أفاد بذلك أن الإجمال إنما هو عند التردد والصلاحية دون ما إذا أمكن الحمل عليهما معاً في المشترك بأن أمكن الجمع نحو القرء من صفات النساء وما إذا انتفت الصلاحية المذكورة، وتلك الصلاحية تتحقق إذا اشتهر المجاز حتى ساوى الحقيقة فيتردد بينهما بناء على عدم صحة إرادتهما معاً من اللفظ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 56
قوله:
(وعما قامت قرينة إرادة أحد المعنيين الخ)
أي مع أن المراد واحد معين، أما إذا أريد واحد مبهم فلا إجمال لتعين مفهوم واحد لا بعينه. قوله: (وأجيب الخ) ثم بعد هذا الجواب تظهر فائدة الإجمال عند من لا يجوز إرادة المعنيين وفيما إذا تعذر الجمع. قوله: (وهو كون كل سبعاً) لا معنى له إذ لا دخل له في الجسمية، وليس المعنى أنه أطلق على الثانية مجازاً لهذه العلاقة إذ هو حقيقة فيهما. قول المصنف: (والجسم) أي إذا استعمل في موضوعه مراداً في ضمن فرد معين مع قرينة صارفة عن معناه الظاهر هو فيه وهو المشترك فيقع التردد بين كل فرد وإن كان استعماله في كل حقيقة، ومثل ذلك ما إذا استعمل في الفرد المعين من حيث خصوصه مجازاً فإنه إذا تعددت المعاني المجازية مع مانع يمنع من حمله على الحقيقة كان مجملاً، بخلاف اللفظ المستعمل في معنى مجازي بلا تعدد للمعاني المجازية سواء بين أو لم يبين بالقرينة فإنه ليس بمجمل في الاصطلاح، هذا خلاصة ما في العضد والسعد وإن وقع فيه لسم اشتباه.
............................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 56
قول الشارح:
(فقال الغزالي هو مجمل)
لأن المنهى عنه غير شرعي والنبي لم يبعث لبيان اللغوي والآمدي يحمل الخ لتعين اللغوي حينئذٍ تعذر الشرعي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 57
قول الشارح:
(بأن يقال كالصلاة)
أي أطلقت وأريد بها هذا المعنى أي مشابة الصلاة فهو مجاز استعارة.
(3/57)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 57
قول الشارح:(2/249)
(أو يحمل على المسمى اللغوي وهو الدعاء بخير)
أي يحمل على ذلك ثم ينتقل منه إلى مجاز شرعي آخر هو لفظ الصلاة المستعمل في الطواف. والحاصل أنه دار الأمر بين استعمال لفظ الصلاة في الطواف بناء على علاقة المشابهة للصلاة التي هي الأقوال والأفعال وهو مجاز شرعي غير مبني على حقيقة لغوية، بل على مجاز لغوي وبين استعماله فيه بناء على علاقة الكلية والجزئية وهو مجاز شرعي مبني على حقيقة لغوية وهو لفظ الصلاة المستعمل في الدعاء لغة، فقوله فيما مر تقديماً للحقيقة على المجاز معناه تقديماً للانتقال عن الحقيقة اللغوية التي هي الأصل على الانتقال من المجاز اللغوي وهو لفظ الصلاة المستعمل في الأقوال والأفعال، وهذا تقرير جيد لصنيع العضد حيث قال في بيان المحملين لحديث الترمذي وغيره المذكور فإنه يحتمل أنه يسمى صلاة في اللغة وأنه كالصلاة في اشتراط الطهارة انتهى. فإنه أفاد به أنه يسمى صلاة في اللغة مجازاً بناء على علاقة الجزئية والكلية لا حقيقة لعدم استعماله فيه بلا قرينة. واعلم أن الدوران هنا بين محملين أحدهما حكم لغوي أي يستفاد من اللغة مثل تسمية الطواف مثلاً صلاة والآخر أمر شرعي أي حكم يتعلق بالشرع، ويستفاد منه مثل اشتراط الطهارة في الطواف وليس بين معنيين كما هو في قوله والأصح أن المسمى الشرعي لفظ أوضح من اللغوي، فالمنظور فيه في هذه المسألة حكم المعنى، سواء كان المعنى مسمى الاسم أم لا، والمنظور في تلك مسمى الاسم والحكم متفرع عليه، وأيضاً تلك المسألة مبنية على القول بإثبات الحقائق الشرعية وعدمه كما مر بخلاف هذه فليتأمل ليندفع ما عرض للناظرين هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 57
قول المصنف:
(والمختار أن الخ)
(3/58)
---(2/250)
عبارة ابن الحاجب المختار أن اللفظ لمعنى تارة ولمعنيين أخرى من غير ظهور مجمل وشرحه العضد هكذا إذا أطلق اللفظ لمعنى واحد تارة ولمعنيين أخرى مثل الدابة يراد به الفرس تارة والفرس والحمار أخرى، فإن ثبت ظهوره في أحدهما فذاك وإلا فالمختار أنه يكون مجملاً لنا أن كونه لهما مع عدم ظهوره في أحدهما هو معنى المجمل وقد فرضناه كذلك فيكون مجملاً الخ. وأنت خبير بأن دليله لا يظهر فيما إذا كان المعنى أحد المعنيين لعدم خروجه عن المراد باللفظ على كل حال، فلذا قيد المصنف المسألة بما إذا لم يكن المعنى أحد المعنيين أخذاً من كلامهم. فصار حاصل المسألة بواسطة ما فهمه المصنف من كلامهم حكاية القولين في كل مما إذا كان المعنى أحد المعنيين وما إذا لم يكن أحدهما، أما إذا لم يكن أحدهما فحاصل القولين أنه مجمل لا يظهر منه أحدهما ولا جميعهما، وقيل الظاهر منه جميعهما لأنه أكثر فائدة، وأما إذا كان أحدهما فحاصل القولين أنه مجمل في المعنى الآخر للتردد فيه. وقيل هو ظاهر فيه أيضاً فيعمل به أيضاً لأنه أكثر فائدة، أما المعنى الذي هو أحد المعنيين فلا خلاف في ظهوره فيه والعمل به إذ لا يمكن عدم تناول اللفظ له، وبهذا يظهر أن الذي زاده المصنف هو قوله: ليس ذلك المعنى أحدهما ويتبعه حكاية القولين في اللفظ بالنسبة للمعنى الآخر والتقييد وما يتبعه كله مأخوذ من كلامهم إذ حيث كان التقييد مأخوذاً من كلامهم كان ما تبعه من حكاية القولين في اللفظ بالنسبة للمعنى الآخر مأخوذاً منه أيضاً، فاندفع ما على المصنف في هذا المقام مما قاله سم وغيره، لكن بقي لي فيه شيء وهو أن المجمل في عرف الفقهاء ما أفاد شيئاً معيناً في نفسه من جملة أشياء لكن لا يعينه اللفظ كما عرف مما تقدم ونص عليه القاضي في منهاجه وغيره من أئمة الأصول واللفظ فيما إذا كان المعنى أحد المعنيين لا يقال إنه ظاهر فيه بخصوصه حتى ينتفي عنه الإجمال بالنسبة له. نعم لا يمكن خروجه عن(2/251)
(3/59)
---
مدلوله لكن لا لكونه ظاهراً فيه بل لكونه إما أن يكون مراداً منه وحده أو مع غيره ولا ثالث، وحينئذٍ فلم يخرج عن الإجمال الذي هو عدم تعيين اللفظ للمعنى المراد منه بخصوصه، وهذا لا ينافي الجزم بالعمل باللفظ في ذلك المعنى لعدم خروجه عن المراد الدائر بين المرادين، ولذا قال المصنف: فإن كان أحدهما فيعمل به دون أن يقول لم يكن مجملاً فيه جزماً فالوجه هو ما اقتضاه إطلاق القوم وصرح به العضد حيث مثل بما كان المعنى فيه أحد المعنيين من أنه مجمل مطلقاً، وحديث العمل به جزماً لا ينافيه وهذا لا يأباه صنيع المصنف، فقوله مجمل يزاد عليه لا يعمل به فيكون حكم ما إذا كان أحدهما أنه مجمل لكن يعمل به في ذلك الأحد يدل عليه أنه رتب على ما إذا كان أحدهما قوله فيعمل الخ دون أن يقول فهو ظاهر تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 58
قول الشارح:
(لأنه أكثر فائدة)
فيه أنه إثبات للغة بكثرة الفائدة ولا تثبت بها ومثله ما بعد. قوله: (إذ اللفظ المذكور لم يتحقق الخ) ينافيه قول العضد السابق: إذا أطلق الخ. وقول المصنف المستعمل لمعنى تارة ولمعنيين تارة مع قول الشارح على السواء وقد أطلق فإن ذلك إن لم يكن صريحاً فهو ظاهر في أنه استعمل بالفعل، وكيف يتأتى التفصيل بين ظهوره في أحدهما وعدمه ودليله ليس إلا الاستعمال ولو سلم فغايته أن لا يقيد بالاستعمال بالفعل لا أن يقيد بعدم الاستعمال وإلا فالمستعمل بالفعل تارة وتارة ما حكمه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 60
قوله:
(لا يخفى عليك أنه تعقب ساقط)
لعل وجهه أن ما نحن فيه ليس قضية فإن اللفظ المستعمل مركب تقييدي، وفيه أنه لا مانع من إتيان ما قاله سم فيه ويكون مراده أنه يقاس بالقضية تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 60
(البيان)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 61
قوله:
(فقال الصيرفي الخ)
(3/60)
---(2/252)
وقال القاضي والأكثرون نظراً إلى الثاني أنه هو الدليل. وقال أبو عبد اللّه البصري نظراً إلى الثالث هو العلم عن الدليل.
قوله: (أي لأن البيان الخ) هذا لأجل الاصطلاح وإلا فيكفي تجويز إتيانه مشكلاً، ويقام ذلك التجويز مقام إتيانه مشكلاً بالفعل كما نصوا عليه في قولهم ضيق فم الركية تزل مجرد تجويز كون فمها واسعاً منزلة الواقع ثم أمر بتغيير فمها من السعة المتوهمة إلى الضيق.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 61
قول المصنف:
(وإنما يجب البيان لمن أريد الخ)
(3/61)
---(2/253)
عبارة البيضاوي إنما يجب البيان لمن أريد فهمه للعمل كالصلاة أو الفتوى كأحكام الحيض قال شارحه: الخطاب المقتضي للفعل المحتاج إلى البيان بالنسبة إلى من يعتبر وجوب البيان وعدمه في حقه أربعة أقسام لأنه إما أن يراد منه فهم الخطاب أو لا وعلى كل تقدير فإما أن يراد منه العمل بمقتضاه أو لا، الأول: أن يراد منه فهم الخطاب والعمل بمقتضاه كآية الصلاة بالنسبة إلى العلماء فإنها محتاجة إلى البيان لكون المراد من الصلاة شرعاً ليس المعنى اللغوي وقد أراد الله منهم أن يفهموا مراده بها. الثاني: أن يراد منه الفهم دون عمله بل عمل غيره بتعليمه إياه وإلا لم يكن الخطاب مقتضياً للفعل كآية الحيض بالنسبة إليهم فإنه أريد منهم فهم الخطاب لعمل الغير وهو النساء فإنهن يعملن بموجب فتواهم. الثالث: أن لا يراد منه الفهم ولا العمل ككتب الأنبياء السالفة بالنسبة إلينا. الرابع: أن يراد العمل دون الفهم كآية الحيض بالنسبة إلى النساء وفي هذين القسمين لا يجب بيان الخطاب إذ لم يرد منه الفهم. فإن قلت: إرادة العمل دون الفهم تكليف للفاعل. قلت: المنفي إرادة فهمه من الخطاب بنفسه وهذا لا ينافي فهمه من المفتى اهـ. وقوله: وقد أراد الله الخ إشارة إلى أن سبب الوجوب بمعنى أنه لا بد منه إنما هو تعلق الإرادة ومثله في المنتهى فإنه علل بلزوم تخلف المراد وعليه قول المصنف هنا لمن أريد الخ، وبعضهم علل المسألة بأنه تكليف بالمحال لكنه لم يحك الاتفاق. وقول الشارح بأن يعمل به أو يفتى به شامل للنساء من جهة العمل بأحكام الحيض فإيراد ذلك هنا لا وجه له. وبما تقرر علم رد قول المحشي : بقي شيء آخر لأن ما هنا مفروض فيما تعلقت به الإرادة ولا يجوز تخلفه حتى عند من جوز التكليف بما لا يطاق تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 61
قول الشارح:
(فيتأخر البيان به)
(3/62)
---
أي عن البيان بالقول لا عن وقت الحاجة لأن من جوز البيان بالفعل منع التأخير عن وقت الحاجة.(2/254)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 62
قوله:
(والشارح اختصر الجواب)
الوجه ما صنعه لأن المعلل يمكن أن يخص المنع بما إذا طال الفعل كما هو مقتضى تعليله، ويمنع قولهم لا يعد تأخيراً بأنه تأخر في الواقع مع إمكان التعجيل سواء عد أو لا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 62
قول المصنف:
(والأصح أن المظنون الخ)
ههنا مسألة أخرى اشتبهت على بعض من كتب هنا بهذه وهي أنه لا يلزم في بيان المجمل أن يكون قطعي الدلالة على معناه بل يكفي في تعيين أحد احتماليه أدنى ما يفيد الترجيح لأنه لا تعارض بين المجمل والبيان ليلزم إلغاء الأقوى بالأضعف، بخلاف العام والمطلق فإنه يلزم أن يكون المخصص أو المقيد أقوى دلالة وإلا لزم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 62
قول الشارح:
(وقيل إن كان كذلك فهو البيان)
ترك الشارح هنا التنبيه على مقابل الأصح في حال الجهل وهو أن البيان واحد منهما لا بعينه، وانظر ما يترتب على أن البيان المتقدم مع الجهل بعينه، والظاهر أن المراد بالتنبيه عليه بيان الواقع فقط، ولعل من قال إن البيان واحد لا بعينه بالنظر للعلم لا الواقع وحينئذٍ فلا خلاف تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 63
قول الشارح:
(تؤكد بجملة دونها)
أي فبانضمامها إليها تفيدها تأكيداً وتقرر مضمونها في النفس زيادة تقرير كذا في العضد، ولعل الفرق بين الجمل والمفردات هو ما أشار إليه من أن في الثانية تقرير مضمون الأولى بخلاف المفرد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 63
قول المصنف:
(عن وقت الفعل)
(3/63)
---
أي أوله لأنه يجب عليه في الفعل إن لم يعزم عليه بعد فهو مكلف حينئذٍ بالفعل فيلزم تقدم البيان عن أول الوقت تدبر. واعلم أن المراد بالفعل الفعل على مقتضى البيان وقد غفل عنه المحشي فيما سيأتي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 63
قوله:
(هو صادق بالأول والثاني)(2/255)
كيف هذا مع أنه قصد الإحرام والوقوف ومتى وقع بعدهما هو أن يقع واجباً فلا يتأتى أن يكون الواجب الثاني إلا أن يكون مقطوع النظر عن الحكم الفقهي تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 63
قوله:
(لزم إلغاء القول)
فيه أن اللازم أن ينسخ القول الفعل لا إلغاؤه فالصواب كما في العضد، وسيأتي في الشارح أيضاً أن اللازم إذا تقدم الفعل حينئذٍ أن ينسخ القول الفعل الزائد عليه مع إمكان العمل بالدليلين بلا نسخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 63
قوله:
(فإنه لا يتوقف الخ)
الكلام في اللياقة لا التوقف. قوله: (واكتفى) لعله أو فهو جواب آخر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 64
قوله:
(لا أن له ظاهرا)
(3/64)
---(2/256)
حاشية البنانى
ما المانع منه فإنه وإن كان ظاهراً اصطلاحياً فهذا لا ينافي احتماله معنى غير ظاهر احتمالاً مرجوحاً، فإن العام والمطلق يحتملان التخصيص والتقييد احتمالاً مرجوحاً كما مر في بحث الظاهر اللذان هما منه. قوله: (بل الثاني) أي الفرد المنتشر وفيه أن الدال على مفهوم الفرد المنتشر مطلق، فالصواب أن المراد بالمتواطىء ما أريد به أحد ما صدقاته المعين في الواقع بأن دلت قرينة على ذلك ولم تدل على تعينه يدل عليه قول الشارح يبين أحد ما صدقاته. قوله: (بأن يفهم خلاف المراد) هذا ظاهر فيما له ظاهر، أما ما لا ظاهر له فالمراد بالإخلال فيه عدم فهم المراد وهذا هو نكتة تعبير الشارح هنا بالإخلال وفي الثالث بالإيقاع. قوله: (إلا أن يجاب الخ) لا يظهر عند ورود الإجمالي بالفعل. قوله: (لا يعلم منه المقدار) لا ضرر في عدم علمه قبل وقت الفعل. وقوله: ويعتقد لا ضرر في هذا الاعتقاد أيضاً. قوله: (لا يخفى الخ) مراده الفرق بين التعليلين وهو مبني على الفرق بين الدعويين فإن القول الثاني يمنع مطلقاً. قوله: (لجواز وجود الإجمالي) تقدم ما فيه ولا وجه لتخصيصه بالنسخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 64
قوله:
(فلا إخلال بوجه)
كيف وإخلاله أشد من إخلال تأخير التخصيص فإن تأخير التخصيص يوجب الشك في كل واحد على البدل، وتأخير البيان للناسخ يوجب الشك في الجميع إذ يجوز في كل زمان النسخ عن الجميع وعدم بقاء التكليف فكان النسخ أجدر بأن يمنع كذا في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 64
قول الشارح:
(وهذا مفرع الخ)
فلا ينبغي أن يعد قولاً مستقلاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 65
قوله:
(والمقصود بالتمثيل تخصيص الآية الخ)
(3/65)
---(3/1)
أي لقول الشارح مخصص الخ لكن ذكر السعد في التلويح في مبحث التخصيص أن التخصيص قد يطلق على ما يتناول النسخ ولهذا يقال النسخ تخصيص اهـ وعليه فلا إيراد. قوله: (وينظر في كلام الشارح أيضاً الخ) هذا سهو لأن المراد بالتأخر عن العمل التأخر عن وقت العمل على مقتضى البيان بأن ينسخ اليوم ويرد الناسخ غداً، وما هنا ليس كذلك، فإنه لم يعمل بعموم الآية في وقت كانت فيه منسوخة ثم ورد الناسخ حتى يقال: إنه تأخر عن وقت العمل، وهذا إنما سرى له من قول سم فقد تأخر حديث الصحيحين عن وقت العمل بالعام فظن أن المراد بوقت العمل فيهما واحد وهو خطأ تأمل، ويدل لما قلنا قولهم لا يؤخر عن وقت الحاجة إذ وقت الحاجة هو وقت الفعل على مقتضى البيان.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 65
قول الشارح:
(فإنها مطلقة)
(3/66)
---(3/2)
أي أريد بها معين بدليل الضمائر في الأجوبة إنها بقرة إنها بقرة، والضمير في السؤال ضمير المأمور بها فكذا في الجواب، وبدليل أنهم لم يؤمروا بمتجدد، ولو كانت بقرة ما لكان الأمر بالمعنى أمراً بمتجدد لا بالأول وينفيه سياق الآية والاتفاق وبدليل أنه لما ذبح ذلك المعين طابق الأمر بذبح المعين بمعنى أنا قاطعون بأن حصول الامتثال إنما كان بذبح المعين لا من حيث إنها بقرة ما، ونعلم قطعاً أنه لو ذبح غيره كان غير مطابق للأمر، فعلم أنه مطلق أريد به خلاف ظاهره ثم تأخر البيان كذا في العضد. قوله: (منع كونها بقرة الخ) المراد بالمنع المعنى اللغوي والاستدلالات معارضات إذ لا توجيه لمنع الدعوى من غير قدح في الدليل. قوله: (فيحمل عليها) يمنع الحمل الأدلة المتقدمة عن العضد فهي صارفة عن الظاهر. قوله: (وبدليل قول ابن عباس) استدل به من حيث إنه تفسير للكتاب فلا يدفع لا من حيث إنه خبر واحد حتى يدفع بأنه لا يقاوم الكتاب أشار لهذا بقوله رئيس المفسرين . قوله: (لو ذبحوا أي بقرة الخ) قد يقال: إن ذلك للعمل بالظاهر إذ لا تكليف إلا به لا لأن المراد غير معين. قوله: (وبدليل قوله وما كادوا يفعلون دل الخ) أي حيث أسند عدم الفعل إلى عدم الإرادة، فإذا ثبت كونهم قادرين علم أن الاشتغال بالسؤال تعنت. وفيه أن قدرتهم على الفعل قد تكون لتكليفهم بالظن ظاهراً وهو بقرة ما وإن كان المراد المعين، ألا ترى المجتهد المخطىء كيف يمتثل بما أدى إليه اجتهاده؟ فهذا أولى لأن له ظناً وليس فيه تأخير عن وقت الحاجة لأنه هنا وقت السؤال تأمل. قوله: (ويمكن أن يعارض) لا وجه له إذ لا تعارض الدعوى وقد ذكرها فيما تقدم بلا دليل..............................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 65
(النسخ)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 66
قول المصنف:
(رفع للحكم)
(3/67)
---(3/3)
أي لتعلق الخطاب التنجيزي الحادث المستفاد تأييده من إطلاق اللفظ، فالمراد بالرفع زوال التعلق المظنون قطعاً لا التعلق الواقع إذ لا يرتفع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 66
قول المصنف:
(أو بيان لانتهاء أمده)
أي أمد التعبد به فخرجت الغاية لأنها بيان لانتهاء مدة نفس الحكم لا مدة حكم التعبد، ثم إن المتعبد به هو متعلق الحكم أعني الشيء الواجب مثلاً ولذا قيل إن المراد بالحكم على الثاني المحكوم به لكن لا حاجة إليه مع لزوم عدم وحدة الحكم في الموضعين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 67
قول الشارح:
(لشموله النسخ قبل التمكن)
بخلاف الثاني لأن بيان الأمد معناه عندهم الإعلام بأن الخطاب لم يتعلق والفعل قبل التمكن قد تعلق به الخطاب جزماً كما إذا قيل صلّ يوم الخميس ثم قيل يوم الخميس نسخ فلا يتأتى الإعلام بذلك هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 67
قوله:
(أي اختلافاً معنويا)
فيه أن التعريفين للفقهاء المجوزين للنسخ قبل التمكن خلافاً للمعتزلة وإنما فروا من الرفع إلى الانتهاء لكون الحكم قديماً لا يرفع، والتعلق بفعل مستقل لا يمكن رفعه فنسخه إعلام بأن الحكم لم يتعلق، ولأن النسخ عندهم بيان أمد التعلق بالمستقبل المظنون استمراره قبل سماع الناسخ مع أنه لم يكن مستمراً في نفس الأمر والأولان باطلان لأن المرتفع التعلق الحادث المظنون دوامه، والثالث ليس خلافاً في المعنى لأنه يستلزم زوال التعلق المظنون قطعاً وهو مرادنا بالرفع كذا في الشارح العضدي، نعم يكون خلافاً في المعنى إن كان القائل بأنه الرفع يقول الثاني برفع الأول والقائل بأنه بيان الانتهاء يقول إن الأول يرتفع بنفسه لكن هذا خلاف كلام العضد في بيان أن الخلف لفظي تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 67
قوله:
(وبيان انتهاء التعلق يصدق الخ)
(3/68)
---(3/4)
قد عرفت أنه لا يمكن صدقه بما قبل التمكن لأن النسخ عندهم معناه الإعلام بأن الخطاب لم يتعلق بالمستقبل وما قبل التمكن الخطاب فيه متعلق بالمستقبل جزماً. والحاصل أنه يلزم على هذا القول أن النسخ لا يكون إلا في خطاب ظاهره متناول للمستقبل وغيره فيكون النسخ بيان عدم التعلق بالاستقبال، ثم إن عدم الصدق بما قبل التمكن إنما هو في الموقت قبل دخول وقته أو بعده وقبل التمكن بخلاف غير الموقت فإنه صادق به كما يعرفه المتأمل فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 68
قوله:
(إلا أن يقال)
فيه إشارة إلى أن نسخ التلاوة ليس هو نسخ الحكم المتعلق بالنظم بل الثاني لازم للأول. قوله: (إما على مختار الشارح) تقدم أنه على مختاره لا يتعين كون التعلق جزءاً كيف ويلزمه أن الحكم أمر اعتباري إذ لا يتركب شيء من قديم وحادث على أنه لا يتصف حينئذٍ بالحدوث، فالحق أن التعلق جزء من مفهوم الحكم لا من حقيقته كما قيل في البصر إنه جزء من مفهوم العمى دون حقيقته، فالمركب هو المفهوم دون الحقيقة ولذا قال الشارح فيما سبق: إن الحكم ينعدم بانعدام التعلق تأمل. قوله: (لكن التفتازاني كغيره الخ) صرح في حاشية العضد بأن الناسخ في الحقيقة قول الله تعالى وفعل الرسول يدل بالذات على ذلك القول لا على الرفع أو الانتهاء، فيجب حمل كلامه في التلويح على ذلك بأن يكون مراده أنه يشمل الدليل على المطلوب والدليل على دليله. قوله: (نعم الخ) فرق الجمهور بأن النسخ إما رفع الحكم أو بيان انتهاء أمده والعقل محجوب نظره عن كليهما بخلاف التخصيص فإن خروج البعض عن الخطاب قد يدركه العقل كما في {خالق كل شيء} (سورة غافر: الآية 62) فإنه قاض بأن المراد غير نفسه ولا معنى للتخصيص عقلاً إلا ذلك، بخلافه في قطع الرجلين فإن غايته أن يدرك عدم الحكم لسقوط محله وليس ذلك بنسخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 68
قوله:
(وظاهر هذا الخ)
(3/69)
---(3/5)
صرح السعد بأنه أراد ذلك لكن قول الإمام وذلك إنما عرف بالعقل يقتضي أن الموجود هنا إدراك لا رفع للحكم وليس ذلك نسخاً، فالظاهر أنه سمي إدراك الرفع وإن كان لعدم الشرط نسخاً توسعاً لوجود الرفع في كل وإن كان في الإدراك بالعقل وفي النسخ بالشرع، يؤيده قياسه على التخصيص فإن الموجود فيه إدراك أيضاً وهذا مراد الشارح رحمه الله. وقول الجمهور إن العقل محجوب نظره عن كليهما إن كان المراد أنه محجوب عما عند الله فمسلم عند عدم الدليل، لكن المدعي أنه غير محجوب عند وجوده كسقوط محل الغسل، اللهم إلا أن يقال يجوز بقاء التكليف بناء على وقوع التكليف بالمحال، لكن كلام الإمام لا يلزم أن يبنى على هذا في هذه المسألة فالحق أنه لا مخالفة إلا في الاصطلاح كما قاله الشارح، لكن بقي أنه إذا كان المسمى نسخاً هو الإدراك تسمحاً كان لا معنى لذلك السؤال للقطع بإدراك العقل ذلك ولو بالموت مثلاً فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 69
قول المصنف:
(لكن مخالفتهم الخ)
فإن قلت: قد تكون المخالفة لتعارض بين نصين فأخذوا بأحدهما وتركوا الآخر لأن الحكم التخيير بينهما. قلت: لا يكون الإجماع حينئذٍ على حكم أحد النصين بل على التخيير بينهما فاندفع ما قاله سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 69
قول الشارح:
(لأن الحكم مدلول اللفظ)
فلا يكون حكماً شرعياً إلا لكونه مدلول اللفظ الشرعي، ومتى انتفى كون اللفظ شرعياً انتفى كون ذلك المعنى مدلوله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 70
قول الشارح:
(إذا روعي وصف الدلالة)
(3/70)
---(3/6)
أي روعي أن الحكم الباقي مدلول اللفظ الذي كان شرعياً ونسخ، أو روعي أن الحكم المنسوخ مدلول للفظ الذي لم ينسخ أن وصف الدلالة باق في الأول منتف في الثاني وإنما لزم ذلك حينئذٍ لأن نسخ اللفظ ليس معناه إلا رفع الاعتداد به من حيث ذاته ودلالته، فمتى بقيت الدلالة كما كان قبل النسخ لزم عدم نسخ اللفظ، وكذلك نسخ الحكم لأنه ليس حكماً شرعياً إلا من حيث دلالة اللفظ الشرعي عليه، فمتى انتفى انتفت دلالة اللفظ عليه. وحاصل الجواب أن الدلالة أمر وضعي مرجعه الوضع له لغة ولا تعلق للنسخ به إنما يرفع النسخ الاعتداد بتلك الدلالة إما إلى خلف كما في الأول أو لا إلى خلف كما في الثاني وبه يندفع ما في الحاشية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 70
قول الشارح:
(لعدم استقرار التكليف)
فالتكليف موجود قبل الوقت لكن لا يستقر إلا بالتمكن من الفعل. توضيحه يجب إن جاء وقت الظهر أن تصلي فإذا لم ينسخ قبل وقت الظهر وجبت الصلاة بهذا القول بعينه لدخول الوقت الذي كان ألزم قبله بالصلاة فيه. وقولهم: إن التعلق قبل الوقت إعلامي معناه أنه إعلام بأنه ملزم بالفعل في وقته أما بعد دخول الوقت فهو ملزم به حالاً عند التمكن، ومن لم يفهم توهم أن التعلق التنجيزي إنما يكون بعد الوقت، وكأنه فهم أن المنسوخ التعلق بالفعل حالاً وليس كذلك وإنما هو تعلق التكليف وهو موجود قبل الوقت فليتأمل ليندفع ما قاله الحواشي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 70
قوله:
(ومعلوم أن التعلق الإعلامي الخ)
فيه أنه حينئذٍ في صورة النسخ قبل الوقت لا وجود لأصل التكليف ويبطله قول الشارح: يكفي للنسخ وجود أصل التكليف.
...........................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 71
قوله:
(لعدم المنافاة بينهما)
(3/71)
---
لإمكان تأويل ما حكاه عنه غيره وإرجاعه لما نقله، فالمخالفة بحسب الظاهر فقط لكن هذا خلاف ظاهر الشارح من أن المخالفة معنوية تأمل.(3/7)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 71
قول الشارح:
(فكأنه الناسخ)
ولم يقولوا إنه الناسخ كما في مستند الإجماع لأن النسخ هنا إنما حصل باشتراك العلة بين الأصل والفرع وإلحاق الثاني بالأول بخلاف الإجماع اهـ سم. وقال التفتازاني في التلويح: الأوجه أن حكم الفرع إنما ثبت بالنص والقياس بيان لعموم حكم الأصل للفرع بناء على ما ذهب إليه المحققون من أن مرجع الكل إلى الكلام النفسي اهـ. ولعل وجه جعل القياس ناسخاً أنه يفيد غلبة الظن بأن حكم الله في الفرع هو هذا فلتلك الإفادة القاصرة عليه جعل ناسخاً دون الإجماع، ولعل هذا مرجع كلام سم فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 71
قول المصنف:
(والعلة منصوصة)
ذكر هنا وتركه في القول الأول يقتضي أنه قائل بالنسخ بما علته مستنبطة مع أنه يعارضها نص المنسوخ إلا أن يقال مقابلة هذا القول للأول باعتبار غير كون الصلة منصوصة كما أجاب به المصنف تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 71
قول الشارح:
(أن مخالفه كان منسوخا)
إن قيل كان منسوخاً بالنص الذي استند إليه القياس بطل أن النسخ بالقياس الذي هو المدعي، وإن قيل كان منسوخاً بالقياس فهو باطل إذ لا قياس حينئذٍ، وقد يقال معناه أنه لما كان مستند القياس موجوداً في زمنه كان القياس موجوداً في زمنه أيضاً، فيكون النص المخالف له منسوخاً تقديراً في زمنه ، فلم يلزم أن يكون النسخ بعده الذي استند له القول الآخر فلذا عملنا بهذا القياس فتأمله فإنه دقيق. وأما قول المحشي على قول الشارح كان منسوخاً بالنص فغلط ظاهر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 72
قوله:
(وقال سم قد يستشكل الخ)
(3/72)
---(3/8)
قد يقال: إن وجود جامع ولو خفياً مع تأخر نص المقيس عليه يصلح لأن يكون ناسخاً للنص الأول، بخلاف ما إذا وجد الخفي بعد قياس فإن العمدة فيه على الجامع وهو مجتهد في الإلحاق به وإن كان منصوصاً ولا يقدم اجتهاد على اجتهاد إلا لمرجح بل عند الاجتهاد في القياس الثاني يكون كتحير المجتهد فلا بد أن يكون جامع الناسخ أقوى من جامع المنسوخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 72
قوله:
(فلا ارتباط بينهما عقلا)
بل الموجود بينهما اللزوم في الجملة بمعنى الانتقال إلى اللازم، فإن هذا هو المعتبر في دلالة الالتزام، وهذا لا يوجب اللزوم في الحكم، ولله سبحانه وتعالى أن يحكم بما شاء إذ المذهب بطلان التحسين والتقبيح العقلي، وليس الكلام في نسخ الدلالة فإنها باقية ولا يلزم من بقائها بقاء الحكم لأن بقاءها إنما هو لتبعية الدلالة للدلالة، وليس حكمها تابعاً لحكم الأصل بمعنى أنه إنما كان الضرب حراماً لكون التأفيف حراماً بل لله أن يحكم بما شاء قاله السعد في حاشية العضد بزيادة. قوله: (حيث لم يكن اللازم مساوياً لملزومه كما هنا) فإن اللازم يبقى مدلولاً لما دل على بقائه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 72
قول الشارح:
(ولقوة جواز الثاني)
حيث وافقه قول التفصيل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 73
قوله:
(فالأولى الواو)
لموافقة هذا القول للأول أيضاً لكن قد يقال هذا أضعف من قول ابن الحاجب لأنه يرد عليه أمران ما ورد على ابن الحاجب وأن اللازم قد يكون أعم تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 73
قول الشارح:
(لازم لأصله وتابع له)
(3/73)
---(3/9)
إنما زاد تابع له لأن رفع الملزوم لا يستلزم رفع اللازم بخلاف المتبوع، فمن جعل الأول متبوعاً حكم بالاستلزام ومن جعله ملزوماً حكم بعدمه كما في القول الثاني، ومن جعل الثاني لازماً حكم باستلزام رفعه رفع الملزوم، ومن جعله تابعاً حكم بعدمه كما في الثالث والرابع، وهذا كله مقابل قول الأكثر بالاستلزام، وما سبق عن المصنف إنما علل تغاير المدلولين ولم ينظر لتبعية أو استلزام ومقابله الذي حكاه الشارح إنما علل بالاستلزام، فكان الأولى للشارح أن يجعل المقابل من علل بالاستلزام ومن علل بالتبعية ويجعل قوله: والأكثر الخ حكاية الأقوال الضعيفة جميعها ولا أدري ما الحامل له على ما صنع؟ قول المحشي : (فينظر في استلزام نفي الفحوى للأصل) لعل المعنى أنه ينظر في انتفاء الفحوى لانتفاء الأصل الخ. وكذا يقال في عكسه وإلا فالظاهر أن يقول في الأول لكونه لازماً وفي الثاني لكونه تابعاً تأمل.
...........................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 73
قول الشارح:
(لأنها تابعة له الخ)
وجهه أن سبب اعتبار مفهوم المخالفة هو اعتبار المنطوق قيداً فمتى ارتفعت قيديته بارتفاع اعتبار الدلالة عليها كيف يثبت مفهوم القيد. فإن ثبوت مفهوم قيد ليس بقيد فإن قلت: يثبت لا من حيث إنه مفهوم القيد. قلت: حينئذٍ يثبت بلا حكمة لانتفاء الحكمة التي كانت معتبرة شرعاً وهي ثقل المؤنة في المعلوفة مثلاً وانتفاء الحكمة ملزوم لانتفاء الحكم لاستحالة بقائه بلا حكمة، وهذا بخلاف مفهوم الأولى فإنه لا يلزم من انتفاء حكمة حرمة التأفيف مثلاً وهي غاية التعظيم انتفاء حكمة حرمة الضرب مثلاً وهي أصل التعظيم فليتأمل لتندفع شكوك الناظرين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 74
قول الشارح:
(لضعفها عن مقاومة النص)
(3/74)
---(3/10)
لاحتمال القيد لأن يكون مخرجاً على سبب من الأسباب، وبوجود النص المخالف يتقوى ذلك بخلاف الفحوى فإنها تنبيه بالأدنى على الأعلى تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 74
قول الشارح:
(أن المراد افعلوا إلى وجوده)
أي فالمراد بالأبد البعض مجازاً. فإن قلت: لا قرينة على المجاز. قلت: القرينة إنما تلزم عند تعين المعنى المجازي لا عند احتماله كما نص عليه عبد الحكيم في حاشية القاضي، والكلام هنا مسوق على الاحتمال وإلا فلا مساغ للنسخ فيه، بل تقدم أنه لا بد أن يكون النسخ على خلاف ظاهر الكلام، وأما ما قاله سم من أن القرينة ظهور أن التكليف إلى مشيئة الشارع على أنه لا حاجة إليها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 74
قوله:
(لأن المكلف الخ)
(3/75)
---(3/11)
فكلام لا حاصل له. أما أولاً: فلأن القرينة تمنع أن ينسخ لا بانتهاء المراد به. وأما ثانياً: فلأن الظهور المذكور لا يعين المعنى المجازي ولا يمنع المعنى الحقيقي. وأما ثالثاً: فلأن التعليل بقوله: فلأن المكلف الخ لا يفيد شيئاً في خلو المجاز عن القرينة ولا تعلق له به، ثم إن الشارح رحمه الله لم يعلل دفع المنافاة بما في العضد تبعاً لابن الحاجب بأنه لا منافاة بين إيجاب فعلي مقيد بالأبد وعدم أبدية التكليف به، لأن إيجاب الدوام إنما يناقضه عدم إيجاب الدوام لا عدم دوام الإيجاب بناء على أن التأبيد قيد للفعل لا للوجوب لأنه إذا ارتفع وجوب الصوم الدائم استلزم عدم دوامه، فبين دوام الصوم ونسخ وجوبه منافاة فيكون مبطلاً لنصوص التأبيد كتأبيد الوجوب بعينه قاله الفنري على التلويح، ولذا قال الشارح فيما يأتي لا أثر له فليتأمل. وفيه بحث لأن هذا إنما يتم عند من لم يجوز النسخ قبل الفعل وإلا فهذا كنسخ وجوب صوم الغد قبل مجيئه، فكما أنه لا منافاة بين إيجاب صوم مقيد بزمان وأن لا يوجد الوجوب في ذلك الزمان لا منافاة هنا أيضاً فليتأمل. وأما قول الشارح: لا أثر له فبناء على ما قدمه من التجوز وإنما لم يعول في الأول على جواب ابن الحاجب لأنه لا ينفعه في المسألة الثانية فأراد أن يجاب عنهما بجواب واحد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 75
قول الشارح:
(فيما قبله)
قيد للفعل فإن معنى صوموا أبداً صوموا صوماً دائماً. وقوله: وفيه قيد للوجوب فإنه حيث وقع الاستمرار أبداً صفة لواجب اقتضى استمرار الوجوب، وإنما صح وقوعه صفة هنا دون ما تقدم لأن مدلول الأمر في الأول الإيجاب وهو لا يصوم بخلاف الوجوب في الثاني فإنه يدوم ولم يجعل مستمر أبداً صفة للصوم على معنى وهو مستمر الخ لأنه مقول كله على سبيل الإنشاء تدبر.
(3/76)
---(3/12)
قول المحشي : (فإن كان عن ماض فلا يتأتى نسخه) سيأتي الخلاف فيه في الشارح. قوله: (بمعنى صوموا الخ) هذا إخراج للكلام عن حقيقته وقد عرفت الفرق.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 76
قوله:
(فلا يتأتى النسخ)
بناء على أن الأمر لا يقتضي التكرار.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 76
قوله:
(ولا مانع عقلاً الخ)
لعل هنا لفظ ولو سلم ساقط لأنه إذا كان الغرض لا يكون قبيحاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 76
قوله:
(دال على أن الخبر المنسوخ لم يتناول تلك الصورة)
كيف هذا والفرض أن هذه الصورة نقيض ذلك الخبر فهذا كلام لا وجه له. قول المصنف: (إن كان عن مستقبل) أي كان المنسوخ خبراً عن شيء يقع في المستقبل كما إذا قيل الزاني يعاقب ثم قيل الزاني لا يعاقب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 76
قول الشارح:
(لجواز المحو لله فيما يقدره إلى قوله والأخبار تتبعه)
فيه أن النسخ حينئذٍ ليس لمدلول الخبر وهو نسبة العقاب للزاني في المثال المتقدم بل فيما الخبر حكاية عنه وهو تقدير الله ذلك وهو إنشاء لا خبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 76
قوله:
(والحق أن مثل هذا تخصيص)
هذا هو وجه الضعف لا ما قبله تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 76
قوله:
(هو اسم مفعول من أبيض الخ)
صوابه اسم فاعل لأن أبيض لازم لا مفعول له ولو قرئت مبيضة من بيض لصح ما قال.
...........................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 77
قول الشارح:
(فهي عنده مغياة الخ)
(3/77)
---(3/13)
أي لأنه لم يحدث ارتفاع وانقطاع لا للحكم ولا للتعلق إذ الحكم أزلي لا يرتفع وتتعلق بعد حصوله لا يرتفع أيضاً غايته أنه تعلق الخطاب بالفعل في الزمان الأول ولم يتعلق به في الزمان الثاني، ونحن نقول بذلك إذ لا معنى لرفع الحكم إلا زوال التعلق لعدم تحقق معنى الرفع حقيقة والدال على عدم تعلقه في الزمان الثاني بين غايته فهو تخصيص له بغير ذلك الوقت الثاني ونحن نسميه نسخاً فهو خلف لفظي. بقي أن أبا مسلم احتج بأن النسخ إبطال وبطلان القرآن غير جائز لقوله تعالى: {لا يأتيه الباطل} (سورة فصلت: الآية 42) فانظر ما يقول في قوله تعالى: {ما ننسخ من آية} (سورة البقرة: الآية 106) هل يقول: إن النسخ مجاز عن التخصيص؟ أو يقول: إن المراد بالآية غير القرآن؟
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 77
قول المصنف:
(والمختار أن نسخ حكم الأصل الخ)
المخالف في هذه المسألة هم الحنفية وهم يقولون إن الدلالة على مفهوم الموافقة بقسيمه دلالة نص لا قياسية بل هي أعلى عندهم من القياس، فلا يرد ما أورده سم هنا من أنه مخالف لما تقدم من جواز نسخ أصل الفحوى دونها بناء على أنها قياسية فإن هذا ليس قول الحنفية بل قول الشافعي وغيره من غير الحنفية على أنه لا إشكال بناء على أنها قياسية أيضاً لأن الكلام المتقدم في نسخ الأصل دون الفحوى مبني على أنهما دلالتان مختلفتان فهو مبني على أنهما ليستا بقياسيتين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 77
قوله:
(ويمكن أن يجاب الخ)
فيه نظر لا يخفى على المتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قوله:
(ولك أن تقول بل تسلط الخ)
هذا خلاف المفروض من أن النسخ لحكم الأصل فقط. قوله: (للتغليب) ينبغي أن يرجع لما ذكره الشارح في تعريف الحكم أول الكتاب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قوله:
(دخول المعرفة)
أي معرفة النسخ والناسخ.
(3/78)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قول الشارح:
(وهي من التكاليف)(3/14)
إذ النسخ لا يكون إلا بدليل شرعي وهو خطاب يجب فهمه ومعرفته.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قول الشارح:
(ولا يتأتى نسخها)
لأنها لو نسخت لوجب معرفة النسخ والناسخ لها أيضاً وهكذا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قول الشارح:
(لأنها عندهم حسنة لذاتها الخ)
أي بخلاف باقي الأحكام فإن حسنها تابع للمصلحة فيزول بزوالها، بخلاف حسن المعرفة فإنه ذاتي لا يزول أبداً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قول المصنف:
(لا يثبت في حقهم)
أما في حقه فيثبت كما في نسخ الخمسين إلى خمس ليلة الإسراء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قول الشارح:
(لعدم علمهم به)
فهو تكليف للغافل والصواب امتناعه لأنه تكليف محال لرجوع الخلل فيه إلى المأمور لا إلى المأمور به حتى يكون تكليفاً بالمحال وتقدم جوازه تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قول المصنف:
(بمعنى الاستقرار الخ)
أراد به الرد على من فهم أنه بمعنى الامتثال فاعترض بأنه يلزم أنه إن فعل قبل العلم كان الفعل واجباً إذ لو تركه غير معتقد النسخ أثم، وحراماً لورود النسخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قوله:
(إن القضاء ثابت بالناسخ)
يؤول على معنى أنه متعلق به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قوله:
(لأنه غير مخاطب الخ)
يجوز أن يكون ما هنا على هذا القول كذلك إذ ليس فيه ما يقتضي أن وجوب القضاء بالأمر الأول. قوله: (في الجملة) أي وإن اختلفا من وجه آخر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 78
قول الشارح:
(للمزيد عليه)
(3/79)
---(3/15)
أفاد به أن محل النزاع أن الزيادة هل هي ناسخة للمزيد عليه أو لا؟ وكذا يقال في النقص هل هو ناسخ للمنقوص منه أو لا؟ وليس محله أن أحدهما هل هو ناسخ على الإطلاق أو لا. قال المصنف: قولنا الزيادة هل هي نسخ ليس معناه إلا أنها هل هي نسخ للمزيد عليه نفسه فلا يتجه حينئذٍ قول من يقول إن رفعت حكماً شرعياً كانت نسخاً لأنه ليس كلامنا في أنها هل هي نسخ من حيث هي أو لا؟ إنما كلامنا في نسخ خاص فهل هي نسخ للمزيد عليه أم لا؟ والمزيد عليه حكم شرعي بلا نظر فهل الزيادة رافعة له فيكون منسوخاً أو لا؟ هذا حرف المسألة ولكنهم توسعوا في الكلام فذكروا ما إذا رفعت المزيد عليه وهما إذا رفعت غيره فاعرف ذلك اهـ. ونحوه في كلام الآمدي . فإن قلت: ينافي كون هذا محل النزاع قول الشارح في تقرير قول الحنفية وعندهم نعم نظراً الخ فإنه صريح في أن المرفوع ترك الزيادة لا المزيد عليه، ويقوي ذلك قول الشارح بعد قول المصنف خلافاً للحنفية في قولهم إنها نسخ ولم يقل للمزيد عليه. قلت: لا منافاة لأنه يجوز أن يكون المراد ببيان رفعها للمزيد عليه بيان رفعها لترك الزيادة لأنها إذا رفعت ذلك الترك رفعت المزيد عليه مثلاً وجوب ركعتين معناه عندهم وجوب ركعتين فقط، فإذا وجب ثلاث كان وجوب الثالثة رافعاً لتركها فيكون رافعاً لوجوب ركعتين فقط اهـ سم. وهذا كما ترى يرجع إلى أنه هل النص الدال على المزيد عليه دال على ترك الزيادة فنحن نقول لا وهم يقولون نعم، فيلزم عندهم رفع خبر الآحاد لمدلول النص. ولو عنونوا المسألة بهذا كان أوضح، ويدل على أن هذا هو المراد بالمسألة قول العضد في تمثيل محل الخلاف من الأمثلة لو قال: فاستشهدوا شهيدين ثم ورد نص على جواز الحكم بشاهد ويمين فإنه ليس بنسخ لأن المرفوع به عدم جواز الحكم بشاهد ويمين. وقوله: فاستشهدوا شهيدين لم يثبته فإن قيل الخ ما سيأتي في الحاشية بقي أنهم جعلوا من محل الخلاف نسخ مفهوم المخالفة كما لو قيل في(3/16)
(3/80)
---
المعلوفة زكاة فنحن نقول إنها أي زيادة الزكاة في المعلوفة ليست نسخاً لوجوبها في السائمة الذي هو المزيد عليه، وهم يقولون نسخ لأن المزيد عليه هو الوجوب في السائمة فقط وأنت خبير بأنا نعترف بأن المزيد عليه هو ذلك ضرورة قولنا بالمفهوم اللهم إلا أن يكون قولنا: إنه ليس بنسخ في مفهوم لم يتحقق أنه كان مراداً كما بينه بذلك ابن الحاجب والعضد وهم قالوا إنه نسخ أي بناء على ما نقول نحن به وإن لم يقولوا بمفهوم المخالفة، فمعنى قولهم بذلك في المفهوم إنكم حيث اعترفتم بمفهوم المخالفة لزمكم أن الزيادة التي ترفعه نسخ للمنطوق فنقول: إن تحققت إرادته كان ذلك نسخاً وإلا كان دفعاً لثبوته لا رفعاً، وبهذا اندفع الاعتراض على جعل هذا المثال موضع خلاف إذ لا يقول الحنفية بمفهوم المخالفة، لكن بقي في جعل هذا المثال داخلاً في قوله أما الزيادة الخ نظر، إذ قوله: فليست بنسخ ظاهرة الإطلاق فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 79
قوله:
(وهو جواز الاقتصار عليه)
فيه أن جواز الاقتصار عليه ثابت بالبراءة الأصلية لا حكم شرعي حتى يكون رفعه نسخاً. قوله: (عند بعضهم) هو السيد مخالفاً لـ لسعد .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 81
قوله:
(وهو إجزاء الرقبة الكافرة)
فيه أن إجزاء الكافرة وإن ارتفع فليس حكماً شرعياً بل هو مستند إلى حكم البراءة الأصلية كذا في العضد، وسيأتي في الحاشية قوله أي استلزم تركها يعني أن الدلالة عليه التزامية لا بطريق المفهوم لعدم قولهم به وقد علمت أنه لا حاجة إليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 81
قوله:
(انظر الفرق)
(3/81)
---(3/17)
لك أن تقول إنه على القول الأول يدخل زيادة شرط كالطهارة للطواف بخلافه على الثاني فإن الطهارة لم تتصل اتصال اتحاد، وإنما زاد في القول الأول ووجب استئنافه للتنبيه على ما وقع لـ ابن الحاجب و العضد من الغلط فإنه للقاضي عبد الجبار وقد نسب إليه أنه قال: إن الزيادة إن غيرت المزيد عليه تغييراً شرعياً حتى صار وجوده كالعدم فنسخ وإلا فلا، وذكرا من جملة أمثلة زيادة التغريب على الجلد فإنه إذا لم يفعل التغريب كان الجلد كالعدم في أنه لا يحصل به الحد مع أن مذهبه المنقول في جميع الكتب المعتبرة هو أنه إن كانت الزيادة قد غيرت المزيد عليه بحيث يصير لو فعل بعدها كما كان يفعل قبلها كان وجوده كعدمه ووجب استئنافه، والتغريب إذا لم يفعل لم يجب استئناف الجلد بل الواجب التغريب فقط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 81
قول الشارح:
(فقيل نعم الخ)
يعني أنه كان الواجب الكل وبعض النقص فالواجب البعض فنسخ وجوب الكل، وفيه أن الفرض أنه لم يحصل إلا نسخ البعض ولم يحصل تجدد وجوب البعض الباقي بل هو واجب بالوجوب الأول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 82
قول الشارح:
(وقيل نقص الجزء نسخ الخ)
هو مذهب القاضي عبد الجبار ، ولعل مراده أن وجوب الركعات الأربع مثلاً قد ارتفع إذ ارتفاع الكل بارتفاع الجزء ضروري لا أنه ارتفع وجوب جميع أجزائها، ولذا فصل بين الجزاء والشرط متصلاً أو منفصلاً، لكن حينئذٍ لا يكون كلامه في محل النزاع وهو ارتفاع جميع الأجزاء قاله السعد على العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 82
قول الشارح:
(نظراً إلى أن الأصل الخ)
فيه أن هذا لا يزيد على قول الصحابي واجتهاده.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 82
قوله:
(فيعرى عن الفائدة)
(3/82)
---
فيه يفيد أن ما علم بالأصل ثابت عند الشارع وحكم من أحكامه وهي فائدة أي فائدة. قوله: (لأن الانتقال الخ) قد عرفت أن هذا اجتهاد في الناسخ وهو لا يفيد حتى من الصحابي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 82
قوله:(3/18)
(إذ عود الموافق الخ)
لا وجه له كما أنه لا وجه لاستلزام العراء عن الفائدة كما عرفت.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 82
قوله:
(فيتمسك به)
فيه أن غاية الترتيب في المصحف الإشعار بالقبلية في النزول ولا يصلح للدلالة لأن الآيات لم ترتب ترتيب النزول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 82
قوله:
(وبهذا يجاب عن اعتراض سم)
المحشي لم يفهم الاعتراض فإن حاصله أنه حيث كان الفرض أنه علم أنه منسوخ، فقول الراوي هذا ناسخ مساو لقوله هذا الناسخ لعدم إمكان حمل قوله هذا ناسخ على أنه اجتهد في نسخ ذلك المنسوخ، ويجاب عنه بأن قول المصنف لا الناسخ ليس المراد منه خصوص هذا اللفظ بل المراد به أداء المعنى المراد وهو أن المبين بهذا القول عين ما عهد أنه ناسخ بعنوان عام، نعم يقيد ما قاله سم بأن علم أنه منسوخ لا بد أن يوجد عند الراوي أيضاً تدبر.
....................................................................................................................................................................................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 82
قوله:
(التأكيد في ثبوت الحكم)
لأن فعله بياناً كقوله: هذا واجب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 83
قوله:
(ويؤيده قول الشارح الخ)
فيه أنه يدل على أن الندب في حقه أيضاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 83
قول المصنف:
(وإذا تعارض القول والفعل)
(3/83)
---(3/19)
ترك تعارض الفعلين لدلالة كل على الجواز المستمر ولعله لعدم جريان جميع التفاصيل فيه، إذ يقال فيه فإن كان خاصاً بنا أو خاصاً به إلا إذا بين تخصيصه به فيرجع للقول ولذا لم يذكر الخصوص في الأحوال الآتية إلا فيه، وتركه أيضاً تعارض القولين لعدم دخول التأسي. واعلم أنهم ومنهم المصنف في شرح المختصر والعضد في شرحه أيضاً قيدوا معارضة الفعل للقول بما إذا دل دليل على تكرر مقتضاه وهو تقييد لا حاجة إليه، لأن فعله عليه الصلاة والسلام غير الجبلي إنما يكون للتشريع، ومتى كان له دام مقتضاه حتى يرفعه خلافه، ألا ترى إلى قوله فيما مر: وإن جهلت فللوجوب الخ فإن معناه أنه للوجوب دائماً ولم يقل أحد بأنه للوجوب مرة فقط. فإن قلت: قوله أيضاً تشريع وشرط المصنف فيه الدليل على تكرر مقتضاه. قلت: القول له مدلول لغوي وضع له فعند إطلاقه يدل عليه وهو الماهية المتحققة بالمرة بخلاف الفعل وبهذا يندفع ما قاله سم هنا وأطال به. واعلم أن أحوال المسألة أن شرط الدليل على تكرر مقتضى الفعل أيضاً تكون ستة وثلاثين لأنه إما أن لا يوجد دليل على التكرار في حقه ولا على وجوب التأسي في حق الأمة أو يوجد عليهما أو يوجد على التكرار فقط أو التأسي فقط، وعلى كل تقدير فالقول إما خاص به أو بالأمة أو شامل لهما تصير اثني عشر، وعلى كل إما أن يعلم تقدم الفعل أو تأخره أو لا يعلم شيء وتصير ستة وثلاثين اهـ. والمصنف لما ترك التقييد بدلالة الدليل على تكرار الفعل واعتبره في تكرار القول صار الحاصل أنه إما أن يدل دليل على تكرار مقتضى القول أو لا، وعلى كل فالقول خاص به أو بنا أو شامل فهي ستة، وعلى كل تقدم أو تأخر أو جهل فهي ثمانية عشر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 83
قول الشارح:
(وذلك ظاهر في تأخر الفعل)
(3/84)
---(3/20)
فيه أن لا يكون نسخاً إلا إذا دل على الاستمرار فيرفع الحكم الأول بمرة وإلا فيجعل تخصيصاً وقد يقال قوله وذلك ظاهر يعني كون المتقدم منسوخاً لا كون المتأخر ناسخاً فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 84
قوله:
(وجه ذلك أن الكلام هنا الخ)
توجيه قاصر على تقدم القول، ويقال في تقدم الفعل أنه لا يعارض القول إلا مع دليل التأسي والأعلم بالقول في حقنا مخالفتنا له لقوته على دليل التأسي العام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 84
قوله:
(إلا أن يجاب الخ)
لا يخفى ما فيه من الضعف، والذي يظهر من كلام الشارح أنه حيث كان الفعل مخصوصاً به كان ما يناقضه مخصوصاً به أيضاً لرفعه ما كان مخصوصاً به فلا يؤثر في تأسينا به الدليل العام بل لا بد من دليل خاص على التأسي به فبدونه يكون من قبيل ما كان مخصصاً به فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 84
قوله:
(لكن لما احتجنا إلى الترجيح الخ)
لأنا مأمورون بالعمل لا محالة ولا مخلص إلا الترجيح بخلاف ما لم نكلف فيه بشيء فإنه لا أثر لاجتهادنا فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 85
قوله:
(في لفظ الهذيان)
الأولى في مدلوله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 85
قول الشارح:
(بأن لا يكون له معنى)
أي باعتبار مادته، وقوله: فيما يأتي وليس موضوعاً أي باعتبار هيئته التركيبية اتفاقاً بخلاف ما له معنى باعتبار مادته فإن في وضع هيئته التركيبية خلافاً ذكره بقوله: والمختار الخ، وبه يسقط اعتراض الكمال وتطويل الحواشي، وإنما كان المختار ذلك لدلالة الهيئات المختلفة على المعاني المختلفة. بقي أن الكلمات من حيث إنها مركبة هل لها وضع غير وضعها مفردة؟ الحق لا، تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 85
قوله:
(وقد جعل المولى التفتازاني الخ)
(3/85)
---
قال الخيالي و عبد الحكيم : إن معناه أن ما نعتقده ونسميه بواجب الوجود فهو موجود في نفس الأمر لا أن ما هو واجب وجوده في نفس الأمر موجود فيه وحينئذٍ لا يفيد فيما نحن فيه شيئاً.(3/21)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 85
قوله:
(بأن قصد الواضع الخ)
يلزمه أن يكون آلة الوضع جزئية والموضوع له كلي ولا يصح، بل معنى كونه نوعياً أن يلاحظ الموضوع بقانون كلي والمعنى بخصوصه كأن يقول الواضع كل لفظ يكون بكيفية كذا فهو متعين للدلالة بنفسه على معنى كذا، وقد أوضحه السعد في التلويح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 85
قوله:
(وجملة الشرط)
بناء على أن الحكم بين الجملتين وهو طريق المناطقة واختاره السيد والسعد على أن الحكم في جملة الشرط والجزاء قيد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 86
قوله:
(فإن قيل ويخرج أيضاً جملة الشرط الخ)
ظاهر هذا الكلام أن مجموع الشرط والجزاء بناء على أن الكلام مجموعهما داخل في حد الكلام بما تضمن كلمتان فصاعداً وليس كذلك بل هو خارج عنه قطعاً كما بينه عبد الحكيم في حاشية الكافية حيث قال: إذ ليس المسند إليه والمسند فيها كلمة حقيقة وهو ظاهر ولا حكماً إذ لا يصح التعبير عن طرفيها أي الشرط والجزاء بمفرد، إذ المقصود حينئذٍ تعليق الحكم بالحكم فتكون النسبة في كل واحد منها ملحوظة تفصيلاً لا بد فيها من ملاحظة المسند إليه والمسند قصداً لا إجمالاً فلا يصح التعبير بالمفرد، ومن هذا ظهر أن التعبير عن الشرطية بهذا ملزوم لذلك وليس تعبيراً عن معناه بل عما يلزم معناه اهـ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 86
قول الشارح:
(لأن فيه بياناً بعد إبهام)
(3/86)
---
أي بيان المحدث عنه بعد أن أبهم لأن الفعل وضع لنسبة إلى فاعل ما من حيث إنه معين في التركيب بخلاف رجل تكلم فإنه قبل ذكر الفعل لا يطلب السامع بيانه فإنه لا يطلبه إلا لمعرفة من حكم عليه والحكم لم يأت بعد. والحاصل أن المعول عليه الفائدة المطلوبة هذا غاية المسعى في تصحيحه ولم يحمل الثاني على الحصر كما قالوا في شر أهر ذا ناب لأن المقام ليس له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 86
قوله:
(وذلك لأن المقصود من اشتراط التعريف الخ)(3/22)
لم يزد في هذا الكلام على أنه عند تقديم الحكم يصغي السامع وأما قوله: لأن الإفهام قد حصل فممنوع لأن النكرة مخلة بالإفهام قدمت أو أخرت. والحاصل أن بعضهم جعل وجه إخلال النكرة بالإفهام عدم إصغاء السامع وبعضهم جعله عدم الإفادة وعليه الشارح وهو الوجه إذ الإفادة معتبرة في نفس الكلام أصغى السامع أو لا، كما يدل له قولهم إن نحو السماء فوقنا مفيد، وبه تعلم أن بيان المحشي كلام الشارح بهذا التوجيه غير مستقيم، وقد يقال: إن تعويل المحشي أيضاً على الفائدة إلا أنه جعل الإصغاء شرطاً فيها، وسبب الإصغاء هو الطريق الذي بينا به كلام الشارح سابقاً إلا أنه يحتاج لعناية في بعض كلامه ويشبه أن يكون جمعاً بين القولين فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 86
قوله:
(والاسم لم يوضع أصالة الخ)
قال العضد: الاسم لم يوضع لإفادة النسبة بل لذات باعتبار نسبة ويفهم منها النسبة بالعرض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 87
قوله:
(ولأنه لا يلزم الخ)
أي في ذاته بقطع النظر عن كونه عندهم وبه يندفع ما للمحشي آخراً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 87
قول المصنف:
(وهو المختار)
يلزمه صحة نفي كلام الله حقيقة عما نقرؤه وهو خلاف الإجماع كما في حواشي العقائد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 87
قوله:
(مشككا)
(3/87)
---
أي في ماهيته في بعض الأفراد أشد، ولعل الأشدية باعتبار تمام أداء المراد أو كونه أبلغ أو نحو ذلك. قوله: (وهو أي كونه الخ) يلزم عليه أن إطلاق الكلام على فرد بخصوصه مجاز قال بعضهم: وهو خلاف الإجماع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 87
قول المصنف:
(فطلب ذكر الماهية الخ)(3/23)
في المطول في بحث الإنشاء وهو أي الاستفهام طلب حصول صورة الشيء في الذهن، قال عبد الحكيم تبعاً لـ لسيد في حاشيتي القطب والمطول يعني أن المطلوب بالاستفهام أي الغرض منه لا مدلوله فإن مدلوله أيضاً حصول أمر في الخارج هو تفهيم المخاطب للمتكلم وجود النسبة المستفهمة بوجود ظلي لا يترتب عليه الآثار لأن المستفهم ليس غرضه من الجملة الاستفهامية إلا أن يحصل في ذهنه تلك النسبة إثباتاً أو نفياً، ومجرد الحصول في الذهن ليس علماً بل العلم إنما هو بقيامها بالذهن اللازم لحصولها فيه فليس المطلوب بالاستفهام الفهم ولا التفهيم، بخلاف فهمين وعلمين فالغرض منه اتصاف الفاعل بالحدث المستفاد من جوهره ووقوعه على المفعول لا حصول شيء في الذهن، فإن معناه أطلب منك تفهيماً واقعاً عليّ إلا أن التفهيم لما لم يتحقق إلا بحصول شيء في الذهن اقتضاه من حيث إنه أثره لا من حيث إنه مطلوب المتكلم اهـ. فقول المصنف فطلب ذكر الماهية الخ بيان لمدلول اللفظ لا للغرض منه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 87
قوله:
(لأن فيه أيضاً طلب تحصيل ماهية ذكر كذا لا مجرد الخ)
يعني أن الأول المطلوب به تحصيل ماهية ذكر من حيث إنها ماهية، بخلاف الثاني فإن المطلوب فيه ليس تحصيل ماهية ذكر من حيث إنها كذلك بل المطلوب الذكر من حيث تعلقه بماهية أخرى، فاندفع ما يتوهم من أن ذكر ماهية كذا ماهية أيضاً فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 88
قوله:
(ويصدق عليه الخ)
(3/88)
---
فيه أن الكف المدلول للحرف معناه كف عن كذا وهو معنى حرفي ملحوظ بتبعية الغير، ولذا قال المصنف: أو تحصيل الكف عنها ولم يقتصر على تحصيل الكف بخلاف الكف المدلول عليه بكف ولو مع قولك عن كذا لأن تعلقه بالغير جاء من المتعلق فكيف يصدق أحدهما على الآخر؟ وقد مر تحقيقه عن عبد الحكيم وبه ينحل إشكال هذا الموضع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 88
قوله:
(تسمية مثل هذا الخ)(3/24)
أنت خبير بأن المسمى أمراً الصيغة كما في الشارح دون الطلب فلا إشكال بوجه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 89
قوله:
(منها أن الخبر الخ)
قال السعد في حاشية العضد: فساد ذلك واضح قال بعض حواشيه: لأنه لم ينقل أن الصدق والكذب الاصطلاحيين غير اللغويين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 89
قوله:
(ومنها الخ)
هو جواب العضد والمراد بالنسبة الإيقاعية النسبة النفسية وكذا الانتزاعية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 89
قوله:
(الذي وضع اللفظ له)
أي لفظ خبر وذلك المفهوم هو ما له نسبة تطابقه أو لا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 89
قوله:
(ولم يرد أن فهم المعنى الخ)
لأن فهم المعنى يحتاج إلى العلم بالوضع فهو نظري، وكذا تصوره من حيث إنه معناه إذ قد يقع الاختلاف في أن هذا المعنى هو معناه أو ذاك كما هو واضح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 89
قوله:
(ولا يتوجه حينئذٍ الخ)
لأن المتبدل إنما هو معنى المفردات ككان عند المناطقة أداة وعند النحاة كلمة أو معنى التركيب لكن لا من حيث مفهوم الخبر بل من حيث إن هذا التركيب معناه كذا في هذا الاصطلاح دون ذاك، وعلى كل حال هو محتمل للصدق والكذب فلم يتبدل المفهوم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 89
قوله:
(المقرر)
(3/89)
---
وهو ما لا يتبدل أعني بالمحتمل الصدق والكذب. وقوله: فإن الحكم الخ تعليل لقوله لا يتوجه. قوله: (قيل إذا عرف شيء بالبداهة الخ) هذا اعتراض على من قال: إنه بديهي، وحاصله أن الاستدلال على بداهته بما تقدم ينافي بداهته بناء على أن ما ذكرناه فيما تقدم من الوجهين دليلين لا تنبيهين لأن كثرة المناقشة فيهما تأبى أن يكونا تنبيهين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 89
قوله:
(أيضاً: قيل إذا عرف الشيء الخ)(3/25)
عبارة الفنري على المواقف هكذا ما يقال: إن ماهيته إذا حصلت للنفس بلا كسب والتفتت النفس إليها عرفت بمجرد التفاتها إليها أنها بغير كسب فيكون بديهية كل بديهي غنية عن الاحتجاج عليها، وكذا كسبية كل كسبي فجوابه الخ ما في الحاشية. وبقوله: والتفتت النفس الخ اندفع ما في العضد من أن المدعي أن تصور ماهية الخبر ضروري وكون العلم ضرورياً كيفية لحصوله وأنه يقبل الاستدلال عليه، والذي لا يقبله هو نفس الحصول الذي هو معروض الضرورة فإنه يمتنع أن يكون حاصلاً بالضرورة وبالاستدلال لتنافيهما. وحاصله أن ضرورية تصور ما أو تصديق ما لا تنافي كسبية التصديق بون هكذا التصديق أو التصور ضرورياً لتغاير محلي الضرورة والاكتساب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 90
قوله:
(فلا وجه لاختلاف الجهتين)
أي القائلين بالكسبية والقائلين بالضرورية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 90
قوله:
(أجيب الخ)
حاصله أن ذلك مسلم لو التفتت النفس لكيفية حصول كل علم وذلك ممنوع فإنه كثيراً ما يحصل لها علوم ولا تلتفت إلى كيفية حصولها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 90
قوله:
(إلى كيفية ضبط الخ)
(3/90)
---
الأولى حذف ضبط كما في الفنري أو تقديمه على كيفية. قوله: (فيعرف تعريفاً حقيقياً بالوجه) بأن تجعل ذاتيات الوجه تعريفاً للوجه، لكن المقصود أولاً وبالذات هو ذو الوجه لأن الوجه في التصور بالوجه متصور قصداً ومقصود تبعاً على عكس ذي الوجه. قوله: (وما توهم من أن الأمر الاعتباري لا يعرف الخ) رد لما قيل إن عدم إمكان تعريف نحو الوجود كمفهوم الخبر لكونه لا ماهية له في الخارج وهو ظاهر ولا في الذهن لأنه أمر اعتباري. وحاصل الرد أنه وإن كان اعتبارياً لكنه ليس اعتبارياً محضاً كشريك الباري والعنقاء بل له منشأ انتزاع فحقيقته ثابتة متقررة ذهناً كذا في الشيرازي على التجريد. قوله: (يختار المعرف) أي الموقف لا الآتي بالحد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 90
قول الشارح:(3/26)
(لأن كلاً من الاربعة ضروري)
أي تصوره ضروري فلا حاجة إلى ما يفيد تصوره وهو التعريف. وإنما كان ضرورياً لوجهين: أحدهما أن كل أحد يعلم أنه موجود وهذا خبر خاص، وإذا كان الخبر المقيد ضرورياً فالخبر المطلق الذي هو جزؤه أولى أن يكون ضرورياً. ثانيهما التفرقة بين الخبر وبين غيره من الطلب بأقسامه وغير ضرورة ولذلك يورد كل في موضعه. والجواب أما عن الأول فبوجهين: إما أولاً فلأنه إنما يتم إذا كان العلم بالخبر مطلقاً ذاتياً لما تحته وكان شيء من أفراده متصوراً بالكنه بديهة وكلاهما ممنوعان. وإما ثانياً فلأنه لا يلزم من كون العلم بحصول النسبة التي هي الجزء الأخير الذي لا ينفك عنه ماهية الخبر وهو مرجع الإيجاب والسلب في القضية والصدق والكذب ونحو ذلك ضرورياً أن يكون تصورها ضرورياً إذ قد يحصل ذلك العلم، ولا يتصور ماهية الخبر بحقيقتها أعني ما يحتمل الصدق والكذب وذلك ظاهر. وأما عن الثاني فلأن غاية ما ذكرتم بداهة التصديق بأن هذا مغاير لذاك وهو لا يستدعي تصوراتها بحقائقها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 91
قوله:
(3/91)
---
(فيعرف أن كلاً مغاير للآخر)(3/27)
فيه أن اللازم من ذلك بداهة التصديق بأن هذا مغاير لذاك وهو لا يستدعي تصوراتها بحقائقها نقله السعد عن المنتهى. قوله: (فلا يجوز أن يعرف إلا تعريفاً لفظياً) قد عرفت مما مر في الحاشية مع استلزام البداهة عدم التعريف الحقيقي تدبر. قوله: (بل هو ممتنع التصور) لأن تصوره إنما يكون بتميزه عن غيره لأن المدرك متميز عن غير المدرك، ومعنى التميز أنه ليس غيره وليس غيره سلب خاص فيتوقف تعقله على تعقل السلب المطلق الذي هو عدم مطلق لا يعقل إلا بعد تعقل الوجود المطلق لكونه مضافاً إليه فيلزم الدور والجواب أن تصوره بتميزه عن غيره في نفس الأمر لا بالعلم بتميزه عنه حتى يجب في تصوره تعقل السلب المفضي إلى الدور، ولئن سلم فالسلب والإيجاب غير العدم والوجود كذا في المواقف وشرحه. قال عبد الحكيم : قوله ومعنى التميز الخ فيه أن التميز عبارة عن الانكشاف والتجلي عند النفس والحكم المذكور لازم له. قوله: (هو الموجود في نفسه الخ) فمعنى الثابت العين الذي ثبت عينه ونفسه فيشمل الجوهر والعرض. قوله: (لا الموجود في غيره) عبارة شرح المواقف لا الموجود لغيره والمعدوم عن غيره اهـ. يعني أن المأخوذ منه تعريف الوجود هو هذا دون ذاك لأنه إنما يؤخذ منه تعريف الوجود للغير والعدم عنه، والأول هو المعلولية للغير والثاني الانفكاك عنه لا الوجود. قوله: (ما يعلم ويخبر عنه) التعريفان السابقان مختصان بالموجود الخارجي وهذا يشمل الذهني أيضاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 92
قوله:
(أو ما به ينقسم الخ)
(3/92)
---(3/28)
إنما لم يقل أو انقسام الشيء أو صحة أن يعلم كما هو قياس قوله ثبوت العين لأن هذين التعريفين للموجود مأخوذان من الأحوال العارضة له باعتبار وجوده، فمبدأ اشتقاق المشتق المذكور فيهما لا يكون حينئذٍ معرفاً لمبدإ اشتقاق الموجود أعني الوجود كما في تعريفه بالفاعل، ألا يرى أن الموجود وإن كان هو الفاعل لكن الوجود ليس هو الفعل أي التأثير بل المعرف للوجود ما به ذلك الحال المعبر عنه باللفظ المشتق؟ نعم قد يكون تعريف الموجود بلفظ مشتق مرادف له فحينئذٍ يكون مبدأ اشتقاقه معرفاً لمبدإ اشتقاق الموجود كالثابت العين اهـ فنرى. قوله: (وأيضاً الثابت يرادف الخ) لعل هذا إلزامي لمن يقول بالترادف، وإلا ففي حاشية شرح التجريد قيل الثبوت أعم من الوجود والنفي أعم من العدم لأنه معنى كلمة لا وهو أعم من العدم فالثبوت والنفي جنسان أو كالجنسين للوجود والعدم لكن الجمهور على تساويهما.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 93
قوله:
(والفاعل موجود الخ)
في كون الموجود مأخوذاً في مفهوم الفاعل والمنفعل خفاء نعم إنهما لا يكونان إلا موجودين. قوله: (فرع إمكان وجودهما) فإن معناهما إمكان العلم والإخبار والإمكان لا يتعلق بشيء إلا باعتبار وجوده في نفسه أو وجوده لغيره فيكون معناه إمكان وجودهما. قوله: (المناسب أن يقول الخ) تقدم أنه قد يستفاد من التعريف إلا أن يمنع بالفرق بين الضروري والبديهي، فإن البديهي قد يكون خفياً بخلاف الضروري كما في شرح المواقف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 93
قول الشارح:
(لعسر تعريفه)
(3/93)
---(3/29)
لعدم الوقوف على الجنس والفصل الحقيقيين. قوله: (اعلم الخ) اعلم أن القضية لاشتمالها على النسبة الخبرية يفهم منها ثبوت المحمول للموضوع في نفس الأمر، وتدل عليه مع قطع النظر عن الغير لأنها لو لم تدل على الثبوت في نفس الأمر بل على مطلق الثبوت يلزم أن لا يكون كاذباً على تقدير عدم الثبوت في نفس الأمر ضرورة أن كثيراً من القضايا محمولها ثابت بالاعتقاد دون نفس الأمر، وسلب الثبوت في ظرف لا يدل على سلبه في ظرف آخر، فالقضية تدل بالدلالة التضمنية على المطابقة المطلقة للواقع، وأما كون تلك المطابقة واقعة ومتحققة في نفس الأمر فخارج عن مفهوم القضية والصدق هو مطابقة مدلول القضية للواقع، وقد عرفت أن مدلولها هو ثبوت المحمول للموضوع في نفس الأمر، وحينئذٍ فصدق القضية هو أن ما يفهم من القضية من ثبوت المحمول للموضوع في نفس الأمر مطابق لنفس الأمر، ولا دلالة للقضية على ذلك أصلاً والكذب عدم المطابقة بمعنى أن ما يفهم من القضية من الثبوت في نفس الأمر غير مطابق لنفس الأمر ولا دلالة للقضية على ذلك أيضاً، فالقول بأن الصدق مفهوم القضية مؤول بأن المراد متعلقه، ثم إنك تعلم أنه ليس في الخارج إلا زيد وصفته كالقيام وليس هناك ثبوت كذا لكذا إذ هو أمر انتزاعي فقط كما يدل عليه قولهم إن الخارج ظرف لنفسها لا لثبوتها فالذي في الخارج منشأ الانتزاع، وحينئذٍ فالقول بأن النسبة الذهنية حكاية عن نسبة خارجية مؤول أيضاً، وبه يظهر أن التغاير بينهما بالذات فإن الحكاية هي نفس مفهوم القضية والمحكي عنه مصداقها، والنسبة في الحكاية دون المحكي، اللهم إلا أن يكون مرادهم بالنسبة الخارجية نسبة تنتزع عما في الخارج مع قطع النظر عن دلالة الكلام وقيامها بالذهن وهو بعيد من كلامهم بل ربما صرحوا بخلافه. قوله: (حالة) أي ارتباط ملتبس إما بالثبوت أو الانتفاء أو الباء للتصوير. قوله: (على صورة ذهنية) هي الإيقاع أو الانتزاع أو الوقوع واللاوقوع على ما(3/30)
(3/94)
---
سيأتي. ثم إن تلك الصورة الذهنية حكاية عن الصورة الخارجية، فالعبارة تدل على الصورة الذهنية وهي على الخارجية فدلالة العبارة بالواسطة وحينئذٍ فلا دلالة للخبر على الكذب أصلاً بل هو احتمال عقلي خارج عن مدلول القضية إذ ليس محكياً عنه. قوله: (دلالة غير قطعية) لعدم اللزوم بينهما. قوله: (عن كلا مدلوليه) أي الحالة الذهنية والواقعية وفيه أن الخبر لا يدل على أن المفهوم منه واقع في نفس الأمر، فلعل المراد عن مطابقة مدلوليه وإلا فلا يتخلف عنهما تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 94
قوله:
(ثم إن كان الطرفان)
هما زيد والقيام. قوله: (على ما حكى) أي كائنان على الوجه الذي حكاه الصورة الذهنية بواسطة الصورة الكلامية المعبرة تلك الصورة الذهنية أي المعبر عنها بالإيقاع والانتزاع. قوله: (مطابقة الحكم) بأن يكون ما فهم من الخبر أنه متعلقه هو ما في الواقع هذا غاية ما يقال وهو بعينه المطابقة بين الوقوع واللاوقوع ثم إنه ليس المراد بالحكم المطابق بفتح الباء هو الواقعي بل المفهوم من الكلام وإلا فقد يكون حكم المتكلم بخلاف ما يفيده كلامه ويكون كلامه صدقاً بأن يكون ما فهم منه مطابقاً للواقع كما هو مذهب الجمهور والآتي تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 95
قوله:
(والتغاير الاعتباري كاف)
(3/95)
---(3/31)
قد عرفت أن التغاير عليه أيضاً حقيقي. قوله: (وبه اعترف المحقق) أي السيد. واعلم أن الفاضل عبد الحكيم قال: ما وقع في بعض العبارات من أن مدلول الخبر الوقوع واللاوقوع فالمراد فيه من حيث حصولهما في الذهن فيرجع للإيقاع والانتزاع والخلف لفظي. بقي أن قول الإمام عبد القاهر لا دلالة لزيد منطلق على أكثر من ثبوت الانطلاق لزيد ينبغي حمله على ذلك أيضاً فالمراد ثبوت الانطلاق من حيث قيامه بالذهن، ويؤيده قول السعد أن الخبر يدل على نسبة قائمة بالذهن، وقول عبد القاهر نفسه كما نقله السعد عنه في حاشية العضد أنه لا دلالة للخبر على وقوع النسبة وإنما يدل على حكم المخبر بالوقوع واللاوقوع فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 96
قوله:
(يدل على ثبوت نسبة الطلب)
أي للمتكلم. قوله: (موضوع لنسبة الطلب) الإضافة بيانية قال السعد فيما نقل عنه على المطول: لا شك أن النسبة في الخبر هي إيقاع النسبة وانتزاعها وفي اضرب مثلاً طلب الضرب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 96
قوله:
(إلا أنه يستلزم خبرا)
أي فدلالته عليه عقلية لا وضعية، والكلام فيما وضع له لا ما يلزمه عقلاً صرح به العضد ناقلاً عن المعتمد. قوله : (لنسبة الإنشاء خارج تطابقه أو لا الخ) قال عبد الحكيم على المطول الكلام إن كان لنسبة خارج تطابقه أو لا أي يحتمل أن تطابقه أو لا تطابقه فخبر وإن لم يكن كذلك بأن لا يكون له خارج أصلاً كأقسام الطلب فإنها دالة على صفات نفسية ليس لها متعلق خارجي أو يكون له خارج، لكن لا يحتمل المطابقة واللامطابقة كصيغ العقود فإنها لها نسب خارجية توجد بهذه الصيغ وليست لها نسبة محتملة لأن تطابقها النسب المدلولة أو لا تطابقها اهـ. وبه تعلم بطلان هذا الكلام، فإن أراد نسبة الطلب إلى المتكلم كما هو المفهوم من كلامه الآتي فليس كلامنا فيه لأنه مدلول عقلي لا وضعي.
(3/96)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 96
قوله:
(يلزم أن يكون كاذبا)(3/32)
إن كان لمخالفة اللازم العقلي فليس مما نحن فيه، وإن كان لمخالفة المدلول الوضعي فليس حكاية عن شيء حتى يكون كذباً تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 97
قول الشارح:
(أي مضمونه من قيام زيد)
فيه إشارة إلى أن الموجود خارجاً منشأ انتزاع النسبة لا هي وقد مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 97
قول الشارح:
(وهو محتمل)
(3/97)
---
أي ذلك المضمون محتمل أو الخبر لكن لا من جهة الدلالة لأنه يدل على الصدق. قوله: (بخلاف الحكم) فيه أنه أيضاً حاصل قبل الإخبار والحكم المستفاد من الكلام حكاية عنه، لكن لو جعل الخبر حكاية عن الحكم وكان إن طابقه يكون صادقاً وإلا يكون كاذباً لكان مخالفاً لمذهب المصنف الذي هو مذهب الجمهور الذي حكاه بقوله: ولا مخرج له الخ إذ المعتبر فيه مطابقة المضمون للخارج، ولو خالف حكم المتكلم الذهني كما سينبه عليه المصنف بقوله: ومورد الصدق والكذب النسبة. والحاصل أن مدلول الخبر هو الحكم بالنسبة ومناط الصدق والكذب ليس هو موافقة الحكم أو مخالفته إذ ليس مذهب المصنف والجمهور بل ليس مذهب أحد إذ الحكم غير الاعتقاد الذي اعتبره الجاحظ وغيره وإن كان الاعتقاد يستلزم الحكم، إذ العاقل إنما يعتقد ما يحكم به وإنما المناط هو موافقة متعلق الحكم وهو النسبة لمضمون الخبر الخارجي، ولله در الشارح هذا الإمام حيث قال عند قول المصنف صدق أو كذب فإن مضمونه الخ. وعند قوله: ولا مخرج له الخ. أي للخبر من حيث مضمونه لأنه في بيان الصدق والكذب الذي مناطه مطابقة المضمون للخارج لا مطابقة الحكم للخارج، وإنما لم يجعل المطابقة بين الحكم والخارج كما مر عن الصفوي لأن مرجعه إلى مطابقة التعلق للخارج كما نبهنا عليه سابقاً وإلا كان مذهبنا لم يقل به أحد فليتأمل. قوله: (مركبان) كتب القوم مصرحة بأنه أي الاعتقاد شرط لا جزء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 97
قوله:
(فلفظه بالجملة)
الأولى فكلامه ليس بخبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 98
قوله:(3/33)
(وهذا ظاهر)
ليس بظاهر بل هو جار على طريق المصنف من أن المدلول الحكم ومناط الصدق المضمون الذي هو مذهب الإمام الرازي كما سيأتي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 98
قوله:
(دون الثانية)
(3/98)
---
نقل الشيرازي مذهب الراغب في شرح المفتاح هكذا: الخبر إن طابق الواقع والاعتقاد فصدق وإلا فكذب وهو صريح في نفي الواسطة غايته أن قوله فكذب أي بجهتين فيما لم يطابق شيئاً وبجهة فيما طابق أحدهما.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 98
قول المصنف:
(ومدلول الخبر الحكم بالنسبة)
لأن دلالة اللفظ على الصور الذهنية وبتوسطها على ما في الخارج. في عبد الحكيم على المطول المقصود الأصلي من الخبر إفادة المخاطب وقوع النسبة أو لا وقوعها والإيقاع والانتزاع وسيلة إليه، فإن المخاطب يستفيده من الخبر لينتقل منه إلى متعلقه الذي هو المقصود بالإعلام اهـ. فهذا القائل يقول بدلالة الخبر على الإيقاع والوقوع، إلا أن دلالته على الأول لينتقل منه إلى الثاني، ويمنع أن دلالته على الثاني لا غير كما حمله عليه في المطول إذ لو دل على الثاني فقط لم يكن شيء من الخبر كذباً وإلا لزم عند استعمال ضرب في معناه الحقيقي مع عدم حصوله في الخارج إخلاء اللفظ عن معناه عند استعماله فيه، بخلاف ما إذا كان مدلوله الحكم لينتقل منه إلى الوقوع، فإن تحقق الإيقاع في نفس الأمر لا يستلزم الوقوع فيه، ومدار الصدق والكذب على الوقوع واللاوقوع إذ هو المقصود بالإفادة، وحاصل الرد أنه لا تلازم عقلاً بين الدلالة على الوقوع واللاوقوع في نفس الأمر إذ الدلالة وضعية لا عقلية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 99
قول المصنف:
(لا ثبوتها)
أي فقط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 99
قول الشارح:
(في أنه الحكم)
(3/99)
---(3/34)
أي لينتقل منه إلى الوقوع في الخارج وذلك حق لأن اللفظ إنما وضع ليدل على ما في ذهن المتكلم إذ لا يفيد أولاً إلا ما قام به وهو الإدراك لأنه لا علاقة بينه وبين الوقوع الخارجي سواه، فلا يمكن إفادته بغير توسط الإيقاع، وليس المراد أن مدلول الخبر الحكم فقط من غير دلالة على الثبوت والانتفاء في الواقع، وإلا لكان الخبر كالإنشاء في الدلالة على النسبة الذهنية فقط من غير إشعار بالنسبة الخارجة، فيكون مدلوله الإيقاع بمعنى تصور الوقوع لا التصديق بأن النسبة واقعة إذ لا دلالة له على الوقوع، ولا شك أن من يتلفظ بالقضية يتصور وقوع النسبة فتكون مفهومات جميع القضايا ثابتة في جميع الأوقات، ولا يكون ثبوت قضية مناقضاً لثبوت مفهوم قضية أخرى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 99
قول الشارح:
(في أنه ثبوتها)
أي فقط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 100
قول المصنف:
(وإلا لم يكن شيء من الخبر كذبا)
قال المصنف في منع الموانع: هذا من الأماكن التي ذكرنا الدليل فيها والغرض بذكره وقوع الخطأ لقوم في تقريره فأوردناه على الوجه الذي أورده الإمام بعبارة أوضح من عبارته يزول بها عنه الإشكال اهـ. فأفاد أنه لم يذكره للاعتماد عليه في هذا الحكم فالاعتراض عليه لا وجه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 100
قوله:
(مدلول الخبر هو الصدق خاصة)
إن كان المراد أنه المقصود بالإفادة فهو مسلم ولا يضرنا، وإن كان المراد أنه لم يوضع إلا له فهو ممنوع كيف ولا يمكن إفادته إلا بتوسط حكاية الصورة الذهنية له. قوله: (وارتضاه المولى سعد الدين ) هو إنما منع حصر مدلول الخبر في الحكم وسلم أنه يدل عليهما جميعاً كما حققه عبد الحكيم .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 100
قوله:
(بأنا نقطع الخ)
(3/100)
---(3/35)
هذا لا يرد أن الخبر وضع للإيقاع والوقوع جميعاً، أما الثاني فلأنه مقصود الإفادة، وأما الأول فلأنه وسيلة إليه وهو مختار الإمام . قوله: (ورد ما رجحه الإمام ) هو لم يرد إلا الحصر في الحكم بناء على تبادره من عبارة الإمام. قوله: (لو أريد إيقاع النسبة) أي فقط لما كان لإنكار الحكم معنى لأن غاية ما يمكن أن يتردد الإيقاع لا إنكاره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 100
قول الشارح:
(سالم من هذا التخلف)
أما على ما حررنا به كلام الإمام فلأنه يلتزم أنه لا يسمى خبراً إلا إذا أوقع أي أدرك الوقوع، ثم إن تخلف المدرك فكذب وإلا فصدق، وبه صرح الفنري على المطول، وأما على ما فهموه من كلامه من أن مدلول الخبر الحكم فقط من غير دلالة على الثبوت والانتفاء في الواقع، فقد عرفت أن هذا إيقاع معناه تصور الوقوع وأنه لا شك أن من يتلفظ بالقضية يتصور وقوع النسبة. قوله: (بخلاف ما يعتقده) أي بأن يعتقد خلافه وفيه قصور فإن تخلف الحكم قد يكون بأن لا يحكم بشيء أصلاً كالشاك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 101
قوله:
(اللهم إلا أن يقطع الخ)
يعني أن في هذه الصورة في الخبر حكماً متعلقاً بنسبة غير النسبة التي هي في الواقع متعلقة لحكم المتكلم كما إذا قلت: قام زيد وأنت تعتقد عدم قيامه فالموجود حكم بالعدم، فإن نظر للمتعلق تخلف الحكم لا حكم بالقيام، وإن قطع النظر عنه فالحكم المطلق موجود فيصدق أنه لم يتخلف الحكم وقد عرفت أن فيه قصوراً، لكن يلزم على هذا التصوير أن يكون المراد بالواقع الواقع عند المخبر فتأمل. قوله: (ويرد عليه أيضاً خبر الشاك) يلتزم الإمام أنه ليس بخبر كما يؤخذ مما تقدم عن الفنري.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 101
قوله:
(ليست مقصودة بالإفادة)
أي لعدم وضع اسم الفاعل لإفادتها فليس هو المفيد لها بنفسه بل بواسطة الموضوع الذي هو زيد قاله السعد نقلاً عن العضد.
(3/101)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 101
قوله:(3/36)
(وأما بالنظر إلى نفس مفهومه الخ)
الأولى وأما بالنظر إلى حقيقته الخ وقد عرفت أول هذا التعليق أن المفهوم غير الحقيقة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 102
قوله:
(وما قاله سم غير مجد شيئا)
لأنه على ما قاله لم يزل مكذوب خبراً لا بد له من عائد وعلى كل لا بد من تعدي كذب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 102
قوله:
(التاء هي الفاعل)
فهو وإن كان بمعنى أخبرني الذي فاعله مستتر فاعله التاء كما كان قبل صيرورته بمعنى أخبرني فبقيناه على أصله، وليس فاعله مستتراً كاسم الفعل المشابه له في النقل عن أصله فإن فاعل رويد مستتر، وإنما أبقينا الفاعل كما كان قياساً على إبقائهم المفعول في قولهم: أرأيتك زيداً ما صنع وإن صار بمعنى أخبر الذي لا يتعدى اعتباراً بالحالة الأصلية، ولذا أبقى التاء في الأحوال مفردة مفتوحة سواء كان المخاطب مؤنثاً أولاً مفرداً أو لا، واستغنى بتصريف الكاف في ذلك عنها كذا في الرضي قال: وقال الفراء : بل أزيل الإسناد عن التاء إلى الكاف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 102
قول الشارح:
(فإن على رأس الخ)
جملة مستأنفة جواب سؤال نشأ من السابق فإن معناه أعرفتم حالها العجيبة فكان السامع قال ما حالها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 102
قوله:
(فإن منه ما يشمل الموضوع الخ)
وقوله: ومنها ما يشمل بعض الأنواع الخ. الأولى أن ما يأتي كله من الموضوع فإنه من المقطوع بكذبه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 102
قول المصنف:
(أو افتراء)
أي قصد الافتراء فإن ذلك هو المقابل للنسيان وبه يندفع ما في الحاشية. قوله: (فيه أن هذا من أقسام الافتراء) قد دفعه الشارح بأن الافتراء للتنفير وهذا للترغيب أو الترهيب.
(3/102)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 102
قول المصنف:
(ومن المقطوع بكذبه الخ)(3/37)
المراد كما قاله السعد في حاشية العضد أنه مقطوع بكذبه عقلاً بمعنى أن العقل بعد العلم بذلك المقطوع به بواسطة العادة لا يجوز بوجه من الوجوه كون الواقع في نفس الأمر نقيض ذلك الحكم وإن كان من الأمور الممكنة، كما إذا شاهد حركة زيد فإنه لا يجوز البتة في ذلك الوقت كونه ساكناً، فالعلوم العادية من هذا القبيل، فقول المقابل لتجويز العقل الخ أنه أراد أنه يجوز ذلك بمعنى أنه ممكن في ذاته فلا كلام لنا فيه وإن أراد أنه يجوز أن يكون هو الواقع عقلاً فممنوع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قوله:
(يتجه أن محل الخلاف الخ)
فيه أن الكلام في القطع بكذبه وعدمه بالنظر للعقل المستند للعادة كما يؤخذ من الشارح في تقرير ذلك. ومثله يقال فيما يأتي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قوله:
(ولو عبر بالواو الخ) فيه نظر. قوله: (ولقائل أن يقول الخ)
ربما بدفعه أن المراد أن العقل يقطع بكذبه مستنداً لقضاء العادة وإن جاز وقوعه في نفسه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قول الشارح:
(من الرواة)
أي كل فرد ممن ينسب له رواية الحديث غير من سمعناه منه، فالمراد بالأهل ذلك، وهذا ما يفيده قول الشارح: أما قبل استقرارها الخ وليس المراد بالأهل من رواه عنهم راويه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قوله:
(أي عمداً أو سهوا)
أي بناء على الأصح المتقدم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قوله:
(للمتواتر لفظا)
أي أو معنى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قول الشارح:
(فقد اتفقوا على معنى كلي وهو الإعطاء)
أي فالإعطاء بقطع النظر عن متعلقه متواتر، وإن كانت كل واقعة بخصوصها غير متواترة.
(3/103)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قوله:
(ولو مع قرائن لازمة الخ)(3/38)
، حاصله أن القرائن قسمان زائدة على ما ينفك الخبر عنه عادة، كما إذا أخبر ملك بموت ولد له مشرف على الموت مع صراخ وجنازة وانهتاك ونحوه وهذه تفيد العلم في خبر الآحاد. وغير زائدة على ذلك وهو ما كان لازماً راجعاً إلى حال في نفس الخبر كالهيئات المقارنة له الموجبة لتحقق مضمونه والمخبر بكسر الباء ككونه موسوماً بالصدق مباشراً للأمر الذي أخبر به والمخبر عنه أي الواقعة التي أخبروا عن وقوعها ككونها أمراً أقرب إلى الوقوع فيحصل بعدد أقل أو بعيدة فيفتقر إلى أكثر، وهذه لا تفيد العلم إلا مع التواتر، فحصول العلم بمثل هذه القرائن لا يقدح في التواتر وإنما يختلف العدد باختلافها، كذا في العضد وحاشيته السعدية. فالحاصل أن خبر الآحاد لا يفيد العلم إلا مع القرائن الزائدة على ما لا ينفك الخبر عنه، بخلاف التواتر فإنه يفيده مع عدمها سواء كان مع قرائن لازمة أو لا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 103
قوله:
(فيه وقفة الخ)
فيه أن قوة خبر الأئمة الأربعة أو الخلفاء الأربعة سببها أمور زائدة على ما لا ينفك عنه الخبر، وليس الكلام في ذلك بل في خبر التواتر إما بدون قرينة أو مع قرينة لا ينفك عنها الخبر فهذه الوقفة منشؤها الغفلة عما تقدم له تدبر. قوله: (ممن لم يعرف بالفسق) ليس بقيد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 104
قوله:
(فيه بحث لأن قضيته الخ)
(3/104)
---(3/39)
في العضد ما حاصله: أن للقاضي أن يجيب بأن ما فوق الأربعة قد يفيد العلم بدون التزكية فلا تجب التزكية وقد لا يفيد فيعلم كذب ما زاد على الأربعة فتجب التزكية لا لأن ما زاد ليس محلاً للعلم حتى يساوي ما زاد على الأربعة الأربعة في كونهما غير مفيدين للعلم بأنفسهما بل ليعلم عدالة الأربعة وصدقهم بخلاف الأربعة فإنه يجب التزكية فيها لأن نفسها ليس محلاً للعلم فيعدل للتزكية فلا تكون التزكية مشتركة بينهما بل إنما تكون في الأربعة اهـ. وحاصله أن القاضي يجعل إفادة ما فوق الأربعة العلم بمنزلة علم القاضي عدالة الشهود فلا تجب التزكية كما هو في الفروع، وحينئذٍ فلا يكون قضاء القاضي بحد الزنا بعلمه بل بالشهود المنزلة إفادة خبرهم العلم منزلة تعديلهم فلينظر مذهب القاضي في ذلك في الفروع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 104
قوله:
(بأن أمر الشهادة أضيق)
لقوة البواعث عليها من الطمع والاهتمام بأمر الخصومات وبأن اجتماعهم على الشهادة دون الخبر مظنة التواطؤ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 105
قول المصنف:
(وحصول العلم الخ)
اعتبر الشريف المرتضى أن لا يكون المانع من حصوله شبهة حصلت للسامع كما في إخبار المسلمين اليهود بنبوة محمد ولا يحصل لهم العلم بها لشبهة حصلت لهم من علماء دينهم فلا يعد هذا مانعاً من كونه متواتراً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 105
قوله:
(ولعل وجهه الخ)
الأولى أن وجهه إن كونه آحاداً أو لا، لا مدخل له في إفادة العلم. قوله: (ونكثوا الميثاق) وقالوا له: {اذهب أنت وربك فقاتلا} (سورة المائدة: الآية 24). قوله: (وقد كانوا تسعة نفر الخ) يفيد أن التواتر يكون في خبر الكفار عند استكمال الشرائط وهو كذلك كما في العضد وغيره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 105
قول الشارح:
(وأجيب بمنع الليسية الخ)
(3/105)
---(3/40)
أي لأنا نقطع بحصول العلم من المتواترات من غير علم بعدد مخصوص وبأنه يختلف بالقرائن التي تتفق في التعريف غير زائدة على المحتاج إليها في ذلك عادة من الحرم وتفرس آثار الصدق، وباختلاف اطلاع المخبرين على مثلها عادة كدخائل الملك بأحواله الباطنة وباختلاف إدراك المستمعين وفطنتهم وباختلاف الوقائع وتفاوت كل واحد منها يوجب العلم بعدد أكثر أو أقل ولا يمكن ضبطه فكيف إذا تركت الأسباب؟ كذا في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 105
قول المصنف:
(والأصح أن العلم فيه ضروري)
اعلم أن الضروري قسمان: قسم من قبيل القضايا التي قياساتها معها مثل قولنا العشرة نصف العشرين ومع ذلك لا يحتاج إلى الشعور بتوسط واسطة مفضية إليه مع أنها حاضرة في الذهن فيحصل العلم أولاً، ثم يلتفت الذهن إلى تلك الواسطة وقد لا يلتفت إليها، ومن هذا القسم العلم الناشىء عن المتواتر، وقسم لا واسطة له أصلاً كقولنا الموجود لا يكون معدوماً وإنما كان التواتر من الأول لأنه لا بد فيه من حصول مقدمتين إحداهما أن هؤلاء مع كثرتهم واختلاف أحوالهم لا يجمعهم على الكذب جامع الثانية أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن الواقعة لكنه لا يحتاج إلى ترتيب المقدمتين بلفظ منظوم ولا إلى الشعور بتوسطهما وإفضائهما إليه، كذا نقله السعد عن الغزالي في المستصفى. والحاصل أن العلم فيه حاصل بخلق الله تعالى بطريق العادة لا بتوسط المقدمتين وإن كانتا موجودتين، وبهذا يظهر اختلال ما كتبه المحشي على قوله: فلا خلاف في المعنى من أن من جعله نظرياً فسره باحتياجه إلى التفات النفس إلى المقدمات، وأن هذا شأن كل ضروري لما عرفت من أن اللازم حصول المقدمات لا الالتفات إليها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 106
قوله:
(متعلق بخلاف)
(3/106)
---(3/41)
قد يقال إنه متعلق بالانتفاء المأخوذ من لا. واعلم أنه يترتب على أن العلم ضروري أن يكون آية اجتماع شرائطه حصول العلم لأن الاعتقاد يتقوى بتدريج خفي كما يحصل كمال العقل بتدريج خفي، والقوة البشرية قاصرة عن ضبط ذلك، فقبل حصول العلم لم نعلم حصول الشرائط إذ منها القرائن اللازمة، فيحتمل أن عدم حصول العلم لعدم تلك القرائن، ويحتمل أنه لعدم تقويه مع وجود الشرائط بتمامها، وعلى أنه نظري أن لا يكون ذلك آية اجتماعها بل لا بد من تقدم العلم بحصول شرائطه كذا في ابن الحاجب والعضد، فكان اللائق تفريع قوله وحصول العلم آية اجتماع شرائطه على الأصح من كونه ضرورياً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 107
قوله:
(أي ما عدا الأخير)
فيه أن معنى كونه محسوساً أنه ليس معقولاً لأن العقلي قد يشتبه على الجمع الكثير كحدوث العالم لا أن يكون كل مخبر عنه أدركه بحاسته، فسواء كان المخبرون طبقات أو طبقة واحدة لا بد أن يكون المخبر عنه محسوساً بالمعنى المتقدم حتى يكون الخبر المتواتر به مفيداً للعلم كما في العضد وغيره، وبهذا ظهر أن معنى قول المصنف أخبروا عن عيان أنهم إن أخبروا وكان مستند إخبارهم عيانهم أي إدراكهم ذلك بأنفسهم فذاك وإلا بأن كان مستند إخبارهم عيان غيرهم أي إدراكه ذلك المحسوس وهم أخبروا عن ذلك المحسوس لغيرهم فيشترط الخ. وحينئذٍ فلا وجه لزيادة أن يكون المخبر عنه محسوساً لعلمه إذ هو موضوع الكلام فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 107
قوله:
(لا يرد على مقابل الأصح)
أما على الأصح فالقطع بالكذب من جهة أنه قرآن لا خبر آحاد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 108
قوله:
(مثال المتعلقة بالمخبر عنه الخ)
(3/107)
---(3/42)
جميع ما ذكره راجع إلى عبارة الخبر وليس ذلك هو المراد بل المراد الأمور الخارجة عن الخبر التي لا تنفك عنه كحصول الخبر مع انزعاج المخبر عن الموت مثلاً، وكون المخبر موسوماً بالصدق والمخبر عنه قريباً من الوقوع كما تقدم عن العضد. قوله: (أن علمه لكثرة العدد الخ) يعني أنه إن حصل منه علم بالفعل لكثرة العدد لأحد فلا بد من حصوله لغيره، وليس المراد أن كثرة العدد لازمها حصول العلم لما عرفت أنه قد يتوقف حصول العلم على القرائن اللازمة. قوله: (لم يكن المتواتر متحققاً بمجرد العدد) لأنه لا بد أن يكون عدداً يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب ومع الخلو عن تلك القرائن لا يمتنع بحسب العادة عند هذا السامع تواطؤهم على الكذب تأمل. قوله: (يرده أن الكلام مفروض في المتواتر) إن كان المراد أن المفيد وغير المفيد كلاهما متواتر فلم يقله أحد وهو باطل لما تقدم من أن آية اجتماع شرائطه حصول العلم وكلام المصنف والشارح هنا فيما حصل به العلم حيث قال المصنف إن علمه وقال الشارح أي المتواتر أي العلم الحاصل به فلم يطلقا عليه المتواتر إلا بعد فرض حصول العلم به ولو للبعض فيما كان للقرائن، وبه يظهر أن ما قاله الشهاب لا وجه له إلا عدم مطالعة كتب القوم وهو لا يليق، خصوصاً لمن تعرض للرد على مثل هذا الإمام ، وقد تقدم لك نقل كلام العضد و السعد في ذلك، ومنه تعلم أيضاً بطلان جواب الشهاب، والعجب من المحشي حيث ادعى أولاً أنه لا شبهة فيه. وثانياً ظهور عبارة المصنف فيه. وثالثاً مخالفة الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 108
قول الشارح:
(أما الخبر المفيد للعلم بالقرائن المنفصلة عنه الخ)
(3/108)
---(3/43)
المراد بالقرائن المنفصلة هي الزائدة على ما لا ينفك التعريف عنه عادة وهي التي ليست بأحوال في الخبر والمخبر عنه والمخبر وذلك كالصراخ والجنازة وخروج المخدرات ونحو ذلك فيما إذا أخبر ملك بموت ولده كذا في العضد والسعد، فأفاد أن ما لا ينفك التعريف عنه غالباً وهو المراد بالقرائن اللازمة التي تكون في المتواتر لا يفيد بواسطتها خبر الآحاد العلم وذلك ظاهر لقوة ما زاد عما لا ينفك التعريف عنه عن غيره وبه يندفع توقف سم هنا فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 109
قول الشارح:
(وهم إنما أمروا بالاستناد الخ)
وذلك كما في خبر الآحاد فإنه يجب العمل به فلا مانع من استناد المجمعين إليه مع كونه مكذوباً، وهذا لا يستلزم بطلان الحكم المجمع عليه لأنه متى وقع الإجماع علم أن الله سبحانه وتعالى وفقهم لاختيار الصواب قطعاً بحيث يستحيل الخطأ على ما دلت عليه الأدلة السمعية كذا في سعد العضد .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 109
قوله:
(وهو خلاف الخ)
فيه أن الصورة الموردة في الخطأ في الحكم والكلام هنا في الخطأ في الاستناد إذ الخطأ في الحكم هنا محال لئلا يلزم اجتماع الأمة على ضلال. وحاصل كلام الشارح حينئذٍ أنه إنما يكون الاستناد خطأ لو استندوا إلى غير ما كلفوا بالاستناد إليه، وهم إنما استندوا إلى ما كلفوا بالاستناد إليه فليسوا معصومين على الاستناد إلى غير مستند في الواقع بل عن الاستناد إلى غير مستند في ظنهم فأهل الإجماع في ذلك كالواحد من الأمة، أما الحكم فهم معصومون عن الخطأ فيه في الواقع للأدلة السمعية، ولا يلزم من عدم إصابة المستند في الواقع عدم إصابة الحكم فيه، والخطأ بالنسبة إليهم هو عدم إصابة الثاني للأدلة السمعية دون الأول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 109
قوله:
(ولا يفيد الدليل حينئذ)
(3/109)
---
ممنوع لأن الخطأ في الاستناد هو أن يكون إلى غير مستند في الظن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 110
قوله:
(محمولة عند الأصوليين الخ)(3/44)
قد سمعت ما يخالف ذلك فيما مر عن السعد وهو الموافق لظاهر الحديث من أن المراد بالضلالة الحكم لا المستند، ولو كان الأمر كما زعموا لم يكن فرق بين الأمة والواحد منها فيلزم لغو التعبير بالأمة وهو باطل بالاتفاق.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 110
قوله:
(معناه الأمر الخ)
قد علمت أن ذلك يساوي فيه الواحد الأمة فلا وجه لتخصيص الأمة به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 110
قوله:
(فليحرر المقام)
قد علمت تحريره بأتم وجه وهو أن معنى كونه قطعياً أن الحكم المجمع عليه هو الصواب الموافق للواقع قطعاً، فمتى وقع الإجماع علم أن الله سبحانه وتعالى وفقهم لاختيار الصواب بدلالة الدليل السمعي، أما المستند فلا يلزم إصابتهم لما هو مستند في الواقع إذ لم يدل الدليل عليه وإلا لما صح استنادهم لخبر الآحاد وقد وجب على الكل العمل به عند الجمهور بدليل السمع، وهل تجد جمعاً بين الأدلة أحسن من هذا؟ فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 110
قول المصنف:
(ولا حامل على سكوتهم)
منه الخفاء عليهم مع ظنهم صدق المخبر فاندفع إيراد العلامة هنا، نعم كان الأولى للشارح أن يقول كخوف الخ تدبر. قوله: (وإن كان مما يعلمونه) أي مما لو كان لعلموه كما عبر به العضد . قوله: (من أفراد الإجماع السكوتي) الأولى من أفراد خبر التواتر كما يؤخذ من الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 111
قول المصنف:
(وكذا المخبر بمسمع)
(3/110)
---(3/45)
أي بمكان وقع منه السماع بالفعل كما هو فرض خلاف ابن الحاجب فإن خلافه فيما إذا وقع السماع بالفعل، وعبارته إذا أخبر واحد بحضرته ولم ينكر لم يدل على صدقه قطعاً. لنا يحتمل أنه ما سمعه أو ما فهمه أو كان بينه أو رأى تأخيره أو ما علمه أي نفياً وإثباتاً لكونه دنيوياً اهـ. ففرض المصنف المسألة فيما إذا سمعه وفهمه وخالفه في قوله أو كان بينه الخ لأن بيانه وما بعده لا يسوغ له الإقرار، ومنه يعلم أن عدم السماع أو الفهم وكذا سبق البيان أو تأخيره ليس واحد منها من أفراد الحامل على التقرير وإلا لما صح للمصنف أن يقول بعد قوله ولا حامل الخ خلافاً للمتأخرين فتأمل لتعرف ما في سم هنا. قوله: (أوضح من هذا الخ) أي أوضح في إفادته حصول السماع بالفعل كما هو موضوع المسألة، ولا مانع من حمل الشارح عليه خلافاً للمحشي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 111
قول المصنف:
(ولا حامل على التقرير والكذب)
أي لا حامل عليهما معاً بأن لم يكن حامل على شيء أصلاً أو كان على الكذب فقط أو التقرير فقط، فهذه الثلاثة منطوق بدل التقرير فيها على الصدق، ومفهوم ذلك ما إذا وجد حامل عليهما وهو الصورة الآتية في الشارح فلا يدل التقرير عليه فيها ولو حذف المصنف قوله والكذب لدخلت صورة ما إذا وجد حامل على التقرير دون الكذب في المفهوم، مع أن الحامل على التقرير حينئذٍ صدق الخبر فيدل التقرير على صدقه، وبه تعلم أنه لا بد من زيادة وعلى الكذب، وأن تعليل الشارح لا يفيد عدم الحاجة إليها لجريانه فيها فاندفع ما قاله المحشي تبعاً لسم. قوله: (فالعلم إنما حصل من إخباره) فيه أنه لو أخبر بدون إقرار لم يحصل علم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 111
قوله:
(أن كون الحال بهذه الحيثية الخ)
(3/111)
---(3/46)
فيه أنه إن هناك حامل على الإنكار أيضاً فليس من محل النزاع، وإن لم يكن فالتقرير يدل على الصدق، ولعل هذا مبني على إخراج الصورة السابقة من المنطوق وقد عرفت خلافه، وأما سؤاله فمندفع بأن النبي لا يعتمد في الإنكار على هذه القرائن لأنه ربما لم يفهمها بعض الحاضرين إلا إذا كان معانداً لظهور العناد، وأيضاً إن زال هذا المحذور بقي إقرار المخبر على الكذب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 112
قوله:
(ويجاب بأن ما هنا الخ)
الأولى أن يفرق بأن ما هنا مصور بأن الكافر علمت معاندته للنبي وأنه لا ينفع فيه الإنكار وأن الحال لا يحتمل التغيير والنسخ وأنه لا اشتباه في شيء من ذلك على أحد إذ الإنكار حينئذٍ لا أثر له ولا مضرة في تركه على أحد، وحينئذٍ يكون السكوت ليس بإقرار وما هناك مصور بما إذا لم تتوفر جميع هذه الأمور، وحينئذٍ لو سكت كان إقراراً ذكر حاصله الصفي الهندي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 112
قوله:
(وأما الأصل فيه الخ)
لا يخفى أنه حينئذٍ يكون المقصود بيان حكم الأصل فيه وليس كذلك بل المقصود بيان حكم مظنون الصدق بأنه خبر الواحد الخ. فكان الأولى أن يقول: وأما مظنون الصدق الذي هو الأصل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 113
قوله:
(قلت أشار إليه الخ)
فيه أن هذا مقطوع بكذبه ومثل له ابن الحاجب بخبر الكذاب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 113
قول الشارح:
(ومنه حينئذ)
أي حين إذ عرف بما لم ينته إلى المتواتر فلا واسطة بين التواتر وخبر الواحد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 113
قول المصنف:
(لا يفيد العلم إلا بقرينة)
(3/112)
---(3/47)
أي العلم الضروري كما يدل عليه قول الفنري: قال الإمام أحمد يوجب علماً ضرورياً كرامة من الله تعالى وقال داود وغيره علماً استدلالياً اهـ. وقد ذكر المصنف الإمام أحمد مخالفاً في اشتراط القرينة فقط، فعلم أن موضع خلافه هو العلم الضروري، والفرق بينه وبين المتواتر أن حصوله في المتواتر بواسطة ما لا ينفك التعريف عنه عادة وهو القرائن المتصلة فكأنه من نفس الخبر خلاف ما هنا ولذا قال الشارح فيما تقدم من خبر بعد قول المصنف وحصول العلم، على أن المتواتر يفيد العلم الضروري بسبب كثرة العدد مطرداً وإن لم يطرد بسبب القرائن، وأما خبر الواحد فلا يفيده مطرداً لأن إفادته للقرائن، فقول المصنف لا يفيد العلم إلا بقرينة في معنى الجزئية أي قد يفيد العلم بالقرينة نبه عليه السعد ومنه ظهر أن قول الأكثر ما ذكر من القرينة يوجد مع الإغماء غير موجه لعدم كلية الدعوى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 113
قوله:
(ولا يبعد الخ)
تقدم خلافه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 114
قوله:
(عن واحد فقط)
فيه أنه لا بد من التعدد في جمع مراتبه كما تقدم عن المصنف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 114
قول المصنف:
(يجب العمل به الخ)
(3/113)
---(3/48)
الذي ظهر لنا من مجموع كلامهم أنه يجب العمل به وإن لم يكن المخبر عدلاً فيما إذا أفاد العلم للقرائن المنفصلة فإنهم صرحوا أن إفادة العلم للقرائن لا يشترط فيها العدالة، ويؤيده قولهم في الفروع: يجب العمل بخبر الفاسق إن صدقه كما سيأتي من اشتراط العدالة في الراوي ينبغي أن يكون عند عدم تلك القرائن، وإنما لم يعول عليها في الشهادة لمزيد الاحتياط فيها لأن بها إثبات الحقوق، ثم رأيت عبارة المحصول بعد ذكر الخلاف في أن دليل وجوب العمل بخبر الواحد السمع أو العقل هكذا، ثم إن الخصوم بأسرهم اتفقوا على جواز العمل بالخبر الذي لا يعلم صحته في الفتوى والشهادة اهـ. وهي تفيد ما قلنا أولاً من أن المعلوم صحته بالقرائن لم يدخل هنا ولا يحتاج فيه إلى العدالة، وتفيد أن العمل به في الفتوى والشهادة دليله الإجماع دون ما عداهما وهو كما فعله المصنف رحمه الله إلا أنه أبدل الجواز بالوجوب أخذاً من كلام صاحب الحاصل. قوله: (فيما يقضى فيه بالشاهد واليمين) أي أو الشاهد فقط كهلال رمضان. قوله: (وليس المعنى الخ) أي لأن ذلك ليس دليله الإجماع بل هو داخل فيما بعد كذا فدليله السمع أو العقل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 114
قوله:
(وهذا غير مراد قطعا)
(3/114)
---(3/49)
أما الأول فلما مر من أن دليله ليس الإجماع. وأما الثاني فلا معنى له تدبر. قوله: (مصادرة على المطلوب) عبارة السعد بعد ذكر الجواب الآتي: فاندفع ما يقال: إن ما ذكرتم من الأخبار في الاحتجاج بخبر الواحد أخبار آحاد وذلك يتوقف على كونها حجة فيدور ولعل هذا هو المراد بالمصادرة. قوله: (ولا يلزم منه الخ) لأن المفتي يجب على العامي العمل بقوله بدليل الإجماع كما تقدم وما نحن فيه إنما هو وجوب العمل على المجتهد أو العامي لكن في غير الفتيا كما يؤخذ من الشارح، وإن ادعى الآمدي أن النزاع في الوجوب على المجتهد فقط. قوله: (لكن يبقى إشكال الخ) قيل: إن المبعوثين في ذلك المراد منهم مجرد الدعوة للحق والعمل ليس واجباً بمجرد قولهم بل بالنظر في الدليل العقلي ووجوب النظر إنما يتوقف على فهم الخطاب فقط وقد فهمه وإن لم يعلم أنه مكلف به وليس فيه تكليف الغافل إذ هو من لم يفهم الخطاب أو فهمه ولم يقل له إنك مكلف به وقد مر تحقيقه أول الكتاب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 114
قول الشارح:
(كان يبعث الآحاد الخ)
(3/115)
---(3/50)
فالبعث هو الدليل لما تقدم أن الدليل عند الأصوليين مفرد. وأما قوله: فلولا أنه يجب الخ فهذا وجه الدلالة، وأما على الثاني فالدليل هو التعطل، ولا يخفى أن الأول سمعي والثاني عقلي وقد اشتبه على الناصر مذهب الأصوليين بمذهب المناطقة فقال ما قال. ولم يدر أن مناط الدلالة غير الدليل وحينئذٍ لا حاجة إلى تطويل المحشي فتأمل. قوله: الشارح (لتعطلت وقائع الأحكام) فإن قلت: قد لا تتعطل ويكون فائدة إخبار الآحاد جواز العمل دون الوجوب. قلت: القول بالجواز دون الوجوب عقلاً مما لا قائل به، وإنما الخلاف في الوجوب سمعاً فاندفع إيراد الناصر . بقي أن الملازمة في المقدمة الأولى ممنوعة لأن الحكم فيما لا دليل فيه نفي الحكم إذ عدم الدليل مدرك شرعي لعدم الحكم لما ورد الشرع بأن ما لا دليل فيه لا حكم فيه وللإجماع على ذلك، وحينئذٍ لم يلزم إثبات حاكم غير الشرع وهذا وجه ضعف هذا المذهب، على أن بعضهم قال: لا مانع من التزام خلو وقائع عن الحكم عقلاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 115
قوله:
(بشرط العلم بها)
لعله أراد بالعلم ما يشمل الظن لأن خبر الآحاد لا يفيد العلم إلا مع القرائن المنفصلة كما تقدم بل الظاهر أن موضوع هذه المسألة ما إذا خلا عن القرائن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 116
قوله:
(واقتصر في الإعلام الخ)
هذا هو الدليل حينئذٍ لما تقدم أن الدليل عندهم مفرد وهو شرعي لا عقلي، واستنباط العقل وجه الدلالة لا يجعله عقلياً وإلا كان كل دليل عقلياً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 116
قوله:
(وهو ممنوع لجواز الخ)
(3/116)
---(3/51)
هذا ممنوع قطعاً لأن المذكور في كتب الأصول كالعضد وغيره أن هذا القائل خالف الأول وقال: إن الدليل عقلي. قوله: (ليس عقلياً صرفاً) قد عرفت أن الدليل الذي هو مفرد عقلي صرف. قوله: (على محض الاشتباه) أي اشتباه طريق الأصوليين بطريق المناطقة أو اشتباه الدليل بوجه الدلالة. قول المصنف: (وقالت الظاهرية لا يجب مطلقاً) أي بل يمتنع كما هو مقتضى الدليل. قوله: (حتى يمتنع العمل به في الفتوى والشهادة) أي بل يعمل به فيهما إجماعاً كما مر، والفرق أن حكم المفتي خاص بمقلده وكذلك الشهادة خاصة بما وقعت فيه وحكم خبر الواحد عام في الأشخاص والأزمان.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 116
قول الشارح:
(تقدم جواب ذلك قريبا)
أي بناء على أن المتبع خبر الواحد وقد يمنع بأن المتبع الإجماع على وجوب العمل بخبر الواحد كذا في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 117
قول الشارح:
(لا نسلم أنه شبهة)
(3/117)
---(3/52)
أي لما ثبت من كون خبر الواحد حجة على الإطلاق بالدلائل القطعية كذا في التلويح وفي العضد. قلنا: لا شبهة مع الحديث الصحيح كما لا شبهة مع الشهادة وظاهر الكتاب وإن قام الاحتمال فيها. قوله: (نص على درء الحدود فيها) من جملة ما تدرأ به عدم العمل فيها بشهادة الآحاد فيكون مخصصاً لعموم دليل العمل بالشهادة. قوله: (بغير الحد) أي بغير خصوص الحد يعني خبر الآحاد الوارد بالعمل بالشهادة من حيث هي تعلقت بحد أو لا، فيقال حينئذٍ إنها لو كانت متعلقة بالحد بطل الفرق لأن الحد يدرأ بالشبهة ولو في الشهادة به، ويرد على ذلك أن خبر الآحاد الوارد بالعمل بالشهادة لـ لكرخي أن لا يلتزم أنه لا يجب العمل به في الحدود، وإنما العمل بالشهادة فيها للإجماع لما تقدم أن خبر الواحد في الفتوى والشهادة يجب العمل به إجماعاً، وحينئذٍ لا يصح تمسك الشارح بهذا الطريق، وحينئذٍ يتعين في معنى كلام الشارح الوجه الثاني. قوله: (لجواز أن المراد الشهادة الخ) أي لجواز أن يكون المراد بالشهادة في كلام الشارح الشهادة بخصوص الحد وأنها نفسها خبر آحاد فإنه يجب العمل بها إجماعاً من الكرخي وغيره كما مر. وفيه أنه إن كان المراد أنهم شهدوا أن النبي قال: إن شارب الخمر يحد مثلاً فهذه ليست شهادة بل خبر آحاد وإن كان المراد أنهم شهدوا على الزاني بموجب الحد فهي وإن كانت خبر آحاد شهادة يجب العمل بها إجماعاً، ويفرق بينها وبين خبر الآحاد فإنها خاصة بما وقعت فيه وحكم خبر الواحد عام في الأشخاص والأزمان كما مر. وفيه أن قوله : «ادرأوا الحدود بالشبهات» عام فيما تعلق بخاص كالشهادة أو بعام كخبر الآحاد، فهذا الفرق لا يجدي على الكرخي شيئاً وثبت ما قاله الشارح. نعم للكرخي أن يقول كما في التوضيح: إن ثبوت الحد بالبينة إنما هو بالنص على خلاف القياس فلا يقاس عليه ثبوته بخبر الواحد، وإنما كان على خلاف القياس لأن البينة خبر آحاد فهو دليل فيه شبهة والحد يدرأ بها(3/53)
(3/118)
---
تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 117
قوله:
(والفرق بين المقامين غير قليل)
إن كان المراد بالفرق ما قررناه سابقاً فقد عرفت أنه لا يجدي وإن كان شيئاً آخر فليبين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 118
قوله:
(لا حاصل له إلا محض الاشتباه)
أما تعقبه الأول فهو اشتباه كما عرفت، وأما الثاني فصحيح كما تقدم فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 118
قول الشارح:
(وهو قول أبي حنيفة الأخير)
أي في خصوص الفصلان والعجاجيل لكن لم يقل بذلك لكون الدليل خبر آحاد بل لعدم اشتمالها على السن الواجب فهو تخصيص لعموم الحديث بالعقل وللإشارة إلى هذا قال الشارح قال لعدم الخ، ومنه يعلم أن أبا حنيفة يقبل خبر الآحاد في ابتداء النصب كخمس من الإبل لأن الواجب فيها شاة بخلاف بعض الحنفية صاحب هذا القول فاندفع الاشتباه الواقع هنا لـ لمحشي وغيره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 118
قول الشارح:
(لا نسلم أنه حجة)
أي لأنه ليس بإجماع لأن الإجماع اتفاق جميع مجتهدي الأمة، بخلاف خبر الواحد بشرطه فإنه حجة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 119
قول الشارح:
(لا نسلم حجية ذلك)
(3/119)
---(3/54)
أي عملهم. وقولهم: أما عملهم فلاحتمال أن يكون عن اجتهاد أو تقليد وحينئذٍ لا يكون حجة للمجتهد، والكلام ليس إلا في ذلك وهذا الاحتمال لا رافع له. وأما قولهم: فإن كان المراد به أنهم قالوا: إن الحكم كذا ولم ينقلوه عن النبي . فكذلك يحتمل أن يكون عن اجتهاد أو تقليد فلا يكون حجة للمجتهد وإن كان المراد به أنهم نقلوه عن النبي فهذا ليس قولهم بل قول النبي : ثم يقال: إن كانوا جمعاً يؤمن تواطؤهم على الكذب أفاد خبرهم العلم لكونهم عدد التواتر، وكذا إن لم يكونوا كذلك لكن اقترن بالخبر قرائن منفصلة يفيد الخبر بواسطتها العلم، وفي هذين يقدم هذا الخبر على خبر الآحاد المفيد للظن، لكن لا لكونه خبر أهل المدينة بل لكونه خبر التواتر والآحاد المفيد كل منهما للعلم، وليس كل من الأخيرين محل الخلاف بل محله هو الأول كما يعلم ذلك من كلام العضد في بحث الإجماع، وبه يعلم رد ما أطالوا به هنا فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 119
قول الشارح:
(قلنا لا نسلم قضاء العادة بذلك)
بدليل قبول الأمة له في تفاصيل الصلاة ووجوب الغسل من التقاء الختانين وهما مما تعم به البلوى. وأيضاً قبوله في نحو الفصد والحجامة والقهقهة في الصلاة. والحنفية أوجبوا بها الوضوء وهو منها فهم محجوجون به كذا في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 119
قول المصنف:
(أو عارض القياس)
أي جميع الأقيسة كما في التوضيح وغيره فإن عارض قياساً ووافق آخر قبل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 120
قول الشارح:
(ولم يكن راويه فقيها)
(3/120)
---(3/55)
لأن الفقاهة توجب غلبة الظن بروايته، ورد هذا بأن عدالة الراوي تغلب ظن صدقه خالف القياس أو لا فلا حاجة إلى الفقاهة، فقول الشارح: لا نسلم ذلك أي لوجود العدالة المانعة، كذا يؤخذ من شرح المنهاج لـ ـلصفوي ، وأما ما في التلويح فلا يوافق كلام الشارح. قوله: (لرجحان نص القياس عليه) كأنه يشير بذكر نص إلى أن الشارح فيه حذف مضاف، وحينئذٍ يكون التعارض في الحقيقة بين خبر الآحاد ونص القياس بناء على أن النص على العلة بمنزلة النص على الحكم كما في العضد وحاشيته. وفيه أن القياس يحتاج إلى نفي المعارض في الأصل والفرع وهو محل اجتهاد بخلاف الخبر. قوله: (بالأصل المعلوم الخ) ينظر ما هو فإن كان نص العلة فهو راجح فقط، وإن كان قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} (سورة الحشر: الآية 2) فلا عموم فيه حتى يثبت به قياس يعارض خبر الواحد. قوله: (وتمسك الجمهور الخ) فيه أن مقتضاه التعارض فهو يناسب الوقف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 120
قول الشارح:
(لتساوي الخبر والقياس حينئذ)
أي تساوي الخبر ونص القياس أي لتعارض الترجيحين ترجيح خبر القياس لما ذكر من كونه راجحاً بذاته، وترجيح الخبر الآخر بالاستغناء عن المقدمات لعدم انضمام القياس إليه، وأما ظن وجود العلة فهو في مقابلة ظن صدق الخبر وهذا أولى مما في الحاشية. قوله: (وقد يمنع المساواة الخ) فيه أن ظن العلة لا يفيد سوى ظن الحكم وهو بعينه مستفاد من الخبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 120
قوله:
(الثانية)
أي رسماً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قول الشارح:
(مخالف للقياس فيما يضمن به التالف)
أي القياس على ذلك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قول الشارح:
(بل للتثبت)
عدل عن تعليل العضد بالارتياب وقصور الخبر عن إفادة الظن لأنه لا معنى له بعد كون المخبر عدلاً.
(3/121)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قول المصنف:
(مسألة المختار وفاقاً الخ)(3/56)
وجه هذا المختار أن الفرع عدل ضابط إلى آخر شروطه، وقد تقدم أنه يجب العمل بخبره والوجوب لا يسقط بالاحتمال والأصل وإن كان عدلاً أيضاً الخ لكنه كذب عدلاً وتكذيب العدل خلاف الظاهر. فإن قلت: يلزم أن يكون الأصل كاذباً وهو أيضاً عدل فيكون خلاف الظاهر. قلت: لا بل هو الظاهر لأنه كذب في التكذيب للفرع العدل وقد عرفت أنه خلاف الظاهر فيكون كذب الأصل هو الظاهر إلا أنه لعدالته يحمل النسيان فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قوله:
(وإنما رواه عن غيره)
الصواب حذفه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قوله:
(لأن التكذيب إنما هو في الرواية الخ)
. فيه أنه إذا كذب فيها سقط المروي لأن الفرض أنه لم يسنده لغير هذا الأصل، والصواب تعليل الشارح باحتمال النسيان.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قوله:
(قد عارضه تكذيب الأصل)
قد عرفت جوابه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قول الشارح:
(فلا يكون واحد منهما الخ)
(3/122)
---(3/57)
أما الفرع فلما عرفت من أن كذبه خلاف الظاهر. وأما الأصل فلأن كذبه وإن كان هو الظاهر لكن تعمده خلاف الظاهر لعدالته فترجح احتمال النسيان فلا يكون كل منهما مجروحاً، وبه يسقط ما قاله الناصر ، هذا إن بنينا على أن قوله بتكذيبه للآخر مقلوباً كما قالوا، وعندي أنه ليس مقلوباً لأنه يلزم على القلب أن يكون كذب الأصل على الفرع جارحاً. وفيه أنه ليس كبيرة ولا صغيرة خسة، بخلاف ما إذا بقي على حاله فإن التكذيب فيه ذكر له بما يكره وهو غيبة من الكبائر في العلماء، ووجه عدم الجرح حينئذٍ أن التكذيب إنما يكون كبيرة إن كان عن عمد بخلافه مع النسيان للعذر. قوله: (الاحتمالات أربعة) فيه أن الفرع لم ينظر فيه لكونه كذبه سهواً أو عمداً، بل بنى عدم جرحه على صدقه لأن الظاهر من حال العدل، والذي نظر فيه لذلك هو الأصل، وكان الشيخ رحمه الله اشتبه عليه هذا القول بالقول الآخر وهو سقوط مروي الفرع معللاً بأن أحدهما كاذب قطعاً من غير تعيين فيقال: إنه لم تسقط عدالته بناء على أنه الكاذب لاحتمال النسيان، نعم هذان الاحتمالان جاريان في تكذيب الأصل لكن قدم احتمال نسيانه لعدالته فقيام الاحتمال الآخر لا يضر في عدم جرحه. قوله: (وقد أشار العضد الخ) كلام العضد أنما هو بناء على سقوط المروي وحينئذٍ يجري الاحتمالان في الفرع كالأصل، هذا وقد عرفت أن الشارح يخالف العضد في بناء عدم جرح الأصل على العدالة إذ هي السبب في تقديم احتمال النسيان الذي هو مبني عدم الجرح. والحاصل أن الناظر ظن أن الشارح فرع عدم الجرح في كل على مجرد الاحتمال وهو ظن فاسد، بل عدم جرح الفرع مبني على صدقه لعدم العمل بقول الأصل، وعدم جرح الأصل مبني على تقديم احتمال النسيان بناء على عدالته، ولعمري أن مفاسد عدم التأمل أكثر من أن تحصى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 121
قوله:
(إذا علمت ذلك وتأملته الخ)
تأملناه فوجدناه ليس بشيء.
(3/123)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 123
قوله:(3/58)
(لأنه سهو لا عمد)
من أين هذا؟ بل معناه أنه إنما يسقط العدالة إذا كان عمداً محققاً وهذا يحتمل أن يكون سهواً. وأما قوله: وإلا لأسقط العدالة فممنوع لأنه إنما يسقطها إن تعين كونه عمداً. والحاصل أن استدلال الناصر بما قاله لا يفيد ولو استدل بأن كلاً منهما عدل فلا بد أن يحمل كذبه على السهو لأفاد. ثم رأيته كتب على قول الشارح الآتي إذا كان عمداً أي وهو منتف فيما نحن فيه إذ الغرض أن كلاً منهما عدل وهو لا يتعمد الكذب عليه، عليه الصلاة والسلام اهـ. وحينئذٍ فاستدلاله صحيح خلافاً لسم وما قاله المحشي غير نافع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 123
قوله:
(قد تقدم أن الموضوع الخ)
الجزم ظاهراً لا يفيد وباطناً غير معلوم فالأولى التعويل على ما تقدم هذا وفي العضد أنه وإن كان أحدهما كاذباً قطعاً إلا أنه من غير تعيين فلا يقدح في عدالتهما لأن واحداً منهما بعينه لم يعلم كذبه وقد كان عدلاً اهـ. ولا يخفى أنه لا يحتاج لهذا إلا إذا كان الكذب عمداً إذ لو كان سهواً لم يقدح حتى مع التعيين، وحينئذٍ كيف يقال: إنهما لو اجتمعا في شهادة لم ترد؟ فالحق أن ما في الشارح غير ما في العضد، ومعنى قول العضد لا يقدح في عدالتهما في غير الاجتماع في الشهادة بناء على أن كذب أحدهما عمداً يقيناً، أما الاجتماع في الشهادة فلا يتفرع إلا على عدم تيقن كذب أحدهما عمداً كما في الشارح وإنما تعرضنا له لأنه اشتبه بما في الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 123
قوله:
(علمت صحة الاستدلال به)
ليس كذلك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 124
قول الشارح:
(ولو استوضح الخ)
(3/124)
---(3/59)
أي جعل ما بناه موضحاً لا دليلاً، ولا يلزم من كونه موضحاً للأول أن لا يأتي على غيره بل يكفي أن يكون أنسب بالأول. وأما قول المحشي بأن يقول بدليل الخ ففيه أن قبول الشهادة موجود مع إسقاط الرواية كوجوده مع عدمه فلا يصلح دليلاً. قوله: (تبعاً للأول) الأولى وإنما شهد على كون الأول شاهداً. قوله: (لأن سهو الإنسان) أي وهو الفرع هنا. وقوله: بخلاف سهوه عما سمع وهو الموجود مع الأصل. قوله: (فإنه كثير) لأن ذهول الإنسان عما يجري بحضوره لاشتغاله عنه كثير الوقوع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 124
قول المصنف:
(وزيادة العدل فيما رواه على غيره من العدول)
(3/125)
---(3/60)
اعلم أن المزيد عليه إما واحد أو أكثر، وتلك الزيادة إما أن ينفرد بها عمن روى معه عن النبي أو عن شيخ، وعلى كل إما أن يتحد المجلس أو يتعدد أو لم يعلم ذلك، وعلى كل إما أن يكون غير من زاد لا يغفل مثلهم عادة لكثرتهم وعدم المانع من الضبط كاشتغال فكر أو يغفل وتتوفر الدواعي على نقلها أو لا، وعلى كل إما تغير الزيادة المزيد عليه أو لا، فهذه ثمانية وأربعون صورة وكلها مأخوذة من المصنف تصريحاً في البعض وقياساً في البعض. وأما قول المصنف: فإن كان الساكت أضبط الخ فهو خاص بما إذا كان غير من زاد يغفل أي يجوز غفلته من جهة قلة عدده وإن كان في نفسه أضبط فالمراد بكونه لا يغفل أن يكون عدداً كثيراً فلا يتصور غفلة مثله عادة، والمراد بكونه يغفل أن تنتفي الكثرة فالمراد به التقييد وليس صورة مستقلة، وكما أنه تقييد هنا يقيد به باقي المسائل عند اتحاد المجلس، ثم إن قول الشارح في بيان المزيد عليه من العدول يقتضي أن هذه المسألة مصورة بما إذا كان المزيد عليه جمعاً وقد نص عليه العضد و الصفوي في شرح منهاج البيضاوي و الصفي الهندي ، وإذا كان علة القبول وعدمه عند اتحاد المجلس هنا جواز الغفلة أو الخطأ وعلة الوقف تعارض الاحتمالين جرت هذه الأقوال الثلاثة فيما إذا كان المزيد عليه واحداً لوجود الاحتمالين، ولذا أحال المصنف فيما يأتي على ما هنا. وأما الرابع والمختار هنا فلا يجريان هناك لأن مدار عدم القبول فيهما على الكثرة وهذا غير موجود في الواحد، وكذلك توفر الدواعي لأنه إنما يمنع من الكثير لاجتماع الكثرة معه فيزيد أن على بعد توهم سماع ما لم يسمع عن ذهول الإنسان عما سمعه الذي هو مرجح راوي الزيادة. نعم التعارض لكون الساكت أضبط يأتي في الواحد لمعلومية زيادة الضبط لبعد سماع ما لم يسمع بخلافه للتصريح بنفي الزيادة لأنه لا مانع من ابتنائه على ذهول الإنسان عما سمع، ولوجود هذا التفصيل فيما إذا كان المزيد عليه واحداً تركه الشارح(3/61)
(3/126)
---
بعد قوله فكراويين. على أنه إنما ذكر الخلاف في المشبه ولا يأتي فيه من ذلك شيء، على أنه إنما يذكر الخلاف المنقول عن الأصوليين ولم ينقل عنهم إلا ما ذكره. بقي أن قول الشارح في التعليل هنا لجواز أن يكون النبي ذكرها الخ يقتضي أن المسألة مخصوصة بأن يكون رواية الكل عن النبي فيبقى ما إذا زاد العدل فيما رواه هو وغيره من العدول عن شيخ. قلت: إنما قصر الشارح رحمه الله المسألة على راويه عن النبي لأن المصنف لم يحك خلافاً في القبول إن لم يعلم اتحاد المجلس، ولو عممنا المسألة بما إذا انفرد العدل بزيادة عن العدول وشيخ الكل واحد لاحتجنا أن نقول في التعليل على قياس ما هنا لجواز أن يكون الشيخ ذكرها في مجلس وسكت عنها في آخر، ومقتضى هذا التعليل أن يكون المقبول هنا مبنياً على القول بجواز حذف بعض الخبر، ومقتضى بنائه على ذلك أن يكون فيه الخلاف، فللّه در هذا الإمام ما أتقنه حيث قصر المسألة على ما لا يتأتى فيه هذا الخلاف الآتي، إذ لا يقال: إن النبي هل يجوز أن يحذف بعض الخبر أو لا لجوازه عند عدم الإخلال بالباقي منه اتفاقاً؟ وحينئذٍ فهذه المسألة يأتي فيها خلاف مسألة المتن مع خلاف آخر في القبول إن لم يعلم اتحاد المجلس. فإن قلت: سيأتي أن الشارح ينبه على أن القبول عند عدم العلم بالاتحاد فيه خلاف. قلت: ما سيأتي في النقل عن الشيخ فإن إرساله ووقفه كحذف بعض الخبر فما سيأتي مما يدل على إتقان الشارح وفرقه بين ما عن الشيخ وما عن النبي ولغموض صنيعه أشكل هذا الموضع على الناظرين غاية الإشكال. ثم إن القبول في هذه المسألة عند عدم العلم بالاتحاد اتفاقاً هو المنقول عن
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 124
ابن الحاجب وغيره من المحققين فليتأمل. قوله: (بين هذه وما يأتي في قوله ولو انفرد الخ) صوابه في قوله فكراويين. قوله: (أي أو الشيخ) عرفت ما فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 124
(3/127)
---
قول المصنف:(3/62)
(إن كان غيره لا يغفل مثلهم الخ)
أي كانوا في الكثرة بحيث لا يتصور غفلة مثلهم عن مثل تلك الزيادة سواء كانوا عدد التواتر أو لا، وسواء كانت الغفلة ابتداء ودواماً أو ابتداء فقط أو دواماً فقط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 127
قول المصنف:
(أو كانت تتوفر الدواعي على نقلها)
أي كان مثلهم يغفل عن مثلها لكن تتوفر دواعي من سمعها على نقلها، فإن توفر الدواعي يدل على الحرص عليها، ولم يقل بعد قوله على نقلها تواتراً لأن المسألة عامة فيما إذا كان السامعون عدد التواتر أو لا. فإن قلت: إذا كانوا عدد التواتر كانت الزيادة مقطوعاً بكذبها فلا تكون موضع خلاف. قلت: محل القطع بالكذب إنما هو عند مخالفة العادة كما تقدم في الشارح وما هنا لا يخالفها، إذ فرض المسألة أن مثلهم يغفل عن مثلها عادة ولم يدع ناقل الزيادة إن غيره شاركه في السماع. ومسألة القطع بالكذب مفروضة فيما إذا شارك المنفرد بالخبر خلق كثير فيما يدعيه سبباً للعلم كمشاهدة خطيب سقط عن المنبر، على أن لك أن تقول محل المخالفة صورة ما إذا لم يكونوا عدد التواتر فإنها لا تتوفر الدواعي على نقلها تواتراً بل على نقلها مطلقاً، والقول الرابع لا يقول برد الزيادة حينئذٍ، وإن قال به فيما إذا كانوا عدد التواتر وتوفرت الدواعي على نقلها تواتراً وبه تعلم رد ما أطال به الحواشي هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 127
قول المصنف:
(فإن كان الساكت أضبط الخ)
كان يغفل لكونه عدداً قليلاً لكنه أضبط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قول الشارح:
(كأن قال ما سمعتها)
أي مع العلم بأنه لا مانع له من السماع بأخباره أو غيره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قول المصنف:
(تعارضا)
(3/128)
---
لأن الأضبطية والتصريح بنفي الزيادة يقاومان بعد سهو الإنسان فيما لم يسمع حتى يجزم بأنه سمع الذي هو مرجح القبول ويبعد إن قرب سهوه عما سمع الذي هو مانع من موافقة من لم يزد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قول المصنف:(3/63)
(فكراويين مع قول الشارح فإن أسندها الخ)
قد عرفت أن حكم الراويين معلوم مما مر فلذا أحال عليه، ويعلم من المختار له فيما مر أن المختار له هذا القول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قول الشارح:
(فإن أسندها وتركها إلى مجلسين الخ)
أي سواء غيرت إعراب الباقي أو لا كذا في المحصول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قول الشارح:
(فقيل تقبل الخ)
في الكتب المشهورة أنه إن كانت مرات رواياته للزيادة أقل لم تقبل إلا أن يقول سهوت في تلك المرات وإن لم تكن أقل قبلت لأن الأقل أحرى بالسهو والمغفول عنه بالسهو أكثر من المسموع بالسهو كذا نقله السعد والصفوي. قوله: (كالواحد) فيه نظر يعلم مما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قوله:
(وإن كان الثاني الخ)
استفيد تقييد المسألة حينئذٍ بما إذا كان المجلس واحداً والذي لم يرو الزيادة يجوز أن يغفل مثله عنها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قوله:
(مثال لا تقييد إذ مثله الخ)
فيه أن ذلك مذكور في المتن قيل مع بيان الشارح له بشيء آخر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قوله:
(والظاهر أن كلام الشارح هنا الخ)
هذا ليس بظاهر بل باطل بشقيه لما تقدم أول المسألة وما مر قريباً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قول المصنف:
(ولو انفرد واحد عن واحد فيما روياه عن شيخ قبل عند الأكثر)
(3/129)
---(3/64)
لأن معه زيادة علم إذا نظرت لاختلاف التعليل هنا وفيما مر في مسألة الأقوال الثلاثة عرفت أن الخلاف هنا مبني على أن الرواية عن الشيخ شهادة عليه بأنه روى وأحد المشاهدين إذا خالف رفيقه لا يقبل أو روايته فيقبل لأن معه زيادة علم، والسر في إتيان هذا الخلاف هنا دون ما إذا انفرد واحد عن واحد بزيادة عن النبي أن النقل عن الشيخ يتضمن شيئين نفس المروي وأن طريقه ذلك الشيخ، ومن هنا يعلم أنه إذا انفرد واحد بزيادة عن جماعة عن شيخ أن حكمه إن بنينا على أنه شهادة هو هذا أو رواية جرى فيه الخلاف السابق، ويؤيد ما قلنا إن تلك الزيادة قد تكون مروية من طريق آخر فتكون مقبولة جزماً، والخلاف في المنفرد أحدهما عن الآخر باق بعينه فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 128
قوله:
(لتعارض الدليلين)
لا تعارض هنا لأن زيادة العلم لا يعارضها المخالفة لرفيقه بل زيادة العلم تقتضيها، نعم لو علل بالجواز في الشقين لجاء الوقف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 129
قول الشارح:
(وحكمه في ذلك القبول على الراجح)
أي حكم الشيخ في فعل ذلك مرة وتركه أخرى القبول على الراجح قياساً على حذف بعض الخبر، وإذا كان فعل الشيخ ذلك مقبولاً على الراجح لأن القبول من الراوي على الراجح أيضاً أو المبني يتبع المبنى عليه، فمراد الشارح بذلك التنبيه على التفرقة بين القبول أول المسألة فإنه باتفاق وبين القبول هنا فإنه على الراجح، فالمراد التشبيه في مطلق القبول وقد مر بيان ذلك فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 129
قوله:
(وأنت خبير الخ)
تقدم ما فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 129
قوله:
(ليحسن عود الضمير الخ)
إذ لو لم يفعل ذلك لعاد للخبر وليس هو المتعلق به بل بعضه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 129
قوله:
(يؤدي إلى تعطيل المروى)
(3/130)
---(3/65)
لأنه لا يمكن حمله على معنييه لتنافيهما وعلى أحدهما بعينه لأنه مجمل، وقد يقال: يمكن أن يكون في الكتاب أو السنة ما يفيد حمله على غير محمل الراوي وبه يتضح كلام سم ويسقط ما قاله المحشي .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 130
قول المصنف:
(وكافر)
أي ولو كان يحرم الكذب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 130
قول الشارح:
(مع شرف منصب الرواية)
أي لنفوذها على كل مسلم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 130
قوله:
(ظاهره أن فسقه محل وفاق)
لعل ظهوره يؤخذ من عدم قول الشارح بعد قلنا: لا نسلم فسقه، وقد يقال: إنما ترك الشارح ذلك اكتفاء بقوله قبل مع تأويله في الابتداع فإن التأويل يخرجه عن الفسق لأنه اجتهاد، وقصارى الأمر أنه ارتكب البدعة جاهلاً، ومن ارتكب الفسق جاهلاً به لا يفسق كما سيأتي في الشارح، ومثل هذا في سعد العضد خلافاً لما في شرح منهاج البيضاوي لـ لصفوي من أنه فاسق مقبول لإقدامه غير عالم فيبعد كذبه وهو مخالف لاشتراط عدالة الراوي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 130
قول الشارح:
(وقيل لا يقبل مطلقا)
أي حرم الكذب أولاً، ولا يقال سواء كفر ببدعته أو لا وإلا لزم أن صاحب القول الثالث وهو الإمام مالك يقبل الكافر ببدعته إن لم يكن من الداعية وهو مخالف لقول الشارح: أما من يجوز الكذب إلى أن قال: وكذا من يحرمه وكفر الخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 130
قوله:
(وهذا مختلف في كفره)
قيل: لا وجه لكفره لأن مرجع قوله إلى أنه ليس بجسم أصلاً أي لا جسم لا كالأجسام فهو مجرد تسمية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 130
قوله:
(من القبيل الثاني)
لعله الأول بل الصواب أن يبقى على عمومه والكلام فيه متى قيل بكفره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 130
قوله:
(ولذا يعبر عنها بالأفعال النحوية)
(3/131)
---
فيه أن يقال: مات زيد وليس الموت بفعل بالمعنى المراد هنا وإن سمي فعلاً نحوياً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قوله:
(يقتضي أن المراد بها الكبائر الخ)(3/66)
لا وجه للاقتضاء بالنسبة لإضافة الاقتراف وهو محل نزاع اهـ سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قوله:
(لا في الأفعال اللفظية)
لو تمّ أن ما سمي فعلاً اصطلاحاً مدلوله فعل تمّ الاستدلال فالأولى الاقتصار على الثاني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قوله:
(وقد تقدم لنا الخ)
انظر ما مراده.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قول الشارح:
(أي الجائزة)
اعلم أن المتبادر من الجواز رفع التحريم بخلاف الإباحة، فإن المتبادر منها استواء الطرفين، وسبب هذا التبادر كثرة الاستعمال فيما يتبادر كل فيه، والتبادر لكثرة الاستعمال لا ينافي الاشتراك كما مر في مبحث المشترك، وبه تعلم صحة جواب سم وشيخه الشهاب ، لكن الصواب أن يسقط من جواب سم قوله بل يكفي صدقه بعدم الامتناع لأنه إن كان المراد أنه يكفي صدقه به بمرجوحية فالمباح يصدق به كذلك فلا حاجة للتفسير وإن كان براجحية فهو التبادر، وبه تعلم بطلان دعوى التنافي بين الاشتراك والتبادر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قوله:
(قد يمنع بما اشتهر الخ)
فيه أنه وإن لم يخصص لكن لا يصح أن يكون مثالاً إلا لما لم يمنع منه إلا لمستوى الطرفين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قوله:
(الثالث أن مفاد الخ)
هذا مبني على أن مجرد الصدق بعدم الامتناع كاف أما بناء على أنه المتبادر فلا يرد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قوله:
(ينافي ما قدمه)
فيه أن التبادر في شيء لا ينافي الصدق بآخر فتحصل أن اعتراضاته الأربعة باطلة تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
(3/132)
---
قول الشارح:
(فباقتراف الفرد الخ)
اقتصر على الفرد لأنه مفهوم اقتراف كل فرد فيما تقدم، والتقييد في ذلك المفهوم بالفرد في مفهومه تفصيل وهو أنه إن اقترف غير الفرد وغلبت طاعاته على معاصيه لا يفسق وإلا فسق.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 131
قول الشارح:
(ينتفي عنه اتباع الهوى)(3/67)
أي كونه بحيث يتبع هواه وإلا بأن كان بحيث يتبع هواه لوقع في المهوى أي لكان بحيث يقع في مهويه، وإنما أولنا بما ذكر لأن زوال الملكة ممكن أيضاً فيندفع اعتراض الناصر فانظره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 132
قول الشارح:
(اكتفاء بظن حصول الشرط)
فيه أن الفسق مانع يجب تحقق عدمه كالصبا والكفر فإنا لا نقنع بظن عدمهما بل العلم بعدمهما واجب لقبول الرواية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 132
قول الشارح:
(فإنه يظن من عدالته في الظاهر الخ)
هذا ممنوع فإنا لا نسلم أنه يظن ذلك بل هما مستويان، نعم يظن ذلك إن بنينا على أن الأصل في الناس العدالة وقد رجحه السعد على العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 132
قول الشارح:
(كأن يقال فيه عن رجل)
ينبغي أن يستثنى منه ما لو كان القائل ذلك معروفاً بأنه لا يروي إلا عن عدل قاله الناصر .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 132
قول المصنف:
(فإن وصفه نحو الشافعي)
أي وصف مجهول العين والظاهر أن وصفه مجهول الظاهر والباطن بذلك كذلك، وقد يقال: المراد بمجهول الظاهر والباطن مجهول ذلك على الإطلاق بخلاف من وصفه نحو الشافعي فإنه معلوم له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 132
قوله:
(لأن الظاهر أنه لا يصفه بالثقة إلا بعد البحث)
(3/133)
---
بل ذلك متعين ولو كان يرى قبول المستور وإلا كان مدلساً لإطلاقه في محل الخلاف. والحاصل أن التوثيق لا يقبل إلا من ذي بصيرة ومن تمامها معرفة أسبابه مع ما فيها من الاتفاق والخلاف فلا يطلق الثقة إلا على عدل باطناً وظاهراً للخلاف في الظاهر تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 132
قوله:
(إذ يلزم من نفي الجرح الخ)(3/68)
أي بناء العرف فإنه يلزم عرفاً من نفي المرجوح نفي الراجح، وفيه أن معنى لا أتهم لا أنسب إليه تهمة فاللازم أن لا ينسب إليه ما هو أعلى منها، ولا يلزم من عدم نسبته إليه ذلك انتفاؤه لاحتمال أن عدم نسبته لعدم علمه إلا أن يدعي أنه يلزم عرفاً من نفي النسبة إليه توثيقه ومع ذلك يرد بما سيأتي قريباً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قوله:
(وإنه غير معلوم لأنه لا يقصد)
يقرأ بكسر همزة أنه أي وحينئذٍ تقول إنه غير معلوم لأنه لا يقصد أي قد لا يقصد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قول المصنف:
(من أقدم جاهلا)
أي جهلاً يعذر به بأن قرب إسلامه أو نشأ بعيداً عن العلماء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قول الشارح:
(وقيل يقبل في المظنون الخ)
هذا التفصيل إنما يناسب لو أقدم باجتهاد وما هنا ليس كذلك بل أقدم جاهلاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قوله:
(لأنه يحتمل التقييد)
بأن يقال: تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين إيذاناً أدنى ما نص عليه من الكبائر كما قيد به العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قوله:
(يتناول صغيرة غير الخسة)
إن صغيرة غير الخسة إنما استقرت لارتكابها مع دناءتها بخلاف غيرها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قوله:
(وإن حرم)
أي سواء حل كبيد حليلته أو حرم كبيده.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قوله:
(فضعيف)
(3/134)
---
هو طريقة الروياني وسكت عليه الرافعي وعذر الشارح في الجري عليه صنيع المصنف حيث فرق بين الخمر ومطلق المسكر وإلا لاكتفى بالثاني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قوله:
(مساو للغصب)
فالأخذ باليمين الفاجرة ظلم غصب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قوله:
(لا أعم منه)
بناء على أن الأخذ باليمين الفاجرة ظلم لا غصب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 133
قول الشارح:
(يعلم أنه ليس منه)(3/69)
بأن علم أنه من زنا وقوله: فمباح أي ليس بواجب لوجود طريق آخر إلى النفي وعود سببها بإصابة غيره لها بشبهة ثم يلاعنها وينفيه في لعانه وهذا مقتضى كلام الزركشي في شرح منهاج الفقه وإن جرى عليه الشارح فيه على الوجوب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 134
قول الشارح:
(فكان يمشي الخ)
ليس المراد التكرر لما أخرجه الطبراني ليس مني ذو حسد ولا نميمة وإن كان لفظ كان يفعل كذا يراد منه التكرار عرفاً كما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 134
قول الشارح:
(فكان يمشي الخ)
ليس المراد التكرر لما أخرجه الطبراني ليس مني ذو حسد ولا نميمة وإن كان لفظ كان يفعل كذا يراد منه التكرار عرفاً كما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 134
قوله:
(على ما يفهم منه المغتاب)
أي لو اطلع عليه فيشمل ظن السوء به بلا مسوّغ شرعي، والمراد بسوء الظن عقد القلب عليه لا الخواطر قاله في الإحياء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 134
قوله:
(على مجرد اليمين الفاجرة)
المراد بالفاجرة ما اقتطع به المال سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 134
قوله:
(ولو اقتصر على هذا الثاني الخ)
(3/135)
---
ذكر الأول لكونه رواية الشيخين، والثاني لبيان معنى الحلف على المال وإن ذلك حتى في الشيء التافه. قال الزركشي : ولا شك الخ ظاهره وإن لم يعتقد الحل والتحريم وفيه شيء فإن قيد بالاعتقاد فالكفر به لا بالكذب، فإن كان من حيث نسبة الكذب على الله للنبي فهو آت في غير الحلال والحرام تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 134
قول الشارح:
(أما الكذب على غيره فصغيرة)(3/70)
أورد العلامة الناصر هنا أنه تقدم للشارح أنه فرع عدم جرح كل من الأصل والفرع في مسألة تكذيب الأصل الفرع على احتمال النسيان فيفيد أنه لو تعمد الأصل تكذيب الفرع يكون مجروحاً مع أنه كذب على غير النبي وليس من صغائر الخسة، فمقتضى كونه جارحاً أن يكون كبيرة وهو خلاف ما هنا اهـ. وهو غلط مبني على أن كونه جارحاً لكونه كذا وليس كذلك بل لكونه من غيبة العلماء وهي كبيرة، ولله در الشارح حيث قال هناك فلا يكون واحد منهما بتكذيب الأخر له مجروحاً ولم يقف أحد من الحواشي هناك على مراده ففاتوا صواب العبارة. واعلم أن غيبة أهل العلم إنما تكون من الكبائر إن لم ينهمكوا في المخالفات وإلا فلا اعتبار بهم قاله سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 134
قوله:
(لكن ظن الاجتهاد)
فيه وقفة. قوله: (جواز سب الساب) بناء على أنه وقع من سيدنا عبد الرحمن سب. واعلم أنهم نصوا على أنه لا يجوز سب الساب إلا بنحو يا ظالم لا بغيره وإن وقع من الأول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 135
قوله:
(لأنه اللازم في معنى الساب)
يعني أن السباب يكفي في تفسيره التكرار وإن كان لا بد في كونه كبيرة من الإدمان، فالشارح اقتصر على ما هو تفسير له وإن كان مقيداً بشيء آخر وحينئذٍ فلا ضعف فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 135
قول المصنف:
(وكتمان الشهادة)
(3/136)
---
أي ولو لم يعلم صاحب الحق أنه شهد به فيجب إعلامه بأنه شهد به ما لم يكن حقه سباً أو قذفاً فينبغي كتمانه نقله سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 135
قول الشارح:
(أي ممسوخ)
فسر الإثم بالمسخ ليكون في الآية وعيد شديد على الكتمان، فيدل على أنه كبيرة بخلاف مجرد الإثم، ولا بد للشارح في هذا التفسير من مستند قطعاً ولا يضر عدم علمنا به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 135
قوله:
(الإثم حقيقة الذنب)
فيه أن الإثم مترتب على الذنب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 135
قوله:
(لكن لا يخفى الخ)(3/71)
قد عرفت أن الشارح رحمه الله لم يحمله على ذلك عدم صحة الإسناد بل على عدم دلالة الإثم على كون الكتمان كبيرة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 135
قوله:
(ولا يخفى ضعف ما في كل من الجوابين)
الأولى حذف لفظ ضعف أو لفظ ما في وبعد ذلك فالجوابان لا شيء فيهما.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 135
قوله:
(ولا بقلبه)
بمعنى أنه إذا ذكرها اعترف بها ولم يذكرها كما مر في شكر المنعم واجب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 136
قوله:
(وإلا فلو وجد الأمن مع الطاعة الخ)
هذا غير ظاهر عند الرجاء والظاهر أن المراد بالمعاصي ما يعم الصغائر، والجمع فيما إذا كانت كبائر إنما لتحقق أمن المكر وإلا فالواحدة كبيرة بلا استرسال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 136
قوله:
(وما كان من أنواع)
إن أراد أنه كرر أفراد كل نوع فلا حاجة إليه لأن تكرار أفراد نوع واحد كاف وإن أراد أنه فعل أفراد كل فرد منها من نوع فهو المطلوب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 136
قول المصنف:
(الإخبار عن عام الخ)
(3/137)
---
أي الإخبار عن حصول شيء صفته في نفسه العموم لا عن عمومه، فلا ترد الشهادة على شيء عام كوقف على المسلمين فإنها أخبار بالعموم عن شيء ليس في صفة نفسه العموم بل الخصوص، فالشهادة كما يكون الإخبار فيها عن الخصوص يكون عن العموم، وعلى كل فالمخبر عنه صفته في نفسه الخصوص فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 136
قول الشارح:
(وهو الإخبار عن خاص)
أي عن شيء صفته الخصوص لكن لما قيد هنا بإمكان الترافع علم أن الإخبار عنه من حيث الترافع، فيكون الإخبار عنه بخصوص آخر وهو كونه في الواقع للمدعي بخلاف الخصوص الأول فإنه من حيث الدعوى به فلا يرد الدعوى والإقرار، فإن الأولى إخبار باختصاص المدعى به بالمدعي، والثاني إخبار باختصاص المقر به بالمقر له وليس فيه قبل الإقرار جهة خصوص فاندفع ما قالوه هنا تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 136
قوله:
(وكل منهما من قبيل الرواية)(3/72)
فيه نظر يعلم مما مر بل هو قسم ثالث.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 136
قوله:
(راجع إلى الإخبار)
فيه نظر يعلم من الحاصل بعد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 137
قوله:
(وقول شيخ الإسلام الخ)
هذا القول صحيح والاعتراض عليه باطل لما علم من أن الشهادة إخبار بالخصوص لا عنه بخلاف هذا فإنه من جهة الشارح منه الإخبار عنه لا به تأمل. نعم بقي على كلام شيخ الإسلام خواص غير النبي .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 137
قوله:
(بل يشمل الإنشاءات)
أي ولا يصح أن تكون متعلقاً للإخبار بكسر الهمزة لأن متعلقه معنى خبري.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 137
قوله:
(ليس إلا وصف الأمر والنهي)
(3/138)
---
أي ليس هنا متعلق للإخبار إلا صدور قول كذا من النبي ، ولا يخفى أن الصدور لا عموم فيه فلم يبق إلا العموم في الأمر والنهي. والحاصل أن المخبر عنه في قول الراوي: قال النبي كذا هو صدور ذلك القول منه وهو ليس بعام، فتعين أن يكون المخبر عنه هو مدلول الأمر والنهي لأنه هو العام لكنه ليس معنى خبرياً حتى تكون حكايته خبراً للزم أن يكون المحكى عنه ما يؤول إليه لأنه معنى خبري. قوله: (والعام هو القول المذكور) فيه أنه ليس الإخبار عنه حينئذٍ بل عن نسبته للرسول . فالعموم في القول المذكور ولا إخبار عنه والإخبار عن النسبة ولا عموم فيها فما حاوله الشارح رحمه الله لا محيص عنه تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 137
قول المصنف:
(وأشهد إنشاء تضمن الإخبار)
فالإخبار جزؤه وجرى على مثل هذا الرضي في شرح الكفاية في باب التعجب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 137
قول الشارح:
(وإلى متعلقه)(3/73)
فيلاحظ قيداً في اللفظ وهو أشهد ويقول: إن لفظ أشهد إن اعتبر معناه من حيث ذاته فهو إنشاء، وإن اعتبر من حيث تعلقه بالمشهود به فهو إخبار، وفيه أن الإنشاء منوط بوجود معناه خارجاً به والإخبار منوط بوجوده بدونه، ومعنى أشهد إنما يوجد في الخارج به لوحظ فيه حيثية التعلق أولاً فكان التحقيق أنه إنشاء كذا قاله الناصر وهو وهم للزوم توارد الخلاف على محل واحد وقد نفاه الشارح، بل معنى النظر إلى المتعلق أن من قال إنه إنشاء تضمن الإخبار لم يحكم على لفظ أشهد فقط بل على مجموع أشهد ومتعلقه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 137
قول الشارح:
(وهو التحقيق)
لأن الكلام في مدلول أشهد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 138
قول الشارح:
(ولا منافاة الخ)
(3/139)
---
حاصلها أنه تقدم أن الإخبار عن خاص هو الشهادة والإخبار هو الحكاية عن أمر في الخارج وليس الانشاء كذلك فكونه إنشاء ينافي كونه إخباراً. وحاصل الجواب أنه إنما يحصل التنافي لو حصل الإخبار بصيغة أشهد وليس كذلك، بل إنما يحصل ذلك المعنى وهو الإخبار بمتعلقه أي متعلق ذلك الإخبار وهو المشهود به فإنه خبر، ومنه يعلم جواب إشكال آخر وهو أن اللفظ الإنشائي هنا لم يحصل مدلوله به إذ وقت تلفظه أشهد لم يحصل إخبار أي إلقاء كلام خبري، بخلاف نحو بعت مثلاً فإن مدلوله حصل به فكيف كان إنشاء ولم ينطبق عليه ضابط الإنشاء؟ وحاصل الجواب أن المراد بأشهد ليس إنشاء معناه وهو الإخبار في ذاته كما في بعت بل إنشاء معناه المتحقق بغيره فمعناه كالمعنى الحرفي. وحاصل هذا أن الإنشاء قسمان: ما حصل مدلوله به وما حصل مدلوله بمتعلقه فليتأمل. قوله: (ملابساً معناه لمتعلقه) الصواب حذف معناه فإن معناه هو ما أفاده مع المتعلق.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 138
قول الشارح:
(بأن يقدر وجود مضمونها)
(3/140)
---(3/74)
يعني أن الشرع يعتبر إيقاع المضمون من جهة المتكلم بطريق الاقتضاء تصحيحاً لهذا الكلام، فيحكم عليه شرعاً بأن هذا المضمون حصل منه، لأنه مقتضى كلامه وإن لم يقع منه إلا هذا اللفظ، ولهذا لو نوى بقوله: أنت طالق الثلاث تكون نيته باطلة لأن المصدر الذي ثبت الحكم به وهو المقتضي أمر شرعي ثبت ضرورة أن اتصاف المرأة بالطلاق مثلاً يتوقف شرعاً على تطليق الزوج إياها فيقدر بقدر الضرورة ولا مدخل للنية فيه وأورد عليه أنا نقطع بأنه لا يقصد بهذه الصيغ الحكم بنسبة خارجية، وأنه لا يحتمل الصدق والكذب، وأنه لو كان خبراً لكان ماضياً فلم يقبل التعليق وهذا يقبله، وأنا نفرق بين ما يقصد به الخبر من ذلك وما يقصد به الإنشاء، وما أجيب به من أن قصد النسبة الخارجية لا يكون إلا فيما هو خبر حقيقة، ولا ندعي أن هذه الصيغ كذلك بل إنها إنشاءات شرعية حقيقة لوحظ فيها جهة الخبرية ونظيره الألقاب فإنها إعلام حقيقة، لكن ربما يعتبر فيها المعنى الوضعي بالنظر إلى الأصل، ففيه أنه مع كونها إنشاءات لا حاجة في مدلولها إلى اعتبار الأصل، فإن لوحظ في إفادته حالها الأصلي فهي من تلك الجهة أخبار لا بد فيها من خواص الخبر، كما أنه عند ملاحظة الأصل في العلم يلاحظ فيه الاشتقاق حتى تدخل عليه أل أو يقع صفة مثلاً فيكون بهذه الملاحظة موجوداً فيه خواصها تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 139
قول المصنف:
(وعكس الشافعي)
(3/141)
---(3/75)
عبارته رضي الله عنه على ما نقله الآمدي لا بد من ذكر سبب الجرح لاختلاف الناس فيما يجرح به بخلاف العدالة فإنها سبب واحد لا اختلاف فيه قال السعد : لا يخفى أن اجتناب أسباب الجرح أسباب للعدالة والاختلاف فيها اختلاف فيه، والأقرب ما ذكره الإمام في البرهان و الغزالي في المستصفى أن أسباب التعديل لكثرتها لا تنضبط فلا يمكن ذكرها، وبهذا يكتفي فيه بالإطلاق والتحقيق أن العدالة بمنزلة وجود مجموع تفتقر إلى اجتماع أجزاء وشرائط يتعذر ضبطها أو يتعسر والجرح بمنزلة عدم له يكتفي فيه بانتفاء شيء من الأجزاء والشرائط فيذكر اهـ. وحاصل الفرق حينئذٍ أن القدرة على ذكر سبب الجرح متيسرة بخلافها على ذكر سبب التعديل. واعلم أن أسباب الجرح منحصرة عند المحدثين في عشرة: كذب الراوي على رسول الله، وتهمته به، وفحش غلطه، وغفلته، وفسقه بغير الكذب، وأفرد الأول لكون القدح به أشد في هذا الفن، ووهمه بأن يروى على سبيل الوهم ومخالفته للثقاة وجهالته بأن لا يعرف فيه تعديل ولا تجريح، وبدعته، وسوء حفظه. خمسة تتعلق بالعدالة وخمسة بالضبط، ومن المعلوم أن المعدل لا يكون مدلساً فلا يقول هو عدل إلا بعد معرفة عدالته وإن كان مذهبه قبول المجهول كما تقدم فإن قبوله مبني على الظاهر، لكن هذا الظاهر لا يسوغ له القول بأنه عدل مطلقاً، وبقي الفاسق والكذاب والمتهم بالكذب والمبتدع، أما الثلاثة الأول فلا يسوغ القول في واحد منهم بأنه عدل، وأما المبتدع فتقدم قبوله، وحينئذٍ فقول الشافعي رحمه الله دقيق فإن مراده بأسباب الجرح ما يخل بالعدالة وما يخل بالضبط وبأسباب التعديل ما يفيد العدالة فقط وهو ملازمة التقوى والمروءة معاً كما في شرح منهاج القاضي، ولا خلاف في هذا السبب وما يتوهم من أن فيه خلافاً يؤخذ مما تقدم من قبول المجهول ففاسد لما تقدم من أن الكلام هناك في القبول لا في أنه عدل، إذ لم تعلم له عدالة، على أن قبوله مبني على عدالته غاية الأمر(3/76)
(3/142)
---
الاكتفاء فيها بدلالة العدالة الظاهرة عليها، وأما أسباب الجرح المتعلقة بالضبط فوقع في قبول صاحبها خلاف كالمرسل والمدلس وغيرهما كما هو معروف عند أهله فليتأمل. قوله: (وقد ذكره ابن الصلاح الخ) ما ذكره ابن الصلاح إنما هو فيما إذا خلا المجروح عن التعديل وخالفه ابن حجر فقال: يقبل الجرح فيه مجملاً غير مبين السبب إذا صدر من عارف لأنه إذا لم يكن فيه تعديل فهو مجهول وإعمال قول المجرح أولى من إهماله، أما ثابت العدالة فلا يقبل فيه ذلك كذا في شرح النخبة. قوله: (جمع بين قول الشافعي الخ) قد عرفت أن كلام ابن الصلاح في غير ثابت العدالة، والظاهر أن الكلام هنا عام، على أن قول الشارح: ولا يكتفي بمثل ذلك في الشهادة ينافي هذا الجمع تأمل، بل قول الشارح لتعلق الحق بثالث يفيد أنه مقبول ولا يقبل عند الشافعي إلا ثابت العدالة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 139
قول الشارح:
(يجوز أن يكون احتياطا)
الاحتياط لا يجري في الشهادة فلذا كان الحكم فيها تعديلاً اتفاقاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 141
قوله:
(بيان لمعنى النسبة)
فيه أن الصحابي نسبة للصحابة.
...........................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 142
قول الشارح:
(بعد انقراض الصحابة)
أي كل منهم بدليل قوله حال حياته فلا إيراد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 142
قوله:
(من كونه عدلاً الخ)
هذا بعينه موجود فيمن روى عن النبي ثم ارتد فإنه عدل كذلك وقت روايته لا يسأل عن عدالته. فقوله: إنما يكون بعد الموت ليس بشيء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 142
قول المصنف:
(وقيل هم كغيرهم)
لعل هذا هو الذي نقله المحشي عن المازري.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 142
قول الشارح:
(3/143)
---
(إلا من يكون ظاهر العدالة الخ)
يقتضي أن ظاهرها أو مقطوعها من غير الصحابة كذلك وهو كذلك كما في منهاج الفقه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 142
قول الشارح:(3/77)
(فهو قول التابعي)
أي قوله قال مسقطاً من بعده صحابياً فقط أو مع تابعي أو أكثر فإنه قد يروي التابعي عن تابعي واحد أو أكثر عن صحابي، فقولهم المرسل ما سقط منه الصحابي أي وحده أو معه تابعي أو أكثر كما نبه عليه ابن حجر في شرح نخبته.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 142
قول الشارح:
(فإن كان القول من تابع التابعين الخ)
قد يكون الساقط حينئذٍ تابعياً وصحابياً فقط وقد يكون أكثر بأن يروي عن تابعي عن تابعي عن صحابي عن مثله وهكذا، وحينئذٍ فمدار الفرق بين المرسل والمنقطع على القائل فالأول تابعي والثاني تابع التابعي، ومعلوم أن القائل هنا أسقط جميع من بينه وبين النبي فالانقطاع في محل واحد، وهذا وإن خالف قول ابن حجر في نخبته إن كان الساقط اثنين غير متواليين أو أكثر كذلك فهو المنقطع بخلافه مع التوالي فهو المعضل فالمصنف رحمه الله حجة في ذلك مقدم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 142
قول الشارح:
(أو ممن بعدهم فمعضل)
(3/144)
---
مدار الفرق فيه أيضاً على كون القائل ليس تابعياً ولا تابع تابعي بل من بعدهم، فقوله وهو ما سقط منه راويان فأكثر أي أقله أن يسقط منه راويان لأن قائله في الدرجة الثالثة، فالمعضل هو الذي لا يمكن أن يكون الساقط منه أقل من اثنين بسبب درجة قائله، والمنقطع هو الذي لا يمكن بحسب درجة قائله أن لا يسقط منه راو، ثم إن المراد بالراوي والراويين ما عدا الصحابي لأن إسقاطه فقط ممتاز به عن المرسل فهو الذي لا يمكن بحسب درجة قائله أن لا يسقط منه الصحابي، وقد عرفت أن التابعي قد يكون بينه وبين الصحابي شيوخ متعددة هذا هو اللائق بالشارح، وما في المحشي لا يناسب تخصيص المرسل بقول التابعي، ولا المنقطع بقول تابع التابعين، ولا المعضل بقول من بعدهم، وبهذا عرفت أنه لا وجه لتقييد المعضل بكون الساقط منه على التوالي دون المنقطع وإن كان هو المذكور في المصطلح إذ كلام المصنف اصطلاح آخر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 143(3/78)
قول الشارح:
(لينفرد عن المعضل الخ)
أي حيث لم يقصر كلاً على قائل معين كما فعله المصنف تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 143
قول الشارح:
(لأن العدل الخ)
بهذا يتبين الفرق بين المرسل حيث احتجوا به وردوا المجهول فيما إذا قال عن رجل لأنه حيث ذكره مجهولاً يعتمد فيه على السامع بخلاف ما إذا أسقطه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 143
قوله:
(هذا يخالف ما مر من أنهم عدول)
(3/145)
---
إن قلت: هذا مبني على ما تقدم من عدم الفرق بين العدالة التي هي ملازمة التقوى والمروءة وبين عدم الجارح وقد عرفت أن الجارح أعم من انتفاء العدالة كعدم الضبط لنسيان أو غفلة. قلت: لا لأن المجهول في كلام الشارح هو العدالة لا عدم الجارح، بقي شيء آخر وهو أن معنى كون الصحابة عدولاً إن لم يعرف له جارح لا يحتاج للتعديل وهذا لا ينافي أن من وقع له الجارح غير عدل فيحتمل أن الساقط علم وقوع الجارح له إذ ليسوا معصومين يدل على ما قلنا قول الشارح فيما مر تفريعاً على عدالتهم فلا يبحث عنها الخ. ثم قوله: ومن طرأ له منهم قادح الخ فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 143
قول الشارح:
(يرويان عن أبي هريرة)
أي عادتهما ذلك كما قيل في:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 144
قول الشارح:
(بأن يشتمل على ضعف)
كعدم ثبوت عدالة رواته فلا يصلح وحده للاستدلال قاله السعد .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 144
قول الشارح:
(ولا يلزم من ذلك ضعف المجموع)
رد لما قيل على الشافعي أن انضمام ضعيف إلى مثله لا يفيد شيئاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 144
قوله:
(له وجه قوي)
قد يفرق بين كبار التابعين الذي الكلام في مراسيلهم وبين المجهول باطناً، فإن الظاهر أن روايتهم عن العدول وليس الظاهر في المجهول العدالة خصوصاً والجرح مقدم كما تقدم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 144
قول الشارح:
(لأن المقصود المعنى)
أي من حيث التعبد فهو الفائدة العظمى في النقل فلا يضر فوات الفصاحة.(3/79)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 144
قول المصنف:
(إن كان موجبه علما)
(3/146)
---
لعل وجهه أنه ليس محل اجتهاد فلا يضر فيه التغيير، بخلاف العمل فإن من دلائله مواضع للاجتهاد بأن اشتملت على عام أو مجمل أو ظاهر أو مقابلها فلا تغيير وإلا فلا مانع من التغيير، وحينئذٍ فهذا القول بعض المروي عن ابن عمر فجوابه جوابه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 144
قوله:
(الخراج بالضمان)
أي في مقابلة الضمان والخراج الفوائد الحاصلة من الدابة المستأجرة مثلاً فإنها لمالكها، كما أن ضمان الدابة عليه أن تلفت كذا فسره بعضهم فحاصل المعنى من عليه الضمان له الفوائد فهو بمعنى ما يقال: الغنم بالغرم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
قوله:
(لم يبق فرق)
الفرق أن التركيب باق هنا دون ما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
قوله:
(قيد زائد)
فيه نظر لأنه مع تغيير التركيب لا يكون بالمرادف فقط بل به وبغيره فهو مأخوذ من المتن إذ الإبدال للتركيب ليس من الإبدال بالمرادف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
قوله:
(كمرسل غير الصحابي)
أي كالمرسل الذي هو لغير الصحابي إذ الصحابي لا مرسل له بناء على تعريف المصنف المرسل بما سبق إلا أن يجري على قول غيره المرسل ما سقط منه الصحابي فإنه صادق بما إذا كان المرسل صحابياً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
قوله:
(لكن كان يغني الخ)
حينئذٍ يحصل الإبدال للإدغام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
قول الشارح:
(على ما سبق)
أي من أنه إذا ظهر في الواسطة نقول يبحث عن عدالته إن كان تابعياً أو صحابياً على القيل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
قوله:
(لأن ذلك هو الرواية)
(3/147)
---
ذلك هو موضوع الخلاف كما في المختصر........................................................................................................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
(الكتاب الثالث)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145(3/80)
(3/148)
---
قوله:
(ولا ينافيه الخ)
لأن كون المجمع عليه غير شرعي لا ينافي أن الإجماع عليه من الأدلة الدال على حكم شرعي وهو وجوب اتباع آراء المجتهدين في ذلك الأمر. والحاصل أن له اعتبارين فهو من حيث المجمع عليه أولاً وبالذات ليس دليلاً شرعياً، ومن حيث ما ترتب عليه من وجوب الاتباع دليل شرعي وهذا مراد سم بما سيأتي تدبر. قوله: (وهو غير صحيح الخ) يمكن أن من تبعيضية ويقدر مضاف أي من مبنى الأدلة يعني أن الكتاب الثالث بعض الكتب التي تبين أحوال الأدلة لكن يكون لغواً بعد ظرفية الكتاب في الإجماع لأن ظرفيته فيه هي ظرفيته في بيانه. قوله: (مفرد مضاف) أجاب به المصنف حين ورد عليه أن مجتهدي جمع لا يعم اتفاق الاثنين. قوله: (أي أمة الإجابة) لو كان ذلك هو المراد لم يحتج الشارح في إخراج الكافر إلى قيد الاجتهاد كما سيأتي. قوله: (والعقلية) أي التي هي ظنية فيفيدها الإجماع القطع كما في تفضيل الصحابة وكثير من الاعتقاديات واللغوية ككون الفاء للتعقيب، وبقي الأمور الدنيوية كأمور الحروب وتدبير أمور الرعية فيجب اتباع إجماع المجتهدين في ذلك، والمراد بالاجتهاد المعتبر في الإجماع ليس خصوص الاجتهاد الفقهي بل في كل شيء ما يناسبه قاله الإمام في المحصول. وبعضهم أسقط الأحكام العقلية واللغوية والدنيوية قال: لأن تارك الاتباع إن أثم فهو أمر شرعي وإلا فلا معنى للوجوب، قال الفنري : وفيه أن المراد بالشرعي ما لا يدرك لولا خطاب الشارع لا ما أثم تاركه اهـ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 145
قول المصنف:
(وهو اتفاق)
أي اختصاصه بهم بحيث لا ينعقد بغيرهم وحده اتفاق أي متفق عليه. وأما اختصاصه بغيرهم بهذا المعنى على قول الآمدي وإن تحقق لكنه غير متفق عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 146
قوله:
(وفيه تأمل)
(4/1)
---(3/81)
لأنه إذا لم يصلح له إلا المجتهد فما معنى اعتبار غيره معه لكن هذا لا يشكل إلا على الآمدي، أما غيره فيشترط انضمام غير المجتهد إليه في التسمية فقط ولو لم يعرف ذلك الغير المجمع عليه إلا من المجتهد فإن معرفته منه لا تقدح في الحجية لأنها في قول غيره لا قوله فتأمل. قوله: (من إقامة اللازم مقام الملزوم) يعني أن حقيقة الكلام لا بمعنى افتقار الإجماع إليهم، وفيه أن هذا القائل لا يطلق اسم الإجماع إلا حينئذٍ، ولا يتحقق عنده حقيقة الإجماع إلا حينئذٍ، لأن الإجماع عنده إجماع جميع الأمة لا المجتهدين. قوله: (ما يأتي في الكتاب السابع) أي من تحقق الاجتهاد في الكافر. قال سم: الاجتهاد المتحقق فيه بمعنى آخر غير المعتبر في الشرعيات يدل عليه أن خبره ساقط وإن تدين وتحرز عن الكذب. قوله: (لا يكون الاختصاص بالمسلمين معلوماً الخ) لأن المراد بالأمة أمة الدعوة لا الإجابة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 147
قوله:
(فإنه يعتبر وفاقه)
أي على الصحيح الآتي. قوله: (هو المحتج بقوله) إن أراد أنه علم من التعريف فكلا أو من خارج فهو المطلوب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 147
قوله:
(إذ لا يلزم من اعتبار موافقته الخ)
أي فمعنى قول شيخ الإسلام يقبل قوله أي في الإجماع وليس المراد قبول الخبر في غير الإجماع كما فهمه سم. قوله: (ولا يبعد الخ) هو بعيد مع وجوب الاتباع فيه إذ المأمور به اتباع سبيل المؤمنين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 147
قول الشارح:
(إذا كان غيرهم أكثر)
(4/2)
---(3/82)
أخذه من قول المصنف الآتي أقوال اعتبار العامي والنادر فإنه لا يكون نادراً إلا إذا كان الغير أكثر تدبر. قول المصنف: (إن ساغ الاجتهاد الخ) هل يقيد هذا بأن يكون المخالف مجتهداً؟ الظاهر نعم، فيكون هذا القول مبنياً على عدم اعتبار وفاق العوام. بقي أن ما عدا هذا القول كيف قال بضرر من خالف فيما لا مجال فيه للاجتهاد. قول المصنف: (بل يكون حجة) عبارة العضد لو ندر المخالف مع كثرة المجمعين لم يكن إجماعاً قطعياً لما ذكرنا أن الأدلة لا تتناوله، لكن الظاهر أنه يكون حجة لأنه يدل ظاهراً على وجود راجح أو قاطع لأنه لو قدر كون متمسك المخالف النادر راجحاً والكثيرون لم يطلعوا عليه أو اطلعوا وخالفوه غلطاً أو عمداً كان في غاية البعد. قال السعد على قوله لم يكن إجماعاً قطعياً معناه أنه لا يكفر جاحده لكن يكون إجماعاً ظنياً يجب على المجتهد العمل به اهـ. فعلم أنه ليس زائداً على الأدلة الخمسة بل هو فرد من أفراد الإجماع. والحاصل أن التعريف المتقدم إنما هو للإجماع القطعي عند هذا القائل ومنه ظني، أما عند الجمهور فما وقع فيه المخالفة ليس بإجماع وهو قوله : «لا تجتمع أمتي على الخطأ» إنما يتناول إجماع الكل دون البعض ولو ندر غيره، ولا ينافيه قوله في المسألة الآتية والصحيح أنه قطعي حيث اتفق المعتبرون لا حيث اختلفوا كالسكوتي وما ندر مخالفه فإنه يفيد أنه حيث اختلفوا كان إجماعاً ظنياً لأن ذلك مبني على قول غيره بأنه إجماع كما يفيده قول الشارح المحقق هناك بعد ذلك فهو على القول بأنه إجماع محتج بها ظني فلله دره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 147
قول الشارح:
(فيبعد اتفاقهم الخ)
(4/3)
---(3/83)
رد بأنه إنما يبعد على من قعد في قعر بيته لا على من جد في الطلب وهم المجتهدون. قوله: (اعترض بأن عدم الحجية الخ) هذا الاعتراض ساقط برمته بما حررناه لك سابقاً من أن الحجية لازمة للإجماع عند المصنف والجمهور فتأمل. قوله: (بل لو خرجوا من هذا المكان الخ) أولى منه ما في العضد من قوله في تقرير الاستدلال لنا أن العادة قاضية بعدم إجماع مثل هذا الجمع الكثير من العلماء المحصورين اللاحقين بالاجتهاد إلا عن راجح. فقوله مثل الجمع تنبيه على أنه لا خصوصية للمدينة يستبعد كون المكان له مدخل وإنما اتفق فيها ذلك ولو اتفق مثله في غيرها لكان كذلك اهـ. قوله: (فهذا سر هذه المسألة) أي الاعتداد بإجماعهم لمعرفتهم الوحي وكونهم في مكان هو سر قول الإمام رضي الله عنه بإجماع أهل المدينة لأن المدينة لها مدخل فيعترض بأنه لا مدخل للبقعة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 149
قول الشارح:
(لأن الإجماع قطعي الخ)
فيه لا تلازم بين قطعية الإجماع وعدم الثبوت بخبر الواحد غاية الأمر أن الإجماع القطعي ثبوته مظنون. قوله: (على أن كون الإجماع قطعياً الخ) فيه أن الكلام على مختار المصنف وسيأتي اختياره أنه قطعي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 149
قول الشارح:
(في الثالثة والرابعة وأجيب بمنع انتفائه)
أي لأن الحث على اتباعهم لا يستلزم أن قولهم حجة لأن قوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتي» الخ. «واقتدوا بالذين» الخ إنما يدلان على أهلية الأربعة والاثنين لتقليد المقلد لهم لا على حجية قولهم على المجتهد، ولأنه لو كان قولهم حجة لما جاز الأخذ بقول كل صحابي خالفهم وأنه جائز لقوله : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديم» ولقوله : «خذوا شطر دينكم عن الحميراء» فوجب الحمل على تقليد المقلد جمعاً بين الأدلة، كذا في العضد وحاشيته السعدية فاندفع ما في الحاشية هنا.
(4/4)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 149
قول الشارح:
(على أن فيما ذكر تخصيص الدعوى الخ)(3/84)
أي مع أن الأدلة الدالة على حجية الإجماع لم تخصه بعصر من الأعصار.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 150
قول الشارح:
(لانتفاء الإجماع)
أي ولم يدل الدليل إلا على حجية الإجماع فالحجية لا تجاوزه على رأي الجمهور، والمصنف وإن جاوزته على رأي غيرهم كما تقدم إيضاحه فاندفع اعتراض سم هنا أيضاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 150
قول الشارح:
(وقيل يحتج به)
وإن لم يكن إجماعاً يعني أن الاحتجاج به ليس من حيث كونه قول مجتهد إذ المجتهد لا يستدل بقول مجتهد بل من حيث دلالة الدليل السمعي على حجية قوله فإنه يدل على عدم خلو الأمة عن قائل بالحق مطلع عليه، وأولى من يقول به عن اطلاع هو المجتهد، ورد بأن المنفي عنه الخطأ وهو سبيل المؤمنين منتف هنا، وأيضاً يلزم عدم انحصار الأدلة في الخمسة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 150
قول المصنف:
(وأن انقراض العصر لا يشترط)
(4/5)
---(3/85)
اختلف القائلون بأنه باشتراط الانقراض في فائدته، فذهب الجمهور إلى أنها اعتبار موافقة اللاحقين ومخالفتهم كالسابقين حتى لا تصير المسألة إجماعية مع مخالفتهم. وذهب أحمد وجماعة إلى أنها لا تعتبر بل فائدته تمكن المجمعين من الرجوع حتى لو انقرضوا مصرين كانت المسألة إجماعية لا عبرة فيها بمخالفة الآخرين. فعلى الأول أهل الإجماع السابقون واللاحقون جميعاً لكن إنما اشترط انقراض السابقين فقط، وعلى الثاني هم السابقون فقط فيصح اشتراط انقراض المجمعين كلهم، ثم إنه عند القائلين بالاشتراط ينعقد الإجماع لكن لا يبقى حجة بعد الرجوع، وقيل: لا ينعقد مع احتمال الرجوع نبه عليه العضد و السعد في حاشيته وغيرها، ومنه يعلم أن المراد بالكل في قول أحمد و سليم و ابن فورك هم أهل الإجماع السابقون لا كل العالم حتى يشكل بأنه حينئذٍ لا يتصور إجماع يعمل به إذ لا يتصور انقراض الكل قبل القيامة ولو تصور بطل فائدة الإجماع، إذا عرفت هذا عرفت أن الخلاف في قول المصنف سابقاً، فإن نشأ بعد فعلى الخلاف في انقراض العصر ليس المراد به خلاف أحمد ومن معه وهو ما هنا بل خلاف الجمهور ولا ذكر له في المتن فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 150
قول الشارح:
(بموت أهله)
(4/6)
---(3/86)
لم يقل أو بعضهم لأن حقيقة انقراض العصر هو موت أهله. فإن قلت: كان اللائق أن يجعل الشارح انقراض العصر على رأيه انقراض المجتهدين فقط. قلت: التعريف صادق بعدم انقراض الكل كما قاله الشارح. فإن قلت: كيف قال وخالف أحمد إلخ مع أن أحمد ومن معه إنما قالوا باشتراط انقراض كل أهل العصر أو غالبهم أو كل علمائهم أو غالبهم وهو لا يقول بحصول الإجماع إلا من المجتهدين؟ قلت: إذا قال بأنه لا يشترط انقراض جميع أهل العصر ومنهم المجمعون فقد قال بأنه لا يشترط انقراض المجمعين وكونهم الكل أو البعض لا مدخل له فيما يرجع إليه هذا الخلاف بل ذاك خلاف آخر، فإذا قالوا باشتراط الكل أو البعض فقد خالفوا فيما يرجع إليه الخلاف في انقراض المجتهدين، ألا ترى إلى قولهم: كيف رددوه فيمن يتحقق منه الإجماع سواء كان الكل أو البعض فإنه يدل على أن الخلاف في انقراض المجمعين من حيث هم مجمعون بقطع النظر عن جماعة معينة، ولله در الشارح حيث قال مع بقاء المجمعين دون المجتهدين فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 151
قوله:
(لو قال بموت أهله أو بعضهم لكان أولى)
قد عرفت أن المخالفة من حيث عدم اشتراط المصنف انقراض المجمعين من حيث إنهم مجمعون بقطع النظر عن خصوصية المجتهدين مع اشتراط غيره لذلك، ولا يضر أن عدم اشتراط انقراض خصوص المجمعين بعض ما علم من التعريف لا كله، وهذا القدر كاف في صحة المقابلة فلا حاجة لما قالوه تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 152
قول الشارح:
(ومعاصريهم)
يقتضي أن المعاصرين ليسوا من المجمعين وهو كذلك لأن هذا تفريع على الأصح السابق من أنه يعتبر النادر دون العامي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 152
قول الشارح:
(أي كل أهل العصر)
أي كل من كان مجتهداً وقت الإجماع دون من نشأ بعده بأن لم يصر مجتهداً إلا بعد اتفاقهم.
(4/7)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 152
قول الشارح:
(هل يعتبران)(3/87)
أي يضر خلافهما فلا بد من انقراض الكل. وقوله: أو لا يعتبران أي لا يضر خلاف العام والنادر فلا يشترط انقراضهما بل الشرط انقراض غالب العلماء. وقوله: أو يعتبر العامي أي يضر خلافه دون النادر أي لا يضر خلافه، فلا بد من انقراض غالب العلماء والعوام. وقوله: أو العكس أي يعتبر النادر أي يضر خلافه دون العامي فلا يضر خلافه فلا بد من انقراض علمائهم كلهم هذا هو الصواب وفي الحاشية تخليط. قوله: (قائلون بحجية الإجماع قبله) قد عرفت أن بعضهم قال بأنه مع اجتماع الرجوع لا ينعقد. وعبارة العضد انقراض عصر المجمعين غير مشروط في انعقاد إجماعهم وكونه حجة وعليه المحققون. وقال أحمد و ابن فورك : يشترط اهـ. فعلم أن أحمد ومن معه ممن قال بعدم الانعقاد تدبر. قوله: (أو حدث مخالف) هذا رأي الجمهور لا أحمد ومن معه كما عرفت، وبه تعلم ما في قوله بعد والمخالفة. وقوله: ولا في حق غيرهم فيمتنع مخالفته وقوله: ولذا أجاز الرجوع والمخالفة، وكل هذا من عدم التثبت في النقل. قوله: (في حقهم) أي المجمعين على الإطلاق الأولى حذف في حقهم لأنه شرط في حقهم بمعنى أنه لا يتمكن واحد منهم بعده من الرجوع وفي حق غيرهم بمعنى أنه لا يصر مخالفة من حدث بعدهم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 152
قول الشارح:
(في الجملة)
إنما كان في الجملة أي بعض الصور لأنه إنما يظهر في المجتهدين دون العوام إذ لا يقال فيهم يجوز أن يظهر لبعضهم ما يخالف اجتهاده الأول إذ لا اجتهاد به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 153
قول الشارح:
(للإجماع عليه)
أي وقد دل القاطع وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تجتمع أمتي على الضلالة» على أنه متى وقع الإجماع انتفى الخطأ معه مطلقاً ولو في لحظة إذ لو وجد فيها لاجتمعوا على الضلالة.
(4/8)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 153
قول المصنف:
(وقيل يشترط في السكوتي)(3/88)
أي لضعفه بقيام احتمال أن من لم ينكر إنما لم ينكر لعدم اجتهاده لو اجتهد فتوقف لتعارض الأدلة وهذا القول لـ لجبائي ، ومنه يعلم أن الفعلي كالقولي إذ لا يتأتى فيه هذان الاحتمالان. قوله: (كأقله) إنما قال ذلك لتدخل الكاف غير الأقل من عدد التواتر فقط لتقييد هذا القول بعدد التواتر كما قاله الكمال ، ولو أبقاه على حاله لأدخلت ما ليس بعدد التواتر وفيه نظر ظاهر إلا أن يقال تخصيص عدد التواتر في ذلك ظاهر تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 153
قول الشارح:
(فالمشترط حينئذٍ انقراض ما عدا القليل)
سواء كان المنقرض أكثر من الباقي أو لا، وبهذا التعميم يتميز هذا القول عن أقوال عدم اعتبار النادر فإن المنقرض فيها بناء على اعتبار الانقراض لا بد أن يكون غالباً كما يؤخذ من قول أحمد ومن معه أو غالبهم بناء على عدم اعتبار النادر، ولذا زاد الشارح بعد الرابع من أقوال عدم اعتبار النادر قوله: إذا كان غيرهم أكثر منهم، ولذ أيضاً لم يذكر المصنف هذا القول في أقوال عدم اعتبار النادر أي لعدم جريان قول أحمد ومن معه فيه إذ لا يشترط أن يكون ما عدا القليل غالباً هنا. فإن قلت: لو لم يزد الشارح فيما تقدم قوله: إذا كان غيرهم أكثر ليشمل الرابع هذا القول وكان يخص خلاف أحمد بما عداه بدليل تعبيره بالغالب. قلت: حينئذٍ لا يتميز القولان، فكان يظن أنه قول واحد له شقان خلاف أحمد في أحدهما فلذا أفرده المصنف تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 154
قوله:
(لا يقال الخ)
(4/9)
---
يعني أنه إذا كان الشرط على هذا القول انقراض ما عدا القليل اتحد مع القول الرابع من الأقوال عدم اعتبار النادر بناء على اشتراط الانقراض لأنه أيضاً يشترط عليه عدم بقاء عدد التواتر لا مع كل قول كما هو ظاهر كلام المحشي. قوله: (لا يلزم من الكثرة المشترط الخ) لو قال: لا يلزم أن يكون ما عدا القليل غالباً لكان أولى كما هو بين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 154
قوله:(3/89)
(فلم يتحقق الشرط هنا لمكان الكثرة وتحقق على القول السابق)
فيه أن القول السابق وهو الرابع لا يعتبر الغالب مطلقاً بل الغالب المقيد بأن لا يكون الباقي عدد التواتر وهو المراد بالكثرة هنا كما صرح بذلك المصنف هناك والشارح هنا فكان الصواب حذف هذا الاستيضاح تأمل. ثم إن وجه هذا القول أن عدد التواتر يستحيل عادة رجوعهم بلا قاطع بخلاف غيره ولذلك اشترط إمام الحرمين في المجمعين أن يكونوا عدد التواتر. واعلم أن هذا القول مقابل لقول أحمد ومن معه في أنهم يعتبرون انقراض ما يعتبر في الإجماع دون من لا يعتبر فهو يقول سواء اعتبر الكل أو الغالب في الإجماع على كل قول من أقوال عدم اعتبار النادر لا يضر إلا رجوع عدد التواتر فلا بد أن ينقرض ما عدا الأقل من عدد التواتر وهم يقولون من يعتبر في الإجماع لا بد من انقراضه فهو يفرق بين الأول والآخر بأنه لما وافق لا يقبل رجوعه إلا إذا كان عدد التواتر، وحينئذٍ فلا تكرار لأنه وإن دخل فيه القول الرابع إلا أن المقصود به رد التفصيل الذي قال به أحمد ومن معه، وليس المراد أن قائل هذا القول يقول بانعقاد الإجماع ما لم يخالف المجمعين عدد التواتر قل المجمعون أو كثروا ويكون مخالفاً أيضاً في كون غير المضر ابتداء هو النادر فإنه يرد عليه ما لو يتساوى المجمع والمخالف ابتداء كيف ينعقد الإجماع فليتأمل. قوله: (فيه أن الذي علم الخ) قد عرفت أن الحجية لازمة للإجماع عند المصنف.
(4/10)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 155
قول الشارح:
(لاختصاص دليل حجية الإجماع الخ)
فليس حجة لنا وإن قلنا: إن شرعهم شرع لنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 156
قول الشارح:
(ووجه المنع في الجملة)
يريد أن هذا الوجه لا يأتي فيما إذا كان القياس قطعياً ولا يدل على الجواز دون الوقوع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 156
قول الشارح:
(إنما يجوز مخالفة القياس الخ)(3/90)
أي لأنه إذا أجمع على مقتضاه قطع بأن ذلك هو الصواب لما ثبت بالأدلة السمعية من عصمة أهل الإجماع نحو: «لا تجتمع أمتي» الخ فإذا وقع الإجماع علم أن الله سبحانه وتعالى وفقهم للصواب بحيث يستحيل الخطأ وبه علم معنى كون الإجماع دليلاً دون القياس.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 156
قول الشارح:
(إذا لم يجمع على ما ثبت به)
سيأتي أنه يجوز مخالفة الإجماع السكوتي لدليل أرجح فيخص محل الإشكال هنا بما عداه، أو يقال: إن هذا من جملة ما أدخله قوله في الجملة. قوله: (ويمكن أن يجاب بأن اللام الخ) فيه أنه لا مبالغة حينئذٍ في اتفاقهم والصواب ما قاله سم وهو أن قوله اتفاقهم على حذف المضاف أي جنس اتفاقهم وهو اتفاق أهل العصر من المجتهدين وهذا يشمل اتفاق الحادثين تأمل. قول المصنف: (قبل استقرار الخلاف) اعلم أنه قبل استقرار الخلاف لا قول لأحد إذ يقال عرفاً لم يقولوا بشيء بل بقوا متوافقين لأن معنى عدم استقرار الخلاف أن يكون خلافهم وأقوالهم على طريق البحث عن المأخذ كما جرت به عادة النظار قبل اعتقاد حقيقة شيء من الطرفين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 156
قول الشارح:
(بأن ماتوا ونشأ غيرهم)
قيد به لتكون المسألة اتفاقية، أما إذا لم يموتوا فهي على الخلاف في اعتبار النادر تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 157
قول المصنف:
(إلا أن يكون مستندهم قاطعا)
(4/11)
---(3/91)
أي إلا أن يكون مستند كل من الفريقين قاطعاً فلا يجوز حذراً من القاطع، وهذا لعله مبني على ما ذكره في المحصول من أنه إذا كان الدليلان قاطعين وتعذر الجمع بينهما لا يجوز أن يرجح أحدهما على الآخر لأنه لا ترجيح في العلوم، ووجه البناء أن كل فريق هنا معلوم له قطعية دليله فلا يجوز له عند الاطلاع على دليل خصمه أن يرجحه ويرجع إليه ويترك ما ذهب إليه أولاً بمرة، إذ لا يرجح أحد القاطعين على الآخر وهو مبني على عدم التفاوت في العلوم وهو خلاف التحقيق، قال الصفي الهندي: لقائل أن يقول التعارض بين القاطعين حاصل في الأذهان فإنه قد يتعارض عند الإنسان دليلان قاطعان بحيث يعجز عن القدح في أحدهما وإن كان يعلم أن أحدهما في نفس الأمر باطل قطعاً، وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يتطرق الترجيح إليها بناء على هذا التعارض كما في الأمارات؟ اهـ. وإنما حملنا ما هنا على التعارض لأنه لا يمكن أن يرجع عن قاطع إلا لقاطع، فعلم أن من جوز مطلقاً بناه على أن الاتفاق الأول ليس بإجماع مع ما قاله الصفي الهندي ومن منع بناه على أنه إجماع مطلقاً أو إذا كان الدليل قاطعاً هذا كله إن بنينا على عدم اشتراط الانقراض وإلا جاز قطعاً ولو كان المستند قاطعاً، إذ لو لم يجز لما كان لاشتراطه معنى، فمن شرطه لا يمكنه الجري على ما في المحصول. قوله: (نظراً لإمكان معارضته) أي فهو قطعي الدلالة ظني المتن فلا مانع من تقديم غيره عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 157
قول الشارح:
(يتضمن اتفاقهم)
إذ لو لم يتفقوا عليه لم يقروا الخلاف المقتضي جواز الأخذ بكل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 158
قول الشارح:
(أيضاً يتضمن اتفاقهم)
(4/12)
---
فإن قيل: لا اتفاق لأن كل فرقة تجوز ما تقول به وتنفي الآخر. قلت: إنما تنفيه بالنسبة لاجتهادها وليست تمنع العمل به لمن أداه اجتهاده إليه ومن قلده كما هو شأن كل مجتهد ولهذا لم يورد الشارح هذا المنع وإن أورده العضد.(3/92)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 158
قول الشارح:
(مشروط بعدم الاتفاق بعد)
يعني أنه لا يكون متضمناً إلا إذا لم يوجد اتفاق بعد، أما إذا وجد فقد تبين أنه لم يكن متضمناً ذلك الاتفاق، وإنما كان قول من رجع قولاً لظن الدليل وقد تبين خلافه، فانضمامه لغيره قبل تبين الخلاف لا يكون متضمناً للاتفاق على جواز الأخذ بكل، وأما ما قيل في بيان قول الشارح مشروط الخ أي لأن الاختلاف المتضمن ذلك الاتفاق إنما كان لعدم وجود القاطع، فجواز الأخذ بكل منهما مشروط بعدم وجوده، فإذا وجد القاطع وهو الإجماع الثاني امتنع الأخذ بكل، وتعين الأخذ بالإجماع الثاني وليس فيه مخالفة لمجمع عليه، إذ الأخذ بكل ليس مجمعاً عليه قبل إلا شرط عدم القاطع، فإذا تبين أن الإجماع قبله على الأخذ بكل لم يتناول وقت وجوده بل هو خاص بما قبل وجوده. فمعنى قول الشارح فلا اتفاق قبله أي لا اتفاق قبله على الأخذ بكل وقت وجوده حتى يناقضه الأخذ بواحد معين الذي ادعاه المستدل اهـ. فهو وإن وافق صريح العضد و السعد وشرح المنهاج وحينئذٍ يكون معنى قول الشارح بأن ما تضمن ما ذكر الخ أنه مشروط بها ما تضمنه إلا أنه خلاف الظاهر، فإن ظاهره أن ذلك التضمن مشروط بعدم الاتفاق، ويرد عليه أنه لو وقع اتفاق قيل على الأخذ بكل والمسألة مبنية على عدم اشتراط الانقراض بمعنى أنه لا يضر في انعقاد الإجماع رجوع من رجع كيف يبطل ذلك الاتفاق برجوع من رجع فإنه تناقض وكيف يصح هذا الجواب؟ وحينئذٍ فالاتفاق المنفي في كلام الشارح هو الذي ادعاه المستدل وهو الاتفاق الإجماعي لا مطلق الإتقان كما فهمه الشهاب فليتأمل فإنه من دقائق الشارح. ثم أقول: بقي شيء آخر
(4/13)
---(3/93)
وهو أن مقتضى هذا الجواب على هذا أنهم لو لم يتفقوا بعد استقرار الخلاف انعقد الإجماع على جواز الأخذ بكل من القولين، لكن عدم الاتفاق لا يتحقق إلا بانقراضهم، فيتوقف أن من لا يشترط انقراض العصر فيما سبق يشترط انقراضه هنا، لكن لا ينافي بناء المسألة على عدم اشتراط الانقراض لأن الشرط في الحقيقة هنا عدم الاتفاق بعد ليعلم أن الخلاف لم يكن لعدم الاطلاع على الدليل.
والحاصل أن الخلاف إنما يتضمن الاتفاق إن لم يتبين أن سببه عدم الاطلاع على القاطع، وهذا إنما يعلم بعدم الاتفاق بعد، فإنه إذا وافق بعد علم أن خلافه لم يكن وفاقاً على جواز الأخذ بكل بل كان لعدم وجود الدليل فلذا جاز الرجوع، ولأنه رجوع عن خلاف وليس هو بإجماع بخلاف بعض المجمعين فإنه رجوع عن الوفاق الذي نفسه إجماع، وإن شئت قلت: إن الانقراض إنما شرط لتحقق الخلاف فيتحقق تضمنه الإجماع لا لتحقق الإجماع وفرق بينهما فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 158
قوله:
(لو قال وقته بدل قبله)
فيه أنه لا يتأتى إجماعان متناقضان على شيء في وقت واحد، إنما الممكن أن يسبق أحدهما وهو ما ادعاه المستدل فتعين أن ينفيه المجيب، على أن نفي الإجماع وقته لا يستلزم نفيه قبله فبقي التعارض مع ما قبله هذا كله بناء على ما قالوا، وقد عرفت أن بناء المسألة على عدم اشتراط الانقراض ينافي بطلان الإجماع الأول بالرجوع وانعقاد الإجماع ثان فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 160
قول الشارح:
(والخلاف مبني الخ)
لأنهم لما وقع منهم الاتفاق في العصر الذي استقر فيه الخلاف لم يكن اختلافهم إجماعاً على تجويز الأخذ بكل من القولين لعدم انقراض العصر فلم يكن اتفاقهم رفعاً لمجمع عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 160
قول الشارح:
(بأن ماتوا ونشأ غيرهم)
(4/14)
---(3/94)
مراده تقييد هذه المسألة بانقراض عصر الأولين لأن ذاك هو موضوع الخلاف كما في مختصر ابن الحاجب وغيره ولو لم تقيد بهذا لم يكن الخلاف هو هذا بل يكون على الخلاف في انقراض العصر بناء على قول الجمهور أن فائدته اعتبار موافقة اللاحقين ومخالفتهم أيضاً. فإن قلنا: يشترط انقراضه تبين لمخالفة من نشأ أن الإجماع للسابقين طال الزمان أو قصر وإلا فالأصح أنه ممتنع إن طال الزمان، مع أن ممن قال بالامتناع في هذه المسألة الأشعري و الإمام و الغزالي كما في المختصر وهم من الجمهور، وما قيل من أنه تصوير للحالة التي يتأتى فيها الاتفاق من غيرهم لتوقفه على موتهم ففيه أن الاتفاق من غيرهم بعد استقرار خلافهم ممكن مع بقائهم كلهم أو بعضهم، ولو شرط في استقرار الخلاف اتفاق الغير لم يستقر في مسألة الإمام السابقة إلا إن اتفق غيرهم بعدهم على خلاف قولهم ولا قائل به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 160
قول الشارح:
(أيضاً بأن ماتوا)
فإن لم يموتوا بأن بقي كلهم أو بعضهم وهذا البعض إما أن يوافق من حدث أو يخالفه، فأما على مذهب من منع اتفاقهم في المسألة الأولى فالأمر ظاهر لأنه يمنع اتفاق غيرهم بالأولى. وأما من جوزه فإن شرط انقراض العصر خوفاً من مخالفة من نشأ لم يتم الإجماع الأول بانقراض الأولين لأن من نشأ عين الأخذ بواحد وهم جوزوا الأخذ بكل فقد خالفهم قبل الانقراض، وأما من لم يشترطه فيتم عليه تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 161
قول المصنف:
(فالأصح ممتنع إن طال الزمان)
(4/15)
---(3/95)
هذا التصحيح مبني على مذهب المجوز لاتفاقهم بعد الاستقرار فيما سبق، أما المانع هناك فيمنع هنا بالأولى إذ مدار المنع عنده على الاستقرار الخلاف، لكن يرد على المجوز أنه علم من جوابه السابق أنه إذا انقرض أهل الخلاف تبين استلزام استقرار الخلاف للإجماع على الأخذ بكل من الشقين إلا أن يخص هذا بما إذا طال زمان الاختلاف أو قصر لأنه الذي يعلم منه أن خلافهم لم يكن لعدم العجز عن الدليل فهو الذي يتضمن الإجماع دون ما إذا قصر، ويحتمل أن هذا التصحيح للمصنف وغيره خالفوا فيه الإمام قائلين: إن انقراض الأولين لا يكفي إنشاء غيرهم بل لا بد من طول الزمان أو أن الإمام يخص انعقاد الإجماع بانقراض الأولين بما إذا لم ينشىء غيرهم ويعين أحد القولين مع عدم طول الزمان، لكن في العضد أن الإمام ممن منع في هذه المسألة الأخيرة فلينظر المراد بالإمام فيه هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 161
قوله:
(ومعلوم أن الاستقرار المذكور)
(4/16)
---(3/96)
هذا عجيب من بيان الشارح فيما مر عدم الاستقرار بقصر الزمن بين الاختلاف والاتفاق طال زمن الخلاف أو قصر، فيكون الاستقرار هو طول الزمن بين الخلاف والوفاق طال زمن الاختلاف أو لا، والمراد بطول الزمن هنا طول زمن الاختلاف لا الزمن المتوسط بين الاختلاف والوفاق، فإن زمان الاختلاف قد يطول ولا يستقر الخلاف بأن لم يمض بعده زمان طويل، ووجه التقييد أنه عند طول زمن البحث عن المأخذ يبعد خفاء الدليل، بخلاف ما إذا لم يطل زمن البحث بأن تباحثوا وسكتوا ومضى على السكوت زمن طويل فإنه عند عدم البحث قد لا يظهر مع أنه استقر الخلاف. ومما يصرح بما قلنا قول الشارح في التفسير أي زمان الاختلاف دون أن يقول زمان الخلاف مع قوله سابقاً عند قول المصنف قبل استقرار الخلاف ما نصه: بأن قصر الزمان بين الاتفاق والاختلاف فإن المراد به هنا المباحثة بالفعل قطعاً فلله در هذا الإمام. فالحاصل أن الخلاف معناه كون كل معتقداً ما يخالف الآخر، والاختلاف معناه قول كل بخلاف ما قاله الآخر على طريق المناظرة والبحث عن الدليل، ولو كان مراد الشارح ما قالوه لقال على قياس ما تقدم في مسألة ما إذا لم يستقر الخلاف إن طال الزمان بين الاختلاف والاتفاق من غيرهم فليتأمل. وقوله: وقال الكمال الخ إن كان مراده ضبط طول الزمن الذي وقع فيه الخلاف بذلك وهو أنه لا بد أن يكون زائداً على الزمن الذي به يستقر الخلاف فيحتاج إلى نقل والظاهر أنه ممنوع وأن المراد هو الطول عرفاً في المحلين، وإن كان المراد أنه يمضي بعد الزمن الذي استقر به الخلاف زمن آخر فهو غلط لأن الكلام في زمن الخلاف لا ما بعده وبه تعلم استظهار المحشي . قوله: (بأن لم يستقر الخلاف) هذا مبني على ما اختاره من كلام شيخ الإسلام وقد عرفت ما فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 162
قول المصنف:
(وأن التمسك بأقل ما قيل الخ)
(4/17)
---(3/97)
مراده بيان معنى قول من قال: إن الشافعي تمسك في أن دية الذمي الثلث بالإجماع بأن معناه أنه تمسك في المثبت وهو كون الثلث واجباً بالإجماع، وأما ما زاد عليه فتمسك في نفيه بأن الأصل في كل شيء براءة الذمة منه فيستصحب ما لم يقم عليه الدليل، وقد ظن ابن الحاجب أن التمسك بالإجماع في المثبت والمنفي جميعاً فاعترض على هذا القائل، ومن هنا علم تخصيص المسألة بالوجوب لأنه صورة الواقعة وإلا فلا مانع من جريان ذلك في الندب والتحريم. قوله: (إذا كان الأصل عدم وجوب الدية في قتل الذمي) لم يعرف المحشي رحمه الله المراد فإن المراد أن الأصل عدم الوجوب في كل شيء بل عدم الحكم مطلقاً ما لم يقم الدليل عليه. قوله: (ثم لا يخفى الخ) لا يخفى ما في كلامه فإن المجمع عليه هو المتفق عليه وهذا كذلك إذ زيادة البعض على الثلث ونفي البعض الآخر ذلك الزائد لا ينافي الإجماع عليه. قوله: (على أن قضية كون التمسك الخ) الصواب ترك هذا الكلام فإن التمسك بالإجماع ليس في شق الإثبات والنفي كما عرفت بل في الأول فقط. وأما الثاني فدليله الضميمة المذكورة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 163
قول الشارح:
(ويسكت الباقون عنه)
سواء كان الساكت أقل أو لا، والساكت منظور إليه أو لا، فدخل في السكوتي القول التاسع تدبر. قوله: (إذ لا عادة بإنكاره) بل سيكون اتكالاً على ما تقرر في المذاهب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 164
قول المصنف:
(فثالثها حجة لا إجماع)
(4/18)
---(3/98)
هذا قول أبي هاشم والأول نسبه بعض الشافعية إلى الشافعي أولاً أخذاً من قوله: لا ينسب لساكت قول. ورده بعضهم مؤولاً بأنه لا ينسب إليه صريحاً وإن نسب ضمناً ونسب إليه القول الثاني ثانياً أي بعد نسبة الأول من غيره، كذا يؤخذ من العضد، ولعل هذا أي إفادة ترتيبها في الوجود الخارجي هو العذر في تسمية القول المخصوص بالثالث والثاني والأول، ولو راعى المصنف القاعدة في القول المفصل لقال فثالثها غير إجماع وهو حجة لكنه راعى الاختصار.
واعلم أن حكاية الخلاف على هذا الوجه نقلها المصنف كما هي عن القوم وحيث كان النفي للإجماع في الثالث معناه نفي التسمية اقتضى أن النفي له في الأول نفي لها أيضاً حتى يكون محل خلاف الأقوال واحداً، وحينئذٍ يفيد اتفاق الثالث مع الثاني على الحجية ومخالفتها للأول فيها واتفاق الثالث والأول في نفي التسمية ومخالفتها للثاني فيه لكن مثار الخلاف في كونه إجماعاً حقيقة الذي خالف فيه الأول الثاني والثالث يقضي بأن الأول لا خلاف له في التسمية بل في كونه إجماعاً حقيقة، وحينئذٍ لا يكون موافقاً للثالث في نفيها، وعلى ما يفيده عبارة الخلاف يكون حاصل الأقوال ثلاثة تواردت على محل واحد وهو مخالف لما يفيده مثار الخلاف في كونه إجماعاً حقيقة، فإنه يفيد أن حاصلها قولان هل هو فرد من أفراد حقيقة الإجماع أو لا؟ والخلاف في التسمية إنما هو عند أصحاب القول الأول، وحينئذٍ احتاج المصنف إلى تحرير ما اتفق وما اختلف أولاً ثم تحقيق حاصل الثلاثة ثانياً، فأشار إلى الأول بقوله: والصحيح حجة حينئذٍ فإنه يفيد أن خلاف الثاني والثالث مع الأول في الحجية فقط، وأن المختلف في التسمية هما الأولان لأن الخلاف فيهما لا يكون إلا بعد القول بالحجية، فعلم أن المتفق هما الثالث والثاني فقط اتفقا على الحجية، وأن المختلف في التسمية أصلاً فتأمل.
(4/19)
---(3/99)
قول المصنف أيضاً: (فثالثها حجة) لأنه يكفي في الحجية الظن كما في القياس وخبر الواحد وقول ظاهر الدلالة دون قطعيها لأنه حينئذٍ ينتهض دليل السمع ظاهراً فإنه سبيل المؤمنين وقول كل الأمة وهذا كاف في الاستدلال به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 164
قول الشارح:
(لأن سكوت العلماء الخ)
علة للحجية في الثالث والثاني معاً كما سيأتي في قوله وبيان لمدركه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 166
قول الشارح:
(ونفي الثالث اسم الإجماع الخ)
تعليل لنفي الإجماع وإثباته في القولين أيضاً كما سيأتي في قوله لاختصاص مطلق اسم الإجماع الخ وغاير بين عبارتي التعليلين لرجوع الأول إلى المعنى والثاني إلى اللفظ وبهذا يندفع تحير سم هنا فانظره. قوله: (ومباينة الآتي له فيهما) فيه أنه موافق له في نفي الإجماع، فكان الأولى أن يقول لمشاركة هذا للثالث في الإثبات ومباينة الآتي له لهما معاً فيه، ثم ظهر أن ما قاله هو الصواب لأن خلاف الأولى ليس لفظياً لبنائه على نفي الاتفاق. قوله: (أعم من أن يكون قطعياً الخ) لعله على سبيل الفرض وإلا فمتى قطع فيه بالموافقة كان قطعياً عند المصنف أو جرى هنا على قول الإمام و الآمدي الآتي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 166
قول الشارح:
(كما سيأتي)
راجع لقوله: ونفي الثالث الخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 166
قول الشارح:
(لاحتمال السكوت لغير الموافقة)
فيه أن هذا الاحتمال خلاف الظاهر لما علم من أن عادتهم ترك السكوت في مثله، وخلاف الظاهر لا يقدح في الحجية كذا في العضد، وهذا التعليل لنفي الحجية والإجماع معاً لاختصاص مطلق اسم الإجماع عند هذا أيضاً بالقطعي وتركه الشارح لعلمه مما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 166
قول الشارح:
(والتردد)
(4/20)
---(3/100)
هو أيضاً خلاف الظاهر مع مضيّ مهلة النظر عادة. قوله: (ويكون المراد الخ) لعله أو يكون وبعد ذلك ففي نسبة القول صريحاً إليه لا يحتاج للتنبيه عليه على أن الجزم بالموافقة ولو ضمناً لا دليل عليه فالمناسب الاقتصار على الأول تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 166
قول الشارح:
(إنه حجة بشرط الانقراض)
أخذ كون الخلاف في الحجية واتفاق الرابع وما بعده على نفي الإجماع من مقابلة التقييد فيها لإطلاق الثالث الحجية، وفي العضد أن الشرط في القول الرابع والخامس لكونه إجماعاً لكن المصنف أوثق. قوله: (أي انقراض الساكتين والقائلين) الأولى أن يقول أي انقراض العصر على أقوال اعتبار العامي والنادر فإن هذا القول لم يقيد بالكل كما يشير له صنيع المصنف فيما مر حيث أخره عن قول أحمد ومن معه، لكن التعليل الذي ذكره بقوله لأمن ظهور الخ يفيد أن المراد انقراض الساكتين، وعبارة العضد شرط انقراض العصر، هذا وهذه الأقوال الآتية كلها مردودة بما علم من أن مدار الحجية على الظن وهو حاصل مطلقاً تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 167
قول المصنف:
(ابن أبي هريرة)
هو من الظاهرين من أصحاب الشافعي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 167
قول الشارح:
(بخلاف الحكم)
أي لأن كلاً يحكم بما يراه وأيضاً الحاكم يهاب ويوقر، وفيه أن الكلام فيما قبل استقرار المذاهب والحكم والفتيا حينئذٍ سواء، وبه علم رد علة ما بعده أيضاً أعني قوله: لصدوره عادة بعد البحث مع العلماء واتفاقهم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 167
قول المصنف:
(المروزي)
(4/21)
---
نسبة إلى مرو من باب تغيير النسب. قوله: (ضمن قال معنى ذكر) لا حاجة إلى التضمين فإن للقول معنيين التكلم ويجب أن يكون حينئذٍ معموله جملة لأن الكلام لا بد أن يكون مركباً مفيداً والتلفظ حينئذٍ يجوز أن يكون مفرداً إذ اللفظ يعم المركب وغيره كذا في عب على الجامي، وبعد ذلك فالظاهر أن القول هنا معناه الاعتقاد تدبر.(3/101)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 167
قول الشارح:
(وهو قول من قال إن مخالفة الأقل لا تضر)
أي لا تضر في الحجية وهو القول السابع الذي نقله المصنف سابقاً، وإنما قلنا ذلك لأن الخلاف هنا في الحجية مع الاتفاق من هذه الأقوال على نفي الإجماع لما عرفت سابقاً، فلا يوافق باقي أقوال من قال إن مخالفة الأقل لا تضر لأن مخالفته لا تضر فيه في الإجماع والحجية جميعاً لا الحجية فقط تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 168
قوله:
(وإلا فقد يذهب من يقول بضرر الخ)
من قال بضرر مخالفة القليل هو المصنف ومن معه كما تقدم لكنهم لم يفصلوا في حجية السكوتي بين كون الساكت أقل أو لا بل جعلوه حجة مطلقاً، أما المصنف فظاهر، وأما الجمهور وهم من معه فالظاهر أنهم كذلك كما قد يدل عليه قول الرافعي إنه المشهور عند الأصحاب وحينئذٍ يندفع الإشكال الأول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 168
قوله:
(من أفراد الإجماع السكوتي)
(4/22)
---
قد عرفت أنه لم يدع الإجماع هنا أحد بل الكلام في أنه حجة فقط عند السكوت والمخالفة جميعاً إلا أن يكون المراد من أفراد حقيقة الإجماع وإن لم يسم به، وعلى كل فالقول بأن الصريح أقوى معناه الإجماع المصرح به ممن أجمع بأن وافق صريحاً أقوى من الإجماع غير المصرح به ممن أجمع بأن سكت، والساكت هنا عند هذا القائل ليس ممن أجمع بل هو عنده غير معتبر لأن معنى كلامه، أن الساكت ينزل منزلة المخالف، فإن كان أقلّ فلا يضر، فمعنى كونه سكوتياً عنده أنه وقع مع سكوت من لو وافق لكان من المجمعين تدبر وحينئذٍ يندفع الإشكال الثاني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 168
قوله:
(قلت قد يفرق الخ)
كلام لا معنى له فإن الساكت لو كان مخالفاً بالفعل لم يضر عند هذا القائل كما قاله سم. فقوله: لقيام احتمال المخالفة الخ قلنا المخالفة بالفعل لا تضر عنده تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 169
قوله:
(أي وهل هو فرد من أفراده حقيقة)(3/102)
أي فرد من الأفراد التي يطلق عليها اسم الإجماع حقيقة وليس التردد في إطلاق الاسم عليه حقيقة أو مجازاً إذ لا يسع عاقلاً إنكار الإطلاق المجازي هذا مراد سم كما يؤخذ من كلامه الآتي وبه يندفع قول المحشي قلت الخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 169
قوله:
(أي وفي إطلاق اسم الإجماع عليه من غير تقييد بالسكوتي الخ)
إنما قال ذلك لأن موضوع الخلاف الإجماع السكوتي فهو مع التقييد يطلق بلا خلاف خلافاً لمن وهم فيه بناء على أن قول الشارح وإنما يقيد الخ تقييد وليس كذلك بل هو جواب عما يقال: لم قيد بالسكوتي؟ وحاصله أن تقييده ليس لمنع الإطلاق بلا تقييد بل لانصراف المطلق إلى غيره فهو مشترك لفظي، وإنما يقيد بالسكوتي لانصراف المطلق إلى غيره لتبادره فيه لكثرة الاستعمال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 169
قوله:
(وتسميته بذلك)
(4/23)
---(3/103)
يعني أن نفي التسمية لازم لمذهبه إلا أن له خلافاً فيها إذ لم يتعرض للتسمية أصلاً إنما خلافه في الحجية. قوله: (فلم يكن خلافه في مجرد التسمية) أي كالثالث وليس المراد أنه خالف في الحجية والتسمية. قوله: (حاصل هذا ذكر الخلاف الخ) صوابه أن يوافق الشارح فيقول حاصله تحقيق حاصل الأقوال وبيان مدركه فإن ذكر الأقوال أول المسألة ليس على الوجه الحق كما علمت من أنه يقتضي أن خلاف الثلاثة على محل واحد وأن الأول له خلاف في التسمية وليس له كذلك، وبه يعلم أن ما هنا لم يقدمه المصنف أصلاً فتأمل. قوله: (وحاصل قوله وفي تسميته الخ) صوابه أن يقول: وحاصل قوله والصحيح حجة وفي تسميته الخ تحرير ما اتفق وما اختلف كما قال الشارح لعدم تحريره أول المسألة كما عرفته سابقاً، أما ذكر الخلاف في إطلاق لفظ الإجماع عليه فهو في قوله ثالثها حجة لا إجماع الخ. قوله: (بيان للاختلاف في أنه حجة) صوابه أن تزيد في التسمية. قوله: (وبيان للاختلاف في إطلاق الاسم) صوابه أن يقول بيان لكون المختلف في التسمية هو الثالث والثاني فقط. قوله: (بيان لوجه الاختلاف في حجيته) صوابه أن يقول: إنه تحقيق لحاصل الأقوال وبيان لمدركه كما عرفت. قوله: (فقد تبين تباين المقامات) لم يتبين من كلامه سوى زيادة إشكالها. قوله: (ولو استوضح لقال الخ) قد يقال: إنه أراد ذكر صورة الخلاف الواقعة في كلامهم الموهمة لكون الأول له خلاف في التسمية بل ولكونه بين الثالث والثاني حقيقياً، ولذلك اشتبه الأمر على ابن الحاجب فنقل الخلاف بينهما على أنه حقيقي صورته أنه حجة وإجماع قطعي أو حجة وليس بإجماع قطعي، ثم استدل من قال بأنه قطعي بأن سكوتهم دليل ظاهر في موافقتهم فكان إجماعاً، واعترضه ابن الحاجب بأنه إنما يفيد أنه حجة لا إجماع قطعي كما أقامه الشارح هنا دليلاً على الحجية أول المسألة وحينئذٍ ففي ذكر صورة الخلاف ثم التنبيه على ما فيها فائدة أي فائدة وإن كان التنبيه على ذلك من(3/104)
(4/24)
---
وظيفة الشروح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 169
قول الشارح:
(فيكون إجماعاً حقيقة لصدق تعريفه عليه)
أفاد به أن مدار كونه من أفراد الإجماع حقيقة على صدق التعريف، بخلاف التسمية فإن مدارها الاصطلاح ولا يلزم التوافق بينهما وإنما ترك هنا قوله فيكون حجة لذكر المصنف له كما أشار إليه بقوله: ويؤخذ تصحيح الأول من تصحيح أنه حجة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 171
قول الشارح:
(فلا يكون إجماعاً حقيقة)
علم من هذا أن خلاف الأول ليس في التسمية بل في كونه ليس بإجماع حقيقة، ولله در الشارح حيث بين ذلك هنا لكون المقصود مما هنا تحقيق حاصل الأقوال أي ذكره على الوجه الحق وقال فيما تقدم وأولها ليس بحجة ولا إجماع ولم يقل حقيقة لكون المراد مما تقدم حكاية صورة الخلاف لوهمه أن الأول له خلاف في التسمية فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 171
قوله:
(لأن الإجماع أخص الخ)
هو مسلم لكن المنفي حجية الإجماع. قوله: (أي القول بأنه إجماع حقيقة) الظاهر أن الأول هو قوله: نعم نظراً للعادة والثاني هو قوله: لا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 171
قول الشارح:
(تحقيق لحاصل الأقوال الثلاثة)
أي ما اجتمعت على الخلاف فيه وهو أنه إجماع حقيقة أي حجة أو لا، وأما أنه هل يسمى باسم الإجماع فليس حاصل الثلاثة بل حاصل الثالث والثاني فقط لما عرفت أن الأول لا خلاف له في التسمية لنفي الحجية، والعلامة الناصر غفل عن كون الحاصل للثلاثة فقال: إن الشارح أغفل حديث التسمية في هذا الحاصل وقد عرفت وجه تسمية هذا تحقيقاً فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 171
قول الشارح:
(وفيما قبله تحرير)
(4/25)
---(3/105)
أي تخليص لما اتفق منها ولما اختلف بعد اشتباهه في الخلاف المتقدم فإنه يفيد أن ما اختلف في أنه إجماع قطعي بناء على أن النفي لحقيقة الإجماع لا للتسمية، وحينئذٍ يكون اتفق الثالث مع الأول في نفي الإجماع القطعي وأن الأول متفق مع الثالث في نفي التسمية بناء على أن النفي لهما. قوله: (وأجيب بأن المراد تحقيق الخ) قد عرفت أن التسمية ليس للأول خلاف فيها حتى تكون مقصودة لها أولاً. قوله: (وبأن التسمية الخ) حيث كانت من الحاصل لا وجه لتركها منه. قوله: (والمراد بالتحقيق الخ) قد عرفت أن المراد به ذكر الشيء على الوجه الحق لإفادة ما تقدم أن الأول له خلاف في التسمية إن كان نفي الإجماع نفياً لها الخ ما تقدم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 172
قوله:
(والأحسن أنه أراد الخ)
هذا هو الموافق لصنيع الشارح فيما سبق حيث قال: وهو ما اتفق عليه الثاني والثالث، ثم قال: وهو ما اختلف فيه الثاني والثالث.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 172
قوله:
(ليشمل الاختلاف في كونه إجماعا)
أي حقيقة. قوله: (وأحد المطلقين هنا كونه حجة وإجماعاً حقيقة) ليس كذلك بل كونه حجة وإجماعاً اسماً. وقوله: نفي كل منهما أي كونه حجة وإجماعاً على التحقيق.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 172
قوله:
(يوافق من أطلق الإثبات في الجزأين)
(4/26)
---(3/106)
إن أراد الصدر والعجز في الخلاف المتقدم فليس كذلك وهو ظاهر أو أراد بهما كونه حجة وإجماعاً حقيقة فليس هما الصدر والعجز فيه بل العجز هو أنه لا يسمى باسم الإجماع على تحقيق المصنف. قوله: (فهذا ليس تحريراً لصورة الخلاف) لم يقل الشارح أن التحرير لصورة الخلاف وكيف يحررها وهي فاسدة؟ وإنما قال تحريراً لما اتفق وما اختلف وما صنعه المصنف تحرير له أي تحرير، كيف وقد بين أن الخلاف في الحجية على القولين فأفاد أن خلاف الثلاثة ليس في محل واحد وهو خلاف صورة حكاية الخلاف فإنها تفيد اجتماعهما على محل واحد فجعل ذلك مسخاً منشؤه عدم التأمل. قوله: (على أن جعل الشارح الأول هو نفيهما الخ) إذا تأملت علمت أنه لا يمكن الجري هنا على تلك القاعدة أصلاً سواء جعلت الأول ما جعله الشارح أو غيره، فإن كان مراده أنه يرد الأقوال من غير أن يقول ثالثها الخ فإنه الاختصار مع عدم التنبيه على النكتة التي ذكرناها سابقاً فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 172
قوله:
(مقيد بالبالغ)
أي يكون البالغ هو الواقعة كما قاله الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 173
قوله:
(ولم يذكر بعد)
أي بعدما تقدم قبل قوله مع بلوغ أو بعد الزمن المتقدم على زمن قوله مع بلوغ فيلزم أن لا يكون مذكوراً الآن وهو معنى قولهم في تفسيره أي الآن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 173
قول الشارح:
(احتمال الموافقة)
إشارة إلى أن الظن معناه الاحتمال أي المحتمل، وإضافته للموافقة إضافة للبيان أو من إضافة الأعم. قوله: (ويمكن أن يجاب الخ) لا معنى لجعله جواباً بل هو تأويل آخر ذكره سم لا على وجه أنه جواب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 173
قول الشارح:
(للخلاف في كونه حجة وإجماعا)
(4/27)
---(3/107)
فالسبب اجتماع الخلافين وإن كان بعض ما تقدم خلاف في الحجية. قوله: (لأن ما ذكره في السكوتي لم يعلم الخ) إن كان المراد مما ذكره هو الخلاف فهو ما قاله الشارح، وإن كان المراد ما في صورة السكوتي لم يعلم من التعريف أنه إجماع، ففيه أن الاتفاق في التعريف يعم المظنون والمقطوع كما قاله الشارح لصدق تعريفه عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 173
قول المصنف:
(وكذا الخلاف فيما لم ينتشر)
أي فيه أقوال ثالثها قول الإمام المفصل وجرى هنا على القاعدة من كون الثالث يدل على الأول بصدره وعلى الثاني بعجزه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 174
قول الشارح:
(فيما تعم به البلوى)
(4/28)
---(3/108)
يحتمل أن ما كناية عن المحكوم به والنقض مثال له وهو تعم البلوى بمعرفته لعمومها بوقوع معلقه اهـ سم. قوله: (متوقف على ثبوت حدوث العالم) بأن يقال: العالم حادث وكل حادث له محدث وهذا مبني على أن علة الحاجة هي الحدوث وحده أو الإمكان مع الحدوث شرطاً أو شطراً وهو طريق أكثر المتكلمين في الاستدلال على وجود الصانع. قوله: (متوقف على إمكان العالم) بأن يقال: لا شك في وجود موجود فإن كان واجباً فهو المرام، وإن كان ممكناً فلا بد له من علة بها يترجح وجوده وينقل الكلام إليه، فأما أن يلزم الدور أو التسلسل وهو محال أو ينتهي إلى الواجب وهو المطلوب، وهذا مبني على أن علة الحاجة هي الإمكان وهو مذهب الفلاسفة والمحققين من المتكلمين، إذ لولا إمكانه المحوج إلى ترجيح جانب حدوثه لما احتاج في حدوثه إلى محدث لاستحالته. وأورد على الأول أنه يلزم أن تكون صفاته تعالى واجبة بذواتها أو حادثة وكلاهما باطل. وأجيب بأن القائل بأن علة الاحتياج الحدوث إنما يقول بأنه علة الاحتياج إلى الفاعل لا علة الاحتياج مطلقاً حتى إلى الموصوف فإن صفاته تعالى لكونها لازمة لذاته وليست متأخرة عنها ليست آثاراً له كذا في عبارته على الجلال. بقي أن أصحاب الطريق الأول ماذا يقولون في الإجماع على حدوث العالم؟ مقتضى هذا الكلام المنع. فلعل كلام الشارح مبني على طريق المحققين من المتكلمين ومن عداهم لا يصح الإجماع منه على مثل الحدوث تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 174
قول المصنف:
(في أمر دنيوي الخ)
(4/29)
---(3/109)
أي لعموم أدلة الإجماع له فتحرم مخالفته لأنه متى وقع الإجماع علم أن خلاف ما أجمعوا عليه خطأ يترتب عليه الضرر وإلا لم يجمعوا على خلافه. فإن قلت: فهو حينئذٍ شرعي. قلت: لا يفرق الضرر المترتب على خلاف ما أجمعوا عليه من خطاب الشارع، والحاصل أن الإجماع إنما هو على تعيين ما لا ضرر فيه وتعيينه ليس في كلام الشارح وإن كان في كلامه النهي عن الضرر ففرق بين المقامين تأمل. قوله: (لأن المتوقف على ذلك) أي على كون المجمع عليه لا تتوقف صحة الإجماع عليه هو الحجية دون الإجماع أي الوفاق عليه فإن الدور في الأول دون الثاني تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 175
قول الشارح:
(كحدوث العالم ووحدة الصانع)
أفاد به أن المجمع عليه العقلي قد يكون قطعياً كهذين المثالين، وفائدة الإجماع حينئذٍ إظهاره حقية ما قطع به العقل في نفس الأمر ودفع احتمال الغلط الذي يتطرق للعقليات، فقول الإمام في البرهان إن العقليات لا يعضدها وفاق مدخول تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 175
قول المصنف:
(ولا يشترط فيه إمام معصوم)
(4/30)
---(3/110)
لم يقل وأنه لا يشترط حتى يكون المعنى، وعلم أنه لا يشترط مع صدق مجتهدي الأمة بغير المعصوم فيفيد عدم الاشتراط لأنه بناء على رأي الروافض لا يصدق مجتهد والأمة بغيره لعدم خلو الزمان عنه عندهم. واعلم أن عبارة المنهاج وشرحه لـ لصفوي هكذا الإجماع عند الشيعة حجة يعولون عليها، لكن ليس حجة من حيث هو الإجماع بل لكونه مشتملاً على قول الإمام المعصوم إذ الزمان عندهم لا يخلو عنه فالإجماع مشتمل على قوله: إذ هو قول كل الأمة وهو من الأمة بل هؤلاء هم ورئيسهم. وقوله: حجة وإلا لم يكن معصوماً فالشيعة إنما عولوا على الإجماع لاشتماله على قول الإمام المعصوم لا لكونه حجة من حيث هو اهـ. فعلم أنهم يعولون على الإجماع لعلم قول المعصوم منه بخلاف ما إذا لم يكن إجماع فإنه لا يعلم المعصوم حتى يعتد بقوله. فالحاصل أن ما نستدل به من حيث إنه إجماع يستدلون به من حيث اشتماله على قول المعصوم فلا بد من كونه دليلاً من وجود المعصوم فيه فهم معترفون بالإجماع مخالفون في وجه الدلالة، فلا وجه لما أطال المحشي وغيره به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 175
قوله:
(إلى رد مذهب الروافض)
(4/31)
---(3/111)
صوابه كما في سم نفي مذهب الروافض، وقوله في الجواب لا يعين أن يكون إشارة إلى رد مذهبهم صوابه أيضاً نفي مذهبهم قال سم بعد ذلك: وإياك أن يلتبس عليك الفرق بين نفي مذهبهم ورده اهـ. وقد عرفت أنه لا حاجة إلى ذلك كله تدبر. قول المصنف: (ولا بد له من مستند الخ) لم يقل وإنه لا بد الخ أي وعلم أنه الخ لعدم ملاءمته لقوله: وإلا لم يقل الخ لأن المعنى حينئذٍ وإلا بأن لم يعلم الخ لم يكن لقيد الاجتهاد معنى ولا معنى له، وبهذا وما تقدم علم ما في كلام الحواشي هنا فانظره. قول المصنف أيضاً: (ولا بد له من مستند) وفائدة الإجماع سقوط البحث عنه وحرمة المخالفة مع عدم العلم به وعدم جواز النسخ والقطع بالحكم وإن كان المستند ظنياً. قوله: (وذلك غير مستفاد مما تقدم) وإنما أخره مع أن الظاهر تقديمه لأن ما فرعه على التعريف أعم منه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 176
قول الشارح:
(في وقت واحد)
بأن وقع الأكل في وقت واحد فهذا معنى الإجماع عليه، إذ لا يتحقق أكل الكل بالفعل في وقت واحد إلا كذلك، وحينئذٍ يكون نظير ما نحن فيه فإن اعتقاد الكل للحكم واقع في وقت واحد أعني وقت تحقق الإجماع وإن كانت أوقات حصول الاعتقاد مختلفة تأمل. قول الشارح أيضاً:(في وقت واحد) قيد به لأنه وجه الاستبعاد، ولا شك أن اتحاد الوقت موجود في الإجماع ولو تأخر بعضهم في الموافقة إذ بعد موافقته وقت اتفاق الكل واحد لظهور أن المذكور ليس بإجماع. فيه أن المراد هنا بالإجماع الاتفاق، وأما كونه حجة فسيأتي إلا أن يكون المنفي الإجماع الذي هو محل الخلاف تأمل. قوله: (أي ووقوعه) يكفي أنه حجة لو وقع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 177
قوله:
(أجمعوا على القطع بتخطئة مخالف الإجماع)
(4/32)
---(3/112)
قال العضد بعده فدل على أنه حجة فإن العادة الخ. فقوله: والعادة الخ من تمام الدليل لا دليل آخر يدل عليه أيضاً قوله في الجواب والذي ثبت به هو وجود نص قاطع الخ. وإنما ردد في الاعتراض توسيعاً لدائرة البحث تأمل. قوله: (تقدير نص قاطع) أي الحكم بوجوده. قوله: (إن فيه إثبات الإجماع بالإجماع) أي إن قلنا: أجمعوا على تخطئة المخالف فيكون حجة فقد أثبتنا الإجماع بالإجماع. قوله: (ولا إثبات الإجماع الخ) أي ولا يرد أن فيه إثبات الإجماع بنص الخ. إن قلنا: الإجماع دل على نص قاطع في تخطئة المخالف فإن أثبتنا الإجماع بنص توقف ثبوته على الإجماع فالمناسب إبدال ولا بأو كما في شرح المختصر. قوله: (والذي ثبت به) أي الذي أثبتنا به كونه حجة. قوله: (دل على ذلك) أي ذلك النص. قوله: (يمتنع عادة وجودها) لما تقدم من إحالة العادة اجتماع هذا العدد الكثير من العلماء على قطع في شرعي من غير قاطع. قوله: (أيضاً يمتنع عادة وجودها الخ) أي سواء قلنا الإجماع حجة أم لا فثبوت هذه الصورة من الإجماع ودلالتها العادية على وجود النص لا تتوقف على كون الإجماع حجة، فما جعلناه دليلاً على حجية الإجماع لا يتوقف على حجيته ولا وجوده ولا دلالته كذا في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 177
قوله:
(مستفاد من العادة)
(4/33)
---(3/113)
قال السعد : فإن قيل: لو صحت هذه القاعدة المذكورة لكفت في حجية كل إجماع من غير احتياج إلى توسيط إجماع على تخطئة المخالف ولا اسلتزمت وجود قاطع في كل حكم وقع الإجماع عليه وفساده ظاهر. قلنا: ليس كل إجماع إجماعاً على القطع بالحكم لحكم العادة بوجود قاطع كما في الإجماع على القطع بتخطئة المخالف، بل ربما يكون كل من أهل الإجماع مستنداً إلى أمارة تفيد الظن، لكن يحصل لنا من اتفاق الكل القطع بالحكم فلذا قال: قد أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف. واعلم أن دليل الشارح على الحجية والقطع غير ما في المختصر وشروحه فإنه جعل دليل الحجية الكتاب كما مر ودليل القطع هو إحالة العادة خطأهم من غير توسط الإجماع على تخطئة المخالف كما هو ظاهر، والذي في المختصر وشروحه إنما ساقوه دليلاً على الحجية والقطع جميعاً كما هو صريح العضد وغيره، وكأن الشارح رحمه الله أخذ الاستدلال بإحالة العادة خطأهم من قول السعد بل ربما يكون الخ فإنه يفيد كفاية إحالة العادة في القطع بالحكم فكأنه قال حيث كان كذلك ولا حاجة لتوسيط الإجماع على القطع بخطأ المخالف حتى يحتاج لنص قاطع فيه تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 178
قوله:
(أورد عليه الخ)
(4/34)
---(3/114)
قد عرفت أن ما هنا غير ما في مختصر ابن الحاجب فإن دليل الحجية هو كونه سبيل المؤمنين المأمور في الكتاب باتباعه ولا تعرض في ذلك للقطع بتخطئة المخالف حتى يرد أن من لم يبلغ عدد التواتر لا يقطع بتخطئة مخالفه، وكيف وكونه حجة لم يقيده المصنف باتفاق المعتبرين على أنه إجماع بل حكم بأنه حجة مطلقاً وقيد القطعية بذلك فتناول الحجة القطعي والظني كما قال الشارح بعد قول المصنف لا حيث اختلفوا فهو على القول بأنه إجماع محتج به ظني، وبالجملة الاعتراض على الحجية هنا لا معنى له. فإن قلت: يرد ذلك على كونه قطعياً. قلت: لا معنى له أيضاً بعد تقييد المصنف بقوله: حيث اتفق المعتبرون فإن من يشترط عدد التواتر منهم. نعم وارد على ابن الحاجب فإنه أقام دليله على الحجية والقطع سواء كان المجمعون عدد التواتر أو لا كما يفيده قول العضد الدليل ناهض من غير تقييد بخلاف المصنف فإنه اعتبر اتفاق المعتبرين ومنهم القائل بعدد التواتر فهو لا يسلم إحالة العادة خطأهم إلا إذا كانوا عدد التواتر فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 179
قوله:
(قلت قوله وقد يفهم الخ)
كلام لا معنى له فإن كون المفهوم من المصنف خلافه سم، وكذلك عدم اعتبار خلاف إمام الحرمين وما استند إليه من قوله: وإلا لذكره يقتضي أن جميع ما تقدم مما خالف فيه المصنف وفرعه على التعريف غير معتبر إلا القول بعدم اعتبار النادر وهو في غاية الفساد. وقوله: لا يخفى بعده هو البعيد فإن الأصل في الكاف التمثيل لا الاستقصاء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 180
قول الشارح:
(فهو على القول بأنه إجماع محتج به ظني)
(4/35)
---(3/115)
قيد الظنية بالقول بأنه إجماع مع تحققها على القول بأنه حجة لا إجماع لأن كلام المصنف في الإجماع، وأيضاً على ذلك القول أعني أنه حجة لا إجماع لا حاجة للنص على كونه ظنياً إذ ذلك معنى كونه حجة لا إجماعاً. قوله: (لا حاجة إليه بعد قوله إجماع الخ) ليت شعري كيف فهم قول المصنف وأنه بعد إمكانه حجة مع تقابل الصحيح هل له قول سوى أنه ممكن وغير حجة؟ وإذا كان كذلك كيف استلزم الإجماع الحجية؟.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 180
قول الشارح:
(والإجماع عن قطع غير متحقق)
(4/36)
---(3/116)
يدفعه ما تقدم في استدلال ابن الحاجب ولو سلم فلا تلازم بين كونه قطعياً وظنية المستند بناء على إحالة العادة خطأهم أو دلالة السمعي على عدم اجتماعهم على ضلالة وقد مر مراراً. قول المصنف: (وإحداث التفصيل بين مسألتين الخ) عبارة الشارح الصفوي للمنهاج المسألة الثانية أن الأمة إذا لم يفصلوا بين مسألتين بأن حكموا في المسألتين بحكم واحد إما بالتحليل أو بالتحريم، أو حكم بعض الأمة فيهما بالتحريم والبعض الآخر بالتحليل، أم لم ينقل إلينا حكم فيهما، فهل يجوز لمن بعدهم التفصيل بينهما أم لا؟ فمنعه بعض العلماء مطلقاً وجوزه بعضهم مطلقاً، والحق عند المصنف تأسياً بالإمام أن الأئمة إن نصوا بعدم الفرق بين المسألتين بأن قالوا لا فصل بين هاتين المسألتين في كل الأحكام أو في الحكم الفلاني أو لم ينصوا على ذلك لكن نصوا باتحاد الجامع بينهما كتوريث العمة والخالة فإن من ورثهما جعل علة التوريث كونهما من ذوي الأرحام، ومن منعهما جعل ذلك علة المنع لم يجز التفصيل بينهما لأن القول بالتفصيل رفع أمر مجمع عليه. أما في الصورة الأولى فظاهر وأما في الثانية فكذلك إذ نصهم على اتحاد علة الحكم في المسألتين جار مجرى النص على عدم الفصل بينهما، فمن فصل بينهما فقد خالف ما اعتقدوه وإن لم تكن المسألتان مما نصوا على اتحادهما في الحكم أو في علته، لكن لم يكن في الأمة من فرق بينهما جاز التفصيل بينهما، إذ بذلك لا يصير مخالفاً لما أجمعوا عليه لا في حكم ولا في علة حكم غاية ما في الباب أنه يكون موافقاً لكل من الفريقين في مسألة والموافقة في مسألة لا توجب عدم المخالفة في غيرها، وإلا يجب على من ساعد مجتهداً في حكم مسألة بدليل مساعدته له في جملة الأحكام وذلك باطل، وذلك كما لو قال بعضهم: لا يقتل مسلم بذمي ولا يصح بيع الغائب. وقال الآخرون: يقتل ويصح، فلو جاء ثالث وقال: يقتل ولا يصح أو لا يقتل ويصح لم يكن ممتنعاً قيل عليه الأمة أجمعت على اتحاد(3/117)
(4/37)
---
المسألتين في الحكم بدليل أنهم لم يفصلوا فالفصل بينهما مخالفة للإجماع وهو باطل. قلنا: لا نسلم أن عدم القول بالفصل قول بعدم الفصل إذ هو عين الدعوى والنزاع لم يقع إلا فيه، قيل: يجوز التفصيل بين المسألتين مطلقاً إذ لو لم يجز لم يقع لكن وقع، قال النووي : الجماع ناسياً يفطر والأكل ناسياً لا يفطر وفرق بين المسألتين مع اتحادهما في الجامع وهو الإفطار ناسياً، قلنا: قول النووي ليس بدليل ولا حجة على غيره اهـ. فعلم أن المجمع عليه هنا هو عدم الفرق بين المسألتين في الحكم والعلة والتفصيل خارق له أي رافع لجميعه، ولو كان المنظور إليه نفس الحكم في المسألتين أعني التوريث وعدم التوريث مع الحكم في التفصيل أعني توريث إحداهما دون الأخرى لم يكن خارقاً إذ هو موافق لم يفرق في بعض ما قاله، فهذا هو سر ذكر هذه المسألة بعد ما قبلها، ولا يصح ما قاله القرافي فرقاً إلا بضميمة هذا فتأمل. بقي أن المصنف ترك من المسألة الأولى القول بعدم التحريم مطلقاً لأن دليله يفيد أن نزاعه لفظي لا يخرج عن هذا التفصيل كما هو، يعرفه من تأمل كلام العضد فيه. ومن المسألة الثانية نظيره أيضاً كما تقدم عن شرح المنهاج لعله لعدم ثبوته عنده تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 180
قول الشارح:
(وأجيب بمنع الاستلزام)
(4/38)
---(3/118)
غايته أنه يتضمن الاتفاق على جواز الأخذ بكل من شقي الخلاف فكل منهما غير واجب إجماعاً وإذا لم يجب إجماعاً جازت مخالفته في بعض ما ذهب إليه بأن تركب قول من القولين عدم قولهما به ليس قولاً بعدمه لعدم خروجه عن جواز الأخذ بكل المجمع عليه، فما قاله الفنري على التلويح من أنه إذا كان مدعى كل قولاً على التعيين كان منهم إجماعاً على أن الحق أحدهما لا غير بالضرورة، ومن أنكره فقد أنكر البديهيات ليس بشيء لما عرفت أن اللازم هو الاتفاق على جواز الأخذ بكل، وحينئذٍ يجوز مخالفة كل لعدم الإجماع عليه والقول بعدمه. واعلم أن هذا كله في إحداث قول أو تفصيل لا في إجماع عليه إذ الإجماع عليه مبطل للإجماع على جواز الأخذ وحينئذٍ يأتي فيه الخلاف السابق في الاتفاق على أحد القولين بعد استقرار الخلاف هذا ما ظهر لي الآن فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 183
قول المصنف:
(أو علة لحكم إن لم يخرق)
(4/39)
---(3/119)
فرض المسألة أن المخالفة في العلة فقط مع بقاء الحكم بخلاف ما تقدم في مسألة التفصيل للمجتهدين اللازم لهم أن لا يخرقوه. قول المصنف: (وإنه يمتنع ارتداد كل الأمة في عصر سمعاً) وإن جاز عقلاً أو يجوز سمعاً مسألة خلافية قيل يمتنع سمعاً وقيل يجوز سمعاً لما سيأتي من حديث الترمذي بالنسبة للأول ومنع دلالته بالنسبة للثاني، الثاني أنه يعلم من حرمة خرق الإجماع مع كون شأن الأئمة أن لا يخرقوه بأن لا يقولوا قولاً مخالفاً لما وقع عليه الإجماع أن الحكم في هذه المسألة عندهم هو امتناع الارتداد، إذ وقوع الارتداد خارق للإجماع على عدم وقوعه، فيكون قول الأئمة بوقوعه خارقاً لذلك الإجماع أيضاً. فمعنى قول المصنف وأنه يمتنع ارتداد الأمة أي عندنا، هذا وجه علم أن الحكم عندهم في المسألة الامتناع، وأما كون الامتناع من السمع فلأن الإجماع على وجوب استمرار الإيمان لا بد له من مستند من السمع إذ لا مدخل للرأي فيه حتى يصح أن يكون قياساً، وإذا لم تخرق الأئمة هذا الإجماع فلا بد أن يقولوا بمستنده السمعي وهو قول النبي : «لا تجتمع أمتي» الخ. والكاتبون هنا اشتبه عليهم الأئمة بالأمة، ودليل العلم بدليل المسألة فوقعوا فيما لا يليق فليتأمل. قوله: (إشارة إلى أن الاستحالة عادية الخ) قد عرفت أنه توجيه لعلم القول بالامتناع، وأما الامتناع فهو شرعي للدليل الآتي، وانظر التوفيق بين هذا وبين قوله: ثم لا يخفى الخ. وبالجملة كل ما قالوه هنا لا يخلو عن خلل فأحسن التأمل في جميعه. قوله: (والحاصل الخ) فيه أن كون الارتداد ضلالة معلوم لا حاجة للتنبيه عليه بكونه خرقاً للإجماع، وأنه على ما قاله لا حاجة لقول الشارح من شأن الأئمة الخ بل لا معنى له تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 183
قول الشارح:
(على وجوب استمرار الإيمان)
أي لزوم استمراره وأنه لا بد منه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 184
قول الشارح:
(4/40)
---
(وأجيب الخ)(3/120)
عبارة العضد والجواب أنه يصدق أن أمة محمد ارتدت قطعاً، قال السعد: يعني يصدق ذلك قطعاً وذلك أن الحكم بالشيء على الشيء قد يكون باعتبار ثبوته فيمتنع تنافي وصفي الموضوع والمحمول فلا يصح الأمة مرتدة إلا مجازاً باعتبار كونها أمة فيما مضى، وقد يكون باعتبار حدوثه له فلا يمتنع فيصح ارتدت الأمة حقيقة فيلزم الإجماع على الخطأ، وتحقيق ذلك أن زوال اسم الأمة عنهم لما كان بارتدادهم كان متأخراً عن الارتداد بالذات، فعند حصول الارتداد وحدوثه صدق عليهم الاسم حقيقة فتتناولهم الأدلة السمعية اهـ. لكن ربما ورد على ذلك أنه لم لا يجوز أن يكون المراد أن الأمة في حال صدق اسم الأمة عليها أن تجتمع على ذلك ويدفع بأنه إذا كان المراد ذلك كان الإخبار به لغواً لاستحالة وجود وصف الأمة مع وصف الارتداد، لكن ربما يقال لعين هذه الاستحالة يحمل الضلال على غير الارتداد فيكون الارتداد لا تعرض له، والشارح رحمه الله حاول أنه لا بد من القول بالمعنى الثاني لأنه لا معنى لجمعهم على الضلالة إلا جمعهم على أن توجد منهم، ولا شك أنها لا توجد منهم وتحدث لهم وهم متلبسون بها إذ لا معنى لتحصيل الحاصل، وكان يلزم أن لا يصح أن يقال: ارتد المسلم حقيقة مع القطع بصحته كذلك، فوجب أن يطلق اسم الأمة عليهم زمن الحدوث حقيقة فيلزم أنه جمعهم على الضلالة. قوله: (كاعتقاد المفاضلة) المناسب حذف الاعتقاد لأنه مثال للمجهول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 185
قول الشارح:
(متشابهتين)
(4/41)
---(3/121)
تحرير لمحل النزاع لأن للمسألة أحوالاً ثلاثة: حالتان متفق عليهما: اتفاقهم على الخطأ في مسألة واحدة من وجه واحد لا يجوز إجماعاً، اتفاقهم عليه في مسألتين متباينتين مطلقاً يجوز إجماعاً، وحالة مختلف فيها وهي المسألة ذات الوجهين نحو المانع من الميراث فإن القتل والرق مانع غير أنه ينقسم قسمين، فمن لاحظ اجتماع الخطأ في شيء واحد بالنظر لأصل المانع المنقسم منع المسألة، ومن لاحظ تعدد الأقسام جوز ما قاله القرافي في شرح المحصول وقس عليه مثال المحشي .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 186
قول الشارح:
(لأنه لا مانع من كون الأول مغياً الخ)
(4/42)
---(3/122)
يفيد أن أبا عبد الّله البصري يجعل الثاني ناسخاً للأول كما ذهب إلى النسخ به فخر الإسلام بناء على جواز النسخ بعد انقطاع الوحي فيما يثبت بالاجتهاد على معنى أنه لما انتهى ذلك الحكم بانتهاء المصلحة وفق الله تعالى المجتهدين للاتفاق على ضده وإن لم يعرفوا مدة الحكم وتبدل المصلحة، ويرد عليهم بعد تسليم ذلك أن فيه اتباع غير سبيل المؤمنين وهو الإجماع الأول، فلذا عول المصنف في منعه على علمه من خرق الإجماع، وأما رده بأنه يلزم تضاد الإجماعين فغير سديد إذ هو قائل بزوال الإجماع الأول، وبه يظهر أن قول المصنف: إذ لا تعارض الخ راجع للثاني فقط. فإن قلت: الأول بعد النسخ ليس سبيل المؤمنين. قلت: أجمعوا على أن الحكم غير مختص بزمن فتخصيصه: مخالفة لسبيلهم فإذا وقع اتفاق ثان حكم بأنه ليس بإجماع حتى يكون ناسخاً تأمل. قوله: (لأنه يستلزم تعارض قاطعين) لا تعارض مع سبق أحدهما والعمل به في زمنه. قوله: (متعلق بما قبله من المسألتين) قد عرفت أنه لا تعارض في الأولى لأن حاصلها أنه هل الإجماع المتأخر يرفع الأول من حينئذٍ ويكون ناسخاً أو لا؟ وكيف يرجع للأولى ولم يعلم من حرمة الخرق أنه لا تعارض بين قاطعين المعلل به امتناع المضادة على هذا؟ تأمل. قوله: (إن أحد الإجماعين خطأ قطعاً) لا وجه للخطأ بناء على أنه نسخ فلا وجه لهذا التوجيه. قوله: (وقضيته امتناع ذلك في الظني) أي بأن يكون السابق ظنياً واللاحق قطعياً، وفيه أنه ينافيه إلغاء المظنون في مقابلة القاطع، على أن سم نفسه بعد قوله هذا الكلام ذكر ما يفيد أن الإجماع القاطع يقدم على السكوتي. قوله: (لأنه لا يلزم عليه تخطئة الأمة) أي قطعاً لاحتمال عدم دلالة الدليل على مخالفة الإجماع لاحتماله النسخ بخلاف الإجماعين، وفيه أن إجماع الأمة في السكوتي أي وفاقهم ليس إلا ظناً بناء على الظاهر، كما أن تناول أدلة الإجماع له ليس إلا بناء على الظاهر وتخطئة الأمة إنما تلزم إن علم وفاقهم.(3/123)
(4/43)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 186
قول المصنف:
(لا يعارضه دليل)
أي لا يكون مع الإجماع في زمن واحد دليل يدل على خلاف ما دل عليه، فالمراد من هذه المسألة نفي معارضة المقارنة له. ومن مسألة البصري السابقة نفي نسخ المتأخر له فافترقا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 187
قول الشارح:
(لا قطعي)
بل يقدم الإجماع عليه لاحتماله النسخ بخلاف الإجماع كما سيأتي في التعارض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 187
قول الشارح:
(لاستحالة ذلك)
لاستلزامه اجتماع النقيضين في الواقع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 188
قوله:
(لأنه مفروض في القطع)
من أين هذا؟ قول المصنف: (المعلوم من الدين بالضرورة) ولا بد أن يشتهر في محل من جحد بحيث ينسب في جهله به إلى تقصير نص عليه بعضهم ومثله ما يأتي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 188
قول الشارح:
(لجواز أن يخفى عليه)
انظر هل معناه أنه لما جاز أن يخفى لا يكفر جاحده وإن علمه أو لا بد أن يكون خافياً عليه الظن الثاني؟ تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 188
الكتاب الرابع في القياس الخ)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 188
قوله:
(لأنه دونه في الشرف)
(4/44)
---(3/124)
أما أدونيته عن الكتاب والسنة فظاهر، وأما عن الإجماع فلاجتماع المجتهدين عليه. قوله: (إذ لا يلزم الخ) لما مر أن الإجماع ولو عن قياس أو خبر آحاد قطعي لدلالة أدلة الإجماع على قطعيته، فمتى وقع الإجماع علم أن الله وفقهم للصواب. قوله: (للاحتراز عن القياس المنطقي) فليس دليلاً شرعياً عند الأصوليين لأن الأقيسة المنطقية ليست لإثبات الأحكام بل المقصود منها بيان التلازم العقلي وهو لا اجتهاد فيه، وأيضاً هو بعد شروطه التي بينوها قطعي وما نحن فيه ظني، ولو كان القياس جلياً لاحتمال أن تكون خصوصية الأصل شرطاً كما سيأتي. واعلم أن القياس الشرعي هو ما يسميه المناطقة تمثيلاً وهو لا يفيد عندهم اليقين لأنه موقوف على ثبوت علية الجامع وعدم كون خصوصية الأصل شرطاً وخصوصية الفرع مانعاً قطعاً، وتحصيل العلم بهذه الأمور صعب جداً، والدليل عندهم لا بد أن يفيد اليقين بخلاف الفقهاء فإنه يكفي عندهم الظن. قوله: (أي أنه المقصود الخ) لا حاجة لذلك لأن كونه دليلاً شرعياً لا ينافي كونه دليلاً غير شرعي غاية الأمر أن البحث عنه من حيث إنه شرعي. قول المصنف: (وهو حمل معلوم الخ) في عبارته على القطب حقيقة معلومات تصديقية تفيد إثبات حكم في جزئي لثبوته في آخر لأجل معنى مشترك بينهما مؤثر في ذلك الحكم، والمراد بالجزئي ما يشمله المعنى المشترك سواء كان محمولاً عليه أو لا على ما في شرح المواقف من أن الاستدلال إما بالاشتمال أو بالاستلزام، والأول إما باشتمال الدليل على المدلول أو بالعكس، أو باشتمال أمر ثالث عليهما اهـ. ولعل هذه المعلومات نحو أن المساوي للشيء في العلة المؤثرة يلزم أن يكون حكمه حكمه إذ لو لم يكن حكمه حكمه لما كانت مؤثرة فيه وإنها مؤثرة بنص الشارع في بعض المواضع، وإن خصوصية الأصل ليست شرطاً وخصوصية الفرع ليست مانعاً وهذه ترجع للمساواة. واعلم أن إلحاق المجتهد أعني اعتقاده المساواة لا معنى لجعله دليلاً له على حكم الفرع(3/125)
(4/45)
---
إلا بالنظر لكونه ناشئاً عن المساواة كما قال المصنف لمساواته في علة حكمه، ففي الحقيقة دليل المجتهد هو المساواة إذ هو دليله في الإلحاق، وإنما عرف المصنف بالإلحاق لما قال السعد إن القياس وإن كان من أدلة الاحكام مثل الكتاب والسنة لكن جميع تعريفاته واستعمالاته مبني على كونه فعل المجتهد اهـ. فجمع المصنف رحمه الله بين الإلحاق وتعليله بالمساواة إشارة إلى أن تعريفه بالإلحاق لا يخرجه عن قياس باقي الأدلة إذ الإلحاق معلل بالمساواة فهي دليل المجتهد في الحقيقة فلّله دره حيث لم يقتصر على المساواة كما صنع ابن الحاجب ، وبه تعلم أن ما نقله عن و الده غير مرضي له إلا أن يؤول فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 188
قوله:
(وأورد أيضاً أنه جعل الحمل جنسا)
اعلم أن هذا التعريف للقاضي أبي بكر ، لكن عبارته هكذا حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما، ففهم بعضهم أن في إثبات متعلق بالحمل والمعنى حينئذٍ جعل الفرع كالأصل في إثبات الحكم له ولا شك أن إثبات الحكم للفرع ثمرة القياس. أجاب العضد بأن قوله في إثبات ظرف بمعنى عند والحمل التسوية فالمعنى أن القياس هو التسوية في الحكم عند إرادة إثبات الحكم لهما أي لجميعهما وإن كان ثابتاً للأصل قبل، وبهذا ظهر أن هذا الإيراد لا يرد على تعريف المصنف لعدم قوله في إثبات الحكم، وقد أشار لذلك الشارح بتفسير الحمل بالإلحاق فالصواب ترك هذا الإيراد هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 190
قوله:
(لا ثبوت الحكم في الفرع)
أي ليس المراد بالحمل ثبوت الحكم في الفرع بأن يكون معنى الحمل الإثبات الذي أثره ثبوت الحكم في الفرع لأن ذلك القياس إذ إثبات الحكم للفرع يكون به هذا، والمصنف إنما أجاب عن هذا الإيراد في شرح المختصر حين ورد على تعريف القاضي وقد عرفت أنه يرد هناك لا هنا تدبر.
(4/46)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 190
قوله:
(والحكم مستند إليه)(3/126)
أي حكم الفرع ككونه ربوياً. وقوله: وهو حكم المعتقد بيان للاعتقاد. وقوله: من مساواة الخ بيان لما اعتقده. وقوله: وهو إلحاق الخ بيان لحكم المعتقد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 190
قوله:
(والمراد بالعلم ما يشمل الظن)
فيه أن العلم معناه كما قال الشارح التصور.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 191
قول الشارح:
(بأن ظهر غلطه)
هذا أخص من الفاسد أعني ما لم يوافق ما في نفس الأمر لكنه قصر ما لم يوافق عليه لقوله فتناول الفاسد أي المحكوم عليه بالفساد، أما على غير الموافق قبل ظهور فساده فالحد متناول له بناء على أنه مساو في نفس الأمر كتناوله للصحيح للحكم عليه بأنه من الأدلة الشرعية حينئذٍ، ومن هنا ظهر مراد الشارح بقوله: والفاسد قبل ظهور فساده الخ. وهو دفع ما يقال: المراد بالصحيح ما وافق نفس الأمر، وبالفاسد ما علم فساده إذ غيره لا يحكم عليه بالفساد قبل ظهور فساده حتى يخرج من الحد، وإذا حذف عند الحامل انصرفت المساواة إلى ما في نفس الأمر فخرج الفاسد أعني ما ظهر فساده فليس من الأدلة الشرعية، ويلزم أن يخرج الفاسد بمعنى ما لم يوافق نفس الأمر ولم يظهر فساده أيضاً لكنه من الأدلة الشرعية، وحاصل الدفع أن الفاسد قبل ظهور فساده تناوله الحد ظاهراً بناء على أن الظاهر مساواته، فالمراد بالموافقة في نفس الأمر حقيقة أو حكماً فليتأمل. وبه تعلم ما في قول شيخ الإسلام سواء دخل في الحد أو لا، وكيف لا يدخل مع وجوب العمل به والحد للدليل الشرعي؟ وكذا ما في قول سم هو محتمل قبل ظهور فساده للفساد والصحة فلا وجه للجزم بتناول تعريف الصحيح له فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 191
قوله:
(لدفع توهم نشأ الخ)
هذا بعيد عن المقصود بمراحل.
(4/47)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 191
قول الشارح:
(كالأدوية)
لعل معنى كونه حجة فيهما أنه لا يجوز بعد القياس مداواة نفسه أو غيره بما يظن ضرره لولا القياس، ويحرم مخالفته باستعمال ما دل على أن فيه ضرراً.(3/127)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 192
قول الشارح:
(ليبرأ من عهدته)
وإنما تبرأ لإتيان دليل المخالف في غيرها وهو أنه طريق لا يؤمن فيه الخطأ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 192
قول الشارح:
(كالشرعية)
أدخل بالكاف الأصول الدينية كما في التلويح. قول المصنف: (فمنعه قوم عقلاً) أي قالوا إن العقل يوجب أن لا يكون حجة أي يقطع بأن الشارع لا يجعله دليلاً هذا هو مقتضى الشارح، فقوله لا بمعنى أنه محيل له أي موجب لنفيه كما في سعد العضد، وليس المراد أنه مما لا يتصور وقوعه إذ لا يلزم من وقوعه محال، نعم لهم دليل آخر وهو أنه لا يجوز العقل ورود الشرع بالعمل بالظن لما قد علم من أنه ورد بمخالفة الظن، وكيف الجمع بين إيجاب الموافقة والمخالفة وهو ينتج عدم التصور بمعنى أنه يلزم على كونه حجة محال هكذا. قال السعد : ومحل الخلاف في القياس الظني دون القطعي كما يفيده الاستدلال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 192
قول الشارح:
(بمعنى أنه مرجح لتركه)
أي والمدعي إيجاب نفيه فإن قيل: ما ترجح تركه عقلاً يمتنع التعبد به شرعاً فثبت منع العقل كونه حجة شرعية. قلنا: ممنوع وهي مسألة الحسن والقبح كذا في حاشية العضد، فعلم أنه لا يلزم من ترجيح العقل ذلك الفعل امتناع الشارع من جعله حجة لأن ذلك إنما هو عند من يقول بالتحسين العقلي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 192
قول الشارح:
(لا بمعنى أنه محيل)
أي موجب لنفيه كما هو المدعي فهو دليل في غير محل النزاع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 192
قول الشارح:
(وكيف يحيله)
(4/48)
---(3/128)
هذا جواب بالتسليم حاصله أنا سلمنا أن منعه له إحالة بذلك لكن في الجملة ولا يلزم منه الامتناع في جميع الصور فإنه مختص بما لا يغلب فيه جانب الصواب، أما إذا ظن الصواب وكان الخطأ مرجوحاً فلا يمنع فإن المظان الأكثرية لا تترك بالاحتمالات الأقلية وإلا تعطلت الأسباب الدنيوية والأخروية، إذ ما من سبب إلا ويجري فيه ذلك. ويجوز تخلف الأثر عنه كذا في العضد، فحاصل جواب الشارح جوابان: أحدهما بالمنع، وثانيهما بالتسليم أي حيث لم يظن الصواب مبني على أنه جواب واحد. قول المصنف: (ومنعه ابن حزم شرعاً) أي منع كونه حجة بمعنى أنه لا يثبت به الحكم وحده كما هو شأن الحجة فلا بد في إثباته من النص. فقوله: لا حاجة إلى استنباط أو قياس أي في إثبات الحكم بحيث يجب العمل به إذ لا معنى لوجوبه به مع وجود النص في حاشية العضد السعدية أن الخلاف في إيجاب الشارع العمل بموجبه فمتى قطع بحجيته وجب العمل به اهـ. وبه تعلم ما في كلام سم هنا. قول المصنف: (ومنع داود) لعله الأصفهاني كما في التلويح لكنه قال منعه في الشرعيات ولم يقيد بغير الجلي، أما دواد الظاهري فجوز التعبد بالقياس لكنه منع الوقوع كما في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 193
قوله:
(من أن الرخص يقتصر فيها على ما ورد)
أي يقتصر في أصول الرخص بمعنى أنه لا يقاس على رخصة رخصة أخرى بخلاف رخصة واحدة وهذا محل ما في الفروع. قوله: (وذلك كاف في النقض) ظاهر كلامه أنه نقض ببعض الصور وليس كذلك بل هو منع لعدم إدراك المعنى فيها مطلقاً بل يدرك في بعضها ونحن لا نقول بالقياس تدبر. قوله: (لا ذات الجامد) قد تقرر أن أخذ الذوات في المشتقات إنما هو لضرورة قيام الأوصاف وإلا فالمقيم منها الأوصاف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 193
قول الشارح:
(لكونه في معنى الحجر)
أي ملتبساً بمعناه أي علة جواز الاستنجاء به.
(4/49)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 194
قول الشارح:
(وسماه دلالة النص)(3/129)
هي أن يوجد المعنى الذي يدل عليه النظم علة يفهم كل من يعرف اللغة أي وضع ذلك اللفظ لمعناه أن الحكم في المنطوق لأجلها، وهذا هو المسمى بمفهوم الموافقة وهو أعلى عند أبي حنيفة من القياس لأن ذلك المعنى يدرك في القياس بالرأي والاجتهاد، وفي دلالة النص باللغة الموضوعة لإفادة المعاني فيصير بمنزلة الثابت بالنظم، فالنظر لهذا المعنى إنما هو لفهم الحكم من اللفظ لغة لأن المعنى يثبت به الحكم، قال السعد: والحق أن النزاع لفظي لما فيه من إلحاق فرع بأصله بعلة جامعة بينهما فإن المنصوص عليه حكم معلل بعلة الحق بمحله محل آخر لوجودها فيه وهو معنى قول الشارح: وهو لا يخرج الخ فهو منه رضا بأن النزاع في ذلك راجع إلى اللفظ وأن حقيقة القياس موجودة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 194
قوله:
(وأنها مجازية)
(4/50)
---(3/130)
هذا قول مغاير لما قبله. قوله: (مفهوم لا منطوق) هو معنى قول أبي حنيفة أنه دلالة نص. قوله: (فيؤول الحال الخ) هذا لا يجري فيما لو كان كل شرطاً كما لو قيس اشتراط طهارة الموضع في الصلاة على اشتراط طهارة السترة بجامع أن في كل تنزيه عبادة الله عما لا يليق، ودعوى أن هذا لا يطابق الدليل ممنوعة، إذ المعنى المشترك وهو التنزيه هو الشرط، وبه يظهر أن ما قاله الكمال هو الصواب، والجامع بينهما هو أنه يتميز بكل منهما العبادة عن العادة مثلاً: واعلم أن المانع نظر إلى أن كونهما سببين أو شرطين أو مانعين يقتضي أن يكون الحكمة في كل المرتب عليها الحكم غير ما في الآخر، إذ لو كانت واحدة في السببين مثلاً لكان مناط الحكم شيئاً واحداً وهي تلك الحكمة وحينئذٍ لا تتعدد في السبب ولا في الحكم، ويقاس عليه الشرط والمانع والمجوز لم يقصد إلا ثبوت الحكم بالوصفين لما بينهما من الجامع، وهذا يعود إلى ما ذكر من اتحاد الحكم والسبب، ففي الحقيقة النزاع لفظي إذ الشروط والأسباب أو الموانع المختلفة الحكمة لا يجري فيها القياس اتفاقاً، ولعل هذا نكتة الفصل بين هذا وما تقدم عن أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه خلاف حقيقي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 194
قول الشارح:
(لا يخرجها عما ذكر)
وحينئذٍ انتفى المانع عن القياس الذي هو المدعي، وأما أنه لا حاجة حينئذٍ إلى القياس فيها لأنه حيث كان المقصود من إثبات الأسباب والشروط والموانع هي الأحكام المترتبة عليها، والأحكام في الحقيقة إنما ترتبت على المعنى المشترك بينهما فلا حاجة إلى قياس أحد السببين أو الشرطين أو المانعين على الآخر، بل يكون في مثال السببين مثلاً القياس في وجوب الجلد في اللواطة على وجوبه في الزنا بجامع الوصف المشترك وهو إيلاج فرج في فرج فهذا لا يضر في المقصود تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 195
قول المصنف:
(إذا لم يرد نص على وفقه)
(4/51)
---(3/131)
قيد بذلك ليتأتى تعليل المنع فيما تدعو الحاجة إلى مقتضاه بالاستغناء عنه بدعاء الحاجة، إذ لو ورد نص لكان المنع للاستغناء به وفيما تدعو إلى خلاف مقتضاه بمعارضة عموم الحاجة، إذ لو ورد نص لكان المنع به ولا تنفع حينئذٍ المعارضة وبه تعلم ما في سم وتبعه المحشي .
قول المصنف أيضاً: (ومنع قوم الجزئي الحاجي إذا لم يرد نص الخ) إنما قيد بالجزئي إذا لم يرد نص احترازاً عن أصل القياس الحاجي إذا لم يرد نص على وفقه أي ماهيته الكلية بأن ترتب حكم على شيء يظن أن علة ترتبه عليه الحاجة إليه من غير نص، على أن علة الترتب الحاجة فيقاس عليه غيره لوجود الحاجة فيه، فهذا منعه الغزالي قال: لأنه يجري مجرى وضع الشرع بالرأي وأجازه الآمدي وروي عن مالك و الشافعي وإنما احترز عنه لأنه سيأتي التنبيه عليه في مسالك العلة بقوله: وإن لم يدل الدليل على اعتباره فهو المرسل فإنه يشمل الحاجي إذ لم يخرج منه سوى الضروري كما سيأتي، والخلاف هنا غير الخلاف هناك لأن ما هنا بعد الاتفاق على جواز ما هناك حتى يأتي التعليل بالاستغناء أو بتقديم القياس فتأمل. قوله: (أي في الفروع لا في الأصول) أخذ هذا الكلام من تضعيف المصنف منع القياس المقتضي أن الأصح صحته، وإذا صح امتنع ضمان الدرك ووافق على ذلك سم، وعندي أن الذي ضعفه المصنف هو المنع فهو عنده لا يمتنع بل يقاس ثم يقع الترجيح بينه وبين غيره إذ المعارضة بعموم الحاجة لا تبطل كونه دليلاً، إنما توقف العمل به إلى الترجيح، وقد أشار لذلك الشارح بقوله: والثاني قدم القياس على عموم الحاجة أي قال لا يمتنع، ثم إنه بعد عدم امتناعه قدم القياس فعدم الامتناع صححه المصنف، وأما التقديم فهو مذهب للقائل بعدم الامتناع مبني عليه لا يلزم أن يكون مصححاً للمصنف، وهذا كله مبني على أن المراد بالحاجي ما تدعو الحاجة إلى خلافه تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 196
قول الشارح:
(4/52)
---
(لا مانع من ضم دليل الخ)(3/132)
أي فيقع به الترجيح لو وجد معارض لعموم الحاجة بخلاف على الأول. قول المصنف: (ومنع آخرون القياس في العقليات وآخرون في النفي) أي منعوا ذلك في طريق المناظرة بمعنى أنه إذا وقع كان لغواً في القول. ومثله يقال في منع أن يكون الفرع منصوصاً أو متناولاً لدليل الأصل أو دليل علته. وفيه أن أحد الدليلين إذا لم يكن مقدماً على الآخر كما هنا لا مانع من اجتماعهما بخلاف النص مع القياس لتقدمه عليه، ألا ترى أنه أي القياس إذا خالف النص لا يعارضه بل يقدم النص فهو مع النص ساقط الدلالة وإلا لعارضه، وبه تعلم الفرق بين ما هنا وما يأتي، نعم ينبغي أن يكون الكلام في نص مساوٍ للقياس أو أرجح. واعلم أن النفي الأصلي من العقليات أفرده لوقوع خلاف فيه بخصوصه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 197
قول المصنف:
(وتقدم قياس اللغة)
تقدم أن الصحيح أنها لا تثبت بالقياس لأن في الوضع قد لا يراعى المعنى كوضع الفرس والإبل ونحوهما، وقد يراعى كما في القارورة والخمر، لكن رعايته إنما هي لأولوية وضع هذا اللفظ لهذا المعنى من بين سائر الألفاظ كالخمر وضع لشراب مخصوص بمعنى وهو المخامرة فلا يطلق على سائر الأشربة لأنه إن أطلق مجازاً فلا نزاع فيه أو حقيقة فلا بد من وضع العرب، ووجود المعنى وهو المخامرة في نبيذ التمر مثلاً لا يكفي في تسميته خمراً قياساً على ماء العنب لأنه ليس علة الوضع بل يلاحظ للأولوية لا غير، وأكثر علماء العربية على جريان القياس في اللغة كـ المازني وأبي علي الفارسي نص عليه الصفوي في شرح المنهاج وقد قدمناه في مبحثه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 197
قول الشارح:
(لعمل كثير من الصحابة الخ)
(4/53)
---(3/133)
أي الثابت ذلك بالتواتر وإن كان تفاصيل ما نقل إلينا آحاداً فإنه لا يمنع تواتر القدر المشترك بين التفاصيل وهو العمل به في الجملة بقطع النظر عن الخصوصيات، ثم إنه متى ثبت القطع بأنه حجة ثبت القطع بأنه يحب العمل به لأن العمل بما قطع بحجيته واجب قطعاً قاله السعد .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 198
قوله:
(على الاتعاظ والانزجار)
أي لوضعه له أو غلبته فيه، ومنه وضع العبرة لما يتعظ به المتعظ قال:
ما مر يوم على حي ولا ابتكر
إلا رأى عبرة فيه لو اعتبر
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 198
قول الشارح:
(التي ترجع إلى العادة والخلقة)
كأنه يريد أن مرجع أقل الحيض ونحوه هو العادة والخلقة جميعاً إذ لا منافاة بينهما ضرورة ترتب العادة على الخلقة. وأما جعل المحشي الحيض مثالاً للخلقة فبعيد، وإن صح بأن يقال نمنع قياس امرأة لم تعلم لها حيض على أخرى تحيض في ثبوت الحيض لها تدبر. قوله: (وأجيب بأن العادية الخ) هذا هو الجواب وما بعده غير صحيح إذ الأحكام المترتبة لا خلاف في جريان القياس فيها إذ لا مدخل للعادة والخلقة في منعه، وكون المراد بالأحكام النسب ينافيه قول ابن الحاجب والعضد اختلف في جريان القياس في جميع الأحكام الشرعية ولذا بناها المحشي على التسليم الجدلي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 198
قول الشارح:
(فلا يجوز ثبوتها بالقياس)
أي لتعذر جريانه إذ هو مبني على إدراك العلة في الأصل والفرع ولا علة، وبهذا ظهر وجه تعبير الشارح بنفي الجواز دون أن يقول فلا يكون حجة لأن عدم كونه حجة قد يكون مع إمكانه كما إذا كان الفرع منصوصاً عليه والعلة معقولة، ومثله يقال فيما يأتي، وظهر أيضاً وجه ما قاله شيخ الإسلام فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 199
قول الشارح:
(فلا يجوز ثبوتها بالقياس)
(4/54)
---(3/134)
يقتضي أن الخلاف في جواز ثبوتها به أو لا وهو خلاف ما صرح به الآمدي من أن الخلاف في جواز إجراء القياس في جميع الأحكام، وعليه لا يتأتى إشكال المحشي، لكن المعنى على الأول أن الخلاف في جواز صلاحيتها لأن تثبت بالقياس كما حاوله الشارح وإلا فمنها المنصوص عليه كما تقدم. فإن قيل: على تقدير الجواز لو جرى في كل حكم لجرى في الأصل ويتسلسل وتحقيقه أن جوازه يستلزم جواز التسلسل وجواز المحال محال. قلنا: اللزوم ممنوع لجواز أن يقاس كل أصل على أصل آخر وتكون الأصول متناهية ولا يلزم الدور لعدم التوقف، فإن من الأصول التي يجري فيها القياس ما قد ثبت بأدلة أخرى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 199
قول الشارح:
(وقيل يجوز بمعنى أن كلاً من الأحكام صالح الخ)
(4/55)
---(3/135)
إن تأملت صنيع الشارح وجدت أنه لا خلاف في الحقيقة بين الفريقين فإن الأول ينفي جريان القياس في كل الأحكام بالفعل بناء على أن منها ما لا يدرك معناه أي ما تحقق عندنا عدم إدراكه. والثاني جواز القياس بمعنى أن كل حكم صالح لأن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه، يعني إذا أدرك معناه جاز أن يثبت بالقياس بناء على رأي الجمهور أن الأحكام التي لم يعقل معناها لها معنى في الواقع وإن كنا لم ندركه، وهذا لا يخالف فيه الأول ولا نزاع له فيه، فكأن الشارح رحمه الله أشار إلى أن هذا الخلاف لا حقيقة له، وبه يرد استبعاد العضد و السعد القول بجريانه في كل الأحكام حيث قالا هذا القول بعيد جداً، فإن من الأحكام ما لا يعقل معناه أصلاً فإنه مبني على ظاهر الحال وقد عرفت حقيقته تأمل. لكن على هذا يكون قوله: ووجوب الدية الخ تبرعاً من المجوز أراد به إبطال إسناد المانع إليه. وفيه أن منع السند الأخص لا يفيد على أن المقصود مجرد التمثيل، والذي يظهر أن الخلاف حقيقي، وإنما قال الشارح صالح لأن من الأحكام ما هو منصوص عليه ومع النص لا يكون ثابتاً بالقياس. فحاصل الخلاف هل يمكن إدراك معنى كل الأحكام أم لا؟ نعم الأول بعيد اهـ سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 200
قوله:
(لخروج الأصول المقيس عليه)
(4/56)
---(3/136)
أي إن انتهى القياس إليها، فإن لم ينبه لزم التسلسل وقد عرفت أن هذا كله على ما سلكه الشارح من أن الخلاف في الإثبات لا في الجريان والثاني هو ما في ابن الحاجب والعضد والآمدي لكن الشارح حجة. قوله: (فيه أن يقال الخ) فيه أن يقال القياس إلحاق أمر بآخر لمساواة الأول الثاني في علة الحكم، والمنظور إليه عند القائس مساواة الفرع للأصل بأن توجد العلة في الفرع، أما كون الأصل معللاً فأمر مفروغ منه، على أن المانع في هذه الأمور إنما هو من جهة المقيس كما اعترف به المانع فكيف يتركه ويتعرض لغيره؟ فتدبر. قوله: (وقد يرد عليه أن هذه العلة الخ) قد يقال: القياس إنما هو في مطلق الإعانة، وأما وجه التخصيص فهو أن العاقلة تغنم لو كان مقتولاً فتغرم لو كان قاتلاً قال النبي : «ما لك غنمه فعليك غرمه» .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 200
قول الشارح:
(لانتفاء اعتبار الجامع)
أي اعتبار الشارع إياه وذلك لأنه لما زال الحكم مع بقاء الوصف علم أنه غير معتبر عند الشارع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 201
قول الشارح:
(ونسخ الأصل ليس نسخاً للفرع)
أي ليس نسخاً لحكمه الكمين لأن الفرع إنما تبع الأصل في الظهور لا في الثبوت لثبوت كلّ بالخطاب، ونسخ أحد الأمرين اللذين لا علاقة بينهما في الثبوت لا يستلزم نسخ الآخر، ولا شك أن العلة ثبت لها حالة ثبوت حكم الأصل مناسبتها له وهي كافية في ظهور حكم الفرع وإن ألغيت الآن، وهذا معنى ما يقال: إن الفرع تابع للأصل في الدلالة لا في الحكم، والدلالة لا تزول بالنسخ فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 201
قول المصنف:
(وليس النص على العلة الخ)
(4/57)
---
حاصل هذا أنه لو لم يرو أمر الشارع بالتعبد بالقياس لكنه في موضع نص على علة حكم هل يكون ذلك إذناً منه في هذا القياس المخصوص وإعلاماً بحجيته وإيجاباً للعمل بموجبه وإن فرضنا عدم شرعية القياس في نفسه؟ ولعل فائدة هذا أن من منع القياس في نفسه لا يخالف في هذا تأمل.(3/137)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 201
قول الشارح:
(أي ليس أمراً به لا في جانب الفعل الخ)
أراد الشارح بهذا الحال أنه ليس المراد بقوله: ولو الرد بل التعميم إذ لو كان المراد الرد لم يصح قوله خلافاً لـ لبصري لأنه لم يخالف في النفي فقط تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 202
قوله:
(الأحسن أن لو قال الخ)
أي لأنه مانع والمانع ليس منصبه الجزم بل ذاك منصبه المدعي فلو جزم المانع كان غاصباً. قوله: (وقد يقال الخ) يعني أنه صور المنع بصورة الدعوى مبالغة في الرد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 202
قول الشارح:
(قلنا قوله الخ)
(4/58)
---(3/138)
ترك الشارح هنا جواباً بالتسليم حاصله سلمنا أنه لا يحصل إلا بالامتناع عن كل فرد مما تصدق عليه العلة لكن العلة ليست كل إسكار بل الإسكار المنسوب للخمر فلا يدخل فيه الإسكار المنسوب للنبيذ لكن عند التأمل المنع الذي ذكره متضمن لذلك. قوله: (التي يتركب منها حقيقته) أي بالنظر إلى الوجود العقلي وتوجد بها هويته أي بالنظر إلى الوجود الخارجي فإن الحقيقة هي الماهية الكلية المعقولة وهو المعبر عنه بالمفهوم والهوية الشخص الجزئي الذي في الخارج المشار إليه بهو كذا في حاشية العضد. قوله: (وحينئذٍ فلك أن تتوقف الخ) إيراد على قوله: توجد بها هويته كما هو صريحه، فالكلام في الوجود الشخصي الخارجي وليس في الخارج شيء مركب من هذه الأركان، بل الذي فيه مجرد الحمل فلا معنى للحكم بالوهم. وحاصل الجواب أن وجود الفرد الخارجي موقوف عليها فإنه لا يتأتى الحمل إلا بعد وجودها وكذلك المساواة، وهذا هو ما نعنيه بكونها محققة لهويته، وبه يعلم أن ما أجاب به سم جواب في غير محل السؤال فتدبر. قوله: (لا يدل على دخول المعلوم) هذه مكابرة فإن الحمل مأخوذ مع الإضافة. وقوله: كما يدل تعريف العمى الخ ممنوع فإن البصر داخل في مفهومه، وما هو جزء لمفهوم الشيء لا يلزم كونه جزءاً لعين ذلك الشيء وذاته فإن البصر ليس جزءاً من العمى وإلا لم يتحقق إلا بعد تحققه وكان جزءاً من مفهومه كما قاله السعد ، ومن قبله حيث لم يمكن تعقله قاله بهمنيار في التحصيل، فرق بين أن يكون الشيء داخلاً في حد الشيء وبين أن يكون الشيء جزءاً من الشيء، فإن الشيء الذي يكون جزءاً من الشيء يكون معه، وأما إذا كان جزءاً من حد الشيء فذلك يكون جزءاً في الذهن لأن الحد أمر في العقل، وفيه تفصيلات يفرضها العقل ليست في الوجود الخارجي كما حققوه في اللون والسواد والعلم، ألا ترى إلى قولهم في تعريف العلم علم يبحث فيه عن أحوال كذا وكذا أرادوا بذلك تصوير حقيقته ومفهومه، فإن سألت عن ذاته(3/139)
(4/59)
---
وهويته فهو التصديق بالمسائل على التفصيل. ولله در العضد ما أثبت قدمه حيث كانت عبارته هكذا داخلة في حقيقته محققة لهويته، فإن هذه الأركان داخلة في المفهوم وليست أجزاء للفرد الخارجي إنما هي محققة له كما عرفت. فإن قلت: ما ذكرته إنما يدل على دخول الإضافات دون ما قلنا إنه ركن. قلت: لا معنى لدخوله في المفهوم إلا أنه يتوقف تعقله عليه وهو كذلك، وهذا ألجأنا إليه ما قالوه، وإلا فتحقيق مراد الشهاب وجوابه هو ما مر فتدبر، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 202
قوله:
(من جواز ومنع)
قابل الجواز بالمنع إشارة إلى أن المراد به ما يعم الوجوب والندب وغيرهما.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 204
قول الشارح:
(فالأول مبني على الأول)
(4/60)
---(3/140)
اعلم أن من قال إن الفرع هو المحل قال: إن الأصل هو المحل وذلك القائل هو الفقهاء. ومن قال: إن الفرع هو الحكم قال: إن الأصل هو دليل حكم الأصل، وذلك القائل هو المتكلمون، كذا في شرح الصفوي للمنهاج، ثم قال الإمام في المحصول: الأصل في الحقيقة هو حكم الأصل لأن الأصل ما يتفرع عليه غيره، والحكم المطلوب إثباته في الفرع غير متفرع على محل الحكم، إذ لو لم يوجد فيه ذلك الحكم لم يمكن تفرع الحكم في الفرع عليه، ولو وجد ذلك الحكم في صورة أخرى غير ما فرضناه أصلاً ولم يوجد في ذلك الأصل أمكن تفرع حكم الفرع عليه ولا على الدليل أيضاً، لأنا لو علمنا حكم الأصل بالضرورة أمكننا أن نفرع حكم الفرع عليه وإن لم نعرف النص الدال عليه. ثم قال: إن لقول الفقهاء والمتكلمين وجهاً لأنه لما ثبت أن الحكم في محل الوفاق أصل وكان كل من المحل ودليل الحكم أصلاً له لاحتياجه إلى أحدهما في الخارج وإلى الآخر في الذهن كان كل منهما أصلاً للأصل فكان أصلاً اهـ. قال العضد: قال بعض العلماء وهو الصحيح الجامع أصل للحكم في الفرع والحكم فرع له إذ يعلم ثبوته بثبوته. وفي الأصل بالعكس فإن الحكم أصل للجامع والجامع فرع له إذ يستنبط منه بعد العلم بثبوته. وأما في الفرع فالحكم هو المبني والمحل يسمى به مجازاً اهـ. قال السعد على قوله وهو الصحيح لأن في ذلك حقيقة الابتناء وفيما عداه لا بد من تجوز وملاحظة واسطة يظهر بالتأمل، وعلى قوله: إذ يستنبط أي الجامع منه أي من الحكم في الأصل يعني بالنظر إلى الأعم الأغلب وإلا فقد تكون العلة منصوصة به وبعض العلماء هو الإمام في المحصول، وإذا علمت مجموع هذا علمت وجه قول الشارح فالأول مبني على الأول لأن التفرع في الحقيقة للحكم على الحكم غايته أنا أطلقنا لفظ الأصل والفرع مجازاً وتفرع عين الحكم على الحكم موجود وإن كان بواسطة تفرع العلة على حكم الأصل، وكذلك تفرع الحكم على الدليل في الثاني لأنه يتفرع عن الدليل الحكم(3/141)
(4/61)
---
وعن الحكم العلة، وعنها حكم الفرع هذا إن تفرع على الدليل، وكذا إن تفرع على الحكم لأنه يتفرع عنه العلة، وعنها حكم الفرع كالأول وبه يظهر فساد ما قاله سم فإن الفرع بمعنى المحل لم يتفرع ذاته على الحكم ولا على الدليل. وأما قوله: لا يقال الخ فمبني على أن المتفرع المحل على المحل الحقيقيين وقد عرفت أن المتفرع في الحقيقة الحكم على الحكم إلا أنا أطلقنا اسم الحكمين أعني الأصل والفرع على المحلين مجازاً. فإن قلت: يمكن أن يكون كلامه مبنياً على أن الإطلاق مجاز والتفرع بين الحكمين أيضاً. قلت: يدفعه قوله: أي من حيث حكمه فإنه حينئذٍ لغو لا حاجة إليه. فإن قلت: فما المانع من أن يبني الأول على الثاني والإطلاق مجازي فيهما؟ قلت: عدم التناسب لأن الدليل أصل لحكم الأصل ذهناً، ومحل حكم أصل له خارجاً فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 204
قول الشارح:
(والأول من الأقوال أقرب)
أي لأن القياس وقع بين الذاتيين وإن كان المقصود بيان الحكم. قوله: (فلا معنى لحمل الفرع الخ) هذا غلط نشأ من اشتباه التفرع بالحمل إذ الحمل هو التسوية بين الفرع والأصل، والتفرع كونه ناشئاً منه، والباطل تفرع الذات عن الذات لا حملها عليها، ومن هذا الاشتباه وقع آخراً في قوله: وحينئذٍ يرجع الأمر إلى حمل الحكم على الحكم ولا معنى له. قوله: (ولا معنى أيضاً لحمل الفرع بمعنى حكمه) هذا زائد لم يقله أحد. قوله: (أي لاستعمال الفقهاء) قد عرفت أن القول الأول قول الفقهاء واستعمالهم مبني على قولهم فلا معنى لتعليل القرب به إلا أن يكون ما نقله الصفوي سابقاً مأخوذاً من استعمالهم لا نص قولهم تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 206
قول الشارح:
(ولكون حكم الفرع الخ)
(4/62)
---(3/142)
راجع للقولين في معنى الفرع لأنه وإن كان الأول مبنياً على الأول إلا أن التفرع في الحكم والبناء في التسمية فليس منظوراً فيه للتفرع في الأول بل للماثلة في كون المحل أصلاً للحكم في الخارج فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 206
قول الشارح:
(باعتبار ما يدل عليهما)
أي على الثاني والأول والدال على الثاني هو النص وعلى الأول القياس، ولا شك أن القياس متفرع عن دلالة النص على حكم الأصل، وكذلك علم المجتهد بما يدل عليهما فإن علمه بالقياس متفرع عن علمه بدليل حكم الأصل. قوله: (من أن الحكم يعتبر في مفهومه التعلق الخ) فيه أن اعتبار التعلق في المفهوم لا يقتضي حدوث عين الحكم بناء على ما مر تحقيقه من أن كونه جزءاً من المفهوم إنما هو لأن تعقله موقوف على تعقله ولأنه يصح نفيه تارة وإثباته أخرى في كلام الأصوليين فيكون النفي والإثبات متواردين على التعلق، أما الحكم نفسه فقديم لأن الوجوب هو الإيجاب لا فرق إلا بالاعتبار على ما مر في مبحثه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 206
قول الشارح:
(ولا تفرع في القديم)
أي كالتفرع الحاصل بالقياس أما إن قلنا: إن القياس مثبت للحكم فهو مقتض للتأخر بالزمان وهو منتف في القديم. وأما إن قلنا: إنه مظهر فكذلك لأنه يقتضي أن ظهور حكم الفرع متأخر في الأزل وليس كذلك. قوله: (لكنه لا ينافي القديم) نعم لكنه ينافي ثبوت الكل بالخطاب بلا نظر للجامع وثبوت حكم الأصل له. قوله: (قرية من قرى مصر) في بعض الحواشي يأتي من جهتها الريح المريسي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 207
قول الشارح:
(بعد الاتفاق على أن حكم الأصل معلل)
(4/63)
---(3/143)
قيد به ليفيد أن هذا زيادة على ما سيأتي من قوله: والصحيح لا يشترط الاتفاق على تعليل حكم الأصل أو النص على العلة وقوله: من الاتفاق على أن علته كذا تحويل لعبارة المتن لأن قول بشر هو الاتفاق على تعيين العلة. وحاصل ما سيأتي أنه لا بد من الاتفاق على التعليل أو النص على العلة لا لتعيين العلة بل لإفادته التعليل، وحاصل ما هنا أنه لا بد من الاتفاق على تعيين العلة فلا يكون الاتفاق على كونه معللاً وإنما لم يكتف عن قول بشر بالآتي وإن كان على الشق الثاني التعيين مفاداً بالنص عليها لأنه لم يعين النص عليها بل إما هو والاتفاق على التعليل وعلى الثاني لإيفاد عين العلة فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 207
قول الشارح:
(ثم قياس الجذام على الرتق فيما ذكر)
أي معللاً بأن كلاً ينفسخ به البيع، فإن الجامع بين الرتق والجب فوات الاستمتاع وبين الجذام والرتق كون كل عيباً ينفسخ به البيع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 208
قوله:
(لا ينتفي عنه التعليل السابق)
لأن المانع في الحقيقة كون العلة في القياس الأوّل موجودة في الثاني فلا حاجة للثاني سواء كان الأصل فيه مجمعاً عليه أو لا، ثم إن اشتراط أن لا يكون ثابتاً بالقياس عند اتحاد العلة إنما هو لئلا يدخل اللغو في الاستدلال وإلا فالمطلوب يثبت متى كانت العلة موجودة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 208
قول الشارح:
(إنما يقاس على محله الخ)
أي لأن العلة فيه لا بد أن تكون مفيدة للقطع أو لأن الحكم واحد والاختلاف بالاعتبار تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 208
قول الشارح:
(والقياس لا يفيد اليقين)
(4/64)
---(3/144)
لأن تحصيل العلم بالمقدمتين أعني كون هذا الحكم معللاً بالعلة الفلانية وحصول تمام تلك العلة في صورة الفرع، وبأن خصوصية الأصل ليست شرطاً وخصوصية الفرع ليست مانعاً متعذر أو متعسر جداً ولذا لم يقسموه إلى ما يفيد اليقين وما يفيد الظن كالاستقراء فإثبات المسألة العلمية به إثبات للعلمي بالظني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 208
قول الشارح:
(واعترض بأنه يفيده الخ)
قد يقال: إن ذلك لا يكفي بل لا بد من علم أن خصوصية الأصل ليست شرطاً وخصوصية الفرع ليست مانعاً. ولو حصل العلم بذلك على خلاف الغالب. قلنا: إن الاشتراط مبني على ما هو الأعم الأغلب. قوله: (واستشكل الخ) فيه أنه لا يلزم من جريانه في العقليات أن يكون حكم الأصل متعبداً فيه بالقطع كرؤية الخلق في المثال المتقدم في الشارح، لكن يرد أن حكم الفرع يلزم أن لا يكون متعبداً فيه بالقطع كما قاله الصفي الهندي فالمعول عليه جواب المحشي، لكن يلزم أن رؤية الباري ليس المطلوب فيها القطع تأمل. قوله: (لأنها قد تكون شرعية) المراد بالشرعي ما ليس اعتقادياً ولا لغوياً نبه عليه السعد في حاشية العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 208
قول المصنف:
(وكونه غير فرع الخ)
(4/65)
---(3/145)
اعلم أنه عند كونه فرعاً له فائدة ليس هو أصلاً حقيقياً بل أصل صورة لأن المقيس عليه في الحقيقة هو الأخير كما قال الشارح، وأن التفاح ربوي كالبر والوسط إنما ذكر لحصول الفائدة الآتية لا لإثبات الفرع المقيس عليه به، فعند كونه أصلاً صورة يجوز كونه فرعاً لكن ليس مطلقاً بل إن ظهرت له فائدة فتحصل من هنا، ومما تقدم أنه إن كان أصلاً حقيقة اشترط أن لا يثبت بقياس، فإن لم يكن أصلاً حقيقة بل صورة جاز أن يكون ثابتاً بقياس كالأصول المتوسطة بين التفاح والبر فإنها في الحقيقة ثابتة قياساً على البر، لكن يشترط أن لا يكون فرعاً في القياس المراد ثبوت حكم المقيس حقيقة في إرادة المستدل فيه كالتفاح في مثال الشارح إلا إن ظهرت له فائدة، فإن ظهرت جاز كونه فرعاً كالمثال الأول وإلا فلا كالمثال الثاني، وبهذا يظهر أن المدرك مختلف في المسألتين لأنه فيما تقدم حيث كان أصلاً حقيقة، يرد أنه إن اتحدت العلة كان لغواً للاستغناء بقياس الفرع على الأصل الأول وإلا كان غير منعقد لأن المقصود بالقياس إثبات حكم الفرع كالوضوء المقيس على الغسل فيما تقدم، وأما هنا فليس المقصود بقياس التفاح على الزبيب وما بعده إثبات حكم هذه الفروع بهذه الأقيسة، بل ذكر العلل التي يتوهم ربوية البر لها على التدريج ليتمكن قبل المنع من إسقاطها، ويتم بالإسقاط قياسه إذ قبله لا يتم لظهور فساده لولا الإسقاط، وبعد الإسقاط لا يتوجه المنع لإقامة الدليل، على أن العلة هي الباقي بطريق من الطرق الآتية، وحينئذٍ يستفيد سلامة علته عن المنع حيث لم يعلل بها إلا مع الاستدلال، إذ لو توجه المنع بعد تمام القياس يظهر ضعف القياس وإن أجيب عنه إذ ما لا إشكال عليه ولا جواب عنه أولى مما عليه إشكال يحتاج لجواب، وأيضاً قد يطول الجدال بأن يمنع المانع بواحدة واحدة، ولا شك أن عدم انتشار الجدال مطلوب في المناظرة، وظهر أيضاً أنه لا يصح أن يضم لما تقدم قوله: إلا إن ظهرت فائدة لأن(3/146)
(4/66)
---
ما تقدم في الأصل الحقيقي للمقيس عليه في نفس الأمر، فكان يقتضي صحة كون الأصل حقيقة مثبتاً للقياس إن ظهرت له هذه الفائدة وهو باطل لأنه لا يكون أصلاً حقيقة مع اختلاف العلة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 209
قول الشارح:
(بجامع الطعم)
لم يزد هنا شيئاً على ما هو الجامع في الواقع لأن المقيس أي المطلوب بالقياس على البر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 211
قول الشارح:
(وإن التفاح ربوي كالبر)
أفاد بهذا أن المقصود إثباته في هذا القياس المركب هو ربوية التفاح بقياسه على البر فهو الأصل الحقيقي وما عداه صوري توسط لهذه الفائدة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 211
قول الشارح:
(نعم اعترض على المصنف)
يفيد أن جواب المصنف دافع لقوله: وإلا فالعلة الخ. ولعل حاصل الدفع أنه لا لغو مع وجود الفائدة ولا يدفع بما تقدم وإلا فلا يستقيم الاعتراض الآتي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 211
قول الشارح:
(اعترض على المصنف الخ)
يعني أنه وإن كان هناك زيادة التقييد بقوله: إذا لم يظهر الخ، لكن قوله: وغير فرع مكرر مع ما تقدم فكان ينبغي زيادة التقييد هناك وقد مر جوابه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 211
قول الشارح:
(وأجاب بقوله الخ)
(4/67)
---
حاصل الجواب أن التكرار هو إعادة السابق وإعادته إنما تلزم لو لزم من اشتراط أن لا يكون فرعاً اشتراط أن لا يثبت بقياس، لكنه لا يلزم إلا إذا كان المراد بكونه غير فرع أن لا يكون فرعاً في ذاته وليس كذلك، بل المراد أن يكون فرعاً في القياس المراد ثبوت الحكم فيه، وقد لا يكون فرعاً فيه وهو ثابت بالقياس كما إذا كان هناك قياسان جعل في أحدهما أصلاً وفي الآخر فرعاً. نعم يلزم حينئذٍ التناقض لأنه استفيد مما تقدم أنه يشترط في الأصل أن لا يثبت بقياس، وهنا جوزنا ثبوته بالقياس لأنه متى كان فرعاً في القياس المركب فهو ثابت بالقياس على الأخير.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 211
قوله:
(حاصل ما أشار إليه الخ)(3/147)
حاصل ما أشار إليه أنه قد يكون فرعاً في قياس ولا يكون فرعاً في آخر بل أصلاً. وأما حاصل المحشي فغير مستقيم لأنه مبني على أن القياس المركب أقيسة متعددة، وكيف ذلك وهو في الشارح مثال لما هو فرع ثابت بالقياس. قوله: (وهو في الموضعين واحد) فيه بحث يعلم مما مر. قوله: (لا يتصور ثبوته حتى ينفي) هذا في القياس المفرد وما نحن فيه مركب كما قرره الشارح ولا مانع من أن يكون شيء واحد فيه أصلاً باعتبار فرعاً باعتبار آخر. قوله: (تخصيص من غير مخصص) فيه أنه حيث كان كلامه في القياس المركب فالمخصص موجود إذ هو الذي يتصور أن يكون حكم الأصل فيه فرعاً فيه لأنه مجموع قياسين أو أكثر، ولما رأى المصنف جواز ذلك إذا ظهرت فائدة احتاج إلى بيانه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 211
قول الشارح:
(وكيف يندفع والمدرك واحد)
(4/68)
---
هذا الكلام مبني على عدم صحة جوابي المصنف، أما على صحتهما فالمدرك مختلف لأن مدرك أن لا يكون الأصل مثبتاً بقياس هو ما تقدم لكن لا يأتي هنا لأن ما نحن فيه ليس أصلاً في الإثبات بل هو أصل صوري، وقد عرفت أن جواب المصنف عن التكرار دافع بلا ريبة فليتأمل. قوله: (لإمكان منع علية الطعم الخ) إن كان بعد تمام القياس وإلغاء غير ما هو علة بطريقه فهو غير ممكن لإقامة الدليل عليها، وإن كان قبل تمام القياس فالمنصب منصب المستدل فلا مساغ للمنع حينئذٍ. قوله: (وإمكان تصحيحها الخ) نعم هو ممكن لكن مع الطول بتوسط المنع بكل واحدة على حدتها، وربما كان غرضه عدم توجه المنع رأساً وهي فائدة أي فائدة يترتب عليها نشر الجدال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 212
قوله:
(فكان يقول فيما تقدم الخ)(3/148)
يلزم على ذلك صحة القياس على المقيس بأن يكون أصلاً حقيقياً عند حصول الفائدة وهو باطل. قوله: (أو يقتصر هنا الخ) لو اقتصر على ذلك لم يتميز حكم الأصل الحقيقي من الأصل الصوري. قوله: (فعبارتهم محتملة الخ) المصنف ناقل مثبت فهو المقدم والنفي المطلق لا دليل عليه. قوله: (الأنسب في التعليل الخ) لا وجه له فإن ما قاله إما أن يرجع إلى الأول أو الثاني، مع أن الشارح يحتاج لبيانهما جميعاً ليفرق بين ما هنا وما سيأتي في العلة تدبر. قوله: (وقال الشهاب لا يخفى الخ) الذي يظهر في معنى اعتراضه أن بيان الشارح يقتضي أن التناول في لفظ الطعام الذي هو الموضوع في الدليل ومتعلق له بمعنى أنه بعضه لا في كل الدليل. وحاصل الجواب حينئذٍ أن قول الشارح فإن الطعام يتناول الخ معناه وإذا كان الموضوع متناولاً فالمحمول متناول أيضاً إذ ليس أخص من الموضوع، وإذا كان الموضوع والمحمول متناولاً كان تمام الدليل متناولاً
(4/69)
---
، و المحشي فهم أن معنى اعتراضه أن المتناول هو معنى الطعام، فالمراد من الطعام في كلام الشارح معناه وأصل الكلام في أن المتناول لفظ الدليل. وحاصل جوابه أنه إذا كان المعنى متناولاً لكل من الأصل والفرع كان الدليل متناولاً لهما لأن اندراجهما في موضوعه ومتعلقه أي معناه ومفهومه فرع دلالة الدليل على المعنى الصادق عليهما أي متفرع العلم باندراجهما في موضوعه على دلالته على ذلك المعنى فالمطابقة حاصلة اهـ. لكن هذا خلاف الظاهر مع أنه لا حاجة إلى اعتبار تفرع الاندراج بمعنى العلم به على الدلالة بل يكفي تفرع الاندراج نفسه على المعنى الكلي فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 213
قوله:
(تسامحا)
لأن المعنى فإن الطعام أي مدلوله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 214
قول الشارح:
(وسيأتي من شروط العلية أن لا يتناول دليلها حكم الفرع بعمومه أو خصوصه)(3/149)
قال الشارح: فيما سيأتي مثاله في العموم الطعام بالطعام مثلاً بمثل فإنه دال على علية الطعم فلا حاجة في إثبات ربوية التفاح مثلاً إلى قياسه على البر بجامع الطعم للاستغناء عنه بعموم الحديث. ومثاله في الخصوص: «من قاء أو رعف فليتوضأ» فإنه دال على علية الخارج النجس في نقض الوضوء فلا حاجة للمنفى إلى قياس القيء، أو الرعاف على الخارج من السبيلين في نقض الوضوء بجامع الخارج النجس للاستغناء بخصوص الحديث اهـ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 214
قول الشارح:
(لا يتأتى هنا)
(4/70)
---
أي لوجود المانع منه هنا دون ذاك وهو أنه ليس جعل بعض الصور المشمولة أصلاً لبعضها بأولى من العكس، وإنما لم يوجد ذلك المانع هناك لأن الاستدلال هناك إنما هو على العلة، ولا يتوجه على الاستدلال عليها أنه جعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً إذ ليس بصدد ذلك وإن كان ذلك يتوجه عليه عند الاستدلال على الأصل. والحاصل أنه وإن كان دليل العلة شاملاً لحكم الفرع لكن ليس الاستدلال به على كون أحدهما أصلاً حتى يقال له: لم رجحت بلا مرجح؟ بل إذا قيل له ذلك كان من حيث الاستدلال على الأصل وليس ذلك حاصلاً عند الاستدلال على العلة فيكون الراد ذلك الاستدلال على العلة خطأ، ولله در الشارح حيث جعل المثال في المقامين واحداً كما تقدم نقله إشارة إلى أن الإيراد بحسب ما يستدل عليه فتأمل ليندفع ما أطال به الناصر هنا وتبعه الحواشي. واعلم أن الفرق بين الموضعين بما ذكره الشارح مأخوذ من صنيع العضد في الموضعين حيث علل في هذا الموضع بقوله: وإلا لم يكن جعل أحدهما أصلاً الخ ما في الشارح. واقتصر في بحث شروط العلة على أنه يكون الاستدلال بالقياس مع شمول نص العلة للفرع تطويلاً بلا فائدة ورجوعاً عن القياس إلى النص، نعم أورد السعد على هذا التعليل أنه يجوز أن يكون دلالة النص على المقيس عليه أقوى فيكون بالأصالة أولى فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 214
قوله:
(ومحله الخ)(3/150)
أي محل كونه ممنوعاً منه، ويدل على هذا التقييد قول الشارح ويفوت المقصود إذ الإثبات حينئذٍ مقصود فلا يكون الانتشار مفوتاً للمقصود.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 215
قول الشارح:
(لأن البحث لا يعدوهما)
فيه أنه لا ينسد باب المنع لكن يتأتى إلزام الخصم بمذهبه وهو كاف، وإن كان من حيث المنع لا مذهب له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 215
قول الشارح:
(مع اشتراط اتفاق الخصمين)
(4/71)
---
يفيد أن المخالف الآتي يشترطه معللاً بما تقدم، وحينئذٍ يتوجه عليه البحث الآتي في الحاشية تأمل. قول المصنف: (اختلاف الأمة غير الخصمين) أي مع الخصمين أو مع بعضهم فاندفع ما في الناصر . قوله: (يجاب عنه بأنه الخ) والفرق بين الحكم والعلة أن حكم الأصل حكم شرعي مثل حكم الفرع يستدعي مثل ما يستدعيه من الأدلة والشرائط فيقبل لهول المقال ونشر الجدال، بخلاف مقدمات المناظرة فإنها تنتهي سريعاً إلى الضروريات ولا يخفى ما فيه من الضعف، وبالجملة كل هذه الأمور اصطلاحية فلكل أحد أن يصطلح في المناظرة على ما شاء. قوله: (كما هو المراد) أي مراد من شرط اتفاق الخصمين فإن شرط الاتفاق على الحكم لا ينافي عدم الاتفاق على العلة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 215
قول الشارح:
(فإنه لا مذهب له)
لا ينتج المطلوب وهو ظاهر. قول المصنف: (فإن كان الحكم متفقاً عليه بينهما ولكن لعلتين الخ) أفاد تفريع قوله: فهو مركب الأصل على ذلك أن معنى التركيب بناؤه على العلتين. ولما كان النزاع في الأول في البناء على العلة مع تسليم وجودها خص بمركب الأصل وهو الحكم فإن الأصل يطلق عليه كما تقدم لأن النزاع في تركيبه بخلاف الثاني فإن النزاع ليس في تركيبه عليها بل في وجودها وهي الوصف الجامع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 216
قول المصنف:
(لعلة يمنع الخصم وجودها)
(4/72)
---(3/151)
اقتصر عليها مع أن الآخر معلل أيضاً لأنه إنما سمي مركب الوصف لبناء الحكم على الوصف الممنوع. والحاصل أنه في الأول لما كان التركيب من الجانبين وكان النزاع فيه في بناء الحكم في كل من الجانبين على علة سمي مركب الأصل أي الحكم. ولما كان في الثاني التركيب من واحد والثاني لم يركب بل منع وجود الوصف سمي مركب الوصف أي قياس ركب فيه أحد المتناظرين فقط الحكم على وصف منعه الآخر. وفي عب على المواقف الأول مركب الأصل أي الحكم لاجتماع قياسين على ثبوته. والثاني مركب الوصف اهـ. فالتركيب معناه الاجتماع إلا أنه في الأول اجتمعا على حكم الأصل واختلفا في أن العلة ما هي وفي الثاني اجتمعا على الوصف الذي يعلل به المستدل واختلفا في وجوده وهذا مختار العضد. قوله: (وهو تابع في ذلك لـ لآمدي) ليس كذلك فإن الآمدي قال: يسمى مركباً لاختلاف الخصمين في تركب الحكم على العلة في الأصل فإن المستدل يزعم أن العلة مستنبطة من حكم الأصل وهي فرع له، والمعترض يزعم أن الحكم في الأصل فرع عن العلة ولا طريق إلى إثباته سواها، ولذلك يمنع ثبوت الحكم عند انتفائها، وإنما سمي مركب الأصل لأنه نظر في علة حكم الأصل اهـ فتأمله مع كلام الشارح تجد بينهما بوناً بعيداً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 216
قوله:
(وفي العضد ما يخالف ذلك)
يخالف ما في الشارح أيضاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 217
قول المصنف:
(ولو سلم الخ)
كلام يتعلق بالقياس من حيث هو لا المركب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 217
قوله:
(حيث لم يذكر الخ)
فيه أن جميع ما تقدم متعلق بالشرط قبله فلا معنى لفصله. قوله: (فهذا مفرع على ما تقدم) أي فبطل قول سم إنه غير مفرع. وأما اعتراض الناصر فهو مبني على أنه كلام مستأنف مناقض لما مر ولا يلزم أن يكون مبنياً على أنه مفرع كما قاله سم أيضاً وبهذا يستقيم ما يأتي تأمل.
(4/73)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 217
قول الشارح:
(أي الإجماع الخ)(3/152)
أفاد بهذا أن المراد بالاتفاق هنا الإجماع بخلاف ما قبله فإنه اتفاق الخصمين وبه يندفع ما في الحاشية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 217
قول المصنف:
(لا يشترط الاتفاق على تعليل حكم الأصل أو النص الخ)
المقصود أن يكون التعليل أي كون الحكم معللاً مسلماً، وهذا يحصل إما بالاتفاق على كونه معللاً أو بالنص على العلة لأنه يستلزم كونه معللاً، فليس المقصود من النص على العلة تعينها بل ما يلزم ذلك وهو كونه معللاً فليس أحد الشقين معيناً مقصوداً لذاته بل المقصود الأمر المشترك بينهما، وهذا بخلاف قول بشر السابق فإنه يشترط عنده تعيين العلة حتى لا يكفي عنده الاتفاق على كون الحكم معللاً بل لا بد زيادة عليه من التعيين، وقد تكفل بالفرق بينهما الشارح في الموضعين، وبهذا يظهر أنه لا تكرار بينهما وأن قول الشارح بل يكفي إثبات التعليل بدليل واف بالمراد خلافاً لمن زاد عليه أي وأن علته كذا فهمنا منه أن المراد من النص على العلة غير المراد من الاتفاق على التعليل وقدمنا شيئاً هناك فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 217
قوله:
(إذ بقي منها أن لا يعارض)
أي المأخوذ من قوله الآتي وأنه لا يجب الإيماء إليه في الدليل كما سينبه عليه المحشي ، فدعوى المحشي أنه صرح به ممنوعة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 218
قوله:
(أي لعدّ ما ذكر شرطا)
(4/74)
---(3/153)
فيه نظر فإن التعدي مرتب على وجود العلة لا على العد. قوله: (فليقبح أيضاً الخ) الذي يظهر أن الإلحاق في الحكم لا دخل للزيادة فيه وإلا لم تكن العلة موجودة في الأصل، غاية الأمر أن يكون الحكم فيه أولى لتحقق تلك الزيادة، وكيف يكون للزيادة دخل والمراد بالمساواة في التعريف المساواة في النوع أو الجنس كما بين فيما سيأتي في قوله: وليساو الخ؟ فليتأمل. قوله: (وليقبح الخ) اعلم أن ابن الحاجب لم يشترط إلا أنه لا بد من مساواة الفرع للأصل في نوع العلة أو جنسها. وحاصله أنه يشترط أن تساوي الفرع علة الأصل في نوعها أو جنسها، ومعلوم أنه يلزم من مساواتها لها في نوعها أو جنسها مساواتها في وجود تمام أجزائها إذ الناقص ليس بجنس ولا نوع، فحاصل ما أفاده ابن الحاجب أمران أنه لا بد من وجود جميع أجزائها وأنه لا بد من مساواتها في النوع أو الجنس، والمصنف لما رأى أن قطعية القياس وظنيته إنما تتفرع على وجود العلة مع القطع بالعلية تارة وظنها أخرى، ولا مدخل للمشابهة في النوع أو الجنس في خصوص ذلك وإن كان لعدمهما دخل في الفساد أراد إفراد شروط وجود تمام الأجزاء ليفرع عليه ذلك، لكن لم يفده بما أفاده به ابن الحاجب وهو المساواة لإيهامه فقال: ومن شرطه وجود تمام العلة وإن كانت هي المساوية لعلة الأصل إلا أنه هنا مقطوع النظر عن مساواتها وعدمها، إذ لا دخل لها في خصوص القطعية والظنية وإن كان لها دخل في الفساد، فمعنى قول المصنف: وعدلت عن قول ابن الحاجب أن يساوي في العلة علة الأصل لإيهامه أن الزيادة تضره أنه لو قال هنا في مقام اشتراط وجود تمام العلة، ومن شرطه أن يساوي في العلة علة الأصل، وأراد بذلك وجوده تمام العلة لكان موهماً في هذا المقام أن الزيادة تضر إذا لم يبين هنا ما يجب في المساواة، وبتقرير هذا الموضع على هذا الوجه ظهر اندفاع ما أورده الناصر كما تقدم، وما أورده الشارح فيما سيأتي، وما أورده المحشي من أنه رجع لموافقة ابن(3/154)
(4/75)
---
الحاجب فإنه مبني على أن ما شرطه المصنف هنا هو ما سيأتي وليس كذلك، فإن ما هنا في وجود الأجزاء وفيما يأتي فيما فيه المساواة. فإن قلت: هلا كان يكفيه أن يقول بعد قوله: وجود تمام العلة من نوعها أو جنسها؟ قلت: لا بد أن يكون معناه كائنة من نوعها أو جنسها لتضمن الكلام شرطين: وجود تمام الأجزاء وكونها من النوع أو الجنس، وحينئذٍ فهما على حد سواء لم يلزم على صنيع المصنف إلا تمييز أحد الشرطين عن الآخر ليفرع على كل ما يخصه، ولا أظن أحداً ينكر حسن هذا الصنيع فليتأمل. وبه يندفع قول الشارح فيما سيأتي ولو قال هناك إلى قوله مع السلامة من التكرار. قوله: (لأن المراد بها) أي المماثلة فهو راجع لقوله: وكونه أقوى أو أدنى. قوله: (والمراد بالعينية) راجع لقوله من عين أو جنس.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 218
قوله:
(لا يكون الاختلاف)
أي فيما هو المقصود للإلحاق إلا بالعدد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 220
قوله:
(تشمل الزيادة باعتبار نفس العلة)
(4/76)
---(3/155)
فيه أنه لا يتأتى مع كون الكلام في وجود تمام العلة الأصل في الفرع، فلو زادت حقيقة علة الفرع فإن كانت الزيادة لها دخل في العلية فكيف أنتجت علة الأصل الحكم مع نقصها وإلا فليست زيادة في نفس العلة. قوله: (ليس هذا من مفهوم العلة القطعية) هو مسلم لكن لا حاجة لذكره بعد قول المصنف: ومن شرطه وجود تمام العلة فإن معناه وجوده قطعاً كما سيأتي. قوله: (أي وكذا إن قطع) المناسب وكذا إن قطع بعلية الشيء في الأصل. وعبارة شرح منهاج البيضاوي لـ لصفوي بعد ذكر القطعي كما هنا. وأما ظني وهو القياس الذي ظن فيه علة الحكم في الأصل وظن وجودها في الفرع أو علم أحدهما، وظن الآخر، والذي يظهر أن وجود العلة في الفرع لا بد أن يكون مقطوعاً به عند المصنف كما هو ظاهر من قوله: ومن شرطه وجود تمام العلة. وقول الشارح: إذ لا بد من تمامها. وكذا قول العضد أول باب القياس لا بد أن يعلم علة الحكم في الأصل ويعلم ثبوت مثلها في الفرع، وحينئذٍ ظهر أن الأولى والمساوي لا يكون إلا قطعياً لأن معناه الأولى ثبوت الحكم فيه من ثبوت حكم الأصل، والمساوي ثبوت الحكم فيه لحكم الأصل كما قرره الشارح، وذلك لا يتأتى في الأدون، مع احتمال أن يكون الوصف الذي في الفرع فيه غير علة وإن كان أشد، إذ المراد الأدونية في الثبوت لا في ملاءمة المعنى للحكم هذا. وفي شرح الصفوي لمنهاج البيضاوي أن الأقسام الثلاثة تأتي في كل من القطعي والظني لكن قد عرفت مخالفة المصنف في ذلك فليتأمل. وبه يعلم وجه قول المصنف معه، فقياس الأدون مقابلاً به القطعي وهو الإشارة إلى أن الأدون لا يكون في القطعي بل هو إما أولى أو مساو. قوله: (من إضافة الأعم إلى الأخص) الظاهر أن معناه قياس الحكم الأدون ثبوته أو الأولى ثبوته أو المساوي ثبوته كما بينه الشارح. قوله: (وتلك الفائدة الخ) لا فائدة فيها بل الفائدة ما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 220
قوله:
(4/77)
---(3/156)
(أولى منه في الأصل لنحو أشدية الخ)
فيه أن المراد أولى منه بالثبوت كما عرفت لا أنه أولى لزيادة مناسبة العلة له كما هو مراد الصفي الهندي ، ومراد العضد أيضاً حيث قال: إن مفهوم الموافقة تارة يكون قطعياً وتارة ظنياً فإن مفهوم الموافقة هو الأولى والمساوي وقد تقدم أنه قياس عند الشافعي والإمامين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 221
قوله:
(مقابلة دليل المستدل بدليل)
الأولى مقابلة وصف المستدل بوصف إذ الدليل وهو القياس إنما هو لإثبات وصف المعترض الذي حصلت المعارضة به، إذ لا بد من بنائه على أصل بجامع يثبت عليته بأي مسلك من مسالكها. ومثله يقال في قوله: بقياس يؤيد ما ذكرنا قول الشارح ما ذكرت من الوصف الخ ومثله العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 222
قول الشارح:
(لا إثبات مقتضاها)
أي لأنه غير ممكن إذ كيف يقصد به ذلك وهو معارض بدليل المستدل فإن المعارضة من الطرفين والدليل لا يثبت المطلوب ما دام معارضاً وبه تعلم ما كتبه المحشي هنا فتأمل. قوله: (راجع لقوله وتقبل) أي لا لقوله لا تقبل الذي تضمنه قوله: لا خلاف حكمه لأنه محل اتفاق كما بينه الشارح بقوله: فلا يقدح قطعاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 222
قول الشارح:
(بكل ما يعترض به)
(4/78)
---
متعلق بدفعها يعني أن ما للمعترض إيراده على المستدل ابتداء كنقض المعنى وهو وجوده في صورة مع عدم الحكم وكعدم تسليم وجود الوصف المعلل به في الفرع إلى آخر الاعتراضات التي تورد على المستدل ابتداء أي قبل المعارضة للمستدل دفعها به. والجواب لا فرق كذا في العضد وفي الحاشية هنا خلل لا يخفى هذا ولا يشتبه عليك المعارضة بالفرع بالمعارضة في العلة كما سيأتي، وهو أن يبدي المعترض أمراً آخر يصلح للعلية مستقلاً أو مع انضمام ما ذكره المستدل مع دعوى أن ما ذكره المستدل لا يصلح للعلية، فإن الترجيح لا ينفع في دفع هذه المعارضة لأن غايته ترجيح أن وصفه أولاً من وصف المعارضة ولكن احتمال الجزئية باق.(3/157)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 222
قول الشارح:
(لأن المعتبر في المعارضة الخ)
حاصل الكلام هنا أنه إن كان المعتبر في المعارضة تساوي الظنين بأن كان لا يوقف دليل المستدل إلا ما يفيد ظناً مساوياً لما أفاده قبل الترجيح لدفعه المساواة، وإن كان المعتبر فيها ما يفيد أصل الظن لم يقبل لوجودها مع الظن المرجوح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 223
قول الشارح:
(لأن المعتبر في المعارضة الخ)
حاصل الكلام هنا أنه إن كان المعتبر في المعارضة تساوي الظنين بأن كان لا يوقف دليل المستدل إلا ما يفيد ظناً مساوياً لما أفاده قبل الترجيح لدفعه المساواة، وإن كان المعتبر فيها ما يفيد أصل الظن لم يقبل لوجودها مع الظن المرجوح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 223
قول الشارح:
(لانتفاء العلم بها)
(4/79)
---
أي امتناعه وهذا ممنوع لأن المراد بتساوي الظنين أن لا يوجد مرجح لأحدهما. قوله: (خارج عن الدليل) وتوقف الفعل على الترجيح لا يجعل الترجيح جزءاً للدليل لأن هذا التوقف إنما عرض للدليل بعد ظهور المعارض، فكان الترجيح شرطاً لتمام الدليل وترتب أثره لا عليه مطلقاً، بل إذا حصل المعارض واحتيج إلى دفعه فلا يجب ذكره في الدليل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 223
قول الشارح:
(وهو أن لا يعارض)
أي لا يكون معارضاً بأن لم يعارض أصلاً أو دفعت معارضته. قوله: (لا يتأتى دفعها) فيه أنه قبل الدفع موقوف عن العمل به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 223
قوله:
(ليس في العبارة ما يقتضي الخ)
لا ينافي الأولوية لظهوره في الواحد إلا أن المقام يدفعه. واعلم أنه عند الاتحاد في النوع يكون هو الجامع دون النوع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 223
قوله:
(فلا يخفى سقوطه إذ التعدد الخ)
لا يخفى سقوطه لأن العموم في المضاف لا فيما دخل تحته تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 223
قول الشارح:
(ولو قال هناك من عينها الخ)
(4/80)
---(3/158)
إن كان متعلقاً بمحذوف وهو كائناً من نوعها أو جنسها، بمعنى أنه لا بد أن يكون تمام علة الفرع من نوع علة الأصل أو جنسها فهو ما قاله المصنف بعينه إلا أنه فصله عن اشتراط وجود تمام العلة لما عرفته سابقاً من أنه لا دخل للمساواة في ذلك في خصوص كون القياس قطعياً أو أدون، إنما الذي له دخل هو وجود تمام العلة، وإن كان بياناً لتمام العلة ففيه أن علة الأصل ليست النوع أو الجنس وإن كان كل منهما هو الجامع. قوله: (والجنس) ليس نفس التمام وكذلك النوع. قوله: (والمراد الجنس الذي هو العلة) فيه أنه ليس علة الأصل التي الكلام فيها وإن كان هو الجامد، وعبارة العضد صريحة في أنه عند الاتحاد في النوع علة الأصل ليس النوع بل الشخص، لكن الاشتراك في النوع كاف في الاشتراك في العلة لأنه اشتراك فيما هو المقصود، وعند الاتحاد في الجنس علة الأصل ليس الجنس بل فرد من نوع منه، لكن الاشتراك في الجنس كاف لأنه اشترك في المقصود، وكذلك عبارة ابن الحاجب وإن كان هذا الذي قاله سم في نفسه صحيحاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 223
قول الشارح:
(مع السلامة من التكرار ومن الوقوع الخ)
قد عرفت حقيقة الحال فيما مر. قوله: (والثاني عند قوله ومن شرطه وجود تمام العلة) قال هناك إن مراعاة عدم الإيهام في موضع أمر مستحسن وإن ترك في موضع آخر، على أنه نبه بالعدول في الأول على الثاني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 224
قوله:
(وقد قدمنا بيان ذلك)
(4/81)
---(3/159)
لم يقدم ما ينفع للظمآن اللهاة. قوله: (اعتراض شيخ الإسلام ) مأخذ اعتراضه هو قول الشارح: ولو قال هناك من عينها الخ بناء على أنه بيان لتمام العلة فتكون هي النوع أو الجنس كما لسم. وحاصل الدفع أنه يلاحظ في علة الأصل شخصها بناء على قول القائس أن علة الأصل كذا وإن كان المنتج للحكم في الحقيقة هو النوع أو الجنس. قول المصنف: (وجواب المعترض الخ) هذا مما يدل على اتجاه صنيع المصنف زيادة على ما مر فإن الاعتراض من جهة عدم المساواة لا نظر فيه لوجود تمام العلة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 224
قول المصنف:
(ولا يكون منصوصاً بموافق)
سواء كان دليل الأصل أو لا فهذا أعم مما تقدم في شروط الأصل. والحاصل أن المنافي للفرعية النص مطلقاً والمنافي للأصالة تناول دليل الأصل للفرع إذ ليس أحدهما أولى بها من الآخر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 225
قول الشارح:
(للاستغناء حينئذٍ بالنص)
لأن العمل بالقياس عند فقد النص للضرورة ولا ضرورة مع النص، ومنه يعلم الفرق بين ما هنا وما تقدم من جواز القياس في العقليات والنفي الأصلي وقد تقدم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 225
قول الشارح:
(ويفيد القياس عنده معرفة العلة)
(4/82)
---(3/160)
لا يظهر فيما لو كانت العلة منصوصة، وهلا علل بإفادته قول اليقين بالحكم فانظر ما سبب ذلك؟ قوله: (وفي جواب سم نظر) حاصل الجواب أنه ذكره توطئة للاستثناء بعد قول المصنف مقدماً على حكم الأصل في الظهور بأن يخاطب به المكلف قبل ظهور حكم الأصل ومعنى هذا الكلام أنه يمتنع أن يستدل الآن بعد ظهور حكم الأصل على حكم الفرع المتقدم عليه في الظهور لأنه يلزم أن يكون ثبوته السابق بلا دليل، فيكون خطاب المكلف تكليفاً بما لا يعلم، ووجه اللزوم أن ثبوت حكم الأصل مقارن لعلته التي هي كونه شرطاً للصلاة، فلو تقدم حكم الفرع كوجوب النية في الوضوء على حكم الأصل لزم تقدمه على علته المقارنة لحكم الأصل، فلا يصح أن يكون معرفة ثبوت حكم الفرع مأخوذة من حكم الأصل فلزم أن يكون ثبوته السابق بلا دليل، وبهذا التقرير استقام قوله: نعم الخ لأن الإلزام واقع الآن كالقياس لو صح وبه يستغنى عما قاله سم فانظره. قوله: (فإن قيل ما المانع الخ) كيف يورد هذا السؤال والموضوع أن حكم الفرع وقع الخطاب به بعد قول الشارح وهو ممتنع لأنه تكليف بما لا يعلم لأن فرض المسألة أنه تقدم ثبوت حكم الفرع على ثبوت حكم الأصل ولا معنى لثبوته إلا تعلقه بالمكلفين بأن يخاطبوا به، وهذا تكليف لهم لكن ثبوته إنما هو بالقياس وهو غير معلوم الآن لتأخر المقيس عليه فقوله: بما لا يعلم أي بخطاب لا يعلم وقت التكليف إذ علمه إنما يحصل بظهور المقيس عليه حتى يأتي القياس الدال على الخطاب فظهر أنه ممتنع لأنه من تكليف الغافل، والعلامة الناصر فهم أن قوله: بما لا يعلم باؤه للتعدية فيكون هو المكلف به أي المطلوب وليس كذلك تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 225
قول الشارح:
(نعم إن ذكر الخ)
يعني أنه يصح إلزاماً بأن يقول بحكم الأصلي لهذه العلة، فيجب أن يقول بحكم الفرع لوجود العلة وإن لم يكن قياساً تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 226
(4/83)
---
قوله:
(وليس الكلام في شيء من ذلك)(3/161)
بل الكلام في أن حكم الفرع تقدم للقياس على المتأخر. قوله: (كان الحكم حاصلاً بغير دليل) بل نقول: إن نظر إلى الفرع من حيث إنه فرع كان الحكم حاصلاً بدليل لم يوجد. قوله: (وهو تكليف ما لا يطاق) قد تقدم الفرق بين تكليف ما لا يطاق وتكليف الغافل الذي هنا فليتأمل. قوله: (إذ لم يتقدم من حيث كونه فرعاً) لم يقيد أحد المسألة بهذا القيد بل المدار على تقدم حكم يستدل على ثبوته بالقياس ويكون فرعاً وقت الاستدلال بالقياس على الأصل المتأخر حكمه فهذا ممتنع عند المصنف مطلقاً، أما عند عدم الدليل فلما ذكره الشارح، وأما عند وجوده فلأنه يمنع دليلين وجوزه الإمام بناء على جواز الدليلين تدبر. قوله: (لا يخفى ضعفه) لأن الكلام في القياس الذي هو حجة لنا، وأيضاً الأحكام في علم الله ثابتة بلا تقدم وتأخر. قوله: (فهذا ليس محل النزاع) هو محله من حيث إنه يلزم اجتماع دليلين وحينئذٍ صحت المقابلة. فإن قلت: حينئذٍ يرجع النزاع إلى ما مر في قول المصنف وأن لا يكون منصوصاً خلافاً الخ. قلت: النزاع هنا من حيث إنه يجوز تقدم الفرع على الأصل أولاً تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 226
قوله:
(فالمحذور بحاله)
ليس كذلك بل يثبت به بمعنى أنه دليل عليه وإن دل عليه غيره والمحذور مندفع بتقدم الدليل الآخر. قوله: (كمذهب الإمام مالك ) وهو مذهب سيدنا علي والمراد عندهما بالطلاق الثلاث. قوله: (كالمرجح عند الشافعي) أي عند الإطلاق فإن نوى ظهاراً أو طلاقاً وقع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 227
قوله:
(وقوله بعد)
(4/84)
---(3/162)
أي الآن تفسير باللازم لأن المراد بعد ما مضى من الزمان. قوله: (فلا بد من تقدير مضاف) الظاهر أن في كلام الشارح مع المتن استخداماً، فإن ضمير معناها عائد إلى العلة بمعنى اللفظ كما يفيده قوله: حيثما أطلقت أي ذكر لفظها مراداً به شيء. قوله: (مطلقة) ليس المعنى عليه في كلام الشارح وإن كان لا بد منه تدبر. قوله: (حيث يطلقونه على المؤثر) هذا خارج بقوله مطلقة. قوله: (عن الحكماء) أي والمعتزلة كما هو القول الثاني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 227
قوله:
(وقوله بعد)
أي الآن تفسير باللازم لأن المراد بعد ما مضى من الزمان. قوله: (فلا بد من تقدير مضاف) الظاهر أن في كلام الشارح مع المتن استخداماً، فإن ضمير معناها عائد إلى العلة بمعنى اللفظ كما يفيده قوله: حيثما أطلقت أي ذكر لفظها مراداً به شيء. قوله: (مطلقة) ليس المعنى عليه في كلام الشارح وإن كان لا بد منه تدبر. قوله: (حيث يطلقونه على المؤثر) هذا خارج بقوله مطلقة. قوله: (عن الحكماء) أي والمعتزلة كما هو القول الثاني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 227
قول الشارح:
(هي المعرف للحكم)
(4/85)
---(3/163)
قال السعد : ليس معنى كونه معرفاً أن لا يثبت إلا به كيف وهو حكم شرعي لا بد له من دليل شرعي نص أو إجماع بل معناه أن الحكم يثبت بدليله اهـ. ويكون الوصف أمارة بها يعرف أن الحكم الثابت حاصل في هذه المادة مثلاً إذا ثبت بالنص حرمة الخمر، وعلل مانعاً آخر يقذف بالزبد كان ذلك أمارة على ثبوت الحرمة في كل ما يوجد فيه ذلك الوصف من أفراد الخمر، وبهذا يندفع ما يقال: إن كانت العلة منصوصاً عليها كأن يقال: الحرمة في الخمر معللة بالإسكار فالمعرف للحكم هو النص لا العلة، وإن كانت مستنبطة من حكم الأصل لزم الدور لأنها لا تعرف إلا بثبوت الحكم، فلو عرف ثبوت الحكم بها لزم الدور اهـ. وأما ما قيل من أن العلة إنما تتفرع على حكم الأصل والمتفرع عليها إنما هو حكم الفرع ففساده واضح لأن الوصف إذا كان أمارة لحكم الأصل معرفاً له كان المتفرع عليه هو حكم الأصل. وأيضاً لو كان معرفاً لحكم الفرع دون الأصل والتقدير أنه ليس بباعث لم يكن للأصل مدخل في الفرع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 228
قول الشارح:
(إنه معرف)
أي علامة على حرمة المسكر كالخمر والنبيذ. حاصل ما أشار إليه أنه إذا قال الشارع الخمر لإسكارها فالمفاد بالنص بقطع النظر عن العلة ثبوت الحرمة في الخمر في ذاته، والمفاد بالتعليل بالإسكار أن علامة ثبوت الحكم الإسكار إذ لا فائدة له سوى ذلك، فيستفاد أن خصوصية الخمر ملغاة، وحينئذٍ فهو والنبيذ سواء لوجود العلامة فيهما جميعاً، فللّه در الشارح حيث جعل المعلم المسكر والخمر والنبيذ أمثلة له، إشارة إلى أن المعرف حكم الخمر من جهة أنه يلحق به غيره فتأمل. قول الشارح أيضاً: (أي علامة) هي ما يعرف به وجود الحكم من غير أن يتعلق به وجوده ولا وجوبه كالأذان للصلاة والمراد هي التعلق على وجه العلية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 228
قول المصنف:
(وحكم الأصل ثابت بها)
(4/86)
---(3/164)
أي من حيث إنه أصل، أما من حيث ذاته فثابت بالنص أو الإجماع كما عرفت.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 229
قول الشارح:
(على هذا)
بخلافه على غيره إذ لا تعريف فيه حتى يقال إنه ثبت بها أولاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 229
قول الشارح:
(لأن المفيد للحكم)
أي لثبوته. وقوله: لم يفده بقيد كونه محلاً أصلاً أي بل أفاد أصل ثبوته والمدعى أن حكم الأصل من حيث إنه أصل أي يلحق به غيره ثابت.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 229
قول الشارح:
(قلنا لم يعده بقيد كون محله أصلاً يقاس عليه)
أي بل أفاد الحكم وحده، والكلام في ذلك أي في إفادة أن محله أصل يقاس عليه والمفيد له العلة، وبهذا التقرير اندفع إشكال العلامة الناصر ولا حاجة لما أطال به سم. قوله: (فقوله وليست التعدية منها ممنوع) الصواب حذفه فإنه لم يترتب على ما أجاب به، واقتصر سم في الجواب على ما قبل هذه الزيادة فهي من المحشي .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 229
قول المصنف:
(وقيل العلة المؤثر بذاته في الحكم)
أي بلا خلق الله تعالى، فكما أنهم جعلوا العلل العقلية مؤثرة بذواتها بلا خلق الله تعالى كالنار للإحراق فكذلك جعلوا العلل الشرعية، فالقتل العمد بغير حق علة لوجوب القصاص عقلاً. فإن قلت: كون الوقت موجداً لوجوب الصلاة والقتل لوجوب القصاص ونحو ذلك مما لا يذهب إليه عاقل لأن هذه أعراض وأفعال لا يتصور منها إيجاد وتأثير. قلت: معنى تأثيرها بذواتها أن العقل يحكم بوجوب القصاص بمجرد القتل العمد العدوان من غير توقف على إيجاد من موجب، وكذا في كل ما تحقق عندهم أنه علة قاله السعد في التلويح. قوله: (حاصل مذهبهم الخ) غير عبارة سم فلزمه استدراك قوله: والحكم تابع لذلك فانظرها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 230
قول المصنف:
(وقال الغزالي هي المؤثر فيه بإذن الله)
(4/87)
---(3/165)
قال في التوضيح: كل من جعل العلل العقلية مؤثرة بمعنى أنه جرت العادة الإلهية بخلق الأثر عقيب ذلك الشيء فيخلق الاحتراق عقيب مماسة النار لا أنها مؤثرة بذاتها بجعل العلل الشرعية كذلك بأن حكم أنه كلما وجد ذلك الشيء يوجد عقيبه الوجوب حسب وجود الاحتراق عقيب مماسة النار، فإن المتولدات بخلق الله تعالى عند أهل السنة والجماعة. فإن قلت: الوجوب أثر الخطاب القديم وثابت به فكيف يكون أثراً لشيء آخر وهو فعل حادث؟ قلت: قال السعد نقلاً عن صاحب التوضيح معنى تأثير الخطاب القديم فيه أنه حكم بترتبه على العلة ثبوته عقيبها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 230
قول المصنف:
(وقال الآمدي الباعث)
أي على سبيل الإيجاب فإنه مذهب الاعتزال فإن العلة توجب على الله تعالى شرع الحكم عندهم، ثم إن أراد حقيقة الباعث فهو ممنوع لما سيأتي عن السيد، وإن أريد به الحكمة والمصلحة المترتبة فلا يجوز إطلاقه في جانب الله لإيهامه النقص ولم يرد فيه إذن. قوله: (وإلا فالحكم قديم) هذا إن أريد به الإيجاب، أما إن أريد به الوجوب فهو حادث كما في التوضيح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 231
قوله:
(أولى بالقياس إليه)
أي حصوله أولى من عدمه، وإذا كان أولى اكتسب به فاعله صفة مدح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 231
قوله:
(فالفاعل مستفيد لتلك الأولوية)
أي بفعله ما يترتب عليه حصول الغرض ومستكمل بالغير وهو تلك الأولوية، وأيضاً يكون حصول تلك الأولوية متوقفاً على الغير وهو فعل ما يترتب عليه حصول الغرض الذي هو أولى وهو فعل ممكن، فتكون الأولوية ممكنة غير واجبة، فيكون كماله تعالى ممكناً وهو محال. ثم إن هذا الوجه الأول راجع إلى النقص في صفة ذاته غير الفاعلية بخلاف الثاني فإنه راجع إلى النقص في فاعليته.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 231
قوله:
(وكمالية أفعاله تقتضي الخ)
(4/88)
---
فالمصالح الراجعة إلى العبادة من كمال أفعاله لا واجبة عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 231
قوله:(3/166)
(وإذا كان المراد بالباعث ما ذكر الخ)
فيه أن إطلاق الباعث على ذلك مجاز مع أنه لا يجوز إطلاقه لعدم الإذن فيه، وأيضاً هو بعيد من قوله الباعث عليه. وعبارة التنقيح ما يكون باعثاً للشارع على شرع لا على سبيل الإيجاب، ثم شنع على من أنكر التعليل بقوله: من أنكر التعليل فقد أنكر النبوات فإن بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لاهتداء الخلق وإظهار المعجزات لتصديقهم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 231
قول الشارح:
(وأن مراد الحنفية أن النص معرف له)
فيه أن النص ليس علامة على أنه ليس معرفاً للأصل من حيث إنه أصل الذي هو مراد الشافعية بل هو مثبت لحكم الأصل في ذاته.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 232
قول المصنف:
(وقد تكون دافعة الخ)
قال الصفوي بعد قول المنهاج: مثل ما هنا هذه المسألة لبيان قوة العلة على دفع الحكم ورفعه وأقسام ما تقوى عليه، ثم إن المعلل هنا هو الحكم العدمي كعدم حل النكاح وعدم حل الاستمتاع. قال ابن الحاجب : قد يعلل الحكم العدمي بوجود المانع. قال السعد : يعني أن وجود المانع علة انتفاء الحكم، وبه يندفع ما قاله العلامة الناصر ولا حاجة لتطويل سم. والسر في ذكر هذه المسألة هنا دفع ما يتوهم من قوله: أن العلة هي معرف الحكم، ومن كون المعلل هنا الانتفاء كما في عبارة السعد من أن المراد الحكم الوجودي، فنبه على أن المراد ما يشمل الحكم العدمي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 232
قول الشارح:
(العدة)
أي من حيث هي سواء كانت من الزوج أو غيره إذا علل بها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 232
قول الشارح:
(كتعليل حرمة النبيذ بأنه يسمى خمراً كالمشتد من ماء العنب بناء على ثبوت اللغة بالقياس)
(4/89)
---(3/167)
وحاصل ذلك أن تقول: النبيذ حرام كالمشتد من ماء العنب بجامع أن كلاً يخامر العقل فمخامرة العقل هو الجامع في القياس الثاني، والوصف اللغوي الذي الكلام فيه هو أنه يسمى خمراً. وقوله: بناء الخ راجع لقوله: كالمشتد فإنه قياس المراد به إثبات أنه يسمى خمراً، والأولى أن يرجع لأصل المسألة لأنا لو لم نبن على ثبوت اللغة بالقياس لكان الوصف إما ثابتاً بالنقل عن أهل اللغة فيكون النبيذ متناولاً للنص على الخمر لأنه يسمى خمراً لغة أو غير ثابت بذلك فلا يصح القياس في الحكم، ولا يقال يمكن أن يكون الوصف مستنبطاً لأنه لا دخل للاستنباط في اللغة تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 232
قول الشارح:
(ورد بأن العلة بمعنى المعرف)
يقتضي أنه إذا كانت بمعنى الباعث أو المؤثر يمتنع لأن شأن الحكم أن لا يكون باعثاً أو مؤثراً بل مبعوثاً عليه أو مؤثراً فيه. قوله: (لو قدر أمراً بدل وصفاً الخ) قال سم: أما أولاً فالحامل على تقدير الوصف كونه مقتضى سياق المصنف. وأما ثانياً فالحكم الشرعي من أفراد الوصف لأنه لا معنى له هنا إلا المعنى القائم بالغير والحكم الشرعي كذلك لأنه الخطاب أي الكلام النفسي المخصوص، فإن أريد به أثره فهو وصف قائم بالفعل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 233
قول الشارح:
(يلزم تحصيل الحاصل)
أي إن حصل الانتفاء للانتفاء فإن لم يحصل لزم تخلف الوصف عن العلة وكلاهما باطل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 233
قول الشارح:
(لا نسلم أنه علة)
(4/90)
---(3/168)
يعني أن انتفاء الجزء ليس من قبيل علة عدم العلية حتى يلزم بتكرر الانتفاء تحصيل الحاصل الذي هو عدم العلية وهو محال بل من قبيل عدم الشرط فعدم العلية لانتفاء شرط وجودها لا وجود علته أعني علة عدمها، فلا يلزم تحصيل الحاصل لأنه إذا كان عدم الشيء لأنه لم يوجد شرط وجوده لا يلزم من عدمه ذلك، بخلاف ما إذا كان لوجود علته فإنه يلزم ذلك إذا تكررت علته سم وهو ظاهر. وما في الحاشية تبعاً لشيخ الإسلام غير ظاهر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 233
قول الشارح:
(وإنما هو عدم شرط)
أي والشيء كما يعدم لعلة العدم كذلك يعدم لعدم شرط الوجود.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 234
قول الشارح:
(شرط للعلية)
أي ولا تنافي بين كونه شرطاً للعلية وجزء العلة فلا يرد أن الكلام في تركب العلة من الأوصاف. قوله: (وكل من الانتفاءات هنا معرف لعدم العلية) فمعرف العلية هو تحقق جميع الأوصاف. قوله: (قلت ما قاله الخ) ما قاله سم هو معنى قول العضد في الجواب أنه لا يلزم من انتفائها لعدم الوصف أن يكون عدم الوصف علة للانتفاء مقتضية له بالاستقلال، بل يجوز أن يكون وجوده شرطاً للوجود فإن الشيء كما يعدم لعلة العدم فقد يعدم لعدم شرط الوجود اهـ. فكيف ينفى مع هذا تحصيل الحاصل المبني على أن انتفاء كل وصف علة؟ تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 234
قول الشارح:
(غير ولد)
لا حاجة إليه فإن الولد غير مكافىء لأبيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 234
قول الشارح:
(ويجعل الباقي شروطاً فيه)
(4/91)
---(3/169)
أي في عليته لكن لا يجعل جزءاً للعلة كالأول، ثم إن الواحد الذي جعله علة هل هو معين أو لا بعينه والكل مخلص له من الإشكال المتقدم لكن على الثاني تحتاج للترجيح. قوله: (لك أن تشكك الخ) حاصله أنه على كون الكل علة، فعلى اشتراط المناسبة في العلة لا بد من كون كل جزء مناسباً، وعلى عدم اشتراطها لا تشترط في شيء من تلك الأجزاء، بخلاف ما إذا كان العلة بعض الأجزاء فإن الخلاف في ذلك البعض، وقد يقال: إن ذلك لا يضر في كون الخلاف لفظياً إذ لا يترتب على ذلك فائدة لأن الغرض أن البعض مما نحن فيه قال: بأن المجموع علة فلا بد أن يكون مناسباً على القول باشتراط المناسبة، والقائل بأن العلة هو البعض لا يعتبر مناسبته، وفرق بين اعتبار العدم وعدم الاعتبار، ولك أن تقول: المراد بكونه لفظياً أنه لا يترتب عليه شيء بالنسبة لوجود باقي الأجزاء فإنها لا بد منها سواء كانت أجزاء أو شروطاً، أما المناسبة وعدمها فمعلوم أن محلهما هو العلية سواء كان مفرداً أو متعدداً. قول المصنف: (لكن لا يزيد على خمس) فيه أن ما يثبت به علية الخمس من المناسبة يثبت به علية الأكثر من غير فرق والاستقراء لا ينهض دليلاً في مثل ذلك وهذا وجه الضعف تركه الشارح لظهوره، وبه تعلم أن معنى قول الشارح وقد يقال الخ أن له حجة هي الاستقراء وإن كانت ضعيفة تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 234
قوله:
(وفيه نظر)
حاصله ما قلنا في الجواب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 235
قوله:
(قلت لعل وجه النظر الخ)
أنه لا يلزم من كون المجموع علة أن يكون كل جزء من أجزائه مناسباً بل قد يكون المناسب المجموع وإن لم يكن كل جزء على انفراده مناسباً، لكن هذا لا يخلص من التشكيك لأنه لم يزل محل خلاف المناسبة المجموع دون الجزئية فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 235
قوله:
(لا على امتناعه)
(4/92)
---(3/170)
أي المأخوذ من التعبير بصيغة المضارع مع لا إذ لو أراد عدم الوجدان لقال لكن لم يرد أي لم يوجد زائداً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 235
قول المصنف:
(اشتمالها على حكمة)
معنى اشتمالها عليها أن الحكمة تترتب على كونها علة للحكم فإنه يترتب على كونها علة له ترتبه عليها، ويترتب على ترتبه عليها تلك الحكمة، فهي مترتبة عليها بواسطة ترتب الحكم، فقول المحشي اشتمالها من حيث ترتب الحكم أي من جهة ترتبه يعني أن الاشتمال واسطته تلك الجهة، وفي السعد معنى اشتمالها على الحكمة أن في ترتب الحكم عليها مصلحة كالإسكار، فإن في تحريم الخمر مع الإسكار مصلحة وليس المقصود أن في الإسكار مصلحة. هذا واعلم أن الحكمة بهذا المعنى غير الحكمة الآتية في قوله: وقيل يجوز كونها نفس الحكمة، فإن الحكمة هناك معناها الأمر المناسب لشرع الحكم كما يؤخذ من كلام العضد و السعد ، وقد اشتبه أحد الموضعين بالآخر على الحواشي هنا فكتبوا على قول الشارح الآتي كالمشقة أي كدفعها ظناً أن المراد بالحكمة المصلحة المترتبة وليس كذلك بل المراد بها الأمر المناسب لشرع الحكم. في العضد ما نصه: إن كان الوصف الذي يحصل من ترتيب الحكم عليه المصلحة أو دفع المفسدة خفياً أو غير منضبط لا يعتبر لأنه لا يعلم فكيف يعلم به الحكم؟ فالطريق أن يعتبر وصف ظاهر منضبط يلازم ذلك الوصف ولو عادة فيجعل معرفاً للحكم، مثاله المشقة فإنها مناسبة لترتيب الترخيص عليها تحصيلاً لقصد التخفيف، ولا يمكن اعتبارها بنفسها لأنها غير منضبطة لكونها ذات مراتب مختلفة ولا يناط الترخيص بالكل، ولا يمتاز البعض بنفسه فنيط الترخيص بما يلازمه وهو السفر مثال آخر القتل العمد العدوان مناسب لشرع القصاص لكن وصف العمدية خفي لأن القصد وعدمه أمر نفسي لا يدرك منه شيء، فنيط القصاص بما يلازم العمدية من أفعال مخصوصة يقتضي في العرف عليها لكونها عمداً اهـ. كاستعمال الجارح في المقتل فعلى
(4/93)
---(3/171)
كل علمنا أن المصلحة أو دفع المفسدة غير الحكمة المناسبة للحكم وهو الوصف الذي إذا نظر لذاته يخال أنه علة، وبهذا ظهر أنه لا تكرار في كلام المصنف بين ما هنا وما سيأتي في قوله: وأن تكون وصفاً ضابطاً لحكمة لأن المراد بها فيما يأتي الوصف المناسب لشرع الحكم وهنا المصلحة المترتبة. وأن قوله: فيما يأتي كالمشقة ليس على معنى كدفعها فإنه مبني على أن المراد بالحكمة المصلحة المترتبة. والحاصل أن العلة في الأول الأفعال المخصوصة والمناسب العمدية والمصلحة المترتبة الحفظ والعلة والثاني السفر والوصف المناسب المشقة وهو المراد بالحكمة في الكلام الآتي والمصلحة التخفيف فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 235
قول الشارح:
(فإنه حكمة ترتب وجوب القصاص على علته)
(4/94)
---(3/172)
معنى ترتبه عليها أنه حكم الشارع بثبوته عندها فله تعلق ما بها كذا في موضع من العضد والتلويح، فلا حاجة إلى جعل الترتب في العلم وبناء الإشكال عليه، على أن الترتيب في العلم مشتمل على الحكمة فإن من علم وجوب القصاص لوجود أمارته انكف عن القتل. قوله: (خلاف ما مشى عليه المصنف) هذا من التخليط الفاحش فإن كلام المصنف أولاً وآخراً مبني على أن العلة هي المعرف غايته أنه شرط أن تكون مشتملة على حكمة تبعث المكلف على الامتثال كما تقدم نقله عن والده والمنفي فيما تقدم هو الباعث لله على الحكم كما مر. قوله: (لا يشتمل على الحكمة التي هي التخفيف) لك منعه بأنه مشتمل على التخفيف وهو دفع التكليف بالإتمام فإن به يندفع المشقة عنده بالإتمام فإن سببها تكليف به. قوله: (ولو) بمعنى غاية في الاشتمال أي المراد ما يشمل الاشتمال الذي معناه أنه قد يجر إليها. قوله: (المشتمل) على صيغة اسم المفعول أي المشتمل عليه الترتيب. قوله: (والحق أنه لا فرق) هو كذلك على ما حاوله فالفرق ظاهر فإنه بمجرد ترتب القتل على القتل ينكف القاتل فيحصل الحكمة، بخلاف دفع المشقة بترك الإتمام الذي أراده سم فإنه يحصل بالترك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 237
قول الشارح:
(وقد يقدم الخ)
يعني أن تلك الحكمة تترتب إن لم يخالف المكلف مقتضى العقل، والعلة إنما اشتملت على ما هو مقتضى العقل فوقوع القتل لا ينافي الاشتمال على الحكمة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 238
قول الشارح:
(وتصلح شاهداً لإناطة وجوب القصاص)
أي لتعليق الشارع الوجوب بعلته بأن جعلها علامة عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 238
قوله:
(مع ملاحظة ما تقدم)
لا حاجة إليه فإن محل الكلام قوله يخل الخ. قوله: (بما قبله) هو قوله العلة. قوله: (ولو قال بدله وهي ملك النصاب) فيه ضعف التأليف مع قوله وهي الاستغناء.
(4/95)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 238
قول الشارح:
(كالمشقة في السفر)(3/173)
قد عرفت فيما مر أن المراد بالحكمة هنا الأمر المناسب لشرع الحكم لا المصلحة المترتبة فلا وجه لقولهم أي كدفها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 238
قول الشارح:
(لعدم انضباطها)
يعني أنه لا يمكن ضبطها وإن كانت هي المقصود لاختلاف مراتبها بحسب الأشخاص والأحوال، وليس كل قدر منها يوجب الترخص وإلا سقطت العبادات وتعين القدر منها الذي يوجبه التعذر فنيطت بوصف ظاهر منضبط هو السفر فجعل أمارة لها ولا معنى للعلة إلا ذلك، ومثل المشقة في ذلك الزجر عن القتل الذي هو حكمة وجوب القصاص أي الأمر المناسب له كما تقدم فإنه مختلف المراتب لأنه قد يكون بقطع يد أو رجل أو هما، والحكمة التي هي الأمر المناسب متقدمة على الحكم أي حكم الأصل من حيث إنه أصل يقاس عليه غيره لأنها إما منصوص عليها أو مستنبطة من النص، وعلى كل معرفة أنه أصل يقاس عليه متأخرة عن معرفتها لأن تلك المعرفة إنما تنشأ عنها، وبه تعلم ما في كلام المحشي بعد فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 238
قوله:
(كما يكون بالقتل)
فنيط بوصف منضبط وهو القتل.
قول الشارح أيضاً: (لعدم انضباطها) أي لعدم إمكانه فهو متعذر كما تقدم وبه يرد القول الثالث.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 239
قول الشارح:
(لأنها المشروع لها الحكم)
(4/96)
---(3/174)
والوصف كالسفر إنما اعتبر تبعاً لها، ويرد بأنها لما لم تنط، أناط الشارع الحكم بالوصف المنضبط وحينئذٍ فالمعتبر المظنة وإن تخلفت الحكمة كما في سفر الملك المترفة، ولو كانت هي المعتبرة لم يعتبر الشارع المظان عند خلوها عن الحكمة إذ لا عبرة بالمظنة في معارضة المئنة واللازم منتف لأنه قد اعتبره حيث أناط الترخص بالسفر وإن خلا عن المشقة كسفر الملك ولم ينطها بالحضر وإن اشتمل على المشقة كما في الحمالين وغيرهم من أهل الصنائع الشاقة. واعلم أن قوله: لأنها المشروع لها الحكم يقتضي أن الكلام في الحكمة بمعنى الباعث وهو كذلك في العضد وغيره وإن كان ظاهر المصنف أنه في الحكمة بمعنى المصلحة، وعبارة العضد من شروط العلة أن تكون وصفاً ضابطاً لحكمة لا نفس الحكمة لخفائها كالرضا في التجارة فنيط بصيغ العقود لكونها ظاهرة منضبطة أو لعدم انضباطها كالمشقة فإن لها مراتب مختلفة فنيط الحكم بالسفر وإن كانت المشقة هي المقتضية للترخيص. وأما قوله الآتي ويجوز التعليل بما لا يطلع على حكمته فالمراد بالحكمة فيه المصلحة وإنما اعتبر الشارح في المثال الآتي هناك عدم المشقة. فإن قلت: المصنف لا يعتبر الحكمة بمعنى الباعث فكيف نصب الخلاف فيها؟ قلت: لا يعتبرها من حيث إنها باعث وإن كانت لا بد منها لترتب المصلحة إذ التخفيف إنما يكون إن وجدت مشقة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 239
قوله:
(من أنها متأخرة)
(4/97)
---(3/175)
أي مرتبة على الحكم إذ الحفظ إنما نشأ من وجوب القصاص بمعنى أن الشارع رتب الحفظ عليه، وفيه أن هذا اشتباه لأنه مبني على أن الحكمة هنا بمعنى المصلحة وليس كذلك، بل هي هنا بمعنى الأمر المناسب الذي إذا نظر العقل لذاته يخال أي يظن أن الحكم شرع له كما نص عليه العضد وغيره بخلافها فيما مر فإنها بمعنى المصلحة كما نصوا عليه أيضاً، والحكمة التي هي الأمر المناسب متقدمة على الحكم أي حكم الأصل من حيث إنه أصل يقاس عليه غيره لأنها إما منصوص عليها أو مستنبطة من النص، وعلى كل معرفة أنه أصل يقاس عليه متأخرة عن معرفتها لأن تلك المعرفة إنما تنشأ عنها، وبه تعلم ما في كلام المحشي بعد فتأمل. قوله: (على أن العلة بمعنى المعرف) هذا هو المختار وكونها بمعنى الباعث للشارع على شرع الحكم تقدم رده، وبمعنى الباعث للمكلف على الامتثال لا ينافيه كون العلة بمعنى المعرف لأنه متى عرف الحكم عرف الحكمة، لكن هذه الحكمة بمعنى المصلحة، والكلام في الحكمة بمعنى الباعث كما عرفت هذا. واعلم أن من قال: إن العلة بمعنى الباعث هو المجوز للتعليل بالحكمة المجردة لأنها الباعث بل العلة عنده هي الحكمة وإن كان المعلل به في الظاهر الوصف كالسفر، ولذا اشترط بعض القائلين بهذا القول في الوصف أن تكون حكمته مطردة منعكسة أي كلما وجدت وجد الحكم وكلما انتفت انتفى، وبعضهم قال: إنه وإن كان المقصود هو الحكمة كالمشقة، لكن لما تعذر ضبطها أنيط الحكم بالوصف وإن تخلفت الحكمة، والمصنف لما نفى كونها باعثاً بالمعنى المتقدم استغنى عن هذا كله وقال: إن العلة بمعنى المعرف وهي الوصف كالسفر، وأما الحكمة التي اشتمل عليها فهي إنما تبعث المكلف على الامتثال وتصلح شاهداً أي دليلاً للمكلف، على أن الله علق وجوب القصاص مثلاً بعلة لعلمه أن الشارع أفعاله لا تخلو عن مصلحة مناسبة فيلحق القتل بمثقل بالقتل بمحدد فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 240
(4/98)
---
قول المصنف:(3/176)
(وأن لا تكون عدماً في الثبوتي)
اعلم أنه يجوز تعليل الثبوتي بالثبوتي كالتحريم بالإسكار والعدمي بالعدمي كعدم نفاذ التصرف بعدم العقل، والعدمي بالوجودي كعدم نفاذ التصرف بالإسراف، وأما عكسه وهو تعليل الوجودي بالوصف العدمي ففيه الخلاف والأكثر على جوازه، والمختار عند المصنف ومثله ابن الحاجب منعه وذلك لأنا إذا قلنا يجب قتل المرتد لعدم إسلامه اقتضى أن يكون نقيض العلة أعني الإسلام علة لنقيض الحكم أعني حرمة القتل، ويكون هكذا يحرم القتل للإسلام وذلك لاعتبار اشتمال العلة على الحكمة الباعثة على الامتثال وهي إنما تبعث عند مناسبتها للحكم، فيلزم أن توجد المناسبة في الطرفين بمعنى أنه إذا ناسب الشيء بعدمه أمراً لزم أن يناسب بوجوده نقيض ذلك الأمر، وإلا لزم أن يناسب الشيء الواحد النقيضين وهو ممنوع، أو يناسب أحد النقيضين بعدمه ولا يناسب الآخر بوجوده وهو ممتنع أيضاً، وإذا كان حرمة القتل للإسلام كان غايته ما يقتضيه عدم الإسلام عدم الحرمة إذ انتفاء العلة إنما يقتضي المعلول لا وجود مقصود آخر بل لا بد للآخر من علة، نعم لو كان الحكم الآخر الذي عبر عنه بوجوب القتل هو لا حرمة لاقتضاء انتفاء العلة لكن الأحكام كلها وجودية، ولذا قلنا فيما مر أن نقيض يجب قتل المرتد لعدم الإسلام يحرم القتل للإسلام وهذا لا يتأتى في تعليل العدمي بالعدمي لأن التعليل ليس حكماً وجودياً بل عدمي فغايته انتفاء الحكم لانتفاء العلة، هذا ما حضرني الآن في توجيه اختيار المصنف. وأما ما في العضد وحواشيه توجيهاً لكلام ابن الحاجب فغير ناهض كما نبه عليه العضد وحواشيه آخراً فليتأمل، وبه يندفع ما قاله سم ويعلم وجه منع صحة التعليل بذلك الذي ادعاه الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 241
قول الشارح:
(وأجيب بمنع صحة التعليل)
(4/99)
---(3/177)
لم يقل بمنع صحة هذا التعليل لأنه لا مانع من التعبير عن الملزوم بلازمه لكونه أظهر، وهذا هو الذي أوقع في أن التعليل بعدمي نبه عليه في شرح المواقف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 242
قول الشارح:
(لكن الآمدي إنما منع العدم المحض)
أي لعدم تخصيصه بمحل وحكم واستواء نسبته إلى الكل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 243
قول الشارح:
(الصادق بالوجودي)
أي الذي يصدق معه كما يصدق بدونه كعدم الامتثال فإنه يصدق مع تحقق الكف أي الانصراف عن الامتثال بعد التوجيه له كما يصدق بدونه كأن لم ينصرف عنه بعد توجه، ويحتمل أن المراد الصادق بالوصف الوجودي الذي هو علة في الواقع مع غيره كأن يقال: ضربت العبد لعدم قيامه والمقصود بالتعليل هو القعود مع صدق عدم القيام به مع الاضطجاع، وهذا مخالف لعدم العقل وعدم الإسلام حيث لم يصدقا على غير الجنون والكفر. والحاصل أن العدم المضاف قسمان: ما لا يصدق إلا على الوصف الذي هو علة لعدم الإسلام، وما يصدق عليه مع غيره كعدم القيام، وإنما نص على الصادق بالوجودي لأنه يتوهم المنع فيه لتحققه مع غير ما هو العلة، ولم يقل الصادق على غير الوجودي لأنه إنما أقيم مقام الوجودي، لكن ربما يشم من هذا أنه إنما علل بالعدمي لصدقه على الوجودي وحينئذٍ فالتعليل بالوجودي وعلى هذا الخلاف فليتأمل، ثم رأيت في ما علقته أولاً ما نصه المراد من صدقه بالوجودي أنه يصدق أي يتحقق التعليل به مع تحقق أمر وجودي يمكن التعليل به أيضاً فيكون إشارة إلى أنه يصح التعليل بالعدمي المستلزم للمصلحة وإن كان معه أمر آخر وجودي مناسب لترتب المصلحة على كل، لكن هذا يشبه التكرار مع قوله: ومن أمثلة الخ كما يعرفه المتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 243
قول الشارح:
(ومن أمثلة تعليل الثبوتي بالعدمي الخ)
(4/100)
---(3/178)
إشارة إلى رد ما قيل في تعليل عدم صحة التعليل بالعدمي أنه لم يسمع أحد يقول العلة كذا أو عدم كذا مع كثرة السبر والتقسيم. وحاصل الرد أنه لا فرق بين أن يقال علة الإجبار عدم الإصابة أو البكارة، وعلة القتل الكفر أو عدم الإسلام ولا مشاحة في التعبير، وهذا بناء على أن المراد بالعبارتين واحد وإن كان عدم أحد النقيضين ليس عدم النقيض الآخر بل يستلزمه. قوله: (ممن لا يتأتى منه الفعل) فيه أن صحة النفي فرع صحة الوجود. قوله: (وأشار بذلك) قد تقدم ما فيه كفاية. قوله: (إن أريد بعدم الإسلام كفره) قال السعد : إن المراد به ذلك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 244
قول المصنف:
(فإن قطع بانتفائها في صورة)
(4/101)
---(3/179)
أي قطع بانتفاء الحكمة أي المصلحة التي ظن بها المترتبة على الحكم في صورة فقال الغزالي و محمد بن يحيى : يثبت الحكم فيها للمظنة لأن الشارع جعلها العلامة دون الحكمة، ولا يلزم من خلو تلك الصورة عن تلك الحكمة الخلو عن كل حكمة لأن أفعال الله لا تخلو عن حكمة، وهذا مبني على أن المظنة لا يعتبر اطرادها بمعنى إذا وجدت وجدت حكمتها ولا انعكاسها بمعنى إذا انتفت انتفت. وقال الجدليون: لا بناء على وجوب الاطراد والانعكاس. واعلم أن الذي في كلام ابن الحاجب أن الحكمة التي هي محل الخلاف إن قطع بانتفائها هي المشقة، لكن تقدم في كلام الشارح ما يفيد أنها هنا بمعنى المصلحة المترتبة، وقد يحمل كلامه المتقدم على أنها هنا بمعنى المشقة، ومتى لم توجد المشقة لم يطلع على الحكمة التي هي المصلحة أعني التخفيف لأنها نقيض المشقة المفقودة فتأمل هذا. واعلم أن شيخ الإسلام قال في لب الأصول بعد هذا فما مر من أنه يشترط في الإلحاق بالعلة اشتمالها على حكمة شرط في الجملة، وإذا قال أو للقطع بجواز الإلحاق ثم ثبوت الحكم فيما ذكر غير مطرد بل قد تنتفي كمن قام من النوم متيقناً طهارة بدنه فلا تثبت كراهة عينها في ماء قليل قبل غسلها ثلاثاً بل تنتفي خلافاً لإمام الحرمين والترجيح من زيادتي اهـ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 244
قوله:
(قلت المتحقق هنا الخ)
فيه أن الغرض انتفاء علامة وجوده وهو الوصف المناسب لشرع الحكم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 245
قول الشارح:
(لمعارضتها له)
فإن قلت: المتعدي يترجح بالتعدية. قلت: الأصل عدم علتين وأن المجموع علة وهو يقتضي عدم التعدية فوجب التوقف والنص على القاصرة لا يقتضي إنهاء العلة بتمامها، وبه تعلم أنه لا دخل لاختيار المعلل كما قاله المحشي بل المدار على الاشتمال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 245
قول الشارح:
(ما لم يثبت استقلاله)
(4/102)
---(3/180)
بخلاف ما إذا ثبت استقلال القاصرة أو كونها علة واحدة أو لم يثبت شيء. قوله: (فإن مفهومه الخ) أي وعدم الانفكاك لا يكفي في منع التعدية لإمكان كونه من ذلك أعم. قوله: (فيه أن الكون ذهباً وصف) هذا مبني على أن العلة عين الذهب من حيث هو عين مطلقة وهو ممنوع، إذ لا يعقل أن عين الذهب من حيث هي عين مطلقة علة لحكم خاص بعين الذهب إنما المعقول أن تكون تلك العين من حيث إنها عين ذهب علة لذلك. وحاصله أن العلة هي مجموع الجنس والفصل المميز ومجموعهما وهو محل الحكم وهذا أوجه مما في الحاشية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 245
قول الشارح:
(بخروج النجس من البدن)
يفيد أن الخروج المأخوذ جزءاً في الخارج من السبيلين عام مع كونه جزءاً له لكن في السعد أن جزء الشيء حقيقة ما يترتب محل الحكم منه ومن غيره بحيث يكون كل منهما متقدماً عليه في الوجود ولا يحمل عليه أصلاً، فلا حاجة لتقييد الجزء بالمختص لأن ما يكون جزءاً للشيء حقيقة لا يكون إلا كذلك مثلاً السكنجبين الخل الذي يكون جزءاً منه حقيقة لا يكون في غيره، وأما مطلق الخل الذي يكون فيه وفي غيره فليس جزءاً منه حقيقة اهـ. وحينئذٍ فالمراد بالجزء في كلام المصنف جنسه تأمل. قوله: (كما يدل عليه قول الشارح النقض) أي قوله كتعليل الحنفية النقض فيما ذكر الخ فإنه إذا علل النقض بالخروج كان الناقض هو الخروج، وكما يدل عليه أيضاً فيما سبق بالخروج منهما تمثيلاً للجزء الخاص فإنه الخروج منهما هذا مراد سم، وبه يندفع ما ذكره المحشي بناء على ما فهمه من أن سم علق الخروج بالنقض دون التعليل، وغاية ما ادعاه سم أن ما ذكره العلامة غير ضروري إلا أنه غير أولي، وبالجملة جميع ما ذكره المحشي مبني على عدم التأمل. واعلم أن قول الشارح فيما ذكر معناه في الخارج من السبيلين فذكره ضروري لبيان الجزء المساوي أولاً والأعم ثانياً، خلافاً لما قاله المحشي سابقاً تأمل.
(4/103)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 246(3/181)
قول المصنف : (ويصح التعليل بمجرد الاسم اللقب) اعلم أن العلة عند المصنف ككثير من المحققين هي المعرف وهو العلامة أعني ما يعرف به وجود الحكم من غير أن يكون له مدخل في وجوده أو وجوبه وقد تقدم جميع ذلك، فالتعليل بالنسبة للشارح معناه جعل أمر علامة على حكم، وبالنسبة للمجتهد معناه ظنه أن هذا الأمر جعله الشارع علامة على شيء، وذلك الأمر لا مناسبة بينه وبين الحكم بذاته، وإن كان قد يتضمن أمراً مناسباً يخال العقل أن الحكم شرع له وهو الحكمة التي تقدم أن الأصح عدم صحة التعليل بها، وإنما لم يشترط التضمن لذلك لأن الشارع بين الحكم على المظنة، أما الحكمة بمعنى المصلحة المترتبة على ترتب الحكم على العلة فلا بد من اشتمال المعرف عليها بمعنى أنه لا بد أن يكون في ترتب الحكم تلك المصلحة، وهذه هي التي قال المصنف فيها: ومن شرط الإلحاق بها الخ. والأولى هي التي قال فيها وأن يكون وصفاً ضابطاً لحكمة إلا أن آل كلام المصنف فيه إلى أن معناه أن الشرط أن لا يكون حكمة بل وصف ضابط لها إن وجدت، إذا عرفت هذا فاعلم أن هنا مقامين المقام الأول أنه يجوز الإلحاق بالوصف اللغوي أي الوصف الذي مرجعه اللغة، وقد مثل له فيما مر بتعليل حرمة النبيذ بأنه يسمى خمراً، فكونه يسمى خمراً مرجعه اللغة لأنه أمر لفظي، واستفيد في اللغة بطريق القياس اللغوي إذ لو كان بأصل اللغة لتناول اسم الخمر النبيذ بلا قياس في الحكم، فكونه يسمى خمراً جعله الشارع علامة على التحريم، والمصلحة المترتبة على ترتب الحكم على تلك العلامة هي حفظ العقل، فاشتملت العلامة على الحكمة بمعنى المصلحة، وهذه العلامة وصف ضابط لحكمة أي أمر مناسب بخال العقل أن الحكم شرع له وهو الجناية على العقل ويتبعها الجناية على الدين وغيره، فكانت تلك العلامة وصفاً ضابطاً لحكمة أي أمر مناسب أيضاً. المقام الثاني: أنه يجوز الإلحاق بالاسم
(4/104)
---(3/182)
اللقب فإن الشارع جعل العلامة على الحكم الاسم اللقب أي الجامد بدون وصف يؤخذ منه كالبول، فليس العلة كونه يسمى به كما في الوصف اللغوي بل كونه فرداً من أفراد ما أطلق عليه لفظ البول فالعلة هي إطلاق اللفظ عليه لا أنه يجوز إطلاقه عليه قياساً على غيره كما تقدم في الوصف اللغوي، وإنما كان ما تقدم هو جواز الإطلاق لغة لأنه المكتسب بالقياس، فالعلة هي كونه من تلك الحقيقة لا كونه يسمى، وهذه العلة جعلها الشارع علامة على الحكم، وترتبه عليها مشتمل على مصلحة هي عدم مباشرة المستقذر، وهي أيضاً ضابطة لحكمة يخال العقل أن الحكم شرع لأجلها هي الاستقذار، وبه يعلم أن اعتراض الإمام هنا بقياس الخمر في غير محله لأنه مبني على أن العلة بمعنى الباعث.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 246
قوله:
(واعترض صحة التعليل)
ولا مانع من اشتمال وجود الحكم عند وجودها من غير أن يكون لها دخل في وجوده، لأن المقصود منها مجرد التعريف، ولا مانع من اشتمال وجود الحكم عند وجودها على مصلحة كما هنا، فإن وجود التنجيس عند تحقق معنى البول مشتمل على مصلحة هي عدم مباشرة المستقذر وهذه لا شك تبعث على الامتثال. فقوله: وظاهر أن ترتب الحكم على مجرد الاسم خلى الخ ممنوع. وما أسند إليه من قوله: إذ لفظ البول الخ باطل إذ المصنف لا يقول بأن العلة أو الترتب مؤثر بل العلة علامة فقط، على أن في عبارته خللاً وحقها إذ لا أثر للعلة في اشتمال ترتب الحكم عليها على الحكمة والعجب من قوله: وهذا على أن العلة بمعنى المعرف إذ المعرف لا أثر له كما سبق. وقوله: وأما إن بنينا على أنها بمعنى الباعث فلا أثر لترتب النجاسة الخ لا معنى له أيضاً إلا أن يراد به أنه لا أثر للعلة في الترتب، وقد عرفت أن العلة المعرف لا الباعث، وبالجملة هذا الكلام لـ لكوراني وهو مبني على أن العلة بمعنى الباعث كما هو صريح كلامه الذي نقله سم بطوله فانظره.
(4/105)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 248
قوله:(3/183)
(بكونه فرداً من أفراد ماهية البول)
أي الماهية المسماة بالبول لا التي يجوز تسميتها به كما تقدم في الوصف اللغوي، وهذا لا يخرجه عن كونه تعليلاً باللقب إذ لا بد من الارتباط بين العلة والمعلول وهي هنا كون هذا الاسم اسماً له. قوله: (الاستقذار المذكور) أي الكون مستقذراً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 249
قوله:
(بعد تسليم استلزامه النجاسة)
لم يدع الاستلزام هنا أحد إنما المدعى أن ترتب الحكم على التسمية اشتمل على حكمة هي عدم مماسة المستقذر، أما الحكم بالنجاسة فهو مبتدأ من الشارع جعل له علامة هي الاسم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 249
قوله:
(بترتب النجاسة المسمى)
لأن كونه مستقذراً سببه كونه بدلاً، وفيه أن معنى الترتب ليس كونه مسبباً بل كونه معلماً بعلامة هي الاسم. وبالجملة فكلام المحشي هنا منشؤه سوء الفهم وعدم التأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 250
قوله:
(مع دخوله فيما مر)
قد عرفت أن ما مر هو كونه يسمى أي يصح إطلاق الاسم عليه لغة لأن ذلك نتيجة القياس اللغوي بخلاف ما هنا فإن التعليل بأن اسمه كذا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 250
قوله:
(وأجاب عنه سم الخ)
أنت بعدما تقدم غني عن هذه الأجوبة كلها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 250
قوله:
(أن المراد باللقب اللغوي الاسم الجامد)
حاصل كلام سم أنه إن أريد باللقب ما هو الأعم من اللغوي فلا تكرار إذ لا تكرار في ذكره الأعم بعد الأخص، وإن أريد خصوص اللغوي دون الشرعي والعرفي قيد بما لا ينبني عن صفة بخلاف الوصف اللغوي فإنه خصوص ما يبني أو الأعم، وفيه أنه يلزم على الثاني ترك الاختصار إلا أن يقال نص عليه دفعاً لما يتوهم من قصر الأول على المبني فله فائدة.
(4/106)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 250
قول الشارح:
(المأخوذ من الفعل)
المراد بالفعل هنا الحدث الواقع بالاختيار بخلاف ما بعده نبه عليه الكمال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 250
قوله:
(أي من دال الصفة)(3/184)
فيه أنه لا يفيد في كون الاشتقاق ليس من المصدر. قول المصنف: (وجوز الجمهور التعليل الخ) اعلم أن محل النزاع هو تعليل الحكم الواحد بالشخص بعلتين فأكثر بناء على أن كلاً علة، وعلى أن العلة بمعنى الباعث أي المصنف بالبعث بالفعل لا أنه يكون باعثاً إذا انفرد، وحينئذٍ تصحيح القطع بامتناعه عقلاً مطلقاً، وأن من جوز فقد أخل بقيد من هذه القيود وحينئذٍ يكون نزاعه لفظياً فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 250
قول الشارح:
(لأن الأوصاف المستنبطة الخ)
أي وحينئذٍ فالحكم بالعلية دون الجزئية تحكم وحينئذٍ ينتج المنع لكنه يعارض بالمثل إلا أن يمنع بأن الأصل عدم تعدد العلل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 251
قول الشارح:
(وأجيب بأنه يتعين الاستقلال بالاستنباط)
وهو أن يكون كما اجتمعت في محل ينفرد كل في محل فثبت فيه الحكم فيستنبط العقل أن العلة كل واحد لا الكل كما وجدنا اللمس وحده والمس وحده في محلين وثبت الحدث معهما، فعلمنا أن كل واحد منهما علة مستقلة وإلا لما ثبت الحكم في انفرادها فيحكم بذلك عند الاجتماع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 251
قول الشارح:
(لأن المنصوصة قطعية)
(4/107)
---
فيه أن المنصوصية هنا في مقابلة الاستنباط لا الظهور فلا يلزم القطعية. قوله: (قد يسلك بأن هذا الجواز) مثله يأتي في قول الشارح السابق يجوز أن يكون مجموعها العلة ويدفع كله بما في حاشية العضد من أن معنى كون كل علة مستقلة أنها كذلك بحسب الظاهر، وبمعنى وجود أمور يصلح كل منها للعلية ولإثبات الحكم في الجملة، وحينئذٍ لا يلزم من تعددها محال المنصوصة لأن ذلك إنما لزم من استقلالها بالفعل لا بالصلاحية تأمل. قوله: (لا نسلم أولاً الخ) أي وما ادعاه الإمام من قضاء العادة بامتناع أن لا يقع على تقدير جوازه ممنوع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 251
قول الشارح:
(والإمام يجعل الحكم فيها متعددا)(3/185)
فيوجد عنده حدث اللمس بدون حدث المس، فإن ألزم بأنه لو جاز الانفكاك في الوجود لجاز في العدم، فيجب جواز أن يرتفع أحدهما ويبقى الآخر، فربما يلتزمه على ما هو رأي البعض القائل بذلك، على أنه لا يلزم من التعدد ذلك لجواز التلازم في الوجود، ثم يرد على الإمام أن إثبات التعدد لا يتيسر له، ومجرد التجويز لا يكفيه لأنه في مقام الاستدلال على امتناع التعدد وعلى أن الحكم في صورة تعدد العلل متعدد قاله السعد .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 251
قوله:
(بأن توجد أمثال دفعة)
فيه أنه يلزم احتمال الأمثال وهو محال لأنه يوجب اجتماع النقيضين لأن المحل مستغنى في ثبوت حكمها له عن كل واحد بالآخر فيكون مستغنياً عنهما غير مستغن عنهما.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 252
قول الشارح:
(لأن الذي يوجد فيه بالثانية مثل الأول)
أي وحينئذٍ خرج عن محل النزاع لأن محله الواحد بالشخص.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 252
قول المصنف:
(والصحيح القطع الخ)
لما عرفت أن العلة بمعنى الباعث المناط به دون غيره الحكم وأن محل النزاع هو الواحد الشخصي ومن جوز خرج عن أحد هذين.
(4/108)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 252
قوله:
(ويمكن أن يجاب بأن كون أحد الأمرين معرفاً الخ)
مثله يقال في العلة بمعنى الباعث بلا فرق. قوله: (وبالفرق) حاصله أن وجود المعلول لا يمكن فيه التعدد فلزم المحشي بخلاف العلم به فإن تعدده ممكن، وحينئذٍ لا يكون واحداً بالشخص الذي هو محل المنع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 252
قول المصنف:
(والمختار وقوع حكمين بعلة)
هذا المختار ومقابله مبني على أن العلة بمعنى الباعث، أما بمعنى المعرف فجائز قطعاً بلا نزاع كذا في العضد وغيره، وإن أوهم قول الشارح في المقابل بناء الخ أن ذلك خاص به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 252
قول الشارح:
(لأن الشيء الواحد لا يناسب المتضادين)
(4/109)
---(3/186)
هذا إن اتحد المحل، أما إن اختلف كالبيع والإجارة فلا لمناسبة التأبيد لملك العين دون ملك المنفعة. قول المصنف: (وأن لا يكون ثبوتها متأخراً عن ثبوت حكم الأصل) أي بأن يكون ثبوتها مبنياً على ثبوته لأنها حينئذٍ لا توجد في الفرع إلا بعد ثبوت حكم الأصل له أي حكم مماثل له تترتب عليه أيضاً، والغرض إلحاق الفرع بالأصل بواسطتها في الحكم وذلك قبل ثبوتها في الفرع لا يمكن، وبالجملة فالمراد بالمعرف ما يعرف حكم الأصل من حيث إنه أصل يلحق به غيره وهذا لا يوجد في العلة إذا ترتبت على الحكم، ومن جوز بناه على أن المراد بالمعرف ما يعرف في ذاته فليتأمل فإن به يندفع شبه عرضت للناظرين هنا. قوله: (أي ثبوت اعتبارها الخ) فيه أنها باعثة في ذاتها بدون اعتبار. قوله: (قلت قد ينظر في جوابه الخ) إن أراد أن الباعث معناه ما ترتب عليه مصلحة لا الحامل فهو بهذا المعنى المعرف وقد عرفت أنه لا يصح تأخره، وأيضاً ليس المراد بالباعث في كلامهم ذلك كما يدل عليه قول العضد: لو تأخرت العلة بمعنى الباعث عن الحكم لثبت الحكم بغير باعث وهو محال، وإن أراد شيئاً آخر فلم يتقدم على أن سم نفسه قال بعد ما تقدم: إن قلت: امتناع تأخر العلة بمعنى الباعث إنما يظهر في الباعث بمعنى الحامل لا في الباعث بمعنى المشتمل على حكمة مقصودة للشارع، قلت: هو ظاهر عليه أيضاً لأن المراد اشتمال ترتب الحكم عليه ولا بد من حصوله ليرتب الحكم عليه فتأخره مناف للترتب. قوله: (لأن الاستقذار لا يستلزم النجاسة) قد يقال: المراد الاستقذار الشرعي على أن المقصود التمثيل. وقوله: ولأن ثبوته الخ قد يقال: المراد الترتب العقلي وهو لا ينافي التقارن في الزمان.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 252
قول الشارح:
(فإبطالها له إبطال لها)
(4/110)
---(3/187)
فلو صححناها لزم اجتماع النقيضين. قوله: (بل إنما يكون عوداً به) فيه أن رفع وجوب عين الشاة إبطال له، وفي التلويح جواباً أن رفع وجوب عين الشاة ليس بالتعليل بل بدلالة النص لأنه لما كان المقصود بإعطائهم الزكاة دفع حوائجهم وحوائجهم لا تندفع بنفس الشاة وإنما تندفع بمطلق المالية دل ذلك على جواز الاستدلال، فإلغاء اسم الشاة بإذن الله لا بالتعليل وأطال في بيان ذلك فانظره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 254
قول الشارح:
(فإنه يخرج من النساء المحارم)
أي لعدم وجود العلة وهو تلك المظنة، فلا يرد ما تقدم من أنه إذا قطع بانتفاء الحكمة مع وجود المظنة يثبت الحكم نظراً لها إلا عند الجدليين لا هنا انتفى فيه نفس العلة وهو المظنة، بخلاف ما هناك فإن العلة باقية والمنتفى الحكمة تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 254
قول الشارح:
(ولاختلاف الترجيح في الفروع)
فإن الراجح في الأول عدم نقض المحارم وفي الثاني المنع مطلقاً شيخ الإسلام .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 254
قول الشارح:
(فإنه يجوز العود به)
لأنه يغير المعنى المفهوم من النص لغة ولأنه من ضرورة التعليل وإلا لامتنع القياس.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 254
قول المصنف:
(أن لا تكون المستنبطة منها الخ)
(4/111)
---(3/188)
خص المستنبطة لأنها التي تقبل المعارضة بخلاف المنصوصة فإن النص ألغى المعارض، وحاصل هذا الاشتراط أنه لا بد في المستنبطة أن لا يكون معها في الأصل وصف يصلح للتعليل، ويكون مقتضاه منافياً لمقتضى علة المعلل بأن يقتضي أن يكون حكم الأصل غير المنصوص عليه كما يفيد ذلك قول المصنف والشارح فيما سيأتي، أما انتفاء المعارض فمبني على التعليل بعلتين والمعارض هنا بخلافه فيما تقدم حيث وصف بالمنافي وصف صالح للعلية كصلاحية المعارض غير مناف له بالنسبة إلى الأصل، وحينئذٍ لا يصح تعليل حكم الأصل بها بل لا بد من التعليل بوصف آخر لا معارض له في معناه الذي ترتب عليه الحكم، وكما يدل عليه قول الشارح هنا إذ لا يحمل لها مع وجوده فإن عملها كما تقدم هو كونه أصلاً يلحق به غيره وهذا منتف مع المعارض، وبهذا ظهر أن ما هنا غير ما تقدم في مركب الأصل لأن ما هناك كان وصفاً علل به المعترض غير وصف المستدل ككونه مال صبية فهو معارض لوصف المستدل وهو كونه حلياً مباحاً لكنه غير مناف بالنسبة إلى الأصل، وهذا هو ما سيأتي في المعارض الآتي الذي لا يشترط انتفاءه بناء على جواز التعليل بعلتين، والعجب من الناصر حيث ادعى أن ما هنا وما سيأتي هو القياس المركب وأنه تكرار ولم يلتفت لتفرقة المصنف بينهما بالمنافاة وعدمها. واعلم أن المصنف حقق في هذا المقام مراد ابن الحاجب رحمه الله بقوله: وأن لا تكون المستنبطة معارضة في الأصل بأن معناه أن لا يكون لها معارض ينافي حكم الأصل، خلاف ما شرح به العضد من أن معناه أنه يشترط أن لا يكون في الأصل علة أخرى لا تحقق لها في الفرع، فإن هذا الذي ذكره العضد لا يشترط انتفاءه ولذا قال السعد : فإن قيل: إذا كان المختار عند المصنف جواز تعدد العلل فما معنى اشتراط عدم المعارض في الأصل الذي معناه عدم علة أخرى مستقلة فيه؟ قلنا: أراد أنه يشترط ذلك لكون العلة بلا خلاف، وهذا الذي شرح به العضد كلام ابن الحاجب هنا قد نفى(3/189)
(4/112)
---
ابن الحاجب اشتراطه بعد حيث قال: ولا يشترط القطع بالأصل إلى أن قال: ولا نفي المعارض فقال الشارح العلامة هذا سهو لما تقدم من اشتراط نفي المعارض، وحاصل ما حققه المصنف أن المشترط نفيه هنا هو المعارض الموجود في الأصل المنافي لحكمه إذ لا عمل للعلة مع وجوده، والذي لا يشترط نفيه فيما سيأتي هو المعارض الموجود في الأصل غير المنافي لحكمه، وهو العلة الأخرى المقتضية لحكمه أيضاً المفقودة في الفرع، وإنما أطلق عليها المعارض لأنها إذا كانت العلة هي المجموع والأخرى لم يثبت في الفرع الحكم الذي كان يثبت بالأولى، فظهر أنه لا تناقض في كلام ابن الحاجب ولا تكرار في كلام المصنف بين ما هنا ومركب الأصل المتقدم، ولا بين ما هنا وما سيأتي، وبقيت المنافاة بين عدم اشتراط نفي المعارض الآتي وهو غير المنافي الذي هو علة أخرى لحكم الأصل وبين ما تقدم من عدم قبول مركب الأصل، وسيأتي دفعها لسم والناصر. ومثال المعارض في الأصل المنافي لحكمه ما إذا قيل في صوم رمضان إنما وجب التبييت المأخوذ من قول النبي عليه الصلاة والسلام: «من لم يبيت النية فلا صيام له» لأنه صوم واجب فيحتاط له فيقال: هو صوم لا يقبل وقته غيره فلا دخل للاحتياط فيه فهذا المعارض مناف لحكم الأصل، وحينئذٍ لا يصح إلحاق غير رمضان به في وجوب التبييت للاحتياط لمعارضته بالعلة الأخرى بل لا بد من التعليل بعلة غير معارضة فإن وجدت في غيره ألحق وإلا فلا فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 254
قول الشارح:
(وهذا مثال للمعارض في الجملة)
أي لأنه في الفرع لا في الأصل. وقوله: وليس منافياً أي لحكم الأصل كما هو المراد بل هو مساعد له لأنه ليس بغرض حتى يحتاط له، هذا هو معنى هذا الكلام ولا حاجة لما تكلفوه مما تمجه الأسماع. فقوله: وليس الخ بيان لقوله في الجملة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 257
قوله:
(ولم يزد سم الخ)
(4/113)
---(3/190)
هو كذلك وقد عرفت أن جميع ذلك غفلة عن مراد المصنف. قوله: (ولو قدر الشارح العلة الخ) فيه أنه يكون هذا الشرط من أول الأمر في المستنبطة، وكلام المصنف في شرط الإلحاق بالعلة من حيث هي الموافق له صنيع الشارح وإن كان الشرط حقيقة في المستنبطة تدبر. قوله: (قد يمنع الخ) هذا مبني على أن المنافاة لحكم الفرع وقد عرفت أن مراد المصنف المنافاة لحكم الأصل وأن هذا غير مناف له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 257
قول الشارح:
(ولا يقدح في صحة العلة في نفسها)
أي صحة كونها علة لحكم الأصل، وهذا كما ترى تصريح من الشارح بأن الكلام هنا فيما يقدح في العلية لحكم الأصل كما تقدم لنا تحقيقه بخلافه على ما فهموه هنا من أن المعارض في الأصل معناه العلة الأخرى غير الموجودة في الفرع فإنه يكون الكلام فيما يقدح في ثبوت الحكم في الفرع، وعجيب أن الجم الغفير من الحواشي لم يتنبه أحد منهم لذلك وجل من لا يسهو.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 257
قول الشارح:
(وإنما قيد المعارض بالمنافي)
(4/114)
---(3/191)
أي المعارض في الأصل إذ قد عرفنا أن الكلام في صحة العلة في نفسها، وحينئذٍ فالمعارض في الأصل غير المنافي لا يشترط انتفاءه لصحة العلة في نفسها بناء على جواز تعدد العلل وإن كان لا بد من ترجيح ما اختار التعليل به حتى أثبت الحكم به في الفرع، وهذا الأخير هو المتقدم في عدم قبول مركب الأصل، والأول وهو ما سيأتي للمصنف فلا منافاة خلافاً للحواشي. واعلم أن عبارة العضد هكذا: قيل ولا بمعارض في الفرع بأن يثبت فيه علة أخرى توجب خلاف الحكم بالقياس على آخر فإن المعارض يبطل اعتبارها وهو غير مستقيم فإنه لا يبطل شهادتها، قال السعد : أي بل يوقف مقتضاها كالشهادة إذا عورضت بشهادة أخرى فإنها لا تبطل بل إذا ترجحت لا يحتاج إلى إعادة الدعوى اهـ. فأفاد أن انتفاء المعارض في الفرع ليس شرطاً في صحة العلة بل غايته الوقف عند وجوده والوقف ليس بإبطال لها، وحينئذٍ فتضعيف هذا الاشتراط إنما جاء من جهة إفهامه أنه عند وجود المعارض يكون التعليل باطلاً، لكن هذا الذي في العضد مخالف للشارح لأن الشارح يفيد أن انتفاء المعارض شرط في صحة التعليل بالنسبة للفرع لأن المقصود ثبوت الحكم فيه فليتأمل. واعلم أيضاً أن المصنف رحمه الله قد أطنب في شرح المختصر في الاستدلال على حمل المعارض في كلامه على المنافي، ورد ما وقع لشراحه كالعضد وغيره من حمله على غير المنافي، والناظرون في هذا الكتاب لم يلتفتوا لذلك فوقعوا في دعوى مخالفة كلام المصنف والشارح هنا لما في شروح المختصر المبني على أن المراد بالمعارض هنا غير المنافي، ومن اعترف منهم بصحة التقييد بالمنافي فهم أن المراد بالمنافاة المنافاة لثبوت الحكم في الفرع بأن يكون في الأصل علة أخرى ليست في الفرع لأنها إذا كانت العلة هي المجموع والأخرى لم يثبت الحكم في الفرع الذي كان يثبت بالأولى، وعلى هذا يكون هذا المعارض هو ما سيأتي أنه لا يشترط انتفاؤه، ولذا اعترض الناصر بأن ما سيأتي مناف لما تقدم(3/192)
(4/115)
---
من عدم قبول مركب الأصل، وقد عرفت أن جميع ذلك مما لا ينبغي أن يصدر عن فكر وإنما منشؤه سوء الفهم وعدم التأمل والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 258
قوله:
(ولا يخفى أن هذا لا فائدة فيه)
قد يقال فيه فائدة وهو بيان أن الاعتراض من المناظر كما يتوجه على الفرع بالمخالفة على التعليل أيضاً. قول المصنف: (وأن لا تتضمن زيادة عليه إن نافت الزيادة مقتضاه) عبارة ابن الحاجب : وأن لا تتضمن المستنبطة زيادة على النص. وقيل: إن نافت مقتضاه وشرحها العضد هكذا، ويشترط في المستنبطة خاصة أن لا تتضمن زيادة على النص أي حكماً في الأصل غير ما أثبته النص لأنها إنما تعلم مما أثبت فيه، قال السعد: أي فهي فرع حكم الأصل، فلو أثبت بها حكم في الأصل لكان فرعاً لها وذلك دور اهـ. وأنت تعلم أن استنباط حكم زائد على ما أثبته النص في الأصل من ذلك الذي أثبته النص باطل، إذ الزائد على الشيء لا يستنبط منه، وحينئذٍ فالاستنباط باطل، فيكون حاصل هذا الاشتراط أنه يشترط أن يكون استنباط العلة صحيحاً وليس هذا من شروط الإلحاق بالعلة بل هو بمنزلة أن يقال في المنصوصة لا بد من صحة الدليل الدال عليها، ولم يعد هذا أحد من شروط الإلحاق بل ذلك شرط في صلاحية كون الوصف علة إن لم يوجد مانع، على أنه لو كان المعنى ذلك لما كان للتخصيص بالمستنبطة وجه إذ مثل صحة الاستنباط في المستنبطة صحة الاستدلال في المنصوصة، بل ذلك شرط في كل دليل لا خصوصية له بعلة القياس، فلما رأى المصنف رحمه الله أن ذلك لا يصح اشتراطه في الإلحاق بالمستنبطة لما ذكر قيد الاشتراط لعدم تضمن الزيادة على النص بقوله: إن نافت الزيادة الخ. ومعلوم أن الدور اللازم على ما شرح به العضد لازم سواء نافت أو لا، ففهم المحقق المحلي أن هذا التقييد إنما يصح إذا كان المراد بالنص النص على العلة لا على حكم الأصل، فصار الحاصل أنه يشترط في إلحاقه بالعلة أن لا
(4/116)
---(3/193)
تتضمن زيادة على النص الدال عليها بأن يكون استنباطها من حكم الأصل مع تلك الزيادة صحيحاً، لكن النص الدال عليها تنافيه تلك الزيادة، فإنه لو أثبت الحكم في الفرع على ما اقتضته الزيادة المستنبطة من حكم الأصل لزم نسخ نص العلة بالاستنباط، والنص لا ينسخ بالاجتهاد، وبه يعلم فساد اعتراض الناصر على قول الشارح وإنما يتجه بناء الخ بأنه متى وجدت زيادة وإن لم تناف بطل الإلحاق للزوم الدور سواء كانت الزيادة نسخاً أو لا، لأنه مبني على عدم فهم ما حاوله الإمامان المصنف والشارح والدفاع ما تحير فيه سم من أنه إذا بطل الإلحاق أيضاً بتضمن الزيادة على حكم الأصل للدور كما شرح به العضد فلم اختار المصنف والشارح هذا المعنى دون ذلك؟ فكان اللائق اشتراط عدم الزيادة على نص العلة وحكم الأصل جميعاً فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 259
قول الشارح:
(أي على النص)
قصر الكلام على النص لعلة لأنه المنقول عن المصنف كالهندي أجزاء، وعمم شيخ الإسلام في شرحه لمختصره هذا المتن فقال: أي على النص أو الإجماع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 261
قول الشارح:
(بناء على أن الزيادة على النص نسخ)
(4/117)
---
أي وإن لم تناف كما إذا أمر بالصلوات الخمس وورد نص بزيادة سادسة، فإن الصحيح عندنا أن ذلك ليس نسخاً إذا لم يتعرض الأول لنفي الزيادة. وقالت الحنفية: إنه نسخ بناء على أن الأمر بالنسخ نفي لما عداها وقد تقدم ذلك في النسخ، فكلام ابن الحاجب لخلوه عن التقييد مبني على طريق الحنفية تأمل. قوله: (أي بالنظر إليه على حدته) أراد بذلك دفع ما أورده على كلام الناصر من أنه يفيد أنه يفهم من المستنبطة عدم إجزاء المؤمن مع أنه ليس كذلك لأن من جملة العلة قوله: لأنه كافر فأخرج المؤمن والمنافي إنما هو المجوسي فقط لكنه غير دافع إذ القيد لا يعتبر على حدته. قوله: (وإذا كانت نسخاً حصلت المنافاة) أي وحينئذٍ فلا حاجة للتقييد بها بناء على طريق الحنفية.(3/194)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 261
قول الشارح:
(المحققة للقياس)
أي متى وجدت وجدت هويته الخارجية لما تقدم أن هويته الخارجية هي الإلحاق وإن كانت ماهيته الذهنية مركبة من الأركان كما تقدم فاندفع ما قاله الناصر و الشهاب و المحشي فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قول الشارح:
(قال لا يجوز التعليل به)
أي على فرض وجوده بناء على ما قال الشارح من أنه يرجع كلامه إلى أنه لا مقدر يعلل به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قوله:
(لكن المصنف ينفي الإلحاق الخ)
فيه نظر بل المصنف كـ الإمام كما يفيده الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قوله:
(ويظهر أن المراد أنه يمنع)
يقتضي أن بعض الفقهاء يعلل بالملك ونحوه بناء على أنه اعتباري محض أي لا تحقق له في نفسه وهو بعيد، وإن كان هذا الاشتراط لا يتجه إلا إذا كان كذلك فإنه بهذا الاشتراط يخرج الاعتباري المحض وليس هو إلا ما زعموه وإن كان ليس اعتبارياً محضاً في الواقع عند الإمام تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قوله:
(4/118)
---
(فيلزم من ثبوت المقدر)
أي بناء على ما زعموه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قوله:
(وهذه علة الربا الخ)
هذا هو دليل العلة لكن لا يخفى أنه لا يصح إقامة هذا دليلاً على علة الأصل الذي الكلام فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قول الشارح:
(فإنه دال)
أي بترتيب الحكم على الوصف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قول الشارح:
(فإنه دال على علية الخارج النجس)(3/195)
أي لأنه رتب الحكم على الأمور المذكورة فلا مشترك بينها سوى الخارج النجس قاله السعد ، وهو يفيد أن المراد إثبات علية الخارج النجس لنقض القيء والرعاف لا لحكم الأصل وهو صريح العضد تأمل. قوله: (قد يقال الخ) فيه أن معنى هذا الاشتراط كما في العضد وغيره أنه يشترط أن لا يكون الدليل الذي أقامه المستدل على علية العلة شاملاً لحكم الفرع، وإذا لم يكن مسلماً كيف يلزم خصمه بالقياس؟ قوله: (وكلام الشارح بعد) أي يدل عليه كلام الشارح بعد حيث قال الظن يضعف بكثرة المقدمات.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 262
قول المصنف:
(أما انتفاء المعارض الخ)
(4/119)
---(3/196)
اعلم أن حاصل ما هنا وما تقدم أن المعارض أقسام ثلاثة: معارض في الأصل مناف بأن يقتضي أن يكون حكم الأصل غير ما أثبته المستدل فيه بعلية وتتصور تلك المعارضة مع النص على حكمه لأنها من جهة أن هناك وصفاً يخل بمناسبة الوصف الذي أبداه المستدل فيقال: لو كانت هذه المناسبة هي المعتبرة لكان حكمه نقيض الحكم لوجود الوصف الآخر المخل بهذه المناسبة وهذا لا بد من انتفائه. ومعارض في الفرع وهو المنافي فيه المستند إلى قياس آخر بأن يثبت فيه المعترض وصفاً بقياس آخر منافياً لما أثبته المستدل وهذا لا بد من انتفائه أيضاً حتى يثبت الحكم في الفرع، وليس انتفاؤه من شروط العلة إذ هي صحيحة في نفسها يلحق بمحلها ما لا يوجد فيه هذا المنافي ومعارض في الأصل لا ينافي الحكم الذي أثبته المستدل في الأصل بما علل به لكن ينافي ثبوت الحكم في الفرع بأن يكون موجوداً في الأصل دون الفرع وهو وصف صالح للعلية كوصف المستدل بأن يثبت المعارض به صلاحيته للعلية بطريق من طرق إثبات العلية كما أثبت المستدل وصفه بذلك، وهذا لا يشترط في صحة التعليل بالوصف الآخر لحكم الأصل انتفاؤه بناء على جواز التعليل بعلتين إذ مدار التعليل على هذا البناء على الصلاحية للتعليل، فالتعليل بأحدهما لا ينافي التعليل بالآخر وإن كان أحدهما أرجح لجواز أن يكون بعض العلل أرجح من بعض، فالمعارضة به لا تضر المستدل لأن الحكم في الأصل يجوز أن يثبت بكل من الوصفين، كما أن ترجيح كل لوصفه لا يضر الآخر ولا يحصل به الوقف فترجيح كل لوصفه لا يدفع المعارضة بالآخر وإن كانت هذه المعارضة لا تضر، أما لو بنينا على امتناع تعدد العلل فلا بد من انتفائه لعدم تعين علة الأصل حينئذٍ ويكون الترجيح حينئذٍ كافياً في نفيه لأن الراجح مقدم، فينتفي الآخر لعدم جواز تعدد العلل، هذا ما يتعلق بالمعارضة بهذا الوصف في تعليل المستدل لحكم الأصل. أما حكم الفرع فإن وجد فيه الوصفان كالأصل فهو المعارض غير(3/197)
(4/120)
---
المنافي في الفرع أيضاً، والكلام فيه تابع للكلام في المعارض في الأصل وإن لم يوجد فيه إلا أحدهما فلا يمكن أن يبني على جواز التعليل بعلتين إذ لم يوجد فيه إلا واحدة فيدور كلام المتناظرين بالنسبة له بين إثبات علة الحكم فيه ونفيها عنه فيكون بالنسبة للفرع معارضاً منافياً، وحينئذٍ يكون ترجيح أحد المتناظرين وصفه على وصف الآخر مبطلاً بعلته وصف الآخر بالنسبة للفرع لعدم بنائه على جواز التعليل بعلتين، فلا بد من دفع هذه المعارضة بالنسبة للفرع ويكفي في دفعها الترجيح بالنسبة له أيضاً لما عرفت، وبه تعلم فساد قول المصنف هنا مبني على التعليل ينافي ما مر من أن مركب الأصل غير مقبول لأن عدم القبول فيما مر إنما هو بالنسبة للفرع ولم يسبق هناك كلام في انتفاء المعارض غير المنافي بالنسبة للأصل الذي هو المقصود من الكلام هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 263
(4/121)
---(3/198)
والحاصل أن القياس بتمامه غير مقبول عند منع المعارض وجود العلة في الفرع وهذا هو المتقدم هناك، والمذكور هنا أنه إن جاز التعليل بعلتين صح تعليل حكم الأصل ولا يتوقف على انتفاء المعارض غير المنافي وإن لم يجز لم يصح إلا بعد انتفائه، وعلى الأول لا يقبل القياس بالنسبة للفرع إلا بعد نفي المعارض بالنسبة له بالترجيح، وإن لم يناف حكم الأصل فالكلام هنا في شروط صحة تعليل حكم الأصل وذلك مختلف مبني على القول بالعلتين وهناك في القبول بالنسبة للفرع فلا يقبل، وإن جوزنا العلتين لمنع وجود العلة في الفرع وفساد قوله أيضاً إن قول الشارح وكل منهما يحتاج في ثبوت مدعاه من أحد الوصفين إلى ترجيحه مبني على اشتراط انتفاء المعارض، وأما على عدمه فيجوز أن يكون كل منهما علة لما عرفت أن هذا المعارض وإن لم يناف في الأصل لكنه مناف في الفرع يكفي في دفعه الترجيح لعدم بناء الكلام في الفرع على التعليل بعلتين إذ ليس فيه إلا واحدة، وبه يعلم أنه لا تنافي بين ما هنا أيضاً وبين ما نقل عن المصنف من أن من علل بعلتين قضى بالاستدلال حيث وجد وصفين مناسبين، إذ مجرد المناسبة يوجب ظن العلة واجتماع علتين على هذا الرأي لا يستحيل، فمن ظن أن المعلل بعلتين يتوقف عند وجدان وصفين صالحين للاستقلال عن القضاء عليهما بذلك إلى أن يقوم دليل عليه فهو من البعيدين عن معرفة أصول الفقه اهـ. إذ هذا بالنسبة لتعليل حكم الأصل والترجيح محتاج إليه بالنسبة للفرع فليتأمل في هذا المقام فإنه مزلة أقدام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 263
قوله:
(ففي حمل الشارح الخ)
هذا كلام لا ينبغي أن يصدر عن أحد فإنه قلب لموضوع الشارح لأن قوله: أي بيان الانتفاء تفسير للنفي لا زيادة من عنده، ومراده بذلك أن النفي مصدر فهو جار على الاستعمال الظاهر فالحق ما في الزركشي وسم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 266
قوله:
(ورد الخ)
(4/122)
---
فيه نوع مخالفة للشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 266(3/199)
قول الشارح:
(لحصول مقصوده الخ)
أي لأنه من حيث هو معارض لا مقصود له إلا ذلك، فإن صرح بالفرق فاللزوم له ليس من حيث إنه معارض بل لأنه التزم أمراً وإن لم يجب عليه ابتداء فيلزمه بالتزامه ويجب عليه الوفاء به والكلام ليس في ذلك فظهر وجه ترجيح القول الأول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 266
قول المصنف:
(إن لم يكن سبرا)
يفيد أنه إذا كان دليل المستدل سبراً لا يطالب المعترض ببيان تأثير وصفه وإن كان دليله المناسبة أو الشبه وهو ما قاله الآمدي لحصول معارضته بمجرد احتمال المناسبة كما التزمه هو في دليله، بخلاف ما إذا كان دليله المناسبة أو الشبه فإنه لا يعارض إلا بمثله، وبعضهم قال: يطالب المعترض بالتأثير أو الشبه متى كان دليله هو المناسب أو الشبه. والشبه هو ما اعتبره الشارع في بعض الأحكام وليس مناسباً بالنظر إلى ذاته وإن كان مناسباً بالنظر إلى خارج كما سيأتي. قول المصنف: (وببيان استقلال ما عداه) أي بيان أن ما عدا وصف المعارضة استقل أي اعتبره الشارع علة للمنع حال كونه منفرداً عن غيره، بخلاف وصف المعارضة فإنه إنما أثر على زعم المعارض حال كونه موجوداً مع غيره والمستقل أي المؤثر حال انفراده مقدم على غيره هذا هو الظاهر، وما في الحاشية لا يناسب قول الشارح والمستقبل مقدم على غيره المفيد أن استقلاله أي تأثيره مع انفراده مرجح له على ما يؤثر عال انضمامه للغير، ثم إن بيان الاستقلال واقع بناء على منع التعليل بعلتين إذ هو ترجيح، وسيأتي أن الترجيح إنما يدفع المعارضة بناء على ذلك، وإنما ترك الشارح التنبيه عليه اكتفاء بما بعده إذ هما من قبيل واحد فتأمل لعلك تجد ما هو أحسن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 266
قول المصنف:
(ولو كان البيان بظاهر)
(4/123)
---(3/200)
أي سواء كان بظاهر أو نص خاص أو عام وإنما أخذه غاية لأنه ربما يتوهم أن الظاهر لا يكفي والعام يخرج به من القياس إلى النص. قوله: (وفيه نظر لما تقدم) عبارة العضد، ولا يضره كونه عاماً إذا لم يتعرض للتعميم ولم يستدل به قال السعد : هذا دفع لما يتوهم أن عموم النص يضر المستدل سواء تعرض لتعميمه أو لم يتعرض لأنه لا معنى للقياس عند كون حكم الفرع منصوصاً. وحاصل الدفع أنه لا يضر لجواز أن لا يقول هو أو الخصم بالعموم أو يظهر لعمومه مخصص أو نحو ذلك من موانع التمسك بالعموم فيتمسك بالقياس. قوله: (أن لا يكون دليل حكم الأصل) الأولى أن لا يتناول دليلها أي العلة حكم الفرع لأن الكلام في دليل العلة وفي قوله: بعد لأن محل الخ نظر تأمله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 267
قول الشارح:
(من القياس الذي هو بصدد الدفع عنه)
أي لأجل الإثبات به إلى الإثبات بالنص وتبقى المعارضة سالمة من القدح فلا يتم القياس شيخ الإسلام .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 268
قول الشارح:
(بناء على امتناع تعليل الحكم بعلتين)
(4/124)
---(3/201)
وحينئذٍ يلزم من انتفاء العلة انتفاء الحكم قاله العضد و السعد ، إذا عرفت هذا عرفت وجه البناء في الموضعين وذلك أنه إذا ثبت الحكم مع وجود وصف المستدل، فإن بنينا على جواز تعدد العلل للحكم بأن يدور مع وجودهما أو جود أحدهما فلا ينفع قول المستدل للمعترض ثبت الحكم مع انتفاء وصفك ووجود وصفي في صورة أخرى لأن المعترض يجوز ذلك الحكم بعلتين، ومن جملة ذلك ما إذا انفردت كل علة في صورة ولا يلزم من انتفاء وصفه في الصورة الموردة انتفاؤه في الصورة المتنازع فيها، ويكون غرض المعارض أن قول المستدل فيها العلة كذا بحكم باطل لجواز أن يكون العلة ما أبداه المعترض، وظاهر أن هذا لا يدفعه إثبات الحكم في صورة أخرى مع انتفاء وصف المعارض، وإن بنينا على امتناعه نفع ذلك القول واندفع المعترض لأنه لا يقدر أن يقول هذا لا يضر لأن الفرض أنه لا يجوز التعليل بعلة غير ما عارض بها فتأمل لتندفع شبه الناظرين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 268
قوله:
(في الصورة المذكورة)
(4/125)
---(3/202)
لعله فهم أن معنى التعليل بعلتين أن تكونا موجودتين معاً في محل واحد وليس كذلك، بل من صوره أن يعلل الحكم الواحد بكل علة على انفرادها في صورة، قال العضد شرحاً لكلام ابن الحاجب شرط قوم في علة حكم الأصل الانعكاس وهو أنه كلما عدم الوصف عدم الحكم ولم يشترط آخرون ذلك والحق أنه مبني على جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين مختلفتين لأنه إذا جاز ذلك صح أن ينتفي الوصف ولا ينتفي الحكم بوجود الوصف الآخر وقيامه مقامه. وأما إذا لم يجز فثبوت الحكم دون الوصف يدل على أنه ليس علة له وأمارة عليه وإلا لانتفى الحكم بانتفائه لوجوب انتفاء الحكم عند انتفاء دليله، ونفى بذلك انتفاء العلم أو الظن لا انتفاء نفس الحكم إذ لا يلزم من انتفاء دليل الشيء انتفاؤه وإلا لزم من انتفاء دليل الصانع انتفاؤه وأنه باطل اهـ. نعم دليل المنع وهو أنه يلزم تحصيل الحاصل أو الاستغناء بكل عن كل غير ناهض لاختلاف المحل لكن ذلك لا يمنع القول فليتأمل. قوله: (إلا أن يقال الخ) عرفت ما فيه تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 268
قول المصنف:
(لاعترافه فيه بإلغاء وصفه)
(4/126)
---(3/203)
أي سواء جوز التعليل بعلتين أو لا، لأن انقطاعه مبني على قوله لا على مذهبه وهذا غير موجود في عدم الانعكاس لاحتمال أن يرى التعليل بعلتين ولم يعترف. فإن قلت: عدم الانعكاس لازم لعدم وجود وصف المستدل. قلت: لو لم يلتزم عدم جواز التعليل بعلتين بقوله ذلك للمعترض لم يكن عدم الانعكاس قاطعاً له، فالقاطع هو التزامه ذلك بقوله لا عدم الانعكاس وبه يندفع ما في الحاشية فتأمله فإنه يحتاج للطف القريحة، ومما ينبهك على هذا قول الشارح والانعكاس شرط بناء الخ فإنه يفيد أنه إنما لزم من امتناع التعليل بعلتين الذي التزمه المستدل. قوله: (وأن الاعتراف المذكور لا تلازم بينه الخ) الذي يفيده الشارح أنه لا تلازم بين الانعكاس والانقطاع لا أنه لا تلازم بينه وبين الاعتراف كما يصرح به قوله: لا يترتب عليه الانقطاع. قول المصنف: (وصفاً يخلف الملغى) أي يقوم مقامه في كونه مظنة للحكمة فمقصود المعترض أنه وإن فات الوصف لكن لم يفت ما هو معتبر عندي وهو تلك الحكمة لترتبها على الخلف، ثم إن فساد الإلغاء بإبداء وصف آخر مبني على جواز تعدد العلل فإن المعارض أثبت علية وصف المعارضة أولاً، فلما ألغاه المستدل أثبت علية وصف آخر كذا في حاشية العضد. قوله: (مع أن المسمى بذلك الخ) هذا أمر اصطلاحي لا مدخل للرأي فيه، وفي السعد أن المسمى تعدد الوضع هو فساد الإلغاء قال: سمي بذلك لتعدد أصل العلة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 269
قول الشارح:
(وهذا أوضح الخ)
(4/127)
---(3/204)
أي لأن الفساد مقابل للصحة وهذا في مثل ما نحن فيه لا يصح أن تكون موافقة الفعل ذي الوجهين الشرع بل هي بمعنى ترتب الأثر فيكون الفساد هنا بمعنى عدم ترتب الأثر أي زواله بعد حصوله وهو سلامة وصف المستدل ظاهراً قبل إبداء الخلف، فزوال الفائدة أعني السلامة هو الفساد يعني أنه تفسيره في مثل ما هنا فكان أوضح منه، هذا هو مراد الشارح، وما قاله المحشي غير صحيح لأن الإلغاء مبني على عدم تعدد العلل وقد بطل، والمبني على الباطل باطل كما في العضد وسعده. ثم رأيت المصنف قال في شرح المختصر: وفي قوله: فسد الإلغاء تجوز ولطيفة وأما التجوز فلأن الوصف الذي أفسدناه بالإلغاء هو الفاسد، وأتى المعترض بخلفه فالإلغاء صحيح والملغى هو الفاسد، ولكن المعترض لما لم يكن له مقصد في إثبات وصف بخصوصه لأنه ليس مثبتاً ولا مدعياً ولا وظيفته ذلك كما عرفناك عبر بفساد الإلغاء ليعلم أن المراد فساد غرض المعترض من المعارضة بصحة إلغاء ما أبداه، فإذا أتى ببدله فسد هذا الإلغاء الذي هو وارد على غرض المعترض من هدم قاعدة المستدل وإن لم يتضمن إثباته لخلف الوصف إفساد ذلك الوصف الأول بل تضمن إثباته للخلف اعترافه بفساده، وفي الحقيقة الذي فسد أولاً وصف المعارضة ثم لم ينهض جانب المعترض بإبدائه الخلف لا بتصحيحه ما أفسد، فهذا هو السر في قولنا فسد الإلغاء وهو اللطيفة التي أشرنا إليها، ولو قال: زالت فائدة الإلغاء كان أولى اهـ فتأمل. واعلم أن قوله: ولو أبدى الخ كلام مستقل لا تعلق له بما قبله لابتنائه على تعدد العلل لأن إبداء الخلف لا يزول الإلغاء به إلا إذا صح وسلم للمعترض، وإنما يسلم له بناء على جواز التعليل بعلتين. وقد صرح بذلك ابن الحاجب والمصنف في شرحه. وما قاله سم هنا مبني على تفسيره بيان الاستقلال لكنه لا يوافق الشارح كما مر فانظره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 270
قوله:
(خلف هذه العلة مظنة المشقة)
(4/128)
---(3/205)
لو قال مفارقة وطنه مثلاً لكان أولى إذ المظنة موجودة في كل ولا بد من تعيين سببها وعلى كل المقصود التمثيل وإن كان غير صحيح إذ الخلف هنا موجود مع الوصف المعارض به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 271
قوله:
(ليس مقصوراً على تصوير المعارضة الخ)
هو كذلك قال بعض شروح ابن الحاجب: لو أبدى المعترض أمراً آخر يخلف الملغى أي يقوم مقام ما ألغاه المستدل بثبوت الحكم دونه فسد إلغاؤه، ويسمى فساد الإلغاء بالوجه المذكور تعدد الوضع لتعدد أصل العلة فإن المعترض أثبت علية وصف المعارضة أولاً، فلما ألغاه المستدل أثبت علية وصف آخر ومشى العضد في شرحه على ما قاله سم وكل صحيح. قوله: (هذا إنما يظهر الخ) الأولى كتابته على قول المصنف ويكفي الخ كما في سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 272
قول الشارح:
(وقول ابن الحاجب لا يكفي مبني الخ)
أي لأنه إذا جاز تعدد العلة فلا معنى لإبداء المعترض وصفاً آخر بطلب ترجيح. وصف المستدل عليه لأن ترجيحه عليه لا ينفي عليته لجواز أن يكون بعض العلل أرجح من بعض، وحينئذٍ يجب حمل تلك المعارضة على أن المقصود بها أن وصف المستدل لا يتعين أن يكون علة مستقلة كما ادعاه بل يحتمل أن يكون مستقلاً فيكون الآخر علة أخرى، ويحتمل أن يكون غير مستقل فيكون الآخر جزء علة، وحينئذٍ فحكمه بالاستقلال تحكم فلا بد في الجواب من دفعه وكون المذهب تعدد العلل لا يقتضي وقوع ذلك في كل حكم بل جاز في بعض الأحكام أن لا تتعدد علته، فيحتمل أن ما نحن فيه من ذلك فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 272
قول المصنف:
(وإن اتحد ضابط الأصل والفرع)
(4/129)
---(3/206)
أي وإن سلم له ذلك فإنه تارة يعترض عليه باختلاف الضابط أي الوصف المشتمل على الحكمة المقصودة كما في السعد، وتارة يسلم له، فالأول كما لو قال المستدل في شهود الزور على القتل إذا قتل بشهادتهم تسببوا للقتل فيجب القصاص كالمكره فيقول المعترض الضابط مختلف فإنه في الأصل الإكراه وفي الفرع الشهادة. فيجاب بأن الضابط هو القدر المشترك والثاني كما هنا، وحينئذٍ فالمراد بالضابط ما هو ضابط عنده فكأنه يقال: ما جعلته علة ليس مشتركاً فإن سلم له الاشتراك يقال ما جعلته علة وإن كان مشتركاً لكن ليس هو فقط العلة بل مع شيء آخر وهذا مراد سم من قوله: ليس المراد بالضابط ما هو ضابط في الواقع إلى آخر عبارته وإن حرفها المحشي ، وبه يظهر أن الاتحاد عند المستدل والمعترض جميعاً في الواقع، وأما كونه ضابطاً فعند المستدل فقط وحينئذٍ لا معنى للجوابين الأخيرين فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 272
قول الشارح:
(بطريق)
أي مسلك من مسالك العلة يتبين به استقلال الوصف، قال السعد: وإنما أفرد هذا الاعتراض لأنه نوع مخصوص من المعارضة في الأصل لا يتأتى الجواب عنه بوجه من الوجوه الآخر من جواب المعارضة مثل منع وجوب الوصف وبيان خفائه ونحو ذلك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 273
قول الشارح:
(لجواز دليلين مثلاً على مدلول واحد)
أي عند الجمهور فهو دليل إلزامي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 273
(مسالك العلة)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 273
قوله:
(من قبيل إضافة الدال إلى المدلول)
المراد بالدال الموصل وبالمدلول المتوصل إليه. قوله: (إلى أنها تدل على كون الشيء علة) لأنه حكم خبري غير ضروري فيحتاج للدليل بخلاف ذات العلة فإنه أمر تصوري لا معنى لإثباته كالإنشائي، وإثبات الطلب الشرعي معناه إثبات أن الطلب تعلق بالحكم وهو حكم خبري.
(4/130)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 273
قول الشارح:
(كالإجماع على أن العلة في حديث الصحيحين لا يحكم الخ)(3/207)
اعلم أن العلة كما تقدم هي الوصف المشتمل على حكمة بمعنى أنه يكون في ترتب الحكم عليه حكمة كالتخفيف الكائن في ترتب جواز القصر على السفر لما فيه من المشقة، ولا بد أن يكون ضابطاً لحكمة هي منشأ الحكمة الأولى لا نفس الحكمة كما تقدم كل ذلك للمصنف، وامتناع الحكم عند الغضب الحكمة المترتبة فيه حفظ الحقوق، والحكمة المترتب عليها الامتناع خوف الميل، والضابط لهذه الثانية هو التشوّش للفكر وهو وصف منضبط فلذا وقع الإجماع على أنه العلة في المنع دون الغضب، ولذا وقع الاتفاق على أن العلة هنا عادت على الأصل بالتعميم حتى يشمل امتناع الحكم عند كل مشوّش الفكر كالجوع المفرط. فإن قيل: لا فرق بين ما هنا والمشقة في السفر. قلنا: أولاً المشقة حكمة لا وصف ضابط لها. وثانيها المشقة يتعذر ضبطها لاختلاف مراتبها بحسب الأشخاص والأحوال، وليس كل قدر منها يوجب الترخص وإلا سقطت العبادات وتعين القدر منها الذي يوجبه التعذر فنيطت بوصف ظاهر منضبط هو السفر بخلاف التشويش فإنه منضبط بما يمنع استيفاء الفكر كما قاله الإمام دون الغضب، لأن تعيين القدر المشوّش للفكر منه متعذر لاختلاف مراتبه باختلاف الأشخاص والأحوال. فإن قلت: الغضب في نفسه مظنة قل أو كثر والمدار على المظنة. قلت: هذا سوء فهم فإن المظنة من الظن وهو إدراك الطرف الراجح والغضب القليل لا يظن فيه الميل المضيع للحق، ألا ترى السفر فإن قليله ليس مظنة المشقة والكثير منه لا ضابط له كما عرفت بخلاف السفر فإنه ضبط بمرحلتين. فإن قلت: فما التوفيق بين ما هنا وما يأتي في الإيماء حيث نص على تقييد المنع من الحكم بحالة الغضب المشوّش للفكر يدل على أنه علة له؟ قلت: التوفيق بينهما في غاية الوضوح لأن ما سيأتي مثال لدلالة الإيماء والدلالة صحيحة إلا أنها ظنية. قال السعد
(4/131)
---(3/208)
: المتمسكون بمسلك الإيماء لا يدعون أنه يدل على العلية قطعاً حتى يكون احتمال أن يكون العلة شيئاً آخر قادحاً في كلامهم بل يدعون فيه الظن وظهور العلية دفعاً للاستبعاد ومثله قول الإمام الظاهر من هذه الأقسام وإن دل على العلية، لكن قد يترك هذا الظاهر عند قيام الدليل، وإذا كان كذلك قدم عليها الإجماع القاطع، وحينئذٍ فللّه در الشارح حيث جمع بين العبارتين إشارة إلى أنه وإن دل الإيماء على أن علة المنع هي الغضب، لكن هناك ما هو مقدم على الإيماء وهو الإجماع، ولك أن تقول: إن قول الشارح فيما يأتي بحالة الغضب المشوّش للفكر حيث قيد الغضب بالتشويش إشارة إلى أن العلة التشويش إذ الغضب غير المشوش لا دخل له، وذكر الغضب لأنه المذكور في الحديث دون التشويش فهو الذي تعلق به الإيماء فهو كناية عنه. فقوله: يدل على أنه علة له أي من حيث ما فيه من التشويش، ولعلك بما سمعت يندفع عنك ما أورده المحشي بعد التأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 274
قوله:
(قد يقال الخ)
قد يقال: إن ما هنا جرى على مذهب الأخفش فإنها عنده في جميع استعمالاتها حرف جر وانتصاب الفعل بعدها بأن مقدرة أو مذهب البصريين فإنها عندهم أن تقدمها اللام ناصبة لا غير وليس فيها معنى التعليل، وإذا جاء بعدها أن فهي للتعليل جارة لا غير، وفي غير هذين يحتمل أن تكون ناصبة بنفسها بمعنى التعليل وأن تكون جارة كاللام مضمراً بعدها أن وما هنا من هذا القبيل، وأما ما ذكره المحشي فمذهب كوفي تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 275
قوله:
(عذابهما)
أي عذاباً كعذاب المشرك فيهما مضاعفاً أي مثل عذابه في الدنيا ومثلى عذابه في الآخرة، والسبب فيه أن نعم الله على الأنبياء أكثر فكانت ذنوبهم أعظم ومثلهم نساؤهم: {يا نساء النبي من يأت منكن} (سورة الأحزاب: الآية 30) الآية كذا في التفسير الكبير.
(4/132)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 276
قول الشارح:
(دون ما قبله في الرتبة)(3/209)
لعل معناه في الصريح أن الأدون لا تصريح فيه بالعلية وإن كان بمعناها كما يفيده قول الشارح الآتي للسببية التي بمعنى العلية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 276
قول الشارح:
(بأن يحتمل غير العلية)
لاحتمال اللام للعاقبة مثل:
لدوا للموت وابنوا للخراب
والباء للمصاحبة والتعدية والفاء إنما وضعت للترتيب ودلالتها على العلية بالاستدلال والنظر في الكلام فيفهم منه أن هذا ترتب حكم على الباعث المتقدم عليه عقلاً أو ترتب باعث على حكمه الذي يتقدمه في الوجود، وأدخل بالكاف نحو أن الشرطية فإنها تفيد العلية وقد تكون لمجرد الاستصحاب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 276
قول الشارح:
(وتكون فيه في الحكم الخ)
إنما كانت فيه كذلك لأن الفاء فيه للترتيب كما عرفت والباعث مقدم في العقل والوجود كما في قعدت عن الحرب جبناً، وقد يكون متأخراً في الخارج، فجوز ملاحظة الأمرين دخول الفاء على كل منهما.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 276
قول المصنف:
(فالراوي الفقيه الخ)
إنما كان دون ما قبله لاحتمال الغلط في كلامه لكن لا ينفي الظهور.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 277
قول الشارح:
(وتكون في ذلك في الحكم فقط)
إنما كان كذلك لأن الراوي من حيث إنه راو إنما يريد حكاية ما وقع فلا بد أن يحكيه على ترتيبه، ثم السامع ينتقل منه إلى فهم التعليل كالشارع حتى يؤخر ما كان مقدماً في الوجود بناء على فهم السامع التعليل. فإن قلت: حكاية ما في الخارج تحصل مع التأخير لأن تقدم العلة لازم. قلت: وضع الفاء إنما هو ترتب مدخولها وهو الذي ساق له الراوي كلامه لا التعليل اللازم له التقدم، وبه يظهر فساد ما في المحشي وصحة ما قاله الناصر هنا وإن تركه المحشي تبعاً لسم تأمل.
(4/133)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 277
قوله:
(فحصل منه أربعة أقسام)
قد عرفت أن الرابع غير ممكن خلافاً له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 277
قوله:
(لعل صواب قوله الخ)(3/210)
وجه اندفاع التوجيه أن فعل الراوي ذلك ممكن في نفسه مع حكاية ما كان في الوجود بناء على ما ذكره، فالوجه الصحيح لقول الشارح: وتكون في ذلك في الحكم فقط أن ذلك هو الموجود وإن أمكن غيره. أما النظر على ذلك التوجيه فباق لم يندفع، وفيه أن اندفاع النظر مبني على فهم التوجيه بوجه آخر وهو أن الرواة إنما حكوا ما وقع خارجاً على ما هو عليه وإن أمكن غيره تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 277
قوله:
(هو المولى سعد الدين )
الموجود في كلامه في حاشية العضد أنها في ذلك في الحكم ولم يذكر في التلويح أنها في الوصف أو الحكم. قول المصنف: (ومنه) أي من الظاهر أن الخ فاحتماله لغير التعليل مرجوح لوجود القرينة عليه فالمراد الظهور ولو بالقرينة فاندفع ما في الناصر فانظره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 277
قول الشارح:
(لأنه لم يذكره الأصوليون)
(4/134)
---(3/211)
في العضد أن المعدود من حروف التعليل أن الشرطية. واعترض السعد ما في الآمدي بأن كون المشددة المكسورة موضوعة للتعليل بعيد جداً قال: والذي في المنتهى والشروح أنها المفتوحة المخففة واعترضه بأن التعليل مستفاد من اللام المقدرة اهـ. وهو يؤيد الجواب الآتي في المحشي ولعل ما قاله الآمدي سرى له من ذكر جملة أن للتعليل مع أنه مستفاد من الجملة بتمامها بقرينة السياق فهو من دلالة الاقتران فيكون إيماء. ثم رأيت في التلويح ما نصه: وأما كلمة أن مثل أنها من الطوافين عليكم فالمذكور في أكثر الكتب أنها من قبيل الصريح لما ذكره الشيخ عبد القاهر أنها في مثل هذه المواقع تقع موقع الفاء وتغني غناها، وجعلها بعضهم من قبيل الإيماء نظراً إلى أنها لم توضع للتعليل، وإنما وقعت في هذه المواقع لتقوية الجملة التي يطلبها المخاطب ويتردد فيها ويسأل عنها، ودلالة الجواب على العلية إيماء لا صريح، وبالجملة كلمة أن مع الفاء أو بدونها قد تورد في أمثلة الصريح وقد تورد في أمثلة الإيماء ويعتذر عنه بأنه صريح باعتبار أن والفاء وإيماء باعتبار ترتب الحكم على الوصف اهـ تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 278
قوله:
(بأن كان موضوعاً له فقط)
(4/135)
---(3/212)
أي لم يوضع لغيره ولا وضعاً مجازياً بخلاف الظاهر كما سيذكر. وحاصله أن النص ما وضع للتعليل ولم يستعمل في غيره أصلاً. والظاهر ما وضع له ولغيره، أما على سبيل الاشتراك أو التجوز في الثاني، وهذا ما يفيده كلام العضد فإنه صرح بأن الصريح ما دل بوضعه على التعليل ثم جعله مراتب ما لم يجيء لغيره وما جاء له، والظاهر أن المراد وضعه الحقيقي. وأما كلام سم في حاشيته فيشمل ما إذا دل على التعليل بوضعه المجازي وهو الموافق لما مر في كلمة أن تدبر. قوله: (أو موضعاً للتعليل فقط) انظر كيف يحتاج للقرينة حينئذٍ وليس ذلك في كلام سم بل الذي فيه عكسه. قول المصنف: (الثالث الإيماء) في العضد أن المدلول عليه بالإيماء لازم لمدلول اللفظ فدلالة الإيماء التزامية واللزوم عرفي لأنه لو لم يكن للتعليل لكان بعيداً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 278
قول المصنف:
(وهو اقتران الوصف الخ)
هذا معنى اصطلاحي فلا مانع منه لوجود المناسبة التي ذكرها المحشي، ولا حاجة إلى جعله تفسيراً باللازم ومعناه لغة الإشارة الخفية. قوله: (أقسام أربعة) الظاهر أنها سبعة الأربعة المذكورة ويزاد عليها ثلاثة بأن يقال في المذكورين أشير بهما إلى نظيرهما أولاً، وفيما إذا ذكر أحدهما دون الآخر المذكور أشير به إلى نظيره أولاً بخلاف ما إذا كانا مستنبطين لأن المستنبط إنما يستنبط من حيث كونه حكماً أو علة، لكن صنيع الشارح والحواشي هنا وفيما سيأتي يفيد أن النظير لا يعلل به إلا نظير وأن ذلك في المذكورين خاصة فتكون الأقسام خمسة فقط، وعلى كل فعذر المحشي أن ما ذكره هي الأقسام الأولية تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 279
قوله:
(أي منصوصا)
(4/136)
---(3/213)
المراد به ما عدا المستنبط. قوله: (أي لتعليل الحكم أو نظيره) الأولى أن يكتب على قول المصنف وهو اقتران الوصف الملفوظ أي أو نظيره بحكم أي ولو نظير الحكم الملفوظ، ثم على قول الشارح أي لو لم يكن ذلك من حيث اقترانه بالحكم لتعليل الحكم به الخ ما نصه. ظاهره أن الإشارة راجعة إلى الوصف الملفوظ ونظيره وفيه أن النظير مقترن بالنظير لا بالحكم الملفوظ إلا أن يقال فيه مسامحة لظهور المعنى من كلام المصنف قبل. وحاصله إجمال ببيانه لو لم يكن الوصف الملفوظ أو نظيره من حيث اقترانه بالحكم أو نظيره لتعليل الحكم أو نظيره، والاقتران كما يكون بين الملفوظين حقيقة يكون بين النظيرين حكماً إذ في ذكر النظيرين إشارة إلى نظيريهما فهما مذكوران حكماً مقترنان كذلك. أما عبارة المتن التي كتب عليها فظاهر منها ذلك كما لا يخفى. وسيأتي في كلامه بعد ولذلك لم يكتب الناصر و الشهاب إلا على عبارة الشارح الآتية تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 280
قول الشارح:
(وإلا لخلا الخ)
قال الناصر : هذه اللام تقع في جواب إن الشرطية في كلام المصنفين كثيراً سهواً وتوهماً أنها في جواب لو اهـ. لكن في الرضي أجاز ابن الأنبار دخولها في جواب الشرط مطلقاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 280
قول الشارح:
(فيقدر الخ)
(4/137)
---(3/214)
الداعي لهذا التقدير تحقق الاقتران بين الوصف والحكم في كلام واحد إذ الاقتران بينهما في كلامين غير ممكن. قول المصنف: (لو لم يكن لم يفد) قال المصنف في شرح المختصر: الحق أن العلة التشوش والوصف المذكور علة بمعنى أنه مشتمل عليها فيلحق به ما في معناها ويخرج عنه سواه كالغضب لله اهـ. فقوله هنا لو لم يكن علة أي باعتبار ما اشتمل عليه وقد مر. قوله: (بعيد جداً) أي وغلبة الظن بالتعليل كافية قاله المصنف في شرح المختصر. قوله: (مع الإتيان به في الحديث الخ) الظاهر أنه لا فرق بين قولنا وهو غضبان وقولنا في حال غضبه، وما أجاب به سم كله صحيح فانظره. قوله: (هي الفرسية والرجولية) الأول علة استحقاق خصوص السهمين، والثاني علة استحقاق خصوص السهم، أما علة الاستحقاق في الجملة فالقتال أو الحضور بنيته وإن لم يقاتل لكن الشارح بصدد الأول فلم يتعرض للثاني فاندفع ما في الناصر اهـ سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 280
قول الشارح:
(بين عدم الإرث المذكور الخ)
فيه إيماء إلى أن الضمير في ذكرهما للحكمين وجعله في العضد للوصفين لكن ما هنا أولى لأن الوصف تابع للحكم. قوله: (بمعنى المبيع) أي وفي الكلام مضاف وفي بمعنى من فيكون هكذا فالتعريف بين منع بيع المبيع من هذه الأشياء ولا يخفى سماحته، فالأولى أن لا يكون متفاضلاً حال من البيع ويعود الضمير عليه بمعنى المبيع على طريق الاستخدام ولعله مراده.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 281
قوله:
(فليست علته الاتحاد الخ)
(4/138)
---(3/215)
انظر من أين جاء التضييق حينئذٍ وهل هو إلا من أخذ الأكثر بالأقل من جنس واحد كذا قيل، وفيه أن هذا لا ينافي عدم علية الاتحاد. قوله: (أي يغتسلن) مذهب مالك والشافعي وفسره أبو حنيفة رحمه الله بالانقطاع. قوله: (لا يخرج عن الغاية) بل لا يكون التفريق بها إلا باعتباره إلا أنه ليس هو نفس الغاية فأحسن الاعتبار، ولا ينافي اعتبار التفريق بالغاية صحة اعتباره بالشرط بعده. قوله: (مع الجزم بالمحلوف عليه) أي بنقيض ما حلف عليه أو بأن المحلوف عليه رافع في نفس الأمر مع تخلفه. قوله: (فقد يقال الوجه المؤاخذة به) كيف مع عدم قصد لفظ اليمين الذي هو المراد، وكأنه فهم أن اللفظ مقصود دون الحلف وهو صريح لا حاجة له إلى النية وليس مراداً. قوله: (بقي إشكال) قد عرفت أن وجه الاستدلال أنه لو لم يكن للتعليل لأخل بفصاحة الشارع وهذا غير موجود في الأضداد، وظهور أن المذكور هو العلة كاف في أنه لا علة سواه تدبر. وانظر قوله: إذ فائدته وجود علة الحكيم الخ فإن كلام الناصر السابق له منعه. قول المصنف: (وكترتيب الحكم على الوصف) أي بأن جعل الوصف عنواناً ففارق ما بعده إذ الترتيب فيما بعد على الموصوف أي بيع صفته في ذاته أنه مظنة التفويت وليس التفويت مقدراً في نظم الكلام بل فهم لكون البيع مظنته وهذا هو المراد بالتقدير هنا، وفرق بين الترتيب على الوصف وبين المنع مما هو في نفسه موصوف، ولو كان ما بعد من صور الترتيب على الوصف للزم أن يكون منه أيضاً ما إذا ذكر في الحكم وصفاً لو لم يكن علة لم يفد وليس كذلك تدبر ليندفع ما في المحشي وعليه ينزل كلام سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 281
قوله:
(وفيه أن الذي هو مظنة الخ)
(4/139)
---(3/216)
حاصل كلام سم أنه لو لم يكن المنع لوجود مظنة هي البيع لكان المنع بعيداً ولا شيء فيه أصلاً. قوله: (الدالة على التضعيف) فالراجح فيه أنه ليس بإيماء فاختلف الترجيح. قوله: (ولعل وجه الترجيح الخ) ما ذكره إن كان لدلالة الوصف على الحكم فهو ما في الشارح، وإن كان لعدم الوجود للوصف فلا يتحقق الاقتران فيقال مثله فيما إذا ذكر الوصف فقط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 283
قوله:
(وفيه أن الذي هو مظنة الخ)
حاصل كلام سم أنه لو لم يكن المنع لوجود مظنة هي البيع لكان المنع بعيداً ولا شيء فيه أصلاً. قوله: (الدالة على التضعيف) فالراجح فيه أنه ليس بإيماء فاختلف الترجيح. قوله: (ولعل وجه الترجيح الخ) ما ذكره إن كان لدلالة الوصف على الحكم فهو ما في الشارح، وإن كان لعدم الوجود للوصف فلا يتحقق الاقتران فيقال مثله فيما إذا ذكر الوصف فقط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 283
قول الشارح:
(لجواز كون الوصف أعم)
عبارة المصنف في شرح المختصر بخلاف إثبات لازم الشيء إذ لا إثبات فيه لملزوم اهـ. أي ملزوم معين إذ اللازم الأعم كما يلزم هذا يلزم غيره، فإذا قيل: لا تبيعوا البر بالبر يحتمل الاقتيات أو الادخار أو الطعم ولا تعين لواحد حتى يقع معه الاقتران، فقوله هنا لجواز كون الوصف أعم أي الذي يلزمه الحكم أعم مما عينه المستنبط، وحينئذٍ لا يكون في الحكم دلالة على خصوص ما عينه حتى يكون فيه إيماء إليه، وإنما لم يعلل بعموم الحكم لأن عدم الاقتران إنما جاء من تخلف الوصف تدبر. قوله: (بناء على خطأ المستنبط الخ) فيه أن خطأه ليس قاصراً على هذا بل يكون فيما إذا ذكر الوصف، فالصواب ما ذكرناه خصوصاً وهو الموافق لتقرير المصنف كلام ابن الحاجب ، وأيضاً المراد أن يوجد اقتران بين الوصف والحكم في ذاتهما لا بعد الاستنباط كما يدل عليه قول الشارح لاستلزام الوصف للحكم الخ تدبر.
(4/140)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 283
قوله:(3/217)
(قد اختلف في مناسبة الوصف المومى إليه في كون علل الإيماء صحيحة)
أي اختلف في اشتراط المناسبة في الصحة. قول المصنف: (ولا يشترط مناسبة الوصف المومى إليه) قال المصنف في شرح المختصر تبعاً للعضد: والمراد من المناسبة ظهورها، وأما نفسها فلا بد منها في العلة الباعثة دون الإمارة المجردة اهـ. قال شيخ الإسلام في شرح مختصره لهذا المتن بعد ذلك: ومرادهما بالعلة الباعثة المشتملة على حكمة تبعث على الامتثال اهـ. وهو موافق لما مر عن والد المصنف أن من عبر بالباعث أراد الباعث للمكلف على الامتثال، ووجه هذه التفرقة أن من قال إنها المعرف يقول المدار على دلالة الإيماء عليها لأن المقصود تعريف الحكم، والحكمة الباعثة للمكلف قد تخفى ولا دخل لها في العلية، ومن قال إنها الباعث للشارع على شرع الحكم يقول: ليس المقصود مجرد التعريف بل مع بيان وجه مشروعية الحكم إذ له دخل في العلية فلا بد من معرفته حتى يكون الإيماء صحيحاً. ثم إن قول المصنف: ولا يشترط مناسبة المومى إليه يفيد أن هذا الخلاف إنما هو في دلالة الإيماء فقط دون النص وهو الموافق لقول العضد في كون علل الإيماء صحيحة ولعله لضعفه عن النص، وبهذا ظهر أنه لا مخالفة بين شيخ الإسلام والعضد وأن الباعثة في كلام العضد غيرها في كلام الشارح إذ المراد بها في كلام الشارح الباعثة للشارع على شرع الحكم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 283
قول الشارح:
(فالتسمية بمجموع الاسمين واضحة)
(4/141)
---(3/218)
قال السعد في حاشية العضد: عند التحقيق الحصر راجع إلى التقسيم والسبر إلى الإبطال، وذلك لأنه إذا قال: بحثت عن أوصاف البر فلم أجد ثم ما يصلح للعلية في بادىء الرأي إلا الطعم أو القوت أو الكيل لكن الطعم أو القوت لا يصلحان عند التأمل فتعين الكيل فقد حصر ما يصلح للعلية فيما ذكره على وجه التقسيم بأو، وبين ببحثه الذي هو الاختبار بطلان ما عدا الكيل. وعبارة الشارح تنادي على هذا المعنى فما أدري ما وجه تكثير أمثال هذه الاعتراضات. قوله: (يستلزمان الاختبار) فيه أن الحصر لا دخل له فيه إذا الإبطال يكون في غير الحصر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 284
قوله:
(ولم يبده)
أي لأنه لم يبحث أو ترويجاً لكلامه وإن لم يجد فلا يدل على عدمه، وعلى هذا فالواو في قوله: والأصل عدم ما سواها على حالها لأن المراد دفع كل منع على الحصر من المنوع الثلاثة، وكأن المحشي فهم أن المانع منع على الترتيب وهو خلاف مراد الشارح فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 285
قول الشارح:
(لعدالته)
لأن القياس الحقيقي لا يكون إلا من مجتهد ومن شروطه العدالة، وإذا كان كذلك غلب الظن وهو كاف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 285
قول الشارح:
(ولا يكابر نفسه)
فيجب عليه العمل بما أدى إليه ظنه وإلا لأدى إلى عدم وقوفه على شيء. قول المصنف: (فإن كان الحصر والإبطال قطعياً) أما قطعية الإبطال فظاهر، وأما قطعية الحصر فبأن يكون مردداً بين النفي والإثبات كأن يقول علة الربا في البر أما الطعم أو الكيل أو القوت أو غيرها وجميع الأقسام باطلة ما عدا الطعم، ثم يستدل على الإبطال بدليل قطعي. قول المصنف: (والمناظر غيره) فيكون حجة على الغير لإفادته الظن ما لم يدفعه وما يفيد الظن يجب العمل به فإن كان المناظر مجتهداً وجب عليه أو مقلداً توجه الإلزام على من قلده تدبر.
(4/142)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 285
قول الشارح:
(حذراً من أداء بطلان الباقي الخ)(3/219)
أي قد يؤدي إلى ذلك إذ قد لا يكون في الواقع سوى ما حصره المستدل من الأوصاف، وإذا بطل الباقي وهو قد أبطل ما سواه أدى إلى الحكم على المجمعين بالخطأ فاندفع ما في الحاشية، وإنما ضعفه المصنف لوجود الظن مع عدم الإجماع وهو كاف فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 286
قول الشارح:
(لأن ظنه لا يقوم حجة على خصمه)
فيه أن طريقه المتقدم موجب للظن في نفسه. قوله: (تفريع على قوله الخ) الأولى أن يكون مقابلاً لقوله: ويكفي قول المستدل أي هذا إن لم يبد المعترض وصفاً وإلا فلا يكفي ذلك في صحة حصره بل لا بد من إبطال ما أبداه المعترض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 286
قول الشارح:
(منع لمقدمة من الدليل)
وهي قوله: قد حصرت الصالح فلم أجد إلا كذا وكذا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 286
قول الشارح:
(في أيهما العلة)
أي استفهامية مبتدأ والعلة خبر أي في جواب أيهما العلة والاستفهامية معربة سواء أضيفت أم لم تضف، ويصح أن تكون موصولة مبنية على الضم لحذف صدر صلتها مع الإضافة أو معربة على مذهب الخليل القائل بإعرابها مطلقاً. قوله: (متعلق بقوله وهو حصر الأوصاف) لعله الخ فإن ما هنا إبطال بعض ما يصلح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 286
قول الشارح:
(بخلافه في الإيماء)
أي بخلاف عدم الظهور يدل على وجود المناسبة فهو مما يدل على ما تقدم نقله عن المصنف والعضد فتذكر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 286
قول المصنف:
(بحثت فلم أجد الخ)
أي فتعين علة الباقي للانحصار فيه، فحاصله أن المستدل استدل بعدم المناسبة في النفي وبالانحصار في الإثبات ولم ينظر فيه لكونه مناسباً أولاً لأنه متى انتفى غيره انحصر فيه وهو كاف.
(4/143)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 286
قول المصنف:
(ولكن يرجح سيره الخ)
أي للتعارض بين السبرين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 287
قوله:
(أشار بذلك إلى أن استخراج الخ)(3/220)
به يندفع الإشكال الآتي ولا حاجة إلى جوابه. قوله: (ما نيط به الحكم) من النوط وهو التعليق فالمناط مفتوح الميم شيخ الإسلام بزيادة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 287
قول الشارح:
(وباعتبار المناسبة في هذا ينفصل عن الترتيب)
أي باعتبار المناسبة في هذا المثال الذي فيه الاقتران المخصوص وهو ترتيب الحكم على الوصف ينفصل عن الترتيب لأن الترتيب هو الاقتران المخصوص فقط، ولو اعتبرت المناسبة في الترتيب لكان هو المناسبة مع الاقتران وذلك هو المناسبة التي هي المسلك، وبه يندفع ما نقله المحشي عن سم من البحثين، أما الأول فلما علمت من الاتحاد، وأما الثاني فلأن الكلام في تباين الدليلين، والدليل في الترتيب إذا لم تعتبر فيه المناسبة هو الاقتران فقط، بخلاف المناسبة المتحققة في مثال الترتيب فإنها المناسبة مع الاقتران، بقي أمر آخر وهو أن الاقتران المعتبر في المناسبة كما يكون بالترتيب يكون بغيره، فلعل تخصيص الترتيب لكونه المشار إليه بمثال الحال، وآخر أيضاً وهو أن المناسبة هنا هي الدليل والاقتران شرط اعتبارها، ولو اعتبرت في الترتيب كانت هي الشرط لاعتباره كما هو كذلك عند من اعتبرها في دلالة الإيماء من نص على أن الترتيب هنا شرط لا دخل له في المناسبة الهندي ويفيده عبارة المصنف فهلا كفى ذلك في انفصال المناسبة في مثال الترتيب عن الترتيب إلا أن يقال: إنه خفي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 287
قوله:
(لأنه إذا اعتبر في التسمية اصطلاحاً الخ)
(4/144)
---
اللزوم مسلم لكن المحترز عنه على جعله قيداً في التسمية هو التعيين مع القوادح فإنه لا يسمى بهذا الاسم، وعلى جعله قيداً في الماهية المحترز عنه باقي المسالك. قوله: (إذ لا معنى لاعتبار الشيء في الماهية) أي في الاسم الموضوع لها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 288
قول الشارح:
(بحسب الواقع)(3/221)
يعني أنه اسم في الواقع للتعيين مع السلامة فلذا قيد بهذا القيد لإخراج التعيين مع عدمها، قال العلامة : والأظهر أن المراد بحسب الواقع أنه لم يوجد في تعيين العلة بإبداء المناسبة مع عدمها أي السلامة فيكون على الأول للاحتراز دون الثاني تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 288
قول الشارح:
(أقعد)
لأن المناسبة المخصوصة هنا تكون عليه فرداً من أفراد مطلق المناسبة الذي هو المعنى اللغوي، ويكون الدليل هو تلك المناسبة الثابتة في نفسها كما هو شأن الأدلة لا التخريج المذكور الذي هو فعل المجتهد بخلاف ما صنعه ابن الحاجب. قوله: (لا إلى تخريج المناط) فيه أنه لو رجع إليه لكان كذلك لأنه اسم للمناسبة فتكون هي تعيين العلة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 288
قول المصنف:
(ويتحقق الاستقلال الخ)
بيان الاعتراض الوارد على المناسبة وهو إبداء المعترض ما يكون جزء علة أو علة أخرى بناء على تعددها، وليس في هذا التحقيق انتقال من طريق إلى آخر لأن الانتقال المحذور الانتقال في الإثبات الذي هو بصدد طريقه لا في بيان الاستقلال، ولذا منع المستدل من بيان المناسبة فيما تقدم حيث كان المقصود بها الإثبات تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 288
قول الشارح:
(لا يقول المستدل الخ)
لأن قوله ذلك لا يثبت الاستقلال لأنه ليس مبنياً على الوجدان بل عدم مناسبة غيره. قوله: (نظر فيهما الأسنوي الخ) دفعه الشارح في الأول بقوله: فمناسبة الوصف الخ ويقاس عليه الثاني.
(4/145)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 289
قوله:
(هذا وأن موافقة الضم للضم الخ)(3/222)
أجاب عنه سم أيضاً بأنه تفسير باللازم فيكون رسماً لا حداً أو هو اصطلاح، وحقيقة المناسبة أن يكون بين الشيئين تناسب إما بالغلبة أو بالمعلولية كما هنا، أو عدم زيادة أحدهما على الآخر كما في اللآلىء تدبر. قوله: (وقد يقال لا داعي الخ) هذا إن لم يكن منقولاً عنهم. قوله: (من قرى سمرقند) في اللب بين بخارى وسمرقند. قوله: (بدأ العضد بالرابع) لكنه أبدل مقصود الشارع بمقصود العقلاء كما سيأتي في كلام السعد. قوله: (وقضية ذلك الخ) إنما كان قضيته لأنه إذا قارب قول أبي زيد الرابع على كلام العضد وقد قارب أيضاً الأول على كلام الشارح فقد قارب الرابع الأول لمقاربته ما قاربه الأول تدبر. قوله: (ولا يخفى إمكان رد الثاني إليها) ظاهره أنه يرد مع بقائه على كونه قول من يعلل بالمصالح ولا مانع منه خلافاً لـ سم فانظره وتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 289
قوله:
(ليس الإتيان بكلمة مع الخ)
أجاب الجوهري بأن مع تقوم مقام واو العطف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 289
قول الشارح:
(وقول الخصم الخ)
رد لما قال أبو زيد بناء على تعريفه من أنه يمتنع التمسك بالمناسبة في مقام المناظرة إذ يقول الخصم لا يتلقاه عقلي بالقبول وتلقي عقلك له بالقبول لا يصيره حجة، نعم لا يمتنع التمسك به في مقام النظر لأن العاقل لا يكابر نفسه. وحاصل الرد أن المراد تلقي العقول من حيث هي لا عقل المناظر، ومتى كان ظاهر المناسبة كفى في تلقي القبول إذ المدار على الظن فإنكار الخصم حينئذٍ عناد. قوله: (والأقوال كلها متحدة في الماصدق) قال به شيخ الإسلام في شرح مختصره. قوله: (لا تضعيفها) لأن القول الأخير قول المحققين ومنهم الآمدي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 289
قوله:
(باعتبار ما يصلح بنفسه)
(4/146)
---(3/223)
لأنه إن لم يكن كذلك لم تكن العلة هو الوصف المناسب الذي الكلام فيه بل لازمه هذا، وعندي أن ما قال الأسنوي غلط لأن القسم الثاني ظاهر منضبط أيضاً إذ الوصف المناسب فيه المظنة، وإن كانت مناسبة باعتبار ما يظن فيه كالمشقة لا نفس المشقة كما فهمه الأسنوي . قول المصنف: (اعتبر ملازمه) يعني أنه هو العلة وهو المناسب، أما المشقة فليست مناسباً لفقد ضابطه من الظهور والانضباط، ولذلك جعل الشارح المحقق مرجع ضمير كان الوصف بقطع النظر عن كونه مناسباً فتأمل. قول المصنف: (فإن كان الوصف خفياً أو غير منضبط اعتبر لازمه) لأن العلة مفرقة للحكم وما كان خفياً أو غير منضبط لا يعرف غيره، والمراد باللزوم العقلي أو العرفي أو العادي قاله السعد في حاشية العضد خلافاً لـ لمحشي في قصره على العادي، والمراد بالملازم ما يوجد الحكم بوجوده نص عليه السعد أيضاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 290
قول الشارح:
(كالسفر مظنة للمشقة المترتب عليها الترخص)
يفيد أن المشقة ليست هي الحكمة المترتبة بل هي مرتب عليها الترخيص الذي هو مقصود الشارع. ألا ترى أنها هي الوصف المناسب إلا أنها لم تجعل علة لعدم الانضباط وهو يريد ما قلناه فيما سبق عند قول المصنف، أن يكون وصفاً ضابطاً لحكمة حيث قال الشارح: لا نفس الحكمة كالمشقة، فالمراد بالحكمة هناك ما كان واسطة في ترتب الحكم على الوصف وإن ترتب عليه حكمة أخرى هي المقصود للشارع تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 290
قوله:
(المراد بالحكم المحكوم به)
(4/147)
---(3/224)
هو البيع والحكم حله وسيأتي أنه يقدر لفظ مقصود فهو تلفيق بين كلامي الناصر و سم . فالصواب إما تقدير المضاف ويبقى الحكم على حاله أو لا يقدر ويكون الحكم بمعنى المحكوم به. وقوله: كالبيع أي من حيث إنه محكوم به أي بحله. واعلم أن الوصف المناسب هنا هو الحاجة إلى التعاوض والمشروع هو الحكم أو البيع على ما مر والمرتب هو الملك. قوله: (لأنا نقول هذا لا ينافي حصوله يقيناً الخ) الأولى أن سبب الملك البيع المطلق والخيار مانع وهو لا ينافي العلية قاله السعد . ويمكن رد الجواب الثاني إليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 291
قوله:
(فلا تنافي بين كلاميه)
وإنما اعتبر هناك الحفظ لأن الكلام هناك في الحكمة الباعثة للمكلف على الامتثال، وإنما يبقيه الحفظ لا الانزجار اللهم إلا من جهة ترتب الحفظ عليه، وصنيع الشارح فيه أمر يفيد ذلك حيث قال تمثيلاً للحكمة الباعثة كحفظ النفوس ثم قال: فإن من علم أنه إذا قتل اقتص منه انكف عن القتل أي وحينئذٍ يترتب عليه الحفظ تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 291
قول المصنف:
(والأصح جواز التعليل بالثالث والرابع)
سماهما علة وإن كانت العلة هي المناسب نظراً لأن المقصود بالتعليل هو ذلك المقصود قاله الناصر . قلت: ولم يؤوله الشارح بما اشتمل عليهما لظهور المراد حيث قال في تعريف المناسب المتفرع عليه هذا: إن المقصود ليس علة بل يترتب عليها ولأجل قول المصنف بعد فإن كان فائتاً قطعاً فإن المراد به نفس المقصود لا ما ترتب عليه المقصود، وبه يندفع تطويل الحواشي هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 292
قوله:
(فإن الحكمة قد تكون الخ)
(4/148)
---(3/225)
كالانزجار فإنه حكمة يصح تعليل القصاص بها بناء على انضباطها ويترتب عليها حفظ النفوس، وبهذا التصوير يندفع قوله: وقد يستبعد الخ لأن المترتب على ثبوت الحكم غير ما ترتب عليه الحكم. قوله: (إلا أن يراد الخ) كيف هذا مع كون المراد أنها المقصود من ذلك الحكم بعينه؟ قوله: (مبني على القول الآخر) يفيد تقدم قول بأن العلة الحكمة المترتبة وظني أنه لم يتقدم ذلك بل الذي تقدم القول بعلية حكمة المظنة لا المترتبة تدبر. قوله: (يقدر في العبارة مضاف) يلزمه حزازة مع قوله بعد: فإن كان المقصود الخ لأن المراد به عينه، لأن قوله: لأن الحكمة هنا منتفية لو قال كـ الناصر لأن ما قبله المنتفى فيه على السواء أو الرجحان هو المقصود من شرع الحكم، وهذا المنتفى فيه قطعاً هو حكمة المظنة لا المقصود من شرع الحكم إذ هو التخفيف وهو حاصل لكان أفيد، وعلى كل فهو نظير له في الاعتبار لأجل الحصول في الجملة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 292
قول المصنف:
(فإن كان المقصود من شرع الحكم إلى قوله كلحوق الخ)
الوصف المناسب هو الحاجة إلى النكاح والمشروع النكاح أو حله والمقصود حصول النطفة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 293
قوله:
(وقد يجاب الخ)
(4/149)
---
حاصله أن المنتفي في مثال السفر هو حكمة المظنة أعني الحكمة التي ترتب عليها المقصود للشارع وهو التخفيف، لكن الشارع لم يعتبر وجود تلك الحكمة، بل لما كان السفر من شأنه تلك الحكمة إذ قد تحصل المشقة حتى للمترفه ربط المقصود به سواء وجدت أو لا، بخلاف النكاح فإنه ليس من شأنه حصول النطفة مطلقاً بل مع التمكن فمع عدمه لا يمكن حصول المقصود، فلذا لم يجعل العقد مظنة مطلقاً. فقوله: بانتفاء المقصود المراد به الحكمة المترتبة. وقوله: بانتفاء الحكمة المراد بها الأمر الذي يترتب عليه المقصود بسبب اعتبار مظنته وهو السفر. أما الحكمة المترتبة أعني التخفيف فحاصله قطعاً فهذا هو الفرق بين الحكمة والمقصود.(3/226)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 293
قوله:
(أشار ثم إلى تمثيل الحكمة)
الممثل له هناك الحكمة المترتب عليها المقصود كما قال الشارح كالسفر مظنة للمشقة المرتب عليها الترخص.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 293
قوله:
(وهنا إلى تمثيل المقصود الخ)
عبارة الناصر على قول المصنف كجواز القصر للمترفه، هذا نظير لما قبله في الاعتبار لأجل الحصول في الجملة، وإلا فما قبله المنتفى فيه عن السواء أو الرجحان هو المقصود من شرع الحكم وهذا المنتفى فيه قطعاً هو حكمة المظنة لا المقصود من شرع الحكم إذ هو التخفيف وهو حاصل اهـ. فكيف مع ذلك يحكم بالاتحاد بين حكمة المظنة والمقصود؟ فلعل سم لم يطلع على عبارة الناصر هذه. قوله: (وإن لم تكن دائمة) الأولى حذف الواو كما في عبارة سم وقوله: ولو في الجملة مبالغة في دائمة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 293
قوله:
(وفرق أيضاً الخ)
حاصله هو الأول فالتغاير في العبارة، ويشير إليه قول سم وبطريق آخر أي عبارة أخرى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 294
قوله:
(قلت مفاد فرقه الأول الخ)
(4/150)
---
أنت خبير بأن سم لم يفرق بين انتفاء المقصود وانتفاء الحكمة كما هو مقتضى إشكاله المتقدم، بخلاف العلامة الناصر كما هو مقتضى عبارته المتقدمة فما قاله المحشي ليس بشيء. وحاصل جواب العلامة أن حكمة المظنة كالمشقة لما لم تكن منضبطة ظاهرة اعتبر الشارع مظنتها فهي العلة وجدت الحكمة أولاً، بخلاف الحكمة المترتبة فإنه لا حاجة إلى اعتبار مظنتها إذ لا تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، بل هو أمر مضبوط إن حصل ترتب حكمة وإلا فلا، والحنفية قاسوا الحكمة المترتبة على حكمة المظنة وقد علمت الفرق فأحسن التأمل، ثم إن هذا لا ينافي أنه لا بد من اشتمال العلة على حكمة لأنها تشتمل عليها مع حصول شرطها فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 294
قوله:
(وإن كان المقرر فيه ثبوت الحكم أيضا)(3/227)
أي لكن لا لاعتبار المقصود وهو المعرفة بل للتعبد من أن يثبت الحكم أي للحاجة إلى النكاح دون ما يترتب عليه لأنه ليس مظنة مطلقاً بل مع الإمكان كما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 294
قوله:
(من حيث الاستناد الخ)
الأولى حذفه لإفادته أن ثبوت الحكم من حيث الاستناد وليس كذلك بل للحاجة كما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 294
قوله:
(تضمن معنى حسنا)
هو المبالغة في لحوق النسب حتى كأن الأصل ينسب إلى الفرع وفيه أن المقام لا يقتضيها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 294
قول المصنف:
(والمناسب ضروري الخ)
(4/151)
---
المناسب له تقسيمات باعتبار إفضائه إلى المقصود، وقد تقدم في قوله: وقد يحصل المقصود الخ، وباعتبار النفس المقصود وهو هذا، وباعتبار اعتبار الشارع، وسيأتي في قوله: ثم المناسب إن اعتبر بنص الخ، إذا عرفت هذا عرفت أن هذا التقسيم تقسيم للمناسب باعتبار المقصود لأنه المشروع له، وهذا هو ما صنعه العضد في حل كلام ابن الحاجب وبه يحصل ارتباط الكلام، وقد أشار الشارح إلى ذلك بالحيثية التي ذكرها، فقوله هنا من حيث شرع الحكم له إشارة إلى أن التقسيم للمناسب باعتبار المقصود منه لأنه المشروع له الحكم في الحقيقة وعليك باعتبار ذلك في الباقي، وأما ما قاله المحشي تبعاً لـ لناصر ففيه كما قال سم اضطراب لأن السابق واللاحق في الوصف وهذا الوسط في المقصود.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 295
قول المصنف:
(كحفظ الدين)
لعله أدخل بالكاف ما عرض له الضرورة كالاستئجار لرضاع الطفل، ولا ينافي انحصار الضروريات في الخمس لأن الضرورة هنا عارضة بسبب حفظ النفس.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 295
قول الشارح:
(وعقوبة الداعين إلى البدع)
جعله شيخ الإسلام في شرح مختصر المتن في مكمل الضروري لأن الدعوى إلى البدع تدعو إلى الكفر المفوّت لحفظ الدين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 295
قوله:
(وحينئذٍ يشكل تصوير الحالة التي يكون فيها دون المال)(3/228)
عبارة سم التي ليس فيها تطرق الشك في الإنسان حتى يكون في رتبة المال أو دونه الخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 295
قوله:
(وعلته كون القليل الخ)
أي فهي الجناية على العقل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 295
قوله:
(والصواب أن يقول الخ)
لا تصويب من يقدر مضاف كما مر أي مقصود البيع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 296
قوله:
(هو على حذف المضاف)
أي مقصود بسلب العبد وهو النفس.
(4/152)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 296
قول المصنف:
(ثم المناسب إن اعتبر بنص أو إجماع عين الوصف في عين الحكم الخ)
قال السعد في التلويح المذكور في كلام فخر الإسلام ومن تبعه: إن جمهور العلماء على أن الوصف لا يصير علة بمجرد الاطراد بل لا بد لذلك من معنى يعقل بأن يكون صالحاً للحكم ثم يكون معدلاً بمنزلة الشاهد لا بد من اعتبار صلاحيته للشهادة بالعقل والبلوغ والحرية والإسلام، ثم اعتبار عدالته بالاجتناب عن محظورات الدين، فكذا لا بد لجعل الوصف علة من صلاحه للحكم بوجود الملاءمة ومن عدالته بوجود التأثير، فالتعليل لا يقبل ما لم يقم الدليل على كون الوصف ملائماً وبعد الملاءمة لا يجب العمل به إلا بعد كونه مؤثراً عندنا وتخيلاً أي موقعاً خيال الصحة في القلب عند أصحاب الشافعي رحمه الله، فالملاءمة شرط لجواز العمل فالعلل فالتأثير أو الإخالة شرط لوجوب العمل دون الجواز اهـ. وبه يندفع ما قاله الناصر من أن المناسب هو الوصف الذي طريق معرفته المناسبة لا النص والإجماع فكيف ينقسم إلى ما يعتبر بالنص والإجماع وإلى غيره؟ وحاصل الدفع أن اعتبار الشارع له بالنص والإجماع لا يخرجه عن كون طريقه في ذاته مناسبة لأن اعتبار النص والإجماع إنما هو في كونه مؤثر إلا في كونه مناسباً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 296
قول الشارح:
(بل اعتبر بترتيب الحكم الخ)
(4/153)
---(3/229)
يعني أن الدليل على اعتبار الشارع عين ذلك الوصف في عين ذلك الحكم هو ترتيب الحكم على وفقه بأن ثبت الحكم معه في المحل، لكن لا نقول إنه اعتبره بالترتيب ودل عليه به إلا إذا كان ذلك الاعتبار معلوماً بسبب اعتباره بنص أو إجماع في الجملة، وإنما كان في الجملة لأن النص إنما دل على اعتبار جنسه في جنسه أو عينه في جنسه أو عكسه، فقد وجب له أصل معين يشهد له بالاعتبار. وقولنا في الجملة هو معنى قوله: ولو باعتبار جنسه، فإن الثابت بذلك ليس عين الوصف في عين الحكم مثلاً عين الصغر معتبر في جنس الولاية بالإجماع لأن الإجماع على اعتباره في ولاية المال إجماع على اعتباره في جنس الولاية فباعتباره في عين ولاية النكاح إنما ثبت بثبوتها معه في المحل لترتب الولاية باعتبار جنسها معه في مسألة ولاية المال. فقول الشارح حيث ثبت الحكم معه تفسير للترتيب على وفقه كما في العضد وغيره، وبهذا ظهر أن الترتيب هو ثبوت الحكم مع الوصف بأن أورده الشرع في محل ثابت فيه ذلك الوصف بلا نص عليه ولا إيماء كما فسره بذلك شيخ الإسلام في شرح مختصره، وهو مأخوذ من كلام المصنف في شرح المختصر أيضاً، وحينئذٍ لا يمكن أن يكون الترتيب ثابتاً باعتبار الجنس في الجنس الخ إذ اعتبار الجنس في الجنس ليس فيما جعل الترتيب فيه دليلاً بل في محل آخر وإن كان سبباً في علم أن ترتيب الشارع الحكم مع الوصف اعتبار للوصف، وحينئذٍ تعلم بطلان قول العلامة الصواب ولو كان الترتيب الخ بإسقاط الاعتبار، وما في كلام سم هنا من الخلل يشهد لما قرر بأنه الكلام هنا قول المصنف مع ابن الحاجب بعد تصريحه بأن الاعتبار من الشارع ما نصه والمعتبر بترتيب الحكم على وفقه فقط، وحينئذٍ إن ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه الخ. ولما كان ثبوت العين في العين إنما هو بسبب ثبوت العين بالجنس أمكن الخلاف في علة ولاية النكاح إذ لم تثبت بنص ولا إجماع بل بمجرد ثبوت الحكم مع الوصف في الجملة، فاحتمل الفرق(3/230)
(4/154)
---
بين الموضعين، ولذا كان الوصف ملائماً لا مؤثراً فليتأمل لتندفع شكوك الناظرين. واعلم أن في كلام السعد حاشية العضد ما لظاهره مخالفة المصنف، لكن عند التأمل لا مخالفة لبنائه على اعتبار الجنس القريب في الملائم البعيد في المرسل حينئذٍ، وفي المقام تفاريع كثيرة جداً ذكر بعضها في حاشية التوضيح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 296
قول الشارح:
(ولو كان الاعتبار بالترتيب الخ)
مبالغة في الاعتبار بترتيب الحكم بذكر أبعد أفراده في الدلالة على العلية. قوله: (متسبباً عن اعتبار الجنس) أي إنما ثبت بسبب اعتبار الجنس في الجنس.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 298
قول الشارح:
(حيث تثبت معه)
تقييد لتحقق الترتيب فإنها إن لم تثبت معه كالولاية في الكبيرة لا ترتيب حتى يستدل به. ومثله قوله على القول به فإن من قال به ثابت في المحل مع الوصف عنده ذلك شرعاً، وكذا قوله فيما يأتي حيث ثبت معه فإنه إن لم يثبت كقتل الوالد ولده لا ترتيب. والحاصل أن ثبوت الحكم في المحل مفرع عنه إما إجماعاً أو على قول المعلل، وبه يظهر أنه ليس المراد بالثبوت معه الذكر معه كما قال المحشي تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 298
قول الشارح:
(وقد اعتبر في جنس الولاية)
قال الفنري على التلويح: لأن الإجماع على اعتباره في ولاية المال إجماع على اعتباره في جنس الولاية اهـ. أي ولاية المال نوع من نوعي جنس الولاية، والنوع لا شك في دخول الجنس فيه وهو مطلق الولاية، وبه يندفع قول الشهاب كأنهم نظروا الخ فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 299
قول الشارح:
(وقد اعتبر جنسه في الجواز في السفر)
الذي منه سفر الحج الذي يقول به أبو حنيفة رضي الله عنه فصح قوله بالإجماع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 299
قول المصنف:
(وإن لم يعتبر الخ)
(4/155)
---(3/231)
أي لم يعتبر بالترتيب المتقدم، وقد علمت مما سبق أن المراد بالجنس بالنسبة للوصف والحكم هو القريب، فحاصل الكلام هنا أنه لم يعتبر بالجنس القريب بل البعيد. أما إذا لم يثبت اعتباره باعتبار جنسه البعيد في عين الحكم أو عينه في جنس الحكم البعيد أو جنسه البعيد أو القريب في جنس الحكم البعيد فلا خلاف في رده، نبه عليه السعد في التلويح وغيره، وعليك بالتلويح ففيه الأمثلة. قول المصنف: (وكاد إمام الحرمين يوافقه) لأنه قال به بشرط أن يكون مصلحة شبيهة بالمصالح المعتبرة وفاقاً، وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول تارة في الشريعة، وبعبارة أنه قال به بشرط أن يكون له نظير علل به. قول المصنف: (مع مناداته عليه بالنكير) فإنه قال: إنه مخالف للأولين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 299
قول الشارح:
(لعدم ما يدل على اعتباره)
لاختلاف الجنس القريب فجاز اختلاف الحكم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 299
قول المصنف:
(واشترطها الغزالي الخ)
(4/156)
---(3/232)
قال السعد في التلويح: قال الإمام الغزالي : من المصالح ما شهد الشرع باعتباره وهي أصل في القياس وحجة، ومنه ما شهد ببطلانه كنفي الصوم في كفارة الملك، ومنها ما لم يشهد له بالاعتبار ولا بالبطلان وهذا في محل النظر، والمراد بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع من المحافظة على الخمسة الضرورية، فكل ما يتضمن حفظ هذه الخمسة الضرورية، وكل ما يقويها فهي مصلحة ودفعها مفسدة، وإذا أطلقنا المعين المخيل والمناسب في باب القياس أردنا به هذا الجنس، والمصالح الحاجية والتحسينية لا يجوز الحكم بمجردها ما لم تعضد بشهادة الأصول لأنه يجري مجرى وضع الشرع بالرأي وإذا اعتضد بأصل فهو قياس، وأما المصلحة الضرورية فلا بعد في أن يؤدي إليها رأي مجتهد وإن لم يشهد له أصل معين كما في مسألة التترس فإنا نعلم قطعاً بأدلة خارجة عن الحصر أن تعليل القتل مقصود للشارع كمنعه بالكلية، لكن قتل من لم يذنب غريب لم يشهد له أصل معنا، ونحن إنما نجوزه عند القطع أو ظن قريب من القطع، وبهذا الاعتبار تخصص هذا الحكم من العمومات الواردة في المنع عن القتل بغير حق لما نعلم قطعاً أن الشرع يؤثر الحكم الكلي على الجزئي، وأن حفظ أصل الإسلام أهم من حفظ دم مسلم واحد، وهذا وإن سميناه مصلحة مرسلة لكنها راجعة إلى الأصول الأربعة لأن مرجع المصلحة إلى حفظ مقاصد الشرع المعلومة بالكتاب والسنة والإجماع، ولأن كون هذه المعاني عرفت لا بدليل واحد بل بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة، وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات سميناها مصلحة مرسلة لا قياساً إذ القياس أصل معين اهـ. فعلم من قوله: ونحن إنما نجوزه الخ أنه هو لا يقول به عند فقد الشروط أما غيره فيجوز أن يقول به عند العقد كما يؤخذ من قوله قبل ذلك فلا بعد في أن يؤدي إليها رأي مجتهد ومن قوله ولأن كون هذه المعاني الخ أنه إنما جعل هذه من المصالح المرسلة لعدم تعين الدليل وإن رجعت إلى الأصول الأربعة لا لعدم(3/233)
(4/157)
---
الدليل كما في غيرها من المصالح المرسلة، فإطلاق المرسل عليها بطريق المشابهة في عدم تعين الدليل وإن كان في غيرها لعدمه، وبه يعلم ما في الحاشية من أن الغزالي يقول بها عند فقد الشروط، وأن معنى قول الشارح فجعلها منه أي مما يطلق عليه المرسل لا من المرسل بمعنى ما لا دليل أصلاً على اعتباره فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 299
قوله:
(وبحث في ذلك العلامة الخ)
حاصله أن العلة في رمي الترس حفظ باقي الأمة وحفظ الباقي قبل الرمي ليس متعلقاً بالكل حتى تكون المصلحة كلية. ثم قال العلامة : فالمجوز ليس حفظ الباقي بل هو اندفاع الاستئصال للمسلمين لأنه كلي لتعلقه بالاستئصال الذي هو قتل كل الأمة. ثم نقل عن العضد التعليل باندفاع الاستئصال. ويجاب بأنه إذا حفظ الباقي اندفع الاستئصال فالمآل واحد، وبما أجاب به المحشي إلى قوله فإنه الخ. وأما قوله: فإنه الخ. فهو جواب عن شيء آخر أورده سم وهو أن قضية العبارة اعتبار استئصال جميع من عدا الترس من الموجودين في ذلك الوقت، وقضية كتب الفروع اعتبار بقية الجيش فقط ثم قال: وقد يوجه قضية العبارة بأنه لما كان حفظ الأمة الخ ما في الحاشية، وهذا السؤال كما يرد على الشارح يرد على العلامة والجواب الجواب فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 301
قول المصنف:
(مسألة المناسبة تنخرم بمفسدة تلزم)
أي فعدم لزوم المفسدة شرط في كونها مصلحة فاندفع ما في شرح الصفوي للمنهاج من تعليل عدم الانخرام بأن المصلحة لا تنقلب مفسدة لأن ذلك لو كانت مصلحة مطلقاً وليس كذلك فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 302
قوله:
(وفيه نظر)
(4/158)
---
لعل وجهه أنه يترتب عليه انقطاع المستدل وعدمه، فإنا إذا قلنا: لا تنخرم وتخلف الحكم عن العلة في صورة فمن قال إن التخلف للمانع لا يضره ذلك التخلف لبقاء العلية معه. ومن قال تنخرم يضره ذلك لتبين أن ما علل به ليس تمام العلة وسيأتي ذلك في القوادح الشبه.(3/234)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 302
قول الشارح:
(من حيث إنه غير مناسب بالذات)
أي لا تعلم مناسبته من ذاته كما في الوصف المناسب، فإن مناسبته تعلم من ذاته بمعنى أنها عقلية وإن لم يرد الشرع كالإسكار للتحريم فإن كونه مزيلاً للعقل الضروري للإنسان، وكونه مناسباً للمنع منه مما لا يحتاج في العلم به إلى ورود الشرع، بخلاف الشبه فإنه إذا أريد إثبات مناسبته لا بد له من دليل يدل على أن الشارع اعتبره كنص أو إجماع أو سبر، فيعلم منه أن فيه مناسبة على الإجمال وإن لم يعلم وجهها بناء على أن ترتيب الشارع الأحكام على عللها لا يكون إلا بالمصلحة هذا ما في العضد، وبهذا يظهر أن مقابل قوله غير مناسب بالذات ليس المناسب بالتبع كما هو في كلام القاضي الآتي بل الذي لا تعلم مناسبته من ذاته، وحينئذٍ فلك أن تقول في تعريفه هو ما لا يعقل مناسبته بالنظر إليه في ذاته وتظن فيه المناسبة ظناً ما لالتفات الشارع إليه في بعض المواضع، فإن اعتبار الشارع إياه في بعض المواضع يظن به مناسبته لحكم الأصل في القياس وإن لم يعلم وجهها. مثال ذلك أن يقال في إزالة الخبث هي طهارة تراد للصلاة فيتعين الماء كطهارة الحدث، فإن المناسبة بين كونها طهارة تراد للصلاة وبين تعين الماء غير ظاهرة، لكن إذا اجتمعت أوصاف منها ما اعتبره الشارع ككونها طهارة تراد للصلاة، فإن الشارع حيث رتب عليه حكماً تعين الماء في الصلاة والطواف ومس المصحف، ومنها ما ألغاه ككونها عن الخبث فإنه لم يعتبر ذلك في شيء من هذه الصورة، فالحكم بالفاء غير المعتبر أقرب وأنسب من إلغاء ما اعتبره، فتوهمنا من ذلك أن الوصف
(4/159)
---
الذي اعتبره مناسب للحكم وأن فيه مصلحة، وأن الشارع حيث اعتبر تلك الصفة إنما اعتبرها للاشتمال على تلك المصلحة فهذا معنى شبهية الوصف، ولعلك إن تأملت هذا يطلعك على رد كثير مما أورد سم وغيره هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 302
قوله:
(فيفيد ظناً بالعلية)(3/235)
الذي في كلام السعد ظناً ما أي ظناً ضعيفاً ولذا عبر عنه العضد بالتوهم. قوله: (بمجرد المناسبة) تأمل فائدة لفظ مجرد. قوله: (لا يستلزم تعديها) فيه أنه لا دخل لقياس الشبه في تعديها من حيث إنه قياس شبه فلا وجه لجعله بذلك قياس شبه تأمل. قوله: (الذي هو محل الخلاف) لا ينافي أنه قياس شبه بمعنى ما الوصف فيه غير مناسب لذاته مظنون مناسبته لاعتبار الشارع إياه، وليس الكلام في خصوص ما يصار إليه وإلا لما صح قوله: ولا يصار إليه الخ. فالحق أنه من قياس الشبه غاية الأمر أنه لا يقبل الاستدلال به مع وجود غيره تدبر. ثم رأيت السعد في بحث الطرد صرح بأن إثبات الشبه بمسلك من مسالك العلة لا يخرجه عن كونه شبهاً وإنما احتيج لإثباته لأن الظن فيه ضعيف، بخلاف المناسبة كما تقدم من أن قوله المانع لا يتلقاه عقل بالقبول لا يسمع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 303
قول المصنف:
(وقال القاضي الخ)
يرد عليه أنه لا يصح الإلحاق به مع وجود لازمه المناسب بالذات كما قاله ولا يصار إليه مع إمكان قياس العلة إجماعاً، واللازم المناسب على كلام القاضي موجود دائماً، وحينئذٍ لا يصح قول الشافعي إن تعذر المناسب كان حجة، فإن كان القياس يلازمه فهو من قياس العلة ولعل هذا وجه تضعيفه سم. وقوله: فهو من قياس العلة أي قسم منه يقال له قياس الدلالة وهو ما عبر فيه عن أحد المتلازمين بالآخر. واعلم أن القاضي رد قياس الشبه بجميع أقسامه كما في المنهاج، لكن لما كان قياس الشبه عنده ليس بالمعنى المراد للمصنف لم يذكره مع من رد قياس الشبه هنا تدبر.
(4/160)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 304
قول المصنف:
(فقال الشافعي حجة)(3/236)
من ذلك قوله في إيجاب النية في الوضوء كالتيمم طهارتان تفترقان، فعلل وجوب النية بكونها طهارة لأن الشارع اعتبرها وحدها حيث رتب عليها وجوب النية في جميع الأغسال الواجبة بل وغيرها للاعتداد بها وألغى كونها بالتراب إذ لم يعتبره في شيء من ذلك فيظن منه المناسبة على قياس ما تقدم، ولسم كلام طويل في هذا المثال مبني على عدم التأمل في تصوير قياس الشبه.
قول المصنف أيضاً: (فقال الشافعي حجة) أي ما عدا الصوري فليس بحجة عنده كما قاله المصنف في شرح المختصر فكان اللائق التنبيه عليه. قوله: (يلزم على قول الصيرفي الخ) استحسان لا يفيد في محل النزاع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 304
قول المصنف:
(قياس غلبة الاشتباه)
أي القياس الذي فيه اشتباه أي أوصاف شبهية على غيرها فمجموعها هو العلة في الإلحاق.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 305
قول الشارح:
(لأن شبهه بالمال في الحكم والصفة أكثر)
(4/161)
---
أما الحكم فكونه يباع ويؤجر ويعار ويودع وتثبت عليه اليد، وأما الصفة فكتفاوت أوصافه جودة ورداءة وتعلق الزكاة بقيمته إذا اتجر فيه، فاعتبار الشارع هذه الأحكام والأوصاف يظن منه إلحاقه بالمال، وإن كانت هي طردية لا مناسبة فيها للحكم أعني وجوب القيمة، وبهذا التقرير الموافق لما مر عن العضد يندفع ما في الناصر هنا من أن هذا ليس من قياس الشبه. قوله: (لسلامة أصله) قد يقال: متى غلبت الأشباه اندفع التعارض وكان الجامع أقوى لتعدده فتأمل. ومآله أصل واحد هو ما تقدم في طهارة الخبث. قوله: (هو الموافق لما مشى عليه الفقهاء) وإنما مشى عليه الفقهاء لأنه إذا كان القياس في الإتلاف فالمعتبر خصوص باب الإتلاف لا جميع الأبواب، إذ اعتبار الشارع لوصف في باب العبادات مثلاً لا يدل على اعتباره له في باب الإتلاف أو مشابهة العبد للحر في باب الإتلاف أقل من مشابهته للمال فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 305
قول الشارح:
(للشبه الصوري بينهما)(3/237)
أي وقد اعتبر الشارع الصوري في خبر الصيد والفرض فيظن منه مناسبة للحكم وإن كان في نفسه طردياً تدبر. قول المصنف: (وقال الإمام الرازي الخ) عبارته بعد نقل الخلاف في أن المعتبر الشبه في الحكم أو الصورة والحق أنه متى حصلت المشابهة فيما يظن أنه علة الحكم أو مستلزم لما هو علة صح القياس سواء كان ذلك في الصورة أو الأحكام اهـ. فزاد الإمام على ما تقدم اعتبار ظن العلية بسبب اعتبار الشارع الأحكام أو الصورة، واعتبار المشابهة فيما يظن أنه مستلزم العلة لأن ظن مستلزم الشيء كظن الشيء وسوّى بين قياس الاشتباه والصوري إذ المدار على الظن فهذا وجه مقابلة هذا لما تقدم تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 306
(السابع: الدوران)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 306
قول المصنف:
(أن يوجد الحكم عند وجود وصف الخ)
(4/162)
---
أي كان أولاً معدوماً ثم وجد عند وجود الوصف ثم بعد وجوده انعدم عند عدمه، وذلك كرائحة الخمر فإنه حين كان خلاً لم تكن موجودة وعند كونه خمراً وجدت وعند انقلابه خلاً انعدمت.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 306
قول الشارح:
(لجواز أن يكون الوصف ملازماً للعلة)
أي في محل واحد كالخمر الذي هو محل النص لأن الكلام في إثبات العلة في محل النص بالدوران، أما غير محل النص فإنما يكون فيه الحكم بطريق القياس وهو بعد إثبات العلة، وإذا كان ملازماً في ذلك المحل وكانت العلة في الواقع هي الإسكار لزم بمقتضى هذا القياس أن لا يحرم مسكر غير ما فيه رائحة الخمر، والواقع خلافه وهو مقتضى العلة في الواقع أعني الإسكار فيلزم التوقف وإلا كان حكماً بالرأي وهو باطل، هذا ما عندي في معنى هذا التوجيه، وهو مأخوذ من قول الشارح كرائحة المسكر المخصوصة يعني رائحة الخمر. وقوله: بأن يصير خلاً، وبه يندفع ما قاله سم أنه إذا كان ملازماً للعلة كفي لوجود العلة في الواقع وحينئذٍ لا معنى لرده. ثم أجاب بما لا يناسب قول الشارح ملازماً للعلة فليتأمل.(3/238)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 306
قوله:
(يقتضي وجود العلة)
فيه أنه وإن اقتضاها فيما فيه الرائحة المخصوصة كالنبيذ لا يقتضيها في غيره لعدم وجوده فيه كالحشيشة فيكون قياساً باطلاً لما يلزم عليه من الحكم بل بعض ما هو محرم بناء على قصور ما فهم أنه علة، ولك أن تقول: المراد بالرائحة المخصوصة هي رائحة خصوص الخمر وهي لا توجد في غيره وهو ظاهر الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 307
قوله:
(وقد يجاب الخ)
ظاهر قول الشارح ملازماً للعلية بل صريحه العلة في الواقع، والعلة كذلك لا بد أن تخلو عن القادح تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 307
قوله:
(والباء بمعنى كاف التمثيل)
(4/163)
---
أخذه من كلام العضد الآتي حيث أدخل حال كونه عصيراً في الدوران وليس كذلك لأن حال العصير الخل فيه ليس من دوران الحكم بل هو أصلي، والمراد دوران حكم الأصل المقيس عليه وهو الخمر تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 307
قوله:
(فيه أن يقال الخ)
قد يقال: إن المراد القطع العادي فإن اجتماع المناسبة مع الدوران يفيد القطع عادة وإن لم يفده كل منهما على انفراده لأن للمجموع حكماً يخصه كما في آخر العلة المركبة فإن كل واحد لا يصلح علة مع صلاحية المجموع وحينئذٍ يكون خلف هذا القائل لفظياً هذا والظاهر أن مراد الشارح أن هذا القول إنما يقرب وإن لم يكن مختاراً إن أراد قائله ذلك لأن له حينئذٍ شبهة، وهذا لا ينافي أن المختار أنه ظني ولو مع المناسبة، وهذا الأخير يكاد يصرح به كلام المصنف في شرح المختصر. واعلم أن بعضهم اشترط في علية الدوران ومثله البر ظهور المناسبة نبه عليه المصنف في الشارح المذكور.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 307
قوله:
(مع قطع النظر عن المناسبة)
(4/164)
---(3/239)
يفيد أنه بالنظر لها يكون قطعياً وهو مبني على ما قلنا أولاً تدبر. قوله: (لأن المفيد بيانه الخ) أي لأن الذي بيانه يفيد. قوله: (وأن غيره من بقية المسالك دونه) أي من المسالك الممكنة أما الأقوى منه فهو منفي ولا بد من ذلك ليلائم المصنف. قول المصنف: (ترجح جانب المستدل) لم يقل عند مانع علتين لعدم صحته إذ مجوز علتين لحكم واحد إنما يقول به عند تساويهما وإلا فالعلة الراجحة. قول المصنف: (متعدياً إلى الفرع المتنازع فيه) أي مع اتحاد مقتضى وصفيهما كما يدل عليه قوله عند مانع علتين لأن مانع العلتين إنما منع أن يعلل بهما حكم واحد كما تقدم، فإن اختلف مقتضاهما طلب الترجيح وذلك إذا قال المعترض عندي وصف ينتج نقيض مقتضى وصفك. قول المصنف: (ضر إبداؤه) لم يقل طلب الترجيح اكتفاء بما بعده. قول المصنف: (أو إلى فرع آخر طلب الترجيح) لم يقل ضر عند مانع علتين لعدم صحته لأن مانع علتين إنما منع في حكم واحد بالشخص كما هو صريح العضد وغيره وما هنا ليس كذلك وتدبر ما كتبناه هنا يندفع ما في الحاشية، نعم يقال: إنه يضر بالنسبة للأصل عند مانع علتين لأنه من المعارض الغير المنافي كما تقدم فتأمل. قوله: (بل العلة في البر الطعم) هذه العلة تدخل الشعير فينافي قوله: فكل من علتي المستدل الخ. وأيضاً هذا هو المعارض غير المنافي، وقد تقدم التنبيه عليه بقوله: والمعارض هنا وصف صالح غير مناف ولكن يؤول إلى الاختلاف في الفرع، والظاهر أن المراد أن وصف المعترض يخرج فرع المستدل. بقي شيء آخر لم خص هذا الكلام بالدوران مع إتيانه في المناسبة وقد ذكره غيره فيها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 308
(الثامن: الطرد)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 309
قول المصنف:
(وهو مقارنة الخ)
(4/165)
---(3/240)
أي بأن يكون المعهود في الخارج ذلك مثلاً عهد في الخارج أن كل ما لا يطهر ما عدا صورة النزاع لا تبنى عليه القنطرة ولا يمكن فيه العكس بأن يكون إذا بنيت القنطرة عليه نفسه يظهر لأنه خلاف المعهود له من الشارع، فهذا هو الفرق بينه وبين الدوران، فإن الدوران كما تقدم تحقيقه هو أن يوجد الحكم إذا وجدت العلة في محل وينتفي بانتفائها في ذلك المحل بعينه كالحرمة عند الإسكار في الخمر وعدمها عند عدمه فيه بعينه، وهذا هو المعهود له من الشارع فليتأمل، وبه يندفع جميع ما سطر في الحاشية تبعاً لسم. قوله: (فيعتبر عدمه فيه) لأن الانعكاس فيه إنما يكون بانعكاس شأنه وحاله الثابت له وحال الدهن مثلاً أنه إذا بنى عليه القنطرة لا يطهر بخلاف رائحة الخمر فإنها إذا وجدت حرم ثم إذا فقدت حل، وكل ذلك لما علم من الشارع كما مر، ويدل عليه قوله كالشارح ويكره الحكم معه حاصلاً في جميع صوره. قوله: (فإن كان بحيث يوجد الخ) هذا هو ما في قوله بخلاف الماء فقد تكفل الشارح بذكر القسمين. وقوله: أو بالعكس هو ما في الدهن إلا أن المصنف خالف في تسمية القسمين بالطرد ولا ضرر فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 309
قوله:
(وقد يشكل على كون الطرد الخ)
قد عرفت أن المعتبر في الدوران الاطراد والانعكاس في الشيء الواحد كالخمر إذا صار خلاً، فكذلك المعتبر في الطرد وهو الاطراد في الشيء الذي لا تبنى عليه القنطرة كالدهن وعدم الانعكاس فيه بأن يكون إذا بنى عليه القنطرة لا يطهر لما علم من نص الشارع فيه، وليس المراد بالانعكاس هو أن الشيء الذي يبنى عليه القنطرة وهو الماء يطهر وبه يظهر أن كل ذلك منشؤه عدم التأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 310
قوله:
(يفيد أن الأوّل الخ)
(4/166)
---(3/241)
لعله فهم من قول المصنف الثامن الطرد أنه رضيه مسلكاً مع مخالفته لجميع الأقوال بعده. والظاهر أن مراد المصنف عد ما جعلوه من المسالك على الإجمال بدليل قوله: والأكثر على رده الخ، وإن كان ما قاله الشهاب هو ظاهر قول الصفوي في شرح المنهاج، وقيل: يكتفي بمقارنة الحكم في صورة فإنه نقل عن بعض الفقهاء أنه قال: مهما رأيت الحكم حاصلاً في صورة واحدة مع الوصف حصل ظن العلية لعدم الشعور بغيره مع احتياج الحكم للعلة لأن هذا القول ضعيف لأنه يؤدي إلى فتح باب الهذيان كما يقال: مس الذكر لا ينقض الوضوء لأنه طويل مشقوق الرأس كالبوق ولأنه حكم بالتشهي، وعليه ما قلنا يدخل القول الآخر في قوله: وقيل تكفي المقارنة في صورة فإنه صادق بالصورة المقيس عليها وبصورة غيرها، وأما قوله: وبه تعلم الخ ففيه أن الدوران إنما هو في الصورة المنصوص عليها كالخمر وهي واحدة وإنما الفارق هو ما قدمناه فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 310
(التاسع: تنقيح المناط)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 311
قول المصنف:
(وهو أن يدل نص الخ)
أما القسم الأول فظاهر تمييزه عن البر لأن ما هنا نظر فيما دل النص على عليته ظاهراً بخلاف البر، وأما الثاني فهو مشتبه به إذ لا نص فيه، ولعله هو الذي قال فيه إمام الحرمين هو في الحقيقة استخراج العلة بالبر، لكن أشار الشارح إلى تميزه عنه أيضاً بأن في تنقيح المناط اجتهاداً في التعبير أيضاً كالحذف بخلاف السبر فإنه بالحذف يتعين الباقي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 311
قول المصنف:
(فإثبات العلة في آحاد صورها)
بعد معرفتها بنص أو إجماع أو استنباط ولعله عبر بآحاد صورها لأنها عبارة الغزالي . واعلم أن أعلاها تنقيح المناط ثم تنقيحه ثم تخريجه نص عليه الغزالي لكنه مبني على أن المسلك هو التخريج وظاهر المصنف خلافه كما مر.
(خاتمة)
(4/167)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 311
قول المصنف:
(ليس تأتي القياس الخ)(3/242)
المسلك الأول يعلم من تضعيف القول الثاني في الطرد اهـ فتأمل.
(القوادح)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 311
قول المصنف:
(منها تخلف الحكم عن العلة)
اعلم أن بعضهم جعل انتفاء المانع ووجود الشرط جزءاً من العلة أو شرطاً لها لأن به تنخرم المناسبة ولا يمكن التخلف إلا لذلك، وإلا لتخلف المؤثر عن الأثر بلا مانع وهو باطل، وحينئذٍ فجميع صور التخلف لا بد فيها من ذلك فيتبين به أن ما ادعى علته غير علة وهو القدح فصاحب هذا القول هو الشافعي، والمصنف كما يصرح به قول المصنف فيما تقدم مسألة تنخرم المناسبة بمفسدة خلافاً لـ لإمام مع قول الشارح فهو عنده لوجود المانع، وعلى الأول لانتفاء المقتضى، ومع قول المصنف هنا، وانخرام المناسبة بمفسدة، وعلى هذا القول صاحب التوضيح وإن كان فيه نزاع ذكره العضد وأعقد عليه لكنه عندي منقوض، وحاصله أن انتفاء المانع ووجود الشرط لا دخل له في العلية وعلمك محيط بأنه لا معنى لمانع العلية إلا ما يمنع عليتها بأن يفسد مناسبتها، وانتفاء الشرط كالمانع ولا معنى لكونه جزء العلة عند قائله إلا توقف عليتها عليه هذا. واعلم أن النقض لا يجري بين قاطعين بأن يكون دليل عليته علة الأصل قاطعاً في عليتها وعمومها في الأصل وغيره بلا مانع وشرط ودليل صورة النقض قاطعاً إذ لا تعارض بين قاطعين إلا من باب أن المحال جار أن يستلزم المحال، وأيضاً عند عموم دليل علة الأصل يبطل القياس لما تقدم أن شرطه أن لا يتناول دليل علة الأصل الفرع، وليس الكلام إلا في قوادح علل القياس كما هو صريح التلويح وغيره، ولا فيما إذا كانت منصوصة بنص قاطع في خصوصية محل النقض وإلا ثبت الحكم ضرورة بقوته عند ثبوت علته قطعاً، ولا فيما إذا كانت منصوصة بقاطع في غيره خاصة لأنه إنما دل على عليتها في غير محل النقض ولا تعارض عند تغاير
(4/168)
---(3/243)
المحلين فلا نقض ولا فيما إذا كان دليل العلية في غير محل النقض خاصة ظني، وإنما يكون التعارض فيما إذا ثبتت العلية فيهما جميعاً بظاهر عام، فيدل بعمومه على العلية في محل النقض وغيره، ويعارضه عدم الحكم في محل النقض قاله السعد في حاشية العضد. ولعل المراد بالظاهر العام ما يشمل مساواة الفرع الأصل في علة الحكم حتى يرد النقض في مثل يحرم الربا في البر إذا استنبط المجتهد أن العلة الطعم، أو يحرم لكونه مطعوماً إذ ليس في اللفظ عموم لغير البر. قوله: (ما قاله الغزالي وهو الخ) عبارة سم: وهو أنا نتبين بعد وروده أي ورود صورة النقض أن ما ذكر لم يكن تمام العلة بل جزءاً منها كقولنا خارج فينقض الطهر أخذاً من قوله عليه الصلاة والسلام: «الوضوء مما خرج» ثم إنه لم يتوضأ من الحجامة فيعلم أن العلة هو الخروج من المخرج المعتاد لا مطلق الخروج.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 311
قول المصنف:
(وفاقاً لـ لشافعي رضي الله عنه)
(4/169)
---(3/244)
أي سواء كان لمانع أو فقد شرط أو لا، لأنه إما أن يكون التخلف في صورة النقض تخصيصاً كما هو قول الحنفية سواء كان لمانع أو لا كما هو مقتضى سياق المصنف، وإن خصه في التلويح بوجود المانع فمعناه أن الله حكم بعدم تأثيرها، وإن كانت هي في ذاتها مقتضية لوجود مناسبتها، وإما أن يكون تخصيصاً لكنه لما كان للمانع أو فقد الشرط الذي هو في الحقيقة مانع لم يكن قادحاً في العلية إذ لو قدح فيها لم يكن التخلف لمانع بل لانتفاء المقتضى وهو العلة وقد فرضناه مانعاً وهذا قول الفقهاء الآتي. فعلى الأول لا معنى لهذا التخصيص لأن مرادهم به كما قاله المصنف هنا ونص عليه السعد في التلويح تخصيص العلة أي تخصيص تأثيرها بغير محل النقص، ولا معنى لعلة الحكم إلا ما ترتب عليه الحكم فلا معنى لكونها في محل النقض علة للحكم إلا على القول بعدم انخرام المناسبة بمفسدة مساوية، أو راجحة إن كان مانع وتقدم بطلانه، أو على القول بأنه يقع التخصيص بلا مانع إن لم يكن بناء على أن الأحكام قد تقع بلا حكمة لكنه مذهب المتكلمين لا الفقهاء ولذا شرطوا في العلة الحكمة، وليس المراد تخصيص النص الدال عليها بغير محل النقض كما يتوهم فإن ذلك غير ما هو منقول عنهم ولا تخصيص مذهبهم بما فيه نص عام. وعلى الثاني نقول: وجود المانع أو انتفاء الشرط إنما منع عليتها بسبب نفيه ما ترتب عليها من الحكمة إذ المناسبة تنخرم بمفسدة راجحة أو مساوية كما مر وليس المنع إلا لذلك، وحينئذٍ لا معنى لكونها علة. فإن قلت: يظهر في بعض الأقوال أن مراد قائله تخصيص النص الدال على العلية كما في قوله: وقيل عكسه. قلت: نعم لكنه مبني على أن انتفاء المانع ووجود الشرط ليس بجزء العلة وإلا لم توجد في صورة النقض حتى يأتي التخلف، وقد علمت بطلان القول بعدم الجزئية بناء على انخرام المناسبة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 313
قوله:
(قلت لا يخفى الخ)
(4/170)
---(3/245)
كلام ساقط إذ ما أجاب به سم كاف في دفع سؤال العلامة. وأما أنه لا يتصور فيما إذا لم يكن لمانع أو فقد شرط فكلام آخر قاله سم. وأجاب عنه بأن التخلف قادح فيه لو فرض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 314
قوله:
(على أن الحق الخ)
من أين له أن ذلك حق وهل هو بالتشهي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 315
قوله:
(لعدم إخلاله)
قد علمت أنه مخل لانخرام المناسبة به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 315
قوله:
(قال ثم استشكل)
أي البيضاوي هذا تخليط بل المستشكل المصنف كما يعلم من سم. قوله: (فانظر هذا الذي ذكره هنا الخ) ما ذكره هنا لا تعلق له بكلام العلامة . وقوله: فمن مادة الأول قد عرفت صحة الأول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 315
قول المصنف:
(إلا أن يكون التخلف لمانع الخ)
أي فالعلة حقيقة موجودة لكن تخلف التأثير لمانع أو فقد شرط وهو لا يضر في عليتها إذ العلة هي الباعث وليس واحد منهما من الباعث في شيء، وبه يفترق هذا القول من الأول خلافاً لسم تأمل. وفيه أنها لا تكون باعثة إلا مع بقاء مناسبتها ومع المانع أو فقد الشرط تنخرم مناسبتها فلا تكون علة قطعاً أنه لا تعدية مع المانع، فمن قال: إن العلة هو مجرد الوصف قدح علة التخلف لأنه شرط أو شطر فلا علة بدونه وحينئذٍ لا حاجة لجواب سم. قول المصنف: (وقيل يقدح إلا أن يرد الخ) فيه أن عدم تأثير العلة حينئذٍ لمانع وهو لزوم حرمان الفقراء وهو مفسدة فتنخرم المناسبة، وحينئذٍ لا بد في عليتها من انتفاء المانع ووجود الشرط وقائله يقول: إنها علة في نفسها كما سيأتي في توجيهه ويرد عليه أن الإجماع إنما دل على العلية عند عدم المانع لأنه معلوم. قوله: (فالعذر المذكور بمنزلة المانع الخ) أي لإخلاله بمناسبتها وإلا لما منع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 315
قول المصنف:
(4/171)
---
(وقيل يقدح في الحاظرة الخ)(3/246)
فيه أن المدار على تخلف التأثير وهو موجود سواء الحاظرة والمبيحة. قول المصنف: (وقيل في المنصوصة إلا بظاهر عام لقبوله للتخصيص) قد عرفت مبناه من الرابع ورده. قول المصنف: (وفي المستنبطة أيضاً الخ) مبناه أن فقد المانع ووجود الشرط ليس جزءاً وقد عرفت رده، ثم إنه في المنصوصة لا بد أيضاً على هذا من أن يكون التخلف لمانع إلا أنه في المنصوصة لا يجب العلم بعينه بل يكفي في ظن العلية تقديره، بخلاف المستنبطة يجب العلم به بعينه وإلا لم تظن العلية كذا في العضد . قول المصنف: (وقال الآمدي الخ) فيه أن ما كان لمانع أو فقد شرط انتفت فيه المناسبة لأن المانع أو فقد الشرط إنما منع معهما التأثير انخرام المناسبة وإلا لتخلف الأثر عن المؤثر وهو محال، ومثله يقال فيما هو في معرض الاستثناء لأنه في الحقيقة لمانع. قوله: (عير مخل الخ) فيه أنه لا بد من انتفائه شطراً أو شرطاً وإلا لما وجد الحكم في غير محل الرخصة فيكون ما حكم بأنه فيه علة ليس تمامها، وإنما خص صاحب هذا القول ما ورد على جميع المذاهب لأنه لما ورد على كل مذهب كان مجامعاً لما هو علة لأن دلالة الإجماع على العلية أقوى من دلالة النص على النقض وقد عرفت كيفية رده فليتأمل. قوله: (المعلوم استثناؤها) ليس الكلام في علم استثنائها بل في أنه لم لم تؤثر وتخلف المصنف عن علته لا يتصور. قوله: (فلا وجه لأن يقال الخ) لم يتبين بما قاله وجه صحيح وإذا لم يكن لنقض العلة فلم تخلف وهل يجوز العقل تخلف المصنف عن علته التامة بانتفاء الموانع ووجود الشروط والعجب أنه ادعى أولاً وضوحه وثانياً أنه إيضاح مع أنه لم يتبين به معنى يعقل. قوله: (ينبغي أن يزاد الخ) أي لأن صورة العرايا في مذهب مالك أن يهب إنسان نخلة لآخر فتثمر فيخاف من دخوله بستانه فيشتري منه ثمرها بجاف، وإنما كان ينبغي أن يزاد ليكون وارداً على جميع المذاهب تدبر. قوله: (وفيه إشكال) لا إشكال لأنه
(4/172)
---(3/247)
مبني على الفرض والمحال جاز أن يستلزم المحال. قوله: (سواء كان خاصاً بمحل النقض الخ) هذا بيان لحقيقة هذا القول يعني أن النقض يقدح عليه إذا ثبت محل النقض أي ثبتت العلية فيه بقاطع، لكن أنت خبير بأن الكلام في ثبوت العلة في الأصل لا في محل النقض و المحشي أراد أن يتصرف في عبارة سم فأخلها. وعبارته قوله بخلاف القاطع أي وبخلاف الظاهر الخاص بمحل النقض أو بغيره سواء عم القاطع المحال أو اختص بمحل النقض أو بغيره فيقدح النقص حينئذٍ هذا حاصل هذا القول. قال
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 316
(4/173)
---(3/248)
شيخ الإسلام : وأنت خبير بأن هذا وهم لأن العلة إذا ثبتت بشيء من ذلك فلا نقض لاستحالة التخلف في القاطع العام لأنه مع قطعية دلالته على علية الوصف في محل النقض لا يتصور تخلف الحكم عنه وكذلك في الخاص بمحل النقض سواء كان قطعياً أو ظاهراً لأنه مع دلالة الخاص على علية الوصف في محل النقض لا يتصور تخلف الحكم عنه ولعدم التعارض في الخاص بغيره، لأن الدليل إنما دل على علية الوصف في غير محل النقض فتخلف الحكم في محل النقض الذي لم يدل الدليل على العلية فيه لا يعارضه، وحينئذٍ فلا قدح في المنصوصة مطلقاً، وفيه أن هذا القول قول ابن الحاجب . وحاصله أنها إن كانت منصوصة بقاطع عام أي قاطع في العموم قدح التخلف، فيجاب حينئذٍ بتخصيص العلة أي أنها موجودة في محل النقص فلا ينافي محله القاطع في عموم عليتها لكن لم تؤثر لمانع، أما إذا كانت منصوصة بظاهر عام فلا قدح لأن العام يخص بغير محل النقض فلم توجد فيه العلة حتى يقدح ونقل هنا بتخصيص العلة حتى يكون قادحاً كما في القاطع، لأن تخصيص عموم اللفظ أهون من تخصيص العلة لأن دلالة العام ظاهرة كثر فيها التخصيص بخلاف العلة فظهر بطلان التعميم في القاطع الذي فهموه. قوله: (الخاص الظاهر) أي المختص بغير محل النقض أو به لكن قد عرفت أن كلام الشارح ليس في دليل علة النقض بل في دليل علة الأصل، ولقد خلط المحشي كلام الشارح بكلام الناس في بيان حاصل هذا القول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 316
قول المصنف:
(أو كانت منصوصة بما لا يقبل التأويل لم يقدح)
أي في الصور السبعة. قوله: (بنص يقبل التأويل) لعلة أو منصوصة فهي داخلة تحت إلا لإخراجها بعد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 318
قول الشارح:
(فالتخلف قادح)
(4/174)
---(3/249)
لفوات التأثير. وقوله فلا أي لأن الباعث ما زال موجوداً وكذلك المعرف والتخلف لمانع وليس انتفاؤه جزءاً من الباعث ولا المعرف حتى لا تكون موجودة في صورة النقض كذا في العضد شرحاً لكلام ابن الحاجب فمرادهما الخلاف بين من يقول النقض لكنه لا يقدح لأن صورة النقض تخصيص عموم دليل العلية بغير ما وجد فيه المانع، ومن يقول لم يوجد النقض لأن انتفاء المانع جزء العلة كما يعلمه الواقف على كلامهما وكلام المصنف أعم من ذلك بل القائل بأن انتفاء المانع جزء العلة فلم يوجد نقض وهو أبو الحسين لم يوجد قوله في كلامه وليس هو ما عليه أكثر الفقهاء لأن ذلك سلم وجود العلة وتخلف الحكم عنها، فلعل المراد أن ما قاله ابن الحاجب يجري مثله هنا والحق خلافه فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 318
قول الشارح:
(نشأ عن سهو)
هو كذلك وما أجاب به الحواشي غير صحيح، وكذا ما أجاب به الجوهري في هامش بعض الشروح فعليك بالتأمل إن عثرت به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 319
قول المصنف:
(وانخرام المناسبة بمفسدة)
إنما كان هذا من فروعه لأن من قال بالقدح قال لا يتخلف الحكم إلا لمانع أو انتفاء شرط وإلا لتخلف المقصود عن علته التامة وهو ممتنع، والمانع وما معه إنما منع تأثيرها بمنع مناسبتها فلزمت المفسدة، فإما أن تكون العلة مجموع الوصف مع انتفاء المانع ووجود الشرط أو الوصف بشرط ذلك، فمتى وجد المانع أو انتفى الشرط انخرمت المناسبة، ومن لم يقل به لا يقول إن لذلك دخلاً في العلية فمعه تكون العلة موجودة وينتفي الحكم بوجوده تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 319
قول الشارح:
(فيمتنع إن قدح)
(4/175)
---(3/250)
لأنه إنما قدح بناء على أن انتفاء المانع جزء العلة والتخصيص للعلة معناه تخصيص تأثيرها بغير صورة وجود المانع مع بقاء عليتها وهو مبني على أن انتفاءه ليس جزءاً منها تدبر. قول المصنف: (منع وجود العلة أو انتفاء الخ) يفيد أن المراد بالجواب ما يعم منع تحققه كما في هذين، بخلاف الثالث فإنه تحقق بوجود العلة دون الحكم فالجواب عنه بعد تحققه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 319
قول الشارح:
(حتى إذا وجدت الخ)
أي فالقدح إنما توجه عليه بناء على انتفاء الموانع فلا ينافي في قوله على القول بأنه قادح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 320
قول الشارح:
(ما لم يكن حكماً شرعياً أي بأن كان عقلياً الخ)
(4/176)
---
وجه حمل كلام ابن الحاجب هذا على ذلك دون ما قاله العضد هو أن ابن الحاجب نفسه صرح في المختصر في النقض أن العلل العقلية علل بالذات فتستلزم معلولها استلزاماً ذاتياً، وما بالذات لا ينفك فلا جرم دل الانفكاك على عدم العلية، بخلاف ما نحن فيه من العلل فإنه علل بالوضع اهـ. ومن المعلوم أنه متى كان الحكم عقلياً كانت العلة عقلية إذ لا معنى لكونه عقلياً إلا أن ترتبه عقلي وذلك إنما يكون في العلة العقلية، ويصرح بذلك بقية عبارة المصنف في شرح المختصر فإنه قال بعد ما هنا: وقصارى المعترض إثبات الوصف ثم لا يجديه لأن التخلف لا يقدح في العلل الشرعية عند الجمهور اهـ. أي بخلاف العلل العقلية، وبهذا يظهر أن ما قاله المصنف في حل عبارة ابن الحاجب هو المتعين لتصريح ابن الحاجب به، وأن القول بأن الأمور العقلية تخص إذا كان المخصص عقلياً لا يتأتى في العلل لأن العلة العقلية ما كانت تامة بانتفاء الموانع ووجد أن الشرط لأنها علل بالذات لا يتخلف عنها المعلول. ثم اعلم أن ما قاله العضد لا يخلو عن شيء لأن بيان الحكم الشرعي أي إثبات وجوده بالنسبة للمعترض إنما من حيث إنه علة لا من حيث ذاته وظهور أن الإثبات له لذاته بعد علم مراده لا يضر فتأمل.(3/251)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 320
قوله:
(وإن لم يكن وجود الوصف الخ)
زاد لفظ وجود لأن الكلام في أنه يمكن من الاستدلال على وجوده، ومعنى كون الوجود حكماً شرعياً أنه صفة حكم شرعي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 321
قوله:
(ولا يخفى ضعف هذا الكلام)
قال العلوي : لجريان انتفاء الشروط ووجود المانع فيهما معاً إذا كان التخصيص عقلياً وقد علمت اندفاعه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 321
قوله:
(فظاهر البطلان)
لجواز أن يكون هناك دليل آخر يثبت العلية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 321
قوله:
(قدح في العلة)
(4/177)
---
ليس كذلك إذ لا تبطل ببطلانه بل هو طلب لدليل آخر يثبت العلة وذلك غير المطلوب الأول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 321
قول المصنف:
(ويجب الاحتراز منه الخ)
ترك قول ابن الحاجب والمختار لا يلزمه مطلقاً لأنه سئل عن دليل العلة فالتزمه والنقض معارضة وهي ليست من الدليل كأنه لعدم رؤيته لغيره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 321
قول الشارح:
(بالإثبات)
أي ملتبسة به وهذا اصطلاح للمتن كأن النقض للإثبات ولذا بعد أن أصلحه بينه بقوله أي إثباتها فهو بيان للدعوى الملتبسة بالإثبات والإثبات من المستدل والنفي من المعترض، فنقض الدعوى من المعترض ونقض النفي من المستدل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 321
قوله:
(فما أطال به سم غير مفيد)
الحق أن ما قاله هو غير مفيد فإنه لم يزد شيئاً على ما قاله الناصر وهو مندفع بما قال سم فإن حاصله إنما قدم الإثبات لتقدمه إن كان بمعنى الثبوت أو لتقدم ما تضمنه إن لم يكن، ويصح أن يقال: إن إثبات صورة معينة أو مبهمة ينتقض بالثبوت والانتفاء العامين. وأما قوله: وأما الثبوت الذي هو تصور الشيء الخ فلا أدري من أين جاء به فإنه ليس في كلام أحد أن الثبوت بمعنى التصور.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 321
(مبحث الكسر)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 322
قول المصنف:
(قادح على الصحيح)
(4/178)
---(3/252)
سماه ابن الحاجب النقض المكسور كما يأتي، قال العضد: هو بالحقيقة نقض بعض الصفات وأنه بين النقض والكسر كأنه قال: الحكمة المعتبرة تحصل باعتبار هذا البعض وقد وجد في المحل ولم يوجد الحكم فيه فهو نقض لما ادعاه علة باعتبار الحكمة اهـ. فمعنى كونه مكسوراً أنه مراعى فيه الكسر الذي هو وجود تلك الحكمة أي حكمة العلة مع عدم الحكم، فمن قال: إنه قادح نظر إلى أن فيه إبطال العلة، ومن قال: إنه غير قادح نظر إلى أن سبب هذا الإبطال ملاحظة وجود الحكمة بدون ذلك البعض، وليس المعتبر الحكمة بل مظنتها، لكن وجه الصحيح أنه تبين حينئذٍ أن المظنة ما عدا ذلك البعض الساقط وهي موجودة مع التخلف. توضيحه أن وجوب قضاء الصلاة جعله المستدل مظنة وجوب الأداء إذ طلبها في غير وقتها. ولما كانت حكمة تلك المظنة وهي المحافظة على العبادة موجودة في غير الصلاة فلتكن المظنة هي العبادة فهو بالحقيقة تغليط في المظنة بسبب وجود الحكمة فيما هو أعم منها مع عدم صلاحية الأعم للعلية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 322
قوله:
(وقد أطال الكمال الخ)
(4/179)
---(3/253)
أنت خبير بأن المصنف قال: إن الكسر هو نقض المعنى أي العلة والنقض كما تقدم وهو تخلف الحكم عن العلة فيكون النقض هنا هو تخلف الحكم عن العلة، وسبب ذلك هو إلغاء البعض كما قال الشارح بإلغاء بعضه، فإنه لما ألغاه كان المعلل به في الحقيقة هو الباقي والباقي يتخلف عنه الحكم، فصار معنى كلام المصنف الكسر نقض العلة بتخلف بتخلف الحكم عنها سبب إلغاء بعضها إلا أنه عبر عن المسبب وهو النقض باسم سببه وهو الإسقاط اعتماداً على قوله أولاً لأنه نقض المعنى ولما فيه من الاختصار مع ظهور المراد، والإشارة إلى ما في تعريف البيضاوي والإمام من الخلل لإفادته أن القادح هو كل من الإسقاط والنقض مع أنه الثاني فقط وإن كان سببه الأول، وربما أشعر بهذا المعنى قول الإمام فعلم من هذا أن المعترض ما لم يبين إلغاء القيد الذي وقع به الاحتراز عن النقض لا يمكنه إيراد النقض على الباقي اهـ. فإنه يفيد أن الإلغاء ليس مقصوداً لذاته بل لا يراد النقض على الباقي فانظر إلى دقة صنيعه، وملاحظة الشارح المحقق له مع غفلة الجم الغفير، بل حكمهم بأن الشارح أشار إلى اعتراض صنيع المصنف بحكاية تعريف الإمام و البيضاوي ، ولعمري أن ذلك لا يصدر إلا ممن لم يعرف مقدار هذين الإمامين. قوله: (بالرفع) صفة لقوله أولاً أي لأن أولاً بالنظر لكلام المتن المقدرة هي فيه معطوفة على قوله مع إبداله وهو مرفوع. وقول سم إن مع إبداله متعلق بقوله هو كذلك إلا أن لفظ قوله من كلام الشارح والتقدير بالنظر لكلام المتن لا الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 322
قول الشارح:
(ويبين بأن الحج الخ)
قد يقال: حج التطوع إذا فسد وجب قضاؤه مع عدم وجوب أدائه إلا أن يراد الصورة التي وجب فيها الأداء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 323
قول الشارح:
(والراجح الخ)
(4/180)
---(3/254)
لما تقدم أن المعتبر المظنة لا حكمتها. قوله: (بل الذي منها تخلفه) فلما ناب هو عنه كأنه ذكر بمعنى آخر ولم يكن استخداماً لأنه في الحقيقة مستعمل في معناه تدبر. وبه يندفع ما في الحاشية. قول المصنف: (انتفاء الحكم لانتفاء العلة). اعلم أن الطرد هو ثبوت الحكم لثبوت العلة فعكسه هو انتفاء الحكم لانتفاء العلة، فإن كان الحكم لا يتخلف عن العلة بل متى ثبتت ثبت ومتى انتفت انتفى كان عكس ذلك الطرد هو انتفاؤه عند انتفائها دائماً وهذا هو العكس الأبلغ، وحينئذٍ يقال: إن الطرد ثابت فإن لم يثبت ثبوت الحكم لثبوت العلة أبداً بأن ثبت لا لثبوتها في بعض الصور فالعكس حينئذٍ غير أبلغ لأنه انتفاء الحكم لانتفاء العلة في بعض الصور، وهو ما انتفى بانتفائها فيه دون ما لم ينتف به فيه بأن كان له علة أخرى، وفيه فإن قلت: الطرد كما ينتفي بثبوت الحكم مع انتفاء العلة في البعض ينتفي بوجود العلة مع انتفاء الحكم فإنه يصدق حينئذٍ أنه لم يوجد بوجودها أبداً. قلت: إذا وجدت العلة وانتفى الحكم في البعض ووجد بوجودها وانتفى بانتفائها في غيره فذلك البعض لا يقال فيه لم ينتف الحكم بانتفائها لعدم انتفائها، ولعكس غير الأبلغ هو أن ينتفي بانتفائها في البعض ولا ينتفي به في البعض بأن يوجد انتفاء العلة ولا ينتفي الحكم، إذ لا يقال: لم ينتف الحكم لانتفاء العلة إلا بعد تحقق انتفائها لأن الغرض نفي التلازم بين الانتفاءين لا نفي وجود الانتفاءين وهو الثابت في صورة وجود العلة مع انتفاء الحكم ثم إنه في هذه لو ثبت الانتفاء للانتفاء لا يقال: إنه عكس أبلغ لأنه إنما يكون إذا كان الانتفاء الثاني انتفاء علة وهذه ليست كذلك لثبوت نقضها بتخلف الحكم عنها. ثم إن تخلف الانتفاء للانتفاء في جميع الصور وهو تخلف الأبلغ وغيره قادح عند مانع علتين ومجوزهما إذ لا عكس أصلاً، وإنما الذي يخص مانع علتين هو تخلف الأبلغ، فضمير تخلفه فيما يأتي راجع للأبلغ فلو قال الشارح(3/255)
(4/181)
---
بأن يوجد الحكم بدون العلة في بعض الصور لكان أولى. وبهذا ظهر فساد ما في الحواشي مما يخالفه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 324
قول الشارح:
(أبدا)
هو متعلق بقول المصنف ثبت بيان لمراده به ولا يصح تعلقه بقول الشارح ثبوت الحكم لأنه حينئذٍ يكون من معنى المقابل، وإذا كان المقابل هو الثبوت للثبوت أبداً فيكون هو انتفاء الحكم لانتفاء العلة أبداً، وحينئذٍ لا يتأتى التفصيل بقوله: فإن ثبت الخ فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 325
قوله:
(فنقيضه ليس كلما ثبتت الخ)
أنت خبير بأن نقيض ثبت ثبوت الحكم لثبوت العلة أبداً هو انتفاء ذلك الثبوت في بعض الصور، وانتفاؤه كما يكون بثبوت العلة مع عدم الحكم يكون بعكسه، إذ لم نحكم بثبوت العلة وهذا هو الذي في الشارح حيث قال بعد قول المتن: فإن ثبت مقابله وهو ثبوت الحكم الخ. فالكلام في ثبوت الثبوت للثبوت أبداً وانتفاؤه وهو صادق بالصورتين، بخلاف ما قاله من قوله: كلما ثبت الخ فإنه ليس الكلام فيه في ثبوت الثبوت للثبوت أبداً وانتفائه بل في التلازم بين الثبوتين الأخيرين ورفعه بعد الحكم بثبوت العلة، إذ قولك ليس كلما ثبت العلة ثبت الحكم النفي فيه متوجه للتلازم لا لثبوت العلة كما هو معلوم في محله وهذه هي المقدمة التي أوقعته في الغلط.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 325
قوله:
(لا لتخلف الطرد الذي الكلام فيه)
انظر أي كلمة من كلام المصنف أو الشارح في تخلف الطرد وهل هو انتفاء الحكم لانتفاء العلة الذي الكلام فيه؟ لكن مفاسد عدم التأمل أكثر من أن تحصى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 326
قوله:
(فهو انتفاء الحكم لانتفاء العلة في الجملة)
لأنه ليس عكساً إلا لما الوصف فيه علة للحكم دون ما علته وصف اخر. قوله: (بما تقدم) من صراحة قول العلامة فيما قاله المحشي .
(4/182)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 326
قوله:
(إذ يلزم من ثبوت العلة بدون الحكم كون الانتفاء الخ)(3/256)
انظر كون الانتفاء للانتفاء في الجملة على ما فهمه عكس لأي شيء هل هو لوجود العلة مع انتفاء الحكم؟ ولعمر الله ليس ما كتبوا عليه هو الكتاب بل مؤلف آخر اخترعوه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 326
قوله:
(دل عليه المقام)
المقام لا يدل على هذا إذ هو باطل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 326
قوله:
(ليت شعري الخ)
لا تلتفت لمثل هذه الكلمات، وعليك بحزم رأيك في هذا الكتاب، فإنك لو جمعت كتب الأصول لتفهمه لبقيت عليك بقية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 326
قول الشارح:
(انتفاؤه في الوطء الحلال)
(4/183)
---(3/257)
أي ليبنى عليه ثبوت الأجر المسؤول عنه وعدم التأثير. قول المصنف: (لا مناسبة فيه للحكم) أي إما لذاته كالأول أو لوجود غيره المانع من مناسبته كالثاني، فإن عدم الرؤية وإن ناسبت عدم صحة البيع في ذاته لا يناسبه هنا أي فيما وجد فيه مانع آخر وهو عدم القدرة إذ لو ناسبه وترتب عليه المنع لصح البيع عند الرؤية مع كونه في الهواء وليس كذلك، ولله در الشارح حيث قال بعد وعدمها موجود مع الرؤية فكأنه بيان لمراده بعدم المناسبة. وعبارة المصنف في شرح المختصر صريحة فيما قلنا حيث قال وهو أربعة أقسام: ما لا تأثير له مطلقاً وما لا تأثير له في ذلك الأصل، وما اشتمل على قيد لا تأثير له، وما لا يظهر فيه شيء من ذلك ولكن لا يطرد في محل النزاع فيعلم منه عدم تأثيره اهـ. فانظر قوله: وما لا تأثير له في ذلك الأصل حيث قصر عدم التأثير على هذا الأصل فتأمل ليندفع ما في الحاشية عن سم وغيره. وليس في كلام العضد إلا مناسبة نفي الصحة في ذاتها، ألا ترى قوله: لا تأثير له في مسألة الطير. وعبارة الصفوي في شرح المنهاج عدم التأثير أن يبقى الحكم مع عدم الوصف الذي جعله علة له، ومثل بما هنا ثم قال: فعدم الرؤية لا تأثير به في عدم صحة البيع لأن عدم الصحة باق عند انتفائه لأنه لو رؤي أيضاً لم يصح بيعه لانتفاء القدرة على التسليم اهـ. وهو صريح أيضاً في أن عدم المناسبة إنما هو لوجود المانع مطلقاً. قوله: (لأنه إذا كان لا مناسبة فيه الخ). حاصل ما أفاده المصنف في شرح المختصر أنه إن كان لا مناسبة فيه لذلك الأصل ولا غيره فعدم التأثير في الوصف، وإن كان لا مناسبة فيه لخصوص ذلك الأصل فعدم التأثير في الأصل، وإن كان لا مناسبة فيه لا في الأصل ولا في الفرع ولا يفيد المعلل ذكره نفعاً فعدم التأثير في الحكم، وإن كان يناسب الحكم لكنه لا اطراد به في كل صور النزاع فعدم التأثير في الفرع انتهى. وقوله: ولا يفيد المعلل ذكره نفعاً يفيد أن هناك ما يصلح علة سوى(3/258)
(4/184)
---
ما لا يفيد نفعاً. وحينئذٍ فالأقسام متباينة لأنه ليس في الأول ما يصلح علة لأن المذكور بتمامه عديم التأثير ولذا خص بعدم التأثير في الوصف، والثاني يصلح علة للحكم في ذاته لكن لا يصلح علة في هذا الأصل لوجود المانع فلذا خص بعدم التأثير في الأصل. والثالث موجود فيه ما يصلح علة في الأصل والفرع وهو كونهم مشركين أتلفوا مالاً فيحصل الحكم لكن فيه زيادة لا فائدة لها في حصول الحكم وهي في دار الحرب، فلذا خص بعدم التأثير في الحكم والرابع موجود فيه ما يصلح علة في الأصل دون الفرع، فلذا خص بعدم التأثير في الفرع، وبهذا يظهر فساد قول المحشي هنا أو أعم من ذلك فهو الثالث. وقوله فيما سيأتي: وإنما ذكر لضرورة التقسيم فهما منه أن معنى رجوعه إلى الأول أنه منه وليس كذلك، بل معناه أن الاعتراضين مطالبة بالتأثير ولا يلزم منه أن ما عليه الاعتراض شيء واحد وإلا فلا ضرورة إلى التقسيم فليتأمل. قوله: (لا بد فيهما من المناسبة) أي وإن لم تعلم بناء على أن الأحكام لا بد فيها من المصالح تفضلاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 326
قول الشارح:
(وحاصل هذا القسم طلب الدليل)
قال العضد: قد يقال: إن حاصله إثبات عدم علية الوصف مطلقاً كما أنه في الثاني إثبات أن العلة هي ذلك الغير والمصنف لم يرض ذلك لأنه لو كان كذلك لكان غصباً لمنصب المستدل ولا يجوز تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 328
قول الشارح:
(بإبداء)
(4/185)
---(3/259)
غير ما علل به عبارة المصنف في شرح المختصر: بإبداء علة أخرى وهو العجز عن التسليم ولذلك بناه بانون على التعليل بعلتين اهـ. وحاصله أن المعترض لم يمنع علية علة المستدل مطلقاً بل فيما وجد فيه وصف مقتضٍ للحكم، ولو انتفت علة المستدل وجعل هذا سبب المنع فهو مقر بصحة علة المستدل في ذاتها وإنتاجها للحكم لكن في غير هذه الصورة وهذا هو القول بالعلتين. وأما ما قيل من أن حقه أن يقول بناء على منع التعليل بعلتين إذ لو بنى على جوازه لم تتوجه المعارضة فوهم منشؤه عدم التأمل إذ كيف لا تتوجه مع إبطال علة المستدل بأنها لا تأثير لها مع العجز لأنه مانع ولو وجدت الرؤية، وكأنهم فهموا أن من جوز التعليل بعلتين علل بهما في مسألة واحدة كما تقدم لهم لذلك نظائر وليس كذلك، بل معناه أن الحكم الواحد يجوز أن يثبت في مسألة بعلة وفي أخرى بغيرها، فإذا اجتمعا ولا مانع كاللمس والبول في نقض الطهارة فخلاف قيل كل علة وقيل العلة المجموع، وقد تقدم كل ذلك فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 329
قوله:
(أي جزئه)
الأولى إبقاؤه على حاله لأنه هو الذي اشتملت عليه العلة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 329
قوله:
(الأولى فدار الحرب الخ)
إن تأملت وجدت ما صنعه المصنف في الموضعين هو الصواب إلا أنه لو قال: ولا فائدة في ذكره بالواو بدل الفاء كما صنعه في شرح المختصر كان أولى لصراحته في أن المراد به غير ما أريد بقوله: ودار الحرب الخ. وحاصل المراد به أنه زيادة على كونه عندهم طردياً لم يجعله الخصم موضوع المسألة حتى يقرب بذكره المشابهة بالحربي فإن من أوجب الضمان أوجبه مطلقاً وبه تعلم رد ما قاله سم من استشكال المبالغة بما ذكره فإن المبالغة إنما تكون بما يظهر به عدم فائدة ذلك القيد وليست متعلقة بالحكم فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 329
قول الشارح:
(تقوية للاعتراض)
(4/186)
---
أي بأنه زيادة على كونه طردياً عندهم لا فائدة له.(3/260)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 330
قول المصنف:
(لئلا ينتقض ما علل به)
أي فذكره لدفع النقض الصريح وإن بقي النقض المكسور إلا أن إيراده أصعب على المعترض من إيراد النقض الصريح لأنه يبين أولاً إلغاء بعض العلة. وثانياً نقض الباقي تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 330
قول المصنف:
(بشرط البناء الخ)
أي ليتمم الاستدلال على كل ما ادعاه. قوله: (بل لا يصح القياس الخ) لعل من قال بالقياس ممن جوز القياس على المقيس أو أنه قاسه عليه بجامع غير جامع الأصل وفرعه بناء على تعدد العلل تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 330
(مبحث القلب)
(4/187)
---(3/261)
قال المصنف في شرح المختصر: قلت الدليل عبارة عن دعوى أن ما ذكره المستدل عليه لا له في تلك المسألة على ذلك الوجه انتهى، وهو صريح في اختياره مذهب الهندي . قول المصنف: (في المسألة المتنازع فيها) أي سواء كان ذلك في القياس أو غيره، وخصه البيضاوي بالقياس ولعله اصطلاح. قوله: (والنوع الأول الخ) صوابه الثاني. قول المصنف: (إن صح) قال المصنف في شرح المنهاج: واعلم أنه يخرج من كلام أئمتنا خلاف في أن القلب هل يفسد العلة ويبين أنه لا يصح التعلق بها لواحد منهما أو هو تسليم لأن الجامع دليل واختلاف في أنه دليل للمستدل أو عليه؟ والأول هو ظاهر قول من قال من أصحابنا: القلب شاهد زور كما يشهد لك يشهد عليك، وقول ابن السمعاني توجيه سؤال القلب أن يقال إذا علق على العلة ضد ما علقه المستدل من الحكم فلا يكون أحد الحكمين أولى من الآخر ويبطل تعليقهما بها، والثاني هو ظاهر تسميته معارضة فإن المعارضة لا تفسد العلة بل تمنع من التعلق بها إلى أن يثبت رجحانها من خارج انتهى. فأراد المصنف بقوله هنا إن صح أن الخيرة في إيراده على وجه المعارضة أو القدح للمعترض، فإن كان مراده أني سلمت صحة الدليل لكنه يدل على ضد ما تريد كان معارضة، وإن كان مراده أن الدليل فاسد لأنه يتعلق به كل من الضدين ولا أولوية لأحدهما على الآخر فيبطل تعليقهما به كان قدحاً، وعلى كل حال هو قلب، فقوله: إن صح معناه إن سلمت أن الجامع دليل ولم أنظر لتعلق الضدين به، وحينئذٍ يكون مراد المعترض المعارضة بعلة المستدل نفسها ولي أن لا أسلم أنه دليل لتعلق الضدين به، وحينئذٍ يكون مراده القدح في الدليل بأنه لا يصلح لفساده بما ذكر، وعلى كل يخرج منه إبطال مذهب الخصم بالمعارضة أو القدح، وتصحيح مذهب المعترض بدفع ما يدل على خلافه. ثم رأيت كلام التفتازاني في التلويح صريحاً فيما قلته، ونصه المعارضة في الحكم إما أن تكون بدليل المعلل ولو بزيادة شيء عليه وهو معارضة فيها(3/262)
(4/188)
---
معنى المناقضة، أما المعارضة فمن حيث إثبات نقيض الحكم، وأما المناقضة فمن حيث إبطال دليل المعلل إذ الدليل الصحيح لا يقوم على النقيضين. فإن قلت في المعارضة تسليم دليل الخصم وفي المناقضة إنكاره فكيف هذا؟ قلت: يكفي في المعارضة التسليم من حيث الظاهر بأن لا يتعرض للإنكار قصداً. فإن قلت: ففي كل معارضة معنى المناقضة لأن نفي الحكم وإبطاله يستلزم نفي دليله المستلزم له ضرورة انتفاء الملزوم بانتفاء اللازم. قلت: عند تغاير الدليلين لا يلزم ذلك لاحتمال أن يكون الباطل دليل المعارض بخلاف ما إذا اتحد الدليل اهـ. وهي عبارة جمة الفوائد ترشدك زيادة على ما مر إلى وجه تخصيص القلب من بين المعارضات بكونه تارة يكون معارضة وتارة يكون قدحاً فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 330
قول المصنف أيضاً: (إن صح) يعني أني لا أقول إنه عليك لا لك إلا بناء على تسليم صحته ظاهراً إذ لا يكون دليلاً عليك إلا حينئذٍ، فإن لم أسلم لتعلق الضدين به فهو لا يصلح دليلاً عليك ولا لك، وعلى كل بطل ما تدعيه وبقي ما أنا عليه إذ لا دليل على خلافه أو دليلك يدل عليه. فقوله: إن صح لازم لقوله عليه لا له لا أنه ينطق به المعترض، وإنما كان تسليم الصحة ظاهراً لأنه لا يمكنه تسليمها في الواقع مع اعترافه بتعلق الضدين به فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 330
قول الشارح:
(سواء كان صحيحاً أم لا)
فهم هذا القائل إن المراد بكونه غير صحيح أن الدليل فاسد لشيء آخر غير تعلق الضدين به، وحيث جعله عليه فهو مسلم لصحته وليس كذلك، بل المراد بفساده أنه تعلق به الضدان وجعله دليلاً عليه هو المحقق لتعلق الضدين، فإن كان التسليم موجوداً من حيث الظاهر فمراده المعارضة وإلا فالمناقضة كما مر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 332
قول المصنف:
(وقيل: إفساد مطلقا)
(4/189)
---(3/263)
سيأتي في الشارح تعليله بأنه من حيث لم يجعله له مفسد له وإن كان صحيحاً، وفيه أن عدم جعله له إن كان معناه أنه لا يصح تعلقه به لأنه يلزم تعلق الضدين به فهو مفسد لأنه أبطل كونه دليلاً، وإن كان معناه أنه دليل صحيح بناء على تسليم صحته ظاهراً لكنه إنما يدل على ضد ما تدعيه فهو غير مفسد بل معارضة وهي لا تفسد العلة كما تقدم، واختيار أحد الأمرين موكول إلى رأي المعترض، ثم إن هذا القائل فهم أيضاً أن الصحة والفساد شيء خارج وليس كذلك كما مر فليتأمل. قوله: (غير لازم) أي بل ذلك من المصنف على لسان حال المعترض سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 333
قوله:
(يرد بأن الأمثلة المذكورة الخ)
كلام لا معنى له فإنه لا فرق بين المعرف والتعريف إلا بالإجمال والتفصيل. قوله: (هو من تتمة الحد) هو كذلك وكونه من تتمته صحيح سواء كان مسلماً للصحة أو لا لأنه إن صح لا يفيد القطع بالصحة ولا بعدمها فتارة يسلم الصحة ظاهراً وتارة لا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 333
قوله:
(إذ لو لم يصح الخ)
(4/190)
---(3/264)
فهم شيخ الإسلام أن قوله: إن صح راجع لقوله: ما استدل به يعني أن هذه الدعوى لا تكون إلا إذا كان صحيحاً يدل عليه قوله في مختصره للمتن القلب دعوى أن ما استدل به صح عليه. ثم قال في شرحه: إن صح قيد للاحتراز عن الفاسد فعدم ذكره في الحد يخل بموضوع القلب من كونه إما مصححاً لمذهب المعترض أو مبطلاً لمذهب المستدل إذ لا يحصل بالفاسد شيء من ذلك اهـ. فقول المحشي قضية الخ يسلمه شيخ الإسلام لكنه قال: المراد صحته في الواقع أو عند المعترض ولا ينافيه عدم تسليم المعترض له كما سيأتي لأن معنى عدم التسليم طلب الدليل على صحته اهـ. وفيه أمران: الأول أنه منع مجرد لا يسمع. الثاني: أن الصحة في الواقع لا عبرة بها بل المدار على الصحة عند المعترض كما اقتصر عليه المحشي . قوله: (وهو مناف الخ) لا منافاة لأن معناه على ما فهمه شيخ الإسلام أن القلب إنما يكون معناه أنه عليه لا له في حال الصحة وإلا فهو قدح فالمعارضة عند الصحة والقدح عند عدمها. قوله: (ففيه أنه لا يلزم الخ) أجاب سم بأن مراده الاستدلال على التقييد بالصحة المفهوم من قوله إن صح لا على أنه من تتمة الحد. وأقول: لا حاجة إليه لأن مراد شيخ الإسلام أنه لو لم يذكر لصدق الحد بالفاسد كالصحيح والفاسد لا يفيد هذا وقد عرفت حقيقة الحال وأن كل ذلك بعيداً عن مراد المصنف بمراحل بل مراده أن المعترض يقول: إن دليلك يدل عليك لا لك إن كان صحيحاً، ولا يلزم من ذلك أنه يسلم صحته، بل إما أن يسلم بناء على الظاهر فيكون معارضاً، وإما أن لا يسلم بناء على تعلق النقيضين به فيكون قادحاً في صحة الدليل. قوله: (أي وأما على القول الأول الخ) انظر كيف سلم هذا وهو أكبر دليل على أنه من الحد مع قوله أولاً إنه من كلا المعترض. قوله: (فالظاهر أنه مقابل للقبول) كأنه غفل عن قول الشارح بعد هذا القول فلا يقبل فإنه يفيد مقابلته له قطعاً. قول المصنف: (معارضة عند التسليم) قال المصنف في شرح المختصر:(3/265)
(4/191)
---
المعارضة المصطلح عليها معارضة في الأصل بمعنى آخر إما مستقل أو غير مستقل، وهذه معارضة بنفس ذلك المعنى فهي ضرب من مطلق الاعتراضات. قوله: (ولا يخفى إشكاله في الثاني الخ) لا يخفى أنه ليس الغرض الاستدلال إذ لا يصح حتى مع التسليم إذ هو أي المعترض معترف بأنه معارض بما قاله المستدل، بل المراد إما وقف دليل المستدل إن كان معارضة أو إبطاله إن كان قدحاً، وعلى كل سلم مذهب المعترض لعدم ما يدل على خلافه من دليل المستدل إما لأنه معارض وإما لأنه فاسد، وليس للمستدل حينئذٍ أن يعارض المعترض لأن المعترض ليس في منصب الاستدلال ولأنه ليس وظيفة المستدل فتأمل. قوله: (باعتبار زعم المستدل) هذا إنما يكون عند التسليم. قوله: (بأن المراد في الأول بالقادح الخ) صوابه بأن المراد في الثاني أعني إطلاق أنه من القوادح. وقوله في الثاني: صوابه الأول وهو أنه إذا كان معارضة لا يكون قادحاً وأوقعه في ذلك اختصار عبارة سم فانظرها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 333
قوله:
(وهو مشكل)
عرفت جوابه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 335
قوله:
(بل يجوز كونه حالاً من إبطال الخ)
هذا هو الذي تصرح حينئذٍ به عبارة المصنف في شرح المختصر حيث قال في القسم الثاني: أن لا يدل بالصراحة على بطلان مذهب المستدل. وقال في الأول: أن يدل على الأمرين معاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 335
قول الشارح:
(فيصح له وتلغو تسميته لغيره الخ)
أي إذا لم يشتر بعين مال من عقد له ولم يضف العقد إلى ذمته شيخ الإسلام في شرح المختصر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 336
قوله:
(شراء الفضولي)
أي عدم صحته. وقوله: شراء لنفسه أي صحته لنفسه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 336
قول الشارح:
(إذ هو المتنازع فيه)
(4/192)
---(3/266)
لكن لم يتمكن المستدل من التصريح باشتراطه إذ لو صرح به لم يجد له أصلاً يقاس عليه. قوله: (أي من غير تعرض لمذهب المعترض) وذلك لأن ما قلب به وهو عدم تقدير المسح بالربع بل كان الواجب الكل ليس مذهبه، وكذلك خيار الرؤية لا يقول به ولا بعدمه لأنه مبني على صحة البيع بلا رؤية وهو باطل عنده. وأما قول المحشي الذي بيع على الوصف ففيه نظر فإن كلامهم يخالفه ولو كان كذلك لكان القلب لتصحيح مذهب المعترض تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 336
قول المصنف:
(ومنه قلب المساواة)
أي من القلب الذي لإبطال مذهب المستدل بالالتزام كما نبه عليه المصنف في شرح المختصر، وإنما قال الشارح أي من القلب ولم يقل من القسم الثاني لئلا يتوهم أن خلاف القاضي في كون قلب المساواة من قسم إبطال مذهب المستدل، ولا يلزم منه نفي كونه من مطلق القلب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 336
قول الشارح:
(وجه استدلال القالب فيه الخ)
عبارة المصنف في شرح المختصر في توجيه رده لأنه لا يمكن التصريح فيه بحكم العلة، فإن الحاصل في الأصل نفي وفي الفرع إثبات، ألا ترى المستدل يعتبر الوصفين في الأصل والمعترض لا يعتبرهما بمقتضى القلب والمختار القبول فإن القياس على الأصل إنما هو من حيث عدم الاختلاف وهو ثابت فيه، فلا يضر كونه في الأصل الصحة وفي الفرع عدمها إذ هذا الاختلاف غير مناف لأصل الاستواء الذي جعل جامعاً اهـ. وقوله: فإنه لا يمكن الخ لأنه لا يمكن القالب أن يقول: يستوي التيمم والماء في أن تجب النية فيهما كما وجبت في إزالة النجاسة، فإن الحاصل في الإزالة عدم الوجوب وفي الفرع وهو الطهارة الوجوب بمقتضى القلب. وقوله: ألا ترى الخ أي بدليل أن المستدل يعتبر الوصفين أي اللذين سوى بينهما المعترض في الأصل مسوى بينهما في عدم وجوب النية والمعترض إنما يعتبرهما في الفرع لا الأصل فتأمله مع ما في الحاشية.
(4/193)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 336
(القول بالموجب)(3/267)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 337
قول المصنف:
(وشاهده الخ)
لم يقل دليله لأن الواقع من المنافقين ليس استدلالاً إنما هو مجرد إخبار، فلا يكون في الآية تسليم دليل مع بقاء النزاع، وإنما قال في العكس أيضاً، وشاهده لأن الحديث لا يدل على صحة الاستدلال به مطلقاً أي أبلغ أو لا ولا على ذلك التفصيل بين مانع علتين ومجوزهما وبه تعلم ما في الحاشية تدبر. قوله: (فليتأمل الجواب) القول بالموجب تسليم مدلول الدليل مع بقاء النزاع وذلك دعوى نصب الدليل في غير محل النزاع، وهذا بخلاف القلب فإنه دعوى أن الدليل عليه أي ملزم له، هذا إن سلم فإن قدح فيه بتعلقه بالضدين فالفرق أبين إذ ما هنا قدح بدعوى نصب الدليل في غير محل النزاع فتأمل. قوله: (يثبت الحكم الواقع الخ) لم يثبت شيئاً في مثال المثقل ولا في غيره إنما فيه دعوى إقامة الدليل في غير محل النزاع كما قاله العضد وغيره. قوله: (إذ مقتضى الدليل فيه غير مسلم) فيه أنه مسلم في القسم الأول منه. قوله: (وتعبير الشارح بالمضي الخ) إن كان مراده فتم تصوير القول بالموجب فلا لأنه يراعى فيه حال وقوعه، والإشارة التي ذكرها لا ينافيها ما قاله سم بل يحققها. قوله: (ينتج الأفراد) ليس كذلك بل الإخراج منسوب لهما معاً مباشرة للرسول وفعلاً وتقريراً لله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 337
قوله:
(لما كان تسليم الدليل من حيث الدلالة)
فيه أن التسليم ليس من حيث كونه مدلولاً للدليل بل من حيث ذاته تدبر. قوله: (أو ملازمه) أي ملزومه ولا يلزم هنا من عدم منافاته للوجوب أن يجب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 338
قوله:
(أي فيثبت القصاص وهو الفرع الخ)
(4/194)
---(3/268)
أنت تعلم أن الفرع القتل بما يقتل غالباً والأصل القتل بالإحراق والحكم هو ثبوت القصاص، لكن فرض الكلام أن المستدل استنتج من الدليل ما يتوهم أنه ملزوم للمطالب، فلا يصح أن يقول حينئذٍ فيثبت القصاص لأنه محل النزاع حقيقة. وقوله: من تتمة الدليل إن كان مراده أنه جزء منه فليس كذلك أو نتيجته فهو المطلوب على رأي المستدل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 338
قول الشارح:
(من منافاة القتل بالمثقل الخ)
الظاهر أنه إنما أرجع هذا للأول لأن قول المستدل فلا ينافي الخ حيث كان تعريضاً بالمعترض، فإنما أراد ذكر ما استند إليه وإلا فلا وجه لاستنتاجه، وحينئذٍ فلا فرق بين المثالين، فهذا من الشارح إشارة إلى أن المصنف لم يرض التفرقة التي ذكروها، ولذا لم يجعله أقساماً ثلاثة كما صنعه ابن الحاجب بل جعله قسماً واحداً وهو أن يظهر عدم استلزام الدليل لمحل النزاع كما اقتصر على ذلك الشارح في التصوير، ويدل عليه أيضاً قول المصنف فيقال: مسلم ولكن لا يلزم الخ إذ لو كان استنتاجاً لما يتوهم أنه مأخذ الخصم وهو يمنعه لم يقل مسلم ولكن الخ بل هو ناف لاستلزام الدليل لمحل النزاع كما هو صريح المصنف فيكون من القسم الأول فتأمل لعلك تقف على أحسن منه. واعلم أن جواب القسم الأول هو بيان أن ما لزم من الدليل هو محل النزاع. وجواب الثاني أن الحذف مع العلم بالمحذوف جائز والمحذوف مراد ومعلوم فلا يضر حذفه والمجموع هو الدليل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 338
قول الشارح:
(فإن النفس مائلة إلى الممنوع)
عبارة ابن الحاجب:
والنفس مائلة إلى الممنوع
وهو شطر بيت. والمصنف قال في شرحه قبله:
والقلب يطلب من يجور ويعتدي
ثم قال بعده:
وبكل شيء تشتهيه طلاوة
مدفوعة إلا عن المدفوع.
(4/195)
---(3/269)
(مبحث الفرق) اعلم أنه وقع نزاع كبير بين ابن السمعاني وإمام الحرمين في أن المقصود بالفرق ما هو؟ فقال ابن السمعاني معارضة في الأصل بإبداء علة أخرى للحكم هي مجموع ما علل به المستدل والخصوصية أو في الفرع بإبداء معنى يؤثر فيه خلاف الحكم الذي أفاد المعنى الذي أبداه المستدل، وذلك بأن يقيسه المعترض على أصل آخر لمعنى فيه موجود في ذلك الأصل، وهذا المعنى هو المانع من مجيء الحكم بالقياس على الأصل الذي للمستدل، وحينئذٍ فيأتي في القسم الأول ما في المعارضة في الأصل وهو أنها لا تؤثر بناء على جواز التعليل بعلتين وتؤثر بناء على عدمه أو تؤثر مطلقاً، أما على عدمه فظاهر لأن ما أبداه كل منهما صالح للعلية، وأما عليه فلأن حاصلها أنه لم يعلل المستدل بهذه العلة، ولم لا يجوز أن يكون العلة في الأصل هو العلة الأخرى لا بد من مرجح، ويأتي في القسم الثاني ما تقدم من أن النقض وهو تخلف الحكم عن العلة هل يؤثر إذا كان التخلف لمانع تقدم عن المصنف و الشافعي التأثير وعن غيرهما عدمه؟ وقال الإمام: هو وإن رجع إلى المعارضة فيهما لكن ليس المقصود به الإتيان بمعارضتين على الطرد والعكس بل فقد ينتظم من معارضتين يشعر بمفارقة الفرع الأصل. وحاصله أن المعترض يعترف بالجمع الذي أبداه الجامع لكنه يقول: إذا افترقا في وجه خاص كان الحكم بافتراقهما أوقع من الحكم باجتماعهما في الوصف لأنه إذا جعل العلة في الأصل أو الفرع مجموع المشترك والمختص كان أشد إخالة للحكم مما لو جعل هو المشترك فكأنه يقول: لم لم تجعل العلة في حكم كل ما اختص به مع أنه أشد إخالة مما لو جعلت العلة في كل هو الأمر المشترك، ولا شك أن هذا معنى يزيد على سؤال المعارضة لأنها مجرد إبداء علة أخرى لا تعرض فيها لكونها أشد مناسبة للحكم مما أبداه المعلل، ولما لم يفهم ابن السمعاني مراد الإمام عرض به تعريضاً فاحشاً حتى قال من قال تلك المقالة فقد أعلمنا بأن الفقه ليس من بابه ولا(3/270)
(4/196)
---
من شأنه فرحمة الله على الجميع. واعلم أن للمعارضة معنيين: أحدهما إبداء علة تؤثر نقيض حكم المعلل وليس مراداً هنا. ثانيهما إبداء علة أخرى تؤثر الحكم بعينه ويكون المراد السؤال عن الترجيح وهو المراد بما يرجع إليه سؤال الفرق، وقد عرفت أن المراد بالرجوع إليه أنه من ضرورته لا أن المراد هو المعارضة كما نبه عليه الإمام رحمه الله فيما نقله عنه المصنف في شرح المختصر فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 339
قول المصنف:
(وقيل: إليهما)
هو ظاهر كلام الإمام وحاصله أن الفرق لا يكون إلا مجموع المعارضتين وهو قريب إن كان معنى المعارضة في الفرع انتفاء خصوصية الأصل، وفي الأصل انتفاء خصوصية الفرع وإن لم يتعرض لانتفائها عن الفرع في الأول، وعن الأصل في الثاني لأن ذلك ملاحظ لضرورة التفرقة، أما إن كانت المعارضة في الفرع معناها إبداء مانع أي وصف يقتضي نقيض الحكم وفي الأصل معناها إبداء شرط فيه فلا لأنه لا يلزم من إبداء شرط في الأصل التعرض لإبداء مانع في الفرع وعكسه، بناء على أن انتفاء الشرط في الفرع ليس مانعاً، وانتفاء المانع في الأصل ليس شرطاً وإليه يميل كلام الشارح فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 341
قول الشارح:
(وقد ذكر الآمدي الخ)
قد يقال: تقدم للمصنف في بيان شروط العلة أن لا تكون معارضة بمعارض موجود في الأصل ولا في الفرع وإن قيده فيما تقدم بالمنافي فيحمل على أن المراد به ما ينافي إلحاق الفرع بأن كان شرطاً في الأصل أو مانعاً في الفرع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 341
قول الشارح:
(بناء على القول الثاني)
خصه بالثاني وإن كان لا يمنع الرجوع إليهما الأول لجزم المصنف بأنه سؤالان أما الأول فيجوز ذلك فقط تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 341
قول الشارح:
(بناء على القول الثاني)
(4/197)
---
خصه بالثاني وإن كان لا يمنع الرجوع إليهما الأول لجزم المصنف بأنه سؤالان أما الأول فيجوز ذلك فقط تدبر.(3/271)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 341
قول الشارح:
(لأنه يؤثر في جمع المستدل)
لم يقل لأنه يؤثر في ترجيح المستدل إحدى العلتين إشارة إلى أنه شيء وراء المعارضة وإن رجع إليها وقد تقدم فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قول الشارح:
(وقيل: لا يؤثر فيه)
لأن المقصود إلحاق بجامع ولو مع وجود ما هو أشد إخالة منه بناء على جواز التعليل بعلتين. قوله: (والقياس باعتبار كل منهما) من أين هذا بل المعنى أن من جوز العلتين يلتزم القياس على أصل واحد بإحداهما.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قول الشارح:
(مطلقا)
أي تعددت العلة أولاً بأن يقيس على أصلين مثلاً بعلة واحدة موجودة في الفرع أو بعلتين موجودتين في الفرع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قوله:
(لا يظهر فيه القدح بمعنى بطلان التمسك)
لم يدع هذا أحد بل قال الشارح لأنه يبطل جمعها المقصود أي لإفادة قوة الظن إذ هذا هو علة تجويز من جوزه كما في المنتهى وهذا موجود، وإن تمسك بكل فالقدح في الجمع لا التمسك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قوله:
(وكأنه بالنظر لمناظره)
مناظره لم يقدح في التمسك بل في الجمع إذ إبطال دليل لا يلزم منه إبطال كل الأدلة، ومنه تعلم ضعف القولين الأخيرين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قوله:
(وجوابه الخ)
الأولى أن ما قاله العلامة هو وجه ضعف هذا القول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قوله:
(وحينئذٍ لا يكفي الخ)
كذا في نسخ سم والصواب إسقاط لا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قوله:
(أن لا تكفره الكفارة)
أي لا تكفر الإقدام عليه ومثله يقال في الباقي.
(4/198)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قوله:
(قد يقال الخ)(3/272)
فيه أن الكلام في سقوط إثم الإقدام لا القتل، وإلا فكفارة إفساد الصوم واجبة مع وجوب القضاء. ولو قال: إن المعهود في الكفارات إسقاط الإثم بناء على أنها جوابه لكان صواباً تأمل. واعلم أن فساد الوضع يشبه القدح في المناسبة من حيث إن المعترض به ينفي مناسبة الوصف للحكم لمناسبته لنقيضه إلا أنه لا يقصد هنا بيان عدم المناسبة بل مناسبته للنقيض أو بناء النقيض عليه كذا في العضد . وفيه أن القدح في المناسبة خصوه بإبداء مفسدة راجحة فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 342
قول الشارح:
(والرابع كأن يقال الخ)
مثل به بعضهم للثالث فنبه الشارح على خطئه والثابت هو الرضا والمنفي الانعقاد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 343
قوله:
(نوزع من جهة المخالف)
عبارة سم: قال شيخنا الشهاب : قد يقال علة امتناعه كون الملائكة لا تدخل بيتاً الخ فهو اعتراض على فهم أن الشارع اعتبر السبعية علة للطهارة بأنه لم يعتبرها علة لها المقتضى نجاسة سؤر الكلب بل اعتبر السبعية لأن الملائكة لا تمتنع من دخول بيت فيه سبع، بخلاف ما فيه كلب فلا يكون فيه دليل على نجاسة سؤر الكلب حتى يقال: إن الشارع اعتبر السبعية لنقيضه، والمقصود بذلك رد اعتباره في طهارة السنور بهذا الطريق وإن كان الكلب نجساً عند المخالف للنص عليه تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 343
قوله:
(وفيه أنه يلزم مثله)
هو كذلك لكن لا يضر في التمثيل غايته أن يلزم الشافعي إثبات أن عدم الدخول كان للنجاسة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 343
قوله:
(هذا يدل الخ)
(4/199)
---(3/273)
هذا الاعتراض غير موجه لأن فساد الوضع هو أن لا يكون الدليل على الهيئة الصالحة، فشمل ما إذا كان الجامع معتبراً في نقيض الحكم وذلك صادق بأن يعتبره الشارع في نقيض الحكم للمقيس كمسألة السنور، فيلزم فساد القياس من جهة جعله جامعاً لعدم وجوده في المقيس عليه، ومن جهة جعله علة لنقيض ما جعله الشارع له، والمنظور له هو الثاني وإن لزمه الأول أو لغيره كمسألة المسح، ومما يدل على ذلك ما سيأتي لسم في فساد الاعتبار حيث أجاب عن اعتراض الناصر بمثل ذلك تدبر.
............................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 343
قول الشارح:
(بأن وجد مع نقيضه لمانع)
أي فليس هو علة للنقيض بل علته المانع فاندفع اعتباره في النقيض، وإن بقي النقض فإنه يكفي فيه تخلف الحكم ولو لمانع. والحاصل أن المعترض به هنا إنما هو ثبوت عليته للنقيض وقد اندفع بالجواب، أما النقض فسؤال آخر لم يورده المعترض، قال العضد: فساد الوضع يشبه النقض من حيث بين فيه ثبوت نقيض الحكم مع الوصف إلا أن فيه زيادة وهو أن الوصف هو الذي يثبت النقيض، وفي النقيض لا يتعرض لذلك بل يقنع فيه بثبوت نقيض الحكم مع الوصف، فلو قصد به ذلك لكان هو النقض اهـ. وبه تعلم أنه لا معنى للاعتراض ببقاء النقض لأن فرض الكلام أن الاعتراض بفساد الوضع تدبر. واعلم أن فساد الوضع معناه فساد وضع القياس لكونه مناسباً لنقيض الحكم أو ضده كما في القسم الأول، أو لكون علته ثبت اعتبارها في النقيض أو الضد بنص أو إجماع كما في القسم الثاني، والشيء الواحد لا يناسب النقيضين أو الضدين، أما فساد الاعتبار فليس براجع إلى وضع القياس بالمعنيين بل معناه أن ما دل عليه القياس من الحكم مخالف لما دل عليه نص أو إجماع، وتارة يكون معه فساد وضع وتارة لا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 344
قوله:
(فمسلم)
(4/200)
---(3/274)
ولا يفيد فيه أنه لا يستلزم ولا في النفل لما تقدم عن سم إلا أن يكون تسليماً جدلياً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قوله:
(لا نسلم أن الكلام الخ)
الأولى أن القياس استجمع شرائطه إلا أن النص مثلاً دل على إلغاء ما اعتبره القائس وهذا موجود في كل مثال لهذا النوع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قوله:
(ما قرروه الخ)
أي من أن القياس في فساد الاعتبار قد لا يكون صحيحاً. وقوله: وما سيذكره المصنف والشارح صوابه حذف ما أو زيادة هو قبل ما لأن ما قرروه هو ما ذكر اهـ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قول الشارح:
(بمنع كل ما يدعي عليته)
يعني أن المستدل بعد منع علية ما ذكر يحتاج إلى الانتقال لتعليل عليته فيمنع تعليل العلية فيحتاج للانتقال لتعليل علة العلية فيمنع فيحتاج لتعليل علة علة العلية وهكذا، إذ مسالك العلة لا تخلو عن التعليل، وحينئذٍ ربما أحوج إلى الانتقال من المستدل من مسلك إلى آخر لكثرة مسالك العلة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قول الشارح:
(وهو مقبول جزما)
لعله لعدم الانتشار لقلة التركب في العلل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قوله:
(قد يقال ترتيبها الخ)
فيه أنه يلزم التعليل بعلتين والمصنف لا يراه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قوله:
(فاندفع قول سم فيه نظر الخ)
لم يوجد ذلك في سم وإنما الموجود فيه توجيه الأخذ ونفي اللزوم فانظره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قول الشارح:
(بخلاف ما لا يعرفه إلا خواصهم)
لاحتمال أن المانع من غير الخواص.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قوله:
(لكون نوعه غير نوع الكفارات الخ)
بناء على أن الخلاف وقع في هذه الأنواع فقط لا في كل ما لم يعلل وفي العضد خلافه.
(4/201)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 345
قوله:
(قد لا يظهر معه معنى الترتيب)
فيه نظر بل هو ظاهر للمتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 346
قول الشارح:
(مترتبة كانت أو لا)(3/275)
قال المصنف والعضد في شرحيهما لمختصر ابن الحاجب المرتبة ما فيها ترتيب طبيعي بأن لا يثبت الثاني إلا بعد ثبوت الأول مثل منع حكم الأصل ومنع العلية إذ تعليل الحكم بعد ثبوته طبعاً، ويفيد ذلك قول المصنف هنا أي يستدعي تاليها تسليم متلوه، وهذا لا يظهر في النقوض إذ لا ترتب بينها، أما المعارضات في الأصل أو الفرع فممكن لأن المعارضة في الأصل بمعنى إبداء علة تفيد خلاف ما يؤيده المستدل مقدمة على المعارضة بمعنى إبداء وصف آخر صالح للعلية في الحكم الذي أراده المستدل، وكذا المعارضة في الفرع بمعنى إبداء وصف غير ما أبداه المستدل ينتج خلاف الحكم الذي أراده مستنداً إلى القياس على أصل آخر مقدمة على المعارضة فيه بمعنى إبداء المانع وهو الفرق. واعلم أن الآمدي قال بناء على وجوب ترتيب الأسئلة: إن أول ما يجب الابتداء به الاستفسار ثم فساد الاعتبار ثم فساد الوضع ثم منع الحكم في الأصل ثم منع وجود العلة فيه ثم الأسئلة المتعلقة بالعلية كالمطالبة وعدم التأثير والقدح في المناسبة والتقسيم، وكون الوصف غير ظاهر ولا منضبط، وكونه غير مفض إلى المقصود، ثم النقض والكسر ثم المعارضة في الأصل ثم ما يتعلق بالفرع كمنع وجود العلة فيه، ومخالفة حكمه لحكم الأصل، واختلاف الضابط والحكمة والمعارضة في الفرع والقلب ثم القول بالموجب اهـ. ثم إنك عرفت أن الترتيب هو أن تورد بصورة بحيث يستدعي تاليها تسليم متلوه الذي هو متقدم عليه طبعاً كأن يقول: لا أسلم ثبوت الحكم في الأصل، ولئن سلم فلا أسلم أن العلة فيه ما ذكرت، فإن تعليل الحكم بعد ثبوته طبعاً ومنه تعلم وجه تقديم النقض في كلام الشارح على عدم التأثير وهو على المعارضة فإنه لاحظ فيه
(4/202)
---(3/276)
قول المصنف: وإن كانت مرتبة الخ لأنه في المعنى عطف على غير مرتبة، فمثل الشارح بغير المرتب هذا والترتيب للأسئلة مع لفظ إن سلم. قال ابن الحاجب : لازم بأن يقدم ما هو متقدم طبعاً كأن يقول: لا أسلم ثبوت الحكم الخ. وإلا لكان مانعاً لما سلمه فلا يسمع منه فإنه إذا قال: لا أسلم أن الحكم معلل بكذا فقد سلم ضمناً ثبوت الحكم إذا قال ولو سلم فلا أسلم ثبوت الحكم كان مانعاً لما سلمه هذا هو الحق. وإن قال المصنف في شرح المختصر: الأظهر عندنا الجواز لأنه حيث كان التسليم تقديرياً فلا يضر، ولم لا يترقى المستدل فيقول: لا أسلم أن الأصل معلل بكذا بل لا أسلم ثبوت الحكم فيه كما يقول: لا نسلم الحكم وإن سلمته فلا أسلم العلة لأن الغرض أنه لا يريد الترقي، بل يبين اعتراضاً على شيء يتوقف على ثبوت آخر فلا يمكنه ذلك إلا بعد البناء على الثبوت، نعم لو لم يقل ولو سلم أمكن فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 346
قوله:
(وفيه نظر لأن ما ذكره المصنف الخ)
ما ذكره المصنف منوع مرتبة ومراد شيخ الإسلام تقوض مرتبة أو معارضات مرتبة تأمل.
(مبحث اختلاف الضابط)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 347
قول المصنف:
(لعدم الثقة فيه بالجامع)
علة لكونه قادحاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 348
قول الشارح:
(وجوداً ومساواة)
(4/203)
---(3/277)
يعني أن المعترض يقول الضابط مختلف فإنه في الأصل الإكراه وفي الفرع الشهادة فأين الجامع بينهما؟ وإنما قال لعدم الثقة لأنه لا يلزم من اختلاف الوصف الضابط عدم الجامع لأنه يمكن أن يكون بين الوصفين أمر مشترك منضبط هو الجامع كما بين الإكراه والشهادة وهو مطلق التسبب، ويمكن أن لا يكون مع ترتب الحكمة على كل، كما لو قيس الجمع بالمطر على الجمع بالسفر فيقال الضابط في الأصل السفر وفي الفرع المشقة، فالحكمة أعني التخفيف موجود مع كل لكن ليس بينهما أمر مشترك يصلح جامعاً إذ المشقة ليست منضبطة هذا ما يتعلق بقوله: وجوداً. وأما قوله: ومساواة فمعناه أن المعترض عرف أن هناك أمراً مشتركاً وهو الإفضاء لكنه قال: إن المساواة بين الإفضاءين مفقودة، ثم إن كان الاعتراض بالوجه الأول فالجواب هو الأول لأن المقصود به بيان وجود الجامع. فإن قلت: متى بين أنه القدر المشترك كان الإفضاء فيهما الذي هو الجامع مستوياً فيصلح جواباً عن الاعتراض بالوجه الثاني. قلت: لا مانع منه. أما الجواب بأن الإفضاء سواء فلا يصلح حيث كان الاعتراض بالوجه الأول لأن السؤال ليس عن المساواة بل عن وجود الجامع، وبه تعلم ما في كلام شيخ الإسلام سم فانظره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 348
قوله:
(ولسم هنا تخليط الخ)
ليس كذلك بل حاصله ما تقدم في التوجيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 348
قوله:
(أي بين الضابطين)
لا حاجة لذلك بل الظاهر المناسب لكلام الشارح أن المراد بين الأصل والفرع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 348
قوله:
(بل هو في الفرع أرجح كما أشار له العضد)
ليس كذلك بل الذي جعله العضد أرجح في مثال آخر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قوله:
(هي إقامة دليل يقتضي الخ)
(4/204)
---
لا يشمل المعارضة بمعنى إبداء وصف آخر يحتمل أن يكون هو العلة إلا أن يكون هذا داخلاً في المنع لأنه يطلب المرجح لعلته تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قول المصنف:
(حيث غرابة الخ)(3/278)
أي لا يسمع إلا حينئذٍ وإلا فهو تعنت إذ يأتي في كل لفظ فسر به آخر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قول الشارح:
(لأن الأصل عدمهما)
أي لأن وضع الألفاظ للبيان والإجمال والغرابة قليل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قوله:
(خلاف ظاهر عبارة المصنف)
لكن عبارته في شرح المختصر كالعضد فإنه قال أو بتفسيره بمقصوده إن لم يتيسر له ما ذكرناه. واعلم أنه يؤخذ من كفاية التفسير بالمقصود الذي يصلح اللفظ له لغة ولو مجازاً أو نقلاً أن قولهم المراد لا يدفع الإيراد يخص بغير هذا وهو أن يصلح اللفظ له لغة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قوله:
(في زمن خيار الشرط)
لعله البائع حتى يصح الكلام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قوله:
(ممنوعان)
أي لا يصلحان للتعليل والثالث صالح لكنه منقوض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قوله:
(لأن حاصل الاعتراض الخ)
(4/205)
---(3/279)
هذا أشبه شيء بالهذيان إذ بعد الاعتراف بمراده وصحته وصحة استعمال اللفظ فيه ما معنى الاعتراض، وإنما حمله على ذلك متابعة العلامة فيما يأتي، والحق أن التقسيم هو ما بينه المصنف والشارح وهو منع غير مراد المستدل والسكوت عن مراده مع عدم معرفة المعترض مراده فمنعه لاحتمال أن يكون المراد هو الممنوع، فبناء على هذا الاحتمال لا يتم الدليل، وإنما خالف المصنف ابن الحاجب في أن التقسيم منع لأحد المحتملين وتسليم الآخر لكنه لا يفيد كما إذا قيل في الحاضر الفاقد للماء وجد سبب جواز التيمم وهو تعذر الماء فيجوز التيمم كالمسافر والمريض، فيقول المعترض: ما المراد بتعذر الماء سبب أن تعذر الماء مطلقاً سبب، أو أن تعذره في السفر أو المرض سبب، الأول ممنوع فلا نسلم أن مطلق التعذر يبيح التيمم والثاني مسلم ولا ينتج المقصود لأن هذا راجع إما إلى منع العلة في الأصل بناء على الاحتمال الأول أو منع وجودها في الفرع على الاحتمال الثاني فليس سؤالاً مستقلاً، ولقد قال المصنف في شرح المختصر حين عدد الاعتراضات: وأما التركيب فليس سؤالاً برأسه فإنه إما مركب الأصل وذلك راجع إلى منع حكم الأصل أو منع العلية، أو مركب الوصف وهو راجع إلى منع الحكم أو منع وجود العلة في الفرع وكيف، ولو كان كذلك لما صح لبعضهم أن يقول: إن هذا السؤال يستغنى عنه بالاستفسار، وقد نقل ذلك المصنف في شرح المختصر فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 349
قوله:
(وفيه أن يقال إذا كان المعترض مسلما)
قد عرفت أن المعترض لا يعرف مراد المستدل، ولعمري أن التأمل أولى من هذا كله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 350
قوله:
(إذ حاصله رد دعوى المعترض الخ)
أنت خبير بأن ذلك المراد إذا كان ممنوعاً عند المعترض في نفسه فما الفائدة في كونه مراداً؟ وهل يزيد ذلك على ما لو صرح المستدل من أول الأمر بأن ذلك مراده ثم منعه المعترض؟
(4/206)
---(3/280)
قول المصنف: (بل يعترض الدليل) أي دليل الحكم أو دليل مقدمة دليل الحكم إذا استدل عليها المعلل فإن ما سيأتي جميعه يجري في دليل الحكم ودليل المقدمة بأن يمنع مقدمة منه قبل تمامه مع المسند أولاً أو يمنع جميعه بعد تمامه أي يعترض عليه إما مع منعه وإما مع تسليمه الخ، كذا في العضد وسعد التلويح، فالمناسب أن يكون المراد بالأقوال في قول الشارح أي حكاية المستدل للأقوال الخ الأقوال في المقدمات أو الحكم، والمراد بالمنع في قول المصنف ثم المنع الاعتراض، فالمعنى أن الاعتراض لا يتوجه على الحكاية إنما يتوجه على الدليل، فالمعترض هو الدليل والاعتراض عليه إما مصاحباً لمنعه بأن اعترض عليه بتخلف الحكم عنه فإن تخلف الحكم عنه يبطل شهادته أو غير مصاحب له بأن اعترض عليه بأنه معارض فإن المعارضة لا تبطله بل توقفه عن العمل به إلى الترجيح، وفي كلام المصنف إشارة إلى رد كلام السعد في التلويح حيث قسم الاعتراض إلى الاعتراض على الدليل وإلى الاعتراض على المدلول من غير تعرض للدليل، ثم قال: والثاني وهو القدح في المدلول من غير تعرض للدليل إما أن يكون بمنع المدلول وهو المكابرة وإما بإقامة الدليل على خلافه وهو المعارضة، فأشار المصنف إلى أن المعارضة إنما هي اعتراض على الدليل لأن أثرها إنما هو وقف الدليل عن إنتاج المدلول ولا تعلق لها بالمدلول في ذاته فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 350
قوله:
(طلب تصحيحه)
بأن يدل على موضعه ولا يلزمه إحضاره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 351
قوله:
(متعلق بيعترض)
ومفعوله الدليل أي يعترض الدليل لأجل منع مقدمته أو بسبب منع مقدمته. وقوله: متعلق بالمنع واللام للتعدية أي بل يعترض المنع لمقدمة الدليل الدليل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 351
قول المصنف:
(أو مع المستند)
(4/207)
---
لم يقل السند لشيوعه في الدليل، والمراد هنا مجرد التقوية لا حقيقة الدليل لئلا يكون غصباً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 352
قوله:(3/281)
(لأنه إما أن يكون مساوياً لنقيض الممنوع الخ)
يريد أن مساواة السند للمنع وكذا العموم والخصوص إنما تعتبر في المشهور بالقياس إلى نقيض المقدمة الممنوعة بمعنى كلما تحقق هذا تحقق ذاك وبالعكس في المساوي، وبمعنى كلما تحقق هذا تحقق ذاك وليس بالعكس في الأخص، وليس كلما تحقق هذا تحقق ذاك وبالعكس في الأعم، وقد تعتبر بالقياس إلى خفاء المقدمة الممنوعة على ما بينه من مثال السند المساوي إذا قال المستدل الأربعة زوج لأنه منقسم بمتساويين ومنع هذه الصغرى مانع بأن يقول: لا نسلم هذه المقدمة لم لا يجوز أن يكون فرداً فهذا السند وهو الفردية مساو لنقيض الممنوعة وهو عدم الانقسام بمعنى كلما تحقق الفردية تحقق عدم الانقسام وبالعكس. ومثال السند الأخص كما إذا قال المستدل هذا الشيء لا عالم لأنه لا حيوان، ومنع السائل هذه الصغرى بأن يقول: لا نسلم هذه المقدمة لم لا يجوز أن يكون إنساناً فهذا السند وهو الإنسان أخص من نقيض المقدمة الممنوعة وهو حيوان ومثال السند الأعم ما إذا قال: هذا الشيء غير كاتب لأنه لا إنسان ومنع السائل هذه الصغرى فقال: لا نسلم هذه المقدمة لم لا يجوز أن يكون حيواناً فهذا السند وهو الحيوان أعم من نقيض المقدمة الممنوعة وهو الإنسان. ومثال السند الأعم من وجه الأخص من وجه ما إذا قال هذا الشيء إنسان لأنه لا حجر ومنع السائل هذه الصغرى بأن يقول: لا نسلم هذه المقدمة لم لا يجوز أن يكون ساكناً فإن بين لا إنسان وساكن عموماً وخصوصاً وجهياً والمباين ظاهر، إذا عرفت هذا عرفت وجه ما قاله بعد تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 352
قوله:
(ومحل ذلك ما لم يقم المستدل دليلاً الخ)
(4/208)
---
هذا مبني على قصر المقدمة فيما سبق على مقدمة دليل الدعوى ولا وجه له بل يشمل مقدمة دليل المقدمة ويجيء فيه هذا التفصيل الذي في المتن بتمامه فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 353
قول المصنف:
(بناء على تخلف حكمه)(3/282)
يقتضي قصر النقض على الاعتراض بالتخلف ومثله في الآداب، واعترضوه بأن التخلف ليس بقيد بل المدار على رد صحة الدليل إما للتخلف أو فساد آخر كلزوم المحال مثلاً، ثم إنه أشار بقوله بناء الخ إلى أن النقض لا يسمع إلا إذا أقيم عليه الشاهد أي الدليل، والفرق بينه وبين المناقضة أن معنى منع الدليل أن هذا الدليل غير صحيح بجميع مقدماته فيصير حينئذٍ مدعياً، فلا بد من الشاهد حتى لا يصير مكابرة بخلاف منع مقدمة معينة فإن معناه إظهار السائل عدم علمه بهذه المقدمة فيطلب من المعلل دليلاً عليها وليس منصبه الاستدلال الآن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 353
قوله:
(ولم يظهر لي لفظة مع)
قد عرفت وجهيها وهو أن الاعتراض إما بالتخلف ولا يكون إلا مع منع الدليل أو بالمعارضة ولا يكون إلا مع تسليمه، ولا يخفى مغايرة ما قررناه سابقاً لما قاله شيخ الإسلام ، فإن ما قاله مبني على أن المنع هو الاعتراض وقس على هذا ما سيأتي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 353
قوله:
(فكان الأقعد الخ)
الأقعد إسقاط مثل هذا الكلام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 354
قوله:
(له صورة أخرى الخ)
هذه لا يلزم أن يكون الفساد فيها لتخلف الحكم وهو موضوع المصنف إلا أن يبني على أن التخلف ليس بقيد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 354
قوله:
(وقد يمنع أن ظاهره الخ)
(4/209)
---
تقدم أن المراد يقبل تمام الدليل قبل الاستنتاج، فيكون المراد هنا بعد الاستنتاج وهذا غير المناقضة، وفي كلام ملا حنفي شارح الآداب ما يفيد أن منع مقدمة معينة بعد تمام الدليل مع الاستدلال عليه لا يعد غصباً قياساً على النقض ويقال له أيضاً منع تفصيلي وهذا هو ظاهر الشارح فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 354
قوله:
(لا يقال كيف جعل هذا قسماً الخ)(3/283)
قد عرفت أنه اعتراض على الدليل بأنه موقوف عن الجريان وهو لا ينافي تسليمه، ألا ترى كيف جعل القلب من القوادح مطلقاً ولو مع التسليم لوجود المعارضة؟ وبه يندفع ما قاله شيخ الإسلام و المحشي فتدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 354
قول المصنف:
(وينقلب المعترض بها مستدلا)
ولما كان الشروع فيها بعدم تمام دليل المستدل ظاهراً لم يكن غصباً لأن السائل قد قام عن موقف الإنكار إلى موقف الاستدلال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 354
قوله:
(أخذاً من قول المصنف الخ)
هو مصرح به في العضد ومأخوذ مما ذكره بعد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 354
قوله:
(وقد يجاب بأن الاتعاظ الخ)
أحسن منه جواب المصنف في شرح المختصر حيث قال: إن الآية ظاهرة في الاتعاظ وفي القياس جميعاً، نعم دخول الاتعاظ أظهر لأنه يشبه خصوص السبب الذي دخوله تحت اللفظ أظهر، وإذا كان ظاهراً فيهما حسن الاستدلال به لمن يكتفي بالظهور في المسألة ولمن يضم إليه ظواهر أخر يصل مجموعها إلى القطع ممن لا يكتفي بالظهور وفي شرح المنهاج نحوه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 354
قوله:
(إلى اعتباره في مفهوم الدين)
فلا بد أن يكون ثابتاً لا متجدداً والاستمرار يصدق مع التجدد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 355
قوله:
(إن أريد بالمستمر الخ)
(4/210)
---
لعل المراد به ما لا يغني عنه غيره في بعض الأحيان مع امتناع العمل به، وانظر التعليل بقول الشارح لأنه قد لا يحتاج إليه فإنه يقتضي أن القياس على الأول من الدين وإن لم يحتج إليه بأن وجد النص، ويمكن أن يقال: إن الأول يقول القياس الذي من الدين ما وجدت شروطه ومنها عدم النص. والثاني يقول حيث كان لا يحتاج إليه في بعض الأحيان عند وجود النص فليس شيء منه من الدين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 355
قول الشارح:
(بأن لم يكن للمسألة دليل غيره)(3/284)
أفاد به أن معنى التعيين عدم وجود غيره للمسألة، وليس معناه أنه فرض عين فيشمل حالتي كونه فرض كفاية وفرض عين بل وحالة كونه سنة إن تصور كما يأتي سم وهو معنى ما في الحاشية تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 355
قول الشارح:
(خلافاً لإمام الحرمين في قوله ليس منه)
الظاهر أن أصول الفقه عند إمام الحرمين لا تطلق إلا على ما يثبت الفقه بالاستقلال بأن لا يحتاج في الدلالة على الحكم إلى غيره، وكل واحد من الكتاب والسنة والإجماع كذلك، بخلاف القياس فإنه محتاج في الدلالة على الحكم لأحد هذه الثلاثة ضرورة توقفه على العلة المنصوصة بأحدها أو المستنبطة مما نص عليه به، فثبت أن كونه حجة لا ينافي أنه ليس من أصول الفقه. فإن قلت: الإجماع أيضاً يفتقر إلى السند فينبغي أن لا يكون من الأصول على هذا. قلت: أجاب السعد في التلويح بأن الإجماع إنما يحتاج إلى السند في تحققه لا في نفس الدلالة على الحكم فإن المستدل به لا يحتاج إلى ملاحظة السند والالتفات إليه بخلاف القياس فإن الاستدلال به لا يمكن بدون اعتبار أحد الأصول الثلاثة فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 355
قوله:
(أو يقال الخ)
يلزم عليه فساد قول المصنف خلافاً لإمام الحرمين لعدم اتحاد موضع الخلاف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 356
قوله:
(4/211)
---
(ولهذا قالوا: إن القياس مظهر)
أي لابتنائه على علة مأخوذة من الكتاب أو السنة أو الإجماع، وفائدته إنما هو تبيين العلة في الأصل فيتبين به عموم الحكم للفرع وعدم الاختصاص بالأصل، لكن هذا تقدم أنه مذهب الحنفية وعندنا أنه مثبت إذ لا حكم قبل وجود الدليل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 356
قوله:
(بالنسبة لحكم المقيس عليه أيضا)
أي لأن الحكم ليس مقولاً أو لأنه قد يكون مستنبطاً، وفيه أنه قال ما دل عليه ولو بطريق الظن بخلاف حكم المقيس.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 356
قوله:
(إذا تعلق بواجب)(3/285)
انظر من أين أن متعلقه بواجب وهل يجب إلا بعد القياس؟ ومثله يقال في قوله بعد حيث يجوز والظاهر أن الاجتهاد على القادر واجب حيث تردد هو أو من طلب منه في وجوب الفعل أولاً وحرمته أولاً عند لزوم مباشرته أو قربها كما يؤخذ من قول الغزالي في الإحياء: أن تعلم ما تقرب مباشرته بأن يكون بصدده كأحكام البيع والشراء لمن هو بصدد ذلك واجب. وقد يقال: المراد أن القياس وقع في أمر تعلق بأمر آخر علم وجوبه كما إذا وقع في الطهارة المتعلقة لما علم وجوبه وهو الصلاة فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 356
قوله:
(وقد يقال مثل ذلك الخ)
تقدم أن الجمع فيه باللازم فارجع إليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 356
قول المصنف:
(والخفي الأدون)
(4/212)
---(3/286)
تقدم أن المراد به ما احتمل أن يكون الوصف الذي فيه هو العلة وأن لا يكون بأن اشتمل على أحد وصفين ثبتا معاً في الأصل، وليس المراد به ما شك في وجود العلة فيه أو كانت فيه أدون مما في الأصلي كما قيل، وإلا لم تحصل المساواة فلا يصح القياس نبه عليه المصنف في شرح المختصر. واعلم أنه على القول الأول يصدق الجلي على ثلاثة الأولى والمساوي وما كان احتمال الفارق فيه ضعيفاً إذ هو غير المساوي لأنه لا احتمال للفارق فيه بل هو قطعي كما تقدم للشارح في مبحث الكلام على شروط الفرع، وبه يعلم أن بين القطعي وهو ما قطع فيه بعلية الشيء في الأصل وبوجودها في الفرع وبين الجلي عموماً مطلقاً لانفراد الجلي فيما احتمل فيه وجود الفارق احتمالاً ضعيفاً، إذ على هذا الاحتمال لم توجد العلة في الفرع إذ عدم الفارق جزؤها في الأصل، وحينئذٍ يكون ما احتمل فيه احتمالاً ضعيفاً من الأدون وهو ما ظن فيه علية الشيء في الأصل وإن قطع بوجوده في الفرع، إذ مع احتمال الفارق يمكن أن عدمه من جملة علة الأصل فيكون ما جعل فيه علة ظنياً، وكذلك يكون بين الخفي على القول الأول والأدون عموم مطلق لانفراد الأدون منه بهذا القسم لعدم دخوله في الخفي وأما الجلي على القول الثالث فبينه وبين القطعي العموم المطلق لانفراد القطعي بالمساوي، وكذلك الواضح عليه لانفراد القطعي بالأولى، أما الخفي عليه فهو الأدون فيشمل ما كان احتمال الفارق فيه قوياً أو ضعيفاً وبه منع إخراج المساوي يخالف الأول، وحينئذٍ ظهر أن قول الشارح: ثم الجلي على الأول يصدق بالأولى كالمساوي أي كما يصدق على ما كان احتمال الفارق فيه ضعيفاً. وأما الفرق بين الثاني والأول فمن جهة الخفي فقط، فإنه على الأول يتناول الشبه مع ما بينه وبين الجلي إذ تأثير الفارق في الكل قوي، أما في الواضح فواضح لأنه مقابل الجلي الذي منه ما تأثير الفارق فيه ضعيف. وأما في الشبه فلأنه مما تأثير الفارق فيه قوي لأنه غير مناسب(3/287)
(4/213)
---
بالذات كما تقدم، وأما بينه وبين الثالث فبالنسبة للأقسام الثلاثة لأن الجلي على الثاني يعم المساوي، وما كان تأثير الفارق فيه ضعيفاً بخلافه على الثالث فإنه الأولى فقط والواضح على الثاني يعم غير المساوي بخلاف الثالث، والخفي على الثاني خاص بالشبه، وعلى الثالث يعمه وغيره، إذ الشبه من جملة ما يظن أنه العلة، وبهذا يظهر ما أمر الشارح العلامة له بالتأمل، وأن قول شيخ الإسلام فالمراد بالخفي فيهما قياس الأدون ليس على ما ينبغي فليتأمل غاية التأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 357
قوله:
(لا يظهر في القياس الصوري)
تقدم تحقيقه فارجع إليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 358
قوله:
(وإنما قيدنا الإسكار بالمخصوص الخ)
تقدم أن هذا التقييد هو سر الدوران فقد أذعنوا للحق هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 358
قول المصنف:
(بنفي الفارق)
أي المؤثر بأن لا يكون فارق أصلاً أو كان تأثيره ضعيفاً فاندفع ما في الناصر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 358
قول الشارح:
(بجامع أن لا فارق بينهما في مقصود المنع)
يؤخذ منه أن معنى قولهم قياس في معنى الأصل قياس بسبب وجود مقصود الأصل لعدم الفارق ووجود المقصود يدل على وجود العلة. وحاصله قياس بتلك العلة المحققة بنفي الفارق عن المقصود تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 358
(الاستدلال)
(4/214)
---(3/288)
/ قال المصنف في شرح المختصر: اعلم أن علماء الأمة أجمعوا على أن ثم دليل شرعي غير ما تقدم واختلفوا في تشخيصه فقال قوم: هو الاستصحاب، وقوم الاستحسان، وقوم المصالح المرسلة ونحو ذلك، والاستفعال يرد لمعان، وعندي أن المراد منها هنا الاتحاذ، والمعنى أن هذا باب ما اتخذوه دليلاً، والسر في جعله دون ما عداه متخذاً أن تلك الأدلة قام القاطع عليها ولم يتنازع المعتبرون في شيء منها، فقيامها أدلة لم ينشأ عن صنيعهم واجتهادهم، أما ما عقدوا له هذا الباب فشيء قاله كل إمام بمقتضى أداء اجتهاده فكأنه اتخذه دليلاً كما يقال: الشافعي يستدل بالاستصحاب، و مالك بالمصالح المرسلة، و أبو حنيفة بالاستحسان، أي اتخذ كل منهم ذلك دليلاً، هذا والمصنف ذكر له هنا تسعة أنواع ستة قبل المسائل وثلاثة عنون عنها بالمسائل. قوله: (أنه يطلق أيضاً) صوابه وقد تقدم أنه يطلق أيضاً الخ. قول المصنف: (فيدخل فيه القياس الخ) عبارة ابن الحاجب والمختار أنه أي الاستدلال ثلاثة تلازم بين حكمين من غير تعيين علة قال المصنف في شرحه: وإلا لكان قياساً واستصحاب شرع من قبلنا اهـ. فقوله: تلازم يفيد أن الدليل في الاستثنائي والاقتراني هو التلازم فعده من الأدلة هنا باعتبار التلازم ولا حاجة لدعوى اصطلاح آخر. ثم إن الدليل في الحقيقة هو وجود الملزوم أو انتفاؤه كالمسكر بالنسبة للحرمة وفي العضد الدليل وسط يستلزم المطلوب فتأمل. واعلم أنه إذا كان التلازم بين الأمرين طرداً وعكساً فحاصل الدليل حينئذٍ هو التمسك بالدوران لكن التمسك به هنا إنما هو في ثبوت الحكم بخلافه فيما تقدم فإن التمسك به هناك في ثبوت العلة، وقد مر أنه لا يعين العلة فلذا أنكر ابن الحاجب دلالته عليها، أما الملازمة فتحصل به لأنه يفيد الاقتران الذي به الملازمة وينشأ عنها الحكم فلذا عده ابن الحاجب من الاستدلال الذي يثبت الحكم فليتأمل. قوله: (وأما قياس الخلف الخ) هو مركب من قياس اقتراني
(4/215)(3/289)
---
واستثنائي فلذا كان من لواحق القياس، وسمي خلفاً لأن المتمسك به يثبت مطلوباً بإبطال نقيضه كما يقال كل إنسان حيوان فيصدق في عكسه بعض الحيوان إنسان ثم يستدل على صدق العكس بقياس الخلف هكذا لو لم يصدق هذا العكس لصدق نقيضه مع الأصل وصورته مذكورة في موضعه. وحاصله لو لم يتحقق المطلوب لتحقق نقيضه، ولو تحقق نقيضه تحقق محال لكن المحال غير متحقق فالمطلوب متحقق، وقد وقع فيه نزاع عظيم لكن استقر رأي الشيخ على أنه مركب من القياسين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 359
قول الشارح:
(متى سلمت الخ)
زاده كغيره لأن لزوم القول الآخر لا يكون في غير البرهان إلا عند التسليم أما بدونه فلا إذ لا علاقة بين الظن وبين شيء ما بحيث يمتنع تخلفه عنه والظن أقرب إلى اللزوم فما بالك بالمقدمات الشعرية والسفسطية أعني المشبهات بالمقدمات واجبة القول تأمل. قوله: (أي صورتها لا شخصها) لأن النتيجة لا يمكن أن تكون مذكورة بعينها في القياس لا على أن تكون إحدى المقدمتين ولا جزء إحداهما، وإلا لكان العلم بالنتيجة مقدماً على العلم بالقياس بمرتبة أو بمرتبتين، وكذلك نقيضها لا يمكن أن يكون بعينه مذكوراً في القياس وإلا لكان التصديق بنقيض النتيجة مقدماً على القياس، ومع التصديق بنقيضها لا يمكن التصديق بها، وسبب ذلك أن النسبة في قولنا إن كان النبيذ مسكراً فهو حرام ليست مقصودة لذاتها بل للربط، ولذا لم يعدوا جملة الجواب كلاماً وإن خالف السعد المناطقة بناء على أن النسبة في الجواب والشرط ظرف. قول المصنف: (ويدخل فيه قياس العكس) قال به الأصوليون وليس قياساً عند المناطقة بل من لواحق القياس، والمراد بالعكس النقيض لا العكس المصطلح عليه عند المناطقة. قوله: (الذي هو علة ثبوت الوزر) أي الوطء الحرام فهو محل الحكم والعلة هي الوضع في الحرام ومثله يقال في الحلال تدبر. وحاصل قياس العكس استدلال بنقيض العلة على نقيض الحكم.
(4/216)
---(3/290)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 360
قول المصنف:
(ويدخل فيه قولنا الدليل الخ)
أي يدخل ذلك في الاستدلال فيكون هذا دليلاً ليس بنص ولا إجماع ولا قياس، وقطع ابن الهمام بأنه ليس استدلالاً بل هو إعراب عن كيفية دلالة الكتاب أو السنة، وخالفه المصنف فقطع بأنه دليل آخر تركيبه أن يقال الدليل يقتضي كذا وكل ما اقتضاه الدليل يجب العمل به، فبالنظر لهذا القدر يكون استدلالاً، وبالنظر لكون مستنده الكتاب أو السنة فهو كيفية، لكن الكلام هنا ليس في الاستدلال بالكتاب والسنة بل في أن ما ثبت بهما يجب العمل به ما لم يخالف لدليل. واعلم أن الفرق بين هذا القول وبين الاستصحاب هو التفصيل هنا ببيان سبب المخالفة فيما فيه المخالفة دون الاستصحاب فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 361
قول الشارح:
(وهو ما فيه من إذلالها)
أي وقد ورد الشرع بعدم الإذلال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 362
قول الشارح:
(خولف هذا الدليل)
أي لمصلحة المعاش وكثرة التناسل. قوله: (أي الحكم) الأولى تزويج المرأة أي الدليل يقتضي أن لا يكون جائزاً هذا هو الموافق لما يأتي وقس عليه الآتي. قوله: (سواء زوجت نفسها الخ) أي إن قطع النظر عن دليل المخالفة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 362
قول الشارح:
(قالوا: لا يلزم من عدم وجدان الدليل انتفاؤه)
(4/217)
---(3/291)
إن أريد أنه لا يلزم منه القطع بالانتفاء فلا ندعيه، وإن أريد أنه لا يلزم منه ظن الانتفاء فهو باطل لأنه بعد الفحص الشديد يظن الانتفاء كما في الشارح وهذا هو المطلوب، ثم إنه يلزم من ظن انتفاء الدليل ظن انتفاء المدلول فتم ما ندعيه، وهذا لا يخالف ما مر من أنه لا يلزم من انتفاء الدليل انتفاء المدلول لأن ذاك في لزوم الانتفاء للانتفاء وما نحن فيه لزوم ظن الانتفاء للانتفاء، وهذا حاصل ما لسم مستنداً فيه لقول المصنف في شرح المنهاج وتقريره أن فقدان الدليل بعد بذل الوسع في التفحص يغلب ظن عدم الدليل وظن عدمه يوجب ظن عدم الحكم الخ فلا وجه لما قاله العلامة وتابعه المحشي تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 362
قوله:
(موهماً ما ذكره العلامة)
لأن الظاهر من الاستدعاء مجرد الاستلزام لا التوقف، ولو لم يستلزم ووجد الدليل لم يوجد تكليف الغافل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 363
قول الشارح:
(فهو دليل على وجود الحكم الخ)
أي لأن قولنا وجد المقتضى فوجد الحكم ونحوه بحيث يلزم من العلم به العلم بالمدلول، غاية ما في الباب أن أحد مقدمتيه وهي أنه وجد المقتضى مثلاً يفتقر إلى بيان قاله السعد في حاشية العضد وظاهره وإن بين وجود نحو المقتضى بدليل من الكتاب والسنة والإجماع لأنه ليس الغرض الاستدلال بواحد منها بل بيان الدليل، ألا ترى أن القدح حينئذٍ يتوجه للمقدمتين جميعاً لا لخصوص النص أو الإجماع، وبه يندفع ما قيل إن انضمام مقدمة أخرى لا يخرج الحكم عن كونه مثبتاً بالنص.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 363
قول الشارح:
(إذا عين المقتضى والمانع الخ)
ظاهره أنه يكون استدلالاً ولو بين وجود كل بنص أو إجماع، وقيل: إن بين بغيرهما وإلا فالدليل النص أو الإجماع.
(مسألة الاستقراء الخ)
(4/218)
---(3/292)
اعلم أنه إن كان المعلوم ثبوت حال الكلي أو انتفاءه عنه من حيث إنه كلي مع قطع النظر عن تحققه في جزئي مخصوص، ثم استدل منه على ثبوت ذلك الحال لأمر آخر أو انتفائه عن ذلك الأمر لكونه جزئياً لذلك الكلي ومندرجاً تحته فهو القياس المنطقي وإن كان المعلوم ثبوت حال الجزئي من حيث خصوصه، ثم استدل منه على ثبوته للكلي بأن تتبع جميع جزئياته أو أكثرها فعلم ثبوت ذلك الحال لها ثم انتقل منه إلى ثبوته لذلك الأمر الكلي فهو الاستقراء، وإن كان المعلوم ثبوت حال لجزئي معين ثم استدل منه على ثبوته لجزئي آخر مندرج معه تحت ثالث بأن علم علية الأمر المشترك لثبوت ذلك الحال في الجزئي المستدل منه فوجد ذلك الأمر في الجزئي المستدل عليه فحكم بثبوت ذلك الحال له فهو القياس الأصولي، ويقال له عند المناطقة تمثيل، ثم إنه عند المناطقة لا بد في الاستقراء من حصر الكلي في جزئياته ثم إجراء حكم واحد على تلك الجزئيات ليتعدى ذلك الحكم إلى ذلك الكلي، فإن كان ذلك الحصر قطعياً بأن يتحقق أنه ليس له جزئي آخر كان الاستقراء تاماً وقياساً مقسماً فإن كان ثبوت ذلك الحكم لتلك الجزئيات قطعياً أيضاً أفاد الجزم بالقضية الكلية، وإن كان ظنياً أفاد الظن بها، وإن كان ذلك الحصر ادعائياً بأن يكون هناك جزئي آخر لم يذكر ولم يستقر أحاله لكنه ادعى بحسب الظاهر أن جزئياته ما ذكر فقط أفاد ظناً بالقضية الكلية لأن الفرد الواحد يلحق بالأعم الأغلب في غالب الظن ولم يفد يقيناً لجواز المخالفة، كذا قاله الفاضل عبد الحكيم في حاشيتي المواقف والقطب ناقلاً بعضه عن السيد في حواشي التجريد، ومنه يعلم أن الاستقراء عند الأصوليين دائماً ناقص عند المناطقة لأن التام مرجعه إلى قياس مقسم كما يقال العدد إما زوج وإما فرد وكل زوج بعده الواحد وكل فرد بعده الواحد، فكل عدد بعده الواحد، وهذا القياس داخل فيما مر من القياس الاقتراني، بخلاف الناقص لعدم الكلية فيه حقيقة لجواز مخالفة(3/293)
(4/219)
---
الباقي، ويعلم أيضاً أن المقصود بالذات بالاستقراء عند المناطقة الحكم على الكلي بخلافه عند الأصوليين فإنه الحكم على الجزئي لتعلق غرضهم بأحكام الجزئيات، ومن هنا يعلم أنه لا حاجة إلى الاستقراء التام عند المناطقة لأنه مبني على علم ثبوت الحكم في جميع الجزئيات، والأصوليون إنما يحتاجون للدليل لعلم حكم الجزئي والفرض أنه معلوم، ولما كان وجه الدلالة عند المناطقة لا بد وأن يكون لزوماً عقلياً كان الاستقراء سواء كان للجميع ما عدا واحدة أو للأكثر ما عدا ما لا يفيد عندهم إلا الظن لجواز المخالفة، بخلاف الأصوليين فإن وجه الدلالة عندهم أعم من العقلي والعادي كما في المتواتر حيث قالوا إنه يفيد القطع، فكان الاستقراء التام بمعناه عندهم مفيداً للقطع بخلاف الناقص، على أن المأخوذ مما نقله عبد الحكيم أن الناقص عند المناطقة هو ما جهل فيه حال جزئي واحد فقط، فتحصل أن التام والناقص عند المناطقة غيرهما عند الأصوليين، وأنه لا بد من الحصر حقيقة أو الدعاء عند المناطقة، وإلا لما ثبت الحكم للكلي حقيقة أو ادعاء بخلافه عند الأصوليين فإنه يكفي قضاء العادة بإلحاق ما بقي بما ثبت فيه الحكم قطعاً أو ظناً، ومن هذا ظهر ما في قول المحشي فهو استدلال بثبوت الحكم فإن ظاهره أن المقصود منه إثبات الحكم للكلي في ذاته، فيحمل على أن إثبات الحكم له لينتقل منه إلى إثباته لصورة النزاع، وإنما احتيج إلى إثباته للكلي أولاً ولم يكتف بثبوته فيما عدا صورة النزاع لأن وجه إثباته في صورة النزاع اشتراكها مع ما ثبت فيه الحكم في أمر كلي بناء على اتحاد حكم الجنس أو النوع الواحد. والحاصل أن هنا حكمين حكم على الكلي وسببه ثبوته في جميع جزئياته ما عدا صورة أو غالبها لقضاء العادة بالقطع بذلك في الأول وظنه في الثاني وحكم على الجزئي وعد صورة النزاع وسببه ثبوت الحكم للكلي بطريقه المتقدم تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 363
(4/220)
---
قوله:(3/294)
(لجميع الجزئيات الخ)
هذا الكلام ذكره المناطقة في بيان الاستقراء التام عندهم، وقد عرفت أن التام عند الأصوليين غيره عند المناطقة، فيحمل هنا على أنه تصفح جزئيات الجسم ما عدا صورة.
قوله: (لأن الحكم الثابت للكلي ليس ثابتاً الخ) الأولى أن يقال: لأن ثبوت الحكم للكلي لم يعلم من ثبوته لجميع الصور ما عدا صورة النزاع بل من تتبع بعضها إذ لو عرف المستقرىء خروج التمساح لم يكن الاستقراء دليلاً فخروجه إنما هو في الواقع لا عند المستقرىء. ثم إن التمثيل به للناقص عند الأصوليين يحتاج إلى أن يكون بعض الحيوانات غير التمساح لم يعلم حاله أيضاً حتى يكون المعروف الأكثر، وهذا المثال مثل به المناطقة للناقص عندهم المشروط فيه خروج صورة واحدة فقط وقد عرفت حقيقة الحال فتأمل. واعلم أن التقييد بصورة النزاع في المحلين يخرج ما لو كان النزاع في صورتين فأكثر فلا يقال في الأول أنه حينئذٍ قطعي ولا في الثاني أنه ظني لكن لا يخلو عدم كون الثاني حينئذٍ ظنياً عن تأمل. فإن قلت: كيف يصح الاستقراء الناقص في أكثر الحيض وأقله وغالبه وتتبع أكثر النساء في زمن الشافعي بعيد؟ قلت: يمكن بالسؤال من أهل الأقطار العدول. واعلم أنه وقع في هذا الموضع اشتباه كثير للمقيم وغيره سببه عدم تمييز اصطلاح الأصوليين عن اصطلاح أهل الميزان فاحسن فيه التأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 366
قول الشارح:
(وأجيب بأنه منزل منزلة العدم)
أي في أنه لا يقدح في إفادة القطع لأن الاحتمالات البعيدة لا تنافي القطع العادي كما قالوه في إفادة التواتر العلم من أن احتمال التواطىء على الكذب لا ينافي إفادته العلم الضروري.
(4/221)
---(3/295)
(مسألة في الاستصحاب): قال المصنف في شرح المختصر: معنى استصحاب الحال أن الحكم الفلاني قد كان ولم يظن عدمه وكل ما كان كذلك فهو مظنون البقاء اهـ. وأصله للعضد. واعلم أن المصنف قال في شرح المختصر بعد تقديره كلام المختصر ما نصه: زعم ابن السمعاني أن الصحيح من مذهبنا إنكار الاستصحاب جملة ثم إذا قيل له: ما تقول في العام والنص هل يستصحبان قبل الخاص والناسخ؟ قال نعم ولكن ليس ذاك استصحاباً لأن الدليل قائم وهو العام والنص، وإن قيل له: ما تقول في دليل العقل في براءة الذمة أليس يستصحب أيضاً؟ قال: وإنما وجب استصحاب براءة الذمة لأن دليل العقل في براءة الذمة قائم في موضع الخلاف أيضاً كما في العام والنص فوجب الحكم به. وأما في استصحاب الإجماع فالإجماع الذي كان دليلاً على الحكم قد زال في موضع الخلاف فوجب طلب دليل آخر، وهذه الطريقة التي سلكها ابن السمعاني عندنا حسنة وقد سبقه إليها إمام الحرمين وهي تقرب بأن الخلاف فيما عدا استصحاب الإجماع لفظي وبه صرح إمام الحرمين، والمختار عندنا منع تسميته بالاستصحاب فإن في إطلاق هذا الاسم إيهام أن الحكم مستند إلى الاستصحاب وليس هو مستنداً إلا إلى الدليل القائم الذي استصحبناه وهو مصاحب لنا وقت الحكم، فالاستصحاب فعلنا والقاضي هو الدليل المستصحب، وكذلك من يستصحب حال الإجماع بعد طريان الخلاف لا يرى الاستناد إلا إلى الإجماع، فإن الاستصحاب نفسه ليس بدليل انتهى. وهذا كله مبني على أنا نثبت الآن بالاستصحاب حكماً فنقول: المثبت له هو دليل لا الاستصحاب. وهناك طريق آخر نقله المصنف في شرح المختصر عن ابن السمعاني أيضاً وهي أنه ليس في الدوام إثبات وإنما هناك استمرار ما كان لعدم طريان ما يدفعه، والدليل إنما يحتاج إليه في الإثبات لا في الاستمرار، وحينئذٍ لا حاجة إلى الاستصحاب حتى يكون دليلاً وفيه أنه مبني على ضعيف وهو أن الباقي حال البقاء لا يحتاج إلى مؤثر والحق خلافه كما في(3/296)
(4/222)
---
كتب الكلام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 367
واعلم أن ما نقله المصنف عن ابن السمعاني من أن الأحكام مستنده إلى أدلتها دون الاستصحاب هو معنى قول الحنفية: إن الاستصحاب ليس بدليل كما أوضحه السعد في التلويح. ونقل ابن الحاجب أنهم قالوا: ليس بحجة مطلقاً. قال المصنف في شرحه: وقيل إنما لم يحتجوا به في الأمر الوجودي لا مطلقاً، ثم اختلفوا فمنهم من جوّز الترجيح به، ومنهم من لم يجوزه، والذي صرحت الحنفية به في كتبهم أنه لا يكون حجة على الغير ولكن يصلح لإبداء العذر والدفع، ولذلك قالوا حياة المفقود بالاستصحاب تصلح حجة لبقاء ملكه لا في إثبات الملك له في مال مورثه وهذا قول منهم بالتفصيل انتهى كلام المصنف. و عبارة السعد في التلويح بعد نحو ما تقدم عن ابن السمعاني : فبقاء هذه الأحكام مستندة إلى تحقق أسبابها مع عدم ظهور المناقض لا إلى كون الأصل فيها هو البقاء ما لم يظهر المزيل والمنافي على ما هو قضية الاستصحاب، وهذا ما يقال: إن الاستصحاب حجة لإبقاء ما كان على ما كان لا لإثبات ما لم يكن ولا للإلزام على الغير اهـ. فقوله: وهذا ما يقال الخ يفيد أنه إنما لا يكون حجة في الإثبات لما لم يكن وإلا لزم على الغير، أما في غير ذلك سواء كان إثباتاً لما كان ثابتاً أو نفياً لما كان منفياً فهو حجة أي صالح للعذر والدفع فهو مقيد للعموم كالذي قال المصنف: إنه صرحت به الحنفية في كتبهم فيوافق ما نقله ابن الحاجب أيضاً خلافاً لما حكاه المصنف في شرحه بقيل. والحاصل أنهم نفوا حجيته مطلقاً أي سواء في الثبوت الأصلي والنفي الأصلي وثبوت ما لم يكن والإلزام على الغير، أما الثبوت الأصلي والنفي الأصلي فلاستنادهما إلى دليلهما، وأما إثبات ما لم يكن وإلزام الغير فلأن ما لم يكن الأصل عدمه فلا يقوى الاستصحاب على إثباته، وأما إلزام الغير فلأن الحكم كما يحتاج للدليل ابتداء يحتاج له دواماً بناء على أن الباقي يحتاج في
(4/223)
---(3/297)
بقائه إلى المؤثر وهو الحق، وأما الصلاحية للدفع عما كان فأثبتوها لأن ثبوت الشيء في الزمان الأول من غير ظهور مزيل يرجح ظن بقائه في الزمان الثاني لأن ظن البقاء راجح على حدوث الفناء لأن الباقي يستغني عن سبب جديد بدوام علته، بخلاف الحادث يحتاج لعلة جديدة فيكون مرجوحاً، وحينئذٍ آن لنا أن نقول كما قال السعد في التلويح أن سبق الوجود مع عدم ظن المنافي والمدافع يفيد ظن البقاء كما اعترفتم والظن واجب الاتباع فلا مانع من جعل الاستصحاب حجة لإثبات ما لم يكن والإلزام، فتحصل من جميع هذا أن الحنفية خالفوا في حجية الاستصحاب في إبقاء ما كان على ما كان إثباتاً أو نفياً سواء كان ذلك عدماً أصلياً أو عموماً أو نصاً أو ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه، لكن قالوا: إنه يصلح في ذلك للدفع وفي حجيته لإلزام الخصم لكن خلافهم في الأول يشبه الخلف اللفظي إذ الحكم ثابت عندهم وعندنا وإن كان عندهم بدليله من عام أو نص أو عقل أو تحقق السبب وعندنا بالاستصحاب إلا عند إمام الحرمين وابن السمعاني، وتابعهم المصنف في شرح المختصر بخلافه في الثاني فإنه ينبني عليه عدم إلزام الخصم بالاستصحاب بل لا بد من إقامة الدليل الأصلي. فإن قلت: بقي قسم رابع زعم صاحب التوضيح من الحنفية أنا نخالفهم فيه وهو ما ليس عدماً أصلياً ولا عموماً ولا نصاً ولا دل الشرع على ثبوته لوجود سببه كحياة المفقود فإنه قال: فيرث عند الشافعي لا عندنا لأن الإرث من باب الإثبات فلا يثبت. قلت: هذا غلط فإن الذي نقله الرملي و
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 367
(4/224)
---(3/298)
ابن حجر عن الغزالي أنه إذا حكم بموته بعد موت مورثه لا يرث للشك في حياته، وعليه جرى الشارح في بيان القول بأنه حجة في الدفع لا في الرفع حيث قال كاستصحاب حياة المفقود قبل الحكم بموته فإنه دافع وليس برافع إذ لا يظن إرثه إلا بعد موت مورثه وقبل الحكم بموته فهذا القسم ليس من محل النزاع بيننا وبينهم، فإدخاله في محل النزاع غلط من قائله، ولذا ضعفه المصنف بحكايته بقيل إشارة إلى أنه ليس مما نحن فيه، ومن هنا مثل له الشارح بحياة المفقود، فصاحب هذا القيل من الشافعية دون الحنفية لجعله الاستصحاب حجة يقع به الإلزام وهم إنما جعلوه دافعاً فقط وإن وافقهم في عدم توريثه كما هو معتمد الشافعية، وإن قال في شرح الترتيب أنه حينئذٍ يرث ويرد إرثه على ورثته لكنه خلاف ما عولوا عليه، وبهذا يظهر معنى قول المصنف رحمه الله فعرف أن الاستصحاب الخ وهو أنه عرف بحصر الأقسام فيما ذكرنا أن ما انتفى فيه ما اشتركت فيه وهو ثبوت أمر في الزمن الثاني الخ كحياة المفقود فإنه لم يفقد فيها ما يصلح للتغيير بل وجد وهو الشك في حياته ليس من الاستصحاب الذي نقول به مخالفين للحنفية، ويظهر أيضاً أن القولين الأولين لا خلاف فيهما للشافعية فلذا قال الشارح فيهما جزماً دون مطلقاً، ولا للحنفية بهذا الخلاف الموجود في الثالث إنما قالوا الاستصحاب ليس بدليل بل الدليل الأصلي، وإذا تأملت ما تلوناه عليك اندفعت شكوك الناظرين في هذا المقام خصوصاً سم فإنه اشتبه عليه الأمر غاية الاشتباه فتحير ولم يأت ببرهان.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 367
قوله:
(أي وهو القسم الثالث)
(4/225)
---(3/299)
قد عرفت أن الأقسام الثلاثة هي محل الخلاف بيننا وبين الحنفية الذي تصدى لبيانه المصنف والشارح، ألا ترى قول المصنف فيما يأتي فعرف أن الاستصحاب مع قول الشارح الذي قلنا به دون الحنفية ثبوت أمر الخ فإن ذلك صادق على الأقسام الثلاثة، أما الخلاف في الثالث فليس مما سبق الكلام لتحريره، وإنما الداعي له وقوعه في القسم الثالث من محل الخلاف. وحاصل الخلاف في الأقسام الثلاثة أنا نقول: الاستصحاب فيها حجة يثبت بها الحكم ويلزم بها الخصم وهم يقولون: الحجة هو الدليل الأصلي كالعقلي والعام والنص والسبب، أما الاستصحاب فلا يثبت حكماً ولا يلزم خصماً. ولنا ما تقدم أنه يفيد الظن فيجب العمل به.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 372
قول الشارح:
(وهو نفي ما نفاه العقل الخ)
عبارة المصنف في شرح المختصر: الأكثرون على أن الاستصحاب حجة سواء كان في النفي أم في الإثبات، ولا يخفى عليك أن له في النفي حالتين لأنه إما أن يكون عقلياً أو شرعياً وليس له في الإثبات إلا حالة واحدة لأن العقل عندنا لا يثبت حكماً وجودياً ألبتة، وأما النفي فما كان منه شرعياً كقوله عليه الصلاة والسلام: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» فليس له فيه أيضاً مدخل كالوجودي، وما كان منه عقلياً وهو الذي عرف نفيه بالبقاء على العدم الأصلي لا بتصريح الشارع كنفي وجوب الصلاة السادسة وصوم شوال فالعقل يدل عليه بطريق الاستصحاب إلى أن يرد السمع الناقل عنه اهـ. فنفي العقل له مأخوذ من بنائه على عدمه الأصلي لا أنه يقضي فيه بالنفي لقبح فيه، وبه يظهر أنه لا يلزم من نفي العقل له أن يكون محالاً لأن نفي العقل للشيء أعم من أن يتصور وجوده أو لا تدبر فاندفع ما في الحاشيتين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 372
قول الشارح:
(كثبوت الملك بالشراء)
(4/226)
---(3/300)
أي فإن استصحابه حجة في الدفع والرفع، أما الدفع ففيما لو ادعى شيئاً وشهدت بينة بأنه كان ملكاً للمدعي بشرائه له فإنه يعمل باستصحاب ملكه ويعطاه، وأما الرفع ففيما لو أتلف إنسان شيئاً وشهدت بينة بأنه كان ملكاً لزيد فإنه يعمل باستصحاب ملكه ويثبت له البدل في مال المتلف فإن ذلك رفع لما ثبت له من عدم استحقاقه في مال غيره شيئاً، والحكمان جميعاً تقول بهما الطائفتان إلا أن المعمول به عند الحنفية دليل الملك وهو الشراء وعند الشافعية الاستصحاب فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 373
قوله:
(وحينئذٍ فتوقف حصة المفقود)
كلام لا وجه له لأن فرض الكلام أنه بعد الحكم بموته لا يرث وإن حكم به بعد موت مورثه للشك في حياته، وإلا فما معنى أن الاستصحاب ليس برافع لعدم إرثه، وفائدة الوقف قبل الحكم احتمال تبين حياته وحين الوقف لا يقال: إن الاستصحاب لا يرفع عدم إرثه بل لا عمل للاستصحاب حينئذٍ فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 373
قوله:
(بقي أن يقال الخ)
تقدم أن هذا ونحوه مبني على الاشتباه فتأمل ما تقدم تعرف. قوله: (غالباً) أي بقسميه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 374
قول المصنف:
(والحق التفصيل الخ)
أي فقرب العهد بعدم مغيره هو الصالح للتغيير فتخرج المسألة عن ضابط ما يقال فيه بالاستصحاب فإن ضابطه فقدان ما يصلح للتغيير، أما بغير هذا التفصيل فتكون داخلة فيه ولذا حكم بضعف ما قبل هذا التفصيل لعدم صلاحية ما اعتبر فيه للتغيير تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 374
قول المصنف:
(إن قرب العهد بعدم تغيره)
(4/227)
---
لعل الشارح اطلع على بيان للمصنف بهذا، وإلا فالذي في الفقه اعتبار قرب العهد وبعده بعد الوقوع مع إمكان حمل كلام المصنف هنا عليه كذا قيل وهو وهم، فإن المستصحب هو حاله قبل الوقوع لا بعده، فلا بد أن يكون قرب العهد وبعده بالنسبة للمستصحب وهو ما قبل الوقوع تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 374
قول المصنف:(3/301)
(ولا يحتج باستصحاب حال الإجماع الخ)
قال المصنف في شرح المختصر: لأنه طرأ شيء يصلح أن يكون مغيراً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 374
قوله:
(لاحتمال أن يكون التغير موجوداً قبل الوقوع الخ)
في ظني أن الماء المتغير بطول المكث مثلاً ولو كثيراً ينجس بالملاقاة فليحرر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 374
قول الشارح:
(كأن يقل في المكيال الخ)
عبارة المصنف في شرح المختصر كما إذا وقع النظر في المكيال هل كان على عهد رسول الله ؟ فيقال: نعم إذ الأصل موافقة الماضي للحال، ثم قال: وطريقك في المقلوب أن تقول لو لم يكن الثابت الآن ثابتاً أمس لكان غير ثابت إذ لا واسطة، وإذا كان غير ثابت قضى الاستصحاب بأنه الآن غير ثابت لكنه ثابت يدل أنه كان ثابتاً أيضاً فافهم ذلك اهـ. وحاصله أن ثبوته الآن علامة على ثبوته في الماضي إذ لو لم يكن ثابتاً فيه لاختلف الحالان والأصل توافقهما وبهذا يندفع ما تحير فيه الناظرون فليتأمل. واعلم أن هذا المبحث من المداحض التي زلت فيها أقدام الناظرين بسبب ما في المصنف والشارح من الإشارات الخفية التي لا تهتدي إليها الأفهام وإنما طريقها الإلهام من الملك العلام.
(4/228)
---(3/302)
(مسألة: قول المصنف لا يطالب النافي الخ) أي لأنه لم يدع دليلاً لكن عدم مطالبته بالدليل لا تنافي توجه المنع عليه حتى يحقق كونه ضرورياً لأن فرض المسألة أنه ضروري عنده دون غيره والغرض إثباته في حقه وحق غيره، إذ لو كان الغرض إثباته في حقه فقط لم يتصور طلب الدليل مطلقاً، لكن ما قلناه في التعليل علل به الآمدي المسألة بقطع النظر عن كون الكلام في دعوى المجتهد، والشارح رحمه الله علل المسألة مع النظر لذلك لكون الكلام في دعوى نفي حكم من أحكام الله ولا يكون إلا للمجتهد، فلذا عدل عن تعليل الآمدي إلى قوله: لأنه لعدالته الخ. وقوله والضروري لا يشتبه الخ جواب عما يقال: إن عدالته لا تنافي الاشتباه عليه إذ الاشتباه لا ينافي العدالة، ثم الظاهر على طريق الشارح في التعليل أن المنع لا يتوجه عليه أيضاً بناء على عدم الاشتباه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 374
قوله:
(من أن البديهي قد يتطرق الخ)
أنت خبير بأن معناه أن البديهي بسبب الاشتباه يتوقف الحكم به على الدليل فهو حينئذٍ لم يحكم ببداهته، والكلام هنا فيمن أدركها بلا دليل وحكم بها حازماً، ولو اشتبه حينئذٍ لكان معناه أنه حكم على نظري بأنه ضروري بسبب الاشتباه، وأي نظري يكون في مرتبة الضروري حتى يشتبه به؟. والحاصل أن نفي الاشتباه هنا إنما هو عمن أدرك الضروري وإثباته في شرح الموافق إنما هو لمن لم يدرك، فالحكم على ما هنا بمخالفة ما هناك اشتباه منشؤه عدم التأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 375
قوله:
(فإنه الحاصل من غير نظر واستدلال)
(4/229)
---(3/303)
صرح السيد في شرح المواقف شرحاً لكلام العضد بأن الضروري قد يتوقف على حجة ولا يلزم كونه نظرياً لجواز كون الحجة ملحوظة بلا تجشم كسب جديد وتعمل فكر كما يقال الجسم الواحد لا يكون في آن واحد في مكانين وإلا لم يتميز عن جسمين كائنين في آن واحد في مكانين. قال عبد الحكيم : ولا يلزم منه كونها من القضايا النظرية القياس لأن تلك الحجج المركبة ليست لإثباتها بل لإظهار جلائها ولو سلم فالقضايا النظرية داخلة في البديهيات اهـ. وحينئذٍ لا حاجة للإشكال والجواب. واعلم أنه إنما خص الكلام بالنفي لأنه المسموع فيه دعوى الضرورة إذ لا يلزم أن ينصب الله على نفي المنفي دليلاً بخلاف المثبت فإنه تعبدنا به. والله سبحانه وتعالى لا يتعبد خلقه بفرض إلا ويجعل إلى معرفته طريقاً من جهة الدليل، وإلا لزم تكليف الغافل وهو محال، وبه يندفع الإشكال الآخر أيضاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 376
قوله:
(وفيه تأمل)
لأن الاستناد إلى موافقة العدم الأصلي استدلال وليس الكلام فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 376
قول المصنف:
(ويجب الأخذ بأقل المقول الخ)
وجوب الأخذ بالأقل للإجماع عليه ونفي الزيادة لأنه الأصل، والذي تقدم إنما هو التمسك بالأقل الشامل للأخذ والنفي فقوله: وقد مر أي ما يتضمنه فارجع لما تقدم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 376
قول المصنف:
(وهل يجب الأخذ بالأخف)
صورة المسألة أنه قام الدليل على وجوب شيء يتحقق بوجهين: أخف وأثقل، ولم يقم دليل على خصوص أحدهما، وتعارضت فيهما الاحتمالات الناشئة من الأمارات المتعارضة أو تعارضت فيه مذاهب العلماء، ولما كان الأخف غير داخل في الأثقل لم يرجع هذا بناء على الاحتمال الثاني للأخذ بالأقل إذ الأخذ به للإجماع عليه والأخف هنا غير مجمع عليه تدبر.
(4/230)
---(3/304)
(مسألة): قول المصنف: (اختلفوا هل كان المصطفى الخ) مبنى هذا الاختلاف أن الرسل السابقة هل كانت شرائعهم لجميع المكلفين الكائنين في زمانهم والكائنين بعده أو كانت شريعة كل لقومه أو يحتمل ويحتمل؟ وعلى الأول من المعلوم أن من لم يكن في أزمانهم لا يجب عليه التعبد بشرائعهم إلا إذا لم تندرس وتتغير بالتبديل، ومن هنا يخرج خلاف في زمن الفترة هل هو ما بعد تبدل تلك الشريعة على الأول أو زمن من لم يكن من قوم ذلك الرسول وإن لم تتبدل شريعته؟ وقول الوقف مبني على جواز كل من الاحتمالين، وأما تعبده الثابت بحديث كان يتحنث بغار حراء فقال الآمدي: إنه يحتمل أن يكون بطريق التبرك بفعل ما فعله الأنبياء المتقدمون واندرس تفصيله وفيه أنها أعمال شرعية لا يصح إيقاعها من غير تعبد كذا قيل، وفيه أن نفي الصحة إنما يكون بشرع ولم يثبت يقال تحنث إذا فعل فعلاً خرج به من الحنث أي الإثم وهو أي ذلك الفعل العبادة كما يقال: تأثم وتحرج فعل ما يخرج به من الإثم والحرج، ومنه حديث حكيم بن حزام: «أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية» أي أتقرب بها إلى الله تعالى قاله المصنف في شرح المختصر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 377
قول الشارح:
(في تعيين ذلك الشرع بتعيين من نسب إليه)
لا يلائم القول الأخير إلا إذا كان المعنى اختلف في التعيين بذلك وعدمه تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 378
قول المصنف:
(فقيل هو نوح الخ)
(4/231)
---(3/305)
يلزم ما عدا القول بأنه شرع عيسى أن شريعة الرسول المتأخر لا تنسخ الشريعة المتقدمة عليها إلا أن يدعي صاحب كل قول منها أن من تأخر عن زمن من قال إنه متعبد بشرعه لم يعلم شرعه حتى يكون ناسخاً. واعلم أن ما قيل في النبي عليه الصلاة والسلام يقال في أمته قبل البعثة نبه عليه الآمدي في الأحكام، وبه يتضح قوله عليه الصلاة والسلام لسائله أسلمت على ما أسلفت أو كما قال. واعلم أيضاً أن الشريعة إنما تنسخ ما قبلها بالنسبة لغير أصول الدين أما هي فلا إذ لا تنسب لواحد بخصوصه، ونحن إذا قلنا هذه الشريعة ناسخة لتلك معناه ناسخة لما هو منسوب لتلك والأصول لا تنسب لواحد بخصوصه بل الكل فيها سواء، نبه عليه المصنف في شرح المختصر وسبقه النووي في شرح مسلم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 378
قول الشارح:
(لأن له شرعاً يخصه)
فيكون ناسخاً لشرع من قبله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 378
قول الشارح:
(وقيل تعبد بما لم ينسخ الخ)
(4/232)
---(3/306)
قال المصنف في شرح المنهاج: ليس الكلام فيما لم نعلمه إلا من كتبهم ونقل أخبارهم الكفار فإنه لا خلاف إن التكليف لا يقع به علينا ولا فيما علمنا بشرعنا أنه كان شرعاً لهم وأمرنا في شرعنا بمثله كقوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} (سورة المائدة: الآية 45) وقد قال تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى} (سورة البقرة: الآية 178) فإن الإجماع منعقد على التكليف به، وإنما الخلاف فيما ثبت أنه من شرعهم بطريق صحيح نقبله ولم نؤمر به في شريعتنا، ومعنى تعبده بما لم ينسخ على هذا القول هو ما قاله المصنف في شرح المختصر وهو إيحاء الله تعالى له بذلك على معنى أنه موافق لا متابع ثم قال: فافهمه، وإنما أمر بفهمه لأنه ربما يتوهم أن نفي المتابعة ينافي الاستدلال على القول بالاستصحاب كما وقع لبعضهم، والحق عدم المنافاة لأن الاستصحاب دليل لنا على بقاء التعبد، وهذا يكفي فيه عدم نسخ ما كان متعبداً به قبل المبعث، فلا ينافي أنه بعد المبعث يوحى إليه أن يثبت على ما هو عليه فيكون ذلك موافقة لا متابعة فليتأمل.
(مسألة: قول الصحابي الخ) قول المصنف: (غير حجة وفاقاً) أي لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على جواز مخالفة بعضهم بعضاً كذا في شرح المنهاج لـ لصفوي ، ولله در الشارح المحقق حيث لم يعلل بما علل المصنف في شرح المختصر بأن الصحابي الآخر إن كان مجتهداً فلا يجوز لاجتهاده وإلا فوظيفته التقليد لأنه جاز في غير الصحابي فلا وجه للوفاق في الصحابي دون غيره فليتأمل. قوله: (فيما يقوله الصحابي باجتهاده) من أين هذا؟ بل الكلام في مذهبه سواء كان محلاً للاجتهاد أو لا كما هو صريح ما نقله سم عن الأصوليين، وما نقله صاحب التوضيح حيث قال: وعند الكرخي يجب فيما لا يدرك بالقياس لأنه لا وجه له إلا السماع، والذي في معنى المرفوع هو قوله من السنة كذا مثلاً وما هنا ليس كذلك تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 378
قول الشارح:
(4/233)
---(3/307)
(بناء على عدم حجية قوله)
قيد به لأنه على الحجية لا يكون تقليداً بل احتجاجاً للمجتهد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 380
قول الشارح:
(فيرجح أحدهما الخ)
قال المصنف في شرح المختصر: فيه نظر فإن التعارض بين الدليلين إنما يقع في ظن المجتهد لا في نفس الأمر، وهنا إذا كان قول الصحابي حجة ونحن نشاهدهم مختلفين يلزم وقوع التعارض في نفس الأمر ولا قائل به اهـ. ولعله وجه ضعف هذا القول مع ما مر من أن قوله في نفسه ليس بحجة إذ ليس بكتاب ولا سنة ولا قياس ولا إجماع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 380
قول المصنف:
(وقيل حجة إن انتشر)
فيه أنه إن اجتمع شروط الإجماع السكوتي فهو الحجة وإلا فلا وهذا وجه ضعفه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 380
قوله:
(وإنما غلب هذا الجانب الخ)
يعني أن الحاجة إلى شرط البراءة هي الجامع بين المعلوم والمجهول، ثم إن ما نقله عن الشافعي الذي هو المقرب إنما هو قوله لأنه لما لم يخل الخ فالمراد بالقياس العلة ولا يخفى أنه راجع إلى ما نقله من الوجه الأول فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 380
قول الشارح:
(لحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي» ) فيه أن المراد التقليد والتأسي في السيرة الحميدة
. وأما الجواب بأن المراد التقليد في الأحكام لا الاحتجاج فنظر فيه المصنف بأنه يقتضي أن لا يجوز لعامي الصحابة تقليد مجتهد غير الشيخين وليس كذلك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 380
قول المصنف:
(وعن الشافعي إلا عليا)
لعله في القديم وإلا فالمنقول عنه في الجديد أن قول الصحابي ليس بحجة إلا فيما ليس للقياس فيه مدخل.............................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 381
(الكتاب السادس في التعادل والتراجع)
(4/234)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 381
قوله:
(وجمع الثاني لأنه أنواع)(3/308)
أي يمكن إتيان كل منها في نوع واحد كتعادل نقليين ظنيين أو قطعي وظني، فاندفع ما يقال: إن التعادل أنواع تعادل قطعيين عقليين أو نقليين أو ظنيين أو قطعي ونقلي ولعله أشار له المحشي بالتأمل. قول المصنف: (يمتنع تعادل القاطعين). اعلم أن إفادة الدليل النقلي القطع لا بد فيها من قرائن مشاهدة بالنسبة لمن هو مشاهد ومتواترة بالنسبة لغيره تدل على أن المعنى مراد بالنسبة إلى نفس اللفظ بأن تدل على نفي الاشتراك والمجاز والإضمار والتخصيص والتقديم والتأخير وغير ذلك مما بسببه يخرج اللفظ عن ذلك المعنى، وإذا وجدت هذه القرائن تعين كونه مراداً للمتكلم لدلالتها على انتفاء الاحتمالات مع كونه شرعياً أي مستفاداً من خطاب الشارع، إذ لو لم يكن مراداً له مع انتفاء قرينة دالة على عدم الإرادة كان ذلك إضلالاً لا إرشاداً. فالحاصل أنه لا بد من قرينة دالة على انتفاء الموانع عن اللفظ، وأخرى دالة على أن المعنى مراد للمتكلم وهذا في دليل شرعي وارد في حكم شرعي، بخلاف ما إذا ورد في حكم عقلي بأن يكون للعقل طريق في إثباته ونفيه فإنه يجوز أن يكون من الممتنعات، فالقرائن المتواترة أو المشاهدة الدالة على نفي تلك الاحتمالات وإن دلت على انتفاء الاحتمالات بالنظر إلى نفس الألفاظ بأن دلت على أنه ليس في اللفظ ما يدل على واحد من تلك الأمور لا تفيد الجزم بكون معناه مراداً للمتكلم لاحتمال أن يعتمد المتكلم في عدم إرادته على قرينة كونه من الممتنعات العقلية فإنه أقوى القرائن كذا في عبد الحكيم على المواقف فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 381
قول الشارح:
(ولباحث أن يقول الخ)
(4/235)
---(3/309)
يعني أن المخالف الآتي جوز التعارض في النقليين الظنيين معللاً بأنه لا محذور فيه، وهذا التعليل يجري في القطعيين فيقال: لو وجد قاطعان لا يوجد محال في نفس المدلول لأنا نوقفهما عن الدلالة أو نحكم بالتساقط أو التخيير. والحاصل أنه لا فرق بين تجويز التعارض في نفس الأمر في الظنيين والقطع به في القطعيين لاستلزام كل صحة الوقوع، وهذا ما قاله سم أولاً وهو صحيح. وحاصله أنه لا وجه للتفرقة مع بقاء الإشكال على القول الضعيف وهو أنه يلزم أن الشيء الواحد مطلوب منهي عنه في نفس الأمر في وقت واحد وهو تكليف بالمحال، وحاصل ما قاله آخراً أنه لا إشكال على الضعيف أيضاً لجواز التكليف بالمحال ويكون فائدته الاختبار أو يحملا على التخيير، أما العقليان فيمتنع التعارض بينهما لوجوب التلازم بين الأدلة العقلية ومدلولاتها فيلزم المحال قطعاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 382
قول الشارح:
(أيضاً ولباحث أن يقول الخ)
(4/236)
---(3/310)
مراده بالخلاف مقابل الصحيح الآتي في الشارح بقوله: والمجوز الخ. وأنت خبير بأن القاطع لا بد من وقوع مدلوله فيلزم اجتماع المنتافيين. فإن قيل: لا يلزم حصول المدلول هنا لوجود المعارض فيحمل على التخيير مثلاً. قلنا: حينئذٍ لا يكون قاطعاً لأنه لا بد في كونه قاطعاً من انتفاء الاحتمال والتعارض قرينة دالة على عدم إرادة المدلول وهذا بخلاف الأمارة، فإن تعارض الأمارتين في نفس الأمر لا يلزم عليه التنافي بل عدم إرادة المدلول وهو مما يثبت الظنية أو يجامعها، ولك أن تقول: إن التعارض باعتبار نفس الأمر لا يكون إلا باعتبار وقوع المدلول في القطعيين وإرادته في الظنيين إذ يصدق حينئذٍ أنهما تعارضا فيه،وإلا كان التعارض في ظن المجتهد دون نفس الأمر فهما على جد سواء وبه يتم ما قاله سم فليتأمل. وحينئذٍ يكون التعليل في امتناع التعادل مطلقاً عند الشارح هو اجتماع المتنافيين، أما المصنف فيعلل امتناع تعادل القاطعين بذلك، وامتناع تعادل الأمارتين بالحذر من التعارض في كلام الشارع كما علل به الشارح مسايرة للمصنف، إذا علمت ذلك علمت أن قول المصنف فيما سيأتي ولا ترجيح في القطعيات مع قول الشارح إذ لو تعارضت لاجتمع المتنافيان إنما خص به القطعيات لأن المراد القطعيات في الواقع، وعند المجتهد وهي ما انتفى عنها الاحتمالات السابقة، ولا مفر حينئذٍ من اجتماع المتنافيين لتلازم ما في الواقع، وظن المجتهد حينئذٍ بخلاف الظنيات فإنه يمكن تعارضها في ظن المجتهد لتعليق الاحتمالات لها وإن لم يمكن في الواقع فليتأمل فإنه تحقيق غامض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 382
قول الشارح:
(بناء على جوازه)
أما بناء على عدمه فلا يكون التعارض إلا في ذهن المجتهد وسيأتي حكمه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 384
قول الشارح:
(فيرجع إلى غيرهما)
(4/237)
---(3/311)
أي وهو البراءة الأصلية لأن الغرض عدم دليل آخر وإلا كان مرجحاً لما وافقه منهما فلا تعارض، هذا إن وافق أحدهما فإن خالفهما فهو معارض لهما فلا وجه لتقديمه عليهما ولا يمكن أن يوافقهما لئلا يجتمع النقيضان.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 384
قول الشارح:
(حال مشاهدته خارجها)
متعلق بقوله: لا دلالة. وانظر مع التقييد بذلك هل يكون وقوف الدابة والخدم بباب الدار بحالة يلزم من العلم بها العلم بكون زيد في الدار؟ والشارح إنما نفى الدلالة حال المشاهدة لا مطلقاً. قوله: (التتابع لا بقيد الفورية) في كلام السعد أن المعتبر في الاتحاد والتعدد العرف إذ لا يتصور قولان في وقت واحد، اللهم إلا أن يصرح بأن فيه قولين، وعلى هذا فاللائق أن يقول هنا بقيد عدم الفورية تدبر. واعلم أن ما قاله المصنف فيما نقل عن مجتهد يجري فيما إذا كان المنقول في مسألتين متناظرتين لم يظهر بينهما فرق نبه عليه العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 384
قوله:
(والترجيح بالنظر)
أي بين ما ذكره من الاحتمالين الأخيرين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 384
قوله:
(هلا قيل بالتخيير بينهما الخ)
يدفعه أن التخيير لم يعلم أنه مذهب ذلك المجتهد وكيف مع الحكم عليه بالتردد كما في المتن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 384
قوله:
(لا يذكر الأقوال على وجه التخيير)
صرح العضد وغيره بأن ذلك إذا كان في مسألة واحدة بالنسبة لشخص واحد أي لوجوب فصل الخصومة إذ لو خير الخصمين لم تنفصل، وما نحن فيه ليس في ذلك بل في ذكر القولين في غير خصومة بل الجواب ما مر تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 384
قوله:
(صواب العبارة فلا يجوز الخ)
(4/238)
---(3/312)
هذا الصواب خطأ لأن الشارح إنما صنع ذلك للاستثناء في كلام المصنف مع إفادة قوله إذ لا ترجيح بظن عنده لعدم الجواز فلذا فرع عليه المحقق قوله: فلا يعمل الخ فيكون الاستثناء متصلاً مع إفادة الباقي بعد. والحاصل أنه لا يتفرع على استثناء المرجح ظناً من الوجوب إلا عدم الوجوب بخلاف عدم العمل فإنه إنما يتفرع على القول بالترجيح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 385
قول المصنف:
(ولا ترجيح في القطعيات)
قال العضد: لأن الترجيح فرع التفاوت في احتمال النقيض ولا يتصور في القطعي وبه تعلم ما في سم هنا عن الصفي الهندي فتأمله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 385
قوله:
(هو صريح ما ذكره المحشيان )
هذا الصريح هو الحق وإلا لتكرر مع ما سيأتي في قوله: فإن تعذر وعلم المتأخر فناسخ مع أنه ترك هنا العمل ولو من وجه وما ذاك إلا لعدم إمكان الحمل لأنهما قطعيان تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 385
قول الشارح:
(بموافق له)
الباء بمعنى مع أو ضمن كثر معنى قوي تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 385
قوله:
(ولو واحدا)
ينافيه قوله سابقاً كثر موافقات أحد الدليلين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 385
قوله:
(أي حيث كان مدلول المتقدم قابلاً للنسخ)
(4/239)
---(3/313)
فإن لم يقبل كصفات الله تعالى تساقطاً ووجب الرجوع إلى دليل آخر سم، هذا إن لم يمكن الترجيح وإلا عمل بالراجح وإلا رجع إلى غيرهما فإن لم يكن فالتخيير. قول المصنف: (فإن تعذر وعلم المتأخر فناسخ) ظاهره يقتضي أنه متى تعذر العمل بهما معاً وعلم المتأخر لا يقبل الترجيح بل لا يكون إلا النسخ. لا يقال: لا يتعذر العمل إلا مع تعذر الترجيح. لأنا نقول: الترجيح لا عمل فيه بهما بل بأحدهما، ألا ترى أن المصنف قابل العمل بالترجيح حيث قال: وإن العمل بالمتعارضين ولو من وجه أولى من إلغاء أحدهما أي ترجيح الآخر عليه كما فسر به الشارح ومن ثم جاز نسخ المتواتر بالآحاد. قول المصنف: (وإلا رجع إلى غيرهما) أي لاحتمال كل منهما التأخر فيكون ناسخاً، ولذا لا يقبل الترجيح لاحتمال أن يكون مع السابق المنسوخ، ومثله يقال في قوله الآتي رجع إلى غيرهما. قول المصنف: (وأمكن النسخ) تقدم في مبحثه أنه لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع فهو لا يمكن إلا حينئذٍ فلا حاجة للتقييد بعدم إمكان الجمع كما في سم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 385
قوله:
(عموماً بدلياً فيشمل المطلق)
مبني على أن المطلق النكرة وهو قول الآمدي.
(مسألة: يرجح بعلو الإسناد الخ) اعلم أنه قد يقع التعارض بين هذه المرجحات كما إذا كان في أحد الخبرين علو إسناد وفي الآخر فقه الرواة، والمأخوذ من كلام الهندي أن الترجيح حينئذٍ تابع لغلبة ظن المجتهد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 386
قول المصنف:
(وفقه الراوي)
أي بالباب الذي روى فيه وإن كان غيره أفقه منه في غيره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 386
قول الشارح:
(لشدة الوثوق به الخ)
قد يقال: إن في الضبط والفطنة واليقظة يقل الخطأ أيضاً فلم غاير في التعليل بين ما هنا وما تقدم؟
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 386
قول المصنف:
(ومشهوره)
(4/240)
---
أي لشدة اهتمامه حينئذٍ بالتصون والتحرز.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 386
قوله:
(إلا إذا وجدت في الأفراد)(3/314)
أي وجوداً غالباً. وقوله لا انضباط له أي انضباطاً يعرف به الغلبة. وقوله إذ كثير من النساء الخ أي كثرة تنافي الغلبة وقرر المحشي بعد خلاف ذلك وكل صحيح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 387
قول الشارح:
(و ابن الحاجب جزم بهذا الخ)
حاصل ذلك كما يؤخذ من العضد وبعض حواشيه أنه إن علم اتحاد زمان روايتهما قدم الأقدم لثبات قدمه في الإسلام فيهتم بالتصون والتحرز وحينئذٍ يكون التقديم بحسب الراوي لأنه لصفة فيه وإن لم يعلم قدم متأخر الإسلام لظهور تأخر خبره كما قاله الشارح وحينئذٍ يكون التقديم بحسب الخارج لأن النظر حينئذٍ في تأخر الخبر وتقدمه، ولا دخل لثبات القدم في الإسلام فيه لنسخ المتأخر للمتقدم، ولو مع العلم بأقدمية المتقدم، وحينئذٍ فتقدم الإسلام وتأخره بالنسبة لهذا خارجان فيعمل بالمتأخر لظهوره في المطلوب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 387
قول الشارح:
(بحسب الراوي)
أي بحسب الصفات القائمة به لأن الترجيح الراجع إلى الراوي إما أن يكون بصفاته كهذه وإما أن يكون بنفسه ككثرة الرواة، والراجع إلى الرواية كالتواتر والإسناد والإرسال، والراجع إلى المروي كالجزم بسماعه من الرسول والسكوت عنه فظهر أن قول المحشي في الثاني أنه ترجيح بحسب المروي غير مستقيم بل هو بحسب الخارج عن الراوي والمروي كما في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 387
قوله:
(تقدم في باب الإجماع الخ)
هذا اشتباه لأن ما تقدم وقع الإجماع فيه على الأقل ونفي الزيادة بالأصل لعدم الدليل، وما هنا في دليل دل على الزيادة وزيادة الثقة مقبولة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 387
قوله:
(من باب تعارض اثنين من المذكورات)
(4/241)
---
تقدم أن الترجيح في ذلك بغلبة ظن المجتهد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 388
قول المصنف:
(وما كان عموماً مطلقاً الخ)(3/315)
أي فيقدم على ذي السبب في غير صورة السبب فيقدم فيها ذو السبب، وإنما قدم المطلق في غير صورة السبب للخلاف في أن ما ورد على سبب هل يتناول غيره؟ كذا في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 388
قول الشارح:
(لإفادته للتعليل)
أي إن صلح له إذ قد لا يصلح نحو من فعل كذا لا إثم عليه سم. وقد يقال: إن الشرطية مبنية على ادعاء أنه لم يبق بعد ارتفاع الموانع من الأسباب إلا الشرط كما قاله بعض المحققين لكنه بعيد في المدارك الفقهية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 388
قول المصنف:
(على الباقي من صيغ العموم)
أي مما يدل بالقرينة للاتفاق على أن لفظ كل يقدم عليها نقله سم عن الكوراني وأقره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 388
قول الشارح:
(وهو إنما يدل بالقرينة اتفاقا)
أي اتفاقاً من المصنف القائل بأن ذلك حقيقة في العموم ومن غيره القائل بأنه مجاز فيه أو مشترك، أما غير المصنف فظاهر عدم دلالته عنده إلا بالقرينة، وأما هو فقد تقدم أنه يشترط في دلالته أي المعرف عدم العهد حيث قال: والجمع المعرف باللام والإضافة للعموم ما لم يتحقق عهد والمفرد المحلى مثله، وحينئذٍ فانتفاء العهد قرينة ولا يلزم أن يكون مجازاً لأنها ليست قرينة على استعماله في العموم لأن العموم يتبادر منه عند انتفائها لا بها، ولم يحتج إلى ذلك في النكرة المنفية لأنها لا تحتمل العهد أصلاً، هذا غاية ما أمكن في دفع التنافي، ولعله إن شاء الله حسن ولسم هنا كلام طويل، وعلى ما قلنا يحمل جواب المحشي الأول، وأما الثاني فوهم تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 388
قوله:
(وهو الترجيح بحسب حال المروي)
تقدم ما فيه.
(4/242)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 389
قول الشارح:
(ليفيد تأسيسا)
لأنه لو قدم أي قدر تقدمه لكان إيضاحاً للواضح وهو الجوار الأصلي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 389
قول الشارح:
(لاشتماله على زيادة علم)
فيكون تأسيساً وهو خير من التأكيد وبهذا ترجح عما بعده تدبر.(3/316)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 389
قول الشارح:
(لأن الأصل عدمهما)
إذ الأصل عدم الزوجية والرقية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 389
قول الشارح:
(وحكى ابن الحاجب الخ)
هذا ما قاله الكرخي إن ما حكمه وقوع الطلاق والعتق أولى لأنه على وفق الدليل النافي لملك البضع وملك اليمين وهو الأصل، إذ الأصل عدم الزوجية والرقية والنافي لهما على خلافه. قال الآمدي: ويمكن أن يقال بل النافي لهما أولى لأنه على وفق الدليل المقتضي لصحة النكاح وإثبات ملك اليمين المترجح على النافي لهما قاله السعد في حاشية العضد، وأنت خبير بأنه لا خصوصية للطلاق والعتاق بكل واحد من التعليلين، وانظر على العكس ما يقول في المثبت لغيرهما. قوله: (قد يقال يغني الخ) فيه أن ما تقدم الأصل فيه البراءة الأصلية وليست بحكم شرعي بخلاف ما هنا فإن المراد بالإباحة فيه الحكم الشرعي ولا يقال: كان يمكن أن يراد بالأصل فيما مر ما يعم الإباحة. لأنا نقول يمنعه الخلاف فيما تقدم فإنه غير الخلاف هنا، ألا ترى التعليل هنا بالاعتضاد بالأصل فقد جعل هنا مرجحاً وفيما تقدم الخلاف في تقديم هذا الأصل والترجيح بغيره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 389
قوله:
(ويجاب بأن النفي الشرعي الخ)
هذا الجواب ينفع في تقديم الناقل عن الأصل المتقدم فارجع إليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 389
قوله:
(فإذا عقل المعنى من أحد الخبرين)
(4/243)
---
فيه أنه يعقل المعنى إذا قيل: يجوز القصر للمسافر وهو التخفيف دون ما إذا قيل يمتنع القصر عليه فيقدم الأول لكن يكون هذا مستثنى من تقديم الحظر على الإباحة، ويمكن أن يتصور بنحو تقطع يد السارق ويقتل السارق فإن الأول معقول المعنى دون الثاني.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 390
قول المصنف:
(والوضعي على التكليفي)(3/317)
مثاله ما لو ورد يجب تبييت النية ليلاً وورد يصح التبييت ليلاً فإن حمل على الأول أتم من تركه ليلاً أو على الثاني لم يأثم. وعبارة العضد: الثامن يقدم الحكم التكليفي كالاقتضاء على الوضعي كالصحة لأنه محصل للصواب وقيل: بل الوضعي لأنه لا يتوقف على فهم وتمكن فتأمل. وما صور به سم بعيد من هذا، فإن صريح العضد أن الحكم دار بين كونه تكليفياً أو وضعياً مع الثبوت في كل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 390
قوله:
(ومقتضى هذا القيل الخ)
لأنه حيث صحح الأول وضعف هذه الأقوال والموضوع موافق الصحابي علم أن المصحح مطلق عن هذه القيود أي سواء وجدت أو لا، وإلا لم يكن موضوع الخلاف واحداً، فلا معنى لقوله: وثالثها ورابعها الخ. ويجاب بأن مقابلة الثالث والرابع للأول إنما هي من جهة التقييد بتمييز النص له أو كونه أحد الشيخين فقط. وأما قوله مطلقاً، وقوله وقيل الخ فلم يذكر للمقابلة بل لتتميم ما وقعت المقابلة ببعضه. وأما ما أجاب به المحشي رحمه الله فمن العجائب لأنه في الحقيقة بيان لوجه الإشكال. وقوله: من أن موضوع القول الأول الخ هو قاعدة الأقوال المحكية، وطريقة المصنف من أول الكتاب الخ وليت شعري لم ترك الجواب بمثل هذا في مبحث القوادح حين اعترض العلامة بمثل هذا الاعتراض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 390
قوله:
(قلت الظاهر الخ)
(4/244)
---
كلام صحيح إلى قوله: ثم هو يرد الخ. وأما هو فغير صحيح لأن كلام شيخ الإسلام هذا يفيد أن المسألة الأولى مفروضة فيما لم يوافق صحابياً ويخالف آخر، ولهذا الذي ذكره شيخ الإسلام لم يجعل المصنف قول الشافعي مما يقابل القول الأصح في المسألة الأولى تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 391
قول المصنف:
(وإجماع الصحابة على إجماع غيرهم)(3/318)
أي إذا ظن تعارض إجماعين قدم المتقدم منهما على من بعده، وظن تعارض إجماعين ممكن سواء كانا قطعيين أو ظنيين، أما تعارضهما في نفس الأمر فمستحيل سواء كانا قطعيين أم ظنيين. وما قاله بعض الشروح أنه إذا نقل بخبر الواحد فقد لا يطلع عليه أهل العصر الثاني فيجمعون على خلافه ليس بصحيح فإنهم وإن لم يطلعوا عليه فالله قد عصمهم عن أن يجمعوا على خلافه لأنه بالإجماع عليه حق، فلو أجمعوا على خلافه لأجمعوا على باطل سواء علموا بأنه تقدمهم إجماع أم لا. وقد قال النبي : «لا تجتمع أمتي على ضلالة» كذا قاله المصنف في شرح المختصر. وقوله: فمستحيل أما في القاطعيين فظاهر لاستلزامهما وجود المدلول في الواقع وهو متناف. وأما في الظنيين فلأن ظنيتهما بالنسبة إلينا لا تنافي تحقق مدلوليهما في نفس الأمر حيث فرضنا تعارضهما فيها إذ لا يتعارضان عند انتفاء المدلولين أو أحدهما في نفس الأمر. فإن قلت: ظن تعارض الإجماعين كيف حصل مع العلم بعدم إمكانه؟ قلت: قال المصنف رحمه الله في منع الموانع على قوله فيما سبق فإن توهم التعادل الخ ما حاصله أنه إنما عدل عن لفظ الظن إلى لفظ التوهم لأن المجتهد إذا اشتبه عنده أمر حديثين فهو يحسبهما متعارضين ويعلم أنه لا تعارض في نفس الأمر، وأن حسبانه ناشىء إما عن اختلال فهمه أو اختلال السند أو غير ذلك، ولا يهتدي إلى تعيين تلك الجهة التي أتى منها، ولو اهتدى لم يتوهم التعارض اهـ. فيقال هنا بمثله وأن ظن التعارض مبني على ظاهر حال المنقول إلينا من صحة سنده، وظاهر
(4/245)
---
حال فهم المجتهد من عدم اختلاله، وما أجدر ذلك بأنه توهم لأن أغلب أحكام الوهم كاذبة وهذا منها لبنائه على الظن دون التحقيق والمراد بالقطعيين في كلام المصنف السابق غير السكوتيين مثلاً، وهذا لا ينافي اختلال الفهم أو السند فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 391
قوله:
(فلا يتصور ما قاله المصنف)(3/319)
تقدم أنه إذا وقع الخلاف على قولين ثم استقر قيل: إنه إجماع على جواز كل منهما، ثم إذا وقع إجماع بعده على أحدهما من غير سبق خلاف من المجمعين المتأخرين فالأصح أنه إجماع منعقد وليس خرقاً للإجماع الأول لجواز أنهم إنما أجمعوا على القول بكل عند عدم ظهور القاطع، فلهذا يرجح الإجماع الثاني على الأول، فالمراد بالخلاف السابق الخلاف من المجمعين لا من غيرهم، وبهذا ظهر أن ما قاله متصور، بقي الكلام في منقوض العصر ولعله يصور بإجماعين سكوتيين فإن السكوتي تجوز مخالفته لكونه ظنياً فإذا انقرض أهل الإجماع الثاني مع بقاء أهل الأول أو بعضهم قدم الثاني ويكون مستثنى من تقديم الأول فالأول، أو إذا انقرض أهل الأول قدم ويكون فيه مرجحان تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 392
قوله:
(غير معناه السابق)
لأن الذي ليس على سنن القياس بالمعنى السابق معدول به عن سننه. ومن شرط حكم الأصلي أن لا يكون معدولاً به عن سنن القياس كأن كان من الرخص مثلاً، وحينئذٍ فلا قياس حتى يتعارضا إلا أن يقال معناه أن أحدهم مجزوم بأن الأصل فيه على سنن القياس والآخر مختلف فيه فيقدر الأول لكنه تأويل بعيد فلذا تركه الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 393
قوله:
(ومثاله قياس العارية)
(4/246)
---(3/320)
عبارة الغزالي مثاله إذا تنازعا في أن يد السوم توجب الضمان، فقال الشافعي: علته أنه أخذ لغرض نفسه من غير استحقاق وعداه إلى المستعير. وقال الخصم: بل علته أنه أخذ ليتملك أي فلا يتعدى إلى المستعير فيشهد لعلة الشافعي يد الغصب ويد المستعير من الغاصب ولا يشهد لعلة أبي حنيفة إلا يد السوم اهـ. فيدل على أن المراد بذات أصلين العلة المستنبطة من أصلين وبذات الأصل العلة المستنبطة من أصل واحد بأن يرد من الشارع أمران تستنبط إحدى العلتين من كل منهما وأمر آخر تستنبط الأخرى منه، فإنه في المثال ورد من الشارع تضمين الغاصب وتضمين المستعير منه، وكل منهما يستنبط منه أن العلة في ضمان مال الغير وضع اليد عليه ولو لغير تملك، فيرجح ذلك على كون العلة وضع اليد للتملك وإن صح استنباط ذلك من تضمين المستام سم ولعل ما في الحاشية تحريف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 393
قول الشارح:
(لأن الكثيرة أشبه)
أي الفرع في قياسها أكثر شبهاً بأصله من الفرع في قياس قليلة الأوصاف لأن الفرع في الأول شابه أصله في الأوصاف الكثيرة المركبة منها العلة بخلافه في الثاني فإنه إنما شابهه في الأوصاف القليلة المركبة منها علته تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قول الشارح:
(وإن احتيط به)
أي بفعله أو الأخذ به، وما ذكره شيخ الإسلام من الاحتياط بفعل الأولى وهو الكف عن خلافه لا من الاحتياط فيه، وهكذا كل مثال يظن أنه من الاحتياط فيه تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قوله:
(مخالف لما قدمه)
قد يقال: لا مانع من أنه جوز تعميمه وقصره وعلى كل يندفع اعتراض شيخ الإسلام . أما على تعميمه كما مر فلأن شيخ الإسلام إنما اعترض هناك بإغناء ما هنا، ولا شك أنه لا يغنى لعدم تعرضه للترجيح بين مراتب كل مسلك، وأما على الثاني فبالأولى تأمل.
(4/247)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قول الشارح:
(أي بالإجماع القطعي فالنص القطعي)(3/321)
تقدم أن تعارض قاطعين محال فلعل هذه فيما إذا تردد فرع بين قياسين فيلحق بما أجمع على علته إجماعاً قطعياً دون ما نص على علته بنص قطعي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قوله:
(لاحتمال أن الباقي الخ)
لو كان كذلك لقال فالباقي وما وجه تخصيص الشبه أو الدوران تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قول الشارح:
(باتفاق الخصمين على حكم الأصل)
أي مع التعليل بعلتين مختلفتين فيفيده ذلك قوة تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قوله:
(المراد بالحقيقي هنا)
وهو ما ليس عدماً محضاً والأولى إسقاط لفظ هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قوله:
(ما لم يظهر مناسبتها)
وإلا فلا بد من المناسبة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 394
قوله:
(لأنه إذا جاز تعدد العلل فلا تعارض الخ)
في كلام الكوراني ما يفيد أن جمهور من يجوز تعدد العلل إنما يجوزه عند التساوي، أما إذا اختلفتا بالتعدي وعدمه فالعلة المتعدية فقط تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 395
قول الشارح:
(لانتفاء علته)
وهي تساوي ما انفردا به إذ هو فيما مر إلحاق وعدمه بخلاف ما هنا فإنه إلحاق كثير وإلحاق قليل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 395
قول المصنف:
(ويرجح الأعرف من الحدود السمعية)
(4/248)
---(3/322)
قال الآمدي: إن متعلق غرضنا ههنا إنما هو السمعية ومن السمعية ما كان ظنياً، قال السعد : أراد الظن في أنه حده فيرجع إلى التصديق اهـ. وتحقيقه على ما خطر لي الآن أن الأصولي إذا رأى تعريفين للحكم الشرعي فكل منهما صالح للتعريف به، لكن إذا اقترن بأحدهما أمارة تقوى أنه هو الحد رجحه على غيره فيرجح الأعرف على الأخفى والذاتي على العرضي، أي ما كان تعريفاً بالذاتيات على ما هو بالعرضيات، وللذاتي والعرضي طريق. قال ابن الحاجب في مختصره: الذاتي ما لم يتصور فهم الذات قبل فهمه كاللونية للسواد والجسمية للإنسان، والعرضي بخلافه، ومثاله فيما نحن فيه أن تعرف الصحة في العبادة بأنها موافقتها الشرع وأن تعرف بأنها إسقاط القضاء فإنه لا يتصور فهم الصحة قبل فهم الموافقة، ويتصور قبل فهم إسقاط القضاء لأنه أثر الصحة، ولذا رجح المصنف فيما تقدم تعريف الصحة في العبادة وغيرها بأنها موافقة الفعل ذي الوجهين الشرع على تعريفها بأنها في العبادة إسقاط القضاء وفي غيرها بأنها ترتب الأثر، ويرجح أيضاً الصريح على غيره والأعم على الأخص والأول ظاهر والثاني كما في تعريفي صحة العبادة بما مر، فإن تعريفها بموافقة الفعل ذي الوجهين الشرع يتناول صلاة من ظن الطهر ثم تبين حدثه بخلاف تعريفها بإسقاط القضاء، ودخول هذا الفرد وخروجه لا يترتب عليه سوى تسميته صحيحاً وعدمها، فمن رجح الأعم نظر لكونه أفيد لكثرة المسمى فيه، ومن رجح الأخص أخذ بالمحقق المتفق عليه بين المتخالفين، ويرجح أيضاً موافق نقل السمع واللغة أي ما وافق المعنى الشرعي واللغوي على ما خالفهما، وذلك فيما إذا دار الأمر بين حمل التعريف المسموع على أحدهما والحمل على غيره فإنه حينئذٍ يكون هناك تعريفان محتملان: أحدهما باعتبار المعنى الموافق لأحدهما والآخر باعتبار المعنى المخالف، ويرجح أيضاً ما كان طريق اكتسابه راجحاً لأن الحد السمعي لما كان متلقى من النقل وطريق النقل قابلة للقوة(3/323)
(4/249)
---
والضعف جرى الترجيح فيه بحسب ترجيح الطرق وذلك كما يقال: الربا المحرم ما علم فيه التفاضل. ويقال: ما لم يعلم فيه التماثل فإنه يرجح أحدهما لرجحان طريق النقل فتأمل، وبه يندفع ما وقع هنا من التردد.
...........................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 395
قول الشارح:
(وتقديم بعض صور المناسب الخ)
الظاهر أن يقال في هذا بأن تكون العلة في أحد القياسين أفضى إلى المقصود من الأخرى، فتكون أولى لقربها إلى تحصيل مقصود الشارع كما قاله الآمدي ، أما ما قاله المحشي فلم يظهر وقوع التعارض فيه.
(الكتاب السابع في الاجتهاد)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 396
قول الشارح:
(بأن يبذل تمام طاقته في النظر في الأدلة)
(4/250)
---(3/324)
قال المصنف في شرح المختصر تبعاً للآمدي بحيث تحس النفس بالعجز عن المزيد عليه اهـ. ولا ينافي ذلك إلا بعد النظر في الكل أي كل الأدلة إذ هي حاضرة عنده مع علمه بطريق الاستنباط من الكل كما يعلم من قوله: وهو الخ وإلا فلا وجه لاشتراطه كما سيأتي، إذ لو نظر في بعضها فقط لم يصدق أن نفسه أحست بالعجز عن المزيد لتمكنه إن كان حياً من النظر في الباقي، فإن مات قبل النظر فيه لا يقال: إن نفسه أحست بالعجز إذ المراد العجز من جهة الاستنباط لا بالموت. وقول المصنف: لتحصيل ظن اللام بمعنى في كما في كلام الآمدي و البيضاوي فمعناه أنه حصل تحصيلاً مبذولاً فيه الوسع ويلزم من وجود التحصيل الحصول إذ هو مطاوعة فينحل التعريف حينئذٍ إلى قولنا استفراغ المتهيىء للظن وسعه في تحصيل ذلك الظن بحيث أحست نفسه بالعجز عن المزيد بأن بقي زمن يمكن فيه النظر مع إحساس نفسه بالعجز عنه، وذلك إنما يكون بعد حصول ظنون كثيرة بعد النظر في جميع الأدلة، فإن المتقدمين دونوها بحيث لا يشذ منها فرد كما في العضد، إذ العجز إنما يكون للتعارض مع عدم العلم بالمرجح وهو قليل بالنسبة لما لا تعارض فيه أو وفيه المرجح. ثم إن هذه الظنون الحاصلة بالاجتهاد هي التي اصطلحوا على تسميتها فقهاً كما نص عليه العضد في أول شرحه للمختصر، فعلم أن الفقه المجازي هو التهيؤ للكل والفقه الحقيقي الاصطلاحي هي الظنون الحاصلة لهم من الاجتهاد، فالفقيه المجازي هو المتهيىء والحقيقي هو المحصل للظنون المستفرغ فيها الوسع إلى الإحساس بالعجز بعد النظر في جميع الأدلة. قال السعد : فخرج اجتهاد المقصر وقيد الإحساس بالعجز مأخوذ من بذل الوسع في كلام من تركه خلافاً لمن قال: إن من تركه عمم الاجتهاد حتى يشمل اجتهاد المقصر انتهى. وأن المجتهد هو المستفرغ الوسع في التحصيل بحيث أحس بالعجز عنه، فيلزم أن تكون الظنون حاصلة له ومتى حصلت كان فقيهاً حقيقة، إذا عرفت هذا فاعلم أن قول الشارح والظن(3/325)
(4/251)
---
المحصل أي الذي هو معنى قوله لتحصيل ظن، وقوله: هو الفقه المعرف بالعلم أي هو معناه الحقيقي كما تقدم، والمراد بالأحكام هناك جميعها فيكون مراد المتهيىء من الاستفراغ للوسع تحصيل جميعها إذ هو متهيىء لجميعها، لكن لا يخفى أن المراد بجميعها جميع ما في وسعه، إذ المسائل التي تقدم أن حكمها الوقف ليست في وسعه بل غيرها من الحوادث المتزايدة إلى يوم القيامة كذلك فلا يكون متهيئاً لها، وحينئذٍ فلو عبر بالظن بالأحكام لكان أحسن، لأن هذا الظن هو الفقه الحقيقي المعرف فيما سبق بالمعنى المجازي، وهو التهيؤ لظن جميع الأحكام، فإنا إذا عرفناه بالمعنى الحقيقي قلنا ظن جميع الأحكام إلا أن يكون المراد بالحكم الجنس، ومن هنا يعلم أن قولهم: الفقه العلم بالأحكام معناه ملكه ظن الأحكام بحسب ما في الوسع والتوقف من المجتهدين لم يكن لعدم الوسع بل للتعارض في وقت السؤال أو ضيق الزمن عن النظر حينئذٍ فلذا صح إيراده على حد الفقه. وقوله: ويكون بما يحصله فقيهاً حقيقة لما تقدم نقله عن العضد. وقوله: ولذا قال المصنف أي لكونه يكون بما يحصله فقيهاً حقيقة قال المصنف: والمجتهد أي المحصل إذ هو كما علم من التعريف الباذل تمام الطاقة في التحصيل فيكون بما حصله فقيهاً حقيقة وإنما لم يحمله، على أن المعنى والمتهيىء للاجتهاد هو المتهيىء للفقه لأنه لا فائدة فيه لعلمه من قوله: استفراغ الفقيه أي المتهيىء، فإن استفراغه الوسع لما كان اجتهاداً كان المتهيىء للفقه متهيئاً للاجتهاد، وأيضاً الاجتهاد بمعنى التهيؤ لم يتقدم في التعريف بل المتقدم الاجتهاد بمن بذل تمام الطاقة فيكون فقيهاً حقيقة. وتقرير الشارح على هذا الوجه من النفائس، وبه يندفع شبه كثيرة عرضت للعلامتين الناصر وسم هنا فليتأمل. ثم لا يخفى أن مرادنا بكل الأدلة هو ما عناه المصنف بقوله: ومتعلق الأحكام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 397
قول الشارح:
(4/252)
---(3/326)
(فخرج استفراغ غير الفقيه)
أي بناء على أن الفقيه هو المتهيىء، أما لو أريد الفقه بالفعل لزم خروج المجتهد أيضاً لأنه لا يكون فقيهاً إلا بعد التحصيل، فلهذا ولزوم تحصيل الحاصل حمله على المتهيىء، وإنما لم يترك المصنف قيد الفقيه لإخراج استفراغ غير المتهيىء فللّه دره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 399
قول الشارح:
(والظن المحصل هو الفقه المعرف)
أي هو حقيقة الفقه المعرف فيما سبق بالمعنى المجازي، يعني أن الفقه له معنى حقيقي هو الظن المحصل، ومعنى آخر مجازي هو الملكة وهو الذي يقال له التهيؤ، وقد تقدم تعريفه بالمعنى المجازي لعدم اشتراط حصول الظن هناك، وممن صرح بأن إطلاق العلم على الملكة مجاز السيد في حاشية المطول والسعد أيضاً وزاد أنه يمكن أن يكون حقيقة اصطلاحية وإليه يشير في حاشية العضد، وحينئذٍ فالفقيه بمعنى المتهيىء مجاز وبعد التحصيل ففيه حقيقة لاتصافه بحقيقة الفقه، والحاصل أن الكلام هنا في ظن محصل بخلافه فيما تقدم فإن الظن غير حاصل كما هو في قوله هنا: في استفراغ الفقيه فتأمل ليندفع ما أطالوا به جميعاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 399
قوله:
(حاصل بالضرورة)
الأولى أن يقول: لأنه لا اجتهاد في القطعيات وإلا فهي نظرية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 400
قوله:
(لأنه الموافق الخ)
هذه هي المناسبة الآتية في كلامه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 400
قوله:
(حاصله أن الظن المذكور الخ)
والفائدة في ذلك التنبيه على أولوية التطبيق بين المعنيين وإن أريد كل واحد في موضع، ووجه التطبيق عموم المتعلق على كل إذ لا وجه لاعتبار المتهيىء للكل في تحصيل ظن البعض تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 400
قوله:
(هو المشار إليه)
(4/253)
---
أي بقوله لتحصيل ظن فإن المراد بالظن هو معنى الفقه الآخر الذي هو الظن الحاصل كما قال والظن المحصل الخ.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 400
قوله:
(يقتضي عدم صدق الفقيه)(3/327)
لأنه على قياس أن يكون معنى الفقه الآخر وهو الظن المحصل ينبغي أن يكون معنى الفقيه حقيقة المحصل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 400
قوله:
(فإطلاق الفقيه حقيقة)
أي بخلاف إطلاقه مجازاً بمعنى المتهيىء فإنه لا ينافي أن المعنى الحقيقي للفقيه هو المحصل للظن بالعقل، فلا منافاة حينئذٍ بين الفقيه حقيقة والفقه حقيقة، هذا لكن في دعوى أن هذا معنى مجازي مع أنه على ما قاله مشترك نظر ظاهر، وكيف يكون باصطلاح واحد مجازاً وحقيقة في موضعين ولئن سلم بناء على أنه استعمل في التهيؤ لا من حيث وضعه له بل من حيث العلاقة بينه وبين المعنى الحقيقي فليس ذلك مجازاً شائعاً كما قاله الشارح فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 400
قوله:
(لأن العلم المعرف الخ)
هذه غفلة عن قول سم أن هذا أحد المعنيين للفقه وبنى عليها بقية كلامه فهو فاسد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 401
قوله:
(لكنه مخالف لما سيجيء الخ)
لا مخالفة لأن الكلام هنا في المتفق عليه. وكيف وقول المصنف والمجتهد الفقيه نص في العموم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 401
قوله:
(قياس التعبير الخ)
ليس كذلك إذ المحدث عنه المجتهد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 401
قوله:
(وفي قول المصنف ذو الدرجة الخ)
يشير إلى الفرق بين المتوسط وذي الدرجة بالتمكن وعدمه كما قالوه في ذي علم وعالم. وفوق كل ذي علم عليم. ويلزمه أن حل الشارح فيه تسامح تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 401
قوله:
(رسماً وتلاوة)
الظاهر كفاية الرسم عن التلاوة.
(4/254)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 401
قول المصنف:
(من كتاب وسنة)
في شرح المنهاج لـ لصفوي أن متعلق الأحكام من الكتاب خمسمائة آية.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 401
قول المصنف:
(وأحاط بمعظم قواعد الشرع الخ)(3/328)
إن كان المراد بالمعظم مواضع الأحكام لأنه يبقى ما يدل على الأخلاق فهو ما تقدم، وإن كان المراد به نحو لا يزال الضرر بالضرر وأن المشقة تجلب التيسير وأن اليقين لا يطرح بالشك فالمعظم لا يكفي في معرفة جميع الأحكام بل لا بد من الكل، اللهم إلا أن يدعي أن المعظم يهدي إلى الباقي وفيه شيء، ثم رأيت السعد في التلويح نقل عن الغزالي أنه لا بد أن يعرف المجتهد الكتاب أي القرآن بأن يعرفه بمعانيه لغة وشريعة، أما لغة فبأن يعرف معاني المفردات والمركبات وخواصها في الإفادة فيفتقر إلى اللغة والصرف والنحو والمعاني والبيان. وأما شريعة فبأن يعرف المعاني المؤثرة في الأحكام مثلاً يعرف في قوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط} (سورة النساء: الآية 43) أنه أراد بالغائط الحدث وأن علة الحكم خروج النجاسة عن بدن الإنسان الحي اهـ. ولا شك أن هذه المرادات لا تعرف بغير ممارسة أدلة الشرع إلا أنه يكفي ممارسة المعظم فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 401
قوله:
(وإنما ينافي الاستنباط بالفعل)
أي ينافي كون المستنبط صحيحاً، أما الاستنباط أي الاستنتاج من الأدلة فقوته موجودة بسبب العلوم المتقدمة وعدم علم الناسخ والمنسوخ لا دخل له في إمكان الاستنباط منه.
............................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 402
قوله:
(وصاحب هذه المرتبة ليس من الاجتهاد في شيء)
(4/255)
---
بقي الذين يفتون بما حفظوه أو وجدوه في كتب الأصحاب كما هو الآن قال السعد : والظاهر أنهم بمنزلة النقلة والرواة فينبغي قبول أقوالهم على حصول شرط الراوي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 402
قول الشارح:
(باستقراء منه)
لعله بعد تدوين المجتهدين الأمارات وضم كل إلى جنسه حتى يكون الاحتمال بعيداً جداً كما في العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 402
قول الشارح:
(بخلاف من أحاط بالكل)
أي فالاحتمال فيه ضعيف وإلا فهو ظني أيضاً.(3/329)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 402
قول الشارح:
(والقادر على اليقين)
أي بالتلقي من الوحي لا يجوز له الاجتهاد لأنه إنما تعبد به فيما لا نص فيه كذا في العضد وشرح المصنف للمختصر وبه يندفع بحث العلامة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(في العقليات)
المراد بها ما يدرك بالعقل وإن ورد الشرع بها أيضاً كالبعثة فإن العلم بها بالمعجزة عقلي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول الشارح:
(لأنه لم يصادف الحق)
أي وعدم مصادفته في القطعيات لا تكون عذراً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(تابع لظن المجتهد)
أي تابع تعينه لظن المجتهد وإلا فالحكم قديم إذ هو الخطاب فالمعنى أن لله فيها خطاباً لكن إنما يتغير وجوباً أو حرمة أو غيرهما بحسب ظن المجتهد، فالتابع لظنه هو الخطاب المتعلق لا نفس الخطاب، هذا عند من يجعل الخطاب قديماً، أما من جعله حادثاً فقبل الاجتهاد لا حكم أصلاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(تابع لظن المجتهد)
(4/256)
---
أي تابع تعينه لظن المجتهد وإلا فالحكم قديم إذ هو الخطاب فالمعنى أن لله فيها خطاباً لكن إنما يتغير وجوباً أو حرمة أو غيرهما بحسب ظن المجتهد، فالتابع لظنه هو الخطاب المتعلق لا نفس الخطاب، هذا عند من يجعل الخطاب قديماً، أما من جعله حادثاً فقبل الاجتهاد لا حكم أصلاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(لو حكم)
أي لو عين الحكم لكان به لكن لم يعينه بل جعله تابعاً لظنه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(أصاب اجتهاداً لا حكما)
أي لم يصب ما لو عينه الله لكان هو الحكم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(ولله تعالى فيها حكم)
إذ لا بد للطلب من مطلوب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(والصحيح أن عليه أمارة)(3/330)
حتى يكلف به إذ الاجتهاد عبارة عن طلب دليل يدل على الحكم وطلب الشيء متأخر عنه، ومنه أيضاً يظهر ثبوت الحكم قبل الاجتهاد وأنه مكلف بإصابته، وإلا فلا معنى للاجتهاد بل أي واحد يكفي.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(وأن مخطئه لا يأثم)
لبذله وسعه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قوله:
(هل يوافق أن الفرض الخ)
الفرض أن لا قاطع معروف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قول المصنف:
(أثم وفاقا)
أي وإن أصاب الحق قاله المصنف في شرح المختصر أي لتقصيره فيما وجب عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 403
قوله:
(لأن حكمه إنما يفيد الخ)
(4/257)
---
أي فليس في التحريم هنا نقص لحكمه لأنه مقيد ببقاء الاعتقاد. وقوله: وإن لم يجز نقضه مطلقاً أي حتى هنا لأن نقضه إنما يكون بالتحريم مع بقاء اعتقاد الحل، وتصريح الفقهاء الأصوليين بأنه لا ينقض الحكم يحمل بالنسبة لهذا على هذا المعنى، أما غير المجتهد والمقلد لمن تغير اجتهاده فالكلام فيه على إطلاقه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 404
قول المصنف:
(لا لقاطع)
الذي في فروع الشافعية عدم الضمان ما لم يقصر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 404
قول الشارح:
(لجواز أن يكون خير فيه)
أي لجواز أن يكون قد خير في الواقعتين المعينتين بأن قيل له: لك أن تأمر بالسواك وأن لا تأمر وأن تجعل الحجة للعام أو للأبد ولا يلزم من هذا جواز التفويض مطلقاً الذي هو موضوع المسألة أي أن يفوض إليه أن يحكم بما شاء في الوقائع قاله السعد وبه يندفع ما يتوهم من أن في هذا أيضاً تفويضاً.
مسألة التقليد
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 404
قول المصنف:
(أخذ القول الخ)(3/331)
هكذا عبر المصنف في شرح مختصر ابن الحاجب متكرراً وقال: إن التقليد بمعنى أخذ قول الغير الخ أي قبوله هو العرف اهـ. أما الفعل والتقرير فلا يظهر جواز العمل بمجردهما من المجتهد لجواز سهوه وغفلته، وإنما يعول على الفعل والتقرير الواقعين من النبي لكن ذلك ليس بتقليد بل استدلال وقد تقدم ذلك أول الكتاب. فإن قلت: قد يقترن التقرير بما يدل على عدم الغفلة والرضا بالفعل. قلت: يحتمل أنه رضيه لكونه مذهب غيره، وشرط الإنكار أن يكون منكراً عند الفاعل ولعله قلد الغير تدبر. ثم إنه على مقتضى تعميمهم التقليد للفعل والتقرير يلزم المقلد الأخذ بهما كما قال المصنف ويلزم غير المجتهد الخ فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 404
قوله:
(هذا بناء على جواز تجزؤ الاجتهاد)
(4/258)
---
ليس كذلك لأن تجزؤ الاجتهاد معناه أن يحصل له ملكة البعض دون البعض كما هو واضح من صريح كلامهم وتقدم. والمراد هنا أنه أخذ قول الغير واجتهد فيه وهو لا ينافي حصول ملكة الكل لذلك الآخذ، وهذا المعنى لم يؤخذ من الشارح فيما مر منعه أصلاً، وإنما المتقدم تعريف المجتهد اتفاقاً الداخل فيه مثل هذا بعد حصول الظنون له وقد بيناه، ثم بما لا مزيد عليه وقلنا سابقاً لأنه لا ينافي القول بالتجزي تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 405
قوله:
(فالأولى في التوجيه الخ)
لا وجه له فإنه إذا حصل له قوة الاجتهاد في باب بناء على تجزيه وحصل له أدلته من مجتهد أو باستقرائه كما مر أيّ مانع له سوى ما قاله الشارح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 405
قوله:
(إذ قد يستقل غير المجتهد)
هو حينئذٍ مجتهد على القول بالتجزؤ ولعل المراد بالاجتهاد هنا غير ما سبق لأن المطلوب هنا ليس بظن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 405
قول الشارح:
(بأن يتبين مستنده)
إن كان المراد أنه يتبين للمقلد فالخطأ عليه أجوز أو لمجتهد آخر فجائز عليه الخطأ أيضاً فإن ألزم ببيان مستنده في معرفة عدم خطئه تسلسل الأمر ولعله وجه الضعف.(3/332)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 405
قوله:
(أي ما يحتمل أنه يقتضي الرجوع)
يصرح بهذا التفسير قول الروضة الآتي ما قد يوجد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 405
قوله:
(وهذا إذا لم يكن ذاكراً للدليل الخ)
(4/259)
---
قال سم: لا يخفى أن العبارة تعارضت فيما إذا تجدد ما قد يوجب وكان ذاكراً للأول، فإن كلاً من قوله: فإن كان ذاكراً لم يلزمه قطعاً. وقوله: وإن تجدد ما قد يوجب الرجوع لزمه قطعاً لإطلاق كل منهما شامل له، فقضية الأول عدم اللزوم فيه وقضية الثاني اللزوم فيه، والأول هو الموافق لكلام المجموع وتصريح شارحنا حيث قال بخلاف ما إذا كان ذاكراً الخ. واعلم أن هذه العبارة التي نقلها سم عن الروضة هي مأخذ المصنف فإنه نقلها في شرح المختصر ولم يزد عليها. قوله: (إلا أن يحمل الخ) هو جواب سم بعينه فلا معنى لجعل أحدهما حقاً والآخر باطلاً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 405
قوله:
(ولا يخفى أن عدم لزوم التجديد الخ)
انظر من أين عرف هذا التقييد. وقوله: وحينئذٍ فقول العلامة الخ فيه أن كلام العلامة معناه أنه إن تجدد فقد نظر وحينئذٍ لا معنى لعدم وجوب النظر وهو مبني على أن المتجدد دليل نظر فيه كما سبق له ولا تعلق لهذا بكلام الروضة تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 406
قوله:
(وإن كان تجديد النظر فيه واجباً أيضاً قطعا)
هذه مجازفة لا معنى لها، وكيف يدعي القطع وقد قرأ عبارة الروضة قريباً وصورها؟ إن في ذلك وجهين أصحهما لزوم الاجتهاد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 406
قول الشارح:
(لمخالفته به لوجوب اتباع اجتهاده)
وإنما وجب لأن ظنه أقوى لعلمه بكيفية استنتاجه وغيره يحتمل أن في كيفية استنتاجه خللاً عنده لو اطلع عليها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 406
قول المصنف:
(وكذا العامي يعيد السؤال الخ)
لا يخفى أن التفصيل المتقدم بين ذكر الدليل الأول وعدمه مع التجدد وعدمه آت هنا أيضاً تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 406
قوله:
(أي في نفس الأمر)
(4/260)
---(3/333)
أي سواء كان مفضولاً في الاعتقاد أيضاً أو لا. وقوله: لا بحسب الاعتقاد أي فقط. وعبارة المصنف في شرح المختصر بعد قول ابن الحاجب : يجوز تقليد المفضول هكذا وإن قدر على تقليد الفاضل اهـ. وهذا لا يمنع التفضيل الآتي وهو ظاهر تدبر. قوله: (وإن اعتقده فاضلاً) أي بلا بحث عن المرجح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 406
قول المصنف:
(ومن ثم الخ)
أي لا من أنه يجوز مطلقاً اعتقده فاضلاً أو لا، ففيه رد على القول الأول أيضاً مع الإشارة إلى القدح في دليله وهو إجماع الصحابة وغيرهم بأن عدم الإنكار إنما كان لاعتقاد أفضلية من وقع تقليده، ومن هنا يعلم أن معنى الجمع بين الأدلة حمل كل على محمل، فحمل الإجماع على ذلك كما حمل أن أقوال المجتهدين في حق المقلد الخ، على أن معنى ذلك أنه يقدم من اعتقده فاضلاً على غيره، فإن تساويا فالتخيير لا أنه يجب عليه الترجيح لعسر ذلك عليه بخلاف المجتهد فوضح الفرق بينهما. قوله: (إن قلت هذا يتفرع على الأول أيضاً الخ) فيه بحث لأن الذي يتفرع على الأول عدم وجود تقليد الأرجح حتى مع علمه، ومع هذا كيف يتصور وجوب البحث مع الجهل حتى ينفى؟ أما الثالث فيوجب الأرجح لكن لما كفى الاعتقاد لم يجب البحث. والحاصل أن مراد المصنف من قوله: ومن ثم الخ أن عدم وجوب البحث ليس منشؤه الجواز مطلقاً كما هو القول الأول بل البناء على الاعتقاد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 407
قوله:
(لأن ذلك يجوّز المساوي الخ)
(4/261)
---
فيه أن هذا أيضاً يجوّزه، وإنما الكلام هنا فيما إذا اعتقد الرجحان، والظاهر أن المراد من قوله: فإن اعتقد الخ أنه إذا وجد مفتيين واستويا عنده في ظاهر الحال تخير كما تقدم في قوله: أو مساوياً، لكن متى ترجح عنده أحدهما لزمه تقليده وزال ذلك التخيير مع صحة عمله بقول الأول قبل الترجيح يدل على ما قلنا كلام المجموع والغزالي وقد نقلها سم. قوله: (نعت سببي) أي المبني عليه الحكم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 407(3/334)
قول الشارح:
(وهذه المسألة مبنية الخ)
(4/262)
---
وجه ذلك أنه لا معنى للخلاف في أيهما يقدم والتخيير بينهما مع قولنا بجواز التقليد لمن اعتقده فاضلاً بلا بحث عن المرجح، فإنه إن وقع في ذهنه أن المفضول في الواقع فاضلاً عمل به لا معنى للخلاف المقتضى أن عمله على خلاف ما قال به صاحب كل قول من هذين القولين باطل، وإن لم يقع في ذهنه تفضيل واحد منهما بل تردد امتنع تقليد كل حتى يعتقد فضل واحد أو المساواة إن كان خلاف الواقع وخلاف ما قاله صاحب كل قول من هذين القولين. والحاصل أن قوله: والراجح علماً الخ يقتضي أنه لا يجوز تقليد من اعتقده فاضلاً مطلقاً بل لا بد أن يكون فاضلاً في الواقع أي بحسب ما ظهر من المرجح بأن يكون الأعلم على الأصح والأورع على ما قابله، وأنه إذا تردد بينهما لا بد أن يقلد الأعلم على الأصح والأورع على مقابله، وهذا على خلاف ما عليه القول الأول والثالث، أما الأول فظاهر، وأما الثالث ففي الشق الأول المدار على اعتقاده بقطع النظر عن الأعلمية والأورعية، وكذلك في الثاني بمعنى أنه يمتنع عليه تقليد واحد منهما حتى يعتقده فاضلاً ومساوياً، وما دام لم يعتقد لا يصلح له تقليد واحد منهما، ولو نظرنا لقوله والراجح علماً الخ لصح تقليده الأعلم على الأصح والأورع على مقابله وإن لم يعتقده فاضلاً، ولله در الشارح المحقق حيث أشار بذلك إلى ما وقع في المجموع من ذكر الترجيح في سياق القول بعدم تكليف البحث المبني على جواز تقليد المفضول، وبهذا سقط ما في الحواشي هنا فتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 408
قوله:
(وإلا فيعمل به عنده)
(4/263)
---(3/335)
ليس هذا مذهب الإمام وإنما أراد به تخريج طريق في الجملة يتوصل بها إلى العمل بقول الميت. والحاصل أن هذا بحث منه حيث قال: ولقائل أن يقول إذا كان الراوي عدلاً ثقة متمكناً من فهم كلام المجتهد الذي مات ثم روى للعامي قوله حصل للعامي ظن صدقه فيتولد له ظن أن هذا حكم الله فيجب عليه العمل إذ العمل بالظن واجب اهـ. وعلى هذا فليس هذا العامي مقلداً ولا مجتهداً ولعله سوغ له العمل للضرورة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 409
قول الشارح:
(بدليل انعقاد الإجماع بعد موت المخالف)
فيه أن انعقاده حينئذٍ لأنه قول كل من الأمة بعد الموت دون ما قبله، وقد قال النبي : «لا تجتمع أمتي على ضلالة» ولو كان قول الميت منافياً للإجماع واجتماع الأمة لما انعقد إجماع بعد مخالف وهو خلاف الإجماع.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 409
قول الشارح:
(وعورض بحجية الإجماع)
قد يقال: حجية الإجماع من جهة أن الشارع جعله حجة بقوله: لا تجتمع الخ لا من حيث إنه قول المجمعين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 409
قوله:
(مع هذا تناقض)
(4/264)
---
أي مع منع إفتائه إذ لا معنى حينئذٍ لكونه مجتهد فتوى. وأجاب سم بأن تسميته بذلك باعتبار فتواه بالرجحان، أو أن اجتهاده يناسب الفتوى أو تسمية اصطلاحية لا يلزم وقوع مدلولها أو يقيد ما هنا بغير ما تقدم. قوله: (بناء على القول الرابع) حيث أجاز فتواه، أما على الأول فلا يسمى بذلك لكن لا وجه للاقتصار على الرابع فإن الثالث يجيزها عند الفقه. قوله: (والظاهر أن كلاً صحيح) المأخوذ من كلام ابن الحاجب أنهم قالوا: يمتنع الخلو عقلاً بأن يكون محالاً لذاته لا لقيام الأدلة الشرعية على امتناعه، ولذا رد عليهم بأن ما ذكروه في الأحاديث نحو: «لا تزال طائفة» الخ أن سلمت دلالته إنما يدل على عدم الوقوع للدليل الشرعي لا على عدم الجواز لذاته كما قرره السعد . فقول المصنف: والمختار بعد جوازه أي عقلاً أنه لم يثبت وقوعه أي شرعاً.(3/336)
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 409
قوله:
(فيه أن ظهورهم على الحق الخ)
بهذا رد ابن الحاجب دلالته.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 410
قول المصنف:
(والمختار لم يثبت وقوعه)
(4/265)
---
اعلم أن أصل النزاع يجوز الخلو عن مجتهد أو لا؟ قالت الحنابلة: لا، وقال غيرهم: يجوز، والخلاف في الجواز العقلي كما مر، ثم استدل من قال بالجواز بقوله: لو امتنع لكان لغيره والأصل عدمه. وقال : «إن الله لا يقبض» الحديث. فقالت الحنابلة: لا تزال طائفة الخ. قال ابن الحاجب مع شرح المصنف: قلنا: سلمنا أن هذا يدل على عدم وقوع الخلو فأين نفي الجواز؟ ولو سلم فدليلنا أظهر لأن فيه التصريح بقبض العلم وليس فيما ذكرتموه إلا ظهور الحق، ولا يلزم منه بقاء أهل العلم، ولو سلم فيتعارضان ويسلم الأول أعني أن الأصل عدم المانع اهـ. إذا عرفت هذا عرفت أن هناك خلافاً في الجواز العقلي وعدمه، ثم نشأ من الاستدلالين بالأحاديث خلاف في أنه يقع أو لا يقع فقال المصنف: إن المختار إبدال لا يقع بلم يثبت الوقوع إذ لو قيل: لا يقع لم يوجد ما يثبته لوقوع معارضة أحاديث الوقوع له، بخلاف نفي ثبوت الوقوع فإنه صادق لمعارضة دليل العدم لدليل الوقوع، وليس المراد أن مختار المصنف عدم الوقوع لكنه عبر بما عبر به للتعارض إذ مع التعارض كيف اختاره، ولو قال كما قال الناصر و المختار لم يثبت عدم وقوعه لكان مقابله ثبوت عدم الوقوع مع مقابله المردود عليه هو ما اختاره ابن الحاجب من ثبوت الوقوع الذي أشار له الشارح بقوله: وقيل يقع. واعلم أن قول الشارح دليل عدم الوقوع أي الذي هو أصل الخلاف قبل إبدال المصنف له فتدبر. وحاصله أن تأويله بلم يثبت يدفع الاعتراض بالتعارض الوارد ولو أبقاه على حاله وبه عند التعامل يندفع ما قيل هنا ولا حاجة للتطويل الخارج عن ذوق الكلام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 410
قول المصنف:
(وإذا عمل العامي الخ)(3/337)
هذا الخلاف مبني على مقابل الأصح الآتي فإنا إذا أوجبنا التزام مذهب معين يتأتى التجويز في هذه الأقوال تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 411
قوله:
(حيث منعنا تقليد المفضول)
(4/266)
---
يقتضي أنا إن جوزناه جاز العمل مع التردد ولا مانع إذا كان المراد أنه طرأت له شبهة في الدليل إذ هو راجع للاجتهاد ولا اجتهاد عليه تأمل.
(مسألة: اختلف في التقليد في أصول الدين) المراد بالتقليد هنا مقابل النظر في الدليل وهو المراد بالاجتهاد هنا، ولو كان النظر عامياً بالمعنى المتقدم أعني مقابل المجتهد وهو ذو الدرجة الوسطى الخ كما نص عليه العضد والمصنف في شرح المختصر، ويدل عليه قولهم: إن العوام غير مقلدين هنا لنظرهم في الدليل الإجمالي وإن لم يكن على طريق المتكلمين. واعلم أن منع التقليد في أصول الدين مبني على أنه مستثنى من قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (سورة النحل: الآية43) للأمر في الأصول بتحصيل العلم اليقيني كما سيقول الشارح وهو المأخوذ عن الدليل دون التقليد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 411
قوله:
(قال شيخ الإسلام الخ)
(4/267)
---(3/338)
قال المصنف رحمه الله في شرح المختصر: التقليد يطلق تارة بمعنى قبول قول الغير بغير حجة ويسمى اتباع العامي لإمامه تقليداً على هذا وهو العرف وتارة بمعنى الاعتقاد الجازم لا لموجب، والتقليد بالمعنى الأول قد يكون ظنياً وقد يكون وهماً كما في تقليد إمام في فرع من الفروع مع تجويز أن يكون الحق في خلافه، ولا شك أن هذا لا يكفي في الإيمان عند الأشعري وسائر الموحدين، ولعله مقصود الأشعري بقوله: لا يصح إيمان المقلد. وأما التقليد بالمعنى الثاني فكان أبي رحمه الله يقول: لم يقل أحد من علماء الإسلام أنه لا يكفي في الإيمان إلا أبو هاشم من المعتزلة، وأنا أقول: إن هذا لا يتصور فإن الإنسان إذا مضى عليه زمن لا بد أن يحصل عنده دليل وإن لم يكن على طريقة أهل الجدل فإن فرض مصمم جازم لا دليل عنده فهو الذي يكفره أبو هاشم ولعله المنسوب إلى الأشعري. والصحيح أنه ليس بكافر وأن الأشعري لم يقل ذلك، نعم اختلف أهل السنة في أنه هل هو عاص؟ والأصح عند أبي حنيفة رحمه الله أنه مطيع وعند آخرين أنه عاص وهو الخلاف في وجوب النظر فاعرفه. وإن قلنا: إنه عاص وأن النظر واجب فالواجب نظر ما ولا يشترط نظر على طريقة المتكلمين كما عرفناك، وهذا لا خلاف فيه نعلمه ثابتاً عن أحد من سلف الأمة انتهى. وفيه فوائد جمة منها: أن من قال يلزم غير المجتهد التقليد مراده بغير المجتهد بالنسبة لأصول الدين غير القادر على الدليل ولو الإجمالي لما عرفت سابقاً ومراده بالتقليد المعنى الثاني فيما تقدم ومن منع إنما منعه للقادر ولو على الإجمالي لأن المطلوب في أصول الدين العلم كما تقدم. ومنه تعلم أن شيخ الإسلام إنما استنتج مما تقدم مع ما هنا وجوب التقليد على غير المجتهد المراد به هنا العاجز عن النظر ولو في الدليل الإجمالي، فما قاله سم في غير محله إذ هو في القادر. ومنها: أن التقليد نوعان متعارف وغيره، وقد وقع المحشي وغيره بسبب عدم الاطلاع على هذا فيما سيأتي(3/339)
(4/268)
---
عنه. ومنها: أن الخلاف في وجوب النظر ليس عائداً إلى صحة الإيمان بل إلى العصيان وعدمه. ومنها غير ذلك فتأمل لتعلم ما وقع لـ لمحشي هنا فإن القادر على النظر هو المراد بالمجتهد هنا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 412
قوله:
(وأجيب الخ)
حاصله أن المكلف بمعرفة أن للعالم صانعاً قديماً متصفاً بالعلم والقدرة مثلاً يكون عارفاً بمفهومات هذه الألفاظ، ووجوب تحصيل التصديق بتلك المفهومات لا يتوقف على العلم به الوجوب في نفس الأمر يتوقف على ثبوت الشرع في نفس الأمر والشرع ثابت علم المكلف ثبوته أولاً نظر أو لا. فإن قيل: سلمنا أنه لا يتوقف لكن لا يتم إلزام النظر لأنه حينئذٍ يقول سلمت أن الوجوب لا يتوقف على العلم بالوجوب إلا أني لا أنظر ما لم أعلم الوجوب لأن ترك الواجب بدون العلم لا يوجب الإثم. قلنا: هذا ممنوع بل يوجبه بعد إرشاد الرسل للتمكن القريب من الالتفات حينئذٍ، فإن من حذر من شيء التفت إليه بطبعه فإن ترك فهو المقصر وإلا لم يأثم الكافر بترك الإيمان والجاهل بترك المأمورات.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 413
قوله:
(على أن الإجماع على أنه متواتر)
صوابه على أن الإجماع عليه متواتر وبعد هذا فهو جواب عن شيء آخر ذكره في شرح المقاصد، حاصله أن وجوب المعرفة بالنص والإجماع فمنع الإجماع بأنه نقل آحاداً فهو ظن. فأجيب أولاً بكفاية الظن، وثانياً، بأن الإجماع نقل متواتراً، فالصواب تقديم قوله: واستدل أيضاً الخ والقدح فيه بما مر ثم يذكر ما ذكره.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 414
قوله:
(لأن السعد لم يذكر هذا الخلاف)
لم يذكره في شرح المقاصد لكن ذكره في حاشية العضد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 414
قول الشارح:
(لاختلاف الأذهان والأنظار)
(4/269)
---(3/340)
فيه أن هذا يوجب تحريم النظر على المقلد بفتح اللام أيضاً لأنه مظنتهما، فتقليده فيما يحتملهما أجدر بأن يحرّم لأن فيه ما في الأول مع احتمال كذب الإمام وإضلاله مقلده، فإن نظر الإمام فقد ذكرتم أن النظر حرام ممتنع لكونه مظنة الشبه والضلال وإن قلد غيره ينقل الكلام إليه ويتسلسل. فإن قيل: ينتهى إلى الوحي والإلهام أو النظر المؤيد من عند الله بحيث لا يقع فيه الخطأ. قلنا: اتباع صاحب الوحي ليس تقليداً بل علم نظري وكذا الإلهام ونظر التأييد فلا يصح أن التقليد واجب والنظر حرام مطلقاً كذا في العضد والسعد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 414
قوله:
(يفيد أن النظر الخ)
تقدم لك فيما نقلناه عن المصنف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 415
قوله:
(ولا يخفى ما فيه)
لا شيء فيه فإن قولنا من غير معرفة دليله يصدق على من قلد الأنبياء إذ لا يعرف الدليل وهو الوحي بخلاف بغير حجة فإن الحجة قول النبي أي كون القول صادراً منه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 415
قوله:
(فيه أن يقال إن مسمى التقليد الخ)
تقدم في كلام المصنف أنه يطلق على المعنيين وأن هذا المعنى هو العرف أي المتعارف إذ هو التقليد الشائع في الفروع وكيف يكون جازماً به مع أن واسطة إمامه إنما هو الاجتهاد وغايته أن يفيد الظن مع تجويز أن يكون الحق خلافه، فقوله: إن ما ذكره المصنف غير صحيح.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 415
قوله:
(وفيه مصادرة)
ليس كذلك لأن المعنى كل متغير موجد عن العدم لأن عدمه قبل وجوده مشاهد أو مقطوع به لدلائله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 415
قول الشارح:
(لجاز أن يريد الخ)
وجواز المحال محال وحينئذٍ لا يرد إمكان اتفاقهما تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 415
قوله:
(نوع مخالفة)
(4/270)
---
قرره في شرح المقاصد هكذا، نعم له طرق أخرى في كتب الكلام.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 415
قول الشارح:
(لعجزه)(3/341)
إن قلت: الممكن ربما صار ممتنعاً بحسب شرط ككون الجسم في هذا الحيز حال كونه في الآخر. قلت: الممكن في ذاته ممكن على كل حال ضرورة امتناع الانقلاب، والممتنع في حديث التحيز هو كونه في آن واحد في حيزين فكذا هنا يمتنع اجتماع الإرادتين وهو لا ينافي إمكان كل منهما فتبين أن لزوم المحال إنما هو من وجود الإلهين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 415
قوله:
(اقتضت وجود العالم)
كاقتضاء الشمس للضوء، ونقل عنهم أنه مختار بمعنى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل لكنه دائم مشيئة الفعل والكل باطل يعلم من موضعه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 416
قوله:
(فتابعة للأمر)
وجوداً وعدماً
قوله: (ولو أراد ما لا يقع كان نقصاً) وما قيل من أنه أراد ذلك على سبيل التفويض أي أراده اختياراً من العباد لا جبراً فلا نقص في عدم وقوعه لعدم دلالته على عجزه، بخلاف تخلف المراد عن الإرادة القسرية فليس بشيء لأن عدم وقوع مراده ولو على سبيل التفويض نوع نقص ومغلوبية، وكذا ما قيل إن الإرادة التفويضية هي الأمر ومخالفته لا تسلتزم النقص لأن ذلك إنما يتم لو كان الأمر عندهم ما فسر به القوم وهو طلب المأمور وليس كذلك فإنه عندهم عين الإرادة على هذا القول، ولا شك أن تخلف المأمور عن الأمر حينئذٍ هو تخلف المراد عن الإرادة فلزمهم النقص.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 416
قوله:
(لا تنافي قولهم باتحادهما ما صدقا لا مفهوما)
الذي في المواقف أولاً وآخراً أن المعتزلة قالوا: إن إرادة الله فعل الغير هي الأمر به، وأما إرادته فعله فهي العلم بما فيه من المصلحة ولعله أي ما هنا مذهب لبعضهم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 416
قوله:
(اعتبارات)
(4/271)
---
أي لها منشأ فالخارج ظرف لنفسها بمعنى أن منشأ انتزاعها موجود خارجاً لا ظرف لوجودها تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 416
قوله:
(أي الراجعة إلى صفات الأفعال)
لا يصلح تفسيراً لجملة الأسماء كما هو ظاهر تأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 416(3/342)
قوله:
(من إسناد ما للسبب)
الأولى ما للمتعلق وهو المؤول بالكسر للمتعلق بالكسر وهو التأويل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 417
قوله:
(أن يكون التجوز في جميع المفردات)
المراد بالتجوز سببه وهو الانتزاع فإن انتزاع الهيئة من المفردات سبب أي أمر لا بد منه في التجوز بالهيئة عن الهيئة، إذ التمثيل لا تجوّز في مفرداته إنما هو في الهيئة وبعد ذلك في التمثيل لا بد فيه من الانتزاع من كل جزء من أجزاء المركب وما هنا كذلك، إذ شبه هيئة منتزعة من القلوب وكونها في قدرة الله وصرفه لها كيف يشاء بهيئة منتزعة من شيء يسير، وكونه بين أصبعين لواحد من عباده وتقليبه له كيف يولد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 417
قوله:
(أي شخصاً معطياً له)
الأولى تائباً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 417
قول الشارح:
(أي يصح أن يطلق على القرآن حقيقة أنه مكتوب الخ)
(4/272)
---(3/343)
لا شك أن المراد بالقرآن هو ما في المصحف وهو كلامه تعالى القائم بذاته. وحاصل ما أراده الشارح حينئذٍ أن الكلام القديم يوصف بأنه مكتوب وصفاً حقيقياً وإن كان كنهه ليس مكتوباً ولا مقروءاً الخ وذلك لأن له وجوداً في الكتابة بمعنى أنه مدلول المكتوب فيوصف بأنه هو مكتوب باعتبار هذا الوجود كما يقال: زيد مكتوب باعتبار وجوده الخطي، فمعنى أنه مكتوب أن له وجوداً في الكتاب سواء كان ذلك الوجود مجازياً أو حقيقياً، ولا شك بأن الوصف بأن له وجوداً في الكتابة وصف حقيقي إذ معنى مكتوب أنه موجود بوجوده الكتابي، وهكذا يقال في محفوظ ومقروء. إذا عرفت هذا عرفت أن ما قاله الشارح تحقيق تفرد به خلاف ما في شرح المقاصد والعقائد، وأنه لا يرد عليه ما فيهما من أن إطلاق ذلك مجاز لأنه مبني على أن المراد بمكتوب ونحوه أنه واقع عليه ما هو من عوارض الألفاظ وهو النقش وليس مراداً، وبه تعلم أن المحشي رحمه الله بعد عن معنى الشارح بمراحل، وكيف يصح ما قاله وكلام الشارح إنما هو في الكلام القائم بذاته تعالى؟ فليتأمل فإنه تحقيق حقيق بالقبول والله سبحانه وتعالى أعلم. قوله: (أي بالتخليل) إذ لا يعقل كنه صفات الله سبحانه وتعالى.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 417
قوله:
(في كلام السعد الخ)
ليته ما نقل هذا.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 418
قوله:
(فإن إضافة الليلة إلى البدر تلوّح الخ)
أي تفيد أن المراد بتلك الليلة ليلة لم يستتر فيها بسحاب.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 418
قوله:
(إشارة للجواب عن إشكال النافين الخ)
(4/273)
---(3/344)
فيه تأمل بل الجواب ما قاله الإمام الغزالي في الإحياء من أن الإشكال إنما يكون أن لو كان الإدراك البصري يكون هناك على ما هو عليه الآن، أما لو جعل الله في البصر إدراكاً آخر من جنس العلم فلا، فإن المعلوم ليس من شرطه تحيز ولا مقابلة، ومثله يقال في سماع الكلام القديم بلا حرف ولا صوت، وأطال في ذلك بكلام حسن رضي الله تعالى عنه وعن أئمة المسلمين.
...........................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 418
قول المصنف:
(والماهيات)
قال عبد الحكيم في حاشية المواقف: النزاع في أن الماهية بمعنى ما به الشيء هو كلياً أو جزئياً مجعولة أو لا في الماهية الكلية انتهى. فمن قال بثبوت أمر وراء الهويات الخارجية وهو الماهية الكلية كان نزاهة فيه، ومن لم يقل إلا بثبوت الهويات الخارجية كان نزاعه فيه والثاني هو الحق الذي عول عليه عبد الحكيم في حواشي القطب وغيره من المحققين، إذ الماهية الكلية أمر انتزاعي لا وجود له وحينئذٍ يجب حمل ما هنا عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 418
قول الشارح:
(للممكنات)
قيد به تبعاً لشارح المواقف لأنه محل النزاع في أن الماهيات لها تقرر قبل الوجود أولاً المبني عليه أن الماهيات مجعولة أولاً، أما الماهيات الممتنعة فليست متقررة اتفاقاً كما في عبد الحكيم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 419
قول الشارح:
(أي حقائقها مجعولة)
(4/274)
---(3/345)
هذا صريح في أن الخلاف في أن الماهية نفسها أثر الجعل أولاً، وهو ما اختاره الفاضل عبد الحكيم لا اتصافها بالوجود كما اختاره السيد ، ولا أن المجعولية الاحتياج كما اختاره العضد فانظر مع هذا التصريح كيف صنع المحشي وليته على هذا أتى بمذهب يعرف. قول المصنف: (مجعولة الخ) قال عبد الحكيم في حواشي المواقف بعد اتفاق الكل على أن الماهيات الممكنة محتاجة في كونها موجودة إلى الفاعل اختلفوا في أن الماهيات في حد ذواتها مع قطع النظر عن الوجود وما يتبعه والعدم وما يلزمه أثر الفاعل، ومعنى التأثير استتباع المؤثر الأثر حتى لو ارتفع المؤثر ارتفع الأثر بالمرة لا ما يتبادر إلى الوهم أعني إيجاد الأثر فيكون الوجود انتزاعياً محضاً والاتصاف به غير حقيقي بأن لا يكون زائداً، وإليه ذهب الأشعري والإشراقيون القائلون بعينية الوجود أم لا بل الماهيات في حدّ ذواتها ماهيات، والتأثير والجعل باعتبار كونها موجودة وما يتبع الوجود، ومعنى التأثير جعل شيء شيئاً فيكون الاتصاف بالوجود حقيقياً بأن يكون الوجود أمراً زائداً على الماهية تتصف الماهية به سواء كان موجوداً أو معدوماً، وإليه ذهب جمهور المتكلمين القائلين بزيادة الوجود وحينئذٍ فالنزاع معنوي، والخلاف في أن الماهيات نفسها أثر الفاعل وكون الماهية موجودة أمر انتزاعي محض، أو أن الماهيات في أنفسها ماهيات وتأثير الفاعل في اتصاف الماهية بالوجوه، فالقائلون بعينية الوجود قائلون بالأول بزيادة يقولون بالثاني أي لئلا يلزم أنه إذا ارتفع الجعل ارتفعت الماهية عن نفسها وهو باطل. ورد بأنه لا مانع من ارتفاعها عن نفسها بعدمها كالمعدوم، وهذا ما ذكره المحقق الدواني في تصانيفه وبينه بياناً شافياً، واختاره شارح حكمة العين في منهياته، وأشار إليه الشارح قدس سره في حواشيها. بقي شيء وهو أن مرتبة علمه تعالى مقدم على الجعل فالماهيات في مرتبة العلم متميزة متكثرة من غير تعلق الجعل بها، فكيف يقال:(3/346)
(4/275)
---
إن الماهيات في أنفسها أثر الجعل؟ اللهم إلا أن يقال: إن ذلك التكثر والتعدد بسبب العلم، فتكون أنفسها مجعولة بالجعل العلمي وإن لم تكن مجعولة بالجعل الخارجي، ونعم ما قاله المصنف أن هذه المسألة من المداحض انتهى وهذا الذي اختاره الأشعري هو الجعل البسيط. قال السيد الزاهد في حواشي المواقف وهو المشار إليه في قوله تعالى: {وجعل الظلمات والنور} (سورة الأنعام: الآية 1) ومما يؤيد كون الوجود أمراً انتزاعياً محضاً أنه لو لم يكن كذلك لكان الاتصاف به حقيقياً لأنه أمر زائد سواء كان وجودياً أو عدمياً، فيقتضي ثبوت المثبت له في ظرف الاتصاف وليس ثبوته إلا بالوجود، وهذا الذي بينه عبد الحكيم مذهب له ولمن تبعه مخالفاً فيه للعضد في المواقف ولـ لسيد في شرحه فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 419
قوله:
(من قال إن الماهيات الخ)
(4/276)
---(3/347)
هذا مذهب العضد لكن المحشي خلط في هذا المقام خلطاً يقضي منه العجب. وحاصل مذهبه كما في المواقف أن المجعولية إنما تلحق الهوية لا الماهية لأنها من عوارض الوجود الخارجي دون الماهية من حيث هي، فمن قال: إن الماهية غير مجعولة أراد الماهية من حيث هي، ومن قال إنها محق المركبة دون البسيطة أراد بالمجعولية الاحتياج إلى الغير، سواء كان فاعلاً موجداً أو جزءاً مقوّماً، فإن الاحتياج إلى جزئها الداخل في قوامها يلحقها لنفس مقومها، فأينما وجدت المركبة كانت متصفة بالاحتياج إلى الغير، بخلاف البسيطة إذ ليس لها هذا الاحتياج. اللازم للماهية وإن اشتركتا في الاحتياج اللازم للوجود الخارجي ومن قال: إن الماهية مجعولة مطلقاً أراد أن الاحتياج عارض لها أعم من أن يكون عروضاً لنفس الماهية أو للوجود، ومن أن يكون إلى الفاعل الموجد أو إلى الجزء المقوم قال السيد: وفيه أنه كما أن الماهية الممكنة محتاجة إلى الفاعل في وجودها الخارجي كذلك محتاجة إليه في وجودها الذهني، فالمجعولية بمعنى الاحتياج إلى الفاعل من لوازم الماهية الممكنة مطلقاً فإنها أينما وجدت متصفة بهذا الاحتياج. قال عبد الحكيم: وأيضاً يستلزم استمرار جماهير الفضلاء على النزاع اللفظي اهـ. فهذا هو مذهب العضد، فانظر كيف خلط المحشي كلام العضد المنتهي إلى قوله في وجودها الخارجي بكلام السيد أعني قوله: ولا يخفى الخ. فإن أراد الاعتراض كما اعترض السيد كان الصواب حذف قوله بعد في الوجود الخارجي فإن الاعتراض إنما هو عليه، وبالجملة إذا نظرت شرح المواقف تجد المحشي نقل من كل موضع كلمة فما أدري كيف اتفق ذلك له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 421
قوله:
(ومن قال ليست مجعولة الخ)
(4/277)
---(3/348)
بعدما تقدم لـ لسيد من الاعتراض على العضد قال: والصواب أن يقال: معنى قولهم الماهيات ليست مجعولة أنها في حدأ نفسها لا يتعلق إلى آخر ما نقله المحشي عن شرح المواقف. قال عبد الحكيم : وفيه أنه لا وجه حينئذٍ لمذهب التفصيل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 422
قوله:
(إذ لا مغايرة الخ)
فيه بحث لأن هذا إنما يفيد عدم تعلق الجعل بالسواد بمعنى جعل شيء شيئاً ولا يفيد نفي تعلق الجعل به بأن يكون نفسه أثر الفاعل وتابعاً للجعل، ومعنى التأثير استتباع المؤثر الأثر لا ما يتبادر إلى الوهم أعني إيجاد الأثر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 422
قوله:
(وكذا لا يتصور تأثير الفاعل الخ)
هذه المقدمة لا دخل لها في بيان أنها ليست بمجعولة بل توطئة لبيان معنى الجعل. قوله: (بل تأثيره الخ) فالأثر هي الماهية باعتبار الوجود فيتصور توسط الجعل بينهما بأن يقال جعل الماهية موجودة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 422
قوله:
(لا بمعنى أنه يجعل الخ)
فإن الاتصاف إنما يكون موجوداً إذا كان الخارج ظرفاً لوجوده، وفيما نحن فيه الخارج ظرف لنفسه بمعنى أنه ليس في الخارج إلا منشأ انتزاعه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 422
قوله:
(يعني أنها بالنظر الخ)
(4/278)
---(3/349)
هذا إنما يصح إن كان الاتصاف بالوجود حقيقية بأن يكون الوجود أمراً زائداً على الماهية يتصف الماهية به، سواء كان الوجود موجوداً بنفسه أو معدوماً، وقد عرفت بطلانه بناء على ما هو المشهور من أن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له إلا أن يقال باستثناء الوجود كما مال إليه الإمام ، أو يقال بالاستلزام دون الفرعية كما ذهب إليه الدواني، لكن قال فيه عبد الحكم : عندي أن الاتصاف نسبة بين الطرفين وفي ظرف الثبوت وهو الخارج فيحتاج إلى ثبوتها فيه فيكون الاتصاف متوقفاً وفرعاً لثبوت المثبت له انتهى. أما إذا كان انتزاعياً محضاً ولا يكون في الخارج إلا الماهية فلا معنى لقوله إنه يجعلها متصفة بالوجود، ثم لا يخفى عليك حينئذٍ الفرق بين مذهب العضد و السيد ، فإن معنى المجعولية في الأول الاحتياج إلى الفاعل في الوجود الخارجي، وفي الثاني هو كون الماهية موجودة. قوله: (وأطال في بيان ذلك) قال بعدما نقله عنه، ولا منافاة بين نفي المجعولية عن الماهيات بالمعنى الذي ذكرناه أولاً وبين إثباتها لها بما بيناها آنفاً. قال عبد الحكيم: فالنزاع لفظي عليه أيضاً والصواب ما قلناه اهـ. وقد قدمناه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 423
قوله:
(إذ المجعولية بمعنى الاحتياج الخ)
(4/279)
---(3/350)
هذا تلفيق بين مذهبي العضد و السيد كما عرفت، وعرفت أيضاً أنه على مذهب السيد لا يتأتى القول المفصل بل البسيط والمركب عليه سواء، نعم يتأتى على مذهب العضد، ثم اعلم أن مما ينادي على إبطال حمل كلام الشارح على ما اختاره السيد أن عدم الجعل بمعنى أن الماهية في كونها ماهية غير مجعولة إذ لا يمكن توسط الجعل بين الشيء ونفسه لعدم التغاير، إنما المجعول اتصافها بالوجود وهو الذي اختاره السيد لا يتوقف على ثبوت الماهيات حال العدم كما لا يخفى، إذ لو لم تكن ثابتة لا يتأتى هذا المعنى أيضاً مع أن الشارح بين القول بأنها غير مجعولة، على أن كل ماهية متقررة بذاتها، فهذا إنما يظهر على ما اختاره عبد الحكيم أو العضد فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 423
قول الشارح:
(متقررة بذاتها)
معناه أن شيئيتها وكونها تلك الماهية مع التميز عن غيرها ثابت حال العدم بمعنى أن هناك أمراً في نفسه يتعلق به العلم، وهذا التقرر واسطة بين الوجود والعدم المحض إذ الموجود يترتب عليه آثاره والمعدوم المحض لا يتميز ويتعلق به العلم وهذا مذهب المعتزلة، ولعلهم من عناهم عبد الحكيم فيما مر بالمتكلمين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 424
قول الشارح:
(مجعولة إن كانت مركبة)
أي مجعولة بتركيبها فالمجعول التركيب لا ذاتها. والحاصل أن الجعل إما التأثير في نفس الماهية أو في نفس الاتصاف بالوجود دون الماهية أو هو الاحتياج إلى الفاعل، والأول مذهب عبد الحكيم وعليه الشارح، والثاني مذهب السيد، والثالث مذهب العضد، أما الجعل بمعنى التركيب فداخل في مختار العضد كما تقدم فكن الفيصل واختر أيها شئت.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 424
قول الشارح:
(والبعث والحشر للأجسام)
(4/280)
---
ينسب لابن سينا وليس كذلك بل هو معترف بهما كما رأيته في كلامه. وقوله: والعلم بالجزئيات منع التكفير به الدواني في شرح عقائد العضد مؤولاً له بما ينبغي الوقوف عليه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 425(3/351)
قول الشارح:
(بأن توزن صحفها به)
قال الغزالي : بمثاقيل الذر وحب الخردل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 425
قول الشارح:
(الذي هو قول الأشعري وغيره)
هو مبني أن الماهيات مجعولة كما مر. قوله: (الذي يؤول أمره إلى العقيدة) أي ولا يضر لو لم يعرف، فإن من اعتقد أن الله موجود كفى ولا يضره عدم معرفة أن وجوده غير زائد، لكن إن عرف ذلك واعتقده كان نفعاً وفي كلامه حزازة تأملها.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 425
قول الشارح:
(أي ليس زائداً عليها)
أفاد بهذا التفسير أنه ليس معنى العينية الاتحاد في المفهوم لاختلاف المفهومين قطعاً ولا في الماصدق، لأن ما صدق عليه الشيء أمر خارجي، وما صدق عليه الوجود أمر ذهني انتزاعي، وإنما معنى كونه عينه أنه غير ممتاز عن الشيء بأن لا يكون له هوية خارجية لأنه من المعقولات الثانية، وقد عرفت فيما مر أنه إذا لم يكن زائداً كان الاتصاف غير حقيقي أي ليس اتصافاً بشيء زائد في الخارج بل في الذهن بحسب نفس الأمر، بمعنى أنه في حد ذاته بحيث إذا حصل في الذهن انتزع منه الوجود أمراً زائداً على حقيقته، ولا يلزم من هذا أن لا يكون الموجود موجوداً خارجاً بل اللازم أن لا يكون الوجود موجوداً خارجاً. وحاصله أن الخارج ظرف لنفس الوجود لا لوجوده تدبر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 425
قول الشارح:
(أي زائد عليه)
أي فيكون الاتصاف حقيقياً وفيه أن الاتصاف الحقيقي نسبة بين الطرفين في الخارج فيحتاج إلى ثبوتهما فيه فيكون الاتصاف متوقفاً وفرعاً لثبوت المثبت له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 426
(4/281)
---
قول الشارح:
(بأن يقوم الوجود بالشيء الخ)(3/352)
جواب عما أورد على هذا المذهب من أن الوجود إن قام بالشيء حال عدمه اجتمع النقيضان أو حال وجوده لزم تحصيل الحاصل واستدعاء الوجود وجوداً آخر فيتسلسل. وحاصله أن الوجود يقوم بالشيء لا بشرط كونه معدوماً ولا بشرط كونه موجوداً بل في زمان كونه موجوداً بهذا الوجود لا بوجود آخر، والمحال إنما هو تحصيل الحاصل قبل هذا التحصيل لا تحصيل الحاصل بهذا التحصيل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 426
قول الشارح:
(وإن لم يخل عنهما)
يعني أن قولنا إن الوجود قام بالشيء من حيث هو ليس معناه أنه قام به وهو غير موجود ولا معدوم حتى يلزم الواسطة بين الوجود والعدم، بل معناه أنه حال قيامه به موجود بذلك الوجود لا بوجود آخر وإن كان معدوماً قبله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 426
قول المصنف:
(فعلى الأصح المعدوم ليس بشيء)
لما عرفت أن الماهيات نفسها أثر الفاعل لا اتصافها بالوجود حتى يكون لها تقرر قبله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 427
قول الشارح:
(ليس في الخارج بشيء)
زاد لفظ الخارج لأن نزاع المعتزلة فيه لأنه عندهم ثابت متقرر في الخارج منفك عن صفة الوجود.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 427
قول الشارح:
(وإنما يتحقق بوجوده فيه)
أي وجوده الانتزاعي الذي منشأه ذاته ولذا قالوا: إن وجوده عين ذاته لا أمر زائد. قول المصنف: (وكذا على الآخر عند أكثرهم) بناء على أن الوجود والثبوت والتقرر شيء واحد زائد على الذات، فلو كان المعدوم متقرراً ثابتاً كان موجوداً معدوماً.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 427
قول الشارح:
(أي حقيقة متقررة)
لأنه متميز في نفسه وكل متميز ثابت وبسط الأدلة وتحريرها في المواقف.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 427
قوله:
(وإلا لزم ثبوت المحال)
(4/282)
---
أي مع الاتفاق على عدمه من الكل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 427
قول المصنف:
(وأن الاسم عين المسمى)(3/353)
في بعض حواشي البيضاوي ما يفيد أن محل النزاع لفظ اسم فإنه من جملة ما يطلق عليه اسم، فهل هو عينه أو غيره؟ وأطال في ذلك فانظره. وقال بعض: مبنى النزاع أن المراد بالاسم هو المعنى واللفظ يقال له التسمية وفي شرح المواقف زيادة وبالجملة لا معنى لإطالة البحث فيه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 427
قول الشارح:
(وقال الحكماء الأعراض النسبية موجودة في الخارج)
أما المتكلمون، فأنكروا وجودها ما عدا الأين قالوا: إن وجوده ضروري بشهادة الحس أي العقل يحكم بوجوده بشهادة الحس سواء كان محسوساً بالذات كما هو رأي البعض أو لا كما هو التحقيق، كذا في شرح المواقف وحاشية عبد الحكيم في موضع، وقال في الآخر: إن الأين من الموجودات العينية باتفاق الحكماء والمتكلمين فلعل ما في المصنف والشارح هنا اختيار لهما أو وجداه للبعض.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 427
قوله:
(لأنه يلزم عليه قيام العرض بالعرض)
أي واستغناء الحادث حال بقائه عن المؤثر بناء على أن المحوج هو الحدوث، لكن هذا إن كان معنى الحدوث الخروج من العدم، أما على التحقيق من أن المراد به مسبوقية الوجود بالعدم فلا شك في اتصاف العالم به حال بقائه فيكون محتاجاً إلى المؤثر حال البقاء.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 428
قول الشارح:
(يحل محلين)
أي يقوم بكل واحد منهما لا بمجموعهما وإلا لكان للمجموع إضافة إلى ثالث عبد الحكيم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 428
قول الشارح:
(وعلى الأول الخ)
بخلافه على الثاني فهو واحد بالشخص.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 428
قول الشارح:
(وإن تشاركا في الحقيقة)
(4/283)
---
أي النوعية وهذه المشاركة أعني الوحدة النوعية كافية في الربط بين المضافين، كيف لا والوحدة الجنسية إذا كانت كافية في الربط كما في المتخالفين كانت الوحدة النوعية كافية بالأولى بل كونهما من الإضافة المتكررة كاف في ذلك.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 428
قول الشارح:
(من أن شرط بقاء الجوهر العرض)(3/354)
يعني بكونه شرطاً أن بقاءه ممتنع بدونه، فلا ينافي القول باستناد جميع الممكنات إلى الله تعالى ابتداء لأنه بعد كونه ممكناً والمراد بالعرض الذي هو شرط الحصول في الحيز كذا في عبد الحكيم .
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 428
قول الشارح:
(كالسطح الباطن للكوز)
أي مع سطح الهواء المماس لسطح أعلى الماء في هذا المثال، فإن كان المتمكن على نحو أرض مستوية اعتبر في المكان سطح الهواء من أعلى الجوانب. قول المصنف: (وقيل هو بعد موجود) أي جوهر مجرد وإنما كان موجوداً لمشاهدته مختلفاً بالاتساع والضيق وفيه بحث في محله.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 428
قول الشارح:
(بنفوذ بعده)
أي امتداده القائم به طولاً وعرضاً. قول المصنف: (وقيل: بعد مفروض) أي منتزع فإن العقل ينتزع من كل جسم بعداً بقدره ويحكم بأنه مكانه، وتمكن الجسم في الخارج عبارة عن كونه في الخارج بحيث لا يصح أن ينتزع منه البعد المذكور كذا في اللادي على الهداية. فقول الشارح أي يفرض فيه ما ذكر لأنه لا بعد ولا نفوذ حقيقة. قول المصنف: (والخلاء جائز) هذه مسألة برأسها ومعنى جوازه أنه ممكن حصوله بأن يكون جسمان لا هواء بينهما، وصوره بصفيحتان منطبقتان ارتفعت إحداهما عن الأخرى دفعة واحدة، فإن حصول الهواء في الأطراف قبل حصوله في الوسط. قول المصنف: (كون الجسمين لا يتماسان) فيه تسامح لأنه لازم الحقيقة وحقيقته الفراغ بين الجسمين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 429
قول الشارح:
(4/284)
---
(فهذا الكون الجائز هو الخلاء الذي الخ)
فالمكان عندهم لا يطلق إلا على الخلاء الممكن حصوله كما تقدم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 429
قول الشارح:
(ومنعوا الخلاء الخ)
بأن قالوا لا يمكن خلوه عن الهواء وقدحوا فيما مر من المثال.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 429
قول المصنف:
(مقارنة متجدد موهوم الخ)(3/355)
مرادهم بذلك أنه أمر موهوم ينتزعه الوهم من تصور مقارنة الحوادث، وتقدم بعضها عن بعض وتأخره عنه، ولا سبيل إلى فهمه وتعينه إلا باعتبار الحوادث التي يجعلها القوم أعلاماً له كذا في عبد الحكيم. قوله: (وكذا الجواهر الفردة) هذا بديهي لأنه يلزم الانقسام والمفروض خلافه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 429
قول المصنف:
(يعقبها مطلقا)
ضرورة توقف وجوده على وجودها إذ لو تقارنا لما كان وجودها منشأ له، نعم إن أريد أن العلة باعتبار وجودها الذي به تؤثر مقارنة للوجود الذي هو أثرها لزم أن العلة لا بد أن تكون مقارنة وحينئذٍ يشبه أن يكون النزاع لفظياً فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 430
قول الشارح:
(لتوقف النظر على أول أجزائه)
فيه أن تعلق الخطاب بالكل لا يستلزم تعلقه بالجزء واللازم التكليف بالكل بدون التكليف بالجزء لا التكليف بالكل بدون الجزء الذي هو محال، وحينئذٍ لا تتحقق الأولية في الوجوب عبد الحكيم.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 430
قول الشارح:
(لتوقف النظر على قصده)
فيه أنه لا يقتضي نفي تعليق الإيجاب بالقصد أو لا لأن النقل مقدور فيتعلق الإيجاب به أولاً ثم يستتبع وجوب القصد.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 430
قوله:
(وقال الإمام الرازي الخ)
(4/285)
---
بيان لكون النزاع لفظياً مع عدم لزوم كون الواجب غير مقدور المقصودة بالقصد الأول أي لا يكون مقصودة بالتبع سواء كان وسيلة إلى واجب آخر كالنظر أو لا كالمعرفة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 430
قوله:
(عند من يجعلها غير مقدورة)
لأن المقدور عنده ما يتمكن من فعله وتركه بلا واسطة أو بواسطة. قال الإمام بعد هذا: والنظر عند من لا يجعل العلم الحاصل عقيبه مقدوراً أي لأن المقدور عنده ما يتمكن من فعله وتركه بلا واسطة، والعلم ليس كذلك فإنه قبل النظر ممتنع الحصول وبعده واجب الحصول.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 430
قوله:
(كيف كانت)(3/356)
أي سواء كانت مقصودة بالذات أو بالتبع فجعل الإمام القصد إلى النظر مقصوداً بالتبع فيعلم أنه مقدور إذ غير المقدور لا يتعلق به الإرادة.
....................................................................................................................................................................................................................................
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 430
قوله:
(قد يقال لا حاجة الخ)
في المواقف أنه لزيادة التقرير.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 431
قوله:
(وهو المناسب لتعليله الثاني)
هو مناسب لما هنا أيضاً إذ لا توبة إلا عن ذنب لم يكفر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 431
قول المصنف:
(هي استطاعته)
بأن يقع الفعل حال كونه غير ملجأ وهذه الاستطاعة هو العرض المقارن.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 431
قول الشارح:
(لكون قدرته للكسب)
(4/286)
---
أي وهي عرض فلا تكون إلا حال الفعل، إذ لو وجدت قبله للزم بقاء العرض زمانين والمعتزلة جوزوه، وليس هذا مبنياً على أن العلة مع المعلول إذ لا تأثير لها في الفعل والكسب، قال في شرح المواقف: مقارنة الفعل لقدرة العبد وإرادته من غير أن يكون منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلاً له وهذا مذهب الأشعري ، هذا ولك أن لا توسط قولك وهي عرض الخ بل تقول كون القدرة للكسب يوجب المقارنة إذ لا معنى لوجود القدرة قبل الفعل مع عدم تعلقها به أصلاً، إذ ليس لها إيجاد حتى تتعلق به تعلقاً معنوياً قبل وجوده، ولا معنى لقدرة الفعل إلا ما له تعلق به بخلاف قدرة الإيجاد فإنه يمكن بها الفعل والترك قبل الوجود.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 431
قول المصنف:
(لا تصلح للضدين)(3/357)
أي لأنها لا توجد إلا مقترنة بأحدهما إذ لا يمكن أن تقترن بهما وإلا اجتمع الضدان في المحل وإلا بأحدهما على البدل بأن تتعلق بأحدهما ابتداء بدل التعلق بالآخر لأنها عرض مقارن للمقدور، فما يقارن أحدهما غير ما يقارن الآخر، فلا يتأتى أمر واحد يجوز أن يتعلق هو بعينه بواحد بدل آخر وبالعكس إذ لا تقدم له حتى يتأتى التجويز المذكور فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 431
قول الشارح:
(وقيل تصلح الخ)
بناء على أنها قبل الفعل وبقاء العرض زمانين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 432
قول الشارح:
(في وجودها قبل الفعل)
(4/287)
---
لكونها حينئذٍ مؤثرة والعلة على الأصح قبل المعلول كما مر وقد نبهناك سابقاً على ما فيه. وانظر لم خص المصنف عدم الصلاحية بالضدين مع أن المثلين والمختلفين كذلك بناء على ما مر من التوجيه وقد عمم في شرح المقاصد . واعلم أن بعض المعتزلة وافقوا الأشعري في كون القدرة الحادثة مع الفعل مع قولهم بأنه خالق لفعله، فلعل الشارح اقتصر على قول الأكثر مراعاة لقوله: وصلاحيتها للتعلق بالضدين الذي هو مقابل كلام المصنف فإنه لا يصح إلا إن كانت قبل الفعل، وإن قال ابن الراوندي من المعتزلة بالصلاحية مع قوله بأنها مع الفعل لأنه متناقض. والحاصل أنه لما كان كلام المصنف في نفي الصلاحية للضدين خص الشارح المقابل بما تأتي فيه الصلاحية، وهو ما إذا كان وجود القدرة قبل الفعل فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 432
قول المصنف:
(والصحيح أيضاً أن العجز صفة وجودية)(3/358)
وجه تفرعه على أن القدرة لا توجد إلا مع الفعل كما بينه الشارح بعد قول المصنف. ومن ثم إنّا إذا قلنا إن القدرة مع الفعل بناء على ما مر فقد ثبت أن الممنوع عن الفعل لا قدرة له، إذ لا يتصور أن الممنوع عن فعل قادر عليه في حال المنع إذ لا فعل حينئذٍ فلا قدرة عليه، وكذلك العاجز فعلم أنه لا قدرة له، لكن تفرق تفرقة ضرورية بين الزمن والممنوع من الفعل فإن كل عاقل يجد من نفسه التفرقة بين كونه زمناً وكونه ممنوعاً من القيام مثلاً مع سلامته، وليس لوجود القدرة في أحدهما دون الآخر لما تقدم أن الممنوع لا قدرة له، فلا يكون الآن في الزمن صفة وجودية هي العجز وليست هذه صفة في الممنوع، بخلاف ما إذا قلنا: إن القدرة تتقدم على الفعل كما هو رأي المعتزلة فإنه يقال: إن التفرقة الضرورية عائدة إلى عدم القدرة في الزمن ووجودها في الممنوع فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 432
قول الشارح:
(كما أن الأمر كذلك الخ)
(4/288)
---
يعني أنه على القول بأن العبد يخلق أفعال نفسه وهو قول المعتزلة قيل: إن العجز صفة وجودية تضاد القدرة وهو قول جمهور المعتزلة. وقيل: إنه عدم القدرة وهو قول أبي هاشم والأصم. والصحيح منهم أن العجز صفة وجودية. وحاصل مراد الشارح أنه كما في العجز بناء على أن القدرة عرض مقارن للفعل قولان أصحهما أنه وجودي كذلك فيه قولان، بناء على أن القدرة متقدمة على الفعل لأن الفعل يوجد بها وهو رأي المعتزلة أصحهما أيضاً أنه وجودي، وإنما اقتصر المصنف على تفريع وجودية العجز على كون القدرة عرضاً مقارناً دون تفريعه على كونها متقدمة على الفعل مع أنه وجودي عليهما لعدم تمامية الدليل وهو التفرقة بين العاجز والزمن على الثاني، لاحتمال أن التفرقة الضرورية عائدة إلى عدم القدرة في الزمن ووجودها في الممنوع كما مر، فلا يتم قوله ومن ثم وبتقرير هذا الموضع على هذا الوجه سقط ما قاله الناصر فيه برمته.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 433(3/359)
قول الشارح:
(فعلى الأول الخ)
المراد بالأول القول بأن العجز وجودي سواء كان قول من يقول إن القدرة عرض مقارن وهو قول الأشاعرة أو عرض متقدم على الفعل وهو قول المعتزلة ما عدا أبا هاشم والأصم، والمراد بالثاني القول بأن العجز عدم القدرة وهو قول أبي هاشم والأصم. قوله: (لكن على قول المعتزلة الممنوع من الفعل قادر) لأن المنع عندهم إنما ينافي المقدور دون القدرة فالصحيح المقيد قادر بالفعل بخلاف العاجز فإن العجز يضاد القدرة دون المقدور كما في حركة المرتعش، فإنه لا قدرة مع وجود الفعل، لكن لما كان ذلك معلوماً من الفرق الآتي على الثاني تركه هنا
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 434
قول الشارح:
(إذ من شأنه القدرة بطريق جري العادة)
أي لأن ارتفاع المنع عن الممنوع معتاد بخلاف ارتفاع زمانة الزمن. قوله: (ليس ذلك من محل الخلاف) أي بل الاعتماد على الله بهذا المعنى محل وفاق.
(4/289)
---
نسأل الله أن يوفقنا للاعتماد عليه وهو حسبي ونعم الوكيل. وصلى الله على سيد الأولين والآخرين. وعلى آله وصحبه أجمعيوكل موضع كلمة فما أدري كيف اتفق ذلك له.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 434
قوله:
(ومن قال ليست مجعولة الخ)
بعدما تقدم لـ لسيد من الاعتراض على العضد قال: والصواب أن يقال: معنى قولهم الماهيات ليست مجعولة أنها في حدأ نفسها لا يتعلق إلى آخر ما نقله المحشي عن شرح المواقف. قال عبد الحكيم: وفيه أنه لا وجه حينئذٍ لمذهب التفصيل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 434
قوله:
(إذ لا مغايرة الخ)
فيه بحث لأن هذا إنما يفيد عدم تعلق الجعل بالسواد بمعنى جعل شيء شيئاً ولا يفيد نفي تعلق الجعل به بأن يكون نفسه أثر الفاعل وتابعاً للجعل، ومعنى التأثير استتباع المؤثر الأثر لا ما يتبادر إلى الوهم أعني إيجاد الأثر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 435
قوله:
(وكذا لا يتصور تأثير الفاعل الخ)(3/360)
هذه المقدمة لا دخل لها في بيان أنها ليست بمجعولة بل توطئة لبيان معنى الجعل. قوله: (بل تأثيره الخ) فالأثر هي الماهية باعتبار الوجود فيتصور توسط الجعل بينهما بأن يقال جعل الماهية موجودة.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 435
قوله:
(إذ لا مغايرة الخ)
فيه بحث لأن هذا إنما يفيد عدم تعلق الجعل بالسواد بمعنى جعل شيء شيئاً ولا يفيد نفي تعلق الجعل به بأن يكون نفسه أثر الفاعل وتابعاً للجعل، ومعنى التأثير استتباع المؤثر الأثر لا ما يتبادر إلى الوهم أعني إيجاد الأثر.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 435
قوله:
(وكذا لا يتصور تأثير الفاعل الخ)
هذه المقدمة لا دخل لها في بيان أنها ليست بمجعولة بل توطئة لبيان معنى الجعل. قوله: (بل تأثيره الخ) فالأثر هي الماهية باعتبار الوجود فيتصور توسط الجعل بينهما بأن يقال جعل الماهية موجودة.
(4/290)
---
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 435
قوله:
(لا بمعنى أنه يجعل الخ)
فإن الاتصاف إنما يكون موجوداً إذا كان الخارج ظرفاً لوجوده، وفيما نحن فيه الخارج ظرف لنفسه بمعنى أنه ليس في الخارج إلا منشأ انتزاعه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 435
قوله:
(يعني أنها بالنظر الخ)(3/361)
هذا إنما يصح إن كان الاتصاف بالوجود حقيقية بأن يكون الوجود أمراً زائداً على الماهية يتصف الماهية به، سواء كان الوجود موجوداً بنفسه أو معدوماً، وقد عرفت بطلانه بناء على ما هو المشهور من أن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له إلا أن يقال باستثناء الوجود كما مال إليه الإمام أو يقال بالاستلزام دون الفرعية كما ذهب إليه الدواني، لكن قال فيه عبد الحكم : عندي أن الاتصاف نسبة بين الطرفين وفي ظرف الثبوت وهو الخارج فيحتاج إلى ثبوتها فيه فيكون الاتصاف متوقفاً وفرعاً لثبوت المثبت له انتهى. أما إذا كان انتزاعياً محضاً ولا يكون في الخارج إلا الماهية فلا معنى لقوله إنه يجعلها متصفة بالوجود، ثم لا يخفى عليك حينئذٍ الفرق بين مذهب العضد والسيد، فإن معنى المجعولية في الأول الاحتياج إلى الفاعل في الوجود الخارجي، وفي الثاني هو كون الماهية موجودة. قوله: (وأطال في بيان ذلك) قال بعدما نقله عنه، ولا منافاة بين نفي المجعولية عن الماهيات بالمعنى الذي ذكرناه أولاً وبين إثباتها لها بما بيناها آنفاً. قال عبد الحكيم : فالنزاع لفظي عليه أيضاً والصواب ما قلناه اهـ. وقد قدمناه.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 435
قوله:
(إذ المجعولية بمعنى الاحتياج الخ)
(4/291)
---(3/362)
هذا تلفيق بين مذهبي العضد و السيد كما عرفت، وعرفت أيضاً أنه على مذهب السيد لا يتأتى القول المفصل بل البسيط والمركب عليه سواء، نعم يتأتى على مذهب العضد، ثم اعلم أن مما ينادي على إبطال حمل كلام الشارح على ما اختاره السيد أن عدم الجعل بمعنى أن الماهية في كونها ماهية غير مجعولة إذ لا يمكن توسط الجعل بين الشيء ونفسه لعدم التغاير، إنما المجعول اتصافها بالوجود وهو الذي اختاره السيد لا يتوقف على ثبوت الماهيات حال العدم كما لا يخفى، إذ لو لم تكن ثابتة لا يتأتى هذا المعنى أيضاً مع أن الشارح بين القول بأنها غير مجعولة، على أن كل ماهية متقررة بذاتها، فهذا إنما يظهر على ما اختاره عبد الحكيم أو العضد فليتأمل.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 436
قول الشارح:
(متقررة بذاتها)
معناه أن شيئيتها وكونها تلك الماهية مع التميز عن غيرها ثابت حال العدم بمعنى أن هناك أمراً في نفسه يتعلق به العلم، وهذا التقرر واسطة بين الوجود والعدم المحض إذ الموجود يترتب عليه آثاره والمعدوم المحض لا يتميز ويتعلق به العلم وهذا مذهب المعتزلة، ولعلهم من عناهم عبد الحكيم فيما مر بالمتكلمين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 437
قول الشارح:
(متقررة بذاتها)
معناه أن شيئيتها وكونها تلك الماهية مع التميز عن غيرها ثابت حال العدم بمعنى أن هناك أمراً في نفسه يتعلق به العلم، وهذا التقرر واسطة بين الوجود والعدم المحض إذ الموجود يترتب عليه آثاره والمعدوم المحض لا يتميز ويتعلق به العلم وهذا مذهب المعتزلة، ولعلهم من عناهم عبد الحكيم فيما مر بالمتكلمين.
رقم الجزء: 2 رقم الصفحة: 437
(4/292)
---(3/363)