المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
لقد كثرت السؤالات لدي عن حكم القات والشمة والدخان , ولا شك أن كثرة السؤالات ناتجة عن إحساس الناس ومشاهدتهم للأضرار الناجمة عنها وإدراكهم لعواقبها , فرأيت أن أقوم بجمع مادة كل مسألة من المسائل الثلاث لكي تتجلى الحقائق في المذكورات وقد حاولت عدم التطويل الممل والاختصار المخل فجاءت كل رسالة كافية شافية يجد فيها المتحري للصواب بغيته وسميتها "تحذير أهل الإيمان من تعاطي القات والشمة والدخان"(1)
أسأل الله أن ينفع بها عباده وأن يجعلها لي ذخرا عنده إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وكتب/ أبو نصر محمد بن عبد الله الإمام
الرسالة الأولى: حكم تناول القات
الأدلة من القرآن والسنة على تحريم تعاطي القات
أولا: الدليل من القرآن:
قد جاءت الأدلة الواضحة في بيان خبث القات وتحريمه ومن ذلك قوله تعالى مبيناً وظيفة رسولنا ا - صلى الله عليه وسلم - : { ويحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث } فذِكْر تحريم الخبائث في مقابل تحليل الطيبات يفيد أن كل خبيث حرام سواء كان في المأكل أو المشرب أو النكاح أو غير ذلك، والله سبحانه وتعالى يخبر في هذه الآية أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - يحرّم ما فيه الضرر والخبث، فلم يحرّم علينا نبينا شيئا هو طيّب من كل الجهات، وتحريم الشيء إما أن يكون لذاته أو لغيره كما هو معلوم.أما الحرام لذاته: فهو كلحم الخنزير والخمر وما أشبه ذلك.
__________
(1) 1- للإفادة فقد أفردت حكم تناول القات برسالة مستقلة بعنوان "فتوى في حكم القات" وهي مطبوعة.(1/1)
والحرام لغيره: كقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنّ مسجدنا)) هذا الحديث متواتر، فالتحريم هنا للرائحة الحاصلة من أكل هذه الشجرة - أي البقول والكراث والثوم والبصل - بسبب مؤذاة الناس ومؤذاة الملائكة في بيوت الله. والقات لا يخرج عن كونه محرّماً لذاته أو محرّماً لغيره، وبعض الناس يقول: ليس هنالك آية ولا حديث يعيّن تحريمه!!, فيقال : الآية شاملة لتحريم كل خبيث ، وقد قال جمعٌ من العلماء بعموم الآية في التحريم وهذا هو الظاهر، ولقد سمعنا كثيراً من آكلي القات يعترف بخبث القات ولا تجد أحداً يقول في القات إنه طيّب إلا إذا كان مكابراً، فإذا كان ضرره ظاهرا للخاص والعام فما هو العذر لمن لم يقل بخبثه؟ إذ أن العبرة بعموم الألفاظ والأخذ بظواهرها، وهذا هو المناسب هنا. ولو جئنا نقارن بين شجرة القات وبين المأكولات الطيّبة النافعة الأخرى التي أباحها الله وأحلها لنا لوجدنا أن المباحات الطيبات ليس فيها ضرر بخلاف القات فإن فيه من الأضرار والمفاسد ما الله به عليم, فهل هذا إلا دليل على تحريمه؟ ومن جهة ثانية نجد أشياء محرّمة في الشريعة وضررها أقل من ضرر القات بكثير مثال ذلك نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب كما جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي مسعود وغيره ويستثنى من ذلك الكلب المعلَّم، وكمثل تحريم بيع الشاة باللحم، وكتحريم النجش وهو الزيادة في السلعة ممن لم يرد شراءها، فهذه وأمثالها أضرارها قليلة وهي محرّمة، وكلما كثر الخبث اشتد التحريم كما في حديث هلاك العرب وهو في الصحيحين وفيه: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم إذا كثر الخبث)) والقات ما يأتي من يوم إلا وشرّه يزيد، فلذا يقال إن القات بسبب زيادة أضراره على الفرد وعلى المجتمع ودخوله في عداد الخبائث يصير تحريمه ظاهرا أكثر .
الدليل من السنة:(1/2)
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((لا ضرر ولا ضرار)) وقد جاء هذا الحديث عن ثمانية من الصحابة وهو صالح للاحتجاج به، وقوله: (لا ضرر) إخبار وهو أبلغ مما لو قال: لا تضرّوا، وهذا الحديث قاعدة عامة تبنى عليها مسائل كثيرة لا تحصى ولا تعد إذ أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا ضرر ولا ضرار) أي لا تضروا بأنفسكم ولا تضروا بغيركم، وأفاد الحديث أن كل شيء يضر بالنفس أو يضر بالغير فهو منهي عنه إلا ما خصه الدليل.
وبقيت أدلة أخرى من القرآن والسنة لم أذكرها هنا لما في الأدلة السابقة من الوضوح والبيان وحتى لا تطول الرسالة وكما يقال: الحليم تكفيه الإشارة والبليد لا تكفيه غرارة.
من الأسباب التي تجعل القات محرّماً ما يلي:
1- شجرة القات فيها مادة مخدرة كما قرر ذلك المؤتمر العربي لشؤون المخدرات في دورته الخامسة عام 1969م بأن هذا النبات مخدر ومضغ أوراقه منعش ومنبّه وأنه يمدد حدقة العين ويهيّج الجهاز العصبي المركزي، كما قرر المؤتمر الإسلامي لمكافحة المسكرات والمخدرات المنعقد بالمدينة النبوية عام 1400هـ تصنيف القات ضمن قائمة المخدرات [انظر كتاب (القات) للمرزوقي (ص 304، 309) والواقع شاهد بذلك – أن فيه تخديراً – فإن آكل القات يشعر بحيويّة ونشاط أثناء مضغ القات ويظل الساعات الطوال وهو جالس على هيئة واحدة ولا يتعب، وبعد الانتهاء من أكل القات يشعر بالإرهاق والتعب والضيق.
2- ثبوت أضراره وهي على قسمين: عامة وخاصة:
الأضرار العامة: وتكون في عدة أمور:(1/3)
الأمر الأول: الإضرار باقتصاد البلاد حيث إن زراعة القات صارت تشمل أكثر الأراضي الزراعية التي كانت تزرع الحبوب بجميع أنواعها, وكانت اليمن في اكتفاء ذاتي بالنسبة لجميع الحبوب، فلما زرع القات واتسعت زراعته على حساب الزراعات الأخرى صار الشعب عالةً على الدول الأخرى وخاصة الكافرة في استيراد القمح وما أشبه ذلك، ولو منعت هذه الدول التصدير لسبب أو لآخر لمات الشعب جوعاً لأن بعض البيوت لا يوجد فيها غالباً إلا القليل من القمح أو الدقيق وسرعان ما ينفد خلال أيام معدودة, وهذا هو الواقع، وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها، ولاشك أن من أعظم الإهانات التي تقوم بها الدول (الكبرى الكافرة) على الدول الصغرى المحاربة لها في أرزاقها خصوصا في لقمة العيش، وبذلك نصبح لقمةً سائغةً بيد أعدائنا - ولا ننسى أن أعداءنا يقومون بتنفيذ خططهم وأفكارهم في بلادنا ويرغمون حكّامنا على قبولها وتنفيذها بسبب شدة حاجتنا إليهم للقمة العيش - وتستورد البلاد هذه المواد بالعملة الأمريكية (الدولار) وتنفق مئات الملايين من الدولارات على ذلك, وهذه من أعظم الأضرار على اقتصاد البلاد. فنصيحتنا للشعب وللدولة أن يبادروا بقلع هذه الشجرة الخبيثة من جميع الأراضي الزراعية في أنحاء اليمن واستبدالها بالزراعات الطيّبة النافعة كالحبوب والخضروات والفواكه وغيرها، وبحمد الله الأراضي الزراعية في اليمن من أخصب الأراضي في العالم, ومحاصيلها وثمارها من أجود المحاصيل والثمار, والواقع يشهد بذلك.(1/4)
الأمر الثاني: ضياع الأوقات وقلة الإنتاج: حيث إن آكلي القات يضيّعون الساعات الطويلة في أكله بل يضطرّون إلى التوقف عن أعمالهم في الغالب ولو كانت مهمة, لأنهم يجدون لذة أكل القات في الجلوس أعظم، فلو قدّرنا أن عدد سكان اليمن ثمانية عشر مليوناً وأن عدد آكلي القات عشرة ملايين - على أقل تقدير - وأن كل فرد يضيّع ساعتين فقط من ساعات النهار مع العلم أن الغالب على الذين يأكلون القات أنهم يضيّعون أكثر من ذلك، بل بعضهم يأكل القات من بعد الظهر إلى بعد منتصف الليل خصوصا في الولائم والأعراس واللقاءات، فلو ضربنا ساعتين في عشرة ملايين فالناتج عشرون مليون ساعة يوميا تهدر بدون إنتاج وبدون أي فائدة تعود على الفرد أو على المجتمع, فهل يجوز لهذا المجتمع أن يضيّع هذه الأوقات وهذه الأعمار في يوم واحد؟ فما بالك بمرور الشهور والسنين على هذه الحالة بل بعضهم يذهب العمر في هذا.!!. وبضياع هذه الأوقات تضيع حقوق كثيرة ـ حقوق لله وحقوق للمجتمع ـ فأي عاقلٍ يرضى بهذا؟!
الأمر الثالث: انتشار الفقر وزيادة الفوارق بين الناس:من المعروف أن أغلب الشعب من ذوي الدخل المحدود, والقليل هم الأغنياء وأصحاب الأموال, ومع ذلك تجد أن أكثر مدمني القات يحرمون أبناءهم من القوت الضروري من أجل شراء القات، ومهما تحصل الشخص على أموال فإنه ينفق أكثرها في شراء القات، بل بعضهم قد تتراكم عليهم الديون بسبب شراء القات وبذلك تعيش الأسرة في فقر مستمر.
أما اتساع الفارق بين طبقات المجتمع فواضح فتجد أن الذين يزرعون القات أو يبيعونه ويتحكمون في سعره هم من أكثر الناس استنزافا لأموال الناس وبالمقابل نجد أن معظم مدمني أكل القات هم من أفقر الناس ومن أبأسهم وبهذا يختل التوازن في المجتمع وتنتشر العداوة والبغضاء والحقد والحسد, وبالتالي تكثر المشاكل بين الناس والحروب, ولا حول ولا قوة إلا بالله.(1/5)
الأمر الرابع: انتشار الرشوة والسرقة والغش والكذب وضياع الحقوق: من المعلوم أن من أكبر الأسباب لوجود الرشوة في بلادنا هو وجود القات فالعامل أو الموظف صاحب الدخل المحدود إذا لم يجد حق القات اضطر لأخذ الرشوة من أجل شراء القات، وبهذا تضيع حقوق الناس وينتشر الفساد, كذلك نجد أن بعض المدمنين على أكل القات والذين لا يجدون أعمالاً قد يلجئون إلى السرقة من أجل الحصول على قيمة القات والعياذ بالله، ومنهم من يكتب أحكاما وبصائر مزورة، ومنهم من يغش ويحلف الأيمان الفاجرة، ومنهم من يأكل مال اليتيم، ومنهم من يسلب حق المسكين، ومنهم من يقع في البدع كقراءة القرآن على الأموات وغيرها من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، كل ذلك من أجل شراء القات، وبهذا تؤخذ أموال الناس بدون حق وتنتشر هذه المعاصي في المجتمع.
الأضرار الخاصة:
وأما الأضرار الخاصة فكثيرة جداًّ ويمكن اختصارها في ثلاثة أمور:(1/6)
1ـ الأضرار الدينية: أكثر المدمنين على أكل القات يتركون الصلاة في أوقاتها ويحرمون الجماعة في المسجد، بل بعضهم قد يترك الصلاة بالكلية بسبب القات, وربما تمر الأسابيع والشهور بل والسنين وهو تارك للصلاة والعياذ بالله، مع العلم أن إبليس الرجيم طرد من رحمة الله بسبب سجدة واحدة تركها فما بالك بمن يترك الصلاة كاملة؟ وما بالك بمن يترك الخمس الصلوات في اليوم والليلة؟ وما تلاعب هؤلاء بالصلاة إلا بسبب انشغالهم بأكل القات - غالباً - وطلبهم للراحة في حد زعمهم - ومعلوم أن الصلاة هي عمود الدين فمن تركها فقد كفر - ومنهم من يصلي العصر بعد الظهر مباشرة بدون عذر شرعي سوى عذر القات, وهذا لا يجوز شرعاً فقد قال تعالى: { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا } وكذلك نجد أن القات يسبب إهمال الأسرة وضياع الأولاد فينحرف سلوكهم وهذا مخالف لما أمر الله به ورسوله عليه الصلاة والسلام من الاعتناء بتربية الأولاد, فالأب والأم مسؤولان عن أولادهما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا } وثبت من حديث ابن عمر في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسؤولٌ عن رعيته ...)) الحديث. ومن أضراره الدينية أيضاً أنه يذكي شهوة الغيبة والنميمة والنيل من أعراض المسلمين في مجالس القات، وهذا محرّم في الإسلام.
2ـ الأضرار البدنية: منها أن آكلي القات والمدمنين عليه يصابون بالضعف الجنسي، ونحافة الأولاد، وضعف الشهية، والإمساك المزمن، والسهر، وتحطيم الأضراس والأسنان، وهزالة الجسم، واصفرار الوجه، والسلس البولي – الودي - ومنها أن بعض آكلي القات يصابون بكثرة الوساوس والشكوك وبالذات حراّس القات وربما وصل بهم الأمر إلى حد الجنون، وهذا الأمر معروف لديّ من خلال معالجتي للمصابين بالمس الشيطاني والسحر، إلى غير ذلك من الأضرار الظاهرة والخفية.(1/7)
3ـ الأضرار المالية: لاشك أن أضرار القات المادية يعرفها الجميع حيث إن الشخص قد يحرم أولاده من القوت الضروري من أجل شراء القات وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوت)) أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو, والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع. ومنهم من تتراكم عليه الديون الكثيرة فلا يستطيع قضاءها حتى صار مشهورا عند من يعرفونه أنه مطّال فلا يجد من يقرضه لشراء رغيف من الخبز, بل إن بعضهم يضطر إلى بيع أثاث بيته من أجل شراء القات.
فالقات سَبَبٌ للفقر مضيعة للأموال, فمهما بلغ دخل الشخص من المال فإنه يذهب معظمه في شراء القات، ولذلك فإن المتناول للقات تزداد حالته من سيء إلى أسوأ خاصةً في أيامنا هذه مع وجود الغلاء وارتفاع الأسعار فيصاب الشخص بالهم والغم والضيق، فآكل الشجرة الخبيثة لم يرحم نفسه بترك أكل هذه الشجرة الخبيثة ولم يرحم أسرته.
فهذه الأضرار الخاصة قد تجتمع في الشخص كلها، وواحد من هذه الأضرار كافٍ للابتعاد عن القات وبغضه والتحذير منه، وهذا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.والمتعاطون للقات بعد انتهائهم من أكله يسبّونه سباًّ فضيعاً ومن ذلك قولهم: (القات أخبث الأشجار) وهذا الحكم وإن كان فيه شيء من التجاوز إلا أنه دليل على إحساسهم وشعورهم بشدة إضراره بهم، ولكن أغلبهم لا يستطيعون أن يتركوه يوماً واحداً خضوعاً لشهواتهم وأهوائهم، بل بعضهم قد يحلف الأيمان المغلّظة أنه ما يأكل القات مرةً أخرى , ثم يعود لأكله وينقض يمينه وهو غير مبالٍ والعياذ بالله.(1/8)
وعلى ضوء ما سبق ندرك جميعاً عظمة هذا الدين لأن الله عز وجل لا يحذّر من شيء إلا لما فيه من الضرر والفساد على العباد.وقد كتبت هذه الرسالة من باب النصح وإبراء الذمة ونأمل أن يستفيد منها وينتفع بها الباحث عن الحق والصواب، وهذا ما يجعلنا نأمل حصول الخير الكثير في مجتمعنا لأننا نجد أن الحق له قبول في أوساط الناس المنصفين، وأما المكابرون والمعاندون فلو تناطحت الجبال بين أيديهم ما ترك أحدهم باطله إلا أن يشاء الله، بل ولا يعترف بالحق فضلاً عن أن يتبعه؛ وأسرع الناس استجابةً هو من كان يحب سلامة دينه وصلاح نفسه وكمال سنِّيّته، فأصحاب المصالح والأهواء لا يقبلون الأدلة إذا خالفت مصالحهم وأهواءهم، فالشجاع حقاًّ هو الذي يقبل الحق ولا يبالي بمن تأخر من الناس عن ذلك.والملامة تكون على الرجل الذي عاش مدة يهز المنابر ويرتفع صوته وتنتفخ أوداجه محذراً من أكل القات وفجأةً إذا به يأكله مع الآكلين ويضيِّع أوقاته مع المضيّعين، فيا لها من خسارة.
فنصيحتي لكل مسلم أن يلتزم بمنهج أهل السنة والجماعة عقيدةً ومنهاجاً وخلقاً في المأكل والمشرب والعداوة والبغضاء والحب والكره والرضا والسخط وفي كل شؤون الحياة.
وهنا سؤال يردد وهو: هل يجوز للشخص أن يحلف على ترك أكل القات؟
الجواب: لا يجوز هذا لأمرين:
الأمر الأول: أن الأصل أن يترك المسلم المعاصي بالعزم والصدق مع الله ويستعين على ذلك بالدعاء والتعاون مع إخوانه، وهذا عهد بينه وبين الله أن يسمع الحق فيقبله قال الله: { واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إنّ الله عليمٌ بذات الصدور } المائدة، أمّا كون الرسول صلى الله عليه وسلم بايع الأمة على ترك المعاصي كقوله صلى الله عليه وسلم: ((بايعوني على ألاّ تشركوا بالله شيئاً...)) الحديث فهذا خاصٌّ به عليه الصلاة والسلام وبكل إمامٍ للمسلمين.(1/9)
الأمر الثاني: قد عُلم أن الغالب على من يحلف على ترك القات أو غيره من المعاصي أنهم ينقضون عهدهم وبالذات آكلي القات لشدة تمسكهم به وتوقان أنفسهم إليه، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز الحلف لأنه يكون قد يخفر ذمة الله كما جاء من حديث بريده عند مسلم وغيره في وصيته صلى الله عليه وسلم لأمير السريّة والحديث طويل وفيه: ((وإن حاصرتَ أهل حصنٍ فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله)) فعلى المسلم أن يجاهد نفسه على ترك المعاصي والإقبال على الطاعات والله هو الميسّر والمعين.
سؤال آخر: إذا حلف الشخص ثم نقض يمينه هل عليه كفارة؟
الجواب: عليه كفارة لأنه بقدرته أن يلتزم ويبقى على ما حلف عليه ولكن خضوعا لشهواته جعله ينقض الأيمان ولو بعد توكيدها، فدل هذا على أن عليه كفارة مع بقاء الإثم عليه بسبب رجوعه إلى المعصية بل يكون الإثم أشد.
تنبيه: هناك ادِّعاءات على أن القات فيه علاج لمرض السكر، وهذه الادِّعاءات مجرّدة عن الدليل، وقد أثبتت البحوث الطبية عدم حصول هذا ومن ذلك بحث قامت به جامعة صنعاء وغيرها نفوا فيه حصول ذلك، وعلى سبيل الافتراض أن القات فيه علاجا لمرض السكر فهل هذا مسوِّغٌ أكله لمن لم يصب بهذا المرض ؟ الجواب : لا بدون بشك:. وقد أفتى بتحريم القات علماء كثيرون منهم الشيخ/ أحمد بن حجر الهيتمي(974هـ) في كتابه: (تحذير الثقات من أكل الكفتة والقات)، والفقيه أبو بكر بن إبراهيم المقري الحرازي الشافعي في كتابه (تحريم القات)، والشيخ/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ/ عبد العزيز بن باز، وعلماء آخرون؛(1/10)
وأما شيخنا مقبل فهو كثير التنفير عنه والتحذير منه ويقول في بعض فتاويه هو أقرب إلى التحريم وقد وافق على هذه الفتوى(1). وقد ألِّفت الكتب الكثيرة في تحريم القات وذكر أضراره ومفاسده منها: كتاب (كشف الشبهات عن أضرار القات) للدكتور/ إبراهيم بن عباس، وكتاب (القات) للدكتور/ المرزوقي والدكتور/ أبوخطوة، وكتاب (شهادات الثقات على أضرار القات) للشيخ/عائض بن علي مسمار، وكتاب (القات والمجتمع) لأبي إبراهيم الطيري.
الرسالة الثانية: حكم شرب الدخان
بداية ظهور الدخان
اعلم أخي المسلم أن الدخان – التبغ - اكتشفت شجرته في أمريكا في عام 1518م وبدأ انتشاره في البرتغال والبرازيل والأسبان والإنكليز وبعد ذلك انتشر في فرنسا وأما روسيا فإنها منعت استعماله ووضعت عقوبات شديدة على من استعمله واستمر هذا المنع قرونا وسمح باستعماله عام 1351هـ وأما دخوله بلاد المسلمين فقد حصل ذلك عن طريق السفن الأوربية الداخلة إلى (الاستانة) عاصمة الدولة العثمانية في عام 1010هـ و1601م يعني بعد مضي أكثر من نصف قرن من بداية انتشاره وأوصله إلى أرض المغرب طبيب يهودي ثم جلب إلى مصر والحجاز وسائر بلاد المسلمين. انظر التعليق على كتاب "تحقيق البرهان في شأن الدخان" (87-88, 100-102).
تنبيه : بداية انتشار التدخين في النساء في أثناء الحرب العالمية الثانية فقد أوضحت الدكتورة (ايلين كرفقون) ذلك بقولها: التدخين هدد الرجال فيه أضرار تتعلق بالنساء ففي إنجلترا مثلا بدأت الإصابة بسرطان الرئة وتزيد الإصابة بسرطان الثدي في جيل النساء اللاتي بدأن التدخين أثناء الحرب العالمية.
موقف ولاة المسلمين آنذاك من دخول التنباك - التتن - إلى بلادهم
__________
(1) 1 - لأن هذا البحث قد أفردته سابقا في رسالة مستقلة بعنوان "فتوى في حكم القات" وهي مطبوعة.(1/11)
اعلم حفظك الله أنه بعد انتشار التبغ في كثير من بلدان المسلمين قام الكثير من ولاتهم بمنعه وشددوا النكير على من يتعاطاه كما ذكر ذلك محمد راغب الطباخ في كتابه "إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء" 3/203-205. وممن منع بيعه السلطان العثماني – عثمان الثاني – في سنة 1621م ثم بيع في زمن مراد الرابع ورجع مباحا وانتشر في البلاد العثمانية انتشارا فضيعا ألجأ حكومتهم إلى وضع قانون يجازي من يستعمله استعمالا شديدا وفي سنة 1631م أفتى بعض العلماء بأن التبغ من المسكرات فطاردت الحكومة مدخنيه وتغالت في عقابهم حتى أن الملك كان يطوف في الأسواق متنكرا فإذا رأى أحدا منهم أمر به فعلقت أوراق التبغ بعنقه وشهر ثم قتل شنقا. وقد قال أحد المؤرخين: إن الذين قتلوا أيام السلطان مراد الرابع لمخالفتهم قانون منع التبغ جاوز عددهم (800.000) وأما شاه إيران عباس الأول فقد بالغ في الانتقام من المدخنين ونكل بهم فكان يقتلهم بالخازوق. انظر التعليق على كتاب "تحقيق البرهان في شأن الدخان" ص (46).
قلت: مع أن العقوبة والتعزير بما ذكر في هذا المقال فيها تعد عظيم نبرأ إلى الله من ذلك.
وعلى كل: يجب على حكام المسلمين في زماننا أن يكونوا حريصين على شعوبهم فيمنعونهم من هذه المادة الخبيثة.
سبب انتشار مادة التبغ الدخان عند ظهورها(1/12)
لا يخفاك أن سبب انتشار هذه الشجرة الخبيثة والمادة المضرة هو الترويج لها بأن فيها علاجا لبعض الأمراض كالشقيقة – ألم نصف الرأس - وهذا السبب الأول للدعاية له ولقبول ملكة فرنسا له لهذا الغرض أصبح يسمى عندهم (نبات الملكة) وقالوا أيضا : له قدرة عجيبة على شفاء الأمراض والقروح والنواسير واستعمل أيضا حقنا في الشرج بواسطة منفاخ العلاج. انظر التعليق على كتاب "تحقيق البرهان" ص (101-102) وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب فإذا عرفت أن سب انتشار هذه الشجرة الخبيثة هو الترويج لها علمت أنها من جملة المضرات إذ لو كانت طيبة لما احتاجه إلى ترويج مزيف ولا يخفاك أنه قد كثر الترويج لهذه المادة في عصرنا واتسعت دائرته وأدل دليل على ذلك الإعلانات التجارية لها عن طريق اللوحات الضخمة وغيرها وقد صارت لوحات الإعلانات عن التدخين تمثل في اليمن وغيرها الدرجة الأولى في الضخامة وتحتل الأماكن البارزة للناس وتارة يروج لها بالمسابقة وغير ذلك.ألا فليعلم المروجون لها أنهم مشاركون في الأضرار اللاحقة بالناس, ومن أضر بالناس أضر الله به.
أضرار تعاطي مادة التدخين
اعلم يا عبد الله أن أضرار استعمال الدخان كثيرة ومتفاوتة وهي في الجملة أربعة:
1- أضرار دينية.
2- أضرار بدنية.
3- أضرار مالية.
4- أضرار اجتماعية .
أما أضرار التدخين البدنية الفتاكة فهي كثيرة وقد تكون ظاهرة وقد تكون خفية وهي كالتالي:
- أنه يفسد الأسنان ويحطمها.
- خبيث لأنه يضر بالفم ويحدث فيها التهابات.
- يضر بالحلق لأنه ينشر فيه تقرحات.
- يسبب فساد الجهاز التنفسي.
- يفسد الجهاز الهضمي.
- يضر بالجهاز الدموي.
- يحدث أمراضا في الجهاز العصبي .
- يؤثر في محتويات الرأس فيضعف التفكير ويوهن الإدراك.
- يؤدي إلى أمراض سرطانية .
- عند الإدمان عليه يؤدي إلى هلاك الشخص كما سيأتي بيانه.(1/13)
فيا عبد الله إصابتك بالشوكة يؤذيك ولا يمكن أن تتعمد وضع رجلك عليها فكيف تعمدت استعمال هذه المادة الخبيثة المضرة رغبة فيها واشتياقا لها وبذل الأموال للحصول عليها فهل هذا هو التعقل منك يا مسلم أم التغافل ؟ ألا فانتبه ثم انتبه قبل أن تقع فيما لا تحمد عقباه.
أما أضرار التدخين على المال: فمعلوم أنه يستنزف أموالا طائلة نذكرها إجمالا من مجلة الاقتصاد الإسلامي(1/167) ما نصه:
(الشرق الأوسط يحرق (7) مليار في الشهر الواحد أي بمعدل (48) مليار سيجارة العام كما تدخن وحدها (117.5) مليون سيجارة في اليوم الواحد أي بواقع 3مليار و(525) مليون سيجارة شهريا و(42) مليار و(300) مليون سيجارة سنويا. انظر التعليق على كتاب "تحقيق البرهان" ص (104) وعلى هذا فقس بقية الشعوب , فهذه الأموال تقوم بها دول , ولا تغفل عن الحرمان من اكتساب الأموال بسبب الضعف الحاصل في المدمنين على السيجارة وأيضا لا يخفاك كم تنفق من أموال في التداوي من أمراض التدخين فكم من شخص باع ما يملك للبحث عن العلاج لمرض سببه التبغ وكم من شخص أثقلته الديون بسب التداوي من أمراض التبغ بل بعضهم قد يتحول إلى شحاذ بسبب هذا ولا يغيب عن ذهن القارئ أن هذه الأموال التي تصرف في شراء السيجارة تفقد المسلمين قوة الاقتصاد وتقوي اقتصاد أعداء الإسلام فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أضف إلى ذلك حرمان من يعول من الأغذية النافعة والأكسية اللازمة والحرمان من التصدق على المستحقين وغير ذلك كثير وأنت تعلم يا عبد الله أنك مسؤول ومحاسب عن هذه الأموال بين يدي رب العالمين فما أنت قائل لربك إن الحساب لشديد والوعيد أكيد وما ربك بظلام للعبيد وما الله بغافل عما تعملون.
فمن حاسب نفسه اليوم خف عنه حساب ذلك اليوم.
و أما أضرار التدخين الدينية: فقد يظن أنها قلية وضئيلة والأمر فوق ما يتصور وسأذكر بعضا منها:(1/14)
مخالفة الله ورسوله حيث أن المتعاطي لمادة التدخين غير محتكم إلى حكم الله ورسوله وكفى بهذا خطرا على صاحبها ؛ لأن الله يقول { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } النور.
بعض المدمنين على التدخين يتركون صيام رمضان لأنه لا يقدر على الإمساك عن شرب التنباك يومه.
مؤذاة الملائكة بالروائح الكريهة الصادرة من فم شارب الدخان.
ترك مجالس الذكر والعلم النافع لأنه يستطيع أن يشرب الدخان عند أن يجلس مع العلماء وهو على هذه الحالة الكريهة.
فالحمد لله الذي طهر أفواهنا من هذا الخبث وما كان في حكمه.
وأما أضراره الاجتماعية فهي أيضا كثيرة منها:
مؤذاة الخلق عموما بالروائح الكريهة من صديق وجليس وزوجة وطبيب وغيرهم يل مؤذاة المصلين في بيوت الله أعظم لأنه معلوم عند المسلمين أن الأحاديث في منع إتيان المسجد من أكل بصلا أو ثوما أو بقلا مشهورة وكثيرة مع أن هذه الخضروات مباح أكلها لكن ممتنع من أكلها من الإتيان إلى المسجد إذا بقيت فيه رائحتها فالشارب للدخان أحق بالمنع من هؤلاء.
مؤاذاة الملائكة: كما جاء بذلك الحديث عند مسلم رقم (564) عن جابر وفيه ((فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)).
شارب الدخان قدوة سيئة في وسط المسلمين والكافرين كما هو معلوم.
تنبيه: أثبت بعض الباحثين أن الحيوانات والهوام والحشرات تنفر من التدخين كما بين ذلك المعلق على كتاب "تحقيق البرهان في شرب الدخان" ص (134).
أضرار التدخين في النساء أكثر من الرجال
لقد سبق وأن ذكرنا أن انتشار التدخين في وسط النساء كان من الحرب العالمية الثانية والأضرار اللاحقة بالرجال هي لاحقة بالنساء جملة ولكن هناك أضرار عظيمة تخص النساء ومن ذلك باختصار:(1/15)
1- اضطراب الدورة الشهرية 2- سرعة إجهاض الجنين 3-الولادة المبكرة قبل حينها 4- تشويه الجنين 5- ضعف المولود جسميا 6-انتشار الموت في الأطفال الذين تتعاطى أمهاتهم السيجارة 7- التأثير على حليب الأم المدخنة .انظر كتاب "التدخين بين فتاوى العلماء ونصائح الأطباء" ص 139-145.
أضف إلى ذلك أن التدخين سبب التنافر بين الزوجين مما قد يؤدي إلى الطلاق لأن الرجال يأنفون الروائح الكريهة في نسائهم ومعلوم أن التدخين يجعل رائحة الفم كريهة خصوصا إذا كان المدخن مدمنا له فعجبا ممن يدعون التقدم وما قاموا بتنظيف أسنانهم وتطهير أفواههم.
ثمانية وستون كلبا تدرب على التدخين فيموت منهم ثمانية وعشرون
هذا نص تقرير لمنظمة الصحة العالمية"...أجريت تجربة على ثمانية وستين كلبا تم فيها تدريبهم على التدخين لمدة حوالي سنتين فظهر من نتائجها أن ثمانية وعشرين ماتوا خلال فترة التجربة وأصيبت رئات اثني عشر منهم بالسرطان إضافة إلى إصابة الفم والحلق والبنكرياس بالسرطانات المتعددة ".تنبيه الغافلين إلى أضرار التدخين على الصحة والدين (30).
وإذا كان الهلاك قد حصل للكلاب في وقت التدريب فمن باب أولى أن يحصل لمن استمر على شرب الدخان دهرا طويلا ولكن بعض الناس لا يرحم نفسه.
المدخن المكره
لقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير..."رواه البخاري ومسلم.
وشارب الدخان كنافخ الكير فيا ويل من اقترب منه قال الدكتور ناظم النسيمي: الجلوس أربع ساعات في غرفة المدخنين المغلقة تعادل شرب عشر سجائر "حكم الدخان والمدخنين ص22.
قلت: ما أكثر الذين يقادون بخطام الحرج فيبقى الواحد منهم بين تعفنات المدخنين الأوقات المتتالية .
التدخين عديم المنفعة المتحققة(1/16)
إن ولعة شرب الدخان لا تحقق لأصحابها نفع صحيح لا في العاجل ولا في الآجل وغاية ما هو حاصل أن المدمنين على هذا المشروب القذر يتوهمون تحقق فائدة لهم ونفع فقد سمعنا بعضهم يقول إنها تذهب الكسل وتدفئ الجسم عند البرد وتذهب الضيق ويظهر شاربها بين الناس أنه متحضر , والحاصل أن هذه توهمات لا وجود لحقائقها .
أما إذهاب الكسل فليس بصحيح بل لو قلت هي مجلبة للكسل لما جانبت الصواب ؛ لأن الشارب للدخان قد يحس أنه نشط وقتا ولكنه يعقب ذلك النشاط كسل فيحتاج إلى استعمال السيجارة مرة ثانية وسيعود الكسل إليه مرة أخرى, أما لو ترك الجسم على حاله الطبيعي فلن يكون كذلك بل سينشط في وقت النشاط ويرهق في وقت التعب ثم إنك تلا حظ أن هؤلاء الذين يشربون التنباك يرهقون في وقت النشاط الذي عند غيرهم كالضعف عند الجري .
وأما ادعاء أنه يدفئ الجسم : فليس كذلك بل يؤذيه.
وأما أنه يذهب الضيق :فهو أبعد مما سبق فكيف يذهبه ونحن نلاحظ أن شارب الدخان - خصوصا في الليل - أكثر الناس سعالا وتضايقا حتى أن بعضهم لا يسمح لأولاده أن يتكلموا معه وكم يحصل من هؤلاء من طلاق تارة وضرب نسائهم تارة أخرى إلى غير ذلك من الحالات النفسية والعصبية عند شاربي الدخان.
اتحاد الدول الكافرة على محاربة شركات التبغ
لقد قرأت بحثا نص على أنه في عام 2003م وقعت مائة واثنان وسبعون دولة على اتفاقية اسمها (الاتفاقية الإطارية المحورية) المنظمة لمحاربة شركات التبغ .والبحث المذكور مأخوذ من (موسوعة التبغ العالمية).
فأقول: إنه لجدير بالمسلمين أن يكونوا أرحم بأنفسهم من الكافرين بأنفسهم وإنه لحري بالدول الإسلامية أن تحارب المستوردات الخبيثة والمنتوجات المضرة ومع الأسف فبعض الدول سلبية لا تخدم دين الإسلام ولا تخدم دنيا المسلمين فالله أسأل أن يصلح حكام المسلمين.
توقف عن التدخين عشرات الملايين من الكفار وازدياد عشرات الملايين من المسلمين(1/17)
إن قضية المحافظة على الصحة قضية الجميع وكل واحد مفتقر إلى بقاء صحته قال الدكتور حسين الجزائري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية:بلغت زيادة التدخين في آسيا نسبة -30% وفي إفريقيا 70%
فيما بين عامي 1971م إلى 1981م في الوقت الذي ينخفض فيه استهلاك الدخان في العالم المتقدم باطراد حيث توقف عن التدخين 40 مليون في أمريكا و10 ملايين في بريطانيا و5 ملا يين في كندا ونفس النسبة في أوربا واستراليا . "التدخين بين فتاوى العلماء ونصائح الأطباء" ص (87-88).
فيا سبحان الله أيكون الكفار أسرع إدراكا من المسلمين المدخنين فكم نادى العلماء بتحريم هذه المادة الخبيثة واجتنابها فمن كان من أبناء جلدتنا قد ربط عقله بعقول الكافرين وحياته بحياتهم فليرجعوا إلى الصواب, فلا يليق بالمسلم أن يربط حياته بعادات الكفار وأهوائهم.
السجائر التي تصدر إلى الدول الفقيرة تضاعف فيها كمية القار
لقد قرر الدكتور (كيث بال) قائلا: (... إن السجائر التي تباع في الدول النائية تحتوي على ضعف كمية القار والقطران والنيكوتين الموجود في مثيلاتها في أوربا والتي تصدرها نفس الشركة وبذات الاسم ولسبب في ذلك يرجع إلى أن الرقابة هناك مشددة والرقابة في البلاد النامية مخفقة ومعدومة) انظر "التدخين وأثره على الصحة" للبار ص (37)
يكفيك يا لبيب هذا التقرير ولا ينبئك مثل خبير فصاحب التقرير خبير بزمرته وما يكره أعداؤنا أن يضعوا فيه السم إن تيسر لهم ذلك فيا أسفاه كم صدر الأعداء إلى المسلمين من معديات بطريقة خفية والصنف هذا من المسلمين يرى أن هذا مهم هو عين التقدم والتحضر لبلاده يا هذا لو فضحت عدوك لكنت متقدما بالخبرة والمعرفة والذكاء والمحافظة على ما ينفعك.
ذكر الأدلة الدالة على خباثة التنباك من القرآن والسنة(1/18)
قال الله تعالى واصفا وظيفة رسوله عليه الصلاة والسلام { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } الأعراف. ولا يختلف اثنان عاقلان أن مادة التدخين من الخبائث وعلى هذا فيدخل في الآية هذه كل متعاطي لمادة التبغ زراعة أو بيعا أو شراء أو إهداء أو أكلا .وقال تعالى { ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة } البقرة .
وهذه الآية يدخل في حكمها المدمنون على شرب السيجارة لأنه معلوم واقعيا أن المدمن على هذه المادة يصاب بعدة أمراض بسبب ضعف بدنه وضعف قوة المناعة عنده وقال تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } النساء.ويدخل في هذا النهي المصرون على استعمال التدخين الذين يحدث لهم ضيقا في التنفس مما يؤدي إلى أمراض وقد تصل ببعض الأفراد إلى أن يقتل نفسه أو يقتل غيره ظلما وعدوانا بسبب ذلك . كما قد حصل هذا وسيأتي مزيد بيان للإصابة بالقتل بسبب الإكثار من شرب الدخان وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((لا ضرر ولا ضرار)) كما من حديث عبادة عند ابن ماجة وأحمد ومن حديث ابن عباس عند أحمد والطبراني ومن حديث أبي سعيد الخدري عند الحاكم والبيهقي وهو حسن وهذا الحديث قاعدة عظيمة يدخل فيها كل مضر مما لم تنص عليه أدلة خاصة فالتتن والقات والشمة وغير ذلك من الخبائث داخلة في هذه القاعدة العظيمة وروى البخاري ومسلم من حديث المغيرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((نهى عن إضاعة المال))
وإضاعته متحققة إما في زراعة التبغ وإما في بيعه وشرائه وإما في إهدائه وقال تعالى { ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين } الإسراء. والتبذير حاصل في زراعة التنباك وفي شرائه وبيعه وإهدائه(1/19)
لأن التبذير يكون بوضع أي جزء من المال أو غيره في غير محله وهذا حاصل هنا فإن متعاطي مادة التدخين قد وضع المال فيما نهى الله عنه ومثل هذه الآية قوله تعالى { كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } الأعراف. وقال تعالى: { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } الفرقان. وهاتان الآيتان هما أساس الاقتصاد الإسلامي فيا عبد الله اتق الله فهذه أدلة بين يديك مشتملة على التحذير والتنفير من تعاطي الدخان الخبيث المضر فتأملها وأحسن فهمها واعمل بمقتضاها ولا تكن من الذين يجعلون كلام الله وكلام رسوله خلف ظهورهم.
ذكر بعض الآثار عن السلف
روى البخاري في الأدب المفرد وابن جرير والحاكم عن ابن مسعود أنه قال: (التبذير هو إنفاق المال في غير حق) الأثر صحح إسناده الحاكم ووافقه الذهبي.
وجاء عند الإمام البخاري رقم (5598) عن أبي الجويرية قال: سألت ابن عباس عن الباذق فقال: سبق محمد - صلى الله عليه وسلم - الباذق فما أسكر فهو حرام, قال: الشراب الحلال الطيب، قال: ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث).
وفي الأدب المفرد للبخاري وابن جرير بسند حسن عن ابن عباس قال في قوله تعالى { إن المبذرين كانوا من إخوان الشياطين... } قال: المبذرون في غير حق.
وقال مجاهد بن جبر إمام التفسير في عهد التابعين: (لو أنفق الرجل ماله كله في حق ما كان مبذرا ولو أنفق مدا في غير حق كان مبذرا). وقال غير واحد من العلماء: التبذير النفقة في غير طاعة الله فالذي يصرف ماله لشراء الدخان ليلة أو يوم يدخل في الآية الكريمة فكيف بالذي يتعاطى شراء الدخان ليلا ونهارا تمر عليه الأسابيع والشهور بل والسنين وهو يستنزف المال في ذلك اللهم سلم سلم.
قواعد أصولية تقوم عليها الفتوى بتحريم شرب الدخان(1/20)
قال ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" 21/540: (كل ما نفع فهو طيب وكلما ضر فهو خبيث والمناسبة الواضحة لكل ذي لب أن النفع يناسب التحليل والضر يناسب التحريم والدوران يدور فإن التحريم يدور مع المضار). وقال أيضا في "مجموع الفتاوى" 22/134: (الإسراف في المباح هو مجاوزة الحد وهو من العدوان الحرام). وقال ابن عاشور في "تفسير التحرير والتنوير" 9/135: (فالطيب مالا ضر فيه ولا وخامة ولا قذارة والخبيث ما أضر أو كان وخيم العاقبة أو كان مستقذرا لا يقبله العقلاء)
وقال بعض العلماء قاعدة عامة مقررة في الشريعة وهي: أنه لا يحل للمسلم أن يتناول من الأطعمة أو الأشربة شيئا يقتله بسرعة أو ببطئ ولا أن يكثر من طعام أو شراب يمرض الإكثار منه ” أخي القارئ الكريم لقد أوردت هذه القواعد الشرعية لأن بعض المسائل الجزئية لا يوجد دليل خاص بها ولكنها تندرج تحت القواعد الشرعية فهده القواعد يندرج تحتها مسائل كثيرة ومنها مسألتنا هذه فإن التدخين خبيث غير طيب ومضر غير نافع ومدمر غير مقو وقذر غير مرغوب فكيف لا يدخل دخولا مباشرا ضمن هذه القواعد.
ما عليه العلماء من التحذير من تعاطي التدخين(1/21)
اعلم حفظك الله أن أقوال العلماء في هذه المسألة كثيرة ولكني سأذكر بعضا منها إجمالا : قال مشهور حسن سلمان في مقدمة تحقيقه وتعليقه على كتاب "تحقيق البرهان" ص (62) وهو يتحدث عن التدخين: (واعلم أن أغلب العلماء... في أيامنا هذه يفتون إما بحرمته وإما بكراهيته التحريمية, والكراهة التحريمية هي ما نهي بدليل ظني فيه شبهة) ونقل تحريمه الشيخ حمود التويجري في كتابه "الدلائل الواضحات" ص (165) عن نحو خمسين عالما من مشاهير أتباع الأئمة الأربعة. وقال العلامة محمد بن إبراهيم في رسالته "حكم شرب الدخان" ص (3) وهو يتحدث عن التنباك: (مما يعلم كل أحد تحريمنا إياه نحن ومشائخنا ومشائخ مشائخنا ومشائخهم وكافة المحققين من أئمة الدعوة النجدية وسائر المحققين سواهم من العلماء في عامة الأمصار من لدن وجوده بعد الألف بعشرة أعوام أو نحوها حتى يومنا هذا استنادا على الأصول الشرعية والقواعد المدعية). وأيضا أفتت اللجنة الدائمة بتحريمه كما في فتوى رقم (8982) ونشرت فتوى لمجموعة من علماء مصر انظر كتاب "التدخين بين فتاوى العلماء" ص (41).
وقال محيي الدين عبد الحميد في كتابه "التدخين" ص (165): ونحن نعلم أن معظم علماء الإسلام قد أفتوا بتحريم التدخين.
قلت : كل مسلم يعلم أن مرد بيان مسائل التحليل والتحريم إلى علماء الإسلام الذين أمر الله بالرجوع إليهم فهاهم بين يديك بأعداد كبيرة وفتاوى صريحة بتحريم التدخين فحذار أن تتباعد عن توجيهاتهم وفتاواهم.
ذكر ما عليه حذاق الأطباء جملة
لقد ضرب الأطباء النابغون بسهمهم في هذه المسألة الذين هالهم ما يحمله التدخين من أضرار مدمرة لشاربيه وصدرت تقارير جديرة بالإدراك والاهتمام بها وهي كالآتي:(1/22)
1- الإصابة بالنوبات القلبية انظر كتاب "الوقاية الصحية على ضوء الكتاب والسنة" ص (547). وقد قررت منظمة الصحة العالمية أن الذين يموتون بسبب الإدمان على شرب التبغ يفوقون الذين يموتون عن أسباب أخرى كمرض الجدري والسل والجذام والتيفود والطاعون وغير ذلك .انظر "التدخين وأثره على الصحة" للبار ص (36).وقرر مركز البحوث الطبية الأمريكية أن الذين يموتون بسبب الإكثار من شرب السيجارة أكثر من الذين يموتون عن طريق الحروب والمجاعات .رسالة إلى مدخن ص 15.وقرر مثل هذا الأطباء المتخصصون بإنجلترا. المصدر نفسه ص (16).
وذكر صاحب كتاب "التدخين" ص (127). قائلا: وقد بينت الإحصائيات في أمريكا وبلغاريا وروسيا وإحصائيات منظمة الصحة العالمية أن نسبة المدخنين بين الأشخاص الذين توفوا فجأة بـ (السكتة القلبية) كانوا ثمانين بالمائة.
فمن خلال هذه التقريرات الطبية تدرك أن التعاطي للسيجارة يقرب صاحبه من الموت العاجل إما موت الفجأة وإما الموت بعد معاناة كبيرة من الأمراض.
2- الإصابة بأمراض السكر: قرر غير واحد من الأطباء أن شرب التنباك سبب مرض السكر. انظر حكم "الدخان والتدخين" للوالد الشيخ محمد بن جميل زينو ص (10).
وفي كتاب "التدخين بين فتاوى العلماء ونصائح الأطباء" ص (124). مقال هذا نصه: (... إن التدخين يزيد مضاعفات مرض السكر ويعرقل علاجه ويشكل خطرا جسميا على القلب والشرايين ...).
3- الإصابة بالذبحات الصدرية انظر "التدخين وأثره في الجسم والعقل" ص (19).
4-الإصابة بالجلطة: جاء في تقرير منظمة الصحة العالمية أن الإصابة بالجلطة القلبية قد تحدث للشباب من المدخنين فقد لوحظت حالات كثيرة إصابة الشباب بين عمر 20-30 سنة. انظر التدخين لمحيي الدين عبد الحميد.
ولا يخفاك أن كلام الأطباء في مثل هذا ناتج عن خبرة ومعرفة بذلك.
الحكم على مادة التدخين بمقتضى ما سبق ذكره(1/23)
الذي اتضح لي واستقام على دعائمه واستوى على سوقه عندي هو الحكم على مادة التدخين بالتحريم وقد بنيت هذا الحكم على الأدلة السابقة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة وآثار السلف وأقوال أهل العلم, وأقوال الأطباء المتخصصين في مجال الطب, ومشاهدة بعض أضرار التدخين بالعيان.
فكل واحدة من هذه المذكورات داعية إلى ترك شرب الدخان , فكيف إذا اجتمعن وتعاضدن؟ فهذا داع قوي إلى اليقين والجزم بحرمة استعمال التدخين وعلى هذا فمادة التدخين لا لقاء بينها وبين أي جزء من أجزاء شريعة الإسلام وإن محاولة تقريبها من الشريعة خطأ واضح وتجاهل للحقائق المانعة من ذلك ولا لقاء بينها وبين المصلحة المعتبرة , بل هي من جملة المفاسد التي يجب محاربتها والمقصود أنه لا يجوز زراعة شجرة الدخان ولا بيعها ولا شرائها .
وعند أن نقول إن التدخين حرام لا يعني هذا أن حرمته كحرمة الخمر لا بل حرمة الخمر قطعية لا يتطرق إليه الشك وحرمة التدخين الأدلة آخذ بعضها بعض فأفاد من مجموعها هذا الحكم.
شبهة وجوابها
قد يقول قائل قد أجاز شرب التبغ بعض العلماء فلم تلزمون بالتحريم.
وقبل الرد أقول نعم بعض العلماء : أجازوا شرب الدخان والجواب عن هذه الشبهة كالآتي:
العبرة بالدليل في الحكم على أي أمر من الأمور فالقائلون بعدم تحريم الدخان ليس عندهم دليل معتبر فقد استدلوا بالقاعدة العظيمة "الأصل في الأشياء الإباحة " وهذه قاعدة صحيحة ولكن الاستدلال بها هنا غير وارد لما ذكرناه في ذكرنا القواعد المتعلقة بتحريم مادة التدخين فقاعدتهم هذه يندرج تحتها كل طيب نافع ولا يندرج تحتها الخبيث الضار والشرع قد جاء بهذه وهذه قال تعالى: { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } الأعراف, وهذا كاف في رد الاستدلال بهذه القاعدة وأنها ليست واردة علينا أصلا.(1/24)
المستدلون بالقاعدة المذكورة على إباحة التدخين لم يناقشوا الأضرار التي تحقق وجودها علميا وطبيا وقد بلغت من الفتك والتدمير ما لا يطاق ولم يضعوا لها علاجا شرعيا فترك هذه الأضرار تفتك بالناس دون علاج لها فيه نسبة النقص إلى الشريعة المحمدية وهذا لا يريده القائلون بالقاعدة المذكورة ولقد قرر بعض الأطباء أن مقاومة التدخين بجميع الوسائل لا يؤدي إلى عدم التضرر منه بل لا يحصل ذلك إلا بترك التدخين أصلا.
ما قرره العلماء القائلون بالتحريم لا يتصادم مع أدلة قرآنية ولا مع أدلة نبوية ولا مع القواعد الشرعية بل يلتقي معها جنبا إلى جنب وهذا يدل على أن القائلين بالمنع وضعوا الأدلة في موضعها وهذا عين الفقه في الدين.
الملاحظ أن الخلاف في تحريم الدخان وعدمه كان قائما بين العلماء قبل انتشاره بهذه الكثرة التي أظهرت أضراره على البدن وعلى الأموال وعلى المجتمعات بل وعلى الدين ولعلى هذا مما جعل بعض العلماء في عصرنا الذين لم يقتنعوا بتحريمه يحجمون عن الدفاع عنه من باب أن المصلحة تقتضي التحذير منه والتنفير عنه بغض النظر هو حرام أم لا يصل إلى الحرام وهذا منهم أيضا من الفقه العظيم في الدين.
ذكر رسائل ألفت في تحريم التدخين جملة
لقد بلغت الرسائل التي ألفها العلماء والكتاب في باب أضرار التدخين وتحريمه مبلغا لا يتصوره الكثير من الناس ناهيك عن الفتاوى في تحريم التدخين فلقد عددت ما يربوا عن عشرين رسالة ناطقة بالتحريم في عنوانها فكيف بمضمونها منها رسالة العلامة مفتي أرض الحرمين محمد بن إبراهيم وكذا العلامة المفسر السعدي ومفتي الأنام ابن باز وأبو بكر الجزائري ومحمد بن جميل زينو.(1/25)
والرسائل التي تضمنت التحريم في محتواها تفوق الأربعين رسالة وهذا يدلك على قيام العلماء بما ينبغي أن يقوموا به في المسائل المستجدة والغامضة فجدير بالمسلم أن يدرك جدية المسألة المذكورة وأحذر كل مسلم من سلوك طريق يؤدي في الاستمرار عليه إلى الخروج عن الإسلام والطريق هو أن الشخص يرخص لنفسه بأن يأخذ بفتوى عالم أو من يتشبه بالعلماء باعتبار الفتوى نوافق هؤلاء ويقول أنا قد استفتيت العالم الفلاني فأفتاني بالجواز أنتم عندكم علماء ونحن عندنا علماء. فالحق عليه نور كنور القمر في ليلة البدر لا يدرك بالمغالطة بل بتحري الصدق فيه وليتق الله كل مسلم فلا يسأل إلا من اعتمدته الأمة في دينها مرجعا لها وما كان الله ليجعل أكثر علماء أهل السنة والإسلام مخطئين حاشا لله.
مسألة: ما حكم تأجير المحلات لمن يبيع الدخان؟
لا يجوز تأجير المحلات لمن يعلم أنه يستخدمها لبيع الدخان لأن الله يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة, وتأجير المحلات لهذا الصنف مناف للتعاون على البر والتقوى بل هو تعاون على الإثم والعدوان وقد أفتى بتحريم تأجير المحلات لمن يبيع الدخان العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في كتاب "فقه وفتاوى البيوع" ص (327-328).
مسألة: هل يطيع الولد والده إذا أمره ببيع الدخان؟
سئلت اللجنة الدائمة كما في "فتاوى اللجنة الدائمة" 13/56 عن حكم بيع الدخان (السجائر) وإن كان بيعها أمرا من الوالد فهل هذا يكون عذرا, إن كان حراما فما العمل؟
فكان الجواب: شرب الدخان حرام , والاتجار بيعا وشراء فيه حرام ولو كان ذلك بأمر الوالد أو غيره ؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " وقال - صلى الله عليه وسلم - :"إنما الطاعة في المعروف".
إساءة مصانع التبغ باسم الإحسان
لقد أساءت شركات التصنيع لأنواع التدخين مرتين:(1/26)
الأولى:عندما قامت بتصنيع هذه المواد المضرة بالأمم وقد بان لك عظمة الضرر فيها فيما سبق.
الثانية: عند أن تكتب على أغلفة الدخان (مضر بالصحة)
قد يظن أنها محسنة عند أن كتبت هذا التحذير على الغلاف الخارجي وليس كذلك بل هي مسيئة لأنها لو كانت تحافظ على عافية أبدان الناس وأموالهم وتحب لهم النجاة والسلامة ما صنعت ذلك ولكن عليها الوزر بسبب التصنيع للمواد الضارة وعلى هذا لا يقال قد نصحك النصراني الذي صنع السجائر بل يقال قد غشك ومكر بك .
تنبيه :من الملاحظ أنه يوجد في بعض الدول خبائث صارت عادة عند بعضهم كأكل القات الخبيث وشرب الدخان – التتن أو السيجارة – وتناول الشمة, وكل واحدة من هذه تجلب من الأوساخ ما هو معلوم وبعضهم يجمع هذه كلها في وقت واحد وهو عند أكل القات أو بعده مباشرة فجعلوا أفواههم كالزبالة.
فما هذا يا معشر الرجال أما تستحيون وتترفعون عن القاذورات فكم ضحك عليكم العقلاء وسخر منكم النبلاء واحتقركم البسطاء فأي مصلحة في هذه القاذورات؟
مسألة: هل شرب الدخان من المفطرات؟
سئل ابن عثيمين: إذا كان الدخان ليس بطعام ولا شراب ولا يصل إلى الجوف فهل هو من المفطرات؟
فأجاب نقول له: إن شرب الدخان حرام عليك في رمضان وفي غير رمضان وفي الليل والنهار . فاتق الله في نفسك وأقلع عن هذا الدخان واحفظ صحتك وأسنانك ومالك وأولادك ونشاطك مع أهلك حتى يدفع الله عليك بالصحة والعافية وأما قوله "إنه ليس بشراب" فإني أقول له : هل يقال فلان يشرب الدخان ؟ يقال يشرب الدخان وشرب كل شيء بحسبه فهذا شراب بلا شك ولكنه شراب ضار محرم , ونصيحتي له ولأمثاله أن يتق الله في نفسه وماله وولده وفي أهله ؛ لأن كل هذه الأشياء يصحبها ضرر من تعاطى هذا الدخان وأسأل الله سبحانه وتعالى له ولإخواننا المسلمين العصمة مما يغضب وبهذا تبين أن شرب الدخان يفطر الصائم مع ما فيه من الإثم. انظر "نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان" 3/127.(1/27)
وقد أفتى العلامة زيد بن هادي المدخلي أيضا بأن الدخان والشمة من المفطرات كما في الفتاوى المضيئات ص (53) قال: (إذ لو تعاطاه لكان مفطرا عمدا فيتعرض للوعيد الشديد الذي يترتب على تعمد الفطر في نهار رمضان بدون عذر شرعي).
نداء إلى ولاة الأمور
بعد أن تبين أضرار التدخين والحكم عليه بالتحريم يستلزم ذلك الحكم على استيراده بالتحريم أيضا فإذا تقرر ذلك فإني أدعو ولاة أمور المسلمين عموما أن يمنعوا استيراد الدخان بأنواعه ويمنعوا التجار من بيعه وشرائه ,لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((من ضار ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه)) رواه أحمد والأربعة عن أبي صرمة.
وعلى وزارة الصحة أن تتابع إنزال بيانات الأضرار المتلاحقة والمتتابعة بسبب تعاطي الدخان.
قال العلامة شيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في كتابه "إجابة السائل على أهم المسائل" ص (371) : (أما الدخان فإنه ضرر وإسراف والواجب على الإخوة المسؤولين أن يمنعوا دخوله إلى البلاد فما مع البلاد منه مصلحة).
نصيحة لعامة المسلمين
معاشر المسلمين تعلمون أن التناصح في الدين من أعظم مقومات الإسلام ولهذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((الدين النصيحة)) رواه مسلم عن تميم الداري.
وقال بعض العلماء: من نصحك فقد أحبك ومن داهنك فقد غشك . وقال بعض السلف: لإن تسمع من أخيك كلمة خير لك من مال يعطيك فلعل الكلمة تهديك ولعل المال يطغيك. والناصح مشفق أمين يدعوك إلى نفع نفسك وإصلاح ما بينك وبين ربك لا يريد منك مالا ولا جاها.(1/28)
فأدعو خطباء المساجد والمدرسين في المدارس والجامعات إلى تركهم ومحاربتهم للتدخين , وأدعو الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والشباب والشياب إلى أن يرحموا أنفسهم ويتقوا الله بترك هذه الولعة الخبيثة فتعاطيها ليس من التقدم ولا الرقي وليس من الذكاء ولا الشجاعة وليس من الراحة والسعادة بل هي مجازفة جر إليها الجهل بالعواقب وليكونوا في وجه المروجين لها على حساب الإضرار بالأمة.
الرسالة الثالثة: حكم تعاطي الشمة
أجمل الكلام على الشمة في الآتي:
أولا : أنواع الشمة:
1- شمة هندية: وهي تعرف بالتنباك فتارة يخلط معه الجير ويمزج بالماء وتارة تكون أوراق التبغ مجروشة وتحتوي على مركبات أهمها النيكوتين وهومن أخطر المركبات السامة .
2- شمة أفغانية :وتعرف اليوم بالمسوار.
3- شمة يمنية : وهي المعروفة بلونها الأصفر والبني وبعضهم يسميها بردقان وهي عبارة عن مسحوق أوراق التبغ مع رماد ومادة أخرى يقال لها دقدقة .
4- شمة سودانية :وتعرف بالسفه وهي مسحوق أوراق التبغ مخلوطة مع العطرون ويخلط الكل بالماء حتى تصير على هيةعجينة , واستعمالها يكون إما بوضعها على الشفة السفلى أو في جدار الفم وإما بالإستنشاق أو تحت اللسان
وأنواع الشمة منتشرة في كثير من البلدان ويتناولها في عصرنا بعض الشباب والأطفال وأكثر من يتعاطاها في اليمن كبار السن وقد كان انتشارها في بداية القرن العشرين .
والأنواع المذكورة للشمة أساسها كلها التبغ ولهذا يقال لها "التبغ الغير مدخن" واسمها المشهور الشمة وتسمى أيضا السويكة والسوار ومنها البيضاء والسوداء والصفراء.
ثانيا: أضرارها:(1/29)
إن أضرار الشمة من أول لحظة تناولها مؤثر فكيف بأضرارها عند الإصرار على تناولها وأضرب لذلك مثالا واحدا : في ضررها على المبتدئ في تناولها, قال مدرس مصري لشاب من أبناء اليمن: ماذا تستفيد من تناول الشمة؟ فقال له اليمني: أرى العالم كله عند تناولي لها, هل تريد أن ترى مصر؟ قال المصري: نعم, فأعطاه حفنة من الشمة فتناولها, فقال اليمني للمصري: هل رأيت مصر؟ قال: أنا بلف – يعني قد صار يرى الأرض تدور به من شدة الغثيان - فانظر كيف أثرت عليه ولو كانت من الطيبات ما حصل من هذا شيء وبعضهم يحصل له عند تناولها التقيء حتى يخرج ما في بطنه وبعضهم يمرض. فأفاعيل الشمة بالمبتدئ في تناولها سيئة وهذا دليل على عظم ضررها إذ أن المعلوم أن الشخص لو أكل من الطيبات ولو كان غير متعود لا يحصل له شيء من هذا الضرر الذي في الشمة.
ولقد أوضح بعض الأطباء أضرار الشمة إجمالا فقالوا :تأثيرها مماثل لتأثير السيجارة.
وذكروا أنها سبب رئيسي في الإصابة بسرطان اللثة واللسان : وقال بعض الأطباء وهو يتحدث عن الشمة "أعداء أعداء الأسنان واللثة واللسان حيث تشقق ميناء الأسنان مع أنها أقوى شيء في جسد الإنسان" قلت : لقد رأيت شخصا ممن أصيب بمرض السرطان في الشفة السفلى وهو من متعاطي الشمة وقد خلع الأطباء أسنانه مع أنه ما يزال في سن الأربعين وله أكثر من سنة يدور على المستشفيات باحثا عن العلاج فيها فكيف إذا كان السرطان في لسان المدمن؟ .
ولا يتوقف السرطان عند هذه المذكورات وكفى بذاك خطرا بل قال بعض الأطباء "ولذا فإننا نرى التهابات الفم والجهاز الهضمي تكثر بصورة مرعبة لدى مستخدمي الشمة , ليس فحسب ولكنهم يعانون من زيادات كبيرة في سرطان اللسان... والحنك والبلعوم والمريء .انظر "مجموعة رسائل عن التدخين" ص (152)
وقال بعضهم: (أثبتت الدراسات أن الشمة البوابة الرئيسية للانخراط في شرب الخمور والمخدرات)(1/30)
قلت :فهذه من الإنذارات الخطيرة التي قد يغفل عنها الكثير فالخبائث بريد إلى أخبث منها. إضافة إلى ما سبق الإصابة بقروح المعدة والإثنى عشر: جاء في تقرير الكلية الملكية للأطباء بعد دراسة ربع مليون حالة من حالات قرح المعدة والاثنى عشر " أن الوفيات والمضاعفات الخطيرة كانت للمدخنين وماضغي التبغ (الشمة) أعلى بكثير مما هي عليه لدى غير المدخنين" نقلا من بحث غير مطبوع. وقد أجري بحث في كلية الطب في جامعة الملك عبد العزيز وكان من جملة التقريرات التي توصلوا إليها الآتي:" وقد وجدنا زيادة كبيرة في التهابات المريء
والمعدة والاثنى عشر نتيجة استخدام الشمة كما وجدنا أن هذه الالتهابات لا تشفى رغم
استخدام الأدوية والعقاقير الجيدة طالما كان المريض مستمرا في تعاطي الشمة اهـ . انظر "مجموعة رسائل عن التدخين" ص (153) . فيا سبحان الله كم من شخص يقتل نفسه وهولا يشعر ولا يعني كونه لا يشعر أنه ليس بآثم بل هو آثم فليتق الله كل مسلم وليقبل على ما ينفعه.(1/31)
ومما هو مشاهد واقعيا عند الجميع أن المكثر من شرب الشمة أو الدخان خصوصا لا يقدر على الجري خصوصا المشي عند الصعود فتجد أحدهم يلهث ويمشي ببطء بحيث لا يستطيع أن يواصل المشي ولما وقع الحريق في منى سنة 1418هـ فر الناس واحتاجوا إلى صعود الجبال وسرعة الجري فمن هذا الصنف من أدركه الحريق بسبب عجزه عن ذلك كما شاهدت ذلك. فتعاطي الشمة يلحق الأضرار بالجسم كله, قال صاحب البحث المذكور" وقد أثبتت دراسة أجريت على الشمة أنها تسبب بؤرا صديدية تكون سبب في انتشار الميكروب إلى الجسم كله وبالأخص الكلى والقلب والجهاز الهضمي..." فالأضرار بالجسم هو ناتج عن التأثير على شرايين القلب وغيره قال صاحب البحث وهو يتحدث عن الشرايين التي تؤثر الشمة عليها: ولكن أهم هذه الشرايين هي شرايين القلب يليها شرايين المخ فإذا أنسد أحد شرايين القلب سبب جلطة القلب أو موت الفجأة وإذا انسد أحد شرايين الدماغ فهو شلل للجسم كله أو لذلك الجزء من الجسم.
قلت: يا ليت الناس ينظرون إلى هذه التقريرات الطبية المهمة ويعتبرون بها بل وينظرون إلى الناس المصابين بالأمراض المتنوعة ويسألون أصحاب تلك الأمراض المستعصية عن سبب
ذلك , وإني لأعجب من بعض الناس عند أن يعلم أن فلانا أصيب بمرض كذا بسبب كذا فيذهب يتعاطى نفس ذلك السبب ويعلل تعاطيه هذا بتعليلات لا يقبلها ذو عقل سليم فإذا أثرت فيه ولحقه من الضرر ما لحق بغيره ندم حين لا ينفع الندم.(1/32)
ثالثا: قباحة فم شارب الدخان أو الشمة: لا يخفاك أن الناظر إلى أفواه متناولي مادة التبغ يشاهد ما أصيبت به تلك الخلقة العظيمة من تشويه أسنانه وقد أُلبست ثوب السواد جراء تلك الأوساخ العفنة الجالبة للروائح الكريهة المنتنة , ولا تنس ذلك اللعاب الذي يبصقه شارب الشمة فلونه قذر ورائحته كريهة فاللون يؤذي والرائحة تؤذي, بل إن الشخص الناجع لذلك يستقذر هذا بنفسه ولهذا يحاول بعضهم أن يبتعد عن أعين الناس عند البصق فكم وسخوا من أماكن طيبة بل لم تسلم من بعضهم بيوت الله.
ومن لا حظ كلام شارب الشمة وهي في فمه يراه يتكلم بكلام لا يكاد يفهم .
رابعا: الراجح عندي طبيا أن الشمة أضر من الدخان من حيث الجملة للأسباب التالية :
أ- قوة تأثيرها على متعاطيها, فإنها تعطي الجائع الشبع وتفرز لعابا من الأغشية المخاطية وتحرق الفم والحلق وتسبب .
سرعة حركة القلب ,وارتفاع ضغط الدم .
فهذا دليل على قوة تأثيرها على البدن في لحظتها الأولى بخلاف التدخين فإنه يتخلل بتأثيره أجزاء البدن شيئا فشيئا.
ب- المتعاطي للشمة يضع المادة المكونة من التبغ وغيرها في فمه فيكون التأثير مباشر للبدن فأما السيجارة والتتن فإن الذي يستخدمها هو الدخان والمخلفات تذهب رمادا .
ج- إذا حصلت زيادة في كمية المستخدم من الشمة يحدث أضرار عاجلة كما ذكر الأطباء حيث قالوا: وفي حال تناول الجرعات الزائدة يصاب المرء بطنين في الأذن , والإمساك الشديد , وإعاقة التبول , والقلق , والتوتر , وهبوط في الجهاز العصبي المركزي ,مما قد يؤدي إلى الوفاة" نقلا عن المصدر السابق .(1/33)
قلت : أما زيادة تعاطي التدخين فإنها تؤثر تدريجيا أضف إلى هذا أنها البسب الرئيسي في سرطان اللسان واللثة والحنجرة والبلعوم والمريء أضف إلى ذلك أيضا أنها تدعو إلى تعاطي المخدرات وبقيت أشياء تقوي ما قلت فما أظنك إلا أدركت أن الشمة بها أضرار تفوق ما يتصور وما يتوقع, فتزود من العلم بالأدلة الشرعية تكن من أهله.
خامسا : الأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة وآثار السلف على تحريم الشمة: بما أن الشمة هي أصلا من التبغ وهو أساسها فقد رأيت أني أكتفي بالإشارة إلى هذه الأدلة فكما تعلم أننا قد سردنا أدلة عامة طيبة في تحريم الدخان والتدخين فهي نفسها أدلة تحريم الشمة لما سبق ذكره من أن أصل الشمة مادة التبغ وتضاف إليها مواد مكملة لها لتزيد مادة التبغ خباثة وشدة ضرر كما سبق ذكره
سادسا : كلام أهل العلم على الشمة: لقد سبق أن ذكرت أن أكثر العلماء في عصرنا يرون تحريم الدخان وبما أن أساس الشمة التبغ فهي داخلة في تحريمهم للدخان وإن لم يصرحوا بها وما أضيف إلى مادتها الأصلية فهو مما زادها ضراوة فلم تخرج عن أصلها, وزيادة على هذا فقد صرح بعض العلماء بتحريمها وخصوها بالفتوى.
قال العلامة البيحاني وهو يتحدث عن التدخين: (وأخبث من ذا وذاك من يمضغ التنباك أو يجمعه مطحونا مع مواد أخرى ثم يضعه بين شفتيه ويسمى بالشمة ويبصقه بصقا تعافها النفوس ويتقذر به المكان وربما لفظها كسلحة الديك وبعضهم يستنشق التنباك من أنفه بعد طحنه.
وقال العلامة حافظ بن أحمد حكمي في رسالة أسماها "نصيحة الإخوان عن تعاطي القات والتبغ والدخان ":
والبردقان به الجهال قد فتنوا حتى رأوا أكله خير مقتات
وسئل شيخنا المحدث العلامة مقبل بن هادي الوادعي كما في كتابه "قمع المعاند" 2/487 ما حكم بيع القات والدخان والشمة وأكل أثمانها؟
فأجاب: هذه الأمور لا خير فيها وأنصح كل أخ يبتعد عنها وعن بيعها وشرائها. والله المستعان.
مسألة: هل الشمة تفطر الصائم؟(1/34)
يحصل من الأوغاد أنهم يشربون الشمة في حال صيامهم وشربها على هذه الحال يؤدي إلى إبطال الصيام لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يقول الله: الصيام لي وأنا أجزي به يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)) متفق عليه من حديث أبي هريرة. وشرب الشمة في حكم المفطرات الأخرى من المشروبات لأنها وإن كانت لا تنزل بذاتها إلى المعدة إلا أنها تعطي الشارب لها قوة الغذاء, والعلماء عند أن يعرفوا الصيام يقولون: هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
والشمة يطلق على متعاطيها شاربا لها عرفا وأيضا هي تغذي البدن والعلماء يتكلمون عن تعمد الأكل والشرب فيقولون: ومن تعمد الأكل وتعمد الشراب مما يتغذى به قل أو كثر وهو ذاكر لصومه بطل صومه.انظر مراتب الإجماع (70) والمغني لابن قدامة, وهذا في حال استعمال الشمة بوضعها تحت الشفة السفلى أو اللسان وأما إذا استعملت استنشاقا فحكمها حكم السعوط الذي تكلم عليه العلماء على أنه مفطر قال الإمام الترمذي رحمه الله في جامعه 3/156: (وقد كره أهل العلم السعوط للصائم ورأوا أن ذلك يفطره وفي الباب ما يقوي قولهم). اهـ
وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع 6/320 (السعوط إذا وصل الدماغ أفطر عندنا.وحكاه ابن المنذر عن الثوري وأبي حنيفة ومالك وإسحاق وأبي ثور). اهـ
وعلى هذا فالشمة مفطرة إذا تناولها الصائم على كلا الحالتين مصا واستنشاقا.
ملاحظة مهمة عن الشمة المستوردة إلى البلاد الفقيرة
ذكرت مصادر أن الدول المصنعة للشمة تصنعها من المخلفات المحروقة وعلى سبيل المثال
ما ذ كرته مصادر مركز مراقبة الأوبئة الأمريكية أن الشمة يوضع فيها تبغ محروق مستعمل وتباع عموما للدول الفقيرة " نقلا من بحث عزى صاحبه هذا إلى موسوعة التبغ العالمية وذكر المصدر نفسه أن الشركات التبغ تقوم بترويج كبير للشيشة والجراك والشمة.
الخاتمة(1/35)
وفي الختام أسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة جميع المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وكتبه/ أبو نصر محمد بن عبد الله الإمام(1/36)