المُنْجِياتُ منَ النَّار ِ
إعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الطبعة الثالثة
مزيدة ومنقحة
1432 هـ - 2011 م
((بهانج- دار المعمور))
((حقوق الطبع لكل مسلم))(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنه قد وردت أقوال أو أعمال من فعلها فقد وقى نفسه من النار ومن حرها وسمومها، وهي عديدة.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)} [الأنبياء/101 - 103]
وعَنْ أَبِى رَيْحَانَةَ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ فَسَمِعَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ يَقُولُ: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ». قَالَ: وَقَالَ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا. قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَاكَ: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، أَوْ عَيْنٍ فُقِئَتْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». سنن الدارمى (2455) حسن
وقد حاولت جمعها من القرآن والسنَّة، وقمت بشرح مختصر للآيات القرآنية، وبتخريج الأحاديث من مظانها والحكم عليها إذا لم تكن في الصحيحين بما يناسبها، وغالبها من الصحيح والحسن، هذا وقد نافت على الخمسين نوعاً.(1/1)
وقد زدت في هذه الطبعة بعض الأحاديث والشروح وبعض الأبواب وكذلك غيرت كثير من النصوص بسبب اختلاف الطبعات، والآن كلها موافقة للمطبوع ...
سائلا المولى أن ينفع بها كاتبها وقارئها وناشرها والدال عليها في الدارين
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 4 رمضان 1429 هـ الموافق ل 4/ 9/2008 م
وعدل بتاريخ في 24ربيع الآخر 1430 هـ الموافق ل 19/ 4/2009 م
وتمت مراجعته وتعديله تعديلا جذريا بتاريخ:
في 16 جمادى الآخرة 1432 هـ الموافق ل 19/ 5/2011 م
••••••••••••(1/2)
الإيمان بالله واليوم والآخر
لما كان الكفر هو السبب في الخلود في النار فإن النجاة من النار تكون بالإيمان والعمل والصالح، ولذا فإن المسلمين يتوسلون إلى ربهم بإيمانهم كي يخلصهم من النار، قال تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) [آل عمران/16])
فعِبَادُ اللهِ المُتَّقُونَ الذِينَ يَسْتَحِقُونَ نَعِيمَ الآخِرَةِ، وَرِضْوَانَ اللهِ، هُمُ الذِينَ تَتَأَثَّرُ قُلُوبُهُمْ بِثَمَرَاتِ إِيمَانِهِمْ فَتَفِيضُ أَلْسِنَتُهُمْ بِالاعْتِرَافِ بِهَذَا الإِيمَانِ حِينَ الدُّعَاءِ وَالابْتِهَالِ إلى اللهِ فَيَقُولُونَ: رَبَّنا إنَّنا آمَنَّا بِكَ، وَبِكُتُبِكَ، وَبِرُسُلِكَ، فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنا، وَامْحُها بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَادْفَعْ عَنَّا عَذابَ النَّارِ، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
وقال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) [آل عمران/190 - 194])،
يَصِفُ اللهُ تَعَالَى أُوْلِي الأَلْبَابِ فَيَقُولُ عَنْهُمْ: إِنَّهُمُ الذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قَائِمِينَ وَقَاعِدِينَ وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَلاَ يَقْطَعُونَ ذِكْرَ اللهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ، بِسَرَائِرِهِمْ، وَأَلْسِنَتِهِمْ ... وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لِيَفْهَمُوا مَا فِيهَا مِنْ أَسْرَارِ خَلِيقَتِهِ، وَمِنْ حِكَمٍ وَعِبَرٍ وَعِظَاتٍ، تَدُلُ عَلَى الخَالِقِ، وَقُدْرَتِهِ، وَحِكْمَتِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إلَى أَنْفُسِهِمْ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَكَ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا الخَلْقَ عَبَثاً وَبَاطِلاً، رَبَّنَا تَنَزَّهْتَ عَنِ العَبَثِ وَالبَاطِلِ، وَإنَّمَا خَلَقْتَهُ بِالحَقِّ، وَالإِنْسَانِ مِنْ بَعْضِ خَلْقِكَ لَمْ تَخْلُقْهُ عَبَثاً، وَإِنَّمَا خَلَقْتَهُ لِحِكْمَةٍ. وَمَتَى حُشِرَ الخَلْقُ إلَيكَ حَاسَبْتَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، فَتَجْزِي الذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا، وَتَجْزِي الذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى. ثُمَّ يُتِمُّونَ دُعَاءَهُمْ سَائِلِينَ رَبَّهُمْ أنْ يَقِيَهُمْ عَذابَ النَّارِ.(1/3)
ثُمَّ يُتَابِعُونَ دُعَائَهُمْ وَرَجَاءَهُمْ لِرَبِّهِمْ قََائِلِينَ: رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلَهُ النَّارَ فَقَدْ أَهَنْتَهُ وَأَذْلَلْتَهُ، وَأَظْهَرْتَ خِزْيَهُ لأَهْلِ الجَمْعِ يَوْمَ القِيَامَةَ، وَالظَّالِمُونَ لاَ يَجِدُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ يَنْصُرُهُمْ مِنَ اللهِ.
وَبَعْدَ أَنْ عَرَفُوا اللهَ حَقَّ المَعْرِفَةِ بِالذِّكْرِ وَالفِكْرِ، عَبَّرُوا عَنْ وُصُولِ دَعْوَةِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ، وَاسْتِجَابَتِهِمْ لِدَعْوَتِهِ سِرَاعاً، فَقَالُوا: رَبَّنَا إنَّنَا سَمِعْنَا دَاعِياً يَدْعُو النَّاسَ إلَى الإِيمَانِ بِكَ (وَهُوَ الرَّسُولُ)،وَيَقُولُ: آمِنُوا بِرَبِّكُمْ، فآمَنَّا مُسْتَجِيبِينَ لَهُ، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِئَاتِنَا، فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارَ الصَّالِحِينَ وَأَلْحِقْنَا بِهِمْ.
رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى لِسَانِ رُسُلِكَ، وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ أَمَامَ الخَلْقِ، إنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيْعَادَ الذِي أَخْبَرَ عَنْهُ رُسُلُكَ الكِرَامُ، وَهُوَ قِيَامُ الخَلْقِ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَإنَّكَ تَجْزِي العَامِلِينَ الصَّالِحِينَ بِالخَيْرِ وَالحُسْنَى، وَتَجْزِي الذِينَ أسَاؤُوا بِمَا يَسْتَحِقُونَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ. (1)
" إنها تشي بأن خوفهم من النار، إنما هو خوف - قبل كل شيء - من الخزي الذي يصيب أهل النار. وهذه الرجفة التي تصيبهم هي أولا رجفة الحياء من الخزي الذي ينال أهل النار. فهي ارتجافة باعثها الأكبر الحياء من الله، فهم أشد حساسية به من لذع النار! كما أنها تشي بشعور القوي بأنه لا ناصر من الله، وأن الظالمين ما لهم من أنصار ..
ثم نمضي مع الدعاء الخاشع الطويل: «رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ: أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ. فَآمَنَّا. رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ» ..
فهي قلوب مفتوحة ما إن تتلقى حتى تستجيب. وحتى تستيقظ فيها الحساسية الشديدة، فتبحث أول ما تبحث عن تقصيرها وذنوبها ومعصيتها، فتتجه إلى ربها تطلب مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، والوفاة مع الأبرار.
ويتسق ظل هذه الفقرة في الدعاء مع ظلال السورة كلها، في الاتجاه إلى الاستغفار والتطهر من الذنب والمعصية، في المعركة الشاملة مع شهوات النفس ومع الذنب والخطيئة. المعركة التي يتوقف على الانتصار فيها ابتداء كل انتصار في معارك الميدان، مع أعداء الله وأعداء الإيمان .. والسورة كلها وحدة متكاملة متناسقة الإيقاعات والظلال.
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1/ 486)(1/4)
وختام هذا الدعاء. توجه ورجاء. واعتماد واستمداد من الثقة بوفاء الله بالميعاد: «رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ، وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ» .. فهو استنجاز لوعد الله، الذي بلغته الرسل، وثقة بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد، ورجاء في الإعفاء من الخزي يوم القيامة، يتصل بالرجفة الأولى في هذا الدعاء، ويدل على شدة الخوف من هذا الخزي، وشدة تذكره واستحضاره في مطلع الدعاء وفي ختامه. مما يشي بحساسية هذه القلوب ورقتها وشفافيتها وتقواها وحيائها من الله. (1)
•••••••••••
__________
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1/ 547)(1/5)
من سبقت لهم من الله الحسنى
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)} [الأنبياء/101 - 103]
أمَّا الذينَ قَضَى اللهُ لَهُمْ بالرَّحْمَةِ والسَّعَادَةِ بِسَبَبِ إِيْمَانِهِمْ وَعَمَلِهِم الصَّالِحِ فِي الدُّنْيا، فَأُولئِكَ يُبْعَدُونَ عَنْ جَهَنَّم جَزَاءً لَهُمْ، وَثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللهِ.
وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ - يَوْمِ القِيَامَةِ - يَسْتَوْلِى عَلَى النَّاس الفَزَعُ الأَكْبَرُ لِهَوْلِ مَا يَرَوْنَِهُ، وَلِهَوْلِ المُفَاجَأةِ، وَلِِهَوْلِ مَا يَنْتَظِرُهُم مِنْ حِسَابٍ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ، وَلَكِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمُ الحُسْنَى مِنْ رَبِهِّمْ، فَإِنَّهُمْ يُخِيفُهُمْ ذَلِكَ الفَزَعُ، وَلاَ يَحْزُنُهُمْ، فَقَدْ جَنَبَّهَمُ اللهُ تَعَالَى النَّارَ، وَجَنَّبَهُمْ سَمَاعَ حَسِيِسِها، وَرُؤْيَةَ مَا فِيهَا، وَأَدْخَلَهٌمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وَأَدْخَلَهُمْ الجَنَّةَ، فَتَلَقَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ، وَيُهَنِّئُونَهُمْ بالسَّلامَةِ فِي هَذَا اليَوْمِ الَّذِي وَعَدَهُمْ اللهُ بِهِ. (1)
ولفظة «حَسِيسَها» من الألفاظ المصورة بجرسها لمعناها. فهو تنقل صوت النار وهي تسري وتحرق، وتحدث ذلك الصوت المفزع. وإنه لصوت يتفزع له الجلد ويقشعر. ولذلك نجي الذين سبقت لهم الحسنى من سماعه - فضلا على معاناته - نجوا من الفزع الأكبر الذي يذهل المشركين. وعاشوا فيما تشتهي أنفسهم من أمن ونعيم. وتتولى الملائكة استقبالهم بالترحيب، ومصاحبتهم لتطمئن قلوبهم في جو الفزع المرهوب (2)
فهؤلاء الذين سبقت لهم من الله الحسنى، هم مبعدون عن تلك النّار التي يتقلب على جمرها، ولهيبها، الكافرون والضالون .. فلا يخلص إلى المؤمنين شىء من حرّها، ولا يصل إلى أسماعهم حسٌّ من زفيرها وشهيقها «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها» حتى لا تتأذى مشاعرهم بهذه الأصوات الرهيبة، المفزعة، «وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ» أي أنهم يلقون فى الجنة ما تشتهي أنفسهم، من نعيم دائم لا ينقطع أبدا .. «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» أي
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1/ 2493)
(2) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (4/ 2399)(1/6)
أنهم لا يجزعون ليوم القيامة ولا يفزعون منه، إذ ملأ الله قلوبهم طمأنينة وأمنا، بما أراهم من فضله، وبما استقبلتهم به الملائكة من بشريات بهذا الفضل، إذ الملائكة يلقونهم على أول الطريق فى هذا اليوم، ويقولون لهم: «هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» أي هذا اليوم يوم جزاؤكم، ونعيمكم، ورضوانكم، الذي وعدكم الله به، ولن يخلف الله وعده .. فهيّا استقبلوا ما وعدكم الله من رضوان، وجنات لكم فيها نعيم مقيم. (1)
•••••••••••
__________
(1) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (9/ 957)(1/7)
أهل بدر
عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ قَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا».فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ. فَقَالَتْ مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا».قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِى قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِى، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ صَدَقَكُمْ».قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» (1).
وعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غَزْوَهُمْ، فَدَلَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا الْكِتَابُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَأَخَذَ كِتَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا، فَقَالَ: يَا حَاطِبُ أَفَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَلاَ نِفَاقًا، وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ سَيُظْهِرُ رَسُولَهُ، وَيُتِمُّ أَمْرَهُ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ غَرِيبًا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَكَانَتْ أَهْلِي مَعَهُمْ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَهَا عِنْدَهُمْ يَدًا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَلاَ أَضْرِبُ رَأْسَ هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَتَقْتُلُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ. (2)
__________
(1) - صحيح البخارى (3007) ومسلم (6557) -العقاص: جمع عقيصة أو عقصة وهى الضفائر
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 121) (4797) صحيح(1/8)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ عَمِيَ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،أَنْ تَعَالَ فَاخْطُطْ فِي دَارِي مَسْجِدًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ، وَبَقِيَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَيْنَ فُلاَنٌ؟ فَغَمَزَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ إِنَّهُ، وَإِنَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَكِنَّهُ كَذَا، وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. (1)
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا مَرْثَدٍ السُّلَمِيَّ، وَكِلاَنَا فَارِسٌ، قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً وَمَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَأْتُونِي بِهَا فَأَدْرَكْنَاهَا وَهِيَ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقُلْتُ: أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، قَالَ: فَأَنَخْنَا بَعِيرَهَا وَفَتَّشْنَا رَحْلَهَا، فَقَالَ صَاحِبِي: مَا نَرَى مَعَهَا شَيْئًا، فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا كَذِبَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لَأَجُزَّنَّكِ بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا، وَعَلَيْهَا إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ، فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ، فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:يَا حَاطِبُ مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بِي أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:صَدَقَ، لاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي حَتَّى أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ مَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، فَدَمَعَتْ عَيْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. (2)
•••••••••••
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 123) (4798) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 57) (7119) صحيح(1/9)
مَن حضرَ بيعة الرضوان
عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ: لاَ يَدْخُلُ النَّارَ رَجُلٌ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم]؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:فَمَهْ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم]. (1)
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. (2)
وعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَشْكُو حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيَدْخُلُ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:كَذَبْتَ إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا، إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ. (3)
وعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلاَثَ مِائَةٍ وَكَانَتْ أَسْلَمُ يَوْمَئِذٍ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ." (4)
وعن ابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَكَانَ، قَدْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، قَالَ:" كُنَّا يَوْمَ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ وَكَانَتْ أَسْلَمُ يَوْمَئِذٍ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانُ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعِ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: خَرَجَ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ (5)
وعَنِ الْمِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانِ بن الْحَكَمِ، قَالا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعِ عَشَرَةٍ وَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ." (6)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 125) (4800) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 127) (4802) صحيح
(3) - مسلم (6559) وصحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 124) (4799)
(4) - صحيح ابن حبان - (11/ 127) (4803) صحيح
(5) - معرفة الصحابة لأبي نعيم - (1/ 11) (22) صحيح
(6) - المعجم الكبير للطبراني - (15/ 290) (17230) صحيح(1/10)
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ: فَجَهَشَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ مِثْلَ الْعُيُونِ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِئَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَة." (1)
وقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِ مِئَةٍ .. " (2)
قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ الْغُفْرَان لَهُمْ فِي الْآخِرَة، وَإِلَّا فَإِنْ تَوَجَّهَ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ حَدٌّ أَوْ غَيْره أُقِيمَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا. وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض الْإِجْمَاع عَلَى إِقَامَة الْحَدّ، وَأَقَامَهُ عُمَر عَلَى بَعْضِهِمْ. قَالَ: وَضَرَبَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مِسْطَحًا الْحَدّ وَكَانَ بَدْرِيًّا. (3)
•••••••••••
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة - (14/ 444) (38009) صحيح
(2) - مصنف ابن أبي شيبة - (14/ 444) (38010) صحيح مرسل
(3) - شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 264)(1/11)
إذا كان مِن أهل الأعراف
قال تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)} [الأعراف/46 - 47]
وَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ بَيْنَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَأَهْلِ النَّارِ حِاجَزاً (حِجَاباً) يَمْنَعُ وُصُولَ أَهْلِ النَّارِ إِلَى الجَنَّةِ، وَهُوَ السُّورُ الذِي قَالَ عَنْهُ تَعَالَى فِي آيَةٍ أَخْرَى {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ} وَهُوَ الأَعْرَافُ.
وَيَقُولُ المُفسِّرُونَ: يَقِفُ عَلَى الأَعْرَافِ أُنَاسٌ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ مَعْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَلاَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَلا هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيهِمْ، وَلكِنَّهُمْ يَطْمَعُونَ فِي أَنْ يُدْخِلَهُمُ اللهُ الجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ.
وَأَهْلُ الأَعْرَافِ يَعْرِفُونَ كُلاًّ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَأَهْلِ الجَنَّةِ بِسِيمَاهُمُ التِي وَصَفَهُمُ اللهُ بِهَا (وَهِيَ بَيَاضُ الوَجْهِ، وَنَضْرَةُ النَّعِيمِ التِي تَعْلُو وُجُوهَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَسَوادُ الوَجْهِ وَالقَتَرَةُ التِي تَرْهَقُ وُجُوهَ أَهْلِ النَّارِ).وَيَتَوَجَّهُ أَهْلُ الأَعْرَافِ إلَى أَهْلِ الجَنَّةِ بِالسَّلاَمِ قَائِلِينَ لَهُمْ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، يَقُولُونَهَا مُهَنِّئِينَ بِالفَوْزِ بِالحِسَابِ، طَامِعِينَ فِي أَنْ يُدِخِلََهُمُ اللهُ الجَنَّةَ مَعَهُمْ.
(وَقَالَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) إِنَّ أَهْلَ الأَعْرَافِ يُسَلِّمُونَ عَلَى أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ يَجْتَازُوا الحِسَابَ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ، إِذْ يَكُونُونَ طَامِعِينَ فِي دُخُولِهَا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ يُسْرِ الحِسَابِ).
وَكُلَّمَا اتَّجَهَتْ أَبْصَارُهُمْ إلَى جِهَةِ أَهْلِ النَّارِ تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ، وَقَالُوا رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ.
وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:" أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ قَوْمٌ تَجَاوَزَتْ بِهِمْ حَسَنَاتُهُمُ النَّارَ وَقَصُرَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتُهُمْ عَنِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ. فَقَالَ لَهُمْ: قُومُوا ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "(1/12)
وعَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِذَا عِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ أَبُو الزِّنَادِ مَوْلَى قُرَيْشٍ وَقَدْ ذَكَرَا مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ ذِكْرًا لَيْسَ كَمَا ذَكَرَا. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمَا: إِنْ شِئْتُمَا أَنْبَأْتُكُمَا مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْرِهِمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ: فَقَالَا: هَاتِ. قَالَ: فَقَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: ذُكِرَ أَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ قَوْمٌ تَجَاوَزَتْ بِهِمْ حَسَنَاتُهُمُ النَّارَ وَقَصَّرَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: قُومُوا فَادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "
وعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عَبْدُ الْحَمِيدِ، فَسَأَلَنِي عَنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ؟ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ. قَالَ: فَحَدِّثْنِي. فَقُلْتُ: قَالَ حُذَيْفَةُ أَرَاهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُؤْمَرُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَبِأَهْلِ النَّارِ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ يُقَالُ لِأَصْحَابِ الْأَعْرَافِ: مَا تَنْتَظِرُونَ؟ قَالُوا: نَنْتَظِرُ أَمْرَكَ. فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنَّ حَسَنَاتِكُمْ جَازَتْ بِكُمُ النَّارَ، أَنْ تَدْخُلُوهَا، وَحَالَتْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ خَطَايَاكُمْ، فَادْخُلُوا بِمَغْفِرَتِي وَرَحْمَتِي " (1)
وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِمَا رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمْرُ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرُهُ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ وَافَى الْقِيَامَةَ مُؤْمِنًا وَلِسَيِّئَاتِهِ وَزْنٌ فِي مِيزَانِهِ، وَهُوَ بَيْنَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ وَبَيْنَ أَنْ يُعَذَّبَ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِ، ثُمَّ يُغْفَرُ لَهُ فَقَدْ يَكُونُ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي الْحَالِ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ وَلَكِنْ يُحْبَسُ عَلَى الْأَعْرَافِ وَهُوَ السُّورُ " قَالَ مُقَاتِلٌ:" عَلَى الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ دُخُولَهُمُ الْجَنَّةَ أَمَرَهُمْ بِدُخُولِهَا بِرَحْمَتِهِ وَبِشَفَاعَةِ الشُّفَعَاءِ " وَاللَّهُ أَعْلَمُ (2)
•••••••••••
__________
(1) - الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ لِلْبَيْهَقِيِّ (95 - 97) والمستدرك للحاكم (3246) صحيح
(2) - شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ (406)(1/13)
المؤمنون الذين دعوا الله تعالى في آخر سورة البقرة
قال تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} [البقرة/284 - 286]
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ أنَّهُ مَالِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لا شَرِيكَ لَهُ فِي شَيءٍ مِنْهُنَّ، وَأنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِيهنَّ، لاَ تَخْفَى عَليهِ السَّرَائِرُ وَلاَ الظَّوَاهِرُ، وَأنَّهُ سَيُحَاسِبُ عِبَادَهُ عَلَى مَا فَعَلُوهُ، وَمَا أَخْفَوْهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأنَّهُ صَدَّقَ بِمَا جَاءَهُ مِنَ الوَحْي، وَآمَنَ بِمَا أَنْزَلَ إِليهِ مِنْ رَبِّهِ. وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ كَذَلِكَ بِوُجُودِ اللهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَتَمَامِ حِكْمَتِهِ فِي نِظَامِ خَلِيقَتِهِ، وَيْؤْمِنُونَ بِوُجُودِ مَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَيُصَدِّقُونَ بِجَميعِ الأَنْبياءِ وَالرُّسُلِ وَالكُتُبِ المُنَزَّلَةِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالأنبِياءِ، لا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الرُّسُلِ وَالأنبياءِ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ جَمِيعاً صَادِقُونَ، هَادُونَ إلى سَبيلِ الخَيْرِ، وَإنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَنْسَخُ شَرِيعَةَ بَعْضٍ بِإذْنِ اللهِ. وَقَالُوا: سَمِعْنَا قَوْلَكَ يَا رَبَّنَا وَفَهِمْنَاهُ، وَامْتَثَلْنَا لِلْعَملِ بِمُقْتَضَاهُ، نَسْألُكَ المَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ وَإليكَ نَحْنُ صَائِرُونَ.
لاَ يُكَلِّفُ اللهُ أحَداً فَوْقَ طَاقَتِهِ، وَهذا مِنْ لُطْفِ اللهِ بِخَلْقِهِ. وَللنَّفْسِ مَا كَسَبَتْ مِنْ خَيْرٍ. وَعَلَيهَا مَا اكْتَسَبَتْ مِنْ شَرٍّ، مِنْ قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ. وَأرْشَدَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ إِلى دُعَائِهِ وَاسْتِرْحَامِهِ، وَالضَّرَاعَةِ إليهِ، وَذَلِكَ بِأنْ يَقُولُوا: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ تَرَكْنا فَرْضَنَا وَنَحْنُ نَاسُونَ(1/14)
أوِ ارْتَكَبْنَا مُحَرَّماً وَنَحْنُ نَاسُونَ أوْ مُخْطِئُونَ، أوْ عَنْ جَهْلٍ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ، رَبَّنا وَلا تُكَلِّفْنا مِنَ الأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ وَإنْ أَطَقْنَاهَا، كَمَا شَرَّعْتَهُ لِلأمَمِ السَّالِفَةِ مِنَ الأغْلاَلِ وَالآصَارِ، رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ مِنَ التَّكْلِيفِ وَالمَصَائِبِ وَالبَلاَءِ، وَاعْفُ عَنَّا فِيمَا بَيْنَنا وَبَيْنَكَ وَاغْفِرْ لَنَا فِيمَا بَيْنَنا وَبَيْنَ العِبَادِ، فَلاَ تُظْهِرْهُمْ عَلَى أَعْمَالِنا القَبِيحَةِ وَمَسَاوئِنا، وَارْحَمْنَا لِكَيْلاَ نَقَعَ مُسْتَقْبَلاً فِي ذَنبِ، أنْتَ وَلِيُّنا وَمَوْلاَنا، فَانْصُرْنا عَلَى القَوْمِ الذِينَ كَفَرُوا بِكَ، وَجَحَدُوا دِينك (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:284] قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،ثُمَّ بَرَكُوا [ص:76] عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»،فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْمُ وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:285] إِلَى قَوْلِهِ {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285] فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] إِلَى قَوْلِهِ {أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قَالَ: نَعَمْ. {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة:286] قَالَ: نَعَمْ. {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة:286] قَالَ: نَعَمْ. إِلَّا {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286] قَالَ: نَعَمْ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمِنْهَالِ قَدَّمَ بَعْضَ الْكَلَامِ وَأَخَّرَ بَعْضًا وَقَالَ: اغْفِرْلَنَا وَارْحَمْنَا قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَرَحِمْتُكُمْ " (2).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة:285] إِلَى قَوْلِهِ. {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} [البقرة:285] قَالَ: «قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» {لَا
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1/ 292)
(2) - مستخرج أبي عوانة (1/ 76) (222) صحيح(1/15)
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] إِلَى قَوْلِهِ {لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قَالَ: «لَا أُؤَاخِذُكُمْ» {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة:286] قَالَ: «لَا أَحْمِلُ عَلَيْكُمْ» إِلَى قَوْلِهِ {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا} [البقرة:286] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ: «قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ وَغَفَرْتُ لَكُمْ وَرَحِمْتُكُمْ، وَنَصَرْتُكُمْ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» " (1)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة:285] قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَلَمَّا قَالَ: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} [البقرة:285] قَالَ: اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا [ص:319] إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا أُؤَاخِذْكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة:286] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا أَحْمِلُ عَلَيْكُمْ قَالَ: فَلَمَّا قَالَ: عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة:286] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا أُحَمِّلُكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {وَاعْفُ عَنَّا} [البقرة:286] قَالَ اللهُ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {وَاغْفِرْ لَنَا} [البقرة:286] قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {وَارْحَمْنَا} [البقرة:286] قَالَ: قَدْ رَحِمْتُكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286] قَالَ: قَدْ نَصَرْتُكُمْ " " (2)
__________
(1) - تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/ 168) صحيح
(2) - تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/ 166) وشرح مشكل الآثار (4/ 319) (1630) وشعب الإيمان (4/ 66) (2185) صحيح
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وَقَالَ: النِّسْيَانُ لَيْسَ مِمَّا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَكَيْفَ يَسْأَلُونِ أَنْ لَا يُؤَاخَذُوا بِهِ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّ النِّسْيَانَ الَّذِي لَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ هُوَ النِّسْيَانُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ أَضْدَادٌ لِلذِّكْرِ لَهَا، فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَاخَذُونَ بِهِ، وَمِمَّا لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ سُؤَالُهُمْ رَبَّهُمْ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُمْ بِهِ وَأَمَّا النِّسْيَانُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّمَا هُوَ التَّرْكُ عَلَى الْعَمْدِ بِذَلِكَ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة:67] فِي مَعْنَى تَرَكُوا اللهَ فَتَرَكَهُمْ قَالَ: فَمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً {أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وَالْخَطَأُ فَهْمٌ غَيْرُ مَأْخُوذِينَ بِهِ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّ الْخَطَأَ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَاهَا عَلَيْنَا الَّذِي لَا جُنَاحَ فِيهِ، هُوَ ضِدُّ مَا يَتَعَمَّدُونَهُ كَمَا قَالَ: عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] وَالْخَطَأُ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا نَحْنُ عَلَيْهِ، هُوَ الْخَطَأُ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ يَفْعَلُهُ، عَلَى أَنَّهُ بِهِ مُخْطِئٌ فِي اخْتِيَارِهِ لَهُ، وَفِي قَصْدِهِ إلَيْهِ، وَفِي عَمَلِهِ بِهِ وَمِنْهُ قِيلَ: خَطِئْتُ فِي كَذَا مَهْمُوزٌ أَيْ عَمِلْتُ كَذَا خَطِيئَةً، فَذَلِكَ مِمَّا عَامِلُهُ مَأْخُوذٌ بِهِ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ، أَوْ مَعْفُوٌّ لَهُ عَنْهُ، إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْ مِثْلِهِ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ أَنَّهُمْ رُضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْضِعِ سُؤَالٍ، وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَفَرَ لَهُمْ فِي شَيْئَيْنِ قَدْ كَانَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْذُهُمْ بِهَا، وَعُقُوبَتُهُمْ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى فَضْلِهِ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَرَحْمَتِهِ لَهُمْ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ(1/16)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ [ص:67] إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة:285] فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَلَمَّا قَالَ: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285] قَالَ اللهُ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ، فَلَمَّا قَالَ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قَالَ اللهُ تَعَالَى: لَا أُؤَاخِذُكُمْ، فَلَمَّا قَالَ: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة:286] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا أَحْمِلُ عَلَيْكُمْ، فَلَمَّا قَالَ: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة:286] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا أُحَمِّلُكُمْ، فَلَمَّا قَالَ: {وَاعْفُ عَنَّا} [البقرة:286] قَالَ اللهُ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ، فَلَمَّا قَالَ: {وَاغْفِرْ لَنَا} [البقرة:286] قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ، فَلَمَّا قَالَ: {وَارْحَمْنَا} [البقرة:286] قَالَ اللهُ: قَدْ رَحِمْتُكُمْ، فَلَمَّا قَالَ: {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286] قَالَ: قَدْ نَصَرْتُكُمْ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ " (1)
•••••••••••
__________
(1) - شعب الإيمان (4/ 67) (2185) صحيح(1/17)
الشهادتان بإخلاص
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، فَأَسْتَأْذَنَ النَّاسُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَحْرِ بَعْضِ ظُهُورِهِمْ، فَقَالُوا: يُبْلِغُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ هَمَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي نَحْرِ بَعْضِ ظُهُورِهِمْ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِنَا نَحْنُ إِذَا لَقِينَا عَدُوَّنَا جِيَاعًا رِجَالا، وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَدْعُو النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَيَجْمَعُها، ثُمَّ تَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيُبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ بِالْحِفْنَةِ مِنَ الطَّعَامِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ، فَكَانَ أَعْلاهُمْ مَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَجَمَعَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،ثُمَّ قَامَ، فَدَعَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْثُوا، فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلا مَلَؤُهُ، وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَإِنِّي رَسُولُ اللهِ لا يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدٌ يُؤْمِنُ بِهَا إِلا حَجَبَهُ عَنِ النَّارِ" (1)
وعَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:" كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ تَرَكُوهُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ فِيهِ ثُمَّ مَجَّ فِيهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ فِيهِ بِمَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَأَدْخَلَ كَفَّهُ فِيهَا، فَأَقْسَمَ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصَابِعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَفَجَّرُ يَنَابِيعَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ أَمْرَ النَّاسَ فَشَرِبُوا وَاسْتَقَوْا وَمَلَؤوا قِرَبَهُمْ وَأَوَانِيهِمْ قَالَ: ثُمَّ ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لَا يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ» (2)
__________
(1) - الآحاد والمثاني (2004) حسن
المخمصة: المجاعة - الصاع: مكيال المدينة تقدر به الحبوب وسعته أربعة أمداد، والمد هو ما يملأ الكفين
(2) - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (4/ 60) (2005) صحيح(1/18)
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، فَاسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللهِ فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ بِنَا إِذَا لَقِينَا عَدُوَّنَا جِيَاعًا رَجَّالَةً؟ وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقِيَّةِ أَزْوِدَتِهِمْ. فَجَاؤُوا بِهِ، يَجِيءُ الرَّجُلُ بِالْحِفْنَةِ مِنَ الطَّعَامِ وَفَوْقَ ذَلِكَ، وَكَانَ أَعْلاَهُمُ الَّذِي جَاءَ بِالصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ، فَجَمَعَهُ عَلَى نِطَعٍ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلاَّ مَمْلُوءٌ وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَأَشْهَدُ عِنْدَ اللهِ لاَ يَلْقَاهُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهِمَا إِلاَّ حَجَبَتَاهُ عَنِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (1)
وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:" كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، فَاستأْذَنَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَحْرِ بَعْضِ ظُهُورِهِمْ، فَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا نَحْنُ نَحَرْنَا ظَهْرَنَا ثُمَّ لَقِينَا عَدُوَّنَا غَدًا وَنَحْنُ جِيَاعٌ رِجَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" فَمَا تَرَى يَا عُمَرُ؟ " قَالَ: تَدْعُو النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ تَدْعُو لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُشْبِعُنَا بِدَعْوَتِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: وَكَأَنَّمَا كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غِطَاءٌ فَكُشِفَ، فَدَعَا بِثَوْبٍ فَأَمَرَ بِهِ فَبُسِطَ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَجَاءُوا بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَاءَ بِالْجَفْنَةِ مِنَ الطَّعَامِ أَوِ الْحَفْنَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَاءَ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوُضِعَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوْبِ، ثُمَّ دَعَا فِيهِ بِالْبَرَكَةِ، وَتَكَلَّمَ مَا شَاءَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ نَادَى فِي الْجَيْشِ فَجَاءُوا ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَأَكَلُوا وَطَعِمُوا وَمَلَأُوا أَوْعِيَتَهُمْ وَمَزَاوِدَهُمْ، ثُمَّ دَعَا بِرَكْوَةٍ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ فِيهَا، ثُمَّ مَجَّ فِيهَا وَتَكَلَّمَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ أَدْخَلَ خِنْصَرَهُ فِيهَا، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصَابِعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَفَجَّرُ يَنَابِيعَ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَمَلَأُوا قِرَبَهُمْ وَأَدَاوِيَهُمْ، ثُمَّ ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 1 / ص 454) (221) حسن(1/19)
حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ:" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لَا يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ " (1)
وعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ فَاسْتَأْذَنَ بَعْضُ النَّاسِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَحْرِ ظُهُورِهِمْ، وَقَالُوا: يُبَلِّغْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ هَمَّ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي نَحْرِ ظُهُورِهِمْ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِنَا إِذَا نَحْنُ لَقِينَا الْعَدُوَّ غَدًا جِيَاعًا رِجَالًا وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَتَجْمَعَهَا، ثُمَّ تَدْعُوَ اللَّهَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيُبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ أَوْ قَالَ: سَيُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ بِالْحَفْنَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْحَثْيَةِ مِنَ الطَّعَامِ وَفَوْقَ ذَلِكَ فَكَانَ أَعْلَاهُمْ مَنْ جَاءَ بِصَاعِ تَمْرٍ فَجَمَعَهَا، ثُمَّ قَامَ فَدَعَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْبِسُوا، قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلَّا مَلَئُوهُ وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَقَالَ:" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَلْقَى اللَّهَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهِمَا إِلَّا حُجِبَ عَنِ النَّارِ " (2).
وعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، فَاسْتَأْذَنَ النَّاسُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ، وَقَالُوا: «يُبَلِّغُنَا اللهُ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ هَمَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِنَا إِذَا نَحْنُ لَقِينَا الْقَوْمَ غَدًا جِيَاعًا رِجَالًا، وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَتَجْمَعَهَا، ثُمَّ تَدْعُوَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ اللهَ سَيُبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ أَوْ قَالَ: سَيُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ النَّاسُ
__________
(1) - الْأَحَادِيثُ الطِّوَالُ (54) حسن
(2) - دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ (2369) حسن(1/20)
يَجِيئُونَ يَعْنِي بِالْحَثْيَةِ مِنَ الطَّعَامِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ فَكَانَ أَعْلَاهُ مَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَجَمَعَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،ثُمَّ قَامَ فَدَعَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْتَثُوا، فَمَا بَقِيَ مِنَ الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلَّا مَلَؤُوهُ، وَبَقِيَ مِثْلُهُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّى رَسُولُ اللهِ، لَا يَلْقَى اللهَ عَبْدٌ يُؤْمِنُ بِهِمَا إِلَّا حُجِبَتْ عَنْهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (1)
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَهْلًا، لِمَ تَبْكِي؟ فَوَاللهِ لَئِنْ اسْتُشْهِدْتُ لَأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لَأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ اسْتَطَعْتُ لَأَنْفَعَنَّكَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا حَدَّثْتُكُمُوهُ، إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ، وَقَدِ اُحِيطَ بِنَفْسِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَقُولُ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ» (2).
وعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ»،قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ»،قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلاَثًا، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ
__________
(1) - السنن الكبرى للنسائي (8/ 102) (8742) صحيح
(2) - صحيح مسلم (1/ 57) 47 - (29)
[ش (مهلا) معناه أنظرني قال الجوهري يقال مهلا يا رجل بالسكون وكذلك للاثنين والجمع والمؤنث وهي موحدة بمعنى أمهل فإذا قيل لك مهلا قلت لا مهل والله ولا تقل لا مهلا وتقول ما مهل والله بمغنية عنك شيئا (وقد أحيط بنفسي) معناه قربت من الموت وأيست من النجاة والحياة]
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ»،فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ قَبْلَ نُزُولِ الفَرَائِضِ وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ»
«وَوَجْهُ هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ سَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَإِنْ عُذِّبُوا بِالنَّارِ بِذُنُوبِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ» وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ» هَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر:2] قَالُوا: إِذَا أُخْرِجَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُوا الجَنَّةَ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ "سنن الترمذي ت شاكر (5/ 23)(1/21)
قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»،قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: «إِذًا يَتَّكِلُوا» وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا" (1).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَدِيفَهُ عَلَى الرَّحْلِ فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ».قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَهَا ثَلَاثًا - مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ أَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: إِذًا يَتَّكِلُوا. فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا " (2)
وعَنِ الأَوْزَاعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، قَالا: حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، فَاسْتَأْذَنَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ، فَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا نَحَرْنَا ظَهَرْنَا ثُمَّ، لَقِينَا عَدُوَّنَا غَدًا، وَنَحْنُ جِيَاعٌ رِجَالٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَا تَرَى يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ تَدْعُوَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ سَيُبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَكَأَنَّمَا كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ غِطَاءٌ فَكُشِفَ، قَالَ: فَدَعَا بِثَوْبٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَبُسِطَ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَاؤُوا بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ، قَالَ: فَمَنِ النَّاسِ مَنْ جَاءَ بِالْحَفْنَةِ مِنَ الطَّعَامِ أَوِ الْحَثْيَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَاءَ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَوُضِعَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوْبِ، ثُمَّ دَعَا فِيهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، ثُمَّ نَادَى فِي الْجَيْشِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَأَكَلُوا، وَطَعِمُوا، وَمَلَئُوا أَوْعِيَتَهُمْ، وَمَزَاوِدَهُمْ، ثُمَّ دَعَا رَكْوَةً فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ فِيهَا، ثُمَّ مَجَّ فِيهِ، وَتَكَلَّمَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، وَأَدْخَلَ كَفَّهُ فِيهَا، فَأَقْسَمَ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصَابِعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَفْجُرُ يَنَابِيعُ مِنَ
__________
(1) - صحيح البخاري (1/ 38) (128)
[(رديفه على الرحل) راكب خلفه لى الدابة والرحل غالبا ما تقال للبعير وقد تطلق على غيره أحيانا كما هو الحال هنا إذا كان راكبا على حمار. [فتح الباري] (لبيك) مثنى لب ومعناه الإجابة و (سعديك) مثنى سعد وهو المساعدة وثنيا على معنى التأكيد والتكثير أي إجابة لك بعد إجابة ومساعدة بعد مساعدة والمعنى أنا مقيم على طاعتك. (صدقا من قلبه) أي يشهد بلفظه ويصدق بقلبه. (يتكلوا) يعتمدوا على ما يتبادر من ظاهرة الاكتفاء به. فيتركوا العمل. (تأثما) خشية الوقوع في الإثم لكتمان العلم. قال في الفتح وإخباره يدل على أن النهي عن التبشير كان على الكراهة لا التحريم]
(2) - البعث والنشور للبيهقي (ص:73) (38) صحيح(1/22)
الْمَاءِ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ فَشَرِبُوا، وَمَلَئُوا قِرَبَهُمْ وَأَدَوَاتِهِمْ، قَالَ: ثُمَّ ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لا يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمَا أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ. (1)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِالْبَابِ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» فَقَالَ مُعَاذٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أُخْبِرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «دَعْهُمْ فَلْيَتَنَافَسُوا فِي الْأَعْمَالِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا عَلَيْهَا» (2)
وعَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ: عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ دَخَلَ الْقَبْرَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، خَلَّصَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ». (3)
وعَنْ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ، مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَجَلَسَ مَنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَحِقَهُ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّهُ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ، وَأَوْجَبَ لَهُ الْجَنَّةَ». (4)
وعَنْ سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَأَنَا رَدِيفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" يَا سُهَيْلُ ابْنَ الْبَيْضَاءِ "،وَرَفَعَ صَوْتَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُهُ سُهَيْلٌ، فَسَمِعَ النَّاسُ صَوْتَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَظَنُّوا أَنَّهُ يُرِيدُهُمْ، فَحُبِسَ مَنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَحِقَهُ مَنْ كَانَ
__________
(1) - الفوائد لتمام - مكتبة الرشد - الرياض (2/ 292) (1472) صحيح
(2) - المعجم الكبير للطبراني (20/ 46) (75) صحيح
(3) - السنن الكبرى للنسائي (9/ 408) (10884) صحيح
(4) - صحيح ابن حبان - مخرجا (1/ 428) (199) صحيح لغيره
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا خَبَرٌ خَرَجَ خِطَابُهُ عَلَى حَسَبِ الْحَالِ، وَهُوَ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ «فُصُولُ السُّنَنِ»،أَنَّ الْخَبَرَ إِذَا كَانَ خِطَابُهُ عَلَى حَسَبِ الْحَالِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ.
وَكُلُّ خِطَابٍ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَسَبِ الْحَالِ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وُجُودُ حَالَةٍ مِنْ أَجْلِهَا ذَكَرَ مَا ذَكَرَ لَمْ تُذْكَرْ تِلْكَ الْحَالَةُ مَعَ ذَلِكَ الْخَبَرِ.
وَالثَّانِي: أَسْئِلَةٌ سُئِلَ عَنْهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَجَابَ عَنْهَا بِأَجْوِبَةٍ، فَرُوِيَتْ عَنْهُ تِلْكَ الْأَجْوِبَةُ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْأَسْئِلَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ بِالْخَبَرِ إِذَا كَانَ هَذَا نَعَتُهُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ دُونَ أَنْ يُضَمَّ مُجْمَلُهُ إِلَى مُفَسَّرِهِ، وَمُخْتَصَرُهُ إِلَى مُتَقَصَّاهُ(1/23)
خَلْفَهُ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" إِنَّهُ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ، وَأَوْجَبَ لَهُ الْجَنَّةَ ". (1)
وعَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ، فَلَمَّا رَآهُ مُقْبِلًا قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ عُرِجَ بِهِ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ فَرَجَعَ وَهُوَ يَعْمَلُ عَلَى مَا رَأَى فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ. (2)
••••••••••••
__________
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (25/ 15) (15738) المرفوع صحيح لغيره
(2) - مسند الشاميين للطبراني (1/ 43) (34) و (2178) صحيح لغيره(1/24)
من قال الشهادتان وعيسى عبد الله ورسوله ..
عَنْ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ". (1)
وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ» (2)
وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرَوْحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمِلٍ» (3)
وعَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ، وَفِي رواية: أَدْخَلَهُ الْجَنَّةُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ " (4)
وعَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ
__________
(1) - صحيح مسلم (1/ 57) 46 - (28) والإيمان لابن منده (1/ 190) (45) والسنن الكبرى للنسائي (9/ 415) (10904)
(2) - االإيمان لابن منده (1/ 510) (404) والدعوات الكبير (1/ 226) (153) صحيح
(3) - الإيمان لابن منده (1/ 189) (44) والسنن الكبرى للنسائي (9/ 415) (10904) وقال: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ.
(4) - مستخرج أبي عوانة (1/ 18) (8) صحيح(1/25)
مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ» وفي رواية عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ" (1)
••••••••••••
__________
(1) - صحيح البخاري (4/ 165) (3435)
[(حق) أمر ثابت وحاصل. (على ما كان من العمل) أي يكون دخوله الجنة على حسب ما قدم من أعمال في الدنيا فإن لم تكن له ذنوب يعاقب عليها بالنار كان من السابقين وإن كانت له ذنوب فأمره إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه ثم كانت نهايته إلى الجنة](1/26)
من عبد الله وحده وأقام الصلاة وآتى الزكاة ...
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ عَبَدَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَإِنَّ اللهَ يُدْخِلُهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، وَلَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، وَمَنْ عَبَدَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَسَمِعَ وَعَصَى، فَإِنَّ اللهَ مِنْ أَمْرِهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " " (1)
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ: «مَنْ عَبَدَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُهُ مِنْ أَيِّ أَبُوابِ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبُوابٍ» (2)
وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ عَبَدَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ "،فَسَأَلَهُ: مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ:" الشِّرْكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ نَفْسٍ مُسْلِمَةٍ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ " (3)
••••••••••••
__________
(1) - السنة لابن أبي عاصم (2/ 468) (968) ومسند أحمد ط الرسالة (37/ 428) (22768) صحيح
(2) - السنة لابن أبي عاصم (2/ 493) (1027) صحيح
(3) - مسند أحمد ط الرسالة (38/ 492) (23506) صحيح لغيره(1/27)
من مات لا يشرك بالله شيئا
عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ» (1)
وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا فَقَدْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (2)
••••••••••••
__________
(1) - السنن الكبرى للنسائي (9/ 414) (10902) صحيح
وهذا محمول على أنه قام بالواجبات وترك المحرمات، وإلا فقد وردت نصوص أخرى قطعية تبين أنه إذا كان مرتكباً للكبائر يعاقب يوم القيامة ثم يخرج من النار ويدخل الجنة .. قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان:68 - 70]
أو يحمل الحديث على النار التي سوف يكون فيها الكفار والمشركون والملحدون، فهذه لا يدخلها عصاة الموحدين، والله أعلم.
والمشهور ما جاء عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْمُوجِبَتَانِ؟ فَقَالَ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ» صحيح مسلم (1/ 94) 151 - (93) [ش (الموجبتان) معناه الخصلة الموجبة للجنة والخصلة الموجبة للنار]
وعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ» صحيح مسلم (1/ 94) 152 - (93)
(2) - الكنى والأسماء للدولابي (3/ 966) (1690) صحيح(1/28)
محبة الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَصَبِيٌّ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الطَّرِيقِ، فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّهُ الدَّوَابَّ، خَشِيتَ عَلَى ابْنِهَا أَنْ يُوطَأَ، فَسَعَتْ وَالِهَةً، فَقَالَتِ: ابْنِي ابْنِي، فَاحْتَمَلَتِ ابْنَهَا، فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُلْقِيَ ابْنَهَا فِي النَّارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:لاَ وَاللَّهِ، لاَ يُلْقِي اللَّهُ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ، قَالَ: فَخَصَمَهُمْ نَبِيُّ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - " (1)
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ صَبِيٌّ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَمَرَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ الْقَوْمَ خَشِيَتْ أَنْ يُوطَأَ ابْنُهَا، فَسَعَتْ وَحَمَلَتْهُ، وَقَالَتْ: ابْنِي ابْنِي، قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَانَتْ هَذِهِ لَتُلْقِيَ ابْنَهَا فِي النَّارِ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:لاَ، ولاَ يُلْقِي اللهُ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ. (2).
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَصَبِيٌّ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّهُ الْقَوْمَ خَشِيَتْ عَلَى وَلَدِهَا أَنْ يُوطَأَ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَتَقُولُ: ابْنِي ابْنِي وَسَعَتْ فَأَخَذَتْهُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُلْقِيَ ابْنَهَا فِي النَّارِ. قَالَ: فَخَفَّضَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:" وَلَاءُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُلْقِي حَبِيبَهُ فِي النَّارِ ". رَوَاهُ أَحْمَدُ (3)
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا».قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ: «فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ». (4)
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 195) (7347) صحيح
(2) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 126) (194) ومسند أحمد ط الرسالة (21/ 128) (13467) صحيح
(3) - مسند أحمد ط الرسالة (19/ 75) (12018) صحيح
(4) - صحيح البخاري (5/ 12) (3688) وصحيح مسلم (4/ 2032) 163 - (2639)
[ش (رجلا) قيل هو ذو الخويصرة اليماني. (متى الساعة) وقت قيام القيامة. (أعددت لها) هيأت من الأعمال الصالحة التي هي أحق بالسؤال عنها والاهتمام بها](1/29)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -:مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» (1).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ؟ فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ سَاعَتِهِ؟» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ شَيْءٍ، وَلَا صَلَاةٍ، وَلَا صِيَامٍ، أَوْ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ عَمَلٍ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»،أَوْ قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ: فَمَا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فَرِحُوا بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ مِثْلَ فَرَحِهِمْ بِهَذَا ". (2)
قال الإمام النووي رحمه الله:" فِيهِ فَضْل حُبّ اللَّه وَرَسُوله - صلى الله عليه وسلم - وَالصَّالِحِينَ، وَأَهْل الْخَيْر، الْأَحْيَاء وَالْأَمْوَات. وَمِنْ فَضْل مَحَبَّة اللَّه وَرَسُوله اِمْتِثَال أَمْرهمَا، وَاجْتِنَاب نَهْيهمَا، وَالتَّأَدُّب بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّة. وَلَا يُشْتَرَط فِي الِانْتِفَاع بِمَحَبَّةِ الصَّالِحِينَ أَنْ يَعْمَل عَمَلهمْ؛ إِذْ لَوْ عَمِلَهُ لَكَانَ مِنْهُمْ وَمِثْلهمْ " (3)
وفي عون المعبود" يَعْنِي مَنْ أَحَبَّ قَوْمًا بِالْإِخْلَاصِ يَكُونُ مِنْ زُمْرَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلَهُمْ لِثُبُوتِ التَّقَارُبِ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَرُبَّمَا تُؤَدِّي تِلْكَ الْمَحَبَّةُ إِلَى مُوَافَقَتِهِمْ، وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى مَحَبَّةِ الصُّلَحَاءِ وَالْأَخْيَارِ رَجَاءَ اللَّحَاقِ بِهِمْ وَالْخَلَاصِ مِنَ النَّارِ " (4)
••••••••••••
__________
(1) - صحيح البخاري (8/ 40) (6171)
(2) - صحيح ابن حبان - مخرجا (1/ 308) (105) صحيح
(3) - شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 483)
(4) - عون المعبود وحاشية ابن القيم (14/ 25)(1/30)
الصَّدَّقَةُ
عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا عَنِ الصَّدَقَةِ قَالَ: إِنَّهَا حِجَابٌ عَنِ النَّارِ، لِمَنِ احْتَسَبَهَا، يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ قَالَتْ: أَفْتِنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ قَالَ: طُعْمَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَقَدْ أَغْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا قَالَتْ: وَأَفْتِنَا عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَقَالَ: مِنْ أَثَرِ الْبَوْلِ، فَمَنْ أَصَابَهُ بَوْلٌ فَلْيَغْسِلْهُ بِمَاءٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً، فَلْيَمْسَحْهُ بِتُرَابٍ طَّيِّبٍ" (1)
وعَنْ مَيْمُونَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا عَنِ الصَّدَقَةِ، قَالَ:" إِنَّهَا حِجَابٌ مِنَ النَّارِ لِمَنِ احْتَسَبَهَا يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ " قَالَتْ: أَفْتِنَا فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ، قَالَ:" طُعْمَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَقَدْ أَغْنَى الله عَنْهَا " قَالَتْ: أَفْتِنَا عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، قَالَ:" أَثَرُ الْبَوْلِ، فَمَنْ أَصَابَهُ بَوْلٌ فَلْيَغْسِلْهُ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً مَسَحَهُ بِتُرَابٍ طَيِّبٍ " (2)
وعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَفْتِنَا عَنِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ:" إِنَّهَا حَاجِبٌ مِنَ النَّارِ، لِمَنْ أَحْسَنَهَا يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " (3)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» (4)
•••••••••••
__________
(1) - الآحاد والمثاني (3449) والمعجم الكبير للطبراني (25/ 37) (68) حسن
(2) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3445) (7842) حسن
الحجاب: الحاجز والمانع والساتر = الاحتساب والحسبة: طَلَب وجْه الله وثوابه. بالأعمال الصالحة، وعند المكروهات هو البِدَارُ إلى طَلَب الأجْر وتحصيله بالتَّسْليم والصَّبر، أو باستعمال أنواع البِرّ والقِيام بها على الوجْه المرْسُوم فيها طَلَباً للثَّواب المرْجُوّ منها = الابتغاء: الاجتهاد في الطلب والمراد طلب ثواب الله وفضله
(3) - المعجم الكبير للطبراني (25/ 35) (62) حسن
(4) - صحيح البخاري (4/ 56) (2989) وصحيح مسلم (2/ 699) 56 - (1009)
[(يميط الأذى) يزيل ما يتأذى به الناس من حجر أو قمامة وغير ذلك](1/31)
كلُّ معروف صدقة
عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ فَرُّوخَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وَحَمِدَ اللهَ، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ اللهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ السُّلَامَى، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ» وَرُبَّمَا قَالَ: «يُمْسِي». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1)
وعَنْ أَبِي سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ، وَحَمِدَهُ، وَهَلَّلَ اللَّهَ، وَسَبِّحَ اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَعَزَلَ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِهِمْ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِ مِائَةٍ، فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ». (2)
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي جَعَلَ بِهِ الثَّوَابَ لِكُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ هَذِهِ الْمَفَاصِلِ، وَهَلْ نَجِدُ لِذَلِكَ مَثَلًا فِيمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ فما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" كَتَبَ اللهُ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى فَالْعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا النَّظَرُ وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ، وَالسَّمْعُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الِاسْتِمَاعُ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ " وَإِذَا كَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْأَمْرِ الْمَذْمُومِ مَعْمُومًا بِهِ كُلَّ الْأَعْضَاءِ كَانَ الْأَمْرُ الْمَحْمُودُ أَيْضًا
__________
(1) - صحيح مسلم (2/ 699) 54 - (1007)
[ش (مفصل) ملتقى العظمين في البدن (عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى) قد يقال وقع هنا إضافة ثلاثة إلى مائة مع تعريف الأول وتنكير الثاني والمعروف لأهل العربية عكسه وهو تنكير الأول وتعريف الثاني أما السلامى فبضم السين وتخفيف اللام وهو المفصل وجمعه سلاميات بفتح الميم وتخفيف الياء وفي القاموس السلامى كحبارى عظام صغار طول الإصبع في اليد والرجل وجمعه سلاميات]
(2) - صحيح ابن حبان - مخرجا (8/ 173) (3380) صحيح(1/32)
مَعْمُومًا بِهِ كُلَّ الْأَعْضَاءِ فَاتَّفَقَ بِمَا ذَكَرْنَا مَعْنَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَبَانَ بِهِ الْمُرَادُ فِيهِمَا وَاللهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا فِيهِ بَيَانُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ. وَهُوَ مَا جاء عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" فِي الْإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلَاثُ مِائَةِ مَفْصِلٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ صَدَقَةً " قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:" النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا أَوِ الشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ " فَوَقَفْنَا بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ هُوَ الصَّدَقَةُ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ تِلْكَ الْمَفَاصِلِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ" (1)
•••••••••••
__________
(1) - شرح مشكل الآثار (1/ 93)(1/33)
صيام التطوع
إذا كان الصومُ في حال جهاد الأعداء فذاك الفوزُ العظيم، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا بَاعَدَ اللهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1)
وعَنْ عُثَامَةَ بْنِ قَيْسٍ أَبِي عَلِيٍّ، أَنَّ رَجُلا مِنْ أَسَدٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى بَاعَدْتُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِئَةِ سَنَةٍ" (2)
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» (3)
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» (4)
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ، كُلُّ خَنْدَقٍ كَمَا بَيْنَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَسَبْعِ أَرَضِينَ» (5)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ، رَكْضَ الْفَرَسِ الْجَوَادِ الْمُضْمَرِ". (6)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ". (7)
__________
(1) - صحيح مسلم (2/ 808) 167 - (1153) وصحيح البخاري (4/ 26) (2840)
[ش (خريفا) الخريف السنة والمراد مسيرة سبعين سنة]
(2) - الآحاد والمثاني (2742) حسن لغيره
(3) - المعجم الصغير للطبراني (449) والمعجم الأوسط (4/ 46) (3574) حسن
(4) - المعجم الأوسط (5/ 112) (4826) حسن
(5) - معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي (ص:100) حسن لغيره
(6) - المعجم الكبير للطبراني (8/ 198) (7806) حسن لغيره
(7) - المعجم الكبير للطبراني (8/ 235) (7921) حسن(1/34)
وعَنْ عُتْبَةَ بن عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَرِيضَةً بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ كَمَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا تَطَوُّعًا بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ". (1)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بَيْنَ وَجْهِهِ، وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». (2)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» (3)
وعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنَ النَّارِ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ. (4)
•••••••••••
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني (17/ 119) (295) ضعيف
(2) - سنن الدارمي (3/ 1552) (2444) صحيح
(3) - صحيح البخاري (4/ 26) (2840) وصحيح مسلم (2/ 808) 167 - (1153)
[(في سبيل الله) أي وهو في الجهاد أو مخلصا لله تعالى فيه. (سبعين خريفا) مسافة سير سبعين سنة]
(4) - مسند الشاميين للطبراني (1/ 171) (290) و (4/ 340) (3498) صحيح لغيره(1/35)
من يحبُّ للناس ما يحب لنفسه
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ:" إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ "،فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْشُدُكَ اللهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ، وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ: «سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي»،فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ، يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا، وَاللهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29] قَالَ: فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ».رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1)
__________
(1) - صحيح مسلم (3/ 1472) 46 - (1844)
ينتضل: الانتضال: الرمي بالسهام. -جشره: الجشر: المال من المواشي التي ترعى أمام البيوت والديار، وقال: جشر يرعى في مكانه لا يراجع إلى أهله يقال: جشرنا دوابنا: أخرجناها إلى المرعى نجشرها جشرا، ولا نروح إلى أهلنا.-فيزلق: أزلقت بعضها بعضا: دفع بعضها بعضا، كأن الثانية تزحم الأولى، لسرعة ورودها عليها، ويزلق بعضها بعضا: يعجلها، والإزلاق: الإعجال. في هذا الحديث إخبار من النبي - صلى الله عليه وسلم - بما لم يكن، وهو في علم الله أمر كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي، تحقيقا لوقوعه وحدوثه، وفي إعلامه به قبل وقوعه دليل من دلائل النبوة، وفيه دليل على ما وظفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكفرة في الأمصار من الجزية ومقدارها. جامع الأصول في أحاديث الرسول - (10/ 51)
وقال النووي رحمه الله:" الْمَقْصُود بِهَذَا الْكَلَام: أَنَّ هَذَا الْقَائِل لَمَّا سَمِعَ كَلَام عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ، وَذَكَرَ الْحَدِيث فِي تَحْرِيم مُنَازَعَة الْخَلِيفَة الْأَوَّل، وَأَنَّ الثَّانِي يُقْتَل، فَاعْتَقَدَ هَذَا الْقَائِل هَذَا الْوَصْف فِي مُعَاوِيَة لِمُنَازَعَتِهِ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّه عَنْهُما -،وَكَانَتْ قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَة عَلِيّ فَرَأَى هَذَا أَنَّ نَفَقَة مُعَاوِيَة عَلَى أَجْنَاده وَأَتْبَاعه فِي حَرْب عَلِيّ وَمُنَازَعَته وَمُقَاتَلَته إِيَّاهُ، مِنْ أَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ، وَمِنْ قَتْل النَّفْس، لِأَنَّهُ قِتَالٌ بِغَيْرِ حَقّ، فَلَا يَسْتَحِقّ أَحَدٌ مَالًا فِي مُقَاتَلَته.
وفِيهِ: دَلِيل لِوُجُوبِ طَاعَة الْمُتَوَلِّينَ لِلْإِمَامَةِ بِالْقَهْرِ مِنْ غَيْر إِجْمَاع وَلَا عَهْد. شرح النووي على مسلم (12/ 234)(1/36)
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، يُحَدِّثُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي مَجْشَرِهِ، وَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، إِذْ نُودِيَ بِالصَّلاَةِ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لَهُمْ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ، فَتَجِيءُ فِتْنَةُ الْمُؤْمِنِ، فَيَقُولُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَجِيءُ فَيَقُولُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، قَالَ: قُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ، يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَنُهْرِيقُ دِمَاءَنَا، وَقَالَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء]،وَقَالَ: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء] قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ. (1)
•••••••••••
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 13 / ص 294) (5961) صحيح(1/37)
صلاةُ الفجرِ في جماعة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِى جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ» (1).
وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا تَفُوتُهُ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ " (2)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ لَا تَفُوتُهُ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى أَوْ قَالَ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ" (3)
وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «مَنْ صَلَّى فِى مَسْجِدٍ جَمَاعَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِتْقًا مِنَ النَّارِ» (4).
وعن أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» - يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ -،" فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الرَّجُلُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي " (5).
__________
(1) - سنن الترمذى (241) حسن لغيره
(2) - شعب الإيمان (4/ 345) (2612 - 2614) حسن لغيره
(3) - معجم ابن الأعرابي (2/ 611) (1175) حسن
(4) - سنن ابن ماجه (847) وشعب الإيمان (4/ 346) (2616) حسن دون قوله لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء
(5) - صحيح مسلم (1/ 440) 213 - (634)
قال السندي: قوله: صلى قبل طلوع الشمس، أي: صلى الفجر، وقبل غروبها، أي: صلى العصر. لعل المعنى: من داوم على هاتين الصلاتين، ولعله لا يُوفَّق للدوام إلا من أريد له النجاة من النار. وانظر "فتح الباري" 2/ 53.مسند أحمد ط الرسالة (28/ 456)(1/38)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَمْلَيْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، مَعَ أَخْبَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ»،وَكُلُّ عَالِمٍ يَعْلَمُ دِينَ اللَّهِ وَأَحْكَامَهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ لَا يُوجِبَانِ الْجَنَّةَ مَعَ ارْتِكَابِ جَمِيعِ الْمَعَاصِي أَيْضًا، وَأَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ لِذَلِكَ إِنَّمَا رُوُيِتْ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ، إِنَّمًا رَوَيْتُ فِي فَضَائِلِ هَذِهِ الْأَعْمَالَ، كَذَلِكَ إِنَّمَا رَوَيْتُ أَخْبَارَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» فَضِيلَةً لِهَذَا الْقَوْلِ، لَا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُلُّ الْإِيمَانِ وَلَئِنْ جَازَ لِجَاهِلٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ أَنَّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ جَمِيعُ الْإِيمَانِ، إِذِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَّرَ أَنَّ قَائِلَهَا يَسْتَوْجِبُ الْجَنَّةَ وَيُعَاذُ مِنَ النَّارِ، لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَدَّعِيَ جَاهِلٌ مُعَانِدٌ أَيْضًا أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَاقَ نَاقَةٍ، فَيَحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ» كَاحْتِجَاجِ الْمُرْجِئَةِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَيَقُولُ مُعَانِدٌ آخَرُ جَاهِلٌ: إِنَّ الْإِيمَانَ بِكَمَالِهِ الْمَاشِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى تَغْبَرَّ قَدَمَا الْمَاشِي، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَبِقَوْلِهِ: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي مَنْخَرَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَبَدًا» وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخِرُ أَنَّ الْإِيمَانَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقهَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْو مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ» وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخَرُ أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى» وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخَرُ أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ صَوْمُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخِرُ أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ قَتْلُ كَافِرٍ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا» (1).
•••••••••••
__________
(1) - التوحيد لابن خزيمة (2/ 828)(1/39)
الاستجارةُ من النار
ومما يقي العبد من النار استجارة العبد بالله من النار، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) [الفرقان/65 - 66])
وهُمُ الذين يَغْلِبُ عليهِم الخَوفُ منَ اللهِ فيدْعُونهُ، ويسأَلُونَهُ أَنْ يَصرِفَ عنهمْ عَذابَ جَهَّنمَ، فإنَّ عذَابَها مؤلمٌ ملازمٌ للإِنسَانِ، لا يَزولُ عنهُ، ولا يَحُولُ، ولا يُفارِقُهُ. وإنَّ جَهَنَّمَ بئسَ المنزلُ، وَبئْسَ المَقِيلُ والمقَامُ. (1)
وهذا منهم على وجه التضرع لربهم، وبيان شدة حاجتهم إليه وأنهم ليس في طاقتهم احتمال هذا العذاب، وليتذكروا منة الله عليهم، فإن صرف الشدة بحسب شدتها وفظاعتها يعظم وقعها ويشتد الفرح بصرفها.
وقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)} [البقرة/200 - 202]
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - وَالمُؤْمِنِينَ بِالإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ بَعْدَ قَضَاءِ المَنَاسِكِ وَالفَرَاغِ مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ العَرَبَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقِفُونَ فِي المَوْسِمِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمُ: كَانَ أَبِي يُطْعِمُ وَيَحْمِلُ الدِّيَاتِ ... إِلخ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ غَيْرُ ذِكْرِ فِعَالِ آبَائِهِمْ فَأَنْزَلَ اللهُ هذِهِ الآيَةَ، وَأَرْشَدَ المُسْلِمِينَ إِلَى دُعَائِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَثِيراً، لِمَا فِي ذلِكَ مِنْ مَظنَّةٍ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَذَمَّ اللهُ الذِينَ لا يَسْأَلُونَ إِلاَّ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْ أَمْرِ آخِرَتِِهِمْ، غَيْر مُهْتَمِّينَ بِهِ.
وَإِلى جَانِبِ أُولَئِكَ المُهْتَمِّينَ بِأَمْرِ الدُّنْيا فَقَطْ، آخَرُون يَهْتَمُونَ بِأَمْرِ الآخِرَةِ إِلى جَانِبِ اهْتِمَامِهِمْ بِأَمْرِ الدُّنيا فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيا حَسَنَةً (وَتَشْمَلُ كُلَّ مَطْلَبٍ دَنْيَويِّ)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1/ 2802)(1/40)
وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً (وَتَشْمَلُ دُخُولَ الجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ)،وَهَذا يَقْتَضِي تَيْسِيرَ أَسْبَابِهِ فِي الدُّنْيا: مِنِ اجِتِنَابِ المَحَارِمِ وَالآثَامِ، وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ. وَهؤلاءِ لَهُمْ نَصِيبٌ مَضْمُونٌ مِمَّا كَسَبُوهُ بِالطَّلَبِ وَالرُّكُونِ إِلَى اللهِ، لا يُبْطِئُ عَلَيْهِمْ، فَاللهُ تَعَالَى سَرِيعُ الحِسَابِ، وَهُوَ يَجْزِي كُلاً بِمَا يَسْتَحِقُّهُ. (1)
وقال تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)} [آل عمران/15 - 17]
قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلنَّاسِ أتُرِيدُونَ أنْ أُخْبِرَكُمْ بِخَيْرٍ مِمّا زُيِّنَ للنَّاسِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيا مِنْ نَعِيمِها الزَّائِلِ؟ هُوَ مَا أعَدَّهُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ مِنْ عِبَادِهِ، الذِينَ أخْبَتُوا إلى رَبِّهِمْ وَأنَابُوا إليهِ، مِنْ جَنَّاتٍ تَتَفَجَّرُ فِي أرْضِها الأنْهَارُ، مُخَلَّدِينَ فِيها لا تَزُولُ عَنْهُمْ أبداً، وَلاَ يَبْغُونَ عَنْهَا تَحَوُّلاً، وَلَهُمْ فِيها أزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ مِنَ الدَّنَسِ وَالخُبْثِ وَالكَيْدِ وَسُوءِ الخُلُقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا يَعْتَرِي النِّسَاءَ. وَيَغْمُرُهُمْ رِضْوَانُ اللهِ فَلاَ يَسْخَطُ عَلَيهِمْ رَبُّهُمْ أبداً، وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ، يُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنَ العَطَاءِ.
وَعِبَادُ اللهِ المُتَّقُونَ الذِينَ يَسْتَحِقُونَ نَعِيمَ الآخِرَةِ، وَرِضْوَانَ اللهِ، هُمُ الذِينَ تَتَأَثَّرُ قُلُوبُهُمْ بِثَمَرَاتِ إِيمَانِهِمْ فَتَفِيضُ أَلْسِنَتُهُمْ بِالاعْتِرَافِ بِهَذَا الإِيمَانِ حِينَ الدُّعَاءِ وَالابْتِهَالِ إلى اللهِ فَيَقُولُونَ: رَبَّنا إنَّنا آمَنَّا بِكَ، وَبِكُتُبِكَ، وَبِرُسُلِكَ، فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنا، وَامْحُها بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَادْفَعْ عَنَّا عَذابَ النَّارِ، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. (2)
وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد (ص:207،بترقيم الشاملة آليا)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد (ص:309،بترقيم الشاملة آليا)(1/41)
لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)} [آل عمران/190 - 195]
إن في خلق السموات والأرض على غير مثال سابق، وفي تعاقُب الليل والنهار، واختلافهما طولا وقِصَرًا لدلائل وبراهين عظيمة على وحدانية الله لأصحاب العقول السليمة.
الذين يذكرون الله في جميع أحوالهم: قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، وهم يتدبرون في خلق السموات والأرض، قائلين: يا ربنا ما أوجدت هذا الخلق عبثًا، فأنت منزَّه عن ذلك، فاصْرِف عنا عذاب النار.
يا ربنا نجِّنا من النار، فإنك -يا ألله- مَن تُدخِلْه النار بذنوبه فقد فضحته وأهنته، وما للمذنبين الظالمين لأنفسهم من أحد يدفع عنهم عقاب الله يوم القيامة.
يا ربنا إننا سمعنا مناديا -هو نبيك محمد صلى الله عليه وسلم- ينادي الناس للتصديق بك، والإقرار بوحدانيتك، والعمل بشرعك، فأجبنا دعوته وصدَّقنا رسالته، فاغفر لنا ذنوبنا، واستر عيوبنا، وألحقنا بالصالحين.
يا ربنا أعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك من نصر وتمكين وتوفيق وهداية، ولا تفضحنا بذنوبنا يوم القيامة، فإنك كريم لا تُخْلف وعدًا وَعَدْتَ به عبادك.
فأجاب الله دعاءهم بأنه لا يضيع جهد مَن عمل منهم عملا صالحًا ذكرًا كان أو أنثى، وهم في أُخُوَّة الدين وقَبول الأعمال والجزاء عليها سواء، فالذين هاجروا رغبةً في رضا الله تعالى، وأُخرجوا من ديارهم، وأوذوا في طاعة ربهم وعبادتهم إيّاه، وقاتلوا وقُتِلوا في سبيل الله لإعلاء كلمته، ليسترنَّ الله عليهم ما ارتكبوه من المعاصي، كما سترها عليهم في(1/42)
الدنيا، فلا يحاسبهم عليها، وليدخلنَّهم جنات تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار جزاء من عند الله، والله عنده حسن الثواب. (1)
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَا يَسْأَلُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ اللهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثًا، إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللهُمَّ أَدْخِلْهُ. وَلَا اسْتَجَارَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ اللهَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثًا، إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: اللهُمَّ أَجِرْهُ ". (2)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ ثَلَاثًا قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ثَلَاثًا قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنِّي " (3)
وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْأَلُ الْجَنَّةَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ إِلا قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ إِلا قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنِّي " (4)
•••••••••••
__________
(1) - التفسير الميسر - (1/ 489)
(2) - مسند أحمد ط الرسالة (19/ 428) (12439) صحيح
(3) - الدعاء للطبراني (ص:391) (1310و1310 و1311 و1312) صحيح
(4) - مسند أبي يعلى الموصلي (3683) ومصنف ابن أبي شيبة -دار القبلة (15/ 379) (30427) صحيح(1/43)
الدعاءُ بعد الصلاة
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ الْكِنَانِىِّ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ الْحَارِثِ التَّمِيمِىَّ حَدَّثَهَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَداً مِنَ النَّاسِ اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ يَوْمِكَ ذَلِكَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ جِوَاراً مِنَ النَّارِ وَإِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَداً مِنَ النَّاسِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ تِلْكَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ جِوَاراً مِنَ النَّارِ». (1)
وعَنْ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَرِيَّةٍ، فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمُغَارَ، اسْتَحْثَثْتُ فَرَسِي، فَسَبَقْتُ أَصْحَابِي، فَتَلَقَّانِي الْحَيُّ بِالرَّنِينِ، فَقُلْتُ: قُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تُحَرَّزُوا، فَقَالُوهَا، فَلاَمَنِي أَصْحَابِي، وَقَالُوا: حُرِمْنَا الْغَنِيمَةَ بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ بِأَيْدِينَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،أَخْبَرُوهُ بِمَا صَنَعْتُ، فَدَعَانِي، فَحَسَّنَ لِي مَا صَنَعْتُ، وَقَالَ: أَمَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ لَكَ بِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَنَا نَسِيتُ الثَّوَابَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: إِنِّي سَأَكْتُبُ لَكَ كِتَابًا، وَأُوصِي بِكَ مَنْ يَكُونُ بَعْدِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: فَكَتَبَ لِي كِتَابًا، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ، فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ تِلْكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جَوَازًا مِنَ النَّارِ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ ذَلِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جَوَازًا مِنَ النَّارِ قَالَ: فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ، أَتَيْتُ أَبَا
__________
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (29/ 592) (18054) والدعاء للطبراني (ص:211) (665) والسنن الكبرى للنسائي (9/ 48) (9859) والمعجم الكبير للطبراني (19/ 433) (1051) وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 310
في سنده الحارث بن مسلم بن الحارث وثقه ابن حبان ولم يرو عنه سوى واحد من الثقات 6/ 176 وسكت عليه تخ2/ 282 وأبو حاتم الجرح 3/ 87،لكن رواية هؤلاء الأئمة لهذا الحديث وسكوتهم عليه كاف لتقويته.(1/44)
بَكْرٍ بِالْكِتَابِ، فَفَضَّهُ، فَقَرَأَهُ وَأَمَرَ لِي بِعَطَاءٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ، فَقَرَأَهُ، وَأَمَرَ لِي، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ عُثْمَانَ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. (1)
•••••••••••
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 5 / ص 366) (2022) والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (2/ 418) (1212) وسنن أبي داود (4/ 321) (5080) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2/ 794) (2098) حسن
استحثثت: استفعلت من الحث، وهو الاستعجال في الشيء. الرنين: الصوت والاستغاثة.(1/45)
صلاةُ أربعِ ركعات قبل الظهر وأربعا بعدها
عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُخْتِي أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (1).
وعَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: لَمَّا نُزِلَ بِعَنْبَسَةَ جَعَلَ يَتَضَوَّرُ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَحْمَهُ عَلَى النَّارِ»،فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ". (2)
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّارِ». (3)
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقَرَّ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَإِذَا حَدَّثَنَا بِهِ هُوَ لَمْ يَرْفَعْهُ ـ قَالَتْ: «مَنْ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». (4)
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حُرِّمَ عَلَى جَهَنَّمَ." (5)
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَقُولُ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ.
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ.
__________
(1) - السنن الكبرى للنسائي (2/ 187) (1486) والمستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 456) (1175) وسنن الترمذي ت شاكر (2/ 293) (428) صحيح
(2) - سنن النسائي (3/ 264) (1812) صحيح
(3) - سنن النسائي (3/ 265) (1814) صحيح
(4) - سنن النسائي (3/ 265) (1815) صحيح
(5) - الفوائد لتمام 414 - (2/ 60) (1033) صحيح(1/46)
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ. (1)
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: مَنْ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَهَا، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ.
وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَقُولُ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ. (2)
•••••••••••
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني (23/ 233) (444 - 446) صحيح
(2) - المعجم الكبير للطبراني (23/ 235) (452 - 455) صحيح(1/47)
صلاةُ أربع ركعات قبل العصر
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: جِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدٌ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَدْرَكْتُ آخِرَ الْحَدِيثِ، ورَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» فَقُلْتُ بِيَدِي هَكَذَا، يُحَرِّكُ بِيَدِهِ: إِنَّ هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَمَا فَاتَكَ مِنْ صَدْرِ الْحَدِيثِ أَجْوَدُ وَأَجْوَدُ، قُلْتُ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَهَاتِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (1).
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ حَرَّمَ اللهُ بَدَنَهُ عَلَى النَّارِ»،قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ رَأَيْتُكَ تُصَلِّي وَتَدَعُ، قَالَ: «لَسْتُ كَأَحَدِهِمْ». (2)
•••••••••••
__________
(1) - المعجم الأوسط (3/ 88) (2580) ضعيف
(2) - المعجم الكبير للطبراني (23/ 281) (611) حسن لغيره(1/48)
ما يقول عند الصباح والمساء
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ". (1)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ". (2)
وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعِ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ " (3)
وعَنْ مُسْلِمِ بْنِ زِيَادٍ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُ إِنَّا أَصْبَحْنَا نُشْهِدُكَ، وَنُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، إِلَّا أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ " (4)
__________
(1) - سنن أبي داود (4/ 317) (5069) حسن
(2) - مسند الشاميين للطبراني (2/ 381) (1542) حسن
(3) - مسند الشاميين للطبراني (4/ 301) (3369) حسن
(4) - الأدب المفرد مخرجا (ص:412) (1201) حسن(1/49)
وعن مُسْلِمَ بْنِ زِيَادٍ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ إِنَّكَ أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعْتَقَ اللهُ رُبُعَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ النَّارِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَعْتَقَهُ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ النَّارِ " (1)
•••••••••••
__________
(1) - السنن الكبرى للنسائي (9/ 9) (9753) حسن(1/50)
اغبرار القدمين في سبيل الله
عن عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الجُمُعَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (1).
وعن يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: لَحِقَنِي عَبَايَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: وَأَنَا مَاشٍ، إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ: أَبْشِرْ فَإِنَّ خُطَاكَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى النَّارِ» (2).
وعَنْ حُصَيْنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْمَهْرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُصَبِّحِ الْمَقْرَائِيُّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ فِي طَائِفَةٍ عَلَيْهَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيُّ إِذْ مَرَّ مَالِكٌ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَمْشِي يَقُودُ بَغْلًا لَهُ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: أَيْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ارْكَبْ فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ، فَقَالَ جَابِرٌ: أُصْلِحُ دَابَّتِي وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»،فَأَعْجَبَ مَالِكًا قَوْلُهُ فَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ حَيْثُ يُسْمِعُهُ الصَّوْتَ نَادَاهُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ارْكَبْ، فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ، فَعَرَفَ جَابِرٌ الَّذِي أَرَادَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ، وَقَالَ: أُصْلِحُ دَابَّتِي وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»،فَوَثَبَ النَّاسُ عَنْ دَوَابِّهِمْ، فَمَا رَأَيْنَا يَوْمًا أَكْثَرَ مَاشِيًا مِنْهُ ". (3)
وعن يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَائِحٌ إِلَى الْمَسْجِدِ مَاشِيًا إِذْ لَحِقَنِي عَبَايَةُ بْنُ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ رَاكِبًا، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرْ، فَإِنَّ خُطَاكَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْسٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ» (4)
__________
(1) - صحيح البخاري (2/ 7) (907)
[ش (اغبرت) أصابها الغبار. (سبيل الله) طاعة الله تعالى ومنها حضور صلاة الجمعة]
(2) - السنن الكبرى للنسائي (4/ 276) (4309) صحيح
(3) - صحيح ابن حبان - مخرجا (10/ 464) (4604) صحيح
(4) - مستخرج أبي عوانة (2/ 129) (2546) صحيح(1/51)
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ» (1).
وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا الْمُصَبِّحِ الْمُقْرَائِيَّ، يَقُولُ:" بَيْنَا نَحْنُ مَعَ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي غَزْوَتِهِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ يَمْشِي فِي عَرَضِ جَبَلٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَا تَرْكَبُ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ " (2).
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ" (3)
وعن أبي الْمُصَبِّحِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: بَيْنَا نَسِيرُ فِي دَرْبِ قَلَمْيَةَ (1) إِذْ نَادَى الْأَمِيرَ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيَّ، رَجُلًا يَقُودُ فَرَسَهُ فِي عِرَاضِ الْجَبَلِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَلَا تَرْكَبُ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ " (4).
وعن يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: أَنَّهُ كَانَ بِأَرْضِ أَرِيحَا مَعَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، نَزَلَ مِنْ مَنْزِلِهِ عَلَى مِيلَيْنِ. قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى الْجُمُعَةِ مَاشِيًا، فَلَقِيَنِي عُبَابَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ الْجُمُعَةَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَمَسَّهُمَا النَّارُ أَبَدًا» (5).
وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ» (6)
__________
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (23/ 205) (14947) صحيح لغيره
(2) - مسند الشاميين للطبراني (1/ 351) (609) صحيح
(3) - مسند أبي يعلى الموصلي (4/ 57) (2075) صحيح لغيره
(4) - مسند أحمد ط الرسالة (36/ 294) (21962) صحيح
(5) - أمالي ابن بشران - الجزء الأول (ص:217) (497)
(6) - صحيح البخاري (4/ 21) (2811)(1/52)
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: مَرَّ مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيُّ وَهُوَ عَلَى النَّاسِ بِالصَّائِفِةِ بِأَرْضِ الرُّومِ قَالَ: وَرَجُلٌ يَقُودُ دَابَّتَهُ، فَقَالَ لَهُ: ارْكَبْ فَإِنِّي أَرَى دَابَّتَكَ ظَهِيرَةً، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا النَّارَ»،قَالَ: فَنَزَلَ مَالِكٌ وَنَزَلَ النَّاسُ يَمْشُونَ، فَمَا رُئِيَ يَوْمٌ أَكْثَرُ مَاشِيًا مِنْهُ " (1).
وعَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ، قَالَ:" كُنَّا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُنْصَرَفَهِ مِنَ الصَّائِفَةِ الصُّغْرَى، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَمَعُوا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ سَائِرَ جَسَدِهِ عَلَى النَّارِ» ثُمَّ قَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا قَالَ اللَّهُ: صَدَقَ عَبْدِي، مِنِّي بَدَأَ الْحَمْدُ وَإِلَيَّ يَعُودُ وَأَنَا أَحَقُّ بِالْحَمْدِ، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ إِلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: صَدَقَ عَبْدِي، سُبْحَانِي وَبِحَمْدِي، التَّسْبِيحُ مِنِّي بَدَأَ، وَإِلَيَّ يَعُودُ، وَهُوَ خَالِصٌ لِي، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، إِلَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي، سَلْ عَبْدِي تَوْبَةً " (2).
•••••••••••
__________
(1) - مسند أبي يعلى الموصلي (2/ 242) (944) صحيح لغيره
(2) - أمالي ابن بشران - الجزء الأول (ص:314) (726) حسن(1/53)
الخوف من الله والجهاد في سبيله
ومما ينجي من النار مخافة الله، والجهاد في سبيل الله، قال تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) [الرحمن/46])
وَمَنْ خَشِيَ ربَّهُ، وَرَاقَبَهُ في أعْمَالِهِ، واعْتَقَدَ أنَّهُ قَائِمٌ عَلَيهِ، مُشْرِفٌ عَلَى أعْمالِِهِ، عَارِفٌ بِمَا يُكِنُّهُ صَدْرُهُ، فَإِنَّ اللهَ سَيَجْزِيهِ بِجِنَّتَيْنِ في الآخِرَةِ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:لا يَلِجُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ، وَلا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي مَنْخِرَيْ مُسْلِمٍ أَبَدًا " (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:لاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ، وَلاَ يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا. (2)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ»،قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا، ثُمَّ سَدَّدَ» (3)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا، ثُمَّ سَدَّدَ الْمُسْلِمُ وَقَارَبَ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي جَوْفِ عَبْدٍ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ الْإِيمَانُ وَالشُّحُّ». (4)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا، وَلَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا» (5)
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ». (6)
__________
(1) - شرح السنة للبغوي (4168) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 8 / ص 43) (3251) صحيح
(3) - صحيح مسلم (3/ 1505) 131 - (1891) [ش (سدد) معناه استقام على الطريقة المثلى ولم يخلط]
(4) - مستخرج أبي عوانة (4/ 476) (7395) صحيح
(5) - الأدب المفرد مخرجا (ص:106) (281) صحيح
(6) - مسند البزار = البحر الزخار (7/ 159) (2722) صحيح(1/54)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي مَنْخَرَيْ عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ». (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا». (2)
وهذه النصوص يوجد نصوص أخرى تقيدها وتحدد المفهوم منها:
قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}،إلى أن قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا} [النساء:142 - 145].
وكلنا يعلم أن المنافقين كانوا يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله, بل وكانوا يصلون -وإن كانوا يقومون إلى الصلاة وهم كسالى- كما قال تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى}.
وفي حديث أبي هريرة في "صحيح مسلم" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» (3).
__________
(1) - مسند الشاميين للطبراني (4/ 324) (3446) صحيح
(2) - صحيح مسلم (3/ 1505) 130 - (1891)
قَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَل أَنَّ هَذَا مُخْتَصّ بِمَنْ قَتَلَ كَافِرًا فِي الْجِهَاد، فَيَكُون ذَلِكَ مُكَفِّرًا لِذُنُوبِهِ حَتَّى لَا يُعَاقَب عَلَيْهَا، أَوْ يَكُون بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَة، أَوْ حَالَة مَخْصُوصَة. وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون عِقَابه إِنْ عُوقِبَ بِغَيْرِ النَّار كَالْحَبْسِ فِي الْأَعْرَاف عَنْ دُخُول الْجَنَّة أَوَّلًا وَلَا يَدْخُل النَّار، أَوْ يَكُون إِنْ عُوقِبَ بِهَا فِي غَيْر مَوْضِع عِقَاب الْكُفَّار، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي إِدْرَاكهَا" شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 368)
(3) - صحيح مسلم (4/ 1997) 59 - (2581)
[ش (إن المفلس من أمتي) معناه أن هذا حقيقة المفلس أما من ليس له مال ومن قل ماله فالناس يسمونه مفلسا وليس هو حقيقة المفلس لأن هذا الأمر يزول وينقطع بموته وربما ينقطع بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث فهو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام المقطع فتؤخذ حسناته لغرمائه فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه](1/55)
وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال].
وقال سبحانه: {وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون].
فهذه نصوص تحتاج إلى وقفة للجمع بينها وبين ما تقدم، وكذلك غيرها من الآيات والأحاديث " (1)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَذَاكَ نَقُولُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّ مَنَ عَمِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ سَدَّدَ وَقَارَبَ وَمَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَلَمْ يَدْخُلِ النَّارَ، مَوْضِعُ الْكُفَّارِ مِنْهَا، وَإِنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي لِذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ قَاتِلُ الْكَافِرِ إِذَا مَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ مَعَ الْكَافِرِ الْمَقْتُولِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ النَّارِ، لَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ، وَلَا مَوْضِعًا مِنْهَا، وَإِنِ ارْتَكَبَ جَمِيعَ الْكَبَائِرِ، خَلَا الشِّرْكِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا لَمْ يَشَأِ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا دُونَ الشِّرْكِ فَقَدْ خَبَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ لِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ: فَقَالَ لِإِبْلِيسَ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر:42]،إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر:44] فَأَعْلَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَسَّمَ تَابِعِي إِبْلِيسَ مِنَ الْغَاوِينَ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ عَلَى عَدَدِ أَبْوَابِ النَّارِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مَعْلُومًا وَاسْتَثْنَى عِبَادَهُ الْمُخْلَصِينَ مِنْ هَذَا الْقَسْمِ فَكُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ زَجَرَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَغْوَاهُ إِبْلِيسَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يَشَاءُ غُفْرَانَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ يَرْتَكِبُهَا الْمُسْلِمُ دُونَ الشِّرْكِ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، لِذَاكَ أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] وأَعْلَمَنَا خَالِقُنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ آدَمَ خَلْقَهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، وَأَمَرَ مَلَائِكَتَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، عَصَاهُ فَغَوَى، وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ اجْتَبَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ بِارْتِكَابِ هَذِهِ الْحُوبَةِ، بَعْدَ ارْتِكَابِهِ إِيَّاهَا، فَمَنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ حَوْبَتَهُ الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَأَوْقَعَ عَلَيْهَا اسْمَ غَاوٍ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَجْزَاءِ، جُزْءًا وَقَسْمًا لِأَبْوَابِ النَّارِ السَّبْعَةِ وَفِي ذِكْرِ آدَمَ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه:121] مَا يُبَيِّنُ وَيُوَضِّحُ أَنَّ اسْمَ الْغَاوِي قَدْ
__________
(1) - المنتخب من مسند عبد بن حميد ت مصطفى العدوي (1/ 48)(1/56)
يَقَعُ عَلَى مُرْتَكِبِ خَطِيئَةٍ، قَدْ زَجَرَ اللَّهُ عَنْ إِتْيَانِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْخَطِيئَةُ كُفْرًا وَلَا شِرْكًا، وَلَا مَا يُقَارِبُهَا وَيُشْبِهُهَا، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ الْمُوَحِّدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ الْمُطِيعُ لِخَالِقِهِ فِي أَكْثَرِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَنَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ غَيْرِ الْمُفْتَرَضِ عَلَيْهِ، الْمُنْتَهِي عَنْ أَكْثَرِ الْمَعَاصِي وَإِنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي وَالْحَوْبَاتِ فِي قَسْمِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَدَعَا مَعَهُ آلِهَةً، أَوْ جَعَلَ لَهُ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَلَمْ يُؤْمِنْ أَيْضًا بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَلَا أَطَاعَ اللَّهَ فِي شَيْءٍ أَمَرَهُ بِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، وَلَا انْزَجَرَ عَنْ مَعْصِيَةٍ نَهَى اللَّهُ عَنْهَا مُحَالٌ أَنْ يَجْتَمِعَ هَذَانِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ النَّارِ، وَالْعَقْلُ مُرَكَّبٌ عَلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ خَطِيئَةً وَأَكْثَرَ ذَنُوبًا لَمْ يَتَجَاوَزِ اللَّهُ عَنْ ذُنُوبِهِ، كَانَ أَشَدَّ عَذَابًا فِي النَّارِ، كَمَا يَعْلَمُ كُلُّ عَاقِلٍ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَكْثَرَ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ بِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَاجْتِنَابِ السَّيِّئَاتِ كَانَ أَرْفَعَ دَرَجَةً فِي الْجِنَّانِ، وَأَعْظَمَ ثَوَابًا وَأَجْزَلَ نِعْمَةً، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَهَّمَ مُسْلِمٌ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ يَجْتَمِعُونَ فِي النَّارِ، فِي الدَّرَجَةِ، مَعَ مَنْ كَانَ يَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَدْعُو لَهُ شَرِيكًا أَوْ شُرَكَاءَ، فَيَدْعُو لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، وَيَكْفُرُ بِهِ وَيُشْرِكُ، وَيَكْفُرُ بِكُلِّ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَيُكَذِّبُ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَيَتْرُكُ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ، وَيَرْتَكِبُ جَمِيعَ الْمَعَاصِي، فَيَعْبُدُ النِّيرَانَ وَيَسْجُدُ لِلْأَصْنَامِ، وَالصُّلْبَانِ، فَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا الْبَابَ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ تَكْذِيبِ الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي إِخْرَاجِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ إِذْ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ لَيْسَ فِيهَا، وَأَمْحَلُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ لَيْسَ فِيهَا، وَفِي إِبْطَالِ أَخْبَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - دُرُوسُ الدِّينِ وَإِبْطَالُ الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ جَمِيعِ الْكُفَّارِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ النَّارِ، وَلَا سَوَّى بَيْنَ عَذَابِ جَمِيعِهِمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء:145] وَقَالَ: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46] (1)
•••••••••••
__________
(1) - التوحيد لابن خزيمة (2/ 833)(1/57)
اتقاء النار ولو بشق تمرة
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ،- مَرَّتَيْنِ - ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» (1)
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلاَ يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» وفي رواية قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاح، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» (2).
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ، إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ، فَلَا يَرَى شَيْئًا قَدَّمَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَيْسَرَ مِنْهُ، فَلَا يَرَى شَيْئًا قَدَّمَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ»،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَقِيَ وَجْهَهُ النَّارَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ». (3)
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلاَنِ يَشْكُو أَحَدُهُمَا الْعَيْلَةَ، وَيَشْكُو الآخَرُ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَمَّا قَطْعُ السَّبِيلِ: فَلاَ يَأْتِي عَلَيْكَ إِلاَّ قَلِيلٌ حَتَّى تَخْرُجَ الْعِيرُ مِنَ الْحِيرَةِ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ، وَأَمَّا الْعَيْلَةُ: فَإِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ، فَلاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ لَيْسَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَهُ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ، وَلاَ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالاً؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، فَيَقُولُ: أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولاً؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلاَ يَرَى إِلاَّ
__________
(1) - صحيح البخاري (8/ 11) (6023) [ش (أشاح) أعرض ونحى.]
(2) - صحيح البخاري (8/ 112) (6539 و6540)
(3) - صحيح ابن حبان - مخرجا (16/ 373) (7373) صحيح(1/58)
النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ، فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ. (1)
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" لِيَقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَ النَّارِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيْبَةٍ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ لَهُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمِعًا وَبَصَرًا؟ فَيَقُولُ بَلَى: فَيَقُولُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: فَمَاذَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ قَالَ: فَيَنْظُرُ شِمَالًا وَيَمِينًا فَلَا يَرَى شَيْئًا " (2)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" لِيَتَّقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ النَّارَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ " (3).
وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا:" يَا عَائِشَةُ، اسْتَتِرِي مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنَّهَا تَسُدُّ مِنَ الْجَائِعِ مَسَدَّهَا مِنَ الشَّبْعَانِ " (4).
وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، اسْتَتِرِي مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِفِلْقِ تَمْرَةٍ؛ فَإِنَّهَا تَسُدُّ مِنَ الْجَائِعِ مَسَدَّهَا مِنَ الشَّبْعَانِ» (5).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فُلَانٍ قَالَ الْقَاضِي - ذَهَبَ عَلَيَّ اسْمُ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مِخْمَرٍ، مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «احْتَجِبِي مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» (6).
•••••••••••
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 374) (7374) صحيح
(2) - الأسماء والصفات للبيهقي (1/ 540) (465) صحيح
(3) - مسند أحمد ط الرسالة (6/ 201) (3679) صحيح لغيره
(4) - مسند أحمد ط الرسالة (41/ 49) (24501) صحيح لغيره
(5) - الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين (ص:113) (379) صحيح لغيره
(6) - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (5/ 102) (2644) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 1787) (4534) صحيح لغيره(1/59)
فضل الصلاة في المدينة المنورة وزيارة الرسول - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِي أَرْبَعِينَ صَلَاةً لَا تَفُوتُهُ صَلَاةٌ كُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنَ الْعَذَابِ وَبَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ " (1).
وعَنْ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ زَارَ قَبْرِى أَوْ قَالَ مَنْ زَارَنِى كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا وَمَنْ مَاتَ فِى أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى الآمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (2).
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ مَاتَ فِي أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ بَعَثَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا " (3)
وعَنْ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ، فَإِنَّهُ لَا يَمُوتُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (4)
وعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ الصُّمَيْتَةَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرٍ، كَانَتْ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: سَمِعْتُهَا تُحَدِّثُ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا؛ فَإِنِّي أَشْفَعُ لَهُ، أَوْ أَشْهَدُ لَهُ» (5)
__________
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (20/ 40) (12583) والترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين (ص:26) (61) والكنى والأسماء للدولابي (2/ 801) (1392) وشعب الإيمان (4/ 345) (2613) حسن لغيره
(2) - السنن الكبرى للبيهقي (5/ 403) (10273) وإتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (3/ 258) (2691) فيه جهالة
(3) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 195) (695 و696) حسن لغيره
(4) - المعجم الكبير للطبراني (24/ 294) (747) والمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (7/ 146) (1317) وشعب الإيمان (6/ 64) (3886) وفوائد أبي محمد الفاكهي (ص:496) (258) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3381) (7729) صحيح
(5) - السنن الكبرى للنسائي (4/ 261) (4271) والمعجم الكبير للطبراني (24/ 331) (824) والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (6/ 17) (3194و3214 و3382) صحيح(1/60)
وعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ الصُّمَيْتَةَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي لَيْثٍ قَالَ: سَمِعْتُهَا، تُحَدِّثُ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا، سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَمُوتَ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، فَلْيَمُتْ بِهَا، فَإِنَّهُ مَنْ يَمُتْ بِهَا، تَشْفَعْ لَهُ، وَتَشْهَدُ لَهُ» (1)
•••••••••••
__________
(1) - صحيح ابن حبان - مخرجا (9/ 58) (3742) صحيح(1/61)
كثرة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ»،قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ».قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»،قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»،قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»،قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» " (1)
وعَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ذَهَبَ رُبْعُ اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»،قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ»،قَالَ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»،قَالَ النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»،قَالَ الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»،قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذًا يُكْفَى هَمُّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ» (2)
وعَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -:كَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، قَالَ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ أَفْضَلُ، قَالَ: النِّصْفُ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ أَفْضَلُ " قَالَ: فكلها قال: إِذًا يَكْفِيكَ اللهُ هَمَّكَ، وَيَغْفِرُ لَكَ ذَنْبَكَ " (3)
وعَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا صَلَاةً عَلَيْكَ؟ قَالَ: «إِذَنْ يَكْفِيكَ اللَّهُ مَا هَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ» (4)
__________
(1) - سنن الترمذي ت شاكر (4/ 636) (2457) حسن
(2) - المنتخب من مسند عبد بن حميد ت صبحي السامرائي (ص:89) (170) حسن
الراجفة: النفخة الأولى في الصور، والتي تميت الخلائق = الرادفة: النفخة الثانية في الصور يوم القيامة
(3) - شعب الإيمان (3/ 138) (1477) حسن
(4) - الزهد لابن أبي عاصم (ص:131) (263) حسن(1/62)
وعَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ فِي ثُلُثَيِ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: «جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»،وَقَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ أَفَأَجْعَلُ لَكَ ثُلُثَ صَلَاتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الشَّطْرُ» قَالَ: أَفَأَجْعَلُ لَكَ شَطْرَ صَلَاتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «الثُّلُثَانِ أَكْثَرُ» قَالَ: أَفَأَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذَنْ يُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ كُلُّهُ» (1)
•••••••••••
__________
(1) - فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص:31) (14) حسن(1/63)
عينان لا تمسهما النار
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " (1).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَعْيُنَ: عَيْنٍ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ، وَعَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ " (2)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ سَرِيَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ " (3)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ أَبَدًا: عَيْنٌ بَاتَتْ تَكْلأُ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ " (4).
وعن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" ثَلَاثَةٌ لَا تَرَى أَعْيُنُهُمُ النَّارَ: عَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ " (5)
وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ حَرَسَ مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ مُتَطَوِّعًا لَا يَأْخُذُهُ سُلْطَانٌ لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنَيْهِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم:71] " (6).
__________
(1) - سنن الترمذي ت شاكر (4/ 175) (1639) صحيح
(2) - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (5/ 209) حسن لغيره
(3) - الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين (ص:75) (225) والجهاد لابن أبي عاصم (2/ 416) (146) حسن
(4) - مسند أبي يعلى الموصلي (7/ 307) (4346) صحيح لغيره
(5) - المعجم الكبير للطبراني (19/ 416) (1003) حسن لغيره
(6) - المعجم الكبير للطبراني (20/ 185) (402 و403) حسن
قال السندي: قوله:"من وراء":بكسر الميم حرف جر، أي: حرس المسلمين من ورائهم، أي: حرس كلَّهم. -قوله:"لا يأخذه سلطان"،أي: لم يكن مما أخذه السلطان للحراسة بأجرة، فالجملة بيان للتطوع.-قوله:"لم ير النار":كناية عن عدم دخولها، أو الرؤية بمعنى الذوق، وإلا فمن دخلها وهو أعمى لا يراها أيضاً، لكن المعنى الثاني يرده قوله بعينيه.-قوله:"فإن الله ... إلخ" تعليل الاستثناء.(1/64)
وعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ، فَأَوْفَيْنَا عَلَى شَرَفٍ، فَأَصَابَنَا بَرْدٌ شَدِيدٌ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا يَحْفِرُ الْحَفِيرَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فِيهِ وَيُغَطِّي عَلَيْهِ بِحَجَفَتِهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ قَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ أَدْعُو اللَّهَ لَهُ بِدُعَاءٍ يُصِيبُ بِهِ فَضْلًا» فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَدَعَا لَهُ قَالَ أَبُو رَيْحَانَةَ: فَقُلْتُ: أَنَا، فَدَعَا لِي بِدُعَاءٍ هُوَ دُونَ مَا دَعَا بِهِ لِلْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ. قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: وَسَمِعْتُ بَعْدُ أَنَّهُ قَالَ: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، أَوْ عَيْنٍ فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (1).
وعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ فَأَوَيْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَرَفٍ فَأَصَابَنَا فِيهِ بَرْدٌ شَدِيدٌ حَتَّى رَأَيْتُ الرِّجَالَ يَحْفِرُ أَحَدُهُمُ الْحُفْرَةَ فَيَدْخُلُ فِيهَا وَيُكْفِئُ عَلَيْهِ بِجُحْفَتِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ قَالَ: «مَنْ يَحْرُسُنَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَدْعُو لَهُ بِدُعَاءٍ يُصِيبُ بِهِ فَضْلَهُ؟» فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ» فَقَالَ: أَنا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: «ادْنُهْ» فَدَنَا مِنْهُ فَأَخَذَ بَعْضَ ثِيَابِهِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ بِدُعَاءٍ لَهُ فَلَمَّا سَمِعْتُ مَا يَدْعُو بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْأَنْصَارِيِّ قُمْتُ فَقُلْتُ أَنَا رَجُلٌ فَسَأَلَنِي كَمَا سَأَلَهُ ثُمَّ قَالَ: أَدْنِهِ كَمَا قَالَ لَهُ وَدَعَا لِي بِدُعَاءٍ دُونَ مَا دَعَا بِهِ لِلْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ قَالَ: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ» وَقَالَ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ بَعْدَ ذَلِكَ: «وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى» (2).
وعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: «مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ فَأَدْعُو لَهُ بِدُعَاءٍ يُصِيبُ بِهِ فَضْلًا؟» قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، قَالَ: «مِمَّنْ أَنْتَ؟» قَالَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَدَنَا فَأَخَذَ بِبَعْضِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ بِالدُّعَاءِ، فَلَمَّا سَمِعْتُ مَا يَدْعُو بِهِ، قُلْتُ: أَنَا رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسَأَلَنِي كَمَا سَأَلَهُ، وَدَعَا لِي بِدُونِ مَا دَعَا لِلْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ قَالَ:" حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ - وَقَالَ: الثَّالِثَةَ فَأُنْسِيتُهَا. قَالَ أَبُو
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 92) (2432) والسنن الكبرى للبيهقي (9/ 251) (18445) حسن
(2) - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 28) حسن(1/65)
شُرَيْحٍ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ -،حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، أَوْ عَيْنٍ فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " (1).
وعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ، وَسَمِعْتُ بَعْدُ أَنَّهُ قَالَ: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ» (2).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ، وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ» (3).
وعَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:" حُرِّمَ عَلَى عَيْنَيْنِ أَنْ تَنَالَهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ " (4).
وعَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ:" حَرُمَ عَلَى عَيْنَيْنِ أَنْ تَنَالَهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ الْإِسْلَامَ، وَأَهْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ "،وَقَالَ: «لَا يَبْكِي عَبْدٌ فَتَقْطُرَ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، فَيُدْخِلَهُ اللَّهُ النَّارَ أَبَدَا، حَتَّى يَعُودَ قَطْرُ السَّمَاءِ إِلَيْهَا»،وَيُقَالَ: قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ حِينَ رَجَعَ النَّاسُ مِنْ مُؤْتَةَ وَفِي يَدِهِ قِطْعَةٌ مِنْ خُبْزٍ، فَلَمَّا ذَكَرَ شَأْنَهُمْ فَاضَتْ عَيْنَاهُ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَّا بَشَرٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، إِنَّ الْمَرْءَ يَرَى أَنَّهُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ مَنْ لَهُ عِنْدِي عُدَّةٌ؟» فَقَالَ سَلمَانُ الْفَارِسِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَقَالَتْ بَرَكَةُ: لمَّا حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ابْنَتَهُ وَهِيَ تَمُوتُ، وَهِيَ تَحْتَ عُثْمَانَ فَاضَتْ عَيْنَاهُ وَبَكَتَ بَرَكَةُ، وَنَتَفَتْ رَأْسَهَا فَزَجَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَتْ: أَتَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنَحْنُ سُكُوتٌ؟ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي
__________
(1) - تخريج الأحاديث المرفوعة المسندة في كتاب التاريخ الكبير للبخاري (ص:1165) (733) حسن
(2) - السنن الكبرى للنسائي (8/ 139) (8818) حسن
(3) - السنن الكبرى للنسائي (4/ 274) (4301) وسنن الترمذي ت شاكر (4/ 555) (2311) صحيح
(4) - شعب الإيمان (6/ 99) (3930) حسن(1/66)
رَأَيْتُ مِنِّي رَحْمَةٌ لَهَا، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ صَالِحَةٍ مِنَ اللَّهِ، عَلَى عُسْرٍ أَوْ يُسْرٍ» (1).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا، ثُمَّ سَدَّدَ الْمُسْلِمُ وَقَارَبَ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي جَوْفِ عَبْدٍ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ الْإِيمَانُ وَالشُّحُّ» (2).
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" لَا يَجْمَعُ اللهُ فِي جَوْفِ رَجُلٍ غُبَارًا فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانَ جَهَنَّمَ، وَمَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ سَائِرَ جَسَدِهِ عَلَى النَّارِ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ عَنْهُ النَّارَ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْتَعْجِلِ، وَمَنْ جُرِحَ جِرَاحَةً فِي سَبِيلِ اللهِ، خَتَمَ لَهُ بِخَاتَمِ الشُّهَدَاءِ، لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَوْنُهَا مِثْلُ لَوْنِ الزَّعْفَرَانِ، وَرِيحُهَا مِثْلُ رِيحِ الْمِسْكِ، يَعْرِفُهُ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، يَقُولُونَ: فُلَانٌ عَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ، وَمَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ " (3).
وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،أَنَّ مُكَاتَبًا دَخَلَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ مُكَاتَبَتِهِ فَقَالَتْ: إِنَّكَ غَيْرُ دَاخِلٍ عَلَيَّ بَعْدَ مُكَاتَبَتِكَ هَذِهِ، فَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا خَالَطَ قَلْبُ امْرِئٍ رَهَجٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» " (4)
•••••••••••
__________
(1) - المنتخب من مسند عبد بن حميد ت صبحي السامرائي (ص:422) (1447) حسن
(2) - مستخرج أبي عوانة (4/ 476) (7395) صحيح
(3) - مسند أحمد ط الرسالة (45/ 494) (27503) صحيح لغيره دون قوله:"ألف سنة للراكب المستعجل ... " وقوله:"يعرفه بها الأولون والآخِرون يقولون: فلان عليه طابع الشهداء"،وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه؛ خالد بن دُرَيْك لم يدرك أبا الدرداء
(4) - الجهاد لابن أبي عاصم (1/ 348) (122و123) والمعجم الأوسط (9/ 161) (9423) صحيح
الكتابة: أن يُكاتب الرَّجُلُ عَبْدَه على مال يؤدِّيه إليه مُنَجَّما، فإذا أدّاه صار حُرًّا، ويُسمى العَبْدُ مكاتَبًا، والسيد مكاتِبًا -الرهج: الغبار، وهو كذلك ما يداخل باطن الإنسان من الخوف والجزع ونحوه(1/67)
عتق الرقاب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ» (1).
وعن سَعِيدَ بْنِ مَرْجَانَةَ - صَاحِبِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ -،قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا، اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ»،قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حِينَ سَمِعْتُ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرْتُهُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ ابْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ" (2).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنَ النَّارِ، حَتَّى الْفَرَجَ بِالْفَرَجِ». (3)
وعَنْ سَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ إِرَبٍ مِنْهَا إِرَبًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَعْتِقُ الْيَدَ بِالْيَدِ وَالرِّجْلَ بِالرَّجُلِ وَالْفَرْجَ بِالْفَرَجِ»،فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: يَا سَعِيدُ ابْنَ مَرْجَانَةَ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ " هَذَا لَفْظُ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَزَادَ الصَّائِغُ وَأَبُو قِلَابَةَ: قَالَ: ادْعُوا لِي أَحَدَ غِلْمَانِي مُطَرِّفًا، فَأَعْتَقَهُ فَلَمَّا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ ". (4)
قلت:
في هذا الحديث الشريف دلالة قاطعة على حرص الإسلام على عتق الرقاب، قال تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} [البلد:11 - 18]
__________
(1) - صحيح البخاري (8/ 146) (6715)
(2) - صحيح مسلم (2/ 1148) 24 - (1509) [ش (استنقذ الله) الإنقاذ والاستنقاذ التخليص من الشر]
(3) - مستخرج أبي عوانة (3/ 242) (4827) صحيح
(4) - مستخرج أبي عوانة (3/ 243) (4829) صحيح(1/68)
إن الإنسان ـ مطلق الإنسان ـ له حرمته عند الله، وإن الاستخفاف بهذه الحرمة عدوان على حمى الله .. ولهذا كان من أعظم القربات عند الله سبحانه وتعالى، هو رد اعتبار هذا الإنسان، وتصحيح وجوده بين الناس .. إنه خليفة الله فى الأرض! (1)
وقد نزل هذا النص والإسلام في مكة محاصر وليست له دولة تقوم على شريعته. وكان الرق عاما في الجزيرة العربية وفي العالم من حولها. وكان الرقيق يعاملون معاملة قاسية على الإطلاق. فلما أن أسلم بعضهم كعمار بن ياسر وأسرته، وبلال بن رباح، وصهيب .. وغيرهم - رضي الله عنهم جميعا - اشتد عليهم البلاء من سادتهم العتاة، وأسلموهم إلى تعذيب لا يطاق. وبدا أن طريق الخلاص لهم هو تحريرهم بشرائهم من سادتهم القساة، فكان أبو بكر - رضي الله عنه - هو السابق كعادته دائما إلى التلبية والاستجابة في ثبات وطمأنينة واستقامة .. (2)
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَمُرُّ بِبِلَالٍ وَهُوَ يُعَذَّبُ، وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ، أَحَدٌ، فَيَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ اللَّهُ يَا بِلَالُ، ثُمَّ يُقْبِلُ وَرَقَةُ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَمَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِبِلَالٍ مِنْ بَنِي جُمَحَ، فَيَقُولُ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنْ قَتَلْتُمُوهُ عَلَى هَذَا لَاتَّخَذْتُهُ حَنَانًا، حَتَّى مَرَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ يَوْمًا، وَهُمْ يَصْنَعُونَ بِهِ ذَلِكَ، وَكَانَتْ دَارُ أَبِي بَكْرٍ فِي بَنِي جُمَحَ، فَقَالَ لِأُمَيَّةَ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذَا الْمِسْكِينِ، حَتَّى مَتَى؟ قَالَ: أَنْتَ أَفْسَدْتَهُ فَأَنْقِذْهُ مِمَّا تَرَى، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفْعَلُ، عِنْدِي غُلَامٌ أَسْوَدُ أَجْلَدُ مِنْهُ وَأَقْوَى عَلَى دِينِكَ، أُعْطِيكَهُ بِهِ، قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ، قَالَ: هُوَ لَكَ. فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ غُلَامَهُ ذَلِكَ، وَأَخَذَ بِلَالًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ مَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ مِنْ مَكَّةَ سِتَّ رِقَابٍ - بِلَالٌ سَابِعُهُمْ - عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَقُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ شَهِيدًا، وَأُمَّ عُبَيْسٍ، وَزِنَّيْرَةَ، فَأُصِيبَ بَصَرُهَا حِينَ أَعْتَقَهَا، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا أَذْهَبْ بَصَرَهَا إِلَّا اللَّاتُ وَالْعُزَّى، فَقَالَتْ: حُرِقُوا، وَبَيْتِ اللَّهِ مَا يَضُرُّ اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَا يَنْفَعَانِ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهَا بَصَرَهَا، وَأَعْتَقَ النَّهْدِيَّةَ وَابْنَتَهَا، وَكَانَتَا لِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَمَرَّ بِهِمَا وَقَدْ بَعَثَتْهُمَا
__________
(1) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (15/ 1578)
(2) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (6/ 3912)(1/69)
سَيِّدَتُهُمَا تَطْحَنَانِ لَهَا، وَهِيَ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَعْتِقُكُمَا أَبَدًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حِلًّا يَا أُمَّ فُلَانٍ، قَالَتْ: حِلًّا، أَنْتَ أَفْسَدْتَهُمَا فَأَعْتِقْهُمَا، قَالَ: فَبِكَمْ هُمَا؟ قَالَتْ: بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُمَا وَهُمَا حُرَّتَانِ، أَرْجِعَا إِلَيْهَا طَحِينَهَا، قَالَتَا: أَوَنَفْرُغَ مِنْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ نَرُدُّهُ عَلَيْهَا؟ قَالَ: أَوَذَاكَ إِنْ شِئْتُمَا. وَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ بِجَارِيَةِ بَنِي مُؤَمَّلٍ، حَيٍّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ مُسْلِمَةً وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعَذِّبُهَا لَتَتْرُكَ الْإِسْلَامَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ، وَهُوَ يَضْرِبُهَا حَتَّى إِذَا مَلَّ قَالَ: إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكِ، إِنِّي لَمْ أَتْرُكْكِ إِلَّا مَلَالَةً، فَعَلَ اللَّهُ بِكِ، فَتَقُولُ كَذَلِكَ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ، فَابْتَاعَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْتَقَهَا، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَهُوَ يَذْكُرُ بِلَالًا وَأَصْحَابَهُ وَمَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ، وَإِعْتَاقَ أَبِي بَكْرٍ إِيَّاهُمْ، وَكَانَ اسْمُ أَبِي بَكْرٍ عَتِيقًا:
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا عَنْ بِلَالٍ وَصَحْبِهِ ... عَتِيقًا وَأَخْزَى فَاكِهًا وَأَبَا جَهْلِ
عَشِيَّةَ هُمَا فِي بِلَالٍ بِسَوْءَةٍ ... وَلَمْ يَحْذَرَا مَا يَحْذَرُ الْمَرْءُ ذُو الْعَقْلِ
بِتَوْحِيدِهِ رَبَّ الْأَنَامِ وَقَوْلِهِ ... شَهِدْتُ بِأَنَّ اللَّهَ رَبِّي عَلَى مَهْلِ
فَإِنْ يَقْتُلُونِي يَقْتُلُونِي وَلَمْ أَكُنْ ... لِأُشْرِكَ بِالرَّحْمَنِ مِنْ خِيفَةِ الْقَتْلِ
فَيَا رَبَّ إِبْرَاهِيمَ وَالْعَبْدِ يُونُسَ ... وَمُوسَى وَعِيسَى نَجِّنِي ثُمَّ لَا تُمْلِ
لِمَنْ ظَلَّ يَهْوَى الْغَيَّ مِنْ آلِ غَالِبٍ ... عَلَى غَيْرِ بِرٍّ كَانَ مِنْهُ وَلَا عَدْلِ (1)
•••••••••••
__________
(1) - فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (1/ 119) (89) وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء (1/ 148) وشعب الإيمان (3/ 172) (1513) صحيح مرسل(1/70)
الذبُّ عن عِرض المسلم
عَنِ ابْنٍ لأَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ فِي رَجُلٍ فَرَدَّ عَنْهُ آخَرُ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ .. (1)
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَالَ رَجُلٌ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،فَرَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ» (2)
وعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:" كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَشَتَمَ رَجُلٌ رَجُلًا وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ، فَنَصَرْتُهُ، فَشَتَمَنِي، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَاعِدَةٌ، فَلَمْ تَغَيَّرْ قَالَ: فَغَضِبْتُ، فَجَلَسْتُ، فَقَالَتْ: مَا لِشَهْرٍ لَا يُجِيبَنِي؟ قُلْتُ: أَيَّتُهَا، وَقَدْ شَتَمَ فُلَانٌ فُلَانًا، فَنَصَرْتُهُ، فَشَتَمَنِي، فَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا فَقَالَتْ: مَا مَنَعَنِي إِلَّا أَنِّي قَدْ فَرِحْتُ لَهُ بِمَا قُسِمَ لَهُ، إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَرُدُّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ، إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرُدَّ عَنْهُ نَارَ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (3)
وعَنْ عَوْنٍ، قَالَ: وَقَعَ رَجُلٌ فِي رَجُلٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ آخَرُ فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: لَقَدْ غَبَطْتُك، إِنَّهُ مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ، وَقَاهُ اللَّهُ، قَالَ مِسْعَرٌ: نَفْحَ، أَوْ لَفْحَ النَّارِ .. " (4)
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ» (5)
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة -دار القبلة (13/ 128) (26052) والسنن الكبرى للبيهقي (8/ 290) (16684) صحيح لغيره
- الذب: الدفع والمنع - بظهر الغيب: في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص
(2) - عمل اليوم والليلة لابن السني (ص:380) (429) حسن
(3) - مكارم الأخلاق للخرائطي (ص:291) (886) حسن
(4) - مصنف ابن أبي شيبة -دار القبلة (13/ 128) (26053) صحيح مرسل
(5) - سنن الترمذي ت شاكر (4/ 327) (1931) صحيح
قَوْلُهُ (مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ) أَيْ مَنَعَ غِيبَةً عَنْ أَخِيهِ (رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ) أَيْ صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِ الرَّادِّ نَارَ جَهَنَّمَ -قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ عَنْ ذَاتِهِ الْعَذَابَ وَخَصَّ الْوَجْهَ لِأَنَّ تَعْذِيبَهُ أَنْكَى فِي الْإِيلَامِ وَأَشَدُّ فِي الْهَوَانِ"تحفة الأحوذي (6/ 49)(1/71)
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْمَغِيبِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ». (1)
وعَنْ أَسْمَاءَ بنتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَنْ ذَبَّ عَنْ لَحْمِ أَخِيهِ فِي الْمَغِيبِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَقِيهِ مِنَ النَّارِ." (2)
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْمَغِيبَةِ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ» " (3)
وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:" مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ، أُرَاهُ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ " (4)
وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ يَعِيبُهُ، بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَفَّا مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ بِهِ شَيْنَهُ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» (5)
وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ يَحْمِي مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ بِغِيبَةٍ، بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَفَّا مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ بِهِ شَيْنَهُ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» (6)
•••••••••••
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني (24/ 176) (443) حسن
(2) - المعجم الكبير للطبراني (24/ 175) (442) حسن
(3) - الصمت لابن أبي الدنيا (ص:147) حسن
(4) - سنن أبي داود (4/ 270) (4883) حسن
(5) - الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 239) (686) حسن
(6) -الصمت لابن أبي الدنيا (ص:151) (248) حسن(1/72)
الحمَّى حظ أمتي من النار
عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، وَهِيَ نَصِيبُ الْمُؤْمِنِ مِنَ النَّارِ " (1).
وعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ، وَهِيَ نَصِيبُ الْمُؤْمِنِ مِنَ النَّارِ " (2).
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ، فَمَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْهَا كَانَ حَظَّهُ مِنْ جَهَنَّمَ ". (3)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرِيضًا مِنْ وَعَكٍ كَانَ بِهِ، وَمَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:" أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: هِيَ نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ " (4)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَبِهِ وَجْدٌ وَأَنَا مَعَهُ، فَقَبَضَ عَلَى يَدِهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، وَكَانَ يَرَى ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ:" هِيَ نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ؛ لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ ". (5)
•••••••••••
__________
(1) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 1783) (4526) صحيح لغيره
(2) - شعب الإيمان (12/ 273) (9386) صحيح لغيره
(3) - مسند أحمد ط الرسالة (36/ 608) (22274) وصحيح الجامع (3188) صحيح لغيره
(4) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 496) (1277) صحيح
(5) - السنن الكبرى للبيهقي (3/ 536) (6591) صحيح(1/73)
من قال لا إله إلا الله والله أكبر
عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَأَنَا أَكْبَرُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ اللَّهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، قَالَ اللَّهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِيَ المُلْكُ وَلِيَ الحَمْدُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ اللَّهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ قَالَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ " (1)
وعَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:" إِذَا قَالَ الْعَبْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَأَنَا أَكْبَرُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَالَ اللَّهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا لَا شَرِيكَ لِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا لِي الْمُلْكُ وَلِيَ الْحَمْدُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ: يَقُولُ: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي " قَالَ: ثُمَّ قَالَ شَيْئًا لَمْ أَفْهَمْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ: أَيُّ شَيْءٍ قَالَ؟ قَالَ: «مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا تَمَسُّهُ النَّارُ» (2)
وعَنِ الْأَغَرِّ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" خَمْسٌ مَنْ قَالَهُنَّ صَدَّقَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ "،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَكَلَّمَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ مَرَّةً فِي مَرَضِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (3)
__________
(1) - سنن الترمذي ت شاكر (5/ 492) (3430) صحيح
(2) - التوحيد لابن منده (2/ 22) (161) والسنن الكبرى للنسائي (9/ 18) (9775) صحيح
(3) - المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي (ص:466) صحيح(1/74)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ أَبَدًا» (1)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَذَلَّ بِهَا لِسَانُهُ، وَاطْمَأَنَّ بِهَا قَلْبُهُ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ " (2)
وعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الأَغَرَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُصَدِّقُ الْعَبْدُ فِي خَمْسٍ يَقُولُهُنَّ، إِذَا قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ لا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، فإِذَا قَالَهُنَّ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ " (3)
•••••••••••
__________
(1) - المعجم الأوسط (3/ 216) (2958) حسن
(2) - شعب الإيمان - (1/ 99) (9) صحيح لغيره
(3) - مسند أبي يعلى الموصلي (6163و6164) صحيح(1/75)
تحرُم النار على كل هين سهل
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ» (1).
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ، لَيِّنٍ، قَرِيبٍ، سَهْلٍ. (2)
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ ". (3)
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: إِنَّمَا يُحَرَّمُ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيبٍ سَهْلٍ. (4)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ هَيِّنًا لَيِّنًا سَهْلًا قَرِيبًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (5).
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَلَى مَنْ تُحَرَّمُ النَّارُ؟ عَلَى كُلِّ سَهْلٍ قَرِيبٍ هَيِّنٍ لَيِّنٍ " (6)
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ تَدْرُونَ عَلَى مَنْ حُرِّمَتِ النَّارُ»؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: «عَلَى الْهَيِّنِ اللَّيِّنِ السَّهْلِ الْقَرِيبِ» (7)
(عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ) أَيْ إِلَى النَّاسِ (هَيِّنٍ) وَفِي الْمِشْكَاةِ: عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لِينٍ. قَالَ الْقَارِي: بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ فَبِهِمَا أَيْ تُحَرَّمُ عَلَى كُلِّ سَهْلٍ طَلْقٍ حَلِيمٍ لَيِّنِ الْجَانِبِ قِيلَ هُمَا يُطْلَقَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ وَعَلَى غَيْرِهِ بِالتَّشْدِيدِ. وَعَنْ اِبْنِ الْأَعْرَابِيِّ بِالتَّخْفِيفِ لِلْمَدْحِ
__________
(1) - سنن الترمذي ت شاكر (4/ 654) (2488) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (2/ 215) (470) صحيح
(3) - مسند أحمد ط الرسالة (7/ 52) (3938) صحيح لغيره
(4) - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 215) (469) صحيح
(5) - الآداب للبيهقي (ص:65) (160) صحيح
(6) - شعب الإيمان (10/ 446) (7774) صحيح
(7) - الكنى والأسماء للدولابي (1/ 267) (474) صحيح لغيره(1/76)
وَبِالتَّشْدِيدِ لِلذَّمِّ، ثُمَّ قَوْلُهُ هَيِّنٍ فَيْعِلٌ مِنْ الْهَوْنِ وَهُوَ السُّكُونُ وَالْوَقَارُ وَالسُّهُولَةُ فَعَيْنُهُ وَاوٌ فَأُبْدِلَتْ وَأُدْغِمَتْ " (سَهْلٍ) هُوَ ضِدُّ الصَّعْبِ، أَيْ سَهْلِ الْخُلُقِ كَرِيمِ الشَّمَائِلِ. (1)
•••••••••••
__________
(1) - تحفة الأحوذي - (6/ 280)(1/77)
أشياء عديدة تمنع دخول النار
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَجَبًا، رَأَيْتُ مِنَ أُمَّتِي رَجُلًا نَزَلَ بِهِ عَذَابُ الْقَبْرِ فَجَاءَهُ وُضُوءُهُ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي احْتَوَشَتْهُ الشَّيَاطِينُ فَجَاءَهُ ذِكْرُ اللَّهِ فَخَلَّصَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَدِ احْتَوَشَتْهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَجَاءَتْهُ صَلَاتُهُ فَاسْتَنْقَذَتْهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يَتَلَهَّفُ عَطَشًا فَكُلَّمَا قَصَدَ حَوْضًا مُنِعَ، فَجَاءَ صِيَامُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ فَاسْتَنْقَذَهُ وَأَرْوَاهُ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي وَالنَّبِيُّونَ حِلَقًا حِلَقًا كُلَّمَا دَنَا إِلَى حَلْقَةٍ طُرِدَ، فَجَاءَهُ اغْتِسَالُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي أَحَاطَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَتَحَيَّرَ فِيهَا فَجَاءَتْهُ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ فَاسْتَخْرَجَاهُ مِنَ الظُّلُمَاتِ وَأَدْخَلَاهُ النُّورَ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُكَلِّمُوهُ فَجَاءَتْهُ صِلَةُ الرَّحِمِ، فَقَالَتْ: يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ كَلِّمُوهُ فَقَدْ كَانَ وَاصِلًا لِرَحِمِهِ فَكَلَّمَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَصَافَحُوهُ وَكَانَ مَعَهُمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يَتَّقِي حَرَّ النَّارِ وَشَرَرَهَا بِيَدِهِ وَوَجْهِهِ فَجَاءَتْ صَدَقَتُهُ فَصَارَتْ ظِلًّا عَلَى رَأْسِهِ وَسِتْرًا عَلَى وَجْهِهِ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي احْتَوَشَتْهُ الزَّبَانِيَةُ فَجَاءَهُ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حُجُبٌ فَجَاءَ حُسْنُ خُلُقِهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَدْ هَوَتْ صَحِيفَتُهُ إِلَى شِمَالِهِ فَجَاءَ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ فَأَخَذَ صَحِيفَتَهُ فَجَعَلَهَا فِي يَمِينِهِ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَائِمًا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَجَاءَهُ وَجَلُهُ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَضَى، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي خَفَّ [ص:152] مِيزَانُهُ فَجَاءَهُ أَفْرَاطُهُ فَثَقَّلُوا مِيزَانَهُ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي هَوَى فِي النَّارِ فَجَاءَهُ دُمُوعُهُ الَّذِي سَالَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَائِمًا عَلَى الصِّرَاطِ يُرْعِدُ كَمَا يُرْعِدُ السَّعَفُ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ فَجَاءَهُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِاللَّهِ فَكَفَّ عَنْهُ رُعْبَتَهُ وَمَضَى عَلَى الصِّرَاطِ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يَزْحَفُ أَحْيَانًا وَيَنْطَلِقُ أَحْيَانًا(1/78)
فَجَاءَتْهُ صَلَاتُهُ عَلَيَّ فَأَقَامَتْهُ عَلَى رِجْلِهِ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي انْتَهَى إِلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَغُلِّقَتْ دُونَهُ فَجَاءَتْ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَفَتَحَتْ لَهُ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ فَوَلَجَ " (1)
•••••••••••
__________
(1) - الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين (ص:151) (526) ومجمع الزوائد (11746) الأحاديث الطوال للطبراني (ص:273) (41) وأَمَالِي ابْنِ بِشْرَانَ (249) حسن لغيره.(1/79)
تقُولُ الْعَدْلَ، وَتُعْطِي الْفَضْلَ
عَنْ أبِي إِسْحَاقَ: أَخْبَرَنِي كُدَيْرٌ الضَّبِّيُّ: أَنَّ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَخْبَرَنِي بِعَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَهُمَا أَهَمَّتَاكَ؟»،قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «تَقُولُ الْعَدْلَ وَتُعْطِي الْفَضْلَ»،قَالَ: وَاللهِ مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ الْعَدْلَ كُلَّ سَاعَةٍ، وَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُعْطِيَ فَضْلَ مَالِي، قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتُفْشِي السَّلَامَ»،قَالَ: هَذِهِ أَيْضًا شَدِيدَةٌ، فَقَالَ: «فَهَلْ لَكَ إِبِلٌ؟»،قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَانْظُرْ إِلَى بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِكَ وَسِقَاءٍ ثُمَّ اعْمِدْ إِلَى أَهْلَ بَيْتٍ لَا يَشْرَبُونَ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا فَاسِقِهِمْ، فَلَعَلَّكَ لَا تُهْلِكُ بَعِيرَكَ وَلَا تَخْرِقُ سِقَاءَكَ حَتَّى تَجِبَ لَكَ الْجَنَّةُ»،فَانْطَلَقَ الْأَعْرَابِيُّ يُكَبِّرُ، فَمَا انْخَرَقَ سِقَاؤُهُ وَلَا هَلَكَ بَعِيرُهُ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا " (1)
وعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي كُدَيْرٌ الضَّبِّيُّ، أَنَّ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنْ طَاعَتِهِ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ:" أَوَ هُمَا أَعْمَلَتَاكَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:" تَقُولُ الْعَدْلَ، وَتُعْطِي الْفَضْلَ "،قَالَ: وَاللهِ مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ الْعَدْلَ كُلَّ سَاعَةٍ، وَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُعْطِيَ فَضْلَ مَالِي، قَالَ:" فَتُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتُفْشِي السَّلَامَ " قَالَ: هَذِهِ أَيْضًا شَدِيدَةٌ، قَالَ:" فَهَلْ لَكَ إِبِلٌ؟ ". قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:" فَانْظُرْ بَعِيرًا مِنْ إِبِلِكَ وَسِقَاءٍ، ثُمَّ اعْمَدْ إِلَى أَهْلِ أَبْيَاتٍ لَا يَشْرَبُونَ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا فَاسْقِهِمْ، فَلَعَلَّكَ أَنْ لَا يَهْلِكَ بَعِيرُكَ، وَلَا يَنْخَرِقَ سِقَاؤُكَ حَتَّى تَجِبَ لَكَ الْجَنَّةُ ". قَالَ: فَانْطَلَقَ الْأَعْرَابِيُّ يُكَبِّرُ، قَالَ: فَمَا انْخَرَقَ سِقَاؤُهُ، وَلَا هَلَكَ بَعِيرُهُ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا " (2)
الغِبُّ مِن أوْرَاد الإبِل: أنْ تَرِدَ الماء يَوماً وتَدَعَه يوما ثم تَعُودَ، فَنقَله إلى الزِّيارة وإنْ جاء بعد أيام، والغب فعل الأمر والقيام به حينا بعد حين.
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني (19/ 187) (422) وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء (4/ 346) ومصنف عبد الرزاق (19692) وجامع معمر بن راشد (10/ 456) (19691) وهو صحيح
(2) - السنن الكبرى للبيهقي (4/ 312) (7809) وشعب الإيمان - (5/ 65) (3102) والمعجم الكبير للطبراني (19/ 187) (422) صحيح(1/80)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا قَدْ أَخَذَ جَرِيدَةً مِنْ نَخْلٍ، فَجَعَلَ عَلَيْهَا رِدَاءً لَهُ يُظِلُّ بِهِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الشَّمْسِ، وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ أَسْوَدُ، فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ هَكَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:" دَعُوهُ، ادْنُ " فَدَنَوْتُ، فَأَخَذْتُ بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ، فَقَالَ:" أَرْسِلْ " فَقُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَنَا مُرْسِلَكُ حَتَّى تُخْبِرَنِي بِكَلِمَتَيْنِ أَسْأَلُكَ عَنْهُمَا، قَالَ:" وَمَا هُمَا؟ " قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ:" أَهُمَا أَعْمَلَتَاكَ؟ " قُلْتُ: أَيْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَهُمَا أَعْمَلَتَانِي، وَمَا جِئْتُ إِلَّا لَهُمَا، قَالَ:" لَقَدْ أَقَصَرْتَ الْمَسْأَلَةَ، وَطَلَبْتَ عَظِيمًا فَافْقَهْ لِمَا أَقُولُ لَكَ، وَاعْقِلْ عَنِّي، تَقُولُ الْعَدْلَ، وَتُعْطِي الْفَضْلَ " (1)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا قَدْ أَخَذَ جَرِيدَةً مِنْ نَخْلٍ، فَجَعَلَ عَلَيْهَا رِدَاءً لَهُ يُظِلُّ بِهِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الشَّمْسِ، وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ أَسْوَدُ، فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ هَكَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:" دَعُوهُ، ادْنُ " فَدَنَوْتُ، فَأَخَذْتُ بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ، فَقَالَ:" أَرْسِلْ " فَقُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَنَا مُرْسِلَكُ حَتَّى تُخْبِرَنِي بِكَلِمَتَيْنِ أَسْأَلُكَ عَنْهُمَا، قَالَ:" وَمَا هُمَا؟ " قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ:" أَهُمَا أَعْمَلَتَاكَ؟ " قُلْتُ: أَيْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَهُمَا أَعْمَلَتَانِي، وَمَا جِئْتُ إِلَّا لَهُمَا، قَالَ:" لَقَدْ أَقَصَرْتَ الْمَسْأَلَةَ، وَطَلَبْتَ عَظِيمًا فَافْقَهْ لِمَا أَقُولُ لَكَ، وَاعْقِلْ عَنِّي، تَقُولُ الْعَدْلَ، وَتُعْطِي الْفَضْلَ " (2)
•••••••••••
__________
(1) - معرفة الصحابة لأبي نعيم - (6/ 3140) (7230) حسن لغيره
(2) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3140) (7230) حسن لغيره(1/81)
من قال: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ
عن مُسْلِمَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَهُمْ فِي سَرِيَّةٍ قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَنَا الْمُغَارَ اسْتَحْثَثْتُ فَرْسَى، فَسَبَقْتُ أَصْحَابِي، فَاسْتَقْبَلَنِي الْحَيُّ بِالرَّنِينِ، فَقُلْتُ: قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُحْرِزُوا، فَقَالَ: فَجَاءَ أَصْحَابِي فَلَامُونِي وَقَالُوا: حَرَمْتَنَا الْغَنِيمَةَ بَعْدَ أَنْ بَرَدَتْ فِي أَيْدِينَا، فَلَمَّا قَفَلْنَا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَدَعَانِي فَحَسَّنَ لِي مَا صَنَعْتُ وَقَالَ لِي: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كُتِبَ لَكَ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَذَا كَذَا»،قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ أَنَا نَسِيتُهُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَا إِنِّي سَأَكْتُبُ لَكَ كِتَابًا أُوصِي بِكَ مَنْ يَكُونُ بَعْدِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ»،فَكَتَبَ لَهُ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ:" إِذَا صَلَّيْتَ الْغَدَاةَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ جَوَازًا مِنَ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جَوَازًا مِنَ النَّارِ "،قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَيْتُ بِالْكِتَابِ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفَضَّهُ فَقَرَأَهُ، وَأَمَرَ لِي وَخَتَمَهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ مُسْلِمٌ: فَتُوُفِّي الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَانَ الْكِتَابُ عِنْدَنَا حَتَّى وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَتَبَ إِلَى الْعَامِلِ قِبَلَنَا: أَنْ أَشْخِصْ مُسْلِمَ بْنَ الْحَارِثِ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي كَتَبَهُ لِأَبِيهِ، فَأُشْخِصْتُ إِلَيْهِ فَقَرَأَهُ وَأَمَرَ لِي ثُمَّ خَتْمَهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَمَا إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ إِلَّا لَتُحَدِّثَنِي كَمَا حَدَّثَ أَبُوكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ" (1)
وعَنْ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَرِيَّةٍ، فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمُغَارَ، اسْتَحْثَثْتُ فَرَسِي، فَسَبَقْتُ أَصْحَابِي، فَتَلَقَّانِي الْحَيُّ بِالرَّنِينِ، فَقُلْتُ: قُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تُحَرَّزُوا، فَقَالُوهَا، فَلاَمَنِي أَصْحَابِي، وَقَالُوا: حُرِمْنَا الْغَنِيمَةَ بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ بِأَيْدِينَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،أَخْبَرُوهُ بِمَا صَنَعْتُ، فَدَعَانِي، فَحَسَّنَ لِي مَا صَنَعْتُ، وَقَالَ: أَمَا إِنَّ اللَّهَ
__________
(1) - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (2/ 417) (1212) حسن(1/82)
قَدْ كَتَبَ لَكَ بِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَنَا نَسِيتُ الثَّوَابَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: إِنِّي سَأَكْتُبُ لَكَ كِتَابًا، وَأُوصِي بِكَ مَنْ يَكُونُ بَعْدِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: فَكَتَبَ لِي كِتَابًا، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ، فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ تِلْكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جَوَازًا مِنَ النَّارِ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ ذَلِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جَوَازًا مِنَ النَّارِ قَالَ: فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ، أَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بِالْكِتَابِ، فَفَضَّهُ، فَقَرَأَهُ وَأَمَرَ لِي بِعَطَاءٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ، فَقَرَأَهُ، وَأَمَرَ لِي، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ عُثْمَانَ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. (1)
وعن مُسْلِمَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّمِيمِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَهُمْ فِي سَرِيَّةٍ، قَالَ فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمُغَارَ، اسْتَحْثَثْتُ فَرَسِي، فَسَبَقْتُ أَصْحَابِي، قَالَ: وَاسْتَقْبَلْنَا الْحَيَّ بِالرَّنِينِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُحْرَزُوا، فَقَالُوهَا، وَجَاءَ أَصْحَابِي فَلَامُونِي، وَقَالُوا: حَرَمْتَنَا الْغَنِيمَةَ بَعْدَ أَنْ بَرَدَتْ فِي أَيْدِينَا، قَالَ: فَلَمَّا قَفَلْنَا، ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِي، فَحَسَّنَ مَا صَنَعْتُ، وَقَالَ:" أَمَا إِنَّ اللهَ قَدْ كَتَبَ لَكَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا "،قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَإِذَا نَسِيتُ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" أَمَا إِنِّي سَأَكْتُبُ لَكَ كِتَابًا وَأُوصِي بِكَ مَنْ يَكُونُ بَعْدِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ " فَفَعَلَ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ، قَالَ: وَقَالَ لِي:" إِذَا صَلَّيْتَ الْغَدَاةَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا: اللهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ ذَلِكَ كَتَبَ اللهُ لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ، فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا: اللهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكُ إِنْ مُتُّ مِنْ لَيْلَتِكَ، كَتَبَ اللهُ لَكَ جِوَازًا مِنَ النَّارِ " قَالَ فَلَمَّا قَبَضَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ، أَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بِالْكِتَابِ، فَفَضَّهَ فَقَرَأَهُ، وَأَمَرَ لِي وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ عُثْمَانَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ مُسْلِمُ بْنُ حَارِثٍ فَتُوُفِّيَ الْحَارِثُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَكَانَ الْكِتَابُ عِنْدَنَا حَتَّى وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ إِلَى عَامَلَ قِبَلِنَا أَنْ أَشْخِصْ إِلَيَّ مُسْلِمَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّمِيْمِيَّ بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي كَتَبَهُ لِأَبِيهِ، قَالَ: فَشَخَصْتُ بِهِ
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 5 / ص 366) (2022) حسن(1/83)
إِلَيْهِ فَقَرَأَهُ، وَأَمَرَ لِي، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ إِلَّا لِتُحَدِّثَنِي بِمَا حَدَّثَكَ بِهِ أَبُوكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ " (1)
•••••••••••
__________
(1) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (2/ 795) (2098) حسن(1/84)
أداء الفرائض
عن قَزْعَةَ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي خَالِي قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ، فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ، فَقُلْتُ: مَاذَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَقَدْ أَعْظَمْتَ وَأَطْوَلْتَ، أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَأَدِّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَحُجَّ الْبَيْتَ، وَمَا أَحْبَبْتَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِكَ النَّاسُ فَافْعَلْ بِهِمْ، وَمَا تَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ إِلَيْكَ فَدَعِ النَّاسَ، خَلِّ سَبِيلَ النَّاقَةِ» (1)
وعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ، أَوْ بِزِمَامِهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْ يَا مُحَمد، أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَكَفَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -،ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ وُفِّقَ، أَوْ لَقَدْ هُدِيَ، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: فَأَعَادَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:تَعْبُدُ اللهَ، لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، دَعِ النَّاقَةَ. (2)
وعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْأَخْرَمِ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ فَقِيلَ لِي: هُوَ بِعَرَفَةَ، فَاسْتَقْبَلْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِزِمَامِ النَّاقَةِ، قَالَ: فَصَاحَ بِي أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «دَعُوهُ فَأَيْنَ مَا جَاءَ بِهِ».قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ فِي الْخُطْبَةِ لَقَدْ أَعْظَمْتَ وَأَطْوَلْتَ الْمَسْأَلَةَ»،فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتُحِبُّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ، وَمَا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ فَدَعِ النَّاسَ مِنْهُ، خَلِّ سَبِيلَ النَّاقَةِ» .. (3)
__________
(1) - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (2/ 458) (1259) والمعجم الكبير للطبراني (8/ 27) (7284) صحيح لغيره
(2) - صحيح مسلم (113)
(3) - أمالي ابن بشران - الجزء الأول (ص:302) (690) والمعجم الكبير للطبراني (6/ 49) (5478) وشعب الإيمان (13/ 461) (10619) صحيح لغيره(1/85)
وعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْأَخْرَمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَقِيلَ لَهُ: بِعَرَفَةَ، فَاسْتَقْبَلْتُهُ فَأَخَذْتُ بِزِمَامِ النَّاقَةِ قَالَ: فَصَاحَ بِي نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ:" دَعُوهُ فَأَرَبٌ مَا جَاءَ بِهِ ".قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ:" لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ فِي الْخُطْبَةِ لَقَدْ أَعْظَمْتَ وَأَطْوَلْتَ " فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَظَرَ فَقَالَ:" تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتُحِبُّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَمَا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ فَدَعِ النَّاسَ مِنْهُ، خَلِّ سَبِيلَ النَّاقَةِ " (1)
وعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْيَشْكُرِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْمُنْتَفِقِ، وَهُوَ يَقُولُ: وُصِفَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحُلِّيَ لِي، فَطَلَبْتُهُ بِمَكَّةَ، فَقِيلَ لِي: هُوَ بِمِنًى، فَطَلَبْتُهُ، فَقِيلَ لِي: هُوَ بِعَرَفَاتٍ، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَزَاحَمْتُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لِي: إِلَيْكَ عَنْ طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعُوا الرَّجُلَ أَرَبُ مَا لَهُ؟»،قَالَ: فَزَاحَمْتُهُمْ عَلَيْهِ حَتَّى خَلُصْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ رَاحِلَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،أَوْ بِزِمَامِهَا حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ رَاحِلَتَيْهِمَا، قَالَ: فَلَمْ يَرُعْنِي، أَوْ قَالَ: مَا غُيِّرَ عَلَيَّ، قَالَ: قُلْتُ: شَيْئَانِ أَسْأَلُكَ عَنْهُمَا: مَا يُنَجِّينِي مِنَ النَّارِ؟ وَمَا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ:" لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ الْمَسْأَلَةَ، لَقَدْ عَظَّمْتَ وَطَوَّلْتَ، فَاعْقِلْ عَنِّي إِذًا: اعْبُدِ اللهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَأَدِّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَصُمْ رَمَضَانَ، وَمَا تُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَهُ بِكَ النَّاسُ فَافْعَلْهُ بِهِمْ، وَمَا تَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْكَ النَّاسُ، فَذَرِ النَّاسَ مِنْهُ، خَلِّ سَبِيلَ الرَّاحِلَةِ " (2)
•••••••••••
__________
(1) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1274) (3199) صحيح لغيره
(2) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 1789) (4536) صحيح(1/86)
الصيام جنة من النار
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ أبي الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَدَعَا لِي بِلَبَنٍ لِقْحَةً فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ صِيَامٌ حَسَنٌ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ» قَالَ: وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَمَّرَنِي عَلَى الطَّائِفِ فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ تَجَاوَزِ الصَّلَاةَ، وَاقْدُرِ النَّاسَ بِأَضْعَفِهِمْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ وَالْبَعِيدُ وَذَا الْحَاجَةِ» (1)
وعَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، فَدَعَا لِي بِلَبَنٍ فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «الصَّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ». (2)
وعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلَا يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ، وَإِنْ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلَا يَشْتُمْهُ وَلَا يَسُبَّهُ، وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». (3)
وعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ، وَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " (4)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ، يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" قَالَ رَبُّكُمْ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ يَجْتَنُّ بِهَا عَبْدِي مِنَ النَّارِ " (5)
•••••••••••
__________
(1) - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (3/ 195) (1542) صحيح
(2) - السنن الكبرى للنسائي (3/ 136) (2552) صحيح
(3) - السنن الكبرى للنسائي (3/ 351) (3245) صحيح
جنة: وقاية وحماية -الجهل: الكلام السيئ والتفحش-جَهِلَ عليه: المراد كلمه بالسوء وأغلظ له القول والفعل
(4) - مسند أحمد ط الرسالة (23/ 33) (14669) وشعب الإيمان (5/ 193) (3292) صحيح
(5) - شعب الإيمان (5/ 193) (3291) صحيح(1/87)
من مات له ثلاثة من الولد
عَنْ أَبِي النَّضْرِ السَّلَمِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لا يَمُوتُ لأَحَدٍ ثَلاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ إِلا كُنَّ لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ" (1)
وعَنْ أَبِي النَّضْرِ السَّلَمِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَحْتَسِبُهُمْ، إِلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ»،فَقَالَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوِ اثْنَانِ؟ قَالَ: «أَوِ اثْنَانِ» (2)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ، إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم:71] (3)
وعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ فِيهِ انْتِقَاصٌ وَلَا وَهْمٌ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:" مَنْ وُلِدَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ فِي الْإِسْلَامِ، فَمَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، أَدْخَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَلَغَ بِهِ الْعَدُوَّ، أَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ، كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، يُدْخِلُهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ مِنْهَا الْجَنَّةَ ". (4)
__________
(1) - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (4/ 185) (2166) صحيح
(2) - موطأ مالك ت عبد الباقي (1/ 235) (39) صحيح
(3) - صحيح البخاري (2/ 73) (1251) وصحيح مسلم (4/ 2028) 150 - (2632)
[(فيلج) يدخل. (تحله القسم) أي يرد عليها ورودا سريعا بقدر يبر الله تعالى به قسمه في قوله {وإن منكم إلا واردها} / مريم 71 /. ومعنى الآية ما من إنسان إلا وسيأتي جهنم حين يمر على الصراط الموضوع على ظهرها]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ نَرَى قَوْلَهُ:" تَحِلَّةَ الْقَسَمِ: يَعْنِي قَوْلَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم:71]،يَقُولُ: فَلَا يَرِدُهَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا يَبَرُّ اللهُ قَسَمَهُ فِيهِ "،وَفِيهِ أَنَّهُ أَصْلٌ لِلرَّجُلِ يَحْلِفُ: لَيَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يَفْعَلُ مِنْهُ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ. قَالَ الشَّيْخُ: يَعْنِي: يَفْعَلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ "السنن الكبرى للبيهقي (10/ 110) (20032)
(4) - مسند أحمد ط الرسالة (32/ 182) (19437) صحيح لغيره(1/88)
وعن أبي عُشَّانَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ أَثْكَلَ ثَلَاثَةً مِنْ صُلْبِهِ، فَاحْتَسَبَهُمْ عَلَى اللهِ - فَقَالَ أَبُو عُشَّانَةَ مَرَّةً: فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَمْ يَقُلْهَا مَرَّةً أُخْرَى -،وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ " (1)
•••••••••••
__________
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (28/ 531) (17298) صحيح لغيره(1/89)
الصبر على موت الأولاد
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -:غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ وَلَدِهَا، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ» فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: «وَاثْنَتَيْنِ». (1)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ النِّسَاءُ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا، فَجِئْنَ، فَوَعَظَهُنَّ، فَقَالَ لَهُنَّ فِيمَا قَالَ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلاَّ كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاثْنَيْنِ؟ وَقَدْ مَاتَ لَهَا اثْنَانِ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:وَاثْنَانِ. (2)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَدَّمَ ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ كَانُوا لَهُ حِصْنًا حَصِينًا مِنَ النَّارِ»،قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدَّمْتُ اثْنَيْنِ، قَالَ: «وَاثْنَيْنِ»،فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ سَيِّدُ القُرَّاءِ: قَدَّمْتُ وَاحِدًا، قَالَ: «وَوَاحِدًا، وَلَكِنْ إِنَّمَا ذَاكَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى». (3)
وعن أبي طَيْبَةَ، قَالَ: إِنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ دَعَا عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ السُّلَمِيَّ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَسَةَ، هَلْ أَنْتَ مُحَدِّثِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ أَنْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ فِيهِ تَزَيُّدٌ وَلَا كَذِبٌ؟ وَلَا تُحَدِّثْنِيهِ عَنْ آخَرَ سَمِعَهُ مِنْهُ غَيْرِكَ، قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: قَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَافُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَنَاصَرُونَ مِنْ أَجْلِي "
وقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" أَيُّمَا رَجُلٍ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَبَلَغَ مُخْطِئًا، أَوْ مُصِيبًا، فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَرَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللهِ، فَهِيَ لَهُ نُورٌ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا، فَكُلُّ عُضْوٍ مِنَ الْمُعْتَقِ بِعُضْوٍ مِنَ الْمُعْتِقِ فِدَاءٌ لَهُ مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَكُلُّ عُضْوٍ مِنَ الْمُعْتَقَةِ بِعُضْوٍ مِنَ الْمُعْتِقَةِ فِدَاءٌ لَهَا مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ قَدَّمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ صُلْبِهِ ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، أَوْ امْرَأَةٍ، فَهُمْ لَهُ سُتْرَةٌ مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ قَامَ إِلَى وَضُوءٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَأَحْصَى الْوَضُوءَ إِلَى أَمَاكِنِهِ، سَلِمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ أَوْ خَطِيئَةٍ لَهُ، فَإِنْ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، رَفَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا دَرَجَةً، وَإِنْ قَعَدَ، قَعَدَ سَالِمًا ". فَقَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا ابْنَ عَبَسَةَ؟ قَالَ:" نَعَمْ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَ مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ، فَانْتَهَى عِنْدَ سَبْعٍ، مَا حَلَفْتُ، يَعْنِي مَا بَالَيْتُ، أَنْ لَا أُحَدِّثَ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي عَدَدَ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ". (4)
وعَنْ أَبِي النَّضْرِ السَّلَمِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَحْتَسِبُهُمْ، إِلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ»،فَقَالَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوِ اثْنَانِ؟ قَالَ: «أَوِ اثْنَانِ». (5)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَلَدٍ لَهَا مَرِيضٍ، يَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ وَالْعَافِيَةِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ مَاتَ لِي ثَلَاثَةٌ. قَالَ:" فِي الْإِسْلَامِ؟ " قَالَتْ: فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ:" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقَدِّمُ ثَلَاثَةً فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ يَحْتَسِبُهُمْ، إِلَّا احْتَظَرَ بِحَظَرٍ مِنَ النَّارِ ". (6)
__________
(1) - صحيح البخاري (1/ 32) (101)
[(غلبنا عليك الرجال) أفادوا منك أكثر منا لملازمتهم لك وضعفنا عن مزاحتمهم. (يوما) تعلمنا فيه وتخصنا به. (من نفسك) من اختيارك أو من أوقات فراغك. (تقدم) يموت لها في حياتها. (حجابا) حاجزا يحجبها]
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 7 / ص 206) (2944) صحيح
(3) - سنن الترمذي ت شاكر (3/ 367) (1061) والمعجم الأوسط (8/ 30) (7868) صحيح لغيره
(4) - مسند أحمد ط الرسالة (32/ 183) (19438و19439) حسن
(5) - موطأ مالك ت عبد الباقي (1/ 235) (39) صحيح
جنة: الجنة: الوقاية، ومنه: المجن للترس، ولأنه يقى صاحبه ويستره.
(6) - مسند أحمد ط الرسالة (16/ 538) (10923) صحيح(1/90)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِيٍّ فَقَالَتِ: ادْعُ اللَّهَ لَهُ، فَقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، فَقَالَ: «احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ» (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِيٍّ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ ادْعُ اللهَ لَهُ، فَلَقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، قَالَ: «دَفَنْتِ ثَلَاثَةً؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ» (2)
•••••••••••
__________
(1) - الأدب المفرد مخرجا (ص:63) (147) صحيح
(2) - صحيح مسلم (4/ 2030) 155 - (2636)
[ش (احتظرت) أي امتنعت بمانع وثيق وأصل الحظر المنع وأصل الحظار بكسر الحاء وفتحها ما يجعل حول البستان وغيره من قضبان وغيرها كالحائط](1/92)
الصبر على تربية البنات
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، وَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ، وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ». (1) - الجدة: الغنى
وعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». (2)
وعَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ وَضَعَتِ ابْنَتَيْنِ لَهَا تَسْأَلُنِي، فَلَمْ أَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَأَخَذَتْهَا فَشَقَّتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَابْنَتَاهَا، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهَا، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ سِتْرًا لَهُ مِنَ النَّارِ»
وَرَوَاهُ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، وَأَعْطَيْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَتْنِي، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، وَأَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ». (3)
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ». (4)
__________
(1) - الأدب المفرد مخرجا (ص:41) (76) صحيح
(2) - صحيح البخاري (8/ 7) (5995) وصحيح مسلم (4/ 2027) 147 - (2629)
[ش (يلي) من الولاية وهي القيام بالشؤون والعناية وفي رواية (بلي) من البلاء وهو الاختبار لأن الناس غالبا لا يرغبون في البنات فكان وجودهن اختبار للرضا بعطاء الله تعالى]
(3) - الآداب للبيهقي (ص: 11) (16) صحيح
(4) - المعجم الكبير للطبراني (17/ 299) (826 و827) صحيح(1/93)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاَثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلاَثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ، دَخَلَ الْجَنَّةَ. (1)
وعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، فَكَفَلَهُنَّ، وَآوَاهُنَّ، وَرَحِمَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ»،قَالُوا: أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ قَالَ: «أَوِ اثْنَتَيْنِ»،قَالُوا: حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: أَوْ وَاحِدَةً؟ (2)
وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوْ بِنْتَانِ أَوْ أُخْتَانِ، اتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُتْنَ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ ". (3)
وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَكُونُ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُتْنَ إِلَّا كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ» فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: أَوِ اثْنَتَانِ؟ قَالَ: «وَثِنْتَانِ» (4).
وعَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَأَخَذَتْهَا؛ فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَابْنَتَاهَا، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَنَاتِ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». (5)
وعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا، فَسَأَلَتْنِي فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي إِلَّا تَمْرَةً وَاحِدَةً، فَأَعْطَيْتُهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» (6)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 189) (446) حسن
(2) - جامع معمر بن راشد (10/ 458) (19697) صحيح لغيره
(3) - مسند أحمد ط الرسالة (39/ 419) (23991) صحيح لغيره
(4) - المعجم الكبير للطبراني (18/ 56) (102) صحيح لغيره
(5) - سنن الترمذي ت شاكر (4/ 319) (1913) ومسند الشاميين للطبراني (4/ 244) (3193) صحيح
(6) -الأدب المفرد مخرجا (ص:59) (132) صحيح(1/94)
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ، فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» (1)
وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ» (2)
•••••••••••
__________
(1) -صحيح البخاري (2/ 110) (1418) وصحيح مسلم (4/ 2027) 148 - (2630)
[(ابتلي) اختبر وامتحن بأن رزقه الله بنات وسمي ابتلاء لكره الناس عادة لهن ولأنه يغلب أن لا يكن مورد كسب وعيش. (سترا) حاجز يحجزه ويحجبه من النار بفضل تربيتهن والإحسان إليهن]
(2) -صحيح مسلم (4/ 2027) 148 - (2630)(1/95)
تمرة واحدة تعتق من النار
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ» (1).
وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتَاهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي حَنَانُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا الْجَنَّةَ، وَأَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ. (2)
•••••••••••
__________
(1) - صحيح مسلم (4/ 2027) 148 - (2630)
فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث دَلِيل عَلَى كَوْن أَطْفَال الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّة وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَة فِيهِمْ إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: أَمَّا أَوْلَاد الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ فَالْإِجْمَاع مُتَحَقِّق عَلَى أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّة، أَمَّا أَطْفَال مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَجَمَاهِير الْعُلَمَاء عَلَى الْقَطْع لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَنَقَلَ جَمَاعَة الْإِجْمَاع فِي كَوْنهمْ مِنْ أَهْل الْجَنَّة قَطْعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتهمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتهمْ} وَتَوَقَّفَ بَعْض الْمُتَكَلِّمِينَ فِيهَا، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَع لَهُمْ كَالْمُكَلَّفِينَ. وَاَللَّه أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 472)
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 192) (448) صحيح(1/96)
من أطعم أخاه حتى يشبعه
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ خُبْزًا حَتَّى يُشْبِعَهُ، وَسَقَاهُ حَتَّى يَرْوِيَهُ بَعَّدَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ». (1)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ حَتَّى يُشْبِعَهُ وَسَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَرْوِيَهُ بَعَّدَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ مَا بَيْنَ كُلِّ خَنْدَقٍ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ» (2)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِوِ بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ خُبْزًا حَتَّى يُشْبِعَهُ وَسَقَاهُ مَاءً حَتَّى يَرْوِيَهُ بَعَدَهُ اللَّهُ عَنِ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ بُعْدُ مَا بَيْنَ خَنْدَقَيْنِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ» (3)،وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ خُبْزًا حَتَّى يُشْبِعَهُ وَسَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَرْوِيَهِ، بَعَّدَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ، كُلُّ خَنْدَقٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمائَةِ عَامٍ " (4)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ " (5)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِمًا ثَوْبًا عَلَى عُرْيٍ، كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِمًا عَلَى جُوعٍ، أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَإٍ، سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ» (6)
•••••••••••
__________
(1) - المعجم الأوسط (6/ 320) (6518) وشعب الإيمان للبيهقي (3218) حسن لغيره
(2) - مكارم الأخلاق للطبراني (ص:371) (159) حسن لغيره
(3) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 144) (7172) وصححه ووافقه الذهبي!
(4) - شعب الإيمان (5/ 60) (3096) حسن لغيره
(5) - شعب الإيمان (5/ 62) (3098) صحيح لغيره
(6) - سنن أبي داود (2/ 130) (1682) حسن(1/97)
مَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ
عَنْ مَالِكِ بن مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: الإِيمَانُ بِاللَّهِ، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمِلٌ، قَالَ: يُرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا، لا يَجِدُ مَا يُرْضَخُ بِهِ؟ قَالَ: يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَيِيًّا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: يَصْنَعُ لأَخْرَقَ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَخْرَقَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ شَيْئًا؟ قَالَ: يُعِينُ مَغْلُوبًا، قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا؟ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ فِي صَاحِبِكَ، مِنْ خَيْرٍ تُمْسِكُ الأَذَى، عَنِ النَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَفْعَلُ خَصْلَةً مِنْ هَؤُلاءِ، إِلا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. (1)
وعن أبي كَثِيرٍ السُّحَيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ، قُلْتُ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،فقَالَ: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمَلاً؟ قَالَ: يَرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا لاَ شَيْءَ لَهُ؟ قَالَ: يَقُولُ مَعْرُوفًا بِلِسَانِهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ عَيِيًّا لاَ يُبْلِغُ عَنْهُ لِسَانُهُ؟ قَالَ: فَيُعِينُ مَغْلُوبًا قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لاَ قُدْرَةَ لَهُ؟ قَالَ: فَلْيَصْنَعْ لأَخْرَقَ قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ أَخْرَقَ؟ قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ، قَالَ: مَا تُرِيدُ أَنْ تَدَعَ فِي صَاحِبِكَ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ، فَلْيَدَعِ النَّاسَ مِنْ أَذَاهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ كَلِمَةُ تَيْسِيرٍ؟ فقَالَ - صلى الله عليه وسلم -:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا، يُرِيدُ بِهَا مَا عِنْدَ اللهِ، إِلاَّ أَخَذَتْ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. (2)
وقَالَ أَبُو كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ يُجَالِسُ أَبَا ذَرٍّ - قَالَ: فَجَمَعَ حَدِيثًا فَلَقِيَ أَبَا ذَرٍّ وَهُوَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى وَحَوْلَهُ النَّاسُ، قَالَ: فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَنَسِيتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ، أَتَذَكَّرُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلَهُ الْعَبْدُ
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني (2/ 156) (1650) صحيح لغيره
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 96) (373) صحيح لغيره(1/98)
دَخَلَ الْجَنَّةَ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلَ بِهِ الْعَبْدُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" يُؤْمِنُ بِاللهِ "،قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مَعَ الْإِيمَانِ عَمَلا، قَالَ:" يُرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا لَا شَيْءَ له، قَالَ:" يَقُولُ مَعْرُوفًا بلسانه "،قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ كَانَ عَييًا لَا يَبْلُغُ عنْهُ لِسَانُهُ، قَالَ:" فَلْيُعِنْ مَغْلُوبًا "،قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا قُوَّةَ له، قَالَ:" فَليَصْنَعُ لِأَخْرَقَ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ كَانَ أَخْرِقَ، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ:" أَمَا تُرِيدُ أَنْ تَدَعَ لصَاحِبِكَ خَيْرًا فَلْيَدْعِ النَّاسَ مِنْ أَذَاهُ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا كُلُّهُ يَسِيرٌ، قَالَ:" فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْهَا مِنْ خَصْلَةٍ يَعْمَلُ بِهَا الْعَبْدُ يُرِيدُ بِهَا وجه اللهِ إِلَّا أَخَذَتْ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمْ تُفَارِقْهُ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ " (1)
•••••••••••
__________
(1) - شعب الإيمان (5/ 33) (3055) صحيح لغيره(1/99)
الإكثار من ذكر الله
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَأَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَقَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (1)
وعَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:" أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعمَالِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى " قَالَ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». (2)
وعَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ»،قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا، إِلَّا أَنْ تَضْرِبَ بِسَيْفِكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. (3)
•••••••••••
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 673) (1825) وسنن الترمذي ت شاكر (5/ 459) (3377) حسن
(2) - موطأ مالك ت عبد الباقي (1/ 211) (24) وصحيح الجامع (5644) حسن
(3) - المعجم الكبير للطبراني (20/ 166) (352) والزهد لأحمد بن حنبل (ص:148) (1008 و1025) والضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 45) حسن لغيره(1/100)
عْتِقُ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ
عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَقَصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ، أَعْتِقِ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ» قَالَ: أَوَ لَيْسَتَا وَاحِدًا؟ قَالَ: «لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَعْتِقَ النَّسَمَةَ، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَالْمَنِيحَةُ الرَّغُوبُ، وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ» (1).
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ، فَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ: أَعْتِقِ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ»، قَالَ: أَوَ لَيْسَتَا بِوَاحِدَةٍ؟، قَالَ: «لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعْطِي فِي ثَمَنِهَا، وَالْمِنْحَةُ الْوَكُوفُ وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْقَاطِعِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَاكَ، فَأَطْعِمِ الْجَائِعَ، وَاسْقِ الظَّمْآنَ، وَمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ». (2).
وعن إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا بِأَرِيحَا، فَمَرَّ بِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، فَأَجْلَسَهُ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ، فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا حَدَّثَنِي بِهِ هَذَا الشَّيْخُ - يَعْنِي وَاثِلَةَ - قُلْتُ: مَا حَدَّثَكَ؟،قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً، يُعْتِقُ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ. (3)
وعَنِ الْعَرِيفِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانُ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّ مُصْحَفَ أَحَدِكُمْ مُعَلَّقٌ فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. قَالَ: فَقُلْنَا: لَيْسَ هَذَا أَرَدْنَا، أَرَدْنَا أَنْ تُحَدِّثَنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ
__________
(1) - الأدب المفرد مخرجا (ص:38) (69) صحيح
الوكوف: الغزيرة اللبن وقيل التى لا ينقطع لبنها سنتها جميعها -الفىء: الظل
(2) - صحيح ابن حبان - مخرجا (2/ 98) (374) صحيح
(3) - صحيح ابن حبان - مخرجا (10/ 145) (4307) صحيح(1/101)
مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَوْجَبَ - يَعْنِي - النَّارَ، فَقَالَ: «أَعْتِقُوا عَنْهُ، يُعْتِقْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ» عَرِيفٌ هَذَا لَقَبٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ " (1)
وعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ أَعْتَقَ مُسْلِمًا كَانَ فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ بِكُلِّ عُضْوٍ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ» (2)
•••••••••••
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 230) (2843) حسن
(2) - الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين (ص:164) (575) حسن(1/102)
من حافظ على الصلوات الخمس
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا فَقَالَ: مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُرْهَانٌ وَلاَ نُورٌ وَلاَ نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَهَامَانَ وَفِرْعَوْنَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ. (1)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ لَمْ يَكُنَّ لَهُ نُورًا وَلَا بُرْهَانًا وَلَا نَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» (2)
•••••••••••
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 4 / ص 329) (1467) صحيح
(2) - مسند الشاميين للطبراني (1/ 152) (245) صحيح(1/103)
التي شربت بول النبي - صلى الله عليه وسلم -
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حُكَيْمَةُ بِنْتُ أُمَيْمَةَ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَهُ قَدَحٌ مِنْ عِيدَانٍ يَبُولُ فِيهِ ثُمَّ يُوضَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا: بَرَكَةُ جَاءَتْ مَعَ أُمِّ حَبِيبَةَ مِنَ الْحَبَشَةِ فَشَرِبَتْهُ فَطَلَبَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: شَرِبَتْهُ بَرَكَةُ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ شَرِبْتُهُ فَقَالَ: لَقَدِ احْتَضَرْتِي مِنَ النَّارِ بِحِضَارٍ أَوْ قَالَ: جُنَّةٍ أَوْ هَذَا مَعْنَاهُ" " (1)
وعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي حُكَيْمَةُ بِنْتُ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَبُولُ فِي قَدَحِ عِيدَانٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَبَالَ فِيهِ ثُمَّ جَاءَ فَأَرَادَهُ فَإِذَا الْقَدَحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَقَالَ لِامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا بَرَكَةُ كَانَتْ تَخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ، جَاءَتْ بِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ:" أَيْنَ الْبَوْلُ الَّذِي كَانَ فِي الْقَدَحِ؟ " قَالَتْ: شَرِبَتُهُ، فَقَالَ:" لَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ " (2)
وعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي حُكَيْمَةُ بِنْتُ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَبُولُ فِي قَدَحِ عِيدَانٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَبَالَ فِيهِ ثُمَّ جَاءَ فَأَرَادَهُ فَإِذَا الْقَدَحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَقَالَ لِامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا بَرَكَةُ كَانَتْ تَخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ، جَاءَتْ بِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ: «أَيْنَ الْبَوْلُ الَّذِي كَانَ فِي الْقَدَحِ؟» قَالَتْ: شَرِبَتُهُ، فَقَالَ: «لَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ» (3)
وعَنْ أُمِّهَا أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَبُولُ فِي قَدَحِ عِيدَانَ، ثُمَّ يَرْفَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَبَالَ فِيهِ، فَأَرَادَهُ فَإِذَا الْقَدَحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَقَالَ لِامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا بَرَكَةُ كَانَتْ تَخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ جَاءَتْ بِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ:" أَيْنَ الْبَوْلُ الَّذِي كَانَ فِي الْقَدَحِ؟ " قَالَتْ: شَرِبْتُهُ، قَالَ:" وَلَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ " (4)
__________
(1) - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (6/ 121) (3342) حسن
(2) - الْمُعْجَمُ الْكَبِيرُ لِلطَّبَرَانِيِّ (19141) حسن
(3) - المعجم الكبير للطبراني (24/ 189) (477) حسن
(4) - معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3263) (7517) ومعجم ابن المقرئ (ص:70) (129) حسن(1/104)
وعَنْ أُمَيْمَةَ، قَالَتْ: كَانَ لِلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدَحٌ مِنْ عِيدَانٍ يَبُولُ فِيهِ، وَيَضَعُهُ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَقَامَ فَطَلَبَ فَلَمْ يَجِدُهُ فَسَأَلَ فَقَالَ: «أَيْنَ الْقَدَحُ؟»،قَالُوا: شَرِبَتْهُ بَرَّةُ خَادِمُ أُمِّ سَلَمَةَ الَّتِي قَدِمَتْ مَعَهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدِ احْتَظَرَتْ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ» (1)
•••••••••••
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني (24/ 205) (527) حسن(1/105)
مجالس الذكر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ " قَالَ: «فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» قَالَ:" فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ " قَالَ:" فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ " قَالَ:" فَيَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ؟ " قَالَ:" فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ " قَالَ:" يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا " قَالَ:" يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ " قَالَ: «يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ» قَالَ:" يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ " قَالَ:" يَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا " قَالَ:" يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟ " قَالَ:" يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً، قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ " قَالَ:" يَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ " قَالَ:" يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ " قَالَ:" يَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا " قَالَ:" يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ " قَالَ:" يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً " قَالَ:" فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ " قَالَ:" يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ " (1).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:" إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلًا يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ
__________
(1) - صحيح البخاري (8/ 87) (6408)
[(يطوفون) يمشون ويدورون حول الناس. (يلتمسون) يطلبون. (فيحفونهم) يطوقونهم ويحيطون بهم بأجنحتهم. (فيسألهم) الحكمة من السؤال إظهار فضل بني آدم وأن فيهم المسبحين والمقدسين كالملائكة على ما هم عليه من الجبلة الشهوانية والفطرة الحيوانية. (يمجدونك) يعظمونك. (لحاجة) دنيوية (لا يشقى بهم جليسهم) ينتفي الشقاء عمن جالسهم](1/106)
عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا، أَيْ رَبِّ قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا، قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ " (1).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، وَفُضَلَاءَ يَلْتَمِسُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا أَتَوْا عَلَى مَجْلِسِ ذِكْرٍ حَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادِكَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ وَيَسْتَجِيرُونَكَ، فَيَقُولُ: مَا يَسْأَلُونَنِي؟ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ. فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا. فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ ثُمَّ يَقُولُ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُونِي، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُونِي. فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا إِنَّ فِيهِمْ عَبْدًا خَطَّاءً جَلَسَ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مَعَهُمْ، فَيَقُولُ: وَهُوَ أَيْضًا قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» (2)
__________
(1) - صحيح مسلم (4/ 2069) 25 - (2689)
[ش (سيارة) معناه سياحون في الأرض (فضلا) ضبطوه على أوجه أرجحها وأشهرها في بلادنا فضلا والثانية فضلا ورجحها بعضهم وادعى أنها أكثر وأصوب والثالثة فضلا قال القاضي هكذا الرواية عند جمهور شيوخنا في البخاري ومسلم والرابعة فضل على أنه خبر مبتدأ محذوف والخامسة فضلاء جمع فاضل قال العلماء معناه على جميع الروايات أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم وإنما مقصودهم حلق الذكر (يتبعون) أي يتتبعون من التتبع وهو البحث عن الشيء والتفتيش والوجه الثاني يبتغون من الابتغاء وهو الطلب وكلاهما صحيح (وحف) هكذا هو في كثير من نسخ بلادنا حف وفي بعضها حض أي حث على الحضور والاستماع وحكى القاضي عن بعض رواتهم وحط واختاره القاضي قال ومعناه أشار إلى بعض بالنزول ويؤيد هذه الرواية قوله بعده في البخاري هلموا إلى حاجتكم ويؤيد الرواية الأولى وهي حف قوله في البخاري يحفونهم بأجنحتهم ويحدقون بهم ويستديرون حولهم (ويستجيرونك من نارك) أي يطلبون الأمان منها (خطاء) أي كثير الخطايا]
(2) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 672) (1821) صحيح(1/107)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا، يَبْتَغُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، وَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ، قَعَدُوا مَعَهُمْ، فَحَضَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا، أَوْ صَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ، مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيَسْأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا، أَيْ رَبِّ، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ قَدْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قَالَ: مِمَّ يَسْتَجِيرُونِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لَا، قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا، قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ، فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ". (1)
•••••••••••
__________
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (14/ 527) (8972) صحيح(1/108)
من قال هذا الدعاء ثلاثاً
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَأُشْهِدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، مَنْ قَالَهَا مَرَّةً أَعْتَقَ اللَّهُ ثُلُثَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ ثُلُثَيْهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ كُلَّهُ مِنَ النَّارِ" (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنِي سَلْمَانُ ابْنُ الْإِسْلَامِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ الْمَلَائِكَةَ، وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَمَنْ فِيهِنَّ، وَالْأَرْضَ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَأُشْهِدُ جَمِيعَ خَلْقِكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَأُكَفِّرُ مَنْ أَبَى ذَلِكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، مَنْ قَالَهَا مَرَّةً أَعْتَقَ ثُلُثَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ ثُلُثَيْهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أُعْتِقَ مِنَ النَّارِ " (2)
•••••••••••
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 704) (1920) صحيح
(2) - الدعاء للطبراني (ص:114) (299 و300) صحيح(1/109)
التعوذ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ثَلاثًا
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلاثًا قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ثَلاثًا قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ النَّارِ" (1)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْجَنَّةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ إِلاَّ قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَلاَ اسْتَجَارَ مُسْلِمٌ مِنَ النَّارِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ إِلاَّ، قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ. (2)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِيهِ، وَمَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنِّي " (3)
وعن أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثًا إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ " (4)
وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا فِي دِيوَانِ عَبْدِي، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ سَأَلَنِي الْجَنَّةَ أَعْطَيْتُهُ، وَمَنِ اسْتَعَاذَنِي مِنَ النَّارِ أَعَذْتُهُ " (5)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَنْ قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ سَبْعًا، قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ النَّارِ، قَالَتِ النَّارَ: اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ النَّارِ." (6)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: رَبِّ، إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا قَدِ اسْتَجَارَكَ مِنِّي فَأَجِرْهُ. وَلَا سَأَلَ عَبْدٌ الْجَنَّةَ فِي يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّةُ: رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا قَدْ سَأَلَنِي فَأَدْخِلْهُ " (7)
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 717) (1960) والسنن الكبرى للنسائي (7/ 235) (7907 و9858) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 3 / ص 293) (1014) صحيح
(3) - الدعاء للطبراني (ص:391) (1311) صحيح
(4) - صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (1/ 90) (67) صحيح
(5) - صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (1/ 94) (71) حسن لغيره
(6) - صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (1/ 92) (69) ومسند أبي الطيالسي -طبعة دار هجر - مصر (4/ 295) (2702) صحيح
(7) - الدعوات الكبير (1/ 431) (321) صحيح(1/110)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:،أَكْثِرُوا مِنْ مَسْأَلَةِ اللَّهِ الْجَنَّةَ، وَاسْتَعِيذُوا بِهِ مِنَ النَّارِ، فَإِنَّهُمَا شَافِعَتَانِ مُشَفَّعَتَانِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَكْثَرَ مَسْأَلَةَ اللَّهِ الْجَنَّةَ قَالَتِ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ، عَبْدُكَ هَذَا الَّذِي سَأَلَنِيكَ، فَأَسْكِنْهُ إِيَّايَ، وَتَقُولُ النَّارُ: يَا رَبِّ، عَبْدُكَ هَذَا الَّذِي اسْتَعَاذَ بِكَ مِنِّي فَأَعِذْهُ" (1)
•••••••••••
__________
(1) - صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (1/ 93) (70) حسن لغيره(1/111)
الباقيات الصالحات جُنة من النار
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:خُذُوا جُنَّتَكُمْ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ؟ قَالَ: لاَ جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهَا يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدَّمَاتٍ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ" (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ؟ قَالَ:" لَا، وَلَكِنْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ " (2)
وعَنْ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: كُنَّا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ» قُلْنَا: مِنْ عَدُوًّ حَضَرَ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنْ خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهُنَّ مُقَدَّمَاتٌ وَمُؤَخَّرَاتٌ وَمُنَجِّيَاتٌ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ " (3)
وعَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:خُذُوا جُنَّتَكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ: لاَ بَلْ مِنَ النَّارِ، قُلْنَا: مَا جُنَّتُنَا مِنَ النَّارِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُقَدِّمَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ وَمُجَنِّبَاتٍ، وَهُنَّ {الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} .. (4)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ، خُذُوا جُنَّتَكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ:" لَا، وَلَكِنْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُسْتَقْدِمَاتٍ وَمُجَنَّبَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ " (5)
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 725) (1985) صحيح
(2) - السنن الكبرى للنسائي (9/ 313) (10617) صحيح
(3) - الدعاء للطبراني (ص: 480) (1684) صحيح
(4) - مصنف ابن أبي شيبة -دار القبلة (15/ 349) (30348) صحيح لغيره
(5) - الدعاء للطبراني (ص:480) (1682) والمعجم الأوسط (4/ 219) (4027) صحيح(1/112)
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ، خُذُوا جُنَّتَكُمْ - يَعْنِي السِّلَاحَ - مِنَ النَّارِ».قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّ لَهُنَّ مُعَقِّبَاتٍ وَمُجَنِّبَاتٍ، وَمُقَدِّمَاتٍ وَمُؤَخِّرَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ» (1)
•••••••••••
__________
(1) - الدعاء للضبي (ص:288) (109) صحيح(1/113)
العمل الذي يقرب من الجنة ويباعد من النار
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَدْ أَصَابَ الْحَرُّ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ حَتَّى نَظَرْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَبُهُمْ مِنِّي قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْبِئْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قَالَ: «وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِأَبْوَابِ الْجَنَّةِ» قُلْتُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَقِيَامُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:16] قَالَ: «وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ» قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَمَّا رَأْسُ الْأَمْرِ فَالْإِسْلَامُ، وَأَمَّا عَمُودُهُ فَالصَّلَاةُ، وَأَمَّا ذِرْوَةُ سَنَامِهِ فَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ» فَسَكَتَ فَإِذَا رَاكِبَانِ يُوضِعَانَ قِبَلَنَا، فَخَشِيتُ أَنْ يَشْغَلَاهُ عَنْ حَاجَتِي قَالَ: فَقُلْتُ: مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «فَأَهْوَى بِإِصْبَعِهِ إِلَى فِيهِ» قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَنُؤَاخَذُ بِمَا نَقُولُ بِأَلْسِنَتِنَا؟ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ابْنَ جَبَلٍ هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» (1)
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْبِئْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، فَقَالَ: «سَأَلْتُ عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِأَبْوَابِ الْخَيْرِ» قُلْتُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَقِيَامُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16] (2)
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 447) (3548) صحيح لغيره
(2) - المعجم الكبير للطبراني (20/ 143) (292) صحيح لغيره(1/114)
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ، قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ»
ثُمَّ قَالَ:" أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ " قَالَ: ثُمَّ تَلَا {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} [السجدة:16]،حَتَّى بَلَغَ {يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]
ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ»؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ»
ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ»؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا»،فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». (1)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ الْيَشْكُرِيِّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى الْكُوفَةِ لِأَجْلِبَ بِغَالًا، قَالَ: فَأَتَيْتُ السُّوقَ وَلَمْ تُقَمْ، قَالَ: قُلْتُ لِصَاحِبٍ لِي: لَوْ دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ وَمَوْضِعُهُ يَوْمَئِذٍ فِي أَصْحَابِ التَّمْرِ، فَإِذَا فِيهِ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْمُنْتَفِقِ وَهُوَ يَقُولُ: وُصِفَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحُلِّيَ، فَطَلَبْتُهُ بِمِكة فَقِيلَ لِي: هُوَ بِمنى فطلبتُه بمنىّ، فقيل لي: هو بعَرَفات، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَزَاحَمْتُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لِي: إِلَيْكَ عَنْ طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:" دَعُوا الرَّجُلَ أَرِبَ مَا لَهُ "،قَالَ: فَزَاحَمْتُ عَلَيْهِ حَتَّى خَلَصْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ رَاحِلَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ـ أَوْ قَالَ زِمَامِهَا هَكَذَا حَدَّثَ مُحَمَّدٌ ـ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ رَاحِلَتَيْنَا، قَالَ: فَمَا يَزَعُنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ـ أَوْ قَالَ: مَا غَيَّرَ عَلَيَّ، هَكَذَا حَدَّثَ مُحَمَّدٌ ـ قَالَ: قُلْتُ: ثِنْتَانِ أَسْأَلُكَ عَنْهُمَا: مَا يُنَجِّينِي مِنَ النَّارِ؟ وَمَا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ؟ قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ نَكَسَ رَأْسَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ قَالَ:" لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَقَدْ أَعْظَمْتَ وَأَطْوَلْتَ، فَاعْقِلْ عَنِّي
__________
(1) -سنن الترمذي ت شاكر (5/ 12) (2616) صحيح لغيره(1/115)
إِذًا، اعْبُدِ اللهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَأَدِّ (2) الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَصُمْ رَمَضَانَ، وَمَا تُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَهُ بِكَ النَّاسُ فَافْعَلْهُ بِهِمْ، وَمَا تَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْكَ النَّاسُ فَذَرِ النَّاسَ مِنْهُ "،ثُمَّ قَالَ:" خَلِّ سَبِيلَ الرَّاحِلَةِ ". (1)
•••••••••••
__________
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (45/ 131) (27153) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 1788) (4536) حسن(1/116)
كلمة التوحيد آخر الزمان
عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا نُسُكٌ، وَيُسَرَّى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَيَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا " قَالَ صِلَةُ بْنُ زُفَرَ لِحُذَيْفَةَ: فَمَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا نُسُكٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، فَرَدَّدَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: «يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ» (1)
وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى صِيَامٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا نُسُكٌ وَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ يَقُولُ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَنَحْنُ نَقُولُهَا " قَالَ لَهُ صِلَةُ: فَمَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ صياماً، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا نُسُكًا، فأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ فَرَدُّوهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، ثُمَّ قَالَ:" يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ" (2)
وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:" لَيُدْرَسَنَّ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ الثَّوْبُ، حَتَّى لَا تَعْرفَ صَلَاةً, وَلَا صِيَامًا, وَلَا نُسُكا إِلَّا بَقَايَا مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ وَعَجُوزٍ, يَقُولُونَ: كُنَّا نَسْمَعُ كَلَامًا مِنْ أَقْوَامٍ أَدْرَكْنَا مِنْ قَبْلِنَا، يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, فَنَحْنُ نَقُولُهَا, فَقَالَ لَهُ صِلَةُ بْنُ زُفَرَ الْعَبْسِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ, فَمَا تَنْفَعُهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ صَلَاةً وَلَا صِيَامًا وَلَا نُسُكًا قَالَ: تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ " (3)
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 520) (8460 و8636) والفتن لنعيم بن حماد (2/ 598) (1665) صحيح
(2) - شعب الإيمان - (3/ 400) (1870) والمستدرك للحاكم (8636) صحيح
يدرس: لا يبقى منه شىء -يسرى: يذهب بالليل -الوشى: النقش
(3) - السنن الواردة في الفتن للداني (4/ 825) (419) صحيح موقوف ومثله لا يقال بالرأي(1/117)
وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ وَالْعَجُوزَ يَقُولُونَ: قَدْ أَدْرَكْنَا النَّاسَ وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ».فَقَالَ صِلَةُ: وَمَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ، وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «مَا تُغْنِي عَنْهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَا صِلَةُ؟ يَنْجُونَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ النَّارِ» (1)
•••••••••••
__________
(1) - الدعاء للضبي (ص:177) (15) صحيح موقوف ومثله لا يقال بالرأي(1/118)
الأذان لصلاة الفجر
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ يَسْتَمِعُ الْأَذَانَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَى الْفِطْرَةِ» ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ» فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ رَاعِي مِعْزًى ". (1)
وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،كَانَ يُغِيرُ عِنْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ فَيَتَسَمَّعُ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلاَّ أَغَارَ، قَالَ فَاسْتَمَعَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ: الْفِطْرَةُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَقَالَ: خَرَجَ مِنَ النَّارِ. (2)
•••••••••••
__________
(1) - صحيح مسلم (1/ 288) 9 - (382)
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 61) (4753) صحيح(1/119)
مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ ...
عن مُسْلِمَ بْنِ زِيَادٍ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ إِنَّكَ أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعْتَقَ اللهُ رُبُعَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ النَّارِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَعْتَقَهُ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ النَّارِ " (1)
وعَنْ مُسْلِمِ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَشِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنَّا أَصْبَحْنَا نُشْهِدُكَ وَنُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا أَصَابَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ ذَنْبٍ، وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا أَصَابَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ ذَنْبٍ ". (2)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ، أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعْتَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، وَمَنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ النَّارِ ". (3)
•••••••••••
__________
(1) - السنن الكبرى للنسائي (9/ 9) (9753) حسن
(2) - شرح السنة للبغوي (5/ 110) (1323) حسن
(3) - الدعاء للطبراني (ص:114) (297) والمعجم الأوسط (7/ 176) (7205) ومسند الشاميين للطبراني (2/ 381) (1542) صحيح لغيره(1/120)
ثلاث من كن فيه تحرم عليه النار
عَنْ نَوْفَلٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسٍ فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حَرُمَ عَلَى النَّارِ، وَحَرُمَتِ النَّارُ عَلَيْهِ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَحُبٌّ فِي اللَّهِ، وَأَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ فَيَحْتَرِقَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ " (1)
وعن نَوْفَلَ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا بِمَا سَمِعْتَ مِنَ، رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حُرِّمَ عَلَى النَّارِ وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَيْهِ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَحُبٌّ لِلَّهِ، وَأَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ فَيَحْتَرِقُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ " (2)
••••••••••••
__________
(1) - مسند أبي يعلى الموصلي (7/ 266) (4282) صحيح
(2) - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (8/ 390) صحيح(1/121)
أهم المصادر والمراجع
1. أيسر التفاسير لأسعد حومد
2. التفسير القرآني للقرآن (بعد 1390)
3. التفسير الميسر
4. تفسير ابن كثير ت سلامة (774)
5. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (310)
6. في ظلال القرآن (1385)
7. أخبار مكة للأزرقي (250)
8. أخبار مكة للفاكهي (272)
9. أمالي ابن بشران - الجزء الأول (430)
10. أمالي ابن بشران - الجزء الثاني (430)
11. إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (840)
12. إتحاف المهرة لابن حجر (852)
13. اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة
14. الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (287)
15. الآداب للبيهقي (458)
16. الأدب المفرد مخرجا (256)
17. الأسماء والصفات للبيهقي (458)
18. الإيمان لابن منده (395)
19. البعث والنشور للبيهقي (458)
20. الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين (385)
21. الترغيب والترهيب للمنذري (656)
22. التوحيد لابن خزيمة (311)
23. التوحيد لابن منده (395)
24. الدعاء للطبراني (360)
25. الدعوات الكبير (458)
26. الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (181)
27. السنن الصغير للبيهقي (458)
28. السنن الكبرى للبيهقي (458)
29. السنن الكبرى للنسائي (303)
30. الشريعة للآجري (360)
31. الفتن لنعيم بن حماد (228)
32. الفوائد لتمام - مكتبة الرشد - الرياض
33. المستدرك على الصحيحين للحاكم (405)
34. المسند الجامع (معاصر)
35. المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (852)
36. المعجم الأوسط (360)(1/122)
37. المعجم الصغير للطبراني (360)
38. المعجم الكبير للطبراني (360)
39. المعجم الكبير للطبراني جـ 13، 14 (360)
40. المعجم الكبير للطبراني من جـ 21 (360)
41. تاريخ المدينة لابن شبة (262)
42. جامع الأصول في أحاديث الرسول ط مكتبة الحلواني الأولى
43. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (430)
44. سنن أبي داود (275)
45. سنن ابن ماجه (273)
46. سنن الترمذي ت شاكر (279)
47. سنن الدارقطني (385)
48. سنن النسائي (303)
49. شرح السنة للبغوي (516)
50. شرح مشكل الآثار (321)
51. شرح معاني الآثار (321)
52. شعب الإيمان (458)
53. صحيح ابن حبان - مخرجا (354)
54. صحيح ابن خزيمة (311)
55. صحيح البخاري (256)
56. صحيح مسلم (261)
57. صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (430)
58. عمل اليوم والليلة لابن السني (364)
59. عمل اليوم والليلة للنسائي (303)
60. فضائل الأوقات للبيهقي (458)
61. فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (241)
62. لأحاديث المختارة = المستخرج من الأحاديث المختارة (643)
63. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (807)
64. مستخرج أبي عوانة (316)
65. مسند أبي الطيالسي -طبعة دار هجر - مصر
66. مسند أبي يعلى الموصلي (307)
67. مسند أحمد ط الرسالة (241)
68. مسند إسحاق بن راهويه (238)
69. مسند البزار = البحر الزخار (292)
70. مسند الشاميين للطبراني (360)
71. مصنف ابن أبي شيبة -طبعة الدار السلفية الهندية
72. معرفة الصحابة لأبي نعيم (430)
73. مكارم الأخلاق للخرائطي (327)
74. مكارم الأخلاق للطبراني (360)
75. موسوعة السنة النبوية(1/123)
76. موطأ مالك ت عبد الباقي (179)
77. فتح الباري للحافظ ابن حجر
78. شرح النووي على مسلم
79. تحفة الأحوذي
80. الْأَحَادِيثُ الطِّوَالُ
81. الكنى والأسماء للدولابي
82. عون المعبود وحاشية ابن القيم
83. معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي
84. معجم ابن الأعرابي
85. الأسماء والصفات للبيهقي
86. فوائد أبي محمد الفاكهي
87. الزهد لابن أبي عاصم
88. فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
89. الجهاد لابن أبي عاصم
90. الصمت لابن أبي الدنيا
91. المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي
92. الكنى والأسماء للدولابي
93. جامع معمر بن راشد
94. الزهد لأحمد بن حنبل
95. السنن الواردة في الفتن للداني
96. الدعاء للضبي
97. المكتبة الشاملة 3
98. برنامج قالون(1/124)