بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الكتاب / المطلع على أبواب المقنع
لـ { شمس الدين أبو محمد، محمد بن أبي الفتح، بن أبي الفضل البعلي الحنبلي
عدد الأجزاء / 1
دار النشر / المكتب الإسلامى
الكتاب موافق للمطبوع
نبذة عن المؤلف
محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي, أبو عبد الله, شمس الدين: فقيه حنبلي, محدث, لغوي. ولد ونشأ في بعلبك, ونزل بدمشق, وزار طرابلس والقدس, وتوفي بالقاهرة. له " المطلع علىَ أبواب المقنع ـ ط" في فروع الحنابلة, و " شرح ألفية ابن مالك" في النحو, و " المثلث بمعنىَ واحد من الأسماء والأفعال ـ خ" و " الفاخر ـ خ" في شرح الجمل.
مقدمة المؤلف
رب يسر واختم بخير يا كريم
قال الشيخ الإمام العالم العامل شمس الدين أبو محمد، محمد بن أبي الفتح، بن أبي الفضل البعلي الحنبلي ـ رضى الله عنه ـ ، وأثابه الجنة:
الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبوِّىء قائلها دار الأمان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بأوضح حجة وأظهر برهان، ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وعلى آله وأصحابه وأزواجه وتابعيهم بإحسان، ما اختلف الملوان، وتعاقب الجديدان.
أما بعد فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ ـ في كتاب «المقنع» ـ مشكلة ـ في الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ رضى الله عنه ـ ، تأليف الإمام أبي محمد عبد الله بن محمد المقدسي ـ وتقيدها لفظاً.
وقد تذكر ألفاظ تشكل على بعض المتبدئين دون غيرهم، وربّما ذكرت فيه إعراب بعض اللفظات التي قد يُغلظ فيها.
وهو مرتَّب على أبوابه، ولا نؤخر اللفظة من باب إلى آخر غالباً، إلا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب، فتذكر ثمَّ، كلفظة الغسل، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك، فتطلب في أول ذلك الباب. وأخرت الكلام على أسماء الأعلام، فبدأت باسم النبي ، ثم بالأنبياء عليهم السلام، ثم بالصحابة، ثم من بعدهم على حسب وفياتهم، ثم ختمت بالمصنف رحمه الله. وعلى الله أعتمد، وإليه أتوجه وأستند، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
«الحمد لله». الحمد: هو الثناء على الله تعالى بجميل صفاته، وبينه وبين الشكر عموم وخصوص، فعمومه أنه يكون لمسدي النعمة ولغيره، وخصوصه بأنه لا يكون إلا باللسان، وعموم الشكر بأنه يكون بغير اللسان، وخصوصه بأنه لا يكون إلا لمسدي النعمة. قال الشاعر:
أفارتكم النعماءُ
يدي ولساني والضمير المحجَّبا
وقيل: هما سواء.
«المحمود»: يجوز رفعه ونصبه وجره، وهو الوجه وكذلك ما بعده من الصفات.(1/1)
«الموجد خلقه على غير مثال»، أي: مخلوقاته أنشأها من العدم على غير مثال، لكمال قدرته.
«وذرات الرمال»: الذرات: واحدتها ذرة، وهي صغرى النمل، ثم استعمل في الرمل تشبيهاً، ويجوز أن يكون جمع ذرة، وهي المرة من ذرٍّ بمعنى مذرورة.
«لا يعزب»: بضم الزاي وكسرها، أي: لا يبعد ولا يغيب.
«وصلى الله»: الصلاة من الله تعالى: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن الآدمي: التضرع والدعاء. وقال أبو العالية: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 1
«وعلى سيدنا»: السيد: هو الذي يفوق في الخير قومه، قاله الزجاج، وقيل: التقي. وقيل: الحليم. وقيل: الذي لا يغلبه غضبه، وجميع ذلك فيه .
«محمد»: سمي محمداً لكثرة خصاله المحمودة، وهو علم منقول، من التحميد، مشتق من الحميد اسم الله تعالى.
وقد أشار إليه حسان بن ثابت ـ رضى الله عنه ـ بقوله:
وشقّ له من اسمه ليُجلَّه
فذو العرش محمود وهذا محمد
«المصطفى»: هو الخالص من الخلق، وهو خير الخلائق كافة.
«وآله»: الصواب جواز إضافته إلى المضمر خلافاً لمن أنكر ذلك. والآل: يطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاثة معان. أحدها: الجند والأتباع، كقوله تعالى: {آل فرعون} [البقرة: 05] أي: أجناده، وأتباعه. والثاني: النفس، كقوله تعالى: {آل موسى وآل هارون} [البقرة: 842] بمعنى: أنفسهما. والثالث: أهل البيت خاصة. وآله: أتباعه على دينه، وقيل: بنو هاشم، وبنو المطلب، وهو اختيار الشافعي. وقيل: آله: أهله، ولو قال في التشهد: وعلى أهل محمد، أجزأ في أحد الوجهين.
«بالغدو والآصال»: الغدو: نفس الفعل. تقول: غداً غدوّاً، وعبَّر بالفعل عن الوقت، والمراد به الغدوات. كما تقول: آتيك طلوع الشمس، أي: وقت طلوعها.
«والآصال»: الآصال: جمع أصلُ، والأصلُ، جمع أصيل، وهو ما بين العصر وغروب الشمس.(1/2)
«وإيجازه» أي: تقصيره، يقال: أوجز في الكلام: إذا قصَّره، فهو كلام موجَزٌ، وموجِزٌ، ووَجْزٌ، ووَجيز، كله عن الجوهري.
«وسطاً بين القصير والطويل» أي: متوسطاً بينهما. قال الواحدي: الوسط: اسم لما بين طرفي الشيء، وأما اللفظ به وبما أشبهه في لفظه، فقال المبرد محمد بن يزيد: ما كان اسماً، فهو وسَطٌ مُحرَّك السين، كقولك: وسَط رأسه صلبٌ، وما كان ظرفاً، فهو مسكَّن، كقولك: وسَطَ رأسه دهن، أي: في وسطه. وقال ثعلب: ما اتحدت أجزاؤه، ولم يتميز بعضه من بعض، فهو وسطٌ بتحريك السين، نحو: وسطَ الدار، وما التقت أجزاؤه متجاورة، فهوَ وسط، كالعقد، وحلقة الناس. وقال الفراء: الوسَط المثقل: اسمٌ، كقولك: رأسٌ وسط، وربما خُففت، وليس بالوجه، وجلس وسْطَ القوم، ولا تقل: وسَط، لأنه في معنى: بين. وقال الجوهري: كل موضع صلح فيه بين، فهو: وسطٌ، وما لم يصلح فيه «بين»، فهو: وسَطٌ بالتحريك. وربما سكِن، وليس بالوجه. قال الفراء: قال يونس: سمعت وسَط ووسْط.
«وحجمه»: بمعنى: ضخامته.
«وفهمه»بفتح الهاء وسكونها، لغتان، كفلسٍ وفرَسٍ.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 1
كتاب الطهارة
«الكتاب» مصدرٌ سمِّي به المكتوب، كالخلق بمعنى المخلوق، يقال: كتبت كتْباً وكتابةً، والكتبُ: الجمع، يقال: كتبت البغلة: إذا جمعت بين شُفري حيائها بحلقة أو سير [لئلا ينزى عليها]. قال سالم بن دارة:
لا تأمنَنَّ فزارياً خلوتَ به
على قلُوصكَ واكتبها بأسيار
ومنه الكتيبة واحدة الكتائب، وهو العسكر المجتمع، تكتب: تجمع، وقيل: هي العسكر الذي يجتمعُ فيه جميع ما يحتاج إليه للحرب، ومنه: كتبت الكتاب، أي: جمعت فيه الحروف والمعاني المحتاج إليها، ومن «شرح الحماسة».(1/3)
وهو في الاصطلاح: اسم لجنس من الأحكام ونحوها، تشتمل على أنواع مختلفة، كالطهارة مشتملة على المياه، والوضوء، والغسل، والتيمم، وإزالة النجاسة وغيرها، وهو خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا كتاب الطهارة، أي: الجامع لأحكامها.
«الطهارة»: هي في اللغة: النزاهة والنظافة عن الأقذار، يقال: طهُرَت المرأة من الحيض، والرَّجل من الذنوب، بفتح الهاء وضمِّها وكسرها. وهي في الشرع: رفع ما يمنع الصلاة وما في معناه من حدثٍ أو نجاسة بالماء، أو رفع حُكمه بالتُّراب.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 5
باب المياه
أي: هذا باب المياه، والباب معروف، وقد يطلق على الصنف، قال الجوهري: وأبوابٌ مبوَّبة، كما يقال: أصنافٌ مصنَّفة، والباب: ما يدخل منه إلى المقصود، ويتوصل به إلى الإطلاع عليه.
«المياه»: هو ما جمع ماء، وهمزته منقلبة عن هاء، فأصله موه، وجمعه في القلة: أمواهٌ، وفي الكثرة: مياهٌ، كجملٍ وأجمال وجمال، وهو اسم جنسٍ، وإنما جميع لكثرة أنواعه.
«طهورٌ»: الطهور بفتح الطاء: هو الطاهر في ذاته، المطهِّر غيره، كذا قال ثعلب، والطُّهور بالضم: المصدر، وقد حكي فيهما الضم والفتح.
«بمكثه»: يجوز فيه ضم الميم وكسرها وفتحها، وهو مصدر: مكث بفتح الكاف وضمنها، أي: أقام.
«كالطُّحلب»: يجوز فيه ضم اللام وفتحها، وهو الأخضر الذي يخرج من أسفل الماء حتى يعلوه، ويقال له: العَرْمض بفتح العين المهملة والميم، ويقال له أيضاً: ثور الماء.
«كالعود»: المراد العود القَماري، بفتح القاف، منسوب إلى قَمار، موضع ببلاد الهند.
«والكافور»: هو المشهور من الطيب، قال ابن دريد: أحسبُه ليس بعربي محض، تقولهم: قفور، وقافور. وقال أبو عمرو، والفراء الكافور: الطلع. وقال الأصمعي: وعاء طلع النخل. فعلى هذا يُطلق عليهما، والمراد بما ذكره الفقهاء: المشموم، والمراد: وقطع الكافور، فإن كان مسحوقاً، سلب طهوريته، لأنه يتغير بالمخالطة.(1/4)
«يرفع الأحداث» الأحداث: جمع حدث، وهو ما يوجب الضوء والغسل، أو كلاهما، أو بدلهما، قصداً واتفاقاً، كالحيض، والنفاس، والجنون، والمغمى عليه.
«ويزيل الأنجاس»: الأنجاسُ: جمعُ نَجَس بفتح الجيم وكسرها، وهو في اللغة: المستقذر، يقال: نَجس كعَلَم يَعْلَمُ، ينجُس، كشرُفُ يشرفُ، وهو في الاصطلاح: كلُّ عين حرُمَ تناولها [حالة الاختيار] مع إمكانه، لا لحُرمتها، ولا لاستقذارها، ولا لضررها في بدن أو عقل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 6
فصل
«الفصل»: هو الحجز بين الشيئين، ومنه فصل الرَّبيع، لأنَّه يحجز بين الشتاء والصيف، وهو في كتب العلم كذلك، لأنه يحجز بين أجناس المسائل وأنواعها.
«أو غمس يده» اليد، أصلها: يدَيٌ، ولم تُبْنَ مع كونها على حرفين، لكون الثالث يعود إليها في التثنية والجمع، كقوله: يديان بيضاوان عند محرق. وقوله تعالى: {غلت أيديهم} [المائدة: 46]، {وأيديكم إلى المرافق} [المائدة: 6] واليد حقيقة في اليد إلى المنكب، ثم تستعمل في غير ذلك بقرينة، ففي الوضوء خرج ما فوق المرفق بقوله: {إلى المرافق} وفي السرقة إلى الكوع بقرينة قطعه من الكوع، وكذا هنا المراد: إلى الكوع، فلو أدخل ما فوق ذلك في الماء، لم يؤثر فيه شيئاً، وإدخال بعض اليد كإدخال جميعها في وجه، ولها فروع لا يحتلمها هذا المختصر.
«بولاً أو عذرة»: المراد بقول الآدميين وعذرتهم.
«قلتين»: واحدتهما: قُلَّة، وهي الجرّة، سميت بذلك لأنَّ الرجل العظيم يقلُّها بيديه، أي: يرفعها. يقال: قلَّ الشيء وأقله: إذا رفعه.(1/5)
«خمسمائة رطل» الرطل: الذي يوزن به، بكسر الرّاء، ويجوز فتحُها، حكاهما يعقوب عن الكسائي. وللعلماء في مقدار الرطل العراقي ثلاثة أقوال. أصحُّها: أنه مائة درهمٍ، وثمانية وعشرونَ درهماً، وأربعة أسباع درهم. والثاني: مائة وثمانية وعشرون. والثالث: مائة وثلاثون. فالفلتان إذن بالرطل الدمشقي على القول الأول وعلى الرواية الأولى التي هي الصحيحة: مائة رطل وسبعة أرطال، وسُبُع رطل. وعلى رواية أربعمائة، تكون القلتان خمسةً وثمانين رطلاً، وخمسة أباع رطلٍ.
«لم يتحرَّ»: التحري: طلب ما هو أحرى [بالاستعمال] في غالب ظنّه، أي: أحق. ومنه قوله تعالى: {فأولئك تحروّا رشدا} [الجن: 01] أي: توخوا، وعمدوا. كلُّه عن الجوهري.
«توضّأ من كل واحد»: توضأ: مهموزٌ، ويجوز ترك همزة، كلاهما عن الجوهري، قال شيخنا ابن مالك رحمه الله في نظمه «الأوجز»: توَضّيتُ: لغة في توضأتُ.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 7
باب الآنية
وهي جمع إناء، كسقاءٍ وأسقيةٍ، وجمع الآنية: الأواني.
«الجوهر»: قال أبو منصور: الجوهر: فارسي معرّب، وهو الذي يخرج من البحر، وما يجري مجراه في النفاسة، كالياقوت والزَّبر جدَ، وواحدتُه: جوهرة، عن الجوهري.
«إلا آنية الذهب والفضة»: الذهب والفضة معروفان، وللذهب أسماء، منها: النَّضر، بالنضير، والنُّضّار، والزِّبرج، والسِّيراء، والزخرف، والعَسْجد، والعِيقان، والتبر غير مضروب، وبعضهم يقولُه للفضة. وللفضة أسماءٌ أيضاً، منها: الفضة، واللجين، والنسيك، والغرَب، ويطلقان على الذهب أيضاً.
«والمضبب»: هو الذي عمِل فيه ضَبَّةٌ، قال الجوهري: هي حديدة عريضة يضبب بها الباب، يريد ـ والله أعلم ـ أنها في الأصل كذلك، ثم تستعمل من غير الحديد، في غير الباب.(1/6)
«كالسراويل»: يقال: سروان، بالنون. قال الأزهري: وسمعت غير واحد من الأعراب يقول: سروال، وقال أبو حاتم السجستاني: وسمعت من الأعراب من يقول: شروال، بالمعجمة وهو أعجميٌّ به المفرد، وينشد:
عليه من اللؤم سروالة
وقيل: إنه مصنوع لا حجة فيه.
«ولا يظهرُ جلدُ الميتة»: قال الجوهري: الموت ضدُّ الحياة، وقد ماتَ يموتُ ويماتُ، فهو ميتٌ وميِّتٌ، قال الشاعر فجمعها:
ليس مَنْ ماتَ فاستراح بميْت
إنما الميتُ ميِّتُ الأحياءِ
والميتة: ما لم تلحقها الذكاة، آخر كلامه. وكذلك يقال: ميْتة وميِّتة، والتخفيف أكثر. قال الحافظ أبو الفرج: وهي في الشرع: اسم لكل حيوان خرجت روحه بغير ذكاةٍ، وقد يسمى المذبوح في بعض الأحوال ميتة حكماً، كذبيحة المرتد.
«بالدباغ»: الدباغ مصدر دَبَغ الاهاب بدبغُه وبدبَغُه [ويدُبغُه]، دبْغاً ودِباغاً، ودِباغة. والدّباغ أيضاً: ما يدبغ به، يقال: الجلد في الدباغ، وكذلك الدبغ والدِّبغة بكسرهما، كله عن الجوهري.
«وإنفحتها»: قال الجوهري: والانفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة. كرش الحمل، أو الجدي ما لم يأكل، فإذا أكل فهو كرش، عن أبي زيد. وكذلك المنفحة بكسر الميم. قال الراجز:
كم قد أكلت كبِداً وإنفحة
ثم ادَّخرت ألية مشرَّحة
هذا آخر ما ذكر. وفيها لغة ثالثة: كسر الهمزة مع تشديد الحاء، حكاها يعقوب، ولغة رابعة: فتح الهمزة مع تشديد الحاء أيضاً، حكاها أبو عمر الزاهد في «شرح الفصيح» ونقل ابن طلحة الأشبيلي خامسة بفتح الهمزة، مخففاً، وسادسة منفتحة بفتح الميم.
«وظفوها»: بضم الفاء سكونها.
«وشعرها»: بفتح العين وسكونها عن يقول.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 9(1/7)
كتاب الاستنجاء
«الاستنجاء»: إزالة النجو، وهو العذرة، عن الجوهري. وأكثر ما يستعمل في الاستنجاء بالماء، وقد يستعمل في إزالتها بالحجارة. وقيل: هو من النجوة، وهي: ما ارتفع من الأرض، كأنه يطلبها ليجلس تحتها، قاله ابن قتيبة. وقيل: لارتفاعهم وتجافيهم عن الأرض، وقيل: من النجو، وهو القشر والإزالة، يقال: نجوت العود: إذا قشرته. ونجوت الحلد من الشاة، وأنجيته: إذا سلخته. وقيل: أصل الاستنجاء: نزع الشيء من موضعه، وتخليصه، ومنه: نجوت الرطب، واستنجيته: إذا جنيته، وقيل: هو من النجو، وهو القطع، يقال: نجوت الشجرة وأنجيتها واستنجيتها: إذا قطعتها، فكأنه قطع الأذى عنه باستعمال الماء.
«دخول الخلاء»: الخلاء ممدوداً: المكان الذي تقضي فيه الحاجة. عن الجوهري، سُمي بذلك، لأنه يتخلى فيه، أي: ينفرد: وقال أبو عبيد: يقال لموضع الغائط: الخلاء، والمذهب، والمرفق، والمِرحاض. ويقال له أيضاً: الكنيف، للاستتار فيه، وكل ما ستر من بناء وعيره، فهو كنيف.
«الخبث والخبائث» الخبث: بضم الخاء والباء، وهو جمع خبيث، كرغيف ورُغف، وهو مشكل من جهة أن فعيلا إذا كان صفة، لا يجمع على فُعُل، كنحو كريم، وبخيل. وهو الذكر من الشياطين. والخبائث: جمع خبيّة، وهي الأنثى منهم، استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم، كذا فسّره غير واحدٍ من متأخري أهل الغريب. ويروي: الخُبث بسكون الباء، وحينئذ يحتمل أن يكون مخففاً منه، كقولهم في كتب ورُسُل: كتبٌ ورُسْلٌ. وقال أبو عبيد: الخبثْ بسكون الباء: الشر. والخبائث: الشياطين. وقيل: الخبث: الكفر. والخبائث: الشياطين. عن ابن الأنباري.
وقيل: الخبث: الشيطان. والخبائث: المعاصي.(1/8)
«الرجس النجس»: قال الجوهري: الرجس: القذر، والنجس: اسم فاعل من نجس ينجس، فهو نجس، كفرح يفرح، فهو فرح. قال الفراء: إذا قالوه مع الرجس أتبعوه إياه، فقالوا: رجس نجس، يعني: بكسر النون، وسكون الجيم، وهو من عطف الخاص على العام، فإن الرجس النجس: الشيطان الرجيم، قد دخل في الخبث والخبائث، لأن المراد بهم الشياطين، والله أعلم.
«غفرانك»: منصوب، على أنه مفعول به، أي: أسألك غفرانك، أي: اغفر لي تقصيري في شكر ما أنعمت به عليَّ من الرزق ولدَّته وإساغته والانتفاع به، وتسهيل خروجه. وقيل: من ترك الذكر مدة التخلي. ويجوز أن يكون منصوباً على المصدر، أي: غفرانك.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 11
«وإن كان في الفضاء»: الفضاء: هو الساحة، وما اتسع من الأرض، يقال: أفضيت: إذا خرجت إلى الفضاء، كله عن الجوهري.
«وارتاد مكاناً رخواً» أي: طلب مكاناً دمثاً ليِّناً لئلا يرتدَّ عليه بوله. و«رخواً»، بكسر الراء وفتحها، أي: هشاً.
«في شق ولا سرب»: الشق بفتح الشين: واحد الشقوق، والسرب: بفتح السين والراء، قال الجوهري: بيت في الأرض. يقال: انسرب الوحش في سربه، والثعلب في حجره..
«ولا طريق» الطريق: السبيل: تُذكِّر وتؤنث، وجمه أطرافه، وطرق، كله عن الجوهري.
«من أصل ذكره إلى رأسه»: قال أبو عبد الله السامري: هو الدرز الذي تحت الأنثيين من حلقة الدبر.
«ثم ينتره ثلاثاً»: ثلاثاً: عائد إلى مسحة ونترة، يمسحه ثلاثاً، وينتره ثلاثاً، صرح بذلك أبو الخطاب في «الهداية».
«ثم يستجمو» قال الجوهري: الاستجمار: الاستنجاء بالأحجار، قال ابن الأنباري: الجمار عند العرب: الحجارة الصغار، وبه سُمِّيتْ جمار مكة.
ويجزئه أحدهما ونحو ذلك» كله بضمّ أوله، مهموز الآخر، أي: يخرجه عن العهدة. قال الجوهري: وأجزأني الشيء: كفاني.(1/9)
«فإن لم ينق بها» النقاء: النظافة، يجوز ضم الياء، وكسر القاف، ويكون الضمير عائداً على المستجمر، ويجوز فتح الياء، وفتح القاف، ويكون الضمير عائداً على المحل، وهو من: نقيَ بكسر القاف، ينقى بفتحها. وقوله: «زاد حتى ينقى»: مثلُه.
«ويقطع على وتر» أي: فردٍ، بفتح الواو وكسرها، لغتان مشهورتان، نقلهما الزجاج وغيره، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 11
باب السواك
السِّواك: اسم للعود الذي يتسوك به، وكذلك المِسواك، بكسر الميم، قال ابن فارس: سمي بذلك لكون الرجل يردِّده في فمه ويحركه، يقال: جاءت الإبل هزلي تساوك: إذا كانت أعناقها تضطرب من الهزال. وذكر صاحب «الحكم» أن السِّواك يذكر ويؤنث، وجمعه: سُوك، ككتابٍ وكتب، وذكر أنه يقال في جمعه: سؤكٌ بالهمز.
«بعد الزوال» زوال الشمس: ميلها عن كبد السماء.
«عند الصلاة» عند: حيث جاءت ظرف غير متمكن، [فلا تقول: عندك واسع بالرفع] وهو ظرف في الزمان والمكان. تقول: عندَ الليل، وعند الحائط. وفيها ثلاث لغات: كسر العين، وفتحها، وضمها. وقد أدخلوا عليه من حروف الجر «من» وحدها، كما أدخلوها على «لَدُن». ولا يقال: مضيتُ إلى عندك، ولا إلى لدنك. جميع ذلك عن الجوهري.(1/10)
«رائحة الفم»: الفم معروف، وذكر شيخنا أبو عبد الله ابن مالك فيه تسع لغات: فتح الفاء وضمها وكسرها مع تخفيف الميم، والرابعة والخامسة فتحها وضمها مع تشديد الميم، والسادسة والسابعة والثامنة فمىً مقصوراً بفتح الميم وضمها وكسرها، والتاسعة فم بالنقص واتباع الفاء الميم في الحركات الإعرابية. تقول: هذا فمه، ورأيت فمه، ونظرت إلى فمه. ونظير ذلك في الاتباع: «امرؤ» «وابنم». وحكى ابن الأعرابي في تثنية «فمىً» فموان وفميان. وحكي اللحياني أنه يقال: فمّ ـ بالتشديد أفمام، فعلم بهذا النقل أن التشديد لغة صحيحة لثبوت الجمع على وقفها، فثبت أن للفم أربع مواد، أحدها: «ف م ي»، والثانية: «ف م و»، والثالثة: «ف م م»، والرابعة: «ف و ه».
«فإن امتاك بأصبعه»: الأصبع معروفة، تذكر وتؤنث، وذكر شيخنا رحمه الله فيها عشر لغاتٍ: فتح الهمزة مع فتح الباء وضمها وكسرها، وضم الهمزة مع ضم الباء، وفتحها، وكسرها. وكسر الهمزة مع فتح الباء، وضمها، وكسرها. والعاشرة: أصبوع، بضم الهمزة والباء، وبعدها واوٌ.
«ويستاك عرضاً»: معنى استياكه عرضاً: أن يستاك من ثناياه إلى أضراسه، وذلك عرض بالنسبة إلى الإنسان، وطولٌ بالنسبة إلى شق الفم.
«ويدهن غِبّاً»، أي: يدهن يوماً ويدع يوماً. مأخوذ من غبِّ الإبل. قال الجوهري: هو أن ترد الماء يوماً وتدعه يوماً. وأما الغبُّ في الزيارة، فقال الحسين: في كل أسبوع. [يقال]: «زُرْ غِبّاً تزددْ حُباً».
«ويكتحل وتراً»: بكسر الواو وفتحها كما تقدم، ومعنى الوتر: أن يكتحل ثلاثاً في كل عين. وقيل: ثلاث في اليمين، وثنتان في اليسرى، وذكرهما المصنف في «المغني».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 14
«ويجب الختان»: وهو في حق الرجل: قطع جلدة غاشية الحشفة، وهي في حق المرأة: قطع بعض جلدةٍ عاليةٍ مشرفة على الفرج، ولا يجب على النساء في أصح الروايتين.(1/11)
«ويكره القزع» بفتح القاف والزاي: أخذ بعض شعر الرأس، وتركُ بعضه، نصّ على ذلك ابن سيدة في «المحكم». وكذ فسَّره الإمام أحمد في رواية بكر ابن محمد عن أبيه.
«ودخوله المسجد»، المسجد بكسر الجيم وفتحها: المكان المتخذ للصلاة. حكاهما الجوهري وغيره. وقال أبو حفصٍ الصقلي: ويقال: مسيد بفتح الميم حكاه غير واحد.
«مع الذكر»: قال الإمام أبو عبد الله ابن مالك في «مثلثه»: الذكر بالقلب، يضَم ويكسر، يعني: في الذال.
«والبداءة بالمضمضة»: البداءة بالشيء: تقديمه على غيره، وفيها أربع لغات: بدأة، كمرأة، وبُدأة، كجرأة، وبُدُؤءَة، كمروءة، وبُداءة، كملاءة، وذكر الأربع الجوهري وغيره، ولم أرَ أحداً ذكر البداية بكسر الباء وترك الهمز، لكن على قياس قول من قال: بديت بغير همز، تقول: بداية بغير همز، حكاها الجوهري.
«بالمضمضة والاستنشاق» قال الجوهري: المضمضمة: تحريك الماء في الفم، والاستنشاق: إدخالُ الماءِ وغيره في الأنف.
«والمبالغة فيهما» المبالغة في المضمضة: إدارة الماء في أقاصي الفم، ولا تجعله وجَوراً. والمبالغة في الاستنشاق: اجتذابُ الماء بالنَّفَسِ إلى أقصى الأنف، ولا تجعله سَعُوطاً.
«وتخليل اللحية والأصابع» التخليل: تفريق الشعر وأصابع اليدين والرجلين، وأصله: من إدخال الشيء في خلال الشيء هو وسطه. «واللَّحية» بكسر اللام، هذه المعروفة، وجمعها: لِحىً ولُحى، بكسر اللام [وضمها] حكاهما الجوهري.
«التيامن» التيامن: من البداءة بالأيمن من جانب الفم في السّواك، وغسل اليمنى قبل اليسرى من اليد والرجل ونحو ذلك والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 14
باب فرض الوضوء وصفته
الفرض في اللغة: ومنه: فرضةُ القوس والسهم.(1/12)
وفي الشرع: ما كان فعله راجحاً على تركه مع المنع من تركه مطلقاً، وقيل: ما تُوعّد بالعقاب على تركه، وقيل: ما يعاقب تاركه، وقيل: ما يذم تاركه شرعاً، وقيل: ما وُعد على فعله بالثواب، وعلى تركه بالعقاب.
والفرض: هو الواجب في ظاهر المذهب. وعنه: الفرض آكد من الواجب، فقيل: هو اسم لما يقطع بوجوبه، وقيل: ما لا يسامح في تركه عمداً، ولا سهواً، نحو أركان الصلاة. وعنه: الفرض ما ثبت بقرآن، ولا يسمى ما ثبت بالسنة: فرضاً، حكاها ابن عقيل.
والوضوء بضم الواو: الفعل، وبفتحها: الماء المتوضأ به، هذا هو المشهور، وحكي الفتح في الفعل، والضم في الماء، وهو في اللغة: عبارة عن النظافة والحسن، وفي الشرع: عبارة عن الأفعال المعروفة.
«غسل عضو»: عُضِو: بضم العين وكسرها، عين يعقوب، وغيره واحد الأعضاء.
الحدث كلها» الحدث: هنا المراد به الأحداث، كقوله تعالى: {إن الإنسان لفي خسر} [العصر: 2]. أي: كل الإنسان، ولذلك صح توكيدها بـ«كلها».
«فهل يرتفع سائرها» أي: باقيها، والأكثر في سائر الشيء أن يكون بمعنى باقيه، وقد يستعمل سائره بمعنى جميعه. وسارُ الشيء: لغة في سائره، حكاها الجوهري.
«وإن استُصحِبَ حكمُها أجزأه» استصحابُها حكماً: هو أن ينوي في أول العبادة، ثم لا يقطعها إلى آخرها.
«من غرفة» الغرفة بفتح العين: الفِعلة، وبضم الغين: المغروف، ويحسن الأمران هنا.
«شعر الرأس» بفتح العين وسكونها، عن يعقوب.
«إلى ما انحدر من اللحيين» هما تثنية لَحْيٍ بفتح اللام وكسرها، عن عياض: قال الجوهري: هو منبت اللحية من الإنسان وغيره، وجمعه في القلة: ألحٍ، وفي الكثرة لُحيٌ ولِحيٌ بضم اللام وكسرها، عن يعقوب. واللحية: الشعر النابت على اللّحي، وبه سميت، والجمع لُحي بالكسر والضم، والذَّقَنُ بفتح الذال المعجمة والقاف. قال الجوهري: هو مَجْمَع اللَّحيين.(1/13)
«ومن الأذن إلى الأذن» الأذن بضم الهمزة مع ضم الذال وسكونها: العضو المعروف، كعُسُر وعُسْر، وهي مؤنثة، كله عن الجوهري.
«يصف البشرة» البشَرَةُ والبَشَرُ: ظاهر جلد الإنسان. عن الجوهري.
«إلى المرفقين» المرفقان: تثنية مرفق، بكسر اليم وفتح الفاء، وبفتح الميم وكسر الفاء [وبفتح الميم والفاء].
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 17
«إلى قفاه» القفا: مقصور، يذكر ويؤنث، وله جموع ستة، نظمها شيخنا ابن مالك في قوله:
جمع القفا أقفٍ وأقفا أقفِيَهْ
مَعَ القِفي قفين واختم بِقْعي
«ولا يستحب تكراره» بفتح التاء وكسرها.
«إلى الكعبين» قال الجوهري: الكعب: العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم، وأنكر الأصمعي قول الناس: إنه في ظهر القدم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 17
كتاب مسح الخفين
«والجرموقين» واحدهما جُرمُوق، بضم الجيم والميم: نوع من الخفاف، قال الجوهري: الجرمُوق: الذي يُلبَسُ فوق الخفِّ، وقال ابن سيدَه: هو خف صغير، وهو معرَّب وكذا كل كلمة فيها جيم وقاف، قاله غير واحد من أهل اللغة.
«والجوربين» واحدها جورب، وهو أعجمي معرّب، جمعه جوارب وجواربه.
«والجبائر» قال ابن سيده: واحدتها: جبيرة وجبارة، بكسر جيم الثانية، وهي أخشاب أو نحوها، تربط على الكسر ونحوه.
«وفي المسح على القلانس» واحدها قلَنْسُوة، وفيها ست لغات: قَلَنْسُوَة، وقَلْسُوَة، وقَلُساة، وقُلَنْسِيَة، وقَلَنْساة، وقلنسية. غير أنَّ جمع قُلنَسْيِه وقَلَنسَاه: قلانس.
«خُمر النساء» واحدتها خِمار بكسر الخاء، وهو ما تُغطي به المرأة رأسها، وكل ما ستر شيئاً فهو خمار.
«تلبس» بفتح الباء، مضارع لَبِس بكسرها. قال ابن درستويه: هو عام في كل شيء من اللباس وغيره، ولَبَس الأمر [عليه]: عكسه، بفتح الباء في الماضي، وكسرها في المضارع، قال الله تعالى: {ولَلَبَسناه عليهم ما يَلْبِسون} [الأنعام: 9].(1/14)
«شدّ لفائف» واحدتها: لِفاقة، وهي: ما يُلفُّ على الرِّجل من خرقٍ وغيرها.
«دون أسفله وعقبه» العَقِب بفتح العين مع كسر القاف وسكونها: مؤخر القدم وهي مؤنثة.
«إذا كانت محنكة» المحنَّكة: التي أدير بعضها تحت الحنك، قال الجوهري: الحَنَك: ما تحت الذَّقَن من الإنسان وغيره.
«ذات ذؤابة» بضم الذال بعدها همزة مفتوحة. قال الجوهري: الذؤابة من الشعر، والمراد هنا: طرف العمامة المرخيّ، سُمي ذُؤابةً مجازاً. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 21
باب نواقص الوضوء
«من السبيلين» واحدهما: سبيل، وهو الطريق، يذكر ويؤنث، والمراد هنا: مخرج البول والغائط.
«فإن كانت غائطاً أو بولاً» الغائط هنا: المراد به العَذرة، وهو في الأصل: المطمئنُ من الأرض، كانوا يتناوبون للحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث الخارج، كراهة لذكره باسمه الصريح.
«فَحُشَ في النفس» فحش: بضم الحاء وفتحها، وأفحش، أي: قبح.
«زوال العقل» قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي: قال قوم: العقل ضرب من العلوم الضرورية، وقيل: جوهر بسيط، وقيل: جسم شفاف، وقال الحارث المحاسبي: هو نور، وبه قال أبو الحسن التميمي، وروى الحربي عن أحمد أنه غريزية، والتحقيق أن يقال: إنه غريزية كأنها نور يُقذف في القلب، فيستعد لإدراك الأشياء، فيعلم جواز الجائزات، واستحالة المستحيلات، ويتلوَّح عواقب الأمور، وذلك النور بقلّ ويكثر، فإذا قوي قَمَعَ ملاحظة عاجل الهوى. وأكثر أصحابنا يقولون: محله القلب، وهو مروي عن الشافعي، ونقل الفضل بن زياد عن أحمد: أن محله الدماغ، وهو اختيار أصحاب أبي حنيفة، وهو رواية عن أحمد.
«يبطن كفه أو بظهره» الكف: مؤنثة، وسميت كفاً، لأنها تكف عن اليد الأذى، وكان حقه أن يقول: أو بظهرها، لكن يصح ذلك على تأويل الكف بالعضو، ونظيره قوله تعالى: {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي} [الأنعام: 87]. أي هذا الطالع.(1/15)
«بذراعه» الذراع: يذكر ويؤنث، والتأنيث اختيار سيبويه، وهو في اللغة، من طرف المرفق إلى طرف الأصبع، والمراد به ـ والله أعلم ـ هنا: ما عدا الكف من اليد إلى المرفق.
«الدُّبر» معروف بضم الدال، وضم الباء وسكونها، كعُسُر وعُسُر.
«والسن» السِّن: مؤنثة تصغيرها: سنينة، وجمعها أسنان، وجمع الأسنان: أسنَّة، كقولهم: قِنَّ وأقنَان وأقِنَّة، كلها عن الجوهري.
غسل الميِّت» مشدد ومخفف، قاله الجوهري، وأنشد:
ليس مَنْ ماتَ فاستراح بميْتٍإنما الميْت ميِّتُ الأحياء
ويستوي فيه الذكر والمؤنث.
«لحم الجزور» الجزور: يقع على الذكر والأنثى من الإبل، وجمعهُ جزُر.
«لحم الجزور» الجزور: يقع على الذكر والأنثى من الإبل، وجمعهُ جزُر.
«من كبدها» الكبد معروفة: وهي مؤنثة، وفيها ثلاث لغات، كَبِدٌ وكِبْدٌ، مثل كَذِبٌ وكِذْب، وكَبْد كفخذ، حكاها الجوهري.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 23
«والردة عن الإسلام» الردة: الإتيان بما يخرج به عن الإسلام، إما نطقاً، وإما اعتقاداً، وإما شكاً، كذا ذكره المصنّف في «المغني» وقد يحصل بالفعل.
«ومن تيقن الطّهارة» قال المصنف رحمه الله في مقدمة «الروضة»: اليقين: ما أذعنت النفس للتصديق به، وقطعت به، وقطعتْ بأن قطعها صحيح.
«وشك في الحدث» الشك لغة: التردد بين وجود شيءٍ وعدمه. قال ابن فارس والجوهري وغيرهما: الشك خلاف اليقين. وكذا هو في كتب الفقهاء. وعند الأصوليين: إن تساوى الاحتمالان، فهو شك؛ وإلاّ فالراجع ظن، والمرجوح وَهمٌ.
«ومن المصحف» المْصحف: معلوم، بضم لميم، وفتحها وكسرها: حكى اللغات الإمام أبو عبد الله بن مالك في «مثله».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 23
باب الغسل(1/16)
قال الجوهري: غسلت الشيء غسلاً بالفتح، والاسم الغُسل بالضم: ويقال: غسلٌ: كَعُسُر وعسْرٌ. قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في «مثله»: والغُسل، يعني بالضم: الاغتسال، والماء الذي يغتسل به. وقال القاضي عياض: الغَسل بالفتح: الماء، وبالضم: الفعل. قال الجوهري: والغِسل بالكسر: ما يغسل به الرأس من خِطميٍّ وغيره.
«خروج المنيّ» المنيّ بتشديد الياء عن الجوهري وغيره، وبها جحاء القرآن، قال الله تعالى: {مِنْ منيٍّ يُمْنَى} [سورة القيامة: 73]. وحكي تخفيفُ الياء، سمي بذلك، لأنه يمنى: أي: يصب، وسميت «منىً» منًى، لما يراق بها من دماء الهدي. ويقال: مَنى وأمنى، وبالثانية جاء القرآن: {أفَرأيتم ما تُمنونَ} [الواقعة: 85]. وهو من الرجل في حال صحته: ماء غليظ أبيض، يخرج عند اشتداد الشهوة، يتلذذ عند خروجه، ويعقب خروجه فتور. ورائحته كرائحة طلع النخل يقرب من رائحة العجين، ومن المرأة ماء رقيق أصفر.
«وإن أحسَّ بانتقاله» ياقل: حسْتُ بالشيء، وأحسستُ به، وحسّيتُ به [وأحسَيْت] به، بإبدال السين ياءً بمعنى تيقنه؛ كله عن الجوهري.
«فأمسك ذكره» المشهور أمسك، ومَسَك: لغة قليلة. قال البغوي في «شرح السنة» في باب غسل الحيض له: تقول العرب: مسكت كذا بمعنى أمسكته.(1/17)
«التقاء الختانين» الخِتانان تثنية: خِتان، وهو موضع قطع جلدة القُلْفة، ومن المرأة: مقطع نواتها؛ كذا فسره الأزهري. ويقال لقطعهما: الأعذااء، والحَفص. قاله ابن الأثير في «نهايته» وقال الجوهري:: ختنتُ الغلام ختناً، والاسم الخِتان والخِتانة، والختان: موضع القطع من الذكر، ومنه: «إذا التقى الختانان»؛ وخفضتُ الجارية، مثل: خَتنْتُ الغلام، ويقال: عَذَرْتُ الجارية والغلام عَذْراً: ختنتُهما، وكذلك أعذرتهما، والأكثر: خفَضْتُ الجارية؛ هذا آخر كلامه مفرقاً في أبوابه. وحاصله أن الختان مخصوص بالذكر، والخفض بالإناث، والأعذار مشترك بينهما. والمراد من التقاء الختانين: تغييب الحشفة في الفرج، فلو مسّ الخِتانُ الختانَ، وحصلت حقبقة الالتقاء من غير إيلاك وإنزال، فلا غسل على واحد منهما بالاتفاق.
«تغييب الحشفة» الحشَفة: ما تحت الجلد المقطوعة من الذكر في الختان. «قُبلاً كان أو دبراً» قبلاً بضم القاف والباء، ويجوز سكون الباء، كعُسُرٍ وعسْرٍ، وكذلك الدُّبْر، وقد تقدم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 26
«إسلام الكافر أصلياً أو مرتداً» أصلياً ومرتداً: منصوبان، هكذا بخط المصنف رحمه الله بغير «كان»، وفي كثير من النسخ: أصلياً كان، أو مرتداً، وذكر «كان» غلط، لأنها ليست بخطه رحمه الله، لكنه منصوب بها مُقنرة، وذلك جائز عند الكوفيين. حكاه أبو البقاء. وعليه، على بعض الأقوال خرَّج قوله تعالى: {فآمنوا خيراً لكم} [النساء: 071]. أي: يكن الإيمان خيراً، ويحتمل أن يكون منصوباً على الحال.
«فصاعداً» حيث ورد، منصوب على الحال، وعامله محذوف، أي: قراءة آية، فأخذ صاعداً.
«ويحرم عليه اللَّبث» اللَّبْثُ، واللَّباث بفتح اللام: [المكث] وحكى القاضي عياض: ضمَّها، والباء ساكنة فيهما، وقياسها الفتح؛ ولم تفتح إلا في الضرورة.(1/18)
وغسل المستحاضة» المستحاضة: المرأة التي استمر بها الدم بعد أيامها، يقال: استحيضت المرأةُ فهي مستحاضة، كلها عن الجوهري.
«والوقوف بعرفة» عَرَفَة: اسم لموضع الموقوف، وهي أرضٌ واسعة، سميت بذلك، لأن آدم عرف حواء فيها، وقيل: لأن جبريل عَرَّفَ إبراهيم عليهما السلام فيهما مناسك الحج. ذكرهما الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي. وعرفات: جمع عرفة، وصحَّ جمعهُ، لأن كل موضع يُسمَّى عرفة، ففي اللفظ بعرفات ثلاثة أوجهٍ؛ أحدها: كسر التاء مع التنوين، الثاني: كسرها بلا تنوين. الثالث: فتحها بلا تنووين كغير المنصرف. قال الزجّاج: عرفات اسم لمكان واحد، ولفظه لفظ الجمع، والوجه فيه الصرف عند جميع النحويين.
«والمبيت بمُزدلفة» مُزدلفة: موضع بمكة. ورمي الجمار والطواف: يذكران في الحج إن شاء الله تعالى.
«بعشرة أشياء: النية» [من الواحد] إلى آخر العشر؛ الوجه: الجر فيها كلها على البدل، ويجوز الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف.
«ويحثي» يقال: حثوتُ أحثو حثواً، وحثيت أحثي حثياً، حكاهما الجوهري وغيره.
«ويتوضأ بالمُدّ، ويغتسل بالصاع» المُدُّ: مكيال، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز؛ ورطلان عند أهل العراق. والصاع: أربعة أمدادٍ، هذا كلّه كلام الجوهري. وقد تقدم الكلام في مقدار الرطل العراقي بما أغنى عن إعادته.
«وإن أسبغ دونهما» إسباغ الوضوء: إتمامه. قاله الجوهري.(1/19)
«ويستحب للجنب» الجُنُب بضم الجيم والنون: هو من أصابته الجنابةُ فصار جُنُباً بجماعً أو إنزال، يقال: جَنُبَ، وأجنب فهو مُجنب. وفي تسميته بذلك وجهان. حكاهما ابن فارس. أحدهما: لبعده عما كان مباحاً له؛ والثاني: لمخالطته أهله. قال: ومعلوم من كلام العرب أن يقولوا للرجل إذا خالط امرأته: قد أجْنبَ، وإن لم يكن منه إنزال. وعزا ذلك إلى الشافعي. ويقال: جُنُب للمذكر والمؤنث، والمثنى والمجموع، قال الجوهري: وقد يقال: أجناب وجُنُبُون. وفي «صحيح مسلم» من كلام عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا: «ونحن جُنُبان».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 26
«أو الوطء» الوطء مهموز، قال الجوهري: وطِئْت الشيء برجلي وطءاً، ووطىءَ الرجُلُ امرأته يطأ فيهما.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 26
باب التيمم
التيمم في اللغة: القصد، قال الجوهري: [وتيممتُ الصعيد للصلاة] وأصله: التعمُّد والتوخّي. وقال ابن السكيت: قوله تعالى: {فتيمموا صعيداً طيّباً} [المائدة: 6]. أي: اقصدوا لصعيدٍ طيّبٍ. قال المصنف رحمه الله: ثم نقل عن عرف الفقهاء إلى مسح الوجه واليدين بشيء من الصّعيد.
«وهو بدل» يقال: بدَلٌ وبِدْل، كمَثَلٍ ومِثلٍ، وشَبَهٍ وشِبْهٍ، ونكَلٍ ونِكْلٍ، قال أبو عبيد: لم يسمع في فَعَلٍ، وفِعْلٍ غير هذه الأربعة الأحرف. كله عن الجوهري. وزاد يعقوب: عِشْقٌ وعَشَقٌ، وحِرْجٌ وحَرَجٌ، وضِغْنٌ وضغَنٌ.
«لفرض ولا لنفل» تقدم ذكر الفرض، وأما النَّفل: فقال الجوهري: النَّفْل والنَّافلة: عَطِيْةٌ التَّطوُّعِ من حيث لا تجِبُ، ومنه ناقلة الصلاة.(1/20)
وأي ثمنٍ يعجِزُ عن أدائه» الأصح في يَعجِزُ كسرُ الجيم، ويجوز فتحها؛ حكي عن الأصمعي: عَجَزتُ بفتح الجيم أعجِزُ، وعجِزتُ بكسرها أعجَزُ بفتحها؛ وكاهما أبو حاتم عن أبي زيد، وقال: إنها لغة رديئة؛ وحكاها القزّاز في «الجامع»، وابن القطّاع ويعقوب في «فَعَل وأفعلَ» وغيرهم، والعجز في كلام العرب: أن لا يقدر على ما يريده.
«يكفي بعضَ بدنه» وهو بفتح ياء «يكفي» لا غير، وليس لضمها وجه.
«لزمه طلبه في رحله» رحل الرجل: مسكنه وما يستصحبه من الأثاث، قاله الجوهري.
«صلى على حسب» حَسَب بفتح الحاء والسين، أي: على قدر حاله، قاله الجوهري.
«إلا بتراب» قال الجوهري: التراب فيه لغات، تُرابٌ وتَوْرابٌ وتوْربٌ وتَيْرَبٌ وتُرْبٌ وتُرْبَةٌ وتَرباء، وتَيْرابٌ، وتِرْيبٌ، وتَرِيبٌ، وجمع التراب: أتربةٌ وتربانٌ.
«ذو غبار لا يجوز التيمم به كالجص» ذو: بمعنى صاحب، وهو صفة المحذوف، أي: شيء ذو غبار، أو جامد ذو غُبار، ويقال: غُبار غبَرَة بمعنى واحد. والجصُّ: بفتح الجيم وكسرها: ما يبنى به، وهو معرّبٌ، كلّه عن الجوهري، وقال أبو منصور اللغوي: والجِص معروف، وليس بعربي صحيح.
«إلى كوعيه» واحدهما كوع، بضم الكاف، ويقال فيه: كاع أيضاً، وهو طرف الزَّنَد الذي يلي [أصل] الإبهام، وطرفه الذي يلي الخِنْصر: كرُسوع، بضم الكاف. ويقال للمفصل: رُسْغٌ، ورُصْغ.
«وكفيه براحتيه» واحدتها راحة، وهي بطن اليد، وقيل: هي اليد كلها، وجمعها راحات وراح. ذكره صاحب «المحكم».
«إبهام اليمنى» قال الجوهري: الإبهام: الإصبع العظمى، وهي مؤنثة، وحكي تذكيرها، كما ذكره النووي في «تحرير التنبيه» والجمع أباهيم وأباهم أيضاً، حكاه الجوهري.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 32
«في مصر» قال الجوهري: المصر واحد الأمصار. والمِصْران: البصرة والكوفة، ومصر [هي] المدينة [المعروفة] تذكّر وتؤنث، عن ابن السراج.(1/21)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 32
باب إزالة النجاسة
الإزالة: التنحية، يقال: أزلت الشيء إزالة، وزلته زيالاً بمعنى.
«نجاسة الكلب والخنزير» الخنزير بكسر الخاء: الحيوان المعروف، ونونه أصلية، وعند الجوهري زائدة.
«فإن جعل مكانه أشناناً» قال أبو منصور اللغوي: الاشنان فارسي معرّب، قال [أبو] عبيدة: فيه لغتان، ضم الهمزة وكسرها، وهو الخُرُصُ بالعربية وهمزته أصل ووعاؤه: المحر بضم الميم والراء كالمكحلة وهي أحد ما جاء من الآلة بالضم ولم يذكره ثعلب.
«بالاستحالة إلا الخمرة» الاستحالة: استفعال من حال الشيء عما كان عليه: زال، وذلك مثل أن تصير العين النجسة رماداً، أو غير ذلك. أما الخمرة قال الجوهري: خَمْرة وخَمْر وخُمور، كتمرة وتمرٍ وتمور. والخمر، تؤنث وتذكر. قال ابن الأعرابي: سميت بذلك، لأنها تُركت فاختمرت واختمارها تغير ريحها. وقيل: لمخامرتها العقل. ويجوز فيها هنا الرفع والنصب، والرفع أفصح.
ما يتأتَّى» قال الجوهري: وتأتّى له الشيء، أي: تهيأ، وهو تفعل من: أبي يأتي.
«بول الغلام» قال القاضي عياض: الغلام يطلق على الصبي من حين يولد في جميع حالاته إلى أن يبلغ. قال الواحدي: أصله من الغُلمة والاغتلام، وهو شدة طلب النكاح، قال الشيخ محيي الرين النووي: ولعل معناه: أنه سيصير إلى هذه الحالة.
«النَّضح» قال الجوهري: النضح: الرشُّ، وقال المصنف رحمه الله في «الكافي» النضح: أن يغمره بالماء، وإن لم يزُل عنه.
«أو الحِذاء» الحِذاء ممدود بكسر الحاء، قال الجوهري: وهو النعل.(1/22)
«إلا الدم» الدم معروف، أصله دَمْي، وجمعه: دِماء ودُميٍّ كظَبْي وظُبِيٍّ. وهذا مذهب سيبويه، وقال المبرد: أصله دَمَيٌ بالتحريك، وإن جاء جمعه مخالفاً لنظائره. وذكر الجوهري: أن أصله دمَوٌ بالتحريك. وكأنَّ مأخذه في ذلك قول بعض العرب في تثنيته: دموان على العاقبة، وهي قليلة، لأن حكم أكثر المعاقبة إنما هو قلب الواو ياء، وأكثر تثنيته دميان، قال الشاعر:
فلو أنَّا على حجرٍ ذُبحْنا
جرى الدَّميَان بالخبَر اليقين
والدم بالجر على البدل من شيء، وهو الأفصح، وبالنصب على الاستثناء.
«من القيح والصّديد» القيح: المِدَّة التي لا يخالطها دم، والصَّديد: الماء الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المِدّةُ.
«وعنه في المذي والقيء» فيه ثلاث لغات: مَذْيٌ كظبي، وهي فُصحاهن، ومَذِيّ كشقيّ، ومَذٍّ كعم. وحكى كُراع في «المجرد»: أنه يقال: مَدّي بدالٍ مهملة، وأمّا فعله، ففيه ثلاث لغات: مَذى [بالتخفيف] وأمذى، ومذَّى بالتشديد. قال الجوهري: المذْي بالتسكين: ما يخرج عند الملاعبة والتقبيل، وفيه الوضوء، والقيء: مهموز.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 35
«وسباع البهائم [و] الطير» سباع البهائم: الأسد، والنَّمر، والفهد، والذئب، ونحو ذلك. والكلب والخِنزير من سباع البهائم. ولا خلاف في المذهب في نجاستها، ولم يدخلا هنا، لنصه على نجاستهما أول الباب.
وسباع الطير، قال ابن السكيت: سباع الطير: ما يَصيدُ منها، والجوارح: الكواسي من الطير، ومن ثمَّ قيل: فلان جارح أهله وجارحتهم أي: كاسبهم.
وبول الخفاش والنبيذ» قال الجوهري: الخُفّاش: واحد الخفافيش التي تطير بالليل ثم قال: فيما آخره فاء، الخُفّاشُ. ويقال له: الخُطّافُ. والنبيذ: فعيل بمعنى مفعول، كقتيل وجريح، سمي بذلك لكونه يُنتبذ فيه تمر ونحو ذلك، يقال: نبذتُ النبيذ وأنبذتُه إذا عملته.
«وما لا نفس له سائله كالذباب» النفس السائلة: الدم السائل. قال الشاعر:(1/23)
تسيلُ على حدِّ الظُّباتِ نفوسنا
وليس غير الظبات تسيلُ
وسمي الدم نفساً في البدن، وقيل للمولود: منفوس، لأنه مما ينفس به، أي: يُضنّ به. ويجوز في «سائله» الرفع التنوين، والنصب والتنوين، لا يجوز بناؤه على الفتح بلا تنوين، لعدم إمكان تركيبه مع موصوفه، لأنه مفعول بالجار والمجرور، وهو «له». وأما الذّباب، فهو هذا المعروف، وهو مفرد، وجمعه ذِبّان وأذِبَّة، ولا يقال: ذبابة، نص على ذلك ابن سيده، والأزهري. وأما الجوهري فقال: واحده: ذبابة، ولا يقال: ذِبَّانه. والصواب: الأول، والظاهر أن هذا تصحيف من الجوهري. رآهم قالوا: ولا يقال: ذُبابة واعتقدها ذِبّانه وأجراه أسماء الأجناس المفرَّق بينها وبين واحدها بالتاء كتمرٍ وتمرة.
«وروثه» الروث لغير الآدميين، بمنزلة الغائط والعَذرَةِ منهم.
«وفي رطوبة فرج المرأة» المراد هنا بفرج المرأة، مسلك الذكر منها. فعند أصحابنا حكمه حكم الطاهر، إذا عُلم دخولُ النجاسة إليه، وجب غسله، وتبطل طهارته بخروج الحيض والمنيّ إليه، ولا يبطل صومها بدخول أصبعها ولا غيرها إليه، ومن قال: حكمه حكم الباطن، انعكست هذه الأحكامُ لديه.
«وسؤر الهرة» السؤر بضم السين مهموز: بقية طعام الحيوان وشرابه. عن صاحب «المحكم» من اللغويين. وصاحب «المستوعب» من الفقهاء. وسور المدينة غير مهموز، والسورة من القرآن تهمز لشبهها بالسؤر: البقية، ولا تهمز لشبهها بسور المدينة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 35
باب الحيض
وأصله: السيلان، قال الجوهري: حاضت المرأة تحيض حيْضاً ومحيضاً فهي حائض وحائضة أيضاً، ذكره ابن الأثير وغيره. واستحيضت المرأة: استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة. وتحيّضت، أي: قعدت أيام حيضها عن الصلاة. وقال أبو القاسم الزمخشري في كتابه «أساس البلاغة»: ومن المجاز: جادت السَّمْرةُ: إذا خرج منها شبه الدم.(1/24)
وقال المصنف رحمه الله تعالى: الحيض: دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة، ثم يعتادها في أوقات معلومة لحمة تربية الولد، فإذا حملت، انصرف ذلك الدم بإذن الله تعالى إلى تغذية الولد، ولذلك الحامل لا تحيض، فإذا وضعت الولد، قلبه الله تعالى بحكمته لبناً يتغذى به، ولذلك قلَّما تحيض المرضع، فإذا خلت من حَمْلٍ ورَضاع، بقي ذلك الدم لا مصرف له، فيستقر في مكان، ثم يخرجُ في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وقد: نريد على ذلك ويقل، ويطول شهر المرأة ويقصرُ على حسب ما يركّبُه الله تعالى في الطباع اهـ آخر كلامه. والاستحاضة: سيلانه في غير وقته من العاذل بالذال المعجمة. وقد يقال المهملة حكاها ابن سيدة. وقال الجوهري: العاذر لغة [في العاذل] يعني: بالذال المعجمة والراء، وهو اسم للعرق الذي يسيل منه دم الاستحاضة. قال: وسئل ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما عن دم الاستحاضة فقال: ذاك العاذل يغذو، يعني: يسيل، [لتستقر بثوب ولتُصلّ].
«دم طبيعة وجبلَّة» الطّبع والطبيعةُ، والسَّجيةُ، والجبلَّة: الخِلْقَةُ، عن الجوهري وغيره. ومنه قوله تعالى: {واتقوا الذي خلقكم الجبِلَّة الأولين} [الشعراء: 481]. وقرىء بضم الجيم والباء، وهما لغتان نقلهما أبو البقاء، وحكى ابن سيده فيها ثلاث لغات أخر: جبُلة كغُرفة، وجِبْلَة، ككِسْرة، وجَبْلَة، كشَرْبة، فصار فيها خمس لغات.
«وسنة الطلاق» في حق من تحيض من وجهين. أحدهما: من جهة الزمان، وهو أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه. والثاني: من جهة العدد، وهو أن يطلقها واحدةً ثم يدعها حتى تنقضيَ عِدَّتها، فالحيض يمنع سُنَّة الطلاق بالنسبة إلى الزمان دون العدد.
«والبلوغ» البلوغ في اللغة: الوصول. قال الجوهري: وبلغ الغلام: أدرك. والمراد به ـ والله أعلم ـ بلوغ حَدِّ التكليف ـ، وهو في حَقّ الغلام والجارية كما ذكره رحمه الله في كتاب «الحجر».(1/25)
«والنفاس مِثلُه» النِّفاس بكسر النون في أصل اللغة: مصدر نُفهسَتِ المرأةُ بضم النون وفتحها مع كسر الفاء فيهما: إذا ولدت، وسميت الولادة نِفاساً من التنفس، وهو التشقق والانصداع، يقال: تنفست القوس: إذا تشققت، وقيل: سميت نفاساً، لما يسيل لأجلها من الدم. والدم: النفس كما تقدم، ثم سمي الدم الخارج نَفْسُهُ نِفاساً، لكونه خارجاً بسبب الولادة التي هي النفاس تسمية للمسبِّب باسم السبب. ويقال لمن النفاس: نُفَساء بضم النون وفتح الفاء وهي الفصحى، ونَفَساء بفتحهما، ونفساء بفتح النون، وإسكان الفاء، عن اللحياني في «نوادره» وغيره، واللغات الثلاث بالمد، ثم هي نُفساءُ حتَّى تطهر، وحكى ابن عُديس في كتاب «الصواب» عن ثعلب، النُّفساءُ: الحائط، والوالدة، والحامل، وتجمع على نِفاس، ولا نظير له إلا ناقةُ عَشراء، ونوق عِشار.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 40
«أبيح فعل الصيام، والطلاق» بالرفع عطفاً على فعل، وبالجر عطفاً على الصيام.
«فعليه نصف دينار كفارة» نصف بكسر النون وضمها لغة، وبها قرأ زيد بن ثابت: فلها النصف، والنصف: أحد شقي الشيء، كله عن الجوهري. و«كفارة» نصبت على التمييز، ويجوز رفعها تبعاً لنصف دينار.
«إلا التوبة» بالرفع، قال الجوهري: التوبة: الرجوع عن الذنب. وكذلك التوبُ [و] في كتاب سيبويه التتوبة على [وزن] تفعله: التوبة. وهي في الشرع: الندم على ما مضى من الذنب، والإقلاع في الحال، والعزم على إن لا يعود في المستقبل، تعظيماً لله تعالى، وحذراً من أليم عقابه وسخطه.
«وأقل الحيض يوم» أي أقل زمن الحيض، وكذا أكثره وغالبه، ويجوز تقدير المضاف في الخبر، أي أقل الحيض حيض يوم، وكذا أكثره وغالبه.(1/26)
«وأكثره خمسة عشر» المشهور فتح العين، قال ابن السكيت: ومن العرب من يسكن العين فيقول: أحد عشْرَ [وكذلك] إلى تسعةَ عشرَ، إلاّ اثني عشر، فإن العين لا تسكن لسكون الياء والألف، ويقولون: إحدى عَشِرةَ، فإن العين لا تسكن لسكون الياء والألف، ويقولون: إحدى عَشِرَة [امرأة بكسر الشين، وإن شئت سكنت] إلى تسع عشْر بسكون الشين عن أهل الحجاز، وبالكسر عن أهل نجد، كله عن الجوهري.
«لأكثره فما دون» هو بضم النون، لقطعه عن الإضافة منوية، ويجوز، نصبها على ظرف، على تقدير المضاف، كقراءة من قرأ {لله الأمر من قبل ومن بعد} . ]الروم: 03] بالكسر بلا تنوين.
«على قدر واحد» أي: على مقدار واحد، بسكون الدال وفتحها.
«أسود منتن» أي كريه الرائحة، عن الجوهري. يقال: نَتُنَ الشيء، ونَتَنَ بضم التاء وفتحها، وأنتن فهو مُنْتِن بضم الميم وكسرها لغة حكاها الجوهري.
«فحيضها زمن الدم الأسود» يجوز رفع «زمن» على أنه خبر عن حيضها، على حذف مضاف، أي: زمن حيضها، ويجوز نصبه على الظرف:
«أثناء عادتها» قال الجوهري: الثني واحد أثناء الشيء، أي: تضاعيفه. تقول: أنفذت كذا في ثني كتابي أي: في طيّه.
«وتعصبه» أي: تشده بعصابة، بفتح التاء وكسر الصاد مخففة، ويجوز ضم التاء وتشديد الصاد.
«من به سلس البول» هو الذي لا يستمسك بوله، والذي تقدم.
«لا يرقأ دمه» أي: لا يسكن وهو مهموز، يقال: رقأ الدم رقوءاً، وفي بعض الأحاديث «لا تسبوا الإبل فإن فيها رقوء الدم» أي تُعطى في لدية فتحقن بها الدماء.
«والرعاف الدائم» الرعاف على وزن البزاق. قال ابن سيده: هو الدم الذي يسبق من الأنف، وكل سابق راعف، وفي فعله ثلاث لغات، رَعف بفتح العين وهي فصحاها، ورُعف بضمها حكاها يعقوب، وأبو عبيد في «الغريب المصنف» وابن القطاع والجوهري وغيرهم. ورعف بكسر العين، حكاها ابن سيده وابن السيِّد في «مثله» قال المطرزي: وهو أضعفها.(1/27)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 40
«من غير خوف العنت» العنت، بفتح العين والنون. قال الجوهري: هو الإثم، وقوله تعالى {ذلك لمن خشي العنت منكم} [النساء: 52]. يعني الفجور والزنى. والعنت أيضاً: الوقوع في أمر شاق.
«وإن ولدت توأمين» واحدها توأم «والتوأمان» الولدان في بطن واحد. يقال: أتأمت المرأة: إذا ولدت اثنين في بطن فهي متئم، فإذا كان ذلك عادة لها فهي متآم [والولدان توأمان، ويقال] هذا توأم هذا [على فوعل، وهذه توأمة هذه].
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 40
كتاب الصلاة
الصلاة في اللغة: الدعاء. قال الله تعالى {وصلِّ عليهم} أي: ادع لهم وقال الأعشى:
وقابَلها الرِّيح في دنِّها
وصلَّى على دنِّها وارتسم
أي: دعا وكبر، وهي مشقة من الصلوين، قالوا: ولهذا كتبت الصلاة بالواو في المصحف. وقيل: هي من الرحمة. والصلوات، واحدها صلا كعصا، وهي عرقان من جانبي الذنب، وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود. وقال ابن سيده: الصَّلاة، وسْط الظهر من الإنسان، ومن كل ذي أربع، وقيل: هو ما انحدر من الوركين، وقيل: الفرجة التي بين الجاعرة والذنب، وقيل: هو ما عن يمين الذنب وشماله، وقيل في اشتقاق الصلاة غير ذلك.
وهي في الشرع: الأفعال المعلومة، من القيام، والقعود، والركوع، والسجود، والقراءة، والذكر، وغير ذلك، وسميت بذلك لاشتمالها على الدعاء.
«بسُكرٍ أو إغماء أو شراب دواء» السكر بضم السين، اسم مصدر، وهو زوال العقل بشرب المسكر، يقال: سَكِرَ يسْكَرُ سَكَراً، كبَطِرَ يَبطَر بَطَراً، فهو سكران، والجمع: سَكْرَى وسُكارى وسَكَارى. والمرأة سَكْرَى ولغة بني أسد، سكرانة.(1/28)
«والإغماء» مصدر أغمي عليه، فهو مُغْمَى عليه. ويقال: غُمِيَ عليه، فهو مُغْميٌّ عليه كبني عليه فهو مبني عليه إذا عُشِيَ عليه. ويقال: هو غَمىً كعصاً، وكذلك الاثنان، والجمع، والمؤنث، وإن شئت. ثنَّيْت وجمعت وأثنت، ذكره الجوهري.
والشرب مصدر شرب وفيه ثلاث لغات، ضم الشين، وهو أشهرها، وفتحها، وهو القياس، وكسرها، وهو قليل، وقد قرىء بالثلاث قوله تعالى {فشاربون شرب الهيم} [الواقعة: 55].
والدواء بفتح الدال ممدوداً، وكسر الدال، لغة حكاها الجوهري، وهو يتناول للمداوة.
«ولا تجب على صبي» قال ابن سيده: الصبي: من لدن يولد إلى أن يُفطم، والجمع أصِبية، وصِبْوة وصُبْية، وصِية وصِبوان، وصُبوان، وصِبيان.
«حتى يستتاب ثلاثاً» أي: يطلب منه التوبة ثلاثة أيام. والعرب تغلَّب في العدد الليالي على الأيام، فلذلك لم يقل: ثلاثة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 46
باب الأذان والإقامة
الأذان في اللغة: الأعلام. قال الأزهري: والأذان اسم من قولك: آذنت فلاناً بأمر كذا وكذا، أوذنه إيذاناً، أي: أعلمته، وقد أذَّن تأذيناً وأذاناً: إذا أعلم الناس بوقت الصلاة، فوُضِعَ الاسم موضع المصدر. وقال الله تعالى {وأذان من الله ورسوله إلى الناس} [التوبة: 3]. أي إعلام. وأصل هذا من «الأذن» كأنه يُلقى في آذان الناس بصوته، [ما] إذا سمعوه علموا أنهم ندبوا إلى الصلاة.
وهو في الشرع: الأعلام بدخول وقت الصلاة، بالذكر المخصوص.
والإقامة مصدر أقام، وهو متعدّي قام، فحقيقة إقامة القاعد، وهي في الشرع: الإعلام بالقيام إلى الصلاة، كأن المؤذن أقام القاعدين، وأزالهم عن قعودهم.
«وهما فرض على الكفاية» الفرض عند الفقهاء قسمان: فرض عين، وهو ما وجب على كل واحد لا يسقط عنه بفعل غيره، وقرض كفاية، وهو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن سائر المكلفين.
«قاتلهم الإمام» المراد بالإمام الخلفية، ومن جرى مجراه من سلطان ونائبه.(1/29)
«أخذ الأجرة» الأجرة: العوض المسمى في عقد الإجارة، قال الجوهري: الأجرة: الكراء.
«رَزَق الإمام من بيت المال» أي: أعطى من غير إجارة، قال الجوهري وابن فارس: الرزق: العطاء، والجمع، الأرزاق.
«صيِّتاً» قال الأزهري: الصَّيِّت، بوزن السيد والهين، وهو الرفيع الصوت، وهو فعيل من صات يصوت، كما يقال للسحاب الماطر: صيب، وهو من صاب يصوب.
«تَشَّاح» تفاعل من الشح، قال الجوهري: الشح: البخل مع حِرص، تقول: شَحِحت وشحَحَتُ بالكسر والفتح أشَحَّ وأشُحّ، وتشاح الرجلان على الأمر: لا يريدان أن يفوتهما، وفلان يشاحُّ على فلان، أي: يضِنُّ به.
«أقرع بينهما» قال ابن سيده: القُرْعة السُّهمة [والمقارعة: المساهمة] وقد أقرع القوم وتقارعوا وقارع بينهم، وأقرع أعلى. وقارعه، فقرعه يقرعه، أي: أصابته القرعة دونه، وقال الجوهري: القرعة بالضم معروفة. ويقال: كانت له القرعة: إذا قرع أصحابه. وحكى أبو منصور الجواليقي: وقرع بين نسائه وأقرع، فالظاهر إن اللغتين في كل منهما، لعدم الفرق بين النساء وغيرهن.
«لا ترجيع فيه» الترجيع في الأذان: تكرير الشهادتين. قال الجوهري: والترجيع في الأذان، وترجيع الصوت: ترديده في الحلق، كقراءة أصحاب الألحان.
«أن يترسل» الترسل: الثاني والتمهيل، قال الجوهري: «المترسل» الذي يتمهل في تأذينه، ويبين تبييناً يفهمه من يسمعه، وهو من قولهم: جاء فلان على رسله: أي: على هِيَنته، غير عجلٍ، ولا متعب لنفسه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 47
«ويحدر الإقامة» قال الجوهري: حدر في قراءته، وفي أذانه، يَحْدُر حَدْراً: إذا أسرع. وحكى أبو عثمان في «أفعاله»: حدر القراءة: أسرعها، وأحدرها. ولا فرق بين القراءة، والأذان.
«فإذا بلغ الحيعلة» الحيعلة هنا: قول المؤذن: حيَّ على الصلاة. قال الجوهري: وقد حيعل المؤذن، كما يقال: حولق، تعبشم مركبا من كلمتين. وأنشد قول الشاعر:
أقولُ لها ودمعُ العينِ جارٍ(1/30)
ألم يُحزِنكِ حيعلةُ المنادي
قال الأزهري: معنى «حيِّ» هلُمَّ. وعجِّل إلى الصلاة. و«الفلاح» هو الفوز بالبقاء، والخلود في النعيم المقيم. ويقال للفائز: مفلح، وكل من أصاب خيراً: مفلح. آخر كلامه، وقد تتركب «حيَّ» مع «هلا» و«على»، فيقال: حَيْهلاً، وحيعلى، وفيها عدة أوجه، نظمها شيخنا أبو عبد الله بن مالك في هذا البيت قال:
حيَّهلُ حيَّهلَ احفظ ثم حيَّهلا
أو نوّن أو حَّيهل قل ثم حي علا
وهي كلمة استعجال. قال لبيد أنشده الجوهري:
يتمارى في الذي قلتُ له
ولقد يَسْمَعُ قولي حيَّهلْ
وهي كلمة مولَّدة، ليست من كلام العرب، لأنه ليس في كلامهم كلمة واحدة فيها «حاء وعين» مهملتان. وقال أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي في كتاب «فقه اللغة»: البسملة: حكاية قول: بسم الله الرحمن الرحيم، والسَّبحلة، حكاية قول: سبحان الله، والهيللة: حكاية قول: لا إله إلا الله، والحوقلة، والحولقة: حكاية قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، والحمدلة: حكاية قول: الحمد لله، والحيعلة: حي على الصلاة، حي على الفلاح، والطلبقة: أطال الله بقاءك، والدمغرة: أدام الله عزك، والجعلفة: جعلني الله فداك.
«ولم يستدر» أي: لم يولِّ ظهره القبلة، سواء كان على ظهر الأرض، أو في منارة في ظاهر كلام الخرقي وذكر الأصحاب عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيمن أذن في المنارة روايتين.
«ويجعل أصبعيه في أذنيه» المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله: جعل أصبعيه في أذنيه، وعليه العمل عند أهل العلم، قاله الترمذي. ويروي أبو طالب عن أحمد رحمه: أحب أن يجعل يديه على أذنيه، وهو اختيار الخرقي.
«ويتولاهما معاً» أي: يتولى الأذان والإقامة شخص واحد، هذا على وجه الاستحباب.
«فإن نكسه» بتخفيف الكاف وتشديدها بمعنى: قَلبَه، ذكره الجوهري. وأنكسه لغة حكاها أبو عبد الله بن مالك رحمه الله.
«جلسة خفيفة» الجلسة، بفتح الجيم: المرة من جلس، وبالكسر: الهيئة منه.(1/31)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 47
«وهل يجزىء أذان المميِّز» المميز: الذي يفهم الخطاب، ويردّ الجواب، ولا ينضبط بسنِّ، بل يختلف باختلاف الأفهام.
«وهل يعتدّ بأذان الفاسق، والأذان الملحَّن» قال ابن سيده في «المحكم»: الفسق: العصيان، والترك لأمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق، يقال: فَسقَ يفسُق ويفسِق فِسقاً وفسوقاً؛ وفُسق بالضم، عن اللحياني. وقيل: الفسوق: الخروج عن الدين، آخر كلامه.
والفاسق شرعاً: مَن فعل كبيرة، أو أثر من الصغائر، كذ نصَّ عليه المصنف رحمه الله في «الكافي» والكبيرة: ما فيه حدٌّ في الدنيا، أو وعيدٌ في الآخرة، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى. وللعلماء فيه ثلاثة عشر قولاً، يطول ذكرها. والأذان الملحَّن: الذي فيه تطريب، قال الجوهري: وقد لحن في قراءته: إذا طرَّب بها وغرّد.
«فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله» في إعرابها خمسة أوجه، بناء الأول على الفتح، ورفعه بالتنوين، فمع بناء الأول يجوز رفع الثاني ونصبه منوّنين، وبناؤه، ومع رفع الأول يجوز رفع الثاني وبناؤه، ويمتنع نصبه، لأنه لا وجه له.
قال الخطابي: معنى «لا حول ولا قوة إلا بالله» إظهار الفقر، وطلب المعونة منه على كل ما يزاوله من الأمور، أي: يعالجه وهو حقيقة العبودية.
وقال ابن الأنباري: الحول: معناه في كلام العرب: الحيلة، يقال: ما للرجل حول، وما له احتيار، وما له محالة، وما له محال، بمعنىً واحد، يريد أنه لا حيلة له في دفع شيء، ولا قوة له في درك خير إلاّ بالله، ومعناه: التبرؤ من حول نفسه، ومن قوته.(1/32)
وقال أبو الهيثم الرّازث: قوله: لا حول، أصله: من حال الشيء: إذا تحرك، تقول: لا حركة، ولا استطاعة إلا بالله. وقد روي عن ابن مسعود ـ رضى الله عنه ـ أنه قال في تفسير: لا حول ولا قوة إلا بالله: لا حول عن معصية الله إلاّ بعصمة الله، ولا قوة على طاعته إلاّ بمعونته. قال الخطابي: هذا أحسن ما جاء فيه. ويقال: لا حَيْل ولا قوة، لغة، حكاها الجوهري. ويقال: الحوقلة، والحولقة، والأول: أكثر في كلامهم.
«اللهم رب هذه الدَّعوة التامّة» إلى آخر الباب، مذهب سيبويه، والخليل ابن أحمد وسائر البصريين، أن أصل «اللهم»، يا لله، وأن الميم بدل من يا، وقال الفراء: أصله: يا الله أُمَّم بخير، فحذف حرف النداء، حكى المذهبين، الأزهري.
«والدعوة التامّة» قال الخطابي في كتاب «شأن الدعاء» وصفها بالتمام، لأنها ذكر الله تعالى يُدعى بها إلى طاعته، وهذه الأمور التي تستحق صفة الكمال والتمام، وما سواهما من أمور الدنيا، فإنه مُعرَّض للنقص والفساد. وكان الإمام أحمد رحمه الله تعالى يستدل بهذا على أن القرآن غير مخلوق، قال: لأنه ما من مخلوق إلا فيه نقص.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 47
«الصلاة القائمة» أي: التي ستقوم، وتفعل بصفاتها.
«والوسيلة» منزلة في الجنة ثبت ذلك في «صحيح مسلم» من كلام رسول الله . وقال أهل اللغة: «الوسيلة» المنزلة عند الملك.
«والمقام المحمود» هو الشفاعة العظمى في موقف القيامة، سمي بذلك، لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون، حين يشفع لهم.(1/33)
قال أبو إسحاق الزجاج: والذي صحت به الأخبار في المقام المحمود: أنه الشفاعة. ولفظ الحديث في «صحيح البخاري» وفي الترمذي وكثير من الكتب، «مقاماً محموداً» بلفظ التنكير، فيكون «الذي وعدته» بدلاً، أو عطف بيان. قيل: جيء به منكراً، تأدباً مع القرآن، في قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [الإسراء: 97]. ورواه الحافظ أبو بكر البيهقي في «السنن الكبير» «المقام المحمود» وكذلك أبو حاتم ابن حبان في كتاب «الصلاة».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 47
باب شروط الصلاة
«الشروط» جمع شرط، قال المصنف رحمه الله تعالى في «الروضة»: ومما يعتبر للحكم، الشرط، وهو: ما يلزم من انتفائه انتفاء الحكم، كالإحصان مع الرجم، والحوْل في الزكاة.
فالشرط: ما لا يوجد المشروط مع عدمه، ولا يلزم أن يوجد عند وجوده، وهو عقلي، ولغوي وشرعي.
فالعقلي: كالحياة للعلم، واللغوي، كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، والشرعي: كالطهارة للصلاة، والإحصان للرَّجم، وسمي شرطاً، لأنه علامة على المشروط. يقال: أشرط نفسه للأمر: إذا جعلها علامة عليه، ومنه قوله تعالى: {فقد جاء أشراطها} [محمد: 81]، أي: علاماتها. هذا آخر كلامه. فالشرط بسكون الراء يجمع على شروط، كما قال هنا، وعلى شرائط، كما قال في «العمدة» والأشراط: واحدها شرط بفتح الشين والراء، والله أعلم.
«وهي ستّ» كذا هو في أصل المصنف بخط يده بغير هاءٍ وقياسه، وهي ستة بالهاء، لأنَّ واحدها شرط، وهو مذكر تلزَم الهاء في جمعه، كقوله تعالى: {وثمانية أيام} [الحاقة: 7]. وتأويله: أن يؤول الشرط بالشريطة، قال الجوهري: الشرط معروف، وكذلك الشريطة، وجمعها شرائط، فكأنه قال: باب شرائط الصلاة وهي ست، كما قال في «العمدة» وكذا قال أبو الخطاب في «الهداية».
«الظهر وهي الأولى» الظهر: لغة، الوقت بعد الزوال، قال الجوهري: والظهر بالتيمم: بعد الزوال، ومنه صلاة الظهر. آخر كلامه.(1/34)
والظهر شرعاً: اسم للصلاة، وهي من تسمية الشيء باسم وقته. وقولنا: صلاة الظهر، أي صلاة هذا الوقت. قال القاضي عياض: الأولى: اسمها المعروف، سميت بذلك، لأنها أول صلاة صلاها حبريل بالنبي . قال المصنف رحمه الله في «المغني?» وبدى بها النبي حين علَّم أصحابه مواقيت الصلاة في حديث بريدة وغيره، وبدأ بها أصحابه، حين سئلوا عن الأوقات، وتسمى: الأولى، والهجيرة، والظهر.
«ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كل شيءٍ مثله» زوال الشمس: ميلها عن كبد السماء، ويعرف ذلك بطول الظل بعد تناهي قصره، كذا ذكره في «المغني» والظل: أصله الستر؛ ومنه: أنا في ظلال فلان، ومنه: ظل الجنة، وظل شجرها. وظل الليل: سواده، وظل الشمس: ما ستر الشخوص من مسقطها، ذكره ابن قتيبة. قال: والظل يكون غدوة وعشية، من أول النهار وآخره، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال، لأنه فاء، أي: رجع.
«ثم العصر» وهي الوسطى. قال الجوهري: والعصران: الغداة والعشي، ومنه سميت صلاة العصر. قال الأزهري: وأما العصر، فإنها سميت عصراً باسم ذلك الوقت. والغداة والعشيّ: يسميان العصرين، تقول: فلان يأتي فلاناً العصرين، والبردين، إذا كان يأتيه طرفي النهار. آخر كلامه. فكأنها والله أعلم سميت باسم وقتها، كما تقدم في الظهر.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 54
«والوسطى» مؤنث الأوسط. والأوسط، والوسط: الخيار، قال أبو اسحاق الزجاج في «المعاني» وقيل في صفة النبي : إنه من أوسط قومه، أي: من خيارهم، والعرب تصف الفاضل النَّسب بأنه من أوسط قومه، وهذا يعرف حقيقته أهل اللغة.
قال الجوهري: وفلان وسط في قومه: إذا كان أوسطهم نسباً، وأرفعهم محلاً ولا يستقيم أن تكون العصر وسطى، بمعنى متوسطة، لكون الظهر هي الأولى، بل بمعنى الفُضلى لثبوت ذلك فيها عن النبي .(1/35)
«ثم المغرب» المغرب في الأصل: مصدر غربت الشمس غروباً ومغرِباً، ثم سميت الصلاة مغرباً كما تقدم في الظهر والعصر، أو على حذف المضاف، أي: صلاة المغرب.
«إلا ليلة جمع» ليلة جمع: المراد بها مزدلفة، وهي ليلة عيد الأضحى؛ سميت مزدلفة «جمعاً»، لاجتماع الناس بها.
«ثم العشاء» قال الجوهري: العشاء والعشية: من صلاة المغرب إلى العتمة. والعشاءُ بالكسر والمد مثله، وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر. والعشاآن: المغرب والعتمة. آخر كلامه. فكأنها سميت باسم الوقت الذي تقع فيه كما ذكر في غيرها، وقال الأزهري: والعشاء هي التي كانت العرب تسميها العتمة، فنهى رسول الله عن ذلك، وإنما سموها عتمة باسم عتمة الليل، وهي ظلمة أوله. وإعتامهم بالإبل، إذا راحت عليهم النّعم بعد المساء أناخوها ولم يحلبوها حى يعتموا، أي: يدخلوا في عتمة الليل، وهي ظلمته، وكانوا يسمُّون تلك الحلبة: عتمةً، باسم عتمة الليل، ثم قالوا لصلاة العشاء: العتمة، لأنها تؤدي في ذلك الوقت. آخر كلمة. يقال: أعتم الليل: إذا أظلم، وعَتمَ لغة، وقال المصنف رحمه الله تعالى في «المعني»: ولا يستجب تسميتها العتمة، وقال صاحب «المستوعب»: ويكره أن تسمى العشاء: العتمة.
«وعنه نصفه» يجوز ضم نون «نُصفه»، كما تقدم، وهو مرفوع بالابتداء، ولا يجوز جره، لما فيه من إعمال حرف الجر محذوفاً، وهو في مثل هذا مقصور على السمّاع كقول الشاعر:
إذا قيل أيّ الناس شر قبيلة
أشارت كليب بالأكف الأصابع
أي: أشارت الأصابع بالأكف إلى كليب. قلو قال: وعنه إلى نصفه؛ لم يحتج إلى هذا التكليف. فحيث حذف، فالتقدير: وعنه: آخر وقتها نصفه، كأنه قال: آخر وقتها ثلثه، وعنه نصفه.(1/36)
«ثم الفجر» قال الجوهري: الفجر في آخر الليل كالشفق في أوله. وقد أفجرنا، كما تقول: قد أصبحنا من الصبح، وقال الأزهري: سمي الفجر فجراً لانفجار الصبح، وهما فجران: فالأول مستطيل في السماء يشبه بذنب السرحان، وهو الذئب، لأنه مستدق، صاعد غير معترض في الأفق، وهو الفجر الكاذب الذي لا يُحِلُّ أداء صلاة الصبح، ولا يحرم الأكل على الصائم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 54
وأما الفجر الثاني، فهو المستطير الصادق، سمي مستطيراً لانتشاره في الأفق. قال الله تعالى {ويخافون يوماً كان شره مستطيراً} [الدهر: 7]. أي: منتشراً فاشياً ظاهراً.
«إن أسفر المأمومون» يقال: سفر الصبح وأسفر، وهي أفصح، وبها جاء القرآن، قال الله تعالى {والصبح إذا أسفر} [المدثر: 43]، قال الجوهري: وأسفر الصبح، أي: أضاء. وفي الحديث «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» أي: صلوا صلاة الفحر مسفرين، أي: إسفاراً يتيقن معه طلوع الفجر، جمعاً بينه وبين مواظبته على التغليس.
«اجتهد وصلى» قال الجوهري: الاجتهاد: بذل الوُسع في المجهود، وكذلك جَهَد وأجهد، حكاهما شيخنا في فَعَل وأفْعَلَ.
وقال المصنف رحمه الله تعالى في «الروضة» الاجتهاد التام: أن يبذل الوسع في الطلب إلى أن يُحسَّ من نفسه العجز عن مزيد طلب.
«لزمهم الصبح» أي: صلاة الصبح. و«الصبح» بضم الصاد: النهار، وكسر الصاد لغة حكاها شيخنا رحمه الله في «مثلثه».
«على الفور أو في الحال» قال الجوهري: ذهبت في حاجةٍ، ثم أتيت فلاناً من فوري أي: قبل أن أسكن.(1/37)
«أوسي الترتيب» أي: نسي أن يقضي الصلوات مرتَّبة حال قضائها، لا أنه نسي كيف فاتته، فإن ذلك لا يسقط الترتيب على الصحيح. وقد ذكر المصنف رحمه الله في «المغني»، فيمن فاتته ظهر وعصر، ونسي أولاهما، روايتين: إحداهما: يتحرى ويصلي، والثانية: يصلي الظهر، ثم العصر صائراً إلى ترتيب الشرع، ثم قال: ويحتمل أن يلزمه ظهر بين عصرين، أو عصرين بين ظهرين ليرتب يقيناً، ولم يذكر في «الكافي» سوى هذا الاحتمال، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 54
باب ستر العورة
قال الجوهري: العورة: سؤة الإنسان، وكل ما يستحيا منه، والجمع: عورات، بالتسكين. وقرأ بعضهم {على عَوَرات النساء} [النور: 13]. بالتحريك، والعوارُ بالفتح: العيب، وقد يضم، عن أبي زيد. «والعوراء» الكلمة القبيحة. آخر كلامه. كأنها سُمِّيت بذلك، لقبح ظهورها، وغض الأبصار عنها، أخذاً من العَوار، الذي هو العيب. ومادة «ع و ر» موضوعة بإزاء ما فيه عيب، كما أن مادة «ك ف ر» و«جُ نَّ» موضوعتان بإزاء الستر، ولا حاجة إلى مثال ذلك لظهوره.
«والأمة» قال الجوهري: الأمة: خلاف الحرة. والجمع إماء، وآمٍ. قال الشاعر:
محلَّةُ سوْءٍ أهلك الدَّهرُ أهْلَها
فلم يَبْقَ فيها غيرُ آمٍ خَوالِفٍ
وتجمع أيضاً على إموان، كأخٍ وإخوان، وأصل أمةٍ أمْوَةٌ بالتحريك، لجمعه على آمٍ، وهو أفعلُ كأنْيُقُ. وما كنت أمةً؛ ولقد أمَوْت أمُوَّةً، والنسبة إليها أمَويٌّ بالفتح، وتصغيرها أميَّة.(1/38)
«ما بين السرة والركبة» قال الجوهري: السرة: الموضع الذي قطع منه السُّر، وهو ما تقطعه القابلة من سُرَّة الصبي، وفيه ثلاث لغاتٍ: سُرٌّ كقُفل؛ وسرَرٌ وسِرَرٌ، بفتح السين، وكسرها. يقال: عرفت ذلك قبل أن يقطع سُرُّك، ولا تقل: سُرَّتُك؛ لأن السرة لا تقطع [وإنما هي الموضع الذي قطع منه السُّر] والركبة معروفة، وجمعها رُكُبات، بضم الكاف، ورُكَبات بفتحها، ورُكْبات بسكونها، وكذلك كل اسم على فُعلةٍ صحيح السين، غير مشدد، وقد قرىء بالثلاث قوله تعالى {وهم في الغرفات آمنون} [سبأ: 73]. وليست السُّرة والركبة من العورة، نص عليه الإمام أحمد.
«فإن اقتصر على ستر العورة» ستر بفتح السين: مصدر ستر، وبكسرها: ما يستتر به، ذكرهما أبو عبد الله بن مالك في «مثله» ويصلح الأمران هنا.
«على عاتقه شيء» العاتق: موضع الرداء من المنكب يذكَّر ويؤنث.
«في درع وخماء وملحفة» درع المرأة: قميصها، وهو مذكر، وجمعه أدراع، ودرع الحديد مؤنثة، وحكى أبو عبيدة فيه التذكير، وجمعه أدراع ودروع، نقل الجميع الجوهري. والخمار تقدم في باب المسح على الخفين. والملحقة بكسر الميم معروفة. قال أبو عبد الله بن مالك في «مثلثه»: الملحف واللحفة: اللحاف.
«ثوب حرير» يجوز تنوين ثوب، وترك تنوينه على كون حرير مضافاً إليه الثوب أو صفة.
«وعلى المنصوص» اسم مفعول من: نص الشيء: إذا رفعه، فكأنه مرفوع إلى الأمام. قال الجوهري: يقال: نصصت الحديث إلى فلان: رفعته إليه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 61
«يومىء إيماءً» يقال: ومأ إليه وأومأ إليه، ووبأ وأبأ، وومى وأومى، ذكره شيخنا أبو عبد الله بن مالك في: فعل وأفعل. فيجوز على هذا يومىء بهمز، وتركه مع ضم ياء المضارعة، ويجوز يمأ بهمز وتركه.
«وإمامهم في وسطهم» بسكون السين على ما ذكر في الخطبة.(1/39)
«في ضيق» بفتح الضاد مخففاً من: ضيق. قال الجوهري: يقال: ضاق الشيء ضَيْقاً وضِيقاً، فيجوز فيه هنا الفتح على أنه مخفف ضيق، والكسر المصدر على حذف مضاف، تقديره: في ذي ضيق.
«وهو أن يضطبع» وزنه يفْتعِل من الضبع، وهو العضد، لأنه لما وقعت تاء الافتعال بعد حرف الأطباق الضاد، وجب قلبها طاءً، لأن التاء من حروف الهمس، والطاء من حروف الاستعلاء، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها، وسمي هذا اضطباعاً لإبداء الضبعين.
«وشد الوسط» هو بفتح السين على ما ذكر في الخطبة.
«شد الزُّنَّار» الزنار بضم الزاي وتشديد النون للنصارى.
«وإرسال شيء من ثيابه خيلاء» الخيلاء: الكبر، عن غير واحد من أئمة اللغة، وهو مصدر: خلت بمعنى اختلت، يقال: خان خيلة ومخالة وخيلاناً وخَيْلاء وخِيلاً بفتح الخاء وكسرها، وخُيلاء وخِيَلاء بضم الخاء وكسرها، وخالاً ومخيلة، تسعة مصادر.
«والمموهُ به» المموه: المطلى بذهب أو فضة، عن الجوهري.
«أو حكَّة» قال الجوهري: الحكة بكسر الحاء: الجرب.
«أو في الحرب» الحرب مؤنثة. قال الله تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 74]. هذا هو المشهور، وحكى الجوهري عن المبرد: أنها قد تذكر.
«الفرش» بضم الفاء والراء: جمع فراش، ويجوز سكون الراء ككتُبُ وكتُبْ.
«ويباح العلم» العلم بفتح العين واللام: طراز الثوب، والعلم أيضاً: الراية، وشق في الشَّفَة العليا، والعلامة والجبل. وما له علم، أي: نظير، كله في كتاب «الوجوه والنظائر».
«فما دون» مبني على الضم، كما تقدم.
«وكذلك الرقاع ولبنة الحيب»: الرقاع: جمع رقعة، وهي هذه الخرقة المعروفة. وَلَبِنة الجيب بفتح اللام وكسر الباء، قال ابن السكيت: ومن العرب من يقول: لبنةٌ ولبنٌ، مثل لبدةٍ ولبدٌ. قال صاحب «المطالع» جيب القميص: طوقه الذي يخرج منه الرأس، فعلى هذا اللَّبنة: الزيق، وقال الجوهري: هو المُحيطُ بالعنق.(1/40)
«وسجف الفراء» سجف: جمع سجاف بضم السين مع ضم الجيم وسكونها، والفراء بكسر الفاء ممدوداً، واحده: فرو، بغير هاء. عن الجوهري. وحكى ابن فارس في «المجمل» و«فروة» بالهاء، وكذا حكاه الزبيدي في «مختصر العين» والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 61
باب اجتناب النجاسات
«لاقى ببدنه» المراد بالملاقاة هنا: المباشرة، قال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني»: وإن كانت النجاسة محاذية لجسمه في حال سجوده بحيث لا يلتصق بها شيء من بدنه ولا أعضائه، لم يمنع صحة صلاته. وإن كان طرف عمامته يسقط على نجاسة، لم تصح صلاته. وذكر ابن عقيل احتمالاً فيما يقع عليه ثيابه خاصة أنه لا يشترط طهارته، والمذهب الأول، فأما إذا كان ثوبه يمُس شيئاً نجساً، كثوب من يصلي إلى جانبه، فقال ابن عقيل: لا تفسد صلاته، ويحتمل أن الفسد.
«جبر ساقه» جبر يستعمل لازماً ومتعدياً، قال الجوهري: يقال: جبرت العظم وجبر هو نفسه جبوراً، أي: انجبر. وأما الساق، فمؤنثة غير مهموزة، وجمعها: سوق، مثل أسدٍ وأسْدٍ وسيقان، وأسؤق، وهي: ما بين القدم والركبة. والساق أيضاً: ذكر القمارِي. والساقان: أمر الدنيا والآخرة، والساق: النفس.
«في المقبرة» المقبرة، بتثليث الباء، ذكرها ابن مالك في «مثلثة» قال الجوهري: المقبرة بفتح الباء وضمها واحدة المقابر، وقد جاء في الشعر: المقبر، وأنشد:
لكل أناسٍ مَقبَر بفنائهم
فهم ينقُصوْنَ والقُبورُ تزيدُ
وقبرت الميت: دفنته، وأقبرته: أمرت بدفنه، آخر كلامه. ومقبرة بفتح الباء: القياس، والضم المشهور، والكسر قليل، وكما كثُر في مكان، جاز أن يبني من اسمه «مفعلة» كقولهم: أرض مسبعة، لما كثر فيها السباع، ومذأبة، لما كثر فيها الذئاب. قال المصنف رحمه الله تعالى في «المعني»: فإن كان في الأرض قبر أو قبران، لم تمنع الصلاة فيها، لأنها لا يتناولها اسم المقبرة.(1/41)
«والحمام والحش وأعطان الإبل» الحمام مذكر بلا خلاف. قال الجوهري: والحمام مشدد واحد الحمامات المبنية. قال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني» ولا فرق في الحمام بين مكان الغسل وصب الماء، وبين بيت المسلخ الذي تنزع فيه الثياب، والأتون، وكل ما يغلق عليه باب الحمام.
«والحش» بفتح الحاء وضمها: البستان. والحش أيضاً بفتح الحاء وضمها: المخرج، لأنهم كانوا يفضون حوائجهم في البساتين، وهي الحشوش، فسميت الأخيلة في الحضر: حشوشاً لذلك.
«وأعطان الإبل» واحدها عطن، بفتح العين والطاء، قال الجوهري: والعطن والمعطن: واحد الأعطان، والمعاطن، وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللاً بعد نهل، فإذا استوفت ردت إلى المرعى. وعطنت الإبل بالفتح تعطُن وتعطِن عطوناً: إذا رويت، ثم بركت. قال ابن فارس: أعطان الإبل: ما حول الحوض والبئر من مبارك الإبل، ثم توسع في ذلك، فصار أيضاً اسماً لما تقيم فيه وتأوى إليه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 64
«حكم المجزرة» المجزرة: المكان الذي تجزر فيه المواشي، قال الجوهري: وجزرت الجزور أجزرها بالضم، واجتزرتها: إذا نحرتها، والمجزر بالكسر: موضع جزرها.
«والمزبلة وقارعة الطريق» المزبلة ـ موضع الزبل ـ بفتح الباء وضمها، عن الجوهري، قال: والزبل: السرجين. قال الجوهري: قارعة الطريق: أعلاه. وقال ابو السعادات: قارعة الطريق: وسطه. وقيل: أعلاه، والمراد هنا: نفس الطريق، ووجهه.
«في الكعبة» قال الجوهري: الكعبة: البيت الحرام، يقال: سمي بذلك لتربعه. ويل: لعلوه ونتوئه، وسميت المرأة كاعباً، لنتوء ثدييها، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 64
باب استقبال القبلة(1/42)
قال الواحدي: القبلة: الوجهة، وهي الفعلة من المقابلة، والعرب تقول: ما له قِبْلَة، ولا دِبْرَة: إذا لم يهتدِ لجهة أمره. وأصل القبلة في اللغة: الحالة التي تقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها، إلا أنها الآن صارت كالعَلَم للجهة التي تستقبل في الصلاة. قال ابن فارس: سميت بذلك، لأن الناس يقبلون عليها في صلاتهم.
«في السفر» السفر: قطع المسافة، وجمعه أسفار. قال ثعلب: سمي بذلك، لأنه يُسْفر عن أخلاق الرجال، من قولهم: سفرت المرأة عن وجهها: إذا أظهرته، وحكى الفراء: سفرت وأُسفرت.
«إصابة العين» معناه: استقبال نفس الكعبة، وسميت الكعبة كعبة لاستدارتها وعلوها. وقيل: لتربعها. وقد بنيت الكعبة خمس مرات، ليس هذا موضع ذكر ذلك، قال الجوهري: وعين الشيء: نفسه.
«وإصابة الجهة» الجهة: أصلها وجهة، قال الواحدي: الوجهة: اسم للمتوجَّه إليه.
«بمحاريب المسلمين» المحاريب: واحدها محراب، قال الفراء: المحاريب: صدور المجالس، ومنه سمي محراب المسجد، والمحراب: الغرفة، نقله عنه الجوهري.
«وأثبتها القطب» حكى ابن سيدة في «الحكم» في القطب ضم القاف وفتحها وكسرها.
قال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني» وآكدها القطب الشمالي: وهو نجم خفي حوله أنجم دائرة كفراشة الرحا في أحد طرفيها الفرقدان، وفي الآخر الجدي، وبين ذلك أنجم صغار متقوسة، ثلاثة من فوق، وثلاثة من أسفل، وتدور هذه الفراشة حول القطب دوران فراشة الرحال حول سفُّودها في كلِّ يوم وليلة دورة، في الليل نصفها، وفي النهار نصفها، والقطب لا يبرح مكانه في جميع الزمان. وقيل: إنه يتغير تغيراً يسيراً لا يتبين ولا يؤثر، وهو نجم خفيٌّ يراه حديد النظر إذا لم يكن القمر طالعاً.(1/43)
«ومنازلها» أي: منازل الشمس والقمر، وهي ثمانية وعشرون منزلاً، وهي: الشرطان، والبُطيْن، والثُّريا، والدَّبَران، والهَقْعَةُ، والهنعة، والذِّراع، والنَّثْرَة، الطرف والجبهة، والزبرة بضم بضم الزاي، ويقال لها: الحُرتان، والصَّرْفَة، والعوَّاء، مشدداً ممدوداً ومقصوراً، والسِّماك، والعَقْر، والزباني بضم الزاي مقصوراً، والإكليل، والقلب، والشَّولة، والنَّعائم، والبلْدَة، وسعد الذابح، وسعد بُلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، والفرغ المقدم؛ والفرْغ المؤخر، بالغين المعجمة فيهما، وبطن الحوت، ويقال: الرشاء. فهذه ينزل القمر كلَّ ليلة منزلاً منها، والشمس تنزل في كل منزل منها ثلاثة عشر يوماً، فيكون عَوْدُها إلى المنزل الذي نزلت به عند تمام حول كامل من أحوال السنة الشمسية، فهذه المنازل يكون منها فيما بين غروب الشمس وطلوعها أربعة عشر منزلاً، ومن طلوعها إلى غروبها مثل ذلك، ووقت الفجر منها منزلان، ووقت المغرب منزل، وهو نصف سدس سواد الليل. وسواد الليل: اثنا عشر منزلاً، هكذا ذكره المصنف في «المغني».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 66
«والرياح الجنوب» الجَنوب بفتح الجيم وضمها، يقال: جنبت الريح وأجنبت: إذا هبت جُنوباً بضم الجيم، والاسم: الجَنوب بفتح الجيم، والاسم: الجَنوب بفتح الجيم.
«والشمال مقابلتها» الشمال فيه سبع لغات مشهورة، وقد نظمها شيخنا أبو عبد الله محمد بن مالك في هذا البيت وهو:
ريح الشَّمال شمول شمأل وكذا
شمل شمائل أيضاً شأمل شَمل
وزاد صاحب «الواعي» شمالاً ككتاب؛ وشميلاً كعليم؛ فصارت تسعاً؛ يقال: شملت الريح واشتملت: إذا هبت شمالاً. والدَّبور؛ بفتح الدال وضم الباء مخففة؛ والصبا: مقصور كعصا؛ يقال: صبت الريح وأصْبَت: هبت صباً؛ ويجوز كتابة الصَّبَا بالألف والياء؛ كقولهم: صَبوان وصِبيان.
«شطر وجه المصلي الأيمن» انشطر: الناحية. والأيمَن: منصوب، نعتاً لشطر وجه.(1/44)
«ويتبع الجاهل» والمراد بالجاهل: الجاهل بأدلة القبلة؛ وإن كان مجتهداً في غيرها.
«من يفلده» التقليد لغة: وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به؛ ويسمى ذلك: قلادة؛ وهو في عرف الفقهاء: قبول قول غيره من غير حجة؛ أخذاً من هذا المعنى؛ فلا يسمى الآخذ بالكتاب والسنة والاجماع: مقلداً.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 66
باب النية
النية، مشددة، وحكي فيها التخفيف. يقال: نويت نية ونواة، وأنويت كنويت؛ حكاهما الزجاج في فعلت وأفعلتُ وانتويت كذلك؛ حكاها الجوهري؛ وهي في اللغة: القصد؛ وهو عزم القلب على الشيء. وفي الشرع: العزم على فعل الشيء تقرباً إلى الله تعالى.
«ينوي الصلاة بعينها» يعني: ظهراً أو عصراً أو نحو ذلك.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 69
باب صفة الصلاة
«ثم يقول الله أكبر» «يقول» بالرفع على الاستئناف؛ لأنه لو نصب لكان معطوفاً على المستون؛ والتكبير: ركن. ويجوز النصب على أن الجميع على هذه الصفة مسنون؛ كما قال: السنة في التيمم: أن ينوي ويسمي ويضرب؛ أي: التيمم على هذه الصفة مسنون.
«الله أكبر» قال ابن سيدة: حمله سيبويه على الحذف، أي: أكبر من كل شيء، وقيل: أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بوحدانيته، وقال الأزهري: قيل أكبر كبيرٍ، كقولك: هو أعز عزيز. ومنه قول الفرزدق:
إنَّ الذي سَمَك السماء بنى لنا
بيتاً دعائمه أعزُّ وأطولُ
أراد: دعائمه أعز عزيز، وأطول طويل. آخر كلامه. و«أكبر» أفعل تفضيل، وهو لا يستعمل مجرداً من الألف واللام إلا مضافاً، أو موصولاً بـ«من» لفظاً أو تقديراً، فلا يجزىء أن يقال: الله الأكبر، أن الألف واللام لا تجامع الإضافة ولا «من».
«منكبيه» واحدها منكب. قال الجوهري: المنكب: مجمع عظم العضد والكتف.
«إلى فروع أذنيه» فروع جمع فرع، وهو أعلى الأذن. قال الجوهري: فرع كل شيء: أعلاه، وجمعه فروع.(1/45)
«ثم يقول: سبحانك الله وبحمدك» سبحانك: اسم مصدر من قولك: سبَّحت الله تسبيحاً، أي: نزَّهته من النقائص، وما لا يليق بجلاله، وهو منصوب بفعل مقدر لا يجوز إظهاره، ولا يستعمل إلا مضافاً، وقد جاء غير مضاف في الضرورة. فأما الواو في «وبحمدك» فقال المازني: المعنى: سبحتك اللهم بجميع آلائك، وبحمدك سبحتك، أي: وبنعمتك التي نعمة توجب عليَّ حمداً سبحتك، لا بحولي وقوتي. وسئل أبو العباس ثعلب عن قوله «وبحمدك» فقال: أراد: سبحتك بحمدك، قال أبو عمر: كأنه يذهب إلى أن الواو صلة.
«وتبارك اسمك» «تبارك»: فعل لا يتصرف، فلا يستعمل منه غير الماضي، ومعناه: دام ودام خيره. وقال العزيزي في «غريب القرآن»: تبارك: تفاعل من البركة، وهي الزيادة والنماء والكثرة والاتساع، أي: البركة تكتسب وتنال بذكرك. ويقال: تبارك: تقدس. والقدس: الطهارة. ويقال: تبارك: تعاظم. آخر كلامه.
«وتعالى جدك» جدُّك، بفتح الجيم، قال ابن الأنباري في كتاب «الزاهر» له، أي: علا جلالُك، وارتفعت عظمتك، وأنشد:
ترفع جَدُّك إني امرؤ
سقتني الأعادي إليك السِّجالا
وقال الخطابي: قال الله تعالى: {وأنه تعالى جَدُّ ربِّنا} [الجن 3] معناه: الجلال والعظمة، وسيذكر في دعاء القنوت إن شاء الله تعالى.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«ولا إله غيرك» قال ابن الأنباري في «الزاهر» أيضاً: في إعرابه أربعة أوجه: لا إلهُ غيرُك برفعهما، وبناء الأول على الفتح مع نصب الثاني ورفعه، والرابع: رفع «إله» ونصب «غيرك» لوقوعه موقع أداة الاستثناء.(1/46)
«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» أعوذ بالله، أي: ألجأ إليه وأعتصم به، قال أبو عثمان في «الأفعال» عاذ الله عوذاً وعياذاً وأعاذ: لجأ إليه. «والشيطان» قال الواحدي: هو كل متمرِّدٍ عاتٍ من الجن والإنس، قال الله تعالى {شياطين الإنس والجن} [الأنعام: 211] قال الليث: الشيطان من: شطن، أي: بعد، لبعده من الخير، وقيل: مشتق من: شاط يشيط: إذا هلك واحترق. و«الرجيم» قال أبو البقاء في إعرابه: هو فعيل بمعنى مفعول، أي: مرجوم بالطرد واللعن. وقيل: هو فعيل بمعنى فاعل، أي: يرجم غيره بالإغواء.
بسم الله الرحمن الرحيم» الباء: متعلق بمحذوف، تقديره: أبدأ بسم الله، أو أتبرَّك. وأسقطت الألف من الاسم طلباً للخفة، لكثرة الاستعمال، وقيل: لما أسقطوا الألف، ردوا طولها على الباء، ليكون دالاً على سقوط الألف. وذكر أبو البقاء في الاسم خمس لغات، اسم، وأْسم، بكسر الهمزة وضمها. وسِم، وسُم، بكسر السين وضمها، وسُمىً كهُدىً. وفي معناه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه بمعى التسمية. والثاني: أن في الكلام حذف مضاف تقديره: باسم مسمَّى الله، والثالث: إن «اسم» زيادة، ومن ذلك قول الشاعر:
إلى الحولِ ثُمَّ اسمُ السلام عليكما
ومن يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقد اعتذر
أي: السلام عليكما.
و«الرحمن الرحيم». قال أبو البقاء: يجوز نصبهما على إضمار «أعني» ورفعهما على تقدير: هو. واختلفوا فيهما. فقيل: هما بمعنىً واحدٍ، كندمانٍ ونديمٍ، ذكر أحدهما بعد الآخر تطميعاً لقلوب الراغبين، وقيل: هما بمعنيين، فالرحمن بمعنى الرازق للخلق في الدنيا على العموم، والرحيم بمعنى العافي عنهم في الآخرة، وهو خاص بالمؤمنين، ولذلك قيل: يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة. ولذلك يدعى غير الله تعالى رحيماً، ولا يُدعى رحماناً، فالرحمن عام المعنى خاص اللفظ. والرحيم: عام اللفظ خاص المعنى.
«ولا يجهر بشيء من ذلك» يجهر بفتح الياء ويجوز ضمها، يقال: جهر بالفراءة وأجهر بها: إذا أعلنها.(1/47)
«وليست من الفاتحة» الفاتحة لها ثلاثة أسماء مشهورة. فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع الثاني. سميت فاتحة الكتاب، لافتتاح الكتاب بها، وأم القرآن، لأن منها بدىء بالقرآن، ويقال لمكة: أم القرى، لأن الأرض دُحيت من تحتها، وقيل: لأنها مقدمة وإمام لما يتلوها من السور، ويُبدأ بكتابتها في المصاحف، ويقرأ بها في الصلاة. والسبع الثاني، لأنها تثنَّى في الصلاة، فيُقرأ بها في كل ركعة. وقال مجاهد: لأن الله تعالى ثناها لهذه الأمة فذخرها لهم. وهي مكية عند الأكثرين، وقال مجاهد: مدنية، وقيل: نزلت مرتين، مرة بمكة، ومرة بالمدينة، والصحيح الأول، لأن الله تعالى امتنَّ على رسوله بقوله {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني} [الحجر: 78]. وسورة (الحجر) مكية، فلم يكن ليمتن عليه بها قبل نزولها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«لزمه استئنافها» أي: ابتداؤها.
«قال آمين» آمين: فيها لغتان مشهورتان، قصر الألف ومدُّها، وحكي عن حمزة والكسائي: المد والإمالة. وحكى القاضي عياض وغيره لغة رابعة: تشديد الميم مع المد، قال أصحابنا: ولا يجوز تشديد الميم مع المد، لأنه يُخل بمعناه فيجعله: بمعنى قاصدين، كما قال الله تعالى {ولا آمِّين البيت الحرام} [المائدة: 2] وقال أبو العباس ثعلب: ولا تشدد الميم فإنه خطأ. وأما معناه، فقال ابن عباس: كذلك يكون. وروي عن الليث ومجاهد أنه اسم من أسماء الله تعالى، وقال الزجاج: معناه: اللهم استجب.
«أن تيرجم عنه» قال الجوهري: وقد ترجم كلامه: إذا فسره بلسانٍ آخر.(1/48)
«من طوال المفصل» طِوال بكسر الطاء لا غير: جمع طويل، وطُوال بضم الطاء: الرجل الطويل، وطَوال بفتحها: المُدَّة، ذكره أبو عبد الله بن مالك في «مثلثه»، وذكره غيره. و«المفصل» للعلماء أوَّله أربعة أقوال أحدها: أنه من أول (ق). والثاني: أنه من أول (الحجرات) والثالث: من أول (الفتح)، والرابع: من أول (القتال)، والصحيح الأول، لما روى أبو داود في «سننه» عن أوس بن حذيفة قال: سألت أصحاب رسول الله : كيف يُحزّبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده. ورواه الإمام أحمد والطبراني، وفي آخره «وحزب المفصَّل من (ق) حتى تختم» وفي تسميته بالمفضل، أربعة أقوال. أحدها: لفصل بعضه عن بعض. والثاني: لكثرة الفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم، والثالث: لأحكامه. والرابع: لقلة المنسوخ فيه.
«وفي المغرب من قصاره» قصاره بكسر القاف جمع قصيرة، ككريمة وكرامٍ/
«وفي الباقي من أوساطه» أوساط: جمع وسط، بتحريك السين بين القصار والطوال، قال الجوهري: شيء وسط: بين الجيِّد والرديء، وقال الواحدي: الوسط: اسم لما بين طرفي الشيء.
«ويركع مكبراً» قال ابن الأنباري: الركوع في اللغة: الانحناء، يقال: ركع الشيخ: إذا نحنى من الكبر. قال لبيد:
أليس ورائي إن تراخت مَنيَّتي
لُزومُ العصا تُحْنَى عليها الأصابعُ
أخبرِّ أخبارَ القرونِ التي مضت
أدِبُّ كأني كلَّما قمتُ راكِعُ
«حيال ظهره»، أي: بإزائه وقبالته.
«ويجافي موفقيه عن جنبيه» أي: يباعدهما، وهو من الجفاء، وهو البعد عن الشيء، يقال: جفاه: إذا بعد عنه، وأجفاه: إذا أبعده، وكذلك المجافاة في السجود: مباعدة العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70(1/49)
«وهو أدنى الكمال» قال الجوهري: الكمال: التمام. قال الإمام أحمد في رسالته: جاء عن الحسن البصري أنه قال: التسبيح التام سبع، والوسط خمس، وأدناه ثلاث. وقال القاضي: الكامل إن كان منفرداً: ما لا يخرجه إلى السهو، وإن كان إماماً: ما لا يشق على المأمومين، ويحتمل أن يكون الكامل عشر تسبيحات، وقال أبو عبد الله السامري: ولا حد لأكثر الكامل ما لم يخف السهو بالإطالة، أو يشق على المأمومين.
«سمع الله لمن حمده» لفظه خبر، ومعناه: الدعاء بالاستجابة. قال الخطابي: معنى سمع: استجاب، قال: قد يحتمل أن يكون دعاء من الإمام للمأمومين، لأنهم يقولون: ربنا لك الحمد. وعلى مذهب أكثر العلماء في جمع الإمام والمأموم بين كلمتين، فتشيع الدعوة من كلا الطائفتين لنفسه ولأصحابه. آخر كلامه.
«ربنا ولك الحمد» صحت الرواية بإثبات الواو ودونها، فكلاهما مجزىء، إلا أن الأفضل بالواو. وقال القاضي عياض: بإثبات الواو. ويجمع معنيين، الدعاء، والاعتراف، أي: ربنا استجب لنا، ولك الحمد على هدايتك إيانا. ويوافق قول من قال: سمع الله لمن حمده، بمعنى الدعاء. وعلى حذف الواو يكون بالحمد مجرداً، ويوافق قول من قال: سمع الله لمن حمده، خبر.(1/50)
«ملء السماء وملء الأرض» قال الخطابي: هذا كلام تمثيل وتقريب، والكلام لا يقدر بالمكابيل، ولا تحشى به الظروف، ولا تسعه الأوعية، وإنما المراد: تكثير العدد، حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساماً تملأ الأماكن، لبلغت من كثرتها ما يملأ السموات والأرضين. قال: وقد يحتمل أيضاً أن يكون المراد به: أجرها وثوابها، ويحتمل أن يراد به التعظيم لها، والتفخيم لشأنها، كما يقول القائل: تكلم فلان اليوم بكلمة كأنها جبل، وحلَف بيمين كالسموات والأرضين، كما يقال: هذه الكلمة تملأ طباق الأرض، أي: إنها تسير وتنتشر في الأرض، كما قالوا: كلمة تملأ الفم وتملأ السمع. ونحوها من الكلام. والملء، بكسر الميم، وبفتحها: المصدر من قولك: ملأت الإناء أملؤه ملأً. آخر كلام الخطابي. والمشهور في الرواية: ملء بالنصب، ووجهه: أنه صفة لمصدر محذوف، كأنه قال: لك الحمد حمداً ملء السماء، ويجوز الرفع بحيث قال بعض المتأخرين: لا يجوز غيره، ووجهه: أنه صفة للحمد، أي: لك الحمد المالىء، لأن «ملء» وإن كان جامداً، فهو بمعنى المتشق، ويجوز أن يكون عطف بيان.
«ويخِرُّ ساجداً» قال ابن الأنباري: السجود يرد بمعانٍ، منها الانحناء والميل، من قولهم: سجدت الدابة وأسجدت: إذا خفَضت رأسها لتُركب، ومنها الخشوع والتواضع، ومنها التحية. قال الجوهري: سجد: خضع، ومنه سجود الصلاة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«يفرش رجله» بفتح الياء، والمشهور فيه ضم الراء، وذكر القاضي عياض في «المشارق» كسر الراء، ولم يحك الضم.
«معتمداً على صدور قدميه» قال الجوهري: صدر كل شيء: أوله، والقدمان ليس لهما سوى صدرين، لكنه جيء به بلفظ الجمع، لأن كل مثنَّى معنى مضاف إلى متضمنه، يختار فيه لفظ الجمع على لفظ الأفراد، ولفظ الأفراد على لفظ التثنية، مثال الأول قوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4] ومثال الثاني قول الشاعر:(1/51)
حمامةٍ بَطنٍ الواديَيْنِ ترنّمي
سقاكِ من الغرِّ الغوادي مطيرُها
ومثال الثالث قول الآخر:
وَمَهْمَهَينِ قذَفَيْنِ مرتَين:
ظهراهُما مثل ظُهورِ التُّرسُّين
المهمه: المفازة البعيدة. والقذف: البعيد: والمرت: الذي لا نبات فيه.
«فيعتمد» بضم الدال على الاستئناف.
«جَلسة الاستراحة» بفتح الجيم، لأنها مرة من الجلوس، ويجوز كسر الجيم بتقدير إرادة الهيئة، لأن فيها قدراً زائداً على الجلسة، وذلك هو الهيئة.
«على قدميه وألبتيه» القدم: مؤنثة وهي معروفة، وقال الجوهري: الألية بالفتح: ألية الشاة، ولا تقل: إلية ولا ليَّة، فإذا ثنيت قلت: أليان، فلا تلحقه التاء، وقال: [الراجز] ترتج ألياه ارتجاج الوطب.
وقال القاضي عياض في «المشارق» في حديث الملاعنة «سابغ الأليتين» بفتح الهمزة، وسكون اللام، وهما اللحمتان المؤخرتان اللتان تكتنفان مخرج الحيوان، وهما من ابن آدم المقعدتان، وجمعهما أليَات بفتح اللام.
«إلا في تكبيرة الإحرام والاستفتاح» تكبيرة الإحرام: هي التكبيرة التي يدخل بها في الصلاة، سميت بذلك، لأنه يحرم عليه بها ما كان حلالاً من مفسدات الصلاة، كالأكل والكلام ونحو ذلك. قال الجوهري: وأحرم الرجل: إذا دخل في حرمة لا تُهتك. والاستفتاح: مصدر استفتح، والمراد به هاهنا: الذكر قبل الاستعاذة من «سبحانك اللهم وبحمدك» ونحوه.
«على فخذه اليمنى» الفخذ: مؤنثة، وهي بفتح الفاء وكسر الخاء، ويجوز فيها كسر الفاء كالإبل، ويجوز إسكان الخاء مع فتح الفاء وكسرها. قال ابن سيده وغيره من أهل اللغة: وهذه اللغات الأربع جارية في كل اسم أو فعل ثلاثيّ عينه حرف حلق مكسور، كشهد. وحروف الحلق ستة، العين والحاء، والهاء والخاء، والغين والهمزة. ولا تجوز اللغات الأربع فيما لأمه حرف حلق، كبلَغ وسمع ونحوهما.(1/52)
«يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى» الخنصر، بكسر الخاء والصاد: الأصبع الصغرى، وجمعها خناصر. والبنصر، بكسر الباء والصاد: الإصبع التي تلي الخنصر، وجمعها: بناصر. والإبهام بوزن الإسلام. قال الجوهري: والإبهام: الأصبع العظمى، وهي مؤنثة، وجمعها: أباهيم. ويحلق الإبهام مع الوسطى. قال القاضي عياض: فجمع بين طرفيهما فكى بهما الحلقة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«ويشير بالسبابة» قال القاضي: السبابة: الإصبع التي تلي الإبهام، وهي المسبّحة أيضاً. قيل: سُمَّيت السبابة، لأنهم كانوا يشيرون بها إلى السب والمخاصمة.
«التحيات لله» التحيات جمع تحية. روي عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما: التحية: العظمة، وقال أبو عمرو: التحية: الملك، وقال ابن الأنباري: التحيات: السلام، وقال بعض أهل اللغة: البقاء. وحكى الأربعة المصنف رحمه الله في «المغني» وقيل: السلامة من الآفات. قال أبو السعادات: وإنما جمع التحية، لأن ملوك الأرض يُحيَّون بتحيات مختلفة، فيقال لبعضهم: أبيت اللعن، ولبعضهم: أنعم صباحاً، ولبعضهم: اسلم كثيراً، ولبعضهم: عش ألف سنة. فقيل للمسلمين: قولوا: التحيات لله، أي: الألفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء، هي لله عز وجل.
«والصلوات» هي الصلوات الخمس عن ابن عباس. وقال عياض في «المشارق»: والصلوات لله: قيل: الرحمة له، ومنه، أي: هو المتفضل بها، وقيل: الصلوات المعلومة في الشرع، أي: هو المعبود بها. وقال الأزهري: هي العبادات كلها، وقيل: هي الأدعية.
«والطيبات» هي الأعمال الصالحة عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما، وقال ابن الأنباري: الطيبات من الكلام، حكاهما في «المغني».
«السلام عليك» قال الأزهري فيه قولان، أحدهما: اسم السلام، ومعناه: اسم الله عليك، ومنه قول لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما
ومَن يَبكِ حوْلاً كامِلاً فقد اعتذَرْ(1/53)
والثاني: أن معناه: سلَّم الله عليك تسليماً وسلاماً، ومن سلم الله عليه، سلم من الآفات كلها.
«أيها النبي» قال القاضي عياض: النبيء مهموز، ولا يُهمز، من جعله من «النبأ» همزه، لأنه ينبىء الناس، أو لأنه يُنبَّأ هو بالوحي، ومن لم يهمُز إمَّا سهله، وإما أخذه من النبوة: وهي الارتفاع، لرفعة منازلهم على الخلق. وقيل: هو مأخوذ من النبيء الذي هو الطريق، لأنهم هم الطرق إلى الله تعالى.
«وبركاته» جمع بركة، قال الجوهري: البركة: النماء والزيادة، وكذلك نقل القاضي عياض وغيره.
«وعلى عباد الله الصالحين» عباد: جمع عبدٍ وله أحد عشر وجهاً جمعها شيخنا أبو عبد الله بن مالك رحمه الله في هذين البيتين:
عبادٌ عبيدٌ جمع عبدٍ وأعبُدٌ
أعابد معبوداء معبدَةٌ عبد
كذلك عِبدانٌ وعُبدان أثبتا
كذاك العبدَّى وامدد إن شئت أن تمد
وقال أبو علي الدقاق: ليس شيء أشرف، ولا اسم أتم للمؤمن من الوصف بها. و«الصالحين» جمع صالح قال صاحب «المشارق» وغيره: الصالح: وهو القائم بما عليه من حقوق الله تعالى، وحقوق العباد.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70(1/54)
«أشهد أن لا إله إلا الله» قال الجوهري: الشهادة خبر قاطع، والمشاهدة: المعاينة، فقول الموحد «أشهد أن لا إله إلا الله» بمعنى: أخبر بأني قاطع بالوحدانية، فالقطع من فعل القلب، واللسان مخبر عن ذلك. و«الله» مرفوع على البدل من موضع «لا إله» لأن موضع «لا» مع اسمها رفع بالابتداء ولا يجوز نصبه حملاً على إبداله من اسم «لا» المنصوب، لأن «لا» لا تعمل النصب إلا في نكرة منفية و«الله» معرّف مثبت. وهذه الكلمة وإن كان ابتداؤها نفياً، فالمراد غاية الإثبات، ونهاية التحقيق، فإن قول القائل: لا أخُّ لي سواك، ولا معين لي غيرُك آكد من قوله: أنت أخي، وأنت معيني. ومن خواصها أن حروفها كلها مهملة ليس فيها حرف معجم تنبيهاً على التجرد من كل معبود سوى الله تعالى، ومن خواصها أن جميع حروفها جوفية، ليس فيها شيء من الشفوية، وقد روي عن النبي أنه قال: «أفضل الذكر لا إله إلا الله».
«هذا التشهد الأول» سمي التشهد تشهيداً، لأن فيه شهادة أن لا إله إلا الله» وهو تفعل من الشهادة.
«وعلى آل إبراهيم» إبراهيم: فيه ست لغات: إبراهيم، وإبراهام، وإبرهوم وإبرَهِم، وإبرَهَم وإبرَهُم. وقد نظمها أبو عبد الله ابن مالك فقال:
تثليثهم هاء إبراهيم صح بمد
أو بقصر ووجها الضم قد عُرفا
وجمعه: أباره وبراهُم وبراهمه. قال الماوردي: معناه بالسريانية: أب رحيم. قال الجوهري: وتصغيره: أبيره، لأن الألف أصل غير زائدة، وكذلك إسماعيل وإسرافيل. وهذا قول المبرد، وبعضهم يتوهم أن الهمزة زائدة، إذا كان الاسم أعجمياً لا يُعلم اشتقاقه، فيصغره على بُريهم، وسُميعل، وسُريفل، وهذا قول سيبويه، وهو حسن، والأول قياس. ومنهم من يقول: بُريه، بطرح الهمزة والميم.
«ثم يقول: اللهم صل» قد تقدم معنى الصلاة والآل في الخطبة فلا يعاد، و«اللهم»: أصله: يا الله، حذف حرف النداء، وعوض عنه بالميم.(1/55)
«إنك حميد مجيد» قال الخطابي: الحميد: هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله، وهو فعيل بمعنى: مفعول وهو الذي يُحمد في السراء والضراء، والشدة والرخاء، لأنه حكيم لا يجري في أفعاله غلط، ولا يعترضه الخطأ، فهو محمود على كل حال، وقال الخطابي أيضاً: المجيد هو الواسع الكرم، وأصل «المجد» في كلامهم: السعة، يقال: رجل ماجد إذا كان سخياً، واسع العطاء. وقيل في تفسير قوله تعالى: {والقرآن المجيد} [ق: 2] معناه: الكريم. وقيل: الشريف. وقال القاضي عياض: المجيد: العظيم، وقيل: المقتدر على الأنعام والفضل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«من عذاب حهنم» «جهنم» لا تنصرف للمعرفة والتأنيث، قاله الجوهري، وقال: هي من أسماء النار التي يعذب الله بها عباده، ويقال: هو فارسي معرب. وقال ابن الجواليقي: وقيل: [إنه] عربي.
«ومن فتنة المحيا والممات» أصل الفتنة: الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجه الاختبار إلى المكروه، ثم استعملت في المكروه، فجاءت بمعنى الكفر في قوله تعالى: {والفتنة أكبر من القتل} [البقرة 712] وبمعنى الاثم، كقوله تعالى: {ألا في الفتنة سقطوا} [التوبة 94] وبمعنى الاحراق، كقوله تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} ومنه: «أعوذ بك من فتنة النار». وبمعنى الأزلة والصرف، كقوله تعالى: {وإن كانوا ليفتنونك} [الإسراء: 37] والمحيا والممات: مفعل، من الحياة والموت، تقع على المصدر والزمان والمكان. وفتنة المحيا كثيرة، وفتنة الممات: فتنة القبر، وقيل: عند الاحتضار، والجمع بين فتنة المحيا والممات، وفتنة الدجال، وعذاب القبر، من باب ذكر الخاص مع العام، ونظائرهُ كثيرة.(1/56)
«ومن فتنة المسيح الجال» المسيح اثنان: يعني الله عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ ، والدجال، ولم يختلف في ضبط المسيح عيسى على ما هو في القرآن، وإنما اختلف في معناه، فقيل: سمي مسيحاً، لمسحة الأرض، فعيل بمعنى فاعل. وقيل: لأنه كان إذا مسح ذا عاهة برىء من دائه، وقيل: لأنه كان ممسوح القدم لا أخمص له، وقيل: لأن الله تعالى مسحه، أي: خلقه خلقاً حسناً، والمسحة: الجمال والحسن، وقيل لأن زكريا مسحه عند ولادته، وقيل: لأنه خرج ممسوحاً بالدهن، وقيل: بل المسيح بمعنى: الصديق. وأما الدجال فهو مثل المسيح عيسى في اللفظ عن عامة أهل المعرفة والرواية، وعن أبي مروان سراج وغيره وكسر الميم مع تشديد الشين، وأنكره الهروي، وجعله تصحيفاً. وقال بعضهم: كسر الميم للتفرقة بينه وبين عيسى ـ عليه السلام ـ . وقال الحربي: بعضهم يكسرها في الدجال ويفتحها، وكل سواء، وقال أبو الهيثم: والمسيح بالحاء المهملة: ضد المسيخ بالخاء المعجمة، مسحه الله إذا خلقه خلقاً حسناً، ومسخ الدجال إذا خلقه ملعوناً. وقال أبو عبيد: المسيح: المسموح العين، وبه سمي الدجال. وقال غيره: لمسحه الأرض فهو بمعنى فاعل، وقيل: المسيح: الأعور، وبه سمي الدجال، وقيل: أصله فيهما فعرب. وعلى هذا اللفظ ينطق به العبرانيون، والدجال سمي دجالاً من الدجل، وهو طلي البعير بالقطران، فسمي بذلك لتمويهه بباطله، وقيل: من التغطية، ويقال: الدجال في اللغة: الكذاب، وقيل: سمي بذلم لضربه نواحي الأرض وقطعه لها. ودجَلَ ودجَّلَ: إذا فعل ذلك، كله عن القاضي عياض رحمه الله تعالى.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«وإن دعا بما ورد في الأخبار فلا بأس» الأخبار: جمع خبر، قال المصنف رحمه الله في «المغني» الخرقي: بما ذكر في الأخبار، يعني: أخبار النبي وأصحابه والسلف.(1/57)
«السلام عليكم ورحمة الله» تقدم ذكر السلام. فإن قال: سلام عليكم، منكَّراً، أجزأه في أحد الوجهين، فإن نكسه فقال: عليكم السلام، لم يجزه، وقال القاضي: فيه وجه أنه يجزئه.
«وعن يساره» اليسار، بفتح الياء، ويجوز كسرها؛ والأول أفصح. قال العريزي في آخر «غريب القرآن» له: قيل: ليس في كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة إلا يسار. ويسار ليد، ويقال: يعار، من قولهم: يعر الجدي: إذا صاح.
«أو رباعيَّة» أي: أربع ركعات، وهي الظهر والعصر والعشاء، بتشديد الياء، نسبة إلى رُباع المعدول عن أربعة، كثلاث، تقول في المذكّر: رباعي، وفي المؤنث: رباعية.
«متوركاً» هو متفعل من الوَرِك، قال الجوهري: والتورك على اليمنى: وضع الوَرِك في الصلاة على الرجل اليمنى، والوَرِك: ما فوق الفخذ، وهي مؤنثة، وقد تخفف، مثل فخذٍ وفخِذ، وزاد القاضي عياض لغة ثالثة، وهي كسر الواو مع سكون الراء على وزن وِزْر.
«وتجلس معربَّعة» التربع: هو الجلوس المعروف، وهو اسم فاعل مؤنث من تربع. وتربع مطاوع: ربع، لأن صاحب هذه الجلسة قد ربع نفسه، كما يربَع الشيء إذا جعل أربعاً، والأربع هنا: الساقان والفخذان، ربعها بمعنى: أدخل بعضها تحت بعض.
«أو تسدل رجليها» بفتح التاء مع ضم الدال وكسرها، وبضم التاء مع كسر الدال، ثلاث لغات في المضارع، وفي الماضي لغتان: سدل، وأسدل، والأول أكثر وأشهر، كل ذلك عن ابن سيده في «المحكم» ومعناه: تسدلهما.(1/58)
«وافتراش الذراعين» الإقعاء: مصدر أقعي يُقعي أقعاءً، قال الجوهري: أقعى الكلب: إذا جلس على استه مفترشاً رجليه وناصباً يديه، وقد جاء النهى عن الإقعاء في الصلاة، وهو أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين، هذا تفسير الفقهاء. فأما أهل اللغة، فالإقعاء عندهم: أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويتساند إلى ظهره، هذا آخر كلامه. وقال القاضي عياض في «المشارق» وهو أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه في الأرض، كما يقعي الكلب، قاله أبو عبيد. وتفسير الفقهاء: أن يضع أليتيه على صدور عقبيه، والقول الأول أولى. وقال المصنف رحمه الله في «المغني»: هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه، بهذا وصفه الإمام أحمد. قال أبو عبيد: هذا قول أهل الحديث. والإقعاء عند العرب: جلوس الرجل على أليتيه ناصباً فخذيه، مثل إقعاء الكلب والسبع، ولا أعلم أحداً قال بالاستحباب على هذه الصفة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«وهو حاقن» يقال: حقن فلان بوله، فهو حاقن، إذا حبسه، ويقال: أحقنه، فهو محقنٌ وأنكره الكسائي. والحاقب: الذي احتبَس غائطه. وفي معناها في الكراهة من به ريحٌ محتبسةٌ.
«بحضرة طعام» قال الجوهري: بحضرة فلان، أي: بمشهد منه. وحكى يعقوب في «الإصلاح»: فيه ثلاث لغات: فتح الحاء، وضمها، وكسرها.
«تتوق نفسه» قال الجوهري: تاقت نفسي إلى الشيء، توقاً، وتوقاناً. يقال: المرء توَّاقٌ إلى ما لم ينل.
«ويكره النخصر» التخصر: وضع يده على خاصرته، نص على ذلك المصنف رحمه الله وغير المصنف.(1/59)
«والتروُّح وفرقعة الأصابع وتشبيكها» التروُّح: تفَعُّلٌ من الريح: والريح، أصله الواو، كقولهم: أروحَ الماء، وجمعها على أرواح. قال الجوهري: يقال: تروَّحت بالمروحَة. والمراد هنا، أن يروح المصلي على نفسه بمروحةٍ أو خِرقةٍ أو غير ذلك، وقرقعةُ الأصابع، قال الجوهري: الفرقعة: تنقيضُ الأصابع وقد فرقعتها فتفرقعَتْ، قال الحافظُ أبو الفرج: ونهى ابن عباس عن التفقيع في الصلاة وهي الفرقعة. وتشبيك الأصابع: ادخالُ بعضها في بعض.
«وعدُّ الآي» قال الجوهري: جمع الآية: آي، وآياتٌ. والآيةُ: العلامةُ، أصله أويَةٌ بالتحريكِ. قال سيبويه: موضع العين من الآية واوٌ، لأنَّ ما كان موضعَ العين [منه] واواً اللام ياءً أكثر ممّا موضع العين واللام منه ياءآن. وقال الفراء: هي من الفعل فاعلة وإنما ذهبت منه اللامُ، ولو جاءت تامةً لجاءت آيِيَةً. وقال صاحب «المشارق»: وآيات الساعة: علاماتها، وكذلك آياتُ القرآن سُمِّيت بذلك، لأنَّها علامةٌ على تمام الكلامِ، وقيلَ: لأنَّها جماعةٌ من كلمات القرآن. وقال الجوهري: ومعنى الآية من كتاب الله، أي: جماعةُ حروفٍ.
«وقتل الحية والعقرب والقملة» الحيةُ: تكونُ للذكر والأنثى وإنما دخلته الهاءُ، لأنَّه واحد من جنسٍ، كبطةٍ، ودجاجةٍ، على أنه قد رُوي عن العرب: رأيتُ حيّاً على حيَّةٍ. والحيُّوت: ذكرُ الحيَّات. والعقرب: واحدة العقارب وهي تُؤنَّثُ. والأنثى: عقربةٌ، وعقْرباءُ، ممدودٌ غيرُ مصروف. والذكر: عُقْربانٌ، والعُقْربان أيضاً: دابة لها أرجل طوال. والقملة: أصغر واحدة القمل معروفةٌ، والقُمَّلُ: دُوَيِبَّة من جنس القِردان، إلا أنَّها أصغر منها تركيب البعير عند الهُزالِ. كلُّه عن الجوهري.
«تكرار الفاتحة» تكرار، بفتح التاء: مصدر: كرر الشيء تكراراً وتكريراً.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70(1/60)
«إذا ارتج عليه» هو من ارتجت الباب ورتجتُه: إذا أغلقته. قال الجوهري: وارتج على القارىء على ما لم يُسمَّ فاعله: إذا لم يقدر الى القراءةِ كأنه أطبقَ عليه كما يرتج الباب، وكذلك ارتيج عليه، ولا تقل: ارتج عليه بالتشديد.
«صفحت ببطن كفها» قال الجوهري: التصفيح مثل التصفيق. وقال صاحب «المشارق»: معناهما متقارب. وقيل: هما سواء، وقيل: التصفيح بالحاء: الضرب بظاهر إحداهما على باطن الأخرى، وقيل: بل بإصبعين من إحداهما على صفحة الأخرى. والتصفيق: الضرب بجميع إحدى الصفحتين على الأخرى، كله نقله القاضي عياض.
«وإن بدره البصاق» البصاق بالصاد والسين والزاي، حكاه الجوهري وغيره، هو معروف، وعند بني العنبر السين تقلب صاداً باطراد، قبل الخاء والغين المعجمتين، والطاء المهملة، والقاف. وقد نظمت ذلك في بيتين:
السين تقلب صاداً عند أربعةٍ
الخاء والغين ثم القاف والطاء
إلى بني العنبر المذكور نسبته
كالسطلِ والصدع تسخير وإسقاء
«إلى سترة مثل آخره الرحل» قال الجوهري: السترة: ما يستر به كائناً ما كان، وكذلك الستارة. وقال: في قادمتي الرحل ست لغات: مُقدمٌ ومُقدِمةٌ ومقدَّمٌ ومقدَّمةٌ بفتح الدال مشددة، وقادمٌ وقادِمةٌ، وكذلك هذه اللغات كلها في آخرة الرحل. وقال صاحب «المشارق»: آخرة الرحل ممدوداً: عود في مؤخرة، وهو ضد قادمته. قال الجوهري: والرحل: رحل البعير، وهو أصغر من القَتَبِ.
«وإن لم تكن سترة» «تكن» تامةً، و«سترة» بالرفع: فاعله.
«الأسود البهيم» البهيمُ: الذي لا يخالط لونه لون آخر، ولا يختص بالأسود، عن الجوهري وغيره.
«أركان الصلاة» الأركان حمع ركن، قال الجوهري: ركن الشيء: جانبه الأقوى، والمراد هنا وفي الحج: ما يبطل العبادة: عمده وسهوه.
«وتكبيرة الإحرام» سميت بذلك لأن بها حَرُمَ على المصلي ما كان مباحاً له من مفسدات الصلاة، وسنذكر أتم من هذا في أول باب الإحرام إن شاء الله تعالى.(1/61)
«والاعتدال عنه» الاعتدال: الاستقامةُ. قال الجوهري: يقال: عدّلتهُ فاعتدل، أي: قوّمته فاستقام، وكل مثقَّف معتدِل.
«والطمأنينة» بضم الطاء وبعدها ميم مفتوحةٌ، وبعدها همزةٌ ساكنة، ويجوز تخفيفها بقلبها ألفاً، قال الجوهري: اطمأنَّ الرجل اطمئناناً وطمأنينة: سكَن، واطبأن: مثله على الإبدال. وقال المصنف رحمه الله في «المغني» ومعنى الطمأنينة: أن يمكثَ إذا بلغَ حدَّ الرُّكوع قليلاً.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
«عمداً» هو مصدرُ عمدتُ للشيء أعمد عمداً، أي: تعمدت، وهو نقيض الخطأ، كلُّه عن الجوهري.
«بطلت صلاته» بطلت، بفتح الباء والطاء، أي: فسدت والباطلُ والفاسدُ: اسمان لمسمى واحد، وهو ما لم يكن صحيحاً. قال المصنّف رحمه الله في «الرَّوضة»: فالصحة اعتبار الشرع الشيء في حق حكمه، ويطلق على العبادات مرة، وعلى العقود أخرى، فالصحيح من العبادات ما أجزأ، وأسقط القضاء، ومن العقود: كل ما كان سبباً لحكم إذا أفاد حكمه المقصود منه، فهو صحيح، وإلا فهو باطلٌ.
«والتسميع والتحميد» التسميع: مصدر: سمَّع: إذا قال: سمِعَ الله لمن حمده، والتحميد: مصدرُ حمَّد: إذا قال: ربَّنا ولك الحمد، كالتسبيح: مصدرٌ من: سبَّح: إذا قال: سبحان الله.
«الاستفتاح» هو عبارة عن الذكر المشروع بين تكبيرةِ الإحرام والاستعاذة للقراءة من «سبحانك اللهم» أو «وجَّهت وجهي» أو نحوهما، سمي بذلك، لأنه شُرع ليستفتح به في الصلاة.
«والقُنوت في الوتر» قال الجوهري: القنوتُ: الطَّاعةُ، هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى: {والقانتين والقانتات} [الأحزاب: 53] ثك سكِّي القيام في الصلاة قنوتاً، ومنه قنوت الوتْر، وقال صاحب «المشارق»: القنوت يتصرَّف، يكون دعاء وقياماً، وخشوعاً، وصلاة، وسكوتاً، وطاعة. والوتر: الفردُ، بكسرِ الواوِ وفتحها، والمرادُ هنا: وِتر صلاةِ الليلِ المعروف.(1/62)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 70
باب سجود السهو
قال صاحب «المشارق»: السهو في الصلاة: النسيان فيها، وقيل: هو الغفلة. وقيل: النسيان: عدم ذكر ما قد كان مذكوراً. والسهو: ذهول، وغفلة عما كان مذكوراً وعما لم يكن.
«وشك» قال الجوهري: الشك: خلاف اليقين، وفي اصطلاح أصحاب الأصول: الشك: ما استوى طرفاه، فإن ترجح أحدهما، فالراجح عندهم ظن والمرجوح وهم.
فهقهة» قال الجوهري: القهقهة في الضحك معروفة، وهو أن يقول: قَةَ قةَ، ويقال: فيه قهَّ، وقهقه بمعنى، وقد جاء في الشعر مخففاً قال: وهُنَّ في تهانُف وفي قهِ التهانف: ضحكٌ فيه فتورٌ كضحِك المستهزىء.
«أو انتحب» قال الجوهري: النحيب: رفع الصوت با لبكاء، وقد نحب ينحب بالكسر نحيباً، والانتحاب مثله.
«فبان حرفان»: يقال: بأن الشيء بياناً، وتبياناً: ظهر، وأبان كذلك، ذكره شيخنا في: «فعل وأفعل».
«إلا ما كان من خشية الله تعالى» أي: من خوفه، عن الجوهري وعيره والخشية: أحد مصادر، خشي، وهي ستة، نظمها شيخنا: أبو عبد الله بن مالك في بيت: وهو:
خشيت خَشياً ومَخْشاة ومخْشيةً
وخشية وخشاة ثم خشياناً
«أربع سجدات من أربع ركعات» هو بفتح جيم سجدات، وكاف ركعات: جمع سجدة وركعة، وكذا بابه. والضابط فيه: أن كل اسم ثلاثي مؤنث بتاء ودونها، صحيح العين، فإن كان مفتوح الفاء حركت عينه بحركتها، كسجدات ونحوها، وإن كان مضموم الفاء أو مكسورها، ففيه ثلاثة أوجه، الاتباع، والفتح، والسكون.
«والإمام على غالب ظنه» يجوز نصب الإمام عطفاً على اسم «أنَّ» ورفعه على الابتداء، وكذلك كل ما عطف على اسم إنَّ بعد الخبر، ومنه قوله تعالى: {وإذا قيل إنَّ وعد الله حق والساعة} [الجاثية: 23] بالرفع، والنصب.
«إلا أن يسهو أمامه فيسجد» بنصب «يسجد» عطفاً على «يسهو» لأن لوجوب السجود على المأموم حتماً، شرطين، سهو إمامه، وسجوده.(1/63)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 90
باب صلاة التطوع
التطوع: تفعلٌ من طاع يطوع: إذا انقاد.
«ثم الوتر» يجوز فيه الجر عطفاً على الكسوف والاستسقاء، والرفع أجود عطفاً على صلاة.
«وإن أوتر» يقال: وتر الصلاة: إذا جعلها وتراً، وأوتر أكثر، نقلها أبو عثمان وغيره.
«سرد ثمانياً» وقوله «في الضحى: وأكثرها ثمانِ» وسائر ما ورد عليك في الكتاب. قال الجوهري: ثمانية رجالٍ، وثماني نسوة، وهو في الأصل منسوبة إلى الثمن، لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية، فهو ثمنها ثم فتحوا أوله، وحذفوا منه إحدى ياءي النسب، وعوضوا منها الألف، كما فعلوا [في المنسوب إلى اليمن فثبت ياؤه عند الإضافة والنصب، كما ثبتت ياء القاضي، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر] وما جاء في الشعر غير مصروف، فعلى توهم أنه جمع.
«يقرأ في الأولى سبح» سبح: علم على السورة المبدوءة بـ {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن معناه: قل: سبحان ربي الأعلى. و{قل يا أيها الكافرون} علم على هذه السورة، وكذلك {قل هو الله أحد} علم سورة الإخلاص، وقد سسمي كثير من سور القرآن بأول آية منها، كسروة (طه) و(يس) ونحوهما.
{نستعينك ونستهديك ونستغفرك} أي: نطلب منك العون والهداية والمغفرة.(1/64)
«ونؤمن بك ونتوب إليك» نؤمن، أي: نصدق، و«نتوب إليك»، أي: نفعل التوبة. وقد تقدم شرحها في باب الحيض «ونتوكل عليك» إلى آخر الدعاء. قال الجوهري: التوكل: إظهار العجز، والاعتماد على غيرك، والاسم: التكلان، واتكلت على فلان في أمري إذا اعتمدته. قال أبو القاسم عبدالكريم بن هوازن: التوكل أمحله القلب، والحركة في الظاهر لا تنافي التوكل بالقلب بعد تحقيق العبد أن التقدير من قبل الله عز وجل. وقال ذو النون المصري: التوكل: ترك تدبير النفس، والانخلاع من الحول والقوة، وقال سهل ابن عبد الله: التوكل: الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد. وعنه قال: التوكل قلب عاش مع الله بلا علاقة. وقيل: التوكل الثقة بما في يد الله، واليأس عما في أيدي الناس، وقيل غير ذلك، يطول شرحه.
«ونثني عليك الخير» أي: نمدحك ونصفك بالخير، قال الجوهري: وأثنى عليه خيراً، والاسم: الثناء، والنثا بتقديم النون: مقصور مثل الثناء، إلا أنه في الخير والشر، والثناء في الخير خاصة. قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في «مُثلَّثة»: الثناء: المدح، فظاهر هذا أن الثناء مخصوص بالخير، والثنا: بتقديم النون مشترك بينهما. وقال أبو عثمان سعيد بن محمد المعافري في «أفعاله« وأثنيت على الرجل: وصفته بخير أو بشر «ونشكرك» تقدم ذكر الشكر في أول الكتاب.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 91
«ولا نكفوك» قال صاحب «المشارق» فيها: أصل الكفر: الجحد، لأن الكافر جاحد نعمة ربه عليه وساتر لها، ومنه «تكفرن العشير يعني الزواج، أي: يجحدن إحسانه. والمراد هنا والله أعلم: كفر النعمة، لافترانه بـ «نشكرك ونعبدك». قال الجوهري: ومعنى «العبادة»: الطاعة مع الخضوع، والتذلل، وهو جنس من الخضوع لا يستحقه إلا الله تعالى، وهو خضوع ليس فوقه خضوع، وسمي العبد عبداً، لذلته وانقياده لمولاه، ويقال: طريق مُعبَّدٌ: إذا كان مذللاً موطوءاً بالإقدام.(1/65)
«ونسعى» قال الجوهري: سعى الرجل يسعى سعياً، أي: عدا، وكذلك إذا عمل وكسب. وقال صاحب «المشارق»: وقال بعضهم: والسعي: إذا كان بمعنى الجري والمضي: تعدى بـ«إلى» وإذا كان بمعنى العمل فباللام، قال الله تعالى {وسعى لها سعيها} [الإسراء 91].
«ونحفد» بفتح النون، ويجوز ضمها، يقال حَفدَ بمعنى أسرع، وأحفد لغة فيه، حكاهما شيخنا في «فعل وأفعل». وقال أبو السعادات في «نهايته»: نسعى ونحفد، أي: نسرع في العمل والخدمة. وقال ابن قتيبة: نحفد: نبادر، وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع.
«إن عذابك الجد» الجِدِّ، بكسر الجيم: نقيض الهزل، فكأنه قال: إن عذابك الحق. قال أبو عبد الله بن مالك في «مثلثه»: الجَّدَّ: يعني بالفتح من النسب معروف، وهو أيضاً: العظة، والحظ والقطع، والوكف، والرجل العظيم، والبئر عند الكلأ، وجانب الشيء، وجمع أجَدّ، وهو الضرع اليابس، وجمع جداءٍ، وهي الشاة اليابسة الضرع والمقطوعة، والسَّنَةُ المجدبةُ، والناقة المقطوعة الأذن، والمرأة بلا ثدي، والفلاة بلا ماء.
«وملحق»، قال الجوهري: لحقه ولحق به: أدركه وألحقه به غيره، والحقةُ أيضاً بمعنى لِحقهُ، وفي الدعاء: «إن عذابك بالكفار ملحق» بكسر الحاء، أي: لاحق بهم، والفتح [أيضاً] صواب. آخر كلامه.
«اللهم اهدنا» أصل الهدي: الرشاد والدلالة، يقال: هداه يهديه هدىً وهداية، وطلب الهداية من المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب الثبات على الهداية، أو بمعنى المزيد منها.
«وعافنا فيمن عافيت»: صيغةُ أمرٍ من عافاه عافية. قال القاضي عياض: والعافية من الأسقام والبلايا.
«وتولنا فيمن توليت» قال الجوهري: الولي ضد العدو، يقال: منه تولاه. فهو ـ والله أعلم ـ سؤال أن يكون الله وليَّهُ لا عدوه.(1/66)
«أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك» قال الخطابي: في هذا معنىً لطيفٌ، وذلك أنه سأل الله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضى والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة، والمؤاخذة بالعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له، وهو الله تعالى أظهر العجز والانقطاع، وفزع منه إليه، فاستعاذ وفزع منه إليه، فاستعاذ به منه. وقال صاحب «المشارق»: وفي الحديث «أسألك العفو والعافية والمعافاة» قيل: العفو: محو الذنب، والعافية: من الأسقام والبلايا، والمعافاة: أن يعافيك الله من الناس، ويعافيهم منك.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 91
«لا نحصي ثناء عليك» أي: لا نطيقه ولا نبلغه ولا تنتهي غايته، ومنه قوله تعالى: {علم أن لن تحصوه} [المزمل: 02] أي: لن تطيقوه.
«أنت كما أثنيت على نفسك» اعترافٌ بالعجز عن تفصيل الثناء. وردُّ ذلك إلى المحيط علمهُ بكل شيءٍ جملة وتفصيلاً، [فكما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته، فكذلك إلا نهاية للثناء عليه، لأنه تابع للثناء عليه].
«ينزل بالمسلمين نازلة» قال الجوهري: النازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس.
«ثم التراويح» التراويح: قيام شهر رمضان، وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات، سميت تراويح، لأنهم كانوا يجلسون بين كل أربع يستريحون، ذكره المصنف رحمه الله في «الكافي».(1/67)
«يقوم بها في رمضان» رمضان: الشهر المعروف، لا ينصرف للعلمية والزيادة. وفي تسمية رمضان بذلك خمسة أقوال، أحدها: أنهم لما نقلوا الشهور عن اللغة القديمة سموا بالأمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام شدة الحر ورمضه. والثاني: لحر جوف الصائم فيه وَرَمضهِ. الثالث. أنه كان عندهم أبداً في الحر، لا نسائهم الشهور، وزيادتهم شهراً في كل أربع سنين حتى لا تنتقل الشهور عن معاني أسمائها. الرابع: أن الذنوب تُرمضُ بحرارة القلوب. الخامس: أنه من خيره، كالرمض وهو: المطر إذا كان في آخر القيظ وأول الخريف، سُمي بذلك لأنه يدرك سخونة الشمس. وكان عطاء ومجاهد، يكرهان أن يقال: رمضان، قالا: لا ندري لعل رمضان اسم من أسماء الله تعالى. وقال بعضهم: إذا جاء بما لا يشك معه أن المراد به الشهر، كقوله: صُمنا رمضان، لم ينكر، وينكر ما يشكل، كقولك: دخل رمضان، وجاء رمضان. والصحيح: أنه يقال: رمضان مطلقاً من غير تفصيل، فقد صح عن رسول الله «من صام رمضان» و«لا تقدموا رمضان» ذكر الجميع الإمام عبد العظيم المنذري في حواشي «مختصر سنن أبي داود». وجمع رمضان رمضانات، ورماضنين، وأرمض، ورماض، وأرمضة، على حذف الزوائد. وأراميض، ورماضي. وزاد الجوهري: أرمضاء.
«فإن كان له تجهُّد» التجهُّد: الصلاة بالليل. قال الجوهري: هجد وتهجد، أي: نام ليلاً، وهجد وتهجد، أي: سهر، وهو من الأضداد، ومنه قيل لصلاة الليل: التهجد.
«وفي التعقيب» التعقيب: فعل الشيء بعقب الشيء، وقد فسره المصنف رحمه الله تعالى بذلك، وهو راجع إلى معناه في اللغة.
«مثنى مثنى» غير مصروف، للعدل والوصف. قال القاضي عياض: أي: ركعتان اثنتان، يسلم من كل اثنتين.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 91
«لا يجهر فيها» بفتح الياء، وضمها لغة، وقد تقدم.(1/68)
«واندفاع النقم» النقم، بكسر النون وفتح القاف، وبفتح النون وكسر القاف: نحو كلمة وكلم، واحدة: نَقِمة ونِقْمة كعَذَرةٍ وسِدْرَةٍ، حكاه الجوهري بمعناه.
«قيد رمح» أي: قدر رمح، يقال: قيد رمح، وقيس رمح، وقدي رمح، بكسر قافات الثلاثة، وقادُ رمح، خمس لغات، بمعنى: قدر رمح، كلها عن الجوهري، مفرقة في أبوابها.
«تضيَّفت للغروب» قال الجوهري: تضيَّفت الشمس: إذا مالت للغروب، وكذلك: ضاقت وضيَّقت. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 91
باب صلاة الجماعة
«لا شرطٌ» بالتنوين مرفوعاً، عطف على «واجبةٌ»، أي: هي واجبةٌ، لا شرطٌ.
«هل الثغر» قال الجوهري: الثغر: موضع المخافة من فروج البلدان. وقال عياض: والثغرُ: أصله الفتح في الشيء، ينفذ منه إلى ما وراءه.
«في غير المساجد الثلاثة»: هي المسجد الحرام، ومسجد النبي ، ومسجد الأقصى، التي ذكرت في الحديث الصحيح.
«إلا صلاة المكتوبة» بالرفع على البدل، ويجوز النصب على أصل باب الاستثناء.
«إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها» بضم العين على الاستئناف.
«في سكنات الإمام» سكنات بفتح الكاف، على ما قرر في سجود السهو، وهي ثلاث: في الركعة الأولى: قبل الفاتحة، وبعدها، وقبل الركوع، واثنتان في سائر الركعات، بعد الفاتحة، وقبل الركوع.
«لطرش» قال الجوهري: الطرش أهون الصمم، يقال: هو مولَّد. وقال أبو منصور اللغوي: والطرش ليس بعربي، وهو بمنزلة الصمم، وقيل: أقل من الصمم، وقالوا: طرِش يطرَش طرشاً.(1/69)
«السنة أن يؤم القوم أقرؤهم» أي: أكثرهم قرآناً، فإن تساويا في قدر ما يحفظ كل واحد منهما، فأولاهما: أجودهما قراءة وإعراباً. فإن كان أحدهما أكثر حفظاً، والآخر أجود قراءة، وأقل لحناً، فالجيد القراءة أولى، ذكر ذلك المصنف رحمه الله في «المغني»، ثم قال: فإن اجتمع قارئان، وأحدهما أقرأ، والآخر أفقه، قدم أقرؤهما، نص عليه. وقال ابن عقيل: يقدم الأفقه. فإن اجتمع فقيهان، أحدهما أعرف بأحكام الصلاة، والآخر أعرف بما سواها، فالأعلم بأحكام الصلاة أولى.
«ثم أسنّهم» أي: أكبرهم سناً، وظاهر قول الإمام أحمد: تقديم الأقدم هجرة على الأسن. قال الخطابي: على هذا الترتيب يوجد أكثر أقوال العلماء.
ثم أقدمهم هجرة» قال المصنف رحمه الله في «المغني»: معنى تقديم الهجرة: أن يكون أحدهما أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام. وقال الجوهري: الهجرُ: ضد الوصل، وقد هجرَهُ هجْراً وهُجراناً، والاسم: الهجرة. والمهاجرة من أرض إلى أرض: ترك الأولى للثانية.
«ثم أشرفهم، ثم أتقاهم» قال المصنف رحمه الله في «المغني»: قدم أشرفهم، أي: أعلاهم نسباً، وأفضلهم في نفسه، وأعلاهم قدراً. آخر كلامه. وأتقاهم: أكثرهم تقوى، والتقوى: ترك الشرك والفواحش والكبائر، عن ابن عباس. وأصله من الأتقاء: وهو الحجز بين الشيئين. وعن ابن عمر: التقوى: أن لا ترى نفسك خيراً من أحدٍ. وعن عمر بن عبدالعزيز: التقوى: ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله. وقيل: الاقتداء بالنبي . وقيل: التقوى: ترك ما لا بأس به، حذراً مما به بأس. وقيل: جماعها في قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان...} [النحل: 09].
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 97
«أحق بالإمامة» أي: مستحق لها، ولا حق لغيره فيها. قال الأزهري: «أحق» في كلام العرب له معنيان، أحدهما: استيعاب الحق، والثاني: ترجيح الحق.(1/70)
«ذا سلطان» قال الجوهري: السلطان: الوالي. وقال صاحب «المستوعب» وذو السلطان ـ وهو: الإمام ـ والقاضي: أولى من إمام المسجد. وصاحب البيت، وكل ذي سلطان: أولى من جميع نوابه. وإنما عدلَ ـ والله أعلم ـ عن قوله: «إلا أن يكون بعضهم سلطاناً» إلى قوله: «ذا سلطان»، لكونه أعمَّ، لأن السلطان قد صار كالعلم.
«إمامة الفاسق والأقلف» تقدم ذكر الفاسق في باب الأذان. والأقلف: الذي لم يختن، وقد تقدم ذكر الختان.
«إمام الحي المرجوِّ زوال علنه» قال القاضي عياض: الحي: اسم لمنزل القبيلة، سميت به، لأن بعضهم يحيى ببعض.
«وإمام الحي» بالجر، على البدل من عاجز، والنصب على الاستثناء، و«المرجو» تابع له في جره ونصبه، و«زوال» مرفوع وجهاً واحداً.
«إمامة الأمي» قال القاضي عياض: منسوب إلى الأم، إذا النساء في الغالب من أحوالهن لا يكتبن، ولا يقرأن مكتوباً، فلما كان الابن بصفتها، نسب إليها، كأنه مثلها. وقيل: بل المراد بالأمي أنه الباقي على أصل ولادة أمه، لم يقرأ ولم يكتب. آخر كلامه. وقال الجوهري: وأصل الأمِّ أمَّهة، ولذلك تجمع على أمهات. وقال بعضهم: الأمهات للناس، والأمّهات للبهائم. وحقيقة الأميّ، في باب الإمامة، ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، ولو كان يحسن الكتابة وغيرها.
«أو يلحن فيها» بفتح الحاء. قال الجوهري: اللحن: الخطأ في الإعراب. يقال: فلان لحّان، أي: يخطىء، ولحانة أيضاً.
«والفأفاء والتمتام» قال الجوهري: رجل فأفاءٌ، على فعْلال، وفيه فأفأةٌ، وهو أن يتردد في الفاء إذا تكلم. والتمتام: الذي فيه تمتمة، وهو الذي يردد التاء.
«من لا يفصح ببعض الحروف» بفتح بضم الياء من: يفصح، لا غير.
«والجنديّ» بضم الجيم، وسكون النون، وتشديد الياء: نسبة إلى جند، أحد أجناد الشام. وهي خمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، وقنسرين، والأردن. والنسبة ترد إلى الواحد، فيقال: جندي، ذكره الزمخشري في كتاب «أساس البلاغة».(1/71)
«فرجة» الفرجة: الخلل بين شيئين، قاله غير واحد من أهل اللغة، وهي: بضم الفاء، وفتحها، ذكرهما صاحب «المحكم»، والأزهري. وأما «الفرجة» بمعنى: الراحة من الغم، فمثلث الفاء، ذكره شيخنا في «مثلثه».
«صلى فذاً» الفذ: الفرد، قاله الجوهري، وغيره.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 97
«في طاق القبلة» طاق القبلة؛ عبارة عن المحراب، قال الجوهري: والطاق ما عطف من الأبنية، والجمع طاقات. والطيقان: فارسي معرب. وقال صاحب «المطالع»: طاق البناء: الفارغ ما تحته، وهي الجنية، وتسمى الأزج، ونقل صاحب «المستوعب» رواية في استحباب وقوف الإمام فيه.
«بين السواري» جمع سارية. قال الجوهري: هي الاسطوانة.
«قامت وسطهن» تقدم عند قوله في الخطبة: وسطاً بين الطويل والقصير.
«أحد الأخبثين» قال الجوهري: الأخبثان: البول والغائط، وقد تقدم بتثليث الخاء من يحضره كذا.
«الخائف من ضياغ ماله» قال الجوهري: ضاع الشي يضيع ضيعاً وضيعة وضياعاً بالفتح، أي: هلك. والضيعة: العقار، والجمع ضياع، يعني: بكسر الضاد. وقال صاحب «المشارق» فيها، بعد أن ذكر الفتح: وأما بكسر الضاد، فجمع ضائع.
«أو ملازمة غريم» قال الجوهري: الغريم: الذي عليه الدين، يقال: خذ من غريم السوء ما سنح، وقد يكون الغريم: الذي له الدين، قال كثير:
قضى كلُّ ذي دَيْنٍ فوفَّى غريمه
وعزَّةُ ممطول معنَّى غريمُها
وقال صاحب «المشارق»: والغريم: من له الدَّيْن، ومن عليه الدين.
«أو من فوات رفقته» قال الجوهري: الرفقة: الجماعة ترافقهم في سفرك، والرفقة، بالكسر، مثله.
«أو الأذى بالمطر والوحل» قال الجوهري: الوحل بالتحريك: الطين الرقيق، وبالتسكين لغة رديئة. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 97
باب صلاة أهل الأعذار(1/72)
الأعذار جمع عذر، كقفل وأقفال، وهو: ما يرفع اللوم عما حقه أن يلام عليه، ويقال: أيضاً: عُذرُ بضم العين والذال. وعذرة، ككسرة، ومعذرة.
«فعلى جنب» «خ» بخط المصنف في نسخته في هذا الموضع «خ» معجمة إشارة إلى أن البخاري روى الحديث المذكور.
«أومأ بطرفه» قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في «فعل وأفعل» ومأ وأومأ، ووبأ وأوبأ، وومى وأومى: أشار. فاللغات الأربع بالهمز، والخامس منها، والسادس بغير همز. والطرف. بفتح الطاء وسكون الراء: العين. قاله الجوهري. وقال صاحب «المطالع»: طرف العين حركتها، ومنه: هي تطرف، أي تحرك أجفانها.
«فإن قدر على ذلك» قدر، بفتح الدال، وبكسرها: لغة فيه، حكاها ابن السكيت، نقلها الجوهري.
«وعجز عن الركوع» عجز، بفتح الجيم: هو المشهور في اللغة. والأفصح، وهو الذي حكاه ثعلب، وغيره: يعجز، بكسرها. وحكي عن الأصمعي: عجز، بكسر الجيم، يعجز، بفتحها. وحكاها القزاز: في «الجامع»، وابن القطاع، ويعقوب: في «فعل وأفعل»، وابن خالويه، وغيرهم. قال المطرز: والعجز: أن لا يقدر على ما يريد. وقيل: هو الكسل والتواني، قاله ابن السيد في «مثلثه». والمشهور، الفرق بين العجز والكسل.
«ثقات من العلماء بالطب» ثقات جمع ثقة: وهو المؤتمن. قال الجوهري: يقال: وثقت بفلان، أثق، بالكسر فيهما ثقة: إذا ائتمنته. والطب: المداواة، بكسر الطاء. قال الجوهري: والطَّب والطب، يعني بفتح الطاء وضمها: لغتان في الطب. وحكى اللغات الثلاث غيره.
«في السفينة» السفينة معروفة، وجمعها: سفن وسفين، قال ابن دريد: سفينة فعيلة، بمعنى: فاعلة. سميت بذلك، لأنها تسفن الماء، كأنها تفسره.(1/73)
«في قصر الصلاة» قصر الصلاة: ردها من أربع إلى ركعتين، مأخوذ من: قصر الشيء: إذا نقصه، ويجوز أن يكون قصرها: حبسها عن إتمامها، مأخوذ من قصر الشيء: إذا حبسه. قال القاضي عياض: يقال: قصرت من الشيء: إذا نقص منه، وقال أيضاً: وكل شيء حبسته، فقد قصرته. وحكى هذا المعنى غيره أيضاً. قال الجوهري: وأقصرت من الصلاة: لغة في «قصرت».
«ستة عشر فرسخاً» قال أبو منصور اللغوي: الفرسخ: واحد الفراسخ، فارسي معرب، وقال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني» فمذهب أبي عبد الله رحمه الله تعالى إن القصر لا يجوز في أقل من ستة عشر فرسخاً، والفرسخ ثلاثة أميال، فيكون ثمانية وأربعين ميلاً. قال القاضي: والميل اثنا عشر ألف قدم، وذلك مسيرة يومين قاصدين. وذكر صاحب «المسالك»: أن من دمشق إلى القطيفة أربعة وعشرين ميلاً، ومن دمشق إلى الكسوة اثني عشر ميلاً، ومن الكسوة إلى جاسم أربعة وعشرين ميلاً. وحدَّ بعضهم الميل الهاشمي بأنه ستة آلاف ذراع، والذراع: أربع وعشرون أصبعاً معترضة معتدلة، والأصبع: ست شعيرات معترضات معتدلات.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 102
«الرباعية» تقدم.
«بيوت قريته» قال الجوهري: القرية معروفة، والجمع القرى، على غير قياس، لأن ما كان فعله بفتح الفاء من المعتل، فجمعه ممدود، مثل ركوة وِركاة، وطبية، وظباء، وجاء القرى، مخالفاً لبابه لا يقاس عليه، ويقال: قرية، بكسر القاف، لغة ثمانية، ولعلها جمعت على ذلك، مثل ذِروة، وذرى، ولحية ولحى. آخر كلامه. والقرية: ما كان مبنياً بحجارة، أو لبن ونحوهما.
«أو خيام قومه» الخيام: جمع خيم، بمعنى خيمة، كفرخ وفراخ، والخيمة: بيت تنبيه العرب من عيدان الشجر، والجمع خيمات، وخيم، كبدرة وبدر، كله عن الجوهري. وحكى الواحدي: أن «خيما» جمع خيمة، كتمر وتمر. فعلى هذا تكون الخيام جَمعَ جمْعٍ. ويسمى المتخذ من العيدان: خباء.(1/74)
«والملاح» هو صاحب السفينة، عن الجوهري وغيره.
«مشقة وضعف» ضعف: بفتح الضاد وضمها، لغتان مشهورتان.
«تحت ساباط» قال الجوهري: الساباط سقيفة بين حائطين، تحتهما طريق، والجمع سوابيط وساباطات.
«حذاء العدو» بكسر الحاء ممدوداً: إزاؤه.
«بالحمد لله» بضم الدال على الحكاية، أي: بالفاتحة.
«صلوا رجالاً وركباناً» قال العزيزي في «الغريب» هما: جمع راجل وراكب وقال الزجاج: راجل ورجال، كصاحب وصحاب. وقال ابن السكيت: يقال: مر بنا راكب: إذا كان على بعير خاصة، فإن كان على حافر فرس أو حمار، قلت: فارس وعلى حمار، وقيل غير ذلك. والمراد بالركبان هنا: خلاف المشاة.
«أو سبع» سبع بضم الباء وإسكانها: لغتان مشهورتان، قرىء بهما، وهو هذا المعروف، وقد يطلق على كل مفترس كالذئب والنمر ونحوهما.
«لسواد» قال الأزهري، والجوهري: السواد: الشخص، والجمع أسودة، ثم أساود جمع الجمع، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 102
باب صلاة الجمعة
«الجمعة» بضم الجيم والميم، ويجوز سكون الميم وفتحها، حكى الثلاثة ابن سيده. قال القاضي عياض: مشتقة من اجتماع الناس للصلاة، قاله ابن دريد. وقال غيره: بل لاجتماع الخليقة فيه وكمالها، وروي عن النبي : إنها سميت بذلك لاجتماع آدم فيه مع حواء في الأرض. ومن أسمائه القديمة: يوم العروبة. وزعم ثعلب، أن أول من سماه يوم الجمعة، كعب بن لؤي، وكان يقال: له: العروبة، وكانت الأيام الأسبوع عند العرب أسماء أخر. فيوم الأحد: أول، والاثنين: أهون، والثلاثاء: جبار، والأربعاء: دبار، والخميس: مؤنس، والجمعة: عروبة، والسبت: شيار، بالشين المعجمة. قال الجوهري: أنشدني أبو سعيد. قال: أنشدني ابن دريد لبعض شعراء الجاهلية:
أؤَمِّل أن أعيش وأن يومي
بأولَ أو بأهونَ أو جبارِ
أو التالي دُبارٌ أو فيومي
بمؤنس أو عروبة أو شيار(1/75)
«مكلف» المكلَّف في اللغة: الملزم بما فيه مشقَّة، وفي الشرع: المخاطب بأمر ونهي، قاله المصنف رحمه الله تعالى في «الروضة» وهو البالغ العاقل.
«ببناء» الباء: حرف جر، بمعنى «في»، والبناء في الأصل، مصدر بنى، وهو هنا مصدر مطلق على المفعول، أي: بمبنيٍّ، فلا تجب الجمعة على أهل بيوت الشعر، وما أشبههم.
«شملها اسم واحدٌ» بكسر الميم في الماضي، وفتحها في المضارع، وهو الأشهر عند أهل اللغة، وحكى يعقوب وغيره: فتح الميم في الماضي، وضمها في المضارع. ومعنى شمل: عم.
«خطبتان» واحدتهما خطبة بالضم، وهي التي تقالُ على المنبر ونحوها وخطبة النكاح بالكسر، يقال: خطبت المرأة خطبة وخِطّيبي.
«على منبر» المنبر، بكسر الميم، قال الجوهري: نَبرت الشيء: إذا رفعته، ومنه سمي المنبر.
«فاجتزىء» يقال جزأت بالشيء، واجتزأت به، وتجزأت به، بالهمز: إذا اكتفيت به، كله عن الجوهري. وقال ابن القطاع: وجزأ الشيء، وأجزأ: كفى.
«ويبكر» يقال: بكرت، بتخفيف الكاف، وبكَّرت، بتشديدها، وأبكرت، وابتكرت، وباكرت، كله بمعنى، حكى الخمسة الجوهري، ثم قال: ولا يقال بَكِر، ولا بَكُرَ، يعني بكسر الكاف وضمها، فمضارع الأول بضم الكاف، وباقيها على القياس، والذي هنا يجوز أن يكون مضارع بكَرَ وبكَّرَ وأبكرَ. قال ابن فارس: ومعناه كله: الإسراع، أيّ وقت كان. وقول رسول الله «من بكر وابتكر» بكر: أسرع، وابتكر: سمع أوائل الخطبة، كما يبتكر الرجل الباكورة من الفاكهة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 106
«سورة الكهف» أي: السورة التي يذكر فيها أصحاب الكهف، والكهف: الغار في الجبل.
«فيتخطى إليها» بغير همز.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 106
باب صلاة العيدين(1/76)
واحد العيدين عيد، وهو يوم الفطر، ويوم الأضحى. وسمي بذكل، قال القاضي عياض: لأنه يعود ويتكرر لأوقاته، وقيل: يعود بالفرح على الناس، وقيل سمي عيداً تفاؤلاً ليعود ثانية. قال الجوهري: إنما جمع بالياء وأصله الواو، للزومها في الواحد، وقيل: للفرق بينه وبين أعواد الخشب.
«تعجيل الأضحى وتأخير الفطر» أي: تعجيل صلاة يوم الأضحى، وتأخير صلاة يوم الفطر. والأضحى: مأخوذ من الأضحاة، وهي لغة في الأضحية على ما ستقف عليه إن شاء الله تعالى في أول باب الهدي والأضاحي.
«بكرة وأصيلاً» بكرة: عبارة عن أول النهار، وأصيلاً: الوقت من بعد العصر إلى الغروب، وجمعه أصل وآصال، أصائل، وأصلان، كبعير وبُعران، كله عن الجوهري.
«يحثهم» أي: يحضهم.
«يوم عرفة» هو اليوم التاسع من ذي الحجة. و«عرفة»: غير منون، للعلمية والتأنيث. وهي مكان معيَّن محدود، وأكثر الاستعمال: عرفات. قال الجوهري: وعرفات: موضع بمنى، وهو: اسم بلفظ الجمع فلا يجمع. وقول الناس: نزلنا عرفة شيبه بمولد، وليس بعربي محض. وسمي عرفات، لأن جبريل ـ عليه السلام ـ كان يُرى إبراهيم ـ عليه السلام ـ المناسك، فيقول: عرفت عرفت، نقله الواحدي عن عطاء. وقيل: لأن آدم ـ عليه السلام ـ تعارف هو وحواء بها، وكان آدم أهبط من الجنة بالهند وحواء بجده، وقيل غير ذلك.
«آخر أيام التشريق» هي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث من ذي الحجة، وسميت بذلك من تشريق اللحم، وهو تقديد، لأن لحوم الأضاحي تشرّق فيها، أي: تنشر في الشمس، قاله غير واحد من العلماء، وقيل من قولهم: «أشرق تثبير كما نُغير» حكاه يعقوب. وقيل: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس، حكاه ابن الأعرابي. حكى الأقوال الثلاثة الجوهري. وقال أبو حنيفة رحمه الله: التشريق: التكبير دبر الصلوات، وأنكره أبو عبيد، حكى ذلك القاضي عياض.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 108
باب صلاة الكسوف(1/77)
الكسوف: مصدر كسفت الشمس: إذا ذهب نورها، يقال: كسفت الشمس والقمر، وكسفا وانكسفا، وخُسِفا وخَسفَا، وانخَسَفا، ست لغات، وقيل: الكسوف: مختص بالشمس، والخسوف بالقمر، وقيل: الكسوف في أوله، والخسوف في آخره. وقال ثعلب: كسفت الشمس، وخسف القمر، هذا أجود الكلام.
«فزع الناس» أي: بادروا إليها، بكسر الزاي، ويقال أيضاً: فزع: إذا هبَّ من نومه، ويقال: فزع وأفزع: إذا خاف، وفِزعه بكسر الزاي، وبفتحها: إذا إغاثه، والفتح أفصحها، قاله: القاضي عياض.
«وينادي لها: الصلاة جامعة» بنصب الصلاة على الإغراء و«جامعة» على الحال. قال القاضي عياض: الصلاة جامعة، أي: ذات جماعة، أبو جامعة للناس.
«فيسمع ويحمد» أي: يقول: سمع الله لم حمده، ربنا ولك الحمد.
«إلا الزلزلة الدائمة» قال القاضي عياض: الزلزلة: رجفة الأرض واضطرابها وعدم ثبات سكونها، وهو هنا مجرور على البدل من «شيء» ويجوز نصبُه من الاستثناء، والأول أفصح.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 109
باب صلاة الاستسقاء
الاستسقاء: استفعالٌ من السُّقيا، قال القاضي عياض: الاستسقاء: الدعاء بطلب السقيا، فكأنه يقول: باب الصلاة لأجل طلب السقيا.
«أجدبت الأرض وفَحِطَ المطرُ» يقال: أجدبت الأرض وجَدَبَت وجدُبَت وجدِبَت بفتح الدال وضمها وكسرها، أربع لغات، وكلها بالدال المهملة: إذا أصابها الجدب، قال الجوهري: وهو نقيض الخصب. وقَحِط المطر، بفتح الخاء وكسرها: إذا احتبس. عن الجوهري. ويقال: قُحط الناسُ، بضم القاف، وفتحها، وأقحِطوا وأقحطوا بضم الهمزة وفتحها، وحكى الأربع أبو عثمان في «أفعاله».
«وأحكامها» بكسر الميم عطفاً على موضعها.
«وعظ الناس» قال ابن فارس: الوعظ: التخويف. قال: وقال الخليل: وهو التذكير بالخير فيما يرق له القلب. وقال الجوهري: هو النصح والتذكير بالعواقب.(1/78)
«بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم». المعاصي: جمع معصية، وهي كلُّ ما عصي الله به. والمظالم: جمع مظلمة، بفتح اللام وكسرها، وهي ظلامات العباد. فالمعاصي أعم من المظالم، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، قاله غير واحد من أهل اللغة.
«وترك التشاحن» قال الجوهري: الشحناء: العداوة، فكأنَّ التشاحن، تفاعل من الشحناء.
«متواضعاً» أي: متقصداً التواضع، وهو ضد التكبر.
«متخشعاً» أي: متقصداً للخشوع، والخشوع والتخشع والاختشاع: التذلل ورمي البصر إلى الأرض، وخفض الصوت، وسكون الأعضاء.
متذللاً متضرعاً» قال الجوهري: تذلل، أي: خضع. وتضرع إلى الله تعالى: ابتهل، فكأنه يخرج خاضعاً مبتهلاً في الدعاء.
«والشيوخ» الشيوخ: جمع شيخ، وله جموع ثمانية: مشايخ، والباقي قد نظمها شيخنا الإمام أبو عبد الله بن مالك في هذا البيت وهو:
شيخٌ شيوخٌ ومشيوخاءُ مشيخةٌ
وشِيخةٌ وشِيَخة شيخانُ أشياخُ
والمرأة: شَيخة. وقد شاخ بشيخ شيخاناً، بالتحريك: صار شيخاً، وهو من جاوز الخمسين.
«اللهم اسقنا» بوصل الهمزة وقطعها.
«غيثاً مغيثاً» إلى آخر الدعاء. قال الجوهري: الغيث: المطر. وكذلك قال القاضي عياض. وقال: قد يسمى الكلأ غيثاً. والمغيث: المنقذ من الشدة، يقال: غاثة وأغاثه، ذكرهما شيخنا ابن مالك في «فعل وأفعل» ولم يذكر الجوهري غير الثلاثي. وقال: وغيثت الأرض، فهي مغيثة ومغيوثة. والهنيء، ممدود مهموز: هو الطيب المساغ الذي لا ينقصه شيء، ومعناه هنا: أنه متم للحيوان وغيره من غير ضرر ولا تعب. والمريء: ممدود مهموز أيضاً: المحمود العاقبة، يقال: مرأني الطعام. قال الجوهري: وقال بعضهم: أمرأني، وحكاها شيخنا وغيره. والغَدق بفتح الدال وكسرها، والمغدق: الكثير الماء والخير، قاله الأزهري. قال الجوهري: غدقت العينُ، بالكسر، أي: غزرت، فالغَدق، بالفتح: مصدر، وبالكسر: صفة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 110(1/79)
«والمجلَّل» قال الأزهري: هو الذي يعمُّ البلاد والعباد نفعه، ويتغشاهم خيره. وقال رحمه الله: «السح»: الكثير المطر، الشديد الواقع على الأرض، يقال: سح الماء يسح: إذا سال من فوق إلى أسفل، وساح يسيح: إذا جرى على وجه الأرض. والعام: الشامل. و«الطبق» بفتح الطاء والباء، قال الأزهري: هو العام الذي طبق البلاد مطره.
والقاطنون: الآيسون»، قال الأزهري: سقيا رحمة، أي اسقنا سقيا رحمة، وهو أن يغاث الناس غيثاً نافعاً لا ضرر فيه ولا تخريب. والهدم، بسكون الدال، والغَرَق، بفتح الغين والراء. واللأواء ممدودٌ: الشدة، وقال الأزهري: اللأواء: شدة المجاعة، يقال: أصابتهم لأواء ولولاء وشصاصاء، وهي كلها السنة والجهد وقلة الخير. والجهد: بفتح الجيم: المشقة، وبضمها وفتحها: الطاقة، قاله الجوهري وغيره.
«والضنك»: الضيق قاله الجوهري وغيره. وقال القاضي عياض: الضيق والشدة. قال الجوهري: الضرع لكل ذات ظلف أو خف. قال الأزهري: أراد بقوله: فأرسل السماء: السحاب، والمدرار: الكثير الدر والمطر.
«رداؤه» يأتي تفسيره في باب الإحرام إن شاء الله تعالى.
«ينزعوه» بكسر الزاي.
«عادوا ثانياً وثالثاً» أي: عوداً ثانياً وثالثاً، صفة لمصدر محذوف.
«ويخرج رحله» قال الجوهري: الرحل: مسكن الرجل، وما يستصحبه من الأثاث.
«حوالينا» قال القاضي عياض: أي: أنزله حول المدينة حيث مواضع النبات، لا علينا في المدينة، ولا في غيرها من المباني والمساكن، يقال: هم حَوْلَه وحواليه وحَوْلَيه وحَوالَه.
«على الظرب والآكام». قال القاضي عياض: الضِّرب، جمع ظَرِب. قال الجوهري: الظرب، بكسر الراء، واحد الظراب، وهي الروابي الصغار. وقال مالك: الظرب: الجبيل المنبسط.(1/80)
«والآكام» بفتح الهمزة ويليها مدة على وزن آصال، وبكسر الهمزة بغير مد على وزن جبال، فالأول: جمع أكم، ككتب، وأكم: جمع إكام، كجبال، وإكام جمع أكم، كجبل، وأكم: واحده أكمة، هكذا ذكره الجوهري. فالأكمة: مفرد، جُمِعَ أربع مرات، أكمة، ثم أكَمْ بفتح الهمزة والكاف، ثم إكام كجبال، ثم أكُم كعُنُق، ثم آكام كآصال. قال القاضي عياض: وهو ما غلظ من الأرض، ولم يبلغ أن يكون جبلاً، وكان أكثر ارتفاعاً مما حوله، كالتلول ونحوها، وقال مالك: هي الجبال الصغار، وقال غيره: وهو ما اجتمع من التراب، أكبر من الكذى، ودون الجبال. وقال الخليل: هي حجر واحد، وقيل: هي فوق الرابية، ودون الجبل.
«الآية» هو منصوب بفعل مقدر، أي: اقرأ الآية إلى آخرها، والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 110
كتاب الجنائز
الجنائز: جمع جنازة، قال صاحب «المشارق» فيها: الجنازة بفتح الجيم وكسرها: اسم للميت والسرير؛ ويقال للميت، بالفتح وللسرير بالكسر، وقيل بالعكس. آخر كلامه. وإذا لم يكن الميت على السرير، فلا يقال له: جنازة، ولا نعش، وإنما يقال له: سرير. نص على ذلك الجوهري، وقال الأزهري: لا تسمى جنازة، حتى يُشدَّ الميت مكفَّناً عليه. وقال صاحب «المجمل»: جنزتُ الشيء: إذا سترته، ومنه اشتقاق الجنازة.
«وعيادة المريض» أي: زيارته وافتقاده، قال القاضي عياض: سميت عيادة، لأن الناس يتكررون، أي: يرجعون؛ يقال: عدت المريض عوداً وعيادة، الياء منقلبة عن واو.
«التوبة» تقدم في باب الحيض.
«نُزل به» مبني للمفعول، قال القاضي عياض: أي: نزل به الملك ليقبض روحه.(1/81)
«سورة يس» هو بسكون النون: حكاية للقراءة. قال الزجاج: وبعضهم يقول: يسنَ، بفتح النون على أنه اسم للسورة حكاية، كأنه قال: اتل بسنَ، ويسن على وزن هابيل وقابيل، لا ينصرف، والتسكين أجود، لأنها حروف هجاء. جاء في التفسير معناه: يا إنسان، وجاء أيضاً: يا رجل، وجاء أيضاً: يا محمد، والذي عند أهل العربية أنه بمنزلة «ألم» افتتاح السورة.
«وسجَّاه» قال الجوهري: سجَّيت الميت تسجية: إذا مددت عليه ثوباً.
«مرآة» هي بكسر الميم: التي ينظر فيها، وبفتحها: النظر الحسن، كلاهما عن الجوهري، ويأتي في محظورات الإحرام أتم من هذا.
«صدغيه» الصدغ: ما بين العين والأذن، قاله الجوهري.
«مع سريته» قال الجوهري: السُّرية: الأمة التي بوأتها بيتاً، وهي: فعلية، منسوبة إلى السر، وهو الجماع أو الإخفاء، لأن الإنسان كثيراً ما يُسرها ويسترها عن امرأته، وإنما ضُمت سينه، لأن الأبنية قد تُغير في النسبة خاصة، كما قالوا في النسبة إلى الدهر: دُهري، وإلى الأرض السهلة؛ سُهلي، والجمع السراري. وكان الأخفش يقول: إنها مشتقة من السر، لأنه يُسر بها، يقال: تسررت جارية، وتسريت، كما قالوا: تظننت وتظنيت. وقال الأزهري: السرية: فعلية من السر، وهو: الجماع، وسمي سراً، لأنه في السِّرِ يكون؛ وضموا السين ولم يكسروها؛ لأنهم خصوا الأمة بهذا الاسم؛ فولَّدوا لها لفظاً فرقوا به بين المرأة التي تنكح، وبين الأمة التي تتخذ للجماع.
«فينجيه» أي: يغسل موضع النجو؛ قال الجوهري: النجو: ما يخرج من البطن.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 113
«شفتيه» تثنية شفة؛ بتخفيف الفاء.(1/82)
«وفي منخريه» تثنية مَنْخِر، بفتح الميم، وكسر الخاء. قال الجوهري: المنخر: ثقب الأنف، وقد تكسر الميم اتباعاً لكسر الخاء، كما قالوا: مِنتن، وهما نادران، والمنخور لغة فيه. آخر كلامه. قال شيخنا أبو عبد الله بن مالك رحمه الله: كل ما في كلامهم مفعول، فهو مفتوح الميم، إلا «معلوقاً»: اسم لما يعلق به الشيء، و«مغروداً» ضرب من الكمأة، و«مزموراً» لغة في المزمار، و«مغبوراً، ومغثوراً، ومغفوراً» الثلاثة: اسم لشيء ينضحه شجر العرفط حلو كالناطف، «ومنخوراً» فهذه سبعة ألفاظ، وما سواها مفتوح.
«فيغسل برغوته» قال الجوهري: الرغوة فيها ثلاث لغات، رَغْوَة، ورُغوَة ورِغْوة، وزبد كل شيء: رغوته وهي معروفة. والاشنان تقدم.
«ينق» تقدم في الاستنحاء.
«والخلال» قال الجوهري: الخلال: العود الذي يتخلل به، وما يخل به الثوب، والجمع الأخلة.
«ثلاثة قرون» القرن: الخصلة من الشعر، والجمع قرون. قاله الجوهري.
«ويسدل» أي: يرخي ويرسل، وقد تقدم معناه في باب ستر العورة.
«حشاه بالقطن» هو بسكون الطاء وضمها كعُسْر، وعُسُر.
«فبالطين الحر» أي: الخالص.(1/83)
«والتشهيد» الشهيد: ثلاثة أقسام: شهيد الدنيا والآخرة، وهو: المقتول في المعركة مخلصاً، وشهيد في الدنيا فقط، وهو: المقتول في المعركة مُرائياً ونحوه. وشهيد في الآخرة فقط، وهو: من أثبت له الشارع الشهادة، ولم تجر عليه أحكامها في الدنيا، كالغريق ونحوه. وسمي شهيداً، لأنه حي، وقيل: لأن الله تعالى وملائكته شهدوا له بالجنة، وقيل: لأن الملائكة تشهده، وقيل: لقيامه بشهادة الحق حتى قتل، وقيل: لأن الملائكة تشهده، وقيل: لقيامه بشهادة الحق حتى قتل، وقيل: لأنه يشهد ما أعِدَّ له من الكرامة بالقتل، وقيل: لأنه شهد لله بالوجود والإلهية بالفعل، كما شهد غيره بالقول، وقيل: لسقوطه بالأرض، وهي الشاهدة، وقيل: لأنه شُهد له بوجوب الجنة، وقيل: من أجل شاهده، وهو: دمه، وقيل: لأنه شهد له بالإيمان، وحسن الخاتمة بظاهر حاله. فهذه عشرة أقوال، ذكر السبعة الأول: ابن الجوزي، والثلاثة: ابن قرقول في «المطالع».
«يزمِّل في ثيابه»: أي: يلفُّ، قال الجوهري: زمله في ثوبه، أي: لفه فيه.
«ولد السقط» السقط: المولود قبل تمامه بكسر السين، وفتحها وضمها، والسقط أيضاً: منقطع الرمل، والساقط من النار عند القدح، باللغات الثلاث فيهما، كله عن الجوهري، وابن السكيت وغيرهما.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 113
«بعد تجميرها» بالجيم، أي: بعد تبخيرها عن عياض وغيره.
«ويجعل الحنوط» قال القاضي عياض: والحنوط، بفتح الحاء: ما يطيب به الميت من طيب يخلط، وهو الحناط، والكسر أكثر.
«كالتُّبَّان» التُّبان، بالضم والتشديد، سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط يكون مع الملاحين، كله عن الجوهري.
«ومثانته» قال الجوهري: المثانة: موضع البول بالثاء المثلثة.
«ومنافذ وجهه، ومواضع سجوده» منافذ وجهه: عيناهُ، وفمه، وأنفه، ومواضع سجوده: جبهته، وأنفهُ، وكفاهُ، وركبتاهُ، وقدماه.(1/84)
«ومئزر» المئزر، بكسر الميم مهموزاً: الإزار، كقولهم: مِلحف، ولِحاف، ومِقرام، وقِرام، كله عن الجوهري.
«منقلبنا ومثوانا» يجوز أن يكونا مصدرين، أي: انقلابنا، ومثوانا، ويجوز أن يراد بهما: المنزل. قال الجوهري: المنقلب: يكون مكاناً، ويكون مصدراً. وقال أبو السعادات: المثوى: المنزل.
«والسنة» السنة في اللغة: السيرة، أنشد الجوهري للهذلي.
فلا تَجْزَ عنْ مِنْ سُنَّةٍ أنْتَ سِرتَها
فأوَّل راضٍ سُنَّتةً من يَسِيرُها
والسنة: الطريقة التي سنها رسول الله ، وشرع الاجتماع عليها، وجمعها: سنن، كغرفة، وغرف.
«نزله» النزل، بضم النون والزاي: ما يهيأ للضيف أول ما يقدم، وقد تسكن زايه.
«وأوسع مدخله» بفتح الميم، أي: موضع الدخول. وأما بضم الميم، فهو الإدخال، وليس هذا موضعه.
«وزوجاً» الزوج بغير هاء، للذكر الأنثى، قال الله تعالى: {اسكن أنت وزوجك الجنة} [البقرة: 53] وقد يقال مرأة الرجل: زوجة بالهاء، حكاها الخليل، والجوهري؛ وخلق سواهما من أئمة اللغة رحمه الله تعالى عنهم، وأنشدوا على ذلك شواهد يطول ذكرها.
وفرطاً وأجراً» الفرط، بفتح الفاء والراء: الذي يتقدم الواردة، فيهيىء لهم ما يحتاجون إليه، وهو في هذا الدعاء الشافع يشفع لوالديه وللمؤمنين المصلين عليه، حكاه القاضي عياض.
«سلف المؤمنين» قال الجوهري: سلف الرجل: آباؤه المتقدمون.
«عذاب الجحيم» الجحيم: اسم من أسماء النار، قاله الخليل، والجوهري، وغيرهما، قال الخليل: هي النار الشديدة.
«على الغالِّ»، الغالُّ لغة: هو الخائن، قال القاضي عياض: لكنه صار في عرف الشرع لخيانة المغانم خاصة، يقال: غلَّ، وأغل، وحكى اللغتين جماعة غيره.
«على الجوارح» جمع جارحة، وهي الأعضاء التي يكتسب بها الإنسان، قاله الجوهري.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 113
«ولا يسجى القبر»، أي: يغطى، قال الخليل: سجيت الميت: غطيته بثوب.(1/85)
«ويلحد له» يلحد بضم الحاء وفتحها، يقال: لحد، وألحد، لغتان مشهورتان، حكاهما غير واحد. واللحد، بفتح اللام: الشق في جانب القبر، قاله الجوهري، قال: والضم لغة فيه.
«اللبن» بفتح اللام وكسر الباء، ويجوز كسر اللام، وسكون الباء، وهما لغتان مشهورتان في «المفرد»، وقد تقدم ذلك في باب ستر العورة.
«ملة رسول الله » ملته: دينه وشريعته.
«ويحثو التراب في القبر ثلاث حيثات ويهال عليه» يقال: حثوت التراب، وحثيته، وفي المضارع: يحثو، ويحثي، حكاهما كثير من أهل اللغة، ويجوز: حثوات، وحثيات، وقد سمع المصنف ـ رحمه الله ـ اللغتين فقال: يحثو بالواو، وحثيات بالياء، ويهال أي: يصب، يقال: هيل التراب، وأهل لغة فيه.
«مسمَّاً» تسنيم القبر: خلاف تسطيحه، وهو جعله كالسنام.
«تجصيصه» بناؤه بالجص وهو ما يبنى به، وقد تقدم في التيمم.
«لضرورة» بفتح الضاد: كالضرر، يقال: ما عليك ضرر، ولا ضرورة.
«حاجز» أي: حائل.
«وتسطو عليه القوابل فيخرجنه» أي: يُدخلن أيديهن، فيُحرجن الولد. قال الجوهري: سطا الراعي على الناقة: إذا أدخل يده في رحمها ليخرج ما فيها من الوتر، وهو ماء الفحل، وإذا لم يخرج، تلقح الناقة. والقوابل: جمع قابلة، وهي التي تتلقى الولد عند ولادة المرأة، يقال: قبلت القابلة المرأة بكسر الباء تقبلها، بفتحها، قبالة بكسر القاف، ويقال للقابلة: قبيل، وقبول، حكاهما الجوهري.
«زيارة القبور». قال القاضي عياض: زيارة القبور: قصدها للترحم عليهم، والاعتبار بهم، قال الجوهري: زرته، أزوره، زوراً، وزيادة، وزوارة، أيضاً، حكاها الكسائي.
«دار قوم» قال صاحب «المطالع»: هو منصوب على الاختصاص، أو النداء المضاف، ويصح الخفض على البدل من الكاف والميم.
«لا تحرمنا» قال الجوهري: حَرَمهُ الشيء يَحْرِمهُ حرَماً، مثال سَرقَهُ سَرِقاً بكسر الراء وحِرْمَةً وحَريمةً وحِرْماناً، وأحْرَمَهُ أيضاً: إذا منعه إياه، فعلى هذا يجوز فتح تاء «تحرمنا» وضمها.(1/86)
«تعزية أهل الميت» قال الأزهري: التعزية: التأسية لمن يصاب بمن يعزُّ عليه، وهو أن يقال له: تعز بعزاء الله. وعزاء الله قوله: {الذين إذا أصابتهم مصيبة} [البقرة: 651] الآية، وكقوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم} إلى قوله: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم} [الحديد: 22]. ويقال: لك أسوة في فلان، فقد مضى حميمه وأليفه، فحسن صبره. والعزاء: اسم أقيم مقام التعزية، ومعنى قوله: «تعز بعزاء الله»، أي: تصبر بالتعزية التي عزاك الله بها مما في كتابه. وأصل العزاء: الصبر، وعزيت فلاناً: أمرته بالصبر.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 113
«أخاف الله عليك» يقال: لمن ذهب له مال أو ولد أو شيء يتوقع حصول مثله: أخلف الله عليك، أي: رد عليك مثله، وإن لم يتوقع حصول مثله، كمن ذهب له أب أو أخ أو عم، ولا جدَّ له، ولا والد: خلف الله عليك، أي: كان خليفة منه عليك. ذكره ابن فارس، والجوهري بمعناه.
«ولا نقص عددك». قال الجوهري: نقص الشيء نقصاً ونقصاناً ونقصته أنا: يتعدى ولا يتعدى، فعلى هذا يجوز نصب عددك ورفعه على أنه مفعول، وعلى أنه فاعل. وأنقصته لغة في نقصته. حكاها الإمام أبو عبد الله بن مالك في «فعل وأفعل».
«ويجوز البكاء» قال الجوهري: البكاء يمد ويقصر، فإذا مددت: أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت: أردت الدموع وخروجها.
«ولا يجوز الندب ولا النياحة» الندب: البكاء على الميت، وتعديد محاسنه، قاله الجوهري. قال: والاسم: الندبة بالضم. والنياحة، قال القاضي عياض: النوح والنياحة: اجتماع النساء للبكاء على الميت متقابلات، والتناوح: التقابل، ثم استعمل في صفة بكائهن بصوت روثَّة وندبة، والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 113(1/87)
كتاب الزكاة
قال ابن قتيبة: الزكاة من الزكاء، وهو النماء، والزيادة، سميت بذلك، لأنها تثمر المال، وتنميه، يقال: زكا الزرع: إذا بورك فيه، وقال الأزهري: سميت زكاة، لأنها تزكي الفقراء، أي: تنميهم، قال: وقوله تعالى: {تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 301] أي: تطهر المخرجين، وتزكي الفقراء. وهي في الشرع: اسم لمخرج مخصوص بأوصاف مخصوصة، من مال مخصوص، لطائفة مخصوصة.
«في أربعة أصناف» الأصناف: واحدها صنف بكسر الصاد، قال الجوهري: والصنف بالفتح: لغة فيه، وهو النوع، والضرب.
«من المال» المال: اسم لجميع ما يملكه الإنسان، حكاه ابن السيد، وغيره: وقال ابن سيده في كتاب «العويص»: العرب لا توقع المال مطلقاً إلا على الإبل، وربما أوقع على أنواع المواشي.
وحكى القالي عن ثعلب: أن قال المال عند العرب ما تجب فيه الزكاة، وما نقص عن ذلك لا يقع عليه اسم مال.
«السائمة»: هي الراعية. قال الجوهري: سامت الماشية: رعت، وأسمتها: أخرجتها إلى الرعي.
«ملك نصاب» قال الجوهري: النصاب من المال: القدر الذي تجب فيه الزكاة إذا بلغه، نحو: مائتي درهم، وخمسٍ من الإبل.
«على مليء» قال الجوهري: فيما آخره همزة. وملؤ الرجل: صار مليئاً، أي: ثقة، فهو غني مليء بين الملاء، والملاءة: ممدودان.
«من حين كمل» ذكر ابن سيده، وغيره: فتح ميم كَمَل، وضمها، وكسرها، قال الجوهري: والكمال: التمام، وفيه ثلاث لغات والكسر أردؤها.
«زكاته الغنم من الإبل» الغنم: اسم مؤنث موضوع للجنس، يقع على الذكور والإناث، وعليهما جميعاً. والإبل: هو بكسر الهمزة والباء مؤنثة لا واحد لها من لفظها، وربما قالوا: إبل بسكون الباء للتخفيف، ذكره الجوهري، وقال: تأنيثها لازم، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها، إذا كانت لغير الآدميين، فأنيثها لازم، وإذا صغرتها، أدخلت الهاء فقلت: أبَيْلَة وغُنَيْمَة، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 122(1/88)
باب زكاة بهيمة الأنعام
سميت البهيمة بذلك، لأنها لا تتكلم، والأنعام: الإبل، والبقرة، والغنم. وقال القاضي عياض: النعم: الإبل خاصة، فإذا قيل: الأنعام، دخل فيها البقر، والغنم، وقيل: هما لفظان بمعنى واحد على الجميع.
«فيجب فيها شاة» قال الجوهري: الشاة من الغنم تذكر وتؤنث، وفلان كثير الشاء، والبعير، وهو في معنى الجمع، لأن الألف واللام للجنس، وأصل الشاة: شاهة، لأن تصغيرها شويهة، والجمع شياه بالهاء في العدد.
«فإن أخرج بعيراً». قال الجوهري: البعير في الإبل بمنزلة الإنسان من الناس، يقال للجمل: بعير، وللناقة: بعير. وحكي عن بعض العرب: صرعتني بعيري، أي: ناقتي، وشربت من لبن بعيري، وإنما يقال له: بعير إذا أجذع.(1/89)
«بنت مخاض» المخاض بفتح الميم وكسرها: قرب الولادة، ووجع الولادة، وهو صفة لموصوف محذوف، أي: بنت ناقة مخاض، أي: ذات مخاض. قال أبو منصور، والأزهري: إذا وضعت الناقة ولداً في أول النتاج، فولدها: رُبَع، والأنثى رُبَعة، وإن كان في آخره، فهو: هُبَع، والأنثى: هُبَعُة، فإذا فصل عن أمه، فهو: فصيل، فإذا استكمل الحول، ودخل في الثانية، فهو: ابن مخاض، والأنثى: بنت مخاض، وواحدة المخاض: خَلِفَة من غير جنس اسمها، وإنما سمي بذلك: لأن أمه قد ضربها الفحل فحملت، ولحقت بالمخاض من الإبل، وهي الحوامل، فلا يزال ابن مخاض، السنة الثانية كلها، فإذا استكمل سنتين، ودخل في الثالثة، فهو ابن لبون، والأنثى بنت لبون، فإذا مضت الثالثة، ودخل في الرابعة، فهو: حِقُّ، والأنثى حِقَّة، سميت بذلك، لأنها استحقت أن تركب، ويحمل عليها، فإذا دخلت في الخامسة، فالذكر جَذَع، والأنثى جذَعة، فإذا دخلت في السادسة، فالذكر ثني والأنثى ثنية، وهما أدنى ما يجزىء في الأضاحي من الإبل، والبقرة، والمغزى، فإذا دخل في السابعة، فالذكر رباع، والأنثى رباعية، فإذا دخل في الثامنة، فالذكر سدس. وسديس لفظ الذكر والأنثى فيه سواء، فإذا دخل في التاسعة، فهو بازل، والأنثى بازل بغير هاء، فإذا دخل في العاشرة، فهو مُخْلِفٌ، ثم ليس له اسم، لكن يقال: مخلف عام، ومخلف عامين، وبازل عام، وبازل عامين، لطلوع بازله، وهو نابه، ثم لا اسم له بعد ذلك.
«وليس فيما بين الفريضتين شيء» الفريضتان واحدتهما فريضة، قال الجوهري: فرض الله علينا، كذا وافترضه، أي: أوجب، والاسم: الفريضة. والفريضة أيضاً: ما فرض في السائمة من الصدقة، يقال: افترضت الماشية، أي: وجبت فيها الفريضة، وذلك إذا بلغت نصاباً، والفريضتان: الجَذَعَة من الغنم، والحِقَّة من الإبل. وقال الأزهري: الأوقاص: ما بين الفريضتين كما بين خمس وعشر من الإبل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 123(1/90)
«وجبت عليه سن» السن: واحد الأسنان، وقد يعبر به عن العمر. قال الجوهري: وهو هنا على حذف المضاف، أي: وجبت عليه ذات سن مقدر، كحقة، أو حذعة، أو نحو ذلك.
«من الساعي» قال الجوهري: سعى الرجل: إذا عدا، وكذا إذا عمل وكسب، وكل من ولي شيئاً على قوم، فهو ساعٍ عليهم، وأكثر ما يقال ذلك في ولاة الصدقة.
«النوع الثاني البقر» قال الجوهري: البقر اسم جنس، والبقرة تقع على الذكر والأنثى، وإنما دخلته الهاء على أنه واحد من الجنس، والجمع البقرات، والباقر: جماعة البقر مع رعاتها، والبيقور، والبقر. وأهل اليمن يسمون البقر: باقورة.
«تبيع أو تبيعه» قال الأزهري: التبيع الذي أتى عليه حول من أولاد البقر، قال الجوهري: والأنثى تبيعة. وقال القاضي: هو المفطوم من أمه، فهو تبيعها، ويقوى على ذلك.
«وفي الأربعين مسنة» قال الأزهري: المسنة: التي قد صارت ثنية، وتجذع البقرة في الثانية، وتثني فث الثالثة، ثم هو رباع في الرابعة، وسدس في الخامسة، ثم ضالع في السادسة، وهو أقصى أسنانه، يقال: ضالع سنة، وضالع سنتين فما زاد.
«كالبخاتي والعراب» قال الجوهري: الواحد بختي، والأنثى بختية، والجمع: بخاتي غير مصروف، ولك أن تخفف الياء، فتقول: البخاتي، كالأثافي والمهاري. قال القاضي عياض: هي إبل غلاظ ذوات سنامين. وقال الأزهري: ومن أنواعها، يعني: البقر: العراب، وهي جرد ملس حسان الألوان، كريمة.
«والجواميس» واحدها جاموس. قال موهوب: هو أعجمي تكلمت به العرب.
«والضأن والمعز» قال الجوهري: الضائن: خلاف الماعز، والجمع: الضَّأن والمعزُ، مثل رَاكب ورَكْب، وسافِرٍ وسَفْر، وضأنٌ، مثل حارِس وحَرَس، والأنثى: ضائنة، والجمع: ضوائن. والمعز من الغنم: خلاف الضأن، وهو اسم جنس، وكذلك المِعَز والمَعِيز والأمْعوز. والمعزَى، وواحد المعز: ماعز كصاحب وصاحب.(1/91)
«كرام ولئام وسمان ومهازيل» كرام: واحدها كريم، قال الجوهري: كرم الرجل، فهو كريم، وقوم كرام وكرماء. وقال القاضي عياض في قوله: «واتق كرائم أموالهم» جمع كريمة، وهي الجامعة للكمال الممكن في حقها، من غزارة لبن، أو جمال صورة، أو كثرة لحم أو صوف، وهي النفائس التي تتعلق بها نفس صاحبها. وقيل: هي التي يختصها مالكها لنفسه ويؤثرها.
وأما اللئام: فواحدها لئيمة، وهي صفة من لؤم: إذا بخل ودنؤ، وهي ضد الكريمة. وأما السمان: فواحدتها سمين، وهو: الكثير اللحم، وفعله: سَمِنَ، وسَمُنَ، ويقال: سمنت الدابة وأسمنتها. وأما المهازيل: فواحدها مهزول، وهو الذي أصابه الهزال. وهي ضد السِمَن. يقال: هزل، فهو مهزول، وهزلته أنا، وأهزلته.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 123
«ولا يؤخذ ليس ولا هرمة ولا ذات عوار» التيس: فحل المعز، هذا المعروف، والهرمة: الكبيرة السن، وذات عوار، أي: صاحبة عيب، والعوار، بفتح العين: العيب. قال الجوهري: وقد يضم، عن أبي زيد.
«ولا الرُّبى» قال: والرُّبى على وزن فعل بالضم: الشاة التي وضعت حديثاً، وجمعها رباب بالضم، والمصدر: رباب بالكسر، وهو قرب العهد بالولادة. قال أبو زيد: والرُّبى من المعز، وقال غيره: من الضأن والمعز جميعاً، وربما جاء في الإبل.
«في الخلطة» الخلطة: بضم الخاء: الشركة، وبكسرها: العشرة.
«خلطة أعيان، أو خلطة أوصاف» سميت خلطة أعيان، لأن أعيانها مشتركة، وسميت الثانية: خلطة أوصاف، لأن نصيب كل واحد موصوف بصفة تميزه عن الآخر.(1/92)
«واشتراكاً في المراح والمسرح والمشرب والمحلب والراعي والفحل» قال الجوهري: المراح بالضم: حيث تأوي إليه الإبل والغنم بالليل، والمراح بالفتح: الموضع الذي يروح منه القوم [أو يروحون إليه] والمسرح، بفتح الميم والراء: هو المكان الذي ترعى فيه الماشية. وقول الخرقي رحمه الله تعالى: وكان مرعاهم ومسرحهم. ظاهره أن المرعى غير المسرح، فقد قال المصنف رحمه الله في «المغني»: فيحتمل أنه أراد بالمرعى: الراعي، ليكون موافقاً لقول أحمد، يعني في نصه على اشتراط الاشتراك في الراعي، ولكون المرعى هو المسرح، قال ابن حامد: المرعى والمسرح شرط واحد. والمشرب، بفتح الميم والراء: المكان الذي يشرب منه، والمحلب، بفتح الميم واللام: الموضع الذي يحلب فيه، وبكسر الميم: الإناء الذي يحلب فيه، والمكان هو المراد لا الإناء. قال المصنف رحمه الله في «المغني»: وليس المراد خلط اللبن في إناء واحد، لأن هذا ليس بمرفق بل مشقة، لما فيه من الحاجة إلى قسمة اللبن. وقال الجوهري: الفحل معروف، والجمع الفحول، والفحال، والفحالة. قال المصنف رحمه الله في «المغني»: ومعنى كون الفحل واحداً أن لا يكون أحد فحولة أحد المالين لا تطرق غيره.
«وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده» كثيراً ما رأيت تصوير هذه المسألة يشكل على المبتدئين، وقد تشكل على غيرهم، وصورتها: أن يملك رجلان نصابين، ثم يخلطاهما، ثم يبيع أحدهما نصابه أجنبياً، فإذا حال الحلول الحول، فعلى الأول شاة لثبوت حكم الانفراد في حقه، وعلى الثاني نصف شاة، لكونه لم يزل مخالطاً في جميع الحول.
«بقدر ماله يجوز ماله» بفتح اللام وضم الهاء على أن «ما»: بمعنى الذي، و«له» جار ومجرور، ويجوز «ماله» بكسرها على أن يكون مال مجروراً بالإضافة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 123(1/93)
«أربعين شاة في المحرم وأربعين في صفر» المحرم: يأتي ذكره في باب صوم التطوع. وأما صقر فقال ابن سيده في «محكمه»: صفر: الشهر الذي بعد المحرم، قال بعضهم: سمي بذلك لا صفار مكة من أهلها إذا سافروا، وقيل: لأنهم كانوا يغزون القبائل فيه، فيتركون من لقوه صفراً من المتاع.
قال ثعلب: الناس كلهم يصرفون صفراً، إلا أبا عبيدة، فإنه لا يصرف، للمعرفة: والساعة، قال أبو عمر: أراد أن الأزمنة كلها ساعات، وهي مؤنثة. والخليط: الشريك. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 123
باب زكاة الخارج من الأرض
«والفستق والبندق» الفستق، بضم الفاء والتاء. وحكى أبو حفص الصقلي: فتح التاء لا غير. والبندق، بضم الباء والدال كلاهما معرب، وليس بعربي، ذكرهما موهوب.
«والزهر» الزهر: بسكون الهاء وفتحها لغتان، حكاهما الجوهري. وعند الكوفيين أن كل ما كان على فعل كفلس، ووسطه حرف حلق، فإنه يجوز فتحه نحو اللحم والفحم والنعل والبغل، وما أشبه ذلك. والبصريون يقصرونه على السماع.
«والقطن» هو هذا المعروف، يقال له: قُطْن وقُطُن وقُطْب. وعُطْب وعُطُب كعسْر وعُسُرٍ فيهما. ويقال له: الكرسف أيضاً.(1/94)
«كالكسفرة والكمون وبرز القثاء والخيار» الكزبرة: فيها لغات، كزبُرة وكسبُرة بضم أول كل واحد منهما وثالثه. وحكى الجوهري: فتح الباء في الكُزبرة فقط، وحكى ابن سيده من أسمائها: التِّقِدةَ والتِّقَدَة بفح التاء وكسر القاف وعكسه الأخيرة عن الهروي، والتِّقْرَدَة بكسر أوله وفتح ثانيه. ولم أرها تقال بالفاء مع شدة بحثي عنها، وكشفي من كتب اللغة، وسؤالي كثيراً من مشايخي منهم، العلامة شمس الدين عبد الرحمن بن أخي المصنف رحمهما الله، وذكر معروف. وبرز القِثَّاء، بفتح الباء وكسرها، قال الجوهري: وهو أفصح، وقال ابن فارس: القثاء معروف، وقد تضم قافه. والخيار: نوع من القثاء، يقال له: القَثَد واحدته قَثَدةَ، عن أبي حنيفة. وقال الجوهري: الخيار: القِثَّاءُ، وليس بعربي.
«والجفاف» بفتح الجيم: اليُبْس.
«والوسق» الوسق: بفتح الواو وكسرها حكاهما يعقوب وغيره، وفي مقداره لغة خمسة أقوال: أحدها: أنه حمل البعير، والثاني: أنه الحمل مطلقاً، والثالث: العِدل، والرابع: العِدلان، والخامس: ستون صاعاً، وهو الصحيح، وهو الذي قدمه الجوهري. ولا خلاف بين العلماء في كون الوسق ستين صاعاً. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. فجميع النصاب بالرطل الدمشقي الذي هو ستمائة درهم على القول الصحيح في الرطل العراقي المذكور في كتاب الطهارة: ثلاثمائة رطل واثنان وأربعون رطلاً وستة أسباع رطل.
«إلا الأرز والعلس» الأرز: الحب المعروف، وفيه ست لغات: أرْزٌ كأمن، وأُرْزٌ كأسُد، وأُرُزُّ كعُتُلٍّ، وأرُزٌ كعَضدٍ، ورُزّ كمُدٍّ، ورُنْزٌ كقُفل. وقد جمعها شيخنا أبو عبد الله محمد بن مالك رحمه الله في بيت وهو:
أرزٌ وُرزٌ أرُزٌّ
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 128
والرُّزُّ والرُّنْزُ قل ما شئت لا عدلا(1/95)
وأما «العَلَس»: بفتح العين واللام، فقال الأزهري: هو جنس من الحنطة، يكون في الكمام منها الحبتان والثلاث. قال الجوهري: هو طعام أهل صنعاء. وقال أبو الحسن ابن سيده: العلس: حب يؤكل، ضرب من الحنطة، وقال أبو جعفر: ضرب من البُرُّجِيِّد، غير أنه عسر الاستنقاء.
«نصاب ثمر النخل والكرم» قال الجوهري: الكرم: كرم العنب، وقال القاضي عياض: في «المشارق» في النهي عن بيع الكرم بالزبيب: وقد نهى رسول الله أن يقال للعنب: الكرم، فيكون هذا الحديث قبل النهي عن تسميته كرماً، وسمت العرب العنب كرماً، والخمر كرماً. أما العنب، فلكرم ثمرته، وامتداد ظلها، وكثرة حملها وطيبه وتذلله للقطف، ليست بذي شوك، ولا ساق، وتؤكل غصناً طرياً، وزبيباً يابساً، وتدخّر للقوت، وتتخذ شراباً، وأصل الكرم: الكثرة والجمع للخير، وبه سمي الرجال كريماً، لكثرة خصال الخير فيه، ونخلة كريمة، لكثرة حملها، وأما الخمر، فلأنها كانت تحثهم على الكَرَم والسخاء، وتطرد الهموم والفكر، فلما حرمها الله تعالى، نفى النبي اسم الكرم عنها، لما فيه من المدح، لئلا تتشوق إليها النفوس التي قد عهدتها قبل. وكان اسم الكرم أليق بالمؤمن، وأعلق به، لكثرة خيره ونفعه، واجتماع الخصال المحمودة فيه من السخاء وغيره، فقال: «إنما الكرم الرجل المسلم».
«والقطنيات» هو بكسر القاف وفتحها، وتشديد الياء وتخفيفها، ذكر اللغات الأربع أيضاً في «المشارق» وقال الأزهري: وأما القطنية، فهي حبوب كثيرة تُقتات وتُختبز، فمنها الحمص والعدس، والبُلُس، ويقال له: البَلَس وهو التين، والماش والجلبان واللوبياء والدَّخن والجاروس، وحبهما صغار، والرز والباقلاء والقث: حب يُطبَخ ويدق ويختبز منه في المجاهات، سميت هذه الحبوب قطنية، لقطونها في بيوت الناس.
«أو يأخذه بحصاده» الحصاد: قطع الزرع ونحوه، قال الجوهري: حصدت الزرع وغيره أحصُده وأحصِده حصداً، وهذا زمن الحصاد، والحصاد: يعني بفتح الحاء وكسرها.(1/96)
«كالبطم والزعبل وبزر قطونا» قال الجوهري: البطم: الحبة الخضراء، وقال الخليل: البطم: شجر الحبة الخضراء، الواحد: بطمة. وأما «الزعبل» فهو شعير الجبل، قاله المصنف رحمه الله في «المغني» وهو بوزن جعفر. و«قطونا» بفتح القاف وضم الحاء يمد ويقصر: بزر معروف.
«كالغيث والسيوح» الغيث تقدم في الاستسقاء. والسيوح: جمع سيح، قال الجوهري: وهو الماء الجاري على وجه الأرض، والمراد: الأنهار والسواقي ونحوها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 128
«كالدوالي والنواضح» الدوالي: واحدتها دالية، وهي: الدولاب تديره البقر، والناعورة يديرها الماء. و«النواضح» جمع ناضح وناضحة، وهما البعير، والناقة، يسقى عليه.
«وبدا الصلاح في الثمو» أي: ظهر بغير همز، عن الجوهري وغيره.
«بجعلها في الجرين» قال الأزهري: الجرين الموضع الذي يجمع فيه النمر إذا صُرِمَ، ويترك حتى يتم جفافه، وأهل البحرين يسمونه: الفداء مفتوحاً ممدوداً، وأهل البصرة يسمونه: «المربد» وقال الجوهري: «المسطح»: الموضع الذي يبسط فيه التمر ويجفف، تفتح ميمه وتكسر.
«خرصت أو لم تخرص» قال القاضي عياض: الخرص للثمار: الخزر، والتقدير لثمرتها، ولا يمكن إلا عند طيبها، والخِرص، بالكسر: الشيء المقدر، وبالفتح: اسم الفعل، وقال يعقوب: الخِرص والخَرص لغتان في الشيء المخروص، وأما المصدر، فبالفتح، والمستقبل بالضم والكسر في الراء.
«وقبل الجداد» الجداد: القطع. حكى ابن سِيدَه فيه فتح الجيم وكسرها، وأنه يقال بالذال والدال في النخل وغيره.
«شراء زكاته» الشراء يمد ويقصر، وقاله الجوهري.
«فتحت عنوة» قال القاضي عياض: أي. غلبة وقهراً، وقد فسره المصنف رحمه الله في باب «حكم الأرضين المغنومة».(1/97)
«عشرة أفراق» الأفراق: واحدها فرق، بفتح الفاء والراء عن ثعلب، وقال ابن فارس وابن سيده: تفتح راؤه وتسكن، وحكى القاضي عياض الوجهين، قال: والفتح أشهر، وقال المصنف رحمه الله: والفرق ستة عشر رطلاً بالعراقي، وهو المشهور عند أهل اللغة. قال أبو عبيد: لا خلاف بين الناس أعمله، أن الفرق: ثلاثة آصع، لحديث كعب بن عجرة. وقال ابن حامد، والقاضي في «المجرد»: الفرق: ستون رطلاً، وحكي عن القاضي: أن الفرق ستة وثلاثون رطلاً، ويحتمل أن يكون نصاب «العسل» ألف رطل، لَقَّفْتُهُ من «المغني» و«الكافي».
«في المعدن» المعدن، بكسر الدال، قال الأزهري: سمي معدنا؛ لعدون ما أثبته الله تعالى فيه، أي: لإقامته، يقال: عدن بالمكان يعدُن عدونا، والمعدن: المكان الذي عدن فيه الجوهر من جواهر الأرض، أيّ ذلك كان. وقال الجوهري: سمي بذلك، لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء.
«والصفو إلى آخر الفصل» قال ابن سيده: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: ما صفر منه، والصِّفر لغة فيه عن أبي عبيدة وحده، والضم أجود. ونفى بعضهم الكسر.
والصِّفر والصُّفر: الخالي، وكذلك الجمع، والمؤنث. و«الزئبق» قال الجوهري: فارسي معرب، وقد أعرب بالهمز، ومنهم من يقوله: بكسر الباء، فيلحقه بالزير. والفار. قال الخليل: القير. والقار، شيء أسود، يطلى به السفن، وذكر اللغتين غير واحد. و«النفط». قال الجوهري: النفط والنِّفط يكسر النون وفتحها: دهن، والكسر أفصح، وقال الخليل: النّفط والنِّفط معروف. «والزرنيخ» الزرنيخ: بكسر الزاي. قال أبو منصور اللغوي: فارسي معرب، وهو معروف، و«اللؤلؤ»: فيه أربع لغات: قرىء بهن. لؤلؤ بهمزتين، وبغير همز، وبهمز أوله دون ثانيه، وعكسه. وهو الكبار عند جمهور أهل اللغة، والمرجان: الصغار، وقيل: عكسه. والعنبر: ضرب من الطيب معروف.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 128(1/98)
«وفي الركاز» قال الخيل: الركاز: قطع من الذهب يخرج من المعادن، وقال ابن سيده: الركاز: قطع ذهب، أو فضه، يخرج من الأرض، أو المعدن. وقال القاضي عياض: والركاز: الكنز من دفن الجاهلية على ما فسره المصنف رحمه الله. فيكون ما حده به الخليل، وابن سيده لغة، وما حده المصنف، وعياض رحمهما الله ومن وافقهما حدُّه شرعاً.
«أيّ نوع كان» «أي» بالنصب على أنه خبر كان مقدماً.
«من دفن الجاهلية» قال الخليل: دفن الشيء يدفنه دفناً، أي: ستره، والشيء مدفون ودفين. والجاهلية، قال القاضي عياض: ما كانت عليه العرب قبل الإسلام، وبعث الرسول ، من الجهل بالله وبرسوله، وبشرائع الدين، والتمسك بعبادة غير الله تعالى، والمفاخرة بالأنساب، والكبرياء، والجبروت إلى سائر ما أذهبه الله وأسقطه، ونهى عنه بما شرعه من الدين.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 128
باب زكاة الأثمان
تقدم ذكر الذهب والفضة في «باب الآنية».
«عشرين مثقالاً» المِثقال، بكسر الميم في الأصل: مقدار من الوزن، أي شيء كان من قليل أو كثير. فقوله تعالى) {مثقال ذرة} [الزلزلة: 7] أي: وزن ذرة، ثم غلب إطلاقه على الدينار، وهو ثنتان وسبعون شعيرة ممتلئة غير خارجة عن مقادير حب الشعير. والدراهم: كل عشرة منها سبعة مثاقيل.
والدينار: لم يتغير في الجاهلية والإسلام. فأما الدراهم، فكانت مختلفة، بغليّة منسوبة إلى ملك، يقال له: رأس البغل، كل درهم ثمانية دوانيق. وطبرية: منسوبة إلى طبرية الشام، كل درهم أربعة دوانيق، فجمعوا الوزنين، وهما اثنا عشر، وقسموها على اثنين، فجاء الدرهم ستة دوانيق، وأجمع أهل العصر الأول على هذا. قيل: كان ذلك في زمن بني أمية، وقيل: في زمن عمر، والأول أكثر وأشهر.
الأول على هذا. قيل: كان ذلك في زمن بني أمية، وقيل: في زمن عمر، والأول أكثر وأشهر.
«في مغشوشهما» المغشوش: ما خلط بما يردئه.(1/99)
«أو بهرجا» البهرج: الباطل. والبهرج: الرديء، وهو معرب، قاله الجوهري.
«في الحلي» قال الجوهري: الحليّ: حلي المرأة، وجمعه حُلُيُّ. مثل ثدي وثُدي، وقد تكسر الحاء لمكان الياء، مثل عصِيّ. وقد قرىء {من حليِّهم عجلاً} [الأعراف: 84] بالضم والكسر.
«الكراء» الكراء، بكسر الكاف ممدوداً، نص عليه الجوهري وغيره من أهل اللغة. ولم أرَ أحداً ذكر فيه القصر مع شدة الكشف والبحث والله أعلم.
«مباح الصناعة» الصِّناعة، بكسر الصاد وفتحها، قال الجوهري: الصناعة حرفة الصانع.
«الخاتم وقبيعة السيف» الخاتم: هذا المعروف. قرأ عاصم بفتح التاء، وقرأ الباقون بكسرها وحكى الجوهري فيه: خاتام بوزن ساباط، وخيتام بوزن بيطار. وقال الجوهري: قبيعة السيف: ما على طرف مقبضه من فضة، أو حديد.
«حلية المنطقة» قال الخليل في «كتاب العين، والمنطق والمنطقة»: ما شددت به وسطك، والنطاق: إزار فيه تكة تَنْتَطِق بها المرأة.
«وعلى قياسها الجوشن إلى آخر الباب» قال الجوهري: الجوشن: الدرع وأما «الخوذة» و«الران» فالخوذة: المعروفة، وهي في اللغة: البيضة، والران: شيء يلبس تحت الخف معروف، ولم أره، ولا الخوذة في كلام العرب. والحمائل: واحدتها حمالة عند الخليل، وقال الأصمعي: حمائل السيف لا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها محمل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 134
باب زكاة العروض
العروض: جمع عرض بسكون الراء، قال أبو زيد: هو ما عدا العين، وقال الأصمعي: ما كان من مال غير نقد، وقال أبو عبيد: ما عدا العقار، والحيوان، والمكيل، والموزون، والتفسير الأول: هو المراد هنا. وأما العَرَض بفتح الراء، فهو: كثرة المال والمتاع، وسمي عرضاً، لأنه عارض يعرض وقتاً، ثم يزول ويفنى، نقله عياض في «مشارقه» بمعناه.(1/100)
«للقنية» قال الجوهري: قنوت الغنم وغيرها. قِنوَةً، وقُنوَةً، وقَنيْتُ أيضاً قِنْيَةً وقُنْيَةً: إذا اقنيتها لنفسك، لا للتجارة، ومال قُنِيَانٌ وقِنْيَانٌ، ففي القنية إذاً أربع لغات: قُنيَةً وقُنوة، بكسر القاف وضمها فيهما.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 136
باب زكاة الفطر
الفطر: اسم مصدر، من قولك: أفطر الصائم إفطاراً. والفِطْرةُ بالكسر: الخِلْقة، قاله الجوهري. وقال المصنف رحمه الله في «المغني»: وأضيفت هذه الزكاة إلى الفِطْر، لأنها تجب بالفطر من رمضان. قال ابن قتيبة: وقيل لها: فِطْرةً، لأن الفِطْرة: الخِلْقة: قال الله تعالى: {فِطْرةَ الله التي فَطَرَ النَّاسَ عليها} [الروم: 3] أي: جبِلته التي جبل الناس عليها، هذا آخر كلامه. وقال الإمام ذو الفنون عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي في كتاب «ذيل الفصيح» وما يلحن فيه العامة في باب (ما يغير العامة لفظه بحرف أو حركة) وهي صدقة الفِطْر، هذا كلام العرب. فأما الفُطرة، فمولدة، والقياس لا يدفعه، لأنه كالغُرْفةِ والبغية المقدار ما يؤخذ من الشيء. فهذا ما وجدته في اللفظة بعد بحث كثير، وسألت عنها شيخنا أبا عبد الله بن مالك فلم ينقل فيها شيئاً.
وذكر في «مثلثه» أن الفُطرة بضم الفاء: الواحدة من الكمأة.
«وإذا فضل عنده عن قوته» فَضَلَ بفتح الضاد يفضُلُ، كدخَلَ يدخُلُ. قال الجوهري: وفيه لغة أخرى: فضِلَ يفضَل كحذِر يحذَر، وحكاها ابن السكيت. وفيه لغة ثالثة مركبة منهما، فَضِلَ بالكسر يفضُلُ بالضم، وهو شاذٌّ لا نظير له. وقال أيضاً: والقُوتُ بالضم: ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام، يقال: ما عنده قوت ليلةٍ، وقِيتُ ليلةٍ، وقِيتَةُ ليلةٍ بكسر القاف فيهما. ويقال: قاته، وأقاته: إذا قام بقوتهِ.(1/101)
«ثم برقيقه» قال الجوهري: والرقيق: المملوك، واحد وجمع. والرق، بالكسر: العبودية، وبالفتح: ما يكتب فيه، وبالضم: ما رق من ماء البحر والنَّهْر. الضم من «مثلث» شيخنا رحمه الله تعالى.
«عن الجنين» قال صاحب «المطالع» [الجَنينُ]: ما استتر في بطن أمه، فإن خرج حياً، فهو ولد، وإن خرج ميتاً، فهو سَقْط.
«أو آبق» الآبق: الهارب. يقال: أبَقَ بفتح الباء، يأبُق، بكسر الباء وضمها. وحكى ابن فارس كسر الباء في الماضي، وفَتْحَها في المضارع، كأسِف يأسَف.
«فتسقط» بالرفع لا غير، لأن النصب يغيّر المعنى.
«الناشز» مذكور في عِشْرة النِّساء.
«أو ملك عبداً أو زوجة» الزوجة لا تملك، فنصبها يجوز أن يكون يفعل مقدر أي: أو تزوج زوجة، ويجوز أن يكون معطوفاً على العبد، على حذف مضاف، تقديره، أو ملك عبداً، أو بضع زوجة، ثم حذف البضع، فأقيمت الزوجة مقامه، كقوله تعالى: {وأشرِبُوا في قلوبهم العِجْلَ} [البقرة: 39]. أي. حبّ العجل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 137
«أو دقيقهما أو سويقهما» قال الجوهري: الدقيق: الطحين. وقال صاحب «المطالع»: السَّويق: قمح أو شعير، يقلى ثم يطحن فيتزود به. قال ابن دريد: وبنو العنبر يقولونه بالصاد.
«ومن الأقط» ذكر ابن سيده في محكمة في الأقط أربع لغات: سكون القاف مع فتح الهمزة وضمها وكسرها، وكسر القاف مع فتح الهمزة. قال: وهو شيء يعمل من اللبن المخيض. وقال ابن الأعرابي: يعمل من ألبان الإبل خاصة.
«مما يقتات» أي: مما هو قوته، وهو يفتعل من القوت.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 137
باب إخراج الزكاة(1/102)
«بخلاً بها» هو بضم الباء وفتحها مع سكون الخاء وبفتحهما. ثلاث لغات. نقلها ابن القطاع، فسره بمنع الفضل. ويقال: بخل يبخَل كفَرِح يفرحُ، وبَخُل يبخُل، كشُرف يشرف، وهو شرعيُّ وعرفيّ، فالشرعيّ: منع الواجب، كالزكاة ونحوها. والعرفيّ: منع ما يعدُّ مانعه بخيلاً.
«مغنماً ولا يجعلها مغرماً» قال الجوهري: المغنم والغنيمة بمعنى واحد. قال صاحب «المطالع»: المغرم: هو الدَّين، وهو الغرم. وأصله اللزوم. والغريم: من له الدين ومن عليه الدين. ومعنى هذا الدعاء ـ والله أعلم ـ: اجعلها مثمرة للمال، لا منقصة له، لأن التثمير، كالغنيمة، والتنقيص، كالغرامة.
«آجرك الله» يذكر في أول باب الإجارة.
«طهوراً» بفتح الطاء، أي: مطهراً، والضم لغة وقد تقدم. وكان المناسب في هذا الدعاء أن يقال: أجراك الله فيما أعطيت وجعله لك طهوراً.
«وَسْمُ الإبل» قال صاحب «المطالع»: المِيسَمُ: حديدةٌ يوسم بها الإبل. والسمَةُ: العلامة، والوسم: الفعل.
«وإن كانت جزية كتب «صغاراً» أو «أو جزية» قال الجوهري: الجزية: ما يؤخذ من أهل الذمة، والجمع جزى، كلحية ولحى. قال ابن الأنباري: الجزية: الخراج المجعول عليهم، سميت جزية، لأنها قضاءٌ لما عليهم أخذاً، من قولهم: جزى يجزي، إذا قضى. والصَّغار، بفتح الصاد: الذّل والضيم. قاله الجوهري وغيره. وفي نسخة المصنف رحمه الله بالألف. وفي أصل شيخنا أبي الفرج عبدالرحمن بن البغدادي وهو مقروء على المصنف: صغارٌ، بغير ألف. ووجه النصب، أنه مفعول كتب. ووجه الرفع، أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا صغارٌ، وهذه جزية، وهو أقيس.
«إذا كمل النصاب» حكى ابن سيده: كمل الشيء بفتح الميم وضمها وكسرها.
«قبل طلوع الطلع والحصرم» الطلع: بسكون اللام، غلاف العنقود. والحصرم: بكسر الحاء والراء قال الجوهري: هو أول العنب، ويقال له: الكحْبُ والكَحْمُ، عن ابن سيده.(1/103)
«فنتجت عند الحلول سخلة» نتجت: بضم أوله، على البناء للمفعول، وسخلة مفعول ثان. ويجوز نتجت، على البناء للفاعل، «وسخلة» مفعولة. يقال في فعله: نتجت الناقة، وأنتجت، مبنيين للفاعل، ونتجتها أنا، وأنتجتها: جعلت لها نتاجاً. ونتجت وأنتجت، مبنيين للمفعول. ست لغات. وفيه حذف مضاف تقديره: نتج بعضها سخلة، أو نتجت بعضها سخلة. والسخلة: اسم للمولود ساعة يولد، من أولاد الضأن، والمعز جميعاً، ذكراً أو أنثى. حكاه الجوهري عن أبي زيد.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 139
«لم يرجع على المسكين» ليس عدم الرجوع مقصوراً على المسكين، بل بالمدفوع إليه الزكاة، كائناً من كان.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 139
باب ذكر أهل الزكاة
«من غير تفريط» التفريط: التقصير في الشيء، حتى يضيع ويفوت، قاله الجوهري.
«في عشائرهم» العشائر: واحدتها عشيرة. قال الجوهري: وهي القبيلة. وقال صاحب «المطالع»: عشيرة الإنسان: أهله الأدنون، وهم بنو أبيه.
«أو إسلام نظيره» قال الجوهري: نظير الشيء: مثله. وحكى أبو عبيدة: النِّظر، والنَّظير بمعنى، مثل: الند والنَّديد.
«لإصلاح ذات البين» قال الزجاج: معنى قوله تعالى: {وأصلحوا ذات بينكم} [الأنفال: 1] حقيقة وصلكم. والبين: الوصل. والمعنى: وكونوا مجتمعين على أمر الله تعالى، فالذي غرم لإصلاح ذات البين، هو من غرم لإصلاح حال الوصل الفاسد.(1/104)
«في سبيل الله» وهم الغزاة الذين لا ديوان لهم. والسبيل: الطريق. قال صاحب «المطالع» في قوله : «من أغبرت قدماه في سبيل الله». يعني جميع الطرق الموصلة إليه. وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي: وإنما استعملت هذه الكلمة في الجهاد، لأنه السبيل الذي يقاتل به على عقد الدين. والديوان: قال الجوهري: أصله دِوّان، فعوض من إحدى الواوين ياء، لقولهم: في جمعه دواوين، وقولهم: دونت الدواوين. ذكره أبو منصور في «المعرب» فقال: والديوان بالكسر قال أبو عمرو: وبالفتح خطأ، وحكاه غيره. وأول من دَوَّن الديوان في الإسلام عمر ـ رضى الله عنه ـ .
«ابن السبيل» السبيل: الطريق، وسمي هذا المسافر بذلك، للزومه الطريق، كملازمة الطفل أمه.
«فإن رآه جلداً» جلداً: بسكون اللام، أي: شديداً، قوياً، يقال جلد الرجل بالضم، فهو جلد وجليد، وبين الجلد، والجَلادةِ، والجُلودَةِ، والمجلود.
«ولا مواليهم» المولى يذكر في كتاب الوقف. والمراد به هاهنا: من أعتقه هاشمي.
«صدقة وصلة» الصدقة: ما دفع لمحض التقرب. والصلة: الإحسان والتعطف والرفق، وذلك كله موجود في الصدقة على القرابة، لأنه يعد بذلك محسناً متعطفاً رافقاً. والهاء فيها، عوض من الواو المحذوفة. فأصلها: وصلة، يقال: وَصلَهُ يَصلهُ.
«لمن لا صبر له على الضيق» الصبر: حبس النفس عن الجزع. قال صاحب «المطالع»: وأصله الثبات. والضيق: بفتح الضاد، وبه قرأ الأكثرون. وقرأ ابن كثير بالكسر.
«أن ينقص» تقدم تفسيرها في كتاب الزكاة.
والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 142
باب الصيام
الصِّيامُ والصَّومُ: مصدر صام. وهو في اللغة: عبارة عن الإمساك.
قال الله تعالى: {فقولي إني نذرت للرحمن صوماً} [مريم: 62]. ويقال: صامت الخيل: إذا أمسكت عن السير، وصامت الريح: إذا أمسكت عن الهبوب. قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام، أو كلام، أو سير، فهو صائم.(1/105)
وهو في الشرع: عبارة عن الإمساك عن الأشياء مخصوصة، في زمن مخصوص، من شخص مخصوص، بنيَّةٍ مخصوصة.
«برؤية الهلال» قال الجوهري، وصاحب «المطالع»: الهِلال: أول ليلة والثانية، والثالثة، ثم هو قمر. وذكر ابن الأنباري في مدة تسميته بالهلال أربعة أقوال. أحدها: ما ذكر، والثاني: ليلتان، والثالث: أن يستدير بخطة دقيقة، قاله الأصمعي. والرابع: إلى أن يبهر ضوؤه سواد الليل.
«مع الصحو» قال الجوهري: الصحو: ذهاب الغنم، وأصحت السماء، فهي مُصْحِيَةٌ. وقال الكسائي: فهي صَحْو، ولا تقل: مُصحية. وحكى الفراء: صحت السماء: بمعنى أصْحَتْ.
«عدَّة شعبان» شعبان: غير مصروف للعلمية، والزيادة، وجمعه: شعبانات وأشعب. وهو الشهر الذي بين رجب ورمضان.
«غيم أو قَتَر» قال ابن سيده: الغيم: هو السحاب، وقيل: هو أن لا يرى شمساً من شدة الدجن، وجمعه: غُيوم وغيَام. والقتر: جمع قَتَرة وهي الغبار. ومنه قوله تعالى: {ترهقها قترة} [عبس: 14]. وقال ابن زيد: الفرق بين الغبرة، والقترة. أن القترة ما ارتفع من الغبار، فلحق بالسماء، والغبرة: ما كان أسفل في الأرض.
«هلال شوال» صَوَّام، مصروف، وهو: الشهر الذي بين رمضان، وذي القعدة، والجمع شوّالات وشواويل، سمي بذلك، لكون الإبل كانت فيه حال التسمية شوْلاً، وهي: التي جف لبنها، وارتفع ضرعها.
«والحامل والموضع» يذكر إن شاء الله تعالى في باب ميراث الحمل والرضاع.
«أو أغمي عليه» تقدم تفسير الإغماء في كتاب الصلاة.
«ولا يصح صوم واجب» صوم: منوَّن مرفوع، وواجب مرفوع، صفة له. ويجوز جرُّ «واجب» بالإضافة، على تقدير: صوم يوم واجب، أو زمن واجب، أو صوم واجب.
«إن كان غداً» غداً بالنصب في خط المصنف رحمه الله تعالى، وفي نسخة مقروءة على المصنف غدٌ بالرفع، وهو ظاهر. وأما النصب، فعلى إضمار اسم كان أي: إذا كان الصيام غداً. ودل على تقديره قوة الكلام. ومن كلامهم: إذا كان غداً فأتني.(1/106)
«فهو فرضي» كذا بخط المصنف، رحمه الله تعالى، بياء المتكلم، أي: الذي فرضه الله تعالى عليَّ.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 145
باب ما يفسد الصوم
«أو استعط» استعط: مطاوع سعطه، إذا جعل في أنفه سَعوطاً، بفتح السين. وحكى أبو زيد: سعطه وأسعطَه بمعنى. والسَّعوط: ما يجعل في الأنف من الأدوية.
«أو احتقن» قال الجوهري: الحُقْنةُ: ما يُحقنُ به المريض من الدواء. وقد احتقن الرجل، أي: استعمل ذلك الدواء من الدبر.
«داوى الجائفة» الجائفة: تذكر مع الشجاج، إن شاء الله تعالى. وكذلك المأمومة.
«أو استقاء» قال الجوهري: استقاء وتقيَّأ: تكلف القيء. وقال صاحب «المطالع»: قاء: إذا خرج منه القيء، وتقيَّأ: تفعَّل منه. والقيء: معروف.
أو استمنى» قال الجوهري: استمنى: استدعى خروج المنِيّ.
«أو أمذى» تقدم في باب إزالة النجاسة.
أو كرر النظر فأنزل» إذا أنزل المني بتكرار النظر، أفطر. وإن أنزل مذْياً، ولم يفطر في الصحيح من المذهب.
«أو قطر في إحليله» مخفف الطاء. قال الجوهري: قطر الماء وغيره، يقطر، وقطرته أنا، يتعدى ولا يتعدى. والإحليل: مخرج البول، ومخرج اللبن [من الضرع والثدي].
«أو احتلم» أي: أنزل في نومه منياً. والحُلْم، والحُلُم: بوزن عُسْرٍ، وعُسُرٍ: ما يراه النائم. لكن غلب اسم الرؤيا على الخير، والحلم على الشر.
«ذرعه القيء» قال الجوهري: ذرعه القيء: إذا غلبه وسبقه.
«فلفظه» بفتح أوله وثانيه، أي: رمى به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 147
باب ما يكره وما يستحب
«يجمع ريقه» [الريق]: الرضاب. وهو ماء الفم.
«فيبلعه» مضارع بلعه، كذا ذكره المصنف.
«وأن يبتلع النخامة» قال الجوهري: النخامة [بالضم]: النُّخاعة، وقال صاحب «المطالع»: النخامة [ما يلقيه الرجل] من الصدر، وهو البلغم اللزج. قال: والنخاعة، والنخامة: واحد عند ابن الأنباري.(1/107)
ومنهم من قال: النخاعة من الصدر. والنخامة من الرأس.
«مضع العلك» قال ابن فارس: العلك: كل صمغة تعلك. وقال ابن سيده: العلك: ضرب من صمغ الشجر، كاللبان يمضع [فلاينماع] والجمع علوك، وبائعه علاّكٌ.
«يتحلل منه أجزاء» أجزاء: جمع جزء، وهو بعض الشيء: وهو مصروف.
«اجتناب الكذب والغيبة والشتم» قال الجوهري: يقال: كذَبَ كَذِباً وكِذْباً، عى وزن كَتِفٍ وكِتْفٍ، فهو كذاب وكَذّاب، وكَذُوب، وكِذبان، ومكُذّبان، ومكُذبانة وكُذْبَةٌ، بوزن همزة، وكُذبذُب مخفف، وقد تشدد ذاله الأولى. وقال صاحب «المطالع»: والكذب: خلاف الصدق. والصدق: الأخبار بمايطابق المخبر عنه. وأما الغيبة: فهي ذكر الإنسان بما يكره، بهذا فسرها رسول الله في حديث أبي هريرة. «رواه مسلم». وهي حرام بالإجماع، وتباح لغرض صحيح شرعي، لا يمكن الوصول إليه إلا بها، كالتظلُّم، والاستفتاء، والاستغاثة على تغيير منكر، والتحذير، والتعريف، والجرح. وأما الشتم: فقال الجوهري: الشتم: السب. والاسم: الشتيمة. وقال أبو العباس اللبلي في شرح الفصيح: الشتم: رمي أعراض الناس بالمعايب، وثلبهم، وذكرهم بقبيح القول، خضراً، أو غيباً، عن ابن درستويه. وقال المطرزي: الشتم عند العرب: الكلام القبيح سوى القذف.
«وإن شُتم، استحب أن يقول: إني صائم» ذكر الخطابي في ذلك للعلماء قولين. أحدهما: أنه يقوله بلسانه. والثاني: بقوله بقلبه.
«وتأخير السحور» قال صاحب «المطالع»: السَّحور بالفتح: اسم ما يؤكل في السحر، وبالضم: اسم الفعل. وأجاز بعضهم أن يكون اسم الفعل بالوجهين، والأول أشهر. والمراد هنا الفعل، فيكون بالضم على الصحيح.
«تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر» الأول: غير مصروف، لأنه معرفة والثاني: مصروف، لأنه نكرة، لوصفه «بآخر». وكذلك كل معرفة وصفت بآخر، فإنهما تنكر. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 148
باب صوم التطوع(1/108)
قال الجوهري: وتطوع: تكلف الاستطاعة، والتطوع بالشيء: التبرع به.
«صيام أيام البيض» أيام البيض: هي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر. وقيل: الثاني عشر بدل الخامس عشر، حكاه الماوردي والبغوي وغيرهما. والصحيح: الأول، قاله المصنف رحمه الله في «المغني»: وسميت بيضاً، لا بيضاض ليلها كله بالقمر، أي: أيام الليالي البيض. وقيل: لأن الله تعالى تاب على آدم فيها، وبيض صحيفته. ذكره أب الحسن التميمي آخر كلامه. فعلى القول الثاني يكون من إضافة الشيء إلى نفسه، لأن الأيام هي البيض، والأيام الثلاثة الأول من الشهر: تسمى «الغرر»، والتي تليها «النفل»، والتي تليها «التسع» والتي تليها «العشر»، والتي تليها «البيض»، والتي تليها «الدرع»، والتي تليها «الظلم» والتي تليها «الحنادس»، والتي تليها «الدآرىء» على وزن مساجد، والتي تليها «المحاق» مثلثه وقد نظمها الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسين الملقب: بشعلة في ثلاثة أبيات شعر وهي:
الشَّهْرُ ليَاليه قممُ
فَلِكلٍّ ثلاثٍ خُصَّ سُمُ
منها غُرَرٌ نَفْلٌ تُسَعٌ
عُشَرٌ بِيضٌ دُرَعٌ ظُلَمُ
فَحنادِسُها فدآدئها
فمُحاقٌ ثمَّ فَتُخْتَتَمُ
«صوم الاثنين والخميس» سمي الاثنين بذلك، لأنه ثاني [أيام] الأسبوع. قال الجوهري: ولا يثنى، لأنه مثنى. فإن أحببت أن تجمعه، قلت: أثانين. وسمي الخميس بذلك، لأنه خامس [أيام] الأسبوع. قال الجوهري: وجمعه: أخمساءُ، وأخْمِسةٌ. وحكى النحاس: خُمْسانٌ، كرغيف ورُغْفان. وحكي عن الفراء: أخامس، فتكون [له] أربعة جموع.(1/109)
«وأتبعه بست من شوال» ست: أصله سِدْسٌ [فأبدل من إحدى السنين تاء، وأدغم فيه الدال] لأن تصغيرها سُدَيْسَةٌ، وجمعها أسداس. وورد في الحديث الصحيح هكذا بغير تاء، والمراد: الأيام، لأن العرب تغلّب في التاريخ الليالي على الأيام. ويحتمل أن يكون على حذف مضافين، أي: وأتبعه بصيام أيام ست أي: [أيام] ست ليالٍ. ونظيره: قوله تعالى: {فقبضتُ قبضةً من أثَر الرسول} [طه: 67]. أي: من أثر حافر فرسِ الرسول.
«يوم عاشوراء» عاشوراء: اليوم العاشر من المحرم. وعن ابن عباس: هو التاسع. ونص الإمام أحمد رحمه الله على استحباب صومهما، على أنه إذا اشتبه أول الشهر، صام ثلاثة أيام. قال القاضي عياض في «المشارق»: عاشوراء: اسم اسلامي، لا يعرف في الجاهلية. قال ابن دريد. قال: وليس في كلامهم فاعولاء. وحكى ابن الأعرابي: أنه سمع خابوراء، ولم يثبته ابن دريد. وحكى أبو عمرو الشيباني فيه القصر، وحكى الجوهري: عشوراء، فصارت فيه ثلاث لغات.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 150
«يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة» سمي بذلك، لأن الوقوف بعرفة فيه، وقيل: لأن إبراهيم الخليل، صلوات الله عليه، عرف فيه أن رؤياه حق. واليوم الثامن من ذي الحجة: يوم التروية، والتاسع: يوم عرفة، والعاشر: يوم النحر، والحادي عشر: يوم القَرِّ بفتح القاف، سمي بذلك لقرار الناس فيه بمنى، والثاني عشر: يوم النَّفْرِ الأول، والثالث عشر: يوم النَّفْرِ الثاني، ويسمى يوم الصدرِ. وقد تقدَّم في صلاة العيدين.
«عشر ذي الحجة» المراد به الأيام التسعة التي آخرها يوم عرفة، وسميت التسع عشراً، من إطلاق الكل على الأكثر، لأن العاشر لا يصام. وذو الحجة: الشهر الثاني عشر من السنة، سمي بذلك، لأن الحجة فيه، و«الحجة» بكسر الحاء وحكي فتحها. وذو القعدة بالفتح، وحكي فيه الكسر، وجمع ذي الحجة: ذوات الحجة عن النحاس. ويأتي أتم من هذا في [باب] المواقيت.(1/110)
«شهر الله المحرم» وهو أول شهور العام، سمي محرماً، لتحريم القتال فيه، وثبت عن رسول الله أنه سماه شهر الله.
«ويكره إفراد رجب بالصوم» رجب مصروف، الشهر الفرد من الأشهر الحرم وسمي رجباً من الترحيب [وهو] التعظيم، لأن العرب كانوا يعظمونه في الجاهلية، ولا يستحلُّون فيه القتال. ويقال له: «رجب مضر»، لأنهم كانوا أشد تعظيماً له، والجمع أرجاب، فإذا ضموا إليه شعبان قالوا: رجبان.
«يوم الجمعة، ويوم السبت، ويوم الشك، ويوم النيروز، والمهرجان» يوم الجمعة: تقدم في أول باب «صلاة الجمعة» ويوم السبت: آخر أيام الأسبوع. قال الجوهري: سمي يوم السبت، لانقطاع الأيام عنده. قال: والسبت: الراحة. والسبت: الدهر. والسبت: حلق الرأس. والسبت: إرسال الشعر عن المقص، والسبت: ضرب من سير الإبل. والسبت: قيام اليهود بأمر سبتها.
«ويوم الشك» قال المصنف رحمه الله في «الكافي»: هو اليوم الذي يشك فيه، هل هو من شعبان أم من رمضان إذا كان صحواً؟. «يوم النيروز والمِهُرَجان» عيدان للكفار. قال الزمخشري: النيروز: الشهر الرابع من شهور الربيع. والمهرجان: اليوم السابع عشر من الخريف. ذكر ذلك في مقدمة الأدب، والظاهر أنه بكسر الميم.
«ليلة القدر» هي بسكون الدال، وفتحها جائز. قال أبو إسحاق الزجاج: معنى ليلة القدر: ليلة الحكم، وهي: الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، آخر كلامه. وفي تسميتها بذلك خمسة أقوال.
أحدها: لعظمتها، من قوله تعالى: {وماقدروا الله حَقَّ قدرِهِ} [الأنعام: 15].
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 150
والثاني: من التضييق، من قوله تعالى: {ومَن قُدِرَ عليه رِزْقُه} [الطلاق: 7]. أي: ضاق، لأنها ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة.
والثالث: لما يقدر فيها من الأشياء.
الرابع: أن من لم يكن فيها ذا قدر، صار فيها ذا قدر.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 150(1/111)
كتاب المناسك
المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها، فبالفتح مصدر، وبالكسر اسم لموضع النسك، وهو مسموع، وقياسه: الفتح في المصدر والمكان. قال الجوهري: وقد نسك وتنسك، أي: تعبد. ونسك بالضم نساكة أي: صار ناسكاً. وقال صاحب «المطالع»: المناسك: مواضع متعبدات الحج، فالمناسك إذاً: المتعبَّدات كلها، وقد غلب إطلاقها على أفعال الحج، لكثرة أنواعهغ.
«يجب الحج» الحج: بفتح الحاء وكسرها، لغتان مشهورتان، وهو في اللغة: عبارة عن القصد. وحكي عن الخليل: أنه كثرة القصد إلى من تعظمه. قال الجوهري: ثم تعورف استعماله في القصد إلى مكة للنسك. وقال الإمام أبو اليمن الكندي: الحج: القصد، ثم خص، كالصلاة وغيرها. وقال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني»: هو في الشرع اسم لأفعال مخصوصة.
«والعمرة» العمرة في اللغة: الزيارة. وقيل: القصد، نقلها ابن الأنباري وغيره، وهي في الشرع عبارة عن أفعالها المخصوصة المذكورة في مواضعها.
«من عرفة» قال الجوهري: عرفات موضع بمنى وهو اسم في لفظ الجمع.
الخامس: لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، وتنزل فيها ملائكة ذو قدر، ورحمة ذات قدر.
واختلف الصحابة ـ رضى الله عنه ـ م والتابعون، في أي ليلة أخص بها وأرجى، على ثلاثة عشر قولاً. أحدها: ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى. والثاني: أنها أول ليلة من رمضان. والثالث: أنها ليلة سبع عشرة. والرابع: أنها ليلة تسع. والخامس ليلة إحدى وعشرين. والسادس: ليلة ثلاثة وعشرين. والسابع: أنها ليلة خمس وعشرين. والثامن: أنها ليلة تسع وعشرين. والتاسع: آخر ليلة من رمضان. والعاشر: أنها في أشفاع هذه الأفراد. والحادي عشر: أنها في جميع السنة. والثاني عشر: أنها في جميع الشهر. والثالث عشر: أنها تتحول في ليالي العشر كلها. ذكر الأقوال الثلاثة عشر، الإمام عبد العظيم في «حواشيه».
«وأرجاها» بغير همز أي: أكثر وأشد رجاء.(1/112)
قوله : «عفو تحب العفو» قال الخطابي: العفو: وزنه فعول، من العفو، وهو بناء للمبالغة. والعفو: الصفح عن الذنوب، وترك مجازاة المسيء. وقيل: إن العفو مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسته، فكأن العافي عن الذنب يمحوه بصفحته عنه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
«يتخلله» أي: يتخلل الجمعة اعتكافه، أي: يكون في خلله.
«وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد المدينة، ثم الأقصى» فالمسجد الحرام: مسجد الكعبة، وسمي الحرام: لما يذكر في «دخول مكة».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 156
ومسجد المدينة: مسجد النبي . والمدينة لها أسماء: المدينة، وطابة، وطَيْبة، بفتح الطاء. وقيدته بفتح الطاء، احترازاً من طيبة، بكسرها، فإنها قريبة قرب زُرودٍ. ويثرب، كان اسمها قديماً، فغيره النبي ، لما فيه من التثريب، وهو التغيير والاستقصاء في اللوم. وتسميتها في القرآن «يثرب» حكاية لقول من قالها من المنافقين. وقيل: يثرب اسمها أرضها. وقيل: سميت يثرب باسم رجل من العمالقة، كان أول من نزلها. وقال عيسى بن دينار. من سماها يثرب، كتب عليه خطيئةٌ. والمسجد الأقصى: مسجد بيت المقدس، وسمي الأقصى، لبعده من المسجد الحرام. وقيل: لأنه أبعد المساجد التي تزار. ويأتي ذكر المدينة في باب «صيد الحرم ونباته».
«كحاجة الإنسان» يريد الخروج للبول، والغائط.
«فسد اعتكافه» بفتح السين وكسرها وضمها.
«بفعل القرب» القرب: جمع قربة، وهي: كل ما يتقرب به إلى الله تعالى، أي: يطلب به القرب عنده.
«ما لا يعنيه» بفتح الياء، ولا يجوز ضمها، قال الجوهري: أي ما لا يهمه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 156
كتاب الاعتكاف
وهو في اللغة: لزوم الشيء والإقبال عليه. وفي الشرع: لزوم المسجد، لطاعة الله تعالى فيه، عن أصحاب «المطالع» وغيره. قال ابن سيده: يقال عكف يعكف، ويعكف، عكفاً وعكوفاً واعتكف: لزم المكان. والعكوف: الإقامة في المسجد.(1/113)
«إلا أن ينذره» بكسر الذال وضمها. عن الجوهري وغيره.
«إن كان بينهما مهاياه» قال ابن عباد في كتابه «المحيط»: والمهاياة: يعني بغير همز، أمر يتهابى القوم عليه، فيتراضون. قلت: ويجوز أن يكون مهموزاً «مفاعلة» من الهيأة، أي: يتفقون على صورة معينة.
«في مسجد يجمع فيه» أي: تقام فيه صلاة الجماعة ويجتمع فيه لها. يقال: قوم جميع، أي: مجتمعون. فأما صلاة الجمعة، فيقال: يجمع فيه، بتشديد الميم، نص عليه ابن القطاع غيره من أهل اللغة.
الجمع، فلا يجمع. قال الفراء: عرفات لا واحد له بصحة. وقول الناس: نزلنا عرفه، شبيه بمولد، وليس بعربي محض. وهي معرفة وإن كان جمعاً، لأن الأماكن لا تزول، فصارت كالشيء الواحد. وفي تسميتها بها ثلاثة أقوال. أحدها: أن جبريل عرَّف إبراهيم عليهما السلام مناسك الحج فيها، فقال: عرفتُ. قاله علي ـ رضى الله عنه ـ . والثاني: لتعارف آدم وحواء بها، قاله الضحاك. والثالث: من قولك: عرفت المكان، إذا طيبته. نقله ابن فارس.
ويحتمل أن يكون: لتعارف الناس، فإنهم يجتمعون من الأقطار ويتعارفون.
«بإذن وليه» وليه: أبوه ووصيه، وأمين الحاكم. وإن أحرمت أمه عنه، صح. نص عليه للحديث. وقال القاضي: ظاهر كلام الإمام أحمد أنه لا يحرم عنه إلا وليه. وأما غير الأم والولي من الأقارب، كالأخ والعم وابنه، فيخرج فيهم وجهان. وأما الأقارب، فلا يصح إحرامهم وجهاً واحداً، نقله المصنف في «المغني».
«يملك زاداً وراحلة» الزاد: الطعام يتخذ للسفر. قاله الجوهري وغيره: وقال في «المغني» والزاد الذي تشترط القدرة عليه: هو ما يحتاج إليه في ذهابه ورجوعه، من مأكول ومشروب، وكسوة. قال الجوهري: والراحلة: الناقة التي تصلح لأن يرحل عليها، وقيل: الراحلة: هي المركب من الإبل ذكر كان أو أنثى.
«من مسكن وخادم» المسكن: المنزل، بفتح الكاف وكسرها، والخادم: واحد الخدم، غلاماً كان أو جارية.(1/114)
«ومؤنة عياله» تقدم في باب زكاة الفطر الكلام على القوت وهو المؤنة بهمز ولا همز وهي فعولة. وقال الفراء: مَفْعَلَةُ من الأين وهو التعب والشدة. وقيل: من الأون: الخرج. ويقال: مأنتهم بالهمز، ومنتهم بتركه، بناء على معنى المؤنة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 160
«وعلى الدَّوام» الدَّوام: مصدر دام يدوم، إذا ثبت واستمرَّ، والمراد ههنا: مدة ذهابه ورُجوعه. هكذا ذكر المصنف رحمه الله في «المغني». وزاد صاحب «المستوعب» أن يكون له إذا رجع ما يقوم بكفايته، وكفاية عياله، من عَقَار أو بضاعةٍ أو صناعةٍ.
«على الفَوْر» الفوْر: الغليانُ، والفورةُ: ما يفور من القدر، ومن ذلك اشتقاق قولهم: فعله من فوره. أي: من قبل أن يسكن. حكى ذلك ابن فارس.
«لاخفارة فيه» الخفارة بضم الخاء، وفتحها، وكسرها، اسم لجعل الحفير، واسم للمصدر من قولك: خَفَرْته إذا أجرته، ذكر ذلك ابن سيده، والمراد هنا الأول.
«تجحف بماله» تُجحفُ، بضم التاء وكسر الحاء، قال الجوهري: أجحف به، أي: ذهب به. هذا معناه لغة، والمراد هنا. بما لا يُجحِفُ: الزيادةُ اليسيرة. بهذا فسرها ابن حامد والقاضي.
«بحصته» الحصَّة: النصيب. أي بنصيبه. مثاله: أن يُخلفَ مئة دينار، وعليه أربعمائة دينار، والحج يحتاج مئة، فحصة الحج عشرون، لأنها الخمسُ.
«وجود محرمها» المحرم: مَنْ يحرمُ نكاحه، رجلاً كان أو امرأةً. ويقال: هو رَحِمٌ مَحْرَمٌ، وذو محرَّم، بفتح الميم والراء مُحففة، وبضم الميم وتشديد الراء، وهي من ذوات المحارم. هذا هو المحْرم لغة، ثم زيد في ذلك شرعاً كونه مسلماً بالغاً، عاقلاً، محرَّماً على التأبيد. وكون الزوج محرماً، لأن المقصود من سفر المحْرَمِ مع المرأة، حاصل من سفر الزَّوج معها، وهو حفظها وصيانتها، مع كونه له الخلوة بها والنظرُ إليها.
«على التأبيد» قال الجوهري: الأبد: الدَّهر. والأبد أيضاً: الدائم والتأبيد: التخليد، والله أعلم.(1/115)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 160
باب المواقيت
المواقيت: جمع ميقات، وهو الزمان والمكان المضروب للفعل.
«من ذي الحُليفة» ذُو الخيفة، بضم الحاء وفتح اللام، موضع معروف، مشهور بينه وبين المدينة ستة أميال، وقيل: سبعة نقله عياض وغيره.
«وأهل الشام ومصر والمغرب الجحفة» الشام: إقليم معروف، يقال مسهلاً ومهموزاً، وشآم بهمزة وبعدها مدة، نقل الثلاثة صاحب «المطالع». قال الجوهري: الشام بلاد، يذكر وتؤنث، ورجل شامي، وشاآم على فعالٍ، وشامي، أيضاً. حكاه سيبويه. وفي تسميتها بذلك ثلاثة أقوال. أحدها: أنها سُمَّيت بسام بن نوح، لأنه أولَ من نزلها، فجعلت السين شيئاً تغييراً للفظ الأعجمي. والثاني: أنها سُمِّيت بذلك لكثرة قُراها، وتداني بعضها من بعض، فشُبِّهت بالشَّامات. والثالث: أنها سُميت بذلك، لأن باب الكعبة مستقبل المطلع، فمن قابل طلوع الشمس، كانت اليمن عن يمينه، والشام عن يده الشُّؤْمى.
ومصر: المدينة المعروفة، تذكر وتؤنث عن ابن السراج، ويجوز صَرْفه وترك صرفه. قال أبو البقاء، في قوله تعالى: {اهبطوا مصراً} [البقرة: 16]. «مصراً»: نكرة، فلذلك انصرف. وقيل: هو معرفة، وصرف لسكون أوسطه، وترْك الصرف جائز، وقد قرىء به، وهو مثل: هِنْدٍ، ودَعْدٍ. وفي تسميتها بذلك قولان.
أحدهما: أنها سميت بذلك، لأنها آخر حدود المشرق، وأول حدود المغرب، فهيَ حد بينهما. والمِصْر: الحد، قاله المفضَّل الضبي.
والثاني: أنها سُميت بذلك لقصد الناس إياها، لقولهم: مَصَرْتُ الشاة، إذا: حَلْبتها، فالناس يقصِدُونها، ولا يكادون يَرغَبون عنها إذا نزلوها، حكاه ابن فارس عن قوم.(1/116)
والجحفة: بجيم مضمومة، ثم حاء مهملة ساكنة، قال صاحب «المطالع» هي قرية جامعةٌ بها منبر على طريق المدينة من مكة، وهي مَهْيَعة وسُمّيت الجُحْفَة، لأن السيل اجتحفها، وحمل أهلها. وهي على ستة أميال من البحر، وثماني مَراحل من المدينة. وقيل: نحو سبع مراحل من المدينة، وثلاث من مكة. والجحفة مرفوعٌ، ولا يجوز جَرُّه عَطْفاً على ذي الحُلَيْفة، لأنه يلزم منه العطف على عاملين، وهو ممنوع.
«وأهل اليمن يلملم» قال صاحب «المطالع» اليمن: كلُّ ما كان عن يَمين الكعبة من بلاد الغور. قال الجوهري: اليَمَن: بلاد العرب، والنِّسبة إليها يَمَني، ويمان، مخففة، والألف عِوَض عن ياء النَّسب، فلا يجتمعان. قال سيبويه: وبعضهم يقول: يمانيّ بالتشديد. قال أمية بن خلف.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 164
يَمَانِيَّا يَظَلُّ يَشُدُّ كيراً
ويَنْفُخُ دائماً لَهبَ الشواظِ
فقوله: والرُّكن اليماني في باب «دخول مكة» والجيد تخفيف الياء.
وَيلمْلم: قال صاحب «المطالع»: ألَمْلَم، ويقال: يلملم، وهو جَبَلٌ من جبال تِهامة، على ليلتين من مكة، والياءُ فيه بدل من الهمزة، وليست بمزيدة، وحكى اللغتين فيه الجوهري وغيره.
«ولنجد قرن» نجد، بفتح النون، وسكون الجيم، قال صاحب «المطالع»: وهو ما بين جُرَش إلى سواد الكوفة، وحدُّه مما يلي المغرب: الحجاز، على يسار الكعبة. ونجد كلها من عمل اليمامة. وقال الجوهري: ونجد من بلاد العرب، وهو خلاف الغور: وهو تهامة كلها. وكل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق، فهو نجد، وهو مذكر.(1/117)
وقَرْن: بسكون الراء بلا خلاف، قال صاحب «المطالع»: وهو ميقات نجدٍ على يوم وليلة من مكة، ويقال له: قَرْن المنازل، وقَرْن الثعالب. ورواه بعضهم بفتح الراء، وهو غلط، إنما «قَرَن»، بفتح الراء قبيلة من اليمن، آخر كلامه. وقد غلط غيره من العلماء، ممن ذكره بفتح الراء، وزعم أن أويساً القرني منه، إنما هو من «قَرَن» ، بفتح الراء، بَطْن من مُراد.
«وأهل المشرق ذات عرق» ذات عرق: منزل معروف من منازل الحاج، يحرم أهل العراق بالحج منه، سمي بذلك: لأن فيه عرقاً، وهو الجبل الصغير، وقيل: العرْق: الأرض السَّبخة تُنبت الطرفاء.
«وذو القعدة وعشر من ذي الحجة» قال صاحب «المطالع»: ذو القعدة، بالفتح الكسر، سمي بذلك، لأن العرب قعدت فيه عند القتال، تعظيماً له. وقيل: لقعودهم فيه عن رحالهم وأوطانهم. وذو الحجة، بالفتح، وأجاز بعضهم الكسر، وأباه آخرون.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 164
باب الاحرام
قال ابن فارس: الاحرام: الدخول في التحريم، كان الرجل يحرم على نفسه النكاح والطيب، وأشياء من اللباس، كما يقال: أشتى: إذا دخل في الشتاء. وأربع: إذا دخل في الربيع. قال الجوهري في آخرين: الحُرْم بالضم: الاحرام وأحرم بالحج وبالعُمرة [باشر أسبابهما وشروطهما]. وحكى أبو عثمان في «أفعاله»: حَرَم الرجل وأحْرَم، دخل الحرم، أو صار في الأشهر الحُرُم. والاحرام شرعاً: نية الدخول في الحج أو العُمرة، والنيةُ الخاصة، لا نيةُ المسافر ليحجَّ أو يعتمر. والتجرد وسائر المحظورات ليس داخلاً في حقيقته بدليل كونه محرماً بدون ذلك ولا يصير محرماً بترك المحظورات عند عدم النية فذات الاحرام مع النية وجوداً أو عدماً.
«ولا ينعقد إلا بالنية» أي: لا يصير مُحرماً بدونها.(1/118)
«إزاراً أو رداء» الازار: هذا المعروف، الذي يشد على الحَقْوين فما دونهما، وهو المئزر. والرداء: ما يرتدي به على المنكبَيْن، وبين الكتفين: من بُرْدٍ، أو ثوب ونحوه.
«ويتجرد عن المخيط» رَفَعه لأنه واجب في الاحرام، فإذا عُطِفَ بالنصب، كان معطوفاً على المستحب، ويجوز نصبه على أن يكون المجموع مستحباً.
«فمحلي» أي مكان إحلالي، بفتح الحاء وكسرها، فالفتح مقيس، والكسر سماع. يقال: حلّ بالمكان يَحُلُّ به، بضم حاء المضارع، وحَلّ من إحرامه وأحل منه.
«بمثل ما أحرم به فلان» فلان وفلانة كناية عن الذكر والأنثى من الناس، يقال: فلانٌ، مصروف، وفلانة غير مصروفة، للتأنيث والعلمية، فإن كُني به عن غير الناس قيل: الفلان والفلانة.
«لَبّى» لَبّى بغير همز، وهو الأصل. ولبّأ بالهمز، لغة والتَّلْبيةُ: قولك لمن دعاك: لبيك. والتَّلْبية بالحج: قولك: لبيك اللهم لبيك إلى آخره. وهو اسم مثنى عند سيبويه وجماعة، وقال يونس بن حبيب النحوي: ليس بمثنى، إنما هو مثل: عَلَيْك وإليك. وحكى أبو عبيد عن الخليل: أن أصل التلبية: الاقامة بالمكان، يقال: ألْبَيْتُ بالمكان ولبَّيْتُ به: إذا أقمت به، وهو منصوب على المَصْدر، وثني، والمراد به التكثر، أي: إقامة على إجابتك بعد إقامة، كقوله تعالى: {فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البَصَر كَرّتين} [الملك: 4]. أي: كرات، لأن البصر لا يَنْقلب خاسئاً وهو حسيرٌ من كَرّتين. ومثله قولهم: حنانَيْك، أي: حنان بعد حنانٍ. والحنان: العطف.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 167(1/119)
«إن الحمد والنعمة لك والملك» قال الشيخ رحمه الله في «المغني»: ويقول لبيك إنَّ الحمد، بكسر الألف نص عليه الامام أحمد ـ رضى الله عنه ـ . وبالفتح جائز، إلا أن الكسر أجود. قال ثعلب: من قال «أنَّ» بفتحها، فقد خَصَّ، ومن قال بكسر الألف، فقد عَمّ، يعني: ان مَنْ كَسَر، جعل الحمد لله على كل حال، ومَنْ فَتَح فمعناه لبيك، لأن الحمد لك، أي: لهذا السبب. آخر كلامه.
«والملك» بالنصب والرفع، فالنصب عطف على الحمد والنعمة، والرفع بالابتداء.
«إذا علا نشزاً» النَّشز: المكان المرتفع، بفتح الشين وسكونها، وكذلك النَّشاز، على وزن الكلام.
«وفي دبر الصلوات» يقال دُبْر ودُبُر، كعُسْرٍ وعُسُر، أي: عند فراغه من الصلوات.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 167
باب محظورات الاحرام
مَحْظورات: جمع مَحْظورة، وهي صفة لموصوف محذوف، أي باب الخصلات المحظورات، أو الفَعْلات المحظورات، أي: الممنوع فعلهُنَّ في الاحرام. قال الجوهري: المحظور، المحرَّمُ، والمحظورُ أيضاً: الممنوعُ.
«وتقليم الأظفار» تقليم الأظفار: تقصيصها، قال الجوهري: قَلَمْتُ ظُفْري، وقلَّمْت أظفاري، شدد للكثرة. وقال صاحب «المطالع»: والقَلْم: يستعمل في الأخذ من الجوانب، وقيل: ما استعمل الأخذ من الأظفال إلا مشدداً، قَلَّم تقليماً، والأصل: قَلَمه قَلْماً.
«أو قرطاس فيه دواء» القِرْطاس، فيه ثلاث لغات: كسر القاف، وضمها، وقَرْطَسٌ بوزن جعفر، ذكر الثلاث الجوهري. وقال: هو الذي يُكتب فيه. وقال صاحب «المطالع»: العرب تسمى الصحيفة قرطاساً، من أي نوع كان.
«والدواء» تقدم في كتاب الصلاة.(1/120)
«أو حناء» الحِنَّاء: بالتشديد والمد هو هذا المعروف، ويقال له: الرقُونِ والرِقَانُ [والارقان] واليُرَنَّاء، بضم الياء وفتحها، وتشديد النون فيهما، فإذا فَتَحْتَ الياء همزت آخره، وإذا ضمتها جاز الهمز وتركه، نص عليه أبو محمد عبدالله بن بري في كتاب «التنبيه والافصاح».
«وان استظل بالمحمل» المحمل، كالمجلس، كذا ضبطه الجوهري، وضبطه شيخنا أبو عبدالله بن مالك في «مثلثه» بعكس ذلك، وهو مركب يركب عليه على البعير.
«فليلبس السراويل» قال سيبويه: وأما سراويل، فشيء واحد، وهو أعجمي أعرب إلا أنه أشبه من كلامهم ما لا ينصرف معرفة ولا نكرة. وحكى الجوهري فيه التذكير والتأنيث، وزعم بعضهم أنه ذو وجهين، الصَّرف وتركه، والصحيح أنه غير مصروف، وجهاً واحداً.
«منطقة» بكسر الميم، وفتح الطاء، قال الجوهري: انتطق: لبس المنطق، وهو كل ما شددت به وسطك، والمِنْطَقُه معروفة، اسم لها خاصة.
«وهميانه» قال الجوهري: همْيان الدراهم، بكسر الهاء، وهو معرب، وهميان ابن قُحَافَة السَّعْدي يكسر ويضم.
«قباء» القباء: ممدود. وقال بعضهم: هو فارسي معرب. وقال صاحب «المطالع»: هو من قَبَوت، إذا ضمت، وهو ثوب ضيق من ثياب العجم.
«عند الضرورة» الضرورة، بفتح الضاد: المَشَقَّةُ.
«والمسك والكافور» إلى آخر الفصل.
المِسْك: بكسر الميم، معروف. قال الجوهري: المِسْك: من الطيب فارسي معرب، وكانت العرب تسميه المَشموم، وهو مذكر، وقد جاء تأنيثه في الشّعر، وتأولوه على إرادة الرائحة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 170
«والكافور» تقدم في كتاب الطهارة. و«العنبر» تقدم أيضاً.
قال الجوهري: «الورث» نبت أصفر، يكون باليمن، يتخذ منه الغمرة للوجه. يقال منه: وَرَس الرمث. وأوْرَسَ، إذا اصفر ورقه بعد الادراك.(1/121)
وقال غيره: هو شيء آخر يُشبه سَحْق الزعفران، ونباته مثلُ نبات الِّسمْسم، يُزرَع سنةً ويبقى عشرَ سنين. «والشِّيح»: بكسر الشين، معروف.
«والخزامى» نَبْت له زهيرة طيبة الرائحة لها نَوْر كزهر البَنَفْسج، الواحدة خُزَاماة. والخَزَمُ، بالتحريك: نبت يتخذ من لحائه الحبال، وبالمدينة سوق يقال له: سوق الخَزّامين.
والريحان: نَبْتٌ معروف، وقيّده أبو الخطاب وغيرهُ من أصحابنا بالفارسي، وكذلك في الأيمان. والريحان يُطلق على الرزق. وقوله تعالى: {والحبّ ذو العَصفِ والريْحان} .[الرحمن: 21]. فالعَصف: وَرَق الزرع. والريحان: الرزق.
«والنرجس» معروف، بفتح النون وكسرها والجيم مكسورة فيهما. ذكره ابن سيده في الثلاثي. وقال أبو منصور اللغوي: النرجس أعجمي معرب، وليس له نظير في الكلام، وليس في كلامهم نون بعدها راء.
«والبنفسج» قال أبو منصور اللغوي والبَنَفْسَجُ معرّب. وجدته مضبوطاً، بفتح الباء والنون والسين، في نسخة صحيحة، مقروءة على أبي اليُمن الكندي، حدث بها عن أبي المنصور المصنِّف رَضي الله عنهما.
«والبرم» بفتح الباء والراء، ثم العَضَاه، الواحدة بَرَمَة، ذكره الجوهري.
«ليشم الطيب» بفتح الشين، ويجوز ضمها، والميم مفتوحة معهما، نصباً.
«وحشياً» الوحشيُّ من دواب البر ما لا يستأنس غالباً، والجمع: الوحوش. وقال الجوهري: الوحوش، حيوان البرِّ، الواحد وحشيُّ يقال: حمارُ وحشٍ بالاضافة، وحمارٌ وحشيُّ.
«أن يعيره سكّينا» قال الجوهري: السكين: معروف، يذكر ويؤنث، والغالب عليه التذكير، ويقال لها: المُدْيَة أيضاً، ويقال لها: سكينة أيضاً.
«وان أمسك صيداً» تقدم إن أمسك، والأفصح في باب الغسل، وقد حكي مسك.(1/122)
«إزالة يده المشاهدة دون الحكمية» المشاهدة بفتح الهاء: اسم مفعول من شوهد، مثل أن يكون حَامَله، أو حَاملاً قفصاً هو فيه، أو ممسكاً بحبله، أو مربوطاً في خيمته، أو إلى راحلته، ونحو ذلك. والحكمية: أن يكون الصَّيد في مُلكه، ولا يكون معه، مثل كونه في بلده، أو مودعاً عند غيره، بحيث لا يُشاهده معه، ونحو ذلك والحُكمُ: مصدر حَكَم على الشيء، والياء المشددة، ياءُ النسب، والتاء للتأنيث، لأنها صفةٌ لليد، أي: اليد الحُكِمية.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 170
«: وان أرسله انسان» أرسله، أي: أطلقه. عن ابن القَطّاع وغيره.
«صائلاً عليه» الصَّائل: القاصُد الوثوب عليه. قال الجوهري: يقال: صال عليه: وثب. صَوْلاً وصَوْلَةً، والمصاولة: المواثبة، وكذلك الصِّيال والصِّيَالة.
«وفي إباحته في الحرم» المراد في آبار الحرم ونحوها.
«ويضمن الجراد» قال الجوهري: والجراد، معروف، والواحدة: جَرَداة، تقع على الذكر والأنثى، وليس الجراد يذكر للجرادة، وإنما هو اسم جنس، كالبقر والبقرة، ونحوهما، وهل هو من صيد البرّ أو من صيد البحر، على روايتين.
«ومن اضطر» هو بضم الطاء، مبني للمفعول.
«إلى التنعيم» قال صاحب «المطالع»: هو من الحل بين مكة وسرف، عن فرسخين من مكة، وقيل: على أربعة أميال. وسميت بذلك، لأن جبلاً عن يمينها، يقال له: نُعَيْم، وآخر عن شمالها، يقال له: ناعِمٌ والوادي نَعْمان بفتح النون.
«بدنة» قال كثير من أهل اللغة: البَدَنة: تُطلق على البعير، والبقرة. وقال الأزهري: تكون من الابل، والبقر، والغنم. وقال صاحب «المطالع» وغيره: البَدَنَة والبُدن، هذا الاسم يختص بالإبل، لعِظَم أجسامها. وللمفسرين في قوله تعالى: {والبُدْن جَعَلْناها لكم} [الحج: 63]. ثلاثة أقوال أحدها: أنها الابل، وهو قول الجمهور. والثاني: أنها الابل والبقر، قاله جابر، وعطاء، والثالث: أنها الابل والبقر والغنم.(1/123)
فالبَدَنَة، حيث أُطلقت في كتب الفقه، فالمراد بها البعير، ذكراً أو أُنثى، فان نَذَرَ بَدَنةً وأطْلَقَ، فهل تجزئه البقرة. على روايتين. ذكرهما ابن عقيل. ويشترط في البَدَنِة ـ في جزاء الصيد ونحوه ـ أن تكون قد دخلت في السنة السادسة، وأن تكون بصفة ما يُجْزىء في الأضْحية.
«المباشرة» قال الجوهري: مباشرة المرأة، ملامستها، وحكى الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في «زاد المسير» في قوله تعالى: {ولا تُباشِروهُنَّ وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 781]. قولين: أحدهما: أنها المجامعة وهو قول الأكثرين. والثاني: أنها ما دون الجماع من اللمس والقبلة، قاله ابن زيد.
«ولا تلبس القفازين والخلخال» قال الجوهري: القُفَّاز، بالضم والتشديد: شيء يعمل لليدين، يحشى بقطن، ويكون له أزرار تزر على الساعدين من البرد، تلبسه المرأة في يديها، وهما قفازان، وقال صاحب «المطالع»: هو غشاءُ الأصابع مع الكف، معروف، يكون من جلد وغيره، وقال ابن زيد: هو ضرب من الحُلِيِّ لليدين، وقال ابن الأنباري: لليدين والرجلين، وقال الجوهري: الخلخال: واحد خلاخيل النساء، والخَلْخَلُ لغة فيه، أو مقصور منه، وليس الخلخال وسائر الحلي مباحاً للمرأة في ظاهر المذهب، وإنما عطفه على القفازين، لأن لبسه مكروه في الاحرام، فبينهما اشتراك في رُجْحان التَّرْك.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 170
«ولا تكتحل بالاثمد» الاثمد، بكسر الهمزة والميم: حجر معروف يكتحل به.
«ويجوز لبس المعصفر» إلى آخره.
(المعصفر): المصبوغ بالعصفر، وهو صبغ معروف. قال الجوهري: عَصْفَرتُ الثوب فَتَعَصْفر. والكُحْلي: منسوب إلى الكحل، وهو لون فيه غبرة.
(والمِرآة) بكسر الميم، نص عليه الجوهري، وبعدها همزة مفتوحة بعدها مدة، قال الجوهري: وثلاث مَرَاءٍ، والكثير مرايا.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 170
باب الفدية(1/124)
قال الجوهري: فَداه، وفاداه: إذا أعطى فداءه، فأنقذه. وفداه بنفسه، وفدَّاه، إذا قال له: جُعلت فدَاك، والفِدْية، والفِداء والفَدا، كله بمعنى، إذا كسر أوله، يُمدُّ ويقصر، وإذا فتح أوله، قصر، وحكى صاحب «المطالع» عن يعقوب: فداءك ممدوداً مهموزاً، مثلث الفاء.
«صيام أيام منى» أيام منى: هي أيام التشريق، أضيفت إلى منى، لإقامة الحاج بها. قال الجوهري: ومنى، مقصور، موضع بمكة، وهو مذكر، وقد يصرف، وقال صاحب «المطالع»: سمي بذلك، لما يمنى فيه من الدماء، وقيل: لأن آدم تمنى فيه الجنة.
وقال ابن فارس: سمي بذلك، من قولك: مَنَى الله الشيء، إذا قدَّره، وقد قدر الله فيه أن جعله مَشْعَراً من المشاعر.
«المحصر» يذكر في باب الفوات والاحصار.
«ومن رفض احرامه» أي: تركه يقال، رَفَضه يرفُضُهُ ويرفِضُهُ، بضم الفاء، وكسرها رفضاً. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 177
باب جزاء الصيد
(جزاء) بالمد، والهمز، مصدر جزيته جزاءً بما صنع، ثم أوقع موقع المفعول، تقول: الكبش جزاءُ الضبع. قال أبو عثمان في «أفعاله»: جزى الشيء عنك، وأجزى: إذا قام مقامك، وقد يهمز.
(والصيد) يذكر في أول «كتاب الصيد».(1/125)
«قضت فيه الصحابة» الصحابة، في الأصل، مصدر، قال الجوهري: صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبَةً بالضم، وصحابة بالفتح، وجمع الصاحب: صَحْب، كراكب وَرَكْب، وصُحْبة بالضم، مثل فارهٍ وفُرْهةٍ، وصِحَابٍ، كجائع وجياعٍ وصُحْبان، مثل شابّ وشُبَّانٍ، والأصحاب: جمع صَحْب. والصَحَابة، بالفتح: الأصحاب، وجمع الأصحاب: أصاحيبُ. واختلف في الصَّحابي، من هو؟ فنقل الخطيب بإسناده، عن الامام أحمد رحمه الله تعالى، أنه قال: أصحاب رسول الله كل من صحبه سنة، أو شهراً، أو يوماً، أو ساعة، أو رآه، فهو من أصحابه. وهذا مذهب أهل الحديث، نقله عنهم البخاري وغيره. وحكي عن سعيد ابن المسيب أنه قال: لا يُعدُّ الصحابي صحابيّاً إلا من أقام مع رسول الله سنة أو سنتين، أو غزا معه غزوة، أو غزوتين وقيل غير ذلك، والصحيح الأول.
«فدية الأذى»، هي فدية حلق الرأس وشبهه.
«ففي النعامة» النعامة، بفتح النون، مخففة، قال الجوهري: النعامة، من الطير، تذكر وتؤنث، والنَّعام: اسم جنس كحمامة وحمام.(1/126)
«والايل والثيتل والوعل» الايل، بكسر الهمزة، وتشديد الياء مفتوحة: الذكر من الأوعال ذكره صاحب «ديوان الأدب» في باب «فِعَل» بكسر الفاء، وفتح العين، من المهموز المضاعف. وذكره الجوهري بضم الهمزة وكسرها في «أول» لا في أيل. وأما الثَّيْتل: فهو الوعل المسن، بفتح الثاء المثلثة، بعدها ياء مثناة، تحتية ساكنة، وثالثه تاء مثناة فوقية مفتوحة. ورأيته في «المحكم» في النسخة المنقولة من خط ابن خلصة المنقولة من أصل المصنف «تَيْثَل» بتقديم المثناة على المثلثة، وقال: هو الوعل عامة، وقيل: المسن منها، وقيل: ذكر الأروى، وجنس من بقر الوحش، ينزل الجبال، واسم جبل. وقال ابن شميل: الثياتل تكون صغار القرون. وقال أبو خيرة: الثيتل من الوعول، لا يبرح الجبل ولقرنيه شعب، حكاه الأزهري. فأما الوعل، وهو تيس الجبل، وجمعه وعول، ففيه ثلاث لغات: فتح أوله وكسر ثانيه، وإسكانه، والثالثة: ضم أوله، وكسر ثانيه، ولم يجيء على وزنه إلا رُئمْ لحلقة الدبر، ودُئل وهي الدُّويَّبة.
«وفي الضبع كبش» الضبع: بفتح الضاد وضم الباء، ويجوز إسكانها، وهي الأنثى ولا يقال: ضبْعة، والذكر ضبعان، بكسر الضاد وسكون الباء، وجمع الذكر: ضباعين كسراحين، وجمع الأنثى، ضباع.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 178
والكبش: فحل الضأن في أي سنٍ كان. وقيل: هو كبش إذا أثنى. وقيل: إذا أربع، والجمع: أكبش، وكباش، كله عن ابن سيده.
«وفي الغزال والثعلب عنز» الغزال من الظباء: الشادن، قبل الأثناء من حين يتحرك ويمشي، وقيل: هو بعد الطَّلا. وقيل: هو غزال من حين تلده أمه، إلى أن يبلغ أشد الاحضار وذلك حين يقْرُنُ قوائمه، فيضعها معاً، ويرفعها معاً، والجمع: غِزْلة وعِزْلان، والأنثى بالهاء، وقد أغزلت الظبية، أو ظبية مُغْزِل: ذات غزالٍ، نقل ذلك ابن سيده.(1/127)
والعَنز: الماعزة، وهي الأنثى من المعز، وكذا العنز من الظباء والأوعال، وإذا كان الغزال الصغير من الظباء، فالعنز الواجبة فيه صغيرة مثله، والثعلب: قال الجوهري: الثعلب معروف. وقال الكسائي: الأنثى منه ثعلبة والذكر ثعلبان، وقال الجوهري وغيره: العنز: الأنثى من المعز، والذكر تيس.
«وفي الضب والوبر جدي» الوبر بسكون الباء، حكى الأزهري عن ابن الأعرابي قال: الوبر: الذكر، والأنثى: وبرة، وهي في عظم الجرذ، إلا أنها أنبل وأكرم، وهي كحلاء ولها أطباء، وجمعها وبارٌ، وهي من جنس بنات عِرْس. وقال الجوهري: الوبرة بالتسكين: دويَّبة أصغر من السِّنور طحلاء اللون لا ذنب لها تَرْجُنُ في البيوت، وجمعها وَبْر ووِبَار.
وأما الضَّبُّ: بفتح الضاد، فهو حيوان صغير ذو ذئب، شبيب بالحرذون، بكسر الحاء، وقيل: الحرذون ذكر الضَّبِّ، حكاه الجوهري.
وأما الجدي: بفتح الجيم وسكون الدال، وهو من أولاد المعز، وهو ما بلغ ستة أشهر.
«وفي اليربوع جفرة» قال الجوهري: اليربوع واحد اليرابيع، والياء زائدة، وقال ابن سيده: اليربوع: دابة، والأنثى بالهاء. ولم يفسره واحد منهما بصفته، وقال أبو السعادات: اليربوع هذا الحيوان المعروف، وقيل: هو نوع من الفأر، والياء والواو فيه زائدتان. وأما الجفرة فقال أبو زيد: إذا بلغت أولاد المعز أربعة أشهر، وفصلت عن أُمهاتها فهي الجفار، والواحد جفر، والأنثى جفرة، وقال ابن الأعرابي: الجفر الحَمل الصغير، والجدي الصغير بعدما يفطم ابن ستة أشهر. آخر كلامه وسمي الجفر بذلك، لأنه جفر جنباه، أي: عظما.
«وفي الأرنب عناق، وفي الحمام وهو كل ما عب وهدر شاة، وقال الكسائي: كل مطوق حمام» الأرنب: حيوان معروف، شهرته تغني عن وصفه، وهو مصروف لأنه ليس بصفة، بل اسم جنس.(1/128)
وأما العَنَاق، فقال الجوهري: العَنَاق: الأنثى من ولد المعز، والجمع أعْنُق وعنوق. وقال صاحب «المطالع»: هي الجذعة من ولد المعز، التي قاربت الحمل. وقال الجوهري: العَبُّ: شرب الماء من غير مص، والحمام يشرب الماء عَبّاً، كما تَعُبُّ الدواب، وهدر، أي: صوَّت. وقال غيره: هدر: غرَّد ورجَّع صوته كأنه يسجع.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 178
«إلا الماخض» الماخض: الحامل التي دنا وقتها ذكره صاحب «المطالع» وغيره.
«وإن اندمل غير ممتنع» قال الجوهري: اندمل الجرح، أي: تماثل، وقال غيره: اندمل: إذا صلح، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 178
باب صيد الحرم ونباته
قال الجوهري: الحَرَمان: مكة والمدينة، والحَرَم قد يكون الحَرَام، ونظيره: زَمَنٌ وزَمَانٌ قال الحازمي: مكة حرام الله، والمدينة حرم رسول الله . وحدُّ حرم مكة، من طريق المدينة: ثلاثة أميال دون التنعيم، عند بيوت نِفَار، ومن طريق العراق، ثنية رجل بالمنقطع. على سبعة أميال، ومن طريق الجعرانة، في شعب آل عبدالله بن خالد على تسعة أميال، ومن طريق الطائف على عرفة من بطن نمرة سبعة أميال، ومن طريق جدة، منقطع الأعشاش على عشرة أميال، هكذا نقله أبو الخطاب، عن شيخه القاضي أبو يعلى.
«وحشيشه» قال الجوهري: الحشيش: ما يبس من الكلأ، ولا يقال له رطباً: حشيشٌ وكذا نقله غيره. والهشيم، كالحشيش، والخلا، بفتح الخاء المعجمة، مقصوراً: العشب الرَّطب، والكلأ يطلق على الجميع، ذكره الجوهري، الجميع مفرّقاً في أبوابه.
«والاذخر» الاذخر، بكسر الهمزة والخاء: نبت طيب الرائحة، الواحدة إذْخِرَةٌ.(1/129)
«ويحرم صيد المدينة» المدينة: علم على مدينة الرسول ، وهو علم بالغلبة لا بالوضع، ولا يجوز نزع الألف واللام منها إلا في نداء أو إضافة، وجمعها مُدْن ومُدُن ومدائن، بهمز ودونه. وسئل أبو علي الفسوي عن همزه، فقال: من جعلها فعيلة من قولهم: مَدَن بالمكان، إذا أقام، هَمَزهُ، ومن جعلها «مفعلة» من دين إذا ملك لم يهمزه، كما لم يهمز معايش، ولها أسماء منها: طَيْبَة، وطابة، ويثرب، وتقدم ذلك في «الاعتكاف».
«للرحل والعارضة والقائمة» قال الجوهري: الرَّحْل: رحل البعير، وهو أصغر من القتب «والعارضة»: ما يسقف به المحمل. قال ابن سيده. العارضة: المحمل، وعوارض البيت خشب سقفه المعروضة وعارضة الباب: مساك العِضَادَتين من فوق محاذية للاسكُفَّة. «والقائمة»: إحدى قائمتي الرحل اللتين في مقدمته ومؤخره، عن أبي السعادات.
«ومن حشيشها للعلف» العلف، بفتح اللام: ما يأكله البهائم، يقال: علف الدابة وأعلفها.(1/130)
«ما بين ثور إلى عير» أما عير، فهو جبل معروف بالمدينة مشهور، مع أنه قد أنكره بعضهم قال مصعب الزبيري: ليس بالمدينة عير ولا ثور، وأما ثور، فهو جبل بمكة معروف، فيه الغار الذي توارى فيه رسول الله من الكفار، ومعه أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ . وقد صح عن النبي أنه قال: «المدينة حَرَمٌ ما بين عَيْرٍ إلى ثور». قال القاضي عياض: أكثر الرواة في البخاري ذكروا عَيْراً، فأما ثور، فمنهم من كنى عنه بكذا، ومنهم من ترك مكانه بياضاً، لأنهم اعتقدوا ذكر ثور خطأ. وقال أبو عبيد: أصل الحديث: «من عَيْر إلى أُحد» وكذا قال الحازني وجماعته، وقيل: الرواية صحيحة والتقدير حرم من المدينة، قدر ما بين عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريماً مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف، ووصف المصدر المحذوف. وهذا كله لأنهم لا يعرفون بالمدينة ثوراً، وقد أخبرنا الامام العلامة ذو الفنون عفيف الدين، أبو طاهر عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري قال: صحبت طائفة من العرب من بني هاشم، وكنت إذا صحبت العرب أسألهم عما أراه من جبل أو وادٍ وغير ذلك، فمررنا بجبل خلف أحدٍ، فقلت: ما يقال لهذا الجبل؟ فقالوا: هذا جبل ثور، فقلت: ما تقولون؟ فقالوا: هذا ثور، معروف من زمن آبائنا وأجدادنا، فنزلت وصليت عنده ركعتين، والله أعلم. وقد جاء في الحديث: {اللهم إني أحرم ما بين جبليها} وفي بعض الروايات: {ما بين لابتيها} [فما بين لابتيها] بيان لحد حرمها من جهتي المشرق والمغرب، و«ما بين جبليها» بيان لحده من جهتي الجنوب والشمال. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 182
«اثني عشر ميلا حمى» تقدم قدر الميل في قصر الصلاة. وأما «الحمى»: فقال صاحب «المطالع»: الحمى: المكان الممنوع من الرعي، وحميت المكان وأحميته: إذا منعته من الرعي. حكاهما شيخنا أبو عبدالله بن مالك في «فَعَل وأفْعَلَ» والله أعلم.(1/131)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 182
باب ذكر دخول مكة
مكة: علم على جميع البلدة، وهي البلدة المعروفة المعظمة المحجوجة، غير مصروفة، للعلمية والتأنيث، وقد سماها الله تعالى في القرآن أربعة أسماء مكة، والبلدة، والقرية، وأم القرى. قال ابن سيده: سميت مكة لقلة مائها، وذلك أنهم كانوا يمتكون الماء فيها، أي: يستخرجونه، وقيل: لأنها كانت تمُكُّ من ظلم فيها، أي: تهلكه.
وأما بكة، بالباء، ففيها أربعة أقوال. أحدها: أنها اسم لبقعة البيت. والثاني: أنها ما حول البيت، ومكة ما وراء ذلك. والثالث: أنها اسم للمسجد والبيت، ومكة للحرم كله. والرابع: أن مكة هي بكة، قاله الضحاك. واحتج بأن الباء والميم يتعاقبان، يقال: سَمَدَ رأسه، وسَبَدهُ، وضربة لازم ولازب.
«من ثنية كَدَاء» الثَّنِيّةُ في الأصل: الطريق بين جبلين، وكداء، بفتح الكاف والدال، ممدود مهموز، مصروف، وغير مصروف، كله عن صاحب «المطالع»، قال الحازني: وهي ثنية في أعلا مكة. وكُدَيٌّ بضم الكاف وتشديد الياء، بأسفل مكة، عند ذي طُوِىً بقرب شعب الشافعيين، وأما كُدي، مصغراً، فاناخة لمن خرج من مكة إلى اليمن، وليس من هذين الطريقين في شيء. نقله عن ابن حزم وغيره، تقول: كُدي مصغراً، للثنية السفلى، وكدي بضم الكاف وتشديد الياء، ويدل عليه شعر عبدالله بن قيس الرقيات:
أقْفَرَتْ بَعْد عبد شمسٍ كعداء
فكُدَي فالركن فالبطحاءُ
فمنًى فالجمارُ من عَبْدِ شمسٍ
مُقفراتٌ فَبَلْدَحٌ فحِراء
وقيل: غير ذلك كله.
«اللهم أنت السلام ومنك السلام» قال الأزهري: السلام الأول: اسم الله تعالى، والثاني: معناه من أكرمته بالسلام فقد سلم.
«وحيينا ربنا بالسلام» أي: سلِّمنا بتحيتك إيانا من جميع الآفات.(1/132)
«زد هذا البيت تعظيماً وتشريفاً وتكريماً ومهابة وبراً» التعظيم: التبجيل. والتشريف: الرفع والاعلاء. والتكريم: التفضيل. والمهابة: التوقير والاجلال. البرُّ، بكسر الباء: اسمٌ جامع للخير، وأصله الطاعة.
«بيتك الحرام» سمي البيت حراماً، لأن حرمته انتشرت، فلا يصاد عنده ولا حوله، ولا يختلى ما عنده من الحشيش، قال العلماء: وأريد بتحريم البيت: سائر الحرم وتسمى الكعبة أيضاً: البيت العتيق، وفي تسميتها بذلك أربعة أقوال. أحدها: لأن الله تعالى أعتقها من الجبابرة. والثاني: بمعنى القديم، قاله الحسن. والثالث: لأنه لم يملك قط، قاله مجاهد: والرابع: لأنه أعتق من الغرق زمن الطوفان، قاله ابن السائب: ذكر ذلك الحافظ أبو الفرج.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 186
«وأصلح لي شأني كله» قال الجوهري: الشأن: الأمر والحال.
«بطواف العمرة» الطواف: من قولهم. طاف به، أي: ألمَّ، يقال: طاف يطوف طوافا وطوفانا. وتطوف، واستطاف، كله بمعنى. وفي الحج أربعة أطوفة: طواف القدوم، وهو سنَّةٌ، وطواف الزيارة، وهو الطواف الواجب، ويسمى ركن الحج، وطواف الصدر وطواف الوداع، وهو واجب.
«ويضطبع بردائه» تقدم ذلك كله، في ستر العورة.
«بالحجر الأسود» ثبت عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما، عن رسول الله : أنه «نزل من الجنة أشد بياضاً من اللبن» رواه الترمذي، وقال حسن صحيح.
«ثم لم يستلمه» أي: يمسه، ووزن استلم، «افتعل» من السلام: التحية. وأهل اليمن يسمون الحجر الأسود المحيا، كأن الناس يحيونه بالسلام. وقيل: هو افتعل من السلمة، وهي الحجر، وقيل: «افتعل» من المسألة كأنه فعل ما يفعل المسالم. وقيل: استلم «استفعل» من اللاَّمة، وهي السلاح، كأنه حصَّن نفسه بمسِّ الحجر. حكى معنى ذلك ابن الأنباري في كتاب «الزاهر» قلت: فعلى هذا القول، يكون وزنه في اللفظ «استفل» وفي الأصل «استفعل» لأن عينه همزة محذوفة.(1/133)
«إيماناً بك» إلى آخره، إيماناً: مفعول له، أي: أفعل ذلك إيماناً بك، أي: لأجل إيماني أنك حق، فعلت ذلك.
«ووفاء بعهدك» أصل الوفاء في اللغة: التَّمام، يقال: وفى بالعهد وأوفى ووفى، نص على ذلك غير واحد.
قال أبو النجم:
أمّا ابنُ طَوْقٍ فقد أوفى بذِمَّتِه
كما وَفَى بِقَلاص النَّجم حاديها
النجم: الثريا، وحاديها: الدَّبران، وقلاصها: نجومها.
وعن علي بن أبي طالب ـ رضى الله عنه ـ قال: لما أخذ الله عزّوجل الميثاق على الذرية، كتب كتاباً فألقمه الحجر، فهو يشد للمؤمن بالوفاء، وعلى الكافر بالجحود ذكره الحافظ أبو الفرج.
«فإذا أتى الركن اليماني» تقدم في «باب المواقيت».
«سبعاً» هو بفتح السين، ىي: سبع مرات، ويجوز ضمها ويجوز «سُبُوع» بالواو، ذكره صاحب «المطالع» بعبارة طويلة «وأسبوع» وجمعه أسابيع.
«يرمل في الثلاثة الأول» يقال: رَمَل يرمُل، بفتح الميم في الماضي وضمها في المضارع. قال الجوهري: الرَّمَل، بالتحريك: الهَرْولة، رَمَلْتُ بين الصَّفا والمَرْوَة رَملاً ورَمَلاناً.
«ويطوف سبعاً» بحذف التاء، يريد الطوفات. وقوله هنا «في الثلاثة» بالتاء، يريد الأشواط، فحقه أن يقول: يرمل في الثلاثة الأوائل، أو الأولى. أو الثلاث الأول، فحيث قال: الثلاثة الأول، حمل على الأشواط، والأول التي هي جمع «أولى» على الطَّوْفات.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 186
«ولا يثب وثباً ويمشي أربعاً» قال الجوهري: وَثَب وثْباً ووثوباً ووَثَبانا طَفَرَ. ويمشي أربعاً، أي: أربع طوفات.
«الله أكبر ولا إله إلا الله» تقدم في الصلاة.
«وبين الركنين» هما الركن اليماني، والحجر الأسود.(1/134)
«ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة» في حسنة الدنيا سبعة أقوال أحدها: أنها المرأة الصالحة، قاله علي. والثاني: أنها العبادة، وهو مروي عن الحسن. والثالث: أنها العلم والعبادة، عن الحسن أيضاً. والرابع: أنها المال، قاله أبو وائل وغيره. والخامس: العافية، قاله قتادة. والسادس: الرزق الواسع، قاله مقاتل. والسابع: النعمة. وفي حسنة الآخرة ثلاثة أقوال، أحدها: أنها الحور العين، قاله علي ـ رضى الله عنه ـ . والثاني: الجنة، قاله الحسن وغيره. والثالث: العفو والمعافاة.
«اللهم اجعله حجاً مبروراً» الخ قال صاحب «المطالع» وغيره: الحج المبرور: هو الخالص، الذي لا يخالطه مأثم، وقال الأزهري: المبرور: المتقبل. وأصله من البرِّ، وهو اسم جامع للخير، ومنه: بررت فلاناً، أي: وصلته. وكل عمل صالح بر. ويقال: بر الله حجه، وأبره.
«وسعياً مشكوراً» أي: اجعله عملاً متقبلاً يزكو لصاحبه ثوابه.
«ومساعي الرجل» أعماله الصالحة واحدتها مسعاة.
«وذنباً مغفوراً» التقدير: والله أعلم ـ اجعل حجي حجاً مبروراً، وسعيي سعياً مشكوراً، وذنبي ذنباً مغفوراً.
«منكساً» يجوز فتح الكاف، صفة لمصدر محذوف، أي: طاف طوافاً منكساً، ويجوز كسرها، ويكون حالا، ىي: طاف منكساً طوافه.
«جدار الحِجر» بكسر الحاء، وسكون الجيم، لا غير عن صاحب «المطالع» وغيره، وهو مكان معروف إلى جانب البيت، نحو سبعة أذرع.
«أو شاذروان الكعبة» هو بفتح الشين والذال المعجمتين، وسكون الراء، القدر الذي ترك خارجاً عن عرض الجدار، مرتفعاً عن وجه الأرض قدر ثلثي ذراع. قال الأزرقي: قدره ستة عشر أصبعاً، وعرضه ذراع. والذراع: أربع وعشرون أصبعاً، وهو جزء من الكعبة، نقضته قريش [من عرض جدار أساس الكعبة] وهو ظاهر في جوانب البيت، إلا عند الحجر الأسود، وهو في هذا الزمان قد صُفّح، فصار بحيث يعسر الدوس عليه، فجزى الله فاعله خيراً.(1/135)
«أو عرياناً» عرياناً، مصروف، لأن مؤنثه عريانة. قال الجوهري: وما كان على فعلان، فمؤنثه فعلانة.
«خلف المقام» المقام، مقام إبراهيم، خليل الرحمن ـ عليه السلام ـ ، وهو الحجر المعروف ثم، قاله سعيد بن جبير. وفي سبب وقوف الخليل عليه قولان، أحدهما: أنه وقف عليه حتى غسلت زوجة ابنه رأسه، في قصة طويلة. وهذا يروى عن ابن مسعود، وابن عباس ـ رضى الله عنه ـ م. والقول الثاني: أنه قام عليه لبناء البيت، وكان اسماعيل يناوله الحجارة، قاله سعيد بن جبير، ويحتمل أنه وقف عليه لغسل رأسه، ثم وقف عليه لبناء الكعبة، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 186
«يقرأ فيهما قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» تقدم ذكرهما في صلاة التطوع.
«ثم يعود إلى الركن» المراد بالركن: الحجر الأسود، نص عليه المصنف رحمه الله في «المغني» وغيره من أصحابنا.
«يبدأ بالصفا» الصَّفا: مقصور، وهو في الأصل: الحجارة الصَّلبة، واحدتها: صفاةٌ كحَصَاةٍ وحصىً، وهو هنا اسم المكان المعروف عند باب المسجد الحرام.
«فيرقى عليه» أي: يصعد، يقال: رقي يرقى، بكسر القاف في الماضي، وفتحها في المضارع، وحكى ابن القطاع: فتح القاف وكسرها مع الهمز.
«وهزم الأحزاب وحده» قال الجوهري: الأحزاب: الطوائف التي تجتمع على محاربة الأنبياء، والاشارة بالأحزاب هنا، إلى الذين تحزَّبوا على رسول الله أيام الخندق، وهم قريش، وغطفان، ويهود قريظة، والنضير، وغيرهم.
«حتى يأتي العلَم فيسعى سعياً شديداً إلى العلَم» العلَم في اللغة: العلامة، والجبل، وعلم الثوب، والعلم: الراية. والعلَمان هنا: المراد بهما الميلان الأخضران اللذان بفِناء المسجد الحرام، ودار العباس. وفِناء المسجد: ركنه.(1/136)
«حتى يأتي المروة» قال الجوهري: المروة: الحجارة البيض البرّاقة، تقدح منها النار، وبها سميت المروة بمكة، وهي المكان الذي في طرف المسعى، وقال أبو عبيد البكري: المروة: جبل بمكة معروف، والصَّفا: جبل آخر بازائه وبينهما قُديد، ينحرف عنهما شيئاً. والمُشلَّل، هو الجبل الذي ينحدر منه إلى قُديد، وعلى المُشلل كانت مَنَاة.
«بذلك الشوط» قال ابن عباد وغيره: الشوط: جريُ مرة إلى الغاية، قال ابن قرقول: وهو في الحج طوفة واحدة، من الحجر الأسود إليه. ومن الصَّفا إلى المروة.
«متوالياً» أي: غير متفرق، وقد تقدم في ذكر الموالاة في الطهارة.
«ومن كان معتمراً، قطع التلبية إذا وصل البيت» المراد ـ والله أعلم ـ قطع التلبية إذا استلم الحجر، نص عليه الامام أحمد ـ رضى الله عنه ـ ، ذكره المصنف رحمه الله في «المغني» لكنه في «المقنع» تبع الخرقي في هذه العبارة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 186
باب صفة الحج
«الذي حل وغيره من المحلّين» يقال: حلَّ من إحرامه، فهو حالّ، وأحلَّ فهو مُحِلّ، فاستعمل الشيخ رحمه الله اللغتين.
«يوم التروية» سمي بذلك، لأن الناس كانوا يرتوون فيه الماء لما بعد. وقيل: لأن إبراهيم ـ عليه السلام ـ أصبح يتروّى في أمر الرؤيا. قاله الأزهري.
«إلى منى» مِنَىً بكسر الميم، وفتح النون، مخففة، بوزن ربا. قال أبو عبيد البكري: تُذكر وتؤنث، فمن أنّث لم يجره، أي: لم يصرفه. وقال الفراء: الأغلب عليه التذكير.
وقال العرجي في تأنيثه:
ليَومنا بمنىً إذْ نحن ننزِلُها
أشدُّ من يَوْمنا بالعَرْج أو مِلْك
وقال أبو دهْبل في تذكيره:
سقى منىً ثم روّاه وساكنه
وما ثَوَى فيه واهي الوَدْق مُنْبعق
وقال الحازمي في «أسماء الأماكن»: مِنّى، بكسر الميم، وتشديد النون: الصُّقْع قرب مكة، ولم أر هذا لغيره، والصواب الأول.(1/137)
«فأقام بنمِرَة» نَمره، بفتح النون، وكسر الميم، بعدها راء: موضع بعرفة. قال الأزرقي: هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم، عن يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة.
«والدفع منه» قال صاحب «المطالع» الرفع في السَّيْر، يعني بالراء: التعجيل والدَّفْع فيه: الانبِعَاثُ بمرَّة.
«بمزدلفة» قال البكري في «معجمه»، عن عبد الملك بن حبيب: جمع هي المزدلفة، وجُمعٌ وقُزَج، والمَشْعر الحرام، وسميت جميعاً، للجمع بين المغرب والعشاء بها، قاله البكري. وقيل: لاجتماع الناس بها وهو أنسب للاجتماع بها قبل الاسلام.
«ثم يروح إلى الموقف» أي: يذهب، وأكثر ما يستعمل الرواح بعد الزوال، والغدوّ قبل الزوال. قال الله تعالى: {غُدُوَّها شهر ورَوَاحها شهر} [سبأ: 21]. وحكى الأزهري وغيره: أن الروَّاح يستعمل بمعنى السير أيّ وقت كان.
«إلا بطْن عرفة» بضم العين، وفتح الراء والنون، قد حددها المصنف رحمه الله تعالى. وقال البكري: بطن عُرَنَة: الوادي الذي يقال له: مسجد عرنة. وهي مسايل يسيل فيها الماء إذا كان المطر، فيقال لها: الجبال، وهي: ثلاثة جبال، أقصاها مما يلي الموقف.
«عند الصخرات» الصخرات، بفتح الصاد والخاء المعجمة، جمع صخرة، بسكون الخاء، وفتحها، وهي: الحجارة العِظام.
«وجبل الرحمة» هو جبل صغير معروف هناك.
«وإن وافاها» أي: أتاها. عن الجوهري وغيره.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 194
«وعليه السكينة» السَّكينة «فعيلة» من السكون، الذي هو الوقار. وفسر الجوهري «الوقار» بالحِلْم والرَّزانة.
«فإذا وجد فجوة» الفجوة: بفتح الفاء، وسكون الجيم: الفُرْجة بين الشيئين.(1/138)
«ما بين المأزمين ووادي محسّر» المأزمان: تثنية مأزم، بفتح أوله وإسكان ثانيه، وكسر الزاي، كذا قيده البكري، وقال: هما معروفان، بين عرفة والمزدلفة. وكل طريق بين جبلين فهو مأزم، وموضع الحرب أيضاً: مأزِمٌ. قال الجوهري: ومنه سمي الموضع الذي بين المشعر [الحرام] وعرفة: مأزمين.
ومُحَسِّر: بضم الميم، وفتح الحاء، بعدها سين مهملة مشددة مكسورة، بعدها راء، كذا قيده البكري: وهو وادٍ بين مُزْدَلِفَة ومِتىً، وقيل: سمي بذلك، لأن فيل أصحاب الفيل حَسَّر فيه، أي: أعيا. وقال البكري: هو وادٍ بجمع. وقال الجوهري: هو موضع بِمَنىً.
«ثم يأتي المشعر الحرام» المشعر الحرام، بفتح الميم، قال الجوهري: وكسر الميم لغة، وهو موضع معروف بمزدلفة، ويقال له: قزح. وقد تقدم أن المشعر الحرام وقزح، من أسماء المزدلفة، فتكون مزدلفة كلها سميت بالمشعر الحرام، وقزح، تسمية للكل باسم البعض، كما سمي المكان كله: بدراً، باسم ماء به، ويقال له: بدر.
«كما وقفتنا فيه» الأفصح، وقفت الدابة والرجل، بمعنى: وقفتهما. وكذا وقفت الوقف، وحكى شيخنا رحمه الله تعالى: أوقفت في الجميع.
«وأريتنا إياه» يجوز: أريتنا إياه، وأريتناه، وهو الأفصح. قال الله تعالى: {فَسَيكْفيكَهم الله} [البقرة: 731]. وقال تعالى: {أَنُلزِمُكُمُوها} [هود: 82]. وهي مسألة مقدرة في كتب النحو المطولة.
«كما وعدتنا» الأكثر استعمال وعد في الخير، وأوعد في الشَّر.
قال الشاعر:
وإني وإن أوعدتُه أو وَعَدتُه
لَمُخْلف إيعادِي ومُنْجزُ مَوْعدي
وحكى قطرب في: «فَعَلْتَ وأفْعَلْتَ» وَعَد وأوعد، في الخير والشر، فالذي جاء في الدعاء جاء على أفصح اللغتين.
«فإذا أفضتم من عرفات» أي: دفعتم. قاله ابن قتيبة.(1/139)
«إلى غفور رحيم» برفعهما على الحكاية، حكاية قوله تعالى: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} [البقرة: 891] والجار والمجرور في قوله {إلى غفور رحيم} متعلق بمحذوف تقديره: يقرأ إلى {غفور رحيم} و«إلى» داخل على قول مقدر، محكي بعده المرفوع، تقديره: يقرأ إلى قوله: {غفور رحيم} .
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 194
«إلى أن يسفر» يقال: سَفَر الصبحُ بمعنى: أسْفَر، لغة نقلها شيخنا رحمه الله تعالى، أي: أضاء، والضمير في «يُسْفر»، للصبح. لأنه قد تقدم، ويجوز أن يكون للداعي.
«ويأخذ حصا الجمار» الجمار: واحدتها جمرة، وهي في الأصل: الحَصَاة، ثم يسمى الموضع الذي ترى فيه الحَصَيات السَّبع: جمرة، وتسمى الحصيات السبع: جمرة أيضاً، تسمية للكل باسم البعض. والجمار: ثلاث، ترمى يوم النحر: جمرة العقبة بسبع حصيات، وفي أيام التشْريق يرمي كل يوم ثلاثاً، باحدى وعشرين حصاة، فلذلك كان عدده سبعين حصاة.
«أكبر من الحمص» الحِمِّص، الحب المعروف. قال ثعلب: الاختيار فتح الميم، وقال المبرد: بكسرها، ولم يأت عليه من الأسماء إلا حِلَّز وهو القصير، وجلِّق، وهو اسم لدمشق، وقيل: موضع بقربها، وقيل: إنه صورة امرأة كان الماء يخرج من فيها في قرية [من قرى دمشق] وهو أعجمي معرّب.
«ودون البندق» البُنْدق بضم الباء والدال، بينهما نون ساكنة، قال ابن عباد في كتابه: البندقة التي يرمى بها، والجمع: بنادق، عن الجوهري وابن عباد.
«إلى العقبة» والعقبة: واحدة العقبات، وقد صارت عَلَماً على العقبة التي ترمى عندها الجمرة، وتعريفها بالعلمية بالغلبة، لا باللام، كالصَّعَق، والدَّبران، ونحوهما.
«واحدةً بعد واحدةٍ» بالنصب، باضمار فعل، أي: ترمى واحدةً بعد واحدةٍ، أو على الحال، كأنه قال: بسبع حصيات متفرقة متتابعة، فتكون حالاً من سبع حصيات.
«بياض إبطه» إبطه: بكسر الهمزة: ما تحت الجناح، يذكر ويؤنث، وجمعه آباط.(1/140)
«قدر الأنملة» الأنملة: واحدة أنامل الأصابع، وقد تقدم ذكرها في باب السواك.
«والحلاق» الحِلاق بكسر الحاء: مصدر حَلَق حَلْقاً، وحِلاقاً. والحِلاق أيضاً: جمع حَلْقَة، كَجفْنة وجِفان، والحُلاق، بالضم: داءٌ في الحَلْق. وحَلاَقِ، بوزن قَطَام: اسم للمنيّة.
و«التقصير» مصدر قَصْر تقصيراً.
«أيام مِنًى» هي: أيام التشريق، أُضيفت إلى مِنًى لإقامة الحاج بها، لرمي الجمار.
«إطلاق من محظور» الاطلاق: مصدر أطلقت المحبوس ونحوه: إذا خليت سبيله. والمحظور في اللغة: الممنوع، وفي الشرع: الحرام. وهو ما تركه راجح على فعله، مع المنع من فعله مطلقاً. فالمُحْرِم قبل الحلق أو التقصير، كان ممنوعاً من المحظورات، فبأحدهما بعد الرمي، أُطلق من هذا المحظور.
«يعلمهم فيها النحر والافاضة» النحر: مصدر «نحر» وقد فسره المصنف رحمه الله في «باب الهدي» بقوله: فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العُنق والصدر.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 194
و«الذبح»: قطع الحُلقوم والمريئي، والوَدَجَيْن، على رواية.
و«الافاضة»: مصدر أفاض. قاله ابن القطاع. أفاض الحاجّ: أسرعوا في دَفْعهم من عَرفَة إلى المُزْدَلِفة، وأيضاً: رجعوا من مِنًى إلى مكة يوم النحر.
«يطوف للزيارة» قال الجوهري: زُرْته أزورُه زَوْراً وزِيارة وزُوَارةً أيضاً، حكاه الكسائي. أي: قصده. ولهذا الطواف عند الفقهاء أربعة أسماء: طواف الزِّيارة، وطواف الافاضة، والطواف الواجب، وطواف الصَّدَر. أضيفت إلى الزيارة، لأنه يفعل عندها، وأضيفت إلى الافاضة، لأنه يُفعل بعدها، وأُضيفت إلى الصَّدَر، لأنه يُفعل بعده أيضاً. والصَّدر: بفتح الصاد والدال: رجوع المسافر من مَقْصِدِه.(1/141)
«يأتي زمزم» زمزم بالزاي المكررة، غير مصروفة، للتأنيث والعلمية: البئر المشهورة المباركة بمكة. قيل: سميت بذلك، لكثرة مائها، ويقال: ماءُ زمازم وزمزم وقيل: اسم لها علم. وقيل: بل من ضَمّ «هاجر» لها حين انفجرت، وزمِّها إياها. وقيل: بل من زمزمة جبريل، ـ عليه السلام ـ ، وكلامه عليها. وتسمى بَرَّة، والمَضْنُونَة، وتكْتُم، بوزن: تكتب. وهزمة جبريل، وشفاء سُقْم، وطعام طُعْم، وشراب الأبرار، وطَيْبة، ذكرها صاحب «المطالع». وقولهم: بئر زمزم: من إضافة المسمى إلى الاسم، كقولهم: سعيد كرز، أي: صاحب هذا اللقب.
«لما أحب» أي: أحب أن يعطيه الله عزّوجل من خيري الدنيا والآخرة، معتمداً في ذلك على حديث جابر ـ رضى الله عنه ـ ، أن رسول الله قال: «ماءُ زمزم لِمَا شُرِب له» رواه الامام أحمد وابن ماجة.
«ويتضلع منه» أي: يملأ أضلاعه من الماء. قال الجوهري: تضلع الرجل، أي: امتلأ شِبعَاً وريَّا.
«ورياً وشعاً» يقال: رويت من الماء، أروى رِيّاً، ورَيّاً، بكسر الراء وفتحها، ورِوىً كرضىً. وهو ضدُّ الظمأ. والشِبَع: نقيض الجوع، وهو بكسر الشين وفتح الباء وسكونها مصدر شبع، وأما الذي يشبع فبسكون الباء لا غير.
«من كل داء» الداء: المرض. يقال: داءَ الرجل، يداءُ، داءً: إذا أصابه المرض، فهو داءٌ. وأدأت فأنت مديء، وأداءَ أيضاً فهو مديء، وأدأته أنا، أي: أصبته بداء، يتعدى ولا يتعدى.
«واملأه من خشيتك» الخشية: مصدر خشي، وله ستة مصادر، نظمها شيخنا الامام أبو عبدالله محمد بن مالك في بيت فقال:
خَشِيتُ خَشْياً ومَخْشاة وَمَخْشِيَةً
وخِشْيَةً وخَشَاةً ثم خَشَيانا(1/142)
والخشية: الخوف. قال ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما في قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماءُ} [فاطر: 82]. أي: إنما يخافني مِنْ خَلْقي مَن علم جبروتي وسلطاني. ففسر «يخشى» بـ: يخاف. وقال أبو علي الدقاق: الخوف على مراتب: الخوف، والخشية، والهَيْبة. فالخوف من شرط الايمان، والخشية من شرط العلم. والهيبة من شرط المعرفة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 194
«وتلي مسجد الخَيْف» قال أهل اللغة: الخيف: ما انحدر من غِلَظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء، وبه سمي مَسْجد الخَيف، وقال الأزرقي: هو مسجد بمنى عظيم واسع، فيه عشرون باباً.
«جمرة العقبة» العقبة: عَلَم بالغلبة على التي ترمى عندها الجمرة، كالصَّعَق والدَّبران، ونحوهما.
«سقاية الحاج» السِّقاية: بكسر السين، مصدر، كالحماية، والرِّعاية، مضافاً إلى المفعول.
وأهل سقاية الحاج: هم القائمون بها، وكان العباس بن عبد المطلب ـ رضى الله عنه ـ ، يلي ذلك في الجاهلية، والاسلام، فمن قام بذلك بعده إلى الآن، فالرخصة له.
«والرّعاية» بكسر الراء ممدوداً جمع راعٍ، كجائع وجياع، ويجمع على رعاة، كقاضٍ وقضاة، وعلى رُعيان، كشاب وشُبّان.
«مبيت بمنى» مبيت: هو بفتح الميم، مصدر: بات، يَبيتُ، ويبات، بيتوتةٌ ومَبيتا، قال ابن الأثير: كلّ من أدركه الليل، فقد بات، نام أو لم ينم، وقال ابن القطاع وأبو عثمان: بات يَفْعل كذا: إذا فعله ليلاً، لا يقال: بات بمعنى: نام، وقال صاحب «المحيط»: ويستعمل في النهار أيضاً.
«في الملتزم» الملتزم: اسم مفعول، من التزم، قال ابن قرقول: ويقال له: المدعى، والمتعوذ، سمي بذلك: بالتزامه للدعاء، والتعوذ، وهو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود والباب. قال الأزرقي: ذَرْعه أربعة أذرع.
«اللهم هذا بيتك» إلى آخر الدعاء «اللهم» تقدم في التشهد، وكذلك «عبدك وأمتك» تقدم ذكر الأمة في «ستر العورة».(1/143)
و«سخّرت لي»، أي: ذلّلت لي في خَلْقك، أي: من مخلوقك. و«بنعمتك»، أي: بانعامك عليّ. والنعمة: اليَدُ والصَّنيعة، والمِنَّة، واتساع المال. و«أداءِ نسكي» ممدوداً، اسم للتأدية.
«وإلا فَمُنَّ الآن» الوجه فيه ضم الميم، وتشديد النون، وبه قرأته على مَنْ قرأه على مصنفه، على أنه صيغة أمر من: مَنَّ يمُن، مقصود بها الدعاء والتعوذ. ويجوز كسر الميم، وفتح النون، على أنها حرف جر لابتداء الغاية، و«الآن»: الوقت الحاضر، وهو مبني على الفتح، لعلة ليس هذا موضع ذكرها. و«الأوان»: الوقت، وجمعه آونة، كزمان وأزمنة.
«وتنأى» مضارع نأت، أي: نبعد.
«فأصحبني» أي: بقطع الهمزة.
«والععصْمة»: منع الله تعالى عبده من المعاصي.
«ومنقلبي»، أي: منصرفي.
«وقبر صاحبيه» كذا بخط المصنف رحمه الله تعالى بالافراد، ويجوز «قبري صاحبيه» ويجوز أيضاً: قبور صاحبيه، كقوله تعالى: {فقد صَغَتْ قُلوبكما} [التحريم: 4]. وقد تقدم مثل هذا.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 194
«من التنعيم» قال صاحب «المطالع»: التنعيم: من الحِلّ: بين مكة وسَرِف، على فرسحين من مكة. وقيل: على أربعة أميال، وسميت بذلك، لأن جبلاً عن يمينها، يقال له: نُعَيْمَ، وجبلاً على شمالها يقال له: ناعِم، والوادي اسمه نعمان، بفتح النون.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 194
باب الفوات والاحصار(1/144)
الفوات: مصدر فات فَوْتاً وفَوَاتاً: إذا سبق فلم يُدرك، وهو هنا كذلك. والاحصار: مصدر أحصره: إذا حبسه، مرضاً كان الحاصر أو عدواً، وحصره أيضاً، حكاهما غير واحد. وقال ثعلب في «الفصيح» وحصرت الرجل: إذا حبسته، وأحْصَرَه المرض: إذا منعه السَّيرَ. والصحيح أنهما لغتان. وقوله تعالى: {فإن أحْصِرْتُم} [البقرة: 691]. ظاهر في حصر العدو لوجهين، أحدهما: أن الآية نزلت في قصة الحُدَيْبيَة وكان حصر العدو. والثاني: أنه قال بعد ذلك: {فإن أمِنْتم} . والأمن من الخوف.
«ومن أحصر بمرض» وقوله: «لمن حَصَره العدوّ» على ما قرر من اللغتين والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 204
باب الهدي والاضاحي
الهدي: ما تهدى إلى الحرم من النَّعَم وغيرها. قال الأزهري: أصله التشديد، من هديت الهدي أهديه، وكلام العرب: أهديتُ الهَدْي إهداءً، وهما لغتان، نقلهما القاضي عياض، وغيره. وكذا يقال: هَدَيْت الهديَّة، وأهديتُها، وهديتُ العروسع وأهديتُها، وهداه الله من الضَّلال لا غير.
والأضاحيُّ: مشدد الياء: جمع في واحدته أربع لغات: أُضْحِيّه، وإضْحِيّة، بضم الهمزة، وكسرها، وتشديد الياء فيهما. وضَحِيّة، بوزن سريّة، والجمع: ضَحَايا، وأضحاة، والجمع: أضحى، كأرطاة وأرطى. نقله الجوهري عن الأزهري. ونقل عن الفراء أنه قال: الأضحى: يذكر ويؤنث، تقول: دنا الأضحى، ودنت الأضحى.
«التي لا تنقي» تُنْقِي: بضم التاء، وكسر القاف، من أنْقَت الابلُ: إذا سَمِنَتْ وصار فيها نِقْيٌ: وهو مخ: العظم، وشحم العين من السمن.
«البين ظلعها» بفتح اللام وسكونها. أي: غمزها.
«وتجزىء الجماء والبتراء والخصي».
«الجماء»: بالفتح، والمد، والتشديد: التي لا قرن لها.
و«البتراء»:بوزن حمراء، المقطوعة الذنب.
و«الخِصيّ»: المسلول البيضتين، فعيل بمعنى مفعول، وفي معناه: مَنْ ذهبت خصيتاه، بقطع أو نحوه.
«معقولة» أي: مشدودة وظيفُه مع ذراعه بالعقال.(1/145)
«فيطعنها» يطعن: بضم العين وفتحها، بالقول، وبالحربة، لكن الأكثر «يطعَنُ» بفتح العين في القول، وبضمها في الحربة ونحوها، ونونها مفتوحة بالعطف على الاسم الصريح.
«في الوهدة» الوهدة: بسكون الهاء، المكان المطمئن، والجمع: وهد، ووهاد. عن الجوهري.
«والعُنُق» بضم العين والنون، وسكونها: الرَّقبة، تذكر وتؤنث، والجمع أعناق.
«ويذبح» الوجه نصب «يذبح» ويجوز رفعه على الاستئناف.
«منك ولك» أي: من فضلك ونعمتك عليَّ، لا من حولي وقوتي، ولك التقرُّب به، لا إلى شيء سواك، ولا رياء، ولا سمعة.
«ووقت الذبح يوم العيد» برفع يوم، خبر المبتدأ، ويجوز نصبه على الظرف.
«أو قدرها» بالجر، عطفاً على الصلاة.
«أو تقليده أو إشعاره مع النية» التقليد: مصدر قَلَّد، قال الجوهري: وتقليد البَدَنَة: أن يُعلَّق في عنقها شيء، ليعلم أنها هَدْي. وقد ذكر المصنف رحمه الله بعد هذا أنه: «يقلَّد الغنمُ النعل، وآذان القِرَب، والعُرى» ولا يختص التقليد بالابل والغنم، بل يُسنّ تقليد البقر أيضاً.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 204
والاشعار: في أصل اللغة: الاعلام، يقال: أشعرته بكذا فشعر، أي: أعلمته فعلم. وهو في الشرع: إعلام مخصوص، وقد فسره المصنف رحمه الله بعد هذا بقليل. ولا يختص الاشعار بالابل، بل تشعر البقر أيضاً.
«يبدلها» بضم الياء لا غير.
«ما لم يضر بها» يُضرّ: بضم الياء، وكسر الضاد، ويجوز فتح الياء وضم الضاد. حكاهما ابن سيده، وغيره، وحكى ابن القطاع: ضَرَّه وأضرَّه.
«ما فضل عن ولدها» فضل: بفتح الضاد، ويجوز كسرها.
«ووبرها» هو بفتح الباء، واحدته وَبَرَةٌ. وقد وبر البعير، بكسر الباء فهو وَبِرٌ، وأوْبَر: إذا كثر وبره.
«وجلها» بضم الجيم: ما تجلل به الدابة، وجمعه: جِلال، وجمع جِلال: أجلَّه.(1/146)
«من مثلها أو قيمتها» الوجه أن يقال: من مثلها وقيمتها، بإسقاط الألف، فحيث جاء بالألف، كانت «أو» بمعنى: الواو، وقد جاءت ـ والمراد بها الواو ـ كثيراً، ولها شواهد موضعها كتب النحو.
«وصبغ نعله» النَّعْل تذكر، وتؤنث.
«صفحته» صفحة كل شيء: جانبه، والمراد هنا: صفحة سنامها، كما ذكر.
«من أهل رفقته» رفقته: جماعته الذين يرافقهم في السفر: بضم الراء وكسرها، عن الجوهري.
«فيشق صفحة سنامها» السُّنَّة شق الصفحة اليمنى، وعنه اليسرى، وعنه يخير بين اليمنى واليسرى، والصحيح: الأول.
«ويهدي ثلثها» بضم الياء، ويجوز فتحها، لغتان، نقلهما الزجاج في «فَعَل وأَفْعَل».
«والعقيقة» العقيقة في الأصل: صول الجذَع، وشعر كل مولود من الناس، والبهائم الذي يولد عليه. قال الجوهري. وقال غيره: العقيقة: الذبيحة الذي تذبح عن المولود يوم سابعه. وأصل العَقِّ: الشقّ، فقيل: سميت هذه الشاة عقيقة، لأنها يشقّ حلقها. وقيل: سميت عقيقة: باسم الشعر الذي على رأس الغلام، وهو أنسب من الأول.
«مؤكدة» مؤكدة: بالهمز، ودونه. يقال: أكدت الشيء ووكدته، فهو موكد، ومؤكد. وحكى ابن القطاع: أكدته، وآكدته، ووكدته، وأوكدته، فيكون ست لغات.
«بوزنه ورقاً» قال الجوهري: الورِق: الدراهم المضروبة، وفيه أربع لغات: ورِقٌ، كوتِد. ووَرْقَ: كفَلْس، ووِرْق: كعِلْم، وَرِقة كعِدَة. وقيل: يطلق على المسكوك وغير المسكوك. وقيل: الورِق المسكوك. والرّقة: الفضة كيفما كانت، الأخيران عن صاحب «المطالع».
«ولا تسن الفرعة» الفرعة بفتح الفاء والراء، والفرَع: أول ما تلد الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم. وقيل: كان الرجل في الجاهلية إذا تمت إبله مئة، قدم بكراً فذبحه لصنمه وهو الفرع «والفَرَعَةُ» مرفوع، لقيامه مقام الفاعل، على حذف المضاف، تقديره: ولا يُسنُّ ذبحُ الفَرَعَة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 204(1/147)
«ولا العتيرة» قال أبو السعادات: كان الرجل يَنذِرُ النَّذْرَ، يقول: إذا كان كذا وكذا، أو بلغ شأوه كذا، فعليه أن يذبح من كلِّ عشرة منها في رجب، والذي فسره به المصنف رحمه الله تعالى أكثر، وهو: أنها كانت تذبح من غَير نذرْ. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 204
كتاب الجهاد
الجهاد: مصدر جاهد جهاداً ومجاهدة، وجاهد: فاعل، من جَهَدَ: إذا بالغ في قتل عدوّه، وغيره. ويقال: جَهَدَه المرضُ، وأجهده: إذا بلغ به المشقّة، وجَهَدْتُ الفرس وأجهدتهُ: إذا استخرجت جَهْدَه. نقلها أبو عثمان. والجَهْد، بالفتح: المشقَّةُ، وبالضم: الطاقة. وقيل: يقال: بالضم وبالفتح في كل واحد منهما. فمادة «ج هـ د» حيث وجدت، ففيه معنى المبالغة، وهو في الشرع: عبارة عن قتال الكفار خاصة.
«الواجد لزاده» الزاد: الطعام يتخذ للسفر، وألفه منقلبة عن واو، والمِزوَد: بكسر الميم ما يجعل فيه الزاد.
«وأقل ما يفعل مرة» أقلُّ: مرفوع بالابتداء. ومرةٌ: بالرفع خبره، ونصب «مرةً» بعيد جداً.
«وحصر» هو بالصاد المهملة، وقد تقدم معناه في الفوات والاحصار.
«وغزو البحر» الغزو: قصد العدو في دارهم. عن ابن القطاع: غزا يغزو غَزْواً، والاسم: الغزاة، فهو غازٍ، والجمع: غُزاة وغُزَّيّ بضم الغين، وفتحها مع تشديد الياء.
والبحر بسكون الحاء، ويجوز فتحها عند الكوفيين.
«مع كل بر وفاجر» قال صاحب «المطالع»: يقال: رجل بارُّ وبَرُّ، إذا كان ذا نَفْعٍ وخَيْر ومعروف. ومن أسمائه تعالى: يقال: البَرّ. وأما الفاجر: فالرجل المُنْبعِثُ بالمعاصي والمحارم.
«وتمام الرباط» الرِّباط: مصدر رابط رِباطاً ومُرابطة: إذا لزم الثَّغر مخيفاً للعدو. وأصله من: ربط الخيل، لأن كلا من الفريقين يربطون خيلهم، مستعدين لعدوهم.
«لزوم الثغر» الثَّغْر: موضع المخافة من حصن وغيره. وقال أبو السعادات: هو موضع المخافة من أطراف البلاد.(1/148)
«وتجب الهجرة» تقدم ذكر الهجرة في «الامامة».
«من ضعفهم» الضِّعْف: بكسر الضاد، أي: من مثليهم. وسيذكر إن شاء الله تعالى في «الوصايا».
«إلا متحرفين لقتال، أو متحييزين إلى فئة» التَّحرف: أن ينصرفوا من ضيق إلى سَعَةٍ، أو من سُفْل إلى عُلْوٍ، أو من مكان منكشف إلى مستتر، ونحو ذلك.
والتحيُّز: أن ينضموا إلى جماعة يقاتلون معهم.
«إلا إن يغلب على ظنهم الغافر» أي: فيستحب لهم الثبات. نص على ذلك في «الكافي» وإلا فظاهر كلامه هنا أنه يجب.
«من المقام» هو بضم الميم: الاقامة، وبفتحها: القيام. تقول: أقام مقاماً، وقام مقاماً.
«تبييت الكفار» أي: الايقاع بهم ليلاً.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 207
«بالمنجنيق» قال أبو منصور موهوب اللغوي: المَنْجنيق: اختلف فيه أهل العربية، فقال قوم: ميمه زائدة، وقيل: بل أصلية، ويقال: مَنْجنيق، ومِنْجَنيق بفتح الميم وكسرها، وقيل: الميم والنون في أوله زائدتان، وقيل: أصليتان، وهو أعجميّ معرّب. وحكى الفراء: مَنْجَنُوقٌ بالواو. وحكى غيره مَنْجليق وقد جَنَقَ المَنْجَنيق، ويقال: جَنّقَ، بالتشديد.
«وفي حرق شجرهم» يقال: أحرق الشيء إحراقاً، وحرَّقه تحريقاً، فالحرق اسم المصدر.
«ليغرقهم» بتحفيف الراء، وتشديدها، على أنه معدّى «أعرق» بالهمزة والتضعيف.(1/149)
«ولا راهب ولا شيخ فانٍ» الراهب اسم فاعل من رَهِبَ: إذا خالف، وهو مختص بالنصارى. كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا، وترك ملاذها، والزهد فيها، والعزلة عن أهلها، وتعمد مشاقها. وجمعه: رُهبان، ويجمع على رَهَابين، ورَهَابِنَة. والرّهْبنة: فَعْلَنةٌ. والشيخ: من جاوز الخمسين، إلى آخر العُمُر. نص عليه المصنف رحمه الله في «الكافي». وقال أبو اسحاق ابراهيم الطرابلسي في «الكفاية»: فإذا رأى الشيب، فهو أشْيَبَ، وأشْمَطَ، فإذا استبانت فيه السّنُّ: فهو شيخ، فاذا ارتفع عن ذلك: فهو مسنّ، فإذا ارتفع عن ذلك: فهو قَحْم وقَحْر، فإذا قارب الخطو؟ فهو دالف، فإذا زاد على ذلك: فهو هَرِم، رهِمٌ، فإذا ذهب عقله من الكبر: فهو خَرِف.
وللشيخ جموع سبعة، جمعها شيخنا الامام أبو عبدالله محمد بن مالك رحمه الله تعالى في بيت فقال:
شيخ شُيُوخ وَمَشْيُوخَاء مَشْيخَةٌ
شِيَخَةٌ شِيْخَةٌ شيخَانُ أشْياخُ
«تترسوا بهم» أي: تستروا بهم: قال الجوهري: التَّتْريس: التَّستُّر بالتُّرس.
«بين الاسترقاق والمن والفداء» الاسترقاق: اتخاذ الأسير رقيقاً. والمنُّ عليه: إطلاقه بغير شيء. والفِداء: أن يُبْدله بأسير في أيدي العدوّ، أو بملء والفِداء، إذا كسر أوله: يمد ويقصر، وإذا فتح أوله: قصر لا غير. حكى ذلك الجوهري.
«إلا غير الكتابي» استثناء ممن يخير الامام فيه بين الأمور الأربعة. فإن الأسرى ثلاثة أضْرُب: ضَرْبٌ لا يجوز قتلهم، وهم النساء والصبيان. وضرب يخير فيهم بين الأمور الأربعة، وهم الرجال من أهل الكتاب، ومَنْ يُقرُّ بالجزية من المجوس. وضَرْب: يخير فيهم بين القتل والمنِّ والفِداء.
وفي الاسترقاق روايتان. وهم الرجال ممن لا يقر بالجزية، كذا نص عليه في «المغني».
«رقوا في الحال» رَقّوا: بفتح الراء، أي: صاروا أرقاء، بمجرد الاسلام، ولا يجوز ضم رائه بحال.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 207(1/150)
«لزمه مصابرته» المصابرة: مفاعلة من الصَّبْر، والمراد: ملازمته.
«الموادعة» هي المصالحة، والمسالمة، قال أبو السعادات: حقيقة الموادعة هي المتاركة، أي: يدَع كل واحد منهما ما هو فيه.
«من أهل الاجتهاد» الاجتهاد في اللغة: بذل الوُسْع والمجهود في أي فعل كان، ولا يستعمل إلا فيما فيه جهد، يقال: اجتهد في حمل الرحا، ولا يقال: اجتهد في حمل خردلة. وفي عرف الفقهاء: مخصوص ببذل المجهود في العلم بأحكام الشرع. ذكره المصنف رحمه الله تعالى في «الروضة» وذكر شروط المجتهد في
كتاب «القضاء».
وقال في «المغني»: يعتبر من الفقه هاهنا ما يتعلق به هذا الحكم مما يجوز فيه ويعتبر له، ونحو ذلك، ولا يعتبر فقهه في جميع الأحكام التي لا تعلق لها بالأحكام، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 207
باب ما يلزم الامام والجيش
«المخذل والمرجف» فالمخذِّل: الذي يفند الناس عن الغزو؛ مثل أن يقول: بالمشركين كثرة، وخيولنا ضعيفة، وهذا حرُّ شديد، وبرد شديد. والمرجف: الذي يحدث بقوة الكفار وضعف المسلمين وهلاك بعضهم، ويخيّل لهم أسباب ظفر عدوهم بهم.
«بما يخيل إليهم» قال الجوهري: يخيِّل له كذا، أي: يشبِّه ويخايل، يقال: تخيلته، فتخيل لي، كما تقول: تصورته، فتصور لي، فكأنه ـ والله أعلم ـ يذكر لهم أسباباً يغلب على ظنهم معها النصر، مثل أن يقول: أنتم أكثر عَدَداً وعُدداً، وأشد أبداناً وأقوى قلوباً، ونحو ذلك.
«ويعرف عليهم العرفاء» قال أبو السعادات: العرفاء: جمع عريف، وهو القيّم بأمور القبيلة، والجماعة من الناس يلي أمورهم، ويتعرف الأمير منه أحوالهم، فعيل: بمعنى فاعل، والعرافة: عمله. وقوله: «العرافة حق»: أي فيها مصلحة للناس، ورفق في أمورهم وأحوالهم. وقوله: «العرفاء في النار» تحذير من التعرض للرياسة لما في ذلك من الفتنة، وأنه إذا لم يقم بحقه، استحق العقوبة وأتم.(1/151)
«ويعقد لهم الالوية والرايات» قال صاحب «المطالع» وغيره: اللواء: راية لا يحملها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش، والناس له تبع. وأما الرايات: فجمع راية، قال الجوهري وغيره: الراية: العلم، وقيل: الراية: اللواء، فيكون على هذا مترادفاً.
«ويجعل لكل طائفة شعاراً» الشعار: علامة القوم في الحرب ليعرف بعضهم بعضاً؛ ومنه أشعار البدن، يشق أحد جنبي السنام، يجعل ذلك علامة لها، وقد ورد أن شعار الصحابة ـ رضى الله عنه ـ م كان تارة: أمت أمت، وكان تارة: حم لا ينصرون.
«ويتتبع مكامنها» يتتبع: يتَفعَّل من تبع، أي: يتقصد، ويتطلب ونحو ذلك، ومكامنها: جمع مكمن، وهو المكان الذي يختفي فيه العدو ويكمن.
«ويبعث العيون» العيون: جمع عين، وهو الطليعة؛ ومن يكشف أمرهم كالجاسوس. ولفظة العين تطلق على تسعة عشر معنىً تسمى: الناظرة، وعين الركبة، وما كان يمين القبلة بالعراق، وعين الماء، وقرص الشمس، والمال الحاضر، ونفس كل شيء، والدنانير، وإصابة بالعين، والجاسوس، وعين الميزان، ومطر أيام لا يُقلع، وخاصة الملك، وخيار المتاع، وفساد الأديم في الدباغ، وما في الدار عين، أي: أحد، ومصدر حفرتُ حتى عِنتُ، والسواد يدور حول القمر، والمعاينة، يقال: لا أطلب أثراً بعد عين؛ هكذا ذكرها صاحب «الوجوه والنظائر».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 213
«والنفل» النَفل بالتحريك: الغنيمة، والنَفَل والنَّفْل بفتح الفاء وسكونها: الزيادة؛ فهنا يحتمل الأمرين: أنه يعده بالغنيمة، أو أنه يعده بالزيادة.(1/152)
«في كل جنبة كفءاً» الجنبة بالتحريك: الناحية، عن الجوهري وغيره. وقال أبو السعادات: والجنْبة، بسكون النون: الناحية، فيجوز فيها حينئذ الفتح والسكون. والكفء، بضم الكاف، وفتحها وكسرها، في الأصل: المساوي والنظير، ومنه الكفاءة في النكاح؛ والكُفُؤ، بضم الكاف والفاء، والكفيء كذلك. والمراد بالكفء هنا: من يقوم بأم تلك الناحية كما ينبغي.
«ببذل جعلا» بضم الذال وكسرها، أي: يعطي جعلاً، بضم الجيم وسكون العين: ما يجعل لمن عمل شيئاً على عمله.
«أو قلعة» بفتح اللام وسكونها: الحصن.
«في البداءة»: تقدم في السواك.
«بعث سرية» قال أبو السعادات: السرية: قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة، تبعث إلى العدو، وجمعها: سرايا. سموا بذلك لأنهم خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السريِّ: النفيس. وقيل: سموا بذلك، لأنهم ينفذون سراً وخفية، وليس بالوجه، لأن لام السر: راء، ولام السرية: ياء. آخر كلامه: ويحتمل أنهم سموا بذلك، لأنهم يسيرون. والله أعلم.
«أن يتعلف ولا يحتطب» يتعلف: يخرج طالباً للعلف، ويحتطب: يجمع الحطب.
«إلى البراز» البراز، بالكسر. والمبارزة: مصدر بارز برازاً، ومبارزة. إذا برز لخصم من العدو. والبَراز، بالفتح: اسم للفضاء الواسع.
«منهمكاً على القتال غير مثخن» المنهمك اسم فاعل؛ من انهمك الرجل في الأمر: إذا جدَّ ولجَّ. والمثخن: اسم مفعول من أثخنته الجراح: إذا أوهنته.
«ورحله»: رحله هنا: أثاثه، من عطف العام على الخاص، لأن الخيمة مسكنه، وهي من الرحل، وقد تقدم في التيمم والاستسقاء.
«يفجأهم عدو يخافون كلبه» يفجأ بفتح الجيم، أي: يطلع عليهم بغتة. وكلبه بفتح الكاف واللام، أي: شره وأذاه.
«لا منعة لهم» مَنعَةٌ، بفتح النون: جمع مانع؛ كفاسق؛ وفسقة؛ وكافر، وكفرة. وتسكن النون، فيقال: مَنْعَةٌ أي: امتناع يمنعهم، ومنْعَةٌ: اسم المرة، باسم الفعل من منَعَ والله أعلم.(1/153)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 213
باب قسمة الغنائم
الغنائم: جمع غنيمة، يقال: غنم فلان الغنيمة، يغنمها. وأصل الغنيمة: الربح والفضل. وللغنيمة عند العرب أسماء؛ منها: الحباسة، والهبالة والغنامى.
«بغير عوض» العوض: ما يبذل في مقابلة غيره، تقول منه: عاضني فلان وأعاضني، وعوضني وعاوضني: إذا أعطاك العوض.
«من تجار العسكر» جمع تاجر: ككافر، وكفار، وهو مقيس في فاعل صفة مذكر عاقل، كضارب وضراب. ويقال: تجار، بوزن كتاب، على أنه جمع تجْر، وتجر جمع تاجر، كصاحب وصحب وصحاب، حكاهما ابن سيده.
«الفرس الضعيف العجيف» قال الجوهري: الضعيف: خلاف القوي. والعجيف: المهزول. يقال: عجف الشيء بفتح الجيم، وكسرها، وضمها، عن ابن القطاع: إذا هزل.
«إذا لحق مدد» قال ابن عباد في كتابه «المحيط»: المددُ: ما أمددت به قوماً في الحرب. قال أبو زيد: مددنا القوم: صرنا مدداً لهم، وأمددناهم بغيرنا.
«ويرضخ» يرضخ: بفتح الضاد. قال أبو السعادات: الرضخُ: العطية القليلة، وقال الجوهري: الرضخ: العطاء ليس بالكثير، رضختُ له أرضخُ رضخاً.
«الا أن يكون فرسه هجيناً أو برذوناً» الخيل أربع. أحدها: أن يكون أبواه عربيين، فيقال له: العتيق. الثاني: عكسه، وهو الذي أبواه غير عربيين، ويسمى البِرْذِوْن. والثالث: الذي أمه غير عربية، فيسمى الهجين. والرابع: الذي أبوه غير عربي فيسمى المقرف.
«فنفق فرسه أو شرد» نفقت الدابة بفتح الفاء، أي: ماتت، ولا يقال لغيرها. قال ابن درستويه: إلا أن يستعار لانسان محله في الإنسانية محل الدابة. ويقال: في البعير تنبل، قال ابن الأعرابي: تنبل الانسان وغيره: إذا مات، وأما مات فيقال لجميع الحيوانات، وأما شرد: فقال ابن القطاع: شرد الانسان والدابة شروداً وشراداً: غارا وتعاصيا.
«من الفدية» الفدية: ما يفدى به الأسير.
«أو بعض قواده» قواده: جمع قائد، وهو نائبه ونحوه. والله أعلم.(1/154)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 216
باب حكم الأرضين المغنومة
الأرضون بفتح الراء جمع أرض. قال الجوهري: وربما أسكنت، والجمع أرضات أيضاً، وأروض، وآراض.
«ما فتح عنوة» قال أبو السعادات: عنوة، أي: قهراً وغلبة. وهو من عنا يعنو: إذا ذل وخضع، والعنوة: المرة منه. كأن المأخوذ بها يخضع ويذل.
«ما أجلي عنها» أي: خرج عنها. يقال: جلا القوم عن منازلهم وأجلوا، وجلوتهم عنها، وأجليتهم: أخرجتهم.
«ويضرب عليها خراجاً» يضرب بالنصب باضمار «أن» لأنه معطوف على الاسم، وهو: قسمها، ووقفها، فكأنه قال: يخيَّر بين قسمها ووقفها، وضرب خراج عليها، ويجوز الرفع، ونظير ذلك قوله تعالى: {أو يرسلَ رسولا} [الشورى: 15] بالنصف في قراءة السبعة، إلا نافعاً عطفاً على «وحيا» وكذا كل فعل مضارع عطف على اسم خالص. والخراج عبارة عما قرر على الأرض بدل الاجرة، وأما الخراج في قوله : «الخراج بالضمان» فمفسر في الخيار في البيع.
«بغير جزية» الجزية فعلة من الجزاء، وهو: المال الذي يعقد للكتابي عليه الذمة، وجمعها جزىً كلحية ولحىً.
«على قدر الطاقة» الطاقة: الوسع، والقدرة على الشيء.
«حديث عمرو بن ميمون إلى آخر الباب» عمرو بن ميمون وعمر بن الخطاب مذكوران في الأعلام في آخر الكتاب.(1/155)
و«الجريب» مقدار المساحة من الأرض، وقد فسره المصنف رحمه الله تعالى، وقال الجوهري: الجريب من الطعام والأرض: مقدار معلوم والجمع: أجربة، وجربان. والقفيز: مكيال، وجمعه: أقفزة، وقفزان بضم القاف. قال الامام أحمد ـ رضى الله عنه ـ : قدر القفيز صاع قدره ثمانية أرطال، وفسره القاضي بما في «المقنع» بعد «يعني». [بالمكي] وقال أبو بكر: قد قيل: إن قدره ثلاثون رطلا، وقال الأزهري: هو ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف، والصاع: خمسة أرطال وثلث، وقال المصنف رحمه الله في «الكافي»: وينبغي أن يكون من جنس ما تخرجه الأرض، يعني من الحنطة حنطة، ومن الشعير شعير، وكذا سائر الأنواع. والمكي، منسوب إلى مكة، والنسبة إلى ما فيه تاء التأنيث تكون بحذفها. والعراقي: منسوب إلى العراق. وسيأتي الكلام عليه بعد إن شاء الله تعالى.
و«قصبات»: جمع قصبة، وهي: المعروفة من النبات، وقد صارت كالمعيار لمساحة الأرض، وفي حديث سعيد بن العاص أنه سابق بين الخيل فجعل الغاية مائة قصبة. أراد أنه ذرع الغاية بالقصبة فجعلها مائة قصبة، وأثبت التاء في ستة أذرع بناءً على تذكير الذراع، وقد تقدم في «نواقض الوضوء».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 217
و«يرشو»: يعطي الرشوة بتثليث الراء، وجمعها رُشى ورِشى بضم الراء وكسرها وهي: ما يتوصل به إلى ممنوع، فإن كان حقاً فالاثم على المرتشي، وإن كان باطلاً بالاثم عليهما. وأصلها من الرشى الذي يتوصل به الماء. فالراشي: معطي الرشوة، والمرشى: آخذها، والرائش: الساعي بينهما.
«ويهدى» له بضم الياء وفتحها. ونقل الزجاج: هديت الهدية، وأهديتها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 217
باب الفيء
الفيء في الأصل: مصدر فاء يفيء فيئة وفيوءاً: إذا رجع، ثم أطلق على الحاصل من الجهات المذكورة، لأنه راجع منها كأنه في الأصل لهم، فرجع إليهم.(1/156)
و«العُشر» المرادُ به هاهنا: المأخوذ من تجار أهل الذمة، ونحوهم، لا عشر الخارج من الأرض، فإن مصرفه مصرف الزكاة.
«بالأهم فالاهم» الأهم أفعل تفضيل من هممتُ بالشيء: إذا قصدته، أي: يبدأ بما حقه أن يهتم به.
«في المصالح» المصالح: جمع مصلحة، وهي مفعلة من الصلاح ضد الفساد، أي: يصرف في مصالح المسلمين العامة كما مثل.
و«الثغورُ»: جمع ثغر، وقد تقدم في صلاة الجماعة.
و«البثوق»: جمع بثق وهو المكان المنفتح في أحد جانبي النهر، يقال: بثق السيل الموضع يبثق بَثْقاً وبِثْقاً بالفتح والكسر، أي: خرقه.
«وكري الأنهار» كري: بوزن رمي وهو: حفرها وتنظيفها، وكري البئر طيّها. عن الشيباني.
«وعمل القناطر» القناطر: جمع قنطرةٍ وهي الجسر، قاله الجوهري.
«ويبدأ بالمهاجرين ثم الأنصار» المهاجرون: جمع مهاجر، اسم فاعل من هاجر بمعنى هجر، ضد وصل، ثم غلب على الخروج من أرضٍ إلى أرض، وترك الأولى للثانية. والهجرة: هجرتان.
إحداهما: أن يدع الرجل أهله وماله، وينقطع بنفسه إلى مهاجره، ولا يرجع من ذلك بشيء.
والثانية: هجرة الأعراب، وهي أن يدع البادية، ويغزو مع المسلمين، وهي دون الأولى في الأجر، وكلاهما يسمى مهاجراً، والمراد هنا بالمهاجرين: أولاد المهاجرين، وهم الذين هجروا أوطانهم، وخرجوا إلى رسول الله ، وهم جماعة مخصوصون منصوص عليهم. وأما الأنصار فجمع نصير، كشريف وأشراف، وهم الحيان الأوس والخزرج، وهما ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة ابن ثعلبة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهما أبناء قَيْلَة نسبوا إلى أمهم، فولد الخزرج خمسة نفر: جشم، وعوف، والحارث، وعمرو، وكعب، وولد الأوس مالكاً. فمنه تفرقت قبائل الأوس، وبطونها، كلها. هكذا ذكره ابن قتيبة. والله أعلم.(1/157)
«وقت العطاء» العطاء: ممدوداً اسم مصدر بمعنى الاعطاء، ويطلق على المفعول، كقولهم: أخذ عطاءه، أي: معطاه.
«من أجناد المسلمين» الأجناد: جمع جند، وهم الأنصار، والأعوان، وكل صنف من الناس: جند، والمراد بهم هنا: أصحاب الديوان. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 219
باب الأمان
«الأمان»: ضد الخوف، وهو مصدر أمن أمناً وأماناً.
«بازائه» أي: بحذائه. وقد أزيته، أي: حاذيته، ولا تقل: وازيته.
«أحد الرعية» قال الجوهري: الرعية: العامة، ورعى الأمير رعيته، والرعية فعيلة بمعنى مفعولة.
«والقافلة» القافلة: الرفقة الراجعون من السفر، وهو اسم فاعل مؤنث بالتاء. تقول: قفل الجيش فهو قافل، وقفلت الجماعة فهي قافلة.
«والبأس» مهموز: العذاب، والخوف، والشدة.
«أو مترس» بفتح الميم والتاء المثناة فوق وسكون الراء وآخره سين مهملة، ويقال أيضاً بسكون التاء وفتح الراء، وهما وجهان مشهوران. وقد روي حديث عمر في البخاري بهما، وهي أعجمية، قالوا: معناها لا تخف، أو لا بأس عليك.
«من تدل الحال عليه» الحال: تذكر وتؤنث، والمشهور تأنيثها.
«والمستأمن» المستأمن: من دخل دار الإسلام بأمان طلبه.
«وإن كان جاسوساً» الجاسوس: صاحب سرِّ الشر، والناموس: صاحب سر الخير، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 220
باب الهدنة
وأصلها السكون. يقال: هدنت الرجل وأهدنته: إذا سكنته. وهدن هو: سكن، ومعناها شرعاً: أن يعقد الامام، أو نائبه، لأهل الحرب عقداً على ترك القتال مدةً بعوض، وغيره. ويسمى: مهادنة وموادعة ومعاهدة.
«يجبره» بضم الياء وفتحها. يقال: جبره وأجبره بمعنى. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 221
باب عقد الذمة(1/158)
قال الجوهري: أهل الذمة: أهل العقد، وقال أبو عبيد: الذمة: الأمان في قوله: «يسعى بذمتهم أدناهم» والذمة: الضمان. والعهد أيضاً.
«وهم اليهود والنصارى» اليهود: واحدهم يهودي، ولكنهم حذفوا ياء النسب في الجمع كزنجي وزنج، جعلوا الياء فيه كتاء التأنيث في نحو شعيرة وشعير، وفي تسميتهم بذلك خمسة أقوال. أحدها: قولهم {إنَّا هُدْنا إليك} [الأعراف: 651] والثاني: أنهم هادوا من عبادة العجل، أي: تابوا. والثالث: أنهم مالوا عن دين الإسلام، ودين موسى. والرابع: أنهم يتهودون عند قراءة التوراة. أي: يتحركون ويقولون: إن السموات والأرض تحركت حين آتى الله موسى التوراة. قاله أبو عمرو بن العلاء. والخامس: نسبتهم إلى يهوذ بن يعقوب. فقيل لهم: اليهوذ بالذال المعجمة، ثم عرب بالمهملة نقله غير واحد.
والنصارى: واحدهم نصران، والأنثى نصرانة، بمعنى نصراني ونصرانية، نسبة إلى قرية بالشام، يقال لها: نصران، ويقال لها: ناصرة.
«كالسامرة والفرنج» السامرة: قبيلة من قبائل بني إسرائيل، إليهم نسب السامري. قال الزجاج: وهم إلى هذه الغاية بالشام يعرفون بالسامريين، كذا نقله ابن سيده، وهم في زمننا يسمون السَمَرة بوزن الشجرة، وهم طائفة من اليهود متشددون في دينهم.
وأما الفرنج، فهم الروم. ويقال لهم: بني الأصفر. ولم أر أحداً نص على هذه اللفظة، والأشبه: أنها مولَّدة، ولعل ذلك نسبته إلى فرنجة، بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثه، وهي جزيرة من جزائر البحر. والنسب إليها فرنجي. ثم حذفت الياء كزنجيٍّ وزنج.
«وهم المجوس» المجوس واحدهم مجوسي، منسوب إلى المجوسية، وهي: نخلة قال أبو علي: المجوس واليهود إنما عرف على حَدِّ مجوسي ومجوس، ويهودي ويهود، فجمع على حدّ شعيرة وشعير، ثم عرف الجمع بالألف واللام، ولولا ذلك، لم يجز دخول الألف واللام عليهما، لأنهما معرفتان مؤنثتان، فجريا في كلامهم مجرى القبيلتين.(1/159)
«عبدة الأوثان» الأوثان: واحدها وثن، وهو: الصنم، كأسد، وآساد. هذا كلام الجوهري. وقال غيره: الوثن: ما كان غير مصور، وقيل: ما كان له جثة من خشب، أو حجر، أو فضة، أو جوهر، سواء كان مصوراً، أو غير مصور. والصنم: صورة بلا جثة. وقال ابن فارس في «المجمل»: الوثن: واحد الأوثان وهي: حجارة كانت تعبد.
«الصابىء» مهموزاً واحد الصابئين، وهم: الخارجون من دين إلى غيره. وأصل الصبو: الخروج. يقال صبأت النجوم، أي: خرجت من مطالعها. وصبأ ناب البعير: خرج. قال قتادة بن دعامة: الأديان ستة، خمسة للشيطان، وواحد للرحمن. الصابئون: يعبدون الملائكة، ويقرؤون الزبور. والمجوس: يعبدون الشمس والقمر. والمشركون: يعبدون الأوثان، واليهود، والنصارى. وقال غيره: الصابئون: طائفة من اليهود.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 221
«تهود» أي: صار يهودياً، وتنصّر: صار نصرانيّاً.
«ويمتهنون» أي: يتبذلون وهو: افتعال من المهنة.
«وحلاهم» الحِلي: بكسر الحاء مقصوراً جمع حلية، كحليةٍ، ولحىً. قال الجوهري: وربما ضُمّ، وحكاه غيره أيضاً. والحِلْية: الصِّفة.
«لكل طائفة عريفاً» العريف: القيم بأمور القبيلة، والجماعة من الناس، يلي أمورهم، ويتعرف الأمير منه أحوالهم، فعيل: بمعنى فاعل، والعرافَة: عمله.
«ونقض العهد» العهد يكون بمعنى اليمين، والأمان، والذمة، والحفاظ. ورعاية الحرمة، والوصية، والأنسب به هنا: الذمة المعقودة له.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 221
باب أحكام الذمة
«العرض» العرض: موضع المدح والذم من الإنسان. وهي: أحواله التي يرتفع بها، ويسقط. ومنه قوله : «ليُّ الواجِدِ يبيح عقوبته وعرضه» و«فقد استبرأ لدينه وعرضه».
«وترك الفرق» الفرق مصدر فرق شعره يفرقه: جعله نصفين إلى جانبي الرأس. والفرق أيضاً: موضع المفرق من الرأس.(1/160)
«وكناهم» جمع كُنية، وكِنية بضم الكاف وكسرها، وهي عبارة عما كان مبدوءاً باب أو أم، كأبي بكر، وأُم سلمة.
«على الأكف» الأكف جمع إكاف وهو: إكاف الدابة، وفيه أربع لغات: إكاف بكسر الهمزة وضمها، ووِكاف بكسر الكاف وضمها، وأوكفت الدابة، ذكرها صاحب «المحيط» ووكفتها.
«كالعسلي والأدكن» قال الجوهري: وعسلي اليهود: علامتهم، والظاهر أنه هذا الضرب المعروف من الصوف. والأدْكَن: الذي لونه يضرب إلى السواد، وقد دكِن بكسر الكاف دكناً فهو أدكن، ولونه الدُّكْنَة.
«في قلانسهم وخواتيم الرصاص والزنار» تقدم ذكر القلانس في مسح الخفين، والخاتم في زكاة الأثمان، والزنار في ستر العورة، والرصاص بفتح الراء. قال الجوهري: والعامة تكسره. قال ابن عباد في كتابه «المحيط» ويقال: رصاص، يعني بالكسر.
«وجلجل» الجلجل: هو الجرس الصغير الذي في أعناق الدواب. والجلجلة صوته.
«وفي تهنئتهم» يقال: هنَّأته بالولاية تهنئة، وتهنيئاً بالهمز. والتهنئة: خلاف التعزية.
«ببدايتهم». تقدم في باب السواك.
«وعيادتهم» عيادة المريض: زيادته، وياؤه منقلبة عن الواو، لأنه من المعاودة. وكل من أتاك مرة بعد مرة فهو عائد، لكنه قد اشتهر في زيارة المريض.
«من إحداث الكنائس والبيع» الكنائس: واحدتها كنيسة، وهي: معبد النصارى، كصحيفة وصحائف. والبيع، جمع بيعة، بكسر الباء. قال الجوهري: البيعة للنصارى، فعلى هذا الكنائس والبيع من المترادف. وقال الزجاج: البيع: بيع النصارى. والصلوات: كنائس اليهود، فعلى هذا، الكنائس لليهود، والبيع للنصارى، وعلى هذا يكون متبايناً، وهو الأصل.
«رم شعثها» أي: إصلاح متشعثها.
«ما استهدم» بفتح التاء مبني للفاعل.
«وضرب الناقوس» الناقوسُ: خشبة طويلة تُضرب بخشبة أقصر منها؛ يعلم به النصارى أوقات الصلوات، وجمعه نواقيس. قال جرير:
لما تذكرت بالديرين أرقني
صوت الدجاج وضرب بالنواقيس(1/161)
«وهُدد» أي: تُوعد، قال ابن عباد في «المحيط»: التهدد والتهداد من الوعيد.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 223
«بالحجاز» الحجازُ: بلاد معروفة، قال صاحب «المطالع»: الحجاز ما بين نجد والسراة. وقيل: جبل السراة، وهو: الحد بين تهامة ونجد، وذلك بأنه أقبل من قعره اليمن، فسمته العرب حجازاً، وهو: أعظم جبالها. وما انحاز إلى شرقية، فهو حجاز. وقال ابن الكلبي: الحجاز: ما بين اليمامة والعروض، وبين اليمن ونجد، وقال غيره: والمدينة: نصفها تهامي ونصفها حجازي. وحكى ابن أبي شيبة أن المدينة حجازية. وقال ابن الكلبي: حدود الحجاز ما بين جبلي طيىء إلى طريق العراق لمن يريد مكة. سمي حجازاً، لأنه حجز بين تهامة ونجد. وقيل: لأنه حجز بين نجد والسراة، وقيل: لأنه حجز بين الغور والشام وبين تهامة ونجد. وعن الأصمعي: سميت حجازاً، لأنها انحجزت بالحِرار الخمس، حرة بن سليم، وحرة واقم، وحرة راحل، وحرة ليلى، وحرة النار.
«كالمدينة إلى آخر الباب» المدينة: اسم جنس معرف بالألف واللام، ثم غلب حتى صار علماً على مدينة الرسول ، وقد تقدم ذكرها في «الاعتكاف». واليمامة مدينة على أربعة أيام من مكة، ولها عمائر قاعدتها حِجر باليمامة، وتسمى العَروض، وكان اسمها جَوّاً، فسميت اليمامة، وهو اسم امرأة. وقال ابن الأثير في «النهاية»: اليمامة: الصُّقع المعروف شرقي الحجاز، وهذا يقتضي ألا يكون من الحجاز. وأما خيبر فقال الحافظ أبو بكر الحازمي: خيبر: الناحية المشهورة بينها وبين المدينة مسيرة أيام. وهي: تشتمل على حصون، ومزارع، ونخل كثير. وأما تيماء فبفتح أوله والمد غير مصروف: من أُمهات القرى على البحر، وهي من بلاد طيىء. ومنها يخرج إلى الشام، وأما فيد: فموضع بطريق مكة قريب من جبلي طيىء: أجأ وسَلمى، وهو: بفاء مفتوحة بعدها ياء ساكنة والراجح صرفه، وإن أُوّل بالبقعة، لأنه ثلاثي ساكن الوسط.(1/162)
وتهود: صار يهودياً، وتنصر: صار نصرانياً، وتمجس: صار مجوسياً، والتزم أحكام الملّة، أي: ملة الاسلام، كذا نص عليه في «الكافي». والتجسس: التفحص عن الأخبار، والحربي منسوب إلى الحرب وهو القتال. والتباعد والبغضاء أيضاً، يقال: قتل حال الحرب، أي: حال القتال، ودار الحرب، أي: دار التباعد والبغضاء، فالحربي بالاعتبار الثاني.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 223
كتاب البيع
وهو مصدر بعت، يقال: باع يبيع بمعنى ملك، وبمعنى اشترى، وكذلك شرى يكون للمعنيين، وحكى الزجاج وغيره: باع، وأباع بمعنى واحد. وقال غير واحد من الفقهاء: واشتقاقه من الباع، لأن كل واحد من المتعاقدين يمد باعه للأخذ والاعطاء، وهو ضعيف لوجيهن، أحدهما: أنه مصدر، والصحيح: أن المصادر غير مشتقة. والثاني: أن الباع عينه واو، والبيع عينه ياء، وشرط صحة الاشتقاق، موافقة الأصل والفرع في جميع الأصول. قال أبو عبدالله محمد بن أبي القاسم السامري في كتابه «المستوعب»: البيع في اللغة: عبارة عن الايجاب والقبول، إذا تناول عينيين، أو عيناً بثمن، ولهذا لم يسموا عقد النكاح والاجارة بيعاً. وهو في الشرع: عبارة عن الايجاب والقبول إذا تضمن مالين، للتمليك، وهو غير جامع لخروج البيع بالمعاطاة منه، ولا مانع لدخول الربا فيه، وأجود منه حد المصنف رحمه الله في «المقنع» لكنه غير مانع لدخول الربا فيه، لأنه مبادلة المال بالمال لغرض التملك، ويقال: بائع وبَيِّع، ويطلق على المشتري أيضاً، فيقال: البائعان، والبيِّعان. والمبيع اسم للسلعة نفسها. وبنو تميم يصححون مفعولاً معتل العين، فيقولون: مبيوع بالياء.
قال الشاعر:
قد كان قومك يحسبونك سيداً
وإخال أنك سيد مغبون
والمحذوف من «مبيع» الواو الزائدة عند الخليل، وعند الأخفش المحذوف عين الكلمة.(1/163)
«الايجاب والقبول» فالايجاب: الايقاع، يقال: وجب البيع يجب جِبَةً، وأوجبته إيجاباً: أوقعته. وهو في الشرع: عبارة عن «بعت» ونحوه من جهة البائع. والقبول: مصدر قبل قبولا، وهو مصدر شاذ، قال المطرز: لم أسمع غيره بالفتح، وهو في الشرع: عبارة عن قبلت، ونحوه من جهة المشتري.
«المعاطاة» مفاعلة، من عطوْت الشيء: تناولته. قال الجوهري: المعاطاة: المناولة.
«الرشيد» الرشيدُ: صفة من رشِد بكسر الشين يرشَد بفتحها فهو رشيد، كَبَخِل فهو بخيل، ومصدره: الرَّشَدُ والرُّشَد، ويقال: رَشَدَ يرْشُدُ، كَخَرجَ يَخْرُجُ، لُغتان. وهو نقيض الغي، وقيل: إصابة الخير، وقال الهروي: هو الهدى والاستقامة. والسفيه: فعيل من سفه بكسر الفاء يَسْفَهُ سَفَهاً، وسَفَاهةً، وسَفَاهاً، وأصله: الخفة والحركة. فالسفيه: ضعيف العقل، وسيء التصرف، وسمي سفيهاً لخفة عقله، ولهذا سمى الله تعالى النساء والصبيان سفهاء في قوله تعالى: {ولا تُؤْتُوا السفهاء أموالَكُم} [النساء: 5].
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 227
«لغير ضرورة» قال الجوهري: الضرورة: الحاجة. وقال ابن قرقول: المشقةُ وهي بفتح الضاد.
«دود القز وبزره والنحل منفرداً وفي كواراته» القَزُّ: نوع من الابريسم معرب، وبزره بفتح الباء وكسرها. والكوارات بضم الكاف: جمع كوارة وهي: ما عَسَّلَ فيها النحل، وهي الخلية أيضاً، وقيل: الكوارة من الطين، والخلية من الخشب، ولا فرق بينهما في جواز البيع.
«بيع الهر والسنور والضيون» الهرُّ، والسِنورْ، والضيون، كله القط المعروف.
«الحشرات» جمع حشرة، بفتح الشين جمعاً، وإفراداً، وهي صغار دواب الأرض، كالفأر، والخنافس، والصراصير، ونحو ذلك. وقيل: هي: هوام الأرض مما لا اسم له.
«ولا السرجين» السرجين: هو الزبْل. يقال له: سَرجين، وسِرقين بفتح السين وكسرها فيهما عن ابن سيده.(1/164)
«يعلم نجاستها»، أي: يعتقد نجاستها، بمعنى أنه: يجوز له في شريعته الانتفاع بها.
«كأرض الشام إلى آخر الفصل» الشام: تقدم ذكره في «باب المواقيت». وأما العراق، فبلاد تذكَّرُ وتؤنَّثُ، يقال: إنه فارسي معرَّب. والعراق في اللغة: شاطىء البحر والنهر، وقيل: العراق: الخرزُ الذي أسفل القرية، وفي تسميته بالعراق ستة أقوال. أحدها: أنه على شاطىء دجلة. والثاني: أنه سمي به لاستفاله عن أرض نجدٍ، أخذاً من خرزِ أسفل القربة. والثالث: لامتداده كامتداد ذلك الخرز. والرابع: لاحاطته بأرض العرب، كاحاطة ذلك الخرز بالقربة. والخامس: لكثرة عروق الشجر فيه. والسادس: لتواشح عروق الشجر، والنخل فيها. والتواشح: الاشتباك. وقال صاحب «المستوعب» سمي عراقاً، لامتداد أرضه، وخلوِّها من جبال مرتفعة، وأوْدية منخفضة. ومصر: مذكور في باب المواقيت. وأما الحيرة، فمدينة بقرب الكوفة بكسر الحاء، والنسبة إليها «حِيرِيٌ» و«حاري» على غير قياس، عن الجوهري. ومحلة معروفة بنيسابور، والمراد هنا الأولى.
«وأُليس» بضم الهمزة، وتشديد اللام، بعدها ياء ساكنة تحت، بعدها سين مهملة، على وزن «خُبَّيْر» بلدة بالجزيرة، قال أبو النجم:
لم تَرْعَ أُلَّيْسَ ولا عِضَاها
ولا الجزيراتِ ولا قُراها
«وبانقيا» بزيادة ألف بين ياء ونون مكسورة، بعدها قاف ساكنة، تليها ياء مثناة تحت: ناحِيَةٌ بالنجف، دون الكوفة. قال الأعشى:
قَدْ طُفْتُ مَا بَيْنَ بانِقْيَا إلى عَدَنٍ
وَطالَ في العُجْمِ تَرْحَالي وتَسْيارِي
قال ثعلب: سميت بذلك، لأن إبراهيم الخليل ولوطاً عليهما السلام نزلاها، وكانت تزلزل في كل ليلة فلم تزلزل تلك الليلة، ثم خرج حتى أتى النجف، فاشتراها بغنيمات كُنّ معه، والغنم بالقبطية، يقال لها: نِقْيا، وكان شراؤها من أهل بانِقْيَا. وبانقيا، بالباء الموحدة أوله، والنون المفتوحة بعده، وسكون القاف، بعدها ياء مثناة تحت مقصوراً.(1/165)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 227
«وأرض بني صلوبا» بفتح الصاد المهملة، وضم اللام، وبالياء الموحدة بعد الواو، مقصوراً، كلها أماكن معروفة بالعراق.
«ورباع مكة» بكسر الراء: جمع رَبْعٍ، وهو المنزل، ودار الاقامة. وربع القوم: محلتهم.
«والعدُّ»: بكسر العين، وتشديد الدار المهملة: الذي له مادة لا تنقطع، وجمعه: أعداد.
«ونقع البئر» ماؤها المستنقع فيها عن ابن فارس.
وأما الكلأ: فمقصور مهموز، وهو النبات رطبه ويابسه، والحشيش والهشيم مختص باليابس.
«والخلا» مقصور غير مهموز، و«العشب» مخصوصان بالرطب، كله عن الجوهري.
«الآبق» الآبق: الهارب. أبَق العبد، يأبَق ويأبُق إباقاً، فهو آبق، عن الجوهري.
«الحمل في البطن» الحملُ، بفتح الحاء: ما كان في بطن، أو على رأس شجرة. والحِمل: بالكسر: ما كان على ظهر، أو رأس، عن يعقوب. وحكى ابن دريد في حمل الشجرة الفتح، والكسر.
«في الضرع» الضرع: لكل ذات ظلف أو خِف، والمسك تقدم ذكره في «باب محظورات الاحرام».
و«الفأر» مهموزاً جمع فأرة، وهي: النافجة، ويجوز ترك همزه كنظائره، وفرق الصقلي عمر الحميدي فقال: فارة المسك غير مهموزة، لأنها من فار يَفُور، وفأرة الحيوان مهموزة، والمشهور بين أهل اللغة أنه لا فرق.
«بيع الملامسة» الملامسة: مفاعلة، من لَمَسَ، يلمِس، ويلمُسُ: إذا أجرى يده على الشيء.
«والمنابذة» المنابذة: مفاعلة، من نبذ الشيء ينبذه: إذا ألقاه.
«من بستان» البستان: فارسي معرَّب، وجمعه بساتين، ولم يحك أحد من الثقات عن العرب كلمة مبنية من «ب س ت».
«من هذه الصبرة» الصُبرة: الطعام المجتمع، كالكومة، وجمعها: صبر. سميت بذلك، لا فراغ بعضها على بعض. يقال: السحاب فوق السحاب صبير. ويقال: صبرتُ المتاع وغيره: إذا جمعته، وضممت بعضه على بعض.(1/166)
«وبيع الباقلاء» الباقلاء: الحب المعروف يشدد ويخفف، فإذا شددت كان مقصوراً، وإذا خففت كان ممدوداً، وقد يقصر، ذكر اللغات الثلاث ابن سِيْده في «المحكم».
«برقمها» رقْمُها: مصدر بمعنى المرقوم، أي: بالمكتوب عليها، فإن كان مجهولاً عند أحدهما، كان البيع فاسداً، وإن كان معلوماً لهما، كان من بيع التولية.
«ينقطع به السعر» السِعر: بكسر السين: ما تقف عليه السلع من الأثمان لا يزاد عليه.
«أو بما باع به فلان» فلان كناية عن اسم المحدث عنه، مصروف، و«فلانة» غير مصروف، فإذا كني عن أعلام البهائم، قيل: الفلان، والفلانة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 227
«نسيئة» سيأتي تفسيره في باب الربا.
«من قطيع» القطيع: الطائفة من الغنم. قال ابن سيده: الغالب عليه أنه من العشرة إلى الأربعين، وقيل: ما بين خمسة عشر إلى خمسة وعشرين، وجمعه: أَقطاع، وأقطعه، وقطعان، وقطاع، وأقاطيع. قال سيبويه: هو ما جمع على غير واحده، كحديث وأحاديث.
«تفريق الصفقة» الصفقة: المرة من صفق له بالبيعة، والبيع: ضرب بيده على يده. والصفقة: عقد البيع، لأن المتبايعين بفعلان ذلك. فقولهم: تفريق الصفقة، أي: تفريق ما اشتراه من عقد واحد.
«بقسطه» قال الجوهري: القسط: الحصة والنصيب.
«بعد ندائها» النداء: الصوت بكسر النون، وقد تضم، كالدِّعاء والدُّعاءِ، والنداء هنا: هو الثاني، وعنه: الأول الذي على المنارة ونحوها، فإن باع في الوقت قبل النداء، فعلى روايتين.
«لمن باع سلعة» قال الجوهري: السِلعة: المتاع. وكل مبيع سلعة.
«وفي بيع الحاضر للبادي» الحاضر: المقيم في المدن والقرى، والبادي المقيم في البادية، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 227
باب الشروط في البيع(1/167)
«مقتضى البيع» أي: مطلوبه. لما كان التقابض وحلول الثمن مقصوداً في البيع، جعل البيع طالباً له مجازاً، كقوله تعالى: {جداراً يريد أن ينقض} [الكهف: 77].
«أو خصياً» الخصي: فعيل بمعنى مفعول، وهو مَن سُلَّتْ بيضتاه.
«والدابة هملاجة» الهملاجة: التي تمشي الهملجة، وهي مشية معروفة، فارسي معرب.
«ثيباً فبانت بكراً» الثيب من النساء: من أُزيلت بكارتها، وقد يطلق على البالغة وإن كانت بكراً، مجازاً واتساعاً. والبكر: العذراء، وهي: الباقية العذرة. والعذرة: ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض، والمسافة تأتي في «باب السبق».
«وحملان البعير» قال ابن القطاع: حملت الشجرة والأنثى، والشيء على الشيء: حملا، وحِملانا، وعلى الظهر كذلك.
«وجز الرطبة» الجز: القطع، والرَّطْبة، بفتح الراء وسكون الطاء: نبت معروف، بقيم في الأرض سنين، كلما جُزَّ نبت، وهي القضب أيضاً، وهي الفصفصة، بفاءين مكسورتين، وصادين مهملتين، وتسمى عندنا في زماننا: القصة.
«أن لا خسارة» الخسارة، بفتح الخاء: مصدر خَسِر، يَخسر، خسراناً، وخسارة: نقص. ذكره الفارابي في «باب فعال» بفتح الفاء.
«نفق المبيع» نَفَقَ بفتح الفاء: ضد كسد.
«إلا إذا شرط العتق» أي: الاعتاق، فأما العتق مصدر عتق: إذا صار حراً، فليس المقصود هنا أن الشرط أن يصير حراً، بل أن يصير حراً باعتاقه.
«في محله» المحل: مكان الحلول وزمانه، بفتح الحاء وكسرها في المكان جائز عن صاحب «المطالع» وغيره.
«الا بيع العربون» في العربون ست لغات: عَرَبون بفتح العين والراء، وعُرْبون، وعُرْبان بضم العين وسكون الراء فيهما، وبالهمزة عِوَضٌ في الثلاثة، أرَبون وأُربون وأَرَبان. وهو: ما فسره به في «المقنع» ويكون الدرهم ونحوه، مردوداً إلى المشتري إن لم يتم البيع، وللبائع محسوباً من الثمن ان تم البيع.
«على أن تنقذني» بفتح التاء وضم القاف، أي: تعطيني. والله سبحانه وتعالى أعلم.(1/168)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 232
باب الخيار في البيع
الخيار: اسم مصدر، من اختار، يختار، اختياراً، وهو طلب خير الأمرين: إمضاء البيع، وفسخه.
و«المجلس» بكسر اللام: موضع الجلوس. والمراد هنا مكان التبايع وتفرقهما عنه التفرق المسقط للخيار، وهو تفرقهما بحيث لو كلَّم أحدهما صاحبه الكلام المعتاد لم يسمعه، فإن لم يتفرقا، بل بَنَيا بينهما حاجزاً، أو أرخيا بينهما ستراً، أو ناما، أو قامام عن مجلسهما فمشيا معاً، فهما على خيارهما، وإن أكرها على التفرق، ففي بطلان الخيار وجهان.
«أو تنتهي مدته» أي: تنقضي.
«والصلح بمعناه» أي: بمعنى البيع، وهو أن يصالح عن الحق بغير جنسه من غير الأثمان، فيثبت فيه خيار الشرط.
«والاجارة في الذمة» هي: أن تستأجر لعمل معلوم كخياطة ثوب ونحوه، والاجارة على مدة لا تلي العقد، كاجارة سنة خمس، في سنة أربع.
«من كسب أو نماء» الكَسْبُ بفتح الكاف: مصدر كسب المال، يكسبه: استفاده بالطلب. والنماءُ، بالمد والهمز: مصدر نما المال، ينمي، وينمو، ويقال في مصدره: نَمْيٌ كفَلْسٍ، ونِمىً كغِنىً ونُمُوٌّ كسلوٍ، ونَمَىً كنوىً.
و«الكسب»: مصدر مطلق على المفعول، والمراد به هنا: ما حصل بسبب العين، وليس بعضاً. والنماء: مصدر مطلق على المفعول أيضاً، والمراد به هنا: نفس الشيء الزائد من المبيع، كلبن الماشية، وأولادها.
«نفذ عتقه» أي: إعتاقه إن جعل الضمير عائداً إلى المشتري، وإن جعل عائداً على العبد المبيع، فلا حاجة إلى تأويله بالاعتاق، بل يكون مصدراً مضافاً إلى فاعله.
«كالاجل» والمراد بالأجل: أن الدَّين المؤجَّل لا يحل بالموت إذا وثق الورثة على الصحيح في المذهب، فهو: حينئذ موروث.
«خيار الغبن» الغَبْن: بسكون الباء مصدر غبنه بفتح الباء، يغبنه بكسرها: إذا نقصته. ويقال: غَبِن رأيه، بكسر الباء، أي: ضعف، غَبَناً بالتحريك.(1/169)
«تلقي الركبان» الركبان: جمع راكب وهو اسم جمع، واحده راكب، وهو في الأصل: راكب البعير، ثم اتسع فيه، فقيل لكل راكب دابة: راكب، ويجمع على رُكَّاب، ككافر وكُفَّار. والركب: الابل، واحدته راحلة من غير لفظه، والمراد هنا: القادمون من السفر، وإن كانوا مشاةً.
«النجش» النجش: أصله الاستخراج والاسْتِثَارة. قال ابن سيده: نجش الصيد، وكل مستور، ينجشه، نجشاً: إذا استخرجه، والنجاشي: المستخرج للصيد. عن أبي عبيد. وقال ابن قتيبة: أصل النجش: الختل، ومنه قيل للصائد: ناجش، لأنه يختل الصيد. وقال أبو السعادات: النجش: أن يمدح السلعة، أو يزيد في ثمنها، لينفِّقها ويروِّجَها وهو لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 234
«المسترسل» المسترسل: هو اسم فاعل من استرسل: إذا اطمأن، واستأنس. هذا أصله في اللغة. وقال الامام أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله: المسترسل: الذي لا يحسن أن يماكس، وفي لفظ: الذي لا يماكس، فانه استرسل إلى البائع فأخذ ما أعطاه من غير مماكسة، ولا معرفة بغبنه. وقال المصنف رحمه الله في «المغني»: هو الجاهل بقيمة السلعة، ولا يحسن المبايعة.
«خيار التدليس» قال الجوهري: التدليس في البيع: كتمان عيب السلعة عن المشتري. والمدالسة، كالمخادعة. والدلس بالتحريك: الظلمة. والتدليس المثبت للخيار: ضربان، أحدهما: كتمان العيب. والثاني: تدليس يزيد به الثمن وإن لم يكن عيباً، كتحمير وجه الجارية، وتسويد شعرها، ونحو ذلك.(1/170)
«كتصرية اللبن في الضرع» التصرية مصدر صرّى، كعلَّى تعلية، وسوَّى تسوية. ويقال: صرى يصري، كرمى يرمي، كلاهما بمعنى جمع. والأكثرون، على أن التصرية، مصدر: صرَّى يُصرِّي، معتل اللام. وذكر الأزهري عن الشافعي، أن المصرَّاة، التي تصرّ أخلاقها، ولا تحلب أياماً، حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشتري استغزرها، فجائز أن يكون من الصَّرِّ، إلا أنه لما اجتمع في الكلمة ثلاث راءات، قلبت الثالثة ياءً، كما قالوا: تقضى في تقضض، وتضنَّى في تضنَّن، وتصدَّى في تصدَّد، كراهية لاجتماع الأمثال.
«وتجعيده» قال أهل اللغة: جعدت الشعر تجعيداً: إذا كان فيه تقبض والتواء.
«وجمع ماء الرحا» قال الجوهري: الرحا: معروفة مؤنثة، والألف منقلبة عن ياءٍ. تقول: هما الرحيان، وكل من مدَّ، قال: رحاء، ورحاءان، وأرحية، كعطاء، وعطاءان، وأعطية، جعلها منقلبة من الواو، ولا أدري ما حجته وما صحته. وثالثه: أرحٍ، والكثير: أرحاء.
«سلعته» السلعة: المتاع، كائناً ما كان.
«خيار العيب» العيب، والعاب، والعيبة، والمعاب، والمعابة، كله: الرداءة في السلعة. عاب الشيء وعبته، يتعدى، ولا يتعدى.
«ويأخذ الثمن» بنصب «يأخذ» بأن مقدرة، لأنه معطوف على الاسم، وكذا كل ما أشبهه.
«وأرش العيب» قال أبو السعادات: هو الذي يأخذه المشتري من البائع، إذا اطلع على عيب في المبيع، وأرش الجنايات والجراحات من ذلك، لأنها جابرة لها عما حصل فيها من النقص، وسمي أرشاً، لأنه من أسباب النزاع. يقال: أرَّشت بين القوم: إذا أوقعت بينهم.
«الخراج بالضمان» الخراج: ما حصل من غلة العين المبيعة كائنة ما كانت، وذلك أن يشتري شيئاً فيستغله مدة، ثم يطلع على عيب قديم، فله رد العين، وأخذ الثمن، وما استغله فهو له، لأن المبيع، لو تلف في يده لكان من ضمانه، ولم يكن على البائع شيء، والباء في «بالضمان» متعلقة بمحذوف تقديره: الخراج مستحق بالضمان، أي: بسببه، والله تعالى أعلم.(1/171)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 234
«بصبغه» الصِّبغ، والصِّبغة، بالكسر: ما يُصبغ به، وبالفتح: مصدر صَبَغ يَصْبُغُ ويصْبَغُ، والمراد هنا الأول.
«كبيض الدجاج» الدجاج: بفتح الدال وكسرها وضمها، واحدته، دجاجة، حكاه الحسن بن بندار التفليسي في «شرح الفصيح».
«كبيض النعام» النعام: الحيوان المعروف، واحدته نعامة، بوزن حمام وحمامة.
«وجوز الهند» الجوز فارسي معرب وهو نوعان: هندي، وشامي، وكلاهما معروف، ويقال لجوز الهند: النارجيل، وواحدته: نارجيلة، وشجرته شبيهة بالنخلة، لكنها تميل بصاحبها حتى تدنيه من الأرض، للينها. والهند بلاد معروفة، النسبة إليها: هندي.
«على الرضى» هو بالقصر، والقضاء بالمد مصدر أرضى وقضى.
«ينقصه» هو بفتح الياء وضمها. يقال: نقصت الشيء وأنقصته.
«كمصراعي باب» واحدهما مصراع، وهو: أحد البابين المنغلق أحدهما على الآخر.
«التولية» إلى آخر الفصل، التولية: مصدر ولَّى تولية، كعلّى تعلية، والأصل في التولية: تقليد العمل. يقال: ولي فلان القضاء، والعملَ الفلانيَّ، ثم استعملت التولية هنا فيما ذكر.
والشركة المرابحة، يذكران بعد، إن شاء الله تعالى.
والمواضعة: مصدر واضعه مواضعة، قال الجوهري: المواضعة: المتاركة في البيع، فهو مفاعلة، من وضع يضع، وسمي هذا البيع: مواضعة، لأنه أخذ بدون رأس المال. وأما وضيعة درهم، فالوجه في إعرابها: النصف مفعولاً معه، ويجوز الجر على لغة من عطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار، كقوله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} [النساء: 2] بالجر، وذلك مقرر في كتب النحو، وقد قررتها في كتابي المسمى «بالفاخر في شرح جمل عبد القاهر» بشواهدها نثراً ونظماً
«فإن نكل» نكل، بفتح الكاف وكسرها، حكاهما ابن القطاع وغيره، قال المطرز: وذلك بأن يرجع عن شيء قاله، أو عدوّ قاومه، أو شهادةٍ أرادها، أو يمينٍ تعين عليه أن يحلفها.(1/172)
«في الصبرة» الصُّبْرة من الطعام وغيره: هي الكومة المجموعة. وقيل: سميت بذلك، لا فراغ بعضها على بعض، يقال: صَبرتُ المتاعَ وغيره: إذا جمعتَه، وضممت بعضه إلى بعض.
«بالتخلية» التخلية: مصدر «خَلَّى» بمعنى: ترك، وأعرض.
«والاقالة» قال ابن سيده: الاقالة في البيع: نقضُه وإبطاله، وقال الفارسي: معناه: أنك رددت ما أخذت منه ورد عليك ما أخذ منك. والأفصح: أقاله إقالة، ويقال: «قاله» بغير ألف، حكاها أبو عبيد في «المصنف» وابن القطاع، والفراء، وقطرب. قال: وأهل الحجاز يقولون: قِلته فهو مقيول، ومقيل، وهو أجود. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 234
باب الربا والصرف
الربا: مقصور، وأصله: الزيادة، قال الجوهري: ربا الشيء يربو ربواً: إذا زاد، والربا في البيع. هذا لفظه ولم يقل: وهو كذا، لكونه معلوماً، ويثنى: ربوان، وربيان، وقد أربى الرجل: إذا عامل بالربا، وهو مكتوب في المصحف بالواو، وقال الفراء: إنما كتبوه في المصحف كذلك، لأن أهل الحجاز تعلموا الكتابة من أهل الحِيرة، ولغتهم: الربو، فعلموهم صورة الخط على لغتهم، وإن شئت كتبته بالياء، أو على ما في المصحف، أو بالألف، حكى ذلك الثعلبي. والربية مخففة: لغة في الربا، والرَّباء بفتح الراء ممدوداً: الربا. والصرف: بيع الذهب بالفضة، والفضة بالذهب، وفي تسميته صرفاً قولان. أحدهما: لصرفه عن مقتضى البياعات، من عدم جواز التفرق قبل القبض، والبيع نساءً. والثاني: من صريفهما، وهو: تصويتهما في الميزان، فإن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة سمي مراطلة.
«ربا النسيئة» النسيئة، والنساء، بالمد، والنُّسْأة والكُلأة كلاهما بوزن الغرفة، كله: التأخير. ونَسَأت الشيء، وأَنْسَأتُهُ: أخرته، وحيث جاء النَّساءُ في الكتاب، فهو بالمد لا يجوز قصره.(1/173)
«إلا في ذلك» الاشارة في «ذلك» إلى كل مطعوم، ولا يعود إلى الذهب والفضة، لأنهما اثنان، ولأنهما محققا الوزن، والمطعوم منه موزون، وغيره، فلذلك قيل بالوزن.
«وجزافاً» هو بكسر الجيم وفتحها، ويقال فيه: الجزافة، والمجازفة، وهو: بيع الشيء، واشتراؤه بلا كيل ولا وزن، كله عن صاحب «المُحكم». قال: وهو دخيل، قال الجوهري: هو فارسي معرَّب. وضبطه في نسخة من «تهذيب اللغة» للأزهري، عليها خطه بالضم أيضاً، فيكون مثلثاً.
«يشمل أنواعاً» يشمل: يفتح الميم وضمها.
«نيئه» هو: بكسر النون، وبعدها ياءٌ ساكنة، بعدها همزة، صفة من ناءَ اللحمُ، يَنِيءُ، نَيْئاً، فهو نِيءٌ، بِيِّنُ النُيُوءِ، والنُيُوءَةِ، وأَناءهُ غيره: لم ينضجه. كله عن الجوهري.
«بمشوبه» المشوب: المخلوط.
«في النشاف» النَّشَاف: اليُبْسُ، يقال: نَشِفَتِ الأرض نُشُوفاً، ونَشْفاً: ذهبت نداوتها، ويقال: نَشِفَتِ الأرضُ الماءَ متعدياً.
«بيع المحاقلة» المحاقلة: مفاعلة من الحقل، وهو: الزرع إذا تشعب قبل أن يغْلُظ سُوقُه، وقيل: الحَقْل: الأرض التي تزرع، قال صاحب «المطالع» المحاقلة: كراء الأرض بالحنطة، أو كراؤها بجزء مما يخرج منها، وقيل: بيع الزرع قبل طيبه، أو بيعه في سنبله بالبُر وهو من الحقْل، وهو الفَدَّان. والمُحاقل: المزارع، وذكر غير ذلك.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 239
«والمزابنة» المزابنة: مفاعلة من الزَبْن: وهو الدفع، كأن كل واحد منهما يَزْبِن صاحبه عن حقه بما يزداد منه. قال صاحب «المطالع»: المزابنة، والزَبْن: بيع معلوم بمجهول من جنسه، أو بيع مجهول بمجهول من جنسه، مأخوذ من الزَبْن وهو: الدفع، وفسرها ابن الأثير بما فسرها به المصنف رحمه الله، وفسرها غيره: ببيع الزرع بالحنطة، وبكل ثمر يخرصه.(1/174)
«إلا العرايا» العَرَايا: جمع عَرِيَّة، فعيلة، بمعنى مفعولة، وهي في اللغة: كل شيء أُفرد من جملة، قال أبو عبيد: من عَراه يعريه: إذا قصده، ويحتمل أن يكون فعيلة بمعنى: فاعلة، من عَرِيَ يَعْرَى: إذا خلع ثيابه، كأنها عَرِيَت من جملة التحريم، أي: خرجت. وقال ابن عقيل: هي في الشرع: بيع رُطَبٍ في رؤوس نخله بتمر كيلاً. وهذا على الصحيح في المذهب، أنّ العَرِيَّة مختصة بالرطب بالتمر، وحدُّ المصنف رحمه الله خير منه، لكونه جامعاً مانعاً.
«مثل ما يؤول إليه» أي: يرجع، عن الجوهري، وفسره ابن القطاع: بـ «يصير».
«بعضه ببعض» بالجر على البدل من جنس، ويجوز النصب على المحل، لأن «جنس» منصوب في المعنى، كأنه قال: ولا يجوز أن يبيع جنساً بعضه ببعض، ويجوز رفعه على تقدير المصدر، «بأنْ» وفعل ما لم يسم فاعله، كأنه قال: ولا يجوز أن يباع جنس بعضه ببعض.
«كمد عجوة» قال الجوهري: العجوز: ضرب من أجود التمر بالمدينة، ونخلها يُسَمَّى: لِينَةً.
«كدينار قراضة» القُراضة، بضم القاف: قطع الذهب، والفضة، يجوز نصبه على التمييز، وجره بالاضافة، أو على الصفة، وتنوين دينار على الأول، والثالث.
«بنعجة» قال الجوهري: النَّعْجَةُ: من الضأن، والجمع: نِعَاج، ونَعَجَات.
«بيع الكالىء بالكالىء» وهما مهموزان، وبعض الرواة يترك همزهما تخفيفاً، قال الجوهري: وكان الأصمعي لا يهمز، وأنشد:
وإذا تُبَاشِرُكَ الهمو
مُ فانها كَالٍ ونَاجِزْ
أي: منها نسيئة، ومنها نَقْدٌ. يقال: كَلأ الدَّين، يكلأ، كلوءاً، فهو كالىء: إذا تأخر.
«ما قبضه رديئاً» الرديء بالهمز. قال الجوهري: رَدُأَ الشَّيءُ رَدَاءَةً، فهو رديء، أي: فاسد.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 239
باب بيع الأصول والثمار(1/175)
الأصول: جمع أصل، وهو: ما يتفرع غيره عليه، وقيل: هو المحتاج إليه، وقيل: غير ذلك. والأصول هنا: الأشجار، والأرَضُون. والثمار: جمع ثمر، كَجبَل وجِبَال، وواحد الثمر: ثمرة، وجمع الثمار: ثُمُر، كَكتابٍ وكُتُب. وجمع الثُمُرِ: أثْمار، كَعُنُقٍ وأعْنَاق، فَثَمَرةٌ ثم ثَمَرٌ ثم ثِمارٌ ثم ثُمُرٌ ثم أثمار، فهو: رابع جمع.
«كالسلاليم» واحدها: سُلَّم بضم السين وفتح اللام وهو: المِرقاة، والدرجة، عن ابن سيده. قال: ويذكر ويؤنث، وأنشد لابن مقبل:
لا يُحْرِزُ المرءَ أحجاءُ البِلادِ وَلاَ
تُبْنَى له في السَّمواتِ السَّلالِيمُ
احتاج فزاد الياء. وقال الجوهري: السُّلَّم واحد السلاليم.
«والخوابي» واحدتها خابية. قال الجوهري: وهو: الحبُّ [الذي هو الزير] وأصله الهمز، إلا أن العرب تركت همزه.
«والرحا» هي الطاحونة، وهي مؤنثة، والألف منقلبة من الياء، تقول: هما الرَّحيان. وتُمد، فيقال: رحاء، ورحاءان، وأرْحِية، وَرَحَوْتُ. الرحا وَرَحَيْتُها، إذا أدرتُها.
«من الكنز» الكَنْز: المال المدفون، وقد كَنزَه يكنِزهُ: إذا دفنه.
«والبكرة والقفل» البَكْرةُ: التي يستقى عليها بسكون الكاف وفتحِها، لغة، حكاها صاحب «المشارق».
والقفل بضم القاف: الآلة المعروفة، وبالفتح: الفعل، يقال: قَفَل الباب، وأَقْفَلَه، وهي إغلاقه.
«والرطبة» تقدم في: الشروط في البيع.
«والجزة الظاهرة» الجزة، بكسر الجيم: ما تهيَّأ لأن يُجَزَّ، عن ابن سيده. والجَزة، بالفتح: المرَّة.
«إلى الحصاد» الحَصَادُ: بفتح الحاء وكسرها: قطع الزرع، يقال: حصد يحصِد، ويحصُد.(1/176)
«نخلاً مؤبراً» أَبَرَ النخل يَأبِرُه أبْراً، والاسم: الآبار فهو: آبِرٌ، والنخل مَأبُور، وأبَّرَ بتشديد الباء تَأبِيراً، فهو مُؤَبّر وأصل الآبار التلقيح، وهو: وضع الذكر في الأنثى، وفسره المصنف رحمه الله: بالتشقق، وهو لا يكون حتى يتشقق الطَّلع، وهو: وعاد العُنْقُود، ولما كان الحكم متعلقاً بالظهور بالتشقق بغير خلاف، فسر التَّأبيرُ به، فإنه لم انشق طَلْعهُ ولم يؤبّر، كانت الثمرة للبائع.
«إلى الجداد» الجَداد: بفتح الجيم وكسرها بالدال والذال المهملة والمعجمة. عن ابن سيده، كله صرام النخل.
«ثمر باد» أي: ظاهر.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 242
«كالعنب» هو بكسر العين، ويقال له: العِنَبَاء بالمد.
«والتوت» هو: بتاءين مثناتين، ويقال: بالمثلثة أخيراً، حكى ذلك الامام أبو عبدالله بن مالك في كتاب «وفاق الاستعمال» ونقله غيره، ونفاه الجوهري. وقول المثبت مقدم على نفيه.
«من نوره» النَّوْر: بفتح النون: الزهر على أي لون كان، وقيل: النَّوْر: ما كان أبيض، والزهر ما كان أصفر.
«كالمشمش» هو: بكسر الميمين، ونقل فتحهما عن أبي عبيد.
«من أكمامه» واحدها: كم، وهو الغلاف، وقوله تعالى: {ذاتُ الأكمام} [الرحمن: 21] أي: ذات الغُلُف، عن الضحاك، وأكثر ما يستعمل في وعاء الطّلْع.
«بدو صلاحها» يقال بَدَا يَبْدُو بُدُوَّا، كقَعَدَ، يَقْعُد، قُعُوداً، أي: ظهر. غير مهموز.
«فأتمرت» هي بالمثناة فوق، أي: صارت تمراً.
«بجائحة» الجائحة: الآفة التي تهلك الثمار، والأموال، وتستأصلها، وكل مصيبة عظيمة، وفتنة مبيرة: جَائِحة والجمع: الجوائح، وجاح الله المال، وأجاحه: أهلكه، والسَّنَةُ كذلك.
«أن يتموه» قال الأزهري: تَمَوّه العنب: أن يصفو لونه، ويظهر ماؤه، وتذهب حموضته، ويستفيد شيئاً من الحلاوة، فإن كان أبيض، حسن قشره الأعلى، وضرب إلى البياض، وإن كان أسود، فحين يوكَتُ ويظهر فيه السواد.(1/177)
«يبدو فيه النضج» النُضج: بضم النون وفتحها مصدر: نَضِج ينضُج نُضجاً ونَضجاً: فهو ناضِج، ونَضِيج، ونضج: إذا أدرك. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 242
باب السلم
قال الأزهري: السَّلم، والسّلف واحد، يقال: سلَّم وأَسلم، وسلّف وأَسْلَف، بمعنى واحد، هذا قول جميع أهل اللغة، إلا أنَّ السلف: يكون قرضاً أيضاً.
وحدُّه في الشرع: عقد على موصوف في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد.
«كالقماقم، والأسطال» القماقم: واحدتها: قمقم بضم القافين: ما يُسَخَّنُ فيه الماء من نحاس، ويكون ضيّق الرأس، وقال الجوهري: القمقمة معروفة. قال الأصمعي: وهو رومي، والأسطال: واحدها: سطل، قال ابن عباد وهي طُسَيْسَة صغيرة، وجمعه سطول، وقال غيره: هي [على] هيئة التَّوْر له عروة. قال الجوهري: ويقال: السَّيْطل، قلت: ويقال: صطل، بالصاد على لغة بني العنبر، فانهم يقلبون السين صاداً قبل الطاء، والقاف، والغين، والخاء المعجمتين، وقد نظمت ذلك في بيتين وهما:
السّينُ تُقْلَبُ صاداً قَبْلَ أَربَعةٍ
الطاءِ والقاف ثُمَّ الغينِ والخاءِ
إلى بَنِي العَنْبَرِ المذكور نِسْبَتُهُ
كالسَّطْلِ والسَّابِعِ التَّسْخِير إسْقَاء
«يجمع أخلاقاً» واحدها: خِلط، بكسر الخاء عن الجوهري، أي: مختلط.
«كالغالية والند والسكنجبين» الغَالِيَة: نوع من الطِّيب، مركب من مسك وعَنْبَرٍ، وعُودٍ، ودُهْنٍ، وهي معروفة عن ابن الأثير، وقال: يقال: أول من سماها بذلك: سليمان بن عبد الملك، تقول: منه تَغَلَّيْتُ بالغَالِيَة.
وأما «النَّد» بفتح النون، فهو الطيِّب المعروف، قيل: هو مخلوط من مسك وكافور. قال الجوهري، وابن فارس وغيرهما: ليس هو بعربي.
وأما «السّكنجبين» فليس هو من كلام العرب، وهو معروف مركب من السكر، والخل، ونحوه.
«وجودته» الجودة بفتح الجيم وضمها: مصدر جاد يجود: إذا صار جيِّداً.(1/178)
«وإن شرط الأردأ» الأردأ: مهموزاً أفعل تفضيل من ردء الشيء رداءة، فهو رديء.
«له وقع في الثمن» أي: أثر في زيادته.
«أو صنجة» الصَّنْجَةُ: صنجة الميزان معرَّب، قال ابن السِّكِّيت: ولا تقل: سنجة، بالسين.
«بستان بعينه» البستان: فارسيُّ معرَّب، قاله ابن الجواليقي.
«كالبرية» قال الجوهري: البَرِّية: الصحراء. والجمع: البراري، والبَرِّيتُ بوزن فعليت: البرِّيَّةُ أيضاً، فلما سُكِّنَتِ الياء، صارت الهاء تاء، كعِفْريتٍ وعِفْرِيَةٍ، والجمع البَرَارِيت.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 245
باب القرض
القَرْض: مصدر قرض الشيء يقرضه بكسر الراء: إذا قطعه، والقرض: اسم مصدر بمعنى الاقراض. وقال الجوهري: القرض: ما تعطيه من المال لتقضاه، والقرض بالكسر: لغة فيه. حكاها الكسائي. وقال الواحدي: القرض: اسم لكل ما يلتمس منه الجزاء، يقال: أقرض فلان فلاناً: إذا أعطاه ما يتحازاه منه، والاسم منه: القرض، وهو: ما أعطيته لتكافىء عليه، هذا إجماع من أهل اللغة.
«من المرافق المندوب إليها» المرافق: واحدها: مرفق بفتح الميم مع كسر الفاء وفتحها ما ارتفقت به، وانتفعت، والرفق: ضد العنف.
والمندوب في اللغة: المدعو، وحدَّه المصنف رحمه الله في «الروضة»: بأنه مأمور لا يلحق بتركه ذم من حيث تركه من غير حاجة إلى بدل وقيل: وهو: ما فعله ثواب، ولا عقاب في تركه.
والمندوب: مأمور به، وأنكر قوم كونه مأموراً به.
«استلف بكراً» البَكْرُ مِنَ الابل: ما لم يُثَن. وقال أبو السعادات: البَكْر: الثَّنِيُّ من الابل. والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 246
باب الرهن(1/179)
الرَّهْنُ في اللغة: الثبوت والدوام، يقال: ماءٌ راهن، أي: راكد، ونعمة راهنة، أي: ثابتة دائمة، وقيل: هو من الحبْس. قال الله تعالى: {كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 12] وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رهينة} [المدثر: 83] وجمعه رِهَانٌ، كَحَبْلٍ وحِبال، وَرَهْنٌ كَسَقْفٍ وسُقُف، عن أبي عمرو بن العلاء. قال الأخفش: وهي قبيحة، وقيل: رُهُنٌ جمع رِهان، ككِتابٍ وكُتُب، ويقال: رَهَنْت الشيء وأَرهنته بمعنى، قال المصنف رحمه الله: وهو في الشرع: المال الذي يجعل وثيقةً بالدَّيْنِ، ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه.
«وثيقة بالحق» الوثيقة بالحق: التوثق به. قال ابن القطاع: وثِقْتُ بالشيء: اعتمدت عليه، فالمرتهن معتمد على الاستيفاء من ثمن الرهن عند التعذر.
«رهن المشاع» قال الجوهري: سهمٌ مشاعٌ، وشائعٌ، أي: غير مقسوم.
«ونماء الرهن» تقدم ذكر النماء في «باب الخيار».
«وهو أمانة» أي: غير مضمون، والأمانة تقع على الطاعة، والعبادة، والديعة، والثقة.
«فيجبره» بضم الياء وفتحها، ويقال: جبره على الأمر، وأجبره عليه، إذا أكرهه عليه.
«على يد عدل» أي: في يد عدل و«على» تكون بمعنى «في» قال الله تعالى: {ودخل المدينة على حين غفلة} [القصص: 51] أي: في حين.
«عند الحلول» أي: عند الوجوب، قال ابن القطاع: حلَّ الحقُ حلاَّ، وحلولاً، وَتحِلَّة: وجب [عليه].
«أو يبيعه في الجناية» يبيعه بالنصب على إضمار «أن» وبالرفع، على أنه خبر مبتدأ محذوف وقد تقدم مثله في أوائل باب حكم الأرضين المغنومة.
«وان جُني عليه جناية» برفع «جناية» مفعولاً قائماً مقام الفاعل، وبنصبه على إقامة الجار والمجرور.
«قيمة أقلهما قيمة» الضمير في «أقلهما» عائد على العبد المرهون والجاني عليه المقتول به. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 247
باب الضمان(1/180)
الضمان: مصد ضَمِنَ الشيء ضماناً، فهو ضامن وضَمِين: إذا كَفَلَ به. وقال ابن سيده: ضمن الشيء ضَمَنَاً وضَماناً، وضَمَّنَه إياه، كَفَّله إياه، وهو: مشتق من التّضمن، لأن ذمة الضامن تَتَضَمَّنُ، قاله القاضي أبو يعلى، وقال ابن عقيل: الضمان مأخوذ من الضَّمِن، فتصير ذمة الضامن في ذمة المضمون عنه، وقيل: هو مشتق من الضم، لأن ذمة الضامن تنظم إلى ذمة المضمون عنه، والصواب: الأول، لأن «لام» الكلمة في الضم «ميم» وفي الضمان «نون» وشرط صحة الاشتقاق كون حروف الأصل موجودة في الفرع.
«مأله إلى الوجوب» أي: مرجعه وعاقبته، وهو: مصدر آل يؤول.
«عهدة المبيع» قال الجوهري: العهدة: كتاب الشراء. ويقال: عُهْدَتُهُ على فلان، أي: ما أَدْرَكَ فيه من دَرَك فاصلاحه عليه، وقال المصنف رحمه الله في «المغني»: ضمانه على المشتري: أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه، وان ظهر فيه عيب، أو استحق، رجع بذلك على الضامن، وضمانه عن البائع للمشتري هو: أن يضمن عن البائع الثمن متى خرج المبيع مستحقاً، أو رد بعيب، أو أرش العيب.
«في الكفالة» الكفالة: هي مصدر كفل به كفْلاً، وكُفُولاً، وكفالةً، وكفَلته، وكفلت عنه: تحملت. وقرىء شاذاً {وكَفِلَها زَكَرِياء} [آل عمران: 73] بكسر الفاء.
ويقال: صبر به، يصبر بالضم صبراً وصَبارة وحَمَل به حَمالة، وزعم به يزعم بالضم زعماً وزعامة، وقيل به بكسر الباء قَبالة فهو: كفيل وصبير وزعيم وحميل وقبيل، كله بمعنى واحد. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 248
باب الحوالة
قال ابن فارس: هي من قولك: تحول فلان عن داره إلى مكان كذا وكذا، فكذلك الحق تحول مال من ذمة إلى ذمة، وقال صاحب «المستوعب» الحوالة: مشتقة من التحول، لأنها تنقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، ويقال: حال على الرجل، وأحال عليه بمعنى، نقلهما ابن القطاع.(1/181)
«إن كان المحال عليه مليئاً» المليء: مهموز، قال أبو السعادات: هو الثقة الغني، وقد ملؤ فهو مليء، بين الملاءة، والملاء، وقد أولع الناس بترك الهمز وتشديد الياء.
وقال المصنف في «الكافي» المليء: الموسر غير المماطل. وقال في «المغني» كان المليء عنده ـ يعني الامام أحمد رحمه الله تعالى ـ أن يكون مليئاً بماله، وقوله، وبدنه، ونحو هذا. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 249
باب الصلح
الصُّلْح: اسم مصدر، لـ: صالحه مصالحة، وصلاحاً بكسر الصاد، قال الجوهري: والاسم: الصُّلْح، يذكر ويؤنث، وقد اصطلحا وصالحا واصّالحا مشدد الصاد، وصلح الشيء بضم اللام وفتحها. قال المصنف رحمه الله: الصلح: معاقدة يتوصل بها إلى الاصلاح بين المختلفين، ويتنوع أنواعاً، صلح بين المسلمين وأهل الحرب، وصلح بين أهل العدل وأهل البغي، وصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما، وهذا الباب للصلح بين المتخاصمين في الأموال.
«أو بني له فوقه غرفة» الغرفة، بضم الغين: العلِّيَّة، ويقال للسماء السابعة: غرفة، عن ابن فارس وغيره.
«المدعي عليه العبودية» العبودية: مصدر عبد العبد عبودية، وعبودة، وهي مرفوعة، مفعول، قائم مقام الفاعل للمدعي، ويجوز نصبها على مذهب الكوفيين لقيام الجار والمجرور مقام الفاعل.
«شقصاً» يذكر ويؤنث، يذكر في باب الشفعة.
«ويعجزه عن استنقاذها»، أي: تخليصها، والضمير في استنقاذها عائد على العين المصالح عنها، لأنه قال في أول الفصل: أن يدعي عليه عيناً، أو ديناً.
وصلح الأجنبي عن دين المنكر، لا يصح، لأنه اشترى ما لا يقدر على قبضه، ولأن بيع الدين في ذمة المقر لا يصح، فبيعه في ذمة من ينكره، ولا يقدر مشتريه على قبضه أولى.
«ممراً» الممر: موضع المرور، قاله الجوهري.(1/182)
«وبقعة يحفرها بئراً» قال ابن عباد في كتاب «المحيط» البُقعة والبَقعة: يعني بضم الباء وفتحها: قطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها، والجمع: بقاع، وبُقَع.
«إذا وصف العلو والسفل» قال ابن سيده: السُّفْل والسِّفْل يعني بضم السين وكسرها، والسُّفلة: نقيض العلو. والعلو، بضم العين وكسرها: نقيض السّفل، حكاهما الجوهري، وغيره.
«وإذا حصل في هوائه» قال الجوهري: الهواء ممدوداً: ما بين السماء والأرض، وكل خال هواء، وهوى النفس مقصور.
«ولا يجوز أن يشرع» بفتح الياء والراء وبضم الياء وكسر الراء، يقال: شرعت باباً إلى الطريق، وأشرعته، أي: فتحته، وقد استعمل المصنف رحمه الله «يشرع» بمعنى «يخرج»، فلعله من باب تضمين الفعل معنى فعل آخر.
«جناحا» إلى آخر الباب. الجناح بالفتح من الطائر: معروف، ومن الإنسان: يده، ومن العسكر: جانبه، فسمي ما يخرج إلى الطريق من الخشب جناحاً تسمية له بذلك. والساباط: تقدم في صلاة أهل الأعذار.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 250
والدكان: بضم الدال قال أبو السعادات. الدكان: الدكة المبنية للجلوس عليها و«النون» مختلف فيها، فمنهم من يجعلها أصلاً، ومنهم من يجعلها زائدة، وقال الجوهري: الدكان: واحد الدكاكين، وهي الحوانيت فارسي معرب.
وقال ابن فارس: هو عربي مشتق من دكيت المتاع إذا نضدته. والدرب، بسكون الراء: الطريق، وقيل هو بفتح الراء للنافذ، وبسكونها لغير النافذ، نقلهما أبو السعادات.
والاستطراق: استفعال من الطريق، أي: ليجعله طريقاً له.
والروزنة: قال ابن السكيت: الروزنة: الكوة، وهي معربة.(1/183)
والطاق: الفارغ ما تحته وهي الحَنيَّة وتسمى الأزج أيضاً. كله عن ابن قرقول. وقال ابن عباد: الطاق: عقد البناء حيث ما كان، والجمع: الأطواق، والطيقان. والجدال والجدر: الحائط. والآلة: الأداة أي شيء كانت كذا ذكره صاحب «الوجوه والنظائر» والمراد بها: الأنقاض. والباني بالباء الموحدة: اسم فاعل من بنى يبني، وليس بالثاء المثلثة، كذا قرأته على شيخيَّ اللذين أخذاه من عن مصنفه أَبَوَيْ الفرج عبد الرحمن المقدسي، والحراني، رحمهما الله تعالى وإياي.
والنهر: بفتح الهاء وسكونها لغتان مشهورتان لهذا المعروف، ويجمع في القلة على أنهار، وفي الكثرة على نهور بضم النون والهاء مشق من أنهار الدم: اسالته.
والبئر: مؤنثة مهموزة، ويجوز تخفيفها، وجمعها في القلة آبار وآبار بالمد على القلب، وأَبْؤر، وفي الكثرة على بيار.
والدولاب: قال الجوهري واحد الدواليب، فارسي معرب. وحكى غيره فيه ضم الدال وفتحها.
والناعورة: قال الجوهري: الناعورة: واحدة النواعير التي يستقى بها يديرها الماء ولها صوت، قال ابن عباد: والناعورة: ضرب من الدلاء يستقى بها.
والناعورة: مضيق في نهر في صبب، كالميزاب، ومنه ناعورة الرحا المركبة على الجناح.
والقناة: هي الآبار التي تحفر في الأرض متتابعة ليستخرج ماؤها، ويسيل على وجه الأرض.
وقنىً: جمع قناة كتمرة وتمر، وقنوات كسنوات. وقُنِيّ جمع الجمع لأن فَعْلَة لا يجمع على فعول إلا في خمسة ألفاظ وقد نظمتها في هذا البيت:
فُعُولٌ عَلَى فَعْلَةٍ بَدْرَةٌ
صخورٌ علومٌ مؤونٌ هُزُوم
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 250
كتاب الحجر
الحجر، بفتح الحاء وهو في اللغة: المنع، وفي الشرع: التضييق، ومنه سمي الحرام حجراً بكسر الحاء وفتحها وضمها، ويسمى العقل حجراً، لكونه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح وتضر عاقبته. وهو في الشريعة: منع الانسان من التصرف، وهو أنواع.(1/184)
أحدها: الحجر على الصبي. والثاني: على المجنون. والثالث: الحجر على السفيه. والرابع: الحجر على المفلس بحق الغرماء، والخامس: الحجر على المريض في التبرع لوارث، أو لأجنبي بزيادة على الثلث. والسادس: الحجر على المكاتب والعبد لحق سيدهما. والسابع: الحجر على الراهن في الرهن لحق المرتهن. والثامن: المرتد يحجر عليه لحق المسلمين، يقال: حجر الحاكم يحجُر ويحجِر بضم الجيم وكسرها.
«على مفلس» قال المصنف رحمه الله في «المغني» هو: الذي لا مال له، ولا ما يدفع به حاجته، وإنما سمي مفلساً، لأنه لا مال له إلا الفلوس. وهي أدنى أنواع المال، والمفلس في عرف الفقهاء: من دينه أكثر من ماله، وخرجه أكثر من دخله، ويجوز أن يكون سمي بذلك لما يؤول إليه من عدم ماله بعد وفاء دينه، ويجوز أن يكون سمي بذلك، لأنه يمنع من التصرف في ماله إلا الشيء التافة، كالفلوس، ونحوها. وقال أبو السعادات: معناه: صارت دراهمه فلوساً، وقيل: صار إلى حال يقال: ليس معه فليس.
«فلغريمه» الغريم هنا: رب الدين قال الجوهري: الغريم: الذي عليه الدين، وقد يكون الذي له الدين، قال كثير:
قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ فَوفّى غَرِيمه
وعَزَّهُ مَمْطُولٌ مُعَنّى غَرِيمُها
«يفي به» بغير همز، أي: لا يتم به وفاؤه، مضارع: وفى، قال أبو السعادات: يقال وفى بالشيء وأوفى ووفى بمعنىً.
«أَضر» أي: أقام على الامتناع، عن ابن القطاع وغيره.
«ادعى الاعسار» الاعسار: الاضاقة، عن ابن فارس. وفي «صحيح مسلم» «وأتجوز عن المعسر» وقال ابن القطاع: عسرتك عسراً وأعسرتك: طلبت منك الدين على عسرة، فالمعسر على هذا: المضيق، والمطالب له.
«حلف» يقال: حُلِّفَ وأُحْلِفَ واسْتُحلِف كله بمعنىً.
«وخلى سبيله» السبيل: الطريق يذكر ويؤنث ويجوز رفعه مفعولاً قائماً مقام الفاعل، ويجوز نصبه على الظرف والقائم مقام الفاعل مضمراً، أي: خلي هو في سبيله.
«نسج الغزل وخبز الدقيق» بفتح أولهما مصدر نسج وغزل.(1/185)
«بهزال» الهزال، بضم الهاء: ضد السمن، يقال: هزلت الدابة هزالاً وهزلتها أنا، وأهزلتها: أعجفتها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 254
«ودفع قيمة الغراس والبناء» الغراس: بكسر الغين فسيل النخل، وما يغرس من الشجر.
والبناء: مصدر بنى يبني وهو هنا بمعنى المفعول، كالخلق بمعنى المخلوق.
«من مسكن» بفتح الكاف وكسرها وهو: المنزل والبيت.
«وخادم» الخادم: واحد الخدم غلاماً كان أو جارية، وأخدمه: أعطاه خادماً، وجاء بغير هاء إجراءً له مجرى الأسماء الجامدة.
«ثم بالأثاث ثم بالعقار» الأثاث: متاع البيت. قال الفراء: لا واحد له. وقال أبو زيد: الأثاث: المال جمع، واحدته أثاثة، والأول: المراد هنا، قال الجوهري: العقار بالفتح: الأرض، والضياع، والنحل، ومنه قولهم: ماله دار ولا عقار. وقال شيخنا رحمه الله في «مثلثه»: العقار: متاع البيت، وخيار كل شيء، والمال الثابت، كالأرض والشجر، والمراد هنا ما قاله الجوهري.
«ويعطى المنادي» المنادي: هو السمسار وهو: الذي يدخل بين البائع والمشتري لامضاء البيع.
«ورشدا» تقدم ذكر الرشد في أول كتاب البيع أيضاً، ورشدا بالألف ضمير الصبي والمجنون.
«بالاحتلام» الاحتلام: مصدر احتلم: إذا رأى في نومه، تقول: احتلم، وحلم بفتح الحاء واللام حُلُما، وحُلْما، بضم اللام وسكونها مع ضم الحاء والمراد هنا: انزال المني ولو كان مستيقظاً، ولو رأى في نومه أنه يجامع ولم ينزل، لم يحم ببلوغه.
«من أولاد التجار» بضم التاء وتشديد الجيم جمع تاجر، وهو مقيس في فاعل صفة مذكر عاقل، كضارب، وضراب. وحكى ابن سيده في «المحكم»: تجار بكسر التاء وتخفيف الجيم وهو: جمع تجر، وتجر جمع تاجر، كصاحب وصحب، وصحاب.(1/186)
«من أولاد الرؤساء» الرؤساء: جمع رئيس كنيء بالهمز وبياء وفعيل، إن كان صحيحاً جمع على فعلاء، وإن كان معتلاً جمع على أفعلاء كولي وأولياء. قال الجوهري: ويقال: ريِّس كقيِّم، وقال المصنف في «المغني» وإن كان من أولاد الدهاقين والكبراء الذين يصان أمثالهم عن الأسواق.
«والكتاب» الكتاب: جمع كاتب، وهو جمع مقيس في فاعد المذكر العاقل.
«واستجادته» استفعال من الجودة، أي: تحصل الجيد منه.
«كالقمار والغناء» القمار: مصدر قامره: إذا لعب معه على مال يأخذه الغالب من المغلوب كائناً ما كان، إلا ما استثني في باب السبق، يقال: قَمَرَهَ يقمُرُهُ ويقمِره بضم الميم وكسرها عن صاحب «المحيط»، وأقمره، عن ابن القطاع، وغيره.
والغناء، بكسر الغين ممدوداً: الصوت المعروف، والأغنية: بضم الهمزة وتشديد الياء بمعنى الغناء، والجمع الأغاني، يقال منه: تغنى وغنى بمعنى، والغناء بفتح العين ممدوداً: النفع.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 254
«أو حابى» حابى: فاعل، من الحِبَاء: العطية، فمتى باع بدون ثمن المثل، أو اشترى بأكثر منه، فقد حابى بالقدر الزائد.
«وتزويج إمائهما» وهو جمع أمة، وهي خلاف الحرة، وأصله: أَمَوَةٌ بالتحريك، ويجمع على إمْوَان، كاخوان، وعلى آمٍ بوزن باب، كله عن الجوهري.
«في المكتب» المكتب: هو موضع تعلم الكتابة، والجمع المكاتب. فأما الكتَّاب، فجمع كاتب. وقال الجوهري: الكتّاب والمكْتَبُ واحد، فعلى هذا، إذا أطلق الكتاب على الموضع، فعلى حذف المضاف، أي: مكان الكتاب.
«أو غبطة» قال الجوهري وابن فارس: الغبطة: حسن الحال، وقد فسرها المصنف رحمه الله تعالى شرعاً، وقال في «الكافي»: المنصوص أن للوصي بيعه إذا كان نظراً لهم من غير تقييد بهذين، لكونه لا غلة له، أو له غلة يسيرة، ونحو ذلك.
«فهل يصح عتقه» أي: إعتاقه وقد تقدم.
«فيما يتولى مثله» يجوز رفع «مثله» على أنه فاعل، ونصبه على أنه مفعول.(1/187)
«يتجر» بوزن يقتل، ويتّجر بوزن يدَّخر.
«يفديه» بفتح الياء، أي: يعطي فداه. قال الجوهري: يقال: فداه. وفاداه: إذا أعطى فداءه، وفداه بنفسه وفدَّاه: إذا قال له: جعلت فداك.
«عبده المأذون» كذا وقع بخط المصنف رحمه الله، وحقه أن يكون عبده المأذون له، لأن الفعل إذا كان متعدياً بحرف الجر، كان اسم مفعوله كذلك، ومخرجه من وجهين. أحدهما: أن يكون ضمن «أذن» معنى «أطلق»، أو «أمكن»، فكأنه قال: عبده المطلق، أو الممكن. والثاني: أن يكون حذف حرف الجر، ثم عدّى الفعل بنفسه توسعاً، كقوله تعالى: {واليوم الموعود} [البروج: 3] أي: الموعود به.
«بالاباق» الاباق: مصدر أبَقَ، وأبِق بفتح الباء وضمها وكسرها في المضارع.
«وكسوة الثياب» بكسر الكاف وضمها مصدر كسا، عن ابن القطاع، وكذلك اسم الملبوس.
«وكذلك هدية للمأكول» هدية فعيلة بمعنى مفعولة، ويجوز أن يراد به نفس الاهداء، يقال: أهديت الهدية، وهديتها، نقلهما الزجاج.
«بالرغيف» الرغيف: معروف، وجمعه رغفان، ورغف، وأرغفة، في القلة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 254
باب الوكالة
الوكالة، بفتح الواو وكسرها: التفويض، يقال: وكله، أي: فوض إليه، ووكلت أمري إلى فلان، أي: فوضت إليه، واكتفيت به، وتقع الوكالة أيضاً على الحفظ، وهو: اسم مصدر بمعنى التوكيل.
«وليته وموليته» قال الجوهري: كل من ولي أمر واحد، فهو وليه، فـ: «موليته وزنها في الأصل: مفعولته، فدبر بإبدال الضمة كسرة، وقلب الواو ياء، وإدغامها في الياء، فصار موليَّة كمبنيٍّ ومَبْنيّة، ووليته: فعيلته بمعنى مفعولته، ولحقته التاء لكونه لم يتبع موصوفه، فهو كجريح وجريحة.
«في حضرة الموكل» بفتح الحاء وضمها وكسرها، أي: بحضوره، عن الجوهري وغيره.
«بالكسر» يذكر في «باب حد المسكر».(1/188)
«بألف حالة» الألف: مذكر، وأنت «حالة» باعتبار أنه دراهم، قال ابن السكيت: لو قلت: هذه الألْف بمعنى هذه الدراهم ألف، لجاز، والجمع: ألوف، وآلاف. و«حالة» بالجر: صفة لألف، ويجوز نصبه على الحال على ضعف.
«في الخصومة» أي: في إثبات الحق، لأنه لا يتوصل إلى القبض إلا بها غالباً.
«بغير تفريط» التفريط: مصدر فرط، أي: قصر في الشيء، وضيعه حتى فات.
«يجعل» يأتي تفسيره في باب «الجعالة».
«فلانة» فلانٌ وفلانة: كناية عن اسم سمي به المحدث عنه، خاص غالب، ويقال في غير الناس: الفلان والفلانة، كله عن الجوهري، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 258
كتاب الشركة
قال ابن القطاع: يقال: شَرِكْتُكَ في الأمر أَشْرَكُكَ شِرْكاً وشِرْكةً، وحكي: بوزن نعمة وسرقة، وحكى مكي لغة ثالثة: شَرْكَة بوزن تمرة، وحكى ابن سيده: شركته في الأمر وأشركته. وقال الجوهري: وشَرَكْتُ فلانا: صرت شريكه، واشْتَركْنا، وتَشَاركْنا في كذا، أي: صرنا فيه شركاء. والشِّرك بوزن العلم: الاشراك، والنصيب، قال المصنف رحمه الله في «المغني» هو: الاجتماع في استحقاق، أو تصرف.
«العنان» بكسر العين، وفي تسميتها بذلك ثلاثة أوجه. أحدها: أنها من عنَّ الشيء يعِنُّ ويَعُنُّ بكسر العين وضمها: إذا عرض، كأنه عَنَّ لهما هذا المال، أي: عرض فاشتركا فيه، قاله الفراء، وابن قتيبة، وغيرهما. والثاني: أن العنان: مصدر عانه عنَّاً ومعانة: إذا عارضه، فكل واحد منهما عارض الآخر بمثل ماله وعمله. والثالث: أنها شبهت في تساويهما في المال والبدن بالفارسين إذا سوّيا بين فرسيهما، وتساويا في السير، فإن عنانيهما يكونان سواء. ذكر المصنف رحمه الله معنى الثلاثة في «المغني». والعنان في اللغة: السير الذي يمسك به اللجام.
«والوضعية» هي فعيلة: بمعنى مفعولة، قال أبو السعادات: الوضيعة: الخسارة، وقد وضع في البيع يوضع وضيعة، يعني: أن الخسارة على قدر المال.(1/189)
«يحابى» يقال: حباه يحبوه حبواً، وحباءاً: إذا أعطاه، فليس له أن يعطي، لأنه تبرع، ولا يتبرغ بمال غيره، وفي معناه: البيع بدون القيمة، والشراء بأكثر منها، لأنه عطية المعنى، وقد تقدم معناه في «الحجر».
«ولا يأخذ به سفتجة» السفتجة: بفتح السين المهملة والتاء المثناة فوق، بينهما فاء ساكنة وبالجيم: كتاب لصاحب المال إلى وكيله في بلد آخر، ليدفع إليه بدله، وفائدته: السلامة من خطر الطريق ومؤنة الحمل.
«أو يبضع» بضم الياء مضارع أبضع. قال الجوهري: البضاعة: طائفة من المال تبعث للتجارة. تقول: أبضعت الشيء واستبضعته، أي: جعلته بضاعة، وقد فسره المصنف رحمه الله بعد هذا بيسير.
«وان تقاسما الدين» قسمة الدين في الذمة الواحدة لا تصح، وكذا في ذمتين فصاعداً في أصح الروايتين.
«الثاني: المضاربة» المضاربة مصدر ضارب، وقد فسرها المصنف رحمه الله بما ذكر، وذكر في «المغني» في اشتقاقها وجهين، أصحهما: أنها مشتقة من الضرب في الأرض، وهو: السفر فيها للتجارة. قال الله تعالى: {وآخرون يضربون في الأرض} [المزمل: 2]. والثاني: من ضرب كل واحد منهما في الربح بسهم، وتسمى: القراض والمقارضة. وفي اشتقاقها قولان، أحدهما: من القرض: القطع، لأن صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل، واقتطع له قطعة من الربح. والثاني: من المقارضة: الموازنة. يقال: تقارض الشاعران: إذا وازن كل واحد صاحبه، وهاهنا من العامل العمل، ومن الآخر المال، فتوازنا.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 260
«تأقيت المضاربة» أي: توقيتها، والهمزة منقلبة عن الواو. ويقال: وقّتَ الشيء، ووقَتَه بالتخفيف، وأقّته تأقيتا بالهمز، فهو مُوَقّت، وموقوت ومؤقّت بالهمز.
«في التسري» التَّسري: مصدر تسرّى تسرّياً: إذا أخذ سُرِّية، وقد تقدم ذلك في كتاب «الجنائز» مستوفى.
«الا أن يجيزه» الضمير في «يجيزه» للشراء الدال عليه «فاشترى».(1/190)
«لزم العامل تقاضيه» أي: المطالبة به. والاقتضاء: الطلب. قال الجوهري: اقتضى دينه وتفاضاه بمعنىً.
«من خيانة» بالخاء وبعدها ياء مثناة تحت، كذا وجدتها مضبوطة بخط المصنف رحمه الله، وهي ضد الأمانة، يقال: خانه يخونه خونا وخيانة ومخانة، واختانه.
«والاحتشاش» هو: أخذ الحشيش، افتعال من الحش، والاصطياد: افتعال من الصيد، والطاء منقلبة عن تاء الافتعال، وهو عبارة عن أخذ الصيد.
«والتلصص» هو: تفعّل من اللصوصيّة بفتح اللام وضمها، والص بكسر اللام وضمها وفتحها، نقلها ابن سيده في كتابه «المخصص».
«شركة المفاوضة» المفاوضة: مفاعلة، يقال: فاوضه مفاوضة، أي: جازاه، وتفاوضوا في الأمر، أي: فاوض بعضهم بعضاً. وشركة المفاوضة ضربان. أحدهما: أن يشتركا في جميع أنواع الشركة، كالعنان، والأبدان، والوجوه، والمضاربة، فهي شركة صحيحة. والثاني: ما فسره به المصنف رحمه الله، فهي فاسده عند إمامنا، والشافعي. وأجازه أبو حنيفة بشروط شرطها، وحكيت إجازتها عن الثوري، والأوزاعي، ومالك.
«كوجدان لقطة» بكسر الواو مصدر وجد، قال ابن سيده: وجد الشيء يَجِدُه، ويَجُدُهُ وُجْداً ووجْدَاناً وَوُجُوداً، وجِدَة ووِجداناً وإجداناً، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 260
باب المساقاة
وهي: مفاعلة من السقي، قال المصنف رحمه الله في «المغني» المساقاة: أن يدفع الرجل شجره إلى آخر ليقوم بسقيه، وعمل سائر ما يحتاج إليه، بجزء معلوم له من ثمره، وذكره الجوهري بمعناه.
«والزبار والتلقيح» الزِّبار: بكسر الزاي، لم أره في كتب اللغة، وكأنه مولَّد. وهو في عرف أهل زماننا: تخفيف الكرم من الأغصان الرديئة وبعض الجيدة يقطعها بمنجل ونحوه. قال ابن القطاع: زبرت الشيء: قطعته. وأما التلقيح، فهو وضع الذكر في الأنثى، وهو التأبير أيضاً، وقد تقدم في بيع الأصول والثمار.
«والتشمس» هو جعل ما يحتاج إلى أن يجعل في الشمس فيها.(1/191)
«ومالا، فلا» أي: وما لا يتكرر، فلا يلزمه، وكذا كل ما في الكتاب من هذا النوع يقدر كل موضع بما يليق به.
«ان سقي سيحاً» السيح: مصدر ساح الماء يسيح سيحاً: إذا جرى على وجه الأرض، قاله الجوهري، وانتصابه إما على المصدر، نحو سَقَى سَقْياً سيحا، أي: ذا سيح، وإما على إسقاط الخافض، أي: سقي بسيح. ومثال السقي سيحاً، أن يفتحه من نهر، أو قناة، ونحو ذلك.
«في المزارعة» المزارعة: مفاعلة من الزرع، قال المصنف رحمه الله في «المغني» وهي دفع الأرض إلى من يزرعها، ويعمل عليها، والزرع بينهما.
«فزارعه الأرض» أي: على الأرض، أو ضمن زارع، يعني: أعطى، وكذا ساقيتك هذا البستان، أي: أعطيتكه مزارعة، ومساقاة.
«قفزاناً معلومة» وهي: جمع قفيز، وقد تقدم ذكره في موضعه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 262
باب الاجارة
الاجارة: بكسر الهمزة مصدر أجره يأجره أجراً وإجارة، فهو مأجور، هذا المشهور. وحكي عن الأخفش والمبرد: آجره بالمد فهو مؤجر، فأما اسم الاجرة نفسها، فاجارة بكسر الهمزة وضمها وفتحها، حكى الثلاثة ابن سيده في «المحكم» وقال المصنف رحمه الله في «المغني»: واشتقاق الاجارة من الأجر، وهو: العوض، ومنه سمي الثواب أجراً، لأن الله تعالى يعوض العبد على طاعته ويصبره على مصيبته. ويقال: أجرت الأجير وآجرته بالقصر والمد: أعطيته أجرته، وكذا أجره الله تعالى، وآجره: إذا أثابه.
«والكراء» الكراء: بكسر الكاف ممدوداً، قال الجوهري: والكراء ممدوداً، لأنه مصدر كاريت، والدليل على ذلك أنك تقول: رجل مكارٍ، ومفاعل، إنما يكون من فاعلت. آخر كلامه، يقال: أكريت الدار والدابة، ونحوهما، فهي مكراة، وأكريت، واستكريت، وتكاريت بمعنىً، والكراء يطلق على المكري والمكتري.(1/192)
«بالعرف» العرف: في اللغة: ضد النكر، ثم هو عبارة عما يتعارفه الناس بينهم، والنسبة إليه عرفي، ومنه قوله في الإيمان: الأسماء العرفية، وهي: ما يتعارفها الناس على خلاف ما هي عليه لغة.
«كحمل زبرة حديد» الزبرة: بضم الزاي: القطعة من الحديد، والجمع: زُبَر: قال الله تعالى: {آتوني زبر الحديد} [الكهف: 69] وزبُر أيضاً بضمتين، حكاهما الجوهري.
«وسمكه» سمكه بفتح السين وسكون الميم: ثخانته، والسّمك في الحائط: بمنزلة العمق في غير المنتصب.
«فرساً أو بعيراً» نصب بـ «كان» مقدرة، كما تقدم في «باب الغسل» أصلياً، أو مرتداً.
«وكذلك الظئر» الظئر، بكسر الخاء المعجمة بعدها همزة ساكنة: المرضعة غير ولدها، ويقال لزوجها: ظئر أيضاً، وقد ظأره على الشيء: إذا عطفه عليه.
«عند الفطام» فطام الصبي: فصاله عن أُمه، فطمت الأم ولدها، فهو فطيم، ومفطوم.
«أو قصار» قال الجوهري: هو الذي يدق الثياب. قلت: وهو في عرف بلادنا: الذي يُبيّض الثياب بالغسل، والطبخ، ونحوهما. والذي يدق يسمى: الدقاق، ولا فرق بينهما، ولا بين كل صانع منتصب للعمل بأجرة.
«خطته رومياً» خطته: بكسر الخاء وتشديد الطاء، و«رومياً» منسوب إلى الروم، وهم: جيل من الناس، وهم من ولد الروم ابن عيصو،يقال: روميّ وروم، كما يقال: زنجيّ وزنج. وفارسياً: منسوب إلى فارس البلاد المعروفة، وروميّ وفارسيّ إشارة إلى توعين من الخياطة كانا معروفين.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 263
«والزنا والزمر والغناء» الزنا: يذكر في أول «باب حد الزنا»، والغناء تقدم في باب «الحجر».
وأما الزَّمرْ فمصدر: زَمَرَ يَزْمِر ويَزْمُر زَمْراً فهو زَمَّار، ولا يكاد يقال: زَامِر.
«أو بيت نار» البيت: معروف. والنار: معروفة مؤنثة، وجمعها: نُورٌ وأَنْورٌ، ونِيرَانٌ، وأصلها الواو، والمراد هنا: النار التي يعبدها المجوس، أو من يعبدها.(1/193)
«واستئجار النقد» النقد في الأصل: مصدر نقد الدراهم: إذا استخرج منها الزيف، وهو هنا: بمعنى المنقود، هي: الدراهم، والدنانير.
«ولا الشمع» الشمع معروف، وهو: بفتح الشين والميم، وقد تسكن ميمه.
«ليشعله» بضم الياء وفتحها لغة، يقال: أشعل النار وشعلها لغة.
«أو دياس زرع» يقال: داس الزرع دياساً بمعنى: درسه، وأداسه لغة، ومعناه: دقه ليتخلص الحب من القشر.
«الأجير المشترك» أي: المشترك فيه، أو في عمله، لأن الفعل إذا كان لازماً لا يكون اسم مفعوله إلا موصولاً بحرف جر، أو ظرف، أو مصدر، ثم توسع في ذلك، فحذف الجار، ثم صار الضمير متصلاً فاستتر.
«من أهل القربة» القربة والقربان بضم القاف فيهما: ما يتقرب به إلى الله تعالى.
«لحمولة شيء» الحمولة بضم الحاء: الأحمال، وبفتحها: ما يحتمل عليه، سواء كانت عليه الاحمال، أو لم تكن. وأما الحمول بالضم بلا هاء: فهي الإبل التي عليها الهوادج.
«كزمام الجمل وحزامه ورحله» الزمام بكسر الزاي. قال الجوهري: هو الخيط الذي يشد في البرة، ثم يشد في طرفه المقود، وقد يسمى المقود زماماً، وهو المراد هنا، لأن المستأجر لا يتمكن من النفع بالخيط الذي في البرة مفرداً، والحزام بكسر الحاء المهملة: ما تحزم به البرذعة ونحوها. يقال: حزم الدابة: إذا شد حزامها.
«تفريغ البالوعة والكنف» قال ابن درستويه: وسميت البالوعة على «فاعولة» وبلوعة على «فعولة»: لأنها تبلع المياه، وهي البواليع؛ والبلاليع، قال المطرز في شرحه، ويقال لها أيضاً: البلوقة، وجمعها بلاليق. قال: وقد جاءت البلاعة والبلاقة على وزن علامة، قال الجوهري: البالوعة: ثقب في وسط الدار، وكذلك البلوعة، فيكون فيها حينئذ خمس لغات، و«الكنف» بضم الكاف والنون، جمع كنيف، وهو الموضع المعد للتخلي من الدار، قال ابن فارس: الكنيف: الساتر، ويسمى الترس كنيفاً، لأنه يستر.
«يحجز» بضم الجيم، أي: يمنع، ويحول بينه وبينه.(1/194)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 263
«ولا ضمان على حجام، ولا ختان، ولا بزّاغ، ولا طبيب».
الحجّام: فعَّال من حجم يحجم فهو حاجم، والحجام للتكثير: صانع الحجامة، وهي معروفة، وهي في الحديث: «أفطر الحاجم والمحجوم». والختان فعال من خَتَنَ يَخْتِن خَتْناً، والاسم: الخِتَان، والخِتَانَة، فهو خَاتِن، والختّان للتكثير، وقد تقدم في باب الغسل مبسوطاً.
والبزّاغ: فَعَّال من بزغ الحجام والبيطار الدم يَبزُغُه بَزْغاً: شَرَطَ. والبزاغ للتكثير، والمراد به: البيطار.
والطبيب: العالم بالطب، وجمع القلة: أطبة، والكثير أطباء. والمتطبب: الذي يتعاطى علم الطب، والطِب، والطُب بالفتح والضم لغتان في الطب بالكسر. وقال أبو السعادات: الطبيب في الأصل: الحاذق بالأمور والعارف بها، وبه سمي معالج المرضى.
«كبحها» يقال: كَبَحْت الدابة، وكْفَحْتُها، وكْمحْتُها، وأَكْفَحْتُها وأكمحتها: إذا جذبتها لتقف. وقال أبو عثمان: كفحت الدابة، وأكفحتها: إذا تلقيت فاها باللجام تضربها به، وهو من قولهم: لقيته كفاحاً، ويقال: كبَخْتُها بالخاء المعجمة، ذكره الامام أبو عبدالله بن مالك في كتاب «وفاق الاستعمال»
«أو الرائض الدابة» قال أهل اللغة: راض الدابة رياضاً ورياضة: علمها السير. فهو: رائض. والقباء، تقدم في محظورات الاحرام.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 263
باب السبق
قال الأزهري: السبْق: مصدر سبَق يسبِق سبْقاً، والسَبق محركة الباء: الشيء الذي يسابق عليه، حكي ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السَّبَق، والخَطر والنَّدَبُ، والفَرَع، والوَجَب، كله الذي يوضع في النصال، والرهان، فمن سبق أخذه، الخمسة بوزن الفرس، وقال الأزهري أيضاً: النصال في الرمي، والرهان في الخيل، والسباق يكون في الخيل، والرمي.
«والمزاريق» المزاريق: جمع مزراق بكسر الميم، قال الجوهري: المزراق: رمح قصير، وقد زرقه بالمزراق.(1/195)
«بين عربي وهجين، ولا بين قوس عربي وفارسي» العربيُّ: منسوب إلى العرب، والهجين تقدم في الجهاد.
وأما القوس، فالأكثر تأنيثها، وتذكيرها لغة، قال الجوهري: القوس يذكر ويؤنث، والذي بخط المصنف رحمه الله عربيّ وفارسيّ، وقد أصلحه بعضهم في بعض النسخ: عربية وفارسية، ولا ينبغي أن يغير إذا كان لغة، والقوس العربي: هو قوس النبل، والفارسي: قوس النشاب، قاله الأزهري.
«تحديد المسافة والغاية» المسافة في اللغة: البعد. قاله الجوهري، وقال ابن عباد: بعد المفازة، وهي المساوف، ثم هو في الاصطلاح: عبارة عن المقدار زماناً، أو مكاناً. وأما الغاية، فقال الجوهري: الغاية. مدى الشيء، والجمع: غايٌ، وقال ابن عباد: الغاية: مدى كل شيء وقصاراه، وحكى الأزهري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الغاية: أقصى الشيء.
«إلا أن يدخلا بينهما محللاً» المحلِّل: اسم فاعل من حلّل الشيء: جعله حلالاً، لأنه حلّل الجُعْل بدخوله بينهما، وفيه ثلاث لغات: مُحِلّ، ومحلّل، وحالّ، لأن في فعله ثلاث لغات: حلَّل كسلَّم، وأحلَّ كأعد، وحلَّ كمرَّ، فاسم الفاعل من الثلاث على ما ذكر. حكى اللغات الثلاث أبو السعادات، وغيره.
«يكافىء فرسه» يُكافىء مهموزاً، أي: يساوي. وقال الجوهري: كل شيء ساوى شيئاً فهو مكافىء له.
«ومن صلى» أي: من جاء ثانياً، والمصلِّي: هو الثاني من خيل الحَلْبَة، وهي عشرة: المُجَلِّي، ثم المُصَلِّي، ثم المُسَلِّي، ثم التَّالي، ثم المُرتَاح، ثم الحَظِيُّ، ثم العاطِفُ، ثم المُؤَمِّلُ، ثم اللَّطِيمُ، ثم السُّكَيْت. ويقال له: الفِسْكِلُ، هكذا ذكرها المصنف رحمه الله في «الكافي» وقد نظمها شيخنا الامام أبو عبدالله بن مالك في هذين البيتين:
خير السِّباق المُجَلِّي يقتفيه مُصَلِّي
والمُسَلّي وَتَالٍ قبل مرتاح
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 267
وعاطِفٌ وحَظِيّ والمُؤَمِّلُ واللِـ
ـَّطيمُ والفِسْكِلُ السُّكَيْتُ يا صاح(1/196)
وقال الجوهري: السُّكيت مثل الكُميْت، وقد تشدد، وقال الأزهري: السُّكَيْت: هو الفِسْكِلْ والفسكول والمفسكل. يقال: فسكل، أي: أخر، قال الجوهري: وهو القاشور.
«تماثلت الأعناق» الأعناق: جمع عنق بضم العين والنون، وقد تسكن النون وتذكر وتؤنث، كله عن الجوهري.
«أن يجنب» قال ابن سيده: جَنَبَ الفرس والبعير يجنُبُه جَنْباً فهو مَجْنوب وجنيب.
«لا جلب ولا جنب» قال أبو السعادات: الجلب: يعني بفتح اللام في الزكاة، بأن يترك المُصَدَّق موضعاً، ويجلب الأموال إليه، ليأخذ صدقتها، ويكون في السّباق بالزجر للفرس، والصياح عليه، حَثّاً له على الجري. والجَنَب: بالتحريك في السباق، أي: يجنب فرساً إلى فرسه، فإذا فَتَرَ المركوب، تَحوّل إلى المجنوب، وفي الزكاة أن يترك العامل بأقصى مواضع الصدقة، ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه، وقيل: أن يجنب رب المال بماله، أي: يبعده ليحتاج العامل إلى الابعاد في طلبه واتباعه، هذا معنى ما ذكره مفرّقاً.
«في المناضلة» وهي: مفاعلة من النضل: السبق. يقال: ناضله نضالاً، ومناضلة، وقد تقدم في أول الباب.
«عدد الرشق» الرشق: بفتح الراء: الرمي نفسه، والرشق: بالكر: الوجه من السهام ما بين العشرين إلى الثلاثين، يرمي بها رجل واحد، هذا معنى ما ذكره الأزهري، وقال أبو عبدالله السامري: وليس للرشق عدد معلوم عند الفقهاء، بل أي عدد اتفقا عليه. وعدد الاصابة أن يقال: الرشق عشرون، والاصابة خمسة، أو نحو ذلك.
«هل هو مفاضلة» وقد فسرها رحمه الله. وقال في «المغني» وتسمى: محاطة، ومفاضلة، وقال أبو الخطاب: لا بد من معرفة الرمي هل هو مبادرة، أو محاطة، أو مفاضلة، فجعل المحاطة غير المفاضلة.(1/197)
«فان قالا خواصل الاصابة: سبعة أنواع» ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا منها أربعة، أولها: الخواصل: بالخاء المعجمة والصاد المهملة. قال الأزهري: الخاصل: الذي أصاب القرطاس، وقد خصله: إذا أصابه. وخصلت مناضلي أخصله خصلا: إذا نضلته وسبقته. الثاني: الخواسق بالخاء المعجمة والسين المهملة، وقد فسره المصنف رحمه الله تعالى. قال الأزهري، والجوهري: الخازق: بالخاء والزاي المعجمتين، والمقرطس: بمعنى الخاسق، والثالث: الخوارق بالخاء المعجمة والراء، وقد فسره بأنه: ما خرق الغرض، ولم يثبت فيه، ورأيته مضبوطاً في نسخة المصنف رحمه الله بـ «المقنع» «خوازق» بالزاي، ولا أراه يستقيم، لأنه قد تقدم النقل عن الأزهري والجوهري أن الخازق بالزاي: لغة في الخاسق، فهما شيء واحد، وقد فسر الخوارق بغير ما فسر به الخواسق، فتعين أن يكون بالراء، لئلا يلزم الاشتراك، أو المجاز، وكلاهما على خلاف الأصل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 267
والأصل في الألفاظ التباين، ولعل ضبطه بالزاي من غير المصنف والله أعلم. الرابع: الخواصر: بالخاء المعجمة والصاد والراء المهملتين، وقد فسرها المصنف رحمه الله. قال السامري: ومنه: الخاصرة، لأنها من جانبي الرجل. والخامس: الموارق، وهو: ما خرق الغرض. ونفذ منه، ذكره المصنف رحمه الله تعالى في «المغني» و«الكافي». وذكر الأزهري أنه يقول له: الصادر. السادس: الخوارم، وهو: ما خرم جانب الغرض، ذكره في «المغني». السابع: الحوابي، وهو ما وقع بيني يدي الغرض، ثم وثب إليه، ومنه يقال: حبى الصبي، هكذا ذكره في «المغني» وليست الخوارم والموارق من شرط صحة المناضلة، هكذا ذكره السامري.(1/198)
«معرفة قدر الغرض وطوله» الغرض: هو الشيء الذي ينصب ليرمى، قال الجوهري: الغرض: الهدف الذي يرمى فيه، وقال الأزهري: الهدف: ما رفع ونبا في الأرض، والغرض: ما نصب في الهواء. وقال السامري: الغرض: هو الذي ينصب في الهدف. والصواب حذف الواو من «وطوله»، كما ذكر في «الكافي» وقال صاحب «المحرر»: ولا بد من معرفة الغرض، صفة وقدرا، لأن قدر الغرض هو: طوله، وعرضه، وسمكه.
«من له مزية» والمزيّة: الفضيلة. يقال: له عليه مزيَّة، والجمع: مزايا، عن الجوهري.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 267
كتاب العارية
العاريّة: مشددة الياء على المشهور، وحكى الخطابي وغيره تخفيفها، وجمعها: عواري بالتشديد والتخفيف، قال ابن فارس: ويقال لها: العارة أيضاً. قال الشاعر:
فأخْلِفْ وأتْلِف إنّما المالُ عارةٌ
وكُلْه معَ الدَّهْر الذي هُوَ آكلهُ
قال الأزهري: هي مأخوذة من عار الشيء يعير: إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف: عيّار، وهي منسوبة إلى العارة، بمعنى: الاعارة، وقال الجوهري: هي منسوبة إلى العار، لأن طلبها عار وعيب، وقيل: هي مشتقة من التعاور، من قولهم: اعتوروا الشيء، وتعاوروه، وتعوَّروه: إذا تداولوه بينهم. قال المصنف رحمه الله في «المغني»: عاره العين، وأعاره، وهي في الشرع: إباحة الانتفاع بعين من أعيان المال، وقال السامري: هي إباحة منافع أعيان يصح الانتفاع بها مع بقاء عينها، وقيل: هي هبة منفعة العين.
«إلا منافع البضع» البضع: بضم الباء: فرج المرأة، والنكاح أيضاً. والبضع: بالكسر والفتح عن غير واحد: ما بين الثلاثة والعسرة، وقيل غير ذلك، وليس هذا موضعه.
«في لجة البحر» اللجة: بضم اللام من البحر: حيث لا يدرك قعره.
«ولم يذكر أصحابنا عليه أجرة» يجوز نصب أجرة على أنه مفعول «يذكر» أو على معنى لم يوجبوا عليه أجرة، ويجوز رفع أجرة، لأن «يذكروا» بمعنى «يقولوا» فتكون الجملة محكية.(1/199)
«وان حمل غرس غيره» الضمير في «حَمَلَ» للسيل.
«فهل يكون كغرس الشفيع» المراد بالشفيع: المشتري للشقص، لأن الغرس له حقيقة، وهو للشفيع مجاز، لأن له أن يأخذه بالقيمة.
«كخمل المنشفة» الخمل، بسكون الميم: ما يعلو الثوب من الزئبر، شبيه بخمل الطنافس. والمنشفة بكسر الميم.
«إلى إصطبل المالك» إصطبل بكسر الهمزة: وهي همزة قطع أصلية، وسائر حروفها أصلية، وهو بيت الخيل ونحوها، قال أبو عمرو: ليس من كلام العرب.
«كالسائس» السائس: اسم فاعل من ساس يسوس، فهو سائس: إذا أحسن النظر، وقال ابن القطاع: ساس الراكب الدابة: أحسن رياضتها وأدبها، ثم صار في العرف: عبارة عن خادم الدواب، وهو المراد هنا.
«أو المدعى» بفتح العين: اسم مفعول. والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 272
كتاب الغصب
الغصب: مصدر غصبه يغصبه بكسر الصاد. ويقال: اغتصبه أيضاً، وغصبه منه، وغصبه عليه بمعنى، والشيء غصب ومغصوب، وهو في اللغة: أخذ الشيء ظلما، قاله الجوهري، وابن سيده، وغيرهما من أهل اللغة، وقد حده المصنف رحمه الله بأنه الاستيلاء على مال الغير، فأدخل الألف واللام على «غير» والمعروف في كلام العرب وعلماء اللغة أنه لا يعرَّف بهما، ولن يدخل في حده غصب الكلب، ولا خمر الذميّ، ولا المنافع، والحقوق، والاختصاص، فلو قال: وهو الاستيلاء على حق غيره، لصح لفظاً وعمَّ معنىً.
«والعقار» العقار، بفتح العين: الضيعة، والنخل، والأرض، وغير ذلك، قاله أبو السعادات، وقال الامام أبو عبدالله بن مالك في «مثلثه»: العقار بالفتح: متاع البيت، وخيار كل شيء، والمال الثابت، كالأرض، والشجر، وهو المراد هنا.
«كرها» بفتح الكاف وضمها، وهو: مصدر كره الشيء: أبغضه، وهو نصب على الحال مبالغة، أو على حذف المضاف، أي: ذاكره.
«قد بلي» بكسر اللام، يبلى بِلًى وبَلاءً بفتح الباء ممدوداً: أَخْلَقَ.(1/200)
«سمر» مخففاً بوزن ضرب، أي: شد بهما باباً.
«حتى ترسى» بضم التاء مع فتح السين وكسرها، وترسي بفتح التاء وكسر السين، وذلك أنه يقال: رست السفينة، وأرست، وأرساها غيرها. قال الله تعالى: {والجبال أرساها} [النازعات: 33].
«كالسمن» السمن، بكسر السين وفتح الميم: مصدر سمن يسمن، ضد هزل، ومصدره المقيس بفتح السين والميم معاً، إلا أني لم أره منقولا.
«فلو غصب جارحاً» الجارح: أحد الجوارح. قال الجوهري: الجوارح من السباع، والطير: ذوات الصيد.
«أو شبكة أو شرَكا» الشبكة: معروفة، وجمعها شباك، وأصلها من الشَّبْك: الخَلْط. والشرك: بفتح الشين والراء: حِبَالة الصائد، والواحدة شَرَكة، كله عن الجوهري.
«أو بيضاً فصار فرخاً» قال الجوهري: الفرخ: ولد الطائر، والأنثى فرخة، وجمع القلة: أفْرُخ، وأَفْرَاخ، والكثير: فِراخ، وكان الأصل هنا أن يقول: فصار فراخاً، لأن البيض جمع، وخبر المجموع مجموع.
«أو نوى فصار غرساً» هو كالذي قبله صورة، لكن غرساً مصدر بمعنى المغروس، والمصدر إذا أخبر به لا يثنَّى ولا يجمع.
«فهزل» هو بضم الهاء: أصابه هُزال، أي: عجف، يقال: هُزِلَتِ الدابة هُزالاً وأهزَلْتها، ويقال: هزلت بفتح الهاء وكسر الزاي، حكاه ابن القطاع.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 274
«هدر» بفتح الدال وسكونها، أي: باطلة.
«صبغاً» الصبغ، بكسر الصاد: ما يصبغ به، وبفتحها مصدر صبغ يصبُغ، ويصبَغُ، ويصبِغ.
«فلته بزيت» أي: خلطه وعجنه.
«فضمنهما» الضمير للمشتري والمُتَّهِب.
«مستحقة: بفتح الحاء اسم مفعول. تقول: استحق فلان العين فهي مستحقة: إذا ثبت أنها حقه.
«وإن اطعمه لمالكه» كذا بخط المصنف رحمه الله، والأصل أن يقال: أطعمه مالكه، ووجهه أن تكون اللام زائدة كزيادتها في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِف لكم} [النمل: 27] أي: ردفكم.(1/201)
«وان رهنه عند مالكه» الأصل: أن يقال: رهنه مالكه، ووجهه أنه ضمن «رهن» معنى «جعل» فكأنه قال: جعله عنده رهناً.
«وان أعوز المثل» بالرفع أي: تعذّر يقال: أَعْوَزَني كذا: إذا تعذر عليَّ.
«يوم القبض» على قول القاضي، أي: يوم قبض المغصوب منه القيمة من الغاصب.
«أو تبراً» التبر، بكسر التاء المثناة فوق: الذهب غير المضروب، قال الجوهري: وبعضهم يقوله للفضة.
«وتصرفات الغاصب الحكمية» الحكمية: بالرفع صفة لـ «تصرفات». الحكمية: ما كان لها حكم من الصحة والفساد. فالصحيح من العبادات: ما أجزأ، وأسقط القضاء، والفاسد: ما ليس كذلك من العقد كلها، فما كان سبباً لحكم، إذا أفاد حكمه المقصود منه، فهو صحيح، وإلا فهو باطل. فالباطل: الذي لم يثمر، والصحيح الذي أثمر، والفاسد عندنا: مرادف للباطل، فهما اسمان لمسمى واحد.
«ما لا محترماً لغيره» قيده بالمال، احترازاً من غيره، كالكلب والسِّرجين النجس. و«بالاحترام» احترازاً من مال الحربي، وخمر الذمي، وآلة اللهو، و«لغيره» احترازاً عن مال نفسه.
«أو وكاء» الوكاء: بكسر الواو ممدوداً: ما يشد به رأس القربة ونحوها.
«زق» الزِقّ، بكسر الزاي: السقاء ونحوه من الظروف.
«عقوراً» هو مبالغة في عاقر اسم فاعل عقر، قال أبو السعادات: والعقور: كل سبع يعقر، أي: يجرح ويقتل ويفترس.
«وإن أجج» أي: أضرم وألهب.
«في فنائه» بكسر الفاء ممدوداً. قال الجوهري: هو ما امتد من جوانب الدار.
«وان حفرها في سابلة» قال ابن عباد في كتابه «المحيط»: السبيل: الطريق يذكر ويؤنث. والجمع: السُّبُل، والسَّابِلة: المختلفة في الطرقات، وجمعها: سوابل.
«أو علق فيه قنديلا» هو بكسر القاف معروف.
«فعثر به» بفتح الثاء على المشهور، وبضمها عن المطرز، وبكسرها عن اللحياني، ومضارعه مثلث أيضاً، حكى اللغات الست الليلي في شرحه ومعناه: كبا.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 274(1/202)
«أو ميزاباً» الميزاب: معروف، وفيه أربع لغات، مئزاب بالهمز وتركه، ومرزاب بتقديم الراء، ومزراب بتقديم الزاي، حكاهن شيخنا أبو عبدالله بن مالك في كتابه المسمى بـ «النظم الأوجز فيما يهمز وما لا يهمز».
«وأومأ مهموزاً» يقال: ومى إليه وأومى.
«اصطدمت» افتعلت من الصدم، وتاء الافتعال تقلب طاءً بعد حروف الأطباق الأربعة: ص، ض، ط، ظ.
«ضمان المصعدة» أي: المرتقية. يقال: صعد المكان: رقيه، بكسر العين، وأصعد، أي: ارتفع، عن ابن سيده، فعلى هذا يقال: صاعدة.
«مزماراً أو طنبوراً» المزمار: معروف. ويقال فيه: مزمور بضم الميم، وهو: أحد ما جاء على مفعول، وهي: سبعة ألفاظ وما عداها بالفتح.
والطنبور، بضم الطاء: فارسي معرب. والطنبار: لغة فيه، بوزن سنجار.
ويقال فيه: طبن، وضبن، بضم الطاء والضاد، حكاهما شيخنا رحمه الله في كتابه المسمى بـ «وفاق الاستعمال».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 274
باب الشفعة
قال صاحب «المطالع»: الشفعة: مأخوذة من الزيادة، لأنه يضم ما شفع فيه إلى نصيبه، هذا قول ثعلب. كأنه كان وتراً فصار شفعاً، والشافع: هو الجاعل الوتر شفعاً، والشفيع: فعيل بمعنى فاعل. وقال في «المغني» هي: استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقل عنه من يد من انتقلت إليه، وهو أعم مما في «المقنع» فليتأمل.
«حصة شريكه» الحصة: النصيب، وجمعه: حصص، وأحصصت القوم: أعطيتهم حصصهم.
«أن يكون شقصاً» الشِّقص: بكسر الشين، قال أهل اللغة: هو القطعة من الأرض، والطائفة من الشيء، والشقيص: الشريك.
«مشاعاً» تقدم [في] الرهن.
«المحدد» كذا بخط المصنف رحمه الله، أي: المجعول له حدود، يقال: حَدَدْتُ الدار أَحُدُّها فهي محدودة، وفي التكثير: حدَّدتها فهي محدودة.(1/203)
«كالحمام» الحمام: البيت المعروف، وهو مذكر عن شيخنا أبي عبدالله بن مالك قال: وأما البيت المشهور على ألسنة العامة «إن حمامنا التي نحن فيها» فبيت مصنوع، ليس من كلام العرب.
«والعراص» العِرَاص: جمع عرصة بفتح أوله وإسكان ثانيه، وجمعها عراص، وعرصات بفتح الراء، وهي: كل موضع لا بناء فيه.
«من يقبل خبره» هو الاثنان المقبول خبرهما، وفي الواحد وجهان.
«فان نكل عنها» بفتح الكاف وكسرها لغة حكاها ابن سيده، وغيره أي: نكص.
«وإن دل في البيع» يقال: دللتك على الشيء دلالة، ودلالة ـ بفتح الدال وكسرها ـ ودلولاً، ودلولة بضمها فيهما: إذا أرشدتك إليه، أي: أرشد المشتري إليه، فكان سمساراً بينهما، ويسمى الدلال.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 278
باب الوديعة
الوديعة: فعيلة بمعنى مفعولة، من الودع، وهو: الترك. قال ابن القطاع: ودعت الشيء ودعاً: تركته. وابن السكيت، وجماعة غيره، ينكرون المصدر، والماضي من «بدع» وقد ثبت في «صحيح مسلم». «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات» وفي «سنن النسائي» من كلام رسول الله . «اتركوا الترك ما تركوكم، ودعوا الحبشة ما ودعوكم» فكأنها سميت وديعه، أي: متروكة عند المودع. وأودعتك الشيء: جعلته عندك وديعة، وقبلته منك وديعة، فهو من الأضداد.
«حرز» الحرز بكسر الحاء: المكان الحصين.
«لغشيان شيء الغالب منه التوى» الغشيان: مصدر غشي الشيء غشيانا: نزل.
والتوى مقصوراً: هلاك المال، ويقال: تَوِيَ المال بالكسر يَتْوَى تَوَىً وأَتْواهُ غَيرُه، وهذا مال تَوٍ.
«فلم يعلفها» بفتح الياء وضمها، لغة حكاها ابن القطاع، يقال: علف الدابة، وأعلفها.
«في جيبك» قال الجوهري: الجيب للقميص، تقول: جُبْتُ القَمِيصَ أَجُوبُهُ، وأُجِيبُهُ، إذا قَوَّرْت جَيْبَهُ، والمراد هنا: المجعول في القَبَاءِ ونحوه شبه الوعاء، ولم أره في شيء من كتب اللغة بهذا المعنى. والله أعلم.(1/204)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 279
باب احياء الموات
الموات، والميتة، والموتان بفتح الميم والواو، وهي: الأرض الدارسة، كذا ذكره في «المغني» وقال الفراء: الموتان من الأرض: التي لم تحي بعْدُ، وقال الأزهري: يقال للأرض التي لها مالك، ولا بها ماء، ولا عمارة، ولا ينتفع بها إلا أن يجري إليها ماء، أو يستنبط فيها عين، أو يحفر بئر: موات، وميتة، وموتان بفتح الميم والواو.
«الداثرة» أي: الدراسة. والدثور: الدروس، ومنه دثر الرسم.
«أرضاً ميتة» يقال: ميْتَة وميِّتَة بالتخفيف والتشديد فيهما، أنشد الجوهري مستشهداً على اللغتين بقول الشاعر:
ليسَ مَنْ مَاتَ فاسْتراحَ بمَيْتٍ
إنّما المَيْتُ مَيِّتُ الأحْيَاءِ
«والجص» الجص: بكسر الجيم وفتحها: ما يبنى به، وهو معرَّب، عن الجوهري.
«بئراً عاديّة» بتشديد الياء: القديمة منسوبة إلى عاد، ولم يرد عاداً بعينها، لكن لما كانت في الزمن الأول وكانت لها آبار في الأرض، نسب إليها كل قديم، كذا ذكره في «المغني».
«حريمها قدر مدِّ رشائها» حريم البئر وغيرها: ما حولها من مرافقها وحقوقها. والرشاء، بكسر الراء ممدوداً: الحبل، والجمع: أرْشِيَة، كله عن الجوهري.
«تحجر مواتاً» أي: شرع في إحيائه مثل أن أدار حول الأرض تراباً، أو حجارة، أو أحاطها بحائط صغير، كذا ذكره في «المغني».
«إقطاع» الاقطاع مصدر أقطعه: إذا ملكه أو أذن له في التصرف في الشيء. قال أبو السعادات: والاقطاع يكون تمليكاً وغير تمليك.
«ورحاب المسجد» الرِّحاب: جمع رَحبَة بالتحريك، والجمع: رَحَبٌ ورَحَبَاتٌ ورِحَابٌ، وهي ساحته، عن الجوهري. وتسكين الرحبة لغة.
«قماش» القماش، بضم القاف: متاع البيت. عن الجوهري.
«أن يحمي» بفتح الياء وضمها، أي: يمنع، يقال: حميت المكان، وأحميته لغة، ذكرها شيخنا في «فعل وأفعل».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 280
باب الجعالة(1/205)
الجعالة، بفتح الجيم، وكسرها، وضمها: ما يجعل على العمل، ذكره شيخنا في «مثلثه» قال: ويقال: جعلت له جعلا، وأجعلت: أوجبت. وقال ابن فارس في «المحمل»: الجُعل، والجَعالة، والجعيلة: ما يعطاه الإنسان على الأمر يفعله.
فان له «بالشرع» الشرع: مصدر شرع يشرع شرعاً، أي: سنَّ. وقال أبو السعادات: الشرع والشريعة: ما شرع الله لعباده من الدِّين. فمعنى بالشرع: أن يشرع الشارع، لأجل الحديث الوارد في ذلك، وهو مرسل، وفيه مقال، وكذلك في المسألة رواية أُخرى «لا جعل له» وصححها في «المغني».
«المصر» تقدم في آخر باب التيمم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 281
باب اللقطة
اللقطة: اسم لما يلقط، وفيها أربع لغات، نظمها شيخنا أبو عبدالله ابن مالك فقال:
لُقَاطَةٌ، ولُقْطَةٌ، ولُقَطَه
ولَقَطٌ مَا لاَقِطٌ قَدْ لَقَطَه
فالثلاث الأول بضم اللام، والرابعة بفتح اللام والقاف، وروي عن الخليل: واللقطة، بضم اللام وفتح القاف: الكثير الالتقاط، وبسكون القاف: ما يلتقط، وقال أبو منصور: وهو قياس اللغة، لأن فعلة بفتح العين أكثر ما جاء فاعل، وبسكونها مفعول كَضُحَكة للكثير الضحك، وضُحْكة لمن يضحك منه.
«كالسوط والشسع» السوط: الذي يضرب به معروف. والشِّسع: بكسر الشين المعجمة بعدها سين مهملة. قال أبو السعادات: الشسع: أحد سيور النعل، وهو الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام: السير الذي يعقد فيه الشّسع.
«الضوالّ» جمع ضالة، قال الجوهري: لا يقع إلا على الحيوان، فأمّا الأمتعة، فيقال لها: «لقطة» ويقال للضوالّ: الهوامي، والهوافي، والهوامل، وقد همت، وهفت، وهملت: إذا ضلت، فمرت على وجوهها بلا راع، ولا سائق.
«من صغار السباع» صغار السباع، كالذئب، ونحوه.(1/206)
«والظباء» الظباء: جمع ظَبْيٍ، والأنثى ظَبْيَه، بالهاء، وجمع الظَّبي في القلة: أظْبٍ، كدلْوٍ، وأدْل، وجمعه في الكثرة: ظبىً وظِبِيٌّ، ووزنه فعول كفلوس.
«والفصلان، والعجاجيل، والأفلاء» الفصلان: بضم الفاء جمع فصيل، وهو: ولد الناقة إذا فصل عن أمه، ويجمع على فصال، ككريم وكرام.
والعجاجيل: قال الجوهري: العِجْلُ: ولد البقرة، والعِجَّوْل مثله، والجمع العجاجيل. وقال شيخنا في «مثلثه» العجل: ولد البقرة حين يوضع، ثم هو بُرْغُزٌ، ثم فَرْقَدٌ. والأفلاء: قال الجوهري: الفلوّ، بتشديد الواو: المُهْرُ، والأنثى: فُلُوَّةٌ، كما قالوا: غدُوّة، والجمع: أفلاء، كَععدو، وأَعْدَاء، وفَلاَوى: بوزن خطايا، وقال أبو زيد: فَلوُّ إذا فتحت الفاء، شددت، وإذا كسرت، خففت، فقلت: فِلْوٌ، كجِرْو.
«بمضيعة» قال أبو السعادات: المضيعة: بكسر الضاد مفعلة من الضياع: الاطراح والهَوَان، كأنه فيه ضائع، فلما كانت عين الكلمة ياء مكسورة، نقلت حركتها إلى الضاد، فصارت مضِيعَة بوزن معيشة، وقيل: مَضْيَعَة بوزن مسْبَعَة، حكاها القاضي عياض رحمه الله.
«وعاءها ووكاءها» بكسر أولهما ممدودان، فالوعاء: ما يجعل فيه المتاع. يقال: أوعيت المتاع: إذا جعلته فيه، والوكاء: الخيط الذي يشد به الصّرة والكيس ونحوهما.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 282
«عند وجدانها» الوجدان: بكسر الواو: مصدر وجد، يقال: وَجَدَ مطلوبه يَجِدُهُ، ويَجُدُه بضم الجيم لغة عامية، ولا نظير له في باب المثَال، وَجْداً وجِدَةُ ووُجُوداً، ووِجْدَاناً بالكسر فيهما.
«والاشهاد عليهما» بالرفع ولا يجوز جره. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 282
باب اللقيط(1/207)
وهو فعيل بمعنى مفعول، كجريح، وقتيل، وطريح. قال أبو السعادات: اللقيط: الذي يوجد مرمياً على الطريق، ولا يعرف أبوه، ولا أمه، فعيل بمعنى مفعول. والمنبوذ، أي: المرمي على الطريق. والنبذ: الطرح.
«البادية» يأتي تفسيرها في حد الزنا.
«مقيم في حلة» الحلة: بكسر الحاء المهملة: بيوت مجتمعة، ذكره شيخنا في «مثلثه». وقال ابن فارس: الحي: النزول، وقال أبو السعادات: القوم المقيمون المتجاورون.
«على القافة» القافة، بتخفيف الفاء جمع قائف، عن الجوهري وغيره، وقال القاضي عياض: هو الذي يتبع الأشباه، والآثار، ويقفوها، أي: يتبعها، فكأنه مقلوب من القافي، وهو: المتبع للشيء، قال الأصمعي: هو الذي يقفو الأثر، ويقتافه. وقال المصنف رحمه الله في «المغني» القافة: قوم يعرفون الأنساب بالشبه، ولا يختص ذلك بقبيلة معينة، بل من عرفت منه المعرفة بذلك، وتكررت منه الاصابة، فهو قائف، وقيل: أكثر ما يكون هذا في بني مدلج، وكان إياس بن معاوية قائفاً، وكذلك شريح. وظاهر كلام أحمد رحمه الله: أنه لا يقبل إلا قول اثنين، وقال القاضي: يقبل قول واحد، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 284
كتاب الوقف
الوقف مصدر وقف، يقال: وقف الشيء وأوقفه، وحبسه وأحبسه، وسبله، كله بمعنى واحد، وهو مما اختص به المسلمون. قال الشافعي رحمه الله: لم يحبس أهل الجاهلية فيما علمته، وإنما حبس أهل الإسلام، وسمي وقفاً، لأن العين موقوفة، وحبساً، لأن العين محبوسة. وحدّ المصنف رحمه الله لم يجمع شروط الوقف.
وحدّه غيره فقال: تحبيسُ مالِكٍ مطلق التصرف ماله المنتفع به، مع بقاء عينه، بقطع تصرف المالك، وغيره في رقبته، يصرف ريعه إلى جهة بِرٍّ تقرباً إلى الله تعالى.(1/208)
«أو سقاية» السقاية، بكسر السين: الموضع الذي يتخذ فيه الشراب في المواسم، وغيرها، عن ابن عباد: والمراد هنا بالسقاية: البيت المبني لقضاء حاجة الإنسان، فلعله سُمِّيَ بذلك تشبيهاً بذلك، ولم أره منصوصاً عليه في شيء من كتب اللغة والغريب، إلا بمعنى موضع الشراب، وبمعنى الصواع.
«أو يقرن» أي: يجمع ويضع، والمشهور ضم الراء، وقد حكي كسرها.
«والرياحين» جمع ريحان بكسر الراء، قال أبو السعادات: هو كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم.
«والقناطر» القناطر: جمع قنطرة. قال الجوهري: وهي الجسر.
«وكتابة التوراة والانجيل» التوراة: الكتاب الذي أنزله الله تعالى على موسى ـ عليه السلام ـ ، وقال العزيزي في تفسير غريب القرآن: التوراة: معناها: الضياء والنور، وقال البصريون: أصلها وَوْرِيَة فَوْعِلَة من وَرِيَ الزند، وَوَرَى لغتان: إذا خرجت ناره، لكن قلبت الواو الأولى تاء، كما قلبت في «يولج» وأصله «وولج» أي: دخل، والياء قلبت ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. وقال الكوفيون: توراة أصلها «تورية» على تفعِلة، ويجوز أن يكون تورية على «تَفْعَلة» فنقل من الكسر إلى الفتح، كقولهم: جارية وجاراة.
والإنجيل: الكتاب المنزل على عيسى بن مريم عليهما السلام. وهو فعيل من النجل، وهو الأصل. والإنجيل: أصله لعلوم وحكم. ويقال: هو من نجلت الشيء: إذا استخرجته وأظهرته، فالانجيل: مستخرج به علوم وحكم.
«والملك» الملك، بفتح اللام: أحد الملائكة، أصله مَألَكٌ مشتق من المَألكة بفتح اللام وضمها: وهي الرسالة، سمي بذلك، لأنه مُبَلِّغ عن الله تعالى عزّ وجل ثم حولت الهمزة إلى موضع اللام، ثم خففت الهمزة بحذفها وإلقاء حركتها على الساكن قبلها، فوزنه حينئذ «فَعَلْ» وقد جاء على الأصل في الصورة. قال الشاعر:
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 285
فَلَسْت لانْسِيٍّ وَلكنْ لمألك
تَنَزَّلَ مَنْ جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ
فوزن مَأْلَك مَفْعَل.(1/209)
«على من لا يجوز ثم على من يجوز» الأصل: على من يجوز عليه، والضمير في يجوز عائد على الوقف الدال عليه وقف، لأن ذكر الفعل مشعر بالمصدر، وحذف العائد على «مَنْ» لأنه مجرور بحرف جر الموصول بمثله، كقوله تعالى: {ويشرب مما تشربون} [المؤمنون: 33] تقديره: منه، ومنه قول الشاعر:
نُصَلِّي لِلَّذِي صلَّتْ قُرَيْشٌ
وَنَعْبُدُهُ وَإن جحد العموم
«ولم يذكر مآلاً» المآل بهمزة مفتوحة بعد الميم المفتوحة: المرجع، يقال: آل يؤول مآلاً، أي: مرجعاً.
«يشتري بهما مثلها» الضمير في بهما عائد إلى قيمتها، وقيمة ولدها.
«في التقديم والتأخير» وبقية الصور، فمثال التقديم والتأخير: يبدأ ببني هاشم، ثم بني المطلب، ومثال الجمع والترتيب: وقفت على أولادي، ثم على أولاد أولادي، ومثال التسوية: الذكر والأنثى سواء. ومثال التفضيل: للذكر مثل حظ الأنثيين. ومثال الإخراج بصفة: من تزوجت، فلا نصيب لها، ومثال الإدخال بصفة: من طلقت قسم لها.
«من غلته» غلته: ثمرته، وكسبه، ونحوهما.
«على عقبه» عقبه: بكسر القاف وسكونها، قال عياض: هو ولد الرجل الذي يأتي بعده.
«أَو ذريته» قال أبو السعادات: الذرية: اسم لجميع نسل الإنسان من ذكر وأنثى، وأصلها الهمز، لكنهم لم يستعملوه إلا غير مهموز، ويجمع على ذريّات، وذراري مشدداً، وقيل: أصلها من الذر، بمعنى التفريق، لأن الله تعالى ذرَّهم في الأرض، وقيل: أصلها ذرورة بوزن فعولة، فلما كثر ذلك التضعيف أبدلت الراء الآخرة ياء، فصارت ذروية، ثم أدغمت الواو في الياء، فصارت ذرية فعلولة من ذرأ الله الخلق.
«لصلبي» قال الجوهري: كل شيء من الظهر فيه فَقَارٌ فهو صُلْبٌ. والصَّلَب بفتح الصاد واللام لغة فيه. قال أبو السعادات: الصُّلب: الظهر. وقال ابن عباد: الصُّلْبُ، والصَّلْب، والصَّلَب، والصالب: عظم الظهر. وقال صاحب «المطالع» قوله: الولد للصلب، أي: الذي باشر ولادته.(1/210)
«إلا أن يكونوا قبيلة» قال ابن عباد: القبيلة من قبائل العرب: الثلاثة فصاعداً، وقال الجوهري: بنو أب واحدٍ، وقال المارودي في «الأحكام السلطانية» في الباب الثامن عشر، رتبت أنساب العرب ست مراتب جمعت طبقات أنسابهم. وهي شعب، ثم قبيلة، ثم عمارة ثم بطن، ثم فخذ، ثم فصيلة. فالشعب: النسب الأبعد، كعدنان، سمي شعباً، لأن العرب منه تشعبت، ثم القبيلة، وهي: ما انقسمت فيه أنساب الشعب، كربيعة، سميت قبيلة لنقابل الأنساب فيها، ثم العمارة، وهي: ما انقسمت فيها أنساب القبائل، كقريش وكنانة، ثم البطن، وهو: ما انقسمت فيه أنساب العمارة، كعبد مناف، ثم الفخذ، وهو: ما انقسمت فيه أنساب البطن، كبني هاشم، ثم الفصيلة، وهي: ما انقسمت فيها أنساب الفخذ، كبني العباس. فالفخذ: يجمع الفصائل، والبطن: يجمع الأفخاذ، والعمارة: تجمع البطون. والقبيلة: تجمع العمائر، والشعب: يجمع القبائل، فإذا تباعدت الأنساب، صارت القبائل شعوباً، والعمائر قبائل آخر كلامه. وقد نظمتها في هذا البيت ليسهل حفظها:
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 285
الشّعبُ ثُمّ قَبيلةٌ فَعُمارَةٌ
فالبطنُ ثُمَّ الفَخذُ ثُمّ فصيلته
«على قرابته» قال الجوهري: القرابة: القربى في الرحم، وهو في الأصل مصدر، تقول: بيني وبينه قرابة، وقرب، وقربى، ومقْرَبَة، ومقْرُبة، وقُرْبَة بضم القاف، وهو قريبي، وذو قرابتي، والعامة تقول: هو قرابتي . آخر كلام الجوهري، فكلام المصنف رحمة الله تعالى هنا يحتمل حذف مضاف، تقديره: على ذوي قرابته، أو ذوي قرابة فلان، وليس هذا من كلام العامة، بل من كلام العرب، والله أعلم.
«ونسباؤه» واحدهم نسيب، كقريب لفظاً ومعنى، عن الجوهري.(1/211)
«والعترة» هو العشيرة. قال الجوهري: عِترة الرجل: ذريته ورهطه الأدنون، من مضى منهم، ومن غبر. قال ابن الأعرابي: عترة الرجل: ولده، وذريته، وعقبه من صلبه. وأما العشيرة، فقال الجوهري: العشيرة: القبيلة، وقال عياض: عشيرة الإنسان: أهله الأدنون، وهم بنو أبيه.
«والأيامى والعزاب» الأيامى: واحدهم أيِّم. وحكى أبو عبيد: أيّمة. وقال الجوهري: رجل أيِّم، وامرأة أيِّم، سواء تزوج الرجل أو لم يتزوج، وسواء أكانت المرأة بكراً أو ثيباً. قال الحريري: اتفق أهل اللغة على أن الأيم: يطلق على كل امرأة لا زوج لها. وقال ابن خالويه: وقال آخرون: لا يكون الأيم إلا بكراً، والأول أصح. وقال القاضي عياض: أكثر ما يكون في النساء، ولذلك لم يقل بالهاء كطالق. ويقول في الدعاء على الرجل: ماله عامٌّ وآمٌ، أي: بقي بغير ابن ولا زوجة. وأما العزاب، فجمع، قياس واحدته: عازب. والمعروف في اللغة: رجل عزب، وامرأة عزب، وعزبة. قال الجوهري: العزاب: الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء. والاسم: العُزبة، والعزوبة. قال غير واحد من أهل اللغة: ولا يقال: أعزب، وهي لغة حكاها الإمام أبو منصور الأزهري في كتاب «تهذيب اللغة» عن أبي حاتم، وقد ثبت في «صحيح البخاري» عن ابن عمر ـ رضى الله عنه ـ ما: وكنت شاباً عزباً. وفي بعض ألفاظه: أعزب.
«وأما الأرامل» الأرامل: جمع أرمل، وأرملة. قال أبو عبيد: الأرمل: الرجل الذي لا امرأة له، والأرملة: المرأة التي لا زوج لها. وقال ابن السكِّيت: الأرامل: المساكين من رجال، ونساء، قال: ويقال لهم ذلك وإن لم يكن فيهم نساء، قال أبو السعادات: الأرمل: الذي ماتت زوجته، والأرملة: التي مات زوجها، سواء كانا غنيين، أو فقيرين.(1/212)
«وله موال من فوق ومن أسفل» موالٍ: واحدهم مولى، ذكر له صاحب «الوجوه والنظائر» عشرة معان: المحب المتابع، والسيد، والمعتَق، والمعتِق، وابن العم، والحليف، والشريك، والجار، والنديم، والولي. وزاد غيره إطلاقه على الناصر، وعلى العبد، وعلى الرب، وعلى المالك، وغير ذلك. والمراد الذي في «المقنع»: المعتَق، والمعتِق، قال أبو السعادات: وتختلف مصادر هذه الأسماء، فالولاية بالفتح في النسب، والنصرة، والمعتِق. والولاية بالكسر في الأمر، والولاء في المعتق. والموالاة: من والى القوم. وفوقُ وأسفلُ مبنيان على الضم، ويجوز تنوينهما مجرورين، مقصوداً بهما التنكير.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 285
«واستيعابهم» أي: يعمهم بالعطاء، وهو: استفعال من وعب الشيء، ويقال: أوعبه: إذا أخذه كله.
«فيباع» هو: مرفوع لا يجوز نصبه.
«الحبيس» هو فعيل بمعنى: مفعول، يقال: حبس الفرس، وأحبسها، وحبَّسها مثقَّلاً، واحتبسها فهو محتبس، وحبيس، وحُبس بضم الحاء.
«بعض آلته» قال ابن سيده في «محكمة» الآلة: الشِّدّة، والآلة: ما عملت به من الآداة، يكون واحداً، وجمعاً، وقيل: هو جمع لا واحد له من لفظه، ذكره فيما عينه واو، والمراد هنا بالآلة: ما كان من خشب، أو حجارة، أو أجر، ونحو ذلك، مما يستغنى عنه، ولعلها سميت بذلك، لكونها أدواتٍ يبنى بها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 285(1/213)
كتاب الهبة والعطية
قال أهل اللغة: يقال: وهبت له شيئاً وهْباً، ووَهَباً بإسكان الهاء وفتحها، وهبةً. والاسم: الموْهِب، والموهِبَة بكسر الهاء فيهما، والاتهاب: قبول الهبة، والاستيهاب: سؤال الهبة، وتواهب القوم: وهب بعضهم بعضاً، ووهبته كذا، لغة قليلة، قال الإمام زكرياء يحيى النووي فيما أجاز لنا روايته عنه: الهبة، والهدية، وصدقة التطوع: أنواع من البِرِّ متقاربة، يجمعها تمليك عين بلا عوض، فإن تمحض فيها طلب التقرب إلى الله تعالى بإعطاء محتاج، فهي صدقة، وإن حملت إلى مكان المهدى إليه، إعظاماً له، وإكراماً وتودداً، فهي هدية، وإلا، فهبة.
وأما العطية، فقال الجوهري: الشيء المعطى، والجمع: عطايا، والعطية هنا: الهبة في مرض الموت، فذكر الهبة في الصحة والمرض، وأحكامها.
«وإن شرط ثواباً» الثواب: العوض. وأصله: من ثاب: إذا رجع، فكأن المئيب يرجع إلى المثاب، مثل ما دفع.
«وهبتك» حقه أن يقول: وهبت لك، لكنه على اللغة القليلة المتقدم ذكرها.
«إلا في العمري» العُمْرى، بضم العين: نوع من الهبة، مأخوذة من العُمُر، قال أبو السعادات: يقال: أعمرته الدار عُمري، أي: جعلتها له يسكنها مدة عمره، فإذا مات، عادت إليَّ، كذا كانوا يفعلونه في الجاهلية، فأبطل ذلك الشارع وأعلمهم أنّ من أعْمَر شيئاً، أو أَرْفَبَه في حياته، فهو لورثته من بعده.
«أو أَرقبتكها» قال ابن القطاع: أَرْقَبْتُك: أَعْطَيْتُكَ الرُّقْبَى، وهي هبة ترجع إلى المرْقِب إن مات المرقَبْ، وقد نهي عنه، والفاعل منها: مُعْمِر، ومُرْقِبْ، بكسر الميم الثانية والقاف، والمفعول: بفتحهما.
«رغبة» بفتح الراء مصدر رغب في الشيء: طلبه، أو أراده.
«والصداع» قال الجوهري: الصُّدَاع: وجع الرأس. وقال ابن القطاع: صُدع الرجل صُداعاً: وجعه رأسه، ويقال: أوجعه رأسه، حكاهما أبو عثمان.
«المخوف كالبرسام» المخوف بالنصب: صفة لمرض، لا للموت.(1/214)
والبرسام: بكسر الباء معرَّب: علة معروفة، وقد برسم الرجل، فهو مبرسم. وقال عياض: هو مرض معروف، وورم في الدماغ يتغير منه عقل الإنسان ويهذي. وقيل فيه: شرسام، بشين معجمة وبعد الراء سين مهملة.
«وذات الجنب»: هي: قرحة تصيب الإنسان داخل جنبه، وقال أبو السعادات: ذات الجنب هي: الدُّبَيْلَة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب، وتنفجر إلى داخل، وقلما يسلم صاحبها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 291
والمجنوب: الذي أخذته ذات الجنب، وقيل: الذي يشتكي جنبه.
«والرعاف» تقدم في الحيض.
«والقيام المتدارك» وهو مرض المبطون الذي أصباه الإسْهال.
«كالسل والجذام والفالج» السِّل، بكسر السين، والسلام: داء معروف، وقد سُلَّ وأَسَلْه الله تعالى، فهو مسلول على غير قياس.
والجُذَامُ: داء معروف، كأنه من جُذِمَ، فهو مَجْذُومٌ. وقال الجوهري: ولا يقال: أجذم.
والفالج: داء معروف يرخي بعض البدن، وقال ابن القطاع: وفُلِجَ فالجاً: بطل نصفه، أو عضو منه.
«التحام الحوب» التحام الحرب: كناية عن اختلاط بعضهم ببعض، كاشتباك لحمة الثوب بالسُّدى، أو لأن بعضهم يلحم بعضاً، أي: يقتل، أو لكثرة لحوم القتلى.
«أو وقع الطاعون» قال أبو السعادات: الطاعون: المرض العام، والوباء الذي يُفْسِدُ الهواء، فتفسد به الأمزجة والأبدان. وقال عياض: هو قروح تخرج في المغابن وغيرها، لا يلبث صاحبها، وتعم ءذا ظهرت.
«المخاض» تقدم في بهيمة الأنعام.
«مراعى» هو اسم مفعول من: راع الشيء بمعنى راقبه وانتظره أن يكون ذلا مراقباً منتظراً ما يؤول أمره إليه.
«حابى» تقدم في الحجر والشركة.
«بعد الذكر المائتين وهي مهر مثلها» كذا بخطه رحمه الله تعالى، والأحسن: «وهما» لكن الضمير المؤنث يعود إلى الدراهم، لأنها مدلول المائتين والله سبحانه أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 291(1/215)
كتاب الوصايا
الوصايا: جمع وصية، قال ابن القطاع: يقال: وصَّيْتُ إليه وصَاية ووصِيَّة، وَوَصَّيْتُهُ وأَوْصَيْتُه، وأَوْصَيْتُ إليه، وَوَصَّيْتُ بالشيء وَصْياً: وَصَلْتُهُ. قال الأزهري: وسُميت الوصية وصية، لأن الميت لما أوصى بها، وصَلَ ما كان فيه من أيام حياته بما بعده من أيام مماته، يُقال: وصّى وأوصَى بمعنى، ويقال: وصى الرجل أيضاً، والاسم: الوصيّة والوَصَاة.
«ومن السفيه» في أصح الوجهين تصح وصيّة السفية بالمال، فأما على الأولاد، فلا تصح قولاً واحداً، لأنه لا يملك التصرف بنفسه، فوصيته أحق وأولى.
«من اعتقل لسانه» اعتقل: بفتح التاء مبنياً للفاعل: امْتَسَك، عن ابن سيده، وحكي: اعتقله: حبسه، فيجوز ضم التاء مبنياً للمفعول.
«تزاحم» أصل المزاحمة: المضايقة، وهي هنا كذلك، لأنه يضيق على أصحاب الوصايا بتنقيص أنصابهم.
«فيدخله الدور» الهاء عائدة على الزِّحام الدّال عليه «يُزاحم» أو على العمل المذكور من قَسْم الثلث بينهما، وتتميم الواجب. والدور: مصدر دار، يَدُور، دَوْراً، ودَوَرَاناً: إذا طاف الشيء بالشيء، من جميع جهاته، والمراد بالدور هنا: توقف معروفة كل واحد من مقدار الثلث، وما يستحق بالمزاحمة على الآخر. والدور في غير هذه الصورة على نحو ذلك.
«تتمة الواجب» التتمة تفعلة من: تم الشيء يتم تماماً، وتممه غيره تتميماً، والتتمة: المراد بها ما يتم به الشيء. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 294
باب الموصى له
الموصى له: اسم مفعول من أوصيت له بكذا، أي: مَلَّكْتُه إياه بعد الموت.
«لكتب القرآن» بفتح الكاف وسكون التاء، مصدر: كَتَب.
«أو لفرس حبيس» فعيل بمعنى: مفعول، أي: الفرس الموقوف.
«وإن وصَّى في أبواب البر صرف في القرب» البِرّ: بكسر الباء: الطاعة، والخير، والإحسان إلى الناس.
والقُرَب: جمع قرْبة، وهو: كل ما يُتَقَرب به إلى الله تعالى.(1/216)
«لاهل سكته» السكة: الزقاق. عن الجوهري. وهي في الأصل: الطريقة المُصْطَفَّة من النخل. وقيل: الأزقة: سِكَكٌ، لاصْطِفَاف الدور فيها.
«مستدار أربعين» مستدار: اسم مفعول من: استدار بالشيء. إذا أحاط به من جوانبه، كاستدارة الهالة بالقمر. والمراد: أربعين داراً مستديرة، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، كسحق عمامة، وجرد قطيفة، أي: عِمَامة سَحْق، وقطيفة جَرد. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 295
باب الموصى به
«كالبعير والثور» الثَّوْرُ: الذكر من البقر، والأنثى: ثَوْرَة. والجمع ثِوَرَة، كعود وعِوَدَة، وثِيرَةٌ وثِيرانٌ كجيرَةٍ وجِيران، وثِيرَةٍ أيضاً. قال المبرد: إنما قالوا: ثِيرَة ليفرقوا بينه وبين ثِوَرَة الأقِطِ، وبَنَوْهُ على فِعَلَةٍ ثُم حركوه.
«البضع» تقدم في العارية.
«اقتضي» بضم التاء: مبني للمفعول، أي: طلب وَأخذ، وهو افْتِعَال من القضاء.
«بشيء بعينه» الباء زائدة في البدل، كقولك: مررت بأخيك بزيد، كقوله تعالى: {لجَعَلْنا لِمَنْ يكْفُر بالرحْمَنِ لبُيُوتِهم} [الزخرف: 33]. ولا يجوز أن يكون بعينه توكيداً، لوجهين. أحدهما: أن «شيئاً» نكرة، غير محدودة، فلا يجوز توكيدها. والثاني: أن إعادة العامل إنما جاء في البدل لا في التوكيد.
«وإن أتلف المال كله غيره» غَيره منصوب على الاستثناء، لأنه من موجب.
«على حسب مالهما» أي: على قدر مالهما بفتح الحاء والسين المهملتين.
«مثل نسبة الثلث إليه» قال ابن القطاع: نَسَبْتُ الإنسانَ نَسَباً ونُسبةً ونِسبة: بضم النون وكسرها. وقال الجوهري: النَّسَب: واحد الانْساب، والنُّسبة، والنِّسبة، وانْتَسَب إلى أبيه، أي: اعْتَزى، فيجوز أن يكون هنا بالضم والكسر تشبيهاً بذلك.
«بتمام الثلث» التَّمامَ: مصدر تَمّ الشيء يَتِمُّ تماماً، والمراد: ما يتم الثلث مصدر بمعنى: المفعول. والله أعلم.(1/217)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 295
باب الوصية بالأنصباء والأجزاء
«وإن وصَّى بضعف نصيب ابنه، أو بضعيفه» الضعف: بكسر الضّاد: المثل في أصل اللغة، قال الجوهري: وضِعْفُ الشيء: مثله. وضِعْفاه: مثلاه، وأضعافه: أمثاله. وقال الأزهري: فأما أهل اللغة، فالضِّعْفُ عندهم في الأصل: المثل. فإذا قيل: ضَعَّفْت الشيء، وضَاعَفْته، وأضْعَفْته: جعل الواحد اثنين، ولم يقل أحد منن أهل اللغة في قوله تعالى: {يضاعَف لها العذاب ضعفين} [الأحزاب: 03] أي: يجعل الواحد ثلاثة أمثاله، غير أبي عبيدة، وهو غلط عند أهل العلم باللغة. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: الضِّعْف: المثل، كقولهما. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ضعف الشيء: هو ومثله. وضعفاه: هو ومثلاه. وثلاثة أضعافه: أربعة أمثاله، وعلى هذا. وقال أبو ثور: ضِعْفَاه: أربعة أمثاله، وثلاثة أضعافه: ستة أمثاله. قال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني»: وهو ظاهر الفساد، لما فيه من مخالفة الكتاب، والعُرْفِ، وأهل العربية.
«بجزء أو حظ» الجزء: الحظ، والسهم: بمعنى النصيب. وعن إياس ابن معاوية: السهم في كلام العرب: السدس.
«وإن كملت فروض المسألة» كملت: مثلث الميم عن غير واحد من أهل اللغة.
«ليس له إلا ثلثا المال التي كانت له» كذا بخط المصنف رحمه الله تعالى. والأصل أن يقول: اللتان كانتا، لأن الصفة، والضمير يشترط مطابقة كل واحد منهما من هو له، وإنما افرِدا، وأُنِّثَا، باعتبار المعنى، أي: السهام الستة التي كانت له.
«وإن أجاز لصاحب النصف وحده دفع إليه نصف ما في يده، ونصف سدسه، أو ثلثه» يجوز رفعُ «نصفُ ما في يده» ونصبه، بناء على بناء رفع الفاعل والمفعول، فأما «أو ثلثه» فمعطوف بالرفع، والنصف، ولا يجوز جره، لفساد المعنى بذلك، ويظهر ذلك بالعمل.
«تصير ما ليس يعدل» ولم يقل: يعدلان، لأنه أعاد الضمير إلى الأثلاث، والله أعلم.(1/218)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 296
باب الموصى إليه
المراهق: بكسر الهاء، القريب من الاحتلام، يقال: رهق، وراهق: إذا قارب الاحتلام.
«وإن لم يخف تبعة» التّبِعة، والتَّبَعة، والتِّباعة: ما يُتْبَعُ به الإنسان من غرامة، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 298
كتاب الفرائض
الفرائض: جمع فريضة. وهي في الأصل: اسم مصدر من فرض، وافترض، ويسمى البعير المأخوذ من الزكاة وفي الدية: فريضة: فعلية بمعنى مفعولة.
قال الجوهري: الفرض: ما أوجبه الله تعالى، سمي بذلك، لأن له مَعَالِم وحدوداً. والفرض: العطية الموسومة، وفَرَضْتُ الرجل، وأَفْرَضْتُهُ. إذا أعْطَيْتَهُ. والفارض، والفرضي: الذي يعرف الفرائض، وفرض الله تعالى كذا، وافترضه، والاسم: الفريضة، وتسمى قسمة المواريث: فرائض. قال المصنف رحمه الله في «الكافي»: وهو العلم بقسمة المواريث، كما قال الجوهري. وجعل في «المقنع» الفرائض: نفس القسمة، ويحتمل أن يكون على حذف المضاف، أي: وهي علم قسمة المواريث. والمواريث: جمع ميراث، وهو المال المخَلَّف عن الميت، أصله: مِوارث، انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. ويقال له: التراث أيضاً أصل التاء فيه واو، وفي الجمع: رجعت إلى أصلها.
«لا غير» مبنيّ على الضم، لقطعه عن الإضافة منونة.
«بالموالاة والمعاقدة» الموالاة: مصدر وَالى، قال الجوهري: الموالاة: ضد المعاداة. وأما المُعَاقَدَة، فمصدر عاقد يُعَاقد، قال الجوهري: المعاقدة: المعاهدة.(1/219)
«وكونهما من أهل الديوان» الديوان: بكسر الدال على المشهور، وحكي فتحها، وهو: فارسيُّ معرَّب. قال الجوهري: الديوان: أصله دِوَّان، فعوض من إحدى الواوين ياء، لأنه يجمع على دواوين. ولو كانت أصلية، لقالوا: دياوين. ويقال: دوَّنت الدواوين، قال الماوردي في «الأحكام السلطانية»: وهو موضع لحفظ الحقوق من الأموال، والعمال، ومن يقوم بها من الجيوش، والعمال. وفي تسميته ديواناً وجهان. أحدهما: أنّ كِسْرى اطّلع على ديوانة يحسبون، فقال: دوَّانة، أي: مجانين، ثم حذف التاء. والثاني: أن الديوان بالفارسية: اسم للشيطان، فسمي الكتاب باسمهم، لحذقهم، ووقوفهم على الجَلِي، والخَفِيِّ، وسمي مكانهم باسمهم، وأول من وضع الديوان في الإسلام عمر. وقال أبو السعادات: هو اسم الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش، وأهل العطاء، والمراد: كونهما مكتوبين في ديوان واحد.
«ومولى النعمة، ومولاة النعمة» هما المعتق، والمعتِقة: لأنهما وليا الأنعام بالاعتاق، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 299
باب ميراث ذوي الفروض
ذوي: بمعنى أصحاب، واحده: ذو، والفروض: جمع فرض، وهو: المقدَّر في الكتاب والسُنَّة.
«من كل جهة» الجِهَة: أصلها وِجْهَة. قال الجوهري: والوجْهَة بمعنى.
«فإن لم يفضل» بضم الضاد، وفتحها.
«إلا في الأَكْدرية» وفي تسميتها بذلك: ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها كدرت على زيد بن ثابت أصوله، فإنه أعالها ولا عول عنده في مسائل الجد، وفرض للأخت مع الجد، ولا يفرض لأختٍ مع جد، وجمع سهامه وسهامها، ولا يجمع في غيرها.
والثاني: أن رجلاً اسمه الأكدر، سئل عنها، فأفتى فيها على مذهب زيد فأخطأ فيها: فنسبت إليه. حكاهما المصنف رحمه الله في «المغني».
والثالث: أن الأكدر: سئل عنها، فنسبت إليه.(1/220)
«وتسمى الخرقاء» الخرقَاء: بفتح الخاء والمد: الحمقاء، والريح الشديدة، وقد خَرق: بضم الراء، وفتحها، وكسرها: حمق. قال المصنف رحمه الله في «المغني»: وتسمى المسبعة، لأن فيها سبعة أقوال. والمسدسة، لأن معنى الأقوال السبعة ترجع إلى ستة، فأحد الأقوال السبعة ما ذكر، وهو مذهب زيد. والثاني: مذهب الصديق: للأم الثلث، والباقي للجد، والثالث: مذهب علي: للأخت النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، والرابع: للأخت النصف، وللأم ثلث ما بقي، وما بقي للجد، والخامس، عن ابن مسعود أيضاً: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم نصفين، فيكون من أربعة. والسادس، عن ابن مسعود أيضاً للأم السدس والباقي للجد. والسابع: مذهب عثمان، المال بينهم على ثلاثة.
«لكثرة اختلاف الصحابة» الصحابة: قال أبو السعادات: هو جمع: صاحب، ولم يجمع فاعل على فعَالة إلاَّ هذا، ويُجمع صاحب على صَحْب، كراكِب وركْب، وعلى صِحاب: كجَائِع وجِياع، وعلى صُحبة بضم الصاد: كفَارِهٍ وفُرهَة، وعلى صُحْبان: كشابٍّ وشُبَّان. والأصحاب: جمع صحاب، كفِراخٍ وأفْرَاخ. وجمع الأصحاب: أصاحيب، وقد تقدم في باب: جزاء الصيد.
«إذا تحاذين» أي: كان بعضهم حِذَاء بعض، قال الجوهري: حاذاه، إذا صار بحذائه.
«جدة ذات قرابتين» صورتها: أن يتزوج ابن ابن المرأة ببنت بنتها، فيولد لهما ولد، فتكون الجدة: أُم أُم أُمه، وأُم أب أبيه، وإن تزوج ابن بنتها ببنت بنتها، فهي أُم أُم أُمه، وأُم أُم أبيه، هكذا ذكرهما المصنف: في «المغني» .
«فصاعداً» منصوب على الحال، وناصبه: واجب الاضمار.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 300
«تكملة الثلثين» قال الأزهري: كملت له عدد حقه تَكْمِيلاً، وتَكْمِلَة، فهو مُكْمل، وهو هنا منصوب على المصدر، والناصب له ما دل عليه.
«فللبنت النصف، ولبنات الابن السدس» لأن ذلك في قوة: كمل لهم تكملة الثلثين. والله سبحانه وتعالى أعلم.(1/221)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 300
باب العصبات
وهي جمع عصبة. قال الجوهري: وعصبة الرجل: بنوه، وقرابته لأبيه. وإنما سموا عصبة لأنهم عصبوا به، أي: أحاطوا به، فالأب طرف، والابن طرف، والعم جانب، والأخ جانب، والجمع: العصبات. وقال الأزهري: واحد العصبة: عاصب، على القياس، كطالب وطلبة، وظالم وظلمة. وقيل للعمامة: عصابة، لأنها استقلت برأس المعتم. وقال ابن قتيبة: العصبة جمع لم أسمع له بواحد، والقياس: أنه عاصب. قال المصنف رحمه الله في «الكافي»: وهم كل ذكر ليس بينه وبين الميت أُنثى، فيخرج الأخوات مع البنات لفقدهم الذكورية. وقال غيره: العصبة: كل وارث بغير تقدير، فلم يخصَّهُ بالذّكَر، فتدخل البنت، وبنت الابن مع أخيهما، والأخت للأب والأم مع أخيهما، وللأخت للأب والأم وللأب مع أخيهما، والأخوات مع البنات، والمعتقة، وغير ذلك.
«يعصبون أخواتهم» أي: يجعلونهن عصبات، فيكنَّ عصبة بغيرهن.
«من بازائه»: هو بكسر الهمزة، أي: بحذائه. قال الجوهري: يقول: هو بازائه، أي: بحذائه. وقد آزيته، أي: حاذيته، ولا تقل: وازيته.
«من أنزل منه» هو برفع «أنزل» خبر مبتدأ محذوف، أي: من هو أنزل.
«قبيل آخر» قال الجوهري: القبيل: الجماعة يكون من الثلاثة فصاعداً، والجمع: قُبُل.
«وتسمى المشركة، والحمارية» المشرَكة: بفتح الراء: المشرَك فيها، ولو كسرت الراء على نسبة التشريك مجازاً، لم يمتنع. وأما الحمارية: فإنما سميت بذلك، لأن عمر ـ رضى الله عنه ـ أسقط ولد الأبوين، فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين هَب أن أبانا كان حماراً، أليست أمُّنا واحدةً؟
وقيل: إن بعض الصحابة قال ذلك، فسميت بذلك. ذكرهما المصنف في «المغني».
«وسميت ذات الفروخ» الفروخ: جمع فرخ، وهو ولد الطائر، سميت بذلك لكثرة عولها، فإنها عالت بثلثيها عن السامري في «المستوعب». والله تعالى أعمل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 302(1/222)
باب أصول المسائل
المسائل: جمع مسألة، وهي: مصدر سأل يسأل مسألة، وسؤالا، فهو من إطلاق المصدر على المفعول، كَخَلْق بمعنى: مخلوق، فقولنا: مسألة، أي: مسؤولة، بمعنى: يسأل عنها.
«لا تعول» قال الجوهري، العول: عول الفريضة، وقد عالت، أي: ارتفعت، وهو: أن تزيد سهاماً، فيدخل النقص على أهل الفرائض. قال أبو عبيد: أظنه مأخوذاً من الميل، ويقال أيضاً: عال زيد الفرائض، وأعالها، بمعنى: يتعدى، ولا يتعدى، وعالت هي نفسها: إذا دخل النقص على أهلها.
«وتعول على الأفراد» إنما كان عولها على الأفراد، دون الأزواج، لأن كل عددين، أو أعدادٍ بعضها زوج وبعضها فرد، لا يكون مجموعهما إلا فُرادى.
ومسألة اثني عشر: لا بد أن يكون فيها ربع، وهو: ثلاثة، وبقية الأعداد أزواج، فلذلك لا تعول إلا على الأفراد، ولذلك لا تعول أربعة وعشرون إلاّ إلى سبعةٍ وعشرين.
«وإن كان فريقاً» الضمير في «كان» للمردود عليه، والفَرِيق، والفِرَق، والفِرْقَة: الطائفة.
«في الردِّ» الردُّ في اللغة: الصرف، يقال: رَدّ الشيء يَرُدُّه ردّاً: إذا صرفه، فمعنى الرد في الفرائض: صرف المسألة عما هي عليه من الكمال إلى النقص، وهو عكس العول، فإن العول ينقص السهام، والرد يكثرها، فيصير السدس نصفاً، فيما إذا كان سدسين ونحو ذلك.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 303
باب تصحيح المسائل
«ضربت وفق أحدهما» قال الجوهري: الوَفْق: من الموافقة بين الشيئين، يقال: حلوبته وَفْق عياله، أي: لها لبن قدر كفايتهم، فالوَفْق هنا: الجزء الذي وافق به أحدُ العددين الآخر. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 304
باب المناسخات
المناسخات: جمع مناسخة، وهي: مصدر نَاسَخَ مُنَاسَخة، كخاصَم مخاصَمَةً، وجمعه: مناسخات، وناسخ: فاعل من النسخ، قال الجوهري: التناسخ في الميراث: أن يموت ورثة بعد ورثة، وأصل الميراث قائم لم يقسم.(1/223)
«ثلاثة» بالجر منوناً: بدل من ربعها.
«مما صحت منه الأوليان» هو بضم الهمزة: تثنية أُولى، مؤنث أَوَّل. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 304
باب قسم التركات
التَّرِكات: جمع تَرِكة، وهي التُّراث المتروك عن الميت.
«على قراريط الدينار» القراريط: جمع قيراط. قال الجوهري: هو نصف دانق، وأصله: قرَّاط بالتشديد، لأن جمعه: قَرارِيط، فأبدل من أحد حرفي تضعيفه ياء على ما ذكرناه في دينار. وقال أبو السعادات: القيراط: نصف عُشْر الدينار في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءاً من أربعة وعشرين جزءاً. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 305
باب ذوي الأرحام
الأرحام: جمع رَحِم، بوزن كَتِف، وفيه اللغات الأربع في الفخذ، قال أبو عباد: وهو بيت منبت الولد: ووعاؤه في البطن. وقال الجوهري: الرحم: رحم الأنثى وهي مؤنثة، والرحم: القرابة. قال صاحب «المطالع» يقال: رَحِمٌ، ورُحْمٌ، وهي معنًى من المعاني، وهو: النسب والاتصال الذي يجمع رحم والده، فسمي المعنى باسم ذلك المحلِّ تقريباً للأفهام، واستعارة جاريه في فصيح الكلام. قلت: يطلق ذو الرحم على كل قرابة، وهو المراد بقول المصنف رحمه الله تعالى في أول كتاب «الفرائض»: رَحِمٌ، ونِكاحٌ، وولاَءٌ. ويطلق ويراد به: كل من ليس بذي فرض، ولا عصبة، وهو المراد بقوله في آخر كتاب «الفرائض»: ذو فرض وعصبات، وذو رَحِمٍ، وهو المراد بقوله هنا: ذوي الأرحام.
«ليس بذي فرض ولا عصبة» يجوز جر «عصبة» عطفاً على «ذي» أي: ولا بعصبة، ويجوز نصبه عطفاً على محل المجرور، كأنه قال: ليس ذا فرض، ولا عصبة.(1/224)
«أدلت بأب»، أي: توسلت به، يقال: أدْلى فلان بحجته، أي: احتج بها، ويقال: دَلَوْتُ الدَّلْوَ وأدْلَيْتُها: إذا أرسلتها في البئر، وإذا جذبتها. والمشهور في اللغة: أدليت الدلو: أرسلتها ودلوتها: جذبتها، ويقال: دلوت بفلان إليك، أي: استشفعت به.
«فاجتزء بأحدهما» هو بالهمز، وقد تقدم مثله عن قريب.
«كما يسقط الأب الأخوة» الأخوة: بكسر الهمزة وضمها: جمع أخ، أصله: أخوٌ بالتحريك، لأنه جمع على إخاء كإناء، ويجمع أيضاً على إخوان، كحرب وحربان، وأكثر ما يستعمل الاخوان في الأصدقاء، والاخوة: في الولادة، ملخث من «الصحاح».
«ثلاث بنات عمومة» العمومة: جمع: عَمٍّ، كبعل وبعولة، والعمومة أيضاً: مصدر، يقال: وما كنت عماً، ولقد عممت عمومة، كالأبوة، والأخوة، والخؤولة، والأمومة، والبنوة.
«ومن مت بقرابتين» كان في «أصل» الشيخ بخط يده: ومن أمت، فأصلحه شيخنا الامام شمس الدين أبو محمد بن عبد الرحمن بن أبي عمر: متّ، لأن المصنف رحمه الله أذن له في الإصلاح، قال غير واحد من أهل اللغة: المثُّ: التوسل، يقال: فلان يمتُّ بكذا، أي: يتوسل.
«ولا معاول» هو بفتح الواو، أي: منقوص بالعول، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 305
باب ميراث الحمل
الحمل، بفتح الحاء: ما في بطن الحبلى، ومصدر: حمل الشيء، والحمل بالكسر: ما حمل على ظهر، أو رأس. وفي حمل الشجرة وجهان: حكاهما ابن دريد، ويقال: امرأة حامل، وحاملة: إذا كانت حبلى، فإذا حملت شيئاً على رأسها أو ظهرها، فهي حاملة لا غير.
«وإذا استهل المولود صارخاً» قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: استهل المولود: إذا صاح عند الولادة. وقال القاضي عياض: استهل المولود: رفع صوته. فكل شيء رفع صوته، فقد استهل، وبه سمي الهلال هلالا، لرفع الناس أصواتهم عند رؤيته. والاهلال بالحج: رفع الصوت بالتلبية، وحكى في «المغني» في الاستهلال المقتضي الميراث: ثلاث روايات.(1/225)
إحداها: أنه الصراخ خاصة.
الثانية: إذا صاح، أو عطس، أو بكى.
والثالثة: أن تعلم حياته بصوت أو حركة، أو رضاع، أو غيره، فلو قال المصنف رحمه الله تعالى: وإذا استهل المولود، ورث، كما قال في «الكافي»، لكان أولى، فإنه قال في «الكافي»: وإن وضعته فاستهل. ثم قال: وهو الصوت، فقوله في «المقنع»، صارخاً: حال مؤكدة، كقوله تعالى: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [البقرة: 06].
«وورث» بضم الواو، وتخفيف الراء، ولا يجوز تشديدها، لفوات الدلالة على كونه موروثاً، وتكرير كونه وارثاً.
«وفي معناه العطاس» العطاس: مصدر عطس يعطُس، ويعطِسَ: بضم الطاء وكسرها. قال ابن القطاع، وصاحب «المحيط» فيه: عطس عطساً، فإذا كثر: عطاساً، لأنه حينئذٍ يصير داء، كالزكام، والسلال، فلو قال: وفي معناه العطس، لكان أولى.
«الاختلاج» الاضطراب، يقال: اختلجت عينه: إذا اضطربت.
«فاستهل أحدهما وأشكل، أقرع بينهما» أطلق العبارة، ولا يقرع بينهما إذا كانا ذكرين، ولا إذا كانا أنثيين، ولا ذكراً وأنثى أخوين لأم، ويقرع فيما سوى ذلك، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 306
باب ميراث المفقود
المفقود: اسم مفعول من: فقدت الشيء أفقده فقداً، وفِقْداناً، وفُقداناً، بكسر الفاء وضمها.
«أو في مفازة مهلكة» قال الجوهري: المفازة: واحدة المفاوز، قال ابن الأعرابي: سميت بذلك تفاؤلاً بالسلامة، قلت: ويجوز أن يكون سميت مفازة: من فاز يفوز: إذا مات، حكاها ابن القطاع، وغيره، وقال: وهو من الأضداد، والمهلكة: بفتح الميم واللام، ويجوز كسرها، حكاها أبو السعادات، وغيره، ويجوز ضم الميم مع كسر اللام: اسم فاعل من أهلكت، فهي مهلكة، وهي الأرض يكثر بها الهلاك، يقال: هلك الشيء يهلك بكسر اللام، وأهلكه غيره، وحكى ابن القطاع: هلكه بمعنى: أهلكه، وحكاها أبو عبيد عن تميم.
«في مدة التربص» التربص: الانتظار، يقال: ربصت به، وتربصت، أي: انتظرت.(1/226)
«اليقين» أي: المتيقن، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 308
باب ميراث الخنثى
الخنثى: قال الجوهري: هو الذي له ما للرجال والنساء جميعاً، والجمع: الخناثى، كالحبالى.
«بمباله» المبال: مفعل من بال يبول، كالمقال: من قال يقول، والمعاد: من عاد يعود، والمراد: موضع البول، أي: يعتبر بمكان جريان بوله.
«فإن بال أو سبق بوله» تقديره: فإن بال من ذكره، أو سبق بوله منه، والمراد: فإن بال من أحدهما، أو سبق بوله منه، فالحكم له.
«فهو مشكل» بضم الميم وكسر الكاف، أي: ملتبس، يقال: أشكل الأمر، فهو مشكل. وحكى يعقوب، وصاحب «الواعي» وغيرهما: شكل الأمر بمعنى: أشكل، سمي بذلك لأنه لما تعارضت فيه علامات الرجالوعلامات النساء، التبس أمره، فسمي مشكلاً.
«ثم تضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى» تقديره: يضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا، أو وفقها في الأخرى إن توافقتا.
ومثال المتباينتين: ابن وبنت وخنثى. ومثال المتوافقتين: زوج وأم وولد أب خنثى. ومثال المتماثلتين: زوجة وولد خنثى وعم. ومثال المتناسبتين: أم وبنت وولد خنثى وعم.
«بعدد أحوالهم» فللابنين: أربعة أحوال، وللثلاثة: ثمانية، وللأربعة: ستة عشر، وللخمسة: اثنين وثلاثين، وكذا ما زاد، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 308
باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم
الغرقى: جمع غريق، كقتيل، وجريح. وأما الهدمى: فيجوز أن يكون جمع: هديم، بمعنى: مهدوم، كجريح، بمعنى مجروح، لكني لم أر هديماً منقولاً، والله أعلم.
«عمي موتهم» أي: خفي، من قولهم: عميت الأخبار عنك: إذا خفيت.
«من تلاد ماله» التلاد، والتالد: المال القديم الأصلي، والطارف، والطريف: المال المستحدث، وقد تلد المال، يتلد، ويتلد: بفتح اللام في الماضي وبكسرها، وضمها في المضارع، وقد طرف بضم الراء: ضد التلد.(1/227)
«والآخر مولى عمرو» وعمرو: علم منقول من عَمِر بكسر الميم: إذا طال عمره، وقياسه: التحريك كالفرح، والحزن، إلا أنه نقل مسكناً. قال أهل اللغة: يكتب عمرو في حالتي الرفع والجر بالواو، فرقاً بينه وبين عمرو، وتسقط الواو نصباً استغناءً عنها بالألف، وجعلت في عمرو دون عمر لخفته من ثلاثة أوجه: صرفه، وسكون وسطه، وفتح أوله، والثلاثة مفقودة في عمر، والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 309
باب ميراث أهل الملل
الملل: جمع ملة بكسر الميم جمعاً وإفراداً، وهي: الدين والشريعة.
«فيرثه» مرفوع على الاستئناف، لعدم صحة عطفه على «يسلم».
«اليهودية والنصرانية» أي: الملَّة اليهودية: منسوبة إلى اليهود، والنصرانية: الملَّة النصرانية منسوبة إلى نصران، وهي قرية بالشام، ويقال لها: ناصرة، وقد تقدم الكلام على اليهود والنصارى والمجوس في: عقد الذمة. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 310
باب ميراث المطلقة
يأتي الكلام على اشتقاقها في أول كنايات الطلاق.
يأتي الكلام على اشتقاقها في أول كنايات الطلاق.
«متهما» المتهم، بفتح الهاء: اسم مفعول من اتهمت فلاناً: ظننت به ما نسب إليه، والاسم: التهمة بفتح الهاء وسكونها، وأصله الواو.
«بقصد» بالباء الموحدة الجارة، المعدية للفعل، وهي متعلقة بمتَّهَماً، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 310
باب ميراث المعتق بعضه(1/228)
«القن» قال ابن سيده، وغيره من أهل اللغة [القن]: هو العبد المملوك هو وأبواه. قال الجوهري: ويستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث، وربما قال: عبيد، وأقنان، ثم يجمع على أقنة. وهو في اصطلاح الفقهاء: الرقيق: الكامل رقه، ولم يحصل فيه شيء من أسباب العتق، ومقدماتها، بخلاف المكاتب والمدبر، والمعلق عتقه بصفة، وأم الولد. سواء كان أبواه مملوكين، أو معتقين، أو حرين أصليين، أو كانا كافرين واسترق هو، أو كانا مختلفين.
«نزلتهم أحوالاً» لتنزلهم أحوالاً طريقان.
أحدهما: أن يقول: للبنت في حريتها النصف، وللأم السدس، والثلث الباقي للأب، وله مع رقهما المال كله، وله ثلثان، وللأم الثلث مع رق البنت، ولهما النصف، وله النصف مع رق الأم، فللبنت نصفان، وهما: مال كامل مقسوم على أربعة أحوال، وذلك الربع، وللأم نصف على أربعة بثمن، والباقي للأب.
والثاني: مسألة حريتهما من ستة، ورقهما من أحد، وحرية البنت من اثنين، وحرية الأم من ثلاثة، الكل: من ستة في أربعة بأربعة وعشرين: للبنت ثلاثة في حال، وثلاثة في أُخرى، وللأم اثنان في حال، وسهم في أُخرى، وللأب الكل في حال، والنصف في أُخرى، والثلث في أُخرى، والثلثان في أُخرى.
«فهل تكمل» يجوز بناؤه للمفعول مثقلاً، ويجوز «تكمل» بوزن تقتل. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 311
باب الولاء
الولاء، بفتح الواو ممدوداً: ولاء العتق، ومعناه: أنه إذا أعتق عبداً، أو أمة، صار له عصبة في جميع أحكام التعصيب عند عدم العصبة من النسب، كالميراث، وولاية النكاح، والعقل وغير ذلك.
«وعلى معتقيه ومعتقي أولاده» بفتح التاء فيهما، وكذلك ومعْتَقيهم: اسم مفعول من أعتق.(1/229)
«ومن أعتق سائبة» إعتاق العبد سائبة: أن يعتقه ولا ولاء له عليه، كفعل الجاهلية، فالعتق على هذا ماضٍ بالاجماع، وإنما اختلف في ولائه، وفي كراهة هذا الشرط وإباحته، والجمهور على كراهته، وعلى أن ولاءه للمسلمين كافة، لأنه قصد إعتاقه عنهم.
«إن كان لع عصبة على دين المعتق» بفتح التاء، وإن أسلم الكافر، ورث المعتِق: بكسر التاء.
«ولا يرث منه ذو فرض إلا الأب والجد» ثم قال بعد ذلك: والولاء لا يورث، ويرث منه، ولا يورث متناقض، والجواب: أن تكون «مِنْ» في «يرث منه» سَبَبيّة، أي: ولا يرث به ذو فرض، بدليل قوله بعد: «وإنما يرث به، وقد جاءت «مِنْ» للسببية، ومنه قوله تعالى: {الذي أطعمهم من جوع} [قريش: 4].
«والولاء للكبر» الكبر: بضم الكاف، وسكون الباء: أكبر الجماعة، نقله أبو عبد الله بن مالك في «مثلثه». قال أبو السعادات: يقال: كبر قومه بالضم: إذا كان أقعدهم في النسب، وهو أن ينتسب إلى جده الأكبر بآباء أقل عدداً من باقي عشيرته، وليس المراد بذلك كِبر السن، فلو خلف المعتق ابنين كبيراً وصغيراً، فهما سواء، فلو مات الكبير، وخلف ابناً كبيراً أكبر من أخيه، كان الولاء كله لأخيه الصغير، لأنه ابن المعتق، دون ولده الكبير.
«ثم مات العتيق» فعيل بمعنى فاعل، من قولهم: عتق العبد، فهو عتيق، وعاتق، وليس هو بمعنى مفعول، كجريح، وقتيل، لأنه لا يقال: عتقت العبد فهو معتوق حتى يكون عتيق بمعنى: معتوق، وقد قيل: إن تسميته معتوق، لجن، قلت: وليس بلحن، لجواز كونه علماً منقولاً من معتوق: اسم مفعول من عتقت المال بمعنى: أصلحته، فلا يكون لحناً، والله أعلم.
«وإن أعتق الجد» اعتق: بضم الهمزة: مبنياً للمفعول، والجد: المراد به: جد أولاد العبد، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 311(1/230)
كتاب العتق
قال أهل اللغة: العتق: الحرية، يقال منه: عتق يعتق عِتقا وعَتقا: بكسر العين وفتحها، عن صاحب «المحكم» وغيره، وعتيقة وعتاقا وعتاقة فهو عتيق، وعاتق، حكاها الجوهري، وهم عتقاء، وأمة عتيق، وعتيقة، وإماء عتائق، وحلف بالعَتاق، بفتح العين، أي: بالاعتاق. قال الأزهري: هو مشتق من قولهم: عتق الفرس: إذا سبق ونجا، وعتق الفرخ: إذا طار واستقل، لأن العبد يتخلص بالعتق، ويذهب حيث يشاء. قال الأزهري، وغيره: إنما قيل لمن أعتق نسمة: إنه أعتق رقبة، وفك رقبة، فخُصّت الرقبة دون سائر الأعضاء، مع أن العتق يتناول الجميع، لأن حكم السيد عليه، وملكه له كحبل في رقبته، وكالغل المانع له من الخروج، فإذا أعتق، فكأن رقبته أطلقت من ذلك.
«والحرية» يقال: حررت: بكسر الراء تحرر حُرِّية: إذا صرت حراً.
«كيف صرفا العتق والحرية»: مصدران ومعنى تصريفهما: أن يشتق منهما فعل ماض، ومضارع، وأمر، واسم فاعل، واسم مفعول، وظاهر هذه العبارة هنا وفي التدبير، والطلاق: حصول الحكم بكل واحد من الستة، ولا يحصل الحكم بالمضارع، ولا بالأمر، لأن المضارع وعد، كقولك) أنا أعتق، وأدبر، وأطلق، والأمر لا يصلح للإنشاء، ولا هو خبر فيؤاخذ المتكلم به، فهو عام أريد به الخصوص، والله أعلم.
«لا يعتق إلا عمودا النسب» العَمود، والعِماد: واحد، وجمعه: أعمِدَة، وعَمَدٌ بفتحتين وضمتين، وقرىء بهما قوله تعالى: {في عَمَدٍ ممدودة} [الهُمَزَة: 9]. والعمود معروف، وهو: ما يعمد به الشيء، يقال: عمدته وأعمدته: إذا جعلت له عماداً، فعمودا النسب عند الفقهاء هم: الآباء والأمهات وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا، وسموا عمودين استعارة من العمود لغة، لأن الإنسان يعمد بهما، أي: يسْند بهما ويقوى.(1/231)
«وإن مثل بعبده» مثل بوزن ضرب، ومثّل: بتشديد الثاء. قال أبو السعادات: مثلت بالحيوان أمثل مثلاً: إذا قطعت أطرافه، وشوهت به. وبالقتيل: إذا جدعت أنفه أو أُذنه، أو مذا كيره، أو شيئاً من أطرافه. والاسم: المثلة. فأما مثَّل: بالتشديد فللبمالغة.
«ويستسعي العبد» قال الأزهري: الاستسعاء: مأخوذ من السعي، وهو: العمل، كأنه قال: يؤاجر ويخارج على ضريبة معلومة، ويصرف ذلك في قيمته، وغير مشقوق عليه، أي: غير مكلف فوق طاقته.
«سرى إلى باقيه» سرى، وأسرى: لغتان، معناه: سار ليلاً، ثم استعير لتكميل الحرية في العبد المعتق بعضه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 314
«وإن أعتق شركاً له» أي: حصة أو نصيباً.
«أعطي الشريك» مبنياً للمفعول، أي: أُعطي قيمة حصته في الصورتين.
«ورق الباقون» رق العبد، بفتح الراء، أي: صار رقيقاً، وأرقه غيره: جعله رقيقاً، ويبنى للمفعول، فيقال: أُرِق، والرِق، بكسر الراء: العبودية.
«خمس المائة» بفتح الخاء، والمراد: خمس مئات، وعرَّف «مائة» لتضاف النكرة إلى المعرفة، فتعرَّف بها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 314
باب التدبير
وهو: مصدر دبر العبدَ، والأمة تدبيراً: إذا علق عتقه بموته، لأنه يعتق بعد ما يدبر سيده، والممات: دبر الحياة، يقال: أعتقه عن دبر، أي: بعد الموت، ولا يستعمل في كل شيء بعد الموت من وصية ووقف وغيره، فهو لفظ خص به العتق بعد الموت.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 315
باب الكتابة
الكتابة: اسم مصدر بمعنى المكاتبة، قال الأزهري: المكاتبة: لفظة وضعت لعتق على مال منجَّم إلى أوقات معلومة يحل كل نجم لوقته المعلوم، وأصلها: من الكتب: الجمع، لأنها تجمع نجوماً.
«إذا ابتغاها من سيده» أي: طلبها.(1/232)
«منجم نجمين» النجم: بفتح النون في الأصل: اسم لكل واحد من كواكب السماء، وهو بالثريا أخص، ثم جعلت العربُ مطالع منازل القمر، ومساقطها، ومواقيت لحلول ديونها، ثم غلب حتى صار عبارة عن الوقت، فمعنى منجم: مؤقت.
«أو أبرىء منه» مهموزاً، أي: أسقط عنه.
«وإن رق» بفتح الراء، ولا يجوز ضمها، يقال: رق يرق رقة. والرِّق بالكسر: العبودية ولا ينبني للمفعول، لأنه لازم.
«ولا يبيعه درهماً بدرهمين» يبيعه: بالنصب بإضمار «أن» لأنه معطوف على اسم صحيح، ويجوز رفعه على الاستئناف.
«زوج ابنته من مكاتبه» تقول العرب: زوجته امرأةً، وتزوجت امرأة، قال الفراء: في لغة أزد شنوءة: تزوجت بامرأة، قال الله تعالى: {وزوجناهم بحور عين} [الطور: 02] فأما زوجتها من فلان، فلم أره منقولاً، ولعله من تضمين زوج معنى: أدنى، كأنه قال: أدنى ابنته من مكاتبه، أو على زيادة «من» في الإثبات، وهو مذهب الأخفش، فيكون الأصل: زوج ابنته مكاتبه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 316
باب أحكام أمهات الأولاد
الأحكام: جمع حكم، وهو في اللغة: القضاء، والحكمة.
وفي الاصطلاح: خطاب الله تعالى المفيد فائدة شرعية. فأحكام أُمهات الأولاد ما ذكره في الباب: من تحريم بيعهن، وجواز الانتفاع بهن ونحوهما، وأُمهات: واحدتها أُم، وأصلها: أمهة، ولذلك جمعت على أمات، باعتبار اللفظ، وأمهات: باعتبار الأصل. وقال بعضهم: الأمهات للناس، والأمَّات: للبهائم. قال الواحدي: الهاء في أمهة زائدة عند الجمهور، وقيل: أصلية.
«علقت» علقت الأنثى، بكسر اللام: حملت.
«ولا تخطيط فيه» أي: لا تأثير فيه. والتخطيط: مصدر خطط تخطيطاً، مثل كلَّم تكليماً، وهو مبالغة في خطه، كمدَّه مداً، ومدده تمديداً. والله أعلم.
«بقيمتها أو دونها» بالنصب، صفة لموصوف محذوف، أي: أو مقدار دونها، ويجوز جره عطفاً على قيمتها المجرور.(1/233)
«من غشيانها» بكسر الغين، أي: من جماعها، يقال: غشي المرأة غشياناً: إذا جامعها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 317
كتاب النكاح
النكاح في كلام العرب: [الجماع] والوطء. قاله الأزهري، وقيل للتزويج: نكاحٌ، لأنه سبب الوطء، ويقال: نكح المطر الأرض، ونكح النعاس عينه، وعن الوجاج: النكاح في كلام العرب بمعنى الوطء، والعقد جميعاً، وموضوع: ن ك ح في كلامهم: للزوم الشيء للشيء، راكباً عليه، قال ابن جني: سألت أبا علي الفارسي عن قولهم: نكحها، قال: فرقت العرب فرقاً لطيفاً تعرف به موضع العقد عن الوطء. فإذا قالوا: نكح فلانة، أو بنت فلان، أرادوا: تزوجها، وعقد عليها، وإذا قالوا: نكح امرأته، أو زوجته: لم يريدوا إلا المجامعة، لأن بذكر امرأته وزوجته يستغنى عن العقد، وقال الجوهري: النكاح: الوطء، وقد يكون: العقد. ونكحتها، ونكحت هي، أي: تزوجت.
وهو في الشرع: العقد. وقال القاضي أبو يعلى: هو حقيقة في العقد، والوطء جميعاً، وقيل: بل هو حقيقة في الوطء، مجاز في العقد، حكى الثلاثة المصنف في «المغني» وصحح الأول.
«التخلي» هو: تفعل من خلال يخلو: إذا انفرد، والتخلي: التفرد والخلوة بنوافل العبادة، دون النكاح، وتوابعه.
«مواقعة المحظور» المحظور: الحرام.
«الولود» هي: التي تكثر ولادتها، يقال منه: ولدت، فهي والد، فإذا أرادوا التكثير قالوا: ولود.
«الحسيبة» هي: النسيبة. وأصل الحسب: الشرف بالآباء، وما يعده الإنسان من مفاخرهم.
«خطبة امرأة» بكسر الخاء، أي: طلب نكاحها من نفسها، ومن وليها. والخطبة، بالفتح: المرة من خطب القوم. وبالضم، ما يقوله الخطيب، ومنه قول المصنف رحمه الله: يخطب بخطبة ابن مسعود.
«المستامة» هي المطلوب شراؤها، يقال: سام الشيء، واستامه: طلب ابتياعه، فهو مستام: للفاعل، والمفعول.(1/234)
«أولي الأربة» بمعنى: أصحاب. والاربة، بكسر الهمزة: الحاجة. والمراد هنا بالاربة: النكاح. والأربة بالفتح: المرة من أرب العقدة: أحكم عقدها، وبالضم العقدة.
«والعنين» العنّين، بكسر العين والنون المشددة: العاجز عن الوطء، وربما اشتهاه، ولا يمكنه، مشتق من عنَّ الشيء: إذا اعترض. قال الجوهري: رجل عنِّين. لا يشتهي النساء، بيِّن العنة، وامرأة عنِّينة: لا تشتهي الرجال. فعيل بمعنى: مفعول، كجريح. وقال صاحب «المطالع»: وقيل: هو الذي له ذكر لا ينتشر. وقيل: هو الذي له مثل الزرّ، وهو الحصور، والله أعلم. وقيل: هو الذي لا ماء له، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 318
والعُنة، بالضم: العجز عن الجماع، وبالفتح: المرة من: عنَّ الرجل: إذا صار عنِّيناً، أو محبوباً، وبالكسر: الهيئة من ذلك، ومن غيره.
«إلى الغلام» قال صاحب «المطالع»: يقال للصبي، من حين يولد إلى حين يبلغ: غلام، وتصغيره: غليّم، وجمعه: غلمان، يقال أيضاً للرجل المستحكم القوة: غلام. قال في «الكافي» يكره النظر إليه مع عدم الشهوة.
«مع أمته» المراد: أمته المباح وطؤها، لتخرج المزوجة، والمجوسية، والوثنية، وهو خبر من قوله: مع سريته، لشموله المباح غير السرية.
«ولا التعريض» هو خلاف التصريح من القول، ومنه قوله: «إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب» أي: سعة، وفسحة عن تعمد الكذب.
«مجبرة» هو اسم مفعول، من أجبره على الشيء: إذا أكرهه عليه، ويقال: جبره، فهو مجبور.
«مساءً يوم الجمعة» مساءً: بالنصب، والتنوين، ويوم الجمعة: نصب على الظرف، ولو جر كان صحيحاً، لكن يخرج منه كل مساء غير مساء الجمعة، وهو مراد.
«زفت» أي: أهديت، يقال: زففت العروس إلى بيت زوجها زفّاً وزفافاً، وأزففتها: أهديتها.
«جبلتها عليه» أي: خلقْتها، وطبعتها، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 318
باب أركان النكاح وشروطه(1/235)
«قال الخاطب» هو: اسم فاعل من خطب، بمعنى: طلب، وبمعنى: قرأ الخطبة، ويحتمل هنا الأمرين، ولا يختص هذا بالخاطب، وذكر صاحب «المحرر» فيه: أن قول الخرقي فيهما منصوص الامام أحمد رحمه الله تعالى.
«إذن البكر الصمات» أي: السكوت. يقال: صَمَتَ يَصْمُتُ صَمْتاً وصُمُوتاً وَصُمَاتاً، وأصمَت، أي: سكت.
«أو وثبة» أي: قفزة. يقال: وَثَبَ وَثْباً ووثوباً وَوَثْباً: قفز، والمرة: الوثبة، وفي معنى زوالها بالأصبع والوثبة: زوالها بعود، أو شدة حيض، نص على ذلك في «المغني».
«وان عضل» أي: منع، يقال: عضل المرأة يعضلها ويعضلها: بضم الضاد، وكسرها.
«كفءاً لها» الكفء، والكفُوء: بوزن قفل، وعنق: المثل، والنظير، قال ابن القطاع في «الأفعال»: كفأ الخاطب كفاءة: صار كفيئاً لمن خطب إليه، وكذلك في غير النكاح، قال أبو السعادات: الكفء: النظير المساوي، ومنه: الكفاءة في النكاح، وهو أن يكون الزوج مساوياً للمرأة في حسبها، ودينها، ونسبها، وبيتها، وغير ذلك، وجمع الكفء: أكفاء.
«عفيفة» أي: ذات عفة، وهي: الكف عما لا يحل.
«بفاجر» الفاجر: المنبعث في المعاصي، والمحارم.
«قرشية لغير قرشي، ولا هاشمية لغير هاشمي» قرشي، وقرشية: نسبة إلى قريش، وهو فهر بن مالك، وقيل: النضر بن كنانة، وقريش: لقب. وهاشمية، وهاشمي: نسبة إلى هامش، وهو عمرو بن عبد مناف، ولقب بهاشم: لأنه هشم الثريد لقومه، قال الشاعر:
عمروُ الذي هَشَمَ الثَّرِيْدَ لِقَوْمِهِ
وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُوْنَ عِجَافُ
ويروى: عمرو العُلا.
«والصناعة» الصناعة، بكسر الصاد، وفتحها: حرفة الصانع.
«ولا بنت بزاز بحجام» البزاز: بياع البز، والحجام: صانع الحجامة. استغنوا بصيغة فعَّال، عن: ياء النسب.(1/236)
«ولا بنت تانىء بحائك» التانىء: بالهمز بلا خلاف بين أهل اللغة، وهو صاحب العقار. قال الجوهري، وابن فارس، وغيرهما: هو من تنأ بالبلد بالهمز: إذا قطنه. وجمع التانىء: تُنَّاء، كفاجر، وفجار، والاسم منه: التناءة، والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 320
باب المحرمات في النكاح
المصاهرة: مصدر صاهرهم: إذا تزوج إليهم. والصهر بمعنى: المصاهرة. والصهر: من كان من أقارب الزوج، أو الزوجة.
«وحلائل آبائه» الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة. والرجل حليلها، لأنها تحل معه، ويحل معها، وقيل: لأن كل واحد منهما يحل للآخر.
«والربائب» هي جمع: ربيبة، وهي بنت الزوجة من غير الزوج. والذَّكر: ربيبٌ.
«باشر دون الفرج» أي: وطىء. وقال الجوهري: مباشرة المرأة: ملامستها، وكلاهما محرم، وكذا القبلة.
«يلوط بغلام» يقال: لاط الرجل، ولاوط، أي: عمل عمل قول لوط، وتَلوَّط: تفعَّل، وهو عبارة عن وطء الذكر في دبره، ولا فرق بين الغلام والبالغ في التحريم، وذكروا الغلام، لأنه الغالب، لأن البالغ ليس كذلك.
«إلى أمد» أي: إلى غاية، والأمد: الغاية، كالمدى.
«بائناً أو رجعية» البائن: التي لا رجعة لزوجها عليها، لكونها مطلقة ثلاثاً، أو دونها بعوض، أو بغيره، وقد انقضت عدتها، ولم يقل: بائنة، لاختصاصه بالإناث، كحائض، والرجعية: كل مطلقة ليست كذلك.
«ولا يجد طولا» الطول، بالفتح: الفضل، أي: لا يجد فضلا ينكح به حرة.
«فلم تعفه» أي: لم يحصل لهالعفاف، وهو الكف عن الحرام، يقال: عَفَّ يَعِفُّ عِفَّةً فهو عفيف، وأَعَفَّه غَيْرهُ: يعفُّه، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 322
باب الشروط في النكاح(1/237)
«لتكتفىء ما فيها صحفتها» تكتفىء مهموزاً: تفتعل، من كفأت القدر: إذا كببتها لتفرغ ما فيها، يقال: كفأت الاناء، وأكفأته: إذا كببته، وإذا أمَلته، وهذا تمثيل لامالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها. والصحفة: إناء، كالقصعة المبسوطة.
«نكاح الشغار» سمي شغاراً، لارتفاع المهر بينهما، من شغر الكلب: إذا رفع رجله ليبول، ويجوز أن يكون من شغر البلد: إذا خلا، لخلو العقد عن الصداق، ومعناه: ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى.
«نكاح المتعة» هو: من التمتع بالشيء: الانتفاع به، يقال: تمتعت أتمتع تمتعاً، والاسم: المتعة، كأنه ينتفع إلى مدة معلومة، وقد فسر معناه أيضاً.
«أو نسيبة» أي: ذات نسب صحيح شريف يرغب في مثله شرعاً، مثل كونها من أولاد العلماء والصُّلحاء.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 323
باب حكم العيوب في النكاح
«الرتق» بفتح الراء والتاء، مصدر رتقت المرأة، بكسر التاء ترتق رتقاً: إذا التحم فرجها، فأما القرن، بفتح القاف والراء، فمصدر قرِنت المرأة بكسر الراء، تقرَن، قَرَناً بفتحها فيهما: إذا كان في فرجها قرْن، بسكون الراء، وهو عظم، أو غدة مانعة ولوج الذكر، فيجوز أن يقرأ ما في الكتاب، بفتح الراء على المصدر، وبسكونها على أنه العظم أو الغدة.
«والعفل» العفل، بوزن فرس: نتأة تخرج في فرج المرأة، وحياء الناقة، شبيه بالأدلاة التي للرجل في الخصية، والمرأة عفلاء، والتفعيل: إصلاح ذلك.
«رغوة» الرَّغوة التي للَّبن معروفة، وهي بفتح الراء، وضمها، وكسرها، حكاها الجوهري، وغيره، وزبد كل شيء: رغوته.
«الفتق» قال الجوهري: الفتق، بالتحريك مصدر قولك: امرأة فتقاء، وهي المفتقة الفرج، خلاف الرتقاء، والفتق: الصبح، والفتق: الخصب.
«وهو الجذام» الجذام: داء معروف تتهافت منه الأطراف، ويتناثر منه اللحم، نسأل الله تعالى العافية.(1/238)
«والبرص» بفتح الباء والراء: مصدر برص بكسر الراء: إذا ابيض جلده، أو اسود بعلَّة، قال الجوهري: البرص داء، وهو بياض.
«مطبقاً أو يخنق» مطبقاً، بضم الميم وكسر الباء، أي: دائماً. يقال: أطبق المطر: إذا دام. ويخنُقُ بوزن يكتب، ويقتل. ويخنِّق: بتشديد النون وكسرها: بوزن يكلم ويسلم، ويكون الضمير عائداً على الجنون، أي: سواء كان الجنون دائماً، أو يخنق في بعض الأحيان. ويجوز «أو يُخنَق»: بضم الياء وفتح النون على البناء للمفعول، بتخفيف النون وتشديدها، ويكون الضمير للمخنوق على حذف المضاف، أي: يخنق صاحبه، فحذف صاحب، فارتفع الضمير لقيامه مقامه، واستتر.
«واختلف أصحابنا في البخر» إلى آخر الباب. «البخر» بوزن قلم: نتن رائحة الفم، يقال: بخر الفم بخراً بكسر الخاء في الماضي وفتحها في المصدر. والنجو: الغائط، والقروح معروفة، واحدها: قَرح وقُرح، بفتح القاف وضمها، كالضَّعف والضُّعف. والباسور بالموحدة من تحت: واحد البواسير، وهي علة تخرج من المقعدة. والناسور بالنون: العرق الغَبِير الذي لا يزال ينتقض. والخصاء بالمد: مصدر خصيت الفحل خصاء: إذا سللت أُنثييه، أو قطعتهما، أو قطعت ذكره. ويأتي الكلام على الخصيتين في كتاب الجنايات. والوِجاء، بكسر الواو ممدوداً: رض عروق البيضتين، حتى تنفضخ، فيكون شبيهاً بالخصاء. والدلالة، بكسر الدال وفتحها، والدلول، والدلولة، بضم دالها، كله: الهداية إلى الشيء، والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 323
باب نكاح الكفار
«يحول بينهما الامام» يحول: بوزن يقول، أي: يفرق، ويقال: حال الشيء بيني وبينك، أي: حجز.
«كيفية عقدهم» الكيفية: لفظ مولّد مصنوع من كيف. وكيف: اسم غير متمكن لا يتصرف فيه. والمراد هنا بالكيفية: صفة العقد وحاله، وكيف: اسم يستفهم به عن الحال، والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 325(1/239)
كتاب الصداق
وفيه خمس لغات: صداق: بفتح الصاد، وصِداق: بكسرها، وصدُقة: بفتح الصاد، وضم الدال، وصُدْقة، وصَدْقة: بسكون الدال مع ضم الصاد وفتحها، حكى الأخيرة ابن السيد بشرحه. وهو العوض المسمى في عقد النكاح، وما قام مقامه، وله ثمانية أسماء: الصَّداق، والمهر، والنِّحلة، والفريضة، والأجر، والعُقر، والحباء، والعلائق، وقد نظمتها في بيت وهو:
صَدَاقٌ ومَهْرٌ نِحْلَةٌ وفَرِيْضَةٌ
حَبَاءٌ وأجرٌ ثُمَّ عَقْرٌ عَلاَئق
يقال: أصدقت المرأة، ومهرتها وأمهرتها، نقلهما الزجاج، وغيره، وأنشد الجوهري مستشهداً على ذلك:
أُخِذْنَ اغْتصاباً خطبةً عجرفيَّة
وأُمهرن أرْمَاحاً مِنَ الخَطِّ ذبَّلا
«لا يعرى» أي: لا يخلو.
«وعين، ودين» العين: لفظ مشترك في نحو من عشرين مسمى. والمراد هنا: المال الحاضر، والدين: ما كان في الذمة.
«كرعاية غنمهما مدة» الرعاية: الحفظ، وأكثر ما يستعمل الرعي: في الغنم، يقال: رعيت الغنم رعياً، وأرعيتها: جعلتها ترعى، فالراعي: حافظ، فيطلق على فعله الرعاية. والرعي، بالكسر: الكلأ.
«أو قصيدة من الشعر المباح» القصيدة: الأبيات المنظومة على رويٍّ واحد. كبانت سعاد، ونحوها. والجمع: قصد، كسفينة، وسفن. والشّعر: كلام موزون وهو معروف.
«وهو السندي» العبد السندي: هو منسوب إلى السند: البلاد المعروفة. يقال: سندي للواحد، وسند للجماعة، كزنجي وزنج.
«ففقئت عينه» قال الجوهري، فقأت عينه: إذا بخقتها، أي: غرتها. يقال: غار عينه، وأغورها، وفقأها، وبخقها، كله بمعنىً.
حكماً» منصوب على المصدر، أي: دخولاً حكماً، وهو مصدر مبين للنوع، لأن الدخول نوعان: حسيٌ، وحكمي، فبين بقوله: حكماً أحد النوعين.
«فما ينمي» يقال: نمى المال، وغيره ينمي، ويقال: ينمو بالواو. ويقال: نَمُوَ، ينمو بوزن: ظرف يظرف، والأولى: الفصحى، وكله بمعنى: كثر.(1/240)
«في المفوضة» المفوضة، بكسر الواو: اسم فاعل من فوض، وبفتحها: اسم مفعول منه، قال الجوهري: فوض إليه الأمر، أي: رده إليه. والتفويض في النكاح: التزويج بلا مهر. فالمفوضة، بفتح الواو، أي: المفوض مهرها، ثم حذف المضاف، وأُقيم الضمير المضاف إليه مقامه، فارتفع واستتر. والمفوِّضة، بكسرها: التي ردت أمر مهرها إلى وليها.
«قبل الإصابة» أي: قبل الوطء.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 326
إلا المنعة» اسم مصدر، يقال: متعه تمتيعاً، وتمتع هو تمتعاً، والاسم: المتعة، ثم يقال للخادم والكسوة وسائر ما يتمتع به: متعة، تسمية للمفعول بالمصدر، كالخلق بمعنى المخلوق.
«على الموسع قدره وعلى المقتر قدره» الموسع: الغني، يقال: أوسع الرَّجل فهو موسع: إذا استغنى. والمقتر: الفقير، يقال: أقتر الرجل فهو مقتر: إذا افتقر. وقدره، أي: مقداره.
«نقصت» بفتح النون، ويجوز ضمها على البناء للمفعول، يقال: نقص الشيء، ونقصته.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 326
باب الوليمة
الوليمة: مشتقة من الولم، وهو: الجمع، لأن الزوجين يجتمعان، قاله الأزهري، وغيره، وحكى ابن عبد البر، عن ثعلب، وغيره من أهل اللغة، أن الوليمة: اسم لطعام العرس خاصة، لا يقع على غيره. وقال بعض الفقهاء ـ من أصحابنا وغيرهم ـ الوليمة تقع على كل طعام لسرورٍ حادث، إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر، وقول أهل اللغة أولى، لأنهم أهل اللسان، وأعرف لموضوعات اللغة، هذا معنى ما حكى في «المغني»، وقال صاحب «المستوعب»: وليمة الشيء: كماله وجمعه، وسميت دعوة العرس وليمة، لاجتماع الزوجين، والله أعلم.(1/241)
ويقال: أولم: إذا صنع وليمة. والأطعمة التي يدعى إليها النس عشرة: الأول: الوليمة، وقد ذكرت. والثاني: العذيرة، والاعذار للختان. والثالث: الخرس، ويقال له: الخرسية لطعام الولادة. والرابع، الوكيرة: وهي دعوة البناء. والخامس: النقيعة وهي الطعام لقدوم الغائب. والسادس: العقيقة، وهي الذبح لأجل الولد. السابع: الحذاق وهو الطعام عند حذاق الصبي. الثامن: المأدبة، وهي كل دعوة بسبب كانت أو غيره، فهذه الثمانية ذكرها المصنف رحمه الله في «المغني». التاسع: الوضيمة، وهي طعام المأتم، نقله الجوهري عن الفراء. العاشر: التحفة: وهي طعام القادم، ذكره أبو بكر ابن العربي في «شرح الترمذي».
«دعا الجفلى» دعوة الجَفَلى: أن يدعو عاماً لا يخص بعضاً، فان خص فهي دعوة النَّقَرى. قال طرفة:
نَحْنُ في المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلى
لاَ تَرى الآدِبَ مِنَّا يَنْتَقِرْ
الآدب: صاحب المأدبة.
«تعالوا» بفتح اللام: أمر من تعالى يتعالى.
«وسائر الدعوات» الدعوات: واحدها دعوى: مثلثة الدال، وهي: طعام المدعو إليه، والجمع بحسب المفرد، فمن فتح الدال فتح العين معها في الجمع، ومن كسرها، سكن العين في الجمع، ومن ضمها، يجوز في العين الضم إتباعاً، والفتح والاسكان تخفيفاً.
«وعلى وسادة» الوسادة، بكسر الواو: المخدَّة. والجمع: وسائد.
«والنثار» النثار، بكسر النون: اسم مصدر من نثرت الشيء أنثره نثراً. فهو اسم مصدر مطلق على المنثور.
«بالدف» الدف: الذي تضرب به النساء، بضم الدال، وحكى أبو عبيدة عن بعضهم أن الفتح لغة، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 327
باب عشرة النساء
«بالمعروف» المعروف هنا: النصفة وحسن الصحبة مع الأهل.
«وأن لا يمطله» هو بضم الطاء. والمطل: الدفع عن الحق بوعد.
«ولا يعزل» العزل عن المرأة: أن لا يريق الماء في فرجها، وهو معروف.
«تعافه النفس» أي: تكرهه.(1/242)
«إذا فرع قلبها» يقال: فرغ من الشيء يفرغ، بفتح الراء في الماضي، وضمها في المضارع، هذه لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن. ولغة تميم، كسرها في الماضي، وفتحها في المضارع.
«في مسكن واحد» هو بفتح الكاف وكسرها.
«أشخصها» يقال: شخص من بلد إلى بلد: ذهب، وأشخصه غيره، أي: سفَّرها.
«وإن زفت إليه» يقال: زفت العروس إلى زوجها زفاً، وزفافاً، وأزففتها: أهديتها.
«في النشوز» النشوز: كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه، وسوء عشرته، يقال: نشزت المرأة على زوجها، فهي ناشز، وناشزة، ونشز عليها زوجها: إذا جفاها وأَضَرَّ بِهَا.
«متبرمة» أي: متضجرة.
«وعظها» الوعظ، والعِظة: تذكرتك الإنسان بما يُليِّن قلبه من ثواب، وعقاب، وقد وعظه وعظاً، واتعظ هو: قبل الموعظة.
«المضجع» مكان الاضطجاع، بفتح الجيم، وهو القياس.
«غير مبرح» أي: غير شديد، قاله ثعلب. ومنه برح به الأمر تبريحاً، أي: جهده، وتباريح الشوق: توهجه.
«إلى الشقاق» الشقاق، والمشاقة: الخلاف، والعداوة، وشق فلان العصا: إذا فارق الجماعة، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 329
كتاب الخلع
الخلع: أن يفارق امرأته على عوض تبذله له، وفائدته: تخلصها من الزوج على وجه لا رجعة له عليها، إلا برضاها، وعقد جديد. وهل هو فسخ أو طلاق؟ على التفصيل المذكور في الباب. يقال: خلع امرأته خَلعا، وخالعها مخالعة، واختلعت هي منه، فهي خالع، وأصله: من خلع الثوب.
«ومع الأجنبي» مثاله: أن يقول الأجنبي: اخلع زوجتك على كذا، فيفعل، فيصح الخلع، ويلزمه العوض.
«على رضاع ولده» أي: على إرضاعها إياه، ورضاع: مصدر رضع رضاعاً، فكأنه قال: على أن ترضع ولدها منها عامين بارضاعها.
«على هروي فبان مرويا» الهروي: منسوب إلى هراة: كورة من كور العجم، تكلمت بها العرب، ومرْوي: بسكون الراء: منسوب إلى مرو، وهو بلد، والنسبة إليه مروزي على غير قياس، وثوب مروي على القياس.(1/243)
«حاباها» تقدم في الحجر والشركة.
«فهو من رأس المال» المراد: أنه حاباها في نفس الخلع، مثل أن سألته الخلع على ألف، فخلعها على مائة، فهذه المحاباة غير معتبرة من الثلث، لأن له أن يطلقها بغير عوض، فبالعوض اليسير بطريق الأولى، ولا يصح حمل هذه العبارة على أنه خالعها وحاباها في شيء آخر، مثل أن خالعها، ثم باعها ما قيمته ألف: بخمسمائة لوجهين.
أحدهما: أن المحاباة مع الأجنبي، من الثلث، لا من رأس المال، والمخالعة: قصاراها أن يكون كالأجنبي.
والثاني: أنهم قد أفردوا هذه المسألة، فقالوا: وإن طلقها في مرض موته، أو وصى لها بأكثر من ميراثها، لم تستحق أكثر من ميراثها، ومحاباتها في البيع في معنى الوصية، والله أعلم.
«بمهرها فما دون أو بما عينته فما دون» «دون» في الموضعين: مبني على الضم لنيَّة الاضافة.
«حال البينونة» البينونة: مصدر بان يَبين بيناً وبَينونة: إذا ذهب وزال، فحال الفراق حال بينونة، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 331(1/244)
كتاب الطلاق
الطلاق: مصدر طلقت المرأة: بانت من زوجها، وأصل الطلاق في اللغة: التخلية، يقال: طلقت الناقة: إذا سرحت حيث شاءت، وحبس فلان في السجن طلقاً بغير قيد، وفرس طلق إحدى القوائم: إذا كانت إحدى قوائمها غير محجلة، والاطلاق: الارسال، فالطلاق شرعا: حل قيد النكاح، وهو راجع إلى معناه لغة، لأن من حل قيد نكاحها، فقد خليت. ويقال: طلَقت المرأة، وطلُقت، بفتح اللام، وضمها، تطلق بضم اللام وفتحها، طلاقاً وطلقة، وجمعها: طَلَقان بفتح اللام لا غير، فهي طالق، وطلَّقها زوجها، فهي مطلقة. والطلاق خمسة أقسام: واجب، وهو طلاق المؤلي بعد المدة والامتناع عن الفيأة. ومكروه، إذا كان لغير حاجة على الصحيح. ومباح: وذلك عند ضرورة. ومستحب: وذلك عند تضرر المرأة بالمقام، لبغضٍ أو غيره، أو كونها مفرطة في حقوق الله تعالى، أو غير عفيفة، وعنه يجب فيهما. وحرام، وهو طلاق المدخول بها حائضاً.
«المختار» هو غير المكره، وهو اسم فاعل من اختار، ويقع على المفعول أيضاً، يقال: اخترت الشيء فهو مختار، ويفرق بينهما بالقرائن.
«والمبرسم»: تقدم في باب الهبة.
«فإن هدده» أي: خوفه، وكذلك تهدده.
«والخنق» الخَنِق: بفتح الخاء وكسر النون: مصدر خنقه: إذا عصر حلقه، وسكون النون لغة، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 333
باب سنة الطلاق وبدعته
السنة: الطريقة والسيرة. فإذا أطلقت في الشرع، فإنما يراد بها ما أمر به النبيُّ ، ونهى عنه، وندب إليه مما لم ينطق به الكتاب العزيز، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب، والسنة.
والبدعة: مما عمل على غير مثالٍ سابق، والبدعة: بدعتان، بدعة هدى، وبدعة ضلالة. والبدعة: منقسمة بانقسام أحكام التكليف الخمسة، وليس هذا موضع تفصيلها، وتعديدها. وقد فسر طلاق السنة وطلاق البدعة، فطلاق السنة: ما أذن فيه الرسول ، وطلاق البدعة: ما نهى عنه.(1/245)
«في كل قرء» القرء، بفتح القاف: الحيص، والطهر، وهو من الأضداد. وحكى ابن سيده: ضمها، والجمع أقراء، وقروء، أقرؤ.
«وأسمجه» أفعل تفضيل من سمَج سماجة، وهو: ضد حسن، واعتدل، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 334
باب صريح الطلاق وكنايته
الصريح في الطلاق، والعتق، والقذف، ونحو ذلك: هو اللفظ الموضوع له، لا يفهم منه عند الإطلاق غيره. والصريح: الخالص من كل شيء، ولذلك يقال: نسبٌ صريح، أي: خالص لا خلل فيه، وهذا اللفظ خالص لهذا المعنى، أي: لا مشارك له فيه. والكناية، قال الجوهري: هي أن يتكلم بشيء ويريد غيره، وقد كنّيت بكذا عن كذا. وقال ابن القطاع: كنيت عن الشيء: سترته. والمراد بالكناية هنا: ما يشبه الصريح، ويدل على معناه، فإن لم يشبه الصريح، ولم يدل على معناه، فليس بصريح، ولا كناية، نحو: قُومي، واقعدي، وكلي، واشربي.
«والسراح» السَراح: بفتح السين: الإرسال، يقال سرحت الماشية: إذا أرسلتها، وتسريح المرأة: تطليقها، والاسم: السراح، كالتبليغ والبلاغ.
«وما تصرف منها» تقدم مثله في أول كتاب العتق.
«من وثاق» الوثاق: بفتح الواو وكسرها: ما يوثق به الشيء من حبل ونحوه، قال الله تعالى: {فشدوا الوثاق} [محمد: 4].
«دين» مبني للمفعول، يجوز أن يكون بمعنى: ملك. قال الحطيئة:
لَقَدْ دَيَّنتَ أمر بنيْك حتى
تركتهمُ أدقَّ مِنَ الطَّحيْنِ
كأنه ملّك أمر بنيه، ويجوز أن يكون من: ديَّنت الرجل تديينا: إذا وكلته إلى دينه، فهو قد وكل في نيته إلى دينه.
«بشيء لا يتبين» هو: مثل أن يكتبه بأصبعه على مخدة، أو في الهواء، ونحو ذلك.
«بهشتم» بكسر الباء، والهاء، وسكون الشين المعجمة، وفتح التاء، كذا ضبطناه عنهم، ومعناه: عندهم: خليتك.
«موجبة» بفتح الجيم، وهو: اسم مفعول من أوجب الشيء: ألزمه، فموجبه: مقتضاه ومطلوبه، ومدلوله، تشبيهاً بذلك.(1/246)
«أنت خلية وبرية» إلى آخر الباب. الخلية في الأصل: الناقة تطلق من عقالها ويخلى عنها، ويقال للمرأة: خلية. كناية عن الطلاق، قاله الجوهري، والبرية: أصله: بريئة بالهمز، لأنه صفة من بَرَأَ من الشيء براءة، فهو بريء. والأنثى: بريئة، ثم خفف همزه كما خفف برية: في (خير البرية) [البينة: 7] فعلى هذا يجوز أن بريئة بالهمز، وبرية بغير همز. وبائن، أي: منفصلة، من بانت تبين، ويقال: طلقةِ بائنة: فاعلة بمعنى: مفعولة، وبتة: بمعنى: مقطوعة، وهي في الأصل: المرة، من بته يبته بتاً وبتة. يقال: طلقها ثلاثاً بتة، وصدقةٌ بتةٌ، أي: منقطعة، وبتلة بمعنى: منقطعة، من قولهم: بتل الشيء: إذا قطعه، وسميت مريم عليها السلام البتول، لانقطاعها عن الرجال، وفاطمة الزهراء البتول، لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً، وديناً، وحسباً. وقيل: لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 334
والحرج: بفتح الحاء والراء: الضيق، يقال: حرج بكسر الراء يحرج حرجاً: بفتحها في المضارع والمصدر، فقولهم في الكناية: أنت الحرج: من باب الوصف بالمصدر مبالغة، أو على حذف المضاف، أي: ذات الحرج، وخليتك وأنتِ مخلاة، أي: طلقتك فأنت مطلقة، من قولهم: خلى سبيله، فهو: مخلى، وأنت واحدة، أي: منفردة، واستبري أصله الهمز، لأنه من قولهم: استبرأت الجارية: إذا تركتها حتى يبرأ رحمها، وتتبين حالها، هل هي حامل، أم لا.
واعتزلي: اعتزل الشيء: إذا كان بمعزل منه، فمعنى اعتزلي، أي: كوني وحدك في جانب. وحبلك على غاربك، الغارب: مقدم السنام، ومعنى حبلك على غاربك: أنت مرسلة مطلقة، غير مشدودة، ولا ممسكة بعقد النكاح.(1/247)
«ولا سبيل لي عليك» السبيل: الطريق: يذكر ويؤنث، قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي} [يوسف: 801] فأنث، وقال: {وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً} [الأعراف: 641] فذكَّر، (ولا سلطان لي عليك) أي: لا ولاية لي عليك، والسلطان: الوالي، من السلاطة: القهر.
«واقربى» بضم الراء: أمر من قرب، بضم الراء، من الشيء قربا: صار قريباً منه، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 334
باب ما يختلف به عدد الطلاق
«طلقات» بقتح الطاء واللام لا غير.
«ما أرى» أُرى: بضم الهمزة. كذا قرأته على المشايخ، وهو ظاهر حال الامام أحمد، فإنه كان متهيِّباً للفتوى في كثير من الفتاوى، لا يجزم، بل يقول: أرجو، أو أخاف، ونحو ذلك.
«بِنَّ منه» فعل ماض معتلُّ العين محذوفها لالتقاء الساكنين، مكسور أوله لكون عينه ياءً مدغمةً لامه في نون ضمير الفاعلات، فنظيره قولك. النساء مِنَّ، بمعنى: كَذَّبْنَ، ولِنَّ: كُنَّ ليِّنات، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 337
باب الاستثناء في الطلاق
الاستثناء: مصدر استثنيت، وهو إخراج الشيء مما دخل فيه غيره بـ «إلا»، أو إحدى أخواتها، فإذا قال: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة، فقد أخرج الواحدة مما دخل فيه الاثنان، وهو لفظ الثلاثة، فالمستثنى: داخل لفظاً غير مراد معنىً، والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 337
باب الطلاق في الماضي والمستقبل
أمسِ: اسم مبني على الكسر، معرفة، ومن العرب من يعربه، فإن دخله الألف واللام، كقولك: مضى الأمس المبارك، أو أضيف، كقولك: مضى أمسنا، أو صيّر نكرة، كقولك: كل غدٍ صائر أمساً، كان معرباً.
«أو خرس» هو بكسر الراء: إذا ذهب نطقه.(1/248)
«لأشربنَّ ماء الكوز، ولأقتلنَّ، ولأصعدن، ولأطيرنَّ» أكد الجميع بالنون، لأنه جعل جواباً للقسم، أجرى قوله: أنت طالق مجرى القسم، فصار كقولك: والله لأشربن.
«صعدت» بكسر العين، والتاء، أي: طَلَعْت.
«طلقت الأولى في الحال، والثانية في أول المحرم، وكذلك الثالثة».
الأولى: منصوب تقديراً على المصدر، والثانية: معطوف عليه، ويجوز رفعها، أي: وتقع الثانية، وأما الثالثة، فالجيد رفعها بالابتداء، والخبر «وكذلك»، ويجوز النصب على المصدر، أي: وكذلك تطلق الثالثة، أي: الطلقة الثالثة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 337
باب تعليق الطلاق بالشروط
«دين» مبني للمفعول، يجوز أن يكون من دُيِّنَ بمعنى: مُلِّك، قال الحطيئة:
لقد دُيِّنْتَ أمر بنيك حتى
تركتهمُ أدقَّ مِنَ الطَّحين
كأنه ملك أمر بنيه، ويجوز أن يكون من دينت الرجل تديينا: إذا وكلته إلى دينه، فهو وكل في نيته إلى دينه.
«وأدوات الشرط ستة» كذا وقع بخط المصنف رحمه الله: ستة، بالهاء، والوجه: ست بحذفها، ويمكن يخرجه على الحمل على المعنى، على تأويل الأدوات بالألفاظ جمع لفظ، واللفظ، مذكر، ونظير ذلك قول الشاعر:
ثلاثة أنفس وثلاث ذودٍ
لقد جار الزمان على عيالي
والنفس: مؤنثة، لكنها أُريد بها الإنسان.(1/249)
«إن، وإذا، ومتى، ومن، وأي، وكلما» «إن»: المكسورة المخففة الرابطة بين جملتي الشرط والجواب، موضوعة للشرط، وهو ربط الجزاء بالشرط، فيوجد بوجوده، ويعدم بعدمه من جهته، فإذا قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، دار الطلاق بدخول الدار مع دخولها وجوداً، وعدماً. ثم تضمنت معناها أسماء، فربطت كربطها، وهي المذكورة، فمنها «إذا»: وهي: ظرف لما يستقبل من الزمان غالباً، متضمنة معنى الشرط غالباً، فإذا قال: إذا قمت فأنت طالق، كان ذلك شائعاً في الزمن المستقبل، متى حصل قيامها فيه، طلقت. ومنها «متى» وهي ظرف زمان، متضمن معنى الشرط، شائع في الزمن المستقبل، فأي زمنٍ وجد فيه الشرط، يعقبه جزاؤه، ومنها «من» وهو اسم متضمن معنى الشرط، موضوع لمن يعقل، شائع فيه، فإذا قال: من دخلت الدار فهي طالق، أو فهي حرة، كان شائعاً في نسائه، وإمائه، ومنها «أي» وهو اسم متضمن معنى الشرط، شائع فيما يضاف إليه كائناً ما كان، كقوله: أي امرأة قامت فهي طالق، وأي مكان جلست فيه فأنت طالق، وأي زمان حللت فيه فأنت طالق، ونحو ذلك، ومنها «كلما» فـ «كل»: اسم موضوع للعموم، مقتضٍ للتكرار كما ذكر. و«ما» ظرفية، أي: كل وقت فعلت كذا فأنت طالق، فإن حذفت منها «ما»: عمت بحسب ما تضاف إليه، كقولك: كل امرأة تقوم فهي طالق، فهو شائع في النساء، وكل يوم أو موضع جلست فيه، فأنت طالق، ونحو ذلك.
«وكلها على التراخي» إذا تجردت عن «لم»، فإن اتصل بها «لم»، صارت على الفور، إلا أنه إذا علَّق الطلاق بغير «إن» و«إذا» بإيجاد فعل، كان على التراخي، لأنه معلق بذلك لا يوجد قبله، وإذا علق بالنفي، كان على الفور، لأنه إذا مضى عقيب اليمين أي زمن كان لم يوجد فيه الفعل، فقد وجدت الصفة. وأما «إن» فلا تقتضي وقتاً أصلاً، إلا من جهة لزوم الفعل وقتاً يقع فيه، فهي مطلقة في الزمن كله، وأما «إذا» ففيها وجهان: الفور، والتراخي، بناءً على الشرط كـ «إن»، والظرفية، كـ «متى».(1/250)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 338
«وإن قال العامي» العامي: منسوب إلى العامة الذين هم خلاف الخاصة، لأن العامة لا تعرف العلم، وإنما يعرفه الخاصة، فكل واحد عاميّ بالنسبة إلى ما لم يحصّل علمه، وإن حصل علماً سواء.
«الجزاء» أي: الجواب، فجواب الشرط يسمى جواباً وجزاءً.
«بمقتضاه» أي: بمطلوبه.
«فضرائرها طوالق» جمع: ضرَّة؛ سميت به، لما بينهما من المضارة.
«بالعكس» مصدر عكس الشيء: ردَّ آخره على أوله، فالعكس هنا: عدم وقوع الطلاق بوجود الحمل، وكان يقع الطلاق بوجود الحمل.
«ولغا ما زاد» أي: سقط ما زاد.
«بالمشيئة» المشيئة: الارادة. وأصلها: الهمز، تقول: شاء الشيءَ يشاؤه مشيئة وشيئاً، ويجوز تليين همزته، فتصير ياءً، ثم تدغم في الياء فتصير، مشيَّة بوزن: بريَّة.
«من بشرتني» التبشير: الاخبار بما يظهر أثره على البشرة، وهو ظاهر جلد الإنسان، سواء كان خيراً أو شراً، لكنه لا يستعمل في الشر إلا مقيداً به، كقوله تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً} [النساء: 831]، وعند إطلاقه، لا يكون إلا في الخير.
«بَرَّ» بفتح الباء، أي: صدق. يَبَرُّ بفتحها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 338
باب التأويل في الحلف
«لتخبرني» هو بكسر الراء، مسند إلى ياء المخاطبة محذوفة.
«على بارية» الباريَّة بالتشديد: هي المنسوجة من القصب، يقال لها: باريٌ، وباريّة، وبوريّ، بتشديد الثلاث، وباريّاءُ، وَبُوْرِيَّاء، ممدودين: خمس لغات.
قال الأصمعي: البورياء بالفارسية، وهي بالعربية: باريُّ، وبُوْرِيُّ.
«يعمل من البيض ناطفاً» الناطف: القُبّيْطَى، وهي ضرب من الحلواء.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 340
كتاب الرجعة
الرجعة: بفتح الراء، وبكسرها: مصدر رجعه: المرة، والحالة، وهي ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائن إلى النكاح من غير استئناف عقد.(1/251)
ولما تغتسل» لمَّا مشددة الميم: حرف نفي، أي: ولم تغتسل.
«ولحظة» اللحظة: المرة، من لحظه: إذا نظر إليه بمؤخر عينه، والمراد بها هنا: الزمن اليسير قدر لحظة على حذف المضاف، وتثنيتها: لحظتان، أي: قدر لحظتين.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 342
كتاب الإيلاء
الايلاء بالمد: الحلف، وهو: مصدر. يقال: آلى بمدة بعد الهمزة، يؤلي إيلاءً، وتألىَّ وأتلى، والأليّة، بوزن فعيلة: اليمين، وجمعها ألايا: بوزن خطايا، قال الشاعر:
قليل الألايا حافظ ليمينه
وإن سبقت فيه الأليَّة برَّت
والألوة بسكون اللام، وتثليث الهمزة: اليمين أيضاً.
والايلاء شرعا: حلف الزوج ـ القادر على الوطء ـ بالله تعالى، أو صفة من صفاته، على ترك وطء زوجته في قبلها مدة زائدة على أربعة أشهر.
«لا اقتضضتك» اقتضضك بالقاف والتاء المثناة فوق، قال أهل اللغة: اقتضاض البكر، وافتراعها بالفاء، بمعنى، وهو: وطؤها، وإزالة بكارتها بالذكر، مأخوذ من: قضضت اللؤلؤة: إذا ثقبتها.
«أو لاباضعتك، أو لاباعلتك، أو لاقربتك، أو لامسستك» باضعتك: بمعنى جامعتك، وهو فاعد من البضع: النكاح، والفرج. وباعلتك، من البعال: النكاح، وقربتك، بكسر الراء، أي: لاغشيتك، قاله ابن القطاع في «أفعاله». ومسستك، بكسر السين الأولى، وفتحها لغة، أي: لاوطئتك، عن ابن القطاع أيضاً.
«بالحنث» الحنث في اليمين: نقضها والنكث فيها، يقال: حنث يحنث، وكأنه من الحنث: الاثم والمعصية.
«أو شلل» الشلل، بفتح الشين، واللام: مصدر شللت بكسر اللام، وهو، فساد اليد. والمراد هنا: فساد الفرج. تقول: شل بفتح الشين، ولا يقال: شُلَّ بضمها، بل يقال: اشِلَّ بضم الهمزة.
«وفيئته» الفيئة: الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان، وباشره، والمراد بها هنا: الرجوع إلى جماعها، أو ما يقوم مقامه.
«وإن طرأ بها» طرأ بالهمز: إذا جاء مفاجأةً، يطرأ طرءاً وطروءاً، وقد يترك همزه. فيقال: طرا يطرو طروّاً.(1/252)
«فإني ناعس» النعاس: الوسن، وهو مبدأ النوم. تقول: نعست أنعس نعاساً، فأنا ناعس ونعسان. عن ابن سيده. وامرأة نعسى، كوسنان ووسنى.
«امرأة عدل» عدل: مصدر، والمصدر إذا وصف به لا يؤنث، ولا يثنى، ولا يجمع، والأصل: امرأة ذات عدل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 343
كتاب الظهار
الظهار، والتظهر، والتظاهر: عبارة عن قول الرجل لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي، مشتق من الظهر، وخصوا الظهر دون غيره، لأنه موضوع الركوب، والمرأة مركوبة إذا غشيت، فكأنه إذا قال: أنت عليَّ كظهر أمي، أراد: ركوبك للنكاح حرام عليَّ، كركوب أُمي للنكاح، فأقام الظهر مقام الركوب، لأنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح، لأن الناكح راكب. وهذا من استعارات العرب في كلامها.
«كوجه حماتي» قال الجوهري: حماة المرأة: أُم زوجها، فالأحماء في اللغة: أقارب الزوج، والأختان: أقارب الزوجة، والصهر: لكل واحد منهما، ونقل ابن فارس في «المجمل» أن الأحماء كالأصهار، فعلى هذا يقال: هذه حماة زيد، وحماة هند.
«المريض المأيوس» اسم مفعول من يئس من الشيء: إذا انقطع أمله منه، وهو مهموز بوزن مأكول.
«ولا النحيف» وهو الرقيق الضعيف: صفة من نحفُ بضم الحاء، وكسرها لغة فيه.
«في اختيار شيوخنا» أي: شيوخ مذهبنا، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. يعني: أن هذه الرواية اختارها الخرقي، وغيره. قال القاضي أبو يعلى: وهو الصحيح.
«والمجدع» الجدع: قطع الأنف، والأذن، والشفة، وهو بالأنف أخص. يقال: رجل أجدع، ومجدوع، فأما مجدَّع، فللتكثير، لأنه لما كرر جدع أنفه، وأذنه، كثر الجدع فيه، فقيل: مجدَّع، فإن جدع أحدهما أجزأ، بل لو جدع أذناه معاً أجزأ، نص على ذلك في «المغني».(1/253)
«من أوسط ما تطمعون أهليكم» قال الجوهري: الوسط من كل شيء: أعدله، يقال: شيء وسط: بين الجيد والرديء. وقال عبَيدة السلماني: الأوسط: الخبز، والخل. والأعلى: الخبز، واللحم. والأدنى: الخبز البحت، والكل مجزىء. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 345
كتاب اللعان
اللعان: مصدر لاعن لعانا: إذا فعل ما ذكر، أو لعن كل واحد من الاثنين الآخر. قال الأزهري: وأصل اللعن: الطرد، والابعاد. يقال: لعنه الله، أي: باعده.
دعوت به القطا ونفيت عنه
مقام الذئب كالرجل اللعين
أي: الطريد. والتعن الرجل: إذا لعن نفسه من قبل نفسه، واللعان لا يكون إلا من اثنين، يقال: لا عن امرأته لِعاناً، وملاعنة، وتلاعنا، والتعنا: بمعنى واحد، ولا عن الامام بينهما، ورجل لُعَنَة، بوزن همزة: إذا كان يلعن الناس كثيراً، ولُعْنة، بسكون العين: يلعنه الناس.
«بغير حضرة الحاكم» حضرة الحاكم بمعنى: حضوره، مثلث الحاء.
«فإن كانت المرأة خفرة» بفتح الخاء المعجمة، وكسر الفاء: الشديدة الحياء، خفرت، بكسر الفاء تخفر خفراً، فهي خفرة، ومختفرة، وهي ضد البرزة.
«ولا يعرض للزوج» يعرض، بضم الياء على النباء للمفعول، أي: لا يتعرض له. نقل الجوهري عن الفراء، يقال: مر بي فلان فما عرضت له، بفتح الراء، وكسرها. قال يعقوب: ولا تقل: مع يعرِّضك بالتشديد.
«أَو هنىء» مبني للمفعول. يقال: هنئت بكذا: فرحت به، وهنَّأته به: فرَّحته، وهنِّىء به: فرح، كله بالهمز. قال الجوهري: التهنئة: خلاف التعزية.
«أو أمَّن على الدعاء» أمّن: إذا قال عند الدعاء: آمين، وقد تقدم الكلام على معنى «آمين» والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 347
كتاب العدد(1/254)
العِدد: جمع عِدَّة بكسر العين فيهما، وهي: ما تعدُّه المرأة من أيام أقرأتها، وأيام حملها، أو أربعة أشهر وعشر ليال للمتوفى عنها، قال ابن فارس، والجوهري: عدة المرأة: أيام اقرأئها، والمرأة معتدة.
«قبل المسيس» المسيس: اللمس. قاله الجوهري. وأصل اللمس باليد، ثم استعير للجماع، لأنه مستلزم للمس غالباً، وكذا استعير للأخذ، والضرب، والجنون.
«وإن ارتابت» أي: حصل لها ريب، وهو الشك. يقال: رابني الشيء: إذا رأيت منه ريبة، وهي التهمة، وهذيل تقول: أرابني.
«وانتفاخ البطن» بالخاء المعجمة: ارتفاعه، ويقال: أخذته نفخة، مثلث النون: إذا انتفخ بطنه، ويجوز انتفاخ البطن بالجيم، من قولهم: انتفج جانباً البعير: إذا ارتفعا، ونفج ثديُ المرأة قميصَها: إذا رفعه.
«وحد الاياس» يقال: يئس من الشيء، وأيس منه، يأساً فيهما، فحقه أن يقول: فحَدُّ اليأس، فأما الاياس، فمصدر آيسه من الشيء إياساً. فالآيسة قد آيسها الله تبارك وتعالى من الحيض، فلذلك استعمل مصدره، لكن استعمال المصنف رحمه الله تعالى يأبى ذلك في قوله: يئست، ويئسن، وآيسة.
«والجارية التي أدركت» أي: بلغت الحلم. عن السعدي.
«والسائح» السائح: الذاهب في الأرض للتعبد والترهب، قاله الجوهري، والسعدي، وغيرهما. وقال عطاء: السائحون: الغزاة. وقال عكرمة: طلبة العلم.
«ويجب الاحداد» الاحداد: مصدر أحدَّث المرأة على زوجها: إذا تركت الزينة لموته، فهي محد. ويقال أيضاً: حدت تحد، بكسر الحاء وضمها، فيكون في مضارعه ثلاث لغات: واحدة من الرباعي، واثنتان من الثلاثي. والحِداد، بكسر الحاء: ثياب سود يحزنَّ بها. والحدُّ: المنع، فالمحدة: ممتنعة عن الزينة.(1/255)
«والحفاف واسفيداج العرائس» الحفاف، بكسر الحاء: مصدر حفت المرأة وجهها من الشعر تحفه، حفّا، وحفافاً، واحتفت مثله، والمحرم عليها إنما هو نتف شعر وجهها، فأما حفه، وحلقه، فمباح، نص عليه أصحابنا. والاسفيداج معروف، يعمل من الرصاص، ذكره الأطباء في كتبهم، ولم أر أحداً من أهل اللغة ذكره، والألف في العرب، لكونها لفظة مولَّدة. والعرائس: جمع عروس، قال الجوهري: يقال: رجل عروس في رجال عُرُسٍ، وامرأة عروس في نساء عرائس. وأعْرَسَ الرجل: بنى بأهله، أو عمل عرساً. ولا يقال: عَرَّسَ، والتعريس: نزول آخر الليل لنوم أو راحة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 348
«وتجنب النقاب» النِّقَاب بالكسر. قال أبو عبيد: النقاب عند العرب: الذي يَبْدو منه محْجَر العبن، ويقال: انتقبت المرأة، وإنها لحسنة النِّقبة بالكسر.
«وأما المبتوتة» المبْتُوتَة: مفعولة، من بَتَّ الطلاق: إذا قطعه، يقال: بَتَّ الطلاق، وأَبَتَّه، فالأصل: المبتوت طلاقها، فحذف المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه، فصار ضميراً مستتراً. والمراد هنا بالمبتوتة: البائن بفسخ، أو طلاق، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 348
باب استبراء الاماء
الاستبراء: استفعال مِن بَرَأ، ومعناه: قصد علم براءة رحِمها من الحمل بأخذ ما يُسْتَبرأ به.
«من الوفاة حسب» حَسْبُ: مبني على الضم، لقطعه عن الافاضة، كـ «قبلُ» و«بَعْدُ». قال الجوهري: كأنَّك قلت: حسبي، أو حسبك، فأضمرت، فلذلك لم تُنوّن، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 349(1/256)
كتاب الرضاع
الرِّضاع، والرِّضاع: مَصُّ الثَّدْيِ، بفتح الراء وكسرها، مصدر: رضَع الصبيُّ الثَّديَ بكسر الضاد وفتحها، حكاهما ابن الأعرابي، وقال: الكسر أفصح، وأبو عبيد في «المصنف» ويعقوب في «الاصلاح» يرضَع، ويرضِع بالفتح مع الكسر، والكسر مع الفتح رَضْعاً، كفَلْسٍ، وَرَضَعاً، كَفَرِسٍ، ورَضاعاً، ورِضاعاً ورَضاعة وَرِضَاعة، ورَضِعاً، بفتح الراء وكسر الضَّادِ، حكى السبعة ابن سيده والفراء في المصادر، وغيرهما. قال المطرز في «شرحه» امرأةٌ مُرضِع: إذا كانت تُرضع ولدها ساعة بعد ساعة، وامرأة مُرضِعة: إذا كان ثديها في فَمِ ولدها. قال ثعلب: فَمِنْ هاهنا جاء القرآن: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2]. ونقل الجرمي عن الفراء: المُرْضِعةُ، الأم، والمُرضِع: التي معها صبي ترضعه. والولد: رضِيع، ورَاضع، ورَضع، ومُرضِع: إذا أرضعته أُمه.
«وثبوت المحرمية» المَحْرَميَّة: المراد بها: كونه محرماً لها، ويجوز لها السفر معه، كولدها النسيب، وقد تقدم ذكر المحْرم، والياء في «المحرميّة» للنسب، نسبة إلى المحرم، أي: الهيئة المحرميَّة.
«ثاب لامرأة» أي: اجتمع لها لبن، من قولهم: ثاب الناس، أي: اجتمعوا.
«في العامين» واحدهما: عام، وهو: السَّنَةُ.
«أو لأمر يلهيه» بضم الياء، أي: يشغله. يقال: لهيت عن الشيء بكسر الهاء، وأَلهاني غيري.
«والسعود والوجور» السَّعُوط: تقدم فيما يفسد الصوم، والوجور، بفتح الواو: الدواء يوضع في الفم، وقال الجوهري: في وسط الفم، تقول: وجرت الصبيَّ، وأَوجَرْتُهُ ويقال لكل واحد من الوَجور، والسَّعُوط: النّشُوعُ بالعين المهملة والغين المعجمة، حكاهما أبو عثمان، وشيخنا ابن مالك في كتاب «وفاق الاستعمال».
«واللبن المشوب» أي: المخلوط، شاب الشيء شوباً: خلطه، فهو مشوب، كمقُول.
«دَبَّتْ» أي: مشت مشياً رفيقاً، والغرض هنا: أنها دَبَّتْ منها بنفسها، مشياً كان، أو زحفاً، أو حبواً، أو غير ذلك.(1/257)
«من كمل رضاعها أولاً» أوّلاً: بالتنوين لا غير.
«امرأة مرضية» أي: مَرْضِيٌ دينُها، بحيث تقبل شهادتها، وقد يقال: مَرْضُوَّة على الأصل، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 350
كتاب النفقات
وهي جمع نَفَقَةٍ، والنَّفَقَةُ: الدراهم، ونحوها من الأموال، وتجمع على نِفاقٍ أيضاً، كثَمَرةٍ وثِمارٍ، وسميت بذلك إمّا لشبهها بذهابها بالموت، وإما لِرَوَاحِها، من نفقت السوق، وامّا نفق المبيع: كُثْرُ طُلاّبه.
«ما لا غنى لها عنه» يقال: غَنِيَ عن الشيء عنىً: استغنى عنه. والغَنَاء: بالفتح والمد: الكفاية، وبالكسر والمد، من الصوت، يقال: غنَّى يغنّي أُغنيَّة وغِنَاءً، فيجب على الرجل أن يُنفق على امرأته ما لا تستغني عنه، وذلك بالكسر والقصر.
«وأُدمه» الأدم: بضم الهمزة، والادام: ما يُؤتدم به، تقول: أُدَمْت الطعام وآدَمْتُهُ: إذا جعلت فيه إداماً.
«من جيد الكتان» الكَتَّان، بفتح الكاف: النبت المعروف، قال بعضهم: إنه فارسيّ مُعَرَّب.
«والخز والابريسم» الخز، قال أبو السعادات: الخز المعروف أولاً: ثياب تنسج من صوف وإبْرِيسم، وهي مباحة. والخَزُّ المعروف الآن: معمول كله من الابْرِيسم، فهو حرام على الرجال، والمراد هنا الأول، لأنه عطف عليه، فكأنه قال: من الابريسم المصمت وغيره، فأما الابريسم، فهو الحرير. قال أبو منصور: هو أعجمي معرَّبٌ، بفتح الألف والراء، وقيل: بكسر الألف وفتح الراء، قال ابن الأعرابي: هو الابريسم بكسر الهمزة والراء وفتح السين، قال: وليس في الكلام إفْعِيْلَلْ، ولكن إفعِيللْ، كاهْليلجْ.
«ووقاية ومقنعة، ومداس، وجبة للشتاء، وللنوم الفراش واللحاف والمخدة، والزِّليِّ» وقاية بكسر الواو، وهو ما بقي غيره، والمراد هنا: ما نضعه المرأة فوق المِقْنَعة، وتسميها نساء زماننا: الطرحة.(1/258)
وأما المِقنعة، فبكسر الميم: ما تَتقَنَّعُ به المرأة، وكذلك المِقْنَع، قال الجوهري: والقِنَاع أوسع من المِقْنَعَة. وأما المداس، فبفتح الميم مَفْعَل، من داس يدوس، لكثرة الدوس عليه، كالمقْبَر لكثرة القبور فيه، ولو سلك به مسلك الآلات لكُسِر، كالمِقَصِّ ونحوه. وأما الجُبَّةُ، بضم الجيم، فالنوع المعروف من اللباس، والجمع: جِبَاب. وأما الفِراش: بكسر الفاء، فهو الفراش المعروف، وجمعه: فُرُش. وأما المِخدة: فبكسر الميم، قال الجوهري: لأنها توضع تحت الخَدِّ. وأما الزِّليِّ: فبكسر الزاي واللام، والزِّلِيَّة: الطنفسة، وهي البساط من الصوف.
«على حسب عادته» بفتح الحاء والسين المهملتين، أي: على معدود عادته، وحَسَب: بمعنى محسوب، أي: معدود، كقَبَض: بمعنى مقبوض، يقال في المعدود: محسوب وحَسَبٌ.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 352
«سواء» هو اسم مصدر بمعنى الاستواء، وهو منصوب على المصدر بفعل محذوف، والتقدير، والله أعلم: استوت الرجعية والزوجية في ذلك استواءً، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدإٍ محذوف، أي: هما في ذلك سواء.
«ولا ينهك بدنها» ينهك بفتح الياء، أي: لا يجهده، والله أعلم.
«بخلاف الآجل» بمد الهمزة، وهو: ما كان له أجل يحل إليه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 352
باب نفقة الأقارب والمماليك
الأقارب: جمع قريب، كريم، وأكارم، وهم: النُّسباء المنتسبون بالرحم. والمماليك، واحدهم: مملوك، وهو: اسم مفعول، من ملكت الشيء: إذا دخل في ملكك، والمراد: الأرقَّاء.
«لا حرفة له» الحرفةُ: الصناعة وجهة الكسب، وقال شيخنا في «مثلثه»: الحرفة: ما يحاوله المحترف، أي: المكتسِب.(1/259)
«إلا أن يضطر إليها» يُضْطَر بضم الياء مبني للمفعول، أي: أُلجىء إليه، وهو: يفتعل من الضرر، فقلبت التاء طاءً، لكونها بعد الضاد، وغالب بناء يُضْطَرّ للمفعول، وقد يبنى للفاعل، كقوله تعالى: {ثم أضْطَرُّهُ} [البقرة: 621].
«وقت القيلولة» القَيْلُولة: مصدر قال، يَقِيلُ، قَيْلُولة، وقَيْلاً، ومقيلاً، وهو شاذ، كلهُ يَوْمُ القَائِلَة، والقَائِلَةُ: الظَّهِيرَة، وهي الهَاجِرَةُ.
«ويركبهم عقبة» العُقْبة: بوزن غُرْفَة. النوبة. يقال: دارت عُقْبةُ فلان: إذا جاءت نَوْبتُه، ووقت ركوبه، يعني: إذا سافر بالعبد، يركبه تارة، ويمشيه تارة.
«فضل عن ريه» فهو: مصدر رَوي رَيّاً بفتح الراء وكسرها، ويقال: رَوِيَ ريَّة أيضاً بفتح الراء: إذا أخذ حاجته من الماء عادة.
«على المخارجة» المخارجة في الأصل، مصدر خارجه: إذا نَاهَدَه. والتناهد: إخراج كل واحد من الرفقة نفَقَةً بقدر نَفقَةِ صاحبه، كأن كل واحد خرج لصاحبه عما أخرجه، والمراد بها: ما يقطعه على العبد في كل يوم باتفاقهما إذا كان له كسب، فإن لم يكن له كسب، حرم ذلك، لكونه لا يقدر عليه أن يؤدِّيه من جهة حلٍّ. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 353
باب الحضانة
الحَضَانة، بفتح الحاء: مصدر حَضَنْتُ الصبيَّ حَضَانة: تحمَّلتُ مؤنَتِهُ وتربيَتَهُ، عن ابن القطاع، والحاضِنَةُ: التي تُربيِّ الطفل، سُميت بذلك، لأنها تضم الطفل إلى حضنها، وهو: ما دون الابط إلى الكَشْح، وهو الخصر.
«تمريضه» مصدر: مرضته تمريضاً: إذا قمت عليه في مرضه، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 355
كتاب الجنايات
الجنايات: واحدتها جناية. وهي مصدر جنى على نفسه، وأهله، جناية: إذا فعل مكروها. عن السعدي، وقال أبو السعادات: الجناية: الجرم، والذنب، وما يفعله الانسان مما يوجب عليه القصاص والعقاب في الدنيا والآخرة.(1/260)
«آدمياً معصوماً» معصوماً: اسم مفعول من عصم بمعنى: مُنع قتلُه، فليس هو حَرْبيّاً، ولا زانياً محصناً، ولا نحو ذلك.
«بما له مَوْرٌ في البدن» أي: دخول وتردد.
«بمسلة» المسلَّة: بكسر الميم واحدة المسالِّ، وهي: الابر الكبار، عن الجوهري، وغيره.
«ضمناً» الضِّمِن بفتح الضاد وكسر الميم. قال الجوهري: الذي به الزَّمانة في جسده من بلاءٍ، أو كسرٍ، أو غيره، وقال السعدي: ضَمِنَ الرجل ضَمَناً وضَمَانة: لزمه عِلَّة، فهو ضَمِن.
«كالفؤال والخصيتين» الفؤاد، بالهمز: القلب، وقيل: وسطه، وقيل: غشاؤهُ. والقلب حبته وسويداؤه، والجمع: أفئدة. والخُصيتين: واحدتهما خُصية بضم الخاء، وحكى الجوهري الكسر، قال أبو عمرو: الخُصيتان: البيضتان. والخُصيان: الجلدتان اللتان فيهما البيضتان، والتثنية: بغير تاء، ووقع في الأصل بخط المصنف رحمه الله: الخصيتين بالتاء على الأصل، وهي لغة.
«قطع سلعة» السِّلْعة، بكسر السين: غُدَّةٌ تظهر بين الجلد واللحم، إذا غمزت باليد تحركت.
«فعليه القود» القَوَدُ: القصاص، وقتل القاتل بدل القتيل، وقد أَقَدْتُه به أَقِيدُهُ إقادة.
«عمود الفستاط» بيت من شعر، وهو فارسي معرب عن أبي منصور، وفيه لغات سِت فُستاط، وفُسطاط، وفِسّاط، بضم الفاء، وكسرها، لغة فيهن، فصارت ستاً. والفُستاط: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة: فُستاط، وعموده: الخشبة يقوم عليها.(1/261)
«كاللت والكوذين والسندان» اللُّثُّ، بضم اللام: نوع من آلة السلاح معروف في زماننا، وهو: لفظ مُولَّد ليس من كلام العرب، ولم أره في شيء مما صنف في «المعرب» وأخبرني الشيخ أبو الحسين علي بن أحمد بن عبد الواحد: أنه قرأه على المصنف، بالضم، فينبغي أن يُقرأ مضموماً، كما يقوله الناس. وأمّا الكُوذَيْن، فلفظ مولَّد أيضاً، وهو عند أهل زماننا: عبارة عن الخشبة الثقيلة التي يدق بها الدقاق الثياب. وأما السندان، فلم أره في شيء من كتب اللغة أيْضاً، فالظاهر أنه مولَّد، وهو عبارة عن الآلة المعروفة من الحديد الثقيل، يعمل عليها الحداد صناعته.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 356
«من شاهق» قال الجوهري: الشَّاهِق: الجبل المرتفع.
«في مقتل» المقتل، بفتح التاء: واحد المقاتل، وهي: المواضع التي إذا أُصيبت قتلته. يقال: مقتل الرجل بين فكيه.
«في زيبة أشد» الزُبية: بوزن غرفة: الرابية لا يعلوها الماء، وحفرة تحفر للأسد شبه البئر، سميت بذلك، لكونها تحفر في مكان عالٍ، وحفرة يحفرها النمل في مكان عالٍ.
«أو أنهشه كلباً، أو سبعاً، أو حية، أو ألسعه عقرباً» نَهَشَ: بالشين المهملة والمعجمة بمعنى. وقيل بالمهملة: الأخذ بأطراف الأسنان، وبالمعجمة: بالأضراس، وقال الخطابي بالعكس، وقال السعدي: نهش الرجل والسبع واللحم: قبض عليه، ثم نثره، والهمزة في «أنهشه»: همزة التعدي إلى مفعول ثانٍ، ويقال: نهشته الحية، ونشطته، بالطاء المهملة، وبالظاء المعجمة: لدغته. ولسعته العقرب، وَلَبَسَتْهُ بكسر سين الأول، وفتحها في الثاني، وهمزة «ألسعه» للتعدية إلى مفعولٍ ثانٍ، كما تقدم.
«سقاه سماً» السم، بضم السين وفتحها، وكسرها: كل ما يَقْتُل إذا شُرب أو أُكل.(1/262)
«أو بقتله بسحر» السحر بوزن العلم في اللغة: صرف الشيء عن وجهه، يقال: ما سحرك عن كذا، أي: ما صرفك، وسحره أيضاً بمعنى خدعه، قال السعدي، والجوهري: والساحر: العالم، وقال المصنف رحمه الله في «المغني»: والسحر: عُقَدٌ ورُقىً، وكلام يتكلم به، أو يكتبه، أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة، فمنه ما يقتل، ومه ما يمرض، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها، ومنه: ما يفرق بين المرء وزوجه، وما يبغِّض أحدهما في الآخر، أو يحبِّب بين الاثنين.
«عمدت قتله» عمدت بفتح الميم: لا يجوز غيره، وأكثر تعديه بحرف الجر، تقول: عمدت إليه، وعمدته، كما تقول: قصدته، وقصدت له.
«عمد محض» المحض: الخالص من كل شيء.
«أو يلكزه» اللّكْزُ: الضرب بجميع الكف في أي موضع من جسده، وعن أبي عبيدة: الضرب بالجمع على الصدر. قال الجوهري: لكمته: إذا ضربته بجمع كَفِّكَ.
«على سطح» السَّطح: سطح الدار معروف، وهو: من كل شيء أعلاه.
«كقطع حشوته» حشوة البطن بكسر الحاء وضمها: أمعاؤه.
«أو مريئه أو ودجيه» المريء مهموزاً ممدوداً: مجرى الطعام والشراب من الحلق، والجمع: مُرُؤٌ كسرير، وسُرر. والودَجان: واحدهما: ودج بفتح الدال، وكسرها، وهما: عرقان في العُنُق.
«في أرض مسبعة» أي: كثيرة السباع بفتح الميم لا غير، وكذلك يبنى للمكان، مما كثر فيه مَفْعَلةٌ من كل ثلاثي، نحو أرض مأسدة، ومَذْأَبةٍ، ومَذَابَّةٍ: إذا كثر فيه الأسود، والذِّئاب، والذُّئاب. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 356
باب شروط القصاص
«دخل يكابره» أي: يغالبه، وكابر: فاعل، من كبر، أي: غالبه في ذلك حتى يغلبه، فيأخذ أهله، أو ماله، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 359
باب استيفاء القصاص
استيفاؤه: أن يَفْعَل المجني عليه، أو وليُّه بالجاني مثل ما فعل، أو عوضه.(1/263)
«حتى الزوجين» هكذا هو بخط المصنف رحمه الله تعالى بالياء، والأحسن أن يكون الزوجان بالألف، لأنه مثنى معطوف على مرفوع، وهو: كل من ورث، وشرط المعطوف بـ «حتى» أن يكون بعضاً على كل، وهو هنا كذلك. ووجه جره بالياء، أن يكون «حتى» حرف جر بمعنى: انتهاء الغاية، أي: كل من وَرِثَ المال، ورِثَ القصاص، ينتهي ذلك إلى الزوجين، وذوي الأرحام.
«وإن شاء عفا» أي: عفا على الدية لا أقل، ولا مجاناً، لعدما الحظ للمسملين في ذلك، ويحتمل جواز العفو على غير مالٍ، لعفو عثمان عن قاتل الهرمزان من غير نكير.
«وتسقيه اللبأ» مهموزاً مقصوراً بوزن العنب، وما يحلب من اللبن عند الولادة، يقال: لَبَأتِ الشاة ولدها، وألبأته: أرضعته اللّبأ.
«تفقد الآلة» الآلة: الأداة التي يعمل بها العمل، كالْقَدُوم للنَجَّار، والسيف ونحوه للمقاتل، والمقتص، ونحو ذلك، وعينها واو.
«واللواط» اللواط: عمل قوم لوط. يقال: لاَطَ ولاوَطَ لِوَاطاً: إذا فعل ذلك، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 359
باب العفو عن القصاص
العفْوُ: التجاوز عن الذنب، وترك العقاب عليه، وأصله: المَحْوُ والطَّمْسُ.
«والخيرة فيه» الخِيرَة: بكسر الخاء وفتح الياء بوزن العنبة بمعنى: الاختيار، يقال: اختار اختياراً، والاسم: الخِيرة. ياقل: محمد خِيرَة الله، وخيْرته، بسكون الياء.
«سرت إلى الكف» أي: تَعدَّى مرضها وفسادها إلى الكف، أو النفس. يقال: سرى عرق الشجرة في الأرض: إذا مضى فيها، ويقال: سرى الليل وأسراه إذا قطعه سيراً.
«في موجب» بضم الميم وفتح الجيم: اسم مفعول من أوجب، أي: فيما أوجبه العمد، ويجوز أن يراد به المصدر، أي: في إيجاب العمد، والله أعلم.
«يحدث» أي: يوجد بضم الدال مضارع حدث بفتحها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 360
باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس(1/264)
«ما» في «ما يوجب» بمعنى: الذي، أي: الذي يوجب القصاص في غير النفس.
«والجفن» الجفن بفتح الجيم: جفن العين المعروف وهو: غطاؤها من فوق وأسفل، وحكى ابن سيده فيه الكسر.
«والشفر» الشفر بوزن القُفْل: شُفر المرأة، وهو: أحد شُفريها، وهما: قدتا الفرج المعروفتان، فأما شُفر العين، فهو: منبت الهُدْب، وقد حكي فيه الفتح.
«من الحيف» الحَيْف: بوزن البيع. وهو: الجوْر والظلم. يقال: حَافَ يحيف حَيْفاً.
«من مفصل» المفصل: بفتح الميم، وكسر الصاد: واحد المفاصل، وهي ما بين الأعضاء، كما بين الأنامل، وما بين الكف والساعد، وما بين الساعد والعضد، والمِفصَل: بكسر الميم وفتح الصاد: اللسان.
«فإن قطع القصبة» قال الجوهري: قصبة الأنف: عظمه، وكذلك كل عظم أجوف مستدبر، وكذلك ما اتُّخذ من قصب، وغيره.
«على حدقته» قال الجوهري: حدقة العين: سوادها الأعظم، والجمع: حَدَق، وحِداق.
«بعد الاندمال» الاندمال: مصدر اندمل الجرح: إذا صلح، وهو مطاوع دمل. تقول: دَمَلَه فاندمل.
«أخرجها دهشة» يقال: دهِش بكسر الهاء، فهو دَهِش، ودُهِشَ فهو مَدْهُوش: تحير. والدّهشة: المرة منه، ونصبه على أنه مفعول له، ويجوز نصبه على الحال مبالغة، أو على حذف المضاف، أي: ذا دهشة.
«هدراً» بسكون الدال المهملة وفتحها، أي: باطلاً، ويُقال: هَدَرَ الدم وأهْدَرَه: أبطله.
«صحيحة بشلاّء» الشَّلَل: بطلان اليد والرجل من آفة تعتريها، وقال كراع في «المجرد»: الشَّلَل تقَبُّض الكف، وقيل: الشَّلَل: قطعها، وليس بصحيح، يقال: شَلَّتْ يده تَشَلُّ شَلَلاً، فهي شَلاءً. وماضيه مكسور، ولا يجوز شلت بضم الشين، إلا في لغة قليلة، حكاها اللحياني في «نوادره» والطرز في «شرحه» عن ثعلب، عن ابن الأعرابي.
«ولا عين صحيحة بقائمة» العين القائمة: هي الباقية في موضعها صحيحة، وإنما ذهب نظرها وإبصارها.
«ولا ذكر فحل» الفَحْل: غير الخصِيّ، والفحل ضد الإنثى.(1/265)
«مارن الاشم بمارن الاخشم، والمخروم، والمستحشف، الأشَم: المرتفع الأنف، وقد استعمله هنا بإزاء الصحيح الشم.
والأخشم: الذي لا يجد ريح شيء، وهو في الأنف: بمنزلة الصم في الأذن.
والمخروم: المقطوع وترةُ أنفه، وهو: حجاب ما بين المَنْخِريْن، أو طرف الأنف ولم يبلغ الجَدْع.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 360
والمُسْتَحْشَف: مستفعل من الحَشَفِ وهو: أرْدَأ التمر معروف، أو من الحشف: الضرّع البالي.
والحَشَفُ من الثياب: الخَلَق.
«حتى ييأس» بضم الياء الأولى، وسكون الثانية، وبعدها همزة مفتوحة، مبني للمفعول، أي: انقطع الأمل من عودها.
«بالمساحة» قال الجوهري: ومَسَحَ الأرض مَساحةً: ذَرَعَها، ومسحاً أيضاً، عن السعدي.
«ويتحاملوا عليها» قال الجوهري: تحامل عليه، أي: مال عليه، وتحاملت على نفسي، أي: تكلفت الشيء على مشقة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 360
كتاب الديات
الدِّيات: جمع، واحدتها: دِيَةٌ، مخففة.
وأصلها: وِدْيَةٌ، والهاء بدل من الواو، تقول: ودَيْتُ القتيل أَدِيه دِيَةً: إذا أعطيت دِيَتَه، واتدَّيْت: إذا أخذت الدية، وتقول: دِ القتيل: إذا أَمَرْت، فالدية في الأصل مصدر، ثم سمي بها المال المؤدّى إلى المجني عليه، أو إلى أوليائه، كالخلْق بمعنى المخلوق.
«ألقى على انسان أفعى» الأفعى: حَيَّة معروفة، والأكثرون على صرفها كعصاً، ورحىً، وقد حكي منع صرفها، لما فيها من وزن الفعل، وشبَهَها بالمشتق، وهو تصوير إيذائها.
«فعثر به» تقدم في الغصبن.
«فأصابته صاعقة» قال الجوهري: الصاعقة: نار تسقط من السماء في رعد شديد. يقال: صعقتهم السماء: أَلقت عليهم الصَّاعِقة، والصاعقة أيضاً: صيحة العذاب، وأصعقتهم لغة، حكاها السعدي.(1/266)
«بمنجنيق» هو: الآلة المعروفة، قال أبو منصور في كتاب «المعرب» اختلف فيه أهل العربية، فقال قوم: ميمه زائدة، وقيل: أصلية، ويقال: بفتح الميم وكسرها، وقيل: الميم والنون في أوله زائدتان، وقيل: أصليتان، وهو أعجمي معرب، وحكى الفراء: منجنوق بالواو، وحكى غيره: منجليق، وقد جنق المنجنيق، ويقال: جنّق
«فخر عليه» خر الشيء يَخِرُّ ويخُرُّ بكسر الخاء وضمها، أي: سقط.
«من هلكة» بفتح الهاء واللام، أي: من هلاك، يقال: هَلَكَ يَهلكُ.
«فأجهضت جنينها» قال أهل اللغة: أجهضت الناقة: ألقت ولدها قبل تمامه، وجهضه، وأجهضه عليه: إذا غلبه، ثم استعمل الاجهاض في غير الناقة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 363
باب مقادير ديات النفس
المقادير: واحدها مقدار، وهو: مَبلَغُ الشيء وقدْرُه.
«وأربعون خلفة» الخَلِفة: بفتح أوله وكسر ثانيه: الناقة الحامل، والجمع: خَلِفٌ، وخَلِفَاتٌ.
«والوثني» الوثن: عابد الوثن، وهو: الصنم، قاله الجوهري.
وقال غيره: الوثن: ماله جثة معمولة من جواهر الأرض، أو من الخشب والحجارة، كصورة الآدمي.
والصنم: الصورة بلا جثة.
«ومن لم تبلغه الدعوة» الدعوة، بفتح الدال: المرة من دعا، والمراد هنا: دعوة الإسلام.
«غرة عبد» الغُرَّة: العبد نفسه، أو الأمة. وأصل الغرة: البياض في وجه الفرس، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: الغرّة: عبد أبيض، أو أمة بيضاء، وليس البياض شرطاً عند الفقهاء. والجيد تنوين «غُرَّة»، و«عَبْدٌ» بدل من غُرَّةٍ، ولا يجوز الاضافة على تأويل إضافة الجنس إلى النوع، فإن الغُرَّة: أول الشيء، وخياره، والعبد، والأمة، وبياض في وجه الفرس. فإذا قال: في الجنين غرة، احتمل كل واحد منها، فإذا قال: غرة عبد، تخصصت الغرة بالعبد.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 364
باب ديات الأعضاء ومنافعها(1/267)
الديات: جمع دِيَةٍ، وقد ذكّرت، وكذلك الأعضاء ومنافعها، واحدتها: منفعة وهي: اسم مصدر من نفعني كذا نفعاً، فالأعضاء كالعينين، والأذنين، ومنافعها كالبصر والسمع ونحو ذلك.
«وثندوتي الرجل» الثَّنْدُوَة: بوزن تَرْقَوَة غير مهموز، وهو: مَغْرز الثدي، فإذا ضمت، همزت، فقلت: ثُنْدُؤَة، ووزنها مفعلة، ووزنها على الفتح وترك الهمز «فعلُلة».
«وإسكتي المرأة» الاسكتان: بكسر الهمزة وفتحها: شُفر الرحم، وقيل: جانباه مما يلي شُفريه، والجمع: إسْكٍ وإسَك بسكون السين وفتحها، كله عن ابن سيده.
«وفي المنخرين» واحدهما: منخر بفتح الميم، كمسجد، وقد تكسر ميمه إتباعاً لكسرة الخاء، والمنخور: لغة فيه، وهو ثقب الأنف.
«ممن ثغر» ثغر الصبي: إذا سقطت رواضعه، وثَغر، وأَثغر: دق فمه، عن ابن سيده.
«وحلمتي الثديين» الحلمتان: رأسا الثديين.
«جدعاً» نصب على التمييز، وهو مصدر: جدعه: قطعه.
«عوجهما» بتشديد الواو، يقال: عاج الشيء، وعَوَّجه: عطفه.
«وفي كل حاسة» الحاسَّة: واحدة الحواسَّ، قال الجوهري: الحواسُّ: المشاعر الخمس: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللَّمس.
«ويجب في الحدب والصعر» الحَدَبُ بفتح الحاء والدال: مصدر حدب بكسر الدال: إذا صار أحْدَبَ، وأحدبه الله تعالى. والحدبة: بوزن خشبة: المعروفة في الظهر. والصَّعر: بوزن الحدب، وقد فسره المصنف رحمه الله تعالى بقوله: أن يَصْرِبه، فيصير الوجه في جانب. وقال الجوهري: الصَّعَر: الميل في الخد خاصة.
«دون الشفوية» الشَّفَوية: نسبة إلى الشَّفَة، وأصلها شفهة، وفي النسب إليها وجهان. أحدهما: شِفِّيٌ على اللفظ، كذِمِّيٍّ. والثاني: شَفَهِيٌ على الأصل، فأما شَفويٌ، فلم أر له وجهاً.
«تمتمة» قال السعدي: التَّمْتَمةُ: أن تَثْقُل التاء على المتكلم. يقال: رجل تَمْتَام: إذا كان ذلك.
هذا قول ابن دريد، وقال الخليل: التَّمْتَام: الذي يخطىء الحرف، فيرجع إلى لفظ، كأنه التاء.(1/268)
«أو تقلست شفته» قال الجوهري: تقلصت شفته، أي: انزوت، وقلص الشيء وقَلّص، وتَقَلص، كله بمعنى: انضم وانزوى. وقلص الشيء وتقلص، يرتفع، فأما بالسين، فلم أقف عليه.
«وإن كسر صلبه» الصلب: الظهر، وقال ابن فارس: وكذلك الصَّلَب بوزن فرس، وقال الجوهري: الصُّلْبُ: من الظهر، وكلِّ شيء فيه فقارٌ، فذلك الصُّلْب.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 364
«وأَهداب العينين» الأهداب، واحدها: هُدْبٌ بوزن قُفْلٍ: ما نبت من الشعر على أشفار العين.
«فالتحم» يقال: لحمت الشيء فالتحم، أي: لأمته فالتأم: إذا اتصل لحمه بعضه ببعض، فصار شيئاً واحداً. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 364
باب الشجاج وكسر العظام
الشِّجَاج: جمع شَجَّة وهي: المرَّة من شَجَّه يُشُجُّهُ ويَشِجُّهُ شجّاً، والمرة، الشَّجَّة، فهو مشجوج، وشجيج: إذا جرحه في رأسه أو وجهه، وقد يستعمل في غير ذلك من الأعضاء.
«الحارصة» الحارصة: بالحاء والصاد المهملتين.
قال الأزهري: وهي التي تحرص الجلد، أي: تشقه قليلاً، ومنه: حرص القصار الثوب، أي: خرقه بالدق.
«ثم البازلة» البازلة: فاعلة من بذلت الشجة الجلد، أي: شقته فجرى الدم. ويقال: بزلت الخمر: نقبت إناءها فاستخرجها، فالدم محبوس في محله، كالمائع في وعائه، والشجة بزلته.
«ثم الباضعة» قال الجوهري: الباضعة: الشجة التي تقطع الجلد، وتشق اللحم، إلا أنه لا يسيل الدم، فإن سال، فهي الدامية، وكذلك قال ابن فارس.
وقال الأزهري: أول الشجاج: الحارصة، ثم الدامعة، يعني: بالعين المهملة، ثم الدامية، ثم الباضعة.
«ثم السمحاق» قال الأزهري: السِّمْحاق: قشرة رقيقة فوق عظم الرأس، وبها سميت الشجة إذا وصلت إليها: سمحاقاً، وميمه زائدة.
«أولها الموضحة» الموضِحَة: التي تبدي وضح العظم، أي: بياضه، والجمع: المواضح.(1/269)
«ثم الهاشمة» قال الأزهري: الهاشمة: التي تهشم العظم، تصيبه وتكسره.
وكان ابن الأعرابي يجعل بعد الموضحة المقرِّشة، وهي: التي يصير منها في العظم صديع، مثل الشعرة، ويلمس باللسان لخفائه.
«وفي الجائفة» الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف، قال أبو عبيد: وقد تكون التي تخالط الجوف والتي تنفذ أيضاً، وجافه بالطعنة، وأجافه: بلغ بها جوفه.
«وفي الضلع بعير» الضلع، بكسر الضاد وفتح اللام وتسكينها لغة: واحد الضلوع المعروفة.
«وفي الترقوتين» التَّرْقُوتَان: واحدتهما تَرقُوَة، وهي: العظم الذي بين ثغرة النحر، والعاتق، وزنها «فَعْلُوةٌ» بالفتح، قال الجوهري: ولا تقل: «تُرْقُوَة» بالضم.
«والزند» الزَّنْد: بفتح الزاي: ما انحسر عنه اللحم من الساعد، وقال الجوهري: الزند: موصل طرف الذراع بالكف، وهما زندان بالكوع.
والكُرْسُوع، وهو طرف الزند الذي يلي الخنصر، وهو: الناتىء عند الرُّسْغ.
«مثل خرزة الصلب والعصعص» خرزة الصلب، واحده: خرزة وهي: فقاره، والعصعص بضم العينين من عَجْب الذنب، وهو: العظم الذي في أسفل الصّلب عند العجز، وهو: العسيب من الدواب. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 366
باب العاقلة
العاقلة: صفة موصوف محذوف، أي: الجماعة العاقلة. يقال: عقل القتيل فهو عاقل: إذا غرم ديته، والجماعة: عاقلة، وسميت بذلك، لأن الإبل تجمع، فتعقل بفناء أولياء المقتول، أي: تشد في عقلها لتسلم إليهم ويقبضوها، ولذلك سميت الدِّيَةُ عقْلاً، وقيل: سميت بذلك، لإعطائها العقل الذي هو الدية، وقيل: سموا لذلك، لكونهم يمنعون عن القتال، وقيل: لأنهم يمنعون من يحملونها عنه من الجناية، لعلمهم بحملها. والله أعلم.
«وزع» أي: قسم وفرَّق.
«الجرح» يجوز الفتح باعتبار الفعل، والضم باعتبار الموضع المجروح.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 368
باب القسامة(1/270)
القسامة، بالفتح: اليمين، كالقسم بالله تعالى يقال: إنما سمي القَسْمُ قَسْماً، لأنها تقسم على أولياء الدم، ويقال: أقسم الرجل: إذا حلف، وقد فسرها المصنف رحمه الله.
«فأما الجراح» الجِراح: مصدر جَارَحَه جراحاً، ولذلك ذكَّر ضميره فقيل: فلا قَسَامَة فيه، ولم يقل: فيها، ويحتمل أن يكون جمع جِراحة. وتذكيره على تأويله بمذكر، لأنه مذكور شيء ونحوها.
«بثأر» الثأر مهموزاً، قال الجوهري، وغيره: الثأر: الذّحل، قال أبو السعادات: والذَّحل: الوتِر، وطلب المكافأة بجناية جنيت عليه من قتل، أو جرح، ونحو ذلك، والذّحل: العداوة أيضاً، والله تعالى أعلم.
«ملطخ» بفتح اللام وتشديد الطاء: اسم مفعول من لطخه، ولا يجوز التخفيف، لأنه لا يقال: ألطخه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 368
كتاب الحدود
الحدود: جمع حد، وهو في الأصل: المنع، والفصل بين شيئين. وحدود الله تعالى: محارمه، كقوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ الله فلا تَقْرَبوها} [البقرة: 781] وحدود الله تعالى أيضاً: ما حَدَّهُ وَقدَّره؛ فلا يجوز أن يتعدى، كالمواريث المعيَّنَة، وتزوج الأربع، ونحو ذلك مما حدّه الشرع، فلا يجوز فيه الزيادة ولا النقصان. قال الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ الله فلاَ تَعْتَدُوها} [البقرة: 922] والحدود: العقوبات المقدرة، يجوز أن تكون سميت بذلك من الحد: المنع؛ لأنها تمنع من الوقوع في مثل ذلك الذنب، وأن تكون سميت بالحدود التي هي المحارم، لكونها زواجر عنها، أو بالحدود التي هي المقدرات، لكونها مقدرة، لا يجوز فيها الزيادة، ولا النقصان.
«ولا خلق» الخلَق: بفتح اللام: البالي. وهو مصدر في الأصل.
«بالجريد» الجريد: واحدتها جريدة، وهي: السعفَة.
«والعثكول» العُثْكُول بوزن عُصْفُور، والعِثْكال بوزن مِفْتاح: كلاهما: الشُّمراخ، وهو في النخل بمنزلة العُنْقُود في الكلام، والله تعالى أعلم.(1/271)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 370
باب حد الزنى
قال الجوهري: الزنى: يمد، ويقصر، فالقصر لأهل الحجاز، والمد لأهل نجد، وأنشد ابن سيده:
أمَّا الزِّناءُ فإني لَسْتُ قارِبهُ
والمال بيني وبين الخمر نصفان
وقال المصنف رحمه الله تعالى: لا خلاف بين أهل العلم في أنَّ من وطىء المرأة في قبلها حراماً، لا شبهة له في وطئها أنه زانٍ، عليه حد الزنا إذا كملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونه زناً. قال الخرقي: الزاني: من أتى الفاحشة من قبل، أو دبُرٍ.
«والمحصن» المحصن بكسر الصاد: اسم فاعد من أَحْصَنَ. يقال: حَصَنَتِ المرأة بفتح الصاد وضمها وكسرها: تمنَّعت عما لا يحل، وأحصنت فهي محصنة بكسر الصاد، ومحصنة بفتحها، وهو أحد ما جاء بالفتح بمعنى فاعل. يقال: أحْصَنَ الرجل فهو مُحصَن، وألفج، فهو مفلج: افتقر، وأسهَب فهو مُسهَب: أكثر الكلام. وأحصَنت المرأة زوجها فهو محصَن، وأَحصَنها زوجها فهي محصنة. وقد جاء الإحصان بمعنى الإسلام، والحرية، والعفاف، والتزويج. والمحصن في حد الزنا: غير المحصن في باب القذف.
«وغرّب عاماً» غُرب، أي: نُفِيَ من البلد الذي وقعت في الجناية. ياقل: غرب الرجل بفتح الراء: بعد، وغربته وأَغربته: بعدته ونحيته.
«وحد اللوطيِّ» اللوطي: منسوب إلى لوط النبي ـ عليه السلام ـ ، والمراد به: من يعمل عمل قومه الذين أرسل إليهم، ولهم صفات مذمومة، أشهرها وأقبحها إتيان الذكور في الدبر، وهو المراد هنا، يقال: لاط ولاوط: عمِل عمل قوم لوط.
«ببادية» البادية، والبدوُ: خلاف الحاضرة، عن ابن سيده، والبداوة بكسر الباء وبفتحها: الخروج إلى البادية. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 370
باب القذف
أصل القذف: رَمْيُ الشيء بقوة، ثم استعمل في الرمي بالزنا ونحوه من المكروها. يقال: قذف يقذف قذفاً، فهو قاذف، وجمعه: قُذَّاف، وقَذَقَة. كفساق وفسقة، وكفارٍ وكفرة.(1/272)
«أو استفاض زناها» استفاض: استفعل، من فاض الخبر يفيض: إذا شاع وانتشر في الناس فهو مستفيض، ولا يقال: مستفاض، إلا على لغة قليلة.
«يعرف بالفجور» الفجور: مصدر فجر يفجر فجوراً: إذا انبعث في المعاصي والمحارم.
«يا عاهر» العاهر: اسم فاعل من عهر: إذا أتى المرأة ليلاً، للفجور بها، ثم غلب، فصال العاهر: الزاني مطلقاً، وقال السعدي: عهر بها عهراً: فجر بها ليلاً.
«أو يا معفوج» المعفوج: مفعول، من عفج، بمعنى: نكح، فكأنه بمعنى منكوح، أي: موطوء، ونص الإمام أحد على وجوب الحد بذلك.
«زنأت في الجبل» زنأ بالهمز، بمعنى: صعد، وبمعنى: ضيق، وبمعنى: ضاق، وبمعنى: قصر، وبمعنى: لصق، وبمعنى: لجأ.
«فضحته» قال الجوهري: فضحه فافتضح: إذا انكشف مساويه.
«نكست رأسه» أي: قلبته، وطأطأته، قال الجوهري.
«يا قحبة يا خبيثة» القحبة: الفاجرة، عن ابن سيده، قال: وأصلها من السعال، أرادوا أنها تسعل أو تتنحنح، ترمز بذلك. وقال الجوهري: كلمة مولَّدة، قال السعدي: قحَب البعير والكلب: سعل، واللئيم في لؤمه، ومنه القحبة، وهي في عرف زماننا: المعدّة للزنا.
«والخبيثة: صفة مشبهة من خبث الشيء، فهو خبيث: ضد طيب، ولحقته التاء، لأنه بمعنى فاعل، وما كان من فعيل بمعنى مفعول، كقتيل لم تلحقه التاء إلا سماعاً، كخصلة ذميمة.
«نا نبطيّ يا فارسي يا رومي» النبطي: منسوب إلى النبط والنَّبيط، وهم: قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين، والجمع: أنباط، ورجل نبطي ونباطي ونباط، كيمني ويمانيِّ ويمانٍ.
والفارسي: منسوب إلى فارس، وهي: بلاد معروفة، وأهلها: الفرس، وفارس أبوهم.
والرومي: نسبة إلى الروم، هذا الجيل من الناس، والروم في الأصل: هو الروم بن عيصو، بن اسحاق بن ابراهيم عليهما السلام، فإذا قال ذلك لعربي، فقد نفاه عن نسبه.(1/273)
«إذا طالبوا أو واحد منهم» واحد معطوف على الضمير المرفوع المتصل من غير فصل، ولا توكيد، وهو ممتنع عند أكثر النحويين، وجائز عند بعضهم على ضعف ما هو مستقصى في كتب النحو، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 371
باب حد المسكر
المسكر: اسم فاعل من أسكر الشراب فهو مسكر: إذا جعل شاربه سكران، أو كانت فيه قوة تفعل ذلك، قال الجوهري: السكران: خلاف الصاحي، والجمع: سكرى، وسكارى، بضم السين وفتحها، والمرأة سكرى، ولغة بني أسد سكرانة، وقد سكر يسكر سكراً، مثل: بطر يبطر بطراً، والاسم: السُّكَّر بالضم. قال السامري صاحب «المستوعب»: والسكر الذي تترتب عليه أحكام السكران كلها: هو الذي يجعل صاحبه يخلط في كلامه ولا يعرف ثوبه من ثوب غيره، ولا نعله من نعل غيره، وقال ابن عقيل: المعتبر أن يخلط في كلامه، وكذلك ذكر ابن البنا: أنه لا يعتبر تمييزة السماء من الأرض، والرجل من المرأة.
«والعصير» العصير: فعيل بمعنى مفعول، أي: المعصور من ماء العنب.
«إلا أن يغلي قبل ذلك» يقال: غلت القدر تغلي: إذا ارتفع ماؤها من شدة التسخين.
فغليان العصير: تحركه في وعائه واضطرابه، كما تغلي القدر على النار.
«في الدُّباء والحنتم والنَّقير والمزفَّت» القَرعة اليابسة المجعولة وعاءً.
والحنتم: جِرارٌ مدهونة، واحدتها: حنتمة.
والنَّقِير: فعيل بمعنى مفعول، وهو أصل النخلة، ينقر ثم ينبذ فيه التمر.
والمزفت: الوعاء المطليّ بالزفت، نوع من القار.
«ولا بأس بالفقاع» قال ابن فارس: الفُقَّاع: الذي يشرب، قال ابن سيده: الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي بذلك، لما يعلوه من الزبد، وفي الكتاب المنسوب إلى الخليل أنه سمي فُقَّاعاً، لما يعلو على رأسه، كالزبد والفقاقيع، كالقوارير فوق الماء، وقال الجوهري: نفاخات فوق الماء. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 373
باب التعزير(1/274)
التعزير في اللغة: المنع، يقال: عَزرْتْهُ وعزَّرْتْهُ: إذا منعته، ومنه سمي التأديب الذي دون الحد: تعزيراً، لأنه يمنع الجاني من معاودة الذنب، وقال السعدي: يقال: عَزَّرْته: وقَّرته، وأيضاً أدَّبته، وهو من الأضداد.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 374
باب القطع في السرقة
يقال: سَرَق يسْرِق سَرَقاً وسَرِقاً وسَرِقَةً فهو سارق. والشيء مسروق، وصاحبه مسروق منه.
«وعلى منتهب ولا مختلس» المُنْتَهِب: اسم فاعل من انتهب الشيء: إذا استلبه، ولم يختلسه.
والمختلس: اسم فاعل من اختلس الشيء: إذا اختطفه، عن ابن فارس، وقال السعدي: خلس الشيء: استلبه، والاسم: الخُلْسَة.
«ويقطع الطرار» وهو: الذي يَبُطُّ الجيب، الطَّرار: فَعَّالٌ من طَرَّ الشيء فهو طارّ، وطرّار للتكثير، ولا يشترط هنا التكثير، بل لو فعل هذا مرة، فهو طَرّار، له حكمه، وقال السعدي: طَرّ الشيء: اختلسه، ويَبُطّ، أي: يشق، ومنه بَطَّ القرحة: إذا شقها.
«هتك» الهتك: خرق الستر عما وراءه.
«إلى باب النقب» النقب: مصدر نقب الشيء نقباً: خرقه، واسم المكان المخروق أيضاً: نَقْب، والنَّقب: الطريق في الجبل.
«يخرجه من الحرز» قال الجوهري: الحِرز: الموضع الحَصين. يقال: هذا حِرْزٌ، وحَرِيزٌ، واحتَرَزْتُ من كذا، وَتحرَّزْتُ منه، أي: توقيته.
«والاغلاق الوثيقة» واحد الاغلاق غلق، بوزن فرس. المغلاق: وهو ما يغلق به الباب، وكأنه ـ والله أعلم ـ اسم للقفل خشباً كان، أو حديداً.
«وراء الشرائج» واحدتها: شريجة، قال الجوهري: الشريجة: القوس تتخذ من الشريج، وهو العود الذي يشق فلقتين، والشريجة: شيء ينسج من سَعَفِ النخل يحمل فيه البطيخ ونحوه، هذا آخر كلامه. والشريجة أيضاً في زماننا: قصب أو نحوه يضم بعضه إلى بعض بحبل أو غيره.
«الحظائر» واحدتها: حظيرة، وهي: ما يعمل للابل والغنم من الشجر تأوي إليه، وأصل الحظر في اللغة: المنع.(1/275)
«وحرز المواشي الصِّيرَ» صِيرَة، وهي حظيرة الغنم، كسِيرةٍ وسِيَرٍ.
«بتقطيرها» تقطيرها: مصدر قطرها: إذا جعلها قطاراً.
«رتاج الكعبة» قال الجوهري: الرَّتَجُ، والرِّتاجُ: الباب العظيم، ومنه رِتاج الكعبة، ويقال: رتج الباب، وأرتجه: إذا أغلقه، وأُرْتِجَ على القاري: إذا لم يفدر على القراءة.
«أو تأزيره» التَّأزير: مصدر أزَّره بتشديد الزاي: إذا جعل له إزاراً، ثم أُطلق على ما يجعل إزاراً، من تسمية المفعول بالمصدر، فتأزير المسجد: ما جعل على أسفل حائطه من لبَّاد، أو دفوف، ونحو ذلك. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 374
باب حد المحاربين
واحد المحاربين: محارب، وهو: اسم فاعل من حارب، وهو فاعل من الحرب، قال ابن فارس: الحرب: اشتقاقها من الحرَب، يعني: بفتح الراء. وهو مصدر حَرَبَ ماله، أي: سلبه، والحَرِيبُ: المحروب، ورجل، مِحْرَبٌ أي: شجاع.
«فيغصبونهم المال» يقال: غَصَبْت المال، فيتعدى إلى مفعول واحد، فالضمير المنصوب في «يغصبونهم» مفعول، والمال بدل منه، والتقدير: فيغصبون مالهم.
«حتماً» مصدر حتم الشيء: إذا أوجبه، وإذا قضاه، وإذا أحكمه، ونصبه على أنه صفة مصدر محذوف، قتلاً حتْماً، أي: مُتَحتِّماً.
«وصلب» أي: رفع على جِذْعٍ، أو نحوه.
«وحكم الردء» الرِّدْءُ: مهموزاً بوزن علم: المُعِين، وهو العون أيضاً، قال تعالى: {فأرْسِلْهُ مَعيَ رِدْءاً يُصَدِّقُني} أي: مُعِيناً [القصص: 43].
«وشرد» شُرِدَ، أي: طرد. قال الجوهري: التشريد: الطرد، ومنه قوله تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِم} [الأنفال: 75]. أي: فرق وبدد شملهم. والشريد: الطَّرِيد.
«بما يردعه» أي: يكُفُّه.
«من خصاص الباب» خصاص الباب: الفرج التي فيه، واحدتها: خَصَاصَة.
«ففقأها» بالهمز، أي: أطفأ نورها. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 376
باب قتال أهل البغي(1/276)
البغي: مصدر بغي يبغي بغياً: إذا تعدى. وأهل البغي هنا: هم الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام، المعتدون عليه.
«منعة وشوكة» منعة: تقدم فيما يلزم الجيش.
والشوكة: السلاح، وشاك الرجل: ظهرت شوكته.
«ما ينقمون» يقال: نقم بفتح القاف ينقم بكسرها، وبالعكس فيهما، أي: ما يعيبون ويكرهون.
«مكيدة» هو مفعلة من كاد: إذا مكر واحتال، أي: إن ظنَّ أنّ فعلتهم مكيدة.
«وكراعهم» أي: خيلهم.
«ولا يجاز على جريح» أي: لا يقتل. قال السعدي: وأجاز عليه: قتله. وجهز على الجريح وأَجهز: أسرع قتله.
«الخوارج» واحده: خارجة، أي: طائفة خارجة، ولا يجوز أن يكون واحده خارجاً، لأنه ليس مما سمع جمعه على خوارج، وهم الحرورية الخارجون على عليٍّ ـ رضى الله عنه ـ واستحلوا دمه، ودم أصحابه، وكانوا متشددين في الدين تشدداً زائداً.
«لعصبية» أي: لتعصب ومحاماة ومدافعة.
«أو طلب رئاسة» الرئاسة: مصدر رأَس الإنسان: صار رئيساً، أي: كبير قومه مطاعاً فيهم. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 377
باب حكم المرتد
المرتد لغة: الراجع، يقال: ارتد فهو مرتد: إذا رجع، والمرتد شرعاً: هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر.
«جحد ربوبيته» رُبوبيَّةُ الله تعالى: اتصافه بكونه رباً، كالرجوليّة. ووَحْدَانِيَّتُه: اتصافه بكونه واحداً سبحانه وتعالى.
«أو سب الله تعالى» السَّب، بفتح السين: الشتم وقد سبه يسبه سبّاً: إذا شتمه.
توبة الزنديق» الزنديق: فارسي معرب، وجمعه زنادقة. قال سبيويه: الهاء في «زنادقة» بدل من ياء «زنديق» وقال الجوهري: وقد تزندق، والاسم: الزندقة، قال ثعلب: ليس زنديق، ولا فرزيق، من كلام العرب، إنما يقولون: زندق وزندقي: إذا كان شديد البخل. قال المصنف رحمه الله في «المغني»: والزنديق: هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر، كان يسمى منافقاً. ويسمى اليوم زنديقاً.
«خاصة» منصوب على أنه صفة مصدر محذوف، أي: بِعْثَة خاصة، لا عامة.(1/277)
«يركب المكنسة» هي بكسر الميم: ما يكنس به.
«يعزم على الجن» يعزم، أي: يقرأ العزائم، قال ابن فارس: العزائم: الآيات تقرأ على المريض يرجى بركتها، وقال الجوهري: العزائم: الرُّقى. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 378
كتاب الأطعمة
الأطعمة: جمع طعام. قال الجوهري: الطعام: ما يؤكل، وربما خص به البُرُّ: والأطعمة: جمع قلة، لكنه بتعريفه بالألف واللام أفاد العموم.
«من السموم» السموم: جمع سُم بضم السين وفتحها وكسرها، ويجمع على سمام أيضاً وهو القاتل، وغيره مما فيه مَضَرَّة.
«يفرس به» بكسر الراء، أي: يكسر به الفريسة.
«والنمر والذئب» النَّمِر: بفتح أوله وكسر ثانيه [ويجوز إسكان الميم مع فتح النون وكسرها]. والذئب: بالهمز بوزن علم.
«وابن آوى» بقطع الهمزة مفتوحة بوزن «غالي» حيوان معروف. قال الجوهري: يسمى بالفارسية «شِغَال» وجمعه: بنات آوى. وآوى لا ينصرف، لأنه أفعل، وهو معرفة.
«وما له مخلب» المخلب: بكسر الميم للطائر والسِّياع بمنزلة الظفر للإنسان، قاله الجوهري.
«كالعقاب» هو طائر من العتاق، مؤنثة يقع على الذكر والأنثى، والجمع: أَعْقُبٌ وأعقبة وعِقْبان، وعقابين جمع الجمع.
«والبازي» البازي معروف، وفيه ثلاث لغات: البازي، بوزن القاضي، وهي فصحاهن، والبَازْ، حكاها الجوهري. والبازي: بتشديد الياء حكاها أبو حفص الحميدي.
«القنفذ» القُنْفُذ: حيوان معروف بضم القاف وفتحها، حكاهما الجوهري. قال: والأنثى قُنْفُذَة، وحكى ابن سيده: أنه يقال بالدال والذال، وحكى صاحب «المشارق» و«المطالع» قنفظ بالظاء المعجمة، وهو غريب.
«والحشرات» الحشرات: صغار دواب الأرض، كالضب واليعربوع. وقيل: هوامُّ الأرض مما لا سُمَّ له، واحدتها حشرة.
«والسمع» السِّمع: بكسر السين ما فسره به، والسِّمع أيضاً: الضَبُّ.(1/278)
«والعسبار» العِسْبار: ولد الذئبة من الذِّيخ. العِسبار، بكسر العين. والذيخ: ذكر الضباع، الكثير الشعر. قال الكسائي: والأنثى ذِيخَة. والجمع ذُيوخٌ وأَذْياخٌ وَذِيَخَة.
«والدجاج» بفتح الدال وكسرها لغة، الواحدة: دجاجة للذكر والأنثى، ودخلته الهاء لكونه واحداً من جنس، كبطَّةٍ، وبطٍ.
«والزرافة» الزرافة: بفتح الزاي وضمها، مخففة الفاء: الحيوان المعروف. والزرافة بالفتح: الجماعة.
«إلا الضفدع» الضفدع: بكسر الضاد والدال، وبكسر الضاد وفتح الدال، وحكى المطرز في «شرحه» ضفدع بضم الضاد وفتح الدال، ولم أر أحداً حكى ضمها.
«والتمساح» بكسر التاء: الحيوان المعروف من دواب البحر.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 380
«وإلا الكوسج» الكَوْسَج: بوزن جوهر معرَّب سمكة: في البحر له خرطوم كالمنشار وعطفه بالواو، في قوله: «وإلا الكوسج» إيذاناً بأن ابن حامدٍ يضم إلى الثلاثة المذكورة الكوسج.
«وتحرم الجلالة» الجلالة بوزن حَمَّالة مبالغة في جَالَّةٍ، يقال: جَلَّت الدابة الجلَّة، فهي جَالة. والجِلَّة: البَعْر، فوضع موضع العِذرة، لأن الجلالة في الأصل: التي تأكل العذرة.
«ما يسد رمقه» الرَّمَق: بوزن فرس: بقية الروح، ويسد رمقه، أي: يمسكه، كما يسد الشيء المنفتح.
«أو رباطاً» الرِّباط: بكسر الراء: واحد الرباطات المبنية المعروفة. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 380
باب الذكاة
يقال: ذكَّى الشاة ونحوها تذكية: ذبحها، والاسم: الذَّكاة، والمذبوح ذكيٌ، فعيل بمعنى مفعول.
«ما أَنهر الدم» الأهار: الاسالة، والصب بكثرة، شبه خروج الدم من موضع الذبح، بجري الماء في النهر.
«أن يقطع الحلقوم» الحُلْقُوم: قال الجوهري: الحلقوم: الحلق. والمَرِيء، والودج تقدم.(1/279)
«مثل أن يند البعير» ينِدُّ، بكسر النون، أي: يَشْرُد، يقال: نَدَّ البعير يَنِدُّ نَدًّا ونِداداً ونُدُوداً: انفرد، وذهب على وجهه شارداً.
«أو يتردى» تَرَدَّى: سقط في بِئْرٍ، أو تهور من جبل. والتردي: الهلاك أيضاً.
«كالمخنقة والنطيحة وأكيلة السبع» المخنقة: اسم فاعل من انخنقت الشاة ونحوها فهي مخنقة: إذا خنقها شيء فماتت.
والنطيحة: فعيلة بمعنى: مفعولة، أي: منطوحة. نطحت فماتت به.
وأكيلة السبع أيضاً، فعيلة بمعني: مفعولة، أي: مأكولة السبع، ودخلته الهاء، لغلبة الاسم عليه، والمراد: ما أكل السبع بعضها، وإلا فما أكلها كلها جمعاً قد صارت معدومة، لا حكم لها.
«وهو شحم الثرب والكليتين» الثَّرْب بوزن فَلْس: شحم قد غشي الكَرِشَ والأمعاء رقيق.
والكُلْيَتان: واحدتهما: كُلْيَة ـ وكُلْوة لغة ـ بضم الكاف فيهما، وهي معروفة، والجمع كليات وكلىً.
«فوجد في حوصلته حباً» الحوصَلَّة: بتشديد اللام: ما يصير إليه الحبُّ ونحوه من الطائر، تحت عنقه في أعلى صدره، وهي معروفة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 383
كتاب الصيد
الصيد في الأصل: مصدر صاد يصيد صيداً فهو صائد، ثم أطلق الصيد على المَصِيد، تسمية للمفعول بالمصدر، كقوله تعالى: {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المائدة: 59] والصيد: ما كان ممتنعاً، حلالاً، لا مالك له.
«فأثبته» أي: منعه من الامتناع، وحبسه عنه، من قولهم: أثبتُّ الرجل: سجنتُه، ومنه قوله تعالى: {وإذا يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك} [الأنفال: 03].
«زجره» أي: حثه، وحمله على السرعة، قال الجوهري: وزجر البعير: إذا ساقه.
«وإن صاد بالمعراض» قال القاضي عياض في «مشارقه» المعراض: خشبة محددة الطرف، وقيل: فيه حديدة، وقيل: سهم بلا ريش.
«مناجل» واحدها: منجل بكسر الميم، وهو: الآلة التي يحصد بها الحشيش والزرع، وميمه زائدة، من النجل، وهو: الرمي.(1/280)
«أن يكون الجرح موحياً» موحياً: اسم فاعل من أوحى، يقال: وحيت العمل، وأوحيته: أسرعته، والوحا بالمد والقصر: السرعة، فالجرح الموحي: المسرع للموت.
«وأفلت حياً» يقال: قلت، وأَفلت، وتفلت، بمعنى: انفلت، وأَفلته غيره، فعلى هذه يجوز بناؤه للمفعول، فيقال: أُفلت.
«فأبان منع عضواً» بمعنى: أزال، يقال: بان الشيء، وأبانه غيره.
«لأنه وقيذ» وقَيِذٌ: فعيل بمعنى مفعول، أي: مَوْقُوذ. والموقوذة: المقتولة بالخشب، قال قتادة: كانوا في الجاهلية يضربونها بالعصا، فإذا ماتت، أكلوها.
«الأسود البهيم» البهيم: الذي لا يخالطه لون آخر، أسود كان أو غيره، والجمع: بُهُمٌ، كرغيف، ورغف.
«أن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر» يسترسل: يرسل. تقول: أرسلته فاسترسل، أي: بعثته فانبعث. وينزجر، أي: ينتهي إذا نهاه، فهو من الأضداد، زجره: حثه، وزجره: كفه.
«أو خنقه» الخنق: بكسر النون مصدر خنقه، وسكونها لغة.
«إلى هدف» الهدف: بفتح الهاء والدال، قال الجوهري: الهدف: كل شيء مرتفع من بناءٍ، أو كثيب رمل، أو جبل، ومنه سمي الغرض: هدفاً.
«بركة» البركة: بوزن كسرة، كالحوض، والجمع: بُرَك.
«أو عشش فيها» عشش الطائر: اتخذ عشاً، وهو موضعه الذي يجمعه من دقاق العيدان وغيرها.
«وصيد الطير بالشباش» وهو طائر يخيط الصائد عينيه ويربط، ذكره الشيخ في «المغني».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 385
كتاب الأيمان
الأيمان: جمع يمين. واليمين: القسم، والجمع: أَيْمُنٌ وأَيْمَان، وقيل: سمي بذلك، لأنهم كانوا إذا تحالفوا، ضرب كل امرىء منهم يمينه على يمين صاحبه. واليمين: توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص، فاليمين وجوابها جملتان ترتبط إحداهما بالأخرى ارتباط جملتي الشرط والجزاء، كقولك: أقسمت بالله لأفعلن، ولها حروف يُجَرُّ بها المقسم به، وحروف يجاب بها القسم، وأحكام غير ذلك موضعها كتب النحو.(1/281)
«وايم الله» همزته همزة وصل تفتح وتكسر، وميمه مضمومة، وقالوا: أيمن الله بضم الميم والنون مع كسر الهمزة وفتحها، وعند الكوفيين: ألفها ألف قطع، وهي: جمع يمين، وكانوا يحلفون باليمين، فيقولون: ويمين الله. قاله أبو عبيد. وأنشد لامرىء القيس:
فَقُلْتُ يَمِيْنُ الله أَبْرَحُ قَاعِداً
وَلَوْ قَطَّفُوْا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي
وهو: اسم مفرد مشتق من اليمن والبركة، وفي استعمالها أربعة عشر وجهاً ذكرتها في كتابي «المفاخر في شرح جمل عبد القاهر» فمن ىحب الوقوف عليها، فلينظرها فيه.
«لعمر الله» العَمْرُ، والعُمْر: الحياة، بفتح العين وضمها، واستعمل في القسم، المفتوح خاصة، واللام للابتداء، وهو مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف وجوباً تقديره «قسمي» أو ما أُقْسِمُ به، والقَسَمُ به يمين منعقدة، لأنه حلفٌ بصفة من صفات الله تعالى، وهي حياته.
«يمكن فيها البر والحنث» فالبرُّ في اليمين: الصدق فيها، والحنث: عدم البرِّ فيها، وقال ابن الأعرابي: الحنث: الرجوع في اليمين: أن يفعل غير ما حلف عليه، والحنث في الأصل: الاثم، ولذلك شرعت فيه الكفارة.
«يمين الغموس» هي اليمين الكاذبة الفاجرة، يقتطع بها الحالف مال غيره، سميت غموساً، لأنها تغمس صاحبها في الاثم، ثم في النار، و«غموس» للمبالغة.
«في عرض حديثه» عرض الشيء: جانبه، وبالفتح: خلاف طوله، ففي عرض حديثه، أي: في جانبه، ويجوز أن يراد العرض خلاف الطول، ويكون ذلك عرضاً معنوياً.
«أيمان البيعة» البيعة: المبايعة، أي: يحلف بها عند المبايعة، والأمر المُهِم، وكانت البيعة على عهد رسول الله والخلفاء الراشدين بالمصافحة، فرتبها الحجاج.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 387
باب جامع الايمان
جامع: صفة لموصوف محذوف، أي: أمر، أو وصف، أو نحوهما.(1/282)
«وما هيجها» قال الجوهري: هاج الشيء يهيج هيجاً وهياجاً وهيجاناً، واهتاج، وتهيج، أي: ثار، وهاجه غيره وهيجه، يتعدى ولا يتعدى، فالمعنى: سبب اليمين، وما أثارها.
«يريد جفاءها» الجفاء بالمد: الاطراح، والابعاد. يقال: جفوته جفاءً، وجَفْوَة، وجِفْوَة.
«فضاء» الفضاء ممدوداً: الساحة، وما اتسع من الأرض. يقال: أفضى: إذا خرج إلى الفضاء.
«لحم هذا الحمل» بوزن فرس: الصغير من أولاد الضأن.
«شرعية وحقيقية وعرفية» فالشرعية: نسبة إلى الشرع، وهو: ما شرع الله تعالى لعباده من الدين. يقال: شرع يشرع شرعاً وشريعة، والحقيقية: نسبة إلى الحقيقة، وهي: اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً، والعرفية منسوبة إلى العرف، كما فسر ذلك.
«لا يهب زيداً شيئاً» حقه أن يقول: لا يهب لزيد شيئاً، يتعدى إلى المفعول الأول بحرف الجر، وإلى الثاني بنفسه، كقوله تعالى: {فوهب لي ربي حكماً} [الشعراء: 12] {ووهبنا له اسحق} [الأنبياء: 27] {ووهبنا لداود سليمان} [ص: 03] وغير ذلك.
«أو المخ» المخ: الذي في العظام، والمخة: أخص منه.
«أو الكرش أو المصران أو الدماغ أو القانصة» الكرش: بفتح أوله وكسر ثانيه وسكونه: لكل مجتر، بمنزلة المعدة في الإنسان، وهي مؤنثة. والمُصْران بضم الميم: جمع، وهو المِعَاء، كرَغِيفٍ، ورُغْفَان، ثم المصارين: جمع الجمع، وأما الدماغ: فهو الذي داخل الرأس، وهو معروف. وأما القَانِصة: فهي واحدة القوانص، وهي للطير بمنزلة المصارين لغيرها.
«على سبيل الورع» الورع: مصدر وَرِع يرِعُ بكسر الراء فيهما، وَرعاً، وَرِعةً: كفَّ عن المعاصي، فهو وَرِع، وقال صاحب «المطالع» الوَرَع: الكف عن الشبهات تحَرُّجاً وتخوفاً من الله تعالى، ثم استعير للكف عن الحلال أيضاً.(1/283)
«أو كشكاً أو جنباً» الكشك: هذا المعروف الذي يعمل من القمح، واللبن: لم أره في شيء من كتب اللغة، ولا في «المعرَّب»، وأما الجُبّنُ، ففيه ثلاثة لغات، فصحاهن: جُبْنٌ بوزن قُفْل، وجُبُنٌ بوزن عُنُق، وجُبُنٌّ، بضمتين وتشديد النون، كقوله: جُبُنَّة من أطيب الجُبُنِّ.
«فأكل مذنباً» المذنِّب: الذي بدأ فيه الارطاب من قبل ذنبه؛ يقال: ذَنَّبَتِ البُسْرة، فهي مذنِّبة بكسر النون.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 388
«أو بسراً» البُسْر: قبل المذنِّب. قال الجوهري: البسر: أوله طَلْعٌ، ثم خَلاَلاٌ، ثم بَلَحٌ، ثم بُسْرٌ، ثم رطَبٌ، ثم تَمرٌ، وواحده: بُسْرةٌ وبُسُرةٌ.
«ما يصطبغ به» أي: ما يغمس فيه الخبز، ثم الأُدْمُ، ويسمى ذلك الغموس فيه: صبغاً بكسر الصاد.
«أو جوشنا» قال الجوهري: الجوشن: الدرع، فكأنه دِرْع مخصوص، فأما في زماننا، فلا يسمى درعاً، لكنه اسم لنوع معروف، هو قرقل، بكسر القافين، وسكون ما بعدهما.
«عقيقاً أو سبجاً» العقيق: ضرب من الخرز الأحمر، معروف. والسبج: الخرز الأسود، فارسي معرب، قاله الجوهري.
«في مرسلة» المرسلة: اسم مفعول من: أرسلت القلادة، فهي مرسلة، والمرسلة هنا: القلادة.
«جعلت برسمه» أي: جعل ركوبها له. يقال: رسم الشيء رسماً، علَّمه بعلامة.
«طاق الباب» قال ابن فارس: الطَّاق: عقد البناء، قال موهوب: هو فارسي معرب، فطاق الباب إذن: ثخانة الحائط، وقال القاضي أبو يعلى: إذا قام على العتبة، لم يحنث، لكونه يحصل خارج الدار إذا غلِّق بابها.
«لا يكلمه حيناً» الحين: الوقت والمدة قليلاً كان أو كثيراً، وقال الفراء: الحين حينان، حين لا يوقف على حده، والحين الذي ذكره الله تعالى: {تُؤْتي أَكُلَهَا كُلَّ حِين} [إبراهيم: 52] ستة أشهر.
«أو ملياً» الملي: الطائفة من الزمان لا واحد لها، يقال: مضى مَلِيّ من الزمان، ومليٌ من الدهر، أي: طائفة.(1/284)
«الأبد والدهر» قال الجوهري: الأبد: الدهر، والدهر: الزمان.
قال الشاعر:
هَلِ الدَّهْرُ إلاَّ لَيلةٌ ونَهارُها
وإلاَّ طلوعُ الشَّمسِ ثُمَّ غِيارُها
«والحقب» بضم الحاء: ما ذكر، ويقال: أكثر من ذلك، والجمع: حقاب، وأحقبة. والحقبة بالكسر: واحدة الحقب، وهي: السنو، والحُقُّب بضمتين: الدهر، والأحقاب: الدهور.
«والشهور والأشهر» واحده: شهر، فالشهور: جمع كثرة، والأشهر: جمع قلة، فلذلك فَرَّق بينهما من فَرَّق.
«وله مال غير زكاتي» كذا وقع بخط المصنف رحمه الله تعالى نسبه إلى الزكاة، وقياسه: زكوي، لأن النسب إلى المقصور الثلاثي بقلب ألفه واواً مطلقاً، كقنوي، وعصوي، وهو الصواب.
«واشتهر مجازها» المجاز: هو الفظ المستعمل في غير موضوعه، كالرواية، والضعينة، والدابة، والغائط، والعذرة، فالراوية في الأصل: البعير الذي يستقى عليه، ثم سميت به المزادة، فصارت حقيقة عرفية. وأما الظعينة، فالأصل فيها: الراحلة التي ترحل، ويظعن عليها، ثم سميت به المرأة، واشتهرت فصارت حقيقة عرفية، قال الجوهري: الظعينة: المرأة ما دامت في الهودج، فإن لم تكن فيه، فليس بظعينة، وأما الغائط، فهو في الأصل: المطمئن من الأرض، ثم سميت به العذرة، لكونها كانت تخرج فيه، ثم اشتهرت، فصارت حقيقه عرفية.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 388
«والياسمين» هو المشموم المعروف، وفيه لغتان. إحداهما: لزوم الياء والنون حرف الاعراب. والثانية: أن يعرف بالواو رفعاً، وبالياء جراً ونصباً، والسين مكسورة فيهما، حكي عن الأصمعي أنه قال: فارسي معرب.
«فسكن كل واحد حجرة» الحجرة بضم الحاء: كل منزل محوط عليه، ذكره شيخنا في «مثلثه» وقال الجوهري: الحجرة: حظيرة الابل، ومنه حجرة الدار.
«ومرافقها» المرافق: جمع مرفق. قال الجوهري: ومرافق الدار: مصابُّ الماء، ونحوها، كخلائها، وسطحها.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 388(1/285)
باب النذر
يقال: نذرتُ أنذِر وأنذُر بكسر الدال وضمها، نَذْراً، فأنا ناذر: إذا أوجبتَ على نفسك شيئاً تبرعاً.
«ولا يصح في محال» المُحالُ: ضد الممكن، وهو: اسم مفعول من أحيل، فهو محال.
«نذر اللجاج» اللَّجاج: مصدر لجِجتَ في الشيء بالكسر تَلَجُّ لَجّاً ولَجَاجةً ولجَاجاً، ثم تنصرف عنه، فأنت لجوج.
«نذر التبرر» التَّبَرُّرُ: التقرب، تَبَرَّرَ تَبَرُّراً، أي: تقرب تقرباً.
«وإن نذر الطواف على أربع» أي: نذر أن يمشي على يديه ورجليه، كما تمشي ذوات الأربع حبواً.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 392
كتاب القضاء
القضاء: مصدر قَضَى يقْضِي قَضَاءً، فهو قاضٍ: إذا حكم، وإذا فصل، وإذا أَحْكَم، وإذا أَمْضَى، وإذا فرغ من الشيء، وإذا خلق. وجمع القضاء: أقضية. وقضى فلان واستقضى: صار قاضياً.
«في كل اقليم» الاقليم: بكسر الهمزة أحد الأقاليم السبعة. قال أبو منصور: الاقليم ليس بعربي محض.
«في كل صقع» الصقع بضم الصاد: الناحية، وفلان من أهل هذا الصُّقْع، أي: هذه الناحية.
«ومشافهته بالولاية» المشافهة: مصدر شافهته: إذا خاطبته من فيك إلى فيه، لأن شفاهكما متقابلة.
«خاصاً» منصوب على أنه صفة مفعول محذوف، أي: توليه عملاً خاصاً، أو لمصدر محذوف، أي: فيتولى تولياً خاصاً.
«أو محلة خاصة» المَحَلَّة: بفتح الميم واللام: منزل القوم، ومكان محلال، أي: يَحِلُّ به الناس كثيراً.
«مع صلاحيته» الصلاحية: يقال: صَلَحَ صلاحاً، وصُلُوحاً، وصلُح بضم اللام، لغة. والصلاحية: مصدر، كالكراهية.
«والأمر والنهي إلى آخر الباب».
فأما الأمر: فاستدعاء الفعل بالقول على وجه الاستعلاء. وقيل: القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به. وقيل: الأمر: صيغة «افْعَلْ» وما في معناها.
وأما النهي: فعبارة عن صيغة «لا تفعل» وما في معناها.(1/286)
وأما المجمل: فهو ما لم يفهم منه عند الاطلاق معنى، وقيل: ما احتمل أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.
وأما المبين: فهو في مقابلة المجمل، وهو الذي يفهم منه عند الاطلاق مراد المتكلم، أو ما احتمل أمرين في أحدهما أظهر من الآخر.
وأما المحكم، والمتشابه: فقال القاضي أبو يعلى: المحكم: المفسر، والمتشابه: المجمل، وقيل: المتشابه: الحروف المفطعة في أوائل السور، والمحكم: ما عداه. وقال ابن عقيل: المتشابه: الذي يغمض علمه على غير العلماء المحققين، كالآيات التي ظاهرها التعارض. وقيل: المحكم: الوعد والوعيد، والحلال والحرام، والمتشابه: القصص والأمثال. قال المصنف رحمه الله في «الروضة»: والصحيح أن المتشابه: ما ورد في صفات الله تعالى مما يجب الايمان به، ويحرم التعرض لتأويله، كقوله تعالى: {الرحمن على العرس استوى} [طه: 5] و{بل يداه مبسوطتان} [المائدة: 46] ونحو ذلك.
وأما الخاص: فهو الدال على واحد عيناً، كقولك: زيد، وعمرو، وقد يكون خاصاً بالنسبة، عامّاً بالنسبة، كالنامي، فإنه خاص بالنسبة إلى الجسم، عام بالنسبة إلى الحيوان. وأما العام: فهو اللفظ الدال على شيئين فصاعداً مطلقاً معاً، وهو منقسم إلى عام لا أعم منه، وإلى عام بالنسبة، خاص بالنسبة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 393(1/287)
وأما المطلق: فهو الدال على شيء معين باعتبار حقيقةٍ شاملةٍ لجِنْسِهِ، وهو النكرة في سياق الاثبات. وأما المقيد: فهو ما دل على شيء معين، ومطلق على تقييد الحقيقة بقيد زائد، كقوله تعالى: {فتحرير رقبة مؤمنة} [النساء: 29]. وأما الناسخ: فهو الرافع لحكم شرعي. وأما المنسوخ: فهو ما ارتفع شرعاً بعد ثبوته شرعاً. وأما المستثنى: فهو المخرج بـ «لا» أو ما في معناها من لفظ شامل له. وأما المستثنى منه، فهو: العام المخصوص بإخراج بعض ما دل عليه بـ «إلا»، أو ما في معناها. وأما صحيح السنة، فهو ما نقله العدول الضابطون من أوله إلى آخره خالياً من الشذوذ والعلة، ويعرف ذلك بالنَّظر في الاسناد لحفاظ الحديث، أو بأن ينص على الصحة إمام حافظ، كأصحاب الكتب السنة، وغيرهم، كالامام أحمد، والشافعي، والبيهقي، والدارقطني، ولو كان متأخراً، كعبد الغني، ومحمد بن عبد الواحد المقدِسيَّيْن. وأما سقيمها: فهو ما لم يكن فيه شروط الصحة، ولا شروط الحسن، كالمنقطع، والمعضل، والشاذ، والمنكر، والمعلل، إلى غير ذلك.(1/288)
وأما متواترها: فهو الخبر الذي نقله جماعة كثيرون، ولا يتصور تواطؤهم على الكذب، مستوياً في ذلك طرفاه ووسطه، والحق أنه ليس لهم عدد محصور، بل يستدل بحصول العلم على حصول العدد، والعلم الحاصل عنه ضروري في أصح الوجهين. وأما آحادها: فهي ما عدا التواتر، وليس المراد به أن يكون راويه واحداً، بل كل ما لم يبلغ التواتر فهو آحاد. وأما مرسلها، فالمرسل على ضربين، مرسل صحابي، وغيره، فمرسل الصحابي: روايته ما لم يحضره، كقول عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا وعن أبيها: أول ما بُدىء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة... الحديث، فالصحيح: أنه حجة، وهو قول الجمهور. وأما غيره، فإن كان تابعياً كبيراً، لقي كثيرين من الصحابة، كالحسن، وسعيد، فهو مرسل اتفاقاً، وإن كان صغيراً كالزهري، فالمشهور عند من خص المرسل بالتابعي أنه مرسل أيضاً، وإن كان غير تابعي، فليس بمرسل عند أهل الحديث، ويسمى مرسلاً عند غيرهم.
وأما متصلها: فهو ما اتصل اسناده، فكان كل واحد من رواته سمعه ممن فوقه، سواء كان مرفوعاً إلى النبي أو موقوفاً على غيره.(1/289)
وأمَّا مسندها: فهو ما اتصل اسناده من راويه إلى منتهاه، وأكثر استعماله فيما جاء عن رسول الله ، وخصه ابن عبد البرِّ به، سواء كان متصلاً به، كمالك عن نافع عن ابن عمر عنه . أو منقطعاً، كمالك عن الزهري عن ابن عباس عنه، لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس، وحكى ابن عبد البرِّ عن قوم أنه لا يقع إلا على المتصل المرفوع. وأما منقطعها: فهو ما لم يتصل سنده على أي وجه كان الانقطاع، وأكثر ما يوصف بالانقطاع رواية من دون التابعي عن الصحابي، كمالك عن ابن عمر، وقيل: احتمل فيه قبل الوصول إلى التابعي رجل، سواء حذف، أو ذكر مبهما، كرجل وشيخ، وقيل: هو الموقوف على من دون التابعي قولاً وفعلاً، وهو غريب بعيد. وأما القياس: فهو في اللغة: التقدير، ومنه قست الثوب بالذراع: إذا قدرته به، وفي الشرع: حمل فرع على أصل، بجامع بيتهما. وقيل: حمل حكمك على الفرع بما حكمت به على الأصل، لاشتراكهما في العلة التي اقتضت ذلك في الأصل. وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما، ذكر الثلاثة المصنف رحمه الله في «الروضة» فهذه حدوده.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 393
وأما شروطه: فبعضها يرجع إلى الأصل، وبعضها إلى الفرع، وبعضها إلى العلة، وذلك كله مذكور في أصول الفقه يطول ذكره، وكذلك كيفية استنباطه. وأما العربية: فللعلماء فيما تنطبق عليه ثلاثة أقوال. أحدها: أنها الاعراب. والثاني: الألفاظ العربية من حيث هي ألفاظ العرب. والثالث: اللغة العربية من حيث اختصاصها بأحوالٍ، من الاعراب لا يوجد في غيرها من اللغات، والفرق بينها، وبين اللغة: وقوع العربية على أحوال كل مفرد ومركب. واللغة: لا تطلق إلا على أحوال المركب، كقولك: الجملة في موضع رفع خبر المبتدأ، بل اللغة: عبارة عن ضبط المفردات على ما تكلمت به العرب، وشرح معانيها. والثالث: شبيه بالمراد هنا. والله تعالى أعلم.(1/290)
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 393
باب أدب القاضي
الأدب بفتح الهمزة والدال: مصدر أدب الرجل بكسر الدال، وضمها لغة: إذا صار أديباً في خُلُق أو علم. وقال ابن فارس: الأدْب: دعاء الناس إلى الطعام، والمأدبة: الطعام، والآدِبُ بالمد: الداعي، واشتقاق الأدب من ذلك، كأنه أمر قد اجتمع عليه، وعلى استحسانه. فأدب القاضي: أخلاقه التي ينبغي له أن يتخلَّق بها. والخُلُق، بضم الخاء واللام، لصورة الإنسان الباطنة، بمنزلة الخَلْق، بفتح الخاء، لصورته الظاهرة.
«من غير عنف» العنف بوزن قُفْل: ضد الرفق، تقول: عَنُفَ عليه، وبه، بضم النون.
«حليماً» الحلم بالكسر: الأناة، والصفح، فالحليم: الذي يستفزُّه غضب، ولا يستخفُّه جهل جاهل، ولا عصيان عاص، ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم، والأناة: التأني. فقوله: ذا أناة، خبر، أخص ما قبله، وهو الحلم.
«ذا أناة وفطنة» الأنَاةُ: اسم مصدر من «تأنّى» بالأمر تأنياً: ترفَّق فيه، واستأنى به، والاسم: الأناة. والفطنة: كالفهم، قاله الجوهري. وقال السعدي: فَطنَ الرجل للأمر فِطْنَةً: علمه، وفَطِنَ فَطَانَةً وفَطَانِيَة: صار فَطِناً.
«عفيفاً» يقال: عَفَّ يَعِفُّ عِفَّةً وعفَافاً فهو عَفَيفٌ: كفَّ عما لا يحل له.
«الفقهاء والفضلاء والعدول» فالفقهاء واحدهم: فيه، وهو: العالم بالأحكام الشرعية العلمية، كالحل، والحرمة، والصحة، والفساد.
والفضلاء واحدهم: فضيل، وهو: أعم من الفقيه، لأن الفضيلة أعم من أن تكون في الفقه، فيصح أن يقال: فلان فضيل وإن لم يكن فقيهاً.
والعدول واحدهم: عدل، وهو الذي وصفه المصنف رحمه الله تعالى في كتاب الشهادات، ويجوز أن يراد هنا بالعدول: المشتهرون بالعدالة، والمسمَّون بها، والقائمون بها بالشهادة على الحاكم.
«ليتلقوه» أي: ليستقبلوه. قال الجوهري: تلقاه: استقبله.(1/291)
«أمر بعهده فقرىء» العَهْدُ: الأمان، واليمين، والموْثِقُ، والذِّمَّةُ، والحِفَاظُ، والوصِيَّةُ. وقد عهدت إليه، أي: أوصيته. قال الجوهري، ومنه اشتُق العهد الذي يكتب للولاة؛ فعهد القاضي: الكتاب الذي يكتبه مُوَلِّيه له بما ولاَّه، ونحوه.
«ديوان الحكم» الديوان بكسر الدال وحكي فتحها، وهو: فارسي معرَّب، وجمعه: دواوين، وهو: الدفتر الذي يكتب فيه القاضي ما يحتاج إلى ضبطه.
«من الزلل» الزلل: جمع زلة، وهي: الخطيئة، والسَّقطة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 396
باب القسمة
قال الجوهري: القَسْمُ: مصدر قَسَمْتُ الشيء فانْقَسَمَ، وقَاسَمَه المال، وتقاسماه، واقتسماه، والاسم: القسمة، يعني: بكسر القاف.
والقِسْم، بكسرها أيضاً: النصيب المقسوم، وأصل القَسْمِ: تمييز بعض الأنصباء من بعض، وإفرازها عنها.
«والعضائد» واحدة العَضَائِد: عَضَادةٌ، وهي ما يصنع لجريان الماء فيه من السواقي في ذوات الكتفين، ومنه: عضادتا الباب، وهما خشبتاه من جانبيه، فإن تلاصقت، لم يمكن قسمتها، وإن تباعدت، أمكن قسمتها.
«وإن استهدم» استهدم: مطاوع هدم، تقول: هدمت الحائط، فاستهدم.
«على قسم عرصته» العَرْصَة، بوزن تمرة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع: عِراصٌ.
«لها علو وسفل» هما معلومان يجوز ضم كل واحد منهما وكسره.
«بينهما منافع» واحدتها: منفعة، قال الجوهري: النفع: ضد الضر، يقال: نفعته بكذا، فانتفع به، والاسم: المنفعة، والمنافع: الانتفاع بالأعيان، كسكنى الدور، وركوب الدواب، واستخدام العبيد.
«ينبع ماؤها» ينبع، بضم الباء وفتحها وكسرها، أي: يجري.
«في مصدم الماء فيه ثقبان» مصدم، بفتح الدال: مصدر صدمه، بمعنى ضربه على حذف المضاف، أي: مكان صدم الماء، ويجوز أن يكون مكاناً، ويجوز كسر الدال في المضارع. وثقبان، واحدهما: ثقب بفتح الثاء المثلثة، وهو: الخرق.(1/292)
«إفراز حق» يقال: فرزت الشيء، وأَفرزته: إذا عزلته، فالافراز: مصدر أفرز.
«نصف العقار طلقاً» الطِّلْق، بكسر الطاء: الحلال، وسمي المملوك طلقاً، لأن جميع التصرفات فيه حلال، من البيع، والهبة، والرهن، وغير ذلك، والموقوف ليس كذلك.
«بعلاً» البعل: ما شرب بعروقه من غير سقي ولا سماء، ذكره الجوهري.
«على حدة» حدة: أصلها وحدة، فالتاء عوض من الواو، والمعنى: على حياله وانفراده.
«من تقويم» التقويم: مصدر قَوَّمت السلعة: إذا حددت قيمتها وقدرتها، وأهل مكة يقولون: استقمت الشيء بمعنى: قوَّمته.
«وبنادق شمع» البُنْدُقِ ليس بعربي، وهو الذي يرمى به، واحدته: بندقة بضم الباء والدال.
والشمع معروف، بوزن فرس، وتسكين ميمه لغة.
«لا غير» بضم الراء، لقطعه عن الاضافة منوية. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 401
باب الدعاوى والبينات
الدعاوي، بكسر الواو وفتحها: جمع دعوى، كحُبْلى وحَبَالى، وذفرى وذفارى وذفارٍ. تقول: ادعيت على فلان بكذا ادعاءً، والاسم: الدعوى، وهي: طلب الشيء زاعماً ملكه، والبينات: جمع بينة، صفة، من بان يَبِينُ فهو بَيِّن، والأنثى: بَيِّنَة، أي: واضحة، وهو: صفة لمحذوف، أي: الدلالة البَيِّنة، أو العلامة، فإذا قيل: له بينة، أي: علامة واضحة على صدقه، وهي: الشاهدان، والثلاثة، والأربعة، ونحوها من البيِّنات.
«عليها حمل» الحمل، بالكسر: ما على ظهر أو رأس، وبالفتح: ما في بطن الحبلى، وفي حمل الشجر: الفتح والكسر.
«الابرة والمقص» المقص، بكسر الميم: المقراض، وهما مقصان، تسمى كل فردة مقصا مجتمعتين.
«أوله عليه أزج» الأزَج: بوزن فَرَس، قال الجوهري: الأزّج: ضرب من الأبنية، والجمع: آزُج، وآزاج، فكأنه على حذف مضاف، أي: حائط أَزَجٍ، وقد تقدم في الصلح أن الطاق يقال له: أزج.(1/293)
«بوجوه الآجر» الآجرُّ: الذي يبنى به، لَبِن مشوي، فارسي معرب. ذكر أبو منصور اللغوي في «المعرب» فيه ست لغات: آجر بتشديد الراء، وآجر بتخفيفها، وآجور، وياجور، كلاهما بوزن صابور، وآجْرون بسكون الجيم. وآجَرون بفتحها، وحكي عن الأصمعي: آجُرة وآجِرة.
«ومعاقد القمط في الخص» المعاقد: واحدها، معفد بكسر القاف على أنه موضع العقد، وبفتحها على أنه العقد نفسه.
والقمط، بكسر القاف: ما يشد به الأخصاص، قاله الجوهري، وحكى الهروي في «الغريبين» أنه «القُمُطْ» بوزن عُنُقْ، جمع: قِماط، وهي الشرط التي يُشَدُّ بها الخُصُّ ويوثق فيه، من ليف، أو خُوص، أو غيرهما، والخص: بيت يعمل من الخشب والقصب، والجمع: أخصاص، وخِصاص، سمي به لما فيه من الخصاص، وهي الفروج، والأنقاب.
«تحت الدرجة» الدَّرَجَة: المرقاة، والدُّرَجَة، بوزن هُمَزَة لغة فيها.
«تقدم بينة الداخل وقيل الخارج» الداخل: من العين المتنازع فيها في يده، والخارج: من لا شيء في يده، بل جاء من خارج ينازع الداخل.
«وان تنازعا مسناة» المسناةُ: السدُّ الذي يرد ماء النهر من جانبه.
«يقرع بين المدعين» واحدهم: مدَّع، وياء المنقوص تحذف في جمع التصحيح، لالتقاء الساكنين، كعم وعَمِين. قال الله تعالى: {إنهم كانوا قوما عَمِين} [الأعراف: 46]. وقع في خط المصنف رحمه الله تعالى. المدعيين بيائين على صورة التثنية، والصواب بياء واحدة.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 403
«غصبني إياه» تقدم الكلام على الغصب، ويقال: غصبه منه وعليه، فقوله: غصبني إياه؛ مُتَعَدٍّ إلى مفعولين يحتمل أنها لغة، فان أبا السعادات قال: ومنه الحديث: «غصبها نفسها»، وضمن «غصب» معنى «منع» أو على إسقاط الخافض، أي: غصبه مني، فحذف «من». والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 403
باب تعارض البينتين(1/294)
التعارض، مصدر تعارض الشيئان: إذا تقابلا، تقول: عارضته بمثل ما صنع، أي: أتيت بمثل ما أتى. فتعارض البَيِّنَتَين: أن تشهد إحداهما بنفي ما أثبتته الأُخرى، أو بإثبات ما نفته. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 405
كتاب الشهادات
الشهادات: جمع شهادة، والشهادة: مصدر شَهِدَ يَشْهَدُ شَهَادَةً، فهو شاهد، قال الجوهري: الشهادة: خبر قاطع، والمشاهدة: المُعَايَنَةُ، والشهادة في قول المصنف رحمه الله: تحمل الشهادة وأدائها بمعنى «المشهود به» فهو مصدر بمعنى «المفعول» فالشهادة تطلق على التحمل، تقول: «شهدت» بمعنى «تحملت» وعلى الأداء تقول: شهدت عند الحاكم شهادة، أي: أدَّيتها، وعلى المشهود به.
فأما «شهد» ففيه وفيما جرى مجراه من كل ثلاثي عينه حرف حلق مكسور أربعة أوجه: فتح أَوله، وكسر ثانيه، وكسرهما، والاسكان فيهما. قال الشاعر:
إذا غَابَ عَنَّا غَابَ عَنَّا رَبِيعُنَا
وإنْ يَشْهَد اغْنَى فَضْلُهُ وَنَوَافِلُهُ
«على القريب والبعيد» أي: على القريب منه، كأخيه وابنه، والبعيد منه، كأجنبي.
«لا يسعه التخلف» أي: لا يجوز له التخلف، فهو مضيق عليه في ترك إقامتها، لأن الشيء إذا لم يسع صاحبه، كان ضيقاً عليه، وأصل «يسع»: يوسع بالواو، أن ما فاؤه واو، إذا كان مكسوراً في الماضي، لا تحذف الواو في مضارعه، نحو: وَلِهَ يَوْلَهُ، وَوَغِرَ صَدْرهُ يَوْغَر، وَوَدِدْتُ أَوَدُّ، ولم يسمع حذف «الواو» إلا في يسع ويطأ. قال الجوهري: وإنما سقطت الواو منهما لتعديهما، وما عداهما من هذا النوع لا يكون إلا لازماً، فلذلك خولف بهما نظائرهما.
«مصرفه» مصرِفه، بكسر الراء: موضع صرفه، وهي الجهات التي تصرف فيها، فأما مصرَفه بفتح الراء، فهو المصدر.
«شهادة المستخفي» المُسْتَخْفِي: المُتَوَاري، قال الجوهري: لا تقل اختفيت. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 406(1/295)
باب شروط من تقبل شهادته
الشروط: جمع شرط، وقد تقدم، ومن تُقبل شهادته، أي: الذي يحكم بشهادته.
«في حال أهل العدالة» هو: أن يكون مسلماً، عاقلاً، عدلاً، عالماً، بما يشهد به، غير متهم، ذكر المصنف رحمه الله تعالى ذلك في «المغني» وقال السامري في «المستوعب»: لا يختلف المذهب في اشتراط هذه الخمسة.
{لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى} [المائدة: 601] «لا نَشْتَري» جواب القسم، أي: يقولون: والله لا نشتري، والهاء في «به» عائدة إلى الله تعالى، أو على الحَلِفَ، أو على تحريف الشهادة، أو على الشهادة، و«ثمناً» مفعول «نشتري» لأن الثمن يشترى، كما يشترى المثمن، وقيل: التقدير: ذا ثمن. «ولو كان ذا قربى» أي: ولو كان المشهود له ذا قربة.
«ولا نَكْتُمُ شهادة الله» لا نكتم: معطوف على «لا نشتري» وأضاف الشهادة إلى الله تعالى، لأنه أمر بها، فصارت له، وتقرأ «شهادة» بالتنوين، و«الله»: بالنصب والجر، فالجر مع قطع الهمزة ووصلها، وبالمدِّ مع قطع الهمزة على حذف حرف القسم، بتعويض ودونه.
«فان عثر على أنهما استحقا إثماً» عُثر: بضم العين، أي: اطلع، يقال: عُثِرَ على الشيء عثوراً، وعثر في مشيه ومنطقه عثاراً. «أنهما»، أي: الوصيان «استحقا إثماً» أي: استوجبا إثماً بخيانتهما، وأيمانهما الكاذبة.
«شهادة مغفل» المُغْفَل، بفتح الفاء: اسم مفعول من غفل، يقال: غَفَلَ عن الشيء وأَغْفَلَهُ غيره، وغفله: جعله غافلاً، فهو مغفل، ومغفّل، بتشديد الفاء، وتخفيفها مفتوحة فيهما.
«ولا معروف بكثرة الغلط والنسيان» الغلط، مصدر غلط: إذا أخطأ الصواب في كلامه، عن السعدي، والعرب تقول: غَلِطَ في منطقه، وغلط في الحساب، وحكى الجوهري عن بعضهم: أنهما لغتان بمعنى، والنِسْيان، بكسر النون وسكون السين: مصدر نسي الشيء، وهو خلاف الذِّكْرِ، والحفظ. ورجل نسيان، بفتح النون أي: كثير النسيان.(1/296)
«العدالة» العدالة: مصدر عَدُل، بضم الدال، عدالة: ضد جار. قال الجوهري: ورجل عدل، أي: رضيّ، ومقنع في الشهادة. وقوم عَدْلٌ وعُدُول، وهو أيضاً القيمة والفدية، والحكم بالحق. والعدل، بالفتح والكسر: المثل، وبالكسر وحده: الوعاء المعروف، وبالضم وحده: جمع عدول، وهو الكثير الجود.
«ريبة» الرِّيبَةُ: التهمة، ورابني الشيء: عرفت منه الريبة.
«لا يرتكب كبيرة، ولا يدمن على صغيرة» الكبيرة: المنصوص عن الامام أحمد فيها: أنها كل ما أوجب حداً في الدنيا، كالزنى، وشرب الخمر، أو وعيداً في الآخرة، كأكل الربا، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والصغيرة: ما دون ذلك، كالغيبة، والنظر المحرم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 407
«أو الاعتقاد» الاعتقاد: من أفعال القلوب، و«افتعال» من عقد القلب على الشيء: إذا لم يزل عنه، وأصل العقد: ربط الشيء بالشيء، فالاعتقاد: ارتباط القلب بما انطوى عليه ولزمه.
«المتدين به» المُتَديِّن: بوزن المتكلِّم: اسم فاعل من تدين بكذا دِيناً، وتدين به، فهو ديِّن، ومتديِّن، والضمير في «به» للاعتقاد.
«متأولاً» المتأوِّل: هو صارف اللفظ عن ظاهره لدليل، وشروطه ثلاثة: أن لا يمكن حمله على ظاهره، وجواز إرادة ما حمله عليه، والدليل الدال على إرادته.
«استعمال المروءة» المُرُوءَة، بالهمز بوزن سهولة: الانسانية، قال الجوهري: ولك أن تشدد، وقال أبو زيد: مرُوءَ الرجل: صار ذا مُرُوءَةٍ، فهو مَرِيء على وزن فعيل، وتمَرَّأَ: تكلف المُرُوءَةَ.
«ما يجمله ويزينه» جمله كذا: جعله جميلاً، وزانه، وأزانه، وزينه بمعنىً. والزَّيْن: نقيض الشَّيْن.
«شهادة المصافع» المصافع: مفاعل من صفع، قال السعدي: وصفعه صفعاً، ضرب قفاه بجميع كفه، قال بن فارس: الصفع معروف. وقال الجوهري: الصفع كلمة مولَّدة. فالصافع إذن: من يصفع غيره، ويمكن غيره من قفاه فيصفعه.(1/297)
«والمتمسخر» المتمسخر: اسم فاعل من تمسخر، وهو تمفعل من سخر، فالمتمسخر: يفعل ويقول شيئاً يكون سبباً لأن يسخر منه، أي: يهزأ به.
«والرقاص» الرقاص: من أمثلة المبالغة، فهو الكثير الرقص، يقال: رقص يرقص رقصاً، فهو رقَّاص، ورقص الآل: اضطرب، والشراب: أخذ في الغليان، والرقص: معروف.
«واللاعب بالشطرنج والنرد» الشطرنج: فارسي معرب، وهو هذا المعروف، قال أبو منصور اللغوي: وبعضهم يكسر شينه، ليكون على مثال من أمثلة العرب، كجردحل، وهو: البعير الشديد الضخم.
والنَّرْدُ: معروف أيضاً، وهو: أعجمي معرب.
«بمباضعة أهله» المباضعة: المجامعة. وكذلك: البضاع.
«كالنخال، والنفاط، والقمام، والزبال، والمشعوذ، والقراد، والكباش».
النَّخَّال: مبالغة في ناخل. يقال: نخل الشيء نخلا: نَقَّى رَديئه، ونخَلَ الدقيق: غربله، والمُنْخُل، بضم الميم والخاء: ما ينخل به، فالنَّخَّال: هو الذي يتخذ غربالاً، أو نحوه يغربل به ما في مجاري السقايات، وما في الطرقات من حَصىً، أو تراب، ليجد في ذلك شيئاً من الفلوس والدراهم وغيرها.
والنَّفَّاط: اللعاب، مثل لبَّان، وتمَّار.
والقَمَّام: فَعَّال، من قَمَّ البيت: إذا كنسه، والقمامة: الكناسة. والجمع: قُمامٌ، فالقَمَّام: الكنَّاس.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 407
والزَّبَّال: معروف، وهو الذي صناعته الزّبل كَنْساً، ونَقْلاً، وجمعاً، وغير ذلك.
والمُشَعْوِذ: من الشعوذة، قال ابن فارس: ليست من كلام أهل البادية. وهي خفة في اليدين، وأخذة كالسحر، وقال السعدي: الشعوذة: الخفة في كل أمر.
والقرَّاد: الذي يلعب بالقِرْد، ويطوف به في الأسواق ونحوها مكتساً بذلك.
والكَبَّاش: الذي يلعب بالكبش ويناطح به، وذلك من أفعال السفهاء والسفلة.
«شهادة البدوي على القروي» البدوي: منسوب إلى البدو، وهي البادية. والنسب إليه: بدوي، بفتح الباء.(1/298)
والقرَوي: منسوب إلى القرية، بفتح الراء في القروي. فالبدوي: ساكن البادية. والقروي: ساكن القرية. والله تعالى أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 407
باب موانع الشهادة
الموانع: جمع مانع. وهو اسم فاعل، من منع الشيء: إذا حال بينه وبين مقصوده، فهذه الموانع تحول بين الشهادة ومقصودها، فإن المقصود من الشهادة قبولها والحكم بها.
«الرابع: العداوة» العداوة: ضد الولاية. تقول: عدو بيّن العداوة والمعاداة. والمعاداة ضربان، دنيوية: وأخروية. فالدنيوية: كما مثل به، والأخروية: كشهادة المسلم على الكافر، والسُّنيِّ على الرافضي، فتقبل، ولا يمنع ذلك قبول الشهادة.
«والمقطوع عليه الطريق» والمقطوع: بالجر على المقذوف، والألف واللام في المقطوع موصولة. والطريق: مفعول قائم مقام الفاعل، أي: الذي قطعت عليه الطريق.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 410
باب الشهادة على الشهادة
«أن يسترعيه» الاسترعاء: استفعال، من رعيب الشيء: حفظته، تقول: استرعيته الشيء فرعاه، أي: استحفظته الشيء فحفظه، فشاهد الأصل يسترعي شاهد الفرع، أي: يستحفظه شهادته ويأذن له أن يشهد عليه.
«بحق يعزيه» يعزيه ويعزوه، أي: ينسبه.
«شاهد الزور» الزُّور: الكذب، والباطل، والتهمة، فشاهد الزور: الشاهد بالكذب.
«أو أحق» أحق، أي: أتحقق. يقال: حَقَّقْتُ الأمر، وأحْقَقْتُهُ أَحقه وأُحقه، بفتح الهمزة وضمها على اللغتين. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 411
باب اليمين في الدعاوى
«وسائر الستة» هكذا هو بخط المصنف رحمه الله، وحقه: وسائر التسعة، لما تقدم من أن سائراً بمعنى باقي، ولا يجوز سائر الستة، إلا إذا قيل: سائر بمعنى كل.
«حلف على البت» البتُّ: القطع، والجزم. يقال: بَتَّ الشيء يَبُتُّه بتاً: إذا قطعه.
«تعالى اسمه» أي: جَلَّ وارتفع عن إفْكِ المفترين.(1/299)
«تغليظها» تغليظ اليمين: تفخيمها وتشديدها. يقال: غَلُظَ الشيء ـ غِلَظاً: صار غَلِيظاً ـ والخَلْق، غلظة وغلظة يعني: بكسر الغين وضمها وغلاظة.
«الطالب الغالب الضار النافع الذي يعلم خائنة الأعين».
الطالب: اسم فاعل من طلب الشيء بمعنى قصده.
والغالب: اسم فاعل من غلب يغلب بمعنى قهر، وأسماء الله تعالى توفيقية، واختلف في اشتقاق ما لم يرد مما ورد، فالطالب من قوله : «لا يطلبنكم الله بشيء من ذمته».
والغالب: من قوله تعالى: {كَتَبَ الله لأغْلِبَنَّ أَنا ورُسُلي} [المجادلة: 12].
الضَّارُّ النَّافع: هما من أسماء الله تعالى الحسنى، وصف نفسه بالقدرة على ضر من شاء، ونفع من شاء، وذلك أن من لم يكن على الضر والنفع قادراً، لم يكن مرجواً ولا مخوفاً.
و«خائنة الأعين»: يفسر بتفسيرين. أحدهما: أن يضمر في نفسه شيئاً، ويكف لسانه، ويومىء بعينه، وإذا ظهر ذلك من قبل العين، سميت: خائنة الأعين، والآخر: أنه ما تخون فيه الأعين من النظر إلى ما لا يحل.
والخائنة: بمعنى الخيانة، وهي من المصادر التي جاءت على لفظ الفاعل.
«من فرعون وملئه» فرعون، يذكر في الأسماء، والملأ، بالقصر والهمز: أشراف الناس، ورؤساؤهم، ومقدموهم الذين يرجع إلى قولهم
«يبرىء الأكمه والأبرص» الأكْمَه: الذي يولد أعمى، عن الجوهري والسعدي، وقيل: الذي يعمى بعد بصر.
والأبرص: الذي أصابه البرص، وهو داء معروف، وهو بياض يخالف بقية البشرة.
«بين الركن والمقام» الركن في الأصل: جانب الشيء الأقوى، والمراد به: ركن المعبة المعظمة الذي فيه الحجر الأسود.
والمقام: مقام ابراهيم ـ عليه السلام ـ المتقدم ذكره في باب دخول مكة.
«خطر» الخَطَر والخطْر، بفتح الطاء وسكونها: الشرف والقدر. أي: في ماله شرف، وماله قدر.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 411(1/300)
كتاب الإقرار
الإقرار : الاعتراف. يقال: أقر بالشيء يقر إقراراً: إذا اعترف به، فهو مقر والشيء مقَرُّ به، وهو إظهار لأمر متقدم وليس بإنشاء، فلو قال: داري لفلان، لم يكن إقراراً، لتناقض كونها له ولفلان على جهة استقلال كل واحد منهما بها.
«يحاص» مضارع حاصه: وهو مفاعلة من الحصة. قال الجوهري: يتحاصُّون: إذا اقتسموا حِصَصاً، ويحاص مرفوع على الخبر، ويجوز فتحه على الجزم محركاً، لالتقاء الساكنين.
«باع عبده من نفسه» يقال: بعت فلاناً كذا، وبعت منه، وله، وفي «صحيح مسلم» مرفوعاً «لو بعت من أخيك ثمراً».
«فهو بينهما سواء» الذكر، والأنثى. وهو مبتدأ يجوز أن يكون خبره «بينهما». و«سواء» نصب على الحال، والذكر والأنثى، مجرور على البدل من الضمير في «بينهما» أي: فهو بين الذكر والأنثى، ويجوز أن يكون «سواء» مرفوعاً خبراً مقدماً، والذكر والأنثى مبتدأَ مؤخراً، فيكون على هذا جملتين «فهو بينهما» جملة، و«الذكر والأنثى سواء» جملة أُخرى، ويجوز رفع «سواء»، وجر «الذكر والأنثى» على ما ذكر. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 414
باب ما يحصل به الإقرار
«أجل» بفتح الهمزة والجيم وسكون اللام: حرف تصديق، بمعنى: نعم. قال الأخفش: إلا أنه أحسن من «نعم» في التصديق، و«نعم»: أحسن منه في الاستفهام. فإذا قال: أنت سوف تذهب، قلت: أَجَل، وإذا قال: أتذهب؟ قلت: «نعم» وكان أحسن من «أجل».
«أو أقدر» أقدر، بضم الهمزة وتشديد الدال: من التقدير، وهي مثل أظن، وأحسب، في الشك.
«أو أحرز» هو بقطع الهمزة: أمر من أحرز الشيء: جعله في حرز. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 414
باب الحكم فيما إذا وصل باقراره ما يغيره
«لم يقض ولم يبر» يقض بضم الياء: مبنياً للمفعول، ويبر، بضم الياء وكسر الراء: مبنياً للفاعل.
«له علي هؤلاء العبيد» أي: تسليمهم، أو دفعهم، أو نحو ذلك.(1/301)
«إلا أن يستثني عيناً من ورق» العين هنا: الدنانير. والعين: لفظ مشترك في نحو من عشرين معنًى مذكورة في كتاب «الوجوه والنظائر». والورِق: الفضة، وخصه بعضهم بالدراهم المضروبة.
«زيوفاً» الزُّيوف: الرديئة. يقال: درهم زيف وزائف: إذا كان رديئاً.
«أو مغشوشة» المغشوشة: المشوبة بغير الفضة من الغشش: وهو المشْرَبُ الكَدِر.
«بدا لي من تقبيضه» بدا للرجل في الأمر بداءاً: رجع عنه، عن السعدي. وقال الجوهري: وبدا له في هذا الأمر بداءً، أي: نشأ فيه رأيٌ، و«مِنْ» بمعنى: «عَنْ». وبدا لي متضمن معنى أعرضت، وهو يتعدى بـ «عن». و«من» بمعنى «عن» في قوله تعالى: {الذي أطعمهم من جوع} [قريش: 4]، أي: عن جوع، وفاعل بدا «رأي» مقدر، وساغ حذفه لكثرة استعماله هذه العبارة، وقد يحذف الفاعل لظهور المعنى، كقوله تعالى: {أو لم يهد لهم} [السجدة: 72] فاعل «يهد» محذوف، فهذا الذي أمكن تصحيح هذه العبارة به. والله أعلم.
«له ـ عارية» عارية: نصب على الحال، والعامل فيه معنى الإشارة، أو التنبيه، وهو كقوله تعالى: {هذا بَعْلي شيخاً} [هود: 27] ويجوز رفع «عارية» على أنه خبر، وهذه الدار مبتدأ، و«له» في موضع نصب إما على الحال، لكونه صفة لعارية تقدمت عليها، أو لتعلقه بفعل دل عليه «عارية».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 415
باب الإقرار بالمجمل
المجمل: ضد المفسر، وهو: ما احتمل أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.
«أَو خطير» الخطير: الذي له خطر، أي: قدر، ويقال: خطر، بضم الطاء، فهو خطير.
«له عليَّ كذا درهم» كذا: كناية عن عدد مبهم، ويفتقر إلى مميز، قال الجوهري: فينصب ما بعده على التمييز، تقول: عندي كذا درهم، كما تقول: عندي عشرون درهماً، وذكر غيره: أنه يجوز جره بـ «من» تقول: كذا من درهم، بدل من كذا، وإذا جر، كان التقدير: جزء درهم، أو بعض درهم، ويكون «كذا» كناية عنه، وقد يصرف العرف إلى ما لا يجوز في اللغة.(1/302)
«أردت التهزء» التهزء: بضم الزاي مهموزاً: مصدر تَهَزَّأَ، أي: سخر، والتهزي بالياء: من إبدال الهمزة «ياء».
«لكن درهم» لكن حرف استدراك، والاستدراك في أصل اللغة: تعقيب اللفظ بما يشعر بخلافه، فإذا قال: له عليَّ درهم، أشعر بعدم غيره، لأن تخصيص الشيء بالذكر يدل على نفي الحكم عما عداه، فإذا قال: «لكن درهم»، فقد عقب اللفظ بما أشعر بخلافه، وهو: وجوب الدرهم الثاني.
«تمر في جراب» الجراب بكسر الجيم ويجوز فتحها: الجراب المعروف.
«خاتم فيه فص» فص الخاتم معروف بفتح الفاء وكسرها وضمها، ذكره شيخنا في «مثلثه» والجوهري رحمه الله لم يطلع على غير الفتح، فلذلك قال: فص الخاتم، والعامة تقول: فص بالكسر. والله أعلم.
«معاً» نصب على الظرف.
«منديل» هو بكسر الميم الزائدة من نَدَلْتُ يده: إذا أصابها الغَمرُ.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 416
باب ما ذكر في الكتاب من الأسماء
فتبدأ بذكر النبي ، ثم بذكر الامام أحمد بن حنبل ـ رضى الله عنه ـ ، ثم بذكر مصنف الكتاب رحمه الله تعالى، ثم بباقي الأسماء مرتبة على حروف المعجم.
نسب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم(1/303)
أما نبينا ، فهو: محمد بن عبدالله، بن عبدالمطلب، بن هاشم، بن عبد مناب، ابن قصيّ، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤيّ، بن غالب، بن فهر، ابن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان. إلى هاهنا إجماع الأمة، وما وراءه فيه اختلاف واضطراب، والمحققون ينكرونه، ومن أشهره عدنان بن أُد ـ ويقال: بن أدد ـ ابن مقوم، بن ناحور ـ بالنون والحاء ـ بن تيرح، بن يعرب، بن يشجب، بن نابت، بن اسماعيل، بن ابراهيم ـ خليل الرحمن تبارك وتعالى ـ بن تارخ ـ وهو آزر ـ ابن ناحور، بن ساروح، بن راعو، بن فالخ، بن عيبر، بن شالخ، بن ارفخشد، بن سام، بن نوح، بن لامك، بن متُّوشلخ، بن خنوخ، بن يرد، ابن مهليل ـ بن قينن ـ ويقال: قينان ـ بن يانش ـ ويقال: أنش، ويقال: أنوش ـ بن شيث، بن آدم وعلى سائر الأنبياء.
كنية الرسول
المشهور أبو القاسم، وكناه جبريل ـ عليه السلام ـ : أبا ابراهيم، وله أسماء كثيرة أفرد لها الحافظ أبو القاسم ابن عساكر كتاباً في «تاريخه» بعضها في «الصحيحين» وبعضها في غيرهما، منها: محمد، وأحمد، والحاشر، والعاقب، والمقفِّي، وخاتم الأنبياء ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، ونبي التوبة، والفاتح.
قال أبو بكر ابن العربي المالكي الحافظ في شرح «الترمذي»: قال بعض الصوفية: لله عزّوجل ألف اسم، وللنبي الف اسم. قال ابن العربي: فأما أسماء الله تعالى، فهذا العدد حقير فيها. وأما أسماء النبي ، فلم أحصها إلا من جهة الورود الظاهر بصفة الأسماء البنة، فوعيت منها أربعة وستين اسماً. ثم ذكرها مفصلة مشروحة فاستوعب وأجاد.
وأُم رسول الله آمنة بنت وهب، بن عبدالمطلب، بن عبد مناف، ابن زهرة، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب. ولد عام الفيل، وقيل: بعده بثلاثين سنة، وقيل: بأربعين، وقيل: بعشر، والصحيح: الأول.(1/304)
واتفقوا على أنه ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، وقيل: يوم الثاني، وقيل: الثامن، وقيل: العاشر، وقيل: الثاني عشر، وتوفي يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن يوم الثلاثاء حين زالت الشمس، وقيل: ليلة الأربعاء، وله ثلاث وستون سنة، وقيل: خمس وستون، وقيل: ستون، والأول أشهر وأصح.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
كان ليس بالطويل البائن، ولا القصير، ولا الأبيض الأبهق، ولا الآدم، ولا الجعد القطط، ولا السبط. توفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء، وكان حسن الجسم، بعيد ما بين المنكبين، كث اللحية، شئن الكفين ـ أي: غليظ الأصابع ـ ضخم الرأس والكراديس، أدعج العينين، طويل أهدابهما، دقيق المسرُبة، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر، حسن الصوت، سهل الخدين، ضليع الفم، أشعر المنكبين والذراعين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، بين كتفيه خاتم النبوة كزرِّ الحجلة أو كبيضة الحمامة، إذا مشى كأنما تطوي به الأرض، يجدُّون في لحاقه وهو غير مكترث.
كان له ثلاثة بنين، القاسم وبه كان يكنى، ولد قبل النبوة، وتوفي وهو ابن سنتين، وعبدالله ويسمى الطيب والطاهر، ولد بعد النبوة، وإبراهيم ولد بالمدينة ومات بها سنة عشر وهو ابن سبعة عشر أو ثمانية عشر شهراً.
وكان له أربع بنات، زينب امرأة أبي العاص بن الربيع، وفاطمة امرأة علي بن أبي طالب، ورقية وأُم كلثوم تزوجهما عثمان ـ رضى الله عنه ـ م.
وكان له أحد عشر عماً، الحارث وهو أكبر أولاد عبدالمطلب وبه كان يكنى، وقثم، والزبير، وحمزة، والعباس، وأبو طالب، وأبو لهب، وعبد الكعبة، وحجل بحاء مهملة مفتوحة ثم جيم ساكنة، وضرار، والغيداق. أسلم منهم حمزة، والعباس وكان أصغرهم سناً، وهو الذي كان يلي زمزم بعد أبيه، وكان أكبر سناً من رسول الله بثلاث سنين، وقد نظمت أسماؤهم في هذين البيتين:(1/305)
قثم والزبير وحمزة والعباس
حجب أبو طالب أبو لهب
وضرار غيداق ثمت عبد الكعبة
الحارث أعمام سيد العرب
وعماته ست: صفية وهي أُم الزبير، أسلمت وهاجرت، وتوفيت، في خلافة عمر ـ رضى الله عنه ـ ، وعاتكة، قيل: إنها أسلمت. وبرة، وأروى، وأُميمة، وأُم حكيم وهي البيضاء، وقد نظمت أسماؤهنَّ في بيت وهو:
أُميمة أروى برة وصفية
وأُم حكيم واختمنَّ بعاتكة
وأما أزواجه، فأولهن خديجة، ثم سودة، ثم عائشة، ثم حفصة، وأُم حبيبة، وأُم سلمة، وزينب بنت جحش، وميمونة، وجويرية، وصفية. هؤلاء التسع بعد خديجة، توفي عنهن، وكان له سريَّتان: مارية، وريحانة.
وأما مواليه فكثيرون، نحو الخمسين من الرجال، والعشر من الاماء على اختلاف في بعضهم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417(1/306)
وأما أخلاقه ، فكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً، وألينهم كفّاً، وأطيبهم ريحاً، وأحسنهم عشرة، وأخشعهم وأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية، لا يغضب لنفسه، ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتهكت محارم الله، وكان خُلُقُهُ القرآن، وكان أكثر الناس تواضعاً، يقضي حاجة أهله، ويخفض جناحه للضعيف، ما سئل شيئاً قط فقال: لا. وكان أحلم الناس، وأشد حياءً من العذراء في خدرها، القريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق سواء، ما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه، ولا يأكل متكئاً، ولا على خوان، ويأكل ما تيسر، وكان يحب الحلوى والعسل، ويعجبه الدباء، وقال: «نعم الادم الخل» يأكل الهدية، ولا يأكد الصدقة، ويكافىء على الهدية، ويخصف النعل، ويرقع الثوب، ويعود المريض، ويجيب من دعاه من غنيٍّ ودنيٍّ وشريف، ولا يحقر أحداً، وكان يقعد تارة القرفصاء، وتارة متربعاً، وتارة يتكىء، وفي أكثر أوقاته محتبياً بيديه، وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، ويتنفس [في الشراب] خارج الاناء ثلاثاً، ويتكلم بجوامع الكلم، ويعيد الكلمة ثلاثاً لتفهم، ولا يتكلم في غير حاجة، ولا يقعد ولا يقوم إلا على ذكر الله تعالى، وركب الفرس، والبعير، والحمار، والبغلة. وأردف خلفه على ناقة، وعلى حمار، ولا يدع أحداً يمشي خلفه، وعصب على بطنه الحجر من الجوع، وفراشه من أدم حشوه ليف، وكان متقللاً من متعة الدنيا كلها، وقد أعطاه الله مفاتيح خزائن الأرض كلها فأبى أن يأخذها، واختار الآخرة عليها. وكان كثير الذِّكْر، دائم الفكر، جلُّ ضحكه التبسم، ويحب الطيب، ويكره الريح المنتنة، ويمزح ولا يقول إلا حقاً، ويقبل عذر المعتذر، وكان كما وصفه الله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه} [التوبة: 921]... الآية. وكانت معاتبته تعريضاً، ويأمر بالرفق ويحث عليه، وينهى عن العُنْفِ، ويحث على العفو والصفح ومكارم الأخلاق. وكان(1/307)
مجلسه حلم وحياء، وأمانة وصيانة، وصبر وسكينة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تُؤبَن فيه الحرم ـ أي: لا تذكر فيه النساء ـ يتعاطفون فيه بالتقوى ويتواضعون. ويوقر الكبار، ويرحم الصغار. وكان يتألف أصحابه، ويكرم كريم كل قوم ويولِّيه عليهم، ويتفقد أصحابه، ولم يكن فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، ولا يضرب خادمه، ولا امرأة، ولا شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما خيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فقد جمع الله له كمال الأخلاق، ومحاسن الشيم، وآتاه علم الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز، وما لم يؤت أحداً من العالمين، واختاره على جميع الأولين والآخرين. صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله والصالحين من عباده من أهل أرضه وسمائه وعليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وتابعيهم باحسان إلى يوم الدين صلاة دائمة ما اختلف المَلَوَان، وتعاقب الجديدان، وسلم وكرم ووالى وجدد وسلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
الامام أحمد بن حنبل(1/308)
هو الامام المبجل أبو عبدالله أحمد بن محمد، بن حنبل، بن هلال، بن أسد، بن إدريس، بن عبدالله بن حيان بالمثناة، ابن عبدالله، بن أنس، ابن عوف، بن قاسط، بن مازن، بن شيبان، بن ذهل، بن ثعلبة، بن عكابة، بن صعب، بن علي، بن بكر، بن وائل، بن قاسط، بن هنب بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها باء موحدة، ابن أفصى بالفاء والصاد المهملة، ابن دُعمي، بن جديلة، بن أسد، بن ربيعة، بن نزار، بن معد، بن عدنان، الشيباني المروزي البغدادي، هكذا ذكره الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي، وأبو بكر البيهقي، وابن عساكر، وابن طاهر. وقال عباس الدوري، وابن ماكولا: ذهب بن شيبان، وأنكر ذلك الخطيب، وقال: هو غلط من الدوري. قال الجوهري: وشيبان حي من بكر، وهما شيبانان. أحدهما: شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، والآخر شيبان بن ذهل بن ثعلبة ابن عكابة، وهو موافق لما قال الخطيب. وذكره المصنف في أول «المغني» فقال: أحمد بن محمد، بن حنبل، بن هلال، بن أسد، بن إدريس، بن عبدالله، ابن حيان، بن عبدالله، بن ذهل، بن شيبان. فأسقط أنس بن عوف بن قاسط بن مازن، أربعة، وقدم ذهلاً على شيبان، والله أعلم.(1/309)
حملت به أُمه بمرو، وولدت ببغداد، ونشأ بها، وأقام بها إلى أن توفي بها، ودخل مكة، والمدينة، والشام، واليمن، والكوفة، والبصرة، والجزيرة. قال الحافظ ابن عساكر: كان شيخاً شديد السمرة طوالاً مخضوباً بالحناء. وقيل: كان ربعة. سمع سفيان بن عيينة، وابراهيم بن سعد، ويحيى القطان، وهشيماً، ووكيعاً، وابن علية، وابن مهدي، وعبد الرزاق، وخلائق كثيرين ذكرهم الحافظ أبو الفرج بن الجوزي وغيره على حروف المعجم. وروى عنه عبد الرزاق، ويحيى ابن آدم، وأبو الوليد، وابن مهدي، ويزيد بن هارون، وعلي بن المديني، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة الرازي، والدمشقي، وابراهيم الحربي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانىء الطائي الأثرم، وعبدالله بن محمد البغوي، وأبو بكر عبدالله بن محمد بن أبي الدنيا، ومحمد بن اسحاق الصاغاني، وأبو حاتم الرازي، وأحمد بن أبي الحواري، وموسى بن هارون، وحنبل بن اسحاق، وعثمان بن سعيد الدارمي، وحجاج بن الشاعر، وخلائق كثيرون ذكرهم الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في «المناقب» على حروف المعجم.
وروينا عن الشافعي الامام أبي عبدالله محمد بن ادريس أنه قال: خرجت من بغداد وما خلَّفْتُ بها أحداً، أورع، ولا أتقى، ولا أفقه ـ وأظنه قال: ولا أعلم ـ من أحمد بن حنبل.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
وعن الربيع بن سليمان، قال: قال لنا الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال؛ إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة.(1/310)
وروينا عن الشافعي أنه قال عند قدومه إلى مصر من العراق: ما خلَّفْتُ بالعراق أحداً يشبه أحمد بن حنبل. وروينا عن إبراهيم الحربي قال: يقول الناس: أحمد بن حنبل بالتوهم، والله ما أجد أحدٍ من التابعين عليه مزية، ولا أعرف أحداً يقدِّر قدره، ولا يعرف من الإسلام محلَّه، ولقد صحبته عشرين سنة صيفاً وشتاءً، وحراً وبرداً، وليلاً ونهاراً، فما لقينه لقاةً في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس، ولقد كان يقدِّم أئمة العلماء من كل بلد، وإمام كل مصر، فهم بجلالتهم ما دام الرجل منهم خارجاً من المسجد، فإذا دخل المسجد صار غلاماً متعلماً.
وروينا عنه أيضاً أنه قال: لقد رأيت رجالات الدنيا، لم أر مثل ثلاثة. أحمد بن حنبل وتعجز النساء أن تلد مثله، ورأيت بشر بن الحارث من قرنه إلى قدمه مملوءاً عقلاً، ورأيت أبا عبيد القاسم بن سلام كأنه جبل نفخ فيه علم.(1/311)
وروينا عن عبد الوهاب الورَّاق قال: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، قالوا له: وأي شيء بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: حدثنا، وأخبرنا. وروينا عن علي وروينا عنه أنه قال: ان الله عز وجل أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث، أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة. وروينا عنه أنه قال: ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله مثل ما قام أحمد بن حنبل. قلت: يا أبا الحسن، ولا أبو بكر؟ قال: ولا أبو بكر الصديق، لأن أبا بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب، وأحمد ابن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب. وروينا بالإسناد عن أبي عبيد القاسم بن سلام، أنه قال: أحمد بن حنبل إمامنا، لأني لأتزين بذكره. وعن أبي بكر الأثرم، قال: كنا عند أبي عبيد وأنا أُناظر رجلاً عنده، فقال الرجل: من قال بهذه المسألة؟ فقلت: من ليس في شرق ولا غرب مثله. قال: من؟ قلت: أحمد بن حنبل. قال أبو عبيد: صدق، من ليس في شرق ولا غرب مثله، ما رأيت رجلاً أعلم بالسُّنَّة منه. وعن إسحاق بن راهويه أنه قال: أحمد بن حنبل حجة بين الله وبين عبيده في أرضه. وقال أيضاً: لولا أحمد بن حنبل وبذله نفسه لما بذلها له، لذهب الإسلام. وعن بشر بن الحارث أنه قيل له حين ضرب أحمد بن حنبل: يا أبا نصر لو أنك خرجت فقلت: إني على قول أحمد بن حنبل. فقال بشر: أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء؟ إن أحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء. وقال أيضاً: أدخل أحمد بن حنبل الكير، فخرج ذهبة حمراء. وروينا بالإسناد إلى بشر، قال: سمعت المعافى بن عمران يقول: سئل سفيان الثوري عن الفتوة، فقال:
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417(1/312)
الفتوة: العقل والحياء، ورأسها الحفظ، وزينتها الحلم والأدب، وشرفها العلم والورع، وحليتها المحافظة على الصلوات، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وبذل المعروف، وحفظ الجار، وترك التكبر، ولزوم الجماعة، والوقار، وغض الطرف عن المحارم، ولين الكلام، وبذل السلام، وبر الفتيان العقلاء الذين عقلوا عن الله تعالى أمره ونهيه، وصدق الحديث، واجتناب التكلف، وإظهار المودة، وإطلاق الوجه، وإكرام الجليس، والانصات للحديث، وكتمان السر، وستر العيوب، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، والوفاء بالعهد، والصمت في المجالس من غير عي، والتواضع من غير حاجة، وإجلال الكبير، والرفق بالصغير، والرأفة والرحمة للمسلمين، والصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء.
وكمال الفتوة: الخشية لله عزّوجل، فينبغي للفتى أن تكون فيه هذه الخصال كلها، فإذا كان كذلك كان فتىً بحقه.(1/313)
قال بشر: وكذلك كان أحمد بن حنبل فتًى، لأنه قد جمع هذه الخصال كلها. وعن أبي زرعة عبيدالله بن عبد الكريم الرازي، قال: ما رأت عيناي مثل أحمد بن حنبل في العلم، والزهد، والفقه، والمعرفة، وكل خير، ما رأت عيناي مثله. وقال أيضاً: ما رأيت أحداً أجمع منه، ما رأيت أحداً أكمل منه. وعن المزني صاحب الشافعي قال: أحمد بن حنبل يوم المحنة، وأبو بكر الصديق يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم صفين. وعن أبي داود السجستاني، قال: رأيت مائتي شيخ من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس، فإذا ذكر العلم تكلم. وعن ابراهيم الحربي، قال: سعيد بن المسيب في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه، وأحمد بن حنبل في زمانه. وعن عبد الوهاب الورَّاق قال: لما قال النبي «فردوه إلى عالمه» رددناه إلى أحمد بن حنبل، وكان أعلم أهل زمانه، وقد صنف في مناقبه من المتقدمين والمتأخرين، جماعة، كابن منده، والبيهقي، وشيخ الإسلام الأنصاري، وابن الجوزي، وابن ناصر، وغيرهم، وشهرة إمامته، ومناقبه، وسيادته، وبراعته، وزهادته، ومجموع محاسنه، كالشمس، إلا أنها لا تغرب، ـ رضى الله عنه ـ وحشرنا في زمرته.
ولد ـ رضى الله عنه ـ في ربيع الأول سنة 461 هـ أربع وستين ومائة، وتوفي ببغداد يوم الجمعة لنحو من ساعتين من النهار، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة 142 إحدى وأربعين ومائتين، والمشهور من ربيع الآخر، ـ رضى الله عنه ـ .
صنف «المسند» ثلاثون ألف حديث، و«التفسير» مائة ألف وعشرون ألفاً، و«الناسخ والمنسوخ» و«التاريخ» و«حديث شعبة» و«المقدَّم والمؤخَّر» في القرآن، و«جوابات القرآن» و«المناسك» الكبير، والصغير، وأشياء أُخر، وليس هذا مكان استقصاء مناقبه، والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
مؤلف الكتاب «المقنع»(1/314)
هو الامام العلامة الرباني المتفق على إمامته، وديانته، وسيادته، وورعه، موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، ولد بقرية جمَّاعِيلَ بفتح الجيم وتشديد الميم من جبل نابلس من الأرض المقدسة في شعبان سنة 145 إحدى وأربعين وخمسمائة، اشتغل من صغره بالقرآن العزيز، والفقه، وقرأ على الشيخ أبي الفتح بن المَنيِّ بقراءة أبي عمرو بن العلاء، وعلى أبي الحسن علي البطائحي بقراءة نافع، وسمع الحديث الكثير بمكة، وبغداد، والموصل، ودمشق. وروى كثيراً من مسموعاته، وسمع من خلق كثير يطول ذكرهم، منهم الامام العارف أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وأبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان، وأبو بكر عبدالله بن محمد بن النقور، وأبو المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسرائي، والامام أبو محمد عبدالله بن أحمد بن الخشاب. ووالده الامام أبو العباس أحمد. رحل في طلب العلم إلى بغداد وهو شاب في سنة 165 هـ إحدى وستين وخمسمائة، فأقام نحواً من أربع سنين، ثم رجع وقد حصل الفقه والحديث والخلاف، ثم سافر ثانية فأقام سنة ثم رجع ثم حج سنة 375 سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، ومضى على طريق العراق ودخل بغداد، وأقام ثالثة واشتغل، فقيل: إنه في هذه السفرة كرر على مائة مسألة من الخلاف، ثم رجع واشتغل بالاشغال والتصنيف، فمن تصانيفه كتاب «البرهان» وجزء في «الاعتقاد» وكتاب «العلو» وكتاب «ذم التأويل» وكتاب «القدر» وفي الحديث كتاب «المتحابين» وكتاب «التوابين» وكتاب «الرقة» وكتاب «فضائل الصحابة» وأجزاء جمعها، وله كتاب «التبيين في أنساب القرشيين» وكتاب «الاستنصار في أنساب الأنصار» وصنف في الفقه كتاب «المغني» في سبع مجلدات بخطه، وكتاب «الكافي» مجلدان، وكتاب «المقنع» مجلد، وكتاب «العمدة» مجلد لطيف، و«مختصر الهداية» مجلد، وله كتاب «الروضة» في أصول الفقه، وكتاب(1/315)
«قنعة الأديب في تفسير الغريب» ومقدمتان في الفرائض، وغير ذلك.
كان رحمه الله إماماً في الفقه، والخلاف، والفرائض، والجبر، والحساب، والنحو، والنجوم السيارة، له فيها نظم حسن. وكان شديد الحلم، والتواضع، حسن الأخلاق والشيم، ذا رأي ومعرفة، قليل الاهتمام بالدنيا، مفوضاً أمره إلى الله تعالى، كثير التعبد حسنه، ذا كرامات ظاهرة كثيرة، فلذلك نفع الله به الخلق في حياته، واتصل النفع به بعد موته بتصانيفه، بحيث لا يكاد يستغني عنها أحد من أهل مذهبه، وله شعر حسن. وقال شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله روحه: ما حل بالشام بعد الأوزاعي أفقه من الموفق، توفي رحمه الله تعالى يوم السبت وهو يوم عيد الفطر بدمشق، ودفن يوم الأحد من سنة 026 عشرين وستمائة بجبل قاسيون تحت المغارة المعروفة بـ «مغابة توبة» وكان الخلق لا يحصي عددهم إلا الله تعالى، وقبره مشهور يزار، رحمه الله تعالى ورضي عنه.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
حرف الألف
آدم ـ عليه السلام ـ
آدم ـ عليه السلام ـ ذكر في باب القرض «إلا نبي آدم والجواهر» وهو أبو البشر أول نبي أُرسل إلى أهل الأرض، خلقه الله تعالى بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته، وزوجه حواء أَمته، ونهاه عن أكل الشجرة فخالف وأكلها بوسوسة اللعين إبليس هو وحواء، فتساقط عنهما لباسهما، وبدت لهما سوآتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة. وفي ذلك يقول بعض شعراء العرب:
فظلا يخيطان الوراق عليهما
بأيديهما من أكل شر طعام
{وناداهما رَبُّهما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُما الشَّجَرة وَأَقُلْ لَكُما إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبين. قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِين} [الأعراف: 22/ 32].(1/316)
فأهبطا من الجنة إلى السماء، ثم أهبطا من السماء إلى الأرض، ولذلك كرر {اهبطوا منها} في البقرة مرتين، فالضمير في «منها» الأولى للجنة، وفي الثانية للسماء. وقيل: إن آدم أهبط بأرض الهند فمكث زمناً طويلاً لا يرفع رأسه حياءً من الله تعالى، عاش ألف سنة، وكان قد وهب لابنه داود النبي أربعين سنة، فلما مضى له تسعمائة وستون سنة، جاءه ملك الموت ليقبض روحه، فقال: بقي لي أربعون سنة، فقال: أوليس قد وهبتها لولدك داود؟ فأنكر، فأنكرت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، صلاة الله عليه وسلامه.
إبراهيم الخليل صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم
ذكر في التشهد، فلذلك ذكر به.
هو إبراهيم بن تارخ، وهو آزر، وبقيه نسبه مستقصى في نسب النبي ، وهو خليل الرحمن عزّوجل. قال الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} [النساء: 521] والخليل: الصديق، فعيل بمعنى مفاعل، من الخلة بضم الخاء، وهي الصداقة التي تخللت القلب فصارت خلاله، أي: باطنه، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول من الخلة، أي: الحاجة.
قال زهير:
وإن أتاه خليل يوم مسألة
يقول لا غائب مالي ولا حَرِم
أي: صاحب خلة، والأول أحسن وأكثر. وإبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، أول من أضاف الضيف، وأول من ثرد الثريد، وأول من قص شاربه، واستحد، واختتن، وقلم أظفاره، واستاك، وفرق شعره، وتمضمض، واستنشق، واستنجى بالماء، وأول من شاب وهو ابن مائة وخمسين سنة، نقله ابن قتيبة عن وهب بن منبه ـ رضى الله عنه ـ ما.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417(1/317)
قال: وعاش إبراهيم مائة سنة وخمساً وسبعين سنة. وقيل: عاش مائتي سنة، وكان بينه وبين نوح ألفا سنة، ومائتا سنة، وأربعون سنة، وكان بين موت آدم إلى غرق الأرض ألفا سنة، ومائتا سنة، واثنان وأربعون سنة. وابراهيم لا ينصرف للعجمة والعلمية، وفيه ست لغات: ابراهيم، وإبراهام، وإبراهوم، وابرهم بغير ياء بفتح الهاء وكسرها وضمها، نقلها الامام أبو عبدالله محمد بن مالك ونظمها في بيت فقال:
تثليثهم هاء إبراهيم صح بقصـ
ـرٍ أو بمد ووجها الضم قد غربا
ابن شاقلا
هو ابراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا، أبو اسحاق البزاز، جليل القدر، كثير الرواية، حسن الكلام في الأصول والفروع. سمع من أبي بكر الشافعي، وأبي بكر أحمد بن آدم الوّراق، ودعلج، وعبد العزيز بن محمد اللؤلؤي، وابن مالك، وابن الصواف، وأبي عبدالله الحسين بن علي بن محمد المخرمي. وروى عنه أبو حفص العكبري، وأحمد بن عثمان؛ وعبد العزيز غلام الزجاج، وكانت له حلقتان. إحداهما بجامع المنصور، والأخرى بجامع القصر، وحج سنة تسع وأربعين، ومات سنة 963 تسع وستين وثلاثمائة سلخ جمادى الآخرة، وقيل: مستهل رجب. وكان سنة يوم مات أربعاً وخمسين سنة، وغسله أبو الحسن التميمي، وكان له ابنان: حسن، وعلي. وشاقلا بالشين المعجمة، والقاف الساكنة بعد الألف، وآخره ألف ساكنة، هكذا قيدناه عن بعض شيوخنا، وكذا سمعته من غير واحد منهم. والله أعلم.
الخلال(1/318)
هو أحمد بن محمد بن هارون: المعروف بالخلال، له التصانيف الدائرة، والكتب السائرة، من ذلك «الجامع» و«العلل» و«السنة» و«العلم» و«الطبقات» و«تفسير الغريب» و«الأدب» و«أخلاق أحمد»، وغير ذلك. سمع الحسن ابن عرفة، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عوف الحمصي، وطبقته، وصحب أبا بكر المرُّوذي إلى أن مات، وسمع جماعة من أصحاب الامام أَحمد، منهم صالح وعبدالله ابناه، وابراهيم الحربي، والميموني، وبدر المغازلي، وأبو يحيى الناقد، وحنبل، والقاضي البرني، وحرب الكرماني، وأبو زرعة، وخلق سواهم. سمع منهم «مسائل أحمد» ورجل إلى أقاصي البلاد في جمعها وسماعها ممن سمعها من الامام أحمد، وممن سمعها ممن سمعها منه، وشهد له شيوخ المذهب بالفضل والتقدم. حدث عنه جماعة، منهم أبو بكر عبد العزيز، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن يوسف الصيرفي، وكانت له حلقة بجامع المهدي، ومات يوم الجمعة لليلتين خلتا من شهر ربيع الآخر سنة 113 إحدى عشرة وثلاثمائة، ودفن إلى جنب قبر المرّوزي عند رِجل الامام أحمد ـ رضى الله عنه ـ ما.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
حرف التاء
تغلب(1/319)
تغلب ذكر في «أحكام الذمة» وهو علم منقول من تغلب مضارع غلبت، ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وبنو تغلب هم بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر ـ رضى الله عنه ـ إلى بذل الجزية، فأبوا، وأنفوا وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين إن القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم، فردهم وضعَّف عليهم من الابل من كل خمس شاتين. ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين ديناراً ديناراً، ومن كل مائتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقي بنضح أو غرب أو دلاب العشر، ولم يخالَف عمر، فصار إجماعاً.
حرف الحاء
الحجاج
الحجاج ذكر في كتاب الأيمان وهو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل ابن مسعود بن عامر بن معتّب بن مالك بن كعب من الأحلاف يكنى أبا محمد كان أخفش، دقيق الصوت، وأول الولاية وليها «تبالة» بفتح التاء، ثم ولاه عبد الملك بن مروان قتال ابن الزبير، فحاصره فقتله وأخرجه فصلبه، فولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين، ثم ولاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين، فوليها عشرين سنة، فذلل أهلها. وروى ابن قتيبة عن عمر أنه قال: يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق، فإن الشيطان قد باض فيهم وفرَّخ، اللهم عجل لهم الثقفي الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم. مات بواسط ودفن بها، وعفي قبره، وأُجري عليه الماء، وكانت وفاته سنة تسعين، رضي الله عن موتى المسلمين.
الحسن بن حامد(1/320)
هو الحسن بن حامد بن علي بن مروان أبو عبدالله البغدادي أمام الحنابلة في زمانه، ومدرسهم ومفتيهم، له المصنفات في العلوم المختلفات، له «الجامع» في المذهب نحواً من أربعمائة جزء، وله شرح «الخرقي» وشرح «أُصول الدين» و«أصول الفقه». سمع أبا بكر بن مالك، وأبا بكر الشافعي، وأبا بكر النجاد، وأبا علي الصواف، وأحمد بن سلم الخُتَّلي. ومن أصحابه القاضي أبو يعلى، وأبو اسحاق وأبو العباس البرمكيان، وأبو طائر ابن القطان، وأبو عبدالله بن الفقاعي، وأبو عبدالله المزرقي، وأبو طالب بن العشاوي، وأبو بكر بن الخياط. وله المقام المشهود في الأيام القادرية، ناظر أبا حامد الاسفراييني في وجوب الصيام ليلة الاغمام في دار الامام القادر بالله، بحيث يسمع الخليفة للكلام فخرجت الجائزة السنية له من أمير المؤمنين، فردها مع حاجته إلى بعضها، فضلاً عن جميعها تعففاً وتنزهاً. روي أنه كان يتبدىء في مجلسه باقراء القرآن، ثم بالتدريس، ثم ينسخ بيده، ويقتات من أجرته، فسمي: الوراق من أجل ذلك، وأنه كان في كثير من أوقاته إذا اشتهت نفسه الباقلاء، لم يأكل معه دهناً، وإذا كان دهن لم يجمع بينه وبين الباقلاء. وكان رحمه الله كثير الحج، فعوتب في ذلك لكبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف يخرج مع الدراهم الجيدة. حكي أن إنساناً جاءه بقليل ماء وهو مستند إلى حجر، وقد أشرف على التلف، فأومأ إلى الجائي له بالماء: من أين هو؟ وإيش وجهه؟ فقال له: هذا وقته؟! فأومأ: أن نعم، عند لقاء الله عزّوجل أحتاج أن أدري ما وجهه؟ أو كما قال.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
وتوفي راجعاً من مكة بقرب «واقصة» سنة 304 ثلاث وأربعمائة رحمه الله.
الحسن بن عبدالله النجاد
هو الحسن بن عبدالله أبو علي النجاد كان فقيهاً معظماً إماماً في أُصول الدين وفروعه.
صحب من شيوخ المذهب أبا الحسن بن بشار، وأبا محمد البربهاري، ومن في طبقتهما.(1/321)
صحبه جماعة: أبو حفص البرمكي، وأبو حفص العكبري، وأبو الحسن الخرزي، وابن حامد، وغيرهم، ـ رضى الله عنه ـ م.
ومن أصحابنا من الطبقة الثانية: أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد. روى عن عبدالله بن أحمد، وأبي داود، وجمع العلم والزهد، وكان له حلقة بجامع المنصور، يفتي قبل الصلاة، ويملي الحديث بعدها، وصنف كتاب «الخلاف» نحو مائتي جزء، قاله ابن الجوزي.
وقال الخطيب: جمع «المسند» وصنف «السنن» كتاباً كبيراً.
روى عنه الدارقطني توفي سنة 843 ثمان وأربعين وثلاثمائة، ـ رضى الله عنه ـ .
حنبل بن إسحاق
هو حنبل بن إسحاق، أبو علي الشيباني ابن عم الامام أحمد.
سمع أبا نعيم الفضيل بن دكين، وأبا غسان مالك بن اسماعيل، وعفان بن مسلم، وسعيد بن سليمان، وعامر بن الفضل، وسليمان بن حرب، والامام أحمد في آخرين.
حدث عنه ابنه عبيدالله. وقيل: عبدالله، وعبدالله البغوي، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر الخلاف، وغيره. ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، فقال: كان ثقة ثبتاً.
وقال الدارقطني: كان صدوقاً. وذكره الخلال فقال: قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وإذا نظرت في مسائله، شبهتها في حسنها وجودتها وإشباعها بمسائل الأثرم.
وكان رجلاً فقيراً، خرج إلى «عكبرا» فقرأ مسائله عليهم. روينا بالاسناد إلى حنبل بن اسحاق قال: جمعنا عمي، لي، ولصالح، ولعبدالله، وقرأ علينا «المسند» وما سمعه منه ـ يعني تاماً ـ غيرنا. وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من تسعمائة وخمسين ألفاً، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه، وإلا فليس بحجة.(1/322)
وعن بعض الشيوخ بعكبرا قال: حضرنا عند حنبل بان إسحاق حين قدم عكبرا، فنزل بعكبرا، فلما اجتمع إليه أصحاب الحديث قال لهم: اكترينا هذه الغرفة لنسكنها، فإذا كثر الناس خشينا أن تُضَرَّ، فإذا اجتمعتم خرجنا إلى المسجد. وتوفي بواسط في جمادى الأولى سنة 372 ثلاث وسبعين ومائتين رحمه الله تعالى.
حرف الدال
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
داود ـ عليه السلام ـ
هو داود النبي ـ عليه السلام ـ ذكر في «صوم التطوع» وهو أبو سليمان، داود ابن إيشا، وهو سابع سبعة إخوة، وهو أصغرهم، وكان يرعى على أبيه، وكان فيه قصر، وزرق، وقرع في ناحية من رأسه، وكان تزوج بنت طالوت، أنزل عليه الزبور في ست ليال.
وعن النبي أنه كان إذا ذكر داود قال: «أعبد البشر، وكان لا يأكل إلا من عمل يده».
ومات فجأة يوم السبت، وقيل: يوم الأربعاء، وهو ابن مائة سنة. وعن وهب قال: شهد جنازته أربعون ألف راهب سوى غيرهم من الناس، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسى ـ عليه السلام ـ نبي كانت بنو إسرائيل أشد جزعاً عليه منهم على داود ـ عليه السلام ـ .
حزف الزاي
زيد بن ثابت
هو زيد بن ثابت ذكره في قوله «مختصرة زيد» و«تسعينية زيد» وهو زيد بن ثابت بن الضحاك، بن زيد، بن لوذان، بن عمرو، بن عبد عوف، ابن غنم، بن مالك، بن النجار الأنصاري، يكنى أبا سعيد. وقيل: أبا خارجة، أخو يزيد بن ثابت لأبيه وأُمه، كان يكتب الوحي للنبي .
روى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان.(1/323)
روى عنه من الصحابة، عبدالله بن عمر، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وعبدالله بن يزيد الخطمي، وسهل ابن أبي حثمة، وسهل بن سعد الساعدي، وسهل بن حنيف، وأبو سعيد الخدري، ومن التابعين خلق كثير. وكان كاتباً لعمر ابن الخطاب، وكان يستخلفه إذا حج، وكان معه لما قدم الشام، وخطب بالجابية عند خروجه لفتح بيت المقدس، وتولى قسمة غنائم اليرموك، ومات بالمدينة سنة 45 أربع وخمسين. وقيل: سنة 04 أربعين، وقيل: خمس وأربعين، وقيل غير ذلك، ـ رضى الله عنه ـ وعن سائر الصحابة.
حرف الشين
شيبة
شيبة ذكر في «دخول مكة» في قوله «باب بني شيبة» فشيبة هو ابن عثمان، بن طلحة، بن أبي طلحة عبدالله بن أبي عبد العزي، بن عثمان، بن عبدالدار، بن قصي. هاجر أبوه عثمان إلى النبي في الهدنة، ورفع إليه مفتاح الكعبة، وقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة. كذا ذكره ابن مندة، وذكر الأزرقي أن باب بني شيبة، هو باب بني عبد شمس بن عبد مناف، وبهم كان يعرف بالجاهلية والاسلام عند أهل مكة، فيه اسطوانتان، وعليه ثلاث طاقات.
حرف الصاد
صخر بن حرب
هو صخر بن حرب بن عبد شمس، بن عبد مناف، بن قصي، القرشي الأموي المكي، يكنى أبا سفيان.
أسلم زمن الفتح، ولقى النبي بالطريق قبل دخول مكة، وشهد حنيناً، وأعطاه النبي من غنائمها مائة بعير، وأربعين أوقية، وشهد الطائف واليرموك، نزل بالمدينة، ومات بها سنة 13 إحدى وثلاثين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة رحمه الله تعالى، ذكر في «كتاب النفقات».
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
حرف العين
عبد الله بن عباس
عبد الله بن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما ذكر في «الرضاع».
وهو أبو العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم النبي كان يقال له: البحر، والحبر، لكثرة علمه، دعا له النبي بالحكمة مرتين.(1/324)
وقال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن عبدالله بن عباس. ولد في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات النبي وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وقيل: خمس عشرة، وصوبه الإمام أحمد بن حنبل. ومات بالطائف سنة ثمان وستين، وقيل: سنة تسع وستين، وقيل: سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية ـ رضى الله عنه ـ ما.
عبد العزيز بن جعفر
هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد، بن يزداد، بن معروف، أبو بكر المعروف بغلام الخلال.
حدث عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هرون، ومحمد بن الفضل الوصيفي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب البصري، وعلي بن طيفور النسوي، وجعفر الفريابي، ومحمد بن محمد الباغندي، والحسين بن عبدالله الخرقي، وأبي القاسم البغوي، وآخرين.
حدث عنه أحمد بن علي بن عثمان بن الجنيد الخطي، وأبو إسحاق بن شاقلا، وأبو عبدالله بن بطة، وأبو الحسن التميمي، وأبو حفص البرمكي، والعكبري، وأبو عبدالله بن حامد.
كان عبد العزيز أحد أهل الفهم، موثوقاً به في العلم، متسع الرواية، مشهوراً بالديانة، موصوفاً بالأمانة، مذكوراً بالعبادة.
له المصنفات في العلوم المختلفات «الشافي» و«المقنع» و«تفسير القرآن» و«الخلاف» مع الشافعي و«كتاب القولي» و«زاد المسافر» و«التنبيه» وغيره ذلك.(1/325)
وذكره القاضي الامام أبو يعلى فقال: كان ذا دِينٍ، وأخا وَرَعٍ، علاَّمة، بارعاً في علم مذهب أحمد، وذكر تصانيفه، وتعظيمه في النفوس، وكان له قدم راسخ في تفسير القرآن ومعرفة معانيه. روي أن رافضياً سأله عن قوله تعالى: {والذي جاء بالصِّدقِ وَصَدَّقَ به} [الزمر: 33] من هو؟ فقال: أبو بكر الصدِّيق، فرد عليه وقال: بل هو علي، فهم به الأصحاب، فقال: دعوه، ثم قال: اقرأ ما بعدها {لهُمْ مَا يَشَاؤُونَ عِنْدَ رَبِّهِم ذَلِكَ جَزَاءُ المُحْسِنِين. لِيُكَفِّر الله عنهم أَسْوأَ الِّذي عَمِلُوا} [الزمر: 43 ـ 53] وهذا يقتضي أن يكون هذا المصدق له سيئات سبقت، وعلى قولك أيها السائل لم يكن لعليٍّ سيئات، فقطعه. وهذا استناط حسن لا يعقله إلا العلماء، فدل على علمه، وحلمه، وحسن خلقه، فإنه لم يقابل السائل على جفائه، وعدل إلى العلم. توفي يوم الجمعة بعد الصلاة لعشر بقين من شوال سنة 363 ثلاث وستين وثلاثمائة. روي عنه أنه قال: أنا عندكم إلى يوم الجمعة وذلك في علته، فقيل له: يعافيك الله أو كلاماً هذا معناه، فقال: سمعت أبا بكر الخلال يقول: سمعت أبا بكر المروذي يقول: عاش أحمد ابن حنبل ثمانياً وسبعين سنة ومات يوم الجمعة، ودفن بعد الصلاة، وعاش أبو بكر المروذي ثمانياً وسبعين سنة، ومات يوم الجمعة، ودفن بعد الصلاة، وعاش أبو بكر الخلال ثمانياً وسبعين سنة، ومات يوم الجمعة، ودفن بعد الصلاة، وأنا عندكم إلى يوم الجمعة، ولي ثمان وسبعون سنة، فلما كان يوم الجمعة، مات، ودفن بعد الصلاة رحمه الله، وكان يوماً عظيماً لكثرة الجمع.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
عبد العزيز التميمي
هو عبد العزيز بن اسماعيل، بن الحارث، بن أسد، أبو الحسن التميمي.(1/326)
حدث عن أبي بكر النيسابوري، ونفطويه، والقاضي المحاملي، وغيرهم، وصحب أبا القاسم الخرقي، وأبا بكر عبد العزيز. وصنف في الفروع، والأصول، والفرائض، صحبه القاضيان أبو علي بن أبي موسى، وأبو الحسن بن هرمز، وكان له أولاد: أبو الفضل، وأبو الفرج، وغيرهما. وقيل: إنه حج ثلاثاً وعشرين حجة، ومولده سنة 713 سبع عشرة وثلاثمائة، وتوفي في ذي القعدة 173 إحدى وسبعين وثلاثمائة ـ رضى الله عنه ـ وأرضاه.
عبيد الله بن بطة
هو عبيدالله بن محمد بن محمد بن أحمد بن حمدان، بن عمر بن عيسى، بن إبراهيم، بن سعد، بن عتبة، بن فرقد، صاحب رسول الله . أبو عبدالله العكبري المعروف بابن بطة.
سمع أبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وإسماعيل بن العباس الورَّاق، وأبا بكر النيسابوري، وأبا طالب أحمد بن نصر الحافظ، ومحمد بن محمود السراج، ومحمد بن مخلد العطار، ومحمد بن ثابت العكبري، وأبا القاسم الخرقي، وأبا بكر عبد العزيز، وغيرهم من العلماء، فإنه سافر الكثير إلى مكة، والثغور، والبصرة، وغير ذلك من البلاد.
وصحبه جماعة من مشايخ المذهب، أبو حفص العكبري، والبرمكي، وأبو عبدالله بن حامد، وابن شهاب، وأبو إسحاق البرمكي في آخرين. ولما رجع ابن بطة من الرحلة لازم بيته أربعين سنة، فلم يُر في سوق، ولا رؤي مفطراً إلا في يوم الفطر، والأضخى، وأيام التشريق.
قال الحافظ أبو بكر الخطيب: حدثني عبد الواحد بن علي العكبري قال: لم أر في شيوخ أصحاب الحديث، ولا في غيرهم أحسن هيئة من ابن بطة، وكان آمراً بالمعروف، ولم يبلغه منكر إلا غَيَّرَه.
وعن أبي علي بن شهاب قال: سمعت أبا عبدالله بن بطة يقول: أَسْتَعْمِلُ عِنْدَ منامي أربعين حديثاً رُوِيَتْ عن رسول الله .
وروي أنه كان وصف له ترك العَشَاءِ، فكان يجعل عشاءَهُ قبل الفجر بيسير، ولا ينام حتى يصبح، وكان عالماً بمنازل الفجر والقمر.(1/327)
ومن مصنفاته كتاب «الابانة الكبير» و«الابانة الصغير» و«السنن» و«المناسك« و«الامام ضامن» و«الانكار على من قص بكتب الصحف الأولى» و«الانكار على من أخذ القراءات من المصحف» و«النهي عن صلاة النافلة بعد العصر وبعد الفجر» و«تحريم النميمة» و«صلاة الجماعة» و«منع الخروج من المسجد بعد الأذان» و«الاقامة لغير حاجة» و«إيجاب الصداق بالخلوة» و«فضل المؤمن» و«الرد على من قال: الطلاق الثلاث لا يقع» و«ذم البخل» و«تحريم الخمر» و«ذم الغناء والاستماع إليه» و«التفرد والعزلة» وغير ذلك وقيل: إنها تزيد على مائة مصنف.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
قال القاضي أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى: وجدت بخط أبي قال: اجتاز الشيخ أبو عبدالله بن بطة بالأحنف العكبري، فقام له، فشق ذلك عليه، فأنشأ يقول:
لا تَلُمْنِي على الفِيام فَحَقِّي
حين تبدو أن لا أملَّ القياما
أَنْتَ مِنْ أكرم الَبِريَّةِ عِنْدي
وَمِنَ الحَقِّ أَنْ أجِلَّ الْكِراما
فقال ابن بطة لابن شهاب: تكلف له جواب هذه فقال:
أَنْتَ إنْ كنتَ لا عَدِمْتُكَ تَرعَى
لِيَ حقاً وتُظْهِر الا عظاما
فَلَكَ الفَضْلُ في التَّقَدّم والعِلْـ
ـمِ وَلَسْنَا نُحِبُّ منكَ احْتِشاما
فَاعْفِني الآنَ مِنْ قِيامِكَ أَوْلا
فَسَأجْزِيكَ بالقيام القياما
وَأَنا كارهٌ لذلك جِدّاً
إنَّ فِيهِ تَمَلُّقاً وَأَثاما
لا تُكَلِّفْ أَخَاكَ أَنْ يَتَلَقَّا
كَ بِما يَسْتَحِلُّ فِيهِ الحَرَامَا
وَإذا صَحَّتِ الضَّمائِرُ مِنَّا
إكْتَفَيْنا أَنْ نُتْعِبَ الأجساما
كُلُّنا واثِقٌ بِوُدِّ مصا
فيه ففيم انزعاجنا وعلاما؟
توفي أبو عبدالله بن بطة رحمه الله يوم عاشوراء سنة 783 سبع وثمانين وثلاثمائة، ورثاه تلميذه أبو الحسن بن شهاب، بن الحسن، بن علي، بن شهاب العكبري فقال:
هَيْهَاتَ لَيْسَ إلى السُّلُوِّ سَبِيْلُ
فلْيَكْتَنِفْك تَفَجُّعٌ وَعَوِيلُ(1/328)
مَوْتُ ابنِ بَطَّةَ ثُلْمَةٌ لا يُرْتَجَى
لِمَسَدِّها شَكْلٌ لَهُ وعَدِيلُ
فَمَضَى فَقيدَاً مَالَهُ مُلَفٌ وَلاَ
مِنْهُ وَإنْ طَالَ الزَّمانُ عَدِيلُ
أَمَّا المَحَاسِنُ بَعْدهُ فَدَوارِسٌ
والعِلْمُ رَبْعٌ مُقْفِرٌ وَطُلُولُ
أَمَّا القُبُورُ فَهُنَّ منه أَوانِسٌ
بِحُلُوله وَعَلَى الدِّيارِ نُحُول
مَنْ لِلْخُصُومِ اللُّدِّ إن هم شغبوا
وعنَاهُمْ التَّمْوِيهُ والتَّأوِيل
من لِلْقُرانِ وكَشْفِ مُشْكِلِ آيِهِ
حَتَّى يقوم عليه منك دليل
مَنْ للحديث وحِفْظِهِ بِرِواية
مِنْقولَةٍ إسنادُها مَنْقُول
يا ليتَ شِعري عَنْ لسان كانَ كالسَّـ
ـيْف الصَّقِيلِ وَلَيسَ فيه فُلُولُ
مات الذي آثارُهُ وعُلُومُه
مدْروسَةٌ مَسْطورُها منْقُولُ
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
الشيخ ماتَ أَمِ البسيطةُ زُلزِلتْ
أم صارَ في البدر المنير أُفُول
مَنْ للفرائض في عَويصِ حِسَابِها
في الجَدِّ أو في الرَّدِّ حيثُ تعول
مَنْ للشروط وحفظِ حكمِ فروعِها
إن أُحكمت قبل الفروع أصول
مَنْ فِعلُهُ الثَّبْتُ السديد موافق
للقول مِنْهُ حيثُ صارَ يقول
هَيْهات أَنْ يأتي الزمانُ بمثله
إنَّ الزمانع بمثله لبخيل
الله حَسْبي بعده وهو الذي
في كلِّ ما أرجوه منه وكيل
وبطة بفتح الباء والطاء المشددة، وأما بُطة بضم الباء، فأبو علي الحسن بن بطة، بن سعد، بن عبدالله الزعفراني. وأبو عبدالله محمد بن يحيى، بن مندة، واسمه: ابراهيم بن الوليد، بن سندة، بن بطة، بن اسبندار، ومن ذريته أحمد بن بطة الأصبهاني، وولده أبو عبدالله محمد بن بطة.
عثمان بن عفان(1/329)
هو عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ ابن أبي العاص، بن أُمية، بن عبد شمس، ابن عبد مناف، يلتقي مع رسول الله في الأب الرابع. وهو عبد مناف، وأُمه: أروى بنت كُرَيز بضم الكاف وفتح الراء بن ربيعة، ابن حبيب، بن عبد شمس، وأمها: أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله . أسلم قديماً وهاجر الهجرتين. وتزوج ابنة رسول الله رقية فماتت، فتزوج أم كلثوم فماتت عنده أيضاً.
ولد بعد عام الفيل بست سنين، وقتل يوم الجمعة بعد العصر لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة 53 خمس وثلاثين، وهو ابن تسعين سنة، وقيل: ثمان وثمانين. وقيل: اثنتين وثمانين. وصلى عليه جبير بن مطعم. ولي الخلافة اثنتي عشرة سنة ـ رضى الله عنه ـ ، ذكر في مقادير الديات.
علي بن حمزة
هو علي بن حمزة أبو الحسن الأسدي الكسائي النحوي الكوفي، ثم البغدادي، أحد الأئمة القراء، كان يعلِّم الرشيد، ثم الأمين بعده، قرأ على حمزة الزيات، وأقرأ بقراءاته ببغداد زماناً، ثم اختار لنفسه قراءات فأقرأ بها. قرأ عليه خلق كثير ببغداد والرقة وغيرهما. وصنف «معاني القرآن» و«الآثار» في القرآن. سمع سليمان ابن أرقم، وأبا بكر بن عياش، ومحمد بن عبيدالله العرزمي، وسفيان بن عيينة. روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو تربة ميمون بن حفص، وغيرهما، وتوفي سنة 981 تسع وثمانين ومائة، وله مناقب ومآثر ليس هذا موضعها. ذكره في جزاء الصيد.
علي بن أبي طالب
علي بن أبي طالب ـ رضى الله عنه ـ مذكور في حديث الزبية، وهو علي بن أبي طالب واسمه: عبد مناف بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، أبو الحسن، كناه النبي أبا تراب، وأُمه فاطمة بنت أسد، بن هاشم، بن عبد مناف، وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً. أسلمت وهاجرت إلى المدينة مع رسول الله د وتوفيت في حياة رسول الله . وصلى عليها، ونزل قبرها، شهد بدراً والمشاهد إلا تبوك.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417(1/330)
روى عنه ابناه الحسن والحسين، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عمر، وأبو موسى، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن جعفر، وأبو سعيد الخدري، وصهيب، وزيد بن أرقم، وجابر، وأبو أمامة، وأبو هريرة، وحذيفة بن أسيد، وجابر بن سمرة، وعمرو بن حريث، والبراء بن عازب، وطارق بن شهاب، وطارق ابن أشيم، وعبد الرحمن بن أبزى، وأبو جحيفة، وخلق سواهم من الصحابة والتابعين.
ولي الخلافة أربع سنين وسبعة أشهر وأياماً مختلفاً فيها، وقيل غير ذلك، وقتل ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة بقيت من رمضان، سنة أربعين، عام المجاعة، وله ثلاث وستون، وقيل: أربع وستون، وقيل: خمس وستون، وقيل: ثمان وخمسون، وقيل: سبع وخمسون ـ رضى الله عنه ـ .
علي بن عقيل
هو علي بن عقيل بن محمد، بن عقيل ـ بفتح العين فيهما ـ البغدادي، انتهت إليه الرئاسة في الأصول والفروع، وله الخاطر العاطر، والفهم الثاقب، واللباقة، والفطنة البغدادية، والتبريز في المناظرة على الأقران، والتصانيف الكبار، ومن طالع مصنفاته، أو قرأ شيئاً من خواطره وواقعاته في كتابه المسمى بـ «الفنون» وهو مائتا مجلد، عرف مقدار الرجل. سمع أبا بكر بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا محمد الجوهري، والفاصي أبا يعلى، وغيرهم.
مولده سنة 034 ثلاثين وأربعمائة، وتوفي سنة 315 ثلاث عشرة وخمسمائة.
له مؤلفات كثيرة في أُصول الدين، والفقه، والفروع، منها «الكفاية في أصول الدين» و«الواضح» في أصول الفقه، ثلاث مجلدات و«كفاية المفتي» في الفقه سبع مجلدات كبار، وكتاب «التذكرة» و«رؤوس المسائل» و«الارشاد» في أصول الدين، وغير ذلك، نشأ ببغداد، ومات بها، ـ رضى الله عنه ـ ، ودفن بمقبرة الامام أحمد رحمه الله.
عمر بن الحسين
هو عمر بن الحسين بن عبدالله بن أحمد أبو القاسم الخرقي.(1/331)
قرأ العلم على من قرأه على أبي بكر المروذي، وحرب الكرماني، وصالح وعبدالله ابني الامام أحمد، له المصنفات الكثيرة في المذهب، لم ينتشر منها إلا هذا المختصر في الفقه، لأنه خرج عن مدينة السلام لما ظهر بها سب الصحابة رضوان الله عليهم، وأودع كتبه في دار سليمان، فاحترقت الدار التي كانت فيها، ولم تكن انتشرت لبعده عن البلد.
قرأ عليه جماعة من شيوخ المذهب، منهم أبو عبدالله بن بطة، وأبو الحسن التميمي، وأبو الحسن بن سمعون، وغيرهم. وانتفع بهذا المختصر خلق كثير، وجعل الله له موقعاً في القلوب، حتى شرحه من شيوخ المذهب جماعة من المتقدمين والمتأخرين، كالقاضي أبي يعلى وغيره، وآخر من شرحه الامام موفق الدين أبو محمد المقدسي في كتاب «المغني» المشهور الذي لم يُسبق إلى مثله، فكل من انتفع بشيء من شروح الخرقي، فللخرقي من ذلك نصيب من الأجر، إذ كان الأصل في ذلك. خالفه أبو بكر عبد العزيز في ثمان وتسعين مسألة يطول ذكرها، وتوفي سنة 433 أربع ثلاثين وثلاثمائة، ودفن بدمشق رحمه الله تعالى. والخرقي بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء المهملة آخره قاف، نسبة إلى بيع الخرق، كذا ذكره السمعاني. والخرقي بفتح الخاء والراء، نسبة إلى خرق قرية كبيرة تقارب مرو، وممن نسب إليها أبو قابوس محمد بن موسى، وعبد الرحمن بن بشير، ومحمد بن عبيدالله أبو مذعور. والله أعلم.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
عمر بن ابراهيم العكبري
هو عمر بن إبراهيم بن عبدالله أبو حفص العكبري، يعرف بابن المسلم، كان له في المذهب المعرفة العالية، والتصانيف السائرة «المقنع» و«شرح الخرقي» و«الخلاف بين الامامين» أحمد ومالك، وغيره ذلك من المصنفات.(1/332)
سمع من أبي علي الصواف، وأبي بكر النجاد، وأبي محمد بن موسى، وأبي عمرو بن السماك، ودعلج بن أحمد، ودخل إلى الكوفة، والبصرة، وغيرهما من البلدان، وسمع من شيوخها، وسمع عمر بن بدر المغازلي، وأبا بكر عبد العزيز، وأبا إسحاق بن شاقلا، وأكثر ملازمة ابن بطة. له الاختيارات في المسائل المشكلات، منها أن كل سنَّة سنها رسول الله لأمته فبأمر الله تعالى.
ويحتج على ذلك بقوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى} [النجم: 3] واختار ابن بطة، والقاضي أنه كان لرسول الله في أمر الشرع الاجتهاد، واحتجا على ذلك بعموم قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: 951] وبمعاتبة الله تعالى له في أسارى بدر، وفي إذنه في غزوة تبوك للمتخلفين بالعذر حتى تخلف من لا عذر له، فقال تعالى: {عفا الله عنك} [التوبة: 34] الآية. قال أبو حفص: المواضع التي يستحب تخفيف الركعتين فيها: ركعتا الفجر، وافتتاح قيام الليل، والطواف، وتحية المسجد، والركعتان والامام يخطب، فتلك خمسة مواضع. توفي أبو حفص رحمه الله يوم الخميس ضحوةً لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فهذا أبو حفص صاحب الاختيارات والأقوال.
عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ ، ذكر في باب الشروط في البيع.
وهو أبو حفص عمر بن الخطاب، بن نفيل، بن عبد العزى، بن رياح ـ بكسر الراء بعدها ياء مثناة تحت ـ بن قرط، بن رزاح بفتح الراء بعدها زاي، ابن عدي، بن كعب، بن لؤي، بن غالب. يلتقي مع رسول الله في كعب بن لؤي، وأمه حنتمة بنت هاشم، وقيل: بنت هشام بن المغيرة، بن عبد الله، بن عمرو، بن مخزوم. أسلم بمكة وشهد المشاهد كلها مع رسول الله .(1/333)
روى عنه جماعة كثيرة من الصحابة والتابعين، ولي الخلافة عشر سنين وخمسة أشهر، وقتل يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة، وقيل: لثلاث بقين منه سنة ثلاث وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، سن رسول الله وأبي بكر وفي سنه اختلاف هذا أصحه، ودفن مع رسول الله في بيت عائشة، وصلى عليه صهيب بن سنان الرومي ـ رضى الله عنه ـ م أجمعين.
أبو حفص العكبري
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
ومن أصحابنا أبو حفص العكبري، وهو عمر بن محمد بن رجاء.
حدث عن عبدالله بن أحمد وغيره، وكان رجلاً صالحاً شديداً في السنة لا يكلِّم من يكلم رافضياً إلى عشرة. روى عنه جماعة، منهم ابن بطة، توفي سنة 733 سبع وثلاثين وثلاثمائة. والعكبري: منسوب إلى عكبري، وهي بليدة على نحو عشرة فراسخ من بغداد بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه، مقصور.
أبو حفص البرمكي
ومن أصحابنا أيضاً أبو حفص البرمكي، وهو عمر بن أحمد بن إبراهيم، كان من الفقهاء الأعيان النساك الزهاد، ذو الفتيا الواسعة، والتصانيف النافعة. حدث عن ابن مالك، والصواف، والحطبي في آخرين. صحب النجاد، وأبا بكر عبد العزيز، وعمر بن بدر المغازلي. توفي في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، ودفن بمقبرة الامام أحمد، رحمه الله.
عمران بن حصين
عمران بن حصين ـ رضى الله عنه ـ ما، ذكره في أول «صلاة أهل الأعذار.
وهو أبو نجَيْد، عمران بن حصين، بن عبيد بن خلف بن عبد نهم بن سالم ابن غاضرة الخزاعي.
ىسلم هو وأبو هريرة ـ رضى الله عنه ـ ما عام خيبر، روى عنه جماعة من التابعين، نزل البصرة، وكان قاضياً بها، استقضاه عبدالله بن عامر، فأقام أياماً، ثم استعفاه فأعفاه، ومات بها سنة اثنتين وخمسين، واختلف في إسلام أبيه وصحبته، والصحيح أنه أسلم. وروي أن النبي علمه «اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي».
عمرو بن ميمون
هو عمرو بن ميمون أبو عبدالله، ويقال: أبو يحيى الكوفي الأدي.(1/334)
أدرك الجاهلية، ولم يلق النبي ، وسمع عمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأبا أيوب، وأبا مسعود، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وأبا هريرة، وخلقاً من التابعين.
قال أبو إسحاق السَّبيعي: كان أصحاب النبي يرضون عمرو بن ميمون. وقال يحيى بن معني: هو ثقة. وقال عمرو بن علي: مات سنة خمس وسبعين. وقال أبو نعيم: سنة أربع وسبعين، وحديثه أن عمر ـ رضى الله عنه ـ وضع على كل جريب من أرض السواد قفيزاً ودرهماً. روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.
عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417(1/335)
عيسى بن مريم عليهما السلام ذكر في باب «اليمين في الدعاوى». وهو عيسى ابن مريم بنت عمران، وعمران ولد سليمان بن داود عليهما السلام. خلقه الله تعالى من غير أب، ذكر أهل التفسير أن مريم عليها السلام ذهبت تغتسل من الحيض، فبينما هي متجردة، إذ عرض لها جبريل ـ عليه السلام ـ ، قيل: إنه نفخ في جيب درعها فحملت حين لبسته. وقيل: مد جيب درعها بأصبعه، ثم نفخ في الجيب. وقيل: نفخ في كل قميصها. وقيل: في فيها. وقيل: نفخ من بعيد، فوصل الريح إليها، فحملت بعيسى في الحال. وروي عن ابن عباس: كان الحمل والولادة في ساعة واحدة. وقيل: كانت مدة الحمل ثمانية أشهر، ولا يعيش مولود لثمانية أشهر، فكانت آية لعيسى. وقيل: ستة أشهر. وعن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ ، أن رسول الله قال: «ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان، فيستهل، صارخاً من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم وأُمه» ثم قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} [آل عمران: 63] أخرجاه، وهذا لفظ مسلم. وعنه قال: سمعت رسول الله يقول: «أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات، وليست بيني وبينه نبي» أخرجاه أيضاً، ولفظه لمسلم. ثم رفعه الله إلى السماء. واختلف هل رفع ميتاً، أم لا؟ واجتمع به النبي ليلة الاسراء، وأخبر : «أنه ينزل من السماء في آخر الزمان على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الزية، ويقتل الدجال بباب لد، ثم يمكث سبع سنين، ثم يرسل الله ريحاً باردةً من قبل الشام، فلا يبقى أحد على وجه الأرض في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضة، ثم يبقى شرار الناس يتهارجون، ثم تقوم الساعة».
حرف القاف
القاسم بن سلام(1/336)
القاسم بن سلام ذكره في حكم الأرضين المغنومة في قوله: قال أحمد. وأبو عبيد القاسم بن سلاّم بفتح السين وتشديد اللام، كان أبوه عبداً رومياً لرجل من أهل هراة. سمع اسماعيل بن جعفر، وشريكاً، وإسماعيل بن عياش، وهشيماً، وسفيان بن عيينة، وابن علية، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان، وغيرهم، وكان يقصد الامام أحمد، ويحكي عنه أشياء. وذكره ابن درستويه. فقال: جمع صفوفاً من العلم، وصنف الكتب في كل فن من العلوم والآداب، وكان ذا فضل ودين، وستر ومذهب حسن. روى عن أبي زيد الأنصاري، والأصمعي، وأبي عبيدة، واليزيدي وغيرهم مات سنة 422 أربع وعشرين ومائتين، وقيل: سنة ثنتين وعشرين في خلافة المعتصم. والأول قول البخاري.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
حرف اللام
لوط عليه الصلاة والسلام(1/337)
لوط ـ عليه السلام ـ النبي المرسل الذي ذكره المصنف في باب القذف. وهو: لوط بن هران بن تارخ وهو آزر أبو إبراهيم الخليل، ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام، وهو نبي مرسل، ذكره الله تعالى في كتابه في غير موضع. أرسله الله تعالى إلى خمس مدائن من مدن الشام، وهي: المؤتفكات، أي: المنقلبات قلبها الله تعالى بأهلها، وكانت في قومه أوصاف مذمومة، من أفحشها إتيان الذكور، وعبادة الأصنام، ومنها اللعب بالحمام، والخذف بالحصى، والحبق في المجالس، ومهارشة الكلاب، ومناقرة الديوك، ورمي البندق، ومضع العلك، وخضب أطراف الأصابع بالحناء، وتصفيف الطرر، والصفير، والتصفيق، وحل الأزرار، وشرب الخمر، وقص اللحية، وطول الشارب، فهذه سبع عشرة خصلة. فأقام لوط ـ عليه السلام ـ يدعوهم إلى الله تعالى، وينهاهم عما كانوا عليه، فلم ينتهوا، ولم يزدادوا إلا تمادياً في غيهم، فأهلكهم الله تعالى بقلب المدائن بهم، فجعل أعلاها أسفلها، والأمطار بالحجارة قلبت بهم ثم أتبعت بالحجارة، قيل: كانت الحجارة لمن لم يكن في المؤتفكات أهلكوا بها، قيل: إن رجلاً منهم كان في الكعبة أربعين يوماً والحجر ينتظره، فلما خرج، قتله والحق لوط بعمه إبراهيم، فكان معه حتى مات، وأوصى ببناته لعمه إبراهيم. وقيل: كُنَّ اثنتي عشرة، وقيل: ثلاثاً. والله أعلم.
حرف الميم
مالك بن أنس
هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر أبو عبدالله الأصبحي المدني إمام دار الهجرة.
سمع نافعاً مولى ابن عمر، ومحمد بن المنكدر، وأبا بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وخلقاً كثيراً من التابعين يطول ذكرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، والزهري وهما من شيوخه، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، وشعبة، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن إدريس الشافعي، وخلق كثير يطول ذكرهم.(1/338)
أخبرنا أبو القاسم بن عبد الغني، بن محمد بن أبي القاسم، أخبرنا جدي، أخبرنا سعدالله بن سعد، أخبرنا أبو منصور محمد بن أجمد بن علي الخياط، أخبرنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد المؤدب، أخبرنا محمد بن أحمد، بن الحسين، ابن الصواف، أخبرنا بشر بن موسى، وحدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال: قال رسول الله «يوشك أن يضرب الناسُ آباط المطي في طلب العلم، فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة» أخرجه الترمذي عن الحسن بن صباح، وإسحاق ابن منصور عن سفيان، وقال: حديث حسن، وقد روي عن سفيان بن عيينة أنه قال في هذا: هو مالك بن أنس. وعن معن بن عيسى قال: كان مالك ابن أنس إذا أراد أن يجلس للحديث، اغتسل، وتبخر، وتطيب، فإن رفع أحد صوته في مجلسه، قال: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} [الحجرات: 2] فمن رفع صوته عند حديث رسول الله ، فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله . وكان رحمة الله عليه ثقة مأموناً، ثَبْتاً، ورعاً، فقيهاً، عالماً، حجة. وقال أبو المعافى ابن أبي رافع المدني:
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
إلا إن فَقْدَ العلم في فَقْدِ مالِكٍ
فلا زالَ فِينا صالَحَ الحال مالكُ
يُقيم طريقَ الحقِّ والحقُّ واضِحٌ
ويهدي كما تَهدي النجومُ الشَّوابكُ
فلولاه ما قامتْ حدودٌ كثيرةٌ
ولولاه لانْسَدَّتْ علينا المَسَالِكُ
عَشَوْنا إليه نبتغي ضوءَ نارِهِ
وقد لزم الغيَّ اللّجوجُ المماحكُ
فَجاء بِرَأي مِثلُهُ يُقْتَدى بِهِ
كَنَظْمِ جُمانٍ زَيَّنَتْهُ السَّبَائِكُ(1/339)
توفي صبيحة أَربع عشرة ليلة من ربيع الأول، وقيل: في صفر سنة تسع وسبعين ومائة، في خلافة الرشيد وهو ابن خمس وثمانين، وقيل: ابن تسعين، وحمل به في البطن ثلاث سنين، روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم من الأئمة ـ رضى الله عنه ـ م.
محفوظ بن أحمد الكلوذاني
هو محفوظ بن أحمد أبو الخطاب الكلوذاني من أهل باب الأزج، وكلوذا من نواحي بغداد، ويلقب بنجم الهدى، وهو الامام البارع، ذو التصانيف المفيدة، منها «الهداية» وكتاب «الانتصار» و«رؤوس المسائل» و«التهذيب» في الفرائض، وغير ذلك، وله الشعر الحسن، منه قصيدته في معاتبته نفسه.
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي، وبكى حين أنشدناها حتى حَنَّ، وأولها:
يا نفس ليس بليتي إلاّكِ
لولاك كنت مهذَّباً لولاك
وهي خمس وعشرون بيتاً. وهو من جِلَّة أصحاب القاضي أبو يعلى ابن الفراء، وأعيانهم، مولده ثاني شوال، سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في سحرة يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة [في] الثالث والعشرين من جمادى الآخرة، سنة عشر وخمسمائة، سمع الحديث عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري، وأبي طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري، والقاضي أبي يعلى، ـ رضى الله عنه ـ م.
محمد بن الحسين الفراء(1/340)
هو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف، بن أحمد، بن الفراء، وهو القاضي السعيد الامام أبو يعلى، قال ولده القاضي أبو الحسين في كتاب «الطبقات» الذي أخبرنا به الامام الزاهد أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف، بن محمد قراءة عليه: أخبركم الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم، بن أحمد المقدسي، أخبرنا عبد المغيث بن زهير الحربي، أخبرنا القاضي أبو الحسين رحمه الله، فقال: الوالد السعيد أبو يعلى كان عالم زمانه، وفريد عصره، ونسيج وحده، وقريع دهره وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحل السامي، والخطر الرفيع عند الامامين القادر، والقائم. وأصحاب أحمد رحمه الله تعالى له يتبعون، ولتصانيفه يدرسون ويُدرِّسُون، وبقوله يفتون، والفقهاء على اختلاف مذاهبهم وأصولهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقالته يسمعون ويطيعون، وبالائتمام به يقتدون، وقد شوهد له من الحال ما يغني عن المقال، لا سيما مذهب إمامنا أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل، واختلاف الروايات عنه، وما صح لديه منه مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والجدل، وغير ذلك من العلوم مع الزهد، والورع، والعفة، والقناعة، وانقطاعه عن الدنيا وأهلها، واشتغاله بسطر العلم وبثه، وإذاعته، وكان والده أبو عبدالله أحد شهود الحضرة بمدينة السلام، صحب ابن حامد إلى أن توفي ابن حامد سنة 304 ثلاث وأربعمائة وبرع في ذلك. ولد يعني: القاضي أبا يعلى لتسع وعشرين أو ثمان وعشرين ليلة خلت من المحرم سنة 083 ثمانين وثلاثمائة، وتوفي ليلة الاثنين بين العشاءين تاسع عشر رمضان سنة 854 ثمان وخمسين وأربعمائة، وصلى عليه أخي أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور، ودفن في مقبرة الامام أحمد ـ رضى الله عنه ـ .
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
أبو يعلى الصغير(1/341)
هو القاضي محمد بن محمد، بن الحسين، بن محمد، بن خلف، بن أحمد، ابن الفراء أبو يعلى الصغير، ويلقب عماد الدين ابن القاضي أبي خازم ابن القاضي الكبير أبي يعلى شيخ المذهب في وقته. تفقه على أبيه القاضي أبي خازم بالخاء المعجمة، وعلى عمه القاضي أبي الحسين، وكان ذا ذكاء مفرط، توفي سنة 065 ستين وخمسمائة ببغداد رحمه الله تعالى.
محمد بن أحمد الهاشمي
هو محمد بن أحمد ابن أبي موسى، أبو علي الهاشمي القاضي ذكره في باب «الموصى له» وغيره، كان رحمه الله عالي القدر، سامي الذكر، له القدم العالي، والحظ الوافي عند الامامين القادر بالله، والقائم بأمر الله. سمع الحديث من جماعة منهم محمد بن المظفر في آخرين، صنف «الارشاد» في المذهب، وكانت له حلقة بجامع المنصور، يفتي، ويشهد. صحب أبا الحسن التميمي وغيره من شيوخ المذهب، ولي قضاء الكوفة مرتين، ولاه القادر بالله. روي عن رزق الله قال: زرت قبر الامام أحمد صحبة القاضي الشريف أبي علي، فرأيته يقبل رجل القبر فقلت له: في هذا أثر؟ فقال لي: أجل في نفسي شيء عظيم، وما أظن أن الله يؤاخذني بهذا، أو كما قال. ولد في ذي القعدة سنة 543 خمس وأربعين وثلاثمائة، وتوفي في ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، ودفن بقرب الامام أحمد رحمه الله.
المُطَّلِب
المطلب ذكر في «الزكاة» وهو المطلب بن عبد مناف، بن قصي عم عبد المطلب جد النبي ، وله ثلاثة أخوة: هاشم جد أبي النبي ، وعبد شمس أُمهما عاتكة بنت مرة، ونوفل بن عبد مناف أُمه: واقدة بنت عمرو المازنية، فبنو المطلب يصرف إليهم من خمس والخمس قولاً واحداً، وفي الزكاة روايتان، وبنو هاشم لا تحل لهم الزكاة قولاً واحداً، وبنو نوفل، وعبد شمس تحل لهم الزكاة قولاً واحداً، ولا يصرف إليهم من خمس الخمس قولاً واحداً، والله تعالى أعلم.
موسى عليه الصلاة والسلام(1/342)
موسى ـ عليه السلام ـ ذكره في باب «اليمين في الدعاوى» وهو موسى بن عمران، ابن قاهث، بن لاوي، بن يعقوب، بن إسحاق، بن إبراهيم عليهم السلام، وكان جعداً، آدم طوالا، كأنه من رجال شنوءة، في أرنبته شامة، وعلى طرف لسانه شامة، وهي العقدة التي ذكرها الله تعالى، بلغ من العمر مائة وسبع عشرة سنة، اجتمع به نبينا ليلة الإسراء، وأشار عليه بالتردد إلى ربه تبارك وتعالى في تخفيف الصلاة، فرضت خمسين صلاة، فصارت إلى خمس، فله علينا بذلك المنة .
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
حرف الهاء
هاشم
هو هاشم جد أبي النبي والد عبد المطلب، واسمه عمرو، وسمي هاشماً، لأنه هشم الثريد لقومه، وفيه يقول الشاعر:
عَمْرُو الذي هشم الثريد لقومه
ورجالُ مَكَّةً مُسْنِتون عِجَاف
أعلام النساء
آمنة
أُم النبي ، ذكرها في آخر باب «القذف» عند قوله: ومن قذف أمَّ النبي . وهي: آمنة بنت وهب، بن عبد مناف، بن زهرة، بن كلاب، ابن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، تلتقي مع رسول الله في كلاب ابن مرة، توفيت ورسول الله ابن أربع سنين، وقيل: وهو ابن ست سنين، قال ابن قتيبة: لم يكن لآمنة أخ فيكون خالاً للنبي ، ولكن بنو زهرة يقولون: نحن أخوال النبي ، لأن آمنة منهم.
عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا(1/343)
عائشة ذكرها في باب «صوم التطوع» وهي: عائشة بنت أبي بكر عبدالله، ابن أبي قحافة، عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب التَّيمية، تلتقي مع رسول الله في مرة بن كعب، أم المؤمنين أم عبدالله الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب رب العالمين التي برأها الله تعالى في كتابه، زوج النبي في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فهو كافر بالله العظيم، تزوجها رسول الله بمكة قبل الهجرة بسنتين، هذا قول أبي عبيدة. وقال غيره: بثلاث سنين. وقيل: تزوجها قبل الهجرة بسنة ونصف، أو نحوها. وهي بنت ست سنين، وبنى بها بالمدينة المنورة بعد منصرفه من وقعة بدر في بدر، في شوال سنة ثِنْتَيْنِ وهي بنت تسع سنين، وقيل أيضاً: دهل بها في شوال على رأس ثمانية عشر شهراً من مهاجرته إلى المدينة، توفيت سنة سبع وخمسين. وقيل: سنة ثمان وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة ـ رضى الله عنه ـ ما، ودفنت بالبقيع. قال الواقدي: ماتت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة من رمضان، سنة ثمان وخمسين، وهي ابنة ست وستين ـ رضى الله عنه ـ ا.
هند
هند ذكرها في كتاب «النفقات» وهي هند بنت عتبة، بن ربيعة، بن عبد شمس، بن عبد مناف، امرأة أبي سفيان صخر بن حرب، أُم معاوية، أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها، فأقرهما رسول الله على نكاحهما، وكانت فيما ذكر لها أنفة، شهدت أُحُداً مع زوجها وهي كافرة، وكانت تقول يوم أُحد:
نَحْنُ بَناتُ طارِق
نَمْشي عَلَى النَّمارِقْ
إن تُقْبِلوا نُعانِق
أَوْ تُدْبِروا نُفارِقْ
فِرَاقَ غير وامق
والله أعلم
فهذا آخر ما تهيَّأ جمعه في شرح ألفاظ «المقنع» وأعلامه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين آمين.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417
فصل مما تكرر ذكره في الكتاب خمسة ىشياء.(1/344)
أحدها: الرواية مفردة، ومثناة، ومجموعة، كقوله: على روايتين، وفيه روايتان. فالرواية في الأصل: مصدر روى الحديث والشعر ونحوهما رواية: إذا حفظه وأخبر به، وهي هاهنا مصدر مطلق على المفعول، فهي رواية بمعنى: مروية، وهي الحكم المروي عن الامام أحمد ـ رضى الله عنه ـ في المسألة، وكذا هي في اصطلاح أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، يعبرون عن ذلك بالقول، فيقولون: فيها قول وقولان، وأقوال للشافعي، وكل ذلك اصطلاح لا حجر على الناس فيه.
الثاني: الوجه مثنى ومجموعاً، فيقال: وجهان، وعلى وجهين، وثلاثة أوجه، وهو في الأصل من كل شيء مستقبله، ثم يستعمل في غير ذلك.
وفي اصطلاح الفقهاء: الحكم المنقول في المسألة لبعض أصحاب الامام المجتهدين فيه، ممن رآه فمن بعدهم، جارياً على قواعد الامام، فيقال: وجه في مذهب الامام أحمد، والامام الشافعي، أو نحوهما، وربما كان مخالفاً لقواعد الامام إذا عضده الدليل.
الثالث: قوله بعد ذكر المسألة: «وعنه» فهو عبارة عن رواية عن الامام، والضمير فيه له، وإن لم يتقدم له ذكر، لكونه معلوماً، فهو كقوله تعالى: {إنا أنزلناه} [القدر: 1] والضمير للقرآن مع عدم ذكره لفظاً، «فعنه» جار ومجرور متعلق بمحذوف، أي: نقل ناقل عنه، أو نقل أصحابه عنه. وفعل ذلك المتأخرون اختصاراً، وإلا فالأصل أن يقال: نقل عبدالله عن الامام كذا، أو نقل صالح، أو نقل المروذي، كما فعله أبو الخطاب في «الهداية» وغيره من المتقدمين.
الرابع: التخريج، فيقولون: يتخرج كذا، وهو مطاوع خرج، تقول: خرّجه فتخرج، كما تقول: علمه فتعلم، وخرَّج متعدي خرج يخرج، ضد دخل يدخل، وهو في معنى الاحتمال، وإنما يكون الاحتمال والتخريج إذا فهم المعنى، وكان المخرج والمحتمل مساوياً لذلك المخرج منه في ذلك المعنى، كما إذا أفتى في مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين، جاز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة منهما إلى الأخرى، ما لم يفرق بينهما، أو يقرب الزمن.(1/345)
الخامس: الاحتمال، وهو في الأصل مصدر: احتمل الشيء بمعنى: حمله، وهو افتعال منه. ومعناه: أن هذا الحكم المذكور قابل ومتهيء لأن يقال فيه بخلافه، كاحتمال قبول الشهادة بغير لفظ الشهادة، نحو أعلم، أو أتحقق، أو أجزم، فانه قابل للقول فيه بذلك، والاحتمال في معنى الوجه، لأن الوجه مجزوم بالفتيا به، والاحتمال تبيين أن ذلك صالح لكونه وجهاً. وكثير من الاحتمالات في المذهب، بل أكثرها، للقاضي الامام أبي يعلى محمد بن الفراء في كتابه «المجرد» وغيره، ومما نكرر فيه: قوله: ظاهر المذهب، فالمذهب: مفعل، من ذهب يذهب: إذا مضى، مقصوداً به المصدر، أي: ظاهر ذهابه، والألف واللام فيه للعهد، لأن المراد بذلك مذهب الامام أحمد، والظاهر البائن الذي ليس يخفى أنه المشهور في المذهب، كنقض الوضوء بأكل لحم الجزور، ولمس الذكر، وعدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة، ولا يكاد يطلق إلا على ما فيه خلاف عن الامام أحمد.
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 417(1/346)