بالبراءة هنا براءة الاسقاط فيرد عليه ما قبضه شريكه، إلا أن يكون المراد الابراء عن باقي الدين.
مطلب قال لمديونه إذا مت فأنت برئ قوله: (وكذا بموته الخ) في الخانية لو قال لمديونه إذا مت فأنت برئ من الدين جاز ويكون وصية، ولو قال: إن مت أي بفتح التاء لا يبرأ وهو مخاطرة، كإن دخلت الدار فأنت برئ لا يبرأ ا ه.
وفيها: لو قالت المريضة لزوجها إن مت من مرضي هذا فمهري عليك صدقة أو أنت في حل منه فماتت فيه فمهرها عليه، لان هذه مخاطرة فلا تصح ا ه.
قلت: والفرق بين هذه المسائل مشكل، فإن الموت في الاوليين محقق الوجود، فإن كان المراد بالمخاطرة هو الموت مع بقاء الدين فهو موجود في المسألتين، ولعل الفرق أن تعليقه بموت نفسه أمكن تصحيحه على أنه وصية وتعليق الوصية صحيح كما سيأتي حتى تصح من العبد بقوله إذا عتقت فثلث مالي وصية كما في وصايا الزيلعي، بخلاف تعليقه بموت المديون فإنه لا يمكن جعله وصية فبقي محض إبراء، ولا يعلم أنه هل يبقى الدين إلى موته فكان مخاطرة فلم يصح، وكذلك مسألة المهر فيها مخاطرة من حيث تعليق الابراء على موتها من ذلك المرض فإنه لا يعلم هل يكون أو لا، لكن علمت أن الوصية يصح تعليقها بالشرط، فإن قيد بما ليس فيه مخاطرة يلزم أن لا تصح هذه الوصية لو كان
لاجنبي مع أن حقيقة الوصية تمليك مضاف لما بعد الموت ويصح تعليقها بالعتق كما علمت، وإن كانت المخاطرة من حيث إنه لا يعلم تجيز الورثة ذلك أو لا، أو هل يكون أجنبيا عنها وقت الموت حتى تصح الوصية أو لا؟ لم يبق فائدة لقولها من مرضي هذا، ويلزم منه صحة التعليق إذا قالت إن مت بدون قولها من مرضي هذا ويحتاج إلى نقل في المسألة.
قوله: (على ما بحثه في النهر) حيث قال بعد مسألة المهر السابقة: وينبغي أنه إن أجازته الورثة يصح لان المانع من صحة الوصية كونه وارثا ا ه.
وفيه أن المانع كونه مخاطرة كما صرح به في عبارة الخانية ط.
قوله: (وعزل الوكيل) بأن قال له عزلتك على أن تهدي إلي شيئا، أو إن قدم فلانا لانه ليس مما يحلف به فلا يجوز تعليقه بالشرط عيني.
قال في البحر، تعليله يقتضي عدم صحة تعليقه لا كونه يبطل بالشرط.
وعندي أن هذا خطأ أيضا، وأنه مما لا يصح تعليقه لا مما يبطل بالشرط ا ه ملخصا.
ويدل عليه أن ما يفسد بالشرط الفداسد ما كان مبادلة مال(5/376)
بمال، وهذا ليس منها بل هو من التقييدات كما مر فيبطل تعليقه فيكون مفرعا على القاعدة الثانية فقط فلم يكن ذكره هنا خطأ، فافهم، وقيد بعزل الوكيل لان الوكالة تخالفه حيث يصح تعليقها كما يأتي.
قوله: (والاعتكاف) قال في البحر: عندي أن ذكره هنا خطأ لما في القنية، قال: لله علي اعتكاف شهر إن دخلت الدار ثم دخل لزمه عند علمائنا، فإذا صح تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد، لما في جامع الفصولين: ما جاز تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد.
وكيف والاجماع على صحة تعليق المنذور من العبادات أي عبادة كانت، حتى أن الوقف كما يأتي لا يصح تعليقه بالشرط، ولو علق النذر به بشرط صح التعليق.
وفي الخانية.
الاعتكاف سنة مشروعة يجب بالنذر والتعليق بالشرط والشروع فيه.
ثم قال: وأجمعوا أن النذر لو كان معلقا بأن قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلانا فلله علي أن اعتكف شهرا فعجل شهرا قبل ذلك لم يجز، فهذه العبارة دالة على صحة تعليقه بالاجماع، وهذا الموضع الثالث مما أخطؤوا فيه، والخطأ هنا أقبح لكثرة الصرائح بصحة تعليقه، وأنا متعجب لكونهم تداولوا هذه العبارات متونا وشروحا وفتاوى، وقد يقع كثيرا أن مؤلفا يذكر شيئا خطأ فينقلونه بلا تنبيه فيكثر الناقلون وأصله لواحد مخطئ ا ه.
وتمامه فيه.
وأجاب العلامة المقدسي بأن المراد أن نفس
الاعتكاف لا يعلق بالشرط لانه ليس مما يحلف به.
قال في النهر: وهو مردود بما في هبة النهاية جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد ثلاثة عشر، وعد منها تعليق إيجاب الاعتكاف بالشرط ويمكن أن يجاب عنه بأن معناه ما إذا قال أوجبت علي الاعتكاف إن قدم زيد، لكنه خلاف الظاهر فتدبره ا ه.
ثم قال: والحق أن كلامهم هنا محمول على رواية في الاعتكاف وإن كانت الاخرى هي التي عليها الاكثر ا ه.
قلت: وفيه نظر، لما علمت من أن ما هنا مذكور في المتون والشروح والفتاوى، بل الصواب في الجواب أنه إذا كان كلامهم فيما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد علم أن مرادهم أنه لا يصح تعليق الاعتكاف بالشرط الفاسد لا بمطلق شرط، وإذا أجمعوا على أن تعليق الاعتكاف بشرط ملائم كإن شفى الله مريضي صحيح كيف يصح حمل كلامهم هنا على ما يناقضه ثم يعترض عليهم بأنهم أخطؤوا وتداولوا الخطأ حتى لا يبقى لاحد ثقة بكلامهم الذي يتوافقون عليه، مع أنا نرد على من خرج عن كلامهم بما يتداولونه فإنهم قدوتنا وعمدتنا شكر الله سعيهم، بل الواجب حمل كلامهم على وفق مرامهم، وذلك كما مثل به في الحواشي العزمية بقوله: فساد الاعتكاف بالشرط، بأن قال من عليه اعتكاف أيام نويت أن أعتكف عشرة أيام لاجله بشرط أن لا أصوم أو أباشر امرأتي في الاعتكاف أو أن أخرج عنه في أي وقت شئت بحاجة أو بغير حاجة يكون الاعتكاف فاسدا، وتعليقه بالشرط بأن يقول نويت أن أعتكف عشرة أيام إن شاء الله تعالى ا ه.
لكن هذا تصوير لنفس الاعتكاف لا لايجابه فيصور إيجابه بأن يقول لله علي أن أعتكف شهرا بشرط أن لا أصوم الخ، أو إن رضي زيد.
وقد يقال: إن الشروع فيه موجب أيضا، فإذا شرع فيه بالنية على هذا الشرط الفاسد لم يصح إيجابه، فافهم، والحمد لله على ما ألهم.
قوله: (فإنهما ليسا مما يحلف به) هذا صحيح في عزل الوكيل، أما الاعتكاف فيحلف به بالاجماع كما علمت.
أفاده ح.
قوله: (والصحيح إلحاق الاعتكاف بالنذر) أي في صحة تعليقه بالشرط، وهذا التصحيح مأخوذ من قول النهر: وإن كانت الاخرى هي التي عليها الاكثر، فهو ضعيف للرواية التي مشى عليها أصحاب المتون والشروح، وقد علمت الجواب(5/377)
الصواب.
قوله: (لانهما إجارة) فيكونان معاوضة مال بمال فيفسدان بالشرط الفاسد، ولا يجوز
تعليقهما بالشرط، كما لو قال زارعتك أرضي أو ساقيتك كرمي على أن تقرضني ألفا أو إن قدم زيد، وتمامه في البحر.
قال الرملي: وبه يعلم فساد ما يقع في بلادنا من المزارعة بشرط مؤنة العامل على رب الارض سواء كانت من الدراهم أو من الطعام.
قوله: (والاقرار) بأن قال لفلان علي كذا إن أقرضني كذا أو إن قدم فلان لانه ليس مما يحلف به فلا يصح تعليقه بالشرط.
عيني.
وفي المبسوط: ادعى عليه مالا فقال إن لم آتك به غدا فهو علي لم يلزمه إن لم يأت به غدا، لانه تعليق الاقرار بالخطر.
وفيه لفلان علي ألف درهم إن حلف أو على أن يحلف فحلف فلان وجحد المقر لم يؤخذ به لانه علق الاقرار بشرط فيه خطر، والتعليق بالشرط يخرجه من أن يكون إقرارا ا ه.
بحر وظاهره أن قوله على أن يحلف تعليق لا شرط، لكن قد يطلق التعليق على التقييد بالشرط.
وذكر في البحر أن ظاهر الاطلاق دخول الاقرار بالطلاق، والعتق، مثل إن دخلت الدار فأنا مقر بطلاقها أو بعتقه فلا يقع، بخلاف تعليق الانشاء، ويدل على الفرق بينهما أنه لو أكره على الانشاء به وقع أو على الاقرار به لم يقع.
هذا.
وقد حكى الزيلعي في كتاب الاقرار خلافا في أن الاقرار المعلق باطل أولا.
ونقل عن المبسوط ما يشهد لصحته فظاهره تصحيحه.
والحق تضعيفه لتصريحهم هنا بأنه لا يصح تعليقه بالشرط وأنه يبطل بالشرط الفاسد ا ه ملخصا.
واعترضه في النهر بأنه حيث اعتمد على كلامهم هنا كان عليه التزامه في عزل الوكيل والاعتكاف.
قلت: إنما لم يلتزمه فيهما بناء على ما فهمه من مخالفته لكلامهم، ولا يلزم اطراده في باقي المسائل.
نعم في كون الاقرار مما يبطل بالشرط نظر لانه ليس من المعاوضات المالية، ولم أر من صرح ببطلانه به، ولا يلزم من ذكره هنا بطلانه لما علمته مما مر مرارا أن ما ذكره المصنف من الفروع بعضه مما يبطل بالشرط وبعضه مما لا يبطل، فلا بد من نقل صريح، ولا سيما وقد اقتصر الزيلعي وغيره على ذكر أنه لا يصح تعليقه بالشرط، فليراجع.
قوله: (إلا إذا علقه بمجئ الغد) كقوله علي ألف إذا جاء غد أو رأس الشهر أو أفطر الناس، لان هذا ليس بتعليق بل هو دعوى الاجل إلى الوقت المذكور فيقبل إقراره، ودعواه الاجل لا تقبل إلا بحجة.
زيلعي من كتاب الاقرار.
قوله: (أو بموته) مثل: له علي
ألف إن مت فهو عليه مات أو عاش لانه ليس بتعليق لان موته كائن لا محالة، بل مراده الاشهاد عليه ليشهدوا به بعد موته إذا جحدت الورثة فهو تأكيد للاقرار.
زيلعي.
قوله: (والوقف) لانه ليس مما يحلف به، فلو قال إن قدم ولدي فداري صدقة موقوفة على المساكين فجاء ولده لا تصير وقفا، لان شرطه أن يكون منجزا، جزم به في فتح القدير والاسعاف حيث قال: إذا جاء غد أو رأس الشهر أو إذا كلمت فلانا أو إذا تزوجت فلانة فأرضي صدقة موقوفة يكون باطلا لانه تعليق والوقف لا يحتمل التعليق بالخطر.
وفيه أيضا: وقف أرضه على أن له أصلها أو على أن لا يزول ملكه عنها أو على أن يبيع أصلها ويتصدق بثمنها كان الوقف باطلا وحكي في البزازية وغيرها أن عدم صحة تعليقه رواية، والظاهر ضعفها لجزم المصنف وغيره بها.
نهر.
وصوابه أن يقول: والظاهر اعتمادها أو ضعف مقابلتها، اللهم إلا أن يكون الضمير للحكاية المفهومة من قوله وحكي.
تأمل.
ومقتضى ما نقله عن الاسعاف ثانيا أن الوقف يبطل بالشرط الفاسد مع أنه ليس مبادلة مال بمال، وأن المفتى به جواز شرط(5/378)
استبداله، ولا يلزم من ذكر المصنف له هنا أنه مما يبطل بالشرط الفاسد لما قدمناه غير مرة، بل ذكر في العزمية أن قاضيخان صرح بأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة.
ويمكن التوفيق بينه وبين ما في الاسعاف بأن الشرط الفاسد لا يبطل عقد التبرع إذا لم يكن موجبه نقض العد من أصله، فإن اشتراط أن تبقى رقبة الارض له أو أن لا يزول ملكه عنها، أو أن يبيعها بلا استبدال نقض للتبرع.
قوله: (لانه صلح معنى) قال في الدرر فإنه تولية صورة وصلح معنى، إذ لا يصار إليه إلا بتراضيهما لقطع الخصومة بينهما، فباعتبار أنه صلح لا يصح تعليقه ولا إضافته، وباعتبار أنه تولية يصح فلا يصح بالشك ا ه.
والظاهر أنه لا يفسد بالشرط الفاسد لانه ليس مبادلة مال بمال.
قوله: (عند الثاني) وعند محمد: يجوز كالوكالة والامارة والقضاء بحر.
قوله: (كما في قضاء الخانية) ومثله في بيوع الخلاصة قوله: (وبقي إبطال الاجل) بقي أيضا تعليق الكفالة بشرط غير ملائم كما سيأتي في بابها إن شاء الله تعالى والاقالة كما مر في بابها، ويأتي مثاله، والكتابة بشرط في صلب العقد كما يأتي بيانه قريبا، والعفو عن القود والاعارة ففي جامع
الفصولين: قال للقاتل إذا جاء غد فقد عفوتك عن القود لا يصح لمعنى التمليك.
قال إذا جاء غد فقد أعرتك تبطل لانها تمليك المنفعة، وقيل تجوز كالاجارة، وقيل تبطل الاجارة، ولو قال أعرتك غدا تصح العارية ا ه.
وبقي أيضا عزل القاضي في أحد القولين كما يأتي، وسيذكر الشارح أن ما لا تصح إضافته لا يعلق بالشرط.
قوله: (ففي البزازية أنه يبطل بالشرط الفاسد) بأن قال كلما حل نجم ولم تؤد فالمال حال صح وصار حالا، هكذا عبارة البزازية.
واعترضها في البحر بأنها سهو ظاهر، لانه لو كان كذلك لبقي الاجل فكيف يقول صح.
وعبارة الخلاصة: وإبطال الاجل يبطل بالشرط الفاسد، ولو قال كلما حل نجم الخ فجعلها مسألة أخرى وهو الصواب ا ه.
وذكر العلامة المقدسي أن العبارتين مشكلتان، وأن الظاهر أن المراد أن الاجل يبطل، وأنه إذا علق على شرط فاسد كعدم أداء نجم في المثال المذكور يبطل به الاجل فيصير المال حالا ا ه.
وحاصله: أن لفظ إبطال في عبارتي البزازية والخلاصة زائد، وأنه لا مدخل لذكره في هذا القسم أصلا.
قوله: (وكذا الحجر) يوهم أنه يفسد بالشرط الفاسد وليس كذلك كما سيأتي، نعم لا يصح تعليقه بالشرط.
قال في جامع الفصولين: ولو قال لقنه إذا جاء غد فقد أذنت لك في التجارة صح الاذن، ولو قال إذا جاء غد فقد حجرت عليك لا يصح، والقاضي لو قال لرجل قد حجرت عليك إذا سفهت لم يكن حكما بحجره، ولو قال لسفيه قد أذنت لك إذا صلحت جاز ا ه.
قوله: (وما يصح ولا يبطل بالشرط الفاسد) شروع في القاعدة الثالثة المقابلة للاولى، والاصل فيها ما ذكره في البحر عن الاصوليين في كتب الاصول في بحث الهزل من قسم العوارض أن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة، وما لا يصح مع الهزل تبطله الشروط الفاسدة ا ه.
والمراد بقول الشارح ما يصح أي في نفسه ويلغو الشرط، وإنما زاده لكون نفي البطلان لا يستلزم الصحة لصدقه على الفساد، فافهم.
قوله: (لعدم المعاوضة المالية) أشار إلى ما قدمه في الاصل الاول من أن ما ليس مبادلة مال بمال(5/379)
لا يفسد بالشرط الفاسد: أي ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وذلك فضل خال عن العوض فيكون ربا، والربا لا يكون في المعاوضات الغير المالية ولا في التبرعات.
قوله: (وزدت ثمانية) هي الابراء عن دم
العمد، والصلح عن جناية غصب، ووديعة، وعارية إذا ضمنها الخ، والنسب والحجر على المأذون والغصب وأمان القن.
ط.
قلت: وقدمنا أن كل ما جاز تعليقه لا يفسد بالشرط الفاسد، وسيأتي أيضا.
قوله: (القرض) كأقرضتك هذه المائة بشرط أن تخدمني سنة.
وفي البزازية: وتعليق القرض حرام والشرط لا يلزم.
والذي في الخلاصة عن كفالة الاصل: والقرض بالشرط حرام ا ه.
نهر: أي فالمراد بالتعليق الشرط.
وفي صرف البزازية: أقرضه على أن يوفيه بالعراق فسد ا ه: أي فسد الشرط وإلا خالف ما هنا.
تأمل.
قوله: (والهبة والصدقة) كوهبتك هذه المائة أو تصدقت عليك بها على أن تخدمني سنة.
نهر.
فتصح ويبطل الشرط لانه فاسد.
وفي جامع الفصولين: ويصح تعليق الهبة بشرط ملائم كوهبتك على أن تعوضني كذا، ولو مخالفا تصح الهبة لا الشرط ا ه.
وفي حاشيته للخير الرملي.
أقول: يؤخذ منه جواب واقعة الفتوى: وهب لزوجته بقرة على أنه إن جاءه أولاد منها تهب البقرة لهم وهو صحة الهبة وبطلان الشرط ا ه.
وسيذكر الشارح أن الهبة يصح تعليقها بالشرط، ويأتي الكلام عليه.
قوله: (والنكاح) كتزوجتك على أن لا يكون لك مهر فيصح النكاح ويبطل الشرط ويجب مهر المثل، ومن هذا القبيل ما في الخانية: تزوجتك على أني بالخيار يجوز النكاح، ولا يصح الخيار لانه ما علق النكاح بالشرط بل باشر النكاح وشرط الخيار ا ه.
وليس منه: إن أجاز أبي أو رضي، لانه تعليق والنكاح لا يحتمله فلا يصح كما في الخانية، وكلام النهر هنا غير محرر، فتدبر.
وفي الظهيرية: لو كان الاب حاضرا فقبل في المجلس جاز.
قال في النهر: وهو مشكل.
والحق ما في الخانية ا ه.
قلت: ما في الظهيرية ذكره في الخانية أيضا عن أمالي أبي يوسف وقال: إنه استحسان.
قوله: (والطلاق) كطلقتك عن أن لا تتزوجي غيري.
بحر.
والظاهر أنه إذا قال إن لم تتزوجي غيري فكذلك، ويأتي بيانه قريبا.
قوله: (والخلع) كخالعتك على أن لي الخيار مدة يراها بطل الشرط ووقع الطلاق ووجب المال.
وأما اشتراط الخيار لها فصحيح عند الامام كما مضى.
بحر.
قوله: (والعتق) بأن قال أعتقتك على أني بالخيار.
بحر وقدمنا آنفا لو أعتق أمة على أن لا تتزوج عتقت تزوجت أو لا.
قوله: (والرهن) بأن قال رهنتك عبدي بشرط أن أستخدمه أو على أن الرهن إن ضاع ضاع
بلا شئ أو إن لم أوف متاعك لك إلى كذا فالرهن لك بمالك بطل الشرط وصح الرهن.
بحر.
قوله: (كجعلتك وصيا الخ) هذا المثال أحسن مما في البحر: جعلتك وصيا على أن يكون لك مائة، لان الكلام في الشرط الفاسد الذي لا يفسد العقد وما هنا صحيح.
نهر.
وفيه نظر، فإنه قال في(5/380)
البزازية فهو وصي والشرط باطل والمائة له وصية ا ه.
ومعنى بطلانه كما في البحر أنه يبطل جعلها شرطا للايصاء وتبقى وصية، إن قبلها كانت له وإلا فلا ا ه: أي فهو شرط فاسد لم يفسد عقد الايصاء.
قوله: (والوصية) كأوصيت لك بثلث مالي إن أجاز فلان.
عيني.
وفيه نظر لانه مثال تعليقها بالشرط، وليس الكلام فيه.
وفي البزازية: وتعليقها بالشرط جائز لانها في الحقيقة إثبات الخلافة عند الموت ا ه.
ومعنى صحة التعليق أن الشرط إن وجد كان للموصى له المال وإلا فلا شئ له.
بحر.
ثم قال في الخانية: لو أوصى بثلثه لام ولده إن لم تتزوج فقبلت ذلك ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان فلها الثلث بحكم الوصية ا ه.
مع أن الشرط لم يوجد، إلا أن يكون المراد بالشرط عدم تزوجها عقب انقضاء العدة لا عدمه إلى الموت، بدليل أنه قال تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان للاحتراز عن تزوجها عقب الانقضاء ا ه.
قلت: ووجهه أنه إذا مضت مدة بعد العدة ولم تتزوج فيها تحقق الشرط فلا تبطل الوصية بتزوجها بعده، إذ لو كان الشرط عدم تزوجها أبدا لزم أن لا يوجد شرط الاستحقاق إلا بموتها، ويظهر من هذا أنه إذا قال طلقتك إن لم تتزوجي أنه إذا مضى بعد العدة زمان ولم تتزوج يتحقق الشرط، لكن فيه أن الطلاق المعلق إنما يتحقق بعد تحقق الشرط فيلزم أن يكون ابتداء العدة بعده لا قبله، فالظاهر بطلان هذا الشرط ووقوع الطلاق منجزا، ويؤيده ما مر قريبا، ومر تحقيقه في كتاب الطلاق في أول باب التعليق.
قوله: (والشركة) فيه أنها تفسد باشتراط ما يؤدي إلى قطع الاشتراك في الربح كاشتراط عشرة لاحدهما.
وفي البزازية: الشركة تبطل ببعض الشروط الفاسدة دون بعض، حتى لو شرط التفاضل في الوضيعة لا تبطل، وتبطل باشتراط عشرة لاحدهما.
وفيها: لو شرط صاحب الالف العمل على صاحب الالفين والربح نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا ا ه.
أما لو لم يشرط
العمل على أفضلهما مالا بل تبرع به.
فأجاب في البحر بأن شرط الربح صحيح لان التبرع ليس من قبيل الشرط بدليل ما في بيوع الذخيرة: اشترى حطبا في قرية، وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء: احمله إلى منزلي لا يفسد لانه كلام مبتدأ بعد تمام اليبع قوله: (وكذا المضاربة) كما لو شرط نفقة السفر على المضارب بطل الشرط وجازت بزازية.
وفيها: ولو شرط من الربح عشرة دراهم فسدت لا لانه شرط بل لقطع الشركة دفع إليه ألفا على أن يدفع لرب المال للمضارب أرضا يزرعها سنة أو دارا للسكنى بطل الشرط وجازت، ولو شرط ذلك على المضارب لرب المال فسدت لانه جعل نصف الربح عوضا عن عمله وأجرة الدار ا ه.
وبه علم أنها تفسد ببعض الشروط كالشركة.
قوله: (كوليتك بلدة كذا مؤبدا) فقول: مؤبدا شرط فاسد، لان التولية لا تقتضي ذلك لانه ينعزل بعارض جنون أو عزل أو نحوه، ومثله وليتك على أن لا تعزل أبدا أو على أن لا تركب كما مثل به في البحر وقال: فهذا الشرط فاسد ولا تبطل إمرته بهذا.
قوله: (واختار في النهر إطلاق الصحة) حيث قال رادا على ذلك البعض: وعندي أنه لا سلف له فيه ولا دليل يقتضيه لانه حيث صح العزل كان إلغاء للتأبيد سواء نص على الغاية أو لا.
قوله: (صح التقليد والشرط) فإن فعل شيئا من ذلك(5/381)
انعزل، ولا يبطل قضاؤه فيما مضى: ولا ينفذ قضاء القاضي في خصومة زيد، ويجب على السلطان أن يفصل قضيته إن اعتراه قضية.
بحر عن البزازية وفيه عنها أيضا: لو شرط في التقليد أنه متى فسق ينعزل انعزل ا ه.
قلت: وإنما صح الشرط لكونه شرطا صحيحا، والقاضي وكيل عن السلطان فيتقيد قضاؤه بما قيده به حتى يتقيد بالزمان والمكان والشخص، ومن ذلك ما إذا نهاه عن سماع دعوى مضى عليها خمس عشرة سنة كما سيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى.
قوله: (والكفالة والحوالة) بأن قال كفلت غريمك على أن تقرضني كذا وأحلتك على فلان بشرط أن لا ترجع علي عند التوي.
نهر: يعني فتصح ويبطل الشرط.
وفي البزازية: لو قال كفلت به على أني متى أو كلما طولبت به فلي أجل شهر، فإذا طالبه به فله أجل شهر من وقت المطالبة الاولى فإذا تم الشهر من وقت المطالبة الاولى لزم التسليم ولا يكون
للمطالبة الثانية تأجيل ا ه.
وفيه أن كلما تقتضي التكرار مقدسي.
ولعله ألغى التكرار هنا لما يلزم عليه من إبطال موجب الكفالة، وحيث أمكن الاعمال فهو أولى من الابطال.
تأمل.
وسيذكر الشارح هذه المسألة أوائل الكفالة، ويأتي توضيحها هناك.
وفي البزازية أيضا: كفل على أنه بالخيار عشرة أيام أو أكثر يصح، بخلاف البيع لان مبناها على التوسع ا ه.
ففي هذا وفيما قبله صحت الكفالة والشرط لانه شرط تأجيل أو خيار وكلاهما شرط صحيح، ولا يرد على المصنف لان كلامه في الشرط الفاسد، وسيأتي في بابها أنه لا يصح تعليقها بشرط غير ملائم ويأتي هنا في كلام الشارح أيضا.
قوله: (إلا إذا شرط الخ) أي شرط المحال على المحال عليه أن يعطيه المال المحال به من ثمن دار المحيل.
قال في البزازية: بخلاف ما إذا التزم المحتال عليه الاعطاء من ثمن دار نفسه لانه قادر على بيع دار نفسه ولا يجبر على بيع داره كما إذا كان قبولها بشرط الاعطاء عند الحصاد لا يجبر على الاداء قبل الاجل ا ه.
وظاهره صحة التأجيل إلى الحصاد لانه مجهول جهالة يسيرة، بخلاف هبوب الريح كما يأتي في بابها.
قوله: (من المحتال) صوابه المحتال عليه.
قوله: (فليحرر) أشار إلى ما في هذا الجواب، فإن كونه وعدا لا يخرجه عن كونه شرطا مع أن فرض المسألة أنه مذكور في صلب العقد على أنه شرط، إذ لو كان بعد العقد لا على وجه الاشتراط لم يفسد العقد، كما مر عند قوله: والشركة وأيضا لا يظهر به الفرق بين المسألتين، ويظهر لي الجواب بأن الحوالة قد تكون مقيدة، كما لو أحال غريمه بألف الوديعة على المودع تقيدت بها حتى لو هلكت الالف برئ المحال عليه كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها، وهنا لما شرط الدفع من ثمن دار المحيل صارت مقيدة به، ولما لم يكن له قدرة على الوفاء بذلك فسدت الحوالة بمنزلة ما لو هلكت الوديعة المحال بها، ولهذا لو كان البيع مشروطا في الحوالة صحت ويجبر على البيع كما في آخر حوالة البزازية.
أما لو شرط الدفع من ثمن داره صحت الحوالة لقدرته على بيع داره ولكن لا يجبر على البيع، ولو باع يجبر على الاداء لتحقق الوجوب كما في الدرر.
قوله: (والوكالة) كوكلتك على أن تبرأني مما لك علي.
نهر.
وفي البزازية: الوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة، أي شرط كان، وفيها تعليق الوكالة بالشرط جائز وتعليق العزل به باطل، وتفرع عليه أنه لو قال كلما عزلتك فأنت وكيلي صح لانه تعليق التوكيل بالعزل، ولو قال كلما وكلتك فأنت(5/382)
معزول لم يصح لانه تعليق العزل بالشرط بحر.
قوله: (والاقالة) حتى لو تقايلا على أن يكون الثمن أكثر من الاول أو أقل صحت ولغا الشرط، وقد مر في بابها.
نهر.
وذكر المصنف في بابها أنها لا تفسد بالشرط وإن لم يصح تعليقها به، وصورة التعليق كما ذكره في البحر هناك عن البزازية.
ما لو باع ثورا من زيد فقال اشتريته رخيصا فقال زيد إن وجدت مشتريا بالزيادة فبعه منه فوجد فباع بأزيد لا ينعقد البيع الثاني، لانه تعليق الاقالة لا الوكالة بالشرط.
قوله: (والكتابة) بأن كاتبه على ألف بشرط أن لا يخرج من البلد أو على أن لا يعامل فلانا أو على أن يعمل في نوع من التجارة فتصح ويبطل الشرط لانه غير داخل في صلب العقد.
نهر.
قوله: (في صلب العقد) صلب الشئ: ما يقوم به ذلك الشئ وقيام البيع بأحد العوضين، فكل فساد يكون في أحدهما يكون فسادا في صلب العقد.
درر.
قوله: (وعليه) أي على كون الفساد في صلب العقد ط.
قوله: (يحمل إطلاقهم) أي إطلاق من قال إنها تبطل بالشرط الفاسد كالعمادي والاستروشني فإنهما قالا: وتعليق الكتابة بالشرط لا يجوز وإنها تبطل بالشرط، ويحمل قولهما ثانيا الكتابة بشرط متعارف وغير متعارف تصح، ويبطل الشرط على كون الشرط زائدا ليس في صلب العقد، وبه يندفع اعتراض صاحب جامع الفصولين عليهما.
هذا حاصل ما في الدرر.
وأما ما في البحر عن البزازية: كاتبها وهي حامل على أن لا يدخل ولدها في الكتابة فسدت لانها تبطل بالشرط الفاسد ا ه.
فالمراد به ما كان في صلب العقد، لان استثناء حملها وهو جزء منها شرط في صلب العقد، كما لو باع أمة إلا حملها لانها أحد العوضين، فافهم.
قوله: (وإذن العبد في التجارة) (كأذنت لك في التجارة) على أن تتجر إلى شهر أو على أن تتجر في كذا فيكون عاما في التجارة والاوقات ويبطل الشرط.
بحر.
قوله: (كهذا الولد مني إن رضيت امرأتي) تابع البحر في ذلك مع أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بأن الكلام في الشرط الفاسد لا في التعليق، فالاولى قول النهر بشرط رضا زوجتي.
وقال في العزمية: وصور ذلك في إيضاح الكرماني بأن ادعى نسب التوأمين بشرط أن لا تكون نسبة الآخر منه، أو ادعى نسب ولد بشرط أن لا يرث منه يثبت نسب كل واحد من التوأمين ويرث وبطل الشرط لانهما من ماء واحد، فمن ضرورة ثبوت نسب أحدهما ثبوت
الآخر لما عرف، وشرط أن لا يرث شرط فاسد لمخالفة الشرع والنسب لا يفسد به ا ه.
قوله: (والصلح عن دم العمد) بأن صالح ولي المقتول عمدا القاتل على شئ بشرط أن يقرضه أو يهدي إليه شيئا فالصلح صحيح والشرط فاسد، ويسقط الدم لانه من الاسقاطات فلا يحتمل الشرط.
بحر.
قوله: (ولم يذكروه اكتفاء بالصلح) إذ ليس بينهما كثير فرق، فإن الولي إذا قال للقاتل عمدا أبرأت ذمتك على أن لا تقيم في هذا البلد مثلا أو صالح معه عليه صح الابراء والصلح، ولا يعتبر الشرط.
درر.
قوله: (التي فيها القود) في المصباح: القود القصاص وبه عبر في الدرر، فلا فرق في التعبير، فافهم.
قوله: (وإلا) بأن كان الصلح عن القتل الخطأ أو الجراحة التي فيها الارش كان من القسم الاول.
درر: أي لان موجب ذلك المال فكان مبادلة لا إسقاطا.
قوله: (وعن جناية غصب) أي مغصوب، وقوله: إذا ضمنها أي موجبات الصلح في الصور المذكورة.
درر.
ولعل صورة المسألة لو(5/383)
أتلف ما غصبه أو أتلف وديعة أو عارية عنده وأراد المالك أن يضمنه ذلك فصالحه على شئ وضمن رجل موجب الصلح بشرط أي يحيله به على آخر أو يكفل به آخر صح الضمان وبطل الشرط، لكن لا يخفى أن الضمان كفالة، وقد مرت مسألة الكفالة، ولم أر من أوضح ذلك.
فتأمل.
قوله: (والنسب) تقدم تصويره في مسألة دعوى الولد.
قوله: (والحجر على المأذون) فلا يبطل به ويبطل الشرط.
شرنبلالية عن العمادية.
ومثله في جامع الفصولين، ولا ينافي ما قدمه عن الاشباه لان ذاك في بطلان تعليقه بالشرط كما قدمناه.
قوله: (والغصب) كذا ذكره في جامع الفصولين وغيره مع ذكرهم مسألة جناية الغصب المارة، وفيه أن الغصب فعل لا يقيد بشرط، فإن كان المراد ضمان الغصب بشرط فهو داخل في الكفالة، فافهم.
قوله: (وأمان القن) أقول في (السير الكبير) لمحمد بن الحسن: تعليق الامان بالشرط جائز بدليل: أن النبي (ص) حين أمن أهل خيبر علق أمانهم بكتمانهم شيئا، وأبطل أمان آل أبي الجعد بكتمانهم الحلي ا ه.
وبه يعلم أن القن ليس قيدا.
حموي: أي سواء كانت إضافة الامان من إضافة المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله.
وفي بعض النسخ وأمان النفس.
قوله: (وعقد الذمة) فإن الامام إذا فتح بلدة وأقر أهلها على أملاكهم وشرطوا معه في عقد الذمة أن لا يعطوا الجزية بطريق
الاهانة كما هو المشروع، فالعقد صحيح والشرط باطل.
درر.
قوله: (وتعليق الرد بالعيب وبخيار الشرط) هكذا عبر في الكنز، وعبر في النهاية بقوله: وتعليق الرد بالعيب بالشرط وتعليق الرد بخيار الشرط بالشرط، ومثله في جامع الفصولين وغيره، فعلم أن قوله بالعيب متعلق بالرد لا بتعليق، وأن المراد أن الرد بخيار، عيب أو شرط يصح تعليقه بالشرط.
ولا يخفى أن الكلام فيما يصح ولا يفسد تقييده بالشرط الفاسد لا فيما يصح تعليقه، فكان المناسب حذف لفظة تعليق كما فعل صاحب الدرر.
وقد يجاب بأن المراد بالتعليق التقييد أو أن كل ما صح تعليقه صح تقييده كما مر وبه ظهر أنه ليس المراد ما يتوهم أن تعليق الرد بأحد الخيارين بالشرط يصح تقييده بالشرط، إذ لا يظهر تصوير تقييد التعليق.
ثم إنه مثل للاول في البحر بما إذا قال: إن وجدت بالمبيع عيبا أرده عليك إن شاء فلان، وللثاني بما إذا قال من له خيار الشرط: رددت البيع أو أسقطت خياري إن شاء فلان فإنه يصح ويبطل الشرط ا ه تأمل.
وفي البحر من باب خيار الشرط ما نصه: فإن قلت: هل يصح تعليق إبطاله وإضافته؟ قلت: قال في الخانية: لو قال من له الخيار إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري كان باطلا ولا يبطل خياره، وكذا لو قال في خيار العيب إن لم أرده اليوم فقد أبطلت خياري ولم يرده اليوم لم يبطل خياره، ولو لم يكن كذلك ولكنه قال أبطلت غدا أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد فجاء غد، ذكر في الملتقى أنه يبطل خياره.
قال: وليس هذا كالاول لان هذا وقت يجئ لا محالة بخلاف الاول ا ه.
قال في البحر هناك: فقد سووا بين التعليق والاضافة في المحقق مع أنهم لم يسووا بينهما في الطلاق والعتاق.
وفي التاترخانية: لو كان الخيار للمشتري فقال إن لم أفسخ اليوم فقد رضيت أو إن لم أفعل كذا فقد رضيت لا يصح ا ه.
أي بل يبقى خياره.
قوله: (وعزل القاضي) في جامع الفصولين: ولو قال الامير لرجل إذا قدم فلان فأنت قاضي بلدة كذا أو أميرها يجوز، ولو قال إذا أتاك كتابي هذا فأنت معزول ينعزل بوصوله، وقيل لا ا ه، وذكر في الدرر عن العمادية(5/384)
والاستروشنية أن الثاني به يفتى.
واعترض بأن عبارة العمادية والاستروشنية قال ظهير الدين
المرغيناني: ونحن لا نفتي بصحة التعليق وهو فتوى الاوزجندي ا ه.
وظاهر ما في جامع الفصولين ترجيح الاول، ولذا مشى عليه في الكنز والملتقى وغيرهما.
قوله: (كعزلتك إن شاء فلان) كذا مثل في البحر.
واعترض بأن هذا تعليق وليس الكلام فيه.
قلت: والعجب أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بمثل هذا.
وقد يجاب بأنه إذا لم يبطل بالتعليق لا يبطل بالشرط بالاولى كعزلتك على أن أوليك في بلدة كذا.
قوله: (لما ذكرنا) أي في قوله لعدم المعاوضة المالية.
قوله: (وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط) هذه القاعدة الرابعة، وقدمنا أنها داخلة تحت الثالثة، لما في جامع الفصولين أن ما جاز تعليقه بالشرط لا تبطله الشروط كطلاق وعتق وحوالة وكفالة ويبطل الشرط ا ه.
قوله: (وهو مختص بالاسقاطات المحضة التي يحلف بها) لو حذف قوله التي يحلف بها لدخل الاذن في التجارة وتسليم الشفعة لكونهما إسقاطا، ولكن لا يحلف بهما.
أفاده في البحر.
ويدخل فيه أيضا الابراء عن الكفالة، فإنه يصح تعليقه بملائم كما مر في الابراء عن الدين.
قوله: (والتوليات) فيصح تعليقها بالملائم فقط، وكذا في إطلاقات وتحريضات كما مر في الاصل الثاني.
قوله: (وتسليم الشفعة) أي لانه إسقاط محض كما علمت فيصح تعليقه.
هذا.
وفي شفعة الهداية عند قوله: وإذا صالح من شفعته على عوض بطلت ورد العوض، لان حق الشفعة لا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشرط فبالفاسد أولى.
واعترضه في العناية بما قال محمد في الجامع الصغير: لو قال سلمت الشفعة في هذه الدار إن كنت اشتريتها لنفسك وقد اشتراها لغيره فهذا ليس بتسليم لانه علقه بشرط وصح، لان تسليم الشفعة إسقاط محض كالطلاق فصح تعليقه بالشرط ا ه.
قال الطوري في تكملة البحر: وقد يفرق بحمل ما في الهداية على التي تدل على الاعراض والرضا بالمجاورة مطلقا والثاني على خلافه فيفرق بين شرط وشرط ا ه.
تنبيه: لا يخفى أن هذا كله في التسليم بعد وجوبها.
وبقي ما لو قال الشفيع قبل البيع إن اشتريت فقد سلمتها هل يصح أم لا؟ بحث فيه الخير الرملي بقوله: لا شبهة في أنه تعليق الاسقاط قبل الوجوب بوجود سببه، ومقتضى قولهم التعليق بالشرط المحض يجوز فيما كان في باب الاسقاط المحض، وقولهم المعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده، وقولهم من لا يملك التنجيز لا يملك التعليق إلا
إذا علقه بالملك أو سببه صحة التعليق المذكور لانه إسقاط، وقد علقه بسبب الملك فكأنه نجزه عند وجوده، لكن أورد في الظهيرية إشكالا على كون تسليم الشفعة إسقاطا محضا، وهو ما ذكره السرخسي في باب الصلح عن الجنايات من أن القصاص لا يصح تعليق إسقاطه بالشرط، ولا يحتمل الاضافة إلى الوقت وإن كان إسقاطا محضا، ولهذا لا يرتد برد من عليه القصاص، ولو أكره على أسقاط الشفعة لا يبطل حقه.
قال: وبه تبين أن تسليم الشفعة ليس بإسقاط محض، وإلا لصح مع الاكراه كسائر الاسقاطات ا ه.
قال الرملي: وعليه لا يصح التعليق قبل الشراء كالتنجيز قبله والمسألة تقع كثيرا، والذي يظهر عدم صحة التعليق ا ه.
قوله: (وحرر المصنف دخول الاسلام في القسم الاول) أي ما لا(5/385)
يصح تعليقه بالشرط، وذلك حيث ذكر أولا أن الاسلام لا بد فيه بعد الاتيان بالشهادتين من التبري كما علمت تفاصيله في الكتب المبسوطة.
ويؤخذ عدم صحة تعليقه بالشرط من قولهم بعدم صحة تعليق الاقرار بالشرط.
وتحقيقه أن الاسلام تصديق الجنان وإقرار باللسان، وكلاهما لا يصح تعليقه بالشرط، ومن المعلوم أن الكافر الذي يعلق إسلامه على فعل شئ غالبا يكون شيئا لا يريد كونه فلا يقصد تحصيل ما علق عليه.
وقد ذكر الزيلعي وغيره أن الاسلام عمل، بخلاف الكفر فإنه ترك، ونظيره الاقامة والصيام، فلا يصير المقيم مسافرا، ولا الصائم مفطرا، ولا الكافر مسلما بمجرد النية لانه فعل، ويصير مقيما وصائما وكافرا بمجرد النية لانه ترك، فإذا علقه المسلم على فعل وفعله والظاهر أنه مختار في فعله فيكون قاصدا للكفر فيكفر، بخلاف الاسلام ا ه.
قوله: (ودخول الكفر هنا) أي فيما يصح تعليقه وفيه أن كلام المصنف كما سمعته آنفا ليس فيه تعرض لدخول الكفر في هذا القسم، بل فيه ما ينافيه وهو أنه يصير كافرا بمجرد النية لانه ترك: أي ترك العمل والتصديق فيتحقق في الحال قبل وجود المعلق عليه، ولو صح تعليقه لما وجد في الحال، فافهم.
قوله: (ويصح تعليقه هبة) في البزازية من البيوع تعليق الهبة بأن باطل وبعلى إن ملائما كهبته على أن يعوضه يجوز، وإن مخالفا بطل الشرط وصحت الهبة ا ه بحر.
وهذا مخالف لما ذكره الشارح، لان كلامه في صحة التعليق بأداة الشرط لا في التقييد بالشرط، لان هذا تقدم في المتن حيث ذكر الهبة فيما لا يبطل بالشرط الفاسد فافهم
.
لكن في البحر أيضا عن المناقب عن الناصحي: لو قال إن اشتريت جارية فقد ملكتها منك يصح ومعناه: إذا قبضه بناء على ذلك ا ه: أي إذا قبض الموهوب له الموهوب بناء على التمليك يصح مع أنه معلق بإن، وهو خلاف ما في البزازية من إطلاق بطلانه ولعله قول آخر يجعل التعليق بالملائم صحيحا كالتقيد.
تأمل.
قوله: (وحوالة وكفالة) في البزازية من البيوع: وتعليق الكفالة إن متعارفا كقدوم المطلوب يصح، وإن شرطا محضا كإن دخل الدار أو هبت الريح لا، والكفالة إلى هبوب الريح جائزة والشرط باطل، ونص النسفي أن الشرط إن لم يتعارف تصح الكفالة ويبطل الشرط والحوالة كهي ا ه بحر قوله: (وإبراء عنها) كإن وافيت به غدا فأنت برئ كما قدمناه في مسألة الابراء عن الدين.
قوله: (بملائم) قيد للاربعة.
تتمة: بقي مما يصح تعليقه دعوة الولد كإن كانت جاريتي حاملا فمني، وكذا الوصية والايصاء والوكالة والعزل عن القضاء فهذه نص في البحر عليها في أثناء شرحها ونبهنا على ذلك، والابراء عن الدين إذا علق بكائن أو بمتعارف كما مر، وذكر في جامع الفصولين مما يصح تعليقه إذن القن، وكذا النكاح بشرط علم للحال، وكذا تعليق الامهال: أي تأجيل الدين غير القرض إن علق بكائن، ولو قال بعته بكذا إن رضي فلان جاز البيع والشرط جميعا، ولو قال بعته منك إن شئت فقال قبلت تم البيع، وقدمنا تقييد مسألة البيع بما إذا وقته بثلاثة أيام، وذكر خلافا في صحة تعليق القبول.
مطلب ما يصح إضافته وما لا يصح قوله: (وما تصح إضافته الخ) شروع فيما يضاف وما لا يضاف بعد الفراغ من الكلام على التعليق ولم أر من ذكر لذلك ضابطا، وسيأتي بيانه، ثم الفرق بين التعليق والاضافة، هو أن التعليق يمنع المعلق عن السببية للحكم، فإن نحو أنت طالق سبب للطلاق في الحال، فإذا قال أنت طالق إن(5/386)
دخلت الدار منع انعقاده سببا للحال وجعله متأخرا إلى وجود الشرط، فعند وجوده ينعقد سببا مفضيا إلى حكمه وهو الطلاق.
وأما الايجاب المضاف مثل أنت طالق غدا فإنه ينعقد سببا للحال لانتفاء التعليق المانع من انعقاد السببية، لكن يتأخر حكمه إلى الوقت المضاف إليه، فالاضافة لا تخرجه
عن السببية بل تؤخر حكمه، بخلاف التعليق، فإذا قال: إن جاء غد فلله علي أن أتصدق بكذا لا يجوز له التصدق قبل الغد، لانه لا تعجيل قبل السبب، ولو قال لله علي أن أتصدق بكذا غدا له التعجيل قبله لانه بعد السبب، لان الاضافة دخلت على الحكم لا السبب فهو تعجيل للمؤجل، وتفرع عليه ما لو حلف لا يطلق امرأته فأضاف الطلاق إلى الغد حنث وإن علقه لم يحنث، هذا حاصل ما ذكروه في كتب الاصول.
وللمحقق ابن الهمام في التحرير أبحاث في الفرق بينهما، ذكرها ابن نجيم في شرح المنار في فصل الادلة الفاسدة.
وقال: والفرق بينهما من أشكل المسائل.
قوله: (الاجارة) في جامع الفصولين: ولو قال آجرتك غدا فيه اختلاف، والمختار أنها تجوز، ثم في الاجارة المضافة إذا باع أو وهب قبل الوقت يفتى بجواز ما صنع وتبطل الاجارة، فلو رد عليه بعيب بقضاء أو رجع في الهبة قبل الوقت عادت الاجارة، ولو عاد إليه بملك مستقبل لا تعود الاجارة.
وفي فتاوى ظهير الدين: لو قال آجرتك هذه رأس كل شهر بكذا يجوز في قولهم.
قوله: (وفسخها) في العزمية على الخانية أن الفتوى عليه.
وفي الشرنبلالية: المعتمد اختيار عدم الصحة، وهو المذكور في الكافي واختيار ظهير الدين ا ه.
ففيه اختلاف التصحيح.
قوله: (والمزارعة والمعاملة) فإنهما إجارة، حتى إن من يجيزهما لا يجيزهما إلا بطريقها ويراعى فيهما شرائطها.
درر.
قوله: (والمضاربة والوكالة) فإنهما من باب الاطلاقات والاسقاطات، فإن تصرف المضارب والوكيل قبل العقد والتوكيل في مال المالك والموكل كان موقوفا حقا للمالك، فهو بالعقد والتوكيل أسقطه فيكون إسقاطا فيقبل التعليق.
درر: أي وإذا قبل التعليق يقبل الاضافة بالاولى، لان التعليق يمنع السببية، بخلاف الاضافة كما علمت.
وبه اندفع اعتراض المصنف في المنح بأن الكلام في الاضافة لا في التعليق، لكن لم أر من صرح بصحة التعليق في المضاربة، ولعله أراد بالتعليق التقييد بالشرط فإنهم يطلقون عليه لفظ التعليق.
تأمل.
قوله: (والكفالة) لانها من باب الالتزامات فتجوز إضافتها إلى الزمان وتعليقها بالشرط الملائم درر.
قوله: (والايصاء) أي جعل الشخص وصيا والوصية بالمال فإنهما لا يفيدان إلا بعد الموت فيجوز تعليقهما وإضافتهما.
درر.
قوله: (والقضاء والامارة) فإنهما تولية وتفويض محض فجاز إضافتهما.
درر قوله: (والطلاق والعتاق) فإنهما من باب الاطلاقات والاسقاطات وهو ظاهر.
درر.
قوله: (والوقف) فإن تعليفه إلى ما بعد الموت جائز.
درر.
والكلام فيه كما مر في المضاربة والوكالة.
قوله: (وبقي العارية والاذن في التجارة) قال في جامع الفصولين الذي جمع فيه الفصول العمادية والفصول الاستروشنية: تبطل إضافة الاعارة بأن قال: إذا جاء غد فقد أعرتك لانها تمليك المنفعة، وقيل تجوز، ولو قال أعرتك غدا تصح وقال قبله ولو قال لقنه إذا جاء غد فقد أذنت لك في التجارة صح الاذن، ولو قال إذا جاء غد فقد حجرت عليك لا يصح ا ه.
وأنت خبير بأن الكلام في الاضافة، ولفظ إذا جاء غد تعليق، ويسمى إضافة باعتبار ذكر(5/387)
الوقف فيه لا حقيقة، ولذا فرق في مسألة الاعارة بين ذكر إذا وعدمه، فعد الاذن في التجارة هنا تبعا للقهستاني غير ظاهر.
تأمل.
وفي جامع الفصولين: إذا قال أبطلت خياري غدا بطل خياره، وقدمنا فيما يصح تعليقه أن إسقاط القصاص لا يحتمل الاضافة إلى الوقت.
قوله: (لانها تمليكات الخ) كذا في الدرر.
وقال الزيلعي آخر كتاب الاجارة: لانها تمليك، وقد أمكن تنجيزها للحال فلا حاجة إلى الاضافة، يخلاف الفصل الاول، لان الاجارة وما شاكلها لا يمكن تمليكه للحال وكذا الوصية، وأما الامارة والقضاء فمن باب الولاية، والكفالة من باب الالتزام ا ه.
قلت: ويظهر من هذا ومما ذكرنا آنفا عن الدرر أن الاضافة تصح فيما لا يمكن تمليكه للحال، وفيما كان من الاطلاقات والاسقاطات والالتزامات والولايات، ولا تصح في كل ما أمكن تمليكه للحال.
تأمل.
قوله: (لما فيه من القمار) هو المراهنة كما في القاموس، وفيه المراهنة، والرهان المخاطرة.
وحاصله: أنه تمليك على سبيل المخاطرة.
ولما كانت هذه تمليكات للحال لم يصح تعليقها بالخطر لوجود معنى القمار.
قوله: (وبقي الوكالة) الظاهر أنه سبق قلم، وصوابه التحكيم، فإنه الذي فيه خلاف أبي يوسف.
قال في البزازية: وتعليق كونه حكما بالخطر أو الاضافة إلى مستقبل صحيح عند محمد، خلافا للثاني، والفتوى على الثاني ا ه.
وهكذا قدمه الشارح قبيل ما لا يبطل بالشرط الفاسد، وكيف يصح عد الوكالة هنا وقد ذكرها المصنف تبعا للكنز والوقاية فيما تصح إضافته، وكذا في جامع الفصولين وغيره، وكذا تقدم أنها مما لا يفسد بالشرط، وبه صرح في الكنز وغيره، بل قدمنا جواز
تعليقها بالشرط فكيف لا تصح إضافتها.
نعم بقي فسخ الاجارة على أحد التصحيحين كما قدمناه آنفا، والله سبحانه أعلم.
باب الصرف لما كان عقدا على الاثمان والثمن في الجملة تبعا لما هو المقصود من البيع أخره عنه.
قوله: (عنونه بالباب) قال في الدرر: عنونه الاكثرون بالكتاب وهو لا يناسب لكون الصرف من أنواع البيع كالربا والسلم، فالاحسن ما اختير ها هنا.
قوله: (هو لغة الزيادة) هذا أحد معانيه، ففي المصباح: صرفته عن وجهه صرفا من باب ضرب، وصرفت الاجير والصبي: خليت سبيله، وصرفت المال: أنفقته، وصرفت الذهب بالدراهم: بعته، واسم الفاعل من هذا صيرفي وصيروف وصراف(5/388)
للمبالغة.
قال ابن فارس: الصرف فضل الدرهم في الجودة على الدرهم، وصرفت الكلام: زينته، وصرفته بالتثقيل، واسم الفاعل مصرف، والصرف: التوبة في قوله عليه الصلاة والسلام لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا والعدل: الفدية ا ه.
زاد في القاموس في معنى الحديث المذكور قوله: أو هو النافلة.
والعدل: الفريضة أو بالعكس أو الوزن.
العدل: الكيل، أو هو الاكتساب، والعدل: الفدية أو الحيل ا ه.
وقد علمت أنه يطلق لغة على بيع الثمن بالثمن لكنه في الشرع أخص.
تأمل.
قوله: (أي ما خلق للثمنية) ذكر نحوه في البحر.
ثم قال: وإنما فسرناه به ليدخل فيه بيع المصوغ بالمصوغ أو بالنقد، فإن المصوغ بسبب ما اتصل به من الصنعة لم يبق ثمنا صريحا ولهذا يتعين في العقد ومع ذلك بيعه صرف ا ه.
قوله: (ويشترط عدم التأجيل والخيار) أي وعدم الخيار: أي خيار الشرط، بخلاف خيار رؤية أو عيب كما يأتي.
ولا يقال هذا مكرر مع قوله الآتي ويفسد بخيار الشرط والاجل لان ذاك تفريع على هذا كما هو العادة من ذكر الشروط ثم التفريع عليها، فافهم، نعم ذكر في النهر أنه لا حاجة إلى جعلهما شرطين على حدة كما جرى عليه في البحر تبعا للنهاية وغيرها، لان شرط التقابض يغني عن ذلك، لان خيار الشرط يمنع ثوب الملك أو تمامه على القولين وذلك يخل بتمام القبض وهو ما يحصل به التعيين ا ه.
ولا يخفى ما فيه.
قوله: (أي التساوي وزنا) قيد به لانه لا
اعتبار به عددا.
بحر عن الذخيرة والشرط التساوي في العلم لا بحسب نفس الامر فقط، فلو لم يعلما التساوي وكان في نفس الامر لم يجز إلا إذا ظهر التساوي في المجلس كما أوضحه في الفتح، ونذكر قريبا حكم الزيادة والحط.
قوله: (بالبراجم) جمع برجمة بالضم: وهي مفاصل الاصابع ح عن جامع اللغة.
قوله: (لا بالتخلية) أشار إلى أن التقييد بالبراجم للاحتراز عن التخلية، واشتراط القبض بالفعل لا خصوص البراجم، حتى لو وضعه له في كفه أو في جيبه صار قابضا.
قوله: (قبل الافتراق) أي افتراق المتعاقدين بأبدانهما، والتقييد بالعاقدين يعم المالكين والنائبين، وتقييد الفرقة بالابدان يفيد عموم اعتبار المجلس، ومن ثم قالوا: إنه لا يبطل بما يدل على الاعراض، ولو سارا فرسخا ولم يتفرقا صح، وقد اعتبروا المجلس في مسألة هي ما لو قال الاب اشهدوا أني اشتريت هذا الدينار من ابني الصغير بعشرة دراهم ثم قام قبل أن يزن العشرة فهو باطل، كذا عن محمد، لانه لا يمكن اعتبار التفرق بالابدان.
نهر.
وفي البحر: لو نادى أحدهما صاحبه من وراء جدار أو من بعيد لم يجز، لانهما مفترقان بأبدانهما، وتفرع على اشتراط القب ض أنه لا يجوز الابراء عن بدل الصرف ولا هبته والتصدق به، فلو فعل لم يصح بدون قبو الآخر، فإن قبل انتقض الصرف وإلا لم يصح ولم ينتقض، وتمامه في البحر.
تنبيه: قبض بدل الصرف في مجلس الاقالة شرط لصحتها كقبضه في مجلس العقد، بخلاف إقالة السلم، وقدمنا الفرق في بابه.
وفي البحر: لو وجب دين بعقد متأخر عن عقد الصرف لا يصير قصاصا ببدل الصرف وإن تراضيا، ولو قبض بدل الصرف ثم انتقض القبض فيه.
لمعنى أوجب انتقاضه يبطل الصرف، ولو استحق أحد بدليه بعد الافتراق فإن أجاز المستحق والبدل قائم أو ضمن الناقد وهو هالك جاز الصرف، وإن استرده وهو قائم أو ضمن القابض قيمته وهو هالك بطل الصرف.
قوله: (على(5/389)
الصحيح) وقيل شرط لانعقاده صحيحا، وعلى الاول قول الهداية: فإن تفرقا قبل القبض بطل، فلولا أنه منعقد لما بطل بالافتراق كما في المعراج وثمرة الخلاف فيما إذا ظهر الفساد فيما هو صرف يفسد فيما ليس صرفا عند أبي حنيفة، ولا يفسد على القول الاصح.
فتح.
قوله: (وإن اختلفا جودة
وصياغة) قيد إسقاط الصفة بالاثمان، لانه لو باع إناء نحاس بمثله وأحدهما أثقل من الآخر جاز مع أن النحاس وغيره مما يوزن من الاموال الربوية أيضا لانه صفة الوزن في النقدين منصوص عليها فلا تتغير بالصنعة ولا يخرج عن كونه موزونا بتعارف جعله عدديا لو تعورف ذلك، بخلاف غيرهما فإن الوزن فيه بالعرف فيخرج عن كونه موزونا بتعارف عدديته إذا صيغ وصنع، كذا في الفتح، حتى لو تعارفوا بيع هذه الاواني بالوزن لا بالعدد لا يجوز بيعها بجنسها إلا متساويا، كذا في الذخيرة.
نهر.
قوله: (لما مر في الربا) أي من أن جيد مال الربا ورديئه سواء، وتقدم استثناء حقوق العباد، ومر الكلام فيه فراجعه، ومنه ما في البحر عن الذخيرة: غصب قلب فضة ثم استهلكه فعليه قيمته مصوغا من خلاف جنسه، فإن تفرقا قبل قبض القيمة جاز خلافا لزفر لانه صرف حكما للضمان الواجب بالغصب لا مقصودا فلا يشترط له القبض ا ه.
وإنما لزمه الضمان من خلاف جنسه لئلا يلزم الربا لان قيمته مصوغا أزيد من وزنه.
قوله: (شرط التقابض) أي قبل الافتراق كما قيد به بعض النسخ.
وفي البحر عن الذخيرة: لو اشترى المودع الوديعة الدراهم بدنانير وافترقا قبل أن يحدد المودع قبضا في الوديعة بطل الصرف، بخلاف المغصوبة، لان قبض الغصب ينوب عن قبض الشراء، بخلاف الوديعة ا ه.
قوله: (لحرمة النساء) بالفتح: أي التأخير فإنه يحرم بإحدى علتي الربا: أي القدر أو الجنس كما مر في بابه.
قوله: (فلو باع النقدين) تفريع على قوله وإلا شرط التقابض فإنه يفهم منه أنه لا يشترط التماثل، وقيد بالنقدين لانه لو باع فضة بفلوس فإنه يشترط قبض أحد البدلين قبل الافتراق لا قبضهما كما في البحر عن الذخيرة.
ونقل في النهر عن فتاوى قارئ الهداية أنه لا يصح تأجيل أحدهما، ثم أجاب عنه، وقدمنا ذلك في باب الربا، وقدمنا هناك أنه أحد قولين فراجعه عند قول المصنف باع فلوسا بمثلها أو بدراهم الخ.
قوله: (أحدهما بالآخر) احترازا عما لو باع الجنس بالجنس جزافا حيث لم يصح ما لم يعلم التساوي قبل الافتراق كما قدمناه قوله (جزافا) أي بدون معرفة قدر، وقوله أو بفضل أي بتحقق زيادة أحدهما على الآخر، وسكت عن التساوي للعلم بصحته بالاولى.
قوله: (والعوضان لا يتعينان) أي في الصرف ما دام صحيحا، أما بعد فساده فالصحيح التعيين كما في الاشباه، وقدمنا عنها في أواخر البيع
الفاسد ما تتعين فيه النقود وما لا تتعين.
قوله: (حتى لو استقرضا الخ) صورته: قال أحدهما للآخر بعتك درهما بدرهم وقبل الآخر ولم يكن عندهما شئ ثم استقرض كل منهما درهما من ثالث وتقابضا قبل الافتراق صح، وكذا لو قال بعتك هذا الدرهم بهذا الدرهم وأمسك كل منهما درهمه قبل التسليم ودفع كل منهما درهما آخر قبل الافتراق، ومثله كما في الدرر ما لو استحق كل من العوضين فأعطى كل منهما صاحبه بدل ما استحق من جنسه.
قوله: (وأديا مثلهما) ضمير(5/390)
مثلهما عائد على ما وثناه باعتبار المعنى.
قوله (ويفسد الصرف) أي فسادا من الاصل لانه فساد مقترن بالعقد كما في المحيط.
شرنبلالية قوله: (لاخلالهما بالقبض) لان خيار الشرط يمتنع به استحقاق القبض ما بقي الخيار، لان استحقاقه مبني عل الملك والخيار يمنعه والاجل يمنع القبض الواجب.
درر قوله: (ويصح مع إسقاطهما في المجلس) هكذا في الفتح وغيره، والظاهر أن المراد إسقاطهما بنقد البدلين في المجلس لا بقولهما أسقطنا الخيار والاجل، إذ بدون نقد لا يكفي وأنه لا يلزم الجمع بين الفعل والقول، ثم رأيت في القهستاني قال: فلو تفرقا من غير تقابض أو من أجل شرط خيار فسد البيع، ولو تقابضا في الصور قبل التفرق انقلب صحيحا ا ه.
ونحوه في التاترخانية، فافهم.
قوله: (لزوال المانع) أي قبل تقرره.
درر.
قوله: (في مصوغ لا نقد) فيه أن النقد يدخله خيار العيب كما ذكره المصنف في قوله عقبه ظهر بعض الثمن زيوفا الخ.
وقال في البحر وأما خيار العيب فثابت فيه، وأما خيار الرؤية فثابت في العين دون الدين الخ.
وفي الفتح: وليس في الدراهم والدنانير خيار رؤية، لان العقد لا ينفسخ بردها لانه إنما وقع على مثلها، بخلاف التبر والحلي والاواني من الذهب والفضة، لانه ينتقض العقد برده لتعينه فيه الخ، فكان الصواب أن يقول في مصوغ لا خيار رؤية في نقد.
قوله: (الشرط الفاسد الخ) في البحر لو تصارفا جنسا بجنس متساويا وتقابضا وتفرقا ثم زاد أحدهما الآخر شيئا أو حط عنه وقبله الآخر فسد البيع عنده.
وعند أبي يوسف: بطلا وصح الصرف.
وعند محمد: بطلت الزيادة وجاز الحط بمنزلة الهبة المستقبلة، وهذا فرع اختلافهم في أن الشرط الفاسد المتأخر عن العقد إذا ألحق به هل يلتحق؟
لكن محمد فرق بين الزيادة والحط.
ولو زاد أو حط في صرف بخلاف الجنس جاز إجماعا بشرط قبض الزيادة قبل الافتراق ا ه.
وانظر ما حررناه في أول باب الربا.
قوله: (ينتقض فيه فقط) أي ينفسخ الصرف في المردود ويبقى في غيره لارتفاع القبض فيه فقط.
درر.
وفي كافي الحاكم: اشترى عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجد فيها درهما ستوقا أو رصاصا، فإن كانا لم يتفرقا استبدله، وإن كانا قد تفرقا رده عليه وكان شريكا في الدينار بحصته.
وهذا بمنزلة ما لو نقده تسعة دراهم ثم فارقه ا ه.
ومقتضاه أنه بعد التفرق لا يتأتى الاستبدال فافهم.
قوله: (لا يتصرف في بدل الصرف قبل قبضه) أي بهبة أو صدقة أو بيع، حتى لو وهبه البدل أو تصدق أو أبرأه منه، فإن قبل بطل الصرف وإلا لا، فإن البراءة ونحوها سبب الفسخ فلا ينفرد به أحدهما بعد صحة العقد.
فتح.
وقيد بالتصرف لان الاستبدال به صحيح كما مر.
قوله: (فسد بيع الثوب) لانه لو جاز سقط حق القبض المستحق لله تعالى فلا يسقط بإسقاط المتعاقدين.
فتح.
وعند زفر: يصح البيع لان الثمن في بيعه لم يتعين كونه بدل الصرف، لان النقد لا يتعين، وقواه في الفتح.
ونازعه في البحر بما اعترضه في النهر: وأجاب عما في الفتح بجواب آخر فراجعه، وأطلق(5/391)
فساد البيع فشمل ما لو كان الشراء من صاحبه أو من أجنبي كما في الكافي.
قوله: (والصرف بحاله) أي فيقبض بدله ممن عاقده معه.
فتح.
وهذا بخلاف ما لو أبرأه أو وهبه وقبل فإن الصرف يبطل كما علمت.
قوله: (باع أمة الخ) حاصل هذه المسائل أن الجمع بين النقود وغيرها في البيع لا يخرج النقود عن كونها صرفا بما يقابلها من الثمن.
نهر.
قوله: (قيمته ألف) كون قيمة الجارية مع الطوق متساويين ليس بشرط، بل إذا بيع نقد مع غيره من جنسه لا بد من أن يزيد الثمن على النقد المضمون إليه، فلو قال مع طوق زنته ألف بألف ومائة لكان أولى.
نهر.
قوله: (إنما بين قيمتهما الخ) أشار إلى ما اعترض به الزيلعي من أن في عبارة المصنف تسامحا لانه ذكر القيمة في كل منهما، ولا تعتبر القيمة في الطوق وإنما يعتبر القدر عند المقابلة بالجنس، وكذا لا حاجة إلى بيان قيمة الجارية، لان قدر الطوق مقابل به والباقي بالجارية قلت قيمتها أو كثرت، فلا فائدة في بيان
قيمتها، إلا إذا قدر أن الثمن بخلاف جنس بيان قيمتها، إلا إذا قدر أن الثمن بخلاف جنس الطوق فحينئذ يفيد بيان قيمتها لان الثمن ينقسم عليهما على قدر قيمتهما ا ه.
وبه ظهر أن تقييد الشارح أولا الطوق بكونه فضة لا يناسب ما ذكره من الانقسام، إلا أن يحمل الالف في قوله: قيمته ألف على أنه من الذهب: أي ألف مثقال، لكن قوله: أو أنه غير جنس الطوق ينافي ذلك، وقد تبع فيه العيني.
وصوابه: إذا كان غير جنس الطوق فيوافق ما أجاب به الزيلعي، لان الانقاسم المذكور إنما يكون عند اختلاف الجنس، وبعد هذا يرد عليه كما قال ط: إنه عند اختلاف الجنس لا تعتبر القيمة بل يشترط التقابض كما سيذكره في الاصل الآتي.
وفي المنح: ولو بيع المصوغ من الذهب أو المزركش منه بالدراهم فلا يحتاج إلى معرفة قدره، وهل هو أقل أو أكثر؟ بل يشترط القبض في المجلس، فلو بيع بالذهب يحتاج الخ.
قلت: وقد يجاب بأن بيان القيمة له فائدة وإن اختلف الجنس، وذلك عند استحقاق الطوق أو الجارية.
تأمل.
قوله: (ألف نقد وألف نسيئة) قيد بتأجيل البعض، لانه لو أجل الكل فسد البيع في الكل عنده، وقالا في الطوق فقط.
وتمامه في البحر.
وذكر في الدرر أنه لو نقد ألفا في تأجيل الكل فهو حصة الطوق.
واعترضه في الشرنبلالية بأنه فاسد من الاصل على قوم الامام فلا يحكم بصحته بنقد الالف بعده.
وأجيب بأنه إذا نقد حصة الصرف قبل الافتراق يعود إلى الجواز لزوال المفسد قبل تقرره كما مر في اشتراط الاجل.
قوله: (ويخلص بلا ضرر) الاولى إسقاطه كما فعل في الكنز، وقد تبع المصنف في ذكره الوقاية والدرر.
واعترضهم في العزمية وغيرها، وأيضا فلا معنى لكونه شرطا في هذه المسألة، لان البيع صح في الكل.
وأجيب بأنه يفهم ما إذا تخلص بضرر بالاولى.
نعم ذكره عند قوله الآتي: فإن افترقا في محله.
قوله: (ونقد خمسين) أي والخمسون الباقية دين أو نسيئة ط.(5/392)
مطلب: يستعمل المثنى في الواحد قوله: (تحريا للجواز) إذ الظاهر قصدهما الوجه المصحح، لان العقد لا يفيد تمام مقصودهما إلا
بالصحة فكان هذا الاعتبار عملا بالظاهر.
والظاهر يجب العمل به إلا إذا صرح بخلافه كما يأتي، وقوله: خذ هذا من ثمنهما لا يخالفه لان المثنى استعمل في الواحد أيضا كما في قوله تعالى * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * (الرحمن: 22) وقوله تعالى: * (يا معشر الجن والانس ألم يأتكم رسل منكم) * (الانعام: 031) والرسل من الانس، وقوله تعالى: * (نسيا حوتهما) * (الكهف: 16) وقوله (ص) إذا سافرتما فأذنا وأقيما وتمامه في الفتح.
قال في البحر: ونظيره في الفقه إذا حضتما حيضة أو ولدتما ولدا علق بإحداهما للاستحالة، بخلاف ما إذا لم يذكر المفعول به للامكان.
قوله: (لانه اسم للحلية أيضا الخ) عبارات الزيلعي لانهما شئ واحد ا ه.
وبه يظهر أنه في مسألة الجارية المطوقة لو قال خذ هذا من ثمن الجارية يفسد البيع، وبه صرح في النهر.
قوله: (ولو زاد خاصة فسد البيع) أي بأن قال هذا المعجل حصة السيف خاصة.
وعبارة المبسوط: انتقض البيع في الحلية، وظاهره أنه يصح في السيف دون الحلية.
وعليه فكان المناسب أن يقول: فسد الصرف، لكن هذا محمول على ما إذا كانت الحلية تتميز بلا ضرر لامكان التسليم، وبهذا الحمل وفق الزيلعي بين ما في المبسوط وبين ما في المحيط من أنه لو قال هذا من ثمن النصل خاصة: فإن لم يمكن التمييز إلا بضرر يكون المنقود ثمن الصرف ويصحان جميعا لانه قصد صحة البيع ولا صحة له إلا بصرف المنقود إلى الصرف فحكمنا بجوازه تصحيحا للبيع، وإن أمكن تمييزها بلا ضرر بطل الصرف ا ه.
ولا يخفى حسن هذا التوفيق لانه إذا صح البيع والصرف مع ذكر النصل بجعل المنقود ثمنا للحلية التي لا يمكن تمييزها إلا بضرر يلزم أن يصح مع ذكر السيف بالاولى، إذ لا شك أن لفظ النصل أخص من لفظ السيف، لان السيف يطلق على النصل والحلية، وبه اندفع ما في البحر.
نعم في كلام الزيلعي نظر من وجه آخر بيناه فيما علقناه على البحر.
تنبيه: بقي ما لو قال نصفه من ثمن الحلية ونصفه من ثمن السيف فالمقبوض من ثمن الحلية كما في الزيلعي والظاهر حمله على ما إذا لم يمكن تمييز بلا ضرر، فلو أمكن فسد الصرف في نصف الحلية، يدل عليه ما في كافي الحاكم: ولو باع قلب فضة فيه عشرة وثوبا بعشرين درهما فنقده عشرة وقال نصفها من ثمن القلب ونصفها من ثمن الثوب ثم تفرقا وقد قبض القلب والثوب انتقض البيع في نصف القلب.
وأما في السيف إذا سمى فقال نصفها من ثمن الحلية ونصفها من ثمن نصل
السيف ثم تفرقا لم يفسد البيع ا ه تأمل.
وانظر ما علقناه على البحر.
قوله: (وصح في السيف) لعدم اشتراط قبض ثمنه في المجلس.
نهر.
قوله: (كطوق الجارية) الاولى كالجارية المطوقة، لانه إذا تخلص السيف عن حليته بلا ضرر يقدر على تسليمه فيصير كبيع الجارية مع طوقها.
قوله (بطل أصلا) أي بطل بيع الحلية والسيف لتعذر تسليم السيف بلا ضرر كبيع جذع من سقف.
نهر.
مطلب في بيع المموه تتمة: قال في كافي الحاكم: وإذا اشترى لجاما مموها بفضة بدراهم أقل مما فيه أو أكثر فهو جائز(5/393)
لان التمويه لا يخلص، ألا ترى أنه إذا اشترى الدار المموهة بالذهب بثمن مؤجل يجوز ذلك وإن كان ما في سقوفها من التمويه بالذهب أكثر من الذهب في الثمن ا ه.
والتمويه: الطلي.
ونقل الخير الرملي نحوه عن المحيط، ثم قال: وأقول يجب تقييد المسألة بما إذا لم تكثر الفضة أو الذهب المموه.
أما إذا كثر بحيث يحصل منه شئ يدخل في الميزان بالعرض على النار يجب حينئذ اعتباره، ولم أره لاصحابنا، لكن رأيته للشافعية وقواعدنا شاهدة به، فتأمل ا ه.
قوله: (والاصل الخ) أشار به إلى فائدة قوله فباعه بمائة: أي بثمن زائد على قدر الحلية التي من جنس الثمن ليكون قدر الحلية ثمنا لها والزائد ثمنا للسيف، إذ لو لم تتحقق الزيادة بطل البيع، أما لو كان الثمن من خلاف جنسها جاز البيع كيفما كان لجواز التفاضل كما في البحر، ومقتضاه أن المؤدى من خلاف الجنس وإن قل يقع عن ثمن الحلية وغير المؤدى يكون ثمن النصل تحريا للجواز.
مطلب في بيع المفضض والمزركش وحكم علم الثوب قوله: (كمفضض ومزركش) الاول ما رصع بفضة أو ألبس فضة كسرج من خشب ألبس فضة، والثاني في العرف هو المطرز بخيوط فضة أو ذهب، وبه عبر في البحر.
وأما حلية السيف فتشمل ما إذا كانت الفضة غير ذلك كقبيعة السيف تأمل، وخرج المموه كما علمت آنفا.
تنبيه: لم يذكر حكم العلم في الثوب.
وفي الذخيرة: وإذا باع ثوبا منسوجا بذهب بالذهب الخالص لا بد لجوازه من الاعتبار، وهو أن يكون الذهب المنفصل أكثر، وكان ينبغي أن يجوز بدونه
لان الذهب الذي نسج خرج عن كونه وزنيا ولذا لا يباع وزنا، لكنه وزني بالنص فلا يخرجه عن كونه مال ربا.
ثم قال: وفي المنتقى أن في اعتبار الذهب في السقف روايتين فلا يعتبر العلم في الثوب، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يعتبر ا ه.
وفي التاترخانية عن الغيائية: لو باع دارا في سقوفها ذهب بذهب: في رواية لا يجوز بدون الاعتبار لان الذهب لا يكون تبعا، بخلاف علم الثوب والابريسم في الذهب فإنه لا يعتبر لانه تبع محض ا ه.
وظاهر التعليل أن ذهب السقوف عين قائمة لا مجرد تمويه، ويدل عليه ما قدمناه آنفا عن الكافي من أن المموه لا يعتبر لكونه لا يخلص.
وفي الهندية عن المحيط: والدار فيها صفائح ذهب أو فضة يبيعها بجنسها كالسيف المحلى ا ه.
وحاصل هذا كله اعتبار المنسوج قولا واحدا، واختلاف الرواية في ذهب السقف والعلم وأن المعتمد عدم اعتباره في المنسوج، وقد علم بهذا أن الذهب إن كان عينا قائمة في المبيع كمسامير الذهب ونحوها في السقف مثلا يعتبر كطوق الامة وحلية السيف، ومثله المنسوج بالذهب فإنه قائم بعينه غير تابع، بل هو مقصود بالبيع كالحلية والطرق، وبه صار الثوب ثوبا ولذا يسمى ثوب ذهب، بخلاف المموه لانه مجرد لون لا عين قائمة، وبخلاف العلم في الثوب فإنه تبع محض فإن الثوب لا يسمى به ثوب ذهب، ولا يرد ما قدمه الشارح من أن الحلية تبع للسيف أيضا، فإن تبعيتها له من حيث دخولها في مسماه عرفا سواء كانت فيه أو في قرابه، لكنه أصل من حيث قيامها بذاتها وقصدها بالشراء كطوق الجارية، ولا كذلك علم الثوب لان الشرع أهدر اعتباره حتى حل استعماله، لكن ينبغي أنه لو زاد على أربعة أصابع أن يعتبر هنا أيضا، هذا ما ظهر لي في تحرير هذا المحل، فتأمل.
قوله: (شرط التقايض(5/394)
فقط) أي ولا يشترط تحقق زيادة الثمن كما قدمناه.
قوله: (صح فيما قبض) لوجود شرط الصرف فيه.
نهر.
قوله: (لانه صرف) هذا علة العلة، لان علة الاشتراك بطلان البيع فيما لم يقبض لانه صرف أو هو علة لقوله: صح فيما قبض وما بعده، والمراد أنه صرف كله كما في الهداية.
قال في الكفاية: فصح فيما وجد شرطه وبطل فيما لم يوجد، بخلاف مسألتي الجارية مع الطوق والسيف مع الحلية، فإن كل واحدة منهما صرف وبيع، فإذا نقد بدل الصرف صح في الكل.
قوله: (لتعيبه من قبله) أي لتعيب
الاناء بعيب الشركة من جهة المشتري بصنعه بسبب عدم نقده كل الثمن قبل الافتراق.
قوله: (فيخير) أي في أخذ الباقي.
قوله: (وإذا استحق بعضه) أي وقد كان نقد كل الثمن.
قوله: (لتعيبه بغير صنعه) لان عيب الاشتراك كان موجودا عند البائع مقارنا للعقد.
قوله: (ومفاده) أي مفاد التعليل المذكور.
قوله: (لا بإقراءه) أي لو ادعى المستحق ببعض الاناء فأقر له به المشتري لا يخبر لان الشركة ثبتت بصنعه.
ولا يخفى أن النكول عن اليمين إن كان من البائع فهو كالبينة، وإن كان من المشتري فهو في حكم الاقرار منه، ولذا لا يرجع بالثمن على بائعه إذا نكل، كما لو أقر كما مر في بابه.
قوله: (اختلفوا الخ) فإنه قيل إن العقد ينفسخ بقضاء القاضي للمتسحق بالاستحقاق وهو رواية الخصاف، وقيل لا ما لم يرجع المشتري على بائعه، وقيل ما لم يأخذ المستحق العين، وقيل ما لم يقض على البائع بالثمن.
وفي الهداية أنه ظاهر الرواية.
وقدمنا تحرير الكلام على ذلك والتوفيق بينه وبين ما نقله عن الفتح فراجعه في أول باب الاستحقاق، وأشار الشارح إلى أن ما مشى عليه المصنف أحسن مما في البحر عن السراج حيث قال: فإن أجاز المستحق قبل أن يحكم له بالاستحقاق، فإن مفهومه أنه ليس له الاجازة بعد الحكم بالاستحقاق لانفساخ العقد بالحكم، وهذه رواية الخصاف كما علمت، وهي خلاف ظاهر الرواية.
قوله: (وكان الثمن له) أي للمستحق، لان البائع كان فضوليا في بيع ما استحقه المستحق وتوقف على إجازته قبل الفسخ، فإذا أجاز نفذ العقد وكان الثمن له.
قوله: (إذا لم يفترقا) أي البائع والمشتري، وهذا متعلق بقوله جاز العقد.
قوله: (بعد الاجازة) كذا في البحر عن السراج، مع أن الذي في الجوهرة وهي للحدادي صاحب السراج قبل الاجازة، ويؤيده قوله في السراج والجوهرة.
حتى لو افترق العاقدان قبل إجازة المستحق بطل العقد، وإن فارقه المستحق قبل الاجازة اللاحقة باقيان في المجلس صح العقد ا ه.
والحاصل أن الاجازة اللاحقة كالوكالة السابقة فيصير هذا الفضولي بعد الاجازة كأنه كان وكيلا بالبيع قبلها، فإن حصل التقابض بينه وبين المشتري قبل الافتراق نفذ العقد بالاجازة اللاحقة، وإن افترقا قبل التقابض لا ينفذ العقد بها، لانه لو كان وكيلا حقيقة قبل العقد يفسد بالافتراق بلا قبض، فكيف إذا صار وكيلا بالاجازة اللاحقة؟ ثم إذا حصل التقابض قبل الافتراق، والاجازة ثم أجاز نفذ(5/395)
العقد وإن افترقا بعد، أما إذا أجاز قبل الافتراق والتقابض، فلا بد من التقابض بعدها قبل الافتراق لفساد العقد بالافتراق بدون تقابض وإن أجاز قبله، وعلى هذا يحمل كلام المصنف.
قوله: (ولو باع قطعة نقرة) بضم النون، وهي كما في المغرب والقاموس: القطعة المذابة من الذهب أو الفضة، وقبل الاذابة تسمى تبرأ كما في المصباح ويقال نقرة فضة على الاضافة للبيان كما في المغرب.
قوله: (لان التبعيض لا يضرها) فلم يلزم عيب الشركة لامكان أن يقطع حصته مثلا.
نهر.
قوله: (لتفرق الصفقة) أي قبل تمامها، بخلاف ما بعد القبض لتمامها.
بحر.
ويقال فيما إذا أجاز المستحق قبل فسخ الحاكم العقد ما قيل في مسألة الاناء السابقة أفاده الشرنبلالي.
قوله: (وكذا الدينار والدرهم) أي نظير النقرة لان الشركة في ذلك لا تعد عيبا، كذا في الكرخي.
منح عن الجوهرة: أي لو استحق بعضه لا يخير لانه ليس عيبا، قال ط: لامكان صرفه واستيفاء كل حقه من بدله.
قوله: (بصرف الجنس بخلاف جنسه) أي تصحيحا للعقد، كما لو باع نصف عبد مشترك بينه وبين غيره فإنه ينصرف إلى نصيبه تصحيحا للعقد.
وفي الظهيرية عن المبسوط: باع عشرة وثوبا بعشرة وثوب وافترقا قبل القبض بطل العقد في الدارهم، ولو صرف الجنس إلى خلاف جنسه لم يبطل، ولكن قبل في العقود للتصحيح في الابتداء ولا يحتاج للبقاء على الصحة ا ه.
بحر أي لان الفساد هنا عرض بالافتراق قبل القبض.
قوله: (وكذا بيع أحد عشر درهما الخ) فتكون العشرة بالعشرة والدرهم بالدينار، وأردف هذه المسألة وإن علمت مما قبلها لبيان أن صرف الجنس إلى خلاف جنسه، لا فرق فيه بين أن يوجد الجنسان في كل من البدلين أو أحدهما.
أفاده في النهر عن العناية.
قوله: (بفتح وتشديد) أي بفتح العين المعجمة وتشديد اللام.
قوله: (ما يرده بيت المال) أي لا لزيافتها بل لكونها قطعا.
عزمي عن النهاية، وفيه توفيق بين تفسيرها بما ذكر الشارح وتفسيرها بالدراهم المقطعة.
مطلب في حكم بيع فضة بفضة قليلة مع شئ آخر لاسقاط الربا تنبيه: في الهداية ولو تبايعا فضة بفضة أو ذهبا بذهب ومع أقلهما شئ آخر تبلغ قيمته باقي
الفضة جاز البيع من غير كراهة، وإن لم تبلغ فمع الكراهة، وإن لم يكن له قيمة لا يجوز البيع لتحقق الربا، إذ الزيادة لا يقابلها عوض فتكون ربا ا ه.
وصرح في الايضاح بأن الكراهة قول محمد.
وأما أبو حنيفة فقال: لا بأس.
وفي المحيط: إنما كرهه محمد خوفا من أن يألفه الناس ويستعملوه فيما لا يجوز، وقيل لانهما باشرا الحيلة لاسقاط الربا كبيع العينة فإنه مكروه ا ه.
بحر.
وأورد أنه لو كان مكروها لزم أن يكره في مسألة الدرهمين والدينار بدرهم ودينارين ولم يذكره.(5/396)
وأجيب عنه بجواب اعتراضه في الفتح، ثم قال: وغاية الامر أنه لم ينص هناك على الكراهة فيه ثم ذكر أصلا كليا يفيده، وينبغي أن يكون قول أبي حنيفة أيضا على الكراهة كما هو ظاهر إطلاق المصنف بلا ذكر خلاف ا ه.
ويأتي الكلام على بيع العينة آخر الباب وفي الكفالة إن شاء الله تعالى، وانظر ما قدمناه قبيل الربا.
قوله: (ممن هي له) متعلق ببيع.
قوله: (فصح بيعه منه) هذا وإن علم لكن كرره ليبين أن قوله دينارا مفعول بيع وكان الاوضح والاخضر للمصنف أن يقول: وصح بيع دينار بعشرة عليه أو مطلقة ممن هي له.
قوله: (وتقع المقاصة بنفس العقد) أي بلا توقف على إرادتهما لها، بخلاف المسألة الآتية، ووجه الجواز أنه جعل ثمنه دراهم لا يجب قبضها ولا تعيينها بالقبض، وذلك جائز إجماعا لان التعيين للاحتراز عن الربا: أي ربا النسيئة، ولا ربا في دين سقط، إنما الربا في دين يقع الخطر في عاقبته، ولذا لو تصارفا دراهم دينا بدنانير دينا صح لفوات الخطر.
قوله: (إن دفع البائع الدينار) قيد في الصورتين.
ط عن مكي.
قوله: (وتقاصا العشرة) قيد في الثانية فقط.
نهر قوله: (بالعشرة الدين استحسانا) والقياس أن لا يجوز، وهو قول زفر لكونه استبدالا ببدل الصرف قبل قبضه، وجه الاستحسان أنه بالتقابض انفسخ العقد الاول وانعقد صرف آخر مضاف إلى الدين، لانهما لما غيرا موجب العقد فسخاه إلى آخر اقتضاه، كما لو جدد البيع بأكثر من الثمن الاول، كذا قالوا.
وتمامه في النهر.
وأطلق في العشرة الدين، فشمل ما إذا كانت عليه قبل عقد الصرف أو حدثت بعده في الاصح، فإذا استقرض بائع الدينار عشرة من المشتري أو غصب منه فقد صار قصاصا ولا يحتاج إلى التراضي لانه قد وجد منه القبض.
بحر ملخصا.
ولا يخفى أن هذا خاص بالصورة الثانية، إذ في
المقيدة لا يتصور أن يكون الدين حادثا لان فرضها أن يبيع الدينار بعشرة عليه، فما في النهر من ذكر ذلك في الاولى سبق قلم، فتنبه.
ثم قال في البحر: والحاصل أن الدين إذا حدث بعد الصرف، فإن كان بقرض أو غصب وقعت المقاصة وإن لم يتقاصا، وإن حدث بالشراء بأن باع مشتري الدينار من بائع الدينار ثوبا بعشرة: إن لم يجعلاه قصاصا لا يصير قصاصا باتفاق الروايات، وإن جعلاه ففيه روايتان ذخيرة.
مطلب مسائل في المقاصة ومن مسائل المقاصة: ما لو كان للمودع على صاحب الوديعة دين من جنسها لم تصر قصاصا به إلا إذا اتفقا عليه وكانت في يده أو رجع إلى أهله فأخذها، والمغصوب كالوديعة، وكذلك لا تقع المقاصة ما لم يتقاصا لو كان الدينان من جنسين أو متفاوتين في الوصف أو مؤجلين، أو أحدهما حالا والآخر مؤجلا، أو أحدهما غلة والآخر صحيحا كما في الذخيرة.
وإذا اختلف الجنس وتقاصا كما لو كان له عليه مائة درهم وللمديون مائة دينار عليه: فإذا تقاصا تصير الدراهم قصاصا بمائة من قيمة الدنانير ويبقى لصاحب الدنانير على صاحب الدراهم ما بقي منها ظهيرية.
ودين النفقة للزوجة لا يقع قصاصا بدين للزوج عليها إلا بالتراضي، بخلاف سائر الديون لان دين النفقة أدنى.
فروق الكرابيسي ا ه ملخصا.
قال: وتقدم شئ من مسائل المقاصة في باب أم الولد.
قوله: (حكما) تمييز(5/397)
محول عن المبتدأ: أي حكم ما غلب فضته وذهبه حكم الفضة والذهب الخالصين، وذلك لان النقود لا تخلو عن قليل غش للانطباع، وقد يكون خلقيا كما في الردئ فيعتبر القليل بالردئ فيكون كالمستهلك ط.
قوله: (الاستقراض بها) الاوضح استقراضه ط.
وبه عبر في الملتقى.
قوله: (كما مر في بابه) لم أره صرح بذلك في باب القرض.
قوله: (في حكم عروض) الاولى تعبير الكنز بقوله: ليس في حكم الدراهم والدنانير، وذلك لانه يجب فيها الاعتبار والتقابض، ولا تتعين بالتعيين إن راجت.
قوله: (اعتبارا الغالب) أي في الصورتين.
قوله: (إن كان الخالص أكثر من المغشوش) أي أكثر من الخالص الذي خالطه الغش.
والاوضح أن يقول: أكثر مما في المغشوش.
قال في الفتح: ولا يخفى أن هذا لا يتأتى في كل دراهم غالبة الغش، بل إذا كانت الفضة المغلوبة بحيث لا تتخلص من النحاس إذا أريد ذلك.
أما إذا كانت بحيث لا تتخلص لقتلها بل تحترق لا عبرة بها أصلا، بل تكون كالمموهة لا تعتبر ولا تراعى فيها شرائط الصرف وإنما هو كاللون، وقد كان في أوائل سبعمائة في فضة دمشق قريب من ذلك.
قال المصنف: أي صاحب الهداية ومشايخنا: يعني مشايخ ما وراء النهر من بخارى وسمرقند لم يفتوا بجواز ذلك: أي بيعها بجنسها متفاضلا في العدالى والغطارفة مع أن الغش فيها أكثر من الفضة لانها أعز الاموال في ديارنا، فلو أبيح التفاضل فيها يفتح باب الربا الصريح، فإن الناس حينئذ يعتادون في الاموال النفيسة فيتدحرجون ذلك في النقود الخالصة فمنع حسما لمادة الفساد ا ه.
وفي البزازية: والصواب أنه لا يفتى بالجواز في الغطارفة لانها أعز الاموال، وعليه صاحب الهداية والفضلي.
قوله: (كما مر) أي في مسألة بيع الزيتون بالزيت.
بحر.
وهذه مرت في باب الربا.
ويحتمل كون التشبيه راجعا إلى ما في المتن من اشتراط كون الخالص أكثر، ومراده بما مر مسألة حلية السيف، كما أفاده في الهداية.
قوله: (وزنا وعددا) أي على حسب حالها في الرواج.
قال في الهداية: ثم إن كانت تروج بالوزن فالتتابع والاستقراض فيها بالوزن، وإن كانت تروج بالعد فبالعد، وإن كانت تروج بهما فبكل واحد منهما، لان المعتبر هو المعتاد فيها إذا لم يكن نص ا ه.
ويأتي قريبا.
قوله: (بصرف الجنس لخلافه) أي بأن يصرف فضة كل واحد منهما إلى غش الآخر.
قوله: (في الصورتين) أي بيعه بالخالص وصورة بيعه بجنسه.
قوله: (لضرر التمييز) قال في البحر: يشترط التقابض قبل الافتراق، لانه صرف في البعض لوجود الفضة أو الذهب من الجانبين، ويشترط في الغش أيضا لانه لا يتميز إلا بضرر ا ه.
فالعلة المذكورة لاشتراط قبض الغش، فاشتراط قبضه لا لذاته بل لانه لا يمكن فصله عن الخالص الذي فيه المشروط قبضه لذاته.
لا يقال: إن النحاس الذي هو الغش موزون أيضا، فقد وجد فيه القدر فيشترط قبضه لذاته أيضا.
لانا نقول: وزن الدراهم غير وزن النحاس ونحوه فلم يجمعهما قدر، وإلا لزم أن لا يجوز بيع القطن ونحوه مما يوزن إلا إذا كان ثمنه من الدراهم مقبوضا في المجلس، لان القدر يحرم النساء مع أنه
يجوز السلم فيه كما مر في بابه.
ولا يخفى أن الغش لو كان فضة في ذهب فالشرط قبض الكل لذاته(5/398)
لانه صرف في الكل.
قوله: (وإن كان الخالص مثله الخ) محترز قوله إن كان الخالص أكثر.
وحاصله: أن الصور أربعة: إما أن يكون الخالص أكثر أو مثله أو أقل أو لا يدري، فيصح في الاولى فقط دون الثلاثة الباقية كما مر في بيع السيف مع حليته.
قوله: (أي مثل المغشوش) أي الذي اختلط بالغش.
قوله: (فلا يصح البيع) أي لا في الفضة ولا في النحاس أيضا إذا كان لا تتخلص الفضة إلا بضرر.
فتح.
قوله: (للربا في الاولين) بزيادة الغش في الاول وزيادته مع بعض الذهب أو الفضة في الثاني ط.
قوله: (ولاحتماله في الثالث) وللشبهة في الربا حكم الحقيقة ط.
قوله: (لا يتعين بالتعيين) فلو قال اشتريت بهذه الدراهم فله أن يمسكها ويدفع غيرها مثله.
قوله: (لثمنيته حينئذ) أي حين إذ كان رائجا لانه بالاصطلاح صار أثمانا، فما دام ذلك الاصطلاح موجودا لا تبطل الثمنية لقيام المقتضي بحر.
فلو هلك قبل القبض لا يبطل العقد.
فتح.
قوله: (تعين به) أي بالتعيين، لان هذه الدراهم في الاصل سلعة وإنما صارت أثمانا بالاصطلاح، فإذا تركوا المعاملة بها رجعت إلى أصلها.
بحر.
فيبطل العقد بهلاكها قبل التسليم، هذا إذا كانا يعلمان بحالها ويعلم كل منهما أن الآخر يعلم، فإن كانا لا يعلمان أو لا يعلم أحدهما أو يعلمان ولا يعلم كل أن الآخر يعلم فإن البيع يتعلق بالدراهم الرائجة في ذلك البلد لا بالمشار إليه من هذه الدراهم التي لا تروج.
فتح.
قوله: (إن علم علم البائع بحاله) لانه رضي بذلك وأدرج نفسه في البعض الذين يقبلونها فتح.
قوله: (وإلا) أي وإن كان لا يعلم بحال هذه الدراهم أو باعه بها على ظن أنها جياد تعلق حقه بالجياد لعدم الرضا بها.
بحر.
قوله: (بما يروج منه) أي من الذي غلب غشه.
قوله: (عملا بالعرف الخ) الاولى ذكره بعد قوله فبكل منهما لان المراد أن اعتبار الوزن أو العدد أو كل منهما مبني على ما هو المتعارف فيها من ذلك.
قوله: (فيه) أي فالبيع والاستقراض بالوزن.
قوله: (وذهبه) الاولى عطفه بأو.
قوله: (فلم يجز إلا بالوزن) بمنزلة الدراهم الرديئة لان الفضة فيها موجودة حقيقة ولم تصر مغلوبة فيجب الاعتبار بالوزن شرعا.
بحر.
قوله: (إلا إذا أشار إليهما) أي إلى المتساوي وغالب الفضة: أي في المبايعة
فيكون بيانا لقدرها ووصفها، ولا يبطل البيع بهلاكها قبل القبض ويعطيه مثلها لكونها ثمنا لم تتعين.
بحر.
وأفاد أنه في الاستقراض لا يجوز إلا وزنا وإن أشار إليها.
قوله: (كما في الخلاصة) أي كما لو أشار إلى الدراهم الخالصة من الغش، وعبارة النهر: كما لو أشار إلى الجياد ا ه.
أي فإنه يجوز البيع بما أشار إليه منها بلا وزن أيضا.
قوله: (فيصح بالاعتبار المار) أي إذا بيعت بجنسها بصرف الجنس إلى خلاف جنسه: أي بأن يصرف ما في كل منهما من الغش إلى ما في الآخر من الفضة كما مر في الغالب غشه، وظاهره جواز التفاضل هنا أيضا.
لكن قال الزيلعي: وفي الخانية: إن كان نصفها صفرا ونصفها فضة لا يجوز التفاضل، فظاهره أنه أراد به فيما إذا بيعت بجنسها، وهو مخالف لما ذكر هنا،(5/399)
ووجهه أن فضتها لما لم تصر مغلوبة جعلت كأن كلها فضة في حق الصرف احتياطا ا ه.
وأقره في البحر والنهر والمنح: وظاهره اعتماد ما في الخانية.
تأمل.
وقال الزيلعي: ولو باعها بالفضة الخالصة لا يجوز حتى تكون الخالصة أكثر مما فيه من الفضة، لانه لا غلبة لاحدهما على الآخر فيجب اعتبارهما، فصار كما لو جمع بين فضة وقطعة نحاس فباعهما بمثلهما أو بفضة فقط ا ه.
وقوله لا غلبة لاحدهما: لاي لواحد من الغش والفضة التي فيه المساوية له.
قوله: (وهو نافق) أي رائج من باب تعب.
قوله: (فكسد) من باب قتل: أي لم ينفق لقلة الرغبات فيه مصباح.
قوله: (ذلك) أفاد به أن إفراد الضمير في كسد باعتبار المذكور، وفيه أن العطف بأو والاولى فيه الافراد ط قوله: (قبل التسليم للبائع) قيد به لانه لو قبضها ولو فضوليا فيه فكسدت لا يفسد البيع ولا شئ له.
نهر.
وسينبه عليه الشارح.
وفي النهر أيضا: وإن كان نقد بعض الثمن دون بعض فسد في الباقي.
قوله: (بطل البيع) أي ثبت للمشتري فسخه كما يأتي مع ما فيه، ووجه بطلانه عند الامام كما في الهداية أن الثمن يهلك بالكساد، لان الثمنية بالاصطلاح ولم يبق فبقي بيعا بلا ثمن فيبطل، فإذا بطل يجب رد المبيع إن كان قائما، وقيمته إن كان هالكا كما في البيع الفاسد ا ه.
قوله: (فإنه كالكساد) كذا في البحر تبعا للزيلعي.
وفي المضمرات: لو انقطع ذلك فعليه من الذهب والضة قيمته في آخر يوم انقطع هو المختار.
وفي الذخيرة: الانقطاع كالكساد والاول أصح ا ه.
رملي عن
المصنف.
قوله: (وكذا حكم الدراهم) كذا في البحر ولم أره لغيره.
وقال محشيه الرملي: أي الدراهم التي لم يغلب عليها الغش، فاقتصار المصنف على غالب الغش والفلوس لغلبة الفساد فيهما دون الجيدة ا ه.
تأمل ملخصا.
قلت: لكن علمت أن بطلان البيع في كساد غالب الغش والفلوس معلل عند الامام ببطلان الثمنية فبقي بيعا بلا ثمن، ولا شك أن الجياد لا تبطل ثمنيتها بالكساد لان ثمنيتها بأصل الخلقة كما صرحوا به لا بالاصطلاح فلا وجه لبطلانه عنده بكساد الجياد، فالظاهر أن مراد البحر بالدراهم غالبة الغش، لكنه مكرر بما في المتن.
تأمل.
ثم رأيت في الفتح قال: ولابي حنيفة أن الثمن يهلك بالكساد، لان مالية الفلوس والدراهم الغالبة الغش بالاصطلاح لا بالخلقة، بخلاف النقدين فإن ماليتهما بالخلقة لا بالاصطلاح ا ه.
نعم يمكن أن يجاب بأن هذا في النقض الخالص والمغشوشة التي غلبت فضتها تخالفه، لكن قد مر أنها كالخالصة لان الفضة قلما تنطبع إلا بقليل غش.
والحاصل: أن ما ذكره في البحر وتبعه الشارح يحتاج إلى نقل صريح أو يحمل على ما قلنا أولا، فتأمل، وانظر ما قدمناه أول البيوع عند قوله وبثمن حال ومؤجل.
قوله: (وصححاه بقيمة المبيع) صوابه: بقيمة الثمن.
سائحاني.
أو بقيمة الهالك ط.
قال في الفتح: وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي وأحمد: لا يبطل.
ثم اختلفوا، فقال أبو يوسف: عليه قيمتها يوم البيع.
قال في الذخيرة: وعليه الفتوى لانه مضمون بالبيع كقوله في المغصوب: إذا هلك عليه قيمته يوم الغصب لانه يوم تحقق السبب.
وقال محمد: عليه قيمتها آخر ما تعامل الناس بها وهو يوم الانقطاع لانه أوان الانتقال إلى(5/400)
القيمة.
وفي المحيط والتتمة والحقائق: به يفتى رفقا بالناس ا ه.
ونحوه في البحر.
وبه تعلم ما في عبارة الشارح.
قوله: (بل يتخير البائع لتعيبها) قال في البحر: وإن كانت تروج في بعض البلاد لا يبطل، لكنصه تعيب إذا لم ترج في بلدهم فيتخير البائع، إن شاء وأخذه وإن شاء قيمته ا ه.
ومفاده: أن التخيير خاص بما إذا كان الكساد في بلد العقد.
قوله، (خلافا لما في نسخ المصنف) حيث قال في
البيوت بدون عطف.
قوله: (لو راجت) أي بعد الكساد.
قوله: (عاد جائزا) الاولى أن يقول: بقي على الصحة بدليل التعليل.
أفاده ط.
قوله: (أي ثبت للبائع ولاية فسخه) هذا تفسير لمحذوف وهو مؤول، وذلك المحذوف خبر المبتدأ وهو قول: ثم إن ما ذكره مأخوذ من البحر استدلالا بعبارة البزازية، والظاهر أن ما فيها مبني على قول البعض.
ففي الفتح: لو اشترى مائة فلس بدرهم فكسدت قبل القبض بطل البيع استحسانا لان كسادها كهلاكها، وهلاك المعقود عليه قبل القبض يبطل العقد.
وقال بعض مشايخنا: إنما يبطل العقد إذا اختار المشتري إبطاله فسخا، لان فسادها كعيب فيها والمعقود عليه إذا حدث به عيب قبل القبض ثبت للمشتري فيه الخيار، والاول أظهر ا ه.
ومثله في غاية البيان.
قوله، (لو انقضت قيمتها) أي قيمة غالبة الغش، ويعلم منه أنه لا يبطل في غالبة الفضة بالاولى.
أفاده ط عن أبي السعود.
قوله: (وعكسه) لا حاجة إليه.
قوله: (ويطالب بنقد ذلك العيار) أي بدفع ذلك المقدار الذي جرى عليه العقد ولا ينظر إلى ما عرض بعده من الغلاء أو الرخص، وهذا عزاه الشارح إلى الفتح ومثله في الكفاية، والظاهر أنه المراد مما نقله في البحر عن الخانية والاسبيجابي من أنه يلزم المثل ولا ينظر إلى القيمة، فمراده بالمثل المقدار.
تأمل.
وفيه عن البزازية والذخيرة والخلاصة عن المنتقى: غلت الفلوس القرض أو رخصت: فعند الامام الاول والثاني أولا ليس عليه غيرها، وقال الثاني ثانيا: عليه قيمتها من الدراهم يوم البيع والقبض، وعليه الفتوى: أي يوم البيع في البيع ويوم القبض في القرض، ومثله في النهر.
فهذا ترجيح لخلاف ما مشى عليه الشارح، ورجحه المصنف أيضا كما قدمناه في فصل القرض، وعليه فلا فرق بين الكساد والرخص والغلاء في لزوم القيمة.
قوله: (وكذا فضولي) يعني غير دلال ولا حاجة إليه، لان الدلال إذا باع بغير إذن كان فضوليا، ولعله زاده لان الدلال في العادة يبيع بالاذن كما هو مقتضى اشتقاقه من الدلالة فإنه يدل البائع على المشتري أو بالعكس ليتوسط بينهما في البيع فزاد قوله أو فضولي ليناسب قول المصنف بغير إذنه(5/401)
ويشير إلى أنه لا فرق بين كونه بالاذن أو لا، ولذا قال في النهر: قيدنا بعدم قبض البائع، لانه لو قبضها ولو فضوليا فكسدت لا يفسد البيع لا شئ.
قوله: (عيني وغيره) اعترض بأن عبارة الفتح
والعيني والخلاصة دلال باع متاع الغير بإذنه.
قلت: لكن الذي رأيته في الفتح عن الخلاصة كعبارة المصنف،، ولفظه: وفي الخلاصة عن المحيط: دلال باع متاع الغير بغير إذنه الخ.
نعم الذي في العيني والبحر عن الخلاصة عن المحيط، وكذا في متن المصنف مصلحا بإذنه وهو المناسب لقوله لا يفسد البيع ولقوله لان حق القبض له وعلى ما في الفتح يكون المراد أن المالك أجاز البيع ليناسب ما ذكر.
تأمل.
قوله: (وإن لم تعين) لانها صارت أثمانا بالاصطلاح فجاز بها البيع ووجبت في الذمة كالنقدين، ولا تتعين وإن عينها كالنقد، إلا إذا قالا: أردنا تعليق الحكم بعينها فحينئذ يتعلق بها، بخلاف ما إذا باع فلسا بفلسين بأعيانهما حيث يتعين بلا تصريح لئلا يفسد البيع.
بحر.
وهو ملخص من كلام الزيلعي.
قوله: (حتى يعينها) لانها مبيعة في هذه الحالة والمبيع لا بدأ أن يعين.
نهر قوله: (كسلع) عبارة البحر: لانها سلع.
وفي المصباح: السلعة البضاعة جمعها سلع كسدرة وسدر.
قوله: (رد مثل أفلس القرض إذا كسدت) أي رد مثلها عددا عند أبي حنيفة.
بحر.
وأما إذا استقرض دراهم غالبة الغش، فكذلك في قياس قوله.
قال أبو يوسف: ولست أروي ذلك عنه، ولكن لروايته في الفلوس.
فتح.
قال محشي مسكين: وانظر حكم ما إذا اقترض من فضة خالصة أو غالبة أو مساوية للغش ثم كسدت هل هو على هذا الاختلاف: أي بين الامام وصاحبيه أو يجب رد المثل بالاتفاق؟ ا ه.
قلت: ويظهر لي الثاني لما قدمناه قريبا، ولما يأتي قريبا عن الهداية ولم يذكر الانقطاع.
والظاهر أن الكلام فيه كما مر في غالب الغش.
تأمل.
وفي حاشية مسكين أن تفييد الاختلاف في رد المثل أو القيمة بالكساد يشير إلى أنها إذا غلت أو رخصت وجب رد المثل بالاتفاق، وقد مر نظيره فيما إذا اشترى بغالب الغش أو بفلوس نافقة ا ه.
قلت: لكن قدمنا قريبا أن الفتوى على قول أبي يوسف.
ثانيا أن عليه قيمتها من الدراهم، فلا فرق بين الكساد والرخص والغلاء عنده.
قوله: (وأوجب محمد قيمتها يوم الكساد) وعند أبي يوسف: يوم القبض.
ووجه قول الامام كما في الهداية أن القرض إعارة وموجبه رد العين معنى والثمنية فضل فيه.
ولهما وجوب القيمة أنه لما بطل وصف الثمنية تعذر ردها كما قبض فيجب رد قيمتها، كما
إذا استقرض مثليا فانقطع ا ه.
وفي الشرنبلالية عن شرح المجمع: محل الخلاف فيما إذا هلكت ثم كسدت، أما لو كانت باقية عنده فإنه يرد عينها اتفاقا ا ه.
ومثله في الكفاية.
قلت: ومفاد التعليل المذكور يخالفه، فتأمل.
قوله: (وعليه الفتوى في بزازية) وكذا في الخانية والفتاوى الصغرى رفقا بالناس.
بحر.
وفي الفتح: وقولهما أنظر للمقرض من قوله: لان في رد المثل إضرارا به، وقول أبي يوسف(5/402)
أنظر له من قول محمد، لان قيمته يوم القرض أكثر منها يوم الانقطاع، وقول محمد: أنظر للمستقرض، وقول أبي يوسف أيسر، لان القيمة يوم القبض معلومة لا يختلف فيها ويوم الانقطاع يعسر ضبطه، فكان قول أبي يوسف أيسر في ذلك ا ه.
ومثله في الكفاية.
قوله: (وفي النهر الخ) أصله لصاحب الفتح.
قوله: (في اختيار قولهما) أي بوجوب القيمة.
قوله: (اشترى بنصف درهم فلوس) الظاهر أنه يجوز في درهم عدم التنوين مضافا إلى فلوس على معنى من كإضافة خاتم حديد، والتنوين مع رفع فلوس على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي هو فلوس، ويدل عليه قوله بعده: أو بدرهين فلوس فإنه لو كان مضافا وجب حذف نون التثنية أو جر فلوس على أنه بدل أو عطف بيان، ويجوز نصبه على التمييز.
قوله: (مثلا) الاولى حذفه للاستغناء عنه بقول المصنف بعد وكذا بثلث درهم أو ربعه وإن كان راجعا إلى قوله درهم فهو مستغنى عنه بقوله وكذا لو اشترى بدرهم فلوس الخ ط.
قلت: ولعله أشار إلى لفظ دينار كذلك.
قوله: (للعلم به الخ) جواب عن قول زفر إنه لا يصح لانه اشترى بالفلوس وهي تقدر بالعدد لا بالدرهم والدانق لانه موزون، فذكره لا يغني عن العد فبقي الثمن مجهولا.
والجواب أنه لما ذكر الدرهم ثم وصفه بأنه فلوس وهو لا يمكن علم أن المراد ما يباع به من الفلوس وهو معلوم فأغنى عن ذكر العدد فلم تلزم جهالة الثمن كما أوضحه في الفتح.
قوله: (جاز عند الثاني الخ) قال في البحر: قيد بما دون الدرهم لانه لو اشترى بدرهم فلوس أو بدرهمين فلوس لا يجوز عند محمد لعدم العرف.
وجوزه أبو يوسف في الكل للعرف وهو الاصح كذا في الكافي والمجتبى ا ه.
فافهم.
قوله: (بالنصب صفة نصف) تبع في ذلك النهر.
وفيه أن فلوسا
اسم جامد غير مؤول فالمناسب أنه تمييز للعدد أو عطف بيان.
قوله: (من الفضة صغيرا) الاولى أن يقول كما في النهاية وغيرها: أي درهما صغيرا يساوي نصفا إلا حبة، وبه تظهر المقابلة لقوله كبيرا.
وعبارة الدرر: أي ما ضرب من الفضة على وزن نصف درهم ا ه.
قلت: والاولى أن يقول: على وزن نصف درهم إلا حبة، لان العادة ما يضرب من أنصاف الدرهم أو أرباعه نقص مجموعها عن الدرهم الكامل.
قوله: (بمثله) أي مبيعا بمثله من الدرهم الكبير.
قوله: (ولو كرر لفظ نصف) بأن قال أعطني بنصفه فلوسا وبنصفه نصفا إلا حبة، فعندهما جاز البيع في الفلوس وبطل فيما بقي من النصف الآخر لانه ربا، وعلى قياس قول الامام بطل في الكل، لان الصفقة متحدة والفساد قوي مقارن للعقد، ولو كرر لفظ الاعضاء بأن قال وأعطني بنصفه نصفا إلا حبة اختص الفساد بالنصف الآخر اتفاقا لانهما بيعان لتعدد الصفقة، وهذا هو المختار، وتمامه في الفتح.(5/403)
والحاصل أنه في صورة المتن صح البيع اتفاقا، وفي صورة الشرح فسد في الكل عنده، وفي الفضة فقط عندهما، وفي الآخر جاز في الفلوس فقط كما في البحر: قال: ولم يذكر المصنف القبض قبل الافتراق للعلم به مما قدمه.
وحاصله: إن تفرقا قبل القبض فسد في النصف إلا حبة لكونه صرفا، لا في الفلوس لانها بيع، فيكفي قبض أحد البدلين، ولو لم يعطه الدراهم ولم يأخذ الفلوس حتى افترقا بطل في الكل للافتراق عن دين بدين ا ه.
قوله: (وبما تقرر) أي في أول البيوع إلى هاهنا قوله: (مبيع بكل حال) أي قوبل بجنسه أو لا، دخلت عليه الهاء أو لا.
مطلب في بيان ما يكون مبيعا وما يكون ثمنا وقد يقال في بيع المقايضة: كل من السلعتين مبيع من وجه وثمن من وجه ط.
قلت: المراد بالثمن هنا ما يثبت دينا في الذمة وهذا ليس كذلك.
قوله: (كالمثليات) أي غير النقدين وهي المكيل والموزون والعددي المتقارب.
قوله: (فإن اتصل بها الباء فثمن) هذا إذا كانت غير
متعينة ولم تقابل بأحد النقدين كبعتك هذا العبد بكر حنطة، أما لو كانت متعينة وقوبلت بنقد فهي مبيعة كما في درر البحار أول البيوع.
وفي الشرنبلالية في فصل التصرف في المبيع معزيا للفتح: لو قوبلت بالاعيان وهي معينة فثمن ا ه أي كبعتك هذا العبد بهذا الكر أو هذا الكر بهذا العبد، لانه لم يقيده بدخول الباء عليها.
وفي الفتح: هنا وإن لم تعين: أي المثليات، فإن صحبها حرف الباء وقابلها مبيع فهي ثمن، أي وإن لم يصحبها حرف الباء ولم يقابلها ثمن فهي مبيعة، وهذا لان الثمن ما يثبت في الذمة دينا عند المقابلة ا ه فالاول كما مثلنا، والثاني كقولك اشتريت منك كر حنطة بهذا العبد فيكون الكر مبيعا ويشترط له شرائط السلم.
قوله: (وإلا فمبيع) أي وإن لم يصحبها الباء فهي مبيع، وهذا إذا لم يقابلها ثمن وهي غير متعينة كما علمته من كلام الفتح وتكون سلما كما قلنا، وكذا لو قابلها ثمن بالاولى كاشتريت منك كر حنطة بمائة درهم، وكذا لو كانت متعينة وقوبلت بثمن كما علمته من عبارة درر البحار.
والحاصل أن المثليات تكون ثمنا إذا دخلتها الباء ولم تقابل بثمن أي بأحد النقدين سواء تعينت أولا وكذا إذا لم تدخلها الباء ولم تقابل بثمن وتعينت، وتكون مبيعا إذا قوبلت بثمن مطلقا: أي سواء دخلتها الباء أو لا تعينت أولا، وكذا إذا لم تقابل بثمن ولم يصحبها الباء ولم تعين كبعتك كر حنطة بهذا العبد كما علم من عبارة الفتح الثانية.
قوله: (وأما الفلوس الرائجة) يستفاد من البحر أنها قسم رابع، حيث قال: وثمن بالاصطلاح، وهو سلعة في الاصل كالفلوس: فإن كانت رائجة فهي ثمن،(5/404)
وإلا فسلعة ا ه ط.
قوله: (ويصح الاستبدال به في غير الصرف والسلم) الاولى أن يقول: ويصح التصرف به قبل قبضه في غير الصرف والسلم، لان الاستبدال يصح في بدل الصرف، لانه لا يتعين بالتعيين، فلو تبايعا دراهم بدينار جاز أن يمسكا ما أشارا إليه في العقد ويؤديا بدله قبل الافتراق بخلاف التصرف به ببيع ونحوه قبل قبضه كما مر في بابه، وأوضحنا ذلك في باب السلم فراجعه.
قال في الشرنبلالية في باب التصرف في المبيع: قوله جاز التصرف في الثمن قبل قبضه، يستثنى منه بدل الصرف والسلم لانه للمقبوض من رأس المال السلم حكم عين المبيع والاستبدال بالمبيع قبل قبضه
لا يجوز، وكذا في الصرف.
ويصح التصرف في القرض قبل قبضه على الصحيح: والمراد بالتصرف نحو البيع والهبة والاجارة والوصية وسائر الديون كالثمن ا ه.
قوله: (وهكذا) أي وتقول هكذا في عكس باقي الاحكام المذكورة في الثمن بأن تقول: ويبطل البيع بهلاكه ولا يصح الاستبدال به.
قوله: (ومن حكمهما) أي حكم الثمن والمبيع.
قوله: (كما تقرر) أي في باب الربا.
قوله: (تذنيب) شبه هذه المسائل التي ذكرها في آخر كتاب البيوع بذنب الحيوان المتصل بعجزه، وجعل ذكرها في آخره بمنزلة تعليق الذنب في عجز الحيوان، وفيه استعارة لا تخفى.
مطلب في بيع العينة قوله: (في بيع العينة) اختلف المشايخ في تفسير العينة التي ورد النهي عنها.
قال بعضهم تفسيرها أن يأتي الرجل المحتاج إلى آخر ويستقرضه عشرة دراهم ولا يرغب المقرض في الاقراض طمعا في فضل لا يناله بالقرض فيقول لا أقرضك ولكن أبيعك هذا الثوب إن شئت باثني عشر درهما وقيمته في السوق عشرة ليبيعه في السوق بعشرة فيرضى به المستقرض فيبيعه كذلك، فيحصل لرب الثوب درهمان وللمشتري قرض عشرة.
وقال بعضهم: هي أن يدخلا بينهما ثالثا فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهما ويسلمه إليه ثم يبيعه المستقرض من الثالث بعشرة ويسلمه إليه ثم يبيعه الثالث من صاحبه وهو المقرض بعشرة ويسلمه إليه ويأخذ منه العشرة ويدفعها للمستقرض فيحصل للمستقرض عشرة ولصاحب الثوب عليه اثنا عشر درهما، كذا في المحيط.
وعن أبي يوسف: العينة جائزة مأجور من عمل بها، كذا في مختار الفتاوى.
هندية.
وقال محمد: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم اخترعه أكلة الربا.
وقال عليه الصلاة والسلام: إذا تبايعتم بالعين واتبعتم أذناب البقر ذللتم وظهر عليكم عدوكم.
قال في الفتح: ولا كراهة فيه إلا خلاف الاولى، لما فيه من الاعراض عن مبرة القرض ا ه ط.
ملخصا.
قوله: (ويأتي متنا في الكفالة) وإنما نبه على ذكره هنا لانه من أقسام البيوعات، ونبه على أن بيانه سيأتي في الكفالة.
مطلب في بيع التلجئة
قوله: (وبيع التلجئة) هي ما ألجئ إليه الانسان بغير اختياره، وذلك أن يخاف الرجل السلطان(5/405)
فيقول لآخر أني أظهر أني بعت داري مك، وليس ببيع في الحقيقة وإنما هو تلجئة ويشهد على ذلك.
مغرب.
قوله: (بل كالهزل) أي في حق الاحكام والهزل كما في المنار: هو أن يراد بالشئ ما لم يوضع له ولا ما يصلح اللفظ له استعارة، وهو ضد الجد: وهو أن يراد ما وضع له أو ما صلح له، وأنه ينافي اختيار الحكم والرضا به، ولا ينافي الرضا بالمباشرة واختيار المباشرة فصار بمعنى خيار الشرط في البيع، وشرطه أن يكون صريحا مشروطا باللسان: أي بأن يقول إن أبيع هازلا إلا أنه لا يشترط ذكره في العقد، بخلاف خيار الشرط ا ه.
فالهزل أعم من التلجئة لانه يجوز أن لا يكون مضطرا إليه وأن يكون سابقا ومقارنا، والتلجئة إنما تكون عن اضطرار ولا تكون مقارنة، كذا قيل، والاظهر أنهما سواء في الاصطلاح كما قال فخر الاسلام: التلجئة هي الهزل، كذا في جامع الاسرار على المنار للكاكي.
ثم اعلم أن التلجئة تكون في الانشاء وفي الاخبار كالاقرار، وفي الاعتقاد كالردة.
والاول قسمان: ما يحتمل الفسخ، وما لا كالطلاق والعتاق، وقد بسط ذلك كله في المنار، والغرض الآن بيان الانشاء المحتمل للفسخ كالبيع وهو ثلاثة أقسام، لانه إما أن يكون الهزل في أصل العقد، أو في قدر الثمن، أو جنسه.
قال في المنار: فإن تواضعا على الهزل بأصل البيع واتفقا على البناء: أي بناء العقد على المواضعة يفسد البيع لعدم الرضا بالحكم كالبيع بشرط الخيار المؤبد: أي فلا يملك بالقبض وإن اتفقا على الاعراض: أي بأن قالا بعد البيع قد أعرضنا وقت البيع عن الهزل إلى الجد فالبيع صحيح والهزل باطل.
وإن اتفقا على أنه لم يحضرهما شئ عند البيع من البناء والاعراض أو اختلفا في البناء على المواضعة والاعراض عنها فالعقد صحيح عنده في الحالين خلافا لهما، فجعل صحة الايجاب أولى لانهما الاصل، وهما اعتبرا المواضعة إلا أن يوجد ما يناقضها: أي كما إذا اتفقا على البناء وإن كان ذلك: أي المواضعة في القدر: أي بأن اتفقا على الجد في العقد بألف لكنهما تواضعا على البيع بألفين على أن أحدهما هزل، فإن اتفقا على الاعراض عن المواضعة كان الثمن ألفين لبطلان الهزل بإعراضهما،
وإن اتفقا على أنه لم يحضرهما شئ من البناء والمواضعة أو اختلفا فالهزل باطل والتسمية للالفين صحيحة عنده، وعندهما العمل بالمواضعة واجب، والالف الذي هزلا به باطل، لما مر أن الاصل عنده الجد، وعندهما المواضعة، وإن اتفقا على البناء على المواضعة فالثمن ألفان عنده، وإن كان ذلك الهزل في الجنس: أي جنس الثمن بأن تواضعا على مائة دينار وإنما الثمن مائة درهم أو بالعكس فالبيع جائز بالمسمى في العقد على كل حال بالاتفاق: أي سواء اتفقا على البناء أو على الاعراض، أو على عدم حضور شئ منهما، أو اختلفا فيهما ا ه موضحا من شرح الشارح عليه.
ومن حواشينا على شرحه المسماة بنسمات الاسحار على إفاضة الانوار، وتمام بيان ذلك مبسوط فيها.
قوله: (أن الاقسام ثمانية وسبعون) قال في التلويح: لان المتعاقدين إما أن يتفقا أو يختلفا، فإن اتفقا: فالاتفاق إما على إعراضهما، وإما على بنائهما، وإما علئ ذهولهما، وإما على بناء أحدهما وإعراض الآخر أو ذهوله، وإما على إعراض أحدهما وذهول الآخر، فصور الاتفاق ستة، وإن اختلفا فدعوى أحد المتعاقدين تكون، إما إعراضهما، وإما بناءهما، وإما ذهولهما، وإما بناؤه مع إعراض الآخر أو ذهوله، وإما إعراضه مع بناء الآخر أو ذهوله، وإما ذهوله مع بناء الآخر أو إعراضه تصير تسعة، وعلى كل تقدير(5/406)
من التقادير التسعة يكون اختلاف الخصم بأن يدعي إحدى الصور الثمانية الباقية فتصير أقسام الاختلاف اثنين وسبعين من ضرب التسعة في الثمانية ا ه.
وهي مع الست صور الاتفاق ثمانية وسبعون.
قلت: وقد أوصلتها في حاشيتي على شرح المنار للشارح إلى سبعمائة وثمانين، ولم أر من أوصلها إلى ذلك فراجعها هناك وامنحني بدعاك.
قوله: (ملخصه أنه بيع منعقد غير لازم) لم يصرح في الخانية بذلك، وإنما ذكر أن التلجئة على ثلاثة أوجه كما قدمناه.
ثم قال في الاول: وهو ما إذا كانت في نفس العقد لو تصادقا على المواضعة فالبيع باطل، وعنه في رواية أنه جائز، ولو تصادقا أن البيع كان تلجئة ثم أجازاه صحت الاجازة، كما لو تبايعا هزلا ثم جعلاه جدا يصير جدا وإن إجاز أحدهما لا يصح.
وفي بيع التلجئة إذا قبض المشتري العبد المشتري وأعتقه لا يجوز إعتاقه، وليس هذا
كبيع المكره لان بيع التلجئة هزل، وذكر في الاصل أن بيع الهازل باطل، أما بيع المكره ففاسد ا ه ملخصا.
ولعل الشارح فهم أنه منقعد غير لازم من قوله ثم أجازاه صحت الاجازة، لكن ينافيه التصريح بأنه باطل، فإن أريد بالباطل الفاسد نافاه التصريح بأنه إذا قبض العبد لا يصح إعتاقه: أي لانه لا يملك بالقبض كما مر مع أن الفاسد يملك به.
وقد يقال: إن صحة الاجازة مبنية على أنها تكون بيعا جديدا فلا تنافي كونه باطلا، وحينئذ فلا يصح قوله إنه بيع منعقد غير لازم، إلا أن يجاب بأن قوله باطل: بمعنى أنه قابل للبطلان عند عدم الاجازة، والاحسن ما أجبنا به في أول البيوع من أنه فاسد كما صرح به الاصوليون، لان الباطل ما ليس منعقدا أصلا وهذا منعقد بأصله، لانه مبادلة مال بمال دون وصفه لعدم الرضا بحكمه كالبيع بشرط الخيار أبدا، ولذا لم يملك بالقبض، وليس كل فاسد يملك بالقبض كما لو اشترى الاب شيئا من ماله لطفله أو باعه له كذلك فاسدا لا يملكه بالقبض حتى يستعمله كما في المحيط، وقدمنا هناك تمام الكلام على ذلك، والله تعالى هو الموفق للصواب.
قوله: (ولو ادعى أحدهما الخ) هذا أيضا مذكور في الخانية سوى قوله: ولو لم تحضرهما نية الخ.
قوله: (فالقول لمدعي الجد) لانه الاصل.
قوله، (ولو برهن أحدهما قبل) الاظهر قول الخانية: ولو برهن مدعي التلجئة قبل، لان مدعي الجد لا يحتاج إلى برهان كما علمت، لان البرهان يثبت خلاف الظاهر.
قوله: (فالتلجئة) أي لانها خلاف الظاهر.
قوله: (فالبيع باطل) أي فاسد كما علمت، فإن نقضه أحدهما انتقض لا إن أجازه أي بل يتوقف على إجازتهما جميعا لانه كخيار الشرط لهما، وإن أجازه جاز بقيد كونها في ثلاثة أيام عنده ومطلقا عندهما، كذا في التحرير.
قوله: (وإلا) بأن اتفقا بعد البيع على أنهما أعرضا وقته عن المواضعة.
قوله: (ولو لم تحضرهما نية فباطل الخ) مثله في المؤيدية عن الغنية حيث قال: وإن تصادقا على أنهما لم تحضرهما نية عند العقد ففي ظاهر الجواب البيع باطل.
وروى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أن البيع صحيح ا ه.
والاول قولهما كما مر عن المنار، ورجحه أيضا المحقق ابن الهمام في التحرير، وأقره تلميذه ابن أمير حاج في شرحه، وجعل المحقق مثله ما إذا اختلفا في الاعراض والبناء: أي بأن(5/407)
قال أحدهما بنينا العقد على المواضعة وقال الآخر على الجد فلا يصح أيضا عندهما.
ثم قال: ولو قال أحدهما أعرضت والآخر لم يحضرني شئ أو بنى أحدهما وقال الآخر لم يحضرني شئ فعل أصله عدم الحضور كالاعراض: أي فيصح، وعلى أصلهما كالبناء: أي فلا يصح.
قوله: (ومفاده الخ) أي مفاد قوله: وإلا فلازم لكن إنما يتم هذا المفاد إذا قصدا إخلاء العقد عن شرط الوفاء.
أما لو لم تحضرهما نية فقد علمت أنه باطل، وهذا المفاد صرح به في جامع الفصولين حيث قال: لو شرطا التلجئة في البيع فسد البيع، ولو تواضعا قبل البيع ثم تبايعا بلا ذكر شرط فيه جاز البيع عند أبي حنيفة إلا إذا تصادقا أنهما تبايعا على تلك المواضعة.
وكذا لو تواضعا الوفاء قبل البيع ثم عقدا بلا شرط الوفاء فالعقد جائز، ولا عبرة للمواضعة السابقة ا ه.
وفي البزازية: وإن شرطا الوفاء ثم عقاد مطلقا إن لم يقرا بالبناء على الاول فالعقد جائز، ولا عبرة بالسابق كما في التلجئة عند الامام، وقوله فالعقد جائز: أي بناء على قول أبي حنيفة المذكور، ولا يخفى أن الشارح مشى على خلافه، وعليه فالمناسب أن يقول: فالعقد غير جائز.
قوله: (ذكرته هنا تبعا للدرر) وذكره في البحر في باب خيار الشرط، وذكر فيه ثمانية أقوال، وعقد له في جامع الفصولين فصلا مستقلا هو الفصل الثامن عشر، وذكره في البزازية في الباب الرابع، في البيع الفاسد، وذكر فيه تسعة أقوال، وكتب عليه أكثر من نصف كراسة.
مطلب في بيع الوفاء ووجه تسميته بيع الوفاء أن فيه عهدا بالوفاء من المشتري بأن يرد المبيع على البائع حين رد الثمن، وبعض الفقهاء يسميه البيع الجائز، ولعله مبني على أنه بيع صحيح لحاجة التخلص من الربا حتى يسوغ للمشتري أكل ريعه، وبعضهم يسميه بيع المعاملة.
ووجهه أن المعاملة ربح الدين وهذا يشتريه الدائن لينتفع به بمقابلة دينه.
قوله: (وصورته الخ) كذا في العناية.
وفي الكفاية عن المحيط: هو أن يقول البائع للمشتري بعت منك هذا العين بما لك علي من الدين على أني متى قضيته فهو لي ا ه.
وفي حاشية الفصولين عن جواهر الفتاوى: هو أن يقول بعت منك على أن تبيعه مني متى جئت بالثمن فهذا البيع باطل وهو رهن، وحكمه حكم الرهن وهو الصحيح ا ه.
فعلم أنه لا فرق بين قوله على أن ترده علي أو على أن تبيعه مني.
قوله: (بيع الامانة) وجهه أنه
أمانة عند المشتري بناء على أنه رهن: أي كالامانة.
قوله: (بيع الاطاعة) كذا في عامة النسخ، وفي بعضها بيع الطاعة، وهو المشهور الآن في بلادنا.
وفي المصباح: أطاعه إطاعة: أي انقاد له وأطاعه طوعا من باب قال لغة، وانطاع له: انقاد.
قالوا: ولا تكون الطاعة إلا عن أمر كما أن الجواب لا يكون إلا عن قول، يقال أمره فأطاع ا ه.
ووجهه حينئذ أن الدائن يأمر المدين ببيع داره مثلا بالدين فيطيعه فصار معناه بيع الانقياد قوله: (قيل هو رهن) قدمنا آنفا عن جواهر الفتاوى أنه الصحيح.
قال في الخيرية: والذي عليه الاكثر أنه رهن لا يفترق عن الرهن في حكم من الاحكام.
قال السيد الامام: قلت للامام الحسن الماتريدي: قد فشا هذا البيع بين الناس.
وفيه مفسدة عظيمة، وفتواك أنه رهن وأنا أيضا على ذلك، فالصواب أن نجمع الائمة ونتفق على هذا ونظهره بين الناس،(5/408)
فقال المعتبر اليوم فتوانا وقد ظهر ذلك بين الناس، فمن خالفنا فليبرز نفسه وليقم دليله ا ه.
قلت: وبه صدر في جامع الفصولين فقال رامزا لفتاوي النسفي: البيع الذي تعارفه أهل زماننا احتيالا للربا وسموه بيع الوفاء هو رهن في الحقيقة لا يملكه ولا ينتفع به إلا بإذن مالكه، وهو ضامن لما أكل من ثمره وأتلف من شجرة ويسقط الدين بهلاكه لو بقي ولا يضمن الزيادة وللبائع استرداده إذا قضى دينه لا فرق عندنا بينه وبين الرهن في حكم من الاحكام ا ه.
ثم نقل ما مر عن السيد الامام.
وفي جامع الفصولين: ولو بيع كرم بجنب هذا الكرم فالشفعة للبائع لا للمشتري، لان بيع المعاملة وبيع التلجئة حكمهما حكم الرهن، وللراهن حق الشفعة وإن كان في يد المرتهن ا ه.
قوله: (وقيل بيع يفيد الانتفاع به) هذا محتمل لاحد قولين، الاول أنه بيع صحيح مفيد لبعض أحكامه من حل الانتفاع به إلا أنه لا يملك بيعه.
قال الزيلعي في الاكراه: وعليه الفتوى.
الثاني القول الجامع لبعض المحققين أنه فاسد في حق بعض الاحكام حتى ملك كل منهما الفسخ صحيح في حق بعض الاحكام: كحل الانزال ومنافع المبيع ورهن في حق البعض حتى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه وسقط الدين بهلاكه، فهو مركب من العقود الثلاثة كالزرافة فيها صفة البعير والبقر والنمر جوز لحاجة الناس إليه بشرط سلامه البدلين لصاحبهما.
قال في البحر: وينبغي أن لا يعدل في الافتاء عن
القول الجامع.
وفي النهر: والعمل في ديارنا على ما رجحه الزيلعي.
قوله: (لم يكن رهنا) لان كلا منهما عقد مستقل شرعا لكل منهما أحكام مستقلة ا ه درر ط.
قوله: (ثم إن ذكرا الفسخ فيه) أي شرطاه فيه، وبه عبر في الدرر ط.
وكذا في البزازية.
قوله: (أو قبله) الذي في الدرر بدل هذا: أو تلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء ا ه ط.
ومثله في البزازية.
قوله: (جاز) مقتضاه أنه بيع صحيح بقرينة مقابلته لقوله كان بيعا فاسدا، والظاهر أنه مبني على قولهما بأن ذكر الشرط الفاسد بعد العقد لا يفسد العقد فلا ينافي ما بعده عن الظهيرية.
قوله: (ولزم الوفاء به) ظاهره أنه لا يلزم الورثة بعد موته، كما أفتى به ابن الشلبي معللا بانقطاع حكم الشرط بموته لانه بيع فيه إقالة وشرطها بقاء المتعاقدين، ولانه بمنزلة خيار الشرط وهو لا يورث ا ه.
قلت: وهذا ظاهر على هذا القول بأنه بيع صحيح لا يفسده الشرط اللاحق فلا ينافي ما يأتي عن الشرنبلالية.
هذا، وفي الخيرية فيما لو أطلق البيع ولم يذكر الوفاء إلا أنه عهد إلى البائع أنه إن أوفى مثل الثمن يفسخ البيع معه.
أجاب: هذه المسألة اختلف فيها مشايخنا على أقوال.
ونص في الحاوي الزاهدي أن الفتوى في ذلك أن البيع إذا أطلق ولم يذكر فيه الوفاء إلا أن المشتري عهد إلى البائع أنه إن أوفى مثل ثمنه فإنه يفسخ معه البيع يكون باتا حيث كان الثمن ثمن المثل أو بغبن يسير ا ه.
وبه أفتى في الحامدية أيضا.
فلو كان بغبن فاحش مع علم البائع به فهو رهن، وكذا لو وضع المشتري على أصل المال ربحا.
أما لو كان بمثل الثمن أو بغبن يسير بلا وضع ربح فبات، لانا إنما نجعله رهنا بظاهر حاله أنه لا يقصد البات عالما بالغبن أو مع وضع الربح.
أفاده في البزازية وذكر أنه مختار أئمة خوارزم، وذكر في موضع آخر أنه لو آجره من البائع، قال صاحب الهداية: الاقدام على الاجارة بعد(5/409)
البيع دل على أنهما قصدا بالبيع الرهن لا البيع فلا يحل للمشتري الانتفاع به ا ه.
واعترضه في نور العين بأن دلالة ذلك على قصد حقيقة البيع أظهر.
قلت: وفيه نظر، فإن العادة الفاشية قاضية بقصد الوفاء كما في وضع الربح على الثمن، ولا
سيما إذا كانت الاجارة من البائع مع الربح أو نقص الثمن.
قوله: (لان المواعيد قد تكون لازمة) قال في البزازية في أول كتاب الكفالة: إذ كفل معلقا بأن قال إن لم يؤد فلان فأنا أدفعه إليك، ونحوه يكون كفالة لما علم أن المواعيد باكتساء صور التعليق تكون لازمة، فإن قوله أنا أحج لا يلزم به شئ ولو علق وقال: إن دخلت الدار فأنا أحج يلزم الحج.
قوله: (بزيادة وفي الظهيرية الخ) يعني أن ابن ملك أقره أيضا، وزاد عليه قوله وفي الظهيرية الخ: أي مقترنا بهذه الزيادة، فلفظ زيادة مصدر وما بعده جملة أريد بها لفظها في محل نصب مفعول المصدر.
قوله: (يلتحق بالعقد عند أبي حنيفة) أي فيصير بيع الوفاء كأنه شرط في العقد فيأتي فيه الخلاف أنه رهن أو بيع فاسد أو بيع صحيح في بعض الاحكام، وقدمنا في البيع الفاسد ترجيح قولهما بعدم التحاق الشرط المتأخر عن العقد به.
قوله: (ولم يذكر أنه في مجلس العقد أو بعده) أي فيفهم أنه لا يشترط له المجلس.
وفي جامع الفصولين: اختلف فيه المشايخ، والصحيح أنه لا يشترط ا ه.
ومثله في البزازية.
قوله: (ولو باعه) أي البائع، وقوله: توقف الخ أي على القول بأنه رهن، وهل يتوقف على بقية الاقوال المارة محل تردد.
قوله: (فللبائع أو ورثته حق الاسترداد) أي على القول بأنه رهن، وكذا على القولين القائلين بأنه بيع يفيد الانتفاع به فإنه لا يملك بيعه كما قدمناه.
قوله: (وأفاده في الشرنبلالية الخ) ذكره بحثا، وقوله: نظرا لجانب الرهن يفيد أنه لا يخالف ما قدمناه عن ابن الشلبي، فافهم.
وهذا البحث مصرح به في البزازية حيث قال في القول الاول: إنه رهن حقيقة.
باع كرمه وفاء من آخر وباعه المشتري بعد قبضه من آخر باتا وسلمه وغاب فللبائع الاول استرداده من الثاني، لان حق الحبس وإن كان للمرتهن لكن يد الثاني مبطلة فللمالك أخذ ملكه من المبطل، فإذا حضر المرتهن أعاد يده فيه حتى يأخذ دينه، وكذا إذا مات البائع والمشتري الاول والثاني فلورثة البائع الاول الاخذ من ورثة المشتري الثاني، ولورثة المرتهن إعادة يدهم إلى قبض دينه ا ه.
قوله: (لا يلزم الاجر الخ) أفتى به في الحامدية تبعا للخيرية، فإنه قال في الخيرية ولا تصح الاجارة المذكورة ولا تجب فيها الاجرة على المفتى به سواء كانت بعد قبض المشتري الدار أم قبله.
مطلب باع داره وفاء ثم استأجر
قال في النهاية: سئل القاضي الامام الحسن الماتريدي عمن باع داره من آخر بثمن معلوم بيع الوفاء وتقابضا ثم استأجرها من المشتري مع شرائط صحة الاجارة وقبضها ومضت المدة هل يلزمه(5/410)
الاجر؟ فقال لا، لانه عندنا رهن والراهن إذا استأجر الرهن من المرتهن لا يجب الاجر ا ه.
وفي البزازية: فإن آجر المبيع وفاء من البائع، فمن جعله فاسدا قال: لا تصح الاجارة ولا يجب شئ، ومن جعله رهنا كذلك، ومن أجازه جوز الاجارة من البائع وغيره وأوجب الاجرة، وإن آجره من البائع قبل القبض.
أجاب صاحب الهداية أنه لا يصح، واستدل بما لو آجر عبدا اشتراه قبل قبضه أنه لا تجب الاجرة وهذا في البات فما ظنك بالجائز ا ه.
فعلم به أن الاجارة قبل التقابض لا تصح على قول من الاقوال الثلاثة ا ه ما في الخيرية.
وفيها أيضا: وأما إذا آجره المشتري وفاء بإذن البائع فهو كإذن الراهن للمرتهن بذلك.
وحكمه أن الاجرة للراهن وإن كان بغير إذنه يتصدق بها أو يردها على الراهن المذكور وهو أولى صرح به علماؤنا ا ه.
قلت: وإذا آجره بإذنه يبطل الرهن كما ذكره في حاشيته على الفصولين.
قوله: (ولو للبناء وحده) أي ولو كان البيع وفاء للبناء وحده كالقائم في الارض المحتكرة.
قوله: (فهي صحيحة) أي بناء على القول بجواز البيع كما علمت فإنه يملك الانتفاع به، وقد علمت ترجيح القول بأنه رهن وأنه لا تصح إجارته ما البائع.
قوله: (لازمة للبائع) اللام بمعنى على: أي على البائع، أو للتقوية لكون العامل اسم فاعل فهي زائدة.
قوله: (وعليه) أي على القول بصحة الاجارة.
قوله: (بلزوم أجر المثل) هذا مشكل، فإن من آجر ملكه مدة ثم انقضت وبقي المستأجر ساكنا لا يلزمه أجرة إلا إذا طالبه الملاك بالاجرة، فإذا سكن بعد المطالبة يكون قبولا للاستئجار كما ذكروه في محله، وهذا في الملك الحقيقي فما ظنك في المبيع وفاء مع كون المستأجر هو البائع.
نعم قالوا بلزوم الاجرة في الوقف ومال اليتيم والمعد للاستغلال، ولعل ما ذكره مبني على أنه صار معدا للاستغلال بذلك الايجار كما يشير إليه قوله: ويسمونه بيع الاستغلال وفيه نظر فليتأمل.
وعلى كل فهذا مبني على خلاف الراجح كما علمت.
قوله: (واختلف في المنقول) قال في البزازية بعد كلام: ولهذا لم يصح بيع الوفاء في المنقول، وصح في
العقار باستحسان بعض المتأخرين.
ثم قال في موضع آخر: وفي النوازل جوز الوفاء في المنقول أيضا ا ه.
والظاهر أن الخلاف فيه على القول بجواز البيع كما يفيده قوله، وصح في العقار الخ أما على القول بأنه رهن فينبغي عدم الخلاف في صحته.
قوله: (القول لمدعي الجد والبتات) لانه الاصل في العقود.
قوله: (إلا بقرينة) هي ما يأتي من نقصان الثمن كثيرا.
قوله: (أن القول لمدعي الوفاء) في جامع الفصولين برمز شيخ الاسلام برهان الدين: ادعى البائع وفاء والمشتري باتا أو عكسا فالقول لمدعي البات، وكنت أفتي في الابتداء أن القول لمدعي الوفاء، وله وجه حسن إلا أن أئمة بخارى هكذا أجابوا فوافقتهم ا ه.
وفي حاشيته للرملي بعد كلام نقله عن الخانية وغيرها قال: فظهر به وبقوله كنت أفتي الخ أن المعتمد في المذهب أن القول لمدعي البات منهما وأن البينة بينة مدعي الوفاء منهما.(5/411)
مطلب قاضيخان من أهل التصحيح والترجيح وقد ذكر المسألة في جواهر الفتاوى وذكر فيها اختلافا كثيرا واختلاف تصحيح، ولكن عليك بما في الخانية، فإن قاضيخان من أهل التصحيح والترجيح ا ه.
وبهذا أفتى في الخيرية أيضا.
قلت: لكن قوله هنا استحسانا يقتضي ترجيح مدعي الوفاء فينبغي تقييده بقام القرينة، ثم راجعت عبارة الملتقط فرأيته ذكر الاستحسان في مسألة الاختلاف في البينة، فإنه قال في الشهادات: وإن ادعى أحدهما بيعا باتا والآخر بيع الوفاء وأقاما البينة كانوا يفتون أن البات أولى، ثم أفتوا أن بيع الوفاء أولى وهذا استحسان ا ه.
ولا يخفى أن كلام الشارح في الاختلاف في القول مع أنه في الملتقط قال في البيوع: ولو قال المشتري اشتريته باتا وقال البائع بعته بيع الوفاء فالقول قول من يدعي البتات، وكان يفتي فيما مضى أن القول قول الآخر وهو القياس ا ه.
فتحصل من عبارتي الملتقط أن الاستحسان في الاختلاف في البينة ترجيح بينة الوفاء، وفي الاختلاف في القول ترجيح قول مدعي البتات، وهذا الذي حرره الرملي فيما مر، فتدبر.
وبه ظهر أن ما ذكره الشارح سبق قلم، فافهم.
قوله: (ولو قال البائع الخ) هذه العبارة بعينها ذكرها في الملقط عقب عبارته التي ذكرناها عنه في البيوع، وهي تفيد تقييد الاستحسان، وهو كون القول لمدعي البتات بما إذا لم تقم القرينة على خلافه،
وهذا مؤيد لما بحثناه آنفا ولكن في التعبير مساهلة فإنه كان بنبغي أن يقول: ولو قال المشتري اشتريت باتا الخ، لانه هو الذي يدعي البتات عند نقصان الثمن كثيرا بخلاف البائع.
قوله: (إلا أن يدل على الوفاء بنقصان الثمن كثيرا) وهو ما لا يتغابن فيه الناس.
جامع الفصولين.
قلت: وينبغي أن يزاد هنا ما مر في الوعد بالوفاء بعد البيع من أنه لو وضع على المال ربحا يكون ظاهرا في أنه رهن، وما قاله صاحب الهداية من أن الاقدام على الاجارة بعد البيع دل على أنهما قصدا بالبيع الرهن لا البيع.
قوله: (إلا أن يدعي) أي مع البرهان.
قوله: (وفي الاشباه الخ) المقصود من هذه العبارة بيان حكم العرف العام والخاص، وأن العام معتبر ما لم يخالف نصا، وبه يعلم حكم بيع الوفاء وبيع الخلو لابتنائهما على العرف.
قوله: (بالنصف) أي نصف ما ينسجه أجرة على النسخ.
قوله: (ثم نقل) أي صاحب الاشباه.
قوله: (والفتوى على جواب الكتاب) أي المبسوط للامام محمد وهو المسمى بالاصل لانه مذكور في صدر عبارة الاشباه.
أفاده ط.
قوله: (للطحان) أي لمسألة قفيز الطحان، وهي كما في البزازية أن يستأجر رجلا ليحمل له طعاما أو يطحنه بقفيز منه فالاجارة فاسدة، ويجب أجر المثل لا يتجاوز به المسمى.
قوله: (لانه منصوص) أي عدم الجواز منصوص عليه بالنهي عن قفيز الطحان ودفع الغزل إلى حائك في معناه.
قال البيري: والحاصل أن المشايخ أرباب الاختيار اختلفوا في الافتاء في ذلك.
قال في العتابية: قال أبو الليث: النسخ بالثلث والربع لا يجوز عند علمائنا، لكن مشايخ بلخ استحسنوه وأجازوه(5/412)
لتعامل الناس.
قال: وبه نأخذ.
قال السيد الامام الشهيد: لا نأخذ باستحسان مشايخ بلخ، وإنما نأخذ بقول أصحابنا المتقدمين، لان التعامل في بلد لا يدل على الجواز ما لم يكن على الاستمرار من الصدر الاول فيكون ذلك دليلا على تقرير النبي (ص) إياهم على ذلك فيكون شرعا منه، فإذا لم يكن كذلك لا يكون فعلهم حجة إلا إذا كان كذلك من الناس كافة في البلدان كلها فيكون إجماعا، والاجماع حجة، ألا ترى أنهم لو تعاملوا على بيع الخمر والربا لا يفتى بالحل ا ه.
قوله: (وفيها) أي في البزازية وهو من كلام الاشياء قوله: (فرارا من الربا) لان صاحب المال لا يقرض إلا بنفع
والمستقرض محتاج، فأجازوا ذلك لينتفع المقرض بالمبيع وتعارفه الناس، لكنه مخالف للنهي عن بيع وشرط، وفلذا رجحوا كونه رهنا.
قوله: (فأقول على اعتباره الخ) قدمنا الكلام على مسألة الخلو أول البيوع فراجعه.
قوله: (وكذا أقول الخ) قدمنا أيضا هناك الكلام على هذه المسألة، وذكرنا أيضا عن الحموي أن ما نقله عن واقعات الضريري ليس فيه لفظ الخلو، وبسطنا الكلام هناك فراجعه فإنه تكفل بالمقصود، والحمد لله ذي الفضل والجود.(5/413)
كتاب الكفالة قوله: (لكونها فيه غالبا) الاولى حذف اللام ط.
والاولى أيضا كونها عقبه غالبا، قال في الفتح: أوردها عقب البيوع لانها غالبا يكون تحققها في الوجود عقب البيع، فإنه قد لا يطمئن البائع إلى المشتري فيحتاج إلى من يكفله بالثمن، أو لا يطمئن المشتري إلى البائع فيحتاج إلى من يكفله في المبيع وذلك في السلم، فلما كان تحققها في الوجود غالبا بعدها أوردها في التعليم بعدها.
قوله: (ولكونها الخ) عبارة الفتح: ولها مناسبة خاصة بالصرف، وهي أنها تصير بالآخرة معاوضة عما ثبت في الذمة من الاثمان وذلك عند الرجوع على المكفول عنه، ثم لزم تقديم الصرف لكونه من أبواب البيع السابق على الكفالة.
قوله: (هي لغة الضم) قال تعالى * (وكفلها زكريا) * (آل عمران: 73) أي ضمها إلى نفسه.
وقال عليه الصلاة والسلام أنا وكافل اليتيم كهاتين أي ضام التيم إلى نفسه.
وفي المغرب: وتركيبه يدل على الضم والتضمين.
قوله: (كلفته وكفلت به وعنه) أي يتعدى بنفسه وبالباء وبعن.
وفي القهستاني: يتعدى إلى المفعول الثاني في الاصل بالباء، فالمكفول به الدين ثم يتعدى بعن للمديون وباللام للدائن.
قوله: (وتثليث الفاء) متقضاه أن ابن القطاع حكاه وليس كذلك.
وعبارة البحر: قال في المصباح: كفلت بالمال وبالنفس كفلا من باب قتل وكفولا أيضا والاسم الكفالة.
وحكى أبو زيد سماعا من العرب من بابي تعب وقرب.
وحكى ابن القطاع كفلته وكفلت به وعنه: إذا تحملت به ا ه ح.
قوله: (ضم ذمة الكفيل) الذمة وصف شرعي به الاهلية لوجوب ماله وعليه، وفسرها فخر
الاسلام بالنفس والرقبة التي لها عهد، والمراد بها العهد، فقولهم في ذمته: أي في نفسه باعتبار عهدها من باب إطلاق الحال وإرادة المحل، كذا في التحرير.
نهر.
قوله: (بنفس) متعلق بمطالبة ح.
قوله: (أو بدين أو عين) زاد بعضهم رابعا وهو الكفالة بتسليم المال، ويمكن دخوله في الدين.
قلت: وكذا بتسليم عين غير مضمونة كالامانة، وسيأتي تحقيق ذلك كله.
قوله: (كمغصوب ونحوه) أي من كل ما يجب تسليمه بعينه، وإذا هلك ضمن مثله أو قيمته، كالمبيع فاسدا والمقبوض على سوم الشراء والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم عمدا احترازا عن المضمون بغيره كالمرهون وغير المضمون أصلا كالامانة فلا تصح الكفالة بأعيانها.
قوله: (كما سيجئ) أي في كفالة المال ح.
قوله: (لان المطالبة تعم ذلك) أي المذكور من الاقسام الثلاثة، وهو تعليل لتفسير الاطلاق بها وتمهيد لقوله: وبه يستغني الخ.
قوله: (ومن عرفها بالضم في الدين الخ) اعلم أنه اختلف في تعريف الكفالة: فقيل إنها الضم في المطالبة كما مشى عليه المصنف وغيره من أصحاب المتون، وقيل الضم في الدين فيثبت بها دين آخر في ذمة الكفيل، ويكتفى باستيفاء أحدهما، ولم يرجع في المبسوط أحد القولين، لكن في الهداية وغيرها الاول أصح.
ووجهه كما في العناية أنها كما تصح بالمال تصح بالنفس ولا دين، وكما تصح بالدين تصح بالاعيان المضمونة، ويلزم أن يصير الدين الواحد دينين ا ه.
وفيه نظر، إذ من عرفها بالضم في الدين إنما أراد تعريف نوع منها وهو الكفالة بالمال.
وأما الكفالة(5/414)
بالنفس وبالاعيان فهي في المطالبة اتفاقا، وهما ماهيتان لا يمكن جمعهما في تعريف واحد، وأفرد تعريف الكفالة بالمال لانه محل الخلاف.
نهر.
وحاصله أن كون تعريفها بالضم في المطالبة أعم لشموله الانواع الثلاثة لا يصح توجيها لكونه أصح من تعريفها بالضم في الدين، لان المراد به تعريف نوع منها وهو كفالة الدين.
أما النوعان الآخران فمتفق على كون الكفالة بهما كفالة بالمطالبة، ولا يمكن الجمع بين الكفالة بالاول والكفالة بالآخرين في تعريف واحد، لان الضم في الدين غير الضم في المطالبة.
ثم لا يخفى أن تعريفها بالضم في الدين يقتضي ثبوت الدين في ذمة الكفيل كما صرح به أولا، ويدل عليه أنه لو وهب الدين
للكفيل صح ويرجع به على الاصيل، مع أن هبة الدين من غير من عليه الدين لا تصح، وما أورد عليه من لزوم صيرورة الدين الواحد دينين دفعه في المبسوط بأنه لا مانع لانه لا يستوفي إلا من أحدهما، كالغاصب مع غاصب الغاصب فإن كلا ضامن للقيمة، وليس حق المالك إلا في قيمة واحدة لانه لا يستوفي إلا من أحدهما، واختياره تضمين أحدهما يوجب براءة الآخر فكذا هنا، لكن هنا بالقبض لا بمجرد اختياره، لكن المختار الاول، وهو أن الضم في مجرد المطالبة لا الدين، لان اعتباره في ذمتين، وإن أمكن شرعا لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب ولا موجب هنا، لان التوثق يحصل بالمطالبة وهو لا يستلزم ثبوت اعتبار الدين في الذمة كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن وهو في ذمة الموكل، كذا في الفتح.
وكذا الوصي والولي والناظر يطالبون بما لزم دفعه ولا شئ في ذمتهم كما في البحر، وذكر أنهم لم يذكروا لهذا الاختلاف ثمرة، فإن الاتفاق على أن الدين لا يستوفى إلا من أحدهما وأن الكفيل مطالب وأن هبة الدين له صحيحة ويرجع به على الاصيل، ولو اشترى الطالب بالدين شيئا من الكفيل صح مع أن الشراء بالدين من غير من عليه لا يصح.
ويمكن أن تظهر فيما إذا حلف الكفيل أن لا دين عليه فيحنث على الضعيف لا على الاصح ا ه.
قلت: يظهر لي الاتفاق على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أيضا بدليل الاتفاق على هذه المسائل المذكورة، ولان اعتباره في ذمتين ممكن كما علمت، وما ذكر من هذه المسائل موجب لذلك الاعتبار، ولو كانت ضما في المطالبة فقط بدون دين لزم أن لا يؤخذ المال من تركة الكفيل، لان المطالبة تسقط عنه بموته كالكفيل بالنفس لما كان كفيلا بالمطالبة فقط بطلت الكفالة بموته، مع أن المصرح به أن المال يحل بموت الكفيل وأنه يؤخذ من تركته، ولان الكفيل يصح أن يكفله عند الطالب كفيل آخر بالمال المكفول به، فإذا أدى الآخر المال إلى الطالب لم يرجع به على الاصيل بل يرجع على الكفيل الاول، فإن أدى إليه رجع الاول على الاصيل لو الكفالة بالامر، نص عليه في كافي الحاكم، ويشهد لذلك فروع أخر ستظهر في محالها.
وعلى هذا فمعنى كون التعريف الاول أصح شموله أنواع الكفالة الثلاثة، بخلاف التعريف الثاني كما مر عن العناية.
والجواب بأنه إنما أراد تعريف نوع منها لا يدفع الايراد لانه لم يعرف النوعين الآخرين فكان موهما اختصاصها بذلك النوع فقط، هذا ما ظهر لي، فتدبره.
قوله:
(وهو الكفالة بالمال) أراد بالمال الدين، وإلا فهو يشمل العين مقابل الدين ا ه ح.
قوله: (لانه محل الخلاف) بيان لوجه اقتصاره على تعريف كفالة الدين فقط، ولا يخفى أن التعريف يذكر للتعليم والتفهيم في ابتداء الابواب فلا بد من التنبيه على ما يوقع في الاشتباه، فكان عليه أن يذكر تعريف النوعين الآخرين كما قلنا آنفا.
قوله: (وبه) أي بما ذكر من تعميم المطالبة.
قوله: (يستغني عما ذكره(5/415)
منلاخسرو) أي صاحب الدرر.
قال في النهر: وبه استغنى عما في نكاح الدرر من تعريفها بضم ذمة إلى ذمة في مطالبة النفس أو المال أو التسليم مدعيا أن قولهم والاول أصح لا صحة له فضلا عن كونه أصح، لانهم قسموها إلى كفالة في المال والنفس ثم إن تقسيمهم يشعر بانحصارها مع أنهم ذكروا في أثناء المسائل ما يدل على وجود قسم ثالث وهو الكفالة بالتسليم ا ه.
وأنت قد علمت ما هو الواقع ا ه: أي من أن ما عرف به هو مراده لان المطالبة تشمل الانواع الثلاثة، فليس فيما قاله زيادة على ما أرادوه غير التصريح به، فافهم.
قوله: (وركنها إيجاب وقبول) فلا تتم بالكفيل وحده ما لم يقبل المكفول له أو أجنبي عنه في المجلس.
رملي.
قوله: (ولم يجعل الثاني) أي أبو يوسف وقوله: الثاني أي القبول وهو بالنصف على أنه مفعول يجعل وقوله: ركنا مفعوله الآخر: أي فجعلها تتم بالايجاب وحده في المال والنفس.
واختلف على قوله: فقيل تتوقف على إجازة الطالب، فلو مات قبلها لا يؤاخذ الكفيل، وقيل تنفذ وللطالب الرد كما في البحر وهو الاصح كما في المحيط: أي الاصح من قوليه.
نهر وفي الدرر والبزازية: وبقول الثاني يفتى.
وفي أنفع الوسائل وغيره: الفتوى على قولهما، وسيأتي تمامه عند قوله: ولا تصح بلا قبول الطالب في مجلس العقد.
قوله: (نفسا أو مالا) الاولى إسقاطه ليأتي له التفريع بقوله فلم تصح بحد وقود فإنهما ليسا بنفس ولا مال إن أريد الضمان بهما.
أما إذا أريد الضمان بنفس من هما عليه فإن الكفالة حينئذ تكون جائزة كما سيذكره المصنف.
نعم يشترط كون النفس مقدورة التسليم، إذ لا شك أن كفالة الميت بالنفس لا تصح، لانه لو كان حيا ثم مات بطلت كفالة النفس، وكذا لو كان غائبا لا يدري مكانه فلا تصح كفالته بالنفس كما في جامع الفصولين.
وعبارة البحر عن البدائع: وأما شرائط المكفول به: فالاول أن يكون مضمونا على الاصيل دينا أو عينا أو نفسا أو فعلا، ولكن يشترط في العين أن تكون مضمونة بنفسها.
الثاني أن يكون مقدور التسليم من الكفيل، فلا تجوز بالحدود والقصاص.
الثالث أن يكون الدين لازما وهو خاص بالكفالة بالمال، فلا تجوز الكفالة ببدل الكتابة.
قوله: (وفي الدين كونه صحيحا) هو ما لا يسقط إلا بالاداء أو الابراء كما سيأتي متنا، وسيذكر الشارح هناك استثناء الدين المشترك والنفقة وبدل السعاية، وأفاد أنه لا يشترط أن يكون معلوم القدر كما في البحر وسيأتي أيضا مع بيانه.
قوله: (لا ساقطا الخ) محترز قوله: قائما فلا تصح كفالة ميت مفلس بدين عليه كما سيذكره المصنف.
قوله: (ولا ضعيفا) محترز قوله: صحيحا.
قوله: (كبدل كتابة) لانه يسقط بالتعجيز.
مطلب في كفالة نفقة الزوجة قوله: (ونفقة زوجة الخ) عبارة النهر: وينبغي أن يكون من ذلك الكفالة بنفقة الزوجة قبل القضاء بها أو الرضا لما قدمناه من أنها لا تصير دينا إلا بهما، وبدل الكتابة دين إلا أنه ضعيف، ولا تصح الكفالة به، فما ليس دينا أولى ا ه.
وبه يظهر ما في عبارة الشارح من الخفاء، فكان عليه أن يقول: ولا ضعيفا كبدل كتابة فما ليس(5/416)
دينا كنفقة زوجة قبل القضاء أو الرضا بالاولى.
ولا يخفى أنها حيث لم تصر دينا لا تكون من أمثلة الدين الساقط، فافهم.
ثم ظاهر كلام النهر أنها لو صارت دينا بالقضاء بها أو بالرضا تصير دينا صحيحا، مع أنه ليس كذلك لسقوطها بالموت أو الطلاق إلا إذا كانت مستدانة بأمر القاضي، لكن غير المستدانة مع كونها دينا غير صحيح تصح الكفالة بها استحسانا، فهي مستثناة من هذا الشرط كما سينبه عليه الشارح عند قول المصنف إذا كان دينا صحيحا بل ذكر بعده بأسطر عن الخانية: لو كفل لها رجل بالنفقة أبدا ما دامت الزوجية جاز، وكذا ذكر قبيل الباب الآتي جواز الكفالة بها إذا أراد زوجها السفر، وعليه الفتوى، مع أنها لم تصر دينا أصلا لان النفقة لم تجب بعد فيحمل ما ذكره هنا تبعا للنهر على النفقة الماضية لانها تسقط بالمضي قبل القضاء أو الرضا فلا تصح الكفالة بها، والفرق بين
الماضية والمستقبلة أن الزوجة مقصرة بتركها بدون قضاء أو رضا إلى أن سقطت بالمضي، بخلاف المستقبلة، فتدبر.
قوله: (وحكمها لزوم المطالبة على الكفيل) أي ثبوت حق المطالبة متى شاء الطالب، سواء تعذر عليه مطالبة الاصيل أو لا.
فتح.
وذكر في الكفاية أن اختيار الطالب تضمين أحدهما لا يوجب براءة الآخر ما لم توجد حقيقة الاستيفاء، فلذا يملك مطالبة كل منهما، بخلاف الغاصب وغاصب الغاصب ا ه.
وقدمناه أيضا.
قوله: (بما هو على الاصيل) الاولى بما وقعت الكفالة به على الاصيل، لان الاصيل عليه تسليم نفسه أو تسليم المال، والكفيل بالنفس ليس عليه تسليم المال، ولان الكفيل لو تعدد لا يلزمه إلا بقدر ما يخصه كنصف الدين لو كانا اثنين أو ثلثه لو ثلاثة ما لم يكفلوا على التعاقب فيطالب كل واحد بكل المال كما ذكره السرخسي.
قوله: (نفسا أو مالا) شمل المال الدين والعين، وينبغي أن يزيد أو فعلا، كما لو كفل تسليم الامانة أو تسليم الدين كما سيأتي بيانه، والمراد بالعين المضمونة بنفسها كالمغصوب كما مر.
قوله: (فلا تنفذ من صبي ولا مجنون) أي ولو الصبي تاجرا، وكذا لا تجوز له إلا إذا كان تاجرا، وأما الكفالة عنه فهي لازمة للكفيل يؤخذ بها، ولا يجبر الصبي على الحضور معه إلا إذا كانت بطلبه وهو تاجر أو بطلب أبيه مطلقا، فإن تغيب فله أخذ الاب بإحضاره أو تخليصه، والوصي كالاب ولو كفل بنفس الصبي، على أنه إن لم يواف به فعليه ما ذاب عليه جازت كفالة النفس، وما قضى به على أبيه أو وصيه لزم الكفيل، ولا يرجع على الصبي إلا إذا أمره الاب أو الوصي بالضمان ا ه ملخصا من كافي الحاكم.
قوله: (إلا إذا استدان له وليه) أي من له ولاية عليه من أب أو وصي لنفقة أو غيرها مما لا بد له منه.
قوله: (وأمره أن يكفل المال عنه) قيد بالمال احترازا عن النفس لان ضمان الدين قد لزمه: أي لزم الصبي من غير شرط فالشرط لا يزيده إلا تأكيدا فلم يكن متبرعا، فأما ضمان النفس وهو تسليم نفس الاب أو الوصي فلم يكن عليه فكان متبرعا به فلم يجز.
بحر عن البدائع قوله: (ويكون إذنا في الاداء) لان الوصي ينوب عنه في الاداء، فإذا أمره بالضمان فقد أذن له في الاداء فيجب عليه الاداء.
نهر عن المحيط.
قوله: (ولولاها لطولب الولي) أي فقط.
قوله: (ولا من مريض إلا من الثلث) لكن إذا كفل لوارث أو عن وارث لا تصح أصلا، ولو كان عليه دين محيط بماله بطلت، ولو(5/417)
كفل ولا دين عليه ثم أقر بدين محيط لاجنبي ثم مات فالمقر له أولى بتركته من المكفول له: وإن لم يحط: فإن كانت الكفالة تخرج من ثلث ما بقي بعد الدين صحت كلها، وإلا فبقدر الثلث وإن أقر المريض أن الكفالة كانت في صحته لزمه الكل في ماله إن لم تكن لوارث أو عن وارث.
وتمامه في الفصل التاسع عشر من التاترخانية.
قوله: (ولا من عبد) أي لا تصح الكفالة منه بنفس أو مال كما في الكافي، وسواء كفل عن مولاه أو أجنبي كما في التاترخانية.
قوله: (إلا إن أذن له المولى) أي بالكفالة عن مولاه أو عن أجنبي فتصح كفالته إذا لم يكن مديونا، وكذا الامة والمدبرة وأم الولد، وإن كان مديونا لا يلزمه شئ ما لم يعتق تاترخانية، وسيأتي تمام الكلام عليه قبيل الحوالة.
قوله: (ولا من مكاتب الخ) أي ويطالب بها بعد عتقه، وهذا لو كانت عن أجنبي كما في البحر.
وقال أيضا: وتصح كفالة المكاتب والمأذون عن مولاهما.
قال في النهر: وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا كانت بأمره، ثم رأيته كذلك في عقد الفرائد معزيا إلى المبسوط.
قلت: وسيأتي أيضا متنا قبيل الحوالة في العبد مع التقييد بكونه غير مديون مستغرق.
قوله: (والمدعي) أي من يكون له حق الدعوى على غريمه إذ لا يلزم في إعطاء الكفيل الدعوى بالفعل.
قوله: (مكفول له) ويسمى الطالب أيضا.
قوله: (مكفول عنه) هذا في كفالة المال دون كفالة النفس.
ففي البحر عن التاترخانية، ويقال للمكفول بنفسه مكفول به ولا يقال مكفول عنه ا ه.
لكن قال الخير الرملي: وجدنا بعضهم يقوله، ووجد في التاترخانية عن الذخيرة قوله: (كفيل) ويسمى ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وصبيرا وقبيلا وتمامه في حاشية البحر للرملي.
قوله: (وسنده) أي سند الاجماع، إذ لا إجماع إلا عن مستند وإن لم يلزم علمنا به.
قوله: (قوله عليه الصلاة والسلام الزعيم غارم) أي يلزمه الاداء عند المطالبة به، فهو بيان لحكم الكفالة، والحديث كما في الفتح رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
وقد استدل في الفتح لشرعيتها بقوله تعالى: * () * (يوسف: 27) وعادتهم تقديم ما ورد في الكتاب على ما في السنة والشارح لم يذكره أصلا، ولعله
لشهرته أو لما قيل إنه لا كفالة هنا لانه مستأجر لمن جاء بالصواع بحمل بعير، والمستأجر يلزمه ضمان الاجرة، ولكن جوابه أن الكفيل كان رسولا من الملك لا وكيلا بالاستئجار والرسول سفير، فكأنه قال إن الملك يقول لمن جاء به حمل بعير، ثم قال الرسول وأنا بذلك الحمل زعيم: أي كفيل، وبحث فيه فيه في النهر.
قوله: (وتركها أحوط) أي إذا كان يخاف أن لا يملك نفسه من الندم على ما فعله من هذا المعروف، أو المراد أحوط في سلامة المال لا في الديانة، إذ هي بالنية الحسنة تكون طاعة يثاب عليها، فقد قال في الفتح: ومحاسن الكفالة جليلة: وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ما له والمطلوب الخائف على نفسه، حيث كفيا مؤنة ما أهمهما، وذلك نعمة كبيرة عليهما، ولذا كانت من الافعال العالية، وتمامه فيه.
قوله: (مكتوب في التوراة الخ) رأيت في الملتقط: قيل مكتوب على باب من أبواب الروم وفيه زيادة على ما هنا، ومن لم يصدق فليجرب حتى يعرف البلاء من السلامة.
قوله:(5/418)
(أولهما ملامة) سقط أولها من بعض النسخ، وهو موجود في البحر عن المجتبى، والمراد والله أعلم أنه يعقبها في أول الامر الملامة لنفسه منه أو من الناس، ثم عند المطالبة بالمال يندم على إتلافه لماله، ثم بعد ذلك يغرم المال أو يتعب نفسه بإحضار المكفول به لان الغرم لزوم الضرر، ومنه قوله تعالى * (إن عذابها كان غراما) * (الفرقان: 56).
مطلب يصح كفالة الكفيل قوله: (وكفالة النفس تنعقد الخ) عبارة الكنز: وتصح بالنفس وإن تعددت.
قال في النهر: أي بأن أخذ منه كفيلا ثم كفيلا أو كان للكفيل كفيل، ويجوز عود الضمير إلى النفس بأن يكفل واحد نفوسا، والاول هو الظاهر ا ه.
وقدمنا عن كافي الحاكم صحة كفالة الكفيل بالمال أيضا.
قوله: (بكفلت بنفسه) بفتح الفاء أفصح من كسرها، ويكون بمعنى عال فيتعدى بنفسه ومنه * (وكفلها زكريا) * (آل عمران: 73) وبمعنى ضمن والتزم فيتعدى بالحرف واستعمال كثير من الفقهاء له متعديا بنفس مؤول.
رملي عن شرح الروض.
قوله: (مما يعبر به عن بدنه) أي مما يعبر به من أعضائه عن جملة البدن كرأسه ووجهه ورقبته وعنقه وبدنه وروحه، وذكروا في الطلاق الفرج ولم يذكروه هنا
قالوا: وينبغي صحة الكفالة إذا كانت امرأة، كذا في التتارخانية.
نهر.
وتمامه فيه.
قوله: (وبجزء شائع الخ) لان النفس الواحدة في حق الكفالة لا تتجزأ فذكر بعضها شائعا كذكر كلها، ولو أضاف الكفيل الجزء إلى نفسه ككفل لك نصفي أو ثلثي فإنه لا يجوز، كذا في السراج، لكن لو قيل إن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله لم يفترق الحال.
نهر.
قوله: (وتنعقد بضمنته الخ) أما ضمنته فلانه تصريح بمقتضى الكفالة لانه يصير ضامنا للتسليم، والعقد ينعقد بالتصريح بموجبه كالبيع ينعقد بالتمليك: وأما علي فلانه صيغة التزام، ومن هنا أفتى قارئ الهداية بأنه لو قال التزمت بما على فلان كان كفالة، وإلى بمعناه هنا، وتمامه في النهر.
ثم اعلم أن ألفاظ الكفالة كل ما ينبئ عن العهدة في العرف والعادة وفي جامع الفتاوى: هذا إلي أو علي وأنا كفيل به أو قبيل أو زعيم كان كله كفالة بالنفس لا كفالة بالمال ا ه تتارخانية.
وفي كافي الحاكم: وقوله ضمنت وكفلت وهو إلي وهو علي سواء كله وهو كفيل بنفسه ا ه.
ثم ذكر في باب الكفالة بالمال إذا قال إن مات فلان قبل أن يوفيك مالك فهو علي فهو جائز ا ه.
فقد علم أن قوله أولا هو إلي هو علي كفيل بنفسه إنما هو حيث كان الضمير للرجل المكفول به، أما لو كان الضمير للمال فهو كفالة مال، وكذا بقية الالفاظ.
ففي التتارخانية أيضا عن الخلاصة: لو قال لرب المال أنا ضامن ما عليه من المال فهذا ضمان صحيح ثم قال: ولو ادعى أنه غصبه عبدا ومات في يده فقال خله فأنا ضامن بقيمة العبد فهو ضامن يأخذه منه من ساعته ولا يحتاج إلى إثبات بالبينة ا ه.
فقد ظهر لك أن ما مر أولا عن التاترخانية من أن هذه الالفاظ كفالة نفس لا كفالة مال، ليس المراد أنها لا تكون كفالة مال أصلا، بل المراد أنه(5/419)
إذا قال أنا به كفيل أو زعم الخ: أي بالرجل كان كفالة نفس لانها أدنى من كفالة المال ولم يصرح بالمال، بخلاف ما إذا توجهت هذه الالفاظ على المال فإنها تكون كفالة مال لانها صريحة به فلا يراد بها الادنى وهو كفالة النفس مع التصريح بالمال أو وبضميره، وهذا معنى ما نقله الشلبي عن شرح القدوري للشيخ أبي نصر الاقطع من قوله: فإذا ثبت أن هذه الالفاظ يصح الضمان بها، فلا فرق بين
ضمان النفس وضمان المال ا ه: أي إذا قال ضمنت زيدا أو أنا كفيل به أو هو علي أو إلي يكون كفالة نفس كما أفتى به في الخيرية.
وإذا قال: ضمنت لك ما عليه من المال أو أنا كفيل به الخ فهو كفالة مال قطعا، وأما إذا لم يعلم المكفول به أنه كفالة نفس أو مال فلا تصح الكفالة أصلا كما يأتي بيانه قريبا، وبه علم أنه لا تحرير فيما قاله الشلبي بعدما مر عن شرح الاقطع من أنه ينبغي أن يقال: هذه الالفاظ إذا أطلقت تحمل على الكفالة بالنفس، وإذا كان هناك قرينة على الكفالة بالمال تتمحض حينئذ للكفالة به ا ه.
فإنه إذا لم يعلم المكفول به بأن قال أنا ضامن ولم يصرح بنفس ولا مال لا تصح أصلا كما يأتي، فقوله تحمل على الكفالة بالنفس مخالف للمنقول كما تعرفه.
نعم لو قامت قرينة على أحدهما يمكن أن يقال يعمل بها، كما إذا قال قائل اضمن لي هذا الرجل فقال لآخر أنا ضامن فهو قرينة على كفالة النفس، وإن قال اضمن لي ما عليه من المال فقال أنا ضامن فهو قرينة على المال، لان الجواب معاد في السؤال، فافهم واغنم تحرير هذه المسألة فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب، ولله الحمد.
مطلب لفظ عندي يكون كفالة بالنفس ويكون كفالة بالمال قوله: (أو عندي) في البحر عن التتارخانية: لك عندي هذا الرجل أو قال دعه إلي كانت كفالة ا ه: يعني بالنفس.
وقال في البحر أيضا عند قوله: ولو قال إن لم أوافك به غدا الخ عن الخانية: إن لم أوافك به فعندي لك هذا المال لزمه، لان عندي إذا استعمل في الدين يراد به الوجوب، وكذا لو قال إلي هذا المال ا ه.
فهذا صريح أيضا بأن عندي يكون كفالة نفس وكفالة مال بحسب ما توجه إليه اللفظ، وبه أفتى في الخيرية والحامدية.
وأما ما قاله في البحر عند قول الكنز: وبما لك عليه من أن عندي كعلي في التعليق فقط ولا تفيد كفالة بالمال بل بالنفس، وما أفتى به من أنه: لو قال لا تطالب فلانا ما لك عندي لا يكون كفيلا، فقد رده في النهر بأن ما مر عن الخانية من العلة المذكورة غير مقيد بالتعليق، ورده المصنف أيضا، وكذا الخير الرملي بقولهم: إن مطلق لفظ عندي للوديعة لكنه بقرينة الدين يكون كفالة.
وفي الزيلعي من الاقرار أنه العرف.
قال الرملي: ومقتضى ذلك أن القاضي لو سأل المدعى عليه عن جواب الدعوى فقال عندي كان إقرارا ا ه.
قوله: (بمعنى محمول) كذا عزاه المصنف إلى البدائع أيضا قال ط: الاظهر أن يكون بمعنى فاعل لانه حامل لكفالته.
قوله:
(وتنعقد بقوله أنا ضامن حتى تجتمعا الخ) أقول: اشتبه هنا على المصنف مسألة بمسألة بسبب سقط وقع في نسخة الخانية التي نقل عنها في شرحه، فإن قال فيه: قال في الخانية: وعن أبو يوسف: لو قال هو علي حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا لا يكون كفالة لانه لم يبين المضمون أنه نفس أو مال ا ه.
مع أن عبارة الخانية هكذا: وعن أبي يوسف: لو قال هو علي حتى تجتمعا أو قال علي أو أوافيك به أو ألقاك به كانت كفالة بالنفس، ولو قال: أنا ضامن حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا لا يكون كفالة لانه لم يبين المضمون أنه نفس أو مال ا ه كلام الخانية.
وفي السراج: لو قال هو علي حتى تجتمعا أو تلتقيا(5/420)
فهو جائز، لان قوله هو علي ضمان مضاف إلى العين وجعل الالتقاء غاية له ا ه: يعني أن الضمير في هو علي إلى عين الشخص المكفول به فيكون كفالة نفس إلى التقائه مع غريمه، بخلاف قوله أنا ضامن حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا فلا يصح أصلا، لان قوله أنا ضامن لم يذكر فيه المضمون به هل هو النفس أو المال، فقد ظهر وجه الفرق بين المسألتين، فكان الصواب في التعبير أن يقال: وتنعقد بقوله هو علي حتى تجتمعا أو تلتقيا، لا بأنا ضامن حتى تجتمعا أو تلتقيا لعدم بيان المضمون به، فتنبه لذلك.
ثم إن المسألة مذكورة في كافي الحاكم الذي جمع فيه كتب ظاهر الرواية، وهو العمدة في نقل نص المذهب، وذلك أنه قال: ولو قال أنابه قبيل أو زعيم أو قال ضمين فهو كفيل.
وقال أبو يوسف ومحمد: وكذلك لو قال علي أو أوفيك به أو علي أن ألقاك به أو قال هو علي حتى تجتمعا أو حتى توافيا أو حتى تلتقيا.
وإن لم يقل هو علي وقال أنا ضامن لك حتى تجتمعا أو تلتقيا.
فهو باطل ا ه.
ولم يذكر قول أبي حنيفة في المسألة، فعلم أنه لا قول له فيها في ظاهر الرواية، وإنما المسألة منقولة عن الصاحبين فقط في ظاهر الرواية عنهما، وبه علم أن قوله الخانية: وعن أبي يوسف: ليس لحكاية الخلاف ولا للتمريض، بل هو بيان لكون ذلك منقولا عنه، وكذا عن محمد كما علمت، وحيث لم يوجد نص للامام فالعمل على ما نقله الثقات عن أصحابه كما علم في محله.
قوله: (تاترخانية) عبارتها هو علي حتى تجتمعا، فهو كفيل إلى الغاية التي ذكرها ا ه.
هكذا ذكره المصنف في المنح وأنت خبير بأن هذه المسألة ليست التي ذكرها في متنه، فإن التي ذكرها في متنه لا تنعقد فيها
الكفالة أصلا كما علمته آنفا.
قوله: (كما نقله في الخانية) قد أسمعناك عبارة الخانية.
قوله: (قال المصنف والظاهر أنه ليس المذهب) الضمير في أنه عائد إلى ما نقله عن الثاني، وهو الذي عبر عنه في المتن بقوله: وقيل لا وقد علمت أنه ليس في المذهب قول آخر بل هما مسألتان: إحداهما تصح فيها الكفالة، والاخرى لا تصح بلا ذكر خلاف فيهما كما حررناه آنفا.
قوله: لكنه استنبط الخ يعني أن المصنف قال في شرحه: إنه ليس المذهب مع أنه في فتاويه استنبط منه ما ذكر.
ووجه الاستنباط أن الطالب والضامن لم يتفقا على أمر واحد فلم يعلم المضمون به هل هو نفس أو مال، فلا تصح الكفالة.
قوله: (ثم قال وينبغي الخ) أقول: هذا مسلم إذا كان الطالب يدعي كفالة النفس أيضا، أما لو ادعى عليه كفالة المال فقط فلا، إذ الاقرار يرتد بالرد ولا يؤاخذ المقر بلا دعوى.
أفاده الرحمتي.
قوله: (على المذهب) لانهم قالوا: إنه ظاهر الرواية.
زاد في الفتح عن الواقعات وبه يفتى.
وفي البحر عن الخلاصة: وعليه الفتوى.
مطلب لو قال أنا أعرفه لا يكون كفيلا قوله: (لانه لم يلتزم المطالبة بل المعرفة) فصار كقوله أنا ضامن لك على أن أوقفك عليه أو على أن أدلك عليه أو على منزله.
فتح.
قال في البحر: وأشار إلى أنه لو قال أنا أعرفه لا يكون كفيلا كما(5/421)
في لسراج.
قوله: (والوجه اللزوم) لانه مصدر متعد إلى اثنين، فقد التزم أن يعرفه الغريم، بخلاف معرفته فإنه لا يقتضي إلا معرفة الكفيل للمطلوب، فتح.
فصار معنى الاول أنا ضامن لان أعرفك غريمك وتعريفه بإحضاره للطالب، وإلا فهو معروف له، ومعنى الثاني أنا ضامن لان أعرفه ولا يلزم منه إحضاره له، لكن ما يأتي عن الخانية يفيد لزوم دلالته عليه وإن لم يصر كفيلا.
قال في النهر: وما مر من أنه صار كالتزامه الدلالة يؤيده قوله: ولا يلزم الخ أي لا يلزم من لزوم دلالته عليه أن يكون كفيلا بنفسه ليترتب عليه أحكامها.
نهر.
أي لانه يخرج عن ذلك بقوله هو في المحل الفلاني فأذهب إليه، فلا يلزمه إحضاره أو السفر إليه إذا غاب، وغير ذلك من أحكام كفالة النفس.
تتمة: قدمنا أن ألفاظ الكفالة كل ما ينبئ عن العهدة في العرف والعادة، ومن ذلك كما في الفتح
على أن أوافيك به أو على أن ألقاك به أودعه إلي.
ثم قال: وفي فتاوى النسفي: لو قال الدين الذي لك على فلان أنا أدفعه إليك أو أسلمه إليك أو أقبضه لا يكون كفالة ما لم يتكلم بما يدل على الالتزام، وقيده في الخلاصة بما إذا قاله منجزا، فلو معلقا يكون كفالة نحو أن يقول: إن لم يؤد فأنا أؤدي، نظيره في النذر ولو قال أنا أحج لا يلزمه شئ، ولو قال إن دخلت الدار فأنا أحج يلزمه الحج ا ه.
قلت: لكن لو قال ضمنت لك ما عليه أنا أقبضه وأدفعه إليك يصير كفالة بالقبض والتسليم، كما سنذكره في بحث كفالة المال.
مطلب في الكفالة المؤقتة قوله: (وإذا كفل إلى ثلاثة أيام الخ) حاصلة: أنه إذا قال كفلت لك زيدا أو ما على زيد من الدين إلى شهر مثلا صار كفيلا في الحال أبدا: أي في الشهر وبعده، ويكون ذكر المدة لتأخير المطالبة إلى شهر لا لتأخير الكفالة، كما لو باع عبدا بألف إلى ثلاثة أيام يصير مطالبا بالثمن بعد الثلاثة، وقيل لا يصير كفيلا في الحال بل بعد المدة فقط وهو ظاهر عبارة الاصل، وعلى كل فلا يطالب في الحال، وهو ظاهر الرواية كما في التتارخانية.
وفي السراجية: وهو الاصح، وفي الصغرى: وبه يفتى كما في البحر.
قلت: ومقابله ما قاله أبو يوسف والحسن أنه يطالب به في المدة فقط وبعدها يبرأ الكفيل، كما لو ظاهر أو آلى من امرأته مدة فإنهما يقعان فيها ويبطلان بمضيها كما في الظهيرية وغيرها.
وفيها أيضا: ولو قال كفلت فلانا من هذه الساعة إلى شهر تنتهي الكفالة بمضي الشهر بلا خلاف، ولو قال شهرا لم يذكره محمد.
واختلف فيه: فقيل هو كفيل أبدا، كما لو قال إلى شهر، وقيل في المدة فقط: أي كما لو قال من هذه الساعة إلى شهر.
والحاصل: أنه إما أن يذكر إلى بدون من فيقول كفلته إلى شهر وهي المسألة فيكون كفيلا بعد الشهر ولا يطالب في الحال.
وعند أبي يوسف والحسن: هو كفيل في المدة فقط، وإما أن يذكر من وإلى فيقول كفلته من اليوم إلى شهر فهو كفيل في المدة فقط بلا خلاف، وإما أن لا يذكر من(5/422)
ولا إلى فيقول كفلته شهرا أو ثلاثة أيام، فقيل كالاول، وقيل كالثاني وفي التتارخانية عن جمع التفاريق قال: واعتماد أهل زماننا على أنه كالثاني.
قلت: وينبغي عدم الفرق بين الصور الثلاث في زماننا كما هو قول أبي يوسف والحسن، لان الناس اليوم لا يقصدون بذلك إلا توقيت الكفالة بالمدة وأنه لا كفالة بعدها، وقد تقدم أن مبنى ألفاظ الكفالة على العرف والعادة، وأن لفظ عندي للامانة، وصار في العرف للكفالة بقرينة الدين.
وقالوا: إن كلام كل عاقد وناذر وحالف وواقف يحمل على عرفه، سواء وافق عرف اللغة أو لا.
ثم رأيت في الذخيرة قال: وكان القاضي الامام الاجل أبو علي النسفي يقول: قول أبي يوسف أشبه بعرف الناس إذا كفلوا إلى مدة يفهمون بضرب المدة أنهم يطالبون في المدة لا بعدها، إلا أنه يجب على المفتي أن يكتب في الفتوى أنه إذا مضت المدة المذكورة فالقاضي يخرجه عن الكفالة احترازا عن خلاف جواب الكتاب، وإن وجد هناك قرينة تدل على إرادته جواب الكتاب فهو عليه ا ه.
لكن نازع في ذلك في أنفع الوسائل بأن القاضي المقلد لا يحكم إلا بظاهر الرواية لا بالرواية الشاذة، إلا أن ينصوا على أن الفتوى عليها ا ه.
قلت: ما ذكره النسفي مبني على أن المذكور في ظاهر الرواية إنما هو حيث لا عرف، إذ لا وجه للحكم على المتعاقدين بما لم يقصداه فليس قضاء، بخلاف ظاهر الرواية، وما ذكره من إخراج القاضي له عن الكفالة زيادة احتياط لاحتمال كون العاقدين عالمين بذلك المعنى قاصدين له، ولذا قال: إن وجد قرينة على خلاف العرف يحكم بجواب ظاهر الرواية، والله سبحانه أعلم.
قوله: (لما في الملتقط الخ) تعليل لما فهم من قوله أيضا من أنه يكون كفيلا قبل الثلاثة ا ه ح.
قوله: (لو سلمه للحال برئ) ويجبر الطالب على القبول، كمن عليه دين مؤجل إذا عجله قبل حلول الاجل يجبر الطالب على القبول.
خانية.
فلو لم يصل كفيلا قبل مضي المدة لم يصح تسليمه فيها ولم يجبر الآخر على القبول.
قوله: (لم يصر كفيلا أصلا) لانه لا يصير كفيلا بعد المدة لنفيهما الكفالة فيه صريحا ولا في الحال على ما ذكرنا في ظاهر الرواية.
ظهيرية.
قوله: (ونقله الخ) نقل القولين في البحر أيضا عن البزازية.
قوله: (أنه يصير كفيلا) أي في المدة فقط كما يفيده قول جامع الفصولين في الفصل السادس
والعشرين.
كفل بنفسه إلى شهر على أنه برئ بعد الشهر فهو كما قال.
قوله: (لكن تقوى الاول بأنه ظاهر المذهب) قلت: وتقوى الثاني بأنه المتعارف بين الناس بحيث لا يقصدون غيره، إلا أن يكون الكفيل عالما بحكم ظاهر المذهب قاصدا له فالامر ظاهر.
قوله: (ولا يطالب الخ) أي في مسألة المتن.
قوله: (لزم التسليم) أي بالطلب الاول، وقوله: ولا أجل له ثانيا أي بالطلب الثاني، وهذا ما لم يدفعه، فإذا دفعه إليه: فإن قال برئت إليك منه يبرأ في المستقبل، وإن لم يبرأ منه فله أن يطالبه ثانيا،(5/423)
ولا يكون ذلك براءة لانه قال في الكفالة كلما طلبته مني فلي أجل شهر، فكأنه قال كلما طلبته مني وافيتك به إلا أن لي أجل شهر حتى أطلبه، وكلمة كلما تقتضي التكرار فتقتضي تكرار الموافاة كلما تكرر الطلب، فبالدفع إليه يبرأ عن موافاة لزمته بالمطالبة السابقة، لا عن موافاة تلزمه بمطالبة توجد في المستقبل، وإنما يبرأ عن ذلك لصريح الابراء، فإذا برئ إليه حين دفعه مرة وجد صريح الابراء، وما لا فلا، فإذا دفعه إليه ولم يبرأ فطالبه بعد ذلك فللكفيل أجل شهر آخر من يوم طلبه لانه غير الطلب الاول، بخلاف ما إذا لم يدفعه مرة.
ذخيرة وبزازية ملخصا.
قلت: وحاصله أنه إذا طالبه بتسليم المكفول بنفسه فله أجل شهر، فإذا تم الشهر فله مطالبته بالتسليم ولا أجل له في هذه المطالبة الثانية، فإذا سلمه وتبرأ إليه من عهدته فلا شئ عليه بعد ذلك، وإن سلمه ولم يتبرأ ثم طالبه به لزمه تسليمه ثانيا، لكن يثبت له أجل شهر آخر بعد هذا الطلب، فإذا تم الشهر ولم يسلمه فطالبه به فلا أجل له ما لم يسلمه إلى الطالب وهكذا، ثم لا يخفى أن هذا في كفالة النفس، أما في كفالة المال فإنه بعد تسليمه لا يطالب به ثانيا لان الكفالة تنتهي به، ولذا قال في الذخيرة: ولو كفله بألف على أنه متى طالبه به فله أجر شهر فمتى طلبه فله الاجل، فإذا مضى فله أخذه منه متى شاء بالطلب الاول ولا يكون للكفيل أجل شهر آخر ا ه.
وبه ظهر أن كلام الشارح محمول على كفالة المال، ولعله جردت متى وكلما عن العموم لعدم إمكانه هنا لما قلنا، بخلاف كفالة النفس كما علمت.
قوله: (بخلاف البيع) فإنه لا يصح الخيار فيه أكثر من ثلاثة أيام.
قوله: (وإن شرط) ينبغي كونه بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا كان الشرط في لفظ الكفيل أو الطالب ط.
قوله:
(أحضره) أي لزمه إحضاره بالشرط.
قوله: (فيها) أي فبالقضية المشروطة قد وفى.
قوله: (حين يظهر مطله) في بعض النسخ حتى والصواب الاول، وذلك كما لو أنكر الكفالة حتى أقيمت عليه البينة، بخلاف ما لو أقر بها فإنه لا يحبسه في أول مرة، وهذا ظاهر الرواية كما في البزازية: أي لظهور مطله بإنكاره فصار كمسألة المديون، وبه صرح في الخانية، وكأن الزيلعي لم يطلع على ذلك فذكره بحثا.
أفاده في البحر.
قوله: (لا يحبسه) لكن لا يحول بينه وبين الكفيل فيلازمه ولا يمنعه منه أشغاله وفي التاترخانية: لو أضرته ملازمته له استوثق منه بكفيل.
نهر قوله: (فإن غاب) أي المكفول عنه وطلب الغريم منه إحضاره.
نهر.
هذا إذا ثبت عند القاضي غيبته ببلد آخر بعلم القاضي أو ببينة أقامها الكفيل كما في البزازية وكافي الحاكم، وأطلقه فشمل المسافلة القريبة والبعيدة كما في الفتح.
بحر.
قوله: (أمهله) أي إذا أراد الكفيل السفر إليه، فإن أبى حبسه للحال بلا إمهال كما في البزازية.
وفي التاترخانية: وإن كان في الطريق عذر لا يؤاخذ الكفيل به.
بحر.
قوله: (وإيابه) بالكسر: أي رجوعه.
قوله: (ولو لدار الحرب) ولا تبطل باللحاق بدار الحرب، لانه وإن كان موتا حكما لكن بالنسبة إلى ماله وإلا فهو حي مطالب بالتوبة والرجوع، هكذا أطلقه في النهاية، وقيده في الذخيرة بما إذا كان الكفيل قادرا على رده بأن كان بيننا وبينهم موادعة أنهم يردون إلينا المرتد وإلا لا يؤاخذ به ا ه.
وهو تقييد لا بد منه.
بحر.
قوله (لا يطالب به) مقيد بما إذا لم يبرهن الطالب على أنه بموضع(5/424)
كذا، فإن برهن أمر الكفيل بالذهاب إليه وإحضاره لانه علم مكانه بحر.
قوله: (إن ثبت ذلك بتصديق الطالب) عبارة الزيلعي: لانه عاجز وقد صدقه الطالب عليه ا ه.
فأنت ترى أن الزيلعي لم يجعل ذلك شرطا لنفي المطالبة، بل بين أن فرض المسألة فيما إذا صدقه الطالب، ثم أعقب الزيلعي ذلك بقوله: ولو اختلفا إلى آخر ما يأتي فبين حكم ما إذا لم يصدقه، وهو أنه إذا لم يكن له خرجة معروفة فالقول للكفيل: أي فلا يطالب به، فلعم أن تصديق الطالب غير شرط في نفي المطالبة.
تأمل، وبه يعلم أنه لا حاجة إلى إقامة البينة، فعبارة المصنف هنا غير محررة.
قوله: (بما في القنية) أي عن الامام علي السعدي.
قوله: (وحيلة دفعه) أي دفع الطالب على ملازمته للكفيل.
قوله: (فإن برهن
على ذلك) أي برهن الكفيل على أن غيبته لا تدرى، لكن هذه بينة فيها نفي، ولعله يقبل لكونه تبعا والقصد إثبات سقوط المطالبة.
مقدسي.
وما قاله الرحمتي من أن الضمير في برهن للطالب فغير صحيح لانه لا يناسب قوله وحيلة دفعه.
قوله: (ولو اختلفا) أي بأن قال الكفيل لا أعرف مكانه وقال الطالب تعرفه.
زيلعي.
قوله: (وإلا حلف) عبارة الزيلعي والفتح والبحر: وإلا فالقول للكفيل لانه متمسك بالاصل وهو الجهل ومنكر لزوم المطالبة.
وقال بعضهم: لا يلتفت إلى قول الكفيل ويحبسه القاضي إلى أن يظهر عجزه، لان المطالبة كانت متوجهة عليه فلا يصدق في إسقاطها عن نفسه بما يدعي ا ه.
وكأن الشارح صرح بالتحليف أخذا من قولهم يحلف في كل موضع لو أقر به لزمه، ثم قد علمت أن كون القول للكفيل مخالف لما في المتن فإنه يقتضي أنه لا يكتفي بقول الكفيل لا أعرف مكانه ما لم يصدقه الطالب أو يبرهن عليه الكفيل.
نعم ما في المتن يتمشى على قول البعض المعبر عنه في الفتح بقيل، وذلك يفيد ضعفه.
تنبيه: قال في النهر: ولم أر ما لو برهنا، وينبغي أن تقدم بينة الطالب لان معها زيادة علم.
قوله: (ويبرأ الكفيل بالنفس بموت المكفول به) أي يبرأ أصلا بموت الشخص المطلوب، والمراد أنها تبطل بموته كما عبر به في الكنز وغيره لتحقق عجز الكفيل عن إحضاره كما في النهر: أي عجزا مستمرا، بخلاف الجهل بمكانه لاحتمال العلم به بعد، فلذا قالوا هناك لا يطالب به وقالوا هنا تبطل، وأما ما في البزازية و الخلاصة من أنه لو كان المكفول به غائبا لا يعلم مكانه ولا يوقف على أثره يجعل كالموت ولا يحبسه، فالمراد به أنه كالموت في عدم المطالبة في الحال، ولذا قال ولا يحبسه، لا في بطلان الكفالة وسقوط المطالبة أصلا وإلا خالف كلامهم متونا وشروحا، ونبهنا على ذلك تمهيدا لما نذكره قريبا من حادثة الفتوى.
قوله: (بموت المكفول به) هذا شامل لبراءة كفيل الكفيل بموت الكفيل ولبراءتهما بموت الاصيل.
قال في الخانية: الكفيل بالنفس إذا أعطى الطالب كفيلا بنفسه فمات الاصيل برئ الكفيلان، وكذا لو مات الكفيل الاول برئ الكفيل الثاني ا ه.(5/425)
مطلب كفالة النفس لا تبطل بإبراء الاصيل بخلاف كفالة المال
قال في البحر: وأشار باقتصاره في بطلانها على موت المطلوب والكفيل إلى أنها لا تبطل بإبراء الاصيل، وتمامه فيه، وسيذكره الشارح قبيل كفالة المال.
قوله: (أراد به الخ) كذا في المنح ولا يخفى أن التوهم باق وذلك أنه قال في الخلاصة: لو كفل بنفس عبد فمات العبد برئ الكفيل إن كان المدعى به المال على العبد وإن كان المدعى به نفس العبد لا يبرأ وضمن قيمته ا ه ففي المسألتين المكفول به نفس العبد لكن المدعى به في الاول المال على العبد وفي الثانية رقبة العبد فقول المصنف ولو عبدا يوهم أنه شامل للمسألتين مع أنه لا يبرأ بموت العبد في الثانية وإن تعذر تسليمه بالموت بل تلزمه قيمته فلا بد في دفع التوهم من أن يقول ولو عبدا ادعى عليه مال تأمل.
قوله: (وسيجئ) أي في الباب الآتي ما لو كفل برقبته أي بأن كان المدعى به رقبة العبد، وهي المسألة الثانية وستجئ المسألتان جميعا قبيل الحوالة.
قوله: (وبموت الكفيل) أي الكفيل بالنفس لان الكلام فيه أما الكفيل بالمال فلا تبطل بموته، لان حكمها بعد موته ممكن فيوفى من ماله ثم ترجع الورثة على المكفول عنه إن كانت بأمره وكان الدين حالا فلو مؤجلا فلا رجوع حتى يحل الاجل.
بحر وتمامه في الفتح.
قوله: (بل وارثه أو وصيه يطالب الكفيل) فإن سلمه إلى أحد الورثة أو أحد الوصيين خاصة فللباقي المطالبة بإحضاره.
بحر عن الينابيع وقد يشكل عليه قولهم أحد الورثة ينتصب خصما للميت فيما له وعليه.
نهر قلت في جامع الفصولين: أحد الورثة يصلح خصما عن المورث فيما له وعليه ويظهر ذلك في حق الكل إلا أن له قبض حصته فقط إذا ثبت حق الكل ا ه وبه يظهر الجواب، وذلك أن حق المطالبة ثابت لكل واحد من الورثة فإذا استوفى أحدهم حقه لا يسقط حق الباقين لان له استيفاء حقه فقط وإنما قام مقام الباقين في إثبات حقهم فافهم.
قوله: (وقيل يبرأ) أي الكفيل بموت الطالب.
قوله: (ويبرأ بدفعه إلى من كفل له) أي بالتخلية بينه وبين الخصم، وذلك برفع الموانع فيقول: هذا خصمك فخذه إن شئت وأطلقه فشمل ما إذا كان للتسليم وقت فسلمه قبله أو لا، لان الاجل حق الكفيل فله إسقاطه كالدين المؤجل إذا قضاه قبل الحلول بحر.
قوله: (أي في موضع يمكن الخ) ويشترط عندهما أن يكون هو المصر الذي كفل فيه لا عند الامام وقولهما أوجه كما في الفتح وقيل إنه اختلاف عصر وزمان لا حجة وبرهان وبيانه في الزيلعي، واحترز به عما لو سلمه في برية أو سواد وتمامه في
النهر.
قوله: (سواء قبله الطالب أولا) فيجبر على قبوله بمعنى أنه ينزل قابضا كالغاصب إذا رد العين والمديون إذا دفع الدين منح، بخلاف ما إذا سلمه أجنبي فلا يجبر كما يأتي.
قوله: (ويبرأ بتسليمه مرة) إلا إذا كان فيها ما يتقضي التكرار كما إذا كفله على أنه كلما طلبه فله أجل شهر، كما مر تقريره.
قوله: (به يفتى) وهو قول زفر وهذه إحدى المسائل التي يفتى فيها بقول زفر بحر وعدها سبعا وقال: وليس المراد الحصر قلت: وقد زدت عليها مسائل وذكرتها منظومة في النفقات قال في النهر وفي الواقعات(5/426)
الحسامية جعل هذا رأيا للمتأخرين لا قولا لزفر.
ولفظه: والمتأخرين من مشايخنا يقولون جواب الكتاب أنه يبرأ إذا سلمه في السوق أو في موضع آخر في المصر بناء على عاداتهم في ذلك الزمان، أما في زماننا فلا يبرأ لان الناس يعينون المطلوب على الامتناع عن الحضور لغلبة الفسق فكان الشرط مقيدا فيصح، وبه يفتى ا ه وهو الظاهر، إذ كيف يكون هذا اختلاف عصر وزمان مع أن زفر كان في ذلك الزمان ا ه.
قلت: فيه نظر ظاهر، فكم من مسألة اختلف فيها الامام وأصحابه وجعلوا الخلاف فيها بسب اختلاف الزمان كمسألة الاكتفاء بظاهر العدالة وغيرها وكالمسألة المارة آنفا، وبعد نقل الثقات ذلك عن زفر كيف ينفي بكلام يحتمل أنه مبني على قوله: والمشاهد اختلاف الزمان في مدة يسيرة.
قوله: (ولو سلمه عند الامير) أي وقد شرط تسليمه عند القاضي.
قوله: (عند قاض آخر) أي غير قاضي الرساتيق كما أجاب بعضهم، واستحسنه في القنية، لان أغلبهم ظلمة.
قال ط: قلت: ولا خصوص للرساتيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قوله: (ابن مالك) ونص كلامه في شرحه على المجمع، ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب لا يبرأ لانه لا يتمكن من إحضاره مجلس الحكم.
وفي المحيط: هذا إذا كان السجن سجن قاض آخر في بلد آخر.
أما لو كان سجن هذا القاضي أو سجن أمير البلد في هذا المصر يبرأ وإن كان حبسه قد غير الطالب، لان سجنه في يده فيخلى سبيله حتى يجيب خصمه ثم يعيده إلى السجن ا ه.
وفي البحر عن البزازية: ولو ضمن وهو محبوس فسلمه فيه يبرأ، ولو أطلق ثم حبس ثانيا فدفعه
إليه فيه، إن الحبس الثاني في أمور التجارة ونحوها صح الدفع، وإن في أمور السلطان ونحوها لا اه.
وفي كافي الحاكم: وإذا حبس المكفول به بدين أو غيره أخذت الكفيل لانه يقدر على أنه يفكه مما حبس به بأداء حقه الذي حبسه ا ه.
أي إذا لم يمكنه تسليمه كما يعلم من كلام المحيط المار.
قوله: (وكذا يبرأ الكفيل بتسليم المطلوب نفسه) هذا إذا كانت الكفالة بالامر أي أمر المطلوب وإلا فلا يبرأ كما في السراج عن الفوائد والوجه فيه ظاهر لانها إذا كانت بغير أمره لا يلزم المطلوب الحضور فليس مطالبة بالتسليم فإذا سلم نفسه لا يبرأ الكفيل نهر وفي التاترخانية لو كفل بنفسه بلا أمره فلا مطالبة للكفيل عليه إلا أن يجده فيسلمه فيبرأ ا ه، فلا يأثم بعدم التمكين منه فله الهرب بخلاف ما إذا كانت بأمره وكذا قولهم له منعه من السفر إنما هو إذا كانت بأمره أفاده في البحر.
قوله: (وبتسليم وكيل الكفيل) لو قال وبتسليم نائبه لكان أجود وأفود، لان كفيل الكفيل لو سلمه برئ الكفيل أيضا كما في الخانية نهر.
قوله: (ورسوله إليه) أي إلى الطالب بأن دفع المطلوب إلى رجل يسلمه إلى الطالب على وجه الرسالة فيقول الرجل إن الكفيل أرسل معي هذا لاسلمه إليك.
قوله: (لان رسوله إلى غيره كالاجنبي) تعليل لمفهوم قوله إليه فإن مفهومه أنه لا يبرأ لو كان رسولا إلى غيره بمجرد التسليم ومثاله كما في ط لو قال الكفيل لشخص: خذ هذا وسلمه لفلان ليسلمه للطالب فأخذه الرسول وسلمه إلى الطالب بنفسه فإنه يكون كتسليم الاجنبي.
قوله: (وفيه) أي في تسليم الاجنبي يشترط أي زيادة على الشرط الذي بعده قبول الطالب.(5/427)
قال في البحر: وقيد بالوكيل والرسول، لانه لو سلمه أجنبي بغير أمر الكفيل وقال سلمت إليك عن الكفيل وقف على قبوله، فإن قبله الطالب برئ الكفيل، وإن سكت لا ا ه.
قوله: (ويشترط أن يقول كل واحد من هؤلاء) أي الثلاثة وهم المطلوب والوكيل والرسول، وهذا دخول على المتن، أراد به التنبيه على أمرين: أحدهما: أن قول المصنف من كفالته قيد في الكل لا في الوكيل والرسول فقط كما قد يتوهم من عبارة المصنف حيث كرر لفظ بتسليم، ولا في المطلوب فقط كما يتوهم من عبارة الكنز حيث
قدم قوله من كفالته على تسليم الوكيل.
ثانيهما: أنه لا يكفي قصد كون التسليم عن الكفالة، بل لا بد من التصريح به، بأن يقول سلمت إليك عن الكفيل من كفالته فافهم، لكن اقتصر في الدرر على قوله عن الكفيل، وعزاه إلى الخانية، واقتصر في البحر على قوله عن الكفالة، وعبر في الفتح مرة بالاول ومرة بالثاني، فعلم أنه لا يلزم الجمع بينهما، فلو زاد الشارح كلمة أو بأن قال أو من كفالته لكان أولى.
قوله: (وإلا لا يبرأ) أي إن لم يقل أحد هؤلاء ذلك لا يبرأ الكفيل.
قوله: (ابن كمال) ومثله في الفتح والبحر والمنح وغيرها.
قوله: (فإن قال إن لم أواف الخ) قيد بعدم الموافاة للاحتراز عما في البزازية: كفل بنفسه على أنه متى طالبه سلمه، فإن لم يسلمه فعليه ما عليه ومات المطلوب وطالبه بالتسليم وعجز لا يلزمه المال، لان المطالبة بالتسليم بعد الموت لا تصح، فإن لم تصح المطالبة لم يتحقق العجز الموجب للزوم المال فلم يجب ا ه بحر.
قوله: (أي آت) ومثله إن لم أدفعه إليك أو إن غاب عنك.
نهر قوله: (فهو) أي القائل وهو من تتمة المقول بالمعنى، لانه إنما يقول فأنا ضامن لما عليه أو عندي كما في الخانية وقد مر.
قوله: (لما عليه) أشار إلى أنه لا يشترط تعيين قدر المال كما يأتي، وقيد بقوله: لما عليه لانه لو قاله فالمال الذي لك على فلان رجل آخر وهو ألف درهم فهو علي جاز في قول أبي يوسف.
وقال محمد: الكفالة بالنفس جائزة، والكفالة بالمال باطلة لانه مخاطرة إذا كان المال على غيره، وإنما يجوز إذا كان المال عليه استحسانا، ولو كفل بنفس رجل للطالب عليه مال فلزم الطالب الكفيل وأخذ منه كفيلا بنفسه على أنه إن لم يواف به فالمال الذي على المكفول به الاول عليه جاز، وليس هذا كالذي عليه مال ولم يكفل به أحد، كذا في كافي الحاكم.
قوله: (مع قدرته عليه) صرح بهذا القيد الزيلعي والشمني في شرح النقاية، وكذا في البحر.
وقال المصنف في المنح: إنه قيد لازم، لانه إذا عجز لا يلزمه إلا إذا عجز بموت المطلوب أو جنونه ا ه.
قوله: (فلو عجز لحبس أو مرض) أي مثلا فيدخل فيه ما إذا غاب المكفول به ولم يعلم مكانه، فقد مر التصريح بأن ذلك عجز، وقد علمت أن شرط ضمان المال عدم الموافاة مع القدرة وحيث صرحوا بأن الغيبة المذكورة عجز عن الموافاة لم يتحقق القدرة ولم يستثنوا من العجز إلا العجز بموت المطلوب أو جنونه، فدخلت الغيبة المذكورة في العجز.
وأما ما قدمناه عن
الخلاصة والبزازية من أن الغيبة المذكورة كالموت فقدمنا أن المراد أنها مثله في سقوط المطالبة في الحال لا من كل وجه، على أن ذلك مذكور في كفالة النفس، والموت هناك مبطل للكفالة بالنفس ومسقط(5/428)
للمطالبة بالكلية وليس هناك كفالة بالمال، وهنا المراد ثبوت كفالة المال المعلقة على عدم الموافاة مع القدرة والموت هنا محقق لكفالة المال ومثبت للضمان، فإذا جعلت الغيبة المذكورة كالموت بالمعنى المراد فيما مر وهو سقوط المطالبة بالنفس للعجز عن تسليمه لا يلزم منه ثبوت ضمان المال المعلق على عدم الموافاة مع القدرة، بل يلزم عدم ثبوته لتحقق العجز، وإن جعلت كالموت بالمعنى المراد هنا هو ثبوت الضمان نافي قولهم مع القدرة، وقد علمت أن الغيبة المذكورة عجز مناف للضمان، وأنهم لم يستثنوا من العجز إلا الموت والجنون، على أن جعلها كالموت في ثبوت الضمان خلاف ما أراده في البزازية والخلاصة لانهما إنما ذكرا ذلك في كفالة النفس المجردة عن كفالة المال، وقد صرح أصحاب المتون وغيرهم بأن الغيبة المذكورة مسقطة للمطالبة بالتسليم وذلك مناف لثبوت الضمان: أي ضمان النفس، فلا يصح الاستدلال بتلك العبارة على كون الغيبة المذكورة مسقطة للمطالبة بالمال في مسألتنا، وإنما تسقط المطالبة بالنفس فقط، وأما المطالبة بالمال فهي حكم الكفالة الاخرى المعلقة على عدم الموافاة مع القدرة، فإذا وجد ما علقت عليه ثبتت، وإلا فلا، ومع الغيبة المذكورة لم توجد القدرة فلا تثبت المطالبة بالمال كمالا يخفى.
مطلب حادثة الفتوى فإذا علمت ذلك ظهر لك جواب حادثة الفتوى قريبا من كتابتي لهذا المحل، وهي: رجلان عليهما ديون فكفلهما زيد كفالة مال وكفلهما عند زيد أربعة رجال على أنهم إن لم يوافوه بالمطلوبين عند حلول الاجل فالمال المذكور عليهم، ثم حل الاجل وأدى زيد إلى أصحاب الديون وطالب الاربعة بالمطلوبين فأحضروا له أحدهما وعجزوا عن إحضار الآخر لكونه سافر إلى بلاد الحرب ولا يدرى مكانه.
فأجبت: بأنه لا يلزمهم المال للعجز عن الموافاة بالغيبة المذكورة، فعارضني الحاكم الشرعي بعبارة البزازية المارة فأجبته بما حررته، والله سبحانه أعلم.
قوله: (كما أفاده بقوله الخ) أي أفاد بعضه لانه لم يذكر
الجنون، لكن يفهم حكمه من الموت لان المستحق عليه تسليم يكون ذريعة إلى الخصام ولا يتحقق ذلك مع الجنون كالموت.
قوله: (أو مات المطلوب) يعني بعد الغد، كذا في الفتح وبهذا يزول إشكال المسألة، وهو أن شرط الضمان عدم الموافاة مع القدرة، ولا شك أنه لا قدرة على الموافاة بالمطلوب بعد موته، فإذا قيد الموت بما بعد الغد يكون قد وجد شرط الضمان قبله، لان فرض المسألة عدم الموافاة به غدا كما نبه عليه الشارح بقوله: في الصورة المذكورة أي المقيدة بالغد، لكن مفاده أنه لو لم يقيد بالغد لا يثبت الضمان بالموت مع أنه صرح في الفتح أيضا بأنه لا فرق بين المقيد والمطلق، فليتأمل.
ثم رأيت في كافي الحاكم قيد بقوله: فمات المكفول به قبل الاجل ثم حل الاجل فالمال على الكفيل، فهذا مخالف لقول الفتح: يعني بعد الغد.
قوله: (في الصورتين) أي صورة عدم الموافاة مع القدرة وصورة موت المطلوب، وموت المطلوب وإن أبطل الكفالة بالنفس فإنما هو في حق تسليمه إلى الطالب لا في حق المال.
بحر.
قوله: (بشرط متعارف) فلو قال إن وافيتك به غدا فعلي ما عليه ثم وافى به لم يلزمه المال، لانه شرط لزومه إن أحسن إليه، كذا في منية المفتي: يعني أنه تعليق بشرط غير متعارف.
نهر.
لكن في جامع الفصولين: لو قال إن وافيتك به غدا فعلي المال لم تصح الكفالة، بخلاف إن لم أوافك به غدا ا ه.(5/429)
واستشكل في نور العين الفرق بين المسألتين، لان قوله: وإلا فعلي المال بمعنى: إن لم أوافك به غدا.
قلت: الظاهر أن قوله: وإلا زائد والصواب إسقاطه بدليل كلام المنية، وبه يزول الاشكال.
تدبر.
قوله: (لعدم التنافي) إذ كل منهما للتوثق، ولعله يطالبه بحق آخر يدعي به غير المال الذي كفل به معلقا كما في الفتح.
قوله: (لفقد شرط) وهو بقاء الكفالة بالنفس لزوالها بالابراء، وطولب بالفرق بينه وبين موت المطلوب، فإنها بالموت زالت أيضا.
وأجيب بأن الابراء، وضع لفسخ الكفالة فتفسخ من كل وجه، والانفساخ بالموت إنما هو لضرورة العجز عن التسليم المفيد فيقتصر، إذ لا ضرورة إلى تعديه إلى الكفالة بالمال، كذا في الفتح.
نهر.
قوله: (طلب وارثه) أي طلب وارثه من الكفيل إحضار
المكفول به في الوقت وإن مضى الوقت طلب منه المال.
قوله: (طولب وارثه) أي بإحضار المكفول به في الوقت وبالمال بعده.
قوله: (فإن دفعه) تفريع على قوله: ولو مات الكفيل الخ.
قوله: (فالقول للطالب) ويكون الامر على ما كان في الابتداء، ولا يمين على واحد منهما لان كلا منهما مدع: الكفيل البراءة، والطالب الوجوب، ولا يمين على المدعي عندنا، بحر عن نظم الفقه.
قوله: (ولو اختفى الطالب) أي عند مجئ الوقت.
مطلب في المواضع التي ينصب فيها القاضي وكيلا بالقبض المتواري عن الغائب المتواري قوله: (نصب القاضي عنه وكيلا) أي فيسلمه إليه، وكذا لو اشترى بالخيار فتوارى البائع أو حلف ليقضين دينه اليوم فتغيب الدائن، أو جعل أمرها بيدها إن لم تصل نفقتها فتغيبت، فالمتأخرون على أن القاضي ينصب وكيلا عن الغائب في الكل، وهو قول أبي يوسف، كذا في الخانية.
قال أبو الليث: هذا خلاف قول أصحابنا، وإنما روي في بعض الروايات عن أبي يوسف، ولو فعله القاضي فهو حسن.
نهر.
قوله: (ولا يصدق الكفيل الخ) الاولى ذكره بعد قوله: لانه منكرها.
قوله: (ادعى على آخر حقا) أفاد أنه لا فرق بين أن يبين مقدارا أصلا أو يبين المقدار ولم يبين صفته، وقد جمع بين المسألتين الامام محمد في الجامع الصغير، واقتصر في الكنز على الثانية.
قال في النهر: ولو تبعه المصنف لكان أولى، والخلاف الآتي جار فيهما خلافا لما يوهمه كلام البحر.
قوله: (لتصح الدعوى) علة للمنفي بلم، أفاد أن صحة الدعوى وقت الكفالة غير شرط.(5/430)
قوله: (أي فعليه المائة) أي المائة الدينار المذكورة والاولى أن يزيد مائة دينار منكرة لاجل قوله: حقا وقيد بكونه كفل بقدر معلوم، لما في كافي الحاكم من أنه لو كفل بنفسه على أنه إن لم يواف به غدا فعليه ما للطالب عليه من شئ فلم يواف به في الغد وقال الكفيل لا شئ لك عليه فالقول له مع يمينه على علمه، وكذلك إذا أقر الكفيل بمائة والمطلوب بمائتين صدق المطلوب على نفسه ولم يصدق على الكفيل، ولو قال فعليه من المال ما أقر به المطلوب فأقر المطلوب بألف فالكفيل ضامن
لها، ولو قال فعليه ما ادعى الطالب، وادعى ألفا وأقر له بها المطلوب فالقول للكفيل مع يمينه على علمه ا ه.
قوله: (فعليه المائة) هذا قول الامام والثاني آخرا.
وقال محمد: إن لم يبينها ثم ادعى وبينها لا تلزمه، وتمامه في النهر قوله: (أما بالبينة الخ) تابع فيه صاحب النهر، وكأنه أخذه مما يأتي عن السراج من اشتراط إقرار المدعى عليه بالمال والبينة مثل الاقرار، لكن هذا مخالف لكلام المصنف وغيره من أن القول للمدعي كما يأتي.
قوله: (والقول له أي للكفيل) عبارة المصنف في المنح: أي للمكفول له، وهي الصواب، وقد تبع الشارح الدرر.
واعترضه في العزمية بقوله: هذا سهو ظاهر، والصواب: للمدعي.
أما دراية فلان قولهم لانه يدعي الصحة يشهد بذلك، فإن ادعاء الصحة لا يوافق مدعاه.
وأما رواية فلقوله في معراج الدراية ويكون القول له في هذا البيان لانه يدعي الصحة والكفيل يدعي الفساد، ذكره في الذخيرة ا ه.
وفي غاية البيان: ويقبل قول المدعي أنه أراد ذلك عند الدعوى لانه يدعي الصحة ا ه ما في العزمية.
وفي النهاية: فإذا بين المدعي ذلك عند القاضي ينصرف بيانه إلى ابتداء الدعوى والملازمة، فتظهر صحة الكفالة بالنفس والمال جميعا ويكون القول قوله: في هذا البيان لانه يدعي صحة الكفالة ا ه.
ومثله في شرح الجامع الصغير لقاضيخان.
فهذه العبارات صريحة في المراد، وهو ظاهر عبارات المتون والهداية.
قوله: (وكلام السراج يفيد الخ) وذلك حيث قال: لو ادعى على رجل ألفا فأنكره فقال له رجل إن لم أوافك به غدا فهي علي فلم يوافه به غدا لا يلزمه شئ، لان المكفول عنه لم يعترف بوجود المال ولا اعترف الكفيل بها أيضا، فصار هذا مالا معلقا بخطر فلا يجوز ا ه.
قوله: (فليحرر) لا يخفى أن ما في السراج لا يعارض ما في مشاهير كتب المذهب التي ذكرناها.
وقال السائحاني: الذي تحرر لي أن يحمل ما في السراج على قول محمد وقول أبي يوسف ثانيا ا ه.
وهو ظاهر.
ولا يقال: إن قول السراج فأنكره يفيد التوفيق بحمل كلامهم على الاقرار، لانه خلاف ما فرض به المسألة في كافي الحاكم من كون الكفيل والمطلوب منكرين للمال.
قوله: (في دعوى حد وقود) قيد بالدعوى لان الكفالة بنفس الحد والقود لا تجوز إجماعا كما يأتي، إذ لا يمكن(5/431)
استيفاؤهما من الكفيل، وقيد بالقصاص لانه في القتل والجراحة خطأ يجبر عليه الكفيل إجماعا لان الموجب هو المال.
نهر.
قوله: (مطلقا) أي في حقه تعالى أو حق عبد، وهذا راجع لقوله: حد والاولى ذكره عقبه، قوله: (وسرقة) هذا ألحقه التمرتاشي وجعله من حقوق العباد لكون الدعوى فيه شرطا، بخلاف غيره لعدم اشتراطها.
بحر.
قلت: قد صرح به الحاكم في الكافي حيث قال: ولو ادعى رجل قبل رجل أنه سرق مالا منه وقال بينتي حاضرة فإنه يؤخذ له كفيل بنفسه ثلاثة أيام، ولو قال قد قبضت منه السرقة ولكني أريد أن أقيم الحد لم يؤخذ منه كفيل.
ثم قال: وإذا أقام شاهدين على السارق وعلى السرقة وهي بعينها في يديه لم يؤخذ منه كفيل ولكن يحبس وتوضع السرقة على يدي عدل حتى يزكي الشهود ا ه.
قلت: والظاهر أنه يحبس ولا يكفل في الثانية لانه صار متهما بقيام البينة قبل التزكية والمتهم يحبس كما يأتي وفي الاولى لم يحبس لان الحبس عقوبة فلا يفعلها قبل الشهادة.
قوله: (كتعزير) قال في الكافي: لو ادعى رجل قبل رجل شتيمة فيها تعزير وقال بينتي حاضرة أخذ له منه كفيلا بنفسه ثلاثة أيام لانه ليس بحد وهو من حقوق الناس، ألا ترى أنه لو عفا عنه وتركه جاز.
ثم قال: وإن أقام عليه شاهدين بالشتيمة لم يحبس، ولكن يؤخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل عن الشهود، فإن زكوا عزره القاضي أسواطا، وإن رأى أن لا يضربه وأن يحبسه أياما عقوبة فعل، وإن كان المدعى عليه رجلا له مروءة وخطر استحسنت أن لا أحبسه ولا أعزره إذا كان ذلك أول ما فعل ا ه.
قوله: (لانه حق آدمي) ظاهره أن ما كان: أي من التعزير من حقوقه تعالى لا يجوز به التكفيل كالحد.
بحر قوله: (والمراد بالجبر) أي على قولهما كما في البحر.
قوله: (الملازمة) أي بأن يدور معه الطالب حيث دار كي لا يتغيب عنه.
وإذا أراد دخول داره، فإن شاء المطلوب أدخله معه وإلا منعه الطالب عنه.
نهر.
قوله: (جاز) لانه أمكن ترتيب موجبه عليه لان تسليم النفس فيها واجب فيطالب به الكفيل فيتحقق الضم.
هداية.
قال في الفتح: ومقتضى هذا التعليل صحة الكفالة إذا سمح بها في الحدود الخالصة، لان تسليم النفس واجب فيها، لكن نص في الفوائد الخبازية على أن ذلك في الحدود التي للعباد فيها حق كحد
القذف لا غير ا ه نهر.
وفي البحر: قدمنا أنه لا تجوز بنفس من عليه في الحدود الخالصة.
قوله: (وظاهر كلامهم) أي حيث اقتصروا على هذه الثلاثة، وقد أسمعناك التصريح به في الفتح عن الخبازية، وذكره قبل ذلك أيضا حيث قال: بخلاف الحدود الخالصة حقا لله تعالى كحد الزنا والشرب لا تجوز الكفالة وإن طابت نفس المدعى عليه بإعطاء الكفيل بعد الشهادة أو قبلها، ثم ذكر وجهه.
قوله: (فليكن التوفيق) أي فليكن ظاهر كلامهم المذكور توفيقا بين ما ذكره المصنف من أنه لو أعطى كفيلا برضاه جاز، وبين ما سيجئ بحمل ما هنا على حقوق العباد، وما سيجئ على حقوقه تعالى.
لكن فيه أن الكفالة بنفس الحد لا تصح مطلقا، لان حد السرقة وإن كان ملحقا بحقوق العباد كما مر، لكن إذا قال قبضت السرقة وقال أريد إقامة الحد لم يؤخذ له كفيل كما قدمناه، فالاظهر أن يكون مراده(5/432)
أن ما سيجئ من قولهم لا تصح بنفس حد وقود هو التوفيق بينه وبين ما هنا من أنه لو أعطى كفيلا برضاه جاز، فإن ذاك في أنها لا تصح بنفس الحد والقود، وما هنا من الجواز في دعوى الحد والقود كما أشار إليه أولا حيث قال وفي دعوى حد وقود.
قوله: (ولا حبس فيهما) أي في الحدود والقصاص.
قوله: (يعرفه القاضي بالعدالة) أي فلا يحتاج إلى تعديله.
قوله: (لان الحبس للتهمة مشروع) أي والتهمة تثبت بأحد شطري الشهادة العدد أو العدالة.
فتح.
وهذا جواب عما قد يقال: الحبس أقوى من الكفالة، فإذا لم يؤاخذ بالادنى يؤاخذ بالاقوى؟ فأجاب بأن الحبس للتهمة لا للحد.
أفاده السائحاني.
مطلب في تعزير المتهم قوله: (وكذا تعزير المتهم) أي في غير هذه المسألة، وإلا فهي أيضا من تعزير المتهم، فإن الحبس من أنواع التعزير.
وعبارة البحر: وكلامهم هنا يدل ظاهرا على أن القاضي يعزر المتهم وإن لم يثبت عليه.
وقد كتبت فيها رسالة، وحاصلها: أن ما كان من التعزير من حقوقه تعالى لا يتوقف على الدعوى ولا على الثبوت، بل إذا أخبر القاضي عدل بذلك عزره لتصريحهم هنا بحبس المتهم بشهادة مستورين أو عدل، والحبس تعزير ا ه ملخصا.
وحاصله: جواز تعزير المتهم فيما هو من حقوقه تعالى، ويدل عليه ما قدمناه آنفا على الكافي من جواز حبسه إذا أقيمت البينة على السرقة حتى تزكي الشهود، بخلاف ما إذا أقيمت على شتمه فإنه يكفل ولا يحبس إلا بعد تزكيتهم فحينئذ يضرب أو يحبس.
تنبيه: أورد في النهر أن تعزير القاضي المتهم وإن لم يثبت عليه مبني على خلاف المفتى به عند المتأخرين من أنه ليس للقاضي أن يقضي بعلمه، ثم أجاب بأن الخلاف فيما كان من حقوق العباد، أما في حقوقه تعالى فيقضى فيها بعلمه اتفاقا.
ثم قال: فما يكتب من المحاضر في حق إنسان فإن للحاكم أن يعتمده من العدول ويعمل بموجبه في حقوقه تعالى ا ه ملخصا.
قلت: وهذا خاص بالتعزير، لان قضاءه بعلمه في الحدود الخالصة لا يصح اتفاقا كما صرح به في الفتح قبيل باب التحكيم، وكذا في شرح الوهبانية للشرنبلالي، وجزم به في شرح أدب القضاء بلا حكاية خلاف، فما أجاب به في النهر غير صحيح، وسيأتي تمام الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى في باب كتاب القاضي إلى القاضي.
مطلب لا يلزم أحدا إحضار أحد إلا في أربع قوله: (إلا في أربع) استثناء من قوله: لا يلزم أحدا.
قوله: (كفيل نفس) أي عند القدرة.
أشباه قوله: (وسجان قاض) أي إذا خلي رجلا من المسجونين حبسه القاضي بدين عليه فلرب الدين أن يطلب السجان بإحضاره كما في القنية.
أشباه، وقيد بإحضاره إذ لا يلزمه الدين لعدم موجبه.
قوله: (والاب في صورتين) الاولى الاب إذا أمر أجنبيا بضمان ابنه فطلبه الضامن منه.
الثانية ادعى الاب مهر ابنته من الزوج فادعى الزوج أنه دخل بها وطلب من الاب إحضارها: فإن كانت تخرج(5/433)
في حوائجها أمر القاضي الاب بإحضارها، وكذا لو ادعى الزوج عليها شيئا آخر، وإلا أرسل إليها أمينا من أمنائه، ذكره الولوالجي.
أشباه.
قلت: والمقصود من طلب إحضارها أن يسألها القاضي عن دعوى الزوج أنه دخل بها، فإن أقرت بذلك أجبرها القاضي على المصير إلى بيت الزوج، وإن أنكرت فالقول قولها، كذا في
الولوالجية.
وهكذا فهمته قبل أن أراه، ولله تعالى الحمد فافهم.
وهذا مبني على القول بأنها بعد الدخول بها برضاها ليس لها منع نفسها لقبض المهر.
قوله: (الاب يطالب بإحضار طفله إذا تغيب) أي إذا كان مأذونا في التجارة وطلب من رجل أن يضمنه، فافهم، وهذه غير الاولى من الصورتين السابقتين، وقدمناه عن الكافي، وكذا قال في جامع الفصولين من الاحكامات: لو تغيب الغلام وآخذ الكفيل أبا الغلام وقال أنت أمرتني أن أضمنه فخلصني فإن الاب يؤاخذ به حتى يحضر ابنه إذ الصبي في يده وتدبيره، وكذا قالوا إن الصبي المأذون لو أعطى كفيلا بنفسه ثم تغيب الصبي فإن الاب يطالب بإحضاره، بخلاف أجنبي قال أكفل بنفس زيد وكفل فغاب زيد فالآمر بالكفالة لا يطالب بإحضار زيد لانه لم يكن بيده وتدبيره ا ه.
قوله: (وفيها) أي في الاشباه.
قوله: (بإحضار المدعى) بالفتح: أي المدعى به إذا كان منقولا.
قوله: (وكذا المدعى عليه) أي يأخذ من المدعى عليه كفيلا بنفسه إذا برهن المدعى ولم تزك شهوده، أو أقام واحدا أو ادعى وقال شهودي حضور ولا يجبر على إعطاء كفيل بالمال.
أشباه.
قوله: (إلا في أربع الخ) عبارة الاشباه: ويستثنى من طلب كفيل بنفسه إذا كان المدعى عليه وصيا أو وكيلا ولم يثبت المدعي الوصاية والوكالة، وهما في أدب القضاء للخصاف، وما إذا ادعى بدل الكاتبة على مكاتبه أو دينا غيرها، وما إذا ادعى العبد المأذون الغير المديون على مولاه دينا، بخلاف ما إذا ادعى المكاتب على مولاه أو المأذون المديون فإنه يكفل، كذا في كافي الحاكم ا ه.
قوله: (إذا لم يثبت المدعي الوصاية والوكالة) لان المدعى عليه إذا أنكر كونه وصيا أو وكيلا لم يكن خصما عن الميت أو الغائب بل هو أجنبي، فإذا قال المدعي عندي بينة على كونه وصيا أو وكيلا لم يؤخذ له كفيل من المدعى عليه بنفسه، لان الوصاية أو الوكالة ليست حقا على المدعى عليه، أما لو أثبت ذلك وأراد أن يثبت دينا له على الميت أو الموكل فقد صار المدعى عليه خصما، فإذا قال للقاضي لي بينة حاضرة في المصر فخذ لي كفيلا بنفسه إلى ثلاثة أيام مثلا فإنه يجيبه، هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل.
قوله: (لا يجبر على الكفيل) وفي ظاهر الرواية يجبر، كما أنه يجبر علي إعطاء الكفيل وإن كان المال حقيرا ط عن حاشية أبي السعود.
قوله: (إلا كفيل النفس) فإن الطالب إذا أقر أنه لا حق له قبل المكفول به فإن أبا حنيفة قال: له أن يأخذ الكفيل به، ألا ترى أنه يكون وصيا يثبت عليه أو وكيلا في خصومة.
كافي.
مطلب كفالة المال قوله: (وأما كفالة المال الخ) معطوف على قوله: وكفالة النفس قال في شرح الملتقى: وزاد(5/434)
بعضهم الكفالة بتسليم المال ويمكن دخوله في المال فلا يحتاج إلى جعله قسما ثالثا، فتأمل ا ه.
وهو ظاهر ما في البحر عن التاترخانية له مال على رجل فقال رجل للطالب ضمنت لك ما على فلان أن أقبضه وأدفعه إليك قال ليس هذا على ضمان المال أن يدفعه من عنده، إنما هو على أن يتقاضاه ويدفعه إليه، وعلى هذا معاني كلام الناس، ولو غصب من مال رجل ألفا فقاتله المغصوب منه وأراد أخذها منه فقال رجل لا تقاتله فأنا ضامن لها آخذها وأدفعها إليك لزمه ذلك، ولو كان الغاصب استهلك الالف وصارت دينا كان هذا الضمان باطلا وكان عليه ضمان التقاضي ا ه.
فهذه الالفاظ لا تكون كفالة بنفس لمال بل بتقاضيه، وهذا إذا لم يذكره معلقا.
ففي جامع الفصولين: قال دينك الذي على فلان أنا أدفعه إليك أنا أسلمه أنا أقبضه لا يكون كفيلا ما لم يتكلم بلفظة تدل على الالتزام.
ثم قال: لو أتى بهذه الالفاظ منجزا لا يصير كفيلا ولو معلقا كقوله: لو لم يؤد فأنا أؤدي فأنا أدفع يصير كفيلا ا ه.
مطلب كفالة المال قسمان: كفالة بنفس المال، وكفالة بتقاضيه وقد علم بما مر أن كفالة المال قسمان، كفالة بنفس المال وكفالة بتقاضيه، ومن الثاني الكفالة بتسليم عين كأمانة ونحوها كما يأتي، ومنه أيضا قوله: ولو غصب من مال رجل الخ لان دراهم الغصب تتعين فيجب رد عينها لو قائمة، بخلاف ما إذا هلكت لانها تصير دينا فلا تصح الكفالة بدفعها بل يصير كفيلا بالتقاضي، وبه ظهر الفرق بين المسألتين.
قوله: (فتصح به) أطلقه فشمل ما إذا كان الاصيل مطالبا به الآن أو لا، فتصح عن العبد المحجور بما يلزمه بعد العتق باستهلاك أو قرض ويطالب الكفيل الآن، كما لو فلس القاضي المديون وله كفيل فإن المطالبة تتأخر عن الاصيل دون الكفيل كما في التاترخانية.
نهر.
وشمل كفالة المال عن الاصيل وعن الكفيل بأن كفل عن الكفيل كفيل آخر بما على الاصيل كما قدمناه أول الباب عن الكافي.
وقال في البحر: أطلق صحتها فشمل كل
من عليه المال حرا كان أو عبدا، مأذونا أو محجورا صبيا أو بالغا، رجلا أو امرأة، مسلما كان أو ذميا، وكان من له المال، لكن في البزازية الكفالة للصبي التاجر صحيحة لانه تبرع عليه، وللصبي العاقل غير التاجر روايتان ا ه.
وذكر الحاكم الشهيد أن الجواز قول أبي يوسف.
وفي التاترخانية: إذا كفل رجل لصبي، إن كان الصبي تاجرا صح بخطابه وقبوله، وإن كان محجورا فإن قبل عنه وليه أو أجنبي وأجاز وليه جاز، وإن لم يخاطب ولي ولا أجنبي بل الصبي فقط فعن الخلاف ا ه.
قلت: والظاهر أن مبنى الخلاف على أنه هل يشترط في الكفالة القبول في المجلس ولو من فضولي؟ وعند أبي يوسف: لا يشترط، وسيأتي اختلاف التصحيح، وقد صرحوا بأن يصح ضمان الولي مهر الصغيرة، وسيأتي تمام الكلام عليه.
قوله: (ولو المال مجهولا) لابتنائها على التوسع، وقد أجمعوا على صحتها بالدرك مع أنه لا يعلم كما يستحق من المبيع.
نهر ويأتي في المتن أربعة أمثلة للمجهول، وفي الفتح: وما نوقض به من أنه لو قال كفلت لك بعض مالك على فلان فإنه لا يصح ممنوع، بل يصح عندنا، والخيار للضامن، ويلزمه أن يبين أي مقدار شاء ا ه.
وفي البحر عن البدائع: لو كفل بنفس رجل أو بما عليه وهو ألف جاز وعليه أحدهما أيهما شاء ا ه.
ومثله في الكافي.
قوله: (إذا كان ذلك المال دينا صحيحا) يأتي تفسيره ودخل فيه المسلم فيه، فتصح الكفالة به كما عزاه(5/435)
الحانوتي إلى شرح التكملة.
ويشترط أيضا أن يكون الدين قائما كما قدمه أول الباب.
قوله: (كما سيجئ) في قوله: ولا لشريك بدين مشترك فهذا دين صحيح لا تصح به الكفالة.
قوله: (لان قسمة الدين قبل قبضه لا تجوز) لانه إما أن يكفل نصفا مقدرا فيكون قسمة الدين قبل قبضه، أو نصفا شائعا فيصير كفيلا لنفسه، لان له أن يأخذ من المقبوض نصفه كما في النهر عن المحيط.
قوله: (وإلا في مسألة النفقة المقررة) ما قبل هذا الاستثناء وما بعده استثناء من صريح قوله.
: إذا كان دينا صحيحا وهذا استثناء من مفهومه، فإنه يفهم منه أنه إذا كان الدين غير صحيح لا تصح الكفالة، فقال إلا في مسألة النفقة المقررة فإنها تصح الكفالة بها مع أنها دين غير صحيح لسقوطها بموت أو طلاق، وهذا إذا كانت غير مستدانة بأمر القاضي، وإلا فهي دين صحيح لا يسقط إلا بالقضاء أو
الابراء، والمراد بالمقررة ما قرر منها بالتراضي أو بقضاء القاضي: وتصح الكفالة أيضا بالنفقة المستقبلة كما يذكره الشارح بعد أسطر، مع أنها لم تصر دينا أصلا.
وأما ما قدمه أول الباب من أنها لا تصح بالنفقة قبل الحكم فمحمول على الماضية لانها تسقط بالمضي إلا إذا كانت مقررة بالتراضي أو بقضاء القاضي كما حررناه هناك.
قوله: (وإلا في بدل السعاية) أي كما إذا أعتق بعضه وسعى في باقيه وفي كافي الحاكم: والمستسعى في بعض قيمته بعدما عتق بمنزلة المكاتب، في قوله أبي حنيفة: لا تجوز كفالة أحد عنه بالسعاية لمولاه ولا بنفسه، وكذلك المعتق عند الموت إذا لم يخرج من الثلث فتلزمه السعاية، وأما المعتق على جعل فهو بمنزلة الحر، والكفالة للمولى بالجعل عنه وغيره جائزة ا ه.
قوله: (فيلغز أي دين صحيح الخ) فيقال هو بدل السعاية، وكذا الدين المشترك كما علمته.
قال في النهر: فإن قلت دين الزكاة كذلك ولا تصح الكفالة به.
قلت: إنما لم تصح، لانه ليس دينا حقيقة من كل وجه ا ه.
قلت: وفي قوله: كذلك نظر، لان الدين الصحيح ما لا يسقط إلا بالاداء أو الابراء، ودين الزكاة يسقط بالموت وبهلاك المال فلا يرد السؤال من أصله.
قوله: (وأي دين ضعيف) هو دين النفقة.
قوله: (ولو حكما) أي ولو كان الابراء حكما ط.
قوله: (بفعل) الباء للسببية.
ط.
قوله: (فيسقط دين المهر) الاولى: فدخل دين المهر الساقط بمطاوعتها ط.
قوله: (للابراء الحكمي) لان تعمدها ذلك قبل الدخول مسقط لمهرها فكأنها أبرأته منه.
لكن بقي أن المهر يسقط منه نصفه بالطلاق قبل الدخول مع أنه لم يوجد من الزوج إبراء أصلا لا حقيقة ولا حكما، إذ يتصور كون الطلاق قبل الدخول إبراء نصف المهر لانه بطلاقه سقط عنه لا عنها.
وقد يجاب بأن المهر وجب بنفس العقد، لكن مع احتمال سقوطه بردتها أو تقبيلها ابنه أو تنصفه بطلاقها قبل الدخول، ويتأكد لزوم تمامه بالوطئ ونحوه، حتى إنه بعد تأكده بالدخول لا يسقط، وإن كانت الفرقة من قبل المرأة كالثمن إذا تأكد بقبض المبيع كما قدمناه في باب المهر، وقد صرحوا هناك بصحة كفالة ولي الصغيرة بالمهر، وكذا كفالة وكيل الكبيرة،(5/436)
ولم يقيدوه بكونه بعد الدخول.
ووجه ذلك والله تعالى أعلم أن احتمال سقوطه أو سقوط نصفه لا
يضر لانه بعد السقوط تظهر براءة الكفيل، كما لا يضر احتمال سقوط ثمن المبيع باستحقاق المبيع أو برده بخيار عيب أو شرط أو رؤية، فإن الكفيل به يبرأ من الكفالة، مع أن الثمن عند العقد دينا صحيحا يصدق عليه أنه لا يسقط إلا بالاداء أو الابراء: أي لا يسقط إلا بذلك ما لم يعرض له مسقط ناسخ لحكم العقد وهو لزوم الثمن، لانه بأحد هذه الاشياء ظهر أن العقد غير ملزم للثمن في حق العاقدين، فكذا عقد النكاح يلزم به تمام المهر بحيث لا يسقط إلا بالاداء أو الابراء ما لم يعرض له مسقط لكله أو نصفه لانه انعقد من أصله محتملا لسقوطه بذلك المسقط، فإذا عرض ذلك المسقط تبين أنه لم يجب من أصله، بخلاف سقوطه بالاداء أو الابراء فإنه مقتصر على الحال.
وبهذا التقرير ظهر أنه لا حاجة إلى ما نقله عن ابن كمال، فاغتنم ذلك ولله الحمد.
قوله: (فلا تصح ببدل الكتابة) وكذا لا تصح الكفالة بالدية كما في الخلاصة والبزازية.
وفي الظهيرية: واعلم أن الكفالة ببدل الكتابة والدية لا تصح ا ه.
ونقلها في التاترخانية عن الظهيرية ولم ينقل فيه خلافا، ونقلها صاحب النقول عن الخلاصة.
رملي.
ولعل وجهه أن الدية ليست دينا حقيقة على العاقلة، لانها إنما جب أولا على القاتل ثم على العاقلة بطريق التحمل والمعاونة والظاهر أنها لو وجبت في مال القاتل كما لو كانت باعترافه تصح الكفالة بها، فتأمل.
وفي كافي الحاكم قال: إن قتلك فلان خطأ فأنا ضامن لديتك فقتله فلان خطأ فهو ضامن لديته.
قوله: (بالتعجيز) بدل من قوله: بدونهما.
وحاصله أن عقد الكتابة عقد غير لازم من جانب العبد، فله أن يستقل بإسقاط هذا الدين بأن يعجز نفسه متى أراد فلم يكن دينا صحيحا، لان العقد من أصله لم ينعقد ملزما لبدل الكتابة لانه دين للسيد على عبده، ولا يستحق السيد على عبده دينا ولذا ليس له حبسه به، فظهر الفرق بينه وبين المهر والثمن، فتدبر.
قوله: (ولو كفل) أي ضمن بدل الكتابة.
قوله: (يعني الخ) هذا ذكره صاحب النهر.
قوله: (وسيجئ) أي عند قوله: وبالعهدة وبالخلاص.
قوله: (قيد آخر) هو إذا حسب أنه مجير على ذلك لضمانه السابق.
قلت: ويظهر من هذا أنه يرجع على المولى لانه دفع له مالا على ظن لزومه له ثم تبين عدمه،
وحينئذ فلا فائدة للقيد الاول إلا إذا كان المراد الرجوع على المكاتب، تأمل.
ثم رأيت بعض المحشين ذكر نحو ما قلته.
قوله: (بكفلت الخ) أشار إلى أن الكفالة بالمال لا تكون به ما لم يدل عليه دليل، وإلا كانت كفالة نفس، وإل أن سائر ألفاظ الكفالة المارة في كفالة النفس تكون كفالة مال أيضا كما حررناه هناك، وإلى ما في جامع الفصولين من أنه لو قال: دينك الذي على فلان أنا أدفعه إليك أنا أسلمه أقبضه لا يصير كفيلا ما لم يتكلم بلفظه تدل على الالتزام كقوله: كفلت ضمنت علي إلي، وقدمنا عنه قريبا في أنا أدفعه الخ لو أتى بهذه الالفاظ منجزا لا يصير كفيلا ولو معلقا كقوله: لو لم يؤد فأنا أؤدي فأنا أدفع يصير كفيلا.
قوله: (بما لك عليه) قال في البحر.
وسيأتي أنه لا بد من البرهان أن له عليه كذا أو إقرار الكفيل، وإلا فالقول له مع يمينه ا ه.
وقدمنا عن الفتح صحة الكفالة(5/437)
بكفلت بعض ما لك عليه ويجبر الكفيل على البيان.
قوله: (وهذا يسمى ضمان الدرك) بفتحتين وبسكون الراء: وهو الرجوع بالثمن عند استحقاق المبيع، وتمامه في البحر.
شرطه ثبوت الثمن على البائع بالقضاء كما سيذكره المصنف آخر الباب ويأتي بيانه.
قوله: (وبما بايعت فلانا فعلي) معطوف على قوله: بكفلت فهو متعلق أيضا بتصح لا على قوله: بألف، إذ لا يناسبه جعل ما شرطية جوابها قوله: فعلي.
قوله: (وكذا قول الرجل الخ) في الخانية: قال لغيره ادفع إلى فلان كل يوم درهما على أن ذلك علي فدفع حتى اجتمع عليه مال كثير فقال الآمر لم أرد جميع ذلك كان عليه الجميع بمنزلة قوله: ما بايعت فلانا فهو علي يلزمه جميع ما بايعه، وهو كقوله: لامرأة الغير كفلت لك بالنفقة أبدا يلزمه النفقة أبدا.
ما دامت في نكاحه، ولو قال لها: ما دمت في نكاحه فنفقتك علي فإن مات أحدهما أو زال النكاح لا تبقى النفقة ا ه.
وقدمنا في باب النفقات لزوم الكفيل نفقة العدة أيضا.
قوله: (وما غصبك فلان) وكذا ما أتلف لك المودع فعلي، وكذا كل الامانات.
جامع الفصولين.
قوله: (ما هنا شرطية) أي في قوله: ما بايعت وما غصبك.
قوله: (أي إن بايعته فعلي لا ما اشتريته) أراد بيان أمرين: كون ما لمجرد الشرط مثل إن وكون المكفول به الثمن لا المبيع بقرينة التعليل.
وعبارة الدرر أظهر في المقصود حيث قال: أي ما بايعت منه فإني ضامن لثمنه لا ما اشتريته فإني ضامن للمبيع، لان الكفالة بالمبيع لا تجوز كما سيأتي.
ثم قال: وما في هذه الصور شرطية معناه: إن بايعت فلانا، فيكون في معنى التعليق ا ه.
وما كتبه ح هنا لا يخفى ما فيه على من تأمله، فافهم.
تنبيه: قيد بضمان الثمن، لما في البحر عن البزازية: لو قال بايع فلانا على أن ما أصابك من خسران فعلي لم يصح ا ه.
قال الخير الرملي: وهو صريح بأن من قال استأجر طاحونة فلان وما أصابك من خسران فعلي لم يصح، وهي واقعة الفتوى ا ه.
قوله: (لما سيجيئ) أي في قوله: ولا بمبيع قبل قبضه وهذا في البيع الصحيح، وسيأتي تمامه.
قوله: (بأن بايعه الخ) تصوير للقبول دلالة.
وعبارة النهر هكذا: وفي الكل يشترط القبول، إلا أنه في البزازية قال: طلب من غيره قرضا فلم يقرضه فقال رجل أقرضه فما أقرضته فأنا ضامن فأقرضه في الحال من غير أن يقبل ضمانه صريحا يصح، ويكفي هذا القدر ا ه.
وينبغي أن يكون ما بايعت فلانا أو ما غصبك فعلي كذلك إذا بايعه أو غصب منه للحال ا ه ما في النهر.
قلت: ما ذكره في المبايعة صحيح، بخلاف الغصب فإن الطالب مغصوب منه فكيف يتصور كون الغصب قبولا منه للكفالة، لان الغصب فعل غيره.
أما المبايعة فهي فعله، فإقدامه عليها في الحال يصح كونه قبولا منه، فافهم.
قوله: (إلا في كلما) هذا ما مشى عليه العيني وابن الهمام.
قال في الفتح: لان المعنى إن بايعته فعلي درك ذلك البيع، وإن ذات لك عليه شئ فعلي، وكذا ما غصبك فعلي وإذا صحت فعليه ما يجب بالمبايعة الاولى، فلو بايعه مرة بعد مرة لا يلزمه ثمن في(5/438)
المبابعة الثانية، ذكره في المجرد عن أبي حنيفة نصا، وفي نوادر أبي يوسف برواية ابن سماعة: يلزمه كله ا ه.
قوله: (وقيل يلزم) أي في ما مثل كلما وكذا الذي.
قوله: (إلا في إذا) أي ونحوها مما لا يفيد التكرار مثل متى، وإن قال في النهر وفي المبسوط: لو قال متى أو إذا إن بايعت لزمه الاول فقط، بخلاف كلما وما ا ه.
وزاد في المحيط الذي ا ه.
ومقتضى ما مر عن الفتح أن ما في المبسوط رواية عن أبي يوسف، وأن الاول قول الامام ونقل ط التصريح بذلك عن حاشية سري الدين على
الزيلعي عن المحيط وغيره، لكن ما في المبسوط هو الذي في كافي الحاكم ولم يذكر فيه خلافا، فكان هو المذهب: والحاصل الاتفاق على إفادة التكرار في كلما وعلى عدمها في إذا ومتى وإن والخلاف في ما.
قوله: (وعليه القهستاني والشرنبلالي) ومشى عليه أيضا في جامع الفصولين.
قوله: (ولو رجع عنه الكفيل الخ) في البزازية تبعا للمبسوط: لو رجع عن هذا الضمان قبل أن يبايعه ونهاه عن مبايعته لم يلزمه بعد ذلك شئ، ولم يشترط الولوالجي نهيه عند الرجوع حيث قال: لو قال رجعت عن الكفالة قبل المبايعة لم يلزم الكفيل شئ وفي الكفالة بالذوب لا يصح، والفرق أن الاولى مبنية على الامر دلالة وهذا الامر غير لازم، وفي الثانية مبنية على ما هو لازم ا ه.
وهو ظاهر.
نهر: أي لان قوله: كفلت لك مما ذاب لك على فلان: أي بما ثبت لك عليه بالقضاء كفالة بمحقق لازم، بخلاف بما بايعته فإنه لم يتحقق بعد بيانه ما في البحر عن المبسوط لان لزوم الكفالة بعد وجود المبايعة وتوجه المطالبة على الكفيل، فأما قبل ذلك هو غير مطلوب بشئ ولا ملتزم في ذمته شيئا فيصح رجوعه، يوضحه أن بعد المبايعة إنما أوجبنا المال على الكفيل دفعا للغرور عن الطالب لانه يقول: إنما اعتمدت في المبايعة معه كفالة هذا الرجل، وقد اندفع هذا الغرور حين نهاه عن المبايعة ا ه.
قوله: (وبخلاف ما غصبك الناس الخ) مرتبط بالمتن.
قال في الفتح قيد بقوله: فلانا ليصير المكفول عنه معلوما، فإن جهالته تمنع صحة الكفالة ا ه.
وقد ذكر الشارح ست مسائل: ففي الاولى جهالة المكفول عنه، وفي الثانية والثالثة والرابعة جهالة المكفول بنفسه وفي الخامسة والسادسة جهالة المكفول له، وهذا داخل تحت قوله: الآتي ولا تصح بجهالة المكفول عنه الخ.
قوله: (كقوله: ما غصبك أهل هذه الدار الخ) أي لان فيه جهالة المكفول عنه، بخلاف ما لو قال لجماعة حاضرين ما بايعتموه فعلي فإنه يصح، فأيهم بايعه فعلى الكفيل.
والفرق أنه في الاولى ليسوا معينين معلومين عند المخاطب وفي الثانية معنيون.
والحاصل أن جهالة المكفول له تمنع صحة الكفالة، وفي التخيير لا تمنع نحو كفلت مالك على فلان أو فلان كذا في الفتح.
نهر.
وذكر في الفتح أنه يجب كون أهل الدار ليسوا معينين معلومين عند
المخاطب، وإلا فلا فرق.
قوله: (أو علقت بشرط صريح) عطف على قوله: بكلفت من حيث المعنى فإنه منجز، فهو في معنى قولك إذا نجزت أو علقت الخ، والمراد بالصريح ما صرح به بأداة التعليق(5/439)
وهي إن أو إحدى أخواتها، فدخل فيه بالاولى ما كان في معنى التعليق مثل علي فإنه يسمى تقييدا بالشرط لا تعليقا محضا كما يعلم مما مر في بحث ما يبطل تعليقه، أو المراد بالصريح ما قابل الضمني في قوله: ما بايعت فلانا فعلي، فإن المعنى إن بايعت كما في الفتح، وقد عده في الهداية من أمثلة المعلق بالشرط، فافهم.
قوله: (ملائم) أي موافق من الملاءمة بالهمز وقد تقلب ياء.
قوله: (بأحد أمور) متعلق بموافق والباء للسببية ط.
قوله: (بكونه شرطا الخ) بدل من أحد أمور بدل مفصل من مجمل ط وعبر في الفتح بدل الشرط بالسبب وقال: فإن استحقاق المبيع سبب لوجود الثمن على البائع للمشتري.
قوله: (أو جحدك المودع) ومثله: إن أتلف لك المودع وكذا كل الامانات كما قدمناه عن الفصولين.
قوله: (أو قتلك) أي خطأ كما في الفتح عن الخلاصة، وقدمناه عن الكافي، وقدمنا أيضا عن عدة كتب أن الكفالة بالدية لا تصح، فليتأمل.
قوله: (فعلي الدية) أراد بها البدل فيشمل باقي الامثلة.
قوله: (ورضي به المكفول) أي المكفول له.
قوله: (بخلاف إن أكلك السبع) لان فعله غير مضمون لحديث جرح العجماء جبار قوله: (أو شرطا لامكان الاستيفاء الخ) أي لسهولة تمكن الكفيل من استيفاء المال من الاصيل قال في الفتح: فإن قدومه سبب موصل للاستيفاء منه.
قوله: (وهو معنى قوله): أي ما ذكر من كون التقدير: فعلي ما عليه من الدين هو معنى قوله: وهو مكفول عنه.
قوله: (أو مضاربه) الضمير فيه وفيما بعده يرجع إلى المكفول عنه ا ه ح وقد أفاد أنه لا بد أن يكون قدوم زيد وسيلة للاداء في الجملة وإن لم يكن أصيلا، بخلاف ما إذا كان أجنبيا من كل وجه، وهذا ما حققه في النهر والرملي في حاشية البحر ردا على ما فهمه في البحر.
قلت: ومن أمعن النظر في كلام البحر لم يجده مخالفا لذلك بل مراده ما ذكر، فإنه ذكر أولا أن كلام القنية شامل لكون زيد أجنبيا ثم قال: والحق أنه لا يلزم أن يكون مكفولا عنه لما في البدائع، لان قدومه وسيلة إلى الاداء في الجملة لجواز أن يكون مكفولا عنه أو مضاربة ا ه ثم قال: وعبارة
البدائع أزالت اللبس وأوضحت كل تخمين وحدس ا ه.
فهذا ظاهر في أنه لم يرد الاجنبي من كل وجه تأمل.
قوله: (وأمثلته كثيرة) منها ما في الدراية: ضمنت كل مالك على فلان إن توى، وكذا إن مات ولم يدع شيئا فأنا ضامن، وكذا إن حل مالك على فلان ولم يوافك به فهو علي، وإن حل مالك على فلان أو إن مات فهو علي، وقدمنا عن الخانية: إن غاب ولم أوافك به فأنا ضامن لما عليه، فهذا على أن يوافي به بعد الغيبة وعن محمد: إن لم يدفع مديونك أو إن لم يقضه فهو علي، ثم إن الطالب تقاضى المطلوب فقال المديون لا أدفعه ولا أقضيه وجب على الكفيل الساعة وعنه أيضا: وإن لم يعطك فأنا ضامن فمات قبل أن يتقاضاه ويعطيه بطل الضمان، ولو بعد التقاضي قال أنا أعطيك فإن أعطاه مكانه أو ذهب به إلى السوق أو منزله وأعطاه جاز، وإن طال ذلك ولم يعطه لزم الكفيل.
وفي القنية: إن لم يؤد فلان ما لك عليه إلى ستة أشهر فأنا ضامن له، يصح التعليق لانه شرط متعارف.
نهر.(5/440)
قلت: ويقع كثيرا في زماننا: إن راح لك شئ عنده فأنا ضامن، وهذا معنى قوله: المار: إن توى: أي هلك، وسيأتي في الحوالة أن التوي عند الامام لا يتحقق لا بموته مفلسا.
مطلب في تعليق الكفالة بشرط غير ملائم وفي تأجيلها قوله: (ولا تصح إن علقت بغير ملائم الخ) اعلم أن هاهنا مسألتين: إحداهما: تأجيل الكفالة إلى أجل مجهول، فإن كان مجهولا جهالة متفاحشة كقوله: كفلت لك بزيد أو كفلت بمالك عليه إلى أن يهب الريح أو إلى أن يجئ المطر لا يصح، ولكن تثبت الكفالة ويبطل الاجل، ومثله إلى قدوم زيد وهو غير مكفول به، وإن كان مجهولا جهالة غير متفاحشة مثل إلى الحصاد أو الدياس أو المهرجان أو العطاء أو صوم النصارى جازت الكفالة والتأجيل وكذلك الحوالة، ومثله: إلى أن يقدم المكفول به من سفره، صرح بذلك كله في كافي الحاكم، وكذا في الفتح وغيره بلا حكاية خلاف، وهذا لا نزاع فيه.
المسألة الثانية: تعليق الكفالة بالشرط، وهذا لا يخلو إما أن يكون شرطا ملائما أو لا، ففي الاول تصح الكفالة والتعليق وقد مر، وفي الثاني وهو التعليق بشرط غير ملائم، مثل أن يقول: إذا
هبت الريح أو إذا جاء المطر أو إذا قدم فلان الاجنبي فأنا كفيل بنفس فلان أو بما لك عليه فالكفالة باطلة كما نقله في الفتح عن المبسوط والخانية وصرح به أيضا في النهاية والمعراج و العناية وشرح الوقاية، ومثله في أجناس الناطفي حيث قال: كل موضع أضاف الضمان إلى ما هو سبب للزوم المال فذلك جائز، وكل موضع أضاف الضمان إلى ما ليس بسبب اللزوم فذلك باطل كقوله: إن هبت الريح فما لك على فلان فعلي ا ه.
وجزم بذلك الزيلعي وصاحب البحر والنهر والمنح.
ولكن وقع في كثير من الكتب أنه يبطل التعليق وتصح الكفالة ويلزم المال حالا، منها حاشية الهداية للخبازي وغاية البيان، وكذلك الكفاية للبيهقي حيث قال: فإن قال إذا هبت الريح أو دخل زيد الدار فالكفالة جائزة والشرط باطل والمال حال، وكذا في شرح العيون لابي الليث والمختار، ووقع اختلاف في نسخ الهداية ونسخ الكنز، ففي بعضها كالاول وفي بعضها كالثاني، وقد مال إلى الثاني العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل وأرجع ما مر عن الخانية وغيرها إليه، ورد عليه العلامة الشرنبلالي في رسالة خاصة، وادعى أن ما في الخبازية مؤول وأرجعه إلى ما في الخانية وغيرها، ورد أيضا على قول الدرر: إن في المسألة قولين.
أقول: والانصاف ما في الدرر، لان ارتكاب تأويل هذه العبارات وإرجاع بعضها إلى البعض يحتاج إلى نهاية التكلف والتعسف، والاولى اتباع ما مشى عليه جمهور شراح الهداية وشراح الكنز وغيرهم للمبسوط والخانية من بطلان الكفالة.
قوله: (وما في الهداية) حيث قال: لا يصح التعليق بمجرد الشرط، كقوله: إن هبت الريح أو جاء المطر، إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالا، لان الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لا تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق، وتبعه صاحب الكافي.
لكن في بعض نسخ الهداية بعد قوله: أو جاء المطر: وكذا إذا جعل واحدا منها أجلا، وحينئذ فقوله: إلا أنه تصح الكفالة الخ راجع إلى مسألة الاجل فقط، ولا ينافيه قوله: لان الكفالة لما صح تعليقها بالشرط الخ، لان المراد به الشرط الملائم، وقد أطال الكلام على تأويل عبارة الهداية في(5/441)
البحر والنهر وغيرهما.
قوله: (نعم لو جعله أجلا) أي بأن قال إلى هبوب الريح أو مجئ المطر ونحوه
مما هو مجهول جهالة متفاحشة فيبطل التأجيل وتصح الكفالة، بخلاف ما كانت جهالته غير متفاحشة كالحصاد ونحوه فإنها تصح إلى الاجل كما قدمناه آنفا.
قوله: (في تعليق) نحو: إن غصبك إنسان شيئا فأنا كفيل ا ه ح.
ويستثنى منه ما سيأتي متنا آخر الباب، وهو ما لو قال له اسلك هذا الطريق الخ، وسيأتي بيانه.
قوله: (وإضافة) نحو ما ذاب لك على الناس فعلي ا ه ح.
وقد صرح أيضا في الفتح بأنه من جهالة المضمون في الاضافة.
قلت: ووجهه أن ما ذاب ماض أريد به المستقبل كما يأتي فكان مضافا إلى المستقبل معنى، وعن هذا جعل في الفصول العمادية المعلق من المضاف لان المعلق واقع في المستقبل أيضا وقدمنا أن في الهداية جعل ما بايعت فلانا من المعلق لانه في حكمه من حيث وقوع كل منهما في المستقبل، وبه ظهر أن كلا منهما يطلق على الآخر نظرا إلى المعنى، وأما بالنظر إلى اللفظ فما صرح فيه بأداة الشرط فهو معلق وغيره مضاف وهو الاوضح، فلذا غاير بينهما تبعا للفتح.
فافهم.
قوله: (لا تخيير) بالخاء المعجمة، وسماه تخييرا لكون المكفول له مخيرا كما ذكره، لكن الواقع في عبارة الفتح وغيره تنجيز بالجيم والزاي وهو الاصوب، لان المراد به الحال المقابل للتعليق والاضافة المراد بهما المستقبل، ووجه جواز جهالة المكفول عنه في التنجيز دون التعليق كما في الفتح أن القياس يأتي جواز إضافة الكفالة، لانها تمليك في حق الطالب، وإنما جوزت استحسانا للتعامل والتعامل فيما إذا كان المكفول عنه معلوما ما فبقى المجهول على القياس.
قوله: (والتعيين للمكفول له لانه صاحب الحق) كذا في البحر عند قوله: وبالمال ولو مجهولا وتبعه في النهر.
لكن جعل في الفتح الخيار للكفيل.
ونصه.
ولو قال رجل كفلت بمالك على فلان أو مالك على فلان رجل آخر جاز لانها جهالة المكفول عنه في غير تعليق.
ويكون الخيار للكفيل ا ه.
ومثله ما في كافي الحاكم: ولو قال أنا كفيل بفلان أو فلان كان جائزا يدفع أيهما شاء الكفيل فيبرأ عن الكفالة.
ثم قال: وإذا كفل بنفس رجل أو بما عليه وهو مائة درهم كان جائزا، وكان عليه أي ذلك شاء الكفيل، وأيهما دفع فهو برئ ا ه.
وبه علم أن ما هنا قول آخر أو سبق قلم.
قوله: (ولا بجهالة المكفول له) يستثنى منه الكفالة في شركة المفاوضة فإنها تضح مع جهالة المكفول له لثبوتها ضمنا لا صريحا كما ذكره في الفتح من كتاب الشركة.
قوله:
(وبه) أي ولا تصح بجهالة المكفول به، والمراد هنا النفس لا المال، لما تقدم من أن جهالة المال غير مانعة من صحة الكفالة، والقرينة على ذلك الاستدراك ا ه ح.
قلت: والظاهر أن المانع هنا جهالة متفاحشة، لما علمت آنفا من قول الكافي: لو قال أنا كفيل بفلان أو فلان جاز.
تأمل.
قوله: (مطلقا) أي سواء كانت في تعليق أو إضافة أو تنجيز.
قال في الفتح: والحاصل أن جهالة المكفول له تمنع صحة الكفالة مطلقا، وجهالة المكفول به لا تمنعها مطلقا، وجهالة المكفول عنه في التعليق، والاضافة تمنع صحة الكفالة، وفي التنجيز لا تمنع ا ه.
ومراده بالمكفول به المال عكس ما في الشرح.
قوله: (جاز) لان الجهالة في الاقرار لا تمنع صحته.
بحر(5/442)
عن البزازية.
وذكر عنها أيضا: لو شهد على رجل أنه كفل بنفس رجل نعرفه بوجهه إن جاء لكن لا نعرفه باسمه جاز.
قوله: (لم يضمن) لان فعله جبار كما مر في إن أكلك سبع.
قوله: (أي ما ثبت) قال في المنصورية: الذوب واللزوم يراد بهما القضاء، فما لم يقض بالمكفول به بعد الكفالة على المكفول عنه لا يلزم الكفيل، وهذا في غير عرف أهل الكوفة، أما عرفنا فالذوب واللزوم عبارة عن الوجوب فيجب المال وإن لم يقض به ا ه ط.
وهذا: أي ما ذاب ماض أريد به المستقبل كما في الهداية وسيذكره الشارح أيضا: أي لانه معنى الشرط كما تقدم، فلا يلزم الكفيل ما لم يقض به على الاصيل بعد الكفالة، لكنه هنا لا يلزمه شئ لجهالة المكفول عنه.
قوله: (مثال للاول) وهو جهالة المكفول عنه.
قوله: (ونحوه ما بايعت الخ) أي هو مثال للاول أيضا.
قوله: (مثال للثاني) أي جهالة المكفول له.
قوله: (ولا تصح بنفس حد، وقصاص) أما لو كفل بنفس من عليه الحد تصح، لكن هذا في الحدود التي فيها للعباد حق كحد القذف، بخلاف الحدود الخالصة كما تقدم بيانه.
قوله: (مستأجرة له) أي للحمل.
قوله: (لانه يلزم الخ) قال في الدرر: لانه استحق عليه الحمل على دابة معينة، والكفيل لو أعطى دابة من عنده لا يستحق الاجرة لانه أتى بغير المعقود عليه، ألا ترى أن المؤجر لو حمله على دابة أخرى لا يستحق الاجرة فصار عاجزا ضرورة، وكذا العبد للخدمة، بخلاف ما إذا كانت الدابة غير معينة، لان الواجب على المؤجر الحمل مطلقا، والكفيل يقدر عليه بأن يحمل على دابة نفسه ا ه.
قوله: (لا التسليم) لان لو
كان الواجب التسليم لزم صحة الكفالة في المعينة أيضا، لان الكفالة بتسليمها صحيحة كما يأتي.
قوله: (ولا بمبيع قبل قبضه) بأن يقول للمشتري إن هلك المبيع فعلي.
درر، لان ماليته غير مضمونة على الاصيل، فإنه لو هلك ينفسخ البيع ويجب رد الثمن كما ذكره صدر الشريعة.
قوله: (ومرهون وأمانة) اعلم أن الاعيان إما مضمونة على الاصيل أو أمانة.
فالثاني كالوديعة ومال المضاربة والشركة والعارية والمستأجر في يد المتسأجر، والمضمونة إما بغيرها كالبيع قبل القبض والرهن فإنهما مضمونان بالثمن والدين، وإما بنفسها كالمبيع فاسدا والمقبوض على سوم الشراء والمغصوب ونحوه مما تجب قيمته عند الهلاك، وهذا تصح الكفالة به كما يذكره المصنف دون الاولين لفقد شرطها، وهو أن يكون المكفول مضمونا على الاصيل لا يخرج عنه إلا بدفع عينه أو بدله، هذا خلاصة ما في البحر وغيره.
قوله: (فلو بتسليمها صح في الكل) أي في الامانات والمبيع والمرهون، فإذا كانت قائمة وجب تسليمها، وإن هلكت لم يجب على الكفيل شئ كالكفيل بالنفس، وقيل إن وجب تسليمها على الاصيل كالعارية والاجارة جازت الكفالة بتسليمها وإلا فلا.
درر.
أي وأن لم يجب تسليمها على الاصيل كالوديعة ومال المضاربة والشركة فلا تجوز، لان الواجب عليه عدم المنع عند الطلب لا الرد، وهذا التفصيل جزم به شراح الهداية.
قوله: (ورجحه الكمال) أي رجح ما في الدرر من صحتها في تسليم الامانات كغيرها.(5/443)
وحاصل ما ذكره الوجه عندي صحة الكفالة بتسليم الامانة، إذ لا شك في وجوب ردها عند الطلب، غير أنه في الوديعة وأخويها يكون بالتخلية، وفي غيرها بحمل المردود إلى ربه.
قال في الذخيرة: الكفالة بتمكين المودع من الاخذ صحيحة ا ه.
وما ذكره السرخسي من أن الكفالة بتسليم العارية باطلة فهو باطل.
لما في الجامع الصغير والمبسوط أنها صحيحة.
ونص القدوري أنها بتسليم المبيع جائزة، وأقره في الفتح وانتصر له في العناية بأنه لعله اطلع على رواية أقوى من ذلك فاختارها.
واعترضه في النهر بأنه أمر موهوم.
قال في البحر: ورده على السرخسي مأخوذ من معراج الدراية ويساعده قول الزيلعي: ويجوز في الكل أن يتكفل بتسليم العين مضمونة أو أمانة.
وقيل إن
كان تسليمه واجبا على الاصيل كالعارية والاجارة جاز وإلا فلا، فأفاد أن التفصيل بين أمانة وأمانة ضعيف ا ه.
قوله: (فلو هلك المستأجر) بفتح الجيم.
قال في الفتح: ولو عجز أي عن التسليم بأن مات العبد المبيع أو المستأجر أو الرهن انفسخت الكفالة على وزان كفالة النفس.
قوله: (وصح لو ثمنا) أي صح تكفله الثمن عن المشتري، واحترز به عن تكفل المبيع عن البائع فإنه لا يصح، لانه مضمون بغيره وهو الثمن كما تقدم، والمراد بقوله: لو ثمنا أي ثمن مبيع بيعا صحيحا، لما في النهر عن التاترخانية لو ظهر فساد البيع رجع الكفيل بما أداه على البائع، وإن شاء على المشتري، ولو فسد بعد صحته بأن ألحقا به شرطا فاسدا فالرجوع للمشتري على البائع: يعني والكفيل يرجع بما أداه على المشتري، وكأن الفرق بينهما أنه بظهور الفساد تبين أن البائع أخذ شيئا لا يستحقه فيرجع الكفيل عليه، وإن ألحقا به شرطا فاسدا لم يتبين أن البائع حين قبضه قبض شيئا لا يستحقه ا ه.
وفيه أيضا وقالوا لو استحق المبيع برئ الكفيل بالثمن ولو كانت الكفالة لغريم البائع، ولو رد عليه بعيب بقضاء أو بغيره أو بخيار رؤية أو شرط برئ الكفيل إلا أن تكون الكفالة لغريم فلا يبرأ، والفرق بينهما فيما يظهر أنه مع الاستحقاق تبين أن الثمن غير واجب على المشتري، وفي الرد بالعيب ونحوه وجب المسقط بعدما تعلق حق الغريم به فلا يسري عليه ا ه.
قوله: (إلا أن يكون الخ) قال في النهر: وقدمنا أنه لو كفل عن صبي ثمن متاع اشتراه لا يلزم الكفيل شئ، ولو كفل بالدرك بعد قبض الصبي الثمن لا يجوز وإن قبله جاز ا ه.
ومسألة الدرك فيما لو كان الصبي بائعا وهو الذي قدمه في النهر عند قول الكنز: إذا كان دينا صحيحا.
قوله: (وكذا لو مغصوبا الخ) لان هذه الاعيان مضمونة بنفسها على الاصيل فيلزم الضامن إحضارها وتسليمها، وعند الهلاك تجب قيمتها، وإن مستهلكة فالضمان لقيمتها.
نهر بخلاف الاعيان المضمونة بغيرها كالمبيع والرهن، بخلاف الامانات على ما تقدم.
زيلعي.
قوله: (وإلا فهو أمانة كما مر) أي في البيوع، وإذا كان أمانة لا يكون من هذا النوع بل من نوع الامانات وقد مر حكمها.
قوله: (وبدل صلح عن دم) أي لو كان البدل عبدا مثلا فكفل به إنسان صحت، فإن هلك قبل القبض فعليه قيمته.
بحر.
وتقييده بالدم يفيد أن الكفالة ببدل الصلح في المال لا تصح، لانه إذا هلك انفسخ لكونه كالبيع ط.
قوله: (وخلع) عطف(5/444)
على صلح: أي وبدل خلع.
قوله: (ومهر) أي وبدل مهر، فتصح الكفالة في هذه المواضع بالعين كعبد مثلا، لان هذه الاشياء، لا تبطل بهلاك العين كما في البحر.
قوله: (بنوعيها) أي بالنفس والمال.
قوله: (ولو فضوليا) أي ويتوقف على إجازة الطالب، وبه ظهر أن شرط الصحة مطلق القبول.
وأما قبول الطالب بخصوصه فهو شرط النفاذ، كما أفاده ابن الكمال.
وفي كافي الحاكم: كفل بكذا عن فلان لفلان فقال قد فعلت والطالب غائب ثم قدم فرضي بذلك جاز، لان خاطب به مخاطبا وإن لم يكن وكيلا، وللكفيل أن يخرج من الكفالة قبل قدوم الطالب.
وفي البحر عن السراج: لو قال ضمنت ما لفلان على فلان وهما غائبان فقبل فضولي ثم بلغهما وأجازا: فإن أجاب المطلوب أولا ثم الطالب جازت وكانت كفالة بالامر، وإن بالعكس كانت بلا أمر، وإن لم يقبل فضولي لم تجز مطلقا، وإن كان الطالب حاضرا وقبل ورضي المطلوب: فإن رضي قبل قبول الطالب رجع عليه، وإن بعده فلا ا ه.
علله في الخانية بأن الكفالة تمت: أي بقبول الطالب أولا ونفذت ولزم المال الكفيل فلا تتغير بإجازة المطلوب ا ه.
وبه علم أن إجازة المطلوب قبل قبول الطالب بمنزلة الامر بالكفالة فللكفيل الرجوع بما ضمن، فتنبه لذلك.
مطلب في ضمان المهر تنبيه: قدمنا أنه لو كفل رجل لصبي صح بقبوله لو مأذونا، وإلا فبقبول وليه أو قبول أجنبي وإجازة وليه، وإن لم يقبل عند أحد فعلى الخلاف: أي فعندهما لا يصح، وعليه فلو ضمن للصغيرة مهرها لم يصح إلا بقبول كما ذكر، وهذا لو أجنبيا.
ففي باب الاولياء من الخانية: زوج صغيرته وضمن لها مهرها عن الزوج صح إن لم يكن في مرض موته، فإذا بلغت وضمنت الاب لم يرجع على الزوج إلا إذا كان بأمره، وإن زوج ابنه الصغير وضمن عنه المهر في صحته جاز ويرجع بما ضمن في مال الصغير قياسا، وفي الاستحسان لا يرجع، وتمامه هناك.
قوله: (واختاره الشيخ قاسم) حيث نقل اختيار ذلك عن أهل الترجيح كالمحبوبي والنسفي وغيرهما وأقره الرملي، وظاهر الهداية ترجيحه لتأخيره دليلهما وعليه المتون.
قوله: (ولو أخبر عنها الخ) بيان لاستثناء مسألتين من قوله: ولا تصح
بلا قول الطالب وفي استثناء الاولى نظر كما يظهر من التعليل.
قوله: (بمال فلان) الاولى جعل ما موصولة وجعل اللام متصلة بفلان على أنها جارة كما يوجد في بعض النسخ.
قوله: (وإرث المريض) قيد به، لانه قال هذا في الصحة لم يجز ولم يلزم الكفيل شئ، وهذا قول محمد، وهو قول أبو يوسف الاول، ثم رجع وقال: الكفالة جائزة.
كافي وجزم بالاول في الفتح عن المبسوط.
قوله: (الملي) أي الذي عنده ما يفي بدينه.
قوله: (لانها وصية) تعليل للثانية، وترك تعليل الاولى لظهوره، فإن الاخبار عن العقد إخبار عن ركنيه الايجاب والقبول ا ه ح.
فليست في الحقيقة كفالة بلا قبول،(5/445)
وما ذكره في وجه الاستحسان من أنها وصية هو أحد وجهين في الهداية.
قال ولهذا تصح وإن لم يسم المكفول لهم، وإنما تصح إذا كان له مال.
الوجه الثاني: أن المريض قائم مقام الطالب لحاجته إليه تفريغا لذمته وفيه نفع للطالب، فصار كما إذا حضر بنفسه، فعلى الاول هي وصية لا كفالة، وعلى الثاني بالعكس.
واعترض الاول بأنه يلزم عدم الفرق بين حال الصحة والمرض إلا أن يؤول بأنه في معنى الوصية، وفيه بعد.
واعترض الثاني في البحر بأنه لا فائدة في الكفالة، لانا حيث اشترطنا وجود المال فالوارث يطالب به على كل حال.
وأجاب بأن فائدته تظهر في تفريغ ذمته.
تأمل.
قال في النهر: والاستثناء على الاول منقطع وعلى الثاني متصل، ولذا كان أرجح، إلا أن مقتضاه مطالبة الوارث وإن لم يكن للميت مال ا ه.
قلت: الظاهر أن هذا وصية من وجه وكفالة من وجه، فيراعى الشبه من الطرفين لانهم ذكروا للاستحسان وجهين متنافيين، فعلم أن المراد مراعاتهما بالقدر الممكن وإلا لزم إلغاؤهما.
قوله: (الصحة أوجه) أيده في الحواشي السعدية بأن الوارث حيث كان مطالبا بالدين في الجملة كان فيه شبهة الكفالة عن نفسه في الجملة، فكان ينبغي أن لا تجوز كفالته، فإذا جازت لما مر في الوجهين فكفالة الاجنبي وهي سالمة عن هذا المانع أولى أن تصح ا ه.
وأقره في النهر.
قوله: (وحقق أنها كفالة) أي وبنى عليه صحتها من الاجنبي، لكن يرد عليه إلغاء أحد وجهي الاستحسان، وإذا مشينا على ما قلنا من إعمال
الوجهين وتوفير الشبهين بالوصية والكفالة لم يضرنا، لان الاجنبي يصح كونه وصيا وكونه كفيلا، قوله: (لكن يرد عليه توقفها على المال) حيث قد يكون المريض مليا، والكفالة عن المريض لا تتوقف على المال.
قلت: وهذا وارد على كونها كفالة من كل وجه، وقد علمت أن لها شبهين، واشتراط المال مبني على شبه الوصية، كما أن اشتراط المرض مبني على شبه الكفالة دون الوصية.
قوله: (لم أره) أصل التوقف لصاحب البحر والجواب لصاحب النهر، ولا يخفى عدم إفادته رفع التوقف لان مبنى التوقف وجود الشبهين.
نعم على ما حققه في الفتح من أنها كفالة حقيقة لا ينتظر لكن علمت ما فيه.
وقد يقال: إن اشتراط المال مبني على شبه الوصية دون الكفالة كما علمت، وبه يظهر أنه ليس المراد دفع الورثة من مالهم بل من مال الميت، وذلك يفيد الانتظار، ويفيد أيضا أنه لو هلك المال بعد الموت لا يلزم الورثة لم أره صريحا.
قوله: (ولو ضمنه) أي لو ضمن وارث المريض الملي بعد موته في غيبة الطالب.
قوله: (ولعله قول الثاني لما مر) أي من تجويزه الكفالة بلا قبول، وهذا الحمل متعين لانها إذا لم تصح عندهما في حال الصحة لا تصح بعد الموت بالاولى، ولان وجه كونها كفالة في المرض قيام المريض مقام الطالب في القبول.
قوله: (اختلفا في الاخبار والانشاء) راجع لمسألة المصنف الاولى: أي إذا قال أنا كفيل زيد فقال الطالب كنت مخبرا بذلك فلا يحتاج لقبولي وقال الكفيل كنت منشئا(5/446)
للكفالة فالقول للمخبر، لانه يدعي الصحصة والآخر الفساد.
كذا في شرح الجامع لقاضيخان.
قوله: (بدين ساقط) أي بسبب موته مفلسا.
قوله: (عن ميت مفلس) هو من مات ولا تركة له ولا كفيل عنه.
بحر.
قوله: (إلا إذا كان به كفيل أو رهن) استثناء من قوله: ساقط ولو حذف ساقط أولا ثم علل بقوله لانه يسقط بموته ثم استثنى منه لكان أوضح: يعني أن الدين يسقط عن الميت المفلس إلا إذا كان به كفيل حال حياته أو رهن.
قال في البحر: قيد بالكفالة بعد موته، لانه لو كفل في حياته ثم مات مفلسا لم تبطل الكفالة، وكذا لو كان به رهن ثم مات مفلسا لا يبطل الرهن، لان سقوط الدين في أحكام الدنيا في حقه
للضرورة فتتقدر بقدرها فأبقيناه في حق الكفيل والرهن لعدم الضرورة، كذا في المعراج.
ولا يلزم مما ذكر صحة الكفالة به حينئذ للاستغناء عنها بالكفيل وببيع الرهن ط.
قوله: (أو ظهر له مال) في كافي الحاكم: لو ترك الميت شيئا لا يفي لزم الكفيل بقدره.
قوله: (على الطريق) المراد به الحفر في غير ملكه.
قوله: (لزمه ضمان المال في ماله وضمان النفس على عاقلته) هذا زيادة من الشارح على ما في البحر.
قوله: (وهو الحفر الثابت حال قيام الذمة) والمستند يثبت أولا في الحال، ويلزمه اعتبار قوتها حينئذ به لكونه محل الاستيفاء.
بحر عن التحرير: أي ويلزم ثبوته في الحال اعتبار قوة الذمة حين ثبوته به: أي بالدين، وقوله: لكونه محل الاستيفاء زيادة من البحر على ما في التحرير.
قوله: (وهذا) الاشارة إلى ما في المتن.
قوله: (مطلقا) أي ظهر له مال أولا.
قوله: (ولو تبرع به) أي بالدين: أي بإيفائه.
قوله: (صح إجماعا) لانه عند الامام وإن سقط، لكن سقوطه بالنسبة إلى من هو عليه لا بالنسبة إلى من هو له، فإذا كان باقيا في حقه حل له أخذه.
قوله: (ولا تصح كفالة الوكيل بالثمن) وكذا عكسه، وهو توكيل الكفيل بقبض الثمن كما سيأتي في الكفالة.
بحر.
قيد بالوكيل لان الرسول بالبيع يصح ضمانه الثمن عن المشتري، ومثله الوكيل ببيع الغنائم عن الامام لانه كالرسول، وقيد بالثمن لان الوكيل بتزويج المرأة لو ضمن لها المهر صح لكونه سفيرا ومعبرا.
بحر.
وقيد بالكفالة لانه لو تبرع بأداء الثمن عن المشتري صح كما في النهر عن الخانية.
قوله: (فيما لو وكل ببيعه) الاولى أن يقول: أي ثمن ما وكل ببيعه، قيد به لان الوكيل بقبض الثمن لو كفل به يصح كما في البحر.
قوله: (لان حق القبض له بالاصالة) ولذا لا يبطل بموت الموكل وبعزله، وجاز أن يكون الموكل وكيلا عنه في القبض، وللوكيل عزله، وتمامه في البحر.
قوله: (ومفاده الخ) هو لصاحب البحر وتبعه في النهر.
قوله: (لو أبرآه) بمد الهمزة بضمير التثنية.
قوله: (لما مر) أي في الوكيل من قوله: لان حق القبض له الخ.
قوله: (ولان الثمن الخ) ذكره الزيلعي، وقوله: أمانة عندهما أي(5/447)
عند الوكيل والمضارب وهذا بعد القبض، أشار به إلى أنه لا فرق في عدم صحة الكفالة بين أن تكون قبل قبض الثمن أو بعده، ووجه الاول ما مر ووجه الثاني أن الثمن بعد قبضه أمانة عندهما غير
مضمونة أو بعده، ووجه الاول ما مر ووجه الثاني أن الثمن بعد قبضه أمانة عندهما غير مضمونة والكفالة غرامة، وفي ذلك تغيير لحكم الشرع بعد ضمانه بلا تعد، وأيضا كفالتهما لما قبضاه كفالة الكفيل عن نفسه، وأما ما مر من صحة الكفالة بتسليم الامانة فذاك في كفالة من ليست الامانة عنده.
قوله: (ولا تصح للشريك الخ) مفهومه أنه لو ضمن أجنبي لاحد الشريكين بحصته تصح، والظاهر أنه يصح مع بقاء الشركة، فما يؤديه الكفيل يكون مشتركا بينهما كما لو أدى الاصيل، تأمل.
قوله: (ولو بإرث) تفسير للاطلاق، وأشار به إلى أن ما وقع في الكنز وغيره من فرض المسألة في ثمن المبيع غير قيد.
قوله: (مع الشركة) بأن ضمن نصفا شائعا.
قوله: (يصير ضامنا لنفسه) لانه ما من جزء يؤديه المشتري أو الكفيل من الثمن إلا لشريكه فيه نصيب.
زيلعي.
قوله: (ولو صح في حصة صاحبه) بأن كفل نصفا مقدرا.
قوله: (وذا لا يجوز) لان القسمة عبارة عن الافراز والحيازة، وهو أن يصير حق كل واحد منهما مفرزا في حيز على جهة وذا لا يتصور في غير العين، لان الفعل الحسي يستدعي محلا حسيا والدين حكمي، وتمامه في الزيلعي قوله: (نعم لو تبرع جاز) أي لو أدى نصيب شريكه بلا سبق ضمان جاز ولا يرجع بما أدى، بخلاف صورة الضمان، فإنه يرجع بما دفع إذ قضاه على فساد كما في جامع الفصولين قوله: (كما لو كان صفقتين) بأن سمى كل منهما لنصيبه ثمنا صح ضمان أحدهما نصيب الآخر لامتياز نصيب كل منهما فلا شركة بدليل أن له: أي للمشتري قبول نصيب أحدهما فقط، ولو قبل الكل ونقد حصة أحدهما كان للناقد قبض نصيبه، وقد اعتبروا هنا لتعدد الصفقة تفصيل الثمن وذكروا في البيوع أن هذا قولهما، وأما قوله: فلا بد من تكرار لفظ بعت.
بحر.
قوله: (ولا تصح الكفالة بالعهدة) بأن يشتري عبدا فيضمن رجل العهدة للمشتري.
نهر.
قوله: (لاشتباه المراد بها) لانطلاقها على الصك القديم أي الوثيقة التي تشهد للبائع بالملك وهي ملكه، فإذا ضمن بتسليمها للمشتري لم يصح، لانه ضمن ما لم يقدر عليه وعلى العقد وحقوقه وعلى الدرك وخيار الشرط فلم تصح الكفالة للجهالة نهر.
قلت: فلو فسرها بالدرك صح، كما لو اشتهر إطلاقها عليه في العرف لزوال المانع.
تأمل.
قوله: (ولا بالخلاص) أي عند الامام.
وقالا تصح، والخلاف مبني على تفسيره، فهما فسراه بتخليص
المبيع إن قدر عليه ورد الثمن إن لم يقدر عليه، وهذا ضمان الدرك في المعنى، وفسره الامام بتخليص المبيع فقط ولا قدرة له عليه.
نهر.
قوله: (متى أدى بكفالة فاسدة رجع كصحيحة) لم أر هذه العبارة في جامع الفصولين وإنما قال في صورة الضمان: أي ضمان أحد الشريكين يرجع بما دفع إذ قضاه على فساد فيرجع، كما لو أدى بكفالة فاسدة.
ونظيره: لو كفل ببدل الكتابة لم يصح فيرجع بما أدى إذ حسب أن مجبر على ذلك لضمانه السابق، وبمثله لو أدى من غير سبق ضمان لا يرجع لتبرعه،(5/448)
وكذا وكيل البيع إذا ضمن الثمن لموكله لم يجز فيرجع لو أدى بغير ضمان جاز ولا يرجع ا ه قوله: (ولو كفل بأمره) شمل الآمر حكما، كما إذا كفل الاب عن ابنه الصغير مهر امرأته ثم مات الاب وأخذ من تركته كان للورثة الرجوع في نصيب الابن، لانه كفالة بأمر الصبي حكما لثبوت الولاية، فإن أدى بنفسه، فإن أشهد رجع وإلا لا، كذا في نكاح المجمع، وكما لو جحد الكفالة فبرهن لامدعي عليها بالامر وقضى على الكفيل فأدى فإنه يرجع وإن كان متناقضا لكونه صار مكذبا شرعا بالقضاء عليه، كذا في تلخيص الجامع الكبير.
نهر.
وقدمنا قريبا عند قول الشارح ولو فضوليا أن إجازة المطلوب قبل قبول الطالب بمنزلة الامر بالكفالة، ونقله أيضا في الدر المنتقى عن القهستاني عن الخانية، وتأتي الاشارة إليه في كلام الشارح قريبا.
قوله: (أي بأمر المطلوب) فلو بأمر أجنبي فلا رجوع أصلا، ففي نور العين عن الفتاوى الصغرى: أمر رجلا أن يكفل عن فلان لفلان فكفل وأدى لم يرجع على الآمر ا ه.
قوله: (أو على أنه علي) أي على أن ما تضمنه يكون علي قال في الفتح: فلو قال اضمن الالف التي لفلان علي لم يرجع عليه عند الاداء لجواز أن يكون القصد ليرجع أو لطلب التبرع فلا يلزم المال، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد ا ه.
لكن في النهر عن الخانية علي كعني، فلو قال اكفل لفلان بألف درهم علي أو انقده ألف درهم علي أو اضمن له الالف التي علي أو اقضه ما له علي ونحو ذلك رجع بما دفع في رواية الاصل، وعن أبي حنيفة في المجرد: إذا قال لآخر اضمن لفلان الالف التي له علي فضمنها وأدى إليه لا يرجع ا ه.
فعلم أن ما في الفتح على رواية المجرد، وقد جزم في الولوالجية بالرجوع، وإنما حكي الخلاف في نحو اضمن له ألف درهم إذا لم يقل عني أو
هي له علي ونحوه، فعندهما: لا يرجع إلا إذ كان خليطا.
وعند أبي يوسف: يرجع مطلقا، ومثله في الذخيرة، وكذا في كافي الحاكم.
قال في النهر وأجمعوا على أن المأمور لو كان خليطا رجع، وهو الذي في عياله من والد أو ولد أو زوجة أو أجير والشريك شركة عنان، كذا في الينابيع.
وقال في الاصل: والخليط أيضا الذي يأخذ منه ويعطيه ويداينه ويضع عنده المال، والظاهر أن الكل يعطى لهم حكم الخليط، وتمامه فيه.
قلت: وما استظهره مصرح به في كافي الحاكم.
قوله: (وهو غير صبي الخ) قال في جامع الفصولين: الكفالة بأمر إنما توجب الرجوع لو كان الآمر ممن يجوز إقراره على نفسه، فلا يرجع على صبي محجور ولو أمره، ويرجع على القن بعد عتقه ا ه.
قال في البحر: بخلاف المأذون فيهما لصحة أمره وإن لم يكن أهلا لها: أي للكفالة.
قوله: (رجع بما أدى) شمل ما إذا صالح الكفيل الطالب عن الالف بخمسمائة فيرجع بها لا بألف لانه إسقاط، أو إبراء كما في البحر: وقال أيضا: إن قوله: رجع بما أدى مقيد بما إذا دفع ما وجب دفعه على الاصيل، فلو كفل عن المستأجر بالاجرة فدفع الكفيل قبل الوجوب لا رجوع له كما في إجارات البزازية ا ه.
قلت: ونظيره ما لو أدى الاصل قبله، ففي حاوي الزاهدي: الكفيل بأمر الاصيل أدى المال إلى الدائن بعدما أدى الاصيل ولم يعلم به لا يرجع به لانه شئ حكمي، فلا فرق فيه بين العلم(5/449)
والجهل كعزل الوكيل ا ه: أي بل يرجع على الدائن.
قوله: (إن أدى بما ضمن) الاولى حذف الباء.
قوله: (وإن أدى أردأ) إن وصلية: أي إن لم يؤد ما ضمن لا يرجع بما أدى بل بما ضمن، كما إذا ضمن بالجيد فأدى الاردأ أو بالعكس.
قوله: (لملكه الدين بالاداء الخ) أي يرجع بما ضمن لا بما أدى، لان رجوعه بحكم الكفالة، وحكمها أنه يملك الدين بالاداء فيصير كالطالب نفسه فيرجع بنفس الدين فصار كما إذا ملك الكفيل الدين بالارث بأن مات الطالب والكفيل وارثه فإنما له عينه، وكذا إذا وهب الطالب الدين للكفيل فإنه يملكه ويطالب به المكفول بعينه وصحت الهبة مع أنه هبة الدين لا تصح إلا ممن عليه الدين، وليس الدين على الكفيل على المختار، لان الواهب إذا أذن
للموهوب بقبض الدين جاز استحسانا، وهنا بعقد الكفالة سلطه على قبضه عند الاداء، وهذا بخلاف المأمور بقضاء فإنه يرجع بما أدى لانه لم يملك الدين بالاداء، وتمامه في الفتح.
قوله: (وإن بغيره) أي وإن كفل بغيره أمره لا يرجع.
قوله: (إلا إذا إجاز في المجلس) أي قبل قبول الطالب، فلو كفل بحضرتهما بلا أمره فرضي المطلوب أولا رجع، ولو رضي الطالب أولا لا لتمام العقد به فلا يتغير.
قهستاني عن الخانية، وقدمناه أيضا عن السراج.
قوله: (وحيلة الرجوع بلا أمر الخ) عبارة الولوالجية: رجل كفل بنفس رجل ولم يقدر على تسليمه فقال له الطالب ادفع إلي مالي على المكفول عنه حتى تبرأ من الكفالة فأراد أن يؤديه على وجه يكون له حق الرجوع على المطلوب، فالحيلة في ذلك أن يدفع الدين إلى الطالب ويهبه الطالب ما له على المطلوب ويوكله بقبضه فيكون له حق المطالبة، فإذا قبضه يكون له حق الرجوع، لانه لو دفع المال إليه بغير هذه الحيلة يكون متطوعا، ولو أدى بشرط أن لا يرجع لا يجوز ا ه ولا يخفى أنه ليس في ذلك كفالة مال بل كفالة نفس فقط، لكن إذا ساغ له الرجوع بدون كفالة بهذه الحيلة فمع الكفالة أولى، لكن علمت آنفا أن هبة الطالب الدين للكفيل لا يشترط فيها الاذن بقبضه، لان عقد الكفالة يتضمن إذنه بالقبض عند الاداء، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين كونها بإذن المطلوب أو بدونه، فقول الشارح ويوكله بقبضه غير لازم هنا، بخلافه في مسألة الولوالجية لانها ليس فيها عقد كفالة بالمال، فلذلك ذكر فيها التوكيل بالقبض إذ لا تصح الهبة بدونه.
وأورد أنه إذا دفع دين الاصيل برئ الاصيل من دينه، فلا رجوع له عليه إلا إذا دفع قدر الدين من غير تعرض لكونه دين الاصيل: أي بأن يدفعه للطالب على وجه الهبة.
قلت: هذا وارد على مسألة الولوالجية، أما على ما ذكره الشارح من فرض المسألة في الكفيل بلا أمر فلا، لما علمت من أن الكفيل يملك الدين بمجرد الهبة ويرجع بعينه على الاصيل، فافهم.
نعم ينبغي أن تكون الهبة سابقة على أداء الكفيل وإلا كانت هبة دين سقط بالاداء فلا تصح.
قوله: (لان تملكه بالاداء) أي تملك الكفيل الدين إنما يثبت له بالاداء لا قبله، فإذا أداه يصير كالطالب كما قررناه آنفا فحينئذ يثبت له حبس المطلوب.
قوله: (نعم للكفيل أخذ رهن الخ) يعني لو دفع الاصيل إلى الكفيل رهنا بالدين فله أخذه، والاولى في التعبير أن يقال نعم للاصيل دفع رهن للكفيل لئلا يوهم(5/450)
لزوم الدفع على الاصيل بطلب الكفيل، وقد تبع الشارح في هذا التعبير صاحب البحر أخذا من عبارة الخانية، مع أنها إنصما تفيد ما قلنا، فإنه قال فيها: ذكر في الاصل أنه لو كفل بمال مؤجل على الاصيل فأعطاه المكفول عنه رهنا بذلك جاز، ولو كفل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به إلى سنة فعليه المال الذي عليه وهو ألف درهم ثم أعطاه المكفول عنه بالمال رهنا إلى سنة كان الرهن باطلا، لانه لم يجب المال للكفيل على الاصيل بعد، وكذا لو قال إن مات فلان ولم يؤدك فهو علي ثم أعطاه المكفول عنه رهنا لم يجز.
وعن أبي يوسف في النوادر: يجوز ا ه.
قوله: (وإذا حبسه له حبسه) في حاشبة المنح للرملي.
أقول: سيأتي في كتاب القضاء من بحث الحبس أن المكفول له يتمكن من حبس الكفيل والاصيل وكفيل الكفيل وإن كثروا ا ه.
مطلب فيما يبرأ به الكفيل عن المال قوله: (هذا إذا كفل بأمره الخ) تقييد لقول المصنف فإن لوزم لازمه الخ وقيده أيضا في البحر بحثا بما إذا كان المال حالا على الاصيل كالكفيل، وإلا فليس له ملازمته ا ه.
وقيده في الشرنبلالية أيضا بما إذا لم يكن المطلوب من أصول الطالب، فلو كان أباه مثلا ليس له حبس الكفيل لما يلزم من فعل ذلك بالمطلوب وهو ممتنع: أي لانه لا يحبس الاصل بدين فرعه، وإذا امتنع اللازم امتنع الملزوم.
واعترضه السيد أبو السعود بمنع الملازمة، وبأنه مخالف للمنقول في القهستاني فلا يعول عليه وإن تبعه بعضهم ا ه.
قلت: وعبارة القهستاني: وإن حبس حبس هو المكفول عنه، إلا إذا كان كفيلا عن أحد الابوين أو الجدين، فإنه إن حبس لم يحبسه به يشعر قضاء الخلاصة ا ه.
ولا يخفى أن المتبادر من هذه العبارة، ما إذا كان الطالب أجنبيا والمطلوب: أي المدين أصلا للكفيل لا للطالب، وهذا غير ما في الشرنبلالية، وهو ما إذا كان المطلوب أصلا للطالب لا للكفيل، فما في الشرنبلالية تقييد لقولهم: إن للطالب حبس الكفيل، وما في القهستاني تقييد لقولهم: للكفيل حبس المكفول إذا حبس: أي إذا كان المكفول أصلا للكفيل فللطالب الاجنبي حبس الكفيل، وليس للكفيل إذا حبس أن يحبس المكفول لكونه أصله، بخلاف ما إذا كان المفكول أصلا للطالب فإنه ليس للطالب حبس الكفيل لانه يلزم من حبسه
له أن يحبس هو المكفول فيلزم حبس الاصل بدين فرعه.
وقد ذكر الشرنبلالي في رسالة خاصة، وذكر فيها أنه سئل عن هذه المسألة ولم يجد فيها نقلا وحقق فيها ما ذكرناه، لكن ذكر الخبر الرملي في حاشية البحر في باب الحبس من كتاب القضاء أنه وقع الاستفتاء عن هذه المسألة، ثم قال: للكفيل حبس المكفول الذي هو أصل الدائن، لانه إنما حبس لحق الكفيل ولذلك يرجع عليه بما أدى فهو محبوس بدينه، فلم يدخل في قولهم لا يحبس أصل في دين فرعه لانه إنما حبسه أجنبي فيما ثبت له عليه ا ه ملخصا، ومفاده أن للطالب الذي هو فرع المكفول حبس الكفيل الاجنبي، لان الكفيل لا يحبس المكفول ما لم يحبسه الطالب، ولا يخفى أن المكفول إنما يحبس بدين الطالب حقيقة فيلزم حبس الاصل بدين فرعه وإن كان الحابس له مباشرة غير الفرع، نعم يظهر ما ذكره الخير الرملي على القول بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في الدين، لكن علمت أن الكفيل لا يملك الدين قبل الاداء فبقي الدين للطالب ولزم المحذود، والله سبحانه أعلم فافهم.
قوله: (يوجب برأتهما) أي براءة الكفيل والاصيل وقوله: للطالب قيل متعلق بأداء.(5/451)
قلت: وفيه بعد، والاظهر تعلقه بمحذوف على أنه حال من براءة: أي منتهية إلى الطالب على أن اللام بمعنى إلى، ونظيره قوله الآتي: برئت إلى فافهم.
قوله: (إلا إذا أحاله) فإن الحوالة كما يأتي نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فهو في حكم الاداء فصح الاستثناء، فافهم.
قوله: (وشرط براءة نفسه فقط) فحينئذ يبرأ الكفيل دون الاصيل، وللطالب أخذ الاصيل إو المحال عليه بدينه ما لم ينو المال على المحال عليه، وبدون هذا الشرط يبرأ الاصيل أيضا، لان الدين عليه والحوالة حصلت بأصل الدين فتضمنت برأتهما، كما في البحر عن السراج.
قوله: (وبرئ الكفيل بأداء الاصيل) وكذا يبرأ لو شرط الدفع من وديعة فهلكت.
ففي الكافي: لو كفل بألف عن فلان على أن يعطيها إياه من وديعة لفلان عنده جاز، فإن هلكت الوديعة فلا ضمان على الكفيل ا ه.
وفيه أيضا في باب بطلان المال عن الكفيل بغير أداء ولا إبراء: لو كفل عن رجل بالثمن فاستحق المبيع من يده أو رده بعيب ولو بلا قضاء أو بإقالة أو بخيار رؤية أو بفساد البيع برئ الكفيل، وكذا لو بطل المهر أو
بعضه عن الزوج بوجه برئ مما بطل عن الزوج أو ضم المشتري الثمن لغريم البائع فاستحق المبيع من يد المشتري بطلت الكفالة أيضا وكذلك الحوالة، أما لو رده المشتري بعيب ولو بلا قضاء لم يبرأ الكفيل ويرجع به على البائع، وكذا لو هلك المبيع قبل التسليم أو ضمن الزوج مهر المرأة لغريمها ثم وقعت بينهما فرقة من قبله أو من قبلها لم يبطل الضمان، وتمامه فيه.
قوله: (إلا إذا برهن) أي الاصيل على أدائه قبل الكفالة فيبرأ: أي الاصيل فقط: أي دون الكفيل لانه أقر بهذه الكفالة أن الالف على الاصيل، وبهذا يظهر أن الاستثناء منقطع، لما في البحر من أن هذا ليس من البراءة، وإنما تبين أن لا دين على الاصيل والكفيل عومل بإقراره: أي لان البينة لما قامت على الاداء قبل الكفالة علم أن ما كفل به الكفيل غير هذا الدين، بخلاف ما إذا برهن أنه قضاه بعد الكفالة، ففي البحر أنهما يبرآن.
قوله: (بحر) صوابه نهر فإنه نقل عن القنية براءة الاصيل إنما توجب براءة الكفيل إذا كانت بالاداء أو الابراء، فإن كانت بالحلف فلا، لان الحلف يفيد براءة الحالف فحسب ا ه.
والظاهر أنه مصور فيما إذا كانت الكفالة بغير أمره، وإلا فقوله: اكفل عني لفلان بكذا، إقرار بالمال لفلان كما في الخانية وغيرها، وحينئذ فإذا ادعى عليه المال فأنكر وحلفه برئ وحده، إنما قلنا كذلك لانه لو ادعى الاصيل الاداء فعليه البينة لا اليمين.
تأمل.
قوله: (ولو أبرأ الطالب الاصيل الخ) محل براءة الكفيل بإبراءه الطالب الاصيل إذا لم يكفل بشرط براءة الاصيل، فإن كفل كذلك برئ الاصيل دون الكفيل لانها حوالة ط.
ولو قال ولو برئ الاصيل لشمل ما في الخانية لو مات الطالب والاصيل وارثه برئ الكفيل أيضا ا ه بحر.
قوله: (برئ الكفيل) بشرط قبول الاصيل وموته قبل القبول والرد يقول مقام القبول، ولو رده ارتد.
وهل يعود الدين على الكفيل أم لا؟ خلاف كذا في الفتح.
نهر.
وفي التتارخانية عن المحيط: لا ذكر لهذه المسألة في شئ من الكتب.
واختلف المشايخ، فمنهم من قال لا يبرأ الكفيل: أي برد الاصيل الابراء كما في رد الهبة، ومنهم من قال: يبرأ الكفيل ا ه.
قال في الفتح.
وهذا بخلاف الكفيل فإنه إذا أبرأه صح وإن لم يقبل، ولا يرجع على الاصيل، ولو كان إبراء الاصيل أو هبته أو التصدق عليه بعد موته(5/452)
فعند أبي يوسف: القبول والرد للوارث، فإن قبلوا صح، وإن ردوا ارتد.
وقال محمد: لا يرتد بردهم كما لو أبرأهم في حال حياته ثم مات، وهذا يختص بالابراء ا ه.
قوله: (كما مر) أي قبيل الكفالة بالمال.
قوله: (وتأخر الدين عنه) مرتبط بقوله: أو أخر عنه وشمل كقيل الكفيل، فإذا أخر الطالب عن الاصيل تأخر عن الكفيل وكفيله، وإن أخره عن الكفيل الاول تأخر عن الثاني أيضا لا عن الاصيل كما في الكافي، وشرطه أيضا قبول الاصيل، فلو رده ارتد، كما أفاده الفتح.
قوله: (تأخرت مطالبة المصالح) مصدر مضاف إلى مفعوله، والمراد به المكاتب والفاعل ولي القتيل أو إلى فاعله، والمراد به الولي والمفعول المكاتب، فإن المصالحة مفاعلة من الطرفين، وهذا أولى لئلا يلزم الاظهار في مقام الاضمار فافهم، ومثل هذه المسألة ما لو كفل العبد المحجور بما لزمه بعد عتقه، فإن المطالبة تتأخر عن الاصيل إلى عتقه ويطالب كفيله للحال، لكن في هذين الفرعين تأخر لا بتأخير الطالب فلم يدخلا في كلام المصنف، كما أفاده في البحر والنهر.
قوله: (ولا ينعكس) أي لو أبرأ الكفيل أو أخر عنه: أي أجله بعد الكفالة بالمال حالا لا يبرأ الاصيل ولا يتأخر عنه.
قال في النهر: وإذا لم يبرأ الاصيل لم يرجع عليه الكفيل بشئ، بخلاف ما لو وهبه الدين أو تصدق عليه به حيث يرجع ا ه.
قوله: (نعم لو تكفل بالحال مؤجلا الخ) أفاد أنه لو كان مؤجلا على الاصيل فكفل به تأخر عنهما بالاولى وإن لم يسم الاجل في الكفالة، كما صرح به في الكافي وغيره.
قوله: (لان تأجيله على الكفيل تأجيل عليهما) هذا التعليل غير تام، فإن العلة كما في الفتح هي أن الطالب ليس له حال الكفالة حق يقبل التأجيل، إلا الدين فبالضرورة يتأجل عن الاصيل بتأجيل الكفيل، أما في مسألة المتن وهي ما إذا كانت الكفالة ثابتة قبل التأجيل، فقد تقرر حكمها وهو المطالبة، ثم طرأ التأجيل عن الكفيل فينصرف إلى ما تقرر عليه بها وهو المطالبة.
تنبيه: ما ذكره الشارح تبعا للهداية وغيرها من أنه يتأجل عليهما يستثنى منه ما إذا أضاف الكفيل الاجل إلى نفسه، بأن قال أجلني أو شرط الطالب وقت الكفالة الاجل للكفيل خاصة فلا يتأخر الدين حينئذ عن الاصيل، كما ذكره في الفتاوى الهندية.
ونقل ط عبارتها.
مطلب لو كفل بالقرض مؤجلا تأجل عن الكفيل دون الاصيل
ويستثنى أيضا ما لو كفل بالقرض مؤجلا إلى سنة مثلا فهو على الكفيل إلى الاجل وعلى الاصيل حال كما في البحر عن التتارخانية معزيا إلى الذخيرة والغياثية.
ثم نقل خلافه عن تلخيص الجامع من شموله للقرض، وأن هذا هو الحيلة في تأجيل القرض، وسيذكره الشارح آخر الباب.
قلت: لكن رده العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل بأن هذا إنما قاله الحصيري في شرح الجامع: وكل الكتب تخالفه فلا يلتفت إليه، ولا يجوز العمل به، وقدمنا تمام الكلام عليه قبيل فصل القرض، ويؤيده أن الحاكم الشهيد في الكافي صرح بأنه لا يتأخر عن الاصيل، وكفى به حجة.
قوله: (وفيه) متعلق بقوله: يشترط والضمير المجرور عائد إلى قول المتن ولو أبرأ الاصيل الخ(5/453)
ولو أسقط لفظة فيه لكان أوضح.
و عبارة الدرر هكذا: أبرأ الطالب الاصيل إن قبل برئا: أي الاصيل والكفيل معا، أو أخره عنه تأخر عنهما بلا عكس فيهما، ولو أبرأ الكفيل فقط برئ وإن لم يقبل، إذ لا دين عليه ليحتاج إلى القبول بل عليه المطالبة وهي تسقط بالابراء، ولو وهب الدين له: أي للكفيل إن كان غنيا أو تصدق عليه إن كان فقيرا يشترط القبول، كما هو حكم الهبة والصدقة وهبة الدين لغير من عليه الدين تصح إذا سلط عليه والكفيل مسلط على الدين في الجملة، كذا في الكافي، وبعده له الرجوع على الاصيل ا ه.
وضمير بعده للقبول.
وحاصله أن حكم الابراء والهبة في الكفيل مختلف، ففي الابراء لا يحتاج إلى القبول، وفي الهبة والصدقة يحتاج، وفي الاصيل متفق فيحتاج إلى القبول في الكل، وموته قبل القبول والرد كالقبول.
شرنبلالية.
ولم يذكر حكم الرد.
وأفاد في الفتح أن الابراء والتأجيل يرتدان برد الاصيل.
وأما الكفيل فلا يرتد برده الابراء بل التأجيل.
والفرق أن الابراء إسقاط محض في حق الكفيل ليس فيه تمليك مال لان الواجب عليه مجرد المطالبة، والاسقاط المحض لا يحتمل الرد لتلاشي الساقط، بخلاف التأخير لعوده بعد الاجل، فإذا عرف هذا، فإن لم يقبل الكفيل التأخير أو الاصيل فالمال حال يطالبان به للحال ا ه.
وقدمنا تمام الكلام عليه.
تنبيه: نقل في البحر عن قوله: وبطل تعليق البراءة عن الهداية مثل ما هنا، من أن إبراء
الكفيل لا يرتد بالرد، بخلاف إبراء الاصيل.
ثم نقل عن الخانية: لو قال للكفيل أخرجتك عن الكفالة فقال الكفيل لا أخرج لم يصر خارجا.
ثم قال في البحر: فثبت أن إبراء الكفيل أيضا يرتد بالرد ا ه.
قال في النهر: وفيه نظر، ولم يبين وجهه.
وأجاب المقدسي بأن ما في الخانية في معنى الاقالة لعقد الكفالة، فحيث لم يقبلها الكفيل بطلت فتبقى الكفالة، بخلاف الابراء لانه محض إسقاط فيتم بالمسقط ا ه.
على أن ما في الهداية منصوص عليه في كافي الحاكم.
قوله: (والتأجيل) هذا غير موجود في عبارة الدرر كما عرفته.
نعم هو في الفتح كما ذكرناه آنفا.
قوله: (لا الكفيل) أي لا يشترط قبول الكفيل الابراء والتأجيل، لكن لم يذكر في الدرر عدم اشتراطه في التأجيل وهو غير صحيح، بل هو شرط كما سمعته من كلام الفتح.
قوله: (وفي فتاوى ابن نجيم الخ) ونصها: سئل عن رجل ضمن آخر في دين عليه ثمن مبيع أو أجرة لازمة عليه ثم إن رب المال أجله على الكفيل إلى مدة معلومة هل يصير مؤجلا عليه وحده وعلى الاصيل حالا أو مؤجلا عليهما؟ أجاب يصير مؤجلا عليهما كما صرح به في الحاوي القدسي ا ه.
أقول: هذا غير صحيح لمخالفته لعبارات المتون والشروح، على أني راجعت الحاوي القدسي فرأيت خلاف ما عزاه إليه.
ونص عبارة الحاوي: وإن أخر الطالب الدين عن الاصيل كان تأخيرا عن الكفيل، وإن أخره عن الكفيل لم يكن تأخيرا عن الاصيل ا ه بالحرف، وكأن ابن نجيم اشتبه عليه ذلك بما لو تكفل بالحال مؤجلا مع أن صريح السؤال خلافه، فافهم.
قوله: (فليحفظ) بل الواجب(5/454)
حفظ ما في كتب المذهب، لان هذا سبق نظر فلا يحفظ ولا يلحظ.
قوله: (وهو المختار) لان الناس لا يريدون نفي التعلق أصلا، وإنما يريدون نفي التعلق الحسي، وإني لا أتعلق به تعلق المطالبة ا ه ح.
على أن إبراء الاصيل يتوقف على قبوله ولم يوجد.
قوله: (وإذا حل الدين المؤجل الخ) أفاد أن الدين يحل بموت الكفيل كما صرح به في الغرر وشرح الوهبانية عن المبسوط، وعلله في المنح عن الولوالجية بأن الاجل يسقط بموت من له الاجل.
قوله: (لا يحل على الاصيل) وكذا إذا عجل الكفيل الدين حال حياته لا يرجع على المطلوب إلا عند حلول الاجل عند علمائنا الثلاثة، وهو نظير ما لو كفل بالزيوف
وأدى الجياد.
تاترخانية.
قوله: (خير الطالب) أي في أخذه من أي التركتين شاء، لان دينه ثابت على كل واحد منهما كما في حال الحياة.
درر.
قوله: (مثلا) فالنصف غير قيد.
قوله: (برئا) أي الاصيل والكفيل، لانه أضاف الصلح إلى الالف الدين وهو على الاصيل فيبرأ عن خمسمائة وبراءته توجب براءة الكفيل.
درر.
قوله: (وإذا شرط براءة الكفيل وحده الخ) ليس المراد أن الطالب يأخذ البدل في مقابلة إبراء الكفيل عنها، وإنما المراد أن ما أخذه من الكفيل محسوب من أصل دينه ويرجع بالباقي على الاصيل.
بحر.
ونبه بذلك على الفرق بني هذه وبين المسألة التي عقبها كما يأتي، ويوضحه ما في الفتح عن المبسوط: لو صالحه على مائة درهم على أن أبرئ الكفيل خاصة من الباقي رجع الكفيل عن الاصيل بمائة ورجع الطالب على الاصيل بتسعمائة، لان إبراء الكفيل يكون فسخا للكفالة ولا يكون إسقاطا لاصل الدين ا ه.
قوله: (كانت فسخا للكفالة) هذه عبارة المبسوط كما علمت أي أن البراءة عن باقي الدين التي تضمنها عقد الصلح تتضمن فسخ الكفالة لسقوط المطالبة عن الكفيل بهذا الشرط ولا يسقط بها أصل الدين، إذ لو سقط لم يبق للطالب على المطلوب شئ مع أنه يطالبه بالنصف الباقي، بخلاف الصور الثلاث فإن مطالبته سقطت عنهما جميعا.
قوله: (فيبرأ هو) أي الكفيل وحده عن خمسمائة وهي التي سقطت بعقد الصلح، وكذا عن التي دفعها بدلا عن الصلح وهو ظاهر، لان الصلح على بعض الدين أخذ لبعض حقه وإبراء عن الباقي، فحيث أخذ الطالب من الكفيل بعض حقه وأبرأه عن باقيه فقد سقطت المطالبة عنه أصلا، وبراءة الكفيل لا توجب براءة الاصيل فلذا قال دون الاصيل.
قوله: (والكفيل بخمسمائة) أي ويرجع الكفيل على الاصيل بخمسمائة وهي التي أداها للطالب بدل الصلح في الصور الاربع.
قوله: (لو بأمره) أي يرجع بها لو كفل عنه بأمره وإلا فلا رجوع له.
قوله: (على جنس آخر) مفهوم قوله: على نصفه ا ه ح.
قوله: (رجع بالالف) لان الصلح بجنس آخر مبادلة فيملك الدين فيرجع بجميع الالف.
فتح.
وكذا يرجع بجميع الالف لو صالحه على خمسمائة على أن يهب له الباقي كما في الفتح أيضا، ومثله في الكافي.
قوله: (كما مر) الاولى أن يقول(5/455)
لما مر: أي من أنه يملك الدين بالاداء.
قوله: (صالح الكفيل الطالب الخ) في الهداية: ولو كان صالحه
عما استوجب بالكفالة لا يبرأ الاصيل، لان هذا إبراء الكفيل عن المطالبة ا ه.
ومقتضاه صحة الصلح ولزوم المال وسقوط المطالبة عن الكفيل دون، الاصيل، وهو خلاف ما ذكره المصنف تبعا للخانية، إلا أن يحمل على الكفالة بالنفس، لما في التتارخانية: الكفيل بالنفس إذا صالح الطالب على خمسمائة دينار على أن أبرئه من الكفالة بالنفس لا يجوز ولا يبرأ عنها، فلو كان كفيلا بالنفس والمال على إنسان واحد برئ ا ه.
وفي الهندية عن الذخيرة: صالح على مال لاسقاط الكفالة لا يصح أخذ المال، وهل تسقط الكفالة بالنفس؟ فيه روايتان، في رواية تسقط، وبه يفتى ا ه.
وحينئذ فيحمل ما في الهداية على الكفالة بالمال توفيقا بين الكلامين.
تأمل.
ثم لا يخفى أن الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها في المتن وهي الرابعة هو أن هذه في الصلح عن الكفالة والتي قبلها في الصلح عن المال المكفول به، فالمال هنا في مقابلة الابراء عن الكفالة، وهناك في مقابلة الابراء عن المال الباقي كما مر في عبار المبسوط.
ومن العجب ما في النهاية حيث جعل عبارة المبسوط المارة تصويرا لما ذكره هنا في الهداية، فإنه عكس الموضع، لان كلام المبسوط مفروض في الصلح على إبراء الكفيل فقط عن المال، وهو الصورة الرابعة المذكورة في كلام المصنف وكلام الهداية في الصلح على إبراء الكفيل عن المطالبة، ولم أر من نبه على ذلك مع أنه نقله في البحر وغيره وأقروه عليه، نعم ربما يشعر كلام الفتح بأنه لم يرض به، فراجعه.
قوله: (وهو بإطلاقه يعم الكفالة بالمال والنفس) قد علمت ما فيه.
قوله: (برئت إلي) متعلق بمحذوف حال: أي حال كونك مؤديا إلي كما في شرح مسكين أي فهو براءة استيفاء لا براءة إسقاط.
قوله: (لاقراره بالقبض) لان مفاد هذا التركيب براءة من المال مبدؤها من الكفيل ومنتهاها صاحب الدين، وهذا هو معنى الاقرار بالقبض من الكفيل فكأنه قال دفعت إلي.
قوله: (ومفاده) أي مفاد التعليل المذكور، وهذا الكلام لصاحب البحر.
قوله: (براءة المطلوب) أي المديون للطالب: أي الدائن: يعني أنه يفيد أن المطلوب يبرأ من المطالبة التي كانت للطالب عليه، وكذا يبرأ منها الكفيل فلا مطالبة له على واحد منهما لاقراره بالقبض، إذ لا يستحق القبض أكثر من مرة واحدة.
قوله: (لا
رجوع) أي للكفيل على المطلوب.
نعم للطالب أن يأخذ المطلوب بالمال كما في الكافي للحاكم.
قوله: (لانه إبراء) تعليل لعدم الرجوع في الصور الثلاث، إذ ليس فيها ما يفيد القبض ليكون إقرارا به، بل هو محتمل للابراء بسبب القبض، وللاسقاط فلا يثبت القبض بالشك.
قوله: (أي إلى) المراد برئت إلي.
قوله: (وهو أقرب الاحتمالين) أي احتمال أنه براءة قبض واحتمال أنه براءة إسقاط.(5/456)
ووجه الاقربية ما في الفتح من قوله: لانه إقرار ببراءة ابتداؤها من الكفيل المخاطب.
وحاصله إثبات البراءة منه على الخصوص مثل قمت وقعدت، والبراءة الكائنة منه خاصة كالايفاء بخلاف البراءة بالابراء فإنها لا تتحقق بفعل الكفيل بل بفعل الطالب فلا تكون حينئذ مضافه إلى الكفيل، وما قاله محمد: أي من أنه لا يثبت القبض بالشك إنما يتم إذا كان الاحتمالان متساويين ا ه.
وهذا أيضا ترجيح منه لقول أبي يوسف.
قوله: (لو كتبه في الصك) بأن كتب برئ الكفيل من الدراهم التي كفل بها.
بحر.
قوله: (عملا بالعرف) فإن العرف بين الناس أن الصك يكتب على الطالب بالبراءة إذا حصلت بالايفاء، وإن حصلت بالابراء لا يكتب الصك عليه فجعلت إقرارا بالقبض عرفا ولا عرف عند الابراء.
فتح.
قوله: (وهذا كله الخ) عزاه في فتح القدير إلى شروح الجامع الصغير، وجزم به في الملتقى والدرر، وأقره الشرنبلالي وكذا الزيلعي وابن كمال، فتعبير البحر عنه بقبل غير ظاهر فافهم، والاشارة إلى جميع الالفاظ المارة.
قال في البحر عن النهاية: حتى في برئت إلي لاحتمال لاني أبرأتك مجازا وإن كان بعيدا في الاستعمال ا ه.
قال في النهر: والظاهر أن في لفظ الحل لا يرجع إليه لظهور أنه مسامحة لا أنه أخذ منه شيئا ا ه.
قلت: وفيه نظر يظهر بأدنى نظر.
قوله: (لمراده) متعلق بالبيان: أي يسأل: هل أردت القبض أو لا؟ قوله: (لانه المجمل) بكسر ثالثه اسم فاعل: أي فإن الاصل في الاجمال أن يرجع فيه إلى المجمل، والمراد بالمجمل هنا ما يحتاج إلى تأمل، ويحتمل المجاز وإن كان بعيدا لا حقيقة المجمل: يعني يرجع إليه إذا كان حاضرا لازالة الاحتمالات، خصوصا إن كان العرف في ذلك اللفظ مشتركا: منهم من يقصد القبض، ومنهم من يقصد الابراء.
فتح.
قوله: (ومثل الكفالة الحوالة) في كافي الحاكم
والمحتال عليه في جميع ذلك كالكفيل ا ه.
قال ط: فإن قال المحال للمحتال عليه برئت إلي رجع المحتال عليه على المحيل، وإن قال أبرأتك لا.
واختلف فيما إذا قال برئت فقط ا ه.
وإنما يرجع إذا لم يكن للمحيل دين على المحتال عليه.
مطلب في بطلان تعليق البراءة من الكفالة بالشرط قوله: (وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط) أي لما فيه من معنى التمليك، ويروى أنه يصح لانه عليه المطالبة دون الدين في الصحيح فكان إسقاطا محضا كالطلاق.
هداية.
وظاهره ترجيح عدم بطلانه بناء على الصحيح.
بحر.
قلت: ولذا قال في متن الملتقى: والمختار الصحة.
واعلم أن إضافته تعليق إلى البراءة من إضافة الصفة إلى موصوفها، والمعنى: وبطلت البراءة المعلقة بالشرط، وإذا بطلت البراءة من الكفالة تبقى الكفالة على أصلها، فللطالب مطالبة الكفيل بدليل التعليل، فليس المراد بطلان تعليق البراءة لانه يلزم منه بقاء البراءة صحيحة منجزة وتبطل الكفالة بها، ولا يناسبه العلة المذكورة لان نفس التعليق ليس فيه معنى التمليك، بل الذي فيه معنى التمليك هو(5/457)
البراءة المعلقة فتبطل.
ثم رأيت بخط بعض العلماء على نسخة قديمة من شرح المجمع ما نصه: معناه أن الكفالة جائزة والشرط باطل ا ه.
وهذا عين ما قلته.
قوله: (بالشرط الغير الملائم) نحو إذا جاء غدا فأنت برئ من المال، ومثال الملائم ما لو كفل بالمال أو بالنفس وقال إن وافيت به غدا فأنت برئ من المال فوافاه من الغد فهو برئ من المال، كذا في العناية ا ه ح.
وفي البحر عن المعراج: الغير الملائم هو ما لا منفعة فيه للطالب أصلا كدخول الدار ومجئ الغد لانه غير متعارف ا ه.
قلت: وسئلت عمن قال كفلته عن أنك إن طالبتني به قبل حلول الاجل فلا كفالة لي، ويظهر لي أنه من غير الملائم، فليتأمل.
قوله: (على ما اختاره في الفتح والمعراج) أقول: الذي في الفتح هكذا قوله: ولا يجوز تعليق الابراء من الكفالة بالشرط: أي بالشرط المتعارف مثل أن يقول: إن عجلت لي البعض أو دفعت البعض فقد أبرأتك من الكفالة، أما غير المتعارف فلا يجوز، ثم قال:
ويروى أنه يجوز وهو أوجه الخ.
فهذا شرح لعبارة الهداية التي قدمناها آنفا، وقدمنا أن ظاهر ما في الهداية ترجيح الرواية الثانية وأنه اختارها في متن الملتقى، وكذا اختارها في الفتح كما ترى، والمتبادر من كلام الفتح أن المراد بهذه الرواية جواز الشرط المتعارف، لانه قيد رواية عدم الجواز بالشرط المتعارف، وذكر أن غير المتعارف لا يجوز، وهو تصريح بما فهم بالاولى.
ثم ذكر مقابل الرواية الاولى وهي رواية الجواز فعلم أن المراد بها الشرط المتعارف أيضا وأن غير المتعارف لا يجوز أصلا، ويحتمل أن يكون قوله، ويروى أنه يجوز: أي إذا كان الشرط غير متعارف ويلزم منه جواز المتعارف بالاولى، فعلى الاحتمال الاول يكون قد اختار في الفتح جواز التعليق بالشرط المتعارف، وعلى الثاني اختار جوازه مطلقا، وهذا الاحتمال أظهر، لانه حيث قيد رواية عدم الجواز بالمتعارف علم أن غير المتعارف لا يجوز بالاولى، ثم اختار مقابل هذه الرواية وهو رواية الجواز: أي مطلقا، فكان على الشارح أن يقول: وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ولو ملائما، وروي جوازه مطلقا، واختاره في الفتح نعم ذكر في الدرر عن العناية قولا ثالثا وهو عدم جواز التعليق بالشرط لو غير متعارف والجواز لو متعارفا وذكر في المعراج هذا القول وجعله محمل الروايتين، وأقره في البحر وقال: إن قول الكنز: وبطل التعليق، محمول على غير المتعارف وتبعه الشارح، لكن لا يخفى أن كلام الفتح مخالف لهذا التوفيق، لانه حمل بطلان التعليق على الشرط المتعارف كما علمت، فكيف ينسب إليه ما ذكره الشارح؟ فافهم.
قوله: (وأقره المصنف) أي في شرحه في هذا المحل: أي أقر ما في المعراج من التفصيل والتوفيق.
قوله، (والمتفرقات) أي متفرقات البيوع في بحث ما يبطل تعليقه.
قوله: (ترجيح الاطلاق) أي رواية بطلان التعليق المتبادر منها الاطلاق عما فصله في المعراج، وفي كون الزيلعي رجح ذلك نظر، بل كلامه قريب من كلام الهداية المار فراجعه.
قوله: (قيد بكفالة النفس) أي باعتبار أن الكلام فيها، وإلا فلم يذكر القيد في المتن كالكنز ا ه ح.
قوله: (مبسوطا في الخانية) حاصله أن تعليق البراءة(5/458)
من الكفالة بالنفس على وجوه في وجه تصح البراءة ويبطل الشرط كما إذا أبرأ الطالب الكفيل على أن يعطيه الكفيل عشرة دراهم، وفيه وجه يصحان كما إذا كان كفيلا بالمال أيضا وشرط الطالب عليه أن
يدفع المال ويبرئه من الكفالة بالنفس، وفي وجه ببطلان كما إذا شرط الطالب على الكفيل بالنفس أن يدفع إليه المال ويرجع به على المطلوب ا ه.
قوله: (لا يسترد أصيل الخ) أي إذا دفع الاصيل وهو المديون إلى الكفيل المال المكفول به ليس للاصيل أن يسترده من الكفيل وإن لم يعطه الكفيل إلى الطالب.
قال في النهر لانه أي الكفيل ملكه بالاقتضاء، وبه ظهر أن الكفالة توجب دينا للطالب على الكفيل ودينا للكفيل على الاصيل، لكن دين الطالب حال ودين الكفيل مؤجل إلى وقت الاداء، ولذا لو أخذ الكفيل من الاصيل رهنا أو أبرأه أو وهب منه الدين صح فلا يرجع بأدائه، كذا في النهاية، ولا ينافيه ما مر من أن الراجح أن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة، لان الضم إنما هو بالنسبة إلى الطالب، وهذا لا ينافي أن يكون للكفيل دين على المكفول عنه كما لا يخفى، وعلى هذا فالكفالة بالامر توجب ثبوت دينين وثلاث مطالبات تعرف بالتدبر ا ه ما في النهر: أي دين ومطالبة حالين للطالب على الاصيل، ودين ومطالبة مؤخرين للكفيل على الاصيل أيضا، ومطالبة فقط للطالب على الكفيل بناء على الراجح من أنها الضم في المطالبة.
تنبيه: نقل محشي مسكين عن الحموي عن المفتاح أن عدم الاسترداد مقيد بما إذا لم يؤخره الطالب عن الاصيل أو الكفيل، فإن أخره له أن يسترده ا ه.
قلت: لكن قوله: أو الكفيل لم يظهر لي وجهه.
تأمل.
قوله: (بأمره) متعلق بالكفيل احترازا عن الكفيل بلا أمر كما سيأتي.
قال في النهر: قيد به في الهداية ولا بد منه.
قوله: (ليدفع للطالب) متعلق بأدى.
واعلم أن ما مر من أن الكفيل ملك المؤدى فذلك فيما إذا دفعه إليه الاصيل على وجه القضاء، بأن قال له إني لا آمن أن يأخذ منك الطالب حقه فأنا أقضيك المال قبل أن تؤديه، بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة بأن المطلوب للكفيل خذ هذا المال وادفعه إلى الطالب حيث لا يصير المؤدى ملكا للكفيل بل هو أمانة في يده، لكن لا يكون للمطلوب أن يسترده من الكفيل لانه تعلق به حق الطالب، كذا في الكافي لكن ذكر في الكبرى أن له الاسترداد وأنه أشار إليه في الاصل، كذا في الكفالة شرح الهداية، وما نقله عن الكافي نقل ط مثل عن العناية والمعراج وعليه مشى في
البحر والنهر.
والمراد بالكافي كافي النسفي، أما كافي الحاكم الشهيد الذي جمع كتب ظاهر الرواية فإنه أشار فيه أيضا إلى أن له الاسترداد لو دفعه على وجه الرسالة فإنه ذكر أنه لو قبضه على وجه القضاء فله التصرف فيه وله ربحه لانه له، ولو هلك منه ضمنه، ولو قبضه على وجه الرسالة فهلك كان مؤتمنا ويرجع به على الاصيل، ولو لم يهلك فعمل به وربح تصدق بالربح لانه غاصب، وكذا في الهداية إشارة إليه حيث ذكر أولا أنه إذا قضاه لا يسترد.
ثم قال: بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة لانه تمحض أمانة في يده، فدل كلامه على أن عدم الاسترداد في الاداء على وجه القضاء لا الرسالة حيث جعله في الرسالة محض أمانة والامانة مستردة.
ونقل ط عن غاية البيان أن له الاسترداد.
قال: ومثله في صدر الشريعة.
قال في اليعقوبية: إنه الظاهر لانه أمانة محضة ويد الرسول يد المرسل فكأنه لم يقبضه فلا يعتبر حق الطالب، وهو المتبادر من الهداية ا ه.(5/459)
قلت: وهو المتبادر أيضا مما في المتون من أن الربح يطيب له، فإنه دليل على أن المراد الاداء على وجه القضاء، وقول الشارح تبعا للدرر ليدفعه للطالب ظاهره الدفع على وجه الرسالة، وهو موافق لما في كافي النسفي وغيره، ويفهم منه أنه في الدفع على وجه القضاء له ذلك بالاولى.
ويمكن حمله على ما في كافي الحاكم وغيره بأن يكون المراد أنه لم يصرح له بأنه يدفعه للطالب، بل أضمر ذلك في نفسه وقت الاداء.
ففي الشرنبلالية عن القنية: لو أطلق عند الدفع فلم يبين أنه على وجه القضاء أو الرسالة يقع عن القضاء، فافهم.
تنبيه: لو قضى المطلوب الدين إلى الطالب فللمطلوب أن يرجع على الكفيل بما أعطاه كما في الكافي وغيره.
قوله: (وإن لم يعطه طالبه) إن وصلية وطالبه بكسر اللام بزنة اسم الفاعل مضاف للضمير وهو المفعول الثاني ليعطه.
قوله: (ولا يعمل نهيه الخ) هذا ما أجاب به في البحر حيث قال: وقد سئلت عما إذا دفع المديون الدين للكفيل ليؤديه إلى الطالب ثم نهاه عن الاداء هل يعمل نهيه؟ فأجبت إن كان كفيلا بالامر لم يعمل نهيه لانه لا يملك الاسترداد، وإلا عمل لانه يملكه ا ه.
قلت: وظاهر قوله: ليؤديه أن الدفع على وجه الرسالة فهو مبني على ما في كافي النسفي.
قوله: (لانه حينئذ) أي حين إذ كان كفيلا بلا أمر يملك الاصيل الاسترداد، لان الكفيل لا دين له عليه فلم يملك المؤدى بل هو في يده محض أمانة، كما إذا أداه الاصيل إليه على وجه الرسالة وكانت الكفالة بالامر على ما مر، بل هذا بالاولى لما علمت من أنه هنا لا دين له أصلا.
قوله: (لكنه قدم قبله ما يخالفه) لعل مراده بالمخالفة أن المصنف لم يقيد متنه بكون الكفيل كفيلا بالامر، وفرق هنا بين كونه بالامر فلا يعمل نهيه وإلا عمل، لكن في شرح المصنف إشارة إلى أن مراده في المتن الكفيل بالامر، وقد علمت أن هذا القيد لا بد منه فلا مخالفة.
قوله: (حيث قبضه على وجه الاقتضاء) تقييد للمتن ولتعليله بأنه نماء ملكه، وصرح بعده بمفهومه وعبارة الهداية: فإن ربح الكفيل فيه فهو له لا يتصدق به لانه ملكه حين قبضه، وهذا إذا قضى الدين ظاهر، وكذا إذا قضاه المطلوب بنفسه وثبت له استرداد ما دفع للكفيل، وإنما حكمنا بثبوت ملكه إذا قضاه المطلوب بنفسه، لان الكفيل وجب له بمجرد الكفالة على الاصيل مثل ما وجب للطالب على الكفيل وهو المطالبة ا ه.
موضحا من الفتح وتمامه فيه.
قوله: (خلافا للثاني) أي أبي يوسف فعنده يطيب له كمن غصب من إنسان وربح فيه يتصدق بالربح عندهما، لانه استفاده من أصل خبيث، ويطيب له عنده مستدلا بحديث الخراج بالضمان فتح قوله: (وندب رده) مرتبط بقوله بعده: فيما يتعين بالتعيين أي أن قوله: طاب له: أي الربح إنما هو فيما لو كان المؤدى للكفيل شيئا لا يتعين بالتعيين كالدراهم والدنانير، فإن الخبث لا يظهر فيها، بخلاف ما يتعين كالحنطة ونحوها بأن كفل عنه حنطة وأداها الاصيل إلى الكفيل وربح الكفيل فيها فإنه يندب رد الربح إلى الاصيل.
قال في النهر: وهذا هو أحد الروايات عن الامام، وهو الاصح، وعنه أنه لا يرده بل يطيب له، وهو قولهما لانه نماء ملكه، وعنه أنه يتصدق به، وتمامه فيه.
قوله: (إن قضى الدين بنفسه) أي إن قضاه الاصيل للطالب، وهذه العبارة تابع فيها صاحب الدرر(5/460)
الزيلعي، وأقره الشرنبلالي، لكن اعترضه الواني بأن هذا القيد غير لازم وموهم خلاف المقصود.
قلت: وهو كذلك كما يعلم من الهداية حيث قال في توجيه الاصح: وله أي للامام أنه تمكن الخبث مع الملك لانه بسبيل من الاسترداد بأن يقضيه بنفسه الخ، فجعل إمكان الاسترداد بقضاء الدين
بنفسه دليل ثبوت الخبث في الربح مع قيام الملك، فعلم أن ذلك غير قيد في المسألة.
قوله: (الاشبه نعم ولو غنيا) الذي في العناية وكذا البحر والنهر: إن كان فقيرا طاب، وإن كان غنيا ففيه روايتان، والاشبه أن يطيب له أيضا، فكان الاولى للشارح أن يؤخر قوله: الاشبه نعم عن قوله: ولو غنيا لان الروايتين فيه لا في الفقير.
مطلب بيع العينة قوله: (أمر كفيله ببيع العينة) بكسر العين المهملة وهي السلف، يقال: باعه بعينة: أي نسيئة.
مغرب وفي المصباح: وقيل لهذا البيع عينة، لان مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينا: أي نقدا حاضرا ا ه.
أي قال الاصيل للكفيل: اشتر من الناس نوعا من الاقمشة ثم بعه، فما ربحه البائع منك وخسرته أنت فعلي فيأتي إلى تاجر فيطلب منه القرض ويطلب التاجر منه الربح ويخاف من الربا فيبيعه التاجر ثوبا يساوي عشرة مثلا بخمسة عشر نسيئة فيبيعه هو في السوق بعشرة فيحل له العشرة ويجب عليه للبائع خمسة عشر إلى أجل، أو يقرضه خمسة عشر درهما ثم يبيعه المقرض ثوبا يساوي عشرة بخمسة عشر فيأخذ الدراهم التي أقرضه على أنها ثمن الثوب فيبقى عليه الخمسة عشر قرضا.
درر.
ومن صورها: أن يعود الثوب إليه كما إذا اشتراه التاجر في الصورة الاولى من المشتري الثاني ودفع الثمن إليه ليدفعه إلى المشتري الاول، وإنما لم يشتره من المشتري الاول تحرزا عن شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن.
قوله: (أي بيع العين بالربح) أي بثمن زائد نسيئة: أي إلى أجل، وهذا تفسير للمراد من بيع العينة في العرف بالنظر إلى جانب البائع، فالمعنى أمر كفيله بأن يباشر عقد هذا البيع مع البائع بأن يشتري منه العين على هذا الوجه، لان الكفيل مأمور بشراء العينة لا ببيعها، وأما بيعه بعد ذلك لما اشتراه فليس على وجه العينة لانه يبيعها حالة بدون ربح.
قوله: (وهو مكروه) أي عند محمد، وبه جزم في الهداية.
قال في الفتح: وقال أبو يوسف: لا يكره هذا البيع لانه فعله كثير من الصحابة وحمدوا على ذلك ولم يعدوه من الربا، حتى لو باع كاغدة بألف يجوز ولا يكره، وقال محمد: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم اخترعه أكلة الربا، وقد ذمهم رسول الله (ص) فقال: إذا تبايعتم بالعينة واتبعتم أذناب البقر ذللتم وظهر عليكم عدوكم أي اشتغلتم بالحرث عن الجهاد.
وفي
رواية سلط عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لكم وقيل: إياك والعينة فإنها العينة.
ثم قال في الفتح ما حاصله: إن الذي يقع في قلبي أنه إن فعلت صورة يعود فيها إلى البائع جميع ما أخرجه أو بعضه كعود الثوب إليه في الصورة المارة وكعود الخمسة في صورة إقراض الخمسة عشر فيكره: يعني تحريما فإن لم يعد كما إذا باعه المديون في السوق فلا كراهة فيه، بل خلاف الاولى، فإن الاجل قابله قسط من الثمن والقرض غير واجب عليه دائما بل هو مندوب، وما لم ترجع إليه العين التي خرجت منه لا يسمى بيع العينة لان من العين المسترجعة لا العين مطلقا، وإلا(5/461)
فكل بيع بيع العينة ا ه.
وأقره في البحر والنهر والشرنبلالية وهو ظاهر، وجعله السيد أبو السعود محمل قول أبي يوسف، وحمل قول محمد والحديث على صورة العود.
هذا، وفي الفتح أيضا: ثم ذموا البياعات الكائنة الآن أشد من بيع العينة، حتى قال مشايخ بلخ منهم محمد بن سلمة للتجار: إن العينة التي جاءت في الحديث خير من بياعاتكم وهو صحيح، فكثير من البياعات كالزيت والعسل والشيرج وغير ذلك استقر الحال فيها على وزنها مظروفة ثم إسقاط مقدار معين على الظرف وبه يصير البيع فاسدا، ولا شك أن البيع الفاسد بحكم الغصب المحرم، فأين هو من بيع العين الصحيح المختلف في كراهته ا ه.
قوله: (لانه إما ضمان الخسران) أي نظرا إلى قوله: علي فإنها للوجوب فلا يجوز، كما إذا قال لرجل بايع في السوق فما خسرت فعلي.
درر قوله: (أو توكيل بمجهول) أي نظرا إلى الامر به فلا يجوز أيضا لجهالة نوع الثوب وثمنه.
درر.
قوله: (كفل عن رجل) الاولى أن يقول كفل عن رجل لرجل ليكون مرجع الضمير في له مذكورا وهو الرجل الثاني المكفول له وإن كان معلوما من المقام.
قوله: (بما ذاب له) أي بما ثبت ووجب بالقضاء.
قوله: (عبارة الدرر لزم بلا ضمير) الذي رأيناه في الدرر لزمه بالضمير، وكأنه سقط من نسخة الشارح وهي أولى، لان ضمير له في المواضع الثلاثة للمكفول له وضمير لزمه للمكفول، ففيه تشتيت الضمائر مع إيهام عوده للمكفول أيضا كبقية الضمائر المذكورة، ولا حاجة إلى تقديره ولا إلى التصريح به لان لزم بمعنى ثبت فهو قاصر في المعنى لا يحتاج إلى مفعول، والمعنى بما ثبت له
عليه، فلما كان الاولى إسقاطه نبه الشارح عليه، فافهم.
قوله: (أريد به المستقبل) لانه معلق عليه، فإن المعنى: إن وجب لك عليه شئ في المستقبل فأنا كفيل به، حتى لو كان له عليه مال ثابت قبل الكفالة لم يكن مكفولا به كما يعلم مما يأتي.
قوله: (لم يقبل برهانه) لانه إنما كفل عنه بمال مقضى بعد الكفالة، لانه جعل الذوب شرطا والشرط لا بد من كونه مستقبلا على خطر الوجود، فما لم يوجد الذوب بعد الكفالة لا يكون كفيلا، والبينة لم تشهد بقضاء دين وجب بعد الكفالة فلم تقم على من اتصف بكونه كفيلا عن الغائب بل على أجنبي، وهذا في لفظ القضاء ظاهر، وكذا في ذاب لان معناه تقرر ووجب، وهو بالقضاء بعد الكفالة، حتى لو ادعى أني قدمت الغائب إلى قاضي كذا وأقمت عليه بينة بكذا بعد الكفالة وقضى لي عليه بذلك وأقام البينة على ذلك صار كفيلا وضحت الدعوى وقضى على الكفيل بالمال لصيرورته خصما عن الغائب سواء كانت الكفالة بأمره أو لا، إلا أنه إذا كانت بغير أمر يكون القضاء على الكفيل خاصة، كذا في الفتح، وقوله: حتى لو ادعى الخ هو معنى ما في الفصول العمادية: ادعى على رجل أنه كفل عن فلان بما يذوب له عليه فأقر المدعى عليه بالكفالة وأنكر الحق وأقام المدعي بينة أنه ذاب له على فلان كذا فإن يقضي به في حق الكفيل الحاضر وفي حق الغائب جميعا، حتى لو حضر الغائب وأنكر لا يلتفت إلى إنكاره ا ه.
فإن قوله: وأقام المدعي بينة أنه ذاب له على فلان كذا معناه أنه وجب له عليه بالقضاء بعد الكفالة: أي أن القاضي قضى له(5/462)
عليه بذلك، فحيث برهن على أن الاصيل الغائب محكوم عليه بذلك ثبت شرط الكفالة فصار الكفيل خصما فيثبت عليه المال قصدا أو على الغائب ضمنا، بخلاف ما في المتن فإن المدعي برهن على أن له على الاصيل كذا لا على أنه كان حكم له على الاصيل بكذا، فلو قبلت هذه البينة يكون قضاء على الغائب قصدا لان الكفيل لم يصر خصما لانه لم يثبت شرط كفالته، فالفرق بين المسألتين جلي واضح وإن خفي على صاحب النهر وغيره.
والعجب من قول البحر إن جزمهم هنا بعدم القبول ينبغي أن يكون على الرواية الضعيفة، أما على أظهر الروايتين المفتى به من نفاذ القضاء على الغائب فينبغي النفاذ ا ه.
فإن المفتى به نفاذ القضاء
على الغائب من حكم يراه كشافعي، حتى لو رفع حكمه إلى الحنفي نفذه كما حرره صاحب البحر نفسه في كتاب القضاء، وكلامهم هنا في الحاكم الحنفي، فإن حكمه لا ينفذ لما علمته من عدم الخصم.
قوله: (وإن برهن الخ) هذه مسألة مبتدأة غير داخلة تحت قوله: كفل بما ذاب الخ كما نبه عليه صدر الشريعة وابن الكمال وغيرهما، لان الكفالة هنا بمال مطلق كما يأتي.
قوله: (وهو كفيل) أي بذلك المال.
قوله: (فللكفيل الرجوع) أي فإذا قضى عليهما: أي على الكفيل الحاضر وعلى الاصيل الغائب ثبت للكفيل بالامر الرجوع على الغائب بلا إعادة بينة عليه إذا حضر لانه صار مقضيا عليه ضمنا.
قوله: (لان المكفول به هنا) أي في قوله، وإن برهن الخ مال مطلق: أي غير مقيد بكونه ثابتا بعد الكفالة، بخلاف ما تقدم في قوله: كفل بما ذاب الخ لان الكفالة فيه بمال موصوف بكونه مقضيا به بعد الكفالة، فما لم تثبت تلك الصفة لا يكون كفيلا فلا يكون خصما كما في شرح الجامع لقاضيخان، وهذا تعليل الاصل القضاء على الكفيل.
وأما كون القضاء يتعدى إلى الاصيل لو الكفالة بأمره ولا يتعدى لو بدون أمره فوجهه كما في النهر أن الكفالة بلا أمر إنما تفيد قيام الدين في زعم الكفيل فلا يتعدى زعمه إلى غيره، أما بالامر الثابت فيتضمن إقرار المطلوب بالمال، إذ لا يأمر غيره بقضاء ما عليه إلا وهو معترف به فلذا صار مقضيا عليه.
ثم قال في النهر: وفي الجامع الكبير جعل المسألة مربعة إذ الكفالة: إما مطلقة ككفلت بما لك على فلان، أو مقيدة بألف درهم وكل إما بالامر أو بدونه، وقد علمت أن المقيدة إذا كانت بالامر كان القضاء بها عليهما وإلا فعلى الكفيل فقط.
وأما المطلقة فإن القضاء بها عليهما سواء كانت بالامر أو لا، لان الطالب لا يتوصل لاثبات حقه على الكفيل إلا بعد إثباته على الاصيل، وهذا لان المذهب أن القضاء على الغائب لا يجوز ا ه.
وتمامه في الفتح.
قوله: (وهذه حيلة الخ) ذكر في البحر الاوجه الاربعة المذكورة آنفا عن الجامع، ثم ذكر أن المطلقة هي الحيلة في القضاء على الغائب، وأن المقيدة لا تصلح للحيلة لان شرط التعدي على الغائب كونها بأمره ا ه.
قلت: وطريق جعلها حيلة هو المواضعة الآتية بشرط أن يكون له بينة على الدين الذي له على الغائب، وهذا ظاهر في المطلقة عن التقييد بمقدار من المال، سواء كانت الكفالة بالامر أو لا، فيتعدى
فيها الحكم إلى الغائب لان الكفيل إذا أقر بالكفالة وأنكر الدين على الاصيل فبرهن المدعي على الدين(5/463)
وقدره لالزام الكفيل به لا يمكن إثباته إلا بعد إثباته على الاصيل فيثبت عليهما، لان المذهب عندنا كما في الفتح أن القضاء على الغائب لا يجوز إلا إذا ادعى على الحاضر حقا لا يتوصل إليه إلا بإثباته على الغائب، فإذا ثبت عليهما ثم أبرأ المدعي الكفيل يبقى المال ثابتا على الغائب.
وأما الكفالة المقيدة بألف مثلا فلا يتعدى الحكم فيها إلى الغائب إلا إذا كانت بأمره كما مر تقريره، وإنما لم تصلح للحيلة مع تعدي الحكم فيها لانه يحتاج إلى إثبات كون الكفالة بالامر وليس له بينة على ذلك، ولا تجوز الحيلة بإقامة شهود الزور وإقرار الكفيل بالدين يقتصر عليه ولا يتعدى إلى الغائب فضلا عن إقراره بكون الكفالة بأمر الغائب، وبهذا التقرير يظهر لك أن الاشارة في قول الشارح وهذه لا مرجع لها، لان المذكور في كلامه الكفالة المقيدة وفي بقسميها لا تصلح للحيلة، فافهم.
قوله: (وكذا الحوالة) عبارة الفتح: وكذا الحوالة على هذه الوجوه ا ه.
أي: إنها تكون مطلقة ومقيدة وكل منهما بالامر وبدونه فهي مربعة أيضا.
وبيانه ما في شرح المقدسي عن التحرير شرح الجامع الكبير، وكذا لو شهدوا على الحوالة المطلقة يكون قضاء على الحاضر والغائب ادعى الامر أو لم يدع، فإن شهدوا بالحوالة المقيدة إن ادعى الامر يكون قضاء على الحاضر والغائب فيرجع، وإن لم يدع الامر يكون قضاء على الحاضر خاصة ولا يرجع، وتمامه فيه، وبه ظهر أن الاشارة بقوله: وكذا الحوالة راجعة إلى أصل المسألة لا إلى بيان جعلها حيلة، لان شرط صحة الحوالة كون المال معلوما كما سيأتي.
فلو قال له إن فلانا أحالني عليك بألف درهم فأقر له بالحوالة بها كان مقرا بالمال فيلزمه، ولا يمكن المدعي إثباته على الغائب بالبينة، وهذه حوالة مطلقة لانها لم تقيد بنوع مخصوص كما سيأتي بيانها في بابها إن شاء الله تعالى، هذا ما ظهر لي.
قوله: (كفالته بالدرك) هو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع كما مر.
نهر قوله: (تسليم المبيع) أي تصديق منه بأن المبيع ملك للبائع، لانها إن كانت مشروطة في البيع فتمامه بقبول الكفيل فكأنه هو الموجب له، وإن لم تكن مشروطة فالمراد بها إحكام البيع وترغيب المشتري فينزل منزلة الاقرار بالملك.
فكأنه قال اشتراها فإنها ملك البائع، فإن استحقت فأنا ضامن ثمنها.
نهر.
قوله: (كشفعة) أي لو كان
الكفيل شفيعها فلا شفعة له.
بحر.
لرضاه بشراء المشتري.
قوله: (فلا دعوى له) أي فلا تسمع دعواه بالملك فيها، وبالشفعة وبالاجارة.
بحر قوله: (كتب فيه) بالبناء للمجهول، وقوله: باع ملكه الخ جملة قصد بها لفظها نائب الفاعل، وجملة كتب الخ صفة لصك.
قوله: (كما لو شهد بالبيع الخ) لان الشهادة به على إنسان إقرار منه بنفاذ البيع باتفاق الروايات.
نهر عن الزيلعي.
قوله: (مطلق عما ذكر) أي عن قيد الملكية، وكونه نافذا باتا فتسمع دعواه الملك بعده إذ ليس فيه ما يدل على إقراره بالملك للبائع، لان البيع قد يصدر من غير المالك، ولعله كتب شهادته ليحفظ الواقعة، بخلاف ما تقدم فإنه مقيد بما ذكر درر: أي ليسعى بعد ذلك في تثبيت البينة.
فتح.
قوله: (لانه مجرد إخبار) ولو أخبر بأن(5/464)
فلانا باع شيئا كان له أن يدعيه.
درر.
وقولهم هنا: إن الشهادة لا تكون إقرارا بالملك يدل بالاولى على أن السكوت زمانا لا يمنع الدعوى.
بحر.
وفي حاشية السيد أبي السعود: لكن نقل شيخنا عن فتاوى الشيخ الشلبي أن حضوره مجلس البيع وسكوته بلا عذر مانع له من الدعوى بعد ذلك حسما لباب التزوير ا ه.
قلت: سيأتي آخر الكتاب قبيل الوصايا إن شاء الله تعالى أن ذلك في القريب والزوجة، وكذا في الجار إذا سكت بعد ذلك زمانا.
وفي دعوى الخيرية أن علماءنا نصوا في متونهم وشرحهم وفتاويهم أن تصرف المشتري في المبيع مع اطلاع الخصم ولو كان أجنبيا بنحو البناء أو الغراس أو الزرع يمنعه من سماع الدعوى.
قوله: (ولم يذكر الختم الخ) أي كما قال في الكنز: وشهادته وختمه.
قال في الفتح: الختم أمر كان في زمانهم إذا كتب اسمه في الصك جعل اسمه تحت رصاص مكتوبا ووضع نقش خاتمه كي لا يطرقه التبديل، وليس هذا في زماننا ا ه.
فالحكم لا يتفاوت بين أن يكون فيه ختم أو لا، كذا في العناية.
قال في النهر: ولم أر ما لو تعارفوا رسم الشهادة بالختم فقط، والذي يجب أن يعول عليه اعتبار المكتوب في الصك، فإن كان فيه ما يفيد الاعتراف بالملك ثم ختم كان اعترافا به، وإلا لا ا ه.
قوله:
(إلى شهر) أي بعد شهر فلا مطالبة لك علي الآن.
قوله: (هو) أي الضمان.
قوله: (فالقول للضامن) أي مع يمينه في ظاهر الرواية.
ط عن الشلبي.
واحترز به عما روي عن الثاني أن القول للمقر له.
قوله: (لانه ينكر المطالبة) أي في الحال.
قوله: (لان المقر له ينكر الاجل) فإن المقر بالدين أقر بما هو سبب المطالبة في الحال، إذ الظاهر أن الدين كذلك، لانه إنما يثبت بدلا عن قرض أو إتلاف أو بيع ونحوه، والظاهر أن العاقل لا يرضى بخروج مستحقه في الحال إلا لبدل في الحال، فكان الحلول الاصل والاجل عارض، فكان الدين المؤجل معروضا لعارض لا نوعا ثم ادعى لنفسه حقا وهو تأخيرها والآخر ينكره، وفي الكفالة ما أقر بالدين على ما هو الاصح بل بحق المطالبة بعد شهر والمكفول له يدعيها في الحال والكفيل ينكر ذلك فالقول له، وهذا لان التزام المطالبة يتنوع إلى التزامها في الحال أو في المستقبل كالكفالة بما ذاب أو بالدرك فإنما أقر بنوع منها فلا يلزم بالنوع الآخر ا ه فتح.
قوله: (وخاف الكذب) أي إن أنكر الدين.
قوله: (أو حلوله) أي دعوى المقر له أنه حال بسبب إقرار المقر بالدين.
قوله: (أن يقول الخ) أي المدعى عليه للمدعي، وقيل إذا قال ليس لك علي حق فلا بأس به إذا لم يرد إتواء حقه.
زيلعي.
ولم يذكر أمر حلفه لو استحلف، والظاهر أن له ذلك إذ مجرد إنكاره مما لا أثر له.
نهر: أي أن قوله: لا بأس به: أي بإنكاره المذكور لا أثر لا، لان الخصم يطلب تحليفه ويكذبه في الانكار، فالاذن له بالانكار إذن بالحلف، ولا يخفى أن ليس للنفي في الحال إلا لقرينة على خلافه، فإذا حلف وقال ليس لك علي حق: أي في الحال فهو صادق، فافهم.(5/465)
قوله: (إذا استحق المبيع قبل القضاء على البائع) الظرف متعلق بقوله: ولا يؤخذ وأراد بالاستحقاق الناقل، أما المبطل كدعوى النسب ودعوى الوقف في الارض المشتراة أو أنها كانت مسجدا يرجع على الكفيل وإن لم يقض بالثمن على المكفول عنه، ولكل الرجوع على بائعه وإن لم يرجع عليه، بخلاف الناقل، ومر تمام أحكامه في بابه.
قيد بالاستحقاق لانه لو انفسخ بخيار رؤية أو شرط أو عيب لم يؤاخذ الكفيل به وبالثمن، لانه لو بنى في الارض لا يرجع على الكفيل بقيمة البناء، وكذا لو كان المبيع أمة استولدها المشتري وأخذ من المشتري مع الثمن قيمة الولد والعقر لم يرجع على الكفيل إلا بالثمن،
كذا في السراج نهر.
قوله: (لا ينتقض البيع) ولهذا لو أجاز المستحق البيع قبل الفسخ جاز ولو بعد قبضه وهو الصحيح، فما لم يقض بالثمن على البائع لا يجب رد الثمن على الاصيل فلا يجب على الكفيل، وقوله: كما مر أي في باب الاستحقاق، وانظر ما كتبناه هناك.
قوله: (أي الموظف في كل سنة) لانه دين له مطالب من جهة العباد فصار كسائر الديون، وتمامه في الزيلعي، وهذا التعليل اعتمدوه جميعا فيدل على اختصاص الخراج المضمون بالموظف.
أما خراج المقاسمة فجزء من الخارج وهو عين غيره مضمون حتى لو هلك لا يؤخذ بشئ، والكفالة بأعيان لا تجوز ط.
قوله: (على خلاف ما أطلقه في البحر) فإنه قال: وأطلقه فشمل الخراج الموظف وخراج المقاسمة، وخصصه بعضهم بالموظف الخ.
ووجه الاعتراض على البحر حيث حمل كلام الكنز على الاطلاق مع وجود القرينة المذكورة على التقييد بالموظف، فكان الاولى التقييد، فافهم، وكذا التعليل المار يدل عليه.
ولذا قال في الفتح: وقد قيدت الكفالة بما إذا كان خراجا موظفا لا خراج مقاسمة فإنه غير واجب في الذمة.
قوله: (منقوض) النقض لصاحب البحر.
قوله: (وكذا النوائب) جمع نائبة.
وفي الصحاح: النائبة المصيبة، واحدة نوائب الدهر ا ه.
وفي اصطلاحهم ما يأتي: قال في الفتح: قيل أراد بها ما يكون بحق كأجرة الحراس وكرى النهر المشترك والمال الموظف لتجهيز الجيش وفداء الاسرى إذا لم يكن في بيت المال شئ وغيرهما مما هو بحق، فالكفالة به جائزة بالاتفاق لانها واجبة على كل مسلم موسر بإيجاب طاعة ولي الامر فيما فيه مصلحة المسلمين ولم يلزم بيت المال أو لزمه ولا شئ فيه، وإن أريد بها ما ليس بحق كالجبايات الموظفة على الناس في زماننا ببلاد فارس على الخياط والصباغ وغيرهم للسلطان في كل يوم أو شهر فإنها ظلم.
فاختلف المشايخ في صحة الكفالة بها: فقيل تصح إذ العبرة في صحة الكفالة وجود المطالبة إما بحق أو باطل، ولهذا قلنا: إن من تولى قسمتها بين المسلمين فعدل فهو مأجور، وينبغي أن من قال الكفالة ضم في الدين يمنعها هنا، ومن قال في المطالبة يمكن أن يقول بصحتها أو يمنعها بناء على أنها في المطالبة بالدين أو مطلقا ا ه: أي فإن قال بالدين منعها، وإن قال مطلقا: أي بالدين وغيره أجازها.
قوله: (حتى لو(5/466)
أخذت الخ) تأييد للقول بجواز الكفالة بها، فإنها إذا أخذت من الاكار وجاز له الرجوع بها بلا كفالة فمع الكفالة بالاولى، لكن في البزازية: لا يرجع الاكار في ظاهر الرواية، وقال الفقيه.
يرجع وإن أخذ من الجار لا يرجع.
وزاد في جامع الفصولين: أن أحد الشريكين لو أدى الخراج يكون متبرعا.
نعم في آخر إجارات القنية برمز ظهير الدين المرغيناني وغيره: المستأجر إذا أخذ منه الجباية الراتبة على الدور والحوانيت يرجع على الآجر، وكذا الاكار في الارض، وعليه الفتوى ا ه.
قوله: (وعليه الفتوى) راجع لقوله: ولو بغير حق وكذا المسألة الاكار كما علمت.
وفي البحر: وظاهر كلامهم ترجيح الصحة: أي في كفالة النوائب بغير حق، ولذا قال في إيضاح الاصلاح، والفتوى على الصحة.
وفي الخانية: الصحيح الصحة، ويرجع على المكفول عنه إن كان بأمره ا ه.
وعليه مشى في الاختيار والمختار والملتقى.
نعم صحح صاحب الخانية في شرحه على الجامع الصغير عدم الصحة وكذلك أفتى في الخيرية بعدم الصحة مستندا لما في البزازية والخلاصة من أنه قول عامة المشايخ، ولما في العمادية من أن الاسير لو قال لغيره خلصني فدفع المأمور مالا وخلصه، قال السرخسي: يرجع، وقال صاحب المحيط: لا، وهو الاصح وعليه الفتوى.
قال: فهذا يدفع ما في الاصلاح وما في الخانية، والعلة فيه أن الظلم يجب إعدامه ويحرم تقريره وفي القول بصحة تقريره ا ه ملخصا.
قلت: غاية الامر أنهما قولان مصححان، ومشى على الصحة بعض المتون، وهو ظاهر إطلاق الكنز وغيره لفظ النوائب فكان أرجح.
وأما مسألة الاسير فليس فيها كفالة ولا أمر الرجوع، على أنه في الخانية صحح أنه يرجع على الاسير، وبه جزم في شرح السير الكبير بلا حكاية خلاف كما قدمناه في متفرقات البيوع، وأما قوله: والعلة فيه الخ فهو مدفوع بما رأيته في هامش نسختي المنح بخط بعض العلماء وأظنه السيد الحموي، مما حاصله أن المراد من صحة الكفالة بالنوائب رجوع الكفيل على الاصيل لو كانت الكفالة بالامر، لا أنه يضمن لطالبها الظالم لان الظلم يجب إعدامه ولا يجوز تقريره.
فلا تغتر بظاهر الكلام ا ه.
وهو تنبيه حسن، ولهذا لم يذكروا الرجوع على الكفيل بل اقتصروا على بيان الرجوع على الاصيل لو الكفالة بأمره، وليس في هذا تقرير الظلم بل فيه تحقيقه، لان لولا الكفالة يحبس الظالم المكفول ويضربه ويكلفه ببيع عقاره وسائر أملاكه بثمن بخس، أو بالاستدانة بالمرابحة ونحو
ذلك مما هو مشاهد، ولعلهم لهذا أجازوا هذه الكفالة وإن لم يجيزوها بثمن خمر ونحوه، والله سبحانه أعلم.
قوله: (وقيده شمس الائمة) لا مرجع في كلامه لهذا الضمير، والمناسب قوله النهر.
وفي الخانية: قضى نائبة غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع وهو الصحيح، وقيده شمس الائمة الخ: أي قيد قوله بأمره، وهذا التقييد ظاهر إذ لا خفاء أن أمر المكره غير معتبر.
فرع: في مجموع النوازل: جماعة طمع الوالي أن يأخذ منهم شيئا بغير حق فاختفى بعضهم وظفر الوالي ببعضهم فقال المختفون لهم لا تطلعوه علينا وما أصابكم فهو علينا بالحصص، فلو أخذ منهم شيئا فلهم الرجوع، قال هذا مستقيم على قول من جوز ضمان الجباية، وعلى قول عامة المشايخ لا يصح.
فتح.
قوله: (لم يعتبر لما أمره بالرجوع) الاصوب في الرجوع كما هو في البحر وغيره عن العناية للاكمل.
فالباء بمعنى في متعلقة بيعتبر لا بأمره، ليس المراد أنه أمره بالرجوع عليه بل أمره بقضاء النائبة وإن لم يشترط الرجوع، وحينئذ فالمعنى أنه إذا كان مكرها بالامر بالقضاء لم يعتبر(5/467)
أمره في حق الرجوع لفساد الامر بالاكراه فلا رجوع للمأمور عليه.
قوله: (بلا شرط) أي بلا شرط الرجوع.
قوله: (على الصحيح) مخالف لما قدمه في النفقات من أن الصحيح عدم الرجوع، وبه يفتى، ففيه اختلاف التصحيح كما ذكرناه آنفا.
قوله: (على هامشها) أي هامش البزازية وفي القاموس: الهامش حاشية الكتاب.
مولد.
تتمة: من أصحابنا من قال: الافضل أن يساوي أهل محلته في إعطاء النائبة.
قال القاضي: هذا كان في زمانهم لانه على إعانة على الحاجة والجهاد، أما في زماننا فأكثر النوائب تؤخذ ظلما، ومن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فهو خير له.
نهر.
وتمامه في الفتح.
ونقل في القنية أن الاولى الامتناع إن لم يحمل حصته على الباقين، وإلا فالاولى عدمه.
ثم قال: وفيه إشكال لان الاعطاء إعانة للظالم على ظلمه.
قوله: (أي النصيب من النائبة) أي حصة الشخص منها إذا قسمها الامام.
فتح قوله (وقيل هي النائبة الموظفة) والمراد بالنوائب ما هو منها غير راتب فتغايرا فتح قوله: (وقيل غير ذلك) قال في النهر: وقيل هو أن يقسم ثم يمنع
أحد الشريكين قسم صاحب.
وقال الهندواني: هي أن يمتنع أحد الشريكين من القسمة فيضمنه إنسان ليقوم مقامه فيها.
قوله: (فإنه أمن) بقصر الهمزة على تقدير مضاف: أي ذو أمن أو يمدها على صورة اسم الفاعل بمعنى المفعول كساحل بمعنى مسحول أو بمعنى آمن سالكه مثل نهاره صائم، وعلى الوجهين عيشة راضية.
قوله: (لم يضمن) مثله كل هذا الطعام فإنه ليس بمسموم فأكله فمات لا ضمان عليه، وكذا لو أخبره رجل أنها حرة فتزوجها ثم ظهرت مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر.
أشباه ط.
قوله: (والمسألة بحالها) أي فسلكه وأخذ ماله ط.
قوله: (ضمن) أما لو قال له إن أكل ابنك سبع أو أتلف مالك سبع فأنا ضامن لا يصح.
هندية.
لما تقدم من أن السبع لا يكفل وإن فعله جبار ط.
قوله: (هذا وارد الخ) أقول: صحة الضمان لا من حيث صحة الكفالة حتى يرد ما ذكر، بل من حيث إنه غره لان الغرور يوجب الرجوع إذا كان بالشرط أبو السعود.
ط.
ولذا أعقبه الشارح بذكر الاصل، لكن يأتي أن ضمان الغرر في الحقيقة هو ضمان الكفالة.
ثم اعلم أن المصنف في ذكر هذه المسألة صاحب الدرر عن العمادية، وعزاها البيري إلى الذخيرة بزيادة أن المكفول عنه مجهول، ومع هذا جوزوا الضمان ا ه.
لكن قال في الثالث والثلاثين من جامع الفصولين برمز المحيط: ما ذكر من الجواب مخالف لقول القدوري: من قال لغيره من غصبك من الناس أو من بايعت من الناس فأنا ضامن لذلك فهو باطل ا ه.
وأجاب في نور العين بأن عدم الضمان في مسألة القدوري لعدم التغرير فظهر الفرق.(5/468)
قلت: لكن في البزازية: وذكر القاضي بايع فلانا على أن ما أصابك من خسران فعلي أو قال لرجل إن هلك عينك هذا فأنا ضامن لم يصح ا ه.
إلا أن يجاب بأن قوله: بايع فلانا لا تغرير فيه لعدم العلم بحصول الخسران في المبايعة معه، ولان الخسران يحصل بسبب جهل المأمور بأمر البيع والشراء، بخلاف قوله: اسلك هذا الطريق والحال أنه مخوف فإن الطريق المخوف يؤخذ فيه المال غالبا ولا صنع فيه للمأمور، فقد تحقق فيه التغرير، فإذا ضمنه الآمر نصا رجع عليه، ولعلهم أجازوا الضمان فيه مع جهل المكفول عنه زجرا عن هذا الفعل كما في تضمين الساعي، والله سبحانه أعلم.
قوله: (في ضمن المعاوضة) فيرجع على البائع بقيمة الولد إذا استحقت بعد الاستيلاد، وبقيمة البناء بعد أن يسلم البناء إليه، واحترز عما إذا كان في ضمن عقد التبرع كالهبة والصدقة.
قوله: (أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصا) أي كمسألة المتن الثانية فإنه نص فيها على الضمان، بخلاف الاولى وتمام عبارة الدرر: حتى لو قال الطحان لصاحب الحنطة اجعل الحنطة في الدلو فذهب من ثقبه ما كان فيه إلى الماء والطحان كان عالما به يضمن، لانه صار غارا في ضمن العقد، بخلاف المسألة الاولى لان ثمة ما ضمن السلامة بحكم العقد وهنا العقد يقتضي السلامة، كذا في العمادية ا ه.
وأراد بالاولى قوله: اسلك هذا الطريق فإنه أمن، ويظهر من التعليل أن قوله: حتى لو قال الخ تفريع على الاصل الاول، وقوله: إن كان عالما به أي بثقب الولد يشكل عليه مسألة الاستحقاق.
قوله: (وتمامه في الاشباه) ذكرناه في آخر باب المرابحة وتكلمنا عليه هناك فراجعه.
قوله: (هو ضمان الكفالة) أما في الاصل الثاني فهو ظاهر، لان شرطه أن يذكر الضمان نصا، وأما في الاول فلان عقد المعاوضة يقتضي السلامة، فكأنه بسبب أخذ العوض ضمن له سلامة المعوض.
قوله: (لو كفالته حالة) ينبغي أن يجري فيه ما سيذكره الشارح آخر الباب عن المحيط.
قوله: (ليخلصه بأداء أو إبراء) أي بأن يؤدي المال إليه أو إلى الطالب أو بأن يتكلم مع الطالب ليبرئ الكفيل.
قوله: (يرده إليه) في بعض النسخ برده بالباء الموحدة وهي أحسن فهو متعلق بيخلصه: أي برد نفسه وتسليمها إلى الطالب.
قوله: (أي ولو بأمره) لان الكفيل بلا أمر متبرع ليس له مطالبة الاصيل بمال ولا نفس، حتى إنه لا يأثم بالامتناع من تسليم نفسه معه كما مر سابقا.
قوله: (من قام عن غيره بواجب بأمره الخ) الظاهر أن المراد بالواجب اللازم شرعا أو عادة ليصح استثناء التعويض عن الهبة ونفس الهبة، إلا أن يكون لفظ إلا بمعنى لكن، وقوله: بأمره متعلق بقام.
قوله: (أمره بتعويض عن هبته) أي أمر الموهوب له رجلا أن يعوض الواهب عن هبته.
قوله: (وبإطعام الخ) وكذا لو قال أحجج عني رجلا أو أعتق عني عبدا عن ظهاري خانية(5/469)
فالمراد الواجب الاخروي.
قوله: (وبأن يهب فلانا) فلو قال هب لفلان عني ألفا تكون من الآمر ولا رجوع للمأمور عليه ولا على القابض وللآمر الرجوع فيها والدافع متطوع، ولو قال على أني ضامن
ضمن للمأمور وللآمر الرجوع فيها دون الدافع.
خانية.
قوله: (في كل موضع الخ) فالمشتري أو الغاصب إذا أمر رجلا بأن يدفع الثمن أو بدل الغصب إلى البائع أو المالك كان المدفوع إليه مالكا للمدفوع بمقابلة مال هو المبيع أو المغصوب، وظاهره أن الهبة لو كانت بشرط العوض فأمره بالتعويض عنها يرجع بلا شرط لوجود الملك بمقابلة مال، بخلاف ما لو أمره بالاطعام عن كفارته أو بالاحجاج عنه ونحوه فإنه ليس بمقابلة مال فلا رجوع للمأمور على الآمر إلا بشرط الرجوع، ويرد عليه الامر بالانفاق عليه، فإنه قدم أنه يرجع بلا شرط مع أنه ليس بمقابلة ملك مال، وكذا الامر بأداء النوائب وبتلخيص الاسير على ما مر.
هذا، وسيذكر المصنف في باب الرجوع عن الهبة أصلا آخر، وهو كل ما يطالب به بالحبس والملازمة، فالامر بأدائه يثبت الرجوع، وإلا فلا إلا بشرط الضمان، ويرد عليه أيضا الامر بالانفاق، وانظر ما حررناه في تنقيح الحامدية.
قوله: (الكفيل للمختلعة الخ) صورته: خالعت زوجها على مهرها مثلا ولها عليه دين فكلفه به لها رجل ثم جددا عقد النكاح بينهما لا يبرأ الكفيل لعدم ما يسقط ما ثبت عليه بالكفالة أفاده ط.
قوله: (ثوب الخ) تابع صاحب الملتقط في ذكر هذه الفروع في الكفالة لمناسبة الضمان، وإلا فمحلها الوديعة أو الاجارات.
قوله: (لا ضمان عليه) هذا لو ضاع منه، أما لو قال لا أدري في أي حانوت وضعته ضمن نقله بعض المحشين عن الخانية.
وذكر الشارح نحوه آخر الوديعة.
قوله: (واتفقا على الثمن) أي قبل العقد فيكون مقبوضا على سوم الشراء.
قوله: (ضمن الدلال بالاتفاق) أقول: هذا إذا وضعه أمانة عند صاحب الدكان، أما لو وضعه عنده ليشتريه ففيه خلاف مذكور في الثالث والثلاثين من جامع الفصولين، فقيل يضمن لانه مودع وليس للمودع أن يودع، وقيل لا يضمن في الصحيح لانه أمر لا بد منه في البيع، وبه جزم في الوهبانية كما نقله الشارح عنها آخر الاجارات.
قوله: (برئ) لانه كغاصب الغاصب إذا رد على الغاصب يبرأ، وإنما يبرأ لو أثبت رده بحجة جامع الفصولين.
قوله: (لانه يصير عاملا لنفسه) إذ ولاية القبض له والضامن يعمل لغيره ط.
فلو أن وكيل البيع ضمن الثمن لموكله وأدى يرجع، ولو أدى بلا ضمان لا يرجع كما(5/470)
في الفصولين وقد مر.
قوله: (إلا لعمال بيت المال) أي إذا كان يرده لبيت المال أو على أربابه إن علموا كما ذكره في آخر العبارة.
قوله: (رواه الحاكم وغيره) أخرج في الدر المنثور في سورة يوسف في قوله تعالى: * (اجعلني على خزائن الارض) * (يوسف: 55) قال: أخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة قال: استعملني عمر على البحرين ثم نزعني وغرمني اثني عشر ألفا، ثم دعاني بعد إلى العمل فأبيت، فقال لم؟ وقد سأل يوسف العمل وكان خيرا منك، فقلت: إن يوسف عليه السلام نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا ابن أمية وأخاف أن أقول بغير علم وأفتي بغير علم وأن يضرب ظهري ويشتم عرضي ويؤخذ مالي ا ه بحر.
قلت: ولعل مذهبه أن هدية العمال جائزة، بخلاف مذهب عمر رضي الله تعالى عنه، فلذا غرمه.
قوله: (ويلحق بهم الخ) قال السيد الحموي: هذا مما يعلم ويكتم، ولا تجوز الفتوى به لانه يكون ذريعة إلى ما لا يجوز، وذلك لان حكام زماننا لو أفتوا بهذا وصادروا من ذكر لا يردون الاموال إلى الاوقاف وإن علمت أعيانها ولا لبيت المال بل يصرفونها فيما لا يليق ذكره، فليكن هذا على ذكر منك ا ه.
قلت: والفاعل لهذا عمر وأين عمر ط.
قوله: (وفي التلخيص الخ) قدمنا عند قوله: ولو أبرأ الاصيل أو أخر عنه برئ الكفيل ولا ينعكس أن هذا مخالف لما في كل الكتب، ولا يجوز العمل به بل يتأخر عن الكفيل فقط دون الاصيل.
قوله: (وقدمنا) أي قبيل فصل القرض، وذكرنا هناك أيضا ما فيه كفاية.
قوله: (وسيجئ) أي في فصل الحبس من كتاب الفضاء.
قوله: (وليس للدائن منعه الخ) وكذا ليس له أن يطالبه بإعطاء الكفيل وإن قرب حلول الاجل كما في الاقضية.
وذكر في المنتقى: يطالبه باإعطاء الكفيل وإن كان الدين مؤجلا، وتمامه في التاسع والعشرين من نور العين.
وفصل في القنية بأنه إن عرف المديون بالمطل والتسويف يأخذ الكفيل وإلا فلا ا ه.
فالاقوال ثلاثة.
قوله: (واستحسن الخ) وفي الظهيرية: قالت زوجي يريد أن يغيب فخذ بالنفقة كفيلا لا يجيبها الحاكم إلى ذلك لانها لم تجب بعد، واستحسن الامام الثاني أخذ الكفيل رفقا بها، وعليه الفتوى.
ويجعل كأنه كفل بما ذاب لها عليه ا ه.
بحر.
عند قوله وتصح بالنفس وإن تعددت.
قال في النهر وظاهره يفيد أنه يكون كفيلا بنفقتها عند الثاني ما دام غائبا، ووقع في كثير من(5/471)
العبارات أنه استحسن أخذ الكفيل بنفقة شهر.
وقد قال كما في المجمع: لو كفل لها بنفقة كل شهر لزمته ما دام النكاح بينهما عند أبي يوسف، وقالا: يلزمه نفقة شهر ا ه.
وقدم الشارح نحو هذا عن الخانية عند قول المصنف وبما بايعت فلانا فعلي لكن هذا فيما لو كفل بلا إجبار.
والظاهر أن ما وقع في كثير من العبارات فيما إذا أراد القاضي إجباره على إعطاء كفيل.
نعم في نور العين عن الخلاصة: لو علم القاضي أن الزوج يمكث في السفر أكثر من شهر يأخذ الكفيل بأكثر من شهر عند أبي يوسف ا ه.
قوله: (وقاس عليه الخ) في البحر عن المحيط بعدما مر عن أبي يوسف: لو أفتى بقوله الثاني في سائر الديون بأخذ الكفيل كان حسنا رفقا بالناس ا ه.
قال: وفي شرح المنظومة لابن الشحنة: هذا ترجيح من صاحب المحيط ا ه.
ومثله في النهر قوله: (لكنه مع الفارق) عبارة الشرنبلالي في شرحه: لكن الفرق ظاهر بين نفقة المرأة التي يؤدي تركها إلى هلاكها وبين دين الغريم الذي ليس كذلك ا ه.
قلت: ورأيت بخط شيخ مشايخنا التركماني، وتعليل الرفق من صاحب المحيط والصدر الشهيد يفيد أنه لا فرق بين نفقة المرأة وبين دين الغريم، وأي رفق في أن يقال لصاحب الدين سافر معه إلى أن يحل الاجل، إذ ربما يصرف في السفر أكثر من دينه، فلو أفتى بقول صاحب المحيط وحسام الدين الشهيد والمنتقى والمحبية كان حسنا وفيه حفظ لحقوق العباد من الضياع والتلف خصوصا في هذا الزمان ا ه.
ونحوه في مجموعة السائحاني، وإليه يميل كلام الشارح بقرينة الاستدراك عليه وفي البيري عن خزانة الفتاوى: يأخذ كفيلا أو رهنا بحقه، وإن كان ظاهر المذهب عدمه، لكن المصلحة في هذا لما ظهر من التعنت والجور في الناس ا ه.
ثم رأيت المفتي أبا السعود أفتى به في معروضاته.
قوله: (لو حبس المديون الخ) تقدم هذا في قول المتن وإذا حبسه له حبسه وتقدم بيان شروطه، وقوله: حبس بالنصب لانه تنازع فيه جاز وأراد وأعمل الثاني وأضمر للاول مرفوعه، ولو أعمل الاول لوجب أن يقال وأراده بإبراز الضمير، فافهم.
قوله: (ثم الكفيل الخ) تقدم هذا
أيضا عند قول المصنف وإذا حل على الكفيل بموته لا يحل على الاصيل.
قوله: (من قبل ما التأجيل تم) ما مصدرية.
والتأجيل فاعل لفعل محذوف دل عليه المذكور وهو تم فافهم، والله سبحانه أعلم.(5/472)
باب كفالة الرجلين شروع فيما هو كالمركب بعد الفراغ من المفرد ط.
قوله: (بأن اشتريا منه عبدا بمائة) أشار إلى استواء الدينين صفة وسببا، فلو اختلفا صفة بأن كان ما عليه: أي ما على المؤدي مؤجلا وما على صاحبه حالا، فإذا أدى صح تعيينه عن شريكه ورجع به عليه، وعلى عكسه لا يرجع، لان الكفيل إذا عجل دينا مؤجلا ليس له الرجوع على الاصيل قبل الحلول، ولو اختلف سببهما نحو أن يكون ما على أحدهما فرضا وما على الآخر ثمن مبيع فإنه يصح تعيين المؤدي، لان النية في الجنسين المختلفين معتبرة، وفي الجنس الواحد لغو.
بحر عن الفتح.
قوله: (وكفل كل عن صاحبه) فلو كفل أحدهما عن صاحبه دون الآخر وأدى الكفيل فجعله عن صاحبه فإنه يصدق.
بحر.
قوله: بأمره وإلا فلا رجوع بشئ أصلا قوله: (زائدا على النصف) المراد أن يكون زائدا على ما عليه ولو كان دون النصف أو أكثر ط.
قوله: (لرجحان جهة الاصالة على النيابة) لان الاول دين عليه، والثاني مطالبة بلا دين.
ثم هو تابع فوجب صرف المؤدي إلى الاقوى حتى على القول بجعل الدين على الكفيل مع المطالبة فإن ما عليه بالاصالة أقوى، فإن من اشترى في مرض موته شيئا كان من كل المال ولو مديونا، ولو كفل كان من الثلث إلا إذا كان مديونا فلا يجوز، أفاده في الفتح.
قوله: (لادى إلى الدور) لان لو جعل شئ من المؤدى عن صاحبه فلصاحبه أن يقول: أداؤك كأدائي، فإن جعلت شيئا من المؤدى عني ورجعت علي بذلك فلي أن أجعل المؤدى عنك كما لو أديت بنفسي فيفضي إلى الدور.
كذا في الكفاية.
وذكر في الفتح أنه ليس المراد حقيقة الدور، فإنه توقف الشئ على ما توقف عليه، بل اللازم في الحقيقة التسلسل في الرجوعات بينهما فيمتنع الرجوع إلى المؤدي إليه، وتمامه فيه قوله: (كل واحد منهما بجميعه منفردا) قيد بقوله: بجميعه للاحتراز عما لو تكفل كل واحد منهما بالنصف ثم تكفل
كل عن صاحبه، فهي كالمسألة الاولى في الصحيح فلا يرجع حتى يزيد على النصف، وبقوله: منفردا وهو حال من كل للاحتراز عما لو تكفلا عن الاصيل بجميع الدين معا ثم تكفل كل واحد منهما عن صاحبه فهو كذلك، لان الدين ينقسم عليهما نصفين فلا يكون كفيلا عن الاصيل بالجميع كما في البحر وفي نور العين عن النهاية عن الشافي: ثلاثة كفلوا بألف يطالب كل واحد بثلث الالف، وإن كفلوا على التعاقب يطالب كل واحد بالالف، كذا ذكره شمس الائمة السرخسي والمرغيناني والتمرتاشي ا ه.
قوله: (ثم كفل كل من الكفيلين عن صاحبه) قيد به، لانه بدون ذلك لا رجوع لاحدهما على الآخر.
وفي الهندية عن المحيط: كفل ثلاثة عن رجل بألف فأدى أحدهم برئوا جميعا ولا يرجع على صاحبيه بشئ، ولو كان كل واحد كفيلا عن صاحبه رجع المؤدي عليهما بالثلثين ولصاحب المال أن يطالب كل واحد منهم بالالف، هذا إذا ظفر: أي المؤدي بالكفيلين، فإن ظفر بأحدهما رجع عليه بالنصف ثم رجعا على الثالث بالثلث ثم رجعوا جميعا على الاصيل بالالف، وإن ظفر بالاصيل(5/473)
قبل أن يظفر بصاحبه رجع عليه بجميع الالف ا ه.
قوله: (بالجميع) احتراز عما لو تكفل كل عن الاصيل بالجميع متعاقبا ثم كفل كل واحد منهما عن صاحبه بالنصف فإنه كالاولى كما في البحر قوله: (وبهذه القيود) أي كون كفالة كل منهما عن الاصيل بالجميع وكونها على التعاقب وكون كفالة كل واحد منهما عن صاحبه بالجميع أيضا.
قوله: (خالفت الاولى) أي في الحكم، وإلا فالموضوع مختلف، فإن أصل الدين في الاولى عليهما لآخر، وفي الثانية على غيرهما وقد كفلا به.
قوله: (رجع بنصفه على شريكه) أي ثم يرجعان على الاصيل لانهما أديا عنه أحدهما بنفسه والآخر بنائبه.
بحر.
قوله: (لكون الكل كفالة هنا) أي ما عن نفسه وما عن الكفيل الآخر، فلا ترجيح للبعض على البعض ليقع النصف الاول عن نفسه خاصة، بخلاف ما تقدم، وتمامه في الفتح.
قوله: (أخذ الآخر) ضبطه في النهر بالمد وهو غير متعين ففي المصباح: أخذه الله أهلكه، وأخذه بذنبه عاقبة عليه، وآخذ بالمد مؤاخذة كذلك ا ه.
قوله: (بكله) لان إبراء الكفيل لا يوجب إبراء الاصيل الثاني كفيل عنه بكله فيأخذه بكفله نهر.
قوله: (ولو افترق المفاوضان) قيد بالمفاوضين، لان شريكي العنان لو افترقا وثمة
دين لم يأخذ الغريم أحدهما إلا بما يخصه.
نهر.
قوله: (أخذ الغريم) يطلق الغريم على من له الدين ومن عليه كما في ط عن الدستور.
قوله: (لتضمنها الكفالة) ولا تبطل بالافتراق ط عن الاتقاني.
قوله: (كما مر) أي في كتاب الشركة.
قوله: (لما مر) أي في المسألة الاولى من أنه أصيل في النصف وكفيل في الآخر، فما أدى يصرف إلى ما عليه.
بحق الاصالة، فإن زاد على النصف كان الزائد عن الكفالة فيرجع.
نهر.
قوله: (كتابة واحدة) بأن قال كاتبتكما على ألف إلى سنة، قيد بالواحدة لانه لو كانت كلا على حدة فكفل كل منهما عن صاحبه ببدل الكتابة للمولى لا يصح قياسا واستحسانا ا ه.
كفاية.
قوله: (صح استحسانا) والقياس أن لا يصح، لانه شرط فيه كفالة المكاتب والكفالة ببدل الكتابة وكل ذلك باطل فيكون شرطها في الكتابة مفسدا.
وجه الاستحسان أن هذا عقد يحتمل الصحة بأن يجعل كل واحد في حق المولى كأن المال كله عليه وعتق الآخر معلقا بأدائه فيطالب كل منهما بجميع المال بحكم الاصالة لا بحكم الكفالة، وفي الحقيقة المال مقابل بهما حتى يكون منقسما عليهما، ولكنا قدرنا المال على كل واحد منهما تصحيحا للكتابة وفيما وراء ذلك العبرة للحقيقة.
كفاية.
قوله: (المعتق) مبني للمجهول والآخر معطوف عليه منصوبان على البدلية من أيا شاء أو مرفوعان بفعل محذوف دل عليه المذكور، أو على الابتداء والخبر محذوف: أي مؤاخذ.
قوله: (لكفالته)(5/474)
أي يرجع بما أداه عنه من بدل الكتابة لكفالته بأمره، وجازت الكفالة ببدل الكتابة هنا لانها في حالة البقاء وفي الابتداء كان كل المال عليه.
نهر قوله: (لم يظهر حق مولاه الخ) أفاد أن حكم ما يظهر وهو ما يؤاخذ به للحال كذلك بالاولى كدين الاستهلاك عيانا وما لزمه بالتجارة بإذن المولى، وجعله الزيلعي قيدا احترازيا وهو سهو.
بحر.
قوله: (لزمه بإقراره) أي وكذبه المولى.
بحر.
قوله: (أو استقراض) أي أو بيع وهو محجور عليه.
بحر.
قوله: (لحلوله على العبد) لوجود السبب وقبول الذمة.
بحر قوله: (وعدم مطالبته لعسرته) إذ جميع ما في يده ملك المولى ولم يرض بتعلق الدين به.
فتح قوله: (والكفيل غير معسر) فالمانع الذي تحقق في الاصيل منتف عن الكفيل مع وجود المقتضي وهو الكفالة المطلقة بمال غير مؤجل فيطالب به في الحال، كما لو كفل عن مفلس أو غائب يلزمه في
الحال مع أن الاصيل لا يلزمه، وتمامه في الفتح.
قوله: (ويرجع بعد عتقه) لان الطالب لا يرجع عليه إلا بعد العتق، فكذا الكفيل لقيامه مقامه بحر، وقوله: لو بأمره أي لو كانت الكفالة بأمر العبد.
وبقي ما لو كفل بدين الاستهلاك المعاين: قال في الفتح: ينبغي أن يرجع قبل العتق إذا أدى لانه دين غير مؤخر إلى العتق فيطالب السيد بتسليمه رقبته أو القضاء عنه، وبحث أهل الدرس هل المعتبر في هذا الرجوع الامر بالكفالة من العبد أو السيد؟ وقوى عندي الثاني لان الرجوع في الحقيقة على السيد ا ه.
قال في النهر: ورأيت مقيدا عندي أن ما قوي عنده هو المذكور في البدائع.
قال ط.
فلو كانت بأمر العبد لا يرجع عليه إلا بعد العتق.
فالحاصل: أن ضمان العبد فيما لا يؤاخذ به حالا صحيح، والرجوع عليه بعد العتق: إن كان بأمره وضمانه فيما يؤاخذ به حالا إن كان بأمر السيد صح ورجع به حالا عليه، وإن كان بأمر العبد صح ورجع به عليه بعد العتق، كذا يؤخذ من كلامهم ا ه.
قوله: (كما مر) أي عند قول المتن ولا ينعكس من قوله: نعم لو تكفل بالحال مؤجلا تأجل عنهما الخ.
قوله: (فمات العبد) بأن ثبت موته ببرهان ذي اليد أو بتصديق المدعي فلو لم يكن ثمة برهان ولا تصديق لم يقبل قول ذي اليد أنه مات بل يحبس هو والكفيل، فإن طال الحبس ضمن القيمة، وكذا الوديعة المجحودة نهر عن النهاية.
قوله: (فبرهن المدعي) قيد بالبرهان، لانه لو ثبت ملكه بإقرار ذي اليد أو بنكوله لم يضمن شيئا.
نهر.
قوله: (لجوازها بالاعيان المضمونة) أي بنفسها وفيها يجب على ذي اليد رد العين، فإن هلكت وجب رد القيمة.
قوله: (ولو ادعى على عبد مالا) أي معلوم القدر، بأن قال أخذ مني كذا بالغصب أو استهلكه ط.
قوله: (برئ الكفيل) أي كل لو كان المكفول بنفسه حرا.(5/475)
قال في النهر: واعلم أن هاتين المسألتين مكررتان، أما الاولى فلاستفادتها من قوله فيما مر ومغصوب، وأما الثانية فلما قدمه من أن الكفالة بالنفس تبطل بموت المطلوب اه.
قال قي البحر: لكن ذكر الثانية هنا ليبين الفرق بينها وبين الاولى، وهو ظاهر لان المكفول به في الاولى رقبة العبد وهي مال، وهي لا تبطل بهلاك المال بخلاف الثانية قوله: (ولو كفل عبد غير مديون مستغرق الخ) بجر مستغرق بكسر
الراء على أنه صفة لمديون، ونسبه الاستغراق إليه مجاز لان الدين استغرقه: أي استغرق رقبته ومات في يده أو بفتح الراء، وقيد به لانه لو كان عليهن دين مستغرق لم تلزمه الكفالة في رقه فإذا عتق لزمته، كذا في كافي الحاكم أي لان حق الغرماء مقدم وحقهم في قيمة رقبته يبيعونه بدينهم إن لم يفده سيده وبعد العتق صار الحق في ذمته.
وأما إذا كان دينه غير مستغرق فالظاهر أنه يقدم دين الغرماء والباقي للكفالة كما لو كفل عن غير سيده.
قال في الكافي: وكفالة العبد والمدبر وأم الولد عن غير السيد بنفس أو مال بلا إذن السيد باطلة حتى يعتق، فإذا عتق تلزمه، وإن أذن سيده جازت إن لم يكن عليه دين ويباع في دين الكفالة وإن كان عليهن دين بدئ بدينه قبل دين الكفالة ويسعى المدبر وأم الولد في الدين اه.
قوله (لان الحق له) أي إذا لم يكن على العبد دين يكون الحق في ماليته لمولاه فصح إذنه له في كفالته قوله (فإذا عتق فأداه) نص على المتوهم، فإنه إذا أداه حال رقهن لا يرجع بالاولى ط قوله (بأمره) أي بأمر العبد، وهذا زاده في النهر، وقال: هذا القيد لا بد منهن اه.
ثم رأيته مذكورا في شرح الجامع لقاضيخان، ولا يخفى أنه إذا لم يرجع مع الامر، فعدم الرجوع بدونه بالاولى، ولعل فائدته أنه محل الخلاف الآني قوله (لانعقادها غير موجبة للرجوع الخ) جواب عن قول زفر بالرجوع لتحقق الموجب له وهو الكافة بالامر، والمانع هو الرق وقد مال كما في الهداية قوله (بعد ذلك) أي بعد انعقادها غير موجبة للرجوع قوله (كما لو كفل الخ) من تتمة الجواب، وهذه المسألة تقدمت عند قول المصنف في باب الكفالة ولو كفل بأمره رجع عليه بما أدى الخ قوله (لما قلناه) أي من قوله لانعقادها غير موجبة الخ قوله (من سائر أمواله) بخلاف ما إذا لم يكفل فإنه لا يلزمه عينا إلا أن يسلمه ليباع، وقد لا يفي ثمنه بالدين فلا يصل الغرماء إلى تمام الدين وبالكفالة يصلون فتح قوله (برقبته) أي فيثبت لهن بيعه إن لم يفده المولى ولذا اشترط أن يكون مديونا كما مر وبدون الكفالة ليس لهم ذلك قوله (برقبته) أي فيثبت لهم بيعه إن لم يفده المولى ولذا اشترط أن لا يكون مديونا كما مر وبدون الكفالة ليس لهم ذلك قوله (وهذا) أي قوله فائدة كفالة المولى الخ قوله (في شرحه) وأثبته شرحا وهو موجود فيما من رأيته من نسخ المتن المجردة ط، والله سبحانه أعلم.(5/476)
كتاب الحوالة كل من الحوالة والكفالة عقد التزام ما على الاصيل للتوثق، إلا أن الحوالة تتضمن إبراء الاصيل إبراء مقيدا كما سيجئ، فكانت كالمركب مع المفرد، والثاني مقدم فلزم تأخير الحوالة.
نهر.
قوله: (هي لغة النقل) أي مطلقا لدين أو عين، وهي اسم من الاحالة، ومنه يقال: أحلت زيدا على عمرو، فاحتال: أي قبل.
وفي المغرب: تركيب الحوالة يدل على الزوال والنقل ومنه التحويل، وهو نقل الشئ من محل إلى محل، وتمامه في الفتح.
قوله: (وشرعا نقل الدين الخ) أي مع المطالبة، وقيل: نقل المطالبة فقط، ونسب الزيلعي الاول إلى أبي يوسف والثاني إلى محمد.
وجه الاول دلالة الاجماع، على أن المحتال لو أبرأ المحال عليه من الدين أو وهبه منه صح، ولو أبرأ المحيل أو وهبه لم يصح، وحكي في المجمع خلاف محمد في الثانية، ووجه الثاني دلالة الاجماع أيضا، على أن المحيل إذا قضى دين الطالب قبل أن يؤدي المحتال عليه لا يكون متطوعا، ويجبر على القبول، وكذا المحتال لو أبرأ المحال عليه عن دين الحوالة لا يرتد بالرد، ولو وهبه منه ارتد، كما لو أبرأ الطالب الكفيل أو وهبه، ولو انتقل الدين إلى ذمته لما اختلف حكم الابراء والهبة، وكذا المحال لو أبرأ المحال عليه لم يرجع على المحيل، وإن كانت بأمره كالكفالة، ولو وهبه رجع إن لم يكن للمحيل عليه دين، وتمامه في البحر.
وظاهره اتفاق القولين على هذه المسائل، ثم ذكر ما يفيد اتفاق القولين أيضا على عود الدين بالتوى، وعلى جبر المحال على قبول الدين من المحيل وعلى قسمة الدين بين غرماء المحيل بعد موته قبل قبض المحتال، وعلى أن إبراء المحال المحال عليه لا يرتد بالرد، وعلى أن توكيل المحال المحيل بالقبض من المحال عليه غير صحيح، وعلى أن المحتال لو وهب الدين للمحال عليه كان للمحال عليه أن يرجع على المحيل، وعلى أنها تفسخ بالفسخ وعلى عدم سقوط حق حبس المبيع فيما إذا أحاله المشتري، وكذلك لو كان عند المحتال رهن للمحيل لا يسقط حق حبسه، بخلاف ما إذا كان المحيل هو البائع على المشتري أو المرتهن على الراهن، فإنه يبطل حبس المبيع والرهن لسقوط المطالبة مع أن هذه المسائل تباين كونها نقلا للدين، ولكن اعتبرت الحوالة تأجيلا إلى التوى في بعض الاحكام وجعل النقل للمطالبة وفي بعضها اعتبرت إبراء وجعل النقل للدين أيضا، وتمام التوجيه في البحر.
وفي
الحامدية عن فتاوي قارئ الهداية: إذا أحال الطالب إنسانا على مديونه وبالدين كفيل برئ المديون من دين المحيل وبرئ كفيله، ويطالب المحتال الاصيل لا الكفيل، لانه لا يضمن له شيئا لكنها براءة موقوفة، وكذا إذا أحال المرتهن بدينه على الراهن بطل حقه في حبس الرهن ولا يكون رهنا عند المحتال ا ه.
وفي هذه المسألة المرتهن هو المحيل وفيما مر هو المحتال، وعلمت وجه الفرق بينهما، ويأتي أيضا ومسألة الكفالة في البزازية وفيها: لو أحال الكفيل الطالب بالمال على رجل برئ الاصيل والكفيل، إلا أن يشترط الطالب براءة الكفيل فقط فلا يبرأ الاصيل.
قوله: (والدائن محتال ومحتال له الخ) يعني يطلق عليه هذه الالفاظ الاربعة في الاصطلاح.
درر.
وظاهره أن اللغة بخلافه، ولذا قال في المعراج: قولهم للمحتال له لغو، لانه لا حاجة إلى هذه الصلة زاد في الفتح بل الصلة مع المحال عليه لفظة عليه فهما محتال ومحتال عليه، فالفرق بينهما بعدم الصلة وبصلة عليه ا ه.(5/477)
قلت: ويمكن تصحيح كلامهم، وذلك أن الحوالة لغة بمعنى النقل مطلقا كما مر، فالمديون يدفع الطالب عن نفسه ويسلطه على غريمه، وفي الاصطلاح نقل الدين وهو من أفراد المعنى اللغوي أيضا، فعلى الاول يقال: محتال لا غير وعلى الثاني محتال له لا غير، لان المحيل بمعنى الناقل، والمحال عليه بمعنى المنقول عليه الدين، والدين منقول والطالب محال له: أي منقول لاجله، ولو قيل محال بمعنى منقول لم يصح، لان المنقول هو الدين على هذا الوجه، بخلافه على الاول فإن المنقول هو ذات الطالب، وبهذا ظهر أن قولهم محتال ومحتال له مبني على اختلاف المراد في المنقول هل هو ذات الطالب أو دينه، فافهم، نعم يصح على الثاني أن يقال فيه محتال بطريق المجاز: أي محتال دينه، وبه ظهر أنه لا لغو في كلامهم، فاغتنم هذا التقرير.
قوله: (ويزاد خامس وهو حويل) عبارة الفتح: ويقال للمحتال حويل أيضا، فما ذكره الشارح نقل لعبارة الفتح بالمعنى، فافهم.
ونقل في البحر عبارة عن تلخيص الجامع فيها إطلاق الحويل على المحال عليه.
قال الرملي: فلعله يطلق عليهما.
قوله: (فالفرق بالصلة) أي باختلافها وهي اللام في الاول، وعلى في الثاني، وهذا على وجودها في الاول وقد علمت وجه صحته، وأما على حذفها المفاد بقوله: وقد تحذف فالمراد أن الفرق بالصلة وجودا
وعدما كما مر عن الفتح، فافهم.
قوله: (والحوالة شرط لصحتها الخ) قال في النهر: وشرط صحتها في المحيل العقل، فلا تصح حوالة مجنون وصبي لا يعقل والرضا، فلا تصح حوالة المكره، وأما البلوغ فشرط للنفاذ، فصحة حوالة الصبي العاقل موقوفة على إجازة وليه وليس منها الحرية، فتصح حوالة العبد مطلقا، غير أن المأذون يطالب للحال والمحجور بعد العتق ولا الصحة فتصح من المريض.
وفي المحتال العقل والرضا، وأما البلوغ فشرط النفاذ أيضا، فانعقد احتيال الصبي موقوفا على إجازة وليه إن كان الثاني أملا من الاول كاحتيال الوصي بمال اليتيم.
ومن شرط صحتها المجلس قال في الخانية: والشرط حضرة المحتال فقط حتى لا تصح في غيبته إلا أن يقبل عنه آخر، وأما غيبة المحتال عليه فلا تمنع، حتى لو أحال عليه فبلغه فأجاز صح، وهكذا في البزازية، ولا بد في قبولها من الرضا، فلو أكره على قبولها لم تصح، وفي المحال به أن يكون دينا لازما فلا تصح ببدل الكتابة كالكفالة ا ه.
قوله: (رضا الكل) أم رضا الاول فلان ذوي المروءات قد يأنفون تحمل غيرهم ما عليهم من الدين، فلا بد من رضاه، وأما رضا المحتال فلان فيها انتقال حقه إلى ذمة أخرى والذمم متفاوتة، وأما رضا الثالث وهو المحتال عليه فلانها إلزام الدين ولا لزوم بلا التزام.
درر.
قلت: نقل السائحاني عن لقطة البحر: إذا استدانت الزوجة النفقة بأمر القاضي لها أن تحيل على الزوج بلا رضاه.
قوله: (فلا يشترط على المختار) هو رواية الزيادات قال فيها: لان التزام الدين من المحتال عليه تصرف في حق نفسه والمحيل لا يتضرر، بل فيه منفعة لان المحال عليه لا يرجع إذا لم يكن بأمره.
درر قوله: (للرجوع عليه) أي رجوع المحال عليه على المحيل، أو ليسقط الدين الذي للمحيل على المحال عليه كما في الزيلعي، أما بدون الرضا فلا رجوع ولا سقوط وهو محمل رواية الزيادات.
قوله: (لكن استظهر الاكمل الخ) أي في العناية، وهو توفيق آخر بين روايتي(5/478)
الزيادات والقدوري، لكن لا بد فيه من ضميمة التوفيق الاول كما تعرفه.
قوله: (شرط ضرورة) لانها إحالة وهي فعل اختياري ولا يتصور بدون الارادة والرضا وهو محمل رواية القدوري، وقوله: إلا لا أي وإن لم يكن ابتداؤها من المحيل بل من المحال عليه تكون احتيالا يتم بدون إرادة المحيل بإرادة
المحال علية ورضاه، وهو وجه رواية الزيادات.
عناية.
لكن لا يخفى أنه على الثاني لا يثبت للمحال عليه الرجوع بما أدى، ولو كان عليه للمحيل دين لا يسقط إلا برضا المحيل فرجع إلى التوفيق الاول.
قوله: (وأراد بالرضا القبول) أي الذي هو أحد ركني العقد فيشترط له المجلس، لان شطر العقد لا يتوقف على قبول غائب بل يلغو، بخلاف الرضا الذي ليس ركن عقد.
قوله: (فإن قبولها الخ) ذكر في البحر أولا أن من الشروط مجلس الحوالة، وقال: وهو شرط الانعقاد في قولهما، خلافا لابي يوسف فإنه شرط النفاذ عنده، فلو كان المحتال غائبا عن المجلس فبلغه الخبر فأجاز لم ينعقد عندهما خلافا له، والصحيح قولهما ا ه.
ثم قال هنا: وأراد من الرضا القبول في مجلس الايجاب لما قدمناه أن قبولهما في مجلس الايجاب شرط الانعقاد، وهو مصرح به في البدائع ا ه.
وما ذكره في البحر أولا هو عبارة البدائع، فقوله: لما قدمناه أن قبولهما الظاهر أن الميم فيه زائدة، وأن الضمير فيه مفرد عائد للحوالة، لان المتبادر من كلام البدائع أن اشتراط المجلس عندهما إنما هو في المحتال فقط بقرينة التفريع، ويأتي قريبا ما يؤيده ا ه.
قوله: (لكن في الدرر وغيرها) أي كالخانية والبزازية والخلاصة.
وعبارة الخانية: الحوالة تعتمد قبول المحتال له والمحال عليه، ولا تصح في غيبة المحتال له في قول أبي حنيفة ومحمد، كما قلنا في الكفالة إلا أن يقبل رجل الحوالة للغائب، ولا تشترط حضرة المحتال عليه لصحة الحوالة حتى لو أحاله على رجل غائب ثم علم الغائب فقبل صحت الحوالة ا ه.
ومراده بالقبول في قوله: تعتمد قبول الخ، الرضا الاعم من القبول المشروط له المجلس بقرينة آخر العبارة، ولم يذكر رضا المحيل بناء على رواية الزيادات أنه غير شرط.
فتلخص من كلامه: أن الشرط قبول المحتال في المجلس ورضا المحال عليه ولو غائبا، وهو ما لخصه في النهر كما مر، وظاهره أن خلاف أبي يوسف في المحتال فقط، فعنده لا تشترط حضرته بل يكفي رضاه كالمحال عليه، وأنه لا خلاف في المحال عليه في أن حضرته غير شرط، وبه ظهر أنه لا يصح التوفيق بحمل ما في الدرر وغيرها على قول أبي يوسف الذي هو خلاف الصحيح، بل هو محمول على قولهما المصحح فافهم.
وبما قررناه ظهر أنه لا خلاف في اشتراط الرضا الاعم، وأن الخلاف في قبول المحتال في المجلس لا في رضاه، فلا ينافي ذلك قول المصنف شرط رضا الكل بلا
خلاف الخ خلافا لما ظنه في العزمية.
قوله: (أو نائبه) أي ولو فضوليا، وبه عبر في الدرر.
قال في الفتح: فيتوقف: أي قبول الفضولي على إجازة المحتال إذا بلغه.
قوله: (ورضا الباقين) كذا في بعض النسخ بياءين ثانيتهما ياء التثنية، وفي عامة النسخ بياء واحدة على أنه جمع أريد به ما فوق الواحد، ثم لا يخفى أن اشتراط رضا المحيل مبني على رواية القدوري وهي خلاف المختار كما قدمه، فالاحسن عبارة الغرر متن الدرر وهي: وشرط حضور الثاني إلا أن يقبل فضولي له لا حضور الباقين ا ه.
فلم يذكر اشتراط رضاهما فيصدق بكل من الروايتين.
وقال في الدرر: أما عدم اشتراط حضور الاول، وهو المحيل فبأن يقول رجل للدائن لك على فلان بن فلان ألف درهم فاحتل بها علي فرضي(5/479)
الدائن فإن الحوالة تصح حتى لا يكون له أن يرجع، وأما عدم اشتراط حضور الثالث وهو المحتال عليه فبأن يحيل الدائن على رجل غائب ثم علم الغائب فقبل صحت الحوالة، كذا في الخانية.
قلت: فلم يذكر في هذا التصوير رضا المحيل الغائب، وذكر في الثاني رضا المحتال عليه الغائب، وذلك مبني على رواية الزيادات المختارة كما مر.
قوله: (وتصح في الدين) الشرط كون الدين للمحتال على المحيل، وإلا فهي وكالة لا حوالة، وأما الدين على المحال عليه فليس بشرط.
أفاده في البحر.
وفيه عن المحيط: ولو أحال المحال عليه المحتال على آخر جاز وبرئ الاول والمال على الآخر كالكفالة من الكفيل ا ه.
فدخل في الدين دين الحوالة كما دخل دين الكفالة، فإن الكفيل لو أحال الطالب جاز كما يأتي.
وفي البزازية: كل دين جازت به الكفالة جازت به الحوالة.
وفي الهندية: ما لا تجوز به الكفالة لا تجوز به الحوالة.
قوله: (المعلوم) فلو احتال بمال مجهول على نفسه بأن قال: احتلت بما يذوب لك على فلان لا تصح الحوالة مع جهالة المال، ولا تصح الحوالة أيضا بهذا اللفظ.
بحر عن البزازية.
قوله: (لا في العين) لان النقل الذي تضمنته نقل شرعي، وهو لا يتصور في الاعيان، بل المتصور فيها النقل الحسي فكانت نقلا للوصف الشرعي وهو الدين.
فتح.
قال في الشرنبلالية: يرد عليه ما سيذكره من أنها تصح بالدراهم الوديعة إذ ليس فيها نقل الدين، وكذا الغصب على القول بأن الواجب فيه رد العين والقيمة مخلص، ودفع الايراد بأن الحوالة بالوديعة وكالة حقيقة ا ه.
قلت: فيه نظر لما سيأتي في الحوالة المقيدة بوديعة ونحوها أنه لا يملك المحيل مطالبة المحتال عليه، ولا المحتال عليه دفعها للمحيل، ولا يخفى أن الوكالة حقيقة تنافي ذلك، فالصواب في دفع الايراد أن النقل موجود، لان المديون إذا أحال الدائن على المودع فقد انتقل الدين عن المديون إلى المودع وصار المودع مطالبا بالدين كأنه في ذمته فكانت حوالة بالدين لا بالعين.
نعم لو أحال المودع رب الوديعة بها على آخر كانت حوالة بالعين فلا تصح.
مطلب في حوالة الغازي وحوالة المستحق من الوقف قوله: (وبه عرف أن حوالة الغازي) مصدر مضاف لفاعله: أي إحالته غيره على الامام.
وعبارة النهر: وبه عرف أن الحوالة على الامام من الغازي الخ.
ولا يخفى أن ما ذكره غير ما نحن فيه إذ كلام المصنف في بيان المكفول به فذكر أنه المال لا العين ولا الحقوق، فإذا استدان الغازي دينا من زيد ثم أحاله به على الامام صحت الحوالة، سواء قيدها بأن يعطيه الامام من حقه من الغنيمة المحرزة أو لا، لان المحال عليه لا يشترط أن يكون عليه للمحيل دين أو عين من وديعة أو غيرها، ولان المحال به دين صحيح معلوم، فالقول بعدم صحتها ليس له وجه صحة أصلا، وهكذا يقال في المستحق إذا استدان ثم أحال الدائن على الناظر، سواء قيد الحوالة بمعلومه الذي في يد الناظر أو لا، فهي أيضا من الحوالة بالدين لا بالحقوق.
نعم لو أحال الامام الغازي أو أحال الناظر المستحق على آخر كان مظنة أن يقال إنها من الحوالة بالحقوق، لان الغنيمة إذا أحرزت بدارنا يتأكد فيها حق الغانمين ولا تملك إلا بالقسمة، ولا يقال: إن الوارث إذا مات بعد الاحراز قبل القسمة يورث نصيبه فيقتضي الملك قبل القسمة.
لانا نقول: إن الحق المتأكد يورث كحق حبس الرهن والرد بالعيب، بخلاف(5/480)
الضعيف كالشفعة، وخيار الشرط كما قدمناه عن الفتح في باب المغنم وقسمته، وكذا يقال في غلة الوقف، فإن نصيب المستحق يورث عنه إذا مات قبل القسمة بعد ظهور غلة الوقف في وقف الذرية أو بعد عمل صاحب الوظيفة كما قدمناه هناك، ومقتضى هذا أن لا تصح هذه الحوالة لان كلا من الغازي والمستحق لم يثبت له دين في ذمة الامام والناظر.
نعم تكون وكالة بالقبض من المحال عليه كما
يأتي في قول المصنف وإن قال المحيل للمحتال وهذا يقع كثيرا، فإن الناظر يحيل المستحق على مستأجر عقار الوقف.
وقد أفتى في الحامدية بأن لو مات الناظر قبل أخذ المحتال، فللناظر الثاني أخذه، لكن ذكرنا في باب المغنم، أن غلة الوقف بعد ظهورها يتأكد فيها حق المستحقين، فتورث عنهم، وأما بعد قبض الناظر لها فينبغي أن تصير ملكا لهم للشركة الخاصة، بخلاف المغنم فإنه لا يملك إلا بعد القسمة، حتى لو أعتق أحد الغانمين حصته من أمة لا تعتق للشركة العامة إلا إذا قسمت الغنيمة على الرايات فيصح للشركة الخاصة، وعلى هذا فإذا صارت الغلة في يد الناظر صارت أمانة عنده ملكا للمستحقين لهم مطالبته بها، ويحبس إذا امتنع من أدائها، ويضمنها إذا استهلكها أو هلكت بعد الطلب، فإذا أحال الناظر بعض المستحقين على آخر لا يصح لانها حوالة بالعين لا بالدين، إلا إذا كان الناظر استهلكها أو خلطها بماله فتصير دينا بذمته فتصح الحوالة، لانها حوالة بالدين لا بالعين ولا بالحقوق، فقد ظهر أن هذه الحوالة لا تكون من الحوالة بالحقوق أصلا، سواء كان الغازي أو الناظر محيلا أو محتالا، وسواء كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة، وأن ما ذكره الشارح عن النهر غير محرر، فافهم وتدبر واغنم تحرير هذا المقام، فإنه من فيض ذي الجلال والاكرام.
قوله: (لا تصح) قد علمت أنه لا وجه له.
قوله: (وهذا في الحوالة المطلقة ظاهر) لتصريحهم باختصاصها بالديون لابتنائها على النقل.
نهر.
قلت: وهذه حوالة بالدين وإن كانت مطلقة، بل الصحة فيها أظهر من عدمها لان الحوالة المطلقة على ما يأتي أن لا يقيد المحيل بدين له على المحال عليه ولا بعين له في يده، فإذا أحال المستحق غريمه بدينه على الناطر حوالة مطلقة فلا شك في صحتها.
قوله: (ينبغي أن تصح) لما علمت من أن مال الوقف في يده أمانة، ولكن إذا صحت لا تكون من الحوالة بالحقوق، لان المستحق إنما أحال دائنه بدين صحيح، بل هي حوالة بالدين مقيدة بما عند المحال عليه وهو الناظر.
قوله: (كالاحالة على المودع) بجامع أن كلا منهما أمين ولا دين عليه ط.
قوله: (لانها مطالبة) أي لان الحوالة تثبت المطالبة ولا مطالبة على الناظر فيما لم يصل إليه من مال الوقف الذي قيدت الحوالة به.
قوله: (انتهى) أي كلام البحر، وقوله: ومقتضاه الخ من كلام النهر أيضا، فافهم.
قوله: (وعندي فيه تردد) نقله الحموي وأقره، ويؤيد الصحة ما ذكروه في المغنم أنه يورث عنه لتأكد ملكه فيه، وقد وجد الجامع للقياس فيها
وفي الوديعة ط.
قوله: (وبرئ المحيل من الدين الخ) أي براءة مؤقتة بعدم التوى، وفائدة براءته أنه لو مات لا يأخذ المحتال الدين من تركته، ولكنه يأخذ كفيلا من ورثته أو من الغرماء مخافة أن يتوى حقه، كذا في شرح المجمع ط.
ومقتضى البراءة أن المشتري لو أحال البائع على آخر بالثمن لا يحبس المبيع، وكذا لو أحال الراهن المرتهن بالدين لا يحبس الرهن، ولو أحالها بصداقها لم تحبس نفسها،(5/481)
بخلاف العكس: أي إحالة البائع غريمه على المشتري بالثمن أو المرتهن غريمه على الراهن أو المرأة على الزوج، والمذكور في الزيادات عكس هذا، وهو أن البائع والمرتهن إذا أحالا سقط حقهما في الحبس، ولو أحيلا لم يسقط، تمامه في البحر.
قلت: ووجهه ظاهر، وهو أن البائع والمرتهن إذا أحالا غريما لهما على المشتري أو الراهن سقطت مطالبتهما فيسقط حقهما في الحبس، بخلاف ما لو أحيلا فإنه مطالبتهما باقية كما أوضحه الزيلعي.
قال في البحر: وفي قوله: برئ المحيل إشارة إلى براءة كفيله، فإذا أحال الاصيل الطالب برئ، كذا في المحيط ا ه.
وقوله: والمطالبة جميعا دخل فيه ما لو أحال المكفول له ونص على براءته فإنه يبرأ عن المطالبة، وإن أطلق الحوالة برئ الاصيل أيضا.
نهر.
وفي حاشية البحر للرملي: يؤخذ من براءة المحيل أن الكفيل لو أحال المكفول له على المديون بالدين المكفول به وقبله برئ، وهي واقعة الفتوى ا ه.
وأطال في الاستشهاد له.
قوله: (بالقبول من المحتال) اقتصر عليه تبعا للبحر، وزاد في النهر: والمحتال عليه، وهو مخالف لما قدمه من أن الشرط قبول المحتال أو نائبه ورضا الباقين.
وأفاد أنه لا يلزم قبض المحتال في المجلس إلا إذا كان صرفا بأن كان دينه ذهبا فأحال عنه بفضة جاز إن قبل الغريم ناقدا في مجلس المحيل والمحتال، وتمامه في البحر عن تلخيص الجامع.
قوله: (ولا يرجع المحتال على المحيل الخ) هذا إذا لم يشترط الخيار للمحال أو لم يفسخها المحيل والمحتال، أما إذا جعل للمحال الخيار أو أحاله على أنه له أن يرجع على أيهما شاء صح.
بزازية.
وكذا إذا فسخت رجع المحتال على المحيل بدينه، ولذا قال في البدائع: إن حكمها ينتهي بفسخها وبالتوى.
وفي البزازية: والمحيل
والمحتال يملكان النقض فيبرأ المحتال عليه.
وفي الذخيرة: إذا أحال المديون الطالب على رجل بألف أو بجميع حقه وقبل منه ثم أحاله أيضا بجميع حقه على آخر وقبل منه صار الثاني نقضا للاول وبرئ الاول ا ه.
بحر.
قلت: وكذا تبطل لو أحال البائع على المشتري بالثمن ثم استحق المبيع أو ظهر أنه حر، لا لو رد بعيب ولو بقضاء، وكذلك لو ما ت العبد قبل القبض، وإذا مات المحال عليه مديونا قسم ماله بين الغرماء وبين المحال بالحصص وما بقي له يرجع به على المحيل، وإن مات المحيل مديونا فما قبض المحتال في حياته فهو له، وما لم يقبضه فهو بيه وبين الغرماء ا ه ملخصا من كافي الحاكم.
قوله: (إلا بالتوى) وزان حصى وقد يمد.
مصباح.
يقال توى المال بالكسر يتوى توى وأتواه: غيره بحر عن الصحاح.
قوله: (هلاك المال) هذا معناه اللغوي، ومعناه الاصطلاحي ما ذكره المصنف.
بحر.
قوله: (لان براءته) أي براءة المحيل من الدين مقيدة بسلامة حقه: أي حق المحتال، واختلف المشايخ في كيفية عود الدين فقيل بفسخ الحوالة: أي يفسخها المحتال كالمشتري إذا وجد بالمبيع عيبا، وقيل تنفسخ كالمبيع إذا هلك قبل القبض وقيل في الموت تنفسخ وفي الجحود لا تنفسخ، ولم أر أن فسخ المحتال هل يحتاج إلى الترافع عند القاضي؟ وظاهر التشبيه بالمشتري إذا وجد عيبا أنه يحتاج.
نعم على أنها تنفسخ لا يحتاج فتدبره.
نهر.(5/482)
قلت: المشتري يستقل بالفسخ بخيار العيب بدون الترافع عند القاضي، وإنما الترافع شرط لرد البائع على بائعه بذلك العيب.
قوله: (وقيده في البحر الخ) وقال لما في الذخيرة: رجل أحال رجلا له عليه دين على رجل ثم إن المحتال عليه أحاله على الذي عليه الاصل برئ المحتال عليه الاول، فإنه توى المال على الذي عليه الاصل لا يعود إلى المحتال عليه الاول ا ه.
قوله: (وبأحد أمرين الخ) الضمير راجع للتوى، وهذا في الحوالة المطلقة، أما المقيدة بوديعة فيثبت له الرجوع بهلاكها كما يأتي.
قوله: (أي لمحتال ومحيل) فقوله: له أي لكل منهما كما في الفتح.
قوله: (مفلسا) بالتخفيف يقال أفلس الرجل: إذا صار ذا فلس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، فاستعمل مكان افتقر ا ه.
كفاية ونهر عن طلبة
الطلبة للعلامة عمر النسفي.
قوله: (بغير عين) الاوضح أن يقول: بأن لم يترك عينا الخ: أي عينا تفي بالمحال به، وكذا يقال في الدين، ولا بد في الكفيل أن يكون كفيلا بجميعه فلو كفل البعض فقد توى الباقي كما لا يخفى ط.
وكذا لو ترك ما يفي بالبعض فقد توى الباقي، وكذا لو مات مديونا وقسم ماله بالحصص كما قدمناه آنفا.
قوله: (ودين) المراد به ما يمكن أن يثبت في الذمة بقرينة مقابلته بالعين، فيشمل النقود والمكيل والموزون.
وفي الهندية عن المحيط: لو كان القاضي يعلم أن للميت دينا على مفلس، فعلى قول الامام لا يقضي ببطلان الحوالة ا ه: أي لان الافلاس ليس بتوى عنده لاحتمال أن يحدث له مال، فيكون المحال عليه قد ترك مالا حكما وهو ما على مديونه المفلس.
قوله: (وكفيل) فوجود الكفيل يمنع موته مفلسا على ما في الزيادات وفي الخلاصة لا يمنع.
بحر.
وتبعه في المنح، لكني لم أر في الخلاصة ما عزاه إليها، بل اقتصر فيها على نقل عبارة الزيادات.
نعم قال فيها: ولو مات المحتال عليه ولم يترك شيئا وقد أعطى كفيلا بالمال ثم أبرأ صاحب المال الكفيل منه له أن يرجع على الاصيل ا ه.
وهذه مسألة أخرى وقد جزم في الفتح وغيره بما في الزيادات بلا حكاية خلاف.
تنبيه: في البحر عن اليزازية: وإن لم يكن به كفيل، ولكن تبرع رجل ورهن به رهنا ثم مات المحال عليه مفلسا عاد الدين إلى ذمة المحيل، ولو كان مسلطا على البيع فباعه ولم يقبض الثمن حتى مات المحال عليه مفلسا بطلت الحوالة والثمن لصاحب الرهن ا ه.
وفي حكم التبرع بالرهن ما لو استعار المطلوب شيئا ورهنه عند الطالب ثم مات مفلسا.
شرنبلالية عن الخانية.
قوله: (وقالا بهما) أي بالجحد والموت مفلسا.
قوله: (وبأن فلسه الحاكم) أي في حياته، يقال فلسه القاضي: إذ قضى بإفلاسه حين ظهر له حاله كفاية عن الطلبة، وهذا بناء على أن تفليس القاضي يصح عندهما، وعنده لا يصح لانه يتوهم ارتفاعه بحدوث مال له فلا يعود بتفليس القاضي على المحيل.
فتح.
وتعذر الاستيفاء لا يوجب الرجوع، ألا ترى أنه لو تعذر بغيبة المحتال عليه لا يرجع على المحيل، بخلاف موته مفلسا لخراب الذمة، فيثبت الفتوى، وتمامه في الكفاية، وظاهر كلامهم متونا وشروحا تصحيح قول الامام، ونقل تصحيحه العلامة قاسم ولم أر من صحح قولهما.
نعم صححوه في صحة الحجر عن السفينة صيانة لما له كما سيأتي في بابه.
قوله: (ولو اختلفا فيه) بأن قال المحتال مات المحتال عليه بلا تركه
وقال المحيل عن تركة.
بزازية.
قوله: (وكذا في موته قبل الاداء أو بعده) الاولى وبعده بالواو كما في(5/483)
بعض النسخ، لان الاختلاف فيهما لا في أحدهما.
قوله: (على العلم) أي نفي العلم بأن يحلف أنه لا يعلم يساره ط.
وهذا في مسألة المتن.
أما في الاختلاف في الموت قبل الاداء أو بعده فإنه يحلف على البتات لكونه على فعل نفسه وهو القبض.
أفاده ح.
قوله: (وهو العسرة) أي في المسألة الاولى وعدم الاداء في الثانية.
قوله: (وقيل القول للمحيل بيمينه) لانكاره عود الدين، فتح.
قوله: (طالب المحتال عليه المحيل الخ) أي بعد ما دفع المحال به إلى المحتال ولو حكما بأن وهبه المحتال من المحال عليه، لانه قبل الدفع إليه لا يطالبه إلا إذا طولب، ولا يلازمه إلا إذا لوزم، وتمامه في البحر.
قوله: (بأمره) قيد به، لانه لو قضاه بغير أمره يكون متبرعا ولو لم يدع المحيل ما ذكر ط.
قوله: (مثل الدين) إنما لم يقل بما أداه، لانه لو كان المحال به دراهم فأدى دنانير أو عكسه صرفا رجع بالمحال به، وكذا إذا أعطاه عرضا، وإن أعطاه زيوفا بدل الجياد رجع بالجياد، وكذا لو صالحه بشئ رجع بالمحال به إلا إذا صالحه عن جنس الدين بأقل فإنه يرجع بقدر المؤدي، بخلاف المأمور بقضاء الدين فإنه يرجع بما أدى، إلا إذا أدى أجود أو جنسا آخر.
بحر.
قوله: (لانكاره) قال في البحر: لان سب الرجوع قد تحقق وهو قضاء دينه بأمره، إلا أن المحيل يدعي عليه دينا وهو ينكر والقول للمنكر ا ه.
قوله: (فقال المحتال) فيه إيماء إلى أنه حاضر، فلو كان غائبا وأراد المحيل قبض ما على المحال عليه قائلا إنما وكلته يقبضه: قال أبو يوسف: لا أصدقه ولا أقبل بينته.
وقال محمد: يقبل قوله كما في الخانية.
ولو ادعى المحال أن المحال به ثمن متاع كان المحيل وكيلا في بيعه وأنكر المحيل ذلك فالقول له أيضا.
نهر.
قوله: (فالقول للمحيل) فيؤمر المحتال برد ما أخذه إلى المحيل، لان المحيل ينكر أن عليه شيئا والقول للمنكر، ولا تكون الحوالة إقرارا من المحيل بالدين للمحتال على المحيل لانها مستعملة للوكالة أيضا.
ابن كمال.
قوله: (يستعمل في الوكاة) أي مجازا، ومنه قول محمد: إذا امتنع المضارب عن تقاضي الدين لعدم الربح يقال له أحل رب الدين: أي وكله.
نهر.
ولكن لما كان فيه نوع مخالفة للظاهر صدق مع يمينه كما في المنح.
وأفاد في البحر عن السراج أن المحيل لا يملك إبطال هذه الحوالة، لانها صحت محتملة أن تكون بمال هو دين عليه وأن تكون توكيلا فلا يجوز إبطالها بالاحتمال ا ه.
قوله: (بماله) الاظهر أن ما موصولة أو موصوفة واللام جارة، ويحتمل أنها كلمة واحدة مجرورة بكسرة اللام.
قوله: (وديعة) المراد بها الامانة كما عبر في الفتح وغيره.
قال ط: فيعم العارية والموهوب إذا تراضيا على رده أو قضى القاضي به والعين المستأجرة إذا انقضت مدة الاجارة.
قوله: (صحت) لانه أقدر على القضاء لتيسر ما يقضي به وحضوره بخلاف الدين، فتح.
قوله: (فإن هلكت الوديعة) قيد بهلاك الوديعة(5/484)
لان الحوالة لو كانت مقيدة بدين ثم ارتفع ذلك الدين لم تبطل على تفصيل فيه.
بحر.
ويأتي بعضه.
قوله: (برئ المودع) ويثبت الهلاك بقوله.
نهر.
واستحقاق الوديعة مبطل للحوالة كهلاكها كما في الخانية، ولو لم يعط المحال عليه الوديعة وإنما قضى من ماله كان متطوعا قياسا لا استحسانا، كذا في المحيط.
وفي التاترخانية: لو وهب المحتال الوديعة من المحال عليه صح التمليك، لانه لما كان له حق أن يتملكها كان له حق أن يملكها.
بحر.
قوله: (وعاد الدين على المحيل) لانه توى حقه، وأما ما سبق من أن التوي بوجهين عنده وثلاثة أوجه عندهما، ففي الحوالة المطلقة فلا يرد شئ بهذا الوجه الرابع.
يعقوبية.
قوله: (لان مثله يخلفه) أراد بالمثل البدل ليشمل القيمي.
قال في الفتح: فإذا هلك المغصوب المحال به لا تبطل الحوالة ولا يبرأ المحال عليه، لان الواجب على الغاصب رد العين، فإن عجز رد المثل أو القيمة، فإذا هلك في يد الغاصب المحال عليه لا يبرأ، لان له خلفا والفوات إلى خلف كلا فوات، فبقيت متعلقة بخلفه فيرد خلفه على المحتال ا ه.
فلو استحق المغصوب بطلت لعدم ما يخلفه كما في الدرر.
قوله: (وتصح أيضا بدين خاص) بأن يحيله بدينه الذي له على فلان المحال عليه.
فتح.
وفي الخلاصة عن التجريد: لو كان للمحيل على المحتال عليه دين فأحال به مطلقا ولم يشترط في الحوالة أن يعطيه مما عليه فالحوالة جائزة ودين المحيل بحاله وله أن يطالبه به ا ه.
ومثله في البزازية ومقتضاه أنها لا تكون مقيدة ما لم ينص على الدين.
قوله: (ثلاثة أقسام) أي مقيدة بعين أمانة أو مغصوبة أو بدين خاص.
قوله: (وحكمها الخ)
أي حكم المقيدة في هذه الاقسام الثلاثة أن لا يملك المحيل مطالبة المحال عليه بذلك العين ولا بذلك الدين، لان الحوالة لما قيدت بها تعلق حق الطالب به، وهو استيفاء دينه منه على مثال الرهن، وأخذ المحيل يبطل هذا الحق فلا يجوز، فلو دفع المحال عليه العين أو الدين إلى المحيل ضمنه للطالب، لانه استهلك ما تعلق به حق المحتال، كما إذا استهلك الرهن أحد يضمنه للمرتهن لانه يستحقه.
فتح.
قوله: (مع أن المحتال الخ) يعني أن هذه الاموال إذا تعلق بها حق المحتال كان ينبغي أن لا يكون المحتال أسوة لغرماء المحيل بعد موته كما في الرهن مع أنه أسوة لهم، لان العين، التي بيد المحتال عليه للمحيل والدين الذي له عليه لم يصر مملوكا للمحال بعقد الحوالة لا يدا وهو ظاهر ولا رقبة، لان الحوالة ما وضعت للتملك بل للنقل فيكون بين الغرماء، وأما المرتهن فملك المرهون يدا وحبسا، فيثبت له نوع اختصاص بالمرهون شرعا لم يثبت لغيره فلا يكون لغيره أن يشاركه فيه ا ه درر.
قال في البحر: وإذا قسم الدين بين غرماء المحيل لا يرجع المحتال على المحال عليه بحصة الغرماء لاستحقاق الدين الذي كان عليه، ولو مات المحيل وله ورثة لا غرماء استظهر البحر، وأقره من بعده أن الدين المحال به قبل قبض المحتال يقسم بين الورثة بمعنى أن لهم المطالبة به دون المحتال فيضم إلى تركته ا ه.
وحينئذ فيتبع المحتال التركة ط.
تنبيه: ما ذكر من القسمة وكون المحتال أسوة الغرماء في الحوالة المقيدة يعلم منه بالاولى أن الحوالة المطلقة كذلك، لما صرح به في الخلاصة والبزازية، وصرح في الحاوي ببطلان الحوالة بموت المحال عليه، وقدمنا عن الكافي أن ما بقي للمحتال بعد القسمة يرجع به على المحيل، وأنه لو مات(5/485)
المحيل مديونا فما قبضه المحتال فهو له وما بقي يقسم بينه وبين الغرماء.
قوله: (بخلاف الحوالة المطلقة) أي فيملك المحيل المطالبة.
قال في الفتح: هذا متصل بقوله: لا يملك المحيل مطالبة المحتال عليه بالعين المحال به والدين، والمطلقة هي أن يقول المحيل للطالب أحلتك بالالف التي لك على هذا الرجل ولم يقل ليؤديها من المال الذي عليه، فلو له عنده وديعة أو مغصوبة أو دين كان له أن يطالبه به لانه لا تعلق للمحتال بذلك الدين أو العين لوقعها مطلقة عنه، بل بذمة المحتال عليه، وفي الذمة
سعة فيأخذ دينه أو عينه من المحتال عليه لا تبطل الحوالة، ومن المطلقة أن يحيل على رجل ليس له عنده ولا عليه شئ.
وقال في الجوهرة: والفرق بين المطلقة والمقيدة أنه في المقيدة انقطعت مطالبة المحيل من المحال عليه، فإن بطل الدين في المقيدة وتبين براءة المحال عليه من الدين الذي قيدت به الحوالة بطلت، مثل أن يحيل البائع رجلا على المشتري بالثمن، ثم استحق المبيع أو ظهر حرا، فتبطل وللمحال الرجوع على المحيل بدينه، وكذا لو قيد بوديعة، فهلكت عند المودع، وأما إذا سقط الدين الذي قيدت به الحوالة بأمر عارض ولم تتبين براءة الاصيل منه فلا تبطل، مثل أن يحتال بألف من ثمن مبيع فهلك المبيع عنده قبل تسليمه للمشتري سقط الثمن عن المشتري ولا تبطل الحوالة، ولكنه إذا أدى رجع على المحيل بما أدى لانه قضى دينه بأمره، وأما إذا كانت مطلقة فإنها لا تبطل بحال من الاحوال، ولا تنقطع فيها مطالبة المحيل عن المحال عليه إلى أن يؤدي، فإذا أدى سقط ما عليه قصاصا، ولو تبين براءة المحال عليه من دين المحيل لا تبطل أيضا، ولو أن المحال أبرأ المحال عليه من الدين صح، وإن لم يقبل المحال عليه، ولا يرجع المحال عليه على المحيل بشئ، لان البراءة إسقاط لا تمليك، وإن وهبه له احتاج إلى القبول، وله أن يرجع على المحيل لانه ملك ما في ذمته بالهبة فصار كما لو ملكه بالاداء، وكذا لو مات المحيل فورثه المحال عليه له أن يرجع على المحيل لانه ملكه بالارث، وتمام الكلام فيها.
قال في البحر: وقد وقعت حادثة الفتوى في المديون إذا باع شيئا من دائنه بمثل الدين، ثم أحال عليه بنظير الثمن أو بالثمن فهل يصح أم لا؟ فأجبت: إذا وقع بنظيره صحت لانها لم تقيد بالثمن، ولا يشترط لصحتها دين على المحال عليه، وإن وقعت بالثمن فهي مقيدة بالدين، وهو مستحق للمحال عليه لوقوع المقاصة بنفس الشراء وقدمنا أن الدين إذا استحق للغير فإنها تبطل، والله سبحانه وتعالى أعلم ا ه: أي لان الدين لم يسقط بأمر عارض بعد الحوالة بل تبين براءة المحال عليه منه بأمر سابق.
قوله: (بطل) أي البيع: أي فسد لانه شرط لا يقتضيه العقد وفيه نفع للبائع.
درر: أي وبطلت الحوالة التي في ضمنه ط.
قلت: ووجه النفع أن فيه دفع مطالبة غريمه له وتسليطه على المشتري.
قوله: (لانه شرط ملائم) لانه يؤكد موجب العقد، إذ الحوالة في العادة تكون على الملئ والاحسن قضاء فصار كشرط الجودة.
درر.
قلت: وحاصله: أن في هذا الشرط تعجيل اقتضائه الثمن في زعم البائع.
قوله: (بخلاف الاول) لان المطلوب بالثمن قبل الحوالة وبعدها واحد وهو المشتري.
قوله: (في الحوالة الفاسدة) كالصور الآتية.
قوله: (فهو) أي المؤدي وهو المحال عليه.
قوله: (وكذا في كل موضع ورد(5/486)
الاستحقاق) أي استحقاق المبيع الذي أحيل بثمنه.
قال في الخلاصة والبزازية: وعلى هذا إذا باع الآجر المستأجر وأحال المستأجر على المشتري ثم استحق المبيع من يد المشتري وهو قد أدى الثمن إلى المستأجر: إن شاء رجع بالثمن على المؤجر المحيل، وإن شاء رجع على المستأجر القابض ا ه.
قوله: (ما لو شرط فيها الاعطاء الخ) صادق بما إذا وقع الشرط بين المحيل والمحال أو بين الثلاثة عليه، فافهم، وهي من قسم الحوالة المقيدة.
قوله: (مثلا) أدخل به الاجنبي للعلة المذكورة ط.
قوله: (لعجزه عن الوفاء) علة للفساد لانه شرط غير ملائم.
قوله: (نعم لو أجاز) أي المحيل بيع داره بأن أمره بالبيع فحينئذ يصح لوجود القدرة على البيع والاداء كما في الدرر، وقد ذكر في البزازية المسألة بدون هذا الاستدراك ثم قال بعد نحو صفحة ما نصه: وفي الظهيرية احتال على أن يؤديه من ثمن دار المحيل، وقد كان أمره بذلك حتى جازت الحوالة لا يجبر المحتال عليه على الاداء قبل البيع، ويجبر على البيع إن كان البيع مشروطا في الحوالة كما في الرهن، وإنما أعدنا المسألة لانه توفيق بين الروايات المختلفة ا ه.
ومفاده أنه يجبر في بعض الروايات وفي بعضها لا يجبر، والتوفيق أنه إن قبل المحال عليه الحوالة من المحيل بشرط بيع دار المحيل ليؤدي المال من ثمنها صحت الحوالة والشرط، كما لو شرط المرتهن بيع الرهن إذا لم يؤد الراهن المال فإنه يصح ولا يملك الرجوع عن ذلك.
قوله: (كما لو قبلها الخ) وجه الجواز أن المحال عليه قادر على الوففاء بما التزم.
قوله: (ولكن لا يجبر على البيع) لعدم وجوب الاداء قبل البيع.
درر.
وعبارة البزازية: أولا يجبر على بيع داره، كما إذا كان قبولها بشرط الاعطاء عند الحصاد لا يجبر على الاعطاء قبل الاجل ا ه.
قوله: (ولو باع يجبر على الاداء) لتحقق الوجوب.
درر.
قوله: (على أن أحيلك به على فلان) فإن أحاله وقبل جاز، وإن لم يقبل برئ الكفيل عن الضمان، وإن لم
يقبل فلان فالكفيل على ضمانه، وإن مات فلان لم يطالب بالمال حتى يمضي شهر.
هذا حاصل ما في البحر عن المحيط، ووجه قوله: لم يطالب الخ أنه بموت فلان لم تبق الحوالة ممكنة، وقد رضي الطالب بتأخير المطالبة إلى شهر فبقي الاجل للكفيل فلا يطالب قبله، وكذا يقال فيما إذا لم يقبل فلان، هذا ما ظهر لي.
مطلب في تأجيل الحوالة قوله: (انصرف التأجيل إلى الدين الخ) أي فلا يطالب فلان إلا بعد الشهر، ولو انصرف التأجيل إلى العقد يصير المعنى على أن أحيلك حوالة مقيدة بشهر، وذلك لا يصح، لانه ينافي انتقال الدين إلى ذمة المحال عليه.
تأمل.
تنبيه: قال في الفتح: تنقسم الحوالة المطلقة إلى حالة ومؤجلة: فالحالة أن يحيل الطالب بألف هي على المحيل حالة فتكون على المحتال عليه حالة، لان الحوالة لتحويل الدين، فيتحول بصفته التي علي الاصيل.
والمؤجلة أن تكون الالف إلى سنة فأحال بها إلى سنة، ولو أبهمها لم يذكره محمد،(5/487)
وقالوا: ينبغي أن تثبت مؤجلة كما في الكفالة، فلو مات المحيل بقي الاجل لا لو مات المحال عليه لاستغنائه عن الاجل بموته، فإن لم يترك وفاء رجع الطالب على المحيل إلى أجله لان الاجل سقط حكما للحوالة، وقد انتقضت بالتوي فينتقض ما في ضمنها، كما لو باع المديون بدين مؤجل عبدا من الطالب ثم استحق العبد عاد الاجل ا ه.
ملخصا.
وقدمنا قريبا عن البزازية: لو قبلها إلى الحصاد لا يجبر على الاعطاء قبله، فأفاد صحة التأجيل مع الجهالة القريبة، وقدمنا التصريح به في كتاب الكفالة، وشمل التأجيل القرض فيصح هنا.
ففي كافي الحاكم ما حاصله: لو كان لزيد على عمرو ألف قرض ولعمرو على بكر ألف قرض فأحال عمرو زيدا بالالف على بكر إلى سنة جاز، وليس لعمرو أن يأخذ بكرا بها وإن أبرأه منها أو وهبها له لم يجز ا ه.
مطلب في السفتجة وهي البوليصة قوله: (وكرهت السفتجة) واحدة السفاتج، فارسي معرب، أصله سفته: وهو الشئ المحكم،
سمي هذا القرض به لاحكام أمره كما في الفتح وغيره.
قوله: (بضم السين) أي وسكون الفاء كما في ط عن الوالي.
قوله: (وهي إقراض الخ) وصورتها: أن يدفع إلى تاجر مالا قرضا ليدفعه إلى صديقه، وإنما يدفعه قرضا لا أمانة ليستفيد به سقوط خطر الطريق.
وقيل هي أن يقرض إنسانا ليقضيه المستقرض في بلد يريده المقرض ليستفيد به سقوط خطر الطريق كفاية.
قوله: (فكأنه أحال الخ) بيان لمناسبة المسألة بكتاب الحوالة ا ه.
وفي نظم الكنز لابن الفصيح.
وكرهت سفاتج الطريق وهي إحالة على التحقيق قال شارحه المقدسي: لانه يحيل صديقه عليه أو من يكتب إليه.
قوله: (وقالوا الخ) قال في النهر: وإطلاق المصنف يفيد إناطة الكراهة بجر النفع، سواء كان ذلك مشروطا أو لا.
قال الزيلعي: وقيل إذا لم تكن المنفعة مشروطة فلا بأس به ا ه.
وجزم بهذا القيل في الصغرى والواقعات الحسامية والكفاية للبيهقي، وعلى ذلك جرى في صرف البزازية ا ه.
وظاهر الفتح اعتماده أيضا، حيث قال: وفي الفتاوي الصغرى وغيرها: إن كان السفتج مشروطا في القرض فهو حرام، والقرض بهذا الشرط فاسد وإلا جاز.
وصورة الشرط كما في الواقعات: رجل أقرض رجلا مالا على أن يكتب له بها إلى بلد كذا فإنه لا يجوز، وإن أقرضه بلا شرط وكتب جاز.
وكذا لو قال اكتب لي سفتجة إلى موضع كذا على أن أعطيك هنا فلا خير فيه.
وروي عن ابن عباس ذلك، ألا ترى أنه لو قضاه أحسن مما عليه لا يكره إذا لم يكن مشروطا، قالوا: إنما يحل ذلك عند عدم الشرط إذا لم يكن فيه عرف ظاهر، فإن كان يعرف أن ذلك يفعل كذلك فلا ا ه.
قوله: (فرع الخ) ذكره استطرادا.
نعم ذكر في البحر والنهر عن البزازية ما له مناسبة هنا.(5/488)
وحاصله: أن المستقرض لو قضى أجود مما استقرض يحل بلا شرط، ولو قضى أزيد فيه تفصيل الخ، وقدمنا في فصل القرض عن الخانية أن الزيادة إذا كانت تجري بين الوزنين، أي بأن كانت تظهر في ميزان دون ميزان جاز كالدانق في المائة، بخلاف قدر درهم، وإن لم تجز فإن لم يعلم
صاحبها بها ترد عليه، وإن علم وأعطاها اختيارا، فلو كانت الدراهم لا يضرها التبعيض لا تجوز، لانها هبة المشاع فيما يحتمل القسمة، ولو يضرها جاز وتكون هبة المشاع فيما يقسم ا ه.
وعليه فلو قضاه مثل قرضه ثم زاده درهما مفروزا أو أكثر جاز إن لم يكن مشروطا، وقدمنا هناك عن خواهر زاده أن المنفعة في القرض إذا كانت غير مشروطة تجوز بلا خلاف.
قوله: (لم يصح) لكون المحيل يعمل لنفسه ليستفيد الابراء المؤبد.
بحر عند قوله: هي نقل الدين ط.
وإذا لم تصح لا يجبر المحال عليه على الدفع إليه.
قوله: (لان الحوالة الخ) كما أن الكفالة بشرط براءة الاصيل حوالة كما في الهداية والملتقى.
قوله: (ولا بينة) أي وحلف الجاحد ط.
قوله: (وجعل جحوده فسخا) هي مسألة تواء الدين السابقة في المتن، ومر أن الرجوع إنما هو لان براءة المحيل مشروط بسلامة حق المحال ط.
قوله: (وإلا لم يجز) لان تصرفهما مقيد بشرط النظر.
قال في كافي الحاكم: ومنه ما لو احتال إلى أجل، وكذا الوكيل إذا لم يفوض إليه الموكل ذلك ا ه.
قال في البحر عن المحيط: لكونه إبراء مؤقتا فيعتبر بالابراء المؤبد، وهذا إذا كان دينا ورثه الصغير وإن وجب بعقدهما جاز التأجيل عندهما، خلافا لابي يوسف ا ه.
قوله: (قلت ومفادهما) أي مفاد ما في السراجية وما في الجوهرة، وهذا أحد قولين حكاهما المصنف عن الذخيرة ثم رجح ما في الخانية بما ذكره الشارح، والله تعالى أعلم.(5/489)
كتاب القضاء ترجم له في الهداية بأدب القاضي، والادب، الخصال الحميدة، فذكر ما ينبغي للقاضي أن يفعله ويكون عليه، وهو في الاصل من الادب بسكون الدال وهو الجمع والدعاء، وهو أن تجمع الناس وتدعوهم إلى طعامك، يقال أدب يأدب كضرب يضرب: إذا دعا إلى طعامه، سميت به الخصال الحميدة لانها تدعو إلى الخير، وتمامه في الفتح.
قوله: (لما كان الخ) كذا في العناية والفتح، وهو صريح في أن المراد بالقضاء الحكم، وحينئذ فكان ينبغي إيراده عقب الدعوى، وأيضا كان ينبغي بيان وجه التأجير عما قبله، كذا قيل.
ويمكن أن يقال: أرادوا بيان من يصلح للقضاء: أي الحكم لتصح الدعوى عنده، فلا جرم أن ذكر قبلها، ولا خفاء أن وجه التأخير عما قبله مستفاد من أن أكثر
المنازعات في الديون والحوالة المطلقة مختصة بها فذكر بعدها.
نهر.
قوله: (لغة الحكم) وأصله قضاي لانه من قضيت، إلا أن الياء لما جاءت بعد الالف همزت، والجمع الاقضية: * () * (الاسراء: 32) أي حكم، وقد يكون بمعنى الفراغ تقول: قضيت حاجتي، وضربه فقضى عليه: أي قتله، وقضي نحبه: مات، وبمعنى الاداء والانهاء، ومنه قوله تعالى: * (وقضينا إليه ذلك الامر) * (الحجر: 66) وبمعنى الصنع والتقدير، ومنه قوله تعالى: * (فقضاهن سبع سماوات) * (فصلت: 21) ومنه القضاء والقدر.
بحر ملخصا عن الصحاح.
قوله: (وشرعا فصل الخصومات الخ) عزاه في البحر إلى المحيط، ولا بد أن يزاد فيه على وجه خاص، وإلا دخل فيه نحو الصلح بين الخصمين.
قوله: (وقيل غير ذلك) منه قول العلامة قاسم، إنه إنشاء إلزام في مسائل الاجتهاد المتقاربة فيما يقع فيه النزاع لمصالح الدنيا، فخرج القضاء على خلاف الاجماع وما ليس بحادثة وما كان من العبادات ومنه قول العلامة ابن الغرس إنه الالزام في الظاهر على صيغة مختصة بأمر ظن لزومه في الواقع شرعا.
قال: فالمراد بالالزام التقرير التام، وفي الظاهر فصل احترز به عن الالزام في نفس الامر، لانه راجع إلى خطاب الله تعالى وعلى صيغة مختصة: أي الشرعية كألزمت وقضيت وحكمت وأنفذت عليك القضاء وبأمر ظن لزومه الخ فصل عن الجور والتشهي، ومعنى في الظاهر: أي الصور الظاهرة، إشارة إلى أن القضاء مظهر في التحقيق للامر الشرعي، لا مثبت خلافا لما يتوهم من أنه مثبت، أخذا من قول الامام بنفوذه ظاهرا وباطنا في العقود والفسوخ بشهادة الزور، لان الامر الشرعي في مثله ثابت تقديرا والقضاء يقرره في الظاهر، ولم يثبت أمرا لم يكن لان الشرع قد يعتبر المعدوم موجودا أو الموجود معدوا، كوجود الدخول حكما في إلحاق نسب ولد المشرقية بالمغربي، فأجري الممكن مجرى الواقع لئلا يهلك الولد بانتفاء نسبه مع وجود العقد المفضي إلى ثبوته ا ه ملخصا.
وتمامه في رسالته.
قوله: (وأركانه ستة الخ) فيه نظر، لان المراد بالقضاء الحكم كما مر، والحكم أحد الستة المذكورة فيلزم أن يكون ركنا لنفسه، فالمناسب ما في البحر من أن ركنه ما يدل عليه من قول أو فعل ويأتي بيانه.
قوله: (على ما نظمه) أي من بحر الكامل، ونصف البيت الثاني(5/490)
الحاء من محكوم ط.
قوله: (ابن الغرس) بالغين المعجمة هو العلامة أبو اليسر بدر الدين محمد الشهير بابن الغرس، له شرح على البيتين المذكورين وهو الرسالة المشهورة المسماة (الفواكه البدرية في البحث عن أطراف القضايا الحكمية) وله الشرح المشهور على شرح العقائد النسفية للتفتازاني.
قوله: (أطراف كل قضية حكمية) الاطراف جمع بالتحريك، وطرف الشئ منتهاه، وقضية أصله قضوية بياء النسبة إلى القضاء، حذفت منه الواو بعد قلبها ألفا، وحكمية صفة مخصصة لان القضاء يطلق على معان منها الحكم كما مر، والمراد بالقضية الحادثة التي يقع فيها التخاصم كدعوى بيع مثلا فركنها اللفظ الدال عليها، ولا تكون قضوية: أي منسوبة إلى القضاء، والحكم: أي لا تكون محلا لثبوت حق المدعي فيها وعدمه إلا باستجماع هذه الشروط الستة التي هي بمنزلة أطراف الشئ المحيطة به أو أطراف الانسان، هذا ما ظهر لي فافهم.
قوله: (بعدها) بتشديد الدال مصدر عد الشئ يعده: أحصى عدة أفراده، ويلح بمعنى يظهر، والتحقيق فاعله.
قوله: (حكم) تقدم تعريفه، وعلمت أنه قولي وفعلي فالقولي مثل ألزمت، وقضيت مثلا، وكذا قوله: بعد إقامة البينة لمعتمده أقمه واطلب الذهب منه، وقوله: ثبت عندي يكفي، وكذا ظهر عندي أو علمت فهذا كله حكم في المختار.
زاد في الخزانة: أو أشهد عليه.
وحكى في التتمة الخلاف في الثبوت، والفتوى على أنه حكم كما في الخانية وغيرها، وتمامه في البحر.
وذكر في الفواكه البدرية أنه المذهب، ولكن عرف المتشرعين والموثقين الآن على أنه ليس بحكم، ولذا يقال: ولما ثبت عنده حكم، والوجه أن يقال: إن وقع الثبوت على مقدمات الحكم، كقول المسجل ثبت عنده جريان العين في ملك البائع إلى حين البيع، فليس بحكم إذا كان المقصود من الدعوى الحكم على البائع بملك المشتري للعين المبيعة، وإلا فهو حكم وتمامه فيها، وفيها أيضا.
مطلب في التنفيذ وأما التنفيذ فالاصل فيه أن يكون حكما إذ من صيغ القضاء قوله: أنفذت عليك القضاء.
قالوا: وإذا رفع إليه قضاء قاض أمضاه بشروطه، وهذا هو التنفيذ الشرعي، ومعنى رفع اليد حصلت عنده فيه خصومة شرعية، وأما التنفيذ المتعارف في زماننا غالبا فمعناه: إحاطة القاضي الثاني علما بحكم الاول على وجه التسليم له ويسمى اتصالا ا ه ملخصا.
وسيأتي تمام الكلام عليه في آخر فصل الحبس.
مطلب: أمر القاضي هل هو حكم أو لا؟ وأما أمر القاضي فاتفقوا على أن أمره بحبس المدعى عليه قضاء بالحق كأمره بالاخذ منه، وعلى أن أمره بصرف كذا من وقف الفقراء إلى فقير من قرابة الواقف ليس بحكم، حتى لو صرفه إلى فقير آخر صح.
واختلفوا في قوله: سلم الدار، وتمام الكلام عليه في البحر والنهر، وأطلق الشارح في الفروع آخر الفصل الآتي تبعا للبزازي أنه حكم إلا في مسألة الوقف، وسيأتي تمامه.
مطلب: الحكم الفعلي وأما الحكم الفعلي فسيأتي في الفروع هناك أن فعل القاضي حكم إلا في مسألتين، وحقق ابن(5/491)
الغرس أنه ليس بحكم، وأطال الكلام عليه في البحر والنهر، وسيأتي توضيحه هناك إن شاء الله تعالى.
قوله: (ومحكوم به) وهو أربعة أقسام: حق الله تعالى المحض كحد الزنا أو الخمر، وحق العبد المحض، وهو ظاهر، وما فيه الحقان وغلب فيه حق الله تعالى كحد القذف أو السرقة أو غلب فيه حق العبد كالقصاص والتعزير ابن الغرس.
وشرطه كونه معلوما.
بحر عن البدائع، وعن هذا فالحكم بالموجب بفتح الجيم لا يكفي ما لم يكن الموجب أمرا واحدا، كالحكم بموجب البيع أو الطلاق أو العتاق وهو ثبوت الملك والحرية وزوال العصمة، فلو أكثر فإن استلزم أحدهما الآخر صح، كالحكم على الكفيل بالدين فإن موجبه الحكم عليه به، وعلى الاصيل الغائب وإلا فلا، كما لو وقع التنازع في بيع العقار فحكم شافعي بموجبه فإنه لا يثبت به منع الجار عن الشفعة فللحنفي الحكم بها، وأطال في بيانه العلامة ابن الغرس، وسيذكره الشارح آخر الفصل الآتي، لكن هذا في الحقيقة راجع إلى اشتراط الدعوى في الحكم كما أشار إليه في البحر، ويأتي ذكره في الطريق.
قوله: (وله) أي
ومحكوم له وهو الشرع كما في حقوقه المحضة أو التي غلب فيها حقه ولا حاجة في ذلك إلى الدعوى، بخلاف ما تمحض فيها حق العبد أو غلب والعبد هو المدعي وعرفوه بمن لا يجبر على الخصومة إذا تركها، وقيل غير ذلك، والشرط فيه بالاجماع حضرته أو حضرة نائب عنه كوكيل أو ولي أو وصي فالمحكوم له المحجور كالغائب ا ه ملخصا من الفواكه البدرية.
قوله: (ومحكوم عليه) وهو العبد دائما، لكنه إما متعين واحدا أو أكثر، كجماعة اشتركوا في قتل فقضي عليهم بالقصاص أو لا كما في القضاء بالحرية الاصلية فإنه حكم على كافة الناس، بخلاف العارضة بالاعتاق فإنه جزئي واختلفوا في الوقف، والصحيح المفتى به أنه لا يكون على الكافة فتسمع فيه دعوى الملك أو وقف آخر والمحكوم عليه في حقوق الشرع من يستوفي منه حق، سواء كان مدعى عليه أو لا، كما مرت الاشارة إليه ا ه ملخصا من الفواكه.
وسيذكر المصنف آخر الفصل الآتي حكاية الخلاف في نفاذ الحكم على الغائب، ويأتي تحقيقه هناك إن شاء الله تعالى.
قوله: (وحاكم) هو إما الامام أو القاضي أو المحكم، أما الامام فقال علماؤنا: حكم السلطان العادل ينفذ.
واختلفوا في المرأة فيما سوى الحدود والقصاص، وإطلاقهم يتناول أهلية الفاسق الجاهل، وفيه بحث.
وأما المحكم فشرطه أهلية القضاء ويقضي فيما سوى الحدود والقصاص، ثم القاضي تتقيد ولايته بالزمان والمكان والحوادث ا ه ملخصا من الفواكه.
وجميع ذلك سيأتي مفرقا في مواضعه مع بيان بقية صفة الحاكم وشروطه.
قوله: (وطريق) طريق القاضي إلى الحكم يختلف بحسب اختلاف المحكوم به، والطريق فيما يرجع إلى حقوق العباد المحضة عبارة عن الدعوى والحجة: وهي إما البينة أو الاقرار أو اليمين أو النكول عنه أو القسامة أو علم القاضي بما يريد أن يحكم به أو القرائن الواضحة التي تصير الامر في حيز المقطوع به، فقد قالوا: لو ظهر إنسان من دار بيده سكين وهو متلوث بالدم سريع الحركة عليه أثر الخوف فدخلوا الدار على الفور فوجدوا فيها إنسانا مذبوحا بذلك الوقت ولم يوجد أحد غير ذلك الخارج فإنه يؤخذ به، وهو ظاهر إذ لا يمتري أحد في أنه قاتله، والقول بأنه ذبحه آخر ثم تسور الحائط أو أنه ذبح نفسه احتمال بعيد لا يلتفت إليه إذ لم ينشأ عن دليل ا ه من الفواكه لابن الغرس.
ثم أطال هنا في بيان الدعوى وتعريفها وشروطها، إلى أن قال: ثم لا يشترط في الطريق إلى الحكم أن تكون بتمامها عند القاضي
الواحد، حتى لو ادعى عند نائب القاضي وبرهن ثم وقعت الحادثة إلى القاضي أو بالعكس صح، وله(5/492)
أن يبني على ما وقع أولا ويقضي ا ه.
وستأتي هذه متنا.
ثم قال في الفصل السابع: وقد اتفق أئمة الحنفية والشافعية على أنه يشترط لحصة الحكم واعتباره في حقوق العباد الدعوى الصحيحة وأنه لا بد في ذلك من الخصومة الشرعية، وإذا كان القاضي يعلم أن باطن الامر ليس كظاهره وأنه لا تخاصم ولا تنازع في نفس الامر بين المتداعيين ليس له سماع هذه الدعوى ولا يعتبر القضاء المترتب عليها ولا يصح الاحتيال لحصول القضاء بمثل، وأما إذا لم يعلم عذر ونفذ قضاؤه، ولعمري هذا شئ عمت به البلوى وبلغت شهرة اعتباره الغاية القصوى ا ه ملخصا ونقله المصنف في المنح بتمامه وأقره فراجعه، وكذا جزم به في فتاواه.
تنبيه: بقي طريق ثبوت الحكم: أي بعد وقوعه، وعليه اقتصر في البحر فقال: له وجهان: أحدهما: اعترافه حيث كان مولى فلو معزولا فكواحد من الرعايا لا يقبل قوله إلا فيما في يده.
الثاني: الشهادة على حكمه بعد دعوى صحيحة إن لم يكن منكرا، أما لو شهدا أنه قضى بكذا وقال لم أقض لا تقبل شهادتهما، خلافا لمحمد، ورجح في جامع الفصولين قول محمد لفساد قضاة الزمان ا ه.
وسيأتي تمام الكلام عند قول المصنف ولم يعمل بقول معزول وقد ذكر في البحر فروعا كثيرا في أحكام القضاء يلزم الوقوف عليها.
قوله: (وأهله أهل الشهادة) أهل الاول خبر مقدم والثاني مبتدأ مؤخر، لان الجملة الخبرية يحكم فيها بمجهول على معلوم فإذا علم زيد وجهل قيامه تقول زيد القائم، وإذا علم وجهل أنه زيد تقول القائم زيد، ولذا قالوا: لما كان أوصاف الشهادة أشهر عند الناس عرف أوصافه بأوصافها، ثم الضمير في أهله راجع إلى القضاء، بمعنى من يصح منه أو بمعنى من يصح توليته كما في البحر.
وحاصله: أن شروط الشهادة من الاسلام والعقل والبلوغ والحرية وعدم العمى والحد في قذف شروط لصحة توليته، ولصحة حكمه بعدها، ومقتضاه أن تقليد الكافر لا يصح.
وإن أسلم قال في البحر: وفي الواقعات الحسامية الفتوى على أنه لا ينعزل بالردة، فإن الكفر لا ينافي ابتداء القضاء في
إحدى الروايتين حتى لو قلد الكافر ثم أسلم هل يحتاج إلى تقليد آخر؟ فيه روايتان ا ه.
قال في البحر: وبه علم أن تقليد الكافر صحيح، وإن لم يصح قضاؤه على المسلم حال كفره ا ه.
وهذا ترجيح لرواية صحة التولية أخذا من كون الفتوى على أنه لا ينعزل بالردة، خلافا لما مشى عليه المصنف في باب التحكيم من رواية عدم الصحة.
وفي الفتح: قلد عبد فعتق جاز قضاؤه بتلك الولاية بلا حاجة إلى تجديد، بخلاف تولية صبي فأدرك.
ولو قلد كافر فأسلم: قال محمد: هو على قضائه فصار الكافر كالعبد، الفرق أن كلا منهما له ولاية وبه مانع وبالعتق والاسلام يرتفع، أما الصبي فلا ولاية له أصلا.
وما في الفصول: لو قال لصبي أو كافر إذا أدركت فصل بالناس أو اقض بينهم جاز، لا يخالف ما ذكر في الصبي لان هذا تعليق الولاية والمعلق معدوم قبل الشرط وما تقدم تنجيز ا ه.
وبه ظهر أن الاولى كون المراد في مرجع الضمير من يصح منه القضاء لا من تصح توليته إلا أن يراد بها الكاملة وهي النافذة الحكم، وأما تولية الاطروش فسيذكرها الشارح.
قوله: (ويرد عليه الخ) أي على ما في الحواشي من تقييده بالمسلمين، فكان عليه إسقاطه ليكون المراد أداءها على من يقضي عليه فيدخل الكافر، لكن التفسير بالاداء احتراز عن التحمل، لانه يصح تحملها حالة الكفر والرق لا أداؤها فينافي ذلك، والتحقيق أن يقال كما يعلم مما قدمناه.
إن كان المراد بمرجع الضمير من تصح توليته(5/493)
يكون المراد بالشهادة تحملها فيدخل فيه العبد والكافر.
نعم يخرج عنه الصبي لعدم ولايته أصلا، وإن كان المراد من يصح منه القضاء يكون المراد بالشهادة أداءها فقط، فيدخل فيه الكافر المولى على أهل الذمة فإنه يصح قضاؤه عليهم حالا، وكونه قاضيا خاصا لا يضر، كما لا يضر تخصيص قاضي المسلمين بجماعة معينين، لان المراد من يصح قضاؤه في الجملة، وعلى كل فالواجب إسقاط ذلك القيد، إلا أن يكون مراده تعريف القاضي الكامل.
قوله: (ليحكم بين أهل الذمة) أي حال كفره، وإلا فقد علمت أن الكافر يصح توليته مطلقا لكن لا يحكم إلا إذا أسلم.
مطلب في حكم القاضي الدرزي والنصراني تنبيه: ظهر من كلامهم حكم القاضي المنصوب في بلاد الدروز في القطر الشامي، ويكون درزيا ويكون
نصرانيا فكل منهما لا يصح حكمه على المسلمين، فإن الدرزي لا ملة له كالمنافق والزنديق وإن سمى نفسه مسلما.
وقد أفتى في الخيرية بأنه لا تقبل شهادته على المسلم.
والظاهر أنه يصح حكم الدرزي على النصراني وبالعكس.
تأمل.
وهذا كله بعد كونه منصوبا من طرف السلطان أو مأموره بذلك، وإلا فالواقع أنه ينصبه أمير تلك الناحية، ولا أدري أنه مأذون له بذلك أم لا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لكن جرت العادة أن أمير صيدا يولي القضاء في تلك الثغور والبلاد، بخلاف دمشق ونحوها، فإن أميرها ليس له ذلك فيها بدليل أن لها قاضيا في كل سنة يأتي من طرف السلطان.
ثم رأيت في الفتح قال: والذي له ولاية التقليد الخليفة والسلطان الذي نصبه الخليفة وأطلق له التصرف، وكذا الذي ولاه السلطان ناحية وجعل له خراجها وأطلق له التصرف، فإن له أن يولي ويعزل، كذا قالوا: ولا بد من أن يصرح له بالمنع أو يعلم بذلك بعرفهم، فإن نائب الشام وحلب في ديارنا يطلق لهم التصرف في الرعية والخراج ولا يولون القضاء ولا يعزلون ا ه.
والله سبحانة أعلم.
قوله: (وشرط أهليتها الخ) تكرار مع قوله: وأهله أهل الشهادة ا ه ح.
والظاهر أن المصنف ذكر الجملة الاولى تبعا للكنز وغيره، ثم ذكر الثانية تبعا للغرر توضيحا وشرحا للاولى.
وأما الجواب بأنه ذكرها ليرتب عليها قوله: والفاسق أهلها فغير مفيد، فافهم.
قوله: (فلذا قيل الخ) علة للعلة.
قوله: (والفاسق أهلها) سيأتي بيان الفسق والعدالة في الشهادات، وأفصح بهذه الجملة دفعا لتوهم من قال: إن الفاسق ليس بأهل للقضاء فلا يصح قضاؤه، لانه لا يؤمن عليه لفسقه، وهو قول الثلاثة، واختاره الطحاوي.
قال العيني: وينبغي أن يفتى به خصوصا في هذا الزمان ا ه.
أقول: لو اعتبر هذا لا نسد باب القضاء خصوصا في زماننا، فلذا كان ما جرى عليه المصنف هو الاصح كما في الخلاصة، وهو أصح الاقاويل كما في العمادية.
نهر.
وفي الفتح: والوجه تنفيذ قضاء كل من ولاه سلطان ذو شوكة وإن كان جاهلا فاسقا وهو ظاهر المذهب عندنا، وحينئذ فيحكم بفتوى غيره ا ه.
قوله: (لكنه لا يقلد وجوبا الخ) قال في البحر: وفي غير موضع ذكر الاولوية: يعني الاولى أن لا تقبل شهادته وإن قبل جاز.
وفي الفتح: ومقتضى الدليل أن لا يحل أن يقضي بها، فإن(5/494)
قضى جاز ونفذ ا ه.
ومقتضاه الاثم، وظاهر قوله تعالى: * () * (الحجرات: 6) أنه لا يحل قبولها قبل تعرف حاله، وقولهم بوجوب السؤال عن الشاهد سرا وعلانية طعن الخصم أولا في سائر الحقوق على قولهما المفتى به يقتضي الاثم بتركه لانه للتعرف عن حاله حتى لا يقبل الفاسق.
وصرح ابن الكمال بأن من قلد فاسقا يأثم، وإذا قبل القاضي شهادته يأثم ا ه.
قوله: (به يفتى) راجع لما في المتن، فقد علمت التصريح بتصحيحه وبأنه ظاهر المذهب، وأما كون عدم تقليده واجبا ففيه كلام كما علمت، فافهم.
قوله: (وقيده) أي قيد قبول شهادة الفاسق المفهوم من قابل ا ه ح.
وعبارة الدرر: حتى لو قبلها القاضي وحكم بها كان آثما لكنه ينفذه وفي الفتاوي القاعدية: هذا إذا غلب على ظنه صدقه وهو مما يحفظ ا ه.
قلت: والظاهر أنه لا يأثم أيضا لحصول التبين المأمور به في النص.
تأمل.
قال ط: فإن لم يغلب على ظن القاضي صدقه بأن غلب كذبه عنده أو تساويا فلا يقبلها: أي لا يصح قبولها أصلا، هذا ما يعطيه المقام ا ه.
قوله: (واستثنى الثاني) أي أبو يوسف من الفاسق الذي يأثم القاضي بقبول شهادته، والظاهر أن هذا مما يغلب على ظن القاضي صدقه، فيكون داخلا تحت كلام القاعدية فلا حاجة إلى استثنائه على ما استظهرناه آنفا تأمل.
قوله: (سيجئ تضعيفه) أي في الشهادات حيث قال: وما في القنية والمجتبى من قبول ذي المروءة الصادق فقول الثاني، وضعفه الكمال بأنه تعليل في مقابلة النص فلا يقبل، وأقره المصنف ا ه.
قلت: قدمنا آنفا عن البحر أن ظاهر النص أنه لا يحل قبول شهادة الفاسق قبل تعرف حاله، فإذا ظهر للقاضي من حاله الصدق وقبله يكون موافقا للنص، إلا أن يريد بالنص قوله تعالى: * () * (الطلاق: 2) لكن فيه أن دلالته على عدم قبول العدل إنما هي بالمفهوم، وهو غير معتبر عندنا ولا سيما هو مفهوم لقب، مع أن الآية الاولى تدل على قبول قوله: عند التبين عن حاله كما قلنا.
تأمل.
قوله: (وفي معروضات المفتي أبي السعود) أي المسائل التي عرضها على سلطان زمانه، فأمر بالعمل بها.
قوله: (في وجود العدالة) هذا كان في زمنه، وقد وجد التساوي في عدمها الآن فلينظر من يقدم ط.
قوله: (إذا كانت دنيوية) سيذكر تفسيرها عن شرح
الشرنبلالي، واحترز بالدنيوية عن الدينية، فإن من عادى غيره لارتكابه ما لا يحل لا يتهم بأنه يشهد عليه بزور، بخلاف المعاداة الدنيوية، وعن هذا قبلت شهادة المسلم على الكافر، وإن كان عدوه من حيث الديانة، وكذا شهادة اليهودي على النصراني.
قوله: (ولو قضى القاضي بها لا ينفذ) دفع به ما(5/495)
يتوهم أنها مثل شهادة الفاسق فإنه تقدم أنه يصح قبولها، وإن أثم القاضي فشهادة العدو ليست كذلك، بل هي كما لو قبل شهادة العبد والصبي.
قوله: (ذكره يعقوب باشا) أي في حاشيته على صدر الشريعة.
وقال في الخيرية: والمسألة دوارة في الكتب.
مطلب في قضاء العدو على عدوه قوله: (فلا يصح قضاؤه عليه) أي إذا كانت شهادة العدو على عدوه لا تقبل، ولو قضى بها القاضي لا ينفذ، يتفرع عليه أن القاضي لو قضى على عدوه لا يصح لما تقرر الخ، وبه سقط ما قيل إن ما ذكره عن اليعقوبية مكرر مع هذا، فافهم.
تنبيه إذا لم يصح قضاؤه عليه فالمخلص إنابة غيره إذا كان مأذونا بالاستنابة، وسيأتي أنه يستنيب إذا وقعت له أو لولده حادثة.
قوله: (قال) أي المصنف في المنح ونصه: ورأيت بموضع ثقة معزوا إلى بعض الفتاوى، وأظن أنها الفتاوى الكبرى للخاصي أن سجل العدو لا يقبل على عدوه كما لا تقبل شهادته عليه ا ه، فافهم، والظاهر أن المراد بالسجل كما قال ط: كتاب القاضي إلى قاض في حادثة على عدو للقاضي، وهو ما يأتي عن الناصحي.
قوله: (ثم نقل) أي المصنف.
قوله: (أنه لم ير نقلها) أي نقل مسألة قضاء القاضي على عدوه، وهذا الكلام ذكره عبد البر بن الشحنة في شرح الوهبانية عن ابن وهبان، فينبغي أن يكون قوله: لم ير نقلها مبنيا للمجهول.
قوله: (وينبغي النفاذ) أي مطلقا سواء كان بعلمه أو بشهادة عدلين، وهذا البحث لشارح الوهبانية خالف فيه بحث ابن وهبان الآتي، وذكره عقبه بقوله: قلت بل ينبغي النفاذ مطلقا لو القاضي عدلا.
قوله: (إن بعلمه لم يجز) أي بناء على القول بجواز قضاه القاضي بعلمه، والمعتمد خلافه، وعليه فلا خلاف بين كلامي ابن الشحنة وابن وهبان، فإن مؤدي كلاميهما نفوذ حكمه لو عدلا بشهادة العدول، قوله: (واعتمده الخ) المتبادر من
النظم اعتماد الاول وهو بحث ابن الشحنة فيتعين عود الضمير إليه.
قوله: (واختار بعض العلماء) هو ابن وهبان.
قوله: (قلت لكن الخ) أصله للمصنف حيث قال: وقد غفل الشيخان: أي ابن وهبان وشارحه عبد البر عما اتفقت كلمتهم عليه في كتبهم المعتمدة من أن أهله أهل الشهادة، فمن صلح لها صلح له، ومن لا فلا، والعدو لا يصلح للشهادة على ما عليه عامة المتأخرين فلا يصلح للقضاء ا ه ط.
قلت: ولم أر هذا الكلام في نسختي من شرح المضنف.(5/496)
ثم اعلم أن مراد الشارح الاستدراك على كلام الشيخين وتأييد كلام المتن، فإن المصنف فرع عدم صحة القضاء على عدم قبول الشهادة، وهو مفهوم الكلية الواقعة في عبارات المتون وهي قولهم.
وأهله أهلها، فإن مفهومها عكسها اللغوي، وهو أن من ليس أهلا لها لا يكون أهلا له، فلذا قال المصنف في متنه والعدو لا تقبل شهادته على عدوه فلا يصح قضاؤه عليه، ولما كان هذا إثباتا للحكم بالمفهوم، وفيه احتمال نقل الشارح أن مفهوم الكلية المذكورة مصرح به في عبارة الناصحي، فسقط الاحتمال واندفع بحث الشيخين وتأيد كلام المصنف، ولذا قال: وهو صريح أو كالصريح فيما اعتمده المصنف، ولكن بقي هاهنا تحقيق توفيق، وهو أنه ذكر في القنية أن العداوة الدنيوية لا تمنع قبول الشهادة ما لم يفسق بها، وأنه الصحيح وعليه الاعتماد، وأن ما في المحيط والواقعات، من أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل اختيار المتأخرين، والرواية المنصوصة تخالفها وأنه مذهب الشافعي.
وقال أبو حنيفة: تقبل إذا كان عدلا.
وفي المبسوط: إن كانت دنيوية فهذا يوجب فسقه فلا تقبل شهادته ا ه ملخصا.
والحاصل: أن في المسألة قولين معتمدين: أحدهما: عدم قبولها على العدو، وهذا اختيار المتأخرين، وعليه صاحب الكنز والملتقى، ومقتضاه أن العلة العداوة لا الفسق، وإلا لم تقبل على غير العدو أيضا، وعلى هذا لا يصح قضاء العدو على عدوه أيضا.
ثانيهما: أنها تقبل إلا إذا فسق بها، واختاره ابن وهبان وابن الشحنة، وإذا قبلت فبالضرورة يصح قضاء العدو على عدوه إذا كان عدلا، فلذا اختار الشيخان صحته، وبه علم أن من يقول بقبول شهادة العدو العدل يقول بصحة قضائه،
ومن لا فلا، وأن ما ذكره الناصحي لا يعارض كلام الشيخين لاختلاف المناط، فاغتنم هذا التحقيق ودع التلفيق.
قوله: (لا يعتمد على كتابه) هو المعبر عنه فيما سبق بالسجل ط.
قوله: (فيما اعتمده المصنف) أي في متنه من إطلاق عدم القبول.
قوله: (وبه أفتى محقق الشافعية الرملي) هذا غير ما نقله في شرح الوهبانية عن الرافعي عن الماوردي من جواز القضاء على العدو لا الشهادة عليه، لظهور أسباب الحكم وخفاء أسباب الشهادة ا ه.
وهو وجيه، ولذا قيد ابن وهبان صحة القضاء بما إذا كان بشهادة العدول بمحضر من الناس كما مر لتنتفي التهمة بمعاينة أسباب الحكم، ويظهر لي أنه ينبغي أن يصح الحكم عندنا في هذه الصورة حتى على القول بعدم قبول شهادة العدو، فتأمل.
قوله: (ومن خطه نقلت) الجار والمجرور متعلق بقوله: نقلت وقوله: أنه لو قضى الخ مفعول نقلت أو بدل من الضمير المجرور في قوله: وبه أفتى وجملة ومن خطه نقلت معترضة، أو هي خبر مقدم، وجملة أنه لو قضى الخ مبتدأ مؤخر، واقتصر ط على الاخير.
قوله: (وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي الخ) أصله لناظمها ونقله العلامة عبد البر عنه ونصه: قال: أي ابن وهبان: وقد يتوهم بعض المتفقهة من الشهود أن من خاصم شخصا في حق أو ادعى عليه يصير عدوه، فيشهدون بينهما بالعداوة، وليس كذلك، وإنما ثبت بنحو الخ ا ه.(5/497)
قلت: لكن قد علمت أن مختار ابن وهبان أن العداوة لا تمنع قبول الشهادة، إلا إذا فسق بها فعلم أنها قد تكون مفسقة وقد لا تكون، فقوله: وإنما تثبت الخ يريد به العداوة المانعة وهي المفسقة، ولا يخفى أن هذه تمنع القبول على العدو وعلى غيره، وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة في الشهادات إن شاء الله تعالى.
قوله: (ووصي) أي فيما أوصى عليه، وقوله: وشريك أي فيما هو من مال الشركة ط.
قوله: (والفاسق لا يصلح مفتيا) أي لا يعتمد على فتواه، وظاهر قول المجمع لا يستفتى: أنه لا يحل استفتاؤه، ويؤيده قول ابن الهمام في التحرير: الاتفاق على حل استفتاء من عرف من أهل العلم بالاجتهاد والعدالة أو رآه منتصبا والناس يستفتونه معظمين له، وعلى امتناعه إن ظن عدم أحدهما: أي عدم الاجتهاد أو العدالة كما في شرحه، ولكن اشتراط الاجتهاد مبني على اصطلاح
الاصوليين أن المفتي المجتهد: أي الذي يفتى بمذهبه، وأن غيره ليس بمقت بل هو ناقل كما سيأتي، والثاني هو المراد هنا بدليل ما سيأتي من أن اجتهاده شرط الاولوية، ولان المجتهد مفقود اليوم.
والحاصل: أنه لا يعتمد على فتوى المفتي الفاسق مطلقا.
قوله: (وله في شرحه عبارات بليغة) حيث قال: إن أولى ما يستنزل به فيض الرحمة الالهية في تحقيق الواقعات الشرعية طاعة الله عزوجل والتمسك بحبل التقوى، قال تعالى: * (واتقوا الله ويعلمكم الله) * (البقرة: 282) ومن اعتمد على رأيه وذهنه في استخراج دقائق الفقه وكنوزه وهو في المعاصي حقيق بإنزال الخذلان فقد اعتمد على ما لا يعتمد عليه * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) * (النور: 04) ا ه.
قوله: (وظاهر ما في التحرير) بل هو صريحه كما سمعت.
قوله: (وبه جزم في الكنز) حيث قال: والفاسق يصلح مفتيا، وقيل لا، فجزم بالاول ونسب الثاني إلى قائله بصيغة التمريض، فافهم.
قوله: (لا يجتهد الخ) هذا التعليل لا يظهر في زماننا، لانه قد يعرض عن النص الضروري قصدا لغرض فاسد، وربما عورض بالنص فيدعي فساد النص ط.
قوله: (حذار نسبة الخطأ) الاولى أن يقول: حذر لما في القاموس: وحذار حذار، وقد ينون الثاني: أي احذر ط.
قوله: (وشرط بعضهم تيقظه) احترازا عمن غلب عليه الغفلة والسهو.
قلت: وهذا شرط لازم في زماننا، فإن العادة اليوم أن من صار بيده فتوى المفتي استطال على خصمه وقهره بمجرد قوله: أفتاني المفتي بأن الحق معي والخصم جاهل لا يدري ما في الفتوى، فلا بد أن يكون المفتي متيقظا يعلم حيل الناس ودسائسهم، فإذا جاءه السائل يقرره من لسانه ولا يقول له إن كان كذا فالحق معك وإن كان كذا فالحق مع خصمك، لانه يختار لنفسه ما ينفعه ولا يعجز عن إثباته بشاهدي زور، بل الاحسن أن يجمع بينه وبين خصمه، فإذا ظهر له الحق مع أحدهما كتب الفتوى لصاحب الحق، وليحترز من الوكلاء في الخصومات فإن أحدهم لا يرضى إلا بإثبات دعواه(5/498)
لموكله بأي وجه أمكن، ولهم مهارة في الحيل والتزوير وقلب الكلام وتصوير الباطل بصورة الحق، فإذا أخذ الفتوى قهر خصمه ووصل إلى غرضه الفاسد، فلا يحل للمفتي أن يعينه على ضلاله، وقد
قالوا: من جهل بأهل زمانه فهو جاهل، وقد يسأل عن أمر شرعي وتدل القرائن للمفتي المتيقظ أن مراده التوصل به إلى غرض فاسد كما شهدناه كثيرا.
والحاصل: أن غفلة المفتي يلزم منها ضرر عظيم في هذا الزمان، والله تعالى المستعان.
قوله: (لا حريته الخ) أي فهو كالراوي لا كالشاهد والقاضي، ولذا تصح فتواه لمن لا تقبل شهادته له.
قوله: (فيصح إفتاء الاخرس) أي حيث فهمت إشارته، بل يجوز أن يعمل بإشارة الناطق كما في الهندية.
وأفاده عموم قول المصنف ويكتفي بالاشارة منه ط.
قوله: (فالاصح الصحة) لانه يفرق بين المدعي والمدعى عليه، وقيل لا يجوز، لانه لا يسمع الاقرار فيضيع حقوق الناس، بخلاف الاصم، وهكذا فصل شارح الوهبانية، وينبغي أن الحكم كذلك في المفتي.
فإن قلت: قد يفرق بينهما، بأن المفتي يقرأ صورة الاستفتاء ويكتب جوابه، فلا يحتاج إلى سماع.
قلت: الظاهر من كلامهم عدم الاكتفاء بهذا في القاضي، مع أنه يمكن أن يكتب له جواب الخصمين فكذا في المفتي، ويمكن الفرق بأن القضاء لا بد له من صيغة مخصوصة بعد دعوى صحيحة فيحتاط فيه، بخلاف الافتاء فإنه إفادة الحكم الشرعي ولو بالاشارة فلا يشترط فيه السماع ا ه منح ملخصا.
قلت: لا شك أنه إذا كتب له وأجاب عنه جاز العمل بفتواه، وأما إذا كان منصوبا للفتوى يأتيه عامة الناس ويسألونه من نساء وأعراب وغيرهم، فلا بد أن يكون صحيح السمع، لانه لا يمكن كل سائل أن يكتب له سؤاله، وقد يحضر إليه الخصمان ويتكلم أحدهما بما يكون فيه الحق عليه لا له والمفتي لم يسمع ذلك منه فيفتيه على ما سمع من بعض كلامه فيضيع حق خصمه، وهذا قد شاهدته كثيرا فلا ينبغي التردد في أنه لا يصلح أن يكون مفتيا عاما ينتظر القاضي جوابه ليحكم به، فإن ضرر مثل هذا أعظم من نفعه، والله سبحانه أعلم.
مطلب: يفتى بقول الامام على الاطلاق قوله: (ويفتي القاضي الخ) في الظهيرية: ولا بأس للقاضي أن يفتي من لم يخاصم إليه ولا
يفتي أحد الخصمين فيما خوصم إليه ا ه بحر.
وفي الخلاصة: القاضي هل يفتي؟ فيه أقاويل، والصحيح أنه لا بأس به في مجلس القضاء وغيره في الديانات والمعاملات ا ه.
ويمكن حمله على من لم يخاصم إليه فيوافق ما في الظهيرية ومن ثم عولنا عليه في هذا المختصر.
منح.
وقد جمع الشارح بين العبارتين بهذا الحمل.
وفي كافي الحاكم: وأكره للقاضي أن يفتي في القضاء للخصوم كراهة أن يعلم خصمه قوله: فيتحرز منه بالباطل ا ه.
قوله: (وسيتضح) لعله أراد به مسألة التسوية.
تأمل.(5/499)
قوله: (على الاطلاق) أي سواء كان معه أحد أصحابه أو انفرد، لكن سيأتي قبيل الفصل أن الفتوى على قول أبي يوسف فيما يتعلق بالقضاء لزيادة تجربته.
قوله: (وهو الاصح) مقابله ما يأتي عن الحاوي وما في جامع الفصولين من أنه لو معه أحد صاحبيه أخذ بقوله: وإن خالفاه.
قيل كذلك، وقيل يخير إلا فيما كان الاختلاف بحسب تغير الزمان كالحكم بظاهر العدالة وفيما أجمع المتأخرون عليه كالمزارعة والمعاملة فيختار قولهما.
قوله: (وعبارة النهر الخ) أي لافادة أن رتبة الحسن بعد زفر، بخلاف عبارة المصنف فإن عطفه بالواو يفيد أنهما في رتبة واحدة، وعبارة المصنف هي المشهورة في الكتب.
قوله: (وصحح في الحاوي) أي الحاوي القدسي، وهذا فيما إذا خالف الصاحبان الامام، والمراد بقوة المدرك: قوة الدليل، أطلق عليه المدرك لانه محل إدراك الحكم لان الحكم يؤخذ منه.
قوله: (والاول أضبط) لان ما في الحاوي خاص فيمن له اطلاع على الكتاب والسنة وصار له ملكة النظر في الادلة واستنباط الاحكام منها، وذلك هو المجتهد المطلق أو المقيد، بخلاف الاول فإنه يمكن لمن هو دون ذلك.
قوله: (ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا) أي لا يجوز له مخالفة الترتيب المذكور إلا إذا كان له ملكة يقتدر بها على الاطلاع على قوة المدرك، وبهذا رجع القول الاول إلى ما في الحاوي من أن العبرة في المفتي المجتهد لقوة المدرك.
نعم فيه زيادة تفصيل سكت عنه الحاوي، فقد اتفق القولان على أن الاصح هو أن المجتهد في المذهب من المشايخ الذين هم أصحاب الترجيح، لا يلزمه الاخذ بقول الامام على الاطلاق، بل عليه النظر في الدليل وترجيح ما رجح عنده دليله، ونحن نتبع ما رجحوه واعتمدوه كما لو أفتوا في حياتهم كما حققه الشارح في أول الكتاب نقلا عن العلامة قاسم، ويأتي
قريبا عن الملتقط أنه إن لم يكن مجتهدا فعليه تقليدهم واتباع رأيهم، فإذا قضى بخلافه لا ينفذ حكمه.
وفي فتاوي ابن الشلبي: لا يعدل عن قول الامام إلا إذا صرح أحد من المشايخ بأن الفتوى على قول غيره، وبهذا سقط ما بحثه في البحر من أن علينا الافتاء بقول الامام وإن أفتى المشايخ بخلافه، وقد اعترضه محشيه الخير الرملي بما معناه: أن المفتي حقيقة هو المجتهد، وأما غيره فناقل لقول المجتهد، فكيف يجب علينا الافتاء بقول الامام وإن أفتى المشايخ بخلافه ونحن إنما نحكي فتواهم لا غير ا ه وتمام أبحاث هذه المسألة حررناه في منظومتنا في رسم المفتي وفي شرحها، وقدمنا بعضه في أول الكتاب، والله الهادي إلى الصواب، فافهم.
قوله: (معتمد مذهبه) أي الذي اعتمده مشايخ المذهب، سواء وافق قول الامام أو خالفه كما قررناه آنفا.
قوله: (وسيجئ) أي بعد أسطر عن الملتقط، وكذا في الفصل الآتي عند قوله: قضى في مجتهد فيه.
قوله: (اعلم أن في كل موضع قالوا الرأي فيه للقاضي الخ) أقول: قد عد في الاشباه من المسائل التي فوضت لرأي القاضي إحدى عشرة مسألة، زاد محشيه الخير الرملي أربع عشرة مسألة أخرى ذكرها الحموي في حاشيته، ولحفيد المصنف الشيخ محمد ابن الشيخ صالح بن المصنف رسالة في ذلك سماها (فيض المستفيض في مسائل التفويض) فارجع إليها، ولكن بعض(5/500)
هذه المسائل لا يظهر توقف الرأي فيها على الاجتهاد المصطلح، فليتأمل.
وانظر ما نذكره في الفصل الآتي عند قوله: فيحبسه بما رأى قوله: (وإنما ينفذ القضاء الخ) هذا في القاضي المجتهد، أما المقلد فعليه العمل بمعتمد مذهبه علم فيه خلافا أو لا ا ه ط.
وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة عند قول المصنف وإذا رفع إليه حكم قاض آخر نفذه.
قوله: (وإذا أشكل الخ) قال في الهندية: وإن لم يقع اجتهاد على شئ وبقيت الحادثة مختلفة ومشكلة كتب إلى غير فقهاء مصره، فالمشاورة بالكتاب سنة قديمة في الحوادث الشرعية، فإن اتفق رأيهم على شئ ورأيه يوافقهم وهو من أهل الرأي والاجتهاد أمضى ذلك برأيه، وإن اختلفوا نظر إلى أقرب الاقوال عند من الحق إن كان من أهل الاجتهاد، وإلا أخذ بقول من هو أفقه وأورع عنده ا ه ط.
قوله: (وقضى بما رآه صوابا) أي بما حدث له من الرأي والاجتهاد بعد مشاورتهم، فلا
ينافي قوله: ولا رأى له فيه تأمل.
قوله: (إلا أن يكون غيره) أي إلا أن يكون الشخص الذي أفتاه أقوى منه، فيجوز له أن يعدل عن رأي نفسه إلى رأي ذلك المفتي، لكن هذا إذا اتهم رأي نفسه.
ففي الهندية عن المحيط: وإن شاور القاضي رجلا واحدا كفى، فإن رأى بخلاف رأيه وذلك الرجل أفضل وأفقه عنده لم تذكر هذه المسألة هنا.
وقال في كتاب الحدود: لو قضى برأي ذلك الرجل أرجو أن يكون في سعة، وإن لم يتهم القاضي رأيه لا ينبغي أن يترك رأي نفسه ويقضي برأي غيره ا ه: أي لان المجتهد لا يقلد غيره.
قوله: (واتباع رأيهم) أي إن اتفقوا على شئ وإلا أخذ بقول الافقه والاورع عنده كما مر.
قال في الفتح: وعندي أنه لو أخذ بقول الذي لا يميل إليه قلبه جاز، لان ذلك الميل وعدمه سواء، والواجب عليه تقليد مجتهد وقد فعل، أصاب ذلك المجتهد أو أخطأ ا ه.
قلت: وهذا كله فيما إذا كان المفتيان مجتهدين واختلفا في الحكم، ومثله يقال في المقلدين فيما لم يصرحوا في الكتب بترجيحه واعتماده أو اختلفوا في ترجيحه، وإلا فالواجب الآن اتباع ما اتفقوا على ترجيحه أو كان ظاهر الرواية أو قول الامام أو نحو ذلك من مقتضيات الترجيح التي ذكرناها في أول الكتاب وفي منظومتنا وشرحها.
قوله: (في ظاهر الرواية) في البحر: ولا يشترط المصر على ظاهر الرواية، فالقضاء بالسواد صحيح، وبه يفتى، كذا في البزازية ا ه.
وبه علم أن كلا من القولين معزو إلى ظاهر الرواية، وفيه تأمل.
رملي على المنح.
قوله: (وفي عقار الخ) في البحر: ولا يشترط أن يكون المتداعيان من بلد القاضي إذا كانت الدعوى في المنقول والدين، وأما في عقار لا في ولايته(5/501)
فالصحيح الجواز كما في الخلاصة والبزازية، وإياك أن تفهم خلاف ذلك فإنه غلط.
ا ه.
مطلب في الكلام على الرشوة والهدية قوله: (أخذ القضاء برشوة) بتثليث الراء.
قاموس.
وفي المصباح: الرشوة بالكسر: ما يعطيه الشخص الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد.
جمعها رشا مثل سدرة وسدر، والضم لغة، وجمعها: رشا بالضم ا ه.
وفيه البرطيل بكسر الباء: الرشوة، وفتح الباء عامي.
وفي الفتح: ثم الرشوة أربعة أقسام: منها ما هو حرام على الآخذ والمعطي وهو الرشوة على تقليد القضاء والامارة.
الثاني: ارتشاء القاضي ليحكم وهو كذلك ولو القضاء بحق لانه واجب عليه.
الثالث: أخذ المال ليسوي أمره عند السلطان دفعا للضرر أو جلبا للنفع وهو حرام على الآخذ فقط، وحيلة حلها: أن يستأجره يوما إلى الليل أو يومين فتصير منافعه مملوكة ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان للامر الفلاني، وفي الاقضية قسم الهدية وجعل هذا من أقسامها فقال: حلال من الجانبين كالاهداء للتودد وحرام منهما كالاهداء ليعينه على الظلم وحرام على الآخذ فقط، وهو أن يهدي ليكف عنه الظلم، والحيلة أن يستأجره الخ قال: أي في الاقضية: هذا إذا كان فيه شرط، أما إذا كان بلا شرط لكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي ليعينه عند السلطان فمشايخنا على أنه لا بأس به، ولو قضى حاجته بلا شرط ولا طمع فأهدى إليه بعد ذلك فهو حلال لا بأس به، وما نقل عن ابن مسعود من كراهته فورع.
الرابع: ما يدفع لدفع الخوف من المدفوع إليه على نفسه أو ماله حلال للدافع حرام على الآخذ، لان دفع الضرر عن المسلم واجب ولا يجوز أخذ المال ليفعل الواجب ا ه ما في الفتح ملخصا.
وفي القنية: الرشوة يجب ردها ولا تملك، وفيها دفع للقاضي أو لغيره سحتا لاصلاح المهم فأصلح ثم ندم يرد ما دفع إليه ا ه.
وتمام الكلام عليها في البحر، ويأتي الكلام على الهدية للقاضي والمفتي والعمال.
قوله: (للسلطان) صفة لرشوة: أي دفعها القاضي له، وكذا لو دفعها غيره كما في البحر عن البزازية.
قوله: (أو ارتشى) المناسب إسقاطه، لانه يغني عنه قوله: ولو كان عدلا مع ما فيه من الايهام كما تعرفه.
قوله: (لا ينفذ حكمه) فيه إيهام التسوية بين المسألتين، مع أنه إذا أخذ القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا، كما في الكنز.
قال في البحر: وهو الصحيح ولو قضى لم ينفذ، وبه يفتى ا ه.
ومثله في الدرر عن العمادية.
وأما إذا ارتشى: أي بعد صحة توليته سواء ارتشى ثم قضى أو قضى ثم ارتشى كما في الفتح، فحكي في العمادية فيه ثلاثة أقوال: قيل إن قضاءه نافذ فيما ارتشى فيه وفي غيره.
وقيل لا ينفذ فيه وينفذ فيما سواه، واختاره السرخسي.
وقيل لا ينفذ فيهما.
والاول اختاره البزدوي واستحسنه في الفتح، لان حاصل أمر الرشوة فيما إذا قضى بحق إيجاب فسقه، وقد فرض أنه لا يوجب العزل فولايته قائمة
وقضاؤه بحق فلم لا ينفذ وخصوص هذا الفسق غير مؤثر، وغاية ما وجه أنه إذا ارتشى عامل لنفسه معنى والقضاء عمل لله تعالى ا ه.
قال في النهر تبعا للبحر: وأنت خبير بأن كون خصوص هذا الفسق غير مؤثر ممنوع، بل يؤثر بملاحظة كونه عملا لنفسه، وبهذا يترجح ما اختاره السرخسي.
وفي الخانية أجمعوا أنه إذا ارتشى لا ينفذ قضاؤه فيما ارتشى فيه ا ه.(5/502)
قلت: حكاية الاجماع منقوضة بما اختاره البزدوي، واستحسنه في الفتح وينبغي اعتماده للضرورة في هذا الزمان وإلا بطلت جميع القضايا الواقعة الآن، لانه لا تخلو قضية عن أخذ القاضي الرشوة المسماة بالمحصول قبل الحكم أو بعده فيلزم تعطيل الاحكام، وقد مر عن صاحب النهر في ترجيح أن الفاسق أهل للقضاء أنه لو اعتبر العدالة لانسد باب القضاء فكذا يقال هنا، وانظر ما سنذكره في أول باب التحكيم.
وفي الحامدية عن جواهر الفتاوي: قال شيخنا وإمامنا جمال الدين البزدوي: أنا متحير في هذه المسألة، لا أقدر أن أقول تنفذ أحكامهم لما أرى من التخليط والجهل والجراءة فيهم، ولا أقدر أن أقول لا تنفذ لان أهل زماننا كذلك، فلو أفتيت بالبطلان أدى إلى إبطال الاحكام جميعا، يحكم الله بيننا وبين قضاة زماننا، أفسدوا علينا ديننا وشريعة نبينا (ص)، لم يبق منهم إلا الاسم والرسم ا ه.
هذا في قضاة ذلك الزمان، فما بالك في قضاة زماننا، فإنهم زادوا على من قبلهم باعتقادهم حل ما يأخذونه من المحصول بزعمهم الفاسد أن السلطان يأذن لهم بذلك، وسمعت من بعضهم أن المولى أبا السعود أفتى بذلك، وأظن أن ذلك افتراء عليه، وانظر ما سنذكره قبيل كتاب الشهادات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قوله: (ومنه الخ) أي من قسم أخذ القضاء بالرشوة، وهذا يسمى الآن مقاطعة والتزاما، بأن يكون على رجل قضاء ناحية فيدفع له آخر شيئا معلوما ليقضي فيها ويستقل بجميع ما يحصله من المحصول لنفسه، وذكر في الخيرية في شأنهم نظما يصرح بكفرهم.
قوله: (لكن في الفتح الخ) استدراك على قوله: أو شفاعة.
قوله: (أو بغيره) كزنا أو شرب خمر.
قوله: (لانها المعظم) أي معظم ما يفسق به القاضي.
نهر.
قوله: (استحق
العزل) هذا ظاهر المذهب وعليه مشايخنا البخاريون والسمرقنديون، ومعناه أنه يجب على السلطان عزله.
ذكره في الفصول، وقيل إذا ولي عدلا ثم فسق انعزل، لان عدالته مشروطه معنى، لان موليه اعتمدها فيزول بزوالها وفيه أنه لا يلزم من اعتبار ولايته لصلاحيته تقييدها به على وجه تزول بزواله.
فتح ملخصا.
قوله: (وقيل ينعزل وعليه الفتوى) قال في البحر بعد نقله: وهو غريب والمذهب خلافه.
قوله: (ثم صلح) أي بالطاعة أو الاسلام ط.
قوله: (فهو على قضائه) مخالف لما في البحر عن البزازية أربع خصال إذا حلت بالقاضي انعزل: فوات السمع أو البصر أو العقل أو الدين ا ه.
لكن قال بعده، وفي الواقعات الحسامية: الفتوى على أنه لا ينعزل بالردة، فإن المكفر لا ينافي ابتداء القضاء في إحدى الروايتين، ثم قال: وبه علمت أن ما مر على خلاف المفتى به.
وفي الولوالجية: إذا ارتد أو فسق ثم صلح فهو على حاله، لان الارتداد فسق، وبنفس الفسق لا ينعزل، إلا أن ما قضى في حال الردة باطل ا ه.
قلت: وظاهر ما في الولوالجية أن ما قضاه في حال الفسق نافذ وهو الموافق لما مر، إلا أن يراد بالفسق في عبارة الخلاصة: الفسق بالرشوة.
تأمل.
قوله: (واعتمده في البحر) فيه أن الذي اعتمده(5/503)
في البحر هو قوله: فصار الحاصل أنه إذا فسق لا ينعزل وتنفذ قضاياه إلا في مسألة هي ما إذا فسق بالرشوة فإنه لا ينفذ في الحادثة التي أخذ بسببها.
قال: وذكر الطرسوسي أن من قال باستحقاقه العزل قال بصحة أحكامه، ومن قال بعزله قال ببطلانها ا ه.
قوله: (لكن في أول دعوى الخانية الخ) حيث قال كما في البحر: والوالي إذا فسق فهو بمنزلة القاضي يستحق العزل ولا ينعزل ا ه.
وأنت خبير بأن هذا لا يخالف ما في الفتح، فافهم.
مطلب: السلطان يصير سلطانا بأمرين نعم نقل في البحر عن الخانية أيضا من الردة أن السلطان يصير سلطانا بأمرين: بالمبايعة معه من الاشراف والاعيان، وبأن ينفذ حكمه على رعيته خوفا من قهره، فإن بويع ولم ينفذ فيهم حكمه لعجزه عن قهرهم لا يصير سلطانا، فإذا صار سلطانا بالمبايعة فجاز إن كان له قهر وغلبة لا ينعزل،
لانه لو انعزل يصير سلطانا بالقهر والغلبة فلا يفيد، وإن لم يكن له قهر وغلبة ينعزل ا ه.
فكان المناسب الاستدراك بهذه العبارة الثانية ليفيد حمل ما في الفتح على ما إذا كان له قهر وغلبة.
قوله: (وينبغي أن يكون الخ) ويكون شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف، لان القضاء من أهم أمور المسلمين، فكل من كان أعرف وأقدر وأوجه وأهيب وأصبر على ما يصيبه من الناس كان أولى، وينبغي للسلطان أن يتفحص في ذلك ويولي من هو أولى لقوله عليه الصلاة والسلام: من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين بحر.
ومثله في الزيلعي، فقوله: وينبغي بمعنى يطلب: أي المطلوب منه أن تكون صفته هكذا، وقوله: كان أولى أي أحق، وهذا لا يدل على أن ذلك مستحب، فإن الحديث يدل على إثم السلطان بتوليته غير الاولى، فافهم.
مطلب في تفسير الصلاح والصالح قوله: (موثوقا به) أي مؤتمنا من وثقت به أثق بكسرهما ثقة ووثوقا: ائتمنته، والعفاف: الكف عن المحارم وخوارم المروءة، والمراد بالوثوق بعقله كونه كامله، فلا يولي الاخف وهو ناقص العقل، والصلاح خلاف الفساد، وفسر الخضاف الصالح بمن كان مستورا غير مهتوك ولا صاحب ريبة، مستقيم الطريقة سليم الناحية كامن الاذى قليل السوء، ليس بمعاقر للنبيذ ولا ينادم عليه الرجال وليس بقذاف للمحصنات، ولا معروفا بالكذب، فهذا عندنا من أهل الصلاح ا ه.
والمراد بعلم السنة ما ثبت عن رسول الله (ص) قولا وفعلا وتقريرا عند أمر يعاينه وبوجوه الفقه طرقه.
بحر ملخصا.
والاثر كما قال السخاوي لغة: البقية، واصطلاحا: الاحاديث مرفوعة أو موقوفة على المعتمد وإن قصره بعض الفقهاء على الثاني.
مطلب في الاجتهاد وشروطه قوله: (والاجتهاد شرط الاولوية) هو لغة: بذل المجهول في تحصيل ذي كلفة، وعرفا: ذلك من الفقيه في تحصيل حكم شرعي.
قال في التلويح: ومعنى بذل الطاقة أن يحس من نفسه العجز عن المزيد عليه، وشرطه الاسلام والعقل والبلوغ، وكونه فقيه النفس: أي شديد الفهم بالطبع، وعلمه(5/504)
باللغة العربية وكونه حاويا لكتاب الله تعالى فيما يتعلق بالاحكام، وعالما بالحديث متنا وسندا وناسخا ومنسوخا، وبالقياس.
وهذه الشرائط في المجتهد المطلق الذي يفتى في جميع الاحكام.
وأما المجتهد في حكم دون حكم فعليه معرفة ما يتعلق بذلك الحكم، مثلا كالاجتهاد في حكم متعلق بالصلاة لا يتوقف على معرفة جميع ما يتعلق بالنكاح ا ه.
ومراد المصنف هنا الاجتهاد بالمعنى الاول.
نهر.
قوله: (لتعذره) أي لانه متعذر الوجود في كل زمن وفي كل بلد، فكان شرط الاولوية بمعنى أنه إن وجد فهو الاولى بالتولية، فافهم.
قوله: (على أنه) متعلق بمحذوف: أي قلنا بالتعذر في كل زمن بناء على أنه الخ.
قوله: (عند الاكثر) خلافا لما قيل إنه لا يخلو عنه زمن، وتمام ذلك في كتب الاصول.
قوله: (فصح تولية العامي) الاولى في التفريع أن يقال: فصح تولية المقلد لانه مقابل المجتهد، ثم إن المقلد يشمل العامي ومن له تأهل في العلم والفهم، وعين ابن الغرس الثاني قال: وأقله أن يحسن بعض الحوادث والمسائل الدقيقة، وأن يعرف طريق تحصيل الاحكام الشرعية من كتب المذهب، وصدور المشايخ وكيفية الايراد، والاصدار في الوقائع والدعاوي والحجج، ونازعه في النهر ورجح أن المراد الجاهل لتعليلهم بقولهم لان إيصال الحق إلى مستحقه يحصل بالعمل بفتوى غيره.
قال في الحواشي اليعقوبية: إذ المحتاج إلى فتوى غيره هو من لا يقدر على أخذ المسائل من كتب الفقه وضبط أقوال الفقهاء ا ه.
ونحوه في البحر عن العناية، وكذا رجحه ابن الكمال.
قلت: وفيه للبحث مجال، فإن المفتي عند الاصوليين هو المجتهد كما يأتي، فيصير المعنى أنه لا يشترط في القاضي أن يكون مجتهدا لانه يكفيه العمل باجتهاد غيره، ولا يلزم من هذا أن يكون عاميا، لكن قد يقال: إن الاجتهاد كما تعذر في القاضي تعذر في المفتي الآن، فإذا احتاج إلى السؤال عمن ينقل الحكم من الكتب يلزم أن يكون غير قادر على ذلك.
تأمل.
قوله: (المفتي يفتي بالديانة) مثلا إذا قال رجل: قلت لزوجتي أنت طالق قاصدا بذلك الاخبار كاذبا، فإن المفتي يفتيه بعدم الوقوع، والقاضي يحكم عليه الوقوع لانه يحكم بالظاهر، فإذا كان القاضي يحكم بالفتوى يلزم بطلان حكمه في مثل ذلك، فدل على أنه لا يمكنه القضاء بالفتوى في كل حادثة، وفيه نظر، فإن القاضي إذا سأل المفتي عن هذه الحادثة لا يفتيه بعدم الوقوع لانه إنما سأله عما يحكم به، بلا بد أن يبين له
حكم القضاء، فعلم أن ما في البزازية لا ينافي قولهم: يحكم بفتوى غيره.
قوله: (في الدماء والفروج) أي وفي الاموال، لكن خصهما بالذكر لانه لا يمكن فيهما الاستباحة بوجه، بخلاف المال، ولقصد التهويل فإن الحاكم الذي مجرى أحكامة في ذلك لا بد أن يكون عالما دينا.
قوله: (كالكبريت الاحمر) معدن عزيز الوجود، والجار والمجرور متعلق بمحذوف على أنه حال أو خبر لمبتدأ محذوف.
قوله: (وأين العلم) عبارة البزازية: وأين الدين والعلم.
مطلب: طريق التنقل عن المجتهد قوله: (بل هو نقل كلام) وطريق نقله لذلك عن المجتهد أحد أمرين: إما أن يكون له سند(5/505)
فيه، أو يأخذ من كتاب معروف تداولته الايدي نحو كتب محمد بن الحسن، ونحوها من التصانيف المشهورة للمجتهدين.
لانه بمنزلة الخبر المتواتر المشهور، هكذا ذكر الرازي، فعلى هذا لو وجد بعض نسخ النوادر في زماننا لا يحل عزو ما فيها إلى محمد ولا إلى أبي يوسف، لانها لم تشتهر في عصرنا في ديارنا ولم تتداول.
نعم إذا وجد النقل عن النوادر مثلا في كتاب مشهور معروف كالهداية والمبسوط كان ذلك تعويلا على ذلك الكتاب.
فتح.
وأقره في البحر والنهر والمنح.
قلت: يلزم على هذا أن لا يجوز الآن النقل من أكثر الكتب المطولة من الشروح أو الفتاوي المشهورة أسماؤها، لكنها لم تتداولها الايدي حتى صارت بمنزلة الخبر المتواتر المشهور لكونها لا توجد إلا في بعض المدارس أو عند بعض الناس كالمبسوط والمحيط والبدائع، وفيه نظر، بل الظاهر أنه لا يلزم التواتر بل يكفي غلبة الظن بكون ذلك الكتاب هو المسمى بذلك الاسم بأن وجد العلماء ينقلون عنه، ورأى ما نقلوه عنه موجودا فيه أو وجد منه أكثر من نسخة، فإنه يغلب على الظن أنه هو، ويدل على ذلك قوله: إما أن يكون له سند فيه: أي فيما ينقله، والسند لا يلزم تواتره ولا شهرته، وأيضا قدمنا أن القاضي إذا أشكل عليه أمر يكتب فيه إلى فقهاء مصر آخر وأن المشاورة بالكتاب سنة قديمة في الحوادث الشرعية، ولا شك أن احتمال التزوير في هذا الكتاب اليسير أكثر من احتماله في شرح كبير بخط قديم، ولا سيما إذا رأى عليه خط بعض العلماء، فيتعين الاكتفاء بغلبة الظن، لئلا يلزم هجر معظم
كتب الشريعة من فقه وغيره، لا سيما في مثل زماننا، والله سبحانه أعلم.
قوله: (ولا يطلب القضاء) لما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أنس قال: قال رسول الله (ص): من سأل القضاء وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه ينزل إليه ملك يسدده وأخرج البخاري: قال (ص): يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها وإذا كان كذلك وجب أن لا يحل له لانه معلوم وقوع الفساد منه لانه مخذول.
فتح ملخصا.
قوله: (بقلبه) أراد بهذا أن يفرق بين الطلب والسؤال، فالاول للقلب والثاني للسان كما في المستصفى، وتمامه في النهر.
قوله: (في الخلاصة الخ) أفاد أنه كما لا يحل الطلب لا تحل التولية كما في النهر، وأن ذلك لا يختص بالقضاء بل كل ولاية ولو خاصة كولاية على وقف أو يتيم فهي كذلك كما في البحر.
قوله: (إلا إذا تعين عليه القضاء الخ) استثناء مما في المتن ومما في الخلاصة، أما إذا تعين بأن لم يكن أحد غيره يصلح للقضاء وجب عليه الطلب صيانة لحقوق المسلمين، ودفعا لظلم الظالمين ولم أر حكم ما إذا تعين، ولم يول إلا بمال هل يحل بذله؟ وكذا لم أر جواز عزله، وينبغي أن يحل بذله للمال كما حل طلبه، وأن يحرم عزله حيث تعين، وأن لا يصح.
بحر.
قال في النهر: هذا ظاهر في صحة توليته، وإطلاق المصنف يعني قوله: ولو أخذ القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا يرده.
وأما عدم صحة عزله فممنوع.
قال في الفتح: للسلطان أن يعزل القاضي بريبة، وبلا ريبة ولا ينعزل حتى يبلغه العزل ا ه.
نعم لو قيل لا يحل عزله في هذه الحالة لم يبعد كالوصي العدل ا ه.
قلت: أيضا حيث تعين عليه يخرج عن عهدة الوجوب بالسؤال فإذا منعه السلطان أثم بالمنع، لانه إذا منع الاولى وولى غيره يكون قد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين كما مر في الحديث، وإذا منعه لم يبق واجبا عليه، فبأي وجه يحل له دفع الرشوة.
وقد قال بعض علمائنا: إن(5/506)
فرضية الحج تسقط بدفع الرشوة إلى الاعراب كما قدمناه في بابه، فهذا أولى كما لا يخفى.
وأما صحة عزله فظاهرة لانه وكيل عن السلطان، وإثمه بعزله لا يلزم منه عدم صحة العزل كالوصي العدل المنصوب من جهة القاضي، وأما المنصوب من جهة الميت، فالمعتمد عدم صحة عزله، لكن
الفرق بينه وبين ما نحن فيه أن الوصي خليفة الميت فليس للقاضي عزله، وأما القاضي فهو خليفة عن السلطان وولايته مستمدة منه فله عزله كوصي القاضي، هذا ما ظهر لي.
قوله: (أو كانت التولية مشروطة له) ذكره في النهر بحثا معللا بأنه حينئذ يطلب تنفيذ شرط الواقف ا ه.
قلت: وهذا في الحقيقة ليس طالبا من القاضي أن يوليه، لانه متول بالشرط، بل يريد إثبات ذلك في وجه من يعارضه، ومثله وصي الميت إذا أراد إثبات وصايته، وبهذا سقط قوله في البحر إن ظاهر كلامهم أنه لا تطلب التولية على الوقف ولو كانت بشرط الواقف له لاطلاقهم ا ه.
قوله: (أو ادعى الخ) أي فإن له طلب العود من القاضي الجديد وحين ذلك يقول له القاضي اثبت إنك أهل للولاية ثم يوليه نص عليه الخصاف.
نهر.
قوله: (لخامل الذكر) هو بالخاء المعجمة غير المشهور.
قوله: (ويختار المقلد) بصيغة اسم الفاعل، وقدمنا قبيل قوله: وشرط أهليتها عن الفتح من له ولاية التقليد، والظاهر أن هذا الاختيار واجب لئلا يكون خائنا لله ورسوله وعامة المؤمنين كما مر في الحديث.
قوله: (ولا يكون فظا الخ) الفظ: هو الجافي سيئ الخلق، والغليظ: قاسي القلب، والجبار: من جبره على الامر، بمعنى أجبره: أي لا يجبر غيره على ما لا يريد، والعنيد: المعاند المجانب للحق المعادي لاهله.
بحر عن مسكين.
قوله: (لانه خليفة رسول الله (ص)) أي في إمضاء الاحكام الشرعية.
قوله: (أي أخذ القضاء) هذا يناسب كون العبارة التقلد.
قال في البحر: وهما نسختان: أي في الكنز التقليد: أي النصب من السلطان، والتقلد: أي قبول تقليد القضاء وهي الاولى ا ه.
وهي التي شرح عليها المصنف وقال أيضا إنها أولى.
قلت: ويمكن إرجاع الاولى إلى الثانية بتقدير مضاف: أي قبول التقليد، وهو معنى قول الشارح أي أخذ القضاء.
قوله: (لمن خاف الحيف) فلو كان غالب ظنه أنه يجوز في الحكم ينبغي أن يكون حراما.
بحر.
قوله: (أو العجز) يحتمل أن يراد به العجز عن سماع دعاوي كل الخصوم بأن قدر على البعض فقط، وأن يراد العجز عن القيام بواجباته من إظهار الحق وعدم أخذه الرشوة، فعلى الاول هو مباين، وعلى الثاني أعم.
تأمل.
قوله: (ابن كمال) أي نقلا عن القدوري.
قوله: (وإن تعين له) أي مع خوف الحيف.
قال في الفتح: ومحل الكراهة ما إذا لم يتعين عليه، فإن انحصر صار فرض عين
عليه، وعليه ضبط نفسه، إلا إذا كان السلطان يمكن أن يفصل الخصومات ويتفرع لذلك ا ه.
مطلب: للسلطان أن يقضي بين الخصمين وهذا صريح في أن للسلطان أن يقضي بين الخصمين، وقدمنا التصريح به عن ابن الغرس عند(5/507)
قوله: وحاكم.
قال الرملي: وفي الخلاصة وفي النوازل: أنه لا ينفذ.
وفي أدب القاضي للخصاف: ينفذ وهو الاصح.
وقال القاضي الامام: ينفذ، وهذا أصح، وبه يفتى ا ه.
تنبيه: لو تعين عليه هل يجبر على القبول لو امتنع؟ قال في البحر: لم أره، والظاهر نعم، وكذا جواز جبر واحد من المتأهلين ا ه.
لكن صرح في الاختيار بأن من تعين له يفترض عليه ولو امتنع لا يجبر عليه.
قوله: (والتقلد) أي الدخول فيه عند الامن وعدم التعين.
مطلب: ما كان فرض كفاية يكون أدنى فعله الندب قوله: (والترك عزيمة الخ) هو الصحيح كما في النهر عن النهاية، وبه جزم في الفتح معللا بأن الغالب خطأ ظن من ظن من نفسه الاعتدال، فيظهر منه خلافه، وقيل إن الدخول فيه عزيمة والامتناع رخصة، فالاولى الدخول فيه.
قال في الكفالة: فإن قيل: إذا كان فرض كفاية كان الدخول فيه مندوبا لما أن أدنى درجات فرض الكفاية الندب كما في صلاة الجنازة ونحوها.
قلنا: نعم ذلك، إلا أن فيه خطرا عظيما وأمرا مخوفا لا يسلم في بحره كل سابح، ولا ينجو منه كل طامح، إلا من عصمه الله تعالى وهو عزيز وجوده.
مطلب: أبو حنيفة دعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى ألا ترى أن أبا حنيفة دعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى، حتى ضرب في كل مرة ثلاثين سوطا، فلما كان في المرة الثالثة قال: حتى أستشير أصحابي، فاستشار أبا يوسف فقال: لو تقلدت لنفعت الناس، فنظر إليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى نظر المغضب وقال: أرأيت لو أمرت أن أعبر البحر سباحة أكنت أقدر عليه؟ وكأني بك قاضيا.
وكذا دعي محمد رحمه الله إلى القضاء فأبى حتى قيد وحبس واضطر فتقلد ا ه.
قوله: (ويحرم على غير الاهل) الظاهر أنه ليس المراد بالاهل هنا ما مر في قوله:
وأهله أهل الشهادة لان المراد به من تصح توليته ولو فاسقا أو جائرا أو جاهلا مع قطع النظر عن حله أو حرمته، بل المراد به هنا ما مر في قوله: وينبغي أن يكون موثوقا به في عفافه وعقله الخ ويحتمل أن يراد به الجاهل.
تأمل.
وفي الفتح: وأخرج أبو داود عن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله (ص): القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة: رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار.
قوله: (ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائز) أي الظالم، وهذا ظاهر في اختصاص تولية القضاء بالسلطان ونحوه كالخليفة، حتى لو اجتمع أهل بلدة على تولية واحد القضاء لم يصح، بخلاف ما لو ولوا سلطانا بعد موت سلطانهم كما في البزازية.
نهر.
وتمامه فيه.
قلت: وهذا حيث لا ضرورة، وإلا فلهم تولية القاضي أيضا كما يأتي بعده.
قوله: (ولو كافرا) في التاترخانية: الاسلام ليس بشرط فيه: أي في السلطان الذي يقلد، وبلاد الاسلام التي في أيدي الكفرة لا شك أنها بلاد الاسلام لا بلاد الحرب، لانهم لم يظهروا فيها حكم الكفر والقضاة مسلمون والملوك الذين يطيعونهم عن ضرورة مسلمون، ولو كان عن غير ضرورة منهم ففساق، وكل مصر(5/508)
فيه وال من جهتهم تجوز فيه إقامة الجمع والاعياد، وأخذ الخراج وتقليد القضاة وتزويج الايامى لاستيلاء المسلم عليه، وأما إطاعة الكفر فذاك مخادعة.
وأما بلاد عليها ولاة كفار فيجوز للمسلمين إقامة الجمع والاعياد، ويصير القاضي قاضيا بتراضي المسلمين، فيجب عليهم أن يلتمسوا واليا مسلما منهم ا ه.
وعزاه مسكين في شرحه إلى الاصل، ونحوه في جامع الفصولين.
مطلب في حكم تولية القضاء في بلاد تغلب عليها الكفار وفي الفتح: وإذا لم يكن سلطان ولا من يجوز التقلد منه كما هو في بعض بلاد المسلمين غلب عليهم الكفار كقرطبة الآن، يجب على المسلمين أن يتفقوا على واحد منهم يجعلونه واليا فيولي قاضيا، ويكون هو الذي يقضي بينهم، وكذا ينصبوا إماما يصلي بهم الجمعة ا ه.
وهذا هو الذي تطمئن النفس إليه فليعتمد.
نهر.
والاشارة بقوله: وهذا إلى ما أفاده كلام الفتح من عدم صحة تقلد القضاء من كافر
على خلاف ما مر عن التاترخانية، ولكن إذا ولي الكافر عليهم قاضيا ورضيه المسلمون صحت توليته بلا شبهة.
تأمل.
ثم إن الظاهر أن البلاد التي ليست تحت حكم سلطان، بل لهم أمير منهم مستقل بالحكم عليهم بالتغلب أو باتفاقهم عليه يكون ذلك الامير في حكم السلطان فيصح منه تولية القاضي عليهم.
قوله: (ومن سلطان الخوارج وأهل البغي) تقدم الفرق بينهما في باب البغاة.
قوله: (صح العزل) فإذا ولي سلطان البغاة باغيا وعزل العدل ثم ظهرنا عليهم احتاج قاضي أهل العدل إلى تجديد التولية.
نهر.
قوله: (نفذه) أي حيث كان موافقا أو مختلفا فيه كما في سائر القضاة، وهو مصرح به في فصول العمادي، ويدل بمفهومه على أن القاضي لو كان من البغاة فإن قضاياه تنفذ كسائر فساق أهل العدل، لان الفاسق يصلح قاضيا في الاصح، وذكر في الفصول ثلاثة أقوال فيه: الاول ما ذكرنا وهو المعتمد.
الثاني عدم النفاذ، فإذا رفع إلى العادل لا يمضيه.
الثالث حكمه حكم المحكم بمضية لو وافق رأيه وإلا أبطله ا ه بحر.
قوله: (وبه جزم الناصحي) لكن قد علمت ما هو المعتمد.
مطلب في العمل بالسجلات وكتب الاوقاف القديمة قوله: (فإذا تقلد طلب ديوان قاض قبله) في القاموس: الديوان ويفتح: مجتمع الصحف، والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية، وأول من وضعه عمر رضي الله تعالى عنه، جمعه دواوين ودياوين ا ه.
فقوله مجتمع الصحف بمعنى قول الكنز: وهو الخرائط التي فيها السجلات والمحاضر وغيرها.
والخرائط جمع خريطة شبه الكيس، وقول الشارح يعني السجلات تفسير بالمعنى الثاني، وقول البحر تبعا لمسكين إن ما في الكنز مجاز لان الديوان نفس السجلات والمحاضر لا الكيس فيه نظر، فافهم.
والسجل لغة: كتاب القاضي، والمحاضر جمع محضر.
وفي الدرر: أن المحضر ما كتب فيه ما جرى بين الخصمين من إقرار أو إنكار والحكم ببينة أو نكول على وجه يرفع الاشتباه، وكذا السجل، والصك: ما كتب فيه البيع والرهن والاقرار وغيرها، والحجة والوثيقة يتناولان الثلاثة ا ه.
والعرف الآن ما كتب في الواقعة وبقي عند القاضي وليس عليه خطه، والحجة ما عليه علامة القاضي(5/509)
أعلاه وخط الشاهدين أسفله وأعطى للخصم بحر ملخصا.
وإنما يطلبه لان الديوان وضع ليكون
حجة عند الحاجة فيجعل في يده من له ولاية القضاء، وما في يد الخصم لا يؤمن عليه التغيير بزيادة أو نقصان، ثم إن كانت الاوراق من بيت المال فلا إشكال في وجوب تسليمها إلى الجديد، وكذ لو من مال الخصوم أو من مال القاضي في الصحيح لانهم وضعوها في يد القاضي لعمله، وكذا القاضي يحمل على أنه عمل ذلك تدينا لا تمولا، وتمامه في الزيلعي.
تنبيه: مفاد قول الزيلعي: ليكون حجة عند الحاجة، ومثله في الفتح: أنه يجوز للجديد الاعتماد على سجل المعزول مع أنه يأتي أنه لا يعمل بقول المعزول.
وفي الاشباه: لا يعتمد على الخط ولا يعمل بمكتوب الوقف الذي عليه خطوط القضاة الماضين.
لكن قال البيري: المراد من قوله لا عتمد: أي لا يقضي القاضي بذلك عند المنازعة، لان الخط مما يزور ويفتعل كما في مختصر الظهيرية وليس منه ما في الاجناس بنص، وما وجده القاضي بأيدي القضاة الذين كانوا قبله لها رسوم في دواوين القضاة أجريت على الرسوم الموجودة في دواوينهم، وإن كان الشهود الذين شهدوا عليها قد ماتوا.
قال الشيخ أبو العباس: يجوز الرجوع في الحكم إلى دواوين من كان قبله من الامناء اه: أي لان سجل القاضي لا يزور عادة، حيث كان محفوظا عند الامناء، بخلاف ما كان بيد الخصم.
وقدمنا في الوقف عن الخيرية أنه إن كان للوقف كتاب في سجل القضاة وهو في أيديهم اتبع ما فيه استحسانا إذا تنازع أهله فيه، وصرح أيضا في الاسعاف وغيره بأن العمل بما في دواوين القضاة استحسان، والظاهر أن وجه الاستحسان ضرورة إحياء الاوقاف ونحوها عند تقادم الزمان، بخلاف السجل الجديد لامكان الوقوف على حقيقة ما فيه بإقرار الخصم أو البينة، فلذا لا يعتمد عليه، وعلى هذا فقول الزيلعي: ليكون حجة عند الحاجة معناه: عند تقادم الزمان، وبهذا يتأيد ما قاله المحقق هبة الله البعلي في شرحه على الاشباه بعد ما مر عن البيري من أن هذا صريح في جواز العمل بالحجة، وإن مات شهودها حيث كان مضمونها ثابتا في السجل المحفوظ اه.
لكن لا بد من تقييده بتقادم العهد كما قلنا توفيقا بين كلامهم، ويأتي تمام الكلام على الخط في باب كتاب القاضي، وانظر ما كتبناه في دعوى تنقيح الفتاوى الحامدية.
قوله: (ونظر في حال المحبوسين إلخ) بأن يبعث إلى السجن من يعدهم بأسمائهم ثم يسأل عن سبب حبسهم، ولا بد أن يثبت عنده سبب وجوب حبسهم، وثبوته عند الاول ليس بحجة يعتمدها الثاني في
حبسهم، لان قوله لم يبق حجة، كذا في الفتح.
نهر.
قوه: (وإلا أطلقه) أي إن لم يكن له قضية، وعبارة النهر عن كتاب الخراج لابي يوسف: فمن كان منهم من أهل الدعارة والتلصص والجنايات ولزمه أدب أدبه، ومن لم يكن له قضية خلي سبيله.
قوله: (أو قامت عليه بينة) أعم من أن تشهد بأصل الحق أو بحكم القاضي عليه.
بحر.
قوله: (ألزمه الحبس) أي أدام حبسه.
بحر.
قوله: (وقبيل الحق) قائله في الفتح حيث قال: من اعترف بحق ألزمه إياه ورده إلى السجن، واعترضه في البحر بأنه لو اعترف بأنه أقر عند المعزول بالزنا لا يعتبر لانه بطل، بل يستقبل الامر فإن أقر أربعا في أربعة مجالس حده ا ه.
وفي أن المتبادر من الحق حق العبد.
قوله: (وإلا) أي وإن لم يقر بشئ ولم تقم عليه(5/510)
بينة بل ادعى أنه حبس ظلما.
نهر قوله: (نادى عليه) ويقول المنادي: من كان يطالب فلان بن فلان الفلاني بحق فليحضر.
زيلعي.
قوله: (فإن أبى) عن إعطاء الكفيل وقال: لا كفيل لي.
بحر.
قوله: (نادى عليه شهرا) أي يستأنفه بعد مدة المناداة الاولى.
قوله: (في الودائع) أي ودائع اليتامي.
نهر.
قوله: (ببينة) أي يقيمها الوصي مثلا على من هي تحت يده أنها ليتيم فلان أو ناظر الوقف أن هذه الغلة لوقف فلان، وكأنه مبني على عرفهم من أن الكل تحت يد أمين القاضي، وفي زماننا أموال الاوقاف تحت يد نظارها وودائع اليتامى تحت يد الاوصياء، ولو فرض أن المعزول وضع ذلك تحت يد أمين عمل القاضي بما ذكر.
نهر.
قوله: (المولى) بتشديد اللام المفتوحة: أي القاضي الجديد.
قوله: (درر) ومثله في الهداية وغيرها.
قوله: (ومفاده) أي مفاد قوله: خصوصا بفعل نفسه وأصل البحث لصاحب البحر، وقد رأيته صريحا في كافي الحاكم ونصه: وإذا عزل عن القضاء ثم قال كنت قضيت لهذا على هذا بكذا وكذا لم يقبل قوله فيه، وإن شهد مع آخر لم تقبل شهادته حتى يشهد شاهدان سواه ا ه.
ومثله في القهستاني عن المبسوط.
قوله: (وتبعه ابن نجيم) أي في فتاواه، وأما ما ذكره في بحره فقد علمت موافقته لما في النهر، وعبارة فتاواه التي رتبها له تلميذه المصنف هكذا: سئل عن الحاكم إذا أخبر حاكما آخر بقضية هل يكتفي بإخباره، ويسوغ له الحكم بذلك أم لا بد من شاهد آخر معه؟ أجاب: لا يكتفي بإخباره ولا بد من شاهد آخر معه.
قال المرتب لهذه الفتاوى:
وقد تبع شيخنا في ذلك ما أفتى به الشيخ سراج الدين قارئ الهداية، ولا شك أن هذا قول محمد، وأن الشيخين قالا بقبول إخباره عن إقراره بشئ مطلقا إذا كان لا يصح رجوعه عنه، ورافقهما محمد ثم رجع عنه وقال: لا يقبل إلا بضم رجل آخر عدل إليه، وهو المراد بقول من روى عنه أنه لا يقبل مطلقا، ثم صح رجوعه قولهما كما في البحر، ثم قال: وأما إذا أخبر القاضي بإقراره عن شئ يصح رجوعه كالحد لم يقبل قوله بالاجماع، وإن أخبر عن ثبوت الحق بالبينة فقال قامت بذلك بينة وعدلوا أو قبلت شهادتهم على ذلك يقبل في الوجهين جميعا، انتهى كلامه.
انتهى ما في الفتاوى.
أقول: وحاصله أن القاضي لو أخبر عن إقراره رجل بما لا يصح رجوعه عنه كبيع أو قرض مثلا يقبل عندهما مطلقا، ووافقهما محمد أولا ثم رجع وقال: لا يقبل ما لم يشهد معه آخر، ثم صح رجوعه إلى قولهما بالقبول مطلقا كما لو أخبر عن حكمه بثبوت حق بالبينة، فعلى هذا لم يبق خلاف في قبول قول القاضي، ولا يخفى أن كلامنا في المعزول وهذا في المولى كما يعلم من شرح أدب القضاء وكذا مما سيأتي قبيل كتاب الشهادات عند قوله: ولو قال قاض عدل قضيت على هذا بالرجم الخ وبه يشعر أصل السؤال حيث عبر بالحاكم وعبارة قارئ الهداية كذلك، وبه علم أن الاستدراك على ما في النهر في غير محله.
قوله: (فيقبل قوله) أي قول المعزول، وشمل ثلاث صور: ما إذا قال ذو اليد بعد إقرار بتسليم القاضي المعزول إليه إنها لزيد الذي أقر له المعزول، أو قال إنها لغيره، أو قال لا أدري.
لانه في هذه الثلاث ثبت بإقراره أنه مودع المعزول، ويد المودع كيده فصار كأنه في يد(5/511)
المعزول فيقبل إقراره به كما في الزيلعي، بخلاف ما إذا أنكر ذو اليد التسليم فإنه لا يقبل قول المعزول كما في البحر.
قوله: (فيسلم للمقر له الاول) لانه لما بدأ بالاقرار صح إقراره ولزم لانه أقر بما هو في يده، فلما قال دفعه إلى القاضي فقد أقر أن اليد كانت للقاضي يقر به لآخر فيصير هو بإقراره متلفا لذلك على من أقر له القاضي.
فتح.
ثم قال: فرع يناسب هذا: لو شهد شاهدان أن القاضي قضى لفلان على فلان بكذا وقال القاضي لم أقض بشئ لا تجوز شهادتهما عندهما ويعتبر قول القاضي.
وعند محمد: تقبل وينفذ ذلك ا ه.
وقدمنا عن البحر أنه في جامع الفصولين رجح قول
محمد لفساد الزمان.
قوله: (ويقضي في المسجد) وبه قال أحمد ومالك في الصحيح عنه خلافا للشافعي له أن القضاء بحضرة المشرك وهو نجس بالنص، وقد طال في الفتح في الاستدلال للمذهب ثم قال: وأما نجاسة المشرك ففي الاعتقاد على معنى التشبيه، والحائض يخرج إليها أو يرسل نائبه كما لو كانت الدعوى في دابة، وتمام الفروع فيه وفي البحر.
قوله: (ويستدبر) أي ندبا كما في الذي قبله ط.
مطلب في أجرة المحضر قوله: (وأجرة المحضر الخ) بضم أوله وكسر ثالثه: هو من يحضر الخصم، وعبارة البحر هكذا.
وفي البزازية: ويستعين بأعوان الوالي على الاحضار وأجرة الاشخاص في بيت المال، وقيل على المتمرد في المصر من نصف درهم إلى درهم، وفي خارجه لكل فرسخ ثلاثة دراهم أو أربعة، وأجرة الموكل على المدعي وهو الاصح.
وفي الذخيرة: أنه المشخص وهو المأمور بملازمة المدعى عليه ا ه.
والاشخاص بالكسر بمعنى الاحضار، فقد فرق بين المحضر وبين الملازم، وهذا غير ما نقله الشارح، فتأمل.
وفي منية المفتي: مؤنة المشخص قيل في بيت المال، وفي الاصح على المتمرد ا ه.
وهذا ما في الخانية.
والحاصل: أن الصحيح أن أجرة المشخص بمعنى الملازم على المدعي، وبمعنى الرسول المحضر على المدعى عليه لو تمرد بمعنى امتنع عن الحضور، وإلا فعلى المدعي.
هذا خلاصة ما في شرح الوهبانية.
قوله: (أو في داره) لان العبادة لا تتقيد بمكان، والاولى أن تكون الدار في وسط البلد كالمسجد.
نهر.
مطلب في هدية القاضي قوله: (ويرد هدية) الاصل في ذلك ما في البخاري، عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي (ص) رجلا من الازد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا لي، قال عليه الصلاة والسلام: هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدي له أم لا؟ قال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية على عهد رسول الله (ص) هدية واليوم رشوة.
ذكره البخاري.
واستعمل عمر أبا هريرة فقدم بمال، فقال له من أين لك هذا، قال تلاحقت الهدايا، فقال له عمر: أي عدو الله(5/512)
هلا قعدت في بيتك فتنظر أيهدي لك أم لا؟ فأخذ ذلك منه، وجعله في بيت المال.
وتعليل النبي (ص) دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية.
فتح.
قال في البحر: وذكر الهدية ليس احترازيا، إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية ا ه.
قلت: ومقتضاه أنه يحرم عليه سائر التبرعات، فتحرم المحاباة أيضا ولذا قالوا له: أخذ أجرة كتابة الصك بقدر أجر المثل، فإن مفاده أنه لا يحل له أخذ الزيادة لانها محاباة، وعلى هذا فما يفعله بعضهم من شراء الهدية بشئ يسير أو بيع الصك بشئ كثير لا يحل، وكذا ما يفعله بعضهم حين أخذ المحصول من أنه يبيع به الدافع دواة أو سكينا أو نحو ذلك لا يحل، لانه إذا حرم الاستقراض والاستعارة فهذا أولى.
قوله: (وهي الخ) عزاه في الفتح إلى شرح الاقطع.
قوله: (وضعها في بيت المال) أي إلى أن يحضر صاحبها فتدفع له بمنزلة اللقطة كما في الفتح.
قوله: (وفيها الخ) أي في التاترخانية، وهذا مخالف لما ذكره أولا فيها في حق الامام، ويؤيد الاول ما مر عن الفتح من أن تعليل النبي (ص) دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية، وكذا قوله: وكل من عمل للمسلمين عملا حكمه في الهدية حكم القاضي ا ه.
مطلب في حكم الهدية للمفتي واعترضه في البحر بما ذكره الشارح عن التاترخانية وبما في الخانية من أنه يجوز للامام والمفتي قبول الهدية وإجابة الدعوة الخاصة، ثم قال: إلا أن يراد بالامام إمام الجامع: أي وأما الامام بمعنى الوالي فلا تحل الهدية فلا منافاة، وهذا هو المناسب للادلة ولانه رأس العمال، قال في النهر: والظاهر أن المراد بالعمل ولاية ناشئة عن الامام أو نائبه كالساعي والعاشر ا ه.
قلت: ومثلهم مشايخ القرى والحرف وغيرهم ممن لهم قهر وتسلط على من دونهم، فإنه يهدى إليهم خوفا من شرهم أو ليروج عندهم، وظاهر قوله: ناشئة عن الامام الخ دخول المفتي إذا كان منصوبا من طرف الامام أو نائبه، لكنه مخالف لاطلاقهم جواز قبول الهدية له، وإلا لزم كون إمام الجامع والمدرس المنصوبين من طرف الامام كذلك، إلا أن يفرق بأن المفتي يطلب منه المهدي المساعدة
على دعواه ونصره على خصمه فيكون بمنزلة القاضي، لكن يلزم من هذا الفرق أن المفتي لو لم يكن منصوبا من الامام يكون كذلك فيخالف ما صرحوا به من جوازها للمفتي، فإن الفرق بينه وبين القاضي واضح، فإن القاضي ملزم وخليفة عن رسول الله (ص) في تنفيذ الاحكام، فأخذه الهدية يكون رشوة على الحكم الذي يؤمله المهدي ويلزم منه بطلان حكمه، والمفتي ليس كذلك، وقد يقال: إن مرادهم بجوازها للمفتي إذا كانت لعلمه لا لاعانته للمهدي بدليل التعليل الذي نقله الشارح، فإذا كانت لاعانته صدق عليها حد الرشوة، لكن المذكور في حدها شرط الاعانة.
وقدمنا عن الفتح عن الاقضية أنه لو أهداه ليعينه عند السلطان بلا شرط لكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي ليعينه فمشايخنا على أنه لا بأس به الخ.
وهذا يشمل ما إذا كان من العمال أو غيرهم.(5/513)
وعن هذا قال في جامع الفصولين: القاضي لا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدي إليه ويكون ذلك بمنزلة الشرط، ثم قال أقول: يحالفه ما ذكر في الاقضية الخ.
قلت: والظاهر عدم المخالفة، لان القاضي منصوص على أنه لا يقبل الهدية على التفصيل الآتي، فما في الاقضية مفروض في غيره، فيحتمل أن يكون المفتي مثله في ذلك ويحتمل أن يكون، والله سبحانه أعلم بحقيقة الحال.
ولا شك أن عدم القبول هو المقبول.
ورأيت في حاشية شرح المنهج للعلامة محمد الداودي الشافعي ما نصه: قال ع ش: ومن العمال مشايخ الاسواق والبلدان ومباشرو الاوقاف، وكل من يتعاطى أمرا يتعلق بالمسلمين انتهى.
قال م ر في شرحه: ولا يلحق بالقاضي فيما ذكر المفتي والواعظ ومعلم القرآن والعلم، لانهم ليس لهم أهلية الالزام، والاولى في حقهم إن كانت الهدية لاجل ما يحصل منهم من الافتاء والوعظ والتعليم عدم القبول ليكون علمهم خالصا لله تعالى، وإن أهدى إليهم تحببا وتوددا لعلمهم وصلاحهم فالاولى القبول.
وأما إذا أخذ المفتي الهدية ليرخص في الفتوى: فإن كان بوجه باطل فهو رجل فاجر يبدل أحكام الله تعالى ويشتري بها ثمنا قليلا، وإن كان بوجه صحيح فهو مكروه كراهة شديدة انتهى هذا كلامه وقواعدنا لا تأباه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما إذا أخذ لا ليرخص له بل لبيان الحكم الشرعي، فهذا ما ذكره أولا، وهذا إذا لم يكن
بطريق الاجرة بل مجرد هدية، لان أخذ الاجرة على بيان الحكم الشرعي لا يحل عندنا، وإنما يحل على الكتابة لانها غير واجبة عليه، والله سبحانه أعلم.
قوله: (السلطان والباشا) عزاه في الاشباه إلى تهذيب القلانسي.
قال الحموي: وفيه فصول، إذ لا يشمل القاضي الذي يتولى منه، وهو قاضي العسكر لقضاة الاقطار.
وعبارة القلانسي: ولا يقبل الهدية إلا من ذي رحم محرم أو وال يتولى الامر منه أو وال مقدم الولاية على القضاء، ومعناه أنه يقبل الهدية من الوالي الذي تولى القضاء منه وكذا من وال مقدم عليه في الرتبة، فإنه يشمل القاضي الذي تولى منه والباشا، ووجهه أن منع قبولها إنما هو للخوف من مراعاته لاجلها، وهو إن راعى الملك ونائبه لم يراعه لاجلها.
قوله: (المحرم) هذا القيد لا بد منه ليخرج ابن العم.
نهر.
قوله: (أو ممن جرت عادته بذلك) قال في الاشباه: ولم أر بماذا تثبت العادة ونقل الحموي عن بعضهم: إنها تثبت بمرة، ثم إن ظاهر العطف أن قبولها من القريب غير مقيد بجري العادة منه، وهو ظاهر إطلاق القدوري والهداية.
وفي النهاية عن شيخ الاسلام أنه قيد فيه أيضا، وتمامه في النهر.
قوله: (بقدر عادته) فلو زاد لا يقبل الزيادة.
وذكر فخر الاسلام: إلا أن يكون مال المهدي قد زاد، فبقدر ما زاد ماله إذا زاد في الهدية لا بأس بقبولها، فتح.
قال في الاشباه: وظاهر كلامه أنه زاد في القدر، فلو في المعنى كأن كانت عادته إهداء ثوب كتان فأهدى ثوبا حريرا لم أره لاصحابنا، وينبغي وجوب رد الكل لا بقدر ما زاد في قيمة لعدم تمييزها، ونظر فيه في حواشي الاشباه.
تنبيه في الفتح: ويجب أن تكون هدية المستقرض للمقرض كالهدية للقاضي إن كان المستقرض له عادة قبل استقراضه فللمقرض أن يقبل منه قدر ما كان يهديه بلا زيادة ا ه.
قال في البحر: وهو سهو، والمنقول كما قدمناه آخر الحوالة أنه يحل حيث لم يكن مشروطا مطلقا ا ه.
وأجاب المقدسي بأن كلام المحقق في الفتح مبني على مقتضى الدليل.
قوله: (ولا خصومة لهما)(5/514)
فإن قبلها بعد انقطاع الخصومة جاز.
ابن ملك.
وذكره في النهر بحثا.
وفي ط عن الحموي: إلا أن يكون ممن لا تتناهى خصوماته كنظار الاوقاف ومباشريها ا ه.
قال في البحر: والحاصل أن من له خصومة لا يقبلها مطلقا، ومن لا خصومة له: فإن كان له عادة قبل القضاء قبل المعتاد، وإلا فلا ا ه: أي سواء كان محرما أو غيره على ما مر عن شيخ الاسلام.
قوله: (دعوة خاصة) الدعوة إلى الطعام بفتح الدال عند أكثر العرب وبعضهم يكسرها كما في المصباح، فلو عامة له حضورها لولا خصومه لصاحبها كما في الفتح.
قوله: (وهي الخ) هذا هو المصحح في تفسيرها، وقيل العامة دعوة العرس والختان وما سواهما خاصة.
وقيل إن كانت لخمسة إلى عشرة فخاصة، وإن لاكثر فعامة، وتمامه في البحر والنهر.
قوله: (وقيل هي كالهدية) ظاهر الفتح اعتماده، فإنه قال بعد الكلام: فقد آل الحال إلى أنه لا فرق بين القريب والغريب في الهدية والضيافة، وكذا قال في البحر: الاحسن أن يقال: ولا يقبل هدية ودعوة خاصة إلا من محرم أو ممن له عادة، فإن للقاضي أن يجيب الدعوة الخاصة من أجنبي له عادة باتخاذها كالهدية، فلو كان من عادته الدعوة له في كل شهر مرة فدعاه كل أسبوع بعد القضاء لا يجيبه، ولو اتخذ له طعاما أكثر من الاول لا يجيبه إلا أن يكون ماله قد زاد، كذا في التاترخانية.
قوله: (ولا يجيب دعوة خصم) هو ما ذكره في شرح المجمع لابن ملك، وقدمناه عن الفتح، وقوله: وغير معتاد هو ما ذكره في السراج كما عزاه إليه المصنف في المنح، وهذا لا يناسب القيل المذكور قبله، لانه يلزم أن تكون العامة كالخاصة، وهو خلاف تقييدهم المنع بالخاصة فقط.
تأمل.
قوله: (ويعود المريض) إلا أنه لا يطيل المكث عنده.
بحر.
قوله: (إن لم يكن لهما ولا عليهما دعوى) الذي في الفتح وغيره الاقتصار على ذكر المريض.
تأمل.
قوله: (ويسوي وجوبا بين الخصمين الخ) إطلاقه يعم الصغير والكبير والخليفة والرعية والدنئ والشريف والاب والابن والمسلم والكافر، إلا إذا كان المدعى عليه هو الخليفة ينبغي للقاضي أن يقوم من مقامه، وأن يجلسه مع خصمه، ويقعد هو على الارض ثم يقضي بينهما، ولا ينبغي أن يجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، لان لليمين فضلا ولذا كان النبي (ص) يخص به الشيخين، بل المستحب باتفاق أهل العلم أن يجلسهما بين يديه كالمتعلم بين يديه معلمه، ويكون بعدهما عنه قدر ذراعين أو نحوهما، ولا يمكنهما من التربع ونحوه، ويكون أعوانه قائمة بين يديه.
وأما قيام الاخصام بين يديه فليس معروفا، وإنما حدث لما فيه من الحاجة إليه والناس مختلفو الاحوال والادب، وقد
حدث في هذا الزمان أمور وسفهاء، فيعمل القاضي بمقتضى الحال، كذا في الفتح: يعني فمنهم من لا يستحق الجلوس بين يديه ومنهم من يستحق، فيعطي كل إنسان ما يستحقه.
بقي ما لو كان أحدهما يستحقه دون الآخر وأبى الآخر إلا القيام لم أر المسألة، وقياس ما في الفتح أن القاضي لا يلتفت إليه.
نهر.
قوله: (وإقبالا) أي نظرا.
قهستاني.
والاولى تفسيره بالتوجيه إليه صورة أو معنى لئلا يتكرر بما بعده.
قوله: (ويمتنع من مساواة أحدهما) أي يجتنب التكلم معه خفية، وكذا القائم بين يديه كما في الولوالجية، وهو الجلواز الذي يمنع الناس من التقدم إليه بل يقيمهم بين يديه على البعد ومعه سوط(5/515)
والشهود يقربون.
نهر.
قوله: (والاشارة إليه) مستدرك بما قبله ط.
قوله: (ورفع صوته عليه) ينبغي أن يستثني ما لو كان بسبب كإساءة أدب ونحوه.
قوله: (لو فعل ذلك) أي الضيافة.
وقال في النهر أيضا، وقياسه أنه لو سارهما أو أشار إليهما معا جاز.
قوله: (ولا يمزح) أي يداعب في الكلام من باب نفع.
قوله: (في مجلس الحكم) أما في غيره فلا يكثر منه لانه يذهب بالمهابة.
بحر.
قوله: (عيني) عبارته: وعن الثاني في رواية والشافعي في وجه: لا بأس بتلقين الحجة ا ه.
وظاهره ضعفها.
بل ظاهر الفتح أن هذا في تلقين الشاهد لا الخصم كما يأتي.
نعم في البحر عن الخانية: ولو أمر القاضي رجلين ليعلماه الدعوى والخصومة فلا بأس به خصوصا على قول أبي يوسف.
قوله: (واستحسنه أبو يوسف) قال في الفتح، وعن أبي يوسف وهو وجه للشافعي: لا بأس به لمن استولته الحيرة أو الهيبة فترك شيئا من شرائط الشهادة فيعينه بقوله أتشهد بكذا وكذا بشرط كونه في غير موضع التهمة، أما فيها بأن ادعى المدعي ألفا وخمسمائة والمدعى عليه ينكر الخمسمائة وشهد الشاهد بألف فيقول القاضي يحتمل أنه أبرأ من الخمسمائة واستفاد الشاهد بذلك علما فوفق في شهادته كما وفق القاضي، فهذا لا يجوز بالاتفاق كما في تلقين أحد الخصمين ا ه ثم ذكر أن ظاهر الهداية ترجيح قول أبي يوسف ا ه.
وحكاية الرواية في تلقين الشاهد والاتفاق في تلقين أحد الخصمين ينفي ما مر عن العيني.
تأمل.
قوله: (لزيادة تجربته) قدمنا عن الكفاية أن محمدا تولى القضاء أيضا، وذكر عبد القادر في طبقاته
أن الرشيد ولاه قضاء الرقة ثم عزله وولاه قضاء الري ا ه.
والظاهر أن مدته لم تطل، ولذا لم يشتهر بالقضاء كما اشتهر أبو يوسف، فلم يحصل له من التجربة ما حصل لابي يوسف، لانه كان قاضي المشرق والمغرب وزيادة التجربة تفيد زيادة علم.
قال الحموي: قال مجد الائمة الترجماني: والذي يؤيده ما ذكره في الفتاوى أن أبا حنيفة كان يقول: الصدقة أفضل من حج التطوع، فلما حج وعرف مشاقه رجع وقال: الحج أفضل ا ه.
قوله: (حتى بالقلب) أي لم يحصل منه ميل قلبه إلى عدم التسوية بين الخصمين بقرينة الاستثناء.
قوله: (قلت ومفاده الخ) قال في الفتح: والدليل عليه قضية شريح مع علي، فإنه قام وأجلس عليا مجلسه ا ه.
قوله: (وسيجئ) أي في آخر باب كتاب القاضي.
قوله: (بلسان لا يعرفه الآخر) لانه كالمسارة.
قوله: (أحكم بينكما) أي ويقولان: نعم احكم بيننا.
قوله:(5/516)
(لم يلزمه) أفاد أنه لو استأنف براءة لعرضه لا بأس به.
قوله: (نسخة السجل) أي كتاب القاضي الذي فيه حكمه المسمى الآن بالحجة.
قوله: (ألزمه القاضي بذلك) الظاهر أن الاشارة للعرض على العلماء، لان السجل: أي الحجة لو كان ملكه لا يلزمه دفعه للمقضى عليه.
تأمل.
قوله: (وفي الفتح الخ) حيث قال: وفي المبسوط ما حاصله: أنه ينبغي للقاضي أن يعتذر للمقضى عليه ويبين له وجه قضائه ويبين له أنه فهم حجته، ولكن الحكم في الشرع كذا يقتضي القضاء عليه فلم يمكن غيره، ليكون ذلك أدفع لشكايته للناس، ونسبته إلى أنه جار عليه ومن يسمع يخل فربما تفسد العامة عرضه وهو برئ، وإذا أمكن إقامة الحق مع عدم إيغار الصدور كان أولى ا ه.
وفي الصحاح: الوغر: شدة توقد الحر، ومنه: قيل في صدره علي وغر بالتسكين: أي ضغن وعداوة وتوقد من الغيظ.
قوله: (قصص الخصوم) جمع قصة، وهي بالفتح: الحصة، والمراد بها هنا: ورقة يكتب فيها قضيته مع خصمه ويسمى الآن عرض الحال.
قوله: (لا) أي لان كلامه بلسانه أحسن من كتابته.
قوله: (ولا يأخذ بما فيها) عبارة غيره.
ولا يؤاخذ: أي لا يؤاخذ صاحبها بما كتبه فيها من إقرار ونحوه ما لم يقر بذلك صريحا، لانه لا عبرة بمجرد الخط فافهم، والله سبحانه أعلم.
فصل في الحبس
هو من أحكام القضاء، إلا أنه لما اختص بأحكام كثيرة أفره بفصل على حدة.
نهر.
وهو لغة: المنع مصدر حبس كضرب.
، ثم أطلق على الموضع وترجم المصنف له وزاد فيه مسائل أخر من أحكام القضاء ذكرها في الهداية في فصل على حدة، فكان الاولى أن يقول: في الحبس وغيره كما قال في باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره.
قوله: (هو مشروع الخ) أراد أنه مشروع بالكتاب والسنة.
زاد الزيلعي: والاجماع لان الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا عليه قوله: * (أو ينفوا من الارض) * (المائدة: 33) فإن المراد بالنفي الحبس كما تقدم في قطاع الطريق ا ه ح.
قوله: (وأحدث السجن علي) أي أحدث بناء سجن خاص فلا ينافي ما قالوا أيضا من أنه لم يكن في عهده (ص) وأبي بكر سجن، إنما كان يحبس في المسجد أو الدهليز حتى اشترى عمر رضي الله تعالى عنه دارا بمكة بأربعة آلاف درهم واتخذه محبسا.
قوله: (من مدر) بالتحريك: قطع الطين اليابس(5/517)
والحجارة كما في القاموس.
قوله: (بفتح الياء) أي المثناة التحتية مشددة والعجب مما في البحر والنهر والمنح من ضبط بالتاء المثناة الفوقية، وقد ذكره في القاموس في الاجوف اليائي فقال: المخيس كمعظم السجن، وسجن بناه علي رضي الله تعالى عنه.
قوله: (كيسا) قال في المصباح: الكيس وزان فلس: الظرف والفطنة.
وقال ابن الاعرابي: العقل، ويقال إنه مخفف من كيس مثل هين وهين، والاول أصح لانه مصدر من كاس كيسا من باب باع، وأما المثقل فاسم فاعل، والجمع أكياس مثل جيد وأجياد ا ه.
وفي الفتح: الكيس: أي مخففا: حسن التأني في الامور، والكيس المنسوب إليه الكيس ا ه.
قوله: (وأمينا) أراد به السجان الذي نصبه فيه.
فتح.
وعليه فعطفه على ما قبله: نظير علفتها تبنا وماء باردا فيراد بقوله: بنيت اتخذت، وما قيل من أنه يصح كونه وصفا لمخيسا كالذي قبله لا يناسبه قول كيسا، فافهم.
قوله: (صفته) الضمير للحبس بالمعنى المصدري، فلذا قال: أن يكون بموضع أي في موضع، فافهم.
قوله: (ولا وطاء) على وزن كتاب المهاد الوطئ.
مصباح.
وفيه: والمهد والمهاد: الفراش.
وفي القاموس عن الكسائي: إن الوطاء خلاف الغطاء.
قلت: فإن أريد به المهاد الوطئ: أي اللين السهل فهو أخص مما قبله، وكذا إن أريد به ما ينام عليه، وهو خلاف الغطاء، قوله: (ومفاده) أي مفاد قوله: ليضجر.
قوله: (ولا يمكن) بالبناء للمجهول مع التشديد.
قوله: (ولا يمكثون عنده طويلا) أي بحيث يحصل له الاستئناس بهم، بل بقدر ما يحصل به المقصود من المشاورة.
مطلب: لا تحبس زوجته معه لو حبسته قوله: (ومفاده) أي مفاد قوله: للاستئناس.
وفي النهر: إذا احتاج للجماع دخلت عليه زوجته أو أمته إن كان فيه موضع سترة.
وفيه دليل على أن زوجته لا تحبس معه لو كانت هي الحابسة له، وهو الظاهر ا ه.
وأنت خبير بأن الاستدلال على المسألة بما قاله الشارح أولى مما في النهر، لان عدم دخول أحد عليه للاستئناس أصرح بعدم حبسها معه، إذ في حبسها معه غاية الاستئناس له مع كون المقصود من ذلك الضجر ليوفي دينه، وإذا كانت هي الحابسة له وقلنا بجواز حبسها معه لا يحصل المقصود، بل يحصل ضده وهو ضجرها لتخرجه من الحبس حتى تخرج معه، ففي ذلك أيضا دليل على أنها لا تحبس معه لو هي الحابسة وليس فيما قاله في النهر ما يدل على ذلك أيضا، فلذا عدل الشارح عن كلام النهر: فقد ظهر أنه ليس في عدوله عنه خلل، بل الخلل في متابعته له فافهم.
ثم إن الظاهر أن المقصود بهذا الرد على من قال إنها تحبس معه.
وفي البحر عن الخلاصة: فإذا حبست المرأة زوجها لا تحبس معه.
وفيه عن البزازية وغيرها: إذا خيف عليها الفساد استحسن المتأخرون أن تحبس معه ا ه.(5/518)
وحاصله: أنها إذا حبسته وكانت من أهل الفساد ويخشى عليها فعل ذلك إذا لم يكن مراقبا لها يكون مظنة أن حبسها له لاجل ذلك لا لمجرد استيفاء حقها منه فله حبسها معه، أما إذا لم تكن كذلك فلا وجه لحبسها معه، وهذا محمل ما في الخلاصة.
قوله: (من وطئ جاريته) وكذا زوجته كما مر، وقيل يمنع من ذلك لان الوطئ ليس من الحوائج الاصلية.
فتح.
قوله: (وفي الخلاصة يخرج بكفيل)، هذا هو الصواب في نقل عبارة الخلاصة، ونقل عنها في البحر: يخرج الكفيل فكأنه سقطت الباء من نسخته كما نبه عليه في النهر وكذا الرملي.
وقال أيضا: والعجب أن البزازي وقع في ذلك
فقال: وذكر القاضي أن الكفيل يخرج لجنازة الوالدين الخ.
والذي في فتاوى القاضي: يعني قاضيخان: يخرج بالكفيل.
قوله: (وعليه الفتوى) قال في الفتح: وفيه نظر لانه إبطال حق آدمي بلا موجب.
نعم إذا لم يكن له من يقوم بحقوق دفنه فعل ذلك.
وسئل محمد عما إذا مات والده أيخرج؟ فقال لا ا ه.
وحاصله: أن ما في الخلاصة مخالف لنص محمد رحمه الله تعالى.
قال في البحر: وقد يدفع بأن نص محمد في المديون أصالة والكلام في الكفيل ا ه.
وهذا بناء على ما وقع له في نسخة الخلاصة من التحريف على أنه لا يظهر الفرق بين المديون وكفيله كما قاله المصنف في المنح.
قوله: (يخرج بكفيل) قال في الفتح: وإن لم يكن له خادم يخرج إن كان يموت بسبب عدم الممرض، ولا يجوز أن يكون الدين مفضيا للتسبب في هلاكه ا ه.
ومقتضى التعليل أنه لم يجد كفيلا يخرج، لكن في المنح عن الخلاصة: فإن لم يجد كفيلا لا يطلقه.
تأمل.
قوله: (وإلا لا) أي وإن وجد من يخدمه لا يخرج، هكذا روي عن محمد، هذا إذا كان الغالب هو الهلاك، وعن أبي يوسف: لا يخرجه، والهلاك في السجن وغيره سواء.
والفتوى على رواية محمد.
منح عن الخلاصة.
قوله: (لمعالجة) أي لمداواة مرضه لامكان ذلك في السجن.
قوله: (قيل ولا يتكسب فيه) كذا في بعض النسخ، وفي أكثرها: بل ولا يتكسب فيه، وهي الصواب لان التعبير بقيل يفيد الضعف، وقد صرح في البحر وغيره بأن الاصح المنع، وفي شرح أدب القضاء عن السرخسي أنه الصحيح من المذهب، لان الحبس مشروع ليضجر، ومتى تمكن من الاكتساب لا يضجر، فيكون السجن له بمنزلة الحانوت.
قوله: (ولو له ديون خرج ليخاصم ثم يحبس) فيه إشارة إلى أنه إذا ادعى عليه آخر بدين يخرج لسماع الدعوى، فإن أثبته بالوجه الشرعي أعيد في الحبس لاجلهما.
سائحاني عن الهندية.
قوله: (إذا امتنع عن كفارة) لان حق المرأة في الجماع يفوت بالتأخير.
أشباه.
واعترضه الحموي بأن حقها فيه قضاء في العمر مرة واحدة ا ه.
قلت: هذه المرة لاجل انتفاء العنة والتفريق بها، وإلا فلها حق في الوطئ بعدها، ولذا حرم الايلاء منها، ويفرق بينهما بمضي مدته لانه امتناع بسبب محظور، وكذا في الظهار لانه منكر من(5/519)
القول فلذا ظهر فيه المطالبة بالعود إليها، ويضرب عند الامتناع، وإن كان لا يضرب عنه الامتناع عنها بغير سبب.
تأمل.
قوله: (والانفاق على قريبه) بالجر عطفا على كفارة، وكذا قوله والقسم كما هو ظاهر فافهم، وهذا مخالف لما قدمه في النفقة من أنه إذا امتنع من الانفاق على القريب يضرب ولا يحبس، ومثله في القسم كما في بابه، لكن قدمنا في آخر النفقة أنه تابع البحر في نقل ذلك عن البدائع، وأن الذي في البدائع أنه يحبس سواء كان أبا أو غيره، بخلاف الممتنع من القسم فإنه يضرب ولا يحبس، وهو الموافق لما سيذكره المصنف متنا.
وذكر في البحر أنهم صرحوا بأنه لو امتنع من التكفير مع قدرته يضرب وكذا لو امتنع من الانفاق على قريبه، بخلاف سائر الديون ا ه.
قوله: (والضابط) أي لما يضرب فيه المحبوس، فإنه بالامتناع عما ذكر يفوت الواجب لا إلى خلف، فإن نفقة القريب تسقط بالمضي ولو مقضيا بها أو متراضي عليها وكذا الوطئ والقسم يفوتان بالمضي.
قوله: (ما في الوهبانية) الشطر الثاني لشارحها غير فيه نظم الاصل.
قوله: (وإن فر) أي من الحبس.
قوله: (في العنت يذكر) أي إذا كان متعنتا لا يؤدي المال: قيل يطين عليه الباب ويترك له ثقبة يلقى له الخبز والماء، وقيل الرأي فيه للقاضي، وهو ما يذكره قريبا عن البزازية.
قوله: (ولا يغل) أي لا يوضع له الغل بالضم وهو طوق من حديد يوضع في العنق جمعه أغلال كقفل وأققال مصباح.
وأما القيد فما يوضع في الرجل.
قوله: (ولا يجرد) أي من ثيابه في الحبس.
قوله: (وعن الثاني) عبارة النهر: ولا يؤجر خلافا لما عن الثاني.
قوله: (لا قاضي فيها) بأن مات أو عزل.
منح عن الجواهر قوله: (لازمه) ولا يمنعه عن الاكتساب والدخول إلى بيته لانه لا ولاية له عليه، بخلاف القاضي لان له ولاية المنع والحبس وغيره.
منح عن الجواهر.
قوله: (قنية) عبارتها: ادعى على بنته مالا وأمر القاضي بحبسها فطلب الاب منه أن يحبسها في موضع آخر غير السجن حتى لا يضيع عرضه يجيبه القاضي إلى ذلك، وكذا في كل مدع مع المدعى عليه ا ه.
قوله: (وأفتى المصنف الخ) ذكر في المنح عبارة قارئ الهداية ثم قال: ولا منافاة بين هذا وبين ما ذكرناه، لان القاضي يعين مكان الحبس عند عدم إرادة صاحب الحق أما لو طلب صاحب الحق مكانا فالعبرة في ذلك ا ه.
قوله: (وإذا ثبت الحق للمدعي) أي عند
القاضي كما في الهدية وغيرها، وظاهره أن المحكم لا يحبس.
قال في البحر: ولم أره.
نهر.
لكن نقل(5/520)
الحموي عن صدر الشريعة أن له الحبس.
قوله: (ولو دانقا) في كافي الحاكم: ويحبس في درهم وفي أقل منه ا ه.
ومثله في الفتح معللا بأن ظلمه يتحقق بمنع ذلك.
قوله: (ببينة) أو بنكول.
بحر عن القلانسي.
قوله: (عجل حبسه) إلا إذا ادعى الفقر فيما يقبل فيه دعواه ط.
قوله: (بطلب المدعي) ذكره قاضيخان وهو قيد لازم.
منح.
قوله: (لم يعجل حبسه) لان الحبس جزاء المماطلة، ولم يعرف كونه مماطلا في أول الوهلة، فلعله طمع في الامهال فلم يستصحب المال، فإذا امتنع بعد ذلك حبسه لظهور مطله.
هداية.
قوله: (بل يأمره بالاداء ينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يتمكن القاضي من أداء ما عليه بنفسه، كما إذا ادعى عينا في يد غيره أو وديعة له عنده وبرهن أنها هي التي في يده، أو دينا له عليه وبرهن على ذلك فوجد معه ما هو من جنس حقه، كان للقاضي أن يأخذ العين منه وما هو من جنس حقه، ويدفعه إلى المالك غير محتاج إلى أمره بدفع ما عليه، وقد قالوا: إن رب الدين إذا ظفر بجنس حقه له أن يأخذ، وإن لم يعلم به المديون فالقاضي أولى.
نهر وتبعه الحموي وغيره ط.
قلت: لكن كونه غير محتاج إلى أمره بالدفع فيه نظر، لان القاضي لا يتحقق له ولاية أخذ مال المديون، وقضاء دينه به إلا بعد الامتناع عن فعل المديون ذلك بنفسه، فكان المناسب ذكر هذا عند قوله: فإن أبى حبسه فيقال إنما يحبسه إذا لم يتمكن القاضي الخ فافهم.
قوله: (فإن أبى حبسه) فلو قال أمهلني ثلاثة أيام لادفعه إليك فإنه يمهل ولم يكن بهذا القول ممتنعا من الاداء ولا يحبس.
شرح الوهبانية عن شرح الهداية.
ومثله قول المصنف الآتي ولو قال أبيع عرضي وأقضي ديني الخ.
قوله: (وعكسه السرخسي) وهو أنه إذا ثبت بالبينة لا يحبسه لاول وهلة، لانه يعتذر بأني ما كنت أعلم أن علي دينا له بخلافه بالاقرار، لانه كان عالما بالدين ولم يقضه حتى أحوجه إلى شكواه.
فتح.
قوله: (وسوى بينهما في الكنز) حيث قال: وإذا ثبت الحق للمدعي أمره بدفع ما عليه، فإن أبى حبسه.
وعبارة متن الدرر أصرح، وهي: وإذا ثبت الحق على الخصم بإقراره أو ببينة أمره بدفعه الخ.
وفي كافي الحاكم: ولا يحبس الغريم في أول ما يقدمه إلى القاضي، ولكن يقول له قم فارضه، فإن عاد
به إليه حبسه ا ه.
قوله: (واستحسنه الزيلعي) حيث قال: والاحسن ما ذكره هنا: أي في الكنز فإنه يؤمر بالايفاء مطلقا، لانه يحتمل أن يوفي فلا يعجل بحبسه قبل أن يتبين له حاله بالامر والمطالبة.
قوله: (وهو المذهب عندنا) صرح بذلك في شرح أدب القضاء وقال: التسوية بينهما رواية.
قلت: لكن سمعت عبارة كافي الحاكم، وهو الجامع لكتب ظاهر الرواية، إلا أن عبارته ظاهرها التسوية، فيمكن إرجاعها إلى ما في الهداية فلا ينافي قوله: وهو المذهب تأمل.
قوله: (فليكن التوفيق) لم يظهر لنا وجهه، على أن ما نقله عن منية المفتي لم أجده فيها، بل عبارتها هكذا: ولا يحبسه في أول ما يتقدم إليه ويقول له قم فارضه فإن عاد إليه حبسه ا ه.
وهي عبارة الكافي المارة.
ثم(5/521)
رأيت بعضهم نبه على ما ذكرته.
قوله: (ويحبس المديون الخ) اعلم أن المدعي إذا ادعى دينا وأثبته يؤمر المديون بدفعه، فإن أبى وطلب المدعى حبسه وهو غني يحبس، ثم إن كان الدين ثمنا ونحوه من الاربعة المذكورة في المتن وادعى المديون الفقر لا يصدق، لان إقدامه على الشراء ونحوه مما ذكر دليل على عدم فقره، فيحبس إلا إذا كان فقره ظاهرا كما سيأتي.
وإن كان الدين غير الاربعة المذكورة وادعى الفقر فالقول له ولا يحبس إلى آخر ما سيجئ.
تنبيه: أطلق المديون فشمل المكاتب والعبد المأذون والصبي المحجور، فإنهم يحبسون، لكن الصبي لا يحبس بدين استهلاك بل يحبس والده أو وصية، فإن لم يكونا أمر القاضي رجلا ببيع ماله في دينه، كذا في البزازية.
بحر.
قلت: وحبس والده أو وصية بدين الاستهلاك إنما هو حيث كان الصبي مال وامتنع الاب أو الوصي من بيعه، أما إذا لم يكن له مال فلا حبس كما يعلم من آخر العبارة، وهو ظاهر، والقول له إنه فقير لان دين الاستهلاك مما لا يحبس به إذا ادعى الفقر كما يأتي، وسيذكر الشارح آخر الباب نظما من لا يحبس وفيه تفصيل للثلاثة المذكورين.
قوله: (في كل دين هو بدل مال) كثمن المبيع وبدل القرض، وقوله: أو ملتزم بعقد كالمهر والكفالة، وهو من عطف العام على الخاص، فلو اقتصر عليه كما وقع في بعض الكتب لا غناء عما قبه.
زاد في البحر من القلانسي: وفي كل عين يقدر على
تسليمها، وسيأتي في كلام الشارح.
ثم اعلم أن هذه العبارة التي عزاها الشارح إلى الدرر والمجمع والملتقى أصلها للقدوري، عدل عنها صاحب الكنز إلى قوله: في الثمن والقرض والمهر المعجل وما التزمه بالكفالة وتبعه المصنف لوجهين نبه عليهما في النهر: الاول أن قوله: بدل مال يدخل فيه بدل المغصوب وضمان المتلفات، والثاني أن قوله: أو ملتزم بعقد يدخل فيه أيضا ما التزمه بعقد الصلح عن دم العمد والخلع مع أنه لا يحبس في هذه المواضع إذا ادعى الفقر ا ه.
وصرح الشارح بعد أيضا بأنه لا يحبس فيها فكان عليه عدم ذكر هذه العبارة، لكن ما ذكره في النهر عن مسلم.
أما الاول فلان المراد بدل مال حصل في يد المديون، كما سيأتي فيكون دليلا على قدرته على الوفاء بخلاف ما استهلكه من الغصب.
وأما الثاني فلانه يحبس في الصلح والخلع كما تعرفه فالاحسن ما فعله الشارح تبعا للزيلعي ليفيد أن الاربعة التي في المتن غير قيد احترازي فافهم.
لكن الشارح نقض هذا فيما ذكره بعد كما تعرفه.
قوله: (مثل الثمن) شمل الثمن ما على المشتري وما على البائع بعد فسخ البيع بينهما بإقالة أو خيار، وشمل رأس مال السلم بعد الاقالة وما إذا قبض المشتري المبيع أولا.
بحر.
قوله: (كالاجرة) لانها ثمن المنافع.
بحر.
فإن المنفعة وإن كانت غير مال لكنها تتقوم في باب الاجارة للضرورة.
قوله: (ولو لذمي) يرجع إلى الثمن والقرض وكان المناسب ذكره عقب قوله: ويحبس المديون قال في البحر: أطلقه فأفاد أن المسلم يحبس بدين الذمي والمستأمن وعكسه ا ه.
قوله: (والمهر المعجل) أي ما شرط تعجيله أو تعورف.
نهر.
قوله: (وما لزمه بكفالة) استثنى منه في الشرنبلالية كفيل أصله كما لو كفل أباه أو أمه: أي فإنه لا يحبس مطلقا لما يلزم عليه من حبس الاب معه، وفي كلام قدمناه في الكفالة.
قوله: (ولو بالدرك) هو المطالبة بالثمن عند استحقاق المبيع وهذا ذكره في النهر أخذا من إطلاق الكفالة، ثم(5/522)
قال: ولم أره صريحا.
قوله: (أو كفيل الكفيل) بالنصب خبر لكان المقدرة بعد لو فهو داخل تحت المبالغة: أي ولو كان كفيل الكفيل فدخل تحت المبالغة الاصيل وكفيله.
قال في البحر: وأشار المؤلف إلى حبس الكفيل والاصيل معا: الكفيل بما التزمه، والاصيل بما لزمه بدلا عن مال، وللكفيل بالامر
حبس الاصيل إذا حبس، كذا في المحيط.
وفي البزازية: يتمكن المكفول له من حبس الكفيل والاصيل وكفيل الكفيل وإن كثروا ا ه.
قوله: (لانه التزمه بعقد) أي لان الكفيل التزم المال بعقد الكفالة وكذا كفيله، وقوله: كالمهر أي فإن الزوج التزمه بعقد النكاح، فكل منهما وإن لم يكن مبادلة مال بمال لكنه ملتزم بعقد، والتعليل المذكور لثبوت حبسه بما ذكر وإن ادعى الفقر، فإن التزامه ذلك بالعقد دليل القدرة لعى الاداء، لان العاقل لا يلتزم ما لا قدرة له عليه فيحبس وإن ادعى الفقر لانه كالمتناقض لوجوده دلالة اليسار وظهر به وجه حبسه أيضا بالثمن والقرض، لانه إذا ثبت المال بيده ثبت غناه به.
أفاد ذلك في الفتح وغيره.
والاخير مبني على التمسك بالاصل، فإن الاصل بقاؤه في يده.
قوله: (هذا هو المعتمد) الاشارة إلى ما في المتن من أنه يحبس في الاربعة المذكورة وإن ادعى الفقر، وهذا أحد خمسة أقوال: ثانيها: ما في الخانية: ثالثها: القول للمديون في الكل: أي في الاربعة وفي غيرها مما يأتي.
رابعها: للدائن في الكل.
خامسها: أنه يحكم الزي: أي الهيئة إلا الفقهاء والعلوية لانهم يتزيون بزي الاغنياء وإن كانوا فقراء صيانة لماء وجههم، كما في أنفع الوسائل.
مطلب: إذا تعارض ما في المتون والفتاوى فالمعتمد ما في المتون قوله: (خلافا لفتوى قاضيخان) حيث قال: إن كان الدين بدلا عن مال كالقرض وثمن المبيع فالقول للمدعي، وعلى الفتوى، وإن لم يكن بدل مال فالقول للمديون ا ه.
وعليه فلا يحبس في المهر والكفالة.
قال في البحر: وهو خلاف مختار المصنف تبعا لصاحب الهداية.
وذكر الطرسوسي في أنفع الوسائل أنه: أي ما في الهداية المذهب المفتى به.
فقد اختلف الافتاء فيما التزمه بعقد ولم يكن بدل، والعمل على ما في المتون، لانه إذا تعارض ما في المتون والفتاوى فالمعتمد ما في المتون، كما في أنفع الوسائل، وكذا يقدم ما في الشروح على ما في الفتاوى ا ه.
قلت: وما في الخانية نقل في أنفع الوسائل عن المبسوط أنه ظاهر الرواية.
قوله: (نعم عده في الاختيار لبدل الخلع هنا خطأ) عده بالرفع مبتدأ، واللازم في لبدل متعلق به وخطأ خبر المبتدإ.
وفي بعض النسخ: كبدل بالكاف وهو تحريف، وقوله: هنا أي فيما يكون القول فيه للمدعي
كالمسائل الاربع، وعبارة الاختيار هكذا: وإن قال المدعي هو موسر وهو يقول أنا معسر، فإن كان القاضي يعرف يساره أو كان الدين بدل مال كالثمن والقرض أو التزمه بعقد كالمهر والكفالة وبدل الخلع ونحوه حبسه، لان الظاهر بقاء ما حصل في يده والتزامه يدل على القدرة الخ.
ثم اعلم أن ما ذكره الشارح من التخطئة أصلها للطرسوسي في أنفع الوسائل، وتبعه في البحر والنهر وغيرهما وأقروه على ذلك وذلك غير وارد، وبيان ذلك أن الطرسوسي ذكر مسألة اختلاف(5/523)
المدعي والمدعى عليه في الفقر وعدمه ونقل عبارات الكتب، منها كتاب اختلاف الفقهاء للطحاوي: أن كل دين أصله من مال وقع في يد المديون كأثمان البياعات والقروض ونحوها حبسه، وما لم يكن أصله كذلك كالمهر والخلع والصلح عن عدم العمد ونحوه لم يحبسه حتى يثبت ملاءته ا ه.
ونقل نحوه عن متن البحر المحيط وغيره، وذكر عن السغناقي وغيره حكاية قول آخر أيضا، وهو أن كل دين لزمه يعقد فالقول فيه للمدعي، وكل دين لزمه حكما لا بمباشرة العقد فالقول فيه للمديون.
قالوا: وهذا القول لا فرق فين بين ما ثبت بدلا عن مال أو لا ثم إن الطرسوسي قال: إن صاحب الاختيار أخطأ، حيث جعل بدل الخلع كالثمن والقرض في أن القول فيه للمدعي، وهو مخالف لما نقلناه عن اختلاف الفقهاء للطحاوي ومتن البحر المحيط وغيره، وأيضا فإن الخلع ليس بدلا عن مال، هذا حاصل كلامه.
وإذا أمعنت النظر تعلم أنه كلام ساقط، فإن ما ذكره عن اختلاف الفقهاء ومتن البحر المحيط وغيره هو القول الذي مر عن قاضيخان، وما ذكره عن السغناقي وغيره هو الذي مشى عليه القدوري ونقله الشارح عن الدرر والمجمع والملتقى.
فالقول الاول: اعتبر في كون القول للمدعي كون الدين بدلا عن مال حصل في يد المديون، ولم يعتبر كونه بعقد، ولا شك أن المهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد وإن كان بعقد لكنه ليس بدل مال فلا يكون القول فيه للمدعي بل للمديون فلا يحبس فيه.
والقول الثاني: اعتبر كون الدين ملتزما بعقد سواء كان بدل مال أو غيره، ولا شك أن الخلع ملتزم بعقد كالمهر فيكون القول فيه للمدعي، والذين صرحوا بأن بدل الخلع لا يحبس فيه المديون هم أهل القول الاول فجعلوه كالمهر لكون كل منهما ليس بدل مال، وقد علمت أن صاحب الاختيار من أهل القول الثاني،
فإنه اعتبر العقد كما قدمناه عنه، فلذا جعل القول للمدعي في المهر والكفالة والخلع، ويلزم منه أيضا أن يكون الصلح عن دم العمد كذلك لانه بعقد، وحينئذ فاعتراض الطرسوسي على صاحب الاختيار بما حكاه أهل القول الاول ساقط، فإن صاحب الاختيار لم يقل بقولهم حتى يعترض عليه بذلك، بل قال بالقول الثاني كبقية أصحاب المتون، غير أنه زاد على المتون التصريح بالخلع لدخوله تحت العقد، وتبعه في الدرر.
كيف وصاحب الاختيار إمام كبير من مشايخ المذهب، ومن أصحاب المتون المعتبرة، وأما الطرسوسي فلقد صدق فيه قول المحقق ابن الهمام: إنه لم يكن من أهل الفقه، فافهم واغنم تحقيق هذا الجواب فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب، والحمد لله ملهم الصواب.
ثم بعد مدة رأيت في مختصر أنفع الوسائل للزهيري ردا على الطرسوسي بنحو ما قلنا ولله الحمد.
قوله: (لا يحبس في غيره) أي إن ادعى الفقر كما يأتي.
قوله: (بدل خلع) الصواب إسقاطه كما علمت من أنه من القسم الاول.
قوله: (ومغصوب) بالجر عطفا على خلع، وكذا ما بعده: أي وبدل مغصوب: أي إذا ثبت استهلاكه للمغصوب ولزمه بدله من القيمة أو المثل وادعى الفقر لا يحبس، لانه وإن كان مال دخل في يده لكنه باستهلاكه لم يبق في يده حتى يدل على قدرته على الايفاء، بخلاف ثمن المبيع فإن المبيع دخل في يده، والاصل بقاؤه كما مر فلذا يحبس فيه، وبخلاف العين المغصوبة القادر على تسليمها، فإنه يحبس أيضا على تسليمها كما قدمه آنفا عن تهذيب القلانسي، فلا منافاة بينه وبين ما هنا.
قال في أنفع الوسائل: وقولهم أو ضمان المغصوب معناه: إذا اعترف بالغصب وقال إنه فقير وتصادقا على الهلاك أو حبس لاجل العلم بالهلاك فإن القول للغاصب في العسرة، هكذا ذكره السغناقي وتاج الشريعة وحميد الدين الضرير ا ه.
قوله: (ومتلف) أي وبدل ما أتلفه من أمانة ونحوها.
قوله:(5/524)
(ودم عمد) أي بدل الصلح عن دم عمد.
قال في أنفع الوسائل: معناه أنه لو قتل مورثه عمدا فصالحه على مال فادعى أنه فقير يكون القول قول القاتل في ذلك لانه ليس بدلا عن مال، وما صرح بهذه أحد سوى الطحاوي في اختلاف الفقهاء، وهو صحيح موافق للقواعد وداخل تحت قولهم عما ليس بمال ا ه.
قال في البحر: ويشكل جعلهم القول فيه للمديون مع أنه التزمه بعقد ا ه.
أقول: لا إشكال فيه، لان ذلك مبني على القول بعدم اعتبار العقد، وأن المعتبر هو كون الدين بدلا عن مال وقع في يد المديون كما علمته مما نقلناه سابقا من عبارة الطحاوي، وهذا القول هو الذي مر عن الخانية، وأما على القول الذي مشى عليه القدوري وصاحب الاختيار وغيرهما من أصحاب المتون من أن المعتبر ما كان بدلا عن مال أو ملتزما بعقد، وإن لم يكن بدلا عن مال، فلا شك في دخول هذه الصورة في العقد، فتكون على هذا القول من القسم الاول الذي يكون القول فيه للمدعي لانها كالمهر، وإنما يشكل الامر لو صرح أحد من أهل هذا القول بأن بدل دم العمد يكون القول فيه للمديون، مع أنه لم يصرح بذلك أحد إلا الطحاوي القائل بالقول الاول، فعلمنا أنه مبني على أصله من أنه لا يعتبر العقد أصلا، فمعارضة أهل القول الثاني بهذا القول غير واردة والاشكال ساقط كما قررنا نظيره في مسألة الخلع، وبهذا ظهر أن الصواب إسقاط هذه الصورة أيضا وذكرها في القسم الاول.
قوله: (وعتق حظ شريك) أي لو أعتق أحد شريكي عبد حصته منه بلا إذن الآخر واختار الآخر تضمينه فادعى المعتق الفقر فالقول له، لان تضمينه لم يجب بدلا عن مال وقع في يده، ولا ملتزما بعقد حتى يكون دليل قدرته، بل هو في الحقيقة ضمان إتلاف.
قوله: (وأرش جناية) هذا وما بعده مرفوع عطفا على بدل لا على خلع المجرور، لان الارش هو بدل الجناية، والمراد أرش جناية موجبها المال دون القصاص.
قوله: (ونفقة قريب وزوجة) أي نفقة مدة ماضية مقضي بها أو متراض عليها، لكن نفقة القريب تسقط بالمضي إلا إذا كانت مستدانة بالامر، وسيذكر المصنف مسألة النفقة.
قوله: (ومؤجل مهر) استشكله في البحر بأنه التزمه بعقد: أي فيكون من القسم الاول، لكن جوابه أنه لما علم عدم مطالبته به في الحال لم يدل على قدرته عليه، بخلاف المعجل شرطا أو عرفا.
قوله: (قلت ظاهره ولو بعد طلاق) هذا هو المتعين، لانه قبل الطلاق أو الموت لا يطالب به فكيف يتوهم حبسه به.
قوله: (وفي نفقات البزازية الخ) الانسب ذكر هذا عند قول المتن الآتي إلا أن يبرهن غريمه على غناه وعبارة البزازية كما في البحر: وإن لم يكن لها بينة على يساره وطلبت من القاضي أن يسأل من جيرانه لا يجب عليه السؤال، وإن سأل كان حسنا، فإن سأل فأخبره عدلان
بيساره ثبت اليسار، بخلاف سائر الديون حيث لا يثبت اليسار بالاخبار، وإن قالا سمعنا أنه موسر أو بلغنا ذلك لا يقبله القاضي ا ه.
قوله: (لكن الخ) فإن قوله: ما لم يثبت غناه المتبادر منه كونه بالشهادة، ويمكن أن يقال الثبوت في دين النفقة بالاخبار في غيره بالاشهاد، فعبارته غير معينة ط.
قلت: لكن قول المصنف الآتي إلا أن يبرهن يقتضي عدم الفرق.
نعم عبارة الكنز والهداية:(5/525)
إلا أن يثبت، لكن قيده الزيلعي بالبينة.
تأمل.
قوله: (فالقول للمديون) أي فلا يحبس إن ادعى الفقر.
قوله: (وأقره في النهر) وكذا في البحر، ووجهه ظاهر لانكاره ما يوجب حبسه.
قوله: (لا يحبس في دين مؤجل) لانه لا يطالب به قبل حلول الاجل.
قوله: (وإن بعد) أي السفر بحيث يحل الاجل قبل قدومه.
قوله: (وقدمنا في الكفالة) أي في آخرها، وقدمنا هناك ترجيح إلزامه بإعطاء كفيل فراجعه.
قوله: (إن ادعى الفقر) قيد لقوله: لا يحبس في غيره.
قوله: (إذ الاصل العسرة) لان الآدمي يولد فقيرا لا مال له، والمدعي يدعي أمرا عارضا، فكان القول لصاحبه مع يمينه ما لم يكذبه الظاهر، إلا أن يثبت المدعي بالبينة أن له مالا بخلاف ما تقدم، لان الظاهر يكذبه.
زيلعي.
قوله: (أي على قدرته على الوفاء) أي ليس المراد بالغنى ملك النصاب لانه يحبس فيما دونه.
أفاده في الفتح.
قوله: (ولو باقتراض) في البزازية: لو وجد المديون من يقرضه فلم يفعل فهو ظالم، وفي كراهية القنية: لو كان للمديون حرفة تفضى إلى قضاء دينه فامتنع منها لا يعذر ا ه.
وكل من الفرعين ينبغي تخريجه على ما يقبل فيه قوله، فإذا ادعى في المهر المؤجل مثلا أنه معسر ووجد من يقرضه، أو كان له حرفة توفيه فلم يفعل حبسه الحاكم، لان الحبس جزاء الظلم، وأما ما لا يقبل فيه قوله فظلمه فيه ثابت قبل وجود من يقرضه.
نهر.
قوله: (أو بتقاضي غريمه) بأن كان له مال على غريم موسر.
قال في البزازية: فإن حبس غريمه الموسر لا يحبس، وفيها: ولو كان للمحبوس مال في بلد آخر يطلقه بكفيل ا ه.
قوله: (فيحبسه حينئذ) أي حين إذ قام البرهان على غناه في هذا القسم، وبمجرد دعوى المدعي غناه في القسم الاول كما مر.
قوله: (ولو يوما) أخذه في البحر من ظاهر كلامهم.
قوله: (هو الصحيح) صرح به في الهداية، لان المقصود من الحبس الضجر والتسارع لقضاء
الدين وأحوال الناس فهي متفاوته، ومقابله رواية تقديره بشهرين أو ثلاثة، وفي رواية بأربعة، وفي رواية بنصف حول.
قوله: (لم أحبسه) أي ولو كان الدين ثمنا أو قرضا كما هو ظاهر الاطلاق، وهو أيضا مقتضى عبارة شرح الاختيار التي قدمناها.
قوله: (ولو فقره ظاهرا الخ) أفاد أن قوله: فيحبسه بما يرى إنما هو حيث كان حاله مشكلا كما نبه عليه الشارح بعده.
وفي شرح أدب القضاء قال محمد بعد ذكر التقدير: هذا إذا أشكل عن أمره أفقير أم غني وإلا سألت عنه عاجلا: يعني إذا كان ظاهر الفقر أقبل البينة على الافلاس وأخلى سبيله ا ه.
قوله: (قال المديون) أي بما أصله ثمن ونحوه، إذ القسم الثاني القول فيه للمديون أنه معسر فلا يحتاج إلى تحليف الدائن.
نعم يتأتى فيه أيضا(5/526)
إذا أثبت يساره لكنه بعيد، إذ لا يحلف المدعي بعد البينة.
تأمل.
قوله: (قلت قدمنا الخ) تقييد لقول المصنف فيحبسه بما رأى وقدم الشارح ذلك عند قول المصنف قبل هذا الفصل ولا يخبر إذا لم يكن مجتهدا وقد تبع الشارح في هذا القهستاني.
قال ح: أقول مثل هذا لا يتوقف على كون القاضي مجتهدا كما لا يخفى ا ه: أي فإن ما يقتضيه حال ذلك المديون من قدر مدة حبسه التي يظهر فيها أنه لو كان له مال لاظهره، يستوي في علم ذلك المجتهد وغيره بدون توقف على العلم باللغة والكتاب والسنة متنا وسندا كما لا يخفى، فالظاهر حمل ما قالوه فيما يفوض إلى رأي القاضي من الاحكام، والله سبحانه أعلم.
قوله: (ثم بعد حبسه الخ) الظرف متعلق بقول المنصف الآتي سأل عنه وقوله: لو حاله مشكلا قيد لقوله: حبسه بما يراه وقوله: وإلا أي إن لم يكن مشكلا بأن كان فقره ظاهرا، وهذا كله يغني عنه ما قبله.
قوله: (احتياطا لا وجوبا) قال شيخ الاسلام: لان الشهادة بالاعسار شهادة بالنفي فكان للقاضي أن لا يسأل ويعمل برأيه، ولكن لو سأل مع هذا كان أحوط.
زيلعي.
وقال في الفتح: وإلا فبعد مضي المدة التي يغلب ظن القاضي أنه لو كان له مال دفعه وجب إطلاقه إن لم يقم المدعي بينة يساره من غير حاجة إلى سؤال.
قوله: (ويكفي عدل) والاثنان أحوط، وكيفيته أن يقول المخبر إن حاله حال المعسرين في نفقته وكسوته وحاله ضيقة، وقد اختبرنا حاله في السر والعلانية.
بحر عن البزازية.
وقيد سماع هذه الشهادة بما بعد الحبس ومضي المدة، لانها قبل
الحبس لا تقبل في الاصح كما يأتي، وكذا قبل المدة التي يراها القاضي كما سنذكره.
قوله: (بغيبة دائن) أي يكفي ذلك في غيبة الدائن فلا يشترط لسماعها حضرته، لكن إذا كان غائبا سمعها وأطلقه بكفيل كما في البحر عن البزازية، وسيأتي مع زيادة: ما لو كان الدين لوقف أو يتيم.
قوله: (وأما المستور الخ) فيه كلام يأتي قريبا.
قوله: (ولا يشترط حضرة الخصم) يغني عنه قوله: بغيبة دائن.
قوله: (إلا إذا تنازعا الخ) قال في النهر: وقيد في النهاية الاكتفاء بالواحد بما إذا لم تقع خصومة، فإن كانت كأن ادعى المحبوس الاعسار ورب الدين يساره فلا بد من إقامة البينة على الاعسار ا ه.
ومثله في البحر.
قلت: وهذا مشكل، فإن ما مر من الاكتفاء بعدل لا شك أنه عند المنازعة، إذ لو اعترف المدعي بفقر المحبوس أو اعترف المحبوس بغناه لم يحتج إلى سؤال ولا إلى إخبار، ثم رأيت في أنفع الوسائل نقل عبارة النهاية المادة بزيادة وهي: فإن شهدا بأنه معسر خلي سبيله، ولا تكون هذه شهادة على النفي فإن الاعسار بعد اليسار أمر حادث، فتكون شهادة بأمر حادث لا بالنفي ا ه.
فأفاد أن هذه الخصومة بإعسار حادث، يعني إذا أراد حبسه فيما يكون القول فيه للمدعي بيساره أو في القسم الآخر، وبرهن على يساره بإرث من أبيه منذ شهر مثلا، وهو ادعى إعسارا حادثا فلا بد فيه من نصاب الشهادة، لانها شهادة صحيحة لوقوعها على أمر حادث لا على النفي، بخلاف الشهادة على أنه معسر فإنها قامت على نفي اليسار الذي يحبس بسببه لا على إعسار حادث بعده، أو المراد إقامة البينة على إعسار بعد حبسه قبل تمام المدة التي يظهر فيها للقاضي عسرته، لكن سيأتي أن سماع البينة قبل المدة خلاف ظاهر الرواية، فتأمل.(5/527)
قوله: (قلت لكنها الخ) استدراك على التقييد بالعدل في قوله: ويكفي عدل فقد نقل في أنفع الوسائل عن الخلاصة أنه يسأل عنه الثقات والواحد يكفي، ولا يشترط لفظ الشهادة، ثم نقل عبارة شيخ الاسلام المارة، ثم قال: فقوله: أي شيخ الاسلام: هذا ليس بواجب وهذا ليس بحجة، وأن للقاضي أن لا يسأل، يؤيد قولنا أنه لا يشترط العدالة في هذا الواحد، لانها تشترط في أمر واجب أو في إثبات حجة شرعية، وإلا فلا فائدة في اشتراطها لان القاضي له إخراجه بلا سؤال أحد عنه الخ، وأراد بذلك الرد
على الزيلعي حيث قيد بالعدل في قوله: والعدل الواحد يكفي، وإثبات أن المستور الواحد يكفي دون الفاسق، ثم قال: والاحسن عندي أن يقال: إن كان رأي القاضي موافقا لقول هذا المستور في العسرة يقبل، وإلا بأن لم يكن للقاضي رأي في عسرة المحبوس أو يسر به فيشترط كون المخبر عدلا ا ه.
واستحسنه في النهر وغيره.
قلت: قد رجع إلى ما قاله الزيلعي من حيث لا يشعر، وذلك أنه إذا كان للقاضي رأي في عسرته بأن ظهر له حاله لا يحتاج إلى شاهد أصلا، بل له إخراجه بلا سؤال، والاحوط السؤال من عدل ليتحقق به ما رآه القاضي ولا يكون بمجرد رأيه، ويظهر من كلام شيخ الاسلام المار وكذا من كلام الفتح الذي ذكرناه بعده أنه لا يلزمه العمل بقول ذلك العدل إذ خالف رأيه، وإذا وافق قول المخبر رأي القاضي لا شك أنه يعمل به، سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا أو مستورا، فعلم أن كلام الزيلعي محمول على ما إذا لم يكن للقاضي رأي بدليل قوله في شرح أدب القضاء: وإذا مضت تلك المدة واحتاج القاضي إلى معرفة حاله سأل الثقات من جيرانه وأصدقائه الخ، فقوله واحتاج دليل أنه لا رأي له، فقد ظهر أنه في هذه الصورة تشترط العدالة كما اعترف به الطرسوسي.
وفي الصورة الاولى لا تشترط عدالة ولا غيرها، وإلا لم يكن للقاضي العمل برأيه وإخراج المحبوس بلا سؤال، وبه ظهر سقوط هذا البحث من أصله، فافهم واغتنم هذا التحرير.
قوله: (ولذا لم يجب السؤال) أي سؤال القاضي عن حال المحبوس، وإنما يسأل احتياطا كما مر.
قوله: (فإن لم يظهر له مال خلاه) أي أطلقه من الحبس جبرا على الدائن.
نهر.
ثم إن إطلاقه بإخبار واحد لا يكون ثبوتا، حتى لا يجوز أن يقول هذا القاضي ثبت عندي أنه معسر، ولا ينقل ثبوته إلى قاض آخر، بل هذا يختص بهذا القاضي.
أنفع الوسائل.
وأقره في البحر والنهر.
قوله: (ووقف) ذكره في البحر بحثا إلحاقا باليتيم.
قوله: (فعلى القاضي القضاء به) أي إذا أبى المحبوس أن يخرج حتى يقضي بإفلاسه كما في البحر وغيره.
قوله: (حتى لا يعيده الدائن ثانيا) أي قبل ظهور غناه.
بحر.
والظاهر أن المراد أن لا يعيده قاض آخر، لان الاول ظهر له حاله فكيف يعيده إلى الحبس، بل لا يعيده لا لهذا الدائن ولا لغيره حتى يثبت غناه كما هو صريح عبارة البزازية المذكورة، وأيضا إذا ثبت إعساره الحادث بشهادة تامة بعد خصومة كما مر
فليس لقاض آخر حبسه ثانيا فيما يظهر لانه يكون ثبوتا فيتعدى، بخلاف ما إذا أطلقه بإخبار واحد.
تأمل.
وقدم الشارح في الوقف في صور من ينتصب خصما من غيره عد منها المديون إذا أثبت إعساره(5/528)
في وجه أحد الغرماء.
قوله: (يريد تطويل حبسه) الظاهر أنه قيد باعتبار العادة، وإلا ففي غيبته تطويل حبسه وإن لم يرد ذلك، ولذا لم يقيد بذلك في عبارة الاشباه الآتية.
أفاده ط.
قوله: (وقدره) بالنصب عطفا على الضمير المنصوب في علمه.
قوله: (أو كفيلا) أي بالمال أو النفس.
قوله: (إلا إذا ثبت إعساره) المناسب إسقاط إلا وعطفه بأو، والمراد بالثبوت الظهور ولو برأي القاضي أو إخبار عدل كما مر.
قوله: (أبيع عرضي) انظر ما فائدة التقييد بالعرض، فإن العقار كذلك فيما يظهر، وكذا لو قال أمهلني ثلاثا لادفعه كما قدمناه عن شرح الوهبانية، وهذا أعم من أن يدفعه ببيع عرض أو عقار باستقراض أو استيهاب أو غير ذلك، ولا داعي إلى ما قاله المصنف في المنع من حمله على المقيد هنا كما لا يخفى.
قوله: (لابلاء الاعذار) أي لاختبار مدعيها، ويحتمل أن الهمزة للسلب، والابلاء بمعنى الافناء: أي لازالة الاعذار: يعني أنه لا عذر له بعدها فالثلاثة تبلي الاعذار وتفنيها ط.
قوله: (وسيجئ تمامه في الحجر) قال المصنف والشارح هناك: والقاضي يحبس الحر المديون ليبيع ماله لدينه وقضى دراهم دينه من دراهمه: يعني بلا أمره، وكذا لو كانا دنانير وباع دنانيره بدراهم دينه وبالعكس استحسانا لاتحادهما في الثمنية لا يبيع القاضي عرضه ولا عقاره للدين خلافا لهما وبه: أي بقولهما يبيعهما للدين يفتى.
اختيار.
وصححه في تصحيح القدوري ويبيع كل ما لا يحتاجه للحال ا ه.
وحاصله: أنه إذا امتنع عن البيع يبيع عليه القاضي عرضه وعقاره وغيرهما.
وفي البزازية: وفرع على صحة الحجر أنه يترك له دست من الثياب ويباع الباقي وتباع الحسنة ويشتري له الكفاية ويباع كانون الحديد ويشتري له من طين ويباع في الصيف ما يحتاجه للشتاء وعكسه.
قوله: (ولم يمنع غرماءه عنه) عطف على قوله: خلاء وكان ينبغي ذكره عقبه.
قوله: (على الظاهر) أي ظاهر الرواية وهو الصحيح.
بحر.
مطلب في ملازمة المديون قوله: (فيلازمونه الخ) قال في أنفع الوسائل: وبعد ما خلى القاضي سبيله فلصاحب الدين أن يلازمه في الصحيح، وأحسن الاقاويل في الملازمة ما روي عن محمد أنه قال: يلازمه في قيامه وقعوده ولا يمنعه من الدخول على أهله ولا من الغداء والعشاء والوضوء والخلاء، وله أن يلازمه بنفسه وإخوانه وولده ممن أحب ا ه.
وتمامه في البحر.
قوله: (لا ليلا) لانه ليس بوقت الكسب فلا يتوهم وقوع المال في يده، فالملازمة لا تفيد بحر عن المحيط.
ويظهر منه أنه ليس له الملازمة في وقت لا يتوهم وقوع المال في يده فيه كما لو كان مريضا مثلا.
تأمل.
وأنه ليس له ملازمته ليلا على قصد الاضجار، لان الكلام فيما بعد ظهور عسرته وتخليته من الحبس والعلة في الملازمة إمكان قدرته على(5/529)
الوفاء بعد تخليته فيلازمه كي لا يخفيه.
قوله: (ويستأجر للمرأة مرأة تلازمها.
منية) عبارة منية المفتي: ولو كان المدعى عليه امرأة قبل يستأجر امرأة تلازمها وقيل له أن يلازمها ويجلس معها ويقبض على ثيابها بالنهار، أما بالليل فتلازمها النساء، فإن هربت ودخلت خربة لا بأس أن يدخل الرجل إذا كان يأمن على نفسه في ذلك ويكون بعيدا منها ويحفظها بعينه ا ه.
ونقل الثاني في البحر عن الواقعات معللا بأن له ضرورة في هذه الخلوة: أي الخلوة بالمرأة الاجنبية.
قوله: (إلا لضرر) عبارة الهداية: إلا إذا علم القاضي أن بالملازمة يدخل عليه ضرر بين بأن لا يمكنه من دخول داره، فيحنئذ يحبسه دفعا للضرر ا ه.
قلت: والظاهر أن هذا فيمن لم يظهر للقاضي عسرته بعد حبسه، وإلا فكيف يحبس ثانيا بلا ظهور غناه أو هو مفروض فيما قبل الحبس أصلا.
قوله: (وكلفه في البزازية الكفيل بالنفس) الاولى بكفيل بالياء، وعبارة البزازية نقلا عن الامام محمد: وإن في ملازمته ذهاب قوله وعياله أكفله أن يقيم كفيلا بنفسه ثم يخلى سبيله.
قوله: (ولا يقبل برهانه على إفلاسه قبل حبسه الخ) هذا مقابل قوله ثم بعد حبسه سأل عنه، وقد اختلف التصحيح في هذه المسألة: ففي الخانية عن ابن الفضل أن الصحيح القبول، وفي شرح أدب القضاء أن الصحيح عدمه، وأن عليه عامة المشايخ.
واختار في
الخانية أنه مفوض إلى رأي القاضي، فإن رأى أنه لين يقبل، وإن علم أنه وقح لا.
قال في أنفع الوسائل: وكأنه أراد بقوله: لين أن يعتذر إليه ويتلطف معه، وبقوله: وقح أن يقول لو قعدت في الحسن كذا وكذا، لا يحصل لك مني شئ وآخرتي أخرج على رغمك ونحو ذلك.
ثم قال: وكان والدي يقول: ينبغي للقاضي إذا علم أن بينته عدول ممهدون في العدالة يقبل.
قال: وهذا حسن أيضا وعملي عليه، لان العدل المتحري لا يشهد ما لم يقطع بفقره، بخلاف غيره ممن يحتاج إلى تزكية ولا يعرف القاضي تحريه ولا ديانته ا ه ملخصا.
وبقي ما إذا برهن على إفلاسه بعد حبسه قبل مضي المدة، وفي الخانية لا يقبل في الروايات الظاهرة إلا بعد مضي المدة ا ه.
ومشى الامام الخصاف في أدب القضاء على قبولها قبل مضي المدة.
قوله: (وصححه عزمي زاده) ليس هو من أهل التصحيح ولكنه نقل عن الزيلعي أن عليه عامة المشايخ.
قلت: وعليه الكنز وغيره، وعلمت التصريح بتصحيحه، وعلله الزيلعي بأنها بينة على النفي فلا تقبل ما لم تتأيد بمؤبد وهو الحبس، وبعده تقبل على سبيل الاحتياط لا على الوجوب كما بينا ا ه.
قوله: (والمعول عليه رأيه) أي رأي القاضي.
واعلم أن كلام النهر هنا غير محرر، فإنه قال بعد تعليل الزيلعي المذكور آنفا: والمعول عليه رأيه كما مر عن شيخ الاسلام، وهذا هو إحدى الروايتين وهو اختيار العامة وهو الصحيح.
قال ابن الفضل: الصحيح أنها تقبل.
وقال قاضيخان: ينبغي أن يكون مفوضا إلى رأي القاضي: إن علم يساره(5/530)
لا يقبلها، وإن علم إعساره قبلها ا ه.
وبقي ما إذا لم يعلم من حاله شيئا والظاهر أنه لا يقبلها ا ه ما في النهر.
وفيه أن ما مر عن شيخ الاسلام هو ما قدمناه عنه في سؤال عن حالة المحبوس بعد تمام المدة وأنه لا يجب بل له أن يعمل بما يراه، ولا يخفى أن كلامنا هنا فيما قبل الحبس، وما نقله عن قاضيخان غير ما قدمناه عنه آنفا، ولا يخفى ما فيه، فإنه إذا علم إعساره وكان ظاهرا يسأل عنه عاجلا ويقبل بينته ويخلي سبيله كما قدمه الشارح والكلام هنا فيما إذا كان أمره مشكلا كما في البزازية، حيث قال: وإن كان مشكلا هل يقبل البينة قبل الحبس؟ فيه روايتان.
مطلب بينة اليسار أحق من بينة الاعسار عند التعارض قوله: (وبينة يساره أحق الخ) هذا ظاهر فيما يكون فيه القول للمديون إنه فقير، لان البينة لاثبات خلاف الظاهر وذلك في بينة اليسار.
أما القسم الاول وهو ما يكون القول فيه للمدعي بأن كان الدين ملتزما بمقابلة مال أو بعقد فلا يظهر، لان الاصل فيه اليسار، بل الظاهر تقدم بينة الاعسار لاثباتها خلاف الظاهر، ولم أر من فصل بل كلامهم هنا مجمل، فليتأمل.
قوله: (لان اليسار عارض) فإن الآدمي يولد ولا مال له كما مر، لكن إذا تحقق دخول المبيع في يده صار اليسار هو الاصل فينبغي ترجيح بينة الاعسار كما قلنا.
تأمل.
قوله: (نعم لو بين الخ) عبارة الفتح هكذا: وكلما تعارضت بينة اليسار والاعسار قدمت بينة اليسار لان معها زيادة علم، اللهم إلا أن يدعي أنه موسر وهو يقول أعسرت من بعد ذلك وأقام بذلك بينة فإنها تقدم، لان معها علما بأمر حادث وهو حدوث ذهاب المال ا ه.
قال في البحر: والظاهر أنه بحث منه، وليس بصحيح لجواز حدوث اليسار بعد إعساه الذي ادعاه ا ه ورده المقدسي بقوله: وهذا تجر من غير تحر ا ه.
قلت: ووجهه أولا منع كونه بحثا بل ظاهر كلام الفتح أنه منقول، كيف وهو موافق لما قدمناه عن أنفع الوسائل عن النهاية عند قول الشارح إلا إذا تنازعا وثانيا ما قاله في النهر: من أنه ينبغي أن يكون معناه أنه بين سبب الاعسار وشهدوا به، وما في البحر مدفوع بأنهم لم يشهدوا بيسار حادث، بل بما هو سابق على الاعسار الحادث، وبينة الاعسار تحدث أمرا عارضا ا ه.
لكن يظهر لي أن بيان سبب الاعسار غير لازم، بل يكفي قولهم إنه أعسر بعد ذلك.
تأمل.
تنبيه: قال البيري وفي أوضح رمز ناقلا عن المستصفى: واعم أن بينة الاعسار إنما تقبل إذا قالوا إنه كثير العيال وضيق الحال، أما إذا قالوا لا مال له لا تقبل ا ه.
قوله: (فتقدم) الاولى حذف الفاء ط.
قوله: (قبلت) لان المقصود منها دوام الحبس عليه.
بحر عن البزازية.
قوله: (وإلا الخ) أي بأن بينوا مقدار ما يملك لم يمكن قبولها.
قوله: (لانها قامت للمحبوس الخ) أي على إثبات ملكه لقدر(5/531)
معين.
قال في القنية: وقولهم: أي الشهود إنه موسى كذلك فيقبل ا ه.
قلت: وحاصله أن الشهود لو قالوا إنه يملك الشئ الفلاني مثلا لا تقبل، لانه يقول لا أملك شيئا وهم يشهدون له بأن ذلك الشئ ملكه، والبينة لا تقبل للمنكر بل تقبل عليه، وهذه شهادة له صريحا وتتضمن الشهادة عليه بيساره إدامة حبسه، وإذا بطل الصريح بطل ما في ضمنه، بخلاف قولهم إنه موسر فإنها شهادة عليه صريحا، وإن كان قولهم إنه موسر يتضمن الشهادة بأنه يملك قدر الدين أو أكثر فإنها ليست بشهادة له، إذ ليس فيها إثبات شئ معين أو مقدار قدر الدين لان اليسار أعم، وأيضا فإنها ضمنية لا صريحة، بل الصريح منها قصد إدامة حبسه، فافهم.
قوله: (وسيجئ في الحجر) قدمنا عبارته فيه.
قوله: (وحينئذ فلا يتأبد حبسه) أي على قولهما، وكذا على قوله إن كان ماله غير عقار ولا عرض بل كان من الاثمان ولو خلاف جنس الدين كما قدمناه.
قوله: (ولا يحبس لما مضى الخ) اعلم أن نفقة الزوجة لا تصير دينا على الزوج إلا بالقضاء أو الرضا، فإذا مضت مدة قبل القضاء أو الرضا سقطت عنه، والمراد بالمدة شهر فأكثر، وكذا نفقة الولد الصغير الفقير، وأما نفقة سائر الاقارب فإنها تسقط بالمضي، ولو بعد القضاء أو الرضا، إلا إذا كانت مستدانة بأمر قاض فلا تسقط بالمضي، هذا حاصل ما قدمه الشارح في النفقات.
لكن ما ذكره من كون الصغير كالزوجة نقله هناك عن الزيلعي، وقدمنا هناك أنه مخالف لاطلاق المتون والشروح، ولما صرح به في الهداية والذخيرة وشرح أدب القضاء والخانية من أن نفقة الولد والوالدين والارحام إذا قضى بها ومضت مدة سقطت.
قوله: (وإن قضى بها) أفاد أنه إذا لم يقض بها لا يحبس بها بالاولى لانها لم تصر دينا أصلا، وأما إذا قضى بها ومثله الرضا فلانها ليست بدل مال ولا ملتزمة بعقد على ما مر: أي في قوله: لا يحبس في غيره إن ادعى الفقر كما مر تقريره.
قوله: (حتى لو برهنت الخ) المناسب حذفه والاقتصار على ما بعده لئلا يتكرر.
قوله: (حبس بطلبها) أي بطلبها حبسه إن كانت النفقة مقضيا بها أو متراضى عليها.
قوله: (كما لو أبى أن ينفق عليهما) أي كما يحبس الموسر لو امتنع من الانفاق على زوجته وولده الفقير الصغير كما في السراج، وفهم في البحر أنه قيد احترازي عن البالغ الزمن الفقير، وقال: وفيه تأمل لا يخفى.
قال في المنح: وليس كذلك، فإنه في معنى الصغير كما لا يخفى، فيحبس أبوه إذا امتنع من الانفاق عليه كما هو الظاهر ا ه.
وفي الفتح: ويتحقق الامتناع بأن تقدمه في اليوم الثاني من يوم فرض النفقة، وإن كان مقدار النفقة قليلا كالدانق إذا رأى القاضي ذلك، فأما بمجرد فرضها لو طلبت حبسه لم يحبسه، لان العقوبة تستحق بالظلم، وهو بالمنع بعد الوجوب ولم يتحقق، وهذا يقتضي أنه إذا لم يفرض لها ولم ينفق الزوج عليها في يوم ينبغي إذا قدمته في اليوم الثاني أن يأمره بالانفاق، فإن رجع فلم ينفق أوجعه عقوبة، وإن كانت النفقة سقطت بعد الوجوب فهو ظالم لها، وهو قياس ما أسلفناه في باب القسم من قولهم:(5/532)
إذا لم يقسم لها فرافعته يأمره بالقسم وعدم الجور، فإن ذهب ولم يقسم فرافعته أوجعه عقوبة، وإن كان ما ذهب لها من الحق لا يقضي ويحصل به ضرر كبير ا ه.
قوله: (وفروعه) أي وبقية فروعه كالاناث والولد البالغ الزمن، وهذا بناء على ما مر من أن الصغير غير قيد.
قوله: (وهل يحبس لمحرمه لو أبى لم أره) أصل التوقف لصاحب الشرنبلالية.
قلت: إذا حبس الاب فغيره بالاولى، مع أنا قدمنا في آخر النفقات التصريح بذلك عن البدائع فإنه قال: ويحبس في نفقة الاقارب كالزوجات، أما غير الاب فلا شك فيه، وأما الاب فلان في النفقة ضرورة دفع الهلاك عن الولد ولانها تسقط بمضي الزمان، فلو لم يحبس سقط حق الولد رأسا فكان في حبسه دفع الهلاك واستدراك الحق عن الفوات، لان حبسه يحمله على الاداء ا ه.
وقدمنا هناك أن هذا خلاف ما عزاه الشارح إلى البدائع.
قوله: (وظاهر تقييدهم) أي بالولد، فإن عبارة الكنز وغيره: ويحبس الرجل بنفقة زوجته لا في دين ولده، إلا إذا امتنع من الانفاق عليه، ولا يخفى أنها لا تفيد عدم الحبس في نفقة غير الولد.
قوله: (لكن ما مر) أي في أول الباب.
قوله: (يفيده) أي يفيد حبسه بالامتناع عن نفقة القريب المحرم حيث عبر بالمحبوس.
قوله: (فتأمل عند الفتوى) أي حيث حصل الاضطراب في فهم هذا الحكم من كلامهم فلا تعجل في الفتوى.
قلت: وبما نقلناه عن البدائع زال الاضطراب واتضح الجواب، فافهم.
قوله: (وسيجئ) أي في آخر الباب، ويأتي الكلام عليه.
قوله: (لا يحبس أهل الخ) أي ولو جد الام لانه لا قصاص عليه بقتل ولد بنته، فكذا لا يحبس بدينه، وقيد بالاصل لان الولد يحبس بدين أصله، وكذا القريب بدين
قريبه كما في الخانية.
بحر.
وسيذكر الشارح آخر الباب نظما جماعة ممن لا يحبس وسيأتي عدتهم عشرة.
قوله: (بل يقضي القاضي الخ) أفاد أنه لا فرق في عدم الحبس بين الموسر والمعسر، لكن يبيع القاضي مال الاب لقضاء دين ابنه إذا امتنع، لانه لا طريق له إلا البيع وإلا ضاع.
أفاده في البحر.
وذكر في جواهر الفتاوى: لا يحبس الاب إلا إذا تمرد على الحاكم ا ه.
لكن ما ذكر من أن القاضي يقضي دينه يغني عن حبسه ذكره الرملي عن المصنف.
قوله: (من عين ماله) أي إن كان من جنس الدين، وقوله: أو قيمته أي إن كان من غير جنسه، كما لو كان الدين دراهم والمال دنانير فتباع الدنانير بالدراهم ويقضي بها الدين عند الامام وصاحبيه.
قوله: (والصحيح الخ) مقابله أنه يبيع عندهما المنقول دون العقار، وأما عنده فلا يبيع المنقول ولا العقار، وقدمنا أن المفتى به قولهما.
مطلب في استخلاف القاضي نائبا عنه قوله: (ولا يستخلف قاض الخ) أي ولو بعذر.
بحر عن العناية، فدخل فيه ما لو وقعت له حادثة فلا يستخلف بلا تفويض.
ففي البحر عن السراجية: القاضي إذا وقعت له حادثة أو لولده فأناب غيره وكان من أهل الانابة وتخاصما عنده وقضى له أو لولده جاز.
ثم قال: وقد سئلت عن(5/533)
صحة تولية القاضي ابنه قاضيا حيث كان مأذونا له بالاستخلاف فأجبت بنعم، وشمل إطلاقه الاستخلاف ما إذا كان مذهب الخليفة موافقا لمذهبه إلى مخالفا.
ثم قال: وظاهر إطلاقهم أن المأذون له بالاستخلاف يملكه قبل الوصول إلى محل قضائه، وقد جرت عادتهم بذلك، وسئلت عنه فأجبت بذلك ا ه.
ثم نقل عن شرح أدب القضاء أنه ذكر في موضع أن القاضي إنما يصير قاضيا إذا بلغ إلى الموضع، ألا ترى أن الاول لا ينعزل ما لم يبلغ هو البلد، وفي موضع آخر: ينبغي له أن يقدم نائبه قبل وصوله ليتعرف عن أحوال الناس ا ه.
فالاول يفيد أنه لا يملكه قبل وصوله، إلا أن يقال: إن قاضي القضاة مأذون بذلك من السلطان، وهو الواقع الآن ا ه ملخصا.
قلت: وما نقله ثانيا صريح في أن له الانابة قبل وصوله، والتعليل بالتعرف عن أحوال الناس لا ينافي أن للنائب القضاء قبل وصول المنيب، لان التعرف يكون بالقضاء، فحينئذ إذا وصل نائبه
فالظاهر انعزال الاول، لان النائب قائم مقام المنيب، وقد عللوا لعدم انعزال الاول قبل وصول الثاني بصيانة المسلمين عن تعطيل قضاياهم وبوصول نائب الثاني لا تتعطل قضاياهم، وحيث كان الواقع الآن هو الاذن من السلطان فلا كلام، وبه اندفع ما قيل إنه لا يعول على ما أفتى به في البحر.
قوله: (إلا إذا فوض إليه) ومثله نائب القاضي.
قال في البحر وفي الخلاصة: الخليفة إذا أذن للقاضي في الاستخلاف فاستخلف رجلا وأذن له في الاستخلاف جاز له الاستخلاف ثم وثم ا ه.
قوله: (ول من شئت واستبدل) هذا تنظير لا تمثيل: أي فإنه في الدلالة يملك الاستخلاف والعزل نظير ما لو صرح بهما.
قوله: (أو استخلف من شئت) لا يصح عطفه على قوله: واستبدل لانه يقتضي أنه لو قال ول من شئت واستخلف من شئت يملك العزل أيضا، وليس كذلك لان استخلف بمعنى ول، بل نص في البحر في هذه الصورة على أنه لا يملك العزل فتعين عطفه على قوله: ول وعليه فكان المناسب أن يقول كقوله ول أو استخلف من شئت واستبدل.
قوله: (فإن قاضي القضاة الخ) في موضع التعليل لقوله: وفي الدلالة يملكها.
قوله: (فيهم) أي في القضاة.
قوله: (تقليدا وعزلا) تفسير للاطلاق.
قوله: (فإنه يستخلف بلا تفويض) فإن كان قبل شروعه لحدث أصابه لم يجز أن يستخلف إلا من كان شهد الخطبة، وإن بعد الشروع فاستخلف من لم يشهدها جاز.
نهر: أي لانه بان وليس بمفتتح والخطبة شرط الافتتاح، وقد وجد في حق الاصل.
فتح واعترض بما لو استخلف شخصا لم يشهد الخطبة ثم أفسد صلاته ثم افتتح بهم الجمعة فإنه يجوز.
وأجيب بأنه لما صح شروعه فيها وصار خليفة للاول التحق بمن شهدها، واستظهر في العناية الجواب بإلحاقه بالباني لتقدم شروعه فيها.
قوله: (للاذن دلالة) لان المولى عالم بتوقتها، وأنه إذا عرض عارض فاتت لا إلى خلف، ومعلوم أن الانسان غرض للاعراض فتح.
قال في النهر: وهو ظاهر في جواز الاستخلاف للمرض ونحوه، وتقييد الزيلعي(5/534)
بالحدث لا دليل عليه، وقدمنا في الجمعة مسألة الاستنابة بغير عذر فارجع إليه ا ه.
وحاصل ما مر في الجمعة أنه قيل: لا يصح الاستخلاف بلا إذن السلطان إلا إذا سبقه الحدث فيها.
وقيل إن لضرورة جاز: أي لحدث أو غيره، وإلا فلا.
وقيل يجوز مطلقا، وعليه مشى في شرح
المنية والبحر والنهر، وكذا الشرنبلالي والمصنف والشارح.
قوله: (وما ذكره منلا خسرو) أي في الدرر والغرر من باب الجمعة من أنه لا يستخلف للصلاة ابتداء بل بعد ما أحدث، إلا إذا كان مأذونا من السلطان بالاستخلاف ا ه.
وهو ما مر عن الزيلعي.
قوله: (وقد مر في الجمعة) ومر أيضا هناك عن العلامة محب الدين بن جرباش في النجعة في تعداد الجمعة أن إذن السلطان بإقامة الخطبة شرط أول مرة للباني، فيكون الاذن منسحبا لتولية النظار الخطباء وإقامة الخطيب نائبا، ولا يشترط الاذن لكل خطيب ا ه بحر.
وقدمنا هناك نحوه عن فتاوي ابن الجلبي وذكرنا هناك أن معناه أن إذن السلطان شرط في أول مرة، فإذا أذن لشخص بإقامتها كان له الاذن لآخر، وللآخر الاذن لآخر وهكذا، وليس المراد أن إذن السلطان بإقامتها أول مرة يكون إذنا لكل من أراد إقامتها في ذلك المسجد بدون إذن من السلطان أو من مأذونه كما يوهمه ظاهر العبارة، وتقدم تمامه فراجعه.
قوله: (المفوض إليه) بالجر نعت للقاضي.
قوله: (بغير تفويض منه) أي في السلطان.
درر.
قوله: (كوكيل وكل) أي بإذن الموكل فإنه لا يملك عزله ولا ينعزل بموته، وينعزلان بموت الموكل، بخلاف الوصي حيث يملك الايصاء إلى غيره، ويملك التوكيل والعزل في حياته لرضا الموصي بذلك دلالة لعجزه.
بحر.
قوله: (وكذا لا ينعزل أيضا بعزله) أي لا ينعزل النائب بعزل القاضي: أي بعزل السلطان له.
قوله: (ولا بموته) أي موت القاضي المستنيب.
قوله: (ولا بموت السلطان) أي لا ينعزل النائب به كما لا ينعزل المستنيب، بخلاف موت الموكل فإنه ينعزل به الوكيل، والفرق كما في وكالة الزيلعي أن السلطان عامل للمسلمين فلا ينعزل بموت القاضي الذي ولاه هو أو ولاه القاضي بإذنه، والموكل عامل لنفسه فينعزل وكيله بموته لبطلان حقه.
قوله: (بل بعزله) أي بعزل السلطان للنائب.
قوله: (واعتمده في الدرر) أي في متنها حيث قال: ولا ينعزل: أي نائب القاضي بخروجه: أي القاضي عن القضاء، وقال في الملتقى: فنائبه لا ينعزل بعزله ولا بموته، بل هو نائب السلطان الاصيل ا ه.
فالضمير راجع إلى عدم عزل النائب بموته القاضي أو بعزله ط.
قوله: (وتمامه في الاشباه) قال فيها: فتحرر من ذلك اختلاف المشايخ في انعزال النائب بعزل القاضي وموته، وقول البزازية: الفتوى على أنه لا ينعزل بعزل القاضي، يدل على أن الفتوى على أنه لا ينعزل بموته بالاولى، ثم نقل عن التاترخانية: القاضي رسول
عن السلطان في نصب النواب ا ه ط.
قوله: (وفي فتاوى المصنف الخ) حيث سئل عما ذكره ابن الغرس، من أن نائب القاضي في زماننا ينعزل بعزله أو بموته فإنه نائبه من كل وجه.
أجاب: لا يعتمد على ما ذكره ابن الغرس لمخالفته للمذهب، فقد نقل الثقات أن النائب ينعزل بعزل الاصيل ولا(5/535)
بموته.
قال الزيلعي: من كتاب الوكالة لا يملك القاضي الاستخلاف إلا بإذن الخليفة، ثم لا ينعزل بعزل القاضي الاول ولا بموته، وينعزلان بعزل الخليفة لهما ولا ينعزلان بموته، وهو المعتمد في المذهب، ولم نر خلافا في المسألة، والله سبحانه أعلم ا ه لكن الخلاف موجود كما مر عن الاشباه.
قوله: (صح قضاؤه لو أهلا) في التاترخانية عن المحيط: ولو أن السلطان لم يأذن له في الاستخلاف، فأمر رجلا فحكم بين اثنين لم يجز حكمه، ثم إن القاضي لو أجاز ذلك الحكم ينظر: إن كان بحال يجوز حكمه لو كان قاضيا جاز إمضاء القاضي حكمه، وإن كان بحال لا يجوز حكمه لو كان قاضيا ينظر: إن كان ممن يختلف فيه الفقهاء كالمحدود في القذف جاز إمضاؤه ذلك، وإن كان عبدا أو صبيا لم يجز.
قوله: (بل لو قضى فضولي) أي من غير استخلاف أصلا.
قوله: (أو هو) أي القاضي كما لو كان مولى في كل أسبوع يومين، فقضى في غير اليومين توقف قضاؤه، فإن أجازه في نوبته جاز.
جامع الفصولين.
قوله: (في القضاء) أي ليس خاصا بعقد نحو البيع والنكاح.
قوله: (ففوض لغيره صح) ظاهره ولو بدون الاذن الصريح، لانه مأذون دلالة للعلم بأن قضاءه بنفسه لا يصح.
تأمل.
قوله: (ولو عتق الخ) ومثله لو فرض لكافر فأسلم فهو على قضائه عند محمد كما قدمناه عند قوله: أهله أهل الشهادة وقدمنا هناك وجه الفرق بينهما وبين الصبي، حيث يحتاج إلى تجديد التفويض.
قوله: (خرح المحكم) فإنه إذا رفع حكمه إلى قاض أمضاه إن وافق مذهبه، وإلا أبطله لان حكمه لا يرفع خلافا كما يأتي في التحكيم ح.
قوله: (ودخل الميت الخ) وكذا قاضي البغاة، فإذا رفع إلى قاضي العدل نفذه كما ذكره الشارح عند قول المصنف فيما مر ويجوز تقليد القضاء من السلطان العادل والجائز وأهل البغي وقدمنا فيه ثلاثة أقوال، وأن المعتمد أنه ينفذه وافق رأيه أو لا، فافهم.
قوله: (والمخالف لرأيه) أي رأي القاضي المرفوع إليه الحكم، لكن فيه تفصيل يأتي قريبا، وأما لو كان
القاضي الاول حكم بخلاف رأيه، فسيأتي في قول المصنف قضى في مجتهد فيه الخ.
مطلب في عموم النكرة في سياق الشرط قوله: (لانه نكرة الخ) تعليل لقوله: ودخل الخ قصد به الرد على الزيلعي حيث ذكر أن كلام المصنف يوهم اختصاصه بما إذا كان موافقا لرأيه، وقد تبع الشارح في هذا التعليل صاحب البحر.
وفيه نظر، وكان المناسب أن يقول بدله لانه مطلق عن التقييد.
أما العموم فممنوع لما صرحوا به في كتب الاصول كالتحرير وغيره من أن النكرة إنما تعم نصا إذا وقعت في سياق النفي، ومنه وقوعها في الشرط المثبت إذا كان يمينا، لانها تكون على النفي كقوله: إن كلمت رجلا فعبدي حر، فإن الحلف على نفيه، فالمعنى: لا أكلم رجلا، فهي نكرة في سياق النفي فتعم.
ولهذا لا تعم في الشرط المثبت.
مثل: إن لم أكلم رجلا، لانه على الاثبات، كأنه قال: لاكلمن رجلا فلا تعم.
وأما الشرط في(5/536)
غير اليمين مثل، إن جاءك رجل فأطعمه فليس نصا في العموم، ومثله ما نحن فيه فافهم.
مطلب: ما ينفذ من القضاء وما لا ينفذ قوله: (إذ حكم نفسه قبل ذلك) أي قبل الرفع إليه كذلك: أي كحكم قاض آخر في أنه ينفذه إذا رفع إليه، ويكون هذا رافعا للخلاف فيه، ولا يحتاج في نفوذه على المخالف إلى قاض آخر، لكن ذكر ذلك ابن الغرس سؤالا، وأجاب عنه بأنه لا يصح، لانه غير ممكن شرعا، إذ القاضي لا يقضي لنفسه بالاجماع، والحكم به حكم بصحة فعل نفس فيلغو ا ه.
قلت: هذا ظاهر بالنسبة إلى رفع الخلاف، أما بالنسبة إلى منع الخصم وإلزامه به فلا، فتأمل.
قوله: (نفذه) أي يجب عليه تنفيذه (قوله لو مجتهدا فيه) بنصب مجتهدا خبرا لكان المقدرة بعد الواو واسمها ضمير عائد إلى حكم العائد إليه ضمير نفذه.
ثم اعلم أنهم قسموا الحكم ثلاثة أقسام: قسم يرد بكل حال، وهو ما خالف النص أو الاجماع كما يأتي وقسم يمضي بكل حال، وهو الحكم في محل الاجتهاد بأن يكون الخلاف في المسألة وسبب القضاء، وأمثلته كثيرة، منها: لو قضى بشهادة المحدودين بالقذف بعد التوبة وكان يراه كشافعي، فإذا
رفع إلى قاض آخر لا يراه كحنفي يمضيه ولا يبطله، وكذا لو قضى لامرأة بشهادة زوجها وآخر أجنبي فرفع لمن لا يجيز هذه الشهادة أمضاه، لان الاول قضى بمجتهد فيه فينفذ لان المجتهد فيه سبب القضاء، وهو أن شهادة هؤلاء هل تصير حجة للحكم أم لا؟ فالخلاف في المسألة وسبب الحكم لا في نفس الحكم، وكذا لو سمع البينة على الغائب بلا وكيل عنه وقضى بها ينفذ، لان المجتهد فيه سبب القضاء، وهو أن البينة هل تكون حجة بلا خصم حاضر، فإذا رآها صح.
وسيأتي اختلاف الترجيح في الاخيرة.
وقسم اختلفوا فيه: وهو الحكم المجتهد فيه وهو ما يقع الخلاف فيه بعد وجود الحكم، فقيل ينفذ، وقيل يتوقف على إمضاء قاض آخر وهو الصحيح كما في الزيلعي وغيره، وبه جزم في الخانية.
وحكى ابن الشحنة في رسالته المؤلفة في الشهادة على الخط عن جده ترجيح الاول، فإذا رفع إلى الثاني فأمضاه يصير كأن القاضي الثاني حكم في فصل مجتهد فيه فليس للثالث نقضه، ولو أبطله الثاني بطل، وليس لاحد أن يجيزه، كما لو قضى لولده على أجنبي أو لامرأته أو كان القاضي محدودا في قذف، لان نفس القضاء مختلف فيه، وسيشير الشارح إلى القسم الاخير، وتمام الكلام على ذلك في رسالة ابن الشحنة المذكورة والبزازية، وسيأتي له مزيد تحقيق.
قوله: (عالما) حال من قول المصنف قاض آخر وساغ مجئ الحال منه وهو نكرة لتخصصها بالوصف وهو آخر، ولا يصح كونه خبرا بعد خبر لكان المقدرة بعد لو في قوله: لو مجتهدا فيه لان الضمير المستتر فيها عائد إلى الحكم كما علمت، فيلزم أن يكون الضمير المستتر في عالما عائدا إلى الحكم أيضا، ولا يصح.
مطلب مهم في قولهم يشترط كون القاضي عالما باختلاف الفقهاء قوله: (عالما باختلاف الفقهاء فيه الخ) أقول: ذكر ذلك أيضا في البحر، فذكر أن هذا شرط نفاذ القضاء في ظاهر المذهب، ثم ذكر عبارة الخلاصة، ثم قال: والتحقيق المعتمد أن علمه يكون ما حكم به مجتهدا فيه شرط، وأما علمه بكون المسألة اجتهادية فلا، ويدل عليه ما في التفاوى الصغرى(5/537)
ا ه.
ثم ذكر مسألة قضاء القاضي مخالفا لرأيه، وأطال الكلام عليها.
وسيذكره المصنف في قوله: قضى في مجتهد فيه بخلاف رأيه الخ، ويأتي الكلام عليها، وهذه غير مسألة اشتراط العلم التي نحن(5/538)
حاشية رد المحتار - ابن عابدين ج 6
حاشية رد المحتار
ابن عابدين ج 6(6/)
حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان لخاتمة المحققين محمد أمين الشهير بإبن عابدين ويليه تكملة إبن عابدين لنجل المؤلف طبعة جديدة منقحة مصححة إشراف مكتب البحوث والدراسات الجزء السادس دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع(6/1)
جميع حقوق إعادة الطبع محفوظة للناشر 1415 ه / 1995 م دار الفكر بيروت - لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكس - تلكس: 41391 فكر ص.
ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 8378053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001(6/2)
كتاب الشهادات قوله: (كإطلاق اليمين) فإن حقيقة اليمين عقد يتقوى به عزم الحالف على الفعل أو الترك في المستقبل.
والغموس: الحلف على ماضي كذبا عمدا.
قوله: (وخاف) أي الشاهد، وقوله: فوته أي الحق.
قوله: (بلا طلب) نظر فيه المقدسي بأن الواجب في هذا إعلام المدعي بما يشهد فإن طلب وجب عليه أن يشهد وإلا لا، إذ يحتمل أنه ترك حقه ط.
قوله: (شرائط مكانها واحد) أي مجلس القضاء.
منح.
قوله: (العقل الكامل وقت التحمل) المراد ما يشمل التمييز بدليل ما سيأتي في الباب الآتي.
قوله: (عشرة عامة) أي في جميع أنواع الشهادة، أما العامة فهي الحرية والبصر والنطق والعدالة، لكن هي شرط وجوب القبول على القاضي لا شرط جوازه، وأن لا يكون محدودا في قذف، وأن لا يجر الشاهد إلى نفسه مغنما ولا يدفع عن نفسه مغرما، فلا تقبل شهادة الفرع لاصله وعكسه، وأحد الزوجين للآخر، وأن لا يكون خصما، فلا تقبل شهادة الوصي لليتيم والوكيل لموكله، وأن يكون عالما بالمشهود به وقت الاداء ذاكرا له، ولا يجوز اعتماده على خطه خلافا لهما.
وأما ما يخص بعضها: فالاسلام إن كان المشهود عليه مسلما والذكورة في الشهادة في الحد والقصاص، وتقدم الدعوى فيما كان من حقوق العباد وموافقتها للدعوى، فإن خالفتها لم تقبل، إلا إذا وفق المدعي عند إمكانه، وقيام الرائحة بالشهادة على شرب الخمر ولم يكن سكران لا لبعد مسافة والاصالة في الشهادة في الحدود والقصاص، وتعذر حضور الاصل في الشهادة على الشهادة، كذا في البحر.
لكنه ذكر أولا أن شرائط الشهادة نوعان: ما هو شرط تحملها، وما هو شرط أدائها؟ فالاول ثلاثة وقد ذكرها الشارح.
والثاني أربعة أنواع: ما يرجع إلى الشاهد، وما يرجع(6/3)
إلى الشهادة وما يرجع إلى مكانها، وما يرجع إلى المشهود به، وذكر أن ما يرجع إلى الشاهد السبعة عشر العامة والخاصة.
وما يرجع إلى الشهادة: لفظ الشهادة، والعدد في الشهادة بما يطلع عليه الرجل، واتفاق الشاهدين.
وما يرجع إلى مكانها واحد وهو مجلس القضاء، وما يرجع إلى المشهود به علم من السبعة الخاصة.
ثم قال: فالحاصل أن شرائطها إحدى وعشرون، فشرائط التحمل ثلاثة وشرائط الاداء سبعة
عشر: منها عشرة شرائط عامة، ومنها سبعة شرائط خاصة: وشرائط نفس الشهادة ثلاثة، وشرائط مكانها واحد ا ه.
ومقتضاه أن شرائط الاداء نوعان لا أربعة كما ذكر أولا، والصواب أن يقول، إنها أربعة وعشرون، ثلاثة منها شرائط التحمل، وإحدى وعشرون شرائط الاداء، منها سبعة عشر شرائط الشاهد وهي عشرة عامة وسبعة خاصة، ومنها ثلاث شرائط لنفس الشهادة، ومنها واحد شرط مكانها، وبهذا يظهر لك ما في كلام الشارح أيضا.
قوله: (أشهد) فلو قال شهدت لا يجوز، لان الماضي موضوع للاخبار عما وقع فيكون غير مخير في الحال س.
قوله: (لتضمنه) أي باعتبار الاشتقاق.
قوله: (معنى مشاهدة) وهي الاطلاع على الشئ عيانا.
قوله: (وقسم) لانه قد استعمل في القسم نحو أشهد بالله لقد كان كذا: أي أقسم س.
قوله: (للحال) ولا يجوز شهدت لان الماضي موضوع للاخبار عما وقع.
قوله: (فتعين الخ) فلذا اقتصر عليه احتياطا واتباعا للمأثور، ولا يخلو عن معنى التعبد إذ لم ينقل غيره ولا كما بسطه في البحر.
قوله: (حتى لو زاد فيما أعلم الخ) فلو قال أشهد بكذا فيما أعلم له تقبل كما لو قال في ظني، بخلاف ما لو قال أشهد بكذا قد علمت، ولو قال لا حق لي قبل فلان فيما أعلم لا يصح الابراء، ولو قال لفلان علي ألف درهم فيما أعلم لا يصح الاقرار، ولو قال المعدل هو عدل فيما أعلم لا يكون تعديلا.
بحر.
قوله: (ثلاث) خوف ريبة ورجاء صلح أقارب وإذا استمهل المدعي س.
قوله: (قدمناها) أي قبيل باب التحكيم ح.
قوله: (إن لم ير الوجوب) نقله في أول قضاء البحر عن شرح الكنزل لباكير.
قوله: (وأطلق الكافيجي) أي في رسالته (سيف القضاة على البغاة) حيث قال، حتى لو أخر الحكم بلا عذر عمدا قالوا إنه يكفر.
قوله: (كما مر) هو قوله: أو خوف فوت حقه.
قوله: (وقرب مكانه) فإن كان بعيدا لا يمكنه أن يغدو إلى القاضي لاداء الشهادة ويرجع إلى أهله في يومه ذلك قالوا يأثم بحيث لانه يلحقه ضرر بذلك(6/4)
، قال تعالى: * (لا يضار كاتب ولا شهيد) * (البقرة: 282) بحر.
قوله: (إن لم يوجد بدله) هذا هو خامس الشروط.
أما الاثنان الباقيان فهما أن لا يعلم بطلان المشهود به، وأن لا يعلم أن المقر أقر خوفا ح.
قوله: (أخذ الاجرة) لينظر مع ما تقدم من قوله: كل ما يجب على القاضي
والمفتي لا يحل لهما أخذ الاجر به وليس خاصا بهما بدليل ما ذكروه من أن غاسل الاموات إذا تعين لا يحل له أخذ الاجر، فتأمل.
قوله: (بلا عذر) بأن كان لهم قوة المشي أو مال يستكرون به الدواب.
قوله: (وبه) أي بالعذر كذا في الهامش.
قوله: (مطلقا) أي سواء صنعه لاجلهم أو لا، ومنعه محمد مطلقا، وبعضهم فصل.
قوله: (أربعة عشر) قدمناها في الوقف ح.
قوله: (حسبة) متعلق بالجرح لا بالشاهد ح قال في الاشباه: تقبل شهادة الحسبة بلا دعوى في طلاق المرأة وعتق الامة والوقف وهلال رمضان وغيره، إلا هلال الفطر والاضحى والحدود إلا حد القذف والسرقة.
واختلفوا في قبولها بلا دعوى في النسب كما في الظهيرية من النسب، وجزم بالقبول ابن وهبان في تدبير الامة وحرمة والخلع والايلاء والظهار، ولا تقبل في عتق العبد بدون دعوى عنده خلافا لهما.
واختلفوا على قوله في الحرية الاصلية والمعتمد لا ا ه.
وفي الظهيرية، إذا شهد اثنان على امرأة أن زوجها طلقها ثلاثا أو على عتق أمة وقالا كان ذلك في العام الماضي جازت شهادتهما، وتأخيرهما لا يوهن شهادتهما.
قيل وينبغي أن يكون ذلك وهنا في شهادتهما إذا علما أنه يمسكها إمساك الزوجات والاماء لان الدعوى ليست شرطا لقبول هذه الشهادة، فإذا أخروها صاروا فسقة ا ه.
كذا في الهامش.
فرع: في المجتبى عن الفضلي: تحمل الشهادة فرض على الكفاية كأدائها وإلا لضاعت الحقوق، وعلى هذا الكاتب، إلا أنه يجوز له أخذ الاجرة على الكتابة دون الشهادة فيمن تعينت عليه بإجماع الفقهاء، وكذا من لم تتعين عليه عندنا وهو قول للشافعي، وفي قول: يجوز لعدم تعينه عليه ا ه شلبي اه ط.
قوله: (ثمانية عشر) أي بزيادة عتق العبد وتدبيره والرضاع والجرح.
وأما طلاق المرأة وعتق الامة وتدبيرها فمن الاربعة عشر ح.
قوله: (إلا في الوقف) يعني إذا ادعى الموقوف عليه أصل الوقف(6/5)
تسمع عند البعض، والمفتى به عدم سماعها إلا بتولية كما تقدم في الوقف ح.
قوله: (والاولى أن يقول الخ) فيه إشارة إلى أن المراد ستر أسباب الحدود.
منهوات ابن كمال.
قوله: (ونصابها) لم يقل
وشرطها: أي كما قال في الكنز لما سيأتي أن المرأة ليست بشرط في الولادة وأختيها.
ابن كمال.
قوله: (أربعة رجال) فلا تقبل شهادة النساء.
قوله: (ابن زوجها) أي إذا كان الاب مدعيا.
قال في البحر: اعلم أنه يجوز أن يكون من الاربعة ابن زوجها.
وحاصل ما ذكره في المحيط البرهاني: أن الرجل إذا كان له امرأتان ولاحداهما خمس بنين فشهد أربعة منهم على أخيهم أنه زنى بامرأة أبيهم تقبل، إلا إذا كان الاب مدعيا أو كانت أمهم حية اه.
قوله: (فأعتقه) أي حكم بعتقه.
قوله: (لو وارثه) بأن لم يكن له وارث غيره وإلا لوارثه.
قوله: (والقود) شمل القود في النفس والعضو، وقيد به لما في الخانية: ولو شهد رجل وامرأتان بقتل الخطأ أو بقتل يوجب القصاص تقبل شهادتهم، وقوله: بخلاف الانثى أي فإنه يقبل على إسلامها بشهادة رجل وامرأتين، بل في المقدسي: لو شهد نصرانيان على نصرانية: أي أنها أسلمت جاز وتجبر على الاسلام.
قلت: وينبغي في النصراني كذلك فيجبر ولا تقبل، ورأيته في الولوالجية انتهى سائحاني.
وانظر لم لم يقل كذلك في شهادة رجل وامرأتين على إسلامه لكنه يعلم بالاولى، وصرح به في البحر عن المحيط عند قوله والذمي على مثله، وانظر ما مر في باب المرتد عن الدرر.
قوله: (ومنه) أي من القود ح.
قوله: (لقتله) أي إن أصر على كفره.
قوله: (بخلاف الانثى) فإنها لا تقبل، فتقبل شهادة رجل وامرأتين فلذا قيد بذكر.
قوله: (رجلان) في البحر: لو قضى بشهادة رجل وامرأتين في الحدود والقصاص وهو يراه أو لا يراه ثم رفع إلى قاض آخر أمضاه.
وفي الخانية: رجل قال إن شربت الخمر فمملوكي حر فشهد رجل وامرأتان أنه شربه عتق العبد ولا يحد السيد، وعلى قياس هذا إن سرقت، والفتوى على قول أبي يوسف فيهما، كذا في الهامش.
قوله: (إلا المعلق فيقع) يعني ما علق على شئ مما يوجب الحد أو القود لا يشترط فيه رجلان بل يثبت برجل وامرأتين، وإن كان المعلق عليه لا يثبت بذلك.
قاله في البحر.
قوله: (كما مر) أي قريبا.
قوله: (وللولادة) لم يذكرها في الاصلاح.
قال: لان شهادة امرأة واحدة على الولادة إنما تكفي عندهما، خلافا له على ما مر في باب ثبوت النسب، وأما شهادتهما على الاستهلال فتقبل بالاجماع في
حق الصلاة، إنما قلنا في حق الصلاة لان في حق الارث لا تقبل عنده خلافا لهما ا ه.
قوله: (عندهما) قيد للارث، وأما في حق الصلاة فتقبل اتفاقا كما في المنح.
قوله: (وعيوب النساء) أي كما(6/6)
لو اشترى جارية فادعى أن بها قرنا أو رتقا، لكن ذكر في المنح في باب خيار العيب عند قوله ادعى إباقا: أن ما لا يعرفه إلا النساء يقبل في قيامه للحال قول امرأة ثقة، ثم إن كان بعد القبض لا يرد بقولها، بل لا بد من تحليف البائع، وإن كان قبله فكذلك عند محمد.
وعند أبي يوسف: يرد بقولهن بلا يمين البائع ا ه.
وفي الفتح قبيل باب خيار الرؤية: أن الاصل أن القول لمن تمسك بالاصل.
وأن شهادة النساء بانفرادهن فيما لا يطلع عليه الرجال حجة إذا تأيدت بمؤيد، وإلا تعتبر لتوجه الخصومة لا لالزام الخصم.
ثم ذكر أنه لو اشترى جارية على أنها بكر ثم اختلفا قبل القبض أو بعده في بكارتها يريها القاضي النساء، فإن قلن بكر لزم المشتري لان شهادتهن تأيدت بأن الاصل البكارة، وإن قلن ثيب لم يثبت حق الفسخ بشهادتهن لانها حجة قوية لم تتأيد بمؤيد، لكن تثبت حق الفسخ بشهادتهن لانها حجة قوية لم تتأيد بمؤيد، لكن تثبت الخصومة ليتوجه اليمين على البائع فيحلف بالله لقد سلمتها بحكم البيع وهي بكر، فإن نكل ردت عليه، وإلا فلا اه ملخصا.
قوله: (رجل واحد) قال في المنح: وأشار بقوله: فيما لا يطلع عليه الرجال إلى أن الرجل لو شهد لا تقبل شهادته، وهو محمول على ما إذا قال تعمدت النظر.
أما إذا شهد بالولادة فاجأتها فاتفق نظري عليها تقبل شهادته إذا كان عدلا كما في المبسوط اه.
قوله: (لغيرها) أي لغير الحدود والقصاص وما لا يطلع عليها الرجال.
منح.
فشمل القتل خطأ والقتل الذي لا قصاص فيه لان موجبه المال، وكذا تقبل فيه الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي.
رملي عن الخانية، وتمامه فيه.
قوله: (ولو للارث) في بعض النسخ لو بلا واو، والظاهر حذفها.
تأمل.
وقوله: للارث أي عند الامام.
قال في المنح: والعتاق والنسب.
قوله: (في حوادث الخ) مكرر مع تقدم.
قوله: (فتذكر إحداهما الاخرى) حكى أن أم بشر شهدت عند الحاكم فقال الحاكم فرقوا بينهما فقالت ليس لك ذلك، قال الله تعالى: * (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الاخرى) * (البقرة: 282) فسكت الحاكم، كذا في الملتقط.
بحر.
قوله: (وتوابعها) كالاجل وشرط الخيار.
قوله: (لفظ أشهد) قال في اليعقوبية: والعراقيون لا يشترطون لفظ الشهادة في شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال فيجعلونها من باب الاخبار لا من باب الشهادة.
والصحيح ما في الكتاب لانه من باب الشهادة ولهذا شرط فيه شرائط الشهادة من الحرية ومجلس الحكم وغيرها ا ه.
قوله: (لوجوبه) أي لوجوب القضاء على القاضي.
(منح).
قوله: (العدل) قال في الذخيرة.
وأحسن ما قيل في تفسير العدالة: أن يكون مجتنبا للكبائر، ولا(6/7)
يكون مصرا على الصغائر، ويكون صلاحه أكثر من فساده وصوابه أكير من خطئه اه فقال.
قوله: (لا لصحته) أي لصحة القاضي يعني نفاذه.
منح.
قوله: (بشهادة فاسق نفذ) قال في جامع الفتاوى: وأما شهادة الفاسق، فإن تحرى القاضي الصدق في شهادته تقبل، وإلا فلا اه فقال، وفي الفتاوى القاعدية: هذا إذا غلب على ظنه صدقه وهو مما يحفظ.
درر أول كتاب القضاء.
وظاهر قوله وهو مما يحفظ اعتماده اه.
قوله: (بحر) الذي في البحر أنه رواية عن الثاني.
قوله: (النص) وهو قوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * (الطلاق: 2) وأجبنا عنه أول القضاء.
قوله: (يحتاج الشاهد الخ).
فرع: في البزازية: كتب شهادته فقرأها بعضهم فقال الشاهد أشهد أن لهذا المدعي على هذا المدعى عليه كل ما سمى ووصف في هذا الكتاب، أو قال هذا المدعي الذي قرئ ووصف في هذا الكتاب في يد هذا المدعى عليه بغير حق وعليه تسليمه إلى هذا المدعي يقبل، لان الحاجة تدعو إليه لطول الشهادة ولعجز الشاهد عن البيان ا ه.
قوله: (أو بلقبه) وكذا بصفته، كما أفتى به في الحامدية فيمن يشهد أن المرأة التي قتلت في سوق كذا يوم كذا في وقت كذا قتلها فلان تقبل بلا بيان اسمها وأبيها حيث كانت معروفة لم يشاركها في ذلك غيرها.
قوله: (جامع الفصولين) أي في الفصل التاسع.
قوله: (يسأل) أي وجوبا وليس بشرط للصحة عندهما كما أوضحه في البحر.
وفيه: ومحل السؤال عن قولها عند جهل القاضي بحالهم، ولذا قال في الملتقط: القاضي إذا عرف الشهود بجرح أو عدالة لا يسأل عنهم ا ه.
قوله: (به يفتى) مرتبط بقوله وعندهما يسأل في الكل.
قال في البحر: والحاصل أنه إن طعن الخصم سأل عنه في الكل وإلا سأل في الحدود والقصاص، وفي غيرها محل الاختلاف.
وقيل هذا اختلاف عصر وزمان، والفتوى على قولهما في هذا الزمان، كذا في الهداية انتهى.
فكان ينبغي للمصنف أن يقدمه على قوله: سرا وعلنا لئلا يوهم خلاف المراد فإنه سينقل أن الفتوى الاكتفاء بالسر، وجزم به ابن الكمال في متنه.
وذكر في البحر أن(6/8)
ما في الكنز خلاف المفتى به، وبه ظهر أن ما يفعل في زماننا من الاكتفاء بالعلانية خلاف المفتى به، بل في البحر لا بد من تقديم تزكية السر على العلانية، لما في الملتقط عن أبي يوسف: لا أقبل تزكية العلانية حتى يزكى في السر اه فتنبه.
قوله: (الرابع) والامام في القرن الثالث الذي شهد له رسول الله (ص) بالخيرية.
قوله: (هو عدل) أي وجائز الشهادة.
قال في الكافي: ثم قيل لا بد أن يقول المعدل هو عدل جائز الشهادة، إذ العبد والمحدود في القذف إذا تاب قد يعدل.
والاصح أن يكتفي بقوله هو عدل لثبوت الحرية بالدر، كذا في الهامش، لكن في البحر: واختار السرخسي أنه لا يكتفي بقوله هو عدل، لان المحدود في قذف بعد التوبة عدل غير جائز الشهادة، وينبغي ترجيحه اه.
وفي الهامش قوله قول المزكي الخ أو يكتب في ذلك القرطاس تحت اسمه هو عدل، ومن عرف في الفسق لا يكتب شيئا احترازا عن الهتك أو يكتب الله أعلم.
درر.
قوله: (الحرية) مخالف لما نقل في بعض الشروح عن الجامع الكبير من أن الناس أحرار إلا في الشهادة والحدود والقصاص كما لا يخفى، فليتأمل.
يعقوبية.
لكن ذكر في البحر عن الزيلعي أن هذا محمول على ما إذا طعن الخصم بالرق كما قيده القدوري ا ه.
قوله: (بالمحدود) أي قولهم الاصل فيمن كان في دار الاسلام الحرية بمفهوم الموافقة المسمى بدلالة النص جواب عن النقض بالمحدود في القذف الوارد على ما تقدم، فإن العدالة لا تستلزم عدم الحد في القذف، وإنما دل بمفهوم الموافقة لان الاصل فيمن كان في دار الاسلام عدم الحد في القذف أيضا فهو مساو.
ح قوله: (والتعديل) أي التزكية.
قوله: (من الخصم) أي المدعى عليه والمدعي بالاولى، وأطلقه فشمل ما إذا عدله المدعى عليه قبل الشهادة أو بعدها كما في البزازية، ويحتاج إلى تأمل، فإنه قبل الدعوى لم يوجد منه كذب في إنكاره وقت التعديل، وكان الفسق الطارئ
على المعدل قبل القضاء كالمقارن.
بحر.
قوله: (لم يصلح) أي لم يصلح مزكيا.
قال في الهامش: لان من زعم المدعي وشهوده أن المدعى عليه كاذب في الانكار وتزكية الكاذب الفاسق، لا تصح، هذا عند الامام.
وعندهما تصح إن كان من أهله بأن كان عدلا، لكن عند محمد لا بد من ضم آخر إليه.
قوله: (عن الاشباه) أي قبيل التحكيم من أن الامام لو أمر قضاته بتحليف الشهود وجب على العلماء أن ينصحوه ويقولوا له الخ.
قوله: (في مثل البيع) ولا بد من بيان الثمن في الشهادة على الشراء وسنوضحه في باب الاختلاف، فراجعه.
قوله: (ولو بالتعاطي) وفيه يشهدون بالاخذ والاعطاء، ولو(6/9)
شهدوا بالبيع جاز.
بحر عن البزازية.
وفيه عن الخلاصة: رجل حضر بيعا ثم احتيج إلى الشهادة للمشتري يشهد له بالملك بسبب الشراء ولا يشهد له بالملك المطلق ا ه.
وفيه: ولا بد من بيان الثمن في الشهادة على الشراء لان الحكم بالشراء بثمن مجهول لا يصح كما في البزازية، وانظر ما سيأتي وما مر.
وفي الهامش عن الدرر: ويقول أشهد أنه باع أو أقر لانه عاين السبب فوجب عليه الشهادة به كما عاين وهذا إذا كان البيع بالعقد ظاهرا، وإن كان بالتعاطي فكذلك، لان حقيقة البيع مبادلة المال بالمال وقد وجد، وقيل لا يشهدون على البيع بل على الاخذ والاعطاء لانه بيع حكمي لا حقيقي اه.
قوله: (والاقرار) بأن يسمع قول المقر لفلان على كذا.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (ولو بالكتابة) في البحر عن البزازية ما ملخصه: إذا كتب إقراره بين يدي الشهود ولم يقل شيئا لا يكون إقرارا فلا تحل الشهادة به ولو كان مصدرا مرسوما وإن الغائب على وجه الرسالة على ما عليه العامة، لان الكتابة قد تكون للتجربة، وفي حق الاخرس يشترط أن يكون معنونا مصدرا وإن لم يكن الغائب، وإن كتب وقرأ عند الشهود مطلقا أو قرأه غيره وقال الكاتب اشهدوا علي به أو كتبه عندهم وقال اشهدوا علي بما فيه كان إقرارا وإلا فلا، وبه ظهر أن ما هنا خلاف ما عليه العامة، لكن جزم به في الفتح وغيره.
قوله: (وإن لم يشهد عليه) لو قال المؤلف: ولو قال لا تشهد على بدل قوله وإن لم يشهد عليه لكان أفود، لما في الخلاصة: لو قال المقر لا تشهد علي بما سمعت تسعة الشهادة ا ه.
فيعلم حكم ما إذا سكت بالاولى.
بحر.
وفيه: وإذا سكت يشهد بما علم ولا يقول اشهدني لانه كذب.
قوله: (غيره)
انظر عبارة البحر.
قوله: (فسر) أي بأنه شاهد على المحجب.
قوله: (شخصها) في الملتقط: إذا سمع صوت المرأة ولم ير شخصها فشهد اثنان عنده أنها فلانة لا يحل له أن يشهد عليها، وإن رأى شخصها وأقرت عنده فشهد اثنان أنها فلانة حل له أن يشهد عليها بحر ا ه من أول الشهادات، واحترز برؤية شخصها عن رؤية وجهها.
قال في جامع الفصولين: حسرت عن وجهها وقالت أنا فلانة بنت فلان بن فلان وهبت لزوجي مهري فلا يحتاج الشهود إلى شهادة عدلين أنها فلانة بنت فلان ما دامت حية إذ يمكن الشاهد أن يشير إليها، فإن ماتت فحينئذ يحتاج الشهود إلى شهادة عدلين بنسبها.
قوله: (وعليه الفتوى) ومقابله يقول: لا بد من شهادة جماعة ولا يكفي الاثنان.
ذكر الفقيه أبو الليث عن نصير بن يحيى قال: كنت عند أبي سليمان فدخل ابن محمد بن الحسن فسأله عن الشهادة على المرأة متى تجوز إذا لم يعرفها؟ قال: كان أبو حنيفة يقول: لا تجوز حتى يشهد عنده جماعة أنها فلانة، وكان أبو يوسف وأبوك يقولان: يجوز إذا شهد عنده عدلان أنها فلانة.
وهو المختار للفتوى، وعليه الاعتماد لانه أيسر على الناس اه.
واعلم أنهما كما احتاجا للاسم والنسب للمشهود عليه وقت التحمل يحتاجان عند أداء الشهادة إلى من يشهد أن صاحبة الاسم والنسب هذه.
وذكر الشيخ خير الدين أنه يصح التعريف ممن لا تقبل(6/10)
شهادته لها سواء كانت الشهادة عليها أو لها.
سائحاني بزيادة من البحر وغيره.
قوله: (لان عند الخ) اسم إن ضمير الشأن محذوفا والجملة بعده خبرها.
قوله: (فيضره) أي يضر المدعى عليه بغضبه للفقيه.
قوله: (وإذا كان بين الخطين الخ) وفي الباقاني عن خزانة الاكمل: صراف كتب على نفسه بمال معلوم وخطه معلوم بين التجار وأهل البلد ثم مات فجاء غريمه يطلب المال من الورثة وعرض خط الميت بحيث عرف الناس خطه حكم بذلك في تركته: إن ثبت أنه خطه، وقد جرت العادة بين الناس أن مثله حجة، وهذا مشكل لكونها شهادة على الخط وهنا لم يعتبروا هذا الاشتباه، ووجهه لا ينهض وسيجئ، وقدم الشارح أنه لا يعمل بالخط إلا في مسألتين: يعمل بكتاب أهل الحرب بطلب الامان كما في سير الخانية، ويلحق به البراءات السلطانية بالوظائف في زماننا.
الثانية يعمل بدفتر
السمسار والصراف والبياع كما في قضاء الخانية ا ه.
كذا في هامش.
قوله: (ظاهرة) ضمنه معنى دالة فعداه بعلي أو متعلقة بقول محذوفا أو لفظ على بمعنى في.
قوله: (لا يصدق) هذا خلاف ما عليه العامة كما قدمناه عن البحر.
قوله: (وفتاوى قارئ الهداية) عبارتها: سئل إذا كتب شخص ورقة بخطه أن في ذمته لشخص كذا ثم ادعى عليه فجحد المبلغ واعترف بخطه ولم يشهد عليه: أجاب إذا كتب على رسم الصكوك يلزم المال، وهو أن يكتب يقول: فلان بن فلان الفلاني إن في ذمته لفلان ابن فلان الفلاني كذ وكذا فهو إقرار يلزم به وإن لم يكتب على هذا الرسم فالقول قوله مع يمينه اه.
ثم أجاب عن سؤال آخر نحوه بقوله إذا كتب إقراره على الرسم المتعارف بحضرة الشهود فهو معتبر فيسع من شاهد كتابته أن يشهد عليه إذا جحده إذا عرف الشاهد ماكتب أو قرأه عليه.
أما إذا شهدوا أنه خطه من غير أن يشاهدوا كتابته لا يحكم بذلك اه.
وحاصل الجوابين أن الحق يثبت باعترافه بأنه خطه أو بالشهادة عليه بذلك إذا عاينوا كتابته أو إقراءه عليهم وإلا فلا، وهذا إذا كان معنونا.
ثم لا يخفى أن هذا لا يخالف ما في المتن، نعم يخالف ما في البحر عن البزازية في تعليل المسألة بقوله، لانه لا يزيد على أن يقول هذا خطي وأنا حررته، لكن ليس على هذا المال وثمة لا يجب كذا هنا.
وقد يوفق بينهما بحمله على ما إذا لم يكن معنونا، لكن هو قول القاضي النسفي كما في البزازية، وقد قدمنا أنه خلاف ما عليه العامة.
قوله: (ما لم يشهد عليه) أي ما لم يقل له الشاهد أشهد على شهادتي.
قوله: (تصوير صدر الشريعة) حيث قال: سمع رجل أداء الشهادة عند القاضي لم يسغ له أن يشهد على شهادته ح.
قوله: (وقولهم) عطف(6/11)
على تصوير ووجه المخالفة الاطلاق وعدم تقييد الاشتراط بما إذا كانت عند غير القاضي.
قوله: (وقبول التحميل) فلو أشهده عليها فقال لا أقبل لا يصير شاهدا، حتى لو شهد بعد ذلك لا يقبل.
قنية.
وينبغي أن يكون هذا على قول محمد من أنه توكيل وللوكيل أن لا يقبل.
وأما على قولهما من أنه تحميل فلا يبطل بالرد، لان من حمل غيره شهادة لم تبطل بالرد.
بحر.
قوله: (بعد المدة) أي بعد أن حبسه القاضي مدة يعلم من حاله أنه لو كان له مال لقضى دينه ولم يصبر على ذلك الحبس كما تقدم.
مدني.
قوله: (فشهادة إجماعا) الاحسن ما في البحر حيث قال: وقيدنا بتزكية السر للاحتراز عن تزكية العلانية، فإنه يشترط لها جميع ما يشترط في الشهادة من الحرية والبصر وغير ذلك، إلا لفظ الشهادة إجماعا، لان معنى الشهادة فيها أظهر فإنها تختص بمجلس القضاء، وكذا يشترط العدد فيها على ما قاله الخصاف اه.
وفي البحر أيضا: وخرج من كلامه تزكية الشاهد بحد الزنا فلا بد في المزكي فيها من أهلية الشهادة والعدد الاربعة إجماعا، ولم أر الآن حكم تزكية الشاهد ببقية الحدود، ومقتضى ما قالوه اشتراط رجلين لها ا ه.
قوله: (والخصم) أي المدعي أو المدعى عليه كما في الفتح.
قوله: (إلى المزكي) وكذا من المزكي إلى القاضي.
فتح.
قوله: (وجاز تزكية الخ) وكذا تزكية المرأة والاعمى، بخلاف ترجمتهما كما في البحر.
قوله: (ووالد) لولد.
زاد في البحر: وعكسه: والعبد لمولاه وعكسه، والمرأة والاعمى، والمحدود في قذف إذا تاب، وأحد الزوجين للآخر.
قوله: (تقوم) أي تقوم الصيد والمتلفات.
قوله: (هو جيد) أي المسلم فيه، كذا في الهامش.
قوله: (وإفلاسه) يعني إذا أخبر القاضي بإفلاس المحبوس بعد مضي مدة الحبس أطلقه.
حموي على الاشباه.
كذا في الهامش.
قوله: (والعيب يظهر) أي في إثبات العيب الذي يختلف فيه البائع والمشتري.
قوله: (على ما مر) أي من رواية الحسن من قبول خبر الواحد بلا عله.
قوله: (وموت) أي موت الغائب.
قوله: (يخبر) أي إذا شهد عدل عند رجلين علي موت رجل وسعهما أن يشهدا على موته.
والثانية عشر قول أمين القاضي: إذا أخبره بشهادة شهود على عين تعذر حضورها كما في دعوى القنية.
أشباه مدني.
قوله: (وفي الملتقط الخ) وفي الخانية: صبي احتلم لا أقبل شهادته ما لم أسأل عنه، ولا بد أن يتأنى بعد(6/12)
البلوغ بقدر ما يقع في قلوب أهل مسجده ومحلته كما في الغريب أن صالح أو غيره اه.
وفرق في الظهيرية بينهما بأن النصارني كان له شهادة مقبولة قبل إسلامه بخلاف الصبي، وهو يدل على أن الاصل عدم العدالة.
بحر.
قوله: (ولم يذكرها) وهذا قولهما.
وقال أبو يوسف: يحل له أن يشهد.
وفي الهداية محمد مع أبي يوسف وقيل لا خلاف بينهم في هذه المسألة أنهم متفقون على أنه لا يحل له
أن يشهد في قول أصحابنا جميعا إلا أن يتذكر الشهادة، وإنما الخلاف بينهم فيما إذا وجد القاضي شهادة في ديوانه لان ما في قمطره تحت ختمه يؤمن عليه من الزيادة والنقصان فحصل له العلم ولا كذلك الشهادة في الصك لانها في يد غيره، وعلى هذا إذا ذكر المجلس الذي كاانت فيه الشهادة أو أخبره قوم ممن يثق بهم أنا شهدنا نحن وأنت كذا في الهداية.
وفي البزدوي: الصغير إذا استيقن أنه خطه وعلم أنه لم يزده فيه شئ بأن كان مخبوءا عنده وعلم بدليل آخر أنه لم يزد فيه، لكن لا يحفظ ما سمع، فعندهما لا يسعه أن يشهد وعند أبي يوسف يسعه، وما قاله أبو يوسف هو المعمول به.
وقال في التقويم: قولهما هو الصحيح.
جوهرة.
قوله: (عن المبتغى) قدمنا في كتاب القاضي عن الخزانة أي أن يشهد وإن لم يكن الصك في يد الشاهد لان التغيير نادر وأثره يظهر فراجعه، ورجح في الفتح ما ذكره الشارح وذكر له حكاية تؤيده.
قوله: (إلا في عشرة) كلها مذكورة هنا متنا وشرحا آخرها قول المتن ومن في يده شئ ح.
وفي الطبقات السنية للتميمي في ترجمة إبراهيم بن إسحاق من نظمه: افهم مسائل ستة واشهد بها * من غير رؤياها وغير وقوف نسب وموت والولاد وناكح * وولاية القاضي وأصل وقوف قوله: (والنسب) قال في فتاوى قارئ الهداية: لو أن رجلا نزل بين ظهراني قوم وهم لا يعرفونه وقال أنا فلان بن فلان، قال محمد رضي الله عنه: لا يسعهم أن يشهدوا على نسبه حتى يلقوا من أهل بلده رجلين يشهدان عندهم على نسبه، قال الخصاف: وهو الصحيح ا ه.
كذا في الهامش.
قوله: (والموت) قال في الثاني عشر من جامع الفصولين: شهد أحد العدلين بموت الغائب والآخر بحياته فالمرأة تأخذ بقول من يخبر بموته، وتمامه فيه ا ه.
كذا في الهامش.
وفيه: إذا لم يعاين الموت إلا واحد لا يقضي به وحده، ولكن لو أخبر به عدلا مثله فإذا سمع منه حل له أن يشهد بموته فيشهدان فيقضي جامع الفصولين وفيه: ولو جاء خبر بموت رجل من أرض أخرى وصنع أهله ما يصنع على الميت لم يسغ لاحد أن يشهد بموته إلا من شهد موته أو سمع من شهد موته، لان مثل هذا الخبر قد يكون، كذا جامع الفصولين اه.
قوله: (والنكاح) قال في جامع الفصولين: الشهادة بالسماع من
الخارجين من بين جماعة حاضرين في بيت عقد النكاح بأن المهر كذا يقبل لا ممن سمع من غيرهم اه.
كذا في الهامش.
قوله: (وولاية القاضي) ويزاد الوالي كما في الخلاصة والبزازية.
قوله: (وشرائطه) المراد من الشرائط أن يقولوا: إن قدرا من الغلة لكذا ثم يصرف الفاضل إلى كذا بعد بيان الجهة.
بحر.(6/13)
قوله: (كما مر) أي في كتاب الوقف، وقدمنا هناك تحقيقه.
قوله: (عدلين) يعني ومن في حكمهما وهو عدل وعدلتان كما في الملتقى.
قوله: (إلا في الموت) قال في جامع الفصولين: شهد أن أباه مات وتركه ميراثا له إلا أنهما لم يدركا الموت لا تقبل لانهما شهدا بملك للميت بسماع لم تجز اه.
قوله: (ومن في يده إلخ) في عد هذه من العشرة نظر، ذكره في الفتح والبحر.
قوله: (علم رقه) صوابه: لم يعلم رقه كما هو ظاهر لمن تأمل.
مدني.
قوله: (لك أن تشهد إلخ) قال في البحر: ثم ألم أنه إنما يشهد بالملك لذي اليد بشرط أن لا يخبره عدلان بأنه لغيره، فلو أخبره لم تجز له الشهادة بالملك كما في الخلاصة اه.
قوله: (ذلك) قال في الشرنبلالية: إذا رأى إنسان درة ثمينة في يد كناس أو كتابا في يد جاهل ليس في آبائه من هو أهله لا يسعه أن يشهد بالملك له فعرف أن مجرد اليد لا يكفي اه مدني.
قوله: (إذا ادعاه) أشار إلى التوفيق بينه وبين ما في الزيلعي كما أوضحه في البحر.
قوله: (أو بمعاينة اليد) أي بأن يقول لاني رأيته في يده يتصرف فيه تصرف الملاك.
جامع الفصولين.
وفي الظهيرية: من الشهر الشرعية أن يشهد عنده عدلان أو رجل وامرأتان بلفظ الشهادة من غير استشهاد ويقع في قلبه أن الامر كذلك اه.
مثله في جامع الفصولين.
قوله: (على الاصح) انظر ما كتبناه في كتاب الوقف في فصل يراعي شرط الواقف نقلا عن مجموعة شيخ مشايخنا منلا علي، فإنه صحح عدم القبول تعويلا على ما في عامة المتون وغيرها، وأن ما في المتون مقدم على الفتاوى، وبه أفتى الرملي ومفتي دار السلطنة علي أفندي.
قوله: (خلاصة) كتبت فيما مر تأييده.
قوله: (سمعنا من الناسخ الخ) قال في الخانية: شهدنا بذلك لانا سمعنا من الناس لا تقبل شهادتهم.
أقول: بقي لو قال: أخبرني من أثق به، وظاهر كلام الشارح أنه ليس من التسامع، لكن في البحر عن الينابيع أنه منه، ولو شهدا على موت رجل فإما أن يطلقا فتقبل أو قال لم نعاين موته وإنما
سمعنا من الناس، فإن لم يكن موته مشهورا فلا تقبل بلا خلاف، وإن كان مشهورا ذكر في الاصل أنه تقبل، وقال بعضهم: لا تقبل وبه أخذ الصدر الشهيد.
وفي العناية.
هو الصحيح.
وإن قالا نشهد أنه مات أخبرنا بذلك من شهد موته ممن يوقف به جازت، وقال بعضهم: لا تجوز.
حامدية.
قوله: (في الكل) أي فيما يجوز فيه الشهادة بالسماع كما في الخانية.
كذا في الهامش.(6/14)
باب القبول وعدمه قوله: (أي من يجب الخ) قال في البحر: والمراد من يجب قبول شهادته على القاضي ومن لا يجب لا من يصح قبولها ومن لا يصح، لان ممن ذكره ممن لا تقبل الفاسق وهو لو قضى بشهادته صح، بخلاف العبد والصبي والزوجة والوالد والاصل، لكن في خزانة المفتين: إذا قضى بشهادة الاعمى والمحدود في القذف إذا تاب أو بشهادة أحد الزوجين مع آخر لصاحبه أو بشهادة الوالد لولده أو عكسه نفذ حتى لا يجوز للثاني إبطاله، وإن رأى بطلانه فالمراد من عدم القبول عدم حله.
وذكر في منية المفتي اختلافا في النفاذ بشهادة المحدود بعد التوبة ا ه.
قوله: (لصحة الفاسق) أي شهادته.
قوله: (مثلا) إنما قال مثلا ليشمل الاعمى.
قوله: (تقبل الخ) أي لا قبولا عاما على المسلمين وغيرهم، بل المراد أصل القبول، فلا ينافي أن بعضهم كفار، وإنما تقبل شهادتهم لان فسقهم من حيث الاعتقاد، وأما أوقعهم فيه إلا التعمق والغلو في الدين، والفاسق إنما ترد شهادته بتهمة الكذب.
مدني.
قوله: (لا تكفر) فمن وجب إكفاره منهم فالاكثر على عدم قبوله كما في التقرير.
وفي المحيط البرهاني: وهو الصحيح، وما ذكر في الاصل محمول عليه.
بحر.
وفيه عن السراج: وأن لا يكون ماجنا، ويكون عدلا في تعاطيه.
واعترضه بأنه ليس مذكورا في ظاهر الرواية، وفيه نظر فإنه شرط في السني فما ظنك في غيره.
تأمل.
قوله: (ولكل من حلف أنه محق فودهم الخ) الاولى التعبير بالراء كما في الفتح بدل الواو، وهذا قول ثان في تفسيرهم كما في البحر وشرح ابن الكمال.
نعم في شرح المجمع كما هنا حيث قال: هم صنف من الروافض ينسبون إلى أبي الخطاب محمد بن أبي وهب الاجدع الكوفي يعتقدون جواز الشهادة لمن حلف عندهم أنه محق، ويقولون: المسلم لا يحلف كاذبا، ويعتقدون أن
الشهادة واجبة لشيعتهم سواء كان صادقا أو كاذبا ا ه.
وفي تعريفات السيد الشريف ما يفيد أنهم كفار، فإنه قال ما نصه: قالوا الائمة الانبياء وأبو الخطاب نبي، وهؤلاء يستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم وقالوا: الجنة نعيم الدنيا كالنار آلامها.
قوله: (بل لتهمة الخ) ومن التهمة المانعة أن يجر الشاهد بشهادته إلى نفسه نفعا أو يدفع عن نفسه مغرما.
خانية، فشهادة الفرد ليست مقبولة لا سيما إذا كانت على فعل نفسه.
هداية.
كذا في الهامش.
قوله: (ومن الذمي الخ) قال في فتاوى الهندية: مات وعليه دين لمسلم بشهادة نصراني ودين لنصراني بشهادة نصراني، قال أبو حنيفة رحمه الله ومحمد وزفر: بدئ بدين المسلم، فإن فضل شئ كان ذلك للنصراني هكذا في المحيط اه كذا في الهامش.
قوله: (على ما في الاشباه) وهي ما إذا شهد نصرانيان على نصراني أنه قد أسلم حيا كان أو ميتا فلا يصلى عليه، بخلاف ما إذا كانت نصرانية كما في الخلاصة، وما إذا شهدا على نصراني(6/15)
ميت بدين وهو مديون مسلم، وما إذا شهدا عليه بعين اشتراها من مسلم، وما إذا شهد أربعة نصارى على نصراني أنه زنى بمسلمة إلا إذا قالوا استكرهها فيحد الرجل وحده كما في الخانية، وما إذا ادعى مسلم عبدا في يد كافر فشهد كافران أنه عبده قضى به فلان القاضي المسلم له كذا في الاشباه والنظائر مدني.
قوله: (بإسلامه) أي إسلام المشهود عليه.
قوله: (منه) أي من المستأمن، قيد به لانه لا يتصور غيره، فإن الحربي لو دخل بلا أمان قهرا استرق ولا شهادة للعبد على أحد.
فتح.
قوله: (مع اتحاد الدار) أي بأن يكونا من أهل دار واحدة، فإن كانوا من دارين كالروم والترك لم تقبل.
هداية.
ولا يخفى أن الضمير في كانوا للمستأمنين في دارنا، وبه ظهر عدم صحة ما نقل عن الحموي من تمثيله لاتحاد الدار بكونهما في دار الاسلام، وإلا لزم توارثهما حينئذ توارثهما حينئذ وإن كانا من دارين مختلفين.
وفي الفتح: وإنما تقبل شهادة الذمي على المستأمن وإن كانا من أهل دارين مختلفين لان الذمي بعقد الذمة صار كالمسلم، وشهادة المسلم تقبل على المستأمن فكذا الذمي.
قوله: (على صغائره) أشار إلى أنه كان ينبغي أن يزيد: وبلا غلبة.
قال ابن الكمال: لان الصغيرة تأخذ حكم الكبيرة بالاصرار، وكذا بالغلبة على ما أفصح عنه في الفتاوى الصغرى حيث قال: العدل من يجتنب الكبائر كلها حتى لو ارتكب
كبيرة تسقط عدالته، وفي الصغائر: العبرة للغلبة أو الاصرار على الصغيرة فتصير كبيرة ولذا قال: وغلب صوابه اه.
قال في الهامش: لا تقبل شهادة من يجلس مجلس الفجور والمجانة والشرب وإن لم يشرب، هكذا في المحيط فتاوى.
هندية.
وفيها: والفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته ما لم يمض عليه زمان يظهر عليه أثر التوبة: والصحيح أن ذلك مفوض إلى رأي القاضي ا ه.
قوله: (وفي الخلاصة الخ) قال في الاقضية: والذي اعتاد الكذب إذ تاب لا تقبل شهادته.
ذخيرة.
وسيذكره الشارح.
قوله: (كبيرة) الاصح أنها كل ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الدين كما بسطه القهستاني وغيره، كذا في شرح الملتقى.
وقال في الفتح: وما في الفتاوى الصغرى: العدل من يجتنب الكبائر كلها، حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته: وفي الصغائر العبرة للغلبة لتصير كبيرة حسن، ونقله عن أدب القضاء لعصام وعليه المعول، غير أن الحاكم بزوال العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور، فلذا شرط في شرب المحرم والسكر والادمان، والله سبحانه أعلم ا ه.
قوله: (سقطت عدالته) وتعود إذا تاب، لكن قال في البحر: وفي الخانية: الفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته ما لم يمض عليه زمان يظهر التوبة، ثم بعضهم قدره بستة أشهر، وبعضهم قدره بسنة، والصحيح أن ذلك مفوض إلى رأي القاضي والمعدل.
وفي الخلاصة، ولو كان عدلا فشهد بزور ثم تاب فشهد تقبل من غير مدة ا ه.
وقدمنا أن الشاهد إذا كان فاسقا سرا لا ينبغي أن يخبر بفسقه كي لا يبطل حق المدعي، وصرح به في العمدة أيضا اه.(6/16)
فائدة: من اتهم بالفسق لا تبطل عدالته، والمعدل إذا قال للشاهد هو متهم بالفسق لا تبطل عدالته خانية.
قوله: (بحر) مثله في التاترخانية.
قوله: (كفر) أشار إلى فائدة تقييده في الهداية بأن لا يترك الختان استخفافا بالدين.
وفي البحر عن الخلاصة: والمختار أو أول وقته سبع وآخره اثنتا عشرة.
قوله: (وخصي) لان حاصل أمره أنه مظلوم.
نعم لو كان ارتضاه لنفسه وفعله مختارا منع.
وقد قبل عمر شهادة علقمة الخصي على قدامة بن مظعون، رواه ابن أبي شيبة.
منح.
قوله: (وأقطع) لما روى أن النبي (ص) قطع يد رجل في سرقة ثم كان بعد ذلك يشهد فقبل شهادته منح.
قوله: (بالزنا) أي ولو شهد بالزنا على غيره تقبل.
قال في المنح: وتقبل شهادة ولد الزنا لان فسق الابوين لا يوجب
فسق الولد ككفرهما، أطلقه فشمل ما إذا شهد بالزنا أو بغيره خلافا لمالك في الاول اه مدني.
قوله: (كأنثى) فيقب مع رجل وامرأة في غير حد وقود.
قوله: (بإثبات العتق) تقدم أنه لا تحالف بعد خروج المبيع عن ملكه إلى آخر ما مر في التحالف فراجعه.
وقوله: العتق لانه لولا شهادتهما لتحالفا وفسخ البيع المقتضي لابطال العنق.
منح.
قوله: (ومن محرم رضاعا) قال في الاقضية: نقبل لابويه من الرضاع ولمن أرضعته امرأته لام امرأته وأبيها.
بزازية من الشهادة فيما تقبل وفيما لا تقبل اه.
وتقبل لام امرأته وأبيها ولزوج ابنته ولامرأة ابنه ولامرأة أبيه ولاخت امرأته ا ه.
كذا في الهامش عن الحامدية معزيا للخلاصة.
قوله: (امتدت الخصومة) أي سنتين.
منح.
قوله: (لو عدولا) قال في المنح عن البحر: وينبغي حمله على ما إذا لم يساعد المدعي في الخصومة أو لم يكثر ذلك توفيقا ا ه.
ووفق الرملي بغيره حيث قال: مفهوم قوله: لو عدولا أنهم إذا كانوا مستورين لا تقبل وإن لم تمتد الخصومة للتهمة بالمخاصمة، وإذا كانوا عدولا تقبل لارتفاع التهمة مع العدالة، فيحمل ما في القنية على ما إذا لم يكونوا عدولا توفيقا، وما قلناه أشبه، لان المعتمد في باب الشهادات العدالة.
قوله: (على ذمي ميت) نصراني.
مات وترك ألف درهم وأقام مسلم شهودا من النصارى على ألف على الميت وأقام نصراني آخرين كذلك فالالف المتروكة للمسلم عنده وعند أبي يوسف يتحاصان، والاصل أن القبول عنده في حق إثبات الدين على الميت فقط دون إثبات الشركة بينه وبين المسلم وعلى قول الثاني في حقهما.
ذخيرة ملخصا.
وبه ظهر أن قبولها على الميت مقيد بما إذا لم يكن عليه دين لمسلم.
نعم هو قيد لاثباتها الشركة بينه وبين المدعي الآخر فإذا كان الآخر نصرانيا أيضا يشاركه وإلا فالمال للمسلم، إذ لو شاركه لزمه قيامها على المسلم، وظهر أيضا أن المصنف ترك قيدا لا بد منه وهو ضيق التركة عن الدينين، وإلا فلا يلزم قيامها على المسلم كما لا يخفى، هذا ما ظهر لي بعد التنقير التام حتى ظفرت بعبارة الذخيرة، فاغتنم هذا التحرير وادع لي.
وفي حاشية الرملي على البحر عن المنهاج لابي حفص العقيلي: نصراني مات فجاء مسلم ونصراني وأقام كل واحد منهما البينة أن له على الميت دينا، فإن كان شهود الفريقين(6/17)
ذميين أو شهود النصراني ذميين بدين المسلم، فإن فضل شئ صرف إلى دين النصراني، وروى
الحسن عن أبي يوسف أنه يجعل بينهما على مقدار دينهما، قيل إنه قول أبي يوسف الاخير، وإن كان شهود الفريقين مسلمين أو شهود الذمي خاصة مسلمين فالمال بينهما في قولهم اه.
قوله: (بحر) عبارته: فإن كان فقد كتبناه عن الجامع ا ه.
والذي كتبه هو قوله: نصراني مات عن مائة فأقام مسلم شاهدين عليه بمائة ومسلم ونصراني بمثله فالثلثان له والباقي بينهما، والشركة لا تمنع لانها بإقراره اه.
ووجه أن الشهادة الثانية لا تثبت للذمي مشاركته مع المسلم كما قدمناه، ولكن المسلم لما ادعى المائة مع النصراني صار طالبا نصفها والمنفرد يطلب كلها فتقسم عولا، فلمدعي الكل الثلثان لان له نصفين، وللمسلم الآخر الثلث لان له نصفا فقط، لكن لما ادعاه مع النصراني قسم الثلث بينهما، وهذا معنى قوله: والشركة لا تمنع لانها بإقراره، وانظر ما سنذكر أول كتاب الفرائض عند قوله: ثم تقدم ديونه.
قوله: (كما مر) أي قريبا.
قوله: (في مسألتين) حمل القبول فيهما في الشرنبلالية بحثا على ما إذا كان الخصم المسلم مقرا بالدين منكرا للوصاية والنسب، وأما لو كان منكرا للدين كيف تقبل شهادة الذميين عليه.
قوله: (وأحضر) أي الوصي.
قوله: (ابن الميت) أي النصراني.
قوله: (على مسلم) أو قام شاهدين نصرانيين على نسبة تقبل، وهذا استحسان.
ووجهه الضرورة لعدم حضور المسلمين موتهم ولا نكاحهم، كذا في الدرر.
كذا في الهامش.
قوله: (بحق) أي ثابت كذا في الهامش.
قوله: (كرئيس القرية) قال في الفتح: وهذا المسمى في بلادنا شيخ البلد، وقدمنا عن البزدوي أن القائم بتوزيع هذه النوائب السلطانية والجبايات بالعدل بين المسلمين مأجور وإن كان أصله ظلما، فعلى هذا تقبل شهادته اه.
قوله: (النخاسين) جمع نخاس من النخس وهو الطعن، ومنه قيل لدلال الدواب نخاس.
قوله: (وقيل) هذا ممكن في مثل عبارة الكنز، فإن لم يقل إلا إذا كانوا أعوانا الخ.
قوله: (المحترفين) فيكون فيه رد على من رد شهادة أهل الحرف الخسيسة.
قال في الفتح: وأما أهل الصناعات الدنيئة كالقنواتي والزبال والحائك والحجام فقيل لا تقبل، والاصح أنها تقبل لانه قد تولاها قوم صالحون، فما لم يعلم القادح لا يبنى على ظاهر الصناعة، وتمامه فيه فراجعه.
قوله: (وإلا الخ) أي بأن كانوا أبوه تاجرا واحترف هو بالحياكة أو الحلاقة أو غير ذلك لارتكابه الدناءة.
كذا في الهامش.
قوله: (فتح) لم أره في الفتح بل ذكره في البحر بصيغة ينبغي، وقال الرملي: في هذا التقييد(6/18)
نظر يظهر لمن له نظر، فتأمل: أي في التقييد بقوله: بحرفه لائقة الخ ووجهه أنهم جعلوا العبرة للعدالة لا للحرفة، فكم من دنئ صناعة أنقى من ذي منصب ووجاهة، على أن الغالب أنه لا يعدل عن حرفة أبيه إلى أدنى منها إلا لقلة ذات يده أو صعوبتها عليه، ولا سيما إذا علمه إياها أبوه أو وصيه في صغره ولم يتفن غيرها فتأمل.
وفي حاشية أبي السعود: فيه نظر لانه مخالف لما قدمه هو قريبا من أن صاحب الصناعة الدنيئة كالزبال والحائك مقبول الشهادة إذا كان عدلا في الصحيح اه.
قلت: ويدفع بأن مراده أن عدوله عن حرفة أبيه إلى أدنى منها دليل على عدم المروءة، وإن كانت حرفة أبيه دنيئة، فينبغي أن يقال هو كذلك إن علا بلا عذر.
تأمل.
قوله: (من أعمى) إلا في رواية زفر عن أبي حنيفة فيما يجزي فيه التسامع، لان الحاجة فيه إلى السماع ولا خلل فيه باقاني على الملتقى.
كذا في الهامش.
قوله: (أي لا يقضي بها) خلافا لابي يوسف فيما إذا تحمله بصيرا فإنها تقبل لحصول العلم بالمعاينة، والاداء يختص بالقول ولسانه غير موف والتعريف يحصل بالنسبة كما في الشهادة على الميت.
ولنا أن الاداء يفتقر إلى التمييز بالاشارة بين المشهود له والمشهود عليه، ولا يميز الاعمى إلا بالنغمة، وفيه شبهة يمكن التحرز عنها يحبس الشهود والنسبة لتمييز الغائب دون الحاضر وصار كالحدود والقصاص اه.
باقاني على الملتقى.
كذا في الهامش.
قوله: (بالسماع) كالنسب والموت.
قوله: (خلافا للثاني) أي فيهما، واستظهر قوله بالاول صدر الشريعة فقال: وقوله أظهر، لكن رده في اليعقوبية بأن المفهوم من سائر الكتب عدم أظهريته.
وأما قوله بالثاني فهو مروي عن الامام أيضا.
قال في البحر: واختاره في الخلاصة، ورده للرملي بأنه ليس في الخلاصة ما يقتضي ترجيحه واختياره.
قوله: (بالاولى) لان في الاعمى إنما تتحقق التهمة في نسبته وهنا تتحقق في نسبته وغيرها من قدر المشهود به وأمور أخر.
كذا في الفتح ونقل أيضا عن المبسوط أنه بإجماع الفقهاء لان لفظ الشهادة لا يتحقق منه.
وتمامه فيه.
قوله: (ولو مكاتبا) والعتق في المرض كالمكاتب في زمن السعاية عند أبي حنيفة، وعندهما حر مديون.
تنبيهات: مات عن عم وأمتين وعبدين فأعتقهما العم فشهدا ببنوة أحدهما بعينها: أي أنه أقربها
في صحته لم تقبل عنده، لان في قبولها ابتداء بطلانها انتهاء لان معتق البعض كمكاتب لا بقبل شهادته عندة لا عندهما ولو شهدا أن الثانية أخت الميت قبل شهادة الاولى أو بعدها، أو معها لا تقبل بالاجماع، لانا لو قبلنا لصارت عصبة مع البنت فيخرج العم عن الوراثة، بحر عن المحيط.
أقول هذا ظاهر عند وجود الشهادتين، وأما عند سبق شهادة الاختية فالعلة فيها هي علة البنتية فتفقه.
وفي المحيط: مات عن أخ لا يعلم له وارث غيره فقال عبدان من رقيق الميت إنه أعتقنا في صحته وإن هذا الآخر ابنه فصدقهما الاخ في ذلك لا تقبل في دعوى الاعتاق لانه أقر بأنه لا ملك له فيهما بل هما عنده للآخر لاقرار الاخ إنه وارث دونه فتبطل شهادتهما في النسب، ولو كان مكان الآخر أنثى جاز شهادتهما وثبت نسبها ويسعيان في نصف قيمتهما لانه أقر أن حقه في نصف الميراث فصح بالعتق لانه لا يتجزأ عندهما، إلا أن العتق في عبد مشترك فتجب السعاية للشريك الساكت.
وأقول: عند (أبي حنيفة) يعتقان كما قالا، غير أن شهادتهما بالبنتية لم تقبل لان معتق البعض لا تقبل شهادته فتفقه.(6/19)
فائدة: قضى بشهادة فظهروا عبيدا تبين بطلانه، فلو قضى بوكالة ببينة وأخذ ما على الناس من الديون ثم وجدوا عبيدا لم تبرأ الغرماء ولو كان بمثله في وصاية برئوا.
لان قبضه بإذن القاضي وإن لم يثبت الايصاء كأنه لهم في الدفع إلى ابنه، بخلاف الوكالة إذ لا يملك الاذن لغريم في دفع دين الحي لغيره.
قال المقدسي: فعلى هذا ما يقع الآن كثيرا من تولية شخص نظر وقف فيتصرف فيه مثله من قبض وصرف وشراء وبيع ثم يظهر أنه بغير شرط الواقف أو أن إنهاءه باطل ينبغي أن لا يضمن، لانه تصرف بإذن القاضي كالوصي، فليتأمل.
قلت: وتقدم في الوقف ما يؤديه.
سائحاني.
قوله: (ومغفل) وعن (أبي يوسف) أنه قال: إنا نرد شهادة أقوام نرجو شفاعتهم يوم القيامة، معناه أن شهادة المغفل وأمثاله لا تقبل وإن كان عدلا صالحا.
تاترخانية.
قوله: (في حال صحته) أي وقت كونه صاحبا.
كذا في الهامش.
قوله: (بعد إبصار) بشرط أن يحتمل وهو بصير أيضا بأن كان بصيرا ثم عمى ثم أبصر فأدى، فافهم.
قوله: (زوجة) أي إن لم يكن حكم بردها لما يأتي قريبا.
قوله: (وفي البحر) أي عن الخلاصة.
قوله: (فشهد بها) أي بتلك الحادثة.
قوله: (إلا أربعة) أما ما سوى الاعمى
فظاهر لان شهادتهم ليست شهادة، وأما الاعمى فلينظر الفرق بينه وبين أحد الزوجين، ثم رأيت في الشرنبلالية: استشكل قبول شهادة الاعمى.
قوله: (عبد الخ) قال في البحر: فعلى هذا لا تقبل شهادة الزوج والاجير والمغفل والمتهم والفاسق بعد ردها اه.
وذكر في البحر أيضا قبل هذا الباب: اعلم أنه يفرق بين المردود لتهمة وبين المردود لشبهة، فالثاني يقبل عند زوال المانع، بخلاف الاول فإنه لا يقبل مطلقا وإليه أشار في النوازل اه.
قوله: (وإدخال الخ) مع أنه صرح في صدر عبارته بخلافه، ومثله في التاترخانية والجوهرة والبدائع.
قوله: (سهو) لان الزوج له شهادة وقد حكم بردها بخلاف العبد ونحوه.
تأمل.
قوله: (بتكذيبه) الباء للتصوير تأمل، ويؤيده ما في الشرنبلابية فراجعها.
قوله: (فتقبل) لان للكافر شهادة فكان ردها من تمام الحد وبالاسلام حدثت شهادة أخرى، وليس المراد أنها تقبل بعد إسلامه في حق المسلمين فقط.
بحر.
قوله: (لم تقبل) لانه لا شهادة للعبد أصلا في حال رقه فيتوقف على حدوثها، فإذا حدثت كان رد شهادته بعد العتق من تمام الحد.
بحر.
قوله: (زناه) أي المقذوف.
قوله: (إذا تاب الخ) قال قاضيخان: الفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته ما لم يمض عليه زمان يظهر أثر التوبة، ثم بعضهم قدر ذلك بستة أشهر، وبعضهم قدره بسنة.
والصحيح أنه مفوض إلى رأي القاضي والمعدل، وتمامه هناك.(6/20)
وفي خزانة المفتين: كل شهادة ردت لتهمة الفسق فإذا دعاها لا تقبل ا ه.
كذا في الهامش.
قوله: (سيجئ) أي قبيل باب الرجوع عن الشهادة.
قوله: (ترجيح قبولها) وكذا قال في الخانية وعليه الاعتماد، وجعل الاول رواية عن الثاني.
قوله: (لا إلى الشرع) وقيل في كل ذلك تقبل، والاصح الاول.
كذا في القنية جامع الفتاوى.
قوله: (وحدهن) قدم في الوقف أن القاضي لا يمضي قاض آخر بشهادة النساء وحدهن في شجاج الحمام.
سائحاني.
ويمكن حمله على القصاص بالشجاج.
قوله: (وجاز عليها الخ) قال في الاشباه، شهادة الزوج على الزوجة مقبولة إلا بزناها وقذفها كما في حد القذف، وفيما إذا شهد على إقرارها بأنها أمة لرجل يدعيها فلا تقبل إلا إذا كان الزوج أعطاها المهر والمدعي يقول: أذنت لها في النكاح كما في شهادة الخانية ح.
كذا في الهامش.
قوله: (في الاشباه)
وهما في البحر أيضا.
قوله: (ولو شهد لها الخ) وكذا لو شهد ولم يكن أجيرا ثم صار أجيرا قبل أن يقضي بها.
تاترخانية.
قوله: (ثم تزوجها) أي قبل القضاء.
قوله: (فعلم الخ) الذي يعلم مما ذكره منع الزوجية عند القضاء، وأما منعها عند التحمل أو الاداء فلم يعلم مما ذكره فلا بد من ضميمة ما ذكره في المنح عن البزازية: لو تحملها حال نكاحها ثم أبانها وشهد لها: أي يعد انقضاء عدتها تقبل، وما ذكره أيضا عن فتاوى القاضي: لو شهد لامرأته وهو عدل فلم يرد الحاكم شهادته حتى طلقها بائنا وانقضت عدتها: روى ابن شجاع رحمه الله أن القاضي ينفذ شهادته.
قال في البحر: والحاصل أنه لا بد من انتفاء التهمة وقت الزوجية، وأما في باب الرجوع في الهبة فهي مانعة منه وقت الهبة لا وقت الرجوع، فلو وهب لاجنبية ثم نكحها فله الرجوع، بخلاف عكسه كما سيأتي، وفي باب إقرار المريض: الاعتبار لكونها زوجة وقت الموت لا وقت الوصية اه.
قوله: (والفرع) ولو فرعية من وجه كولد الملاعنة، وتمامه في البحر.
قوله: (إلا إذا شهد الجد) محل هذا الاستثناء بعد قوله: وبالعكس إذا الحد أصل لا فرع.
قوله: (ولو بطلاق ضرتها) لانها شهادة لامه.
بحر.
كذا في الهامش.
قوله: (والام في نكاحه) الواو للحال، وذكر في البحر هنا فروعا حسنة، فلتراجع.
قوله: (في مسألة القاتل) وصورته: ثلاثة قتلوا رجلا عمدا ثم شهدوا بعد التوبة أن الولي قد عفا عنا: قال الحسن: لا تقبل شهادتهم إلا أن يقول اثنان منهم عفا عنا وعن هذا الواحد،(6/21)
ففي هذا الوجه قال أبو يوسف: تقبل في حق الواحد، وقال الحسن: تقبل في حق الكل ح.
كذا في الهامش.
وانظر ما في حاشية الفتال عن الحموي والكفيري.
قوله: (ولو بالعكس) ولو كانت الزوجة أمة.
بحر.
قوله: (لشريكه) أطلقه فشمل الشركات بأنواعها، وفي المفاوضة كلام البحر، فراجعه.
قوله: (من شركتهما) وتقبل فيما ليس من شركتهما.
فتاوى هندية.
كذا في الهامش.
قوله: (أن يطعن بثلاثة الخ) انظر حاشية الرملي على البحر فبيل قوله والمحدود في قذف ا ه.
قوله: (أو لاخراج للشاهد) أي عليه.
قوله: (على ضيعة) لعله على قطعة كما في البزازية، لكن في الفتح كما هنا.
وفي القاموس: الضيعة: العقار والارض المغلة ا ه.
وفي الهامش عن الحامدية: شهدوا مع متولي
الوقف على آخر أن هذا القطعة الارض من جملة أراض قريتهم تقبل ا ه تمرتاشي من الشهادة.
قوله: (لا تقبل) وقيل تقبل مطلقا في النافذة.
فتح.
قوله: (وكذا) أي تقبل.
قوله: (المدرسة) أي في وقفية وقف على مدرسة كذا وهم من أهل تلك المدرسة، وكذلك الشهادة على وقف مكتب وللشاهد صبي في المكتب، وشهادة أهل المحلة في وقف عليها، وشهادتهم بوقف المسجد، والشهادة على وقف المسجد الجامع، وكذا أبناء السبيل إذا شهدوا بوقف على أبناء السبيل، فالمعتمد القبول في الكل.
بزازية.
قال ابن الشحنة: ومن هذا النمط مسألة قضاء القاضي في وقف تحت نظره أو مستحق فيه اه.
وهذا كله في شهادة الفقهاء بأصل الوقف، أما شهادة المستحق فيما يرجع إلى الغلة كشهادته بإجارة ونحوها لم تقبل لان له حقا فيه فكان متهما، وقد كتبت فيه حواشي جامع الفصولين أن مثله شهادة شهود الاوقاف المقررين، في وظائف الشهادة لما ذكرنا، وتقريره فيها لا يوجب قبولها.
وفائدتها إسقاط التهمة عن المتولي فلا يحلف، ويقويه أن البينة تقبل لاسقاط اليمين كالمودع إذا ادعى الرد أو الهلاك.
بحر ملخصا فراجعه.
قوله: (انتهى) أي ما في فتاوى النسفي ونقله عنه في الفتح آخر الباب.
وقوله: (أو مشاهرة) أي أو مياومة هو الصحيح.
جامع الفتاوى.
قوله: (أو التلميذ الخاص) وفي الخلاصة: هو الذي يأكل معه وفي عياله وليس له أجرة معلومة، وتمامه في الفتح فارجع إليه.
وفي الهامش، ولو شهد الاجير لاستاذه وهو التلميذ الخاص الذي يأكل معه وفي عياله لا تقبل إن لم يكن له أجرة معلومة، وإن كان له أجرة معلومة مياومة أو مشاهرة أو مسانهة إن أجير واحد لا تقبل، وإن أجير مشترك تقبل.
وفي العيون قال محمد رحمه الله تعالى: استأجره يوما فشهد له في ذلك اليوم القياس أن لا(6/22)
تقبل، ولو أجير خاص فشهد ولم يعدل حتى ذهب الشهر ثم عدل لا تقبل كمن شهد لامرأته ثم طلقها، ولو شهد ولم يكن أجيرا ثم صار قبل القضاء لا تقبل.
بزازية.
ثم نقل في الهامش فرعا ليس محله هنا، وهو: بيده ضيعة وادعى آخر أنها وقف وأحضر صكا فيه خطوط العدول والقضاة الماضين وطلب الحكم به ليس للقاضي أن يقضي بالصك، لانه إنما يحكم بالحجة وهي البينة أو الاقرار لا
الصك لان الخط مما يزور، وكذا لو كان باب الحانوت لوح مضروب ينطق بوقفية الحانوت لم يجز للقاضي بوقفيته به.
جامع الفصولين.
فعلم من ذلك أنه ليس للقاضي أن يحكم بما في دفتر البياع والصراف والسمسار خصوصا في هذا الزمان ولا ينبغي الافتاء به لمحرره اه، قوله: (ومفاده) صرح به في الفتح جازما به، لكن في التاترخانية عن الفتاوى الغياثية، ولا تجوز شهادة المستأجر للاجير.
وفي حاشية الفتال عن المحيط السرخسي.
قال أبو حنيفة في المجرد: لا ينبغي للقاضي أن يجيز شهادة الاجير لاستاذه ولا الاستاذ لاجيره، وهو مخالف لما استنبطه من الحديث.
قوله: (رفع صوتها) في النهاية فلذا أطلق في قوله: مغنية وقيد في غناء الرجال بقول للناس، وتمامه في الفتح.
وأما الشهادة عليها بذلك فهي جرح مجرد فلذا اختص الظهور عند القاضي بالمداومة.
تأمل.
قوله: (درر) ما ذكره جار في النوح بعينه، فما باله لم يكن مسقطا للعادلة إذا ناحت في مصيبة نفسها.
سعدية.
ويمكن الفرق بأن المراد رفع صوت يخشى منه الفتنة.
قوله: (ونائحة الخ) لا تقبل شهادة النائحة، ولم يرد به التي تنوح في مصيبتها، وإنما أراد به التي تنوح في مصيبة غيرها واتخذت ذلك مكسبة.
تاترخانية عن المحيط.
ونقله في الفتح عن الذخيرة ثم قال: ولم يتعقب هذا من المشايخ أحد فيما علمت، وتمامه فيه فراجعه.
قوله: (واختيارها) مقتضاه لو فعلته عن اختيارها لا تقبل.
قوله: (وعدو الخ) أي على عدوه ملتقى.
قال الحانوتي: سئل في شخص ادعى عليه وأقيمت عليه بينة فقال: إنهم ضربوني خمسة أيام فحكم عليه الحاكم ثم أراد أن يقيم البينة على الخصومة بعد الحكم فهل تسمع؟ الجواب: قد وقع الخلاف في قبول شهادة العدو على عدوه عداوة دنيوية وهذا قبل الحكم، وأما بعده فالذي يظهر عدم نقض الحكم، كما قالوا: إن القاضي ليس له أن يقضي بشهادة الفاسق ولا يجوز له، فإذا قضى لا ينقضي اه.
وهو مخالف لما في اليعقوبية.
قوله: (واعتمد في الوهبانية الخ) قال في المنح: وما ذكره هنا في المختصر من التفصيل في شهادة العدو تبعا للكنز وغيره هو المشهور على ألسنة فقهائنا، وقد(6/23)
جزم به المتأخرون، لكن في القنية أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع ما لم يفسق بسببها أو يجلب منفعة أو يدفع عن نفسه مضرة، وهو الصحيح وعليه الاعتماد، واختاره ابن وهبان، ولم يتعقبه ابن الشحنة،
لكن الحديث شاهد لما عليه المتأخرون ا ه.
وتمامه فيها.
وانظر ما كتبناه أول القضاء.
أقول: ذكر في الخيرية بعد كلام ما نصه: فتحصل من ذلك أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل وإن كا عدلا، وصرح يعقوب باشا في حاشيته بعدم نفاذ قضاء القاضي بشهادة العدو على عدوه، والمسألة دوارة في الكتب وذكر في الشارح عبارة يعقوب باشا في أول كتاب القضاء.
قوله: (أو اعتاد شتم أولاده) قال في الفتح: وقال نصير بن يحيى: من يشتم أهله ومماليكه كثيرا في كل ساعة لا يقبل وإن كان أحيانا يقبل، وكذا الشتام للحيوان كدابته ا ه.
قوله: (كترك زكاة) الصحيح أن تأخير الزكاة لا يبطل العدالة.
وذكر الخاصي عن قاضيخان أن الفتوى على سقوط العدالة بتأخيرها من غير عذر لحق الفقراء دون الحج خصوصا في زماننا.
كذا في شرح النظم الوهباني منح في الفروع آخر الباب.
قوله: (أو ترك جماعة) قال في فتح القدير: منها ترك الصلاة بالجماعة بعد كون الامام لا طعن عليه في دين ولا حال، وإن كان متأولا كأن يكون معتقدا أفضليتها أول الوقت والامام يؤخر الصلاة أو غير ذلك لا تسقط عدالته بالترك، وكذا بترك الجمعة من غير عذر، فمنهم من أسقطها بمرة واحدة كالحلواني، ومنهم من شرط ثلاث مرات كالسرخسي، والاول أوجه ا ه.
لكن قدمنا عنه أن الحكم بسقوط العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور.
تأمل.
قوله: (بلا عذر) احتراز عما إذا أراد التقوي على صوم الغد أو مؤانسة الضيف كما في الشرنبلالية والفتح.
قوله: (قدوم أمير) إلا أن يذهب للاعتبار فحينئذ لا تسقط عدالته.
قوله: (فيما يتقرض) عبارة غيره يقرض.
قوله: (الاشراف من أهل العراق) أي لانهم قوم يتعصبون، فإذا نابت أحدم نائبة أتى سيد قومه فيشهد له ويشفع فلا يؤمن أن يشهد له بزور ا ه.
وعلى هذا كل متعصب لا تقبل شهادته.
بحر.
كذا في الهامش.
قوله: (من مذهب أبي حنيفة) أي استخفافا.
قال في القنية من كتاب الكراهية: ليس للعامي أن يتحول من مذهب إلى مذهب ويستوي فيه الحنفي والشافعي، وقيل لمن انتقل إلى مذهب الشافعي ليزوج له أخاف أن يموت مسلوب الايمان لاهانته للدين لجيفة قذرة.
وفي آخر هذا الباب من المنح: وإن انتقل إليه لقلة مبالاته في الاعتقاد والجراءة على الانتقال من مذهب إلى مذهب كما يتفق له ويميل طبعه إليه لغرض(6/24)
يحصل له فإنه لا تقبل شهادته اه.
فعلم بمجموع ما ذكرناه أن ذلك غير خاص بانتقال الحنفي، وأنه إذا لم يكن لغرض صحيح،
فافهم ولا تكن من المتعصبين فتحرم بركة الائمة المجتهدين، وقدمنا هذا البحث مستوفى في فصل التعزير فارجع إليه.
قوله: (وكذا بائع الاكفان) إذا ابتكر وترصد لذلك.
جامع الفتاوى وبحر.
قوله: (لتمنيه الموت) وإن لم يتمنه بأن كان عدلا تقبل كذا قيده شمس الائمة.
س.
قوله: (وكذا الدلال) أي فيما عقده أو مطلقا لكثرة كذبه.
قوله: (والحيلة الخ) مقتضاه أن من لا تقبل شهادته لعلة يجوز له أن يخفيها ويشهد، كما إذا كان عبد للمشهود له أو ابنه أو نحو ذلك، فليتأمل.
قوله: (بزازية) عبارتها: وشهادة الوكيلين أو الدلالين إذا قالا نحن بعنا هذا الشئ أو الوكيلان بالنكاح أو بالخلع إذ قالا نحن فعلنا هذا النكاح أو الخلع لا تقبل، أما لو شهد الوكيلان بالبيع أو النكاح أنها منكوحته أو ملكه تقبل، وذكر أبو القاسم: أنكر الورثة النكاح فشهد رجل قد تولى العقد والنكاح يذكر النكاح ولا يذكر أنه تولاه اه.
قوله: (والوكلاء المفتعلة) أي الدين يجتمعون على أبواب القضاة يتوكلون للناس بالخصومات ح كذا في الهامش.
قوله: (على أبوابهم) أي القضاة.
قوله: (وفيها) مكرر مع ما يأتي متنا.
قوله: (ومدمن الشرب) الادمان أن يكون في نيته الشرب متى وجد.
قال شمس الائمة: يشترط مع هذا أن يخرج سكران ويسخر منه الصبيان أو أن يظهر ذلك للناس، وكذلك مدمن سائر الاشربة، وكذا من يجلس مجلس الفجور والمجانة في الشرب لا تقبل شهادته وإن لم يشرب.
بزازية.
كذا في الهامش.
قوله: (وما ذكره ابن الكمال غلط) حيث قال: ومدمن الشراب: يعني شراب الاشربة المحرمة مطلقا على اللهو، لم يشترط الخصاف في شرب الخمر الادمان.
ووجهه أن نفس شرب الخمر يوجب الحد فيوجب رد الشهادة، وشرط في شهادة الاصل الادمان لانه إذا شرب في السر لا تسقط عدالته، لان الادمان أمر آخر وراء الاعلان، بل لان شرب الخمر ليس بكبيرة فلا يسقط العدالة إلا الاصرار عليه بالادمان.
قال في الفتاوى الصغرى: ولا تسقط عدالة شارب الخمر بنفس الشرب لان هذا الحد ما ثبت بنص قاطع إلا إذا دام على ذلك ح.
كذا في الهامش.
قوله: (كما حرره في البحر) حيث قال: وذكر ابن الكمال أن شرب الخمر، ليس بكبيرة فلا يسقط العدالة إلا بالاصرار عليه بدليل عبارة الفتاوى الصغرى المتقدمة اه.
لكن في الهامش قال تحت قول الشارح كما حرره في البحر: أي من أن التحقيق أن شرب قطرة(6/25)
من الخمر كبيرة، وإنما شرط المشايخ الادمان ليظهر شربه عند القاضي ا ه ح.
قوله: (القصب) الذي في المنح: القضيب.
قوله: (بأن يرقصوا) وفي بعض النسخ زيادة كانوا فتأمل.
والوجه أن اسم مغنية ومغن: إنما هو في العرف لمن كان الغناء حرفته التي يكتسب بها المال وهو حرام، ونصوا على أن التغني للهو أو لجمع المال حرام بلا خلاف، وحينئذ فكأنه قال: لا تقبل شهادة من اتخذ التغني صناعة يأكل بها، وتمامه فيه فراجعه.
قوله: (وغيره) كابن كمال.
قوله: (قال) أي العيني.
قوله: (جائز اتفاقا) أعلم أن التغني لاسماع الغير وإيناسه حرام عند العامة، ومنهم جوزه في العرس والوليمة، وقيل إن كان يتغنى ليستفيد به نظم القوافي ويصير فصيح اللسان لا بأس.
أما التغني لاسماع نفسه: قيل لا يكره، وبه أخذ شمس الائمة، لما روى ذلك عن أزهد الصحابة البراء بن عازب رضي الله عنه.
والمكروه على ما يكون على سبيل اللهو، ومن المشايخ من قال ذلك يكره، وبه أخذ شيخ الاسلام.
بزازية.
قوله: (ضرب الدف فيه) جواز ضرب الدف فيه خاص بالنساء لما في البحر عن المعراج بعد ذكره أنه مباح في النكاح وما في معناه من حادث سرور قال: وهو مكروه للرجال على كل حال للتشبه بالنساء.
قوله: (فانقطع الاختلاف) فيه كلام ذكرته في حاشيتي على البحر، وقد رد السائحاني على صاحب البحر.
قوله: (أو يلعب بنرد) أي إذا علم ذلك.
فتح.
قوله: (أو طاب) نوع من اللعب كذا في الهامش.
قال في الفتح: ولعب الطاب في بلادنا مثله، لانه يرمي ويطرح بلا حساب وإعمال فكر، وكل ما كان كذلك مما أحدثه الشيطان وعمله أهل الغفلة فهو حرام سواء قومر به أو لا اه.
قلت: ومثله اللعب بالصينية والخاتم في بلادنا، وإن تورع ولم يلعب ولكن حضر في مجلس اللعب بدليل من جلس مجلس الغناء، وبه يظهر جهل أهل الورع البارد.
قوله: (أما الشطرنج فلشبهة الاختلاف) أي اختلاف مالك والشافعي في قولهما بإباحته، وهو رواية عن أبي يوسف، واختارها ابن الشحنة.(6/26)
أقول: هذه الرواية ذكره في المجتبى ولم تشتهر في الكتب المشهورة، بل المشهور الرد على
الاباحة، وابن الشحنة لم يكن من أهل الاختيار، سائحاني، وانظر ما في شرح المنظومة المحبية للاستاذ عبد الغني اه.
قوله: (شرط واحد) أي لحرمته.
والحاصل أن العدالة إنما تسقط بالشطرنج إذا وجد واحد من خمسة: القمار وفوت الصلاة بسببه وإكثار الحلف عليه واللعب به على الطريق كما في فتح القدير، أو يذكر عليه فسقا كما في شرح الوهبانية.
بحر.
كذا في الهامش.
قوله: (على الطريق) قال في الفتح: وأما ما ذكر من أن من يلعبه على الطريق ترد شهادته فلاتيانه الامور المحقرة ا ه.
قوله: (أو يداوم عليه) هذا سادس الستة.
كذا في الهامش.
قوله: (قيدوه بالشهرة) قيل لانه إذا لم يشتهر به كان الواقع ليس إلا تهمة أكل الربا ولا تسقط العدالة به، وهذا أقرب، ومرجعه إلى ما ذكر في وجه تقييد شرب الخمر بالادمان.
قوله: (فالكل سواء) أي كل المفسقات لا خصوص الربا.
سائحاني.
قوله: (بحر) أصل العبارة للكمال حيث قال: والحاصل أن الفسق في نفس الامر مانع شرعا، غير أن القاضي لا يرتب ذلك إلا بعد ظهوره له، فالكل سواء في ذلك.
وقال قبله: وأما أكل مال اليتيم فلم يقيده أحد ونصوا أنه بمرة، وأنت تعلم أنه لا بد من الظهور للقاضي لان الكلام فيما يرد به القاضي الشهادة فكأنه بمرة يظهر لانه يحاسب فيعلم أنه استنقص من المال ا ه.
قوله: (أو يأكل على الطريق) أي بأن يكون بمرأى من الناس.
بحر.
ثم اعلم أنهم اشترطوا في الصغيرة الادمان، وما شرطوه في فعل ما يخل بالمروءة فيما رأيت، وينبغي اشتراطه بالاولى، وإذا فعل ما يخل بها سقطت عدالته وإن لم يكن فاسقا حيث كان مباحا، ففاعل المخل بها ليس بفاسق ولا عدل، فالعدل من اجتنب الثلاثة، والفاسق من فعل كبيرة أو أصر على صغيرة، ولم أر من نبه عليه.
وفي العتابية: ولا تقبل شهادة من يعتاد الصياح في الاسواق.
بحر.
قال في النهاية: وأما إذا شرب الماء أو أكل الفواكه على الطريق لا يقدح في عدالته لان الناس لا(6/27)
تستقبح ذلك.
منح س.
قوله: (أوصى إليه) أي إلى زيد، والاولى إظهاره.
قوله: (فإن ادعاه) أي رضي به.
سعدية وعزمية.
قوله: (والموصى لهما) أورد على هذا أن الميت إذا كان له وصيان فالقاضي
لا يحتاج إلى نصب آخر، وأجيب بأنه يملكه لاقرارهما بالعجز عن القيام بأمور الميت.
كذا في البحر.
قوله: (لثالث) أي لرجل ثالث متعلق بشهادة كقوله على الايصاء: أي على أن الميت جعله وصيا، وهذا مرتبط بالمسائل الاربع لا بالاخيرة كما لا يخفى، فافهم.
وفي البحر: ولا بد من كون الميت معروفا في الكل: أي ظاهرا إلا في مسألة المديونين، لانهما يقران على أنفسهما بثبوت ولاية القبض للمشهود له، فانتفت التهمة وثبت موته بإقرارهما في حقهما، وقيل معنى الثبوت أمر القاضي إياهما بالاداء إليه لا برأتهما عن الدين بهذا الاداء لان استيفاءه منهما حق عليهما، والبراءة حق لهما فلا تقبل.
كذا في الكافي اه ملخصا.
قوله: (على قبول الوصية) ظاهر في أن الوصي من جهة القاضي خلافا لما في البحر.
قوله: (كما لا تقبل لو شهدا الخ) هذا إذا كان المطلوب يجحد الوكالة، وإلا جازت الشهادة لانه يجبر على دفع المال بإقراره بدون الشهادة، وإنما قامت الشهادة لابراء المطلوب عند الدفع إلى الوكيل إذا حضر الطالب وأنكر الوكالة فكانت شهادة على أبيهما فتقبل.
وفرق بينهما وبين من وكل رجلا بالخصومة في دار بعينها وقبضها وشهد ابنا الموكل بذلك لا تقبل وإن أقر المطلوب بالوكالة، لانه لا يجبر على دفع الدار إلى الوكيل بحكم إقراره بل بالشهادة فكانت لابيهما فلا تقبل.
بحر ملخصا عن المحيط.
قوله: (أباهما) أشار إلى عدم قبول شهادة ابن الوكيل مطلقا بالاولى، والمراد عدم قبولها في الوكالة من كل من لا تقبل شهادته للموكل، وبه صرح في البزازية.
بحر.
قوله: (الغائب) قيد به، لانه لو كان حاضرا لا يمكن الدعوى بها ليشهدا لان التوكيل لا تسمع الدعوى به لانه من العقود الجائزة، لكن يحتاج إلى بيان صورة شهادتهما في غيبته مع جحد الوكيل لانها لا تسمع إلا بعد الدعوى.
ويمكن أن تصور بأن يدعي صاحب وديعة عليه بتسليم وديعة الموكل في دفعها فيجحد فيشهدان به وبقبض ديون أبيهما، وإنما صورناه بذلك لان الوكيل لا يجبر على فعل ما وكل به إلا في رد الوديعة ونحوها كما سيأتي فيها.
بحر.
وفيه نظر بيناه في حاشيته، فتدبر.
قوله: (عن الغائب) لعدم الضرورة إليه لوجود رجاء حضوره س.
قال في البحر بعد ذكر الغائب: إلا في المفقود.
قوله: (بعد) وكذا قبله بالاولى، فكان الاولى أن يقول: ولو بعد ما عزله القاضي، ودلت المسألة على أن
القاضي إذا عزل الوصي ينعزل.
بزازية.
ويمكن أن يقال: عزله بجنحة.
قوله: (ولو شهد الخ) أصل(6/28)
المسألة في البزازية حيث قال: وكله بطلب ألف درهم قبل فلان والخصومة فخاصم عند غير القاضي ثم عزل الوكيل قبل الخصومة في مجلس القضاء ثم شهد الوكيل بهذا المال لموكله يجوز.
وقال الثاني: لا يجوز بناء على أن نفس الوكيل قام مقام الموكل ا ه.
فالمراد هنا أنه خاصم فيما وكل به، فإن خاصم في غيره ففيه تفصيل أشار إليه الشارح فيما يأتي اه.
ونقل في الهامش فرعا هو: ادعى المشتري أنه باعه من فلان وفلان يجحد فشهد له البائع لم تقبل.
كذا في المحيط.
والبائع إذا شهد لغيره بما باع لا تقبل شهادته، وكذا المشتري، كذا في فتاوى قاضيخان فتاوى الهندية ا ه.
قوله: (كالوصي) بناء على أن عنده بمجر قبول الوكالة يصير خصما وإن لم يخاصم، ولهذا لو أقر على موكله في غير مجلس القضاء نفذ إقراره عليه.
وعندهما: لا يصير خصما بمجرد القبول، ولهذا لا ينفذ إقراره.
ذخيرة ملخصا.
قوله: (وفي قسامة الزيلعي الخ) المسألة مبسوطة في الفصل السادس والعشرين من التاترخانية.
قوله: (متفق عليهما) فيه أن أبا يوسف جعل الوكيل الوصي وإن لم يخاصم مع أنه بعرضة أن يخاصم.
قوله: (عندهما) أي خلافا للثاني كما تقدم ح.
قوله: (أو عليه) أي أو شهد عليه أي على الموكل.
قوله: (وفي البزازية) بيان لقوله: في غير ما وكل فيه.
قوله: (عند القاضي) متعلق بوكل لا بالخصومة.
قوله: (مائة دينار) أي مال غير الموكل به، بخلاف ما مر.
قوله: (وتمامه فيها) حيث قال: بخلاف ما لو وكله عند غير القاضي فخاصم مع المطلوب بألف وبرهن على الوكالة ثم عزله الموكل عنها فشهد له على المطلوب بمائة دينار، فما كان للموكل على المطلوب بعد القضاء بالوكالة لا يقبل، لان الوكالة لما اتصل بها القضاء صار الوكيل خصما في حقوق الموكل على غرمائه، فشهادته بعد العزل بالدنانير شهادة الخصم فلا تقبل، بخلاف الاول لان علم القاضي بوكالته ليس بقضاء فلم يصر خصما في غير ما وكل به وهو الدراهم فتجوز شهادته بعد العزل في حق آخر ا ه بزيادة من جامع الفتاوى.
وزاد في الذخيرة: إلا أن يشهد بمال حادث بعد تاريخ الوكالة فحينئذ تقبل شهادتهما عنده ا ه.
ولهذا قال في البزازية بعد ما مر: وهذا غير مستقيم فيما يحدث، لان الرواية محفوظة فيما إذا وكله بالخصومة في كل حق له وقبضه على رجل:
يعني أنه لا يتناول الحادث، أما إذا وكله يطلب كل حق له قبل الناس أجمعين فالخصومة تنصرف إلى الحادث أيضا استحسانا، فإذا تحمل المذكورة على الوكالة العامة.
ثم قال: والحاصل أنه في الوكالة العامة بعد الخصومة لا تقبل شهادته لموكله على المطلوب ولا على غيره في القائمة ولا في الحادثة إلا في الواجب بعد العزل ا ه: يعني وأما في الخاصة: فلا تقبل فيما كان على المطلوب قبل الوكالة وتقبل في الحادث بعدها أو بعد العزل.
وإنما جاء عدم الاستقامة(6/29)
بالتقييد بقوله بما كان للموكل على المطلوب بعد القضاء بالوكالة، ولذا لم يقيد بذلك في الذخيرة، بل صرح بعده بأن الحادث تقبل فيه كما قدمناه، فاغتنم هذا التحرير ا ه.
وذكر في الهامش عبارة جامع الفتاوى ونصها: لانه في الفصل الثاني لما اتصل القضاء بها: أي بالوكالة صار الوكيل خصما في جميع حقوق الموكل على غرمائه، فإذا شهد بالدنانير فقد شهد بما هو خصم فيه، وفي الاول: علم القاضي بوكالته ليس بقضاء فلم يصر خصما فكان في غير ما وكل به وهو الدراهم فتجوز شهادته بعد العزل في حق آخر اه.
قوله: (شهادة اثنين الخ) راجع الفصل الرابع والعشرين من التاترخانية.
قوله: (في ذلك) أي فيما في الذمة، وإنما تثبت الشركة في المقبوض بعد القبض.
ووجه قول أبي يوسف بعدم القبول أن أحد الفريقين إذا قبض شيئا من التركة بدينه شاركه الفريق الآخر فصار كل شاهدا لنفسه.
قوله: (بخلاف الوصية بغير عين) كما إذا شهد أن الميت أوصى لرجلين بألف فادعى الشاهدان أن الميت أوصى لهما بألف وشهد الموصى لهما أن الميت أوصى للشاهدين بألف لا تقبل الشهادتان، لان حق الموصى له تعلق بعين التركة حتى لا يبقى بعد هلاك التركة، فصار كل واحد من الفريقين مثبتا لنفسه حق المشاركة في التركة فلا تصح شهادتهما، واحترز بالوصية بغير عين عن الوصية بها، كما لو شهدا أنه أوصى لرجلين بعين وشهد المشهود لهما للشاهدين الاولين أنه أوصى لهما بعين أخرى فإنها تقبل الشهادتان اتفاقا، لانه لا شركة ولا تهمة ا ه ح.
كذا في الهامش.
قوله: (على أجنبي) الظاهر أنه غير قيد.
تأمل.
قوله: (حق الله تعالى) ولو كان الحق تعزيزا، وانظر باب التعزير من البحر عند قوله: يا فاسق يا زاني.
قوله: (وإلا لا) تكرار.
س.
قوله: (بعد التعديل) ولو قبله قبلت.
ذكر في البحر أن
التفصيل إنما هو إذا ادعاه الخصم وبرهن عليه جهرا، أما إذا أخبر القاضي به سرا وكان مجردا طلب منه البرهان عليه، فإذا برهن عليه سر أبطل الشهادة لتعارض الجرح والتعديل فيقدم الجرح، فإذا قال الخصم للقاضي سرا إن الشاهد أكل ربا وبرهن عليه رد شهادته كما أفاده في الكافي ا ه.
ووجه أنه لو كان البرهان جهرا لا يقبل على الجرح المجرد لفسق الشهود به بإظهار الفاحشة، بخلاف ما إذا شهدوا سرا كما بسطه في البحر.
وحاصله: أنها تقبل على الجرح ولو مجردا أو بعد التعديل لو شهدوا به سرا، وبه يظهر أنه لا بد من التقييد لقول المصنف لا تقبل بعد التعديل بما إذا كان جهرا وظاهر كلام الكافي أن الخصم لا يضره الاعلان بالجرح المجرد كما في البحر: أي لانه إذا لم يشتبه بالشهود سرا وفسق بإظهار الفاحشة لا يسقط حقه، بخلاف الشهود فإنها تسقط شهادتهم بفسقهم بذلك، وكذا يقبل سؤال القاضي.
قال في البحر أول الباب المار: وقد ظهر من إطلاق كلامهم هنا أن الجرح يقدم على التعديل(6/30)
سواء كان مجردا أو لا عند سؤال القاضي عند الشاهد، والتفصيل الآتي من أنه إن كان مجردا لا تسمع البينة به أو لا فتسمع إنما هو عند طعن الخصم في الشاهد علانية اه.
هذا، وقد مر قبل هذا الباب أنه لا يسأل عن الشاهد بلا طعن من الخصم.
وعندهما يسأل مطلقا، والفتوى على قولهما من عدم الاكتفاء بظاهر العدالة، وحينئذ فكيف يصح القول برد الشهادة على الجرح المجرد قبل التعديل؟ وأجاب السائحاني بأن من قال تقبل أراد أنه لا يكفي ظاهر العدالة، ومن قال ترد أراد أن التعديل لو كان ثابتا أو أثبت بعد ذلك لا يعارضه الجرح المجرد فلا تبطل العدالة اه.
ويشير إلى هذا قول ابن الكمال.
فإن قلت: أليس الخبر عن فسق الشهود قبل إقامة البينة على عدالتهم يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها؟ قلت: نعم، لكن ذلك للطعن في عدالتهم لا لسقوط أمر يسقطهم عن حيز القبول، ولذا لو عدلوا بعد هذا تقبل شهادتهم، ولو كانت الشهادة على فسقهم مقبولة لسقطوا عن حيز الشهادة ولم يبق
لهم مجال التعديل اه.
وهذا معنى كلام القهستاني، وكذلك كلام صدر الشريعة ومنلا خسرو، ويرجع إلى ما ذكره ابن الكمال.
قوله: (وجعله البرجندي) أقول: المتبادر منه رجوعه إلى قوله: لكن يزكي الشهود سرا وعلنا أما على قول الامام فيكتفي بالتزكية علنا كما تقدم وهذا محله ما إذا لم يطعن الخصم.
أما إذا طعن كما هنا فلا اختلاف، بل هو على قوله الكل من أنهم يزكون سرا وعلنا، فتأمل وراجع.
ولعل هذا هو وجه أمر الشارح بقوله: فتنبه س.
والظاهر أن الضمير راجع إلى الاطلاق المفهوم من قوله: وأطلق الكمال.
قوله: (أو زناه الخ) أي عادتهم الزنا أو أكل الربا أو الشرب، وفي هذا لا يثبت الحد، بخلاف ما يأتي من أنهم زنوا أو سرقوا مني الخ، لانها شهادة على فعل خاص موجب للحد، هذا ما ظهر لي.
فرع: ذكره في الهامش ومن ادعى ملكا لنفسه ثم شهد أنه ملك غيره لا تقبل شهادته، ولو شهد بملك لانسان ثم شهد به لغيره لا تقبل، ولو ابتاع شيئا من واحد ثم شهد به لآخر ترد شهادته، ولو برهن أن الشاهد أقر أنه ملكي يقبل، والشاهد لو أنكر الاقرار لا يحلف.
جامع الفصولين في الرابع عشر اه.
قوله: (فلا تقبل) تكرار مع ما مر.
قوله: (واعتمده المصنف) قال: وإنما لم تقبل هذه الشهادة بعد التعديل، لان العدالة بعد ما ثبتت لا ترتفع إلا بإثبات حق الشرع أو العبد كما عرفت،(6/31)
وليس في شئ مما ذكر إثبات واحد منهما، بخلاف ما إذا وجدت قبل التعديل فإنها كافية في الدفع كما مر، كذا قاله منلا خسرو وغيره.
فإن قلت: لا نسلم أنه ليس فيما ذكر إثبات واحد منهما: يعني حق الله تعالى وحق العبد، لان إقرارهم بشهادة الزور أو شرب الخمر مع ذهاب الرائحة موجب للتعزير وهو هنا من حقوق الله تعالى.
قلت: الظاهر أن مرادهم بما يوجب حقا لله تعالى الحد لا التعزير لقولهم: وليس في وسع القاضي إلزامه لان يدفعه بالتوبة، لان التعزير حق الله تعالى يسقط بالتوبة، بخلاف الحد لا يسقط بها، والله تعالى أعلم اه.
قلت: لكن صرح في تعزير البحر أن الحق لله تعالى لا يختص بالحد بل أعم منه ومن التعزير،
وصرح هناك أيضا بأن التعزير لا يسقط بالتوبة، إلا أن يقال: إن مراده به ما كان حقا للعبد لا يسقط بها.
تأمل.
قوله: (كإقرار المدعي) قال في البحر: لا يدخل تحت الجرح ما إذا برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو أنهم أجراء أو لم يحضروا الواقعة أو على أنهم محدودون في قذف أو على رق الشاهد أو على شركة الشاهد في العين، وكذا قال في الخلاصة للخصم أن يطعن بثلاثة أشياء: أن يقول هما عبدان، أو محدودان في قذف، أو شريكان، فإذا قال هما عبدان يقال للشاهدين: أقيما البينة على الجرية، وفي الآخرين يقال للخصم: أقم البينة أنهما كذلك ا ه، فعلى هذا الجرح في الشاهد إظهار ما يخل بالعدالة لا بالشهادة مع العدالة، فإدخال هذه المسائل في الجرح المقبول كما فعل ابن الهمام مردود، بل من باب الطعن ما في الخلاصة.
وفي خزانة الاكمل: لو برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو بما يبطل شهادتهم يقبل، وليس هذا بجرح وإنما هو من باب إقرار الانسان على نفسه ا ه.
وهذا لا يرد على المصنف فكان على الشارح أن لا يذكر قوله: الجرح المركب فإنها زيادة ضرر.
قوله: (بقذف) لان من تمام حده رد شهادته وهو من حقوق الله تعالى.
قوله: (ولم يتقادم العهد) بأن لم يزل الريح في الخمر ولم يمض شهر في الباقي، قيد بعدم التقادم، إذ لو كان مقادما لاتقبل لعدم إثبات الحق به لان الشهادة بحد متقادم مردودة.
منح.
وما ذكره المصنف بقوله: ولم يتقادم العهد وفق به الزيلعي بين جعلهم هم زناة شربة الخمر من المجرد وجعلهم زنوا أو سرقوا من غيره ونقل عن المقدسي أن الاظهر أن قولهم زناة أو فسقة أو شربة أو أكلة ربا اسم فاعل، وهو قد يكون بمعنى الاستقبال فلا يقطع بوصفهم بما ذكر، بخلاف الماضي ا ه ملخصا.
وهو حسن جدا لانه من المتبادر من تخصيصهم في التمثيل للاول باسم الفاعل وللثاني بالماضي.
قوله: (أو شركاء) فيما إذا كانت الشهادة في شركتهما.
منح.
والمراد أن الشاهد شريك مفاوض، فمهما حصل من هذا الباطل يكون له فيه منفعة، لا أن يراد أنه شريكه في المدعى به وإلا كان إقرارا بأن المدعى به لهما.
فتح، ومثله في القهستاني.
وما في البحر من حمله على الشركة عقدا يشمل بعمومه العنان ولا يلزم منه نفع الشاهد فكأنه سبق قلم.
وعلى ما قلنا(6/32)
فقول الشارح والمدعي مال أي مال تصح فيه الشركة ليخرج نحو العقار وطعام أهله وكسوتهم مما لا
تصح فيه.
قوله: (أو أني صالحتهم) أي شهدوا على قول المدعي إني صالحتهم الخ.
قوله: (أي رشوة) قاله في السعدية.
قوله: (فلم يبرح) لانه لو قام لم يقبل منه ذلك لجواز أنه عزه الخصم بالدنيا.
بحر.
قوله: (أخطأت) قال في البحر: معنى قوله: أوهمت أخطأت بنسيان ما كان يحق على ما ذكره أو بزيادة كانت باطلة.
كذا في الهداية، ا ه.
قوله: (بعض شهادتي) منصوب على نزع الخافض: أي في بعض شهادتي.
سعدية.
قوله: (قبلت شهادته) قال في المنح.
واختاره في الهداية لقوله في جواب المسألة جازت شهادته، وقيل يقضي بما بقي إن تداركه بنقصان، وإن بزيادة يقضي بها إن ادعاها المدعي، لان ما حدث بعدها قبل القضاء يجعل كحدوث عندها، وإليه مال شمس لائمة السرخسي، واقتصر عليه قاضيخان وعزاه إلى الجامع الصغير ا ه.
قوله: (لو عدلا) تكرار مع المتن.
س.
قوله: (وعليه الفتوى) أي على قوله: ولو بعد القضاء.
قوله: (بما بقي) أي أو بما زاد كما صرح به غيره ومثله في البحر.
قال: وعليه فمعنى القبول العمل بقوله الثاني.
قوله: (فتنبه وتبصر) في كلام الشارح عفى عنه في هذا المقام نظر من وجوه: الاول: أن قوله: ولو بعد القضاء ليس في محله، لان الضمير في قول المصنف قبلت راجع إلى الشهادة كما نص عليه في المنح، وهومقتضى صنيعة هنا، وحينئذ فلا معنى لقبولها بعد القضاء، بل الصواب ذكره بعد عبارة الملتقى.
الثاني: أنه لا محل للاستدراك هنا، لان في المسألة قولين، ولا يقبل الاستدراك بقول على آخر إلا أن يعتبر الاستدراك بالنظر إلى ترجيح الثاني.
الثالث: أن قوله: وكذا لو وقع الغلط في بعض الحدود أو النسب يقتضي أنه مفرع على القول المذكور في المتن وليس كذلك.
الرابع: أنه يقتضي أنه لا يقبل قوله بذلك وليس كذلك.
وعبارة الزيلعي تدل على ما قلنا من أوجه النظر المذكورة حيث قال: ثم قيل يقضي بجميع ما شهد به أولا، حتى لو شهد بألف ثم قال غلطت في خمسمائة يقضي بألف لان المشهود به أولا صار حقا للمدعي ووجب على القاضي القضاء به فلا يبطل برجوعه.
وقيل يقضي بما بقي لان ما حدث
بعد الشهادة قبل القضاء كحدوثه عند الشهادة.
ثم قال: وذكر في النهاية أن الشاهد إذا قال أوهمت في الزيادة أو في النقصان يقبل قوله إذا كان عدلا، ولا يتفاوت بين أن يكون قبل القضاء أو بعد رواه(6/33)
عن أبي حنيفة، وعلى هذا لو وقع الغلط في ذكر بعض حدود العقار أو في بعض النسب ثم تذكر تقبل لانه قد يبتلي به في مجلس القضاء فذكره ذلك للقاضي دليل على صدقه واحتياطه في الامور اه.
فتأمل.
قوله: (أو النسب) بأن قال محمد بن علي بن عمران: فتداركه في المجلس قيل وبعده، وقوله: بعض الحدود بأن ذكر الشرقي مكان الغربي ونحوه.
فتح.
قوله: (أولى من بينة الموت) نقل الشيخ غانم خلافه عن الخلاصة وغيرها، فراجعه، وأفتى المفتي أبو السعود بخلافه.
وذكر في البحر مسائل في تعارض البينات وترجيحها في الباب الآتي عند قوله: ولو شهدا أنه قتل زيدا يوم النحر الخ.
وذكر في الهامش مسائل في تعارض البينات هي قطع أقامت الامة بينة أن مولاها دبرها في مرض موته وهو عاقل وأقامت الورثة بينة أنه كان مخلوط العقل فبينة الامة أولى، وكذا إذا خالع امرأته ثم أقام الزوج بينة أنه كان مجنونا وقت الخلع والمرأة على أنه كان عاقلا فبينة المرأة أولى في الفصلين.
زوج الاب بنته البالغة من رجل على أنه يعطيه ألفا فأعطاه ثم ادعت البنت أن الالف مهرها وادعى الاب أنه له لاجل قفتا نلق وأقاما البينة فبينة البنت أولى، لان بينتها تثبت الوجوب في النكاح وبينته تثبت الرشوة.
حاوي الزاهدي، ولو ادعى أحدهما البيع بالتلجئة وأنكر الآخر فالقول لمدعي الجد بيمينه، ولو برهن أحدهما قبل، ولو برهنا فالتلجئة كما سبق في البيع تعارضت بينتا صحة الوقف وفساده، فإن الفساد لشرط في الوقف مفسد فبينة الفساد أولى، وإن كان المعنى في المحل وغيره فبينة الصحة أولى.
وعلى هذا التفصيل إذا اختلف البائع والمشتري في صحة البيع وفساده.
باقاني على الملتقي.
بينة أنه باعها في البلوغ أولى من بينة أنه باعها في صغره حاوي الزاهدي: إذا تعارضت بينة القدم والحدوث.
ففي البزازية والخلاصة: بينة القدم أولى.
وفي ترجيح البينات للبغدادي عن القنية: بينة الحدوث أولى.
وذكر العلائي في شرح الملتقى أن بينة القدم أولى في البناء وبينة الحدوث أولى في الكنيف اه حامدية.
ولو ظهر جنونه وهو مفيق يجحد الاقامة أولى من بينة الجنون.
وعن أبي يوسف: إذا ادعى شراء الدار فشهد
شاهدان أنه كان مجنونا عندما باعه وآخران أنه كان عاقلا فبينة العقل وصحة البيع أولى.
إذا اختلف المبايعان في صحة العقد وفساده فإنما يجعل القول لمن يدعي الصحة والبينة بينة من يدعي الفساد، ولو قال لا دعوى على تركة أخي أو لا حق في تركة أخي وهو أحد الورثة لا يبطل ولا يدفع الورثة بهذا اللفظ، بحر عن النوادر ا ه.
قوله: (من يتيم بالغ) متعلق ببينة.
قوله: (ما اشتراه) أي المشتري.
قوله: (من وصيه) أي وصي اليتيم.
قوله: (ذا عقل) بينة كون البائع معتوها أولى من بينة كونه عاقلا غانم(6/34)
البغدادي.
قوله: (فهو على المرض) لان تصرفه أدنى من تصرف الصحة فيكون متيقنا، وانظر نسخة السائحاني.
قال: مجرد هذه الحواشي الذي في السائحاني هو قوله: ولو قال الشهود لا ندري كان في صحة أو مرض فهو على المرض: أي لان تصرفه أدنى من تصرف الصحة فيكون متيقنا.
وفي جامع الفتاوى: ولو ادعى الزوج بعد وفاتها أنها كانت أبرأته من الصداق حال صحتها وأقام الوارث بينة أنها أبرأته في مرض موتها فبينة الصحة أولى، وقيل بينة الورثة أولى، ولو أقر الوارث ثم مات فقال المقر له أقر في صحته وقال بقية الورثة في مرضه فالقول للورثة والبينة للمقر له وإن لم يقم بينة وأراد استحلافهم له ذلك.
ادعت المرأة البراءة عن المهر بشرط وادعاها الزوج مطلقا وأقاما البينة فبينة المرأة أولى إن كان الشرط متعارفا يصح الابراء معه، وقيل: البينة من الزوج أولى، ولو أقامت المرأة بينة على المهر على أن زوجها كان مقرابه يومنا هذا وأقام الزوج بينة أنها أبرأته من هذا المهر فبينة البراءة أولى وكذا في الدين لان بينة مدعي الدين بطلت كإقرار المدعى عليه بالدين ضمن دعواه البراءة كشهود بيع وإقالة، فإن بينتها لم يبطلها شئ وتبطل بينة البيع لان دعوى الاقالة إقرار به، وقوله: فهو على المرض لم يذكر ما إذا اختلفا في الصحة والمرض.
وفي الانقروي: ادعى بعض الورثة أن المورث وهبه شيئا وقبضه في صحته وقالت البقية كان في المرض فالقول لهم، وإن أقاموا البينة لمدعي الصحة، ولو ادعت أن زوجها طلقها في مرض الموت ومات وهي في العدة وادعى الورثة أنه في الصحة فالقول لها، وإن برهنا وقتا واحدا فبينة الورثة أولى ا ه.
هذا ما وجدته فيها.
قوله: (أولى من بينة الطوع) قال ابن الشحنة:
وبينتا كره وطوع أقيمتا * فتقديم ذات الكره صحح الاكثر قال في الهامش: تعارضت بينة الاكراه والطوع في البيع والصلح والاقرار فبينة الاكراه أولى.
باقاني عن الملتقى.
وخانية في أحكام الشهادات الفاسدة وترجيح البينات.
وبينة الرجوع عن الوصية أولى من بينة كونه موصيا مصرا إلى الوفاة.
أبو السعود وحامدية.
قوله: (لمدعي البطلان) لانه منكر للعقد.
قوله: (لمدعي الصحة) مفاده أن البينة الفساد فيوافق ما قبله.
قوله: (إلا في مسألة الاقالة) كما لو ادعى المشتري أنه باع المبيع من البائع بأقل من الثمن قبل النقد وادعى البائع الاقالة فالقول للمشتري مع أنه يدعي فساد العقد، ولو كان على القلب تحالفا.
أشباه.
قوله: (وفي الملتقط) أنظر ما كتبناه قبيل(6/35)
الكفالة.
قوله: (شهادة النفي المتواتر مقبولة) بخلاف غيره فلا يقبل سواء كان نفيا صورة أو معنى، وسواء أحاط به علم الشاهد أولا كما مر في باب اليمين في البيع والشراء.
نعم تقبل بينة النفي في الشروط كما قدمناه هناك.
وذكر في الهامش في النوادر عن الثاني: شهدا عليه بقول أو فعل يلزم عليه بذلك إجارة أو بيع أو كتابة أو طلاق أو عتاق أو قتل أو قصاص في مكان أو زمان وصفات فبرهن المشهود عليه أنه لم يكن ثمة يومئذ لا تقبل.
لكن قال في المحيط في الحادي والخمسين: إن تواتر عند الناس وعلم الكل عدم كونه في ذلك المكان والزمان لا تسمع الدعوى ويقضي بفراغ الذمة، لانه يلزم تكذيب الثابت بالضرورة ما لم يدخله الشك عندنا إلى الكلام الثاني وكذا كل بينة قامت على أن فلانا لم يقل ولم يفعل ولم يقر.
وذكر الناطفي: أمن الامام أهل مدينة من دار الحرب فاختلطوا بمدينة أخرى وقالوا كما جميعا فشهدا أنهم لم يكونوا وقت الامان في تلك المدينة يقبلان إذا كانا من غيرهم.
بزازية.
وذكر الامام السرخسي أن الشرط وإن نفيا كقوله: إن لم أدخل الدار اليوم فامرأته كذا فبرهنت على عدم الدخول اليوم يقبل.
حلفه إن لم تأت صهرتي في الليلة ولم أكلمها فشهدا على عدم الاتيان والكلام يقبل لان الغرض إثبات الجزاء، كما لو شهد اثنان أنه أسلم واستثنى وآخران بلا استثناء يقبل ويحكم بإسلامه.
بزازية.
قوله: (خمسة أخرى) الاولى قال لعبده: إن دخلت هذه
الدار فأنت حر وقال نصراني إن دخل هو هذه الدار فامرأته طالق فشهد نصرانيان على دخوله الدار: إن العبد مسلما لا تقبل، وإن كافرا تقبل في حق وقوع الطلاق لا العتق: الثانية لو قال: إن استقرضت من فلان فعبده حر فشهد رجل وأبو العبد أنه استقرض من فلان والحالف ينكر يقبل في حق المال لا في حق عتق لان فيها شهادة الاب للابن.
الثالثة لو قال: إن شربت الخمر فعبده حر فشهد رجل وامرأتان على تحققه يقبل في حق العتق لا في حق لزوم الحد.
الرابعة لو قال: إن سرقت فعبده حر فشهد رجل وامرأتان عليه بها يقبل في حق العتق لا في حق القطع.
الكل من البزازية.
قلت: ثم رأيت مسألة أخرى فزدتها وهي الخامسة: لو قال لها: إن ذكرت طلاقك إن سميت طلاقك إن تكلمت بهد فعبده حر فشهد شاهد أنه طلقها اليوم والآخر على طلاقها أمس يقع الطلاق لا العتاق، وهي في البزازية أيضا.
كذا في حاشية تنوير البصائر ا ه.
وزاد البيري ما في خزانة الاكمل من اللقطة، وذلك: لقطة في يد مسلم وكافر فأقام صاحبها شاهدين كافرين عليها تسمع على ما في يد الكافر خاصة استحسانا، وما لو لمات كافر فاقتسم ابناه تركته ثم أسلم أحدهما ثم شهد كافران على أبيه بدين قبلت في حصة الكافر خاصة اه.(6/36)
باب الاختلاف في الشهادة قوله: (منها أن الشهادة الخ) هذه عبارة الدرر.
قال محشيها الشرنبلالي: ليس من هذا الباب لانه في الاختلاف في الشهادة لا في قبول الشهادة وعدمه ا ه مدني.
قوله: (بأكثر من المدعي) ومنه إذا دعى ملكا مطلقا أو بالنتاج فشهدوا في الاول بالملك بسبب وفي الثاني بالملك المطلق قبلت، لان الملك بسبب أقل من المطلق لانه يفيد الاولوية، بخلافه بسبب فإنه يفيد الحدوث والمطلق أقل من النتاج، لان المطلق يفيد الاولوية على الاحتمال والنتاج على اليقين وفي قلبه، وهو دعوى المطلق فشهدوا بالنتاج لا تقبل، ومن الاكثر ما لو ادعى الملك بسبب فشهدوا بالمطلق لا تقبل إلا إذا كان السبب الارث.
باقاني.
وتمامه هناك.
كذا في الهامش.
قوله: (باطلة) أي إلا إذا وفق وبيانه في البحر.
قوله: (موافقة
الشهادتين الخ) كما لو ادعى دارا في يد رجل أنها لو منذ سنة فشهد أنها منذ عشرين سنة بطلت، فلو ادعى المدعي أنها منذ عشرين سنة والشهود شهدوا أنها منذ سنة جازت شهادتهم.
خانية.
وفي الانقروي عن القاعدية في الشهادات: الشهادة لو خالفت الدعوى بزيادة لا يحتاج إلا إثباتها أو نقصان كذلك فإن ذلك لا يمنع قبولها اه حامدية.
وفي الخيرية عن الفصولين: ولا يكلف الشاهد إلى بيان لون الدابة، لانه سأل عمالا يكلف إلى بيانه فاستوى ذكره وتركه، ويخرج منه مسائل كثيرة ا ه حامدية.
رجل ادعى في يد رجل متاعا أو دارا أنها له وأقام البينة وقضى القاضي له فلم يقبضه حتى أقام الذي في يده البينة أن المدعي أقر عند غير القاضي أنه لا حق له فيه، قال: إن شهدوا أنه أقر بذلك قبل القضاء بطل القضاء.
وإن شهدوا أنه أقر به بعد القضاء لا يبطل القضاء لان الثابت بالبينة كالثابت عيانا، ولو عاين القاضي إقراره بذلك كان الحكم على هذا الوجه خالية من تكذيب الشهود، وكذا في الهامش.
قوله: (فإذا وافقتها قبلت) صدر الباب بهذه المسألة مع أنها ليست من الاختلاف في الشهادة لكونها كالدليل لوجوب اتفاق الشاهدين، ألا ترى أنهما لو اختلفا لزم اختلاف الدعوى والشهادة كما لا يخفى على من له أدنى بصيرة.
سعدية، وبه ظهر وجه جعل ذلك من الاصول.
ثم إن التفريع على ما قبله مشعر بما قاله في البحر من أن اشتراط المطابقة بين الدعوى والشهادة إنما هو فيما كانت الدعوى شرطا فيه، وتبعه في تنوير البصائر وهو ظاهر، لان تقدم الدعوى إذا لم يكن شرطا كان وجودها كعدمها فلا يضر عدم التوافق.
ثم إن تفريعه على ما قبله لا ينافي كونه أصلا لشئ آخر وهو(6/37)
الاختلاف في الشهادة، فافهم.
وبما تقرر اندفع ما في الشرنبلالية من أن قوله منها أن الشهادة على حقوق العباد الخ ليس من هذا الباب.
لانه في الاختلاف في الشهادة لا في قبولها وعدمه، فتدبر.
قوله: (وهذا أحد الاصول الخ) نبه عليه دون ما قبله لدفع توهم عدم أصلية سبب كونه مفرعا على قبله فإنه لا تنافي كما قدمناه وإلا فما قبله أصل أيضا كما علمته، فتنبه.
قوله: (أو إرث) تبع فيه الكنز، والمشهور أنه كدعوى الملك المطلق كما في البحر عن الفتح وسيذكر الشارح، فلو أسقطه هنا
لكان أولى ح.
قوله: (قبلت) فيه قيد في البحر عن الخلاصة.
قوله: (بأن ادعى بسبب) أي ادعى العين لا الدين.
بحر.
قوله: (بالاكثر) وفيه لا تقبل إلا إذا وفق.
بحر.
قوله: (في غير دعوى إرث) لانه مساو للملك المطلق كما قدمناه.
قوله: (ونتاج) لان المطلق أقل منه لانه يفيد الاولوية على الاحتمال والنتاج على اليقين، وذكر في الهامش أن الشهادة على النتاج بأن يشهدا أن هذا كان يتبع هذه الناقة، ولا يشترط أداء الشهادة على الولادة.
فتاوى الهندية في باب تحمل الشهادة عن التاترخانية عن الينابيع ا ه.
قوله: (وشراء من مجهول) لان الظاهر أنه مساو للملك المطلق، وكذا في غير دعوى قرض.
بحر.
ومثله شراء مع دعوى قبض، فإذا ادعاهما فشهدا على المطلق تقبل.
بحر عن الخلاصة.
وحكى في الفتح عن العمادية خلافا.
قوله: (ثلاثة وعشرين) لكن ذكر في البحر بعدها أنه في الحقيقة لا استثناء، فراجعه.
قوله: (خشية التطويل) قدمها الشارح في كتاب الوقف.
قوله: (بطريق الوضع) أن بمعناه المطابقي، وهذا جعله الزيلعي تفسيرا للموافقة في اللفظ حيث قال: والمراد بالاتفاق في اللفظ تطابق اللفظين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن، حتى لو ادعى رجل مائة درهم فشهد شاهد بدرهم وآخر بدرهمين وآخر بثلاثة وآخر بأربعة وآخر بخمسة لم تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لعدم الموافقة لفظا، وعندهما: يقضي بأربعة اه.
والذي يظهر من هذا أن الامام اعتبر توافق اللفظين على معنى واحد بطريق الوضع، وأن الامامين اكتفيا بالموافقة المعنوية ولو بالتضمن ولم يشترطا المعنى الموضوع له كل من اللفظين، وليس المراد أن الامام اشترط التوافق في اللفظ والتوافق في المعنى الوضعي، وإلا أشكل ما فرعه عليه من شهادة أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج، وكذا الهبة والعطية فإن اللفظين فيهما مختلفان ولكنهما توافقا في معنى واحد، أفاده كل منهما بطريق الوضع.
ويدل على هذا التوفيق أيضا ما نقله الزيلعي عن النهاية حيث قال: إن كانت المخالفة بينهما في اللفظ دون المعنى.
تقبل شهادته وذلك نحو أن يشهد أحدهما على الهبة والآخر على العطية، وهذا لان اللفظ ليس بمقصود في الشهادة بل المقصود ما تضمنه(6/38)
اللفظ وهو ما صار اللفظ علما عليه، فإذا وجدت الموافقة في ذلك لا تضر المخالفة فيما سواها.
قال:
هكذا ذكره ولم يحك فيه خلافا ا ه.
وهذا بخلاف الفرع السابق الذي نقلناه عنه، فإن الخمسة معناها المطابقي لا يدل على الاربعة بل تتضمنها، ولذا لم يقبلها الامام وقبلها صاحباه لاكتفائهما بالتضمن.
والحاصل: أنه لا يشترط عند الامام الاتفاق على لفظ بعينه، بل إمام بعينه أو بمرادفه، وقول صاحب النهاية لان اللفظ ليس بمقصود مراده به أن التوافق على لفظ بعينه ليس بمقصود لا مطلقا كما ظن، فافهم.
قوله: (بالموافقة المعنوية) فإن قيل: يشكل على قول الكل ما لو شهد أحدهما أنه قال لها أنت خلية والآخر أنت برية لا يقضي ببينونة أصلا مع إفادتهما معناها، أجيب بمنع الترادف بل هما متباينان لمعنيين يلزمهما لازم واحد وهو وقوع البينونة، وتمامه في الفتح.
قوله: (لاتحاد معناهما) أي مطابقة فصار كأن اللفظ متحد أيضا، فافهم.
قوله: (ولو شهدا بالاقرار) مقتضاه أنه لا يضر الاختلاف بين الدعوى والشهادة في قول مع فعل، بخلاف اختلاف الشاهدين في ذلك.
قوله: (للجمع بين قول وفعل) بخلاف ما إذا شهد أحدهما بألف للمدعي على المدعى عليه وشهد الآخر على إقرار المدعى عليه بألف فإنه يقبل ليس بجمع بين قول وفعل.
منلا علي التركماني عن الحاوي الزاهدي.
قوله: (إلا إذا اتحدا) الظاهر أن الاستثناء منقطع لانه لا فعل مع قول في هذه الصور بل قولان، لان الانشاء والاقرار به كل منهما قول كما سيذكره.
قوله: بألف ومائة بخلاف العشر وخمسة عشر حيث لا يقبل لانه مركب كالالفين إذ ليس بينهما حرف العطف ذكره الشارح.
بحر.
قوله: (إلا أن يوفق) كأن يقول كان لي عليه كما شهدا إلا أنه أوفاني كذا بغير علمه.
وفي البحر: ولا يحتاج هنا إلى إثبات التوفيق بالبينة لانه يتم به، بخلاف ما لو ادعى الملك بالشراء فشهد بالهبة فإنه يحتاج لاثباته بالبينة.
سائحاني.
قوله: (وهذا في الدين) أي اشتراط الموافقة بين الشهادتين لفظا.
قوله: (سواء كان المدعي الخ) وسواء كان المدعي البائع أو المشتري.
درر.
قوله: (أو كتابته على ألف) شامل لما إذا ادعاها العبد وأنكر المولى(6/39)
وهو ظاهر، لان مقصوده هو العقد، ولما إذا كان المدعي هو المولى كما زاده صاحب الهداية على الجامع.
قال في الفتح.
لان دعوى السيد المال على عبده لا تصح.
إذا لا دين له على عبده إلا بواسطة دعوى الكتابة، فينصرف إنكار العبد إليه للعلم بأنه لا يتصور له عليه دين إلا به، فالشهادة ليست إلا
لاثباتها اه.
وفي البحر والتبيين: وقيل لا تفيد بينة المولى لان العقد غير لازم في حق العبد لتمكينه من الفسخ بالتعجيز اه.
وجزم بهذا القيل العيني، وهو موافق لما يفهم من عبارة الجامع.
قوله: (وهو يختلف باختلاف البدل) أشار إلى أنهما لو شهدا بالشراء ولم يبينا الثمن لم نقبل.
وتمامه في البحر.
وقال الخير الرملي في حاشية عليه: المفهوم من كلامهم في هذا الموضع وغيره أنه فيما يحتاج فيه إلى القضاء بالثمن لا بد من ذكره وذكر قدره وصفته، وما لا يحتاج فيه إلى القضاء به لا حاجة إلى ذكره.
تنبيه: في المبسوط، وإذا ادعى رجل شراء دار في يد رجل وشهد شاهدان ولم يسميا الثمن والبائع ينكر ذلك فشهادتهما باطلة، لان الدعوى إن كانت بصفة الشهادة فهي فاسدة، وإن كانت مع تسمية الثمن فالشهود لم يشهدوا بما ادعاه المدعي.
ثم القاضي يحتاج إلى القضاء بالعقد، ويتعذر عليه القضاء بالعقد إذا لم يكن الثمن مسمى، لانه كما لا يصح البيع ابتداء بدون تسمية الثمن فكذلك لا يظهر القضاء بدون تسمية الثمن ولا يمكنه أن يقضي بالثمن حين لم يشهد به الشهود، ثم قال: فإن شهد على إقرار البائع بالبيع ولم يسميا ثمنا ولم يشهدا بقبض الثمن فالشهادة باطلة، لان حاجة القاضي إلى القضاء بالعقد ولا يتمكن من ذلك إذا لم يكن الثمن مسمى، وإن قالا أقر عندنا أنه باعها منه واستوفى الثمن ولم يسميا الثمن فهو جائز، لان الحاجة إلى القضاء بالملك للمدعي دون القضاء بالعقد فقد انتهى حكم العقد باستيفاء الثمن قوله: (على كل واحد) لفظ كل مما لا حاجة إليه.
سعدية.
قوله: (والرهن) قال في البحر: وظاهر الهداية أن الراهن إنما هو من قبيل دعوى الدين.
وتعقبه في العناية تبعا للنهاية بأن عقد الرهن بألف غيره بألف وخمسمائة، فيجب أن لا تقبل البينة وإن كان المدعي هو المرتهن لانه كذب أحد شاهديه.
وأجيب بأن العقد غير لازم في حق المرتهن حيث كان له ولاية الرد متى شاء فكان في حكم العدم فكان الاعتبار الدعوى الدين، لان الرهن لا يكون إلا بدين فتقبل البينة كما في سائر الديون ويثبت الرهن بالالف ضمنا وتبعا اه.
وفي الحواشي اليعقوبية ذكر الراهن.
قوله: (إن ادعى العبد) تقييد لمسألة العتق بمال فقط إن أجرى قول المصنف أو كتابته على عمومه موافقة لما قاله صاحب الهداية أولهما إن خص بما إذا ادعى الكتابة العبد موافقة لما
في الجامع ولما في العيني.
قوله: (فكدعوى الدين) أي الدين المنفرد عن العقد.
سعدية.
قوله: (إذ مقصودهم المال) لانه ثبت العتق والعقد والطلاق باعتراف صاحب الحق فلم تبق الدعوى إلا في الدين.
فتح زاد في الايضاح: وفي الرهن إن كان المدعي هو الراهن لا تقبل لانه لاحظ له في الرهن فعريت الشهادة عن الدعوى، وإن كان المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين ا ه.
وفي اليعقوبية: وذكر(6/40)
الراهن في اليمين ليس على ما ينبغي.
قوله: (على الاقل) أي اتفاقا إن شهد شاهد الاكثر بعطف مثل ألف وخمسمائة، وإن كان بدونه كالالف والالفين فكذلك عندهما، وعنده: لا يقضي بشئ.
فتح.
قوله: (العقد) وهو يختلف باختلاف البدل فلا تثبت الاجارة فتح.
قوله: (وكالدين) إذ ليس المقصود بعد المدة إلا الاجر.
فتح.
قوله: (بعدها) استوفى المنفعة أولا بعد أن تسلم.
فتح.
قوله: (عقد اتفاقا) لانه معترف بمال الاجارة فيقضي عليه بما اعترف به فلا يعتبر اتفاق الشاهدين أو اختلافهما فيه، ولا يثبت العقد للاختلاف.
فتح.
قوله: (مطلقا) سواء ادعى الزوج أو الزوجة الاقل أو الاكثر، هكذا صححه في الهداية.
وذكر في الفتح أنه مخالف للرواية.
وتمامه في الشرنبلالية.
قوله: (خلافا لهما) حيث قالا هي باطلة أيضا لانه اختلاف في العقد وهو القياس.
ولابي حنيفة أن المال في النكاح تابع والاصل فيه الحل، والملك والازدواج، ولا اختلاف فيما هو الاصل فيثبت، فإذا وقع الاختلاف في التبع يقضي بالاقل لاتفاقهما عليه.
قوله: (في صحة الشهادة) قال في البحر بعد كلام: وبه ظهر أن الجر شرط صحة الدعوى، لا كما يتوهم من كلام المصنف من أنه شرط القضاء بالبينة فقط اه.
أي يشترط أن يقول في الدعوى مات وتركه ميراثا كما يشترط في الشهادة، وإنما لم يذكره لان الكلام في الشهادة.
قوله: (الجر) أي النقل: أي أن يشهدا بالانتقال، وذلك إما نصا كما صوره الشارح، أو بما يقوم مقامه من إثبات الملك للميت عند الموت، أو إثبات يده أو يد نائبه عند الموت أيضا، وهو ما أشار إليه بقوله: إلا أن يشهد الخ وهذا عندهما خلافا لابي يوسف فإنه لا يشترط شيئا، ويظهر الخلاف فيما إذا شهدا أنه كان ملك الميت بلا زيادة وطولبا بالفرق بين هذا وبين ما يأتي من أنه لو شهد الحي أنه كان في ملكه تقبل.
والفرق ما في الفتح إلى آخر ما يأتي.
قال مجرد هذه الحواشي: وكتب المؤلف على قوله: الجر هامشة وعليها أثر الضرب، لكني لم أتحققه فأحببت ذكرها وإن كانت مفهومة مما قبلها، فقال: قوله: الجر هذا عندهما لان ملك الوارث متجدد إلا أنه يكتفي بالشهادة على قيام ملك المورث وقت الموت لثبوت الانتقال ضرورة، وكذا يده أو يد من يقوم مقامه.
وأبو يوسف يقول: إن ملك الوارث ملك المورث فصارت الشهادة بالملك للمورث شهادة للوارث، فالجر أن يقول الشاهد مات وتركها ميراثا أو ما يقوم مقامه من إثبات ملكه وقت الموت أو يده أو يد من يقوم مقامه، فإذا أثبت الوارث أن العين كانت لمورثه لا يقضي له وهو محل الاختلاف، بخلاف الحي إذا أثبت أن العين كانت له فإنه يقضي له بها اعتبارا للاستصحاب إذ الاصل البقاء انتهى.
قوله: (إرث) بأن ادعى الوارث عينا في يد إنسان أنها ميراث أبيه وأقام شاهدين فشهدا أن هذه كانت لابيه لا يقضي له حتى يجرا الميراث بأن يقولا الخ.
قوله: (بملكه) أي المورث.
قوله: (عند موته) لا بد من هذا القيد كما علمت، وكان ينبغي ذكره بعد(6/41)
الثلاثة.
قوله: (لان الايدي) تعليل للاستغناء بالشهادة على يد الميت عن الجر، وبيان ذلك أنه إذا ثبت يده عند الموت، فإن كانت يد ملك فظاهر أنه أثبت ملكه، أو أن الانتقال إلى الوارث فيثبت الانتقال ضرورة كما لو شهد بالملك، وإن كانت يد أمانة فكذلك الحكم لان الايدي في الامانات عند الموت تنقلب يد ملك بواسطة الضمان إذا مات مجهلا لتركه الحفظ والمضمون يملكه الضامن على ما عرف، فيكون إثبات اليد في ذلك الوقت إثباتا للملك، وترك تعليل الاستغناء بالشهادة على يد من يقوم مقامه لظهوره لان إثبات يد من يقوم مقامه إثبات يده فيغني إثبات الملك وقت الموت عن ذكر لجر فاكتفى به عنه اه.
قوله: (ولا بد مع الجر من بيان سبب الورثة الخ) قال في الفتح: وينسبا الميت والوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد ويذكرا أنه وارثه، وهل يشترط قوله ووارثه في الاب والام والولد؟ قيل يشترط والفتوى على عدمه، وكذا كل من لا يحجب بحال، وفي الشهادة بأنه ابن ابن الميت أو بنت أو بنت ابنه لا بد منه، وفي أنه مولاه لا بد من بيان أنه أعتقه اه.
ولم يذكر هذا الشرط متناولا شرحا، والظاهر أن الجر مع الشرط الثالث يغني عنه، فليتأمل، وانظر ما مر قبيل الشهادات.
قوله: (سبب الوراثة) وهو
أنه أخوه مثلا.
قوله: (لابيه وأمه) ذكر في البحر عن البزازية أنهم لو شهدوا أنه ابنه ولم يقولوا ووارثه الاصح أنه يكفي، كما لو شهدوا أنه أبوه أو أمه، فإن ادعى أنه عم الميت يشترط لصحة الدعوى أن يفسر فيقول عمه لابيه وأمه أو لابيه أو لامه، ويشترط أيضا أن يقول ووارثه، وإذا أقام البينة لا بد للشهود من نسبة الميت والوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد، وكذلك هذا في الاخ والجد اه ملخصا.
قوله: (وارثا غيره) قال في فتح القدير: وإذا شهدوا أنه كان لمورثه تركه ميراثا له ولم يقولوا لا نعلم له وارثا سواه، فإن كان ممن يرث في حال دون حال لا يقضي لاحتمال عدم استحقاقه، أو يرث على كل حال يحتاط القاضي وينتظر مدة هل له وارث آخر أو لا.
قال مجردها: هذا بياض تركه المؤلف ونقط عليه لتوقفه في فهمه من نسخة الفتح الحاضرة عنده فلتراجع نسخة أخرى يقضي بكله، وإن كان نصيبه يختلف في الاحوال يقضي بالاقل، فيقضي في الزوج بالربع والزوجة بالثمن إلا أن يقولوا لا نعلم له وارثا غيره.
وقال محمد وهو رواية عن أبي حنيفة: يقضي بالاكثر، والظاهر الاول، ويأخذ القاضي كفيلا عندهما، ولو قالوا لا نعلم له وارثا بهذا الموضع كفى عند أبي حنيفة خلافا لهما ا ه.
وتقدمت المسألة قبيل كتاب الشهادات، وذكرها في السادس والخمسين من شرح أدب القضاء منوعة ثلاثة أنواع فارجع إليه، ولخصها هناك صاحب البحر بما فيه خفاء.
وقد علم بما مر أن الوارث إن كان ممن قد يحجب حجب حرمان فذكر هذا الشرط لاصل القضاء، وإن كان ممن قد يحجب حجب نقصان فذكره شرط للقضاء بالاكثر، وإن كان وارثا دائما ولا ينقص بغيره فذكره شرط للقضاء حالا بدون تلوم، فتأمل.
قوله: (لعدم معاينة السبب) ولان الشهادة على الملك لا تجوز بالتسامع.
فتح.
قوله: (البزازي) وكذا في الفتح.
قوله: (وذكر اسم الميت) حتى لو شهدا أنه جده أبو أبيه ووارثه ولم يسم الميت تقبل.(6/42)
بزازية.
قوله: (ردت) وعن أبي يوسف تقبل.
قوله: (يد الحي) لاحتمال أنها كانت ملكا له أو وديعة مثلا، وإذا كانت وديعة مثلا تكون باقية على حالها، أما الميت فتنقلب ملكا له إذا مات مجهلا لها كما تقدم.
قوله: (أنها كانت ملكه) أي لو شهد المدعي ملك عين في يد رجل أنها كانت ملك المدعي يقضي بها وإن لم يشهدا أنها ملكه إلى الآن.
والفرق بين هذه وبين ما مر من أنها كانت ملك الميت فإنها
ترد ما لم يشهدا بأنها ملكه عند الموت ما ذكره في الفتح من أنهما إذا لم ينصا على ثبوت ملكه حالة الموت فإنما يثبت بالاستصحاب والثابت به حجة لابقاء الثابت لا لاثبات ما لم يكن وهو المحتاج إليه في الوارث، بخلاف مدعي العين فإن الثابت بالاستصحاب بقاء ملكه لا تجدده.
قوله: (بذلك) أي بيد الحي أو ملكه ومن اقتصر على الثاني فقد قصر.
قوله: (دفع للمدعي) الاولى أن يقول: فإنه يدفع للمدعي كما يظهر بالتأمل.
وفي البحر: وإنما قال دفع إليه دون أن يقول إنه إقرار بالملك، لانه لو برهن على أنه ملكه فإنه يقبل اه.
أي في مسألة الاقرا باليد أو الشهادة عليه لانهما المذكورتان في الكنز دون مسألة الشهادة بالملك.
قوله: (لتنوع اليد) أنه كان له فاشتراه منه.
قوله: (بألف) أي ولا يسمع قوله قضاء.
قوله: (إلا إذا شهد معه آخر) لكمال النصاب.
قوله: (ولا يشهد) أي بالالف كلها.
قوله: (من علمه) أي قضاء خمسمائة، كذا في الهامش.
قوله: (حتى يقر المدعى به) لئلا يكون إعانة على الظلم، والمراد من ينبغي في عبارة الكنز معنى يجب فلا تحل له الشهادة.
بحر.
قوله: (إذا لم يذكر المدعي لونها) قال في الفتح: ولو عين لونها فقال أحدهما سوداء لم يقطع إجماعا، قوله: (مطلقا أو جملة) أما الاول فلان الاطلاق أزيد من المقيد، وأما الثاني فلاختلاف الشهادة والدعوى للمباينة بين المتفرق والجملة.
قوله: (بحر) أوضحه عند قول الكنز وبعكسه لا، فراجعه.
قوله: (قلت) القول لصاحب المنح.
قوله: (بيان(6/43)
سببه) قواه المقدسي.
قلت: وكذا في نور العين وقال: إن الاول ضعيف وأن الاحتياط في أمر الميت يكفي فيه تحليف خصمه مع وجود بينة، وأن في هذا الاحتياط ترك احتياط آخر في وفاء دينه الذي يحجبه عن الجنة وتضييع حقوق أناس كثيرين لا يجدون من يشهد لهم على هذا الوجه ح.
قوله: (ملكا في الماضي) بأن قال كان ملكي وشهد أنه له.
قوله: (كما لو شهدا بالماضي أيضا) أي لا تقبل لان إسناد المدعي يدل على نفي الملك في الحال، إذ لا فائدة للمدعي في إسناد مع قيام ملكه في الحال، بخلاف الشاهدين لو أسندا ملكه إلى الماضي لان إسنادهما لا يدل على النفي في المال لانهما لا يعرفان بقاءه إلا بالاستصحاب.
منح.
وبهذا ظهر الفرق بين ما هنا وبين ما تقدم متنا من قوله: بخلاف ما لو شهدا
أنها كانت ملكه.
فرع: مهم قال المدعي إن الدار التي حدودها مكتوبة في هذا المحضر ملكي وقال الشهود إن الدار التي حدودها مكتوبة في هذا المحضر ملكه صح الدعوى والشهادة، وكذا لو شهدوا أن المال الذي كتب في هذا الصك عليه تقبل، والمعنى فيه أنه أشار إلى المعلوم لو شهدا بملك المتنازع فيه والخصمان تصادقا على أن المشهود به هو المتنازع فيه ينبغي أن تقبل الشهادة في أصل الدار وإن لم تذكر الحدود لعدم الجهالة المفضية إلى النزاع في أصل الدار.
جامع الفصولين في آخر الفصل السابع.
باب الشهادة على الشهادة قوله: (وإن كثرت) أعني الشهادة على شهادة الفروع ثم وثم، لكن فيها شبهة البدلية لان البدل ما يصار إليه إلا عند العجز عن الاصل، وهذه كذلك، ولذا لا تقبل فيما يسقط بالشبهات كشهادة النساء مع الرجال.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (إلا في حد وقود) أي ما يوجب الحد، فلا يرد أنه إذا شهد على شهادة شاهدين أنه قاضي بلد كذا ضرب فلانا حدا في قذف فإنها تقبل حتى ترد شهادته.
بحر عن المبسوط.
وفيه إشعار بأنها تقبل في العزير، وهذه رواية عن أبي يوسف، وعن أبي حنيفة أنها لا تقبل كما في الاختيار.
قهستاني.
قوله: (مطلقا) بعذر أو غيره.
قوله: (إلا بشرط تعذر حضور الاصل) أشار إلى أن المراد بالمرض ما لا يستطيع معه الحضور إلى مجلس القاضي كما قيده في الهداية، وأن المراد بالسفر الغيبة مدته كما هو ظاهر كلام المشايخ وأفصح به في الخانية والهداية، لا مجاوزة البيوت، وإن أطلقه كالمرض في الكنز ولم يصرح بالتعذر، ولكن ما ذكرنا هو المراد لان العلة العجز، فافهم.
قوله: (وما نقله القهستاني) عبارته: لكن في قضاء النهاية وغيره: الاصل إذا مات لا تقبل شهادة فرعه فتشترط حياة الاصل اه.
كذا في الهامش.
قوله: (فيه كلام) ويؤيد كلام القهستاني قوله الآتي وبخروج أصله عن أهلها.
قوله: (فإنه نقله عن الخانية عنها) ليس في القهستاني ذلك، وانظر ما ذكره في كتاب القاضي إلى القاضي.
قوله: (والصواب ما هنا) قال في الدر المنتقى: لكن نقل(6/44)
البرجندي والقهستاني كلامهما عن الخلاصة، وكذا في البحر والمنح والسراج وغيرها: أنه متى خرج الاصل عن أهلية الشهادة بأن خرس أو فسق أو عمى أو جن أو ارتد بطلت الشهدة اه فتنبه ح.
كذا
في الهامش.
قوله: (وفي القهستاني) عبارته: وتقبل عند أكثر المشايخ، وعليه الفتوى كما في المضمرات، وذكر القهستاني أيضا أن الاول ظاهر الرواية، وعليه الفتوى.
وفي البحر قالوا: الاول أحسن، وهو ظاهر الرواية كما في الحاوي، والثاني أرفق الخ.
وعن محمد: يجوز كيفما كان، حتى روى أنه إذا كان الاصل في زاوية المسجد والفرع في زاوية أخرى من ذلك المسجد تقبل شهادتهم.
منح وبحر.
قوله: (أو كون المرأة مخدرة) قال البزدوي: هي من لا تكون برزت بكرا كانت أو ثيبا ولا يراها غير المحارم من الرجال، أما التي جلست على المنصة فرآها رجال أجانب كما هو عادة بعض البلاد لا تكون مخدرة.
حموي.
قوله: (في الوكالة) وذكره هنا أيضا.
قوله: (عند القاضي) قاله في المنح: قوله: (لاطلاق جواز الاشهاد) يعني يجوز أن يشهد وهو صحيح أو سقيم ونحوه، ولكن لا تجوز الشهادة عند القاضي إلا وما ذكر موجود.
قال في البحر نقلا عن خزانة المفتين: والاشهاد على شهادة نفسه يجوز وإن لم يكن بالاصول عذر، حتى لو حل بهم العذر يشهد الفروع اه.
ومثله في المنح عن السراجية.
قوله: (كما مر) أي في قوله: وجاز الاشهاد مطلقا.
قوله: (وما في الحاوي غلط) من أنه لا تقبل شهادة النساء على الشهادة.
وفي الهامش: ولو شهد على شهادة رجل وأحدهما يشهد بنفسه أيضا لم يجز، كذا في محيط السرخسي.
فتاوى الهندية.
قوله: (عن كل أصل) فلو شهد عشرة على شهادة واحد تقبل، ولكن لا يقضي حتى يشهد شاهد آخر لان الثابت بشهادتهم شهادة واحد.
بحر عن الخزانة، وأفاد أنه لو شهد واحد على شهادة نفسه وآخران على شهادة غيره يصح، وصرح به في البزازية.
قوله: (وذاك) يعني بأن يكون الكل شاهد شاهدان متغايران بل يكفي شاهدان على كل أصل.
قوله: (ولو ابنه) كما يأتي متنا.
قوله: (إني أشهد بكذا) قيد بقوله: أشهد لانه بدونه لا يسعه أن يشهد على شهادته وإن سمعها منه، لانه كالنائب عنه فلا بد من التحميل والتوكيل، وبقوله: على شهادتي لانه لو قال أشهد على بذلك لم يجز لاحتمال أن يكون الاشهاد على نفس الحق المشهود به فيكون أمرا بالكذب وبعلي، لانه لو قال بشهادتي لم يجز لاحتمال أن يكون أمرا بأن يشهد مثل شهادتي بالكذب وبالشهادة على الشهادة، لان الشهادة بقضاء القاضي صحيحة وإن لم يشهدهما القاضي عليه.
قوله: (سكوت الفرع) أي عند تحميله.
قال في البحر: لو قال لا أقبل.
قال في القنية: ينبغي أن لا يصير شاهدا حتى لو شهد بعد(6/45)
ذلك لا تقبل، ا ه.
قوله: (حاوي) نقل في البحر، ثم قال بعد ورقة: وفي خزانة المفتين، الفرع إذا لم يعرف الاصل بعدالة ولا غيرها فهو مسئ في الشهادة على شهادته بتركه الاحتياط ا ه.
وقالوا: الاساءة أفحش من الكراهة اه.
لكن ذكر الشارح في شرحه على النار أنها دونها، ورأيت مثله في التقرير شرح البزدوي والتحقيق وغيرهما تأمل.
قوله: (أن فلانا الخ) ويذكر اسمه واسم أبيه وجده فإنه لا بد منه كما في البحر.
قوله: (هذا أوسط العبارات) والاطول أن يقول أشهد أن فلانا شهد عندي أن لفلان على فلان كذا وأشهدني على شهادته وأمرني أن أشهد على شهادته وأنا الآن أشهد على شهادته واشترطوا بذلك، ففيه ثمان شينات.
قوله: (وعليه فتوى السرخسي) قال في الفتح: وهو اختيار الفقيه أبي الليث وأستاذه أبو جعفر، وهكذا ذكره محمد في السير الكبير، وبه قالت الائمة الثلاثة.
وحكى أن فقهاء زمن أبي جعفر خالفوه واشترطوا زيادة طويلة، فأخرج أبو جعفر الرواية من السير الكبير فانقادوا له.
قال في الذخيرة: فلو اعتمد أحد على هذا كان أسهل، وكلام المصنف: أي صاحب الهداية يقتضي ترجيح كلام القدوري المشتمل على خمس شينات حيث حكاه، وذكر أن ثم أطول منه وأقصر، ثم قال: وخير الامور أوساطها.
وذكر أبو نصر البغدادي شارح القدوري أقصر آخر بثلاث شينات، وهو أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته أن فلانا أقر عنده بكذا، ثم قال: وما ذكره القدوري أولى وأحوط، ثم حكى خلافا في أن قوله وقال لي اشهد على شهادتي شرط عند أبي حنيفة ومحمد، فلا يجوز تركه لانه إذا لم يقله احتمل أنه أمره أن يشهد مثل شهادته وهو كذب وأنه أمره على وجه التحمل فلا يثبت بالشك.
وعند أبي يوسف: يجوز لان أمر الشاهد محمول على الصحة ما أمكن اه.
والوجه في شهود الزمان القول بقولهما وإن كان فيهم العارف المتدين، لان الحكم للغالب خصوصا المتخذ بها مكسبة للدراهم اه ما في الفتح باختصار.
وحاصله: أنه اختار ما اختاره في الهداية وشرح القدوري من لزوم خمس شينات في الاداء،
وهو ما جرى عليه في المتون كالقدوري والكنز والغرر والملتقى والاصلاح ومواهب الرحمن وغيرها.
قوله: (الفرع لاصله) لانه من أهل التزكية.
هداية.
قوله: (وإلا لزم تعديل الكل) هذا عند أبي يوسف.
وقال محمد: لا تقبل لانه لا شهادة إلا بالعدالة، فإذا لم يعرفوها لم ينقلوا الشهادة فلا تقبل.
ولابي يوسف أن المأخوذ عليهم النقل دون التعديل لانه قد يخفى عليهم فيتعرف القاضي العدالة، كما إذا شهدوا بأنفسهم كذا في الهداية وفي البحر.
قوله وإلا صادق بصور: الاولى أن يسكتوا وهو المراد هنا كما أفصح به في الهداية.
الثانية أن يقولوا لا نخبرك، فجعله في الخانية على الخلاف بين الشيخين.
وذكر الخصاف أن عدم القبول ظاهر الرواية، وذكر الحلواني أنها تقبل وهو الصحيح لان الاصل بقي مستورا، إذ يحتمل الجرح والتوقف فلا يثبت الجرح بالشك.
ووجه المشهور أنه جرح(6/46)
للاصول، استشهد الخصاف بأنهما لو قالا إنا نتهمه في الشهادة لم يقبل القاضي شهادته، وما استشهد به هو الصورة الثالثة وقد ذكرها في الخانية اه ملخصا.
وحيث كان المراد الاولى فقول الشارح وإلا لزم الخ تكرار مع ما في المتن.
قوله: (لان العدل لا يتهم بمثله) كذا علل في البحر، وفيه عود الضمير على غير مذكور.
وأصل العبارة في الهداية حيث قال: وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر يجوز لما قلنا، غاية الامر أن فيه منفعة من حيث القضاء بشهادته، ولكن العدل لا يتهم بمثله كما لا يتهم في شهادة نفسه اه.
قال في النهاية: أي بمثل ما ذكرت منه الشبهة.
وحاصل ما في الفتح أن بعضهم قال: لا يجوز لانه متهم حيث كان بتعديله رفيقه يثبت القضاء بشهادة.
والجواب أن شهادة نفسه تتضمن مثل هذه المنفعة وهي القضاء بها، فكما أنه لم يعتبر الشرع مع عدالته ذلك مانعا كذا ما نحن فيه.
قوله: (في حاله) فيسأله عن عدالته فإذا ظهرت قبله وإلا لا.
منح.
قوله: (على ما في القهستاني) عبارته.
وفيه إيماء إلى أنه لو قال الفرع إن الاصل ليس بعدل أو لا أعرفه لم تقبل شهادته كما قال الخصاف.
وعن أبي يوسف أنه تقبل، وهو الصحيح على ما قال الحلواني كما في المحيط ا ه.
فتأمل النقل مدني.
قوله: (عن المحيط) ذكر في التاترخانية خلافه ولم يذكر فيه خلافا، وكيف هذا مع أنهما لو قالا نتهمه لا تقبل شهادتهما، وظاهر استشهاد الخصاف به كما مر
أنه لا خلاف فيه.
وفي البزازية: شهدا عن أصل وقالا لا خير فيه وزكاه غيرهما لا يقبل، وإن جرحه أحدهما لا يلتفت إليه ا ه.
قوله: (بأمور) عد منها في البحر حضور الاصل قبل القضاء مستدلا بما في الخانية، ولو أن فروعا شهدوا على شهادة الاصول ثم حضر الاصول قبل القضاء لا يقضي بشهادة الفروع اه.
لكن قال في البحر: وظاهر قوله لا يقضي دون أن يقول بطل الاشهاد أن الاصول لو غابوا بعد ذلك قضى بشهادتهم اه.
فلهذا تركه الشارح.
قوله: (ما يخالفه) وهو خلاف الاظهر.
قوله: (وبإنكار أصله الشهادة) هكذا وقع التعبير في كثير من المعتبرات.
وفي الشرنبلالية عن الفاضل جوى زاده ما يفيد أن الاولى التعبير بالاشهاد، لان إنكار الشهادة لا يشمل ما إذا قال لي شهادة على هذه الحادثة لكن لم أشهدهم، بخلاف إنكار الاشهاد فإنه يشمل لهذا ويشمل إنكار الشهادة لان إنكارها يستلزم إنكاره، فإنكار الاشهاد نوعان: صريح، وضمني، ولذا عبر الزيلعي وصاحب البحر بالاشهاد، وبه اندفع اعتراض الدرر على الزيلعي وظهر أيضا أن قول الشارح هنا أو لم نشهدهم ليس في محله لانه ليس من أفراد إنكار الشهادة لان معناه لنا شهادة ولم نشهدهم، فتأمل.
قوله: (ما لنا شهادة) يعني ثم غابوا أو مرضوا ثم جاء الفروع فشهدوا لا تقبل.
قوله: (وغلطنا) هو في معنى إنكار الشهادة.
تأمل.(6/47)
قوله: (قيل له هات الخ) فهذا من قبيل ما مر شهادة قاصرة يتمها غيرهم كذا في الهامش.
قوله: (ولو مقرة) فلعلها غيرها فلا بد من تعريفها بتلك النسبة.
منح.
قوله: (إلى القاضي) فإن كتب أن فلانا وفلانا شهدا عندي بكذا من المال على فلانة بنت فلان الفلانية وأحضر المدعي امرأة عند القاضي المكتوب إليه وأنكرت المرأة أن تكون هي المنسوبة بتلك النسبة فلا بد من شاهدين آخرين يشهدان أنها المنسوبة بتلك النسبة كما في المسألة الاولى، كذا في العيني.
مدني.
قوله: (لاحتمال التزوير) أي بأن يتواطأ المدعي مع ذلك الرجل.
قوله: (البيان) يعني إذا ادعى المدعى عليه أن غيره يشاركه في الاسم والنسب كان عليه البيان ح كذا في الهامش: أي يقول له القاضي أثبت ذلك، فإن أثبت تندفع عنه الخصومة كما لو علم القاضي بمشارك له في الاسم والنسب، وإن لم يثبت ذلك يكون خصما.
قوله:
(فيهما) أي في الشهادة وكتاب القاضي.
قوله: (إلى فخذها) بسكون الخاء وكسرها، يريد به القبيلة الخاصة التي ليس دونها أخص منها، وهذا على أحد قولين للغويين وهو في الصحاح.
وفي الجمهرة: جعل الفخذ دون القبيلة وفوق البطن، وجعله في ديوان أقل من البطن، وكذا صاحب الكشاف.
قال: العرب على ست طبقات: الشعب كمضر وربيعة وحمير، سميت به لان القبائل تنشعب عنها، والقبيلة ككنانة.
والعمارة كقريش.
والبطن كقصي.
والفخذ كهاشم.
والفصيلة كالعباس.
وكل واحد يجمع ما بعده: فالشعب يجمع القبائل، والعمارة تجمع البطون وهكذا، وعليه فلا يجوز الاكتفاء بالفخذ ما لم ينسبها إلى الفصيلة.
والعمارة بكسر العين، والشعب بفتح الشين.
فتح ملخصا.
قوله: (كجدها) الانسب أو جدها.
قوله: (والمقصود الاعلام) قال في الفتح: ولا يخفى أنه ليس المقصود من التعريف أن ينسب إلى أن يعرفه القاضي لانه قد لا يعرفه وإن نسبه إلى مائة جد، بل ليثبت الاختصاص ويزول الاشتراك، فإنه قلما يتفق اثنان في اسمهما واسم أبيهما وجدهما أو صناعتهما ولقبهما، فما ذكر عن قاضيخان من أنه لو لم يعرف مع ذكر الجد لا يكتفي بذلك، الاوجه منه ما في الفصولين من أن شرط التعريف ذكر ثلاثة أشياء، غير أنهم اختلفوا في اللقب مع الاسم هل هما واحد أو لا اه.
والمراد بالثلاثة اسمه واسم أبيه وجده أو صناعته أو فخذه فإنه يكفي عن الجد خلافا لما في البزازية.
ففي الهداية: ثم التعريف وإن كان يتم بذكر الجد عندهما خلافا لابي يوسف على ظاهر الروايات، فذكر الفخذ يقوم مقام الجد لانه اسم الجد الاعلى: أي في ذلك الفخذ الخاص، فنزل منزلة الجد الادنى، وفي إيضاح الاصلاح وفي العجم ذكر الصناعة بمنزلة الفخذ لانهم ضيعوا أنسابهم، والاولى أن يقول بدل الاعلام رفع الاشتراك، لان الاعلام بأن يعرف غير مراد كما مر.
والبحر عن البزازية: وإن كان معروفا بالاسم المجرد مشهورا كشهرة الامام أبي حنيفة يكفي عن ذكر الاب والجد،(6/48)
ولو كنى بلا تسمية لم يقبل إلا إذا كان مشهورا كالامام.
قوله: (شهد بزور) والرجال والنساء فيها سواء.
بحر عن كافي الحاكم.
قوله: (بأن أقر على نفسه) قال في البحر: وقيد بإقراره لانه لا يحكم به
إلا بإقراره.
وزاد شيخ الاسلام: أن يشهد بموت واحد فيجئ حيا، كذا في فتح القدير، وبحث فيه الرملي في حاشية البحر.
واعترض بالاقرار صدر الشريعة بأنه قد يعلم بدونه، كما إذا شهد بموت زيد أو بأن فلانا قتله ثم ظهر زيد حيا أو برؤية الهلال فمضى ثلاثون يوما ليس في السماء علة ولم ير الهلال.
وأجاب في العناية بأنه لم يذكره إما لندرته وإما لانه لا محيص له أن يقول كذبت أو ظننت ذلك فهو بمعنى كذبت لاقراره بالشهادة بغير علم.
وفي اليعقوبية أيضا يمكن أن يحمل قوله لا يعلم إلا بإقرار على الحصر الاضافي بقرينة قوله لا يعلم بالبينة.
وأجاب ابن الكمال بأن الشهادة بالموت تجوز بالتسامع وكذا بالنسب، فيجوز أن يقول رأيت قتيلا سمعت الناس يقولون إنه عمرو بن زيد.
وأما الشهادة على رؤية الهلال فالامر فيه أوسع اه.
قوله: (ولا يمكن إثباته) أي إثبات تزويره، أما إثبات إقراره فممكن كما لا يخفى.
تأمل.
قوله: (وزاد ضربه) قال في البحر: ورجح في فتح القدير قولهما وقال: إنه الحق.
قوله: (أن يسحم) السحم بضم السين وسكون الحاء المهملتين السودواني كذا في الهامش.
قوله: (إذا رآه سياسة) قدم الشارح في آخر باب حد القذف ما يخالف هذا حيث قال: واعلم أنهم يذكرون في حكم السياسة أن الامام يفعلها ولم يقولوا القاضي، فظاهره أن القاضي ليس له الحكم بالسياسة ولا العمل بها فليحرر.
فتال.
قوله: (مصرا) قال في الفتح: واعلم أنه قد قيل إن المسألة على ثلاثة أوجه: إن رجع على سبيل الاصرار مثل أن يقول نعم شهدت في هذه بالزور ولا أرجع عن مثل ذلك فإنه يعزر بالضرب بالاتفاق، وإن رجع على سبيل التوبة لا يعزر اتفاقا، وإن كان لا يعرف حاله فعلى الاختلاف المذكور، وقيل لا خلاف بينهم فجوابه في التائب لان المقصود من التعزير الانزجار وقد انزجر بداعي الله تعالى.
وجوابهما فيمن لم يتب ولا يخالف فيه أبو حنيفة.
قوله: (أبدا) لان عدالته لا تعتمد.
منلا علي قوله: (تقبل) أي من غير ضرب مرة كما في البحر عن الخلاصة قبيل قوله والاقلف.
وفي الخانية: المعروف بالعدلة إذا شهد بزور عن أبي يوسف أنه لا تقبل شهادته أبدا لانه لا تعرف توبته.
وروى الفقيه: أبو جعفر أنه تقبل وعليه الاعتماد اه.
وكلام الشارح صريح في أن الرواية الثانية عن أبي يوسف أيضا.
تأمل.(6/49)
باب الرجوع عن الشهادة قوله: (فلو أنكرها) أي بعد القضاء.
قوله: (مجلس القاضي) وتتوقف صحة الرجوع على القضاء به أو بالضمان خلافا لمن استبعده كما نبه عليه في الفتح.
وفيه أيضا: ويتفرع على اشتراط المجلس أنه لو أقر شاهد بالرجوع في غير المجلس وأشهد على نفسه به وبالتزام المال لا يلزمه شئ، ولو ادعى عليه بذلك لا يلزمه إذا تصادقا أن لزوم المال عليه كذا بهذا الرجوع.
قوله: (لانه فسخ) تعليل لاشتراط مجلس القاضي، وقوله: فسخ أي فيختص بما تختص به الشهادة من مجلس القاضي.
منح.
قوله: (وهي) أي التوبة.
قوله: (فلو ادعى) بيان لفائدة اشتراط مجلس القاضي.
قوله: (عند غيره) أي عند غير القاضي ولو شرطيا كما في المحيط.
قوله: (لا يقبل) أي ولا يستحلف.
قوله: (لفساد الدعوى) أي لان مجلس القاضي شرط للرجوع فكان مدعيا رجوعا باطلا، والبينة أو طلب اليمين إنما يكون بعد الدعوى الصحيحة.
قوله: (وتضمينه) أي القاضي أي حكمه عليهما بالضمان.
قوله: (سقطت) أي الشهادة فلا يقضي القاضي بها لتعارض الخبرين بلا مرجح للاول.
قوله: (وعزر) قال في الفتح: قالوا يعزر الشهود، سواء رجعوا قبل القضاء أو بعده، ولا يخلو عن نظر لان الرجوع ظاهر في أنه توبة عن تعمد الزور وإن تعمده أو السهو والعجلة إن كان أخطأ فيه، ولا تعزير على التوبة ولا على ذنب ارتفع بها وليس فيه حد مقدر اه.
وأجاب في البحر بأن رجوعه قبل القضاء قد يكون لقصد إتلاف الحق أو كون المشهود عليه غره بمال لا لما ذكره، وبعد القضاء قد يكون لظنه بجهله أنه إتلاف على المشهود له مع أنه إتلاف لما له بالغرامة.
قوله: (عن بعضها) كما لو شهدا بدار وبنائها أو بأتان وولدها ثم رجعا في البناء والوالد لم يقضى بالاصل.
منع.
قوله: (مطلقا) قال في المنح: وقولي مطلقا يشمل ما إذا كان الشاهد وقت الرجوع مثل ما شهد في العدالة أو دونه أو أفضل منه، وهكذا أطلق في أكثر الكتب متونا وشروحا وفتاوى.
وفي المحيط: يصح رجوعه لو حاله بعد الرجوع أفضل منه وقت الشهادة في العدالة وإلا لا ويعزر ورده في البحر.
ونقل في الفتح أنه قول أبي حنيفة أولا، وهو قول شيخه حماد ثم رجع إلى قولهما، وعليه استقر المذهب، وعزاه في البحر أيضا إلى كافي الحاكم.
قوله: (لترجحه) الاولى لترجحها.
قوله: (ويرد ما أخذ) أي إلى المقضي عليه.
بحر.
قوله: (إذا أخطأ) وهنا أخطأ بعدم الفحص عن حال الشهود.
قوله: (وضمنا ما أتلفاه) اعلم أن تضمين الشاهد لم(6/50)
ينحصر في رجوعه مثل ما إذا ذكر شيئا لازما للقضاء ثم ظهر بخلافه، كما أوضحه في لسان الحكام وأشار إليه في البحر فراجعهما.
وذكر في البحر ما يسقط به ضمان الشاهد.
ويؤخذ من قوله: أتلفاه أنه لو لم يضف التلف إليهما لا يضمنان، كما لو شهدا بنسب قبل الموت فمات المشهود عليه ورث المشهود له المال من المشهود عليه ثم رجعا لم يضمنا لانه ورث بالموت، وذلك لان استحقاق الوارث المال بالنسب والموت والاستحقاق يضاف إلى آخرهما وجودا فيضاف للموت.
ذكره الزيلعي في إقرار المريض.
سائحاني عن المقدسي.
قلت: وفي البحر عن العتابية: شهدوا على أنه أبرأه من الدين ثم مات الغريم مفلسا ثم رجعا لم يضمنا للطالب لانه نوى ما عليه بالافلاس ا ه.
قوله: (لتسببهما) قال في البحر: وفي إيجابه صرف الناس عن تقلده وتعذر استيفائه من المدعي لانه الحكم ماض فاعتبر التسبب ا ه.
كذا في الهامش.
قوله: (لانه كالملجأ) أي القاضي.
قوله: (وقيده الخ) أي وكذا في الهداية والمختار والاصلاح ومواهب الرحمن، وجزم به في الجوهرة وصاحب المجمع، وأنت على علم بأن اقتصار أرباب المتون على قول ترجيح له، وما في المتون مقدم على ما في الشروع فيقدم على ما في الفتاوى بالاولى، وما كان ينبغي للمصنف مخالفة عامة المتون، وما نقله في البحر عن الخلاصة أن ما في الفتاوى هو قول الامام الاخير لنا فيه كلامه وكأنه هو الذي غر المصنف.
قوله: (فكالاول) أي يضمنه الشهود مطلقا قبضها المشهود له أو لا، لان العين يزول ملك المشهود عليه عنها بالقضاء وفي الدين لا يزول ملكه حتى يقبضه.
قوله: (فكالثاني) أي لو رجع الشهود قبل قبضه لا يضمنون ولو بعده يضمنون.
قوله: (ضمن النصف) إذ بشهادة كل منهما يقوم نصف الحجة، فببقاء أحدهما على الشهادة تبقى الحجة في النصف فيجب على الراجع ضمان ما لم تبق الحجة فيه وهو النصف، ويجوز أن لا يثبت الحكم ابتداء
ببعض العلة ثم يبقى ببقاء بعض العلة، كابتداء الحول لا ينعقد على بعض النصاب ويبقى منعقدا ببقاء بعض النصاب، منح.
قوله: (لم يضمن) أي الراجع.
قوله: (ضمنا النصف) وفي المقدسي: فإن قيل: ينبغي أن يضمن الراجع الثاني فقط لان التلف أضيف إليه.
قلنا: التلف مضاف إلى المجموع إلا أن رجوع الاول لم يظهر أثره لمانع وهو من بقي، فإذا رجع الثاني ظهر أن التلف بهما.
أقول: تقد في الحدود عن المحيط: إذا شهد على حد الرجم خمسة فرجع الخامس لا ضمان، وإن رجع الرابع ضمنا الربع، وإن رجع ثالث يضمن الرابع، فقوله يضمن الثالث الربع مخالف لما هنا لان المأخوذ من باب الرجوع في الشهادة أن الخامس والرابع والثالث يضمنون النصف أثلاثا، فما في المحيط إما غلط أو ضعيف أو غير مشهور.
وإذا شهد أربعة على شخص بأربعمائة درهم وقضى بها فرجع أحدهم عن مائة وآخر عن تلك المائة ومائة أخرى وآخر عن تلك المائتين ومائة أخرى فعلى(6/51)
الراجعين خمسون أثلاثا، لان الاول لم يرجع إلا عن مائة فبقي شاهدا بثلاثمائة، والرابع الذي لم يرجع شاهد بالثلاثمائة كما هو شاهد بالمائة الرابعة أيضا فوجد نصاب الشهادة في الثلاثمائة فلا ضمان فيها.
وأما المائة الرابعة لما بقي الرابع شاهدا بها ورجع البقية تنصفت لان العبرة لمن بقي فيضمنون نصفها وهو الخمسون أثلاثا، فإن رجع الرابع عن الجميع ضمنوا المائة أرباعا: يعني المائة التي اتفقوا على الرجوع عنها، وغير الاول يضمن الخمسين التي اتفقوا على الرجوع عنها أثلاثا.
ووجه عدم ضمان المائتين والخمسين أن الاول بقي شاهدا بثلاثمائة والثالث بقي شاهدا بمائتين فالمائتان تم عليها النصاب وبقي على الثالثة شاهد واحد لم يرجع، ولكن لما رجع الثلاثة غيره تنصفت فضمنوا الخمسين أثلاثا.
سائحاني.
وقوله والثالث بقي شاهد العلة والثاني والمسألة مذكورة في البحر عن المحيط موجهة بعبارة أخرى فراجعه.
قوله: (ضمنت الربع) إذا بقي على الشهادة من يبقى به ثلاثة الارباع.
منح.
قوله: (فإن رجعوا) أي رجع الكل من الرجل والنساء.
قوله: (بالاسداس) السدس على الرجل وخمسة الاسداس على النسوة، لان كل امرأتين تقوم مقام رجل واحد.
قوله: (فقط) لانهن وإن كثرن بمنزلة رجل واحد.
قوله: (ولا يضمن راجع الخ) هذه المسألة على ستة أوجه، لانهما إما أن يشهدا
بمهر المثل أو بأزيد أو بأنقص، وعلى كل فالمدعي إما هي أو هو، ولا ضمان إلا في صورة ما إذا شهدا عليه بأزيد، ولو قال المصنف بعد قوله ضمناها للزوج كما في المنح لافاد جميع الصور خمسة منطوقا وواحدة مفهوما، ولا غنى عما نقله الشارح عن العزمية، وكان عليه أيضا أن يقول وإن بأقل ويحذف، ولو شهدا بأصل النكاح لايهامه أن الشهادة في الاول ليست على أصله، وعلى كل فقول الشارح أو أقل تكرار كما لا يخفى.
قال الحلبي: فلو قال المتن: ويضمن الزيادة بالرجوع من شهد على الزوج بالنكاح بأكثر من مهر المثل لاستوفى الستة واحدا منطوقا وخمسة مفهوما، ثم ظهر لي أن المصنف أظهر ما خفي وأخفى ما ظهر من هذه الصور فذكر عدم الضمان في الشهادة بمهر المثل ويلزم منه عدمه في الشهادة بالاقل وصرح بضمان الزيادة، وهذا كله لو هي المدعية كما نبه عليه الشارح وأشار به إلى أن ما بعده فيما لو كان هو المدعي، فذكر المصنف بعده أنه لا ضمان لو شهدا بأقل من مهر المثل وسكت عما لو شهدا بمهر المثل أو أكثر للعلم بأنه لا ضمان بالاولى، لان الكلام فيما إذا كان هو المدعي، ولم يصرح به الشارح كما صرح بالاقل في الاول اعتمادا على ظهور المراد، فتنبه.
قوله: (على المعتمد) خلافا لما في المنظومة النسفية وشرحها، وتبعهما صاحب المجمع حيث ذكروا أنهما يضمنان عندهما، خلافا لابي يوسف.
قال في الفتح: وما في الهداية وشروحها هو المعروف ولم ينقلوا سواه، وهو المذكور في الاصول كالمبسوط وشرح الطحاوي والذخيرة وغيرها، وإنما نقلوا فيها خلاف الشافعي، فلو كان لهم(6/52)
شعور بالخلاف في المذهب لم يعرضوا عنه بالكلية ولم يشتغلوا بنقل خلاف الشافعي.
قوله: (ولو شهدا بالبيع) قال العيني: فإن شهدا بالبيع بألف مثلا فقضى به القاضي ثم شهدا عليه بعد القضاء بقبض الثمن فقضى به ثم رجعا عن الشهادتين ضمنا الثمن، وإن كان أقل من قيمة المبيع يضمنان الزيادة أيضا مع ذلك، وإن شهدا عليه بالبيع وقبض الثمن جملة واحدة فقضى به ثم رجعا عن شهادتهما تجب عليهما القيمة فقط ح.
ولا يظهر تفاوت بين المسألتين في الحكم بالضمان لانه فيهما يضمن القيمة،
لانه في الاولى إن كان الثمن مثل القيمة فيها وإن كان أقل منها يضمنان الزيادة أيضا اه.
قوله: (ضمنا القيمة) لان المقضي به البيع دون الثمن لانه لا يمكن القضاء بإيجاب الثمن لاقترانه بما يوجب سقوطه وهو القضاء بالايفاء، ولذا قلنا لو شهدا أنه باع من هذا عبده وأقاله بشهادة واحدة لا يقضي بالبيع لمقارنة ما يوجب انفساخه وهو القضاء بالاقالة.
فتح.
وقوله: ضمنا الثمن لان القضاء بالثمن لا يقارنه ما يسقطه لانهما لم يشهدا بالايفاء بل شهدا به بعد ذلك، وإذا صار الثمن مقضيا به ضمناه برجوعهما.
فتح.
زاد الزيلعي: وإن كان الثمن أقل من قيمة المبيع يضمنان الزيادة أيضا من ذلك لانهما أتلفا عليه هذا القدر بشهادتهما الاولى اه.
قوله: (وتمامه في خزانة المفتين) عبارتها كما في المنح، فإن اختار الشهود رجعوا بالثمن على المشتري ويتصدقون بالفضل، فإن رد المشتري المبيع بعيب بالرضا أو تقايلا رجع على البائع بالثمن ولا شئ على الشهود، وإن رد بقضاء فالضمان على الشهود بحاله، وإن أديا رجعا بما أديا ا ه.
قوله: (ضمنا نصف المال المسمى أو المتعة الخ) لانهما أكدا ضمانا على شرف السقوط، ألا ترى أنها لو طاوعت ابن الزوج أو ارتدت سقط المهر أصلا.
منح.
قوله: (قبل الدخول) قيد في الشهادتين ح.
قوله: (لا غير) لانه لم يقض بشهادة شهود الواحد لانه لا يفيد، لان حكم الواحدة حرمة خفيفة وحكم الثلاث حرمة غليظة.
منح.
قوله: (فلا ضمان) لتأكد المهر بالدخول فلم يقررا عليه ما كان على شرف السقوط ح.
قوله: (ضمن شهود الدخول الخ) لانهم قرروا عليه بشهادتهم جميع المهر وقد كان جميعه على شرف السقوط، وهذا يقتضي أن يضمنا جميعه لكن شهود الطلاق قبل الدخول قرروا عليه نصف المهر وقد كان على شرف السقوط، وقد اختص الفريق الاول بضمان نصف وتنازع مع الفريق الثاني في ضمان النصف الآخر فيقسم عليهما فيصيب الاول ثلاثة أرباع والثاني ربع ح.
كذا في الهامش.
قوله: (اختيار) علله بأن الفريقين اتفقا على النصف فيكون(6/53)
على كل فريق ربعه وانفرد شهود الدخول بالنصف فينفردون بضمانه اه.
فقال: وفي البحر عن المحيط: ولو رجع شاهدا الطلاق لا ضمان عليهما لانهما أوجبا نصف المهر وشاهد الدخول لا غير يجب عليهما نصف المهر، لانه يثبت بشهادة شهود الطلاق نصف المهر
وتلف بشاهدي الدخول نصف المهر، وإن رجع من كل طائفة واحد لا يجب على شاهدي الطلاق شئ ويجب على شاهدي الدخول الربع ا ه.
قوله: (لانه ضمان إتلاف) بخلاف ضمان الاعتاق لانه لم يتلف إلا ملكه ولزم منه فساد ملك صاحبه فضمنه الشارع صلة ومواساة له.
قوله: (بقية قيمته) فإن لم يكن له مال غير العبد عتق ثلثه وسعى في ثلثه وضمن الشاهدان ثلث القيمة بغير عوض ولم يرجعا به على العبد، فإن عجز العبد عن الثلثين يرجع به الورثة على الشاهدين ويرجع به الشاهد على العبد عندهما.
بحر.
قوله: (يضمنان قيمته) والفرق أنهما بالكتابة حالا بين المولى وبين مالية العبد بشهادتهما غاصبين فيضمنان قيمته، بخلاف التدبير فإنه لا يحول بل تنقص ماليته.
فتح.
قوله: (على الشهود) قال في البحر بعد نقله ذلك عن المحيط: وبه علم أن ما في فتح القدير من أن الولاء للذين شهدوا عليه بالكتابة سهو اه.
قوله: (وورثاه) أي المشهود عليه لو كانا وارثين له.
قوله: (لا شهود الاصل الخ) قال المصنف في وجهه: لانهم أنكروا: أي شهود الاصل السبب وهو الاشهاد وذلك لا يبطل القضاء لانه خبر يحتمل الصدق والكذب فصار كرجوع الشاهد بعد القضاء لا ينقض به الشهادة لهذا، بخلاف ما إذا أنكروا الاشهاد قبل القضاء لا يقضي بشهادة الفرعين كما إذا رجعوا قبله.
فتح.
قوله: (فلا ضمان) لانهم ما رجعوا عن شهادتهم إنما شهدوا على غيرهم بالرجوع.
منح.
قوله: (وضمن المزكون) قال في البحر: وأطلق ضمانهم فشمل الدية لو زكوا شهود الزنا فرجم فإذا الشهود عبيد أو مجوس فالدية على المزكين عنده.
قوله: (بكونهم عبيدا) بأن قالوا علمنا أنهم عبيد ومع ذلك زكيناهم، وقيل الخلاف فيما إذا أخبر المزكون بالحرية بأن قالوا هم أحرار، أما إذا قالوا هم عدول فبانوا عبيدا لا يضمنون إجماعا، لان العبد قد يكون عدلا.
جوهرة.
قوله: (أما مع الخطأ) بأن قال أخطأت في(6/54)
التزكية.
قوله: (وضمن شهود التعليق) قال في البحر: لانهم شهود العلة، إذا التلف يحصل بسببه وهو الاعتاق والتطليق وهم أثبتوه وأطلقه فشمل تعليق العمق والطلاق، فيضمن في الاول القيمة وفي الثاني نصف المهر إن كان قبل الدخول.
كذا في الهامش.
قوله: (والشرط) اعلم أن الشرط عند الاصوليين ما يتوقف عليه الوجود وليس بمؤثر في الحكم ولا مفض إليه، والعلة هي المؤثرة في
الحكم والسبب هو المفضي، إلى الحكم بلا تأثير، والعلامة ما دل على الحكم وليس الوجود متوقفا عليه، وبهذا ظهر أن الاحصان شرط كما ذكر الاكثر لتوقف وجوب الحد عليه.
منح.
كذا في الهامش.
قوله: (شاهدا الايقاع) قال في منية المفتي: شهدا على أنه أمر امرأته أن تطلق نفسها وآخران أنها طلقت نفسها وذلك قبل الدخول ثم رجعوا فالضمان على شهود الطلاق لانهما أثبتا السبب والتفويض شرط كونه سببا.
بحر.
كذا في الهامش.
قوله: (لا التفويض) أي تفويض الطلاق إلى المرأة أو تفويض العتق أو العبد وشهد آخران أنها طلقت وأن العبد عتق الخ.
شمني مدني.(6/55)
كتاب الوكالة قوله: (التوكيل صحيح) لم يذكر ما يصير به وكيلا ولا الفرق بين الوكيل والرسول، وحررته في بيوع تنقيح الحامدية.
قال مجرد هذه الحواشي: ذكر المؤلف رحمه الله في الحامدية في الخيارات سؤالا طويلا وذيله بالفرق، وها أنا أذكر السؤال من أصله تتميما للفائدة.
قال رحمه الله: سئل في رجل اشترى من آخر نصف أغنام معلومة ولم يرها ووكل زيدا يقبضها ورآها زيد ويزعم الرجل أن له خيار الرؤية إذا رآها، وإن رآها وكيله بالقبض فهل نظر الوكيل بالقبض مسقط خيار رؤية الموكل؟ الجواب نعم، وكفى رؤية وكيل قبض ووكيل شراء لا رؤية رسول المشتري.
تنوير من خيار الرؤية.
ونظر الوكيل بالقبض: أي قبض المبيع سقط عند أبي حنيفة خيار رؤية الموكل كالوكيل بالشراء: يعني كما أن نظر الوكيل بالشراء يسقط خياره.
وقالا: هو كالرسول: يعني نظر الوكيل بالقبض كنظر الرسول في أنه لا يسقط الخيار، قيد بالوكيل بالقبض لانه لو وكل رجلا بالرؤية لا تكون رؤيته كرؤية الموكل اتفاقا.
كذا في الخانية الخ ما ذكر الشارح ابن ملك، والمسألة في المتون وأطال فيها في البحر فراجعه.
وصورة التوكيل بالقبض: كن وكيلا عني بقبض ما اشتريته وما رأيته.
كذا في الدرر.
أقول: ولم يذكر الفرق بين الوكيل والرسول وهو لازم.
قال في البحر: وفي المعراج: قيل الفرق بين الرسول والوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل
.
وفي الفوائد: صورة التوكيل أن يقول المشتري لغيره: كن وكيلا في قبض المبيع أو وكلتك بقبضه.
وصورة الرسول أن يقول: كن رسولا عني في قبضه أو أرسلتك لتقبضه أو قل لفلان أن يدفع المبيع إليك، وقيل لا فرق بين الرسول والوكيل في فصل الامر، بأن قال اقبض المبيع فلا يسقط الخيار اه كلام البحر.
وكتبت فيما علقت عليه أن قوله: وفي الفوائد الخ لا ينافي ما قبله، لان الاول في الفرق بين الرسول والوكيل، فالرسول لا بد له من إضافة العقد إلى مرسله، لما مر عن الدرر من أنه معبر وسفير، بخلاف الوكيل فإنه لا يضيف العقد إلى الموكل إلا في مواضع كالنكاح والخلع والهبة والرهن ونحوها، فإن الوكيل فيها كالرسول، حتى لو أضاف النكاح لنفسه كان له، وما في الفوائد بيان لما يصير به الوكيل وكيلا والرسول رسولا.
وحاصله: أنه يصير وكيلا بألفاظ الوكالة، ويصير رسولا بألفاظ الرسالة وبالامر، لكن صرح في البدائع أن أفعل كذا وأذنت لك أن تفعل كذا توكيل، ويؤيده ما في الولوالجية: دفع له ألفا وقال اشتر لي بها أو بع أو قال اشتر بها أو بع ولم يقل لي كان توكيلا، وكذا اشتر بهذا الالف جارية، وأشار إلى مال نفسه، ولو قال اشتر هذه الجارية بألف درهم كان مشورة والشراء للمأمور إلا إذا زاد على أن أعطيك لاجل شرائك درهما، لان اشتراط الاجر له يدل على الانابة ا ه.
وأفاد أنه ليس كل أمر توكيلا، بل لا بد مما يفيد كون فعل المأمور بطريق النيابة عن الآمر فليحفظ ا ه.
هذا جميع ما كتبه نقلته، وبالله التوفيق.
قوله: (ووكل عليه الصلاة والسلام الخ) رواه أبو داود بسند فيه مجهول، ورواه(6/56)
الترمذي عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وحبيب لم يسمع عندي من حكيم، إلا أن هذا داخل في الارسال عندنا فيصدق قول المصنف: أي صاحب الهداية صح إذا كان حبيب إماما ثقة.
فتح.
قوله: (كأنت وكيلي في كل شئ) نقل في الشرنبلالية وغيرها عن قاضيخان: لو قال لغيره أنت وكيلي في كل شئ أو قال أنت وكيلي بكل قليل وكثير يكون وكيلا بحفظ لا غير هو الصحيح، ولو قال أنت وكيلي في كل شئ جائز أمرك يصير وكيلا في جميع التصرفات المالية كبيع وشراء وهبة وصدقة.
واختلفوا في طلاق وعتاق ووقف، فقيل يملك ذلك لاطلاق تعميم اللفظ، وقيل لا يملك ذلك إلا إذا دل دليل سابقة الكلام ونحوه وبه أخذ الفقيه أو الليث ا ه.
وبه يعلم ما في كلام الشارح سابقا ولاحقا، فتدبر.
ولابن نجيم رسالة سماها (المسألة الخاصة في الوكالة العامة) ذكر فيها ما في الخانية وما في فتاوى أبي جعفر.
ثم قال: وفي البزازية: أنت وكيلي في كل شئ جائز أمرك ملك الحفظ والبيع والشراء وبملك الهبة والصدقة حتى إذا أنفق على نفسه من ذلك المال جاز حتى يعلم خلافه من قصد الموكل.
وعن الامام تخصيصه بالمعاوضات، ولا يلي العتق والتبرع، وعليه الفتوى، وكذا لو قال طلقت امرأتك ووهبت ووقفت أرضك في الاصح لا يجوز اه.
وفي الذخيرة أنه توكيل بالمعاوضات لا بالاعتاق والهبات، وبه يفتى ا ه.
وفي الخلاصة كما في البزازية: والحاصل أن الوكيل وكالة عامة يملك كل شئ إلا الطلاق والعتاق والوقف والهبة والصدقة على المفتى به، وينبغي أن لا يملك الابراء والحط على المديون لانهما من قبيل التبرع فدخلا تحت قول البزازي أنه لا يملك التبرع، وظاهر أنه يملك التصرف في مرة بعد أخرى، وهل له الاقراض والهبة بشرط العوض؟ فإنهما بالنظر إلى الابتدء تبرع، فإن القرض عارية ابتداء معاوضة انتهاء، والهبة بشرط العوض هبة ابتداء معاوضة انتهاء، وينبغي أن لا يملكهما الوكيل بالتوكيل العام لانه لا يملكهما إلا من يملك التبرعات، ولذا لا يجوز إقراض الوصي مال اليتيم ولا هبته بشرط العوض وإن كانت معاوضة في الانتهاء، وظاهر العموم أنه يملك قبض الدين واقتضاءه وإيفاءه والدعوى بحقوق الموكل وسماع الدعوى بحقوق على الموكل والاقارير على الموكل بالديون، ولا يختص بمجلس القاضي لان ذلك في الوكيل بالخصومة لا في العام.
فإن قلت: لو وكله بصيغة وكلتك وكالة مطلقة عامة فهل يتناول الطلاق والعتاق والتبرعات؟ قلت: لم أره صريحا، والظاهر أنه لا يملكها على المفتى به لان من الالفاظ ما صرح قاضيخان وغيره بأنه توكيل عام ومع ذلك قالوا بعدمه ا ه ما ذكره ابن نجيم في رسالته ملخصا.
وقد ساقها القتال في حاشيته برمتها.
قوله: (وفي الشرنبلالية) عبارتها نقلا عن الخانية: وفي فتاوى الفقيه أبو جعفر: رجل قال لغيره وكلتك في جميع أموري وأقمتك مقام نفسي لا تكون الوكالة عامة، ولو قال: وكلتك(6/57)
في جميع أموري التي يجوز بها التوكيل كانت الوكالة عامة تتناول البياعات والانكحة.
وفي الوجه الاول إذا لم تكن عامة ينظر: إن كان الرجل يختلف ليس له صناعة معروفة فالوكالة باطلة، وإن كان الرجل تاجرا تجارة معروفة تنصرف إليها اه.
وبه يعلم ما في كلام الشارح، إذ صورة البطلان ليست في قوله أنت وكيلي في كل شئ كما بنى عليه الشارح هذه العبارات بل في غيرها وهي وكلتك في جميع أموري الخ، إلا أن يقال هما سواء في عدم العموم ولكن مبنى كلامه على أن ما ذكره عام، ولكنك قد علمت ما فيه مما نقلنا سابقا أن ما ذكره ليس مما الكلام فيه ا ه.
قوله: (فلو جهل) كما لو قال وكلتك بمالي.
منح.
قوله: (نظرا إلى أصل التصرف الخ) جواب عما يرد على هذا الشرط وهو توكيل المسلم ذميا ببيع خمر أو خنزير وتوكيل المحرم حلالا ببيع الصيد لانه صحيح عنده ولا يملكه الموكل س.
قوله: (فلا يصح توكيل مجنون) مصدر مضاف للفاعل.
(بتصرف) متعلق بتوكيل.
قوله: (إن مأذونا) أي إن كان الصبي الموكل مأذونا.
قوله: (توكيل عبد) مضاف لفاعله.
قوله: (توكيل مرتد) بخلاف توكله عن غيره كما سنذكره.
قوله: (وإن امتنع عنه الموكل الخ) ومثله ما لو اشترى عبدا شراء فاسدا وأعتقه قبل قبضه لا يصح، ولو أمر البائع بإعتاقه يصح لانه يصير قابضا كما قدمه في البيع الفاسد.
قوله: (فتنبه) أشار به إلا أنه لا تنافي بين كلاميه كما قدمه.
قوله: (ثم ذكر) عطف على محذوف: أي ذكر شرط الموكل به والموكل ثم ذكر الخ.
تأمل.
قوله: (يعقل العقد) أي يعقل أن البيع سالب للمبيع جالب للثمن وأن الشراء بالعكس ح.
وفي البحر: وما يرجح إلى الوكيل فالعقل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل لا البلوغ والحرية وعدم الردة، فيصح توكيل المرتد ولا يتوقف لان المتوقف ملكه والعلم للوكيل بالتوكيل، فلو وكله ولم يعلم فتصرف توفق على إجازة الموكل أو الوكيل بعد علمه اه.
قوله: (ولو صبيا) قال في جامع أحكام الصغار: فإن كان الصبي مأذونا في التجارة فصار وكيلا بالبيع بثمن حال أو مؤجل فباع جاز بيعه ولزمته العهدة، وإن كان وكيلا بالشراء: فإن كان بثمن مؤجل لا تلزمه العهدة قياسا واستحسانا وتكون العهدة على الآمر حتى أن البائع يطالب الآمر بالثمن دون الصبي، وإن وكله
بالشراء بثمن حال فالقياس أن لا تلزمه العهدة.
وفي الاستحسان: تلزمه ا ه فتال.
وتمامه في البحر في شرح قوله: والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه الخ فراجعه.
قوله: (محجورا) صفة للصبي(6/58)
والعبد.
كذا في الهامش.
قوله: (فلذا لم يقل ويقصده) أي البيع احتزارا عن بيع الهازل والمكره كما ذكره صاحب الهداية.
كذا في الهامش.
قوله: (تبعا للكنز) أي حال كونه تابعا في عدم القول للكنز، وذكره صاحب الهداية محترزا به عن بيع الهازل والكره ح.
قوله: (ثم ذكر ضابط الموكل فيه) أي ما ذكره المصنف ضابط لا حد، فلا يرد عليه أن المسلم لا يملك بيع الخمر ويملك توكيل الذمي به، لان إبطال القواعد بإبطال الطرد لا العكس، ولا يبطل طرده عدم توكيل الذمي مسلما ببيع خمره، وهو يملكه لانه يملك التوصل به بتوكيل الذمي به فصدق الضابط لانه لم يقل كل عقد يملكه يملك توكيل كل أحد به بل التوصل به في الجملة.
وتمامه في البحر.
قوله: (بكل) متعلق بقول الماتن أول الباب التوكيل صحيح لنفسه أخرج الوكيل فإنه لا يوكل مع أنه يباشر بنفسه.
قوله: (فشمل الخصومة) تفريع على قوله بكل ما يباشره، وهو أولى من قول الكنز بل ما يعقد لشموله العقد وغيره كما في البحر: أي كالخصومة والقبض.
قوله: (فصح بخصومة) شمل بعضا معينا وجميعها كما في البحر: وفيه عن منية المفتي، ولو وكله في الخصومة له لا عليه، فله إثبات ما للموكل فلو أراد المدعى عليه الدفع لم يسمع.
قال: فالحاصل أنها تتخصص بتخصيص الموكل وتعمم بتعميمه.
وفي البزازية: وله وكله بكل حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين المخاصم به والمخاصم فيه جاز اه.
وتمامه فيه.
قوله: (برضا الخصم) شمل الطالب والمطلوب.
بحر.
قوله: (وجوزاه الخ) قال في الهداية: لا خلاف في الجواز إنما الخلاف في اللزوم: يعني هل ترتد الوكالة برد الخصم؟ عند أبي حنيفة نعم، وعندهما لا ويجبر.
جوهرة.
قوله: (وعليه فتوى أبي الليث) أفتى الرملي بقول الامام الذي عليه المتون واختاره غير واحد.
قوله: (تفويضه للحاكم) بحث فيه في البزازية، فانظر ما في البحر.
وفي الزيلعي: أي أن القاضي إذا علم من الخصم التعنت في الاباء عن قبول التوكيل لا يمكنه من
ذلك، وإن علم الموكل قصد الاضرار لخصمه لا يقبل منه التوكيل إلا برضا اه.
قوله: (لا يمكنه حضور مجلس الحكم) وإن قدر على الحضور على ظهر الدابة أو ظهر إنسان، فإن ازداد مرضه بذلك لزم توكيله، فإن لم يزد قيل على الخلاف والصحيح لزومه كذا في البزازية.
بحر.
قوله: (ويكفي قوله أنا أريد السفر) قال في البحر، وفي المحيط: وإرادة السفر أمر باطني فلا بد من دليلها، وهو إما تصديق الخصم بها أو القرينة الظاهر، ولا يقبل قوله إني أريد السفر، لكن القاضي ينظر في حاله وفي عدته فإنه لا يخفى هيئة من يسافر.
كذا ذكره الشارح.
وفي البزازية: وإن قال أخرج بالقافلة الفلانية، سألهم عنه كما في فسخ الاجارة.
وفي خزانة المفتين: وإن كذبه الخصم في إرادته السفر يحلفه القاضي بالله إنك تريد السفر اه.
قوله: (إذا لم يرض الطالب) قال في الجوهرة: إن كانت هي طالبة قبل منها التوكيل بغير(6/59)
رضا الخصم، وإن كانت مطلوبة إن أخرها الطالب حتى يخرج القاضي من المسجد لا يقبل منها التوكيل بغير رضا الخصم الطالب لانه لا عذر لها إلى التوكيل ا ه.
قوله: (بزازية بحثا) عبارتها: وكونه محبوسا من الاعذار يلزمه توكيله، فعلى هذا لو كان الشاهد محبوسا أن يشهد على شهادته.
قال القاضي: إن في سجن القاضي لا يكون عذرا لانه يخرجه حتى يشهد ثم يعيده، وعلى هذا يمكن أن يقال في الدعوى أيضا كذلك بأن يجيب عن الدعوى ثم يعاد اه.
قلت: ولا يخفى أنه مفهوم عبارة المصنف، وهي ليست من عنده بل واقعة في كلام غيره والمفاهيم حجة، بل صرح به في الفتح حيث قال: ولو كان الموكل محبوسا فعلى وجهين: إن كان في حبس هذا القاضي لا يقبل التوكيل بلا رضاه، لان القاضي يخرجه من السجن ليخاصم ثم يعيد، وإن كان في حبس الوالي ولا يمكنه الوالي من الخروج للخصومة يقبل منه التوكيل ا ه.
قوله: (وله) أي المدعى عليه.
قوله: (فيرسل أمينه) أي القاضي.
قوله: (فالقول لها) أي إذا وجب عليها يمين.
قوله: (في الوجهين) أي فيما إذا كانت بكرا أو ثيبا.
قوله: (وصح بإيفائه) أي حقوق العباد، أي يصح التوكيل بإيفاء جميع الحقوق واستيفائها إلا في الحدود والقصاص لان كلا منهما يباشره بنفسه فيملك التوكيل به، بخلاف الحدود والقصاص فإنها تندرئ بالشبهات، والمراد بالايفاء هنا دفع ما عليه
وبالاستيفاء القبض.
منح.
قوله: (إلا في حد وقود) استثناء من قوله: وبإيفائها واستيفائها وقوله: بغيبة موكله قيد للثاني فقط كما نبه عليه في البحر، وقوله قبله باستيفائها أي وكذا بإثباتها بالبينة عند الامام أبي حنيفة خلافا لابي يوسف، ولم يصرح به هنا لدخوله في قوله فصح بخصومة كما في البحر.
قوله: (يتعلق به) أي بالوكيل.
منح.
قوله: (ما دام حيا ولو غائبا) فإذا باع وغاب لا يكون للموكل قبض الثمن كما في البحر عن المحيط، وقوله: ما دام حيا عزاه في البحر إلى الصغرى، ولكن قال بعده: وشمل ما إذا مات، لما في البزازية: إن مات الوكيل عن وصي قال الفضلي: تنتقل الحقوق إلى وصيه لا الموكل، وإن لم يكن وصي يرفع الحاكم ينصب وصيا عند القبض وهو المعقول.
وقيل ينتقل إلى موكله ولاية قبضه فيحتاط عند الفتوى اه.
ثم قال في البحر بعد ورقة ونصف: والوكيل بالشراء إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل حل عليه الثمن ويبقى الاجل في حق الموكل، وجزمه هنا أن يدل على أن المعتمد في المذهب ما قال إنه المعقول، وقد أفتيت به بعد ما احتطت كما قال فيما سبق ا ه.
قوله: (إن لم يكن) أي الوكيل.
قوله: (محجورا) فإن كان محجورا كالعبد والصبي المحجورين فإنهما إذا عقدا بطريق الوكالة تتعلق حقوق عقدهما بالموكل(6/60)
س.
قوله: (كتسليم مبيع) بيان لحقوق العقد.
قوله: (ورجوع به عند استحقاقه) شامل لمسألتين.
الاولى: ما إذا كان الوكيل بائعا وقبض الثمن من المشتري ثم استحق المبيع فإن المشتري يرجع بالثمن على الوكيل، سواء كان الثمن باقيا في يده أو سلمه إلى الموكل وهو يرجع على موكله.
الثانية: ما إذا كان مشتريا فاستحق المبيع من يده فإنه يرجع بالثمن على البائع دون موكله.
وفي البزازية: المشتري من الوكيل باعه من الوكيل ثم استحق من الوكيل رجع الوكيل على المشتري منه وهو على الوكيل والوكيل على الموكل، وتظهر فائدته عند اختلاف الثمن ا ه بحر.
قوله: (في عيب) شامل لمسألتين أيضا: أما إذا كان بائعا فيرده المشتري عليه، وما إذا كان مشتريا فيرده الوكيل على بائعه، لكن بشرط كونه في يده، فإن سلمه إلى الموكل فلا يرده إلا بإذنه كما سيأتي في الكتاب.
بحر.
قوله: (ولو أضاف الخ) رده في البحر فراجعه، فلا يرد اعتراضه على المصنف.
وها هنا كلام في حاشية الفتال:
وحاشية أبي السعود فراجعه، وكذا في نور العين في أحكام الوكالة في الفصل الثالث والثلاثين، وكتبته في هامش البحر.
قوله: (يكتفي) أي من غير لزوم.
قوله: (لان الموجب الخ) هذا لا يناسب كلام المصنف، بل هو جار على القول الثاني من أنه يثبت للوكيل ابتداء ثم ينتقل إلى الموكل.
قوله: (حتى لو أضافه إلى نفسه لا يصح) أي لا يصح على الموكل فلا ينافي قوله الآتي: حتى لو أضاف النكاح لنفسه وقع النكاح له كما ظن.
وفي البزازية: الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل لان عهدتهما على الموكل على كل حال، ولو أخرج الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه صح إلا في النكاح.
والفرق أنه في الطلاق أضافه إلى الموكل معنى لانه بناء على ملك الرقبة وهي للموكل في الطلاق والعتاق، فأما في النكاح فذمة الوكيل قابلة للمهر حتى لو كان بالنكاح من جانبها وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لاضافته إلى المرأة معنى فكأنه قال ملكتك بضع موكلتي ا ه.
قال في البحر: فعلى هذا معنى الاضافة إلى الموكل مختلف، ففي وكيل النكاح من قبل الزوج على وجه الشرط، وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه اه.
وفي حاشية الفتال عن الاشباه: الوكيل بالابراء إذا أبرأ ولم يضفه إلى موكله لم يصح.
كذا في الخزانة اه.(6/61)
أقول: وظاهر ما في البحر أنه لا تلزم الاضافة إلا في النكاح، وهو مخالف لكلامهم فانظر ما في الدرر وتدبر، وانظر ما علقناه على البحر وراجع أيمان شرح الوهبانية.
قوله: (أو عن إنكار) هذا الصلح لا تصلح إضافته إلى الوكيل، بخلاف الصلح عن إقرار فإنه تصح إضافته إلى كل منهما، وقد عرفت اختلاف الاضافة في الموضعين فافترق الصلحان في الاضافة.
ابن كمال.
وفيه رد على صدر الشريعة حيث قال: لا فرق فيهما.
قوله: (وهبة وتصدق) انظر ما حقوق الهبة والصدقة المتعلقة بالموكل.
قوله: (سفيرا) السفير: الرسول والمصلح بين القوم صحاح.
كذا في الهامش فإنه يضيفهما إلى موكله فإنه يقول خالعك موكلي بكذا وكذا في أمثاله.
ابن ملك مجمع.
قوله: (بمهر) أي إذا كان وكيل الزوج.
قوله: (وتسليم) أي إذا كان وكيلها.
قوله: (للموكل) لكونه أجنبيا عن الحقوق
لرجوعهما إلى الوكيل أصالة.
قوله: (نعم تقع المقاصة) فلو كان للمشتري على الموكل تقع المقاصة بمجرد العقد بوصول الحق إليه بطريق التقاص، ولو كان له دين عليهما تقع المقاصة بدين الموكل دون دين الوكيل، ولو كان له دين على الوكيل فقط وقعت المقاصة به ويضمن الوكيل للموكل لانه قضى دينه بمال الموكل.
وقال أبو يوسف رضي الله عنه: لا تقع المقاصة بدين الوكيل، بخلاف ما إذا باع مال اليتيم ودفع المشتري الثمن إلى اليتيم حيث لا تبرأ ذمته بل يجب عليه أن يدفع الثمن إلى الوصي لان اليتيم ليس له قبض ماله أصلا فلا يكون له الاخذ من الدين فيكون الدفع إليه تضييعا فلا يعتد به، وبخلاف الوكيل في الصرف إذا صارف وقبض الموكل بدل الصرف حيث يبطل الصرف ولا يعتد بقبضه اه.
عيني.
كذا في الهامش.
قوله: (بخلاف) متعلق بقوله وإن دفع له ح، وقوله: وكيل يتيم أي وصيه.
قوله: (فلا يملك) أي المولى.
قوله: (بقبض القرض) بأن يقول الرجل أقرضني ثم وكل رجلا بقبضه بحر عن القنية.
فرع: التوكيل بالاقرار صحيح ولا يكون التوكيل به قبل الاقراء إقرا من الموكل: وعن الطواويسي معناه أن يوكل بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعي يصح إقراره على الموكل.
كذا في البزازية، وللشافعية فيها قولان: أصحهما لا يصح.
وقدم الشيخ: يعني صاحب البحر في كتاب الشركة في الكلام على الشركة الفاسدة أنه لا يصح التوكيل في المباح وأنه باطل.
رملي على البحر.
والفرع سيأتي متنا في باب الوكالة بالخصومة، والله أعلم.(6/62)
باب الوكالة بالبيع والشراء قوله: (إن عمت) بأن يقول ابتع لي ما رأيت لانه فوض الامر إلى رأيه، فأي شئ يشتريه يكون ممتثلا.
درر.
وفي البحر عن البزازية: ولو وكله بشراء أي ثوب شاء صح، ولو قال اشتر لي الاثواب لم يذكره محمد، قيل يجوز، وقيل لا، ولو أثوابا لا يجوز، ولو ثيابا أو الدواب أو الثياب أو دواب يجوز وإن لم يقدر الثمن.
قوله: (بطلت) أي وإن بين الثمن.
قوله: (متوسطة) أوضحه في النهاية.
قوله: (زيلعي) عبارته: لان الوكيل قادر على تحصيل مقصود الموكل بأن ينظر في حاله ح.
وفي الكفاية: فإن قيل: الحمير أنواع: منها ما يصلح لركوب العظماء، ومنها ما لا يصلح إلا ليحمل عليه.
قلنا: هذا اختلاف الوصف مع أن ذلك يصير معلوما بمعرفة حال الموكل، حتى قالوا إن الغازي إذا أمر إنسانا بأن يشتري له حمارا ينصرف إلى ما يركب مثله، حتى لو اشتراه مقطوع الذنب أو الاذنين لا يجوز عليه اه.
قوله: (القسم الاول) أي ما فيه جهالة يسيرة وهي جهالة النوع المحض.
قوله: (دار أو عبد) جعل الدار كالعبد تبعا للكنز موافقا لقاضيخان، لكنه شرط مع بيان المحلة كما في فتاواه مخالفا للهداية فإنه جعلها كالثوب لانها تختلف باختلاف الاعراض والجيران والمرافق والمحال والبلدان.
وذكر في المعراج أنه مخالف لرواية المبسوط.
قال: والمتأخرون قالوا: في ديارنا لا يجوز إلا ببيان المحال.
ووفق في البحر بحمل ما في الهداية على ما إذا كانت تختلف في تلك الدار اختلافا فاحشا وكلام غيره على غيره.
قوله: (أولا) بأن كان يوجد بهذا الثمن أنواع.
قوله: (وهي) أي جهالة الجنس.
قوله: (بشراء ثوب أو دابة الخ) أقول: سيأتي متنا في هذا الباب: لو وكله بشراء شئ بغير عينه فالشراء للوكيل إلا إذا نواه للموكل أو شراه بماله: أي مال الموكل، والظاهر أنه مقيد بما إذا سمى ثمنا أو نوعا تأمل، ويكون قوله بغير عينه مقابلا لما سمى عينه بعد بين الجنس.
قوله: (في عرفنا) نقوله عن بعض مشايخ ما وراء النهر.
قال في البزازية: وعرفنا ما ذكرنا.
قال في البحر: ولكن عرف القاهرة على خلافهما، فإن الطعام عندهم للطبيخ بالمرق واللحم.
قوله: (بزازية) قال في المنح بعد قوله يدخل كل مطعوم كما في البزازية: وفي أيمانها لا يأكل طعاما فأكل دواء ليس بطعام(6/63)
كالسقمونيا لا يحنث، ولو به حلاوة كالسكنجبين اه.
فليتأمل.
قوله: (بالعيب) أشار إلى أنه لو رضي بالعيب فإنه يلزمه، ثم الموكل إن شاء قبله وإن شاء ألزم الوكيل، وقبل أن يلزم الوكيل لو هلك يهلك من مال الموكل.
كذا في البزازية.
وإلى أن الرد عليه لو كان وكيلا بالبيع فوجد المشتري به عيبا ما دام الوكيل عاقلا من أهل لزوم العهدة، فلو محجورا فعلى الموكل.
بحر.
قوله: (وهذا الخ) لا حاجة إليه مع قول المتن ما دام المبيع في يده ح.
قوله: (مطلقا) أي وإن سلمه وقبض الثمن وسلمه إلى الموكل فيسترد الثمن منه بغير رضاه.
قوله: (حبس المبيع) الذي اشتراه للموكل منح.
قوله: (دفعه) قال في
المنح: قيد بقوله: دفعه لانه لو لم يكن دفعه فله الحبس بالاولى، لانه مع الدفع ربما يتوهم أنه متبرع بدفع الثمن فلا يحبس، فأفاد بالحبس أنه ليس بمتبرع وأن له الرجوع على موكله بما دفعه وإن لم يأمره به صريحا للاذن حكما.
قوله: (أولا) أي لم يدفعه.
قوله: (لانه) تعليل للحبس لا للاولوية.
قوله: (بنقض) أي بثمن حال، فلو بمؤجل تأجل في حق الموكل أيضا فليس للوكيل طلبه حالا.
بحر.
قوله: (كل الثمن) أي جملة واحدة.
قال في البحر: ولو وهبه خمسمائة ثم الخمسمائة الباقية لم يرجع الوكيل على الآمر إلا بالاخرى لان الاولى حط والثانية هبة.
قوله: (فهو كمبيع) عند محمد، وهو قول أبي حنيفة.
ابن كمال.
قوله: (كرهن) أي فيهلك بالاقل من قيمته ومن الثمن.
وعند زفر كغصب، فإن كان الثمن مساويا للقيمة فلا اختلاف، وإن كان الثمن عشرة والقيمة خمسة عشر، فعند زفر: يضمن خمسة عشر لكن يرجع الموكل على الوكيل بخمسة وعند الباقين يضمن عشرة، وإن كان بالعكس فعند زفر: يضمن عشرة ويطلب الخمسة من الموكل، وكذا عند أبي يوسف لان الرهن يضمن بالاقل من قيمته والدين، وعند محمد: يكون مضمونا بالثمن وهو خمسة عشر.
ابن كمال.
قوله: (وابن ملك) أي والحدادي نقلا عن المستصفى، ومشى عليه في درر البحار، وعزاه صاحب النهاية إلى الامام خواهر زاده.
واستشكله الزيلعي وصاحب العناية بأن الوكيل أصيل في باب البيع حضر الموكل العقد أو لم يحضر.
وقال الزيلعي: وإطلاق المبسوط وسائر الكتب د ليل على أن مفارقة الموكل لا تعتير أصلا ولو كان حاضرا، وهذا منشأ ما مشى عليه المصنف تبعا للبحر، لكن أجاب العيني عن الاشكال بأن الوكيل نائب فإذا حضر الاصيل فلا يعتبر النائب ا ه.
وتعقبه الحمودي بأن الوكيل نائب في أصل العقد أصيل في الحقوق فلا اعتبار بحضرة الموكل، وبه علمت أن ما ذكره الشارح: أي العيني في غير محله.(6/64)
قلت: والذي يدفع الاشكال من أصله ما قدمه الشارح عن الجوهرة من أن العهدة على آخذ الثمن لا العاقد لو حضرا في أصح الاقاويل، وما ذكره العيني وصاحب العناية مبني على القول الآخر من أنه لا عبرة بحضرته وهو ما مشى عليه في المتن سابقا، فتنبه.
قوله: (ولو صبيا) أتى بالمبالغة لانه محل موهم حيث لا ترجع الحقوق إليه.
قوله: (فيبطل العقد الخ) كذا قاله صاحب الهداية والكافي
وسائر المتأخرين.
درر وهو تفريع على الاصل المذكور.
قوله: (بمفارقته) أي الوكيل.
قوله: (صاحبه) وهو العقد.
منح.
قوله: (والمراد الخ) قال الزيلعي: وهذا في الصرف مجره على إطلاقه فإنه يجوز التوكيل فيه من الجانبين.
وأما في السلم فإنه يجوز بدفع رأس المال فقط، وأما ما يأخذه فلا يجوز لان الوكيل إذا قبض رأس المال يبقى المسلم فيه في ذمته وهو مبيع ورأس المال ثمنه، ولا يجوز أن يبيع الانسان ماله بشرط أن يكون الثمن لغيره كما في بيع العين، وإذا بطل التوكيل كان الوكيل عاقدا لنفسه فيجب المسلم فيه في ذمته ورأس المال مملوك له، وإذا سلمه إلى الآمر على وجه التمليك منه كان قرضا اه.
قوله: (ضعفه) احترز عن الزيادة القليلة كعشرة أرطال ونصف فإنها لازمة للآمر لانها تدخل بين الوزنين فلا يتحقق حصول الزيادة.
بحر عن غاية البيان.
قوله: (خلافا لهما) فعندهما يلزمه العشرون بدرهم لانه فعل المأمور وزاده خيرا.
منح.
قوله: (كغير موزون) قيد به لان في القيميات لا ينفذ شئ على الموكل.
منح.
قوله: (بخلاف الخ) محل هذا بعد قوله: لا يشتريه لنفسه ح.
قوله: (والفرق في الواني) ذكره الزيلعي أيضا.
وحاصله: أن النكاح الداخل تحت الوكالة نكاح مضاف إلى الموكل فينعزل إذا خالفه وأضافه إلى نفسه، بخلاف الشراء فإنه مطلق غير مقيد بالاضافة إلى كل أحد ا ه.
قوله: (غير الموكل) بالجر صفة شئ مخصصة، وبالنصب استثناء منه أو حال.
قال في المنح: وإنما قيدنا بغير الموكل للاحتراز عما إذا وكل العبد من يشتريه له من مولاه أو وكل العبد بشرائه له من مولاه فاشترى فإنه لا يكون للآمر ما لم يصرح به للمولى أن يشتريه فيهما للآمر مع أنه وكيل بشراء شئ بعينه كما سيأتي ا ه.
وكأن وجه الاحتراز عما ذكره من الصورتين باعتبار احتمال لفظ الموكل لاسم الفاعل واسم المفعول، ولا يخفى ما فيه، فكان الاولى أن يقول: غير الموكل والموكل ا ه.
قوله: (لا يشتريه لنفسه) أي بلا حضروه.
باقاني كذا في الهامش.
قوله: (بالاولى) أوضحه في البحر.
قوله: (دفعا للغرر) قال الباقاني: لانه يؤدي إلى تغرير الآمر حيث اعتمد عليه، ولان فيه عزل نفسه فلا يملكه على ما قيل إلا بمحضر من الموكل.
كذا في الهداية ا ه.
هكذا في(6/65)
الهامش.
وفيه الوكيل بالبيع لا يملك شراءه لنفسه لان الواحد لا يكون مشتريا وبائعا فيبيعه من غيره ثم يشتريه منه، وإن أمره الموكل أنه يبيعه من نفسه أو أولاده الصغار أو ممن لا تقبل شهادته فباع منه جاز.
بزازية اه حامدية.
وإذا وكله أن يشتري له عبدا بعينه بثمن مسمى وقبل الوكالة ثم خرج من عند الموكل وأشهد على نفسه أن يشتريه لنفسه ثم اشترى العبد بمثل ذلك الثمن فهو للموكل.
فتاوى هندية.
قوله: (فلو اشتراه) تفريع على قوله: حيث لم يكن مخالفا.
قوله: (بغير النقود) أي إذا لم يكن الثمن مسمى.
قوله: (أو بخلاف) شمل المخالفة في الجنس والقدر، وفيه كلام فانظره في البحر.
قوله: (ما سمى) أي إن كان الثمن مسمى.
قوله: (فالشراء للوكيل) المسألة على وجوه كما في البحر.
وحاصلها: أنه إن أضاف العقد إلى مال أحدهما كان المشتري له، وإن أضافه إلى مال مطلق فإن نواه للآمر فهو له، وإن نواه لنفسه فهو له، وإن تكاذبا في النية يحكم النقد إجماعا، وإن توافقا على عدمها فللعاقد عند الثاني وحكم النقد عند الثالث، وبه علم أن محل النية للموكل فيما إذا أضافه إلى مال مطلق سواء نقده من ماله أو من مال الموكل، وكذا قوله: ولو تكاذبا وقوله: ولو توافقا محله فيما إذا أضافه إلى مال مطلق، لكن في الاول يحكم النقد إجماعا وفي الثاني على الخلاف السابق اه.
قوله: (أو شراه) معناه إضافة العقد إلى ماله لا الشراء من ماله.
بحر.
قوله: (فهلك) الصواب إسقاطه لقوله: وهي حي كما في الشرنبلالية، وتبع فيه صاحب الدرر وصدر الشريعة.
قوله: (قائم) لا حاجة إليه، ولعله أراد أنه قائم من كل وجه ليحترز به عما إذا حدث به عيب فإنه كالهلاك كما في البزازية.
تأمل.
قوله: (للمأمور) أي مع يمينه.
يعقوبية.
قوله: (وإلا يكن منقودا) سواء كان العبد حيا أو ميتا ح.
وفيه أن صورة الحي مرت وهذه في الميت.
قوله: (أي يكون) أي القول: كذا في الهامش.
قوله: (وإلا فللآمر) حاصل المسألة المذكورة على ثمانية أوجه كما قال الزيلعي، لانه إما أن يكون مأمورا بشراء عبد بعينه أو بغير عينه، وكل وجه على وجهين: إما أن يكون الثمن منقودا أو غير منقود.
وكل وجه على وجهين: إما أن يكون العبد حيا حين أخبر الوكيل بالشراء أو ميتا.
ثم قال: فحاصله أن الثمن إن كان منقودا فالقول للمأمور في جميع الصور، وإن كان غير منقود ينظر: فإن كان الوكيل لا يملك الانشاء بأن كان ميتا، فالقول للآمر، وإن كان يملك الانشاء فالقول للمأمور عندهما،
وكذا عند أبي حنيفة في غير موضع التهمة، وفي موضع التهمة القول للآمر، قوله: (للتهمة) فإنه يحتمل أنه اشتراه لنفسه، فلما رأى الصفقة خاسرة أراد إلزامه للموكل ح.
كذا في الهامش.
قوله:(6/66)
(خلافا لهما) الخلاف فيما إذا كان منكرا حيرا والثمن غير منقود فقط ح.
كذا في الهامش.
قوله: (بقوله بعني الخ) بدل من قوله: بتوكيله.
قوله: (أو غير معينين) بحث فيه أبو السعود فانظر ما كتبناه على البحر.
قوله: (إذا نواه الخ) قيد في غير معينين فقط ح.
كذا في الهامش.
قوله: (كما مر) قريبا في قوله: وإن بغير عينه فالشراء للوكيل إلا إذا نواه للموكل.
قوله: (عن الآمر) لان التوكيل مطلق): أي عن قيد المعينة، وقد لا يتفق الجمع بينهما.
قوله: (معين) لا حاجة إليه مع قول المصنف وعينه ح.
قوله: (وإلا يعين) لا المبيع ولا البائع.
قوله: (خلافا لهما) فقالا يلزم الآمر إذا قبضه المأمور.
بحر.
قوله: (ما عليه) أي يعقد عقد السلم ح، بأن قال له اسلم الدين الذي لي عليك إلى فلان جاز، وإن لم يعين فلان لم يجز عنده، وعندهما يجوز كيفما كان، وكذا لو أمره بأن يصرف ما عليه من الدين، زيلعي.
قوله: (أو يصرفه) أي يعقد عقد الصرف ح.
كذا في الهامش.
قوله: (في الوكالات عنده) ولذا لو قيدها بالعين منها أو بالدين منها ثم هلك العين أو سقط الدين بطلت الوكالة، فإذا تعينت فيها كان هذا تمليك الدين من غير من عليه الدين، وذا لا يجوز إلا إذا وكله بقبضه له ثم بقبضه لنفسه، وتوكيل المجهول لا يجوز فكان باطلا أو يكون أمرا يصرف ما لا يملكه إلا بالقبض قبله.
زيلعي.
قوله: (في المعاوضات) عينا كانت النقود أو دينا.
قوله: (فجعل المؤجر) بالفتح وهو الدار مثلا.
قوله: (كالمؤجر) بالكسر.
قوله: (فراجعه) أقول: الذي رأيته في الشرح المذكور في هذا(6/67)
المحل مثل ما قدمه.
ونصه: وأما مسألة إجارة الحمام ونحوها قبل ذلك قولهما، وإن كان قول الكل فإنما جاز باعتبار الضرورة لان المستأجر لا يجد الآجر في كل وقت فجعلنا الحمام قائما مقام الآجر في القبض اه.
ولم أجد هذه العبارة فيه، لكن لا تخالف ما ذكره الماتن لان وجوب الاجرة يكون بعد استيفاء أو باشتراط التعجيل، وهو معنى قول المتن لما عليه من الاجرة.
قوله: (للآمر) وينفذ على
المأمور.
زيلعي.
قوله: (بلا يمين) في الاشباه: كل من قبل قوله فعليه اليمين، إلا في مسائل عشر وعدها وليس منها ما ذكره هنا، ويمكن الجواب.
تأمل.
كذا بخط بعض الفضلاء.
وذكر في الهامش فروعا هي: وإن قال أمرني فدفعته إلى وكيل له أو غريم له أو وهبه لي أو قضى لي من حق كان لي عليه لم يصدق وضمن المال اه بحر.
وفيه من شتى القضاء: نائب الناظر كهو في قبول قوله، فلو ادعى ضياع مال الوقف أو تفريقه على المستحقين وأنكروا فالقول له كالاصيل لكن مع اليمين، وبه فارق أمين القاضي لانه لا يمين عليه كالقاضي.
وفي الخيرية من الوصايا الوصي مثل القيم لقولهم: الوصية والوقف أخوان اه حامدية اه.
قوله: (جزم الواني) وكذا اعترضه في اليعقوبية، وقد ذكرت العبارتين في هامش البحر.
قوله: (تحريف) وادعى أنه مخالف للعقل والنقل.
قوله: (لكن في الاشباه) في عبارة الاشباه كلام طويل ذكره الشرنبلالي في رسالة حافلة، وكذا المقدسي له رسالة لخصها الحموي في حاشيته ونقله الفتال، فراجع ذلك إن شئت.
قوله: (المأمور) في صورتين.
زيلعي.
قوله: (ولو اختلفا الخ) هنا اتفقا على بيان شئ لكن الاختلاف في المقدار، بخلاف الصورة التي قبلها فإنه لم يبين فيها شئ من الثمن، وما في الزيلعي سهو كما نبه عليه في البحر.
قوله: (بشراء أخيه) أي أخي الآمر.
قوله: (فالقول له) أي للآمر.
قوله: (من مولاه بكذا) أي بألف مثلا، وكان ينبغي التعبير به لقوله بعد والالف للسيد.(6/68)
قوله: (سفيرا) فلا ترجع الحقوق إليه والمطالبة بالالف الاخرى على العبد لا على الوكيل هو الصحيح.
بحر.
قوله: (فتلغو أحكام الشراء) أي فلا يبطل بالشروط الفاسدة ولا يدخله خيار الشرط ح.
كذا في الهامش.
قوله: (إلى العطاء) فإنه لو كان شراء حقيقة لافسده الاجل المجهول.
قوله: (ومعه رجل) أي تشارك الرجل والعبد في شراء نفس العبد، أي صفقة واحدة.
بحر.
قوله: (انعقاد البيع في الثاني) أي في شراء الاب، لان صيغة الشراء استعملت في معناه الحقيقة لا الاول، لان ما وقع من العبد لم يكن صيغة تفيد الشراء س.
قوله: (الحقيقة) وهو ثبوت الملك للمشتري.
قوله: (والمجاز) وهو الاعتاق.
قوله: (لزوال حجره) جواب عما يقال العبد المحجور إذا توكل لا ترجع الحقوق إليه، وعزاه
في الهامش الاشكال إلى الدرر.
قوله: (الوكيل إذا خالف) قال في الهامش: وكله أن يبيع عبده بألف وقمته كذلك ثم زادت قيمته إلى ألفين لا يملك بيعه بألف.
بزازية اه.
فصل: لا يعقد وكيل البيع والشراء قوله: (والاجارة الخ) أما الحوالة والاقالة والحط والابراء والتجوز بدون حقه يجوز عندهما ويضمن.
وعند أبي يوسف: لا يجوز الوكيل بالبيع يملك الاقالة، حتى لو باع ثم أقال لزمه الثمن للموكل والوكيل بالشراء لا يملكها، بخلاف الوكيل بالبيع والوكيل بالسلم والوصي والاب المتولي(6/69)
كالوكيل، ولو قال الموكل للوكيل ما صنعت من شئ فهو جائز يملك الحوالة بالاجماع والاقالة على خلاف ما مر، وكذا لو أبرأ المشتري عن الثمن صح عندهما لكن يضمن، وهذا إذا لم يقبض الثمن، أما إذا قبض فلا يملك الحط والاقالة ا ه، كذا في الهامش.
قوله: (إلا من عبده ومكاتبه) وكذا مفاوضه وابنه الصغير فالمستثنى من قولهما أربع.
بحر.
وقيد العبد في المبسوط بغير المديون وفيه إشارة إلى أنه لو كان مديونا يجوز.
بحر.
قوله: (كما يجوز عقده) أي عند عدم الاطلاق.
قوله: (إلا من نفسه) وفي السراج: لو أمره بالبيع من هؤلاء فإنه يجوز إجماعا إلا أن يبيعه من نفسه أو ولده الصغير أو عبده ولا دين عليه فلا يجوز قطعا وإن صرح به الموكل ا ه منح.
الوكيل بالبيع لا يملك شراءه لنفسه لان الواحد لا يكون مشتريا وبائعا فيبيعه من غيره ثم يشتريه منه، وإن أمره الموكل أن يبيعه من نفسه وأولاده الصغر أو ممن لا تقبل شهادته فباع منهم جاز.
بزازية.
كذا في البحر.
ولا يخفى ما بينهما من المخالفة، وذكر مثل ما في السراج في النهاية عن المبسوط، ومثل ما في البزازية في الذخيرة عن الطحاوي وكأن في المسألة قولين خلافا لمن ادعى أنه لا مخالفة بينهما.
وقوله: (وصح بيعه بما قل أو كثر الخ) قال الخجندي: جملة من يتصرف بالتسليط حكمهم على خمسة أوجه: منهم من يجوز بيعه وشراؤه بالمعروف وهو الاب والجد والوصي وقدر ما يتغابن يجعل عفوا.
ومنهم من يجوز بيعه وشراؤه على المعروف وعلى خلافه وهو المكاتب والمأذون، عند أبي حنيفة يجوز لهم أن يبيعوا ما يساوي ألفا بدرهم ويشتروا ما يساوي درهما بألف، وعندهما لا يجوز إلا على المعروف وأما الحر البالغ العاقل يجوز
بيعه كيفما كان وكذا شراؤه إجماعا.
ومنهم من يجوز بيعه كيفما كان وكذا شراؤه على المعروف وهو المضارب وشريكا العنان أو المفاوضة والوكيل بالبيع المطلق يجوز بيع هؤلاء عند أبي حنيفة بما عز وهان عندهما، ولا يجوز إلا بالمعروف، وأما شراؤهم فلا يجوز إلا على المعروف إجماعا، فإن اشترى بخلاف المعروف والعادة أو بغير النقود نفذ شراؤهم على أنفسهم وضمنوا ما نقدوا فيه من مال غيرهم إجماعا.
ومنهم من لا يجعل قدر ما يتغابن فيه عفوا وهو المريض إذا باع في مرض موته وحابى فيه قليلا وعليه دين مستغرق فإنه لا يجوز محاباته وإن قلت، والمشتري بالخيار إن شاء وفي الثمن إلى تمام القيمة، وإن شاء فسخ.
وأما وصية بعد موته إذا باع تركته لقضاء ديونه وحابى فيه قدر ما يتغابن فيه صح بيعه ويجعل عفوا، وكذا لو باع ماله من بعض ورثته وحابى فيه، وإن قل لا يجوز البيع على قول أبي حنيفة، وإن كان أكثر من قيمته حتى تجيز سائر ورثته، وليس عليه دين، ولو باع الوصي ممن لا تجوز شهادته له وحابى فيه قليلا لا يجوز وكذا المضارب.
ومنهم من لا يجوز بيعه وشراؤه ما لم يكن خيرا وهو الوصي إذا باع ماله من اليتيم أو اشترى.
فعند محمد: لا يجوز بحال، وعندهما: إن خيرا فخير وإلا لم يجز اه سائحاني.(6/70)
قلت: وفي وصايا الخانية: فسر السرخسي الخيرية بما إذا اشترى الوصي لنفسه مال اليتيم ما يساوي عشرة بخمسة عشر وباع مال نفسه من اليتيم ما يساوي عشرة بثمانية، وذكر ما قدمناه في منية المفتي بعبارة أخصر مما قدمناه.
قوله: (بزازية) قال العلامة قاسم في تصحيحه على القدوري: ورجح دليل الامام المعول عليه عند النسفي وهو أصح الاقاويل والاختيار عند المحبوبي، ووافقه الموصلي وصدر الشريعة اه رملي.
وعليه أصحاب المتون الموضوعة لنقل المذهب لما هو ظاهر الرواية.
سائحاني.
قوله: (بالنقد بألف جاز) لانه وإن صار مخالفا إلا أنه إلى خير من كل وجه، وإن باعه بأقل من الالف بالنقد لا يجوز، لانه وإن خالف إلى خير من حيث التعجيل خالف إلى شر من حيث المقدار والخلاف إلى شر من وجه يكفي في المنع، فإن باعه بألفين نسيئة وشهرا أيضا لا يجوز.
ذخيرة.
وفيها قبله: وإذا وكله بالبيع نسيئة فباعه بالنقد، إن بما يباع بالنسيئة جاز وإلا فلا ا ه.
وفي البحر عن
الخلاصة: لو قال بعه إلى أجل فباعه بالنقد.
قال السرخسي: الاصح أنه لا يجوز بالاجماع، وفرق بينه وبين ما نقله الشارح بتعيين الثمن وعدمه.
قلت: لكن ينبغي أن يكون ما في الخلاصة محمولا على ما إذا باع بالنقد بأقل مما يباع بالنسيئة بدليل ما قدمناه عن الذخيرة، وقوله قبله: بالنسيئة بألف قيد ببيان الثمن، لانه لو لم يعين وباع بالنقد لا يجوز كما بينه في البحر.
قوله: (بزمان ومكان) فلو قال بعه غدا لم يجز بيعه اليوم، وكذا الطلاق والعتاق وبالعكس فيه روايتان.
والصحيح أنه كالاول س.
قوله: (أو إلا بمحضر فلان الخ) قال في الفتاوى الهندية: وكله بالبيع ونهاه عن البيع إلا بمحضر فلان لا يبيع إلا بحضرته، كذا في وجيز الكردري.
وإذا أمره أن يبيع برهن أو كفيل فباع من غير رهن أو من غير كفيل لم يجز أكده بالنفي أو لم يؤكد.
وإذا قال برهن ثقة لم يجز إلا برهن يكون بقيمته وفاء بالثمن أو تكون قيمته أقل بمقدار ما يتغابن فيه، وإذا أطلق جاز بالرهن القليل كذا في المحيط، ولو قال بعه وخذ كفيلا أو بعه وخذ رهنا لا يجوز إلا كذلك اه.
كذا في الهامش.
وجملة الامر أن كل وجه يلزم رعايته أكده بالنفي أو لا كبعه بخيار فباعه بدونه، نظيره الوديعة إن مفيدا كاحفظ في هذه الدار تتعين وإن لم يقل لا تحفظ إلا في هذه الدار لتفاوت الحرز وإن لا يفد(6/71)
أصلا لا يجب مراعاته كبعه بالنسيئة فباعه بنقد يجوز، وإن مفيدا من وجه يجب مراعاته إن أكده بالنفي وإن لم يؤكده به لا يجب، مثاله: لا تبعه إلا في سوق كذا يجب رعايته، بخلاف قوله بعه في سوق كذا، وكذا في الوديعة إذا قال لا تحفظ إلا في هذا البيت يلزم الرعاية، وإن لم يفد أصلا بأن عين صندوقا لا يلزم الرعاية، وإن أكده بالنفي والرهن والكفالة مفيد من كل وجه فلا يجوز خلافه أكده بالنفي أو لا، والاشهاد قد يفيد إن لم يغب الشهود وكانوا عدولا وقد لا يفيد، فإذا أكده بالنفي يلزم الرعاية وإلا لا عملا بالشبهين.
بزازية قبيل الفصل الخامس، وانظر ما قدمناه عن البحر في مسألة البيع بالنسيئة.
قوله: (واقعة الفتوى الخ) المسألة مصرح بها في وصايا الخانية لكن بلفظ بمحضر فلان والحكم فيها ما ذكره هنا ا ه.
قوله: (وصح أخذه رهنا الخ) قال في نور العين: وكيل البيع لو أقال أو
احتال أو أبرأ أو حط أو وهب أو تجوز صح عن أبي حنيفة ومحمد وضمن لموكله، لا عند أبي يوسف، والوكيل لو قبض الثمن لا يملك الاقالة إجماعا اه.
قلت: وكذا بعد قبض الثمن لا يملك الحط والابراء.
بزازية.
قوله: (أو توى المال على الكفيل) وهو يكون بالمرافعة إلى حاكم مالكي يرى براءة الاصيل عن الدين بالكفالة ولا يرى الرجوع على الاصيل بموته مفلسا ويحكم به ثم يموت الكفيل مفلسا.
ابن كمال.
ومثله في الشرنبلالية عن الكافي، وتحقيقه في شرح الزيلعي اه.
قوله: (وتقيد شراؤه) لان التهمة في الاكثر متحققة فلعله اشتراه لنفسه، فإذا لم يوافقه ألحقه بغيره على ما مر، وأطلقه فشمل ما إذا كان وكيلا بشراء معين، فإنه وإن كان لا يملك شراءه لنفسه فبالمخالفة يكون مشتريا لنفسه، فالتهمة باقية كما في الزيلعي.
وفي الهداية: قالوا ينفذ على الآمر، وذكر في البناية أنه قول عامة المشايخ، الاول قول البعض، وفي الذخيرة أنه لا نص فيه، بحر ملخصا.
قوله: (ما يقوم به مقوم) أي لم يدخل تحت تقويم أحد من المقومين.
قال مسكين: فلو قومه عدل عشرة وعدل آخر ثمانية وآخر سبعة فيما بين الشعرة والسبعة داخل تحت تقويم المقومين، وتمامه فيه.
قوله: (وبناية) هي شرح الهداية.
قوله: (لاطلاق التوكيل) أي إطلاقه عن قيد الاجتماع والافتراق.
قوله: (وظاهره الخ) أي لانه جعله استحسانا وقال في البحر: ولذا أخره مع دليله كما هو عادته، ولذا استشهد لقول الامام بما لو باع الكل بثمن النصف فإنه يجوز، وقد علمت أن المفتى به خلاف قوله ا ه: أي خلاف قوله فيما استشهد به.
قلت: وقد علمت ما قدمناه عن العلامة قاسم.
قوله: (وقيد ابن الكمال الخ) ومثله في البحر معزوا إلى المعراج، ونقل الاتفاق أيضا في الكفاية عن الايضاح.
قوله: (وفي الشراء يتوقف الخ) لا فرق بين التوكيل(6/72)
بشراء عبد بعينه أو بغير عينه.
زيلعي.
وفيه لا يقال: إنه لا يتوقف بل ينفذ على المشتري.
لانا نقول: إنما لا يتوقف إذا وجد نفاذا على العاقد، وها هنا شراء النصف لا ينفذ على الوكيل لعدم مخالفته من كل وجه، ولا على الآمر لانه لم يوافق أمره من كل وجه فقلنا بالتوقف اه ملخصا.
قوله: (اتفاقا) والفرق لابي حنيفة بين البيع والشراء أن في الشراء تتحقق تهمة أنه اشتراه لنفسه، ولان الامر
بالبيع يصادف ملكه فيصح فيعتبر فيه الاطلاق، والامر بالشراء صادف ملك الغير فلم يصح فلا يعتبر فيه التقييد والاطلاق كما في الهداية.
قوله: (ولو رد مبيع بعيب على وكيله) أطلقه فشمل ما إذا قبض الثمن أو لا، وأشار إلى أن الخصومة مع الوكيل فلا دعوى للمشتري على الموكل، فلو أقر الموكل بعيب فيه وأنكره الوكيل لا يلزمهما شئ لان الموكل أجنبي في الحقوق، ولو بالعكس رده المشتري على الوكيل لان إقرار صحيح في حق نفسه لا الموكل.
بزازية.
ولم يذكر الرجوع بالثمن.
وحكمه أنه على الوكيل إن كان نقده، وعلى الموكل إن كان نقده كما في شرح الطحاوي، وإن نقده إلى الوكيل ثم هو إلى الموكل ثم وجد الشاري عيبا أفتى القاضي أنه يرده على الوكيل.
كذا في البزازية.
وقيد بالبيع لان الوكيل بالاجازة إذا آجر وسلم ثم طعن المستأجر فيه بعيب فقبل الوكيل بغير قضاء يلزم والموكل ولم يعتبر إجارة جديدة، وقيد بالعيب إذ لو قبله بغير قضاء بخيار رؤية أو شرط فهو جائز على الآمر، وكذا لو رده المشتري عليه بعيب قبل القبض.
بحر ملخصا.
قوله: (رده الوكيل على الآمر) لو قال: فهو رد على الآمر، لكان أولى، لان الوكيل لا يحتاج إلى خصومة مع الموكل إلا إذا كان عيبا يحدث مثله ورد عليه بإقرار بقضاء، وإن بدون قضاء لا تصح خصومته لكونه مشتريا، كما أفاده في البحر.
وحاصل هذه المسألة، أن العيب لا يخلو إما أن لا يحدث مثله كالسن أو الاصبع الزائدة أو يكون حادثا لكن لا يحدث مثله قبل هذه المدة أو يحدث في مثلها، ففي الاول والثاني يرده القاضي من غير حجة من بينة أو إقرار أو نكول لعلمه بكونه عند البائع، وتأويل اشتراط الحجة في الكتاب أن الحال قد يشتبه على القاضي بأن لا يعرف تاريخ البيع فيحتاج إليها ليظهر التاريخ، أو كان عيبا لا يعرفه إلا الاطباء أو النساء، وقولهم حجة في توجه الخصومة لا في الرد فيفتقر إلى الحجة للرد، حتى لو عاين القاضي البيع وكان العيب ظاهرا لا يحتاج إلى شئ منها، وكذا الحكم في الثالث إن كان ببينة أو نكول لان البينة حجة مطلقة، وكذا النكول حجة في حقه فيرده عليه، والرد في هذه المواضع على الوكيل رد على الموكل.
وأما إن رده عليه في هذا الثالث بإقراره، فإن كان بقضاء فلا يكون ردا على الموكل لانه حجة قاصر فلا تتعدى، ولكن له أن يخاصم الموكل فيرده عليه ببينة أو بنكوله، لان الرد فسخ لانه
حصل بالقضاء كرها عليه فانعدم الرضا وإن كان بغير قضاء فليس له الرد لانه إقالة وهي بيع جديد في حق ثالث وهو الموكل في الاول، والثاني لو رد على الوكيل بالاقرار بدون قضاء لزم الوكيل، وليس له أن يخاصم الموكل في عامة الروايات، وفي رواية يكون ردا على الموكل.
وتمامه في شرح الزيلعي.
وبه ظهر أن ما في المتن تبعا للكنز مبني على هذه الرواية، وكذا قال في الاصلاح، وكذا بإقرار فيما لا يحدث مثله إن رد بقضاء.
وفي المواهب: لو رد عليه بما لا يحدث مثله بإقراره يلزم الوكيل ولزوم(6/73)
الموكل رواية ا ه.
قوله: (الاصل في الوكالة الخصوص الخ) قال: الاصل في الوكالة الخصوص * لا في المضاربة ذا المنصوص قوله: (لا ينفذ تصرف أحد الوكيلين) لان الموكل لا يرضى برأي أحدهما، والبدل وإن كان مقدرا لكن التقدير لا يمنع استعمال الرأي في الزيادة واختيار المشتري.
منح: أي التقدير للبدل لمنع النقصان عنه فربما يزداد عند الاجتماع وربما يختار الثاني مشتريا مليا والاول لا يهتدي إلى ذلك.
قال في الهامش: ولو دفع ألف درهم إلى رجلين مضاربة وقال لهما اعملا برأيكما لم يكن لكل واحد منهما أن ينفرد بالبيع والشراء، لانه رضي برأيهما لا برأي أحدهما، ولو عمل أحدهما بغير إذن صاحبه ضمن نصف المال وله ربحه وعليه وضيعته لا نقد نصف رأس مال المضاربة في الشراء لنفسه للمضاربة بغير إذن رب المال فاصر ضامنا.
عطاء الله أفندي.
وهكذا وجدت هذه العبارة فلتراجع من أصلها.
قوله: (أو مات) أي الآخر المشتمل على العبد أو الصبي، وكذا قوله: أو جن.
قوله: (أو جن) فلا يجوز للآخر التصرف وحده لعدم رضاه برأيه وحده، ولو وصيين لا يتصرف الحي إلا برأي القاضي.
بحر عن وصايا الخانية.
قوله: (بخلاف الوصيين) فإنه إذا أوصى إلى كل منهما بكلام على حدة لم يجز لاحدهما الانفراد في الاصح، لانه عند الموت صارا وصيين جملة واحدة.
وفي الوكالة يثبت حكمهما بنفس التوكيل.
بحر.
قوله: (كما سيجئ) وسيجئ قريبا متنا.
قوله: (فحتى يجتمعا) لكن سيأتي أن الوكيل بالخصومة لا يملك القبض، وبه يفتى.
أبو السعود.
قوله: (وظاهره) أي ظاهر قول المصنف، وقوله: عطفه أي التعليق بمشيئتهما.
قوله:
(والدرر) حيث قال بعد قوله: لم يعوضا بخلاف ما إذا قال لهما طلقاها إن شئتما أو قال أمرها بأيديكما لانه تفويض إلى مشيئتهما فيقتصر على المجلس.
قوله: (ولا علقا) استثنى في البحر ثلاث مسائل غير هذين فراجعه، واعترضه الرملي.
قوله: (فلو قبض أحدهما) أي بدون إذن صاحبه وهلك في يده كما صرح به في الذخيرة، لا بدون حضوره كما توهمه عبارة البحر.
قوله: (ضمن كله) عبارة السراج كما في البحر.
فإن قيل: ينبغي أن يضمن النصف لان كل واحد منهما مأمور بقبض النصف.
قلنا: ذاك مع(6/74)
إذن صاحبه، وأما في حال الانفراد فغير مأمور بقبض شئ منه.
قوله: (والوصاية) مبتدأ خبره قوله: كالوكالة وزاد بعد الواو بخلاف ليعطفه على قوله بخلاف اقتضائه فالمعطوف خمسة والسادس المعطوف عليه فلا اعتراض في كلامه، فتنبه، لكن لا يحسن تشبيه مسألة الاقتضاء بالوكالة لانها وكالة حقيقة.
قوله: (فإن هذه الستة) فيه أن المذكور هنا خمسة، وإن أراد جميع ما تقدم مما لم يجز فيه الانفراد فهي تسع عشرة صورة مع مسألة الوكالة ح.
كذا في الهامش.
قال جامعه: وقد علمت مما سبق جوابه.
قوله: (النظر له) أي للواقف.
قوله: (أو مال موكله) كذا استنبطه العمادي من مسألة ذكرها عن الخانية، ولكن ذكر قبله عنها أنه لو كتب في آخر الكتاب أنه يخاصم ويخاصم ثم ادعى قوم قبل الموكل الغائب مالا فأقر الوكيل بالوكالة وأنكر المال فأحضروا الشهود على الموكل لا يكون لهم أن يحبسوا الوكيل لانه جزاء الظلم ولم يظهر ظلمه، إذ ليس في هذه الشهادة أمر بأداء المال ولا ضمان الوكيل على الموكل، فإذا لم يجب على الوكيل أداء الماء من مال الموكل بأمر موكله ولا بالضمان عن موكله لا يكون الوكيل ظالما بالامتناع ا ه ملخصا.
ومفاده أنه لو ثبت أمر موكله أو كفالته عنه يؤمر بالاداء، وعليه كلام قارئ الهداية.
تأمل.
ثم رأيته في حاشية المنح حيث قال: أقول كلام الخانية صريح فيما أفتى به قارئ الهداية فإنه صريح في وجوب أداء المال بأحد شيئين: إما أمر الموكل أو الضمان فليكن المعول عليه، فليتأمل ا ه.
ثم قال موفقا بين عبارة الخانية السابقة الثانية القائلة وإن لم يكن له دين على الوكيل لا يجبر
وبين عبارة الفوائد لابن نجيم القائلة لا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في مسائل الخ ما نصه: أقول الذي ذكره في الفوائد مطلق عن قيد كونه من ماله أو من مال موكله أو من دين عليه، والفرع الاخير المنقول عن الخانية مقيد بما إذا لم يكن عليه دين وما قبله بما إذا لم يكن له مال تحت يده.
وأنت إذا تأملت وجدت المسألة ثلاثية: إما أن يوجد آمره ولا مال له تحت يده ولا دين أو له واحد منهما، والظاهر أن الوديعة مثل الدين لصحة التوكيل بقبضها كهو، فيحمل الدين في الفرع الثاني على مطلق المال حتى لا يخالف كلامه في الفرع الاول كلامه في الفرع الثاني لصحة وجهه، ويحمل كلامه في الفوائد على عدم وجود واحد منهما فيحصل التوفيق فلا مخالفة، فتأمل.
اه.
وحاصله: أنه لا يجبر إذا لم يكن له عند الوكيل مال ولا دين، وعليك بالتأمل في هذا التوفيق.
قوله: (لا يجبر عليه) لو قال: ولا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في مسائل وهي الثلاثة الآتية لكان أولى لئلا يختص بما ذكر في المتن كما في الاشباه.
كذا في الهامش.
قوله: (لا يجبر عليه) أي على البيع.
قوله: (على المعتمد) وسيأتي في باب عزل الوكيل.
قوله: (لكونه متبرعا) علة(6/75)
لقوله: لا يجبر.
قوله: (بدفع عين ثم غاب) لاحتمال أنها له فيجب دفعها له.
نور العين.
قوله: (أو ببيع رهن شرط فيه الخ) أي سواء شرط في عقد الرهن التوكيل بالبيع أو بعده.
قال في نور العين: لو لم يشرط التوكيل في البيع في عقد الرهن وشرط بعده، قيل لا يجب، وقيل يجب وهذا أصح اه.
قوله: (بطلب المدعي) سنذكر بيانه في باب عزل الوكيل، وأشار إلى أن المراد بوكيل الخصومة وكيل المدعى عليه، فقول الدرر: وكيل خصومة لو أبى عنها لا يجبر عليها لانه وعد أن يتبرع ينبغي أن يخص بوكيل المدعي كما يفهم مما هنا كما نبه عليه في نور العين، ويبعده قوله إن غاب المدعي فالاحسن ما سنذكره بعد.
قوله: (خلافا لما أفتى به قارئ الهداية) مرتبط بالمتن، فإنه سئل هل يحبس هل يحبس الوكيل في دين وجب على موكله إذا كان للموكل مال تحت يده: أي يد وكيله وامتنع الوكيل عن إعطائه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا؟ فأجاب إنما يجبر على دفع ما ثبت على موكله من الدين إذا ثبت أن الموكل أمر الوكيل بدفع الدين أو كان كفيلا وإلا فلا يحبس ا ه ح.
كذا في الهامش.
قوله: (وظاهر
الاشباه) حيث قال: ولا يجبر الوكيل بغير أجر على تقاضي الثمن وإنما يحيل الموكل ح.
ويستفاد هذا من قول الشارح لكونه متبرعا قبل الاستثناء.
قال في الهامش: ولا يحبس الوكيل بدين موكله ولو كانت عامة إلا أن يضمن، وتمامه في وكالة الاشباه.
قوله: (واقعة الفتوى) أي السابقة آنفا، وهي ما إذا وكله بقضاء الدين مما له عيه فتصير المستثنيات خمسة بضم الوكيل بالاجر قوله: (وفي فروق الاشباه) تقدمت أول كتاب الوكالة.
قوله: (حاضرا بنفسه) انظر ما معنى هذا، فإنا لم نر من ذكره، بل المذكور تعذر حضور شرط، ولم أر هذه العبارة في فروق الاشباه فراجعها.
قوله: (الوكيل لا يوكل) المراد أنه لا يوكل فيما وكل فيه فيخرج التوكيل بحقوق العقد فيما ترجع الحقوق فيه إلى التوكيل فله التوكيل بلا إذن لكون أصيلا فيها ولذا لا يملك نهيه عنها وصح توكيل الموكل كما قدمناه، بحر.
وفيه: وخرج عنه ما لو وكل الوكيل بقبض الدين من في عياله فدفع المديون إليه فإنه يبرأ لان يده كيده، ذكره الشارح في السرقة ا ه.
وذكر الثاني المصنف.
قوله: (بخلاف شراء الاضحية) فلو وكل غيره بشرائها فوكل الوكيل غيره ثم وثم فاشترى الاخير يكون موقوفا على إجازة الاول، إن أجاز وإلا فلا.
بحر عن الخانية.
قوله: (تقدير الثمن) أي لو عين ثمنه لوكيله س.
قوله: (من الموكل الاول) مخالف لما في البحر وللتعليل كما يظهر مما كتبناه على البحر، والموافق لما في البحر أن يقول من الوكيل الاول له: أي للوكيل الثاني.
وأفاد اقتصار على هذه المسائل أن الوكيل في النكاح ليس له التوكيل، وبه صرح في الخلاصة(6/76)
والبزازية والبحر من كتاب النكاح، وقدمناه في باب الولي فراجعه، خلافا لما قاله ط هناك بحثا من أن له التوكيل قياسا على هذه المسألة الثالثة، فافهم.
قوله: (لحصول المقصود) لان الاحتياج فيه إلى الرأي لتقدير الثمن ظاهر وقد حصل، بخلاف ما إذا وكل وكيلين وقدر الثمن، لانه فوض إليهما مع تقدير الثمن ظهر أن غرضه اجتماع رأيهما في الزيادة واختيار المشتري كما مر.
درر.
قوله: (خلافا للخانية) راجع إلى الخصومة كما قيده في المنح والبحر.
قوله: (ينفذ عليه) أي على الاجنبي.
بحر عن السراج.
قوله: (وإن وكل) أي الوكيل.
قوله: (أي بالامر) أو وكالة ملتبسة بالامر بالتوكيل: أي
الاذن به.
قوله: (وينعزلان) أي الوكيل الاول والثاني.
قوله: (بموت الاول) أي الموكل، وكان الاولى التعبير به ح.
قوله: (وفي البحر) الذي في البحر نسبة أن الثاني صار وكيل الموكل فلا يملك عزله فيما إذا قال اعمل برأيك إلى الهداية، ونسبة أن له عزله في قوله اصنع ما شئت إلى الخلاصة.
ثم قال: وهو مخالف للهداية، هلا أن يفرق بين اصنع ما شئت وبين اعمل برأيك، والفرق ظاهر.
وعلل في الخانية بأنه لما فوضه إلى صنعه فقد رضي بصنعه وعزله من صنعه ا ه.
فليس في كلام الخلاصة والخانية التصريح بمخالفة أحدهما للآخر فيحتمل أن في المسألة قولين، ودعوى صاحب البحر ظهور الفرق غير ظاهرة لما في الحواشي اليعقوبية والحواشي السعدية أنه ينبغي أن يملكه في صورة اعمل برأيك لتناول العمل بالرأي العزل كما لا يخفى اه.
قوله: (بخلاف اعمل برأيك) بحث فيه في الحواشي اليعقوبية والسعدية.
قوله: (واعلم) تكرار مع ما تقدم أول الكتاب مستوفى ح.
قوله: (زواهر الجواهر وتنوير البصائر) هما حاشيتان على الاشباه: الاولى للشيخ صالح، والثانية لاخيه الشيخ(6/77)
عبد القادر ولدي الشيخ محمد بن عبد الله الغزي صاحب المنح.
قوله: (لعدم الولاية) وكذا لا ولاية لمسلم على كافرة في نكاح ولا مال كما في البحر في كتاب النكاح من باب الولي، وتقدم هناك أيضا متنا وشرحا فليحفظ، قال تعالى: * (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) * (الانفال: 73).
قوله: (إلى الاب) حيث لم يكن سفيها، أما الأب السفيه لا ولاية له في مال ولده.
أشباه في الفوائد من الجمع والفرق.
وفي جامع الفصولين: ليس للاب تحرير قنه بمال وغيره ولا أن يهب ماله ولو بعوض ولا إقراضه في الاصح، وللقاضي أن يقرض مال اليتيم والوقف والغائب، وليس لوصي القاضي إقراضه، ولو أقرضه ضمن، وقيل يصح للاب إقراضه إذ له الايداع فهذا أولى اه عدة.
كذا في الهامش.
قوله: (يملك الايصاء) سواء كان وصي الميت أو وصي القاضي.
منح.
قوله: (ثم وصي وصيه) قال في جامع الفصولين في: ولهم الولاية في الاجارة في النفس والمال والمنقول والعقار، فلو كان عقدهم بمثل القيمة أو يسير الغبن صح لا بفاحشة، ولا يتوقف على إجازته بعد بلوغه لانه عقد لا مجيز له حال العقد، وكذا شراؤهم لليتيم يصح بيسير الغبن، ولو فاحشا نفذ عليهم لا عليه، ولو بلغ في مدة
الاجارة فلو كانت على النفس تخير أبطل أو أمضي، ولو على أملاكه فلا خيار له، وليس له فسخ البيع الذي نفذ في صغره فصط، قيل إنما يجوز إجارتهم اليتيم إذا كانت بأجر المثل لا بأقل منه، الصحيح جوازه ولو بأقل ا ه.
كذا في الهامش، وقوله: فصط هو رمز لفوائد صاحب المحيط.
قوله: (لا العقار) فيه كلام ذكره أبو السعود في حاشية مسكين فراجعه.
قوله: (فله أن يشتري الخ) أي والنفع ظاهر.
أشباه.
والفرق أنه إذا اشترى لغيره فحقوق العقد من جانب اليتيم راجعة إليه، ومن جانب الامر كذلك فيؤدي إلى المضارة بخلاف نفسه.
حموي س.
قوله: (بالتوكيل) بيانه في الاشباه من الوكالة.
باب الوكالة بالخصومة والقبض قوله: (أي أخذ الدين) هذا لغة وعرفا هو المطالبة عناية ح.
وكان علية أن يذكر هذا المعنى،(6/78)
فإنهم بنوا الحكم عليه معللين بأن العرف قاض على اللغة، ولا يخفي عليك أن أخذ الدين بمعنى قبضه، فلو كان المراد المعنى اللغوي يصير المعنى الوكيل بقبض الدين لا يملك القبض وهو غير معقول.
تدبر.
قوله: (عند زفر) وروى عن أبي يوسف غرر الافكار.
قوله: (واعتمد في البحر العرف) حيث قال: وفي الفتاوى الصغرى: التوكيل بالتقاضي يعتمد العرف، إن كان في بلدة كان العرف بين التجار أن المتقاضي هو الذي يقبض الدين كان التوكيل بالتقاضي توكيلا بالقبض وإلا فلا.
ح.
وليس في كلامه ما يقتضي اعتماده.
نعم نقل في المنح عن السراجية أن عليه الفتوى، وكذا في القهستاني عن المضمرات.
قوله: (إجماعا) لان الوكيل بعقد لا يملك عقدا آخر.
قوله: (وأمرتك بقبضه توكيل) قال في البحر أول كتاب الوكالة: فإن قلت: فما الفرق بين التوكيل والارسال، فإن الاذن والامر توكيل كما علمت: أي من كلام البدائع من قوله الايجاب من الموكل أن يقول وكلتك بكذا أو افعل كذا أو أذنت لك أن تفعل كذا ونحوه؟ قلت: الرسول أن يقول له أرسلتك أو كن رسولا عني في كذا، وقد جعل منها الزيلعي في باب خيار الرؤية أمرتك بقبضه، وصرح في النهاية فيه معزيا إلى الفوائد الظهيرية أنه من التوكيل، وهو
الموافق لما في البدائع، إذ لا فرق بين افعل كذا وأمرتك بكذا ا ه.
وتمامه فيه.
قوله: (خلافا للزيلعي) حيث جعل أمرتك بقبضه إرسالا.
ح.
كذا في الهامش.
قوله: (وكيل الصح) لان الصلح مسألة لا مخاصمة.
قوله: (أي الخصومة) حتى لو أقيمت عليه البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه تقبل عنده.
وقالا: لا يكون خصما.
زيلعي.
قوله: (ولو وكيل القاضي) بأن وكله بقبض دين الغائب.
شرنبلالية.
قوله: (أمره بقبض دينه) قال في الهامش نقلا عن الهندية: الوكيل بقبض الدين إذا أخذ العروض من الغريم والموكل لا يرضى ولا يأخذ العروض، فللوكيل أن يرد العروض على الغريم ويطالبه بالدين، كذا في جواهر الفتاوى.
رجل له على رجل ألف درهم وضح فوكل رجلا بقبضهما وأعلمه أنها وضح فقبض ألف درهم غلة وهو يعلم أنها غلة لم يجز على الآمر، فإن ضاعت في يده ضمنها الوكيل ولم يلزم الآمر شئ، ولو قبضها وهو لا يعلم أنها غلة فقبضه جائز ولا ضمان عليه، وله أن يردها ويأخذ خلافها، فإن ضاعت من يده فكأنها ضاعت من يد الآمر، ولا يرجع بشئ في قياس قول أبي حنيفة، وفي قياس قول أبي يوسف: يرد مثلها ويأخذ الوضح اه.
أقول: الاوضاح حلي من فضة جمع وضح، وأصله البياض.
مغرب.
وفي المختار: والاوضاح حلي من الدراهم الصحاح.
وذكر في الهامش: دفع إلى رجل ما لا يدفعه إلى رجل فذكر أنه دفعه إليه وكذبه في ذلك الآمر والمأمور له بالمال فالقول قوله: في براءة نفسه عن الضمان، والقول قول: الآخر(6/79)
أنه لم يقبضه، ولا يسقط دينه عن الآمر، ولا يجب اليمين عليهما جميعا، وإنما يجب على الذي كذبه دون الذي صدقه، فإن صدق المأمور في الدفع فإنه يحلف بالله ما قبض، فإنه حلف لا يسقط دينه، وإن نكل سقط وصدق الآخر أنه لم يقبضه، وإن كذب المأمور فإنه يحلف المأمور خاصة لقد دفعه إليه، فإن حلف برئ، وإن نكل لزمه ما دفع إليه ا ه هندية من فصل: إذا وكل إنسانا بقضاء دين عليه.
قوله: (درهما دون درهم) معناه لا يقبض متفرقا، فلو قبض شيئا دون شئ لم يبرأ الغريم من شئ.
جامع الفصولين.
وفيه وكيل قبض الوديعة قبض بعضها جاز، فلو أمر أن لا يقبضها إلا جميعا فقبض
بعضها ضمن ولم يجز القبض، فلو قبض ما بقي قبل أن يهلك الاول جاز القبض على الموكل اه.
قوله: (في الاشباه الخ) الظاهر أنه أراد بالنقل المذكور الاشارة إلى مخالفته لما في الاشباه، فإن من جملة الثلاثة كما تقدم قبل هذا الباب أنه يجبر الوكيل بخصومة بطلب المدعي إذا غاب المدعى عليه، وقد تبع المصنف صاحب الدرر.
وقال في العزمية: لم نجد هذه المسألة هنا لا في المتون ولا في الشروح، ثم أجاب كالشرنبلالي بأنه لا يجبر عليها، يعني ما لم يغب موكله، فإذا غاب يجبر عليها كما ذكره المصنف في باب رهن يوضع عند عدل اه.
وهذا أحسن مما قدمناه عن نور العين.
تأمل.
هذا، ولكن المذكور في المنح متنا موافق لما في الاشباه، فإنه ذكر بعد قوله: لا يجبر عليها: إلا إذا كان وكيلا بالخصومة بطلب المدعى عليه وغاب المدعي، وكأنه ساقط من المتن الذي شرح عليه الشارح.
تأمل.
قوله: (وصح إقرار الوكيل) يعني إذا ثبت وكالة الوكيل بالخصومة وأقر على موكله سواء كان موكله المدعي فأقر باستيفاء الحق أو المدعى عليه فأقر بثبوته عليه.
درر.
قوله: (بالخصومة) متعلق بالوكيل.
قوله: (لا بغيرها) أي لا إقرار الوكيل بغير الخصومة أي وكالة كانت.
قوله: (بغير الحدود والقصاص) متعلق بإقرار.
قوله: (استحسانا) والقياس أن لا يصح عند القاضي أيضا لانه مأمور بالمخاصمة والاقرار يضرها لانه مسالمة ح.
قوله: (انعزل) أي عزل نفسه لاجل دفع الخصم.
وأنى.
ورده عزمي زاده ط.
قال في الهداية: تحت قوله: انعزل: أي لو أقيمت البينة على إقراره في غير مجلس القضاء يخرج من الوكالة اه.
قوله: (حتى لا يدفع إليه المال) أي لا يؤمر الخصم بدفع المال إلى الوكيل، لانه لا يمكن أن يبقي وكيلا(6/80)
بجواب مقيد وهو الاقرار، وما وكله بجواب مقيد وإنما وكله بالجواب مطلقا اه ح عن شرح الهداية معزيا لقاضي زاده.
قوله: (للتناقض) لانه زعم أنه مبطل في دعواه.
درر.
قوله: (بأن قال) المسألة على خمسة أوجه مبسوطة في البحر.
قوله: (على الظاهر) أي ظاهر الرواية، ومثله استثناء الانكار فيصح منها في ظاهر الرواية.
زيلعي وبيانه فيه.
قوله: (أي بالتوكيل) التوكيل بالاقرار صحيح،، ولا يكون التوكيل به قبل الاقرار إقرارا من الموكل.
وعن الطواويسي: معناه أن يوكل
بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعي يصح إقراره على الموكل.
كذا في البزازية رملي.
قلت: ويظهر منه وجه عدم كونه إقرارا، ونظيره صلح المنكر.
قوله: (وبطل توكيل الكفيل) فلو أبرأه عن الكفالة لم تنقلب صحيحة لوقوعها باطلة ابتداء كما لو كفل عن غائب فإنه يقع باطلا ثم إذا أجازه لم يجز.
قوله: (بالمال) متعلق بالكفيل ح وسيأتي محترزه متنا.
قوله: (لو وكله بقبضه) أي فيما لو أعتق المولى عبده المديون حتى لزمه ضمان قيمته للغرماء ويطالب العبد بجميع الدين، فلو وكله الطالب بقبض المال عن العبد كان باطلا، لان الوكيل من يعمل لغيره والمولى عامل لنفسه لانه يبرئ به نفسه فلا يصح وكيلا كفاية.
قوله: (لان الوكيل) قال في الهامش: أي لان الوكيل عامل لغيره، فمتى عمل لنفسه فقط بطلت الوكالة اه أشباه.
قوله: (إلا إذا الخ) الاستثناء مستدرك، فانظر ما في البحر، والمديون بالنصف وفاعل وكل مستتر فيه.
قوله: (قنية) عبارتها كما في المنح، ولو وكله بقبض دينه على فلان فأخبر به المديون فوكله ببيع سلعته وإيفاء ثمنه إلى رب الدين فباعها وأخذ الثمن وهلك يهلك من مال المديون لاستحالة أن يكون قاضيا ومقتضيا.
والواحد لا يصلح أن يكون وكيلا للمطلوب والطالب في القضاء والاقتضاء اه.
وتمامه في البحر فانظره.
قوله: (بخلاف كفيل النفس) قيده الزيلعي بأن يوكله بالخصومة.
قال في البحر: وليس بقيد، إذ لو وكله بالقبض من المديون صح اه.
قوله: (حيث يصح ضمانهم) بالثمن والمهر، لان كل واحد منهم سفير ومعبر.
منح.
والمناسب أن يقول: يصح توكيلهم، لكن لا يظهر في مسألة وكيل الامام ببيع الغنائم.
تأمل.
قوله: (سفير) أي معبر عن غيره فلا تلحقه العهدة.
قوله: (بخلاف العكس) هو تكرار محض ح: أي مع قوله: وبطل توكيل الكفيل بالمال، لكن إذا لوحظ ارتباطه بقوله: فتصلح ناسخة إظهارا للفرق بينهما لم يكن(6/81)
تكرارا تأمل.
قوله: (وكذا كلما الخ) تكرار محض مع ما قبلها ح.
قوله: (للبائع) المناسب للموكل.
قوله: (لم يجز) استشكله الشرنبلالي بوكيل الامام ببيع الغنائم، ودفعه أبو السعود بما مر من أنه سفير ومعبر فلا تلحقه عهدة.
قوله: (عاملا لنفسه) لان حق الاقتضاء له.
قوله: (رجع) أي على موكله
بالبيع.
ولقائل أن يقول: التبرع حصل في أدائه إليه بجهة الضمان كأدائه بحكم الكفالة عن المشتري بدون أمره فليتأمل.
شرنبلالية.
ولا يخفي أن التبرع في المقيس عليه إنما هو في نفس الكقالة، وأما الاداء فهو ملزم به شاء أو أبى، بخلاف مسألتنا، على أنه إذا أدى على حكم الضمان لا يسمى متبرعا بل هو ملزم به في ظنه اه.
قوله: (عملا بإقراره) أي في مال نفسه لان الديون تقضي بأمثلها، بخلاف اقراره بقبض الوديعة الآتي لان فيها إبطال حق المالك في العين.
سائحاني.
قوله: (ولا يصدق الخ) سيأتي متنا في قوله: ولو وكله بقيض مال فادعى الغريم ما يسقط حق موكله.
قوله: (لفساد الاداء) لانه لم يثبت الاستيفاء حيث أنكر، فقوله بإنكاره الباء للسبيبة، وقوله: مع يمينه يشير إلى أنه لا يصدق بمجرد الانكار.
وفي البحر عن البزازية: ولو ادعى الغريم على الطالب حين أراد الرجوع عليه أنه وكل القابض وبرهن يقبل ويبرأ وإن أنكر حلفه، فأن نكل برئ ا ه.
وفيه عنها أيضا: وإن أراد الغريم أن يحلفه بالله ما وكلته له ذلك، وإن دفع عن سكوت ليس له إلا إذا عاد إلى التصديق، وإن دفع عن تكذيب ليس له أن يحلفه، وإن عاد إلى التصديق لكنه يرجع على الوكيل ا ه.
فإطلاق الشارح في محل التقييد.
تأمل.
قوله: (فإنه يضمن مثله) الاولى بدله.
تأمل.
قوله: (قد ضمنه) بتشديد الميم بأن يقول أنت وكيله لكن لا آمن أن يجحد الوكالة ويأخذ مني ثانيا فيضمن ذلك المأخوذ، فالضمير المستتر في وكله عائد إلى الوكيل والبارز إلى المال.
بحر.
قوله: (أو قال) أي مدعي الوكالة، قوله: (فهذه) أي الثلاثة.
وذكر في الهامش عن القول لمن من الوكالة في شخص أذن لآخر أن يعطي زيدا ألف درهم من ماله الذي تحت يده فادعى المأمور الدفع وغاب زيد وأنكر الاذن وطالبه بالبينة على الدفع فهل يلزمه ذلك؟ أجاب إن(6/82)
كان المال الذي عنده أمانة فالقول قول المأمور مع يمينه، وإن كان تعويضا أو دينا لم يقبل قوله: إلا ببينة اه.
قوله: (لم يقبل) ولا يكون له حق الاسترداد.
قوله: (خلافا لابن الشحنة) فيه أن ابن الشحنة نقل رواية عن أبي يوسف أنه يؤمر بالدفع وما هنا هو المذهب فلا معارضة ح.
قوله: (مطلقا) سواء سكت أو كذب أو صدق.
قوله: (لما مر) أنه يكون ساعيا في نقض ما أوجه للغائب.
وفي البحر: لو هلكت الوديعة عنده بعد ما منع، قيل لا يضمن وكان ينبغي الضمان لانه منعها من وكيل المودع في زعمه اه.
ومثله في جامع الفصولين.
قوله: (ولو ادعى) أي الوارث أو الموصى له.
قوله: (على ملك الوارث) أي والموصي قوله: (ولا بد من التلوم الخ) تقدمت هذه المسائل في متفرقات القضاء، وقدمنا الكلام عليها.
قوله: (ودعوى الايصاء كوكالة) فإذا صدقه ذو اليد لم يؤمر بالدفع له إذا كان عينا في يد المقر لانه أقر أنه وكيل صاحب المال بقبض الوديعة أو الغصب بعد موته فلا يصح، كما لو أقر أنه وكيله في حياته بقبضها، وإن كان المال دينا على المقر فعلى قول محمد الاول: يصدق ويؤمر بالدفع إليه، وعلى قوله: الاخير وهو قول أبي يوسف: لا يصدق ولا يؤمر بالتسليم إليه، وبيانه في الشرح.
بحر.
قوله: (أو إقراره) أي الموكل بأنه ملكي.
المسألة في جامع الفصولين حيث قال: قال ادعى أرضا وكالة أنه ملك موكلي فبرهن فقال ذو اليد إنه ملكي وموكلك أقر به، فلو لم يكن له بينة فله أن يحلف الموكل لا وكيله، فموكله لو غائبا فللقاضي أن يحكم به لموكله، فلو حضر الموكل وحلف أنه لم يقر له بقي الحكم على حاله، ولو نكل بطل الحكم ا ه.
وبه يظهر ما في كلام الشارح.
قوله: (لان جوابه تسليم) لانه إنما ادعى الايفاء وفي ضمن دعواه إقرار بالدين وبالوكالة، وتمامه في التبيين.
قوله: (ما لم يبرهن) أي على الايفاء فتقبل لما مر أن الوكيل بقبض الدين وكيل بالخصومة.
بحر.
قوله: (لا الوكيل) أي على عدم علمه باستيفاء الموكل.
بحر.
قوله: (لان النيابة لا تجري في اليمين) وكيل قبض الدين ادعى عليه المديون الايفاء إلى موكله أو إبراءه وأراد تحليف الوكيل(6/83)
أنه لم يعلم به لا يحلف، إذ لو أقر به لم يجز على موكله لانه على الغير.
جامع الفصولين.
وهذا التعليل أظهره مما ذكره الشارح فتدبر.
وفي نور العين عن الخلاصة: وفي الزيادات في كل موضع لو أقر لزمه فإذا أنكر يستحلف إلا في ثلاث مسائل: وكيل شراء وجد عيبا فأراد الرد وأراد البائع تحليفه بالله ما يعلم أن الموكل رضي بالعيب لا يحلف، فإن أقر الوكيل لزمه.
الثانية: وكيل قبض الدين إذا ادعى عليه المديون أن موكله أبرأه عن الدين واستحلف الوكيل
على العلم لا يحلفه ولو أقر به لزمه.
يقول الحقير: لم يذكر الثالثة في الخلاصة.
وفي الثانية نظر إذ المقر به هو الابراء الذي يدعيه المديون فكيف يتصور لزومه على الوكيل.
قوله: (ولو وكله بعيب) أي برد أمه بسبب عيب ح.
قوله: (لم يرد عليه الخ) أي لم يرد الوكيل على البائع ح.
كذا في الهامش.
قوله: (حتى يحلف الخ) يعني لا يقضي اتفاقا بالرد عليه حتى يحضر المشتري ويحلف أنه لم يرض بالعيب ح.
كذا في الهامش.
قوله: (والفرق) أي بين هذه المسألة حيث لا ترد الامة على البائع وبين التي قبلها حيث يدفع الغريم المال إلى الوكيل ح، كذا في الهامش.
قوله: (خلافا لهما) حيث قالا: لا يؤخر القضاء في الفصلين، لان قضاء القاضي عندهما ينفذ ظاهرا فقط إذا ظهر الخطأ ح.
قوله: (فلا ينفذ باطنا) اعترضه قاضي زاده أنه إذا جاز نقض القضاء هاهنا عند أبي حنيفة أيضا بأي سبب كان لا يتم الدليل المذكور للفرق بين المسألتين ح.
قوله: (أو الشراء) قيد به، لما في البحر عن الخلاصة: الوكيل ببيع الدينار إذا أمسك الدينار وباعه ديناره لا يصح.
قوله: (عن زكاة) الظاهر أنه ليس بقيد ح.
ويدل عليه إطلاق ما يأتي عن المنتقى.
قوله: (إلى غيره) أي غير مال الآمر سواء أضاف إلى مال الآمر أو أطلق ح.
قوله: (وقت إنفاقه) أي أو شرائه أو تصدقه.
قوله: (لدين نفسه) أو غيره ح.
قوله: (نعم الخ) لا وجه للاستدراك فإنها لا تنافي ما قبلها، فإن قيام الدين في ذمة المديون كقيام المال في يد الوكيل وصاحب المنح والبحر ذكراها من غير استدراك ح.
قوله: (وصي أنفق الخ) سيأتي تحرير هذه المسألة في آخر كتاب الوصايا إن شاء الله تعالى.
قوله: (غائب) والحاضر كذلك بالاولى.
قوله:(6/84)
(فروع) تكراره مع ما يأتي قريبا أول الباب.
قوله: (وبيانه في الدرر) قال فيها.
قال في الصغرى: الوكيل بقبض الدين إذا أحضر خصما فأمر بالتوكيل وأنكر الدين لا تثبت الوكالة: حتى لو أراد الوكيل إقامة البينة على الدين لا تقبل ا ه.
أقر بالتوكيل وأنكر الدين لا تثبت الوكالة لانه لما أقر بالوكالة لا يكون خصما بالدين، بخلاف ما إذا أنكر الوكالة وأقر بالدين فإنه يكون خصما في إثبات الدين بلكون البينة واقعة على خصم منكر للوكالة فافهم.
كذا في الهامش.
قوله: (صح التوكيل بالسلم) أي الاسلام، وقد تقدم التنبيه على هذه المسألة في باب الوكالة بالبيع والشراء حيث قال هناك: والمراد
بالسلم الاسلام لا قبول السلم فإنه لا يجوز.
ابن كمال.
وأوضحناه بعبارة الزيلعي فراجعه.
وفي شرح الوهبانية: قال في المبسوط.
إذا وكله أن يأخذ الدراهم في طعام مسمى فأخذها الوكيل ثم دفعها إلى الموكل فالطعام على الوكيل وللوكيل على الموكل الدراهم قرض، لان أصل التوكيل باطل لان المسلم إليه أمره ببيع الطعام من ذمته إلى ذمة الوكيل، ولو أمره أن يبيع عين ماله على أن يكون الثمن على الآمر كان باطلا، فكذلك إذا أمره أن يبيع طعاما في ذمته وقبول السلم من صنيع المفاليس فالتوكيل به باطل.
قوله: (فللناظر أن يسلم الخ) فرعه على ما قبله لانه كالوكيل على ما صرحوا به.
وفي هذه العبارة إيجاز ألحقها بالالغاز، وهي مشتملة على مسألتين: إحداهما يجوز للقيم أن يسلم من ريع الوقف في زيته وحصره كالوكيل بعقد السلم ثم رأس المال وإن ثبت في ذمته كالمسألة السابقة فهو مأمور بدفع بدله من غلة الوقف، وليس المراد ثبوته في الذمة متأخرا فيفسد العقد، بل المراد أنه كالثمن ثبت في الذمة ثم ما يعطيه يكون بدلا عما وجب وهنا يعطيه في المجلس كالتوكيل بالشراء يصح وإن لم يكن الثمن ملكه.
أو نقول، الثمن هنا معين: أي رأس مال السلم، لان مال الامانة يتعين بالتعيين.
ثانيتهما: قد علمت أن قيم الوقف وكيل الواقف والوكالة أمانة لا يصح بيعها.
ولما اشتهر أن ذلك لا يصح جعل النظار له حيلة إذا أرادوا أن يجعلوا في القرية أمينا يحفظ زرعها ويقررون له على ذلك جعلا، وهي أن يأمروه بعقد السلم ويستلمون من الوكلاء على ما هو مقرر لهم باطنا فالغلة المسلم فيها تثبت في ذمة الوكيل، ولو صرفها من غلة الوقف ضمنها، ولو صرف مال السلم على المستحقين لم يرجع به في غلة الوقف وكان متبرعا لانه صرف مال نفسه في غير ما أذن له فيه تخريجا على المسألة السابقة لانه توكيل بقبول السلم.
هذا حاصل ما ذكره شراح الوهبانية في هذا المحل، وقد صعب علي فهم هذا الكلام، ولم يتلخص منه حاصل مدة طويلة حتى فتح المولى بشئ يغلب على ظني أنه هو المراد في تصوير هذه الحيلة في المسألة الثانية، وهي أن شخصا يكون ناظرا على وقف فيريد أن يجعل أمينا قادرا عليه بحيث ينتفع هو عاجلا والامين آجلا، فإذا أخذ من الامين شيئا على ذلك ليقوم مقامه ويأخذ مستغلات الوقف بدلا عن الجعل فهو لا يجوز، لانه بيع الوكالة في المعنى، لما
علمت أن الناظر وكيل الواقف، هذا يفعل في زمننا كثيرا في المقاطعات والاوقاف ويسمونه التزاما، فإذا تحيل له بهذه الحيلة، وهي أن يأخذ الناظر من الامين مبلغا معلوما سلما على غلة الوقف ليصرفه في مصارفه ويأخذ منه ما عينه له الواقف من العشر مثلا ويستغل ذلك الامين غلة الوقف على أنه(6/85)
المسلم فيه ليحصل للناظر نفع بنظارته وللامين بأمانته فهو أيضا لا يجوز، لان الناظر وكيل عن الواقف، فكأنه صار وكيلا عن الواقف في قبول عقد السلم وأخذ الدراهم على الغلة الخارجة، وقد علمت أن الجائز التوكيل بعقد السلم لا بقبوله، فإذا أخذ الدراهم وصرفها على المستحقين يكون متبرعا صارفا من مال نفسه وتثبت الغلة في ذمته فيلزمه مثلها، وهذا ما ظهر لي.
ثم لا يخفى أن هذا كله إنما يكون بعد بيان مقدار المسلم فيه مع سائر شروط السلم وإلا يكون فساده من جهة أخرى كما لا يخفى والله تعالى أعلم.
باب عزل الوكيل قوله: (خيار شرط) لانه إنما يحتاج إليه في عقد لازم ليتمكن من له الخيار من فسخه إذا أراد.
منح قوله: (فللموكل العزل) قال الزيلعي بعد تقرير مسألة عزل الوكيل: ما لم يتعلق به حق الغير، وعلى هذا قال بعض المشايخ: إذا وكل الزوج بطلاق زوجته بالتماسها ثم غاب لا يملك عزله وليس بشئ، بل له عزله في الصحيح لان المرأة لا حق لها في الطلاق، وعلى هذا قالوا: لو قال الموكل للوكيل كلما عزلتك فأنت وكيلي لا يملك عزله، لانه كلما عزله تجددت الوكالة له، وقيل ينعزل بقوله: كلما وكلتك فأنت معزول.
وقال صاحب النهاية: عندي أنه يملك عزله أن يقول عزلتك عن جميع الوكالات فينصرف ذلك إلى المعلق والمنفذ وكلاهما ليس بشئ، ولكن الصحيح إذا أراد عزله وأراد أن لا تنعقد الوكالة بعد العزل أن يقول رجعت عن المعقلة وعزلتك عن المنجزة، لان ما لا يكون لازما يصح الرجوع عنه والوكالة منه اه ملخصا.
قوله: (كوكيل خصومة) تمثيل لمدخول النفي: أي ليس له عزله وإن علم به الوكيل لتعلق حق الغير به، فليس للموكل العزل كوكيل خصومة، وهو ما إذا وكل المدعى عليه وكيلا
بالخصومة يطلب الخصم الذي هو المدعي ثم غاب وعزله فإنه لا يصح لئلا يضيع حق المدعي ح.
قوله: (كما سيجئ) أي قريبا.
قوله: (ولو الوكالة دورية) لا يخلو إما أن يكون مبالغة على قوله: فللموكل العزل أو على قوله: ما لم يتعلق به حق الغير فعلى الاول يكون المعنى أن له العزل ولو كانت الوكالة دورية والمبالغة حينئذ ظاهرة، وعلى الثاني أنه ليس له العزل في الوكالة الدورية، وعلى كل ففي كلام الشارح مناقشة.
أما على الاول فلمنافاته لقوله: وسيجئ عن العيني خلافه، لان الذي سيجئ أن له العزل فليس خلافه.
وأما على الثاني فلانه يقتضي أنه مما تعلق به حق الغير وليس كذلك، لان من يقول بعدم عزله في الوكالة الدورية يقول إنه لا يمكن لانه كلما عزله تجددت له وكالة، وقوله: في طلاق وعتاق يحتمل أنه حال من الوكالة الدورية ويحتمل أنه مسألة أخرى من مدخول لو أيضا: أي ولو في طلاق وعتاق لا بقيد كونه في الوكالة الدورية، وفي كل مناقشة أيضا، لان البزازي لم يصحح شيئا منهما، بل قال: وكله غير جائز الرجوع.
قال بعض المشايخ: ليس له أن(6/86)
يعزله في الطلاق والعتاق.
وقال بعض مشايخنا: له العزل وليس فيه رواية مسطورة.
وقال قبله: لو عزل الوكيل بالطلاق والنكاح لا يصح بلا علم، لان وإن لم يلحقه ضرر لكنه مكذبا فيكون غرورا اه.
نعم يصح حمله على الثاني إن جعلت المبالغة على قوله: فللموكل عزله.
ولا يرد حينئذ عليه أنه مما لا حق فيه للغير كما سيصرح به، والظاهر أن قوله: سيجئ عن العيني خلافه وقع من سهو القلم، ولو حذفه لاستقام الكلام وانتظم.
والعبارة الجيدة أن يقول: فللموكل العزل متى شاء ولو الوكالة دورية ما لم يتعلق به حق الغير كوكيل خصومة بطلب الخصم بشرط علم الوكيل ولو في طلاق وعتاق.
قوله: (في طلاق وعتاق) لو داخلة على الظرف أيضا فكأنه قال: ولو كانت الوكالة بطلاق أو عتاق: أي فإن العزل فيها لا يصح س.
قوله: (وسيجئ) أي قريبا.
قوله: (بشرط علم الوكيل) فلو أشهد على العزل في غيبة الوكيل لم يتضر.
بحر.
قوله: (كالرسول) فإنه ينعزل قبل علمه.
س.
قوله: (بعزله) أي إن وصل إليه المكتوب كما سيأتي في الفروع.
قوله: (الموكل الخ) هو مقول القول.
قوله: (كأخواتها) وهي إخبار السيد بجناية عبده والشفيع بالبيع والبكر بالنكاح والسلم
الذي لم يهاجر بالشرائع والاخبار بعيب لمريد شراء وحجر مأذون وفسخ شركة وعزل قاض ومتولي وقف.
قوله: (لا الوكيل بنكاح) فإنه يصح عزله نفسه في هذه الاشياء وإن لم يعلم الموكل لعدم تضرر.
ح.
قوله: (عزل نفسه) قال في الاشباه: لا يصح عزل الوكيل نفسه إلا بعلم الموكل إلا الوكيل بشراء شئ بعينه أو بيع ماله.
ذكره في وصايا الهداية.
قلت: وكذا الوكيل في النكاح والطلاق والعتاق اه.
وقال الباقاني: لا يصح ولا يخرج عن الوكالة قبل علم الموكل.
وفي الزيلعي: عزل نفسه عن الوكالة ثم تصرف فيما وكل إليه قبل علم الموكل العزل صح تصرفه اه.
كذا في الهامش.
قوله: (وإمام) أي للصلاة منح: أي لا يصح العزل إلا بعلم المولي.
ونص الجواهر: لا ينعزل إلا إذا علم به السلطان ورضي بعزله.
سائحاني.
قوله: (ولو عزل الخ) العدل فاعل عزل والموكل مبني للمجهول صفة العدل ونفسه مفعول عزل.
قوله:(6/87)
(عند غيبته) أي غيبة الخصم الموكل.
قوله: (وليس منه) أي ما تعلق به حق الغير حتى لا يملك عزل نفسه.
قوله: (ولا قوله) معطوف على توكيله.
قوله: (لعزله) قدمنا عن الزيلعي طرق عزله عن الوكالة الدورية وما هو الصحيح فيها.
وأما ما ذكره هنا ففي البحر: لو قال كلما وكلتك فأنت معزول لم يصح.
والفرق أن التوكيل يصح تعليقه بالشروط والعزل لا كمال صرح به في الصغرى والصيرفية فإذا وكله لم ينعزل اه.
قوله: (لم ينعزل بالجحود) وفي حاشية أبي السعود عن خط السيد الحموي عن الولوالجية تصحيح أن الجحود رجوع.
قال: وعليه الفتوى.
قوله: (وينعزل الوكيل) وفي شركة العناية: يشكل على هذا أن من وكل بقضاء الدين فقضاه الموكل ثم قضاه الوكيل قبل العلم لم يضمن مع أنه عزل حكمي.
وأجيب بأن الوكيل بقضاء الدين مأمور بأن يجعل المؤدي مضمونا عن القابض، لان الديون تقضي بأمثالها وذلك يتصور بعد أداء الموكل ولذا يضمنه القابض لو هلك، بخلاف الوكيل بالتصدق إذا دفع بعد دفع الموكل، فلو لم يضمن الوكيل يتضرر الموكل لانه لا يتمكن من استرداده الصدقة من الفقير ولا تضمينه اه بنوع تصرف.
سائحاني.
قوله: (فزوجه الوكيل) أشار بهذا وبما قبله إلى أن نهاية الموكل فيه إما أن تكون من جهة الموكل أو من جهة الوكيل وينعزل الوكيل بها، فلو طلق
الموكل المرأة فليس للوكيل أن يزوجه إياها لان الحاجة قد انقضت.
وفي البزازية: وكله بالتزويج فتزوجها ووطئها وطلقها وبعد العدة زوجها من الموكل صح لبقاء الوكالة.
سائحاني.
أقول: الظاهر أن الضمير في تزوجها للوكيل لا الموكل وإلا نافي ما هنا وما يأتي من أن تصرفه بنفسه عزل.
تأمل.
قوله: (وينعزل) وفي التجنيس من باب المفقود: رجل غاب وجعل دارا له في يد رجل ليعمرها فدفع إليه مالا ليحفظه ثم فقد الدافع فله أن يحفظ وليس له أن يعمر الدار إلا بإذن الحاكم لانه لعله قد مات، ولا يكون الرجل وصيا للمفقود حتى يحكم بموته ا ه.
وبهذا علم أن الوكالة تبطل لفقد الموكل في حق التصرف لا الحفظ.
بحر.
قوله: (عن المضمرات شهر) أي مقدار(6/88)
شهر.
قوله: (بلحوقه مرتدا) في إيضاح الاصلاح، المراد باللحاق ثبوته بحكم الحاكم.
بحر.
لكن عبارة درر البحار: ولحاقه بحرب فبطل بغير حكم به قال شارحه: لان أهل الحرب أموات في أحكام الاسلام وبلحاقه صار منهم اه.
وفي المجمع: ولحاق الموكل بعد ردته بدار الحرب يبطل: وقالا: إن حكم به.
قال ابن ملك: لان لحاقه إنما يثبت بقضاء القاضي، قيد باللحاق لان المرتد قبله لا يبطل توكيله عندهما، وموقوف عنده، إن أسلم نفذ وإن قتل أو لحق بدار الحرب بطل اه.
فعلم أن ما في الايضاح على قولهما، وفيه بحث في اليعقوبية فانظر ما كتبناه على البحر.
قوله: (بعوده مسلما) أي سواء كان وكيلا أو موكلا.
بحر.
قوله: (بحر) عبارته: ومقتضاه أنه لو أفاق بعد جنونه مطبقا لا تعود وكالته.
قوله: (العدل) مفعول وكل، وقوله: أو المرتهن عطف على العدل ح.
قوله: (والوكيل ببيع الوفاء) لعل وجهه أن بيع الوفاء في حكم الرهن فيصير وكيلا بأن يرهن ذلك الشئ فيكون مما تعلق به حق الغير وهو المشتري: أي المرتهن.
تأمل.
ثم رأيته منقولا عن الحموي، وما ذكره السائحاني من أنه يبيع الرهن فهو غفلة فتنبه.
قال جامعه: الذي كتبه السائحاني في هذا المحل ما نصه: قوله: والوكيل ببيع الوفاء لعل صورته ما في المحيط: وكله ببيع عين له عزله إلا أن يتعلق به حق الوكيل بأن يأمره بالبيع واستيفاء الثمن بإزاء دينه.
وقال قاضيخان: إذا دفع إلى صاحب الدين عينا وقال بعه وخذ حقك منه فباعه
وقبض الثمن فهلك في يده يهلك من مال المديون ما لم يحدث رب الدين فيه قبضا لنفسه.
زاد في البزازية: ولو قال بعه لحقك صار قابضا والهلاك عليه لا على المديون اه.
وأما بيع الوفاء المعهود فهو في حكم الرهن اه.
قوله: (بالخصومة) أي بالتماس الطالب.
بحر.
قوله: (أو الطلاق) فيه أن التوكيل بالطلاق غير لازم كما تقدم.
ح.
والظاهر أنه مبني على مقابل الاصح من أنه لازم.
قوله: (بزازية) ونصها: فأما في الرهن فإذا وكل الراهن العدل أو المرتهن ببيع الرهن عند حلول الاجل أو الوكيل بالامر باليد لا ينعزل وإن مات الموكل أو جن، والوكيل بالخصومة بالتماس الخصم ينعزل بجنون الموكل وموته، والوكيل بالطلاق ينعزل بموت الموكل استحسانا لا قياسا ا ه بحر.
فتأمل.
قوله: (وفيما عداها) أي الوكالة، وهذا ينافي قول المتن: كالوكيل بالامر باليد والوكيل ببيع الوفاء.
ح.
قوله: (فإطلاق الدرر) حيث قال: وذا أي انعزال الوكيل في الصور المذكورة إذا لم يتعلق به: أي بالتوكيل حق الغير، أما إذا تعلق به ذلك فلا ينعزل ا ه.
فإن قوله: أما إذا تعلق به حق الغير يدخل فيه الوكالة بالخصومة بالتماس الطالب والحكم فيها ليس كذلك ح.
وأصله في المنح.
ولا يخفى أنه وارد على ما(6/89)
نقله الشارح عن شرح المجمع أيضا.
قوله: (ولو بتوكيل ثالث) أي توكيل الشريكين أو أحدهما ثالثا.
بحر.
يعني أنه تبطل الوكالة التي في ضمن الشركة ووكالة وكيلهما بالتصرف.
فيه إشكال من حيث إنه لا يصح أن ينفرد أحدهما بفسخ الشركة بدون علم صاحبه بل يتوقف على علمه لانه عزل قصدي، فكيف يتصور أن ينعزل بدونه؟ ويمكن أن يحمل على ما إذا هلك المالان أو أحدهما قبل الشراء، فإن الشركة تبطل به وتبطل الوكالة التي كانت في ضمنها علما بذلك أو لم يعلما لانه عزل حكمي إذا لم تكن الوكالة مصرحا بها عند عقد الشركة.
زيلعي س.
قوله: (لو مكاتبا) يؤخذ من عموم بطلان الوكالة بعزل الموكل أن للمكاتب والمأذون عزل وكيلهما أيضا كما نبه عليه في البحر.
وقال فيه: وإن باع العبد، فإن رضي المشتري أن يكون العبد على وكالته فهو وكيل، وإن لم يرض بذلك لم يجبر على الوكالة، كذا في كافي الحاكم، وهو يقتضي أن توكيل عبد الغير موقوف على رضا السيد، وقد سبق إطلاق جوازه على أنه لا عهدة عليه في ذلك إلا أن يقال ثم المكاتب لو كوتب أو أذن المحجور إنه من باب استخدام عبد الغير اه.
لم تعد الوكالة، لان صحتها باعتبار ملك الموكل التصرف عند التوكيل وقد زال ذلك ولم يعد بالكتابة الثانية أو الاذن الثاني.
شرح مجمع لابن ملك.
قوله: (لم ينعزل) لانه حجر خاص، والاذن.
في التجارة لا يكون إلا عاما فكان العزل باطلا، ألا ترى أن المولى لا يملك نهيه عن ذلك مع بقاء الاذن س.
قوله: (وينعزل الخ) قال في الهامش: ولو وكلت بالتزويج ثم إن المرأة تزوجت بنفسها خرج الوكيل عن الوكالة علم بذلك أو لم يعلم، ولو أخرجته عن الوكالة ولم يعلم الوكيل لا يخرج عن الوكالة، وإذا زوجها جاز النكاح ولو كان وكيلا من جانب الرجل بتزويج امرأة بعينها ثم إن الزوج تزوج أمها أو بنتها خرج الوكيل عن الوكالة.
كذا في المحيط هندية.
قوله (والعدة باقية) الواو استئنافية لا للحال، فافهم.
قوله: (أو لحق) أي ولم يحكم به فلا ينافي ما تقدم.
قوله: (وتعود الوكالة) أي يعود ملك التصرف للوكيل بموجب الوكالة السابقة، وليس المراد أنها تعود بعد زوالها لانه لم ينعزل كما يفهم من قوله: قبله وإلا لا وعبارة الزيلعي: فالوكيل باق على وكالته.
قوله: (بقي على وكالته) وإن رد بما لا يكون فسخا لا تعود الوكالة، كما لو وكله في هبة شئ ثم وهبه الموكل ثم رجع في هبته لم يكن للوكيل الهبة.
منح.
قوله: (وبعده لا) أي حتى يصل(6/90)
إليه الخبر.
قوله: (دفع إليه الخ) وكيل البيع قال بعته وسلمته من رجل لا أعرفه وضاع الثمن قال القاضي يضمن لانه لا يملك التسليم قبل قبض ثمنه، والحكم صحيح والعلة لا، لما مر أن النهي عن التسليم قبل قبض ثمنه لا يصح، فلما لم يعمل النهي عن التسليم فلان لا يكون ممنوعا عن التسليم أولى، وهذه المسألة تخالف مسألة القمقمة.
بزازية.
قوله: (ونسي) أي نسي من دفعها إليه.
قوله: (أبرأه مما له عليه) انظر ما مناسبة ذكر هذا الفرع هنا.
فروع: بعث المديون المال على يد رسول فهلك، فإن كان رسول الدائن هلك عليه، وإن كان رسول المديون هلك عليه، وقول الدائن ابعث بها مع فلان ليس رسالة منه فإذا هلك هلك على المديون، بخلاف قوله: ادفعها إلى فلان فإنه إرسال فإذا هل ك هلك على الدائن، وبيانه في شرح المنظومة.
أشباه.
قوله: (أو بع لخالد) أي أو قال بعه وبع لخالد.
قوله: (فخالفه) أي لو خالفه يجوز
البيع لانه لما أمر بالبيع كان مطلقا، ثم قوله: وبع بالنقد أو بع لخالد بعده كان مشورة، بخلاف قوله: بع بالنقد أو بعد لخالد ونقل الجواز ولهذا أتى بصيغة قالوا.
شرنبلالي ملخصا.
قوله: (وفي الدفع) أي إذا وكله بدفع ألف يقضي بها دينه فادعى الدفع.
قوله: (مقدم) على قول الموكل إنه لم يدفع.
قوله: (رب الدين) أي بأنه ما قبض.
قوله: (والخصم يجبر) أي يجبر الموكل على الدفع إلى الطالب.
قوله: (مال المبيع) أي الثمن.
ابن الشحنة.
قوله: (يشطر) أي يصالح بينهما بالنصف.(6/91)
كتاب الدعوى في الفواكه البدرية لابن الغرس مسائل كثيرة تتعلق بالدعوى فلتراجع.
قوله: (لكن جزم) عبارته مختلفة قال في المصباح: وجمع الدعوى الدعاوى بسكر الواو لانه الاصل كما سيأتي وبفتحها محافظة على ألف التأنيث ح.
كذا في الهامش.
قوله: (دعوى دفع التعرض) قال في البحر: اعلم أنه سئل قارئ الهداية عن الدعوى بقطع النزاع بينه وبين غيره، فأجاب لا يجبر المدعي على الدعوى لان الحق له اه.
ولا يعارضه ما نقلوه في الفتاوى من صحة الدعوى بدفع التعرض وهي مسموعة كما في البزازية والخزانة، والفرق ظاهر فإنه في الاول إنما يدعي أنه إن كان شئ يدعيه وإلا يشهد على نفسه بالابراء، وفي الثاني إنما يدعي عليه أن يتعرض في كذا بغير حق ويطالبه في دفع التعرض فافهم ح.
كذا في الهامش.
قوله: (لهذا القيد) أي قوله: أي دفعه فإنه فصل قصد به الادخال والفصل بعد الجنس قيد، فافهم.
قوله: (فلو) أشار به إلى أن الجبر في أصل الدعوى لا فيمن يدعي بين يديه والتفريع لا يظهر ط.
وفي بعض النسخ بالواو.
قوله: (في محلة) أي بخصوصها وليس قضاؤه عاما.
قوله: (بزازية) ليس ما ذكره عبارة البزازية.
وعبارتها كما في المنح: قاضيان في مصر طلب كل واحد منهما أن يذهب إلى قاض فالخيار للمدعي عليه عند محمد، وعليه الفتوى اه.
وفي المنح قبل هذا عن الخانية: قال ولو كان في البلدة قاضيان كل واحد منهما في محلة على حدة فوقعت الخصومة بين رجلين أحدهما من محلة والآخر من محلة أخرى والمدعي يريد أن يخاصمه إلى قاضي محلته والآخر يأتي ذلك اختلف فيها أبو يوسف ومحمد.
والصحيح أن العبرة لمكان المدعى عليه،
وكذا لو كان أحدهما من أهل العسكر والآخر من أهل البلدة ا ه.
وعلله في المحيط كما في البحر بأن أبا يوسف يقول: إن المدعي منشئ للخصومة فيعتبر قاضيه، ومحمد يقول: إن المدعى عليه دافع لها اه.
وإنما حمل الشارح عبارة البزازية على ما في الخانية من التقييد بالمحلة لما قاله المصنف في المنح.
هذا كله وكل عبارات أصحاب الفتاوى يفيد أن فرض المسألة التي وقع فيها الخلاف بين أبي يوسف ومحمد فيما إذا كان في البلدة قاضيان كل قاض في محلة.
وأما إذا كانت الولاية لقاضيين أو لقضاة على مصر واحد على السواء فيعتبر المدعي في دعواه فله الدعوى عند أي قاض أراده، إذ لا تظهر فائدة في كون العبرة للمدعي أو المدعى عليه، ويشهد لصحة هذا ما قدمناه من تعليل صاحب المحيط اه.
ورده الخير الرملي وادعى أن هذا بالهذيان أشبه، وذكر أنه حيث كانت العلة لابي يوسف أن المدعى منشئ للخصومة، ولمحمد أن المدعى عليه دافع لها لا يتجه ذلك، فإن الحكم دائر مع العلة اه.
وهو الذي يظهر كما قال شيخنا.(6/92)
وأقول: التحرير في هذه المسألة ما نقله الشارح عن خط المنصف ومشى عليه العلامة المقدسي كما نقله عنه أبو السعود.
وحاصله: أن ما ذكروه من تصحيح قول محمد من أن العبرة لمكان المدعى عليه إنما هو فيما إذا كان قاضيان كل منهما في محلة وقد أمر كل منهما بالحكم على أهل محلته فقط بدليل قول العمادي: وكذا لو كان أحدهما من أهل العسكر والآخر من أهل البلد فأراد العسكري أن يخاصمه إلى قاضي العسكر فهو على هذا، ولا ولاية لقاضي العسكر على غير الجندي، فقوله: ولا ولاية دليل واضح على ذلك.
أما إذا كان كل منهما مأذونا بالحكم على أي من حضر عنده من مصري وشامي وحلبي وغيرهم كما في قضاة زماننا فينبغي التعويل على قول أبي يوسف لموافقته لتعريف المدعى عليه: أي فإن المدعي هو الذي له الخصومة فيطلبها قبل أي قاض أراد، وبه ظهر أنه لا وجه لما في البحر من أنه لو تعدد القضاة في المذاهب الاربعة كما في القاهرة فالخيار للمدعى عليه حيث لم يكن القاضي من محلتهما.
قال: وبه أفتيت مرارا.
أقول: وقد رأيت بخط بعض العلماء نقلا عن المفتي أبو السعود العمادي أن قضاة الممالك
المحروسة ممنوعون عن الحكم على خلاف مذهب المدعى عليه اه.
وأشار إليه الشارح.
قوله: (قال المصنف) فيه رد على البحر لان قضاة المذاهب في زماننا ولا يتهم على السواء في التعميم.
قوله: (على السواء) أي في عموم الولاية.
قوله: (لعزله) أي لعزل من اختاره المدعي عن الحكم بالنسبة إلى هذه الدعوى.
قوله: (كما مر) من أن القضاء يتقيد.
قوله: (قلت) مكرر مع ما قبله.
قوله: (على حدة) أي لا يقضي على غير أهلها.
قوله: (في مجلس) قيد اتفاقي، والظاهر أنه أراد في بلدة واحدة.
قوله: (والولاية واحدة) أي لم يخصص كل واحد بمحلة.
قوله: (عند النزاع) قال في البحر: فخرج الاضافة حاله المسألة فإنها دعوى لغة لا شرعا، ونظيره ما في البزازية: عين في يد رجل يقول هو ليس لي وليس هناك منازع لا يصح نفيه، فلو ادعاه بعد ذلك لنفسه صح، وإن كان ثمة منازع فهو إقرار للمنازع، فلو ادعاه بعده لنفسه لا يصح، وعلى رواية الاصل لا يكون قرارا بالملك له اه.
قال السائحاني: أقول كلام البزازية مفروض في كون النفي إقرارا للمنازع أو لا، وليس فيه دعواه الملك(6/93)
لنفسه حالة المسالمة.
قوله: (وشرطها) لم أر اشتراط لفظ مخصوص للدعوى وينبغي اشتراط ما يدل على الجزم والتحقيق، فلو قال أشك أو أظن لم تصح الدعوى.
بحر.
فائدة: لم تسمع الدعوى بالاقرار لما في البزازية عن الذخيرة: ادعى أن له كذا وأن العين الذي في يده له لما أنه أقر لما به أو ابتداء بدعوى الاقرار وقال إنه أقر أن هذا لي أو أقر أن لي عليه كذا، قيل يصح، وعامة المشايخ على أنه لا تصح الدعوى لعدم صلاحية الاقرار للاستحقاق الخ.
بحر من فصل الاختلاف في الشهادة.
وسيأتي متنا أول الاقرار.
قوله: (فحتى يبرهن أو يحلف) هذان قولان لا قول واحد يخير فيه بين البرهان والتحليف فراجع البحر.
قوله: (ومعلومية المال المدعي) أي بيان جنسه وقدره كما في الكنز.
قوله: (إذا لا يقضي بمجهول) ويستثنى من فساد الدعوى بالمجهول دعوى الرهن والغصب، لما في الخانية معزيا إلى رهن الاصل: إذا شهدوا أنه رهن عنده ثوبا ولم يسموا الثوب ولم يعرفوا عينه جازت شهادتهم، والقول للمرتهن في أي ثوب كان وكذلك في الغصب اه.
فالدعوى بالاولى اه.
بحر.
قلت: وفي المعراج: وفساد الدعوى إما أن لا يكون لزمه شئ على الخصم أو يكون المدعي مجهولا في نفسه، ولا يعلم فيه خلاف إلا في الوصية بأن ادعى حقا من وصية أو إقرار فإنهما يصحان بالمجهول وتصح دعوى الابراء المجهول بلا خلاف ا ه.
فبلغت المستثنيات خمسة.
تأمل.
قوله: (ولا يقال مدعى فيه وبه) وفي طلبة الطلبة: ولا يقال مدعى فيه وبه وإن كان يتكلم به المتفقهة إلا أنه خطأ مشهور فهو خير من صواب مهجور.
حموي ط قوله: (وإلا كان عبثا) أي وإن لم تكن ملزمة، كما إذا ادعى التوكيل على وموكله الحاضر فإنها لا تسمع لامكان عزله كما في البحر.
ح.
كذا في الهامش.
قوله: (وظهورة) بالجر عطف على تيقن.
قوله: (في الفواكه البدرية) قال في المنح: لكنه لم يستند في منع دعوى المستحيل العادي إلى نقل عن المشايخ.
قلت: لكن في المذهب فروع تشهد له، منها ما سيأتي آخر فصل التحالف.
قوله: (وسنحققه) عند قول المصنف وقضى بنكوله مرة.
قوله: (أنه في يده) فلو أنكر كونه في يده فبرهن المدعي أنه كان في يد المدعى عليه قبل هذا التاريخ بسنة هل يقبل ويجبر بإحضاره؟ قال صاحب جامع الفصولين:(6/94)
ينبغي أن يقبل إذا لم يثبت خروجه من يده فتبقى ولا تزول بشك، وأقره في البحر، وجزم به القهستاني.
ورده في نور العين بأن هذا استصحاب، وهو حجة في الدفع لا في الاثبات كما في كتب الاصول.
قوله: (وطلب المدعي الخ) هذا إذا لم يكن المدعى عليه مودعا، فإن ادعى عين وديعة لا يكلف إحضارها بل يكلف التخلية كما في البحر عن جامع الفصولين.
قوله: (بأن كان في نقلها مؤنة) فيه أن هذا من قبيل الرحي والصبرة فذكره هنا سهو.
وقال في إيضاح الاصلاح: إلا إذا تعسر بأن كان في نقله مؤنة وإن قلت.
ذكره في الخزانة ح.
قوله: (أو غيبتها) بأن لا يدري مكانها.
ذكره قاضي زاده.
ح.
قوله: (لانه) أي القيمة وذكر الضمير باعتبار المذكور وهو علة لقوله: وذكر قيمته.
قوله: (وإن تعذر) أي تعسر.
قوله: (وإلا تكن) تكرار مع قوله: وذكر قيمته إن تعذر س.
فرع: وصف المدعي المدعى فلما حضر خالف في البعض، إن ترك الدعوى الاولى وادعي الحاضر تسمع لانها دعوى مبتدأة وإلا فلا.
بحر عن البزازية.
قوله: (بذكر القيمة) لان عين المدعي
تعذر مشاهدتها ولا يمكن معرفتها بالوصف، فاشترط بيان القيمة لانها شئ تعرف العين الهالكة به غاية البيان.
وفي شرح ابن الكمال: ولا عبرة في ذلك للتوصيف لانه لا يجدي بدون ذكر القيمة، وعند ذكرها لا حاجة إليه، أشير إلى ذلك في الهداية ا ه.
وفي القهستاني: وفي قوله: وذكر قيمته إن تعذر إشارة إلى أنه لا يشترط ذكر اللون والذكورة والانوثة والسن في الدابة.
وفيه خلاف كما في العمادية.
قال السيد أبو القاسم: إن هذه التعريفات للمدعي لازمة إذا أراد أخذ عينة أو مثله في المثلي، أما إذا أراد أخذ قيمته في القيمي فيجب أن يكتفي بذكر القيمة كما في محاضر الخزانة اه.
قوله: (عين كذا) قال في البحر: والحاصل أنه في دعوى الغصب والرهن لا يشترط بيان الجنس والقيمة في صحة الدعوى والشهادة ويكون القول في القيمة للغاصب المرتهن اه.
قلت: وزاد في المعراج دعوى الوصية والاقرار، قال: فإنهما يصحان في المجهول، وتصح دعوى الابراء المجهول بلا خلاف ا ه.
فهي خمسة.
قوله: (ولهذا) أي لسماعها في الغصب وإن لم يذكر القيمة.
قال في الدرر: ولو قال غصبت مني عين كذا ولا أدري قيمته قالوا تسمع.
قال في الكافي.
وإن لم يبين القيمة وقال غصبت مني عين كذا ولا أدري أهو هالك أو قائم ولا أدري كم كانت قيمته، ذكر في عامة الكتب أنه تسمع دعواه لان الانسان ربما لا يعلم قيمة ماله، فلو كلف بيان القيمة لتضرر به.
أقول: فائدة صحة الدعوى مع هذه الجهالة الفاحشة توجه اليمين على الخصم إذا أنكر والجبر على البيان إذا أقر أو نكل عن اليمين، فتأمل فإن كلام الكافي لا يكون كافيا إلا بهذا التحقيق ح.(6/95)
قوله: (وتقبل ببنته) أي على القيمة.
قوله: (أو يحلف) أي عند عدم البينة.
قوله: (لانه) علة للعلة.
قوله: (يشترط ذكر القيمة) قال الشيخ عمر مؤلف النهر: ينبغي أن يكون المعنى أنه إذا كانت العين حاضرة لا يشترط ذكر قيمتها إلا في دعوى السرقة.
حموي.
قوله: (وهذا كله) أي المذكور من الشروط السابقة.
قوله: (لا الدين) ستأتي دعوى الدين في المتن.
قوله: (اشترط بيان جنسه) أقول: لي شبهة في هذا المحل، وهي أنه لو ادعى أعيانا مختلفة فقد مر أنه يكتفي بذكر القيمة لكل جملة.
وذكر
في الفصولين أنه لو ادعى أن الاعيان قائمة بيده يؤمر بإحضارها فتقبل البينة بحضرتها، ولو قال إنها هالكة وبين قيمة الكل جملة تسمع دعواه، فظهر أن ما قدمه المصنف في دعوى الاعيان إنما هو إذا كانت هالكة، وإلا لم يحتج إلى ذكر القيمة لانه مأمور بإحضارها.
وقدمنا عن ابن الكمال أن العين إذا تعذر إحضارها بهلاك ونحوه فذكر القيمة مغن عن التوصيف، وهو موافق لما ذكره المصنف في الاعيان من الاكتفاء بذكر القيمة، فقوله: هنا اشترط بيان جنسه ونوعه مشكل.
وإن قلنا: إنه لا بد مع ذكر القيمة من بيان التوصيف لم يظهر فرق بين دعوى القيمة ودعوى نفس العين الهالكة، فما معنى قوله: تبعا للبحر؟ وهذا كله في دعوى العين لا الدين فليتأمل.
وفي البحر عن السراجية: ادعى ثمن محدود لم يشترط بيان حدوده.
قوله: (من بيانه) أي بيان موضع الغصب.
قوله: (على الظاهر) قال في نور العين: وفي غصب غير المثلى وإهلاكه ينبغي أن يبن قيمته يوم غصبه في ظاهر الرواية.
وفي رواية يتخير المالك بين أخذ قيمته يوم غصبه أو يوم هلاكه فلا بد من بيان أنها قيمة: أي اليومين، ولو ادعى ألف دينار بسبب إهلاك الاعيان لا بد من أن يبين قيمتها في موضع الاهلاك، وكذا لا بد من بيان الاعيان فإن منها ما هو قيمي ومنها ما هو مثلي ا ه.
قوله: (في دعوى العقار) في المغرب: العقار الضيعة، وقيل كل مال له أصل كالدار والضيعة اه.
وقد صرح مشايخنا في كتاب الشفعة بأن البناء والنخل من المنقولات، وأنه لا شفعة فيهما إذا بيعا بلا عرصة، فإن بيعا معها وجبت تبعا، وقد غلط بعض العصرين فجعل النخيل من العقار ونبه فلم يرجع كعادته.
بحر.
وفي حاشية أبي السعود: وقوله: لا شفعة فيهما الخ يحمل على ما إذا لم تكن الارض محتكرة، وإلا فالبناء بالارض المحتكرة وتثبت فيه الشفعة، لانه لما له من حق القرار التحق(6/96)
بالعقار كما سيأتي في الشفعة.
قوله: (كما في النسب) فإن ذكر الاسم أعم من الاسم مع ذكر اسم الاب، وهذا أعم من ذكر الاسم مع اسم الاب واسم الجد.
ح.
كذا في الهامش.
قوله: (فلو ترك) أي المدعي أو الشاهد فحكمهما في التوي والغلط واحد كما صرح في الفصولين.
قوله: (وغلط فيه لا) أي لا يصح، ونظيره: إذا ادعى شراء شئ بثمن منقود فإن الشهادة تقبل وإن سكتوا عن بيان
جنس الثمن، ولو ذكروه واختلفوا فيه لم تقبل كما في الزيلعي.
سائحاني.
قوله: (فصولين) وفيه أيضا: أما لو ادعاه المدعي لا تسمع ولا تقبل بينته، لان المدعى عليه حين أجاب المدعي فقد صدقه أن المدعي بهذه الحدود فيصير بدعوى الغلط بعده مناقضا، أو نقول: تفسير دعوى الغلط أن يقول المدعى عليه أحد الحدود ليس ما ذكره الشاهد أو يقول صاحب الحد ليس بهذا الاسم كل ذلك نفي والشهادة على النفي لا تقبل اه.
ولصاحب جامع الفصولين بحث فيما ذكر كتبناه على هامش البحر حاصله: أنه يمكن أن يجيب المدعي بأن هذا ليس لك فلا يكون مناقضا، أو يجيب ابتداء بأنه مخالف لما حددته فينبغي التفصيل، وتمامه فيه.
وبخط السائحاني: والمخلص أن يقول المدعى عليه هذا المحدود ليس في يدي فيلزم أن يقول الخصم بل هو في يدك ولكن حصل غلط فيمنع به، ولو تدارك الشاهد الغلط في المجلس يقبل أو في غيره إذا وفق.
بزازية.
وعبارتها: ولو غلطوا في حد واحد أو حدين ثم تداركوا في المجلس أو غيره يقبل عند إمكان التوفيق بأن يقول كان اسمه فلانا ثم صار اسمه فلانا أو باع فلان واشتراه المذكور.
قوله: (ولا بد من ذكر الجد) قدمنا قبيل باب الشهادة على الشهادة أن الدعوى والشهادة بالمحدود في هذا الصك تصح، أما في الدار فلا بد من تحديده ولو مشهورا عند أبي حنيفة، وتمام حده بذكر جد صاحب الحد.
وعندهما التحديد ليس بشرط في الدار المعروف كدار عمر بن الحارث بكوفة، فعلى هذا لو ذكر لزيق دار فلان ولم يذكر اسمه ونسبه وهو معروف يكفيه إذ الحاجة إليهما لاعلام ذلك الرجل، وهذا مما يحفظ جدا.
فصولين.
فرع: قال في جامع الفصولين: لو ذكر لزيق دار ورثة فلان لا يحصل التعريف إذ هو بذكر الاسم والنسب، وقيل يصح لانه من أسباب التعريف ا ه.
وعلل للاول قبله بأن الورثة مجهولون منهم ذو فرض وعصبة وذو رحم ثم رمز: لو كتب لزيق ورثة فلان قبل القسمة قيل يصح، وقيل لا، ثم رمز: كتب لزيق دار من تركة فلان يصح حدا، ولو جعل أحد حدوده أرضا لا يدري مالكها لا يكفي.
أقول: لو كانت معروفة ينبغي أن يحتاج إلى ذكر صاحب اليد لحصول الغرض اه.
ولا يخفى أن بحثه مخالف لقول الامام كما قدمناه عنه.
ثم قال: ولو جعل أحد الحدود أرض المملكة يصح وإن لم
يذكر أنه في يد من، لانها في يد السلطان بواسطة يد نائبه، والطريق يصلح حدا بلا بيان طوله وعرضه إلا على قول والنهر لا عند البعض، وكذا السور وهو رواية، وظاهر المذهب يصلح والخندق كنهر، ولو قال لزيق أرض فلان ولفلان في هذه القرية أراض كثيرة متفرقة مختلفة تصح الدعوى(6/97)
والشهادة، ولو ذكر لزيق أرض الوقف لا يكفي، وينبغي أن يذكر أنها وقف على الفقراء أو المسجد أو نحوه ويكون كذكر الواقف، وقل لا يثبت التعريف بذكر الواقف ما لم يذكر أنه في يد من.
أقول: ينبغي أن يكون هذا على تقدير عدم المعرفة إلا به، وإلا فهو تضيق بلا ضرورة اه ملخصا.
وقوله: (منقولا) هو تكرار مع ما مر.
س.
قوله: (ولا تثبت يده في العقار بتصادقهما الخ) هذا مما يقع كثيرا ويغفل عنه كثير من قضاة زماننا حيث يكتب في الصكوك فأقر بوضع يده على العقار المذكور فلا بد أن يقول المدعي إنه واضع يده على العقار ويشهد له شاهدان ولذا نظمت ذلك بقولي: واليد لا تثبت في العقار * مع التصادق فلا تمار بل يلزم البرهان إن لم يدع عليه غصبا أو شراء مدعي وفي جامع الفصولين برمز الخانية: ادعى شيئا بيد آخر وقال هو ملكي وهذا أحدث يده عليه بلا حق، قالوا ليس هذا دعى غصب على ذي اليد.
قال صاحب الفصولين: أقول قياس ما مر في فش أنه لو ادعى أنه ملكي وفي يدك بغير حق يصح، ولو لم يذكر يوم غصبه ينبغي أن يصح هنا أيضا، وتمامه فيه في الفصل السادس.
قوله: (يطالبه به) أي سواء كان عينا أو دينا منقولا أو عقارا، فلو قال: لي عليه عشرة دراهم ولم يزد على ذلك لم يصح ما لم يقل للقاضي مرة حتى يعطيه، وقيل يصح وهو الصحيح.
قهستاني سائحاني.
قوله: (وبه استغنى) أي بذكر أنه يطالب لانه لا مطالبة له إذا كان محبوسا بحق.
قوله: (ذكر وصفه) زاد في الكنز وأنيطالبه به.
قال في البحر: هكذا جزم به في المتون والشروح.
وأما أصحاب الفتاوى كالخلاصة والبزازية فجعلوا اشتراطه قولا ضعيفا، وليس المراد لفظ أطالبه به بل هو أو ما يفيده من
قوله: مره ليعطيني حق كما في العمدة اه، ولا يخفى أنه كان ينبغي للمصنف ذكره، لما قالوا: إن ما في المتون والشروح مقدم على ما في الفتاوى.
قوله: (من ذكر الجنس) كحنطة والنوع كمسقية والصفة كجيدة.
قوله: (لم يسمع) ويذكر في السلم شرائطه من أعلام جنس رأس المال وغيره من نوعه وصفته وقدره بالوزن إن كان وزنيا وانتقاد بالمجلس حتى يصح، ولو قال بسبب بيع صحيح جرى بينهما صحت الدعوى بلا خلاف، وعلى هذا في كل سبب له شرائط كثيرة لا يكتفي بقوله: بسبب كذا صحيح، وإذا قلت الشرائط يكتفي.
وأجاب شمس الاسلام فيمن قال كفل كفالة صحيحة أنه لا يصح كالسلم لانه لعلة صحيح في اعتقاده، لا عند الحنفي المعتقد عدمها بلا قبول، فيقول كفل وقبل المكفول له في المجلس ويذكر في القرض وأقرضه من نال نفسه لجواز أن يكون وكيلا وهو سفير لا(6/98)
يملك الطلب ويذكر أنه قبضه وصرفه في حوائجه ليكون دينا إجماعا، لانه عند الثاني موقوف على صرفه واستهلاكه.
بزازية ملخصا.
قوله: (فبرهن) ظاهره أن البينة لا تقام على مقر.
قال في البحر: إلا في أربع فراجعه، وفيه لو أقر بعد البينة يقضي به لا بها، وأنه لو سكت عن الجواب يحبس إلى أن يجيب، راجعه.
قوله: (حلفه الحاكم) ولا يبطل حقه بيمينه، لكنه ليس له أن يخاصم ما لم يقم البينة على وفق دعواه، فإن وجدها أقامها وقضى له بها.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (في أربع) في الرد بالعيب يحلف المشتري بالله ما رضيت بالعيب، والشفيع بالله ما أبطلت شفعتك، والمرأة إذا طلبت فرض النفقة على زوجها الغائب تحلف بالله ما خلف لك زوجك شيئا ولا أعطاك النفقة، والرابع يحلف المستحق بالله ما بايعت.
ح.
كذا في الهامش: وفيه: فرع: رجل ادعى على رجل أنه كان لابي عليك مائة دينار وقد مات أبي قبل استيفاء شئ منها وصارت ميراثا لم بموته وطالبه بتسليم المائة دينارا فقال المدعى عليه قد كان لابيك علي مائة دينار إلا أنني أديت منها ثمانين دينارا إلى أبيك في حياته وقد أقر أبوك بالقبض ببلدة سمرقند في بيتي في يوم كذا بألفاظ فارسية وأقام على ذلك بينة فقال المدعي للمدعى عليه إنك مبطل في دعواك إقرار أبي بقبض ثمانين دينارا منك، لما أن أبي كان غائبا عن بلدة سمرقند في اليوم الذي ادعيت إقراره فيه وكان ببلدة كبيرة وأقام على ذلك بينة هل تندفع بينة المدعى
عليه بينة المدعي؟ فقيل لا إلا أن تكون غيبة أبي المدعي عن سمرقند في اليوم الذي شهد شهود المدعى عليه على إقراره بالاستيفاء بسمرقند وكونه ببلدة كبيرة ظاهرا مستفيضا يعرفه كل صغير وكبير وكل عالم وجاهل، فحينئذ القاضي يدفع ببينته بينة المدعى عليه.
كذا في الذخيرة فتاوى الهندية من الباب التاسع في الشهادة على النفي والاثبات اه.
قوله: (وأجمعوا) الانسب أن يقول: وإلا في دعوى الدين على الميت اتفاقا.
وصورة التحليف أن يقول له القاضي: بالله ما استوفيت من الديون ولا من أحد أداه إليك عنه ولا قبضه لك قابض بأمرك ولا أبرأته منه ولا شئ منه ولا أحلت بشئ من ذلك أحدا ولا عندك به ولا بشئ منه رهن، كذا في البحر عن البزازية ح.
ويحلف، وإن أقر به المريض في مرض موته كما في الاشباه عن التاترخانية، وقدمه الشارح قبيل باب التحكيم من القضاء.
قوله: (ثم نقل) أي في مسألة المتن.
قال في الهامش: بقوله: ثم نقل عن البدائع: المتبادر أنه راجع إلى مسألة السكوت، وليس كذلك بل هو راجع إلى المتن.
قال في البحر: وفي المجمع، ولو قال لا أقر ولا أنكر فالقاضي لا يستحلفه.
قال الشارح: بل يحبسه عند أبي حنيفة حتي يقر أو ينكر.
وقالا: يستحلف.
وفي البدائع أنه إنكار وهو تصحيح لقولها كما لا يخفى، فإن الاشبه من ألفاظ التصحيح كما في البزازية ح.
قوله:(6/99)
(إلا إذا كان) استثناء منقطع لان فرض المسألة في أن الحلف الاول عند غير قاض.
قوله: (حلفه الاول عنده) أي عند قاض فيكفي: أي لا يحتاج إلى التحليف ثانيا.
هذا، ولا موقع للاستثناء كما لا يخفى ح.
اللهم إلا أن يكون المراد عنده قبل تقلده القضاء.
تأمر وراجع.
وقوله: حلفه بفتح الحاء وكسر اللام وضم الفاء والهاء.
قوله: (لم يعتبر) هذه المسألة تغاير المتقدمة في المتن فإن تلك فيما إذا حلف عند غير قاض وهذه فيما إذا حلف عند القاضي باستحلاف المدعي لا القاضي ح.
قوله: (وكذا لو اصطلحا) وفي الواقعات الحسامية قبيل الرهن: وعند محمد قال لآخر لي عليك ألف درهم فقال له الآخر إن حلفت إنها لك أديتها إلي فحلف فأداها إليه المدعى عليه، إن كان أداها إليه على الشرط الذي شرط فهو باطل وللمؤدي أن يرجع فيما أدى، لان ذلك الشرط باطل لانه على خلاف حكم الشرع، لان حكم الشرع أن اليمين على من أنكر دون المدعي ا ه بحر.
قوله: (أو على أن الشهود الخ)
أي أو طالب تحليف الشهود على أنهم صادقون.
قوله: (في الملك المطلق) قيد بالملك المطلق لما سيأتي وهو مقيد بما إذا لم يؤرخا أو أرخا وتاريخ الخارج مساو أو أسبق.
أما إذا كان تاريخ ذي اليد أسبق فإنه يقضي له كما سيأتي في الكتاب، بخلاف ما إذا ادعى الخارج الملك المطلق وذو اليد الشراء من فلان وبرهنا وأرخا وتاريخ ذي اليد أسبق فإنه يقضي للخارج كما في الظهيرية.
بحر.
قوله: (بخلاف المقيد) لان البينة قامت على ما لا يدل عليه اليد فاستويا وترجحت بينة ذي اليد باليد فيقضي له، وهذا هو الصحيح ودليله من السنة ما روى عن جابر بن عبد الله: أن رجلا ادعى ناقة في يد رجل وأقام البينة أنها ناقته نتجتها وأقام الذي بيده البينة أنها ناقته نتجتها، فقضى بها رسول الله (ص) للذي هي في يده وهذا حديث صحيح مشهور.
بحر.
كذا في الهامش.
قوله: (ونكاح) أي لو برهن على نكاح امرأة فتهاترا تعذر العمل بهما لان المحل لا يقبل الاشتراط، وإذا تهاترا فرق القاضي بينهما حيث لا(6/100)
مرجح كما في القنية، ولا شئ على واحد منهما إن كان قبل الدخول.
أما لو كان التهاتر بعد موتها ولم يؤرخا فإنه يقضي بالنكاح بينهما، وعلى كل واحد منهما نصف المهر ويرثان ميراث زوج واحد.
بحر.
وتمامه فيه.
كذا في الهامش.
قوله: (في الصحيح) أي على قوله: الثاني الذي عليه الفتوى كما تقدم.
قوله: (وعرض اليمين) هو مبتدأ، وقوله: أحوط خبر عنه.
قوله: (أحوط) أي ندبا، وعن أبي يوسف ومحمد أن التكرار حتم حتى لو قضى القاضي بالنكول مرة لا ينفذ، والصحيح أنه ينفذ.
س.
قوله: (وهل يشترط) الاولى يفترض.
قوله: (قاله المصنف) قال الرملي في حاشية المنح: تقدم أنه ينزل منكرا على قولهما، وعلى قول أبي يوسف: يحبس إلى أن يجيب، ولكن الاول فيما إذا لزم السكوت ابتداء ولم يجب عند الدعوى بجواب، وهذا فيما إذا أجاب بالانكار ثم لزم السكوت.
تأمل.
قوله: (قدمنا) أي في كتاب القضاء.
ح.
قوله: (لا يلتفت إليه) أما لو أقام بينة بعده فتقبل كما يأتي قريبا.
قوله: (ثلاثا) بينة وإقرار ونكول.
قوله: (والسابع الخ) بحث في هذه السابعة الخير الرملي في حاشية المنح وقال: إنه غريب لا يقبل ما لم يعضده نقل من كتاب معتمد.
وذكر في البحر أن مدارها على ابن الغرس، لكن عبارة ابن الغرس: فقد قالوا لو ظهر إنسان الخ.
قوله: (خلافا لما في شرح
المجمع) ليس فيه ما ينافي ذلك، بل حكى قولين ح.
قوله: (بعد يمين المدعى عليه) لان حكم اليمين انقطاع الخصومة للحال إلى غاية إحضار البينة وهو الصحيح، وقيل انقطاعها مطلقا ط.
قوله: (بعد القضاء بالنكول) كأن فائدتها لتتعدى إلى غيره، لان النكول إقرار وهو حجة قاصرة، بخلاف البينة شيخنا، وهذا ظاهر في نحو الرد بالعيب.
قوله: (خانية) قال في البحر: ثم اعلم أن القضاء بالنكول لا يمنع المقضي عليه من إقامة البينة بما يبطله، لما في الخانية: رجل اشترى من رجل عبدا فوجد به عيبا فخاصم البائع فأنكر البائع أن يكون العيب عنده فاستحلف فنكل فقضى القاضي عليه وألزمه العبد ثم قال البائع بعد ذلك قد كنت تبرأت إليه من هذا العيب وأقام البينة ثبتت بينته اه.(6/101)
أقول: إن كان مبني ما ذكره من القاعدة هو ما نقله عن الخانية فقيه نظر، فإن نكوله عن الحلف بذل أو إقرار بأن العيب عنده، فإقامته البينة بعده على أنه تبرأ إليه من هذا العيب مؤكد لما أقر به في ضمن نكوله، أما لو ادعى عليه مالا ونكل عن اليمين فقضي عليه به يكون إقرارا به وحكما به، فإذا برهن على أنه كان قضاه إياه يكون تناقضا ونقضا للحكم، فبين المسألتين فرق فكيف تصح قاعدة كلية؟ ثم لا يخفى أن كلام البحر في أقامة المقضي عليه البينة، وظاهر كلام الشارح أن المدعي هو الذي أقام البينة كما يدل عليه السياق فلا يدل عليه ما في الخانية من هذا الوجه أيضا، وانظر ما كتبناه في هامش البحر عن حاشية الاشباه للحموي.
قوله: (طلاق الخانية) الذي نقله في البحر عن طلاق الخانية والولوالجية من الحنث مطلق عن التقييد بالسبب وعدمه، وما في الدرر من عدم الحنث مطلقا جعلوه إحدى الروايتين عن محمد.
والذي جعلوا الفتوى عليه هو الرواية الثانية عنه وهو قول أبي يوسف، والتفصيل المذكور في المتن ذكره في جامع الفصولين، فعبار الشارح غير محررة.
قوله: (خلافا لاطلاق الدرر) حيث قال: وهل يظهر كذب المنكر بإقامة البينة؟ والصواب أنه لا يظهر حتى لا يعاقب عقوبة شاهد الزور.
ذكره الزيلعي.
قوله: (ثم أقامها المدعي) سيعيد الشارح المسألة بعد نحو ورقتين.
قوله: (أو الايفاء) بحث فيه العلامة المقدسي بأن الاصل في الثابت أن يبقي على ثبوته وقد حكمتم لمن شهد له بشئ أنه كان له أن الاصل بقاؤه وإذا وجد السبب ثبت والاصل بقاؤه اه ط.
أقول: وجوابه أن إثبات كون الشئ له يفيد ملكيته له في الزمن السابق، واستصحاب هذا الثابت يصلح لدفع من يعارضه في الملكية بعد ثبوتها له، وقد قالوا: الاستصحاب يصلح للدفع لا للاثبات، وإذا أثبتنا الحنث يكون الاصل بقاء القرض يكون من الاثبات بالاستصحاب وهو لا يجوز، فالفرق ظاهر فتأمل.
قوله: (ولا تحليف) أي في تسعة.
قوله: (بعد عدة) قيد للثاني كما في الدرر.
قوله: (تدعيه الامة) بأنها ولدت منه ولدا وقد مات أو أسقطت سقطا مستبين الخلق وأنكره المولى.
ابن كمال.
قوله: (ولا يأتي الخ) وقلب العبارة الزيلعي وهو سبق قلم.
قوله: (ونسب) وفي المنظومة: وولاد.
قال في الحقائق: ولم يقبل ونسب لانه إنما يستحلف في النسب المجرد عندهما إذا كان يثبت بإقرار كالاب والابن في حق الرجل والاب في حق المرأة.
ابن كمال.
قوله: (وولاء) أي بأن ادعى على معروف الرق أنه معتقه أو مولاه.
قوله: (في الاشياء السبعة) أي السبعة الاولى من التسعة.
قال الزيلعي: وهو قولهما، والاول قول الامام.
س.
قال الرملي: ويقضي عليه بالنكول عندهما.
قوله:(6/102)
(وكذا يستحلف السارق) وكذا يحلف في النكاح إن ادعت هي المال: أي إن ادعت المرأة النكاح وغرضها المال كالمهر والنفقة فأنكر الزوج يحلف، فإن نكل يلزمه المال ولا يثبت الحل عنده لان المال يثبت بالبدل لا الحل.
وفي النسب إذا ادعى حقا مالا كان كالارث والنفقة أو غير مال كحق الحضانة في اللقيط والعتق بسبب الملك وامتناع الرجوع في الهبة، فإن نكل ثبت الحق، ولا يثبت النسب إن كان مما لا يثبت بالاقرار، وإن كان منه فعلى الخلاف المذكور وكذا منكر العقود الخ.
ابن كمال.
وإنكار القود سيذكره المصنف وفي صدر الشريعة: فليغز أيما امرأة تأخذ نفقة غير معتدة ولا حائضة ولا نفساء ولا يحل وطؤها وفيه: ويلغز أي شخص أخذ الارث ولم يثبت نسبه كما لو ادعى إرثا بسبب إخوة فأنكر إخوته.
والحاصل: أن هذه الاشياء لا تحليف فيها عند الامام ما لم يدع معها مالا فإنه يحلف وفاقا.
سائحاني.
قوله: (ولم يقطع) اعترض بأنه ينبغي أن يصح قطعه عند أبي حنيفة لانه بدل كما في قود الطرف.
والحاصل أن النكول في قطع الطرف والنكول في السرقة ينبغي أن يتحدا في إيجاب القطع وعدمه ويمكن الجواب بأن قود الطرف حق العبد فيثبت بالشبهة كالاموال، بخلاف القطع في السرقة فإنه خالص حق الله تعالى وهو لا يثبت بالشبهة، فظهر الفرق فليتأمل.
يعقوبية.
قوله: (في التعزير) لانه محض حق العبد ولهذا يملك العبد إسقاطه بالعفو.
س.
قوله: (فحيلة دفع يمينها) أي دفع اليمين عنها كذا في الهامش.
قوله: (أن تتزوج) أي بآخر كذا في الهامش.
قوله: (في إحدى وثلاثين مسألة) تقدمت في الوقف س وذكرها في البحر هنا، وذكر في الهامش عن الامام الخصاف.
كان الامام الثاني وغيره رحمهم الله تعالى من أصحابنا يقولون يحلف في كل سبب لو أقر المدعى عليه لزمه، كما لو ادعى أنه أبوه أو ابنه أو زوجته أو مولاه، ولو ادعى أنه أخوه أو عمه أو نحوه لا يحلف إلا أن يدعي حقا في ذمته كالارث بجهة فحينئذ يحلف، وإن نكل يقضي بالمال إن ثبت المال، ودعوى الوصية بثلث المال كدعوى الارث على ما ذكرنا إلا في فصل واحد: وهو أن الوارث لو نكل عن اليمين عن موت مورثه ودفع ثلث ما في يده من ماله إلى ثلث مدعي الوصية بالثلث ثم جاء المورث حيالا يضمن الوارث الناكل له شيئا من البزازية من كتاب أدب القاضي في اليمين.
قوله: (لا الحلف) يخالفه ما يأتي عن شرح الوهبانية من أن الاخرس الاصم الاعمى يحلف وليه.
قوله: (ولا يحلف الخ) الاولى أن يقول وفرع على الثاني بقوله: ولا يحلف الخ.
قوله: (على الاصيل) أي الوكيل لقط كذا في الهامش.
قوله:(6/103)
(فيستحلف الخ) بقي هل يستحلف على العلم أو على البتات؟ ذكر في الفصل السادس والعشرين من نور العين أن الوصي إذا باع شيئا من التركة فادعى المشتري أنه معيب فإنه يحلف على البتات، بخلاف الوكيل فإنه يحلف على عدم العلم ا ه فتأمله كذا بخط بعض الفضلاء.
قوله: (والصواب في أربع وثلاثين) أي بضم الثلاثة إلى ما في الخانية، لكن الاولى منها مذكور في الخانية.
قوله: (لابن المصنف) وهو الشيخ شرف الدين عبد القادر وهو صاحب تنوير البصائر وأخوه الشيخ صالح صاحب الزواهر كذا يفهم من كتاب الوقف.
قوله: (سرقة العبد الخ) يعني أن مشتري العبد إذا ادعى أنه سارق أو آبق وأثبت إباقه أو سرقته في يد نفسه وادعى أنه أبق أو سرق في يد البائع وأراد التحليف يحلف البائع بالله
ما أبق بالله ما سرق في يدك وهذا تحليف على فعل الغير.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (أو إباقه) ليس المراد بالاباق الذي يدعيه المشتري الاباق الكائن عنده، إذ لو أقر به البائع لا يلزمه شئ لان الاباق من العيوب التي لا بد فيها من المعاودة بأن يثبت وجوده عند البائع ثم عند المشتري كلاهما في صغره أو كبره على ما سبق في محله أبو السعود.
وفي الحواشي السعدية، قوله يحلف على البتات بالله ما أبق.
أقول: الظاهر أنه يحلف على الحاصل بالله ما عليك الرد، فإن في الحلف على السبب يتضرر البائع أو قد يبرأ المشتري على العيب ا ه.
قوله: (على البتات) كل موضع وجب اليمين فيه على العلم فحلف على البتات كفي وسقطت عنه، وعلى عكسه لا، ولا يقضي بنكوله على ما ليس واجبا عليه.
بحر.
قوله: (لانها آكد) أي لان يمين البتات آكد من يمين العلم ا ه ح.
قوله: (ولذا تعتبر مطلقا) أي ولكون يمين البتات آكد من يمين العلم تعتبر في فعل نفسه وفي فعل غيره.
ح.
كذا في الهامش.
قوله: (مطلقا) أي فعل نفسه وفعل غيره.
قوله: (بخلاف العكس) يعني أن يمين العلم لا تكفي في فعل نفسه ح.
كذا في الهامش.
قوله: (عن الزيلعي) قال الزيلعي: وفي كل موضع يجب اليمين فيه على البتات فحلف على العلم لا يكون معتبرا حتى لا يقضي عليه ولا يسقط اليمين عنه، وفي كل موضع وجب اليمين فيه على العلم فحلف على البتات يعتبر اليمين حتى يسقط اليمين عنه ويقضي عليه إذا نكل، لان الحلف على البتات آكد فيعتبر مطلقا، بخلاف العكس اه.
وفي جامع الفصولين قبل هذا الفرع مشكل.
قال الرملي: وجه إشكاله أنه يقضي عليه مع أنه(6/104)
غير مكلف إلي البت، ويزول الاشكال بأنه مسقط لليمين الواجبة عليه فاعتبر فيكون قضاء بعد نكول عن يمين مسقط للحلف عنه، بخلاف عكسه، ولهذا يحلف ثانيا لعدم سقوط الحلف عنه بها، فنكوله عنه لعدم الاعتباره والاحتراز به فلا يقضى عليه بسببه.
تأمل اه.
واستشكل في السعدية الفرعين ولم يجب على الثاني، وأجاب عن الاول بأنه يجوز أن يكون نكوله لعلمه بعدم فائدة اليمين على العلم فلا يحلف حذرا عن التكرار ا ه.
وهو بمعنى ما ذكره الرملي.
قوله: (وهو بكر) تفسير للضمير، والاولى أن يقول: أي خصم بكر وهو زيد.
أقول: تبع الشارح في هذا المصنف وصاحب الدرر.
قال بعض مشايخنا: صوابه زيد لانه هو المنكر واليمين عليه.
ويمكن أن يقال أن يحلف بالبناء للفاعل لا للمفعول ومعناه أن يطلب من القاضي تحليفه لان ولاية التحليف له فيكون قوله: وهو بكر تفسيرا للضمير في خصمه لكن فيه ركاكة.
س.
وقال في الهامش: قوله: وهو بكر راجع إلى المضاف إليه لا للمضاف، ولو قال وهو زيد لكان أولى.
ح.
قوله: (إذا علم القاضي) ينبغي أن يخصص التقييد بذلك بصورة العين كما يظهر من العمادية، فإن جريان ذلك في الدين مشكل.
عزمي.
وذكر في البحر تفصيلا في دعوى الدين فراجعه فإنه مهم.
قوله: (كونه ميراثا) أي كون المورث مات وتركه.
قوله: (أو برهن الخصم) وهو المدعى عليه.
قوله: (فيحلف) أي الوارث.
قوله: (على العلم) أي وإلا بأن لم يعلم القاضي حقيقة الحال ولا إقرار المدعي بذلك ولا أقام المدعى عليه بينة يحلف على البتات بالله ما عليك تسليم هذه العين إلى المدعي.
عمادية عزمي.
قوله: (كموهوب) يعني لو وهب رجل لرجل عبدا فقبضه أو اشترى رجل من رجل عبدا فجاء رجل وزعم أن العبد عبده ولا بينة له فأراد استحلاف المدعي عليه يحلف على البتات ح.
قوله: (خلافا لهما) فعندهما: يلزمه الارش فيهما لان النكول إقرار فيه شبهة عندهما فلا يثبت به القصاص.
منح.
قوله: (حاضرة في المصر) أطلق حضورها فشمل حضورها في المصر بصفة المريض، وظاهر ما في خزانة المفتين خلافه، فإنه قال: الاستحلاف يجري في الدعاوى الصحيحة إذا أنكر المدعي عليه ويقول المدعي لا شهود لي أو شهودي غيب أو في المصر ا ه.
بحر.
قوله: (ويأخذ القاضي) أي بطلب المدعي كما في الخانية.
وفي الصغرى: هذا إذا كان المدعي عالما بذلك، أما إذا كان جاهلا فالقاضي يطلب.
رواه ابن سماعة عن محمد اه بحر.
قوله: (في مسألة المتن) قيد بها لانه(6/105)
لو قال لا بينة لي أو شهودي غيب لا يكفل لعدم الفائدة.
كذا في الهداية.
قوله: (يؤمن هروبه) بأن يكون له دار معروفة وحانوت معروف لا يسكن في بيت بكراء ويتركه ويهرب منه.
منح.
وهذا شئ يحفظ جدا.
بحر عن الصغرى.
قال: وينبغي أن يكون الفقيه ثقة بوظائفه في الاوقاف وإن لم يكن له ملك في دار أو حانوت لانه لا يتركها ويهرب اه.
وفي البحر أيضا عن كفالة الصغرى: لقاضي أو رسوله إذا أخذ كفيلا من المدعى عليه بنفسه بأمر المدعي أولا بأمره، فإن لم يضف الكفالة إلى المدعي بأن قال أعط كفيلا بنفسك ولم يقل للطالب ترجع الحقوق إلى القاضي أو رسوله، حتى لو سلم إليه الكفيل يبرأ، ولو سلم إلى المدعي فلا، وإن أضاف إلى المدعي كان الجواب على العكس ا ه.
وفيه عنها: طلب المدعي من القاضي وضع المنقول عند عدل ولم يكتف بكفيل النفس، فإن كان المدعى عليه عدلا لا يجبيه القاضي، ولو فاسقا يجيبه.
وفي العقار: لا يجيبه إلا في السجر الذي عليه الثمر لان الثمر نقلي اه.
قال في البحر: وظاهره أن الشجر من العقار وقدمنا خلافه.
وفي أبي السعود عن الحموي عن المقدسي التصريح بأنه من العقار.
قوله: (في الصحيح) في البحر عن القنية: ادعي القاتل أن له بينة حاضرة على العفو أجل ثلاثة أيام، فإن مضت ولم يأت بالبينة وقال لي بينة غائبة يقضي بالقصاص قياسا كالاموال.
وفي الاستحسان: يؤجل استعظاما لامر الدم اه.
وفي البحر أيضا عن قضاء الصغرى أن فائدة الكفالة بالثلاث أو نحوها لا لبراءة الكفيل بعدها، فإن الكفيل إلى شهر لا يبرأ بعده، لكن التكفيل إلى شهر للتوسعة على الكفيل فلا يطالب إلا بعد مضيه، لكن لو عجل لا يصح، وهنا للتوسعة على المدعي فلا يبرأ الكفيل بالتسليم للحال إذ قد يعجز المدعي عن البينة، وإذا أحضرها يعجز عن إقامتها وإنما يسلم إلى المدعي بعد وجود ذلك الوقت، حتى لو أحضر البينة قبل الوقت يطالب الكفيل.
قوله: (إلى مجلسه) إلى القاضي.
قوله: (لازمه) أي دار معه حيث دار فلا يلازمه في مكان معين.
وفي الصغرى: ولا يلزمه في المسجد لانه بني للذكر، به يفتى.
ثم قال: ويبعث معه أمينا يدور معه.
ورأيت في زيادات بعض المشايخ أن للمطلوب أن لا يرضى بالامين عنده خلافا لهما بناء على التوكيل بلا رضا الخصم.
بحر ملخصا، وتمامه فيه.
قوله: (أي مسافرا) تفسير مراد.
قوله: (حتى لو علم) بأن قال اخرج غدا مثلا.
قوله: (يكفله) أي إلى وقت سفره.
بحر.
قوله: (كما مر) أي عند قول المصنف اصطلحا على أن يحلف عند(6/106)
غير قاض الخ لكن هناك اليمين من المدعي، وكما مر عند قوله: وتقبل البينة لو أقامها بعد يمين.
قوله: (فأنكر المدعي) أي مدعي الدين.
قوله: (ولا بينة له) أي لمدعي الايصال.
قوله: (فطلب يمينه) أي يمين الدائن.
قوله: (فقال المدعي) أي مدعي الدين.
قوله: (اجعل حقي في الختم) أي الصك، ومعناه اكتب لي الصك بالبينة ثم استحلفني مدني، أو المراد إحضار نفس الحق في شيئ مختوم وهو الاظهر.
وفي حاشية الفتال عن الفتاوى الانقروية: يعني أحضر حقي ثم استحلفني، ومثله بخط للسائحاني، ومثله في الحامدية.
قوله: (أنه لو حلفه بغيره) كالرحمن والرحيم.
بحر.
قوله: (ولم أره صريحا) فيه أن يقول هم في التغليظ ويجتنب العطف كي لا تتكرر اليمين كما يأتي، وصاحب البحر نفسه صرح به، وقولهم في كتاب الايمان: والقسم بالله تعالى أو باسم من أسمائه كالرحمن والرحيم والحق، أو بصفة يحلف بها من صفاته تعالى كعزة الله وجلال الله وكبريائه وعظمته وقدرته يدل على كونه يمينا اه شيخنا.
والعجب من صاحب المنح حيث نقله وأقره عليه، وكذا الشارح، ثم رأيت مثل ما قدمته منقولا عن المقدسي وكتبته في هامش البحر.
قوله: (وإلا فلا فائدة) تظهر فائدته فيما إذا كان جاهلا بعدم اعتبار نكوله، فإذا طلب حلفه به ربما يمتنع ويقر بالمدعي.
درر البحار.
قوله: (واعتمد المصنف) لكن عبارة ابن الكمال: فإن ألح الصخم قيل صح بهما في زماننا، لكن لا يقضي عليه بالنكول لانه امتنع عما هو منهي عنه شرعا، ولو قضي عليه بالنكول لا ينفذ انتهت.
ومثله في الزيلعي وشرح درر البحار.
وظاهره أن القائل بالتحليف بهما يقول إنه غير مشروع، ولكن يعرض عليه لعله يمتنع، فإن من له أدنى ديانة لا يحلف بهما كاذبا فإنه يؤدي إلى طلاق الزوجة وعتق الامة أو إمساكهما بالحرام، بخلاف اليمين بالله تعالى فإنه يتساهل به في زماننا كثيرا.
تأمل.
وقوله لانه امتنع عما هو منهي عنه شرعا.
أقول: فكيف يجوز للقاضي تكليفه الاتيان بما هو منهي شرعا، ولعل ذلك البعض يقول النهي عنه تنزيهي.
سعدية.
قوله: (وقد تقدم) أي قبيل قوله: ولا تحليف في طلاق ورجعة الخ.
قوله:(6/107)
(ويغلظ الخ) أي يؤكد اليمين بذكر أوصاف الله تعالى وذلك مثل قوله: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ما لفلان هذا عليك ولا
قبلك هذا المال الذي ادعاه ولا شئ منه، لان أحوال الناس شتى، فمنهم من يمتنع عن اليمين بالتغليظ ويحتال عند عدمه فيغلظ عليه لعله يمتنع بذلك.
زيلعي عبارته: ولو أمره بالعطف فأتى بواحدة ونكل عن الباقي لا يقضي عليه بالنكول لان المستحق عليه يمين واحدة وقد أتى بها اه.
قوله: (وظاهره أنه مباح) في البحر عن المحيط: لا يجوز التغليظ بالمكان.
قوله: (فيغلظ على كل الخ) قال في البحر: فإن قلت: إذا حلف الكافر بالله فقط ونكل عما ذكر هل يكفيه أم لا، قلت: لم أره صريحا، وظاهر قولهم إنه يغلط به أنه ليس بشرط وأنه من باب التغليظ فيكتفي بالله ولا يقضي عليه بالنكول عن الوصف المذكور اه.
قوله: (صار حالفا) ولا يقول بالله إنه كان كذا لانه إذا قال نعم يكون إقرارا لا يمينا كما في الشرنبلالية س.
قوله: (أو وصيه أو من نصبه القاضي) وهذا مستثنى من قولهم: الحف لا يجري فيه النيابة.
أبو السعود.
قوله: (ويحلف القاضي الخ) قال في نور العين: النوع الثالث في مواضع التحليف على الحاصل والتحليف على السبب جمع.
ثم المسألة على وجوه: إما أن يدعي المدعي دينا أو ملكا في عين أو حقا في عين، وكل منهما على وجهين: إما أن يدعيه مطلقا أو بناء على سبب، فلو ادعى دينا ولم يذكر سببه يحلف على الحاصل ماله قبلك ما ادعاه ولا شئ منه، وكذا لو ادعى ملكا في عين حاضر أو حقا في عين حاضر ادعاه مطلقا ولم يذكر له سببا يحلف على الحاصل ما هذا لفلان ولا شئ منه، ولو ادعاه بناء على سبب بأن ادعى دينا بسبب قرض أو شراء أو ادعى ملكا بسبب بيع أو هبة أو ادعى غصبا أو وديعة أو عارية يحلف على الحاصل في ظاهر الرواية لا على السبب بالله ما استقرضت ما غصبت ما أودعك ما شربت منه كافي.
وعن أبي يوسف يحلف على السبب في هذه الصورة المذكورة إلا عند تعويض المدعى عليه نحو أن يقول أيها القاضي قد يبيع الانسان شيئا ثم يقبل فحينئذ يحلف على الحاصل.
منح.
وذكر شمس الائمة الحلواني رواية أخرى عن أبي يوسف أن المدعى عليه لو أنكر السبب يحلف على السبب، ولو قال ما علي ما يدعيه يحلف على الحاصل.
قاضيخان.
وهذا أحسن الاقاويل عندي وعليه أكثر(6/108)
القضاة، يقول الحقير: وكذا في مختارات النوازل لصاحب الهداية اه.
قوله: (ما بينكما نكاح قائم)
إدخال النكاح في المسائل التي يحلف فيها على الحاصل عندهما غفلة من صاحب الهداية والشارحين، لان أبا حنيفة يقول بالتحليف في النكاح إلا أن يقال: إن الامام فرع على قولهما لا على قوله: كتفريعه في المزارعة على قولهما.
بحر.
ونقل عن المقدسي أنه محمول على ما إذا كان مع النكاح دعوى المال.
قوله: (بيع قائم) هذا، والحق ما في الخزانة من التفصيل.
قال المشتري: إذا ادعى الشراء فإن ذكر نقد الثمن فالمدعى عليه يحلف بالله ما هذا العبد ملك المدعي ولا شئ منه بالسبب الذي ادعى ولا يحلف بالله ما بعته، وإن لم يذكر المشتري نقد الثمن يقال له احضر الثمن، فإذا أحضره استحلفه بالله ما يملك قبض هذا الثمن وتسليم هذا العبد من الوجه الذي ادعى، وإن شاء حلفه بالله ما بينك وبين ذا شراء قائم الساعة.
والحاصل: أن دعوى الشراء مع نقد الثمن دعوى المبيع ملكا مطلقا وليست بدعوى العقد ولهذا تصح مع جهالة الثمن معنى، وليست بدعوى العقد ولهذا تصح مع جهالة المبيع فيحلف على ذلك الثمن اه بحر.
قوله: (لو قائما الخ) زاده لما في البحر، وفي قول المؤلف وما يجب عليك رده قصور، والصواب ما في الخلاصة: وما يجب عليك عليك رده ولا مثله ولا بدله ولا شئ من ذلك ا ه.
وكذا في قوله: وما هي بائن منك الآن لانه خاص بالبائن.
وأما الرجعي فيحلف بالله ما هي طالق في النكاح الذي بينكما.
وأما إذا كانت الدعوى بالطلاق الثلاث فقال الاسبيجابي يحلف بالله ما طلقتها ثلاثا في النكاح الذي بينكما اه.
وقد ذكر في البحر هنا جملة مما يحلف فيه على الحاصل فراجعه، وقال بعدها: ثم اعلم أنه تكرر منهم في بعض صور التحليف تكرار لا في لفظ اليمين خصوصا في تحليف مدعي دين على الميت فإنها تصل إلى خمسة، وفي الاستحقاق إلى أربعة مع قولهم في كتاب الايمان إن اليمين تتكرر بتكرار حرف العطف مع قوله: لا كقوله: لا آكل طعاما ولا شرابا، ومع قولهم هنا في تغليظ اليمين يجب الاحتراز عن العطف لان الواجب يمين واحدة فإذا عطف صارت أيمانا، ولم أر عنه جوابا بل ولا من تعرض له اه.
قال الرملي: أقول إذا تأمل المتأمل وحد التكرار المدعي فليتأمل ا ه: يعني أن المدعي وإن ادعى شيئا واحدا في اللفظ لكنه مدع لاشياء متعددة ضمنا فيحلف الخصم عليها احتياطا.
قوله: (نظرا للمدعى عليه) تعليل لقوله: لا على السبب.
قوله: (لكونه شافعيا) لان الشافعي يحلف على الحاصل
معتقدا مذهبه أنها لا تستحق نفقة ولا شفعة فيضيع النفع، فإذا حلف أنه ما أبانها واشترى ظهر النفع ورعاية جانب المدعي أولى، لان السبب إذا ثبت ثبت الحق واحتمال سقوطه بعارض متوهم، والاصل(6/109)
عدمه حتى يقوم الدليل على العارض ا ه.
قوله: (ففيه خلاف) قيل لا اعتبار به وإنما الاعتبار لمذهب القاضي.
قوله: (والاوجه أن يسأله) أي يسأل المدعي.
قوله: (واعتمده المصنف) أي تبعا للبحر، وانظر هل يجري ذلك في قضاة زماننا المأمورين بالحكم بمذهب أبي حنيفة.
قوله: (والصلح منه) أي على شئ معلوم، والفرق أن الثاني بأقل من المدعي، وأما الاول فقد يكون بمثله كما في القهستاني.
ح.
قوله: (ولا يحلف) ضبطها المؤلف رحمه الله بتشديد اللام.
قوله: (لانه أسقط حقه) أي حقه في الخصومة، والذي في البحرلانه أسقط خصومته بأخذ المال منه.
مدني.
قوله: (وبرهن قبل) في البحر عن البزازية: ولو قال المدعى عليه حين أراد القاضي تحليفه إنه حلفني على هذا المال عند قاض آخر أو أبرأني عنه إن برهن قبل واندفع عنه الدعوى، وإلا قال الامام البزدوي: انقلب المدعى عليه، فإن نكل اندفع الدعوى وإن حلف لزم المال، لان دعوى الابراء عن المال إقرار بوجوب المال عليه، بخلاف دعوى الابراء عن دعوى المال ا ه.
وظاهر هذا أن قول الشارح وإلا فله تحليفه أي وإلا يبرهن فله تحليفه: أي تحليف المدعي الاول، تأمل.
وعبارة الدرر: ولو لم يكن له بينة واستحلفه: أي أراد تحليف المدعي جاز.
قوله: (وإلا فله تحليفه) أي تحليف المدعي.
قال في نور العين: أراد تحليفه فبرهن أن المدعي حلفني على هذه الدعوى عند قاضي كذا يقبل، ولولا بينة له فله تحليف المدعي لانه يدعي بقاء حقه في اليمين، ولو ادعى أن المدعي أبرأني عن هذه الدعوى ليس له تحليفه إن لم يبرهن إذ المدعي بدعواه استحق الجواب على المدعى عليه.
والجواب إما إقرار أو إنكار، وقوله: أبرأني الخ ليس بإقرار ولا إنكار فلا يسمع ويقال له أجب خصمك ثم ادع ما شئت، وهذا بخلاف ما لو قال أبرأني عن هذا الالف فإنه يحلف، إذ دعوى البراءة عن المال إقرار بوجوبه والاقرار جواب ودعوى الابراء مسقط فيترتب عليه اليمين، ومنهم من قال الصواب أن يحلف على دعوى البراءة كما يحلف على دعوى التحليف وإليه مال.
منح.
وعليه أكثر قضاة زماننا ا ه.
وعبارة الدرر: ولو لم يكن له بينة واستحلفه
: أي أراد تحليف المدعي جاز انتهت، وبه علم ما في عبارة الشارح من الايهام، فتنبه.
قوله: (ولم أر(6/110)
الخ) وجدت في هامش نسخة شيخنا بخط بعض العلماء ما نصها: قد رأيتها في أواخر القضاء قبيل كتاب الشهادة من فتاوى الكرنبشي معزيا لاول قضاء جواهر الفتاوى.
وعبارته: رجل ادعى على آخر دعوى وتوجهت عليه اليمين فلما عرض القاضي اليمين عليه قال: إني حلفت بالطلاق إني لا أحلف أبدا والآن لا أحلف حتى لا يقع علي الطلاق، فإن القاضي يعرض عليه اليمين ثلاثا ثم يحكم بالنكول، ولا يسقط عنه اليمين بهذا اليمين ا ه.
قوله: (فيحرر) أقول: سبق عن العناية أن القاضي لا يجد بدا من إلحاق الضرر بأحدهما في الاستحلاف في الحاصل أو على السبب، فمراعاة جانب المدعي أولى، فعلى هذا لا يعذر بدعواه الحلف بالطلاق ويقضي عليه بالنكول، على أن ذلك يكون بالاولى لانه هو الذي ألحق الضرر بنفسه بإقدامه على الحلف بالطلاق ا ه أبو السعود.
أقول: وأيضا لو كان ذلك حجة صحيحة لتحيل له كل من توجه عليه يمين فيلزم منه ضياع حق المدعي ومخالفة نص الحديث اليمين على من أنكر فتدبر.
باب التحالف قوله: (أو وصفه) كالبخاري والبغدادي.
قوله: (أو جنسه) كدراهم أو دنانير قوله: (أو في قدر مبيع) فلو في وصفه فلا تحالف، والقول للبائع كما سيذكره الشارح.
قوله: (والاختلاف في الثمن) أقول: في زيادة لو هنا في الموضعين خلل.
وعبارة الهداية: لو كان الاختلاف في الثمن والمبيع جميعا فبينة جميعا فبينة البائع في الثمن أولى، وبينة المشتري في المبيع أولى نظر إلى زيادة الاثبات، قاله شيخ والدي المفتي محمد تاج الدين المدني.
قوله: (فإن رضي الخ) هذه العبارة لا تشمل إلا صورة الاختلاف فيهما، فالاولى أن يقول كما قال غيره: فإن تراضيا على شئ: أي بأن رضي البائع بالثمن الذي ادعاه المشتري أو رضي المشتري بالبيع الذي ادعاه البائع عند الاختلاف في أحدهما أو رضي كل بقول الآخر عند الاختلاف فيهما.
وقال الحلبي: العبارة فاسدة، والصواب كما قال غيره: فإن تراضيا على شئ.
قوله: (فيفسخ من له الخيار) قال في البحر: وأشار بعجزها إلى أن البيع ليس فيه خيار لاحدهما،
ولهذا قال في الخلاصة: إذا كان للمشتري خيار رؤية أو خيار عيب أو خيار شرط لا يتحالفان اه.
والبائع كالمشتري، فالمقصود أن من له الخيار متمكن من الفسخ فلا حاجة إلى التحالف، ولكن ينبغي أن البائع إذا كان يدعي زيادة الثمن وأنكرها المشتري فإن خيار المشتري يمنع التحالف، وأما خيار البائع فلا، ولو كان المشتري يدعي زيادة المبيع ينكرها فإن خيار البائع يمنعه لتمكنه من الفسخ، وأما خيار المشتري فلا، هذا ما ظهر لي تخريجا لا نقلا اه.(6/111)
وحاصله، أن من له الخيار لا يتمكن من الفسخ دائما فينبغي تخصيص الاطلاق.
قوله: (وبدئ بيمين المشتري) أي في الصورة الثلاث كما في شرح ابن الكمال: وقوله: لانه البادئ بالانكار قال السائحاني: هذا ظاهر في التحالف في الثمن، أما في المبيع مع الاتفاق على الثمن فلا يظهر لان البائع هو المنكر فالظاهر البداءة به، ويشهد له ما سيأتي أنه إذا اختلف المؤجر والمستأجر في قدر المدة بدئ بيمين المؤجر، وإلى ذلك أومأ القهستاني ا ه.
وبحث مثل هذا البحث العلامة الرملي.
قوله: (بأن كان مقايضة) أي سلعة بسلعة.
قوله: (أو صرفا) أي ثمنا بثمن.
قوله: (ويقتصر على النفي) بأن يقول البائع والله ما باعه بألف والمشتري والله ما اشتراه بألفين.
قوله: (في الاصح) وفي الزيادات: يحلف البائع والله ما باعه بألف ولقد باعه بألفين ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ولقد اشتراه بألف.
س.
قوله: (بل بفسخهما) ظاهر ما ذكره الشارحون أنهما لو فسخاه انفسخ بلا توقف على القاضي وأن فسخ أحدهما لا يكفي وإن اكتفى بطلب أحدهما.
بحر.
وذكر فائدة عدم فسخه بنفس التحالف أنه لو كان المبيع جارية فللمشتري وطؤها كما في النهاية.
قوله: (والسلعة قائمة) احتراز عما إذا هلكت، وسيأتي متنا.
قوله: (كاختلافهما في الزق) هو الظرف إذا أنكر البائع أن هذا زقه، وصورته كما في الزيلعي: أن يشتري الرجل من آخر سمنا في زق وزنه مائة رطل ثم جاء بالزق فارغا ليرده على صاحبه ووزنه عشرون فقال البائع ليس هذا زقي وقال المشتري هو زقك فالقول قول المشتري سواء سمي لكل رطل ثمنا أو لم يسم، فجعل هذا اختلافا في المقبوض وفيه القول قول القابض إن كان في ضمنه اختلاف في الثمن، ولم يعتبر في إيجاب التحاليف لان الاختلاف فيه وقع مقتضى
اختلافهما في الزق ا ه.
قوله: (نحو أجل) ذكر في البحر هنا مسألة عجيبة فلتراجع.
قوله: (نحو أجل وشرط) لانهما يثبتان بعارض الشرط والقول لمنكر العوارض، فقد جزموا هنا بأن القول لمنكر الخيار كما علمت.
وذكروا في خيار الشرط فيه قولين قدمناهما في بابه، والمذهب ما ذكروه هنا.
بحر.
أطلق الاختلاف في الاجل فشمل الاختلاف في أصله وقدره فالقول لمنكر الزائد، بخلاف ما لو اختلفا في الاجل في السلم فإنهما يتحالفان كما قدمناه في بابه، وخرج الاختلاف في مضيه فإن القول فيه للمشتري لانه حقه وهو منكر استيفاء حقه.
كذا في النهاية.
بحر.
وفيه ويستثني من الاختلاف في الاجل ما لو اختلفا في أجل السلم بأن ادعاه أحدهما ونفاه الآخر فإن القول فيه لمدعيه عند الامام لانه فيه شرط وتركه فيه مفسد للعقد وإقدامهما عليه يدل على الصحة، بخلاف ما نحن فيه، لانه لا تعلق له بالصحة والفساد فيه فكان القول لنا فيه.
قوله: (وشرط رهن) أي بالثمن من المشتري ط.
قوله:(6/112)
(أو ضمان) أي اشتراط كفيل.
قوله: (وقبض بعض ثمن) أو حط البعض أو إبراء الكل.
بحر.
والتقييد به اتفاقي، إذا الاختلاف في قبض كله كذلك وهو قبول قول البائع وإنما لم يذكره باعتبار أنه مفروغ عنه بمنزلة سائر الدعاوى.
كذا في النهاية.
بحر.
قوله: (بيمينه) لانه اختلاف ي غير المعقود عليه وبه فأشبه الاختلاف في الحط والابراء، وهذا لان بانعدامه لا يختل ما به قوام العقد، بخلاف الاختلاف في وصف الثمن أو جنسه فإنه بمنزلة الاختلاف في القول في جريان التحالف لان ذلك يرجع إلى نفس الثمن، فإن الثمن دين وهو يعرف بالوصف ولا كذلك الاجل، ألا ترى أن الثمن موجود بعد مضيه.
بحر.
قوله: (إذاختلفا) أي في مقدار الثمن.
معراج.
ومثله في متن المجمع.
قوله: (بعد هلاك المبيع) أفاد أنه في الاجل وما بعده لا فرق بين كون الاختلاف بعد الهلاك أو قبله قوله: (المبيع) أي عند المشتري إذ قبل قبضه ينفسخ العقد بهلاكه.
معراج.
قوله: (أو تعيبه الخ) فيه أنه داخل في الهلاك لانه منه.
تأمل.
ثم إن عبارتهم هكذا: أو صار بحال لا يقدر على رده بالعيب.
قال في الكفاية: بأن زاد زيادة متصلة أو منفصلة ا ه: أي زيادة من الذات كسمن وولد وعقر.
قال في غرر الافكار: ولو لم تنشأ من الذات سواء كانت من حيث السعر أو غيره قبل القبض أو بعده
يتحالفان اتفاقا ويكون الكسب للمشتري اتفاقا ا ه.
ثم إن الشارح تبع الدرر.
ولا يخفى أن ما قالوه أولى لما علمت من شموله العيب وغيره.
تأمل.
قوله: (غير المشتري) فإنهما يتحالفان لقيام القيمة مقام العين العين كما في البحر س.
قوله: (على قيمة الهالك) إن قيميا ومثله إن مثليا خير الدين.
س.
قوله: (تحالفا إجماعا) وإن اختلفا في كون البدل دينا أو عينا إن ادعى المشتري أنه كان عينا يتحالفان عندهما، وإن ادعى البائع أنه كان عينا وادعى المشتري أنه كان دينا لا يتحالفان، والقول قول المشتري.
كفاية.
قوله: (لان المبيع كل منهما) أي فكان قائما ببقاء المعقود عليه فيرده.
بحر: أي يرد القائم.
قوله: (كما لو اختلفا) وبهذا علم أن الاختلاف في جنس الثمن كالاختلاف في قدره إلا في مسألة هي ما إذا كان المبيع هالكا.
بحر.
قوله: (تحالفا) لانهما لم يتفقا على ثمن فلا بد من التحالف للفسخ.
قوله: (بعد هلاك بعضه) أي هلاكه بعد القبض كما سيذكره قريبا.
قوله: (عند المشتري) قبل نقد الثمن.
قوله: (بعد قبضهما) فلو قبله يتحالفان من موتهما وموت أحدهما وفي الزيادة لوجود الانكار من الجانبين.
كفاية.
قوله: (عند أبي حنيفة) لان التحالف مشروط بعد القبض بقيام السلعة وهي اسم لجميع المبيع فإذا هلك بعضه انعدم الشرط، والقول للمشتري مع يمينه عنده لانكار الزائد.
غرر الافكار.
قوله: (أصلا) أي لا يأخذ من ثمن قيمة الهالك شيئا أصلا ويجعل الهالك كأن لم يكن وكان العقد على القائم فحينئذ يتحالفان في ثمنه، وبنكول أيهما لزم دعوى الآخر.
غرر الافكار.
قوله:(6/113)
(يتحالفان) أي على ثمن الحي ح.
قوله: (تخريج الجمهور) من صرف الاستثناء إلى التحالف.
قوله: (وصرف مشايخ بلخ الاستثناء الخ) أي المقدر في الكلام لان المعنى: ولا تحالف بعد هلاك بعضه بل اليمين على المشتري إلا أن يرضى الخ.
قال في غرر الافكار بعد ما قدمناه: وقيل الاستثناء ينصرف إلى حلف المشتري المفهوم من السياق: يعني يأخذ من ثمن الهالك قدر ما أقر به المشتري، إذ البائع أخذ القائم صلحا عن جميع ما ادعاه على المشتري فلم يبق حاجة إلى تحليف المشتري وعن أبي حنيفة أنه يأخذ من ثمن الهالك ما أقر به المشتري لا الزيادة فيتحالفان ويرادان في القائم اه.
قوله: (إلى يمين المشتري) وحينئذ فالبائع يأخذ الحي صلحا عما يدعيه قبل المشتري من الزيادة.
زيلعي.
قوله: (بعد
إقالة) قيد بالاختلاف بعدها لانهما لو اختلفا في قدره وتحالفا فالاختلاف في جنسه ونوعه وصفته كالاختلاف في المسلم فيه في الوجوه الاربعة كما قدمناه.
بحر.
قوله: (عقد السلم) إنها لم يجز التحالف لان موجب رفع الاقالة دعوى السلم مع أنه دين والساقط لا يعود.
سائحاني.
قوله: (للعبد والمسلم إليه) أي مع يمينهما.
بحر.
قوله: (ولا يعود السلم) لان الاقالة في باب السلم لا تحتمل النقض لانه إسقاط فلا يعود بخلاف البيع كما سيأتي، وينبغي أخذا من تعليلهم أنهما لو اختلفا في جنسه أو نوعه أو صفته بعدها فالحكم كذلك ولم أره صريحا.
بحر.
وفيه: وقد علم من تقريرهم هنا أن الاقالة تقبل الاقالة إلا في إقالة السلم وأن الابراء لا يقبلها، وقد كتبناه في الفوائد.
قوله: (لا تحالف) أي والقول للمنكر.
س.
قوله: (أو جنسه) كقوله هو هذا العبد وقولها هو هذه الجارية، فحكم القدر والجنس سواء إلا في فصل واحد، وهو أنه إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية أو أكثر فلها قيمة الجارية لا عينها كما في الظهيرية والهداية.
بحر.
وفيه: ولم يذكر حكمه بعد الطلاق قبل الدخول، وحكمه كما في الظهيرية أن لها نصف ما ادعاه الزوج، وفي مسألة العبد والجارية لها المتعة إلا أن يتراضيا على أن تأخذ نصف الجارية ا ه.
قوله: (البرهان) أما قبول بينة المرأة فظاهر لانها تدعي الالفين ولا إشكال، وإنما يرد على قبول بينة الزوج لانه منكر للزيادة فكان عليه اليمين لا البينة، كيف تقبل بينته؟ قلنا هو مدع صورة لانه يدعي على المرأة تسليم نفسها بأداء ما أقر به من المهر وهي تنكر والدعوى كافية لقبول البينة كما في دعوى المودع رد الوديعة.
معراج.
قوله: (لاثباتها) علة للمسألتين.
قال في الهامش: اختلف مع الورثة في مؤخر صداقها على الزوج ولابينة فالقول قولها بيمينها إلى(6/114)
قدر مهر مثلها.
حامدية عن البحر.
قوله: (على الصحيح) قيد للتهاتر.
قال في البحر: فالصحيح التهاتر، ويجب مهر المثل.
قوله: (ولم يفسخ النكاح) لان أثر التحالف في انعدام التسمية وأنه لا يخل بصحة النكاح لان المهر تابع فيه، بخلاف البيع، لان عدم التسمية يفسده على ما مر فيفسخ.
منح وبحر.
قوله: (ويبدأ بيمينه) نقل الرملي عن مهر البحر عن غاية البيان أنه يقرع بينهما استحبابا، واختار في الظهيرية وكثيرون أنه يبدأ بيمينه، والخلاف في الاولوية.
قوله: (لان أول التسليمين)
تسليم المهر وتسليم الزوجة نفسها.
قوله: (ويحكم) هذا أعني التحالف أولا ثم التحكيم قول الكرخي: لان مهر المثل لا اعتبار به مع وجود التسمية وسقوط اعتبارها بالتحالف، فلهذا تقدم في الوجوه كلها، وأما على تخريج الرازي فالتحكيم قبل التحالف، وقد قدمناه في المهر مع بيان اختلاف التصحيح وخلاف أبي يوسف.
بحر.
قوله: (قبل الاستيفاء) لان التحالف في البيع قبل القبض على وفق القياس والاجارة قبل الاستيفاء نظيره.
بحر.
والمراد بالاستيفاء التمكن منه في المدة وبعدمه عدمه لما عرف أنه قائم مقامه في وجوب الاجر.
بحر.
قوله: (تحالفا) وأيهما نكل لزمه دعوى صاحبه وأيهما برهن قبل.
قوله: (وبدئ بيمين المستأجر الخ) فإن قيل: كان الواجب أن يبدأ بيمين الآخر لتعجيل فائدة النكول فإن تسليم المعقود عليه واجب؟ أجيب: بأن الاجرة إن كانت مشروطة التعجيل، فهو كالاسبق إنكارا فيبدأ به، وإن لم يشترط لا يمتنع الآجر من تسليم العين المستأجرة، لان تسليمه لا يتوقف على قبض الاجرة.
أبو السعود عن العناية.
قوله: (لو في المدة) وإن كان الاختلاف فيهما قبلت بينة كل منهما فيما يدعيه من الفضل، نحو: أن يدعي هذا شهرا بعشرة والمستأجر شهرين بخمسة فيقضي بشهرين بعشرة.
بحر.
قوله: (وبعده) أي بعد الاستيفاء.
قوله: (وإن اختلف الزوجان) قيد به للاحتراز عن اختلاف نساء الزوج دونه، وعن اختلاف الاب مع بنته في جهازها أو مع ابنه فيما في البيت، وعن اختلاف إسكاف وعطار في آلة الاساكفة أو العطارين وهي في أيديهما، واختلاف المؤجر والمستأجر في متاع البيت، واختلاف الزوجين فيما في أيديهما من غير متاع البيت وبيان الجميع في البحر فراجعه، وسيأتي بعضه.
قوله: (قام النكاح أولا) بأن طلقها مثلا ويستثنى ما إذا مات بعد عدتها كما سيأتي.
قال الرملي في حاشية البحر في لسان الحكام ما يخالف ذلك فارجع(6/115)
إليه، ولكن الذي هنا هو الذي مشى عليه الشراح.
قوله: (صلح له) الضمير راجع لكل.
وفي القنية من باب ما يتعلق بتجهيز البنات: افترقا وفي بيتها جارية نقلتها مع نفسها واستخدمتها سنة والزوج عالم به ساكت ثم ادعاها فالقول له، لان يده كانت ثابتة ولم يوجد المزيل اه.
وبه علم أن سكوت الزوج عند نقلها ما يصلح لهما لا يبطل دعواه في البدائع، هذا كله إذا لم
تقر المرأة أن هذا المتاع اشتراه، فإن أقرت بذلك سقط قولها لانها أقرت بالملك لزوجها، ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت الانتقال إلا بالبينة اه.
وكذا إذا ادعت أنها اشترته منه كما في الخانية، ولا يخفى أنه لو برهن على شرائه كان كإقرارها بشرائه، فلا بد من بينة على الانتقال إليها منه بهبة ونحو ذلك، ولا يكون استمتاعها بمشريه ورضاه بذلك دليلا على أنه ملكها ذلك كما تفهمه النساء والعوام، وقد أفتيت بذلك مرارا.
بحر.
وذكر في الهامش القول للمرأة مع يمينها فيما تدعيه أن ملكها مما هو صالح للنساء، ومما هو صالح للرجال والنساء، وكذا القول قولها مع يمينها أيضا فيما تدعيه أنه وديعة تحت يدها مما هو صالح للنساء ومما هو صالح للنساء والرجال، والله أعلم.
كذا في الحامدية عن الشلبي.
قوله: (الظاهرين) أي فرجعنا إلى اعتبار اليد وإلا فالتعارض يقتضي التساقط.
قوله: (درر) عبارة الدرر: إلا إذا كان كل منهما يفعل أو يبيع ما يصلح للآخر اه: أي إلا أن يكون الرجل صائغا، وله أساور وخواتيم النساء والحلي والخلخال ونحوها فلا يكون لها، وكذا إذا كانت المرأة دلالة تبيع ثياب الرجال، أو تاجرة تتجر في ثياب الرجل أو النساء أو ثياب الرجال وحدهما.
كذا في شروح الهداية اه.
قال في الشرنبلالية: قوله: إلا إذا كان كل منهما يفعل أو يبيع ما يصلح للآخر ليس على ظاهره في عمومه.
ففي قول أحدهما يفعل أو يبيع الآخر ما يصلح له، لان المرأة إذا كانت تبيع ثياب الرجال أو ما يصلح لهما كالآنية والذهب والفضة والامتعة والعقار فهو للرجل، لان المرأة وما في يدها للزوج، والقول في الدعاوى لصاحب اليد، بخلاف ما يختص بها لانه عارض يد الزوج أقوى منها، وهو الاختصاص بالاستعمال كما في العناية، ويعلم مما سيذكره المصنف رحمه الله تعالى اه.
وحينئذ فقول الدرر: وكذا إذا كانت المرأة دلالة الخ، معناه أن القول فيه للزوج أيضا، إلا أنه خرج منه ما لو كانت تبيع ثياب النساء بقوله: قبله، فالقول لكل منهما فيما يصلح له، ويمكن حمل كلام الشارح على هذا المعنى أيضا بجعل الضمير فقوله، فالقول له راجعا إلى الزوج، ثم قوله: لتعارض الظاهرين لا يصلح علة سواء حمل الكلام على ظاهره أو على هذا المعنى.
أما الاول فلانه إذا كان الزوج يبيع يشهد له ظاهران اليد والبيع لا ظاهر واحد، فلا تعارض إلا إذا كانت هي تبيع ذلك، فلا يرجح ملكها لما ذكره الشرنبلالي إلا إذا كان مما يصلح لها، لا على أن التعارض لا يقتضي الترجيح،
بل التهاتر.
وأما الثاني فلانه إذا كان الزوج يبيع فلا تعارض كما مر، وأما إذا كانت تبيع هي فكذلك لما مر أيضا، فتنبه.
أقول: وما ذكره الشرنبلاية عن العناية صرح به في النهاية، لكن في الكفاية ما يقتضي أن(6/116)
القول للمرأة حيث قال: إلا إذا كانت المرأة تبيع ثياب الرجال، وما يصلح للنساء كالخمار والدرع والملحفة والحلي، فهو للمرأة: أي القول قولها فيها لشهادة الظاهر ا ه.
ومثله في الزيلعي.
قال: وكذا إذا كانت المرأة تبيع ما يصلح للرجال لا يكون القول قوله: في ذلك ا ه.
فالظاهر أن في المسألة قولين فليحرر.
قوله: (والبيت للزوج) أي لو اختلفا في البيت فهو له.
قوله: (لها بينة) أي فيكون البيت لها وكذا لو برهنت على كل ما يصلح لها.
قوله: (لو حيين) بالتثنية.
قوله: (في المشكل) انظر ما حكم غيره، والظاهر أن حكمه ما مر، ثم رأيته في ط عن الحمودي.
قوله: (فالقول فيه للحي) مع يمينه.
در منتقى.
إذ لايد للميت، وذكر في البحر عن الخزانة استثناء ما إذا كانت المرأة ليلة الزفاف في بيته، فالمشكل وما يجهز مثلها به لا يستحسن جعله للزوج إلا إذا عرف بتجارة جنس منه فهو له، وألحق صاحب البحر ما إذا اختلفا في الحياة ليلة الزفاف، قال: وينبغي اعتماده للفتوى إلا أن يوجد نص بخلافه.
قوله: (ولو رقيقا) يستغني عنه بما يأتي في المتن ح.
قوله: (ولو أحدهما مملوكا إلى قوله: وللحي في الموت) كذا في عامة شروح الجامع، وذكر الرضي أنه سهو.
والصواب أنه للحر مطلقا.
وذكر فخر الاسلام أن القول له هنا في الكل لا في خصوص المشكل كما في القهستاني.
سائحاني.
قوله: (تسعة أقوال) الاول ما في الكتاب وهو قول الامام.
الثاني قول أبي يوسف: للمرأة جهاز مثلها والباقي للرجل: يعني في المشكل في الحياة والموت.
الثالث قول ابن أبي ليلى: المتاع كله له ولها ما عليها فقط.
والرابع قول ابن معن وشريك: هو بينهما.
الخامس قول الحسن البصري كله لها وله ما عليه.
السادس قول شريح البيت للمرأة: السابع قول محمد في المشكل للزوج في الطلاق والموت ووافق الامام فيما لا يشكل.
الثامن قول زفر المشكل بينهما.
التاسع قول مالك: الكل بينهما هكذا حكى الاقوال في خزانة الاكمل ولا يخفى أن التاسع هو الرابع.
بحر.
كذا في الهامش.
قوله:
(لان يد الحر الخ) لف ونشر مرتب، قوله: (للميت) بحث فيه صاحب اليعقوبية.
قوله: (فهو على ما وصفناه في الطلاق) يعني المشكل للزوج ولها ما صلح لها لانها وقته حرة كما هو معلوم من السياق واللحاق، ويؤيده قول السراج: ولو كان الزوج حرا والمرأة مكاتبة أو أمة مدبرة أو أم ولد وقد أعتقت قبل ذلك ثم اختلفا في متاع البيع فما أحدثاه قبل العتق فهو للرجل، وما أحدثاه بعد فهما فيه كالحرين.
سائحاني.
قوله: (في الطلاق) أي في مسألة اختلاف الزوجين التي قبل قوله: وإن مات(6/117)
أحدهما فإنها تشمل حال قيام النكاح وبعده كما ذكره الشارح ا ه.
قوله: (ثم اعلم أن هذا) أي جميع ما مر إذا لم يقع التنازع بينهما في الرق والحرية والنكاح وعدمه فإن وقع إلى آخر ما في البحر، فراجعه.
قوله: (لانها صارت إلى الخ) يفيد أنهما لو ماتا فكذلك.
قوله: (بلا نظر) فهذا الفرع خالف ما قبله والمسائل الآتية بعده.
فرع: رجل تصرف زمانا في أرض ورجل آخر رأى الارض والتصرف ولم يدع ومات على ذلك لم تسمع بعد ذلك دعوى ولده فتترك على يد المتصرف لان الحال شاهد ا ه.
حامدية عن الولوالجية.
قوله: (بدرة) البدرة عشرون ألف دينار.
بحر كذا في الهامش.
قوله: (قطيفة) دثار مخمل والجمع قطائف وقطف مثل صحائف وصحف لانهما جمع قطيفة وصحيفة، ومنه القطائف التي تؤكل.
صحاح الجوهري.
كذا في الهامش.
قوله: (وآخر ممسك) الظاهر أنه ممسك الدفة التي هي للسفينة بمنزلة اللجام للدابة.
قوله: (بخلاف البقر والغنم) قال في المنح: أما لو كان بقرا أو غنما عليها رجلان أحدهما قائد والآخر سائق، فهي للسائق إلا أن يقود شاة معه فتكون له تلك الشاة وحدها.
كذا في الهامش.
فرع: رجل دفع إلى قصار أربع قطع كرباس ليغسلها فلما فرغ قال له القصار ابعث إلي رسولك لانفذ لك فجاء الرسول بثلاث قطع فقال القصار بعثت إليك أربع قطع وقال الرسول دفع إلي ولم يعده علي يقال لرب الثوب صدق أيهما شئت، فإن صدق الرسول برئ من الدعوى ونوجه اليمين على القصار إن حلف برئ وإن نكل وجب عليه الضمان، وكذلك إن صدق القصار برئ ووجب اليمين على الرسول ووجب عليه أجر القصار إذا حلف القصار على ذلك أو صدقه صاحب الثوب، لانه لما
حلف القصار ففي زعمه أنه أعطاه أربع قطع فيأخذ ذلك.
ولوالجية في الفصل الثاني.(6/118)
فصل في دفع الدعاوى قوله: (أو اودعنيه) ظاهر قوله: أودعنيه وما بعده يفيد أنه لا بد من دعوى إيداع الكل، وليس كذلك لما في الاختيار أنه لو قال النصف لي والنصف وديعة عندي لفلان وأقام بينة على ذلك اندفعت في الكل لتعذر التمييز ا ه.
بحر.
وفيه أيضا: وأفاد المؤلف أنه لو أجاب بأنها ليست لي أو هي لفلان ولم يزد لا يكون دفعا، وقيد بكونه اقتصر على الدفع بما ذكر للاحتراز عما إذا زاد وقال كانت داري بعتها من فلان وقبضها ثم أودعيها أو ذكر هبة وقبضا لم تندفع إلا أن يقر المدعي بذلك أو يعلمه القاضي.
قوله: (أو رهنيه) زيد أتى بالاسم لعلم، لانه لو قال: أودعنيه رجل لا أعرفه لم تندفع، فلا بد من تعيين الغائب في الدفع، وكذا في الشهادات كما سيذكره الشارح، فلو ادعاه من مجهول وشهدا بمعين أو عكسه لم تندفع.
بحر.
وفيه عن خزانة الاكمل والخانية: لو أقر المدعي أن رجلا دفعه إليه أو شهدوا على إقراره بذلك فلا خصومة بينهما وفيه: وأطلق في الغائب فشمل ما إذا كان بعيدا معروفا يتعذر الوصول إليه أو قريبا، كما في الخلاصة والبزازية.
قوله: (على ما ذكر) لكن لا تشترط المطابقة لعين ما ادعاه، لما في خزانة الاكمل: لو شهدوا أن فلانا دفعه إليه ولا ندري لمن هو فلا خصومة بينهما، وأراد بالبرهان وجود حجة سواء كانت بينة أو علم القاضي أو إقرار المدعي كما في الخلاصة، ولو لم يبرهن المدعى عليه وطلب يمين المدعي استحلفه القاضيد، فإن حلف على العلم كان خصما، وإن نكل فلا خصومة كما في خزانة الاكمل.
بحر.
قوله: (أو العين قائمة) أخذ التقييد من الاشارة بقوله: هذا الشئ لان الاشارة الحسية لا تكون إلا إلى موجود في الخارج كما أفاده في البحر، وسيأتي محترزه.
قال في الهامش: عبد هلك في يد رجل وأقام رجل البينة أنه عبده وأقام الذي مات في يده أنه أودعه فلان أو غصبه أو آجره لم يقبل، وهو خصم فإنه يدعي القيمة عليه وإيداع الدين لا يمكن، ثم إذا حضر الغائب وصدقه في الايداع والاجارة والرهن رجع عليه بما ضمن للمدعي.
أما لو كان غاصبا لم يرجع.
وكذا في العارية والاباق مثل الهلاك هاهنا، فإن عاد العبد يوما يكون عبدا
لمن استقر عليه الضمان ا ه بحر.
قوله: (نعرفه) أي الغائب.
قوله: (أو بوجهه) فمعرفتهم وجهه فقط كافيه عند الامام.
بزازية.
قوله: (وشرط محمد) محل الاختلاف فيما إذا ادعاه الخصم من معين بالاسم والنسب، فشهدا له بمجهول لكن قالا نعرفه بوجهه، وأما لو ادعاه من مجهول لم تقبل الشهادة إجماعا كذا في شرح أدب القضاء للخصاف.
قوله: (فلو حلف) لا يخفى أن التفريع غير ظاهر، فكان الاولى أن يقول: ولم يكتف محمد بمعرفة الوجه فقط يدل عليه قول الزيلعي: والمعرفة بوجهه فقط لا تكون معرفة: ألا ترى إلى قوله: عليه الصلاة والسلام لرجل أتعرف فلانا؟ فقال: نعم، فقال: هل تعرف اسمه ونسبه؟ فقال: لا، فقال: إذن لا تعرفه وكذا لو حلف الخ.
قوله: (عن البزازية) ونقل عنها في(6/119)
البحر.
قوله: (دفعت خصومة المدعى) أي حكم القاضي بدفعها، وأفاد أنه لو أعاد المدعي الدعوى عند قاض آخر لا يحتاج المدعى عليه إلى إعادة الدفع بل يثبت حكم القاضي الاول كما صرحوا به.
وظاهر قوله: دفعت أنه لا يحلف للمدعي أنه لا يلزمه تسليمه إليه ولم أره الآن.
بحر.
وفيه نظر، فإنه بعد البرهان كيف يحلف، أما قبله فقد نقل عن البزازية أنه يحلف على البتات لقد أودعها إليه لا على العلم، ثم نقل عن الذخيرة أنه لا يحلف لانه مدع الايداع ولو حلف لا تندفع، بل يحلف المدعي على عدم العلم.
قوله: (للملك المطلق) بومنه دعوى الوقف دعوى غلته كما حرره في البحر أول الفصل الآتي.
قال في البحر: ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى صورة دعوى المدعي، وأراد بها أن المدعي ادعى ملكا مطلقا في العين ولم يدع على ذي اليد فعلا بدليل ما يأتي من المسائل المقابلة لهذه.
وحاصل جواب المدعى عليه: أنه ادعى أن يده يد أمانة أو مضمونة والملك للغير، ولم يذكر برهان المدعي ولا بد منه لما عرف أن الخارج هو المطالب بالبرهان ولا يحتاج المدعى عليه إلى الدفع قبله.
وحاصله: أن المدعي لما ادعى الملك المطلق فيما في يد المدعى عليه أنكره فطلب من المدعي البرهان فأقامه ولم يقض القاضي به حتى دفعه المدعى عليه بما ذكر وبرهن على الدفع اه.
قوله: (بالحيل) بأن يأخذ مال إنسان غصبا ثم يدفعه سرا إلى مريد سفر ويودعه بشهادة الشهود، حتى إذا جاء الملك وأراد أن يثبت ملكه فيه أقام ذو اليد بينه على أن فلانا أودعه فيبطل حقه.
كذا في الدرر.
ح.
قوله: (في المختار) وفي المعراج: رجع إليه أبو يوسف حين ابتلى بالقضاء وعرف أحوال الناس فقال: المحتال من الناس يأخذ من إنسان غصبا ثم يدفعه سرا إلى من يريد السفر حتى يودعه بشهادة الشهود، حتى إذا جاء المالك وأراد أن يثبت ملكه يقيم ذو اليد بينة على أن فلانا أودعه فيبطل حقه وتندفع عنه الخصومة.
كذا في المبسوط.
قوله: (كما بسط في الدرر) ذكر هنا أقوال أئمتنا الثلاثة.
الرابعة قول ابن شبرمة: أنها لا تندفع عنه مطلقا.
والخامس: قول ابن أبي ليلى: تندفع بدون بينة لاقراره بالملك للغائب س.
قوله: (وفيه نظر) فيه نظر، لان وكلني يرجع إلى أودعنيه، وأسكنني إلى أعارنيه، وسرقته منه إلى غصبته منه، وضل منه فوجدته إلى أودعنيه وهي في يدي مزارعة إلى الاجارة أو الوديعة فلا يزاد على الخمس.
وكذا في الهامشن.
قوله: (بحر) ذكر في البحر بعد هذا ما نصه: والاولان راجعان إلى الامانة والثلاثة الاخيرة إلى الضمان إن لم يشهد في الاخيرة وإلا فإلى الامانة، فالصور عشر، وبه علم أن الصور لم تنحصر في الخمس ا ه ولا يخفى أنه بعد رجوع ما زاده إلى ما ذكر لا محل للاعتراض بعد الانحصار.
تأمل.
قوله: (أو هي في يدي) مقتضى كلامه أن هذه العبارة ليست في البحر مع أنها والتي بعدها فيه ح.
قوله: (ألحق) بصيغة الماضي.
قوله: (قال) أي في البزازية.
قوله: (فلا يزاد) أي(6/120)
لا تزاد مسألة المزارعة التي زادها البزازي وقد علمت مما في البحر أنه لا يزاد البقية أيضا.
قوله: (وقد حررته الخ) حيث عمم قوله: غصبته منه بقوله: ولو حكما فأدخل فيه قوله: أو سرقته منه أو انتزعته منه، وكذا عمم قوله: أودعنيه بقوله: ولو حكما، فأدخل فيه الاربعة الباقية، ولا يخفى أنه محرر أحسن مما هنا، فإنه هنا أرسل الاعتراض ولم يجب عنه إلا في مسألة المزارعة فأوهم خروج ما عداها عما ذكروه مع أنه داخل فيه كما علمت، فافهم.
قوله: (أو أقر ذو اليد) ولو برهن بعده على الوديعة لم تسمع.
بزازية.
قوله: (وقال ذو اليد) حاصل هذه أن المدعي ادعى في العين ملكا مطلقا فأنكره المدعى عليه فبرهن المدعي على الملك فدفعه ذو اليد بأنه اشتراها من فلان الغائب وبرهن عليه لم تندفع عنه الخصومة: يعني فيقضي القاضي ببرهان المدعي، لانه لما زعم أن يده يد ملك اعترض بكونه خصما.
بحر.
وفيه عن الزيلعي: وإذا لم تندفع هذه المسألة وأقام الخارج البينة فقضى له ثم أحال المقر
له الغائب وبرهن تقبل بينته، لان الغائب لم يصر مقتضيا عليه وإنما قضى على ذي اليد خاصة.
قوله: (اشتريته) ولو فاسدا مع القبض.
بحر.
قوله: (أو اتهبته) أشار به إلى أن المراد من الشراء الملك مطلقا.
قوله: (بل ادعى عليه) أي على ذي اليد الفعل، وقيد به للاحتراز عن دعواه على غيره فدفعه ذو اليد بواحد مما ذكر وبرهن فإنها تندفع كدعوى الملك المطلق كما في البزازية.
بحر.
وأشار الشارح إلى هذا أيضا بقوله، بخلاف قوله: غصب مني الخ، لكن قوله: وبرهن ينافيه ما سننقله عن نور العين عند قول المتن اندفعت من أنه لا يحتاج إلى البينة، وكذا مسألة الشراء التي ذكرها المصنف وهي مسألة المتون.
قوله: (أو قال سرق مني) ذكر الغصب تمثيل والمراد دعوى فعل عليه، فلو قال المدعي أودعتك أياه أو اشتريته منك وبرهن ذو اليد كما ذكرنا على وجه لا يفيد ملك الرقبة لا تندفع.
كذا في البزازية.
بحر.
فكان الاولى أن يقول: كأن قال.
قوله: (وبناه) ويعلم حكم ما إذا بناه للفاعل بالاولى.
بحر.
قوله: (الصحيح لا) أقول: هذا المذكور في الغصب، فما الحكم في السرقة؟ ويجب أن لا تندفع بالاولى كما في بنائه للمفعول وهو ظاهر.
تأمل.
رملي على المنح.
قوله: (بزازية) قال ادعى أنه ملكه وفي يده غصب فبرهن ذو اليد على الايداع قيل تندفع لعدم دعوى الفعل عليه، والصحيح أنها لا تندفع.
بحر س.
قوله: (وبرهن عليه) أراد بالبرهان إقامة البينة، فخرج الاقرار لما في البزازية معزيا إلى الذخيرة من صار خصما لدعوى الفعل عليه إن برهن على إقرار المدعي بإيداع الغائب منه تندفع كإقامته على الايداع لثبوت إقر المدعي أن يديه ليست خصومة ا ه.
بحر.
قوله: (لما قلنا) من أن المدعي ادعى الفعل عليه، أما في مسألتي المتن فأشار إلى علة الاولى بقوله: أو أقر ذو اليد بيد الخصومة وإلى علة الثانية بقوله: ادعى عليه الفعل أي فإنه صار خصما بدعوى الفعل عليه لا بيده بخلاف دعوى الملك المطلق، لانه خصم فيه باعتبار يده كما في البحر.
وأما علة إذا كان هالكا فلم يشر إليها وهي أنه يدعي الدين ومحله الذمة، فالمدعى عليه ينتصب خصما بذمته، وبالبينة أنه كان في(6/121)
يده وديعة لا يتبين أن ما في ذمته لغيره فلا تنفع كما في المعراج.
وكذا علة ما إذا قال الشهود أودعه من لا نعرفه وهي أنهم ما أحالوا المدعي عى رجل تمكن مخاصمته.
كذا قيل.
قوله: (في مجلسه) أي
مجلس الحكم.
قوله: (لسبق إقرار) بإضافة سبق إلى إقرار والدفع مفعول يمنع.
قوله: (ذلك) أي المذكور في كلام المدعي ح.
قوله: (أي بنفسه) تقييد لقوله: أودعنيه لا تفسير لقوله: ذلك ح.
قال في الهامش بنفسه: أي بنفس فلان الغائب.
قوله: (بلا بينة) لان الوكالة لا تثبت بقوله: معراج، ولانه لم يثبت تلقي اليد ممن اشترى هو منه لانكار ذي اليد ولا من جهة وكيله لانكار المشتري.
بحر.
قوله: (وإن لم يبرهن) وفي البناية ولو طلب المدعي يمينه على الايداع يحلف على البتات اه بحر.
قوله: (إلا إذا قال) أي المدعي.
قوله: (اشتريته) أي من الغائب.
كذا في الهامش.
قوله: (وهي عجيبة) لم يظهر وجه العجب.
قوله: (ولو ادعى الخ) المسألة تقدمت متنا قبيل باب عزل الوكيل معللة بأنه إقرار على الغير.
قلت: وكذا لو ادعى أنه أعاره لفلان كما يظهر من العلة.
قال في الهامش: الخصم في إثبات النسب خمسة: الوارث والوصي والموصى له والغريم للميت أو على الميت.
بزازية.
وكذلك في الارث جامع الفصولين اه.
قوله: (اندفعت) أي بلا بينة.
نور العين.
قوله: (دعوى سرقة لا) وهذا بخلاف قوله: إنه ثوبي سرقه مني زيد.
وقال ذو اليد: أودعنيه زيد ذلك لا تندفع الخصومة استحسانا.
يقول: الحقير: لعل وجه الاستحسان هو أن الغصب إزالة اليد المحقة بإثبات اليد المبطلة كما ذكر في كتب الفقه، فاليد للغاصب في مسألة الغصب، بخلاف مسألة السرقة إذا اليد فيها لذي اليد إلا لا يد للسارق شرعا، ثم إن في عبارة لا يد للسارق نكتة لا يخفى حسنها عى ذوي النهي.
نور العين.
وهذا أولى، وما قاله السائحاني يجب حمله على ما إذا قال سرق مني أما لو قال سرقه الغائب مني فإنها تندفع لتوافقهما أن اليد للغائب وصار من قبيل دعوى الفعل على غير ذي اليد، وهي تندفع كما في البحر لكن ذكر بعده هذه المسألة، وأفاد أنها بنيت للفاعل وصرح بذلك في الفصولين، فلعل في المسألة قولين قياسا واستحسانا ا ه.
قوله: (لا تندفع) قال صاحب البحر: وقد سئلت بعد تأليف هذا المحل بيوم: عن رجل أخذ متاع أخته من بيتها ورهنه وغاب فادعت الاخت به على ذي اليد فأجاب بالرهن.
فأجبت: إن ادعت المرأة غصب أخيها وبرهن ذو اليد على الرهن اندفعت وإن ادعت السرقة لا اه: أي لا تندفع وظاهره أنها ادعت سرقة أخيها مع أنا قدمنا عنه أن تقييد دعوى الفعل على ذي اليد
للاحتراز عن دعواه على غيره فإنه لو دفعه ذو اليد لواحد مما ذكر وبرهن تندفع، فيجب أن يحمل على(6/122)
أنها ادعت أنه سرق منها مبنيا للمجهول ليكون الدعوى على ذي اليد لكن ينافيه قولها إن أخاها أخذه من بيتها.
تأمل.
قوله: (يمهل إلى المجلس الثاني) أي بعد أن سأله عنه وعلم أنه دفع صحيح كما قدمناه قبل التحكيم.
قوله: (للمدعي تحليف الخ) خلافا لما في الذخيرة لانه يدعي الايداع ولا حلف على المدعي ح.
كذا في الهامش.
فروع: ادعى نكاح امرأة لها زوج يشترط حضرة الزوج الظاهر.
جامع الفصولين.
السباهي لا ينتصب خصما لمدعي الارض ملكا أو وقفا.
خيرية من الدعوى.
الاصل سقوط دعوى الملك المطلق دون المقيد بسبب، در منتفى.
المشتري ليس بخصم للمستأجر والمرتهن.
جامع الفصولين في الفصل الثالث.
باب دعوى الرجلين لا يخفى عليك أن عقد الباب لدعوى الرجلين على ثالث، وإلا فجميع الدعاوى لا تكون إلا بين اثنين، وحينئذ لا تكون هذه المسألة من مسائل هذا الكتاب، فلذلك ذكره صاحب الهداية والكنز في أوائل كتاب الدعوى.
قلت: ولعل صاحب الدرر إنما أخرها إلى هذا المقام مقتضيا في ذلك أثر صاحب الوقاية لتحقق مناسبة بينها وبين مسائل هذا الباب بحيث تكون فاتحة لمسائله وإن لم تكن منه.
عزمي.
قوله: (حجة خارج) الخارج وذو اليد لو ادعيا إرثا من واحد فذو اليد أولى كما في الشراء، هذا إذا ادعى الخارج وذو اليد تلقى الملك من جهة واحد، فلو ادعياه من جهة اثنين يحكم للخارج، إلا إذا ثبت تاريخ ذي اليد، بخلاف ما لو ادعياه من واحد فإنه ثمة يقضي لذي اليد إلا إذا سبق تاريخ الخارج والفرق في الهداية ولو كان تاريخ أحدهما أسبق، فهو أولى كما لو حضر البائعان وبرهنا وأرخا وأحدهما أسبق تاريخا والمبيع في يد أحدهما يحكم للاسبق.
ا ه فصولين من الثامن، وتمامه فيه.
قوله: (وفي ملك مطلق) لان الخارج هو المدعي والبينة بينة المدعي بالحديث، قيد الملك بالمطلق احترازا عن المقيد بدعوى النتاج، وعن المقيد بما إذا ادعيا تلقى الملك من واحد وأحدهما قابض وبما إذا ادعيا الشراء من اثنين
وتاريخ أحدهما أسبق فإن في هذه الصورة تقبل بينة ذي اليد بالاجماع كما سيأتي.
درر.
فرع: في الهامش: إذا برهن الخارج وذو اليد على نسب صغير قدم ذو اليد إلا في مسألتين في الخزانة: الاولى لو برهن الخارج على أنه ابنه من امرأته وهما حران، وأقام ذو اليد بينة أنه ابنه ولم ينسبه(6/123)
إلى أمه فهو للخارج الثانية لو كان ذو اليد ذميا والخارج مسلما، فبرهن الذمي بشهود من الكفار وبرهن الخارج قدم الخارج سواء برهن بمسلمين أو بكفار، ولو برهن الكافر بمسلمين قدم على المسلم مطلقا.
أشباه قبيل الوكالة ا ه.
قوله: (فقط) قيد بقوله: فقط لانه لو وقتا يعتبر السابق، كما يأتي متنا فالمراد سواء لم يوقتا أو وقت أحدهما وحده، ولو استوى تاريخهما فالخارج أولى، فالاعم قول الغرر: حجة الخارج في الملك المطلق أولى إلا إذا أرخا وذو اليد أسبق.
سائحاني.
قوله: (قال في دعواه هذا العبد الخ) تقدمت المسألة متنا قبيل السلم.
قوله: (تاريخ غيبة) لان قوله: منذ شهر متعلق بغاب فهو قيد للغيبة، وقوله: منذ سنة متعلق بما تعلق به قوله: لي أي ملك لي منذ سنة فهو قيد للملك وتاريخ له، والمعتبر تاريخ الملك ولم يوجد من الطرفين.
قوله: (وقال أبو يوسف) ضعيف.
قوله: (ولو حالة الانفراد) ينبغي إسقاطها لان الكلام في حالة الانفراد.
قوله: (كذا في جامع الفصولين) ذكر هذا في الفصل السادس عشر حيث قال: استحق حمار فطلب ثمنه من بائعه فقال البائع للمستحق من كم مدة غاب عنك هذا الحمار فقال منذ سنة، فبرهن البائع أنه ملكه منذ عشر سنين قضى به للمستحق، لانه أرخ غيبته لا الملك والبائع أرخ الملك، ودعواه دعوى المشتري لتلقيه من جهته فصار كأن المشتري ادعى ملك بائعه بتاريخ عشر سنين، غير أن التاريخ لا يعتبر حالة الانفراد عند أبي حنيفة فيبقى دعوى الملك المطلق، فحكم للمستحق.
أقول: يقضي بها للمؤرخ عند أبي يوسف لانه يرجح المؤرخ خالة الانفراد ا ه ملخصا.
وقد قدمه في الثامن وقال: لكن الصحيح والمشهور من مذهبه: يعني أبا حنيفة أنه: أي تاريخ ذي اليد وحده غير معتبر، تنبه.
ذكره خير الدين الرملي في حاشية الخ.
قوله: (ولو برهن خارجان) يعني إذا ادعى اثنان عينا في يد غيرهما وزعم كل واحد منهما أنها ملكه ولم يذكرا سبب الملك ولا تاريخه قضى
بالعين بينهما لعدم الاولوية، وأطلقه فشمل ما إذا ادعيا الوقف في يد ثالث فيقضي لكل وقف النصف وهو من قبيل دعوى الملك المطلق باعتبار ملك الواقف.
وتمام بيانه في البحر، وفيه بيان أن الغلة مثله وقيد بالبرهان منهما، إذ لو برهن أحدهما فقط فإنه يقضي له بالكل، فلو برهن الخارج الآخر يقضي له بالكل لان المقضي له صار ذا يد بالقضاء فتقدم بينة الخارج الآخر عليه.
بحر وتمامه فيه.
قوله: (ولو ميتة) أي ولم يؤرخا أو استوى تاريخهما كما هو في عبارة البحر عن الخلاصة.
قوله: (ولو ولدت) أي الميتة قبل الموت وظاهر العبارة أنها ولدت بعده.
ولكن ينظر هل يقال له ولادة.(6/124)
قوله: (وتمامه في الخلاصة) هو أنه يرث من كل واحد منهما ميراث ابن كامل، هما يرثان من الابن ميراث أب واحد ح.
قوله: (هي لمن صدقته) يشمل ما إذا سمعه القاضي أو برهن عليه مدعيه بعد إنكارها له.
بحر عن الخلاصة.
قوله: (إذا لم تكن الخ) أما إذا كانت في يد من كذبته أو دخل بها فهو أولى، ولا يعتبر قولها لان تمكنه من نقلها أو من الدخول بها دليل على سبق عقده، إلا أن يقيم الآخر البينة أنه تزوجها قبل فيكون أولى.
لان الصريح يفوق الدلالة.
زيلعي: بقي لو دخل بها أحدهما وهي في بيت الآخر ففي البحر عن الظهيرية أن صاحب البيت أولى.
قوله: (هذا إذا لم يؤرخا) وكذا إذا أرخا واستويا.
قوله: (فإن أرخا) أي الخارجان مطلقا.
قوله: (فالسابق أحق) أي وإن صدقت الآخر أو كان ذا يد ودخل بها.
والحاصل كما في الزيلعي: أنهما إذا تنازعا في امرأة وبرهنا فإن أرخا وتاريخ أحدهما أقدم كان هو أولى، وإن لم يؤرخا أو استويا فإن مع أحدهما قبض كالدخول بها أو نقلها إلى منزله كان هو أولى، وإن لم يوجد شئ يرجع إلى تصديق المرأة ا ه.
قوله: (فالسابق أحق بها) أي ولا يعتبر ما ذكره من كونها في يده أو دخل بها مع التاريخ لكونه صريحا، وهو يفوق الدلالة.
منح.
قوله: (فلو أرخ أحدهما) أي وصدقت الآخر أو كان ذا يد فإن لم يوجدا قدم المؤرج، فالتصديق أو اليد أقوى من التاريخ، وعلم مما مر أن اليد أرجح من التصديق ومن الدخول.
الحاصل كما في البحر: أن سبق التاريخ أرجح من الكل ثلم اليد ثم الدخول ثم الاقرار ثم تاريخ
أحدهما.
قوله: (أو لذي اليد) أي لو أرخ أحدهما وللآخر يد فإنها لذي اليد.
قوله: (وعلى ما مر عن الثاني) أي من أنه يقضي للمؤرخ حالة الانفراد على ذي اليد فيقضي هنا للمؤرخ، وإن كان الآخر ذا يد لترجح جانب المؤرخ حالة الانفراد عند أبي يوسف، وقدمنا عن الزيلعي أنه لو برهن أنه تزوجها قبله فهو أولى، وسيأتي متنا.
قوله: (وإن أقرت لمن لا حجة له فيه له) قال السائحاني: كان عليه أن يقول فإن لم تقم حجة فهي لمن أقرت له، ثم إن برهن الآخر قضى له الخ.
قوله: (من ذي يد) أما لو ادعيا الشراء من غير ذي اليد فسيأتي متنا في قوله: وإن برهن خارجان على ملك مؤرخ الخ.
قوله: (بنصف الثمن) أي الذي عينه فإن ادعى أحدهما أنه اشتراه بمائة والآخر بمائتين أخذ الاول نصفه بخمسين والآخر بمائة.
قوله: (ما قبضه) أي الثمن.
قوله: (وهو لذي يد) أي المدعي بالفتح.
قال في(6/125)
البحر: ولي إشكال في عبارة الكتاب هو أن أصل المسألة مفروض في خارجين تنازعا فيما في يد ثالث، فإذا كان مع أحدهما قبض كان ذا يد تنازع مع خارج فلم تكن المسألة.
ثم رأيت في المعراج ما يزيله من جواز أنه أثبت بالبينة قبضه فيما مضى من الزمان وهو الآن في يد البائع ا ه إلا أنه يشكل ما ذكره بعده عن الذخيرة بأن ثبوت اليد لاحدهما بالمعاينة ا ه والحق أنها مسألة أخرى وكان ينبغي إفرادها.
وحاصلها: أن خارجا وذا يد ادعى كل الشراء من ثالث وبرهنا قدم ذو اليد في الوجوه الثلاثة والخارج في وجه واحد ا ه.
وقد أشار المصنف إلى ذلك حيث ذكر قوله: ولذي وقت ولكن كان عليه أن يقدمه على قوله: ولذي يد لانه من تتمة المسألة الاولى، ويكون قوله: ولذي استثناف مسألة أخرى.
فرع: سئل في شاب أمرد كره خدمة من هو في خدمته لمعنى هو أعلم بشأنه وحقيقته فخرج من عنده فاتهمه أنه عمد إلى بينته وكسره في حال غيبته وأخذ منه كذا المبلغ سماه وقامت أمارة عليه بأن غرضه منه استبقاؤه واستقراره في يده على ما سيتواخاه، هل يسمع القاضي والحالة هذه عليه دعواه ويقبل شهادة من هو متقيد بخدمته وأكله وشربه من طعامه ومرقته والحال أنه معروف بحب الغلمان؟ الجواب ولكم فيسح الجنان.
الجواب: قد سبق لشيخ الاسلام أبي السعود العمادي رحمه الله تعالى في
مثل ذلك فتوى بأنه يحرم على القاضي سماع مثل هذه الدعوى معللا بأن مثل هذه الحيلة معهود فيما بين الفجرة، واختلافاتهم فيما بين الناس مشتهرة، ومن لفظه رحمه الله تعالى فيها لا بد للحكام أن لا يصغوا إلى مثل هذه الدعاوى بل يعزر والمدعى ويحجزوه عن التعرض لمثل ذلك الغمر المنخدع، وبمثله أفتى صاحب تنوير الابصار لانتشار ذلك غالب القرى والامصار.
ويؤيد ذلك فروع ذكرت في باب الدعوى تتعلق باختلاف حال المدعي وحال المدعى عليه، ويزيد ذلك بعد شهادة من بعشائه يتعشى وبغدائه يتغدى، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، والله تعالى أعلم.
فتاوى خيرية.
وعبارة المصنف في فتاواه بعد ذكر فتوى أبي السعود وأنا قول: إن كان الرجل معروفا بالفسق وحب الغلمان والتحيل لا تسمع دعواه ولا يلتفت القاضي لها، وإن كان معروفا بالصلاح والفلاح فله سماعها، والله تعالى أعلم.
قوله: (فقط) أقول: التاريخ في الملك المطلق لا عبرة به من طرف واحد، بخلافه في الملك يسبب كما هو معروف، قاله شيخ والدي مدني.
قوله: (والشراء أحق من هبة) أي لو برهن خارجان علي ذي يد أحدهما على الشراء منه والآخر على الهبة منه كان الشراء أولى، لانه أقوى لكونه معاوضة من الجانبين ولانه يثبت الملك بنفسه، والملك في الهبة يتوقف على القبض، فلو أحدهما ذا يد والمسألة بحالها يقضي للخارج أو للاسبق تاريخا، وإن أرخت إحداهما فلا ترجيح، ولو كل منهما ذا يد فهو لهما أو للاسبق تاريخا كدعوى ملك مطلق وأطلق في الهبة وهي مقيدة بالتسليم، وبأن لا تكون بعوض وإلا كانت بيعا، وأشار إلى استواء الصدقة والهبة المقبوضتين للاستواء في التبرع، ولا ترجيح للصدقة باللزوم لانه يظهر في ثاني الحال، وهو عدم التمكن من الرجوع في المستقبل، والهبة قد تكون لازمة كهبة محرم، والصدقة قد لا تلزم بأن كانت لغتي ا ه ملخصا من البحر.
وفيه: ولم أر حكم الشراء الفاسد مع(6/126)
القبض والهبة مع القبض، فإن الملك في كل متوقف على القبض وينبغي تقديم الشراء للمعاوضة ورده المقدسي بأن الاولى تقديم الهبة لكونها مشروعة.
قوله: (ولو أرخت إحداهما) أي إحدى البينتين.
قوله: (ولو اختلف المملك استويا) لان كلا منهما خصم عن مملكه في إثبات ملكه وهما فيه سواء،
بخلاف ما إذا اتحد لاحتياجهما إلى إثبات السبب وفيه يقدم الاقوى.
وفي البحر: لو ادعى الشراء من رجل وآخر الهبة والقبض من غيره والثالث الميراث من أبيه والرابع الصدقة من آخر قضى بينهم أرباعا لانهم يتلقون الملك من مملكهم، فيجعل كأنهم حضروا وأقاموا البينة على الملك المطلق اه.
قوله: (وهذا) أي استواؤهما فيما لو اختلف المملك، وكذا لو كانت العين في أيديهما ولم يسبق تاريخ أحدهما فإنهما يستويان كما قدمناه.
قوله: (فيما لا يقسم) كالعبد والدابة.
قوله: (لان الاستحقاق الخ) جواب عما قاله في العمادية من أن الصحيح أنهما سواء، لان الشيوع الطارئ لا يفسد الهبة والصدقة ويفسد الرهن اه.
وأقره في البحر وصدر الشريعة.
قال المصنف نقلا عن الدرر: عنده صورة الاستحقاق من أمثلة الشيوع الطارئ غير صحيح، والصحيح ما في الكافي والفصولين، فإن الاستحقاق إذا ظهر بالبينة كان مستندا إلى ما قبل الهبة فيكون مقارنا لها لا طارئا عليها ا ه: أي وحيث كان من قبيل المقارن، وهو يبطل الهبة إجماعا ينفرد مدعي للشراء بالبرهان فيكون أولى.
قوله: (لا الطارئ) لان الشيوع الطارئ لا يفسد الهبة والصدقة، بخلاف المقارن.
قوله: (وترجع هي) أي على الزوج.
قوله: (وهو بنصف الثمن) كالرجوع ببعض.
قوله: (لما مر) أي من تفريق الصفقة.
قوله: (فإن سبق تاريخ أحدهما) لكن يشترط في الشهادة أنه اشترى من فلان وهو يملكها كما في دعوى الحامدية عن البحر معزيا الحزانة الاكمل.
كذا في الهامش.
قوله: (مغلطا للجامع) أي جامع الفصولين في قوله: لو اجتمع نكاح وهبة يمكن أن يعمل بالبينتين لو استويا بأن تكون منكوحة، هذا وهبة الآخر بأن يهبه أمته المنكوحة فينبغي أن لا تبطل بينة الهبة حذرا من تكذيب المؤمن، وحملا له على الصلاح وكذا الصدقة مع النكاح وكذا الرهن مع النكاح اه.
قال مولانا في بحره: وقد كتبت في حاشيته أنه وهم لانه فهم أن المراد أنهما تنازعا في أمة أحدهما ادعى أنها ملكه بالهبة والآخر أنه تزوجها وليس مرادهم ذلك، وإنما المراد من النكاح المهر كما عبر به في الكتاب.
وتمامه في المنح.
قوله: (نعم الخ) ذكر هذا في الجامع بحثا كما علمت، وقال في البحر: ولم أره صريحا.
قوله: (معه) الضمير راجع للقبض.
قوله: (أقوى من الرهن) هذا إذا كانت(6/127)
في يد ثالث س.
قوله: (استويا) بحث فيه العمادي بأن الشيوع الطارئ يفسد الرهن، فينبغي أن يقضي بالكل لمدعي الشراء.
لان مدعي الرهن أثبت رهنا فاسدا فلا تقبل بينته فصار كأن مدعي الشراء انفرد بإقامة البينة.
وتمامه في البحر.
قلت: وعلى ما مر من أن الاستحقاق من الشيوع المقارن ينبغي أن يقضي لمدعي الشراء بالاولى، فالحكم بالاستواء على كل من القولين مشكل، فليتأمل.
قوله: (غير ذي يد) قيد به لان دعواهما الشراء من صاحب اليد قد مر في صدر الباب س.
قوله: (على ملك مؤرخ) قيد بالملك لانه لو أقامها على أنها في يده منذ سنتين، ولم يشهدوا أنها له قضى بها للمدعي، لانها شهدت باليد لا بالملك.
بحر.
قوله: (فالسابق أحق) لانه أثبت أنه أول المالكين فلا يتلقى الملك إلا من جهته ولم يتلق الآخر منه.
منح، وقيد بالتاريخ منها لانه إذا بم يؤرخها أو استويا فهي بينهما في المسألتين الاوليين، وإن سبقت إحداهما فالسابقة أولى فيهما، وإن أرخت إحداهما فقط فهي الاحمق في الثانية لا الاولى، وأما في الثانية فالخارج أولى في الصور الثلاث، وتمامه في البحر.
قوله: (متفق) صوابه النصب على الحال من فاعل برهنا ح.
قوله: (أو مختلف) أي تاريخهما، باقاني.
وإن ادعيا الشراء كل واحد منهما من رجل آخر فأقام أحدهما بينة بأنه اشتراه من فلان، وهو يملكها وأقام آخر البينة أنه اشتراه من فلان آخر وهو يملكها فإن القاضي يقضي به بينهما وإن وقتا فصاحب الوقت الاول أولى في ظاهر الرواية.
وعن محمد أنه لا يعتبر التاريخ، وإن أرخ أحدهما دون الآخر يقضي بينهما اتفاقا: فإن كان لاحدهما قبض فالآخر أولى، وإن كان البائعان ادعيا ولاحدهما يد فإنه يقضي للخارج منهما.
قاضيخان.
كذا في الهامش قوله: (عيني) ومثله في الزيلعي تبعا للكافي، ادهى في البحر أنه يقدم الاسبق كما في دعوى الشراء من شخص واحد، فإنه يقدم الاسبق تاريخا.
ورده الرملي بأنه هو الساهي، فإن في المسألة اختلاف الرواية، ففي جامع الفصولين: لو برهنا على الشراء من اثنين وتاريخ أحدهما أسبق اختلف الروايات في الكتب، فما ذكر في الهداية يشير إلى أنه لا عبرة لسبق التاريخ، وفي المبسوط ما يدل على أن الاسبق أولى، ثم رجح صاحب جامع الفصولين الاول اه ملخصا.
قلت: وفي نور العين عن قاضيخان: ادعيا شراء من اثنين يقضي به بينهما نصفين، وإن أرخا وأحدهما أسبق فهو أحق في ظاهر الرواية، وعن محمد: لا يعتبر التاريخ: يعني بينهما، وإن أرخ أحدهما فقط يقضي به بينهما نصفين وفاقا، فللاحدهما يد فالخارج أولى.
ثم قال في نور العين: فما في المبسوط يؤيده ما في قاضيخان أنه ظاهر الرواية، وما في الهداية اختيار قول محمد، ثم قال: ودليل ما في المبسوط وقاضيخان وهو أن الاسبق تاريخا يضيف الملك إلى نفسه في زمان لا ينازعه غيره أقوى من دليل ما في الهداية، وهو إنها يثبتان الملك لبائعها فكأنهما حضرا وادعيا الملك بلا تاريخ.
وجه قوة الاول غير خاف على من تأمل اه.
وكذا بحث في دليل ما في الهداية في الحواشي السعدية فراجعها.
وبه علم أن تقييد المصنف باتفاق التاريخ مبني على ظاهر الرواية، فهو أولى مما فعله الشارح وإن وافق الكافي والهداية، وأما الحكم عليه بالسهو كما في البحر فمما لا ينبغي.
قوله: (من رجل(6/128)
آخر) أي غير الذي يدعي الشراء منه صاحبه.
زيلعي.
قوله: (استويا) لانهما في الاولى يثبتان الملك لبائعهما، فكأنهما حضرا ولو وقت أحدها فتوقيته لا يدل على تقدم الملك لجواز أن يكون الآخر أقدم، بخلاف ما إذا كان البائع واحدا لانهما اتفقا على أن الملك لا يلتقي إلا من جهته، فإذا أثبت أحدهما تاريخا يحكم به حتى يتبين أنه تقدمه شراء غيره.
بحر.
ثم قال: وإذا استويا في مسألة الكتاب يقضي به بينهما نصفين ثم يخير كل واحد منهما إن شاء أخذ نصف العبد ينصف الثمن وإن شاء ترك اه.
قوله: (ملك بائعه) بأن يشهدوا أنه اشترها من فلان وهو يملكها.
بحر.
قوله: (أو برهنا) أي الخارج وذو اليد، وفي البحر أطلقه فشمل ما إذا أرخا واستوى تاريخهما أو سبق أو لم يؤرخا أصلا أو أرخت إحداهما فلا اعتبار بالتاريخ مع النتاج، إلا من أرخ تاريخا مستحيلا بأن لم يوافق سن المدعي وقت ذي اليد ووافق وقت الخارج فيحنئذ بحكم للخارج، ولو خالف سنة الوقتين لفت البينتان عند عامة المشايخ، ويترك في يد ذي اليد على ما كان.
كذا في رواية.
وهو بينهما نصفين في رواية.
كذا في جامع الفصولين.
وفيه برهن الخارج أن هذه أمته وولدت هذا القن.
في ملكي وبرهن ذو اليد على مثله يحكم بها للمدعي، لانهما ادعيا في الامة ملكا مطلقا فيقضي بها للمدعي، ثم يستحق القن تبعا
اه.
وبهذا ظهر أن ذا اليد إنما يقدم في دعوى النتاج على الخارج إذا لم يتنازعا في الام، أما لو تنازعا في ملك مطلق وشهدوا به وبنتاج ولدها فإنه لا يقدم، وهذه يجب حفظها اه.
قوله: (كالنتاج) هو ولادة الحيوان من نتجت عنده بالبناء للمفعول ولدت ووضعت كما في المغرب، والمراد ولادته في ملكه أو في ملك بائعه أو مورثه، وبيانه في البحر.
قوله: (فعلا) أي وإن لم يدع الخارج النتاج، تأمل.
قوله: (في رواية) الاولى أن يقول: في قول كما في الشرنبلالية.
قوله: (درر) اقتصر عليها الزيلعي وصاحب البحر وشراح الهداية.
ويؤيده ما كتبناه فيما يأتي تحت قول المصنف فلو لم يؤرخا فضي بها لذي اليد قال الزيلعي بعد تعليل، تقديم ذي اليد في دعوى النتاج: بأن اليد لا تدل على أولية الملك فكان مساويا للخارج فيها، فبإثباتها يندفع الخارج وبينة ذي اليد مقبولة للدفع، ولا يلزم ما إذا ادعى الخارج الفعل على ذي اليد حيث تكون بينته أرجح، وإن ادعى ذو اليد النتاج لانه في هذه أكثر إثباتا لاثباتها ما هو غير ثابت أصلا ا ه ملخصا.
ويستثنى أيضا ما إذا تنازعا في الام كما مر، وما إذا ادعى الخارج إعتاقا مع النتاج، وبيانه في البحر.
قوله: (ونسج خز) قال في الكفاية: الخز اسم دابة ثم سمي الثوب المتخذ من وبره خزا، قيل هو نسج، قإذا بلى يغزل مرة ثانية ثم ينسج ا ه عزمي.
كذا في الهامش.
قوله: (بحديث النتاج) هو ما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلا ادعى ناقة في يد رجل، وأقام البينة أنها ناقته نتجت عنده وأقام الذي هي في يده البينة أنها ناقته نتجتها فقضى بها رسول الله (ص) للذي هي قي يده وهذا حديث صحيح مشهور فصارت مسألة النتاج(6/129)
مخصومة.
بحر.
قوله: (من الآخر) أي من خصمه الآخر.
قوله: (بلا وقت) فلو وقتا يقضي لذي الوقت الآخر.
بحر.
قوله: (وقال محمد يقضي للخارج) لان العمل بهما ممكن فيجعل كأنه اشترى ذو اليد من الآخر وقبض ثم باع، وتمامه في البحر.
قوله: (بالملك له) فصار كأنهما قامنا على الاقرارين وفيه التهاتر بالاجماع.
كذا هنا.
قوله: (تهاترتا) لان الجمع غير ممكن.
بحر.
وهذا في غير العقار وبيانه في البحر أيضا.
قوله: (فهما سواء في ذلك) قال شيخ مشايخنا: ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يصل إلى حد التواتر فإنه حينئذ يفيد العلم فلا ينبغي أن يجعل كالجانب الآخر اه.
أقول: ظاهر ما في الشمني والزيلعي يفيد ذلك حيث قال: ولنا أن شهادة كل شاهدين علة تامة كما في حالة الانفراد والترجيح لا يقع بكثرة العلل بل بقوتها، بأن يكون أحدهما متواترا والآخر آحادا، أو يكون أحدهما مقسرا والآخر مجملا فيترجح المفسر على المجمل والمتواتر على الآحاد اه بيرى.
قوله: (بطريق المنازعة) اعلم أن أبا حنيفة رحمه الله اعتبر في هذه المسألة طريق المنازعة، وهو أن النصف سالم لمدعي الكل بلا منازعة فيبقى النصف الآخر وفيه منازعتهما على السواء فيتنصف، فلصاحب الكل ثلاثة أرباع ولصاحب النصف الربع، وهما اعتبرا طريق العول والمضاربة، وإنما سمي بهذا لان في المسألة كلا ونصفا، فالمسألة من اثنين وتعول إلى ثلاثة، فلصاحب الكل سهمان ولصاحب النصف سهم، هذا هو العول، وأما المضاربة فإن كل واحد يضرب بقدر حقه فصاحب الكل له ثلثان من الثلاثة فيضرب الثلثان في الدار، وصاحب النصف له ثلث من الثلاثة فيضرب الثلث في الدار فحصل ثلث الدار، لان ضرب الكسور بطريق الاضافة، فإنه إذا ضرب الثلث في الستة معناه ثلث الستة وهو اثنان.
منح.
قوله: (ومحاباة) الوصية بالمحاباة إذا أوصى بأن يباع العبد الذي فيمته ثلاثة آلاف درهم من هذا الرجل بألفي درهم، وأوصى لآخر أن يباع العبد الذي يساوي ألفي درهم بألف درهم حتى حصلت المحاباة لهما بألفي درهم كان الثلث بينهما بطريق العول والوصية بالدراهم المرسلة إذا أوصى لرجل بألف ولآخر بألفين كان الثلث بينهما بطريق العول والوصية بالعتق إذا أوصى بأن يعتق من هذا العبد نصفه وأوصى بأن يعتق من هذا الآخر ثلثه يقسم ثلث المال بينهما بطريق العول،(6/130)
ويسقط من كل واحد منهما حصته من السعاية ا ه ح.
كذا في الهامش، وفيه: مدبر جنى على هذا الوجه ودفعت القيمة إلى أولياء الجناية كانت القيمة بينهما بطريق العول، وأما ما يقسم بطريق المنازعة عندهم فمسألة واحدة ذكرها في الجامع: فضولي باع عبدا من رجل بألف درهم وفضولي آخر باع نصفه من آخر بخمسمائة فأجاز المولى البيعين جميعا يخير المشتريان، فإذا اختار الاخذ اخذ بطريق المنازعة ثلاثة أرباعه لمشتري الكل وربعه لمشتري النصف عندهم جميعا.
وفي البحر) عبد فقأ عين رجل وقتل آخر خطأ فدفع بهما، يقسم الجاني بينهما بطريق العول: وثلثاه لولي القتيل وثلثه للآخر.
بحر
اه.
قال المؤلف رحمه الله: وأسقط ابن وهبان الوصية بالعتق وبها تم الثمنان.
قوله: (لانه خارج) لان مدعي النصف تنصرف دعواه إلى ما في يده ولا يدعي شيئا مما في يد صاحبه.
قوله: (وبيانه في الكافي) ذكره في غرر الافكار فراجعه.
قوله: (ولو برهنا) يتصور هذا بأن رأى الشاهدان أنه ارتضع من لبن أنثى كانت في ملكه، وآخران رأيا أنه ارتضع من لبن أنثى في ملك آخر فتحل الشهادة للفريقين.
بحر عن الخلاصة، وقدمنا أنه لا اعتبار بالتاريخ مع النتاج إلا من أرخ تاريخا مستحيلا الخ، فتأمل.
قوله: (لذي اليد) هذا قيد لما إذا ادعى كل منهما النتاج فقط، إذ لو ادعى الخارج الفعل على ذي اليد كالغصب والاجارة والعارية، فبينة الخارج أولى لانها أكثر إثباتا لاثباتها الفعل على ذي اليد كما في البحر عن الزيلعي، ونقله في نور العين عن الذخيرة على خلاف ما في المبسوط، وقال: الظاهر أن ما في الذخيرة هو الاصح، والارجح لما في الخلاصة عن كتاب الولاء لخواهر زاده: أن ذا اليد إذا ادعى النتاج وادعى الخارج أنه ملكه غصبه منه ذو اليد أو أودعه له أو أعاره منه كانت بينة الخارج أولى، وإنما تترجح بينة ذي اليد على النتاج إذا لم يدع الخارج فعلا على ذي اليد، أما لو ادعى فعلا كالشراء وغير ذلك فبينة الخارج أولى، لانها أكثر إثباتا لانها تثبت الفعل عليه اه.
وانظر أيضا ما كتبناه قريبا بنحو ورقة.
قوله: (مما وقع في الكنز) حيث قال: وإن أشكل فلهما، لان قوله: وإن لم(6/131)
يوافقهما أعم من قول الكنز، وكذا قول الكنز فلهما مقيد بما إذا لم تكن في يد أحدهما.
وعبارة الملتقي والغرر: وإن أشكل فلهما وإن خالفهما بطل.
قال الشارح في شرح الملتقي: فيقضي لذي اليد قضاء ترك.
كذا اختاره في الهداية و الكافي.
قلت: لكن الاصح أنه كالمشكل كما جزم به في التنوير والدررو البحر وغيرهما فليحفظ اه.
قلت: نقل الشرنبلالي عن كافي الحاكم أن الاول هو الصحيح للتيقن بكذل البينتين فيترك في يد ذي اليد وقال: ومحصله اختلاف التصحيح.
قولح: (من زيد) هكذا وقع في النسخ، وصوابه على الغضب من يده أي من يد أحد الخارجين.
قال الزيلعي والمنح: معناه إذا كان عين في يد رجل فأقام
رجلان عليه البينة أحدهما بالغضب منه، والآخر بالوديعة استوت دعواهما حتى يقضي بها بينهما نصفين، لان الوديعة تصير غصبا بالجحود حتى يجب عليه الضمنان.
مدني.
والظاهر أن أراد على الغضب الناشئ من زيد فزيد هو الغاصب، فمن ليست صلة الغضب بل ابتدائية تأمل.
قوله: (الشهادة) فيسأل عن الشاهد إذا طعن الخصم بالرق لا إن لم يطعن فلا يقبل قوله: أنا حر بالنسبة إليها ما لم يبرهن، وإذا قذف ثم زعم أن المقذوف عبد لا يحد حتى يثبت المقذوف حريته بالحجة، وكذا لو قطع يد إنسان وكذا لو قتله خطأ وزعمت العاقلة أن المقتول عبد ط.
قوله: (والدية) الثلاث بمعنى واحد في المآل.
قوله: (واللابس للثوب) قال الشيخ قاسم: فيقضي له قضاء ترك لا استحقاق، حتى لو أقام الآخر البينة بعد ذلك يقضي له.
شرنبلالية.
قوله: (ومن في السرج) نقل الناطفي هذه الرواية عن النوادر، وفي ظاهر الرواية هي بينهما نصفين.
أقول: لكن في الهداية والملتقى مثل ما في المتن فتنبه، بخلاف ما إذا كانا راكبين في السرج فإنها بينهما قولا واحدا كما في العاية، ويؤخذ منه اشتراكهما إذا لم تكن مسرجة.
شرنبلالية.
قوله: (وذو حملها أولى ممن علق كوزه) احتراز هما لو كان له بعض حملها، إذ لو كان لاحدهما من والآخر مائة من كانت بينهما كما في التبيين.
قوله: (لاهدبته) يقال له بالتركي سجق: سعدية.
قوله: (بخلاف جالسي دار) كذا قال في العناية، ويخالفه ما في البدائع: لو ادعيا دارا وأحدهما ساكن فيها فهي للساكن وكذلك لو كان أحدهما أحدث فيها شيئا من بناء أو حفر فهي له، وإن لم يكن شئ من ذلك ولكن أحدهما داخل فيها والآخر خارج عنها فهي بينهما، وكذا لو كانا جميعا فيها لان اليد على العقار لا تثبت بالكون فيها وإنما تثبت بالتصرف اه.
تنبيه: قال في البدائع: كل موضع قضى بالملك لاحدهما لكون المدعي في يده يجب عليه اليمين(6/132)
لصاحبه إذا طلب، فإن نكل فضى عليه به.
شرنبلالية.
قوله: (وهنا علم) أي في الجلوس على البساط، والاولى وهناك قال الزيلعي: وكذا إذا كانا جالسين عليه فهو بينهما بخلاف ما إذا كانا جالسين في دار وتنازعا فيها حيث لا يحكم لهما بها لاحتمال أنها في يد غيرهما، وهنا علم أنه ليس
في يد غيرهما اه.
قوله: (لمن جذوعه عليه) ولو كان لاحدهما جذع أو جذعان دون الثلاثة وللآخر عليه أجذاع أو أكثر ذكر في النوازل: أن الحائط يكون لصاحب الثلاثة ولصاحب ما دون الثلاثة موضع جذعه.
قال: وهذا استحسان وهو قول أبي حنيقة وأبي يوسف آخرا.
وقال أبو يوسف: إن القياس أن يكون الحائط بينهما نصفين، وبه كان أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه يقول أولا، ثم رجع إلى الاستحسان.
قاضيخان في دعوى الحائط والطريق.
وبه أفتى الحامدي، وإذا لزم تعميره فعلى صاحب الخشبة عمارة موضعها كما في الحامدية: يعني ما تحتها من أسفل إلى الاعلى مما شاء أن تكتفي به الخشبة كما ظهر لي.
سائحاني.
ثم قال: وفي البزاية: جدار مشترك بين اثنين لاحدهما عليه حمولة للآخر أن يضع عليه مثل صاحبه إن كان الحائط يحتمل، وإلا يقال لذي الجذوع إن شئت فارفعها ليستوي صاحبك وإن شئت فحط بقدر ما يمكن محمل الشريك اه ملخصا.
وفي البزازية أيضا.
جدار بينهما أراد أحدهما أن يبني عليه سقفا آخر أو غرفة يمنع، وكذا إذا أراد أحدهما وضع السلم يمنع إلا إذا كان في القديم اه حامدية.
وأفتى فيها بحلافه نقلا عن العمادية فراجعها.
قوله: (أو متصل به اتصال تربيع) ثم في اتصال التربيع هل يكفي من جانب واحد؟ فعلى رواية الطحاوي يكفي، وهذا أظهر، وإن كان في ظاهر الرواية يشترط من جوانبه الاربع، ولو أقاما البينة قضى لهما ولو أقام أحدهما، قضى له.
خلاصة حامدية.
كذا في الهامش.
وإن كان كلا الاتصالين تصال تربيع أو اتصال مجاورة يقضي بينهما، وإن كان لاحدهما تربيع واللآخر ملازقة يقضي لصاحب التربيع، وإن كان لاحدهما تربيع واللآخر عليه جذوع فصاحب الاتصال أولى وصاحب الجذوع أولى من اتصال الملازقة.
ثم في اتصال التربيع هلى يكفي من جانب واحد؟ فعلى رواية الطحاوي يكفي، وهذا أظهر، وإن كان في ظاهر الرواية يشترط من جوانبه الاربع، ولو أقاما البينة قضى لهما ولو أقام أحدهما البينة قضى له.
خلاصة ووبزازية.
كذا بخط منلا علي قوله: (في لبنات الآخر) انظر ما في الزيلعي عن الكرخي وقد أشبع الكلام هنا رحمه الله.
قوله: (أو نقب) أي بأن نقب وأدخلت الخشبة، وهذا فيما لو كان من خشب.
قوله: (أو هرادي) الهرادي جمع هردية: قصبات تضم ملوية بطاقات من أقلام يرسل عليها قضبان
الكرم.
وكذا في الهامش.
وفي منهوات العزمية: الهردية بضم الهاء وسكوت الراء المهملة وكسر الدال المهملة والياء المشددة، والهرادي بفتح الهاء وكسر الدال ا ه.
قوله: (ولو لاحدهما جذوع) قال منلا(6/133)
علي: وإن كانت جذوع أحدهما أسفل وجذوع الآخر أعلى بطبقة وتنازعا في الحائط، فإنه لصاحب الاسفل لسبق يده ولا ترفع جذوع الاعلى.
عمادية في الفصل الخامس والثلاثين، ومثله في الفصولين.
قوله: (وإجارة) أي إجارة داره.
قوله: (أشباه من أحكام الساقط لا يعود) رجل استأذن جارا له في وضع جذوع له على حائط الجار أو في حفر سرداب تحت داره فأذن له في ذلك ففعل، ثم إن الجار باع داره فطلب المشتري رفع الجذوع والسرداب كان له ذلك، إلا إذا كان البائع شرط في البيع ذلك فحينئذ لا يكون للمشتري أن يطلب ذلك.
قاضيخان من باب ما يدخل في البيع تبعا من الفصل الاول، ومثله في البزازية من القسمة، وفي الاشباه من العارية، وراجع السيد أحمد محشيه منلا علي، والمسألة ستأتي في العارية.
قوله: (في حق ساحتها) إذا لم يعلم قدر الانصباء.
منية المفتي.
قوله: (كالطريق) الطريق يقسم على عدد الرؤوس لا بقدر مساحة الاملاك إذا لم يعلم قدر الانصباء، وفي الشرب متى جهل قدر الانصباء يقسم على عدد الاملاك لا لا الرؤوس.
منية.
فرع: الساباط إذا كان على حائط إنسان فانهدم الحائط ذكر صاحب الكتاب أن حمل الساباط وتعليقه على صاحب الحائط لان حمله مستحق عليه، وبه كان يفتي أبو بكر الخوارزمي، ويريد به أنه يملك مطالبته ببناء الحائط ا ه من الفصل الثالث من كتاب الحيطان لقاسم بن قطلو بغا اه من مراصد الحيطان.
وقوله ويريد به الخ: أي بقوله، لان حمله الخ، كذا ظهر لي فتأمل وانظر ما كتبناه في متفرقات القضاء.
قوله: (بخلاف الشرب) دار فيها عشرة أبيات لرجل وبيت واحد لرجل تنازعا في الساحة، أو ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر تنازعا فيه فذلك بينهما نصفان، ولا يعتبر بفضل اليد كما اعتبار بفضل الشهود لبطلان الترجيح بكثرة الادلة.
بزازية من الفصل الثالث عشر.
وبه علم أن ذلك حيث جهل أصل الملك، أما لو علم كما لو كانت الدار المذكورة كلها لرجل ثم مات عن أولاد تقاسموا البيوت منها فالساحة بينهم على قدر البيوت.
قوله: (بقدر سقيها) فعند كثرة الاراضي
تكثر الحاجة إليه فيتقدر بقدر الاراضي، بخلاف الانتفاع بالساحة فإنه لا يختلف باختلاف الاملاك كالمرور في الطريق.
زيلعي.
واعلم أن القسمة على الرؤوس في الساحة والشفعة وأجرة القسام والنوائب: أي الهوائية المأخوذة ظلما والعاقلة وما يرمي من المركب خوف الغرق والطريق.
كذا بخط الشيخ شاهين أبو السعود.
قوله: (أي الخارجات) كذا في الدررو المنح، وعبارة الهداية والزيلعي كغيرهما تفيد أنهما ذو يد، وفي الفصولين: ادعى كل منهما أنه لو وفي يده.
ذكر محمد في الاصل أن على كل منهما البينة، وإلا فاليمين إذ كل منهما مقر بتوجه الخصومة عليه لما ادعى اليد لنفسه، فلو برهن أحدهما حكم له باليد ويصير مدعي عليه والآخر مدعيا ولو برهنا يجعل المدعي في يدهما لتساويهما في إثبات اليد، وفي دعوى الملك في العقار لا تسمع إلا على ذي اليد ودعوى اليد تقبل على غير ذي اليد لو نازعه ذلك الغير في اليد فيجعل مدعيا لليد مقصودا ومدعيا للملك تبعا اه.
وفي الكفاية وذكر التمرتاشي: فإن(6/134)
طلب كل واحد يمين صاحبه ما هي في يده حلف كل واحد منهما ما هي في يد صاحبه على البتات، فإن حلفا لم يقض باليد لهما وبرئ كل دعوى صاحبه وتوقف الدار إلى أن يظهر المال، فإن نكلا قضى لكل بالنصف الذي في يد صاحبه، وإن نكل أحدهما قضى عليه بكلها للحالف نصفها الذي كان في يده ونصفها الذي كان في يد صاحبه بنكوله، وإن كانت الدار في يد ثالث لم تنزع من يده لان نكوله ليس بحجة في حق الثالث اه.
فعلم أن الخارجين قيد اتفاقي فالاولى حذفه.
قوله: (قضى به) لا يقال الاقرار بالرق من المضار فلا يعتبر من الصبي لانا نقول لم يثبت بقوله: بل بدعوى ذي اليد لعدم المعارض ولا نسلم أنه من المضار لامكان التدارك بعده بدعوى الحرية، ولا يقال: الاصل في الآدمي الحرية فلا تقبل الدعوى بلا بينة وكونه في يده لا يوجب قبول قوله عليه كاللقيط لا يقبل قول الملتقط أنه عبده وإن كان في يده لانا نقول: إذا اعترض على الاصل دليل خالفه بطل، وثبوت اليد دليل الملك ولا نسلم أن اللقيط إذا عبر عن نفسه وأقر بالرق يخالفه في الحكم وإن لم يعبر فليس في يد الملتقط من كل وجه لانه أمين.
زيلعي ملخصا.
باب دعوى النسب قوله: (الدعوة) أي بكسر الدال في النسب وبفتحها الدعوة إلى الطعام.
قوله: (في ملك المدعي) أي حقيقة أو حكما كما إذا وطئ جارية ابنه فولدت وادعاه فإنه يثبت ملكه فيها ويثبت عتق الولد ويضمن قيمتها لولده كما تقدم وجعلها الاتقاني دعوة شبهة.
قوله: (واستنادها) عطف علة على معاول قال في الدرر: والاول أقوى لانه أسبق لاستنادها.
ح.
قوله: (من ستة أشهر) أفاد أنهما اتفقا على المدة وإلا ففي التاترخانية عن الكافي قال البائع بعتها منك منذ شهر والولد مني، وقال المشتري بعتها مني لاكثر من سنة والولد ليس منك فالقول للمشتري بالاتفاق فإن أقاما الينة فالبينة للمشتري أيضا عند أبي يوسف وعند محمد للبائع، وسيذكره الشارح بقوله: ولو تنازعا وقيد بدعوى البائع إذ لو ادعاه ابنه وكذبه المشتري صدقه البائع اولا فدعوته باطلة وتمامه فيها.
قوله: (فادعاه) أفاد بالفاء أن دعوته قبل الولادة موقوفة، فإن ولدت حيا ثبت وإلا فلا كما في الاختيار، ويلزم البائع أن الامة لو كانت بين جماعة فشراها أحدهم فولدت فادعوه جميعا ثبت منهم عنده وخصاه باثنين وإلا فلا كما في(6/135)
النظم وبالاطلاق أنه لو لم يصدق المشتري البائع وقال لم يكن العلوق عندك كان القول للبائع بشهادة الظاهر، فإن برهن أحدهما فبينته وإن برهنا فبينة المشتري عند الثاني وبينة البائع عند الثالث كما في المنية شرح الملتقى.
قوله: (البائع) ولو أكثر من واحد.
قهستاني.
قوله: (ثبت نسبه) صدقه المشتري أو لا كما في غرر الافكار وأطلق في البائع، فشمل المسلم والذمي والحر والمكاتب، كذا رأيته معزوا للاختيار.
قوله: (استحسانا) أي لا قياسا لان وبيعه إقرار منه بأنها أمه فيصير مناقضا.
قوله: (وأميتها) عطف على فاعل ثبت ح.
وهذا لو جهل الحال لما سبق في الاستيلاد أنه لو زنى بأمة فولدت فملكها لم تصر أم ولد، وإن ملك الولد عتق عليه، ومر فيه متنا.
استولد جارية أحد أبويه وقال ظننت حلها لي فلا نسب، وإن ملكه عتق عليه.
قال الشارح ثمة: وإن ملك أمه لا تصير أم ولده لعدم ثبوت نسبه.
سائحاني.
قوله: (بإقراره) ثم لا تصح دعوى البائع بعده لاستغناء الولد بثبوت نسبه، ولانه لا يحتمل الابطال.
زيلعي.
قوله: (ولو ادعاه) أي وقد
ولدته لدون الاقل.
قوله: (بخلاف موت الولد) أي وقد ولدته لدون الاقل فلا يثبت الاستيلاد في الام لفوات الاصل، فإنه استغنى بالموت عن النسب، وكان الاولى للشارح التعليل بالاستغناء كما لا يخفى، فتدبر.
قوله: (كل الثمن) لانه تبين أنه باع أم ولده وماليتها غير متقومة عنده في العقد والغضب فلا يضمنها المشتري، وعندهما متقومة فيضمنها.
هداية.
قوله: (وقالا حصته) أي حصة الولد: أي لا يرد حصة الام.
قوله: (الام والولد) الواو بمعنى أو مانعة الخلو، والظاهر أنها حقيقيه لاحد الشيئين.
تأمل.
قوله: (كموتهما) حتى لو أعتق الام لا الولد فادعاه البائع أنه ابنه صحت دعوته ويثبت نسبه منه، ولو أعتق الولد لا الام لا تصح دعوته لا في حق الولد ولا في حق الام كما في الموت.
منح.
قوله: (ويرد حصته) أي فيما لو أعتق الام أو دبرها لا الولد.
قوله: (وكذا حصتها) فصار حاصل هذا أن البائع يرد كل الثمن وهو حصة الام وحصة الولد في الموت والعتق عند الامام، ويرد حصة الولد فقط فيهما عندهما.
وعلى ما في الكافي: يرد حصته فقط في الاعتاق عند الامام كقولهما.
قوله: (أيضا) أي في التدبير والاعتاق، وأما في الموت فيرد حصتها أيضا عند أبي حنيفة رحمه الله قولا واحدا كما يدل عليه كلام الدرر حيث قال: وفيما إذا أعتق المشتري الام أو دبرها يرد البائع على المشتري حصته من الثمن عندهما، وعنده يرد كل الثمن في الصحيح كما في الموت.
كذا في الهداية ح.
قوله: (ونقله في الدرر) وذكر في المبسوط: يرد حصته من الثمن لا حصتها بالاتفاق، وفرق على هذا بين الموت والعتق بأن القاضي كذب البائع فيما زعم حيث جعلها معتقة من المشتري(6/136)
فبطل زعمه ولم يوجد التكذيب في فصل الموت فيؤاخذ بزعمه فيسترد حصتها.
كذا في الكافي اه.
لكن رجع في الزيلعي كلام المبسوط وجعله هو الرواية فقال بعد نقل التصحيح عن الهداية وهو مخالف الرواية: وكيف يقال يسترد جميع الثمن والبيع لم يبطل في الجارية حيث لم يبطل إعتاقه، بل يرد حصة الولد فقط بأن يقسم الثمن على قيمتها، وتعتبر قيمة الام يوم القبض لانها دخلت في ضمانه بالقبض وقيمة الولد يوم الولادة لانه صار له قيمة بالولادة فتعتبر قيمته عند ذلك اه.
قوله: (ما في الكافي) وهو رد حصته لا حصتها بالاتفاق.
قوله: (لاكثر من حولين) مثله تمام السنتين إذا لم يوجد
اتصال العلوق بملكه يقينا وهو الشاهد والحجة.
شرنبلالية.
قوله: (ثبت النسب) وإن ادعاه المشتري وحده صح وكانت دعوه استيلاد، وإن ادعياه معا أو سبق أحدهما صحت دعوة المشتري لا البائع.
تاترخانية.
قوله: (نكاحا) بأن زوجه إياها المشتري وإلا كان زنا.
قوله: (فحكمه كالاول) فيثبت النسب ويبطل البيع والامة أم ولد.
تاترخانية.
قوله: قبل بيعه قال في التاترخانية: هذا الذي ذكرنا إذا علمت المدة، فإن لم تعلم أنها ولدت لاقل من ستة أشهر أو لاكثر إلى سنتين أو أكثر من وقت البيع، فإن ادعاه البائع لا يصح إلا بتصديق المشتري، وإن ادعاه المشتري تصح، وإن ادعياه معا لا تصح دعوة واحدة منهما وإن سبق أحدهما فلو المشتري صحت دعوته، ولو البائع لم تصح دعوة واحد منهما.
قوله: (وإلا) أي بأن كذبه وإن لم يدعه أو ادعاه أو سكت فهو أعم من قوله: ولو تنازعا ح.
قوله: (ولو تنازعا) أي في كونه لاقل من ستة أشهر أو لاكثر كما قدمناه عن التاترخانية.
قوله: (والآخر لاكثر) أي وليس بينهما ستة أشهر.
قوله: (وكذا الحكم لو كاتب) أي المشتري.
واعلم أن عبارة الهداية كذلك: ومن باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع فهو ابنه وبطل البيع لان البيع يحتمل النقض وماله من حق الدعوة لا يحتمله فينتقض البيع لاجله، وكذلك إذا كاتب الولد أو رهنه وآجره أو كاتب الام أو رهنها أو زوجها، ثم كانت الدعوة لان هذه العوارض تحتمل النقض فينقص ذلك كله وتصح الدعوة، بخلاف الاعتاق والتدبير على ما مر.
قال صدر الشريعة: ضمير كاتب إن كان راجعا إلى المشتري، وكذا في قوله أو كاتب الام يصير تقدير الكلام: ومن باع عبدا ولد عنده وكاتب المشتري الام، وهذا غير صحيح لان المعطوف عليه بيع الولد لا بيع الام، فكيف يصح قوله: وكاتب المشتري الام، وإن كان راجعا إلى من في قوله: ومن(6/137)
باع عبدا، فالمسألة أن رجلا كاتب من ولد عنده أو رهنه أو آجره ثم كانت الدعوة فحينئذ لا يحسن قوله: بخلاف الاعتاق لان مسألة الاعتاق التي مرت ما إذا أعتق المشتري الولد، لان الفرق صحيح إذ يكون بين إعتاق المشتري وكتابته لا بين إعتاق المشتري وكتابه البائع.
إذا عرفت هذا فمرجع الضمير في كاتب الولد هو المشتري، وفي كاتب الام من في قوله: من باع اه.
أقول: الاظهر أن المرجع فيهما المشتري، وقوله لان المعطوف عليه بيع الولد لا بيع الام مدفوع بأن المتبادر بيعه مع أمه بقرينة سوق الكلام، ودليل كراهة التفريق بحديث سيد الانام عليه الصلاة والسلام.
نعم كان مقتضى ظاهر عبارة الوقاية أن يقال بالنظر إلى قوله: بعد بيع مشتريه وكذا بعد كتابة الولد ورهنه الخ، لكنه سهو، لكنه سهو، وإني على الدرر.
قوله: (أو كاتب الام) أي لو كانت بيعت مع الولد فالضمير في الكل للمشتري وبه يسقط ما في صدر الشريعة.
قوله: (يعني علقا) محترزه قوله: (لو اشتراها حبلى.
قوله: (ثم ادعى البائع الولد) لان دعوة البائع صحت في الذي لم يبعه لمصادفة العلوق والدعوى ملكه فيثبت نسبه ومن ضرورته ثبوت الآخر لانهما من ماء واحد فيلزم بطلان عتق المشتري، بخلاف ما إذا كان الولد واحدا.
وتمامه في الزيلعي.
قوله: (وهو حرية الاصل) أي الثابتة بأصل الخلقة، وأما حرية الاعتاق فعارضة.
قوله: (لانهما علقا في ملكه) بخلاف ما إذا كان الولد واحدا حيث لا يبطل فيه إعتاق المشتري، لانه لو بطل فيه بطل مقصودا لاجل حق الدعوة للبائع وأنه لا يجوز، وهنا تثبت الحرية في الذي لم يبع ثم تتعدى إلى الآخر، وكم من شئ يثبت ضمنا ولم يثبت مقصودا.
عيني.
قوله: (حتى لو اشتراها) أي البائع، قوله: حبلى وجاءت بهما لاكثر من سنتين.
عيني.
قوله: (لم يبطل) قال الاكمل: ونوقض بما إذا اشترى رجل أحد توأمين واشترى أبوه الآخر فادعى أحدهما الذي في يده بأنه ابنه يثبت نسبهما منه ويعتقان ولم تقتصر الدعوى.
وأجيب: بأن ذلك لموجب آخر وهو إن كان الاب فالابن قد ملك أخاه وإن كان هو الابن فالاب قد ملك حافده فيعتق، ولو ولدت توأمين فباع أحدهما ثم ادعى أبو البائع الولدين وكذباه: أي ابنه البائع والمشتري صارت أم ولده بالقيمة وثبت نسبهما، وعتق الذي في يد البائع ولا يعتق المبيع لما فيه من إبطال ملكه الظاهر بخلاف النسب لانه لا ضرر فيه.
والفرق بينه وبين البائع إذا كان هو المدعي أن النسب ثبت في دعوى البائع بعلوق في ملكه وهنا حجة الاب أن شبهة أنت ومالك لابيك تظهر في مال ابنه البائع فقط.
وتمامه في نسخة السائحاني عن المقدسي.
قوله: (لانها دعوة تحرير) لعدم العلوق في ملكة.
قوله: (فتقتصر) بخلاف المسألة الاولى وهو ما إذا كان العلوق في ملكه حيث يعتقان جميعا لما ذكر أنها دعوة استيلاد فتستند، ومن ضرورته عتقهما بطريق أنهما حرا الاصل، فتبين أنه باع حرا.
عيني.
قوله:
(أبدا) أي وإن جحد العبد.
قوله: (خلافا لهما) هما قالا: إذا جحد زبد بنوته فهو ابن للمقر، وإذا(6/138)
صدقه زيد أو لم يدر تصديقه ولا تكذيبه لم تصح دعوة المقرة عندهم.
درر.
قوله: (بعد ثبوته) وهنا ثبت من جهة المقر للمقر له.
قوله: (حتى لو صدقه) أي صدق المقر له المقر، وفي التفريع خفاء.
وعبارة الدرر: وله أي لابي حنيفة أن النسب لا يحتمل النقض بعد ثبوته والاقرار بمثله لا يرتد بالرد إذا تعلق به حق المقر له ولو صدقه بعد التكذيب يثبت النسب منه، وأيضا تعلق به حق الولد، فلا يرتد برد المقر له فظهر أنه مفرع على تعلق حق المقر له به.
قوله: (لا ينتفي بالنفي) وهذا إذا صدقه الابن، أما بمضي تصديق فلا يثبت النسب إذا لم يصدقه الابن ثم صدقه ثبتت البنوة، لان إقرار الاب لم يبطل بعدم تصديق الابن.
فصولين.
قال جامعه: أظن أن هذه القولة مشطوب عليها فلتعلم.
قوله: (في عبارة العمادي) عبارته: هذا الولد ليس مني، ثم قال، هو مني صح، إذ بإقراره بأنه منه ثبت نسبه فلا يصح نفيه فقيها سهو كما قال منلا خسرو لانه ليس في العبارة سبق الاقرار على النفي اه.
كذا في الهامش.
قوله: (كما زعمه) تمثيل للمنفي، وقوله: كما أفاده تمثيل للنفي قال في الهامش: وهو عدم السهو، ونصه: والذي يظهر لي أن اللفظة الثالثة وهي قوله: هو مني صح ليس له فائدة في ثبوت صحة النسب، لانه بعد الاقرار به أولا، لا ينتفي بالنفي، فلا يحتاج إلى الاقرار به بعده، فليتأمل.
قوله: (إذ التناقض الخ) ذكر في الدرر في فصل الاستشراء فوائد جمة فراجعها.
قوله: (اسم الجد) بخلاف الاخوة فإنها تصح بلا ذكر الجد كما في الدرر.
واعلم أن دعوى الاخوة ونحوها مما لو أقر به المدعى عليه لا يلزمه لا تسمع ما لم يدع قبله مالا.
قال في الولوالجية: ولو ادعى أنه أخوه لابويه فجحد: فإن القاضي يسأله: ألك قبله ميراث تدعيه أو نفقة أو حق من الحقوق التي لا يقدر على أخذها إلا بإثبات النسب، فإن كان كذلك يقبل القاضي بينته على إثبات النسب، وإلا فلا خصومة بينهما، لانه إذا لم يدع مالا لم يدع حقا، لان الاخوة المجاورة بين الاخوين في الصلب أو الرحم، ولو ادعى أنه أبوه وأنكر فأثبته يقبل، وكذا عكسه وإن لم يدع قبله حقا لانه لو أقر به صح فينتصب خصما، وهذا لانه يدعي حقا فإنه الابن يدعي حق الانتساب إليه
والاب يدعي وجوب الانتساب إلى نفسه شرعا.
وقال عليه الصلاة والسلام: من انتسب إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين اه ملخصا.
وتمامه فيها وفي البزازية.
قوله: (أني ابنه) مكرر مع ما قدمه قريبا.
قوله: (ولا تسمع) أي بينة الارث كما في(6/139)
الفصولين.
قوله: (أو دائن) انظر ما صورته، ولعل صورته أن يدعي دينا على الميت وينصب له القاضي من يثبت في وجهه دينه، فحينئذ يصير خصما لمدعي الارث ومثل ذلك يقال في الموصى له.
تأمل.
قوله: (أو موصى له) أو الوصي بزازية.
كذا في الهامش.
قوله: (فلو أقر) أي المدعى عليه وقوله: به أي بالبنوة وبالموروث.
قوله: (ولو أنكر) أي المدعى عليه.
قوله: (تحليفه) أي المنكر.
قوله: (على العلم) أي على نفي العلم بأن يقول: والله لا أعلم أنه ابن فلان الخ.
قوله: (بأنه ابن فلان) الظاهر أن تحليفه على أنه ليس بابن فلان إنما هو إذا أثبت المدعي الموت، وإلا فلا فائدة في تحليفه إلا على عدم العلم بالموت.
تأمل.
قوله: (بذلك) أي بالمال الذي أنكره أيضا.
قوله: (السابع والعشرين) صوابه الفصل الثامن والعشرين.
كذا في الهامش.
قوله: (وقال الكافر هو ابني) قال في شرح الملتقى: وهذا إذا ادعياه معا، فلو سبق دعوى المسلم كان عبدا له، ولو ادعيا البنوة كان ابنا للمسلم إذ القضاء بنسبه من المسلم قضاء بإسلامه.
قوله: (والاسلام مآلا) لظهور دلائل التوحيد لكل عاقل، وفي العكس يثبت الاسلام تبعا ولا يحصل له الحرية مع العجز عن تحصيلها.
درر.
قوله: (لكن جزم الخ) فيه أنه لا عبرة للدار مع وجود أحد الابوين ح.
قلت: يخالفه ما ذكروا في اللقيط: لو ادعاه ذمي يثبت نسبه منه، وهو مسلم تبعا للدار وقدمناه في كتابه عن الولوالجية.
قوله: (بأنه يكون مسلما) أي وابنا للكافر.
قوله: (معهما) أي في يدهما احترز به عما لو كان في يد أحدهما.
قال في التاترخانية: وإن كان الولد في يد الزوج أو يد المرأة فالقول للزوج فيهما، وقيد بإسناد كل منهما الولد إلى غير صاحبه لما فيها أيضا عن المنتقى: صبي في يد رجل وامرأة قالت المرأة هذا ابني من هذا الرجل وقال ابني من غيرها يكون ابن الرجل ولا يكون للمرأة، فإن جاءت بامرأة شهدت على ولادتها إياه كان ابنها منه وكانت زوجته بهذه الشهادة، وإن كان في يده
وادعاه وادعت امرأته أنه ابنها منه وشهدت المرأة على الولادة لا يكون ابنها منه بل ابنه، لانه في يده، واحترز عما فيها أيضا: صبي في يد رجل لا يدعيه أقامت امرأة أنه ابنها ولدته ولم تسم أباه وأقام رجل أنه ولد في فراشه ولم يسم أمه يجعل ابنه من هذه المرأة، ولا يعتبر الترجيح باليد كما لو ادعاه رجلان وهو في يد أحدهما فإنه يقضى لذي اليد.
قوله: (لان) تعليل للمسألة الاولى فكان الاولى تقديمه على قوله: وإلا.
قوله: (ولو ولدت أمة) أي من المشتري وادعى الولد.
حموي.
قوله: (يوم الخصومة) أي(6/140)
لا يوم القضاء كما في الشرنبلالية وإليه يشير قوله: لانه يوم المنع.
وتمامه في الشرنبلالية.
قوله: (أي سبب كان) كبدل أجرة دار وكهبة وصدقة ووصية إلا أن المغرور لا يرجع بما ضمن في الثلاث كما في أبي السعود.
قوله: (غرم قيمة ولده) أي ولا يرجع بذلك على المخبر كما مر في آخر باب المرابحة.
قوله: (فيرثه) ولا يغرم شيئا لان الارث ليس بعوض عن الولد فلا يقوم مقامه، فلا تجعل سلامة الارث كسلامته.
قوله: (بالقيمة) يعني في صورة قتل غير الاب.
أما إذا قتله الاب كيف يرجع بما غرم وهو ضمان إتلافه، وقد صرح الزيلعي بذلك: أي بالرجوع فيما إذا قتله غيره وبعدمه بقتله اه شرنبلالية.
وعلى هذا فقول الشارح في الصورتين معناه في صورة قبض الاب من دينه قدر قيمته وصورة قبضه أقل منها، أو المراد صورتا الشراء والزواج كما نقل عن المقدسي.
قال السائحاني: قوله: في الصورتين: أي الشراء والزواج، ولا يرجع على الواهب والمتصدق والموصي بشئ من قيمة الاولاد مقدسي اه.
قوله: (وكذا الخ) أي فإنه يرجع على المشتري الاول بالثمن وقيمة الولد.
قوله: (منافعها) أي بالوطئ.
قوله: (عفو) في الاشباه: يعذر الوارث والوصي والمتولي للجهل ا ه.
لعله لجهله بما فعله المورث والموصي والمولى، وفي دعوى الانقروي في التناقض: المديون بعد قضاء الدين، والمختلعة بعد أداء بدل الخلع لو برهنت على طلاق الزوج قبل الخلع وبرهن على إبراء الدين يقبل.
لكن نقل أنه إذا استمهل في قضاء الدين ثم ادعى الابراء لا يسمع.
سائحاني.
قوله: (لا تسمع الدعوى) أي ممن له دين على الميت.
قوله: (على غريم ميت) الظاهر أن المراد منه مديون الميت.
حموي.
قوله: (إلا إذا وهب) استثناء منقطع لانه ليس غريما إلا إذا كان الموهوب عينا مغصوبة ونحوها كان خصما لمدعيها.
حموي
ملخصا.
قوله: (لكونه زائدا) عبارة الاشباه: زائد.
قوله: (لا يجوز للمدعى عليه الانكار الخ) قال بعض الفضلاء.
يلحق بهذا مدعي الاستحقاق للمبيع، فإنه ينكر الحق حتى يثبت ليتمكن من الرجوع على بائعه، ولو أقر لا يقدر، وأيضا ادعاء الوكالة أو الوصاية وثبوته لا يكون إلا على وجه الخصم(6/141)
الجاحد كما ذكره قاضيخان، فإن أنكر المدعى عليه ليكون ثبوت الوكالة والوصاية شرعا صحيحا يجوز، فيلحق هذا أيضا بهما ويلحق بالوصي أحد الورثة إذا ادعى عليه الدين، فإنه لو أقر بالحق يلزم الكل من حصته، وإذا أنكر فأقيمت البينة عليه يلزم من حصته وحصتهم.
حموي.
قوله: (دعوى دين على ميت) أجمعوا على أن من ادعى دينا على الميت يحلف بلا طلب وصي ووارث بالله ما استوفيت دينك منه، ولا من أحد أداه عنه وما قبضه قابض ولا أبرأته ولا شيئا منه وما أحلت به ولا شئ منه على أحد ولا عندك، ولا بشئ منه رهن.
خلاصة.
فلو حكم القاضي بالدفع قبل الاستحلاف لم ينفذ حكمه.
وتمامه في أوائل دعوى الحامدية.
ومرت في أول كتاب الدعوى تحت قول الماتن ويسأل القاضي المدعي بعد صحتها الخ ومرت في كتاب القضاء.
قوله: (ودعوى آبق) لعل صورتها فيما إذا ادعى على رجل أن هذا العبد عبدي أبق مني وأقام بينة على أنه عبده فيحلف أيضا لاحتمال أنه باعه.
تأمل.
ثم رأيت في شرح هذا الشرح نقل عن الفتح هكذا.
وعبارته: قال في الفتح يحلف مدعي الآبق مع البينة بالله أنه أبق على ملكك إلى الآن لم يخرج ببيع ولا هبة ولا غيرها ا ه.
قوله: (الاقرار لا يجامع البينة) لانها لا تقام إلا على منكر، ذكر هذا الاصل في الاشباه في كتاب الاقرار عن الخانية: واستثنى منه أربع مسائل: وهي ما سوى دعوى الآبق، وكذا ذكرها قبله في كتاب القضاء والشهادات، ولم يذكر الخامسة، بل زاد غيرها، وعبارته: لا تسمع.
البينة على مقر إلا في وارث مقرب دين على الميت فتقام البينة للتعدي.
وفي مدعى عليه أقر بالوصاية فبرهن الوصوفي مدعى عليه أقر بالوكالة فيثبتها الوكيل دفعا للضرر.
وفي الاستحقاق: تقبل البينة به مع إقرار المستحق عليه ليتمكن من الرجوع على بائعه.
وفيما لو خوصم الاب بحق عن الصبي فأقر لا يخرج عن الخصومة، ولكن تقام البينة عليه مع إقراره بخلاف الوصي، وأمين القاضي إذا أقر خرج عن الخصومة وفيما لو أقر الوارث للموصى له، فإنها تسمع البينة عليه
مع إقراره.
وفيما لو آجر دابة بعينها من رجل ثم من آخر فأقام الاول البينة، فإن كان الآجر حاضرا تقبل عليه البينة.
وإن كان يقر بما يدعي ا ه.
ملخصا فهي سبع.
قوله: (إلا في أربع) هي سبع كما في الحموي والمذكور هنا خمسة.
قوله: (من مشتر) فتقبل البينة به مع إقرار المستحق عليه ليتمكن من الرجوع على بائعه.
كذا ذكره في الاشباه.
لكن مع إقراره كيف يكون له الرجوع؟ تأمل.
قوله: (وفي رهن مجهول) كثوب مثلا.
قوله: (في دعوى البحر) قبيل قوله: ولا ترد يمين على مدع.
قوله: (وهي ما لو قال الخ) ستأتي هذه المسألة في كتاب الغصب، وكتب المحشي هناك على قوله: فلو لم يبين،(6/142)
فقال: الظاهر أن في النسخة خللا.
لانه إذا لم يبين فما تلك الزيادة التي يحلف عليها: أي على نفيها، وفي ظني أن أصل النسخة: فإن بين: يعني أنه لو بين حلف على نفي الزيادة التي هي أكثر مما بينه، وأقل مما يدعيه المالك، هذا وينبغي أن يقارب في البيان حتى لو بين قيمة فرس بدرهم لا يقبل منه كما تقدم نظيره اه.
وكتب على قوله هناك، ولو حلف الملك أيضا على الزيادة أخذها لم يظهر وجهه، فليراجع اه.
قوله: (يحلف على الزيادة) أي التي يدعيها المالك.
قوله: (أو قيمته) عطف على الضمير المجرور: أي أخذ قيمته.(6/143)
كتاب الاقرار قوله: (وهو أقرب) أي المقر.
قوله: (إخبار بحق عليه) لعله ينقض بالاقرار بأنه لا حق له على فلان بالابراء وإسقاط الدين ونحوه كإسقاط حق الشفعة.
سعدية.
وقد يقال: فيه إخبار بحق عليه وهو عدم وجوب المطالبة.
تأمل.
قوله: (إنشاء من وجه) هو الصحيح، وقيل إنشاء، وينبني عليه ما سيأتي، لكن المذكور في غاية البيان عن الاسروشنية.
قال الحلواني: اختلف المشايخ في أن الاقرار سبب للملك أم لا.
قال ابن الفضل: لا، واستدل بمسألتين: إحداهما: المريض الذي عليه دين إذا أقر بجميع ماله لاجنبي يضح بلا إجازة الوارث، ولو كان تمليكا لا ينفذ إلا بقدر الثلث عند عدم الاجازة.
والثانية: أن العبد المأذون إذا أقر لرجل بعين في
يده يصح، ولو كان تمليكا يكون تبرعا منه فلا يصح.
وذكر الجرجاني أنه تمليك واستدل بمسائل منها: إن أقر في المرض لوارثه بدين لم يصح اه ملخصا.
فظهر أن ما ذكره المصنف وصاحب البحر جمع بين الطريقتين، وكأنه وجهه ثبوت ما استدل به الفريقان.
تأمل.
قوله: (لانه لو كان لنفسه) أي على الغير، ولو للغير على الغير فهو شهادة.
قوله: (لا إقرارا) ولا ينتقض بإقرار الوكيل والولي ونحوهما لنيابتهم مناب المنوبات شرعا.
شرح ملتقى.
قوله: (صح إقراره بمال الخ) ويجبر الغاصب على البيان لانه أقر بقيمة مجهولة، وإذا لم يبين يحلف على ما يدعي المالك من الزيادة، فإن حلف ولم يثبت ما ادعاه المالك يحلف أن قيمته مائة، ويأخذ من الغاصب مائة، فإذا أخذ ثم ظهر الثوب خير الغاصب بين أخذه أو رده، وأخذ القيمة.
وحكي عن الحاكم أبي محمد العيني أنه كان يقول: ما ذكر من تحليف المغصوب منه وأخذ المائة بقيمتها من الغاصب هذا بالانكار يصح، وكان يقول: الصحيح في الجواب أن يجبر الغاصب على البيان، فإن أبى يقول له القاضي أكان قيمته مائة فإن قال لا يقول أكان خمسين؟ فإن قال لا يقول له خمسة وعشرين إلى أن ينتهي إلى ما لا تنقص عنه قيمته عرفا وعادة فيلزمه ذلك.
من متفرقات إقرار التاترخانية.
قوله: (برهة) أي قليلا.
قوله: (ولا يرجع) لاقتصار إقراره عليه فلا يتعدى إلى غيره.
قوله: (مكرها) لقيام دليل الكذب وهو الاكراه والاقرار إخبار يحتمل الصدق والكذب، فيجوز تخلف مدلوله الوضعي عنه.
منح.
قوله: (لعدم التخلف) أي لعدم صحة تخلف المدلول الوضعي للانشاء عنه(6/144)
كذا في الهامش: أي فإن الانشاء لا يتخلف مدلوله عنه.
قوله: (والمسلم بخمر) حتى يؤمر بالتسليم إليه ولو كان تمليكا مبتدأ لما صح.
وفي الدرر: وفيه إشارة إلى أن الخمر قائمة لا مستهلكة، إذ لا يجب بدلها للمسلم نص عليه في المحيط كما في الشرنبلالية.
قوله: (وبنصف داره) أي القابلة للقسمة.
قوله: (بناء على الاقرار) يعني إذا ادعى عليه شيئا لانه أقر له به لا تسمع دعواه، لان الاقرار إخبار لا سبب للزوم المقر به على المقر.
وقد علل وجوب المدعى به على المقر بالاقرار، وكأنه قال أطالبه بما لا سبب لوجوبه عليه أو لزومه بإقراره، وهذا كلام باطل.
منح.
وبه ظهر أن الدعوى بالشئ المعين،
بناء على الاقرار كما هو صريح المتن لا بالاقرار بناء على الاقرار، فقوله بأنه أقر له لا محل له.
تأمل.
قوله: (لم يحل له) أي للمقر له.
كذا في الهامش.
قوله: (ثم لو أنكر الخ) وفي دعوى الدين لو قال المدعى عليه: إن المدعي أقر باستيفائه وبرهن عليه، فقد قيل إنه لا تسمع، لانه دعوى الاقرار في طرق الاستحقاق، إذ الدين يقضي بمثله، ففي الحاصل هذا دعوى الدين لنفسه فكان دعوى الاقرار في طرق لااستحقاق فلا تسمع ط.
ذ.
جامع الفصولين وفتاوى قدوري.
كذا في الهامش والطاء للمحيط، والذال للذخيرة ومثل ما هو المسطور في جامع الفصولين في البزازية وزاد فيها: وقيل يسمع لانه في الحاصل يدفع أداء الدين عن نفسه، فكان في طرق، ذكره في المحيط.
وذكر شيخ الاسلام: برهن المطلوب على إقرار المدعى بأنه لا حق له في المدعي أو بأنه ليس بملك له أو ما كانت ملكا له، تندفع الدعوى إن لم يقر به لانسان معروف وكذا لو ادعاه بالارث، فبرهن المطلوب على إقرار المورث كما ذكرنا وتمامه فيها.
كذا في الهامش.
قوله: (وأما دعوى الاقرار) أي بأن المدعي ملك عليه وأما دعوى الاقرار بالاستيفاء فقيل لا تسمع.
قال في الهامش: واختلفوا أنه هل يصح دعوى الاقرار في طرق الدفع، حتى لو أقام المدعى عليه بينة أن المدعي أقر أن هذه العين ملك المدعى عليه هل تقبل؟ قال بعضهم: لا تقبل وعامتهم ها هنا على أنها تقبل.
درر.
قوله: (ثم قبل لا يصح) محله فيما إذا كان الحق فيه لواحد مثل الهبة والصدقة، أما إذا كان لهما مثل الشراء والنكاح فلا، وهو إطلاق في محل التقييد، ويجب أن يقيد أيضا بما إذا لم يكن المقر مصرا على إقراره لما سيأتي من أنه لا شئ له إلا أن يعود إلى تصديقه وهو مصر.
حموي.
وبخط السائحاني عن الخلاصة لو قال لآخر: كنت بعتك العبد بألف فقال لآخر لم أشتره منك فسكت البائع حتى قال المشتري في المجلس أو بعده بلى اشتريته منك بألف فهو الجائز، وكذا النكاح وكل شئ يكون لهما جميعا فيه حق، وكل شئ يكون فيه الحق لواحد مثل الهبة والصدقة لا ينفعه إقراره بعد ذلك.
قوله: (فلا يرتد) لانه صار ملكه ونفي المالك ملكه عن نفسه عند عدم المنازع لا يصح: نعم لو تصادقتا على(6/145)
عدم الحق صح لما مر في البيع الفاسد أنه طلب ربح مال ادعاه على آخر فصدقه على ذلك فأوفاه ثم
ظهر عدمه بتصادقهما، فانظر كيف التصادق اللاحق نقض السابق، مع أن ربحه طيب حلال.
سائحاني.
قوله: (قال البديع) هو شيخ صاحب القنية.
قوله: (الزوائد المستهلكة) يفيد بظاهره أنه يظهر في حق الزوائد الغير المستهلكة وهو مخالف لما في الخانية: قال رجل في يده جارية وولدها أقر أن الجارية لفلان لا يدخل فيه الولد، ولو أقام بينة على جارية أنها له يستحق أولادها، وكذا لو قال هذا العبد ابن أمتك وهذا الجدي من شاتك لا يكون إقرارا بالعبد وكذا بالجدي فليحرر.
حموي س.
وقيد بالمستهلكة في الاسروشنية ونقله عنها في غاية البيان.
قوله: (فلا يملكها) شرء أمة فولدت عنده باستيلاده، ثم استحقت ببينة يتبعها ولدها ولو أقر بها لرجل لا، والفرق أنه بالنية يستحقها من الاصل ولذا قلنا: إن الباعة يتراجعون فيما بينهم، بخلاف الاقرار حيث لا يتراجعون ف.
ثم الحكم بأمة حكم بولدها وكذا الحيوان إذ الحكم حجة كاملة، بخلاف الاقرار فإنه لم يتناول الولد لانه حجة ناقصة وهذا لو الولد بيد المدعى عليه فلو في ملك آخر هل يدخل في الحكم اختلف المشايخ نور العين في آخر السابق ففيه مخالفة المفهوم كلام المصنف.
قوله: (أقر حر مكلف) اعلم أن شرطه التكليف والطوع مطلقا والحرية للتنفيذ للحال لا مطلقا.
فصح إقرار العبد للحال فيما لا تهمة فيه كالحدود والقصاص، ويؤخر ما فيه تهمة إلى ما بعد العتق، والمأذون بما كان من التجارة للحال وتأخر بما ليس منها إلى العتق كإقراره بجناية ومهر موطوءة بلا إذن والصبي والمأذون كالعبد فيما كان من التجارة لا فيما ليس منها، كالكفالة وإقرار السكران بطريق محظور صحيح، إلا في حد الزنا وشرب الخمر مما يقبل الرجوع، وإن بطريق مباح لا.
منح.
وانظر العزمية.
قوله: (إن أقروا بتجارة) جوابه قول المصنف الآتي صح أي صح للحال، زاد الشمني.
أو ما كان من ضرورات التجارة كالدين والوديعة والعارية والمضاربة والغصب دون ما ليس منها كالمهر والجناية والكفالة لدخول ما كان من باب التجارة تحت الاذن دون غيره ا ه فتال.
قوله: (وقود) أي مما لا تهمة فيه فيصح للحال.
قوله: (وإلا) أي بأن كان مما فيه تهمة.
قوله: (تضره الجهالة) لان من أقر أنه باع من فلان شيئا أو اشترى من فلان كذا بشئ أو أجر فلانا شيئا لا يصح إقراره، ولا يجبر المقر على تسليم شئ.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (بين نفسه وعبده) قال المقدسي: هذا في حكم المعلوم، لان ما على عبده يرجع إليه في المعنى، لكن إنما
يظهر هذا فيما يلزمه في الحال، أما ما يلزمه بعد الحرية فهو كالاجنبي فيه، فإذا جمعه مع نفسه كان كقوله لك علي أو على زيد فهو مجهول لا يصح.
ذكره الحموي على الاشباه، فتال.
قوله: (علي(6/146)
كذا) بتشديد الياء.
قوله: (ولا يجبر على البيان) زاد الزيلعي: ويؤمر بالتذكر لان المقر قد نسي صاحب الحق، وزاد في غاية البيان أنه يحلف لكل واحد منهما إذا ادعى.
وفي التاترخانية: ولم يذكر أنه يستحلف لكل واحد منهما يمينا على حدة، بعضهم قالوا نعم.
ويبدأ القاضي بيمين أيهما شاء أو يقرع، وإذا حلف لكل لا يخلو من ثلاثة أوجه: إن حلف لاحدهما فقط يقضي بالعبد للآخر فقط، وإن نكل لهما يقضى به وبقيمة الولد بينهما نصفين، سواء نكل لهما جملة بأن حلفه القاضي لهما يمينا واحدة أو على التعاقب بأن حلفه لكل على حدة، وإن حلف فقد برئ عن دعوة كل، فإن أراد أن يصطلحا وأخذ العبد منه لهما ذلك في قول أبي يوسف الاول، وهو قول محمد كما قبل الحلف، ثم رجع أبو يوسف وقال: لا يجوز اصطلاحهما بعد الحلف.
قالوا: ولا رواية عن أبي حنيفة اه.
فرع: لم يذكر الاقرار العام وذكره في المنح، وصح الاقرار بالعام كما في يدي من قليل أو كثير أو عبد أو متاع أو جميع ما يعرف بي أو جميع ما ينسب إلى فلان، وإذا اختلفا في عين أنها كانت موجودة وقت الاقرار أو لا فالقول قول المقر، إلا أن يقيم المقر له البينة أنها كانت موجودة في يده وقته.
واعلم أن القبول ليس من شرط صحة الاقرار لكنه يرتد برد المقر له.
صرح به في الخلاصة وكثير من الكتب المعتبرة.
واستشكل المصنف بناء على هذا قول العمادي وقاضيخان: الاقرار للغائب يتوقف على التصديق.
ثم أجاب عنه، وبحث في الجواب الرملي.
ثم أجاب عن الاشكال بما حاصله: أن اللزوم غير الصحة، ولا مانع من توقف العمل مع صحته كبيع الفضولي، فالمتوقف لزومه لا صحته، فالاقرار للغائب لا يلزمه حتى صح إقراره لغيره، كما يلزم من جانب المقر له حتى صح رده.
وأما الاقرار للحاضر فيلزم من جانب المقر حتى لا يصح إقراره لغيره به قبل رده، ولا يلزم من جانب المقر له فيصح رده.
وأما الصحة فلا شبهة فيها في
الجانبين بدون القبول.
قوله: (عزمي زاده) وحاصله: أن ما ذكره صاحب الدرر من الجبر إنما هو إذا جهل المقر به لا المقر له، لقول الكافي: لانه إقرار للمجهول وهو لا يفيد، وفائدة الجبر على البيان إنما تكون لصاحب الحق وهو مجهول.
قوله: (كشئ وحق) ولو قال أردت حق الاسلام لا يصح إن قاله مفصولا، وإن موصولا يصح.
تاترخانية وكفاية.
قوله: (في علي مال) بتشديد الياء.
قوله: (ومن النصاب) معطوف على قوله: من درهم وكذا المعطوفات بعده.
قوله: (وقيل إن المقر الخ) قال الزيلعي: والاصح أن قوله يبنى على حال المقر في الفقر والغنى، فإن القليل عند الفقير عظيم، وأضعاف ذلك عند الغني ليس بعظيم، وهو في الشرح متعارض، فإن المائتين في الزكاة عظيم، وفي السرقة والمهر العشرة عظيمة فيرجع إلى حاله.
ذكره في النهاية وحواشي الهداية معزيا إلى المبسوط.
شرنبلالية.
وذكر في الهامش عن الزيلعي: وينبغي على قياس ما روى عن أبي حنيفة أن يعتبر فيه حال(6/147)
المقر شرنبلالية.
قوله: (في مال عظيم) برفع مال وعظيم.
قوله: (لو بينه) بأن قال مال عظيم من الذهب أو قال من الفضة.
قوله: (ومن خمس وعشرين) أي ولا يصدق في أقل من خمس وعشرين لو قال مال عظيم من الابل.
قوله: (ومن قدر النصاب قيمة) بنصب قيمة.
(ومن ثلاثة نصب) من أي جنس سماه تحقيقا لادنى الجمع، حتى لو قال من الدراهم كان ستمائة درهم، وكذا في كل جنس يريده حتى لو قال من الابل يجب عليه من الابل خمس وسبعون.
كفاية.
قوله: (اعتبر قيمتها) ويعتبر الادنى في ذلك للتيقن به.
زيلعي: أي أدنى النصب من حيث القيمة.
أبو السعود.
قوله: (اسم الجمع) يعني يقال عشرة دراهم ثم ثقال أحد عشر، فيكون هو الاكثر من حيث اللفظ كما في الهداية س.
قوله: (وكذا) أي لو قال له علي كذا درهما يجب درهم.
قوله: (على المعتمد) لان ما في المتون مقدم على الفتاوى.
شرنبلالية.
وفي التتمة والذخيرة، درهمان، لان كذا كناية عن العدد وأقله اثنان، إذ الواحد لا يعد حتى يكون معه شئ وفي شرح المختار: قيل يلزمه عشرون، وهو القياس، لان أقل عدد غير مركب يذكر بعده الدرهم بالنصب عشرون.
فتح.
قوله: (وكذا كذا درهما) أي بالنصب وبالخفض ثلاثمائة، وفي كذا كذا درهما وكذا كذا دينارا عليه من كل أحد عشر، وفي كذا كذا دينارا
ودرهما أحد عشر منهما جميعا، ويقسم ستة من الدراهم وخمسة من الدنانير احتياطا، ولا يعكس لان الدراهم أقل مالية والقياس خمسة ونصف من كل لكن ليس في لفظه ما يدل على الكسر.
غاية البيان ملخصا.
قوله: (ولو ثلث) بأن قال كذا كذا كذا درهما.
قوله: (إذ لا نظير له) وما قيل نظيره مائة ألف ألف فسهو ظاهر، لان الكلام في نصب الدرهم وتمييز هذا العدد مجرور ولينظر هل إذا جره يلزمه ذلك؟ وظاهر كلامهم لا.
قوله: (ولو خمس زيد الخ) فيه أنه يضم الالف إلى عشرة آلاف.
قوله: (عشرة آلاف) هذا حكاه العيني بلفظ ينبغي لكنه غلط ظاهر، لان العشرة آلاف تتركب مع الالف بلا واو، فيقال أحد عشر ألفا فتهدر الواو التي تعتبر معه ما أمكن، وهنا ممكن فيقال أحد وعشرون ألفا ومائة وأحد وعشرون درهما نعم قوله: ولو سدس الخ مستقيم.
سائحاني: أي بأن يقال مائة ألف وأحد وعشرون ألفا وأحد وعشرون درهما، وكذا لو سبع زيد قبله ألف، وما ذكره أحسن من قول بعضهم.
قوله: (زيد عشرة آلاف) فيه أنه يضم الالف إلى العشرة آلاف، فيقال أحد عشر، والقياس لزوم مائة ألف وعشرة آلاف الخ اه.
لان أحد وعشرون ألفا أقل من مائة ألف، وقد أمكن اعتبار الاقل فلا يجب الاكثر ويلزم أيضا اختلال المسائل التي بعده كلها فيقال لو خمس زيد مائة ألف ولو سدس زيد ألف ألف وهكذا، بخلافه على ما مر فتدبر.
قوله: (زيد مائة ألف) فيقال مائة(6/148)
ألف وأحد وعشرون ألفا ومائة وأحد وعشرون.
قوله: (أو قبلي) في بعض النسخ وقبلي.
قوله: (عندي أو معي) كأنه في عرفهم كذلك، أما العرف اليوم في عندي ومعي للدين، لكن ذكروا علة أخرى تفيد عدم اعتبار عرفنا.
قال السائحاني نقلا عن المقدسي: لان هذه المواضع محل العين لا الدين، إذ محله الذمة، والعين يحتمل أن تكون مضمونة وأمانة، والامانة أدنى فحمل عليها، والعرف يشهد له أيضا، فإن قيل: لو قال علي مائة وديعة دين أو دين وديعة لا تثبت الامانة مع أنها أقلهما.
أجيب: بأن أحد اللفظين إذا كان للامانة والآخر للدين، فإذا اجتمعا في الاقرار يترجح الدين اه أي بخلاف اللفظ الواحد المحتمل لمعنيين.
قوله: (بالشركة) قال المقدسي: ثم إن كان متميزا فوديعة وإلا فشركة.
سائحاني.
فكان عليه أن يقول: أو بالوديعة.
قوله: (بخلاف الاقرار) فإنه لو كان إقرارا لا
يحتاج إلى التسليم.
قوله: (متى أضاف) ينبغي تقييده بما إذا لم يأت فلفظ في كما يعلم مما قبله.
قوله: (المقر به) بضم الميم وفتح القاف وتشديد الراء.
قوله: (كان هبة) لان قضية الاضافة تنافي حمله على الاقرار الذي هو إخبار لا إنشاء، فيجعل إنشاء فيكون هبة فيشترط فيه ما يشترط في الهبة.
منح.
إذا قال: اشهدوا أني قد أوصيت لفلان بألف وأوصيت أن لفلان في مالي ألفا فالاولى وصية، والاخرى إقرار.
وفي الاصل: إذا قال في وصيته سدس داري لفلان فهو وصية، ولو قال لفلان سدس في داري فإقرار، لانه في الاول: جعل له سدس دار جميعها مضاف إلى نفسه وإنما يكون ذلك بقصد التمليك، وفي الثاني: جعل دار نفسه ظرفا للسدس الذي كان لفلان، وإنما تكون داره ظرفا لذلك السدس إذا كان السدس مملوكا لفلان قبل ذلك فيكون إقرارا، أما لو كان إنشاء لا يكون ظرفا لان الدار كلها له، فلا يكون البعض ظرفا للبعض، وعلى هذا إذا قال له ألف درهم من مالي فهو وصية استحسانا إذا كان في ذكر الوصية، وإن قال: في مالي فهو إقرار اه.
من النهاية أول كتاب الوصية.
فقول المصنف فهو هبة أي إن لم يكن في ذكر الوصية، وفي هذا الاصل خلاف كما ذكره في المنح، وسيأتي في متفرقات الهبة عن البزازية وغيرها: الدين الذي لي على فلان لفلان إنه إقرار، واستشكله الشارح هناك وأوضحناه ثمة فراجعه.
قوله: (ولا يرد) أي على منطوق الاصل المذكور، وقوله: ولا الارض أي لا يرد على مفهومه، وهو أنه إذا لم يضفه كان إقرارا وقوله: للاضافة تقديرا علة لقوله: ولا الارض.
قوله: (ما في بيتي) وكذا ما في منزلي ويدخل فيه الدواب، التي يبعثها بالنهار وتأوي إليه بالليل وكذا العبيد كذلك كما في التاترخانية أي فإنه إقرار.
قوله: (لانها إضافة) أي فإنه أضاف الظرف لا المظروف المقر به.
قوله: (ولا الارض) لا ورود لها على ما تقدم، إذ الاضافة فيها إلى ملكه.
نعم نقلها في المنح عن الخانية على أنها تمليك، ثم نقل عن المنتقى نظيرتها على أنها إقرار، وكذا نقل عن القنية ما يفيد ذلك حيث قال: إقرار الاب لولده الصغير بعين من ماله تمليك إن أضافه إلى نفسه في الاقرار، وإن أطلق فإقرار كما في سدس داري وسدس هذه الدار، ثم نقل عنها ما يخالفه.(6/149)
ثم قال قلت: بعض هذه الفروع يقتضي التسوية بين الاضافة وعدمها، فيفيد أن في المسألة
خلافا، ومسألة الابن الصغير يصح فيها الهبة بدون القبض، لان كونه في يده قبض فلا فرق بين الاقرار والتمليك، بخلاف الاجنبي، ولو كان في مسألة الصغير شئ مما يحتمل القسمة ظهر الفرق بين الاقرار والتمليك في حقه أيضا لافتقاره إلى القبض مفرزا اه.
ثم قال: وهنا مسألة كثيرة الوقوع وهي ما إذا أقر لآخر الخ ما ذكره الشارح مختصرا.
وحاصله: أنه اختلف النقل في قوله: الارض التي حدودها كذا لطفلي هل هو إقرار أو هبة؟ وأفادأنه لا فرق بينهما إلا إذا كان فيها شئ مما يحتمل القسمة، فتظهر ثمرة الاختلاف في وجوب القبض وعدمه، وكان مراد الشارح الاشارة إلى أن ما ذكره المصنف آخرا يفيد التوقف بأن يحمل قول من قال إنها تمليك، على ما إذا كانت معلومة بين الناس أنها ملكه، فتكون فيها الاضافة تقديرا، وقول من قال إنها إقرار، على ما إذا لم تكن كذلك، فقوله: ولا في الارض أي ولا ترد مسألة الارض التي الخ على الاصل السابق فإنها هبة: أي لو كانت معلومة أنها ملكه للاضافة تقديرا، لكن لا يحتاج إلى التسليم كما اقتضاه الاصل لانها في يده، وحينئذ يظهر دفع الورود.
تأمل.
قوله: (مفرزا للاضافة) في بعض النسخ يوجد هنا بين قوله: مفرزا وقوله: للاضافة بياض، وفي بعضها لفظ ا ه.
وقدمنا قريبا أن قوله: للاضافة علة لقوله: ولا الارض.
قوله: (فهل يكون إقرارا) أقول المفهوم من كلامهم أنه إذا أضاف المقر به أو الموهوب إلى نفس كان هبة، وإلا يحتمل الاقرار والهبة فيعمل بالقرائن، لكن يشكل على الاول ما عن نجم الائمة البخاري أنه إقرار في الحالتين، وربما يوفق بين كلامهم بأن الملك إذا كان ظاهرا للملك فهو تمليك، وإلا فهو إقرار إن وجدت قرينة، وتمليك إن وجدت قرينة تدل عليه.
فتأمل.
فإنا نجد في الحوادث ما يقتضي.
رملي.
وقال السائحاني: أنت خبير بأن أقوال المذهب كثيرة، والمشهور هو ما مر من قول الشارح والاصل الخ وفي المنح عن السعدي: أن إقرار الاب لولده الصغير بعين ماله تمليك إن أضاف ذلك إلى نفسه.
فانظر لقوله بعين ماله ولقوله لولده الصغير، فهو يشير إلى عدم اعتبار ما يعهد بل العبرة للفظ اه.
قلت: ويؤيده ما مر من قوله: ما في بيتي وما في الخانية جميع ما يعرف بي أو جميع ما ينسب إلي لفلان قال الاسكاف إقرار ا ه.
فإن ما في بيته وما يعرف به وينسب إليه يكون معلوما لكثير من
الناس أنه ملكه، فإن اليد والتصرف دليل الملك، وقد صرحوا بأنه إقرار، وأفتى به في الحامدية وبه تأيد بحث السائحاني، ولعله إنما عبر في مسألة الارض بالهبة لعدم الفرق فيها بين الهبة والاقرار إذا كان ذلك لطفله، ولذا ذكرها في المنتقى في جانب غير الطفل مضافة للمقر حيث قال: إذا قال أرضي هذه وذكره حدودها لفلان أو قال الارض التي حدودها كذا لولدي فلان وهو صغير كان جائزا ويكون(6/150)
تمليكا، فتأمل والله أعلم.
قوله: (فهو إقرار له بها) وكذا لا أقضيكها أو والله لا أقضيكها ولا أعطيكها فإقرار.
وفي الخانية: لا أعطيكها لا يكون إقرارا، ولو قال أحل غرماءك علي أو بعضهم أو من شئت أو من شئت منهم فإقرار بها.
مقدسي.
وفيه قال أعطني الالف التي لي عليك فقال اصبر أو سوف تأخذها لا، وقوله اتزن إن شاء الله إقرار.
وفي البزازية: قوله عند دعوى المال ما قبضت منك بغير حق لا يكون إقرارا، ولو قال بأي سبب دفعته إلي قالوا يكون إقرارا، وفيه نظر اه.
قدمه إلى الحاكم قبل حلول الاجل وطالبه به، فله أن يحلف ما له علي اليوم شئ، وهذا الحلف لا يكون إقرارا.
وقال الفقيه: لا يلتفت إلى قول من جعله إقرارا.
سائحاني.
وفي العيني عن الكافي زيادة، ونقله الفتال، وذكر في المنح جملة منها فراجعها.
قوله: (لرجوع الضمير إليها) فكأنه قال أتزن الالف التي لك علي.
قوله: (على سبيل الاستهزاء) أي بالقرائن.
قوله: (إلى المذكور) أي انصرافا متعينا وإلا فهو محتمل.
قوله: (والاصل أن كل ما يصلح الخ) كالالفاظ الماردة، وعبارة الكافي بعد هذا كما في المنح: فإن ذكر الضمير صلح جوابا لا ابتداء وإن لم يذكره لا يصلح جوابا، أو يصلح جوابا وابتداء فلا يكون إقرارا بالشك.
قوله: (جوابا) ومنه ما إذا تقاضاه بمائة درهم فقال قضيتكها أو أبرأتني.
قوله: (لا للبناء) أي على كلام سابق بأن يكون جوابا عنه.
قوله: (وهذا) أي التفصيل بين ذكر الضمير وعدمه كما يستفاد مما نقلناه قبل.
قوله: (مطلقا) أي ذكر الضمير كقوله نعم هو علي أو لم يذكره كما مثل.
قوله: (لا يستخدم فلانا) أي فأشار إلى خدمته.
كذا في الهامش ويأتي في الشرح.
قوله: (إلا في تسع) ينبغي أن يزاد تعديل الشاهد من العالم بالاشارة فإنها تكفي كما قدمناه في الشهادات فتال.(6/151)
فرع: ذكره في الهامش ادعى بعض الورثة بعد الاقتسام دينا على الميت يقبل، ولا يكون الاقتسام إبراء عن الدين لان حقه غير متعلق بالغير، فلم يكن الرضا بالقسمة إقرارا بعدم التعلق، بخلاف ما إذا ادعى بعد القسمة عينا من أعيان التركة حيث لا تسمع، لان حقه متعلق بعين التركة صورة ومعنى فانتظمت القسمة بانقطاع حقه عن التركة صورة ومعنى، لان القسمة تستدعي عدم اختصاصه به.
بزازية ا ه.
قوله: (بلا شرط) فالاجل فيها نوع فكانت الكفالة المؤجلة أحد نوعي الكفالة، فيصدق لان إقراره بأحد النوعين لا يجعل إقرارا بالنوع الآخر.
غاية البيان.
وقد مرت المسألة في الكفالة عند قوله لك مائة درهم إلى شهر.
قوله: (وشراؤه أمة متنقبة الخ) وفي البزازية علل لذلك بقوله: والضابط أن الشئ إن كان مما يعرف وقت المساومة كالجارية القائمة المتنقبة بين يديه لا يقبل إلا إذا صدقه المدعى عليه في عدم معرفته إياها فيقبل، وإن كان مما لا يعرف كثوب في منديل أو جارية قاعدة على رأسها غطاء لا يرى منها شئ يقبل، ولهذا اختلفت أقاويل العلماء ا ه.
ويظهر لي أن الثوب في الجراب كهو في المنديل.
سائحاني.
قوله: (كثوب) أي كشراء ثوب في جراب.
قوله: (وكذا الاستيام) انظر جامع الفصولين، ونور العين في الفصل العاشر وحاشية الفتال.
فرع: ذكره في الهامش رجل قال لآخر: لي عليك ألف درهم فقال له المدعى عليه: إن حلفت أنها ما لك علي دفعتها إليك، فحلف المدعي ودفع المدعى عليه الدراهم، قالوا: إن أدى الدراهم بحكم الشرط الذي شرط فهو باطل وللدافع أن يسترد منه لان الشرط باطل.
خانية.
قوله: (والاعارة) الاولى أن يقال: الاستعارة كما في جامع الفصولين في العاشر.
كذا في الهامش.
فرع: في الهامش: شراه فشهد رجل على ذلك وختم فهو ليس بتسليم، يريد به أنه إذا شهد بالشراء: أي كتب الشهادة في صك الشهادة وختم على صك الشهادة ثم ادعاه صح دعواه، ولم تكن كتابة الشهادة إقرارا بأنه للبائع، وهذا لان الانسان يبيع مال غيره كمال نفسه، والشهادة بالبيع لا تدل على صحته، جامع الفصولين في الرابع عشر.
قوله: (ذكره في الدرر) الضمير راجع إلى المذكور متنا من قوله: وكذا الخ سوء الاجارة، وإلى المذكور شرحا، فجميع ذلك مذكور فيها، والضمير في قوله: وصححه في الجامع الخ راجع إلى ما في المتن فقط يدل عليه قول المصنف في المنح، وممن
صرح بكونه إقرارا منلا خسرو.
وفي النظم الوهباني لعبد البر خلافه.
ثم قال: والحاصل أن رواية الجامع أن الاستيام والاستئجار والاستعارة ونحوها إقرار بالملك(6/152)
للمساوم منه والمستأجر منه، ورواية الزيادات أنه لا يكون ذلك إقرارا بالملكية وهو الصحيح، كذا في العمادية وحكي فيه الروايات على أنه لا ملك للمساوم، ونحوه فيه، وعلى هذا الخلاف ينبغي صحة دعواه ملكا لما ساوم فيه لنفسه أو لغيره ا ه.
وإنما جزمنا هنا بكونه إقرارا أخذا برواية الجامع الصغير والله تعالى أعلم اه.
قال السائحاني: ويظهر لي أنه إن أبدى عذرا يفتى بما في الزيادات من أن الاستيام ونحوه لا يكون إقرارا.
وفي العمادية وهو الصحيح، وفي السراجية أنه الاصح، قال الانقروي: والاكثر على تصحيح ما في الزيادات وأنه ظاهر الرواية.
قوله: (وصححه في الجامع) أي جامع الفصولين وهذه رواية الجامع للامام محمد، والضمير في صححه لكونه إقرارا بالملك لذي اليد.
قال في الشرنبلالية: كون هذه الاشياء إقرارا بعدم الملك للمباشر متفق عليه، وأما كونها إقرارا بالملك لذي اليد ففيه روايتان: على رواية الجامع يفيد الملك لذي اليد، وعلى رواية الزيادات لا، وهو الصحيح.
كذا في الصغرى.
وفي جامع الفصولين صحح رواية إفادته الملك فاختلف التصحيح للروايتين، ويبتنى على عدم إفادته ملك المدعى عليه جواز دعوى المقر بها لغيره ا ه.
ونقل السائحاني عن الانقروي أن الاكثر على تصحيح ما في الزيادات، وأنه ظاهر الرواية اه.
قلت: فيفتى به لترجحه لكونه ظاهر الرواية وإن اختلف التصحيح.
تتمة: الاشتراء من غير المدعى عليه في كونه إقرارا بأنه لا ملك للمدعي كالاشتراء من المدعى عليه حتى لو برهن يكون دفعا.
قال في جامع الفصولين بعد نقله عن الصغرى أقول: ينبغي أن يكون الاستيداع وكذا الاستيعاب ونحوه كالاستشراء.
مهمة: قال في البزازية: ومما يجب حفظه هنا أن المساومة إقرار بالملك للبائع أو بعدم كونه ملكا ضمنا لا قصدا، وليس كالاقرار صريحا بأنه ملك البائع والتفاوت يظهر فيما إذا وصل إلى يده يؤمر بالرد إلى البائع في فصل الاقرار الصريح، ولا يؤمر في فصل المساومة، وبيانه: اشترى متاعا من
إنسان وقبضه، ثم إن أبا المشتري استحقه بالبرهان من المشتري وأخذه ثم مات الاب وورثه الابن المشتري لا يؤمر برده إلى البائع ويرجع بالثمن على البائع ويكون المتاع في يد المشتري هذا بالارث، ولو أقر عند البيع بأنه ملك البائع ثم استحقه أبوه من يده ثم مات الاب وورثه الابن المشتري لا يرجع على البائع، لانه في يده بناء على زعمه بحكم الشراء لما تقرر أن القضاء للمستحق لا يوجب فسخ البيع قبل الرجوع بالثمن اه.
ذكره في الفصل الاول من كتاب الدعوى، وفيه فروع جمة كلها مهمة فراجعه.
قوله: (لتصحيح الوهبانية) أي في مسألة الاستيام.
قوله: (لا) بل يكون استفهاما وطلب إشهاد على إقرار بإرادة بيع ملك القائل فيلزمه بعد ذلك.
شرنبلالية.
قوله: (فإنه ليس بإقرار) أي فما هنا أولى أو مساو.
قال في الهامش: وإن رأى المولى عبده يبيع عينا من أعيان المولى فسكت لم يكن إذنا، وكذا(6/153)
المرتهن إذا رأى الراهن يبيع الرهن فسكت لم يبطل الرهن.
وروى الطحاوي عن أصحابنا: المرتهن إذا سكت كان رضا بالبيع ويبطل الرهن.
خانية من كتاب المأذون.
قوله: (والموزون) كقوله مائة وقفيز كذا أو رطل كذا، ولو قال له نصف درهم ودينار وثوب فعليه نصف كل منها، وكذا نصف هذا العبد وهذه الجارية، لان الكلام كله وقع بغير عينه أو بعينه فينصرف النصف إلى الكل، بخلاف ما لو كان بعضه غير معين كنصف هذا الدينار ودرهم يجب الدرهم كله.
قال الزيلعي: وعلى تقدير خفض الدرهم مشكل.
وأقول: لا إشكال على لغة الجوار، على أن الغالب على الطلبة عدم التزام الاعراب.
سائحاني: أي فضلا عن العوام، ولكن الاحوط الاستفسار، فإن الاصل براءة الذمة فلعله قصد الجر.
تأمل.
قوله: (كلها ثياب) لانه ذكر عددين مبهمين وأردفهما بالتفسير فصرف إليهما لعدم العاطف.
منح.
قوله: (بحرف العطف) بأن يقول مائة وأثواب ثلاثة كما في مائة وثوب.
قوله: (وإن أمكن نقله) كتمر في قوصرة.
قوله: (خلافا لمحمد) فعنده لزماه جميعا، لان غصب غير المنقول متصور عنده.
زيلعي.
قوله: (في خيمة) فيه أن الخيمة لا تسمى ظرفا حقيقة، والمعتبر كونه ظرفا حقيقة كما في المنح.
قوله: (لزماه) لان الاقرار بالغصب إخبار عن نقله ونقل المظروف حال كونه مظروفا لا يتصور إلا
بنقل الظرف، فصار إقرارا بغصبهما ضرورة، ورجع في البيان إليه لانه لم يعين، هكذا قرر في غاية البيان وغيرها هنا وفيما بعده، وظاهر قصره على الاقرار بالغصب، ويؤيده ما في الخانية له على ثوب أو عبد صح، ويقضى بقيمة وسط عند أبي يوسف.
وقال محمد: القول له في القيمة اه.
وفي البحر والاشباه.
لا يلزمه شئ اه.
ولعله قول الامام.
فهذا يدل على أن ما هنا قاصر على الغصب، وإلا لزمه القيمة أو لم يلزمه شئ.
ثم رأيته في الشرنبلالية عن الجوهرة حيث قال: إن أضاف ما أقر به إلى فعل بأن قال غصبت منه تمرا في قوصرة لزمه التمر والقوصرة والابل.
ذكره ابتداء وقال علي تمر في قوصرة فعليه التمر دون القوصرة، لان الاقرار قول والقول بتمييزه البعض دون البعض، كما لو قال بعت له زعفرانا في سلة ا ه ولله الحمد.
ولعل المراد بقوله فعليه التمر قيمته.
تأمل.
قوله: (لزمه الثوب) هو ظاهر، ويدل عليه ما يأتي متنا وهو ثوب في منديل أو في ثوب، فإن ما هنا أولى.
وفي غاية البيان: ولو قال غصبتك كذا في كذا والثاني لا يكون وعاء للاول لزماه وفيها: ولو قال علي(6/154)
درهم في قفيز حنطة لزمه الدرهم فقط، وإن صلح القفيز ظرفا بيانه ما قاله جواهر زاده أنه أقر بدرهم في الذمة، وما فيها لا يتصور أن يكون مظروفا في شئ آخر ا ه.
ويظهر لي أن هذا في الاقرار ابتداء، أما في الغصب فيلزمه الظرف أيضا كما في غصبته درهما في كيس، بناء على ما قدمناه ويفيده التعليل، وعلى هذا التفصيل درهم في ثوب.
تأمل.
قوله: (جفنه) بفتح الجيم: أي غمده.
قوله: (وحمائله) أي علاقته.
قال الاصمعي: لا واحد لها من لفظها وإنما واحدها محمل.
عيني.
قوله: (في قوصرة) بالتشديد وقد تخفف مختار.
قوله: (وطعام في بيت) الاصل في جنس هذه المسائل أن الظرف إن أمكن أن يجعل ظرفا حقيقة ينظر: فإن أمكن نقله لزماه، وإن لم يمكن نقله لزمه المظروف خاصة عندهما، لان الغصب الموجب للضمان لا يتحقق في غير المنقول، ولو ادعى أنه لم ينقل المظروف لا يصدق، لانه أقر بغصب تام إذ هو مطلق فيحمل على الكمال.
وعند محمد: لزماه جميعا لان غصب المنقول متصور عنده، وإن لم يمكن أن يجعل ظرفا حقيقة لم يلزمه إلا الاول كقولهم درهم في درهم لم يلزمه الثاني لانه لا يصلح أن يكون ظرفا.
منح.
كذا في هامش.
قوله: (لا تكون ظرفا) خلافا
لمحمد، لانه يجوز أن يلف الثوب النفيس في عشرة أثواب.
منح كذا في الهامش.
قوله: (خمسة) لان أثر الضرب في تكثير الاجزاء لا في تكثير المال.
درر.
كذا في الهامش.
وفي الولوالجية إن عنى بعشرة في عشرة الضرب فقط أو الضرب بمعنى تكثير الاجزاء فعشرة، وإن نوى بالضرب تكثير العين لزمه مائة.
سائحاني.
قوله: (وعشرة إن عنى مع) وفي البيانية على درهم مع درهم أو معه درهم لزماه، وكذا قبله أو بعده، وكذا درهم فدرهم أو ودرهم، بخلاف على درهم أو قال درهم درهم لان الثاني تأكيد، وله علي درهم في قفيز بر لزمه درهم، وبطل القفيز كعكسه، وكذا له فرق زيت في عشرة مخاتيم حنطة ودرهم ثم درهمان لزمه ثلاثة ودرهم بدرهم واحد لانه للبدلية اه ملخصا.
وفي الحاوي القدسي: له علي مائة ونيف لزمه مائة والقول له في النيف، وفي قريب من ألف عليه أكثر من خمسمائة والقول له في الزيادة.
وفي الهامش: لو قال أردت خمسمائة مع خمسمائة لزمه عشرة لان اللفظ يحتمله، قال تعالى: * (فادخلي في عبادي) * (الفجر: 29) قيل مع عبادي، فإذا احتمله اللفظ ولو مجازا ونواه صح، لاسيما إذا كان فيه تشديد على نفسه كما عرف في موضعه.
درر اه.(6/155)
قوله: (تسعة عند أبي حنيفة) وقالا يلزمه عشرة وقال زفر ثمانية وهو القياس، لانه جعل الدرهم الاول والآخر حدا والحد لا يدخل في المحدود، ولهما أن الغاية يجب أن تكون موجودة، إذ المعدوم لا يجوز أن يكون حدا للموجود ووجوده يوجبه فتدخل الغايتان، وله أن الغاية لا تدخل لان الحد يغاير المحدود، لكن هنا لا بد من إدخال الاولى، لان الدرهم الثاني والثالث لا يتحقق بدون الاولى فدخلت الآية الاولى ضرورة ولا ضرورة في الثانية.
درر.
كذا في الهامش، قوله: (بخلاف الثانية) أي الغاية الثانية.
قوله: (إلا قفيزا) من شعير وعندهما كران.
منح.
كذا في الهامش.
قوله: (لما مر) أي من أن الغاية الثانية لا تدخل لعدم الضرورة.
واعلم أن المراد بالغاية الثانية المتمم للمذكور، فالغاية في إلى عشرة وفي إلى ألف الفرد الاخير، وهكذا على ما يظر لي.
قال المقدسي: ذكر الاتقاني عن الحسن أنه لو قال من درهم إلى دينار لم يلزمه
الدنيار.
وفي الاشباه: علي من شاة إلى بقرة لا يلزمه شئ سواء كان بعينه أو لا، ورأيت معزيا لشرحها، قال أبو يوسف: إذا كان بغير عينه فهما عليه، ولو قال ما بين درهم إلى درهم فعليه درهم عند أبي حنيفة ودرهمان عند أبي يوسف.
سائحاني.
قوله: (لما مر) من أن الغاية الثانية لا تدخل، وأن الاولى تدخل للضرورة: أي ولا ضرورة هنا.
تأمل.
وعلل له في البرهان كما في الشرنبلالية بقيامهما بأنفسهما.
قوله: (وصح الاقرار بالحمل) سواء كان حمل أمة أو غيرها بأن يقول حمل أمتي أو حمل شاتي لفلان، وإن لم يبين له سببا لان لتصحيحه وجها وهو الوصية من غيره، كأن أوصى رجل بحمل شاة مثلا لآخر ومات فأقر ابنه بذلك فحمل عليه.
قوله: (المحتمل) أي والمتيقن بالاولى، ولعل الاولى أن يقول المتيقن وجوده شرعا.
قوله: (لثبوت نسبه) فيكون حكما بوجوده.
قوله: (لكن في الجوهرة) الاستدراك على ما تضمنه الكلام السابق من الرجوع إلى أهل الخبرة إذ لا يلزم فيما ذكر.
قوله: (وصح له) أي للحمل المحتمل وجوده وقت الاقرار، بأن جاءت به لدون نصف حول أو لسنتين وأبوه ميت، إذ لو جاءت به لسنتين وأبوه حي ووطئ الام له حلال فالاقرار بالحمل، لانه محال بالعلوق إلى أقرب الاوقات فلا يثبت الوجود وقت الاقرار لا حقيقة ولا حكما.
بيانية وكفاية.
قوله: (بخلاف الميراث)(6/156)
فإنه فيد للذكر مثل حظ الانثيين.
قوله: (فإنه صحيح) لان الاقرار لا يتوقف على القبول، ويثبت الملك للمقر له من غير تصديق لكن بطلانه يتوقف على الابطال كما في الانقروي.
سائحاني.
والفرق بينه وبين الحمل سيذكره الشارح.
قوله: (في الجملة) أي بأن يعقد مع وليه، بخلاف الحمل فإنه لا يلي عليه أحد.
قوله: (لم يعتبر) ينبغي أن يقول، فإنه لم يعتبر لان أن وصلية فلا جواب لها ح.
قوله: (أو قصيرة) الاولى حذفها كما لا يخفى ح.
قوله: (لانها أفعال) لان الشئ المقر به قرض أو غصب أو وديعة أو عارية.
قوله: (بكتابة الاقرار) بخلاف أمره بكتابة الاجارة وأشهد ولم يجز عنه لا تنعقد.
أشباه.
قوله: (يكون بالبنان) بالباء الموحدة والنون، ومقتضى كلامه أن مسألة المتن من قبيل الاقرار بالنبان، والظاهر أنها من قبيل الاقرار باللسان بدليل قوله كتب أم لم يكتب، وبدليل ما في المنح عن الخانية حيث قال: وقد يكون الاقرار بالبنان كما يكون باللسان رجل كتب على نفسه ذكر حق بحضرة
قوم أو أملى على إنسان ليكتب ثم قال اشهدوا علي بهذا لفلان كان إقرارا ا ه.
فإن ظاهر التركيب أن المسألة الاولى مثال للاقرار بالبنان والثانية للاقرار باللسان فتأمل.
ح.
فرع: ادعى المديون أن الدائن كتب على قرطاس بخطه أنه الدين الذي لي على فلان ابن فلان أبرأته عنه صح وسقط الدين، لان الكتابة المرسومة المعنونة كالنطق به، وإن لم يكن كذلك لا يصح الابراء ولا دعوى الابراء، ولا فرق بين أن تكون الكتابة بطلب الدائن أو لا بطلب.
بزازية من آخر الرابع عشر من الدعوى، وفي أحكام الكتابة من الاشباه: إذا كتب ولم يقل شيئا لا تحل الشهادة قال القاضي النسفي: إن كتب مصدرا: يعني كتب في صدره أن فلان بن فلان له علي كذا أو أما بعد فلفلان علي كذا يحل للشاهد أن يشهد وإن لم يقل اشهد علي به، والعامة على خلافه لان الكتابة قد تكون للتجربة، ولو كتب وقرأه عند الشهود وإن لم يشهدهم ولو كتب عندهم وقال اشهدوا علي بما فيه إن علموا بما فيه كان إقرارا، وإلا فلا.
وذكر القاضي ادعى على آخر مالا وأخرج خطا وقال(6/157)
إنه خط المدعى عليه بهذا المال فأنكر كونه خطه، فاستكتب وكان بين الخطين مشابهة ظاهرة تدل على أنهما خط كاتب واحد لا يحكم عليه بالمال في الصحيح، لانه لا يزيد على أن يقول هذا خطي وأنا حررته، لكن ليس علي هذا المال، وثمة لا يجب كذا هنا إلا في دفتر السمسار والبياع والصراف اه.
وقدمنا شيئا من الكلام عليها في باب كتاب القاضي وفي أثناء كتاب الشهادات، ومثله في البزازية.
وقال السائحاني: وفي المقدسي عن الظهيرية لو قال وجدت في كتابي أن له علي ألفا أو وجدت في ذكري أو في حسابي أو بخطي أو قال كتبت بيدي أن له علي كذا كله باطل، وجماعة من أئمة بلخ قالوا في دفتر البياع: إن ما وجد فهي بخط البياع فهو لازم عليه، لانه لا يكتب إلا ما على الناس له وما للناس عليه صيانة عن النسيان، والبناء على العادة الظاهرة واجب اه.
فقد استفدنا من هذا أن قول أئمتنا لا يعمل بالخط يجري على عمومه، واستثناء دفتر السمسار والبياع لا يظهر، بل الاولى أن يعزى إلى جماعة من أئمة بلخ، وأن يقيد بكونه فيما عليه، ومن هنا يعلم أن رد الطرسوسي العمل به مؤيد بالمذهب فليس إلى غيره نذهب.
وانظر ما قدمناه في باب كتاب
القاضي إلى القاضي.
قوله: (أحد الورثة) وإن صدقوا جميعا لكن على التفاوت، كرجل مات عن ثلاثة بنين وثلاثة آلاف فاقتسموها وأخذ كل واحد ألفا فادعى رجل على أبيهم ثلاثة آلاف فصدقه الاكبر في الكل والاوسط في الالفين والاصغر في الالف أخذ من الاكبر ألفا ومن الاوسط خمسة أسداس الالف، ومن الاصغر ثلث ألف عند أبي يوسف.
وقال محمد: في الاصغر والاكبر كذلك، والاوسط يأخذ الالف، ووجه في الكافي.
تنبيه: لو قال المدعي عليه عند القاضي كل ما يوجد في تذكرة المدعي بخطه فقد التزمته ليس بإقرار، لانه قيده بشرط لا يلائمه، فإنه ثبت عن أصحابنا رحمهم الله أن من قال كل من أقر به على فلان فأما مقر به فلا يكون إقرارا لانه يشبه وعدا.
كذا في المحيط شرنبلالية.
في رجل كان يستدين من زيد ويدفع له ثم تحاسب على مبلغ دين لزيد بذمة الرجل، وأقر الرجل(6/158)
بأن ذلك آخر كل قبض وحساب، ثبعد أيام يريد نقض ذلك وإعادة الحساب فهل ليس له ذلك الجواب؟ نعم لقول الدرر: لا عذر لمن أقر.
سائحاني.
وفيها في شريكي تجارة حسب لهما جماعة الدفاتر فتراضيا وانفصل المجلس وقد ظنا صواب الجماعة في الحساب، ثم تبين الخطأ في الحساب لدى جماعة أخرى، فهل يرجع للصواب؟ الجواب: نعم لقول الاشباه: لا عبرة بالظن البين خطؤه.
في شريكي عنان تحاسبا ثم افترقا بلا إبراى أو بقيا على الشركة ثم تذكر أحدهما أنه كان أوصل لشريكه أشياء من الشركة غير ما تحاسبا عليه فأنكر الآخر ولا بينة فطلب المدعي يمينه على ذلك، فهل له ذلك لان اليمين على من أنكر؟ الجواب نعم ا ه.
قوله: (أقر بالدين) سيأتي في الوصايا قبيل باب العتق في المرض.
قوله: (وقيل حصته) عبر عنه بقيل، لان الاول ظاهر الرواية كما في فتاوى المصنف، وسيجئ أيضا وهذا بخلاف الوصية، لما في جامع الفصولين: أحد الورثة لو أقر بالوصية يؤخذ منه ما يخصه وفاقا، وفي مجموعة منلا علي عن العمادية في الفصل التاسع والثلاثين: أحد الورثة إذا أقر بالوصية يؤخذ منه ما يخصه بالاتفاق، وإذا مات وترك ثلاثة بنين وثلاثة آلاف درهم، فأخذ كل
ابن ألفا فادعى رجل أن الميت أوصى له بثلث ماله وصدقه أحد الابنين فالقياس أن يؤخذ منه ثلاثة أخماس ما في يده، وهو قول زفر.
وفي الاستحسان: يؤخذ منه ثلث ما في يده، وهو قول علمائنا رحمهم الله.
لنا أن المقر أقر بألف شائع في الكل ثلث ذلك في يده وثلثاه في يد شريكيه، فما كان إقرارا فيما في يده يقبل، وما كان إقرارا في يد غيره لا يقبل فوجب أن يسلم إليه: أي إلى الموصى له ثلث ما في يده اه.
قوله: (ولو شهد هذا المقر مع آخر) وفي جامع الفصولين ح: ينبغي للقاضي أن يسأل المدعى عليه هل مات مورثك؟ فإن قال نعم، يسأله عن دعوى المال، فلو أقر وكذبه بقية الورثة ولم يقض بإقراره حتى شهد هذا المقر وأجنبي معه يقبل ويقضي على الجميع، وشهادته بعد الحكم عليه بإقراره لا تقبل، ولو لم يقم البينة أقر الوارث أو نكل، ففي ظاهر الرواية يؤخذ كل الدين من حصة المقر لانه مقر بأن الدين مقدم على أرثه، وقال ث: هو القياس، ولكن المختار عندي أن يلزمه ما يخصه، وهو قول الشعبي والحسن البصري ومالك وسفيان وابن أبي ليلى وغيرهم ممن تابعهم.
وهذا القول أعدل وأبعد من الضرر به، ولو برهن لا يؤخذ منه إلا ما يخصه وفاقا انتهى.
بقي ما لو برهنا على أحد الورثة بدينه بعد قسمة التركة، فهل للدائن أخذه كله من حصة الحاضر؟ قال المصنف في فتاواه: واختلفوا فيه، فقال بعضهم: نعم، فإذا حضر الغائب يرجع عليه.
وقال بعضهم: لا يأخذ منه إلا ما يخصه اه ملخصا.
وفي جامع الفصولين أيضا: وكذا لو برهن الطالب على هذا المقر تسمع البينة عليه كما في وكيل قبض العين لو أقر من عنده العين أنه وكيل بقبضها لا يكفي إقراراه، ويكلف الوكيل إقامة البينة على إثبات الوكالة حتى يكون له قبض ذلك فكذا هنا.
قوله: (بمجرد إقراره) ولو كان الدين يحل في نصيبه(6/159)
بمجرد الاقرار ما قبلت شهادته لما فيه من دفع المغرم عنه.
باقاني ودرر.
كذا في الهامش.
قوله: (أشهد على ألف الخ) نقل المصنف في المنح عن الخانية روايتين عن الامام ليس ما في المتن واحدة منهما: إحداهما أن يلزمه المالان إن أشهد في المجلس.
الثاني عين الشاهدين الاولين، وإن أشهد غيرهما كان المال واحدا وأحراهما أنه إن أشهد على كل إقرار شاهدين يلزمه المالان جميعا، سواء أشهد
على إقراره الثاني الاولين أو غيرهما ا ه.
فلزوم المالين إن أشهد في مجلس آخر آخرين ليس واحدا مما ذكر.
ونقل في الدرر عن الامام الاولى وأبدل الثانية بما ذكره المصنف متابعة له، واعترضه في العزمية بما ذكرنا وأنه ابتداع قول ثالث غير مسند إلى أحد ولا مسطور في الكتب.
قوله: (في مجلس آخر) بخلاف ما لو أشهد أولا واحدا وثانيا آخر في موطن أو موطنين فالمال واحد اتفاقا، كذا لو أشهد على الاول واحدا وعلى الثاني أكثر في مجلس آخر فالمال واحد عندهما، وكذا عنده على الظاهر.
منح.
قوله: (لزم ألفان) واعلم أن تكرار الاقرار لا يخلو إما أن يكون مقيدا بسبب أو مطلقا.
والاول على وجهين إما بسبب متحد فيلزم مال واحد وإن اختلف المجلس، أو بسبب مختلف فمالان مطلقا، وإن كان مطلقا فإما بصك أو لا.
والاول على وجهين: إما بصك واحد فالمال واحد مطلقا، أو بصكين فمالان مطلقا.
وأما الثاني فإن الاقرار في موطن واحد يلزم مالان عنده وواحد عندهما، وإن كان في موطنين، فإن أشهد على الثاني شهود الاول فمال واحد عنده إلا أن يقول المطلوب هما مالان، وإن أشهد غيرهما فمالان وفي موضع آخر عنه على عكس ذلك، وهو إن اتحد المشهود فمالان عنده، وإلا فواحد عندهما.
وأما عنده فاختلف المشايخ، منهم من قال القياس على قوله مالان.
وفي الاستحسان مال واحد، وإليه ذهب السرخسي.
ومنهم من قال على قول الكرخي مالان، وعلى قول الطحاوي واحد، وإليه ذهب شيخ الاسلام، ملخصا من التاترخانية وكل ذلك مفهوم من الشرح.
وبه ظهر أن ما في المتن رواية منقولة، وأن اعتراض العزمية على الدرر مردود حيث جعله قولا مبتدعا غير مسطور في الكتب، مستندا إلى أنه في الخانية حكي في المسألة روايتين الاولى لزوم مالين إن اتحد الشهود، وإلا فمال الثانية لزوم مالين إن أشهد على كل إقرار شاهدين اتحدا أو لا، وقد أوضح المسألة في الولوالجية فراجعها.
قوله: (كما لو اختلف السبب) ولو في مجلس واحد، في البزازية جعل الصفة كالسبب حيث قال إن أقر بألف بيض ثم بألف سود فمالان، ولو ادعى المقر له اختلاف السبب وزعم المقر اتحاده أو الصك أو الوصف فالقول للمقر، ولو اتحد السبب والمال الثاني أكثر يجب المالان، وعندهما: يلزم الاكثر.
سائحاني.
قوله: (اتخذ السبب) بأن قال له علي ألف ثمن هذا العبد ثم أقر بعده كذلك في المجلس أو في غيره.
منح.
قوله: (أو الشهود) هذا ما ذهب إليه السرخسي كما علمته
مما مر.
قوله: (ثم عند القاضي) وكذا لو كان كل عند القاضي في مجلس ط.
قوله: (والاصل أن المعرف) كالاقرار بسبب متحد.
قوله: (أو المنكر) كالسببين وكالمطلق عن السبب.
قوله: (ولو نسي(6/160)
الشهود) في صورة تعدد الاشهاد.
قوله: (وتمامه في الخانية) ونقلها في المنح.
قوله: (أقر) أي بدين أو غيره كما في آخر الكنز.
قوله: (ثم ادعى) ذكر المسألة في الكنز في شتى الفرائض.
قوله: (وبه يفتى) وهو المختار.
بزازية.
وظاهره أن المقر ادعى الاقرار كاذبا يحلف المقر له، أو وارثه على المفتى به من قول أبي يوسف مطلقا، سواء كان مضطرا إلى الكذب في الاقرار أو لا.
قال شيخنا: وليس كذلك لما سيأتي في مسائل شتى قبيل كتاب الصلح عند قول المصنف أقر بمال في صك وأشهد عليه به ثم ادعى أن بعض هذا المال المقر به قرض وبعضه ربا الخ حيث نقل الشارح عن شرح الوهبانية للشرنبلالي ما يدل على أنه يفتى بقول أبي يوسف: من أنه يحلف له أن المقر كاذبا في صورة يوجد فيها اضطرار المقر إلى الكذب في الاقرار كالصورة التي تقدمت ونحوها، كذا في حاشية مسكين للشيخ محمد أبي السعود المصري.
وفيه أنه لا يتعين الحمل على هذا، لان العبارة هناك في هذا ونحوه، فقوله ونحوه يحتمل أن يكون المراد به كل ما كان من قبيل الرجوع بعد الاقرار مطلقا، ويدل عليه ما بعده من قوله وبه جزم المصنف فراجعه.
قوله: (فيحلف) أي المقر له.
وقال بعضهم: إنه لا يحلف.
بزازية.
والاصح التحليف.
حامدية عن صدر الشريعة.
وفي جامع الفصولين: أقر فمات فقال ورثته إنه أقر كاذبا فمل يجز إقراره والمقر له عالم به ليس لهم تحليفه، إذ وقت الاقرار لم يتعلق حقهم بمال المقر فصح الاقرار، وحيث تعلق حقهم صار حقا للمقر له ص.
أقر ومات فقال ورثته إنه أقر تلجئة حلف المقر له بالله لقد أقر لك إقرارا صحيحا ط.
وارث ادعى أن مورثه أقر تلجئة، قال بعضهم: له تحليف المقر له ولو ادعى أنه أقر كاذبا لا يقبل.
قال في نور العين: يقول الحقير كان ينبغي أن يتحد حكم المسألتين ظاهرا إذ الاقرار كاذبا موجود في التلجئة أيضا، ولعل وجه الفرق هو أن التلجئة أن يظهر أحد شخصين أو كلاهما في العلن خلاق ما تواضعا في السر، ففي دعوى التلجئة يدعي الوارث على المقر له فعلا له وهو تواضعه
مع المقر في السر فلذا يحلف، بخلاف دعوى الاقرار كاذبا كما لا يخفى على من أوتي فهما صافيا اه من أواخر الفصل الخامس عشر.
ثم اعلم أن دعوى الاقرار كاذبا إنما تسمع إذا لم يكن إبراى عاما، فول كان تسمع، لكن للعلامة ابن نجيم رسالة: في امرأة أقرت في صحتها لبنتها فلانة بمبلغ معين ثم وقع بينهما تبارؤ عام ثم ماتت فادعى الوصي أنها كاذبة فأفتى بسماع دعواه وتحليف البنت وعدم صحة الحكم قبل(6/161)
التحليف، لانه حكم بخلاف المفتى به وأن الابراء هنا لا يمنع، لان الوصي يدعي عدم لزوم شئ، بخلاف ما إذا وقع المقر المال به إلى المقر له فإنه ليس له تحليف المقر لانه يدعي استرجاع المال والبراءة مانعة من ذلك، وأما في الاولى فإنه لم يدع استرجاع شئ وإنما يدفع عن نفسه فافترقا، والله أعلم.
باب الاستثناء وما في معناه قوله: (تكلم بالباقي) أي معنى لا صورة.
درر.
قوله: (بعد الثنيا) بضم فسكون وفي آخره ألف مقصورة اسم من الاستثناء.
سائحاني.
قوله: (لانه للتنبيه) أي تنبيه المخاطب، وتأكيد الخطاب، لان المنادى هو المخاطب ومفاده لو كان المنادى غير المقر له يضر.
ونقل عن الجوهرة ولم أره فيها، لكن قال في غاية البيان: ولو قال لفلان على ألف درهم يا فلان إلا عشرة كان جائزا، لانه أخرجه مخرج الاخبار لشخص خاص، وهذا صيغته فلا يعد فاصلا ا ه.
تأمل.
وفي الولوالجية: لان النداء لتنبيه المخاطب وهو محتاج إليه لتأكيد الخطاب والاقرار فصار من الاقرار اه.
قوله: (ولو الاكثر) أي أكثر من النصف.
كذا في الهامش.
قوله: (لفظ الصدر) كعبيدي أحرار إلا عبيدي.
قوله: (مساويه) كقوله إلا مماليكي.
قوله: (وإن بغيرهما) بأن يكون أخص منه في المفهوم لكن في الوجوب يساويه.
قوله: (إيهام البقاء) أي بحسب صورة اللفظ، لان الاستثناء تصرف لفظي، فلا يضر إهمال المعنى، قوله: (ووقع ثنتان) وإم كانت الست لا صحة لها من حيث الحكم، لان الطلاق لا يزيد على الثلاث، ومع هذا لا يجعل كأنه قال أنت طالق ثلاثا إلا أربعا فكان اعتبار اللفظ أولى.
عناية.
قوله: (كما صح)
فصله عما قبله لانه بيان للاستثناء من خلاف الجنس، فإن مقدرا من مقدر صح عندهما استحسانا،(6/162)
وتطرح قيمة المستثنى مما أقر به، وفي القياس لا يصح، وهو قول محمد وزفر، وإن غير مقدر من مقدر لا يصح عندنا قياسا واستحسانا، خلافا للشافعي في نحو مائة درهم إلا ثوبا.
غاية البيان، لكن حيث لم يصح هنا الاستثناء يجبر على البيان، ولا يمتنع به صحة الاقرار لما تقرر أن جهالة المقر به لا تمنع صحة الاقرار، ولكن جهالة المستثنى تمنع صحة الاستثناء.
ذكره في الشرنبلالية عن قاضي زاده.
قوله: (لثبوتها) أي هذه المذكورات.
قوله: (فكانت كالثمنين) لانها بأوصافها أثمان حتى لو عينت تعلق العقد بعينها، ولو وصفت ولم تتعين صار حكمها كحكم الدينار.
كفاية.
قوله: (لكن في الجوهرة) ومثله في الينابيع، ونقله قاضي زاده على الذخيرة كما في الشرنبلالية.
وفيها قال الشيخ: علي عشر دراهم إلا دينارا وقيمته أكثر أو إلا كر بر، كذلك إن مشينا على أن استثناء الكل بغير لفظه صحيح ينبغي أن يبطل الاقرار، لكن ذكر في البزازية ما يدل على خلافه قال: علي دينار إلا مائة درهم بطل الاستثناء لانه أكثر من الصدر: ما في هذا الكيس من الدراهم لفلان إلا ألفا ينظر، إن فيه أكثر من ألف فالزيادة للمقر له والالف للمقر، وإن ألف أو أقل فكلها للمقر له لعدم صحژ الاستثناء.
قلت: ووجهه ظاهر بالتأمل اه.
قلت: فكان ينبغي للمصنف أن يمشي على ما في الجوهرة حيث قال فيما قبله وإن استغرقت تأمل.
قوله: (فيحرر) الظاهر أن في المسألة روايتين مبنيتين على أن الدراهم والدنانير جنس واحد أو جنسان ح.
قوله: (مخرجا) بالبناء للمفعول.
قوله: (فليزمه تسعمائة الخ) لانه ذكر كلمة الشك في الاستثناء فيثبت أقلهما، وهذه رواية أبي سليمان، وفي رواية أبي حفص: يلزمه تسعمائة، قالوا والاول أصح.
كاكي.
وصحح قاضيخان في شرح الزيادات الثاني، وهو الموافق لقواعد المذهب كما في الرمز حموي.
وكتب السائحاني على الاول: هذا ظاهر على مذهب الشافعي من أنه خروج بعد دخول، وأما على مذهبنا من أن التركيب مفاده مفرد، فكأنه قال له تسعمائة أو تسعمائة وخمسون فنوجب التسعمائة لانها أقل، حتى إنهم قالوا ثمرة الخلاف تظهر في مثل هذا التركيب، فعندنا يلزمه الاقل، لانه لما كان
تكلما بالباقي بعد الثنيا شككنا في المتكلم به والاصل فراغ الذمم، وعند الشافعي: لما دخل الالف صار الشك في المخرج فيخرج الاقل.
زيلعي وصححه قاضيخان ا ه.
وتعبيرهم بقولهم قالوا والاول أصح يفيد التبري.
تأمل.
قوله: (في المخرج) بالبناء للمفعول.
قوله: (بخروج الاقل) وهو ما دون النصف، لان استثناء الشئ استثناء الاقل عرفا فأوجبنا النصف وزيادة درهم لان أدنى ما تتحقق به القلة النقص عن النصف بدرهم.
قوله: (أو فلان) ولو شاء لا تلزمه.
ولوالجية.
قوله: (على خطر)(6/163)
كإن حلفت فلك ما ادعيت به، فلو حلف لا يلزمه ولو دفع بناء على أنه يلزمه فله استرداده كما في البحر في فصل صلح الورثة، وقيد في البحر التعليق على خطر بأن لم يتضمن دعوى الاجل.
قال: وإن تضمن كإذا جاء رأس الشهر فلك علي كذا لزمه للحال، ويستحلف المقر له في الاجل اه.
تأمل.
وفي البحر أيضا: ومن التعليق المبطل له ألف إلا أن يبدو لي غير ذلك أو أرى غيره أو فيما أعلم وكذا اشهدوا أن له علي كذا فيما أعلم.
قوله: (فإنه ينجز) أي في تعليقه بكائن لانه ليس تعليقا حقيقة بل مراده به أن يشهدهم لتبرأ ذمته بعد موته إن جحد الورثة فهو عليه مات أو عاش ليكن قدم في متفرقات البيع أنه يكون وصية.
قوله: (بطل إقراره) على قول أبي يوسف أن التعليق بالمشيئة إبطال.
وقال محمد: تعليق بشرط لا يوقف عليه، والثمرة تظهر فيما إذا قدم المشيئة فقال إن شاء الله أنت طالق عند أبي يوسف لا يقع لانه إبطال.
وقال محمد: يقع لانه تعليق، فإذا قدم الشرط ولم يذكر الجزاء لم يتعلق وبقي الطلاق من غير شرط.
كفاية.
ولو جرى على لسانه إن شاء الله من غير قصد وكان قصده إيقاع الطلاق لا يقع، لان الاستثناء موجود حقيقة والكلام معه لا يكون إيقاعا.
عيني.
قوله: (لو ادعى المشيئة) أي ادعى أنه قال إن شاء الله تعالى ح.
قوله: (قاله المصنف) قال الرملي في حواشيه: أقول: الفقه يقتضي أنه إذا ثبت إقراره بالبينة لا يصدق إلا ببينة، أما إذا قال ابتداء أقررت له بكذا مستثنيا في إقراري يقبل قوله بلا بينة كأنه قال له عندي كذا إن شاء الله تعالى، بخلاف الاول لانه يريد إبطاله بعد تقرره.
تأمل ا ه.
قوله: (لدخول تبعا) ولهذا لو استحق البناء في البيع قبل القبض لا يسقط شئ من الثمن بمقابله بل يتخير المشتري، بخلاف البيت تسقط حصته من الثمن.
قوله: (وإن
قال بناؤها الخ) قال في الذخيرة: واعلم أن هذه خمس مسائل وتخريجها على أصلين.
الاول: أن الدعوى قبل الاقرار لا تمنع صحة الاقرار بعده والدعوى بعد الاقرار في بعض ما دخل تحت الاقرار لا تصح.
والثاني: أن إقرار الانسان حجة على نفسه لا غيره.
إذا عرفت هذا فنقول إذا قال بناؤها لي وأرضها لفلان إنما كان لفلان لانه أولا البناء وثانيا أقر به لفلان تبعا للارض، والاقرار بعد الدعوى صحيح، وإذا قال أرضها لي وبناؤها لفلان فكما قال، لانه أولا ادعى البناء لنفسه تبعا وثانيا أقر به لفلان والاقرار بعد الدعوى صحيح، ويؤمر المقر له بنقل البناء من أرضه، أو إذا قال أرضها لفلان وبناؤها لي فهما لفلان، لانه أولا أقر له بالبناء تبعا وثانيا ادعاه لنفسه والدعوى بعد الاقرار في(6/164)
بعض ما تناوله الاقرار ر تصح، وإذا قال أرضها لفلان وبناؤها لفلان آخر فهما للمقر له الاول، لانه أولا أقر بالبناء له تبعا للارض، وبقوله وبناؤها لفلان آخر يصير مقرا على الاول والاقرار على الغير لا يصح، وإذا قال بناؤها لفلان وأرضها لفلان آخر فكما قال، لانه أولا بالبناء للاول وثانيا صار مقرا على الاول بالبناء للثاني فلا يصح.
كفاية ملخصا.
قوله: (فكما قال) وكذا لو قال بياض هذه الارض لفلان وبناؤها لي.
قوله: (هي البقعة) فقصر الحكم عليها يمنع دخول الوصف تبعا.
قوله: (فص الخاتم) انظر ما في الحامدية على الذخيرة.
قوله: ونخلة البستان إلا أن يستثنيها بأصولها، لان أصولها دخلت في الاقرار قصدا لا تبعا.
وفي الخانية بعد ذكر الفص والنخلة وحيلة السيف قال: لا يصح الاستثناء وإن كان موصولا، إلا أن يقيم المدعي البينة على ما ادعاه، لكن في الذخيرة.
لو أقر بأرض أو دار لرجل دخل البناء والاشجار حتى لو أقام المقر بينة بعد ذلك على أن البناء والاشجار له لم تقبل بينته اه، إلا أن يحمل على كونه مفصولا لا موصولا كما أشار لذلك في الخانية.
سائحاني.
قوله: (وطوق الجارية) استشكل بأنهم نصوا أنه لا يدخل معها تبعا إلا المعتاد للمهنة لا غيره كالطوق إلا أن يحمل على أنه لا قيمة له كثيرة.
أقول: ذاك في البيع لانها وما عليها للبائع، أما هنا لما أقر بها ظهر انها للمقر له، والظاهر منه أن ما عليها لمالكها فيتبعها ولو جليلا.
تأمل.
قوله: (فيما مر) أي من أنه لا يصح.
قوله: (له علي
ألف) قيد به لانه لو قال ابتداء اشتريت منه مبيعا إلا أني لم أقبضه قبل قوله كما قبل قول البائع بعته هذا ولم أقبض الثمن والمبيع في يد البائع لانه منكر قبض المبيع أو الثمن والقول للمنكر، بخلاف ما هنا لان قوله ما قبضته بعد قوله له علي كذا رجوع فلا يصح.
أفاده الرملي، قوله: (حال منها) أي من الجملة.
قوله: (فإن سلمه) لعلهم أرادو بالتسليم هنا الاحضار أو يخص هذا من قولهم يلزم المشتري تسليم الثمن أولا لانه ليس ببيع صريح.
مقدسي أبو السعود ملخصا.
قوله: (إن كذبه) في كونه زورا أو باطلا.
قوله: (إن كذبه لزم البيع وإلا لا) وفي البدائع: كما لا يجوز بيع التلجئة لا يجوز الاقرار بالتلجئة بأن يقول لآخر إني أقر لك في العلانية بمال وتواضعا على فساد الاقرار لا يصح إقراره حتى(6/165)
لا يملكه المقر له.
سائحاني.
قوله: (صدق مطلقا) لان الغاصب يغصب ما يصادف والمودع يودع ما عنده فلا يقتضي السلامة.
ومما يكثر وقوعه ما في التاترخانية: أعرتني هذه الدابة فقال لا ولكنك غصبتها، فإن لم يكن المستعير ركبها فلا ضمان، وإلا ضمن، وكذا دفعتها إلي عارية أو أعطيتنيها عارية.
وقال أبو حنيفة: إن قال أخذتها منك عارية وجحد الآخر ضمن، وإذا قال: أخذت هذا الثوب منك عارية فقال أخذته مني بيعا فالقول للمقر ما لم يلبسه لانه منكر، فإن لبس ضمن أعرتني هذا فقال: لا بل آجرتك لم يضمن إن هلك، بخلاف قوله عصبته لكن يضمن إن كان استعمله.
قوله: (أي الدراهم) مثله في الشرنبلالية، لكن في العيني قوله: إلا أنه ينقض كذا: أي مائة درهم وهذا ظاهر.
فتال.
قوله: (وإلا فقيمته) فيه أن فرض المسألة في المشار إليه، إلا أن يقال كان موجودا حين الاشارة ثم استهلكه المقر.
تأمل.
فتال.
قوله: (هذا الالف وديعة فلان الخ) وسيأتي قبيل الصلح ما لو قال أوصى أبي بثلث ماله لفلان بل لفلان.
قوله: (لانه لم يقر بإيداعه) أي فلم يكن مقرا بسبب الضمان بخلاف الاولى، فإنه حيث أقر بأنه وديعة لفلان آخر يكون ضامنا حيث أقر بها للاول لصحة إقراره بها للاول، فكانت ملك الاول ولا يمكنه تسليمها للثاني، بخلاف ما إذا باع الوديعة ولم يسلمها للمشري لا يكون ضامنا بمجرد البيع حيث يمكنه دفعها لربها، هذا ما ظهر فتأمل.
فرع: أقر بمالين واستثنى كله على ألف درهم ومائة دينار إلا درهما، فإن كان المقر له في المالين
واحدا يصرف إلى المال الثاني، وإن لم يكن من جنسه فياسا وإلى الاول استحسانا لو من جنسه، وإن كان المقر له رجلين يصرف إلى الثاني مطلقا مثل لفلان علي ألف درهم ولفلان آخر علي مائة دينار إلا درهما هذا كله قولهما، وعلى قول محمد: إن كان لرجل يصرف إلى جنسه وإن لرجلين لا يصح(6/166)
الاستثناء أصلا تاترخانية عن المحيط.
قوله: (أكثرهما قدرا) أي لو جنسا واحدا فلو جنسين كألف درهم لا بل ألف دينار لزمه الالفان ط ملخصا.
قوله: (ولو قال الدين الخ) عبارة الحاوي القدسي قال: الدين الذي لي على فلان لفلان ولم يسلطه على القبض ا ه.
بلا ذكر لفظة لو تحرير.
كذا في الهامش.
قوله: (لما مر) أوائل كتاب الاقرار.
قوله: (فيلزم التسليم) أي فلا تصح هبته من غير من عليه الدين إلا إذا سلطه على قبضه.
قوله: (ولو لم يسلطه الخ) لو هنا شرطية لا وصلية.
قوله: (واسمي الخ) حاصله إن سلطة على قبضه أو لم يسلطه ولكن قال اسمي فيه عارية يصح كما في فتاوى المصنف، وعلى الاول يكون هبة، وعلى الثاني إقرارا وتكون إضافته إلى نفسه إضافة نسبة لا ملك، كما ذكره الشارح فيما مر.
وإنما اشترط قوله: واسمي عارية ليكون قرينة على إرادة إضافة النسبة وعليه يحمل كلام المتن، ويكون إطلاقا في محل التقييد فلا إشكال حينئذ في جعله إقرارا، ولا يخالف الاصل المار للقرينة الظاهرة، وفي شرح الوهبانية: أمرأة قالت الصداق الذي لي على زوجي ملك فلان بن فلان لا حق لي فيه وصدقها المقر له ثم أبرأت زوجها، قيل يبرأ وقيل لا، والبراءة أظهر لما أشار إليه المرغيناني من عدم صحة الاقرار فيكون الابراء ملاقيا لمحله ا ه.
فإن هنا الاضافة للملك ظاهرة، لان صداقها لا يكون لغيرها فكان إقرارها له هبة بلا تسليط على القبض، وأعاد الشارح المسألة في متفرقات الهبة واستشكلها، وقد علمت زوال الاشكال بعون الملك المتعال فاغنتمه.
قوله: (وهو المذكور) أي قوله: وإن لم يقله لم يصح.
باب إقرار المريض قوله: (وحده) مبتدأ وقوله: مر الخ خبر، في الهندية: المريض مرض الموت من لا يخرج لحوائجه خارج البيت وهو الاصح اه.
وفي الاسماعيلية: من به بعض مرض يشتكي منه، وفي كثير
من الاوقان يخرج إلى السوق ويقضي مصالحه لا يكون مريضا مرض الموت، وتعتبر تبرعاته من كل ماله، وإذا باع لوارثه أو هبه لا يتوقف على إجازة باقي الورثة.
قوله: (نافذ) لكن يحلف الغريم كما مر قبيل باب التحكيم، ومثله في قضاء الاشباه.
قال في الاصل: إذا أقر الرجل في مرضه بدين لغير وارث فإنه يجوز، وإن أحاط ذلك بماله، وإن أقر لوارث فهو باطل إلا أن يصدقه الورثة اه.
وهكذا في عامة الكتب المعتبرة من مختصرات الجامع الكبير وغيرها.
لكن في الفصول العمادية أن إقرار(6/167)
المريض للوارث لا يجوز حكاية ولا ابتداء وإقراره للاجنبي يجوز حكاية من جميع المال وابتداء من ثلث المال اه.
قلت: وهو مخالف لما أطلقه المشايخ فيحتاج إلى التوفيق، وينبغي أن يوفق بينهما بأن يقال: المراد بالابتداء ما يكون صورته صورة إقرار، وهو في الحقيقة ابتداء تمليك بأن يعلم بوجه من الوجوه أن ذلك الذي أقربه ملك له، وإنما قصد إخراجه في صورة الاقرار حتى لا يكون في ذلك منع ظاهر على المقر، كما يقع أن الانسان يريد أن يتصدق على فقير فيقرضه بين الناس، وإذا خلابه وهبه منه أو لئلا يحسد على ذلك من الورثة فيحصل منهم إيذاء في الجملة بوجه م، وأما الحكاية فهي على حقيقة الاقرار، وبهذا الفرق أجاب بعض علماء عهدنا المحققين وهو العلامة على المقدسي كما في حاشية الفصولين للرملي.
أقول: ومميشهد لصحة ما ذكرنا من الفرق ما صرح به صاحب القنية: أقر الصحيح بعبد في يد أبيه لفلان ثم مات الاب والابن مريض، فإنه يعتبر خروج العبد من ثلث المال، لا إقراره متردد بين أن يموت الابن أولا فيبطل، وبين أن يموت الاب أولا فيصح فصار كالاقرار المبتدإ في المرض.
قال أستاذنا: فهذا كالتنصيص على أن المريض إذا أقر بعين في يده للاجنبي فإنما يصح إقراره من جميع المال إذا بم يكن تمليكه إياه في حال مرضه معلوما حتى أمكن جعل تمليكه إظهارا، فأما إذا علم تملكه في حال مرضه فإقراره به لا يصح إلا من ثلث المال.
قال رحمه الله: وإنه حسن من حيث المعنى اه.
قلت: وإنما قيد حسنه بكونه من حيث المعنى، لانه من حيث الرواية مخالف لما أطلقوه في مختصرات الجامع الكبير، فكان إقرار المريض لغير وارثه صحيحا مطلقا وإن أحاط بماله، والله سبحانه
أعلم.
معين المفتي.
ونقله شيخ مشايخنا منلا علي ثم قال بعد كلام طويل: فالذي تحرر لنا من المنون والشروح أن إقرار المريض لاجنبي صحيح، وأن أحاط بجميع ماله وشمل الدين والعين والمتون لا تمشي غالبا إلا على ظاهر الرواية وفي البحر من باب قضاء الفوائد: متى اختلف الترجيح رجح إطلاق المتون ا ه.
وقد علمت أن التفصيل مخالف لما أطلقه، وأن حسنه من حيث المعنى لا الرواية اه.
وقد علمت أن ما نقله الشارح عن المصنف لم يرتضه المصنف إلا إذا علم تملكه لها: أي بقاء ملكه لها في زمن مرضه.
قوله: (في معينه) وهو معين المفتي للمصنف.
قوله: (ودين الصحة) مبتدأ خبرة جملة قدم.
قوله: (فباطلة) أي إن لم تجزها الورثة لكونها وصية لزوجته الوارثة.
قوله: (والمريض) بخلاف الصحيح كما في حبس العناية.
قوله: (ليس له) أي للمريض، ومفاده أن تخصيص الصحيح صحيح كما في حجر النهاية، شرح الملتقى.
قوله: (بعض الغرماء) ولو غرماء صحة.
قوله: (إعطاء مهر) بهمز إعطاء ونصبه وإضافته إلى مهر.
قوله: (فلا يسلم لهما) بفتح الياء واللام وإسكان السين المهملة: أي بل يشاركهما غرماء الصحة، لان ما حصل له من النكاح وسكنى الدار لا يصلح لتعلق حقهم(6/168)
فكان تخصيصهما إبطالا لحق الغرماء، بخلاف ما بعده من المسألتين لانه حصل في يده مثل ما نقد وحق الغرماء تعلق بمعنى التركة لا بالصورة، فإطا حصل له مثله لا يعد تقويتا.
كفاية.
قوله: (أي ثبت كل منهما) أي من القرض والشراء.
قوله: (وإذا أقر الخ) ولو الوارث عليه دين فأقر بقبضه لم يجز، سواء وجب الدين في صحته أو لا على المريض دين أو لا.
قطنط.
أقرت بقبض مهرها، فلو ماتت وهي زوجته أو معتدته لم يجز إقرارها وإلا بأن طلقها قبل دخوله جاز.
جغ فصولين قع عت.
مريض قال في مرض موته: ليس لي في الدنيا شئ ثم مات فلبعض الورثة أن يحلفوا زوجته وبنته على أنهما لا يعلمان شيئا من تركة المتوفى بطريقة أسنع، وكذا لو قال ليس لي في الدنيا شئ سوى هذا.
حاوي الزاهدي.
قرمز قع للقاضي عبد الجبار، وعت لعلا تاجري، وأسنع للاسرار لنجم الدين.
إبراء الزوجة زوجها في مرض موتها الذي ماتت فيه موقوف على إجازة بقية الورثة.
فتاوى الشلبي حامدية.
كذا في الهامش.
قوله: (الوديعة أولى) لانه حين أقر بها علم أنها ليست من تركته ثم إقراره بالدين لا
يكون شاغلا لما لم يكن من جملة تركته.
بزازية.
قوله: (وإيراؤه مديونه وهو مديون) قيد به احترازا عن غير المديون فإن إبراءه الاجنبي نافذ من الثلث كما في الجوهرة.
سائحاني.
فائدة: أقر في مرضه بشئ فقال كنت قلته في الصحة كان بمنزلة الاقرار في المرض من غير إسناد إلى زمن الصحة.
أشباه.
وفي البزازية عن المنتقى: أقر فيه أنه باع عبده من فلان وقبض الثمن في صحته وصدقه المشتري فيه صدق في البيع لا في قبض الثمن إلا من الثلث ا ه.
ونقله في نور العين عن الخلاصة، ونقل قبله عن الخانية: أقر أنه أبرأ فلانا في صحته من دينه لم يجز إذ لا يملك إنشاءه للحال.
فكذا الحكاية، بخلاف إقراره بقبض إذ يملك إنشاءه فيملك الاقرار به، ثم قال: فلعل في المسألة روايتين أو أحدهما سهو، والظاهر أن ما في الخانية أصح.
وقال أيضا: قوله إذ لا يملك إنشاءه للحال، مخالف لما فيها أيضا أنه يجوز إبراء الاجنبي إلا أن يخص عدم القدرة على الانشاء بكون فلان وارثا أو بكون الوارث كفيلا لفلان الاجنبي ففي إطلاقه نظر اه.
قلت: أو يكون المقر مديونا كما أفاده المصنف.
قوله: (أجنبيا) إلا أن يكون الوارث كفيلا عنه فلا يجوز، إذ يبرأ الكفيل ببراءة الاصيل.
جامع الفصولين.
ولو أقر الاجنبي باستيفائه دينه منه صدق كما بسطه في الولوالجية.
قوله: (فلا يجوز) سواء كان من دين له عليه أصالة أو كفالة، وكذا إقراره بقبضه واحتياله به على غيره.
فصولين.
وفي الهامش: أقر مريض مرض الموت أنه لا يستحق عند زوجته هند حقا وأبرأ ذمتها من كل حق شرعي ومات عنهما وورثه غيرها وله تحت يدها أعيان وله بذمتها دين والورثة لم يجيزوا الاقرار لا يكون الاقرار صحيحا.
حامدية.
قوله: (يشمل الوارث) صرح به في جامع الفصولين حيث قال: مريض له على وارثه دين فأبرأه لم يجز، ولو قال لم يكن لي عليك(6/169)
شئ ثم مات جاز إقراره قضاء لا ديانة ا ه.
وينبغي لو ادعى الوارث الآخر أو المقر كاذب في إقراره أن يحلف المقر له بأنه لم يكن كاذبا بناء على قول أبي يوسف المفتى به كما مر قبيل باب الاستثناء.
وفي البزازية: ادعى عليه ديونا ومالا وديعة فصالح الطالب على يسير سرا وأقر الطال في العلانية أنه لم يكن له على المدعى عليه شئ، وكان ذلك في مرض المدعي، ثم مات فبرهن الوارث أنه كان لمورثي
عليه أموال كثيرة وإنما قصد، حرماننا لا تسمع، وإن كان المدعي عليه وارث المدعي وجرى ما ذكرنا فبرهن بقية الورثة على أن أبانا قصد حرماننا بهذا الاقرار تسمع اه.
وينبغي أن يكون في مسألتنا كذلك، لكن فرق في الاشباه بكونه متهما في هذا الاقرار لتقدم الدعوى عليه والصلح معه على يسير، والكلام عند عدم قريتة على التهمة اه.
قلت: وكثيرا ما يقصد المقر حرمان بقية الورثة في زماننا، وتدل عليه قرائن الاحوال القريبة من الصريح، فعلى هذا، تسمع دعواهم بأنه كان كاذبا وتقبل بينتهم على قيام الحق على المقر له، ولهذا قال السائحاني: ما في المتن إقرار وإبراء وكلاهما لا يصح للوارث كما في المتون والشروح فلا يعول عليه لئلا يصير حيلة لاسقاط الارث الجبري ا ه والله أعلم.
قوله: (صحيح قضاء) ومر في الفروع قبيل باب الدعوى.
قوله: (كما بسطه في الاشباه) أقول: قد خالفه علماء عصره وأفتوا بعدم الصحة، منهم ابن عبد العال والمقدسي، وأخو المصنف والحانوتي والرملي، وكتب الحموي في الرد على ما قاله نقلا عمن تقدم كتابه حسنة، فلتراجع.
أقول: وحاصل ما ذكره الرملي: أن قوله لم يكن عليه شئ مطابق لما هو الاصل من خلو ذمته عن دينه، فليس إقرارا بل كاعترافه بعين في يد زيد بأنها لزيد قانتفت التهمة، ومثله ليس له على والده شئ من تركه أمه وليس لي على زوجي مهر على المرجوح، بخلاف ما هنا فإن إقرارها بما في يدها إقرار بملكها للوارث بلا شك، لان أقصى ما يستدل به على الملك اليد، فكيف يصح وكيف تنتفي التهمة والنقول مصرحة بأن الاقرار بالعين التي في يد، المقر كالاقرار بالدين، وإذا بم يصح في المهر على الصحيح، مع أن الاصل براءة الذمة فكيف يصح فيما فيه الملك مشاهد باليد؟ نعم لو كانت الامتعة بيد الاب فلا كلام في الصحة.
وفي حاشية الباري: الصواب أن ذلك إقرار للوارث بالعين بصيغة النفي، وما استند له المصنف في الدين لا العين وهو وصف في الذمة وإنما يصير مالا بقبضه.
قوله: (أو مع أجنبي) قال في نور العين: أقر لوارثه ولاجنبي بدين مشترك بطل إقراره عندهما تصادقا في الشركة أو تكاذبا.
وقال محمد: للاجنبي بحصته لو أنكر الاجنبي الشركة، وبالعكس لم يذكره محمد، ويجوز أن يقال إنه على الاختلاف، والصحيح أنه لم يجز على قول محمد كما هو قولهما.
قوله: (إلا أن
يصدقه) أي بعد موته، ولا عبرة لاجازتهم قبله كما في خزانة المفتين وإن أشار صاحب الهداية لضده،(6/170)
وأجاب به ابنه نظام الدين وحافده عماد الدين.
ذكره القهستاني شرح الملتقى.
وفي التعمية: إذا صدق الورثة إقرار المريض لوارثه في حياته لا يحتاج لتصديقهم بعد وفاته.
وعزاه لحاشية مسكين.
قال: فلم تجعل الاجازة كما التصديق، ولعله لانهم أقروا ا ه.
وقدم الشارح في باب الفضولي: وكذا وقف بيعه لوارثه على إجازتهم اه.
في الخلاصة: نفس البيع من الوارث لا يصح إلا بإجازة الورثة: يعني في مرض الموت وهو الصحيح، وعندهما: يجوز، لكن إن كان فيه غبن أو محاباة يخير المشتري بين الرد أو تكميل القيمة.
سائحاني.
قوله: (أو أوصى) في بعض النسخ وأوصى بدون ألف.
قوله: (لزوجته) يعني ولم يكن له وارث آخر، وكذا في عكسه كما في الشرنبلالية.
قاله شيخ والدي مدني.
قوله: (صحت) ومثله في حاشية الرملي على الاشباه فراجعها.
قوله: (وأما غيرهما) أي غير الزوجين.
وفي الهامش: أقر رجل في مرضه بأرض في يده أنها وقف إن أقر بوقف من قبل نفسه كان من الثلث، كما لو أقر المريض بعتق عبده أو أقر أنه تصدق به على فلان وهي المسألة الاولى.
قال: وإن أقر بوقف من جهة غيره وإن صدقه ذلك الغير أو ورثته جاز في الكل، وإن أقر بوقف ولم يبين أنه منه أو من غيره فهو من الثلث.
ابن الشحنة.
كذا في الهامش.
قوله: (صح الخ) هذا مشكل فليراجع.
قوله: (لما زعمه الطرسوسي) أي من أنه يكون من الثلث مع تصديق السلطان ا ه ح.
كذا في الهامش.
قوله: (ولو كان ذلك) أي الاقرار ولو وصلية.
قوله: (بقبض دينه) قال في الخانية: لا يصح إقرار مريض مات فيه بقبض دينه من وارثه، ولا من كفيل وارثه، إلى آخر ما يأتي في القرب من ذلك عن نور العين، وقيد بدين الوارث احترازا عن إقراره باستيفاء دين الاجنبي.
والاصل فيه: أن الدين لو كان وجب له على أجنبي في صحته جاز إقراره باستيفائه ولو عليه دين معروف سواء وجب ما أقر بقيضه بدلا عما هو مال كثمن أو لاكبدل صلح دم العمد والمهر ونحوه، ولو دينا وجب في مرضه وعليه دين معروف أو دين وجب بمعاينه الشهود، فلو ما أقر بقبضه بدلا عما هو مال لم يجز إقراره أي في حق غرماء الصحة كما نقله السائحاني عن البدائع، ولو
بدلا عما ليس بمال جاز إقراره بقبضه ولو عليه دين معروف.
جامع الفصولين.
وفيه: لو باع في مرضه شيئا بأكثر من قيمته فأقر بقبضه لم يصدق وقيل للمشتري أد ثمنه مرة أخرى أو انقض البيع، عند أبي يوسف وعند محمد: يؤدي قدر قيمته أو نقض البيع.
قوله: (أو غصبه) أي بقبض ما غصبه منه.
قوله: (ونحوه ذلك) كأن يقر أنه فبض المبيع فاسدا منه أو أنه رجع فيما وهبه به مريضا.
حموي ط.
فرع أقر بدين لوارثه أو لغيره ثم برئ فهو كدين صحته ولو أوصى لوارثه ثم برئ بطلت وصيته جامع الفصولين.
تتمة في التاترخانية عن واقعات الناطفي: أشهدت المرأة شهودا على نفسها لابنها أو لاخيها تريد بذلك إضرار الزوج، أو أشهد الرجل شهودا على نفسه بمال لبعض الاولاد يريد به إضرار باقي الاولاد، والشهود يعلمون ذلك وسعهم أن لا يؤدوا الشهادة، إلى آخر ما ذكره العلامة البيري، وينبغي(6/171)
على قياس ذلك أن يقال: إن كان للقاضي علم بذلك لا يسعه الحكم.
كذا في حاشية أبي السعود على الاشباه والنظائر.
قوله: (ولو فعله) أي الاقرار بهذه الاشياء للوارث.
قوله: (من ورثه المريض) كما إذا أقر لابن ابنه ثم مات ابن الابن عن أبيه.
قوله: (وسيجئ) أي قريبا.
قوله: (بوديعة) الاصوب باستهلاك الوديعة.
أي المعرفة بالبينة.
قوله: (مستهلكة) أي وهي معروفة.
قوله:) () وصورته قد أوضح المسألة في الولوالجية ولم يبين بهذه الصورة أن الوديعة معروفة كما صرح به في الاشباه وفي جامع الفصولين راقما صورتها، أودع أباه ألف درهم في مرض الاب أو صحته عند الشهود فلما حضره الموت أقر بإهلاكه صدق، إذ لو سكت ومات ولا يدري ما صنع كان في ماله، فإذا أقر بإتلافه فأولى اه.
والحاصل: أن مدار الاقرار هنا على استهلاك الوديعة المعروفة لا عليها.
قوله: (والحاصل) فيه مخالفة للاشباه، ونصها: وأما مجرد الاقرار للوارث فهو موقوف على الاجازة سواء كان بعين أو دين أو قبض منه أو أبرأه لا في ثلاث: لو أقر بإتلاف وديعته المعروفة، أو أقر بقبض ما كان عنده وديعه، أو بقبض ما قبضه الوارث بالوكالة من مديونه، كذا في تلخيص الجامع.
وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالامانات كلها ولو مال الشركة إو العارية والمعنى في الكل أنه ليس فيه إيثار البعض، فاغتنم هذا
التحرير فإنه من مفردات هذا الكتاب اه ط.
قوله: (إقراره بالامانات) أي بقبض الامانات التي عند وارثه لا بأن هذه العين بوارثه، فإنه لا يصح كما صرح به الشارح قريبا وصرح به في الاشباه، وهذا مراد صاحب الاشباه بقوله: وينبغي أن يلحق بالثانية أقراره بالامانات كلها، فتنبه لهذا فإنا رأينا من يخطئ فيه ويقول: إن إقراره لوارثه بها جائز مطلقا مع أن النقول مصرحة بأن إقراره بالعين كالدين كما قدمناه عن الرملي، ومن هذا يظهر لك ما في بقية كلام الشارح، وهو متابع فيه للاشباه مخالفا للمنقول وخالفه فيه العلماء الفحول كما قدمناه.
وفي الفتاوى الاسماعيلية: سئل فيمن أقر في مرضه أن لا حق له في الاسباب والامتعة المعلومة مع بنته المعلومة وأنها تستحق ذلك دونه من وجه شرعي، فهل إذا كانت الاعيان المرقومة في يده وملكه فيها ظاهر ومات في ذلك المرض فالاقرار بها لوارثه باطل؟ الجواب: نعم على ما اعتمده المحققون ولو مصدرا بالنفي خلافا للاشباه، وقد أنكروا عليه ا ه.
ونقله السائحاني في محتومته ورد على الاشباه والشارح في هامش نسخته، وفي الحامدية: سئل في مريض مرض الموت، أقر فيه أنه لا يستحق عند زوجته هند حقا وأبرأ ذمتها عن كل حق شرعي ومات عنها وعن ورثه غيرها وله تحت يدها أعيان وله بذمتها دين الورثة لم يجيزوا الاقرار فهل يكون غير صحيح؟ الجواب: يكون الاقرار غير صحيح والحالة هذه، والله تعالى أعلم اه.
قوله: (ومنها النفي) فيه أنه ليس بإقرار للوارث كما(6/172)
صوبه في الاشباه.
قوله: (كلا حق لي) هذا صحيح في الدين لا في العين كما مر.
قوله: (أو أمي) ومنها إقراره بإتلاف وديعته المعروفة كما في المتن.
كذا في الهامش.
قوله: (ومنه هذا الشئ) هذا غير صحيح كما علمته مما مر.
قال في البحر في متفرقات القضاء: ليس لي على فلان شئ ثم ادعى عليه مالا وأراد تحليفه لم يحلف، وعند أبي يوسف: يحلف للعادة، وسيأتي في مسائل شتى آخر الكتاب: أن الفتوى على قول أبي يوسف، اختاره أئمة خوارزم، لكن اختلفوا فيما إذا ادعاه وارث المقر على قولين، ولم يرجح في البزازية منهما شيئا، وقال الصدر الشهيد: الرأي في التحليف إلي القاضي، وفسره في فتح القدير بأنه يجتهد بخصوص الوقائع، فإن غلب على ظنه أنه لم يقبض حين أقر يحلف الخصم، وإن
لم يغلب على ظنه ذلك لا يحلفه، وهذا إنما هو في المتفرس في الاخصام اه.
قلت: وهذا مؤيد لما بحثنا والحمد لله.
تتمة قال في التاترخانية عن الخلاصة: رجل قال استوفيت جميع مالي على الناس من الدين لا يصح إقراره، وكذا لو قال أبرأت جميع غرمائي لا يصح إلا أن يقول قبيلة فلان وهم يحصون فحينئذ يصح إقراره وإبراؤه.
قوله: (بسبب قديم) أي قائم وقت الاقرار، ولو أقر لوارثه وقت إقراره ووقت موته وخرج من أن يكون وارثا فيما بين ذلك بطل إقراره عند أبي يوسف لا عند محمد.
نور العين، عن قاضيخان.
وفي جامع الفصولين: أقر لابنه وهو قن ثم عتق فمات الاب جاز للمولى لا للقن، بخلاف الوصية لابنه وهو قن ثم عتق فإنها تبطل لانها حينئذ للابن اه.
وبيانة في المنح، وانظر ما كتبناه في الوصايا.
قوله: (ليس بوارث) يفيد أنها لو كانت حية وارثة لم يصح.
قال في الخانية: لا يصح إقرار مريض مات فيه بقبض دين من وارثه ولا من كفيل وارثه ولو كفل في صحته، وكذا لو أقر بقبضه من أجنبي تبرع عن وارثه.
وكل رجلا ببيع شئ معين فباعة من وارث موكله وأقر بقبض الثمن من وارثه، أو أقر أن وكيله قبض الثمن ودفعه إليه لا يصدق، وإن كان المريض هو الوكيل(6/173)
وموكله صحيح فأقر الوكيل أن قبض الثمن من المشتري وجحد الموكل صدق الوكيل، ولو كان المشتري وارث الوكيل والموكل والوكيل مريضان فأقر الوكيل بقبض الثمن لا يصدق، إذ مرضه يكفي لبطلان إقراره لوارثه بالقبض فمرضهما أولى.
مريض عليه دين محيط فأقر بقبض وديعة أو عارية أو مضاربة كانت له عند وارثه صح إقراره، لان الوارث لو ادعى رد الامانة إلى مورثه المريض وكذبه المورث يقبل قول الوارث ا ه من نور العين قبيل كتاب الوصية.
قوله: (خلافا لمحمد).
فرع: باع فيه من أجنبي عبدا وباعه الاجنبي لا من وارثه أو وهبه منه صح إن كان بعد القبض، لان الوارث ملك العبد من الاجنبي لا من مورثه.
بزازية.
قوله: (عمادية) قدمنا عبارتها عن نور العين.
قوله: (لمن طلقها) أي في مرضه.
فرع: إقراره لها: أي للزوجة بمهرها إلى قدر مثله صحيح لعدم التهمة فيه، وإن بعد الدخول
قال الامام ظهير الدين: وقيل جرت العادة بمنع نفسها قبل قبض مقدار من المهر فلا يحكم بذلك القدر إذا لم تعترف بالقبض.
والصحيح أنه يصدق إلى تمام مهر مثلها وإن كان الظاهر أنها استوفت شيئا.
بزازية.
وفيها أقر فيه لامرأته التي ماتت عن ولد بقدر مهر مثلها وله ورثة أخرى لم يصدقوه في ذلك.
قال القاضي الامام: لا يصح إقراره، ولا يناقض هذا ما تقدم لان الغالب هنا بعد موتها استيفاء ورثتها أو وصيها المهر، بخلاف الاول اه.
فرع: في التاترخانية عن السراجية: ولو قال مشترك أو شركة في هذه الدار فهذا إقرار بالنصف، وفي العتابية: ومطلق الشركة بالنصف عند أبي يوسف، وعند محمد ما يفسره المقر، ولو قال في الثلثين موصولا صدق، وكذا قوله بيني وبينه أو لي وله ا ه.
قوله: (وإن أقر لغلام) كان الاولى تقديم هذه المسألة على قوله: وإن إقر لاجنبي ثم أقر ببنوته لان الشروط الثلاثة هنا معتبرة هناك أيضا.
كذا في حاشية مسكين عن الحموي قوله: (أو في بلد) حكاية قول آخر: قال في الحواشي اليعقوبية: مجهول النسب من لا يعلم له أب في بلده على ما ذكر في شرح تلخيص الجامع لاكل الدين، والظاهر أن المراد به بلد هو فيه كما ذكر في القنية لا مسقط رأسه كما ذكره البعض، لان المغربي إذا انتقل إلى المشرق فوقع عليه حادثة يلزم أنه يفتش عن نسبه في المغرب، وفيه من الحرج ما لا يخفى فليحفظ هذا اه.
قوله: (وحينئذ) ينبغي حذفها، فإن بذكرها صار الشرط بلا جواب ح.
قوله:(6/174)
(هذه الشروط) أي أحدهما ح.
قوله: (من حيث استحقاق المال) إن كان المراد بالمال هو المقر به كما هو ظاهر قوله: كما مر أعني بأن لاجنبي ثم أقر ببنوته ولم تثبت بسبب انتفاء شرط فمع أنه تكرار لا محل له هنا، وإن كان المراد به الارث كما هو ظاهر قوله كما لو أقر بأخوة غيره، فيكون المعنى: إن أقر لغلام أنه ابنه ولم يثبت نسبه بسبب انتفاء شرط من هذه الشروط شارك الورثة فلا يظهر وجهه إذ تقدم أن إقراره له بالمال صحيح، ولا يصح الاقرار لوارث كما مر مع أن المؤاخذة حينئذ ليست للمقر، بل للورثة حيث شاركهم في الارث، ومع هذا فإن كان الحكم كذلك فلا بد له من نقل صريح حتى يقبل، وقد راجعت عدة كتب فلم أجده ولعله لهذه أمر الشارح بالتحرير، فتأمل.
قوله: (عن الينابيع)
الذي قدمه الشلانبلالي عن الينابيع عند قوله: أقر لاجنبي ثم ببنوته نصه ولو كذبه أو كان معروف النسب من غيره لزمه ما أقر به ولا يثبت النسب ا ه.
ثم كتب هنا ما نقله الشارح عنه.
قوله: (فيحرر) لم يظهر لي المخالفة الموجبة للتحرير.
تأمل ح.
قوله: (والرجل صح إقراره) في بعض النسخ إسقاط الرجل ولفظه وصح إقراره.
قوله: (أي المريض) الاولى تركه ح.
قوله: (وإن عليا) بتحريك ثلاثة حروفه: أي الوالدان، وفيه نظر وجهه ظاهر فهو كإقراره ببنت ابن.
قال في جامع الفصولين: أقر ببنت فلها النصف والباقي للعصبة إذ إقراره ببنت جائز الابن ا ه.
وما ذاك إلا لان فيه تحميل النسب على الابن، فتدبر ط.
قوله: (لا يصح) وسيأتي متنا التصريح به.
قوله: (وكذا صح) أي إقرارها.
قوله: (ولو قابلة) أفاده بمقابلته بعده بقوله أو صدقها الزوج أن هذا حيث جحد الزوج وادعته منه وأفاد أنها ذات زوج، بخلاف المعتدة كما صرح به الشارح، أما إذا لم تكن ذات زوج ولا معتدة أو كان لها زوج وادعت أو الولد من غيره فلا حاجة إلى أمر زائد على إقرارها، صرح بذلك كله ابن الكمال وسيأتي.
قوله: (بتعين الولد) كما علمت مما قدمناه أن الكلام فيما إذا أنكر الولادة(6/175)
وشهادة القابلة بتعين الولد فيما إذا تصادقا على الولادة وأنكر التعيين.
وعبارة غاية البيان عن شرح الاقطع: فتثبت الولادة بشهادتهما ويلتحق النسب بالفراش اه.
والظاهر أن ما أفاده الشارح حكمه كذلك.
قوله: (وصح مطلقا) أفاد أن ما ذكره من الشروط إنما هو لصحة الاقرار بالنسب لئلا يكون تحميلا على الزوج، فلو فقد شرط صح إقرارها عليها فيرثها الولد وترثه إن صدقها ولم يكن لهما وارث غيرهما فصار كالاقرار بالاخ، ويفهم هذا مما قدمنا، وفي غاية البيان: ولا يجوز إقرار المرأة بالولد، وإن صدقها: يعني الولد، ولكنهما يتوارثان إن لم يكن لهما وارث معروف لانه اعتبر إقرارها في حقها، ولا يقضي بالنسب لانه لا يثبت بدون الحجة وهي ما إذا شهدت القابلة على ذلك وصدقها الولد فيثبت، وما إذا صدقها زوجها فيثبت بتصادقهما لانه لا يتعدى إلى غيرهما اه.
قوله: (من غيره) أي فصح إقرارها في حقها فقط.
قوله: (قلت) أقول: غاية ما يلزم على عدم معرفة زوج آخر كونه من الزنا أنه ليس بلازم، وبفرض تحقق كونه من الزنا يلزمها أيضا لان ولد الزنا واللعان يرث بجهة الام
فقط، فلا وجه للتوقف في ذلك.
كذا في حاشية مسكين لابي السعود المصري.
قوله: (وصح التصديق الخ) أي ولو بعد جحود المقر لقول البزازي: أقر أنه تزوج فلانة في صحة أو مرض ثم جحد وصدقته المرأة في حياته أو بعد موته جاز.
سائحاني.
قوله: (بموتها) كذا في نسخة وهي الصواب موافقا لما في شرحه على الملتقى.
قوله: (في باب ثبوت النسب) حيث قال: أو تصديق بعض الورثة فيثبت في حق المقرين، وإنما يثبت النسب في حق غيرهم حتى الناس كافة إن تم نصاب الشهادة بهم: أي بالمقرين، وإلا يتم نصابها لا يشارك المكذبين اه.
قوله: (أو الورثة) يغني عنه قوله ومنه إقرار اثنين ط.
لكن كلامنا هنا في تصديق المقر وهناك في نفس الاقرار وإن كانا في المعنى سواء، لكن بينهما فرق وهو أن التصديق بعد العلم بإقرار الاول كقوله نعم أو صدق، والاقرار لا يلزم منه العلم.
تأمل.
قوله: (كذوى الارحام) فسر القريب في العناية بذوي الفروض والصبات والبعيد بذوي(6/176)
الارحام، والاول أوجه لان مولى الموالاة إرثه بعد ذوي الارحام.
شرنبلالية.
قوله: (ورثه).
تتمة: إرث المقر له حيث لا وارث له عيره يكون مقتصرا عليه، ولا ينتقل إلى فرع المقر له ولا إلى أصله لانه بمنزلة الوصية.
شيخنا عن جامع الفصولين.
كذا في حاشية مسكين.
قوله: (المعروف) قريبا أو بعيد فهو أحق بالارث من المقر له حتى لو أقر بأخ وله عمة أو خالة فالارث للعمة أو للخالة لان نسبه لم يثبت فلا يزاحم الوارث المعروف.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (والمراد غير الزوجين) أي بالوارث الذي يمنع المقر له من الارث.
قوله: (وإن صدقه المقر له) صوابه المقر عليه كما عبر به فيما مر، ويدل عليه كلا المنح حيث قال: وقوله: أي الزيلعي للمقر إنه يرجع عنه، محله ما إذا لم يصدق المقر له على إقراره أو لم يقر بمثل إقراره الخ، وعزاه لبعض شروح السراجية فقوله أو لم يقر، لا شك أن الضمير فيه للمقر عليه لا المقر له، فعلم أن المقر له صوابه المقر عليه كما عبر به صاحب المنح في كتاب الفرائض، ويدل عليه قوله الآتي إن بالتصديق يثبت النسب، ولا يكون ذلك إلا من المقر عليه.
قال في رواه الشروح على السراجية.
واعلم: أنه إن شهد مع المقر رجل آخر أو صدقه المقر
عليه أو الورثة وهم من أهل الاقرار فلا يشترط الاصرار على الاقرار إلى الموت ولا ينفع الرجوع لثبوت النسب ح اه.
وفي شرح فرائض الملتقى للطرابلسي: وصح رجوعه لانه وصية معنى ولا شئ للمقر له من تركته.
قال في شرح السراجية المسمى بالمنهاج: وهذه إذا لم يصدق المقر عليه إقراره قبل رجوعه أو لم يقر بمثل إقراره، أما إذا صدق إقراره قبل رجوعه أو أقر بمثل إقراره فلا ينفع المقر رجوعه عن إقراره، لان نسب المقر له قد ثبت من المقر عليه ا ه.
فهذا كلام شراح السراجية، فالصواب التعبير بعليه كما عبر به في المنح كتاب الفرائض، وإن كانت عبارتها هنا كعبارة الشارح، وكذا عبارة الشارح في الفرائض غير محررة، فتنبه.
قوله: (عند الفتوى) أقول: تحريره أنه لو صدقه المقر له فله الرجوع، لانه لم يثبت النسب وهو ما في البدائع، ولو صدقه المقر عليه لا يصح رجوعه، لان بعد ثبوته وهو ما في شروح السراجية فمنشأ الاشتباه تحريف الصلة فالموضوع مختلف ولا يخفى أن هذا كله في غير الاقرار بنحو الولد.
قوله: (نصف نصيب المقر) ولو معه وارث آخر.
شرح الملتقى وبيانه في الزيلعي.
قوله: (في حق نفسه) فصار كالمشتري إذ أقر أن البائع كان أعتق العبد المبيع يقبل إقراره في العتق ولم يقبل في الرجوع بالثمن.
بيانية.
وفي الزيلعي: فإذا قبل إقراره في حق نفسه يستحق المقر له نصف نصيب المقر مطلقا عندنا.
وعند مالك وابن أبي ليلى: يجعل إقراره شائعا في التركة فيعطي المقر من نصيبه ما يخصه من ذلك، حتى لو كان لشخص مات أبوه أخ معروف فأقر بأخ آخر فكذبه أخوه المعروف فيه أعطى المقر نصف ما في يده، وعندهما: يعني عند مالك وابن أبي ليلى ثلث ما في يده(6/177)
، لان المقر قد أقر له بثلث شائع في النصفين فنفذ إقراره في حصته وبطل ما كان في حصة أخيه، فيكون له ثلث ما في يده وهو سدس جميع المال، والسدس الآخر في نصيب أخيه بطل إقراره فيه لما ذكرنا ونحن نقول: إن في زعم المقر أنه يساويه في الاستحقاق والمنكر ظالم بإنكاره، فيجعل ما في يد المنكر كالهالك فيكون الباقي بينهما بالتسوية، ولو أقر بأخت تأخذ ثلث ما في يده وعندهما خمسه، ولو أقر ابن وبنت بأخ وكذبهما ابن وبنت يقسم نصيب المقرين أخماسا وعندهما أرباعا والتخريج ظاهر، ولو
أقر بامرأة أنها زوجة أبيه أخذت ثمن ما في يده، ولو أقر بجدة هي أم الميت أخذت سدس ما في يده فيعامل فيما في يده كما يعامل لو ثبت ما أقر به ا ه.
وتمامه فيه.
قوله: (بابن) أي من أخيه الميت.
قوله: (انتفى) هذه مسألة الدور الحكمي التي عدها الشافعية من موانع الارث لانه يلزم من التوريث عدمه، بيانه: أنه إذا أقر أخ حائز بابن للميت لا يثبت نسبه ولا يرث لانه لو ورث لحجب الاخ فلا يكون الاخ وارثا حائزا فلا يقبل إقراره بالابن، فلا يثبت نسبه فلا يرث، لان إثبات الارث يؤدي إلى نفيه، وما أدى إثباته إلى نفيه انتفى من أصله، وهذا هو الصحيح من مذهبهم لكن يجب على المقر باطنا أن يدفع للابن التركة إذا كان صادقا في أقراره.
قوله: (وظاهر كلامه نعم) يعني ظاهر كلامهم صحة إقرار هذا الاخ بالابن، ويثبت نسبه في حق نفسه فقط فيرث الابن دونه لما قالوا: إن الاقرار بنسب على غيره يصح في حق نفسه، حتى تلزمه الاحكام من النفقة والحضانة لا في حق غيره، وقد رأيت المسألة منقولة ولله تعالى الحمد والمنة في فتاوى العلامة قاسم بن قطلوبغا الحنفي ونصه: قال محمد في الاملاء: ولو كانت للرجل عمة أو مولى نعمة فأقرت العمة أو مولى النعمة بأخ للميت من أبيه أو أمه أو بعم أو بابن عم أخذ المقر له الميراث كله، لان الوارث المعروف أقر بأنه مقدم عليه في استحقاق ماله وإقرار حجة على نفسه ا ه.
هذا كلامه.
ثم قال: فلما لم يكن في هذا دور عندنا لم يذكر في الموانع وذكر في بابه ا ه.
قوله: (إلى نصيبه) فيجعل كأنه استوفى نصيبه، ولان الاستيفاء إنما يكون بقبض مضمون لان الديون تقضي بأمثالها ثم تلتقي قصاصا، فقد أقر بدين على الميت فيلزم المقر كما مر قبل باب الاستثناء، ولا يجري في هذه المسألة الخلاف السابق كما لا يخفى على الحاذق.
قوله: (بعد حلفه) أي حلف المنكر أي لاجل الاخ لا لاجل الغريم، لانه لا ضرر على الغريم فلا ينافي ما يأتي، ولو نكل شاركه المقر.
قوله: (لكنه) الاستدراك يقتضي أن لا يحلف في الاولى، وبه صرح الزيلعي، وهو مخالف لما قدمه عن الاكمل ومر جوابه.
قوله: (يحلف) أي المنكر بالله لم يعلم أنه قبض الدين، فإن نكل برئت ذمة المدين، وإن حلف دفع إليه نصيبه، بخلاف المسألة الاولى حيث لا يحلف لحق الغريم، لان حقه كله حصل له من جهة المقر فلا حاجة إلى تحليفه، وهنا لم يحصل إلا النصف فيحلفه.(6/178)
زيلعي.
فصل في مسائل شتى قوله: (وهي في الاشباه) وعبارتها: الاقرار حجة قاصرة على المقر ولا يتعدى إلى غيره، فلو أقر المؤجر أن الدار بغيره لا تنفسخ الاجارة إلا في مسائل: لو أقرت الزوجة بدين فللدائن حبسها وإن تضرر الزوج، ولو أقر المؤجر بدين لا وفاء إلا من ثمن العين فله بيعها لقضائه وإن تضرر المستأجر، ولو أقرت مجهولة النسب بأنها بنت أبي زوجها وصدقها الاب انفسخ النكاح بينهما بخلاف ما إذا أقرت بالردة، ولو طلقها ثنتين بعد الاقرار بالرق لم يملك الرجعة، وإذا ادعى ولد أمته المبيعة وله أخ ثبت نسبه وتعدى إلى حرمان الاخ من الميراث لكونه للابن، وكذا المكاتب إذا ادعى نسب ولد حرة في حياة أخيه صحت وميراثه لولده دون أخيه كما في الجامع ا ه.
قوله: (وينبغي) البحث لصاحب المنح.
قوله: (إفتاء وقضاء) بنصبهما.
قوله: (لان الغالب) فيه نظر إذ العلة خاصة والمدعي عام، لانه لا يظهر فيما إذا كان الاقرار لاجنبي.
قوله: ليتوصل الخ لا يظهر أيضا إذ الحبس عند القاضي لا عند الاب، فإذا المعول عليه قول الامام، وأيضا لم يستند ف هذا التصحيح لاحد من أئمة الترجيح ط.
لكن قول إذ الحبس عند القاضي مخالف لما مر في بابه أن الخيار فيه للمدعي.
قوله: (مجهولة النسب أقرت) ليس على إطلاقه لما في الاشباه: مجهول النسب إذا أقر بالرق لانسان وصدقه المقر له صح وصار عبده إذا كان قبل تأكد الحرية بالقضاء، أما بعد قضاء القاضي عليه بحد كامل أو بالقصاص في الاطراف لا يصح إقراره بالرق بعد ذلك اه.
سائحاني.
قوله: (فولد) التفريع غير ظاهر ومحله فيما بعد، والظاهر أن يقال: فتكون رقيقة له كما أفاده في العزمية.
قوله: (كما حققه في الشرنبلالية) حيث قال: لانه نقل في الحيط عن المبسوط أن طلاقها ثنتان وعدتها حيضتان بالاجماع لانها صارت أمة، وهذا حكم يخصها.
ثم نقل عن الزيادات: ولو طلقها الزوج تطلقتين وهو لا يعلم بإقرارها ملك عليها الرجعة، ولو علم لا يملك وذكر في الجامع لا يملك علم أو لم يعلم قيل ما ذكر قياس، وما ذكره في الجامع استحسان، وفي الكافي: آلى وأقرت قبل شهرين فهما عدته، وإن أقرت بعد مضي شهرين فأربعة.
والاصل أنه متى أمكن تدارك ما خاف فوته بإقرار الغير ولم يتدارك بطل حقه،(6/179)
لان فوات حقه مضاف إلى تقصيره، فإن لم بمكن التدارك لا يصح الاقرار في حقه، فإذا أقرت بعد شهر أمكن الزوج التدارك، وبعد شهرين لا يمكنه، وكذا الطلاق والعدة حتى لو طلقها ثنتين ثم أقرت يملك الثالثة، ولو أقرت قبل الطلاق تبين بثنتين، ولو مضت من عدتها حيضتان ثم أقرت يملك الرجعة، ولو مضت حيضة ثم أقرت تبين بحيضتين اه.
قلت: وعلى ما في الكافي لا إشكال لقوله إن فوات حقه مضاف إلى تقصيره.
تأمل.
قوله: (حرر عبده) ماض مبني للفاعل وعبده مفعول.
قوله: (فيرث الكل) إن لم يكن له وارث أصلا.
قوله: (أو الباقي) إن كان له وارث لا يستغرق.
قوله: (وشرنبلالية) عبارة الشرنبلالية عن المحيط: وإن كان للميت بنت كان النصف لها والنصف للمقر له ا ه.
وإن جنى هذا العتيق سعى في جنايته لانه لا عاقلة له، وإن جنى عليه أرش يجب عليه أرش العبد وهو كالملوك في الشهادة، لان حريته في الظاهر وهو يصلح للدفع لا للاستحقاق ا ه.
قوله: (أرش العبد) وعليه فقد صار الاقرار حجة متعدية في حق المجني عليه، فينبغي زيادة هذه المسألة على الست المتقدمة آنفا.
قوله: (ونحوه) بأن كرر اليقين أيضا معرفا أو منكرا.
قوله: (كقوله البر حق الخ) هذا مما يصلح للاخبار ولا يتعين جوابا.
والذي في الدرر: البر الحق.
وهو في بعض النسخ كذلك، وهو ظاهر فإنه يحمل على الابدال ط.
قوله: (لانه نداء) إي فيما عدا الاخيرة، والنداء: إعلام المنادي وإحضاره لا تحقيق الوصف.
قوله: (حيث ترد) أي لو اشتراها من لم يعلم بهذا الاخبار ثم علم ط.
قوله: (بخلاف الاول) فإن السيد لا(6/180)
يتمكن من إثبات هذه الاوصاف فيها ط.
قوله: (بطريق متعلق بالسكران).
قوله: (عليه الحد) لعله سبق قلم، والصواب القصاص فليراجع.
قوله: (كما بسطه سعدي) وعبارته هناك: وقال صاحب النهاية: ذكر الامام التمرتاشي ولا يحد السكران بإقراره على نفسه بالزنا والسرقة، لانه إذا صحا ورجع بطل إقراره، ولكن يضمن المسروق، بخلاف حد القذف والقصاص حيث يقام عليه في حال سكره، لانه لا فائدة في التأخير لانه لا يملك الرجوع لانهما من حقوق العباد، فأشبه الاقرار بالمال والطلاق والعتاق اه.
ولا يخفى عليك أن قوله لان لا فائدة في التأخير محل بحث.
وفي معراج الدراية:
بخلاف حد القذف، فإنه يحبس حتى يصحو ثم يحد للقذف ثم يحبس حتى يخف منه الضرب ثم يحد للسكر ذكره في المبسوط وفي معراج الدراية قيد بالاقرار، لانه لو زنى وسرق في حاله يحد بعد الصحو بخلاف الاقرار.
وكذا في الذخيرة ا ه.
قوله: (سقوط القضاء) أي قضاء صلاة أزيد من يوم وليلة، بخلاف الاغماء.
قوله: (على ما هنا) أي على ما في المتن وإلا فسيأتي زيادة عليها.
قوله: (بالحرية) فإذا أقر أن العبد الذي في يده حر ثبتت حريته وإن كذبه العبد ط.
قوله: (في الاسعاف) ونصه: ومن قبل ما وقف عليه ليس الرد بعه، ومن رده أول مرة ليس له القبول بعده اه.
وتمام التفاريع فيه.
ولا يخفى أن الكلام في الاقرار بالوقف لا في الوقف.
وفي الاسعاف أيضا: ولو أقر لرجلين بأرض في يده أنها وقف عليهما وعلى أولادهما ونسلهما أبدا ثم من بعدهم على المساكين فصدقه أحدهما وكذبه الآخر ولا أولاد لهما يكون نصفها وقفا على المصدق منهما والنصف الآخر للمساكين، ولو رجع المنكر إلى التصديق رجعت الغلة إليه، وهذا بخلاف ما لو أقر لرجل بأرض فكذبه المقر له ثم صدقه فإنها لا تصير له ما لم يقر بها ثانيا، والفرق أنه الارض المقر بوقفيتها لا تصير ملكا لاحد بتكذيب المقر له فإذا رجع ترجع إليه، والارض المقر بكونها ملكا ترجع إلى ملك المقر بالتكذيب اه.
قوله: (لو وقف) فيه أن الكلام في الاقرار بالوقف لا في الوقف، وأيضا الكلام فيما لا يرتد ولو قبل القبول على أن عبارة الاسعاف على ما في الاشباه والمنح أن المقر له إذا رده ثم صدقه صح ح.
قوله: (قضاء البحر) وعبارته: قيد بالاقرار بالمال احترازا عن الاقرار بالرق والطلاق والعتاق والنسب والولاء فإنها لا ترد بالرد.
أما الثلاثة الاول: ففي البزازية: قال لآخر: أنا عبدك فرد المقر له ثم عاد إلى تصديقه فهو عبده، ولا يبطل الاقرار بالرق بالرد كما لا يبطل بجحود المولى، بخلاف الاقرار بالعين والدين حيث يبطل الرد، والطلاق والعتاق لا يبطلان بالرد، لانهما إسقاط يتم بالمسقط(6/181)
وحده.
وأما الاقرار بالنسب وولاء العتاقة ففي شرح المجمع من الولاء، وأما الاقرار بالنكاح فلم أره أن اه.
وتمامه هناك.
قوله: (واستنثى ثمة) لا حاجة إلى ذكرهما هنا فإنهما ليستا مما نحن فيه ح: أي لان الكلام في الاقرار وما ذكر في الابراء قوله: (مسألتين) حيث قال: ثم اعلم أن الابراء يرتد
بالرد إلا فيما إذا قال المديون أبرئني فأبرأه فإنه لا يرتد كما في البزازية، وكذا إبراء الكفيل لا يرتد بالرد، فالمستنثى مسألتان، كما أن قولهم إن الابراء لا يتوقف على القبول يخرج عنه الابراء عن بدل الصرف والسلم فإنه يتوقف على القبول ليبطلاه كما قدمناه في باب السلم.
قوله: (فيها) أي في الوكالة.
قوله: (أو قال) عطف على صالح، لانها مسألة أخرى في أوائل الثلث الثالث من فتاوى الحانوتي كلام طويل في البراءة العامة فراجعه.
وفي الخانية: وصبي الميت إذا دفع ما كان في يده من تركة الميت إلى ولد الميت وأشهد الولد على نفسه أنه قبض التركة ولم يبق من تركة والده قليل ولا كثير إلا قد استوفاه ثم ادعى في يد الوصي شيئا وقال من تركة والدي وأقام على ذلك بينة، وكذا لو أقر الوارث أنه قبض جميع ما على الناس من تركة والده ثم ادعى على رجل دينا لوالده تسمع دعواه.
قلت: ووجه سماعها أن الولد لم يتضمن إبراء شخص معين، وكذا إقرار الوارث بقبضه جميع ما على الناس ليس فيه إبراء، ولو تنزلنا للبراءة فهي غير صحيحة في الاعيان.
شرح وهبانية للشرنبلالي.
وفيه نظر لان عدم صحتها معناه أن لا تصير ملكا للمدعى عليه، وإلا فالدعوى لا تسمع كما يأتي في الصلح.
قوله: (صلح البزازية) وعبارة البزازية: قال تاج الاسلام: واحد صالح الورثة وأبرأ إبراء عاما ثم ظهر في التركة شئ لم يكن وقت الصلح لا رواية في جواز الدعوى: ولقائل أن يقول: تجوز دعوى حصته فيه وهو الاصح.
ولقائل أن يقول: لا ا ه.
وللشرنبلالي رسالة سماها (تنقيح الاحكام في الاقرار والابراء الخاص والعام).
أجاب فيها بأن البراءة العامة بين الوارثين مانعة من دعوى شئ سابق عليها عينا أو دينا بميراث أو غيره، وحقق ذلك بأن البراءة إما عامة كلا حق أو لا دعوى أو لا خصومة لي قبل فلان أو هو برئ من حقي أو لا دعوى لي عليه أو لا تعلق لي عليه أو لا استحق عليه شيئا أو أبرأته من حقي أو مما لي قبله، وإما خاصة بدين خاص كأبرأته من دين كذا أو عام كأبرأته مما لي عليه فيبرأ عن(6/182)
كل دين دون العين.
وأما خاصة بعين فتصح لنفي الضمان لا الدعوى فيدعي بها على المخاطب وغيره، وإن كان عن دعواها فهو صحيح.
ثم إن الابراء لشخص مجهول لا يصح، وإن لمعلوم صح
ولو بمجهول، فقوله قبضت تركة مورثي كلها أو كل من لي عليه شئ أو دين فهو برئ ليس إبراء عاما ولا خاصا، بل هو إقرار مجرد لا يمنع من الدعوى لما في المحيط قال: لا دين لي على أحد ثم ادعى على رجل دينا صح لاحتمال وجوبه بعد الاقرار، وفيه أيضا: وقوله هو برئ مما لي عنده إخبار عن ثبوت البراءة لا إنشاء.
وفي الخلاصة: لا حق لي قبله فيدخل فيه كل عين ودين وكفالة وإجارة وجناية وحد ا ه.
وفي الاصل: فلا يدعي إرثا ولا كفالة نفس أو مال ولا دينا أو مضاربة أو شركة أو وديعة أو ميراثا أو دارا أو عبدا أو شيئا إلا شيئا حادثا بعد البراءة ا ه.
فما في شرح المنظومة عن المحيط: أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكر وإلا تسمع دعواه، وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه اه.
ظاهر فيما إذا لم تكن البراءة عامة لما علمته، ولما سنذكر أنه لو أبرأه عاما ثم أقر بعده بالمال المبرأ به لا يعود بعد سقوطه.
وفي العمادية: قال ذو اليد: ليس هذا لي وليس ملكي أو لا حق لي فيه أو نحو ذلك ولا منازع له حينئذ، ثم ادعاه أحد فقال ذو اليد هو لي فالقول له، لان الاقرار لمجهول باطل، والتناقض إنما يمنع إذا تضمن إبطال حق على أحد اه.
ومثله في الفيض وخزانة المفتين، فبهذا علمت الفرق بين أبرأتك أو لا حق لي قبلك وبين قبضت تركة مورثي أو كل من لي عليه دين، فهو برئ ولم يخاطب معينا، وعلمت بطلان فتوى بعض أهل زماننا بأن إبراء الوارث وارثا آخر إبراء عاما لا يمنع من دعوى شئ من التركة، وأما عبارة البزازية: أي التي قدمناها فأصلها معزو إلى المحيط، وفيه نظر ظاهر.
ومع ذلك لم يقيد الابراء بكونه لمعين أو لا، وقد علمت اختلاف الحكم في ذلك ثم إن كان المراد به اجتماع الصلح المذكور في المتون والشروح في مسألة التخارج مع البراءة العامة لمعين فلا يصح أن يقال فيه لا رواية فيه، كيف وقد قال قاضيخان: اتفقت الروايات على أنه لا تسمع الدعوى بعده إلا في حادث، وإن كان المراد به الصلح والابراء بنحو قوله: قبضت تركة مورثي ولم يبق لي فيها حق إلا استوفيته، فلا يصح قوله لا رواية فيه أيضا لما قدمناه من النصوص على صحة دعواه بعده، واتفقت الروايات على صحة دعوى ذي اليد المقر بأن لا ملك له في هذا العين عند عدم المنازع.
والذي يتراءى أن المراد من تلك العبارة الابراء لغير معين مع ما فيه، ولو سلمنا أن المراد به المعين وقطعنا النظر عن اتفاق الروايات على منعه من الدعوى بعده
فهو مباين لما في المحيط عن المبسوط والاصل والجامع الكبير ومشهور الفتاوى المعتمدة كالخانية والخلاصة، فيقدم ما فيها ولا يعدل عنها إليه، وأما ما في الاشباه والبحر عن القنية: افترق الزوجان وأبرأ كل صاحبه عن جميع الدعاوى وللزوج أعيان قائمة لا تبرأ المرأة منها وله الدعوى، لان الابراء إنما ينصرف إلى الديون لا الاعيان اه.
فمحمول على حصوله بصيغة خاصة كقوله أبرأتها عن جميع الدعاوى مما لي عليها فيختص بالديون فقط كونه مقيدا بما لي عليها ويؤيده التعليل، ولو بقي على(6/183)
ظاهره فلا يعدل عن كلام المبسوط والمحيط وكافي الحاكم المصرح بعموم البراءة لكل من أبرأ إبراء عاما إلى ما في القنية اه.
هذا حاصل ما ذكره الشرنبلالي في رسالته وهي قريب من كراسين، وقد أكثر فيها من النقول، فمن أراد الزيادة فليرجع إليها، وبه علم أنه ما كان ينبغي للمصنف أن يذكر ما في البزازية متنا، وأما ما سيجئ آخر الصلح فليس فيه إبراء عام فتدبر، وانظر شرح الملتقى في الصلح.
قوله: (عن الاعيان) سيأتي الكلام على ذاك في الصلح.
قوله: (في الصلح) أي في آخره.
قوله: (أقر رجل) تقدمت المسألة متنا في متفرقات القضاء.
قوله: (شرح وهبانية) وبه أفتى في الحامدية والخيرية من الدعوى.
قوله: (لا عذر لمن أقر) فيه أن اضطراره إلى هذا الاقرار عذر.
قوله: (غايته) حاصله: أنه لا فائدة لدعواه أن بعض المقر به ربا، إلا تحليف المقر له بناء على أن الثاني إذا ادعى أنه أقر كاذبا يحلف المقر له، وهذه المسألة من أفرادها، فلذا قال في هذه ونحوها: ولقد أبعد من حمل قول أبي يوسف على الضرورة فقط كما في هذه المسألة كما مر قبيل الاستثناء.
قوله: (أن يقال الخ) ولانه لا يتأتى على قول الامام لانه يقول بلزوم المال ولا يقبل تفسيره وصل أو فصل وعندهما، إن وصل قبل وإلا فلا، ولفظة ثم تفيد الفصل فلا يقبل اتفاقا.
شرنبلالية.
قوله: (وبه جزم) أي بقول أبي يوسف.
قوله: (فيمن أقر) وفي نسخة فيما مر وعليها فإنه مر قبيل الاستثناء.
قوله: (من نسخ الشرح) أي المنح.
قوله: (أن يستحقه) يعمل بالمصادقة على الاستحقاق، وإن خالفت كتاب الوقف تكن في حق المقر خاصة الخ ما مر في الوقف.
قوله: (وسقط حقه) الظاهر أن المراد
سقوطه ظاهرا، فإذا لم يكن مطابقا للواقع لا يحل للمقر له أخذه، ثم إن هذا السقوط ما دام حيا، فإذا مات عاد على ما شرط الواقف.
قال السائحاني في مجموعته وفي الخصاف: قال المقر له بالغلة عشر سنوات من اليوم لزيد، فإن مضت رجعت للمقر له، فإن مات المقر له والمقر قبل مضيها ترجع(6/184)
الغلة على شرط الواقف، فكأنه صرح ببطلان المصادقة بمضي المدة أو موت المقر.
وفي الخصاف أيضا: رجل وقف على زيد وولده ثم للمساكين، فأقر زيد به وبأنه على بكر ثم مات زيد بطل إقراره لبكر.
وفي الحامدية: إذا تصادق جماعة الوقف ثم مات أحدهم عن ولد فهل تبطل مصادقة الميت في حقه؟ الجواب: نعم، ويظهر لي من هذا أن من منع عن استحقاقه بمضي المدة الطويلة إذا مات فولده يأخذ ما شرطه الواقف له، لان الترك لا يزيد على صريح المصادقة، لان الولد لم يتملكه من أبيه وإنما يتملكه من الواقف ا ه.
قوله: (ولو جعله الخ) وفي إقرار الاسماعيلية فيمن أقرت بأن فلانا يستحق ريع ما يخصها من وقف كذا في مدة معلومة بمقتضى أنها قبضت منه مبلغا معلوما، فأجاب بأنه باطل لانه بيع الاستحقاق المعدوم وقت الاقرار بالمبلغ المعين، وإطلاق قولهم لو أقر المشروط له الريع أنه يستحقه فلانه دونه يصح، ولو جعله لغيره لم يصح يقضى ببطلانه، فإن الاقرار بعوض معاوضة اه.
ملخصا.
وفي الخصاف: فإن كان الواقف جعل أرضه موقوفة على ز يد ثم من بعده على المساكين فأقر زيد بهذا الاقرار: يعني بقوله جعلها وقفا علي وعلى هذا الرجل، يشاركه الرجل في الغلة أبدا ما كان حيا، فإن مات زيد كانت للمساكين، ولم يصدق زيد عليهم، وإن مات المقر له وزيد في الحياة فالنصف الذي أقر به زيد للمساكين والنصف لزيد، فإذا مات صارت الغلة كلها للمساكين.
وكذا لو أقر أنها على هذا الرجل وحده فالغلة كلها للرجل ما دام زيد المقر حيا، فإذا مات فللمساكين ولا يصدق عليهم، وإنما يصدق على إبطال حق نفسه ما دام حيا ا ه ملخصا.
ويظهر من هذا أن المصادقة على الاستحقاق تبطل بموت المقر للزوم الضرر على من بعده، ولا تبطل بموت المقر له عملا بإقرار المقر على نفسه.
بقي ما لو أقر جماعة مستحقون كثلاثة إخوة مثلا موقوف عليهم سوية، فتصادقوا على
أن زيدا منهم يستحق النصف، فإذا مات زيد تبقى المصادقة، وإن مات المقران تبطل، وإن مات أحدهما تبطل في حصته فقط.
والذي يكثر وقوعه في زماننا المصادقة في النظر والذي يقتضيه النظر بطلانها بموت كل منهما ويرجع التوجيه إلى القاضي، هذا ما ظهر لنا فتأمل.
قوله: (كذا في نسخ(6/185)
المتن) أي بعضها، وفي بعض نسخ المتن المغصوب منه.
قوله: (من الكل) وقد تقدم قبل إقرار المريض.
قوله: (بناء على إفتاء المفتي) وفي البزازية: ظن وقوع الثلاث بإفتاء من ليس بأهل، فأمر الكاتب بصك الطلاق فكتب، ثم أفتاه عالم بعدم الوقوع له أن يعود إليها في الديانة، لكن القاضي لا يصدقه لقيام الصك.
سائحاني.
قوله: شئ محال كما لو أقر له بأرش يده التي قطعها خمسمائة درهم ويداه صحيحتان لم يلزم شئ كما في حيل التاترخانية، وعلى هذا أفتيت ببطلان إقرار إنسان بقدر من السهام لوارث وهو أزيد من الفريضة الشرعية لكونه محالا شرعا، ولا بد من كونه محالا من كل وجه، وإلا فلو أقر أن لهذا الصغير علي ألف درهم قرض أقرضنيه أو من ثمن مبيع باعنيه صح الاقرار كما مر.
أشباه ملخصا.
قوله: (وبالدين) قيد به لان إقراره بالعين بعد الابراء العام صحيح مع أنه يبرأ من الاعيان في الابراء العام كما صرح به في الاشباه، وتحقيق الفرق في رسالة الشرنبلالي في الابراء العام.
قوله: (بعد هبتها له على الاشبه) قال في البزازية وفي المحيط: وهبت المهر منه ثم قال اشهدوا أن لها علي مرها كذا، فالمختار عند الفقيه أن إقراره جائز وعليه المذكور إذا قبلت لان الزيادة لا تصح بلا قبولها، والاشبه أن لا يصلح، ولا تجعل زيادة بغير قصد الزيادة.
عن الحموي: برهن أنه أبرأني عن هذه الدعوى ثم ادعى المدعي ثانيا أنه أقر لي بالمال بعد إبرائي فلو قال المدعى عليه أبرأني وقبلت الابراء وقال صدقته فيه لا يصح الدفع: يعني ودعوى الاقرار، ولو لم يقله يصح الدفع لاحتمال الرد، والابراء يرتد بالرد فيبقى المال عليه، بخلاف قبوله إذ لا يرتد بالرد بعده.
جامع الفصولين.
لكن كلامنا في الابراء عن الدين، وهذا في الابراء عن الدعوى.
وفي الرابع والعشرين من التاترخانية: ولو قال أبرأتك مما لي عليك فقال لك علي ألف قد صدقت فهو برئ استحسانا.
لا حق لي في هذه الدار فقال كان لك سدس فاشتريتها منك فقال لم أبعه فله السدس، ولو قال خرجت
عن كل حق لي في هذه الدار أو برئت منه إليك أو أقررت لك فقال الآخر اشتريتها منك فقال لم أقبض الثمن فله الثمن ا ه.
وفيها عن العتابية: ولو قال لا حق لي قيل برئ من كل عيب ودين، وعلى هذا لو قال فلان برئ مما لي قبله دخل المضمون والامانة، ولو قال هو برئ مما لي عليه دخل المضمون دون الامانة، ولو قال هو برئ مما لي عنده فهو برئ من كل شئ أصله أمانة ولا يبرأ عن المضمون، ولو ادعى الطالب حقا بعد ذلك وأقام بينة فإن كان أرخ بعد البراءة تسمع دعواه وتقبل بينته، وإن لم يؤرخ فالقياس أن تسمع وحمل على حق وجب بعدها.
وفي الاستحسان: لا تقبل بينته.(6/186)
قوله: (ذكره المصنف في فتاويه) ونصه: سئل عن رجلين صدر بينهما إبراء عام، ثم إن رجلا منهما بعد الابراء العام أقر أن في ذمته مبلغا معينا للآخر فهل يلزمه ذلك أم لا؟ أجاب: إذا أقر بالدين بعد الابراء منه لم يلزمه كما في الفوائد الزينية نقلا عن التاترخانية.
نعم إذا ادعى عليه دينا بسبب حادث بعد الابراء العام وأنه أقر به يلزمه ا ه.
وانظر ما في إقرار تعارض البينات لغانم البغدادي.
قوله: (قلت ومفاده) أي مفاد تقييد اللزوم بدعواه بسبب حادث، وقوله: لو أقر ببقاء الدين أي بأن قال ما أبر أني منه باق في ذمتي، والفرق بين هذا وبين قوله السابق: وبالدين بعد الابراء منه أنه قال هناك بعد الابراء لفلان على كذا.
تأمل.
قوله: (ببقاء الدين) أي بعد الابراء العام.
قوله: (كالاول) أي الاقرار بالدين بعد الابراء منه.
قوله: (تتمة) اسم كتاب.
قوله: (أقر بمهر المثل) قيد به، إذ لو كان الاقرار بأزيد منه لم يصح.
قوله: (الايهاب) أي لو أقامت الورثة البينة، ومثله الابراء كما حققه ابن الشحنة.
قوله: (من قبل تهدر) أي في حالة الصحة أن المرأة وهبت مهرها من زوجها في حياته لا تقبل، ولا ينافي هذا ما قدمه الشارح من بطلان الاقرار بعد الهبة لاحتمال أنه أبانها ثم تزوجها على المهر المذكور في هذه المسألة.
كذا قيل، وفيه أن الاحتمال موجود ثمة.
قوله: (وإسناد) قال في المنتقى: لو أقر في المرض الذي مات فيه أنه باع هذا العبد من فلان في صحته وقبض الثمن وادعى ذلك المشتري فإنه يصدق في البيع ولا يصدق في قبض الثمن إلا بقدر الثلث، هذه مسألة النظم، إلا أنه أغفل فيه قيد تصديق المشتري.
ابن الشحنة.
مدني.
وقدمنا قبل نحو خسمة أوراق عن نور العين
كلاما فراجعه.
قوله: (فيه) أي في ضعف الموت.
قوله: (من ثلث التراث) أي الميراث.
قوله: (تشهد) بإسكان الدال المهملة.
قوله: (نعده) بفتح النون وبالعين ورفع الدال المشددة.
قوله: (فخلف) برفع الخاء وإسكان اللام.
قال المقدسي: ذكر محمد أن قوله لا تخبر فلانا أن له علي ألفا إقرار.
وزعم السرخسي أن فيه روايتين.
سائحاني.
قوله: (منشأ) أي كان هبة.
قوله: (مظهر) بضم الميم: أي مقر.(6/187)
كتاب الصلح قوله: (مطلقا) فيما يتعين وفيما لا يتعين.
قوله: (بلا قبول) لانه إسقاط وسيجئ قريبا.
قوله: (وشرطه الخ) وشرطه أيضا قبض بدله إن كان دينا بدين، وإلا لا كما سيأتي في مسائل شتى آخر الكتاب فراجعه، وأوضحه في الدرر هنا.
قوله: (فصح من صبي الخ) وكذا عنه بأن صالح أبوه عن داره وقد ادعاها مدع وأقام البرهان.
قوله: (لو فيه نفع) لو قال لو لم يكن فيه ضرر بين لكان أولى، ليشمل ما إذا لم يكن فيه نفع ولا ضرر، أو كان فيه ضرر غير بين ط.
قوله: (معلوما) قال في جامع الفصولين عازيا للمبسوط: الصلح عى خمسة أوجه: صلح على دراهم أو دنانير أو فلوس فيحتاج إلى ذكر القدر.
الثاني: على بر أو كيلي أو وزني مما لا حمل له ولا مؤنة، فيحتاج إلى ذكر قدر وصفة، إذ يكون جيدا أو وسطا أو رديئا فلا بد من بيانه الثالث: علي كيلي أو وزني مما له حمل ومؤنة، فيحتاج إلى ذكر قدر وصفة ومكان تسليمه عند أبي حنيفة كما في السلم.
الرابع: صلح على ثوب، فيحتاج إلى ذكر ذرع وصفة وأجل، إذ الثوب لا يكون دينا إلا في السلم وهو عرف مؤجلا.
الخامس: صلح على حيوان، ولا يجوز إلا بعينه، إذ الصلح من التجارة والحيوان لا يصلح دينا فيها اه.
قوله: (إلى قبضه) بخلاف ما لا يحتاج إلى قبضه، مثل أن يدعي حقا في دار رجل وادعي المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعي فاصطلحا على ترك الدعوى جاز.
قوله: (والتعزير) أي إذا كان حقا للعبد كما لا يخفى ح.
قوله: (أو مجهولا) أي بشرط أن يكون مما لا يحتاج إلى التسليم كترك الدعوى مثلا، بخلاف ما لو كان عن تسليم المدعي.
وفي جامع الفصولين: ادعى عليه مالا معلوما فصالحه على ألف درهم وقبض بدل الصلح وذكر في آخر الصك وأبرأ المدعي عن جميع دعاواه وخصوماته إبراء صحيحا عاما فقيل: لم يصح الصلح لانه لم يذكر قدر المدعى فيه، ولا بد من بيانه ليعلم أن هذا الصلح وقع معاوضة أو إسقاطا أو
وقع صرفا شرط فيه التقابض في المجلس أو لا، وقد ذكر قبض بدل الصلح ولم يتعرض لمجلس الصلح، فمع هذا الاحتمال لا يمكن القول بصحة الصلح.
وأما الابراء فقد حصل على سبيل العموم فلا تسمع دعوى المدعي بعين للابراء العام لا للصلح اه.
وتقدم التصريح به في الاستحقاق، وانظر ما كتبناه عن الفتح أواخر خيار العيب.
قوله: (كحق شفعة) إذ هو عبارة عن ولاية الطلب وتسليم الشفعة لا قيمة له، فلا يجوز أخذ المال في مقابلته.
قوله: (والثالث) هو إحدى الروايتين، وبها(6/188)
يفتى كما في الشرنبلالية عن الصغرى.
أما بطلان الاول فرواية واحدة كما فيها أيضا عن الصغرى.
قوله: (للحاكم) ظاهره أنه يبطل بالصلح أصلا، وهو الذي في الشرنبلالية عن قاضيخان، فإنه قال: بطل الصلح وسقط الحد إن كان قبل أن يرفع إلى القاضي، وإن كان بعده لا يبطل الحد، وقد سبق أنه إنما سقط بالعفو لعدم الطلب، حتى لو عاد وطلب حد، إلا أن يحمل ما في الخانية على أنه لم يطلب بعد.
قوله: (مطلقا) قبل الرفع وبعده.
قوله: (وطلب الصلح) فاعل طلب مستتر فيه والصلح مفعوله، ولا حاجة إليه لانه تكرار مع ما في المتن.
قوله: (على ذلك) وفي بعض النسخ هذه قوله: (بالمقسط) هذا يفيد أنه لا يشترط الطلب كما لا يشترط القبول ط.
قوله: (وحكمه وقوع الخ) قال في البحر: وحكمه في جانب المصالح عليه وقوع الملك فيه للمدعي، سواء كان المدعى عليه مقرا أو منكرا، وفي المصالح عنه وقوع الملك فيه للمدعى عليه إن كان مما لا يحتمل التمليك كالمال وكان المدعى عليه مقرا به، وإن كان مما لا يحتمل التمليك كالقصاص فالحكم وقوع البراءة كما إذا كان منكر مطلقا.
قوله: (ووقوع الملك) أي للمدعي أو المدعى عليه.
قوله: (عليه) أي مطلقا ولو منكرا.
قوله: (كبيع) أي فتجري فيه أحكام البيع، فينظر إن وقع على خلاف جنس المدعى فهو بيع وشراء كما ذكر هنا، وإن وقع على جنسه فإن كان بأقل من المدعى فهو حط وإبراء، وإن كان مثله فهو قبض واستيفاء، وإن كان بأكثر منه فهو فضل وربا ا ه من الزيلعي.
رملي.
قال في البحر: اعتبر بيعا إن كان على خلاف الجنس إلا في مسألتين، وتمامه فيه.
قوله: (فتجري فيه) أي في هذا الصلح.
منح.
فشمل المصالح عنه والمصالح عليه، حتى لو صالح عن دار بدار وجبت فيها الشفعة ط.
قوله: (وتشترط) في
موضع التعليل لقوله: ويفسده جهالة البدل.
قوله: (من المدعي) بالبناء للمفعول.
قوله: (إن كلا الخ) أشار إلى أن من بيانية أو تبعيضية وكل مراد.
تأمل.
قوله: (كما ذكرنا) أي إن كلا فكلا أو بعضا فبعضا ح.
قوله: (لانه معاوضة) مقتضى المعاوضة أنه إذا استحق الثمن: فإن مثليا رجع بمثله، أو قيميا فبقيمته ولا يفسد العقد.
فرع: قال في البزازية: وفي نظم الفقه: أخذ سارقا من دار غيره، فأراد دفعه إلى صاحب المال، فدفع له السارق مالا على أن يكف عنه يبطل، ويرد البدل إلى السارق لان الحق ليس له، ولو كان الصلح مع صاحب السرقة برئ من الخصومة بأخذ المال، وحد السرقة لا يثبت من غير خصومة ويصح الصلح اه وفيها أيضا: اتهم بسرقة وحبس فصالح، ثم أن الصلح كان خوفا على نفسه(6/189)
: إن في حبس الوالي تصح الدعوى لان الغالب أنه حبس ظلما، وإن في حبس القاضي لا تصح لان الغالب أنه يحبس بحق ا ه.
قوله: (إن احتيج إليه) كسكنى دار.
قوله: (بموت أحدهما) أي إن عقدها لنفسه.
بحر.
قوله: (وبهلاك المحل) أي قبل الاستيفاء، وتمامه في البحر.
قوله: (لو وقع) كان ينبغي ذكره قبل قوله: فشرط التوقيت فيه.
قوله: (عن منفعة) يعني أنه يصلح الصلح، فلو ادعى مجرى في دار أو مسيلا على سطح أو شربا في نهر فأقر أو أنكر ثم صالحه على شئ معلوم كما في القهستاني.
علائي شرح ملتقى.
كذا في الهامش.
قوله: (عن جنس آخر) كخدمة عبد عن سكنى دار.
قوله: (في حق المدعي) فبطل الصلح على دراهم بعد دعوى دراهم إذا تفرقا قبل القبض.
بحر.
قوله: (عن دار) يعني إذا ادعى رجل على آخر داره فسكت الآخر وأنكر فصالح عنها بدفع شئ لم تجب الشفعة لانه يزعم أنه يستبقي الدار المملوكة على نفسه بهذا الصلح ويدفع خصومة المدعي عن نفسه، لا أنه يشتريها، وزعم المدعي لا يلزمه.
منح.
ادعيا أرضا في يد رجل بالارث من أبيهما فجحد ذو اليد فصالحه أحدهما على مائة لم يشاركه الآخر، لان الصلح معاوضة في زعم المدعي فداء يمين في زعم المدعى عليه، فلم يكن معاوضة من كل وجه فلا يثبت للشريك حق الشركة بالشك، وفي رواية عن أبي يشاركه.
خانية ملخصا.
قوله: (وتجب) أي تجب الشفعة في دار وقع الصلح
عليها بأن تكون بدلا.
قوله: (بأحدهما) أي الانكار والسكوت.
قوله: (لخلو) علة لقوله: رد لمدعي حصته.
قوله: (رجع) أي المدعي.
قوله: (إلى الدعوى) إلا إذا كان مما لا يتعين بالتعيين وهو من جنس المدعى به، فحينئذ يرجع بمثل ما استحق ولا يبطل الصلح، كما إذا ادعى ألفا فصالحه على مائة وقبضها فإنه يرجع عليه بمائة عند استحقاقها، سواء كان الصلح بعد الاقرار أو قبله، كما لو وجدها ستوقة أو نبهرجة، بخلاف ما إذا كان من غير الجنس كالدنانير هنا إذا استحقت بعد الافتراق فإن الصلح يبطل، وإن كان قبله رجع بمثلها ولا يبطل الصلح كالفلوس.
بحر.
قوله: (رجع إلى الدعوى) إلا إذا كان المصالح عنه مما لا يقبل النقض فإنه يرجع بقيمة المصالح عليه كالقصاص والعتق والنكاح والخلع كما في الاشباه عن الجامع الكبير، وتمام الكلام عليه في حاشية الحموي.
قوله: (في كله) إن(6/190)
استحق كل العوض.
قوله: (أو بعضه) إن استحق بعضه.
قوله: (لان إقدامه) أي المدعى عليه.
قوله: (بالملكية) أي للمدعي، بخلاف الصلح لانه لم يوجد منه ما يدل على أنه أقر بالملك له، إذ الصلح قد يقع لدفع الخصومة.
قوله: (كاستحقاقه) فيرجع بالمدعي أو بالدعوى.
درر منتقى.
كذا في الهامش.
قوله: (كذلك) أي كلا أو بعضا.
قوله: (بعض ما يدعيه) أي وهو قائم، ويأتي حكم ما إذا كان هالكا عند قول الماتن والصلح عن المغصوب الهالك وقال القهستاني: لان المدعي بهذا الصلح استوفى بعض حقه وأبرأ عن الباقي، والابراء عن الاعيان باطل اه مدني.
قوله: (أو يلحق) منصوب بأن مثل أو يرسل.
قوله: (عن دعوى الباقي) قيد بالابراء عن دعواه، لان الابراء عن عينه غير صحيح، كذا في المبسوط.
ابن ملك.
بأن يقول: برئت عنها أو عن خصومتي فيها أو عن دعوى هذه الدار، فلا تسمع دعواه ولا بينته، وأما لو قال أبرأتك عنها أو عن خصومتي فيها فإنه باطل، وله أن يخاصم كما لو قال لمن بيده عبد برئت منه فإنه يبرأ، ولو قال أبرأتك لا، لانه إنما أبرأه عن ضمانه، كما ي الاشباه من أحكام الدين.
قلت: ففرقوا بين أبرأتك، وبرئت أو أنا برئ لاضافة البراءة لنفسه فتعم، بخلاف أبرأتك لانه خطاب الواحد، فله مخاصمة غيره كما في حاشيتها معزيا للولوالجية شرح الملتقى.
وفي البحر: الابراء
إن كان على وجه الانشاء، فإن كان عن العني بطل من حيث الدعوى، فله الدعوى بها المخاطب وغيره، ويصح من حيث نفي الضمان، فإن كان عن دعواها: فإن أضاف الابراء إلى المخاطب كأبرأتك عن هذه الدار أو عن خصومتي فيها أو عن دعواي فيها لا تسمع دعواه على المخاطب فقط، وإن أضافه إلى نفسه كقوله برئت عنها أو أنا برئ فلا تسمع مطلقا، هذا لو طريق الخصوص: أي عين مخصوصة، فلو على العموم فله الدعوى على المخاطب وغيره كما لو تبارأ الزوجان عن جميع الدعاوى وله أعيان قائمة له الدعوى بها، لانه ينصرف إلى الديون لا الاعيان وأما إذا كان على وجه الاخبار كقوله هو برئ مما لي قبله فهو صحيح متناول للدين والعين، فلا تسمع الدعوى وكذا لا ملك لي في هذه العين ذكره في المبسوط والمحيط.
فعلم أن قوله لا أستحق قبله حقا مطلقا ولا دعوى يمنع الدعوى بالعين والدين، لما في المبسوط: لا حق لي قبله يشمل كل عين ودين فلو ادعى حقا لم يسمع ما لم يشهدوا أنه بعد البراءة ا ه ما في البحر ملخصا، وقوله بعد البراءة يفيد أن قوله لا حق لي إبراء عام لا إقرار.
قوله: (مطلقا) أي سواء وجد أحد الامرين أو لم يوجد فلا يسمع دعوى الباقي ح.(6/191)
قوله: (وقولهم) جواب سؤال وارد على كلام الماتن لا على ظاهر الرواية، إذ لا تعرض للابراء فيها، وما تضمنه الصلح إسقاط للباقي لا إبراء، فافهم.
قوله: (عن دعوى الخ) كذا عبارة القهستاني ويجب إسقاط لفظ دعوى بقرينة الاستدراك الآتي.
ونقل الحموي عن حواشي صدر الشريعة للحفيد معنى قولنا البراءة عن الاعيان لا تصح: أن العين لا تصير للمدعي عليه لا أن يبقى المدعي على دعواه الخ.
أبو السعود.
وهذا أوضح مما هنا.
قال السائحاني: والاحسن أن يقال: الابراء عن الاعيان باطل ديانة لا قضاء.
قال في الهامش: وعبارته في شرح الملتقى معناه أن العين لا تصير ملكا للمدعي عليه، لا أنه يبقى على دعواه، بل تسقط في الحكم كالصلح عن بعض الدين، فإنه إنما يبرأ عن باقيه في الحكم لا في الديانة، فلو ظفر به أخذه.
ذكره القهستاني والبرجندي وغيرهما.
وأما الابراء عن دعوى الاعيان فصحيح اه ما في الهامش.
وهو مخالف لما نقلناه عن شرح الملتقى آنفا.
وفي الخلاصة: أبرأتك عن هذه الدار أو عن خصومتي فيها أو عن دعواي فيها فهذا كله باطل، حتى لو ادعى بعده
تسمع، ولو أقام بينة تقبل اه.
قوله: (وأما الصلح) مقابل قوله أي عين يدعيها.
قوله: (بعض الدين) قال المقدسي عن المحيط: له ألف فأنكره المطلوب فصالحه على ثلاثمائة من الالف صح، ويبرأ عن الباقي قضاء لا ديانة، ولو قضاه الالف فأنكر الطالب فصالحه بمائة صح، ولا يحل له أخذها ديانة فيؤخذ من هنا.
ومن أن الربا لا يصح الابراء عنه ما يفيت عينه عدم صحة براءة علماء قضاة زماننا مما يأخذونه.
ويطلبون الابراء فيبرئونهم، بل ما أخذوه من الربا أعرق بجامع عدم الحل في كل.
واعلم أن عدم براءته في الصلح، استثنى منه في الخانية ما لو زاد وأبرأتك عن البقية.
سائحاني.
ويظهر من هذا أن ما تضمنه الصلح من الاسقاط ليس إبراء من كل وجه، وإلا لم يحتج لقوله أبرأتك عن البقية.
قوله: (أي قضاء) وحينئذ فلا فرق بين الدين والعين على ظاهر الرواية.
تأمل.
قوله: (من الاشباه) قال فيها عن الخانية: الابراء عن العين المغصوبة إبراء عن ضمانها، وتصير أمانة في يد الغاصب، ولو كانت العين مستهلكة صح الابراء وبرئ من قيمتها اه.
فقولهم: الابراء عن الاعيان باطل، معناه: أنها لا تكون ملكا له بالابراء، وإلا فالابراء عنها لسقوط ضمانها صحيح أو يحمل على الامانة ا ه ملخصا: أي أن البطلان عن الاعيان محله إذا كانت الاعيان أمانة، لانها إذا كانت أمانة لا تلحقه عهدتها، فلا وجه للابراء عنها.
تأمل.
وحاصله: أن الابراء المتعلق بالاعيان إما أن يكون عن دعواها وهو صحيح بلا خلاف مطلقا وإن تعلق بنفسها، فإن كانت مغصوبة هالكة صح أيضا كالدين، وإن كانت قائمة فمعنى البراءة عنها البراءة عن ضمانها لو هلكت وتصير بعد البراءة من عينها، كالامانة لا تضمن إلا بالتعدي عليها، وإن كانت العين أمانة فالبراءة لا تصح ديانة بمعنى أنه إذا ظفر بها مالكها أخذها وتصح قضاء فلا يسمع القاضي دعواه بعد البراءة، هذا ملخص ما استفيد من هذا المقام ط.
وهو كلام حسن يرشدك إلى أن قول الشارح معناه محمول على الامانة.
بقي لو ادعى عليه عينا في يده فأنكر ثم أبرأه المدعي(6/192)
عنها فهو بمنزلة دعوى الغصب، لانه بالانكار صار غاصبا، وهل تسمع الدعوى بعده لو قائمة؟ الظاهر نعم.
قوله: (ولو بإقرار) أي صح الصلح عن دعوى المال، ولو كان الصلح بإقرار المدعى
عليه وسواء كان الصلح عنه بمال أو بمنفعة وقوله هنا عنه: أي عن المال.
قوله: (أو بمنفعة) أي ولو بمنفعة.
قوله: (وعن دعوى المنفعة) صورة دعوى المنافع: أن يدعي على الورثة أن الميت أوصى بخدمة هذا العبد، وأنكر الورثة، لان الرواية محفوظة على أنه لو ادعى استئجار عين والمالك ينكر ثم صالح لم يجز اه.
وفي الاشباه: الصلح جائز عن دعوى المنافع إلا دعوى إجارة كما في المستصفى اه رملي.
وهو مخالف لما في البحر.
تأمل.
قوله: (عن جنس آخر) كالصلح عن السكنى على خدمة العبد، بخلاف الصلح عن السكنى على سكنى، فلا يجوز كما في العيني والزيلعي.
قال السيد الحموي: لكن في الولوالجية ما يخالفه حيث قال: وإذا ادعى سكنى دار مصالحة عن سكنى دار أخرى مدة معلومة جاز، وإجارة السكنى بالسكنى لا تجوز.
قال: وإنما كان كذلك لانهما ينعقدان تمليكا بتمليك ا ه أبو السعود.
ذكره ابن ملك في شرح النقاية مخالفا لما ذكره في شرحه على المجمع.
قال في اليعقوبية: والموافق للكتب ما في شرح المجمع.
قوله: (على مال) أي في حق المدعي وفي حق الآخر دفعا للخصومة.
بحر.
قوله: (لو بإقرار) أي من العبد.
قوله: (لا يستحق المدعي) بالبناء للمفعول وسيأتي آخر الباب استثناء مسألة.
قوله: (لانه بأخذ البدل) بإضافة أخذ إلى البدل.
قوله: (على غير مزوجة) لانه لو كانت ذات زوج لم يصح الصلح وليس عليها العدة ولا تجديد النكاح مع زوجها كما في العمادية.
قهستاني.
قوله: (وكان خلعا) ظاهره أنه ينقص عدد الطلاق فيملك عليها طلقتين لو تزوجها بعد، أما إذا كان عن إقرار فظاهر، وأما إذا كان عن إنكار أو سكوت فمعاملة له بزعمه فتدبر ط.
قوله: (لو مبطلا) هذا عام في جميع أنواع الصلح.
كفاية.
قوله: (لم يصح) وأطال صاحب غاية البيان في ترجيحه.
حموي.
قوله: (في درر البحار) وأقره في شرحه غرر الافكار.
وعليه اقتصر في البحر فكان فيه اختلاف التصحيح، وعبارة المجمع: أو ادعت منع نكاحه فصالحها جاز، وقيل لم يجز.
قوله: (عمدا) قيد به لانه لو كان القتل خطأ فالظاهر الجواز لانه يسلك به مسلك الاموال ط.
قوله: (فلم يلزم المولى) قال المقدسي: فإن أجازه صح.
سائحاني.
قوله: (عبد)(6/193)
فاعل قتل.
قوله: (المغصوب) أي القيمي لانه لو كان مثليا فهلك، فالمصالح عليه إن كان من جنس
المغصوب لا تجوز الزيادة اتفاقا، وإن كان من خلاف جنسه جاز اتفاقا، وقيد بالهلاك إذ لو كان قبله يجوز اتفاقا.
ابن ملك، وسيذكره محترز قوله: قبل القضاء وقيد بقوله: على أكثر من قيمته لانه محل الخلاف.
وفي جامع الفصولين: غصب كر بر أو ألف درهم فصالح على نصفه: فلو كان المغصوب هالكا جاز الصلح، ولو قائما لكن غيبه أو أخفاء وهو مقر أو منكر جاز قضاء لا ديانة، ولو حاضرا يراه لكن غاصبه منكر جاز كذلك، فلو وجد المالك بينة على بقية ماله قضى له به، والصلح على بعض حقه في كيلي أو وزني حال قيامه باطل، ولو أقر بغصبه وهو ظاهر ويقدر مالكه على قبضه فصالحه على نصفه على أن أبرأه مما بقي جاز قياسا لا استحسانا، ولو صالحه في ذلك على ثوب ودفعه جاز في الوجوه كلها، إذ يكون مشتريا للثوب بالمغصوب، ولو كان المغصوب قنا أو عرضا فصالح غاصبه مالكه على نصفه وهو مغيبه عن مالكه وغاصبه مقرأو منكر لم يجز، إذ صلحه على نصفه إقرار بقيامه، بخلاف كيلي أو وزني إذ يتصور هلاك بعضه دون بعضه عادة، بخلاف ثوب وقن اه.
قوله: (من قيمته) ولو بغبن فاحش.
قال في غاية البيان: بخلاف الغبن اليسير، فإنه لما دخل تحت تقويم المقومين لم يعذ ذلك فضلا فلم ليكن ربا: أي عندهما.
قوله: (بالقيمة جائز) لان الزيادة لا تظهر عند اختلاف الجنس، فلا يكون ربا، وهذا جائز عند الامام خلافا لهما، لان حق المالك في الهالك لم ينقطع، ولم يتحول إلى القيمة فكان صلحا عن المغصوب لا عن قيمته.
قوله: (بعرض) أي سواء كانت قيمته كقيمة الهالك أو أقل أو أكثر، وإنما ذكرها الشارح هنا مع أنها ستأتي متنا إشارة إلى أن محلها هنا ح.
قوله: (موسر) قيد به، لانه لو كان معسرا يسعى العبد في نصفه كما في مسكين.
قوله: (وصح في الجناية العمد) شمل ما إذا تعدد القاتل أو انفرد، حتى لو كانوا جماعة فصالح أحدهم على أكثر من قدر الدية جاز، وله قتل البقية والصلح معهم لان حق القصاص ثابت على كل واحد منهم على سبيل الانفراد.
تأمل.
رملي.
قوله: (لعدم الربا) لان الواجب فيه القصاص وهو ليس بمال.
قوله: (كذلك) أي ولو في نفس مع إقرار.
ح.
قوله: (الزيادة) أفاد صحة النقص.
قوله: (حتى لو صالح) أفاد أن الكلام فيما إذا صالح على أحد مقادير(6/194)
الدية وصح مائة بعير أو مائتا بقرة أو مائتا شاة أو مائتا حلة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم كما في العزمية عن الكافي.
قوله: (بشرط المجلس أي بشرط القبض في المجلس، وهذا مقيد بما إذا كان الصلح بمكيل أو موزون كما قيده في العناية ح.
قوله: (أحدها) كالابل مثلا.
قوله: (يصير) بضم الياء وفتح الصاد وكسر الياء المشددة فعل مضارع.
قوله: (كجنس آخر) فلو قضى القاضي بمائة بعير فصالح القاتل عنها على أكثر من مائتي بقرة وهي عنده ودفعها جاز، وتمامه في الجوهرة.
قوله: (ويسقط القود) أي في العمد: يعني يصير الصلح الفاسد فيما يوجب القود عفوا عنه، وكذا على خنزير أو حر كما في الهندية.
سائحاني.
وهذا بخلاف ما إذا فسد بالجهالة.
قال في المنح: ثم إذا فسدت التسمية في الصلح كما لو صالح على دابة أو ثوب غير معين تجب الدية لان الولي لم يرض بسقوط حقه مجانا، بخلاف ما إذا لم يسم شيئا أو سمى الخمر ونحوه حيث لا يجب شئ لما ذكرنا: أي من أن القصاص إنما يتقوم بالتقدم ولم يوجد.
قوله: (ما يرجع إليه) إذ لا دية فيه، بخلاف الخطأ فإنه إذا بطل الصلح يرجع إلى الدية المتقدمة قريبا.
قوله: (أو على) نسخ المتن أو عن.
قوله: (يدعيه على آخر) العبارة مقلوبة، والصواب يدعيه عليه آخر يدل عليه قوله: لزم بدله الموكل.
قوله: (فيؤاخذ) أي ويرجع على الموكل به، وكذا الصلح بالخلع، وكذا يرجع في الصورة التالية لهذه كما في المقدسي.
سائحاني.
قوله: (فيلزم الوكيل) أي ثم ترجع به على الموكل.
قوله: (لانه حينئذ كبيع) والحقوق فيه يرجع إلى المباشر فكذا ما كان بمنزلته.
قوله: (مطلقا) سواء كان عن مال بمال أو لا.
ح.
قوله: (صالح عنه فضولي الخ) هذا فيما إذا أضاف العقد إلى المصالح عنه لما في آخر تصرفات الفضولي من جامع الفصولين ف.
الفضولي إذا أضاف العقد إلى نفسه يلزمه البدل، وإن لم يضمنه ولم يضفه إلى مال نفسه ولا إلى ذمة نفسه، وكذا الصلح عن الغير ا ه.
قوله: (وسلم) أي في الذخيرة.
قوله: (صح) مكرر بما في المتن.
وفي الدرر: أما الاول فلان الحاصل للمدعى عليه البراءة وفي حقها الاجنبي والمدعى عليه سواء، ويجوز أن يكون الفضولي أصيلا إذا ضمن كالفضولي بالخلع إذا ضمن البدل، وأما الثاني فلانه
إذا أضافه إلى نفسه فقد التزم تسليمه فصح الصلح، وأما الثالث فلانه إذا عينه للتسليم فقد اشترط له سلامة العوض فصار العقد تاما بقبوله، وأما الرابع فلان دلالة التسليم على رضا المدعي فوق دلالة(6/195)
الضمان والاضافة لنفسه على رضاه ا ه باختصار.
قوله: (في الكل) فلو استحق العرض في الوجوه التي تقدمت أو وجده زيوفا أو ستوقه لم يرجع على المصالح، لانه متبرع التزم تسليم شئ معين ولم يلتزم الايفاء عن غيره فلا يلزمه شئ آخر، ولكن يرجع بالدعوى لانه لم يرض بترك حقه مجانا، إلا في صورة الضمان فإنه يرجع على المصالح لانه صار دينا في ذمته ولهذا لو امتنع من التسليم يجبر عليه.
زيلعي.
قوله: (بأمره) فرجع على المصالح عنه إن كان الصلح بأمره.
بزازية.
فتقييد الضمان اتفاقي وفيها الامر بالصلح والخلع أمر بالضمان لعدم توقف صحتها على الامر فيصرف الامر إلى إثبات حق الرجوع، بخلاف الامر بقضاء الدين ا ه.
قوله: (عزمي) لم أجده فيه فليراجع.
قوله: (وإلا يسلم) كان ينبغي أن يقول: وإلا يوجد شئ مما ذكر من الصور الاربعة كما يعلم مما نقلناه عن الدرر.
قوله: (وإلا فهو موقوف) هذه صورة خامسة مترددة بين الجواز والبطلان، ووجه الحصر كما في الدرر أن الفضولي إما أن يضمن المال أو لا، فإن لم يضمن فإما أن يضيف إلى ماله أو لا، فإن لم يضفه فإما أن يشير إلى نقد أو عرض أو لا، فإن لم يشر فإما أن يسلم أو لا فالصلح جائز في الوجوه كلها إلا الاخير وهو ما إذا لم يضمن البدل، ولم يضفه إلى ماله ولم يشر إليه ولم يسلم إلى المدعي حيث لا يحكم بجوازه بل يكون موقوفا على الاجازة إذ لم يسلم للمدعي عوض ا ه.
وجعل الصور الزيلعي أربعا، وألحق المشار بالمضاف.
قوله: (الخمسة) التي خامستها قوله: وإلا بطل أو التي خامستها قوله: وإلا فهو موقوف بعد قوله: أو على هذا ويؤيد قول الشارح سابقا في الصورة الرابعة.
قوله: (في دعواه) فيه أنه إذا كان صادقا في دعواه كيف يطيب له وفي زعمه أنها وقف وبدل الوقف حرام تملكه من غيره مسوغ فأخذه مجرد رشوة ليكف دعواه، فكان كما إذا لم يكن صادقا، وقد يقال إنه إنما أخذه ليكف دعواه لا ليبطل وقفيته، وعسى أن يوجد مدع آخر ط.
قلت: أطلق في أول وقف الحامدية الجواب بأنه لا يصح، قال: لان المصالح يأخذ بدل الصلح
عوضا عن حقه على زعمه فيصير كالمعاوضة، وهذا لا يكون في الوقف لان الموقوف عليه لا يملك الوقف فلا يجوز له بيعه، فهاهنا إن كان الوقف ثابتا فالاستبدال به لا يجوز، وإلا فهذا يأخذ بدل الصلح لا عن حق ثابت فلا يصح ذلك على حال.
كذا في جواهر الفتاوى ا ه.
ثم نقل الحامدي ما هنا ثم قال فتأمل اه.
وانظر ما كتبناه في باب البيع الفاسد عن النهر عند قوله: بخلاف بيع قن ضم إلى مدبر.
قوله: (كل صلح بعد صلح) المراد الصلح الذي هو إسقاط.
أما لو اصطلحا على عوض(6/196)
ثم على عوض آخر فالثاني هو الجائز وانفسخ الاول كالبيع.
نور العين عن الخلاصة.
قوله: (فالثاني باطل) قاله القاضي الامام.
قوله: (وكذا النكاح الخ) وتمامه في جامع الفصولين في الفصل العاشر.
كذا في الهامش.
قوله: (بعد النكاح) وفيه خلاف، فقيل تجب التسمية الثانية، وقيل كل منهما.
قوله: (والحوالة الخ) بأن كان له على آخر ألف فأحال عليه بها شخصا ثم أحال عليه بها شخصا آخر.
شيخنا.
قوله: (بعد الشراء) أي بعد ما اشترى المصالح عنه.
قوله: (إلا في ثلاث) قلت: زاد في الفصولين الشراء بعد الصلح.
قوله: (الكفالة) أي لزيادة التوثق.
أشباه.
قوله: (والشراء) أطلقه في جامع الفصولين، وقيده في القنية بأن يكون الثاني أكثر ثمنا من الاول أو أقل أو بجنس آخر، وإلا فلا يصح.
أشباه.
قوله: (والاجارة الخ) أي من المستأجر الاول فهي نسخ للاولى.
أشباه.
قوله: (ليس لي قبل) بكسر ففتح.
قوله: (ما كان لي قبله) بكسر ففتح أيضا.
قوله: (قال المصنف) نصه: وفي العمادية ادعى فأنكر فصالحه ثم ظهر بعده أن لا شئ عليه بطل الصلح اه.
أقول: يجب أن يقيد قوله ثم ظهر بغير الاقرار قبل الصلح لما تقدم من مسألة المختصر، وبه صرح مولانا صاحب البحر.
ح.
ولا يخفى أن علة مضي الصلح على الصحة في مسألة المتن المتقدمة عدم قبول الشهادة لما فيه من التناقص، فلا يظهر حينئذ أن لا شئ عليه فلم تشملها عبارة العمادية، فافهم.
قوله: (عن دعوى البزازية) ونصها: وفي المنتقى ادعى ثوبا وصالح ثم برهن المدعى عليه على إقرار المدعي أنه لا حق له فيه: إن على إقراره قبل الصلح فالصلح صحيح، وإن بعد الصلح يبطل الصلح، وإن علم الحاكم إقراره بعدم حقه ولو قبل الصلح يبطل الصلح، وعلمه بالاقرار السابق
كإقراره بعد الصلح، هذا إذا اتحد الاقرار بالملك بأن قال لا حق لي بجهة الميراث ثم قال إنه ميراث لي عن أبي، فأما غيره إذا ادعى ملكا لا بجهة الارث بعد الاقرار بعدم الحق بطريق الارث بأن قال حقي بالشراء أو بالهبة لا يبطل ا ه.
قوله: (فيحرر) ما نقل عن البزازية لا يحتاج إلى تحرير، لانه تقييد مفيد، ولعله أراد تحرير ما قاله المصنف من تقييد ما في العمادية فإنه غير ظاهر كما علمت، والله أعلم.
قوله: (والفاسدة) مثال الدعوى التي لا يمكن تصحيحها: أو ادعى أمة فقالت أنا حرة الاصل فصالحها عنه فهو جائز، وإن أقامت بينة على أنها حرة الاصل بطل الصلح، إذ لا يمكن تصحيح هذه الدعوى بعد ظهور حرية الاصل.
ومثال الدعوى التي يمكن تصحيحها: لو أقامت بينة أنها كانت أمة فلان أعتقها عام أول وهو يملكها بعدما ما ادعى شخص أنها أمته لا يبطل الصلح، لانه يمكن تصحيح(6/197)
دعوى المدعي وقت الصلح بأن يقول إن فلانا الذي أعتقك كان غصبك مني حتى لو أقام بينة على هذه الدعوى تسمع.
حموي مدني.
وقوله هنا وهو يملكها جملة حالية.
قوله: (وحرر الخ) هذا التحرير غير محرر، ورده الرملي وغيره بما في البزازية، والذي استقر عليه فتوى أئمة خوارزم أن الصلح عن دعوى فاسدة لا يمكن تصحيحها لا يصح، والتي يمكن تصحيحها كما إذا ترك ذكر أحد الحدود يصح اه.
وهذا ما ذكره المصنف، وقد علمت أنه الذي اعتمده صدر الشريعة وغيره فكان عليه المعول.
قوله: (وقيل الخ) الاخصر أن يقال: وقيل يصح مطلقا.
قوله: (آخر الباب) فيه نظر، فإن عبارته هكذا، ومن المسائل المهمة أنه هل يشترط لصحة الصلح صحة الدعوى أم لا؟ فبعض الناس يقولون يشترط، لكن هذا غير صحيح لانه إذا ادعى حقا مجهولا في دار فصولح على شئ يصح الصلح على ما مر في باب الحقوق والاستحقاق، ولا شك أن دعوى الحق المجهول دعوى غير صحيحة.
وفي الذخيرة مسائل تؤيد ما قلنا: أي فالمتبادر أنه أراد الفاسدة بدليل التمثيل لانه يمكن تصحيحها بتعين الحق المجهول وقت الصلح، وفي حاشية الرملي على المنح بعد نقله عبارته: أقول: هذا لا يوجب كون الدعوى الباطلة كالفاسدة، إذ لا وجه لصحة الصلح عنها كالصلح عن دعوى حد أو ربا وحلوان الكاهن وأجرة النائحة والمغنية الخ، وكذا ذكر الرملي في حاشيته على
الفصلين نقلا عن المصنف بعد ذكره عبارة صدر الشريعة قال ما نصه: فقد أفاد أن القول باشتراط صحة الدعوى لصحة الصلح ضعيف ا ه.
قوله: (وحق الشفعة) أي دعوى حقها لدفع اليمين، بخلاف الصلح عن حقها الثابت كما مر.
قوله: (دينا بعين) وفي بعض النسخ بدين.
قوله: (وصيرفية) الاولى الاقتصار على العزو إلى القنية، لانه في الصيرفية نقل الخلاف في الصحة وعدمها مطلقا، وأما في القنية فقد حكى القولين ثم وفق بينهما بما هنا فقال: الصواب أن الصلح إن كان الخ.
قوله: (على سكنى بيت) قيد بالسكنى، لانه لو صالحه على بيت منها كان وجه عدم الصحة كونه جزءا من المدعى بناء على خلاف ظاهر الرواية الذي مشى عليه في المتن سابقا، وقيد بقوله أبدا ومثله حتى يموت كما في الخانية، لانه لو بين المدة يصح لانه صلح على منفعة فهو في حكم الاجارة فلا بد من التوقيت كما مر، وقد اشتبه الامر على بعض المحشين قوله: (إلى الحصاد) لانه بيع معنى فتضر(6/198)
جهالة الاجل.
قوله: (بغير دعوى) أي الدعوى من المودع.
قوله: (ويصح الصلح) أي لو ادعى مالا فأنكر وحلف ثم ادعاه عند قاض آخر فأنكر فصولح صح، ولا ارتباط لهذه بمسألة الوديعة: قال المودع ضاعت الوديعة أو رددتها وأنكر ربها الرد أو الهلاك صدق المودع بيمينه ولا شئ عليه، فلو صالح ربها بعد ذلك على شئ فهو أربعة وجوه: أحدها: أن يدعي ربها الايداع وجحده المودع، ثم صالحه على شئ معلوم جاز اتفاقا.
الثاني: أن يدعي الوديعة وطالبه بالرد فأقر المودع بالوديعة وسكت ولم يقل شيئا ورب المال يدعي عليه الاستهلاك ثم صالحه على شئ معلوم جاز أيضا وفاقا.
الثالث: أن يدعي عليه الاستهلاك وهو يدعي الرد أو الهلاك ثم صالحه على معلوم جاز عند محمد وأبي يوسف آخرا، ولم يجز عند أبي حنيفة وأبي يوسف أولا، وأجمعوا على أنه لو صالح بعد ما حلف أنه رد الوديعة أو هلكت لا يجوز الصلح إنما الخلاف فيما لو صالح قبل اليمين.
الرابع: أن يدعي المودع الرد أو الهلاك ورب المال سكت ولم يقل شيئا: فعند أبي يوسف لا يجوز الصلح، وعند محمد يجوز، قال المودع بعد الصلح كنت قلت قبل الصلح إنها هلكت أو رددتها فلم يصح الصلح على قول أبي حنيفة وقال رب المال ما قلت، فالقول للمنكر ولا يبطل الصلح.
خانية.
هذا ما رأيته في
الخانية بنوع اختصار، ورأيته في غيرها معزوا إليها كذلك، ونقلها في المنح، لكن سقط من عبارته شئ اختل به المعنى، فإنه قال في الوجه الثالث: جاز الصلح في قول محمد وأبي يوسف الاول، وعليه الفتوى، والذي رأيته في الخانية أن الفتوى على عدم الجواز.
وبقي خامسة ذكرها المقدسي وهي: ادعى ربها الاستهلاك فسكت فصلحه جائز، لكن هذا هو الثاني في الخانية.
ثم اعلم أن كلام الماتن والشارح غير محرر، لان قوله: بغير دعوى الهلاك شامل للجحود والسكوت ودعوى الرد وهو الوجه الاول والثاني وأحد شقي الثالث والرابع، وقد علمت أنه في الاول والثاني جائز اتفاقا، ولا يجوز في أحد شقي الثالث والرابع على الراجح.
والصواب أن يقول بعد دعوى الرد أو الهلاك بإسقاط غير والتعبير ببعد وزيادة الرد فيدخل فيه الوجه الثالث بناء على المفتى به، والوجه الرابع بناء على قول أبي يوسف، وهو المعتمد لتقديم صاحب الخانية إياه كما هو عادته، قوله: لانه لو ادعاه أي الهلاك شامل لما إذا ادعى المالك الاستهلاك، وهو أحد شقي الوجه الثالث، أو سكت وهو أحد شقي الرابع وعلمت ترجيع عدم الجواز فيهما، فقوله: صح به يفتى في غير محله، وقوله: وصالحة قبل اليمين هذا وارد على إطلاق المتن أيضا، ورأيت عبارة الاشباه نحو ما استصوبته ونصها: الصلح عقد يرفع النزاع، ولا يصح مع المودع بعد دعوى الهلاك إذ لا نزاع.
ثم رأيت عبارة متن المجمع مثل ما قلته ونصها: وأجاز صلح الاجير الخاص والمودع بعد دعوى الهلاك أو الرد ولله الحمد.
قوله: (بإقامة) متعلق بالنزاع.
قوله: (بعده) أي الصلح.
قوله: (فإنها تقبل) أفاد أنها لو موجود عند الصلح وفيه غبن لا يصح الصلح، وبه صرح في البزازية.
سائحاني.
قوله: (ولو طلب) أي الصبي بعد بلوغه.
قوله: (وقيل لا) وجه بأن اليمين بدل(6/199)
المدعى فإذا حلفه فقد استوفى البدل.
حموي عن القنية.
قوله: (في السراجية) وكذا جزم به في البحر.
قال الحموي: وما مشى عليه في الاشباه رواية محمد عن أبي حنيفة وما مشى عليه في البحر قولهما وهو الصحيح كما في معين المفتي ا ه.
قوله: للاول صوابه للثاني على ما نقله الحموي.
قوله: (والابراء) الواو هنا وفيما بعده بمعنى أو حموي.
قوله: (عن عيب) أي عيب كان لا خصوص
البياض.
قال: وتمامه في المنح.
فصل في دعوى الدين قوله: (في دعوى الدين) الاولى في الصلح عن دعوى الدين.
قال في المنح: لما ذكر حكم الصلح عن عموم الدعاوى ذكر في هذا الباب حكم الخاص وهو دعوى الدين، لان الخصوص أبدا يكون بعد العموم اه.
قوله: (على بعض الخ) قيد بالبعض فأقاد أنه لا يجوز على الاكثر، وأنه يشترط معرفة قدره، لكن قال في غاية البيان عن شرح الكافي: ولو كان لرجل على رجل دراهم لا يعرفان وزنها فصالحة منها على ثوب أو غيره فهو جائز، لان جهالة المصالح عنه لا تمنع من صحة الصلح، وإن صالحه على دراهم فهو فاسد في القياس، لانه يحتمل أن بدل الصلح أكثر منه، ولكني أستحسن أن أجيزه لان الظاهر أنه كان أقل مما عليه، لان مبنى الصلح على الحط ولاغماض، فكان تقديرهما بدل الصلح بشئ دلالة ظاهرة على أنهما عرفاه أقل مما عليه وإن كان قدر ما عليه لنفسه اه.
قوله: (من دين) أي بالبيع أو الاجارة أو القرض.
قهستاني.
قوله: (وحط لباقيه) فلو قال المدعي للمدعي عليه المنكر صالحتك على مائه من ألف عليك كان أخذ المائة إبراء عن تسعمائة، وهذا قضاء لا ديانة، إلا إذا أبرأتك قهستاني.
وقدمناه مثله معزوا للخانية.
قوله: (حالا) لانه اعتياض عن الاجل وهو حرام.
قوله: (فيجوز) لان معنى الارفاق فيما بينهما أظهر من معنى المعاوضة، فلا يكون هذا مقابلة الاجل ببعض المال، ولكنه إرفاق من المولى بحط بعض المال ومساهلة من المكاتب فيما بقي قبل حلول الاجل ليتوصل إلى شرف الحرية.
قوله: (فمعاوضة) أي ويجري فيه حكمها فإن تحقق الربا أو شبهته فسدت، وإلا صحت ط، قال ط: بأن صالح على شئ هو أدون من حقه قدرا أو وصفا أو وقتا وإن منهما: أي من الدائن بأن دخل في الصلح ما لا يستحقه الدائن من وصف كالبيض بدل(6/200)
السود، أو ما هو في معنى الوصف كتعجيل الؤجل، أو عن جنس بخلاف جنسه ا ه.
قوله: (لم يعد) أي الدين مطلقا أدى أو لم يؤد.
قوله: (ما بقى غدا) لو قال: أبرأتك عن الخمسة على أن تدفع الخمسة حالة إن كانت العشرة حالة صح الابراء، لان أداء الخمسة يجب عليه حالا فلا يكون هذا تعليق الايراء
بشرط تعجيل الخمسة، ولو مؤجلة بطل الابراء إذا لم يعطه الخمسة.
جامع الفصولين.
كذا في الهامش.
قوله: (بصريح الشرط) قال القهستاني: وفيه إشعار بأنه لو قدم الجزاء صح في الظهيرية لو قال حططت عنك النصف إن نقدت إلي نصفها فإنه حط عندهم وإن لم ينقده.
سائحاني.
قوله: (كإن أديت) الخطاب للغريم، ومثله الكفيل كما صرح به الاسبيجاني في شرح الكافي.
قاضيخان في شرح الجامع.
قال في غاية البيان: وفيه نوع إشكال، لان إبراء الكفيل إسقاط محض ولهذا لا يرتد برده، فينبغي أن يصح تعليقه بالشرط، إلا أنه كإبراء الاصيل من حيث إنه لا يحلف به بالطلاق فيصح تعليقه بشرط متعارف لا غير المتعارف، ولذا قلنا: إذا كفل بمال عن رجل وكفل بنفسه أيضا على أنه إن وافي بنفسه غدا فهو برئ عن الكفالة بالمال فوافي بنفسه برئ عن المال لانه تعليق بشرط متعارف فصح اه.
قوله: (بمكره عليه) لانه لو شاء لم يفعل إلا أن يجد البينة أو يحلف الآخر عن اليمين، إتقاني.
قوله: (أخذ منه) يفيد أو قول المدعي عليه لا أقر لك بمالك الخ إقرار، ولذا قال في غاية البيان: قالوا في شروح الجامع الصغير: وهذا إنما يكون في السر، أما إذا قال ذلك علانية يؤخذ بإقراره اه.
قوله: (الدين المشترك) قيد بالدين، لانه لو كان الصلح عن عين مشتركة يختص المصالح ببدل الصلح، وليس لشريكه أن يشاركه فيه لكونه معاوضة من كل وجه، لان المصالح عنه مال حقيقة بخلاف الدين.
زيلعي، فليحفظ فإنه كثير الوقوع.
وفي الخانية: رجلان ادعيا أرضا أو دارا في يد رجل وقالا هي لنا ورثناها من أبينا فجحد الذي هي في يده فصالحه أحدهما عن حصته على مائة درهم فأراد الابن الآخر أن يشاركه في المائة لم يكن له أن يشاركه، لان الصلح معاوضة في زعم المدعي فداء عن اليمين في زعم المدعي عليه فلم يكن معاوضة من كل وجه فلا يثبت للشريك حق الشركة بالشك، وعن أبي يوسف في رواية: لشريكه أن يشاركه في المائة اه.
قوله: (صفقة واحدة) بأن كان(6/201)
لكل واحد منهما عين على حدة، أو كان لهما عين واحدة مشتركة بينهما وباعا الكل صفقة واحدة من غير تفصيل ثمن نصيب كل واحد منهما زيلعي.
واحترز بالصفقة الواحدة عن الصفقتين، حتى لو كان عبد بين رجلين باع أحدهما نصيبه من رجل بخمسمائة درهم وباع الآخر نصيبه من ذلك الرجل
بخمسمائة درهم وكتبا عليه صكا واحدا بألف وقبض أحدهما منه شيئا لم يكن للآخر أن يشاركه، لانه لا شركة لهما في الدين، لان كل دين وجب بسبب على حدة.
عزمية.
وتمامه في المنح.
قوله: (موروث) أو كان موصى به لهما أو بدل فرضهما.
أو السعود عن شيخه.
قوله: (أو اتبع الغريم) فلو اختار اتباعه ثم توى نصيبه بأن مات الغريم مفلسا رجع على القابض بنصف ما قبض ولو من غيره.
بحر.
وراجع (الزيلعي).
قوله: (أي خلاف الخ) لانه لو صالح على جنسه يشاركه فيه أو يرجع على المدين وليس للقابض فيه خيار لانه بمنزلة قبض بعض الدين.
زيلعي.
قوله: (نصفه) أي نصف الدين من غريمه أو أخذ نصف الثوب.
منح.
قوله: (إلا أن يضمن) أي الشريك المصالح.
قوله: (ربع أصل الدين) أفاد أن المصالح مخير إذا اختار شريكه اتباعه، فإن شاء دفع له حصته من المصالح عليه، وإن شاء ضمن له ربع الدين، ولا فرق بين كون الصلح عن إقرار أو غيره.
قوله: (ما مر) أي في مسألة القبض أو الصلح والشراء.
قوله: (قبل وجوب الخ) أما لو كان حادثا حتى التقيا قصاصا فهو كالقبض.
بحر.
قوله: (عليه) أي على المديون.
قوله: (المديون) بالنصب مفعول أبرأ.
قوله: (قسم الباقي الخ) حتى لو كان لهما على المديون عشرون درهما فأبرأه أحد الشريكين عن نصف نصيبه كان له المطالبة بالخمسة والساكت المطالبة بالعشرة.
كذا في الهامش.
قوله: (على سهامه) أي الباقية لا أصلها.
سائحاني.
قوله: (ومثله المقاصة) بأن كان للمديون على الشريك خمسة مثلا قبل هذا الدين فإن القسمة على ما بقى بعد المقاصصة.
قوله: (والغصب) أي إذا عصب أحدهما من المديون شيئا ثم أتلفه شاركه الآخر لانه يملكه من وقت الغصب عند أداء الضمان، وكذا لو استأجر أحدهما منه دارا بحصته سنة وسكنها، وكذا خدمة العبد وزراعة الارض، وكذا لو استأجره بأجر مطلق.
وروى ابن سماعة عن محمد: لو استأجر بحصته لم يشاركه الآخر وجعله كالنكاح، وتمامه في شرح الهداية.
قوله: (لا التزوج) أي تزوج المديونة على نصيبه فإنه إتلاف في ظاهر الرواية بخلاف ما إذا تزوجها على دراهم لانها صارت قصاصا وهو كالاستيفاء.
إتقاني.
قوله: (جناية عمد) أي لو جنى أحدهما عليه جناية عمد(6/202)
فيما دون النفس أرشها مثل دين الجاني فصالحه على نصيبه، وكذا لو فيها قصاص.
اتقاني.
قوله:
(يبرئه) أي الشريك الغريم.
قوله: (عن نصيبه) أي من المسلم فيه.
قوله: (من رأس المال) بأن أراد أن يأخذ رأس ماله ويفسخ عقد الشركة.
إتقاني.
فالصلح مجاز عن الفسخ.
عزمية.
قوله: (عليهما) والمقبوض بينهما وكذا ما بقي من المسلم فيه.
درر البحار.
قوله: (رد) وبقي السلم كما كان.
فصل في التخارج قوله: (أخرجت الخ) أوصى لرجل بثلث ماله ومات الموصي فصالح الوارث الموصى له من الثلث بالسدس جاز الصلح.
وذكر الامام المعروف بخواهر زاده أن حق الموصى له وحق الوارث قبل القسمة غير متأكد يحتمل السقوط بالاسقاط اه.
فقد علم أن حق الغانم قبل القسمة وحق حبس الرهن وحق المسيل المجرد وحق الموصى له بالسكنى وحق الموصى له بالثلث قبل القسمة وحق الوارث قبل القسمة يسقط بالاسقاط.
وتمامه في الاشباه فيما يقبل الاسقاط وما لا.
كذا في الهامش.
قوله: (صرفا للجنس) علة للاخير.
قوله: (لكن بشرط) قال في البحر: ولا يشترط في صلح أحد الورثة المتقدم أن تكون أعيان التركة معلومة، لكن إن وقع الصلح عن أحد النقدين بالآخر يعتبر التقابض في المجلس، غير أن الذي في يده بقية التركة إن كان جاحدا يكتفي بذلك القبض لانه قبض ضمان فينوب عن قبض الصلح، وإن كان مقرا غير مانع يشترط تجديد القبض اه.
قوله: (أكثر من حصته) فإن لم يعلم قدر نصيبه من ذلك الجنس، فالصحيح أن الشك إن كان في وجود ذلك في التركة جاز الصلح، وإن علم وجود ذلك في التركة لكن لا يدري أن بدل الصلح من حصتها أقل أو أكثر أو مثله فسد.
بحر عن الخانية.
قوله: (وكذا لو أنكروا إرثه) أي فإنه يجوز مطلقا.
قال في الشرنبلالية: وقال الحاكم الشهيد إنما يبطل على أقل من نصيبه في مال الربا حالة التصادق، وأما في حالة التناكر بأن أنكروا وراثته فيجوز، وجه ذلك: أن في حالة التكاذب ما يأخذه لا يكون بدلا في حق الآخذ ولا في حق الدافع، هكذا ذكر المرغيناني، ولا بد(6/203)
من التقابض فيما يقابل الذهب والفضة منه لكونه صرفا ولو كان بدل الصلح عرضا في الصور كلها جاز مطلقا، وإن قل ولم يقبض في المجلس ا ه.
قوله: (ديون) أي على الناس بقرينة ما يأتي وكذا لو
كان الدين على الميت.
قال في البزازية: وذكر شمس الاسلام أن التخارج لا يصح إذا كان على الميت دين: أي يطلبه رب الدين، لان حكم الشرع أن يكون الدين على جميع الورثة ا ه.
قوله: (بشرط) متعلق بأخرج.
قوله: (لان تمليك الدين) وهو هنا حصة المصالح.
قوله: (من عليه الدين) وهم الورثة هنا.
قوله: (باطل) ثم يتعدى البطلان إلى الكل، لان الصفقة واحدة سواء بين حصة الدين أو لم يبين عند أبي حنيفة وينبغي أن يجوز عندهما في غير الدين إذا بين حصته.
ابن ملك.
قوله: (إبراء الغرماء) أي إبراء المصالح الغرماء.
قوله: (وأحالهم) لا محل لهذه الجملة هنا، وهي موجودة في شرح الوقاية لابن ملك في بعض النسخ وأحالهم.
قوله: (عن غيره) أي عما سوى الدين.
قوله: (أحسن الحيل) لان في الاولى ضررا للورثة، حيث لا يمكنهم الرجوع على الغرماء بقدر نصيب المصالح، وكذا في الثانية لان النقد خير من النسيئة.
إتقاني.
قوله: (والاوجه) لان في الاخيرة لا يخلو عن ضرر التقدم في وصول مال، ابن ملك.
قوله: (شبهة الشبهة) لانه يحتمل أن لا يكون في التركة من جنسه ويحتمل أن يكون، وإذا كان فيها يحتمل أن يكون الذي وقع عليه الصلح أكثر، وإن احتمل أن يكون مثله أو دونه وهو احتمال الاحتمال، فنزل إلى شبهة الشبهة وهي غير معتبرة.
قوله: (يدر) بالبناء للمفعول.
قوله: (أو موزون) أي ولا دين فيها ووقع الصلح على مكيل وموزون.
إتقاني.
قوله: (في الاصح) وقيل لا يجوز لانه بيع المجهول.
لان المصالح باع نصيبه من التركة وهو مجهول بما أخذ من المكيل والموزون.
إتقاني.
خاتمة: التهايؤ: أي تناوب الشريكين في دابتين غلة أو ركوبا مختص جوازه بالصلح عند أبي حنيفة لا الجبر، وجائز في دابة غلة أو ركوبا بالصلح فاسد في غلتي عبدين عنده لو جبرا.
درر البحار وفي شرحه غرر الافكار.
ثم اعلم أن التهايؤ جبرا في غلة عبد أو دابة ر يحوز اتقاقا للتفاوت، وفي خدمة عبد أو عبدين جاز اتفاقا لعدم التفاوت ظاهرا ولقلته، وفي غلة دارا أو دارين أو سكنى دار أو دارين جاز اتفاقا لامكان المعادلة، لان التغير لا يميل إلى العقار ظاهرا، وأن التهايؤ صلحا جائز في جميع الصور، كما(6/204)
جوز أبو حنيفة أيضا قسمة الرقيق صلحا اه.
قوله: (أو يوفي) بالبناء للمفعول بضم ففتح فتشديد.
قوله: (لئلا الخ) قال العلامة المقدسي: فلو هلك المعزول لا بد من نقض القسمة ط.
قوله: (على السواء) أفاد أن أحد الورثة إذا صالح البعض دون الباقي يصح وتكون حصته له فقط، كذا لو صالح الموصى له كما في الانقروي.
سائحاني.
مسألة: في رجل مات عن زوجة وبنت وثلاثة أبناء عم عصبة وخلف تركة اقتسموها بينهم، ثم ادعت الورثة على الزوجة بأن الدار التي في يدها ملك مورثهم المتوفى فأنكرت دعواهم، فدفعت لهم قدرا من الدراهم صلحا عن إنكار، فهل يوزع بدل الصلح عليهم على قدر مواريثهم، أو على قدر رؤوسهم؟ الجواب قال في البحر: وحكمه في جانب المصالح عليه وقوع الملك فهي للمدعي، سواء كان المدعي عليه مقرا أو منكرا، وفي المصالح عنه وقوع الملك فيه للمدعي عليه اه.
ومثله في المنح.
وفي مجموع النوازل: سئل عن الصلح على الانكار بعد دعوى فاسدة هل يصح؟ قال: لان تصحيح الصلح عن الانكار من جانب المدعي أن يجعل ما أخذ عين حقه أو عوضا عنه لا بد أن يكون ثابتا في حقه ليمكن تصحيح الصلح من الذخيرة، فمقتضى قوله وقوع الملك فيه للمدعي، قوله أو يجعل عين حقه أو عوضا عنه أن يكون على قدر مواريثهم مجموعة منلا علي.
قوله: (من مالهم) أي وقد استووا فيه ولا يظهر عند التفاوت ط قوله: (فعلى قدر ميراثهم) وسيأتي آخر كتاب الفرائض بيان قسمة التركة بينهم حينئذ.
تتمة ادعى مالا أو غيره فاشترى رجل ذلك من المدعي يجوز الشراء ويقوم مقام المدعي في الدعوى، فإن استحق شيئا من ذلك كان له وإلا فلا، فإن جحد المطلوب ولا بينة فله أن يرجع على المدعي.
بحر.
وتأمل في وجهه، ففي البزازية من أول كتاب الهبة: وبيع الدين لا يجوز، ولو باعه من المديون أو وهبه جاز.
قوله: (صالحوا الخ) أقول قال في البزازية في الفصل السادس من الصلح: ولو ظهر في التركة عين بعد التخارج لا رواية في أنه هل يدخل تحت الصلح أم لا، ولقائل أن يقول(6/205)
يدخل، ولقائل أن يقول لا ا ه.
ثم قال بعد نحو ورقتين.
قال تاج الاسلام وبخط صدر الاسلام
وجدته: صالح أحد الورثة وأبرأ إبراء عاما، ثم ظهر في التركة شئ لم يكن وقت الصلح لا رواية في جواز الدعوى، ولقائل أن يقول بجواز دعوى حصته منه، وهو الاصح، ولقائل أن يقول لا، وفي المحيط: لو أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكر وإلا تسمع دعواه، وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه ا ه كلام البزازية.
ثم قال بعد أسطر: صالحت: أي الزوجة عن الثمن ثم ظهر دين أو عين لم يكن معلوما للورثة، قيل لا يكون داخلا في الصلح ويقسم بين الورثة، لانهم إذا لم يعلموا كان صلحهم عن المعلوم الظاهر عندهم لا عن المجهول، فيكون كالمستثنى من الصلح فلا يبطل الصلح، وقيل يكون داخلا في الصلح لانه وقع عن التركة والتركة اسم للكل، إذا ظهر دين فسد الصلح ويجعل كأنه كان ظاهرا عند الصلح اه.
والحاصل: من مجموع كلامه المذكور أنه لو ظهر بعد الصلح في التركة عين هل تدخل في الصلح فلا تسمع الدعوى بها، أو لا تدخل فتسمع الدعوى؟ قولان.
وكذا لو صدر بعد الصلح إبراء عام ثم ظهر للمصالح عين هل تسمع دعواه؟ فيه قولان أيضا.
والاصح السماع بناء على القول بعدم دخولها تحت الصلح، فيكون هذا تصحيحا للقول بعدم الدخول، وهذا إذا اعترف بقية الورثة بأن العين من التركة، وإلا فلا تسمع دعواه بعد الابراء، كما أفاده ما نقله عن المحيط، وإنما قيد بالعين لانه ظهر بعد الصلح في التركة دين فعلى القول بعدم دخوله في الصلح يصح الصلح ويقسم الدين بين الكل، وأما على القول بالدخول فالصلح فاسد، كما لو كان الدين ظاهرا وقت الصلح، إلا أن يكون مخرجا من الصلح بأن وقع التصريح بالصلح عن غير الدين من أعيان التركة، وهذا أيضا ذكره في البزازية حيث قال: ثم ما ظهر بعد التخارج على قول من قال إنه لا يدخل تحت الصلح لا خفاء، ومن قال يدخل تحته فكذلك إن كان عينا لا يوجب فساده، وإن دينا إن مخرجا من الصلح لا يفسد، وإلا يفسد ه.
قوله: (بل بين الكل) أي بل يكون الذي ظهر بين الكل.
قوله: (قلت الخ) قلت: وفي الثامن والعشرين من الفصولين أنه الاشبه: أي لو ظهر عين لا دين.
قوله: (ولا يبطل الصلح) أي لو ظهر في التركة عين.
أما لو ظهر فيها دين فقد قال في البزازية: إن كان مخرجا من الصلح لا يفسد، وإلا يفسد اه: أي إن كان الصلح وقع على غير الدين لا يفسد، وإن وقع على جميع التركة
فسد، كما لو كان الدين ظاهرا وقت الصلح.
قوله: (وفي مال طفل) أي إذا كان لطفل مال بشهود لم يجز الصلح فيه وما يدعي: أي ولا يجوز فيما يدعي خصم من المال على الطفل، ولا يتنور ببينة له بما ادعاه، ومفهومه أنه يجوز الصلح حيث لا بينة للطفل وحيث كانت للخصم بينة.
ابن الشحنة، كذا في الهامش.
قوله: (وصح على الابراء الخ) فلو صالح من العيب ثم زال العيب بأن كان بياضا في عين عبد فانجلى بطل الصلح ويرد ما أخذ، لان المعوض عنه هو صفة السلامة وقد عادت، فيعود(6/206)
العرض فيبطل الصلح ابن الشحنة شرح الوهبانية.
كذا في الهامش.
قوله: (ومن قال الخ) أي إن اصطلحا على أن يحلف المدعى عليه، وإن حلف برئ فحلف المدعي عليه ما له قبله قليل ولا كثير فالصلح باطل، ويكون المدعي على دعواه إن أقام البينة قبلت، وإن لم يكن له بينة وأراد أن يستحلفه عند القاضي كان له ذلك، وإن اصطلحا على أن يحلف المدعي على دعواه على أنه إن حلف فالمدعي عليه يكون ضامنا لما يدعيه فهذا الصلح باطل.
ابن الشحنة.
كذا في الهامش.
قوله: (ولو مدع) لو وصلية.
كذا في الهامش.(6/207)
كتاب المضاربة قوله: (من جانب المضارب) قيد به لانه لو اشترط رب المال أن يعمل مع المضارب فسدت، كما سيصرح به المصنف في باب المضارب يضارب، وكذا تفسد لو أخذ المال من المضارب بلا أمره وباع واشترى به، إلا إذا صار المال عروضا فلا تفسد لو أخذه من المضارب كما سيأتي في فصل المتفرقات.
قوله: (إيداع ابتداء) قال الخير الرملي: سيأتي أن المضارب يملك الايداع في المطلقة مع ما تقرر أن المودع لا يودع، فالمراد في حكم عدم الضمان بالهلاك وفي أحكام مخصوصة لا في كل حكم، فتأمل.
قوله: (ومن حيل الخ) ولو أراد رب المال إن يضمن المضارب بالهلاك يقرض المال منه، ثم يأخذه منه مضاربة ثم يبضع المضارب كما في الواقعات.
قهستاني.
وذكر هذه الحيلة الزيلعي أيضا، وذكر قبلها ما ذكره الشارح، وفيه نظر لانها تكون شركة عنان شرط فيها العمل على الاكثر مالا وهو لا يجوز، بخلاف العكس فإنه يجوز، كما ذكره في الظهيرية في كتاب الشركة عن الاصل للامام محمد.
تأمل.
وكذا في شركة البزازية حيث قال: وإن لاحدهما ألف ولآخر ألفان واشتركا واشترطا العمل على صاحب الالف والربح أنصافا جاز، وكذا لو شرطا الربح والوضيعة على قدر المال والعمل من أحدهما بعينه جاز، ولو شرطا العمل على صاحب الالفين والربح نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا، لان ذا الالف شرط لنفسه بعض ربح مال الآخر بغير عمل ولا مال، والربح إنما يستحق بالمال أو بالعمل أو بالضمان ا ه ملخصا.
لكن في مسألة الشارح شرط العمل على كل منهما لا على صاحب الاكثر فقط.
والحاصل: أن المفهوم من كلامهم أن الاصل في الربح أن يكون على قدر المال، إلا إذا كان لاحدهما عمل فيصح أن يكون ربحا بمقابله عمله، وكذا لو كان العمل منهما يصح التفاوت أيضا.
تأمل.
قوله: (وتوكيل مع العمل) فيرجع بما لحقه من العهدة على رب المال.
درر.
قوله: (بالمخالفة) فالربح للمضارب لكنه غير طيب عند الطرقين.
در منتقى.
قوله: (مطلقا) هو ظاهر الرواية.(6/208)
قهستاني قوله: (ربح أولا) وعن أبي يوسف إذا لم يربح لا أجر له، وهو الصحيح لئلا تربو الفاسدة على الصحيحة.
سائحاني.
ومثله في حاشية ط عن العيني.
قوله: (على المشروط) قال في الملتقى: ولا يزاد على ما شرط له.
كذا في الهامش: أي فيما إذا ربح، وإلا فلا تتحقق الزيادة فلم يكن الفساد بسبب تسمية دراهم معينة للعامل.
تأمل.
قوله: (خلافا لمحمد) فيه إشعار بأن الخلاف فيما إذا ربح، وأما إذا لم يربح فأجر المثل بالغا ما بلغ، لانه لا يمكن تقدير بنصف الربح المعدوم كما في الفصولين، لكن في الواقعات ما قاله أبو يوسف مخصوص بما إذا ربح، وما قاله محمد: إن له أجر المثل بالغا ما بلغ فيما هو أعم.
قهستاني.
قوله: (والثلاثة) فعنده له أجر مثل عمله بالغا ما بلغ إذا ربح.
در منتقى.
كذا في الهامش.
سئل فيما إذا دفع زيد لعمرو بضاعة على سبيل المضاربة وقال لعمرو: بعها ومهما ربحت يكون بيننا مثالثة، فباعها وخسر فيها فالمضاربة غير صحيحة ولعمرو أجر مثله بلا زيادة على المشروط.
حامدية.
رجل دفع لآخر أمتعة وقال: بعها واشترها وما ربحت فبيننا نصفين فخسر فلا خسران على العامل، وإذا طالبه صاحب الامتعة بذلك فتصالحا على أن يعطيه العامل إياه لا يلزمه، ولو كفله إنسان ببدل الصلح لا يصح ولو عمل هذا العامل في هذا المال فهو بينهما على الشرط، لان ابتداء هذا ليس بمضاربة بل هو توكيل ببيع الامتعة، ثم إذا صار الثمن من النقود فهو دفع مضاربة بعد ذلك فلم يضمن أولا، لانه أمين بحق الوكالة ثم صار مضاربا فاستحق المشروط.
جواهر الفتاوى.
قوله: (وصي الخ) ظاهره أن للوصي أن يضارب في مال اليتيم بجزء من الربح، وكلام الزيلعي فيه أظهر، وأفاد الزيلعي أيضا أن للوصي دفع المال إلى من يعمل فيه مضاربة بطريق النيابة عن اليتيم كأبيه أبو السعود.
قوله: (إذا عمل) لان حاصل هذا أن الوصي يؤجر نفسه لليتيم وأنه لا يجوز.
قوله: (لقلة ضرره) أي ضرر القرض بالنسبة إلى الهبة فجعل قرضا ولم يجعل هبة.
ذكره الزيلعي.
قوله: (من الاثمان) أي الدراهم والدنانير، فلو من العروض فباعها فصارت نقودا انقلبت مضاربة واستحق المشروط كما في الجواهر.
قوله: (وهو معلوم للعاقدين) ولو متاعا لما في التاترخانية، وإذا دفع ألف(6/209)
درهم إلى رجل وقال نصفها معك مضاربة بالنصف صح، وهذه المسألة نص على أن قرض المشاع جائز ولا يوجد لهذا رواية إلا هاهنا، وإذا جاز هذا العقد كان لكل نصف حكم نفسه، وإن قال على أن نصفها قرض وعلى أن تعمل بالنصف الآخر مضاربة على أن الربح كله لي جاز، ويكره لانه قرض جر منفعة، وإن قال: على أن نصفها قرض عليك ونصفها مضاربة بالنصف فهو جائز، ولم يذكر الكراهية هنا.
فمن المشايخ من قال: سكوت محمد عنها هنا دليل على أنها تنزيهية.
وفي الخانية قال: على أن تعمل بالنصف الآخر على أن الربح لي جاز ولا يكره، فإن ربح كان بينهما على السواء والوضيعة عليها لان النصف ملكه بالقرض والآخر بضاعة في يده، وفي التجريد يكره ذلك.
وفي المحيط: ولو قال على أن نصفها مضاربة بالنصف ونصفها هبة لك وقبضها غير مقسومة فالهبة فاسدة والمضاربة جائزة، فإن هلك المال قبل العمل أو بعده ضمن النصف حصة الهبة فقط، وهذه المسألة نص على أن المقبوض بحكم الهبة الفاسدة مضمون على الموهوب له ا ه ملخصا، وتمامه فيه فليحفظ فإنه مهم.
وهذه
الاخير ستأتي قبيل كتاب الايداع قريبا.
قوله: (وكفت فيه) أي في الاعلام.
منح.
قوله: (لم يجز) وما اشتراه له والدين في ذمته.
بحر.
قوله: (وإن على ثالث) بأن قال اقبض مالي على فلان، ثم اعمل به مضاربة ولو عمل قبل أن يقبض الكل ضمن، ولو قال: فاعمل به لا يضمن، وكذا بالواو لان ثم للترتيب، فلا يكون مأذونا بالعمل إلا بعد قبض الكل، بخلاف الفاء والواو، ولو قال اقبض ديني لتعمل به مضاربة لا يصير مأذونا ما لم يقبض الكل.
بحر قال في الهامش.
قال في الدرر: فلو قال اعمل بالدين الذي في ذمتك مضاربة بالنصف لم يجز، بخلاف ما لو كان له دين على ثالث فقال: اقبض مالي على فلان واعمل به مضاربة حتى لا يبقى لرب المال فيه يد.
ا ه.
قوله: (وكره) لانه اشترط لنفسه منفعة قبل العقد.
منح.
قوله: (اشتر لي عبدا) هذا يفهم أنه لو دفع عرضا وقال له بعه واعمل بثمنه مضاربة أنه يجوز بالاولى وقد أوضحه الشارح، وهذه حيلة لجواز المضاربة في العروض، وحيلة أخرى ذكرها الخصاف أت يبيع المتاع من رجل يثق به ويقبض المال فيدفعه إلى المضارب مضاربة، ثم يشتري هذا المضارب هذا المتاع من الرجل الذي ابتاعه من صاحبه ط.
قوله: (عينا) أي معينا وليس المراد بالعين العرض ط.
قوله: (لا دينا) مكرر مع ما تقدم.
قوله: (مسلما) فلو شرط رب المال أن يعمل مع المضارب لا تجوز المضاربة، سواء كان المالك عاقدا أو لا، كالاب والوصي إذا دفع مال الصغير مضاربة وشرط عمل شريكه مع المضارب لا تصح المضاربة، وفي السغناقي: وشرط عمل الصغير لا يجوز، وكذا أحد المتفاوضين وشريكي العنان إذا دفع المال مضاربة وشرط عمل صاحبه فسد العقد.
تاترخانية.
وسيأتي في الباب الآتي متنا بعض هذا.
قوله: (كل شرط الخ) قال الاكمل: شرط(6/210)
العمل على رب المال يفسدها، وليس بواحد مما ذكر، والجواب أن الكلام في شروط فاسدة بعد كون العقد مضاربة، وما أورد لم يكن العقد فيه عقد مضاربة، فإن قلت: فما معنى قوله يفسدها إذ النفي يقتضي الثبوت؟ قلت سلب الشئ عن المعدوم صحيح كزيد المعدوم ليس ببصير، وسيأتي في المتن أنه مفسد.
قال الشارح: لانه يمنع التخلية فيمنع الصحة، فالاولى الجواب بالمنع فيقال لا نسلم أنه غير مفسد.
سائحاني.
قوله: (في الربح) كما إذا شرط له نصف الربح أو ثلثه بأو الترديدية س.
قوله:
(فيه) كما لو شرط لاحدهما دراهم مسماة س.
قوله: (بطل الشرط) كشرط الخسران على المضارب س.
قوله: (وما في الاشباه) من قوله القول قول مدعي الصحة، إلا إذا قال رب المال شرطت لك الثلث وزيادة عشرة وقال المضارب الثلث فالقول للمضارب كما في الذخيرة ا ه.
قوله: (فيه اشتباه) أي اشتبه عليه مسألة بأخرى وهي المذكورة هنا، لان التي ذكرها داخلة تحت الاصل المذكور، لان من له القول فيها مدع للصحة فلا يصح استثناؤها بخلاف التي هنا.
قوله: (أو نوع) أي أو شخص كما سيذكره.
قوله: (ولو فاسدا) يعني لا يكون به مخالفا فلا يكون المال خارجا عن كونه في يده أمانة، وإن كانت مباشرته العقد الفاسد غير جائزة وخرج الباطل كما في الاشباه.
قوله: (بنقد ونسيئة) ولو اختلفا فيهما فالقول للمضارب في المضاربة، وللموكل في الوكالة كما مر متنا، في الوكالة.
قوله: (والشراء) الاطلاق مشعر بجواز تجارته مع كل أحد، لكن في النظم أنه لا يتجر مع أمرأته وولده الكبير العاقل ووالديه عنده خلافا لهما، ولا يشتري من عبده المأذون، وقيل من مكاتبه بالاتفاق.
قهستاني.
فروع مهمة: له أن يرهن ويرتهن لها ولو أخذ نخلا أو شجرا معاملة على أن ينفق في تلقيحها وتأبيرها من المال لم يجز عليها، وإن قال له اعمل برأيك: فإن رهن شيئا من المضاربة ضمنه، ولو أخر الثمن جاز على رب المال ولا يضمن، بخلاف الوكيل الخاص، ولو حط بعض الثمن إن العيب طعن فيه المشتري وما حط صحته أو أكثر يسيرا جاز، وإن كان لا يتغابن الناس في الزيادة يصح، ويضمن ذلك من ماله لرب المال وكان رأس المال ما بقي على المشتري، ويحرم عليه وطئ الجارية ولو(6/211)
بإذن رب المال، ولو تزوجها بتزويج رب المال جاز إن لم يكن في المال ربح وخرجت الجارية عن المضاربة، وإن كان فيه ربح لا يجوز، وليس له أن يعمل بما فيه ضرر ولا ما لا يعمله التجار، وليس لاحد المضاربين أن يبيع أو يشتري بغير إذن صاحبه، ولو اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله يكون مخالفا، وإن قيل له اعمل برأيك، ولو باع بهذه الصفة جاز خلافا لهما كالوكيل بالبيع المطلق، وإذا اشترى بأكثر من المال كانت الزيادة له ولا يضمن بهذا الخلط الحكمي، ولو كان المال دراهم فاشترى بغير الاثمان كان لنفسه وبالدنانير للمضاربة لانهما جنس هنا.
الكل من البحر.
قوله: (ولا تفسد) لان
حق التصرف للمضارب.
قوله: (والاستئجار) أي استئجار العمال للاعمال والمنازل لحفظ الاموال والسفن والدواب.
قوله: (والخلط بمال نفسه) أي أو غيره كما في البحر، إلا أن تكون معاملة التجار في تلك البلاد أن المضاربين يخلطون ولا ينهونهم، فإن غلب التعارف بينهم في مثله وجب أن لا يضمن كما في التاترخانية.
وفيها قبله: والاصل أن التصرفات في المضاربة ثلاثة أقسام: قسم هو من باب المضاربة وتوابعها فيملكه من غير أن يقول له اعمل ما بدا لك كالتوكيل بالبيع والشراء والرهن والارتهان والاستئجار والايداع والابضاع والمسافرة.
وقسم لا يملك بمطلق العقد، بل إذا قيل اعمل برأيك كدفع المال إلى غيره مضاربة أو شركة أو خلط مالها لماله أو بمال غيره.
وقسم لا يملك بمطلق العقد ولا بقوله اعمل برأيك إلا أن ينص عليه وهو ما ليس بمضاربة ولا يحتمل أن يلحق بها كالاستدانة عليها اه ملخصا.
قوله: (بمال نفسه) وكذا بمال غيره كما في البحر: وهذا إذا لم يغلب التعارف بين التجار في مثله كما في التاترخانية وفيها من الثامن عشر: دفع إلى رجل ألفا بالنصف ثم ألفا أخرى كذلك فخلط المضارب المالين فهو على ثلاثة أوجه: إما أن يقول المالك في كل من المضاربتين اعمل برأيك أو لم يقل فيهما، أو قال في إحداهما فقط، وعلى كل فإما أن يكون قبل الربح في المالين أو بعده فيهما أو في أحدهما.
ففي الوجه الاول لا يضمن مطلقا.
وفي الثاني: إن خلط قبل الربح فيهما فلا ضمان أيضا، وإن بعده فيهما ضمن المالين وحصة رب المال من الربح قبل الخلط، وإن بعد الربح في أحدهما فقط ضمن الذي لا ربح فيه.
وفي الثالث: إما إن يكون قوله اعمل برأيك في الاولى أو يكون في الثانية، وكل على أربعة أوجه إما أن يخلطهما قبل الربح فيهما أو بعده في الاولى فقط، أو بعده في الثانية فقط، أو بعده فيهما قبل الربح فيهما، أو بعده في الثانية.
فإن قال في الاولى لا يضمن الاول ولا الثاني فيما لو خلط قبل الربح فيهما ا ه.
قوله: (إذ الشئ) علة لكونه لا يملك المضاربة ويلزمه منها نفي الاخيرين لان الشركة والخلط أعلى من المضاربة لانهما شركة في أصل المال.
قوله: (لا يتضمن مثله) لا يرد على هذا المستعير والمكاتب فإن له الاعارة والكتابة، لان الكلام في التصرف نيابة وهما يتصرفان بحكم المالكية لا النيابة، إذ المستعير ملك المنفعة والمكاتب صار حرا يدا والمضارب يعمل
بطريق النيابة فلا بد من التنصيص عليه أو التفويض المطلق إليه كما في الكفاية.
قوله: (ولا الاقراض)(6/212)
ولا أن يأخذ سفتجة.
بحر.
أي لانه استدانة وكذلك لا يعطى سفتجة لانه قرض ط عن الشلبي.
قوله: (والاستدانة) كما إذا اشترى سلعة بثمن دين ولي س عنده من مال المضاربة شئ من جنس ذلك الثمن، فلو كان عنده من جنسه كان شراء على المضاربة ولم يكن من الاستدانة في شئ كما في شرح الطحاوي.
قهستاني.
والظاهر أن ما عنده إذا لم يوف فما زاد عليه استدانة وقدمنا عن البحر إذا اشترى بأكثر من المال كانت الزيادة له، ولا يضمن بهذا الخلط الحكمي.
وفي البدائع: كما لا يجوز الاستدانة على مال المضاربة لا تجوز على إصلاحه، فلو اشترى بجميع مالها ثيابا ثم استأجر على حملها أو قصرها أو فتلها كان متطوعا عاقدا لنفسه ط عن الشلبي وهذا ما ذكره المصنف بقوله فلو شرى بمال المضاربة ثوبا الخ فأشار بالتفريع إلى الحكمي.
قوله: (وإن استدان) أي بالاذن وما اشترى بينهما نصفان وكذا الدين عليهما ولا يتغير موجب المضاربة فربح مالهما على ما شرط.
قهستاني.
وقال السائحاني: أقول: شركة الوجوه هي أن يتفقا على الشراء نسيئة والمشترى عليهما أثلاثا أو أنصافا قال والربح يتبع هذا الشرط ولو جعلاه مخالفا ولم يوجد ما ذكر فيظهر لي أن يكون المشتري بالدين للآمر لو المشتري معيبا أو مجهولا جهالة نوع وسمي ثمنه أو جهالة جنس وقد قيل له اشتر ما تختاره وألا فللمشتري كما تقدم في الوكالة لكن ظاهر المتون أنه لرب المال وربحه على حسب الشرط ويغتفر في الضمني ما لا يغتفر في الصريح ا ه.
قوله: (بماله) متعلق بكل من قصر وحمل.
قوله: (ذلك) أي اعمل برأيك.
قوله: (بهذه المقالة) وهي اعمل برأيك.
قلت: والمراد بالاستدانة نحو ما قدمناه عن القهستاني فهذا يملكه إذا نص، أما لو استدان نقودا فالظاهر أنه لا يصح لانه توكيل بالاستقراض وهو باطل كما مر في الوكالة وفي الخانية من فصل شركة العنان، ولا يملك الاستدانة على صاحبه ويرجع المقرض عليه لا على صاحبه، لان التوكيل بالاستدانة توكيل بالاستقراض وهو باطل لانه توكيل بالتكدي، إلا أن يقول الوكيل للمقرض إن فلانا يستقرض منك كذا فحينئذ يكون على الموكل لا الوكيل ا ه: أي لانه رسالة لا وكالة، والظاهر أن المضاربة كذلك
كما قلنا.
قوله: (ولو بعد العقد) بأن كان رأس المال بحالة.
فرع: قال في الهامش: لو نهى رب المال المضارب بعد أن صار المال عرضا عن المبيع بالنسيئة(6/213)
قبل أن تباع ويصير المال ناضا لا يصح نهيه، وأما قبل العمل أو بعد العمل وصار المال ناضا يصح نهيه، لانه يملك عزله في هذه الحالة دون الحالة الاولى.
منح ا ه.
قوله: (عن بيع الحال) يعني ثم باعه بالحال بسعر ما يباع بالمؤجل كما في العيني.
سائحاني.
قوله: (بالنهي) مثل لا تبع في سوق كذا.
قوله: (الشراء له) وله ربحه وعليه خسرانه، ولكن يتصدق بالربح عندهما، وعند أبي يوسف: يطيب له أصله المودع إذا تصرف فيها وربح.
إتقاني.
قوله: (ولو لم يتصرف) أشار إلى أن أصل الضمان واجب بنفس المخالفة.
لكنه غير قار إلا بالشراء فإنه على عرضية الزوال بالوفاق.
وفي رواية الجامع أنه لا يضمن إلا إذا اشترى، والاول هو الصحيح كما في الهداية.
قهستاني.
قلت: والظاهر أن ثمرته فيما لو هلك بعد الاخراج قبلى الشراء يضمن على الاول لا على الثاني.
قوله: (حتى عاد الخ) يظهر في مخالفته في المكان.
تأمل.
قوله: (وكذا لو الخ) قال الاتقاني: فإن اشترى ببعضه في غير الكوفة ثم بما بقي في الكوفة فهو مخالف في الاول، وما اشتراه بالكوفة فهو على المضاربة، لان دليل الخلاف وجد في بعضه دون بعضه.
قوله: (عاد في البعض) أي تعود المضاربة، لكن في ذلك البعض خاصة.
قال الاتقاني: ما تقدم.
قوله: (أو يمين) بأن قال إن ملكته فهو حر فإنه يملك ذلك، والفرق أن الوكالة بالشراء مطلقة وفي المضاربة مقيدة بما يظهر الربح فيه بالبيع، فإذا اشترى مالا يقدر على بيعه خالف.
قوله: (كما بسطه العيني) عبارته: إذا كان رأس المال ألفا وصار عشرة آلاف درهم ثم اشترى المضارب من يعتق عليه وقيمته ألف أو أقل لا يعتق عليه، وكذا لو كان له ثلاثة أولاد أو أكثر وقيمة كل واحد ألف أو أقل فاشتراهم لا يعتق منهم شئ، لان كل واحد مشغول برأس المال، ولا يملك المضارب منهم شيئا حتى تزيد قيمة كل عين على رأس المال على حدة من غير ضمه إلى آخر.
عيني.
كذا في الهامش.
قوله: (ربح) أي في الصورة الثانية.
قوله: (للصغير) علة قاصرة، والعلة في الشريك هي المذكورة في المضارب من قصد الاسترباح ط.
قوله:
(بالنصف) متعلق بمضارب.
كذا في الهامش.
قوله: (أمة) فوطئها ملتقى.
كذا في الهامش.
قوله:(6/214)
(موسرا) لانه ضمان عتق وليس بقيد لازم.
بل ليفهم أنه لا يضمن لو معسرا بالاولى كما نبه عليه مسكين.
قوله: (كما ذكرنا) أي في قوله: مساويا له فالكاف بمعنى مثل خبر صار وألفا بدل منه أو ألفا هو الخبر والجار والمجرور قبله حال منه.
قوله: (سعى) الاولى سعى عطفا على نفذت.
قوله: (المدعي) وهو المضارب.
قوله: (تملك) بخلاف ضمان الولد لانه ضمان عتق، وهو يعتمد التعدي ولم يوجد.
قوله: (لظهور) أي لوقوع دعوته صحيحة ظاهرا.
قوله: (حبلى منه) تنازع فيه كل من تزوجها واشتراها: أي حملا لامره على الصلاح، لكن لا تنفذ هذه الدعوى لعدم الملك، وهو شرط فيها إذ كل واحد من الجارية وولدها مشغول برأس المال، فلا يظهر الربح فيه لما عرف أن مال المضاربة إذا صار أجناسا مختلفة كل واحد منها لا يزيد على رأس المال لا يظهر الربح عنده لان بعضها ليس بأولى به من البعض، كحينئذ لم يكن للمضارب نصيب في الامة ولا في الولد، وإنما الثابت له مجرد حق التصرف فلا تنفذ دعوته، فإذا زادت قيمته وصارت ألفا وخمسمائة ظهر الربح وملك المضارب منه نصف الزيادة فنفذت دعوته السابقة لوجود شرطها وهو الملك فصار ابنه وعتق بقدر نصيبه منه وهو ربعه، ولم يضمن حصة رب المال من الولد، لان العتق ثبت بالملك والنسب، فصارت العلة ذات وجهين والملك آخرهما وجودا فيضاف العتق إليه ولا صنع له في الملك، فلا ضمان لعدم التعدي، فإذا اختار الاستسعاء استسعاه في ألف رأس ماله وفي ربعه نصيبه من الربح، فإذا قبض الالف صار مستوفيا لرأس ماله وظهر أن الام كلها ربح بينهما نصفين ونفذ فيها دعوة المضارب وصارت كلها أم ولد له، لان الاستيلاد إذا صادف محلا يحتمل النقل لا يتجزأ إجماعا، ويجب نصف قيمتها لرب المال.
فإن قيل: لم لم يجعل المقبوض من الولد من الريح؟ قلنا: لانه من جنس رأس ماله وهو مقدم على الربح فكان أولى بجعله منه.
زيلعي ملخصا.
قوله: (وضمن للمالك) لانها لما زادت قيمتها ظهر فيها الربح وملك المضارب بعض الربح فنفذت دعوته فيها فيجب عليه لرب المال رأس ماله ونصيبه من الربح، فإذا وصل إليه ألف استوفى رأس ماله وصار الولد كله ربحا فيملك المضارب منه نصفه فيعتق
عليه، وما لم يصل إليه الالف فالولد رقيق على حاله على نحو ما ذكرنا في الام.
باب المضارب يضارب قوله: (على الظاهر) أي الرواية عن الامام وهو قولهما.
منح.
قوله: (فاسدة) قال في البحر: وإن كانت إحداهما فاسدة أو كلاهما فلا ضمان على واحد منهما، وللعامل أجر المثل على(6/215)
المضارب الاول ويرجع به الاول على رب المال والوضيعة على رب المال، والربح بين الاول ورب المال على الشرط بعد أن أخذ الثاني أجرته إذا كانت المضاربة الاولى صحيحة، وإلا فللاول أجر مثله اه.
قوله: (خاصة) والاشهر الخيار فيضمن أيهما شاء كما في الاختيار.
سائحاني.
قوله: (خير رب المال) فإن ضمن الاول صحت المضاربة بينه وبين الثاني وكان الربح على ما شرطا، وإن ضمن الثاني رجع بما ضمن على الاول وصحت بينهما وكان الربح بينهما وطاب للثاني ما ربح دون الاول.
بحر.
وفيه: ولو دفع الثاني مضاربة إلى ثالث وربح الثالث أو وضع، فإن قال الاول للثاني: اعمل فيه برأيك فلرب المال أن يضمن أي الثلاثة شاء ويرجع الثالث على الثاني والثاني على الاول، والاول لا يرجع على أحد إذا ضمنه رب المال، وإلا لا ضمان على الاول وضمن الثاني والثالث كذا في المحيط.
قوله: (ضمن الثاني) فيه إشعار بأنه إذا ضمن يرجع على الاول ويطيب الربح له دون الاول لانه ملك مستند قهستاني سائحاني.
قوله: (ليس له الخ) لان المال بالعمل صار غصبا، وليس للمالك إلا تضمين البدل عند ذهاب العين المغصوبة، وليس له أن يأخذ الربح من الغاصب كذا ظهر لي ط.
قوله: (فإن أذن) مفهوم قوله: بلا إذن.
قوله: (عملا بشرطه) لانه شرط نصف جميع الربح له.
قوله: (الباقي) الاولى إسقاطه.
حلبي.
والباقي هو الفاضل عما اشترطه للثاني، لان ما أوجبه الاول ينصرف إلى نصيبه خاصة، إذ ليس له أن يوجب شيئا لغيره من نصب المالك، وحيث أوجب للثاني الثلث من نصيبه وهو النصف يبقى له السدس.
قال في البحر: وطاب الربح للجميع لان عمل الثاني عمل عن المضارب كالاجير المشترك إذا استأجر آخر بأقل مما استؤجر.
قوله: (لعبد المالك) قيد بعبد رب المال لان عبد المضارب لو شرط له شئ من الربح ولم يشترط عمله لا يجوز، ويكون ما شرط له لرب المال إذا كان على العبد
دين، وإلا يصح سواء شرط عمله أو لا ويكون للمضارب.
بحر.
وقيد بكون العاقد المولى لانه لو(6/216)
عقد المأذون فسيأتي، وشمل قوله: لعبد ما لو شرط للمكاتب بعض الربح فإنه يصح، وكذا لو كان مكاتب المضارب، لكن بشرط أن يشترط عمله فيهما وكان المشروط للمكاتب له لا لمولاه، وإن لم يشترط عمله لا يجوز، وعلى هذا غيره من الاجانب فتصح المضاربة وتكون لرب المال ويبطل الشرط.
بحر.
وسيأتي الكلام فيه.
والمرأة والولد كالاجانب هنا.
كذا في النهاية.
بحر.
وقيد باشتراط عمل العبد احترازا عن عمل رب المال مع المضارب فإنه مفسد كما سيأتي.
قوله: (للمولى) لكن المولى لا يأخذ ثلث العبد مطلقا لما في التبيين، ثم إن لم يكن على العبد دين فهو للمولى سواء شرط فيها عمل العبد أو لا، وإن كان عليه ديون فهو كغرمائه إن شرط عمله، لانه صار مضاربا في مال مولاه فيكون كسبه له فيأخذه غرماؤه، وإن لم يشترط عمله فهو أجنبي عن العقد، فكان كالمسكوت عنه فيكون للمولى لانه نماء ملكه، إذ لا يشترط بيان نصيبه بل نصيب المضارب لكونه كالاجير اه ملخصا.
قوله: وفي نسخ المتن الخ) أما المتن فقد رأيت في نسخة منه: ولو شرط للثاني ثلثيه ولعبد المالك ثلثه على أن يعمل معه ولنفسه ثلثه صح اه.
وهو فاسد كما ترى.
وأما الشرح فنصه: وقوله: على أن يعمل معه عادي، وليس بقيد بل يصح الشرط ويكون لسيده، وإن لم يشترط عمله لا يجوز ح.
كذا في الهامش.
قوله: (واشتراط) هذه المسألة كالتعليل لما قبلها، فكان الاولى تقديمها وتفريع الاولى عليها.
قوله: (بخلاف مكاتب) أي إذا دفع مال مضاربة لآخر.
قوله: (مولاه) أي فإنه لا يفسد مطلقا، فإن عجز قبل العمل ولا دين عليه فسدت.
بحر.
قوله: (أو في الرقاب) أي فكها، وفساد الشرط في الثلاث لعدم اشتراط العمل كما سيظهر.
قوله: (ولم يصح الشرط) وما في السراجية من الجواز محمول على جواز العقد لا الشرط.
منح.
فلا يحتاج إلى ما قيل إن المسألة خلافية، لكن عدم صحة لاشرط في هذين إذا لم يشترط عملهما كما سيشير إليه بقوله: ومتى شرط لاجنبي الخ ومر عن النهاية أن المرأة والولد كالاجنبي هنا.
وفي التبيين: ولو شرط بعض الربح لمكاتب رب المال أو المضارب إن شرط عمله جاز وكان المشروط له لانه صار مضاربا، وإلا فلا لان هذا ليس بمضاربة، وإنما المشروط هبة موعودة فلا
يلزم، وعلى هذا غيره من الاجانب إن شرط له بعض الربح وشرط عمله عليه صح، وإلا فلا اه.
قوله: (لا يصح) لانه لم يشترط عمله.
قوله: (صح) أي الاشتراط كالعقد.
قوله: (لكن القهستاني)(6/217)
لا محل للاستدراك، لان قوله: يصح مطلقا أي عقد المضاربة صحيح سواء شرط عمل الاجنبي أو لا، غير أنه إن شرط عمله فالمشروط له، وإلا فلرب المال لانه بمنزلة المسكوت عنه، ولو كان المراد أن الاشتراط صحيح مطلقا نافى قوله: وإلا أي وإن لم يشترط عمله فللمالك.
قوله: (ويكون) أي البعض.
قوله: (قضاء) نائب فاعل المشروط.
قوله: (بحر) عبارته: ولا يجبر على دفعه لغرمائه اه.
كذا في الهامش.
قوله: (المسافرة) أي إلى غير بلد رب المالي.
ط عن البزازية.
قوله: (فإن عاد الخ) ينبغي أن يكون هذا إذا لم يحكم بلحاقه، أما إذا حكم بلحاقه فلا تعود المضاربة لانها بطلت كما هو ظاهر عبارة الاتقاني في غاية البيان لكن في العناية أن المضاربة تعود سواء حكم بلحاقه أم لا فتأمل.
رملي.
قوله: (بخلاف الوكيل) أي لو ارتد موكله ولحق ثم عاد فلا تبقى الوكالة على حالها، والفرق أن محل التصرف خرج عن ملك الموكل ولم يتعلق به حق الوكيل فلذا قال لانه الخ س.
قوله: (بخلاف المضارب) فإن له حقا، فإذا عاد المالك فهي على حالها.
قوله: (ولو ارتد) محترز قوله: وبلحوق.
قوله: (فقط) على هذا لا فرق بين المالك والمضارب، فلو قال وبلحوق أحدهما ثم قال ولو ارتد أحدهما فقط الخ لكان أخصر وأظهر.
تأمل لكل الفرق أنه إذا ارتد المضارب فتصرفه نافذ.
قوله: (غير مؤثرة) سواء كانت هي صاحبة المال أو المضاربة إلا أن تموت أو تلحق بدار الحرب فيحكم بلحاقها، لان ردتها لا تؤثر في أملاكها فكذا في تصرفاتها.
منح.
قوله: (ولو حكما) أي ولو العزل حكما فلا ينعزل في الحكمي إلا بالعلم، بخلاف الوكيل حيث ينعزل في الحكمي، وإن لم يعلم كذا قالوا، فإن قلت: ما الفرق بينهما؟ قلت: قد ذكروا أن الفرق بينهما أنه لا حق له، بخلاف المضارب.
منح.
قوله: (ولو حكما) أي كارتداده مع الحكم بلحاقه س.
قوله: (فالدراهم) التفريع غير ظاهر، فالاولى الواو كما في البحر والمنح.
قوله: (جنسان) فإن كان رأس المال دراهم وعزله ومعه دنانير له بيعها بالدراهم استحسانا.
منح.
وانظر ما مر في البيع الفاسد عند قول المصنف والدراهم والدنانير جنس.
قوله:
(باعها) أي له بيعها ولا يمنعه العزل من ذلك.
إتقاني.
قوله: (عنها) أي عن النسيئة كما لا يصح نهيه(6/218)
عن المسافرة في الروايات المشهورة، وكما لا يملك عزله لا يملك تخصيص الاذن، لانه عزل من وجه.
بحر عن النهاية، وسيأتي.
قوله: (ويبدل) لا حاجة إليه لفهمه مما قبله حيث بين المراد من العروض هنا قريبا، وأن الدراهم والدنانير جنسان.
قوله: (خلافه به) أي له أن يبدل خلاف رأس المال من النقد رأس المال.
قال في البحر: وإن كان رأس المال دراهم وعزله ومعه دنانير يبيعها بالدراهم استحسانا.
مدني.
قوله: (لوجوب الخ) أي إن امتنع المالك من خلاف الجنس كما يفيده ما قدمنا عن الاتقاني.
فرع: قال في القنية: من المضاربة أعطاه دنانير مضاربة ثم أراد القسمة له أن يستوفي دنانير، وله أن يأخذ من المال بقيمتها، وتعتبر قيمتها يوم القسمة لا يوم الدفع ا ه.
وفي شرح الطحاوي: من المضاربة، ويضمن لرب المال مثل ماله وقت الخلاف.
يبرئ في بحث القول في ثمن المثل.
وهذه فائدة طالما توقفت فيها، فإن رب المال يدفع دنانير مثلا بعدد مخصوص ثم تغلو قيمتها ويريد أخذها عددا لا بالقيمة.
تأمل.
والذي يظهر من هذا أنه لو علم عدد المدفوع ونوعه فله أخذه، ولو أراد أن يأخذ قيمته من نوع آخر يأخذه بالقيمة الواقعة يوم الخلاف: أي يوم النزاع والخصام، وكذا إذا لم يعلم نوع المدفوع كما يقع كثيرا في زماننا حيث يدفع أنواعا ثم تجهل فيضطر إلى أخذ قيمتها لجهالتها فيأخذ بالقيمة يوم الخصام والله أعلم.
تأمل.
قوله: (في هذه الحالة) أي حالة كون المال عروضا لان للمضارب حقا في الربح.
بحر.
قوله: (صح) أي الفسخ.
قوله: (على اقتضاء الديون) أي طلبها من أربابها.
قوله: (إذ حينئذ) عبارة البحر: لانه كالاجير والربح كالاجرة وطلب الدين من تمام تكملة العمل فيجبر عليه.
قوله: (بالاجرة) ظاهره ولو كان الربح قليلا قال في شرح الملتقى: ومفاده أن نفقة الطلب على المضارب، وهذا لو الدين في المصر، وإلا ففي مال المضاربة.
قال في الهندية: وإن طال سفر المضارب ومقامه حتى أتت النفقة في جميع الدين: فإن فضل على الدين حسب له النفقة مقدار الدين، وما زاد على ذلك يكون على المضارب.
كذا في المحيط ط.
قوله: (والسمسار) هو المتوسط بين البائع والمشتري بأجر من غير أن يستأجر.
قوله: (زيلعي) وتمام كلامه: وإنما جازت هذه الحيلة لان
العقد يتناول المنفعة، وهي معلومة ببيان قدر المدة، وهو قادر على تسليم نفسه في المدة، ولو عمل من غير شرط وأعطاه شيئا لا بأس به لانه عمل معه حسنة فجازاه خيرا وبذلك جرت العادة، (وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن).
قوله: (ولو فاسدة) أي سواء كانت المضاربة صحيحة أو فاسدة، وسواء كان الهلاك من عمله أو لا ح.
قوله: (من عمله) يعني المسلط عليه عند التجار، وأما التعدي(6/219)
فيظهر أنه يضمن.
سائحاني.
قوله: (فهو بينهما) أي بعد دفع النفقة.
قوله: (لما مر) أي من أنه أمين فلا يضمن.
قوله: (في يد المضارب) مثله في العزمية عن صدر الشريعة، وهو نص على المتوهم، وإلا فبالاولى إذا دفعه لرب المال بعد الفسخ ثم استرده وعقد أخرى.
قوله: (النافعة للمضارب) أي لو خاف أن يسترد منه رب المال الربح بعد القسمة بسبب هلاك ما بقي من رأس المال، وعلم مما مر آنفا أنه لا يتوقف صحة الحيلة على أن يسلم المضارب رأس المال إلى رب المال، وتقييد الزيلعي به اتفاقي كما نبه عليه أبو السعود.
فصل في المتفرقات قوله: (لا مضاربة) أي فإنها تفسد، وقد تبع الزيلعي ومفهومه أنه لو دفعه مضاربة تفسد الاولى مع أن الذي يفسد الثانية لا الاولى كما في الهداية.
قال في البحر: وتقييده بالبضاعة اتفاقي، لانه لو دفع المال إلى رب المال مضاربة لا تبطل الاولى، بل الثانية، لان المضاربة تنعقد شركة على مال رب المال وعمل المضارب، ولا مال هنا، فلو جوزناه يؤدي إلى قلب الموضوع، وإذا لم يصح بقي عمل رب المال بأمر المضارب، فلا تبطل الاولى.
كذا في الهداية.
وبه علم أنها بضاعة وإن سميت مضاربة، لان المراد بالبضاعة هنا الاستعانة، لان الابضاع الحقيقي لا يتأتى هنا وهو أن يكون المال للمبضع والعمل من الآخر ولا ربح للعامل، وفهم من مسألة الكتاب جواز الابضاع مع الاجنبي بالاولى ا ه.
قوله: (لما مر) أي من أن الشئ لا يتضمن مثله.
قوله: (وإن أخذه) محترز قوله: بدفع.
قوله: (وإن صار عرضا) أي في يد المضارب.
قوله: (ثم إن باع) أي ما صار عرضا.
قوله: (لما مر) أي من أنه عامل لنفسه قال في الهامش: فلو باع أي رب المال العروض بنقد ثم اشترى عروضا كان للمضارب حصته من
ربح العروض الاولى لا الثانية، لانه لما باع العروض وصار المال نقدا في يده كان ذلك نقضا للمضاربة، فشراؤه به بعد ذلك يكون لنفسه، فلو باع العروض لعروض مثلها أو بمكيل أو موزون وربح كان بينهما على ما شرطا.
بحر ومنح عن المبسوط.
قوله: (ولو يوما) لان العلة في وجوب النفقة حبس نفسه لاجلها، فعلم أنه ليس المراد بالسفر الشرعي بل المراد أن لا يمكنه المبيت في منزله،(6/220)
فإن أمكن أنه يعود إليه في ليلة فهو كالمصر لا نفقة له.
بحر.
قوله: (ولو بكراء) بفتح الراء ومدها وكسر الهمزة بعدها.
قوله: (لانه أجير) أي في الفاسدة.
قوله: (خلاف) فإنه صرح في النهاية بوجوبها في مال الشركة.
منح.
وجعله في شرح المجمع رواية عن محمد.
وفي الحامدية في كتاب الشركة عن الرملي على المنح أقول: ذكر التاترخانية عن الخانية قال محمد: هذا استحسانا اه: أي وجوب نفقته في مال الشركة، وحيث علمت أنه الاستحسان فالعمل عليه، لما علمت أن العمل على الاستحسان إلا في مسائل ليست هذه منها.
خير الدين على المنح ه.
قوله: (ما لم يأخذ مالا) يعني لو نوى الاقامة بمصر ولم يتخذه دارا فله النفقة، إلا إذا كان قد أخذ مال المضاربة في ذلك المصر فلا نفقة له ما دام فيه، ولا يخفى ما فيه من الايجاز الملحق بالالغاز.
قال في البحر: فلو أخذ مالا بالكوفة وهو من أهل البصرة، وكان قدم الكوفة مسافرا فلا نفقة له في المال ما دام في الكوفة، فإذا خرج منها مسافرا فله النفقة حتى يأتي البصرة، لان خروجه لاجل المال، ولا ينفق من المال ما دام بالبصرة لان البصرة وطن أصلي له فكانت إقامته فيه لاجل الوطن لا لاجل المال، فإذا خرج من البصرة له أن ينفق من المال إلى أن يأتي الكوفة، لان خروجه من البصرة لاجل المال، وله أن ينفق أيضا ما أقام بالكوفة حتى يعود إلى البصرة، لان وطنه بالكوفة كان وطن إقامة، وأنه يبطل بالسفر فإذا عاد إليها وليس له بها وطن كانت إقامته فيها لاجل المال.
كذا في البدائع والمحيط والفتاوى الظهيرية ا ه.
ويظهر منه أنه لو كان له وطن بالكوفة أيضا ليس له الانفاق إلا في الطريق، ورأيت التصريح به في التاترخانية من الخامس عشر.
قوله: (أو خلط الخ) أو بعرف شائع كما قدمنا أنه لا يضمن به.
تأمل.
قوله: (بإذن) أي وتصير شركة ملك فلا تنافي المضاربة، ونظيره ما
قدمناه لو دفع إليه ألفا نصفها قرض ونصفها مضاربة صح، ولكل نصف حكم نفسه ا ه.
مع أن المال مشترك شركة ملك فلم يضمن المضاربة وبه ظهر أنه لا ينافي ما قدمه الشارح عن الكافي من أنه ليس للشريك نفقة فافهم.
قوله: (أو بمالين) أي وإن كان أحدهما بضاعة فنفقة في مال المضاربة إلا أن يتفرع للعمل في البضاعة فمن مال نفسه دون البضاعة إلا إن أذن له المستبضع بالنفقة منها لانه متبرع.
تاترخانية في الخامس عشر عن المحيط.
وفيها عن العتابية: ولو رجع المضارب من سفره بعد موت رب المال فله أن ينفق من المال عن نفسه وعلى الرقيق، وكذا بعد النهي، ولو كتب إليه ينهاه وقد(6/221)
صار المال نقدا لم ينفق في رجوعه اه.
قوله: (ولو هلك) أي مالها.
قوله: (ويأخذ) أي من الربح.
قوله: (من رأس) متعلق بأنفق، وحاصل المسألة أنه لو دفع له ألفا مثلا فأنفق المضارب من رأس المال مائة وربح مائة يأخذ المالك المائة الربح بدل المائة التي أنفقها المضارب ليستوفي المالك جميع رأس ماله، فلو كان الربح في هذه الصورة مائتين يأخذ مائة بدل النفقة ويقتسمان المائة الثانية.
قوله: (من الحملان) قال في مجمع البحرين: والحملان بالضم: الحمل مصدر حمله والحملان أيضا أجر ما يحمل اه.
وهو المراد ط.
قوله: (حقيقة) كالصبع.
قوله: (أو حكما) كالقصارة.
قوله: (والعادة) قد سبق في المرابحة أن العبرة في الضم لعادة التجار، فإذا جرت بضم ذلك يضم ط.
قوله: (أي ثيابا) قال في البحر: وقال محمد في السير: البز عند أهل الكوفة ثياب الكتان أو القطن لا ثياب الصوف أو الخز، كذا في المغرب اه.
قوله: (نصف الربح) لانه ظهر فيها ربح ألف لما صار المال نقدا، فإذا اشترى بالالفين عبدا صار مشتركا ربعه للمضارب والباقي لرب المال فيكون مضمونا عليهما بالحصص.
قوله: (الباقي) ولكن الالفان يجبان جميعا للبائع على المضارب، ثم يرجع المضارب على رب المال بألف وخمسمائة، لان المضارب هو المباشر للعقد وأحكام العقد ترجع إليه.
إتقاني.
قوله: (لكونه) علة لقوله خارجا.
قوله: (وبينهما) أي بين الضمان المفهوم من مضمون وبين الامانة.
قوله: (لها) لان ضمان رب المال لا ينافي المضاربة س.
قوله: (ولو بيع) أي والمسألة بحالها.
قوله: (فحصتها) أي المضاربة.
قوله: (لان ربعه) أي ربع العبد ملك للمضارب كما تقدم،
وفي الهامش قوله: ربعه وهو الالف اه.
قوله: (بينهما) أي والالف يختص بها المضارب كما مر.
قوله: (عبدا) أي قيمته ألف فالثمن والقيمة سواء، وإنما قلنا ذلك لانه لو كان فيهما فضل بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألفان ثم باعه من المضارب بألفين بعد ما ربح المضارب ألفا فإنه يرابح على ألف وخمسمائة، وكذا لو الفضل في قيمة المبيع دون الثمن بأن كان العبد يساوي ألفا وخمسمائة فاشتراه رب المال بألف وباعه من المضارب بألف فإنه يرابح على ألف ومائتين وخمسين،(6/222)
وكذا عكسه بأن شرى قيمته ألف بألف فباعه منه بألف فالمسألة رباعية: قسمان لا يرابح فيهما إلا على ما اشترى رب المال، وقسمان يرابح فيهما عليه وعلى حصة المضارب، وهذا إذا كان البائع رب المال، فلو كان المضارب فهو على أربعة أقسام أيضا كما يأتي.
وتمامه في البحر عن المحيط.
قوله: (شراه) صفة عبدا.
قوله: (رابح) جواب لو.
قوله: (وكذا عكسه) وهو ما لو كان البائع المضارب، والمسألة بحالها بأن شرى رب المال بألف عبدا شراه المضارب بنصفه ورأس المال ألف فإنه يرابح بنصفه، وهذا إذا كانت قيمته كالثمن لا فضل فيهما، ومثله لو الفضل في القيمة فقط، أما لو كان فيهما فضل أو في الثمن فقط فإنه يرابح على ما اشترى به المضارب وحصة المضارب، وبه علم أن المسألة رباعية أيضا.
وتمامه في البحر.
قوله: (ولو شرى) أي من معه ألف بالنصف كما قيد به الكنز.
قوله: (بالفداء) لانه لما صار المال عينا واحدا ظهر الربح وهو ألف بينهما وألف لرب المال، فإذا فدياه خرج عن المضاربة لان نصيب المضارب صار مضمونا عليه، ونصيب رب المال صار له بقضاء القاضي بالفداء عليهما، وإذا خرج عنها بالدفع أو بالفداء غرما على قدر ملكهما.
بحر.
والفرق بين هذا وبين ما مر حيث لا يخرج هناك ما خص رب المال عن المضاربة، وهنا يخرج أن الواجب هناك ضمان التجارة وهو لا ينافي المضاربة، وهنا ضمان الجناية وهو ليس من التجارة في شئ فلا يبقى على المضاربة.
كفاية.
قوله: (كما مر) أي قريبا من أن ضمان المضارب ينافي المضاربة س.
قوله: (ولو اختار المالك الدفع الخ) قال في البحر: قيد بقوله قيمته ألفان، لانه لو كانت قيمته ألفا فتدبير الجناية إلى رب المال، لان الرقبة على ملكه لا ملك
للمضارب فيها، فإن اختار رب المال الدفع والمضارب الفداء مع ذلك فله ذلك لانه يستبقي بالفداء مال المضاربة، وله ذلك لان الربح يتوهم.
كذا في الايضاح اه.
ونحوه في غاية البيان.
ولا يخفى أن الربح في مسألة المتن محقق، بخلاف هذه فقد علل لغير مذكور، على أن الظاهر أنه في مسألة المتن لا ينفرد أحدهما بالخيار لكون العبد مشتركا يدل له ما في غاية البيان، ويكون الخيار لهما جميعا إن شاءا فديا وإن شاءا دفعا، فتأمل.
قوله: (ما دفع) فلا يظهر الربح إلا بعد استيفاء المالك الكل، لكن المضارب لا يرابح إلا على ألف كما مر.
قوله: (بخلاف الوكيل) أي إذا كان الثمن مدفوعا إليه قبل الشراء، ثم هلك فإنه لا يرجع إلا مرة.
قوله: (لان يده ثانيا الخ) الضمير في للوكيل(6/223)
بيانه أن المال في يد المضارب أمانة، ولا يمكن حمله على الاستيفاء لانه لا يكون إلا بقبض مضمون، فكل ما قبض يكون أمانة وقبض الوكيل ثانيا استيفاء، لانه وجب له على الموكل مثل ما وجب عليه للبائع، فإذا صار مستوفيا له صار مضمونا عليه فيهلك عليه.
بخلاف ما إذا لم يكن مدفوعا إليه إلا بعد الشراء حيث لا يرجع أصلا لانه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء، فجعل مستوفيا بالقبض بعده إذ المدفوع إليه قبله أمانة، وهو قائم على الامانة بعده فلم يصر مستوفيا فإذا هلك يرجع مرة فقط لما قلنا.
قوله: (مع ذلك) أي مع الاختلاف في رأس المال.
قوله: (الربح) صورته: قال رب المال رأس المال ألفان وشرطت لك ثلث الربح وقال المضارب: رأس المال ألف وشرطت لي النصف.
قوله: (فقط) لا في رأس المال بل القول فيه للمضارب كما علمت.
قوله: (فالبينة الخ) لان بينة رب المال في زيادة رأس المال أكثر إثباتا وبينة المضارب في زيادة الربح أكثر إثباتا كما في الزيلعي ويؤخذ من هذا ومن الاختلاف في الصفة أن رب المال لو ادعى المضاربة وادعى من في يده المال أنها عنان وله في المال كذا وأقاما البينة فبينة ذي اليد أولى لانها أثبت حصة من المال وأثبتت الصفة.
سائحاني.
قوله: (فالقول للمالك) لان المضارب يدعي عليه تقوم عمله أو شرطا من جهته أو يدعي الشركة وهو ينكر.
منح.
قوله: (المضارب) الاولى ذو اليد.
قوله: (هي قرض) ليكون كل الربح له قوله: (فالقول للمضارب) مثله في الخانية وغاية البيان والزيلعي والبحر ونقله ابن الشحنة عن النهاية وشرح التجريد.
وحكى ابن وهبان في نظمه قولين وفي مجموعة منلا علي عن مجموعة الانقروي عن محيط السرخسي لو قال رب المال هو قرض والقابض مضاربة فإن بعد ما تصرف فالقول لرب المال والبينة بينته أيضا، والمضارب ضامن وإن قبله فالقول قوله: ولا ضمان عليه أي القابض، لانهما تصادقا على أن القبض كان بإذن رب المال ولم يثبت القرض لانكار القابض اه.
ونقل فيها عن الذخيرة من الرابع عشر مثله، ومثله في كتاب القول لمن عن غانم البغدادي عن الوجيز، وبمثله أفتى علي أفندي مفتي الممالك العثمانية، وكذا قال في فتاوى ابن نجيم القول لرب المال، ويمكن أن يقال إن ما في الخانية والتنوير فيما إذا كان قبل التصرف حملا للمطلق على المقيد لاتحاد الحادثة والحكم وبالله التوفيق من مجموعة منلا علي ملخصا.
قوله: (بالاصل) لان الاصل في المضاربة العموم إذ المقصود منها الاسترباح والعموم والاطلاق يناسبانه، وهذا إذا تنازعا بعد تصرف المضارب فلو قبله فالقول للمالك كما إذا ادعى المالك بعد التصرف العموم والمضارب الخصوص فالقول للمالك.
در منتقى.
قوله: (كل نوعا) بأن قال أحدهما في بر وقال الآخر في بر.
قوله: (فالقول(6/224)
للمالك) لانهما اتفقا على الخصوص فكان القول قول من يستفاد من جهته الاذن س.
قوله: (فيقيمها) أي البينة.
قو له: (على صحة الخ) يعني أن البينة تكون حينئذ على صحة تصرفه لا على نفي الضمان حتى تكون على النفي فلا تقبل.
قوله: (ولو وقت) في بعض النسخ ولو وقتت.
قوله: (البينتان) فاعل وقت والمسألة بحالها بأن قال رب المال أديته إليك مضاربة أن تعمل في بز في رمضان وقال المضارب: دفعت إلي لاعمل في طعام في شوال وأقاما البينة.
قوله: (قضى بالمتأخرة) لان آخر الشرطين ينسخ أولهما.
قوله: (وإلا) أي إن لم يوقتا أو وقتت إحداهما دون الاخرى.
قوله: (إلى نفسه) الضمير راجع إلى الوصي.
قوله: (وقيده الطرسوسي) أي بحثا منه، ورده ابن وهبان بأنه تقييد لاطلاقهم برأيه مع قيام الدليل على الاطلاق، واستظهر ابن الشحنة ما قاله الطرسوسي نظرا للصغير.
أقول: لكن في جامع الفصولين عن الملتقط: ليس للوصي في هذا الزمان أخذ مال اليتيم مضاربة، فهذا يفيد المنع مطلقا.
قوله: (في تركته) لانه صار بالتجهيل مستهلكا، وسيأتي تمامه في الوديعة إن شاء الله تعالى، وأفتى به في الحامدية قائلا: وبه أفتى قارئ الهداية.
قوله: (وفيه لو شرى
الخ) الكلام هنا في موضعين: الاول حق إمساك المضارب المتاع من غير رضا رب المال، والثاني إجبار المضارب على البيع حيث لا حق له في الامساك.
أما الاول فلا حق له فيه سواء كان ف يالمال ربح أو لا، إلا أن يعطي لرب المال رأس المال فقط إن لم يربح أو مع حصته من الربح فحينئذ له حق الامساك.
وأما الثاني وهو إجباره على البيع فهو أنه إن كان في المال ربح أجبر على البيع إلا أن يدفع للمالك رأس ماله من حصته من الربح، وإن لم يكن في المال ربح لا يجبر، ولكن له أن يدفع للمالك رأسه ماله أو يدفه له المتاع برأس ماله.
هذا حاصل ما فهمته من عبارة المنح عن الذخيرة وهي عبارة معقدة، وقد راجعت عبارة الذخيرة فوجدتها كما في المنح، وبقي ما إذا أراد المالك أن يمسك المتاع والمضارب يريد بيعه وهو حادثة الفتوى، ويعلم جوابها مما مر قبيل الفصل من أنه لو عزله وعلم به والمال عروض باعها وإن نهاه المالك، ولا يملك المالك فسخها ولا تخصيص الاذن لانه عزل من وجه.
قوله: (حصة الهبة)(6/225)
لان هبة المشاع الذي يقبل القسمة غير صحيحة فيكون في ضمانه.
قوله: (وهي الخ) ونقلها الفتال عن الهندية.
قوله: (تملك بالقبض) أقول: لا تنافي بين الملك بالقبض والضمان.
سائحاني.
أقول: نص عليه في جامع الفصولين حيث قال رامزا لفتاوى الفضلي: الهبة الفاسدة تفيد الملك بالقبض وبه يفتى، ثم إذا هلكت أفتيت بالرجوع للواهب هبة فاسدة لذي رحم محرم منه إذ الفاسدة مضمونة، فإذا كانت مضمونة بالقيمة بعد الهلاك كانت مستحقة الرد قبل الهلاك اه فتنبه.
فروع: سئل فيما إذا مات المضارب وعليه دين وكان مال المضاربة معروفا، فهل يكون رب المال أحق برأس ماله وحصته من الربح؟ الجواب: نعم كما صرح به في الخانية والذخيرة البرهانية حامدية.
وفيها عن قارئ الهداية من باب القضاء في فتاواه: إذا ادعى أحد الشريكين خيانة في قدر معلوم وأنكر حلف عليه، فإن حلف برئ وإن نكل ثبت ما ادعاه، وإن لم يعين مقدارا فكذا الحكم، لكن إذا نكل عن اليمين لزمه أن يعين مقدار ما خان فيه والقول قوله: في مقداره مع يمينه، لان نكوله كإقرار بشئ مجهول والبيان في مقداره إلى المقر مع يمينه إلا أن يقيم خصمه بينة على أكثر اه.(6/226)
كتاب الايداع قوله: (بغيبة الخ) قيد به، لان المالك لو كان حاضرا لم يضمن كما حققه المصنف.
انظر اليعقوبية.
قال في المنح: إن الامانة علم لما هو غير مضمون، فشمل جميع الصور التي لا ضمان فيها كالعارية والمستأجرة والموصى بخدمته في يد الموصى له بها، والوديعة ما وضع للامانة بالايجاب والقبول فكانا متغايرين.
واختاره صاحب النهاية وفي البحر، وحكمهما مختلف في بعض الصور، لانه في الوديعة يبرأ عن الضمان إذا عاد إلى الوفاق، وفي الامانة لا يبرأ عن الضمان بعد الخلاف.
نكتة ذكرها في الهامش روي: أن زليخا لما ابتليت بالفقر وابيضت عيناها من الحزن على يوسف عليه السلام جلست على قارعة الطريق في زي الفقراء، فمر بها يوسف عليه السلام فقامت تنادي: أيها الملك اسمع كلامي، فوقف يوسف عليه السلام، فقالت: الامانة أقامت المملوك مقام الملوك، والخيانة أقامت الملوك مقام المملوك، فسأل عنها فقيل إنها زليخا فتزوجها رحمة عليها اه زيلعي.
قوله: (أو كناية) المراد بها ما قابل الصريح مثل كنايات الطلاق لا البيانية.
قوله: (لان الخ) التعليل في البحر أيضا.
قوله: (ولم يقل الخ) فلو قال لا أقبل الوديعة لا يضمن، إذ القبول عرفا لا يثبت عند الرد صريحا.
قال صاحب الفصولين: أقول دل هذا على أن البقار لا يصير مودعا في بقرة من بعثها إليه فقال البقار للرسول اذهب بها إلى ربها فإني لا أقبلها فذهب بها، فينبغي أن لا يضمن البقار، وقد مر خلافه.
بقول الحقير قوله: ينبغي لا ينبغي، إذ الرسول لما أتى بها إليه خرج عن حكم الرسالة وصار أجنبيا، فلما قال البقار ردها على مالكها صار كأنه ردها إلى أجنبي أو ردها مع أجنبي فلذا يضمن، بخلاف مسألة الثوب.
نور العين.
وتمامه فيه.
وفيه أيضا عن الذخيرة: ولو قال لم أقبل حتى لم يصر مودعا وترك الثوب ربه وذهب فرفعه من لم يقبل وأدخله بيته ينبغي أن يضمن، لانه لما لم يثبت الايداع صار غاصبا برفعه.
يقول الحقير: فيه إشكال، وهو أن الغصب إزالة يد المالك ولم توجد، ورفعه الثوب لقصد النفع لا الضرر، بل ترك المالك ثوبه إيداع ثان ورفع من لم يقبل قبول ضمنا، فالظاهر أنه لا يضمن والله تعالى أعلم اه.
قوله: (شيئا) فلو قال لا أقبل لا يكون مودعا، لان الدلالة لم توجد.
بحر.
وفيه عن الخلاصة: لو وضع
كتابه عند قوم فذهبوا وتركوه ضمنوا إذا ضاع، وإن قاموا واحدا بعد واحد ضمن الاخير لانه تعين للحفظ فتعين للضمان ا ه.
فكل من الايجاب والقبول فيه غير صريح كمسألة الخاني الآتية قريبا.(6/227)
فرع: في جامع الفصولين: لو أدخل دابته دار غير وأخرجها رب الدار لم يضمن، لانها تضر بالدار، ولو وجد دابة في مربطه فأخرجها ضمن.
سائحاني.
قوله: (كما لو سكت) أي فإنه قبول، وبعد أن ذكر هذا في الهندية قال: وضع شيئا في بيته بغير أمره فلم يعلم حتى ضاع لا يضمن لعدم التزام الحفظ.
وضع عند آخر شيئا وقال احفظ فضاع لا يضمن لعدم التزام الحفظ ا ه.
ويمكن التوفيق بالقرينة الدالة على الرضا وعدمه.
سائحاني.
قوله: (من الثيابي) ولا يكون الحمامي مودعا ما دام الثيابي حاضرا، فإن كان غائبا فالحمامي مودع.
بحر.
وفيه عن إجارات الخلاصة لبس ثوبا فظن الثيابي أنه ثوبه، فإذا هو ثوب الغير ضمن هو الاصح: أي لانه بترك السؤال والتفحص يكون مفرطا، فلا ينافي ما يأتي من أن اشتراط الضمان على الامين باطل.
أفاده أبو السعود.
قوله: (وهذا) أي اشتراط القبول أيضا.
قوله: (وإن لم يقبل) قد مر أن القبول صريح ودلالة فلعله هنا بمعنى الرد، أما لو سكت فهو قبول دلالة.
تأمل.
قوله: (لاثبات اليد) قال بعض الفضلاء: فيه تسامح إذ المراد إثبات اليد بالفعل، ولا يكفي قبول الاثبات كما أشار إليه في الدرر بقوله: وحفظ شئ بدون إثبات اليد عليه محال.
تأمل فتال.
وأجاب عنه أبو السعود.
قوله: (فلو أودع صبيا) قال الرملي في حاشية المنح: ويستثنى من إيداع الصبي ما إذا أودع صبي محجور مثله وهي ملك غيرهما فللمالك تضمين الدافع والآخذ، كذا في الفوائد الزينية.
مدني.
وانظر حاشية الفتال.
قوله: (ضمن بعد عتقه) أي لو بالغا وإلا فلا ضمان.
فرع: قال في الهامش: لو احتاج إلى نقل العيال أو لم يكن له عيال فسافر بها لم يضمن، هذا لو عين المكان، فلو لم يعين بأن قال احفظ هذا ولم يقل في مكان كذا فسافر به، فلو كان الطريق مخوفا ضمن بالاجماع، وإلا لا عندنا، كالاب أو الوصي لو سافر بمال الصبي، وهذا إذا لم يكن حمل ومؤنة.
جامع الفصولين.
فلو كان لها حمل ومؤنة وقد أمر بالحفظ مطلقا، فلو كان لا بد له من السفر وقد عجز عن حفظه في المصر الذي أودعه فيه لم يضمن بالاجماع، فلو له بد من السفر فكذلك عند
أبي حنيفة رحمه الله قريبا وبعيدا، وعن أبي يوسف رحمه الله: ضمن لو بعيدا لا لو قريبا، وعن محمد: ضمن في الحالين.
جامع الفصولين.
المودع بأجر ليس له أن يسافر بها لتعيين مكان العقد للحفظ.
جامع الفصولين.
قوله: (عند الطلب) إلا في مسائل ستأتي.
قوله: (بأجر) سيأتي أن الاجير المشترك لا يضمن وإن شرك عليه الضمان، وأيضا قول المتن هنا واشتراط الخ يرد عليه، وهذا مع الشرط فكيف مع عدمه.
وفي البزازية: دفع إلى صاحب الحمام واستأجره وشرط عليه الضمان إذا تلف قد ذكرنا أنه لا أثر له فيما علي الفتوى.
سائحاني.
وانظر حاشية الفتال، وقد يفرق بأنه هنا مستأجر على(6/228)
الحفظ قصدا، بخلاف الاجير المشترك فإنه مستأجر على العمل.
تأمل.
قوله: (للزيلعي) ومثله في النهاية والكفاية وكثير من الكتب.
رملي على المنح.
قوله: (غير المغل) أي الخائن.
كذا في الهامش.
قوله: (كالحمامي) أي معلم الحمام، وأما من جرى العرف بأنه يأخذ في مقابلة حفظه أجرة يضمن لانه وديع بأجرة، لكن الفتوى على عدمه.
سائحاني.
قوله: (فلو دفعها) تفريع على قوله: أو حكما.
قوله: (لولده المميز) بشرط أن يكون قادرا على الحفظ.
بحر عن الخلاصة.
قوله: (ضمن) أي بدفعها له، وكذا لو تركه في بيته الذي فيه ودائع الناس وذهب فضاعت ضمن.
بحر عن الخلاصة.
قوله: (في عياله) الضمير في عياله الاخير يصح أن يرجع للعيال الاول وبه صرح الشرنبلالي، ويصح أن يرجع إلى المودع وبه صرح المقدسي، وفيه لا يشترط في الابوين كونهما في عياله، وبه يفتى، ولو أودع غير عياله وأجاز المالك خرج من البين، ولو وضع في حرز غيره بلا استئجار يضمن، ولو آجر بيتا من داره ودفعها: أي الوديعة إلى المستأجر: إن كان لكل منهما غلق على حدة يضمن، وإن لم يكن وكل منهما يدخل على صاحبه من غيره حشمة لم يضمن، وفي سكوتهم عن الدفع لعيال المودع إشارة إلى أنه لا يملكه، ونقل شيخنا اختلافا وترجيح الضمان.
سائحاني.
وأراد بشيخنا أبا السعود.
فرع: لو قال ادفعها لمن شئت يوصلها إلي فدفعها إلى أمين فضاعت: قيل يضمن، وقيل لا يضمن تاترخانية سائحاني.
فرع: حضرتها الوفاة فدفعت الوديعة إلى جارتها فهلكت عند الجارة، قال البلخي: إن لم يكن بحضرتها عند الوفاة أحد ممن يكون في عياله لا يضمن، كما لو وقع الحريق في دار المودع له دفعها لاجنبي.
خانية.
قوله: (وعليه الفتوى) ونقله في البحر عن النهاية وقال قبله: وظاهر المتون أن كون الغير في عياله شرط، واختاره في الخلاصة.
قوله: (وكان غالبا محيطا) وفي التاترخانية عن التتمة: وسئل حميد الوبري عن مودع وقع الحريق ببيته، ولم ينقل الوديعة إلى مكان آخر إن مع تمكنه منه فتركها حتى احترقت ضمن اه.
ومثله ما لو تركها حتى أكلها العت كما يأتي في النظم.
ذكر محمد في حريق وقع في دار المودع فدفعها إلي أجنبي لم يضمن، فلو خرج من ذلك ولم يستردها ضمن.
وتمامه في نور(6/229)
العين.
وفي جواهر الفتاوى: وإذا دفع الوديعة لآخر لعذر فلم يسترد عقب زواله فهلكت عند الثاني لا يضمن، لان المودع يضمن بالدفع، ولما لم يضمن به للعذر لا يضمن بالترك، يدل عليه لو سلمها إلي عياله وتركها عندهم لا يضمن للاذن، وكذا الدفع هنا مأذون فيه ا ه ملخصا.
قوله: (أو ألقاها) أي في السفينة.
قوله: (كلامي الخلاصة الخ) نص الخلاصة: إذا علم أنه وقع الحريق في بيته قبل قوله وإلا فلا.
وعبارة الهداية أنه لا يصدق إلا ببينة.
قال في المنح: ويمكن حمل كلام الهداية على ما إذا لم يعلم بوقوع الحريق في بيته، وبه يحصل التوفيق ومن ثم عولنا عليه في المختصر ح.
قوله: (كوكيله) في الخلاصة: المالك إذا طلب الوديعة فقال المودع لا يمكنني أن أحضرها الساعة فتركها وذهب: إن تركها عن رضا فهلكت لا يضمن، لانه لما ذهب فقد أنشأ الوديعة، وإن كان عن غير رضا يضمن.
ولو كان الذي طلب الوديعة وكيل المالك يضمن، لانه ليس له إنشاء الوديعة، بخلاف المالك اه.
وهذا صريح في أنه يضمن بعدم الدفع إلى وكيل المالك كما لا يخفى.
وفي الفصول العمادية معزيا إلى الظهيرية: ورسول المودع إذا طلب الوديعة فقال لا أدفع إلا للذي جاء بها ولم يدفع إلى رسول حتى هلكت ضمن، وذكر في فتاوى القاضي ظهير الدين هذه المسألة، وأجاب نجم الدين أنه يضمن، وفيه نظير بدليل أن المودع إذا صدق من ادعى أنه وكيل بقبض الوديعة، فإنه قال في الوكالة: لا يؤمر بدفع الوديعة إليه، ولكن لقائل أن يفرق بين الوكيل والرسول
لان الرسول ينطق على لسان المرسل، وإلا كذلك الوكيل.
ألا ترى أنه لو عزل الوكيل قبل علم الوكيل بالعزل لا يصح، ولو رجع عن الرسالة قبل علم الرسول صح.
كذا في فتاواه اه منح.
قال محشيه الرملي في حاشية البحر: ظاهر ما في الفصول أنه لا يضمن في مسألة الوكيل فهو مخالف للخلاصة، ويتراءى لي التوفيق بحمل ما في الخلاصة على ما إذا قصد الوكيل إنشاء الوديعة عند المودع بعد منعه ليدفع له في وقت آخر، وما في الفصول والتجنيس على ما إذا منع ليؤدي إلى المودع بنفسه، ولذا في جوابه: لا أدفع إلا للذي جاء بها.
وتمامه فيها.
قوله: (كطلب الظالم) الظاهر أن المراد بالظالم هنا المالك، لان الكلام في طلبه هو فما بعده مفرع عليه: أعني قوله: فلو كانت الخ يدل عليه قول المصنف في المنح لما فيه من الاعانة على الظلم.
فرع: ذكره في الهامش: مرضت الدابة الوديعة فأمر المودع إنسانا فعالجها ضمن المالك أيهما شاء، فلو ضمن المودع لا يرجع على المعالج، ولو ضمن المعالج يرجع على المودع علم أنها للغير أو لا، إلا إن قال المودع ليست لي أو لم آمره بذلك فحينئذ لا يرجع.
كذا في جامع الفصولين.
قوله:(6/230)
(المودع) بالفتح.
قوله: (مجهلا) أما بتجهيل المالك فلا ضمان والقول للمودع بيمينه بلا شبهة.
قال الحانوتي: وهل من ذلك الزائد في الرهن على قدر الدين؟ اه.
أقول: الظاهر أنه منه لقولهم ما يضمن به الوديعة يضمن به الرهن، فإذا مات مجهلا يضمن ما زاد وقد أفتيت به.
رملي ملخصا.
قوله: (فإنه يضمن قال في مجمع الفتاوى: المودع أو المضارب أو المستعير أو المستبضع وكل من كان المال بيده أمانة إذا مات قبل البيان ولم تعرف الامانة بعينها فإنه يكون دينا عليه في تركته، لانه صار مستهلكا للوديعة بالتجهيل، ومعنى موته مجهلا أن لا يبين حال الامانة كما في الاشباه.
وقد سئل الشيخ عمر بن نجيم عما لو قال المريض عندي ورقة في الحانوت لفلان ضمنها دراهم لا أعرف قدرها فمات ولم توجد، فأجاب بأنه من التجهيل لقوله في البدائع هو أن يموت قبل البيان ولم تعرف الامانة بعينها اه.
قال بعض الفضلاء: وفيه تأمل، فتأمل ملخصا.
قوله: (إلا إذا علم) أي المجهل، وإذا قال الوارث ردها في حياته أو تلفت في حياته لم يصدق بلا
بينة، ولو برهن أن المودع قال في حياته رددتها يقبل.
سائحاني.
قوله: (عنده) أي عند المودع بالفتح وادعى المالك هلاكها، والمقصود أن الوارث كالمودع بالفتح فيقبل قوله في الهلاك إذا فسرها فهو مثله، إلا أنه خالفه في مسألة قال ربها مات المودع مجهلا وقال ورثته كانت قائمة يوم موته ومعروفة ثم هلكت بعد موته صدق ربها هو الصحيح، إذ الوديعة صارت دينا في التركة في الظاهر فلا يصدق الورثة، ولو قال ورثته: ردها في حياته أو تلفت في حياته لا يصدقون بلا بينة لموته مجهلا، فتقرر الضمان في التركة، ولو برهنوا أن المودع قال في حياته رددتها تقبل، إذ الثابت ببينة كالثابت بعيان.
جامع الفصولين عن الذخيرة.
قوله: (إلا إذا الخ) استثناء من قوله: والمودع إذا دل ضمن قال ط عن الخلاصة: المودع إنما يضمن إذا دل السارق على الوديعة إذا لم يمنعه من الاخذ حال الاخذ، فإن منعه لم يضمن.
قوله: (منعه) أي المودع السارق فأخذ كرها.
فصولين.
قوله: (سائر الامانات) ومنها الرهن إذا مات المرتهن مجهلا يضمن قيمة الرهن في تركته كما في الانقروي: أي يضمن الزائد كما قدمنا عن الرملي، وكذا الوكيل إذا مات مجهلا ما قبضه كما يؤخذ مما هنا، وبه أفتى الحامدي بعد الخيري، وفي إجارة البزازية: المستأجر يضمن بالموت مجهلا.
سائحاني.
قوله: (بالموت) ويكون أسوة للغرماء يبري على الاشباه.
قوله: (ومفاوض) وكمرتهن أنقروي.
كذا في الهامش.
قوله: (على ما في الاشباه) وعبارتها: الوصي إذا مات مجهلا فلا ضمان عليه كما في جامع الفصولين، والاب إذا مات(6/231)
مجهلا مال ابنه، والوارث إذا مات مجهلا ما أودع عنه مورثه، وإذا مات مجهلا لما ألقته الريح في بيته أو لما وضعه مالكه في بيته بغير علمه، وإذا مات الصبي مجهلا لما أودع عنده محجورا اه ملخصا.
فهي سبعة وذكر المصنف ثلاثة فهي عشرة.
قوله: (أودع) عبارة الدرر قبض وهي أولى.
تأمل.
قوله: (غلات الوقف) أقول: هكذا وقع مطلقا في الولوالجية والبزازية: وقيد قاضيخان بمتولي المسجد إذا أخذ غلات المسجد ومات من غير بيان اه.
أقول: أما إذا كانت الغلة مستحقة لقوم بالشرط فيضمن مطلقا، بدليل اتفاق كلمتهم فيما إذا كانت الدار وقفا على أخوين غاب أحدهما وقبض الآخر غلتها تسع سنين ثم مات الحاضر وترك وصيا
ثم حضر الغائب وطالب الوصي بنصيبه من الغلة، قال الفقيه أبو جعفر: إذا كان الحاضر الذي قبض الغلة هو القيم إلا أن الاخوين آجرا جميعا فكذلك، وإن آجر الحاضر كانت الغلة كلها له في الحكم ولا يطيب له اه كلامه.
أقول: ويلحق بغلة المسجد ما إذا شرط ترك شئ في يد الناظر للعمارة، والله تعالى أعلم.
بيري على الاشباه.
قال الحقير: وهذا مستفاد من قولهم: غلات الوقف وما قبض في يد الوكيل ليس غلة الوقف بل هو مال المستحقين بالشرط.
قال في الاشباه من القول في الملك: وغلة الوقف يملكها الموقوف عليه وإن لم يقبل اه ملخصا من مجموعة منلا علي، آخر كتاب الوقف، نقل ذلك حيث سئل عن وكيل المتولي إذا مات مجهلا هل يضمن.
قلت: وقد ذكر في البحر في باب دعوى الرجلين أن دعوى الغلة من قبيل دعوى الملك فراجعه، وأشرنا إلينا ثم فراجعه، وبه علم أن إطلاق المصنف والشارح في محل التقييد ويفيده عبارة أنفع الوسائل الآتية، فتنبه.
قوله: (المصنف) أي في المنح.
قوله: (ابنه) الشيخ صالح.
قوله: (بالفجأة) لعدم تمكنه من البيان فلم يكن حابسا ظلما.
قلت: هذا مسلم لو مات فجأة عقب القبض.
تأمل.
قوله: (في أنفع الوسائل) من أنه إن حصل طلب المستحقين وأخر حتى مات مجهلا ضمن، وإن لم يطلبوا: فإن محمودا معروفا بالامانة لا يضمن، وإلا ولم يعطهم بلا مانع شرعي ضمن.
وحاصل الرد أنه مخالف لما عليه أهل المذهب من الضمان مطلقا محمودا أو لا وأفتى في(6/232)
الاسماعيلية بضمان الناظر إذا مات بعد ما طلب المستحق استحقاقه فمنعه منه ظلما، ووجهه ظاهر لان الامانة تضمن بالمنع.
قوله: (ومنها قاض) لو قال القاضي في حياته ضاع مال اليتيم عندي أو قال أنفقتها على اليتيم لا ضمان عليه، ولو مات قبل أن يقول شيئا كان ضامنا.
خانية في الوقف.
كذا في الهامش.
قوله: (ضمن) لعل وجه الضمان كونها لا تتخطى الورثة فالغرم بالغنم، ويظهر من هذا أن الوصي إذا وضع مال اليتيم في بيته ومات مجهلا يضمن، لان ولايته قد تكون مستمدة من القاضي أو
الاب فضمانه بالاولى.
وفي الخيرية وفي الوصي قول بالضمان.
سائحاني.
قوله: (وأقره) أي الصواب.
قوله: (محشوها) أي الاشباه.
قوله: (تسعة) بإخراج أحد المفاوضين.
قوله: (ووصية الخ) داخل في قول الاشباه الوصي، إلا أن يقال حمله على وصي الاب لبيان التفصيل قصدا للايضاح.
تأمل.
قوله: (وستة من المحجورين) وهم ما عدا الصغير وإنما أسقطه لانه مذكور في الاشباه، ومراده الزيادة على ما في الاشباه، فافهم.
قوله: (يشمل سبعة) لينظر الخارج من السبعة حتى صارت ستة.
قوله: (فإنه لصغر) مسألة الصغير من العشرة التي في الاشباه إلا أن يقال: عدها هنا باعتبار، قوله: وإن بلغ ثم مات لا يضمن.
تأمل، ثم ظهر لي أن مراده مجرد عد المحجورين سبعة، وأن مراده بستة منهم ما عدا الصغير لانه مذكور في الاشباه، ولذا قال: وستة من المحجورين.
قوله: (ودين) بفتح الدال وسكون الياء.
قوله: (كصبي) لعله قصد بهذا التشبيه الاشارة إلى ما يأتي عن الوجيز.
تأمل.
قال في تلخيص الجامع: أودع صبيا محجورا يعقل ابن اثنتي عشرة سنة ومات قبل بلوغة مجهلا لا يجب الضمان س.
قوله: (وإن بلغ) أي الصبي.
قوله: (يحصر) أي يحفظ مفعوله العين قبله.
قوله: (تصير) بالبناء للمجهول.
قوله: (مفاوض) خلاف المعتمد كما قدمه.
قوله: (ومودع) بكسر الدال والمؤمر بتشديد الميم الثانية.
قوله: (لو ألقاه) بفتح الواو ووصلها باللام.
قوله: (بها) أي بالدار.
قوله: (يشعر)(6/233)
تبع فيه صاحب الاشباه حيث قال: بغير علمه.
واعترضه الحموي بأن الصواب: بغير أمره كما في شرح الجامع، إذ يستحيل تجهيل ما لا يعلمه ا ه.
فكان عليه أن يقول في النظم: ليس يأمر.
قوله: (كذا ولد) برفعه وتوينه كجد.
قوله: (وقاض) بحذف يائه وتنوينه.
قوله: (وصيهم) برفعه.
قوله: (ومحجور) إن كان المراد من المحجور ستة كما قدمه يكن الموجود في النظم سبعة عشر.
تأمل.
قوله: (فوارث) إذا مات مجهلا لما أخبره المورث به من الوديعة.
قوله: (وكذا لو خلطها) ولو خلط المتولي ماله بمال الوقف لم يضمن.
وفي الخلاصة ضمن، وطريق خروجه من الضمان الصرف في حاجة المسجد أو الدفع إلى الحاكم.
منتقى.
القاضي لو خلط مال صبي بماله لم يضمن، وكذا سمسار خلط مال رجل بمال آخر، ولو بماله ضمن، وينبغي أن يكون المتولي كذلك، ولا يضمن الوصي بموته مجهلا ولو خلط
بماله ضمن يقول الحقير: وقد مر نقلا عن المنتقى أيضا أن الوصي لو خلط ماله بمال اليتيم لم يضمن.
وفي الوجيز أيضا: قال أبو يوسف: إذا خلط الوصي مال اليتيم بماله فضاع لا يضمن.
نور العين أو آخر السادس والعشرين بخط السائحاني عن الخيرية.
وفي الوصي قول بالضمان ا ه.
قلت: فأفاد أن المرجح عدمه.
والحاصل: أن من لا يضمن بالخلط بماله المتولي والقاضي والسمسار بمال رجل آخر والوصي، وينبغي أن الاب كذلك يؤيده ما في جامع الفصولين: لا يصير الاب غاصبا بأخذ مال ولده وله أخذه بلا شئ لو محتاجا، وإلا فلو أخذه لحفظه فلا يضمن إلا إذا أتلفه بلا حاجة ا ه.
بل هو أولى من الوصي.
تأمل والمراد بقوله: ولده الولد الصغير كما قيده في الفصول العمادية.
قوله: (لا تتميز) فلو كان يمكن الوصول إليه على وجه التيسير كخلط الجوز باللوز والدراهم السود بالبيض فإنه لا ينقطع حق المالك إجماعا.
واستفيد منه أن المراد بعدم التمييز عدمه على وجه التيسير لا عدم إمكانه مطلقا.
بحر.
قوله: (لاستهلاكه) وإذا ضمنها ملكها، ولا تباح له قبل أداء الضمان، ولا سبيل للمالك عليها عند أبي حنيفة، ولو أبرأه سقط حقه من العين والدين.
بحر.
قوله: (خلطه) أي الجيد.
قوله: (شريك) نقل نحوه المصن ف عن المجتبى، ولعل ذلك في غير الوديعة أو قول مقابل لما سبق من أن الخلط في الوديعة يوجب الضمان مطلقا إذا كان لا يتميز ط.
قوله: (لعدمه) أي التعيب المفهوم من عيبه.
قوله: (بغير صنعه) فإن هلك هلك من مالهما جميعا، ويقسم الباقي بينهما على قدر ما كان لكل واحد منهما كالمال المشترك.
بحر.(6/234)
قوله: (غير المودع) سواء كان أجنبيا أو من في عياله.
بحر عن الخلاصة.
قوله: (فرد مثله) ابن سماعة عن محمد في رجل أودع رجلا ألف درهم فاشتري بها ودفعها ثم استردها بهبة أو شراء وردها إلى موضعها فضاعت لم يضمن: وروي عن محمد أو قضاها غريمه بأمر صاحب الوديعة فوجدها زيوفا فردها على المودع فهلكت ضمن تاترخانية.
قوله: (الكل) البعض بالانفاق والبعض بالخلط.
س بحر.
قوله: (التمييز) أي كخلط الدراهم السود بالبيض أو الدراهم بالدنانير، فإنه لا يقطع حق المالك بالاجماع.
مسكين س.
قوله: (ولم يرد) بتشديد الدال.
قوله: (أو أودع) بضم الهمزة.
قوله: (وهذا) مرتبط بقوله: أو أنفق ولم يرد كما في البحر.
قال ط: ولم أر فيما إذا فعل ذلك فيما يضره التبعيض هل يضمن الجميع أو ما أخذ ونقصان ما بقي، فيحرر.
قوله: (التبعيض) كالدراهم والدنانير والمكيل والموزون.
قوله: (أشباه) عبارتها: أن المودع إذا تعدى ثم زال التعدي ومن نيته أن يعود إليه لا يزول التعدي ا ه.
كذا في الهامش.
قوله: (من شروط النية) وذكره هنا في البحر عن الظهيرية قال: حتى لو نزع ثوب الوديعة ليلا ومن عزمه أن يلبسه نهارا ثم سرق ليلا لا يبرأ عن الضمان.
قوله: (والمستأجر) مستأجر الدابة أو المستعير لو نوى أن لا يردها ثم ندم: لو كان سائرا عند النية ضمن لو هلكت بعد النية، أما لو كان واقفا إذا ترك نية الخلاف عاد أمينا.
جامع الفصولين.
قوله: (فلو أزالاه) أي التعدي.
قوله: (بخلاف مودع الخ) ولو مأمورا بحفظ شهر فمضى شهر ثم استعملها، ثم ترك الاستعمال وعاد إلى الحفظ ضمن إذا عاد والامر بالحفظ قد زال.
جامع الفصولين.
قوله: (ووكيل) بأن استعمل ما وكل ببيعه ثم ترك وضاع لا يضمن.
قوله: (أو إجارة) بأن وكله ليؤجر أو يستأجر له دابة فركبها ثم ترك.
قوله: (أو مفاوضة) أما شريك الملك فإنه إذا تعدى ثم أزال التعدي لا يزول الضمان كما هو ظاهر لما تقرر أنه أجنبي في حصة شريكه، فلو أعاز دابة الشركة فتعدى ثم أزال التعدي لا يزول الضمان، ولو كانت في نوبته على وجه الحفظ فتعدى ثم أزاله يزول الضمان، وهي واقعة الفتوى سئلت عنها فأجبت بما ذكرت وإن لم أرها في كلاههم للعلم بها مما ذكر إذ هو مودع في هذه الحالة، وأما استعمالها بلا إذن الشريك فهي مسألة مقررة مشهودة عندهم بالضمان ويصير غاصبا.
رملي على المنح.
قوله: (ومستعير لرهن) أي إذا استعار عبدا ليرهنه أو دابة فاستخدم العبد وركب الدابة قبل أن يرهنها ثم رهنا بمال مثل القيمة ثم قضى المال ولم يقبضها حتى هلكت عند المرتهن لا ضمان على الراهن.
لانه قد برئ عن الضمان حين رهنها.
منح.(6/235)
وهذه المسألة مستثناة من قوله: بخلاف المستعير كما في البحر.
قوله: (ثم أزال) أي التعدي.
قوله: (في عودة للوفاق الخ) عبارة نور العين عن مجمع الفتاوى وكل أمين خالف ثم عاد إلى الوفاق عاد أمينا كما كان، إلا المستعير والمستأجر فإنهما بقيا ضامنين ا ه.
وهي أولى.
تدبر.
قوله: (له) أي
للمالك.
قوله: (للمودع) بفتح الدال لانه ينفي الضمان عنه.
قوله: (هبة الخ) أي أنه وهبها منه أو باعها له.
قوله: (بعد طلب) متعلق بجحوده.
قوله: (ربها) أفاد في الخانية أن طلب امرأة الغائب وجيران اليتيم من الوصي لينفق عليه من ماله كذلك.
سائحاني، ومثله في التاترخانية.
قوله: (وقت الانكار) ظاهره أنه متعلق بنقلها وهو مستبعد الوقوع.
وعبارة الخلاصة: وفي غصب الاجناس إنما يضمن إذا نقلها عن موضعها الذي كانت فيه حال الجحود، وإن لم ينقلها وهلكت لا يضمن اه.
وهو ظاهر، وعليه فهو متعلق بقوله: مكانها وفي المنتقى: لو كانت العارية مما يحول يضمن بالانكار وإن لم يحولها، وذكر شيخنا عن الشرنبلالية أنه لو جحدها ضمن ولو لم تحول، يؤيده قول البدائع إن العقد ينفسخ بطلب المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ فبقي مال الغير في يده بغير إذنه فيكون مضمونا، فإذا هلك تقرر الضمان.
سائحاني.
وفي التاترخانية عن الخانية: ذكر الناطفي: إذا جحد المودع الوديعة يحضرة صاحبها يكون ذلك فسخا للوديعة، حتى لو نقلها المودع من المكان الذي كانت فيه حالة الجحود يضمن، وإن لم ينقلها من ذلك المكان بعد الجحود فهلكت لا يضمن اه.
فتأمل.
قوله: (خلاصة) لم يقتصر في الخلاصة على هذا، بل نقله عن غصب الاجناس، ثم قال بعده: وفي المنتقي: إذا كانت الوديعة والعارية مما يحول يضمن بالجحود وإن لم يحولها ا ه.
وذكر الرملي الظاهر أنه: أي ما في الاجناس قول لم يظهر لاصحاب المتون صحته فلم ينظروا إليه فراجع المطولات يظهر لك ذلك.
قوله: (لمالكها) أو وكيله كما في التاترخانية.
قوله: (ولو جحدها الخ) ولو قال ليس له علي شئ ثم ادعى الرد أو الهلاك يصدق، ولو قال لم يستودعني ثم ادعى الرد أو الهلاك لا يصدق بحر.
وكأن وجه الاول أن علي للدين فلم يكن منكرا للوديعة.
تأمل.(6/236)
وفي جامع الفصولين: طلبها ربها فقال اطلبها غدا فقال في الغد تلفت قبل قولي اطلبها غدا ضمن لتناقضه لا بعده.
طلبها فقال أعطيتكها ثم قال لم أعطكها ولكن تلفت ضمن ولم يصدق التناقض.
ثم قال: وكل فعل يغرم به المودع يغرم به المرتهن.
قوله: (كما لو برهن الخ) هكذا نقله في
الخانية والخلاصة.
ونقل في البحر عن الخلاصة أنه لا يصدق، لكن في عبارته سقط، ويدل عليه أن الكلام في البينة لا في مجرد الدعوى، حتى يقال لا يصدق، وقد راجعت الخلاصة وكتبت السقط على هامش البحر، فتنبه.
قوله: (أني دفعتها) بفتح همزة أني وكسر نونها مشددة: أي عند الايداع.
قوله: (إن علم) الاصوب علمت: أي القسمة، ونقل في المنح قبله عن الخلاصة ضمان القيمة يوم الايداع بدون تفصيل، لكنه متابع في النقل عن الخلاصة لصاحب البحر، وفيما نقله سقط فإن ما رأيته في الخلاصة موافق لما في العمادية، فتنبه.
قوله: (قيوم) بنصفه مضافا للايداع.
قوله: (جحد) أي قال لرب المال لم تدفع إلي شيئا.
قوله: (اشترى) يعني بعدما أقر ورجع عن الجحود بأن قال بلى قد دفعت إلي، بخلاف ما لو أقر جحد الشراء فيضمن والمبتاع له.
منح عن الخانية.
قوله: (فإن له) بتسكين النون.
قوله: (وبأهله لا) وأجمعوا على أنه لو سافر بها في البحر يضمن.
قال الاسبيجابي.
كذا في العيني.
مدني.
قوله: (مثليا أو قيميا) وخلافهما في الاول قياس على الدين المشترك.
بحر.
قوله: (لم يجز) قدره بناء على ما سيأتي من أنه لو دفع لم يضمن، فلم يبق المراد بنفي الدفع إلا عدم الجواز، وسيأتي ما فيه.
وفي البحر: وأشار بقوله: لم يدفع إلى أنه لا يجوز له ذلك حتى لا يأمره القاضي بدفع نصيبه إليه في قول أبي حنيفة، وأما أنه لو دفع لا يكون قسمة اتفاقا حتى إذا هلك الباقي رجع صاحبه على الآخذ بحصته وإلى أن لاحدهما أن يأخذ حصته منها إذا ظفر بها.
قوله: (المودع) بفتح الدال.
قوله: (إلى أحدهما) أي أحد المودعين بكسر الدال.
قوله: (في غيبة صاحبه) عند أبي حنيفة رحمه الله، وهو مروي عن علي رضي الله عنه، وقالا له ذلك لانه طلب نصيبه كما لو حضرا وبه قالت الثلاثة، وإن كانت الوديعة من غير ذوات الامثال ليس له ذلك إجماعا، قاله العيني.
وفي الدرر: قيل الخلاف في المثليات والقيميات معا، والصحيح أنه في المثليات فقط اه.
فتبين أن ما في المتن والشرح غير الصحيح المجمع عليه شيخنا القاضي عبد المنعم.
مدني.
قال(6/237)
الفقير محمد البيطار: وأظن أن هذه القولة رجع عنها المؤلف، لانه شطب عليها شطبا لا يظهر جدا، ورأيتين أني لا أكتبها، لكن وقع في قلبي شئ فأحببت كتابتها والتنبيه عليها فأعلمه بالمراجعة.
وفي
الهامش وفي الدر المنتقى: لو دفع المودع إلى الحاضر نصفها ثم هلك ما بقي وحضر الغائب، قال أبو يوسف رحمة الله عليه: إن كان الدفع بقضاء فلا ضمان على أحد، وإن كان بغير قضاء، فإن الذي حضر يتبع الدافع بنصف ما دفع ويرجع به الدافع على اللقابض وإن شاء أخذ من القابض نصف ما قبض.
كذا في الذخيرة: فتاوى الهندية من الباب الثاني في الوديعة.
فأفاد أن المودع لو دفع الكل لاحدهما بلا قضاء وضمنه الآخر حصته من ذلك فله الرجوع بما ضمنه على القابض اه.
قوله: (هو المختار) قال المقدسي: مخالف لما عليه الائمة الاعيان، بل غالب المتون عليه متفقون.
وقال الشيخ قاسم: اختار النسفي قول الامام والمحبوبي وصدر الشريعة.
أبو السعود عن الحموي.
قوله: (ضمن الدافع) أي النصف فقط كما في الاصلاح وقوله: الدافع: أي لا القابض لانه مودع المودع.
بحر.
قوله: (لا بد منه) أشار إلى أنه لا بد أن تكون الوديعة مما يحفظ في يد من منعه، حتى لو كانت فرسا منعه من دفعها إلى امرأته أو عقد جوهر منعه من دفعه إلى غلامه فدفع ضمن.
بحر.
قوله: (وإلا ضمن) كما إذا كان ظهر البيت المنهي عنه إلى السكة.
بحر.
قوله: (فقط) أي في إيداع قصدي.
قال في جامع الفصولين: دخل الحمام ووضع دراهم الوديعة مع ثيابه بين يدي الثيابي، قال ح: ضمن لايداع المودع، وقال صط: لا يضمن لان الايداع ضمني، وإنما يضمن بإيداع قصدي ا ه.
ولو أودع بلا إذن ثم أجاز المالك خرج الاول من البين.
بحر عن الخلاصة.
قوله: (لم يصدق) لانه أقر بوجوب الضمان عليه ثم ادعى البراءة فلا يصدق إلا ببينة.
جامفع الفصولين.
قوله: (وفي الغصب الخ) أي إذا غصبت من الوديع فادعى الوديع الرد بصدق إذ لم يفعل الوديع ما يوجب الضمان، فهو على ما كان أمين عند الرد وقبله وبعده، بخلاف دفعه للاجنبي لانه موجب للضمان.
سائحاني.
فرع: دفع إلى رجل ألف درهم وقال ادفعها إلى فلان بالري فمات الدافع فدفع المودع المال إلى رجل ليدفعه إلى فلان بالري فأخذ في الطريق لا يضمن المودع لانه وصي الميت، فلو كان الدافع حيا ضمن المودع لانه وكيل، إلا أن يكون الآخر في عياله فلا يضمن حينئذ.
خانية.
برهن عليه أنه(6/238)
دفعه إليه عشرة فقال دفعته إلي لادفعه إلى فلان فدفعت يصح الدفع.
بزازية من الدعوى.
قوله: (على
الاول) في جامع الفصولين: ولو ضمن المعالج رجع على المودع علم أنها للغير أو لا، إلا إن قال المودع ليست لي ولم أؤمر بذلك فحينئذ لا يرجع اه.
تأمل.
فرع: لو قال وضعها بين يدي وقمت ونسيتها فضاعت يضمن، ولو قال وضعتها بين يدي في داري والمسألة بحالها إن مما لا يحفظ في عرصة الدار كسرة النقدين يضمن، ولو كان مما تعد عرصتها حصنا له لا يضمن.
بزازية وخلاصة وفصولين وذخيرة وخانية.
وظاهره أنه يجب حفظ كل شئ في حرز مثله.
تأمل.
لكن تقدم في السرقة أن ظاهر المذهب كل ما كان حرزا لنوع فهو حرز لكل الانواع، فيقطع بسرقة لؤلؤة من إصطبل.
تأمل.
وقد يفرق بين الحرز في السرقة والحرز في الوديعة، وذلك أن المعتبر في قطع السارق بتلك الحرز وذلك لا يتاوت باعتبار المحرزات، والمعتبر في ضمان المودع التقصير في الحفظ: ألا ترى أنه لو وضعها في داره الحصينة وخرج وكانت زوجته غير أمينة يضمن، ولو أحد سرقها يقطع لان الدار حرز، وإنما ضمن للتقصير في الحفظ، ولو وضعها في الدار وخرج والباب مفتوح ولم يكن في الدار أحد أو في الحمام أو المسجد أو الطريق أو نحو ذلك وغاب يضمن مع أنه لا يقطع سارقها.
ونظائر هذا كثيرة، فإذا اعتبرنا هنا الحرز المعتبر في السرقة لزم أن لا يضمن في هذه المسائل ونحوها فيلزم مخالفة ما أطبقوا عليه في هذا الباب، فظهر يقينا صحة ما قلنا من الفرق والله أعلم، وبه ظهر جواب حادثة: وهي أن مودعا وضع بقجة شال غالية الثمن في إصطبل الخيل فسرقت.
والجواب أنه يضمن وإن قطع سارقها، والله تعالى أعلم.
قوله: (بخلاف مودع الغاصب) والفرق بينهما على قول أبي حنيفة أن مودع الغاصب غاصب لعدم إذن المالك ابتداء وبقاء.
قوله: (درر) وجزم به في البحر.
قوله: (فنكل عن الحلف) صور هذه المسألة ستة: أقر لهما نكل لهما حلف لهما أقر لاحدهما ونكل للآخر أو حلف نكل لاحدهما وحلف للآخر.
سائحاني.
قوله: (ولو حلف الخ) أشار إلى أن المودع يحلف إذا أنكر الايداع، كما إذا ادعى الرد أو الهلاك، إما لنفي التهمة أو لانكاره الضمان وإلى أنه لو حلف لا شئ عليه لهما، وإلى أن للقاضي أن يبدأ بأيهما شاء والاولى القرعة، وإلى أنه لو نكل للاول يحلف للثاني ولا يقضي بالنكول، بخلاف ما إذا أقر لاحدهما لان الاقرار حجة بنفسه، وتمامه في البحر.
قوله: (ونكل للآخر) في التحليف للثاني يقول بالله ما هذه
العين له ولا قيمتها، لانه لما أقر بها للاول ثبت له الحق فيها فلا يفيد إقراره فيها للثاني، فلو اقتصر على الاول لكان صادقا.
بحر.
له على رجل دين فأرسل الدائن إلى مديونه رجلا ليقبضه فقال المديون دفعته إلى الرسول وقال(6/239)
دفعته إلى الدائن وأنكر الدائن فالقول قول الرسول مع يمينه.
والذي في نور العين: فالقول للمرسل بيمينه تأمل.
قال الدائن ابعث الدين مع فلان فضاع من يد الرسول ضاع من المديون.
بزازية.
قوله: (وضاعت) يعني غابت ولم تظهر ولا حاجة إليه.
شيخنا.
قوله: (على الاصح) مقتضاه أن الاجير المشترك لا يضمن لكن أفتى الخير الرملي بالضمان، وعزاه في حاشية الفصولين إلى البزازية معللا بأنه تضييع في زماننا.
تأمل.
قوله: (بخلاف الخ) هذا مخالف لما في جامع الفصولين ونور العين وغيرهما من أنه لا يضمن، وهكذا في نسخة المنح، لكن لفظة لا ملحقة بين الاسطر وكأنها ساقطة من النسخ فنقلها الشارح هكذا، فتنبه.
فرع: في الهامش وفي النوازل: مر بمال اليتيم على ظالم وخاف إن لم يهد إليه هدية أن يأخذه كله لا يضمن، وكذا المضارب، والمشايخ أخذوا بهذا القول.
أنقروي.
وفي فتاوى النسفي: أنفق الوصي على باب القاضي يضمن الاعطى على وجه الرشوة لا على وجه الاجارة إذا لم يزد على أجر المثل.
أنقروي ا ه.
قوله: (فإنه يضمن) قاضيخان قال: وضعتها في داري فنسيت المكان لا يضمن، ولو قال وضعتها في مكان حصين فنسيت الموضع ضمن، لانه جهل الامانة كما لو مات مجهلا صح.
وقيل لا يضمن كقوله: ذهبت ولا أدري كيف ذهبت، ولو قال دفنت في داري أو في موضع آخر ضمن، ولو لم يبين مكان الدفن ولكنه قال سرقت من مكان دفنت فيه لم يضمن، ولو دفنها في الارض يبرأ لو جعل هنالك علامة وإلا فلا، وفي المفازة ضمن مطلقا، ولو دفنها في الكرم يبرأ لو حصينا بأن كان له باب مغلق، ولو وضعها بلا دفن برئ لو موضعا لا يدخل فيه أحد بلا إذن.
توجهت اللصوص نحوه في مفازة فدفنها حذرا فلما رجع لم يظفر بمحل دفنه، لو أمكنه أن يجعل فيه علامة ولم يفعل ضمن، وكذا لو أمكنه العود قريبا بعد زوال الخوف فلم يعد ثأ جاء ولم يجدها لا لو دفنها بإذن
ربها فظاهر وضعها في زمان القنية في بيت خراب ضمن لو وضعها على الارض لا لو دفنها.
نور(6/240)
العين.
قوله: (ماله كله) أما لو خاف أخذ ماله ويبقى قدر الكفاية يضمن.
فصولين.
قوله: (ولو أنفق الخ) ولو لم ينفق عليها المودع بالفتح حتى هلكت يضمن لكن نفقتها على المودع بالكسر منلا علي حاوي الزاهدي.
قوله: (على المنارة) فيما لو كانت المنارة وديعة.
قوله: (أبدا) أي ما لم يقر الوارث بالاداء.
قوله: (إلى الوارث) ظاهرة سواء كان الدين مستغرقا لما دفعه أو لا، وسواء كان الدين مستغرقا أو لا، والظاهر أن يقيد عدم البراءة بما إذا كان الدين مستغرقا لما دفعه والوارث غيره مؤتمن كما قيده بهما في المودع إذا دفع الوديعة للوارث.
حموي.
قوله: (وديعة العبد) تاجرا كان أو محجورا عليه دين أو لا، وهذا إن لم يعلم أن الوديعة كسب العبد، فلو علم فله أخذها، وكذا لو علم أنها للمولى.
تاترخانية.
قوله: (قلت) القول لصاحب الاشباه.
قال في الهامش.
قوله: (مقرضا) أي نصفه.
قوله: (ومقارضا) أي مضاربا نصفه.
كذا في الهامش.
قوله: (وربح) مضبوط بالقلم بفتح الراء.
قوله: (قراضا) أي مضاربة.
كذا في الهامش.
قوله: (فالقول قوله) أي قول رب المال.
قال في الهامش: وإذا أقام البينة فالبينة بينة العامل، وأن هلك المال في يد المضارب بعد ما اختلفا فالعامل ضامن جميع ما في يده لرب المال عمل أو لم يعمل.
شرح وهبانية لابن الشحنة.
قوله: (يضمن(6/241)
المتأخر) مفهومه أنهم إذا قاموا جملة ضمنوا، وبه صرج قاضيخان، ويظهر لي أن كل ما لا يقسم كذلك.
سائحاني.
قال في الهامش: ولو ترك واحد لقوم وديعة وقام الكل دفعة وتركوها ولم يأخذها منهم ضمنها الكل، ابن الشحنة.
قوله: (فعث) بالمثلة.
قوله: (ولم يعلم الخ) الواو بمعنى أو وبضم ياء يعلم.
كذا في الهامش.
قوله: (وينبغي) البحث للطرسوسي حيث قال: وينبغي أن يكون فيها التفصيل، لان الامر دائر بين الاعلام للمودع أو السد بدونه، وهو موجود وارتضاه.
ابن الشحنة وأقره الشرنبلالي.
فروع ربطها في طرف كمه أو عمامته أو شدها في منديل، ووضعه في كمه أو ألقاها في
جيبه، ولم تقع فيه وهو يظن أنها وقعت فيه لا يضمن.
خرج وترك الباب مفتوحا ضمن لو لم يكن في الدار أحد ولم يكن في مكان يسمع حس الداخل: جعلها في الكرم، فلو له حائط بحيث لا يرى المارة ما في الكرم لا يضمن إذا أغلق الباب، وإلا ضمن.
سوقي قام إلى الصلاة وفيه ودائع لم يضمن إذ جيرانه يحفظونه وليس بإيداع المودع لكنه مودع لم يضيع، وذكر الشارح ما يدل على الضمان، فليتأمل عند الفتوى.
جامع الفصولين: وفي البزازية: والحاصل أن العبرة للعرف اه.
غاب رب الوديعة ولا يدري أهو حي أم ميت يمسكها حتى يعلم موته ولا يتصدق بها، بخلاف اللقطة، وإن أنفق عليها بلا أم القاضي فهو متطوع، ويسأله القاضي البينة على كونها وديعة عنده، وعلى كون المالك غائبا، فإن برهن: فلو مما يؤجر وينفق عليها من غلتها أمره به، أو لا يأمره بالاتفاق يوما أو يومين أو ثلاثة رجاء أن يحضر المالك لا أكثر، بل يأمره بالبيع وإمساك الثمن، وإن أمره بالبيع ابتداء فلصاحبها الرجوع عليه به إذا حضر، لكن في الدابة يرجع بقدر القيمة لا بالزيادة، وفي العبد بالزيادة على القيمة بالغة ما بلغت، ولو اجتمع من ألبانها شئ كثير أو كانت أرضا فأثمرت وخاف فساده فباعه لامر القاضي، فلو في المصر أو في موضع يتوصل إلى القاضي قبل أن يفسد ذلك ضمن.
تاترخانية من العاشر في المتفرقات.
تتمة: في ضمان المودع بالكسر في قاضيخان: مودع جعل في ثياب الوديعة ثوبا لنفسه فدفعها إلى ربها ونسي ثوبه فيها فضاع عنده ضمنه، لانه أخذ ثوب الغير بلا إذنه، والجهل فيه لا يكون عذرا.
قال في نور العين: وينبغي أن تقيد المسألة بما لو كان غير عالم ثم علم بذلك وضاع عنده، وإلا فلا سبب للضمان أصلا، فالظاهر أن قوله: والجهل فيه لا يكون عذرا ليس على إطلاقه، والله أعلم اه ملخصا.(6/242)
كتاب العارية قوله: (مشددة) كأنها منسوبة إلى العار لان طلبها عار وعيب.
صحاح.
ورده في النهاية بأنه (ص)
باشر الاستعارة، فلو كان العار في طلبها لما باشرها، وقوله: على ما في المغرب من أنها اسم من الاعارة وأخذها من العار العيب خطأ اه وفي المبسوط: من التعاور وهو التناوب كما في البحر وتخفف.
قال الجوهري: منسوبة إلى العار، ورده الراغب بأن العار يأتي والعارية واوي وفي المبسوط: إنها من العرية: تمليك الثمار بلا عوض ورده المطرزي لانه يقال استعاره منه فأعاره واستعار الشئ على حذف من الصواب أن المنسوب إليه العارة اسم من الاعارة، ويجوز أن تكون من التعاور التناوب.
قهستاني ملخصا.
قوله: (تمليك) فيه رد على الرخي القائل بأنها إباحة وليست بتمليك، ويشهد له انعقادها بلفظ التمليك، وجواز أن يعير مالا يختلف بالمستعمل، والمباح له لا يبيح لغيره وانعقادها بلفظ الاباحة لانه استعير للتمليك.
بحر.
قوله: (ولو فعلا) أي كالتعاطي في القهستاني، وهذا مبالغة على القبول، وأما الايجاب فلا يصح به، وعليه يتفرع ما سيأتي قريبا من قول المولى خذخ واستخدمه.
والظاهر أن هذا هو المراد بما نقل عن الهندية، وركنها الايجاب من المعير، وأما القبول من المستعير فليس بشرط عند أصحابنا الثلاثة.
ا ه أي القبول صريحا غير شرط بخلاف الايجاب، ولهذا قال في التاترخانية: إن الاعارة لا تثبت بالسكوت ا ه.
وإلا لزم أن لا يكون أخذها قبولا.
قوله: (بجواز إعارة المشاع) إعارة الجزء الشائع تصح كيفما كان في التي تحتمل القسمة أو لا تحتملها من شريك أو أجنبي، وكذا إعارة الشئ من اثنين أجمل أو فصل بالتصنيف أو بالاثلاث.
قنية.
قوله: (وبيعه) وكذا إقراضه كما مر، وكذا من الشريك لا الاجنبي، وكذا وقفه عند أبي يوسف خلافا لمحمد فيما يحتمل القسمة وإلا فجائز.
وتمامه في أوائل هبة البحر فراجعه.
قوله: (لان جهالة الخ) أفاد أن الجهالة لا تفسدها قال في البحر: والمراد بالجهالة: جهالة المنافع المملكة لا جهالة العين المستعارة، بدليل ما في(6/243)
الخلاصة: لو استعار من آخر حمارا فقال ذلك الرجل لي حماران في الاصطبل فخذ أحدهما واذهب فأخذ أحدهما وذهب به يضمن إذا هلك، ولو قال خذ أحدهما أيهما شئت لا يضمن.
قوله: (للجهالة) وفي بعض النسح للمنازعة.
قوله: (لانه وديعة) أي أباح له بها الانتفاع.
قوله: (لانه صريح) أي حقيقة.
قال قاضي زاده: الصريح عند علماء الاصول ما انكشف المراد منه في نفسه فيتناول الحقيقة
غير المهجورة والمجاز المتعارف ا ه.
فالاول أعرتك والثاني أطعمتك أرضي ط.
قوله: (لانه صريح) هذا ظاهر في منحتك، أما حملتك فقال الزيلعي: إنه مستعمل فيهما يقال حمل فلان فلانا على دابته يراد به الهبة تارة والعارية أخرى، فإذا نوى أحدهما صحت نيته، وإن لم تكن له نية حمل على الادنى كي لا يلزمه الاعلى بالشك ا ه.
وهذا يدل على أنه من المشترك بينهما، لكن إنما أريد به العارية عند التجرد عن النية لئلا يلزمه الاعلى بالشك ط.
وانظر ما كتبناه على البحر عن الكفاية ففيه الكفاية.
قوله: (بها) أي بالنية.
قوله: (شهرا) فلو لم يقل شهرا لا يكون إعارة.
بحر عن الخانية: أي بل إجارة فاسدة، وقد قيل بخلافه.
تاترخانية.
وينبغي هذا لانه إذا لم يصرح بالمدة ولا بالعوض، فأولى أن يكون إعارة من جعله مع التصريح بالمدة دون العوض.
شيخنا.
ونقل الرملي في حاشية البحر عن إجارة البزازية: لا تنعقد الاعارة بالاجارة، حتى لو قال آجرتك منافعها سنة بلا عوض تكون إجارة فاسدة لا عارية ا ه.
قال: فتأمله مع هذا.
قوله: (مجانا) أي بلا عوض.
قوله: (مدة عمرك) هذا وجه آخر ذكره القهستاني وهو كون عمري ظرفا.
قوله: (ولو مؤقتة) ولكن يكره قبل تمام الوقت، لان فيه خلف الوعد.
ابن كمال.
أقول: من هنا تعلم أن خلف الوعد مكروه لا حرام.
وفي الذخيرة: يكره تنزيها لانه خلف الوعد ويستحب الوفاء بالعهد.
سائحاني.
قوله: (فتبطل) أي بالرجوع.
قوله: (فله أجر المثل) أي للمعير والاولى فعليه: أي على المستعير.
قوله: (للقنية) لم أجده في القنية في هذا المحل.
قوله: (وقت البيع) أي إلا إذا شرط البائع وقت البيع بقاء الجذوع والوارث في هذا بمنزله المشتري، إلا أن للوارث(6/244)
أن يأمره برفع البناء على كل حال كما في الهندية.
ومنه يعلم أن من أذن لاحد ورثته ببناء محل في داره ثم مات فلباقي الورثة مطالته برفعه إن لم تقع القسمة أو لم يخرج في قسمه.
وفي جامع الفصولين: استعار دارا فبنى فيها بلا أم المالك أو قال له ابن لنفسك ثم باع الدار بحقوقها يؤمر الباني بهدم بنائه، وإذا فرط في الرد بعد الطلب مع التمكن منه ضمن.
سائحاني.
قال في الهامش: وسيأتي مسألة من بنى في دار زوجته في شتى الوصايا وفيه زيادة مسألة السرداب على
الجذوع فقال رجل وضع جذوعه على حائط جاره بإذن الجار أو حفر سردابا في داره بإذن الجار ثم باع الجار داره وأراد المشتري أن يرفع جذوعه وسردابه كان للمشتري ذلك، إلا إذا كان البائع شرط في البيع بقاء الجذوع والسرداب تحت الدار، فحينئذ لا يكون للمشتري أن يطالبه برفع ذلك.
وتمامه في الخانية في فصل ما يتضرر به الجار ا ه.
قوله: (وبالقيل الخ) وأفتى به في الخيرية.
كذا في الهامش.
قوله: (في الخلاصة) وكذا في الخانية كما قدمنا عبارته قبيل دعوى النسب.
قوله: (ولا تضمن) هذا إذا لم يتبين أنها مستحقة للغير، فإن ظهر استحقاقها ضمنها، ولا رجوع به على المعير لانه متبرع، وللمستحق أن يضمن المعير، وإذا ضمنه لا رجوع له على المستعير، بخلاف المودع إذا ضمنها للمستحق حيث يرجع على المودع لانه عامل له.
بحر.
قوله: (بالهلاك) هذا إذا كانت مطلقة، فلو مقيدة كأن يعيره يوما فلو لم يردها بعد مضيه ضمن إذا هلكت كما في شرح المجمع وهو المختار كما في العمادية اه.
قال في الشرنبلالية: سواء استعملها بعد الوقت أو لا.
وذكر صاحب المحيط وشيخ الاسلام: إنما يضمن إذا انتفع بعد مضي الوقت لانه حينئذ يصير غاضبا.
أبو السعود.
قوله: (للجوهرة) حيث جزم فيها بصيرورتها مضمونة بشرط الضمان، ولم يقل في رواية مع أن فيها روايتين كما يؤخذ من عبارة الزيلعي س.
قوله: (على المختار) فإنها تعار.
أشباه.
قال محشيها: إذا كان مما لا يختلف بالاستعمال كالسكنى والحمل والزراعة وإن شرط أن ينتفع هو بنفسه، لان التقييد بما لا يختلف غير مفيد كما في شروح المجمع س.
وفي البحر: وله يعني المستعير أن يودع على المفتى به وهو المختار، وصحح بعضهم عدمه ويتفرع عليه ما لو أرسلها على يد أجنبي فهلكت ضمن على الثاني لا الاول، وسيأتي قريبا اه.
قوله: (وأما المستأجر) في وديعة البحر عن الخلاصة: والوديعة لا تودع ولا تعار ولا تؤجر ولا ترهن، والمستأجر يؤاجر ويعار ويودع، ولم يذكر حكم الرهن، وينبغي الخ.
وفي قول الخلاصة وينبغي الخ كلام كتباه في هامش البحر.
قوله: (ويودع) لكن الاجير المشترك يضمن بإيداع ما تحت يده لقول الفصولين: ولو أودع الدلال ضمن.
سائحاني.
قوله: (لا يملكه) بتشديد اللام(6/245)
وابتداء البيت الثاني من نون دون.
قوله: (ومؤجر) بفتح الجيم.
قوله: (فيها) أي الاعارة والاجارة،
وهذا لو قيد بلبسه ركوبه، وإلا فقد مر ويأتي أنه يعير ما يختلف لو لم يقيد بلابس وراكب.
سائحاني.
الوكيل لا يوكل والمستعير للبس أو ركوب ليس أن يعير لمن يختلف استعماله، والمسأجر ليس له أن يؤجر لغيره مركوبا كان أو ملبوسا إلا بإذن.
قوله: (ومستودع) بفتح الدال.
قوله: (ضمنه المعير) بتشديد ميم ضمنه مبينا للفاعل والمعير فاعل والضمير في ضمنه راجع للمستعير.
قوله: (على أحد) عبارة مسكين: على المتأجر، وهكذا أقره القهستاني، وقال: فلا فائدة في النكرة العامة.
قال أبو السعود: وتعقبه شيخنا بأن سلب الفائدة منوع لجواز كون قيمة الرهن عشرين وكان رهنا بعشرة فلا يرجع بالزائد على المرتهن.
قوله: (المستأجر) مفعول ضمن هكذا مضبوط بالقلم.
قوله: (عن المرتهن) قال في الشرنبلالية: وسكت عما لو ضمن المرتن فينظر حكمه، قال شيخنا: حكم المرتهن في هذه الصورة حكم الغاضب كما ذكره نوح أفندي، لانه قبض مال الغير بلا إذنه ورضاه فيكون للمعير تضمينه، وبأداء الضمان يكون الرهن هالكا على ملك مرتهنه، ولا رجوع له على الراهن المستعير بما ضمن لما علمت من كونه غاضبا ويرجع بدينه ا ه.
وتقييده بقوله: ولا رجوع له على الراهن المستعير للاحتراز عما لو كان الراهن مرتهنا فإنه يرجع على الاول.
أبو السعود.
وهذا ما ذكره الشارح بقوله: وفي شرح الوهبانية الخ فليس بيانا لما سكت عنه المصنف كما يوهمه كلامه بل بيان لفائدة أخرى.
تأمل.
قوله: (وفي شرح الخ) ظاهره أنه بيان لما سكت عنه المصنف مع أنه ليس من قبيلة، لان الكلام في المستعير إذا آجر أو رهن.
قوله: (أن يرهن) أي بدون إذن الراهن شرح وهبانية، كذا في الهامش.
قوله: (ويرجع الثاني) أي إن ضمن، وإن ضمن الاول لا يرجع على أحد.
ابن الشحنة، كذا في الهامش.
قوله: (إن لم يعين) أي بأن نص على الاطلاق كما سنذكره قريبا، كما لو استعار دابة للركوب أو ثوبا للبس له أن يعيرهما، ويكون ذلك تعيينا للراكب واللابس، فإن ركب هو بعد ذلك، قال الامام علي البزدوي: يكون ضامنا، وقال السرخسي وخواهر زاده: لا يضمن.
كذا في فتاوى قاضيخان.
وصحح الاول في الكافي.
بجر وسيأتي.
قوله: (وإن اختلف) أي إن عين منتفعا واختلف استعماله لا يعير للتفاوت، قالوا: الركوب واللبس مما اختلف استعماله، والحمل على الدابة(6/246)
والاستخدام والسكنى مما لا يختلف استعماله.
أبو الطيب مدني.
قوله: (المؤجر) بالفتح: أي إذا آجر شيئا فإن لم يعين من ينتفع به فللمستأجر أن يعيره سواء اختلف استعماله أو لا وإن عين يعير ما لا يختلف استعماله لا ما اختلف.
منح.
قوله: (أو استأجرها) فله الحمل في أي وقت وأي نوع شاء.
باقاني كذا في الهامش.
قوله: (مطلقا) أقول: الظاهر أنه أراد بالاطلاق عدم التقييد بمنتفع معين، لانه سيذكر الاطلاق في الوقت والنوع وإلا لزم التكرار.
تأمل.
قوله: (بلا تقييد) قال في التبيين: ينبغي أن يحمل هذا الاطلاق الذي ذكره هنا فيما يختلف باختلاف المستعمل كاللبس والركوب والزراعة على ما إذا قال على أن أركب عليها من أشاء، كما حمل الاطلاق الذي ذكره في الاجارة على هذا اه.
وأقره في الشرنبلالية، فما أوهمه قول المؤلف بلا تقييد بالنظر لما يختلف لا يتم ط.
قلت: فعلى هذا يحمل قول المصنف سابقا إن لم يعين بالنسبة للمختلف على ما إذا نص على الاطلاق لا على ما يشمل السكوت، لكن في الهداية: لو استعار دابة ولم يسم شيئا له أن يحمل ويعير غيره للحمل ويركب غيره الخ، فراجعها.
قوله: (يحمل ما شاء) أي من أي نوع كان لا الحمل فوق طاقتها، كما لو سلك طريقا لا يسلكه الناس في حاجة إلى ذلك المكان ضمن، إذا مطلق الاذن ينصرف المعارف، وليس من المتعارف الحمل فوق طاقتها، والتنظير في ذلك والتعليل في جامع الفصولين، وسيأتي في الاجارة مثله في المتن.
كذا في الهامش.
قوله: (ويركب) بفتح أوله وضمه.
سائحاني.
قوله: (أولا) بفتح الهمزة وتشديد الواو.
قوله: (بغيره) أي فيما يختلف بالمستعمل كما يفيده السياق واللحاق.
سائحاني.
وقدمنا عن الزيلعي أنه ينبغي تقييد عدم الضمان فيما يختلف بما إذا اطلق الانتفاع، فافهم.
قوله: (انتفع) فلو لم يسم موضعا ليس له إخراجها من الفصولين.
قوله: (أو بهما) فتتقيد من حيث الوقت كيفما كان، وكذا من حيث الانتفاع فيما يختلف باختلاف المستعمل، وفيما لا يختلف لا تتقيد لعدم الفائدة كما مر، ولم يذكر التقييد بالمكان، لكن أشار إليه الشارح في الآخر.
وذكره المصنف قبل قوله: ولا تؤجر فقال: استعار دابة ليركبها في حاجة إلى ناحية سماها فأخرجها إلى النهر ليسقيها في غير تلك الناحية ضمن إذا هلكت، وكذا إذا استعار ثورا ليركب أرضه فكرب أرضا أخرى يضمن، وكذا إذا قرنه بثور أعلى منه لم تجر العادة به.
وفي البدائع: اختلفا في الايام أو
المكان أو ما يحمل فالقول للمعير بيمينه.
سائحاني.
استعارها شهرا فهو على المصر، وكذا في إعارة خادم وإجارته وموصى له بخدمته.
فصولين.
قوله: (قرض) أي إقراض، لان العارية بمعنى الاعارة كما مر وهي التمليك.
وتمامه في العزمية.
قوله: (حتى الخ) تفريع على مفهوم قوله: عند الاطلاق.(6/247)
قوله: (ليعير) بتشديد الياء الثانية، الاصل عاير والجوهري نهى أن يقال عير.
يعقوبية.
قوله: (أو يزين) بتشديد الياء الثانية.
قوله: (كان عارية) لانه عين الانتفاع، وإنما تكون قرضا عند الاطلاع كما تقدم.
قوله: (فقرص) فعليه مثلها أو قيمتها.
منح.
قوله: (ونصح عارية السهم) أي ليغزو دار الحرب لانه يمكن الانتفاع به في الحال وإنه يحتمل عوده إليه برمي الكفرة بعد ذلك.
منح عن الصيرفية.
ونقل عنها قبل هذا أنه إن استعار سهما ليغزو دار الحرب لا يصح، وإن استعار ليرمي الهدف صح، فإنه في الاول لا يمكن الانتفاع بعين السهم إلا بالاستهلاك، وكل عارية كذلك تكون قرضا لا عارية اه.
قوله: (ولا يضمن) عبارة الصيرفية كما في المنح قال: هو يصح عارية السلاح، وذكر في السهم أنه يضمن كالقرض، لان الرمي يجري مجرى الهلاك، وهذه النسخة التي نقلت منها نسخة مصححة عليها خطوط بعض العلماء، وكان في الاصل مكتوبا: لا يضمن، فحك منها لفظة لا ويدل عليه تنظيره بقوله: كالقرض، ولكن كان الظاهر على هذا أن يقال في التعليل: لان الرمي يجري مجرى الاستهلاك، فتعبيره بالهلاك يقتضي عدم الضمان، فتأمل وراجع.
قوله: (للعلم) تأمل في هذا التعليل: استعار رقعة يرقع بها قميصه أو خشبة يدخلها في بنائه أو آجرة فهو ضامن لانه قرض، إلا إذا قال لاردها عليك فهي عارية.
تاترخانية.
قوله: (مقلوعين) أو يأخذ المستعير غراسه وبناءه بلا تضمين المعير.
هداية.
وذكر الحاكم أن له أن يضمن المعير قيمتها قائمين في الحال ويكونان له، وأن يرفعهما إلا إذا كان الرفع مضرا بالارض، فحينئذ يكون الخيار للمعير كما في الهداية، وفيه رمز إلى أن لا ضمان في العارية المطلقة.
وعنه أن عليه القيمة، وإلى أن لا ضمان في الموقتة بعد انقضاء الوقت، فيقلع المعير البناء والغرس إلا أن يضر القلع، فحينئذ يضمن قيمتها مقلوعين لا قائمين كما في المحيط.
قهستاني.
كذا في الهامش.
قوله: (ما نقص البناء) هذا مشى عليه في الكنز والهداية.
وذكر في البحر عن المحيط ضمان القيمة قائما إلا أن يقلعه المستعير ولا ضرر، فإن ضر فضمان القيمة مقلوعا، وعبارة المجمع: وألزمناه الضمان فقيل ما نقصهما القلع، وقيل قيمتها، ويملكهما، وقيل إن ضر يخير المالك: يعني المعير يخير بين ضمان ما نقص وضمان القيمة، ومثله في درر البحار والمواهب والملتقى، وكلهم قدموا الاول وبعضهم جزم به وعبر عن غيره بقيل، فلذا اختار المصنف، وهي رواية القدوري، والثاني رواية الحاكم الشهيد كما في غرر الافكار.
قوله: (قائما) فلو قيمته قائما في الحال أربعة وفي المآل عشرة ضمن ستة، شرح الملتقس.
قوله: (المضروبة) فيضمن ما نقص عنها.
قوله: (القيمة) أي ابتداؤها.
قوله: (وقتها) بتشديد القاف.
قوله: (فتترك الخ) نص في البرهان على أن الترك بأجر استحسان، ثم قال عن المبسوط: ولم يبين في الكتاب أن الارض تترك في يد المستعير إلى وقت إدراك الزرع بأجر أو بغير أجر، قالوا: وينبغي أن تترك بأجر المثل كما لو انتهت مدة الاجارة(6/248)
والزرع بقل بعدا ه شرنبلالية.
قوله: (أعطيك البذر) بضم الهمزة والبذر مفعوله.
قوله: (وكلفتك) بضم الكاف وتسكين اللام وفتح الباقي.
قوله: (الجواز) وهو المختار كما في الغياثية ط.
قوله: (على المستعير).
فروع علف الدابة على المستعير مطلقة، أو مقيدة ونفقة العبد كذلك والكسوة على المستعير.
بزازية وقدمه الشارح أول الترجمة وآخر النفقة.
جاء رجل إلى مستعير وقال إني استعرت دابة عندك من ربها فلان فأمرني بقبضها فصدقه ودفعها ثم أنكر المعير أمره بذلك ضمن المستعير، ولا يرجع على القابض إذا صدقه، فلو كذبه أو لم يصدقه أو شرط عليه الضمان فإنه يرجع.
قال: وكل تصرف هو سبب الضمان لو ادعى المستعير أنه فعله بإذن المعبر فكذبه ضمن المستعير ما لم يبرهن فصولين.
استعار قدرا لغسل الثياب ولم يسلمه حتى سرق ليلا ضمن.
بزازية.
تأمل.
قوله: (لان) مستدرك بفاء التفريع.
قوله: (إلا إذا استعارها الخ) فمؤنة الرد على المعير، والفرق ما أشار إليه لان هذه إعارة فيها منفعة لصاحبها فإنها تصير مضمونة في يد المرتهن، وللمعير أن يرجع على المستعير
بقيمته، فكانت بمنزلة الاجارة.
خانية.
فقد حصل الفرق بين العارية للرهن وغيرها من وجهين: الاول هذا، والثاني ما مر في الباب قبله عند قوله: بخلاف المستعير والمستأجر أنه لو خالف ثم عاد إلى الوفاق برئ عن الضمان.
أفاده في البحر.
قوله: (هذا الخ) الاولى ذكره قبل الغاضب، لانه راجع إلى كون مؤنة الرد على المؤجر: يعني إنما تكون عليه إذا أخرجه المستأجر بإذنه، وإلا فعلى المستأجر، فيكون كالمستعير.
وفي البحر عن الخلاصة: الاجير المشترك كالخيار ونحوه مؤنة الرد عليه لا على رب الثوب.
قوله: (لو الاخراج) أي إلى بلد آخر مثلا، والظاهر أن المراد بالاذن الاذن صريحا وإلا فالاذن دلالة موجود.
تأمل.
قوله: (بخلاف شركة الخ) فإن أجرة ردها على صاحب المال والواهب كما في المنح.
قوله: (مع عبده) أي مع من في عيال المستعير.
قهستاني.
قال في الهامش: ردها مع من في عياله برئ.
جامع الفصولين.
قوله: (لا مياومة) لانه ليس في عياله.
قهستاني.
قوله: (أو مع عبد الخ) أي مع من في عيال المعير.
قهستاني.
قوله: (يقوم عليها) أي يتعاهدها(6/249)
كالسائس.
قوله: (مع الاجنبي) قال في الهامش: المستأجر لو رد الدابة مع أجنبي ضمن.
جامع الفصولين.
قوله: (وإلا فالمستعير الخ) إشارة إلى فائدة اشتراط التوقيت.
قال الزيلعي: وهذا أي قوله بخلاف الاجنبي يشهد لمن قال من المشايخ: إن المستعير ليس له أن يودع، وعلى المختار تكون هذه المسألة محمولة على ما إذا كانت العارية موقتة فمضت مدتها ثم بعثها مع الاجنبي، لانه بإمساكها بعد يضمن لتعديه فكذا إذا تركها في يد الاجنبي ا ه.
وفي البرهان: وكذا يعني يبرأ لو ردها مع أجنبي على المختار بناء على ما قال مشايخ العراق من أن المستعير يملك الايداع، وعليه الفتوى، لانه لما ملك الاعارة مع أن فيها إيداعا وتمليك المنافع، فلان يملك الايداع وليس فيه تمليك المنافع أولى، وأولوا قوله: وإن ردها مع أجنبي ضمن إذا هلكت بأنها موضوعة فيما إذا كانت العارية موقتة وقد انتهت باستيفاء مدتها، وحينئذ يصير المستعير مودعا والمودع لا يهلك الايداع بالاتفاق ا ه شرنبلالية.
قلت: ومثله في شروح الهداية، ولكن تقدم متنا أنه يضمن في المؤقتة، وفي جامع الفصولين: لو كانت العارية موقتة فأمسكها بعد الوقت مع إمكان الرد ضمن، وإن لم يستعملها بعد الوقت هو
المختار سواء توقتت نصا أو دلالة، حتى إن من استعار قدوما ليكسر حطبا فكسره فأمسك ضمن ولو لم يوقت اه.
فعلى هذا فضمانه ليس بالارسال مع الاجنبي، إلا أن يحمل على ما إذا لم يمكنه الرد.
تأمل، ومع هذا يبعد هذا التأويل التقييد، ولا بالعبد والاجير فإنه على هذا لا فرق بينهما وبين الاجنبي، حيث لا يضمن بالرد قبل المدة مع أي من كان، ويضمن بعدها كذلك، فهذا أدل على قول من قال: ليس له أن يودع، وصححه في النهاية كما نقله عنه في التاترخانية.
قوله: (فيما يملك) وهو ما لا يختلف، وظاهره أنه يملك الايداع فيما يختلف وليس كذلك.
وعبارة الزيلعي: وهذا لان الوديعة أدنى حالا من العارية، فإذا كان يملك الاعارة فيما لا يختلف فإولى أن يملك الايداع على ما بينا، ولا يختص بشئ دون شئ لان الكل لا يختلف في حق الايداع، وإنما يختلف في حق الانتفاع اه.
اللهم إلا أن يقال ما عبارة عن الوقت: أي في وقت يملك الاعارة، وهو قبل مضي المدة إذا كانت موقتة، وهو بعيد كما لا يخفي.
تأمل.
فرع: في الهامش إذا اختلف المعير والمستعير في الانتفاع بالعارية فادعى المعير الانتفاع بقول مخصوص في زمن مخصوص وادعى المستعير الاطلاق القول قول المعير في التقييد، لان القول في أصل الاعارة فكذا في صفتها.
قارئ الهداية في القول لمن.
قوله: (على هذا) وهو كون العارية موقتة وقد مضت مدتها ثم بعثها مع الاجنبي، لكن لا يخفى أن الضمان حينئذ بسبب مضي المدة لا من كونه بعثها مع الاجنبي، إذ لا فرق حينئذ بينه وبين غيره.
قوله: (وبخلاف) معطوف على قول المتن بخلاف وكان الاولى ذكره هناك.
تأمل.
قوله: (فإنه ليس الخ) كذا في الهداية، ومسألة الغير خلافية، ففي الخلاصة قال مشايخنا: يجب أن يبرأ.
قال في الجامع الصغير للامام قاضيحان: السارق والغاضب لا يبرآن بالرد إلى منزل ربها أو مربطه أو أجيره أو عبده ما لم يردها إلى مالكها.
قوله: (لا(6/250)
زرعها) اللام للتعليل.
قوله: (فيخصص) أي فلا يقول أعرتني.
قوله: (يملك الاعارة) وكذا الصبي المأذون.
وفي البزازية: استعار من صبي مثله كالقدوم ونحوه إن مأذونا، وهو ماله لا ضمان، وإن لغير الدافع المأذون يضمن الاول لا الثاني، لانه إذا كان مأذونا صح منه الدفع وكان التلف حاصلا
بتسليطه، وإن الدافع محجوزا يضمن هو بالدفع والثاني بالاخذ لانه غاصب الغاصب ا ه.
قوله: (واستهلكه الخ) لان المعير سلطه على إتلافه وشرط عليه الضمان فصح تسليطه وبطل الشرط في حق المولى.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (عبد محجوز عبدا محجوزا) فعبد محجوز فاعل أعار وصفة فاعله، كما أن عبدا مفعوله وموصوف محجوزا.
كذا ضبط بالقلم.
قوله: (ضمن الثاني) لانه أخذه بغير إذن فكان غاصبا.
قوله: (للحال) لان المحجور يضمن بإتلافه حالا.
درر.
كذا في الهامش.
قوله: (لانه) علة لقوله: لم يضمن.
قوله: (يملكها) أي الاعارة.
قوله: (وضعها) أي المستعير.
قوله: (يديه) أي يد المستعير.
قوله: (مضطجعا) هذا في الحضر.
قال في جامع الفصولين: المستعير إذا وضع العارية بين يديه ونام مضطجعا ضمن في حضر لا في سفر، ولو نام فقطع رجل مقود الدابة في يده لم يضمن في حضر وسفر، ولو أخذ المقود من يده ضمن لو نام مضطجعا في الحضر وإلا فلا ا ه.
وفي البزازية: نام المستعير في المفازة ومقصودها في يده فقطع السارق المقود لا يضمن، وإن جذب المقود من يده ولم يشعر به يضمن.
قال الصدر: هذا إذا نام مضطجعا، وإن جالسا لا يضمن في الوجهين، وهذا لا يناقض ما مر أن نوم المضطجع في السفر ليس بترك للحفظ، لان ذاك في نفس النوم وهذا في أمر زائد على النوم ا ه.
وفيها استعار منه مرا للسقي واضطجع ونام وجعل المر تحت رأسه لا يضمن، لانه حافظ، ألا يرى إن السارق من تحت رأس النائم يقطع وإن كان في الصحراء، وهذا في غير السفر، وإن في السفر لا يضمن نام قاعدا أو مضطجعا والمستعار تحت رأسه أو بين يديه أو بحواليه يعد حافظا اه.
قوله: (أنه يضمن) وبه جزم في البزازية.
قال: لانه أخذ بلا إذنه وقال: ولو استعار من آخر ثوره غدا فقال نعم فجاء المستعير غدا فأخذه فهلك لا يضمن، لانه استعار منه غدا وقال نعم فانعقدت الاعارة، وفي المسألة الاولى وعد الاعارة لا غير.
قوله: (جهز ابنته الخ) وفي الولوالجية: أذا جهز الاب ابنته ثم بقية الورثة يطلبون القسمة منها، فإن كان الاب اشترى لها في صغرها أو بعدها كبرت وسلم إليها وذلك في صحته فلا سبيل للورثة عليه ويكون للبنت خاصة اه منح.
كذا في(6/251)
الهامش.
قوله: (فإن القول له) ظاهره أن القول له حينئذ في الجميع لا في الزائد على جهاز المثل،
وليحرر.
قوله: (وأمثالها) كالعلماء والاشراف.
قال بعض الفضلاء: ينبغي أن يقيد بأن لا يكون الناظر معروفا بالخيانة كأكثر نظار زماننا، بل يجب أن لا يفتوا بهذه المسألة.
حموي ط.
قوله: (المرتزقة) مثل الامام والمؤذن والبواب لان له شبها بالاجرة، بخلاف الاولاد ونحوهم لانه صلة محضة.
قوله: أخي زاده أي على صدر الشريعة.
قوله: (مستحقها) أي الامانات.
قوله: (إلا في الوكيل) أفاد الحصر قبول القول من وكيل البيع، ويؤيده ما في وكالة الاشباه: إذا قال بعد موت الموكل بعته من فلان بألف درعم وقبضتها وهلكت وكذبته الورثة في البيع فإنه لا يصدق إذا كان المبيع قائما بعينه، بخلاف ما إذا كان هلكا.
سائحاني.
قوله: (بعد موت الموكل) بخلافه في حياته.
فروع: شحي لو ذهب إلى مكان غير المسمى ضمن ولو أقصر منه، وكذا لو أمسكها في بيته ولم يذهب إلى المسمى ضمن.
قاضيخان.
لانه أعارها للذهاب لا للامساك في البيت.
يقول الحقير: يرد على المسألتين إشكال وهو أن المخالفة فيهما إلى خير لا إلى شر، فكان الظاهر أن لا يضمن فيهما، ولعل في المسألة الثانية روايتين، إذ قد ذكر في يد: لو استأجر قدوما لكسر الحطب قوضعه في بيته فتلف بلا تقصير قيل ضمن وقيل لا شحي، والمكث والمعتاد عفو.
نور العين.
إذا مات المعير أو المستعير تبطل الاعارة.
خانية.
استعار من آخر شيئا فدفعه ولده الصغير المحجور عليه إلى غيره بطريق العارية فضاع يضمن الصبي الدافع وكذا المدفوع إليه، تاترخانية عن المحيط.
رجل استعار كتابا فضاع فجاء صاحبه وطالبه فلم يخبره بالضياع ووعده بالرد ثم أخبره بالضياع.
قال في بعض المواضع: إن لم يكن آيسا من رجوعه فلا ضمان عليه، وإن كان آيسا ضمن، لكن هذا خلاف ظاهر الرواية.
قال في الكتاب: يضمن لانه متناقض.
ولوالجية.(6/252)
وفيها: استعار ذهبا فقلده صبيا فسرق إن كان الصبي يضبط حفظ ما عليه لا يضمن، وإلا ضمن.
وفيها: دخل بيته بإذنه فأخذ إناء لينظر إليه فوقع لا يضمن ولو أخذه بلا إذنه، بخلاف ما لو
دخل سوقا يباع فيه الاناء يضمن اه.
جاء رجل إلى مستعير وقال إني استعرت دابة عندك من ربها فلان فإمرني بقبضها فصدقه ودفعها ثم أنكر المعير أمره ضمن المستعير ولا يرجع على القابض، فلو كذبه أو لم يصدقه أو شرط عليه الضمان فإنه يرجع.
قال: وكل تصرف هو سبب للضمان لو ادعى المستعير أنه فعله بإذن المعير وكذبه المعير ضمن المستعير ما لم يبرهن.
فصولين.
وفيه: استعارة وبعث قنه ليأتي به فركبه قنه فهلك به ضمن القن ويباع فيه حالا، بخلاف قن محجور أتلف وديعة قبلها بلا إذن مولاه ا ه.
قوله: (في حياته) أي الموكل.
قوله: (مثل المقبوض) لان الديون تقضى بأمثالها.
قوله: (لا في حق نفسه) أي فيضمن.
قوله: (ولا في حق الموكل) أي في إيجاب الضمان عيه بمثل المقبوض.
قوله: (بعضهم) هو من معاصري صاحب المنح كما ذكره فيها، وذكر الرملي في حاشيتها أنه هو الذي لا محيد عنه، وليس في كلام أئمتنا ما يشهد لغيره.
تأمل اه.
قلت: وللشرنبلالي رسالة في هذه المسألة فراجعها كما أشرنا إليه في كتاب الوكالة وكتبت منها شيئا في هامش البحر هناك.
قوله: (بينهم) أي بين أصحاب الدين ورب الوديعة.
قوله: (لانه عارية) أي فلا يضمن إلا بالتعدي ولم يوجد.
قوله: (بلا عوض) أي أو هنا جعل له عوضا.
وفي البزازية: دفع داره على أن يسكنها ويرمها ولا أجر فهي عارية، لان المرمة من باب النفقة وهي على المستعير: وفي كتاب العارية بخلافه.
سائحاني.
قوله: (بجهالة المدة) عبارة البحر عن المحيط: لجهالة المدة(6/253)
والاجرة، لان البناء مجهول فوجب أجر المثل اه.
فأفاد أن الحكم كذلك لو بين المدة لبقاء جهالة الاجرة وهو ظاهر.
قوله: (لو شرط الخ) أي تكون إجارة فاسدة لانه عليه ولما شرطه على المستعير، فقد جعله بدلا عن المنافع فقد أتى بمعنى الاجارة والعبرة في العقود للمعاني.
قوله: (لجهالة البدل) أما لو كان خراج المقاسمة فلان بعض الخارج يزيد وينقص، وأما إذا كان خراجا موظفا فإنه وإن كان مقدرا إلا أن الارض إذا لم تحتمله ينقص عنه.
منح ملخصا.
قوله: (منه) أي من ذلك البدل.
قوله: (وأي معير الخ) أرض آجرها المالك للزراعة ثم أعارها من المستأجر وزرعها المستعير، فلا يملك استرجاعها لما فيه من الضرر، وتنفسخ الاجارة حين الاعارة.
ابن الشحنة، كذا في
الهامش.
قوله: (يجوز رجوعه) والجواب أن هذا الابن مملوك الغير والمملوك لا يملك شيئا فيقع لغيره وهو سيد فيصح الرجوع.
كذا في الهامش.
قوله: (وهل مودع) المودع لو دفع الوديعة إلى الوارث بلا أمر القاضي ضمن إن كانت مستغرقة بالدين ولم يكن مؤتمنا، وإلا فلا إذا دفع لبعضهم فوائد زينية.
كذا في الهامش.(6/254)
كتاب الهبة قوله: (وجه المناسبة ظاهر) لان ما قبلها تمليك المنفعة بلا عوض وهي تمليك العين كذلك.
قوله: (مجانا) زاد ابن الكمال للحال لاخراج الوصية.
قوله: (بلا عوض) أي بلا شرط عوض فهو على حذف مضاف، لكن هذا يظهر لو قال بلا عوض كما في الكنز، لان معنى مجانا عدم العوض لا عدم اشتراطه، على أنه اعترضه الحموي كما في أبي السعود بأن قوله: بلا عوض نص في اشتراط عدم العوض والهبة بشرط العوض نقيضه فكيف يجتمعان ا ه: أي فلا يتم المراد بما ارتكبه، وهو شمول التعريف للهبة بشرط العوض، لانه يلزم خروجها عن التعريف حينئذ كما نبه عليه في العزمية أيضا.
قلت: التحقيق أنه إن جعلت الباء للملابسة متعلقة بمحذف حالا من تمليك لزم ما ذكر، أما لو جعل المحذوف خبرا بعد خبر: أي هي كائنة بلا شرط عوض على معنى أن العوض فيها غير شرط، بخلاف البيع والاجارة فلا يرد ما ذكر، فتدبر.
قوله: (شرط فيه) وإلا لما شمل الهبة بشرط العوض ح.
قوله: (وأما تمليك الدين الخ) جواب عن سؤال مقدر، وهو أن تقييده بالعين مخرج لتمليك الدين من غير من عليه مع أنه هبة فيخرج عن التعريف.
فأجاب: بأنه يكون عينا مآلا، فالمراد بالعين في التعريف ما كان عينا حالا أو مآلا.
قال بعض الفضلاء: ولهذا لا يلزم إلا إذا قبض، وله الرجوع قبله منعه، حيث كان بحكم النيابة على القبض، وعليه تبتنى مسألة موت الواهب قبل قبض الموهوب له في هذه، فتأمل.
بقي هل الاذن يتوقف على المجلس؟ الظاهر نعم فليراجع، ولا ترد هبة الدين ممن عليه فإنه مجاز عن الابراء والفرد المجازي لا ينقض، والله سبحانه أعلم اه.
قوله: (صحت) أي ويكون وكيلا عنه فيه.
قال في البحر عن المحيط: ولو وهب دينا له على رجل وأمره أن يقبضه فقبضه
جازت الهبة استحسانا فيصير قابضا للواهب بحكم النيابة ثم يصير قابضا لنفسه بحكم الهبة، وإن لم يأذن بالقبض لم يجز اه.
وفي أبي السعود عن الحموي: ومنه يعلم أن تصيير معلومه المتجمد للغير بعد فراغه له غير صحيح ما لم يأذنه بالقبض وهي واقعة الفتوى.
وقال في الاشباه: صحت، ويكون وكيلا قابضا للموكل ثم لنفسه، ومقتضاه عزله عن التسليط قبل القبض ا ه.
قوله: (قال الامام) بيان للاخروي ح.
قوله: (يعلم) بكسر اللام مشددة.
قوله: (تهادوا تحابوا) بفتح تاء تهادوا وهائه وداله وإسكان واوه، وتحابوا بفتح تائه وحائه وضم بائه مشددة.
قوله: (ولو مكاتبا) فغيره كالمدبر وأم الولد والمبعض(6/255)
بالاولى.
قوله: (صحتها) أي بقائها على الصحة كما سيأتي.
قوله: (مقبوضا) رجل أضل لؤلؤة فوهبها لآخر وسلطه على طلبها وقبضها متى وجدها.
قال أبو يوسف: هذه هبة فاسدة لانها على خطر، والهبة لا تصح مع الخطر.
وقال زفر: تجوز.
خانية.
قوله: (مشاع) أي فيما يقسم كما يأتي وهذا في الهبة، وأما إذا تصدق بالكل على اثنين فإنه يجوز على الاصح.
بحر: أي بخلاف ما إذا تصدق بالبعض على واحد فإنه لا يصح كما يأتي آخر المتفرقات، لكن سيأتي أيضا أنه لا شيوع في الاولى، وقد ذكر في البحر هنا أحكام المشاع وعقد لها في جامع الفصولين ترجمة فراجعه.
فائدة: من أراد أن يهب نصف دار مشاعا يبيع منه نصف الدار بثمن معلوم ثم يبريه عن الثمن.
بزازية.
قوله: (هو الايجاب) وفي خزانة الفتاوى إذا دفع لابنه مالا فتصرف فيه الابن يكون للاب إلا إذا دلت دلالة التمليك.
بيري.
قلت: فقد أفاد أن التلفظ بالايجاب والقبول لا يشترط، بل تكفي القرائن الدالة على التمليك، كمن دفع لفقير شيئا وقبضه ولم يتلفظ واحد منهما بشئ، وكذا يقع في الهداية ونحوها فاحفظه، ومثله ما يدفعه لزوجته أو غيرها، وقال وهبت منك هذه العين فقبضها الموهوب له بحضرة الواهب ولم يقل قبلت صح، لان القبض في باب الهبة جار مجرى الركن فصار كالقبول.
ولوالجية.
وفي شرح المجمع لابن ملك عن المحيط: لو كان أمره بالقبض حين وهب لا يتقيد بالمجلس ويجوز قبضه بعده.
قوله: (والقبول) فيه خلاف.
ففي القهستاني: وتصح الهبة بكوهبت، وفيه دلالة على أن القبول ليس بركن كما أشار إليه في الخلاصة وغيرها.
وذكر الكرماني أن الايجاب في الهبة عقد تام.
وفي المبسوط: أن القبض كالقبول في البيع، ولذا لو وهب الدين من الغريم لم يفتقر إلى القبول كما في الكرماني، لكن في الكافي والتحفة أنه ركن، وذكر في الكرماني: أنها تفتقر إلى الايجاب لان ملك الانسان لا ينقل إلى الغير بدون تمليكه، وإلى القبول لانه إلزام الملك على الغير، وإنما يحنث إذا حلف أن لا يهب فوهب ولم يقبل، لان الغرض عدم إظهار الجود وقد وجد الاظهار، ولعل الحق الاول، فإن في التأويلات التصريح بأنه غير لازم ولذا قال أصحابنا لو وضع ماله في طريق لكون ملكا للرافع جاز اه.
وسيأتي تمامه قريبا.
قوله: (فلو شرطه) بأن وهبه على أن الموهوب له بالخيار ثلاثة أيام.
قوله: (وكذا لو الخ) أي لا يصح خيار الشرط: أي لو أبرأه على أنه بالخيار ثلاثة أيام يصح الابراء،(6/256)
ويبطل الخيار.
منح.
وهذا مخالف لما مر في باب خيار الشرط.
قوله: (المزاح) رده المقدسي على صاحب البحر وأجبنا عنه في هامشه.
قوله: (بخلاف جعلته باسمك) قال في البحر: قيد بقوله: لك لانه لو قال جعلته باسمك لا يكون هبة، ولهذا قال في الخلاصة: لو غرس لابنه كرما إن قال جعلته لابني يكون هبة، وإن قال باسم ابني لا يكون هبة، ولو قال أغرس باسم ابني فالامر متردد وهو إلى الصحة أقرب اه.
وفي المنح عن الخانية بعد هذا: قال جعلته لابني فلان يكون هبة، لان الجعل عبارة عن التمليك، وإن قال أغرس باسم ابني لا يكون هبة، وإن قال جعلته باسم ابني يكون هبة، لان الناس يريدون به التمليك والهبة ا ه.
وفيه مخالفة لما في الخلاصة كما لا يخفى اه.
قال الرملي: أقول: ما في الخانية أقرب لعرف الناس.
تأمل ا ه.
وهنا تكملة لهذه لكن أظن أنها مضروب عليها لفهمها مما مر وهي ظاهرة أنه أقره على المخالفة، وفيه أن ما في الخانية فيه لفظ الجعل وهو مراد به التمليك، بخلاف ما في الخلاصة ا ه.
تأمل.
نعم عرف الناس التمليك مطلقا.
تأمل.
قوله: (ليس بهبة) بقي ما لو قال ملكتك هذا الثوب مثلا فإن قامت قرينة على الهبة صحت، وإلا فلا لان التمليك أعم منها لصدقه على البيع والوصية والاجارة وغيرها، وانظر ما كتبناه في آخر هبة الحامدية، وفي
الكازروني أنها هبة.
فروع: في الهامش: رجل قال لرجل قد متعتك بهذا الثوب أو هذه الدراهم فقبضها فهي هبة، وكذا لو قال لامرأة قد تزوجها على مهر مسمى قد متعتك بهذه الثياب أو بهذه الدراهم فهي هبة.
كذا في محيط السرخسي.
فتاوى هندية.
أعطى لزوجته دنانير لتتخذ بها ثيابا وتلبسها عنده فدفعتها معاملة فهي لها.
قنية.
اتخذ لولده الصغير ثوبا يملكه وكذا الكبير بالتسليم.
بزازية.
لو دفع إلى رجل ثوبا وقال ألبس نفسك ففعل يكون هبة ولو دفع دراهم وقال أنفقها عليك يكون قرضا.
باقاني.(6/257)
اتخذ لولده ثيابا ليس له أن يدفعها إلى غيره، إلا إذا بين وقت الاتخاذ أنها عارية، وكذا لو اتخذ لتلميذه ثيابا فأبق التلميذ فأراد أن يدفعها إلى غيرها.
بزازية.
كذا في الهامش.
قوله: (مشورة) بضم الشين: أي فقد أشار في ملكه بأن يسكنه، فإن شاء قبل مشورته وإن لم يقبل، كقوله هذا الطعام لك تأكله أو هذا الثوب لك تلبسه.
بحر.
قوله: (لو قال هبة سكنى) منصوب على الحال أو التمييز.
بحر.
قوله: (أو سكنى هبة) بالنصب.
قوله: (باسم ابني) قدمنا الكلام فيه تقريبا.
أقول: قوله: جعلته باسمك غير صحيح كما مر، فكيف يكون ما هو أدنى رتبة منه أقرب إلى الصحة؟ سائحاني.
قلت: قد يفرق بأن ما مر لي خطابا لابنه بل لاجنبي، وما هنا مبني على العرف.
تأمل.
قوله: (وتصح بقبول) أي لو فعلا، ومنه وهبت جاريتي هذه لاحدكما فليأخذها من شاء فأخذها رجل منهما تكون له وكان أخذه قبولا.
وما في المحيط من أنها تدل على أنه لا يشترط في الهبة القبول مشكل.
بحر.
قلت: يظهر لي أنه أراد بالقبول قولا، وعليه يحمل كلام غيره أيضا، وبه ظهر التوفيق بين القولين باشتراط القبول وعدمه والله الموافق، وقدمنا نظيره في العارية وانظر ما كتبناه على البحر.
نعم القبول شرط لو كان الموهوب في يده كما يأتي.
قوله: (بخلاف البيع) فإنه إن لم يقبل لم يحنث.
قوله:
(صحته) أي القبض بالتخلية.
قال في التاترخانية: وهذا الخلاف في الهبة الصحيحة، فأما الهبة الفاسدة فالتخلية ليست بقبض اتفاقا، والاصح أن الاقرار بالهبة لا يكون إقرارا بالقبض.
خانية.
قوله: (وفي النتف ثلاثة عشر) أحدها الهبة.
والثاني الصدقة.
والثالث الرهن.
والرابع الوقف في قول محمد بن الحسن والاوزاعي وابن شبرمة وابن أبي ليلى والحسن بن صالح.
والخامس العمري.
والسادس النحلة، والسابع الجنين.
والثامن الصلح.
والتاسع رأس المال في السلم.
والعاشر البدل في السلم إذا وجد بعضه زيوفا، فإن لم يقبض بدلها قبل الافتراق بطل حصتها من السلم.
والحادي عشر الصرف.
والثاني عشر إذا باع الكيلي بالكيلي والجنس مختلف مثل الحنطة بالشعير جاز فيه التفاضل لا(6/258)
النسيئة.
والثالث عشر إذا باع الوزني بالوزني مختلفا مثل الحديد بالصفر أو الصفر بالنحاس أو النحاس بالرصاص جاز فيهما التفاضل لا النسيئة.
منح الغفار.
كذا في الهامش.
قوله: (بالقبض) فيشترط القبض قبل الموت ولو كانت في مرض الموت للاجنبي كما سبق في كتاب الوقف.
كذا في الهامش.
قوله: (بالقبض الكامل) وكل الموهوب له رجلين بقبض الدار فقبضاها جاز.
خانية.
قوله: (منع تمامها) إذ القبض شرط فصولين، وكلام الزيلعي يعطي أن هبة المشغول فاسدة، والذي في العمادية أنها غير تامة.
قال الحموي في حاشية الاشباه: فيحتمل أن في المسألة روايتين، كما وقع الاختلاف في هبة المشاع المحتمل للقسمة، هل هي فاسدة أو غير تامة؟ والاصح كما في البناية أنها غير تامة فكذلك هنا كذا بخط شيخنا، ومنه يعلم ما وققعت الاشارة إليه في الدر المختار، فأشار إلى أحد القولين بما ذكره أولا من عدم التمام، وإلى الثاني مما ذكره آخرا من عدم الصحة فتدبر.
أبو السعود.
واعلم أن الضابط في هذا المقام أن الموهوب إذا اتصل بملك الواهب اتصال خلقة وأمكن فصله لا تجوز هبته ما لم يوجد الانفصال والتسليم، كذا إذا وهب الزرع أو الثمر بدون الارض والشجر أو بالعكس، وإن اتصل اتصال مجاورة: فإن كان الموهوب مشغولا بحق الواهب لم يجز، كما إذا وهب السرج على الدابة، لان استعمال السرج إنما يكون للدابة فكانت للواهب عليه يد مستعملة، فتوجب نقصانا في القبض.
وإن لم يكن مشغولا جاز كما إذا وهب دابة مسرجة دون سرجها لان
الدابة تستعمل بدونه، ولو وهب الحمل عليها دونها جاز، لان الحمل غير مستعمل بالدابة، ولو وهب دارا دون ما فيها من متاعه لم يجز، وإن وهب ما فيها وسلمه دونها جاز.
كذا في المحيط شرح مجمع.
قوله: (وإن شاغل لا) تجوز هبة الشاغل لا المشغول.
فصولين.
أقول: هذا ليس على إطلاقه فإن الزرع والشجر في الارض شاغل لا مشغول، ومع ذلك لا تجوز هبته لاتصاله بها.
تأمل خير الدين على الفصولين.
قوله: (فلو وهب الخ) وإن وهب دارا فيها متاع وسلمها كذلك ثم وهب المتاع منه أيضا جازت الهبة فيهما، لانه حين هبة الدار لم يكن للواهب فيها شئ، وحين هبة المتاع في الاولى زال المانع عن قبض الدار، لكن لم يوجد بعد ذلك فعل في الدار ليتم قبضه فيها فلا ينقلب القبض الاول صحيحا في حقها.
بحر عن المحيط.
قوله: (وسلمها كذلك الخ) قال صاحب الفصولين: فيه نظر، إذ الدابة شاغلة للسرج واللجام لا مشغولة.
يقول الحقير صل: أي الاصل عكس في هذا، والظاهر أن هذا هو الصواب، يؤيده ما في قاضيخان: وهب أمة عليها حلي وثياب وسلمها جاز، ويكون الحلي وما فوق ما يستر عورتها من الثياب للواهب لمكان العرف، ولو وهب الحلي والثياب دونها لا يجوز حتى ينزعهما ويدفعهما إلى(6/259)
الموهوب له، لانهما ما دام عليها يكون تبعا لها ومشغولا بالاصل فلا تجوز هبته.
نور العين.
قوله: (لان شغله) تعليل لقوله: لا مشغول به أي بملك الواهب حيث قيده بملك الواهب، فافهم.
أقول: الذي في البحر والمنح وغيرهما تصوير المشغول بملك الغير بما إذا ظهر المتاع مستحقا أو كان غصبه الواهب أو الموهوب له، وانظر ما كتبناه على البحر عن جامع الفصولين.
قوله: (بغير ملك واهبه) وفي بعض النسخ: بملك غير واهبه اه.
قوله: (كرهن وصدقة) أي كما أن شغل الرهن والصدقة بملك غير الراهن وغير المتصدق لا يمنع تمامها كما في المحيط وغيره.
مدني.
قال في المنح: وكل جواب عرفته في هبة الدار والجوالق بما فيها من المتاع فهو الجواب في الرهن والصدقة، لان القبض شرط تمامهما كالهبة.
قوله: (إلا إذا وهب) كأن وهبه دارا والاب ساكنها أو له فيها متاع لانها مشغولة بمتاع القابض، وهو مخالف لما في الخانية، فقد جزم أولا بأنه لا تجوز، ثم قال: وعن
أبي حنيفة في المجزد تجوز ويصير قابضا لابنه.
تأمل.
قوله: (وكذا الدار) مستدرك بأن الشغل هنا بغير ملك الواهب، والمراد شغله بملكه.
قوله: (المعارة) أي لو وهب طفله دارا يسكنها فيها قول بغير أجر جاز ويصير قابضا، لا نبه لو كان بأجر.
كذا نقل عن الخانية.
قوله: (تصح المحرر) وكان أصله: وهم فيها فقولان يزبر بضم الميم من هم لاجل الوزن.
قوله: (مفرغ) تفسير لمجوز، واحترز به عن هبة التمر على النخل ونحوه لما سيأتي.
درر.
قوله: (بعد أن يقسم) ويشترط في صحة هبة المشارع الذي لا يحتملها أن يكون قدرا معلوما، حتى لو وهب نصيبه من عبد ولم يعلمه به لم يجز، لانها جهالة توجب المنازعة.
بحر.
وانظر ما كتبناه عليه.
قوله: (وحمام) فيه أن الحمام مما لا يقسم مطلقا ح.
في الهامش.
قوله: (في عامة الكتب) وصرح به الزيلعي وصاحب البحر.
منح.
قوله: (هو المذهب) راجع لمسألة الشريك كما في المنح.
قوله: (وهو المختار) قال الرملي: وجد بخط المؤلف: يعني صاحب المنح بإزاء هذا ما(6/260)