كتاب
إيضاح المدارك
في الإفصاح عن العواتك
تأليف
محمد مرتضى الزبيدي
تحقيق
الدكتور جميل عبدالله عويضة
1430هـ/2009م
ترجمة المؤلف (1) :
اسمه زكنبنه ومذهبه الفقهي :
الحافظ السيد محمد مرتضى الزبيدي الحسيني :
هو الحافظ ، اللغوي ، الفقيه ، النسابة ، أبو الجود ، وأبو الفيض ، وأبو الوقت السيد محمد مرتضى ابن محمد بن القطب أبي عبد الله محمد ابن الولي الصالح أبي الضياء محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي الحنفي .
قال الجبرتي : هكذا ذكر عن نفسه نسبه، وهكذا وصفه أعلم الناس به شيخه الوجيه السيد العيدروس في ديوانه (تنميق الأسفار). وهو من ذرية السيد زيد الشهيد ابن الإمام علي زين العابدين السجاد ابن الإمام الحسين الشهيد رضي الله عنهم.
مولدة ونشأته :
ولد سنة خمس وأربعين ومائة وألف ، في بلجرام على بعد خمسة فراسخ من قنوج وراء نهر جنج الهند ، نشأ ببلاده وقرأ علومه فيها ثم ارتحل في طلب العلم فدخل زبيد وأقام بها مدة طويلة وبها اشتهر، وحج مرارا ثم ورد إلى مصر في تاسع صفر سنة سبع وستين ومائة وألف ، وسكن بخان الصاغة ، وأول من عاشره وأخذ عنه السيد علي المقدسي الحنفي من علماء مصر.
__________
(1) له ترجمة وافية في تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار ، لتلميذه عبد الرحمن الجبرتي ، دار الجيل ـ بيروت ، انظر الصفحات من 103 ـ 114(1/1)
حضر دروس أشياخ الوقت كالشيخ أحمد الملوي، والجوهري، والحفني، والبليدي، والصعيدي، والمدابغي، وتلقى عنهم وأجازوه ، وشهدوا بعلمه وفضله وجودة حفظه ، وقد أخذ عن نحو من ثلاثمائة شيخ حتى راج أمره ، وترونق حاله ، واشتهر ذكره عند الخاص والعام ، ولبس الملابس الفاخرة ، وركب الخيول المسومة ، وسافر إلى الصعيد ثلاث مرات واجتمع بأعيانه وأكابره وعلمائه ، وكذلك ارتحل ألى الجهات البحرية مثل دمياط ورشيد والمنصورة وباقي البنادر العظيمة مراراً ، حين كانت مزينة بأهلها ، عامرة بأكابرها ، وأكرمه الجميع ، واجتمع بأفاضل النواحي ، وأرباب العلم والسلوك ، وتلقى عنهم وأجازوه وأجازهم ، وصنف عدة رحلات في تنقلاته في البلاد القبلية ، والبحرية تحتوي على لطائف ومحاورات ومدائح نظماً ونثراً لو جمعت كانت مجلداً ضخماً .
وكناه سيدنا السيد أبو الأنوار بن وفا بأبي الفيض ، وذلك يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف ، وذلك برحاب ساداتنا بني وفا ، يوم زيارة المولد المعتاد. ثم تزوج وسكن بعطفة العسال ، مع بقاء سكنه بوكالة الصاغة ، وشرع في (شرح القاموس) المحيط في اللغة حتى أتمة في سنين في نحو أربعة عشر مجلداً سماه (تاج العروس) ، ولما كمّله أولم له وليمة حافلة ، جمع فيها طلاب العلم وأشياخ الوقت بغيط المعدية وذلك في سنة أحدى وثمانين ومائة وألف ، وأطلعهم عليه واغتبطوا به وشهدوا بفضله وسعة اطلاعه ورسوخه في علم اللغة ، وكتبوا عليه تقاريظهم نثراً ونظماً .
... وله أشعار كثيرة ، لو تقصيناها لطال بنا المقام، ومنها على سبيل المثال :
توكل على مولاك واخش عقابه ... وداوم على التقوى وحفظ الجوراح
... ... وق دم من البر الذي تستطيعه ... ومن عمل يرضاه مولاك صالح
... وأقبل على فعل الجميل وبذله ... إلى أهله ما استطعت غير مكالح
... ... ولا تسمع الأقوال من كل جانب ... فلا بد من مثن عليك وقادح(1/2)
ولم يزل يخدم العلم ، ويرقى في درج المعالي ، فحرص على جمع الفنون التي أغفلها المتأخرون ، كعلم الأنساب ، والأسانيد ، وتخارج الأحاديث ، واتصال طريق المحدثين المتأخرين بالمتقدمين ، فألف في ذلك كتباً ورسائل ومنظومات وأراجيز جمة.
وطار ذكره في الآفاق ، وكاتبة ملوك النواحي من الترك والحجاز والهند واليمن والشام والبصرة والعراق ، وملوك المغرب والسودان وفزان الجزائر ، والبلاد البعيدة ، وكثرت عليه الوفود من كل ناحية ، وترادفت عليه الهدايا من الجزائر ، والبلاد البعيدة ، وترادفت عليه الوفود من كل ناحية ، وترادفت عليه الهدايا والصلات والأشياء الغريبة ، وأرسلوا أليه من أغنام فزان وهي عجيبة الخلقة ،عظيمة الجثة ، يشبه رأسها رأس العجل ، فأرسلها إلى السلطان عبد الحميد فوقع لها عنده موقع ، وكذلك أرسلوا إليه من الهند وصنعاء واليمن وبلاد سرت وغيرها أشياء نفيسة ، وماء الكادي ، والمربيات ، والعود ، والعنبر ، والعطربالأرطال، وصار له عند أهل المغرب شهرة عظيمة ، ومنزلة كبيرة واعتقاد زائد ، وربما اعتقدوا فيه القطبانية العظمى .
صفته :
... كان ربعة ، نحيف البدن ، ذهبي اللون ، متناسب الأعضاء ، معتدل اللحية ، قد خطه الشيب في أكثرها ، مترفهاً في ملبسه ، ويعتم مثل أهل مكة ، عمامة منحرفة بشاش أبيض ، ولها عذبة مرخية على قفاه ، ولها حبكة وشراريب حرير ، طولها قريب من فتر ، وطرفها الآخر داخل طي العمامة ، وبعض أطرافه ظاهر.
وكان لطيف الذات ، حسن الصفات ، بشوشاً بسوماً وقوراً محتشماً مستحضراً للنوادر والمناسبات ذكياً لوذعياً فطناً ألمعياً ، روض فضله نضير، وما له في سعة الحفظ نظير.
وفاة زوجه زبيدة :(1/3)
ماتت زوجته زبيدة ، وكنيتها أم الفضل في سنة ست وتسعين ، فحزن عليها حزناً كبيراً ودفنها عند المشهد المعروف بمشهد السيدة رقيه رضي الله عنها ، وعمل على قبرها مقاماً ومقصورة وستوراً وفرشاً وقناديل ، ولازم قبرها أياماً كثيرة ، وكان يجتمع عنده الناس والقراء والمنشدون ، فيعمل لهم الأطعمة والثريد والكسكسي والقهوة والشربات، واشترى مكاناً بجوار المقبرة المذكورة ، وعمر بيتاً صغيراً وفرشه وسكن به ، وكان يبيت فيه أحياناً ، ثم تزوج بعدها بأخرى وهي التي مات عنها وأحرزت ما جمعه من مال وغيره .
ولما بلغ مالا مزيدا عليه من الشهرة ، وبعد الصيت ، وعظم القدر والجاه عند الخاص والعام ، وكثرت عليه الوفود من سائر الأقطار ، وأقبلت عليه الدنيا بحذافيرها لزم داره ، واحتجب عن أصحابه الذين كان يلم بهم قبل ذلك إلا في النادر لغرض من الأغراض ، وترك الدروس والإقراء ، واعتكف بداخل الدار ، وأغلق الباب ، ورد الهدايا التي كانت تأتيه من أكابر المصريين .
وفاته :
أصيب بالطاعون في شهر شعبان سنة خمس ومائتين وألف ، وذلك أنه صلى الجمعة في مسجد الكردي المواجه لداره ، فطعن بعد فراغه من الصلاة ، ودخل إلى البيت ، واعتقل لسانه في تلك الليلة ، وتوفي يوم الأحد ، فأخفت زوجه وأقاربها موته ، حتى نقلوا الأشياء النفيسة والمال والذخائر والأمتعة والكتب المكلفة ، ثم أشاعوا موته يوم الاثنين ، وخرجوا بجنازته ، وصلوا عليه ودفن بقبر كان أعده لنفسه في حياته ، بجانب زوجته بالمشهد المعروف بالسيدة رقية بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، تجاه مسجد الدلا ، ولم يعلم بموته أهل الأزهر ذلك اليوم ، ولم يرثه أحد من الشعراء ؛ لاشتغال الناس بأمر الطاعون
مؤلفاته :
... لقد كثرت مؤلفاته كثرة تضيق على الحصر ، وأكثرها رسائل ، وقد جهدنا في الوقوف على أكبر عدد منها ، وها هي مرتبة وفق الترتيب الألفبي :(1/4)
ـ الابتهاج بختم صحيح مسلم بن الحجاج / الابتهاج بذكر أمر الحجاج / غاية الابتهاج لمقتفي أسانيد مسلم بن الحجاج .
ـ إتحاف الأصفياء بسلاسل الأولياء .
ـ إتحاف الإخوان في حكم الدخان / هدية الإخوان في شجرة الدخان .
ـ إتحاف بني الزمن في قهوة اليمن .
ـ إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين .
ـ إتحاف سيّد الحي بسلاسل بني طي .
ـ الاحتفال بصوم الست من شوال .
ـ إختصار مشيخة أبي عبد الله البياني .
ـ أربعون حديثا في الرحمة .
ـ أرجوزة في الفقه .
ـ إرشاد الإخوان إلى أخلاق الحسان .
ـ الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة .
ـ أسانيد الكتب الستة .
ـ الإشغاف بالحديث المسلسل بالأشراف / مقدمة سماها إسعاف الأشراف .
ـ إعلام الأعلام بمناسك حج بيت الله الحرم .
ـ إقرار العين بذكر مَنْ نُسب إلى الحسن والحسين .
ـ إكليل الجواهر الغالية في رواية الأحاديث العالية .
ـ ألفية السند .
ـ مناقب أصحاب الحديث .
ـ الأمالي الحنفية .
ـ الأمالي الشيخونية .
ـ أمالي في الحديث والأدب وغيرهما .
ـ إنالة المنى في سر الكُنى / معارف الأبرار فيما للكنى والألقاب من أسرار .
ـ الانتصار لوالدي النبي المختار .
ـ إنجاز وعد السائل في شرح حديث أم زرع من الشمائل / شرح حديث أم زرع .
ـ إيضاح المدارك في الإفصاح عن العواتك .
ـ بذل المجهود في تخريج حديث شيّبتني هود / تخريج حديث شيّبتني هود .
ـ بلغة الأريب في مصطلح آثار الحبيب .
ـ تاج العروس من جواهر القاموس .
ـ التحبير في الحديث المسلسل بالتفكير . ( في التاج : المسلسل بالتكبير ).
ـ تحفة العيد / التغريد في الحديث المسلسل بيوم العيد .
ـ تحفة الودود في ختم سنن أبي داود .
ـ تحقيق الوسائل لمعرفة المكاتبات والرسائل .
ـ تخريج أحاديث الأريعين النووية .
ـ تخريج حديث نعم الإدام الخل / جزء في حديث نعم الإدام الخل .
ـ ترويح القلوب بذكر ملوك بني أيوب .
ـ التعريف بضروري علم التصريف .(1/5)
ـ التعليقة الجليلة على مسلسلات ابن عقيلة/ الفوائد الجليلة في مسلسلات ابن عقيلة .
ـ التفتيش في معنى لفظ درويش .
ـ تفسير على سورة يونس على لسان القوم .
ـ تكملة على شرح حزب البكري للفاكهي .
ـ تكملة القاموس عمَّا فاته من اللغة .
ـ تنبيه العارف البصير على أسرار الحزب الكبير .
ـ تنسيق قلائد المنن في تحقيق كلام الشاذلي أبي الحسن/ رسالة في تحقيق قول أبي الحسن الشاذلي : وليس من الكلام ...
ـ رسالة في تحقيق لفظ الإجازة .
ـ جذوة الاقتباس في نسب بني العباس .
ـ جزء: طرق : اسمع يُسمع لك .
ـ الجواهر المنيفة في أصول أدلة مذهب الإمام أبي حنيفة / عقد الجواهر المنيفة في أدلة مذهب الإمام أبي حنيفة .
ـ حديقة الصفا في والدي المصطفى .
ـ حسن المحاضرة في آداب البحث والمناظرة .
ـ حكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق .
ـ حلاوة الفانيد في إرسال حلاوة الأسانيد .
ـ الدرة المضية في الوصية المرضية .
ـ رساله في أصول الحديث .
ـ رساله في أصول المعمى .
ـ رسالة في طبقات الحفاظ .
ـ رسالة في الماشي والصفين على خطبة الشيخ محمد البحيري البرهاني على تفسيره سورة يونس (1) .
ـ رشف سلاف الرحيق في نسب حضرة الصديق.
ـ رشفة المدام المختوم البكري من صفوة زلال صيغ القطب البكري.
ـ رفع الشكوى لعالم السر والنجوى .
ـ رفع الكلل عن العلل . وهي أربعون حديثا انتقاها من الدار قطني .
ـ رفع نقاب الخفا عمن انتمى إلى وفا وأبي الوفا .
ـ الروض المعطار في نسب آل جعفر الطيار .
ـ الروض المؤتلف في تخريج حديث يحمل هذا العلم من كل خلف .
ـ زهر الأكمام المنشق عن جيوب الإلهام بشرح صيغة صلاة سيدي عبد السلام .
ـ سفينة النجاة المحتوية على بضاعة مزجاة من الفوائد المنتقاة .
ـ شرح ثلاث صيغ لأبي الحسن البكري .
ـ شرح سبع صيغ المسمى بدلائل القرب للسيد مصطفى البكري .
ـ شرح الصدر في أسماء أهل بدر.
ـ شرح صيغة السيد البدوي .
__________
(1) ربما كان الصواب سورة يس ، لتوافق السجعة .(1/6)
ـ شرح صيغة ابن مشيش .
ـ شرح على حزب البر للشاذلي .
ـ شرح على خطبة الشيخ محمد البحيري البرهاني على تفسير سورة يونس .
ـ العروس المجلية في طرق حديث الأولية / المرقاة العلية بشرح الحديث المسلسل بالأولية
/ المواهب الجلية فيما يتعلق بحديث الأولية / المنح الجلية ...... / الهدية المرتضية في المسلسل بالأولية .
ـ العقد الثمين في حديث اطلبوا العلم ولو بالصين .
ـ عقدالجمان في أحاديث الجان .
ـ عقد الجوهر الثمين في الحديث المسلسل بالمحمدين .
ـ العقد المكلل بالجواهر الثمين في طرق الإلباس والذكر والتلقين .
ـ العقد المنظم في أُمهات النبي صلى الله عليه وسلم .
ـ عقيلة الأتراب في سند الطريقة والأحزاب.
ـ الفجر البابلي في ترجمة البابلي .
ـ الفيوضات العلية بما في سورة الرحمن من أسرار الصفة الألهية / منح الفيوضات الوفية فيما في سورة الرحمن من أسرار الصفة الألهية .
ـ قلنسوة التاج في بعض أحاديث صاحب الإسراء والمعراج .
ـ قلنسوة التاج . رسالة بالعنوان نفسه ألفها باسم الأستاذ العلامة الصالح الشيخ محمد بن بدير المقدسي ، وذلك لما أكمل شرح القاموس المسمى بتاج العروس ، فأرسل إليه كراريس من أوله حين كانت بمصر ، وذلك في سنة اثنتين وثمانين ؛ ليطلع عليها شيخه الشيخ عطية الأجهوري ، ويكتب عليها تقريظات ففعل ذلك ، وكتب إليه يستجيزه ، فكتب إليه أسانيده العالية في كراسة وسماها (قلنسوة التاج).
ـ القول الصحيح في مراتب التعديل والتجريح .
ـ القول المثبوت في تحقيق لفظ التابوت .
ـ كشف الغطا في الصلاة الوسطى .
ـ كشف اللثام عن آداب الإيمان والإسلام .
ـ كوثري النبع لفتى جوهري الطيع .
ـ لقط اللآلي من الجوهر الغالي . وهي في أسانيد الأستاذ الحفني وكتب له إجازته عليها في سنة 1167 وذلك سنة قدومه إلى مصر.
ـ لقطة العجلان في ليس في الإمكان أبدع مما كان .
ـ المربي الكابلي فيمن روى عن الشمس البابلي .(1/7)
ـ المعجم الأكبر . قال الكتاني إنه وقف على نسخة منه بالمدينة المنورة ، في مكتبة شيخ الإسلام ، واستنسخه لنفسه ، وأنه يشتمل على نخو ستمائة ترجمة من مشايخه ، والآخذين عنه / معجم شيوخه .
ـ المعجم الصغير .
ـ معجم شيوخ السجادة الوفائية .
ـ معجم شيوخ العلامة عبد الرحمن الأجهوري شيخ القراء بمصر .
ـ المقاعد العندية في المشاهد النقشبندية .
ـ مناقب أصحاب الحديث .
ـ المنح العلية في الطريقة النقشبندية.
ـ نشق الغوالي من تخريج العوالي ( عوالي شيخه علي بن صالح الشاوري ) .
ـ نشوة الإرتياح في بيان حقيقة الميسر والقداح .
ـ النفحة القدوسية بواسطة البضعة العيدروسية .جمع فيه أسانيد السيد الشريف العيدروس وهي في نحو عشرة كراريس .
ـ النوافح المسكية على الفوائح الكشكية.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمد لله الذي اصطفى نبيه صلى الله عليه وسلم ، واختار نسبه من بين الأنساب ، وزاده نموا ورفعة واعتلاء وتشريفا مدى الأحقاب ، ووصل حبل مَنْ اتصل به متمسكا بعلى ذلك الجناب ، فصلى الله عليه ، وعلى آله الأطهار ، وأصحابه الأخيار الأنجاب ، صلاة وسلاما دائمين متلازمين ما اتّصل حبل العترة بالكتاب ، حتى يردان الحوض في يوم المآب وبعد...
فهذه نبذة حجمها صغير ، ولكنّ نفعها إنْ شاء الله كبير ، تتضمن بيان أمهاته صلى الله عليه وسلم من بني سُليم وغيرهم ، خدمت بذلك / جنابه الشريف ، صلى الله عليه 2 ب وسلم ، وشرّف ومجّد وعظّم ، رجاء أن أكونمن جملة منسوبيه ، وفي عداد الخدم في ضمن محسوبيه ، ورتّبتها على مقدمة ومهمة وخاتمة ، وسميتها إيضاح المدارك في الإفصاح عن العواتك ، وعلى الله توكّلي، ومنه أسأل الإعانة والتوفيق ؛ لسلوك سداد الطريق ، وهو الله لا إله غيره ، ولا خير إلاّ خيره .(1/8)
أمَّا المقدمة ففي تحقيق لفظ عاتكة ، واشتقاقه ومعناه ، قال أئمة اللغة : العَتْك بفتح وسكون الكر ، والحمل الشديد في القتال ، والإقدام على الشيء ، والعصيان ، والغلَبَة، والاشتداد ، واليبس ، والحيل ، والترؤس ، والاستقامة ، والكرم ، والخلوص ،واللجاج كالعُتُوك / بالضم ، قال الأصمعي : عتك في القتال كرّ ، وقال ابن دريد : عتك عليه 3 أ أرهقه ، وقال الحِرمازيُّ : عتك إلى موضع كذا مال وعدل ، وقال ابن الأعرابي : عتكت المرأة على زوجها نَشَزَت ، وعلى أبيها عَصَت ، وقال ابن دريد : عتَكت القوس قَدُمَت ، فاحمّأر عودها ، وقال أبوزيد: العاتك من اللَّبن الحازِر ، وقال ابن دريد : نبيذ عاتك ، إذا صفا، وقال ابن عباد : عتكت المرأة شِرُفت ورؤست ، قال : وعتك بنيَّته استقام لوجهه ، والعاتك الكريم من كل شيء ، والخالص من كل لون ، وقال ابن الأعرابي :هو اللجوج الذي لا ينثني عن الأمر ، وقال أبو مالك : هو الراجع من حال إلى / حال ، فهذه خلاصة ما3ب ذُكِر في العتك ، وما عداه من المعاني يرجع إليه .(1/9)
والعاتك من النخل التي لا تقبل الإبار ، عن اللحياني ، وقال غيره هي الصلود، تحمل الشِّيص ، واختلف في اشتقاق العاتكة من النساء على أقوال ، سمِّيت به من قولهم :امرأة عاتكة ، بها رَدْع طيب ، قال السهيلي في الروض: عاتكة اسم منقول من الصفات، يقال: امرأة عاتكة ، وهي المصفرَّة من الزعفران ، وفي القاموس هي المحمرَّة من الطيب ، أي احمرَّ لونها من كثرة استعمال الطيب ، ويؤيدة قول ابن قتيبة هي من عتكت القوس إذا احمرّت ، وهو / تغيّر لونها من استعمال الطيب سواء بصفرة كما قاله السهيلي ، أو 4 أ بحمرة كما قاله ابن قتيبة ، ولا تخالف فيها عندالتأمّل ، وقال ابن عباد في المحيط :هومن عتكت المرأة إذا شرفت ، ورأست ، أي على قومها وعشيرتها ، فسموا بهذا الاسم تفاؤلا على عادتهم ، وقيل سُمَّيت لصفائها ، من قولهم : نبيذ عاتك ، إذا صفا ، وهو قول ابن دريد، وقال ابن سعد في الطبقات : العاتكة في اللغة الطاهرة ، أي في نسبها وحسبها ، وكانت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها تكنى في الجاهلية بالطاهرة تفاؤلا لذلك ، وقيل من عتكت على بعلها إذا نشزت ، وهذا قول ابن الأعرابي ، وفيه بُعد / وأبعد من ذلك 4ب قول مَن قال إنها من عتكت النخلة إذا لم تقبل الإبار ، فهذا مجموع ما يتعلق بتحقيق اللفظ .
وأمَّا المهمة ففيها ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : في بيان الحديث الذي ورد فيه هذا اللفظ .(1/10)
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في الجامع الصغير :أخرج الطبراني في المعجم الكبير عن سِيابة بن عاصم رضي الله عنه ، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أنا ابن العواتك من سُليْم ) ، قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في شرحه الكبير : سِيابة بمهملة مكسورة ، ومثناة تحتيّة ، ثم باء موحدة بضبط المصنّف بخطه ، تبعا لابن حجر بن شيبان السلمي ، له صحبة ، قال الهيثمي : / رجاله رجال الصحيح ، وقال الذهبي وابن (1) عساكر : اختلف على هشيم فيه ، انتهى .
... قلت : مقتضى سياق الذهبي في كتابه المشتبه أنّ سَيابة بالفتح ، كسحابة ، ولكن في التبصير للحافظ ابن حجر أنه بالكسر ، كما نقله السيوطي ، فهو إذا خالف شيخه في الضبط ، أو أنّ الذهبي لم يضبطه لشهرته ، وفي التجريد للحافظ الذهبي ، ومعجم الصحابة للحافظ تقي الدين بن فهد ما نصهما سَيابة بن عاصم بن شيبان السلمي ، له وِفادة ، روى حديثه عن عمروبن سعيد ، قوله : ( أنا ابن العواتك) ، وأمَّا هيثم الذي قال فيه الذهبي وابن عساكر إنه اختُلِف عليه في هذا الحديث ، فهو أبو هشيم معاوية بن بشر القاسم / 5ب دينار السلمي ، روى له الجماعة ، ولد سنة خمس ومائة ، وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائة ، روى عن الزهري ، وروى عنه من القدماء الثوري ، وشعبة ، ومالك ، وهو أثبت الناس في حديثه منصور بن زاذان ، ويونس ، وسيار ، وحصين .
المطلب الثاني : في تأويل هذا الحديث ، وبيان نسب بني سُليم .
... قال المناوي ، قال الحكيمي لم يروِ بذلك فخرا ، بل تعريف منازل المذكورات ، كمن يقول : كان أبي فقيها ، لا يريد به إلاّ تعريف حاله ، قال : ويمكن أنه أراد به الإشارة بنعمة الله في نفسه ، وآبائه ، وأمهاته ، انتهى .
__________
(1) كتبت : كابن عساكر .(1/11)
... قال بعضهم : وبنو سُليم يفخرون بهذه الولادة ، قلت : بنو سُليم بالضم مصغرا / 6أ قبيلة كبيرة من قبائل قيس بن عبلان بن مضر ، وعيلان اختلف فيه كثيرا ، فقيل لقب ، واسمه الناس ، وكان الوزير المغربي يشدد السين ، وقيل اسم غلام لأبيه حضنه ، فيجعل قيسا مضافا إلى عيلان ، لا ابنا له ، وهذا بعيد جدا ، والصحيح ما اتفق عليه النسابة من أنّ قيسا ولد لعيلان ، وهو ولد لمضر ، وقيل سمي بفرس له ، قد سابق عليه ، أو بكلب له ، والصحيح ما قدمناه ، ويدل عليه قول زهير بن أبي سلمى (1) :
... إِذا اِبتَدَرَت قَيسُ بنُ عَيلانَ غايَةً مِنَ المَجدِ مَن يَسبِق إِلَيها يُسَوَّدِ
هذا في ثلاثة : خََصفَةَ بالخاء المعجمة / محركة ، وسعد وعمرو ، والعقب من 6 ب خَصَفَةَ في بطنين : عكرمة ومحارب ، والعقب من عكرمة بن خصفة منصور بن عكرمة ، وهو البيت الأول من قيس ، وإليه العدد ، وسعد ، وأبي مالك ، وعامر ، والعقب من منصور في هوازن وسُليْم وسلامان ومازن ، ومن سُليم في بهشة بن سُليم ، ومنه تفرعت القبائل على ما هو مشروح في كتب الأنساب ، ولبني سليم مفاخر منها : أنها آلفت يوم فتح مكة ، أي شهده منهم ألف ، وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قدّم لواءهم يومئذ على الألوية ، وكان أحمر ، ومنها أنّ عمر رضي الله عنه كتب إلى أهل الكوفة والبصرة ومصر والشام / أن ابعثوا إليَّ من كل بلد بأفضله رجلا ، فبعثت أهل البصرة بمجاشع بن مسعود7 أ السلمي ، وأهل الكوفة بعتبة بن فرقد السلمي ، وأهل مصر بمعن بن يزيد بن الأخنس السلمي ، وأهل الشام بأبي الأعور السلمي .
المطلب الثالث : في تفصيل أسمائهن .
__________
(1) من الطويل ، ديوانه ، ص 234 ، وبدل تسود كتب: تسبّق ، وما أثبتناه هو الصحيح ، لأن القصيدة دالية. يقول : إذا تسابقت قيس لإدراك غاية من المجد تسوّد مَن سبق إليها ، فأنت السابق إليها .(1/12)
... قال الجوهري في الصحاح ، والصاغاني في العباب : العواتك في جدات النبي صلى الله عليه وسلم تسع ، وإياهم تبع صاحب القاموس ، واقتصروا على ذلك ، وقال ابن الأثير (1) وابن بري في حاشية الصحاح : هن اثنتا عشرة نسوة ، وقال القتيبي (2) : قال أبو اليقظان : ثلاث نسوة من بني سُليم ، تسمى كل واحدة عاتكة ، إحداهن عاتكة بنت هلال بن فالج
/ ـ بالجيم ـ ابن ذكوان بن ثعلبة بن بهشة بن سُليم ، وهي أم جد هاشم ، كذا وقع 7ب في الصحاح ، والعباب ، والقاموس ، أي أمّ عبد مناف بن قصي ، وهكذا نقله القتيبي عن اليقظان ، وقال شيخنا المرحوم أبو عبد الله محمد بن الطيّب الفاسي في حاشيته على القاموس ، عند قوله أم جد هاشم ما نصه : الصواب أمّ والد هاشم ، أو أم عبد مناف ، انتهى .
... وهوظاهر ، ثم إنّ هذا القول الذي أجمعوا عليه ، خالفهم فيه شيخ النسَّابين (3) الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش ، حيث قال : قوله قصي عبد مناف ، وعبد العزّى ، وعبد الدار ، وعبد ، وأمهم حُبَّى تأنيث حُب ابنة خُليل / ـ كزبير ـ ابن حُبيْشة ـ بالضم ـ 8أ ابن سلول بن كعب بن عمرو بن خزاعة ، وتبعه ابن الجَوَّانيِّ النسّابة في المقدمة الفاضلية مقتصرا عليه ، وكذا ابن عتبة نسَّابة (4) العراق في عمدة الطالب ، قال الزبير : وحدثني إبراهيم بن المنذر ، عن الواقدي ، عن موسى ابن يعقوب الزَّمْعِيِّ ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول : لمَّا نكح قصيّ حُبَّى ابنة خُليل الخزاعي ولدت عبدالدار بن قصي ، وعبد مناف ، وعبد العزيز بالعُزّى ، فهذا السياق آل على أنّ أمّ عبد مناف خزاعية ، لا أسلمية ، فتأمل ذلك .
__________
(1) لم أجد لابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر في مادة ( عتك ) قولا بأنهن اثنتا عشرة ، والذي وجدته قوله : إنهن ثلاث نسوة .
(2) كتبت القتبي ، وما أثبتناه من اللسان ( عتك ) والتاج ( عتك )
(3) كتبت :النسبي .
(4) كتبت : كنسابة .(1/13)
... الثانية عاتكة ابنة مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهشة بن سُليم ، وهي / أمّ هاشم بن عبد مناف ، وهو ثالث (1) جد لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 8 ب
... والثالثة عاتكة ابنة الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهشة ابن سُليم ، وهي أم وهب بن عبد مناف بن زهرة ، والدآمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها ، هكذا أوردوه ،وفي الأخيرة خلاف ، فقد نقل ابن الجواني في المقدمة الفاضلية أنّ أم وهب بن عبد مناف ، والد آمنة أمّ النبي صلى الله عليه وسلم قيلة بنت جزء (2) ابن غالب بن عامر بن الحارث بن غبشان الخزاعي ، فتأمل ذلك .
... فالأولى من العواتك عمة الوسطى ، والوسطى عمة ألأخرى (3) ، وهذه صورة ذلك :
(أمها هوازنية وأمها مذحجية) عاتكة عاتكة (وأمها قحطانية وأمها مذحجية)
بنت بنت
/ عاتكة بنت الأوقس بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان 9أ
والجدات البواقي من غير بني سُليم، فعلى قول الجوهري ، والصاغاني ست ، وعلى قول ابن بري تسع ، وهن : اثنتان من قريش ، واثنتان من عدوان ، وكنانية ، وأسدية ، وهذلية ، وقضاعية ، وأزديّة ، انتهى .
قلت : أمَّا العدوانية الأولى فهي عاتكة ابنة عبد الله بن وائل بن ظِرب / بن 9 ب
__________
(1) كتب فب الهامش : قلت صوابه ثالث أب ، كما قاله محققه شيخنا الحجة محمد محمود التركزي .
(2) قال مصعب الزبيري في كتابه نسب قريش ، ص 437 / الموسوعة الشعرية : وجز .
(3) في النهاية قي غريب الحيث والأثر (عتك) :فالأولى من العواتك عمة الثانية ،والثانيةعمة الثالثة .(1/14)
عمرو بن عائذ بن يشكر بن الحارث ، وهو عَدوان كسحبان ؛ لأنه عدا على أخيه فقتله ، وهي الجدة الخامسة لعبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم ، والثانية عاتكة بنت الحارث ، وهو عدوان ، أخت يشكر ، وهي عمة الجد الخامس لعاتكة السابقة ، وهي أمّ مالك بن النضر بن كنانة ، والجدالثاني عشر لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهاتان عدوانيتان ، وعدوان من قبائل قيس ، فإذا قلنا اثنتان قيسيتان لا يضر ، وأما الكنانية فهي عاتكة ابنة يخلد بن النضر بن كنانة ، أمّ لؤي بن غالب ، الجد التاسع لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما القرشية / فيحتمل أنها عاتكة ابنة أبي 10 أ همهمة ، واسمه حبيب ابن عبد العزة بن عامر بن عَمْرَة بن وديعة بن الحارث بن فهر ، الجدة الخامسة لفاطمة ابنة أسد ، أمّ علي رضي الله عنها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : هي أمّي بعد أمي ، فتأمل ، وأم أبي همهمة قِيلابة بنت عبد مناف .(1/15)
... تكميل : روى ابن عساكر في التاريخ قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين ( أنا ابن الفواطم ) ، قال صاحب القاموس ، والفواطم اللاتي ولدن النبي صلى الله عليه وسلم قرشية ، وقيسيتان ، ويمانيتان ، ونصّ الصاغاني بالتكملة على الصحاح / 10 ب قرشية ، وقيسيتان ، ويمانيتان : أسدية وخزاعية ، والاجتهاد يدل من قوله : ويمانيتان ،وأسد وخزاعة كلاهما من اليمن ، فعلى هذا خمس لا سبع ، والواو العاطفة في سياق القاموس إمَّا سهو ، أوزيادة من الناسخ ، فأمَّا القرشية فهي جدته أمّ أبيه ، وعمة أبي طالب فاطمة ابنة عائذ بن عمران بن مخزوم ، وفي الروض للسهيلي هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ، وأمَّا الأسدية فهي فاطمة بنت سعد بن سَيَل ـ بالتحتية محركة ـ من بني غيمان بن عامر الجادر من أسد شنوءة ، ولم أعرف الثلاثة البواقي ، وفي حديث آخر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عليا حلة سيراء، وقال : /( شقّفها حُمُراً بين الفواطم ) ، وقال القُتَبِي : احداهن سيدة النساء فاطمة الزهراء ، 11 أ والثانية فاطمة بنت أسد ، أمّ علي وإخواته ، رضي الله عنهما ، قال ولا أعرف الثالثة ، وقال ابن الأثير : هي فاطمة بنت حمزة بن عبد المطّلب ، وقال الصاغاني : هي فاطمة أمّ أسماء بنت حمزة ، وفي قول الأزهري :هي فاطمة بنت عتبة بن ربيعة عبد شمس ، خالة معاوية ، قال : وأراه أراد فاطمة بنت حمزة ؛ لأنها من أهل البيت ، قلت : وهند بنت عتبة كانت زوجا لعقيل بن أبي طالب ، وفي الروض للسهيلي ، ورواه عبد الغني بن سعيد( بين الفواطم الأربع ) ، وذكر فاطمة بنت حمزة ، مع اللتين تقدمتا ، وقال : لا أدري مَنْ الرابعة / قال في كتاب الغوامض والمبهمات ، وفي المبهمات لابن بشكوال يقال: 11ب الرابعة هي فاطمة ابنة الأصم ، أمّ خديجة ، قال : ولا أراها أدركت هذا الزمان .(1/16)
... تنبيه : قال ابن برّي : وقيل الحسن والحسين ابنا الفواطم ، فاطمة أمهما ،وفاطمة بنت أسد جدتهما ،وفاطمة بنت عمرو المخزومية جدة النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه ، قلت : والجدة الثالثة لفاطمة بنت أسد هي فاطمة بنت هرم بن رواحة العامرية ، والجدة الخامسة لها أيضا فاطمة بنت عُبيد بن منقذ العامرية ،وأمّ جدتهما خديجة فاطمة ابنة الأصم.
... خاتمة : في بيان العواتك من الصحابيات :(1/17)
/ ... فمنهن عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص الأموية (1) ،
__________
(1) عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس؛ لها صحبة، قال ابن عبد البر: ولا أعلمها روت شيئاً؛ قال محمد بن سلام: أرسل عمر بن الخطاب إلى الشفاء بنت عبد الله العدوية أن اغدي علي، فغدت عليه، فوجدت عاتكة بنت أسيد ببابه، فدخلتا فتحدثتا: ، فدعا بنمط فأعطاه عاتكة ودعا بنمط دونه فأعطاه للشفاء، فقالت: تربت يداك يا عمر، أنا قبلها إسلاماً، وأنا بنت عمك دونها، وأرسلت إلي وجاءتك من قبل نفسها، فقال: ما كنت رفعت ذلك إلا لك، فلما اجتمعنا ذكرت أنها أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك. الوافي بالوفيات ، ص 13294 ـ 13295/ الموسوعة الشعرية ..(1/18)
أخت عتاب ، أسلمت يوم 12أ الفتح ، وعاتكة بنت خالد الخزاعية (1) ،
__________
(1) أم معبد الخزاعية : عاتكة بنت خالد، أخت حبيش؛ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى له يدعى عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمتي أم معبد عاتكة بنت خالد الخزاعية، وكانت امرأة جلدة تحتبي بفناء القبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئاً، وكان القوم مرملين مسنتين، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر البيت فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، قال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً فأحلبها، فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله ودعا في شأنها فتفاجت عليه ودرت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيها ثجاً حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، وشرب آخرهم، ثم أراضوا، ثم حلب فيها ثانياً بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها وبايعها وارتحل عنها، فقل ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً عجافاً يتساوكن هزالاً، مخهن قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال لها: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاء عازب حيال ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله، أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد، فوصفته له ، قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولا فعلن إلى ذلك سبيلا؛ فأصبح صوت بمكة، يسمعون الصوت ولا يرى من صاحبه، وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد
الوافي بالوفيات ، ص 13283 ـ 13285/ الموسوعة الشعرية .(1/19)
صاحبة الخيمتين ، وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل (1) ، أخت سعيد ، وعاتكة بنت عبد المطلب ، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
__________
(1) عاتكة بنت زيد، أخت سعيد بن عمرو بن نفيل؛ كانت عند عبد الله ابن أبي بكر، فأعجب بها واشتدت محبته لها فشغلته حتى عن صلاة الجمعة، فقال له أبوه: طلقها فإنها قد فتنتك، فلم يزل أبوه حتى طلقها، ثم تزوجها عمر بن الخطاب وأولم عليها، ودعا الصحابة، فلما اجتمعوا قال علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي أن أميل رأسي إلى خدر عاتكة وأكلمها؟ قال: نعم، فأمال علي رأسه وقال لها: يا عدية نفسها: فبكت، فقال عمر: يا أبا الحسن ما دعاك إلى كل هذا؟ كل النساء يفعلن ذلك؛ ثم إن عمر قتل عنها، ثم تزوجها بعد ذلك الزبير، فقتل عنها، وكان الزبير شرط أن لا يمنعها من المسجد، وكانت امرأة خليقة، وكانت إذا تهيأت إلى الخروج إلى الصلاة قال لها: والله إنك لتخرجين وإني لكاره، فتقول: فتمنعني فأجلس، فيقول: كيف وقد شرطت لك لا أفعل؛ فاحتال فجلس على الطريق في الغلس، فلما مرت رضع يده على كفلها، فاسترجعت ثم انصرفت إلى منزلها، فلمال جاء الوقت الذي كانت تخرج إلى المسجد قال لها الزبير: ما لك هذه الصلاة؟ فقالت: فسد الناس، والله لا أخرج من منزلي، فعلم أنها ستفي بما قالت، فقال: لا روع يا ابنة عم، وأخبرها الخبر. ثم إن علي بن أبي طالب خطبها بعد انقضاء العدة فقالت: يا أمير المؤمنين، بالمسلمين إليك حاجة، ولم تتزوج.وكان علي بعد ذلك يقول: من أراد الشهادة الحاضرة فعليه بعاتكة؛ وتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وتوفي عنها وكان آخر من ذكر من أزواجها. الوافي بالوفيات ، ص 13290 ـ 13294 / الموسوعة الشعرية(1/20)
صاحبة الرؤيا المشهورة (1) ، ذكرها الزبير في كتاب أنساب قريش ، وعاتكة بنت عوف (2) ، أخت عبد الرحمن ، وعاتكة بنت الوليد ، أخت خالد بن الوليد ، وعاتكة بنت نعيم بن عبد الله العدوية ، روت عنها زينب بنت أبي سلمة في العدة .
... وعلى هذا القدر وقع الاقتصار ، واسترسل القلم عن الإكثار في المضمار ، تسهيلا / للطالب الراغب ، وتوصيلا للفوائد والغرائب ، والحمد لله الذي بنعمته تتم 12 ب الصالحات ، وبشكره تزداد البركات ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم ، ومجّد وكرم وعظّم .
__________
(1) رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب: كانت عائكة رأت رؤيا قبل قدوم ضمضم بن عمرو وكانت رأت هذه الرؤيا فأعظمتها وفزعت لها، فأرسلت إلى أخيها العباس فقالت: يا أخي! قد والله رأيت الليلة رؤيا رأيت راكباً أقبل على بعير حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته: ياآل غدر! انفروا إلى مصارعكم في ثلاث، صرخ بها ثلاث مرات، فإذا الناس قد اجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه إذ مثل بعيره على ظهر الكعبة فصرخ مثلها ثلاثاً، ثم مثل بعيره على أبي قبيس ثم صرخ مثلها ثلاثاً، ثم أخذ صخرة من أبي قبيس فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل اارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار من دورها إلا دخلتها فلذة، فذكر عن عمرو بن العاص أنه قال: رأيت كل هذا ولقد رأيت في دارنا فلقة من الصخرة التي ألقيت من أبي قبيس، فلقد كان في ذلك عبرة ولكن لم يرد الله إسلامنا يومئذ ولكنه أخر إسلامنا إلى ما أراد، فكان تأويلها استنفار ضمضم بن عمرو إياهم، وقتل أشرافهم ببدر وتمت رؤياها بمكة، فقال أبو جهل: يا بني هاشم! أما كفاكم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم. المنمق في أخبار قريش ، ص 442 ـ 443/ الموسوعة الشعرية .
(2) عاتكة بنت عوف بن عبد عوف، هاجرت، وأمها: الشفاء بنت عوف بن عبد، هاجرت أيضاً، وهي أخت عبد الرحمن بن عوف. نسب قريش ، ص 439 /الموسوعة الشعرية .(1/21)
وقال مؤلفه : فرغ من تحرير هذه الأسطر مهذبها العبد الفقير محمد مرتضى الحسيني ، في مجالس (1) آخرها في يوم الأحد ، لأربع مضين من ربيع الثاني ، سنة ألف ومائة وأربع وتسعين هجرية .
__________
(1) كتبت : مجلس .(1/22)