المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين ، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فإن الله تعالى قد ميّز هذه الأمة عن غيرها من الأمم السابقة بعدد من الميزات التي يأتي في مقدّمها تكفّله – سبحانه وتعالى – بحفظ كتابها الذي أنزله على نبيها محمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ كما ذكر ذلك في قوله عز وجل : ? - ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((((( { - رضي الله عنه - مقدمة - ? [ الحجر : 9 ] ، في حين أنه ترك حفظ كتاب كل أمة من الأمم السالفة إليها ؛ فدخلها من جرّاء ذلك التحريف والتبديل .
ولقد كان ذلك الحفظ من الله تعالى لهذا الكتاب المهيمن سبباً في بعث الهمم من هذه الأمة للقيام بهذه المهمة الجليلة ؛ في صور شتى يطول منها العجب ؛ من ضبط حروفه وكلماته وآياته وسوره ، وأعدادها وصورها ومعانيها ودلالاتها ، وما يستلزمه ذلك من معرفة تنزلاتها ولغاتها وقراءاتها ، إلى غير ذلك مما يطول الأمر بتعداده ، حتى غدا كل واحد من تلك الفروع المتعلقة بهذا القرآن العظيم علماً مستقلاً بكتبه ومصنفاته ؛ مما يُدرك بمطالعة أدنى كتاب من الكتب الجامعة في (( علوم القرآن )) .
وإن من هذه العلوم التي حظيت بعناية أهل العلم حتى صار فيها كتب مستقلة : علم (( المتشابه اللفظي في القرآن )) الذي اخترته ليكون موضوع رسالتي لنيل درجة الماجستير في القرآن وعلومه ، وجعلته بعنوان :
(( المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وتوجيهه – دراسة موضوعية ))
* * *
أهمية الموضوع :(1/1)
سيأتي الكلام تفصيلاً على أهمّية موضوع المتشابه اللفظي في القرآن – في مبحثين من مباحث هذه الرسالة ؛ هما : مبحث أهمية علم المتشابه وفوائده ، ومبحث الحكمة من وجوده في القرآن - لكنّي أُلْمِح ههنا إلى طَرَفٍ من ذلك في النقاط الثلاث التالية :
أولاً : التعلّق المباشر لعلم المتشابه اللفظي بالقرآن – ألفاظاً ومعاني – أكسبه أهمّية خاصّة؛ إذ شرف العلم بشرف المعلوم ، كما أن الله تعالى قد جعل التشابه في الألفاظ أحد أوصاف القرآن - على أحد الأقوال في المراد بالتشابه في آيتي آل عمران والزمر – على ما سيأتي تفصيله في أول مبحث من مباحث هذه الرسالة - .
ثانياً : أصالة علم (( المتشابه اللفظي في القرآن )) عند سلف هذه الأمة ، والبداية المبكّرة للتصنيف فيه على أيدي أئمة القراءة ؛ حتى صنّف فيه أربعة من القرّاء السبعة المشهورين .
ثالثاً : ما يحقّقه هذا العلم من الفوائد والثمرات الجليلة ، التي لو لم يكن منها إلا الكشف عن جوانب من إعجاز القرآن البياني ، وما يثمره ذلك في نفس المشتغل فيه من انفتاح أبواب جديدة في تدبّر آياته ، والوقوف على أسرار بديعة مما ينطوي عليها كتاب ربّ العالمين .
* * *
أسباب اختيار الموضوع :
الأمور التي كانت وراء اختياري لهذا الموضوع عديدة ؛ يأتي في مقدَّمها ما يلي :
الأول : كون الدراسات السابقة في هذا الموضوع لم تبحث الجانب النظريّ فيه كما ينبغي ، ولم تطرقه إلا لماماً ، مع ضخامته وأهميته في تأصيله ورسم حدوده ، والإحاطة بجوانبه التطبيقية ، وحلّ كثير من المشكلات العلمية المتعلقة به .(1/2)
الثاني : أن (( قواعد توجيه المتشابه اللفظي )) من المباحث التي لم أرَ من تصدَّى لتتبعها واستخراجها من كلام أهل العلم المعتنين بذلك ، مع ظهور مراعاتهم لتلك القواعد واعتمادهم عليها في توجيه كثير من الآيات المتشابهة ؛ مما يكشف عن اطّراد أصول هذا العلم ويساعد على مزيد تحريره وضبطه وردّ كثير من الأقوال الضعيفة والاجتهادات البعيدة المتكلّفة فيه .
الثالث : كون المباحث النظرية التي تحدّد معالم هذا العلم وتعين على تصوّره ، وتعرّف بالمؤلّفات فيه وأبرز اتّجاهاتها ومناهجها ، وما يتبع ذلك من استخراج القواعد المطّردة في توجيهه ؛ من أكثر الأشياء التي تفيد حفّاظ القرآن في ضبط حفظهم وإدراكهم لعلل الآيات المتشابهة اتفاقاً واختلافاً ؛ مما يساعد على تمتين حفظهم وتقويته .
ولا شك أن السعي لخدمة هذه الفئة الخاصّة من المجتمع – أعني حفّاظ القرآن – من الأسباب التي تدفع المرء لاختيار مثل هذا الموضوع .
هذا فضلاً عن كون هذه الدراسة مما يخدم في تقريب هذا العلم للمتخصّصين في الدراسات القرآنية في الأقسام العلميّة في الجامعات ، وغيرهم .
الرابع : أن هذه الدراسة تعدّ عملاً مُسْهِماً في تأصيل هذا العلم الذي كان من مقاصد التأليف فيه – كما سيأتي تفصيله في محلّه من البحث - : فتّ أعضاد ذوي الشك والارتياب من الطاعنين والملحدين في كتاب الله تعالى ، الأمر الذي استمرّ إلى هذه الأزمنة المتأخّرة ؛ بل زاد حدّة وشراسة ، مع ازدياد أهل الحق بعداً عنه واحتياجاً إلى ما ينفي عن قلوبهم وعقولهم مثل تلك الشبه والشكوك . فتجيء هذه الدراسة - بحمد الله – مناسبةً لما يدور في هذا العصر من حرب على الإسلام وكتابه وأهله ؛ لتكون زيادةً في العون على صدّ مثل تلك الهجمات ، وتثبيت قلوب المؤمنين .(1/3)
الخامس : ما يستدعيه البحث في هذا الموضوع من مراجعة غالب كتب التخصص – في التفسير وعلوم القرآن - وما يورثه ذلك من مزيد الدربة في التعامل مع تلك المصادر.
كما أن الحاجة في مثل هذه الدراسات التأصيلية إلى كدّ للذّهن ،ودقة في الملاحظة ، وعمق في النظر والتحليل ؛ مما يعود بالأثر الحسن على تكوين الملكة العلمية والبحثية عند الطالب وتصليبها .
* * *
الدراسات السابقة :
بعد البحث والتنقيب عن الدراسات السابقة في هذا الموضوع ، ثم الاطّلاع عليها ، وقراءة خططها ومقدماتها ، وأخذ تصوّر دقيق عنها ، يمكنني تقسيمها ثلاثة أقسام :
الأول : الدراسات المتعلقة بتحقيق ودراسة أحد الكتب الخاصة بالمتشابه اللفظي جمعاً أو توجيهاً ، وهذه كلّها ستأتي الإشارة إليها في مبحث (( اتجاهات التأليف في المتشابه ومناهجها العامة )) - في الفصل الثاني من فصول هذه الرسالة - .
والفرق بين هذه الدراسات وبين موضوع رسالتي فرق ظاهر ، حيث إن المقصود الأعظم في تلك الدراسات كان منصبّاً على تحقيق تلك الكتب وضبط نصوصها وتحرير ألفاظها . وكذلك الشأن في أقسام (( الدراسة )) فيها ؛ إذ كانت تدورحول دراسة الكتاب الذي هو موضوع التحقيق – من بيان منهجه ومصادره ودراسة حياة مؤلفه وتحقيق نسبة الكتاب إليه ونحو ذلك - أما الكلام على موضوع المتشابه اللفظي ودراسته دراسة نظرية ؛ فقد اقتصرَت من ذلك على الإشارة إلى تعريفه وذكر بعض المؤلفات – في موضوع المتشابه - السابقة للكتاب الذي هو محل الدراسة ، وغالباً ما كانت تقتصر على ما ذكره الزركشي والسيوطي من ذلك ، وهذا راجع إلى طبيعة تلك الدراسات ، وكون هذا الأمر ليس من الأهداف والمقاصد الأساسية بالنسبة إليها .
الثاني : الدراسات المتعلّقة بموضوع المتشابه اللفظي ، وهي ثلاث :(1/4)
( 1 ) رسالة دكتوراه بعنوان : (( المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية )) - إعداد : صالح بن عبدالله بن محمد الشثري ، وهي رسالة مقدّمة لفرع البلاغة والنقد في كلّية اللغة العربية بجامعة أم القرى بمكة - وقد نوقشت عام : 1421 هـ .
( 2 ) كتاب بعنوان : (( من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم )) تأليف : د. محمد بن علي الصامل ، صدرت طبعته الأولى عن دار إشبيليا – عام : 1422 هـ.
( 3 ) كتاب بعنوان : (( إعانة الحفّاظ للآيات المتشابهة الألفاظ )) تأليف : محمد طلحة بلال منيار ، وقد صدرت طبعته الأولى عن دار نور المكتبات – عام : 1424 هـ ، وذلك بعد تسجيل رسالتي هذه .
أما الدراستان الأوليان فهما دراستان بلاغيتان ، تركّزان على دراسة النواحي البلاغية المتعلّقة بتوجيه الآيات المتشابهة ، وهذا أمر بعيد عن اتجاه البحث في رسالتي- كما سيتّضح لاحقاً عند عرض الخطة - .
وأما الثالثة فهي أقرب دراسة وجدتها إلى موضوع رسالتي ، لكني رأيت القسم المتعلّق بالمتشابه اللفظي فيها قد انصبّ الاهتمام فيه على أمرين : الكلام التفصيلي على المؤلّفات فيه ، ووضع الضوابط العامة للآيات المتشابهة (( ضوابط المتشابهات )) .
أما الكلام على المؤلّفات فسيكون منهجي فيه مختلفاً – على ما سيأتي - حيث سيكون منهجاً وصفياً عاماً ، يُعنى برسم الاتجاهات والمناهج العامة لتلك المؤلفات ، دون الخوض كثيراً في التفصيلات .
وأما ما سُمّي في تلك الدراسة بضوابط المتشابهات ؛ فإني لم أتعرّض لها في رسالتي هذه بشيء ، على أني قد أشير إلى شيء من ذلك على نحوٍ غير مقصود في بعض المباحث .(1/5)
الثالث : الدراسات التي قد يشترك موضوعها مع موضوع المتشابه اللفظي في بعض الجوانب ، لكنها تفترق عنه في جوانب أخرى كثيرة ، وذلك كمثل الدراسات التي درست موضوع (( المتشابه في القرآن )) ؛ حيث يكون الاهتمام فيها بالمتشابه الذي يقابل المحكم، وليس المتشابه اللفظي . وخير ما يمثّل هذا النوع كتاب الدكتور : عدنان زرزور ، الذي هو بعنوان : (( متشابه القرآن – دراسة موضوعية )) .
وقريب منها : ما كتب عن موضوع (( التكرار في القرآن )) ، وهي دراسات كثيرة لا يمكنني حصرها في هذا المقام .
* * *
خطة البحث :
تتكون خطة البحث في هذا الموضوع من : مقدمة ، وبابين ، وخاتمة . بيانها تفصيلاً كالتالي :
المقدمة : وفيها أهمّية الموضوع وأسباب اختياره ، ومخطط البحث ومنهجه ، والدراسات السابقة .
الباب الأول : علم المتشابه اللفظي في القرآن ، وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول : المراد بالمتشابه اللفظي في القرآن ، وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : أنواع التشابه الوارد في القرآن .
المبحث الثاني : تعريف المتشابه اللفظي ، وألقابه .
المبحث الثالث : الفرق بين المتشابه اللفظي والمشترك والمكرر .
الفصل الثاني : نشأة علم المتشابه اللفظي في القرآن ، والتأليف فيه ، وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : نشأة علم المتشابه اللفظي وأول من ألف فيه .
المبحث الثاني : أسباب التأليف في المتشابه اللفظي ومقاصده .
المبحث الثالث : اتجاهات التأليف فيه ومناهجها العامة .
الفصل الثالث : أهمية علم المتشابه اللفظي ، وأنواعه، وعلاقاته، وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : أهمية علم المتشابه اللفظي في القرآن ، وفوائده .
المبحث الثاني : أنواع المتشابه اللفظي في القرآن .
المبحث الثالث : علاقة المتشابه اللفظي بعلوم القرآن .
المبحث الرابع : علاقة المتشابه اللفظي بالعلوم الأخرى .
الباب الثاني : توجيه المتشابه اللفظي في القرآن وقواعده ، وفيه فصلان :(1/6)
الفصل الأول : توجيه المتشابه اللفظي وقواعده العامة ، وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : الحكمة من وجود المتشابه اللفظي في القرآن .
المبحث الثاني : توجيه كثرة وروده في بعض موضوعات القرآن .
المبحث الثالث : القواعد العامة في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن .
الفصل الثاني : القواعد الخاصة في توجيه المتشابه اللفظي ، وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : القواعد الخاصة بتوجيه المتشابه بلا اختلاف .
المبحث الثاني : القواعد الخاصة بتوجيه نوع من المتشابه مع الاختلاف .
المبحث الثالث : القواعد الخاصة بتوجيه مسألة معينة من المتشابه اللفظي.
الخاتمة : وفيها نتائج البحث وأهم التوصيات .
الفهارس الفنية : وتشمل : فهرس الآيات القرآنية ، والأحاديث والآثار ، والمصادر والمراجع ، و فهرس الموضوعات .
* * *
منهج البحث :
المنهج العلمي الذي سرت عليه في بحثي لهذا الموضوع يمكنني إجماله في النقاط الخمس التالية :
الأولى : اجتهدت في تقسيم المسائل الداخلة تحت كل مبحث من مباحث الرسالة على عدد من المطالب ، وذلك تحرّياً لسهولة تصوّرها ومعالجتها ، واحترازاً من اختلاط الكلام على أكثر من مسألة في مقام واحد .
الثانية : الكلام على التأليف في المتشابه اللفظي – في الباب الأول – حرصت أن يكون التركيز فيه على استجلاء الملامح الأساسية له ، كبدايته وأسبابه ومقاصده واتجاهاته، ونحو ذلك من القضايا العامة التي لا يكون فيها البحث التفصيلي لكل واحد من المؤلفات بخصوصه ، إذ ذاك مما سبق أن دُرس من قِبَل باحثين آخرين .
الثالثة : البحث في " قواعد توجيه المتشابه اللفظي " في الباب الثاني ، جعلته محكوماً بما يلي :
الحرص على الدقة في اختيار لفظ القاعدة ، والالتزام قدر المستطاع بلفظ من ذكرها من أهل العلم . وذلك بعد تتبعها ورصدها من كتب توجيه المتشابه أصالةً ، ومن غيرها تبعاً .(1/7)
توضيح ما يغمض من ألفاظ القاعدة ، مع تقييد ما يوهم الإطلاق منها ، وتخصيص ما يوهم العموم ، أو نحو ذلك مما يحتاج إليه في بيان معنى القاعدة .
الاكتفاء من الأمثلة بما يفي بالمقصود من تقرير اعتبار العلماء لها واعتمادهم عليها في توجيه الآيات المتشابهة في القرآن ، واختيار الأمثلة التي تحوي نصوصاً لأهل العلم في ذلك– قدر الإمكان – ، مع عدم التعرّض لبحث ومناقشة آحاد تلك الأمثلة بخصوصها ؛ لكونه ليس من مقاصد هذا البحث الموضوعي .
إيضاح ما قد يرد على اعتبار القاعدة أو اطّرادها من إيرادات ، وما يمكن أن ينازعها من القواعد الأخرى أو المسائل المستثناة .
الرابعة : الالتزام في كتابة هذا البحث بالمنهج الذي تسير عليه البحوث المماثلة له في التخصص؛ من عزو الآيات والقراءات ، وتخريج الأحاديث والآثار ، وترجمة الأعلام، وشرح الغريب، والتعريف بالمصطلحات العلمية ، وتوثيق النقولات من مصادرها الأصليّة ، ونحو ذلك . هذا مع الأخذ بما تضمّنته (( القواعد المنظمة لكتابة الرسائل العلمية وطباعتها وإخراجها )) المعتمدة من مجلس الدراسات العليا في الجامعة ، للعمل بها ابتداءً من العام الجامعي 22/ 1423 هـ والله الموفق .
* * *
هذا وقدكان من أبرز الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث ما يلي :
أولاً : كون البحث في هذا الموضوع ليس له مثال سابق أحتذيه وأنسج على منواله ، وكم هي المباحث التي وقفت عندها كثيراً ؛ لا أدري كيف أصنع بها ؛ حتى يأتيني الفرج من الله .
ثانياً : ندرة المعلومات وشحّها في عددٍ من مسائل هذه البحث وقضاياه ، إضافة إلى محدوديّة المصادر الأصليّة في موضوع المتشابه اللفظي عموماً ، وهذا هو الذي يفسّر تكرار الاعتماد على تلك المصادر المحدودة في معظم مباحث هذه الرسالة .
ولعلّي لا أبالغ إن قلت بأني - أحياناً – قد أتكلّف استخراج بعض المعلومات بالمناقيش .(1/8)
ثالثاً : احتياجي في عددٍ من المباحث ، وخصوصاً المتعلّقة بقواعد توجيه المتشابه إلى التعامل مع مصادرَ من علوم ٍأخرى ، ولا سيما مصادر (( علوم البلاغة )) ، مع ما يتطلّبه ذلك من اشتراط المعرفة غير القليلة بتلك العلوم ، وبمصادرها ، وبكيفيّة التعامل الصحيح معها .
هذا كلّه مع قلّة البضاعة ، وضعف الآلة ، وحداثة التجربة ، وسَعَة الميدان ، وقدكان الله ربي وحده هو المستعان .
* * *
وبعد : فإني في ختام هذه المقدّمة لايسعني إلا التوجّه بالحمد والثناء إلى الربّ الرحيم الرحمن ، الذي أحاطني برعايته ، وأفاض عليّ من واسع فضله ورحمته ، ولم يزل لي هادياً وموفقاً ، فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك .
ثم أثنّي- بعد شكر الله تعالى- بشكر شيخي الأستاذ الدكتور : سليمان بن إبراهيم اللاحم - المشرف على الرسالة - والذي قرأهاحرفاً حرفاً ، ولم يألُ جهداً في التعليق والتصويب والتوجيه ؛ دون استبدادٍ برأيه ، أو استعلاءٍ بوجهة نظره ؛ فأجزل الله مثوبته يوم أن عامل تلميذه معاملة الزميل له .
ثم الشكر موصولٌ للقائمين على هذه الجامعة المباركة – جامعة الإمام – ممثَّلين بقسم القرآن وعلومه - بكلية أصول الدين ، على إتاحة الفرصة لي بمواصلة الدراسة وتقديم البحوث والرسائل العلميّة .
أما الإخوة الذين لا يسع المقام تعدادهم ، ممن كان لكلّ منهم يدٌ في إتمام هذه البحث ؛ فإني لا أملك لهم جميعاً سوى الدعاء لهم أن يجزيهم الله على إحسانهم ، وأن يغفر لي ولهم ، ولوالدينا ، ولجميع المسلمين ، وأن يبلّغنا – فيما يرضيه – آمالنا ، وأن يختم لنا بخير ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين .
* * *
المبحث الأول :
أنواع التشابه الوارد في القرآن(1/9)
لا يخفى أن المسائل الداخلة تحت عنوان هذا المبحث مسائل كثيرة ، والكلام في بعضها طويل ، ولذلك فإن كلامي فيه سيكون مقصوراً على ما يحقق المقصود من إيراده في صدر هذه الرسالة ، وهو إعطاء تصوّر أكثر دقّة لموقع " التشابه اللفظي " بين أنواع التشابه الأخرى في القرآن ، وتحديد علاقته بها . مع تأصيلٍ لهذا الموضوع ببحث ورود مادة (( شَبَهَ )) في القرآن ومعانيها .
ولذلك فإن الكلام الذي سيندرج تحت هذا المبحث ؛ سيكون في مطلبين :
المطلب الأول : مادة (( شَبَهَ )) ومعانيها في القرآن .
المطلب الثاني : تنويعات (( التشابه )) في القرآن .
* * *
المطلب الأول : مادة (( شَبَه )) ومعانيها في القرآن :
وردت هذه المادة في القرآن إحدى عشرة مرّة ، على سبع (( صِيَغ )) في تسع آيات من ست سور (1).
وهي في معانيها تختلف من موضع لآخر – بحسب السياق- مما يحتاج معه في استجلاء تلك المعاني إلى الوقوف على كلام المفسرين في كلّ موضع منها تفصيلاً ، ثم الخروج بنتيجة مستخلصة من ذلك .
وهذا العرض لأقوال المفسرين – في كلِّ موضع – ليس القصد منه تحقيق تلك الأقوال ومناقشتها ؛ بقدر ما هو محاولة التعرف على جميع ما قيل في معاني مادّة (( شَبَهَ )) في جميع مواردها في القرآن ؛ لتكون النتيجة المستخلَصة مبنيةً على ذلك .
أولاً : عرض أقوال المفسّرين في الآيات :
__________
(1) ... انظر مثلاً : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن لمحمد فؤاد عبد الباقي : ص 375 ( باب الشين ) ، معجم ألفاظ القرآن الكريم ، من وضع مجمع اللغة العربية : 2/ 5- 6 ( باب الشين ) .(1/10)
الآية الأولى : قوله تعالى : ? - - رضي الله عنهم - - ( - ( - } - قرآن كريم ( - ( - ( - - { - ( { ( تم بحمد الله صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم - { - ( - ( - - - } - قرآن كريم ( - - - - - - - (- رضي الله عنهم - - - ( - { - - - - - - جل جلاله -( - ( - ( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( تمهيد - - } } - قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة ( - - - جل جلاله - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } ? [ البقرة : 25 ] .
حكى ابن جرير(1) اختلاف أهل التأويل في تأويل " التشابه " الوارد في الآية على خمسة أقوال (2) :
الأول : تشابهه أن كلّه خيار لا رذل فيه .
الثاني : تشابهه في اللون وهو مختلف الطعم .
الثالث : تشابهه في اللون والطعم .
الرابع : تشابهه : تشابه ثمر الجنة وثمر الدنيا في اللون وإن اختلفت طعومهما .
الخامس : لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء .
__________
(1) ... هو : محمد بن جرير بن يزيد الطبري أبو جعفر ، الإمام المجتهد ، صاحب التصانيف ، إمام المفسرين والمؤرّخين، استوطن بغداد وتوفي بها سنة 311 هـ ومن أشهر كتبه بل أشهر كتب التفسير على الإطلاق : تفسيره المسمّى " جامع البيان في تأويل آي القرآن " . انظر : سير أعلام النبلاء : 14/ 267 ، وفيات الأعيان : 3/ 332 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 374 .
(2) ... انظر : تفسير الطبري : 1/ 413- 417. وانظر أيضاً في الأقوال المذكورة : تفسير البغوي : ص 22 ، تفسير القرطبي : 1/ 240 ، تفسير ابن كثير : 1/ 96 ، الدر المنثور للسيوطي : 1/ 96 .(1/11)
بينما اختصر ابن الجوزي(1) الأقوال إلى ثلاثة فقط (2) :
أحدها : أنه متشابه في المنظر واللون ، مختلف في الطعم .
والثاني : أنه متشابه في جودته ، لا رديء فيه .
والثالث : أنه يشبه ثمار الدنيا في الخلقة والاسم ، غير أنه أحسن في المنظر والطعم .
فكأنه أدخل القول الثالث في الأول ، والخامس في الرابع .كما أنه بالنظر إلى معنى التشابه نفسه – دون الخلاف في المشَبَّه به (3)- يمكن إدخال القول الثالث في الأول – عند ابن الجوزي – أيضاً ، فيتحصّل من ذلك قولان فقط .
الآية الثانية : قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - ((( - - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام - - (( } (- رضي الله عنه - - ( - - - عليه السلام - - { - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله { - ( - } تمت ( { - رضي الله عنه - - - { - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - رضي الله عنه - مقدمة - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تمت ( { - عليه السلام -( - - - { ( - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - - ? [ البقرة : 70 ] .
__________
(1) ... هو : عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج بن الجوزي القرشي التيمي البغدادي ، له تصانيف لا تحصى كثرة في شتى الفنون ، ولد ببغداد وتوفي بها سنة 597 هـ ومن تصانيفه المشهورة " زاد المسير في علم التفسير" ،
" فنون الأفنان في عيون علوم القرآن " . انظر : السير للذهبي : 21/ 356 ، وفيات الأعيان : 2/ 321 ، طبقات المفسّرين للداوودي : ص 191 .
(2) ... انظر : زاد المسير : 1/ 53 .
(3) ... هل هو ثمار الدنيا ، أو ثمار الجنة التي أوتوها من قبل ؟ انظر في الخلاف : تفسير الطبري : 1/ 410 ، 411 ، 417 .(1/12)
قال ابن جرير– رحمه الله - : " وأما تأويل ?- رضي الله عنه - مقدمة - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? فإنه يعني به : التبس علينا" (1) .
الآية الثالثة : قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - فهرس - ((- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( قرآن كريم - - - - عليه السلام - - ( - ( - - - - ( - ( - - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - جل جلاله - - ( - ( - - - ( { - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - - درهم ( - ( - - - - - رضي الله عنه - - - - - - ((( - { - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله المحتويات ( - ( - ( - - - - - ( الله ( } تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( قرآن كريم - - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( فهرس - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( - ( - - ( - - - - } - جل جلاله - } - - رضي الله عنه - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - - - الله ( قرآن كريم - { ( - - - قرآن كريم ( - ( - قرآن كريم ( - ? [ البقرة : 118] .
__________
(1) ... تفسير الطبري : 2/ 104 ، وانظر : تفسير البغوي : ص 42 .(1/13)
قال أبو حيان (1): " لما ذكر تماثل المقالات وهي صادرة عن الأهواء والقلوب ، ذكر تماثل قلوبهم في العمى والجهل " (2) .
__________
(1) ... هو : محمد بن يوسف بن علي الغرناطي ، أثير الدين أبو حيّان الأندلسي ، برز في النحو والقراءات وتفسيره مرجع فيهما ، أخذ عن أربعمائة وخمسين شيخاً دون من أجازه ، توفي في القاهرة سنة 745 هـ من أشهر مؤلفاته : تفسيره " البحر المحيط " . انظر : الدرر الكامنة : 5/ 70 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 492
(2) ... البحر المحيط : 1/ 537 . وينظر : تفسير الطبري : 2/ 479 ، المحرر الوجيز لابن عطية : 1/ 342 .(1/14)
الآية الرابعة : قوله تعالى:?- عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - - - (- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - ( - رضي الله عنه -((( - { - - - - (( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( - ( - ((( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( تمهيد ( - - عليه السلام - - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - مقدمة - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ( { - عليه السلام - - ( - ((( - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - ?[ آل عمران : 7 ] .
ذكر ابن جرير – رحمه الله – اختلاف أهل التأويل في المراد بالمتشابه من القرآن –المذكور في الآية – على خمسة أقوال (1) :
الأول : أن المتشابهات من آياته : المتروك العمل بهن ، المنسوخات .
الثاني : أن المتشابه منه : ما أشبه بعضه بعضاً في المعاني ، وإن اختلفت ألفاظه .
الثالث : أنه ما احتمل من التأويل أوجهاً .
__________
(1) ... انظر : تفسير الطبري : 5/ 192- 199 .(1/15)
الرابع : أنه ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور ؛ بقصِّه باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني ، وبقصِّه باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني .
الخامس : أنه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل ؛ مما استأثر الله بعلمه دون خلقه .
أما ابن الجوزي – رحمه الله – فقد جعلها سبعة أقوال (1) بزيادة قولين على ما عند ابن جرير عدداً ، وإن كانت داخلة فيها معنى ؛ كما اعتبرها ابن جرير نفسه (2).
__________
(1) ... انظر : زاد المسير : 1/ 351 . وينظر أيضاً في سرد الأقوال في الآية : تفسير البغوي : ص 188 ، 189 ، تفسير القرطبي : 4/ 9- 11 ، البحر المحيط : 2/ 396 ، 397 ، تفسير ابن كثير : 1/ 460 ، 461 ، الدر المنثور : 2/ 144- 146 ، متشابه القرآن دراسة موضوعية للدكتور: عدنان زرزور : ص 17 وما بعدها ، المحكم والمتشابه في القرآن العظيم للدكتور: عبد الرحمن المطرودي : ص 57- 62 ، وانظر : مبحث المحكم والمتشابه في كتب علوم القرآن ؛ ومنها : الإتقان للسيوطي: 1/ 592- 594 .
(2) ... وذلك : كاعتبار ابن جرير القول بأن المتشابه : هو الحروف المقطعة في أوائل السور ؛ داخلاً في القول الخامس عنده – وهو ما استأثر الله بعلمه – بينما عدّه ابن الجوزي قولاً مستقلاً .(1/16)
على أن الأقوال الخمسة التي ذكرها ابن جرير يمكن إدخال بعضها في بعض أيضاً ؛ فترجع إلى قول واحد جامع ؛ ذُكِرَتْ – تلك الأقوال عن السلف - على أنها تفسيرٌ له بالمثال ،كما صرّح بذلك عدد من المفسّرين ، منهم ابن عاشور(1) في قوله : " وقد اختلف علماء الإسلام في تعيين المقصود من المحكمات والمتشابهات على أقوال ؛ مرجعها إلى تعيين مقدار الوضوح والخفاء " (2).
وكذلك الشوكاني(3) في قوله : " والأولى أن يقال : إن المحكم هو الواضح المعنى الظاهر الدلالة؛ إما باعتبار نفسه أو باعتبار غيره ، والمتشابه ما لا يتضح معناه أو لا تظهر دلالته لا باعتبار نفسه ولا باعتبار غيره . وإذا عرفت هذا عرفت أن هذا الاختلاف الذي قدمناه ليس كما ينبغي ؛ وذلك لأن أهل كلِّ قول عرّفوا المحكم ببعض صفاته ، وعرّفوا المتشابه بما يقابلها " (4) .
__________
(1) ... هو : محمد الطاهر بن عاشور ، رئيس المفتين المالكيين في تونس ، مفسر ، لغوي ، نحوي ، أديب ، توفي سنة 1393 هـ من أشهر مؤلفاته : تفسيره " التحرير والتنوير " . انظر : الأعلام للزركلي : 6/ 174 .
(2) ... التحرير والتنوير : 3/ 155 ، 156 .
(3) ... هو : محمد بن علي الشوكاني ، من علماء اليمن ، صاحب التصانيف المشهورة ، تولّى قضاء صنعاء ، واشتهر بنبذ التقليد والدعوة للاجتهاد ، توفي سنة 1250 هـ من أشهر مؤلفاته : تفسيره " فتح القدير " . انظر: الأعلام للزركلي : 6/ 298 .
(4) ... فتح القدير : 1/ 314 . وانظر أيضاً في توجيه الأقوال والجمع بينها : أحكام القرآن للجصاص : 2/ 3 ، المحرر الوجيز لابن عطية : 3/ 16 ، تفسير ابن جزي : ص 74 . وانظر أيضاً : مجموع فتاوى ابن تيمية : 13/ 274 ، مناهل العرفان للزرقاني : 2/ 291- 297 ، متشابه القرآن دراسة موضوعية للدكتور: عدنان زرزور: ص 20- 27 ، معاني المحكم والمتشابه في القرآن الكريم للدكتور: أحمد فرحات : ص 77 وما بعدها .(1/17)
الآية الخامسة : قوله تعالى : ? ( المحتويات ( - ( - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( الله أكبر ( { - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنهم - - - ( - { الله أكبر ( الله - - ( - } - (( - رضي الله عنه -((( - - - المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( فهرس قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( فهرس قرآن كريم ( - فهرس - - ( صدق الله العظيم ( - ( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - مقدمة ( مقدمة - ( { ( المحتويات ( - مقدمة - - } تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم (( فهرس - - رضي الله عنه - - ( - - - ( مقدمة - (( - ( - - - - - صلى الله عليه وسلم - - - { ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله تمهيد ( - مقدمة - (( مقدمة ( - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - بسم الله الرحمن الرحيم ( - (( - صدق الله العظيم ( { - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - صدق الله العظيم { ( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( فهرس قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - - - - - - ( { - رضي الله عنه - - ? [ النساء : 157 ] .(1/18)
قال ابن الجوزي : " ? صدق الله العظيم ( - ( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - مقدمة ( مقدمة - ( { ( المحتويات ( - مقدمة - - ? أي : أُ لْقِيَ شَبَهُه على غيره" (1) . ثم حكى الخلاف فيمن ألقي عليه الشبه . ولم يذكر هو ولا غيره – ممن يحكي أقاويل السلف – خلافاً في معنى " التشبيه " ، لكن فيمن ألقي عليه الشبه فقط (2).
غير أن بعض متأخّري المفسرين ذكروا قولاً آخر في معنى " التشبيه" في الآية ، وهو أن معناه : لُبِّس عليهم أمر قتله وخُلِّط لهم فيه ؛ وأنه لم يكن فيه إلقاء شبه عيسى – عليه السلام - على أحد ؛ حتى جعله بعضهم هو الصحيح في معنى الآية (3) .
ولكن يمنع من اعتبار هذا القول – مع احتماله لغةً – مخالفته لأقوال أهل التأويل ( السلف ) في ذلك ، والله أعلم .
__________
(1) ... زاد المسير : 2/ 244 ، 245 .
(2) ... انظر مثلاً : تفسير الطبري : 7/ 650- 658 ، تفسير ابن كثير : 764- 766 ، الدر المنثور : 2/ 728 .
(3) ... كأبي حيان في : البحر المحيط : 3/ 405 . وانظر أيضاً في حكاية هذا القول : التفسير الكبير للرازي :4/260-261 ، تفسير ابن جزي : ص 141 ، فتح القدير : 1/ 534 ، التحرير والتنوير: 4/ 20- 21 .(1/19)
الآيتان السادسة والسابعة : قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - } - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - ((( - - ( ( تمت - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( { - عليه السلام - - ( الله أكبر - - رضي الله عنهم - - - تمهيد ( } - جل جلاله -- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - - - - - جل جلاله -((- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - } تم بحمد الله - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - - ( تمهيد - - ((( تم بحمد الله - عليه السلام - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - مقدمة ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - ? [ الأنعام : 99 ] .(1/20)
وقوله تعالى : ? - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه -( - - صلى الله عليه وسلم - - - تمهيد ( } - جل جلاله -- رضي الله عنهم - - - تمهيد ( - { - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - عليه السلام - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ( - { - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - ( - } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -(( - } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - - رضي الله عنه - - ( - ( - (( - ( - ( - ( - - - قرآن كريم ( - ( - } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - } تم بحمد الله - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - عليه السلام - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - مقدمة ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله ? [ الأنعام : 141 ] .
ذكر ابن الجوزي– رحمه الله– في معنى قوله : ? - - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - عليه السلام - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - مقدمة ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله ? [ الأنعام : 99 ] ثلاثة أقوال (1) :
أحدها : مشتبهاً في المنظر ، وغير متشابه في الطعم .
والثاني : مشتبهاً ورقه ، مختلفاً ثمره . قال ابن الجوزي : وهو في معنى الأول .
والثالث : منه ما يشبه بعضه بعضاً ، ومنه ما يخالف .
__________
(1) ... زاد المسير : 3/ 94 . وينظر أيضاً في ذكر الأقوال في الآيتين : تفسير الطبري : 9/ 449 ، 594 ، تفسير ابن كثير: 2/ 215 ، 243 ، الدر المنثور : 3/ 333 ، 367 .(1/21)
وكما أشار ابن الجوزي إلى أن القولين الأولين بمعنى واحد ، فالظاهر- أيضاً - عموم القول الثالث لهما جميعاً ؛ وذلك أظهر قول ابن عاشور- عند الآية نفسها - : " والتشابه : التماثل في حالة مع الاختلاف في غيرها من الأحوال ، أي : بعض شجره يشبه بعضاً ، أو بعض ثمره يشبه بعضاً ، وبعضه لا يشبه بعضاً " (1) .
الآية الثامنة : قوله تعالى:? ( بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -( - - - - - عليه السلام - - (( } - قرآن كريم ( { فهرس - - رضي الله عنهم - - (( مقدمة ( { ( - - رضي الله عنهم -( - - - رضي الله عنه - مقدمة - رضي الله عنه - تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - ( ( - ( - - - ( - - - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - ? [ الرعد : 16 ] .
قال السعدي(2) – رحمه الله – في معنى الآية : " فإن كان عندهم شك واشتباه ، وجعلوا له شركاء زعموا أنهم خلقوا كخلقه وفعلوا كفعله ، فأَزِلْ عنهم هذا الاشتباه واللبس بالبرهان الدال على تفرّد الإله بالوحدانية " (3) .
__________
(1) ... التحرير والتنوير : 4/ 402 .
(2) ... هو : عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي الناصري التميمي الحنبلي ، صاحب المؤلفات البديعة النافعة في علوم شتّى ، ولد وعاش في عنيزة من مدن القصيم ، توفي عام 1376 هـ من أشهر مؤلفاته : تفسيره " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " . انظر : الأعلام للزركلي : 3/ 340 .
(3) ... تيسير الكريم الرحمن : ص 370 . وانظر : تفسير البغوي : ص 672 ، معجم ألفاظ القرآن الكريم : من وضع مجمع اللغة العربية : 2 / 6 .(1/22)
الآية التاسعة : قوله تعالى : ? ( - - - - رضي الله عنه - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - ( { - ( - { - رضي الله عنه -( - - - - - جل جلاله - تمهيد (- رضي الله عنه - - ( - - - جل جلاله - - ( تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله - عليه السلام - - ( الله أكبر - - الله } تم بحمد الله ? [ الزمر23 ] .
قال ابن الجوزي – رحمه الله - : " ? - - جل جلاله - تمهيد (- رضي الله عنه - - ( - - - جل جلاله - - ( تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله ? [ الزمر23 ] ؛ فيه قولان :
أحدهما : أن بعضه يشبه بعضاً في الآي والحروف ، فالآية تشبه الآية ، والكلمة تشبه الكلمة ، والحرف يشبه الحرف .
والثاني : أن بعضه يصدِّق بعضاً ، فليس فيه اختلاف ولا تناقض " (1) .
* * *
ثانياً : تلخيص معاني مادة (( شَبَه )) في القرآن :
أعاد بعض الباحثين (2) جميع المعاني السابق تفصيلها لمادة (( شَبَه )) في القرآن الكريم إلى معنيين هما :
(1) التماثل ، أو التشابه الخفيف .
(2) الالتباس ، أو الإشكال ، أو التشابه الشديد .
ومستند هذا الرأي فيما يظهر – بعد الاستقراء لمعاني المادة في القرآن – هو : الأصل اللغوي لمادة (( شَبَه )) وأنه يعود إلى المعنيين المذكورين (3) .
__________
(1) ... زاد المسير : 7/ 175 . وانظر أيضاً : تفسير الطبري : 20/ 190- 192 ، التفسير الكبير للرازي : 9/ 446وفيه تكميل في بيان الأمور التي حصل فيها التشابه ، تفسير ابن كثير : 4/ 50 ، الدر المنثور : 7/ 221 .
(2) ... انظر : معرفة تأويل المتشابه للدكتور: عبد الله بدر : ص 11- 17 ، مقدمة تحقيق : أحمد خلف الله لكتاب : البرهان في متشابه القرآن للكرماني : ص 44- 45 ، إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 90- 93 .
(3) ... انظر : تعريف المتشابه في اللغة ، في المبحث الثاني من هذا الفصل .(1/23)
وأدقّ من هذا وأشمل ما ذكره ابن عاشور في تعريفه للتشابه بأنه : " التماثل في حالة مع الاختلاف في غيرها من الأحوال " (1) .
ويوضحه أكثر قول ابن جرير : " وأما قوله :? تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله ? [ آل عمران : 7 ] فإن معناه : متشابهات في التلاوة ، مختلفات في المعنى ، كما قال جلّ ثناؤه : ? } - قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة ( - - - جل جلاله - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } ? [ البقرة : 25 ] ؛ يعني : في المنظر ، مختلفاً في المطعم ، وكما قال مخبراً عمن أخبر عنه من بني إسرائيل أنه قال : ? } تمت ( { - رضي الله عنه - - - { - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - رضي الله عنه - مقدمة - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? [ البقرة : 70 ] يعنون بذلك : تشابه علينا في الصفة ، وإن اختلفت أنواعه " (2) .
__________
(1) ... التحرير والتنوير : 4/ 402 .
(2) ... تفسير الطبري : 5/ 192 . وقد استفاد من كلام ابن جرير هذا : خالد العك ، في : أصول التفسير وقواعده : ص 291 ؛ حيث عرّف المتشابه في " اصطلاح المفسّرين" بأنه : ما تشابهت ألفاظه الظاهرة مع اختلاف معانيه. وهذا تعميم لكلام ابن جرير يحتاج إلى مزيد نظر وتحرير . وانظر : قسم الدراسة في تحقيق : د. محمد آيدين لكتاب : درة التنزيل للخطيب الإسكافي : 1/ 48- 49 .(1/24)
وأوضح منه وأكثر تفصيلاً قول الراغب الأصفهاني (1) في مادة (( شَبَه )) من مفرداته : " الشِّبْه والشَّبَه والشَّبيه : حقيقتها في المماثلة من جهة الكيفية كاللون والطعم ، وكالعدالة والظلم . والشُّبْهة : هو ألاّ يتميّز أحد الشيئين عن الآخر لما بينهما من التشابه عيناً كان أو معنى ، قال: ? } - قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة ( - - - جل جلاله - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } ? [ البقرة : 25 ] أي : يشبه بعضه بعضاً لوناً لا طعماً وحقيقةً ، وقيل : متماثلاً في الكمال والجودة ... وقوله : ? ( تمهيد - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( فهرس - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( - ( - ? [ البقرة : 118 ] أي : في الغيّ والجهالة . قال : ? ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - - - (- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } ? [ آل عمران : 7 ] ، والمتشابه من القرآن : ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره ؛ إما من حيث اللفظ أو من حيث المعنى ... وقوله : ? ( - - - - رضي الله عنه - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - -
__________
(1) ... هو : الحسين بن محمد بن المفضّل ، وقيل : المفضّل بن محمد ، وقيل غير هذا ، أبو القاسم الراغب الأصفهاني ، كان في أوائل المائة الخامسة ، توفي في حدود سنة 425 هـ من أشهر مصنفاته : " مفردات ألفاظ القرآن " . انظر : السير للذهبي : 18/ 120 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 519 .(1/25)
( { - ( - { - رضي الله عنه -( - - - - - جل جلاله - تمهيد (- رضي الله عنه - - ( - - - جل جلاله - - ( تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله - عليه السلام - - ( الله أكبر - - الله } تم بحمد الله ? [ الزمر : 23 ] ، فإنه يعني : ما يشبه بعضه بعضاً في الإحكام والحكمة واستقامة النظم . وقوله : ? صدق الله العظيم ( - ( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - مقدمة ( مقدمة - ( { ( المحتويات ( - مقدمة - - ? [ النساء : 157 ] أي : مُثِّل لهم ما حسبوه إياه " (1) .
__________
(1) ... مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني : ص 443- 445 . وانظر : التفسير الكبير للرازي : 3/ 138 ، البحر المحيط لأبي حيان : 1/ 259 ، 2/ 396- 397 ، القواعد الحسان للسعدي : ص 69- 70 .(1/26)
وكلام الراغب هذا مستفاد – فيما يظهر – من تأصيل ابن قتيبة(1) لمعنى (( التشابه )) في قوله : " وأصل التشابه : أن يشبه اللفظُ اللفظَ في الظاهر والمعنيان مختلفان ، قال جلّ وعزّ في وصف ثمر الجنة : ? } - قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة ( - - - جل جلاله - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } ? [ البقرة : 25 ] ؛ أي : متفق المناظر مختلف الطعوم. وقال : ? ( تمهيد - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( فهرس - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( - ( - ? [ البقرة : 118 ] ؛ أي : يشبه بعضها بعضاً في الكفر والقسوة . ومنه يقال : اشتبه عليّ الأمر : إذا أشبه غيره فلم تكد تفرّق بينهما ، وشَبَّهت عليَّ : إذا لبَّست الحق بالباطل ... ثم قد يقال لكل ما غمض ودقَّ : متشابه ، وإن لم تقع الحيرة فيه من جهة الشبه بغيره ، ألا ترى أنه قد قيل للحروف المقطعة في أوائل السور : متشابه ، وليس الشك فيها والوقوف عندها لمشاكلتها غيرها والتباسها بها " (2) .
بقي إيضاح وجه كون معنى (( التشابه )) الذي ذكره ابن عاشور أدق وأشمل مما ذكره بعض الباحثين في ذلك :
__________
(1) ... هو : عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد الدينوري النحوي اللغوي ، كان رأساً في العربية واللغة ، ثقة ديّناً فاضلاً ، له الكثير من المصنفات النافعة ، توفي سنة 276 هـ من أشهر مؤلفاته : " تأويل مشكل القرآن " و" تفسير غريب القرآن " . انظر : السير للذهبي : 13/ 296 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 175 .
(2) ... تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة : ص 101- 102 .(1/27)
فأما كونه أدقّ : فلأن إعادة معنى التشابه إلى التماثل غير دقيق ؛ إذ الأمر بالعكس : فكل تماثل تشابه وليس كل تشابه تماثلاً ، ولا يطلق التماثل إلاّ إذا كان التشابه حاصلاً من كلّ وجه ، أما إن كان من وجه دون وجه فهو تشابه وليس تماثلاً (1) .
وأما كونه أشمل : فلأن إعادة المعاني المتعددة إلى معنى واحد جامع ؛ أشمل من إعادتها إلى معنيين اثنين – وإن كانا جامعين – لأن كلَّ واحد منهما لا يستقلُّ بالشمول بنفسه .
__________
(1) ... انظر : مفردات ألفاظ القرآن للراغب : ص 759 ، التدمرية لابن تيمية : 117، 119، الكليات للكفوي : ص 843 ، شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين : 1/ 111- 112 .(1/28)
على أنه قد يَرِد على شمول قول ابن عاشور : عدم دخول تفسير " المتشابهات " بأنها : الحروف المقطعة ؛ لأن التباسها ليس من جهة اشتباهها بغيرها بل بسبب غموضها في نفسها – كما قال ابن قتيبة - . لكن يمكن أن يقال : بأن هذا غير مسلَّم ؛ إذ لا تخلو الحروف المقطعة من وجه شبهٍ بغيرها ، إما ببقية حروف القرآن المكونة لكلماته ؛ وذلك من جهة الصورة لا من جهة المعنى . وإما بحروف حساب " الجُمّل " (1) كما ورد في سبب النزول(2).
* * *
المطلب الثاني : تنويعات (( التشابه )) في القرآن :
__________
(1) ... حساب " الجُمَّل " – كسكّر - : ضرب من الحساب يجعل فيه لكل حرف من الحروف الأبجدية عدد من الواحد إلى الألف على ترتيب خاص . انظر : الكليات للكفوي : ص 353 ، تاج العروس للزبيدي : 7/ 364 ، المعجم الوسيط : 1/ 136 ، كلاهما في مادة ( جمل ) .
(2) ... وهو ما ورد في سبب نزول آية [ آل عمران : 7 ] من أنها نزلت في أبي ياسر بن أخطب وأخيه حييّ بن أخطب والنفر الذين ناظروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قدر مدّة أكله وأكل أمّته ، وإرادتهم علم ذلك من قِبَلِ معاني هذه الحروف المقطّعة . أخرجه بطوله ابن جرير في تفسيره : 1/210 ، 220 - 222 لكن كأنه يضعّفه ، وقد ضعّفه ابن كثير في تفسيره : 1/ 64- 65 ، وقد ذكره ابن حجر في العجاب : 2/ 659 ، والسيوطي في الدر المنثور : 2/146- 147 وزاد نسبته إلى البخاري في التاريخ وابن إسحاق في المغازي . ولكن ورد ذلك تفسيراً للآية لا في السببية من قول الربيع بن أنس وأبي العالية ومقاتل بن سليمان ؛ كما في تفسير الطبري : 1/ 109- 110 ، والعجاب لابن حجر : 2/ 660 . والإتقان للسيوطي : 1/ 615- 616 ، وانظر : مناهل العرفان للزرقاني : 2/ 290 .(1/29)
مِن أوّلِ مَن عدّد أنواعاً للمتشابه في القرآن أبو الحسين ابن المنادي(1) في كتابه (( متشابه القرآن العظيم )) وذلك في قوله : " إن المتشابه كائن في أشياء : فمنها متشابه إعراب حروف القرآن (2) ومنها : متشابه غريب القرآن ومعانيه وفي ذلك كتب عن المسمين آنفاً ، ومنها : متشابه تأويل القرآن ، وفي ذلك كتب عن أهل التأويل ، كمجاهد وقتادة وأبي العالية وسعيد بن جبير وعطاء بن يسار وعطية والسدّي وأبي صالح وغيرهم ، ومنتهى أكثر ذلك إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، يدخل في ذلك : متشابه ناسخ القرآن ومنسوخه وتقديمه وتأخيره ، وخصوصه وعمومه ، وأكثر من سمّينا قبلُ لهم كتب في ذلك ، وقد يدخل في ذلك : متشابه النوادر والفرائض والإباحات والتصريح والكنايات ، وفي ذلك كتب لعِدّةٍ من الفقهاء . ومنها : متشابه خطوط المصاحف الأول ، وحروف كتبت في بعضها على خلاف ما كتبت في البعض الآخر ، وفي ذلك كتب لبعض القراء ، ومنها : متشابه حروف القرآن المجموعة للإذكار من النسيان ، وهو هذا الضرب الذي أجرينا ذكر أصول المتشابه من أجله " (3) .
__________
(1) ... هو : أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن صبيح ، يعرف بابن المنادي ، أبو الحسين البغدادي ، مقرئ جليل غاية في الإتقان ، فصيح اللسان عالم بالآثار ، نهاية في علم العربية صاحب سنة ، أكثر مصنفاته في علوم القرآن ، توفي سنة 336 هـ من مؤلفاته المطبوعة : " متشابه القرآن العظيم " . انظر : السير للذهبي : 15/ 361 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 30 .
(2) ... الظاهر أن المراد به : الآيات المشكلة في الإعراب ؛ انظر : إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 88 .
(3) ... متشابه القرآن العظيم لأبي الحسين ابن المنادي : ص 59- 60 .(1/30)
وهذه الأنواع التي سردها ابن المنادي دون تصنيف ولا ترتيب ، مع ما يكتنف بعضها من الغموض في المراد به ، وتوسّع في استعمال مصطلح التشابه (1) – ربما لسبق المؤلف استقرار المصطلحات – بحاجة إلى شيء من الترتيب وإعادة التسميات في بعضها لتكون أوضح . وقد رأيت أن خير ما يصلح أساساً لذلك هو اعتبار الحيثيّات التي تتنوع بحسبها ، لئلا يحصل التداخل فيما بينها .
وهذه التنويعات " للمتشابه في القرآن " - بحسب اعتباراتها - كما يلي :
أولاً : أنواعه من حيث كونه وصفاً لجميع القرآن أو بعضه :
يتنوع التشابه – بهذا الاعتبار – إلى : تشابه عام ، وتشابه خاص .
والمراد بهذين النوعين : ما بيّنه أبو بكر الجصاص(2) – وهو أول من رأيته ذاكراً هذا التفصيل(3)– في قوله: " قد بيّنا في صدر الكتاب معنى المحكم والمتشابه ، وأن كل واحد منهما ينقسم إلى معنيين :
أحدهما : يصح وصف القرآن بجميعه .
والآخر : إنما يختص به بعض القرآن دون بعض .
__________
(1) ... انظر : قسم الدراسة في تحقيق : د . محمد مصطفى آيدين لكتاب : درة التنزيل للخطيب الإسكافي : 1/50 .
(2) ... هو : أحمد بن علي ، أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص ، سكن بغداد ، وانتهت إليه رئاسة الحنفية ، وسئل العمل في القضاء فامتنع ، توفي سنة 370 هـ من أشهر مصنفاته : " أحكام القرآن " . انظر : السير للذهبي : 16/ 340 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 44 .
(3) ... أما أصل معنى التشابه – بالنوعين المذكورين – فموجود في تفسير السلف للآيتين مما سبق نقله عنهم في المطلب الأول من هذا المبحث .(1/31)
... وقد قال تعالى : ? ( - - - - رضي الله عنه - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - ( { - ( - { - رضي الله عنه -( - - - - - جل جلاله - تمهيد (- رضي الله عنه - - ( - - - جل جلاله - - ( تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله - عليه السلام - - ( الله أكبر - - الله } تم بحمد الله ? [ الزمر: 23 ] ؛ فوصف جميعه بالمتشابه . ثم قال في موضع آخر : ? - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - - - (- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } ? [ آل عمران : 7 ] ؛ فوصف هاهنا بعضه بأنه محكم وبعضه بأنه متشابه ... وأما المتشابه الذي عمّ به جميع القرآن في قوله تعالى : ? - - جل جلاله - - ( تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله - عليه السلام - - ( الله أكبر - - الله } تم بحمد الله ? [ الزمر:23 ] فهو التماثل ونفي الاختلاف والتضاد عنه . وأما المتشابه المخصوص به بعض القرآن فقد ذكرنا أقاويل السلف فيه " (1) .
__________
(1) ... أحكام القرآن للجصاص : 2/ 2 ، 3 .(1/32)
وقد نصّ جملة من المفسرين على أن التشابهين المذكورين في الآيتين نوعان مختلفان (1) ، وأنه هو الجواب عما يوهمه وصف جميع القرآن بالتشابه في موضع ، ووصف بعض القرآن به دون بعض في موضع آخر ؛ من التضارب أو التعارض (2).
__________
(1) ... انظر : تفسير البغوي : ص 88 ، التفسير الكبير للرازي : 3/ 137- 138 ، تفسير القرطبي : 4/ 10 ، البحر المحيط لأبي حيان : 2/ 369- 379 ، تفسير ابن كثير : 4/ 50 ، روح المعاني للآلوسي : 3/ 82 ، فتح القدير : 1/ 317 ، التحرير والتنوير لابن عاشور : 23/ 385- 386 .
(2) ... انظر : التدمرية لابن تيمية : ص102- 105 ، مجموع الفتاوى : 3/ 59- 62 وهو أكثر من بيّن ذلك وفصّله وحرّره . وانظر أيضاً : فتح الرحمن للأنصاري : ص 198 ، الإتقان للسيوطي : 1/ 592 ، التحرير والتنوير لابن عاشور : 3/ 156 ، مناهل العرفان للزرقاني : 289- 290 ، القواعد الحسان للسعدي : ص 69- 70 ، دفع إيهام الاضطراب للشنقيطي : 47- 48 .(1/33)
ومما يعجب له : ما حكاه الزركشي(1) في (( البرهان )) وتبعه السيوطي(2) في (( الإتقان ))(3) من جعل مسألة وجود المحكم والمتشابه في القرآن فيها ثلاثة أقوال – هل كله محكم ، أم كله متشابه ، أم فيه الضربان – وصححا القول الثالث وهو : احتواؤه عليهما جميعاً بدليل آية آل عمران ? - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - - - (- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } ? [ آل عمران : 7 ] . وهو كلام ينقصه تحرير كبير (4)
__________
(1) ... هو : بدر الدين أبو عبد الله ، محمد بن عبد الله بن بهادر المصري الزركشي الشافعي ، صاحب التصانيف الكثيرة النافعة في الفنون العديدة ، توفي سنة 794 هـ ومن أشهر تصانيفه " البرهان في علوم القرآن " . انظر : الدرر الكامنة : 4/ 17 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 408 .
(2) ... هو : جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي ، ويقال : السيوطي ، صاحب التصانيف الكثيرة جدّاً في جميع الفنون ، ولد في القاهرة ومات بها سنة 911 هـ ومن أشهر مصنفاته : "الإتقان في علوم القرآن " و " الدر المنثور في التفسير بالمأثور " وغيرهما . انظر : شذرات الذهب : 8/ 51 ، البدر الطالع : 1/ 328 .
(3) ... انظر : البرهان للزركشي : 2/ 199 ، الإتقان للسيوطي : 1/ 592 .
(4) ... حكى القرطبي - في تفسيره : 4/ 10 - الخلاف نفسه لكن تعليقه عليه كان بالتحرير المذكور أوّلاً عن جملة من المفسرين .(1/34)
.
* * *
ثانياً : أنواعه من حيث اصطلاح المؤلفين في علوم القرآن :
ذهب جمهرة الباحثين (1) إلى جعل مصطلح " المتشابه " في علوم القرآن مطلقاً على نوعين :
الأول : المتشابه اللفظي- الذي هو موضوع هذه الرسالة - وسيأتي تعريفه تفصيلاً في المبحث التالي – بإذن الله – مع بيان ألقابه الأخرى .
الثاني : المتشابه الذي يقابل المحكم ، ويسمّيه بعضهم : بالمتشابه المعنوي .
بينما ذهب أحد الباحثين إلى جعله ثلاثة أنواع (2) جاعلاً النوع الأول "المتشابه اللفظي" نوعين ؛ بناءً على اختلاف اتجاهات التأليف فيه ؛ جمعاً أو توجيهاً .
ولعلّ ما ذهب إليه الأكثرون أقرب إلى الدّقة في التنويع ، كما أنه المفهوم من صنيع وكلام المصنفين في " أنواع علوم القرآن " حيث اعتبروا المتشابه اللفظي نوعاً ، وجعلوا الجمع والتوجيه اتجاهين للتصنيف داخل هذا النوع (3) .
بقي التنويه بأمرين :
__________
(1) ... انظر : متشابه القرآن دراسة موضوعية للدكتور : عدنان زرزور : ص 7- 8 ، قسم الدراسة من تحقيق : د. ناصر العمر لكتاب البرهان للكرماني ( رسالة ماجستير في جامعة الإمام : مرقومة على الآلة الكاتبة : ص 6 ) ، مقدمة تحقيق : أحمد خلف الله للكتاب نفسه : ص 58 ، علوم القرآن بين البرهان والإتقان للدكتور : حازم حيدر : ص 149 ، قسم الدراسة من تحقيق : د. محمد آيدين لكتاب درة التنزيل للخطيب الإسكافي : 1/ 50- 51 .
(2) ... انظر : أنواع التصنيف المتعلّقة بتفسير القرآن للدكتور: مساعد الطيار : ص 111- 116 .
(3) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 202- 206 ، الإتقان للسيوطي : 2/ 232 . علوم القرآن بين البرهان والإتقان للدكتور: حازم حيدر : ص 152 .(1/35)
الأول: أن المصنفات في النوع الثاني – المتشابه المعنوي : المقابل للمحكم – أكثر من الأول ، لأسباب ليس هذا محلّ تفصيلها (1) . حتى غدا هذا النوع هو المتبادر عند إطلاق مصطلح " متشابه القرآن " دون النوع الآخر – المتشابه اللفظي - (2) .
الثاني : احتواء الكتب المستقلة في أحد النوعين على أمثلة من النوع الآخر ، وهذا – فيما يظهر – بسبب صلاحية تلك الأمثلة للدخول تحت النوعين جميعاً ؛ وذلك باختلاف اعتبار النظر إليها (3) .
* * *
ثالثاً : أنواعه من حيث منشأ التشابه :
قسّم الراغب الأصفهاني في مفرداته (4) – ومن تبعه (5)- المتشابه في القرآن إلى ثلاثة أضرب :
الأول : متشابه من جهة اللفظ فقط ، وفرّع عليه نوعين :
(1) ما يرجع إلى الألفاظ المفردة ؛ وجعله ضربين : ضرب يعود إلى الغرابة ، وضرب يعود إلى الاشتراك .
(2) ما يرجع إلى جملة الكلام المركّب ؛ وجعله ثلاثة أضرب : ضرب لاختصار الكلام ، وضرب لبسطه ، وضرب لنظم الكلام .
__________
(1) ... انظر في ذلك : مقدمة تحقيق : أحمد خلف الله لكتاب البرهان للكرماني : ص 59 – 60 .
(2) ... انظر : التعريفات للجرجاني : ص 253 ، الكليات للكفوي : ص 845- 846 . ومما يذكر في ذلك : أن كتاب " متشابه القرآن دراسة موضوعية " للدكتور: عدنان زرزور : كله في المتشابه المقابل للمحكم ؛ سوى إشارة في التمهيد لا تتجاوز بضع صفحات في المتشابه اللفظي .
(3) ... انظر : أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن للدكتور: مساعد الطيار : ص 111- 116 .
(4) ... مفردات ألفاظ القرآن : ص 443- 445 .
(5) ... انظر : عمدة الحفاظ للسمين الحلبي : ص259- 260 ، الإتقان للسيوطي : 1/599- 600 ، مناهل العرفان للزرقاني : 297- 301 . وانظر : المحكم والمتشابه للدكتور: المطرودي : ص 65- 70 ، معاني المحكم والمتشابه في القرآن الكريم للدكتور: أحمد فرحات : ص80- 83 .(1/36)
الثاني : متشابه من جهة المعنى فقط ، ومثّل له بمعاني المغيَّبات المذكورة في القرآن .
الثالث : متشابه من جهتهما ، وجعل تحته خمسة أضرب :
(1) من جهة الكمّية : كالعموم والخصوص .
(2) من جهة الكيفية : كالوجوب والندب .
(3) من جهة الزمان : كالناسخ والمنسوخ .
(4) من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها : كمعرفة عادات الجاهلية .
(5) من جهة الشروط التي يصح بها الفعل ويفسد : كشروط الصلاة والنكاح .
وقد ذكر - هو ومن تبعه على هذا التقسيم - أمثلة لكل نوع من هذه الأنواع ؛ تبينها أكثر (1) .
لكن قال الزرقاني(2)- بعد نقله هذه التقسيمات عن الراغب-: " وهو كلام جيّد ، غير أن في بعضه شيئاً " (3) .
* * *
رابعاً : أنواعه من حيث إمكان العلم به :
قسّم الراغب الأصفهاني أيضاً المتشابه – من هذه الحيثيّة – إلى ثلاثة أضرب (4) :
الأوّل : ما لا سبيل للوقوف عليه ؛ كوقت الساعة ونحوه من المغيبات .
الثاني : ما للإنسان إلى معرفته سبيل ؛ كالألفاظ الغريبة والأحكام الغَلِقة .
الثالث : متردّد بين الأمرين ؛ يجوز أن يختصّ بمعرفة حقيقته بعض الراسخين في العلم ويخفى على مَن دونهم .
__________
(1) ... انظر : المراجع السابقة .
(2) ... هو : محمد عبد العظيم الزرقاني ، نسبة إلى " زرقان " بلدة تابعة لمحافظة المنوفية في مصر ، كان مدرّساً في كلية أصول الدين في الأزهر ، توفي عام 1367 هـ من أشهر مؤلفاته " مناهل العرفان في علوم القرآن " . انظر : الأعلام للزركلي : 6/ 210 .
(3) ... مناهل العرفان : 2/ 301 .
(4) ... مفردات ألفاظ القرآن : ص 444- 445 ، وعنه السمين الحلبي في عمدة الحفاظ : ص 260 ، والسيوطي في الإتقان : 1/ 600 ، وانظر: مناهل العرفان للزرقاني : 2/ 301 ، المحكم والمتشابه في القرآن العظيم للدكتور المطرودي : ص 73- 74 .(1/37)
وأصحّ من هذا التقسيم ما ذكره عدد من أهل العلم (1) من أنه قسمان فقط ؛ وذلك بإدخال الثالث في الثاني ؛ إذ لا وجه ظاهر لفصله .
وقد أطلقوا على النوع الأول - وهوما لا سبيل إلى معرفته - اسم " المتشابه الحقيقي" وعلى الثاني – وهوما يكون مشتبهاً على بعض الناس دون بعض – اسم " المتشابه النسبي- الإضافي " (2) . كما أطلق أحد الباحثين (3) على النوع الثالث – عند الراغب – اسم "المتشابه الخفي" قياساً على التسميات السابقة ، ولا أدري هل سُبِق إلى هذه التسمية أم لا ؟
__________
(1) ... انظر : التدمرية لابن تيمية : 105 ، 110 ، تقريبها لابن عثيمين : ص 94- 95 ، مجموع فتاوى ابن تيمية : 3/ 62 ، 65 ، الموافقات للشاطبي : 3/ 68 ، وعنه ابن عاشور في التحرير والتنوير : 3/ 156 ، وانظر : الإتقان للسيوطي : 1/ 599 ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 664 .
(2) ... انظر : المراجع السابقة .
(3) ... انظر : المحكم والمتشابه في القرآن العظيم للدكتور: المطرودي : ص 73- 74 .(1/38)
ومما يحسن التنبيه عليه هنا : الإشارة إلى كون هذا التنويع للمتشابه مبنيّاً على قولَي السلف في معنى " التأويل " في قوله : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات فهرس - ((- رضي الله عنه - - ((( - - - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - - صدق الله العظيم ( { ( - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( { - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - رضي الله عنه - - - } - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( (( مقدمة ( - - - ( - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - - (( - - عليه السلام - - ( فهرس - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - { - } - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( { } - قرآن كريم ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنه - تمهيد ( - - } - - ? [ آل عمران : 7 ] هل هو بمعنى : التفسير ، أو بمعنى : الحقيقة التي يؤول إليها الشيء ؟ بناءً على الوقف على لفظ الجلالة ، وهل الواو بعدها للاستئناف – وهو قول جمهور السلف – أم للعطف ؟ (1) .
* * *
المبحث الثاني :
تعريف المتشابه اللفظي وألقابه
__________
(1) ... انظر : تفسير الطبري : 1/ 217- 222 ، زاد المسير لابن الجوزي : 1/ 354 ، تفسير القرطبي : 4/ 15- 19 ، التدمرية لابن تيمية : 89 ، وما بعدها ، مجموع فتاواه : 13/ 288- 289 ، تفسير ابن كثير : 1/ 462- 463 ، أضواء البيان للشنقيطي : 1/ 266 - 272 ، وغيرها .(1/39)
كان المبحث السابق- على أهميته - عبارة عن تمهيد لموضوع الرسالة ، أما هذا المبحث فهو بداية الشروع في صلب الموضوع ، إذ التعريف كالقاعدة والأساس لما بعده ، وقد قيل: " الحكم على الشيء فرع عن تصوّره " (1).
وقد جرت عادة الباحثين أن يجعلوا التعريف بالمصطلح المراد شاملاً معناه اللغوي والاصطلاحي ، مع بيان العلاقة بينهما . كما أن من تكميلات التعريف بيان الإطلاقات المرادفة للمصطلح أو المقاربة له – وهو الشق الثاني من عنوان المبحث - .
وعلى ضوء هذه التقسيمات ستكون مطالب هذا المبحث أربعة :
المطلب الأول : تعريف المتشابه اللفظي في اللغة .
المطلب الثاني : تعريف المتشابه اللفظي في الاصطلاح .
المطلب الثالث : العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي .
المطلب الرابع : الألقاب الأخرى للمتشابه اللفظي .
* * *
المطلب الأول : تعريف المتشابه اللفظي في اللغة :
مصطلح " المتشابه اللفظي " يتكون من جزءين ( كلمتين ) ، يحتاج في تعريفه لغةً إلى تعريف كلٍّ من جزءيه ، كما يلي :
- أولاً : المتشابه :
__________
(1) ... انظر : تخريج الفروع على الأصول للزنجاني : ص : 272 .(1/40)
المتشابه : اسم فاعل من التشابه ، والتشابه : تَفَاعُلٌ من الشَّبَه (1) . يقال : شِبْه ، وشَبَه، وشَبِيه : المثل ، جمعه : أشْباه . والشِّبْه والشَّبَه : لغتان بمعنىً . وشابَهَه وأشْبَهَه : ماثله، وتَشَابها واشْتَبها : أشبه كلّ منهما الآخر حتّى الْتبسا . و شَبَّهَه إيّاه وبه تَشْبيهاً : مثّلَه. وأمور مشْتَبهة ومشَبَّهة – كمعظَّمة - : مشكلة . والشُّبْهة- بالضم-: الالْتباس والمِثْل. وشُبِّه عليه الأمر تشبيهاً : لُبّس عليه ، واشْتبه الأمر اشتباهاً : إذا اختلط . وتَشَابَهَت الآيات : تساوت (2) .
والتصريفات ( الصيغ ) الواردة في القرآن من هذه المادة سبع ، هي : شُبِّه – مُشْتبهاً- تَشَابه – تَشَابهت – مُتَشابه – مُتَشَابهاً – مُتَشَابهات (3).
" قال ابن الأعرابي(4) : شَبَّه الشيءُ : إذا أشْكل ، وشَبَّه : إذا ساوى بين شيء وشيء"(5).
- مما سبق من كلام أهل اللغة ، يمكن تصنيف معاني التشابه في اللغة إلى صنفين (6) :
الأول : التماثل ، والتساوي ( المساواة ) .
__________
(1) انظر : البحر المحيط لأبي حيان : 1/ 252 .
(2) انظر : الصحاح للجوهري : 6/ 2236 ، لسان العرب : 13/ 503- 506 ، المصباح المنير للفيومي : ص 159 ، القاموس المحيط للفيروزأبادي: ص 1610 ، كلها في مادة ( شبه ) . ...
(3) ... انظر : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي : ص 375 باب الشين ، معجم ألفاظ القرآن الكريم ، من وضع : مجمع اللغة العربية : 2/ 5- 6 .
(4) ... هو : محمد بن زياد الأعرابي ، أبو عبد الله ، كان لغوياً نسّاباً ، من أحفظ الكوفيين للّغة ، مات سنة 231هـ. انظر : معجم الأدباء : 18/ 189 ، سير أعلام النبلاء : 10/ 687 ، وفيات الأعيان : 1/ 492 .
(5) ... تهذيب اللغة للأزهري : 6/ 92 ، وانظر : لسان العرب : 13/ 505 ، كلاهما في مادة ( شبه ) .
(6) ... انظر : معرفة تأويل المتشابه للدكتور : عبد الله بدر : ص 11 .(1/41)
الثاني : الالتباس ، والخلط ، والإشكال .
على أن ابن قتيبة جعل المعنى الثاني- وهو معنى الالتباس والإشكال - ناشئاً عن المعنى الأول وبسببه ، فيكون المعنى الأول- وهو التماثل والتساوي- هو الأصل ؛ حيث يقول : " وأصل التشابه : أن يشبه اللفظ اللفظ في الظاهر والمعنيان مختلفان ... ومنه يقال : اشتبه عليَّ الأمر: إذا أشبه غيره فلم تكد تفرّق بينهما ... ثم قد يقال لكل ما غمض ودقّ : متشابه ، وإن لم تقع الحيرة فيه من جهة الشبه لغيره ... ومثل المتشابه : المشكل ، وسمي مشكلاً : لأنه أشكل ، أي : دخل في شكل غيره فأشبهه وشاكله " (1) .
أما ابن فارس(2) فقد أعاد هذه المادة إلى أصل واحد في اللغة ، فقال : " الشين والباء والهاء : أصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لوناً ووصفاً ، يقال : شِبْه و شَبَه وشبيه . والشَّبَه من الجواهر : الذي يشبه الذهب ، والمشَبَّهات من الأمور : المشكلات . واشتبه الأمران : إذا أشكلا " (3) .
بقي – من كلام أهل اللغة حول التشابه – ثلاثة أشياء :
__________
(1) ... تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة : ص 101- 102 ، وانظر : مفردات ألفاظ القرآن للراغب : ص 444 ، التفسير الكبير للرازي : 3/ 138 .
(2) ... هو : أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني ، كان نحوياً على طريقة الكوفيين ، مات سنة 395هـ بالريّ . من أشهر كتبه : مقاييس اللغة ، والصاحبي في فقه اللغة . انظر : معجم الأدباء : 2/ 6 ، وفيات الأعيان : 1/ 100 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 46 .
(3) ... معجم المقاييس في اللغة : ص 548 ( شبه ) .(1/42)
الأول : اختصاص صيغة " تَشَابه " : في معنى التماثل ، و" اشْتَبَه " : في الالتباس . وهذا ذكره بعضهم دون بعض (1) ، والظاهر أن هذا أمر أغلبيّ في استعمال أهل اللغة وليس بمطّرد . ومما يضعف القول بالتفريق بين الصيغتين : نصُّ عددٍ من المفسّرين على أن معناهما واحد أو متقارب(2) ، وذلك عند تفسير قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - } تم بحمد الله - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - - ( تمهيد - - ((( تم بحمد الله - عليه السلام - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - مقدمة ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله ? [ الأنعام : 99 ] .
__________
(1) ... انظر فيمن يرى التفريق : الصحاح للجوهري : 6 / 2236 ، لسان العرب : 13/ 503 ، المصباح المنير للفيومي : ص 159. وانظر فيمن لا يرى فرقاً : أساس البلاغة للزمخشري : ص 320 ، القاموس المحيط للفيروزابادي : ص 1610 ، كلها في مادة ( شبه ) .
(2) ... انظر : الكشاف للزمخشري : 2/ 53 ، مفردات ألفاظ القرآن : 443 ، التفسير الكبير للرازي : 5/ 87 ، تفسير ابن جزي : ص 189 ، البحر المحيط لأبي حيان : 4/ 194 .(1/43)
الثاني : قال ابن حجر(1) : " قال أبو البقاء(2) : أصل ( التشابه ) أن يكون بين اثنين ، فإذا اجتمعت الأشياء المتشابهة كان كلٌّ منها مشابهاً للآخر ؛ فصح وصفها بأنها متشابهة ، وليس المراد أن الآية وحدها متشابهة في نفسها . وحاصله : أنه ليس من شرط صحة الوصف في الجمع ؛ صحة انبساط مفردات الأوصاف على مفردات الموصوف ، وإن كان الأصل ذلك " (3).
الثالث : ذكر بعض المعتنين بالفروق من أهل اللغة (4) فروقاً بين معاني بعض الكلمات المقاربة للتشابه ، والتي فُسّر التشابه بها : كالتماثل ، والتساوي ، والتشاكل :
فالفرق بين الشِّبْه والشّبيه : أن الأول أعمّ ، إذ يستعمل في كلِّ شيء ، أما الشبيه : فلا يكاد يستعمل إلاّ في المتجانسين- أي الشيئين من جنس واحد - .
الشِّبه : يقال فيما يشارك في الكيفية فقط .
__________
(1) ... هو : أحمد بن علي بن أحمد الكناني العسقلاني ، أبو الفضل ، شهاب الدين ، ابن حجر ، من أئمة العلم وخاصة الحديث ، أصله من عسقلان بفلسطين ، ومولده ووفاته بالقاهرة ، له مصنفات كثيرة جليلة ، من أعظمها : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، الذي قيل فيه : لا هجرة بعد الفتح . توفي سنة : 852 هـ . انظر : شذرات الذهب : 7/ 270 ، البدر الطالع : 1/ 87 .
(2) ... هو : عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي ، أبو البقاء ، محب الدين ، عالم بالأدب واللغة والفرائض والحساب ، أصله من ( عكبرا ) بليدة على دجلة ، مولده ووفاته ببغداد ، توفي سنة : 616 هـ . انظر : شذرات الذهب : 5/ 67 ، الأعلام للزركلي : 4/ 80 .
(3) ... فتح الباري لابن حجر : 8 / 210 . وانظر : إملاء ما منّ به الرحمن لأبي البقاء العكبري : ص 124 .
(4) ... انظر : الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري : 172 ، 174 ، مفردات ألفاظ القرآن : ص 759 ، عمدة الحفّاظ للسمين الحلبي : ص 534 ، الكليات للكفوي : ص 843 ، شرح الواسطية لابن عثيمين : 1/ 111- 112 .(1/44)
المساوي : يقال فيما يشارك في الكمّية فقط .
الشّكْل : يقال فيما يشارك في القدر والمساحة فقط . وقال بعضهم : المشاكلة: اتفاق الشيئين في الخاصة . وقيل : الشّكل لايستعمل إلا في الصور .
المِثْل : عام في جميع أنواع الشبه . وقال بعضهم : المماثلة : اتفاق الشيئين في النّوعيّة . وقيل : المماثلة : المكافأة في الذات . وقيل : المماثلة : التشابه من جميع الوجوه .
هذا وقد أردت الإشارة فقط إلى هذه الفروق دون مناقشة لها ؛ فضلاً عن كون ذلك يعني صحتها أو التسليم بها .
ثانياً : اللّفْظِيّ :
اللَّفْظِيّ : نسبة إلى " اللَّفْظ " لأن الياء المشددَّة في آخره : ياء النسبة – على القياس(1)-
و اللَّفْظ : واحد الألفاظ ،وهو بمعنى المفعول : أي : الملفوظ ، وهو في الأصل مصدر ؛ يقال : لَفَظَ ، يَلْفِظُ ، لَفْظَاً . و لَفَظَ بالكلام ، وتلَفَّظ به : تكلَّم (2) .
قال ابن فارس : " اللام والفاء والظاء : كلمة صحيحة تدلّ على طرح الشيء ، وغالب ذلك أن يكون من الفم " (3) .
وقال الراغب في المفردات (4) : " اللّفظ بالكلام : مستعار من لفظ الشيء من الفم ، ولفظ الرّحى الدقيق ، ومنه : سُمّي الديك اللاّفظة ؛ لطرحه بعض ما يلتقطه للدّجاج . قال تعالى : ? - } تم بحمد الله ((((( - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - ( قرآن كريم - - - صدق الله العظيم ( { ( مقدمة ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - ( - - عليه السلام - - ( - - ( - - رضي الله عنه -( ? [ سورة ق : 18 ] " .
__________
(1) ... انظر : معجم القواعد العربية لعبد الغني الدقر : ص 542 .
(2) ... انظر : مختار الصحاح للرازي : ص 601 ، أساس البلاغة للزمخشري : ص 568 ، لسان العرب : 7/ 461 ، القاموس المحيط للفيروزابادي : ص 902 ، الكليات للكفوي : ص 795 .
(3) ... معجم المقاييس في اللغة : ص 985 .
(4) ... مفردات ألفاظ القرآن : ص 743- 744 .(1/45)
وقال أبو البقاء الكفوي(1)- في الكلّيات (2)- : " اللّفْظ في أصل اللغة : مصدر بمعنى الرمي ، وهو بمعنى المفعول ؛ فيتناول ما لم يكن صوتاً وحرفاً ، وما هو حرف واحد وأكثر، مهملاً أو مستعملاً (3) صادراً من الفم أو لا . لكن خُصّ في عُرف اللغة : بما صدر من الفم من الصوت المعتمد على المخرج ، حرفاً واحداً أو أكثر ، مهملاً أو مستعملاً " .
وقال في موضع آخر (4) مبيّناً الفرق بين معنى ( اللفظ ) وما يقاربه : " وما خرج من الفم : إن لم يشتمل على حرف فصوت ، وإن اشتمل ولم يفد معنى فهو اللفظ ، وإن أفاد معنى فقول ، فإن كان مفرداً فكلمة ، أو مركّباً من اثنين ولم يفد نسبة مقصودة فجملة ، أو أفاد ذلك فكلام ، أو من ثلاثة فكَلِم " .
* * *
المطلب الثاني : تعريف المتشابه اللفظي في الاصطلاح :
يمكن تقسيم التعريفات الاصطلاحية المذكورة للمتشابه اللفظي قسمين :
الأول : تعريفات لم يقصد أصحابها أن تكون كذلك ؛ إنما اعتبرها بعض من جاء بعدهم . ويمكن تصنيف التعريفات في هذا القسم صنفين :
__________
(1) ... هو : أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي ، أبو البقاء الحنفي ، كان من قضاة الأحناف . عاش وولي القضاء في " كفه " بتركيا ، وبالقدس ، وببغداد ، وعاد إلى استنبول فتوفي بها عام : 1094هـ . انظر : الأعلام : 2/ 38 .
(2) ... ص : 795 . وانظر : معجم القواعد العربية لعبد الغني الدقر : ص 422- 423 .
(3) ... المهمل : هو اللفظ الذي لا يدل على معنى بالوضع . والمستعمل : ضده : وهو اللفظ الدال على معنى بالوضع . انظر : التعريفات للجرجاني : ص 303 ، الكليات للكفوي : ص 137 .
(4) ... الكليات : ص 562 .(1/46)
( أ ) أقوال لبعض السلف أو من بعدهم من المفسّرين في المراد بالتشابه الذي وُصِف به القرآن في بعض الآيات ؛ فعدّها بعض الباحثين تعريفات للمتشابه اللفظي (1) ، وهي :
قول قتادة (2) في معنى قوله تعالى : ?( - - - - رضي الله عنه - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - ( { - ( - { - رضي الله عنه -( - - - - - جل جلاله - تمهيد (- رضي الله عنه - - ( - - - جل جلاله - - ( تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله - عليه السلام - - ( الله أكبر - - الله } تم بحمد الله ? [ الزمر : 23 ] ، قال : " الآية تشبه الآية ، والحرف يشبه الحرف " (3) .
__________
(1) ... انظر : البرهان في متشابه القرآن للكرماني : ت : ناصر العمر : قسم الدراسة : ص 7 ، متشابه القرآن للكسائي : ت : مناع القرني : قسم الدراسة : ص 201- 202 ، إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 92- 93 .
(2) ... هو : قتادة بن دعامة السدوسي ، أبو الخطاب البصري ، الضرير الأكمه ، المفسّر ، كان من علماء التابعين ، وكان من أحفظ الناس ، مات بواسط في الطاعون سنة 118 وقيل 117 هـ وله 57 سنة . انظر : سير أعلام النبلاء : 5/ 277 ، تقريب التهذيب : 2/ 26 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 332 ،
(3) ... أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره : 20/ 190 . وانظر : تفسير ابن كثير : 4/ 46 .(1/47)
قول الحسن (1) في معنى الآية نفسها : " تكون السورة فيها الآية ، في سورة أخرى تشبهها " (2) .
قول ابن جرير – في حكايته لأحد الأقوال في معنى قوله تعالى : ? - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - - - (- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله ? [ آل عمران : 7 ] - : " هو : ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور ، بقصّه باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني ، وبقصّه باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني " (3) .
__________
(1) ... هو : أبو سعيد الحسن ابن أبي الحسن البصري ، واسم أبيه يسار ، الأنصاري مولاهم ، أحد كبار التابعين ، ورأى كبار الصحابة ، كان إماماً كبير الشأن ، فقيهاً فاضلاً مشهوراً ، رأساً في العلم والعمل ، ولد في خلافة عمر ، وتوفي سنة 110هـ وقد قارب التسعين . انظر : سير أعلام النبلاء : 4/ 564 ، تقريب التهذيب : 1/ 202 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 106 .
(2) ... أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره : 20/ 191 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور : 7/ 221 نسبته إلى ابن أبي حاتم . وانظر : تفسير ابن كثير : 4/ 46 .
(3) ... تفسير الطبري : 5 / 197 .(1/48)
( ب ) كلام لبعض المصنّفين في المتشابه اللفظي - في مقدّمات كتبهم – أرادوا فيه بيان موضوعات تلك الكتب ؛ فجاء من اعتبر ذلك الكلام تعريفاً للمتشابه اللفظي (1) ، وهو :
ما قاله الكرماني(2) في مقدمة كتابه (( البرهان في متشابه القرآن )) (3) : " فإن هذا الكتاب أذكر فيه : الآيات المتشابهات التي تكررت في القرآن وألفاظها متفقة ؛ ولكن وقع في بعضها زيادة أو نقصان ، أو تقديم أو تأخير ، أو إبدال حرف مكان حرف ، أو غير ذلك مما يوجب اختلافاً بين الآيتين . أو الآيات التي تكررت من غير زيادة ولا نقصان " .
الثاني : تعريفات أراد أصحابها أن تكون كذلك . ولكن منهم من زاد على التعريف إيضاح عبارته وبيان محترزاته ؛ ومنهم من لم يفعل . فهذان صنفان أيضاً تحت هذا القسم :
( أ ) ما اكتفي فيه بوضع التعريف دون الشرح ، وهي :
تعريف الزركشي في (( البرهان )) (4)- ونقله عنه السيوطي بنصّه دون نسبة(5)– وهو: " إيراد القصة الواحدة ؛ في صور شتّى وفواصل مختلفة " .
__________
(1) ... انظر : متشابه القرآن للدكتور: عدنان زرزور : ص 8- 9 .
(2) ... هو : محمود بن حمزة بن نصر الكرماني ، أبو القاسم ، المعروف بتاج القراء ، كان عجباً في دقة الفهم وحسن الاستنباط ، توفي بعد 500 هـ ، من مصنفاته : لباب التفسير ، وغرائب التفسير ، والبرهان في متشابه القرآن . انظر : معجم الأدباء : 7/ 146 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 508 .
(3) ... ص : 110 .
(4) ... 1/ 207 .
(5) ... الإتقان : 2/ 232 .(1/49)
تعريف أبي البقاء الكفوي– وهو مستفاد من الزركشي مع زيادة عليه وتغيير كلمة منه - وهو : " إيراد القصة الواحدة ؛ في سور(1) شتّى وفواصل مختلفة؛ في التقديم والتأخير ، والزيادة والترك ، والتعريف والتنكير ، والجمع والإفراد ، والإدغام والفكّ ، وتبديل حرف بحرف آخر " (2) .
تعريف إبراهيم الجرمي (3) وهو : " تشابه آيات القرآن الكريم في الألفاظ والمعاني ؛ بحيث يكون ثَمّ تغاير طفيف بين آية وآية ؛ وفق ما يقتضيه السياق والتعبير " .
( ب ) ما كان مع التعريف شرح له وبيان لمحترزاته ، أو شيء من ذلك. وهما تعريفان:
تعريف الدكتور: محمد الصامل (4) وهو : " ما توارد من الآيات بنوع من التبديل والتغيير في ألفاظها " . ثم يقول : " بقي أن أوضح أن : ما تكرّر بعينه من الآيات ؛ فهو من قبيل ( المتفق اللفظي ) وليس المتشابه ، فهناك آيات تكرّرت بأعيانها ؛ دون أن يحدث عليها أي تعديل أو تبديل ؛ فهذا ما يسمّى بالمكرّر " .
تعريف محمد مِنْيَار(5) وهو : " الآيات المكرَّرات في اللفظ ؛ بسياقها أو مع إبدال " ثم يقول : " فقولي :
( الآيات ) قَيْد خرج به ما تكرر في غير القرآن .
__________
(1) ... كلمة "سور" هذه : وردت عند الزركشي والسيوطي "صور" ، ولا أدري هل هذا التغيير مقصود أم تصحيف ؟
(2) ... الكليات : ص 845 .
(3) ... في : معجم علوم القرآن : ص 241 . وإبراهيم محمد الجرمي : باحث معاصر لم أجد له ترجمة .
(4) ... في كتابه : من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم : ص 13 . ود. محمد بن علي الصامل : أستاذ مشارك في قسم البلاغة والنقد في كلية اللغة العربية في جامعة الإمام بالرياض .
(5) ... في : إعانة الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ : ص 93- 94 . ومحمد طلحة بلال مِنْيَار : أحد خرّيجي معهد دار الأرقم بن أبي الأرقم في الحرم المكي الشريف عام 1402هـ ( كما في مقدمة الكتاب : ص 7 ) .(1/50)
( المكررات ) أي : لها نظائر ، وهذا قيد أغلبي ، فربّما يقع التشابه مع عدم وجود نظير ، وغالب ما يكون هذا في حركات الكلمات .
( في اللفظ ) قيد خرج به : ما تشابه في المعنى ، فليس من موضوعنا . ( بسِيَاقها ) أي: المكرَّرات بنفس ترتيب حروفها وألفاظها ، وهي على نوعين :
الأول : مثاني الآيات ؛ وهي الآيات التامة التي تكرّرت في أكثر من موضع .
الثاني : مثاني الجُمَل ؛ وهي ما دون الآية التامة ؛ مما تكرر في أكثر من موضع .
( أو مع إبدال ) أي : بتغيير اللفظ أو السياق ، وصور تغيير اللفظ سبعة :
إبدال حرف بآخر – إبدال كلمة بأخرى – تعريف المنكّر أو تنكير المعرّف – الإدغام أو الإظهار – جمع المفرد أو إفراد المجموع – تخفيف المشدّد أو تشديد المخفّف – التأنيث والتذكير .
وتغيير السياق له صورتان : التقديم والتأخير – الزيادة والنقصان " .
- المناقشات الواردة على التعاريف السابقة :
( أ ) ناقش بعضهم قول الحسن – وهو القول الثاني – بأنه : جعل شرطاً للتشابه أن تكون الآيتان المتشابهتان واقعتين في سورتين ؛ مع أن التشابه قد يحصل بين آيتين من سورة واحدة . وكذلك قول الطبري – وهو القول الثالث – بأنه : يتناول جزءاً من المتشابه ؛ وهو ما ذكر في القرآن من قصص الأمم ورسلهم ، وأهمل غير ذلك (1) .
__________
(1) ... انظر : متشابه القرآن للكسائي : ت : مناع القرني : قسم الدراسة : ص 201- 202 .(1/51)
ولعلّ الأقرب أن يقال : بأنه وإن سُلِّم بهذه المناقشات فَرْضاً ؛ فإنه لايُسلَّم بالأصل المبنية عليه – وهو أن من قالوا تلك التعاريف لم يقصدوا منها التعريف ابتداءً ؛ لكنها اعتبرت من قِبَل غيرهم كذلك – . وهذا الأمر يصْدُق على جميع التعاريف المذكورة في الصنف الأول – بقسميه-. ولو قيل : "بأن تلك الأقوال تدلّ على أن للمتشابه اللفظي أصلاً في كلام السلف" كما قال بعضهم(1) لكان أقرب من اعتبارها تعريفات – والأمر كما ذكر - . على أن الأمر في القسم الثاني أقرب للاعتبار في التعريف من الأقوال في القسم الأول ؛ لأن تحديد موضوع العلم قريب من تعريفه . وأيضاً فإنه يمنع من محاكمة كلام السلف إلى القواعد والاصطلاحات الحادثة كونهم سابقين عليها، وكذلك كون غالب تفسيراتهم جارية على التفسير على المعنى دون التكلف والتدقيق في الحدود والألفاظ (2) كما هو الأمر عند المتأخرين .
__________
(1) ... انظر : إعانة الحفّاظ لمحمد منيار : ص 93 .
(2) ... انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية : 13/ 333 ، 337- 338 ، الموافقات للشاطبي : 1/ 38- 41 .(1/52)
( ب ) كلام الكرماني السابق المذكور على أنه تعريف ؛ ليس أولى بالاعتبار من كلام غيره- ممن هو مثله من المؤلّفين في المتشابه اللفظي في إيضاحهم موضوعات كتبهم - . إذ يمكن أيضاً اعتبار قول الخطيب الإسكافي(1)- وهو سابق للكرماني – في مقدّمة كتابه (( درّة التنزيل ))(2): " .. تدعوني دواعٍ قوية ؛ يتبعها نظر و رَوِيّة ؛ في الآيات المتكرّرة بالكلمات المتفقة والمختلفة .. " فهو قول يمكن اعتباره تعريفاً لسبقه واختصاره . وليس الأمر بعيداً عن قول ابن الزبير الغرناطي(3) في مقدّمة كتابه (( ملاك التأويل )) (4) في تحديده لموضوع كتابه بأنه : " توجيه ما تكرّر من آياته لفظاً أو اختلف بتقديم أو تأخير ؛ وبعض زيادة في التعبير " .
__________
(1) ... هو : أبو عبد الله ، محمد بن عبد الله الأصبهاني الرازي ، المعروف بالخطيب الإسكافي ، الأديب اللغوي ، صاحب التصانيف الحسنة ، مات سنة 420 هـ . انظر : معجم الأدباء : 18/ 214 ، الأعلام : 6/ 227 .
(2) ... 1/ 217 . وانظر : قسم الدراسة للكتاب نفسه للدكتور محمد آيدين : 1/ 134 .
(3) ... هو : أحمد بن إبراهيم بن الزبير العاصمي الثقفي الجيّاني ثم الغرناطي ، الأستاذ أبو جعفر ، ولد سنة 627 ، وتوفي سنة 708 هـ . من مصنفاته : البرهان في ترتيب سور القرآن ، وملاك التأويل . انظر : طبقات المفسرين : ص 25 ، الدرر الكامنة : 1/ 89 ، شذرات الذهب : 6/ 16 .
(4) ... 1/ 144- 145 . وانظر : قسم الدراسة للكتاب نفسه للدكتور : سعيد الفلاّح : 1/ 110 .(1/53)
( ج ) يعتبر أبو عبد الله الزركشي من أوّل من وضع تعريفاً للمتشابه اللفظي- بحسب تتبّع الدكتور حازم حيدر(1)– ولذلك فقد تناقل تعريفه كلُّ من جاء بعده -كما سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك عند ذكر التعريف- . وهذا النقل كان دون مناقشة أحياناً ، ومعها أحياناً أخرى ، ومعها مع الإجابة عليها ثالثة .
وتلك المناقشة الموردة على التعريف هي : كونه قَصَرَ المتشابه اللفظي فيما ورد في القصص مع أنه غير منحصر فيه ؛ وأجيب : بأن مراد الزركشي بالقصة الواحدة : الموضوع الواحد ؛ سواء كان في قِصَّة أو غيرها ؛ بدليل قوله بعد التعريف : " ويكثر في إيراد القصص والأنباء " (2) فهو صريح في عدم حصره في ذلك (3).
ولكن يبقى- مع هذه الإجابة أيضاً- أن قَصْرَ المتشابه اللفظي على ما ورد في الموضوع الواحد وهو غير منحصر فيه(4) ؛ يجعل التعريف لا يزال غير جامع .
__________
(1) ... في : علوم القرآن بين البرهان والإتقان : ص 152 ، 490 وأصله رسالة دكتوراه . وذكر أنه وصل إلى هذه النتيجة بعدما تتبع ما أتيح له من كتب المتشابه اللفظي المطبوعة والمخطوطة .
(2) ... البرهان للزركشي : 1/ 207 .
(3) ... انظر في المناقشة والإجابة عليها : متشابه القرآن دراسة موضوعية للدكتور: عدنان زرزور: ص 8- 9 ، ابن جزي ومنهجه في التفسير لعلي الزبيري : 2/ 802 ، درة التنزيل للإسكافي : ت : محمد آيدين : قسم الدراسة: 1/ 54- 56 ، مقدمة شرح هداية المرتاب للسخاوي بشرح : عبد القادر الحسني : ص 17 ، إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 93 .
(4) ... انظر : أنواع التصنيف المتعلّقة بتفسير القرآن للدكتور : مساعد الطيار : ص 114- 115 .(1/54)
والمناقشة عينها الواردة على تعريف الزركشي هذا ؛ يمكن إيرادها على تعريف الجرمي للمتشابه اللفظي بأنه " المتشابه في الألفاظ والمعاني " ؛ إذ التقييد للمتشابه اللفظي بما كان متشابهاً في المعنى أيضاً ؛ قريب من تقييد الزركشي إياه بما كان وارداً في موضوعٍ واحد .
( د ) عدم إدخال د. محمد الصامل ( ما تكرّر بعينه من الآيات ) في حدّه للمتشابه اللفظي ؛ وأن ذلك يعتبر- عنده- من قبيل ( المتفق اللفظي - ما يسمّى بالمكرّر ) وليس من المتشابه ؛ لم أجد من ذكره قبله ؛ بل المذكور خلافه ؛ بل إن الناظر في مصنفات المتشابه اللفظي يجدها تذكر شيئاً كثيراً من ذلك – كما ستأتي الإشارة إلى طرفٍ من القواعد المذكورة في توجيهه مع أمثلتها في مبحث مستقلّ في الباب الثاني من هذه الرسالة - .
هذا في الجهة التطبيقية ، أمّا الجهة النظريّة وهي القول بالفرق بين المتشابه والمكرّر– وأظنها ما اتّكأ عليه في قوله ذلك– فسيأتي القول فيها مفصّلاً في المبحث التالي .
( هـ ) أما تعريف محمد منيار- وهو التعريف الأخير – فهو من أجود التعاريف وأكثرها تحريراً ؛ إذ استفاد ممن قبله ، وشرح مقصوده ، وبيّن محترزاته . ولكن لي عليه ملحوظتان :
قوله : ( بسياقها ) ويريد به : ما تكرّر بنفس ترتيب الحروف والألفاظ . ولو عبّر بالاتفاق لكان أولى من التعبير بالسياق ؛ لأن التعبير الأول يناسب الألفاظ والثاني يناسب المعاني(1) فيقال : ( السياق ) للمعنى و ( الاتفاق ) لِلَّفْظ – كما هو تعبير كلٍّ من الكرماني والإسكافي في تحديدهما موضوعات كتابيهما كما سبق - .
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 2/ 334- 335 .(1/55)
قوله : ( أو مع إبدال ) ويريد به : ما تكرر مع تغيير اللفظ أو السياق . ولو جعلها ( أو مع تغيير - أو مع اختلاف ) لكان أشمل ؛ لأن الإبدال صورة من صور التغيير أو الاختلاف الحاصلة لِلَّفْظ أو السياق ، ولا تشمل الصور الأخرى التي عدّدها بل هي إحداها . فالتقديم والتأخير الحاصل للسياق-مثلاً- هو تغيير أو اختلاف ، وليس هو إبدالاً . وكذلك لو استبدل بكلمة
( السياق ) في قوله ( مع تغيير اللفظ أو السياق ) كلمة ( التراكيب ) (1) لكان أدقّ في مقابلتها باللّفظ ، ولما تقّدم في الملحوظة الأولى أيضاً .
وبعد : فلا بدّ لي- بعد عرض التعاريف السابقة – من الوصول إلى تعريفٍ سالمٍ من الاعتراضات أو المناقشات الواردة على ما قبله ؛ فأقول :
المتشابه اللفظي ( اصطلاحاً ) هو : الآيات المتماثلة لفظاً باتفاقٍ أو مع اختلاف .
فالآيات : يخرج ماعدا آيات القرآن- كما هو ظاهر- . ولفظ الآيات يشمل التماثل الواقع بالآية الكاملة أو بجزء الآية ؛ لأن الآية تطلق على الآية الكاملة وعلى بعض الآية (2) .
المتماثلة : أي المتشابهة . وآثرت التعبير بالتماثل عن التعبير بالتشابه أو التكرار ؛ لعدم الوقوع في الدّور (3) في الأول ، وللقول بالفرق بين التشابه والتكرار في الثاني . وكذلك فإن التماثل هو المعنى اللغوي للتشابه – كما تقدّم - . ولفظ التماثل : يخرج المتشابه المعنوي- المقابل للمحكم- لأنّ تشابهه ناشئ من الالتباس ، وليس من التماثل .
__________
(1) ... انظر : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للدكتور: صالح الشثري : ص 7- 9 وهي رسالة دكتوراه في جامعة أم القرى ( غير مطبوعة ) .
(2) ... انظر : مناهل العرفان للزرقاني : 1/ 342 .
(3) ... الدَّور : هو توقف العلم بكلٍّ من المعلومين على العلم بالآخر . وهو قريب من تعريف الشيء بنفسه . انظر : التعريفات للجرجاني : ص 140 ، الكليات للكفوي : ص 447 .(1/56)
لفظاً : قَيْد يخرج به ما تشابه في المعنى دون اللفظ ، وهو أشياء كثيرة ليست من المتشابه اللفظي ؛ كالمترادف (1) وبعض المكرّر (2) وضد المختلف والمتناقض (3) وغيرها .
باتّفاق : أي : إن التماثل اللفظي الحاصل بين الآيتين أو جزءيهما هو تماثل تام دون أي اختلاف في الكلمات أو التراكيب .
أو مع اختلاف : هذا هو النوع الثاني مما يشمله المتشابه اللفظي ؛ بل هو الأكثر وقوعاً وإشكالاً ؛ وهو : ما كان تماثله غير تام ؛ بل حصل فيه - مع غلبة التماثل – شيء من التغيير ؛ إما في الكلمات – كإبدال حرف أوكلمة بغيرها ، وكالتعريف والتنكير ، أو التذكير والتأنيث ، أو الإفراد والجمع ، أو غيرها - ؛ وإما في التراكيب – كالتقديم والتأخير، والذكر والحذف وغيرها - .
بقي مما يتعلّق بالتعريف الاصطلاحي إشكالان :
الأول : أنه تردّد في كتب توجيه المتشابه اللفظي التعليق من قبل مصنّفيها على بعض المواضع بأنها ليست من ( المتشابه ) مع كونها مما يدخل في حدّ المتشابه اللفظي ولو في الظاهر ، فلم يتبيّن لي وجه ذلك .
__________
(1) ... الترادف : هو توالي الألفاظ المختلفة على معنى واحد . انظر: التعريفات للجرجاني : ص 253 ، القاموس المحيط للفيروزأبادي : ص 1046 ، الكليات للكفوي : ص 315 ، المزهر في اللغة للسيوطي : 1/ 402 ، القول المبين في اصطلاحات الأصوليين : ص 259 ، الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن الكريم للدكتور: محمد الشايع : ص 26 وما بعدها .
(2) ... انظر في تعريف المكرّر والفرق بينه وبين المتشابه : المبحث التالي .
(3) ... انظر : تفسير : الآية : 23 من سورة الزمر ، في المبحث السابق .(1/57)
ثمّ وجدت كلاماً للكرماني كأني رأيت فيه حلاًّ لذلك الإشكال ؛ وهو قوله : " ذهب بعض القرّاء إلى أنه ليس في هذه السورة [ الأحزاب ] ما يذكر في المتشابهات ، وبعضهم أورد فيها كلمات وليس في ذلك كثير تشابه ؛ بل قد يلتبس على الحافظ القليل البضاعة ، وعلى الصبي القليل التجارب ؛ فأوردتها إذ لم تخل من فائدة ، وذكرت مع بعضها علامة يستعين بها المبتدئ في تلاوته " (1) .
فتبيّن لي : أنه يريد بالمتشابه- المنفي هنا وفي المواضع الأخرى- المتشابه الذي ينشأ عنه إلباس وإشكال- إما في التوجيه والحكمة أو في الحفظ والتلاوة- . ومما يؤيّد ذلك أن إزالة اللبس والإشكال الناشئ عن التشابه اللفظي من المقاصد التي أرادها المؤلّفون في توجيه المتشابه(2) ؛ كما قال الخطيب الإسكافي – في مقدّمة كتابه(3)- : " .. تطلُّباً لعلامات ترفع لَبْس إشكالها ، وتخصّ الكلمة بآيتها دون أشكالها " ، وكذلك قول ابن الزبير الغرناطي في مقدمة كتابه(4) : " وقد استجرّتْ تلك الآيات جملةً وافرة من المقفلات ، من أمثال تلك المشكلات ، مما يجاري ويشبه ، ويلتبس على من قصر في النظر ويشتبه " .
الثاني : أني لم أجد من تكلّم عن أقل مقدارٍ للتشابه بين الآيتين ؛ يكون حّداً لما يمكن اعتباره من المتشابه اللفظي مما ليس منه . وهل يدخل فيه كل ما يُذكر من إحصاءات لألفاظ القرآن وأدواته وحروفه في المعاجم الموضوعة لذلك ؟
__________
(1) ... البرهان للكرماني : ص 305 .
(2) ... درة التنزيل للإسكافي : ت : د. محمد آيدين : قسم الدراسة : 1/ 71 .
(3) ... درّة التنزيل : 1/ 217 . وانظر كلام الكرماني في مقدمته للبرهان : ص 110 ؛ فهو قريب منه جداً .
(4) ... ملاك التأويل : 1/ 147 . وانظر منه – أيضاً - : 2/ 1146 .(1/58)
فظهر لي بعد تأمّل ونظر فيما يذكره المؤلّفون في المتشابه اللفظي من الأمثلة في كتبهم : أنه ليس الحدّ في المقدار ؛ بل هو في الاعتبار ؛ أي : اعتبار وقوع اللبس والإشكال في التشابه الحاصل بين الآيتين من عدمه ، سواء كان هذا اللبس أو الإشكال من جهة الحفظ والتلاوة – كما هو عند المصنفين في جمع المتشابه لتسهيله على الحفّاظ - ، أو من جهة الحكمة والتعليل- كما عند المصنفين في توجيه المتشابه وتلمّس أسراره – . ويدلّ على هذا ما تقدّم في حلّ الإشكال الأول ، والله أعلم .
ومما ينبّه عليه : أن اعتبار وجود اللبس و الإشكال شرطاً في المتشابه من الآيات لِيُمْكِنَ عَدُّهُ من المتشابه اللفظي : لا يعكِّر عليه كون الإشكال مما لا ينضبط بل يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وغير ذلك(1) ، لأن هذا الاختلاف راجع إلى تلك الأعراض وليس إلى الإشكال نفسه ، والاختلاف بسبب العوارض اختلاف إضافي تطبيقي ؛ وليس في أصل الشيء وذاته ؛ فلا يؤثّر فيه .
- ومما ظهر لي في حلّ الإشكالين السابقين ؛ يمكن أن يضاف على التعريف المختار قيْد ( الإشكال ) فيقال في تعريف المتشابه اللفظي - اصطلاحاً- بعد الإضافة :
بأنه : ما أشكل من الآيات المتماثلة لفظاً باتفاق أو مع اختلاف .
وبعبارة أخرى : ما أشكل من الآيات المتماثلة بلا اختلاف أو معه .
* * *
المطلب الثالث : العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي :
لم يخرج المعنى الاصطلاحي للمتشابه اللفظي عما ذكر في المعنى اللغوي لكلٍّ من كلمتي :
( المتشابه – اللفظي ) ؛ ويمكن إيضاح ذلك فيما يلي :
__________
(1) ... انظر : إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 249 ، دليل المتشابهات اللفظية في القرآن لمحمد الصغير : ص 11 ، فن الترتيل وعلومه لأحمد الطويل : 1/ 333 .(1/59)
تفسير المتشابه اللفظي في الاصطلاح بأنه ( ما أشكل من الآيات ) ملاحظ فيه أحد المعنيين المذكورين للمتشابه في اللغة ؛ وهو ( اللبس والإشكال والخلط ) . والمعنى الثاني في اللغة ( التماثل ) مذكور في المعنى الاصطلاحي أيضاً ؛ في تعريفه بأنه ( الآيات المتماثلة ) .
إطلاق ( المشكل ) على المتشابه – في اللغة - مأخوذ من كون التماثل بين الشيئين هو السبب في حصول اللبس والإشكال بينهما ؛ حتى لا يمكن التمييز بينهما . وهذا المعنى موجود بوضوح في التعريف الاصطلاحي للمتشابه اللفظي ؛ إذ الإشكال الواقع فيه بسبب التماثل الموجود بين الآيات المتشابهة لفظياً. قال أبو بكر الجصاص : " وأما قول من قال : إن المحكم ما لم تتكرّر ألفاظه ، والمتشابه هو : الذي تتكرر ألفاظه ؛ فإن اشتباه هذا من جهة اشتباه وجه الحكمة فيه على السامع " (1) . وقال الزرقاني : " ومنها : أن المحكم ما لم يتكرر لفظه ، والمتشابه ما تكرّر لفظه . وفيه : أن هذا المعنى بالنسبة إلى المتشابه أقرب إلى اللغة منه إلى الاصطلاح الذي عليه الجمهور(2) ، وفيه إهمال لما اعتبر هنا من أمر الخفاء والظهور " (3) . وقول الزرقاني : بأن هذا المعنى أقرب إلى اللغة ؛ صحيح- على ما تقرّر ؛ وهو محل الشاهد هنا من كلامه- ، وأما قوله : بأن فيه إهمالاً لأمر الخفاء والظهور ؛ ففيه نظر من جهة كون الخفاء والظهور فيه ملحوظاً في : وجه الحكمة والتعليل من وراء ذلك التكرار ( التشابه ) الحاصل – اتفاقاً واختلافاً - ؛ وهو أمر قد يخفى على كثيرين ؛ بل لا سبيل إلى الجزم فيه بشيء في أحيانٍ كثيرة .
__________
(1) ... أحكام القرآن : 2/ 3 .
(2) ... يريد تعريف الجمهور الاصطلاحي للمتشابه الذي يقابل المحكم ، وليس للمتشابه اللفظي .
(3) ... مناهل العرفان : 2/ 297 .(1/60)
جهة التشابه ( التماثل ) الملحوظة أصلاً في المتشابه اللفظي : هي جهة اللفظ – أي الكلام الملفوظ – دون النظر إلى المعنى ؛ الذي هو ناشئ عن ذلك وتابع له ، وعليه : فالنسبة إلى اللفظ ( اللفظيّ ) في مصطلح ( المتشابه اللفظي ) ملحوظ معناها في التعريف الاصطلاحي كما هو ظاهر .
* * *
المطلب الرابع : الألقاب الأخرى للمتشابه اللفظي :
نظراً لعدم تحرّر كثير من المصطلحات العلمية – وخصوصاً في علوم القرآن - ، أو بسبب التطور التاريخي لذلك العلم ، أو لغير ذلك من الأسباب ؛ فإن تداخلاً ملحوظاً بين "المتشابه اللفظي " وبعض المصطلحات المقاربة له ، وأحياناً يكون التوسّع في إطلاق الصفة أو استعمال المرادفات لجزءي المصطلح ؛ يكون سبباً في تكثير " الألقاب الأخرى" لذلك المصطلح . ولذلك فقد رصدت كلّ إطلاق أراد به قائله " المتشابه اللفظي " ، بغض النظر عن كون القائل أراد به الاسم أو اللقب أو أراد مجرّد الوصف .
أما القصد من وراء هذا الرصد لهذه الألقاب ؛ فهو أمران :
الأول : مزيد التعريف بالمتشابه اللفظي ؛ إذ من المعلوم أن معرفة اسمين أو وصفين للشيء يزيد وضوحه وجلاءه أكثر من الاسم أو الوصف الواحد ، وبحسب كثرة الأسماء أو الأوصاف المعلومة للشيء ؛ فإنها تكون زيادة العلم به .(1/61)
وربما يصحّ أن يُنظّر لهذا بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية (1) في (( مقدّمة التفسير ))(2)عن اختلاف السلف في التفسير وأنواعه : " ومن الأقوال الموجودة عنهم ، ويجعلها بعض الناس اختلافاٌ ؛ أن يعبّروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة ... وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدّاً ؛ فإن مجموع عباراتهم أدلّ على المقصود من عبارة أو عبارتين " .
الثاني : حيث إن هذه الإطلاقات والألقاب قد جُمعت من كلام المؤلفين في المتشابه اللفظي أو المتحدّثين عنه في مؤلفاتهم ؛ فإن المطّلع على تلك الكتب سيستفيد من هذا الرصد في فهم المراد من هذه الإطلاقات ، فلا يقع عنده اضطراب أو حيرة بسبب اختلافها أو تداخلها مع مصطلحات أخرى . وكذلك فإنه حين البحث عن كتب المتشابه اللفظي أو الأبحاث المتعلقة به ؛ فسيكون له خيارات أكثر بسبب معرفته بجميع هذه الإطلاقات .
أما تلك الإطلاقات أو الأسماء أو الأوصاف أو الألقاب المرصودة فهي كما يلي :
" المتشابه اللفظ " وقد سماه بذلك ابن الزبير الغرناطي في عنوان كتابه (( ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل ))(3) .
__________
(1) ... هو : أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحرّاني ثم الدمشقي ، الحنبلي ، الإمام المجتهد ، تقي الدين ، أبو العباس ، شهرته تغني عن الإطناب في ذكره ، والإسهاب في أمره . ولد سنة 661 بحرّان ، وتوفي معتقلاً بقلعة الشام سنة 728 هـ . انظر : طبقات المفسّرين للداوودي : ص 37 ، الدرر الكامنة : 1/ 154 ، شذرات الذهب : 6/ 81 .
(2) ... انظر : مقدمة في أصول التفسير : ص 51 ، مجموع الفتاوى : 13/ 341- 343 .
(3) ... انظر : ملاك التأويل : ت : د. سعيد الفلاّح : قسم الدراسة : 1/ 96- 97 .(1/62)
" مشتبه الألفاظ " سمّاه به : الجعبري إبراهيم بن عمر الرَّبعي المقرئ (1) في عنوان كتابه " تذكرة الحفّاظ في مشتبه الألفاظ " (2) .
" الآيات المتشابهة الألفاظ " وهو جزء من العنوان الذي وضعه : محمد المسند لكتيّبه " تنبيه الحفّاظ للآيات المتشابهة الألفاظ " .
" الآيات المتشابهة في الألفاظ " وقد سماه بذلك- في عنوان كتابه- كلّ من : جمال بن عبد الرحمن إسماعيل في كتابه (( الإيقاظ لتذكير الحفاظ بالآيات المتشابهة في الألفاظ )) ، وكذلك : محمد طلحة بلال منيار في كتابه " إغاثة الحفاظ على ضبط الآيات المتشابهة في الألفاظ " (3) .
" المتشابهات اللفظية " وهو جزء من العنوان الذي وضعه: د. محمد الصغير لكتابه (( دليل المتشابهات اللفظية في القرآن الكريم )) .
" متشابه الكلام " وقد أطلقه ابن المنادي في قوله : " وبذلك كمل النوع الأبوابي من متشابه الكلام المخوف على بعض القرأة " (4) .
__________
(1) ... هو : إبراهيم بن عمر بن إبراهيم المقرئ ، برهان الدين ، أبو إسحاق الجعبري ، شيخ بلد الخليل ، له شرح كبير للشاطبية كامل في معناه ، قيل عنه : لم يصنّف مثله ، توفي سنة 732 هـ . انظر : الدرر الكامنة : 1/ 51 ، شذرات الذهب : 6/ 98 .
(2) ... انظر : إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 116 .
(3) ... هذا هو العنوان الذي ذكره المؤلف في المقدّمة : ص 9 . لكن العنوان على غلاف الكتاب جاء هكذا " إعانة الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ " .
(4) ... متشابه القرآن العظيم : ص 158 .(1/63)
" اشتباه الكَلِم " وصفه بذلك السخاوي (1) في أول منظومته المشهورة (( هداية المرتاب )) (2) وذلك في قوله فيها :
وقد نظمتُ في اشتباه الكَلِِمِ ... أرجوزة كاللؤلؤ المنظَّمِ
" الآيات المشتبهات " سمّاه بذلك السيوطي في (( الإتقان )) (3) في النوع الثالث والستين - من أنواع علوم القرآن عنده - .
" متشابه حروف القرآن " وهو اسم كتاب لخلف بن هشام (4) ذكره ابن المنادي في : سياق أسماء مصنّفي المتشابه (5) .
" متشابه التعبير في اللفظ " وهو جزء من عنوان رسالة لابن أبي داود (6) باسم " رسالة في متشابه التعبير في اللفظ في القرآن " (7).
__________
(1) ... هو : علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد ، الإمام علَم الدين ، أبو الحسن الهمذاني السخاوي ، نسبة إلى ( سخا ) وهي بليدة بالغربية من أعمال مصر ، شيخ القراء بدمشق في زمانه ، توفي سنة 643 هـ . انظر : معجم الأدباء : 5/ 414 ، وفيات الأعيان : 3/ 27 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 296 .
(2) ... متن هداية المرتاب : ت : عبد الله الحكمي : ص : 49 .
(3) ... 2/ 232 .
(4) ... هو : خلف بن هشام البزار البغدادي ، أحد القراء العشرة ، ولد سنة 150 ، وتوفي سنة 229 هـ . انظر : طبقات المفسرين للداوودي : ص 117 ، تقريب التهذيب : 1/ 272 ، سير أعلام النبلاء : 10/ 576 .
(5) ... متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص 61 .
(6) ... هو : عبد الله بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني ، أبو بكر بن أبي داود ، وهو ابن لأبي داود صاحب السنن المشهور ، من كبار حفّاظ الحديث ، وعمي في آخر عمره ، استقرّ وتوفي ببغداد سنة : 316هـ ، ومن كتبه المشهورة : كتاب المصاحف . انظر : لسان الميزان لابن حجر : 3/ 364 ، شذرات الذهب : 2/ 273.
(7) ... انظر : إعانة الحفّاظ لمحمد منيار : ص 117 .(1/64)
" متشابه القرآن " وهو لقب حملته عدد من عناوين كتب المتشابه اللفظي ، مثل كتاب " متشابه القرآن " للكسائي (1)و" متشابه القرآن العظيم " لأبي الحسين ابن المنادي ، و" البرهان في متشابه القرآن " للكرماني(2) .
" متشابهات القرآن " وهو جزء من عنوان كتاب للشيخ : خليل ياسين(3) عنوانه كاملاً " أضواء على متشابهات القرآن " (4) .
" مشتبه القرآن " وهو اسم أطلقه : عيسى بن عبد العزيز الإسكندراني(5) في عنوان كتابه " بيان مشتبه القرآن " (6) .
" متشابه الكتاب " وقد ورد بهذا الاسم في عنوان منظومة السخاوي " هداية المرتاب وغاية الحفّاظ والطلاّب في تبيين متشابه الكتاب " (7) .
__________
(1) ... انظر : متشابه القرآن للكسائي : ت : مناع القرني : ص 219 ( وهي رسالة ماجستير غير مطبوعة ) . والكسائي : هو علي بن حمزة ، أبو الحسن الأسدي مولاهم ، إمام الكوفيين في النحو واللغة ، وأحد القراء السبعة المشهورين ، وسمي الكسائي لأنه أحرم بكساء ، وقيل لغير ذلك ، توفي سنة 189 هـ . انظر : معجم الأدباء : 5/ 183 ، وفيات الأعيان : 2/ 457 ، طبقات المفسرين للداوودي ص 276 .
(2) ... انظر : البرهان في متشابه القرآن للكرماني : ت : ناصر العمر : ص 27 ( وهي رسالة ماجستير غير مطبوعة ) وانظر : الكتاب نفسه : ت : أحمد خلف الله : ص 34 .
(3) ... لم أجد له ترجمة .
(4) ... انظر : معجم مصنفات القرآن للدكتور: علي شواخ إسحاق : 4 / 194 .
(5) ... هو : عيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد اللخمي الشريشي الأصل ثم الإسكندراني ، موفق الدين ، أبو القاسم ، عالم بالعربية والقراءات ، مكثر من التصنيف ، من أهل الإسكندرية ، توفي سنة : 629 هـ . انظر : شذرات الذهب : 5/ 132 ، الأعلام للزركلي : 5/ 104 .
(6) ... انظر : معجم مصنفات القرآن للدكتور: علي شواخ إسحاق : 4/ 196 .
(7) ... انظر : هداية المرتاب : تحقيق وشرح : عبد القادر الحسني : ص 59 .(1/65)
" متشابه التنزيل " سماه بذلك : آكاه باشا (1) في عنوان كتابه " العقد الجميل في متشابه التنزيل " (2) .
" متشابه النظم " وهو جزء من عنوان رسالة دكتوراه لعبد الغني عوض الراجحي (3) في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر (4) وعنوانها كاملاً " متشابه النظم في قصص القرآن الكريم- مقارنة وتحليل " .
" المتشابه " وقد سماه بذلك جملة من المؤلفين : أولهم ابن المنادي في قوله : " ولم يبقَ إلا النوع الذي استحدثه فريق من القرّاء ، ولقّبوه ( المتشابه ) " (5) وكذلك ابن الجوزي في كتابه (( فنون الأفنان )) (6) وهو جزء من عنوان كتاب ابن جماعة (7) " كشف المعاني في المتشابه من المثاني " (8) ، كما سماه بذلك- أيضاً- الزركشي في (( البرهان )) (9) .
__________
(1) ... وهو : من علماء تركيا ، كان في عصر السلطان عبد الحميد الثاني المتوفى سنة 1336 هـ . انظر : إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 160 .
(2) ... انظر : إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 160 .
(3) ... وهو : أستاذ في كلية أصول الدين بجامعة القاهرة . انظر : مقدمة تحقيق د. عبد السميع حسنين لكتاب فتح الرحمن للأنصاري : ص 13 .
(4) ... وتوجد الرسالة في مكتبة الكلية ، برقم : 76 . وانظر : قسم الدراسة من رسالة الماجستير غير المطبوعة : متشابه القرآن للكسائي : لمناع القرني : ص 212- 213 .
(5) ... متشابه القرآن العظيم : ص 59 .
(6) ... ص 376 .
(7) ... هو : أبو عبد الله ، بدر الدين ، محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي ، ولد في حماة سنة 639 ، ومات بمصر سنة 733 هـ وعمره 94 سنة . انظر : طبقات المفسرين للداوودي : ص 336 ، الدرر الكامنة : 3/ 280 ، شذرات الذهب : 6/ 69 .
(8) ... انظر : مقدمة تحقيق الكتاب للدكتور عبد الجواد خلف : ص 45 .
(9) ... 1/ 202 .(1/66)
" المشتبه " وهو جزء من عنوان كتاب لابن الجوزي ؛ هو " تذكرة المنتبه في عيون المشتبه " (1) .
" الأشباه " سمّاه به السيوطي في (( التحبير )) (2) .
" المشكل " وهو اسم يطلقه عليه القرّاء (3) .
" التكرار " وهو جزء من العنوان الذي وضعه أول من حقّق كتاب الكرماني (( البرهان في متشابه القرآن )) له . والعنوان كاملاً "أسرارالتكرار في القرآن" (4). كما أطلق هذا الاسم على " المتشابه اللفظي " عدد من الباحثين المتأخرين (5) .
* * *
المبحث الثالث :
الفرق بين المتشابه اللفظي والمشترك والمكرّر
بعد تعريف المتشابه اللفظي وبيان حدوده لغةً واصطلاحاً ، وبعد بيان الألقاب المرادفة له ؛ فإنه يحسن إكمالاً لذلك بيان الفرق بين المتشابه اللفظي وبعض المصطلحات المقاربة له- مما يُظَن أنها مرادفة له- لئلاّ يحصل التداخل بين المصطلحات ، ويكتمل بذلك التحديد الدقيق لمصطلح " المتشابه اللفظي" في القرآن .
وقد رأيت أن من أكثر تلك المصطلحات قرباً للمتشابه اللفظي مصطلحا " المشترك " و " المكرّر " . وعليه : فسيكون تفصيل الكلام تحت هذا المبحث في مطلبين :
الأول : الفرق بين المتشابه اللفظي والمشترك .
الثاني : الفرق بين المتشابه اللفظي والمكرّر .
* * *
المطلب الأول : الفرق بين المتشابه اللفظي والمشترك
__________
(1) ... انظر : إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 116 .
(2) ... ص 124 .
(3) ... انظر : مقدمة شرح وتحقيق : عبد القادر الحسني لهداية المرتاب للسخاوي : ص 14 ، 17 .
(4) ... وهو : عبد القادر أحمد عطا . وانظر : مقدمة تحقيق : د. ناصر العمر لكتاب البرهان للكرماني ( وهي رسالة ماجستير غير مطبوعة في جامعة الإمام ) .
(5) ... انظر : مبحث اتجاهات التأليف فيه ومناهجها العامة في الفصل الثاني .(1/67)
قبل ذكر الفروق بين المصطلحين ؛ لابد من ذكر تعريف كلٍّ منهما . وحيث قد سبق القول في تعريف المتشابه اللفظي- في المبحث السابق- فقد بقي تعريف المشترك في الاصطلاح ؛ حيث عرّفه كلٌّ من اللغويين- في فقه اللغة- والأصوليين- في دلالات الألفاظ- (1) على خلاف في وقوعه في اللغة ، وفي كثير من قضاياه ؛ مما جعل تلك الخلافات لها أثر في تعدّد تعاريفه واختلافها بناء على ذلك .
لكنّي آثرت ذكر التعريف الذي ذكره السيوطي في (( المزهر في اللغة وعلومها )) (2) لأنه نقله عن أهل الأصول ؛ حيث قال :
" وقد حدّه أهل الأصول بأنه : اللفظ الواحد الدّال على معنيين مختلفين فأكثر ، دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة " (3).
ومن أشهر أمثلته : لفظ ( العين ) حيث يطلق على معانٍ عديدة – كالعين الباصرة ، وعين الماء ، والجاسوس ، وعين الحاسد ، وغيرها – وقد ذكر كثيراً منها السيوطي في كتابه المذكور ، كما ذكر غيرَه من الألفاظ التي يُمَثَّلُ بها للمشترك (4) .
أما الفروق التي يمكن ذكرها بين المتشابه اللفظي والمشترك ؛ فقد بدا لي منها ثمانية :
__________
(1) ... انظر : الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق لمحمد نور الدين المنجد : ص 23 وما بعدها .
(2) ... 1 / 369 .
(3) ... انظر أيضاً في التعريف : التعريفات للجرجاني : ص 274 ، شرح الكوكب المنير للفتوحي : 1/ 137، الكليات للكفوي : 118 ، 846 ، المعجم الوسيط : 1/ 480 ، القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين للدكتور محمود حامد عثمان : ص 271 ، المشترك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق لمحمد نور الدين المنجد : ص 87- 90 .
(4) ... المزهر للسيوطي : 1/ 370- 384 .(1/68)
أن المتشابه اللفظي واقع في علاقة الألفاظ بعضها ببعض ، أما المشترك فهو في علاقة الألفاظ بالمعاني ؛ كما قال ابن فارس : " باب الأسماء كيف تقع على المسميات ؟ يسمى الشيئان المختلفان بالاسمين المختلفين ، وذلك أكثر الكلام؛ كرجل وفرس . وتسمى الأشياء الكثيرة بالاسم الواحد ؛ نحو : عين الماء ، وعين المال ، وعين السحاب . ويسمّى الشيء الواحد بالأسماء المختلفة ؛ نحو: السيف والمهند والحسام " (1) .قال السيوطي : " والقسم الثاني مما ذكره هو المشترك " (2).
أن المتشابه اللفظي يكون بين الألفاظ المفردة كما يكون بين التراكيب ، بخلاف المشترك إذ لا يكون إلاّ في الألفاظ المفردة دون التراكيب (3) .
أن المتشابه اللفظي لا يشترط فيه اختلاف المعنى بين اللفظين المتشابهين ، بخلاف اللفظ المشترك الذي لابد أن يكون دالاًّ على معنيين مختلفين فأكثر ، وإلاّ لم يصح تسميته مشتركاً .
أن المتشابه اللفظي لا يكون إلاّ بين لفظين فأكثر ؛ فلا يسمى اللفظ متشابهاً لفظيّاً إلا إذا كان يشبه لفظاً آخر . أما اللفظ المشترك فهو لفظ واحد ؛ لكن التعدّد في معانيه .
من حيث الضدّ : فالمتشابه اللفظي ضدّه : المتباين أو المختلف اللفظي . أما المشترك فضدّه : المترادف- وهو الألفاظ المختلفة الدالة على معنى واحد(4)- ويدلّ عليه تقسيم ابن فارس السابق للأسماء كيف تقع على المسمّيات ؟ .
__________
(1) ... الصاحبي في فقه اللغة : ص 59 .
(2) ... المزهر : 1/ 369 .
(3) ... انظر : الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق لمحمد نور الدين المنجد : ص 29- 30 .
(4) ... انظر : المبحث السابق ( الثاني ) .(1/69)
مما يمكن التفريق به بينهما : اختلاف المعنى اللغوي لكلٍّ منهما . إذ المتشابه اللفظي- في اللغة – بمعنى المتماثل و بمعنى المشكل ، أما المشترك فهو- في اللغة- بمعنى المقارِن وخلاف المنفرد وبمعنى الممتدّ والمستقيم (1) .
أن المتشابه اللفظي لم يقل أحد بعدم وجوده في القرآن ، بخلاف المشترك ؛ فقد اختلف في القول بوجوده فيه ؛ بل اختلف في وقوعه في اللغة (2).
أن القول بالاشتراك خلاف الأصل - بلا خلاف (3) - ، أما التشابه اللفظي فلم يقل أحد بأنه كذلك .
بقي القول بأن من هذه الفروق ما هو جوهري مؤثّر ، ومنها ما ليس كذلك ؛ بل ذكر للتكميل .
* * *
المطلب الثاني : الفرق بين المتشابه اللفظي والمكرّر
ذهب بعض الباحثين (4) – كما تقدّم في التعريف الاصطلاحي للمتشابه اللفظي – إلى أن المكرّر غير المتشابه اللفظي تماماً ؛ بحيث إنهما لايتداخلان . وهذا القول ليس على إطلاقه ؛ بناءً على تحرير المعنى الاصطلاحي لكلٍّ منهما . ولعلّ الأقرب أن يقال : بأن بينهما عموماً وخصوصاً ؛ يتضح من النظر في تعريف كلٍّ منهما ، والنظر في الفروق المذكورة لاحقاً .
وحيث سبق التفصيل في تعريف المتشابه اللفظي- في المبحث السابق- فلابد من ذكر تعريف " المكرّر " قبل البدء بتعداد الفروق :
__________
(1) ... انظر : معجم المقاييس في اللغة لابن فارس : ص 557 .
(2) ... انظر : المزهر : 1/ 369- 370 ، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق : ص 30 ، 60 ، 272 .
(3) ... انظر : المزهر : 1/ 370 ، الاشتراك اللفظي في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق : ص 73 .
(4) ... انظر : من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم للدكتور: محمد الصامل : ص 13 .(1/70)
فالمكرّر : من ( التَّكرار ) وهو : " إعادة اللفظ أو مرادفه لتقرير معنى " (1) .
أما الفروق التي يمكن التماسها بين المكرّر والمتشابه اللفظي ؛ فقد بدا لي منها ثلاثة :
اختلاف المعنى اللغوي لكلٍّ منهما . إذ التشابه – في اللغة – بمعنى التماثل وبمعنى الالتباس – وتقدّم - . أما التكرار- لغةً – فيأتي بمعنى الإعادة والترديد وبمعنى الجمع أيضاً (2) .
أن التكرار يطلق على تكرار الألفاظ والمعاني ، بخلاف التشابه اللفظي ؛ فهو لا يطلق إلاّ على تشابه الألفاظ فقط . جاء في (( معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ))(3) : " أن التكرير ينقسم قسمين :
الأول : يوجد في اللفظ والمعنى ، مثل : أَسْرِعْ أَسْرِعْ .
والثاني : يوجد في المعنى دون اللفظ ؛ مثل : أطعني ولا تعصني ؛ فإن الأمر بالطاعة هو النهي بالمعصية " .
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن للزركشي : 3/ 97. وانظر : التعريفات للجرجاني : ص 90 ، الكلّيات للكفوي : ص 297 ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها للدكتور: أحمد مطلوب : ص 410 ، معجم البلاغة العربية للدكتور: بدوي طبانة : ص 585 .
(2) ... انظر : معجم المقاييس في اللغة لابن فارس : ص 904 ، القاموس المحيط للفيروزأبادي : ص 603 .
(3) ... ص 410- 411 ( بتصرّف يسير ) .(1/71)
وقال الشيخ عبد القادر الحسني (1) : " وأما المكرّر فهو: ما تكرّر فيه لفظ بعينه دون اختلاف ، في عدّة مواضع من القرآن ، ومثاله : قوله تعالى :? ( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] . ومن المكرّر : ما تكرّر فيه المعنى مع اختلاف الألفاظ بفروق يسيرة متشابهة ، وهو عين المتشابه اللفظي . ومنه : ما تكرّر فيه المعنى دون الألفاظ ، وذلك كتكرار قصص بعض الأنبياء عليهم السلام بأساليب مختلفة وألفاظ متباينة ، وهذا النوع خارج عن حدّ المتشابه اللفظي " (2) .
أن الأصل في " التكرار " هو : المعنى – سواء كان باللفظ نفسه أو بغيره ، كما تقدّم في التعريف – ولذلك يقال : " الكلام إذا تكرّر تقرّر " (3) والتقرير إنما يكون للمعنى لا للألفاظ . وهذا بخلاف المتشابه اللفظي ؛ فإن الأصل فيه النظر إلى الألفاظ دون المعاني – كما هو ظاهر من اسمه - .
__________
(1) ... هو : الشيخ عبد القادر الخطيب ابن الشيخ الفاضل محمد أبو الفرج الخطيب الحسني ؛ نشأ في بيت علم وفضل، وفي عائلتهم خطابة مسجد بني أمية في دمشق الشام . انظر : تقديم الشيخ : محمد كريم راجح لشرح عبد القادر الحسني لمنظومة السخاوي هداية المرتاب : ص 11- 12 .
(2) ... هداية المرتاب للسخاوي بشرح وتحقيق : الشيخ عبد القادر الحسني : ص 17 . وانظر : خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية للدكتور: عبد العظيم المطعني : 1/ 321 .
(3) ... انظر : البرهان للزركشي : 3/ 96 ، خصائص التعبير القرآني للدكتور المطعني : 1/ 334- 335 .(1/72)
ومما يمكن اعتباره من الفروق بين التشابه اللفظي والتكرار : ما ذكره الزركشي في (( البرهان )) (1) من أن اللفظ إذا أعيد لا لتقرير المعنى السابق ؛ فإنه لا يكون تكراراً ، ومثّل لذلك بإعادة قوله تعالى : ? ( - ( - { - - - ( - ( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - الله أكبر (( - ( - ( - (( - { - (( - - ( - ? [ الزمر : 14 ] بعد قوله تعالى :? ( - ( - ( - ( - الله أكبر ( { ( المحتويات ( - ( تم بحمد الله ( - ( تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ((- صلى الله عليه وسلم - - { - - - - الله أكبر (( - ( - ( - ( مقدمة { - - رضي الله عنه -(((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ? [ الزمر : 11 ] لأن إعادته لا لتقرير الأول بل لغرض آخر ؛ إذ معنى الأول : الأمر بالإخبار أنه مأمور بالعبادة لله والإخلاص له فيها ، ومعنى الثاني : أنه يخصّ الله وحده دون غيره بالعبادة والإخلاص . فعلى تقرير الزركشي هذا : يمكن أن يعتبر اللفظ المعاد من التشابه اللفظي ولا يعتبر من التكرّار ؛ إذا كانت إعادته لا لتقرير المعنى السابق ، والله أعلم .
* * *
المبحث الأول :
نشأة علم المتشابه اللفظي وأوّل من ألّف فيه
البحث في نشأة علم من العلوم والمراحل التي مرّ بها من الأهمية بمكان لا يخفى ، وفوائده ظاهرة ، ولكنه – في الوقت ذاته – أمرٌ يكتنفه عدد من الصعوبات والعوائق ، ليس أقلّها تعذّر القول بالقطع فيه ، فضلاً عن صعوبة التمييز بين مراحله ورسم الحدود الدقيقة في ذلك(2) .
ولكني رأيت أن أذكر الأحاديث أو الآثار - التي ذكرها المصنّفون في المتشابه اللفظي– مما يمكن اعتباره إشارات مبكّرة في هذا العلم ، وأصلاً يتّكئ عليه .
ثمّ أذكر الآراء المقولة في أوّل من ألّف في هذا العلم ، والمناقشات في ذلك .
__________
(1) ... 3 / 97 .
(2) ... انظر : درة التنزيل للإسكافي ، بتحقيق : د. محمد آيدين : قسم الدراسة : 1/ 64 .(1/73)
وأخيراً فإني سأعدّد المراحل التي مرّ بها علم المتشابه اللفظي – على وجه الإجمال - .
وبناءً على ذلك : فإن مطالب هذا المبحث ستكون ثلاثة :
المطلب الأول : البدايات الأولى لعلم المتشابه اللفظي .
المطلب الثاني : أوّل من ألّف في المتشابه اللفظي .
المطلب الثالث : المراحل التي مرّ بها علم المتشابه اللفظي .
* * *
المطلب الأول : البدايات الأولى لعلم المتشابه اللفظي
ذكر عدد من المؤلّفين في المتشابه اللفظي بعض الآثار- التي رُفِع بعضها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - - تصلح لأن تكون إشارات أو بدايات لهذا العلم – جمعاً وتوجيهاً - ؛ فمنها :(1/74)
- أولاً : ما ذكره ابن المنادي في (( متشابه القرآن العظيم ))(1)من حديث القاسم بن عبدالرحمن (2) عن أبي أمامة (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن: في البقرة وآل عمران وطه " ؛قال القاسم : طلبت هذا الاسم فوجدته في آية الكرسي : ? - - - رضي الله عنهم -(( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم قرآن كريم - - - { ( - - - ? [ البقرة : 255 ] ، وفي فاتحة آل عمران : ? - - - رضي الله عنهم -(( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم قرآن كريم - - - { ( - - - ? [ آل عمران : 2 ] وفي طه : ? ( تمهيد - عليه السلام - - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( فهرس قرآن كريم ( - ( قرآن كريم ( - - - ( - (- رضي الله عنهم -(( - ( - ( الله قرآن كريم - - - { ( - - - ? [ طه : 111 ] (4)
__________
(1) ... ص : 63 .
(2) ... هو : القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي ، أبو عبد الرحمن ، صاحب أبي أمامة ، صدوق ، يُغرب كثيراً ، مات سنة 112 هـ . انظر : سير أعلام النبلاء : 5/ 194 ، تقريب التهذيب : 2/ 20 .
(3) ... هو : صُدَيّ – بالتصغير- ابن عجلان ، أبو أمامة الباهلي ، صحابي مشهور ، سكن الشام ، ومات بها سنة 86 هـ . انظر : تقريب التهذيب : 1/ 437 .
(4) ... الحديث : أخرجه ابن ماجه : 2/ 1267 في كتاب الدعاء ، باب اسم الله الأعظم ، رقم ( 3856 ) . وأخرجه الحاكم في المستدرك : 1/ 684 في كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح والذكر ، رقم ( 1862) وأخرجه ابن مردويه ( كما في تفسير ابن كثير : 1/ 270 ) ولكن إحصاء الآيات عنده من قول هشام بن عمار وليس من قول القاسم . وقد زاد السيوطي في الدر المنثور : 2/ 10 نسبته إلى كل من : الطبراني في الكبير ، وابن أبي الدنيا في الدعاء ، والهروي في فضائله ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، وقد ذكر أن إحصاء الآيات من قول أبي أمامة ، والظاهر أنه سبق قلم منه رحمه الله .كما زاد الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة : 2/ 371 رقم ( 746 ) في تخريج الحديث كلاً من : ابن معين في التاريخ والعلل ، والطحاوي في مشكل الآثار ، والفريابي في فضائل القرآن ، وتمام في الفوائد ، وأبي عبد لله بن مروان القرشي في الفوائد ، وابن عساكر في تاريخ دمشق .
أما الحكم على الحديث : فقد قال البوصيري في الزوائد ( كما نقله محقق سنن ابن ماجه ) : " رجال إسناده ثقات ، وهو موقوف ، وأما إسناده المرفوع ففيه غيلان ؛ لم أرَ لأحد فيه كلاماً ، وباقي رجال الإسناد ثقات"، وقد رمز السيوطي له بالصحة في الجامع الصغير ( مع فيض القدير : 1/ 652 رقم 1031 ) وقال المناوي في الفيض : " وفيه هشام بن عمار مختلف فيه " ، قال الألباني في الصحيحة : 2/ 372 معلّقاً على كلام المناوي : "ولا يضر حديثه لأنه متابع عند الآخرين ، فالحديث ثابت " وقال قبلها : " وهذا إسناد حسن " . ولكن قال عنه في صحيح الجامع : 1/ 228 رقم ( 979 ) : صحيح .
والحديث له شاهد بمعناه – كما قال ابن كثير 1/ 270 – وهو ما رواه أحمد : 6/ 509 ، وأبوداود ( 4/ 255 مع عون المعبود ) برقم ( 1493 ) كتاب الصلاة ، تفريع أبواب الوتر ، باب الدعاء ، والترمذي : 5/ 483 برقم ( 3478 ) كتاب الدعوات ، باب جامع الدعاء ، وابن ماجه : 2/ 1257 برقم ( 3855 ) كتاب الدعوات ، باب اسم الله الأعظم ؛ عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في هاتين الآيتين : ? اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? [ البقرة : 255 ] و : ? الم (1) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? [ آل عمران : 1 ، 2 ] : " إن فيهما اسم الله الأعظم " ، قال الترمذي : حسن صحيح ، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير ( مع فيض القدير : 1/ 652 ) بالصحة ، كما حسّنه الألباني في صحيح الجامع : 1/ 299 برقم ( 980 ) ، لكن أشار المنذري ( كما في تحفة الأحوذي : 9/ 447 ) وتبعه المناوي في فيض القدير ؛ إلى الاختلاف في توثيق رجلين في إسناده ؛ هما : شهر بن حوشب ، وعبيد الله بن أبي زياد القدّاح المكّي .(1/75)
.
- ثانياً : ما ذكره الخطيب الإسكافي وغيره (1) من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لن يغلب عسر يُسرين " (2)
__________
(1) ... درة التنزيل للإسكافي : 3/ 1364 . وانظر : البرهان للكرماني : ص 364 ، ملاك التأويل : 2/ 1147 ، كشف المعاني : ص 377 ، فتح الرحمن للأنصاري : ص 628 .
(2) ... هذا الحديث – بهذا اللفظ – روي مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - موصولاً ، ومرسلاً ؛ كما يلي :
رواه جابر بن عبد الله موصولاً – في قصة - : أخرجه ابن مردويه ( كما في الدر المنثور : 8/ 550 ) لكن إسناده ضعيف ؛ كما قال الحافظ في الفتح : 8/ 713 ، وتبعه السخاوي في المقاصد الحسنة : ص 339 .
ورواه الحسن مرسلاً : أخرجه ابن جرير : 24/ 495 ، والحاكم : 2/ 575 ، وابن مردويه وعبد بن حميد وعبد الرزاق ( كما في الدر : 8/ 550- 551 ) ، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير ( مع فيض القدير: 5/ 386 ) بالحسن ، ولكن قال المناوي في الفيض : لكن في مراسيل الحسن خلاف . كما ضعفه الألباني في ضعيف الجامع : ص 691 ، والضعيفة : 3/ 593 .
كما رواه قتادة مرسلاً : أخرجه ابن جرير : 24/ 496 ، وعبد بن حميد ( كما في الدر : 8 / 550 ) وجوّد إسناده الحافظ في الفتح : 8/ 713 .(1/76)
، وذكره بعضهم عن عمر(1) ، وابن مسعود(2) ، وابن عباس(3) رضي الله عنهم أجمعين.
__________
(1) ... أخرجه عنه موقوفاُ : مالك في الموطأ : 2/ 446 كتاب الجهاد ، باب الترغيب في الجهاد ، وقال الحاكم : 2/ 575 : وقد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب . لكن قال الحافظ في الفتح : 8/ 713 : وهو في الموطأ عن عمر لكن من طريق منقطع ، وقال في الكافي الشاف ( مع الكشاف : 4/ 771 ) : وهذا أصح طرقه ، وتبعه على قوله هذا : السخاوي في المقاصد الحسنة : ص 339 .
(2) ... أخرجه عنه موقوفاً : عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وسعيد بن منصور ( كما في الدر المنثور : 8/ 551 ) ، قال الحافظ في الفتح : 8/ 713 : وأخرجه عبد بن حميد عن ابن مسعود بإسناد جيّد .
(3) ... أخرجه عنه موقوفاً : الفرّاء في معاني القرآن : 3/ 275 ، وضعّف إسناده الحافظ في الفتح : 8/ 713 .(1/77)
- ثالثاً : ماذكره ابن المنادي (1)- بسنده- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لم يسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلاّ عن ثلاث عشرة مسألة " ؛قال أحمد بن أبي الطيب(2)- أحد رجال الإسناد - : "مثل قوله تعالى في القرآن : يسألونك ، ويسألونك ، فنظرنا في ذلك ؛ فإذا في سورة البقرة منه : ? - درهم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - { - ( - - } - - } ِ? [ البقرة : 189 ] ، ? - درهم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { (( - ( - } ( - ( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( { - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - - ( - - رضي الله عنهم - - ((((- رضي الله عنهم - - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - ( - رضي الله عنه -((( - - رضي الله عنه - - ( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ البقرة : 215 ] ، ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - ( - } ( - - - ( الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - - - رضي الله عنه - - ( - ( مقدمة - (( } ? [ البقرة : 217 ] ، ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - ((- رضي الله عنه
__________
(1) ... متشابه القرآن العظيم : ص 64 .
(2) ... هو : أحمد بن أبي الطَّيِّب ، سليمان البغدادي ، أبو سليمان المعروف بالمرْوَزِيّ ، صدوق حافظ ، له أغلاط ، ضعّفه بسببها أبو حاتم ، وما له في البخاري سوى حديث واحد متابعة ، مات في حدود 130 هـ . انظر : تقريب التهذيب لابن حجر : 1/ 37 .(1/78)
-( ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } ? [ البقرة : 219 ]، ? - درهم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { (( - ( - ( - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ((- رضي الله عنهم -(( - - - ? [ البقرة : 219 ] ، ?- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه - - - عليه السلام - - ( - - - ?[ البقرة : 220] ، ? - درهم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( (( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ البقرة : 222 ] ، وإذا في سورة النساء منه قوله تعالى: ? - درهم ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( } - - رضي الله عنه - - ( - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - جل جلاله - - (- رضي الله عنه - - ( - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - ? [ النساء : 153 ] (1)، وإذا في سورة المائدة منه قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله
__________
(1) ... هذه الآية لا تدخل في قول ابن عباس رضي الله عنهما ؛ لأن السؤال الذي فيها ليس من الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بل من أهل الكتاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - - كما هو ظاهر من لفظ الآية - . وانظر : أسباب النزول للواحدي : ص 337 .(1/79)
أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - ( مقدمة ( - ( المحتويات ( - مقدمة - } ? [ المائدة : 4 ] ، وإذا في الأعراف منه قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( { - رضي الله عنه -( - - - - - - - رضي الله عنه - تمت - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ? [ الأعراف : 187 ] ، ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - } - - - - ( - - رضي الله عنهم - مقدمة - { - ( { - رضي الله عنه -( ? [ الأعراف : 187 ] ، وإذا في الأنفال منه : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - - ( الله أكبر - } - - } ? [ الأنفال : 1 ] وإذا في بني إسرائيل منه قوله : ? - درهم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ? [ الإسراء : 85 ] (1) ، وإذا في الكهف منه : ? - درهم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - ( - ((((-
__________
(1) ... الظاهر عدم دخول هذه الآية والتي بعدها – آية الكهف - أيضاً في قول ابن عباس ، لأن السائل للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن الروح وعن ذي القرنين هم اليهود – كما في سبب نزول الآية – انظر : أسباب النزول للواحدي : 345 ، وقد نصّ على ذلك : السيوطي في الإتقان : 1/ 585- 586 .(1/80)
رضي الله عنه - الله أكبر ( - - { ( - - - ? [ الكهف : 83 ] ، وإذا في الأحزاب منه قوله :?- رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( } - } - - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( } ( { - رضي الله عنه -( - - - - - - ?[ الأحزاب : 63 ] وإذا في النازعات منه : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( { - رضي الله عنه -( - - - - - - - رضي الله عنه - تمت - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( تم بحمد الله ? [ النازعات : 42 ] " .
- رابعاً : ما ذكره الإسكافي (1) عن قتادة – رحمه الله- أنه قال في قوله تعالى : ? ( - - { - - - تمهيد ( { ( - - ((( - - { - - - ( تم بحمد الله ( { ? [ الكهف : 71 ] ، وقوله بعدها : ? ( - - { { - - تمهيد ( { ( - - - (( - - { - } - ( - - الله أكبر ? [ الكهف : 74 ] ؛ قال : " النُّكْر أشدُّ من الإمْر " (2) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 879 . وتبعه – على ذكره - ابن الزبير الغرناطي في ملاك التأويل : 2/ 788 .
(2) ... أخرج هذا الأثر عن قتادة : ابن جرير في تفسيره : 15/ 342 ، وقال محقق كتاب درّة التنزيل : 2/ 879 : وهذا الأثر إلى قتادة حسن الإسناد . وقد ذكره البغوي في تفسيره : ص 787 . لكن السيوطي في الدر : 5/ 426 ذكره عن قتادة بلفظ " النكر أنكر من العجب " وعزاه إلى : عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن أبي حاتم.(1/81)
- خامساً : ما ذكره الأنصاري في (( فتح الرحمن )) (1) عن جعفر الصادق(2) ؛ في توجيه التكرار الوارد في قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - - { ( - - - (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( { - - (((( فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - - - (( - - - - ((( - ( { ( - - - ( - - - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( تمهيد - رضي الله عنهم -(( - - - ? [ آل عمران : 18 ] قال : " الأول : وصف ، والثاني : تعليم ، أي : قولوا واشهدوا كما شهدت " (3) .
__________
(1) ص : 200 . ...
(2) ... هو : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، أبو عبد الله ، المعروف بالصادق ، صدوق فقيه إمام ، مات سنة 148هـ . انظر : سير أعلام النبلاء : 6/ 255 ، تقريب التهذيب : 1/ 163 .
(3) انظر : زاد المسير : ص 183 ( ط دار ابن حزم ذات المجلد الواحد ) .(1/82)
- سادساً : ما حكاه الزركشي في (( البرهان )) (1) في توجيه التكرار الذي في سورة الكافرون ، قال : " يُحكى أن بعض الزنادقة سأل الحسن بن علي (2)– رضي الله عنهما – عن هذه الآية ، فقال : إني أجد في القرآن تكراراً وذكر له ذلك ، فأجابه الحسن بما حاصله: إن الكفار قالوا : نعبد إلهك شهراً وتعبد آلهتنا شهراً . فجاء النفي متوجّهاً إلى ذلك" .
هذا وإن مما يُظهر عناية المصنفين في المتشابه اللفظي ببيان أصالة هذا العلم عند السلف ما صنعه أبو الحسين بن المنادي في إفراده ما يشبه الفصل في كتابه (( متشابه القرآن العظيم))(3) لتقرير هذا الأمر .
حيث قال – أي : ابن المنادي - : " فإن قيل : هل شيء تمثل به هذا المتشابه الذي نرى موسى الفرا ابتكره من فعل الصدر أو التابعين ؟ قيل : نعم بأشياء منها ..." (4) ثم ساق عدداً من الآثار التي سبق نقلها عنه – في الصفحات السابقة من هذا المطلب - .
* * *
المطلب الثاني : أول من ألف في المتشابه اللفظي
أشهر ما قيل في هذا : ما قاله السيوطي في (( الإتقان )) (5) : " أفرده في التصنيف خلق ، أولهم – فيما أحسب – الكسائي " .
ولكن يشكل على هذا الحسبان من السيوطي أمران :
__________
(1) 3 / 105 . ... ولم أرَ أحداً قبل الزركشي ذكر هذا الأثر عن الحسن ، وإنما الوارد في سبب نزول سورة الكافرون – الذي هو بمعنى كلام الحسن – عن ابن عباس وغيره . انظر : لباب النقول للسيوطي : ص 236- 237 .
(2) ... هو : الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانته ، وقد صحبه وحفظ عنه ، مات شهيداً بالسمّ سنة 49هـ ، وهو ابن 47 سنة . انظر : الإصابة : 1/ 327 ، تقريب التهذيب : 1/ 206 .
(3) ... ص : 63- 66 .
(4) ... متشابه القرآن العظيم : ص 63 .
(5) ... 2/ 232 .(1/83)
الأول : ما ذكره الخطيب الإسكافي في مقدمة كتابه (( درة التنزيل )) (1) من كونه أول من قرع باب هذا الفن ؛ حيث يقول : " .. بعد أن تأمّلت كتب المتقدمين والمتأخرين ، وفتّشت عن أسرار معاني المتأولين المحقّقين المتبحّرين ، فما وجدت أحداً من أهلها بلغ غاية كنهها ، كيف ولم يقرع بابها ، ولم يفتر عن نابها ، ولم يسفر عن وجهها ، ففتقت من أكمام المعاني ما أوقع فرقاناً ، وصار لمبهم المتشابه وتكرار المتكرر تبياناً " . كما وافقه على ذلك ابن الزبير الغرناطي ؛ في قوله : " .. إلى أن ورد عليّ كتاب لبعض المعتنين من جلّة المشارقة – نفعه الله – سماه بكتاب درة التنزيل وغرة التأويل ، قرع به مغلق هذا الباب ، وأتى في هذا المقصد بصفو من التوجيهات لباب ، وعرّف أنه باب لم يوجف عنه أحد قبله بخيل ولا ركاب ، ولا نطق ناطق قبل فيه ، بحرف مما فيه . وصدق رحمه الله " (2) .
ولكن هذا الإشكال ليس بالقوي ؛ لكون الكسائي سابقاً على الإسكافي بزمن كثير – كما لا يخفى - ، ولأن الأوليّة التي ذكرها الإسكافي لنفسه هي أولية التأليف في " توجيه المتشابه " و " تعليله " لا في التأليف في " المتشابه " مطلقاً ؛ بدليل قول السيوطي بعد ذكره لأوّلية الكسائي : " وألّف في توجيهه الكرماني كتابه البرهان في متشابه القرآن ، وأحسن منه : درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبد الله الرازي " (3) .
وقريب من هذا : القول بأن أول من ألّف فيه : علَم الدين السخاوي ؛ في منظومته "هداية المرتاب " ، والأمر ليس كذلك ؛ بل هي أوّلية مقيّدة ؛ إذ هو أوّل من ألّف فيه على طريقة النظم (4) .
__________
(1) ... 1/ 218 .
(2) ... ملاك التأويل : 1/ 146 .
(3) ... الإتقان : 2/ 232 .
(4) ... انظر : مقدّمة تحقيق عبد القادر الحسني لهداية المرتاب : ص 26 ، إعانة الحفاظ : ص 330 .(1/84)
الثاني : ماذكره الدكتور : حازم حيدر في كتابه " علوم القرآن بين البرهان والإتقان"(1) معقّباً على ما قاله السيوطي : " لكن نجد ابن النديم (2) يذكر أن لمقاتل بن سليمان البلخي (ت : 150هـ) (3) ولحمزة بن حبيب الزيات (4)(ت: 154 أو 156هـ) ولنافع بن عبد الرحمن المدني (ت : 169هـ) (5) كتباً في متشابه القرآن ، فإن صحّت أنها في المتشابه اللفظي فهم أسبق من الكسائي (ت : 189هـ) . ووجدت ابن المنادي(6) يستدل- بتحفّظ - أن كتاب موسى الفراء (؟) (7)
__________
(1) ... ص : 154- 155 ، والكتاب أصله رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية .
(2) ... الفهرست : 39 . وابن النديم هو : محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق ، أبو الفرج بن أبي يعقوب النديم ، صاحب كتاب " الفهرست " من أقدم كتب التراجم وأفضلها ، وهو بغدادي ، وكان معتزلياً متشيعاً ، يدلّ كتابه على ذلك ، توفي سنة 438هـ . انظر : لسان الميزان : 5/ 72 ، الأعلام : 6/ 29 .
(3) ... هو : مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي الخراساني ، أبو الحسن ، من أعلام المفسرين ، أصله من بلخ ، وانتقل إلى البصرة ، ودخل بغداد ، ثم توفي بالبصرة سنة 150هـ ، كان متروك الحديث ، ورمي بالتجسيم . انظر : سير أعلام النبلاء : 7/ 201 ، تقريب التهذيب : 2/ 210 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 520 .
(4) ... هو : حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التيمي بالولاء ، الزيات ، أبو عمارة الكوفي ، أحد القراء السبعة المشهورين ، توفي سنة 156هـ . انظر : سير أعلام النبلاء : 7/ 90 ، غاية النهاية : 1/ 261 .
(5) ... هو : نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي بالولاء ، المدني ، أحد القراء السبعة ، أصله من أصبهان ، انتهت إليه رياسة القراءة في المدينة ، وأقرأ الناس نيفاً وسبعين سنة ، توفي سنة 169هـ . انظر : سير أعلام النبلاء : 7/ 336 ، غاية النهاية : 2/ 330 .
(6) ... متشابه القرآن العظيم : 62 .
(7) ... هكذا رسم اسمه ( بهمزة بعد الألف ) مع أنه عند ابن المنادي ( متشابه القرآن العظيم : ص 61- 62 ) بلا همزة ، وقد نصّ عدد من المحققين على عدم معرفته ؛ منهم : محقق كتاب ابن المنادي ، وعبد القادر الحسني في مقدمة تحقيقه لهداية المرتاب للسخاوي : ص 26- 27 ، وإن كان د. حازم حيدر قد أشار إلى أنه يمكن أن يكون : موسى بن قيس الحضرمي ، أبو محمد الفراء ، الكوفي ( كما في تقريب التهذيب : 2/ 227 ) أما ابن المنادي فلم يزد على أن قال عنه : " كان موسى إمام أهل الكوفة في القرآن ، وإنه قرأ على عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى " . ( متشابه القرآن العظيم : ص 61- 62 ) .(1/85)
أوّل شيء وضع في هذا الضرب ( أي المتشابه ) . وهو تلميذ عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى (ت : 130هـ) فلو قدّرنا أنه توفي بعد شيخه بخمسين عاماً، تكون وفاته عام (180هـ) أي أسبق وفاة من الكسائي . وعلى كلٍّ : فإني أردت التنبيه إلى أن إطلاق أوّليات التأليف في الفنون ؛ يحتاج إلى تتبّعٍ واستقراء تام ، وإلاّ فالسيوطي لم يجزم بأن الكسائي هو رائد التأليف في هذا النوع ، وإنما حسب ذلك ، وهو أمر ينتقض بما ذكرته عن ابن النديم وابن المنادي والله أعلم " .
ولكن – مع ماذكره الدكتور: حازم – فإن قول السيوطي يبقى محتملاً ولا نجزم بانتقاضه ؛ لأن الكتب التي ذكرها ابن النديم لانستطيع الجزم بأنها في المتشابه اللفظي – وإن كان هذا هو الظاهر بالنسبة لحمزة ونافع لكونهما من القرّاء ؛ الذين هم أول من ألّف في المتشابه اللفظي ، وهم واضعوه (1) - . وكذلك الأمر بالنسبة لما ذكره ابن المنادي ؛ فإن موسى الفراء لا يعرف على وجه الدّقة من هو ؟ (2) . ويبقى الجزم : بأن كتاب الكسائي هو أقدم ماوصلنا- حتى الآن - من كتب المتشابه اللفظي ، والله أعلم .
ويمكن تلخيص ما سبق في هذا المطلب في ثلاثة أشياء :
أولاً : أن أول من ألّف في المتشابه اللفظي عموماً ( واضع هذا العلم ) هم : أئمة القراءة .
__________
(1) ... انظر : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص 59 ، درة التنزيل للإسكافي بتحقيق : د. محمد آيدين : قسم الدراسة : 1/ 65 ، مقدمة تحقيق : عبد القادر الحسني لهداية المرتاب للسخاوي : ص 13 .
(2) ... انظر : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص 61 ، علوم القرآن بين البرهان والإتقان : ص 155 ، مقدمة تحقيق : الحسني لهداية المرتاب للسخاوي : ص 25 ، 27 .(1/86)
ثانياً : أن أولية التأليف في المتشابه اللفظي على وجه التحديد ؛ مازال القول فيها محتملاً وغير جازم ، وهو متردّد – بحسب ما توصل إليه الباحثون – بين عدد من أئمة القراءة ؛ هم : حمزة ، ونافع ، والكسائي ، وموسى الفراء .
ثالثاً : أن أول من ألّف في توجيه المتشابه اللفظي وتعليله هو : أبو عبدالله الرازي المعروف بالخطيب الإسكافي ؛ في كتابه " درة التنزيل وغرة التأويل " ، وأن أوّل من نظمه : أبو الحسن علَم الدين السخاوي ؛ في منظومته " هداية المرتاب " .
* * *
المطلب الثالث : المراحل التي مرّ بها علم المتشابه اللفظي
لم أرَ من تعرّض لذكر المراحل التي مرَّ بها هذا العلم ؛ سوى ما ذكره الدكتور : محمد آيدين – في قسم الدراسة من تحقيقه لكتاب " درة التنزيل " للخطيب الإسكافي (1) – ولكن ما ذكره فيه شيء من النقص – حيث لم يذكر مرحلة ما قبل التدوين ، والمرحلة الخامسة فيما سأذكره – وكذلك فإنه قد اعتبر بعض صور التأليف التي ليس فيها إضافة ولا تعتبر تطوراً في العلم ؛ عدّها مراحل مستقلّة . ولكن يمكنني – بعد تجاوز تلك الملحوظات – أن أقسم مراحل علم المتشابه اللفظي خمس مراحل :
الأولى : مرحلة ما قبل التدوين ؛ وهي المتمثلة في بعض الآثار عن السلف – المسوق طرف منها في المطلب الأول من هذا المبحث - .
الثانية : مرحلة جمع المتشابه اللفظي في رسالة أو مؤلّف خاص ؛ دون توجيه أو تعليل ؛ وذلك كما فعله عدد من أئمة القراءة : كالكسائي ، وابن المنادي ، وغيرهما . وهذه المرحلة مازالت ممتدة حتى الآن .
الثالثة : مرحلة توجيه المتشابه اللفظي ، وذكر علله وأسراره ، على هيئة مؤلَّف مستقلّ وأول من ابتدأ ذلك : الخطيب الإسكافي (ت : 420هـ) – كما سبق - . وما زالت هذه المرحلة مستمرّة إلى وقتنا الحاضر .
__________
(1) ... 1/ 64- 68 .(1/87)
الرابعة : مرحلة نظم المتشابه اللفظي ، وأول من نظمه : أبو الحسن عَلَم الدين السخاوي ( ت : 643هـ ) في منظومته (( هداية المرتاب )) ، ثم تتابعت بعده المنظومات في هذا الفن حتى عصرنا هذا .
وقد اعتبرتُ " النظم في المتشابه " مرحلة من مراحل التأليف فيه ، لِما كان بسببه من انتشار علم المتشابه اللفظي ، وخصوصاً منظومة السخاوي(1).
الخامسة : مرحلة دراسة المتشابه اللفظي دراسة نظرية موضوعية وصفية عامة ، وهذه المرحلة – كما هو الشأن في معظم العلوم – لم تبدأ إلاّ متأخرة جدّاً ، أي : في العصر الحاضر ، خصوصاً مع كون هذا العلم من العلوم الفرعية المتخصّصة .
والدراسات المعاصرة في هذا عديدة ، ولكن معظمها غير مستقلّ ؛ بل هي مقدّمات لتحقيق كتب المتشابه اللفظي. وأما أول الدراسات المستقلّة المتكاملة – نوعاً ما – بحسب اطلاعي ، فهو : كتاب "إعانة الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ " لمحمد طلحة بلال منيار . وأرجو أن تكون رسالتي هذه فيها إضافات معتبرة ، وإسهامات مفيدة في هذه المرحلة من مراحل علم المتشابه اللفظي .
بقي – فيما يتعلّق بذكر المراحل – التنبيه على أمرين :
- الأول : أن القول في تقسيم علم من العلوم إلى مراحل متمايزة قولٌ اجتهادي ، يختلف باختلاف الباحثين ، ومدى اطلاعهم وسبرهم لذلك العلم . وعلى كلٍّ فالأمر فيه واسع ، وليس في ذلك قول فصْل يُذعن له كلُّ أحد .
- الثاني : أن القصد من وراء هذا التقسيم ، هو : المساعدة في إعطاء تصوير أوضح لمسيرة هذا العلم والتأليف فيه ، منذ بداياته الأولى حتى آخر ما وصل إليه . ولايعني ذلك – بحال- تفضيل مرحلة على مرحلة ، إذ هي كمراحل البناء ؛ التي لكلٍّ منها مكانها وأهميتها التي لا تنكر ، ولولاها – جميعاً – لم يكتمل البناء .
* * *
المبحث الثاني :
__________
(1) ... انظر في تفصيل القول حول المنظومات في المتشابه اللفظي : المبحث الثالث من هذا الفصل الثاني ( التالي ) .(1/88)
أسباب التأليف في المتشابه اللفظي ومقاصده
معرفة أسباب التأليف في علم من العلوم ، والأشياء التي قصدها المؤلفون من التأليف فيه؛ مباحث – مع بساطتها – لها دلالات عميقة ؛ ليس فيما يتعلق " بالتأليف " في ذلك العلم فحسب ؛ بل في إيضاح أشياء كثيرة تتعلّق بذلك العلم على وجه العموم .
والتفريق بين أسباب التأليف ومقاصده أمر يمكن تصوره – نظريّاً - ، لكن التداخل بينها - ولو جزئياً - لا يمكن الفكاك منه حال التطبيق ؛ وعليه : فإن لاجتهاد الباحث أثره الظاهر في تحديد ذلك حينئذٍ .
وبناءً على ذلك ، وعلى ما هو ظاهر من عنوان هذا المبحث ؛ فإن الكلام فيه سيكون في مطلبين :
المطلب الأول : أسباب التأليف في المتشابه اللفظي .
المطلب الثاني : مقاصد التأليف في المتشابه اللفظي .
* * *
المطلب الأول : أسباب التأليف في المتشابه اللفظي
بعد النظر فيما كتبه المؤلّفون في المتشابه اللفظي ، وخصوصاً في مقدّمات كتبهم من بيان السبب أو الأسباب أو الدوافع التي دعتهم أو ساهمت في عزمهم على تصنيف تلك الكتب – سواء ما صرّحوا به تصريحاً أو كان ذلك منهم على سبيل الإشارة الظاهرة – يمكن إجمال تلك الأسباب أو الدوافع في الأمور التالية :
- الأول : ما عبّر عنه أبو الحسين بن المنادي بقوله : " ولم يبقَ إلاّ النوع الذي استحدثه فريق من القرّاء ، ولقّبوه (( المتشابه )) وإنما حملهم على وضعهم إياه للقَرَأَة رداً من سوء الحفظ، وحداهم كون القرآن ذا قصص ، وتقديم وتأخير ، كثيرٌ ترداد أنبائه ومواعظه، وتكرار أخبار من سلف .. " (1) . وقال في موضعٍ آخر : " ولولا أن لبعض قدمائنا فيه تخريجاً ممن أسميناهم في أوائل كتابنا هذا ؛ من أجل حاجة فريق من الناس إليه ، لصرفنا عنايتنا به إلى غيره " (2) .
__________
(1) ... متشابه القرآن العظيم : ص 59 .
(2) ... متشابه القرآن العظيم : ص 161 .(1/89)
وهذا السبب – وهو إرادة تسهيل ضبط المتشابهات على حفظة القرآن - يكاد أن يكون أكثر الأسباب الدافعة للمؤلفين في المتشابه اللفظي جمعاً أو توجيهاً . ومعظم مؤلفات المعاصرين – خصوصاً – كان الدافع من وراء تأليفها هو هذا، وتتبع أقوالهم في هذا يطول(1)، لكن أكتفي بقول الكرماني – لكونه من المؤلفين في توجيهه وتعليله – في أول كلامه على سورة الأحزاب : " ذهب بعض القراء إلى أنه ليس في هذه السورة ما يذكر في المتشابهات ، وبعضهم أورد فيها كلمات وليس في ذلك كثير تشابه ، بل قد يلتبس على الحافظ القليل البضاعة ، وعلى الصبي القليل التجارب . فأوردتها إذ لم تخلُ من فائدة ، وذكرت مع بعضها علامة يستعين بها المبتدئ في تلاوته " (2) .
- الثاني : قلّة التصنيف في المتشابه اللفظي وندرته – وخصوصاً في توجيهه – كانت سبباً في إقدام بعض المؤلفين على التأليف فيه . وهذا واضح من مقدّمات عددٍ منهم .
وفي ذلك يقول الخطيب الإسكافي : " فعزمت عليها بعد أن تأملت كتب المتقدمين والمتأخرين ، وفتّشت عن أسرار معاني المتأوّلين ، المحقّقين المتبحّرين ، فما وجدت أحداً من أهلها بلغ غاية كنهها ، كيف ولم يقرع بابها ، ولم يفترّ عن نابها ، ولم يسفر عن وجهها"(3)
وكذلك قول ابن الزبير الغرناطي : " وإن من مغفلات مصنّفات أئمتنا – رضي الله عنهم – في خدمة علومه ، وتدبّر منظومه الجليل ومفهومه، توجيه ماتكرّر من آياته لفظاً، أو اختلف بتقديم أو تأخير وبعض زيادة في التعبير ...
__________
(1) ... انظر مثلاً : دليل المتشابهات اللفظية في القرآن للصغير : ص 6- 7 ، تنبيه الحفاظ للمسند : ص 3 ، إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 7- 8 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 305 .
(3) ... درة التنزيل : 1/ 218 . وانظر منه : 1/ 137 .(1/90)
وإن مما حرّك إلى هذا الغرض ، وألحقه عند من تحلّى ولوعاً باعتباره ، والتدبّر لعجائبه وأسراره ، بمثل حالي على استحكام جدبي وإمحالي بالواجب المفترض ، أنه باب لم يقرعه ممن تقدّم وسلف ، ومن حذا حذوهم ممن أتى بعدهم وخلف ، أحد فيما علمته على توالي الأعصار والمدد ، وترادف أيام الأبد .. " (1) .
ومما يؤيّد ذلك أيضاً قول ابن جماعة : " وربما لهج بعض فضلاء الحاضرين بمسائل حسنة غريبة ، وسأل عن مناسبات ألفاظها لمعانيها العجيبة ، مما لم يذكر بعضه أو أكثره في كتب التفسير المشهورة ، ولا ألمّت به في أسفارها المسطورة .. " (2) .
وكذلك الأمر بالنسبة للمعاصرين ، حيث يقول أحدهم(3) : " وعنَّ لي أن أكتب دراسة عن هذا الموضوع ، لعدم عثوري على من سبقني إلى الكتابة فيه على النحو الذي تراه هنا " .
أما سبب السبب – أي سبب قلّة التصنيف فيه ؛ أي : في توجيهه وتعليله – فمنه ما ذكره بعض الباحثين (4) من كونه علماً صعب المرتقى ، دقيق المسالك ، يحتاج إلى طول نظر وتأمل وتفكّر – وهو سبب مفهوم ومأخوذ من كلام بعض المصنّفين فيه - .
وربما يضاف إلى ذلك أيضاً : كون هذا العلم ( في الجملة ) معدوداً في المُلَح واللطائف والعلوم الفرعية التكميلية ، وليس هو من قبيل العلوم الأصلية التي هي من صلب العلم وأساسه ، والله أعلم .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 144- 146 . وانظر منه : 1/ 5 .
(2) ... كشف المعاني : ص 79- 80 .
(3) ... وهو : محمد منيار : في مقدمة كتابه " إعانة الحفاظ " : ص 8 . وانظر أيضاً : مقدّمة د. الشثري لرسالته الدكتوراه في المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 2 .
(4) ... انظر : البرهان للكرماني : مقدّمة المحقق : ص 64 ، المتشابه اللفظي في القرآن وأسراره البلاغية للدكتور: صالح الشثري : ص 5 ، إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 198 .(1/91)
- الثالث : ملاحظة ظاهرة " المتشابه اللفظي " في القرآن ، وما فيها من أسرار تستدعي البحث فيها والكشف عنها ؛ كلُّ ذلك أوجد رغبة عند المؤلّفين والباحثين للتأليف فيه ودراسته – وخصوصاً فيما يتعلّق بتوجيهه وتعليله - .
من ذلك ما قاله الخطيب الإسكافي – في مقدمته (1) - : " أني مذ خصّني الله تعالى بإكرامه وعنايته ، وشرّفني بإقراء كلامه ودراسته ، تدعوني دواعٍ قويّة ، يتبعها نظر ورويّة ، في الآيات المتكرّرة ، بالكلمات المتّفقة والمختلفة ، وحروفها المتشابهة المتعلّقة والمنحرفة ؛ تطلّباً لعلامات ترفع لبس إشكالها ، وتخصّ الكلمة بآيتها دون أشكالها " .
ومن المعاصرين الدكتور: محمد الصامل ؛ حيث يقول في مقدّمة كتابه (( من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم )) (2) : " وإن من أعظم مظاهر إعجازه البياني ذلك التشابه العجيب بين كثير من آياته ...
وقد رأيت أن الوقوف عند هذه الظاهرة وبيان سرّ الاختلاف بين الآيات المتشابهة لفظياً ، ومحاولة تعليل ذلك بلاغياً .. من أهم غايات البلاغة العربية . وإن هذا التشابه ، وعلا قة كل صيغة بالمقام الذي وردت به لهو من أعظم الأدلة على إعجاز القرآن .
لذلك شرعت في القراءة حول هذا الموضوع ، وجمعت شيئاً من مادته .. " .
- الرابع : أهمية موضوع هذا العلم – علم المتشابه اللفظي في القرآن وتوجيهه – على ما سيأتي تفصيله في مبحث لاحق في هذه الرسالة – بإذن الله - (3) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 217 . وانظر منه : 1/ 137 . وانظر أيضاً : ملاك التأويل : 1/ 146- 147 .
(2) ... ص : 5- 6 .
(3) ... انظر : المبحث الأول من الفصل التالي ( الثالث ) .(1/92)
لكن مما يدلّ على أن أهمية هذا العلم ومكانته كانت دافعاً للتأليف فيه ؛ ما ذكره ابن الزبير الغرناطي – في مقدمته(1) - : " وإن مما حرّك إلى هذا الغرض .. أنه باب لم يقرعه ممن تقدّم وسلف ، وممن حذا حذوهم ممن أتى بعدهم وخلف ، أحد فيما علمته على توالي الأعصار والمدد ، وترادف أيام الأبد ، مع عظيم موقعه ، وجليل منزعه ، ومكانته في الدين، وفتّه أعضاد ذوي الشك والارتياب من الطاعنين والملحدين " .
ويدخل في ذلك : كون التأليف فيه يبرز وجهاً من أوجه الإعجاز البلاغي ( البياني ) للقرآن ؛ كما سيأتي في مقاصد التأليف – في المطلب التالي - .
- الخامس : أن في التأليف فيه عوناً على الرد على الملاحدة الذين يطعنون في القرآن . كما قال ابن المنادي : " وفي تأليفه مع ما وصفنا ... توطئة للراد منا على الراد من الملحدين – جهلاً – فضل حكمة تأليف القرآن " (2) .
وكذلك قول الخطيب الإسكافي – عن كتابه في مقدمته(3) - : " وصار لمبهم المتشابه وتكرار المتكرّر تبياناً ، ولطعن الجاحدين رداً ، ولمسلك الملحدين سدّاً " .
- السادس : من الأسباب الخاصة ببعض المؤلفين في المتشابه اللفظي ؛ أن يكون تأليفهم تحقيقاً لطلب ممن سمع من المؤلّف كلاماً في توجيه المتشابه وذكْر أسراره .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 145- 146 . وانظر منه : 1/ 5 .
(2) ... متشابه القرآن العظيم : ص 226 .
(3) ... درة التنزيل : 1/ 218- 219 . وانظر منه : 1/ 137- 138 . وانظر أيضاً : البرهان للكرماني : مقدمة المحقق : ص 64- 65 .(1/93)
وقد وقفت على اثنين من المؤلفين ذكروا ذلك سبباً لتأليفهم ، الأول : هو بدر الدين ابن جماعة – في مقدمة كتابه " كشف المعاني " (1) – حيث يقول : " واتفق إلقاء دروس في التفسير في المدارس ، وما يظهر في بحوثها من النفائس ، وربما لهج بعض فضلاء الحاضرين بمسائل حسنة غريبة ، وسأل عن مناسبات ألفاظها لمعانيها العجيبة ، مما لم يذكر بعضه أو أكثره في كتب التفسير المشهورة ، ولا ألمّت به في أسفارها المسطورة .. فتُحلُّ تلك الأسولة(2) بما يفتح الله به إما منقول أو غير منقول " .
أما الآخر فهو الدكتور: محمد الصامل ؛ حيث قال : " ثم أعدت النظر فيما أذيع ، فأعددته على هيئة بحث علمي ، محققاً رغبة الإخوة الأفاضل الذين غمروني بآرائهم السديدة، وشجعوني على نشر كلِّ ما أذيع منها ، تحقيقاً لمزيد من الفائدة " (3) .
- السابع : من الأسباب الخاصة ببعض المؤلفين – أيضاً – كون تأليفهم لكتبهم في المتشابه كان مما حداهم إليه رؤيتهم لكتاب سابق فيه ، أو لأنه قد سُبق إلى التأليف فيه ؛ ولولا ذلك لانصرف عنه .
فالأول : هو ابن الزبير الغرناطي في قوله : " إلى أن ورد عليّ كتاب لبعض المعتنين من جلّة المشارقة – نفعه الله – سمّاه بكتاب (( درة التنزيل وغرة التأويل )) قرع به مغلق هذا الباب .. وحُقّ لنا به – لإحسانه – أن نقتدي ونستنّ " (4).
أما الثاني فهو : ابن المنادي في قوله : " ولولا أن لبعض قدمائنا فيه تخريجاً ممن أسميناهم في أوائل كتابنا هذا ، من أجل حاجة فريق من الناس إليه ، لصرفنا عنايتنا به إلى غيره "(5).
* * *
المطلب الثاني : مقاصد التأليف في المتشابه اللفظي
__________
(1) ... ص : 79- 80 .
(2) ... أي : الأسئلة ، وهي جمع "سول " بمعنى سؤال . انظر : لسان العرب : 11/ 350 ( سأل ) .
(3) ... من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم : ص 6 .
(4) ... ملاك التأويل : 1/ 146 .
(5) ... متشابه القرآن العظيم : ص 161 .(1/94)
كثير من الأسباب التي كانت وراء تأليف أصحابها في المتشابه اللفظي مبِينة عن المقاصد التي أرادوها من تأليفهم ذاك .
وعليه : فربما كان هنالك نوع تكرار وتداخل بين بعض الأسباب المتقدّم ذكرها مع ما سيذكر هنا من المقاصد – وهو ما أشرت إلى سبب حصوله في مطلع هذا المبحث - .
أما مقاصد المؤلّفين في المتشابه اللفظي فيمكن تعدادها في الأشياء التالية :
- الأول : من أكثر ما قصده المؤلفون في المتشابه اللفظي جمعاً وتوجيهاً إعانة حفظة القرآن وخدمتهم بعملٍ يسهّل عليهم ضبط متشابهات القرآن ، وعدم الخطأ في الحفظ بسببها ؛ إما عن طريق مجرّد الجمع لتلك المتشابهات في مكان واحد – كما هو عمل المؤلفين الأوائل من القراء – وفي ذلك يقول ابن المنادي : " فاستحبوا أن يجمعوا من حروف متشابه القرآن ما إذا حُفظ مَنَع من الغلط " (1) .
أو عن طريق إضافة بعض الأعمال المكمّلة لذلك ؛ كوضع الجداول أو الخطوط أو الألوان أو المقارنات ، أو استنتاج بعض الروابط والضوابط المعيْنة على ذلك – كما هو عمل أكثر المعاصرين من المؤلفين في المتشابه اللفظي بل قد صرّحوا بأن ذلك هو هدفهم ومقصدهم من التأليف(2) ، أو وضعها في منظومة يسهل حفظها على الطلاب الحافظين للقرآن (3).
__________
(1) ... متشابه القرآن العظيم :ص 59 ، وانظرمنه أيضاً : 17 ، 62 ، 226 .
(2) ... كما هو ظاهر من عناوين أكثر تلك الكتب ؛ مثل : الإيقاظ لتذكير الحفاظ بالآيات المتشابهة في الألفاظ لجمال ابن عبد الرحمن إسماعيل ، وتنبيه الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ للمسند ، و عون الرحمن في حفظ القرآن لأبي ذر القلَموني ، وغيرها ، وينظر : إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص 115 وما بعدها .
(3) ... كما في منظومة السخاوي التي أسماها " هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب " وهو اسم مفْصح عن مقصده من نظمها .(1/95)
وكذلك الأمر بالنسبة للمؤلفين في توجيه وتعليل المتشابه اللفظي ؛ فإن هذا المقصد لم يكن بعيداً عن أذهانهم ؛ بل كان من المقاصد المعتبرة التي أشاروا إليها في مقدّماتهم ؛ كما في قول الخطيب الإسكافي – في مقدمته(1) – : " .. تطلُّباً لعلامات ترفع لبس إشكالها ، وتخصّ الكلمة بآيتها دون أشكالها " ، كما يدلُّ على ذلك – أيضاً – كلام الكرماني الذي سبق ذكره في السبب الأول من أسباب التأليف – في المطلب السابق - .
- الثاني : ومن المقاصد المعتبرة أيضاً عند المؤلّفين في المتشابه اللفظي الردّ على الملحدين والطاعنين في القرآن بسبب ما فيه من هذا التشابه والتكرار الذي قد تخفى حكمته على آحاد الناس .
ومما يوضح ذلك بجلاء كون ابن الزبير الغرناطي جعل التصريح بهذا المقصد جزءاً من عنوان كتابه ؛ حيث سمّاه (( ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل بتوجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل )) (2) .
كما يدلّ عليه أيضاً ما سبق – في الأسباب – من نقل كلام كلٍّ من ابن المنادي والخطيب الإسكافي ، وهو كلام صريح في ذلك (3) .
- الثالث : الإجابة عن بعض الإشكالات ، وحلّ بعض الأسئلة ، التي وردت على المؤلّف أو ما يماثلها من مسائل المتشابه اللفظي في القرآن .
__________
(1) ... درّة التنزيل : 1/ 217- 218 ، وانظر منه : 1/ 137 . وقريب منه جداً : قول الكرماني في مقدمة كتابه البرهان : ص 110 : " ليجري ذلك مجرى علامات تزيل إشكالها ، وتمتاز بها عن أشكالها " .
(2) ... ملاك التأويل : 1/ 148 ، وانظر منه : 1/ 112 ، 137- 138 ، 242 .
(3) ... انظر أيضاً : البرهان للكرماني : مقدمة المحقق : ص 64 ، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للدكتور: الشثري : ص 2 .(1/96)
وفي ذلك يقول ابن جماعة : " واتفق إلقاء دروس في التفسير في المدارس ، وما يظهر في بحوثها من النفائس ، وربما لهج بعض فضلاء الحاضرين بمسائل حسنة غريبة ، وسأل عن مناسبات ألفاظها لمعانيها العجيبة ، مما لم يذكر بعضه أو أكثره في كتب التفسير المشهورة ، ولا ألمّت به في أسفارها المسطورة .. فتُحلُّ تلك الأسولة(1) بما يفتح الله به إما منقول أو غير منقول ، وقد استخرت الله تعالى في ذكر أجوبة ما على الخاطر منه باختصار .." (2) .
- الرابع : الجمع والاختصار والترتيب لمسائل هذا العلم في كتاب سهل الأسلوب قريب التناول ، كما في قول ابن المنادي : " فأجمع - حين أشرفت على ذلك – فيه الرأي ، أن أخلط بعض كتبهم ببعض ، وأستلّ منها لبابها ، فأقسمه تسعة أقسام ؛ مزدوجة وغير مزدوجة ، ذاك [ هكذا ] أبواب لم نحذف منها شيئاً سوى نقلها من أماكنها ، وهيئتها في ترتيبها ، وبيان ما وجب تبيينه احتياطاً منا لمتناوليه ، ورائمي حفظه والنظر فيه " (3).
وكذلك قول أبي يحيى الأنصاري – في مقدمة كتابه (4) - : " فهذا مختصر في ذكر آيات القرآن المتشابهات .. جمعته من كلام العلماء المحقّقين .. " .
- الخامس : الشرح والبيان والتوضيح . وأظهر الأمثلة على هذا المقصد الشروح التي وضعت على منظومة السخاوي (( هداية المرتاب )) التي كان بعضها باسم " الشرح " وبعضها باسم " التوضيح " وبعضها باسم " التسهيل " ونحو ذلك (5) .
__________
(1) ... أي : الأسئلة ، وهي جمع "سول " بمعنى سؤال . انظر : السبب السادس من المطلب السابق في هذا المبحث .
(2) ... كشف المعاني : ص 79- 80 .
(3) ... متشابه القرآن العظيم : ص 62- 63 . وانظر أيضاً : دليل المتشابهات اللفظية في القرآن : ص 6- 7 .
(4) ... فتح الرحمن : ص 137- 138 .
(5) ... انظرها في : المبحث التالي ( الثالث ) من هذا الفصل ( الثاني ) .(1/97)
وقريب من هذا المقصد : الاستدراك على مؤلّف سابق ، وتكميل عمله ، كما نصّ على ذلك ابن الزبير الغرناطي بأنه استدرك في كتابه على الخطيب الإسكافي ما أغفله من الآيات (1) .
- السادس : من المقاصد التي كانت وراء التأليف أو البحث في هذا الموضوع ؛ إبراز وجهٍ من أوجه الإعجاز البلاغي ( البياني ) للقرآن الكريم .
وفي ذلك يقول ابن جماعة – في مقدمة كتابه (2) - : " قد عُلم أن القرآن نزل بأفصح لغات العرب وكلامها ، وتضمّن فنون أنواع فصاحتهم وأقسامها ، توسيعاً لمجالهم في معارضة شيء منه إن قدروا ، وبياناً لعجزهم عن الإتيان بمثل ذراه ولو تسوّروا .
فلذلك تنوّعت موارده ، وتشعّبت مقاصده ، وعمّت فوائده ، وناسبت ألفاظه مواضعها ، وصادفت فصاحته مواقعها .
وسأذكر - إن شاء الله – بعض ما يظهر به ما خفي من ذلك ، سالكاً في إيراده أقرب المسالك " .
- السابع : من الأمور المقصودة عند المؤلفين في توجيه المتشابه اللفظي – خصوصاً – زيادة تدبّرهم للقرآن ، وكثرة النظر والتأمّل في آياته ، ومحاولة إدراك ما يمكن من أسرار معانيه وبديع أساليبه .
__________
(1) ... انظر : ملاك التأويل : 1/ 146- 147 .
(2) ... كشف المعاني : ص 81 . وانظر أيضاً : البرهان للكرماني : مقدمة المحقق : ص 64 ، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 2 ، من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم : ص 6 .(1/98)
يقول الخطيب الإسكافي : " فعزمت عليها بعد أن تأمّلت أكثر كتب المتقدّمين والمتأخرين ، وفتّشت عن أسرار معاني المتأوّلين المحقّقين المتبحّرين ... ففتقت من أكمام المعاني ما أوقع فرقاناً .. وليس على الله بأمر منكر مستبدع أن يعثر خاطر عبد ربيء (1) على كنز حكمة في القرآن خبيء ، أو يبلّغه في لطيف من لطائف كلامه حدّاً ، لا يبلغه أحد وإن كان أوحداً " (2) .
ويقول ابن الزبير الغرناطي – أيضاً - : " وإنّ مما حرّك إلى هذا الغرض ، وألحقه عند من تحلّى ولوعاً باعتباره ، والتدبّر لعجائبه الباهرة وأسراره ...
فحرّك من فكري الساكن ، وأضربت عن فسحته بالاستدراك بلكن ، وأبديت بحول ربّي من مكنون خاطري إلى الظهور ، ما أثبتّه بعون الله وقوّته في هذا المسطور " (3) .
* * *
المبحث الثالث :
اتجاهات التأليف في المتشابه اللفظي ومناهجها العامة
حيث إن الكلام في هذا الفصل – الثاني – يدور حول " نشأة المتشابه اللفظي والتأليف فيه " فإن تصنيف المؤلّفات وذكر اتجاهاتها ومناهجها أو ملامحها العامة ؛ من أهمّ المباحث التي تندرج تحت هذا الفصل ، بل إني أرى هذا المبحث من أهمّ وأنفع المباحث في هذه الرسالة عموماً .
ثم إن جلّ الدراسات التي تناولت المؤلّفات في المتشابه اللفظي كانت خاصّة بكتاب واحد – هو موضوع التحقيق – كما سبقت الإشارة إليها في الدراسات السابقة في مقدّمة الرسالة .
__________
(1) ... الربيء : الطليعة الذي يرقب العدو . انظر : لسان العرب : 1/ 82 ( ربأ ) .
(2) ... درة التنزيل : 1/ 218- 219 .
(3) ... ملاك التأويل : 1/ 145- 146 . وانظر : البرهان للكرماني : مقدمة المحقق : ص 64- 65 .(1/99)
أما الدراسة العامة لتلك الكتب ، وبيان اتجاهاتها ومناهجها ، وأنواعها وأهم ملامحها ، فلم أرَ من تطرّق له – على هذا النحو – سوى دراسة واحدة تعرّضت لذلك وإن لم تركّز عليه ؛ حيث أفاضت أيضاً في التعريف التفصيلي بكلّ واحد من تلك الكتب بخصوصه(1)، مع إشارات قليلة لشيء من ذلك في دراسات أخرى (2) .
هذا وإن الناظر في كتب المتشابه اللفظي وما كتب حولها من دراسات يجد المصنّفين فيه على اتجاهين :
الاتجاه الأول : اعتنى فيه أصحابه بسرد الألفاظ القرآنية المتشابهة ، دون توجيه أو تعليل وهو ما يسمى ( جمع المتشابه ) لأن المؤلفين فيه وقفوا عند جمع الألفاظ المتشابهة فقط .
الاتجاه الثاني : مصنفات قصد منها واضعوها بيان علل تكرار المتشابهات ، وتوجيه ما يوجد بينها من اختلافات (3) ( توجيه المتشابه ) .
وكذلك فإن بعض المصنّفين في "جمع المتشابه " اتّجه إلى طريقة " النظم " ، كما أن المصنّفين في " توجيهه " افترقوا إلى من أفرده بالتصنيف ، ومن أشركه مع غيره من علوم القرآن .
وبناءً على ذلك فإن تقسيم هذا المبحث سيكون في المطالب الأربعة التالية :
المطلب الأول : المؤلّفات في جمع المتشابه اللفظي .
__________
(1) ... انظر : إعانة الحفاظ : لمحمد طلحة بلال منيار : ص 115- 246 ، وهي من أجمع وأميز الدراسات حول المؤلفات في المتشابه اللفظي .
(2) ... انظر مثلاً : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للشثري : ص 11- 110( وهي رسالة دكتوراه في أم القرى غير مطبوعة ) ، مقدّمة تحقيق عبد القادر الحسني لهداية المرتاب للسخاوي : ص 25- 37 ، درة التنزيل للإسكافي تحقيق : د. محمد آيدين : قسم الدراسة : ص 72- 86 ، من بلاغة المتشابه اللفظي للقرآن الكريم للصامل : ص 14- 29 .
(3) ... انظر : علوم القرآن بين البرهان والإتقان : 151- 152 ، أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن : 111- 113 ، وانظر أيضاً المراجع المذكورة في الحاشية السابقة .(1/100)
المطلب الثاني : المنظومات في جمع المتشابه اللفظي .
المطلب الثالث : المؤلّفات المفردة في توجيه المتشابه اللفظي .
المطلب الرابع : المؤلفات غير المفردة في توجيه المتشابه اللفظي .
وقبل الدخول في تفصيل المطالب ، فإنها تحسن الإشارة إلى أن بعض المؤلّفات المذكورة في المتشابه اللفظي لم أذكرها هنا ؛ إما لعدم القدرة على تصنيفها لكونها في حكم المفقود ، وإما لأنها ليست من كتب المتشابه اللفظي تحديداً ، بل هي في المتشابه المعنوي – المقابل للمحكم – لكن عناوينها أوهمت بذلك (1) .
* * *
المطلب الأول : المؤلفات في جمع المتشابه اللفظي
الحديث في هذا المطلب لن يتناول المنظومات في جمع المتشابه ؛ لأن الكلام عنها سيكون في المطلب التالي . أما المؤلفات التي اهتمت بجمع المتشابه – غير المنظومات – فقد تحصّل لي منها ما يلي :
" متشابه القرآن " للكسائي (2) .
" متشابه القرآن العظيم" لابن المنادي (3) .
" العقد الجميل في متشابه التنزيل" لآكاه باشا (4) .
" كنز المتشابهات" للحافظ محمد محبوب الحيدرابادي ( من أهل الهند ) (5) .
" إتحاف أهل العرفان بالمنفردات من آي القرآن" للشيخ محمد نور أحمد أبو الخير ميرداد ( من علماء مكة المكرمة ) (6) .
__________
(1) ... انظر في ذكر أمثلة على هذه الكتب : مقدمة تحقيق آيدين لدرة التنزيل للإسكافي : 1/ 85- 86 ، إعانة الحفاظ : 245- 246 .
(2) ... حقّقه : صبيح التميمي ، وصدر عن : كلية الدعوة الإسلامية بطرابلس – ليبيا : 1402 هـ .
(3) ... حققه : الشيخ : عبد الله الغنيمان ، وصدر عن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة : 1408 هـ .
(4) ... طبع بمطبعة حجاز ولايتي : 1311هـ ، كما طبع بمطبعة دائرة عباس بإيران : 1323هـ .
(5) ... طبع بمطبعة فيض الكريم بحيدراباد الدكن ، في الهند ، وفرغ منه مؤلّفه سنة : 1342هـ .
(6) ... طبع بمطبعة مصحف مكة : ط 2 : 1381هـ ، ط 4 : 1399هـ وهي رديئة الطبع .(1/101)
" القرآن الكريم مع ذكر المتشابهات" للشيخ عبد الحليم الجشتي ( من أهل باكستان) (1) .
"مثاني الآيات المتشابهات الكاملات" للشيخ عبد الرزاق بن أحمد الشاحذي اليماني (2) .
"سبيل التثبيت واليقين لحفاظ آيات الذكر الحكيم" لصفي الدين عبد الحميد رسمي(3) .
" تنبيه الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ " لمحمد بن عبد العزيز المسند (4) .
" عون الرحمن في حفظ القرآن " لأبي ذر القلموني (5).
" دليل المتشابهات اللفظية في القرآن الكريم" لمحمد بن عبدالله الصغير (6) .
" التوضيح والبيان في تكرار وتشابه آي القرآن" للشيخ عبد الغفور بن عبد الكريم البنجابي (7) .
" الإيقاظ لتذكير الحفاظ بالآيات المتشابهة الألفاظ " لجمال بن عبد الرحمن إسماعيل(8) .
" دليل الحيران في متشابهات القرآن " لعبد المنعم كامل شعير (9) .
" دليل الآيات متشابهة الألفاظ في الكتاب العزيز" لسراج صالح ملائكة (10) .
__________
(1) ... وهو مدير مدرسة تحفيظ القرآن الكريم بكراتشي ، انظر : إعانة الحفاظ : ص 178 .
(2) ... مطبوع مع رسائل أخرى للمؤلف في مطبعة حسان بالقاهرة : 1983م .
(3) ... طبع في مطبعة المقاولون العرب : ط 2 : 1988م .
(4) ... صدر عن دار الوطن بالرياض : 1411هـ ، وهو لطيف الحجم في ( 62 ) صفحة من القطع الصغير .
(5) ... صدر عن مكتبة التراث الإسلامي بالقاهرة : 1413هـ في نحو ( 270 ) صفحة . وأبو ذر القلَموني هو : الشيخ عبد المنعم بن حسين بن حنفي ، مقيم في مصر . انظر : إعانة الحفاظ : ص 169 .
(6) ... صدر عن دار طيبة بالرياض : 1418هـ ، وكان قد صدر القسم الأول منه عن دار ابن خزيمة بعنوان : " سلسلة ضبط المتشابهات " : 1413هـ .
(7) ... صدر عن مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة : 1414هـ .
(8) ... صدر عن دار طيبة الخضراء بمكة : 1416هـ .
(9) ... صدر عن مكتبة طائر العلم بجدة .
(10) ... صدر عن دار الهدى بالرياض : ط 1 : 1418هـ ، ط 2 : 1423هـ .(1/102)
" أوجز البيان في متشابه القرآن" للسيد محمود محمد سند(1) .
" المعجم المفهرس للتراكيب المتشابهة لفظاً في القرآن الكريم " وضعه : الأستاذ الدكتور : محمد زكي محمد خضر(2)
* ومن المؤلفات غير المفردة في " جمع المتشابه " ما يلي :
" فنون الأفنان في عيون علوم القرآن" لابن الجوزي (3) .
" المدهش في الوعظ" لابن الجوزي (4) .
البرهان في علوم القرآن للزركشي (5) .
" فن الترتيل وعلومه " لأحمد الطويل (6) .
" إعانة الحفّاظ للآيات المتشابهة الألفاظ " لمحمد طلحة بلال منيار (7) .
هذا وقد ذكر أحد الباحثين كتابين – في ذلك – لم أُرِد ذكرهما هنا ؛ لأنهما كُتبا باللغة الأوردية وليس العربية (8) .
* وبعد هذا السّرد للمؤلفات – غير المنظومة - في " جمع المتشابه " يمكن إجمال أبرز ملامحها ومناهجها العامة في النقاط التالية :
__________
(1) ... صدرت طبعته الأولى سنة : 1419هـ والمؤلّف هو مدرس القرآن في المدارس العربية الإسلامية بالرياض .
(2) ... صدر عن دار عمار- الأردن : ط 1 : 1422 هـ .
(3) ... حققه د. حسن ضياء الدين عتر وصدر عن دار البشائر الإسلامية : 1408هـ .
(4) ... صدر عن دار الجيل ببيروت : 1977م ، ثم حققه مروان قباني وصدر عن دار الكتب العلمية : 1401هـ .
(5) ... طبع ثلاث طبعات : الأولى بتحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، والثانية بتحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، والثالثة بتحقيق : د. عبد الرحمن المرعشلي وزميليه ، والأخيرة أفضلها ، وقد صدرت عن دار المعرفة ببيروت : 1410هـ . انظر : علوم القرآن بين البرهان والإتقان : ص 35- 37 .
(6) ... صدرت طبعته الأولى سنة : 1420هـ عن : مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالتعاون مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض .
(7) ... صدرت طبعته الأولى عن دار نور المكتبات – جدة : عام : 1424هـ .
(8) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 237- 244 .(1/103)
- أولاً : مما هو ظاهر من السرد السابق للمؤلفات كون الخمسة الأخيرة غير مفردة للمتشابه اللفظي – بخلاف التي قبلها- ، كما يلحظ أيضاً كون اثنين من تلك الخمسة هما مؤلفين من المؤلفات الجامعة في علوم القرآن ، وهما " فنون الأفنان " لابن الجوزي ،
و" البرهان " للزركشي ، فلا غرابة في كلامهم عن المتشابه اللفظي فيهما ؛ إذ يعتبر واحداً من علوم القرآن التي تشملها تلك الكتب الجامعة لها ، على أن الكلام في المتشابه أخذ قدر ثلث الكتاب عند ابن الجوزي في " فنون الأفنان " ، بخلاف الزركشي الذي لم يستغرق من كتابه سوى صفحات قليلة ؛ ضمن النوع الخامس – من علوم القرآن عنده - (1) ، هذا مع كونه ذكر عدداً من التوجيهات والتعليلات ولم يقتصر على الجمع فقط كما فعل ابن الجوزي .
أما ما ذكره ابن الجوزي في " المدهش" ؛ فلا يعدو أن يكون ملخّصاً لما ذكره في "الفنون"، وذلك في قرابة العشرين صفحة .
وأما كتاب " فن الترتيل وعلومه" ؛ فالكلام على المتشابه اللفظي فيه زاد على الأربعين صفحة بقليل (2) ، وأكثره في ذكر إحصاءات لبعض المتشابهات – مرتبة حسب السور - .
وأخيراً كتاب " إعانة الحفاظ " الذي جعله مؤلفه قسمين : الأول : في الحفظ والنسيان ، والثاني : في المتشابه اللفظي . كما جعل القسم الثاني في بابين : الأول : في دراسة عن المتشابه اللفظي ، ومعظم هذا الباب – بل معظم الكتاب كلّه – في الكلام التفصيلي على المؤلفات في المتشابه اللفظي - . أما الباب الثاني : ففي ضوابط المتشابهات ، وهي ضوابط يحشد تحتها أمثلة كثيرة من الآيات المتشابهة ، وصنيعه هذا – في الباب الثاني - هو الذي جعلني ألحق كتابه بهذا النوع من المؤلفات في المتشابه اللفظي .
__________
(1) ... استغرق الكلام عن المتشابه في فنون الأفنان : ص 376- 486 ، أما في البرهان : 1/ 202- 241 .
(2) ... من : 1/ 299 - إلى : 1/ 333 .(1/104)
- ثانياً : اتخذت تلك المؤلفات مناهج مختلفة في طريقة ترتيب محتوياتها ، أبرزها ثلاثة :
( 1 ) ترتيب الكتاب بحسب ترتيب سور المصحف ، وهذا المنهج هو الأغلب في تلك الكتب ، بل إن أصحاب المنهجين الآخرين – في الترتيب – مشوا على هذا المنهج داخل الباب أو القسم الواحد عندهم .
أما داخل السورة الواحدة فمشوا على ترتيب آياتها – إلاّ ما وهموا فيه – مع اكتفائهم بما ورد من آيات متشابهة في سورة متقدّمة عن إعادتها مرّة أخرى في السورة المتأخرة ، مكتفياً بعضهم بالإحالة عليها ، وبعضهم لا يحيل .
والترتيب على هذا المنهج – بحسب ترتيب السور – ربما كان أفضل طرق الترتيب لسهولته ووضوحه ، ولذلك فقد سارت عليه أكثر المؤلفات في جمع المتشابه– كما تقدّم -.
( 2 ) تقسيم أبواب الكتاب على حسب عدد مرّات التكرار للفظ المتشابه ، وإمام هذا المنهج هو الإمام الكسائي في كتابه ، وتبعه على أبوابه – سوى اختلاف يسير جداً – الزركشي في البرهان .
وهذا النهج في الترتيب غير مفيد كثيراً ، كما أن القصور فيه سيكون كبيراً – سواء في عدد الأبواب أو في إحصاء جميع الأمثلة الداخلة في الباب الواحد – إلا أن تسلك طريقة معاجم الألفاظ (1) . إضافة إلى أن في هذا النهج تفريقاً للألفاظ المتشابهة التي يختلف عدد مرّات تكرارها ؛ فلا تحصل الفائدة المرجوّة من وراء هذا الجمع للمتشابهات (2) .
__________
(1) ... ولذلك عدّ محقق كتاب الكسائي عمل المؤلف من أوائل المحاولات المعجمية لفهرسة ألفاظ القرآن الكريم ، انظر: مقدمة التحقيق : ص 8 .
(2) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 125- 127 .(1/105)
لكن يستثنى من هذا المنهج باب " ما جاء في القرآن حرف ليس غيره " (1) فهذا مفيد وإحصاؤه غير متعسّر ، ولذلك فقد تبع الكسائيَّ على ذكر هذا الباب بخصوصه كلٌّ من : ابن الجوزي في (( فنون الأفنان )) ، و محمدالمسند في (( تنبيه الحفاظ )) (2) . بل عمد الشيخ ميرداد إلى إفراده بالتأليف في كتابه " إتحاف أهل العرفان بالمنفردات من آي القرآن ".
( 3 ) الترتيب للكتاب بحسب وجود اختلافات بين الآيات المتشابهة ( الآيات الكاملة
أوالجمل المتكرّرة بلا اختلاف ) أو بحسب نوعية ذلك الاختلاف ( كالاختلاف في التقديم والتأخير أو الذكر وعدمه أو إبدال كلمة بأخرى أو غير ذلك ) .
وأول من رتب على هذا المنهج ( بحسب نوعية الاختلاف ) : ابن المنادي – في أقسام النوع الأول " الأبوابي " من النوعين اللذين بنى عليهما كتابه(3) – ، وتبعه في ذلك مع اختلاف يسير الزركشي - في أنواع الباب الأول عنده – ، أما ابن الجوزي فقد اقتصر على ثلاثة أبواب منها فقط . وكذلك فإن ممّن اعتنى بذكر نوع الاختلاف : محمداً المسند في
" تنبيه الحفاظ" – في المبحثين الأول والثاني فيه - .
__________
(1) ... وهو ما يسمى بالمنفردات ، والانفراد المقصود أنواع . انظر في ذلك : إعانة الحفاظ : ص 251 .
(2) ... انظر : فنون الأفنان : ص 377 ، تنبيه الحفاظ : ص 4 . وانظر : إعانة الحفاظ : ص 251 .
(3) ... هذه الأقسام التسعة للنوع الأبوابي لا ذكر لها في الفهرس الذي صنعه المحقق للكتاب ، لكن المتتبّع للكتاب يجدها ظاهرة فيه . انظر : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص 66 ، 79 ، 86 ، 91 ، 99 ، 103 ، 135 ، 138 ، 141، 158 ، 161 . وانظر أيضاً : إعانة الحفاظ : ص 190 .(1/106)
أما التبويب للآيات أو الجمل المتكررة بلا اختلاف فقد ألّف فيها مفردة الشاحذي اليماني كتابه " مثاني الآيات المتشابهات الكاملات " ، وسراج ملائكة في آخر كتابه "دليل الآيات متشابهة الألفاظ " ، كما خصّص محمد المسند " المبحث الثالث" – عنده - للآيات المتكررة بتمامها دون اختلاف .
ومما يلحظ على هذا المنهج في الترتيب : تفريق مسائل التشابه في الآية الواحدة – بحسب وجود الاختلاف أو نوعه - ، وكذلك اختلاف الأنظار في تصنيف المسألة الواحدة.
وقد أشار بعض الباحثين إلى أن التبويب – على هذا المنهج – فيه نقص من جهة عدم دخول كثير من المتشابهات تحت الصور ( الأبواب ) المذكورة عند أصحابها ، وقلّة أمثلة بعض الأبواب ، مثل : الإظهار والإدغام ، والتأنيث والتذكير ، والتعريف والتنكير ، قال : ومن أجل هذا نجد أن ابن المنادي أكمل هذا النقص بأن سرد المتشابهات على ترتيب السور؛ ليكمل النقص الظاهر في عدد المتشابهات (1) .
وعندي أن الأمر ليس كما قال ، إذ أزعم أنه يمكن تصنيف أي مسألة في التشابه تحت واحد من تلك الأبواب ، دون أن يخرج عن الدخول تحت الأبواب المذكورة منها شيء – وإن اختلفت الأنظار في تصنيف بعض الأمثلة كما أشار إليه ابن المنادي - ، أما الأمر الذي حدا بابن المنادي إلى سرد المتشابهات على ترتيب السور فليس هو النقص في طريقة الترتيب على نوع الاختلاف – كما ذكر – بل لأن الجمع بين المنهجين أولى من الاقتصار على أحدهما ، لاختلاف الأنظار في أيهما أفضل – كما ذكره ابن المنادي نفسه (2) - ، والله أعلم .
( 4 ) التبويب على الضوابط – أي الطرق المُعِينة على ضبط المتشابهات – وذلك بجعل الضابط باباً أو فصلاً تذكر تحته الأمثلة التي ينتظمها .
__________
(1) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 188 .
(2) ... انظر : متشابه القرآن العظيم : ص 161 .(1/107)
وممن يمكن أن يعتبر على هذا النهج – إجمالاً – كلٌّ من : محمد المسند في " تنبيه الحفاظ " ، وعبدالله الورّاقي في " إغاثة اللهفان " (1) . كما أن ممن له عناية بذكر الضوابط – وإن لم يرتّب كتابه بحسبها – جمال بن عبد الرحمن في " الإيقاظ " .
وهذا المنهج يلحظ عليه ما لُحظ على المنهجين اللذين قبله ؛ من تفريقه لمسائل التشابه في الآية الواحدة بحسب الضوابط ، ومن كون تصنيف الأمثلة تحت الضابط المعيّن مما يدخله الاجتهاد لاختلاف الأنظار فيه .
هذا مع أن بعض اتجاهات التأليف في المتشابه اللفظي ، وبعض مناهجها في ترتيب المتشابهات ، تصلح لأن تعتبر – بجملتها – من الضوابط ، وذلك : كتوجيه المتشابهات ، والنظم فيها ، وأبواب ( المنفردات ) الموجودة في بعض المؤلفات(2) .
- ثالثاً : المؤلفات التي سار أصحابها على منهج ترتيب السور في المصحف لم يقتصر عملهم – في الأغلب – على جمع المتشابهات ؛ بل عمدوا إلى إبراز المغايرات بين تلك المتشابهات ، إما بالنص عليها أو بالإشارة ، والإشارات التي وضعوها أنواع ، منها (3) :
( 1 ) إبراز المغايرات بلون مخالف لبقية نص الآية ( والغالب أن يكون الأحمر ) وقد أخذ بهذه الطريقة – التلوين - كلٌّ من : محمد المسند في " تنبيه الحفاظ " ، والسيد محمود سند في كتابه " أوجز البيان " ، وكذلك فقد استعمل هذه الطريقة : عبد الله الورّاقي في كتابه " إغاثة اللهفان " .
__________
(1) ... وقد ذكر عدداً من الضوابط مع أمثلة لها : محمد منيار في إعانة الحفاظ : ص 247- 355 ، كما أشار إلى كتابين بوّبا على طريقة الضوابط لكنهما باللغة الأوردية ، انظر : إعانة الحفاظ : ص 236- 246 ، 249 .
(2) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 237 .
(3) ... قد لا يكفي الكلام النظري أحياناً في شرح هذه الطرق ، ولذلك فقد ألحق صاحب كتاب " إعانة الحفاظ " في آخر كتابه : ص 357- 363 ملحقاً فيه صور من تلك الكتب توضّح طرق أصحابها كما هي .(1/108)
( 2 ) وضع خطوط تحت المغايرات أو فوقها ، وهذا النوع هو الأكثر – على اختلاف في الطريقة التفصيلية لكل مؤلّف - . وممن استعمل هذه الطريقة – وضع الخطوط- : كل من : الشيخ عبد الحليم الجشتي في " القرآن الكريم مع ذكر المتشابهات " وقد انفرد بثلاثة أشياء : الأول : أنه كان يضع الخطوط فوق المغايرات ، والثاني : أنه جعل كلامه على هامش المصحف – على هيئة بعض التفاسير المختصرة - ، والثالث : أن المصحف الذي همّش عليه هو المنتشر في بلاد الهند وباكستان . وممن استعمل طريقة الخطوط أيضاً : صفي الدين عبد الحميد رسمي في كتابه " سبيل التثبيت واليقين " ، وكذلك أبو ذر القلَموني في " عون الرحمن " مع كثرة الخطوط المتنوّعة عنده مما يوقع القارئ ببعض الارتباك .
( 3 ) استعمال الجداول العمودية في إبراز المغايرات ، وممن اعتمد هذه الطريقة ثلاثة: أولهم : صاحب كتاب" العقد الجميل " ، والثاني : صاحب " كنز المتشابهات " الذي كان يجعل مواضع التشابه في أسطر متقابلة ، والثالث : هو محمد الصغير في " دليل المتشابهات اللفظية " .
( 4 ) وضع عناوين لكل مجموعة من الآيات المتشابهة يبرز فيها مواضع التغاير ، ولم أرَ من استعمل هذه الطريقة وحدها سوى صاحب كتاب " دليل الحيران " .
بقيت الإشارة إلى بعض المؤلفات التي جمع أصحابها بين أكثر من طريقة من الطرق السابقة ، وهي :
" التوضيح والبيان " للبنجابي ، وقد جمع بين ( العناوين ) و ( الخطوط ) .
" الإيقاظ " لجمال بن عبد الرحمن ، وقد جمع بين ( العناوين ) و ( التلوين ) .
" دليل الآيات متشابهة الألفاظ " لسراج ملائكة ، وقد جمع كذلك بين (العناوين) و ( التلوين ) .
أما من كان يستعمل إحدى هذه الطرق ( الإشارات ) في كتابه أحياناً فلم أذكره ، لعدم اطّرادها لديه .(1/109)
- رابعاً : وجدت أن كلاً من الكسائي وابن المنادي ربما أشارا إلى اختلافات القراءات ؛ لأثرها في تعداد المتشابه ، ولم أجد هذا الأمر لغيرهما – من المؤلفين في جمع المتشابه - .
- خامساً : وقع تفاوت في عدد المتشابهات التي جمعها كلّ واحد من المؤلّفين المذكورين ، والسبب في هذا – كما نصّ عليه عدد منهم – أن قصدهم جمع ما يقع فيه الإشكال بسبب تشابهه مع غيره ، وليس استقصاء كلّ الألفاظ المتشابهة في القرآن . ولا يخفى أيضاً بأن الاستشكال أمر نسبيّ يختلف الناس في اعتباره ؛ فيكون ذلك سبباً آخر لذلك التفاوت .
- سادساً : تعرّضت بعض تلك المؤلفات لتوجيه بعض المتشابهات التي جمعتها – بين مقلٍّ ومستكثر - فعلى حين أن ابن المنادي ألمّ إلمامة يسيرة بتوجيه بعض الآيات في خاتمة كتابه ، نجد صاحبَي " الإيقاظ " و " أوجز البيان " قد أفادا – دون إكثار – من بعض كتب توجيه المتشابه – كما صرّحا بذلك - ، أما صاحب " دليل الحيران " فقد نقل كتاب " البرهان " للكرماني بحروفه – وهو من الكتب المفردة في توجيه المتشابه كما سيأتي في المطلب الثالث - مُلحِقاً ما يخصّ كلَّ سورة إياها ؛ بعنوان : " خواطر حول بعض المتشابهات" .
* * *
المطلب الثاني : المنظومات في جمع المتشابه اللفظي
كما ألّف العلماء في جمع المتشابه نثراً فقد ألّفوا فيه نظماً – أسوةً بغيره من العلوم التي نُظم فيها- . أمّا سبب اختيار النظم للتأليف في العلوم ؛ فلسهولة حفظه وانجذاب الطبع إليه، إلا أن التأليف فيه أقلّ من المنثور – كما في المتشابه - لأنه ليس في مقدور كلّ أحد .
وقد رأى أحد الباحثين بأن أسلوب النظم في المتشابه غير مناسب ؛ حيث إن قدسيّة القرآن وحرمته تتنافى مع ذلك (1) .
__________
(1) ... انظر : البرهان للكرماني : تحقيق : ناصر العمر : قسم الدراسة : ص 20 ( وهي رسالة ماجستير غير مطبوعة )(1/110)
وهذه المسألة – أعني مسألة تضمين شيء من القرآن في الشعر أو النظم ، أو ما يسمّى بالاقتباس - وقع فيها الخلاف بين أهل العلم (1) ، لكن لا أدري هل النظم العلميّ يدخل في ذلك ؟ على أن اشتهار منظومة (( الشاطبيّة )) في القراءات من غيرنكير عند أهل العلم – وهي كالمنظومات في المتشابه – تجعل الإسراع بالقول بنقد أسلوب النظم في ذلك يحتاج إلى مزيد بحث ونظر ، والله أعلم .
* أما المنظومات في المتشابه اللفظي فما تحصّل لي منها – بعد التتبّع - ما يلي :
" هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاّب" لعَلَم الدين السخاوي (2).
" تتمة البيان لما أشكل من متشابه القرآن" لأبي شامة المقدسي(3) ( مخطوطة ) (4).
__________
(1) ... انظر مثلاً : البرهان للزركشي : 2/ 111 ، الإتقان : 1/ 366 .
(2) ... طبعت عدّة طبعات ، مفردة ومع شروحها ، أفضل تلك الطبعات وأتمّها بها عناية ثنتان : الأولى : التي بتحقيق:
عبد القادر الخطيب الحسني ، وصدرت عن مركز جمعة الماجد : 1414هـ ، والثانية : التي اعتنى بها : الدكتور : عبدالله الحكمي ، وصدرت حديثاً : 1422هـ .
(3) ... هو : عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي ، المعروف بأبي شامة _ لشامة كانت في وجهه – وهو تلميذ للسخاوي ، وقد شرح الشاطبية شرحاً طويلاً لم يكمله ، وشرحاً مختصراً ، توفي في دمشق سنة : 665هـ من أشهر مؤلفاته في علوم القرآن : المرشد الوجيز . انظر : غاية النهاية : 1/ 365 ، الأعلام : 3/ 299 .
(4) ... انظر : مقدمة تحقيق عبدالقادر الحسني لهداية المرتاب : ص 29 ، وقد ذكر منها نماذج . وانظر : من بلاغة المتشابه اللفظي للصامل : ص 23 .(1/111)
" تذكرة الحفاظ في مشتبه الألفاظ" لبرهان الدين الجعبري ( مخطوطة ) (1) .
" البحر المحيط" لمحمد بن أنبوجا التشيتي (2) .
منظومة الغلاوي التكروري (3).
منظومة ( مقصورة ) الدمياطي(4) .
منظومة الدنفاسي ( مخطوطة ) (5) .
__________
(1) ... انظر : قسم الدراسة من تحقيق ناصر العمر لبرهان الكرماني : ص 20- 21 ، وذكر منها نماذج . وانظر : من بلاغة المتشابه اللفظي للصامل : ص 26 ، إعانة الحفاظ : ص 245 لكنه لم يجزم بأنها منظومة .
(2) ... طبع القسمان الأوّلان من هذه المنظومة مع شرحيهما – كما ستأتي الإشارة إليهما في هذا المطلب - . أما الناظم فهو : الشيخ الإمام محمد بن أنبوجا التشيتي ، نسبة إلى " تشيت " ويقال " تيشيت " بلدة موريتانية شرق العاصمة نواكشوط ، وهو من علماء القرن الحادي عشر الهجري ، وتوفي في أول القرن الذي يليه . انظر: إعانة الحفاظ : ص 129 . وقد ذكر الشيخ : عطية سالم ؛ في ترجمته للشيخ الشنقيطي ( الملحقة في آخر أضواء البيان : ص 22- 23 ) : بأن الشيخ درس هذه المنظومة في طفولته في شنقيط ، وأن له عليها زيادات .
(3) ... ذكرها في : إعانة الحفاظ : ص 330 نقلاً عن : فتح الشكور في علماء تكرور : ص 171 ، وقد عرّف الناظم بأنه : عبد الله بن أحمد بن مصطفى التكروري .
(4) ... طبعت مع " رسالة في أصول التفسير " للمؤلف ، بمطبعة النيل بمصر : 1321هـ ، وصور عنها : دار البصائر بدمشق : 1404هـ . والدمياطي هو : الشيخ محمد بن مصطفى بن حسن الخضري الدمياطي ، من علماء مصر ، ولد سنة 1213هـ بدمياط ، ودرّس بالأزهر ، وهو شافعي المذهب ، توفي بدمياط سنة 1287هـ . انظر : الأعلام للزركلي : 7/ 100 .
(5) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 330 .(1/112)
" رَجَز القرآن" لحسن الماحي قدورة (1) .
منظومة في المتشابه للعلاّمة : العتيق بن محمد مولود المباركي الحسيني الهاشمي الشنقيطي(2) .
منظومة متشابهات القرآن ليحيى غوثاني (3) .
* أما المناهج العامة التي سارت عليها تلك المنظومات ، وأبرز الملامح المتعلّقة بها ؛ فيمكن إجمالها في النقاط التالية (4) :
- أولاً : سلك الناظمون في المتشابه في ترتيبهم ( تبويبهم ) لمنظوماتهم ثلاثة مناهج متنوّعة ، هي :
( 1 ) التبويب بحسب ترتيب حروف الهجاء ، وذلك بالنظر إلى أوائل الألفاظ المتشابهة ؛ وهذا المنهج ابتكره السخاوي ، وصار أشهر المناهج في منظومات المتشابه ، حيث تبعه عليه كلٌّ من : تلميذه أبي شامة ، والجعبري ، والغلاوي ، والدمياطي .
__________
(1) ... طبع في آخر كتاب " فضائل القرآن الكريم " لعبدالله الحاج حسن ، وصدر عن المطبعة العالمية بالقاهرة : 1393هـ . انظر : إعانة الحفاظ : 138 ، وذكر فيه بأن المؤلف من علماء مصر أو السودان ؟
(2) ... انظر : مقدّمة تحقيق : الحكمي لمتن هداية المرتاب : ص 1- 2 وقد ذكر منها أنموذجاً ، أما ناظمها فلم أعرف عنه غير اسمه ونسبه الذي ذكره الحكمي ، وهو المذكور في الأعلى . كما ذكر الحكمي بأن لطائفة من علماء شنقيط منظومات في المتشابه – هذه إحداها - .
(3) ... ذكرها في : إعانة الحفاظ : 331 ، والناظم : معاصر من أهل الحجاز ، له مؤلفات في حفظ القرآن والتجويد.
(4) ... انظر في الكلام التفصيلي على هذه المنظومات : مقدمة تحقيق عبدالقادر الحسني لهداية المرتاب : 29- 30 ، إعانة الحفاظ : 129 ، 138 ، 208 ، 231 ، 329 .(1/113)
ومن أبرز الملحوظات على هذا المنهج : عدم انضباط الترتيب به ؛ إما لأن النظر يكون أحياناً لغير الحرف الأول بل للأوسط أو الأخير – لأنه هو موضع التشابه – ، وإما لكون الحرف الزائد على أصل اللفظ هو سبب التشابه فيعتبر حين النظر إلى اللفظ في التبويب ، وعموماً فإن التبويب على هذا المنهج فيه مجال لاختلاف الأنظار فيما يدخل تحت الأبواب من الأمثلة ؛ مما يحمل أحياناً على ذكر اللفظ الواحد في بابين لصلاحيته لكليهما ، أو تفريق النظيرين على بابين .
( 2 ) التبويب على عدد مرّات التكرار – كما هو منهج الكسائي الذي سبقت الإشارة إليه في المطلب السابق – وقد أخذ بهذا المنهج ابن أنبوجا في القسم الأول من منظومته " البحر المحيط " الذي يسمى منفرداً " معدودات القرآن " .
( 3 ) التبويب على ترتيب السور – كما هو منهج المصنفين في المتشابه اللفظي كما سبق ذكره أيضاً في المطلب السابق – وأخذ به ابن أنبوجا في القسم الثاني من منظومته "البحر المحيط " الذي يعرف منفرداً باسم " متشابه القرآن " .
- ثانياً : مما هو معروف عن المنظومات في المتشابه – ومنظومة السخاوي ومن سار على منهجه خصوصاً - الاكتفاء بأحد اللفظين المتشابهين عن ذكر الآخر في الغالب – لضيق النظم عن ذلك – مما يحتاج معه إلى شرح يُذكّر بتلك النظائر وينبّه عليها .
وكذلك فإن من أبرز ما ينتقد على المنظومات – وهو موجود في السخاوية على قوة مَلَكَة مؤلفها في النظم – ما يضطر إليه من التغيير فيما يحكي من ألفاظ القرآن ، أو ذكر أسماء للسور غير معروفة ، وما سوى ذلك من ضرورات النظم ، وقريب منه كثرة الحشو لتكميل الأبيات ، إلاّ أن نظم ابن أنبوجا يخلو من الحشو في الغالب .(1/114)
- ثالثاً : تعتبر منظومة السخاوي " هداية المرتاب " أمَّ المنظومات في المتشابه وأشهرها، بل لعلّها أشهر المؤلفات في المتشابه اللفظي عموماً (1) ، ولعلّ من أبرز الأسباب لذلك – غير الشهادة لمؤلفها بسلاسة النظم والبراعة فيه(2) – كونها أوّل منظومة في المتشابه اللفظي ، وهذا السبق مشفوع بكون ناظمها إماماً في القراءات ، حتّى قال عنه الذهبي : " لا أعلم أحداً من القرّاء في الدنيا أكثر أصحاباً منه " وقال أيضاً : " وما علمت أحداً في الإسلام حُمل عنه القراءات أكثر مما حمل عنه " (3) .
ومما يؤكّد هذه المكانة لمنظومة السخاوي أن أربعاً من المنظومات المذكورة في المتشابه متعلّقة بها ؛ مابين تتميمٍ لها أو نظْمٍ على منوالها ، وهي المنظومات التي سار أصحابها على نهج السخاوي في الترتيب على الحروف الهجائية – السابق ذكرها في النقطة السابقة - .
- رابعاً : بسبب هذه الشهرة الواسعة لمنظومة السخاوي فقد احتفى العلماء بها كثيراً ؛ في صور شتى - سبق ذكر طرف منها – لكن كان من أظهر صور ذلك الاعتناء كثرة الشروح والحواشي والتعليقات والطبعات لهذه المنظومة ، حتّى إنه لم تُشرح منظومة أخرى في المتشابه غيرها ؛ سوى منظومة ابن أنبوجا التشيتي – بقِسميْها- في شرح واحد يتيم .
* أما الشروح المصنوعة على المنظومة السخاوية فقد أحصيت منها تسعة شروح هي :
__________
(1) ... ومما يمكن أن يستشهد به على ذلك : أن كلاً من الزركشي والسيوطي في كتابيهما الجامعين في علوم القرآن قد اتفقا على ذكرها ، بل لم يذكرا غيرها من المنظومات . انظر : البرهان : 1/ 206 ، الإتقان : 2/ 232 .
(2) ... يؤكّد هذا ما يذكر في ترجمة السخاوي من كونه أوّل من شرح منظومة شيخه " الشاطبي " في القراءات ، وأنه السبب في شهرتها . انظر : علم القراءات للدكتور: نبيل إسماعيل : ص 132 .
(3) ... انظر : غاية النهاية : 1/ 568 .(1/115)
" توضيح منظومة السخاوي في المتشابه" للطيبي (1) ( مخطوط ) (2) .
" الحاوي بشرح منظومة السخاوي" لعبدالله بن الشريف المصري(3) ( مخطوط )(4).
" فتح الكريم الوهاب في شرح هداية المرتاب" للقوصوني(5) ( مخطوط ) (6) .
" الحواشي على هداية المرتاب" لباقشير (7) ( مخطوط ) (8) .
شرح لأحمد بن عبدالله المكّي الفقيه (9) .
" كشف الحجاب شرح هداية المرتاب" لمحمد نجيب خياطة (10) .
" التوضيحات الجلية شرح المنظومة السخاوية في متشابهات الآيات القرآنية" لمحمد سالم محيسن وشعبان محمد إسماعيل (11) .
__________
(1) ... هو : شهاب الدين أحمد بن أحمد بن بدر بن إبراهيم الطيبي ، كان إماماً لجامع بني أمية مدة طويلة ، وله نظم في التجويد والقراءات ، توفي سنة 981هـ . انظر : الأعلام : 1/ 91 .
(2) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 218 ، من بلاغة المتشابه اللفظي : ص 23 .
(3) ... هو : من علماء القرن الثني عشر الهجري . انظر : البرهان للزركشي : 1/ 205 ( حاشية ) .
(4) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 218 ، البرهان للزركشي : 1/ 206 ( حاشية : 1 ) .
(5) ... هو : أبو العز بن علي بن خليل البستاني القوصوني . انظر : إعانة الحفاظ : ص 217 .
(6) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 217 .
(7) ... هو : محمد بن سعيد با قشير ، أديب ، شاعر ، من أهل مكة ، توفي سنة 1077هـ . انظر : الأعلام : 6/ 139 .
(8) ... انظر : إعانة الحفاظ : 218 .
(9) ... مطبوع بالآستانة : 1306هـ بمطابع إبراهيم أفندي .
(10) ... طبع بحلب في مطبعة الاقتصاد في خان الحرير : 1355هـ . والشارح هو : الشيخ محمد نجيب خياطة الشهير بالآلا ، من شيوخ قراء حلب المشهورين . انظر : مقدمة تحقيق الحسني لهداية المرتاب : ص 52 .
(11) ... صدر عن المكتبة المحمودية التجارية بمصر . والشارحان : مدرّسان في الأزهر وعضوان في لجنة مراجعة المصاحف .(1/116)
" التسهيل فيما يشتبه على القارئ من آي التنزيل" لعلي إسماعيل السيد هنداوي ومحمد عوض الحرباوي (1) .
شرح عبد القادر الخطيب الحسني (2) .
والمتوفّر من هذه الشروح التسعة : الثلاثة الأخيرة منها – لأن الأخرى إما مخطوطة أو مطبوعة طباعة قديمة وغير متوفّرة الآن – مع تصريح بعض المتأخرين بالاستفادة من شروحات المتقدّمين مع الاستدراك عليهم في ذلك .
وأفضل هذه الثلاثة : الأخيران منها ؛ لأن " التوضيحات الجلية " شرح فيه إيجاز شديد وقصور كبير في بيان مراد الناظم ، مع تصريح صاحبي " التسهيل " بالاستفادة منه .
أما " التسهيل " فإنه يمتاز بالإيضاح والسهولة ، مع بيان كثير مما في النظم من محترزات وإشارات ، وجمع ما فرّقه الناظم مما يتعلّق بالآية الواحدة . لكن يلحظ على هذا الشرح عدم ضبط مؤلّفيه النظم بالشكل ، وهو ماقام به الحسني في شرحه ، مع وضعه مسْرداً للألفاظ المتشابهة المذكورة في النظم تصريحاً أو إشارة . وكذلك فإن الحسني قد صرّح باستفادته من شرحي الطيبي وخياطة ، واعتماده في تحقيق الأبيات على نسخة في غاية النفاسة والصحة والإتقان (3) .
- خامساً : " البحر المحيط " لابن أنبوجا التشيتي ، تصدّى لشرحه وتوضيحه واحدٌ من أهالي بلده - موريتانيا – وهو محمد أحمد الأسود الشنقيطي (4) – بقِسْميه المتعلّقين بموضوع المتشابه اللفظي – كما يلي :
__________
(1) ... طبع بمطابع الشمس بالرياض : 1410هـ والشارحان : مدرسان بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالرياض .
(2) ... صدر عن مركز جمعة الماجد : 1414هـ وهو شرح مع تحقيق للمنظومة .
(3) ... انظر في الكلام التفصيلي على هذه الشروح : مقدمة تحقيق عبد القادر الحسني لهداية المرتاب : ص 51- 54 ، دليل المتشابهات اللفظية : ص 7 ، إعانة الحفاظ : ص 217- 231 .
(4) ... وهو : معاصر ، مقيم في مكة المكرمة . انظر : إعانة الحفاظ : ص 148 .(1/117)
شَرَح القسم الأول ( معدودات القرآن ) في كتاب سماه : تيسير الوهاب المنان على شرح معدودات القرآن (1) .
وشَرَح القسم الثاني ( متشابه القرآن ) باسم : تيسير الوهاب المنان على توضيح متشابه القرآن (2) .
وهذان الشرحان كثُر فيهما التحريف والسّقط في الأبيات – مع عدم ضبطها بالشكل- أما الأوهام في الشرح وعدم التزام شرح الآيات على ترتيبها المذكور في النظم فعليه في ذلك ملحوظات جمّة (3) ، والله المستعان .
وحيث إن الناظم في منظومته سار على رواية ورش عن نافع ؛ فإن الشارح كان يذكر في الحاشية قراءة حفص – إذا كانت مخالفة لها – وهذا صنيع جيّد منه .
- سادساً :على حين سار ابن أنبوجا على رواية ورش عن نافع – وهي الرواية المشهورة عند أهل المغرب – فقد سار الباقون على قراءة حفص عن عاصم ، مع إشارتهم قليلاً لغيرها – كما يفعل السخاوي – إذا كان لذلك أثر في اعتبارها من عدمه .
- سابعاً : بالنسبة لعدد أبيات المنظومات المذكورة ؛ فإنه يأتي في رأسها كثرةً منظومة ابن أنبوجا (( البحر المحيط )) حيث يبلغ عدد القسم الأول منها ( معدودات القرآن : 1234بيتاً) والثاني ( متشابه القرآن : 519 بيتاً ) ولذلك فقد حوى هذا النظم جلَّ ما يذكر في المتشابه.
أما السخاوي فقد ذكر في آخر منظومته عدد أبياتها ( وهو : 431 بيتاً ) مع كثرة الحشو فيها – مما يكون لتكميل الأبيات – لكنه نصّ في أولها أنه اقتصر على ذِكر ما يُشكل من المتشابهات ، دون ماكان الإشكال فيه بسبب الاختلاف في موقع الإعراب ونحوه فإنه لم يذكره ، ومع ذلك فقد حوت هذه المنظومة أكثر المهمّ مما يشكل من متشابهات القرآن .
__________
(1) ... طبع بمطابع البركاتي بمكة : ط 2 : 1407هـ على نفقة أحمد الكعكي .
(2) ... طبع بمطابع البركاتي بمكة : 1401هـ على نفقة الكعكي .
(3) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 132- 136 ، 152- 160 .(1/118)
ثم تأتي منظومة الدمياطي ؛ التي ذكر أنه نحا فيها نحو السخاوي ، وأنه زاد عليه زيادات – حيث يفصّل أحياناً فيما أوجزه السخاوي ، وأحياناً العكس – لكنها ركيكة ضعيفة التراكيب في مجملها مع كثرة الضرورات المخِلّة ، وقد بلغ عدد أبياتها ( 368 بيتاً ) لكن من البحر " الطويل " والتزم فيها قافية الألف ، ولذلك فإنها تسمّى أحياناً بمقصورة الدمياطي .
وهذا الصنيع من الدمياطي فيه امتياز لمنظومته عن بقية المنظومات الأخرى التي نظمت على بحر الرَّجَز ؛ كما أطلق السخاوي على منظومته لقب الأرجوزة في أوّلها ، وكما هو اسم منظومة حسن الماحي " رَجَز القرآن " التي بلغ عدد أبياتها ( 70 بيتاً ) في حين أن عدد أبيات منظومة الدنفاسي ( هو : 200 بيتٍ ) لكن مع وجود تطابق بين أبياتها وأبيات منظومة الماحي ؟ (1) .
- ثامناً : بقيت الإشارة في آخر هذا المطلب إلى وجود أبيات متفرّقة منظومة في المتشابه، نظمها بعض المصنفين فيه ، منهم الطيبي في شرحه لمنظومة السخاوي(2) ، كما أن للعلامة محمد سالم بن عبد الودود نظماً متفرّقاً في المتشابه (3) . ومن المعاصرين جمال بن عبد الرحمن في كتابه" الإيقاظ "- السابق ذكره في المطلب الأول – وهي قرابة مائة بيت ، لكنها ركيكة جداً ، بل هي أشبه بالكلام المسجوع منها بالنظم(4) .
__________
(1) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 140 .
(2) ... انظر : مقدمة تحقيق عبدالقادر الحسني لهداية المرتاب : ص 52- 53 وهي أبيات يعارض بها بعض أبيات السخاوي .
(3) ... انظر : مقدمة تحقيق الحكمي لمتن هداية المرتاب : ص 2 ، وقد ذكر الحكمي أنه أورد منه بيتين في تعليقه على متن السخاوي ، أما ابن عبدالودود فهو شيخ للحكمي ( المحقق ) كتب مقدمة لتحقيقه هذا .
(4) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 184- 185 .(1/119)
لكن صاحب " الإيقاظ " قد يستشهد أحياناً بأبيات من السخاوية – مع تصرّف فيها أحياناً - (1) ، أما السيد محمود محمد سند فقد ذكر في كتابه " أوجز البيان في متشابه القرآن " – وهو من المؤلفات المذكورة في المطلب السابق أيضاً – أنه دعم كلامه في بعض المواضع بأبيات من المنظومة السخاوية مع الإشارة إلى ما جاء فيها من أخطاء وتصحيحها في الهامش (2) .
* * *
المطلب الثالث : المؤلفات المفردة في توجيه المتشابه اللفظي
المقصود بتوجيه المتشابه – الذي سيكون هذا المطلب والذي بعده لذكر المؤلفات فيه بنوعيها - هو : بيان علل تكرار المتشابهات ، وعلل وجوه الاختلاف بينها (3) كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في صدر هذا المبحث .
ثم إنه قد تحصّل لي من المؤلّفات المفردة في (( توجيه المتشابه اللفظي )) ما يلي :
درّة التنزيل وغرّة التأويل لأبي عبد الله الرازي ؛ المعروف بالخطيب الإسكافي(4).
__________
(1) ... انظر : الإيقاظ : ص 48 ، 52 .
(2) ... انظر : أوجز البيان : ص 10 ، لكني استعرضت كتابه فلم أجد شيئاً مما ذكره من تصحيح الأخطاء ، اللهم إلا في موضع واحد ( ص : 31 ) وهو تنبيه إلى الفهم الصحيح ، وليس هو للبيت بتصحيح – كما قد يفهم من كلامه المذكور أعلاه – فلينظر .
(3) ... انظر : إعانة الحفاظ : ص 196 .
(4) طبع بمطبعة السعادة بمصر ، باعتناء الشيخ عبدالمعطي السقا : 1326هـ ، ثم بمطبعة الوراق بمصر : 1327هـ، ثم في دار الآفاق الجديدة ببيروت : 1373 ، 1379هـ ، وأخيراً طبعت الكتاب جامعة أم القرى عن تحقيق علمي في رسالة دكتوراه : د. محمد مصطفى آيدين : 1422هـ وفي مقدمتها نقد للطبعات السابقة : 1/ 179- 186 ، وكذلك أثبت صحة الكتاب للمؤلف : 1/ 93- 133 وهو أمر كثر فيه النقاش بين الباحثين، انظر : علوم القرآن بين البرهان والإتقان : ص 149- 150 . ...(1/120)
البرهان في متشابه القرآن للكرماني (1) .
ملاك التأويل لابن الزبير الغرناطي (2) .
كشف المعاني في المتشابه من المثاني لابن جماعة (3) .
فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن للأنصاري (4) .
__________
(1) ... صدر أول مرة عن دار الاعتصام بالقاهرة : 1397هـ بتحقيق : عبدالقادر عطا ، لكن بعنوان " أسرار التكرار في القرآن " لكن طبع مرة ثانية : 1406هـ باسمه الصحيح في : دار الكتب العلمية لنفس المحقق . وأفضل من هذا التحقيق ماصدر عن دار الوفاء بالمنصورة : 1411هـ بتحقيق : أحمد عز الدين خلف الله . علماً بأن الكتاب قد حقق في رسالة ماجستير في جامعة الإمام من قبل : د. ناصر العمر : 1399هـ ( وهي غير مطبوعة ) نقد فيها بالتفصيل الطبعة التي بتحقيق عبد القادر عطا : ص 50- 70 .
(2) صدر عن دار الغرب الإسلامي : 1403هـ / 1983م ؛ بتحقيق : د. سعيد الفلاح ، كما صدرت عن دار النهضة العربية – ببيروت : 1985م ؛ بتحقيق : د. محمود كامل أحمد . ...
(3) ... نشرته جامعة الدراسات الإسلامية بكراتشي باكستان ، وصدر عن دار الوفاء بمصر : 1410هـ بتحقيق :
د. عبد الجواد خلف ، ثم صدر أخيراً عن دار الشريف بالرياض : 1420هـ بتحقيق : مرزوق علي إبراهيم ، والأولى أجود . علماً بأن الكتاب قد حقق في رسالة ماجستير بجامعة الإمام ، من قبل الباحث : عبد الوهاب المشهداني ( وهي غير مطبوعة ) ، كما حقق في رسالة ماجستير أخرى في دار الحديث الحسنية بالرباط ، من قبل الباحث : عبد الرحيم يوسف عثمان .
(4) ... صدر عن دار القرآن الكريم ببيروت : 1403هـ بتحقيق : محمد علي الصابوني ، ثم أعيدت طباعتة بنفس التحقيق وصدر عن دار عالم الكتب : 1405هـ . كما حققه الدكتور عبدالسميع حسنين في رسالة ماجستير بالأزهر وصدر عن مكتبة الرياض الحديثة : 1404هـ . علماً بأن الكتاب قد حقق في رسالة علمية في جامعة الإمام : 1403هـ من قبل الباحث: عبدالله بن مطلق الطوالة ( وهي غير مطبوعة ) .(1/121)
متشابه النظم في قصص القرآن الكريم- مقارنة وتحليل- للدكتور :عبدالغني الراجحي (1).
المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للدكتور : صالح الشثري (2).
من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم للدكتور : محمد الصامل (3) .
من بلاغة المتشابه اللفظي للدكتور : إبراهيم طه العجلي (4) .
ويمكنني أن أتكلّم عن المناهج العامة والملامح البارزة لهذه المؤلفات في النقاط الموجزة التالية (5) :
- أولاً : يعتبر كتاب الخطيب الإسكافي (( درة التنزيل )) عمدة هذه المؤلفات وأسبقها ، ولذلك فإن كلّ من ألف بعده في (( توجيه المتشابه )) عيالٌ عليه ، ومتأثّرون به – مادّة ومنهجاً – وقد صرّح بهذا كلٌّ من الكرماني وابن الزبيرالغرناطي في مقدّمة كتابيهما (6) والآخرون كذلك لكنهم لم يصرّحوا ، سوى المعاصرين الذين جعلوا كتاب الدرّة في قائمة مصادر مؤلفاتهم .
__________
(1) ... وهي رسالة دكتوراه من جامعة الأزهر : 1945م وتقع في ( 462 ) صفحة ( وهي غير مطبوعة ) .
(2) ... وهي رسالة دكتوراه من جامعة أم القرى : 1421هـ وتقع في ( 507 ) صفحات ( وهي غير مطبوعة ) .
(3) ... صدر عن دار إشبيليا بالرياض : 1422هـ .
(4) ... ذكره الدكتور الشثري في مقدمة رسالته المذكورة في الأعلى : ص 7 .
(5) ... انظر في الكلام التفصيلي عن هذه المؤلفات : الدراسات الخاصة بكلّ واحد منها – وقد أشير إليها عند ذكر كل كتاب منها في الصفحتين السابقتين في الحاشية – وانظر أيضاً : مقدمة تحقيق عبد القادر الحسني لهداية المرتاب : ص 31- 33 ، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للشثري: ص 10- 110 ، من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم للصامل : ص 18- 27 ، أنواع التصنيف المتعلّقة بتفسير القرآن : ص 111- 120 ، إعانة الحفاظ : 121- 246 ، 303 .
(6) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 111 ، ملاك التأويل لابن الزبير : 1/ 146 .(1/122)
يلي كتاب الخطيب في الأهمية وقوّة الأثر كلٌّ من برهان الكرماني وملاك ابن الزبير ، فهما وإن كانا اقتفيا أثر الخطيب فقد أضافا عليه شيئاً كثيراً ، وخصوصاً الكرماني الذي كان أوّلَ من توسّع وزاد على ما عند الخطيب _ مع اختصار في العبارة وإيجاز في التوجيه – حتّى غدا كتابه " البرهان " ذا أثر بعيد وظاهر فيمن لحقه ، وخصوصاً الأنصاري في " فتح الرحمن " وابن جماعة في " كشف المعاني "حيث نقلا عنه كثيراً واقتفيا أثره في الإيجاز .
وكذلك الأمر بالنسبة لابن الزبير- وإن لم يكن أثر كتابه كالكرماني – لكن ضخامة إضافته كمّاً وكيفاً على درّة الخطيب حَدَتْ أحد الباحثين لأن يعتبر كتابه في المرتبة الثانية في الأهمية بعد " درة التنزيل " .
ولكلٍّ من الزركشي والسيوطي كلمات في تقويم بعض هذه المؤلفات والمقارنة الإجمالية بينها – نقلها عنهما جلّ الباحثين في ذلك – يحسن ذكرها هنا :
قال الزركشي : "وصنّف في توجيهه الكرماني كتاب البرهان ، والرازي كتاب درّة التأويل وأبوجعفر ابن الزبير وهو أبسطها في مجلّدين " (1) ، وقال السيوطي : " وألّف في توجيهه الكرماني كتابه البرهان في متشابه القرآن ، وأحسن منه درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبدالله الرازي ، وأحسن من هذا ملاك التأويل لأبي جعفر بن الزبير ، ولم أقف عليه ، وللقاضي بدر الدين ابن جماعة في ذلك كتاب لطيف سمّاه كشف المعاني عن متشابه المثاني"(2) .
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 1/ 206 ، ويلحظ وهم الزركشي في اسم كتاب الرازي ( الإسكافي ) .
(2) ... الإتقان في علوم القرآن : 2/ 232 .(1/123)
وعموماً فإن هذه الكتب الخمسة – كتاب الإسكافي والكرماني وابن الزبير وابن جماعة والأنصاري – والثلاثة الأولى منها على وجه الخصوص : هي المصادر الأساس في (( توجيه المتشابه اللفظي )) (1) وإن كانت كتب وبحوث المعاصرين تزيد المقارنةَ فيما بين تلك الكتب، مع إضافة ما قد يُذكر في كتب التفسير أو غيرها من التوجيهات .
- ثانياً :جميع المؤلفات المذكورة سارت في ترتيب مادتها على ترتيب السور في المصحف، مع الإحالة – في الغالب - على الموضع المتقدّم عند الوصول إلى المواضع المتأخرة، كما تُصاغ وجوه التكرار أو الاختلاف بين المتشابهات المتعلّقة بالآية الواحدة على شكل أسئلة أو مسائل ، يوضّحها المؤلّف ويشرح عللها واحدة بعد أخرى .
يستثنى من هذا المنهج مؤلَّفَا الراجحي والشثري ، حيث كان ترتيبهما موضوعياً ، فالأول بحسب قصّة كلّ نبيّ ، والثاني بحسب نوع الاختلاف الحاصل بين الآيات المتشابهة في الكلمة ( صيغةً أو تذكيراً وتأنيثاً أو تعريفاً وتنكيراً أو إفراداً وجمعاً أو إبدال حرف بحرف ) وفي التراكيب ( ذكراً وحذفاً أو تقديماً وتأخيراً أو فصلاً ووصلاً ) .
ولا شك في كون منهج ترتيب السور في المصحف أسهل تناولاً وأشمل ، لكن منهج الترتيب الموضوعي - بنوعيه - كان أنسب من الناحية الفنّية الأكاديميّة للذَينِ اتخذاه ، والله أعلم .
__________
(1) ... انظر : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للشثري : ص 5- 6 .(1/124)
- ثالثاً :كلُّ الكتب المذكورة متمحّضة – إلاّ ما ندر – في توجيه المتشابه اللفظي ، سوى ثلاثة منها ، هي(1) : كتاب ابن جماعة " كشف المعاني " ، وكتاب الأنصاري " فتح الرحمن " ، وكتاب الصامل " من بلاغة المتشابه اللفظي " ؛حيث احتوت على توجيهات لمسائل من المتشابه المعنوي ولطائف أسئلة القرآن ؛ فبلغت عند ابن جماعة قرابة ثلث مسائل الكتاب ، وعند الآخَرَين أكثر من نصف مسائل الكتاب – تقريباً - (2).
__________
(1) ... وقد ذكرتها هنا – مع المؤلفات المفردة – لأنها كالمفردة في توجيه المتشابه ؛ سواء من حيث عدد مسائل المتشابه اللفظي فيها ، أو من حيث إن توجيه التشابه اللفظي من المقاصد الأصيلة فيها ، ويمكن أن يضاف إلى ذلك : أن المسائل الأخرى التي ذكرتها هذه الكتب في المتشابه المعنوي ولطائف القرآن قريبة جداً إلى موضوع التشابه اللفظي ، ومتعلّقة بها . وكذلك فإن الباحثين مطبقون على عدّها من المفردة في المتشابه اللفظي .
(2) بلغ عدد مسائل متشابه المعاني واللطائف في كتاب ابن جماعة ( 150 ) مسألة من أصل (481 ) مسألة ، بينما بلغ عددها في كتاب الأنصاري ( 758 ) مسألة من أصل ( 1108 ) مسائل ، وهذا الإحصاء من قِبَل صاحب كتاب : إعانة الحفاظ : ص 203 ، 205 . أما كتاب الصامل فقد قمت بإحصاء مسائل الكتاب كله فبلغت ( 86 ) مسألة منها قرابة ( 50 ) مسألة من الأسرار واللطائف البلاغية التي ليس لها تعلّق مباشر بمسائل المتشابه اللفظي . ...(1/125)
- رابعاً : بالنسبة لعدد المسائل : فإن أكثر كتب توجيه المتشابه في ذلك : كتاب الكرماني ( 590 مسألة ) ، يليه كتاب ابن الزبير ( 530 مسألة ) ، ثم الأنصاري ( 350 مسألة ) ، ثم كتاب ابن جماعة ( 331 مسألة ) ، وأخيراً : الإسكافي ( 324 مسألة ) (1) .
- خامساً : افترق المؤلفون في توجيه المتشابه اللفظي من حيث البسط والاختصار في التوجيه والتعليل إلى منهجين متمايزين :
( 1 ) منهج البسط والإطالة في التوجيه والتعليل والشرح ، وهذا منهج الخطيب الإسكافي ، وتبعه عليه أبو جعفر بن الزبير ، على أن في أسلوب ابن الزبير صعوبة من جهة أنه " يتكلّف في اختيار الألفاظ الفصيحة ، ويكثر في كلامه الحشو الذي لا حاجة إليه ، بخلاف الإسكافي " (2) ، كما يلحظ أيضاً أن منهج البسط والإسهاب في الشرح قد جعلهما يُكثران من الاستطراد وعقد الفصول التكميليّة التي ليست من صميم مسائل الكتاب .
وقد يلتحق بهذا المنهج ما سار عليه المعاصرون في مؤلفاتهم – وهي المؤلفات الأربعة الأخيرة – حيث التزموا فيها منهج الاستيعاب مع المناقشة والمقارنة والتحليل .
( 2 ) منهج الإيجاز والاختصار في التوجيه والتعليل ، وهو المنهج الذي اختطّه الكرماني ، وتبعه عليه كلٌّ من ابن جماعة والأنصاري . والرغبة في الاختصار عند هؤلاء قد يقع بسببها أحياناً شيء من الغموض و عدم وضوح قصد المؤلّف من كلامه .
__________
(1) ... الإحصاء المذكور للمسائل: قمت به أنا لكتابي : الإسكافي وابن الزبير ، كما قام به عبد القادر عطا في تحقيقه لكتاب الكرماني ، وأما كتابا ابن جماعة والأنصاري ؛ فقد ذكرهما في : إعانة الحفاظ ؛ كما في الحاشية السابقة
(2) إعانة الحفاظ : ص 202 . ...(1/126)
هذا وقد ذهب أحد الباحثين إلى ترجيح المنهج الأوّل ، لأنه المناسب في مقام التوجيه والتعليل وبيان الأسرار ، الذي يحتاج إلى استدلال وبيان وشرح ، ولا يكفي فيه العبارة الموجزة التي لا تكاد تبين عن شيء من ذلك(1) .
والذي يظهر لي أن في كلِّ واحد من المنهجين ميزة ليست في الآخر ، والأَوْلى الأخذ بمنهج وسط لا يقع في غموض الإيجاز ، ولا يذهب كثيراً في الشرح والتعليل فيقع في الاستطراد والخروج عن المقصود . وبهذا يجمع بين ما فيهما من المحاسن ، ويجتنب ما فيهما من المآخذ ، والله أعلم .
- سادساً : ذكر أحد الباحثين بأن المصنّفين في توجيه المتشابه اللفظي قد تركوا جمّاً غفيراً من المتشابهات ؛ لكونهم لم تنكشف لهم عللٌ تصلح أن تُوجَّه بها تلك الآيات(2) .
والظاهر عندي – والله أعلم – أنه وإن كان ذلك متحقّقاً في بعض المتشابهات المُغفلة ، لكنه ليس مطّرداً في الجميع ، لأنهم – أيضاً - قد تركوا شيئاً من المتشابهات لوضوح الأمر فيها ، وعدم احتياجها للتوجيه والتعليل في نظرهم .
- سابعاً : مما يذكره البعض عن المصنفات في توجيه المتشابه : وجود شيء من التكلّف في إيجاد العلل والتوجيهات لبعض المتشابهات فيها .
وهذا الذي ذكروه حقّ ، ولعلّ مَرَدّ ذلك إلى كون (( توجيه الآيات المتشابهة )) مبنيّاً على الاجتهاد والنظر والتدبّر ، وما كان كذلك فإنه لا يُستغرب وجود شيء من التكلّف فيه .
* * *
المطلب الرابع : المؤلفات غير المفردة في توجيه المتشابه اللفظي
المقصود في هذا المطلب الكلام على الكتب التي تعرّضت لتوجيه المتشابه اللفظي ضمن موضوعات أخرى هي الأصل في تلك المؤلّفات .
__________
(1) انظر : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 67 ، 83 . ...
(2) انظر : إعانة الحفاظ : ص 198 . ...(1/127)
وهي مؤلّفات عديدة لا يمكن حصرها هنا ، لكن أكتفي بالإشارة إلى أنواعها العامة مع ذكر أهمها وأبرز ملامحها في تناول توجيه المتشابه ، وهي كالتالي (1) :
1- كتب جَمْع المتشابه اللفظي ، حيث سبقت الإشارة - في آخر المطلب الأول من هذا المبحث – إلى أن عدداً قليلاً من الكتب المصنفة في جمع المتشابه اللفظي قد ذكرت توجيهات لبعض الآيات المتشابهة التي جمعتها ، وقد سبق – هناك - ذكر تلك الكتب وما يتعلّق بها من تفصيلات .
2- كتب التفسير ، وخاصّة ما يهتمّ منها بالمباحث البلاغية ولطائف وأسرار القرآن ، ومن أبرزها : الكشاف للزمخشري ، والتفسير الكبير للفخر الرازي - وهما عمدة من جاء بعدهما من المفسّرين في ذلك - .
بالإضافة إلى : البحر المحيط لأبي حيّان ، والتسهيل لابن جزي الكلبي ، وروح المعاني للآلوسي ، والتحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور(2) .
__________
(1) ... انظر في الكلام على بعض هذه المؤلفات المهتمة بتوجيه المتشابه : مقدمة تحقيق الحسني لهداية المرتاب : 34- 37 ، مقدمة تحقيق أحمد خلف الله لبرهان الكرماني : ص 72- 80 ، درة التنزيل للإسكافي بتحقيق آيدين : 1/ 82- 85 ، 164- 173 ، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 21 ، 52 ، 72 ، 98 ، إعانة الحفاظ : ص 203- 205 ، إعجاز القرآن البياني لصلاح الخالدي : ص 220- 221 ، وغيرها.
(2) اقتصرت هنا على ذكر التفاسير التي يكون لها إضافات فيما تنقله غالباً ، وإلاّ فغالب التفاسير المهتمة بالمباحث البلاغية كان لها اهتمام بهذا الموضوع ، ومنها : حاشية ابن المنير على الكشاف ، وتفسير البيضاوي ، وحاشية كلّ من الخفاجي وشيخ زاده عليه ، وتفسير النسفي ، وأبي السعود ، والسمين الحلبي في الدر المصون ، وتفسير النيسابوري ، والخطيب الشربيني ، وحاشية الجمل على الجلالين ، وبدائع التفسير الجامع لتفسير ابن القيم .(1/128)
والتأثر والتأثير المتبادَل بين كتب التفسير وكتب توجيه المتشابه المفردة ، وكتب التفسير بعضها مع بعض ، مما يظهر عند أدنى مقارنة بينها في ذلك ، عدا ما يصرّح به البعض بالأخذ من غيره .
ومن أكثر كتب توجيه المتشابه أثراً في كتب التفسير كتاب " درة التنزيل " للإسكافي ؛ حيث كان الأخذ منه – دون ذكر في الأغلب – موجوداً في أكثر التفاسير المذكورة سابقاً- كالزمخشري والرازي - . أما أبو حيان في " البحر المحيط " و ابن جزي الكلبي في "التسهيل" فقد كانا يصرّحان كثيراً بالنقل عن شيخهما أبي جعفر ابن الزبير في توجيه المتشابه (1). كما أن صاحب " الفتوحات الإلهية " - التي هي حاشية على تفسير الجلالين – فقد كان يكثر فيها من النقل الصريح عن الأنصاري في " فتح الرحمن " .
أما الإفادة العكسية – وإن كانت أقل من الأولى بكثير - فيُمكن التمثيل لها بإفادة كلّ من ابن الزبير في " ملاك التأويل " والأنصاري في " فتح الرحمن " من كلّ ٍ من : الزمخشري والفخر الرازي في تفسيرهما .
وأما تأثير كتب التفسير بعضها في بعض – فيما يتعلّق بتوجيه المتشابه – فأكثر ما حصل من ذلك هو : تأثير تفسيرَي الزمخشري والرازي فيمن جاء بعدهما ؛ حيث أفاد كلٌّ من البيضاوي والنسفي وأبي السعود من كشاف الزمخشري ، كما أفاد الشربيني والآلوسي من " التفسير الكبير للرازي" – على أن الآلوسي كان كثير المناقشة لما ينقله عنه في ذلك(2)- .
__________
(1) ... انظر : أبو حيان وتفسيره البحر المحيط للدكتور : بدر البدر : ص 97 ، ابن جزي ومنهجه في التفسير لعلي الزبيري : 2/ 804 .
(2) ... قال عبد القادر الحسني في مقدمة تحقيقه لهداية المرتاب : ص 37 - عن تفسير الألوسي- : " وهو من أغزر التفاسير مادّة في توجيه المتشابه " .(1/129)
3- كتب علوم القرآن العامة ، وأبرزها خمسة : " البرهان" للزركشي ، و" الإتقان " للسيوطي ، و"بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" للفيروزابادي ، و" أسرار التنزيل" أو" قطف الأزهار في كشف الأسرار" للسيوطي(1) ، و" إرشاد الرحمن لأسباب النزول والنسخ والمتشابه وتجويد القرآن" للأجهوري (2) .
وما في هذه الكتب من توجيه المتشابه مأخوذ بحروفه مما كتبه أصحاب المؤلفات المفردة فيه ، حيث نقل الزركشي عن الكرماني – دون تسميته - (3) ، كما صرّح السيوطي بالنقل عن أبي عبدالله الرازي في " درة التنزيل " و ابن جماعة في " كشف المعاني " .
أما كتابا كلّ من الفيروزأبادي والأجهوري فلا يعدو ما فيهما أن يكون استبطاناً كاملاً – دون أي ذكر - لكتاب البرهان للكرماني (4) .
بقيت الإشارة إلى أن ما في المؤلفات الثلاثة الأولى لا يتجاوز أمثلة معدودة مثّل بها كلّ منهم في النوع الخاص الذي عقده للمتشابه اللفظي ، هذاعدا الأمثلة المتناثرة في بعض الأنواع الأخرى في الكتابين – كنوع أساليب القرآن وفنونه البليغة عند الزركشي و نوع التقديم والتأخير ونوع الفواصل وغيرها عند السيوطي(5) - .
__________
(1) ... حقق في رسالة دكتوراه في جامعة الإمام ، من قبل الباحث : أحمد محمد الحمادي ، و قد طبعته وزارة الشؤون الإسلامية بقطر : 1414هـ ولكنه غير كامل ، حيث لم يوجد منه إلاّ إلى الآية ( 92 ) من سورة التوبة .
(2) ... هو : عطية الله بن عطية الأجهوري البرهاني الشافعي ؛ فقيه ، فاضل ، ضرير ، من أهل أجهور – بقرب القليوبية بمصر - ، تعلم وتوفي بالقاهرة سنة : 1190هـ . انظر : الأعلام : 4/ 238 .
(3) انظر : علوم القرآن بين البرهان والإتقان : ص 153 . ...
(4) ... انظر : مقدمة تحقيق أحمد خلف الله لبرهان الكرماني : ص 73 .
(5) ... انظر : الإتقان للسيوطي : 2/ 237 حيث أشار فيه إلى وجود أمثلة أخرى لتوجيه المتشابه في الأنواع المذكورة وغيرها .(1/130)
أما الكتاب الآخر للسيوطي فقد بيّن مقدار مافيه بقوله : " وفي كتابي أسرار التنزيل المسمّى قطف الأزهار في كشف الأسرار ، من ذلك الجمّ الكثير " (1) .
4- كتب إعجاز القرآن العامة ، والإعجاز البياني ( البلاغي ) خصوصاً ، فمن كتب الإعجاز العامة : " إعجاز القرآن" للباقلاني ، و"معترك الأقران في إعجاز القرآن" للسيوطي ، و" إعجاز القرآن الكري"م للدكتور: فضل عباس .
ومن المؤلفات في الإعجاز البياني : "خصائص التعبير القرآني" للدكتور: عبد العظيم المطعني، و"صفاء الكلمة " للدكتور عبدالفتاح لاشين ، وكتابا " التعبير القرآني" ، و"بلاغة الكلمة في التعبير القرآني" كلاهما للدكتور: فاضل السامرائي ، و"سرّ الإعجاز" للدكتور: عودة الله القيسي ، و" إعجاز القرآن البياني" للدكتور: صلاح الخالدي .
أما كتابا الباقلاني والسيوطي فليس فيهما إلا أمثلة قليلة أخذت من كلام المصنّفين في توجيه المتشابه ، وذلك ضمن ذكرهم للآيات المتشابهة على أنها وجه من وجوه إعجازه . أما ما في " معترك الأقران " للسيوطي : فهو تكرارٌ لما في كتابه " الإتقان " بنصّه .
أما الكتب الأخرى – وكلّها لمعاصرين – فقد احتوت على مسائل غير كثيرة ، وكانت توجيهاتهم لتلك المسائل لا تخلو من إضافات جديدة ، مع اتكائهم فيها على ما ذكره أصحاب المؤلفات المفردة في توجيه المتشابه ، وهم مستفيدون أيضاً من كلام المفسّرين ، وكتب أهل البلاغة .
__________
(1) ... الإتقان في علوم القرآن : 2/ 232 .(1/131)
- ومما يمكن إلحاقه بالمؤلفات في الإعجاز البلاغي : الكتب أو البحوث التي درست أحد أساليب القرآن ؛ كالتكرار أو التقديم والتأخير ونحو ذلك ، وهذه كثيرة ، لكن أذكر منها على سبيل المثال : " ظاهرة التكرار في القرآن الكريم" للدكتور: عبد المنعم السيد حسن ، و" قضايا التكرار في القصص القرآني" للدكتور: القصبي محمود زلط(1) ، و" أسلوب التقديم والتأخير في القرآن الكريم" للدكتور زيد عمر عبد الله (2) ، و" أسلوب الالتفات في البلاغة القرآنية" للدكتور: حسن طبل ، وكتابا : "من أسرار حروف الجر في القرآن الكريم" ،
و" الإعجاز البياني في صيغ الألفاظ" كلاهما للدكتور: محمد الأمين الخضري ، و" الفاصلة في القرآن" لمحمد الحسناوي ، وغيرها كثير ، وجلّها مؤلَّفات معاصرة .
على أن المسائل المتعلّقة بالتشابه اللفظي المذكورة في هذا النوع من المؤلفات قليلة جدّاً لكنها – كغالب البحوث المعاصرة – تتّسم التوجيهات فيها – غالباً – بالتوسّع والتحليل والمقارنة ، مع محاولة الإضافة العلمية الجديدة في ذلك .
- كما أن مما يمكن أن يلحق – أيضاً - بالمؤلفات في الإعجاز البلاغي : المؤلّفات العامة في البلاغة – كمثل : "دلائل الإعجاز" للجرجاني ، وشروح التلخيص ، وغيرها كثير – فإن هذه الكتب قد تتعرّض أحياناً لتوجيه بعض المتشابهات اللفظية في القرآن ، ولكن ذلك ليس كثيراً فيها – فيما يظهر – والله أعلم .
__________
(1) ... هذان الكتابان سبق تفصيل القول فيهما في الدراسات السابقة – في مقدمة الرسالة - .
(2) ... وهذه رسالة علمية في جامعة الإمام بالرياض ( وهي غير مطبوعة ) .(1/132)
5- كتب مشكل القرآن ، وأبرزها ثلاثة :" تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ، وكتاب" أسئلة القرآن" أو" أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة من غرائب التنزيل" لمحمد بن أبي بكر الرازي(1) ، و" الروض الريان في أسئلة القرآن" لشرف الدين الحسين بن ريّان .
وعِدَّة مسائل التشابه اللفظي في هذه الكتب قليلة ، وأكثر ما يُذكر منها ما يتعلّق بتوجيه مسائل التشابه اللفظي التام ( بلا اختلاف ) أو ما يسمّى بالتكرار .
ومما يشار إليه هنا أن ابن ريّان في كتابه " الروض الريان " قد صرّح في مقدمته(2) بأن من الكتب التي اعتمد عليها في كتابه : كتاب " درّة التنزيل " للخطيب الإسكافي – وهو عمدة المؤلفات في توجيه المتشابه اللفظي كما تقدّم - .
6- كتب المناسبات ، وأبرزها ثلاثة : " نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" للبقاعي ، و" البرهان في تناسب سور القرآن" لابن الزبير الغرناطي – صاحب "ملاك التأويل" – حيث يذكر كتاب" البرهان" ويحيل عليه في تفصيل بعض المسائل التي يذكرها في "ملاك التأويل" . أما الثالث فهو " تناسق الدرر في تناسب السور " للسيوطي ، وقد ذكر أنه أفرده من كتابه " أسرار التنزيل " (3) .
وأما البقاعي فقد تأثّر – أيضاً - بملاك التأويل لابن الزبير في توجيهه لبعض المتشابهات ، وبغيره من كتب توجيه المتشابه ، وكتب التفسير . على أن مسائل توجيه التشابه اللفظي عند البقاعي غير قليلة ، بخلاف "برهان " ابن الزبير و" درر" السيوطي ، الذي اقتصر فيه على تناسب السور دون تناسب الآيات .
* * *
__________
(1) ... وهذا الكتاب قد يسمّى أيضاً بـ " تفسير الرازي " ؛ كما في الطبعة التي حققها الدكتور : محمد رضوان الداية ، وصدرت عد دار الفكر .
(2) انظر : الروض الريان : قسم التحقيق : 1/ 1 . ...
(3) ... انظر : تناسق الدرر : ص 24- 26 .(1/133)
بقيت الإشارة إلى أن كتاب " إعانة الحفّاظ للآيات المتشابهة الألفاظ " لمحمد طلحة بلال منيار - الذي سبق ذكره في المطلب الأول من هذا المبحث " ضمن المؤلّفات في جمع المتشابه "– قد ذكر فيه باباً كاملاً – استحوذ على معظم الكتاب – عن المؤلّفات في المتشابه اللفظي(1) ، وقد استقصى في ذلك ما استطاع ، فكان أوفى كتاب رأيته تعرّض لإحصاء المؤلفات في هذا الموضوع ، مع الكلام عليها . وقد أفدت منه كثيراً في هذا المبحث بخصوصه ، والله الموفّق .
* * *
المبحث الأول :
أهمية علم المتشابه اللفظي في القرآن وفوائده
الأمور التي يكتسب منها العلم أهميته ، والفوائد والثمرات التي تعود على من يشتغل به، هي الأشياء التي يكتسب منها ذلك العلم مبرّرات وجوده ابتداءً ، ثم هي الأشياء التي تفسّر استمراره وتطوّره . هذا فضلاً عن كون الحديث عن أهمّية العلم وفوائده مما يرتبط كثيراً مع ذكر تعريفه ونشأته .
وكذلك فإن الكلام في هذا المبحث يتداخل كثيراً مع مبحث " أسباب التأليف في المتشابه اللفظي ومقاصده " – في الفصل السابق – ؛ حيث إن من أهم الأسباب الداعية إلى التأليف فيه بعضَ الأمور التي يكتسب منها ذلك العلم أهميته ، وكذلك بالنسبة لبعض المقاصد من وراء التأليف فيه هي من أهم ما يحقّقه ذلك العلم من الفوائد . ويتبيّن الأمر جليّاً من خلال المقارنة بين المبحثين .
وعليه فإن الكلام تحت هذا المبحث سيكون في مطلبين :
المطلب الأول : أهمية علم المتشابه اللفظي في القرآن .
المطلب الثاني : فوائد علم المتشابه اللفظي في القرآن .
* * *
المطلب الأول : أهمية علم المتشابه اللفظي في القرآن
__________
(1) ... استغرق هذا الباب الذي فيه الكلام على المصنفات في المتشابه : من : ص 115- إلى : ص 246 .(1/134)
يقول الشيخ طاهر الجزائري(1) – في بيان مكانة هذا العلم إجمالاً - : " ولا يخفى أن المسائل المذكورة من متعلّقات العلم المسمّى بعلم المتشابه من القرآن ، وهو علم جليل الشأن؛ له اتصال بعلم المناسبات . وقد ألّف فيه كثير من العلماء الأعلام فأجادوا ، إلاّ أنه كغيره من العلوم قد تكلّم فيه كثير ممن ليس لهم براعة فيه ؛ فخبطوا خبط عشواء في ليلة ظلماء ، إلا أن ذلك لا يؤثّر في نفس العلم شيئاً ، ولا يحطّ من قدره ، ولا يوجب الإعراض عنه .
وشأن العالم المحقق الواقف على ذلك أن يكثر سواد المحسنين فيه إن ساعده الحال ، أو يشير إليهم ويدلّ المسترشد عليهم ، والله الموفّق " (2) .
ولكن هذا الكلام الإجمالي لا يكفي في بيان أهمية هذا العلم ومكانته ، بل لا بد من شيء من التفصيل في ذكر الأشياء التي اكتسب منها تلك المكانة ؛ بيانها كما يلي :
أولاً : الإشارة إليه في القرآن – في آيتي آل عمران والزمر(3) – كما تقدّم تفصيله في صدر هذه الرسالة (4) . وذلك على أحد الأقوال في تفسير " التشابه " الموصوف به القرآن في الآيتين .
__________
(1) ... هو : طاهر بن صالح ، أو محمد بن صالح بن أحمد بن موهوب ، الجزائري ثم الدمشقي ، بحّاثة ، من أكابر العلماء باللغة والأدب في عصره ، ولد وتوفي في دمشق ، سنة 1338هـ . انظر : الأعلام : 3/ 221 .
(2) ... التبيان لبعض المباحث المتعلّقة بالقرآن : ص 300 .
(3) ... هما : قوله تعالى : ? هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ? [آل عمران : 7 ] ، وقوله تعالى : ? اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِي ? [ الزمر : 23 ] .
(4) ... انظر : المبحث الأول من الفصل الأول .(1/135)
ثانياً : وجود أصلٍ لهذا العلم – جمعاً وتوجيهاً - في كلام السلف ، بل قد رُفِع شيء من ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - - كما تقدّم تفصيل ذلك أيضاً في الكلام على نشأة هذا العلم في الفصل السابق - .
ثالثاً : اهتمام أئمة القراءة بهذا العلم ، بل إنه نشأ كعلمٍ مستقل مدوّن – أوّل ما نشأ - على أيديهم ، حتّى صنّف فيه أربعة من أصحاب القراءات العشر المشهورة ، هم : حمزة ونافع والكسائي – وهم من السبعة – ، وخلف بن هشام – وهو أحد الثلاثة المكمّلين للعشرة – ، وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك في نشأة هذا العلم أيضاً .
وتصنيف هؤلاء الأئمة الأعلام في هذا العلم دليل على أهمّيته كما لا يخفى .
رابعاً : تقدُّم التصنيف فيه استقلالاً في زمن مبكّر جداً ، حتى على كثير من العلوم المهمّة – كأصول الفقه مثلاً – إذ يعتبر كتاب الكسائي ( ت : 189 هـ ) (( متشابه القرآن )) أقدم ما وصلنا من مؤلّفات هذا العلم ، بينما يعتبر كتاب الإمام الشافعي ( ت : 204 هـ ) ((الرسالة )) أول مصنَّف في علم أصول الفقه .
ولا ريب في أن تقدّم التصنيف في علم من العلوم يعتبر دليلاً على أهمّية ذلك العلم وأصالته .
خامساً : مما يُستدلّ به عادة على شرف العلم شرف موضوعه . وعلم المتشابه اللفظي في القرآن موضوعه " آيات القرآن " ؛ إذ هو يبحث في الآيات المتشابهة من القرآن جمعاً وتوجيهاً ، وهذا وجه من الوجوه الدالّة على شرف هذا العلم .
ومما يؤكّد ذلك كون علم " المتشابه اللفظي في القرآن " هو أحد العلوم المعروفة اصطلاحاً بعلوم القرآن – كما عند الزركشي والسيوطي في كتابيهما(1) - .
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 202 ، الإتقان للسيوطي : 2/ 232 .(1/136)
سادساً : ومما يمكن أن يُستدلّ به على أهمية هذا العلم ومكانته : كونه من العلوم التي سخّرها الله تعالى لحفظ كتابه لفظاً ومعنى ، بل فيما هو مظنة للخطأ والنسيان والاشتباه منه؛ وهي الآيات المتشابهة من القرآن . ولا شك أن علماً يسهم في تحقيق هذا المقصد العظيم لهو مستحقّ للشرف و المكانة .
سابعاً : كثرة علاقة علم المتشابه اللفظي بالعلوم الأخرى– كما سيأتي بيان ذلك بشيء من التفصيل في المباحث التالية – دليلٌ أيضاً على أهميته ، وسبب ذلك - والله أعلم – تعلّقه بالقرآن العظيم الذي هو أصل العلوم كلّها .
ثامناً : أنه علم يتناول ظاهرة من أوضح الظواهر في أسلوب القرآن – وهي ظاهرة التشابه الحاصل بين آيات القرآن في ألفاظها – حتى بلغت تلك الآيات التي بينها تشابه – بحسب إحصاء بعض الباحثين (1) – أكثر من ( 2000 ) آية ، أي حوالي ثلث العدد الكلي لآيات القرآن .
تاسعاً : مما يدلّ بجلاء على أهميّة هذا العلم ومكانته ما سيأتي تفصيله – في المطلب اللاّحق – من الفوائد والثمرات التي يحقّقها ، وهي فوائد كثيرة وعظيمة ؛ يكفي بعضها للدلالة على شرفه وعلوّ منزلته ؛ فكيف بها جميعاً ؟
* * *
المطلب الثاني : فوائد علم المتشابه اللفظي في القرآن
أولاً : أنه دليل على إعجاز القرآن الكريم ، ودلالته على ذلك من وجوه :
__________
(1) ... انظر : دليل الآيات متشابهة الألفاظ لسراج صالح ملائكة : ص 8 ، القواعد الذهبية لحفظ كتاب رب البرية : ص 64 . وهذا الإحصاء يبقى تقديرياً لاختلاف الأنظار فيما يعدّ من المتشابه وما لا يعدّ منه ؛ انظر : إعانة الحفاظ لمنيار : ص 8 .(1/137)
أ – كونه مِصداقاً لوعد الله تعالى بحفظ كتابه ؛ في قوله : ? - ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((((( { - رضي الله عنه - مقدمة - ? [ الحجر : 9 ] ، وذلك متمثّل بكون هذا العلم يقوم بضبط الآيات المتشابهة ، وإحصائها بدقّة ، وضمان عدم اختلاط بعضها ببعض ، وكذلك بيان الفروق اللفظية والمعنوية بينها ؛ فيكون في ذلك حفظٌ لألفاظ القرآن وصيانة لمعانيه .
وهداية الله العلماءَ إلى هذا العلم ، وتسخيرهم للتصنيف فيه ؛ ما هو إلاّ تصديق لذلك الوعد الذي لا يُخلف ، فتبيّن أن وجود هذا العلم – في أصله - برهان على إعجاز القرآن في صدق إخباره عن الغيوب المستقبلة .
ب – وهذا العلم أيضاً فيه إقامة للدلائل على الإعجاز البلاغي والبياني في أسلوب القرآن الكريم ، وذلك في المؤلّفات المتعلّقة بتوجيه المتشابه اللفظي ، وذكر علله وأسراره ، حتى ذهب الزركشي إلى أن الحكمة من وجود المتشابه اللفظي في القرآن : إظهار عجز البشر عن جميع طرق الكلام وضروبه ؛ مبتدئاً به ومتكرّراً (1) .
وكثيراً ما يردّد المؤلّفون في توجيه المتشابه عبارة : " وهذا برهان على إعجاز القرآن " بعد ذكر العلّة الباهرة والسرّ اللطيف في مسألة من مسائل هذا العلم (2) .
ج – قد يكون في بعض مسائل المتشابه اللفظي دليل على بعض الأنواع الأخرى من إعجاز القرآن ، كالإعجاز العلمي ، و التشريعي ، وغيرها (3).
__________
(1) البرهان في علوم القرآن : 1/ 207 .
(2) انظر مثلاً : البرهان للكرماني : ص 141 ، 173 ، 275 ، 327 . ...
(3) انظر مثلاً : إعجاز القرآن الكريم لفضل عباس : ص 272 وما بعدها .(1/138)
ثانياً : من أظهر فوائد هذا العلم خدمته لحفّاظ القرآن ، ومساعدته لهم في ضبط حفظهم ، وصيانته من الخطأ بسبب تشابه الآيات . ويدلّ لهذا ما سبقت الإشارة إليه – في الفصل السابق – من كون هذا الأمر من أهم المقاصد التي تحرّاها المؤلفون في المتشابه اللفظي. كما يدلّ على ذلك أيضاًً توجيه المؤلّفين في قواعد حفظ القرآن بالاستفادة مما كتب حول موضوع الآيات المتشابهات (1).
ثالثاً : من أبرز فوائد علم المتشابه اللفظي في القرآن – وخصوصاً ما يتعلّق بتوجيهه – أنه سلاح ماضٍ في وجوه الطاعنين والمشكّكين في القرآن بسبب وجود ظاهرة التشابه بين آياته ، بل التكرار التام لبعض الآيات فيه . فالردّ على هؤلاء من أكبر الفوائد لهذا العلم – كما أشار إليه ابن المنادي في كتابه (( متشابه القرآن العظيم )) (2) - . ويؤكّد هذا الأمر كونه أيضاً مما قصده المؤلفون في المتشابه اللفظي – كما سبقت الإشارة إليه في الفصل السابق -.
__________
(1) انظر مثلاً : القواعد الذهبية لحفظ كتاب رب البرية : ص 64 ، كيف تحفظ القرآن الكريم للغوثاني : ص 62 ، فن الترتيل وعلومه لأحمد الطويل : 1/ 268 ، 301 .
(2) ص 226 .(1/139)
رابعاً : أن من يقرأ في التوجيهات والتعليلات التي يذكرها المؤلّفون في هذا العلم يزداد إيمانه بأن القرآن كلام الله ؛ حيث يتبيّن له بأن كلّ كلمة بل كلّ حرف من هذا القرآن لا يصلح – في سياقه - غيره ؛ حتّى لوكان هذا السياق يظهر أنه شبيه به – لأوّل وهلة - . وهذا مصداق قوله تعالى : ? - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - (( ( - ( - - ( ( - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - عليه السلام - قرآن كريم - - ( مقدمة - (( - - (( فهرس - ( - ( - - - - - - - ( الله - - ? [ النساء : 82 ] .
خامساً : أن في هذا العلم حثاً على تدّبر القرآن ، ومزيد النظر والتأمّل في دقائق معانيه وبديع أسراره ولطائفه ؛ حيث يفتح أمام المشتغل به أبواباً جديدة للنظر في القرآن وأساليبه – قياساً على ما يجده في كتب هذا العلم من محاولات في فهم أسرار القرآن - .
قال ابن الزبير الغرناطي في مقدّمة كتابه (1) : " وظن الغافلُ عن التدبر ، والمخلد إلى الراحة عن التفكر ، أن تخصيص كلّ آية من تلك الآيات بالوارد فيها مما خالفت فيه نظيرتها ليس لسبب يقتضيه ، وداعٍ من المعنى يطلبه ويستدعيه ... وإن مما حرّك إلى هذا الغرض ، وألحقه عند من تحلّى ولوعاً باعتباره ، والتدبّر لعجائبه الباهرة وأسراره ... " .
__________
(1) ملاك التأويل : 1/ 145 . ...(1/140)
سادساً : ما يورثه هذا العلم - من ملكةٍ في دقة النظر ، ودربة في طول الفكر والتماس المعاني اللطيفة من القرآن – عند من يشتغل به ، كما قال الكرماني : " فإن الأئمة – رحمهم الله – قد شرعوا في تصنيفه واقتصروا على ذكر الآية ونظيرها ، ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها ، والفرق بين الآية ومثلها ، وهو المشكل الذي لا يقوم بأعبائه ، إلاّ من وفقه الله لأدائه" (1).
* * *
المبحث الثاني :
أنواع المتشابه اللفظي في القرآن
الكلام في الأنواع أو الأقسام أو الوجوه التي يتنوّع أو ينقسم أو يكون عليها المتشابه اللفظي من المباحث التي تزيد في دقّة التصوّر للموضوع ، وتكمّل إيضاح المقصود به بشيء من التفصيل الذي قد لا يعطيه التعريف – الذي يُشترط فيه الاختصار عادة - .
هذا ولم أجد من تكلّم عن أنواع المتشابه اللفظي بشكل مستقلّ ؛ سوى ما يمكن أخذه مما ذكره المؤلّفون فيه من تقسيمات وتنويعات له بحسب الترتيب الذي سار عليه كلٌ منهم في كتابه ، فتعتبر كلّ طريقة في الترتيب – تقريباً - تنويعاً للمتشابه بذلك الاعتبار .
على أني وجدت لأحد الباحثين إشارة إلى ما يمكن اعتباره أنواعاً للمتشابه اللفظي ؛ حيث ذكر بأن المتشابه اللفظي في القرآن على عدّة وجوه ، ثم عدّد عشرة منها (2) . وهي محاولة جيّدة في ذلك ، مع أن تلك الوجوه كانت بحاجة إلى ترتيب أكثر – بحسب جهات الاعتبار - ، كما أنه قد ذكر منها ما لا يدخل في حدّ المتشابه اللفظي – كتكرار قصص الأنبياء - .
__________
(1) البرهان للكرماني : ص 110 ، وانظر : أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن : ص 116 .
(2) ... انظر : البرهان للكرماني ( بتحقيق : د. ناصر العمر : ص 8- 12 ، وهي رسالة ماجستير غير مطبوعة ) .(1/141)
وبعد النظر والتأملّ فيما ذُكر وغيره ، رأيت أن إحصاء الأنواع ربما يتعذّر ، وأن الأدقّ والأهم هو ربط الأنواع باعتباراتها ؛ لينضبط الكلام في أنواع المتشابه ، ولا يتداخل بعضها ببعض ، أو يُستكثر منها بلا مبرّر .
وبناءً على ذلك فإن الكلام في هذا المبحث يمكن أن ينتظم في مطلبين :
المطلب الأول : أنواعه بالنظر إلى الجزء المختلف .
المطلب الثاني : أنواعه بالنظر إلى الجزء المتشابه .
* * *
المطلب الأول : أنواعه بالنظر إلى الجزء المختلف
يمكن تنويع المتشابه اللفظي - بالنظر إلى الجزء المختلِف - باعتبارين :
الأول : باعتبار وجود الاختلاف وعدمه :
وهو بهذا الاعتبار نوعان : متشابه مع الاختلاف ، ومتشابه بلا اختلاف .
والنوع الأول – المتشابه مع الاختلاف – تحته أنواع - بحسب نوع ذلك الاختلاف - وهو الاعتبار الثاني الذي سيأتي الكلام عليه في هذا المطلب .
وكذلك النوع الثاني – المتشابه بلا اختلاف – تحته أنواع أيضاً ، لكن باعتبارات مختلفة ، وهي الاعتبارات التي سيأتي تفصيل القول فيها في المطلب الثاني .
وهذان النوعان ذكرهما عدد من المؤلفين في توجيه المتشابه في مقدّماتهم ، ومن أوضح ذلك قول الكرماني : " فإن هذا الكتاب أذكر فيه الآيات المتشابهات التي تكرّرت في القرآن وألفاظها متّفقة ، ولكن وقع في بعضها زيادة أو نقصان أو تقديم أو تأخير ، أو إبدال حرف مكان حرف ، أو غير ذلك مما يوجب اختلافاً بين الآيتين . أو الآيات التي تكرّرت من غير زيادة ولا نقصان .. " (1) .
بقيت الإشارة إلى أن البعض لا يرى النوع الثاني – المتشابه بلا اختلاف - داخلاً في حدّ المتشابه اللفظي ، بل هو من قبيل المكرّر أو ما أسماه بالمتفق اللفظي ، وقد سبق مناقشة هذا الرأي في الكلام على التعريف الاصطلاحي للمتشابه اللفظي – في الفصل الأول - .
الثاني : باعتبار نوع الاختلاف بين المتشابهات :
__________
(1) ... البرهان للكرماني : ص 110 .(1/142)
وأوّل من نوّع أو قسّم المتشابه اللفظي – بهذا الاعتبار – أبو الحسين بن المنادي في كتابه " متشابه القرآن العظيم " حيث جعل النوع الأول – في كتابه – والذي أسماه بالنوع الأبوابي ؛ جعله تسعة أقسام ، ستة منها هي المعتبرة بنوع الاختلاف ، وهي : الاختلاف في التقديم والتأخير ، وفي الجمع والتوحيد ، وفي أفعال متغايرة الأبدال ، وفي الزيادة والنقصان، وفي الإظهار والإدغام ، وفي التأنيث والتذكير .
وقد سبقت الإشارة في الكلام على اتجاهات التأليف في المتشابه اللفظي ومناهجها العامة – في المبحث الأخير من الفصل السابق – أنّ ممن بوّب كتابه بحسب نوعية الاختلاف – غير ابن المنادي – كلاّ ًمن : ابن الجوزي في " فنون الأفنان " ، والزركشي في "البرهان"، وأن ابن الجوزي لم يذكر سوى ثلاثة منها ، هي : إبدال كلمة بكلمة أو حرف بحرف ، والزوائد والنواقص ، والمقدّم والمؤخّر . في حين تبع الزركشيُّ ابنَ المنادي في الأقسام – الأنواع – التي ذكرها ، غير أنه لم يذكر التأنيث والتذكير ، وذكر بدلاً عنه التعريف والتنكير ، كما جعل بعض ما اعتبره ابن المنادي قسماً واحداً ؛ جعله قسمين .
كما أن ممن أشار إلى شيء من هذه الأنواع الكرماني في مقدمة كتابه " البرهان " – كما سبق نقل كلامه في الاعتبار السابق - .
وقد أشار بعض الباحثين إلى أن مما يلحظ على هذه الأنواع المذكورة أنها ليست جميع صور المتشابه ، وأنه يوجد كثير من المتشابهات لا تدخل تحت هذه الصور (1) .
__________
(1) ... انظر : علوم القرآن بين البرهان والإتقان : ص 152- 153 ، إعانة الحفاظ : ص 186- 188 .(1/143)
والظاهر أن هذه الملحوظة غير محرّرة ؛ حيث لم تنظر إلى الاعتبار الذي نُوّع المتشابه بحسبه إلى هذه الأنواع ؛ وإلا فإن الصور المذكورة هي أهمّ تلك الصور وأمهاتها ، بل لا يوجد شيء من المتشابهات – التي بينها اختلاف – إلاّ ويمكن إدخاله تحت واحدة من تلك الصور – الأنواع - . ولو كانت الملحوظة في كون المثال الواحد قد يتنازعه – أحياناً – أكثر من نوع أو صورة ، وأن في ذلك مجالاً لاختلاف الأنظار ؛ لكانت الملحوظة في محلّها .
وممن استفاد من هذا التنويع لكن مع إعادة ترتيب الأنواع ، وتغيير أسماء بعضها : الدكتور صالح الشثري - في رسالته - ؛ حيث نوّعها كالتالي(1) :
أولاً : أنواع الاختلاف في الكلمة المتشابهة ، وهي :
الاختلاف في اختيار الصيغة ، ويشمل : الاختلاف في الاسمية والفعلية ، وفي صيغة الماضي والمضارع ، وفي صيغ الفعل الماضي ، وفي صيغ الاشتقاق .
الاختلاف في الإفراد والجمع ، أو في صيغ الجمع .
الاختلاف في التذكير والتأنيث .
الاختلاف في التعريف والتنكير .
الاختلاف في اختيار الحرف .
ثانياً : أنواع الاختلاف في التراكيب المتشابهة ، وهي :
الاختلاف في الذكر والحذف ، ويشمل : ذكر وحذف الحرف ، والكلمة ، والجملة .
الاختلاف في التقديم والتأخير .
الاختلاف في الفصل والوصل .
ويُلحظ على هذا التنويع : عدم ذكره لنوع إبدال كلمة بكلمة أخرى – مع أن المتقدّمين قد ذكروه كما سبق - . وكذلك فإن لقائل أن يقول : بأن نوع الاختلاف في الفصل والوصل ؛ يمكن إدراجه ضمن نوع ذكر وحذف الحرف ؟ .
وقريب من هذا التنويع الذي ذكره الشثري ما ذكره محمد منيار في كتابه " إعانة الحفاظ " من تعداده لأنواع الاختلاف بين المتشابهات – وقد سبق نقله عنه في التعريف الاصطلاحي للمتشابه اللفظي في المبحث الثاني من الفصل الأول - .
__________
(1) ... انظر : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 8- 9 ، 506- 507 .(1/144)
وبعد النظر والتأمل في الأنواع المذكورة للمتشابه – باعتبار نوع الاختلاف بين المتشابهات - وما يمكن أن يُدرج منها في البعض الآخر ؛ اجتهدت في الوصول إلى خلاصة تجمع تلك الأنواع في أربعة أنواع كبرى – يضم بعضها أنواعاً فرعية – هي كالتالي :
الاختلاف في الإبدال ، ويشمل : إبدال الحرف ، أو الكلمة ، أو الجملة ، بغيرها .
الاختلاف في الذكر والحذف ، وهو ما أسماه بعضهم بالزيادة والنقصان وهو اسم مُنْتَقَد ، لأنه لا ينبغي إطلاق ذلك في حقّ القرآن ؛ لإيهامه معنى فاسد .
الاختلاف في التقديم والتأخير ، وقريب منه ما سمّاه الزركشي بردّ العجز على الصدر ! .
الاختلاف في الصيغة ، ويشمل : الاختلاف في الاسمية والفعلية ، وصيغ الفعل، وصيغ الاشتقاق . ويمكن أن يُلحق بها : الأنواع الأخرى في الاختلاف في الكلمة ؛ كالاختلاف في الإظهار والإضمار ، وفي الإفراد والجمع ، وصيغ الجمع ، وفي التذكير والتأنيث ، وفي التعريف والتنكير ، وأنواع التعريف ، والإدغام والإظهار ( أو الفكّ ) ويسمّيه بعضهم بالتشديد والتخفيف . ويمكن أن يلحق بهذه الأنواع أيضاً : نوع الاختلاف في علامات الإعراب .
ولولا أن يطول المقام لذكرت مثالاً لكلِّ نوع من هذه الأنواع – الأصلية والفرعية – لكني رأيت أن الأمثلة التي ستأتي في المباحث المتعلّقة بقواعد توجيه المتشابه – في آخر الرسالة – تغني عن ذلك .
* * *
المطلب الثاني : أنواعه بالنظر إلى الجزء المتشابه
يمكن تنويع المتشابه اللفظي – بالنظر إلى الجزء المتشابه – باعتبارات ثلاثة :
الأول : باعتبار قَدْر المتشابه :
يمكن تنويع المتشابه اللفظي – بهذا الاعتبار – إلى ثلاثة أنواع أصول ، هي :
التشابه بجزءٍ من الآية . وهذا الجزء إما أن يكون : حرفاً ، أو كلمة ، أو جملة، فهذه ثلاثة أنواع فروع ؛ هذه أمثلتها :(1/145)
مثال الحرف : في حروف المبنى : اتفاق فواصل متتالية في عدد من سور القرآن في الحرف الأخير ، مثل : اتفاق فواصل سورة العصر والكوثر وغيرهما في الحرف الأخير (1) . وفي حروف المعنى : تكرار حرف ( أم ) خمس عشرة مرّة في سورة الطور ، ابتداءً من قوله تعالى : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - رضي الله عنه - - ( - (( - - { ((( - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -( الله أكبر (( مقدمة ( - - - ( - - عليه السلام - - ( تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ الطور : 30 ] (2) .
ومثال الكلمة : تكرار كلمة ( الناس ) خمس مرات في سورة الناس (3) .
ومثال الجملة : تكرار جملة ( لآ إله إلا هو ) في قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - - { ( - - - (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( { - - (((( فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - - - (( - - - - ((( - ( { ( - - - ( - - - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( تمهيد - رضي الله عنهم -(( - - - ? [ آل عمران : 18 ] (4) .
__________
(1) ... انظر : الفاصلة في القرآن للحسناوي : ص 297 ، 298- 308 .
(2) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 337 .
(3) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 371 .
(4) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 143 .(1/146)
التشابه في آية كاملة : وأمثلة هذا النوع مشهورة ؛ وذلك مثل : تكرار قوله تعالى : ? ( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] إحدى وثلاثين مرّة (1).
التشابه في أكثر من آية : وذلك ثلاثة أنواع فروع ، هي :
التشابه في آيتين كاملتين متتاليتين : مثل قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - - - - ( - رضي الله عنه - تمت - - - - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( - ( - ( الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - - - - رضي الله عنه - تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - ( - - - - تم بحمد الله ? [ القمر : 16، 17 ] حيث جاءتا متتاليتين في موضعين مختلفين من سورة القمر (2) .
__________
(1) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 339 .
(2) ... انظر : البرهان : ص 338 .(1/147)
التشابه في ثلاث آيات كاملات متتاليات : مثل قوله تعالى : ? - ( - الله أكبر ( { ( المحتويات ( - - - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - (((( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ((((( } - قرآن كريم ( { } - - - - ( { - - - ( تمت قرآن كريم (( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((((( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - صلى الله عليه وسلم - - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } ( تمت ( { - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( { - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( تمت - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - - - ? [ الشعراء : 107- 109 ] حيث جاءت في خمسة مواضع مختلفة من سورة الشعراء (1) .
__________
(1) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 283 .(1/148)
التشابه في أربع آيات كاملات متتاليات : مثل قوله تعالى : ? - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( المحتويات ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (((((- رضي الله عنهم - مقدمة ((( - صدق الله العظيم ( { - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - صلى الله عليه وسلم - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد - - فهرس - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( { (- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - } - ( - - ( ( - ( - - ( - ((( تم بحمد الله قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ((( ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - - رضي الله عنهم -(( - - - ((( - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( المحتويات ( - ( - ( - - جل جلاله -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله - } ( المحتويات ( - ( - ( - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (((- عليه السلام - - ? [ المؤمنون : 5- 8 ، المعارج : 29- 32 ] ؛ حيث جاءت هذه الآيات الأربع كاملة متتالية في كلٍّ من سورتي : المؤمنون ، والمعارج (1) .
__________
(1) انظر : تنبيه الحفاظ : ص 56 . ...(1/149)
هذا ويمكن أن يُركّب من هذه الأنواع أنواع أخرى أكثر من هذا ، ولكن حسبي أني ذكرت أصول الأنواع بهذا الاعتبار ، مشيراً إلى أهم الأنواع المتفرّعة عنها ، والله أعلم .
بقيت الإشارة إلى أن ممن اعتنى بالتصنيف على اعتبار قدر المتشابه كلاً من : الشيخ عبدالرزاق بن أحمد الشاحذي اليماني في كتابه " مثاني الآيات المتشابهات الكاملات" حيث جعله قسمين : مثاني الآيات ، ومثاني الجمل . و كذلك محمد المسند في " تنبيه الحفاظ "
في المبحث الثالث منه ؛ حيث إنه عَقَدَه للآيات التي تكرّرت في القرآن الكريم بألفاظها وحروفها دون أي اختلاف . كما أن سراج ملائكة في آخر كتابه " دليل الآيات متشابهة الألفاظ " قد وضع إحصاءً للآيات المتطابقة ، وشِبْه المتطابقة في القرآن .
وينبغي أن يُلحظ بأن هذه المؤلفات المذكورة قد راعت في تصنيفها الاعتبارَ الأوّل – أيضاً – وهو : اعتبار وجود الاختلاف وعدمه ، فجمعت بين الاعتبارين في ذلك .
الثاني : باعتبار موضع المتشابه :
ويمكن تنويع المتشابه – بهذا الاعتبار – أربعة أنواع :
ما كان واقعاً في آية واحدة .
ما كان واقعاً في آيتين أو أكثر .
ما كان واقعاً في سورة واحدة .
ما كان واقعاً في سورتين أو أكثر .
و الأمثلة المذكورة للأنواع في الاعتبار السابق ؛ تصلح لهذه الأنواع .
ومما يمكن أن يُجعَل تصنيفاً على هذا الاعتبار – موضع المتشابه – : التصنيف على حسب ترتيب الآيات والسور في المصحف ، الذي هو أكثر أنواع التصنيف في المتشابه اللفظي انتشاراً – كما سبق ذكر ذلك في اتجاهات التأليف في المتشابه اللفظي في الفصل السابق - .
الثالث : باعتبار عدد تكرّر المتشابه :(1/150)
التصنيف بهذا الاعتبار هو أول أنواع التصنيف للمتشابه اللفظي ؛ حيث قسّم الكسائي كتابه (( متشابه القرآن )) خمسة عشر باباً ، وذلك بحسب عدد المرّات التي تكرّر فيها ورود اللفظ المتشابه في القرآن ؛ ابتداءً من باب ما جاء في القرآن حرف ليس غيره ، وانتهاءً بباب ما جاء على عشرين حرفاً ، وهي : ( 1، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 11 ، 15 ، 20 ) ، وأما البابان الباقيان فهما : باب ابتداء أفراد القرآن ، وباب اثنا عشر حرفاً في مصاحف عثمان مخالفة .
وقد تقدّم ذكر من تبع الكسائيَّ على التصنيف العددي – في مبحث اتجاهات التأليف في المتشابه اللفظي في الفصل السابق – وهما اثنان : الزركشي في " البرهان " ، وابن أنبوجا في القسم الأول من منظومته " البحر المحيط " الذي يسمى منفرداً " معدودات القرآن " .
وقد تقدمت – أيضاً – الإشارة إلى أن القصور في الإحصاء في تلك المصنفات كان كبيراً ؛ لأن الأنواع – بهذا الاعتبار – أكثر من عدد ألفاظ القرآن ، التي أحصتها معاجم ألفاظه .
إلاّ أن النوع الأوّل من أنواع المتشابه اللفظي – بهذا الاعتبار – وهو نوع ( أفراد أو مفردات القرآن ) كما سمّاه بعضهم ، أو ( ما في القرآن منه حرف واحد ) كما سمّاه البعض الآخر ؛ مما يمكن إحصاؤه ويستفيد من معرفته حافظ القرآن وغيره ؛ ولذلك فقد أفرده بالتصنيف الشيخ محمد ميرداد في كتابه " إتحاف أهل العرفان بالمنفردات من آي القرآن " ، كما جعل محمد المسند المبحث الأول في كتابه " تنبيه الحفاظ " لذكر هذا النوع – في الغالب - ، وقد جمع غالب ما ذكره المؤلفون في المتشابه من هذا النوع : محمد منيار في كتابه " إعانة الحفاظ " (1) .
__________
(1) ... ص 251- 302 .(1/151)
بقيت الإشارة - في آخر الكلام على أنواع المتشابه اللفظي باعتبار عدد تكرّره – إلى أن المتكلّمين فيما يسمّى بالإعجاز العددي في القرآن ، استفادوا من التنويع بهذا الاعتبار ؛ حيث بنوا على إحصاء عدد تكرر بعض الألفاظ القرآنية بعض النتائج ، التي لايزال أكثرها محلّ بحث ونظر وأخذ وعطاء ؛ مما لايمكن معه الجزم بصحة أكثرها ، والله أعلم (1) .
* * *
المبحث الثالث :
علاقة المتشابه اللفظي بعلوم القرآن
المتشابه اللفظي في القرآن ، أحد العلوم التي اصطُلح على تسميتها بعلوم القرآن ، وقد عدّه الزركشي في (( البرهان )) : النوع الخامس ، كما عدّه السيوطي في (( الإتقان )) : النوع الثاني والستين - من أنواع علوم القرآن التي جمعاها في كتابيهما- (2) .
وأنواع علوم القرآن هذه بينها علائق ووشائج ؛ بحكم أن موضوعها العامّ مُشترك ؛ فلا بدّ أن يكون بينها شيء من التداخل والتأثير المتبادل ؛ بل ذلك شأن العلوم الشرعية عموماً – كما لا يخفى - (3) .
وكما لا يخفى – أيضاً – فإن علاقة علم المتشابه اللفظي بعلوم القرآن الأخرى ؛ ليست على درجة واحدة ، ولذلك فإن الكلام في هذا المبحث سيقتصر على إبراز علاقته بالعلوم التي له بها صلة ظاهرة ؛ حيث سيكون في المطالب الخمسة التالية :
المطلب الأول : علاقته بعلم القراءات .
المطلب الثاني : علاقته بإعجاز القرآن .
المطلب الثالث : علاقته بالتفسير .
المطلب الرابع : علاقته بعلم المناسبات .
المطلب الخامس : علاقته بمشكل القرآن .
__________
(1) ... انظر مثلاً : كتاب " الإعجاز العددي للقرآن الكريم " لعبد الرزاق نوفل ، مقدّمة كتاب المعجم المفهرس للتراكيب المتشابهة لفظاً في القرآن الكريم : ص 5 ، 7 ، إعجاز القرآن البياني للخالدي : ص 328- 337 .
(2) ... انظر : البرهان : 1/ 202 ، الإتقان : 2/ 232 .
(3) ... انظر : أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن : ص 21- 27 .(1/152)
على أني تركت التفصيل في علاقة علم المتشابه اللفظي في القرآن ؛ بالعلم العام المسمّى بعلوم القرآن ؛ لظهور الأمر في ذلك ، وللإلماحة إليه في تصدير هذا المبحث .
* * *
المطلب الأول : علاقته بعلم القراءات
علم القراءات من أكثر علوم القرآن صلة بعلم المتشابه اللفظي – جمعاً وتوجيهاً - ، هذه العلاقة التي يمكن إبرازها بالإشارات التالية :
أن نشأة علم المتشابه اللفظي – بشكلٍ مدوّن - كانت على أيدي القرّاء ؛ الذين أرادوا من هذا العلم أن يكون عوناً لمن يريد حفظ القرآن ؛ لئلاّ يقع في الخطأ بسبب وجود الآيات المتشابهة فيه ، وقد سبقت الإشارة إلى طرف من ذلك في مبحث نشأة المتشابه في الفصل السابق (1) . حتّى إن أقدم مؤلَّف وصلنا - حتى الآن - في المتشابه اللفظي هو كتاب (( متشابه القرآن )) للإمام الكسائي ، أحد القرّاء السبعة المشهورين .
أن أبرز المصنّفين في المتشابه اللفظي – جمعاً وتوجيهاً – كانوا من أئمة القراءة في أزمانهم ؛ حتّى إنه قد صنّف فيه أربعة من القرّاء العشرة – إن صحّت النسبة إليهم جميعاً – وهم : حمزة بن حبيب الزيّات ، ونافع بن عبد الرحمن المدني ، وخلف بن هشام ، والإمام الكسائي (2) .
ومن أبرز المصنفين في توجيه المتشابه : محمود بن حمزة الكرماني ؛ صاحب كتاب " البرهان في متشابه القرآن " ، الذي كان يُلقّب بتاج القرّاء . وابن الزبير الغرناطي – شيخ أبي حيّان صاحب التفسير المشهور بالقراءات - .
__________
(1) ... انظر مثلاً : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص 59 .
(2) ... أما الكسائي فكتابه موجود مطبوع ، وأما خلف بن هشام فذكر كتابه ابنُ المنادي ، وأما حمزة ونافع فالعهدة في ذكر كتابيهما على ابن النديم . انظر : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص 61- 62 ، الفهرست لابن النديم : ص 39 .(1/153)
وكذلك السخاوي عَلَم الدين ، صاحب أشهر منظومة في المتشابه ، كان شيخ الإقراء بالشام في زمانه ، وهو تلميذ الشاطبي – صاحب المنظومة المشهورة في القراءات - بل قيل : إن السخاوي هو السبب في شهرتها (1). وكذلك برهان الدين الجعبري المقرئ ؛ صاحب منظومة " تذكرة الحفاظ " في المتشابه .
أن الاختلاف في القراءات له أثر في عدّ الآية من المتشابه ؛ ولذلك فإن المؤلّفين في المتشابه يُنبّهون على اختلاف القراءات – حينئذٍ - ؛ كالإمام الكسائي ، وابن المنادي ، وجميع المؤلّفين في توجيهه (2) .
ومن أمثلة ذلك : قول ابن المنادي : " ومن قوله : ? - } - - رضي الله عنه - الله أكبر َ ? بغير ألف ، والقراءة ببعضه تختلف ، وذلك في أَحَدَ عشر موضعاً : ... " (3) .
أن علم القراءات كان أحد العلوم التي أفاد منها المصنّفون في توجيه المتشابه ، وقد ذكر ذلك الدارسون لكتبهم (4) .
__________
(1) ... انظر : غاية النهاية : 1/ 568 ، علم القراءات : ص 132 ، 249 .
(2) ... انظر مثلاً : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص 75 ، 114 ، درة التنزيل للإسكافي : 1/ 234 ، 333 .
(3) ... متشابه القرآن العظيم : ص 114 .
(4) ... انظر مثلاً : ملاك التأويل لابن الزبير، تحقيق : د. سعيد الفلاح : قسم الدراسة : ص 122 ، درة التنزيل للإسكافي ، تحقيق : د. محمد آيدين : قسم الدراسة : 1/ 149- 151 .(1/154)
ومن أمثلة ذلك : قول الكرماني : " قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( - قرآن كريم ( - ( - (- سبحانه وتعالى -( - ? [البقرة : 231 ] أجمعوا على تخفيفه إلاّ شاذّاً ، وما في غير هذه السورة قُرئ بالوجهين؛ لأن قبله : ? (( - قرآن كريم ( - ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - ( ? [ البقرة : 231 ] ، وقبل ذلك : ? - - - - ( تم بحمد الله ( - - ( ? [ البقرة : 229 ] ؛ فاقتضى ذلك التخفيف " (1) .
* * *
المطلب الثاني : علاقته بإعجاز القرآن
إعجاز القرآن هو : إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحدّاهم به . وله وجوه متعدّدة ؛ كالإعجاز البياني ( البلاغي ) ، والإعجاز العلمي ، والإعجاز التشريعي ، والإعجاز الغيبي ، وغير ذلك (2) .
والعلاقة بين المتشابه اللفظي وإعجاز القرآن علاقة وثيقة ، يمكن إظهارها فيما يلي :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 139- 140 .
(2) ... انظر : مناهل العرفان : 2/ 227 ، مباحث في إعجاز القرآن للدكتور: مصطفى مسلم : ص 45 وما بعدها ، إعجاز القرآن الكريم للدكتور: فضل عباس : ص 28- 34 ، إعجاز القرآن الكريم بين السيوطي والعلماء للدكتور: محمد موسى الشريف : ص 53 ، 338 ، 414 ، إعجاز القرآن البياني للدكتور: صلاح الخالدي : ص 6 ، 13- 17.(1/155)
أن من مقاصد التأليف في توجيه المتشابه اللفظي إظهار إعجاز القرآن – البياني منه على وجه الخصوص - ؛ فصار التصنيف في توجيه المتشابه وسيلة من وسائل التدليل على الإعجاز البياني للقرآن ، حتّى إن الكرماني – مثلاً- في كتابه " البرهان " كان كثيراً ما يُصرّح بذلك بعد ذكره لتوجيه التشابه في إحدى الآيات ، ومن ذلك : قوله بعد أن ذكر وجه الاختلاف بين قوله تعالى: ? - { - - (( ( مقدمة ( - (- عليه السلام - قرآن كريم - ( ( - - عليه السلام - - - ( - - - - { - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - - ? [ المؤمنون : 19 ] وقوله تعالى: ?( - ( - - - - { - - (( ( { - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( ( - - عليه السلام - - - ( - - - - - رضي الله عنهم - - (- جل جلاله -( } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - - ? [ الزخرف : 73 ] قال : " فهذا للقرآن معجزة وبرهان"(1) .
وقد تقدّم في مبحث مقاصد التأليف في المتشابه – في الفصل السابق - إشارة إلى ذلك ، كما ستأتي إشارة أخرى تتعلّق بذلك - أيضاً - في مبحث الحكمة من وجود المتشابه – في الفصل التالي - .
مما يدلّ على وثيق الصّلة بين العِلمين ؛ احتواء المؤلّفات في إعجاز القرآن – العامة منها والخاصة بالإعجاز البياني – على توجيهات لعدد من مسائل المتشابه اللفظي – كما تقدمت الإشارة إلى بعض تلك المؤلفات في مبحث اتجاهات التأليف في المتشابه من الفصل السابق - .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 275 . وانظر منه أيضاً : 141 ، 173 ، 327 ، وغيرها .(1/156)
بل إن أنواعاً أخرى من أنواع الإعجاز – كالإعجاز العلمي والإعجاز التشريعي وما يُسمّى بالإعجاز العددي – قد اتّكأت في تقرير بعض نتائجها على المتشابه اللفظي – إحصاءً أو اتفاقاً واختلافاً - (1) .
أن وجود علم المتشابه اللفظي – جمعاً وتوجيهاً – هو في نفسه دليل على إعجاز القرآن في صدق إخباره عن الغيوب المستقبلة ؛ حيث وَعَد الله فيه بحفظ هذا القرآن ، ووجود هذا العلم من وسائل ذلك ، وقد سبق تقرير ذلك بتفصيل أكثر من هذا - في الكلام على فوائد علم المتشابه اللفظي في صدر هذا الفصل - ؛ فلا حاجة لإعادته هنا .
* * *
المطلب الثالث : علاقته بالتفسير وأسباب النزول
علاقة المتشابه اللفظي بعلم أسباب النزول ، واعتماد علماء توجيه المتشابه عليه في عدد من توجيهاتهم ، لن أتحدّث عنه هنا ، بل أحيل إلى ما سيأتي من تفصيل حول ذلك في مبحث القواعد العامة في توجيه المتشابه – في الباب الثاني - .
أماعلم التفسير فلا تخفى علاقتة بأغلب علوم القرآن ، التي منها علم المتشابه اللفظي ، وهذه العلاقة يمكن إيجاز الكلام حولها في الإشارات التالية :
حيث إن كتب التفسير الكبيرة تحوي تطبيقات عديدة على غالب علوم القرآن، فهي كذلك تتضمّن عدداً من التوجيهات لمسائل المتشابه اللفظي . أمّا التفاسير ذات التوجه البلاغي فهي أوفر أمثلة في ذلك ، وقد سبق ذكر كتب التفسير المهتمة بتوجيه المتشابه ، مع تفصيلات تتعلّق بذلك في آخر مبحث اتجاهات التأليف في المتشابه - في الفصل السابق - .
__________
(1) ... انظر مثلاً : إعجاز القرآن الكريم لفضل عباس : ص 272 وما بعدها ، وإعجاز القرآن البياني لصلاح الخالدي: ص 328 وما بعدها .(1/157)
من المظاهر التي تتجلّى فيها العلاقة بين المتشابه اللفظي والتفسير : التأثير المتبادل بين كتب الفنّين ؛ حيث استفاد عدد من المفسّرين – مثلاً- من كتابي الإسكافي والكرماني في توجيه المتشابه ، والعكس – أيضاً – حيث أخذت بعض كتب توجيه المتشابه من تفسيرَي الزمخشري والرازي شيئاً من التوجيهات التي أبدعاها ، هذا عدا المناقشات التي قد يبديها بعضهم على بعض في ذلك .
أن أشهر طريقة في ترتيب المتشابهات عند المصنّفين في المتشابه – جمعاً وتوجيهاً – هي طريقة المفسّرين ، التي تلتزم ترتيب الآيات والسور بحسب ترتيبها في المصحف ، والظاهر أن هذا التشابه في الطريقة لم يحصل اتفاقاً هكذا ، بل هو نتيجة العلاقة بين العِلْمين .
لا يكاد يوجد مؤلِّف من المؤلّفين في المتشابه – وخصوصاً – في توجيهه ؛ إلا وله مشاركة معروفة في علم التفسير . فالإسكافي ، والكرماني ، وابن الزبير الغرناطي ، وبدر الدين بن جماعة ، وأبو يحيى الأنصاري – وهم أصحاب المؤلّفات المفردة في توجيه المتشابه - ، هذا سوى الإمام الكسائي ، وابن المنادي ، وعَلَم الدين السخاوي – روّاد التأليف في جمع المتشابه - : كلّ هؤلاء وغيرهم ، ذكر في تراجمهم أن لهم تفاسير ، وأنهم معدودون من المفسّرين (1) .
بل إن الكرماني – في مقدّمة كتاب البرهان - قد صرّح باسم كتابين له في التفسير ، في قوله : " فإني بحمد الله قد بيّنت ذلك كلّه بشرائطه في كتاب لباب التفاسير . وكتاب غرائب التفسير وعجائب التأويل مشتملاً [ هكذا ] على أكثر ما نحن بصدده ، ولكنّي أفردت هذا الكتاب لبيان المتشابه " (2) .
__________
(1) ... انظر تراجم هؤلاء في : طبقات المفسّرين للداوودي مثلاً : ص 25 ، 30 ،276 ، 280 ، 296 ، 508 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 110 .(1/158)
أن التشابه اللفظي الموجود في القرآن يخدم المفسّر في تفسير القرآن بالقرآن ؛ حيث إن ما ذكر مجملاً في موضع يُذكر مبيّناً في موضع آخر ، وما ذكر مطلقاً في موضع ذُكر مقيّداً في موضع آخر ، وهكذا . ومن أمثلة ذلك ما ذكره الزركشي في قوله : " وقد يكون اللفظ محتملاً لمعنيين ، وفي موضع آخر ما يعيّنه لأحدهما ؛ ...كقوله تعالى في سورة الحجر : ? } تمت ( { - ( - - - رضي الله عنه - تمهيد (( { { ( - - - - رضي الله عنهم - - - - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( صدق الله العظيم ( - (( - ( - - صدق الله العظيم ( { ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - } - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -(((- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه -(( - - - ? [ الحجر : 42 ] ، فالاستثناء منقطع ؛ لقوله في الإسراء : ? } تمت ( { - ( - - - رضي الله عنه - تمهيد (( { { ( - - - - درهم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( صدق الله العظيم ( - (( - ( - - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( فهرس - - رضي الله عنه - - ( - الله - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الإسراء : 65 ] ، ولو كان متّصلاً لاستثناهم ؛ فلمّا لم يستثنهم دلّ على أنهم لم يدخلوا " (1) .
وقريب من ذلك إفادة الباحثين فيما يسمّى بالتفسير الموضوعي ؛من التشابه اللفظي في القرآن (2) .
ومن أبرز وجوه العلاقة بين المتشابه اللفظي والتفسير : اعتماد المؤلّفين في توجيه المتشابه على تفسير الآية أو معناها .
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 2/ 333 . وانظر : قواعد التفسير للسبت : 1/ 128 .
(2) ... انظر : دراسات في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم للدكتور: زاهر الألمعي : ص 10 ، 26 .(1/159)
ومن الأمثلة التي اعتمدوا فيها على تفسير الآية ومعناها : توجيه الكرماني للاختلاف بين قوله تعالى – عن عيسى عليه السلام - : ? ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( مقدمة - (( ? [ آل عمران : 49 ] ، وقوله في الآية الأخرى : ? - (( - - رضي الله عنه - - - ( - { - - ((? [ المائدة 110 ] قال: " قيل : الضمير في هذه السورة يعود إلى الطير ، وقيل : إلى الطين ، وقيل : إلى المُهيّأ ، وقيل : إلى الكاف ، فإنه في معنى مثل . وفي المائدة يعود إلى الهيئة"(1) .
* * *
المطلب الرابع : علاقته بعلم المناسبات
علم المناسبات هو : علم تعرف به وجوه ارتباط أجزاء القرآن بعضها ببعض . ويقصد بأجزاء القرآن : جمله ، وآياته ، وسوره ، وموضوعاته ، وأحكامه ، وغير ذلك (2) .
وعلم المتشابه اللفظي وعلم المناسبات يشتركان في أن كلّاً منهما معدود في علوم لطائف التفسير ؛ ولذلك كان من غير المستغرب وجود علاقة بينهما ، أشير إليها فيما يلي :
تنصيص بعض العلماء على وجود هذه العلاقة بين العلمين ، منهم السيوطي في كتابه (( الإتقان )) (3) وذلك في قوله : " والقصد به : إيراد القصة الواحدة في صور شتّى وفواصل مختلفة ... وهذا النوع يتداخل مع نوع المناسبات " .
وكذلك قال الشيخ طاهر الجزائري : " وهو علم جليل له اتصال بعلم المناسبات " (4) ، وإن كان يظهر أنه – في قوله هذا – متابع للسيوطي فيما قال .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 145 .
(2) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 131 ، الإتقان للسيوطي : 2/ 218 ، علم المناسبات في القرآن لمحمد بن عبد العزيز الخضيري ( وهو مقال في مجلة البيان : عدد : 146 ص 18 ) .
(3) ... 2 / 232 .
(4) ... التبيان لبعض المباحث المتعلّقة بالقرآن : ص 300 .(1/160)
أن بعض المصنّفين في توجيه المتشابه لهم مصنّفات في علم المناسبات ؛ كما هو الحال عند أبي جعفر بن الزبير صاحب (( ملاك التأويل )) الذي ألّف كتاباً مشهوراً في المناسبات هو : " البرهان في تناسب سور القرآن " (1) . وكذلك فإن السيوطي قد ذكر عن كتابه " أسرار التنزيل " المسمى (( قطف الأزهار في كشف الأسرار )) أنه احتوى على مسائل كثيرة من توجيه المتشابهات ، كما ضمّنه أيضاً عدداً كثيراً من المناسبات (2) . والعجيب أن نوعي المناسبات والمتشابه اللفظي متتاليان عند السيوطي في (( الإتقان )) (3) ، وشبه متتاليين عند الزركشي في (( البرهان )) (4) ولا أدري هل جعلهما كذلك مقصود ؛ لأجل ما بينهما من تقارب أم لا ؟
الاعتماد على اعتبار ترتيب سور القرآن في كلّ ٍ من المناسبات وتوجيه المتشابه، وقد أشار إلى ذلك ابن الزبير في قوله : " وقد أوضحنا في كتاب البرهان أن ترتيب السور بتوقيف على أصح المأخذين ، وأما ترتيب الآي فلا توقّف فيه ، وأن ذلك كله معتمد فيه غير ترتيب النزول " (5) . وسيأتي مزيد بيان لاعتبار ترتيب السور في توجيه المتشابه - في القواعد العامة في توجيهه في الفصل التالي - .
أن أنواع المناسبات – اللفظية والمعنوية - بين الآيات كانت من أكثر الأدوات التي استعان بها المصنّفون في توجيه المتشابه لتحقيق غرضهم . وسيأتي أمثلة لذلك عديدة في قواعد توجيه المتشابه – في آخر الفصل القادم وفي الفصل الذي يليه - .
* * *
المطلب الخامس : علاقته بمشكل القرآن
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 130 ، الإتقان : 2/ 216 ، مقدمة تحقيق سعيد الفلاح لملاك التأويل : 1/ 93 .
(2) ... انظر : الإتقان : 2/ 216 ، 232 .
(3) ... انظر : الإتقان : 2/ 216 ، 232 .
(4) ... انظر : البرهان : 1/ 130 ، 202 .
(5) ... ملاك التأويل : 1/ 316 . وانظر : البرهان للزركشي : 1/ 133 ؛ حيث نصّ على اعتبار الترتيب في القول في المناسبات .(1/161)
مشكل القرآن يراد به : الآيات القرآنية التي التبس معناها واشتبه على كثير من المفسرين ؛ فلم يعرف المراد منها إلا بالطلب والتأمل (1) .
وارتباط "مشكل القرآن " أو ما يسمّى أحياناً بمتشابه القرآن – أي المتشابه المعنوي - ارتباطه بالمتشابه اللفظي كارتباط اللفظ بالمعنى ، هذا الارتباط أخذ عدداً من الأوجه ، التي منها :
أن التشابه اللفظي بين آيات القرآن أحد أسباب وقوع الإشكال عند القارئ، وذلك من جهتي : ضبط الحفظ ، وفهم وجه الحكمة . والجهة الثانية – فهم وجه الحكمة – هي الجهة التي يتعلّق بها المتشابه اللفظي بالمشكل .
وقد أشار إلى ذلك أبو بكر الجصاص – في تفسيره(2)- حيث قال : " وأما قول من قال : إن المحكم مالم تتكرّر ألفاظه ، والمتشابه هو الذي تتكرر ألفاظه، فإن اشتباه هذا من جهة اشتباه وجه الحكمة فيه على السامع " .
كما ألمح إليه الكرماني في قوله : " فإن الأئمة رحمهم الله قد شرعوا في تصنيفه واقتصروا على ذكر الآية ونظيرها ، ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها والفرق بين الآية ومثلها ؛ وهو المشكل الذي لا يقوم بأعبائه إلاّ من وفقه الله لأدائه " (3) .
__________
(1) ... انظر : مشكل القرآن الكريم لعبد الله المنصور : ص 54 ، وهي رسالة ماجستير في جامعة الإمام غير مطبوعة.
(2) ... أحكام القرآن : 2/ 3 .
(3) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 110 .(1/162)
التداخل بين كتب مشكل القرآن وكتب توجيه المتشابه اللفظي ، هو أحد مظاهر العلاقة بين العلمين ، وقد سبق في الكلام على اتجاهات التأليف في المتشابه – في الفصل السابق – الإشارة إلى أن كتب " مشكل القرآن " – كتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة وغيره – تضمنّت توجيهات لبعض المتشابهات اللفظية في القرآن ، وخصوصاً المتشابهات بلااختلاف - أو ما يسمى بالمكرّر - . كما قد سبق – أيضاً – الإشارة إلى احتواء بعض كتب توجيه المتشابه لمسائل من " المشكل " ؛ ككتاب ابن جماعة (( كشف المعاني )) ، وزكريا الأنصاري (( فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن )) وعنوانه ينبئ عن ذلك .
* * *
المبحث الرابع :
علاقة المتشابه اللفظي بالعلوم الأخرى
علم المتشابه اللفظي أحد فروع علم " علوم القرآن " ؛ الذي هو بنفسه أحد العلوم الشرعيّة ؛ التي تشترك في كونها بياناً وشرحاً لمصدرَي التشريع : القرآن والسنّة .
ومما هو من العلوم الشرعية بسبب قوي : علوم اللغة العربية ؛ التي هي لغة القرآن والسنّة ، ومن خلال تلك العلوم يُتوصّل للفهم الصحيح لهما .
وحيث تقدّم – في المبحث السابق – شيء من بيان علاقة المتشابه اللفظي بعلوم القرآن؛ فإن هذا المبحث سيكون في تفصيل القول في علاقته بالعلوم الأخرى ؛ وذلك في المطلبين التاليين :
المطلب الأوّل : علاقته بالعلوم الشرعية .
المطلب الثاني : علاقته بعلوم اللغة العربية .
* * *
المطلب الأول : علاقته بالعلوم الشرعية
ويُقصد بالعلوم الشرعية : العلوم المتعلّقة بمصدري التشريع ؛ القرآن والسنة : كعلم التفسير، والحديث ، والعقيدة ( التوحيد ) ، والفقه . وكذلك العلوم المساعدة - علوم الآلة- : كعلوم القرآن ( أصول التفسير ) ، وأصول الحديث ( علوم الحديث = مصطلح الحديث ) ، وأصول الفقه ، وغيرها .
لكن تنبغي الإشارة إلى كون العلاقة بين المتشابه اللفظي والعلوم الشرعية أقلّ من علاقته بعلوم اللغة العربية – كما سيتّضح مما يأتي - .(1/163)
ويمكن تلخيص الكلام في علاقة المتشابه اللفظي بهذه العلوم ؛ في النقاط التالية :
الاشتراك العام بين العلوم الشرعية الأخرى وعلم المتشابه اللفظي في كونها -جميعاً– علوماً شرعية ، وهذا من أوضح وجوه العلاقة ؛ بل ربما كان هو السبب في وجود الوجوه الأخرى .
كون المؤلّفين في المتشابه اللفظي - وخصوصاً في توجيهه - ممن كانت لهم مشاركة في العلوم الشرعية الأخرى ، وبعضهم ألّف فيها ، بل إن بعضهم كان من المبرّزين في شيء من تلك العلوم – مع اشتراكهم في الغالب بكونهم من المتفنّنين – وذلك : كأبي الحسين بن المنادي ، وأبي جعفر بن الزبير ، وبدر الدين بن جماعة ، وأبي يحيى الأنصاري (1) ، وغيرهم .
من مظاهر العلاقة بين المتشابه اللفظي والعلوم الشرعية الأخرى : أثرها في توجيه الآيات المتشابهات ؛ وهذا الأثر وإن لم أحصل له – من خلال استقرائي لكتب توجيه المتشابه اللفظي - إلاّ على أمثلة قليلة ؛ لكن يمكنني أن أذكر مثالين يدلاّن على ذلك :
__________
(1) ... انظر في إثبات كون هؤلاء من المتفننين في العلوم الشرعية : مقدّمات تحقيق كتبهم ، التي سبقت الإشارة إليها عند ذكر اتجاهات التأليف في المتشابه اللفظي ، في المبحث الثالث من الفصل السابق .(1/164)
المثال الأول : فيه بيان أثر علمي الحديث والعقيدة على توجيه المتشابه ؛ وهو ما ذكره الكرماني في توجيه التشابه – مع الاختلاف – بين آيتين ؛ هما : قوله تعالى : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنه - - - ( - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - - - - ((- رضي الله عنه -( ? [ مريم : 14 ] ، وقوله تعالى : ?( المحتويات - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - - - جل جلاله - - - ( - - رضي الله عنهم - - - - - ( { - { ? [ مريم : 32 ] ؛ حيث قال : " لأن الأول : في حقّ يحيى عليه السلام ، وجاء في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( ما من أحد من بني آدم إلا أذنب ، أو همّ بذنب ، إلا يحيى بن زكريا )) (1)
__________
(1) ... هذا الحديث روي عن عدد من الصحابة والتابعين ، مرفوعاً ، وموقوفاً ، ومرسلاً :
فرواه عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً ، وموقوفاً ، أخرجه : ابن جرير : 5/ 377 ، والحاكم : 2/ 373 ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ( كما في تفسير ابن كثير : 1/ 317- 318 ، 3/ 108 ) ووصف ابن كثير المرفوع بأنه غريب جداً ، وقال : الموقوف أصح إسناداً ، و كذلك قال السيوطي في الدر المنثور : 2/ 190 ، لكن قال الهيثمي في مجمع الزوائد : 8/ 209 : رواه البزار ورجاله ثقات ، وكذا قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند : 4/ 145 .
ورواه أيضاً أبو هريرة مرفوعاً ، أخرجه : ابن أبي حاتم ( كما في تفسير ابن كثير : 1/ 318 ) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : 2/ 209 : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه حجاج بن سليمان الرعيني ، وثقه ابن حبان وغيره ، وضعفه أبو زرعة وغيره ، وبقية رجاله ثقات .
كما رواه ابن عباس مرفوعاً ، أخرجه : الإمام أحمد في مسنده : 1/ 215 ، 292 ، 301 ، قال عنه ابن كثير : 3/ 108 : وهذا أيضاً ضعيف ، لأن علي بن زيد بن جدعان – أحد رجال الإسناد – له منكرات .
أما الطريق المرسلة ، فهي من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً ، أخرجه : ابن جرير : 15/ 481 ، عبد الرزاق ( كما في تفسير ابن كثير : 3/ 108 ) ، وزاد السيوطي في الدر : 5/ 486 نسبته إلى : أحمد في الزهد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم .
كما رواه مرسلاً – أيضاً – الحسن ، أخرجه : الحاكم : 2/ 647 ، وقال الذهبي في التلخيص : إسناده جيد.(1/165)
؛ فنفى عنه العصيان . والثاني : في حقّ عيسى عليه السلام ؛ فنفى عنه الشقاوة وأثبت له السعادة ، والأنبياء عندنا معصومون عن الكبائر ، غير معصومين عن الصغائر(1) " (2) .
أما المثال الثاني : فإنه يبين عن أثر علمي الفقه وأصوله في توجيه المتشابه ،
وهو ما ذكره الشنقيطي (3) في كتابه (( دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب )) (4) ؛ حيث قال : " قوله تعالى : ? ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - ( - { - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - - { - - جل جلاله -( تم بحمد الله ( - - تم بحمد الله ? [ النساء : 92] ، قيّد في هذه الآية الرّقبةَ المعتَقَة – في كفّارة القتل الخطأ – بالإيمان ، وأطلق الرقبة التي في كفارة الظهار ، واليمين (5)
__________
(1) ... هذا التفصيل من الكرماني – رحمه الله – في مسألة عصمة الأنبياء ؛ هو قول أكثر علماء الإسلام ، وفي المسألة تفصيل أكثر ، انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية : 4/ 319 ، بحث : "عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام " للدكتور : يوسف السعيد : مجلة جامعة الإمام : العدد ( 28 ) : ص 13- 80 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 259 . وللتشابه بين هاتين الآيتين توجيهات أخرى ، انظر فيها : ملاك التأويل: 2/ 793 ، كشف المعاني : ص 246 ، فتح الرحمن : ص 407 .
(3) ... هو : محمد الأمين بن محمد المختار ، الجكني الشنقيطي ، العلاّمة ، صاحب " أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن " ، درّس بالمسجد النبوي ، وفي كليتي الشريعة واللغة العربية بالرياض ، وفي غيرها ، توفي ودفن بمكة سنة 1393هـ . انظر : الترجمة التي كتبها تلميذه عطية محمد سالم ، وهي ملحقة بآخر الجزء التاسع من كتاب أضواء البيان .
(4) ... ص 83- 87 .
(5) ... هذه أربعة مصطلحات فقهية هي : قتل الخطأ ، والكفّارة ، والظهار ، واليمين ، وتعريفاتها الفقهية كما يلي :
قتل الخطأ هو : أن يقصد بالفعل غير المحل الذي يقصد به الجناية ، كمن رمى صيداً فأصاب آدمياً ، أو أن يقتل في أرض الحرب من يظنه كافراً ويكون مسلماً .
الكفّارة هي : ما يستغفر به الآثم ، من صدقة ، أو صوم ، أو نحو ذلك .
الظهار هو : تشبيه المسلم زوجته ، أو تشبيه جزء شائع منها ؛ بعضو يحرم النظر إليه من أعضاء امرأة محرّمة عليه نسباً ، أو مصاهرة ، أو رضاعاً .
اليمين هي : عقد قَوِيَ به عزم الحالف على الفعل أو الترك ، أو تقوية أحد طرفي الخبر بذكر الله تعالى أو التعليق .
انظر في هذه التعريفات : التعريفات للجرجاني : ص 134 ، 187 ، 332 ، الكلّيات : ص 425 ، 593 ، القاموس الفقهي : 117 ، 239 ، 321 ، 395 .(1/166)
؛ عن قيد الإيمان ؛ حيث قال في كلّ ٍ منهما : ? ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - ( - { - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - ? [ المجادلة : 3 ] ، ? (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( - - ( - (- رضي الله عنه -- صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - { - رضي الله عنه - تمهيد - - - عليه السلام - - } ? [ المائدة : 89 ] ، ولم يقل : (( مُؤْمِنَةٍ )) .
وهذه المسألة من مسائل تعارض المطلق والمقيّد(1) ، وحاصل تحرير المقام فيها : أن المطلق والمقيّد لهما أربع حالات : ... الحالة الثانية : أن يتّحد الحكم ويختلف السبب – كما في هذه الآية - ؛ فإن الحكم متحد – وهو عتق الرقبة - ، والسبب مختلف – وهو قتل خطأ وظهار مثلاً - ، ومثل هذا المطلق يُحمل على المقيّد عند الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية ؛ ولذا أوجبوا الإيمان في كفارة الظهار حملاً للمطلق على المقيّد ، خلافاً لأبي حنيفة (2)... " .
* * *
المطلب الثاني : علاقته بعلوم اللغة العربية
__________
(1) ... المطلق والمقيّد : من المصطلحات المستعملة في علم أصول الفقه ، والمراد بهما في اصطلاح الأصوليين كما يلي :
المطلق هو : اللفظ الدال على الماهية بلا قيد ، أو هو : ما دلّ على شيء باعتبار حقيقة شاملة لجنسه ، أو هو : اللفظ المتعرّي عن الصفة والشرط والاستثناء .
المقيّد هو : ما قابل المطلق ، وهو : اللفظ الواقع على صفات قد قُيِّد ببعضها ، أو هو : اللفظ الذي دخله تعيين ولو من بعض الوجوه كالشرط والصفة وغير ذلك . انظر في هذه التعريفات : التعريفات للجرجاني : ص 280 ، 292 ، الكليات : ص 848 ، القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين : ص 273 ، 284 .
(2) ... انظر في تفصيل هذه المسألة – فقهياً وأصولياً - : المستصفى للغزالي : 3/ 398 ، المغني لابن قدامة : 11/ 81 ، 13 / 517- 518 ، المذكرة في أصول الفقه : ص 232- 233 .(1/167)
والمقصود بعلوم اللغة العربية : علم متن اللغة ودلالات ألفاظها والفروق الدقيقة بينها ، وعلم النحو ( الإعراب ) ، والتصريف ، والاشتقاق ، وعلم أو علوم البلاغة ( البيان والمعاني والبديع ) .
وعلاقة علم المتشابه اللفظي – وخصوصاً توجيه المتشابه – بعلوم اللغة العربية ؛ علاقة وثيقة جدّاً ؛ يمكن إبرازها في الإلماحات التالية :
القرآن نزل بلغة العرب – كما نصّ الله على ذلك في أكثر من آية (1) - ، وقد تواتر كلام أهل العلم – سلفاً وخلفاً - بوجوب العلم باللغة لمن أراد أن يتعاطى ماله تعلّق بالقرآن أو السنّة (2) ؛ لكون ذلك من أقوى الضمانات لحصول الفهم الصحيح لهما ، وخصوصاً ما يتعلّق بأساليب العرب التي نزل بها القرآن – كالتكرار والإيجاز والإطناب والتقديم والتأخير وغيرها – مما له تعلّق مباشر بتوجيه المتشابه اللفظي .
مما يبين عن جانب من جوانب العلاقة بين المتشابه اللفظي وعلوم اللغة العربية؛ كون المؤلّفين فيه – وفي توجيهه خصوصاً – ممن لهم اهتمام ظاهر بعلوم العربية والتأليف فيها .
وأوّل من يذكر في هذا المقام : الإمام الكسائي ، صاحب أقدم مؤلّف وصل إلينا في المتشابه اللفظي ؛ حيث كان من اللغويين المبرّزين ؛ بل كان إمام أهل الكوفة في النحو واللغة (3) .
__________
(1) ... انظر في ذلك مثلاً : سورة يوسف : الآية : 2 ، الرعد : 37 ، النحل : 103 ، طه : 113 ، الشعراء : 195، الزمر : 28 ، فصلت : 3 ، الشورى : 7 ، الزخرف : 3 ، الأحقاف : 12 .
(2) ... انظر شيئاً من كلامهم في ذلك في : قواعد التفسير للسبت : 1/ 210 وما بعدها ، قواعد الترجيح عند المفسرين للحربي : 2/ 349 وما بعدها ، التفسير اللغوي للطيار : ص 40 وما بعدها .
(3) ... انظر : طبقات المفسرين للداوودي : ص 277 . وقد سبقت ترجمته في المبحث الثاني من الفصل الأول .(1/168)
وممن يذكر في ذلك أيضاً : الأستاذ أبو جعفر بن الزبير – صاحب كتاب "ملاك التأويل" في توجيه المتشابه - ؛ حيث انتهت الرئاسة إليه بالأندلس في صناعة العربية – في زمانه - ، وقد أثنى عليه في ذلك تلميذه أبوحيان – صاحب " البحر المحيط " في التفسير ، وشيخ النحاة في زمانه – كما أكثر النقل عنه في تفسيره (1) .
وكذلك سائر المصنّفين في توجيه المتشابه ؛ هم من المشاركين بالتأليف في علوم اللغة العربية ، والمتمكنين فيها (2) .
ومما يبين كذلك عن جانب آخر من هذه العلاقة ؛ احتواء بعض المؤلفات في علوم اللغة العربية – وخصوصاً المؤلفات في علوم البلاغة – على توجيهات غير قليلة لمسائل من المتشابه اللفظي في القرآن ، وقد سبق ذكر عدد منها ضمن المؤلفات غير المفردة في توجيه المتشابه – في مبحث اتجاهات التأليف في المتشابه من الفصل السابق - . بل قد سبق – هناك - ذكر مؤلّفات مفردة في المتشابه اللفظي ، وهي ذات صبغة بلاغية خالصة ؛ منها : رسالة " المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية " للدكتور : صالح الشثري ، وهي عبارة عن رسالة دكتوراه مقدّمة لقسم البلاغة والنقد في كلية اللغة العربية في جامعة أم القرى .
__________
(1) ... انظر : مقدمة تحقيق ملاك التأويل : 1/ 81 ، أبو حيان وتفسيره البحر المحيط : ص 97 .
(2) ... انظر في ذلك : مقدمات تحقيق كتبهم ؛ التي سبقت الإشارة إليها في المبحث الأخير من الفصل السابق .(1/169)
ومما يكشف كذلك عن قوّة هذه العلاقة ؛ كثرة استشهاد المؤلفين في توجيه المتشابه بأقوال وآراء أئمة اللغة ، وذكر كتبهم ، كالخليل بن أحمد في معجمه " العين" (1) ، وسيبويه في " الكتاب" (2) ، والمبرّد (3) ، والكسائي والزجاج والفرّاء(4) والأخفش(5)
__________
(1) ... هو : الخليل بن أحمد بن عمر ، أبو عبد الرحمن الفراهيدي الأزدي ، من أئمة اللغة والأدب ، واضع علم العروض ، وأول من جمع اللغة في معجمه ( العين ) ، أخذ عن أبي عمرو بن العلاء ، وأخذ عنه الأصمعي وسيبويه ، توفي سنة 160 هـ . انظر : سير أعلام النبلاء : 7/ 429 ، إنباه الرواة : 1/ 341 .
(2) هو : عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء ، أبو بشر ، الملقّب بسيبويه ، إمام النحاة ، وأول من بسط علم النحو ، ولد في إحدى قرى شيراز ، وقدم البصرة فلزم الخليل ففاقه ، وصنّف كتابه ( الكتاب ) في النحو ، لم يصنع قبله ولا بعده مثله ، توفي شاباً سنة 180هـ . انظر : سير أعلام النبلاء : 8/ 351 .
(3) ... هو : محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي ، أبو العباس ، المعروف بالمبرّد ، إمام العربية في بغداد في زمانه ، وأحد أئمة الأدب والأخبار ، مولده بالبصرة ووفاته ببغداد ، توفي سنة 286هـ . انظر : إنباه الرواة : 3/ 241 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 597 .
(4) ... هو : يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي ، أبو زكريا الفراء ، كان أبرع الكوفيين وأبرعهم بالنحو بعد الكسائي ، له كتاب " معاني القرآن " مطبوع مشهور ، توفي بطريق مكة سنة 207هـ وعمره 67 سنة . انظر : إنباه الرواة : 4/ 7 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 545 .
(5) ... هو : سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي ، الأخفش الأوسط ، النحوي البصري المعتزلي ، تتلمذ على سيبويه وكان أسن منه ، وكان معظماً عند البصريين والكوفيين ، له كتاب " معاني القرآن " مطبوع مشهور ، توفي سنة 215هـ . انظر : إنباه الرواة : 2/ 36 ، طبقات المفسرين للداوودي : ص 134 .(1/170)
؛ في كتبهم " معاني القرآن " ، والجوهري في "الصحاح" (1) ، وغيرهم من أئمة اللغة (2).
حتى إن اسم سيبويه – مثلاً – تردّد في كتاب ابن الزبير " ملاك التأويل " في أكثر من أربعين موضعاً (3) .
ومما يؤكّد كذلك قوّة العلاقة بين علوم اللغة العربية وعلم المتشابه اللفظي ؛ تصريح محقِّقَي كتابي كلّ ٍ من الإسكافي وابن الزبير ؛ بكثرة المباحث اللغوية والنحوية فيهما إلى حدّ المبالغة والإفراط في ذلك .
يقول محقق كتاب " درة التنزيل " للإسكافي – الدكتور: محمد آيدين – في أوّل مآخذه على الكتاب : " مبالغة المؤلّف – رحمه الله – وتوسّعه في القضايا النحويّة ، والقضايا اللغوية ، وعدم اقتصاره على ما هو بصدده من توجيه الآيات التي فيها تشابه ... " (4) .
__________
(1) ... هو : إسماعيل بن حماد الجوهري ، أبو نصر ، أول من حاول الطيران ومات بسببه ، لغوي من الأئمة ، وخطّه حسن جداً حتى إنه يذكر مع خط ابن مقلة ، له معجم ( الصحاح ) وهو من أشهر كتبه ، بل من أشهر وأصح كتب اللغة ، توفي في نيسابور سنة 398هـ . انظر : إنباه الرواة : 1/ 229 ، السير : 17/ 80 .
(2) ... انظر : درة التنزيل : 1/ 159- 161 ، 3/ 1445- 1448 ، البرهان للكرماني : تحقيق عطا : ص 343- 346 ، تحقيق العمر : ص 29- 30 ، ملاك التأويل : 1/ 132 ، 2/ 1247- 1256 ، 1269- 1272 ، فتح الرحمن : ص 690- 693 .
(3) ... انظر : ملاك التأويل : 2 / 1250 .
(4) ... درّة التنزيل : قسم الدراسة : 1/ 173 .(1/171)
كما يقول محقق كتاب " ملاك التأويل " لابن الزبير – الدكتور: سعيد الفلاح – عن الكتاب : " والمطّلع على تفسيره : ملاك التأويل ؛ يلمس تمكّنه من العربية ورسوخ قدمه فيها ؛ يلمس ذلك في أسلوبه المتين واستعمالاته الفصيحة ، وشدّة تحرّيه في ذلك بالإكثار من الاستشهاد وضرب الأمثلة بالشعر وأقوال العرب وآراء أعلام اللغة وأساطينها . وقد كان في تفسيره كثير الاعتماد على النحو ، كثير الاستشهاد بسيبويه والمذاهب المتعددة للمدارس النحوية ؛ حتى يصل في ذلك أحياناً إلى الإفراط ... " (1) .
بقي في بيان العلاقة بين علوم اللغة وعلم المتشابه اللفظي : ذكر بعض الأمثلة التي تُبرز أثر علوم اللغة العربية – بأنواعها – في توجيه المتشابه اللفظي ، وهي كما يلي :
__________
(1) ... ملاك التأويل : قسم الدراسة : 1/ 81 .(1/172)
الأول : ما ذكره الخطيب الإسكافي في توجيه التشابه الواقع بين الآيات التي في صدر سورة المؤمنون [ الآيات : 4-11 ] ، والآيات التي تشبهها في سورة المعارج [الآيات : 29- 35 ] ، ومما قاله :" والجواب الذي أذهب إليه أن الهلع : أصله التّسرّع والقلق نحو الشيء ، فالحريص يهلع والجزوع يهلع ، أي يتسرّع إلى تمكين الحزن إلى نفسه ، وإدخال ألمه على قلبه ، والحريص يتسرّع إلى مشتهاه ، اتباعاً لهواه وإن كان فيه رداه . والإنسان في حال صغره مطبوع على هذه الخلال ؛ لأنه يتسرّع إلى الثدي ويحرص على الرضاع ، وإن مسّه ألم جزع وبكى ، وإن تمسّك بثدي فزوحم عليه منع بما في قدرته من اضطراب وبكاء ، فلا يزال يفعل ذلك حتى يُردّ إليه الخير الذي كان له، ثم هو على ذلك إلى آخر عمره . والهلع في كلام العرب أصله : القلق والتسرّع في الحرص والجزع ، يقال : ناقة هِلواع : أي مسرعة ، وظِلمان(1) هوالع : أي مسرعات . وإذا كان كذلك لم يكن الهلوع والجزوع والمنوع مجازاً ، فتبين بالمبالغات التي هي في الخصال المذمومة ، وإردافها بالمبالغات في الطاعات المحمودة ؛ الآيات التي في هذه السورة – المعارج – من الآيات التي في سورة المؤمنين ، التي لم يتقدّمها مبالغات في مساوئ الأخلاق . " (2) .
__________
(1) ... هي جمع : ظليم ، وهو : ذَكَر النعام . انظر : القاموس المحيط : ص 1464 ( ظلم ) .
(2) ... درة التنزيل : 3/ 1303- 1304 .(1/173)
المثال الثاني : ما ذكره الأستاذ أبو جعفر بن الزبير في توجيهه للفرق بين الآيتين المتشابهتين ؛ في قوله تعالى : ? - - - ( - رضي الله عنهم - - ( - ( - ((( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( - - ( - ( - ( - - - المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ( - - { - ( - - (( ( - - قرآن كريم - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - عليه السلام - - ( الله أكبر - - - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( } (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - ? [ التوبة : 55 ] . وقوله تعالى : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ((( - ( المحتويات ( - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( - - ( - ( - ( - - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - - { - ( - - (( - - عليه السلام - - ( الله أكبر - - - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( } (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - - عليه(1/174)
السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - ? [ التوبة : 85 ] ؛ حيث قال في الأولى : ? المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ( - ? باللاّم ، وقال في الثانية : ? تمت - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ? فجعل ( أن ) بدلاً عن ( اللاّم ) ، وفي توجيه ذلك قال : " إن قوله في الآية الأولى : ? - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( - - ( - ( - ( - - - المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ( - ? بلام كي (1) مناسب لما في الآية من التأكيد ؛ إذ لا تقتضي تراخياً ؛ فناسب هذا ما ذكر من التأكيد. أما قوله في الآية الثانية : ? - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( - - ( - ( - ( - - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ? فيقتضي أن التأكيد لما لم يبلغ في هذه الثانية مبلغ الأولى بما تقدّم فيها ؛ أشعرت (أن) بما فيها من التراخي ، فأن هذه ليست من التأكيد في نمط الأولى ، وهذا رعي مناسبة لفظية ؛ إذ الإخبار بحالهم ومآلهم واحد في الآيتين من غير فرق. فإن قيل : فإن ( لام كي ) في قوله تعالى : ? المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ( - ? تُقدَّر بعدها ( أن ) على قول الجمهور ؛ فقد تساوت الآيتان ! قلت : ليس المعنى على تقديرها هو المعنى مع ظهورها ؛ بل لظهورها حكم لا يكون في تقديرها ، وقد نصّ سيبويه – رحمه الله – على ذلك في باب الجواب بالفاء من كتابه أنه كلام العرب ، فتبيّن أن قوله
__________
(1) ... لام كي ، هي : اللام الداخلة لفظاً على الفعل المضارع ، ويُنصب الفعل بعدها بأنْ مضمرة جوازاً ، وتسمّى بلام التعليل أيضاً . انظر : المغني لابن هشام : ص 277 ، النحو الوافي : 4/ 322 ، معجم القواعد العربية : ص 413 .(1/175)
تعالى : ? المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ( - ? ليس كقوله : ? تمت - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ? فيما يعطيه ظهور ( أن ) من التراخي ، والله أعلم " (1) .
المثال الثالث : ما ذكره بدر الدين بن جماعة في قوله : " ? ( صدق الله العظيم (- عليه السلام - - ( قرآن كريم { - - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( مقدمة { - - - - ? [ الفاتحة : 3 ] ، ذكر المفسّرون في إيراد الاسمين مع اتحاد المعنى فيهما معاني كثيرة مذكورة في كتب التفسير لم نطل بها هنا . وأحسن ما يقال مما لم أقف عليه في تفسير : أن ( فَعلان ) صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمه والامتلاء منه ، ولا يلزم منه الدوام لذلك ؛ كغضبان وسكران ونومان ، وصيغة ( فَعِيل ) لدوام الصفة ؛ ككريم وظريف . فكأنه قيل : العظيم الرحمة ، الدّائمها . ولذلك لما تفرّد الرب – سبحانه – بعظم رحمته لم يُسمَّ بالرحمن ( بالألف واللاّم ) غيره " (2) .
* * *
المبحث الأول :
الحكمة من وجود المتشابه اللفظي في القرآن
عندما عرّف الزركشي المتشابه اللفظي(3) – في صدر كلامه على النوع الخاص به في كتابه البرهان - ؛ كان أن ذكر بعد التعريف - مباشرة – حكمتَه ، حتى أدخل كثير ممن نقل تعريف الزركشي كلامه على الحكمة ضمن التعريف .
وصنيع الزركشي هذا يدلّ على أهميّة هذا المبحث ، وأنه يأتي بعد ذكر التعريف وما يتعلّق به .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 596 .
(2) ... كشف المعاني : ص 85 .
(3) ... انظر : البرهان في علوم القرآن للزركشي : 1/ 207 .(1/176)
هذا وقد وجدت نصّاً للخطيب الإسكافي ، يصلح لأن يكون مدخلاً تأصيليّاً يسبق التفصيل في ذكر الحِكم ، وهو قوله : " إذا أورد الحكيم – تقدّست أسماؤه – آيةً على لفظة مخصوصة ، ثم أعادها في موضع آخر من القرآن وقد غيّر فيها لفظةً عما كانت عليه في الأولى ؛ فلا بدّ من حكمة هناك تُطلب ، وإن أدركتموها فقد ظفرتم ، وإن لم تدركوها فليس لأنه لا حكمة هناك بل جهلتم " (1) .
أما الحِكم التي التمسها أهل العلم لوجود المتشابه اللفظي في القرآن فيمكن بيانها في النقاط التالية :
- أولاً : إثبات عربيّة القرآن ، وأنه نزل على المعهود من كلام العرب وأساليبها . يشير إلى شيء من ذلك ابن قتيبة في قوله : " وأما تكرار الكلام من جنس واحد وبعضه يجزئ عن بعض ... فقد أعلمتك أن القرآن نزل بلسان القوم وعلى مذاهبهم ، ومن مذاهبهم التكرار " (2) .
وكذلك ابن فارس في قوله : " ومن سنن العرب التكرير والإعادة إرادة الإبلاغ ؛ بحسب العناية بالأمر ... قال علماؤنا : فعلى هذه السنة جاء ما جاء في كتاب الله جلَّ ثناؤه من قوله : ?( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] " (3) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 250- 251 .
(2) ... تأويل مشكل القرآن : ص 235 .
(3) ... الصاحبي : ص 158 ، وعنه : السيوطي في المزهر : 1/ 332 ، وانظر : فقه اللغة للثعالبي : ص 421 .(1/177)
وتجدر الإشارة إلى أن المصنّفين في توجيه المتشابه قد اتّكؤوا في عدد من توجيهاتهم على تقرير هذه الحقيقة ، كما في قول ابن الزبير – في أحد توجيهاته - : " قد تقدّم أن العرب متى تهمّمت بشيء أرادته لتحقّقه وقرب وقوعه أو قصدت الدعاء عليه كرّرته توكيداً، وكأنها تقيم تكرارها مكان القسم عليه والاجتهاد في الدعاء عليه حيث يقصد الدعاء ، وإنما نزل القرآن بلسانهم وكأن مخاطباته جارية فيما بين بعضهم وبعض " (1) .
وكما في قول أبي يحيى الأنصاري – ضمن توجيهه لأحد الاختلافات الحاصلة بين بعض الآيات المتشابهة - : " لأن القرآن نزل على المعهود من أساليب كلام العرب وفنونه ، ومنها الإجمال والتفصيل ، والذكر والحذف ، والجمع والتثنية والإفراد ؛ باعتبارات مختلفة"(2).
وكذلك الأمر بالنسبة للباحثين المعاصرين ، الذين استقرؤوا كلام المتقدّمين ، ورأوا إجماعهم على تقرير هذه الحقيقة (3) .
- ثانياً : تسجيل العجز التام للبشر عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، وهذه الحكمة مترتّبة على السابقة ، وفي ذلك يقول ابن فارس – تتميماً لكلامه المنقول قبل قليل- : " فأما تكرير الأنباء والقصص في كتاب الله جلَّ ثناؤه ، فقد قيلت فيه وجوه ، وأصحّ ما يقال فيه : أن الله جلَّ ثناؤه جعل هذا القرآن وعجز القوم عن الإتيان بمثله آية ً لصحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ثم بيّن وأوضح الأمر في عجزهم بأن كرّر ذكر القصّة في مواضع ؛ إعلاماً أنهم عاجزون عن الإتيان بمثله ، بأيّ نظم جاء وبأيّ عبارة عبّر ، فهذا أولى ما قيل في هذا الباب " (4) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1130 . وانظر منه أيضاً : 2/ 715 ، 1074 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 509 .
(3) ... انظر : التكرار للدكتور : حسين نصّار : 33- 36 ، ظاهرة التكرار للدكتور : عبد المنعم السيد حسن : 23- 24 .
(4) ... الصاحبي : ص 158 .(1/178)
والظاهر أن هذا الكلام من ابن فارس هو أصل مقولة الزركشي – في حكمة المتشابه اللفظي – التي أشيرَ إليها في صدر هذا المبحث ، وهي قوله : " وحكمته : التصرّف في الكلام وإتيانه على ضروب ؛ ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك : مبتدأً به ومتكرّراً"(1).
ومما يؤكّد هذا الأمر : أن السيوطي في كتابه (( معترك الأقران في إعجاز القرآن )) قد اعتبر وجود المتشابه اللفظي في القرآن – وهو ما سمّاه بمشتبهات آياته – اعتبره الوجه السادس من وجوه إعجازه (2) .
وهذا الأمر – أيضاً- مما يكثر المصنفون في توجيه المتشابه من تقريره ، كما في قول ابن الزبير – مثلاً - : " وكانت العرب تتسع في جموع التكسير فتوقعها على أولي العلم وغيرهم، فأتى هنا بالجمع مكسّراً لتحصل اللغتان ؛ حتى لا يبقى لمن تُحدّي بالقرآن حجّة ؛ إذ هم مخاطبون بما في لغاتهم ، فلا يقصر بشيء من خطابهم على أحد الجائزين دون الآخر ، إلا ألا يتكرّر ، فإذ ذلك يرد على وجه واحد مما يجوز فيه ، فتفهّم ما أجملته فسوف يتضح لك به إذا استوفيته ما يعينك على فهم الإعجاز " (3) ، وقوله : " وإنما نزل القرآن بلسانهم وكأن مخاطباته جارية فيما بين بعضهم وبعض ، وبهذا المسلك تستحكم الحجّة عليهم في عجزهم عن المعارضة ، وقد تقدّم هذا وتقرّر " (4) .
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 1/ 207 . وانظر منه : 2/ 485 ، 3/ 96 .
(2) ... معترك الأقران : 1/ 85 . وانظر : إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي وغيره من العلماء للدكتور : محمد موسى الشريف : ص 355 .
(3) ... ملاك التأويل : 1/ 218 .
(4) ... ملاك التأويل : 2/ 1130 .(1/179)
وفي ذلك – أيضاً - يقول ابن جماعة – في مقدمة كتابه (1) - : " قد عُلم أن القرآن نزل بأفصح لغات العرب وكلامها ، وتضمّن فنون أنواع فصاحتهم وأقسامها ، توسيعاً لمجالهم في معارضة شيء منه إن قدروا ، وبياناً لعجزهم عن الإتيان بمثل ذراه ولو تسوّروا " .
وكذلك أبو يحيى الأنصاري في قوله : " والحكمة في تكرار قصة موسى وغيرها من القصص : تأكيد التحدّي وإظهار الإعجاز " (2) .
أما الكرماني في كتابه (( البرهان في متشابه القرآن )) فقد كان كثيراً ما يردّد بعد إظهاره لسرّ الاختلاف بين المتشابهات : بأن ذلك برهان على إعجاز القرآن (3) .
وكذلك الأمر بالنسبة لبعض الباحثين المعاصرين – في موضوع المتشابه اللفظي وما يتعلّق به – لم يفتهم أن يؤكدّوا على كون هذه الحكمة إحدى حكم المتشابه اللفظي (4) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 81 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 293 .
(3) ... وقد أحصيت عشرين موضعاً قال ذلك فيه ، هي : ص 141 ، 173 ، 177 ، 184 ، 196 ، 202 ، 203 ، 206 ، 211 ، 213 ، 230 ، 231 ، 237 ، 262 ، 275 ، 327 ، 341 ، 360 ، 361 ، 370 .
(4) ... انظر مثلاً : التقرير في التكرير لابن عابدين : ص 102 ، متشابه النظم في القرآن الكريم للأستاذ : عبد الغني الراجحي : وهو مقال في : مجلة الأزهر : المجلد : 18 : ص 664- 665 ، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان : 318- 319 ، التكرار للدكتور : حسين نصار : ص 40 .(1/180)
- ثالثاً : فتنة من في قلبه زيغ في اتّباع ما تشابه من القرآن ، وزيادة إيمان المؤمنين ، وذلك أن المتشابه اللفظي داخل في آية آل عمران المشيرة إلى ذلك ، وهي قوله تعالى : ? - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - - - (- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله } - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - ( - رضي الله عنه -((( - { - - - - (( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( - ( - ((( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( تمهيد ( - - عليه السلام - - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - مقدمة - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -( - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ( { - عليه السلام - - ( - ((( - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات فهرس - ((- رضي الله عنه - - ((( - - - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - - صدق الله العظيم ( { ( - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( { - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( بسم الله(1/181)
الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - رضي الله عنه - - - } - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( (( مقدمة ( - - - ( - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - - (( - - عليه السلام - - ( فهرس - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - { - } - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( { } - قرآن كريم ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنه - تمهيد ( - - } - - ? [ آل عمران : 7 ] . على أحد أقوال المفسرين في المراد بالمتشابه في هذه الآية ، كما سبق تفصيله - في المبحث الأوّل من مباحث هذه الرسالة - .
ووجه ذلك : مارواه ابن جرير(1) عن ابن زيد(2) - في سياق ذكره لمن قال بأن المراد بالمتشابه في الآية : ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور ، بقصّه باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني ، وبقصّه باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني – فرَوَى عن ابن زيد أنه قال في المتشابه من القرآن : " من يرد الله به البلاء والضلالة ، يقول : ما شأن هذا لا يكون هكذا ؟ وما شأن هذا لا يكون هكذا ؟ " .
ومما يؤكّد ذلك أيضاً : ما سبق تقريره – في الباب الأول من هذه الرسالة - من كون " الردّ على الطاعنين في كتاب الله تعالى بسبب وجود هذا التشابه فيه " هو أحد المقاصد التي سعى المؤلفون في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن لتحقيقها ، مما يعني أنّ هذا الطعن ربما كان سبباً في فتنة بعض ضعاف الإيمان ، وكذلك فهو – في المقابل - سبب لتثبيت أقوياء الإيمان .
__________
(1) ... تفسير ابن جرير : 5/ 197- 198 .
(2) ... هو : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، العدوي مولاهم ، ضعّف في الحديث ، روى كثيراً من تفسير أبيه ، توفي سنة 182هـ ، انظر : تقريب التهذيب : 1/ 570 ، طبقات المفسّرين للداوودي : ص 188 .(1/182)
- رابعاً : وجود المتشابه اللفظي في القرآن – سواء المتشابه بلااختلاف أو مع الاختلاف- يثير في ذهن قارئ القرآن أسئلة في حكمة هذا التشابه ودواعي الاختلاف اللفظي الحاصل فيه ؛ مما يدفع القارئ للتّأمل والتدبّر أو البحث والسؤال عن تلك الحكم والأسرار .
بل إن هذا الأمر – وهو السؤال عن شيء من ذلك - كان أحد أهم الأسباب التي دفعت بعض العلماء للتأليف في توجيه المتشابه اللفظي – كما حصل لابن جماعة مثلاً (1) – على ما سبق تفصيله في مبحث (( أسباب التأليف في المتشابه اللفظي )) - في الفصل الثاني من الباب الأول - .
ولا شك في أن الفائدة من البحث عن إجابة تلك الأسئلة لن تقتصر على إدراك إجاباتها فحسب ، بل سيكون في طريق ذلك من تحصيل شيء من العلوم الجليلة المتعلّقة بالقرآن وفهمه ما هو أهم وأنفع مما يريده الباحث أصلاً .
- خامساً : وجود المتشابه اللفظي في القرآن مما ساهم في تيسير حفظ القرآن(2) وتلاوته ، بل وعقله وفهمه وتدبّره والتأثّر به ، وذلك من خلال ما يحصل من تكرار للآيات المتشابهة .
يبيّن ذلك ما قاله الزمخشري في (( الكشّاف )) (3) : " إن في التكرير تقريراً للمعاني في الأنفس ، وتثبيتاً لها في الصدور ، ألا ترى أنه لا طريق إلى تحفّظ العلوم إلاّ ترديد ما يراد تحفّظه منها ، وكلّما زاد ترديده كان أمكن له في القلوب ، وأرسخ له في الفهم ، وأثبت له في الذكر ، وأبعد من النسيان " .
__________
(1) ... انظر : كشف المعاني : 79- 80 .
(2) ... انظر : القواعد الذهبية لحفظ كتاب ربّ البريّة : ص 65 .
(3) ... ص : 769 ( ط . دار المعرفة ذات المجلّد الواحد ) .(1/183)
وكذلك قول السعدي – رحمه الله – في كلامه على تفسير قوله تعالى : ? ( - - - - رضي الله عنه - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - ( { - ( - { - رضي الله عنه -( - - - - - جل جلاله - تمهيد (- رضي الله عنه - - ( - - - جل جلاله - - ( تمهيد (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله - عليه السلام - - ( الله أكبر - - الله } تم بحمد الله ? [ الزمر : 23 ] قال : " فكذلك القلب يحتاج دائماً إلى تكرّر معاني كلام الله تعالى عليه ، وأنه لو تكرّر عليه المعنى مرّة واحدة في جميع القرآن ، لم يقع منه موقعاً ولم تحصل النتيجة منه . ولهذا سلكت في هذا التفسير هذا المسلك الكريم ؛ اقتداءً بما هو تفسير له ، فلا تجد فيه الحوالة على موضع من المواضع ، بل كل موضع تجد تفسيره كامل المعنى ، غير مراعى لما مضى مما يشبهه ، وإن كان بعض المواضع يكون أبسط من بعض وأكثر فائدة . وهكذا ينبغي لقارئ القرآن المتدبّر لمعانيه ألاّ يدع التدبّر في جميع المواضع منه ؛ فإنه يحصل له بسبب ذلك خير كثير ونفع غزير " (1) .
لكن هاهنا إشكال ربما يرِد على هذه الحكمة ، وهو : أنه سبق – في مبحث أسباب التأليف في المتشابه ومقاصده في الباب الأول – القول بأن من المقاصد خدمة قارئي القرآن وحفظته من الوقوع في الغلط بسبب المتشابه ، فصار على العكس مما يقال هنا .
ولعله يمكن أن يقال – في الإجابة على ذلك - : بأن الغلط الذي يقع من القارئ أو الحافظ بسبب المتشابه ، ليس مردّه وجود المتشابه ، بقدر ماهو عدم ضبطٍ لموضع أحد المتشابهين من موضع الآخر ؛ ولعلاج هذا الأمر أُلِّفت المؤلّفات في ذلك ؛ فجُمعت فيه المتشابهات وذُكرت فيها الضوابط والتوجيهات ؛ لتحقيق هذا الغرض .
__________
(1) ... تيسير الكريم الرحمن : ص 669 ، وقد ذكر أن هذه هي طريقته في تفسيره ؛ كما في المقدمة : ص 10 .(1/184)
كما يمكن أن يقال- أيضاً - : إنّ ضبط الحفظ الذي يحوي مواضع متشابهة ، يستدعي تكراراً وتركيزاً أكثر من غيره ؛ مما يجعل الحفظ أمتن مما لو لم يوجد الداعي لذلك (1) .
وعلى كلّ حال فإنه لا مانع من أن يكون الشيء الواحد سبباً لحصول أمرين متضادّين لكن من جهتين مختلفتين ، كما هو الأمر بالنسبة للقرآن ؛ إذ هو :? (( - - - (( { ( { - عليه السلام - - ( قرآن كريم - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - ( - - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - ( - ( { ( - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - - - - - - رضي الله عنهم - - ? [ الإسراء : 82 ] .
أما كون وجود المتشابه اللفظي في القرآن سبب في تيسير فهمه فيزيده وضوحاً ما سبق تفصيله في مبحث علاقة المتشابه اللفظي بالتفسير – في الباب الأول - .
- سادساً : تحقيق بعض الأغراض والفوائد الخاصّة ؛ من وراء التشابه اللفظي بنوعيه- المتشابه بلا اختلاف والمتشابه مع الاختلاف - ، وذلك مثل : التكرار لغرض التأكيد ، والاختلاف بين المتشابهات في التقديم والتأخير لبيان الأهم في كلّ سياق ، ومراعاة الفواصل ورؤوس الآي . إلىغير ذلك من الفوائد والأغراض الخاصة ، مما سيأتي له مزيد بيان وتفصيل في قواعد توجيه المتشابه اللفظي– في المبحث التالي من هذا الفصل و في الفصل التالي أيضاً – بإذن الله تعالى .
* * *
المبحث الثاني :
توجيه كثرة وروده في بعض موضوعات القرآن
__________
(1) ... انظر : كيف تحفظ القرآن الكريم للدكتور : يحيى الغوثاني : ص 62 .(1/185)
قبل الدخول في تفصيلات هذا المبحث يحسن تحرير المراد به ؛ لئلا يسبق فهم الناظر إلى عنوانه بأن المراد به الموضوعات التي تكرّر ذكرها في القرآن ، كتكرار ذكر التوحيد وما يتعلّق به من سائر أمور العقائد ؛ مثل البعث والجزاء ، واليوم الآخر وما يحصل فيه ، والجنة والنار ، إلى غير ذلك من الموضوعات التي تكرّر ذكرها في القرآن .
وذلك كلّه ليس محلَّ البحث هنا ، إنما المراد بهذا المبحث تناول الموضوعات التي يكثر فيها التشابه اللفظي ؛ فيكون فيها تشابه في الألفاظ والمعاني ، أما تشابه المعاني فقط – كما في الموضوعات المشار إليها – فليس مقصوداً في هذا المبحث .
هذا ولم أقف على موضوعٍ نصَّ أهل العلم على كثرة ورود المتشابه اللفظي فيه غير موضوع القصص ، ولكني لاحظت – من خلال قراءتي في كتب المتشابه اللفظي جمعاً وتوجيهاً – أنه يكثر أيضاً في موضوعين آخرين – وإن لم يكن ككثرته في موضوع القصص – هما : فواصل الآيات ، وفواتح السور .
وبناء على ذلك : فإن الحديث الذي سيتناوله هذا المبحث يمكن تقسيمه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : توجيه كثرة وروده في القصص .
المطلب الثاني : توجيه كثرة وروده في فواصل الآيات .
المطلب الثالث : توجيه كثرة وروده في فواتح السور .
* * *
المطلب الأول : توجيه كثرة وروده في القصص
أشهر من نصّ على ذلك الزركشي في (( البرهان )) (1) – بعد أن عرّف المتشابه اللفظي في النوع الخاص به – حيث قال : " ويكثر في إيراد القصص والأنباء " ، بل إنه قد فهم البعض من تعريفه قَصْره إيّاه على ما ورد في القصص ؛ حيث عرّفه بأنه " إيراد القصّة الواحدة في صور شتّى ، وفواصل مختلفة " ، وقدسبق تفصيل القول في هذا – في مبحث تعريف المتشابه اللفظي في الاصطلاح في أول هذه الرسالة – مما يُغني عن إعادته هاهنا .
__________
(1) ... 1/ 207 .(1/186)
وممن أشار إلى ذلك – أيضاً - قبل الزركشي كلٌّ من : ابن قتيبة (1) وابن فارس (2) .
أما الحِكم التي التُمست في توجيه ذلك ، فيمكن إجمالها بما يلي :
- أولاً : احتواء القصص على معان عظيمة ومهمّة (3) ؛ تحتاج إلى كثرة إعادة وتوكيد وتكرار ؛ لتُشبَع تلك المعاني وتستقرّ في النفوس ، خصوصاً مع كون المعاني التي تحملها القصص عادةً تُذكر بشكل غير مباشر ؛ فتحتاج في كثير من الأحيان إلى أن يكون التشابه بين تلك القصص المختلفة ، أو المرّات المتعدّدة للقصّة الواحدة ، أن يكون التشابه فيها تشابهاً لفظياً ، بل قد يكون في معظم الألفاظ .
__________
(1) ... انظر : تأويل مشكل القرآن : ص 232 .
(2) ... انظر : الصاحبي : ص 158 .
(3) ... وذلك : كتقرير التوحيد والرسالات ، وبيان مصير المؤمنين والمكذبين بالرسل ، وغيرذلك ، وينظر مثلاً في تفصيل ذلك : ظاهرة التكرار في القرآن الكريم : ص 147- 153 ، بلاغة تصريف القول في القرآن الكريم : 2/ 883- 928 .(1/187)
قال الزركشي : " وقد أخبر الله سبحانه بالسبب الذي لأجله كرّر الأقاصيص والأخبار في القرآن فقال : ? ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - { ( - - - ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ? [ القصص : 51 ] ، وقال : ? - - - جل جلاله -(( { - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة - (( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - ((- عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { ( - - رضي الله عنه - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - (- رضي الله عنه -( - ( المحتويات ( - مقدمة - - } - ( - ( - ? [ طه : 113 ] " (1) .
- ثانياً : كثرة الفوائد والعبر في القصص ، وتعدّد وجوهها ؛ مما يجعلها لا تظهر في المرّة الواحدة ، أو في السياق الواحد ، وهذه الحكمة قريبة من الأولى لكنها تختلف عنها ؛ فيصحّ أن يُستشهد لها بكلام الزركشي السابق أيضاً .
- ثالثاً : الدلالة على أن أصل القصّة واحد ، وإن حصل فيها بعض الاختلافات اليسيرة في الألفاظ بحسب سياقاتها ؛ مما لا يكون معه اختلاف في المعاني الأصلية ؛ فتُستكمل القصّة من جميع مواضع ورودها بدلالة ما يحصل فيها من تشابه في معظم ألفاظها .
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 3/ 97 ، وعنه السيوطي في الإتقان : 2/ 107 .(1/188)
- رابعاً : الاهتمام بتأكيد المعاني المشتركة بين تلك القصص ، وخصوصاً قصص الأنبياء ؛ وذلك عن طريق التشابه حتى في الألفاظ بين تلك القصص المختلفة ، ويمكن أن يُمثّل لذلك باتفاق مقالة عدد من الأنبياء لأقوامهم ، الواردة في سورة الشعراء ، وهي قوله تعالى : ? ( تمهيد - رضي الله عنه - - } - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - - - - رضي الله عنهم - قرآن كريم ( الله أكبر - رضي الله عنه -((( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - ((((( ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - ( المحتويات ( - مقدمة - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - (- رضي الله عنهم - قرآن كريم ( الله أكبر - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { ( - - - ((((( - ( - الله أكبر ( { ( المحتويات ( - - - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - (((( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ((((( } - قرآن كريم ( { } - - - - ( { - - - ( تمت قرآن كريم (( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((((( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - صلى الله عليه وسلم - - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } ( تمت ( { - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( { - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( تمت - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - - - ? [ الشعراء : 105- 109 ] حيث تشابه هذا المقطع في حقّ عدد من الأنبياء عليهم السلام – بعد نوح – وهم : هود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب .(1/189)
والمغزى من هذا المثال : إثبات كون التشابه بين هذه القصص المختلفة ليس في المعاني فقط ، بل كان في الألفاظ أيضاً ؛ بل وصل إلى حدّ التطابق التام في ذلك ، وفي ذلك من إيصال المعنى المراد ما لا يحصل بمجرّد التشابه في المعاني ، والله أعلم .
وقريب من ذلك أيضاً أن يقال : بأن هذا التشابه اللفظي في القصص المختلفة دليل على تشابه مواقف الناس من دعوة الأنبياء – إيماناً و تكذيباً – واطّراد سنّة الله تعالى في الفريقين؛ حتى إن تلك المواقف لتوصف بالألفاظ ذاتها ، وكذلك سنة الله فيهم (1).
وفي ذلك من التسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين – تبعاً له – ما ذكره الله في قوله : ?- رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( { ( الله أكبر - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه - تمهيد - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد ( مقدمة - - - ( الله أكبر (( مقدمة ( - - - - رضي الله عنهم - - - - - (( - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - (((( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -(((- جل جلاله -( تم بحمد الله ( - ( - ( - ( - ?[هود : 120 ] (2).
__________
(1) ... انظر : بلاغة تصريف القول في القرآن الكريم : 2/ 918 ، التكرار للدكتور : حسين نصار : ص 62- 63 .
(2) ... انظر : البرهان للزركشي : 3/ 110 . وانظر أيضاً : الإتقان : 2/ 113 .(1/190)
- خامساً : امتياز أسلوب القصص بكونه من أكثر الأساليب قبولاً للإعادة والتكرار وتشابه الألفاظ ؛ حيث يقبل السامع ذلك فيه ما لا يقبله في غيره (1) .
- سادساً : جرت العادة على أن من يحكي قصّة واحدة ؛ فإنه في كلّ مرّة يحكيها يُغيّر في ألفاظ حكايته تلك بما لا يمسّ أصل القصّة وجوهرها ؛ لئلا يحدث التناقض ، ولا يلزمه عدم التغيير في الألفاظ بل ولا يُتصوّر منه .
وعلى ذلك الأمر المعتاد جرت حكاية القصص الذي يتكرّر في أكثر من موضع في القرآن مع شيء من التغيير في الألفاظ بحسب اختلاف السياقات ، خصوصاً وأن قصص الأمم السابقة محكية في القرآن بمعانيها لا بألفاظها – كما سيأتي له مزيد بيان في قواعد توجيه المتشابه اللفظي - .
- سابعاً : أشار أهل العلم إلى أن من أكثر القصص ذكراً في القرآن قصتين : هما قصة أبينا آدم – عليه السلام - ، وأكثر منها قصة موسى – عليه السلام - .
كما أشاروا إلى طَرَف من وجه الحكمة في ذلك ، وهو أن آدم – عليه السلام – هو أبو البشر ، وما حصل منه أصل لما يحصل من ذريته ، وكذلك في مواقف إبليس معه . وأماقصّة موسى – عليه السلام – مع بني إسرائيل فهي من أهمّ القصص لأمة محمّد - صلى الله عليه وسلم - لكثرة شبه هذه الأمة ببني إسرائيل ، ولكون بني إسرائيل هم أقرب أمم الأنبياء زمناً لهذه الأمّة ، بل قد وجد أحفادهم في وقت نزول القرآن بتلك القصص (2).
__________
(1) ... انظر : مباحث في علوم القرآن لمناع القطّان : ص 316 ، 321 .
(2) ... انظر : البرهان للزركشي : 3/ 111- 112 ، التكرار للدكتور : حسين نصار : ص 62 .(1/191)
قال ابن القيم – في ذكره لوجوه تقديم اليهود ( المغضوب عليهم ) على النصارى (الضالين ) في الفاتحة - : " الثاني : أنهم كانوا هم الذين يَلُون النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة ، والنصارى كانت ديارهم نائية عنه ؛ ولهذا تجد خطاب اليهود والكلام معهم في القرآن أكثر من خطاب النصارى ، كما في سورة البقرة والمائدة وآل عمران ، وغيرها من السور " (1) .
فبان أن هاتين القصّتين من أغنى قصص القرآن بالمعاني والعبر ؛ للاعتبارات المشار إليها ولغيرها ؛ فكان الاعتناء بهما بكثرة ذكرهما في القرآن هو الموافق للحكمة بحمد الله .
* * *
المطلب الثاني : توجيه كثرة وروده في فواصل الآيات
فواصل الآيات جمع فاصلة ، وهي : كلمة آخر الآية ، وقد تسمّى الفواصل : برؤوس الآيات (2) .
وقد ذكر العلماء تفصيلات كثيرة تتعلّق بالفواصل ، لكن الذي يلتصق منها بهذا المبحث هو الحِكَم التي التمسها أهل العلم من وراء كثرة وجود التشابه اللفظي فيها ، وهو الأمر الذي لم أرَ أحداً تعرَّض له – فيما اطّلعت عليه - .
لكنّي استعنت الله تعالى وقرأت كثيراً مما كُتب حول الفواصل في القرآن (3) ؛ ثمّ تأمّلت فيه طويلاً ؛ فخرجت بالتماس الحِكَم والتعليلات التالية :
- الأولى : تيسير فهم القرآن ، وذلك من وجوه :
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 2/ 33 .
(2) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 149 ، الإتقان : 2/ 186 .
(3) ... من ذلك : البرهان للزركشي : 1/ 149- 189 ، الإتقان : 2/ 186- 208 ، الفاصلة القرآنية للدكتور عبد الفتاح لاشين ، والفاصلة في القرآن لمحمد الحسناوي ، وهذا الأخير من أجمع ما كتب في الموضوع وأكثره جهداً وأعمقه تحليلاً ، على أنه مال في معظم بحثه للنواحي الجمالية والأدبية ؛ حتّى يخيّل إليك أنك تقرأ بحثاً في النقد الأدبي أونحوه .(1/192)
( 1 ) اصطباغ السورة أو المقطع بصبغة لفظيّة عامّة ، وذلك بتشابه ( تماثل أو تقارب) فواصله ؛ مما يدلّ على الصبغة المعنوية لتلك السورة أو المقطع أيضاً ، وهو مايسمّى بالمقصد أو الغرض العام ، الذي يفيد كثيراً في فهم المراد من الآيات التفصيلية في ذلك .
( 2 ) تقسيم السورة أو مجموعة الآيات عن طريق إعادة أو تكرير آية أو آيات متشابهة في نهاية كلّ نوع مترابط منها ، وفي هذا التقسيم والتنويع من تيسير فهم الآيات مالا يحتاج إلى تدليل .
لكن ربما كانت الحاجة إلى التمثيل : فيمكن أن يذكر مثالاً على ذلك : تكرار آية : ? ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - ( - - - - ( - ( - ( - - ? [ المرسلات : 15 ] في ختام كلّ مقطع من مقاطع سورة المرسلات ، ومثله تكرار : ? - رضي الله عنهم - - ( - - - - ( - رضي الله عنه - تمت - - - - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( - ( - ( الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - - - - رضي الله عنه - تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - ( - - - - تم بحمد الله ? [ القمر : 16- 17 ] في ختام المقاطع من سورة القمر ، ونحو ذلك .(1/193)
يقول الحسناوي : " اطّراد هذا التوافق مهمّته – بعد رسم الجوّ – تسهيل التفكير في الآيات ، من خلال السّياق الموحّد الذي يصرف التشتّت ، ويلفت الانتباه ، ويعمّق المجرى في الحسّ والنفس " (1) ، كما يشير - في موضع آخر(2) – إلى أن الغرض الأساسي من هذا الصنف من التكرار إجمالاً : أن يقوم بعمل النقطة في ختام المقطع ، ويوحّد النصّ في اتجاه معيّن .
وأظن أنه ليس ببعيد أن يمثّل له – أيضاً - بتكرير البسملة في أول كلّ سورة ، ويوضّحه مارواه ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم " (3) .
( 3 ) التركيز على المعنى أو المعاني الأكثر أهمية ؛ بدلالة تكرارها في نهاية عدد متوالٍ من الآيات ، أو ختام عدد متتابع من المقاطع .
وكثرة ترديد المعنى الأهم بلفظ متشابه ؛ مما يعين على تثبيته في الذهن ؛ فيسهل بعد ذلك استيعابه وفهمه .
- الثانية : تيسير حفظ القرآن ، وذلك– أيضاً - من وجوه :
__________
(1) ... الفاصلة في القرآن : ص 258 ( بتصرّف يسير ) .
(2) ... انظر : الفاصلة في القرآن : ص 281 .
(3) ... أخرجه أبو داود : في كتاب الصلاة ، باب من جهر بالبسملة ، برقم ( 788 ) ، قال ابن كثير : 1/ 14 : "بإسناد صحيح " ، كماصححه الألباني في : صحيح الجامع : 2/ 878 برقم ( 4864 ) .(1/194)
( 1 ) كون غالب فواصل القرآن متماثلة أو متقاربة (1) – وذلك في الحرف الأخير منها – ، أما في جملتها فتنقسم إلى : متوازية ( وهي المتفقة في الوزن والحرف الأخير ) ، ومطرّفة ( وهي المتفقة في الحرف الأخير لا في الوزن ) ، ومتوازنة ( وهي المتفقة في الوزن فقط ) (2) ، وهذا التشابه في الفواصل يجعل فيها سهولة الحفظ التي توجد في المنظومات التعليمية ، التي تُنظم لتسهيل الحفظ على الطلاب (3).
( 2 ) ما سبقت الإشارة إليه – في النقطة السابقة - من التقسيم والتنويع الذي يكون بسبب التشابه في الفواصل ؛ مما يُستفاد منه في تحديد مقاطع الحفظ ، وتنشيط الحافظ عند انتهائه من المقطع بعد المقطع .
( 3 ) تشابه فواصل السورة – في الغالب – يجعل لها سمة خاصّة ؛ تعين الحافظ في إمكان تعيين مكان الآية من خلال ذلك .
- الثالثة : ما عبّر عنه الزركشي بقوله : " قد كثر في القرآن ختم كلمة المقطع من الفاصلة بحروف المدّ واللين وإلحاق النون ، وحكمته وجود التمكّن من التطريب بذلك، وجاء القرآن على أعذب مقطع ، وأسهل موقف " ، وقوله أيضاً : " واعلم أن إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل حيث تطّرد متأكّد جداً ، ومؤثّر في اعتدال نسق الكلام ، وحسن موقعه من النفس تأثيراً عظيماً " (4) .
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 167 ، الإتقان : 2/ 208 ، الفاصلة في القرآن : 139 .
(2) ... ينظر في هذه الأقسام وأمثلتها : البرهان للزركشي : 1/ 167- 168 ، الإتقان : 2/ 204- 205 ، الفاصلة القرآنية : ص 19- 20 . وهذا التقسيم مأخوذ من البلاغيين في تقسيمهم للسجع .
(3) ... انظر : الفاصلة في القرآن : ص 176 .
(4) ... البرهان في علوم القرآن : 1/ 156 ، 163 ، وانظر أيضاً : الإتقان : 2/ 208 ، والتبيان للجزائري : ص 293 .(1/195)
وجاء في كتاب (( الفاصلة القرآنية )) (1) : " دقّات الساعة المتوالية حين تبدأ أو تتكرّر الدقّات يعيها السامع ، ولما كان تكرار الدقات يتبع نظاماً معيّناً فإن السامع يتوقّع أن تتكرّر الدقّات بذلك النظام نفسه في المستقبل ، وقد يكون هذا التوقع أو الانتظار شعورياً ، وقد يحتلّ شبه الشعور . دليل ذلك أنه إذا توقّفت الساعة عن العمل ؛ كان توقفها سبباً في لفت نظرك إليها والبحث عن أسباب توقّفها ، ومعنى ذلك أن حدوث الأشياء بنظام مخالف لما نتوقّع ؛ يُحدث في أنفسنا شيئاً من الدهشة والاضطراب .
وهذا هو عينه التعليل النفساني لما يحدث من ارتياح عند الاستماع إلى الشعر الموزون ، وإلى النثر المسجوع ، أو الخاضع لنظام معيّن في توالي الكلمات ، وسرد العبارات " .
وأبرز ما يمكن أن يبين عن المراد بهذه الحكمة : تلك المتعة النفسيّة ، والشعور العجيب الذي يغمر المستمع إلى سورة (( الرحمن )) ؛ حتى إنه ليتمنّى ألاّ تنتهي السورة ، وألاّ ينقطع ترديد تلك الآية : ?( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] .
__________
(1) ... للدكتور : عبد الفتاح لاشين : ص 21 ، وذلك نقلاً عن كتاب : دراسات في علم النفس الأدبي : ص 86 . وانظر أيضاً : الفاصلة في القرآن : ص 176 ، 280 ، خصائص التعبير القرآني : 1/ 296 ، 329 .(1/196)
- الرابعة : وهي ما يتعلّق بخصوص الحكمة في كثرة ورود التشابه اللفظي في فواصل الأسماء الحسنى عن غيرها من الفواصل (1) – مع اعتبار الحِكم السابقة في عموم الفواصل فيها أيضاً - .
وقد وجدت أن أهمّ ما يمكن اعتباره حكمة في ذلك : هو الدلالة على أن أفعال الرب تبارك و تعالى صادرة عن أسمائه وصفاته ، وأن الشرع والخلق كلّه صادر عن أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ، ومرتبط بها ؛ حيث نجد آيات الرحمة مختومة بصفات الرحمة ، و آيات العقوبة والعذاب مختومة بأسماء العزّة والقدرة والحكمة والعلم والقهر ، ويذكر العلم والحكمة بعد ذكر الأحكام ، وكذلك ختم الأدعية بأسماء تناسب المطلوب ، ونحو ذلك (2).
__________
(1) ... حيث بلغت الفواصل التي تردّدت فيها الأسماء الحسنى بحسب إحصاء الحسناوي في : الفاصلة في القرآن : ص 313 : أنها ( 465 ) فاصلة ، أما الدكتور : علي العبيد فقد ذكر في : ختم الآيات بالأسماء الحسنى ودلالتها : ص 39 : أنها بلغت بحسب إحصائه ( 519 ) فاصلة ، وذلك من مجموع فواصل القرآن . وعلى كلا الإحصاءين فإن النسبة غير قليلة .
(2) ... انظر : بدائع الفوائد لابن القيم : 1/ 162- 163 ، مدارج السالكين له : 1/ 57- 58 ، القواعد الحسان للسعدي : ص 59- 69 ، وقد ذكر فيه عدداً من الأمثلة على ذلك . وانظر : أسماء الله الحسنى لعبد الله الغصن: ص 99- 105 ، ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ودلالتها : ص 42 وما بعدها ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 744 .(1/197)
وهذا مبنيّ على ما قرّره أهل العلم من أنه لابد أن يكون بين الفاصلة وآيتها نوع تعلّق وارتباط ومناسبة ، على تفصيل في ذلك لا حاجة إلى ذكر تشعّباته في هذا المقام (1) .
ومما هو جدير بالتنويه هنا : ما ذكره المحصون للأسماء الحسنى في الفواصل ؛ من أن أكثر ما ورد من الأسماء الحسنى في الفواصل ورد مقترناً بغيره ؛ كالغفور الرحيم ، والسميع العليم ، والتواب الرحيم ، والعليم الحكيم ، والعزيز الحكيم (2) .
وذكروا في حكمة ذلك : أن اقتران الأسماء الحسنى يدلّ على مزيد من الكمالات ، فإذا ضُمّ اسم إلى آخر أفاد معنى آخر غيرهما (3).
__________
(1) ... انظر في تفصيل هذه العلاقات : البرهان للزركشي : 1/ 169 وما بعدها ، الإتقان : 2/ 203- 204 ، الفاصلة في القرآن: ص 285- 294 ، الفاصلة القرآنية : ص 39 وما بعدها ، قواعد وفوائد لفقه كتاب الله تعالى : ص 21 ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 744 .
(2) ... انظر : الفاصلة في القرآن : ص 314 ، ختم الآيات بالأسماء الحسنى : ص 40 ، أسماء الله الحسنى في خواتم آيات سورة الفاتحة والبقرة للدكتور : علي العبيد : ص 18 ، 20 ، 21 ، 26 ، 28 ، 35 ، 39 ، 44 .
(3) ... انظر : ختم الآيات بالأسماء الحسنى ودلالتها : ص 53 – 55 .(1/198)
كما قال ابن القيّم – مبيّناً أقسام ما يجري صفة أو خبراً عن الربّ تبارك وتعالى - وأن منها : " صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين و الوصفين بالآخر ، وذلك قدر زائد على مفرديهما ؛ نحو : الغنيّ الحميد ، العفو الغفور ، الحميد المجيد ، وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن . فإن الغنى صفة كمال ، والحمد كذلك ، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر ؛ فله ثناء من غناه ، وثناء من حمده ، وثناء من اجتماعهما . وكذلك العفو القدير ، والحميد المجيد ، والعزيز الحكيم ، فتأمّله فإنه من أشرف المعارف" (1).
كما أشار ابن القيّم – أيضاً - إلى شيء من الحكمة في أن غالب ما ورد في القرآن من الأسماء الحسنى المقترنة إنما ورد بغير عطف ، وهي : أن ترك العطف يعود إلى تناسب معاني تلك الأسماء ، وقرب بعضها من بعض ، وكذلك فإن شعور الذهن بالثاني منها شعوره بالأول ؛ كما ينتقل الذهن إلى صفة الرحمة عند ورود صفة المغفرة عليه ، وكما ينتقل إلى صفة البصر عند ورود صفة السمع عليه ، وكذلك في غالب الأسماء (2).
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 1/ 161 ، وانظر : مدارج السالكين : 1/ 58- 59 ، القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لابن عثيمين : ص 9 .
(2) ... انظر : بدائع الفوائد : 1/ 190 .(1/199)
وأخيراً فإن مما يحسن أن يشار إليه في هذا المطلب : كثرة تردّد اسم ? بسم الله الرحمن الرحيم - ( مقدمة { - - - - ? بالنسبة لغيره من الأسماء الحسنى في فواصل الآيات – هذا عدا تكرّره في البسملة في أول كل سورة - (1). ولعلّ من حكمة ذلك : بيان سعة رحمة الله تعالى ، وأنها أوسع الصفات ، كما قال تعالى : ? (( - - رضي الله عنهم - - ( مقدمة - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد - رضي الله عنهم -(( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( - - ((( - ( - ? [ الأعراف : 156 ] ، فهي السبب الواصل بين الله وبين عباده ، بها أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ، وبها هداهم وبها أسكنهم دار ثوابه ، وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم ، فبينهم وبينه سبب العبودية وبينه وبينهم سبب الرحمة ، ولذلك فقد وصف رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنه رحمة ، كما وصف القرآن بأنه رحمة ، وهذا كلّه من ألطف مقامات الرجاء ، نسأل الرحمن الرحيم أن يشملنا بواسع رحمته (2) .
* * *
المطلب الثالث : توجيه كثرة وروده في فواتح السور
__________
(1) ... حيث ورد اسم ( الرحيم ) في الفواصل : 113 مرة ، كما في : الفاصلة في القرآن : ص 313 ، ختم الآيات بالأسماء الحسنى ودلالتها : ص 40 .
(2) ... انظر : مدارج السالكين لابن القيم : 1/ 57- 58 ، أسماء الله الحسنى للغصن : ص 105 .(1/200)
جرى أكثر المتقدّمين على أن المراد بفاتحة السورة : هي الكلمة أو الجملة الأولى منها ، لكن المتأخرين وخصوصاً المعاصرين لم يقصروها على ذلك ؛ بل جعلوها شاملة لمجموعة الآيات التي بُدئت بها السورة ، والتي تمثّل وحدة موضوعية مستقلّة (1) ، ولا شك في أن ما جرى عليه المتقدّمون هو المناسب لموضوع هذه الرسالة ؛ حيث إنه أدقّ تحديداً ؛ إذ المعتبر فيه جانب الألفاظ لا جانب المعاني ، وإن كان في كلٍّ من المنهجين ميزة ليست في الآخر .
أما الحِكم التي يمكن أن تُلتمس من كثرة ورود المتشابه اللفظي في فواتح السور فيمكن الإشارة إلى ما بدا لي منها في النقاط التالية :
- الأولى : الإشارة إلى وجود تشابه في المعاني والمقاصد العامة بين السور المتشابهة في فواتحها ، وذلك أن الأمر كما قال السيوطي : " وقال أهل البيان : من البلاغة حسن الابتداء ، وقد أتت جميع فواتح السور على أحسن الوجوه وأبلغها وأكملها . ومن الابتداء الحَسَن نوع أخصّ منه يُسمّى : براعة الاستهلال ، وهو : أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلّم فيه ، ويشير إلى ما سيق الكلام لأجله " (2) .
__________
(1) ... انظر : فواتح السور وخواتيمها لعبد العزيز الخضيري : 1/ 29 ( وهي رسالة دكتوراه في جامعة الإمام غير مطبوعة ) .
(2) ... الإتقان : 2/ 211 ( بتصرّف يسير ) ، وانظر : من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم : ص 49 ، خصائص التعبير القرآني : 1/ 217 .(1/201)
ومن الأمثلة على ذلك : تشابه السور المفتتحة بالحروف المقطّعة بذكر القرآن والتحدّي به ؛ كما قال الزمخشري : " فإن قلت : فهلاّ عُدِّدت بأجمعها في أول القرآن ، وما لها جاءت مفرّقة على السور ؟ قلتُ : لأن إعادة التنبيه على أن المُتحدَّى به مؤلَّف منها لا غير، وتجديده في غير موضع واحد أَوْصَلُ إلى الغرض ، وأقرُّ له في الأسماع والقلوب من أن يُفرد ذكره مرّة ، وكذلك مذهب كلّ تكرير جاء في القرآن فمطلوب به تمكين المكرّر في النفوس وتقريره " (1) .
وقال ابن كثير – بعد أن ذكركلام الزمخشري السابق بمعناه - : " ولهذا : كلّ سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يُذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته ، وهذا معلوم بالاستقراء ، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة " (2) .
__________
(1) ... الكشاف : ص 34 ( ط دار المعرفة ؛ ذات المجلّد الواحد ) .
(2) ... تفسير القرآن العظيم : 1/ 33 .(1/202)
وأخصّ من ذلك ما نبّه عليه ابن القيّم في قوله : " تأمّل سرّ ? بسم الله الرحمن الرحيم - - - ? كيف اشتملت على هذه الحروف الثلاثة ، فالألف إذا بُدئ بها أولاً كانت همزة ، وهي أول المخارج من أقصى الصدر ، واللام من وسط مخارج الحروف وأشدّها اعتماداً على اللسان ، والميم آخر الحروف ومخرجها من الفم ، وهذه الثلاثة هي أصول مخارج الحروف ، أعني الحلق واللسان والشّفتين . وترتيبها في التنزيل من البداية إلى الوسط إلى النهاية . فهذه الحروف معتمد المخارج الثلاثة التي تتفرّع منها ستة عشر مخرجاً ؛ فيصير منها تسعة وعشرون حرفاً عليها مدار كلام الأوّلين والآخرين ، مع تضمّنها سرّاً عجيباً ، وهو : أن للألف البداية واللام التوسّط والميم النهاية ؛ فاشتملت الأحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما ، وكلّ سورة استفتحت بهذه الأحرف الثلاثة فهي مشتملة على بدء الخلق ونهايته وتوسّطه ، فمشتملة على تخليق العالم وغايته ، وعلى التوسّط بين البداية والنهاية من التشريع والأوامر ، فتأمّل ذلك في البقرة وآل عمران ، وتنزيل السجدة وسورة الروم " (1) .
وغير بعيد من قول ابن القيم هذا ما قاله الزمخشري – في آخر كلام طويل ربما كان الأصل الذي اتّكأ عليه ابن القيّم فيما قال - : " ومما يدلّ على أنه تعمّد بالذكر من حروف المعجم أكثرها وقوعاً في تراكيب الكلم : أن الألف واللام لما تكاثر وقوعهما فيها جاءتا في معظم هذه الفواتح مكرّرتين ، وهي : فواتح سورة البقرة وآل عمران والروم والعنكبوت ولقمان والسجدة والأعراف والرعد ويونس وإبراهيم وهود ويوسف والحجر " (2) .
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 3/ 173 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 1/ 257 ، والبقاعي في نظم الدرر : 1/ 31 .
(2) ... الكشاف : ص 34 ( ط . دار المعرفة ذات المجلّد الواحد ) .(1/203)
ومن الأمثلة كذلك : أن جميع السور المفتتحة بالحمد – وهي خمس : الفاتحة ، والأنعام ، والكهف ، وسبأ ، وفاطر – يُشار فيها إلى مُستلزم الحمد وهو الإنعام (1) .
وكذلك أيضاً : تشابه السور المفتتحة بالشرط – وهي : الواقعة ، والمنافقون ، والتكوير ، والانفطار ، والانشقاق ، والزلزلة ، والنصر - في شرح حال يوم القيامة – على اختلاف في وضوح ذلك بين هذه السور - (2) .
وكذلك : تشابه السور المفتتحة بنداء النبي - صلى الله عليه وسلم - - وهي : الأحزاب ، والطلاق ، والتحريم ، والمزّمل ، والمدّثر – في ذكر قصّة تخصّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مع تشابه الثلاث الأولى منها بالتعرّض لأحكام النساء ، والأخيرتين في نزولهما في قصّة واحدة (3) .
وكذلك : تشابه المعوذتين – وهما متشابهتان في افتتاحهما – بذكر الشرور المُستعاذ منها عموماً وخصوصاً (4) .
وعلى كلّ حال : فإن تشابه السور المتشابهة في فواتحها في تقرير معانٍ معيّنة ؛ أمر وإن لم يكن ظهوره بمطّردٍ في جميع السور ، لكنه في أغلبها كذلك والحمد لله (5).
- الثانية : كون السور المتشابهة في فواتحها متشابهةً في أشياء أخرى – غير تقرير معنى معيّن - ؛ كتشابهها في الاسم ، أو المقدار ، أو في النظم ، أو في النزول جميعاً ، أو غير ذلك.
__________
(1) ... انظر : نظم الدرر للبقاعي : 1/ 20 ، الإعجاز البياني في ترتيب آيات القرآن وسوره للدكتور : محمد أحمد القاسم : ص 403- 405 ، فواتح السور وخواتيمها للخضيري : 1/ 34 ، وهي رسالة دكتوراه غير مطبوعة
(2) ... انظر : تناسق الدرر للسيوطي : ص 158 ، خصائص التعبير القرآني : 1/ 214 .
(3) ... انظر : تناسق الدرر للسيوطي : ص 140 ، 148 .
(4) ... انظر : تناسق الدرر : ص 188 .
(5) ... انظر : إمعان النظر في نظام الآي والسور للدكتور محمد عناية الله سبحاني : ص 298- 300 .(1/204)
ومن الأمثلة على ذلك : ما ذكره الكرماني- في (( غرائب التفسير وعجائب التأويل ))(1)- في قوله : " وسُمّيت هذه السور السبع ( حم ) على الاشتراك في الاسم ؛ لما بينهن من التشاكل الذي اختصّت به ، وهو أن كلّ واحدة استفتحت بالكتاب أو صفة الكتاب ، مع تقارب المقادير في الطول والقصر ، وتشاكل الكلام في النظام " . وزاد السيوطي : بأنه ورد أنها نزلت جملة واحد ، وأنها مكّية (2) ، وأنها تلقّب بالحواميم ، أو آل حم ، كما لُقّبت الطواسيم ، والطواسين ، والحامدات ، والمسبّحات ؛ لأجل تشابه فواتحها (3) .
كما ذكر السيوطي عن سورتي الانفطار والانشقاق أنهما متناظرتان في خمسة أوجه : "في الافتتاح بـ ? - - - ( { (( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - ? [ الانفطار : 1 ، الانشقاق : 1 ] ، والتخلّص بـ ? - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم ( - - الله أكبر تمهيد { - - ? [ الانفطار : 6 ، الاننشقاق : 6 ] ، وشرح حال يوم القيامة ، والتناسب في المقدار ، وكونها مكّية " (4) .
- الثالثة : مراعاة كون السور المتشابهة في الفواتح متواليةً في ترتيب المصحف–غالباً- أو أن مواقعها في ترتيب المصحف فيه تناسب معيّن .
__________
(1) ... 2/ 1037 ، وانظر : الإتقان للسيوطي : 2/ 230 ، تناسق الدرر : ص 119 ، خصائص التعبير القرآني : 1/ 217 ، إمعان النظر : ص 300 .
(2) ... انظر : تناسق الدرر : ص 118 ، وانظر : الإعجاز البياني في ترتيب آيات القرآن وسوره: ص 402- 403 .
(3) ... انظر : الإتقان : 1/ 206 . وانظر : معجم المناهي اللفظية لبكر أبوزيد : ص 241 حيث ذكر تحفّظاً على تلقيب الحواميم والطواسين بذلك ، وأن الأولى تسميتها بـ ( آل حم ) أو ( ذوات حم ) .
(4) ... انظر : تناسق الدرر : ص 158 ، وانظر منه : ص 59 ، 76 ، 113 ، 188 .(1/205)
قال السيوطي : " وسائر السور المفتتحة بالحروف ا لمقطّعة كلّها مقترنة ، كيونس وتواليها ، ومريم وطه ، والطواسين ، والعنكبوت وتواليها ، والحواميم ، وفي ذلك أدلّ دليل على اعتبار الترتيب بأوائل السور ، ولم يُفرّق بين سورتين من ذلك بما ليس مبدوءاً به ، سوى بين الأعراف ويونس اجتهاداً لا توقيفاً .
وأما الفصل بالزمر بين ( ص ) والحواميم ؛ فلأن ( ص ) ليست على نسق الحواميم ، على أن أول الزمر ? المحتويات مقدمة ? في مصحف ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه – فاتّسقت تسعة (1) سور وِلاءً " (2) .
هذا وقد ذكر الزركشي في (( البرهان )) (3) تنبيهاً ، قال في أوّله : " لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تُطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم : أحدها : بحسب الحروف كما في الحواميم ... " .
ولذلك فإنه لمّا كانت الحكمة – على ماذكر الزركشي - تقتضي توالي السور المتشابهة في فواتحها ؛ كان مما يُستأنس به في ترجيح القول بأن ترتيب السور توقيفي : ما ذكره السيوطي بقوله : " ومما يدلّ على أنه توقيفي كون الحواميم رُتّبت وِلاءً ، وكذا الطواسين ، ولم تُرتّب المسبّحات ولاءً ، بل فُصل بين سورها ، وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس مع أنها أقصر منهما ، ولو كان الترتيب اجتهادياً لذُكرت المسبّحات ولاءً وأخّرت طس عن القصص " (4) .
ولكن قد تقدّم التنويه بأن اطّراد هذا الأمر أغلبي وليس بكلّيّ . على أن أهل العلم ذكروا : " أن مراعاة التناسب بالأسماء والفواتح وترتيب النزول ، إنما يكون حيث لا يُعارضها ما هو أقوى و آكد في المناسبة " (5) .
__________
(1) ... هكذا في المطبوعة ، والصواب : تسع .
(2) ... تناسق الدرر : ص 59 ، وانظر منه أيضاً : 107 ، 108 ، 113 ، 118- 119 ، 140 .
(3) ... 1 / 358 .
(4) ... الإتقان : 1/ 223 ، وانظر : تناسق الدرر : 32 ، مناهل العرفان للزرقاني : 1/ 355 .
(5) ... تناسق الدرر : ص 167 .(1/206)
* بقيت الإشارة إلى ما استنبطه السيوطي في ذكر بعض المناسبات المعيّنة ؛ في مواقع بعض السور المتشابهة في الفواتح ؛ بالنسبة لترتيب المصحف . وهي مناسبات أقلّ اعتباراً ومستنداً من اعتبار التوالي في الترتيب – السابق ذكره - ، لكنّي رأيت ذكرها هنا ؛ لِلَطافتها وتعلُّقها بخصوص هذا المبحث .
الأولى : قوله : " ورد في القرآن سورتان أولهما ? - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - ( } - } - - - - ? [ النساء : 1 ، الحج : 1 ] ، في كلّ نصفٍ سورة ، فالتي هي في النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ ، والتي في الثاني على شرح المعاد " (1) ، وهو يقصد سورتي النساء في النصف الأول ، والحج في الثاني . لكنّي رأيت الزركشي قد ذكر هذه المناسبة في (( البرهان )) (2) ؛ فربما كان السيوطي قد استفادها منه ، والله أعلم .
الثانية : قوله : " كلّ ربع في القرآن افتُتح بسورة أوّلها الحمد : فأول القرآن سورة الحمد ، وهذه [ يعني : الأنعام ] للربع الثاني ، والكهف للربع الثالث ، وسبأ وفاطر للربع الرابع " (3) .
وقريب من ذلك قوله : " ثم ظهر لي لطيفة أخرى : وهي أنه في كلّ ربع من أرباع القرآن ، توالت سور مفتتحة بالحروف المقطّعة ، فهذه السور السبع مصدّرة بـ ? المحتويات مقدمة ? ، وسبع في الربع الذي قبله متوالية (4) ، وذوات الراء الست و ? ((( - - - - ? الأعراف ؛ فإنها متّصلة بيونس على ما تقدّمت الإشارة إليه ، وافتتح أوّل القرآن بسورتين من ذلك ، وأوّل النصف الثاني بسورتين " (5) .
__________
(1) ... الإتقان : 2/ 231 ، معترك الأقران : 1/ 85 .
(2) ... 4/ 49 .
(3) ... تناسق الدرر : ص 69 .
(4) ... يقصد : سور : الشعراء ، والنمل ، والقصص ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان ، والسجدة .
(5) ... تناسق الدرر : ص 119 .(1/207)
وأخيراً فإن في المباحث التالية – أعني المباحث المتعلّقة بقواعد توجيه المتشابه اللفظي – مزيد بيان وتوضيح لبعض ما ذكر في هذا المبحث أو الذي قبله من الحِكَم ، أو الإشارة إلى حِكمٍ تفصيلية أخرى لم تذكر أصلاً ؛ لأن التوجيه يُراد به ذكر العلل والحِكم والأسباب لورود المتشابه اللفظي في القرآن مع الاختلاف أو بدونه ، على ما سيأتي تفصيله بإذن الله .
* * *
المبحث الثالث :
القواعد العامة في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن
هذا المبحث هو أول المباحث المتعلّقة بقواعد توجيه المتشابه ، وهي المباحث التي تمثّل الإضافة العلميّة الحقيقيّة في هذه الرسالة ، كما أنها المباحث التي أخذت الجهد الأكبر ؛ من حيث الاستقراء المتأنّي لكتب توجيه المتشابه ، وجمع وإحصاء ما يمكن استخراجه من تلك الكتب من القواعد ، ثم محاولة التصنيف والتقسيم لها – سواء على ما يناسبها من المباحث أو ما دونها من التقسيمات - .
هذا ولم أجد من تعرّض لاستخراج هذه القواعد وجمعها ودراستها في أيٍّ من الكتب أو البحوث أو الدراسات التي اطّلعت عليها ، غير أنه وقع بين يديّ – وأنا في المراحل الأخيرة من جمع وتصنيف هذه القواعد – دراسةٌ طُبِعَتْ حديثاً بعنوان (( المتشابه اللفظي في القرآن ومسالك توجيهه عند أبي جعفر بن الزبير الغرناطي )) للدكتور : رشيد الحمداوي(1) ورأيته جعل الفصل الثالث - من تلك الدراسة - بعنوان " مسالك توجيه المتشابه عند ابن الزبير الغرناطي " وذكر تحته تسعة مسالك كلّ مسلك منها في مبحث .
وبعد قراءتي لمحتواها وجدت أنه يريد بها ما أسميته بالقواعد العامّة ووجدت اتّفاقاً كبيراً فيما بيني وبينه ؛ ففرحت بذلك كثيراً .
__________
(1) ... وهي عبارة عن بحث مقدّم لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في دار الحديث الحسنية في الرباط ، ويقع في :155 صفحة ، مكوّنة من ثلاثة فصول ، والتاريخ الموجود على الكتاب هو عام : 2003 م .(1/208)
ويشير إلى ذلك قوله : " وقد تتبّعت توجيهات ابن الزبير في كتابه فاستخرجت منها تسعة مسالك ، مستنداً في ذلك على إشارته إليها ، وكثرة اعتماده عليها ، وهي- باستثناء المسلك الأخير- نوعان : نوع يتّصل بالنظم المعنوي للقرآن ، ونوع يتّصل بالنظم اللفظي والصوتي فيه ." (1)
ومما يجدر ذكره فيما يتعلّق بقواعد توجيه المتشابه – أيضاً - ما أشار إليه أحد الباحثين من أن عبد القادر عطا – وهو أوّل من نشر كتاب الكرماني – ذكر في مقدّمة تحقيقه أنه عمل عدّة فهارس ، منها فهرس للقواعد الضابطة لأسباب التكرار ،ولكنه لم يقم بذلك(2) ، ولو أنه فعل لكان له فضل السبق في التنبيه المبكّر على هذه القواعد .
وأما ما صنعه صاحب (( إعانة الحفاظ )) (3) فيما سمّاه بـ (( ضوابط المتشابهات )) ؛ وذكر منها ستة - هي : معرفة الآيات المفردات ، ربط الزيادة بالسورة الطويلة ، اعتبار الترتيب الألفبائي للحروف الهجائية ، الروابط الحرفيّة والحركيّة ، نظم المتشابه ، توجيه المتشابهات - ، فهي أعمّ من قواعد التوجيه ؛ إذ جعل (( توجيه المتشابهات )) واحداً – فقط – من تلك الضوابط ، كما هو ظاهرٌ من صنيعه .
وقبل الدخول في ذكر القواعد – في هذا المبحث و المباحث التالية – أودّ ذكر بعض النقاط المتعلّقة بها – من حيث العموم – وهي كالتالي :
__________
(1) ... ص 101 ، والمسالك التسعة التي ذكرها هي : مراعاة المناسبة المعنوية للسياق ، مراعاة مقصود الخطاب ، مراعاة المقصودين بالآية ، مراعاة تناسب اللفظ في الشدّة واللين ، مراعاة التناسب في الإيجاز والإطناب ، مراعاة التناسب اللفظي والصوتي ، مراعاة تناسب الفواصل ، مراعاة العدول عن التكرار المستثقل ، مراعاة ترتيب السور .
(2) ... انظر : قسم الدراسة من تحقيق الدكتور: ناصر العمر لكتاب البرهان للكرماني : ص 58 ( وهي رسالة ماجستير في جامعة الإمام غير مطبوعة ) .
(3) ... ص 247 وما بعدها .(1/209)
( أ ) تسمية قواعد توجيه المتشابه بهذا الاسم لا يعدو أن يكون أمراً اصطلاحيّاً ، ولا مشاحّة في الاصطلاح ، وإلاّ فيمكن أن تسمّى أصولاً أو ضوابط أو مسالك أو نحو ذلك .
كذلك الأمر بالنسبة لتسمية القواعد التي تشمل نوعين فأكثر من أنواع المتشابه اللفظي – على ما سبق تفصيله في مبحث أنواع المتشابه اللفظي من الباب الأول – بالقواعد العامة، وتسمية ما يختصّ بنوع أو مسألة معيّنة بالقواعد الخاصّة . فهذه كلّها تسميات اصطلاحية لاضير على من استعملها إذا فسّر مُراده بها .
( ب ) الكتب التي استقرأتها لاستخراج هذه القواعد منها :هي الكتب الخمسة الأصليّة في توجيه المتشابه ، وهي : درّة التنزيل للإسكافي ، والبرهان للكرماني ، وملاك التأويل لابن الزبير الغرناطي ، وكشف المعاني لابن جماعة ، وفتح الرحمن للأنصاري .
وقد استغرق منّي هذا الاستقراء وقتاً طويلاً ،وجهداً كبيراً ، حيث إن مجموع صفحات تلك الكتب الخمسة – بحسب الطبعات التي اعتمدتها – رَبَتْ على ثلاثة آلاف ومائتي صحيفة ، من دون صفحات الفهارس أو أقسام الدراسة ومقدّمات التحقيق (1) .
وهو استقراء تطلّب منّي الوقوف عند كلّ مسألة من مسائل التشابه اللفظي التي بحثتها تلك الكتب ، والتي بلغ مجموعها ( 2125 مسألة ) ، سبقت الإشارة إلى إحصائها في الكلام على كتب توجيه المتشابه ، في مبحث اتجاهات التأليف ، من الفصل الثاني ، في الباب الأول .
وهذا العدد الكثير للمسائل المذكورة في تلك الكتب الخمسة يُبين عن سبب اقتصاري عليها في استقراء القواعد ، فضلاً عن كونها المصادر الأصلية في توجيه المتشابه اللفظي – على ما سبق تقريره في محلّه - .
__________
(1) ... والعدد الدقيق للمجموع هو ( 3268 صحيفة ) ، وتفصيل ذلك على الكتب المذكورة كالتالي : درة التنزيل ( 1172 صحيفة ) ، والبرهان للكرماني ( 267 صحيفة ) ، وملاك التأويل ( 1019 صحيفة ) ، وكشف المعاني ( 300 صحيفة ) ، وفتح الرحمن (510 صفحات ) .(1/210)
( ج ) الأمثلة التي ستذكر لتوضيح القاعدة وبيان اعتماد العلماء عليها ، ليست مقصودة بالبحث هنا ، بمعنى أن التوجيهات المنقولة عن كتب توجيه المتشابه أو غيرها للأمثلة الموردة ليس المقصود من إيرادها البحث في صحّة تلك التوجيهات وذكر المناقشات الواردة عليها ونحو ذلك ؛ لأن هذا البحث التفصيلي لتوجيهات كلّ مثال بخصوصه أمر يطول البحث باستقصائه بما يُخرج عن المقصود ؛ إذ الدراسة التفصيلية للأمثلة مما يحتاج إلى رسالة مستقلّة ربما تكون أكبر بكثير من موضوع الدراسة في هذه الرسالة .
وعليه : فإن المقصود من إيراد الأمثلة في هذه المباحث هو التمثيل فقط ؛ ليتّضح المراد بالقاعدة ، وتتأكّد مراعاة العلماء لها في توجيهاتهم .
( د ) هذه القواعد لا تغطّي جميع أمثلة المتشابه اللفظي في القرآن ، حيث إنه يبقى عدد من الأمثلة لا يمكن إدخالها تحت شيء من تلك القواعد ، وهذا الأمر يؤكّد مرّة أخرى ما ذكرته في النقطة السابقة من احتياج الأمثلة التفصيلية للمتشابه إلى دراسة مستقلّة .
( هـ ) كثير من الأمثلة تتنازعها أكثر من قاعدة ، أو يكون المثال الواحد صالحاً للدّخول تحت قاعدتين أو أكثر ، ولا ضير في ذلك غالباً ؛ إذ اختلاف القواعد نادراً ما يكون اختلاف تضاد ، بل هي قواعد تحتمل أن يقال بها في مثال واحد دون تزاحم أو تناقض ، وأكثرها عللٌ تتعاضد ولا تتعارض .
على أن هذا الأمر لا يعني كون هذه القواعد في درجة واحدة في قوة التعليل بها ، سواءٌ من حيث أصل القاعدة ، أو من حيث قوة التعليل بها في مثال معيّن .
( و ) اجتهدت في عدم إفراد شيء من تلك القواعد على أنها قاعدة مستقلّة ، وهي داخلة بصورة كاملة في قاعدة أكبر منها ، إلاّ أن يكون ذلك لأجل اعتبار معيّن تستحقّ من أجله أن تُفرد ، كما هو الحال في غالب القواعد الخاصة بتوجيه مسألة معيّنة – المذكورة في المبحث الأخير من الفصل التالي - .(1/211)
( ز ) كَثُرَ القولُ - من قِبَل عدد من أهل العلم ومَن تبعهم من الباحثين – بضعف التوجيهات والتعليلات التي يغلب عليها الجانب اللفظي – كما في قواعد المطلب الأول في هذا المبحث – بل بالغ بعضهم بوصف التعليل بها بأنه لا يصحّ ولا يليق بفصيح كلام البشر فضلاً عن القرآن . بينما اعتمدها العلماء في توجيه المتشابه واطّرد التعليل بها عندهم في كثير من الأمثلة بلا غضاضة – كما سيأتي شواهد لذلك كثيرة من كلامهم في هذا المبحث - .
وأحسب أن الذي دعا أولئك للقول بضعف التوجيهات التي يغلب عليها الجانب اللفظي رؤيتهم أن مراعاة ذلك لا تكون إلا على حساب الجانب المعنوي في الغالب ، وأن التحسينات اللفظية لا ينبغي أن تكون هي الأصل في التعليل ، بل لا يقال بها إلا تَبَعاً .
والحق أن لكلّ من اللفظ والمعنى مكانه في الفصاحة والبلاغة ، وأن كلاّ ً منهما ينبغي مراعاته في ذلك ، وافتراض أن مراعاة أحد الجانبين لا يكون إلا على حساب الآخر افتراض لا يناسب بلاغة القرآن التي بلغت الغاية في الحسن ألفاظاً ومعاني ، كما أشار إلى ذلك ابن القيّم رحمه الله في قوله : " بل للقرآن عرف خاص ومعان معهودة لا يناسبه تفسيره بغيرها ، ولا يجوز تفسيره بغير عرفه والمعهود من معانيه ، فإن نسبة معانيه إلى المعاني كنسبة ألفاظه إلى الألفاظ بل أعظم ، فكما أن ألفاظه ملوك الألفاظ وأجلّها وأفصحها ، ولها من الفصاحة أعلى مراتبها التي يعجز عنها قدر العالمين ، فكذلك معانيه أجلّ المعاني وأعظمها وأفخمها"(1).
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 3/ 27- 28 .(1/212)
وعلى كلّ حال فإن شدّة ارتباط الألفاظ بالمعاني والعكس مما يصعب معه القول بانفكاك أحدهما عن الآخر حُسْناً وقبحاً ، بل الأمر كما قرّره الزركشي – في تحرير دقيق في هذه القضيّة – حيث يقول : " ولا فرق بين ما يرجع الحسن إلى اللفظ أو المعنى ، وشذّ بعضهم فزعم أن موضع صناعة البلاغة فيه إنما هو المعاني ، فلم يعدّ الأساليب البليغة والمحاسن اللفظية . والصحيح أن الموضوع مجموع المعاني والألفاظ ؛ إذ اللفظ مادة الكلام الذي منه يتألف ، ومتى أخرجت الألفاظ عن أن تكون موضوعاً خرجت عن جملة الأقسام المعتبرة ؛ إذ لا يمكن أن توجد إلا بها " (1) .
( ح ) ربما يلْحظ المُطالع لهذا المبحث ، والمباحث التالية له - وهي المباحث التي ذكرت فيها قواعد توجيه المتشابه – أنّي قد استكثرت من تلك القواعد ، وتوسّعت في تعدادها أكثر مما ينبغي ، لكن لعلَّ عذري في ذلك يشبه عذر من قال عنهم صاحب (( التحرير والتنوير )) (2) : " وأنا عاذر المتقدّمين الذين ألّفوا في أسباب النزول فاستكثروا منها؛ بأن كلَّ من يتصدّى لتأليف كتاب في موضوع غير مُشْبعٍ تتملّكه محبّة التوسّع فيه ؛ فلا ينفكّ يستزيد من مُلْتقطاته ؛ لِيُذْكيَ قَبَسَه ، ويمدَّ نَفَسَه ؛ فيرضى بما يجدُ رضا الصّبِّ بالوعد ، ويقول : زدني من حديثك يا سعد ، غير هيّابٍ لعاذل ، ولا متطلّبٍ معذرة عاذر ، وكذلك شأن الوَلَع إذا امتلك القلب " .
وبعد : فإنه بعد النظر فيما اجتمع لديّ من قواعد عامّة ؛ اجتهدت في تصنيفها خمسة أصناف – جعلتها في مطالب – هي كالتالي :
المطلب الأول : القواعد التي يغلب عليها مراعاة الجانب اللفظي .
المطلب الثاني : القواعد التي يغلب عليها مراعاة الجانب المعنوي .
المطلب الثالث : القواعد التي يغلب عليها مراعاة السياق والقرائن التي تحفّ به .
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 2/ 483- 484 ، وانظر أيضاً : خصائص التراكيب : ص 358- 363 .
(2) ... 1/ 46 .(1/213)
المطلب الرابع : القواعد التي يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف .
المطلب الخامس : القواعد التي يغلب عليها مراعاة أمر آخر .
* * *
المطلب الأول : القواعد التي يغلب عليها مراعاة الجانب اللفظي
وقد بدأت بالقواعد المتعلّقة بالجانب اللفظي لسببين :
الأول : أنها أشبه بموضوع البحث " المتشابه اللفظي " ، وأنسب له ، وألصق به .
الثاني : أنها أسهل إدراكاً ، وأقرب تناولاً ؛ فيحسن البدء بها .
وقواعد هذا النوع ست قواعد ، هي كالتالي :
القاعدة الأولى : مراعاة الموافقة اللفظية للسياق
وقد يعبّر عنها بعض المؤلّفين في توجيه المتشابه : بالمناسبة اللفظية ، أو التناسب ، أو المشاكلة أو التشاكل في النظم ، أو الملاءمة اللفظية أو التلاؤم في الألفاظ ، أو المضارعة اللفظية ، أو المطابقة ، أو الحمل على النظير ، أو التناظر والتقابل ، إلى غير ذلك (1) .
والظاهر أنه لا يراد بهذه التعبيرات المعاني الدقيقة لها عند البلاغيين وما استقرّ عليه اصطلاحهم (2) ، خصوصاً وأن أكثر المؤلّفين في توجيه المتشابه متقدّمون على ذلك .
والمقصود بالموافقة اللفظية هنا : الاتفاق في أي ناحية من النواحي اللفظية ، سواء في الوزن ، أو في أصل مادة اللفظ ، أو في نوع الاشتقاق ، أو غير ذلك مما سيبين أكثر من خلال الأمثلة .
__________
(1) ... انظر في هذه التعبيرات المختلفة مثلاً : درة التنزيل : 1/ 244 ، 2/ 748 ، 809 ، 817 ، 3/ 1114 ، 1128 ، 1129 ، البرهان للكرماني : ص 242 ، 322 ، ملاك التأويل : 1/ 455 ، 558 ، 2/ 711 ، 734 ، 749 ، كشف المعاني : ص 323 ، 351 ، فتح الرحمن ص 336 .
(2) ... انظر : معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 419 ، 614 ، 621 ، 625 ، 626 ،635 ، 644 ، 647 ،654 ، 656 ، معجم البلاغة العربية : ص 261 ، 316 ، 372 ، 533 ، 674 .(1/214)
والمقصود بالسياق هنا : سياق الآية المتشابهة ، أو الآيات قبلها أو بعدها ، أو سياق السورة كلّها ، بل ربما أبعد من ذلك ، كما سيظهر في الأمثلة .
وهذه القاعدة من أكثر القواعد تردّداً في كتب توجيه المتشابه ، وإن كان أبرزهم في استعمال هذه القاعدة وأكثر من طبّقها : الكرماني في (( البرهان )) (1) ، وكان أكثر ما يسمّيها بالموافقة ، ومنه أخذتُ التسمية .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) مثال توجيه المتشابه بلا اختلاف اعتماداً على هذه القاعدة : ما ذكره الكرماني في قوله : " قوله تعالى : ? - - رضي الله عنهم - - ( - - صدق الله العظيم ( المحتويات فهرس - ((- رضي الله عنه - - - (( ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ((( - - } - - - ? [ يونس : 18 ] بزيادة( لا ) وتكرار ( في ) : لأن تكرار ( لا ) مع النفي كثير حسن ، فلما كرّر ( لا ) كرّر ( في ) تحسيناً للفظ ، ومثله في سبأ – في موضعين - ، والملائكة " (2) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف فقد وردت أمثلة كثيرة لعدد من أنواعه ، ومنها :
__________
(1) ... انظر : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للدكتور: صالح الشثري : ص 57 ، 191 ، 195 ، وغيرها ، حيث نصّ على كثرة استعمال الكرماني لهذه القاعدة .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 214- 215 ، ويقصد بالملائكة : سورة فاطر . وانظر مثالين آخرين لاستعمال القاعدة المذكورة في توجيه نوع المتشابه بلا اختلاف : ص 312 ، كشف المعاني : ص 249 .(1/215)
[ أ ] المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : مثاله ما ذكره الكرماني في قوله : " قوله تعالى: ? ( - ( - ( - ( - - - { - رضي الله عنه -( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - - ? [ الأنعام : 95 ] في هذه السورة ، وفي آل عمران : ?( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم -(( - - - - (( تم بحمد الله ( تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - } ? [ آل عمران : 27 ] ، وكذلك في الروم ويونس : ? ( - ( - ( - ( - - - - رضي الله عنهم -(( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - (( تم بحمد الله ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - ? [ يونس : 31 ، الروم : 19] لأن ما في هذه السورة وقعت بين أسماء الفاعل ، وهو : ?( - ( - - - ( ( تمت - { - رضي الله عنه -( - - - ? [ الأنعام : 95 ] و : ?( - ( - - - ( (- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - تمهيد (( تمهيد { - - ? [ الأنعام : 96 ] ، واسم الفاعل يشبه الاسم من وجه ، ويشبه الفعل من وجه ، فلمّا وقع بينهما ؛ ذُكر : ? ( - ( - ( - ( - - - - رضي الله عنهم -(( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ الأنعام : 95 ] بلفظ الفعل ، و :(1/216)
?( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - - ? [ الأنعام : 95 ] بلفظ الاسم ؛ عملاً بالشَّبَهين . وأخّر لفظ الاسم لأن الواقع بعده اسمان والمتقدّم اسم واحد ، بخلاف ما في آل عمران ؛ فإن ما قبله وما بعده أفعال ، وكذلك في الروم ويونس قبله وبعده أفعال ، فتأمّل فيه فإنه من معجزات القرآن"(1).
[ب] ومثال المتشابه مع الاختلاف في التذكير والتأنيث : ما ذكره الكرماني بقوله : " قوله تعالى : ? - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( ( { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - ? [ هود : 67 ] ، ثم قال : ? ( المحتويات - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( ( { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - ? [ هود : 94 ] : التذكير والتأنيث حسنان ، لكن التذكير أخفّ في الأولى ؛ لحذف حرف منه ، وأحسن للحائل ؛ فاختار التذكير . وفي الأخرى وافق ما بعدها وهو : ? - - رضي الله عنهم - - - - ( المحتويات - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - ( - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم ? [ هود : 95 ] " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 172- 173 ( بتصرّف يسير ) . وانظر أمثلة أخرى لاستعمال القاعدة في هذا النوع : ص 121 ، 186 ، 189 ، 215 ، 244 ، 288 ، ملاك التأويل : 1/ 251 ، 471 ، 501 ، 597 ، 2/ 650 ، كشف المعاني : ص 166 ، 177 ، 187 ، 197 ، فتح الرحمن : ص 153 ، 466 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 224 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في التذكير والتأنيث : ص 143 ، 172 .(1/217)
[ج] ومن أمثلة المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : ما ذكره الكرماني أيضاً في قوله : " قوله تعالى فيها – أي في سورة النحل – في موضعين : ? - - ( { - (( - درهم ( - ( - - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - ? [ النحل : 12 ، 79 ] بالجمع . وفي خمسة مواضع : ? - - ( { - (( - درهم ( - ( - - - { - رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - ? [ النحل : 11 ، 13 ، 65 ، 67 ، 69 ] على الواحدة . أما الجمع فلموافقة قوله ? المحتويات (- رضي الله عنه - - } - - - ( تم بحمد الله ? [ النحل : 12 ، 79 ] في الآيتين ؛ لتقع الموافقة والمطابقة في اللفظ والمعنى ، وأما التوحيد فلتوحّد المدلول عليه كما سبق " (1) .
[ د ] ومن أمثلة المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير : توجيه الأنصاري في قوله: " قوله : ? - - جل جلاله - - ((( - - ( ( الله ( قرآن كريم - { ( - ( - - - رضي الله عنه -((( - ( - ( { ( - - - ? [ المؤمنون : 41 ] قاله هنا بالتعريف ، وقاله بعد بالتنكير :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 241 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الإفراد والجمع : ص 240 ، 275 ، 333 .(1/218)
? - - جل جلاله - - ((( - - ( - الله ( قرآن كريم - { ( - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ? [ المؤمنون : 44 ] ؛ لأن الأول لقوم صالح ؛ بقرينة قوله : ? ( المحتويات ( - ( الله - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - ? [ المؤمنون : 41 ] ، فعرّفهم تعريف عهد . ونكّر الثاني لخلوّه عن قرينة تقتضي تعريفه ، وموافقة لتنكير ما قبله ، وهو : ? - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - ((( - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( ? [ المؤمنون : 42 ] "(1) .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 439 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في التعريف والتنكير : ص 363 ، درة التنزيل : 2/ 809 ، 817 ، البرهان للكرماني : ص 238 ، ملاك التأويل : 2/ 725 ، كشف المعاني : ص 223 .(1/219)
[هـ] ومثال هذه القاعدة في نوع المتشابه مع الاختلاف في الإدغام والفكّ ( الإظهار والإدغام ) : ماقرّره ابن الزبير الغرناطي في قوله : " قوله تعالى : ? بسم الله الرحمن الرحيم ( - (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( (( - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( - (( - - { - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (( { - - (- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ? [ الأنعام : 42 ] ، وفي سورة الأعراف : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - (( - { - رضي الله عنه - - ( - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - - (( - ( الله أكبر - صدق الله العظيم ( { - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - } - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (( - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( - (( - - { - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (( { - - ( - - ? [ الأعراف : 94 ] ، بإدغام فاء التفعّل في فاء الكلمة مع اتّحاد المرمى في الآيتين ، فيسأل عن وجه ذلك ؟
والجواب – والله أعلم - : أن العرب تراعي مجاورة الألفاظ فتحمل اللفظ على مجاوره لمجرّد المضارعة اللفظية وإن اختلف المعنى ، ومنه الإتباع في يَنُوؤك ويَسُوؤك ... فهم فيما اتفق معناه من هذا أحرى أن يفعلوا فيه ذلك .(1/220)
وماضي الفعل من الضراعة لا إدغام فيه إنما تقول : تضرّع ؛ إذ لا حرف مضارعة فيه يسوّغ الإدغام ، فلما ورد الماضي فيما بُني على آية الأنعام من قوله : ? - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( قرآن كريم فهرس - - ( ( - ( { المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - - عليه السلام - - ( - ( - - رضي الله عنه - - } - قرآن كريم (( { - - ( - - ? [ الأنعام : 43 ] ولا إدغام فيه لما ذكرنا ؛ ورد الأول مفكوكاً غير مدغم فقيل :
?- رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (( { - - (- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ? [ الأنعام : 42 ] رعياً للمناسبة ، أما آية الأعراف فلم يرد فيها ما يستدعي هذه المناسبة ؛ فجاء مدغماً على الوجه الأخف إذ لا داعي لخلافه ، والله أعلم " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 455- 456 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الإدغام والإظهار : 1/ 558 ، 2/ 720 ، 769 ، 888 ، درة التنزيل : 3/ 1128- 1129 ، البرهان للزركشي : ص 143 ، 171 ، 195 ، 211 ، 282 ، كشف المعاني : ص 185 ، 197 ، 305 ، 323 .(1/221)
[ و ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال ، فمن أمثلته : ما ذكره الكرماني في قوله : " وفي هذه السورة : ? - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( ? [ البقرة : 59 ] ، وفي الأعراف : ? - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ? [ الأعراف : 162 ] : لأن لفظ الرسالة والرسول كثرت في الأعراف ، فجاء ذلك وفقاً لما قبله ، وليس كذلك في سورة البقرة " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 124 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الإبدال : ص 135 ، 136 ، 145 ، 167 ، 175 ، 176 ، 192 ، 214 ، 219 ، 231 ، 237 ، 243 ، 262 ن 263 ، 266 ، 269 ، 276 ، 287 ، 289 ، 294 ، 299 ، 311 ، 322 ، 323 ، 324 ، درة التنزيل : 1/ 352 ، 2/ 499 ، 2/ 748 ، 3/ 1114 ، 1117 ، ملاك التأويل : 1/ 331 ، 435 ، 467 ، 509 ، 515 ، 517 ، 532 ، 547 ، 917 ، 635 ، 2/ 657 ، 739 ، 763 ، 802 ، 825 ، 849 ، 899 ، 1097 ، كشف المعاني : ص 122 ، 128 ، 139 ، 156 ، 168 ، 207 ، 222 ، 245 ، 254 ، 275 ، 279 ، 295 ، 320 ، فتح الرحمن : ص 175 ، 191 ، 354 ، 414 ، 418 ، 480 ، 482 ، 600 .(1/222)
[ ز ] أما مراعاة قاعدة " الموافقة اللفظية للسياق " في نوع المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير : فيمكن أن يُمثّل له بما ذكره ابن جماعة في توجيه قوله تعالى : ?( المحتويات ( تمهيد ( - ( - - ( - - - ( المحتويات ( - - - - عليه السلام - - } - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - } ( - ( - (- رضي الله عنهم - - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - (( - - ( ? [ الأنعام : 102 ] مع قوله تعالى : ? ( المحتويات ( تمهيد ( - ( - - ( - - - ( المحتويات ( - - - - عليه السلام - - ( - ( - (- رضي الله عنهم - - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - ((( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { } - عليه السلام - قرآن كريم ( - ? [ غافر : 62 ] قال : " لما تقدّم هنا : ? } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - عليه السلام -( - - - - - عليه السلام - - (( - صدق الله العظيم ( - ( - - - ( المحتويات ( - - { فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } ? [ الأنعام : 100 ] ناسب تقديم كلمة التوحيد النافية للشرك ردّاً عليهم ، ثم ذكر الخلق .(1/223)
ولمّا تقدّم في المؤمن – سورة غافر – كونه خالقاً في قوله تعالى : ? ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - ((( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( } - } - جل جلاله - - - - ? [ غافر : 57 ] ناسب تقديم كلمة الخلق ، ثم كلمة التوحيد"(1).
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 164- 165 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في التقديم والتأخير : ص 132 ، 134 ، درة التنزيل : 1/ 391 ، البرهان للكرماني : ص 151 ، 202 ، 207 ، 242 ، 250 ، 277 ، 290 ، 334 ، ملاك التأويل : 1/ 342 ، 358 ، 2/ 711 ، 734 ، فتح الرحمن : ص 449 ، 450 ، 470 .(1/224)
[ ح ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف فيمكن التمثيل له بأحد التوجيهات التي ذكرها الخطيب الإسكافي للاختلاف بين قوله تعالى : ? ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - { ( - ( الله ( قرآن كريم - { (- رضي الله عنه - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - { - رضي الله عنهم - - ((( الله أكبر ( - - - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - ( { - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - - (( - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - ( - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - فهرس - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( - - تم بحمد الله المحتويات ( - - - - - - عليه السلام -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } تم بحمد الله ( المحتويات - - ( المحتويات ( - ( - - - جل جلاله - - - رضي الله عنه - فهرس - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - ? [ المائدة : 20 ] ، وقوله تعالى : ? ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله ( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - { ( - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - { - رضي الله عنهم - - ((( الله أكبر ( - - - ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - ( { المحتويات ( - - { - - عز وجل -- صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - - - عليه السلام -( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( ? [ إبراهيم : 6 ] ، حيث يقول – مبيّناً وجه الاختلاف أوّلاً -(1/225)
: "للسائل أن يسأل فيقول : هل للتنبيه في الآية الأولى من سورة المائدة بقوله : ? ( الله ( قرآن كريم - { (- رضي الله عنه - - ? [ المائدة : 20 ] فائدة لم يكن مثلها في الخطاب الواقع في سورة إبراهيم لما لم يقل فيه : (( يا قوم )) ؟
والجواب أن يقال : ... لمّا جعل الخطاب بعد قوله : ? - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - ( - (- رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - - ? [ المائدة : 15، 19 ] في آيتين ، وصدر المخاطبات نبّه فيه المخاطبين بمناداتهم ، فيما حكى من أقوالهم ، كقوله تعالى بعده : ? ( الله ( قرآن كريم - { (- رضي الله عنه - - } - قرآن كريم ( - ( - ( - - - - عليه السلام -(( - - } - - - { - رضي الله عنهم - - - - - { ( - ( - - - ? [ المائدة : 21 ] وقوله : ? } - قرآن كريم ( - - - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - - } تمت ( { - { - - (( - - جل جلاله - تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - رضي الله عنه -((( - - ( - - رضي الله عنهم - - ? [ المائدة : 22 ] ، وبعده : ? } - قرآن كريم ( - - - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - - - ( الله أكبر ( { صدق الله العظيم - - - - - رضي الله عنهم - - فهرس - ( - ( - ( الله أكبر - - جل جلاله - - - رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - - } تم بحمد الله } - قرآن كريم ( تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - - (( } ? [ المائدة : 24 ] ، وبعده قوله : ? - رضي الله عنه - - - - - ( تمت - - عليه السلام - - - ( - الله أكبر ( { - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( - ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( { (( } ((- رضي الله عنه - الله أكبر (( درهم - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } ? [ المائدة : 25 ]كان الاختيار أن يجري مجرى نظائره المتقدّمة(1/226)
والمتأخّرة .
ولم يكن شيء من ذلك في الآية التي في سورة إبراهيم ، فلم يذكر هناك : (( يا قوم )) لهذا " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : مراعاة الفواصل ورؤوس الآي
سبق في المطلب الثاني من المبحث السابق بيان المراد بالفواصل ، وأنها جمع فاصلة وهي: الكلمة الأخيرة في الآية ، وأن الفواصل قد يسمّيها البعض برؤوس الآيات .
وأحياناً يُطلَق عليها – تجوّزاً – لقب : الأسجاع ، أو الرويّ (2)، ولكن ذلك نادر(3) ، والأولى تجنّب هذين الإطلاقين في حقّ القرآن ، والاقتصار على أحد الإطلاقين الصحيحين : الفواصل، أو رؤوس الآي .
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 453- 457 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الذكر والحذف ( وهو من أكثر الأنواع أمثلة ) : 1/ 244 ، 2/ 931 ، 932 ، 3/ 1153 ، البرهان للكرماني : ص 113 ، 124 ، 142 ، 149 ، 150 ، 152 ، 154 ، 159 ، 162 ، 164 ، 165 ، 177 ، 178 ، 183 ، 188 ، 191 ، 195 ، 209 ، 215 ، 243 ، 244 ، 246 ، 248 ، 266 ، 274 ، 275 ، 285 ، 298 ، 309 ، 311 ، 316 ، 318 ، 325 ، 329 ، 336 ، 341 ، 344 ، 350 ، 360 ، ملاك التأويل : 1/ 321 ، 551 ، 2/ 679 ، 743 ، 749 ، 895 ، 908 ، 914 ، 1069 ، كشف المعاني : ص 98 ، 131 ، 134 ، 184 ، 197 ، 214 ، 227 ، 265 ، 351 ، فتح الرحمن : ص 185 ، 209 ، 213 ، 219 ، 237 ، 336 ، 379 ، 416 ، 424 ، 432 ، 435 ، 436 ، 479 ، 481 ، 503 ، 611 .
(2) ... السجع أو التسجيع هو : تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على حرف واحد . والرويّ هو : حرف القافية ، أو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة . انظر : التعريفات للجرجاني : ص 151 ، 156 ، القاموس المحيط : ص 1665 ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 311 ، معجم البلاغة العربية : ص 276 .
(3) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 222 ، ملاك التأويل : ص 2/ 1120 ، فتح الرحمن : ص 472 .(1/227)
والمراد بهذه القاعدة : أن وجود التشابه أو الاختلاف بين السياقات في الآيات المتشابهة يكون مراعىً فيه الجانب اللفظي في الكلمات الأخيرة من آيات السياق الواحد .
كما سبقت الإشارة في المبحث السابق – أيضاً – إلى أن غالب فواصل القرآن في الحرف الأخير منها إما متماثلة أو متقاربة ، وأن الفواصل أيضاً تنقسم – بالنظر إلى جملتها وليس الحرف الأخير منها فقط – إلى : متوازية ( وهي المتّفقة في الوزن والحرف الأخير ) ، ومطرّفة ( وهي المتفقة في الحرف الأخير لا في الوزن ) ، ومتوازنة ( وهي المتفقة في الوزن دون الحرف الأخير ) .
وهذا الاتفاق بين فواصل السياق الواحد هو المقصود بالمراعاة المذكورة ، وهو جانب لفظيّ كما هو ظاهر . وعليه فإن هذه القاعدة يمكن إدخالها في القاعدة الأولى ( مراعاة الموافقة اللفظية للسياق ) ، لكنّي أفردتها عنها لسببين :
الأول : للنصّ عليها بخصوصها من قِبَل المؤلّفين في المتشابه اللفظي وغيرهم ؛ كما سيأتي نماذج لذلك من خلال الأمثلة .
الثاني : أن قاعدة " مراعاة الفواصل " قاعدة كبيرة بذاتها ، يندرج تحتها أمثلة كثيرة ؛ فتستحقّ الإفراد لذلك . إضافة إلى أنها في نوع مميّز من الموافقة اللفظية له خصوصيته ؛ لأجل تعلّقة بركن مهم من أركان الآية ، وهو " الفاصلة " (1) .
وقبل الانتقال إلى سرد الأمثلة على هذه القاعدة أريد أن أشير إلى قضية سبقت الإشارة إليها في تصدير هذا المبحث ، لكن كثر القول بها في هذه القاعدة بخصوصها ، وهي أن بعض أهل العلم لم يرتض التعليل " برعاية الفاصلة " ، لكون ذلك أمراً لفظياً لا طائل تحته - على حدّ قول الزمخشري في ((كشافه القديم )) كما نقله عنه الزركشي في (( البرهان ))(2)-.
__________
(1) ... انظر : الفاصلة في القرآن للحسناوي : ص 120 ، 319 .
(2) 1 / 165 ، ونقله بواسطة الزركشي – على ما يبدو – الشيخ طاهر الجزائري في : التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن : ص 293 . ...(1/228)
على أن الزمخشري أبان – في أول كلامه ذلك – بأن الذي لا يحسن إنما هو المحافظة على الفواصل لمجرّدها ، وأن يكون ذلك هو المقصود بقطع النظر عن المعاني ، وأما إذا كان ذلك مع بقاء المعاني على سدادها فرعاية التناسب حينئذٍ أمر حسن (1).
وهذا التفصيل من الزمخشري هو الذي يتعيّن حمل قول من ذهب إلى التعليل برعاية الفاصلة - في حقّ القرآن - عليه ، أما القول بأن المراعى إنما هي الفواصل بمجرّدها ، ولو كان ذلك على حساب المعنى ؛ فلا أظن أحداً يقول به (2) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) مثال توجيه المتشابه بلا اختلاف اعتماداً على هذه القاعدة : ما ذكره ابن جماعة في توجيه التكرار الحاصل في سورة الناس ؛ في قوله : ? ( - ( - ( - قرآن كريم ((- صلى الله عليه وسلم - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - ( } - } - جل جلاله - - - - ((( ( - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( } - } - جل جلاله - - - - ((( ( مقدمة ( - - ( { ( } - } - جل جلاله - - - - ? [ الناس : 1- 3 ] ؛ حيث أورد السؤال عن ذلك بقوله : " ما فائدة إعادة :
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 164- 165 .
(2) ... انظر : الإعجاز البياني للقرآن ومسائل نافع بن الأزرق لبنت الشاطئ : ص 235- 258 ، الفاصلة في القرآن: ص 53- 61 ، 80- 81 ، 140- 141 ، خصائص التراكيب : ص 358- 363 ، إعجاز القرآن الكريم بين السيوطي والعلماء : ص 574- 597، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 126- 127 .(1/229)
? ( } - } - جل جلاله - - - - ? ظاهراً مع إمكان ضميره ؟ " ، ثم أجاب : " وأما تكرار ? ( } - } - جل جلاله - - - - ? : فإما لمشابهة رؤوس الآي كغيرها من السور ، أو لأن الأوصاف الثلاثة أتي بها عطف بيان ، كقولك : الفاروق أبو حفص عمر ؛ لقصد البيان ، فكان التصريح بلفظ ? ( } - } - جل جلاله - - - - ? أصرح في البيان من الضمائر " (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف فقد وردت عدّة أمثلة لعدد من أنواعه ، كان التوجيه فيها اعتماداً على هذه القاعدة ، منها :
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 383 ، وانظر أمثلة أخرى لتوجيه نوع المتشابه بلا اختلاف اعتماداً على هذه القاعدة : البرهان للكرماني : ص 228 ( مثالين ) ، ملاك التأويل : 2/ 1120 ، فتح الرحمن : 349 . وانظر أيضاً : غرائب التفسير للكرماني : 1/ 543 ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : 17/ 155 ، التبيان لبعض المباحث المتعلّقة بالقرآن للجزائري : ص 293 .(1/230)
[ أ ] مثال المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : توجيه ابن الزبير للاختلاف الحاصل بين قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - } - - صلى الله عليه وسلم - - - (( ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - } - - ? [ هود : 22 ] وقوله : ? - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - (( ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ النحل : 109 ] ؛ حيث قال : " للسائل أن يسأل : عن وجه تخصيص آية هود بقوله : ? - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - } - - ? [ هود : 22 ] وآية النحل بقوله : ? - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ النحل : 109 ] ؟(1/231)
والجواب : أن آية هود قد تقدّمها ما يُفهم المفاضلة ، ألا ترى أن قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - { - - جل جلاله -( } - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( فهرس - { - ? [ هود : 17 ] الآية ؛ يُفهَم من سياقها أن المراد : أفمن كان على بيّنة من ربه كمن كفر وجحد وكذّب الرسل ؟ ثم أتبع هذا بقوله : ? ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم - - ( تم بحمد الله - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -(( - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - - - ( - ( - - - ? [ هود : 18 ] فهذا صريح مفاضلة ، ثم استمرّت الآي في وصف من ذُكر وعَرضهم على ربهم وقول الأشهاد : ? ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( - ((- رضي الله عنهم - - - ((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( فهرس - - عليه السلام - - - - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - ( { - عليه السلام - - (( - - ( - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( - ( - ( { ( - - - (((( - ((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ هود : 18- 19 ] إلى ذِكر مضاعفة العذاب لهم ، واستمرّ ذكرهم إلى قوله : ? - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - } - - صلى الله عليه وسلم - - - (( ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ((1/232)
المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - } - - ? [ هود : 22 ] فناسب لفظ (( الأخسرين )) بصيغة التفاضل ومقصود التفاوت ما تقدّم مما يُفهِم ذلك من قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - { - - جل جلاله -( } - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( فهرس - { - ? [ هود : 17 ] ، و (( أفعل من كذا )) في قوله : ? ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم - - ( تم بحمد الله - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -(( - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - - - ( - ( - - - ? [ هود : 18 ] ، فالآيات من لدن قوله : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - { - - جل جلاله -( } - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( فهرس - { - ? [ هود : 17 ] إلى قوله : ? ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - } - - ? [ هود : 22 ] مبنيّات على ما ذكرناه غير خارجة عن هذا المقصود ، ولو ورد هنا (( الخاسرون )) مكان : (( الأخسرين )) لتنافى النظم وتباين السياق ولم يتناسب .(1/233)
وأما آية النحل فلم يقع قبلها (( أفعل )) التي للمفاضلة والتفاوت ولا ما يُفهمهما ، وإنما قبلها : ? } تمت ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - - صدق الله العظيم ( المحتويات ( - - ( - ( - - عليه السلام - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ((((( - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { - ( - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -((- رضي الله عنه - - - - ( - - - ( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - } - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - قرآن كريم ( - ( - ( - تمهيد ( - - - ? [ النحل : 104- 105 ] ، وبعد هذا : ? - - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { - - - - صدق الله العظيم - ( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - { ( - - - - رضي الله عنه -((( - ((( - تمهيد ( - - - ? [ النحل : 107 ] ، وبعد هذا : ? - درهم (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - قرآن كريم ( - (((- رضي الله عنه -(( - - - ? [ النحل : 108 ] ، فتأمّل هذه الفواصل واتّفاقها في اسم الفاعل المجموع جمع السلامة في قوم متّفقي الأحوال في كفرهم ، إلى أن ختم وصفهم وما قصد من ذكرهم بقوله : ? - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنه - - - رضي الله(1/234)
عنهم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - (( ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ النحل : 109 ] ، فتناسبت الآي في السياق والفواصل ، وخُتمت بمثل ما بُدئت به ، ولم يكن ليناسب ما ورد هنا لفظ المفاضلة، إذ ليس في الكلام ما يستدعي ذلك من لفظه ولا من معناه ، ووَضَح اختصاص كلّ من العبارتين بمكانه ، وأن العكس لا يُلائم ، والله أعلم " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 650- 652 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الصيغة : درة التنزيل: 3/ 1353 ، البرهان للكرماني : ص 359 ، فتح الرحمن : ص 472 ، 617 .(1/235)
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع ، أو في صِيغ الجمع : فيمكن أن يُمثّل له بتوجيه الخطيب الإسكافي للاختلاف الحاصل بين قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - - - - } تم بحمد الله ( { تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( - ( - ( - - - } تم بحمد الله ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( الله أكبر ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( { ( - ( - ( - - - ? [ الأعراف : 115 ] ، وقوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - - - - } تم بحمد الله ( { تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( - ( - ( - - - } تم بحمد الله ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( الله أكبر - رضي الله عنه - - } - صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ طه : 65 ] ؛ حيث يقول : " للسائل أن يسأل عن اختلاف المحكي في الموضعين مع أن ذلك في شيء واحد ؟(1/236)
والجواب أن يقال : إن المقصود معنى واحد ، فاختير في سورة الأعراف : ? - - } تم بحمد الله ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( الله أكبر ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( { ( - ( - ( - - - ? [ الأعراف : 115 ] لأن الفواصل قبله على هذا الوزان ، واختير في سورة طه : ? - - } تم بحمد الله ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( الله أكبر - رضي الله عنه - - } - صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ طه : 65 ] لذلك .
ومثله قوله تعالى : ? - عليه السلام - - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - - - - - رضي الله عنه -((( - ( - (- رضي الله عنهم - - ? [ الأعراف : 120 ] في سورة الأعراف ، وسورة الشعراء(1) ؛ لتكون الفاصلة فيهما مساوية للفاصلة قبلها ، وبإزاء : ?- رضي الله عنه -((( - ( - (- رضي الله عنهم - - ? [ الأعراف : 120 ] قوله : ? - عليه السلام - - ( - ( - ( - - ( ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - - - - - - جل جلاله - - ( - ( - ? [ طه : 70 ] في سورة طه ؛ لذلك " (2) .
__________
(1) ... آية الشعراء [ آية : 46 ] كآية الأعراف المذكورة تماماً ، إلا أنها بالفاء بدل الواو في أول الآية . وهذا اختلاف لايعكّر على استشهاد الخطيب بها – كما هو ظاهر - .
(2) ... درة التنزيل : 2/ 663 .(1/237)
وقد تبع الإسكافيَّ على هذا التوجيه كلٌّ من الكرماني وابن الزبير(1) ، لكن الكرماني زاد أمثلة أخرى مما وقع في الأعراف والشعراء واختلف في طه ، ثم ذكر في آخر ذلك أنها لنفس العلّة ، فقال : " وهذا كله لمراعاة فواصل الآي ؛ لأنها مرعية تنبني عليها مسائل كثيرة "(2) .
[ ج ] وفي نوع الاختلاف في علامات الإعراب : يمكن التمثيل بتوجيه الكرماني للاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم (- جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - - تمهيد ( - مقدمة - ( - - رضي الله عنه - - (((( } تم بحمد الله ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ((- رضي الله عنه -( ? [ المائدة : 9 ] ، وقوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - (((( } تم بحمد الله - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه -( ? [ الفتح : 29 ] ، حيث يقول : " رفع ما في هذه السورة [ المائدة ] موافقة لفواصل الآي ، ونصب ما في الفتح موافقة
__________
(1) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 198 ، ملاك التأويل : 1/ 569 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 199 .(1/238)
للفواصل أيضاً " (1) .
[ د ] وفي نوع الاختلاف في التعريف والتنكير ، أو الاختلاف في أنواع التعريف : يمكن التمثيل بما ذكره الإسكافي في توجيه الاختلاف في أنواع التعريف ، بين قوله تعالى : ? ( - ( مقدمة - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - { - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - ( فهرس - - عليه السلام - - - - ( تمهيد - - (( قرآن كريم ( - (( ( { ( - } ( - - - - - ( تمهيد - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - - ? [ ق : 39 ] ، وقوله تعالى : ? ( - ( مقدمة - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - { - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - ( فهرس - - عليه السلام - - - - ( تمهيد - - (( قرآن كريم ( - (( ( { ( - } ( - - - - - ( تمهيد - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } ? [ طه : 130 ] ؛ حيث أبان المسألة بقوله : " للسائل أن يسأل عن الموضعين وأن يقول : لِم كان في سورة طه : ? - - ( تمهيد - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } ? [ طه : 130 ] ، وفي هذه : ? - - ( تمهيد - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - - ? [ ق : 39 ] ؟
والجواب قريب ، وهو : أن فواصل أكثر الآيات في سورة طه أواخرها ألف ، فعدل إلى : ? - { - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } ? [ طه : 130 ] وهو الأصل ؛ لأن الطلوع مضاف إلى الشمس ، وحق الغروب أن يكون مضافاً إلى ضميرها ، وضميرها هاء بعدها ألف .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 160 ، وانظر أمثلة أخرى لاعتماد هذه القاعدة في هذا النوع : ملاك التأويل : 1/ 298 ، فتح الرحمن : ص 239 .(1/239)
وأما سورة (( ق )) فإن فواصلها مردوفة بواو أو ياء : كالسجود ، والخلود ، والقعيد، والعتيد ، والمريج . والغروب متى ذُكر عُلم أنه أريد به غروبها ؛ فكان ذلك أشبه بالفواصل التي تقدّمتها في المكانين ؛ فلذلك اختلفا " (1) .
[ هـ ] وفي نوع الاختلاف في التذكير والتأنيث : يمكن التمثيل – مع شيء من التحفّظ – بتعليل الأنصاري في قوله : " قوله : ?( - - - رضي الله عنهم - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - - (( - { - جل جلاله - - تم بحمد الله ? [ القمر : 20 ] : ذكَّر وصف النخل بمنقعر ، وأنّثه في الحاقة بـ ? { - رضي الله عنه - - (- صلى الله عليه وسلم - - - } ? [ الحاقة : 7 ] : رعاية للفواصل فيهما"(2).
وهذا المثال أدخل بنوع الاختلاف في الإبدال ، منه بنوع الاختلاف في التذكير والتأنيث ، لكن سوّغ ذكري له هنا : نصّ الأنصاري على التذكير والتأنيث في الاختلاف ، وكذلك : أني لم أجد مثالاً غيره يغني عنه في هذا النوع .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1202 ، وقد تبع الإسكافي على هذا التوجيه كل من : الكرماني في البرهان : ص 337 ، وابن الزبير في ملاك التأويل : 2/ 830 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 568 .(1/240)
[ و ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فمثاله : توجيه الكرماني للاختلاف الحاصل بإبدال كلمة بكلمة ، بين الآيتين المتشابهتين ، الذي ذكره بقوله : " قوله تبارك وتعالى : ? ( - (- صلى الله عليه وسلم -(- عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - } تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - مقدمة - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( تمهيد - - ? [ الإسراء : 9 ] ، وفي الكهف : ? - رضي الله عنه - - (- صلى الله عليه وسلم -(- عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - - صدق الله العظيم - ( - { - - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - ( تمهيد (- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - } تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - - - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - جل جلاله - - - - - رضي الله عنهم - مقدمة ? [ الكهف : 2 ] : خصّت هذه السورة [ الإسراء ] بقوله : ? - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( تمهيد - - ? [ الإسراء : 9 ] ، وخصّت سورة الكهف بقوله : ? - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - جل جلاله - - - - - رضي الله عنهم - مقدمة ? [ الكهف : 2 ] ؛ لأن الأجر في السورتين الجنة ، والكبير والحسن معاً من أوصافها ، لكن خصّت هذه السورة [ الإسراء ] بالكبير موافقة لفواصل الآي قبلها وبعدها ، وهي : حصيراً ، وأليماً ، وعجولاً ، وكلها وقع قبل آخرها مدّة .(1/241)
وكذلك في الكهف : جاء على ما تقتضيه الآيات قبلها وبعدها ، وهي : عوجاً ، وأبداً، وولداً ، وكلها قبل آخرها متحرّك " (1) .
[ ز ] وأما نوع المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير : فمن أشهر أمثلته : قول الإسكافي : " ومثله قوله تعالى : ? } - ( قرآن كريم ( - - - - - } - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه -((( - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - ((((( ( تمت - - عليه السلام - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - (- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الأعراف : 121- 122 ، الشعراء : 47- 48 ] في السورتين [ الأعراف والشعراء ] ؛ للفواصل التي حُمِلت هذه عليها . وقال في سورة طه : ? } - ( قرآن كريم ( - - - - - } - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - (- رضي الله عنهم - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ طه : 70 ] ؛ فقدّم (( هارون )) ليكون (( موسى )) فاصلة مثل الفواصل المتقدّمة . فهذا ونحوه مما يُراعى في الفواصل " (2)
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 249 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ص 193 ، 220 ، 224 ، 276 ، 320 ، 364 ، درة التنزيل : 2/ 663 ، 3/ 1102 ، ملاك التأول : 1/ 300 ، 509 ، 569 ، 2/ 803 ، 845 ، 973 ، 1119 ، فتح الرحمن : ص 291 ، 568 ، 629 .
(2) ... درة التنزيل : 2/ 664 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التقديم والتأخير : 3/ 1102 ، البرهان للكرماني : ص 144 ، 199 ، 262 ، ملاك التأويل : 1/ 298 ، 343 ، 569 ، كشف المعاني : ص 128 ، 187 ، 251 ، فتح الرحمن : ص 202 .(1/242)
.
[ ح ] بقي من أنواع المتشابه مع الاختلاف : نوع الاختلاف في الذكر والحذف ، ومثاله : تعليل الكرماني للاختلاف الحاصل بين قوله تعالى : ? } - - رضي الله عنهم -( - - - { - رضي الله عنه -( - - - - - - ( - - ( - - - ? [ الشورى : 17 ] وقوله تعالى : ? } - - رضي الله عنهم -( - - - { - رضي الله عنه -( - - - - - - ( تمت قرآن كريم ( - - - - ( تمهيد - ( - - - ? [ الأحزاب : 63 ] ؛ حيث يقول : " زيد معه (( تكون )) مواعاة للفواصل ، وقد سبق " (1) .
* * *
القاعدة الثالثة : مراعاة خِفَّة اللفظ وعدم الثقل
ذكر البلاغيون في كلامهم على المراد بالفصاحة في الكلام – مفرداً ومركّباً – أن من علامات فصاحته : خلوصه من التنافر : الذي تكون الكلمة أو الكلام – بسببه - متناهية في الثقل على اللسان وعسْر النطق بها (2).
وهذا الذي ذكره البلاغيون هو المراد بهذه القاعدة – على جهة التقريب - .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 330 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 291 ، 320 ، 360 ، ملاك التأويل : ص 1/ 298 ، 2/ 803 ، 813 ، فتح الرحمن : 472 .
(2) ... انظر مثلاً : المزهر في علوم اللغة للسيوطي : 1/ 185 ، تلخيص المفتاح للقزويني ( مع بغية الإيضاح للصعيدي : 1/ 10 ، 14- 15 ) ، خصائص التراكيب : ص 61- 64 .(1/243)
[ أ ] مثال المتشابه مع الاختلاف في التذكير والتأنيث : توجيه ابن جماعة للاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ? - - - جل جلاله -( - - ( - - جل جلاله - - ( - - رضي الله عنهم - - - (( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - جل جلاله -( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - ? [ الأنبياء : 91 ] ، وقوله تعالى : ? - - - جل جلاله -( - - ( - - جل جلاله - - ( ( مقدمة - (( (( تم بحمد الله - - - جل جلاله -( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - ? [ التحريم : 12 ] ، وذلك في قوله : " لفظ التذكير عند العرب أخفّ من التأنيث ، وهاهنا [ في سورة الأنبياء ] لم يتكرّر لفظ التأنيث كتكريره في التحريم ؛ فجاء فيها مؤنّثاً .
وفي التحريم : تكرّر لفظ التأنيث في قوله تعالى : ? المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ التحريم : 12 ] ، و? تمهيد - - جل جلاله -( - - - ? [ التحريم : 12 ] ، و? تمهيد - - جل جلاله - - (( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - ? [ التحريم : 12 ] ، و? - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - ( - - ( ? [ التحريم :
12 ] ؛ فناسب التذكير تخفيفاً من زيادة تكرّر التأنيث " (1) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 257 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع التذكير والتأنيث : البرهان للكرماني : ص 224 .(1/244)
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإدغام والفك : فمثاله : قول ابن جماعة أيضاً : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( } ( مقدمة - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - رضي الله عنهم - - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم - - (((- رضي الله عنه - - ( - فهرس - ( مقدمة ( - فهرس - } ( - ( - ( - - ( ? [ الكهف : 78 ] ، ثم قال : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم - - (((( - فهرس - ( مقدمة ( - فهرس - } ( - - - ( - - ( ? [ الكهف : 82 ] ، وقال في قصّة ذي القرنين : ? - - رضي الله عنهم - - - ( } - ( قرآن كريم ((( - (( - - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( فهرس - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ((( - (- رضي الله عنه - - ( - - - (( مقدمة - - - - جل جلاله - تمهيد ( { - رضي الله عنه - الله أكبر ? [ الكهف : 97 ] .(1/245)
وجوابه : أنه تقدّم أولاً : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم - - (((- رضي الله عنه - - ( - فهرس - ? [ الكهف : 78 ] ؛ فخفّف الثاني لدلالة الأول عليه . وفي قصّة ذي القرنين : فإن تعلّق الفعل بالمفعول المفرد أخفّ من تعلّقه بالمركّب ، و ? تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( فهرس - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - ? [ الكهف : 97 ] مفعول مركّب ؛ فناسب التخفيف ، و ? - - جل جلاله - تمهيد ( { - رضي الله عنه - الله أكبر ? [ الكهف : 97 ] مفعول مفرد ؛ فكمل لفظ الفعل معه لعدم المقتضي للتخفيف " (1) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 243- 244 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإدغام والفك : البرهان للكرماني : ص 258 ، فتح الرحمن : ص 402 .(1/246)
[ ج ] وأما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : فمثاله : تعليل ابن جماعة أيضاً لإفراد الذكور وجمع الإناث في قوله تعالى : ? ( المحتويات - - - جل جلاله -- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( } - - ( ( المحتويات - - - جل جلاله -- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - رضي الله عنه -( ( المحتويات - - - جل جلاله -- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - - - } ( المحتويات - - - جل جلاله -- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - (- رضي الله عنهم - - ? [ الأحزاب : 50 ] ، وذلك في قوله : " وجوابه : أن إفراد الذكور لإرادة الجنس ، وعُلم من إضافة الجمع إلى المفرد أن المراد جنس الأعمام والأخوال ، لا عمّ معيّن أو خال معيّن ؛ فكان الإفراد مع إرادة الجنس أخفّ لفظاً وأفصح ؛ لما فيه من المقابلة بين الإفراد والجمع والذكور والإناث " (1) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 300 .(1/247)
[ د ] وأما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فمثاله : توجيه الأنصاري للاختلاف في إبدال كلمة بكلمة في قوله : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - (- عليه السلام - - ((- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - ( - - فهرس - ( { - رضي الله عنهم - - ( } تم بحمد الله ( - ? [ طه : 40 ] قاله هنا بلفظ (( الرجع )) ، وقال في القصص : ?( مقدمة (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - ( ? [ القصص : 13 ] بلفظ (( الرد )) ؛لأنهما وإن اتّحدا معنى ، لكن خصّ (( الرجع )) بما هنا ؛ ليقاوم ثقلُ (( الرجع )) خفةَ فتحة الكاف ، و (( الرد )) في القصص ؛ ليقاوم خفةُ (( الرد )) ثقلَ ضمة الهاء ، وليوافق قوله : ? - ( الله أكبر ( { ( فهرس - صلى الله عليه وسلم - - - - - - عليه السلام - - ? [ القصص : 7 ] " (1) .
ويُلحظ في هذا المثال : استعمال الأنصاري لقاعدتين – في توجيهه – هما : القاعدة التي ذكر هذا المثال لها ( وهي : مراعاة خفّة اللفظ وعدم الثقل ) ، وقاعدة : مراعاة الموافقة اللفظية للسياق – وهي القاعدة الأولى المذكورة في هذا المطلب كما تقدّم - .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 417 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ملاك التأويل : 1/ 200 .(1/248)
[ هـ ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، الذي يمكن أن يُمثَّل له: بما ذكره الخطيب الإسكافي في توجيه الاختلاف الحاصل بين قوله تعالى : ? ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( } - - - ( - ( - - - { } - } - - - - - ( - ( - ( - ((( - - } تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - - - - { - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - { ( - - - - رضي الله عنهم - - ? [ النحل : 61 ] ، وقوله تعالى : ? ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - - ( - ( - - - { } - } - جل جلاله - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - { ( - - - - رضي الله عنهم - - ? [ فاطر : 45 ] حيث يقول : " ولم يذكر (( الظهر )) في الآية الأولى ؛ لتقدّم (( الظاء )) في المبتدأ بعد (( لو )) ، والظاء تعزّ في كلام العرب ، فلمّا اختصّت بلغتها ، وتُجُنِّبت إلاّ فيها ؛ استُعملت في الآية الأولى في الابتداء بعد (( لو )) ، واستعملت في الآية الثانية في جواب ما بعد (( لو )) ، ولم تجئ في هذه السورة [ النحل ] إلاّ في سبعة أحرف تكرّرت ، نحو : الظلم ، والنظر ، والظلّ ، و? } - - ( (( مقدمة ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -? [ النحل : 57 ] ، والظعن ، والعظيم ، والوعظ . وأجريت مجرى ما استُثقل من الحروف ؛ فلم يُجمع بينهما في جملتين معقودتين عقد كلام واحد ، وهما : ما بعد (( لو )) وجوابها . وحُسْنُ التأليف وقصد الحروف مراعىً في الفصاحة لا يخفى على أهل البلاغة " (1)
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 843- 847 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : البرهان للكرماني : ص 224 ، 245 ، ملاك التأويل : 1/ 471 ، 2/ 660 ، كشف المعاني : ص 229 ، فتح الرحمن : ص 236 ، 372 .(1/249)
.
* * *
القاعدة الرابعة : مراعاة التنويع في الكلام والتفنّن في الفصاحة
وهذه القاعدة شاملة للتفنّن والتنويع في الكلمات المفردة – تعريفاً وتنكيراً ، وإبدال كلمة بأخرى ، ونحو ذلك - ، وكذلك التفنّن والتنويع في التراكيب – تقديماً وتأخيراً ، وذكراً وحذفاً ، وغير ذلك – مما سيزيد وضوحاً من خلال الأمثلة .
والأنواع التي تشملها هذه القاعدة ، هي من أنواع المتشابه مع الاختلاف ، لأن المتشابه بلا اختلاف لا يُتصوّر فيه التنويع والتفنّن .
وتجدر الإشارة - فيما يتعلّق باستعمال المؤلّفين في توجيه المتشابه لهذه القاعدة – لأمرين :
الأول : أن ابن جماعة – صاحب (( كشف المعاني )) – أكثرهم استعمالاً لهذه القاعدة ، ولكنّه لم يكن يكتفي بها في الغالب ، بل كان كثيراً ما يشفعها بتعليلات أخرى .
الثاني : أن أبا يحيى الأنصاري – صاحب (( فتح الرحمن )) -كان يذكر هذه القاعدة – في بعض المواضع - بلفظ (( التوسعة في التعبير عن المراد بمتساويين )) (1) ، واللفظ الأشهر للقاعدة أقرب إلى الدّقة .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
[ أ ] يمكن التمثيل للمتشابه مع الاختلاف في الإبدال – اعتماداً على هذه القاعدة -: بتوجيه ابن جماعة في قوله : " قوله تعالى : ? { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ((- عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ( - - { ((- رضي الله عنه - الله أكبر - } تم بحمد الله ( تمهيد - رضي الله عنه - تمهيد - - - - ? [ البقرة :281 ] ومثله في آل عمران [ آية : 161 ] ، وقال في النحل والزمر : ? - } تم بحمد الله ( تمهيد فهرس - ( - - رضي الله عنه -( ?
[ النحل : 111 ، الزمر : 70 ] .
__________
(1) ... انظر مثلاً : فتح الرحمن : ص 291 ، 413 .(1/250)
جوابه : هو من باب التفنّن في الألفاظ والفصاحة . وأيضاً : لمّا تقدّم في الزمر لفظ ((الكسب )) في مواضع ، مثل : ? - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - مقدمة - ( المحتويات - - رضي الله عنه -(( - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( - - - - - ? [ الزمر : 48 ] ، ? ( المحتويات ( - - عليه السلام - - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - ( ( المحتويات - - رضي الله عنه -(( - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( - - - - - ? [ الزمر : 51 ] ؛ فعدل إلى لفظ (( عملوا )) (1) تركاً للتكرار ، ولم يتقدّم ذلك في البقرة وآل عمران " (2) .
__________
(1) ... هكذا في المطبوع ، والصواب : فعدل إلى لفظ ( عملت ) . وقد حُقّق الكتاب مرّتين ، وفات كلا المحقّقين التنبيه على هذا السهو من المؤلّف ، والله الموفق .
(2) ... كشف المعاني : ص 122 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ص 96 ، 99 ، 109 ، 154 ، 157 ، 186 ، 229 ، 240 ، 295 ، 335 ، 374 ، درة التنزيل : 2/ 610 ، ملاك التأويل : 1/ 565 ، فتح الرحمن : ص 165 ، 199 ، 291 ، 293 ، 413 .(1/251)
[ ب ] أما المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير ، فيمكن التمثيل له بتوجيه الأنصاري للاختلاف بين قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - - - - - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - - تم بحمد الله ? [ النمل : 1 ] ، وقوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( - (- رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - - - تمت - - عليه السلام -(( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - - تم بحمد الله ? [ الحجر : 1 ] ؛ حيث قال : " فإن قلت : لِم قدّم (( القرآن )) هنا [ في سورة النمل ] على (( الكتاب )) ، وعكس في الحجر ؟
قلت : جرياً على قاعدة العرب في تفنّنهم في الكلام " (1) .
[ ج ] وأما مثال المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : فهو تعليل أبي يحيى الأنصاري – أيضاً – في قوله : " فإن قلت : كيف قال تعالى هنا [ في سورة الأعراف ] – حكاية عن السحرة الذين آمنوا ، وعن فرعون - : ? } - ( قرآن كريم ( - - - - - } - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه -((( - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - ?
[ الأعراف : 121 ] ، إلى قوله : ? - - عليه السلام - - { (- عليه السلام - قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( تم بحمد الله ? [ الأعراف : 126 ] ، ثم حكى عنهم هذا في (( طه )) و (( الشعراء )) بزيادة ونقصان ، واختلاف ألفاظ ، في الألفاظ المنسوبة إليهم ، والقصة واحدة، فكيف اختلفت عبارتهم فيها ؟
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 461 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التقديم والتأخير : كشف المعاني : ص 128 ، 132 ، 232 .(1/252)
قلت : حكى الله عنهم ذلك مراراً بألفاظ متساوية معنى ؛ جرياً على عادة العرب في التفنّن في الكلام ، والحذف في محلّ إحالة على ذكره في محلّ آخر ، وإنما خُولف في ذلك ؛ لئلا يُملّ إذا تمحّض تكراره " (1).
* * *
القاعدة الخامسة : العدول عن تكرار اللفظ فيما تقارب
هذه القاعدة يمكن إدراجها ضمن القاعدة السابقة ( مراعاة التنويع في الكلام والتفنن في الفصاحة ) من جهة ، ويمكن إفرادها عنها من جهة أخرى . لكني آثرت الإفراد لسببين:
الأول : كون هذه القاعدة أخص من تلك ، من جهة أن التنويع فيها إنما عُدل إليه لأجل البعد عن حصول التكرار في السياق الواحد ، وعليه فإن هذه القاعدة لا يُعلّل بها في التكرار ( التشابه ) الحاصل في سياقين مختلفين – كما هو الواقع في أمثلة القاعدة السابقة -.
الثاني : أن وجه التعليل في هذه القاعدة أقوى من وجهه في القاعدة السابقة ، ولذلك فإن المؤلّفين في توجيه المتشابه ينصّون عليها في أمثلتها ، وربما كان استعمالهم لها أكثر من الأولى ، وربما راموا الجمع بينهما بعبارة توحي بما أشرت إليه من التداخل بين القاعدتين ، كأن يقولوا : " التفنّن لكراهة التكرار " (2) ، أو نحو ذلك .
وكذلك فإن من أوجه الفرق بين هذه القاعدة وسابقتها : كون أبي جعفر بن الزبير – صاحب (( ملاك التأويل )) - هو أكثر من استعملها من أصحاب توجيه المتشابه ، وذلك بخلاف القاعدة السابقة ؛ إذ كان ابن جماعة هو أكثرهم استعمالاً لها – كما تقدّم - .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 293 ، وانظر إشارة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ملاك التأويل : ص 1/ 491 .
(2) ... انظر مثلاً : كشف المعاني : ص 271 ، 273 .(1/253)
وقبل الدخول في الأمثلة ، فإنه يحسن التنبيه على قَيْد لفت إليه ابن الزبير في استعماله لهذه القاعدة ، وهو قوله : " وعَدَل عن التكرار الذي من شأن العرب العدول عنه إلاّ حيث يراد تعظيم أو تهويل ؛ نحو قوله تعالى : ? ( { { - - - { - رضي الله عنه -( - - - ((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( { { - - - { - رضي الله عنه -( - - - ? [ الحاقة : 1- 2 ] ، وشبه ذلك " (1) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
[ أ ] مثال المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : توجيه الكرماني في قوله : " قوله تعالى : ? ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنه -((( - ((( - - ( - - - ( المحتويات ( - ( - ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - ? [ الطارق : 17 ] : هذا ليس بتكرار ، وتقديره : مهّل . مهّل. مهّل .
لكنه عَدَل في الثاني إلى قوله : (( أمهل )) ؛ لأنه من أصله وبمعناه ؛ كراهة التكرار "(2).
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 233 ، وانظر منه أيضاً : 2/ 673 ، 887 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 359 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الصيغة : كشف المعاني : ص 124 . وانظر أيضاً : البرهان للزركشي : 3/ 115 .(1/254)
[ ب ] أما المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير ، أو الاختلاف في أنواع التعريف : فيمكن التمثيل له بتوجيه ابن الزبير للاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - ((( } (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( المحتويات ( - - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنهم - مقدمة ? [ النور : 58 ] ، وقوله في الآية التي بعدها : ? - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( فهرس - - رضي الله عنه - - ( - ( - ((( - } - - ( المحتويات ( - - ( تم بحمد الله - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - - } - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ((- رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام - - ( - - ( - - رضي الله عنهم - - - - - رضي الله عنه - تمت - - ((- رضي الله عنه - - ( - - - - ((( - { - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( تمهيد - - - - درهم ( - ( - - - - ((( } (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( المحتويات ( تمهيد - - (( مقدمة ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( تمهيد - رضي الله عنهم - مقدمة ? [ النور : 59 ] ؛ حيث يقول : " للسائل أن يسأل : لِم قال في الأولى : ? ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - - - ? [ النور : 58 ] ، وفي الثانية : ?(( مقدمة ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ? [ النور : 59 ] ؟(1/255)
والجواب : أنه لما تقارب اللفظ الواحد عَدَل عن تكراره بلفظ واحد فيما تقارب ، على عادة العرب في استثقالها تكرّر اللفظ الواحد بعينه في بيت واحد من الشعر ، أو ما تقارب من الكلام ، مالم يحمل على ذلك حامل من المعنى " (1) .
[ ج ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإظهار والإضمار : فمثاله : توجيه ابن الزبير للاختلاف الوارد بين قوله تعالى: ?( فهرس - - عليه السلام - - ( - ( - - ( - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم قرآن كريم ( { - ( - ( الله أكبر ( { - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - درهم ( فهرس - - عليه السلام - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ((( - - رضي الله عنه - - - - - (((- عليه السلام - - ( - ( { ? [ طه : 47 ] ، وقوله تعالى: ? - - عليه السلام - - ( - ( - - ( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم قرآن كريم ( { - ( - ( الله أكبر ( { ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - ( تمت - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ((( - - رضي الله عنه - - - - - (((- عليه السلام - - ( - ( { ? [ الشعراء : 16- 17 ] ؛ حيث قال في الأولى : ? فهرس - - عليه السلام - - ( - ( - - ( ? [ طه : 47 ] ، وقال في الثانية : ? - - عليه السلام - - ( - ( - - ( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( ? [ الشعراء : 16 ] .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 887 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التعريف والتنكير : كشف المعاني : ص 273 .(1/256)
والجواب على ما ذكره ابن الزبير : " أن ورود اسم فرعون مضمراً في قوله : ? فهرس - - عليه السلام - - ( - ( - - (?
[ طه : 47 ] إنما ذلك لتقدّم ذكره في قوله : ? - - - رضي الله عنه - تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - - - - - فهرس - ( { - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( (( مقدمة ( الله أكبر ( { - ( - ( - ( (((( - صدق الله العظيم قرآن كريم ( { - ( (( مقدمة - - - صدق الله العظيم ( قرآن كريم - - - - جل جلاله -- جل جلاله -( - - { - (( - { - - رضي الله عنهم -( { - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - ? [ طه : 43- 44 ] ؛ فلم تكن إعادة اسمه ظاهراً مع الاتصال والقرب ؛ إذ لم يفصل بين ظاهره ومضمره إلا كلمتان ... " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 819- 820 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإظهار والإضمار : 1/ 571 ، 2/ 776 ، درة التنزيل : 3/ 1086 ، البرهان للكرماني : ص 200 ، 221 ، 252 ، 267 ، 311 ، فتح الرحمن : ص 186 ، 503 .(1/257)
[ د ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فيمكن التمثيل له بما وجّه به ابن الزبير أيضاً الاختلاف الوارد بين قوله تعالى : ?( - ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( تمهيد - - - } - قرآن كريم ( - } - - - - - عليه السلام - - ( - (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( المحتويات ( - - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( - - - ( المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - { ( - - - { ((( - - - ? [ آل عمران : 11 ] ، وقوله : ? ( - ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - - عليه السلام -( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( - - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ( المحتويات ( - - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - - } تمت ( { { - - - - - ( قرآن كريم - - ( - - ( - - { ( - - - { ((( - - - ? [ الأنفال : 52 ]، وقوله : ?( - ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - - عليه السلام -( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - - - } - قرآن كريم ( - } - - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( المحتويات ( - ( - - - عليه(1/258)
السلام - - المحتويات ( - ( - - جل جلاله -( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - - - - - جل جلاله -( - } - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - ((( - ( - ( - ( ? [ الأنفال : 54 ] ، وقد ذكر ابن الزبير هاهنا عدّة أسئلة ، لكن الذي يتعلّق منها بهذه القاعدة سؤالان :
الأول : ما وجه الإخبار عنهم في آية آل عمران وفي ثانية الأنفال بقوله : ? } - قرآن كريم ( - } - - - ? وقال في الأولى من الأنفال : ? } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ? ؟
والسؤال الثاني: عن وجه قوله في ثانية الأنفال : ? المحتويات ( - ( - - جل جلاله -( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - ? [ الأنفال : 54 ] وفي الأخريين : ? ( المحتويات ( - - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - ? [ آل عمران : 11 ، الأنفال : 52 ] ؟(1/259)
ثم أجاب ابن الزبير عنهما بقوله :" والجواب عن الأول : أن آية آل عمران لما تقدّم قبلها ذكر تنزيل الكتب الثلاثة والإشارة إلى ما تضمّنته من الهدى والفرقان ، وإنما أُتي على من كفر بصدّه عنها وتكذيبه ؛ ناسب ذلك قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - } - - - - - عليه السلام - - ( - (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ? [ آل عمران : 11 ] ولما لم يقع في سورة الأنفال من أوّلها إلى الآية الأولى من الآيتين ذِكْر شيء من الكتب المنزّلة ولا ذكر إنزالها ، وإنما تضمّنت حال المسلمين مع معاصريهم من كفّار العرب ، ومعظم ذلك في قتالهم وحربهم ؛ ناسب ذلك التعبير بالكفر ؛ فقال تعالى :
? } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ? [ الأنفال : 54 ] ، ثم لمّا تلتها الآية الأخرى من غير طول بينهما وقع التعبير فيه بالتكذيب فقال: ? } - قرآن كريم ( - } - - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( المحتويات ( - ( - - - عليه السلام - - ? [ الأنفال : 54 ] ، وعَدَل عن لفظ :
? } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ? لثقل التكرّر مع القرب ، وليحصل وسمهم بالكفر والتكذيب .(1/260)
والجواب عن السؤال الثاني : أنه قصد في الآية الثانية من الأنفال تفصيل عقابهم بإغراق آل فرعون وأخذ مَن عداهم بغير ذلك ؛ فقال : ? المحتويات ( - ( - - جل جلاله -( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - ? [ الأنفال : 54 ] ؛ ليخالف بذلك قوله في الآية قبْل : ? ( المحتويات ( - - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - ? [ الأنفال : 52 ] ؛ لاستثقال لفظ التكرار فيما تقارب ولِما قصد من التفصيل . وقد ضمّ الفريقين من المهلكين بذنوبهم والمغرقين بقوله : ? - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - ((( - ( - ( - ( ? [ الأنفال : 54 ] " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 290- 293 ( بتصرّف يسير ) ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : 1/ 133 ، 352 ، 2/ 673 ، 984 ، البرهان للكرماني : ص 163 ، 273 ، 285 ، كشف المعاني : 271 ، فتح الرحمن : 246 ، 316 . وانظر أيضاً : البرهان للزركشي : 3/ 115 .(1/261)
[ هـ ] بقي التمثيل لنوع المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير ، وهو : تعليل ابن الزبير للاختلاف في تقديم (( الناس )) في قوله تعالى : ? ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - جل جلاله -(( { - - ( ( } - } - - ( - - (( - - - (- رضي الله عنهم - - ( تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - الله - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - فهرس - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( - - - جل جلاله -( - - صلى الله عليه وسلم - - ( } - } - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - - قرآن كريم ((( - ? [ الإسراء : 89 ] ، وتأخيره في قوله : ? ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - جل جلاله -(( { - - ( - (( - - - (- رضي الله عنهم - - ( تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - ( } - } - - ( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - الله - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنه - تمت - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم ( - - الله أكبر تمهيد { - - - عليه السلام - - - - جل جلاله -( - - صلى الله عليه وسلم - - - ((( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ? [ الكهف : 54 ] .
حيث قال في توجيه ذلك : " وقدّم (( الناس )) لِما يعطيه تقديم المجرور ، وقد مرّ هذا . وأيضاً : فلثقل التكّرر فيما تقارب ، ولو قيل : ولقد صرّفنا في هذا القرآن للناس من كلّ مثل فأبى أكثر الناس إلاّ كفوراً ؛ لجاء لفظ (( الناس )) كأنه قد أعيد متّصلاً ، والعرب تستثقل مثل هذا ، فقدّم المجرور ليستحكم الفصل فلا يُستثقل .(1/262)
وأما آية الكهف فلم يتكّرر فيها لفظ (( الناس )) فيقع استثقال ؛ فقدّم قوله : ? - (( - - - (- رضي الله عنهم - - ( تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - ? [ الكهف : 54 ] ؛ لأن تقديمه أهمّ ، إذ هو أبلغ في تنبيههم على الاعتبار " (1) .
* * *
القاعدة السادسة : مناسبة الإيجاز للإيجاز والإطناب للإطناب
لهذه القاعدة عدّة ألفاظ متقاربة ، استعملها أصحاب توجيه المتشابه ؛ إذ يقولون –أحياناً - : الاختصار ، والإجمال ، بدلاً من لفظ (( الإيجاز )) ، كما يقولون : الإسهاب ، والتطويل ، والتفصيل ، والاستيفاء ، والبسط ، بدلاً من لفظ (( الإطناب )) .
لكن علماء البلاغة لهم تعريفاتهم الخاصة بكلّ ٍ من : الإيجاز ، والإطناب ، كما أنهم يفرّقون – مثلاً – بين : الإطناب ، والتطويل ، والإسهاب ، هذا غير الأقسام التي يذكرونها لكلّ من الإيجاز والإطناب ، كما يذكرون قسماً ثالثاً لهما هو : المساواة ... في تفصيلات كثيرة لا حاجة إلى الخوض فيها (2) ؛ لكون علماء توجيه المتشابه لم يلتزموا تلك الفروق ودقّة المصطلحات التي يذكرها البلاغيون ، وإنما يريدون المعاني العامة لها ، وهي ظاهرة ، وبعضها يبيّن الآخر .
أما المراد بهذه القاعدة فهو : أن الإيجاز في عددحروف الكلمة ، أو في عدد الكلمات بالنسبة للتراكيب ، أو في غير ذلك ، والاختصار في ذلك ، والإجمال في معناه ؛ مناسب للسياق المختصر الموجز ، كما أن اختيار الكلمات الأكثر حروفاً ، والتطويل والإسهاب في الألفاظ وإشباع المعاني ؛ مناسب لمقام البيان والشرح والتفصيل والإطناب .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 765- 766 .
(2) ... انظر في تلك التفصيلات مثلاً : تلخيص المفتاح للقزويني ( مع بغية الإيضاح للصعيدي : 2/ 96 ) ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 132- 143 ، 202- 215 ، معجم البلاغة العربية : 389- 397 ، 711- 713 .(1/263)
وقبل سوق الأمثلة على هذه القاعدة أحب أن أسجّل ريادة أبي جعفر بن الزبير – صاحب (( ملاك التأويل )) - في كثرة استعمال هذه القاعدة في توجيه الآيات المتشابهة ، مقارنة بغيره من أصحاب توجيه المتشابه ، زيادة على تأصيله لها وبيانه إيّاها أتمّ بيان .
ومن كلامه – أي : ابن الزبير – المؤصّل لهذه القاعدة : قوله – في صدر توجيهه لأحد الأمثلة - : " فوجه ذلك – والله أعلم - : أن هذه السورة [ أي : البقرة ] مبنيّة على الإجمال والإيجاز فيما تضمّنته من قصص الرسل وغير ذلك ، ولم يقصد فيها بسط قصّة ٍ كما ورد في غيرها مما بُني على الاستيفاء ، وكلا المرتكبَين مقصود معتمد للعرب :
يرمون بالخُطب الطوال وتارة وحْيَ الملاحظ خيفة الرقباء
وعلى ذلك جرى خطابهم في الكتاب العزيز . وتأمّل المقصدين ؛ فقد ورد في سورة الأعراف وسورة هود قصص نوح وهود وصالح ولوط وموسى – عليهم السلام - ؛ فتأمّل ما بين ورود هذه القصص الخمس في هاتين السورتين ، وورودها خمستها في سورة القمر ، وكيف مُدّت أطناب الكلام في السورتين الأوليين ، ثم أوجزت في سورة القمر أبلغ إيجاز وأوفاه بالمقصود " (1) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : يمكن التمثيل له بتعليل ابن الزبير لتكرار قوله تعالى: ? ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - ( - - - - ( - ( - ( - - ? [ المرسلات : 15 ] في سورة المرسلات ، وعدم تكرارها في المطففين [ المطففين : 10 ] .
حيث قال : " والجواب : أن سورة التطفيف لم تُبْنَ على التفصيل المقصود هنا [ في سورة المرسلات ] ؛ فلم تتكرّر فيها آية الدعاء ، والله أعلم " (2) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 200 .
(2) ... ملاك التأويل : 2/ 1125- 1129 .(1/264)
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف : فأنواعه التي ورد لها أمثلة هي كالتالي :
[ أ ] مثال المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : ماذكره ابن الزبير في قوله : " قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - } - جل جلاله - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 80 ] ، وفي سورة آل عمران: ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - } - قرآن كريم ( - - - - صدق الله العظيم - - - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - } - جل جلاله - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - المحتويات (- رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله } ? [ آل عمران : 24 ] ؛ فأفرد في البقرة الوصف ، وجَمَع في آل عمران فقيل : ? - المحتويات (- رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله } ? [ آل عمران : 24 ] ، والجاري عليه الوصف في السورتين قوله : ? - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? بلفظ واحد ، فيُسأل عن موجب اختلاف الوصف ؟(1/265)
فأقول : ... وإذا تبيّن ما ذكرناه وأنه الجاري الكثير ، مع ما وقع في آية البقرة من الإيجاز وفي الأخرى من الإطالة ، ألا ترى قوله تعالى في آية آل عمران : ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - } - قرآن كريم ( - - - - صدق الله العظيم - - - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - } - جل جلاله - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - المحتويات (- رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله } ? [ آل عمران : 24 ] ، وفي البقرة : ? } - قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - } - جل جلاله - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 80 ] ، وإخباره - تعالى – باغترارهم بقوله : ?( المحتويات ( - - - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( بسم الله الرحمن الرحيم ( - (- جل جلاله - - ( - - } تم بحمد الله } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -((- رضي الله عنه - - ? [ آل عمران : 24 ] وهذا بسط لحالهم الحامل على سوء مُرتَكبهم ، ولم يقع في سورة البقرة تعرّضٌ لشيء من ذلك ، بل أوجز القول ولم يذكر سببه ؛ فناسب الإفرادُ الإيجازَ وناسب الجمعُ الإسهابَ " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 224- 226 .(1/266)
[ ب ] أما مثال المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فتوجيه ابن الزبير – أيضاً – للاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ?(((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ((- رضي الله عنه - - } - - - المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - ( - { - - - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ? [ البقرة : 120 ] ، وقوله : ? (((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ((- رضي الله عنه - - } - - - المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الرعد : 37 ] ، حيث أبدل بلفظ (( الذي )) الوارد في سورة البقرة لفظ (( ما )) في آية سورة الرعد .(1/267)
والجواب عن ذلك – على ماذكر ابن الزبير - : " أن الوارد في سورة الرعد لم يتقدّم قبله من مُرتَكبات أهل الكتاب في كفرهم وعنادهم مثل ما تقدّم قبل الآية الأولى من سورة البقرة ، ألا ترى أنه لم يذكر قبل آية الرعد من أمرهم في ذلك مفصحاً به إلا قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - رضي الله عنه - - ( مقدمة - } - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ( - - ( - (( مقدمة - (((- رضي الله عنه - - - ? [ الرعد : 36 ] ، على قول من قال : إن المراد بالأحزاب هنا أهل الكتاب ... فلمّا لم يتقدّم بسط ذكرهم وأوجز الكلام واكتفى بالإيماء ؛ ناسبه إيجاز التحذير من حالهم ؛ فقال تعالى : ? (((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ((- رضي الله عنه - - } - - - المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الرعد : 37 ] ، فجيء بـ (( ما )) ، وهي أوجز من (( الذي )) لفظاً ، ما لم يقترن بها ما يقتضي التوسعة في معناها – حسبما يتبيّن بعدُ - . وقيل : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الرعد : 37 ] ، وذلك أوجز من قوله في آية البقرة : ? - صدق الله(1/268)
العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ? [ البقرة : 120 ] لفظاً ومعنى ؛ فورد هذا كلّه موجزاً ليناسب ما قبله .
ولما تقدّم قبل آية البقرة عدّة آيات في بسط أحوالهم وقبيح مرتكباتهم ، ولقرب ذلك إلى الآية المقصودة ؛ توجّب الوارد فيها قوله تعالى عنهم : ?- رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - فهرس - ((- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( قرآن كريم - - - - عليه السلام - - ( - ( - - - - ( - ( - - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - جل جلاله - - ( - ( - - - ( { - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ? [ البقرة : 118 ] إلى قوله : ? - قرآن كريم ( - ( - قرآن كريم ( - ? [ البقرة : 118 ] ، فبعد هذا الإطناب في وصفهم قال تعالى : ?(((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ((- رضي الله عنه - - } - - - المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - ( - { - - - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ? [(1/269)
] ، وهذا مناسب لما قبله من الإطناب لفظاً ، كما أن آية الرعد مناسبة لما قبلها لإيجاز لفظ (( ما )) فإنها على حرفين ، وأما (( الذي )) فعلى خمسة أحرف ، ثم إن معنى نصير أوسع من حيث إن (( فعيلاً )) من أبنية المبالغة ؛ فيعطي كثرة ، و (( فاعل )) ليس كذلك ، ثم إن لفظ ? - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? أوجز . فقد تبيّن فرقان ما بينهما ، وناسب الإسهابُ الإسهابَ والإيجازُ الإيجازَ " (1) .
[ ج ] بقي مثال المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، وهو قول أبي يحيى الأنصاري :
" قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم ( { صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } - ( - ( - ( - رضي الله عنهم - ? [ مريم : 60 ] ، قاله هنا . وقال في الفرقان : ? - صدق الله العظيم ( { صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - - - (- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - الله - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -( - } - ( - ( - (? [ الفرقان : 70 ] ؛ لأنه تعالى أوجز
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 229- 230 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في هذا النوع : 1/ 247 ، 345 ، 508 ، 531 ، 2/ 654 ، 655 ، 744 ، 914 ، 943 ، درة التنزيل : 2/ 678 ، 939 ، 3/ 1188 .(1/270)
هنا [ في سورة مريم ] في ذكر المعاصي ؛ فأوجز في التوبة ، وأطال ثَمَّ [ أي : في سورة الفرقان ] ؛ فأطال " (1) .
* * *
المطلب الثاني : القواعد التي يغلب عليها الجانب المعنوي
وعدد قواعد هذا المطلب : خمس قواعد ، بيانها تفصيلاً كالتالي :
القاعدة الأولى : مراعاة المناسبة المعنوية للسياق
والمراد بالمناسبة المعنوية هنا : أن يُجمع في السياق الواحد بين أمر وما يناسبه لا بالتضاد. وهذا مأخوذ من تعريف البلاغيين لمراعاة النظير ، الذي يسمّى عندهم – أيضاً – بالتناسب ، والائتلاف ، والتوافق ، والمؤاخاة ، لكنه يصلُح لبيان المراد بالمناسبة المعنوية هنا- على جهة التقريب – دون تقيّد بالدلالة الاصطلاحية الدقيقة عند أهل البلاغة (2) .
ووصف المناسبة هنا بأنها مناسبة ( معنوية ) : لبيان أن التناسب المقصود هنا إنما هو التناسب الذي يعود إلى أمر معنوي ، وذلك احترازاً من المناسبة اللفظية ، التي سبق القول فيها في القاعدة الأولى من المطلب السابق ، في قاعدة ( مراعاة الموافقة اللفظية للسياق ) .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 412 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 225 ، 459 ، 481 ، 538 ، درة التنزيل : 1/ 104 ، 2/ 685 ، 3/ 1186 ، البرهان للكرماني : ص 152 ، 155 ، 197 ، 198 ، 201 ، 246 ، 261 ، 285 ، 292 ، 294 ، 343 ، 355 ، ملاك التأويل : 1/ 245 ، 251 ، 310 ، 413 ، 490 ، 496 ، 551 ، 566 ، 568 ، 573 ، 588 ، 633 ، 2/ 648 ، 649 ، 658 ، 738 ، 804 ، 860 ، 1005 ، كشف المعاني : ص 97 ، 134 ، 198 ، 226 ، 230 ، 261 ، 279 ، 324 .
(2) ... انظر : تلخيص المفتاح للقزويني ( مع بغية الإيضاح للصعيدي : 4/ 14 ) ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 614 ، معجم البلاغة العربية : ص 261 .(1/271)
على أن المؤلفين في توجيه المتشابه يطلقون على المناسبة المعنوية إطلاقات عديدة : كالمناسبة ، والتناسب ، والملاءمة ، والمطابقة ، والمشاكلة ، وغير ذلك .
لكن المراد بهذه القاعدة : أن كلَّ سياق من السياقات المتشابهة يُراعى فيه اختيار اللفظ المناسب أو الأنسب في المعنى لكلّ ِسياق بحسبه .
هذا وإن من أكثر المواضع التي يكثر تطبيق هذه القاعدة فيها : فواصل الآيات ( خواتم الآيات ) ، وهذا مبنيّ على ما قرّره أهل العلم من أنه لابد أن يكون بين الفاصلة وآيتها نوع تعلّق وارتباط ومناسبة ، على تفصيل في ذلك لا حاجة إليه في هذا المقام (1) .
وأكثر الفواصل ظهوراً في ذلك : فواصل الأسماء الحسنى (2) ؛ يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : " يختم الله الآيات بأسماء الله الحسنى ؛ ليدلَّ على أن الحكم المذكور له تعلّق بذلك الاسم الكريم ، وهذه القاعدة لطيفة نافعة ، عليك بتتبّعها في جميع الآيات المختومة بها ؛ تجدها في غاية المناسبة ؛ تجد آية الرحمة مختومة بصفات الرحمة ، وآيات العقوبة والعذاب مختومة بأسماء العزّة والقدرة والحكمة والعلم والقهر " (3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... انظر في تفصيل هذه العلاقات : البرهان للزركشي : 1/ 169 وما بعدها ، الإتقان : 2/ 203- 204 ، الفاصلة في القرآن: ص 285- 294 ، الفاصلة القرآنية : ص 39 وما بعدها ، قواعد وفوائد لفقه كتاب الله تعالى : ص 21 ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 744 ، ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ودلالتها : ص22- 29.
(2) ... انظر : بدائع الفوائد لابن القيم : 1/ 162- 163 ، مدارج السالكين له : 1/ 57- 58 ، القواعد الحسان للسعدي : 59- 69 ، أسماء الله الحسنى لعبد الله الغصن: ص 99- 105 ، ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ودلالتها : ص 42 وما بعدها ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 744 .
(3) ... القواعد الحسان : ص 59 .(1/272)
( 1 ) يمكن التمثيل لنوع المتشابه بلا اختلاف : بتوجيه أبي يحيى الأنصاري لتكرار ذكر (( الربّ )) في قوله تعالى : ? - - - عليه السلام - - (((( - - ( - (( { الله أكبر ( الله - - - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((((- رضي الله عنه - - ( - (( { الله أكبر ( الله - - ? [ الرحمن : 17 ] في سورة الرحمن، دون سورة المعارج [ آية : 40 ] ، والمزمل [ آية : 9 ] ؛ حيث يقول :
" قلت : كرّره هنا تأكيداً ، وخصّ ما هنا بالتأكيد ؛ لأنه موضع الامتنان وتعديد النعم. ولأن الخطاب فيه مع جنسين : الإنس والجن ، بخلاف ذينك " (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف فقد وردت أمثلة لعدد من أنواعه ، كما يلي :
[ أ ] المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : مثاله : تعليل الكرماني في قوله : " قوله تعالى: ? - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - } - - صلى الله عليه وسلم - - - (( ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - } - - ? [ هود : 22 ] في هذه السورة [ هود ] ، وفي النحل: ? - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - (( ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - - ? [ النحل : 109 ] :
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 570 .(1/273)
لأن هؤلاء صدّوا عن السبيل وصدّوا غيرهم ، فضلّوا وأضلّوا ؛ فهم الأخسرون يضاعف لهم العذاب . وفي النحل: صدّوا فهم الخاسرون " (1) .
[ ب ] أما المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير ، أو الاختلاف في أنواع التعريف : فيمكن التمثيل له بما ذكره ابن جماعة في توجيه الاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - ((( } (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( المحتويات ( - - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - - ? [ النور : 58 ] ، وقوله تعالى بعده : ? - درهم ( - ( - - - - ((( } (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( المحتويات ( تمهيد - - (( مقدمة ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - ? [ النور : 59 ] ، ثم قوله بعده :? - درهم ( - ( - - - - ((( } (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( المحتويات ( تمهيد - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - - ?
[ النور : 61 ] ؛ حيث قال : " جوابه : أن ذلك كما قدّمنا مرّات للتّفنن لكراهة التكرار ؛ لما فيه من مجّ النفوس ، وأيضاً قد يقال : لمّا قدّم الأوقات التي يُستأذن فيها والاستئذان من أفعال العباد ، وكذلك الآية الثالثة قال : ?( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - - ? [ النور : 61 ] أي : العلامات على أحكامه تعالى . ولمّا قدّم على الثانية بلوغ الأطفال وهو من فعله تبارك وتعالى وخلقه ، لا من فعل العبد نَسَبَ الآيات إلى نفسه ؛ فقال تعالى : ?(( مقدمة ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - ?
[ النور : 59 ] ؛ لاختصاص الله تعالى بذلك"(2).
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 220 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الصيغة : ص 143 ، 186 ، ملاك التأويل : 2/ 650 ، كشف المعاني : ص 123، 370 ، فتح الرحمن : ص 606 .
(2) ... كشف المعاني : ص 272- 273 .(1/274)
ويُلحظ أن ابن جماعة – في هذا المثال – قد ذكر توجيهين : الأول : مبنيٌّ على قاعدة (( العدول عن تكرار اللفظ فيما تقارب )) السابق ذكرها ضمن المطلب الأول . والتوجيه الثاني هو محلّ الشاهد في هذا المثال . وقد نصّ على أنه يمكن التعليل بالأمرين جميعاً ، كما نصّ على ذلك غيره – من أصحاب توجيه المتشابه – في أمثلة كثيرة .
[ ج ] أما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : فمثاله : توجيه ابن الزبير للفرق بين قوله تعالى : ?( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( { - (( - { - - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -((( - ( الله (- رضي الله عنهم - - ? [ الأعراف : 78 ] ، وقوله تعالى: ? - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( ( { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - - ((( - ( الله (- رضي الله عنهم - - ? [ هود : 67 ] ؛ حيث أفرد لفظ (( الدار )) في آية الأعراف ، وجمعها في آية هود ؛ فيُسأل عن هذا ؟
والجواب – على ما ذكر ابن الزبير - هو : " أن اسم (( الدار )) لفظ يقع على المنزل الواحد والمسكن المفرد ، ويقع على مساكن القبيلة والطائفة الكبيرة وإن اتّسعت وافترقت وتعدّدت مساكنها وديارها إذا ضمّها إقليم واحد واجتمعت في حكم أو مذهب ، وإذا تقرّر هذا فوجه اختيار لفظ الجمع في الآية من سورة هود : مناسبة ما اقترن به من لفظ (( الصيحة )) وهي عبارة هنا عن العذاب مطلقاً دون تقييد بصفة ، وهو من الألفاظ الكلّية ، فإن لم يكن عاماً فانتشار مواقعه من حيث الكلّية حاصلة .(1/275)
وأما الرجفة الزلزلة : فلهذا اللفظ خصوص وهو جزئي ، ومن المعلوم بالضرورة انحصار الألفاظ في الضربين في اللغة لا تختلف في ذلك ، فالصيحة من حيث الكلية تطلق على ما كان من العذاب بالرجفة وغيرها ، وإذا عبّرنا بالرجفة لم يتناول لفظها إلا ما كان عذاباً بها ؛ فناسب عموم الصيحة جمع (( الديار )) مناسبة تركيب النظم ، وناسب خصوص الرجفة إفراد (( الدار )) " (1) .
[ د ] أما مثال المتشابه مع الاختلاف في الإبدال فهو : تعليل الكرماني للاختلاف في الإبدال بين قوله تعالى : ? - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - ( المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - ( - ? [ التكوير : 6 ] ، وقوله تعالى : ? - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - ( المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - (( ? [ الانفطار : 3 ] ، حيث يقول : " لأن معنى ?( المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - ( - ? [ التكوير : 6 ] عند أكثر المفسّرين : أوقدت فصارت ناراً ؛ من قولهم : سجّرت التّنّور ، وقيل : هي بحار جهنّم تملأ جميعاً فيُعذَّب بها أهل النار .
فخُصّت هذه السورة بـ ?( المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - ( - ? [ التكوير : 6 ] موافقةً لقوله : ? المحتويات - رضي الله عنه - - ( } (( - ?
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 533- 534 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإفراد والجمع : 1/ 460 ، البرهان للكرماني : ص 190 ، 241 ، 304 ، 309 ، كشف المعاني : ص 97 .(1/276)
[ التكوير : 12 ] ؛ ليقع التوعُّد بتسعير النار ، وتسجير البحار " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 357 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ص 153 ، 156 ، 161 ، 173 ، 179 ، 191 ، 212 ، 216 ، 222 ، 230 ، 241 ، 268 ، 270 ، 274 ، 287 ، 289 ، 290 ، 300 ، 301 ، 304 ، 313 ، 319 ، 325 ، 331 ، 335 ، 336 ، 340 ، 343 ، 344 ، 350 ، 356 ، 358 ، درة التنزيل : 1/ 321 ، 412 ، 417 ، 3/ 1132 ،1258 ، 1333 ، 1336 ، 1339 ، ملاك التأويل : 1/ 178 ، 180 ، 212 ، 268 ، 274 ، 277 ، 344 ، 347 ، 355 ، 356 ، 372 ، 384 ، 465 ، 476 ، 480 ، 509 ، 532 ، 533 ، 538 ، 585 ، 597 ، 2/ 674 ، 699 ، 700 ، 713 ، 719 ، 722 ، 726 ، 728- 729 ، 744 ، 746 ، 753 ، 755 ، 762 ، 818 ، 822 ، 823 ، 824 ، 827 ، 899 ، 909 ، 910 ، 999 ، 1003 ، 1028 ، 1068 ، 1076 ، 1082 ، 1088 ، 1096 ، 1097 ، 1137 ، كشف المعاني : ص 95 ، 105 ، 109 ، 136 ، 140 ، 150 ، 164 ، 170 ، 194 ، 229 ، 245 ، 271 ، 283 ، 297 ، 320 ، 322 ، 340 ، 357 ، 362 ، فتح الرحمن : ص 175 ، 277 ، 401 ، 434 ، 439 ، 474 ، 486 ، 515 ، 519 ، 544 ، 548 ، 578 ، 580 ، 586 ، 613 .(1/277)
[ هـ ] وأما مثال المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير فهو : ما ذكره الخطيب الإسكافي في توجيهه للاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ? } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - ( تم بحمد الله - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ((( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - - { - رضي الله عنهم - - ( - - - عليه السلام -( - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( { ( - ( - - - - - (( - - { ( المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - قرآن كريم ( { فهرس - ( - ( - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( المحتويات ( - ( - (( الله أكبر - } - - عليه السلام - - - ( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله -(((- رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - مقدمة - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - - قرآن كريم ((( - ? [ الفرقان : 3 ] ، وقوله تعالى : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - { - ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - ((( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ( - - - - ( - ( - تمهيد ( - ( - - - ( تم بحمد الله - - - (- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ((( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى(1/278)
الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( المحتويات ( - ( - (( الله أكبر - } - - جل جلاله -(((- رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - - ( - ? [ الرعد : 16 ] ؛ حيث قال : " للسائل أن يسال عن تقديم (( نفع )) على (( ضر )) في سورة الرعد ، وعكس ذلك في سورة الفرقان ، وما الذي أوجب هذا الاختلاف ؟
والجواب أن يقال : أما في سورة الرعد فإنه قدّم فيها الأفضل على الأنقص ؛ لأن اجتلاب النفع أشرف من استدفاع الضر ، وهو رتبة فوقه ، فمن فاته ذلك طلب دفع الضر، فهو على وجهه في الترتيب .
وأما في سورة الفرقان : فإنه بني على ما قبله ،وهو : ? - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( { ( - ( - - - - - (( - - { ( المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - قرآن كريم ( { فهرس - ( - ( - ? [ الفرقان : 3 ] ، وقوله : ? - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( { ( - ( - - - - - (( - - { ? [ الفرقان : 3 ] : نفي ، وقوله:? ( المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - قرآن كريم ( { فهرس - ( - ( - ? [ الفرقان : 3 ] : إثبات . وكان الضرُّ نفياً والنفعُ إثباتاً ؛ إذ النفع إثبات المصالح وإيجادها ، والضرُّ نفيها ، فكما قدّم فيما قبله ما نُفي على ما أُثبت ؛ حَمَلَ المعطوف عليه ليكون مشاكلاً له " (1) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 957- 958 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التقديم والتأخير : 2/ 960 ، البرهان للكرماني : ص 176 ، 205 ، 232 ، 236 ، 290 ، 294 ، 349 ، ملاك التاويل : 1/ 358 ، 2/ 702 ، كشف المعاني : ص 188 ، 192 ، 274 ، 361 ، فتح الرحمن : ص 194 ، 226 .(1/279)
[ و ] بقي مثال المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، وهو : توجيه ابن جماعة للاختلاف بين قوله تعالى : ? - ( } - - رضي الله عنهم - مقدمة - - - ( { - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -(( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - (( - - رضي الله عنهم - - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ الزمر : 71 ] ، وقوله تعالى - في الجنة - : ? ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - ((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ الزمر : 73 ] بالواو .(1/280)
وجوابه – كما في قول ابن جماعة - : " الأحسن : ما قيل : إن (( الواو )) واو الحال ؛ وذلك أن الأكابر الأجلاّء تفتح لهم أبواب الأماكن التي يقصدونها قبل وصولهم إليها إكراماً لهم وتبجيلاً ، وصيانةً من وقوفهم منتظرين فتحها ، والمهان لا يُفتح له الباب إلا بعد وقوفه وامتهانه . فذَكَرَ أهل الجنّة بما يليق بهم ، وذكر أهل النار بما يليق بهم ، ويؤيّد ذلك : ?( تمهيد ( } - جل جلاله -- رضي الله عنهم - - - تمت ( - - رضي الله عنه -( - { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - - } - - ? [ ص : 50 ] " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : مراعاة المقابلة المعنوية للسياق
سبق في بيان المراد بالمناسبة المعنوية – في القاعدة السابقة – أنها : الجمع في سياق واحد بين أمر وما يناسبه لا بالتضادّ .
وإضافة القيد الأخير ( لا بالتضاد ) : لإخراج المناسبة المعنوية التي تكون على سبيل التضاد ؛ لكونها المراد بالمقابلة المعنوية – في هذه القاعدة - .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 316- 317 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 147 ، 149 ، 161 ، 168 ، 205 ، 219 ، 295 ، 331 ، درة التنزيل : 2/ 924 ، 967 ، 3/ 1054 ، 1153 ، 1278 ، البرهان للكرماني : ص 118 ، 123 ، 178 ، 211 ، 212 ، 232 ، 249 ، 253 ، 272 ، 275 ، 284 ، 292 ، 295 ، 296 ، 297 ، 302 ، 303 ، 310 ، 325 ، 327 ، ملاك التأويل : 1/ 313 ، 314 ، 382 ، 403 ، 425 ، 461 ، 484 ، 576 ، 2/ 647 ، 729 ، 736 ، 749 ، 747 ، 818 ، 894 ، 908 ، 917 ، 940 ، 941 ، 942 ، 1006 ، 1086 ،
فتح الرحمن : ص 150 ، 206 ، 267 ، 483 ، 532 ، 539 ، 577 .(1/281)
وإطلاق ( المقابلة المعنوية ) على المعنيين المتضادّين أو المتقابلين في الجملة ؛ مأخوذ بتصرّف عن البلاغيين(1) . إضافة إلى أن المؤلفين في توجيه المتشابه يستعملون هذا اللفظ في هذا المعنى – كما سيتّضح من خلال الأمثلة - .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 3/ 504 ، تلخيص المفتاح للقزويني ( مع بغية الإيضاح للصعيدي : 4/ 11- 14 ) ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 635 ، معجم البلاغة العربية : ص 536 .(1/282)
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف يمكن التمثيل له : بقول أبي يحيى الأنصاري : " قوله : ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - ( - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - عليه السلام - - ( - - - - - - ( ( - - رضي الله عنهم - - ( { - - ? [ الضحى : 9 ] إلى آخره . كرّر فيه ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ? ثلاث مرّات ؛ لوقوعها في مقابلة ثلاث آيات مناسبات لها ، وهي: ?( المحتويات - - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ( - - - - - - - ( - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه -( - (? [ الضحى : 6 ] ، ? - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - - - ( - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - ( ? [ الضحى : 7 ] ، ? - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - الله - (( - - - رضي الله عنه -( - ( - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ( ? [ الشرح : 8 ] ، فقال : ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - ( - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - عليه السلام - - ( - - - - - - ( ( - - رضي الله عنهم - - ( { - - ? [ الضحى : 9 ] ؛ واذكر يتمك ، ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - (( - - - - - - - - - - ( ( - { - ( { - - ? [ الضحى : 10 ] ؛ واذكر فقرك ، ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم - - ((( - ( - - رضي الله عنهم - - ( فهرس - - عليه السلام - - ( - ( - - - رضي الله عنهم -( - (? [ الضحى : 11 ] ؛ واذكر ضلالك " (1) .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 627 .(1/283)
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف فلم أجد أمثلة إلا لنوعين من أنواعه الفرعية ، هي :
[ أ ] المتشابه مع الاختلاف في الإبدال ، ومثاله : ما ذكره ابن الزبير في قوله :
" قوله تعالى : ? - درهم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( فهرس ( - - - - - صدق الله العظيم - ( - ((( - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( - (( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ المجادلة : 4 ] ، وقال بعد : ? } تمت ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - - - { - رضي الله عنه -( - { - - - (( - - - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - - - تمهيد ( - ( - - رضي الله عنه -((( - { - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - } تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - تمهيد (- عليه السلام - - ( } - - رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم - ( - ((( - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - - رضي الله عنه -( (((( - - تم بحمد الله ? [ المجادلة : 5 ] ؛ يُسأل عن تعقيب الأولى بقوله : ? - صدق الله العظيم - ( - ((( - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( - (( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ المجادلة :
4 ] ، والثانية بقوله : ? - صدق الله العظيم - ( - ((( - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - - رضي الله عنه -( (((( - - تم بحمد الله ? [ المجادلة : 5 ] ؟(1/284)
والجواب عن ذلك : ... أن وصف العذاب بالإيلام – في الآية الأولى – ؛ليكون أوقع، وذلك بيّن التناسب . وأما الآية الثانية : فتقدّمها قوله : ? } تمت ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - - - { - رضي الله عنه -( - { - - - (( - - - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ المجادلة : 5 ] ، والمحادّة : المشاقّة والمحاربة ؛ ولذلك كان جزاؤهم أن كُبتوا وأذلّوا ؛ قال تعالى: ? } تمت ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - - - { - رضي الله عنه -( - { - - - ((( - - - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - (( - رضي الله عنه -((( - - - - - } - - ? [ المجادلة : 20 ] ، فلمّا تعزّز هؤلاء وارتكبوا المحادّة والمشاقّة ؛ كان جزاؤهم إكباتهم وإذلالهم وإهانتهم في مقابلة تعزّزهم كفراً وعناداً ، فقال تعالى في جزاء هؤلاء : ? - صدق الله العظيم - ( - ((( - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - - رضي الله عنه -( (((( - - تم بحمد الله ?
[ المجادلة : 5 ] ؛ أي : مذلٌّ لهم قامع لعنادهم ، وهذا بيّن التناسب ، والله أعلم " (1) .
__________
(1) ... ملاك التاويل : 2/ 1075- 1076 ( بتصرّف يسير جداً ) ، وانظر في أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : 1/ 180 ، 2/ 726 ، 842 ، درة التنزيل : 1/ 351 ، 352 ، 409 ، 2/ 905 ، 926 ، كشف المعاني : ص 143 ، 167 ، 256 ، 264 ، فتح الرحمن : ص 316 ، 578 .(1/285)
[ ب ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : فمثاله : قول الكرماني : " قوله تعالى في هذه السورة [ النمل ] : ? - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم - - - - ? [ النمل : 10 ] ، وفي القصص : ? - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( تمهيد ( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنهم - - - - ? [ القصص : 31 ] . خُصّت هذه السورة [ سورة النمل ] بقوله : ? - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم - - - - ? [ النمل : 9 ] فحسْب : لأنه بُني على ذكر الخوف كلامٌ يليق به ، وهو قوله : ? - ( - الله أكبر ( { - صدق الله العظيم ( - - - - - - - - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - ? [ النمل : 10 ] .
وفي القصص اقتصر على قوله : ? - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم - - - - ? [ القصص : 31 ] ولم يُبْنَ عليه كلام ؛ فزِيد قبله : ? - ( تمهيد ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ القصص : 31 ] ؛ ليكون في مقابلة : ? - - - ( - ( - ( تم بحمد الله ? [ القصص : 31 ] ؛ أي : آمناً غير مدبر ولا تخف ؛ فخُصّت هذه السورة [ القصص ] به " (1) .
* * *
القاعد الثالثة : مراعاة أمن اللبس ودفع الإيهام
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 268- 278 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 252 ، 255 ، 291 ، 328 ، درة التنزيل : 3/ 1151 ، كشف المعاني : ص 365 .(1/286)
ذكر البلاغيون في تعريف فصاحة الكلام ، بأنها : خلوصه من ضعف التأليف ، وتنافر الكلمات ، والتعقيد . وذكروا بأن المراد بالتعقيد : ألاّ يكون الكلام ظاهر الدّلالة على المراد به (1) .
والبعد عمّا سمّاه البلاغيون بالتعقيد هو المراد- تقريباً- بأمن اللَّبْس ، ودفع الإيهام .
أي : إنه قد يكون في أحد السياقين المتشابهين ما يستدعي : تكرار لفظ ، أو إظهار ما حقّه الإضمار ، أو تغيير صيغة ، أو إبدال حرف أو كلمة بأخرى ، أو غير ذلك ؛ احترازاً من الوقوع في الإلباس أو إيهام معنى غير مراد .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : يمكن التمثيل له : بتوجيه الكرماني في قوله : " قوله تعالى : ? المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - ? [ الأعراف : 45 ] في هذه السورة [ الأعراف ] ، وفي هود : ? المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - ? [ هود : 19 ] : لأن ما في هذه السورة [ الأعراف ] جاء على القياس ، وتقديره (( وهم كافرون بالآخرة )) ؛ فقدّم ? - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( - ? [ الأعراف : 45 ] تصحيحاً لفواصل الآي .
__________
(1) ... انظر : تلخيص المفتاح ( مع بغية الإيضاح : 1/ 14- 15 ) ، معجم البلاغة العربية : ص 440 .(1/287)
وفي هود : لمّا تقدّم : ? ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( - ((- رضي الله عنهم - - - ((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( فهرس - - عليه السلام - - - ? [ هود : 18 ] ، ثم قال : ? - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - ( { - عليه السلام - - (( - - ( - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( - ( - ( { ( - - - ? [ هود : 18 ] ، ولم يقل (( عليهم )) ، والقياس ذلك ؛ لأنه التبس أنهم هم أم غيرهم فكرّر وقال : ? المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - ? [ هود : 19 ] ؛ ليُعلم أنهم هم المذكورون لا غيرهم ، وليس (( هم )) هاهنا للتأكيد كما زعم بعضهم ؛ لأن ذلك يُزاد مع الألف واللام ملفوظاً أو مقدّراً " (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف : فقد وردت عدّة أمثلة لعدد من أنواعه ، كما يلي :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 185 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع المتشابه بلا اختلاف : فتح الرحمن : ص 176- 177 . وانظر أيضاً : البرهان للزركشي : 3/ 65 .(1/288)
[ أ ] مثال المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير : ما قاله ابن الزبير : " قوله تعالى : ? - } تم بحمد الله ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم } - - (- عليه السلام - - - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( صدق الله العظيم ( - (( - } ( - - - ((( - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ((- رضي الله عنه - - ( - - - - ( ( - - - ( - - (( مقدمة ( الله أكبر ( { (( - ( - - رضي الله عنهم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنه -( ? [ الأعراف : 200 ] ، وفي سورة حم السجدة : ? - } تم بحمد الله ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - } - - (- عليه السلام - - - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( صدق الله العظيم ( - (( - } ( - - - ((( - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ((- رضي الله عنه - - ( - - - - ( ( - - - ( - } (( مقدمة ( الله أكبر ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - - - - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - ? [ فصلت : 36 ] ، فوردت الصفتان في سورة الأعراف على طريقة التنكير ، ووردتا في السورة الأخرى معرفتين ؛ فللسائل أن يسأل عن وجه ذلك ؟(1/289)
والجواب : أن سورة الأعراف تقدّم فيها قبل الآية وصف آلهتهم المنحوتة من الحجارة والخشب ، التي وبّخوا بعبادتها في قوله في موضع آخر : ?- رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - (- جل جلاله - - - ? [ الصافات : 95 ] ، فوصفت هنا بأنها لا تخلق شيئاً ولا يستطيعون لهم نصراً : ? تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - قرآن كريم ((( - - - - فهرس - ( { - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - صدق الله العظيم } - قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - - - } ( المحتويات ( - - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - (( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { ( المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - ( - ? [ الأعراف : 198 ] ، فمنفيّ عنهم القدرة على السمع والبصر وآلة المشي وآلة البطش بقوله : ? ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - - - { - ( - } ( الله - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - مقدمة - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((((( - - رضي الله عنه - - - - { - ( - } ( الله - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - ((((((- صلى الله عليه وسلم - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - ( - - - { - ( - } ( بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - ( - - - - - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- رضي الله(1/290)
عنهم - - ( - - - - { - ( - - ? [ الأعراف : 195 ] ، ولم يتقدّم هنا أدنى شيء يُلحقها بشبه الأحياء فضلاً عما فوق ذلك ، فورد الوصفان بقوله : ? (( - ( - - رضي الله عنهم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنه -( ? [ الأعراف : 200 ] ، مورداً لم يتقدّمه ما يوهم صلاحية شيء من ذلك لغيره تعالى مما عبدوه من دونه مما قصد هنا ، ولا ذكر دعوى شيء من ذلك من مدّع ؛ فيستدعي ذلك التوهم مفهوماً ينفيه ؛ فجاء على ما يجب .(1/291)
أما آية حم السجدة : فتقدّم قبلها قوله تعالى : ? صدق الله العظيم ( - ( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - - جل جلاله - - ( } تمت - صلى الله عليه وسلم - - { - - - - صدق الله العظيم ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- رضي الله عنه - - - - - - ( الله - - - - - ( } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - (( - - ? [ فصلت : 22 ] ،وقوله تعالى: ? - - عليه السلام - - (( } - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - مقدمة - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - ( - } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - - ( تمهيد ( - مقدمة - - } تم بحمد الله - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - ( المحتويات ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - (( - - رضي الله عنهم - - ? [ فصلت : 25 ] ، وقوله تعالى : ? - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - صلى الله عليه وسلم - - (((( - - { - - - - - رضي الله عنه - الله أكبر - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - صدق الله العظيم ( - ( - - - ( { الله أكبر تمهيد { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ فصلت : 29 ] ؛ فحصل من هذا أن مضلّيهم إنما كانوا من عالم الإنس والجن ، وكلا الصنفين موصوف بالسمع والبصر ، وممن يُنسب إليه علم ، بخلاف المقدَّم ذكره في الأعراف . فلمّا تقدّم في سورة السجدة [ فصلت ] مَن يُظن منه الغنى ويمكن منه أن يسمع ويبصر ويعلم ؛ ناسبه التعريف في الصفة ؛ ليعطي في المفهوم نفي ذلك عن غير الموصوف بهما تعالى ...ولم يكن ورود ما في سورة الأعراف من التنكير ليناسب الوارد متقدّماً في سورة السجدة [ فصلت ] ، ولا التعريف(1/292)
الوارد في الصفتين العليّتين في سورة السجدة
[ فصلت ] ليناسب ما تقدّم في آية الأعراف ؛ فجاء كلٌّ على ما يناسب ، والله أعلم " (1) .
[ ب ] أما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : فمثاله : توجيه ابن الزبير – أيضاً – للاختلاف الوارد بين قوله تعالى : ? المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم } تم بحمد الله ((( - - رضي الله عنه - - ( - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { } - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( - ( - ( { } - ( - - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( فهرس قرآن كريم ( - - { ((- رضي الله عنه - - ( - ((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - - - - - - عليه السلام -( - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - } - ( - - { - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - صدق الله العظيم } - قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - - { - ( - - ? [ الأنعام : 25 ] ، وقوله : ? المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - ( - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - - تمهيد الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - ((( - ( - ( - { تمهيد - ( - - - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( - ( { ((- رضي الله
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 579 ( بتصرّف يسير جداً ) .(1/293)
عنه - - (((( المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم } تم بحمد الله ( - (( - - رضي الله عنه - - - درهم ( - - - ( { - - تمهيد الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - ( - ( - - الله { - ( - ((( - - - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - صدق الله العظيم - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - ( - ? [ يونس : 42- 43 ] ؛ حيث يقول : " ورد الفعل في الأولى مسنداً إلى ضمير المفرد ، وفي الثانية إلى ضمير جماعة مع استوائهم في الجمعيّة ، ومع اتّفاق الغايتين في أن استماعهم - مع قصدهم إياه - لا يجب عليهم ، فللسائل أن يسأل عن وجه ذلك ؟
والجواب : ... أن آية الأنعام وردت على الكثير المطّرد ، وقد ورد فيما انتظم بالآية بيان كون المستمعين جماعة ، وذلك قوله : ? - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( - ( - ( { } - ( - - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( فهرس قرآن كريم ( - - { ((- رضي الله عنه - - ( - ((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - - - - - - عليه السلام -( - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الأنعام : 25 ] ؛ فبيّن أن المراد جماعة وارتفع الاحتمال .(1/294)
ولمّا لم يرد فيما انتظم مع آية سورة يونس ضمير ولا غير ذلك مما يبين أن المستمعين جماعة ، وكان بيان ذلك مقصوداً ؛ أتى الضمير أوّلاً ضمير جمع حملاً على معنى (( مَن )) ، ولم يحمل على لفظها فيفرد ؛ لئلاّ يوهم أن المستمع واحد ، وذلك غير مقصود ، فقيل : ? المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - ( - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { ? [ يونس : 42 ] ؛ إذ ليس في الكلام بعدُ ما يبين ذلك " (1).
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 436- 438 ( بتصرف يسير جداً ) .(1/295)
[ ج ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإظهار والإضمار : فيمكن التمثيل له : بقول ابن الزبير – أيضاً - : " ? ( - ( - } - قرآن كريم ((( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - - - - ( - - قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - (( - - ( - - - ( - - - ( المحتويات ( - - جل جلاله -- رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( قرآن كريم (- رضي الله عنه -- صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ? [ الإسراء : 56 ] ، وفي سورة سبأ : ?(( - ( - } - قرآن كريم ((( - - - - ((( - { - - - - ((( - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - } ( - - - - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( تمهيد ( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - { ( الله ( تم بحمد الله - - { - - - - (( ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ((( - - } - - ? [ سبأ : 22 ] ، للسائل أن يسأل عن الوجه في ورود اسم الجلالة مضمراً في قوله : ? صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - ? [ الإسراء : 56 ] في سورة الإسراء، ومظهراً في قوله : ? صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - } ( - - - ? [ سبأ : 22 ] في السورة الأخرى ، وهل كان يجوز العكس ؟(1/296)
والجواب : أن آية سبأ تقدّم قبلها قوله تعالى مخبراً عن الكافرين : ?( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( { - ( - ( - ( { (( مقدمة } - جل جلاله - - ( ( فهرس قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - } - - - - (? [ سبأ : 20 ] ، ثم قال بعد آية من تمام الآية التي قبلها : ?(( - ( - } - قرآن كريم ((( - - - - ((( - { - - - - ((( - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - } ( - - - ? [ سبأ : 22 ] ؛ فجيء بالاسم الظاهر ليكون أبعد عن إيهام عودة الضمير ورجوعه إلى المتَّبع لهم في الآية المتقدّمة ، وإنما المراد (( قل ادعوا كلّ من اتبعتم بعبادةٍ أو صغْوٍ إلى ما يريده من إضلالكم )) ولا شك أن إبليس رأس المضلّين ، وأولى مَن أمروا تعجيزاً لهم وقطعاً بهم بدعائه ؛ في قوله : ?(( - ( - } - قرآن كريم ((( - - - - ((( - { - - - - ((( - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - } ( - - - ? [ سبأ : 22 ] ؛ فورد التّحفّظ بإيراد الظاهر مما كان المضمر يوهمه ، وجاءت الآية على ما يجب .(1/297)
أما آية بني إسرائيل : فإن قبلها قوله تعالى : ?( - ( - - - { - ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( - } تمت ( { ( - - رضي الله عنه -( - - ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - مقدمة ( - - رضي الله عنه - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - تمت ( { ( - - رضي الله عنه -( - - ( المحتويات ( - ( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ? [ الإسراء : 54 ] ، ثم قال : ?- رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - - (( ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - ((( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -? [ الإسراء : 55 ] ، ثم قال : ? ( - ( - } - قرآن كريم ((( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - ? [ الإسراء : 56 ] بالضمير مناسبة ، ولم يكن ليناسب الظاهر هنا ، فجاء كلٌّ على ما يجب ويناسب ، والله أعلم " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 768- 769 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإظهار والإضمار: 1/ 570 ، 2/ 821 .(1/298)
[ د ] وأما مثال المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فهو توجيه الكرماني للاختلاف في إبدال كلمة بكلمة ، في قوله : " قوله تعالى في هذه السورة : ? - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الأعراف : 111 ] ، وفي الشعراء : ? ( { - رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الشعراء : 36 ] : لأن الإرسال يفيد معنى البعث ويتضمّن نوعاً من العلوّ لأنه يكون من فوق ؛ فخُصّت هذه السورة به ؛ لمّا التبس ليُعلم أن المُخاطب به فرعون دون غيره " (1) .
[ هـ ] أما المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير ، فمثاله : ما قاله الكرماني – أيضاً – في قوله : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - - { - ( } - ( - فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - (- رضي الله عنهم - - ?
[ المؤمنون : 24] وبعده : ?- رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - } - قرآن كريم ( - } - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - - - { ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - ( - - جل جلاله -((- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ?
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 197 .(1/299)
[ المؤمنون : 33 ] ، فقدّم: ? صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - ? [ المؤمنون : 33 ] في الثانية ، وأخّر في الأولى : لأن صلة ?((( - { - - - ? [ المؤمنون : 24] في الأولى اقتصرت على الفعل وضمير الفاعل ، ثم ذكر بعده الجار والمجرور ، ثم ذكر المفعول وهو المقول ، وليس كذلك الأخرى : فإن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرّة بعد أخرى ؛ فقدّم الجار والمجرور؛ لأن تأخيره يلتبس ، وتوسّطه ركيك ، فخُصَّ بالتقديم " (1) .
[ و ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : الذي يمكن التمثيل له بما ذكره الخطيب الإسكافي في قوله : " للسائل أن يسأل فيقول : ما الذي أوجب إدخال (( هو )) في قوله : ? - ( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - ((((( - (((( { ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الشعراء : 79] ، وقوله : ? - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام - قرآن كريم ( - - ( ((((((( - - ? [ الشعراء : 80 ] ، وإخلاء قوله : ? - ( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - ( - - ( - ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم (((( - (- رضي الله عنه -( - ? [ الشعراء : 81 ] منها ، ولم يقل : والذي هو يميتني ، كما قال : ? - ( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - ((((( - (((( { ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ?
[ الشعراء : 79 ] ؟
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن :ص 276 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في هذا النوع : كشف المعاني :ص 266.(1/300)
والجواب أن يقال : لو جاء : والذي يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت يشفين ، لكان معلوماً أن مراده الله تعالى ، وذكر (( هو )) توكيداً لمعنى الكلام ، وتخصيص الفعل به دون غيره . واحتاج ذكر الإطعام والشفاء إلى هذا التوكيد ؛ لأنهما مما يدّعي الخلق فعله ، فيقال: فلان يُطعم فلاناً ، والطبيب يُداوي ويُسبّب الشفاء ؛ فكانت إضافة هذين الفعلين إلى الله تعالى محتاجة إلى لفظ التوكيد ؛ لِما يُتوهم من إضافته إلى المخلوق ، بما لا يحتاج إليه إضافة الموت والحياة ؛ لأن أحداً لا يدّعي فعلهما كما يدّعي الأوّلين ؛ فافترقا لهذا الشأن " (1) .
* * *
القاعدة الرابعة : زيادة المبنى لزيادة المعنى
المراد بهذه القاعدة : أن الزيادة التي تكون في أحد السياقين المتشابهين دون السياق الآخر ، دليلٌ على حصول معنى زائد في ذلك السياق ، لا يوجد في السياق الآخر الخالي من تلك الزيادة .
وهذه الزيادة التي تكون في أحد السياقين : تشمل الزيادة في بِنية الكلمة – بالتضعيف أو غيره - ، وكذلك زيادة حرفٍ أو كلمة أو أكثر ؛ غير موجودة في السياق الآخر .
وهذه القاعدة لها عدّة ألفاظ متقاربة ، مثل : (( زيادة المبنى تدلّ على زيادة المعنى )) ، ومثل : (( قوّة اللفظ لقوّة المعنى )) (2) . لكنّي وجدت الخطيب الإسكافي ذكرها بلفظ : (( تأكيد الألفاظ لتأكيد المعاني )) (3) ، وعلى كلّ حال : فجميع هذه الألفاظ متفقة في الدلالة على المراد بهذه القاعدة .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 967 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الذكر والحذف : البرهان للكرماني : ص 185 ، 245 ، 247 ، 250 ، ملاك التأويل : 1/ 425 ، 579 ، 2/ 737 ، 752 ، 894 ، كشف المعاني : ص 230 .
(2) ... انظر : المزهر في علوم اللغة : 1/ 200 ، قواعد التفسير للسبت : 1/ 356 .
(3) ... درة التنزيل : 3/ 1148 .(1/301)
قال ابن تيمية : " ولا يذكر فيه لفظاً زائدا ً إلاّ لمعنى ، وإن كان في ضمن ذلك التوكيد، ومما يجيء من زيادة اللفظ في مثل قوله : ? - - رضي الله عنهم - - ( تمهيد - ( - { - رضي الله عنهم - - ( مقدمة - عليه السلام - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - - - - تمهيد - ( - ( المحتويات ( - - - } ? [ آل عمران : 159 ] ، وقوله : ? - - - - رضي الله عنه -( - - - ( - - - - صدق الله العظيم ( - ( تمهيد ((( - { - - رضي الله عنه -((( تم بحمد الله ( - (- رضي الله عنه - الله أكبر ? [ المؤمنون : 40 ] ، وقوله : ? الله - - ( - - - - } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - { - - - - - ? [ الأعراف : 3 ] ، فالمعنى مع هذا أزيد من المعنى بدونه ، فزيادة اللفظ لزيادة المعنى ، وقوّة اللفظ لقوة المعنى " (1) .
وقال الزركشي : " واعلم أن اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ، ثم نُقل إلى وزن آخر أعلى منه ؛ فلا بدّ أن يتضمّن من المعنى أكثر مما تضمّنه أوّلاً ؛ لأن الألفاظ أدلّة المعاني ؛ فإذا زيد في الألفاظ وجب زيادة المعاني ضرورة ، ويسمّى هذا : قوّة اللفظ لقوّة المعنى "(2) .
وقبل ذكر الأمثلة أودّ أن أشير إلى أنه قد كثُر في كتب توجيه المتشابه : ذكرُ قاعدة خاصّة داخلة في ضمن هذه القاعدة ، وهي قاعدة : (( الزيادة للتأكيد )) . وهي تدخل في هذه القاعدة في نوع (( المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف )) ، وعند ذكر مثال هذا النوع ذكرت الإحالة على أمثلة هذه القاعدة الخاصة .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... مجموع الفتاوى : 16/ 537 .
(2) ... البرهان في علوم القرآن : 3/ 116 ، وانظر : تفسير القرآن الكريم أصوله وضوابطه : ص 138 .(1/302)
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : يمكن التمثيل له بما قاله أبو يحيى الأنصاري : " قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم -(( - - - ? [ البقرة : 38 ] ، وفي طه : ?( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - { - - - ? [ طه : 123] ، فإن قلت : لِم عبّر هنا [ البقرة ] بتبع ، وثَمَّ [ طه ] باتّبع ، مع أنهما بمعنى ؟
قلت : جرياً على الأصل(1) هنا [ سورة البقرة ] ، وموافقة لقوله : ? - - قرآن كريم ((( - ( - - رضي الله عنه - - - ((( - } - - - - ? [ طه : 108 ] ثَمَّ . ولأن القضيّة ثَمَّ لمّا بُنيت من أول الأمر على التأكيد بقوله تعالى :? ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - رضي الله عنه -( - - فهرس - ( { - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( تمهيد - - ? [ طه : 115 ] ؛ ناسب اختصاصها بالزيادة المفيدة للتأكيد " (2) .
__________
(1) ... أي : تجريد الفعل من حروف الزيادة . ذكر هذا التوضيح محقق الكتاب : د. عبد السميع حسنين .
(2) ... فتح الرحمن : ص 154 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الصيغة : البرهان للكرماني : ص 190 ، 220 ، 225 ، ملاك التأويل : 1/ 193 ، 199 ، 286 ، 451 ، 2/ 791 ، كشف المعاني : ص 123 .(1/303)
[ ب ] أما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : فيمكن التمثيل له بقول ابن الزبير : " قوله تعالى : ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - ((- رضي الله عنه -( قرآن كريم ( - (( مقدمة ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - - - ( المحتويات ( - - ( تم بحمد الله ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ( - ( الله ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - ? [ البقرة : 232 ] ، وفي سورة الطلاق : ?( المحتويات ( تمهيد ( - ( - - ((- رضي الله عنه -( قرآن كريم ( - (( مقدمة ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - - - ((( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ( - ( الله ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - - ?
[ الطلاق : 2 ] ؛ فقال في آية البقرة : ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - ? [ البقرة : 232 ] فأفرد الخطاب ، وفي آية الطلاق : ?( المحتويات ( تمهيد ( - ( - - ? [ الطلاق : 2 ] بأداة خطاب الجميع .
ووجه ذلك – والله أعلم - : ... أنه ورد إفراد الخطاب في البقرة فقيل : ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - ? [ البقرة : 232 ] بحرف الخطاب الذي للواحد : إشارة لتقليل المستجيبين المتورّعين عن الطمع في أموال الزوجات ، والإضرار بهن عضلاً أو احتيالاً على ما لديهن .(1/304)
ولمّا كان الخطاب في سورة الطلاق أخفّ في المطلب وأيسر في التكليف ؛ ترى أن الأحكام المتعلّقة بالطلاق – وهي التي دارت عليها آي هذه السورة كلّها – فروع ثوانٍ ؛ فالسلامة فيها أيسر ، وسالك طريقها أكثر ؛ فناسب ذلك ورود الخطاب بالحرف الذي يخاطب به الجميع ويشملهم فقيل : ?( المحتويات ( تمهيد ( - ( - - ? [ الطلاق : 2 ] " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 269- 271 ( بتصرّف يسير ) ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإفراد والجمع : 1/ 207 ، 275 ، 460 ، 535 ، درة التنزيل : 1/ 235 ، البرهان للكرماني : ص 220.(1/305)
[ ج ] بقي المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : ومثاله ما ذكره أبو يحيى الأنصاري في قوله : " قوله – في خرق السفينة - : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - درهم } الله أكبر ( { ? [ الكهف : 72 ] بحذف : ? - رضي الله عنهم - - { - ? [ الكهف : 75 ] . وفي قتل الغلام : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - { - ? [ الكهف : 75 ] بذكره: لأن في ذكره قصد زيادة المواجهة بالعتاب على ترك الوصيّة مرّة ثانية " (1) .
* * *
القاعدة الخامسة : مراعاة اختلاف مرجع الضمير أو المشار إليه
المراد بالضمير هنا : ضمير الغائب ؛ لأن ضمير المتكلّم والمخاطَب يُفسّرهما المشاهدة. ومرجع الضمير ، ويسمّى : مُعاد الضمير ، أو مُفسِّر الضمير : هو اللفظ الذي يُبيّن المعنيَّ بالضمير ، والأصل في المرجع : أن يكون ملفوظاً به ، مُطابقاً لِضميره ، سابقاً عليه ، وقد يُخالَف هذا الأصل لكن في القليل ، في تفصيلاتٍ أخرى ذكرها النُّحاة في ذلك ، ولا يحتملها المقام .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 402 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 206 ، 242 ، 267 ، 414 ، 456 ، 484 ، 505 ، 538 ، 539 ، 542 ، درة التنزيل : 1/ 381 ، 454 ، 473 ، 476 ، 2/ 483 ، 839 ، 966 ، 3/ 1125 ، 1145 ، 1148 ، 1160 ، 1172 ، البرهان للكرماني : ص 148 ، 152 ، 162 ، 171 ، 193 ، 208 ، 211 ، 225 ، 227 ، 238 ، 252 ، 258 ، 272 ، 284 ، 285 ، 310 ، 325 ، 330 ، 332 ، ملاك التأويل : 1/ 309 ، 328 ، 340 ، 449 ، 547 ، 564 ، 573 ، 593 ، 595 ، 596 ، 620 ، 738 ، 829 ، 886 ، كشف المعاني : ص 113 ، 137 ، 149 ، 161 ، 167 ، 227 ، 242 ، 328 ، 331 ، 332 .(1/306)
أما المشار إليه : فهو المقصود باسم الإشارة ، وأسماء الإشارة معروفة (1) .
والاختلاف في مفسّر الضمير ، أو المشار إليه : أَحَدُ أسباب وقوع الاختلاف بين المفسّرين في تحديد معنى الآية الواحدة (2) ، أما مراعاة ذلك في السياقات المتشابهة فهو ما اعتمده أصحاب توجيه المتشابه ؛ على ما سيأتي في الأمثلة التالية :
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : يمكن ذكر مثال له بتوجيه الأنصاري لتكرير الأمر بالهبوط في سورة البقرة ، حيث قال تعالى : : ? - - عليه السلام - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ((( - ( - - - ? [ البقرة : 36 ] ، ثم قال تعالى بعد ذلك بآيتين : ? - - - جل جلاله -( - ( - } - قرآن كريم ((( - ( - - - - { - ( { ( تم بحمد الله ? [ البقرة : 38 ] .
قال الأنصاري في توجيه ذلك : " كرّر الأمر بالهبوط للتوكيد ، أو لأن الهبوط الأول من الجنّة والثاني من السماء .. " (3) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف : فأنواعه التي ورد لها أمثلة ، هي :
[ أ ] المتشابه مع الاختلاف في التذكير والتأنيث : ومثاله : توجيه الكرماني للاختلاف بين قوله تعالى : ?( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( مقدمة - (( ? [ آل عمران : 49 ] ، وقوله : ?( - (( - - رضي الله عنه - - - ( - { - - ((?
[ المائدة : 110 ] .
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 4/ 23- 39 ، الإتقان : 1/ 560- 565 ، الكليات : 568- 571 ، معجم القواعد العربية : ص 35 ، 298- 310 ، خصائص التراكيب : ص 241 وما بعدها .
(2) ... انظر : فصول في أصول التفسير : ص 65- 66 .
(3) ... فتح الرحمن : ص 153 .(1/307)
حيث يقول : " قيل : الضمير في هذه السورة [ آل عمران ] يعود إلى الطير ، وقيل : إلى الطين ، وقيل : إلى المُهيَّأ ، وقيل إلى الكاف ؛ فإنه في معنى مثل . وفي المائدة يعود إلى الهيئة " (1) .
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : فمثاله : قول الكرماني : " قوله تعالى : ? } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - رضي الله عنه -((((( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - - ? [ الحجر : 75 ] بالجمع ، وبعدها : ? } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - { - رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - ( - - ? [ الحجر : 77 ] على التوحيد :
قال الخطيب : لأن الأولى إشارة إلى ما تقدّم من قصّة لوط وضيف إبراهيم ، وتعرُّض قوم لوط لهم طمعاً فيهم ، وقلب المدينة على مَن فيها ، وإمطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم ؛ فختم بقوله : ? } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - رضي الله عنه -((((( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - - ? [ الحجر : 75 ] أي : لمن تدبّر السمة، وهي : ما وسم الله به قوم لوط وغيرهم .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 145 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التذكير والتأنيث: ص 246 ، 311 ، درة التنزيل : 1/ 372 ، كشف المعاني : ص 371 .(1/308)
قال [ أي : الخطيب ] : والثانية تعود إلى القرية : ? - { - } - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( تمهيد - - ( تمهيد - - - بسم الله الرحمن الرحيم - ( { - تم بحمد الله ? [ الحجر : 76 ] ، وهي واحدة ؛ فوحّد الآية بعدها " (1) .
وقد اكتفيت بنقل الكرماني عن الخطيب ، دون النقل عن الخطيب مباشرة : لكون الكرماني عبّر عن كلام الخطيب بعبارة مختصرة ، مع كون كلام الكرماني أوضح في المراد .
[ ج ] وأما المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير فمثاله : قول ابن جماعة :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 240 ، وكلام الخطيب المذكور هو في : درة التنزيل : 2/ 818 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإفراد والجمع : البرهان للكرماني : ص 295 ، 309 ، ملاك التأويل : 2/ 728 ، 731 ، 918 ، كشف المعاني : ص 224 ، 225 ، فتح الرحمن : ص 365 ، 478 ، 500 .(1/309)
" قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( { } - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( { ((- رضي الله عنه - الله أكبر صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - { ((( الله أكبر - - (( - - { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - تمهيد ( { ( - - { - ( { ( تم بحمد الله ( { - رضي الله عنهم -(( - ( - { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - } ( - ( - - { - ( { ( تم بحمد الله ( - ( - - رضي الله عنه -( ? [ البقرة : 48 ] ، وقال بعد ذلك : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - تمهيد ( { ( - - { - ( { ( تم بحمد الله ( - ( - - رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - (( - ( - - - ( { - رضي الله عنهم -(( - ( - { ? [ البقرة : 123 ] ، ما فائدة التقديم والتأخير ، والتعبير بقبول الشفاعة تارة والنفع أخرى ؟
جوابه : أن الضمير في : ? - { - ( { ( تم بحمد الله ? راجع في الأولى إلى (( النفس )) الأولى ، وفي الثانية: راجع إلى (( النفس )) الثانية . كأنه بيّن في الآية الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا تُقبل منها شفاعة ولا يُؤخذ منها عدل ، ولأن الشافع يقدّم الشفاعة على بذل العدل عنها.
وبيّن في الآية الثانية : أن النفس المطلوبة بجرمها لا يُقبل منها عدل عن نفسها ، ولا تنفعها شفاعة شافع فيها ، وقد بذل العدل للحاجة إلى الشفاعة عند ردّه .(1/310)
فلذلك كلّه : قال في الأولى : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - تمهيد ( { ( - - { - ( { ( تم بحمد الله ( { - رضي الله عنهم -(( - ( - { ? [ البقرة : 48 ] ، وفي الثانية : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - (( - ( - - - ( { - رضي الله عنهم -(( - ( - { ? [ البقرة : 123 ] ؛ لأن الشفاعة إنما تُقبل من الشافع ، وإنما تنفع المشفوع له " (1) .
[ د ] أما المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فمثاله توجيه الكرماني للاختلاف في إبدال حرف بحرف ؛ بين قوله تعالى في سورة الأعراف : ? - ((- جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( (( مقدمة ( - ? [ الأعراف : 123 ] ، وقوله في طه والشعراء : ? ( - (( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( (( مقدمة - - ? [ طه : 71 ، الشعراء : 49 ] .
قال الكرماني : " لأن الضمير في هذه السورة [ الأعراف ] يعود إلى رب العالمين وهو المؤمَن به سبحانه .
وفي السورتين يعود إلى موسى لقوله : ? (( مقدمة ( الله أكبر ( { ( المحتويات ( - ( - - ( تمهيد - - - - ? [ طه : 71 ، الشعراء : 49 ] " (2).
[ هـ ] بقي المثال على المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، وهو : ما ذكره ابن جماعة في قوله : " قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - ( - - ( - - - عليه السلام - - قرآن كريم ( - ( - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ البقرة : 23 ] ، وفي يونس : ? - - - عليه السلام - - قرآن كريم ( - ( - (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ يونس : 38 ] ، وفي هود : ? ( - ((- رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ هود : 13 ] ؟
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 94- 95 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 199 .(1/311)
جوابه : لمّا قال هنا : ? تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - ( - - (( - - ( - - عليه السلام - - - - - ( } تم بحمد الله - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - - فهرس - - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - رضي الله عنه -( ? [ البقرة : 23 ] أنه من عند الله ؛ فأتوا بسورة من أمّيّ مثله لا يكتب ولا يقرأ .
وفي يونس لماّ قال : ?( بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - رضي الله عنه - - ( مقدمة - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -(( - - } ( - ( - } - قرآن كريم ( - ( - - ( - - - عليه السلام - - قرآن كريم ( - ( - (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ يونس : 38 ] أي : فأنتم الفصحاء فأتوا بسورة مثل القرآن في بلاغته وفصاحته ، واقرؤوا مثله . وبذلك عُلم الجواب في هود " (1) .
* * *
المطلب الثالث : القواعد التي يغلب عليها مراعاة السياق والقرائن
المراد بالسياق : ما قبل الكلام وما بعده . لأن الذي قبله يسمّى (( سباقاً )) ، والذي بعده يسمى (( لِحاقاً )) ، ومجموعهما يسمى (( سياقاً )) (2) .
أما القرائن : فيُقصد بها كلّ الملابسات التي تحيط بالنصّ وتحفّ به ، سواءٌ كانت لفظيّة أو حاليّة ، أو غير ذلك .
قال الكفوي : " والقرينة : ما يُوضّح المراد لا بالوضع ؛ بل تُؤخذ من لاحق الكلام الدّال على المقصود ، أو سابقه " (3) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 90- 91 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ملاك التأويل : 1/ 328 ، 2/ 776 .
(2) ... انظر : الكلّيات للكفوي : ص 508 ، قواعد الترجيح عند المفسرين : 1/ 126 .
(3) ... الكلّيات : ص 734 .(1/312)
وللسياق وما يحفّ به من قرائن أهمّية كبيرة في تحديد المراد بالكلام ، وحلِّ مشكلاته . يقول ابن تيميّة رحمه الله : " فإن الدلالة في كلّ موضعٍ بحسب سياقه ، وما يحفّ به من القرائن اللفظيّة والحاليّة " (1) .
ويقول ابن القيّم رحمه الله : " السياق يُرشد إلى تبيين المجمل ، وتعيين المحتمل ، والقطع بعدم احتمال غير المراد ، وتخصيص العام ، وتقييد المطلق ، وتنوّع الدّلالة .. " (2) .
كما أن إهمال سياق الكلام ، وما يُحيط به ؛ من أكبر الأسباب الداعية للوقوع في الغلط في فهم ذلك الكلام – على ما قرّره أهل العلم في ذلك (3) - .
هذا وقد وجدت ستّاً من القواعد العامة ؛ يغلب عليها مراعاة السياق وما يحفّ به من القرائن ؛ بيانها مع أمثلتها كما يلي :
القاعدة الأولى : مراعاة اختلاف القائل
لا ريب أن المتكّلم بالقرآن – جميعه – هو الله تعالى ، لكن الله – عزّ وجلّ – يحكي في القرآن أقوالاً لقائلين مختلفين ، من الأنبياء وغيرهم .
ومراعاة اختلاف القائل ، أو المحكيّ قوله في كلّ سياق هو المقصود هنا ، وهو الذي اعتمده المؤلفون في توجيه المتشابه في توجيهاتهم لأمثلةٍ عديدة ؛ كما في الأمثلة التالية :
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... مجموع الفتاوى : 6/ 14 .
(2) ... بدائع الفوائد : 4/ 9 ، وانظر : البرهان للزركشي : 2/ 334- 335 .
(3) ... انظر مثلاً : مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية : ص 81- 82 ، أضواء البيان : 1/ 13 ، فصول في أصول التفسير : ص 101 ، قواعد الترجيح عند المفسّرين : 1/ 125 وما بعدها ، 299 وما بعدها ، وقواعد التفسير للسبت : 2/ 653 ، تفسير القرآن الكريم أصوله وضوابطه : ص 103 .(1/313)
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : مثاله : قول الكرماني : " قوله تعالى : ? - ( الله أكبر ( { - درهم - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - ( - - - ? [ يوسف : 36 ، 78 ] في موضعين ، وليس بتكرار : لأن الأول : من كلام صاحبي السجن ليوسف عليه السلام ، والثاني : من كلام إخوة يوسف ليوسف " (1) .
( 2 ) أما نوع المتشابه مع الاختلاف : فأنواعه التي ورد لها أمثلة هي :
[ أ ] المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير ، ومثاله : قول الكرماني – أيضاً - : " قوله تعالى : ? ( المحتويات ( فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - ? [ مريم : 15 ] في قصّة يحيى ، ?( المحتويات ( فهرس - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { - فهرس - - رضي الله عنه -(? [ مريم : 33 ] في قصّة عيسى ؛ فنكّر في الأول وعرّف في الثاني : لأن الأول من الله عزّ وجلّ ، والقليل من كثير ... ، والثاني : من عيسى عليه السلام ، والألف واللام لاستغراق الجنس ، ولو أُدخل عليه التسعة والعشرون والفروع المستحسنة والمستقبحة ؛ لم يكن يبلغ عشر معشار سلام الله تعالى عليه " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 228 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع المتشابه بلا اختلاف : فتح الرحمن : ص 200 ، 294 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 259- 260 .(1/314)
[ ب ] وأما المتشابه مع الاختلاف في التذكير والتأنيث فمثاله : قول ابن جماعة : " قوله تعالى : ?( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( مقدمة - (( ? [ آل عمران : 49 ] ، وفي المائدة : ?( - (( - - رضي الله عنه - - - ( - { - - ((? [ المائدة : 110 ] ذكّر هنا [ في آل عمران ] ، وأنّث في المائدة ؟
جوابه : أن آية آل عمران من كلام المسيح عليه السلام في ابتداء تحدّيه بالمعجزة المذكورة ، ولم تكن صورة بعد .
وآية المائدة من كلام الله تعالى له يوم القيامة معدّداً نعمه عليه بعد ما مضت ، وكان قد اتّفق ذلك منه مرّات ؛ فحسُن التأنيث لجماعة ما صوّره من ذلك ونفخ فيه " (1) .
هذا وإن كانت مراعاة اختلاف الزمان في هذا المثال أكثر من مراعاة اختلاف القائل ، لكنه صالح للتمثيل لكليهما ، وإن لم يكن على درجة واحدة .
[ ج ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع ؛ فيمكن التمثيل له بقول ابن جماعة - أيضاً - : " قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - } - جل جلاله - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 80 ]، وفي آل عمران : ? المحتويات (- رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله ? [ آل عمران : 24 ] ، و ? - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 80 ] : جمع كثرة ، و ? المحتويات (- رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله ? [ آل عمران : 24 ] : جمع قلّة ؟
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 128- 129 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التذكير والتأنيث : 1/ 372 .(1/315)
جوابه : أن قائلي ذلك من اليهود فرقتان :
إحداهما قالت : إنما نعذّب بالنار سبعة أيام ، وهي عدد أيام الدنيا . وقالت فرقة : إنما نعذّب أربعين يوماً ، وهي أيام عبادتهم العجل .
فآية البقرة يحتمل قصد الفرقة الثانية ، وآية آل عمران يحتمل قصد الفرقة الأولى " (1) .
[ د ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإبدال فمثاله : توجيه الكرماني للاختلاف في إبدال كلمة بكلمة ، بين قوله تعالى : ?( - ( الله أكبر ( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - تمت ( { - عليه السلام -( - - - { ( - - - - (( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - - - ? [ القصص : 27 ] وفي الصافات : ? ( - ( الله أكبر ( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - تمت ( { - عليه السلام -( - - - { ( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - - - ? [ الصافات : 102 ] : لأن ما في هذه السورة [ القصص ] من كلام شعيب ، أي : من الصالحين في حسن العشرة والوفاء بالعهد.
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 102- 103 .(1/316)
وفي الصافات من كلام إسماعيل حين قال له أبوه : ? ( - ( - الله أكبر ( { - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - - (( ( الله - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه -- صلى الله عليه وسلم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - (( الله أكبر - - - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - - - ? [ الصافات : 102 ] ، فأجاب : ? - رضي الله عنه - - - - - ( تمهيد - رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم -((( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ( - } ( - ( الله أكبر ( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - تمت ( { - عليه السلام -( - - - { ( - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - - - ? [ الصافات : 102 ] أي : على الذبح " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 290 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ص 243 ، 314 ، 319 ، 331 ، ملاك التأويل : 2/ 1016 .(1/317)
[ هـ ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : حيث يمكن التمثيل له بتعليل ابن الزبير للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في الأعراف : ? ( - - ( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( - ((( - - صلى الله عليه وسلم - - } - - - - - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - ? [ الأعراف : 110 ] ، وقوله في الشعراء : ?( - - ( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله المحتويات ( تمهيد ((( - - صلى الله عليه وسلم - - (( فهرس ( - ( - ( - ( - - - - - - رضي الله عنهم - - - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( تم بحمد الله ( - - - ? [ الشعراء : 35 ] ؛ حيث قال في الشعراء : ? (( فهرس ( - ( - ( - ( - ? [ الشعراء : 35 ] ، ولم يُثبت ذلك في الأعراف .
والجواب – على ما قاله ابن الزبير - : " أن زيادة : ? (( فهرس ( - ( - ( - ( - ? [ الشعراء : 35 ] في الشعراء لأنه من قول فرعون طاغية موسى عليه السلام ، وهو أحنق عليه من الملأ بجمعهم ، وأعظمهم بغضاً له ، وكراهة لِما جاء به موسى ؛ فأكّد بقوله: ? (( فهرس ( - ( - ( - ( - ? [ الشعراء : 35 ] طمعاً في صغوهم لقوله والثبات على مذهبه الشنيع ومرتكبه ، ورجاء أن يعتقد الملأ من قومه أن آية موسى عليه السلام سحرٌ لا توقّف فيه ؛ فلم يقنع بقوله لملئه : إنه لساحر عليم ، وإنه يريد إخراجهم من أرضهم ؛ حتى سجّل على ذلك وأكّده طمعاً في قبول باطله بقوله : ? (( فهرس ( - ( - ( - ( - ? [ الشعراء : 35 ] .(1/318)
ولمّا لم يكن حال الملأ من قومه كحاله فيما ذكر اكتفوا بقولهم لرسولهم وبعضهم لبعض: ? - - ( { - - - (- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - - ( - (( - - رضي الله عنه -( ((((( ( - - ( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( - ((( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ الأعراف : 109- 110 ] ؛ فهذا قول الملأ . والذي ثبت في الشعراء قول فرعون ، وزيادة: ? (( فهرس ( - ( - ( - ( - ? [ الشعراء : 35 ] لتبيِّن حال الملأ من حال فرعون المتولّي كبر الأمر ، والتناسب بيّن ، وكلّ ما في السورتين وارد على ما يجب ، وقد وضح أن العكس لا يناسب ، والله أعلم " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : مراعاة اختلاف المخاطب
وجّه الله تعالى خطابه في القرآن لمُخاطبين مختلفين ، كما أن مَن حكى الله تعالى أقوالهم في القرآن يختلف المخاطَب في تلك الأقوال من سياق إلى آخر .
وقد اعتمد أصحاب توجيه المتشابه على هذه القاعدة في تعليل كثير من الأمثلة ، التي منها الأمثلة التالية :
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 563- 564 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : كشف المعاني : ص 183 ، فتح الرحمن : ص 558 .(1/319)
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : يمكن التمثيل له بتوجيه أبي يحيى الأنصاري للتشابه الوارد في سورة الإسراء ؛ في قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - ( - ( - - ( { - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( - رضي الله عنهم - - ((( { - رضي الله عنه - - - ( - - جل جلاله - تم بحمد الله قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم -( - ( - } - ? [ الإسراء : 22 ] ، ثم قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنهم -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( - - - قرآن كريم ( - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - فهرس - ( { - رضي الله عنهم - - ( { ( - (( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ((( - ( تمهيد - - } - ( - ((( - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - رضي الله عنهم - - ((( { - رضي الله عنه - - - ( - - جل جلاله - تم بحمد الله قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - ( - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - } - ? [ الإسراء : 29 ] ، ثم قوله : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنهم -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - ( - ( - - ( { - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( - - - - ( - ( - - ( - (( - رضي الله عنه - - { (- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - - جل جلاله - تم بحمد الله قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - ( - قرآن كريم ( مقدمة ( - } تم(1/320)
بحمد الله ? [ الإسراء : 39 ] .
حيث قال الأنصاري : " ولا تكرار فيها ؛ لأن الأولى والثانية في الآخرة ، والخطاب فيهما للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - - على الراجح – والمراد به غيره ؛ كما في آية : ? - } تم بحمد الله ( { - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -(( - ( - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنهم - - - جل جلاله -(( - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( تمهيد ( - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - رضي الله عنه - فهرس - صلى الله عليه وسلم - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ? [ الإسراء : 23 ] .
وأما الثالثة فخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً ، وهو المراد به ... " (1) .
( 2 ) أما نوع المتشابه مع الاختلاف : فأنواعه التي ورد لها أمثلة هي :
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير ، ومثاله : قول الأنصاري – أيضاً - : " قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( { } - - - - ( - عليه السلام - - - } - - - - ? [ البقرة : 24 ] . إن قلت : كيف عرّف (( النار )) هنا [ في البقرة ] ، ونكّرها في التحريم [ آية : 6 ] ؟
قلت : لأن الخطاب في هذه [ آية البقرة ] مع المنافقين ، وهم في أسفل النار المحيطة بهم؛ فعرِّفت بلام الاستغراق ، أو العهد الذهني .
وفي تلك [ آية التحريم ] مع المؤمنين ، والذي يُعذَّب من عصاتهم بالنار يكون في جزء من أعلاها ؛ فناسب تنكيرها لتقليلها " (2) .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 384- 385 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 151 .(1/321)
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع فمثاله : تعليل الكرماني للاختلاف بين قوله تعالى : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم { - ( - - ( } - قرآن كريم ( - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( المحتويات ( - - - ? [ هود : 14 ] ، وقوله : ? تمت ( - - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم { - } - قرآن كريم ( - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - - رضي الله عنهم - - - - ? [ القصص : 50 ] ؛ حيث جمع الضمير في الأولى ووحّده في الثانية .
قال الكرماني في توجيه ذلك : " جمع الخطاب هاهنا [ سورة هود ] وتوحيده في القصص : لأن ما في هذه السورة خطاب للكفار ، والفعل لِـ ?( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله بسم الله الرحمن الرحيم ( - (( - (- رضي الله عنه - - ( - - - ? [ هود : 13] وما في القصص خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والفعل للكفّار " (1) .
[ ج ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإبدال فمثاله : توجيه ابن جماعة للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في الأنعام : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم ( - ( - ( { - - المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ((( } تم بحمد الله - - ( فهرس - ( تم بحمد الله ( { } ( صدق الله العظيم ( - ( الله أكبر ( المحتويات ( تمهيد ( - ( - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر ( المحتويات ( - - ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الأنعام : 151 ] ، وقوله تعالى في الإسراء : ? - { - عليه السلام - - ((- رضي الله عنهم - - - - ( فهرس - ( تم بحمد الله ( { } ? [ الإسراء : 31 ] .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 219- 220 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإفراد والجمع : كشف المعاني : ص 114- 115 .(1/322)
وجوابه – على ما ذكره ابن جماعة - : " أن قوله تعالى : ? ((( } تم بحمد الله - - ( فهرس - ( تم بحمد الله ( { } ? [ الأنعام : 151 ] وهو الفقر : خطاب للمقلِّين الفقراء ؛ أي : لا تقتلوهم من فقر بكم ؛ فحسُن : ? ( صدق الله العظيم ( - ( الله أكبر ( المحتويات ( تمهيد ( - ( - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر ? [ الأنعام : 151 ] ما يزول به إملاقكم ، ثم قال : ? ( المحتويات ( - - ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ?
[ الأنعام : 151 ] أي : نرزقكم جميعاً .
وقوله تعالى : ? - { - عليه السلام - - ((- رضي الله عنهم - - - - ( فهرس - ( تم بحمد الله ( { } ? [ الإسراء : 31 ] خطاب للأغنياء . أي : خشية إملاق يتجدّد لكم بسببهم ؛ فحسُن : ? ( المحتويات ( - ( - ( - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ? [ الإسراء : 31 ] " (1) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 169 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ص 111 ، درة التنزيل : 2/ 917 ، البرهان للكرماني : ص 249 ، 270 ، 336 ، ملاك التأويل : 1/ 372 ، 2/ 814 ، فتح الرحمن : ص 384 ، 429 .(1/323)
[ د ] بقي مثال المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف وهو : قول الكرماني : " قوله تعالى : ? - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - ( المحتويات ( - فهرس - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -( (( - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - - ( - ? [ التوبة : 94 ] ، وقال في الأخرى ? - - عليه السلام - - - - - - - ( ( - - - ( - ( - فهرس - - عليه السلام - - - ( (( - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - - صلى الله عليه وسلم - - - - عليه السلام - - (- سبحانه وتعالى -- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ التوبة : 105 ] : لأن الأولى في المنافقين ولا يطّلع على ما في ضمائرهم إلا الله ورسوله بإطلاع الله إياه عليها ؛ لقوله : ? ( - - - - - رضي الله عنه - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ? [ التوبة : 94 ] . والثانية في المؤمنين ، وطاعات المؤمنين وعباداتهم ظاهرة لله ولرسوله والمؤمنين " (1) .
* * *
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 212 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 213 ، 270 ، 295 ، 318 ، 343 ، درة التنزيل : 2/ 761 ، 3/ 1125 ، ملاك التأويل : 1/ 382 ، 2/ 766 ، 814 ، كشف المعاني : ص 219 ، 289 ، فتح الرحمن : ص 477 ، 502 ، 577 .(1/324)
القاعدة الثالثة : مراعاة اختلاف المتحدَّث عنه
اختلاف المتحدَّث عنه أو المقصود في كلّ سياق ؛ له الأثر الكبير في توجيه المتشابه اللفظي ، وهو من الأصول و القواعد التي بنى عليها المؤلّفون في توجيه المتشابه كثيراً من تعليلاتهم لكثير من الأمثلة ، على ما هو ظاهر من الأمثلة التالية :
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف مثاله : تعليل الخطيب الإسكافي للتشابه الواقع بين قوله تعالى : ? } تمت ( { { - - - - صدق الله العظيم ( - ((((- رضي الله عنه - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - ((( - (( مقدمة ( - ( - ((((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ((( - ( - - - ( - ( - - { - ( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -(( - - - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( { - ( - - ((- رضي الله عنه -( ? [ النساء : 48 ] ، وقوله تعالى : ? } تمت ( { { - - - - صدق الله العظيم ( - ((((- رضي الله عنه - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - ((( - (( مقدمة ( - ( - ((((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - صلى الله عليه وسلم -( - - درهم ( - ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ((( - ( - - - ( - ( - - { - ( } - - ( - - ( فهرس - - ( - ( - - ((- رضي الله عنه - -(1/325)
? [ النساء : 116 ] .
حيث قال الخطيب : " ... فدلّ ذلك على أن مَن تقدّم ذكرهم – وإن كانوا أوتوا الكتاب – كهؤلاء المشركين الذين لا كتاب لهم ؛ كفرهم ككفرهم ، وسبيلهم كسبيلهم ؛ فأعاد ذكر عِظم الشرك توعُّداً لصنف آخر من الكفّار الذين لم يدخلوا في جملة مَن تقدّم ذكرهم ؛ ليعلم أنهم وإن خالفوهم ديناً فقد وافقوهم كفراً ، فهذه فائدة التكرار" (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف : فمما ورد له أمثلة من أنواعه ، مايلي :
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 406- 407 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع المتشابه بلا اختلاف : البرهان للكرماني : ص 141 ، 161 ، 166 ، 204 ، 206 ، 207 ، 209 ، 355 ، 367 ، ملاك التأويل: 2/ 756 ، كشف المعاني : ص 157 ، فتح الرحمن : ص 250 ، 551 ، 615 .(1/326)
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : ومثاله قول ابن الزبير : " قوله تعالى : ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - } - قرآن كريم ( - ( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - (- رضي الله عنه - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - فهرس - (- رضي الله عنهم - - ((- صلى الله عليه وسلم - - ? [ محمد : 9 ] ، وفيما بعد من هذه السورة : ? - درهم ( - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - } - قرآن كريم ( - - - - - ((( - { - ( - } - قرآن كريم ( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - ( المحتويات ( تمهيد (( - ((( - - رضي الله عنهم - - - (( ((((- رضي الله عنه - - ( - ( تم بحمد الله - } - - } ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - عليه السلام - - - - عليه السلام - - ( - ( { ?
[ محمد : 26 ] ؛ للسائل أن يسأل عن وجه ورود ? - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ? [ محمد : 9 ] في الأولى ، وفي الثانية: ? - } - - رضي الله عنه - الله أكبر ? [ محمد : 26 ] مضعّفاً ؟(1/327)
والجواب والله أعلم : أن ذلك مفهوم مما تقدّم في أوّل سورة آل عمران باعتبار ما يخصّ هذه السورة [ سورة محمد ] ، وهو أن المتقدّم من أول هذه السورة [ محمد ] إلى قوله – بعد الآية المتكلّم فيها - : ? } تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - ((( - - ( - - - - صدق الله العظيم - - فهرس - ( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - مقدمة - ? [ محمد : 11 ] يقصد ممن تضمّنته هذه الآي من الكفّار غير مشركي العرب من قريش وغيرهم ، ولا شكّ أن كفرهم منسحب على كلّ المنزّل من القرآن وما تقدّم نزوله من التوراة وغيرها من الكتب ؛ فلم يكن ليُلائم ذلك عبارة (( نزّل )) المبينة عن تنجيم المنزّل ، ولم ينزّل كذلك غير القرآن ، وهم يُنكرون كلّ الكتب المنزلة ويكرهونها ؛ فقيل هنا : ? } - قرآن كريم ( - ( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - ? [ محمد : 9 ] .
أما الآية الثانية : فالمراد بها ذوو النفاق والمرتدّون على أدبارهم ، ويبيّن ذلك ما تقدّمها من قوله تعالى : ? - تمهيد ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -((( - { - - - - (( المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( - ( - ((- رضي الله عنه - - } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - (( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - رضي الله عنه - - - (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - (((((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ( - - - } ?
[ محمد : 20 ] ، وهؤلاء هم المنافقون ، ولم يقع فيما بعد عدول عنهم إلى قوله :(1/328)
? } تمت ( { - ((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم - - - - - ( - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - ((- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه -( } (- رضي الله عنه - - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - ? [ محمد : 25 ] ، وإنما هؤلاء قوم كفروا بعد إسلامهم ، وهم القائلون - بمقتضى نفاقهم وما أبطنوه من الكفر - : ? ( المحتويات ( تمهيد (( - ((( - - رضي الله عنهم - - - (( ((((- رضي الله عنه - - ( - ( تم بحمد الله - } - - ? [ محمد : 26 ] ، ولهؤلاء اطّلاع على المنزّل من القرآن ، وخصوصيّة كراهية له ، وهي المهيّجة لنفاقهم ، فهو الذي كرهوه حقيقة ؛ فقيل هنا : ? } - قرآن كريم ( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - ? [ محمد : 26 ] بلفظ التضعيف ؛ إذ الإشارة إلى القرآن ، وهذه صفته – أعني ما يشير إليه التضعيف من التنجيم في النزول - ، فكلٌّ من الموضعين وارد على أنسب نظام وأتمّه " (1) .
[ ب ] وأما نوع الاختلاف في التعريف والتنكير فمثاله : قول ابن جماعة : " قوله تعالى : ? ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - - ? [ البقرة : 61 ] ، وقد قال في آل عمران : ? ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - - - جل جلاله -- رضي الله عنهم - مقدمة ? [ آل عمران : 21 ، 112 ] ؛ فعرّف هنا [ البقرة ] ، ونكّر في ذلك [ آل عمران ] ؟
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1022 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في هذا النوع : درة التنزيل : 3/ 1315 .(1/329)
جوابه : أن آية البقرة نزلت في قدماء اليهود بدليل قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - رضي الله عنه - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ? [ البقرة : 61 ] ، والمراد بـ ? ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - - ? [ البقرة : 61 ] الموجب للقتل عندهم ، بل قتلوهم ظلماً وعدواناً .
وآيات آل عمران : في الموجودين زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ... " (1) .
[ ج ] أما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع فمثاله : قول الكرماني : " قوله تعالى : ? - { - رضي الله عنهم - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - - ? [ النساء : 95 ] ، ثم في الآية الأخرى : ? - تمهيد (- رضي الله عنهم - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ? [ النساء : 96 ] : لأن الأولى في الدنيا والثانية في الجنّة . وقيل : الأولى بالمنزلة والثانية بالمنزل وهي درجات . وقيل : الأولى على القاعدين بعذر درجة ، والثانية على القاعدين بغير عذر درجات " (2) .
[ د ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإبدال فمثاله : قول أبي يحيى الأنصاري :
" قوله تعالى : ? } ( - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( - - - ((- صلى الله عليه وسلم - ? [ النبأ : 26 ] ، وقال بعد : ? } ( - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - ( } - - - (( - - - (- رضي الله عنه -( - - - - - - ( مقدمة ?
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 99 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 156 .(1/330)
[ النبأ : 36 ] : لأن الأول للكفّار ؛ فناسب ذكر : ? - ( - - - ((- صلى الله عليه وسلم - ? [ النبأ : 26 ] أي : جزاءً موافقاً لأعمالهم ؛ كما قال تعالى : ? } - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - رضي الله عنهم - { ( - - - رضي الله عنهم - - ( { - رضي الله عنهم - { ( - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( الله ( } تم بحمد الله ? [ الشورى : 40 ] .
والثاني للمؤمنين ؛ فناسب ذكر : ? - - - - - - ( مقدمة ? [ النبأ : 36 ] أي : كافياً وافياً لأعمالهم ، من قولك : حسبي ، أي : كفاني " (1) .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 610 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ص 226 ، 240 ، 246 ، 320 ، 400 ، 407 ، 471 ، 512 ، 519 ، 551 ، درة التنزيل : 1/ 407 ، 466 ، 3/ 1255 ، البرهان للكرماني : ص 156 ، 163 ، 164 ، 257 ، 259 ، 315 ، 317 ، ملاك التأويل : 1/ 264 ، 312 ، 324 ، 347 ، 379 ، 495 ، 2/ 1093 ، كشف المعاني : 138 ، 194 ، 196 ، 199 ، 242 ، 307 ، 333 .(1/331)
[ هـ ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، ومثاله : قول الكرماني: " قوله تعالى : ? - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( فهرس - - رضي الله عنه - - ((( فهرس - - ( { - صلى الله عليه وسلم - - ( مقدمة ( - - جل جلاله -( - - - - - عليه السلام -( - - - ( - ( مقدمة - - - ( - ((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - ( - - - ? [ يوسف : 22 ] ومثلها في القصص سواء ، غير أنه زاد فيها : ? - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ القصص : 14 ] : لأن يوسف عليه السلام أوحي إليه وهو في البئر ، وموسى عليه السلام أوحي إليه بعد أربعين سنة ، وقوله : ? - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ القصص : 14 ] إشارة إلى تلك الزيادة " (1) .
* * *
القاعدة الرابعة : مراعاة اختلاف الزمن
مراعاة اختلاف الزمن ، أو الحال ، أو المقام ، في أحد السياقين عن الآخر ؛ إحدى أهمّ القواعد التي أَعملَها أصحاب توجيه المتشابه في عدد كبير من الأمثلة .
ومما يزيد الأمر وضوحاً التمثيل له بالأمثلة التالية :
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 227 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 123 ، 155 ، 160 ، 209 ، 227 ، 239 ، 309 ، 324 ، درة التنزيل : 1/ 331 ، 3/ 1171 ، ملاك التأويل : 1/ 313 ، 334 ، 349 ، 603 ، 677 ، كشف المعاني : ص 196 ، 199 ، فتح الرحمن: 179 ، 320 .(1/332)
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : يمكن التمثيل له بتوجيه الخطيب الإسكافي للتشابه الحاصل بين قوله تعالى : ? (( مقدمة - - ( - ( - ( تم بحمد الله ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- عليه السلام - - - - - - - ((( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (( - (- رضي الله عنه -( - ( تمهيد - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - ((( - ( ( - - ( - - - ? [ الحديد : 2 ] ، وقوله بعدها بآيتين : ? (( - { - ( - ( - ( تم بحمد الله ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - ((( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - ((- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - قرآن كريم ( تم بحمد الله الله } - - ? [ الحديد : 5 ] ؛ حيث قال : " للسائل أن يسأل عن إعادة هذه اللفظة في المكان القريب من الأولى ؟
والجواب أن يقال : إن المعنى : له الملك أوّلاً وآخراً ؛ فالأول في الدنيا ، وهو وقت الإحياء والإماتة ، والآخر في الآخرة حين تُرجع الأمور إليه " (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف فأنواعه التي ورد لها أمثلة ما يلي :
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1253 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع المتشابه بلا اختلاف : 3/ 1314 ، 1328 ، البرهان للكرماني : ص 130 ، 204 ، 227 ، 228 ، 229 ، 251 ، 278 ، 318 ، 339 ، 367 ، كشف المعاني : ص 369 ، 380 ، فتح الرحمن : ص 441 ، 517 ، 639 .(1/333)
[ أ ] المتشابه مع الاختلاف في الصيغة ، ومثاله : قول الكرماني : " قوله تعالى : ? المحتويات ( - ((( - - - رضي الله عنه - - ( - ? [ الأعراف : 62 ، 68 ] في قصّة نوح وهود : بلفظ المستقبل . وفي قصّة صالح وشعيب: ? المحتويات ( تمهيد ( - (( فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ الأعراف : 79 ، 93 ] : بلفظ الماضي : لأن ما في قصّة نوح وهود وقع في ابتداء الرسالة ، وقصّة صالح وشعيب في آخر الرسالة ودنوّ العذاب ، ألا تسمع إلى قوله : ? - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - - ( ( المحتويات ( - ( { - رضي الله عنه -( ? [ الأعراف : 79 ، 93 ] في القصّتين [ أي : قصّتي صالح وشعيب ] ؟" (1).
[ ب ] أما المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير ، فمثاله : توجيه ابن جماعة للاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ? ( تمت - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - - - - (- رضي الله عنهم - - - ( - - - - رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - ( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ البقرة : 126 ] ، وفي سورة إبراهيم : ? - - - (- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - - جل جلاله -- جل جلاله -( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ إبراهيم : 35 ] .
حيث قال : " جوابه : أن آية البقرة دعا بها عند ترك إسماعيل وهاجر في الوادي قبل بناء مكّة وسكنى جُرْهُم فيها .
وآية إبراهيم بعد عوده إليها وبِناها " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 189 .
(2) ... كشف المعاني : ص 105- 106 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التعريف والتنكير : ص 99 .(1/334)
[ ج ] وأما المتشابه مع الاختلاف في التذكير والتأنيث فمثاله : توجيه الكرماني للاختلاف بين قوله تعالى : ?( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( مقدمة - (( ? [ آل عمران : 49 ] ، وقوله : ?( - (( - - رضي الله عنه - - - ( - { - - ((?
[ المائدة : 110 ] .
حيث يقول : "... فالجواب أن يقال : في هذه السورة إخبار قبل الفعل فوحّده ، وفي المائدة خطاب من الله له يوم القيامة ، وقد سبق من عيسى عليه السلام ذلك الفعل ثلاث مرّات ، والطير صالح للواحد وصالح للجمع " (1) .
[ د ] أما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع فيمكن التمثيل له : بما سبق نقله في القاعدة السابقة ( مراعاة اختلاف المتحدّث عنه ) من قول الكرماني : " قوله تعالى : ? - { - رضي الله عنهم - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - - ? [ النساء : 95 ] ، ثم في الآية الأخرى : ? - تمهيد (- رضي الله عنهم - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ? [ النساء : 96 ] : لأن الأولى في الدنيا والثانية في الجنّة . وقيل الأولى بالمنزلة والثانية بالمنزل وهي درجات . وقيل : الأولى على القاعدين بعذر درجة ، والثانية على القعدين بغير عذر درجات " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 146 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التذكير والتأنيث : كشف المعاني : ص 129 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 156 .(1/335)
[ هـ ] وأما المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير فمثاله : تعليل ابن جماعة للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في البقرة : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( - ( - (( مقدمة ( - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ? [ البقرة : 173 ] ، وقوله تعالى في المائدة والأنعام والنحل : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( - ( - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - (( مقدمة ( - ? [ المائدة : 3 ، الأنعام : 145 ، النحل : 115 ] .
حيث قال : " وأيضاً : فآية النحل والأنعام نزلتا بمكّة ؛ فكان تقديم ذكر الله بترك ذكر الأصنام على ذبائحهم أهمّ لِما يجب من توحيده وإفراده بالتسمية على الذبائح .
وآية البقرة نزلت بالمدينة على المؤمنين لبيان ما يحلّ وما يحرم ؛ فقدّم الأهمّ فيه ، والله أعلم " (1) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 110- 111 .(1/336)
[ و ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإبدال فمثاله : توجيه ابن الزبير للاختلاف الواقع في حكاية قول إبراهيم عليه السلام بين قوله تعالى : ? ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - ( مقدمة - ( - - } (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنهم - - ( - - - - ((( - { - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - - مقدمة - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - (- رضي الله عنه -( ? [ الأنبياء : 52 ] ، وقوله تعالى : ? ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - ( مقدمة - ( - - } (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - ? [ الشعراء : 70 ] .
حيث قال – في الجواب عن ذلك - : " والجواب : أنه لا حامل على القول بأن القصّة واحدة ، وإذا أمكن أن يكون ذلك في محلّين ووقتين لم يلزم اتّحاد الجواب ؛ فلا سؤال ، والله أعلم " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 840 . وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في الاختلاف في الإبدال : 1/ 569 ، درة التنزيل : 1/ 224 ، 3/ 1089 ، البرهان للكرماني : ص 249 ، 314 ، كشف المعاني : ص 146- 147 ، 264 ، 283 .(1/337)
[ ز ] بقي مثال المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : ومثاله قول الأنصاري : " قوله تعالى : ? } - ( قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمت ( { { - ( - - صدق الله العظيم ( { - - - جل جلاله -( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - مقدمة - - عليه السلام - - ( الله أكبر - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( بسم الله الرحمن الرحيم قرآن كريم ((( - - رضي الله عنهم - - ( - ? [ الأنعام : 29 ] قاله هنا [ في الأنعام ] بدون : ? ( المحتويات قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - - عليه السلام - - (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ المؤمنون : 37 ، الجاثية : 24 ] ، وفي المؤمنون والجاثية به :
لأنهم قالوه بموقف ، ولم يقولوه بآخر ؛ فأشار إلى الأمرين بما ذُكر " (1) .
* * *
القاعدة الخامسة : مراعاة الأهمّيّة وكثرة العناية
ينصُّ البلاغيون على أن من علل تكرار الكلام ، أوتقديم بعضه على بعض : إبراز أهميّته وشدّة العناية به (2)
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 262- 263 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في الاختلاف في الذكر والحذف : ملاك التأويل : 2/ 840 ، كشف المعاني : ص 160 .
(2) ... انظر : تلخيص المفتاح ( مع بغية الإيضاح : 1/ 90 ، 2/ 119 ) ، البرهان للزركشي : 3/ 96- 102 ، 305 ، الإتقان : 1/ 624- 625 ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 140 ، 504 ، معجم البلاغة العربية : 542- 545 ، 585 ، البلاغة فنونها وأفنانها
( علم المعاني ) : 216 ، 504 ، خصائص التعبير القرآني : 1/ 322 ، 2/ 82 ، قواعد التفسير للسبت : 1/ 380 ، 2/ 709 .(1/338)
، وهذا الأمر قد قرّره المصنّفون في توجيه المتشابه أتمَّ تقرير ، كما أنّهم بنوا عليه كثيراً من توجيهاتهم – كما سيأتي طَرَفٌ من ذلك في الأمثلة - .
يقول ابن فارس : " ومن سنن العرب التكرير والإعادة إرادة الإبلاغ ؛ بحسب العناية بالأمر " (1) .
ويقول ابن الزبير : " إن العرب متى تهمّمت بشيء أرادته لتحقّقه وقرب وقوعه أو قصدت الدعاء عليه كرّرته توكيداً ، وكأنها تقيم تكرارها مكان القسم عليه والاجتهاد في الدعاء عليه حيث يقصد الدعاء ، وإنما نزل القرآن بلسانهم وكأن مخاطباته جارية فيما بين بعضهم وبعض ، وبهذا المسلك تستحكم الحجة عليهم في عجزهم عن المعارضة " (2) .
ويقول أيضاً : " إن العرب الفصحاء إذا أخبرت عن مخبر ما ، أو أناطت به حكماً من الأحكام ، وقد شركه غيره في ذلك الحكم أو فيما أخبر به عنه ، وقد عطفت أحدهما على الآخر بالواو المقتضية عدم الترتيب ، فإنهم مع ذلك إنما يبدؤون بالأهم والأولى . قال سيبويه- رحمه الله - : (( كأنهم يقدّمون ما بيانه أهمُّ لهم ، وهم به أعنى )) هذا معنى كلامه رحمه الله " (3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... الصاحبي : ص 158 ، وعنه : السيوطي في المزهر : 1/ 332 ، وانظر : فقه اللغة للثعالبي : ص 421 .
(2) ... ملاك التأويل : 2/ 1130 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 3/ 96 .
(3) ... ملاك التأويل : 1/ 206 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 3/ 305 ، وقول سيبويه المذكور في كتابه : الكتاب : 1/ 34 .(1/339)
( 1 ) مثال المتشابه بلا اختلاف : قول ابن الزبير- في توجيهه للتكرار في قوله تعالى : ? - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم -( - (- عليه السلام - - - رضي الله عنهم -( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ((( - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - } - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -((( - - - (( ( تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ((( } - قرآن كريم ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ((( - ( { ( - - - ( - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? [ الرحمن : 7- 9 ] - : " وكرّر لفظ ? تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? جرياً على عادة العرب فيما لهم به اعتناءٌ وتهمّم ... وهذا موجود في كلامهم كثيراً إذا قصدوا الاهتمام والاعتناء والتهويل والاستعظام .(1/340)
ومن الوارد في هذا من التنزيل : ? ( { { - - - { - رضي الله عنه -( - - - ((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( { { - - - { - رضي الله عنه -( - - - ? [ الحاقة : 1- 2 ] ، و ? ( { - رضي الله عنه -(( - - - { ( - - - ((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( { - رضي الله عنه -(( - - - { ( - - - ? [ القارعة : 1- 2 ] " (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف فأنواعه التي ورد لها أمثلة ما يلي :
[ أ ] المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير : فمثاله توجيه ابن جماعة للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في البقرة : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( - ( - (( مقدمة ( - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ? [ البقرة : 173 ] ، وقوله تعالى في المائدة والأنعام والنحل : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( - ( - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - (( مقدمة ( - ? [ المائدة : 3 ، الأنعام : 145 ، النحل : 115 ] .
حيث قال : " آية البقرة وردت في سياق المأكول وحلّه وحرمته ؛ فكان تقديم ضميره وتعلّق الفعل به أهمّ .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1058 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع المتشابه بلا اختلاف : 1/ 621 ، 2/ 870 ، 962 ، 1040 ، 1120 ، 1130 ، 1144 ، 1147 ، 1149 ، البرهان للكرماني : ص 111 ، 114 ، 140 ، 207 ، 217 ، 281 ، 318 ، 355 ، 367 ، كشف المعاني : ص 86 ، 89 ، 109 ، 196 ، 346 ، 347 ، 369 ، 371 ، فتح الرحمن : ص 153 ، 201 ، 329 ، 517 ، 535 ، 570 ، 605 ، 608 ، 615 ، 629 . وانظر في ذلك أيضاً : البرهان للزركشي : 3/ 95- 109 ، الإتقان : 2/ 107 .(1/341)
وآية المائدة وردت بعد تعظيم شعائر الله وأوامره ، والأمر بتقواه ، وكذلك آية النحل بعد قوله تعالى : ? } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد ( { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد - رضي الله عنهم - - ((( الله أكبر ( - - - ? [ النحل : 114 ] ؛ فكان تقديم اسمه أهمّ .
وأيضاً : فآية النحل والأنعام نزلتا بمكّة ؛ فكان تقديم ذكر الله بترك ذكر الأصنام على ذبائحهم أهمّ لِما يجب من توحيده وإفراده بالتسمية على الذبائح .
وآية البقرة نزلت بالمدينة على المؤمنين لبيان ما يحلّ وما يحرم ؛ فقدّم الأهمّ فيه ، والله أعلم " (1) .
[ ب ] أما المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فمثاله : قول الزركشي : " قوله تعالى: ? - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( - ( - - رضي الله عنه - تمهيد - رضي الله عنهم - - (((( - ( } - - رضي الله عنهم - مقدمة - - - ( { - ( فهرس - - رضي الله عنه - - - - ( - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( { ( - } ( - - - ? [ الكهف : 85- 86 ] قيل : لماذا بدأ بالمغرب قبل المشرق ، وكان مسكن ذي القرنين من ناحية المشرق ؟ قيل : لقصد الاهتمام ؛ إما لتمرّد أهله وكثرة طغيانهم في ذلك الوقت ، أو لغير ذلك مما لم ينته إلينا علمه " (2) .
* * *
القاعدة السادسة : العطف بالواو في سياق التعداد والتفصيل
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 110- 111 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الاختلاف في التقديم والتأخير : 89 ، 100 ، 120 ، 123 ، 135 ، 142 ، 171 ، 232 ، 251 ، درة التنزيل : 1/ 392 ، 2/ 861 ، 957 ، 960 ، البرهان للكرماني : ص 127 ، 135 ، 142 ، 176 ، 217 ، 218 ، 232 ، 235 ، 251 ، 264 ، ملاك التأويل : 1/ 205 ، 249 ، 468 ، 2/ 702 ، 710 ، 766 ، 906 ، 966 ، فتح الرحمن: ص 139 ، 140 ، 175 ، 202 ، 227 ، 440 .
(2) ... البرهان في علوم القرآن : 3/ 337 .(1/342)
المراد بهذه القاعدة : أن السياقات المتشابهة إذا وقع الاختلاف بينها في العطف بالواو في سياق ، والعطف بغيره من حروف العطف في سياق آخر . أو كان الاختلاف واقعاً بينها في ذكر العطف في سياق ، وعدمه في سياق آخر : فإن سياق التعداد والتفصيل في النعم أو المحن أو غير ذلك ؛ يناسبه العطف بالواو ، دون غيره ، ودون عدم العطف .
قال الخطيب الإسكافي : " والخبر إذا جاء بعد الخبر – في هذا المكان الذي تُفصّل فيه المواهب المُرغّب فيها - فحقّه أن يُعطف على ما قبله بالواو ، كقولك : هذا جزاء كذا وكذا " (1) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : مثاله ما ذكره ابن الزبير في توجيه الاختلاف في إبدال حرف بحرف ؛ بين قوله تعالى : ? - - عليه السلام - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم ( - ( - - - - تمهيد الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { } - جل جلاله - { - ( - - - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ( تم بحمد الله - ( - - (- عليه السلام - - ( { ( - - رضي الله عنهم - مقدمة - - رضي الله عنهم - - ( - ( } ( { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( { - - ( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - فهرس - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - } ( - - - ? [ البقرة : 35 ] ، وقوله تعالى :
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 397 .(1/343)
? ( بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم ( - ( - - - - تمهيد الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { } - جل جلاله -- رضي الله عنهم - - ( - - - - - ( - - ( ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( { ( - - رضي الله عنهم - مقدمة - - رضي الله عنهم - - ( - ( } ( { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( { - - ( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - فهرس - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - } ( - - - ? [ الأعراف : 19 ] .
حيث يقول ابن الزبير في توجيه ذلك : " ... فناسب هذا القصد العطف بـ (( الفاء )) المقتضية الترتيب . و (( الواو )) لا تقتضي ذلك ، وإنما بابها الجمع حيث لا يُراد ترتيب ، وليس موضع شرط وجزاء فيكون ذلك مسوّغاً لدخول الفاء . وإنما ورد هنا
[ في سورة البقرة ] لِما ذكرتُه من قصد تجريد التفصيل المحصِّل لتعداد النّعم ، ولمّا اختلف القصدان اختلفت العبارة عنهما ؛ فورد كلٌّ على ما يُناسب ، والله أعلم " (1) .
[ ب ] أما نوع المتشابه في الذكر والحذف : فمثاله : قول أبي يحيى الأنصاري :" قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (- رضي الله عنه -( - - - - ( - ( المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - - جل جلاله -( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ البقرة : 49 ] ، إن قلت : ما الحكمة في ترك العاطف هنا [ في سورة البقرة ] ، وذِكْره في سورة إبراهيم [ الآية : 6 ] ؟
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 186- 188 .(1/344)
قلت : لأن ما هنا من كلام الله تعالى ؛ فوقع تفسيراً لِما قبله . وما هناك [ في سورة إبراهيم ] من كلام موسى ، وكان مأموراً بتعداد المحن في قوله : ? المحتويات ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - - - ? [ إبراهيم : 5 ] ؛ فعدّد المحن عليهم ؛ فناسب ذكر العاطف " (1) .
* * *
المطلب الرابع : القواعد التي يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف
إذا أطلق : (( ترتيب المصحف )) فيُراد به شيئان : ترتيب الآيات في السور ، وترتيب السور كما هي عليه في المصحف الآن .
أما ترتيب الآيات : فالقول بأنه بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - محلّ إجماع بين أهل العلم ، نقله غير واحد من المؤلفين في علوم القرآن وغيرهم (2) .
قال أبو جعفر بن الزبير في كتابه (( البرهان في تناسب سور القرآن )) (3) : " اعلم أوّلاً أن ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه - صلى الله عليه وسلم - وأمره ، من غير خلاف في هذا بين المسلمين".
وأما ترتيب السور فمحلّ خلاف على ثلاثة أقوال :
الأول : أنه باجتهاد من الصحابة ، ولم يكن بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا قول جمهور أهل العلم .
الثاني : أن ترتيب السور توقيفيّ من النبي - صلى الله عليه وسلم - كترتيب الآيات .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 155 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : درة التنزيل : 1/ 397 ، 1015 ، البرهان للكرماني : ص 122 ، ملاك التأويل : 1/ 208 ، 321 ، كشف المعاني : ص 95- 96 ، 97 ، 134 ، 178 ، 226 .
(2) ... انظر مثلاً : البرهان للزركشي : 1/ 353 ، الإتقان للسيوطي : 1/ 214 ، مناهل العرفان : 1/ 346 . وانظر أيضاً : فتح الباري : 9/ 40 ، المتحف في أحكام المصحف : ص 281 وما بعدها .
(3) ... ص 73 .(1/345)
الثالث : أن ترتيب بعض السور كان توقيفيّاً ، والبعض الآخر كان باجتهاد الصحابة . وأصحاب هذا القول غير متّفقين على تحديدٍ معيّن للقدر التوقيفيّ من الاجتهادي .
لكن مع هذا الخلاف ؛ فإن أهل العلم متّفقون على احترام هذا الترتيب ، وإن ذهب أكثرهم إلى جواز مخالفته في القراءة والصّلاة ، لكن ذلك عندهم مكروه
أو خلاف الأولى ، كما ذهب طائفة إلى القول بوجوب التزامه وحرمة مخالفته (1) .
ولذلك فإن علماء توجيه المتشابه اعتمدوا على (( ترتيب المصحف )) في كثير من توجيهاتهم لكثير من الأمثلة . وكان على رأسهم في كثرة اعتماد ذلك والاتّكاء عليه : أبوجعفر بن الزبير في كتابه (( ملاك التأويل )) ، لكنّه ليس الوحيد – منهم – الذي اعتمده- كما ذهب إلى ذلك أحد الباحثين (2) – على ما سيأتي بيانه أكثر من خلال الأمثلة التي أُخذت من جميع كتب توجيه المتشابه .
بل إن الكرماني في كتابه (( البرهان في متشابه القرآن )) (3) قد سبق ابن الزبير إلى تقرير هذه القاعدة وتأصيلها ، بل كان ذلك بأوسع مما قاله ابن الزبير في (( ملاك التأويل )) وأقوى . حيث قال – في صدر كتابه المذكور في توجيه أحد الأمثلة - : " فإن قيل : ليست سورة البقرة بأول القرآن نزولاً فيحسن فيها ما ذكرت ؟
__________
(1) ... انظر في تفصيل الخلاف في ترتيب السور : البرهان للزركشي : 1/ 354 ، الإتقان : 1/ 220 ، مناهل العرفان : 1/ 350 ، قواعد التفسير للسبت : 1/ 101 ، المتحف في أحكام المصحف : ص 291- 320 .
(2) ... وهو : د. رشيد الحمداوي في بحثه : المتشابه اللفظي في القرآن ومسالك توجيهه عند ابن الزبير : ص 146 .
(3) ... ص 114- 116 .(1/346)
قلت : أول القرآن سورة الفاتحة ، ثم سورة البقرة ، ثم سورة آل عمران ، على هذا الترتيب إلى سورة الناس ، وهكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ . وهو على هذا الترتيب كان يَعْرِض - عليه الصلاة والسلام - على جبريل – عليه السلام - كلَّ سنة ما كان يجتمع عنده منه ، وعَرَضه – عليه الصلاة والسلام – في السنة التي تُوفّي فيها مرّتين ، وكان آخر الآيات نزولاً قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( { } - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - - قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( مقدمة - (( - فهرس - ( { ( - - - } ? [ البقرة : 281 ] فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الرِّبا والدَّين .
وذهب جماعة من المفسّرين إلى أن قوله تعالى في سورة هود : ? } - قرآن كريم ( - ( - - ( ( - ((- رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ هود : 13 ] معناه : مثل البقرة إلى سورة هود ، وهي العاشرة ، ومعلوم أن سورة هود مكّية ، وأن البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنفال ، والتوبة : مدنيّات نزلن بعدها .
وفسّر بعضُهم قوله تعالى : ? ( - ( - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - ( - - ( - ( - - - ? [ المزمل : 4 ] أي : اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير ، وجاء النكير على من قرأه معكوساً .(1/347)
ولو حلف إنسان أن يقرأ القرآن على الترتيب ؛لم يلزمه إلا على هذا الترتيب ، ولو نزل القرآن جملة واحدة ؛ كما اقترحوا عليه بقولههم : ? - صدق الله العظيم ( قرآن كريم - - - رضي الله عنه - - ( - - ( الله أكبر ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - - - - - ( - ( - - - - رضي الله عنهم - - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الفرقان : 32 ] ؛ لنزل على هذا الترتيب . وإنما تفرّقت سوره وآياته نزولاً لحاجة الناس إليها حالةً بعد حالة ، ومرّة بعد أخرى ، ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ولم يكونا ليجتمعا نزولاً ، وأبلغ الحِكَم في تفرّقه ما قاله سبحانه : ? - - الله أكبر - - عليه السلام -(( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - - ( (( فهرس - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنه - - ( - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( } - } - - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - { ( - ( تم بحمد الله ? [ الإسراء : 106 ] ، وهذا أصلٌ تُبنى عليه مسائل ، والله أعلم " .
وقال أبو جعفر بن الزبير – في كتاب (( البرهان في تناسب سور القرآن )) - :
" اعلم أن الأمر في ذلك – كيفما قُدِّر – فلا بدّ من رعي ٍ للتناسب ، والْتفات للتواصل والتجاذب ... " (1) ، وقوله : " كيفما قُدّر " أي : على جميع الأقوال المذكورة في ترتيب السور ؛ يبيّنه قوله في الموضع الآخر : " ومن ظن ممن اعتمد القول بأن ترتيب السور اجتهاد من الصحابة ؛ أنهم لم يُراعوا في ذلك التناسب والاشتباه ؛ فقد سقطت مخاطبته ، وإلا فما المراعى ؟ وترتيب النزول غير ملحوظ في ذلك بالقطع" (2).
__________
(1) ... البرهان في تناسب سور القرآن : 73 .
(2) ... البرهان في تناسب سور القرآن : 75 .(1/348)
وقال في (( ملاك التأويل )) : " وقد أوضحنا في كتاب البرهان أن ترتيب السور بتوقيف- على أصح المأخذين - ، وأما ترتيب الآي فلا توقّف فيه ، وأن ذلك كلّه معتمد فيه غير ترتيب النزول " (1) ، وقال في موضع آخر : " وتقدّم أن ترتيب المصحف مراعى ، وعظيم الموقع ، وأنه لا يعارضه ترتيب النزول " (2) .
هذا وقد وجدت أن القواعد العامة الداخلة تحت هذا المطلب أربع قواعد ، كلُّها يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف ، و بيان هذه القواعد كالتالي :
القاعدة الأولى : ذكر الأصل في اللغة في الموضع الأول والفرع في الثاني
المقصود بالأصل في اللغة : الأكثر استعمالاً عند أهل اللغة ، وبالفرع : الأقلّ . وبعضهم يسمّي الأصل : بالقياس ، والفرع بالجائز .
والمراد : أن علماء اللغة أصّلوا قواعد اللغة – التي يُقاس عليها – بناءً على الأكثر وروداً عند أصحاب اللسان ، وما خالف ذلك فربما يجوِّزونه – على ضعف – وربما يُشذِّذونه ، وهذا فيما عدا ماورد في القرآن ؛ لأن القرآن يَحكُم ولا يُحكم عليه ، وهو أصلٌ عظيم من أصول استمداد اللغة وقواعدها ، بل هو آصل أصولها ، بل إنما قامت علوم اللغة أوّلَ ما قامت لخدمة القرآن العظيم .
هذا وقد يُراد بالأصل في اللغة : المصدر الذي تُشتقُّ منه تصريفات المادة اللغوية ، وسمّي أصلاً لأن حروفه كلّها أصليّة ؛ بمعنى أنها لا تُحذف في جميع تصريفات تلك المادّة .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 316 .
(2) ... ملاك التأويل : 1/ 434 .(1/349)
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : ماوجّه به ابن الزبير الاختلاف الواقع بين قوله تعالى : ? - - - (- رضي الله عنهم - - ((( فهرس - - رضي الله عنه - - ( } - } - - ( - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة ( - } - ( قرآن كريم ( - فهرس - ((- عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( مقدمة ( - - ( { ( - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - { - } - - عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنه - تمهيد ( - - } - - ? [ إبراهيم : 52 ] ، وقوله : ? ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( مقدمة ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { ( - - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه - تمهيد ( تم بحمد الله } - (- صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - عليه السلام - - ( - - (( مقدمة ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - - { - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنه - تمهيد ( - - } - - ? [ ص : 29 ] ؛ حيث قال : " للسائل أن يسأل عن وجه اختصاص آية إبراهيم بقوله : ? - رضي الله عنه - - { - } - - عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ?
[ إبراهيم : 52 ] ، وآية ص بقوله : ? - رضي الله عنه - - { - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ ص : 29 ] ؛ بتاء التفعيل ؟ " .(1/350)
ثم أجاب فقال : " وأيضاً : فإن يذّكّر ويتذكّر معناهما واحد ، والأصل للمدغم مفكوكه ، فلفظ (( يذّكّر )) ثانٍ عن (( يتذكّر )) ، وهوأكثر استعمالاً وأخفّ لفظاً ؛ فقُدّم في سورة إبراهيم وأُخّر الأثقل في سورة ص على الترتيب المتقرّر ، على ما تقدّم في قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم -(( - - - ? [ البقرة : 38 ] في البقرة ، وقوله : ?( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - { - - - ? [ طه : 123] في سورة طه ، وقد تقدّم من هذا نظائر ، وسيأتي أمثالها ، واطّراد ذلك شاهد برعيه " (1) .
[ ب ] أما نوع الاختلاف في التذكير والتأنيث : فمثاله توجيه ابن الزبير - أيضاً – للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في قصّة صالح - عليه السلام - : ? - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( ( { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - ? [ هود : 67 ] ، ثم قوله بعد ذلك – في نفس السورة – في قصة شعيب – عليه السلام - : ? ( المحتويات - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( ( { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - ? [ هود : 94 ] .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 720- 721 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الصيغة : 1/ 194 ، 466 ، 530 ، البرهان للكرماني : ص 215- 216 ، 258 ، 341 ، فتح الرحمن : ص 402 ، 575 .(1/351)
حيث قال : " ... فالحذف والإثبات جائزان والحذف أحسن ؛ فجاء الفعل في الآية الأُولى على الأَوْلى ، ثم ورد في قصة شعيب – وهي الثانية – بإثبات علامة التأنيث على الوجه الثاني ؛ جمعاً بين الوجهين ؛ إذ الآيتان في سورة واحدة وتقدمها الأولى على ما ينبغي، والله أعلم " (1) .
[ ج ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع ، وفي صيغ الجمع : فيمكن أن يُذكر له مثالاً : توجيه الخطيب الإسكافي للاختلاف الوارد في ذلك بين قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - } - جل جلاله - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 80 ] في البقرة ، وقوله في سورة آل عمران : ?- رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - } - قرآن كريم ( - - - - صدق الله العظيم - - - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنهم - - - - ( - - } - جل جلاله - - - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - تم بحمد الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - المحتويات (- رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله } ? [ آل عمران : 24 ] .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 660- 661 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في الاختلاف في التذكير والتانيث : 1/ 302 .(1/352)
حيث قال : " ... كذلك فـ ? - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 80 ] المذكورة في الآية التي في سورة البقرة مستمرّة في بابها وباب غيرها ، والجمع بالألف والتاء ليس بمُستمرّ ، وإنما هو على ضرب من التشبيه بما أصله الألف والتاء ؛ فكان استعمالها أوّلاً أولى ، ولِجواز الألف والتاء على غير طريق الاستمرار استُعمل في الثاني ؛ لِيشمل الأصل والجائز بالاستعمال" (1) .
[ د ] وأما المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير : فمثاله قول أبي يحيى الأنصاري: " قوله تعالى : ? ( - - { - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - (((- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - - رضي الله عنه - الله أكبر (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - (- رضي الله عنهم - - ? [ المؤمنون : 83 ] أي : البعث . قاله هنا [ سورة المؤمنون ] بتأخير : ? - - - (- رضي الله عنهم - - ? [ المؤمنون : 83 ] عما قبله ، وقاله في النمل [ آية : 68 ] بالعكس : جرياً على القياس هنا من تقديم المرفوع على المنصوب ، وعكس ثَمَّ : بياناً لجواز تقديم المنصوب على المرفوع . وخصّ ما هنا
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 264 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الاختلاف في الإفراد والجمع : البرهان للكرماني : ص 127 ، 167- 168 ، ملاك التأويل : 2/ 821 ، فتح الرحمن : ص 161 .(1/353)
[ المؤمنون ] بتأخير : ? - - - (- رضي الله عنهم - - ? [ المؤمنون : 83 ] : جرياً على الأصل بلا مُقتضٍ لخلافه ، و ماهناك [ في النمل ] بتقديمه : اهتماماً به من منكري البعث " (1) .
[ هـ ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، الذي يمكن التمثيل له بتوجيه ابن الزبير للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في قصة هود: ? } - قرآن كريم ((( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - ( الله أكبر - - - - - - { - عليه السلام - - (( - - ? [ هود : 60 ] ، وفي قصة موسى بعد من هذه السورة : ? } - قرآن كريم ((( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( (( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - - { - عليه السلام - - (( - - ? [ هود : 99 ] ؛ حيث جمع في قصة هود بين اسم الإشارة ولفظ الدنيا الجاري عليه وصفاً ، واكتفى في قصة موسى باسم الإشارة دون التابع .
ووجه ذلك – على ما ذكر ابن الزبير - : " أن قوله تعالى في قصة هود : ? } - قرآن كريم ((( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - ( الله أكبر - - - - - - { - عليه السلام - - (( - - ? [ هود : 60 ] وارد على الأصل من الجمع بين التابع نعتاً أو عطف بيان وبين متبوعه .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 135 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الاختلاف في التقديم والتأخير : البرهان للكرماني: ص 135 ، 235 ، 242 ، 254 ، 277 ، ملاك التأويل : 1/ 205 ، 2/ 907 .(1/354)
وجاء في قصة موسى عليه السلام : ? } - قرآن كريم ((( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( (( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - - { - عليه السلام - - (( - - ? [ هود : 99 ] على حذف الوصف للاكتفاء باسم الإشارة ، وكلٌّ فصيح ؛ فجيء بما هو الأصل أولاً ، ثم جيء ثانياً بما هو ثانٍ عنه ، على ما ينبغي " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : الإجمال في الموضع الأوّل والتفصيل في الثاني
قال أبو جعفر بن الزبير في تقرير ذلك : " فإن قلت : فما وجه تقديم الموجز على المطوّل ؟ قلت : شبَّه ذلك بالمجمل من الكلام والمفصّل ، وإنما يرد التفصيل بعد الإجمال ؛ فهذا الجواب مُنزَّلٌ على الترتيب الثابت ، والله سبحانه أعلم بما أراد " (2) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 658 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : 2/ 665 .
(2) ... ملاك التأويل : 1/ 491 .(1/355)
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : يمكن التمثيل له بتوجيه ابن الزبير للاختلاف الواقع في قول لوط عليه السلام لقومه :بين قوله تعالى في سورة الأعراف : ? ( المحتويات ( تمهيد ( الله أكبر ( { - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - (( - - - - ( } - جل جلاله - - - - - ( - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - - - - قرآن كريم ((( - ( - - تم بحمد الله ? [ الأعراف : 81 ] ، وقوله في النمل : ? - - قرآن كريم ( - ( - - - - صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنه -(( - ( - (( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - ( - (((( ( المحتويات ( - { - جل جلاله -((- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( - - - - - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - (( - - - - ( } - جل جلاله - - - - - ( - - رضي الله عنه - - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ? [ النمل : 54 ، 55 ] ، وقوله في العنكبوت : ? ( المحتويات ( تمهيد ( الله أكبر ( { - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - - - - { - رضي الله عنه -(( - ((1/356)
- (( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله المحتويات ( تمهيد - { - رضي الله عنه - تمهيد - رضي الله عنهم - - - { - ( - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم - مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - (( } تم بحمد الله - ((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( المحتويات ( - { - جل جلاله -((- صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( - - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (( - (( { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( تمهيد - - - - - - - قرآن كريم ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( المحتويات ( - - ( - - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - - تمهيد - ( - ( - - - } ? [ العنكبوت : 28- 29 ] .
والجواب – كما قال ابن الزبير - : " أنه قصد بما ذكر في سورة الأعراف الإشارة إلى التعريف بانهماكهم في الجرائم وقبيح المرتكبات ؛ فنصّ على أفحشها وحصل الإيماء إلى ماوراء ذلك بما ذكر من إسرافهم .
ولما قيل في سورة النمل : ? - - قرآن كريم ( - ( - - - - صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنه -(( - ( - (( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - ( - ? [ النمل : 54 ] : كان أهم شيء أن تُنفى عنهم فائدة الأبصار ؛ إذ لم تُغن عنهم شيئاً ؛ فأعقب بقوله :
? ( - - رضي الله عنه - - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ? [ النمل : 54 ] أي : إن مرتكبكم مع علمكم بشنيع ما فيه من أقبح ما يرتكبه الجهّال ، ولم يذكر هنا إسرافهم ؛ إذ قد حصل فيما ذكر .(1/357)
وأما سورة العنكبوت فقصد فيها تفصيل ما أشير إليه في الأعراف من شنيع ما ارتكبوه من إسرافهم فقيل : ? ( المحتويات ( - { - جل جلاله -((- صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( - - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (( - (( { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( تمهيد - - - - - - - قرآن كريم ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( المحتويات ( - - ( - - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - - تمهيد - ( - ( - - - } ? [ العنكبوت : 29 ] . وورد أوّلاً - بحسب الترتيب المتقرّر عليه السور والآيات – ذكر أفحش مرتكباتهم ، ثم أجمل القول في سائر جرائمهم . ثم أتبع في السورة الثانية بشنيع حالهم في تلك الفعلة المنصوص عليها ؛ من حيث بيان فحشها للأبصار والبصائر . ثم أتبع ذلك في السورة الثالثة بتفصيل بعض قبائح أفعالهم والتنصيص عليها ، وجاء هذا كله على ما يجب ، ولا يمكن العكس فيما ورد ، والله أعلم " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 548- 549 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : 1/ 222 ، 491 ، البرهان للكرماني : ص 261 .(1/358)
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : فيمكن التمثيل له بما وجّه به ابن الزبير أيضاً الاختلاف الوارد بين قوله تعالى : ?( - ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( تمهيد - - - } - قرآن كريم ( - } - - - - - عليه السلام - - ( - (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( المحتويات ( - - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( - - - ( المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - { ( - - - { ((( - - - ? [ آل عمران : 11 ] ، وقوله : ? ( - ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - - عليه السلام -( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( - - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( - - - ( المحتويات ( - - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - - } تمت ( { { - - - - - ( قرآن كريم - - ( - - ( - - { ( - - - { ((( - - - ? [ الأنفال : 52 ]، وقوله : ?( - ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - - عليه السلام -( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - - - } - قرآن كريم ( - } - - - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ( المحتويات ( - ( - - -(1/359)
عليه السلام - - المحتويات ( - ( - - جل جلاله -( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - ( - - - - - جل جلاله -( - } - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - ((( - ( - ( - ( ? [ الأنفال : 54 ] ، وقد ذكر ابن الزبير هاهنا عدّة أسئلة ، لكن الذي يتعلّق منها بهذه القاعدة هو : " السؤال الخامس : الذي فيه السؤال عن تفصيل العقاب في ثانية الأنفال ، ولم يرد في الأخريين ذلك التفصيل ؟
وجوابه : أنه [ أي الموضع الثاني من الأنفال ] آخر موضع وقع التذكير فيه بعادة آل فرعون في تكذيبهم وأخذهم بكفرهم ، والترتيب الذي استقرّ عليه الكتاب العزيز متوقّف على الآتي به - صلى الله عليه وسلم - ، وقد بينّا ذلك في غير هذا ، وأن من ظن أن الترتيب مِن قِبَل الصحابة فقد غفل وذهل عما بُني عليه من جليل الاعتبار ، وسنذكر ذلك في سورة القمر – إن شاء الله – " (1) .
* * *
القاعدة الثالثة : ذكر المتقدّم زمناً في الموضع الأول والمتأخر في الثاني
التقدّم في الزمن : يشمل كلَّ شيء تقدّم شيئاً في وقت حدوثه ، ويدخل فيه : تقدّم السبب على المسبَّب ؛ لكونه أسبق منه في الوقوع .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال ، ومثاله : توجيه الكرماني في قوله :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 291- 294 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : 1/ 338 ، 344 ، 2/ 874 .(1/360)
" قوله تعالى : ? - فهرس - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - ( - - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - - عليه السلام - - ( - - ( - - قرآن كريم (- جل جلاله -( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ? [ إبراهيم : 11 ] ، وبعده : ? ( - { - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - - عليه السلام - - ( - - ( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( - - - ? [ إبراهيم : 12 ] : لأن الإيمان سابق على التوكّل " (1) .
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير : فمثاله قول ابن الزبير : " وأما قوله سبحانه في سورة البقرة : ? } - قرآن كريم ( - ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عز وجل - - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - - جل جلاله - - } - ( - } - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { { (( مقدمة ? [ البقرة : 58 ] ، وعكس ذلك في الأعراف : ? } - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { { (( مقدمة } - قرآن كريم ( - ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنه - - ( - - - - - جل جلاله - - } - ( - ? [ الأعراف : 161 ] .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 235 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الاختلاف في الإبدال : ص 114 ، 116 ، 159 ، 231 ، 235 ، 289 ، 340 ، 341 ، 357 ، ملاك التأويل : 1/ 204 ، 316 ، 2/ 797 ، 849 ، فتح الرحمن : ص 360 ، 467 ، 573 ، 612 .(1/361)
فوجه ذلك والله أعلم : أن قولهم (( حطّة )) دعاء أُمروا به في سجودهم ، فلو ورد في السورتين على حدٍّ سواء ؛ لأوهم من حيث مقتضى الواو من الاحتمال أنهم أمروا بالسجود والقول منفصلين ، غير مُساوقٍ أحدُهما للآخر على أحد محتملات الواو في عدم الرتبة ، فقدّم وأخّر في السورتين ليُحرز المجموعُ أن المراد بهذا القول أن يكون في حال السجود لا قبله ولا بعده ، وتعيّن بهذا معنى المعيّة من محتملات الواو ، وتحرّر المقصود ، وأن المراد : وادخلوا الباب سجّداً قائلين في سجودكم : (( حطّة )) ، فاكتفى بتقلّب الورود عن الإفصاح بمعنى المعيّة ؛ إيجازاً جليلاً وبلاغةً عظيمة .
وقدّم في البقرة الأمر بالسجود لأن ابتداء السجود يتقدّم ابتداء الدعاء ، ثم يتساوق المطلوبان ؛ فجاء ذلك على الترتيب الثابت في السور والآي ، والله أعلم " (1) .
* * *
القاعدة الرابعة : الحمل على اللفظ في الموضع الأول وعلى المعنى في الثاني
قرّر النّحاة : أنه إذا اجتمع في الضمائر مراعاة اللفظ والمعنى ؛ بُدئ باللفظ ثم بالمعنى(2).
لكن ذلك – عندهم - في ضمائر السياق الواحد ، أما أصحاب توجيه المتشابه فقد توسّعوا في ذلك ؛ كما سيتّضح من خلال الأمثلة .
هذا مع أني لم أجد أحداً استعمل هذه القاعدة غير ابن الزبير ، وربما كان ذلك لأنه أكثرهم استعمالاً للقواعد التي يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف – كما سبق - .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 205 .
(2) ... انظر : الإتقان : 1/ 565 ، الكلّيات : ص 568 ، قواعد التفسير للسبت : 1/ 406 .(1/362)
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في التذكير والتأنيث ، ومثاله : توجيه ابن الزبير للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في سورة آل عمران : ? ( - ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( تمهيد - - - (( } تم بحمد الله ((((- صلى الله عليه وسلم -( - - - ( { - رضي الله عنه -(( - - رضي الله عنهم - - - - ( - ( - { ( - - - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( مقدمة - (( ? [ آل عمران : 49 ] ، وقوله في المائدة : ?( ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ((((- صلى الله عليه وسلم -( - - - ( { - رضي الله عنه -(( - - رضي الله عنهم - - - - ( - ( - { ( - - - - ( الله أكبر ( - ( - ( - ( - (( - - رضي الله عنه - - - ( - { - - (( ? [ المائدة : 110 ] .
قال ابن الزبير : " والجواب عن ذلك والله أعلم : أن الترتيب الذي استقرّ عليه القرآن في سوره وآياته أصلٌ مراعى ، وقد تقدّم بعض إشارة إلى ذلك ولعلّنا نزيد في بيانه إن شاء الله .
وعودة الضمير على اللفظ وما يرجع إليه أَوْلى ، وعودته على المعنى ثانٍ عن ذلك ، وكلا الرَّعيين عالٍ فصيح ؛ فعاد في آية آل عمران على الكاف لأنها تُعاقب ( مثل ) وهو مذكّر ؛ فهذا لحْظ لفظي . ثم عاد في آية المائدة إلى الكاف من حيث هي في المعنى صفة ؛ لأن المثْل صفة في التقدير المعنوي ؛ فحصل مراعاة اللفظ أولاً ومراعاة المعنى ثانياً على مايجب ... وقد بيّنّا أن رعي اللفظ في ذلك هو الأولى ؛ فجرى في آية آل عمران على ذلك لأنها متقدّمة في الترتيب ، وجرى في آية المائدة على ما هو ثانٍ إذ هي ثانية في الترتيب ، وذلك على ما يجب " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 302 .(1/363)
[ ب ] وأما المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع : فيمكن التمثيل له بما وجّه به ابن الزبير الاختلاف الوارد في ذلك بين قوله تعالى – في سورة سبأ - : ? } تمت ( { - (( - درهم ( - ( - - - { - رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - - - ( - - رضي الله عنه -( - - - ( - - تم بحمد الله ? [ سبأ : 9 ] ، وقوله بعد : ? } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - - - - ( - - ( - - قرآن كريم ( - - { ? [ سبأ : 19 ] .
قال ابن الزبير : " ... ثم إن المعلوم من لسان العرب : إذا تقدّم من الأسماء المفردة ما له لفظ ومعنى ؛ فإن رَعْيَ لفظه في عودة ضميرٍ أو تفسيرٍ أولى ، ثم قد يُراعى المعنى بعد فيعود الضمير بحسبه من تثنية أو جمع ... والإعادة إلى اللفظ أكثر ، وعليه قيل في الآية الأولى : ? } تمت ( { - (( - درهم ( - ( - - - { - رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - ? [ سبأ : 9 ] بإفراد - على الأَولى والأكثر - مع جواز وروده على المعنى إن اعتضد ذلك . أما الآية الثانية فجمع آيات فيها لا يمكن خلافه ؛ فورد كلٌّ على مايجب ، ويمتنع العكس لِما ذُكر " (1) .
* * *
القاعدة الخامسة : مراعاة موقع السورة في ترتيب المصحف
المراد بهذه القاعدة : أن بعض التوجيهات اعتمدت على موقع السورة التي فيها أحد الموضعين المتشابهين ، ومراعاة كونها سابقة عليها أو متأخّرة عنها ، أو مراعاة كون تلك السورة في أول القرآن ، أو آخره ، أو السورة العاشرة منه ، أو في نصفه الأول أو في نصفه الثاني ، أو غير ذلك – مما ستوضحه الأمثلة - .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 953- 955 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الإفراد والجمع : البرهان للكرماني : ص 167- 168 .(1/364)
[ أ ] مثال المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : قول الكرماني : " قوله تعالى : ?- رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - ? [ الحديد : 1 ] ، وكذلك في الحشر [ آية : 1 ] ، والصف [ آية : 1 ] ،ثم : ? ( - ( مقدمة - - - ( - ? في الجمعة [ آية : 1 ] ، والتغابن [ آية : 1 ] .
هذه كلمة استأثر الله بها : فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل ( الإسراء ) [ آية : 1 ] : لأنه الأصل ، ثم بالماضي : لأنه أسبق الزمانين ، ثم بالمستقبل ، ثم بالأمر في سورة الأعلى [ آية : 1 ] : استيعاباً لهذه الكلمة من جميع جهاتها ، وهي أربع : المصدر والماضي والمستقبل وأمر المخاطب فحسب ؛ فهذه أعجوبة وبرهان " (1) .
[ ب ] نوع الاختلاف في الإفراد والجمع : مثاله توجيه الكرماني للاختلاف الوارد بين قوله تعالى في سورة يونس : ? } - قرآن كريم ( - ( - - ( - - - عليه السلام - - قرآن كريم ( - ( - (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ يونس : 38 ] ، وقوله في هود : ? } - قرآن كريم ( - ( - - ( ( - ((- رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ هود : 13 ] ؛ حيث أفرد السورة في يونس ، وجمعها في هود .
قال الكرماني : " لأن ما في هذه السورة [ يونس ] تقديره : بسورة مثل سورة يونس ، فالمضاف محذوف في السورتين ، وأصله : مثل سورة . وما في هود : إشارة إلى ما تقدّمها من أول (( الفاتحة )) إلى (( هود )) ، وهي عشر سور " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 341 . وانظر : غرائب التفسير للكرماني : 1/ 619 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 1/ 254 ، والسيوطي في الإتقان : 2/ 209 . وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الصيغة : ملاك التأويل : 2/ 1070 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 215 .(1/365)
[ ج ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : فيمكن التمثيل له بقول ابن الزبير: " السؤال الثاني : ما وجه افتتاح السور الخمس – وهي : سورة أم القرآن ، وسورة الأنعام، وسورة الكهف ، وسورة سبأ ، وسورة فاطر – بقوله تعالى : ? ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ? ، واختصاصها بذلك مع تساوي السور كلّها في استقلالها بأنفسها ، وامتياز بعضها من بعض؟
والجواب عن ذلك : أن وجه تخصيص السور الخمس بما افتتحت به ، من حمده تعالى : ما ذُكر آنفاً ، أما أم القرآن : فهي أوّل السور ومطلع القرآن العظيم – بالترتيب الثابت - ، فافتتاحها بحمده تعالى بيّن ... " (1) .
[ د ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر و الحذف ، الذي يمكن التمثيل له بتعليل الكرماني للخلاف الواقع في ذلك بين قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - ( - - ( - - - عليه السلام - - قرآن كريم ( - ( - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ البقرة : 23 ] ، وفي يونس : ? - - - عليه السلام - - قرآن كريم ( - ( - (( - ( - ( - ( } تم بحمد الله ? [ يونس : 38 ] ؛ حيث ذكر : ? صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ? [ البقرة : 23 ] في سورة البقرة ، ولم يذكرها في آية يونس .
قال الكرماني في تعليل ذلك : " لأن (( مِن )) تدلّ على التبعيض ، ولمّا كانت هذه السورة سنام القرآن ، وأوّله بعد الفاتحة : حسُن دخول (( مِن )) عليها ؛ ليعلم أن التحدّي واقع على جميع سور القرآن من أوّله إلى آخره ، وغيرها من السور : لو دخلها (( مِن )) لكان التحدّي واقعاً على بعض السور دون بعض ، ولم يكن ذلك بالسهل " (2) .
* * *
المطلب الخامس : القواعد التي يغلب عليها مراعاة أمر آخر
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 150- 154 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 116- 118 .(1/366)
والمراد بالأمر الآخر هنا : هو ما عدا الأمور الأربعة المذكورة في المطالب السابقة ، وهي : مراعاة الجانب اللفظي ، ومراعاة الجانب المعنوي ، ومراعاة السياق ، ومراعاة ترتيب المصحف .
وقواعد هذا المطلب ثماني قواعد ، لا يغلب عليها مراعاة أمر معيّن ؛ ولذلك جعلت عنوان المطلب غير محدّد ؛ ليشملها جميعاً .
القاعدة الأولى : مراعاة الأصل في القرآن
المراد بالأصل في القرآن هو : الشيء المطّرد في القرآن ؛ سواء كان اطّراده أغلبياً – وهو الأكثر – أو كلّياً ، كما سيزداد ذلك وضوحاً من خلال الأمثلة .
لكن قبل ذكر الأمثلة أودّ أن أشير إلى أن مراعاة الأصل في القرآن ، أو مايُسمى بطريقة القرآن ، أو معهود القرآن ، أو عادة القرآن ، أو عُرف القرآن ، أو الاستعمال الأغلب في القرآن – على اختلاف في التعبير عن ذلك - : أمرٌ مراعى كذلك ومعتبر في التفسير ، وفي ترجيح معنى أو تضعيف آخر (1) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : مثاله : أحد تعليلات ابن الزبير لتكرار قوله تعالى :
? ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - ( - - - - ( - ( - ( - - ? [ المرسلات : 15 ] في سورة المرسلات ، ووجه الترتيب فيما تخلل مُتكرّراتها في هذه السورة .
__________
(1) ... انظر في ذلك : فصول في أصول التفسير للطيار : ص 112 ، قواعد الترجيح عند المفسّرين للحربي : 1/ 172 ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 798 ، تفسير القرآن الكريم أصوله وضوابطه : ص 98 .(1/367)
حيث قال في آخر كلامه : " ثم ذكر تعالى حال المتّقين ومصيرهم في ثلاث آيات تأنيساً للمؤمنين ، وعلى المطّرد في الكتاب العزيز من ذكر الإعقاب ؛ متى ذكر أحد الفريقين من أهل النجاة وأهل الامتحان أن يعقّب بذكر الفريق الآخر ، ثم عاد الكلام إلى تهديد من قدّم ، وأعقب بما يلائم من امتناعهم عن الاستجابة والخشوع " (1) .
( 2 ) أما نوع المتشابه مع الاختلاف : فأنواعه التي ورد لها أمثلة هي كالتالي :
[ أ ] مثال المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير : توجيه أبي يحيى الأنصاري في قوله : " قوله تعالى : ? - ( - - صدق الله العظيم ( - ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - (( } ((- عليه السلام - - ( - - - جل جلاله -(((- رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ( ? [ الأعراف : 188 ] : قدّم النفع هنا [ في سورة الأعراف ] ، وعكس في يونس [ آية : 49 ] :
لأن أكثر ما جاء في القرآن من لفظَي الضر والنفع معاً : جاء بتقديم الضر على النفع ، ولو بغير لفظهما ؛ كالطَّوْع والكره في الرعد [ آية : 15 ] (2) ؛ لأن العابد يعبد معبوده خوفاً من عقابه أولاً ، ثم طمعاً في ثوابه ثانياً ... وقدّم الضر في آية يونس على الأصل . " (3) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1125- 1129 .
(2) ... ورد ذكر الطوع والكره في أربعة مواضع : آل عمران : 83 ، التوبة : 53 ، الرعد : 15 ، فصلت : 11 .
(3) ... فتح الرحمن : ص 302 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التقديم والتأخير : البرهان للكرماني : ص 201 ، ملاك التأويل : 2/ 710 .(1/368)
[ ب ] أما نوع الاختلاف في الإبدال : فمثاله : قول ابن الزبير : " قوله تعالى في سورة الزمر : ? - - ( الله أكبر ( { - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - درهم ( - - - ( { - - (- رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - - ? [ الزمر : 2 ] ، وقال فيما بعد : ? - - ( الله أكبر ( { - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ? [ الزمر : 41 ] : للسائل أن يسأل عن قوله أولاً : ? - درهم ( - - - ( { ? [ الزمر : 2 ] ، وثانياً : ? - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? [ الزمر : 41 ] ، وهل بينهما فرق يوجب خصوص كلِّ واحدة من العبارتين بمكانها ؟
والجواب : أن : ? - درهم ( - - - ( { ? [ الزمر : 2 ] و ? - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? [ الزمر : 41 ] : هنا مترادفتان على معنى واحد من معنى الخطاب ؛ فتارة يُراعى وصول المنزل بواسطة المَلَك ، وتارة يراعى وصوله من عند الله سبحانه من غير واسطة ، فإذا رُوعي هذا قيل: ? - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ?
[ الزمر : 41 ] ، وإذا رُوعي الأول قيل : ? - درهم ( - - - ( { ? [ الزمر : 2 ] ، قال تعالى :(1/369)
? - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - - - - (( - - رضي الله عنه - - ( - الله أكبر ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { ? [ البقرة : 4 ] ، وقال تعالى : ? ( - ( - { - رضي الله عنه -( - - - ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( فهرس ( - ( - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ? [ الكهف : 1 ] ، والأول أكثر فبُدِئ هنا به " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 983 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : البرهان للكرماني : ص 266 .(1/370)
[ ج ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : الذي يمكن التمثيل له بما ذكره الكرماني في قوله : " قوله تعالى : ? } تمت ( { - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( المحتويات فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - ((- رضي الله عنه - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( (( - ( - - ( - - رضي الله عنهم - - } - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ((( - - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - - - ( - ? [ الأنعام : 117 ] ، وفي القلم : ? } تمت ( { - درهم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( المحتويات فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - } - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( (( - ( - - ( - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه -((( - - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - - - ( - ? [ القلم : 7 ] بزيادة (( الباء )) : لأن إثبات الباء هو الأصل ؛ كما في القلم وغيرها من السور(1) ؛ لأن المعنى لا يعمل في المفعول به فقُوِّي بالباء ، وحيث حُذفت أُضمر فعلٌ يعمل فيما بعده " (2) .
* * *
القاعدة الثانية : مراعاة الأصل في اللغة
تقدّم أن المراد بالأصل في اللغة : الأكثر استعمالاً عند أهل اللغة ، وهو يقال في مقابل (( الفرع )) ويراد به : الأقلّ استعمالاً . وبعضهم يسمّي الأصل : بالقياس ، والفرع بالجائز .
__________
(1) ... جاءت الباء مثبتة في ثلاثة مواضع : النحل : 125 ، النجم : 30 ، القلم : 7 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 177 .(1/371)
وقد تقدّم ذلك مع زيادة تفصيل في : القاعدة الأولى من قواعد المطلب السابق – الرابع – الخاص بالقواعد التي يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الصيغة : يمكن التمثيل له بما قاله أبو يحيى الأنصاري : " قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم -(( - - - ? [ البقرة : 38 ] ، وفي طه : ?( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - { - - - ? [ طه : 123] ، فإن قلت : لِم عبّر هنا [ البقرة ] بتبع ، وثَمَّ [ طه ] باتّبع ، مع أنهما بمعنى ؟
قلت : جرياً على الأصل(1) هنا [ سورة البقرة ] ، وموافقة لقوله : ? - - قرآن كريم ((( - ( - - رضي الله عنه - - - ((( - } - - - - ? [ طه : 108 ] ثَمَّ . ولأن القضيّة ثَمَّ لمّا بُنيت من أول الأمر على التأكيد بقوله تعالى :? ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - رضي الله عنه -( - - فهرس - ( { - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( تمهيد - - ? [ طه : 115 ] ؛ ناسب اختصاصها بالزيادة المفيدة للتأكيد " (2) .
ويُلحظ في هذا المثال : أن الأنصاري ذكر عدداً من التعليلات ، التي يمكن التمثيل بها لعدد من القواعد ، وقد سبق أن ذُكر هذا المثال نفسه مثالاً لقاعدة (( زيادة المبنى لزيادة المعنى )) ، كما يمكن أن ُيمثّل به – أيضاً - لقاعدة (( مراعاة الموافقة اللفظية للسياق )) .
__________
(1) ... أي : تجريد الفعل من حروف الزيادة . ذكر هذا التوضيح محقق الكتاب : د. عبد السميع حسنين .
(2) ... فتح الرحمن : ص 153 .(1/372)
[ ب ] أما نوع الاختلاف في التقديم والتأخير : فمثاله : قول الكرماني : " قوله تعالى: ? - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم ( - ((( - - - - رضي الله عنه - - ( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( مقدمة - (( } - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ النحل : 14 ] في هذه السورة [ النحل ] ، وفي الملائكة [ فاطر ] : ? - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - ((( - - - ( مقدمة - (( - رضي الله عنه - - ( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - - ( - ? [ فاطر : 12 ] :
ما في هذه السورة جاء على القياس ؛ فإن ? - درهم ( - ((( - - - ? [ النحل : 14 ] المفعول الأول لـ ? - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - ? [ النحل : 14 ] ، و ? - ( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ النحل : 14 ] المفعول الثاني ، و ? مقدمة - (( ? [ النحل : 14 ] ظرف ، وحقّه التأخير ، والواو في : ? } - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ النحل : 14 ] للعطف على لام العلة في قوله : ? } - قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ? [ النحل : 14 ] " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 242 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التقديم والتأخير : ص 207 ، 221 ، درة التنزيل : 1/ 391 ، ملاك التأويل : 1/ 438 ، 907 ، فتح الرحمن : ص 440 ، 519 .(1/373)
[ ج ] بقي المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : الذي يمكن التمثيل له بقول الكرماني – أيضاً - : " قول الله تبارك وتعالى : ? ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - ? [ المائدة : 3 ] : بحذف الياء ، وكذلك : ? ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -(( فهرس - ? [ المائدة : 44 ] ، وفي البقرة :
? - ( الله أكبر ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ البقرة : 150 ] : بالإثبات .
لأن الإثبات هو الأصل ، وحذف ياء : ? ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - ? [ المائدة : 3 ] من الخط لمّا حذف من اللفظ ، وحذف من الأخرى إتباعاً لموافقة ما قبلها " (1) .
* * *
القاعدة الثالثة : مراعاة اختلاف الموقع الإعرابي
المراد باختلاف الموقع الإعرابي : أن يأتي الحرف أو الكلمة أو الجملة في أحد السياقين المتشابهين في موقع رفعٍ أو نصبٍ أو جرٍّ أو جزمٍ ، ثم يأتي في السياق الآخر في موقع مختلف ؛ مما يسبّب اختلافاً في إعرابها .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 159 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الذكر والحذف : ص 177 ، 180 ، 188 ، 249 ، 266 ، 291 ، 327 ، 341 ، فتح الرحمن : ص 237 ، 380 .(1/374)
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في علامة الإعراب : مثاله : قول الكرماني : " قوله تعالى : ? ( تمت ( { { - ( - - صدق الله العظيم ( { - - - جل جلاله -( - - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - فهرس - - صلى الله عليه وسلم - الله } - - ? [ الدخان : 35 ] : مرفوع . وفي الصافات [ آية : 59 ] : منصوب . ذُكر في المتشابه وليس منه ؛ لأن ما في هذه السورة : مبتدأ وخبر ، وما في الصافات : استثناء " (1) .
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال فمثاله : قول الكرماني – أيضاً - : " قوله تعالى : ? - - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - } - قرآن كريم ((((((( - - عليه السلام - - قرآن كريم ( الله أكبر ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ((- صلى الله عليه وسلم - - ( - ? [ التوبة : 32 ] في هذه السورة
[ التوبة ] ، وفي الصف : ? } - قرآن كريم ((((((( - ( - ? [ الصف : 8 ] : حذف اللام في الآية الأولى : لأن مرادهم إطفاء نور الله ، وهو المفعول به ، والتقدير : ذلك قولهم بأفواههم ، ومرادهم إطفاء نور الله بأفواههم . والمراد الذي هو المفعول به في الصف مضمرٌ ؛ تقديره : ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب ، ومرادهم افتراء الكذب على الله ؛ ليطفئوا نور الله ؛ فاللام لام العلّة.
وذهب بعض النحاة إلى أن الفعل محمول على المصدر ؛ أي : إرادتهم لإطفاء نور الله"(2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 332 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في علامات الإعراب: ص 160 ، درة التنزيل : 1/ 429 ، 2/ 768 ، فتح الرحمن : ص 239 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 209- 210 .(1/375)
[ ج ] بقي نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ومثاله : قول ابن جماعة :" قوله تعالى: ? ( المحتويات - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - } تمت - صلى الله عليه وسلم - - { - - - - ( - { - - - - رضي الله عنه - - فهرس - - رضي الله عنهم - } ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - - عليه السلام -(( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - - ? [ الإسراء : 99 ] ، وفي يس والأحقاف : ? - ( - ( - { ( - ? [ يس : 81 ، الأحقاف : 33 ] ؟
جوابه : أن : ?( - ( - - - - ? [ الإسراء : 99 ] هنا [ في الإسراء ] : خبر (( أنّ )) المثبتة ؛ فلم تدخله (( الباء )) .
وفي يس : هو خبر (( ليس )) النافية ؛ فدخلت (( الباء )) في خبرها . وفي الأحقاف : لمّا أكّد النفيَ بنفي ٍ ثانٍ ، وهو قوله تعالى : ? ( المحتويات - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (((- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - ( { ( - - - ( - ? [ الأحقاف : 33 ] ؛ ناسب دخول (( الباء )) في : ? - ( - ( - { ( - ? [ الأحقاف : 33 ] " (1) .
* * *
القاعدة الرابعة : مراعاة ترتيب الزمن
المراد بترتيب الزمن : هو ترتيب حدوث الشيء كما حصل في الواقع .
وهذه القاعدة فيها تداخلٌ مع قاعدة (( ذكر المتقدّم زمناً في الموضع الأول والمتأخّر في الثاني )) وهي القاعدة الثالثة من قواعد المطلب السابق ، وهي : القواعد التي يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 236- 237 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 131 ، 316 ، البرهان للكرماني : ص 114 ، 122 ، 150 ، 201 ، 222 ، 254 ، 321 ، 324 ، 338 ، فتح الرحمن : ص 155 .(1/376)
كما أن هذه القاعدة تتداخل – أيضاً – مع قاعدة (( مراعاة اختلاف الزمن )) وهي القاعدة الرابعة من قواعد المطلب الذي قبل السابق ، وهي : القواعد التي يغلب عليها مراعاة السياق .
ولكن مع وجود هذا التداخل ؛ فإن بينها افتراقاً أوجب إفراد كلّ قاعدة منها على حدة، ومردّ هذا الافتراق إلى اختلاف جهات الاعتبار في كلّ ٍ منها .
فجهة الاعتبار في هذه القاعدة – مثلاً - : هو ترتيب الزمن ، دون النظر لأيّ اعتبار آخر . في حين أن جهة الاعتبار في قاعدة (( ذكر المتقدّم زمناً في الموضع الأول والمتأخّر في الثاني )) هو : كون ترتيب الزمن موافقاً لترتيب المصحف . وهكذا يمكن ادراك الفرق بين هذه القواعد الثلاث المتعلّقة جميعها بالزمن ، وهو – أي التعلّق بالزمن – هو الذي أوجد بينها هذا التداخل .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير : مثاله : قول الكرماني :(1/377)
" قوله تعالى : ? ( تمت - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - - - - (- رضي الله عنهم - - - ( - - - - رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - ( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ البقرة : 126 ] ، وفي إبراهيم : ? ( تمت - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - - - - (- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - - جل جلاله -- جل جلاله -( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ إبراهيم : 35 ] : لأن : ? - - - (- رضي الله عنهم - - ? [ البقرة : 126 ] : إشارة إلى المذكور في قوله : ? - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - - ( - ( - - (( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - جل جلاله -(( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم { - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - ? [ إبراهيم : 37 ] قبل بناء البيت . وفي إبراهيم : إشارة إلى البلد بعد البناء .
فيكون ? - ( - - - - رضي الله عنه - - ? [ البقرة : 126 ] في هذه السورة [ البقرة ] المفعول الثاني ،
و ? - - جل جلاله - - ( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ البقرة : 126 ] : صفته . و ? - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - ? [ إبراهيم : 35 ] في إبراهيم المفعول الأول ، و ? - - جل جلاله -- جل جلاله -( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ إبراهيم : 35 ] : المفعول الثاني " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 130- 131 ، وانظر مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التذكير والتأنيث : درة التنزيل : 1/ 282 .(1/378)
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير ، فمثاله : قول الكرماني – أيضاً - : " قوله تعالى : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - قرآن كريم - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - - عليه السلام - - ( الله أكبر - - - - - - صدق الله العظيم ( { ( - (( - - ( قرآن كريم ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } ? [ الأنعام : 32 ] : قدّم اللعب على اللهو في هذه السورة [ الأنعام ] في موضعين [ الأنعام : 32 ، 70 ] ، وكذلك في القتال
[ محمد : 36 ] ، والحديد [ آية : 20 ]. وقدّم اللهو على اللعب في الأعراف [ آية : 51 ] ، والعنكبوت [ آية : 64 ] .
وإنما قدّم اللعب في الأكثر : لأن اللعب زمانه الصبا ، واللهو زمانه الشباب ، وزمان الصبا مقدَّم على زمان الشباب " (1) .
[ ج ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، ومثاله : توجيه الكرماني للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في سورة آل عمران : ? - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - قرآن كريم ( - ( - ( - ( تم بحمد الله ? [ آل عمران : 52 ] ، وقوله في المائدة : ? - - - جل جلاله -( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - ( تم بحمد الله ? [ المائدة : 111 ] .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 169 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التقديم والتأخير : ص 127 ، 236 ، ملاك التأويل : 2/ 966 ، كشف المعاني : ص 100- 101 ، 251 .(1/379)
حيث قال : " لأن ما في المائدة أول كلام الحواريين ؛ فجاء على الأصل . وما في هذه السورة تكرار لكلامهم ؛ فجاز فيه التخفيف ، لأن التخفيف فرع ، والتكرار فرع ، والفرع بالفرع أليق " (1) .
* * *
القاعدة الخامسة : مراعاة ترتيب النزول
المراد بترتيب النزول : هو كون أحد السياقين المتشابهين نازلاً قبل السياق الآخر ، سواءٌ كانا في سورتين أو في سورة واحدة .
وهذه القاعدة يمكن أن تُدرج في القاعدة السابقة _ قاعدة : مراعاة ترتيب الزمن – لكون ترتيب النزول هو على وفق الترتيب الزمني . لكنّي آثرت إفرادها عنها ؛ لأنهما قد لا يتفقان على كلّ حال (2) ، ولأن مراعاة ترتيب النزول أقوى تعليلاً من مراعاة عموم ترتيب الزمن .
ويدخل في ترتيب النزول : ترتيب المكّي والمدني ، كما سيأتي في الأمثلة .
ومعرفة ترتيب نزول القرآن وسوره ، والمكّي منها والمدني ؛ من علوم القرآن التي لها فوائد كثيرة ؛ في فهم القرآن ، وحلّ مشكلاته ، وغير ذلك (3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 149 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف: ص 151 ، درة التنزيل : 1/ 384 .
(2) ... انظر مثالاً على ذلك : البرهان للزركشي : 2/ 192 .
(3) ... انظر : المكي والمدني في القرآن الكريم لعبد الرزاق حسين أحمد : 1/ 134 وما بعدها .(1/380)
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير : مثاله : تعليل الكرماني للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في سورة البقرة : ? - - - ( - رضي الله عنهم -- رضي الله عنهم - - - - جل جلاله -( - ( - ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - - (( - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم -( - ( ( - (( - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - ? [ البقرة : 234 ] ، ثم قوله بعدها بآيات : ? صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 240 ] .
حيث قال : "هذه الآية بإجماع من المفسّرين مقدّمةٌ على تلك الآية في النزول ، وإن وقعت في التلاوة متأخّرة ... وأجمعوا أيضاً على أن هذه الآية منسوخة بتلك الآية ، والمنسوخ سابق على الناسخ ضرورة ؛ فصحّ ما ذكرتُ : أن قوله : ? ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - ?
[ البقرة : 234 ] هو ما ذُكر في قوله : ? صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 240 ] ؛ فتأمّل فيه فإن هذه دليل على إعجاز القرآن " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 140- 141 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في التعريف والتنكير : كشف المعاني : ص 133 ، 189 ، فتح الرحمن : ص 151 .(1/381)
[ ب ] أما نوع الاختلاف في الإظهار والإضمار ، فمثاله : ما نقله الكرماني عن الخطيب في توجيه الاختلاف الواقع بين قوله تعالى في سورة الأعراف : ? المحتويات ( - قرآن كريم ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - } ? [ الأعراف : 82 ] ، وقوله في النمل : ? } - ( قرآن كريم ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - ( قرآن كريم ( - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ النمل : 56 ] .
قال الكرماني : " قال الخطيب : سورة النمل نزلت قبل هذه السورة ؛ فصرّح في الأولى وكنّى في الثانية " (1) .
ولم أنقل نصّ كلام الخطيب ؛ لكون الكرماني نقله بمعناه مختصراً ، مع أن عبارة الكرماني أوضح في المراد من نصّ عبارة الخطيب .
[ ج ] وأما نوع الاختلاف في الإبدال : فيمكن التمثيل له بتوجيه الخطيب الإسكافي للاختلاف الوارد في ذلك بين قوله تعالى في الأعراف : ? - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - - - ( تمهيد - رضي الله عنه - الله أكبر - - - - (( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - (- رضي الله عنه -(( - - - ? [ الأعراف : 83 ] ، وقوله في النمل : ? - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - - - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - ((( - ( - (- رضي الله عنه -(( - - - ? [ النمل : 57 ] .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 194 ، وانظر كلام الخطيب الذي أشار إليه الكرماني في : درة التنزيل : 2/ 636 .(1/382)
حيث يقول الخطيب : " وإذا بنينا على هذا فإن قوله : ? - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - - - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - ((( - ( - (- رضي الله عنه -(( - - - ? [ النمل : 57 ] أي : كتبنا عليها أن تكون من الباقين في القرية الهالكين مع أهلها؛ فلمّا ذكر في الآية المنزلة أوّلاً أحال في الثانية على الأولى في البيان ؛ فقال : ? - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - - - ( تمهيد - رضي الله عنه - الله أكبر - - - - (( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - (- رضي الله عنه -(( - - - ? [ الأعراف : 83 ] أي : في تقدير الله الذي قدّره لها ، وأخبر فيما قبل عن حكمه عليها " (1) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 636- 637 ، وانظر مثالين آخرين لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : 2/ 649 ، ملاك التأويل : 1/ 232 .(1/383)
[ د ] بقي المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، ومثاله : ما ذكره ابن الزبير في توجيه الاختلاف الحاصل بين قوله تعالى في البقرة : ? - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم { - - رضي الله عنهم - مقدمة ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - { - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - جل جلاله -( - ( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( - ( - (( مقدمة ( - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - } ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( { - (((( - - - عليه السلام - - ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنه -( - سبحانه وتعالى - - - ( - المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم ( { ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - } تمت ( { { - - - ( - قرآن كريم (( - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( مقدمة { - ? [ البقرة : 173 ] ، والآيتين الأخريين من سورتي الأنعام [ آية : 145 ] ، والنحل [ آية : 115 ] ، اللتين تشبهانها في الاقتصار على المحرّمات المذكورة ، وبين قوله تعالى في سورة المائدة : ?( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - ( مقدمة ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( { - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات (- رضي الله عنه - مقدمة - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - جل جلاله -( - ( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى(1/384)
الله عليه وسلم - } - ( - ( - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - (( مقدمة ( - ( { - { ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - قرآن كريم ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنه - - ( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم - - - (( } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((( - - - - - - - صدق الله العظيم ( { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ((( - { - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - (( - - - - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - } - - ( - - ( المحتويات ( - ( - ( - - ( - ( - (( - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - { { ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - - ( - - - - ( ( المحتويات ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - ( تمهيد ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - - - ( المحتويات ( - - -(1/385)
جل جلاله - - ( - ( تمهيد ( - - (( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( (( - - رضي الله عنهم - - ((( الله أكبر ( تمهيد - ((- عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - - المحتويات ( فهرس - ( - تمهيد { - - - - جل جلاله -- جل جلاله - - ( - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( { - (((( - - - (( - { - (- عليه السلام - - ( - - - - عليه السلام - - ( - - ( - - ( الله أكبر - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - تمت { - } تمت ( - - ( { - - - ( - قرآن كريم (( - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( مقدمة { - ? [ المائدة : 3 ] .
حيث قال ابن الزبير : " والجواب : أن آية المائدة من آخر ما نزل ؛ فورد فيها استيفاء ما حكم - سبحانه - بتحريمه وإلحاقه بالميْتة والدم ولحم الخنزير " (1) .
* * *
القاعدة السادسة : مراعاة سبب النزول
يُراد بسبب النزول : ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه ؛ كحادثة أو سؤال .
والمعتد من أسباب النزول : ما كان منها : صحيحاً – من حيث الرواية - ، صريحاً -من حيث الصيغة - ؛ في تفصيلات لا يحتمل المقام ذكرها .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 252 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : درة التنزيل: 1/ 394 ، البرهان للكرماني : ص 51 ، كشف المعاني : ص 92 ، 113 ، فتح الرحمن : ص 207.(1/386)
وقد قرّر أهل العلم أن من أهم فوائد معرفة أسباب النزول أنها تعين على فهم الآية على الوجه الصحيح ، كما أنه من وسائل دفع الإشكال في بعض الآيات المشكلة (1) .
والمتتبّع لكتب توجيه المتشابه يجد بأن أصحابها اعتمدوا سبب النزول وعلَّلوا به في عددٍ غير قليلٍ من توجيهاتهم ، كما في الأمثلة التالية .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : مثاله : توجيه ابن جماعة للتشابه الواقع في قوله تعالى في سورة المدّثر : ? (( مقدمة ( الله أكبر ( { - رضي الله عنه - - { - - ( - عليه السلام - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( - - ( - ( { - ( - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام - - - - - - (((( { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام - - - - - - ? [ المدثر : 18- 20 ] ؛ حيث تساءل عن فائدة تكرير : ? - عليه السلام - - - - - - ? ؟
ثم قال : " جوابه : أن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة لمّا فكّر فيما يردّ به على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما جاءه به من القرآن (2)
__________
(1) ... انظر : مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية : ص 47 ، الموافقات للشاطبي : 3/ 347 ، البرهان للزركشي:1/ 279 ، الإتقان : 1/ 120 ، قواعد الترجيح عند المفسرين : 1/ 241 ، قواعد التفسير للسبت : 1/ 53 .
(2) ... نزول هذه الآية والتي قبلها في الوليد بن المغيرة :
رواه عكرمة عن ابن عباس : أخرجه الحاكم في المستدرك : 2/ 506 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري . وعزاه في الدرالمنثور : 6/ 283 إلى البيهقي في الدلائل . كما أخرجه بسنده الواحدي في أسباب النزول : ص 513 .
ورواه العوفي عن ابن عباس : أخرجه ابن جرير في تفسيره : 23/ 429 ، وعزاه في الدر المنثور : 6/ 283 إلى ابن مردويه .
كما رواه عكرمة مرسلاً : أخرجه ابن جرير : 23/ 429 ، وعزاه في الدر المنثور : 6/ 283 إلى عبد الرزاق وابن المنذر وأبي نعيم في الدلائل ، وقال ابن كثير : 4/ 400 وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد نحواً من هذا .
ورواه قتادة مرسلاً : أخرجه ابن جرير : 23/ 430 ، وعزاه في الدرالمنثور : 6/ 282 إلى عبد بن حميد .
ورواه ابن زيد مرسلاً : أخرجه ابن جرير : 23/ 431 .(1/387)
.
فالأول تقديره : ما يريد بقوله . والثاني : أنه قدّر أن قوله شعر تردّه العرب ؛ لأنه ليس على طريقة الشعر ؛ قال الله تعالى : ? - - ( - ( { - ( - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام - - - - - - ? [ المدثر : 19 ] . والثالث : قدّر أن قوله هو كهانة من كلام الكهّان ؛ تردّه العرب لمخالفته كلام الكهّان ؛ فهو قوله تعالى ثالثاً : ? { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام - - - - - - ? [ المدثر : 20 ] " (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف : فأنواعه التي ورد لها أمثلة هي كالتالي :
[ أ ] نوع المتشابه مع الاختلاف في الإفراد والجمع ، ومثاله : قول الكرماني :" قوله تعالى : ? المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم } تم بحمد الله ((( - - رضي الله عنه - - ( - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { } ? [ الأنعام : 25 ] ، وفي يونس : ? المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - ( - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - ? [ يونس : 42 ] :
لأن ما في هذه السورة [ الأنعام ] نزل (2)
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 368 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع المتشابه بلا اختلاف : ص 380 ، درة التنزيل : 3/ 1307 ، 1370 ، البرهان للكرماني : ص 217 ، 234 ، 317- 318 ، فتح الرحمن : ص 639 .
(2) ... نزول هذه الآية بسبب قصة هؤلاء :
رواه أبو صالح عن ابن عباس : كما ذكره الواحدي في أسباب النزول : ص 247 ، وابن الجوزي في زاد المسير : ص 430 ( من الطبعة ذات المجلّد الواحد ) ، والقرطبي في تفسيره : 6/ 405 .
كما رواه الكلبي مرسلاً : ذكره البغوي في تفسيره : ص 416 .(1/388)
في أبي سفيان ، والنضْر بن الحارث ، وعتبة ، وشيبة ، وأميّة وأبيّ ابني خلف ؛ فلم يكثروا كثرة مَن في يونس ؛ لأن المراد بهم جميع الكفار" (1) .
[ ب ] أما نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال ، فمثاله : قول ابن جماعة :
" قوله تعالى : ? } - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - ( تم بحمد الله - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (- صلى الله عليه وسلم -( - ( - ? [ الكهف : 106 ] ، وفيما قبله من هذه السورة
[ الكهف ] : ? } - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - ( تم بحمد الله - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - الله أكبر ( - - - جل جلاله -- صلى الله عليه وسلم -( - ( - ? [ الكهف : 56 ] .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 167 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإفراد والجمع : ص 271- 272 ، درة التنزيل : 2/ 504 ، فتح الرحمن : ص 215 .(1/389)
جوابه : أن الآية الأولى تقدّمها : ? - رضي الله عنه - تمت - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم ( - - الله أكبر تمهيد { - - - عليه السلام - - - - جل جلاله -( - - صلى الله عليه وسلم - - - ((( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ? [ الكهف : 54 ] ، وقوله تعالى : ? - رضي الله عنه -((( - (- صلى الله عليه وسلم -(- عليه السلام - - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - - جل جلاله -( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( { - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ( - (((- رضي الله عنه - تمهيد ( - - - ( - ? [ الكهف : 56 ] ؛ فناسب ذلك : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - الله أكبر ( - ? [ الكهف : 56 ] .
والآية الثانية تقدّمها قصّة موسى والخضر ، وذي القرنين ، وسؤال اليهود ذلك (1)
__________
(1) ... سؤال اليهود عن ذي القرنين وأصحاب الكهف ، ونزول سورة الكهف جواباً على ذلك :
رواه عكرمة عن ابن عباس : أخرجه ابن جرير : 15/ 143 ، ومحمد بن إسحاق ( كما في تفسير ابن كثير: 3/ 68 ) ، وعزاه في الدر المنثور : 5/ 357 إلى ابن إسحاق وابن المنذر وأبي نعيم والبيهقي ؛ كلاهما في الدلائل .
كما رواه السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أخرجه أبو نعيم في الدلائل ( كما في الدر المنثور : 5/ 357 ) .
كما رواه قتادة مرسلاً : أخرجه ابن جرير في تفسيره : 15/ 69 .(1/390)
؛ فناسب : ? - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الكهف : 106 ] " (1) .
[ ج ] بقي نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف ، ومثاله : توجيه أبي يحيى الأنصاري للاختلاف الوارد في ذلك بين قوله تعالى في سورة النحل : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمت - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -- صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( درهم - - - (( - - ( - - ( - - - ( } تم بحمد الله - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ? [ النحل : 127 ] ، وقوله في النمل : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمت - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه -- صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( - - - - (( - - ( - - ( - - - ( } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ? [ النمل : 70 ] .
حيث قال : " قاله هنا [ النحل ] بحذف النون ، وفي النمل بإثباتها ؛ تشبيهاً لها بحرف العلّة .
وخصّ ما هنا [ النحل ] بحذفها ؛ موافقة لقوله : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - ((( - ( - - - ? [ النحل : 120 ] ، ولسبب نزول الآية .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 245 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الإبدال : ص 121 ، 122 ، 357 ، درة التنزيل : 1/ 439 ، 3/ 1191 ، البرهان للكرماني : ص 217 ، 249- 250 ، 312 ، ملاك التأويل : 1/ 312 ، 344 .(1/391)
لأنها نزلت تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - حين قُتل عمّه حمزة ، ومُثّل به ؛ فقال - صلى الله عليه وسلم - : لأفعلنّ بهم ولأصنعنّ ؛ فأنزل الله تعالى : ? ((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( فهرس ( - - رضي الله عنهم - - - ( - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - ((( - ( - ( - ( - ( - - ? [ النحل : 126 ] (1) ؛ فبالغ في الحذف ؛ ليكون ذلك مبالغة في التسلية .
وإثباتها في النمل جاء على القياس ، ولأن الحزن ثَمَّ دون الحزن هنا " (2) .
__________
(1) ... سبب نزول الآيات من آخر النحل ، الذي أشار إليه الأنصاري :
رواه أبو هريرة رضي الله عنه : أخرجه الحاكم : 3/ 197 وصححه ، كما أخرجه الطبراني والبزار ( كما في مجمع الزوائد : 6/ 119 وقال الهيثمي : وفيه صالح بن بشير المرّي وهو ضعيف ) ، وبمثل ذلك ضعّفه ابن كثير في تفسيره : 2/ 544 ، كما عزاه في الدر المنثور : 4/ 135 إلى ابن سعد وابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل . وقد أخرجه بسنده : الواحدي في أسباب النزول : ص 328 .
كما رواه ابن عباس رضي الله عنه : أخرجه الطبراني ( كما في مجمع الزوائد : 6/ 120 وقال الهيثمي : وفيه أحمد بن أيوب بن راشد وهو ضعيف ) ، وزاد في الدر المنثور : 4/ 135 نسبته إلى ابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل . كما أخرجه بسنده الواحدي في أسباب النزول : ص 329 .
وقد رواه عطاء بن يسار مرسلاً : أخرجه ابن جرير : 14/ 403 ، وزاد في الدر المنثور : 4/ 136 نسبته إلى ابن إسحاق . وقال ابن كثير : 2/ 544 وهذا مرسل فيه رجل مبهم لم يسمّ .
(2) ... فتح الرحمن : ص 379- 380 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الاختلاف في الذكر والحذف : ص 484 ، درة التنزيل : 3/ 999 ، البرهان للكرماني : ص 248 ، 302 ، ملاك التأويل : 1/ 351 ، 2/ 914 ، كشف المعاني : ص 113 .(1/392)
ويُلحظ في هذا المثال صلاحيته لقواعد أخرى – غير هذه القاعدة - : كقاعدة : مراعاة الموافقة اللفظية للسياق ، وقاعدة :مراعاة الأصل في اللغة ، ولا تعارض بين هذه القواعد كلّها بحمد الله .
* * *
القاعدة السابعة : أن المحكيَّ عن غير أهل اللسان إنما هو بالمعنى لا باللفظ
هذه القاعدة من القواعد التي تتابع المؤّلفون في توجيه المتشابه على تقريرها وتأصيلها .
وأولهم في ذلك الخطيب الإسكافي ، الذي أشار إلى اطّراد هذه القاعدة في مواضع كثيرة من القرآن ؛ حيث يقول : " والجواب عن ذلك مما يُحتاج إليه في مواضع من القرآن في مثل هذه الآية التي قصدنا الفرق بين مُختلفاتها .
وهو أن ما أخبر الله تعالى به من قصة موسى-عليه السلام - وبني إسرائيل ، وسائر الأنبياء – صلوات الله عليهم - ، وما حكاه من قولهم وقوله - عزّ وجلّ – لهم ؛ لم يقصد إلى حكاية الأقوال بأعيانها ، وإنما قصد إلى اقتصاص معانيها . وكيف لا يكون كذلك واللغة التي خُوطبوا بها غير العربية ؛ فإذاً حكاية اللفظ زائلة وتبقى حكاية المعنى ، ومن قصد حكاية المعنى كان مُخيَّراً بأن يؤدّيه بأيّ لفظ أراد ، وكيف شاء " (1) .
وقد نقل الكرماني فحوى جواب الخطيب هذا واستحسنه ؛ حيث قال : " وسأل الخطيب نفسه عن هذه المسائل فأجاب عنها فقال : إن اقتصاص ما مضى إذا لم يقصد به أداء الألفاظ بأعيانها كان اختلافها واتفاقها سواء إذا أدى المعنى المقصود .
وهذا جواب حَسَنٌ ، إن رَضيت به كُفيت مؤونة السهر إلى السّحَر " (2) .
وكذلك بالنسبة لابن الزبير الذي قرّر هذه القاعدة ، واستدلَّ لها من القرآن ؛ حيث يقول : " ثم من المعلوم – بإعلام الله سبحانه - : أنه تعالى لم يُرسل رسولاً إلاّ بلسان قومه؛ فموسى – عليه السلام – إنما خاطب أهله في هذه المحاورة باللسان العبراني الذي هو لسان قومه .
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 238 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 184 .(1/393)
فالوارد في كتابنا إنما هو حكاية المعنى الذي خوطب به موسى – عليه السلام - ، وخاطب به ، واللسان العبراني أقرب الألسنة إلى اللسان العربي ؛ فما المانع أن يجري فيه ويطّرد كلُّ ما في اللسان العربي من الضروب المذكورة قلَّ أو كثر ذلك " (1) .
وكذلك الأمر بالنسبة لابن جماعة في (( كشف المعاني )) (2) ، الذي قرّر هذه القاعدة ، وأصّلها ، ومثّل لها .
وعند غير علماء توجيه المتشابه ؛ فإن هذه القاعدة معروفة ومقرّرة من قِبَل عدد من أهل العلم ، المؤلّفين في علوم القرآن وغيرهم (3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
وجدت نصّاً لأبي جعفر بن الزبير الغرناطي في كتابه (( ملاك التأويل )) ذكر فيه أربعة أمثلة متوالية لهذه القاعدة ، كلُّ مثال منها في نوع من أنواع المتشابه ؛ لذلك سأكتفي بذكر هذا النّص – كما هو تقريباً – لكونه نصّاً جامعاً في ذلك .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 810 .
(2) ... كشف المعاني : ص 173- 174 .
(3) ... انظر مثلاً : البرهان للزركشي : 2/ 412 ، الموافقات للشاطبي : 2/ 67 ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 762.(1/394)
وهذه الأمثلة كلّها تتعلّق بالتشابه الواقع بين قوله تعالى في سورة طه : ? ( - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - - - - - صلى الله عليه وسلم - - ( { - ( - - رضي الله عنهم - مقدمة - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله ((( ( - ( { - - عليه السلام -(- عليه السلام - - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - - - { - ( ( - ( - ( - - } } - ( قرآن كريم ( الله ( - ( تم بحمد الله - - ( - ( - الله أكبر ( { ( تمهيد ( - فهرس - - - عليه السلام -( - - جل جلاله - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - - رضي الله عنهم -( { - - ( - - ( - - - عليه السلام -( - { - ( { ( } تم بحمد الله - { - رضي الله عنه - تمهيد - { ( - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - } - - - - - الله - ( - ? [ طه : 9- 10 ] ، وقوله في النمل : ? ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله ((( - ( - ( - - } ( - ( - الله أكبر ( { ( تمهيد ( - فهرس - - - عليه السلام -( - - جل جلاله - - - - رضي الله عنه - الله أكبر - ( - - ( - - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - - { - ( { ( } تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم - - - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - ( - - - عليه السلام -( - - - { - ((( - - { - رضي الله عنه - تمهيد - - ( - ( - ( - - رضي الله عنهم -( { - - - قرآن كريم ( - - ((( - - ? [ النمل : 7 ] ، وقوله في القصص : ? - - - فهرس - - ( - ( - ( - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم - - - } - - - عليه السلام - - - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه(1/395)
وسلم - ((( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - } - رضي الله عنه - الله أكبر - - عليه السلام -( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( الله أكبر - - رضي الله عنهم - - ( - قرآن كريم - ( - - - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - - - - ( - ( - ( - - } } - ( قرآن كريم ( الله ( - ( تم بحمد الله - - ( - ( - الله أكبر ( { ( تمهيد ( - فهرس - - - عليه السلام -( - - جل جلاله - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - - رضي الله عنهم -( { - المحتويات ( - - ( - - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - (- جل جلاله -( } تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم - - - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - - (( } تم بحمد الله ( - - } - - - - ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - - قرآن كريم ( - - ((( - - ? [ القصص : 29 ] .
قال ابن الزبير : " وأما قوله : ? ( - ( - - - رضي الله عنهم -( { - - ( - - ( - - - عليه السلام -( ? [ طه : 10 ، القصص : 29 ] في السورتين [ طه والقصص ] ، وقوله في النمل : ? - ( - - ( - - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - ? [ النمل : 7 ] : فإن حرف التسويف يُفهم الاستقبال ، ولفظ (( لعلّ )) – أيضاً – يُعطي ذلك مع زيادة التّرجّي والطّمَع ؛ فيُمكن لِتقارب معنييهما أن يكون في لسانهم عبارة موضوعة للمعنيين معاً ؛ فلم يكن بدّ من ورود الحرفين عند الحكاية ليُحرز ذلك وقوع المعنى وحصوله على ما هو في لسانهم .
وأما تقديم ذكر (( القبس )) في سورة طه على (( الخبر )) ، وتأخيره في السورتين : فعنوانٌ بيّن يُعرف به أن القصّة محكيّة على معناها لضرورة اختلاف اللغتين ، ولو وَرَد الإخبار على التزام التقديم في إحداهما وتأخير الآخر – على اللزوم – لَمَا أحرز ما ذكرنا .(1/396)
وأما تكرار : ? (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - - ( - - - عليه السلام -( ? [ النمل : 7 ] في سورة النمل : فليس فيه إلا تكرار ما يُحرز التأكيد . وتأكيد ما هو خبرٌ ليس أمراً ولا نهياً ؛ إنما ثمرته وفائدته صدق الإخبار ، وذلك حاصل هنا سواء تأكّد أو لم يتأكّد . وإذا كان الكلام على ما قلنا ، والصدق حاصل على كلّ حال ؛ فلا يُنكر إذا حُكي بمعناه ، أو يُؤكّد مرّة ولا يُؤكّد أخرى ؛ إذ لا زيادة للتأكيد فيه سوى الجري على مرتكبات العرب في مثله .
وأما الإفصاح في السورتين الأخريين [ النمل والقصص ] بالحاجة إلى النار ؛ وهو (( الاصطلاء )) ، ولم يقع ذلك في طه : فإن ذلك إخبار بزيادة لا يُعارضها شيء مما في سورة طه ؛ فمرّة وقع به الإخبار ، ومرّة لم يُذكر اكتفاءً بذكره حيث ذُكر . وأما التعبير عن الخبر في سورة طه بقوله : ? (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - } - - - - - الله - ( - ? [ طه : 10 ] ؛ فإفصاح بما هو معلوم من قوله في سورة النمل : ? - ( - - ( - - - رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - - { - ( { ( } تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم - - - - ( - ( ? [ النمل : 7 ] ؛ لأن أهله لم يكن بهم من حاجة لغير الاصطلاء واستعلام طريقهم ؛ فورد في سورة طه مفصحاً بالمقصود ، مفسّراً لما هو مفهوم في آيتي النمل والقصص من معنى الكلام وسياقه ؛ فلا اختلاف في شيء من ذلك كله ولا تعارض ولا خلاف ، والحمد لله " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 811- 813 ( بتصرّف يسير ، مع تكميل سقط في ط. دار الغرب ، بتحقيق : د. سعيد الفلاّح – وهي المعتمدة – من ط. دار النهضة العربية ؛ بتحقيق : د. محمود كامل أحمد ) .(1/397)
وهذه الأمثلة المتوالية هي – على تواليها – : لنوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال في الأول ، والثاني : لنوع المتشابه مع الاختلاف في التقديم والتأخير ، والثالث : لنوع المتشابه بلا اختلاف ، والمثال الأخير : لنوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف (1) .
* * *
القاعدة الثامنة : مراعاة كون السبعة أصلاً لنهاية العدد
يقول الخطيب الإسكافي في بيان المراد بذلك : " السبعة لمّا كانت أصلاً للنهاية في تركيب العدد ؛ لأن أصل الجمع واحد ، والواحد فرد ، والتركيب بعده :بأن يضمّ فرد إلى فرد فيصيران زوجاً ؛ فيحصل بضمهما إلى الواحد السابق ثلاثة : فرد لم يُضمّ إليه شيء ، وفرد ضُمّ إليه فرد ثم ضُمّا إلى فرد ؛ فحصل به ضمّ زوج إلى فرد ، وبلغت عدّة المركّبات ثلاثة ، وبقي أن يُضمّ زوج إلى زوج : وهو اثنان يُضمّان إلى اثنين فيصير أربعة ، فإذا ضُمّت الأربعة إلى الثلاثة تكاملت التركيبات ، فلا ترى بعدها تركيباً خارجا ً عن ذلك ؛ فصارت السبعة أصلاً للمبالغة في العدد .
__________
(1) ... انظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في الأنواع المذكورة : درة التنزيل : 1/ 238 ، 2/ 572 ، 639 ، 667 ، 891 ، 895 ، البرهان للكرماني : ص184 ، ملاك التأويل : 2/ 817 ، 897 ، كشف المعاني : ص 174.(1/398)
ولهذا خُصّت السماوات بسبع من العدد ، والأرضون مثلها ، والكواكب ، والأسبوع ، وقال تعالى : ? ( - ((((- رضي الله عنه - - ( - - - ( المحتويات ( - مقدمة - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( - ((((- رضي الله عنه - - ( - فهرس - ( المحتويات ( - مقدمة - تمت ( { ( - ((((- رضي الله عنه - - ( - فهرس - ( المحتويات ( - مقدمة - - رضي الله عنه -((((( - - رضي الله عنهم - - - - { - - - صدق الله العظيم فهرس - - ( - رضي الله عنه - - ((((- رضي الله عنه - - ( - - - ( المحتويات ( - مقدمة - - ? [ التوبة : 80 ] ؛ ? - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - (( - - - - ( - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - ((( - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - رضي الله عنهم - - - - جل جلاله -( - - عليه السلام - - ( - ( فهرس قرآن كريم ( - ( - ( - - - - ( ? [ الحاقّة : 32 ] " (1) .
وقال الكرماني : " لمّا كان السبع من العدد مشتملاً على جميع أوصاف العدد : من الزوج والمفرد ، وزوج الزوج ، وزوج المفرد ، وانضمّ إليها الواحد الذي هو مبدأ الأعداد وإن لم يكن هو من العدد في شيء ؛ صار ما بعده كالمستأنف ؛ فحسن دخول الواو عليه"(2) .
وقال – أيضاً – : " السبعة نهاية العدد ، ولهذا كثر ذكر السبع في العظائم " (3) .
وقال ابن الزبير : " وهذا العدد مطّرد ، جارٍ في أشياء يشهد اطّرادُه فيها على قصد حكمة تقتضيها ؛ فمنها ما ذُكر آنفاً ، ومنها : أن أم القرآن سبع آيات ، والأيّام سبعةٌ ، والسماوات سبعٌ ، والأرض سبع مثلها ، وأبواب جهنّم سبعة ... " (4) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 869 . وانظر : الكليات : ص 922 .
(2) ... غرائب التفسير : 1/ 467 .
(3) ... غرائب التفسير : 1/ 656 .
(4) ... ملاك التأويل : 2/ 1064 .(1/399)
هذا وإن مما يشهد لكلام هؤلاء : الأثر المشهور عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في استدلاله على كون ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين ؛ حين سأله عمر عن ذلك فقال : " قلت لعمر : في سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر . قال عمر : ومن أين علمت ذلك ؟ قلت : خلق الله سبع سماوات ، وسبع أرضين ، وسبعة أيام ، وإن الدهر يدور في سبع ، وخلق الإنسان من سبع ، ويأكل من سبع ، ويسجد على سبعة أعضاء ، والطواف بالبيت سبع ، والجمار سبع – لأشياء ذكرها – فقال عمر : لقد فطنت لأمر ما فطنّا له " (1) .
ومما بُنيَ على هذه القاعدة : ذكر الواو مع الثمانية ، أو ما يسمّى بـ (( واو الثمانية )) :
قال الزركشي : " والعرب تُدخل الواو بعد السبعة إيذاناً بتمام العدد ؛ فإن السبعة عندهم هي العقد التام كالعشرة عندنا ؛ فيأتون بحرف العطف الدّال على المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ؛ فتقول : خمسةٌ ، ستة ، سبعة ، وثمانية ؛ فيزيدون الواو إذا بلغوا الثمانية ... " (2) .
__________
(1) ... أخرج هذا الأثر عن ابن عباس من طريق عكرمة عنه : عبد الرزاق ، وابن راهوية ، ومحمد بن نصر ، والطبراني ، والبيهقي ( كما في الدر المنثور : 15/ 555 – الطبعة التي بتحقيق : د. التركي ) ، وذكر له في الدر : 15/ 554 طريقاً آخر : أخرجه محمد بن نصر ، وابن جرير ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي .
(2) ... البرهان في علوم القرآن : 4/ 375 . وانظر منه أيضاً : 3/ 259 ، درّة التنزيل : 2/ 870- 873 .(1/400)
لكن القول بواو الثمانية ضعّفه أكثر النّحاة ؛ قال الكرماني : " ومن هنا سمّاه بعض المفسّرين واو الثمانية ، وهذا لقب لا نعرفه " (1) ، وقال في موضع آخر : " وهذا شيء لا يعرفه النحاة " (2) ، وقال ابن القيّم : " هذا قول ضعيف لا دليل عليه ، ولا تعرفه العرب ولا أئمة العربية ، وإنما هو من استنباط بعض المتأخّرين " (3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... غرائب التفسير : 1/ 656 .
(2) ... غرائب التفسير : 1/ 467 .
(3) ... حادي الأرواح : ص 51 ، وقال ابن هشام في مغني اللبيب : ص 474 : " واو الثمانية ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري ، ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه ، ومن المفسرين كالثعلبي ... " ، وانظر : تفسير البغوي : ص 774 ، تفسير القرطبي : 10/ 382- 383 ، أنموذج جليل للرازي : ص 191 ، البرهان للزركشي: 4/ 375 ، الإتقان : 1/ 540 ، التحرير والتنوير :11/ 42- 43 ، من أسرار التعبير في القرآن
( حروف القرآن ) : ص 81- 88 ، خصائص التعبير القرآني : 2/ 14 ، لطائف قرآنية : 40- 42 . وانظر فيها بحثاً كاملاً في كتاب بعنوان " واو الثمانية بين الإقرار والإنكار " للدكتور : زين كامل الخويسكي .(1/401)
( 1 ) نوع المتشابه بلا اختلاف : يمكن التمثيل له بما ذكره ابن الزبير في معرض توجيهه لعدَّة تكرار قوله تعالى : ? ( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] ؛ حيث يقول : " ... وتكرّرت الآية بتكرّر القضايا ، وكلّها مما لا مطمع لأحد في ادّعائه ؛ فقامت الحجّة بها ، وكانت سبعاً جرياً على سنّة ما وقع التنبيه به من تحريك المعتبرين ، واطّرد هذا العدد في ذلك ؛ فقال تعالى : ? (( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - جل جلاله -( { فهرس - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم ( - - - تمهيد { - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - - ( فهرس - ( - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - (((( ?
[ المؤمنون : 12 ] إلى تمام سبعة أطوار آخرها قوله تعالى : ? - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم ( مقدمة (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - - رضي الله عنه -( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( { ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( ?(1/402)
[ المؤمنون : 14 ] ، وقال عقب هذا : ? ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - جل جلاله -( { فهرس - - رضي الله عنهم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - ( قرآن كريم - ( - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - (( - - - رضي الله عنه - - - ( ? [ المؤمنون : 17 ] . ولما ذكر سبحانه الحالات التعبّدية التي بها خلاص المكلَّفين ذكر سبعاً فقال : ? ( - - - - رضي الله عنهم - - فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ((( - رضي الله عنه -((( - { - - - ( المحتويات ( - - (( ( المحتويات ( - ( الله - - - ( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (((((- رضي الله عنهم - - ? [ المؤمنون : 1-2 ] فعدَّ للمؤمنين خصالاً سبعاً جعلهم بها وارثين نعيمه ، وساكنين جنّته فقال : ? - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - - - (((( - ((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - رضي الله عنه - - { } (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنهم - - ( - ((( - - - ( المحتويات ( - - { - - (( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنهم - - ? [ المؤمنون : 10- 11 ] ... ثم انصرفت الآيات عقب هذه السبع المذكّر بها إلى سبع قضايا وعيدية ... " (1) .
( 2 ) أما المتشابه مع الاختلاف فلم أجد أمثلة لأنواعه سوى نوع المتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1063- 1065 ، وانظر فيه مثالاً آخر لهذه القاعدة في نوع المتشابه بلا اختلاف : 2/ 1126 .(1/403)
ومثاله : قول أبي يحيى الأنصاري : " قوله تعالى : ? - - قرآن كريم ( - - } - جل جلاله - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - تمهيد - جل جلاله -( - ( - - - ? [ التوبة : 112 ] ؛ إن قلت : لِم عَطَفه دون ما قبله من الصفات؟
قلت : لأنه وقع بعد سبع صفات ، وعادة العرب تدخل الواو بعد السبع " (1) .
* * *
المبحث الأول :
القواعد الخاصة بتوجيه المتشابه بلا اختلاف
سبق في صدر الكلام على القواعد العامة في توجيه المتشابه – في المبحث السابق – بيان المراد بالقواعد الخاصّة ، والفرق بينها وبين العامّة ، وحاصل ذلك : أن القواعد العامة : هي التي تشمل نوعين فأكثر من أنواع المتشابه ، وأما المقصورة على نوع واحد أو مسألة معيّنة فهي القواعد الخاصة .
ويمكن أن يُضاف هنا : القول بأن القواعد الخاصة نوعان :
( 1 ) قواعد خاصة بنوع من أنواع المتشابه ؛ كالقواعد المذكورة في هذا المبحث ؛ إذ هي خاصة بنوع المتشابه بلا اختلاف ، ويدخل هذا النوع أيضاً : قواعد المبحث التالي .
( 2 ) قواعد خاصّة بمسألة من مسائل المتشابه ؛ كالقواعد الآتية في المبحث الثالث من هذا الفصل .
ويجدر التنبيه على أن هذه القواعد الخاصّة يمكن أن يندرج بعضها تحت قاعدة من القواعد العامّة – المذكورة في المبحث السابق – لكنّي لمّا وجدت أمثلتها محصورة في نوعٍ واحد – من أنواع المتشابه – كان الأليق بها أن تذكر في القواعد الخاصّة ، والأمر يبقى - بعد ذلك – أمراً اجتهاديّاً ، وهو قابل للمناقشة وإعادة النظر ، على أني أرى الخطْب في مثل هذه الأمور الفنّيّة يسيراً ، والحمد لله .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 322 ، وانظر أمثلة أخرى لهذه القاعدة في نوع الاختلاف في الذكر والحذف : ص 396 ، 532 ، درة التنزيل : 2/ 869- 870 ، البرهان للكرماني : ص 255 ، 324 ، 348 ، 349 ، كشف المعاني : ص 238 .(1/404)
أما القواعد التي يضمّها هذا المبحث : فهي ثماني قواعد ؛ ينتظمها مطلبان :
المطلب الأول : القواعد التي يغلب عليها مراعاة المعنى والسياق .
المطلب الثاني : القواعد التي يغلب عليها مراعاة عدد مرّات التكرار .
* * *
المطلب الأول : القواعد التي يغلب عليها مراعاة المعنى والسياق
المراد بالسياق : سبق ذكره في المبحث السابق - في المطلب الثالث منه - ؛ فلا حاجة لإعادته .
وأما القواعد التي يمكن أن تُسْلك في هذا المطلب : فخمس قواعد ، بيانها كالتالي :
* * *
القاعدة الأولى : التكرار للبناء عليه لطول الفصل
المراد بهذه القاعدة : أن تكرار الحرف أو الكلمة أو الجملة قد يكون لأجل طول الكلام الفاصل بين هذا المكرّر وما سيُبنى عليه .
وفي كلامٍ تأصيليّ لهذه القاعدة ؛ يقول ابن الزبير : " وشأن ما يرد في الكتاب العزيز مما ظاهره التكرّر : زيادة فائدة أو تتميم معنى ، أو لبناء غيره من الكلام عليه ؛ حتّى لا يكون تكراراً عند مَن وُفّق لاعتباره " (1) .
وقد عبّر الزركشي عن هذه القاعدة في (( البرهان )) (2) بقوله : " إذا طال الكلام وخُشيَ تناسي الأول ؛ أعيد ثانياً تطرية ً له وتجديداً لعهده " .
وقد ذكر البلاغيون أن من دواعي التكرار : طول الكلام الذي يفصل بين المكرّر وما سيبنى عليه (3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 444 .
(2) ... 3/ 100 ، وعنه السيوطي في الإتقان : 2/ 107 .
(3) ... انظر : تلخيص المفتاح ( مع بغية الإيضاح : 2/ 120 ) ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 140 ، معجم البلاغة العربية : ص 587 ، البلاغة فنونها وأفنانها ( علم المعاني ) : ص 505 ، خصائص التعبير القرآني: 1/ 322- 323 .(1/405)
( 1 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? - ( - الله أكبر ( { ( تمهيد ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - فهرس - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - - (- رضي الله عنه -( - - جل جلاله - تمهيد - - ( قرآن كريم - - { { ( - } ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - { ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - - ( - - ((( - ( - (- رضي الله عنهم - - ? [ يوسف : 4 ] ؛ ليس بتكرار : لأن الأول وقع على الذات ، والثاني وقع على الحال . وقيل : لمّا طال الكلام أعاد " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - ( - ( - (( - - ( - - - ? [ الرعد : 17 ] ؛ في موضعين من هذه الآية ؛ ليس بتكرار : لأن التقدير : كذلك يضرب الله للحق والباطل الأمثالَ ؛ فلمّا اعترض بينهما : فأما ، وأما ، وطال الكلام أعاده ؛ فقال : ? - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - ( - ( - (( - - ( - - - - رضي الله عنه - - - - الله ( تم بحمد الله - } - - ? [ الرعد : 17 ] " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 226 ، وانظر : غرائب التفسير للكرماني : 1/ 527 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 233 .(1/406)
وقال في موضع ثالث : " قوله تعالى : ? - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( { - درهم ( - - عليه السلام - - - ((( - { - ( - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ((- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( - ( - (( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنهم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( { - درهم ( - - عليه السلام - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - ( - ((- رضي الله عنه - - ( - قرآن كريم ((- رضي الله عنه -( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( مقدمة { - ? [ النحل : 110 ] : كرّر (( إن )) ، وكذلك في الآية الأخرى : ? - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم } تمت ( { - درهم ( - - عليه السلام - - ? [ النحل : 119 ] : لأن الكلام لمّا طال جدّاً أعاد (( إن )) ثم ذكر الخبر . ومثله : ? ( - ( - ( - ((- رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - - ( { ( المحتويات - - ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - رضي الله عنه - - ( - - ( - ( - (((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ المؤمنون : 35 ] : فأعاد (( أن )) واسم (( أن )) لمّا طال الكلام " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 247- 248 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 112 ، 228 ، 315 .(1/407)
( 2 ) وقال ابن الزبير الغرناطي : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - الله أكبر صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - { } تم بحمد الله ( - - - جل جلاله - - - ( - - { - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - صدق الله العظيم ( - - - ( - ( - - رضي الله عنه -((( - { - ( - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ((- رضي الله عنه - - ( - ( - ? [ النحل : 84 ] ، وفي آية سادسة من هذه : ? - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - الله أكبر - (( (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - { } تم بحمد الله ( - - ( - - ( - - { بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( } (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - } - - عليه السلام - - ( } ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم ( - - ( - - ( - - رضي الله عنهم -( - - فهرس - - رضي الله عنه -( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( - ((- رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - - - جل جلاله - - (- عليه السلام - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - - ((( - ( ? [ النحل : 89 ] ؛ فاستؤنف قوله تعالى : ? بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي(1/408)
الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - الله أكبر - (( (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - { } تم بحمد الله ( - - ( - - ( - - { ? [ النحل : 89 ] وكرّر ليُبنى عليه ما بعد من قوله : ? - - عليه السلام - - ( } ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم ( - - ( - - ( - - رضي الله عنهم -( - - فهرس - - رضي الله عنه -( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( - ((- رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - - - جل جلاله - - (- عليه السلام - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - - ((( - ( ? [ النحل : 89 ] ، فهذا من قبيل قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - { الله أكبر ( الله - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - (((( - - ( المحتويات ( - ((- رضي الله عنه - - } - - - - ( تمهيد ( - - رضي الله عنهم -(( { ? [ الأعراف : 90 ] ، وقد تقدّم هذا قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - رضي الله عنهم - - } - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - ( - ( - - رضي الله عنهم -((((- رضي الله عنه - - ? [ الأعراف : 88 ] ؛ فكرّر : ? - رضي الله عنه - - - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ? ليبني عليه ما اتّصل به .(1/409)
ونحو هذا قوله تعالى : ? ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { ( - - رضي الله عنهم - مقدمة - تمهيد ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - (- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - قرآن كريم - ( - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - (( - { ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - ? [ البقرة : 150 ] ، وقد تقدّم أمره عليه السلام بهذا ، إلا أنه أعيد ليبنى عليه ما بعده من قوله : ? ( { ( - - رضي الله عنهم - مقدمة - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - } - قرآن كريم - - - عليه السلام - قرآن كريم - ( ( المحتويات ( تمهيد - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - (( فهرس - رضي الله عنه - - (( - { ? [ البقرة : 150 ] ؛ ليفهم : وحيث ما كنتم من البلاد أو المواضع التي خرجتم إليها ، ولم تكن الآية المتقدّمة لتعطي ذلك إلا باعتمادٍ من غير تحرير ؛ فلم يكن بدّ من إعادة ما ذكر ليتحرّر المعنى المراد من الآية المشار إليها .(1/410)
ومن نحو هذا في الإخبار : قوله تعالى : ? ( - ( - ( - ((- رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - - ( { ( المحتويات - - ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - رضي الله عنه - - ( - - ( - ( - (((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ المؤمنون : 35 ] ؛ فكرّر: ? - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ? [ المؤمنون : 35 ] ليبني عليه الخبر بالإعادة والإخراج بما بعد ، من قوله في أول الآية : ? - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ? [ المؤمنون : 35 ] ، وهو مرتكب بليغ متكرّر في الكتاب العزيز " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى - في ختام قصة نوح عليه السلام [ في سورة الصافات ]- : ? - ( الله أكبر ( { - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - ( - ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - ( - - - ? [ الصافات : 80 ] ، ثم أعقب القصص الثلاث بمثل هذا – أعني : قصة إبراهيم وقصة موسى وهارون وقصة إلياس - ، إلا أنه ورد في قصة إبراهيم عليه السلام : ? ( المحتويات ( فهرس - - رضي الله عنهم - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { ((((( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - ( - ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - ( - - - ? [ الصافات : 109-110 ] فسقط منها لفظ : ? - ( الله أكبر ( { ? وثبت في القصص الأخر ؛ فيُسأل عن وجه اختصاص قصة إبراهيم دون غيرها بذلك ؟
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 755- 757 .(1/411)
والجواب والله أعلم : أنه تقدّم في قصة إبراهيم بعينها قوله : ? ( مقدمة ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تمت - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - ((- رضي الله عنه - - ((((( ( - - - - تمهيد ( - - - - ( - - - رضي الله عنه - - (( - - - - - - - ( الله أكبر ( { - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - ( - ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - ( - - - ? [ الصافات : 104- 105 ] ، ثم لما كرّر ليبني عليه قوله : ? (( مقدمة ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - رضي الله عنه - تمهيد (( - ((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ? [ الصافات : 111 ] ، كما في نظائره من ختام القصص الأخر ؛ كرّر قوله : ? - ( - ( - - - - ? [ الصافات : 110] لبناء علّة الجزاء وموجبه عليه . كما تكرّر قوله : ? - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ? [ المؤمنون : 35 ] في قوله : ? ( - ( - ( - ((- رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - - ( { ( المحتويات - - ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - رضي الله عنه - - ( - - ( - ( - (((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ المؤمنون : 35 ] ؛ فكرّر : ? - ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ? [ المؤمنون : 35 ] : تأكيداً ؛ ليبني عليه الخبر ؛ فكذلك كرّرت هنا الجملة بأسرها ، وهي قوله : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - ( - ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ((1/412)
- ( - - - ? [ الصافات : 110 ] : ليبني عليها ما ورد علّةً موجبة لجزائهم ؛ لتجري هذه القصة مجرى نظائرها " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : التكرار لتعدّد المتعلَّق
والمراد بتعدّد المتعلَّق – أو اختلاف المتعلّق - : هو أن يكون الحرف أو الكلمة أو الجملة المكرّرة متعلّقة بغير ما تعلّقت به الأولى . أو كما قال بعضهم : هو أن يتّصل الثاني بغير ما اتّصل به الأول .
وقد ذكر أهل البلاغة أن ذلك من دواعي التكرار (2) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 958- 959 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 244 ، 357 ، 444 . وانظر أيضاً : البرهان للزركشي : 3/ 100- 101 ، الإتقان : 2/ 107 .
(2) ... انظر : البرهان للزركشي : 3/ 103 ، الإتقان : 2/ 108 ، تلخيص المفتاح ( مع بغية الإيضاح : 2/ 120 ) ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 140 . وانظر أيضاً : قواعد التفسير للسبت : 2/ 702 .(1/413)
( 1 ) قال الخطيب الإسكافي : " قوله تعالى : ? } - (- صلى الله عليه وسلم - - - (( - ( - فهرس - ( { ( - - - } - ( - الله أكبر ( { - ( - - - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله ( - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( - - تم بحمد الله (((( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - ( - ( - - ( { - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( } - ( - الله أكبر ( { - ( - - - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله ( - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( - - تم بحمد الله ? [ الذاريات : 50- 51 ] : للسائل أن يسأل عن تكرار قوله : ? - ( - الله أكبر ( { - ( - - - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله ( - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( - - تم بحمد الله ? [ الذاريات : 50- 51 ] ، وعن موقع الإنذار مرة بعد أخرى في آيتين متواليتين ؟
والجواب : ... أن النذارة الأولى متعلّقة بترك الطاعة إلى المعصية ، والثانية متعلّقة بالشرك الذي هو أعظم المعاصي ، وإذا كانت متعلّقة بغير ما تعلّقت به الأولى ؛ لم يكن ذلك تكراراً " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? (( مقدمة ( الله أكبر ( { - رضي الله عنه - - { - - ( - عليه السلام - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( - - ( - ( { - ( - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام - - - - - - (((( { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام - - - - - - ? [ المدثر : 18- 20 ] ؛ للسائل أن يسأل عما تكرّر من قول : ? - عليه السلام - - - - - - ? في ثلاثة مواضع ، وعن الفائدة فيها ؟
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1210 ، وعنه : طاهر الجزائري في التبيان : ص 290 .(1/414)
والجواب : ... وإذا كان كذلك : لم يكن في إعادة : ? - عليه السلام - - - - - - ? تكرار ؛ بل المعنى ما ذكرنا من تعلّق كلّ تقدير بمقدّر غير الأول ؛ لفائدة تخصّه جديدة " (1) .
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? - - - صلى الله عليه وسلم - } - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -? [ القصص : 82 ] ، ? (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - } - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -? [ القصص : 82 ] ؛ ليس بتكرار : لأن كلّ واحد منهما متّصل بغير ما اتّصل به الآخر " (2) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? - ( - الله أكبر ( { - ( - - - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله ( - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( - - تم بحمد الله ? [ الذاريات : 50 ] ، وبعده : ? - ( - الله أكبر ( { - ( - - - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله ( - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( - - تم بحمد الله ? [ الذاريات : 51 ] : ليس بتكرار ؛ لأن كلَّ واحد منهما متعلّق بغير ما تعلّق به الآخر ، وإذا تعلّق بغيره لا يكون تكراراً ؛ فالأول : متعلّق بترك الطاعة إلى المعصية ، والثاني : متعلّق بالشرك بالله تعالى" (3) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1309 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 415 ، 3/ 1327 ، 1351- 1352 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 293 .
(3) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 337 .(1/415)
وقال في موضع ثالث : " قوله تعالى : ? ( تمهيد - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - ( - - - رضي الله عنه - - ( - ( تمهيد } { ( مقدمة - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الانشقاق : 2 ، 5 ] مرّتين: لأن الأول متّصل بالسماء ، والثاني متّصل بالأرض ... وإذا اتّصل كلّ واحد بغير ما اتصل به الآخر لا يكون تكراراً " (1) .
( 3 ) وقال الزركشي : " كما في قوله تعالى : ?( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] ؛ فإنها وإن تعدّدت فكلّ واحد منها متعلّق بما قبله ، وإن الله تعالى خاطب بها الثقلين من الإنس والجن ، وعدّد عليهم نِعَمَه التي خلقها لهم ؛ فكلّما ذكر فصلاً من فصول النعم طلب إقرارهم واقتضاهم الشكر عليه ، وهي أنواع مختلفة ، وصور شتّى .
ومن هذا النوع : قوله تعالى : ? ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - ( - - - - ( - ( - ( - - ? [ المرسلات : 15 ] في سورة المرسلات عشر مرّات : لأنه سبحانه ذكر قصصاً مختلفة ، وأتبع كلّ قصة بهذا القول ؛ فصار كأنه قال عقب كلّ قصة : ويلٌ للمكذبين بهذه القصة . وكلّ قصة مخالفة لصاحبتها ؛ فأثبت الويل لمن كذّب بها .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 359 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 112 ، 113 ، 229 ، 339 ، 355 . وانظر أيضاً : ملاك التأويل : 2/ 1148 ، فتح الرحمن : 201 ، 560 ، 565 ، 617 .(1/416)
ومنه : تكرار : ? } - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( - ( - ( الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ القمر : 37 ، 39 ] (1) ، قال الزمخشري : كُرّر ليجدوا عند سماع كلّ نبأ منها اتّعاظاً وتنبيهاً ، وأن كلاًّ من تلك الأنباء مستحقٌّ باعتبار يختصّ به ، وأن ينتبهوا كيلا يغلبهم السهو والغفلة " (2) .
* * *
القاعدة الثالثة : التكرار للاستقلال
المراد بهذه القاعدة : أن الجملة الأولى قد يكون فيها حرف أو كلمة أو جملة ، ثم تكرّر في الجملة الثانية ؛ لتكون الجملة الثانية مستقلّة عن الأولى ، وغير محتاجة إليها ، من حيث إنها لو لم تُكرّر بلفظها لذكر ضميرها ، وذلك يجعل الجملة الثانية مفتقرة في بيان مفسّر الضمير إلى الجملة الأولى ، لكن إذا كُرّرت بلفظها لم تكن بحاجة إلى الجملة الأولى في شيء ؛ فتستقلّ عنها بذلك .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... الآية التي تكرّرت في سورة القمر هي : قوله تعالى : ? فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ? [ القمر : 16 ، 18 ، 21 ، 30 ] ، أما الآية التي ذكرها الزركشي فإنها تشبهها في ختامها فقط .
(2) ... البرهان في علوم القرآن : 3/ 104- 105 ، و انظركلام الزمخشري المنقول بمعناه : الكشاف : ص 1067 ( من الطبعة ذات المجلّد الواحد ) . وانظر أيضاً : الإتقان : 2/ 108- 109 .(1/417)
( 1 ) قال الخطيب الإسكافي : " قوله تعالى : ? - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم -( - (- عليه السلام - - - رضي الله عنهم -( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ((( - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - } - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -((( - - - (( ( تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ((( } - قرآن كريم ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ((( - ( { ( - - - ( - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? [ الرحمن : 7- 9 ] - للسائل أن يسأل عن تكرّر لفظ : ? تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? ثلاث مرات في أواخر هذه الآي ، وقد كان حقّها الإضمار ؟
وقد أجيب عن ذلك : بأن يكون أعيد لفظ : ? تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? لتكون كلّ آية مستقلة بنفسها ، غير مفتقرة إلى غيرها ؛ إذ الإضمار يُضمِّن الثاني الأولَ ؛ فلا يقوم الثاني بنفسه ، ولا الثالث لو أضمر فيها ذكر ما في الأول " (1) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1229- 1231 .(1/418)
( 2 ) قال الكرماني – في توجيهٍ مأخوذٍ عن توجيه الخطيب السابق - : " قوله تعالى: ? - رضي الله عنهم -( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? [ الرحمن : 7 ] : أعاده ثلاث مرات ؛ فصرّح ولم يُضمر ؛ ليكون كلّ واحد منها قائماً بنفسه ؛ غير محتاج إلى الأول " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? ( - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - ((( ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - - ( - - - ? [ الإخلاص : 1-2] : كرّر لتكون كلّ جملة منها مستقلّة بذاتها غير محتاجة إلى ما قبلها " (2) .
( 3 ) قال الأنصاري : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم -( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? [ الرحمن : 7 ] ؛ فإن قلت: ما فائدة تكرار لفظ : ? تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? ثلاث مرات ؛ مع أن القياس بعد الأولى الإضمار ؟
قلت : فائدته بيان أن كلاً من الآيات مستقلة بنفسها " (3) .
وظاهر أن الأنصاري قد استفاد هذا التوجيه من الكرماني – كعادته - .
* * *
القاعدة الرابعة : مراعاة اختلاف المراد باللفظ المكرّر
هذه القاعدة تشبه ما يسمّى – في علوم القرآن – بالوجوه ؛ في مصطلح (( الوجوه والنظائر )) ؛ حيث قيل في المراد بالوجوه : هي اللفظ المشترك الذي يستعمل في عدّة معانٍ؛ كلفظ : الأمّة (4) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 339 ، وانظر : غرائب التفسير للكرماني : 2/ 1168 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 370 .
(3) ... فتح الرحمن : ص 568 .
(4) ... انظر : البرهان للزركشي : 1/ 193 ، الإتقان : 1/ 440 ، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم للدكتور: سليمان القرعاوي : ص 12 .(1/419)
لكن اللفظ المكرّر هنا لا ينحصر في الألفاظ المفردة – كمصطلح الوجوه - بل يشمل حتى الجُمَل .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال الخطيب الإسكافي – في أحد التوجيهات التي ذكرها لتكرير لفظ : ? تمت - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? : " والجواب الذي يُعتمد عليه : هو أن يُجعل لكلّ واحد معنى غير معنى الآخر ... " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - - - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنهم - - - { ( - - - ((( - رضي الله عنهم -(( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { ( - } ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - - { ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ القيامة : 8- 9 ] ؛ للسائل أن يسأل عمّا أعيد من لفظ : ? - - رضي الله عنهم - - - { ( - - - ? في الفاصلتين المتواصلتين ؟
والجواب : .. فعلى هذا : لا يكون : ? - - رضي الله عنهم - - - { ( - - - ? مكرّراً إذا أريد بالثاني غير الأول"(2).
وقال في المسألة التي بعدها : " قوله تعالى : ? - - فهرس - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - - - - فهرس - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - ( (((( { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - - فهرس - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - - - - فهرس - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - ( ? [ القيامة : 34- 35 ] ؛ للسائل أن يسأل عن تكرير ذلك ، وعن الفائدة فيه ؟
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1231 .
(2) ... درة التنزيل : 3/ 1312 .(1/420)
والجواب : ... أن التكرير لفظاً غير معيب إذا لم يتكرّر المعنى ؛ فالأول : يراد به الهلاك في الدنيا ، والثاني بعده : يراد به الهلاك في الآخرة ، وعلى هذا يخرج من التكريرات المعيبة ، فاعرفه ترشد إن شاء الله " (1) .
وقال في موضع رابع : " قوله تعالى : ? - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - - ((- عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ((( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - - ((- عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ? [ النبأ : 4- 5 ] ؛ للسائل أن يسأل عن تكرار ذلك وفائدته ؟
والجواب أن يقال : إن الأول وعيد بما يرونه في الدنيا عند فراقها من مقرّهم ، والثاني : وعيد بما يلقونه في الآخرة من عذاب ربهم . وإذا لم يرد بالثاني ما أريد بالأول لم يكن تكراراً" (2) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1314 .
(2) ... درة التنزيل : 3/ 1328 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 3/ 1327 ، 1357 ، 1373- 1375 .(1/421)
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? ( - ( - } تمت ( { - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - ? [ آل عمران : 73 ] في هذه السورة [ آل عمران ] ، وفي البقرة : ? ( - ( - - - ( { - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - ? [ البقرة : 120 ] لأن الهدى في هذه السورة : هو الدين ، وقد تقدّم في قوله : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - ( - ( - - - جل جلاله - - ( - ? [ آل عمران : 73 ] ، وهدى الله الإسلام ؛ فكأنه قال بعد قولهم : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - - صدق الله العظيم ( { صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - ( - ( - - - جل جلاله - - ( - ? [ آل عمران : 73 ] : قل إن الدين عند الله الإسلام – كما سبق في أول السورة - .
والذي في البقرة معناه : القبلة ؛ لأن الآية نزلت في تحويل القبلة ، وتقديره : قل إن قبلة الله هي الكعبة " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? - تمت ( { ( تمهيد - رضي الله عنه - الله أكبر - - - - صدق الله العظيم ( { - { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - رضي الله عنهم - - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( - - ( ( المحتويات ( - ? [ يس : 29 ، 53 ] في هذه السورة [ يس ] مرتين ، وليس بتكرار:
لأن الأولى : هي النفخة التي يموت بها وعندها الخلق ، والثانية : هي التي يحيا بها الخلق"(2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 149- 150 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 313 .(1/422)
وقال في موضع ثالث – في ذكره لوجوه تكرار لفظ : ? - - - - عليه السلام - - - ( - ( - - - ? [ الرحمن : 7 ] ثلاث مرات - : " وقيل : لأن كلًّ واحد منها غير الآخر : الأول : ميزان الدنيا ، والثاني : ميزان الآخرة ، والثالث : ميزان العقل " (1) .
وقال في موضع رابع : " قوله تعالى : - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( المحتويات ( - ( - ( - - - - ( { - ( - ( - - - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ البلد : 1 ] ، ثم قال :
? - تمهيد الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - ( فهرس - - - ( { - ( - ( - - - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ البلد : 2 ] ؛ فكرّر البلد ، وجعله فاصلة في الآيتين .
قد سبق القول في مثل هذا ، ومما ذكر في هذه السورة على الخصوص أن التقدير : ? - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( المحتويات ( - ( - ( - - - - ( { - ( - ( - - - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ البلد : 1 ] وهو حرام ، ? - تمهيد الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله - ( فهرس - - - ( { - ( - ( - - - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ البلد : 2 ] وهو حلال ؛ لأنه أحلّت له مكّة حتى قتل فيها من شاء وقاتل . فلما اختلف معناه ؛ صار كأنه غير الأول ودخل في القسم الذي يختلف معناه ويتفق لفظه " (2) .
* * *
القاعدة الخامسة : التكرار في سياق تعداد النِّعم
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 339 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 261- 362 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 132 ، 232 ، 318 ، 347 . وانظر أيضاً : كشف المعاني : ص 310 ، 368 ، 377 ، فتح الرحمن : ص 152 ، 164 ، 165 ، 251 ، 316 ، 506 ، 568 .(1/423)
المراد بهذه القاعدة : أن سياق تعداد النّعم يحسن فيه التّكرار مالا يحسن في غيره . وقد سبق – في مبحث القواعد العامة في الفصل السابق – قاعدة تقرب من هذه القاعدة ، وهي: قاعدة (( العطف بالواو في مقام التعداد والتفصيل )) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال ابن جماعة – في معرض توجيهه للفرق بين آية النحل : " ? - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - { - - - - رضي الله عنه - - } - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - } - قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله - - - ( - - - - صدق الله العظيم - ( - - ( } - قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - فهرس - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة (- جل جلاله -( تم بحمد الله - { - عليه السلام - - ( - ( مقدمة - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم ( - ((( - - - - رضي الله عنه - - ( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( مقدمة - (( } - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( تم بحمد الله (( - ( - (( - ( ( المحتويات ( تمهيد ( - - رضي الله عنهم -( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - ? [ النحل : 14 ] وآية أخرى - : " آية النحل سيقت لتعداد النّعم على الخلق ؛ فتكرّر : ? مقدمة (- جل جلاله -( تم بحمد الله ? في النحل : لتحقيق المنّة والنعمة ؛ ولذلك عطف : ? - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? بالواو العاطفة؛(1/424)
لمناسبة تعداد النّعم كما تقدّم " (1) .
( 2 ) قال أبو يحيى الأنصاري : " قوله تعالى : ? - - - عليه السلام - - (((( - - ( - (( { الله أكبر ( الله - - - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((((- رضي الله عنه - - ( - (( { الله أكبر ( الله - - ?
[ الرحمن : 17 ] إن قلت : لم كرّر ذكر (( الربّ )) هنا [ سورة الرحمن ] ، دون سورة المعارج [ آية : 40 ] ، والمزمل [ آية : 9 ] ؟
قلت : كرّره هنا تأكيداً ، وخصّ ما هنا بالتأكيد ؛ لأنه موضع الامتنان وتعديد النعم"(2) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - رضي الله عنه - - { - - - ? [ الطلاق : 2 ، 4 ، 5 ] ذكره ثلاث مرّات : ... إشارة إلى تعداد النعم المترتبة على التقوى " (3) .
( 3 ) قال الزركشي : " كما في قوله تعالى : ?( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] ؛ فإنها وإن تعدّدت فكلّ واحد منها متعلّق بما قبله ، وإن الله تعالى خاطب بها الثقلين من الإنس والجن ، وعدّد عليهم نِعَمَه التي خلقها لهم ؛ فكلّما ذكر فصلاً من فصول النعم طلب إقرارهم واقتضاهم الشكر عليه ، وهي أنواع مختلفة ، وصور شتّى " (4) .
* * *
المطلب الثاني : القواعد التي يغلب عليها مراعاة عدد مرّات التكرار
وقواعد هذا المطلب : ثلاث قواعد ؛ تفصيلها كما يلي :
القاعدة الأولى : مناسبة عدد مرّات التكرار لما تكرّرت فيه
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 226 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 570 .
(3) ... فتح الرحمن : ص 589 .
(4) ... البرهان في علوم القرآن : 3/ 104 .(1/425)
المراد بهذه القاعدة : أن اللفظ المكرّر قد يكون لعدد مرّات تكرّره مناسبة مع ما تكرّر فيه ؛ بأي نوعٍ من أنواع المناسبة . والأمثلة التالية لهذه القاعدة ستزيدها وضوحاً .
لكن قبل ذكر الأمثلة يحسن التنبيه على أن المناسبات التي تُذكر – في هذه القاعدة – ليست على درجة واحدة من الظهور ، بل إن كثيراً منها قد شابَهُ تكلُّفٌ كبير ، وإنما ذكرتها هنا لمجرّد التمثيل بها على القاعدة فحسب .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? ( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] ؛ كرّر الآية إحدى وثلاثين مرّة :
ثمانية منها ذكرت عقيب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه ومبدأ الخلق ومعادهم . ثم سبعة منها عقيب آيات فيها ذكر النار وشدائدها – على عدد أبواب جهنم- وحسن ذكر الآلاء عقيبها لأن في صرفها ودفعها نعماً توازي النعم المذكورة ، أو لأنها حلّت بالأعداء ، وذلك يعدّ من أكبر النعماء .
وبعد هذه السبعة ثمانية في وصف الجنان وأهلها – على عدد أبواب الجنة - ، وثمانية أخرى بعدها : للجنتين اللتين دونهما .
فمن اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها استحق كلتا الثمانيتين من الله ، ووقاه السبعة السابقة ، والله تعالى أعلم " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - ? [ الحديد : 1 ] ، وكذلك في الحشر [ الآية : 1 ] ، والصف [ الآية : 1 ] ، ثم : ? ( - ( مقدمة - - - ( - ? في الجمعة [ آية : 1 ] ، والتغابن [ الآية : 1 ] .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 339- 340 . وانظر: غرائب التفسير للكرماني : 2/ 1169 .(1/426)
هذه كلمة استأثر الله بها : فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل ( الإسراء ) [ الآية : 1 ] : لأنه الأصل ، ثم بالماضي : لأنه أسبق الزمانين ، ثم بالمستقبل ، ثم بالأمر في سورة الأعلى [ الآية : 1 ] : استيعاباً لهذه الكلمة من جميع جهاتها ، وهي أربع : المصدر والماضي والمستقبل وأمر المخاطب فحسب ؛ فهذه أعجوبة وبرهان " (1) .
( 2 ) قال ابن الزبير : " قوله تعالى : ? ( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] للسائل أن يسأل عن وجه تكرّر هذه الآية إحدى وثلاثين مرة ؛ ما وجه ذلك ؟ وهل لتخصيص هذا العدد سبب موجب ؟
والجواب على ذلك والله أعلم : ... تكرّرت هذه الآية بتكرّر القضايا ، وكانت سبعاً : جرياً على سنة ما وقع التنبيه به من تحريك المعتبرين ... ثم انصرفت الآيات عقب هذه السبع المذكّر بها إلى سبع قضايا وعيدية ... ثم انصرفت الآي إلى فريق النجاة ووعدهم ... وكانت هذه ثمانية لكونها في أهل الجنة فجاءت على وفق أبوابها ، ويشهد لهذا القصد تعقيبها بمثلها عدداً فيما زادهم ... فتحصّل في المجموع العدد المتقدّم ، ولم تكن الزيادة على ذلك لتناسب ؛ إذ لا قضية سوى هذه المعقبات ، كما أن النقص من هذا العدد لا يناسب ؛ لطلب كلّ قضية بذلك الإعقاب تناسباً وتوازناً – على ما تقدّم من الرعي - ؛ فورد ذلك كله على الوجه الذي لا يناسب خلافه ، والله أعلم " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 341 . وانظر : غرائب التفسير للكرماني : 1/ 619 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 1/ 254 ، والسيوطي في الإتقان : 2/ 209 .
(2) ... ملاك التأويل : 2/ 1061- 1065 .(1/427)
( 3 ) قال أبو يحيى الأنصاري : " قوله تعالى : ? - - - عليه السلام - - (((( - - ( - (( { الله أكبر ( الله - - - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((((- رضي الله عنه - - ( - (( { الله أكبر ( الله - - ? [ الرحمن : 17 ] إن قلت : لم كرّر ذكر (( الربّ )) هنا [ سورة الرحمن ] ، دون سورة المعارج [ آية : 40 ] ، والمزمل [ آية : 9 ] ؟
قلت : كرّره هنا تأكيداً ، وخصّ ما هنا بالتأكيد ؛ لأنه موضع الامتنان وتعديد النعم . ولأن الخطاب فيه مع جنسين : الإنس والجن ، بخلاف ذينك " (1) .
( 4 ) قال الزركشي – في قوله تعالى : ? ( - - - صلى الله عليه وسلم - - ( تمهيد - ( ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - عليه السلام - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( - ? [ الرحمن : 13 ] - : " وقد تُكُلِّف لتوجيه العدّة التي جاءت عليها هذه الآية مكرّرة " ، فذكر قول الكرماني السابق ، ثم قال : " وقال غيره : نبّه في سبع منها على ما خلقه الله للعباد من نعم الدنيا المختلفة – على عدّة أمّهات النعم - ، وأفرد سبعاً منها للتخويف ، وإنذاراً على عدّة أبواب المخوف منه ، وفصل بين الأول والسبع الثواني بواحدة سوّى فيها بين الخلق كلّهم فيما كتبه عليهم من الفناء ؛ حيث اتّصلت بقوله : ? - - ( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - { - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - تمت - - ( ?
[ الرحمن : 26 ] ؛ فكانت خمس عشرة . أتبعت بثمانية في وصف الجنان وأهلها على عدّة أبوابها ، ثم بثمانية أخر في وصف الجنّتين اللتين من دون الأوليين أيضاً ؛ فاستكملت إحدى وثلاثين " (2) .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 570 .
(2) ... البرهان في علوم القرآن : 3/ 104 .(1/428)
وقال في موضع آخر – في معرض ذكره لأحكامٍ تختصّ بالحروف المقطّعة في فواتح السور - : " الثالث عشر : مجيئها في تسعٍ وعشرين سورة بعدد الحروف " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : تكرار اللفظ لتكرّر وقوع المعنى
المراد بهذه القاعدة : أن المعنى الذي وُضع اللفظ للدلالة عليه قد يتكّرر وقوعه ؛ فيتكرّر ذكر اللفظ للدلالة على ذلك .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - ( - - - - - ? [ يوسف : 73 ، 85 ، 91 ، 95 ] في ثلاثة مواضع (2) : الأول : يمين منهم أنهم ليسوا بسارقين ، وأن أهل مصر بذلك جدّ عالمين.
والثاني : يمين منهم أنك لو واظبت على هذا الحزن والجزع تصير حرضاً أو تكون من الهالكين .
والثالث : يمين منهم على أن الله فضّله عليهم ، وأنهم كانوا خاطئين " (3) .
( 2 ) قال الأنصاري : " قوله تعالى : ? - - - - ( - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - (( - (- صلى الله عليه وسلم - - ((( } تم بحمد الله - تمهيد ( - (- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -( } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - ( { - - - - رضي الله عنهم - - - جل جلاله -(( ( - - رضي الله عنهم -(((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - } ( فهرس - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - - ( المحتويات ( تمهيد - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - ? [ البقرة : 198 ] ، إن قلت : ما فائدة تكرار الذكر ؟
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 1/ 266 .
(2) ... استدرك محقق الكتاب - أحمد خلف الله - على الكرماني موضعاً رابعاً ، أشرت إلى رقم الآية التي ورد فيها عند ذكر الآية في الأعلى .
(3) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 229 .(1/429)
قلت : فائدته التنبيه على إرادة ذكرٍ مكرّر " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? ( المحتويات ( - ( - ((( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ النساء : 156 ] : كرّره لتكرّر الكفر منهم ؛ فإنهم كفروا بموسى وعيسى وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - " (2) .
( 3 ) قال ابن القيّم : " أما اليهود فقال تعالى في حقّهم : ? - - رضي الله عنهم - - - - ( } ( - } - (- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -( { - - ((( مقدمة ( - ( المحتويات ( - - - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( تمهيد - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - ( - ((- رضي الله عنه - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( } - - رضي الله عنه - - ( - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( - ( - (( - ( - - فهرس - - رضي الله عنه -( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -( - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( فهرس ( - - - رضي الله عنه - تمهيد (( } - صلى الله عليه وسلم -(( - - - رضي الله عنه - تمهيد - ( - - - (- رضي الله عنه -(( - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - - - ( - ( - - صدق الله العظيم - ( - ((( - - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (- عز وجل - - - - - رضي الله عنه -( (((( - - تم بحمد الله ? [ البقرة : 90 ] ، وفي تكرار هذا الغضب هنا أقوال :
أحدها : أنه غضب متكرّر في مقابلة تكرّر كفرهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والبغي عليه ومحاربته؛ فاستحقّوا بكفرهم غضباً وبالبغي والحرب والصدّ عنه غضباً .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 180 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 235 .(1/430)
ونظيره قوله تعالى : ? - ((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - } - - صلى الله عليه وسلم - - - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - - - ( المحتويات ( - (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - - - - - - - رضي الله عنه -( - - ( قرآن كريم - ( ( - - - - - رضي الله عنهم -(( - - - - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ((( - ? [ النحل : 88 ] ؛ فالعذاب الأول بكفرهم ، والعذاب الذي زادهم بصدهم الناس عن سبيله " (1) .
وكلام ابن القيّم هذا يصلح – أيضاً – مثالاً للقاعدة التالية : قاعدة (( مراعاة المقابلة في عدد مرّات التكرار )) .
* * *
القاعدة الثالثة : مراعاة المقابلة في عدد مرّات التكرار
المراد بهذ القاعدة : أن عدد مرات تكرار اللفظ قد يكون مراعى فيه عدد شيء آخر يقابله ؛ ليكون عدد مرّات التكرار متساوياً في المتقابلين .
وقد سبق – عند قاعدة (( مراعاة المقابلة المعنوية للسياق )) في المطلب الثاني من المبحث السابق - ذكر المراد بالمقابلة ، وأنها : المناسبة التي سبيلها التضادّ ، وهو المراد بها هنا .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال الكرماني : " قوله تعالى – حكاية عن فرعون - : ? - ( - الله أكبر ( { - درهم - - (( - } - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ الإسراء : 101 ] :
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 2/ 29 .(1/431)
قابل موسى – عليه السلام – كلّ كلمة من فرعون بكلمة من نفسه ، فقال : ? - ( - الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - - - (( - } ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (((- رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ الإسراء : 102 ] " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - ( - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - عليه السلام - - ( - - - - - - ( ( - - رضي الله عنهم - - ( { - - ? [ الضحى : 9 ] : كرّر فيه ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ? ثلاث مرّات على التوالي : لأنها وقعت في مقابلة ثلاث آيات أيضاً ، وهي: ?( المحتويات - - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ( - - - - - - - ( - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه -( - ( ((( - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - - - ( - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - ( ((( - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - الله - (( - - - رضي الله عنه -( - ( - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ( ? [ الضحى : 6- 8 ] " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 255 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 363 .(1/432)
( 2 ) قال ابن الزبير – في توجيهه لتكرير قوله تعالى : ? ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - ( - - - - ( - ( - ( - - ? [ المرسلات : 15 ] عشر مرّات - : " ... ثم رجع الكلام إلى التعريف بحال الناجين في آيات ثلاث لم يتخلّلها الدعاء بالويل ؛ لئلا يشوب بشارتهم تنقيص .. ثم عادت الآي إلى ما بنيت عليه السورة [ المرسلات ] من وعيد المكذّبين وتخويفهم إلى آخر السورة ، وتكرّر فيه ذلك الدعاء بالويل للمكذّبين ثلاث مرّات : طوبق بها عدد آيات وصف المتّقين ؛ ليكون زيادة في تنكيل المكذّبين وتحسّرهم بسماع حال مَن حاله على الضّد منهم " (1) .
* * *
المبحث الثاني :
القواعد الخاصة بتوجيه نوع من المتشابه مع الاختلاف
تقدّم في الفصل الثالث من الباب الأول – في المبحث الثاني منه – ذكر أنواع المتشابه اللفظي – من حيث وجود الاختلاف ونوعه - ، وأنه يتنوع بذلك الاعتبار إلى نوعين رئيسين :
الأول : نوع المتشابه بلا اختلاف . وقد تقدّم ذكر القواعد الخاصة به في المبحث السابق .
الثاني : نوع المتشابه مع الاختلاف . وهذا النوع يحوي أنواعاً فرعيّة – من حيث نوع الاختلاف الموجود – سبق ذكرها هناك .
ومن تلك الأنواع الفرعيّة التي وجدت لها قواعد خاصة بها : أربعة أنواع ، هي : نوع الاختلاف في الصيغة ، ونوع الاختلاف في التعريف والتنكير ، ونوع الاختلاف في الإبدال، ونوع الاختلاف في الذكر والحذف .
وبحسب هذه الأنواع الأربعة جاءت المطالب في هذا المبحث :
المطلب الأول : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في الصيغة .
المطلب الثاني : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير .
المطلب الثالث : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في الإبدال .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1126- 1127 .(1/433)
المطلب الرابع : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف .
* * *
المطلب الأول : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في الصيغة
الاختلاف في الصيغة : يقصد به الاختلاف في الاسمية والفعلية ، وفي صيغ الفعل ، وفي صيغ الاشتقاق .
والقواعد المندرجة تحت هذا المطلب : قاعدتان ، هما – تفصيلاً - كما يلي :
القاعدة الأولى : دلالة الاسم على الثبوت والفعل على التجدّد
هذه قاعدة مقرّرة عند جمهور البلاغيين (1) ، والمراد بها : " أن موضوع الاسم على أن يثبت به المعنى للشيء من غير أن يقتضي تجدّده شيئاً بعد شيء . وأما الفعل فموضوعه على أنه يقتضي تجدّد المعنى المثْبَت به شيئاً بعد شيء " (2).
والمراد بالثبوت : لزوم المعنى للشيء ، ودوامه ، واستمراره . وبالتجدّد : الحدوث ، وحصول المعنى بعد عدمه ، وتكرّر حصوله .
وأمثلة هذه القاعدة كفيلةٌ – بإذن الله - بكشف ما بقي في معناها من غموض .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... انظر : دلائل الإعجاز للجرجاني : 174- 177 ، البرهان للزركشي : 4/ 59 ، الإتقان : 1/ 586 ، تلخيص المفتاح ( مع بغية الإيضاح : 1/ 139 ) ، الكلّيات : ص 1014 ، خصائص التراكيب : ص 296 ، البلاغة فنونها وأفنانها ( علم المعاني ) : ص 262 ، قواعد التفسير للسبت : 1/ 255 ، المتشابه اللفظي في القرآن للشثري : ص 115 ، من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن للصامل : ص 43 .
(2) ... دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني : ص 174 ، وقال عن هذا الفرق بين الإثبات بالاسم والإثبات بالفعل : وهو فرق لطيف تمسّ الحاجة في علم البلاغة إليه .(1/434)
( 1 ) قال ابن الزبير – في معرض توجيهه للاختلاف بين آيتي سورة الأعراف ، وهما قوله تعالى في قصة نوح : ? ( المحتويات ( - ((( - - - رضي الله عنه - - ( - ( تمهيد ( فهرس - (- رضي الله عنهم - - ( - - ( فهرس - - عليه السلام - - ( - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( تم بحمد الله ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - فهرس - (( - - ? [ الأعراف : 62 ] ، وقوله في قصة هود : ? ( المحتويات ( تمهيد ((( - - - رضي الله عنه - - ( - ( تمهيد ( فهرس - (- رضي الله عنهم - - ( - - ( فهرس - - عليه السلام - - بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنه - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - ( صدق الله العظيم (( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ? [ الأعراف : 68 ] - : " ... وإنما أتى [ أي : هود عليه السلام ] في إخبارهم بنصحه وأمانته بالاسم ؛ فقال : ? ( صدق الله العظيم (( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ? [ الأعراف : 68 ] ، ولم يقل : (( أنصح )) فيأتي بالفعل ؛ ليحصل منه أن ذلك الوصف الجليل ملازم له غير مفارق ، ولم يكن الفعل ليعطي ذلك ؛ فجاء بالاسم وجعله الخبر عن ضميره الذي هو (( أنا )) ؛ فهذا مقصود ثبات الوصف ولزومه .(1/435)
مثل الوارد في قوله تعالى مخبراً عن المنافقين : ? - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( { - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( } - ( قرآن كريم ( - - - - - } - جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم فهرس - - رضي الله عنهم - - - - فهرس - ( { ( المحتويات ( - (- جل جلاله - - (((- عليه السلام - - - { } - ( قرآن كريم ( - - - - - ( الله أكبر ( { ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -((( - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( تم بحمد الله ? [ البقرة : 14 ] ؛ فأخبر عن قولهم للمؤمنين : ? - } - جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ البقرة : 14 ] بالفعل الماضي ، وليس من وضعه إعطاء الدوام في الأكثر ؛ إذ قد يقول : (( فعلت )) مَن أوقع الفعل مرة واحدة ، وأخبر تعالى عن قولهم لإخوانهم وشياطينهم بقولهم : ? - ( الله أكبر ( { ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -((( - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( تم بحمد الله ? [ البقرة : 14 ] ؛ فجاؤوا بالاسم إعلاماً بصفتهم التي هم عليها مستمرّون " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 528 .(1/436)
وقال في موضع آخر – في توجيه الاختلاف الواقع بين قوله تعالى في سورة هود : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - - درهم - - - عليه السلام - - - درهم ( - ( - ( - ( - - - - رضي الله عنه - - ( { ( - - - - المحتويات ( - ((( - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - قرآن كريم ( - ( - ((( تم بحمد الله ? [ هود : 117 ] ، وقوله في القصص: ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - - رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - ( { ( - - - - (( - - رضي الله عنهم - مقدمة - رضي الله عنهم - { - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - - ( - (( - - رضي الله عنهم - - ( } تم بحمد الله ( - - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - - عليه السلام - - } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - عليه السلام - - ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } - ( - - ( - ( - ( - ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - ( { ( - - - - صدق الله العظيم ( { - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - قرآن كريم ( - ( - ( - ( ? [ القصص : 59 ] - : " والجواب أن آية هود تقدّمها قوله تعالى : ? - صدق الله العظيم ( قرآن كريم فهرس - - ( - رضي الله عنه - تمت - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( { ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمهيد ( - ( - ( تمهيد - - } - قرآن كريم ( - - - صلى الله(1/437)
عليه وسلم -( - - { } - ( { - رضي الله عنه - - - - ( قرآن كريم { - ( { - رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - - - - (( - - - - (( ((( - - } - - - صدق الله العظيم ( { الله - - ( - - - ( صدق الله العظيم - - ( } تم بحمد الله - - عليه السلام - - ( - { - - عز وجل -- صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - (- جل جلاله -( تم بحمد الله ? [ هود : 116 ] ... وجيء بالفعل في قوله : ? - درهم ( - ( - ( - ( - ? [ هود : 117 ] : إشارة إلى التّكرّر بحسب ما يكون منهم ، فلو كان في كلّ أمة وقرن بعد قرن من ينهى عن الفساد والظلم لما أخذوا بذوي الظلم منهم ، ولكان تعالى يدفع ببعضهم عن بعض ، ولكن تكرَّر الفساد وعمَّ كلّ قرن فتكرّر عليهم الجزاء والأخذ ؛ فأشار الفعل إلى التكرّر ولم يكن الاسم ليعطي ذلك .(1/438)
وأما قوله في سورة القصص : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - - رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - ( { ( - - - - (( - - رضي الله عنهم - مقدمة - رضي الله عنهم - { - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - - ( - (( - - رضي الله عنهم - - ( } تم بحمد الله ( - - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - - عليه السلام - - ? [ القصص : 59 ] ؛ فإنه تقدَّم هذا قوله تعالى : ? ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - { ( - - - ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ? [ القصص : 51 ] ؛ فلمّا أعلم سبحانه تتابع التذكار وتعاقب الإنذار قال : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - - رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - ( { ( - - - - (( - - رضي الله عنهم - مقدمة - رضي الله عنهم - { - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - - ( - (( - - رضي الله عنهم - - ( } تم بحمد الله ( - - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - - عليه السلام - - ? [ القصص : 59 ] ، وناسب هذا ذكر اسم الفاعل ؛ لأنه قصد ذكر الاتصاف بهذا ، ولم يقصد التكرّر ولم يكن حاصله " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 671- 672 .(1/439)
وقال في موضع ثالث : " قوله تعالى : ? ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - - قرآن كريم ( - ( - - - - ( - ? [ الانشقاق : 22 ] ، وفي سورة البروج : ? ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - (( - - - ( - ( - - - ? [ البروج : 19 ] : للسائل أن يسأل عن اختصاص الأول بقوله : ? - - قرآن كريم ( - ( - - - - ( - ? [ الانشقاق : 22 ] بلفظ المضارع ، والثانية بقوله : ? - (( - - - ( - ( - - - ? [ البروج : 19 ] بلفظ المصدر ، مع اتحاد المعنى المقصود ؟
والجواب على ذلك والله أعلم : أن آية الانشقاق تقدّمها وعيد أخراوي كله لم يقع بعد، وهم مكذّبون بجميعه ؛ فجيء هنا باللفظ المقول على الاستقبال – وإن كان يصلح للحال- ليطابق الإخبار ؛ لأنه عمّا يأتي ولم يقع بعد ؛ فجيء بما يطابقه باستقباله .
وأما آية البروج فقد تقدّمها قوله تعالى : ? ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - - - - صلى الله عليه وسلم - - ( { - ( - - رضي الله عنهم - مقدمة ( - قرآن كريم ( - ( - ( - - - (((( - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ البروج : 17- 18 ] ، وحديث هؤلاء و أخذهم بتكذيبهم قد تقدم ومضى زمانه ، وهؤلاء مستمرون على تكذيبهم ؛ فقيل : ? - (( - - - ( - ( - - - ? [ البروج : 19 ] ، وجيء بالمصدر ليحرز عنه ، ولفظ المصدر أعطى لما قصد من هذا من لفظ المضارع ؛ فجيء بكل من الآيتين بما يناسب " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1141- 1142 .(1/440)
( 2 ) قال ابن القيم : " وأما المسألة الثامنة : وهي إثباته هنا [ سورة الكافرون ] بلفظ : ? - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - تمهيد ( - - - ? [ الكافرون : 1 ] دون : ? - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ? [ التحريم : 7 ] ؛ فسرّه – والله أعلم- : إرادة الدلالة على أن من كان الكفر وصفاً ثابتاً له ، لازماً لا يفارقه، فهو حقيق أن يتبرّأ الله منه ، ويكون هو أيضاً بريئاً من الله ؛ فحقيق بالموحّد البراءة منه ؛ فكان في معرض البراءة التي هي غاية البعد والمجانبة بحقيقة حاله التي هي غاية الكفر ، وهو الكفر الثابت اللازم في غاية المناسبة . فكأنه يقول : كما أن الكفر لازم لكم ثابت لا تنتقلون عنه فمجانبتكم والبراءة منكم ثابتة دائماً أبداً ؛ ولهذا أتى فيها بالنفي الدّال على الاستمرار في مقابلة الكفر الثابت المستمر ، وهذا واضح " (1) .
( 3 ) قال الزركشي : " مضمر الفعل كمظهره في إفادة الحدوث ، ومن هذه القاعدة قالوا : إن سلام الخليل – عليه السلام – أبلغ من سلام الملائكة ؛ حيث قال : ? } - قرآن كريم ( - - - - - - - ( فهرس - - رضي الله عنهم - - } - رضي الله عنه - - - - - ( المحتويات ( فهرس - - رضي الله عنهم - - ? [ هود : 69 ] ؛ فإن نصب : ? - - - ( فهرس - - رضي الله عنهم - - ? [ هود : 69 ] إنما يكون على إرادة الفعل ، أي : سلّمنا سلاماً ، وهذه العبارة مؤذنة بحدوث التسليم منهم ؛ إذ الفعل تأخّر عن وجود الفاعل .
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 1/ 139 .(1/441)
بخلاف سلام إبراهيم : فإنه مرتفع بالابتداء ؛ فاقتضى الثبوت على الإطلاق ، وهو أولى مما يعرض له الثبوت ؛ فكأنه قصد أن يحيّيهم بأحسن مما حيّوه به ؛ اقتداءً بقوله تعالى : ? - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( - ( - - ( مقدمة - { } - ( - - رضي الله عنه - - ( - } - قرآن كريم - - - رضي الله عنهم - - - ( - صدق الله العظيم - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - { - ( { ( تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - - - ( - ? [ النساء : 86 ] " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : رعاية الأدب مع الله تعالى
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 4/ 63 .(1/442)
معنى هذه القاعدة يبيّنه قول ابن القيّم – رحمه الله - : " إذا عُرف هذا عُرف معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : (( لبّيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشّر ليس إليك )) (1) ، وأن معناه أجلّ وأعظم من قول من قال : والشرّ لا يُتقرّب به إليك ، وقول من قال : والشر لا يصعد إليك . وأن هذا الذي قالوه وإن تضمّن تنزيهه عن صعود الشرّ إليه ، والتقرّب به إليه ؛ فلا يتضمّن تنزيهه في ذاته وصفاته وأفعاله عن الشرّ . بخلاف لفظ المعصوم الصادق المصدّق ؛ فإنه يتضمّن تنزيهه في ذاته تبارك وتعالى عن نسبة الشرّ إليه بوجه ما ؛ لا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أسمائه ، وإن دخل في مخلوقاته ؛ كقوله : ? ( - ( - ( - قرآن كريم ((- صلى الله عليه وسلم - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - ( - فهرس - - (( - - - ((( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - - فهرس - - رضي الله عنهم - } ? [ الفلق : 1- 2 ] .
ومن تأمّل طريقة القرآن في إضافة الشرّ إلى سببه ومن قام به ؛ كقوله : ... ، وهو في القرآن أكثر من أن يُذكر هاهنا عُشر معشاره ، وإنما المقصود التمثيل ... وبالجملة : فالذي يضاف إلى الله تعالى كلّه خير وحكمة ومصلحة وعدل ، والشرّ ليس إليه " (2) .
__________
(1) ... هذا قطعة من حديث طويل من رواية علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - : أخرجه مسلم في صحيحه : ص 800 ( ضمن الكتب الستة ذات المجلّد الواحد ) ، برقم ( 771 ) : كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه .
(2) ... بدائع الفوائد : 2/ 214- 215 .(1/443)
وقول الزركشي : " وقوله : ? - - ( - - عليه السلام - - ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - } ? [ آل عمران : 26 ] ، ولم يقل : وبيدك الشرّ ، وإن كانا جميعاً بيده ، لكن الخير يضاف إلى الله تعالى إرادة محبّة ورضا ، والشرّ لا يضاف إليه إلا إلى مفعولاته ؛ لأنه لا يضاف إلى صفاته ولا أفعاله ؛ بل كلّها كمالٌ لا نقص فيه ... " (1) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال ابن جماعة : " قوله تعالى : ? - } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - ( { - - جل جلاله - - (( - - - - - ( تمهيد - رضي الله عنه - الله أكبر - - - - ( - رضي الله عنه -((( - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - (( ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - - المحتويات - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( تمت - صلى الله عليه وسلم - - - { - - - - ((- صلى الله عليه وسلم - - ? [ الكهف : 79 ] ، وقال بعده : ? - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ? [ الكهف : 81 ] ، وقال في الثالثة: ?- رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - - ( - رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - ? [ الكهف : 82 ] ؟
جوابه : أن هذا حسن أدب من الخَضِر مع الله تعالى :
أما الأول : فإنه لمّا كان عيباً نسبه إلى نفسه .
وأما الثاني : فلما كان يتضمّن العيب ظاهراً وسلامة الأبوين من الكفر ودوام إيمانهما باطناً ؛ قال : (( أردنا )) ؛ كأنه قال : أردت أنا القتل وأراد الله سلامتهما من الكفر وإبدالهما خيراً منه .
__________
(1) ... البرهان في علوم القرآن : 4/ 52- 56 .(1/444)
أما الثالث : فلما كان خيراً محضاً ليس فيه ما ينكر لا عقلاً ولا شرعاً ؛ نسبه إلى الله وحده؛ فقال : ?- رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - - ( - رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - ? [ الكهف : 82 ] " (1) .
وقال في موضع آخر – في توجيه الاختلاف الواقع في قوله تعالى : ? - ( - { - - - (( - - { فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - ( (((( - ( - - عليه السلام - - (((( - ( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - ((((( - (((( { ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام - قرآن كريم ( - - ( ((((((( - - (((( - ( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - ( - - ( - ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم (((( - (- رضي الله عنه -( - ? [ الشعراء : 78- 81 ] - : " سلوك الأدب في إضافته المحبوب والنعمة إلى الله تعالى ، وسكوته عن المكروه من المرض والموت ، وإضافته إلى نفسه " (2) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 243 ، وانظر : فتح الرحمن : ص 403 .
(2) ... كشف المعاني : ص 280- 281 ، وانظر : فتح الرحمن : ص 457 .(1/445)
( 2 ) قال ابن القيّم : " وأما المسألة الخامسة : وهي أنه قال : ?- رضي الله عنه -((( - { - - - - تمهيد ( - - رضي الله عنهم -(( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? [ الفاتحة : 7 ] ، ولم يقل : (( المنعم عليهم )) ؛ كما قال : ? (- عز وجل - قرآن كريم ((((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? [ الفاتحة : 7 ] فجوابها : ... أن هذا جاء على الطريقة المعهودة في القرآن ، وهي : أن أفعال الإحسان والرحمة والجود تضاف إلى الله سبحانه وتعالى ؛ فيذكر فاعلها منسوبة إليه ، ولا يبنى الفعل معها للمفعول ، فإذا جيء بأفعال العدل والجزاء والعقوبة حذف الفاعل وبني الفعل معها للمفعول ؛ أدباً في الخطاب ، وإضافته إلى الله أشرف قسمي أفعاله .
ومنه : هذه الآية ؛ فإنه ذكر النعمة فأضافها إليه ولم يحذف فاعلها ، ولما ذكر الغضب حذف الفاعل وبنى الفعل للمفعول ؛ فقال : ? (- عز وجل - قرآن كريم ((((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? [ الفاتحة : 7 ] ، وقال في الإحسان : ?- رضي الله عنه -((( - { - - - - تمهيد ( - - رضي الله عنهم -(( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ? [ الفاتحة : 7 ] ، ونظيره قول إبراهيم الخليل ...(1/446)
ومنه : قوله تعالى حكاية عن مؤمني الجن : ? - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - ( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - - (( ((( - - } - - ( الله - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - ( المحتويات ( - - - - عليه السلام - - - - جل جلاله - - - { - عليه السلام - - ? [ الجن : 10 ] فنسبوا إرادة الرشد إلى الربِّ ، وحذفوا فاعل إرادة الشرّ ، وبنوا الفعل للمفعول . ومنه : قول الخضر عليه السلام ...
ومنه : قوله تعالى : ? } - ( مقدمة ( - ( المحتويات ( تمهيد - - - - - - ( - - - ( الله - - عليه السلام - - ( - ( - - - ( { - ( { - - - - - - فهرس - ( { ( المحتويات ( - (( - - - - ( - ? [ البقرة : 187 ] فحذف الفاعل وبناه للمفعول ، وقال : ? } - - رضي الله عنهم - مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - - ( - - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم { - - رضي الله عنهم - مقدمة - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - - - - - ? [ البقرة : 275 ] : لأن في ذكر الرّفث ما يحسن منه ألاّ يقترن بالتصريح بالفاعل .(1/447)
ومنه : ?( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - ( مقدمة ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( { - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات (- رضي الله عنه - مقدمة - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - جل جلاله -( - ( - - - ? [ المائدة : 3 ] ، وقوله : ?( - ( - } - ( قرآن كريم - - - - رضي الله عنهم -( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم { - - رضي الله عنهم - مقدمة ( المحتويات ( تمهيد - - - عليه السلام - - ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( } - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - } - قرآن كريم ( - ( - ((( - (( مقدمة ( - - - (( - - { } ((((- رضي الله عنه - - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - - ( - - ( مقدمة ( { } ? [ الأنعام : 151 ] ... " (1) .
* * *
المطلب الثاني : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في التعريف والتنكير
يندرج تحت هذا المطلب قاعدتان ، بينهما شيء من التداخل ، لكن بينهما فروق ظاهرة ، وإن كانت بعض الأمثلة تصلح لهما جميعاً . وتفصيل الكلام عليهما كما يلي :
القاعدة الأولى : التعريف للعهد
المعرفة : هي ما دلّ على شيء بعينه ، والنكرة : ما دلّ على شيء لا بعينه .
والمراد بالتعريف هنا : التعريف بأل – أو بالألف واللام - .
ويذكر النحاة عن (( أل )) أنها تأتي على ثلاثة أوجه : أحدها : أن تكون حرف تعريف، وهي نوعان : عهدية ، وجنسيّة .
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 2/ 18- 19 ، وانظر منه أيضاً : 2/ 214- 215 . وانظر أيضاً : البرهان للزركشي : 4/ 51- 56 .(1/448)
والعهد : ثلاثة أنواع : عهد ذكريّ ، وعهد ذهنيّ أو علميّ ، وعهد حضوريّ (1).
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... انظر : مغني اللبيب : ص 71- 72 ، البرهان للزركشي : 4/ 76 ، الإتقان : 1/ 466 ، معجم القواعد العربية : ص 80- 81 . وانظر أيضاً : تلخيص المفتاح ( مع بغية الإيضاح : 1/ 70 ) ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 382 ، خصائص التراكيب : ص 210 ، البلاغة فنونها وأفنانها ( علم المعاني ) : ص 325 .(1/449)
( 1 ) قال الإسكافي – في توجيهه للاختلاف الحاصل بين آيتي البقرة : ? - - - ( - رضي الله عنهم -- رضي الله عنهم - - - - جل جلاله -( - ( - ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - - (( - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم -( - ( ( - (( - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - (( - - ( - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ? [ البقرة : 234 ] ، ? ( تمت ( - - ( - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - - ( - رضي الله عنهم -- رضي الله عنهم - - - - جل جلاله -( - ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - (( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - (( - - رضي الله عنهم -( - ( ( - (( - (( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - رضي الله عنه -( ( - (( تمهيد - رضي الله عنهم - مقدمة ? [ البقرة : 240 ]- :" فجاء (( المعروف )) في الأول معرّف اللفظ ؛ لِما أشرت إليه وهو أن يفعلن في أنفسهن بالوجه المعروف المشهور الذي أباح الشرع لهنّ ذلك ، وهو الوجه الذي دلَّ الله عليه وأبانه ؛ فعُرّف إذ كان معرفة مقصوداً نحوه .
والثاني كان وجهاً من الوجوه التي لهنّ أن يأتينه ؛ فأخرج مخرج النكرة لذلك " (1) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 1/ 348 ، وانظر فيه مثالاً آخر لهذه القاعدة : 3/ 1273 .(1/450)
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? - - قرآن كريم ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم (( - - ( - } - جل جلاله - - - - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - - ? [ البقرة : 61 ] ، وفي آل عمران : ? - - قرآن كريم ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم (( - - ( - } - جل جلاله - - - - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - - - جل جلاله -- رضي الله عنهم - مقدمة ? [ آل عمران : 21 ] ، وفيها وفي النساء : ? ( المحتويات ( - فهرس - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - ( - - الله أكبر - } - - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - - - - رضي الله عنهم - مقدمة ? [ آل عمران : 181 ، النساء : 155 ] ؛ لأن ما في البقرة إشارة إلى الحقّ الذي أذن الله أن تقتل النفس به ، وهو قوله : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - ( - ( { - - - } (( } - - - - (( - { - - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم { - - رضي الله عنهم - مقدمة ( - - - - صدق الله العظيم ( { ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ? [ الأنعام : 151 ، الإسراء : 33 ] ؛ فكان الأَولى بالذكر لأنه من الله تعالى .
وما في آل عمران والنساء نكرة : أي بغير حقّ ٍ في معتقدهم ودينهم ؛ فكان هذا بالتنكير أولى " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 125- 126 .(1/451)
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( - - الله أكبر تمهيد { - - - - - ( - - - - ? [ يونس : 12 ] بالألف واللام في هذه السورة [ يونس ] ؛ لأنه إشارة إلى ما تقدّم من الشرّ في قوله : ?( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - ( - - - ( } - } - جل جلاله - - ( - { - } ( - - - ? [ يونس : 11 ] ؛ فإن الضرّ والشرّ واحد " (1) .
( 3 ) قال ابن جماعة : " قوله تعالى : ?( - - جل جلاله - - ((( - - ( ( الله ( قرآن كريم - { ( - ( - - - رضي الله عنه -((( - ( - ( { ( - - - ? [ المؤمنون : 41 ] معرّفاً ، وقال بعده : ? - - جل جلاله - - ((( - - ( - الله ( قرآن كريم - { ( - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ? [ المؤمنون : 44 ] منكّراً ؟
جوابه : أن القرن الأول معروفٌ أنهم قوم هود ؛ لقوله تعالى : ?( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - رضي الله عنه -( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ((- رضي الله عنه - - - ( الله أكبر ( - - - - رضي الله عنه -((( - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -(? [ المؤمنون : 31 ] ، وأول قرن بعد نوح : قوم هود .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 214 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 140 ، 277 ، 280 ، 345 .(1/452)
وقوله تعالى : ?( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - رضي الله عنه -( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ((- رضي الله عنه - - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - ((( - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( ? [ المؤمنون : 42 ] غير معروفين بأعيانهم ؛ فجاء بلفظ التنكير بقوله تعالى : ? - - جل جلاله - - ((( - - ( - الله ( قرآن كريم - { ( - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ? [ المؤمنون : 44 ] ؛ لأن عدم الإيمان هي الصف العامّة لجميعهم " (1) .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 267 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 99 ، 105 ، 116 ، 356 ، 377 .(1/453)
( 4 ) قال الأنصاري : " قوله تعالى : ? ( المحتويات ( فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - ? [ مريم : 15 ] قاله هنا في قصّة يحيى منكّراً . وقاله بعد في قصة عيسى عليه السلام : ? ( المحتويات ( فهرس - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - المحتويات - ( - (- صلى الله عليه وسلم -? [ مريم : 33 ] معرّفاً : لأن الأوّل من الله ، والقليل منه كثير . والثاني من عيسى ، وأل للاستغراق ، أو للعهد ؛ كما في قوله تعالى : ? - - - عليه السلام - - - - - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - فهرس - ( { - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - - عليه السلام - - (((( - ( - (- رضي الله عنهم -( - ( ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - رضي الله عنه - - قرآن كريم ( - { - - - - ? [ المزمل : 15- 16 ] أي : ذلك السلام الموجّه إلى يحيى موجّه إليَّ " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : إذا تكرّر الاسم وكان الثاني معرفة فهو الأول بخلاف النكرة
هذه القاعدة تتضمّن أربع صور ؛ تفصيلها كما يلي :
إذا تكرّر الاسم مرّتين ، فله أربعة أحوال : لأنه إما أن يكونا معرفتين ، أو نكرتين ، أوالأول نكرة والثاني معرفة ، أو العكس .
فإن كانا معرفتين : فالثاني هو الأول غالباً – دلالةً على المعهود - .
وإن كانا نكرتين : فالثاني غير الأول غالباً – وإلا لكان المناسب هو التعريف - .
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 407- 408 ، وانظر فيه مثالاً آخر لهذه القاعدة : ص 151 .(1/454)
وإن كان الأول نكرة والثاني معرفة : فالثاني هو الأول - حملاً على العهد - .
وإن كان الأول معرفة والثاني نكرة : فلا يُطلق القول ، بل يُتوقّف على القرائن .
وهذه القاعدة أغلبيّة ، وهي إنما يُقال بها إذا لم يكن ثَمَّ قرائن ، فإن دلَّت القرينة على خلافها فالتعويل على القرينة .
وهذا الاحتراز لا يؤدّي إلى القول بانتقاض القاعدة – كما ذهب إليه البعض – لأن الاستثناء من القاعدة يؤكّدها ولا يخرمها ، ولأن الاطّراد هنا أغلبيٌّ وليس كليّاً (1) .
ولكن ربما كانت القاعدة بحاجة إلى أمثلةٍ تزيد في وضوحها والقناعة بها ، وهي الآتية :
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال الإسكافي – في توجيهه للاختلاف الواقع بين قوله تعالى في البقرة :
? ( تمت - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - - - - (- رضي الله عنهم - - - ( - - - - رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - ( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ البقرة : 126 ] ، وفي سورة إبراهيم : ? - - - (- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - - جل جلاله -- جل جلاله -( تم بحمد الله - - عليه السلام -( ?
[ إبراهيم : 35 ] - حيث ذكر وجهين لذلك ، ثم قال : " فأما قول من يقول : إنه جعل الأول نكرة ؛ فلمّا أعيد ذكرها أعيد بلفظ المعرفة ؛ كما تقول : رأيت رجلاً ، فأكرمت الرجل ؛ فليس بشيء ، وليس ما ذكره مثالاً لهذا ، ولا هذا المكان مكانه " (2) .
__________
(1) ... انظر : المفردات للراغب : ص 507 ، مغني اللبيب : ص 861- 865 ، البرهان للزركشي : 4/ 82- 88 ، الإتقان : 1/ 570- 573 ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 711 .
(2) ... درة التنزيل : 1/ 287 .(1/455)
وقال في موضع آخر– في توجيه قوله تعالى : ? } تمت ( - - ( - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ( - ((( - - - - ( - ( - ( - ((( } تمت ( { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ( - ((( - - - - - - ( - ( - ? [ الشرح : 5- 6 ] - : " لأن (( العسر )) لمّا أعيد لفظه معرّفاً كالأوّل لم يكن إلا إيّاه ، و (( يسراً )) لمّا أعيد لفظه نكرةً كان غير الأول " (1) .
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? - - - ( - رضي الله عنهم -- رضي الله عنهم - - - - جل جلاله -( - ( - ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - - (( - صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم -( - ( ( - (( - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - ? [ البقرة : 234 ] ، وقال في الآية الأخرى : ? صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 240 ] ... قلت : النكرة إذا تكرّرت صارت معرفة ، فإن قلت : كيف يصحّ ما قلت والأول معرفة والثاني نكرة ؟ وما ذهبت إليه يقتضي ضدّ هذا ، بدليل قوله سبحانه : ? - - - عليه السلام - - - - - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - فهرس - ( { - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - - عليه السلام - - (((( - ( - (- رضي الله عنهم -( - ( ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - رضي الله عنه - - قرآن كريم ( - { - - - - ? [ المزمل : 15- 16 ] ؟
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1364 .(1/456)
فالجواب : أن هذه الآية بإجماع المفسّرين مقدّمة على تلك الآية في النزول ، وإن وقعت في التلاوة متأخّرة ، وأجمعوا أيضاً على أن هذه الآية منسوخة بتلك الآية ، والمنسوخ سابق على الناسخ ضرورة ؛ فصحَّ ما ذكرتُ : أن قوله : ? ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - ? [ البقرة : 234 ] هو ما ذكر في قوله : ? صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - صلى الله عليه وسلم -( - (( } تم بحمد الله - ? [ البقرة : 240 ] ؛ فتأمّل فيه فإن في هذا دليلاً على إعجاز القرآن " (1) .
وقال في موضع آخر : " قوله تعالى : ? ( المحتويات ( فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - ? [ مريم : 15 ] في قصّة يحيى ? ( المحتويات ( فهرس - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - المحتويات - ( - (- صلى الله عليه وسلم - ? [ مريم : 33 ] في قصة عيسى . فنكّر في الأول ، وعرّف في الثاني .. وقيل : إنما أدخل الألف واللام ؛ لأن النّكرة إذا تكرّرت تعرّفت " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 140- 141 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 259- 260 ، وانظر فيه مثالاً آخر : ص 260 .(1/457)
( 3 ) قال ابن الزبير– في توجيه قوله تعالى : ? } تمت ( - - ( - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ( - ((( - - - - ( - ( - ( - ((( } تمت ( { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ( - ((( - - - - - - ( - ( - ? [ الشرح : 5- 6 ] - : " ... فإن العرب إذا أعادت الاسم بأداة العهد – وهي الألف واللام- كان المذكور ثانياً هو المذكور أولاً ، وسواء كان المذكور أولاً نكرة أو معرفة ، تقول : لقيت رجلاً فأكرمت الرجل ؛ إنما تريد الرجل الذي لقيته ، فإن قلت : لقيت رجلاً فأكرمت رجلاً ؛ كان الثاني غير الأول ، هذا كلامهم . وقد وقع اليسر في الآية منكّراً في الموضعين ؛ فأشعر بالتوسعة .." (1) .
* * *
المطلب الثالث : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في الإبدال
نوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال : يشمل إبدال حرف بحرف ، أو كلمة بكلمة ، أو جملة بجملة .
وقد وجدت من القواعد الخاصة بهذا النوع : أربع قواعد ؛ تفصيلها كما يلي :
القاعدة الأولى : مراعاة الفرق بين الألفاظ المتقاربة
" اللفظ والمعنى إما أن يتّحدا أو يتعدّدا ، فإن تعدّدا فهي الألفاظ المتباينة ، وإن تعدّد المعنى واللفظ واحد فهو المشترك ، وإن تعدّد اللفظ والمعنى واحد فهو المترادف" (2) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1147 ، وانظر فيه مثالاً آخر لهذه القاعدة : 2/ 662 . وانظر أيضاً : كشف المعاني : ص 133 ، 189 ، 247 ، فتح الرحمن : ص 407 ، 546 .
(2) ... المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي : 1/ 368 ( بتصرّف ) . وانظر : الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن : ص 27- 29 .(1/458)
لكن شرط الترادف – عند الكثير - : أن يكون اتّحاد المعنى – بين الألفاظ المتعدّدة – من كلّ وجه ، ولهذا فقد كان القول بوقوع الترادف في اللغة أو القرآن محلَّ خلاف بين الأصوليين واللغويين وغيرهم (1) .
ولذلك فإن ابن تيميّة – رحمه الله – سمّى الألفاظ التي تشترك في المعنى العام مع وجود فروق بينها : بالألفاظ المتقاربة ، وليس المترادفة (2) ، وقد أخذت هذه التسمية عنه .
وعليه : فالمراد بالحروف أو الكلمات المتقاربة هنا : هي التي تشترك في معنى عام ، لكن لكلّ منها معنى خاصّ يختلف عن الآخر ، وهو معنى زائد على المعنى العام الذي تشترك فيه .
ومثال ذلك في الحروف– وهو من أكثر أمثلة هذه القاعدة في المتشابه اللفظي - : حروف العطف ( الواو ، والفاء ، وثم ) ؛ فإنها مع اشتراكها في المعنى العام – وهو العطف – إلا أن لكلٍّ منها معنى يخصّه ، ويفترق به عن الآخر :
فالواو : لمطلق الجمع ، والفاء : تفيد الترتيب ، والتعقيب ، والسببيّة ، وثم : تفيد التشريك في الحكم ، والترتيب ، والمهلة (3) .
وهكذا الأمر بالنسبة للكلمات ، مثل : خلَق وجعَل ، ورُددت ورُجعت ، ويقتّلون ويُذبّحون ، وغلمان وولدان ، ورسول ونبيّ ، وغيرها – مما سيأتي ذكره أو الإحالة عليه في الأمثلة - .
__________
(1) ... انظر : الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن : ص 7- 8 ، 30 ، 36 .
(2) ... انظر : مقدمة في أصول التفسير : ص 51 ، وقد سمّاها مرّة أخرى بالأسماء المتكافئة : انظر : مقدمة في أصول التفسير : ص 38 . وانظر : الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن : ص 184- 187 .
(3) ... انظر تفصيل ذلك في كتب النحاة ، ومنها مثلاً : مغني اللبيب لابن هشام : ص 158 ، 213 ، 463 .(1/459)
والمراد هنا : الحروف والكلمات التي جاءت في الآيات المتشابهة ، أما غيرها – مما ورد في القرآن أو في عموم اللغة - فهي كثيرة جدّاً ؛ حتّى أفرد لها مصنّفات خاصّة (1) .
هذا وإن إدراك الفروق اللغوية بين الكلمات مما له أهميّة كبيرة في فهم القرآن (2) ؛ فلا يُستغرب أن يجعل منه المؤلّفون في توجيه المتشابه أحد أهمّ مرتكزاتهم في ذلك .
وقبل ذكر الأمثلة : يجدر التنبيه على أن هنالك طرقاً تعين على معرفة الفروق اللغوية ، ذكرها بعض المصنّفين في الفروق واستعملوها ، وهي مما يحسن الاطّلاع عليه في هذا الأمر(3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... انظر : الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن : ص 96 وما بعدها .
(2) ... انظر : الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن : ص 15 وما بعدها .
(3) ... انظر : الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري : ص 37- 39 ، الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن : ص 114- 120 .(1/460)
( 1 ) قال الخطيب الإسكافي : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ((- صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - ( تمهيد - - ((( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - - - جل جلاله - - - رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - (((( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ((- صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنه -( - - - - - - - { - رضي الله عنهم - - (( - - - - ((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات - ( - - - - - فهرس - ( { - ( فهرس - - عليه السلام - - } تمت - رضي الله عنهم - - ( صدق الله العظيم - } - - - ( - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - (- جل جلاله -( } تم بحمد الله - - جل جلاله - تمهيد فهرس - - { - ( تم بحمد الله ? [ الكهف : 35- 36 ] ، وقال في سورة حم السجدة : ? (((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة ( - - جل جلاله -( - - - - صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - - } - جل جلاله -( } تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -( - - { - - ( ( مقدمة ( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - - - - - (- رضي الله عنهم - - - ( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ((- صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنه -( - - - - - - - { - رضي الله عنهم - - (( - - - - ((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ((( - - - - - فهرس - ( { ( - ( فهرس - - عليه السلام - - } تمت ( { - ( - (( فهرس - رضي الله عنهم - - - جل(1/461)
جلاله -(( - ( - - ( - ( - ( - - - - ? [ فصلت : 50 ] ؛ للسائل أن يسأل عن قوله في الأولى : ? المحتويات - ( - - - ? [ الكهف : 36 ] ، وقوله في الثانية : ? تمهيد ((( - - - ? [ فصلت : 50 ] ، وهل كان يجوز أحد اللفظين مكان الآخر في الاختيار ؟
والجواب أن يقال : " إن الآية الأولى بقوله : ? المحتويات - ( - - - ? [ الكهف : 36 ] أَولى ، وذلك لِما تقدّم من وصف الجنّتين اللتين حوتا مُراده ، واشتملتا على ما أراده ، وتقديره فيهما أنهما يدومان له ، و الرّدّ عن الشيء : يتضمّن معنى كراهية للمردود ؛ تقول : قصد فلانٌ فلاناً فرُدَّ عنه ، وقصد فلان فلاناً فرجع عنه .
فلمّا كان الأول يُنقل عن جنّته وهو خلاف محبّته ؛ كان استعمال اللفظ الذي يدلّ على الكراهية فيه أولى . والثانية لم يتقدّمها مثل ما تقدّم هذه ؛ لأن قبلها : ? - صدق الله العظيم ( المحتويات - رضي الله عنه -(( - - - ( صدق الله العظيم ( - - الله أكبر تمهيد { - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -(( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة - - } تم بحمد الله - - } ( - - - ( } قرآن كريم ((- عليه السلام - - - ( (( قرآن كريم ( - - - ? [ فصلت : 49 ] ، وليس في (( رُجع )) ما في (( رُدَّ )) من كراهة وهوان يلحقان المردود، ولا يلحقان المرجوع ؛ فافترقا لذلك " (1) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 874- 875 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 222 ، 2/ 491- 492 ، 499 ، 792 ، 803 ، 874 ، 876 – 879 ، 919 ، 1101 ، 1156 .(1/462)
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? ( - - عليه السلام - - ( - فهرس - - - رضي الله عنهم - - ( - - - قرآن كريم ( مقدمة - - - - ( تم بحمد الله - - - ( (( - - - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ? [ الكهف : 61 ] بالفاء ، وفي الآية الثالثة : ? - - - - ( تم بحمد الله - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - - - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ? [ الكهف : 63 ] بالواو :
لأن الفاء للتعقيب والعطف ، وكان اتّخاذ الحوت السبيل عقيب النسيان ؛ فذكر بالفاء. وفي الآية الأخرى : لمّا حيل بينهما بقوله : ? ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة - ( - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( { ( صدق الله العظيم ( - (( - } ( - - - ( تمت - صلى الله عليه وسلم - - (( فهرس - رضي الله عنه - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ? [ الكهف : 63 ] : زال معنى التعقيب ، وبقي العطف المجرّد ، وحرفه الواو " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 257 ، وانظر فيه أمثلة لهذه القاعدة : ص 119 ، 123 ، 125 ، 131 ، 165 ، 185 ، 194 ، 208 ، 214 ، 223 ، 228 ، 230 ، 243 ، 256 ، 257 ، 260 ، 263 ، 265 ، 267 ، 270 ، 287 ، 292 ، 303 ، 308 ، 315 ، 319 ، 329 ، 343 ، 349 .(1/463)
( 3 ) قال ابن الزبير : " قوله تعالى : ? ( المحتويات - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( الله أكبر - - - ( ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - فهرس - - عليه السلام - - ((- رضي الله عنه -( - - جل جلاله - - ( - - رضي الله عنه -( } ? [ البقرة : 60 ] ، وفي الأعراف : ? ( تمهيد - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - الله أكبر - - - ( ( مقدمة (- جل جلاله -( تم بحمد الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - فهرس - - عليه السلام - - ((- رضي الله عنه -( - - جل جلاله - - ( - - رضي الله عنه -( ? [ الأعراف : 160 ] مع أن المعنى واحد ؛ فمعنى الانبجاس : الانفجار ؛ فيُسأل عن وجه اختصاص كلّ ٍ من الموضعين بما ورد ؟
والجواب – والله أعلم - : أن الفعلين وإن اجتمعا في المعنى فليسا على حدٍّ سواء ؛ بل الانبجاس : ابتداء الانفجار ، والانفجار بعده غاية له . قال القرطبي : الانبجاس أول الانفجار، وقال ابن عطيّة : انبجست : انفجرت ، لكنه أخفّ من الانفجار(1) .
__________
(1) ... هذا الكلام لكلّ من ابن عطية والقرطبي : هو في تفسيريهما ، انظر : المحرّر الوجيز لابن عطية : ص 92 ( ط. دار ابن حزم ذات المجلد الواحد ) ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : 1/ 416 .(1/464)
وإذا تقرّر هذا فأقول : إن الواقع في الأعراف طلب بني إسرائيل من موسى – عليه السلام – السقيا ؛ قال تعالى : ? - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم - مقدمة (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - ( { - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - ( { ( مقدمة - - { ( - - - ( - - - ((( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - ? [ الأعراف : 160 ] ، والوارد في البقرة طلب موسى - عليه السلام - من ربّه ؛ قال تعالى : ? ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ( - - - ( - - - - - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - { ( - ? [ البقرة : 60 ] . فطلبهم ابتداء : فناسبه الابتداء ، وطلب موسى – عليه السلام – غاية لطلبهم ؛ لأنه واقع بعده ومرتّبٌ عليه ؛ فناسب الابتداءُ الابتداءَ ، والغايةُ الغايةَ ؛ فقيل جواباً لطلبهم : ? ( تمهيد - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - الله أكبر - - - ( ? [ الأعراف : 160 ] ، وقيل إجابةً لطلبه : ? ( المحتويات - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( الله أكبر - - - ( ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ? [ البقرة : 60 ] ، وتناسب ذلك ، وجاء على ما يجب ، ولم يكن ليناسب العكس " (1)
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 211- 213 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 188 ، 204 ، 323 ، 353 ، 535 ، 574 ، 594 ، 596 ، 2/ 657 ، 680 ، 682- 683 ، 706 ، 762 ، 782 ، 787- 788 ، 802 ، 965 ، 983 ، 989 ، 1008 ، 1041 ، 1135- 1136 . وانظر أيضاً : كشف المعاني : ص 92 ، 97 ، 98 ، 103 ، 105 ، 136 ، 147 ، 156 ، 175 ، 186 ، 196 ، 200 ، 212 ، 214 ، 216 ، 240 ، 241 ، 242 ، 258 ، 271 ، 310 ، 333 ، 364 ، فتح الرحمن : ص 152 ، 157 ، 162 ، 165 ، 174 ، 275 ، 284 ، 291 ، 314 ، 400 ، 401 ، 428 ، 429 ، 464 ، 473 ، 518 ، 540 .(1/465)
.
* * *
القاعدة الثانية : اللفظ الأبلغ للسياق الأبلغ
هذه القاعدة تتداخل مع قاعدتين سابقتين :
الأولى : القاعدة السابقة (( مراعاة الفرق بين الألفاظ المتقاربة ))
الثانية : قاعدة : (( مراعاة المناسبة المعنوية للسياق )) - وقد سبقت في القواعد العامة- .
وقد أفردتها عنهما لسببين :
الأول : كثرة التعويل عليها من قبل المصنّفين في توجيه المتشابه ، والنصّ عليها في ذلك.
الثاني : أن هذا التداخل ليس تداخلاً تاماً ، بل إنها تفترق عن كلّ منهما ؛ إذ ليس كلّ لفظين أحدهما أبلغ من الآخر ؛ هما متقاربين ، وإن كان ذلك هو الأغلب . وكذلك المناسبة بين اللفظ الأبلغ والسياق الأبلغ ؛ ليست – على كلّ حالٍ – مناسبة معنوية ، وإن كان ذلك هو الأغلب – أيضاً - .
وعلى ذلك : فإن معظم أمثلة هذه القاعدة صالحة للتمثيل بها لتينك القاعدتين .
بقي التنبيه على أنه ليس المراد باللفظ الأبلغ ، أو السياق الأبلغ : المعنى المأخوذ من البلاغة ، بل هو مأخوذ من المبالغة – كما سيبين أكثر من خلال الأمثلة - .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :(1/466)
( 1 ) قال الإسكافي – في توجيه الاختلاف الواقع بين قوله تعالى في الشعراء : ? ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - الله أكبر - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { (((( ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - ( مقدمة - ( - - } (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - (((( } - قرآن كريم ( - - - - ( - ( - ((- رضي الله عنه - الله أكبر - - جل جلاله - تم بحمد الله - - عليه السلام - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ( - - جل جلاله - - ( - - - مقدمة - - رضي الله عنه -((((( - (- رضي الله عنه -(?[ الشعراء : 69- 71 ] ، وقال في سورة الصافات: ? - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( مقدمة ( - - رضي الله عنهم -( - ( { - المحتويات - ( - (- رضي الله عنه - - ( - - { (((( ( - ( { - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم (( مقدمة ( - - عليه السلام - - - - ( - - { ( - - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنهم - - (((( ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - ( مقدمة - ( - - } (( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - (((( - ( - ((((- صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنهم - - ( - - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - ( - (((( - - رضي الله عنهم - - - ( - ( - - - - ( ((1/467)
تمت - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه -((( - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - ? [ الصافات : 83- 87 ] ؛ حيث قال في الشعراء : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - ? [ الشعراء : 70 ] ، وقال في الصافات : ? - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - ? [ الصافات : 85 ] - : " والجواب أن يقال: .. إن ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - ? [ الشعراء : 70 ] في سورة الشعراء : إخبار عن تنبيهه لهم ؛ لأنهم أجروا مقاله مجرى مقال المستفهم ؛ فأجابوه وقالوا : ? ( - ( - ((- رضي الله عنه - الله أكبر - - جل جلاله - تم بحمد الله - - عليه السلام - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ( - - جل جلاله - - ( - - - مقدمة - - رضي الله عنه -((((( - (- رضي الله عنه -(? [ الشعراء : 71 ] ، فنبّه ثانياً بقوله: ? ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( { - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - - ? [ الشعراء : 72 ] .(1/468)
وأما : ? - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - ? [ الصافات : 85 ] في سورة الصافات : فإنها تقريع ، وحالٌ بعد التنبيه ، ولعلّهم إذا علموا بأنه يقصد توبيخهم وتبكيتهم لا يُجيبون بإجابتهم في الأول ، ثم أضاف تبكيتاً إلى تبكيتٍ ، ولم يستدع منهم جواباً ؛ فقال : ? - ( - ((((- صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنهم - - ( - - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - ( - (((( - - رضي الله عنهم - - - ( - ( - - - - ( ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه -((( - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - ? [ الصافات : 86- 87 ] .
فلمّا قصد في الأول التنبيه : كانت (( ما )) كافية . ولما بالغ وقرّع : استعمل اللفظ الأبلغ وهو : (( ماذا )) " (1) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 965- 966 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 268 ، 280 ، 324 ، 350 .(1/469)
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? (((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد ((- رضي الله عنه - - } - - - المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - ( - { - - - - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - - ? [ البقرة : 120 ] ، وقال في هذه السورة [ البقرة ] – أيضاً- : ? - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - ((- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - - - (( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ((( - - - ? [ البقرة : 145 ] ؛ فجعل مكان قوله : ? - ( - { - - - ? [ البقرة : 120 ] : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ البقرة : 145 ]
لأن العلم في الآية الأولى علم بالكمال ليس وراءه علم ؛ لأن معناه : بعد الذي جاءك من العلم بالله وصفاته وبأن الهدى هدى الله ، ومعناه : بأن دين الله الإسلام ، وأن القرآن كلام الله ؛ فكان لفظ : ? - ( - { - - - ? [ البقرة : 120 ] أليق به من لفظ : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ البقرة : 145 ] ؛ لأنه في التعريف أبلغ ، وفي الوصف أقعد .(1/470)
لأن (( الذي )) : تعرّفه صلته فلا يُنكّر قطّ ، ويتقدّم أسماء الإشارة ؛ نحو قوله : ? ( صدق الله العظيم } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - - - (- رضي الله عنهم - - - ( - { - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - ( - ( - ( - { - ? [ الملك : 20 ] ، ? ( صدق الله العظيم } تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - - - (- رضي الله عنهم - - - ( - { - - - ( - ( - ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ? [ الملك : 21 ] ؛ فيكتنف: (( الذي )) بيانان : الإشارة والصلة ، ويلزمه الألف واللام ، ويُثنى ويجمع .
وليس لـ (( ما )) شيء من ذلك ؛ لأنه : يتنكّر مرّة ويتعرّف أخرى ، ولا يقع وصفاً لأسماء الإشارة ، ولا يدخله الألف واللام ، ولا يثنّى ولا يجمع " (1) .
( 3 ) قال ابن الزبير : " قوله تعالى : ? - - - ( - - ( ( المحتويات - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( { } تم بحمد الله - - { ( - - - - - - عليه السلام - - ( - ( - ( - - - ? [ النازعات : 34 ] ، وقال في سورة عبس : ? - - - ( - - ( ( المحتويات - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( { } - - - - ( - - - ? [ عبس : 33 ] ، والمراد بهما القيامة ، يُسأل عن وجه افتراق العبارة ؟ وهل كان يحسُن ورود : ? ( { } - - - - ( - - - ? [ عبس : 33 ] هنا [ في سورة النازعات ] ، و ? { } تم بحمد الله - - { ( - - - ? [ النازعات : 34 ] هناك [ في سورة عبس ] ؟
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 129 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 128 ، 136 ، 184 ، 191 ، 256 ، 257 ، 260 ، 263 ، 269 ، 287 .(1/471)
والجواب على ذلك - والله أعلم - : أن الطّامة والصاخّة وإن أريد بهما في السورتين شيء واحد ؛ فإن اسم الطّامة أرهب وأنبأ بأهوال القيامة ؛ لأنها من قولهم : طمَّ السّيل : إذا علا و غلب . وأما الصاخّة : فالصيحة الشديدة ، من قولهم : صخَّ بأذنيه ؛ مثل : أصاخ ؛ فاستعيرت من أسماء القيامة ؛ لأن الناس يُصيخون لها . فلما كانت الطّامة أبلغ في الإشارة إلى أهوالها خُصَّ بأبلغ السورتين في التخويف والإنذار " (1) .
( 4 ) قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( فهرس ( قرآن كريم } - جل جلاله -- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ? [ البقرة : 95 ] ، إن قلت : لم قال هنا : ? صدق الله العظيم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ البقرة : 7 ] ، وفي الجمعة : ? صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الجمعة : 7 ] ؟
قلت : (( لن )) أبلغ في النفي من (( لا )) ؛ حتى قيل : إنها لتأبيد النفي . ودعواهم في البقرة بالغة قاطعة ؛ وهي : كون الجنة لهم بصفة الخلوص ؛ فناسب ذكر : (( لن )) فيها . ودعواهم في الجمعة قاصرة مردودة ، وهي : زعمهم أنهم أولياء لله ؛ فناسب ذكر : (( لا )) فيها " (2) .
* * *
القاعدة الثالثة : مراعاة الترقّي من الأدنى إلى الأعلى
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 1137 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 535 ، 596 ، 2/ 706 ، 782 ، 788 ، 802 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 162 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 157 ، 165 ، 174 ، 428 ، 464 ، وانظر أيضاً : كشف المعاني : ص 98 ، 103 ، 105 ، 186 ، 240 ، 271 .(1/472)
" الترقّي : هو أن يُذكر معنى ثمَّ يُردف بأبلغ منه . كقولك : عالم نحرير(1) ، وشجاعٌ باسل(2) . وهذا قد يدخل في بعض أقسام الإطناب" (3) .
قال الزركشي : " وإذا ذكرت صفات : فإن كانت للمدح فالأَولى الانتقال فيها من الأدنى إلى الأعلى ؛ ليكون المدح متزايداً بتزايد الكلام ؛ فيقولون : فقيه عالم ، وشجاع باسل ، وجواد فيّاض ، ولا يعكسون هذا لفساد المعنى ؛ لأنه لو تقدّم الأبلغ لكان الثاني داخلاً تحته ، فلم يكن لذكره معنى " (4) .
وهذه القاعدة قريبة من قولهم : (( إن الصفة العامة لا تأتي بعد الخاصة ؛ لا تقول : هذا رجل فصيح متكلّم ، لأن المتكلّم أعمّ من الفصيح ؛ إذ كلّ فصيح متكلّم ولا عكس )) (5) .
ثم ذكر الزركشيّ ثلاثة قيود تتعلّق بهذه القاعدة (6) – قاعدة الترقي - :
الأول : أن هذه القاعدة في الصفات ، وأما الموصوفات فعلى العكس من ذلك ؛ فإنك تبدأ بالأفضل فتقول : قام الأمير ونائبه وكاتبه .
__________
(1) ... النِّحرير : الحاذق الماهر ، العاقل المجرِّب ، المتقن ، الفطن ، البصير بكلّ شيء ، لأنه ينحر العلم نحراً ، انظر : القاموس المحيط : ص 618 ( نحر ) .
(2) ... الباسل : الأسد . انظر : القاموس المحيط : ص 1248 ( بسل ) .
(3) ... معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ص 309 .
(4) ... البرهان في علوم القرآن : 3/ 460- 461 ، وعنه : السبت في قواعد التفسير : 1/ 446 . وانظر : فتح الرحمن : ص 139 .
(5) ... انظر : البرهان للزركشي : 3/ 11 ، الإتقان : 2/ 115 ، قواعد التفسير للسبت : 1/ 446 .
(6) ... انظر : البرهان في علوم القرآن : 3/ 462 .(1/473)
الثاني : أن تأخير الأمدح في الصفات : فيما إذا كانت صفات لشيء واحد ، أما إذا كانا شيئين متغايرين مقصودين وأحدهما أهم من الآخر ؛ فإنه يُقدّم ، وهذا هو المراد بالقاعدة الأخرى ، وهي : أنهم يقدّمون الأهم فالأهم في كلامهم(1) ؛ فلا تناقض بين القاعدتين .
الثالث : أن ذلك في صفات المدح ، فإن كانت للذمّ فقد قالوا : ينبغي الابتداء بالأشدّ ذمّاً . وهذا في الحقيقة ضدّ الترقّي – كما قال ابن الزبير(2)- .
وهنالك قيد رابع أشار إليه ابن الزبير ، وهو : أن عكس الترقّي إنما يرد في التكاليف والأوامر والنواهي وما يرجع إلى ذلك ؛ وإنما يُذكر في هذه الأشياء ونحوها : الأخفّ بعد الأثقل (3) .
هذا وقد عدَّ الزركشيُّ والسيوطيُّ (( الترقّيَ )) في أسباب التقديم والتأخير ، ومقتضياته ، لكن ذكر السيوطي أن من أسبابه أيضاً : (( التدلّي من الأعلى إلى الأدنى )) (4) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... سبق ذكر هذه القاعدة في مبحث القواعد العامة في توجيه المتشابه ، وهو المبحث الثالث في الفصل السابق ، لكنها ذكرت بلفظ : مراعاة الأهمية وكثرة الاعتناء .
(2) ... ملاك التأويل : 1/ 210 .
(3) ... ملاك التأويل : 1/ 391 .
(4) ... انظر : البرهان في علوم القرآن : 3/ 340 ، الإتقان : 1/ 629 ، وقد ذكر السيوطي أنه أخذ ذلك عن العلامة شمس الدين بن الصائغ في كتابه : المقدّمة في سرّ الألفاظ المقدّمة . وانظر : خصائص التعبير القرآني: 2/ 102 ، 121 .(1/474)
( 1 ) قال ابن الزبير – في توجيه الاختلاف الواقع بين قوله تعالى في البقرة : ? - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( - - جل جلاله - - ( - ( - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { ( - ((- رضي الله عنه - - - ? [
] ، وقوله في الأعراف : ? - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - جل جلاله - - ( - ( - - (( } تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - - قرآن كريم ( - ( - ((- رضي الله عنه - - ? [ الأعراف : 162 ] ؛ حيث قال في البقرة : ? - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { ( - ((- رضي الله عنه - - - ?
[ البقرة : 59 ] ، وفي الأعراف : ? - - قرآن كريم ( - ( - ((- رضي الله عنه - - ? [ الأعراف : 162 ] - : " وجه ذلك والله أعلم : أنه لمّا وصف اعتداؤهم نيطت بهم أولاً صفة الظلم ، ومن المعلوم أن مواقعه تتّسع . ثمّ لمّا ذكر من اعتدائهم وسوء مرتكبهم غير ما تقدّم ، وتضاعف موجب وبيل جزائهم وصفوا بالفسق ؛ المنبئ عن حالٍ أوبق من الظلم ... وكما يُترقّى في الجزاء الإحساني ؛ كذلك يترقّى في الطّرف الآخر ، وهو في الحقيقة ضدّ الترقّي " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 209- 210 .(1/475)
وقال في موضع آخر – في معرض توجيهه للاختلاف الحاصل بين خواتيم آيات سورة المائدة الثلاث : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم { - بسم الله الرحمن الرحيم ( - (- رضي الله عنه - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - ( - - - ? [ المائدة : 44 ] ، ? صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم { - المحتويات ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( { ( - - - ? [ المائدة : 45 ] ، ? صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم { - المحتويات ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( ( المحتويات ( - - - قرآن كريم ( { ( - ( - (( - - - ? [ المائدة : 47 ] - : " فللسائل أن يسأل عن موجب افتراق هذه الأوصاف الوعيدية بوسم من وصف بها بما يستلزم العقاب الأخراوي من الكفر والظلم والفسق – إن لم يكن إقلاع وغفران - ، ولِم اختلفت مع وحدة الموصوفين بها ؟ وكيف ورد فيها الأخف بعد الأثقل ؟ وذلك ضدّ الترقّي في مقابل الوعيد الذي تشير إليه(1/476)
هذه الصفات وهو الوعد ، وطريقته : الترقّي من حالٍ إلى أعلى ، وعلى ذلك وردت آي الكتاب ... والترقّي في هذه الآي بيّن لم ينكسر ؛ هذا المطّرد في آي الوعد – على تكرّرها – وعلى ذلك جرت آي الوعيد ، وإلى الوعيد مرجع آي المائدة المتكلّم فيها ... فقد وضح في هذه الآيات الانتقال من أخف إلى أثقل ، وهو مطّرد في الوعد والوعيد ، واللطف والتعريف بالامتنان والأحوال ، وما يرجع إلى ذلك ، وعلى هذا كلام العرب في هذه الضروب التي أشرنا إليها .
ثم أقول – وأسأل الله التوفيق - : ... فقد وضح أبين وضوح : أن الظلم بالقرائن- حسبما تقدّم – أشنع من الكفر مجرّداً ، وأن الفسق أشدّ وأعظم إذا شهدت له القرائن ؛ فحصل بالانتقال – في آي المائدة – من أخف إلى أثقل على المطّرد في آي الوعيد ، وفي المقابل من الترقّي في آي الوعد " (1) .
( 2 ) قال ابن جماعة : " قوله تعالى : ? ( - ( - ( - قرآن كريم ((- صلى الله عليه وسلم - - ( تمت - - رضي الله عنه - - ( - ( } - } - جل جلاله - - - - ((( ( - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( } - } - جل جلاله - - - - ((( ( مقدمة ( - - ( { ( } - } - جل جلاله - - - - ? [ الناس : 1- 3 ] : بدأ : بـ (( ربّ )) ، ثم بـ (( ملك )) ، ثم بـ (( إله )) ، ما حكمة هذا الترتيب ؟
جوابه : ... أن (( ربّ )) : أخصّ الثلاثة ؛ لأنه يقال في الباري تعالى وفي غيره . و (( ملك )) : أعمّ منه ، وأخصّ من : (( إله )) ؛ لأنه يقال : ملك العراق ونحوه . و(( إله )) : أعمّ الثلاثة ؛ لأنه تعالى ربّهم ، وملكهم ، وإلههم ، ولا يشاركه غيره في ذلك .
فحصل الترقّي من صفة إلى صفة ؛ لِما في الوصف الثاني من التعظيم ما ليس في الأول، وفي الثالث ما ليس في الثاني " (2) .
* * *
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 387- 403 ، وانظر منه مثالاً آخر لهذه القاعدة : 1/ 434- 435 .
(2) ... كشف المعاني : ص 383 .(1/477)
القاعدة الرابعة : تقديم أخصّ اللفظين في الموضع الأول
هذه القاعدة من القواعد التي يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف ، لكن لمّا كانت أمثلتها خاصّة بنوع المتشابه مع الاختلاف في الإبدال صارت إلى هنا .
هذا وقد تقدّم – في صدر المطلب الرابع من مبحث القواعد العامة في آخر الفصل السابق – الكلام على ترتيب المصحف ، من حيث إنه يشمل ترتيب الآيات والسور – في تفصيلات أخرى ذكرت هناك - .
واللفظ الأخصّ يقابله الأعمّ ، ولكن قد يُجعل في مقابله (( المشترك )) – كما سيأتي في الأمثلة – والمراد به : اللفظ الدّال على معنيين مختلفين فأكثر (1) .
والخاص : هو كلّ لفظ وضع لمعنى معلوم على الانفراد . وإنما قُيّد بالانفراد : ليتميّز عن المشترك (2) .
وقد أبان الكرماني في توجيهه لأحد الأمثلة عن علّة هذه القاعدة ، وذلك في قوله : " فكان الموضع الأول باللفظ الأخصّ أولى : لأن غيره إذا وقع موقعه في الثاني والثالث عُلم أنه بمعناه " (3) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
__________
(1) ... سبق تفصيل القول في تعريف المشترك : في المبحث الثالث من الفصل الأول من فصول هذه الرسالة .
(2) ... انظر : التعريفات للجرجاني : ص 128 .
(3) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 134 .(1/478)
( 1 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? } - قرآن كريم ( - - - - ( - - رضي الله عنه - - ((( تمهيد ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام - - ( - - (( - - صلى الله عليه وسلم - - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -( - - - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ? [ البقرة : 170 ] في هذه السورة [ البقرة ] ، وفي المائدة وسورة لقمان : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ? [ المائدة : 104 ، لقمان : 21 ] : لأن (( ألفيت )) : يتعدّى إلى مفعولين ؛ تقول : ألفيت زيداً قائماً ، وألفيت عمراً على كذا . و (( وجدت )) : يتعدّى مرّة إلى مفعول واحد ؛ تقول : وجدت الضالة ، ومرّة إلى مفعولين ؛ تقول : وجدت زيداً جالساً ؛ فهو : مشترك .
فكان الموضع الأول باللفظ الأخصّ أولى : لأن غيره إذا وقع موقعه في الثاني والثالث عُلم أنه بمعناه " (1) .
( 2 ) قال ابن الزبير : " والجواب عن السؤال الثالث : وهو ورود : ? - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الأعراف : 111 ] في سورة الأعراف ، وفي الشعراء : ? ( { - رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? فالجواب مبنيّ على الترتيب الذي استقرّ عليه المصحف ؛ فنقول : إن (( أرسل )) أخصّ في باب الإرسال من
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 134 ، وهذا التوجيه قد أخذه الكرماني عن الإسكافي في درة التنزيل : 1/ 312 ، لكن عبارة الكرماني أخصر وأوضح فذكرتها .(1/479)
(( ابعث )) ؛ إذ لا يقال : (( أرسل )) إلا فيما كان توجيهاً فيه معنى الانتقال حقيقة أو مجازاً . أما (( ابعث )) فأوسع ؛ فإنه يقع بمعنى الإرسال ، وبمعنى الإحياء ، ومنه : البعث الأخراوي ؛ ففيه اشتراك .
فلمّا كان (( الإرسال )) أخصّ وقع الإخبار به أولاً ، ثمّ وقع ثانياً بالبعث : تنويعاً للعبارة ، وعلى الترتيب في موضع اللفظ المطّرد في القرآن " (1) .
( 3 ) قال الأنصاري : " قوله تعالى : ?- رضي الله عنهم - - فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - - { - - (( الله - ( - ( - ? [ طه : 53 ] قاله هنا [ سورة طه ] بلفظ : ? - رضي الله عنهم - - فهرس - - رضي الله عنهم - - ? ، وقاله في الزخرف بلفظ : ?- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام - ? [ الزخرف : 10 ] : لأن لفظ السلوك مع السبل أكثر استعمالاً من جعل ؛ فخصّ به طه لتقدّمها " (2) .
* * *
المطلب الرابع : القواعد الخاصة بالمتشابه مع الاختلاف في الذكر والحذف
الذكر والحذف : يشمل حذف الحرف وذكره ، وكذلك الكلمة ، والجملة .
وقد تقدّمت الإشارة – في مبحث أنواع المتشابه اللفظي في الفصل الثالث من الباب الأول – إلى أن هنالك من يطلق على هذا النوع : (( الزيادة والنقصان )) ، وإن كان بعضهم قد لطّفها بتسميته إيّاه : (( ما يشتبه بالزيادة والنقصان )) ، وقد تقدّم أن إطلاق الزيادة في القرآن مُنتقد ، وإن كان مَن يُطلقه لا يريد المعنى الفاسد ، لكن تركه أولى ؛ لإيهامه ذلك ، والله أعلم .
هذا وقد بلغت القواعد الخاصّة بهذا النوع : ثلاث قواعد ؛ تفصيلها كما يلي :
القاعدة الأولى : الحذف في الثاني اكتفاءً بما في الأول
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 565 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 572 ، 2/ 842 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 417 .(1/480)
هذه القاعدة – كما هو ظاهر – من القواعد التي يغلب عليها مراعاة ترتيب المصحف – في سوره وآياته - ، وكان حقّها أن تذكر هناك – في مبحث القواعد العامة من الفصل السابق - ، لكن خصوص أمثلتها بنوع الاختلاف في الذكر والحذف نقلها إلى هنا .
وهذه القاعدة قد تأتي بعبارات أخرى ، مثل : الاستيفاء والتفصيل في الأول ، والحذف في الثاني اختصاراً أو اقتصاراً .
ويحسن الإلماح إلى أن هذه القاعدة لا تُعارض - من كلّ وجه - ما سبق في القواعد العامة ؛ في قاعدة : (( الإجمال في الأول والتفصيل في الثاني )) ؛ إذ الإجمال يعني ذكر الشيء بلفظٍ مجمل في الموضع الأول ، ثم يبيّن ويُفصّل في الموضع الثاني ، أما هنا : ففي الشيء الذي لايذكر أبداً في موضع ، ثم يذكر في الموضع الآخر . على أنه قد يقع التنازع بينهما في بعض الأمثلة ، والحاكم في ذلك النظر في المرجّحات الخارجيّة .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :(1/481)
( 1 ) قال الإسكافي : - في توجيه الاختلاف الوارد في قوله عزّ وجلّ في سورة الأنعام : ? ( - - { - ( } - قرآن كريم ( - } - - - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - - - - - ( المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم } - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - - - ( ( المحتويات ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - } - ( - ((- رضي الله عنه - تمهيد - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - (( مقدمة ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -((( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ الأنعام : 5 ]، وقال في سورة الشعراء : ? ( - - { - ( } - قرآن كريم ( - } - - - ( المحتويات ( - - ( - ( - - عليه السلام - - - - - ( } - ( - ((- رضي الله عنه - تمهيد - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - (( مقدمة ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -((( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ? [ الشعراء : 6 ] ؛ حيث قال في الأنعام : ? ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - - - - - ( المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم } - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - - - ( ? [ الأنعام : 5 ] ، وفي الشعراء لم يذكر ما كذّبوا به ، وجعل (( السين )) بدل : (( سوف )) - : " فالجواب أن يقال : إن الآية الأولى قد وفّى المعنى فيها حقّه من اللفظ ؛ لأنها سابقة للثانية – وإن كانتا مكّيتين - ؛ فأشبعت ألفاظ الأولى مستوفيةً لمعناها .(1/482)
وفي الآية الثانية : اعتمد على الاختصار ؛ لِما سبق في الأولى من البيان ؛ فاقتصر على قوله : ? } - قرآن كريم ( - } - - - ? [ الشعراء : 6 ] ، وهذا اللفظ إذا أطلق كان لمن كذّب الحقّ ، ألا ترى قوله عزّ وجل : ? ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - ( - - - - ( - ( - ( - - ? [ المرسلات : 15 ] ، وإذا قُيِّد جاز أن يقول : كذّب الكذب ، وكذّب الصدق ، وكذّب مسيلمةَ ، وكذّب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، إلا أنه إذا عَرِيَ عن التقييد لم يصحَّ إلا لمن كذّب بالحقّ ؛ فصار قوله تعالى في الشعراء من هذا القبيل ؛ بعد البيان الذي سبق في سورة الأنعام .
ولمّا بُنيت هذه على الاختصار والاكتفاء بالقليل من الكثير جُعل فيها بدل (( سوف )) السين وحدها ، وهي مؤدّية معناها " (1) .
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - - - ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - ((- جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( (( مقدمة ( - ? [ الأعراف : 123 ] ، وفي السورتين [ طه والشعراء ] : ? - رضي الله عنه - - - - - ( - (( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( ? [ طه : 71 ، الشعراء : 49 ] – من دون ذكر القائل - : لأن هذه السورة [ الأعراف ] متقدّمة على السورتين ؛ فصرّح في الأولى وكنّى عنه في الأخريين ، وهو القياس .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 478- 479 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 390 ، 474 ، 479 ، 2/ 759 ، 3/ 1094 ، 1097 ، 1153 .(1/483)
قال الخطيب : لأن في هذه السورة بَعُدَ عن ذكر فرعون بآيات كثيرة فصرّح ، وقَرُبَ في السورتين من ذكره فكنّى " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 200 ، وقول الخطيب الإسكافي الذي أشار إليه مختصراً : هو في درة التنزيل : 2/ 668- 669 . وانظر في البرهان للكرماني أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 117 ، 119 ، 132 ، 135 ، 139 ، 149 ، 151 ، 164 ، 172 ، 192 ، 201 ، 206 ، 207 ، 209 ، 214 ، 216 ، 217 ، 223 ، 236 ، 239 ، 250 ، 251 ، 264 ، 318 ، 324 ، 329 ، 361 .(1/484)
( 3 ) قال الأنصاري : " قوله تعالى : ? - - ( - - { ((- رضي الله عنه - الله أكبر ( { - { (( - - - - ( المحتويات ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ( - - - - المحتويات ( - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - } ( - - - ( - ( - ( - - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - عليه السلام - - ( - (( } - - عليه السلام - - ( - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - ( - ? [ الأنبياء : 35 ] قال ذلك هنا [ الأنبياء ] بالواو : موافقة للتعبير بها فيما زاده هنا بقوله : ? المحتويات ( - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - } ( - - - ( - ( - ( - - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - عليه السلام - - ( - (( } - - عليه السلام - - ( - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - ( - ? [ الأنبياء : 35 ] ، وقاله في العنكبوت بـ ? المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم ? [ العنكبوت : 57 ] ؛ لدلالتها على التراخي ؛ أي : تراخي الرجوع المذكور عن بلوى الدنيا ، ولم يقع بينهما تعبير بواو . وحذف ثَمَّ [ العنكبوت ] ما زاده هنا [ الأنبياء ] اختصاراً " (1) .
* * *
القاعدة الثانية : الذكر للتقييد والتخصيص والحذف للإطلاق والعموم
__________
(1) ... فتح الرحمن : ص 426 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 167 ، 168 ، 175 ، 258 ، 293 ، 472 ، 477 ، 509 ، 516 ، 517 ، 530 ، 574 . وانظر أيضاً : ملاك التأويل : 1/ 249 ، 251 ، 338 ، 344 ، 557 ، 619 ، 2/ 658 ، 664 ، 666 ، 792 ، 874 ، 959 ، 1073 ، كشف المعاني : ص 108 ، 161 ، 197 ، 205 ، 213 ، 222 ، 309 ، 329 ، 360 .(1/485)
تقدّم في مبحث علاقة المتشابه اللفظي بالعلوم الأخرى – في الفصل الثالث من الباب الأول – ذكر المراد بالمطلق والمقيّد ؛ حيث سبق تعريفهما بأنهما :
المطلق هو : اللفظ الدال على الماهية بلا قيد ، أو هو : ما دلّ على شيء باعتبار حقيقة شاملة لجنسه ، أو هو : اللفظ المتعرّي عن الصفة والشرط والاستثناء .
والمقيّد هو : ما قابل المطلق ، وهو : اللفظ الواقع على صفات قد قُيِّد ببعضها ، أو هو: اللفظ الذي دخله تعيين ولو من بعض الوجوه كالشرط والصفة وغير ذلك .
أما التخصيص فهو : قصر العام على بعض ما يتناوله ، أو هو : الحكم بثبوت المخصَّص لشيء ونفيه عما سواه ، أو هو : تمييز أفراد بعض الجملة بحكم اختصّ به .
وأما العموم فهو : شمول الحكم لكل فرد من أفراد الحقيقة ، أو هو : استغراق ما تناوله اللفظ ، أو هو : تناول اللفظ لما يصلح له (1) .
أما المراد بالقاعدة فهو : أن ذكر حرف أو كلمة أو جملة في أحد السياقين المتشابهين قد يكون لقصد تقييد معنى من المعاني أو تخصيصه ، كما أن الحذف في السياق الآخر قد يكون لقصد جعل المعنى مطلقاً أو إبقائه على عمومه .
هذا وإن من أغراض حذف المُتعلَّق المعمول فيه التي يذكرها البلاغيون : إرادة التعميم(2)، كما يذكر ذلك غيرهم من المصنّفين في علوم القرآن (3) .
__________
(1) ... انظر في تعريفي التخصيص والعموم : الكليات : ص 284 ، 602 ، القاموس المبين : ص 98 ، 220 .
(2) ... انظر : تلخيص المفتاح ( مع بغية الإيضاح : 1/ 171 ) ، البلاغة فنونها وأفنانها ( علم المعاني ) : ص 294 ، خصائص التراكيب : ص 357 ، خصائص التعبير القرآني : 2/ 52 .
(3) ... البرهان للزركشي : 3/ 235 ، الإتقان : 2/ 84 ، فصول في أصول التفسير : ص 90 ، قواعد التفسير للسبت : 2/ 597 ، أسلوب الحذف وأثره في إعجاز القرآن وبيان معانيه : ص 205 ( وهي رسالة ماجستير في جامعة الإمام غير مطبوعة ؛ إعداد : مصطفى شاهر خلوف ) .(1/486)
يقول الشيخ السعدي – في القاعدة الرابعة عشرة : " حذف المتعلّق المعمول فيه : يفيد تعميم المعنى المناسب له ، وهذه قاعدة مفيدة جدّاً ، متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة " (1) .
* الأمثلة على القاعدة واعتماد العلماء لها :
( 1 ) قال الإسكافي : " قوله تعالى : ? ( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - المحتويات ( - - - - (( } تم بحمد الله ( - - - - ((( - - { ( تمت ( { - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - - - - - ( (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - - - (((- رضي الله عنه - الله أكبر ? [ الفتح : 11 ] ، وقال في سورة المائدة : ? ( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( ( درهم ( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - - ((( - - { ( - ( { - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - درهم ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - (( - - - - المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( مقدمة } تم بحمد الله ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (- رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ((( - - } - - - - جل جلاله -( - ( - - - - ? [ المائدة : 17 ] ؛ للسائل أن يسأل عن زيادة : ? المحتويات ( - - - ? [ الفتح : 11 ] في هذه السورة [ الفتح ] ، وحذفها في سورة المائدة ؟
__________
(1) ... القواعد الحسان : ص 46 .(1/487)
والجواب أن يقال : إن هذه الآية في قوم تخلَّفوا عن رسول الله من غير عذر ، وتأخّروا عن الجهاد معه والغزو ... فلمّا كان في قوم مخصوصين احتيج إلى قوله : ? المحتويات ( - - - ? [ الفتح : 11 ] للتبيين .
فأما الآية في سورة المائدة فإنها لم تخرج على أن تكون مخصوصة في فريق دون فريق بل عمَّ بها ، أي : لا يملك أحدٌ دون الله شيئاً فيما يريده من خير وشرّ ، ونفع وضرّ في عباده ، ويدلّ عليه قوله : ? ( - ( { - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - درهم ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - (( - - - - المحتويات - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( مقدمة } تم بحمد الله ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (- رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ((( - - } - - - - جل جلاله -( - ( - - - - ? [ المائدة : 17 ] ؛ فلما سيقت الآية للعموم لم يحتج إلى (( لكم )) التي للخصوص" (1) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1195- 1196 .(1/488)
( 2 ) قال الكرماني : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - (( - المحتويات ( - - ( تم بحمد الله صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله بسم الله الرحمن الرحيم ( - (( - - - - ( { - ? [ المجادلة : 2 ] وبعده : ? - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - (( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - (( - - - - ( { - ? [ المجادلة : 3 ] : لأن الأول خطاب للعرب ، وكان طلاقهم في الجاهليّة الظهار(1) ؛ فقيّده بقوله : ? - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - (( - المحتويات ( - - ( تم بحمد الله صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله بسم الله الرحمن الرحيم ( - (( - - - - ( { - ? [ المجادلة : 2 ] ثم بيّن أحكام الظهار للناس عامّة ؛ فعطف عليه فقال : ?- رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - (( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - (( - - - - ( { - ? [ المجادلة : 3 ] ؛ فجاء في كلّ آية ما اقتضاه معناه " (2) .
__________
(1) ... الظهار : هو تشبيه المسلم زوجته ، أو تشبيه جزء شائع منها بعضو يحرم النظر إليه من أعضاء امرأة محرّمة عليه ؛ نسباً ، أو مصاهرة ، أو رضاعاً . انظر : التعريفات للجرجاني : ص 187 ، القاموس الفقهي : ص 239 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 343 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : ص 129 ، 164 ، 178 ، 247 ، 335 .(1/489)
( 3 ) قال ابن الزبير – في توجيه الاختلاف الواقع بين قوله تعالى في سورة الصافات : ? ( - (- صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - - - ( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ((( - ( - ? [ الصافات : 175 ] ، وقوله بعدها : ? ( - ((( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - - - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((( تمهيد ( - ? [ الصافات : 179 ] - : " ... أما قوله : ? ( - (- صلى الله عليه وسلم -( - ((( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الصافات : 175 ] فخاصّ التناول للمباشرين ؛ لمكان التقييد بإعمال الفعل في ضميرهم . فهو وإن تناول أخذهم في الدنيا وتمكين نبيّه والمؤمنين منهم ، ثم عقابهم الأخراوي ؛ ليبلغ بالتهديد والوعيد أقصى ما يحتمله ؛ فإنه لا يتعدّاهم إلى غيرهم .
وأما قوله : ? ( - ((( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الصافات : 179 ] بإطلاق الفعل عن التقييد ؛ فقابل غير ممتنع عن تناولهم ومَن سواهم مِن كلّ مَن خالفه – عليه السلام – وعاداه " (1) .
* * *
المبحث الثالث :
القواعد الخاصة بتوجيه مسألة معيّنة من المتشابه اللفظي
القواعد التي يحويها هذا المبحث هي أخصّ أنواع قواعد المتشابه اللفظي ، ولا بدّ قبل الشروع فيها أن يُبيَّن الفرق بينها وبين القواعد المذكورة في المبحثين السابقين ؛ إذ كلّها قد سمّيت بالقواعد الخاصّة .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 962- 963 ، وانظر فيه أمثلة أخرى لهذه القاعدة : 1/ 271 ، 315 ، 382 ، 484 ، 580 ، 2/ 705 ، 962 ، 1036 . وانظر أيضاً : كشف المعاني : ص 147 ، 341 ، فتح الرحمن : ص 165 ، 206 .(1/490)
وبيان ذلك : أن المقصود بالقواعد الخاصة يظهر عند النظر فيما خُصَّت به ، إذ القواعد الخاصة بنوع من أنواع المتشابه : هي المذكورة في ذينك المبحثين ، وأما قواعد هذا المبحث فهي خاصّة بمسألة معيّنة من المتشابه اللفظي ، والمسألة أخصّ من النوع ؛ حيث إن النوع يحوي مسائل ، والمسألة تحوي أمثلة .
ولذلك فإن قواعد المسائل التي هي من نوع واحد ستكون في مطلب ، والأنواع التي فيها قواعد خاصة بالمسائل : خمسة أنواع ، وبحسبها ستكون المطالب في هذا المبحث ؛ كما يلي :
المطلب الأول : قواعد المسائل من نوعي الاختلاف في الصيغة وفي الإفراد والجمع .
المطلب الثاني : قواعد المسائل من نوع الاختلاف في التقديم والتأخير .
المطلب الثالث : قواعد المسائل من نوع الاختلاف في الإبدال .
المطلب الرابع : قواعد المسائل من نوع الاختلاف في الذكر والحذف .
* * *
المطلب الأول : قواعد المسائل من نوعي الاختلاف في الصيغة وفي الإفراد والجمع
جمعتُ قواعد هذين النوعين لكون مسائلهما التي ذكر لها قواعد قليلة العدد ، وقد بلغت قواعد هذا المطلب : خمس قواعد لثلاث مسائل ، بيانها كما يلي :
المسألة الأولى : الفرق بين : أنزل - نزّل
ذكر علماء المتشابه في توجيه ما ورد من الآيات في هذه المسألة قاعدة ، هي :
أن ما ورد من لفظ : ? - } - - رضي الله عنه - الله أكبر ? فهو مختصٌّ بالقرآن ؛ لأنه نزل منجّماً بحسب الوقائع ، ولأن المنزّل فيه أبلغ مما نُزّل في غيره . وما ورد من لفظ : ? - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ? فللكتب السابقة – كالتوراة والإنجيل - لكونها أُنزلت جملة واحدة .
وهذا التفريق مبنيّ على الفرق اللغوي في بناء الفعلين – وإن كانا مشتركين في مادة واحدة – إذ تدلّ صيغة (( فعّل )) على التدرّج والتكثير والمبالغة ، وصيغة (( أفعل )) للدلالة على أصل التّعدية للفعل فحسب .(1/491)
وأشهر الأمثلة التي تُذكر لهذه القاعدة : قوله تعالى في آل عمران : ? - رضي الله عنه - - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - درهم ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - { - ( - - - (( تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - ( - - - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - ( مقدمة ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - - عليه السلام - - ( قرآن كريم ( - - - - - - - ( - - عز وجل - تمهيد { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ آل عمران : 3 ] .
ولكن القاعدة بهذا الإطلاق ليست مطّردة في جميع القرآن ؛ إذ يَرِد عليها بعض الآيات التي لا ينطبق عليها ؛ كقوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - صدق الله العظيم ( قرآن كريم - - - رضي الله عنه - - ( - - ( الله أكبر ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( تمت - - عليه السلام -(( - ( { ( - - - - - - - ( - ( - - - - رضي الله عنهم - - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الفرقان : 32 ] ، وغيره .
ولذلك فإن ابن الزبير قد حاول تقييد هذا الإطلاق ؛ لئلا يَرِد عليه ما أُورِد ؛ فقال : " وأما حيث يجتمع ذكرهما – مفصحاً باسم كلِّ واحد أو بأداة العهد كما تقدّم – فلا يكون إلا على ما تقرّر ؛ من حيث إن لفظ التضعيف أقوى في إعطاء معنى التنجيم والتفصيل كما تقدّم ، وهذا مطّرد على كثرة ما ورد منه وتكرّر " (1) .
وهذا التقييد من ابن الزبير يُخرج : ما ورد من ذلك بذكر أحد الكتب وحده ،
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 288 .(1/492)
أو بذكر أكثر من واحدٍ لكن بغير أداة العهد ( الذي أو اللام ) ؛ يعني إذا وردت مجتمعة وذُكرت بـ (( ما )) فإنها لا تدخل في هذه القاعدة – أيضاً – ؛ فهاتان حالتان مستثناتان من عموم القاعدة (1).
وأول من رأيته ذكر هذه القاعدة في الفرق بين الإنزال والتنزيل : الراغب الأصفهاني في (( مفرداته )) (2) وتبعه في ذلك أبو القاسم الزمخشري(3) ، ثم تتابع المفسّرون على ذكرها (4).
* * *
المسألة الثانية : إفراد الدار – وجمع الديار
ذكر علماء المتشابه فيما يتعلّق بهذه المسألة قاعدتين :
القاعدة الأولى :
وقد ذكرها الخطيب الإسكافي (5) ، ولم أرَ مَن ذكرها غيره ، وهي :
__________
(1) ... انظر في هذه القاعدة : البرهان للكرماني : ص 191- 192 ، ملاك التأويل : 1/ 286- 290 ، 450- 452 ، 2/ 1022- 1024 ، كشف المعاني : ص 123- 124 ، فتح الرحمن : 197 . وانظر أيضاً : غرائب التفسير للكرماني : 1/ 412 ، أنموذج جليل للرازي : ص 54 ، الإتقان : 2/ 236 ، بلاغة الكلمة في التعبير القرآني للسامرّائي : ص 63- 70 ، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية للشثري : ص 137- 142 .
(2) ... ص : 799- 800 .
(3) ... انظر : الكشاف : ص160 ( ط. دار المعرفة ، ذات المجلّد الواحد ) ، وقد نصّ على متابعة الزمخشري للراغب في ذلك : السمين الحلبي في عمدة الحفّاظ : ص 511 . وانظر أيضاً : الكليات : ص 196 .
(4) ... انظر مثلاً : زاد المسير : ص 177 ( ط. دار ابن حزم ، ذات المجلّد الواحد ) ، تفسير القرطبي : 4/ 5 ، البحر المحيط لأبي حيان : 1/ 451 ، فتح القدير: ص 264 ( ط. دار ابن حزم ذات المجلد الواحد ) ، التحرير والتنوير : 3/ 147- 148 .
(5) ... انظر : درة التنزيل : 2/ 619- 622 ، وقد نصّ على اطّراد هذه القاعدة : د. الشثري في : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 169-170 .(1/493)
أن كلَّ موضع ذُكر فيه النبيّ وقومه بوصفه أخاهم ، ولم يذكر إخراج النبي ومن آمن معه من بينهم ؛ فإن ذكر الدار يكون بالإفراد ؛ لأنه جعلهم بني أب واحد ، وأهل دار واحدة . وكلّ موضع أخبر عن تفرقة بينهم ، وإخراج النبي ومن آمن منهم معه ؛ أخبر عنهم الإخبار الدالّ على تفرّق شملهم ، وتشتّت أمرهم ؛ وذلك بذكر الدار بصيغة الجمع .
وقد ذكر إيراداً على هذه القاعدة ، ثم أجاب عنه ، وذلك بقوله : " فإن قال قائل : فقد قال في قصة شعيب – عليه السلام – في سورة الأعراف : ? ( المحتويات ( - ( الله - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( { - (( - { - - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - ((( - ( الله (- رضي الله عنهم - - ? [ الأعراف : 91 ] ؛ فوحّد (( الدار )) ، وقد خرج شعيب – عليه السلام- من بين أظهرهم ، ووقع الحكم بتفرّق شملهم ؛ فكان ما ذهبت إليه يقتضي أن يجمع (( الدار )) فيقال : (( ديارهم )) في هذا المكان ؟(1/494)
والجواب أن يقال : إنه لم يتقدّم في هذا الموضع ذكر إخراجه من بينهم مع الذين آمنوا معه ؛ كما ذكر في الموضعين الآخرين : في قصة صالح – عليه السلام- في سورة هود ، وفي قصة شعيب فيها .. " (1) ، ثمّ نبَّه إلى أن ذلك لا بدّ أن يكون بعد ذكر إخراج النبي والذين آمنوا معه ، وليس قبله – وإن كانا في قصّة واحدة وفي موضع واحد - ، وهو تنبيه فيه تقييد لهذه القاعدة ؛ لئلا يورد عليه : ما جاء في قصة صالح – عليه السلام - في سورة هود : ? - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - - { - رضي الله عنهم -( - ( - رضي الله عنه - - - - { - ( } - قرآن كريم ((( - - رضي الله عنهم - - - - - (( ( المحتويات ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - { - الله ( فهرس - - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم - الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } - درهم ( - ( - - ( - ((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله (((( - - - فهرس - - ( - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - عليه السلام - - ( - ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - } - ( - ( - ( - ((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( (( مقدمة - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله - { - رضي الله عنهم - - ( مقدمة - رضي الله عنه - - ( - - } - جل جلاله -( } تم بحمد الله ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ( - - - ((( تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - } تمت ( { - درهم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ( قرآن كريم - { ( - - - ( - - ( -
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 620- 622 .(1/495)
- رضي الله عنهم -(( - - - (((( - - - } - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - { - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - ( ( { - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - - ((( - ( الله (- رضي الله عنهم - - ? [ هود : 65- 67 ] ؛ حيث إن قوله : ? المحتويات ( - ( - - - رضي الله عنهم - - ? [ هود : 65 ] بالإفراد ، كان قبل الآية التي ذكر فيها إخراجه مع الذين آمنوا معه، ولذلك جاء قوله : ? المحتويات ( - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ? [ هود : 67 ] بالجمع ؛ لكونه جاء بعد الآية التي فيها الإخراج ، والله أعلم .
القاعدة الثانية :
ذكرها الكرماني بقوله : " حيث ذكر (( الرجفة )) وهي : الزلزلة : وحَّد الدار ، وحيث ذكر (( الصيحة )) : جمع .
لأن الصيحة كانت من السماء فبلوغها كان أكثر وأبلغ من الزلزلة " (1) ؛ " لأن الزلزلة تختصّ بجزء من الأرض " (2) ، ويكون المراد بالدار : البلد ، وبالديار : المنازل (3) . أو يكون المراد بالدار : الديار ؛ لكن وحَّد على إرادة الجنس(4) .
وقد وافق الكرمانيَّ في تعليله هذا كلٌّ من : ابن الزبير ، وابن جماعة ، والأنصاري (5) ، وإن لم تُعط عباراتهم العمومَ الذي يوحي بالاطّراد – كما في عبارة الكرماني - .
* * *
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 191 .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : 225 .
(3) ... انظر : غرائب التفسير للكرماني : 1/ 413 .
(4) ... انظر : زاد المسير : ص 505 ( ط. دار ابن حزم ، ذات المجلّد الواحد ) ، تفسير القرطبي : 7/ 242 .
(5) ... انظر : ملاك التأويل : 1/ 533- 534 ، كشف المعاني : ص 179- 180 ، فتح الرحمن : ص 290 . وانظر أيضاً : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 170- 171 .(1/496)
المسألة الثالثة : إفراد الآية – وجمع الآيات
ذكر علماء المتشابه قاعدتين تتعلقان بهذه المسألة ، هما :
القاعدة الأولى :
قول الإسكافي : " إذا أخبر الله تعالى عن المؤمنين في كتابه فهو متناول مَن كان في عصر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهم محدودون . وإذا قال : ? } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - الله ( قرآن كريم - { ( - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ? [ النحل : 79 ، النمل : 86 ، العنكبوت : 24 ، الروم : 37 ، الزمر : 52] : فهؤلاء أقوام لا يتناهون ؛ فكلّ مَن يؤمن إلى يوم القيامة منهم داخل فيهم ، وكلّ دلالة وأمارة : آية ؛ فجُمعت لعدّتهم التي لا تتناهى" (1).
فالقاعدة – في رأي الإسكافي - : أن (( الآية )) بالإفراد : تأتي مع الاسم (( للمؤمنين )) ؛ كما في قوله تعالى : ? - - ( { - (( - درهم ( - ( - - - { - رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - ((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - ( - - ? [ العنكبوت : 44 ] . أما مع الفعل (( يؤمنون )) : فتكون بصيغة الجمع : (( آيات )) ؛ للعلّة التي ذكر ، وهي مبنيّة على قاعدتين سبق تقريرهما ، وهما :
( 1 ) إفادة (( ال )) للعهد – فيما يخصّ الاسم - .
( 2 ) إفادة الفعل للتجدّد والحدوث والتكرار ، ويقوّي ذلك أن الفعل على صيغة المضارع : الدّال على الحال والاستقبال .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1010 ، وانظر : كشف المعاني : ص 290 .(1/497)
هذا وقد ذهبت أتحقّق من صدق هذه القاعدة على جميع أمثلة المسألة ؛ فوجدتها مطّردةً في جميعها ، سوى آية واحدة فقط ؛ هي قوله تعالى : ? } تمت ( { - (( ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- عليه السلام - - - - - - - ((( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - ( - - ?
[ الجاثية : 3 ] .
القاعدة الثانية :
نصّ عليها الكرماني في قوله : " ما جاء في القرآن من (( الآيات )) فلجمع الدلائل ، وما جاء من (( الآية )) فلوحدانيّة المدلول عليه " (1) .
وهذه القاعدة يمكن أن تدخل في القاعدة العامة السابق ذكرها : (( مراعاة اختلاف مرجع الضمير أو المشار إليه )) .
أما المثال الذي ذكره الكرماني لهذه القاعدة فهو : قوله تعالى : ? } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - رضي الله عنه -((((( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - - ? [ الحجر : 75 ] بالجمع .وبعدها : ? } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - { - رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - ( - - ? [ الحجر : 77 ] لأن الأولى إشارة إلى ما تقدّم ذكره في قصة لوط ، وهي دلائل متعدّدة ، أما الثانية : فلما ذكر فيها المؤمنين ، وهم مقرّون بوحدانية الله ، وهو شيء واحد ؛ وحّد (( الآية )) لتوحّد المدلول عليه (2) .
* * *
المطلب الثاني : قواعد المسائل من نوع الاختلاف في التقديم والتأخير
هذا المطلب يحوي خمس قواعد لخمس مسائل ، تفصيل القول فيها كما يلي :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 240 . وعنه : الزركشي في البرهان : 4/ 15 .
(2) ... انظر : البرهان في متشابه القرآن : ص 240 ، 241 .(1/498)
المسألة الأولى : تقديم النفع على الضر – وتأخيره عنه
ذكر الكرماني في هذه المسألة قاعدة محرّرة ، أنقل كلامه في تقريرها بطوله ؛ يقول : " أكثر ما جاء في القرآن من لفظي (( الضرّ )) و (( النفع )) معاً : جاء بتقديم لفظ (( الضرّ )) على (( النفع )) ؛ لأن العابد يعبد معبودَه خوفاً من عقابه أولاً ، ثمَّ طمعاً في ثوابه ثانياً ؛ يقوّيه قوله: ? - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - ( المحتويات ( - ( - - عليه السلام - - - { (( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - - - جل جلاله -(- رضي الله عنهم - - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ السجدة : 16 ] .
وحيثما تقدّم (( النفع )) على (( الضرّ )) : تقدَّم لسابقةِ لفظٍ تضمَّن معنى النفع ، وذلك في ثمانية مواضع " ثم أخذ في تعداد هذه المواضع الثمان وتطبيق القاعدة عليها ؛ فقال: " ثلاثة منها بلفظ الاسم وهي : هاهنا [ الأعراف ] [ الآية : 188 ] ، والرعد [ الآية : 16 ] ، وسبأ [ الآية : 42 ] .(1/499)
وخمسة بلفظ الفعل وهي : في الأنعام ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - - - جل جلاله -(( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - الله أكبر - - ((- رضي الله عنه - - ? [ الأنعام : 71 ] ، وفي آخر يونس : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - (( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه - - } ? [ يونس : 106 ] ، وفي الأنبياء : ? - رضي الله عنه - - - - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ((- رضي الله عنه - - - (- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( المحتويات ( تمهيد (( - ( - - رضي الله عنه - - - - (( - - { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - ((- رضي الله عنه - - ? [ الأنبياء : 66 ] ، وفي الفرقان :(1/500)
?- رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( المحتويات ( - (( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - (( - - ? [ الفرقان : 55 ] ، وفي الشعراء : ? (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم (( - ( - - رضي الله عنه - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - (( - - ? [ الشعراء : 73 ] .
أما في هذه السورة [ الأعراف ] : فقد تقدّم : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - ( - - عليه السلام - - ( - - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - - - } صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ((( - ? [ الأعراف : 178 ] ؛ فقدّم الهداية على الضلال . وبعد ذلك : ? ( المحتويات ( - - - جل جلاله -( تمهيد - رضي الله عنه - - ( - { صدق الله العظيم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ((( قرآن كريم - - - - - ? [ الأعراف : 188 ] ؛ فقدّم الخير على السوء ؛ فلذلك قدّم النفع على الضرّ .
وفي الرعد : ? - - جل جلاله -(( قرآن كريم - ( - - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الرعد : 15 ] ؛ فقدّم الطوع .(2/1)
وفي سبأ : ? ((( - ( تمهيد - رضي الله عنه - - - - ( - ( - - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ سبأ : 36 ] ؛ فقدّم البسط .
وكذلك ما جاء بلفظ الفعل : فلسابقة معنى تضمّن نفعاً :
أما سورة الأنعام ففيها : ? { { ( - - - - - - مقدمة - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - (( - { تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - (( - - } - ( - - - ( - - رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم ( - - } ( - ( - - - { - ( { ( تم بحمد الله - ? [ الأنعام : 70 ] ،ثم وصله بقوله:? ( - ( - } - قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - - - جل جلاله -(( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - الله أكبر - - ((- رضي الله عنه - - ? [ الأنعام : 71 ] .(2/2)
وفي يونس تقدّمه قوله : ? - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم (( - - - عليه السلام - - ( الله أكبر - - - جل جلاله - فهرس - ( - ( - - ((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - درهم { - رضي الله عنهم - مقدمة - - عليه السلام - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - جل جلاله -( الله أكبر - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ? [ يونس : 103 ] ، ثم قال : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - (( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه - - } ? [ يونس : 106 ] .
وفي الأنبياء تقدّمه قول الكفار لإبراهيم في المحاجّة : ? ( - - { - - - تمهيد ( - ( - - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ((- سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم ( - ((- رضي الله عنهم - - - - قرآن كريم ( { (( - - رضي الله عنه - - (((( - رضي الله عنه - - - - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ((- رضي الله عنه - - - (- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( المحتويات ( تمهيد (( - ( - - رضي الله عنه - - - - (( - - { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - ((- رضي الله عنه - - ? [ الأنبياء : 65- 66 ] .(2/3)
وفي الفرقان تقدّمه : ? ( المحتويات - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - - - - - فهرس - ( { - رضي الله عنهم - - ( فهرس - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - ( - ( - - - ? [ الفرقان : 45 ] ، وعدَّ نعماً جمّة في آيات ثم قال : ? - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( المحتويات ( - (( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - (( - - - ? [ الفرقان : 55 ] " (1) .
أما لِم كان الأكثر تقديم (( الضر )) : فقد ألمح ابن جماعة إلى علّة أخرى – غير ما ذكره الكرماني - وهي : " أن دفع الضر أهم من جلب النفع ؛ وإن كانا مقصودين . ولأنه يتضمَّنه أيضاً " (2) .
هذا وقد استدرك أحد الباحثين على الكرماني نتيجة استقرائه بأن أكثر ما جاء في القرآن من لفظي النفع والضر معاً جاء بتقديم لفظ الضر على النفع ؛ حيث قال : " لقد رجعت إلى الآيات التي جمعت بين لفظي النفع والضرّ في القرآن الكريم فوجدتها ست عشرة آية ، وقد قسّمت مناصفة بين الترتيبين ؛ أي : أن ثماني آيات تقدّم فيها النفع على الضر ، وثماني آيات تأخّر فيها النفع عن الضرّ " (3) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 201- 203 ، وعنه باختصار : الأنصاري في فتح الرحمن : ص 302- 303.
(2) ... كشف المعاني : ص 151 .
(3) ... أسلوب التقديم والتأخير في القرآن الكريم : ص 278 ( وهي رسالة ماجستير في جامعة الإمام غير مطبوعة ، إعداد : زيد عمر عبد الله ) .(2/4)
أما الآيات الثماني التي تقدّم فيها النفع على الضر فقد تقدّم ذكرها في كلام الكرماني ، وأما الآيات الثماني الأخرى التي تأخّر فيها النفع عن الضر فهي – بحسب تتبّع الباحث المذكور - : في سورة البقرة [ الآية : 102 ] ، والمائدة [ الآية : 76 ] ، ويونس [ الآية : 18 ] ، ويونس [ الآية : 49 ] ، وطه [ الآية : 89 ] ، والحج [ الآية : 12 ] ، والفرقان [ الآية : 3 ] ، والفتح [ الآية : 11 ] .
لكني ذهبت أحصي كما أحصيا ؛ فكانت نتيجة الإحصاء مرجّحة كلام الكرماني ؛ حيث وجدت أنه قد فات الباحثَ موضعٌ تاسع تقدّم فيه ذكر الضرّ على النفع ، وهو الوارد في سورة الحج [ الآية : 13] ، ثم وجدت السخاوي في منظومته قد نصَّ على أنها تسعة مواضع ؛ في قوله(1):
وما عداه الضر قبل النفع وليس إن عددت غير تسع
* * *
المسألة الثانية : تقديم اللهو على اللعب – وتأخيره عنه
ذكر ابن جماعة كلاماً يمكن أن يوحي بتقعيدٍ في هذه المسألة ؛ حيث اعتمد في ذلك على تحديد المراد بكلّ من اللهو واللعب ، ثم إبداء المناسبة بين معنى المتقدّم منهما مع سياقه .
يقول ابن جماعة :" اللهو عن الشيء : تركه وإهماله والإعراض عنه ونسيانه . واللعب : معروف ، وهو فعل مقصود لفاعله .
فلمّا جاء في الأعراف بعد قوله : ? - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - فهرس - ? [ الأعراف : 48 ] ، وهو ذمٌّ لهم بالإعراض عن اتباع الحق وإهماله ، ولذلك قال بعده : ? - - رضي الله عنهم - - - - } - قرآن كريم ( - فهرس - - عليه السلام -( - - - { ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - - - - (- رضي الله عنهم - - ? [ الأعراف : 51 ] .
__________
(1) ... هداية المرتاب : ص 154 ( تحقيق الحسني ) .(2/5)
وكذلك آية العنكبوت : جاءت بعد قوله : ? ((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - المحتويات ( - - رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( صدق الله العظيم } تم بحمد الله - رضي الله عنه - - فهرس - - رضي الله عنهم - } ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - - عليه السلام -(( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -...? الآيتين [ العنكبوت : 61 ، 63 ] ؛ دلَّ بهما على إعراضهم عن الحقّ واتّباعه مع علمهم به .
وأما المواضع الأخر : فجاءت في سياق ذم الدنيا والاشتغال عن الله تعالى بلعبها ولهوها وزينتها " (1) .
بناءً على هذا الكلام يمكن أن يُقال : إذا كان السياق فيمن أعرض عن الحق وأهمله ونسيه : قُدّم اللهو . وإذا كان في ذمّ الدنيا والاشتغال بها عن الله تعالى : قُدّم اللعب (2).
هذا وللكرماني تعليلٌ جيّد في كونه قدّم اللعب في الأكثر – حيث قدّم في أربعة مواضع وأخّر في موضعين - ؛ حيث يقول : " وإنما قدّم اللعب في الأكثر ؛ لأن اللعب زمانه الصبا واللهو زمانه الشباب ، وزمان الصبا مقدّم على زمان الشباب " (3) .
* * *
المسألة الثالثة : تقديم المغفرة على العذاب – وتأخيرها عنه
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 175- 176 .
(2) ... انظر : خصائص التعبير القرآني : 2/ 194- 200 .
(3) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 169 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 1/ 213 . وانظر : ملاك التأويل : 1/ 445- 447 .(2/6)
يقول الكرماني – في ذكر قاعدة في هذه المسألة - : " قوله تعالى : ? ( - ((((- عليه السلام - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - ( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -( - - - ? [ البقرة : 284 ] : (( يغفر )) مقدَّم في هذه السورة وفي غيرها ، إلا في المائدة ؛ فإنها : ? ( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -( - - ( - ((((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - عليه السلام - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - - ? [ المائدة : 40 ] : لأنها نزلت في حقّ السارق والسارقة ، وعذابها يقع في الدنيا ؛ فقدّم لفظ العذاب .
وفي غيرها قدّم لفظ المغفرة : رحمة منه سبحانه ، وترغيباً للعباد في المسارعة إلى موجبات المغفرة " (1) .
وللزركشي تقرير لهذه القاعدة ، لكن بلفظ (( الرحمة )) بدل (( المغفرة )) ، وقد دعَّم هذه القاعدة بحديث قدسيّ يدلُّ عليها :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 142 ، وعنه : الأنصاري في فتح الرحمن : ص 194 . وانظر : ملاك التأويل: 1/ 283 ، كشف المعاني : ص 123 .(2/7)
يقول الزركشي : " من أساليب القرآن : حيث ذكر الرحمة والعذاب ؛ أن يبدأ بذكر الرحمة ؛ كقوله تعالى : ? ( - ((((- رضي الله عنه - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - ( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -( - - - ? [ المائدة : 18 ] ، وعلى هذا جاء قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - - حكاية عن الله تعالى - : (( إن رحمتي سبقت غضبي )) (1) .
وقد خرج عن هذه القاعدة مواضع اقتضت الحكمة فيها تقديم ذكر العذاب ؛ ترهيباً وزجراً ، منها :
قوله تعالى في سورة المائدة : ? ( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -( - - ( - ((((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - عليه السلام - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - - ? [ المائدة : 40 ] : لأنها وردت في سياق ذكر قُطّاع الطريق والمحاربين والسرّاق ؛ فكان المناسب تقديم ذكر العذاب"(2) .
* * *
المسألة الرابعة : تقديم الإبداء على الإخفاء – وتأخيره عنه
هذه المسألة لم يتعرّض لها – من علماء توجيه المتشابه – سوى ابن الزبير الغرناطي ، الذي تصدّى - أيضاً - لوضع قاعدة مطّردة فيها .
__________
(1) ... هذا قطعة من حديث قدسي : أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه : البخاري : في كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : ? وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ? ، برقم ( 7453 ) ، وباب قول الله تعالى :
? بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ? ، برقم ( 7553- 7554 ) . ومسلم : في كتاب التوبة ، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها تغلب غضبه ، برقم ( 15/ 2715 ) .
(2) ... البرهان في علوم القرآن : 4/ 56- 57 .(2/8)
وحاصل ما قرّره في ذلك : أنه إذا كان السياق في أهل الإيمان أو في خطابهم : تقدَّم ذكر الإبداء على الإخفاء ، وإذا كان في أهل النفاق والكفر : فإنه يقدّم الإخفاء .
وعلّة ذلك : أن أمر المنافقين قائم على إخفاء معتقدهم الكفري ، وإبداء خلافه ، ولذلك كان تقديم العلم بما يخفى أنسب في مقام الكلام عنهم(1) .
ولم يُعلّل ابن الزبير تعليلاً صريحاً ما يتعلّق بتقديم الإخفاء في سياق ذكر أهل الكفر الصريح ، ولا لتقديم الإبداء في سياق الذكر لأهل الإيمان . ولكن يمكن أن يُفهم من كلامه بأن حال أهل الكفر واحد ، وأن بعضهم أولياء بعض ؛ فكان تقديم الإخفاء أنسب في باب الوعيد لهم جميعاً . أما أهل الإيمان فالأمر فيهم على العكس من ذلك ؛ حيث إن الرحمة بهم ورفع الحرج عنهم يقتضي تقديم ذكر الإبداء في خطابهم ، والله أعلم .
ويجدر التنبيه على أن ابن الزبير في تقريره للقاعدة في هذه المسألة ؛ لم يقتصر على لفظي الإبداء والإخفاء ، وإنما ألحق بها الآيات التي جاء فيها ألفاظ تقاربها في المعنى ؛ كالإسرار والإعلان ، والسر والجهر ، والإبداء والكتمان ، والإكنان والإعلان .
* * *
المسألة الخامسة : تقديم الليل على النهار – وتأخيره عنه
__________
(1) ... انظر : ملاك التأويل : 1/ 280- 283 .(2/9)
يقول ابن الزبير – في توجيهه لتقديم الليل على النهار في آيتين متتاليتين هما قوله تعالى : ? ( - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - عليه السلام -(- عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - تمت ( { - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - ( - - - ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - ( - { - - - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - - فهرس - ( { ( الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم - - (- عليه السلام - - ( { ( - - - ? [ القصص : 71 ] ، ثم قال في الآية التي بعدها : ? ( - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - عليه السلام -(- عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - تمت ( { - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - ( - - - ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - عليه السلام - - - { - } { - - - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - رضي الله عنهم - - - - فهرس - ( { ( الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم - - (- عليه السلام - - ( { ( - - - ? [ القصص : 72 ] - : " والجواب : أن تقديم الليل على النهار جارٍ على ما بنت العرب عليه حساب شهورها ؛ من تقديم الليل وجعل النهار تابعاً له ، ولم يرد في كتاب الله تعالى على كثرة ترداده إلا ذلك" (1) .
لكن يشكل على قوله بأنه لم يرد في كتاب الله إلا ذلك : موضعان تقدّم فيهما ذكر النهار على الليل ، وهما :
( 1 ) قوله تعالى : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - فهرس - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - ( - فهرس (- رضي الله عنه - - - ( ( - - { - } { - - - - - ( - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - ( - { - - - ? [ هود : 114 ] .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 910 .(2/10)
( 2 ) قوله تعالى : ? ( - - { - } { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( { - - رضي الله عنهم - - - ( - - رضي الله عنهم - - ((( ( - ( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( { - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - ? [ الشمس : 3- 4 ] .
هذا سوى قوله تعالى : ? ( - ( - قرآن كريم ( - - - ( - { - - - - (( ( - - - رضي الله عنهم - - } - جل جلاله - - - - ( - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - عليه السلام - - - - رضي الله عنهم - - } - جل جلاله - - - - - (( ( - ( - { - - - } ? [ آل عمران : 27 ] ، وأمثالها ، وإن كانت أقلّ قوّة في الإيراد على القاعدة من الآيتين السابقتين .
بقيت الإشارة إلى أن العلّة التي ذكرها ابن الزبير في تقديم الليل على النهار ؛ قيل بأوضح منها : وهو أن ذلك تقديم باعتبار السبق بالزمان والإيجاد (1) .
* * *
المطلب الثالث : قواعد المسائل من نوع الاختلاف في الإبدال
القواعد في مسائل هذا المطلب : إحدى عشرة قاعدة ، إلا أن المسائل ثمان ، لكون إحداها لها ثلاث قواعد ، وأخرى قاعدتان ، وهي كما يلي :
المسألة الأولى : وما كان – فما كان جواب قومه
__________
(1) ... انظر : البرهان للزركشي : 3/ 311 ، الإتقان : 1/ 627 .(2/11)
قال الإسكافي – في توجيه الاختلاف بين قوله تعالى في الأعراف : ? ( - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - - - - قرآن كريم ((( - ( - - تم بحمد الله (((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - - - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ((( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - ? [ الأعراف : 81- 82 ] ، وقوله في النمل : ? ( - - رضي الله عنه - - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله (((( - - رضي الله عنهم - - - ( - - - - - - - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ((( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - ? [ النمل : 55- 56 ] ، وفي العنكبوت : ? - - قرآن كريم ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( المحتويات ( - - ( - - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - - تمهيد - ( - ( - - - } - - رضي الله عنهم - - - ( - - - - - - - عز وجل - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ((( مقدمة ( تم بحمد الله ( قرآن كريم - - ? [ العنكبوت : 29 ] - : " وأما اختصاص الواو بسورة الأعراف : فلأن قبلها : ? - قرآن كريم ((( - ( - - تم بحمد الله ? [ الأعراف : 81 ] وهو اسم ، وإن أدّى معنى الفعل . وقوله في النمل : ? - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ? [ النمل : 55 ] صريح لفظ الفعل .(2/12)
والأجوبة التي تتعلّق بالأول المبتدأ به ؛ إنما أصلها في الأفعال التي تقع وتوجد لوجود غيرها ، والواو والفاء جائزتان في الموضعين ، إلا أنه يختار حيث جاء الأصل الذي وضعت الفاء فيه لتوجب ما قبلها - وهو الفعل - ، واختيرت الواو حيث كان الملفوظ به الاسم ؛ ليفرق بين الموضعين ؛ فيختار في كلّ موضع ما هو أليق به ؛ إذ ليس الاسم أصلاً فيما جعلت الفاء للجواب فيه" (1) .
وهذا الشرح والتأصيل من الإسكافي أخذه الأنصاري وصاغه بعبارة أخصر وأوضح ؛ حيث قال : " لأن ما هنا [ الأعراف ] تقدّمه اسم وهو : ? - قرآن كريم ((( - ( - - تم بحمد الله ? [ الأعراف : 81 ] ، والاسم لا يناسبه التعقيب .
وفي تينك [ النمل والعنكبوت ] تقدّمه فعل هو : ? - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ? [ النمل : 55 ] ، و ? - - قرآن كريم ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( المحتويات ( - - ( - - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - - تمهيد - ( - ( - - - ? [ العنكبوت : 29 ] ، والفعل يناسبه التعقيب ؛ فناسب ذكر الفاء الدّالة عليه " (2) .
فتكون القاعدة : أنه حيث كان المعطوف عليه فعلاً ؛ فإن العطف يكون بالفاء . وحيث كان اسماً ؛ فإن العطف بالواو . ومُستند هذه القاعدة ما ذُكر .
* * *
المسألة الثانية : الحروف المقطّعة في فواتح السور
قرّر ابن الزبير الغرناطي في مسألة الحروف المقطّعة في افتتاح السور قاعدة مطّردة ، وأصلّها تأصيلاً محكماً ، وطبّقها على عدد من أمثلتها .
يقول ابن الزبير : " إن هذه السور إنما وضع في أوّل كلّ سورة منها ما كثر ترداده فيما تركّب من كلمها .
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 634- 635 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 291 .(2/13)
ويوضّح لك ما ذكرت : أنك إذا نظّرت سورة منها بما يماثلها في عدد كلمها وحروفها؛ وجدت الحروف المفتتح بها تلك السورة إفراداً وتركيباً أكثر عدداً في كلمها منها في نظيرتها ومماثلتها في عدد كلمها وحروفها .
فإن لم تجد سورة منها ما يماثلها في عدد كلمها ففي اطّراد ذلك في المتماثلات مما يوجد له النظير ما يُشعر بأن هذه لو وجد مماثلها لجرى على ما ذكرت لك .
وقد اطّرد هذا في أكثرها ؛ فحق لكلّ سورة منها ألا يناسبها غير الوارد فيها ؛ فلو وقع في موضع : ? ( - - ? [ ق : 1 ] من سورة (( ق )) : ? ( - - ? [ القلم : 1 ] من سورة (( ن والقلم )) وموضع : ? ( - - ? [ القلم : 1 ] : ? ( - - ? [ ق : 1 ] لم يمكن لعدم المناسبة المتأصّل رعيها في كتاب الله تعالى .
فإذا أخذت كلّ افتتاح منها معتبراً بما قدّمته لك : لم تجد ? ((( - - - - ? [ مريم : 1 ] يصح في موضع : ? - بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة ((( ( - ( - (( ? [ الشورى : 1- 2 ] ، ولا ? - بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة ? في موضع ? { ( ? [ النمل : 1 ] ، ولا العكس . ولا ? - - ( - - - - - ? [ الرعد : 1 ] في موضع : ? بسم الله الرحمن الرحيم - - - ? ، ولا عكس ذلك . ولا ? - - ( - - - - - ? [ الرعد : 1 ] في موضع : ? (( - - - - ? [ الأعراف : 1 ] بجعل (( الصاد )) في موضع (( الراء )) ، ولا العكس .
فقد بان وجه اختصاص كلّ سورة بما به افتتحت ، وأنه لا يناسب سورة منها ما افتتح غيرها ، والله تعالى أعلم بما أراد " (1) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 176- 177 . وانظر فيه أمثلة لهذه القاعدة : 1/ 606 ، 609 ، 611 ، 2/ 686 . وانظر أيضاً : البرهان للزركشي : 1/ 258 ، 368- 369 ، الإتقان : 2/ 227 .(2/14)
هذا وقد بيّن العلّة التي اعتمد عليها في هذه القاعدة ؛ حيث يقول : " إن هذه الحروف لافتتاح السور بها ووقوعها مطالع لها ؛ كأنها أسماء لها ؛ بل هي جارية مجرى الأسماء من غير فرق ، وهذا إن لم نقل بقول من جعلها أسماء للسور .
والعرب تراعي في الكثير من المسميات أخذ أسمائها من نادر أو مستغرب يكون في المسمى ؛ من خلق أو صفة تخصّه أو تكون فيه أحكم أو أكثر أو أسبق لإدراك الرائي للمسمى . ويسمّون الجملة من الكلام والقصيدة الطويلة من الشعر بما هو أشهر فيها أو بمطلعها ، إلى أشباه هذا ، وعلى ذلك جرت أسماء سور الكتاب العزيز " (1) .
وقال ابن القيّم : " وتأمل السور التي اشتملت على الحروف المفردة ؛ كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف .
فمن ذلك : (( ق )) والسورة مبنية على الكلمات القافيّة ؛ من ذكر القرآن ، وذكر الخلق ، وتكرير القول ومراجعته مراراً ، والقرب من ابن آدم ، وتلقّي الملكين قول العبد ، وذكر الرقيب ، وذكر السائق ، والقرين ، والإلقاء في جهنم ، والتقديم بالوعيد ، وذكر المتقين ، وذكر القلب ، والقرون ، والتنقيب في البلاد ، وذكر القيل مرتين ، وتشقق الأرض ، وإلقاء الرواسي فيها ، وبسوق النخل ، والرزق ، وذكر القوم ، وحقوق الوعيد ، ولو لم يكن إلا تكرار القول والمحاورة . وسرٌّ آخر : وهو أن كلَّ معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف من : الشدّة والجهر والعلو والانفتاح .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 174- 176 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 1/ 368- 369 ، السيوطي في الإتقان : 1/ 203- 204 .(2/15)
وإذا اردت زيادة إيضاح هذا : فتأمّل ما اشتملت عليه سورة (( ص )) من الخصومات المتعدّدة : فأوّلها خصومة الكفار مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقولهم : ? - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - - - { - - ( - - - رضي الله عنهم - - - - - جل جلاله - - ( - - ( { - ( - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ ص : 5 ] إلى آخر كلامهم ، ثم اختصام الخصمين عند داود ، ثم تخاصم أهل النار ، ثم اختصام الملأ الأعلى في العلم وهو الدرجات والكفّارات ، ثم مخاصمة إبليس واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لأدم ، ثم خصامه ثانياً في شأن بنيه وحلفه ليغوينّهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم .
فليتأمّل اللبيب الفطن هل يليق بهذه السورة غير : (( ص )) ، وبسورة : (( ق )) غير حرفها ، وهذه قطرة من بحر من أسرار هذه الحروف ، والله أعلم " (1) .
هذا وقد أثبت الباحثون المعاصرون هذه القاعدة – بما تجدّد لهم من آلات – اعتماداً على الإحصاء الدقيق لحروف كلّ سورة . لكنّهم لم يقفوا عند ذلك ، وإنما أخذوا أصل الفكرة التي تقوم عليها هذه القاعدة ، وتوسّعوا في تطبيقها وذهبوا بها إلى أبعد مدى ؛ حتى وصل الأمر إلى ما يسمّى بـ (( الإعجاز العددي للقرآن )) (2) .
وعلى كلّ حال : فإنه لا يلزم من صحّة الأصل صحة ما بني عليه ، ولا العكس . مع أن هذه الآراء لا تعدو أن تكون اجتهاداً من أصحابها ، ولكن لا بد أن يكون هذا الاجتهاد منضبطاً بضوابطه ، صادراً عن أهله ، والله أعلم .
* * *
المسألة الثالثة : تعدية الإنزال بـ على – إلى
__________
(1) ... بدائع الفوائد : 3/ 173- 174 ، وعنه : الزركشي في البرهان : 1/ 258- 259 ، الإتقان : 2/ 227- 228 .
(2) ... انظر : تعليق د . عبد السميع حسنين على : فتح الرحمن للأنصاري : ص 143- 145 ، إعجاز القرآن البياني للخالدي : ص 328- 337 .(2/16)
هذه المسألة فيها ثلاث قواعد ؛ ذكرها علماء توجيه المتشابه ، وهي :
القاعدة الأولى :
ذكرها الإسكافي في قوله : " إن (( على )) تتضمّن معنى : فوق ، وأن يكون الوحي جاءه من تلك الجهة ، وأن (( إلى )) : للنهاية ؛ فلا تختصّ بجهة دون جهة .
ولذلك كان أكثر المواضع التي ذكر فيه إنزال القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم - عدّي بـ (( على )) كقوله تعالى : ? ( - ( - { - رضي الله عنه -( - - - ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( فهرس ( - ( - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ? [ الكهف : 1 ] ، وكقوله : ? ( - ( } - - رضي الله عنه - - ( - - { - - (((( فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - - - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( فهرس ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -( - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ((( فهرس ( - - - رضي الله عنه - تمهيد ((? [ النحل : 2 ] ، وقال : ? - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( مقدمة ( - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - (((( تم بحمد الله - } - - ((((( - - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - - ( - ( - - - ? [ الشعراء : 193- 194 ] ، وقال : ? - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - درهم ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - - - جل جلاله - - (-(2/17)
عليه السلام - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - - ((( - (? [ النحل : 89 ] .
وأكثر ما ذكر إنزاله على الناس : جاء معدّى بـ (( إلى )) ؛ كقوله تعالى : ? - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - ( } - } - - - - ( - - - المحتويات ( - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنهم - - ( - ( - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( فهرس - { - - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - - - ( { - - جل جلاله - - قرآن كريم ( الله أكبر - - جل جلاله -- جل جلاله - - ( تمهيد - تم بحمد الله ? [ النساء : 174 ] " (1) .
وقد لخّص ابن جماعة هذه القاعدة بقوله : " وكذلك أكثر ما جاء في جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - بـ (( على )) ، وأكثر ما جاء في جهة الأمة بـ (( إلى )) " (2) .
أما وجه هذه القاعدة ، والأصل الذي انبنت عليه : فقد أشار إليه الإسكافي ؛ في تفريقه بين دلالة كلٍّ من الحرفين : على ، إلى . ولكن ابن الزبير يزيد على ذلك بأن التعدية بـ (( على )) : حقيقة في الرسول ، ومجاز في الأمة ، و (( إلى )) بالعكس (3) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1106- 1107 .
(2) ... كشف المعاني : ص 108 ، وانظر : البرهان للكرماني : ص 131 ، ملاك التأويل : 1/ 239 ، فتح الرحمن : ص 167 . وانظر أيضاً : الكليات : ص 196 ، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 283- 284 .
(3) ... ملاك التأويل : 1/ 239 .(2/18)
وقد أشار أحد الباحثين إلى اعتراض الزمخشري على هذه القاعدة ؛ وذلك بورود بعض الآيات المخالفة لها ، ثم أجاب عن اعتراضه – بعد وصفه له بالوجاهة - : بأن الإسكافي وابن الزبير قد ذكرا بأن ذلك قد خرج عن الحقيقة إلى المجاز (1) .
ولعلَّ الأقرب في الإجابة على اعتراض الزمخشري أن يقال : بأن علماء المتشابه قد نصّوا على أن هذه القاعدة أغلبيّة ( أكثريّة ) ، وليست كلّية تامّة ؛ فيكون ما أورده الزمخشري محمولاً على الأقل ، والله أعلم .
القاعدة الثانية :
ذكرها الإسكافي – أيضاً - في قوله : " كلُّ موضع قيل فيه : ? - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - درهم ( - - - ( { ? [ الزمر : 2 ] ؛ فقد كان التكليف عليه ، ونزّل منزلة أمته فيما يجب على عالمهم تبيينه لمتعلّمهم ؛ كقوله في أول هذه السورة [ الزمر ] : ? - - ( الله أكبر ( { - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - درهم ( - - - ( { - - (- رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( - ( - (( - - - ( { - - - - الله أكبر (( - ( - ( - ( مقدمة { - - (((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ? [ الزمر : 2 ] ؛ فقد أمر بإخلاص العبادة ، والمراد هو وأمته ...
وكلّ موضع عدّي فيه الإنزال بـ (( على )) فإن المراد به : أنه شرّفك ، وأعلى بذلك ذكرك ، لتؤدّي ما عليك ؛ فتنذر وتبشّر .. " (2) .
__________
(1) ... انظر : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص 282 ، وانظر اعتراض الزمخشري في الكشاف : ص 180 ( ط. دار المعرفة ، ذات المجلد الواحد ) .
(2) ... درة التنزيل : 3 / 1107- 1108 .(2/19)
وقد أخذ عن الإسكافي هذه القاعدة كلٌّ من : الكرماني(1) ، والأنصاري ؛ لكن بعبارة أخصر وأوضح . وإن كانت عبارة الأنصاري أقعد ؛ حيث يقول : " إن كل موضع خوطب فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإنزال ، أو التنزيل ، أو النزول : إن عدّي بـ (( إلى )) : ففيه تكليف له ، أو بـ (( على )) : ففيه تخفيف عنه " (2) .
هذا وقد مرّ في كلام الإسكافي ذكر مثالٍ للشطر الأول من القاعدة ، أما الشطر الثاني فقد مثّلوا له بقوله تعالى : ? - - ( الله أكبر ( { - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( } - } - جل جلاله - - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - } ? [ الزمر : 41 ] ، وهي تخفيف عنه ؛ بدليل قوله في آخرها : ? - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - تمهيد الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ? [ الزمر : 41 ] أي : لست بمسؤول عنهم (3) .
القاعدة الثالثة :
ذكرها ابن الزبير في قوله : " فتارة يراعى وصول المنزّل بواسطة الملَك ، وتارة يراعى وصوله من عند الله سبحانه من غير واسطة ؛ فإذا روعي هذا قيل : (( عليك )) ، وإذا روعي الأول قيل : (( إليك )) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 321 .
(2) ... فتح الرحمن : ص 526 .
(3) ... انظر : البرهان للكرماني : ص 321 ، فتح الرحمن : ص 526 .(2/20)
قال تعالى : ? - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - - - - (( - - رضي الله عنه - - ( - الله أكبر ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { ? [ البقرة : 4 ] ، وقال تعالى : ? ( - ( - { - رضي الله عنه -( - - - ( - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( فهرس ( - ( - - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - ? [ الكهف : 1 ] " (1) .
هذا ولم يذكر ابن الزبير مستند هذه القاعدة ، ولكن يمكن أن يقاس على ما أشار إليه في بيانه لمستند القاعدة الأولى في هذه المسألة ؛ حيث يمكن أن يقال – هنا - : بأن الإنزال بلا واسطة إنزال حقيقي فكان بـ (( على )) ، والإنزال بالواسطة مجاز فكان بـ (( إلى )) ، والله أعلم .
غير أنّي رأيت أبا البقاء الكفوي قد ذكر هذه القاعدة لكن في مسألة أخرى قريبة من هذه المسألة – وقد سبق ذكرها في صدر هذا المبحث - ؛ حيث يقول : " وقيل : الإنزال : بواسطة جبريل ، والتنزيل : بلا واسطة " (2) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 2/ 983 .
(2) ... الكليات : ص 196 .(2/21)
ولكن ربما كانت هذه القاعدة – للمسألتين - بحاجة إلى شيء من التحرير ؛ لئلا يَرِدَ عليها مثل قوله تعالى : ? ( - ( } - - رضي الله عنه - - ( - - { - - (((( فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - - - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله (( فهرس ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنه -( - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ((( فهرس ( - - - رضي الله عنه - تمهيد (( ? [ النحل : 2 ] ، وقوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( مقدمة ( - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - (((( تم بحمد الله - } - - ((((( - - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - - ( - ( - - - ? [ الشعراء : 193- 194 ] – في المسألة الأولى - ، وربما غيرها أيضاً . أو يقال بأنها قاعدة أغلبيّة – إن كانت كذلك بعد استقراء جميع أمثلتها - ، والله أعلم .
* * *
المسألة الرابعة : الإبدال بين الخَلْق – الجَعْل
ذكر علماء المتشابه لهذه المسألة قاعدتين :
القاعدة الأولى :(2/22)
ذكرها الكرماني – عند توجيهه للاختلاف بين قوله تعالى في سورة البقرة : ? ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - - - - درهم - - - عليه السلام - - ( { - - (((( فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( - الله أكبر ( { ( - (( - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - (( ((( - - } - - - { - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ? [ البقرة : 30 ] ؛ ، وقوله في سورتي الحجر وص : ? ( - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - - - - رضي الله عنهم - - - - - عليه السلام - - ( { - - (((( فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - ( - الله أكبر ( { - - ( - (- رضي الله عنهم - - - - - - رضي الله عنه -( - - ? [ الحجر : 28 ، ص : 71 ] - : " جعل إذا كان بمعنى : خلق ؛ يستعمل في الشيء يتجدّد ويتكرّر ؛ كقوله : ?- رضي الله عنه - - فهرس - - رضي الله عنهم - } ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - - عليه السلام -(( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- عليه السلام - - ( - - ( - - - - عليه السلام - - قرآن كريم - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الأنعام : 1 ] ؛ لأنهما يتجدّدان زماناً بعد زمان . وكذلك الخليفة : لفظ يدلّ على أن بعضهم يخلف بعضاً إلى يوم القيامة .
وخصّت هذه السورة بقوله : ? - ( - الله أكبر ( { - - ( - (- رضي الله عنهم - - ? [ الحجر : 28 ] ؛ لقوله : ? - - - - رضي الله عنه -( - - ? [ الحجر : 28 ] ؛ إذ ليس في لفظ (( البشر )) ما يدلّ على التجدد والتكرار " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 238 .(2/23)
وقوله : " جعل إذا كان بمعنى : خلق " : يفيد تقييد القاعدة بذلك ، إذ إن (( جعل )) يأتي على عدّة معانٍ ، ذكر الراغب في المفردات(1) :" أنه لفظ عام في الأفعال كلها ، وهو أعمُّ من فَعَل ، وصَنَع ، وسائر أخواتها ، ويتصرّف على خمسة أوجه :
الأول : يجري مجرى صار وطفق ؛ فلا يتعدّى .
والثاني : يجري مجرى أوجد ؛ فيتعدّى إلى مفعول واحد .
والثالث : في إيجاد شيء من شيء وتكوينه منه .
والرابع : في تصيير الشيء على حالة دون حالة .
والخامس الحكم بالشيء على الشيء ؛ حقّاً كان أو باطلاً " .
وقد ذكر له صاحب القاموس (2) عدّة معانٍ ؛ منها : أنه يأتي بمعنى الخلق . كما ذكر ابن فارس(3) أن مادة : الجيم والعين واللام : كلمات غير منقاسة ، لايشبه بعضها بعضاً .
القاعدة الثانية
ذكرها ابن جماعة – في توجيه الفرق بين (( خلق )) و (( جعل )) في قوله تعالى : ? - رضي الله عنه - - فهرس - - رضي الله عنهم - } ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - - عليه السلام -(( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد (- عليه السلام - - ( - - ( - - - - عليه السلام - - قرآن كريم - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ? [ الأنعام : 1 ] - ؛ حيث قال : " إن السماوات والأرض : أجرام ؛ فناسب فيهما : خلق . والظلمات والنور : أعراض ومعانٍ ؛ فناسب فيهما : جعل .
__________
(1) ... مفردات ألفاظ القرآن : ص 196- 197 .
(2) ... انظر : القاموس المحيط : ص 1262 ( جعل ) .
(3) ... انظر : معجم المقاييس في اللغة : ص 216 ( جعل ) .(2/24)
ومثله كثير ؛ كقوله تعالى : ? - - - ( } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنهم - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ? [ البقرة : 22 ] أي : لا تصفوا ، ? } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - عليه السلام -( - - - - - عليه السلام - - (( ? [ الأنعام : 100 ] ، وهو كثير " (1) .
أما معاني : (( جعل )) فقد تقدّمت الإشارة إليها في القاعدة السابقة . وأما (( خلق )) فقد ذكر صاحب المفردات(2):" أن الخَلْق والخُلْق – في الأصل - : واحد ؛ كالشَّرْب والشُّرْب ، لكن خُصّ الخَلْق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخُلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة " .
* * *
المسألة الخامسة : الإبدال بين الحق – القسط
ذكر ابن الزبير قاعدة هذه المسألة ، وملخّص كلامه (3) : أن (( القسط )) : يراد به العمل والتسوية في الحكم ؛ فمظنّة وروده حيث يراد موازنة الجزاء بالأعمال من غير زيادة ؛ كما قال تعالى في جزاء الكافرين : ? } ( - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( - - - ((- صلى الله عليه وسلم - ? [ النبأ : 26 ] ؛ أي : موازناً لأعمالهم موافقاً لها.
و أن (( الحق )) : هو الصدق ؛ فوروده حيث يراد تصديق وعيد أو إخبارٍ متقدّم ، وذلك في جزاء أهل الإيمان .
__________
(1) ... كشف المعاني : ص 153- 154 .
(2) ... مفردات ألفاظ القرآن : ص 297 . وانظر : معجم المقاييس في اللغة : ص 329 ( خلق ) .
(3) ... ملاك التأويل : 1/ 622- 624 .(2/25)
ومثّل لهذا الفرق : بقوله تعالى في يونس : ? ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } تمت - صلى الله عليه وسلم - - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - { ((- رضي الله عنه - الله أكبر ( تمهيد - رضي الله عنهم - - فهرس - - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - (( ((( - - } - - ( المحتويات - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - (( { صدق الله العظيم (( مقدمة ( - - } - - صلى الله عليه وسلم - - - - - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - } - جل جلاله - - - - - - - - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - - - - - - - رضي الله عنهم -(( - - - } - - ((( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - ((( - ( { ( - - - ( - - ( المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - فهرس - ((( - ? [ يونس : 54 ] .(2/26)
وقوله في الزمر : ? ( تمهيد - - - عليه السلام - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - } - - ( - قرآن كريم ( - ( - - { - ( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم -((((- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - - عليه السلام -(( - } - ( صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم (( - - ( - } - جل جلاله - - - - ( - (( - - - رضي الله عنهم - - { - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (((( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - فهرس - ((( - ? [ الزمر : 69 ] .
* * *
المسألة السادسة : الإبدال بين الرد – الرجع
القاعدة في هذه المسألة – على ما ذكره الكرماني وغيره(1) - : أن الردّ والرجع بمعنى واحد ، لكن يغلب استعمال (( الرد )) فيما يتضمّن كراهة المردود ، وتعنيفه وقهره .
__________
(1) ... انظر : البرهان في متشابه القرآن : ص 256 ، 263 ، درة التنزيل : 2/ 874- 875 ، ملاك التأويل : 2/ 781- 783 ، كشف المعاني : ص 240 .(2/27)
ومثال ذلك : قوله تعالى في الكهف : ? - رضي الله عنه - - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ((- صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - - ( تمهيد - - ((( فهرس ( - (- رضي الله عنهم - - - - جل جلاله - - - رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - (((( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ((- صلى الله عليه وسلم - - - { - رضي الله عنه -( - - - - - - - { - رضي الله عنهم - - (( - - - - ((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات - ( - - - - - فهرس - ( { - ( فهرس - - عليه السلام - - } تمت - رضي الله عنهم - - ( صدق الله العظيم - } - - - ( - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - (- جل جلاله -( } تم بحمد الله - - جل جلاله - تمهيد فهرس - - { - ( تم بحمد الله ? [ الكهف : 35- 36 ] ، وتقدير الكلام : لئن رددت عن جنتي هذه التي أظن ألا تبيد أبداً إلى ربي ؛ فكان لفظ : (( الرد )) الذي يتضمّن الكراهة أولى .
أما قوله في فصلت : ? ((( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ((( - - - - - فهرس - ( { ( - ( فهرس - - عليه السلام - - } تمت ( { - ( - (( فهرس - رضي الله عنهم - - - جل جلاله -(( - ( - - ( - ( - ( - - - ? [ فصلت : 50 ] ؛ فليس فيه ما يدلّ على الكراهة والتعنيف والقهر ؛ كما في الآية الأولى ، والله أعلم .
هذا وقد نصّ ابن الزبير ، وهو المفهوم من كلام الكرماني : بأن هذه القاعدة أغلبية وليست مطّردة ، وقد ذكروا بعض الأمثلة الخارجة عنها .
* * *
المسألة السابعة : حدود الله تعديها – قربانها(2/28)
يقول الكرماني في بيان القاعدة في هذه المسألة ، والتمثيل لها : " قوله تعالى : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( فهرس ( - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - ? [ البقرة : 187 ] ، وقال بعدها : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( فهرس ( - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه - - (( - - ? [ البقرة : 229 ] ؛ لأن الحدّ الأول : نهي ، وهو قوله : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( - - صلى الله عليه وسلم -( - (((- رضي الله عنه - - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - (- رضي الله عنه -( - (( ( - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - ? [ البقرة : 187 ] ، وما كان من الحدود نهياً أمر بترك المقاربة .
والحد الثاني : أمر ، وهو بيان عدد الطلاق بخلاف ما كان عليه العرب من المراجعة بعد الطلاق من غير عدد ، وما كان أمراً أمر بترك المجاوزة وهو الاعتداء " (1) .
و للشيخ السعدي – رحمه الله – كلام نفيس في بيان هذه القاعدة ؛ أنقله بطوله ، قال :
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 137 ، وانظر : درة التنزيل : 1/ 330 ، ملاك التأويل :1/ 259 ، كشف المعاني : ص 113 ، فتح الرحمن : 178 ، وانظر أيضاً : الكشاف للزمخشري : ص 115 ( ط. دار المعرفة ، ذات المجلد الواحد ) ، غرائب التفسير للكرماني : 1/ 202 ، تفسير القرطبي : 3/ 146 ، الإتقان : 2/ 235- 236 .(2/29)
" ... وحيث قال : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( فهرس ( - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه - - (( - - ? [ البقرة : 229 ] ؛ كان المراد بها ما أحلّه الله لعباده ، وما فصّله من الشرائع ؛ فإنه نهى عن مجاوزتها ، وأمر بملازمتها ، كما أمر بملازمة ما أحلّه من الطعام والشراب واللباس والنكاح ونهى عن تعدّي ذلك إلى ما حرّم من الخبائث ، وكما أمر بملازمة ما شرعه من الأحكام في النكاح والطلاق والعدّة وتوابع ذلك ونهى عن تعدّي ذلك إلى فعل ما لا يجوز شرعاً ، وكما أمر بالمحافظة على ما فصّله من أحكام المواريث ولزوم حدّه ونهى عن تعدّي ذلك وتوريث من لا يرث وتبديل ما فرضه وفصّله بغيره .(2/30)
وحيث قال : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( فهرس ( - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - ? [ البقرة : 187 ] ؛كان المراد بذلك المحرّمات؛ فإن قوله : ? - - - ( - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - ? [ البقرة : 187 ] ؛ نهي عن الدنوّ والقرب منها من أيّ ناحية من نواحيها ؛ فهو نهي عن مقدّماتها ونهي عن أسبابها الموصلة إليها والموقعة فيها ، ونهي عن فعلها من باب أولى ؛ كما نهاهم عن المحرّمات على الصائم ، وبيّن لهم وقت الصيام فقال : ? - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( فهرس ( - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - ? [ البقرة : 187 ] ، وكما حرّم على الأزواج أن يأخذوا مما آتوا أزواجهم شيئاً إلا أن يأتين بفاحشة مبيّنة ، وكما بيّن المحرّمات في قوله : ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - - - - الله أكبر ( - - - - - } ? [ الإسراء : 32 ] ، ? - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - - رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - عليه السلام - - ( - - - ? [ الأنعام : 152 ، الإسراء : 34 ] " (1) .
* * *
المسألة الثامنة : الإبدال بين : منّا – عندنا
قال الكرماني في تقريره لقاعدة هذه المسألة ، والتمثيل لها : " إن الله ميّز أيوب – عليه السلام – لحسن صبره على بلائه من بين أنبيائه : فحيث قال لهم : (( من عندنا )) قال له : (( منّا )) ؛ وحيث لم يقل لهم : (( من عندنا )) قال له : (( من عندنا )) .
__________
(1) ... القواعد الحسان : ص 90- 92 .(2/31)
فخصّت هذه السورة [ ص ] بقوله : ? - } - ( } تم بحمد الله ? [ ص : 43 ] ؛ لما تقدّم في حقّهم : ? - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنهم - - - (( ? [ ص : 25 ، 40 ] ، في مواضع . وخصت سورة الأنبياء بقوله : ? ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - جل جلاله -(( ? [ الأنبياء : 84 ] ؛ لتفرّده بذلك " (1) .
ولعلّ الأدقّ في لفظ القاعدة أن يقال : حيث قال لهم : (( عندنا )) قال له : (( منّا )) ، وحيث لم يقل لهم : (( عندنا )) قال له : (( عندنا )) . وهذا التدقيق مستفاد من المثال الذي ذكره ، الله أعلم .
* * *
المطلب الرابع : قواعد المسائل من نوع الاختلاف في الذكر والحذف
القواعد المذكورة لمسائل هذا المطلب : عشر قواعد ؛ لكلّ مسألة قاعدة ، سوى الأخيرة فلها قاعدتان ، وهي كما يلي :
المسألة الأولى : تكذيب الشيء – التكذيب به
حكى الكرماني – بعد أن ذكر توجيهه للاختلاف بين قوله تعالى في الأعراف : ? - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( - } - - - (( تم بحمد الله ( - ( تمهيد - - ? [ الأعراف : 101 ] ، وقوله في يونس : ? - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( - } - - - (( مقدمة ( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( تمهيد - - - ? [ يونس : 74 ] – قاعدة في هذه المسألة عن بعض أهل العلم ، ثمّ تعقّبها بما يُشعر بتضعيفه إياها .
حيث قال :"وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما في حق العقلاء من التكذيب فبغير الباء ؛ نحو قوله : ? } - قرآن كريم ( - } - - - - ( } - ( - ( - ( - ? [ سبأ : 45 ] ، وغيره . وما كان في حق غيرهم فبالباء نحو : ? - قرآن كريم ( - } - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - جل جلاله -( - (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - ? [ البقرة : 39 ] ، وغيرها .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 319 ، وانظر فيه : ص 269 .(2/32)
وعند المحقّقين تقديره : كذبوا رسلنا بردّ آياتنا ؛ حيث وقع " (1) .
لكن تتبّع المواضع التي ذكر فيها التكذيب في القرآن ؛ يشهد باطّراد هذه القاعدة ، ولو أغلبيّاً ، والله أعلم .
* * *
المسألة الثانية : بعد موتها – من بعد موتها
يقول الإسكافي في بيانه لقاعدة هذه المسألة : " إن التقرير يؤثَر فيه من تحقيق الكلام ما لا يؤثر في غيره ، والظروف إذا حُدَّت حُقّقت ، تقول : سرت اليومَ ، فإن قلت : من أوله إلى آخره ؛ كان الحدّ تحقيقاً ؛ لأنه قد يطلق لفظ اليوم وإن ذهبت ساعة أو ساعتان من أوله، وإن بقيت ساعة أو ساعتان من آخره ؛ فإذا وقع الحدّ زال هذا الوهم .
وقوله : ? - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ((- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ العنكبوت : 63 ] تحقيق ؛ لأنه محدود بـ (( مِن )) ، وخصّ به التقرير : لأنه من أماكنه .
وقوله تعالى في الآيتين الأخريين: ? - - عليه السلام - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( مقدمة ( - - عليه السلام -(( - - } - - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - { - ( الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ البقرة : 164 ، الجاثية : 5 ] ليس فيه تقرير ؛ كما كانت الأولى " (2) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 195 .
(2) ... درة التنزيل : 3/ 1024- 1025 .(2/33)
ومراد الإسكافي بالتقرير هنا : الاستفهام التقريري(1) ؛ ولذلك كان الموضع الذي ذكرت فيه : (( مِن )) مبدوءاً باستفهام تقريري ، وهو قوله في سورة العنكبوت : ? (( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم ( - - رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم } تم بحمد الله - رضي الله عنه - - } - ( الله أكبر - (( تم بحمد الله (( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - } ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - ( ( مقدمة ( - - عليه السلام -(( - - } - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ((- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - - ( - - - - ? [ العنكبوت : 63 ] .
* * *
المسألة الثالثة : يسألونك قل – فقل
قال الكرماني في بيان القاعدة في هذه المسألة : " جميع ما جاء في القرآن من السؤال وقع عقيبه الجواب عنه بغير الفاء إلا في قوله : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - - رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( - ( { - ( ? [ طه : 105 ] فإنه أجيب بالفاء ؛ لأن الأجوبة في الجميع كانت بعد السؤال ، وفي طه قبل السؤال ؛ فكأنه قيل: إن سُئلت عن الجبال فقل " (2) .
__________
(1) ... هذا التوضيح لمراد الإسكافي مستفاد من محقق الكتاب : د. محمد مصطفى آيدين ، وهو توضيح في محلّه .
(2) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 137 ، وانظر : فتح الرحمن : ص 178- 179 . وانظر أيضاً : غرائب التفسير للكرماني : 1/ 730 ، البرهان للزركشي : 1/ 210 ، نظم الدرر للبقاعي : 5/ 46 .(2/34)
وقد وضّح القرطبيّ هذه القاعدة ، وبيّن تعليلها أكثر ؛ في قوله : " وكلّ سؤال في القرآن (( قل )) بغير فاء إلا هذا ؛ لأن المعنى : إن سألوك عن الجبال فقل ؛ فتضمّن الكلام معنى الشرط ، وقد علم الله أنهم يسألونه عنها ؛ فأجابهم قبل السؤال .
وتلك أسئلة تقدّمت سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها ؛ فجاء الجواب عقيب السؤال ؛ فلذلك كان بغير فاء ، وهذا سؤال لم يسألوه عنه بعد ؛ فتفهّمه " (1) .
لكن ربما يُضعف هذا التعليل الذي ذكروه لهذه القاعدة ما روي في سبب نزول آية طه- إن صحّ - من أن قريشاً قالت : يا محمد كيف يفعل ربك بهذه الجبال يوم القيامة ؟ فنزلت : ? - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - - رضي الله عنه - - ( - ( - - - ? [ طه : 105 ] الآية (2) ، وبذلك أعلَّه بعض المفسّرين(3).
* * *
المسألة الرابعة : كم أهلكنا قبلهم – من قبلهم
ذكر ابن الزبير الغرناطي قاعدة لهذه المسألة ؛ يقول فيها : " فحيث ورد في هذه الآي ما قبله استيفاء تفصيل وعيديّ في أمة بعينها أو أكثر ، أو تكرّر التهديد وشدّة التخويف من مقتضى السياق وفحوى الكلام فذلك موضع زيادتها والتأكيد بإثباتها .
وحيث لا يتقدّم تفصيلٌ على ما ذكرناه ، أو تكون آي التهديد لا تبلغ في اقتضاء مقتضاها نفوذ الوعيد ؛ فهذا يناسبه الإيجاز بحذفها ؛ إذ لايراد من تأكيد الوعيد ما يراد في الآي الأخر .
__________
(1) ... الجامع لأحكام القرآن : 11/ 245 .
(2) ... هذا السبب : رواه ابن جريج مرسلاً : أخرجه ابن المنذر ( كما في الدر المنثور : 4/ 306 ، لباب النقول : ص 146- 147 ) ، وانظر : زاد المسير : ص 918 ( ط. دار ابن حزم ، ذات المجلّد الواحد ) .
(3) ... انظر : البحر المحيط لأبي حيان : 6/ 259 ، روح المعاني للآلوسي 16/ 262 .(2/35)
فهذا – إن شاء الله – يوضح ما ورد من الحذف والإثبات في هذا الحرف " (1) .
ثم ذكر ثماني آيات من الآيات المتشابهة في هذه المسألة – ثلاثاً بإثبات حرف (( مِن )) ، وخمساً بحذفها - ؛ ثم أخذ يوجّهها جميعاً على وفق القاعدة التي قرّرها في هذه المسألة .
ومن تلك الآيات التي أثبت فيها حرف (( مِن )) : قوله تعالى : ? ( المحتويات - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( المحتويات ( - مقدمة - ( المحتويات - - - - عليه السلام - - ( تمهيد فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله المحتويات ( - ( - ( - - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( { ( - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - - (( ( المحتويات ( - (- جل جلاله -( - ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ? [ السجدة : 26 ] ؛ حيث قال في توجيهها : " ولا أشدّ من هذا ونحوه ، بل مثله في الشدّة والإشارة إلى إنفاذ الوعيد : قوله تعالى في سورة السجدة : ? ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - - ( - ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه -(( - (( مقدمة ( فهرس - - عليه السلام - - - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - عليه السلام -( } - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - (- جل جلاله -- رضي الله عنه -( ? [ السجدة : 22 ] ، ثم قال في آخر السورة : ? ((( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - ( ( المحتويات ( - (- جل جلاله -- رضي الله عنه -( ( - ((- رضي الله عنه - - الله أكبر - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 416 .(2/36)
المحتويات ( - ( الله أكبر ( { - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنه - - - جل جلاله - - تم بحمد الله ? [ السجدة : 30 ] ؛ فاكتنف الآية ما تضمّنته الآيتان من الوعيد والتهديد ؛ فناسب ذلك ما اقتضته زيادة : (( مِن )) من مناسبة التأكيد " (1) .
أما الآيات التي وردت بحذف : (( مِن )) ، فمنها : قوله تعالى : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( - - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - فهرس - ( تمهيد - - - (( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( { ( - - - ( المحتويات ( - } - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - - - ( { - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - ( - - رضي الله عنه - - ? [ يس : 31 ] ؛ حيث قال في توجيهها : " وتأمّل قوله في المنتظم بآية (( يس )) والمعقّبة به ؛ من قوله : ? - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد (( - - ? [ يس : 35 ] ، وعلى ما يترتب الشكر ؛ إذ لا يمكن إلا مترتّباً على حصول الإيمان والتصديق " (2) .
* * *
المسألة الخامسة : حتى إذا جاء – حتى إذا ما جاء
هذه المسألة استنبط لها الخطيب الإسكافي قاعدة قال فيها : " إذا قصد توكيد معنى الشرط الذي تتضمّنه (( إذا )) لقوّة معنى الجزاء ؛ استعملت (( ما )) بعدها . وإذا لم يقصد ذلك لقرب معنى الجزاء من الشرط ؛ لم تستعمل (( ما )) " (3) .
__________
(1) ... ملاك التأويل : 1/ 417 .
(2) ... ملاك التأويل : 1/ 419 .
(3) ... درة التنزيل : 3/ 1143 .(2/37)
ثم طبّق هذه القاعدة على ثلاث آيات – ثنتين لم تستعمل فيهما (( ما )) ، وواحدة استعملت فيها - ؛ فالتي استعملت فيها : قوله تعالى : ? - ( } - - رضي الله عنهم - مقدمة - - - ( { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -(( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -( ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ((( - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - ( - ( - (( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - ? [ فصلت : 20 ] ، وتوجيهها على القاعدة : " أن شهادة السمع وسائر الجوارح من المعاني القويّة التي لا يقتضيها الشرط الذي هو المجيء ، ألا ترى استنكارهم لها حين قالوا لجلودهم : ? - المحتويات ( - ( المحتويات - - - ( - - { - - - جل جلاله -( - فهرس - - رضي الله عنه -( } ? [ فصلت : 21 ] ؛ فأجابوا بأن : ? } - ( قرآن كريم ( - - - - - - عليه السلام - - - { - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - ( - ( - { - - - - رضي الله عنه - - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - } - ( - - ((( - ( ? [ فصلت : 21 ] " (1) .
ثمّ طبّقها على آية ليس فيها : (( ما )) ؛ حيث قال : " وليس كذلك قوله : ? - ( } - - رضي الله عنهم - مقدمة - - - ( { - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم -(( - - - رضي الله عنهم - صدق الله العظيم ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - (( ? [ الزمر : 71 ] ؛ لأن المجيء يقتضي فتح الأبواب " (2) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1143 .
(2) ... درة التنزيل : 3/ 1143 .(2/38)
ولا يخفى أن هذه القاعدة أيضاً مما يدخل تحت القاعدة العامة : (( زيادة المبنى لزيادة المعنى )) التي سبق تقريرها في مبحث القواعد العامة في توجيه المتشابه – في الفصل السابق- .
* * *
المسألة السادسة : لا تكن – تك
وردت آيات أثبتت فيها النون مع مضارع (( كان )) ، وآيات لم تثبت ، والقاعدة في هذه المسألة - كما قال الإسكافي - : " يختار فيها الحذف إذا تحرّك ما بعدها متى تعلّقت بالجمل الكثيرة . ويختار إثباتها إذا تعلّقت بالقليلة " (1) .
وقد ذكر قبل كلامه هذا تمهيداً لهذه القاعدة ، وهو: " أن النون في (( لا تكن )) لمّا أشبهت بسكونها حروفَ المدّ واللين ، ثم كثرت : استجيز حذفها للسببين جميعاً ، فإن تحرّكت خرجت عن شَبَهِهَا ؛ نحو : لم يكن الرجل منطلقاً ؛ فلا يجوز أن تقول : لم يك الرجل منطلقاً . وأما إذا سكّنت وتحرّك ما بعدها ؛ فلك أن تأتي بها ولك أن تحذفها ؛ كما كان في الموضعين " (2) .
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1069 .
(2) ... درة التنزيل : 3/ 1069 .(2/39)
ومن الأمثلة التي ذكرها الإسكافي(1) : حذفها في قوله تعالى : ? - - - ( ( - - - - (( - { - رضي الله عنه - - ( - ( - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله - ( مقدمة ( الله أكبر ( { - - - رضي الله عنهم - - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - ( } - - - ? [ هود : 17 ] ؛ حيث جاء بعد أن تعلّق بجمل تقدّمته وهي : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - { - - جل جلاله -( } - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( فهرس - { - ( فهرس قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - { ( مقدمة (- جل جلاله -( } تم بحمد الله صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - ( - ( - - - ( - (- رضي الله عنه - - ( - - (- رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( تم بحمد الله - - جل جلاله - تم بحمد الله - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( { ( { - رضي الله عنهم - - ( مقدمة - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - (( مقدمة ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ((( - - رضي الله عنه - - (( مقدمة ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - - رضي الله عنه - - ( مقدمة - } - - ( - - } - جل جلاله - - - - - ( (( فهرس ( - ((( قرآن كريم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - ( ( - - - - (( - { - رضي الله عنه - - ( - ( - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله - ( مقدمة ( الله أكبر ( { - - - رضي الله عنهم - - ( - - - صدق الله
__________
(1) ... درة التنزيل : 3/ 1070- 1071 .(2/40)
العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنهم - - ( } - - - ? [ هود : 17 ] ؛ فقد تقدّمته جملٌ جاء عقيبها متعلّقاً بها ؛ فثقل من أجلها ؛ فاختير تخفيفها بحذف نونها .
فأما قوله : ? - رضي الله عنه - - - - - ( تمت - - عليه السلام - - - ( - الله أكبر ( { - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ((- رضي الله عنهم -(( - - - (( - - ( تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( } ( - { - - - - - - جل جلاله - تمهيد ( - - { ( المحتويات - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( - - صلى الله عليه وسلم - - - درهم (( - - - رضي الله عنه -(( - ( - ( تمت - - عليه السلام - - - صدق الله العظيم - ( { - { ? [ مريم : 4 ] ؛ فإنه قد قلّت الجمل قبله ، ولم يتعلّق بما تقدّمه تعلّق ما ذكرته ؛ فلم يثقل ؛ فاختير الإتمام على الأصل .
* * *
المسألة السابعة : اعملوا فسوف تعلمون – سوف تعلمون
قال الكرماني في ذكره لقاعدة هذه المسألة : " قوله تعالى : ?- رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - - - ( - - قرآن كريم ( - فهرس - (( - - ? [ الأنعام : 135 ، الزمر : 39 ] بالفاء حيث وقع ، وفي هود : ? - رضي الله عنه - - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - - - قرآن كريم ( - فهرس - (( - - ? [ هود : 93 ] بغير (( فاء )) .
لأنه تقدّم في هذه السورة [ الأنعام ] وغيرها : ? - ( - ? [ الأنعام : 135 ، الزمر : 39 ] ؛ فأمرهم أمر وعيد بقوله : ? - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - (( - - ? [ الأنعام : 135 ، الزمر : 39 ] ؛ أي : اعملوا فستجزون.
ولم يكن في هود : (( قل )) ؛ فصار استئنافاً " (1) .
__________
(1) ... البرهان في متشابه القرآن : ص 177- 178 .(2/41)
فصارت القاعدة : حيث جاء : (( قل اعملوا )) ؛ صار الجواب بالفاء : (( فسوف تعلمون )) . وحيث جاء : (( اعملوا )) بدون : (( قل )) ؛ صار الجواب بدون فاء : (( سوف تعلمون )) .
وقول الكرماني : " بالفاء حيث وقع " ، وقوله : " في هذه السورة وغيرها " يشعر بأن المواضع التي وردت بالفاء كثيرة ، وليس كذلك ؛ إذ هما موضعان فقط ، وقد نصّ عليهما في كتابه (( غرائب التفسير )) (1) .
* * *
المسألة الثامنة : ألم يروا – أولم يروا – أفلم يروا
هذه المسألة ذكر فيها علماء المتشابه قاعدتين ؛ هما :
القاعدة الأولى :
ذكرها الإسكافي ، وتبعه الكرماني وابن جماعة (2) ، وملخّصها – على ما ذكر الكرماني - : " أن ما كان الاعتبار فيه بالمشاهدة : ذكره بالألف وواو العطف أو فائه . وما كان الاعتبار فيه بالاستدلال : ذكره بالألف وحده " (3) .
وقد ذكروا آيتين مما يرد على هذه القاعدة ، وأجابوا عنهما ، وهما :
( 1 ) آية النحل : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - فهرس - ( { ( - ( - { ( - - - - المحتويات (- رضي الله عنه - - } - - - ( تم بحمد الله - (( ( - قرآن كريم - رضي الله عنهم - - (( - - - رضي الله عنهم - - - - - - - ? [ النحل : 79 ] ؛ حيث جاءت بالألف وحده ، مع كون الاعتبار فيها بأمر مشاهد .
__________
(1) ... 1/ 387 .
(2) ... انظر : درة التنزيل : 2/ 483- 489 ، البرهان للكرماني : ص 165 ، 308 ، كشف المعاني : ص 155- 156 .
(3) ... غرائب التفسير : 1/ 352 .(2/42)
وقد أجيب عن ذلك : بأن هذه الآية متصلة بآية فيها الاعتبار بالاستدلال ، وهي قوله: ? ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت قرآن كريم ((( - ( المحتويات ( - ( - (- رضي الله عنهم - - } تم بحمد الله ( - - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( - فهرس - (( - - - - (( - - { ? [ النحل : 78 ] .
( 2 ) قوله تعالى في سورة الروم : ? ( المحتويات - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - } تمت - صلى الله عليه وسلم - - { - - - ((( - ( تمهيد - رضي الله عنه - - - - ( - ( - - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } تمت ( { - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - تمهيد (- رضي الله عنه - - - عز وجل -- رضي الله عنهم - - الله ( قرآن كريم - { ( - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ? [ الروم : 37 ] ، وحقّ هذه الآية أن تأتي بلا واو ؛ لكون الاعتبارفيها بالاستدلال لا بالمشاهدة .
وأجيب : بأن التوسعة في الرزق ، والتقتير فيه ؛ لمّا كانت لها أمارات تُرى وتُشاهد من أحوال الغنى والفقر ؛ صار أمرهما كالمشاهدات .
القاعدة الثانية :
وهي قاعدة داخل دائرة القاعدة السابقة ، لكنها في تقعيد موضع (( الواو )) من (( الفاء )) فيما سبيل الاعتبار فيه بالمشاهدة – كما تقدّم - .(2/43)
وفحوى القاعدة : أنه لم يرد : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - - (- صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ? [ سبأ : 9 ] بالفاء إلا في هذا الموضع ، والباقي بالواو ، وذلك : لشدّة اتّصالها بما قبلها ، وهو قوله : ? - رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - ( - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - - فهرس - - رضي الله عنه -( - - ( - - عليه السلام - - ( المحتويات ( - ( { ( مقدمة - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - ( تم بحمد الله } - ( - - - } - - رضي الله عنهم - - ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( الله أكبر ( { - ( - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - ((( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -((- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - - - ( - ( - - - بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - (( مقدمة ( - - { - } - ( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( - - (( ( - - - - - رضي الله عنهم -(( - - - ( - ( فهرس - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ((- رضي الله عنه - - ( - - - ? [ سبأ : 7- 8 ] ؛ حيث قسّم هؤلاء الكفّار الكلام في النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : محمد إما عاقل كاذب ، وإما مجنون هاذٍ ، فقال الله تعالى : بل تركتم القسمة الثالثة وهو : إما صحيح العقل صادق (1)
__________
(1) ... انظر في هذه القاعدة : درة التنزيل : 2/ 487- 489 ، البرهان للكرماني : ص 308 .(2/44)
.
* * *
المسألة التاسعة : أفلم يسيروا – أولم يسيروا
قال الإسكافي – في التقعيد لهذه المسألة - : " كلّ موضع تقدّم قوله : ? ( المحتويات فهرس - - (- صلى الله عليه وسلم - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - - (( ((( - - } - - ? [ يوسف : 109 ، الحج : 46 ، غافر : 82 ، محمد : 10 ] ؛ فإنه في موضع يقتضي الأول وقوع ما بعد الفاء .
وكل موضع تقدّم : ? ( المحتويات - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - - (( ((( - - } - - ? [ الروم : 9 ، فاطر : 44 ، غافر : 21 ] ؛ فإنه في المواضع التي لا تقتضي الدعاء إلى السير والبعث على الاعتبار ؛ فيكون ذلك مؤدّياً إليه ، وإنما يكون بالواو عطف جملة على جملة ، وإن كانت الثانية أجنبيّة من الأولى " (1) .
ولا بدّ من ذكر مثال – مما ذكره الإسكافي - يكشف عن المراد بهذه القاعدة على وجه أظهر :
__________
(1) ... درة التنزيل : 2/ 804 .(2/45)
أما الوارد بالفاء : فكقوله في سورة الحج : ? ( بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - - (- صلى الله عليه وسلم - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - - (( ((( - - } - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - ( ( المحتويات ( - مقدمة - ( - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( { ((- رضي الله عنه - - - - { - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( تمت - - - - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - - - - { - ( - ? [ الحج : 46 ] هو بعد قوله : ? (( } (- صلى الله عليه وسلم - } - - - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - { - رضي الله عنه - - ( - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - جل جلاله -( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - ( - - ( ( { - رضي الله عنه - - (- صلى الله عليه وسلم - - - } - - فهرس - - رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - ( { - صلى الله عليه وسلم -( - (( - - ( { ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - { (- رضي الله عنهم -( - تم بحمد الله - - (( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - (( } تم بحمد الله ? [ الحج : 45 ] فكأنه قال : إذا كان كذا فسيروا في الأرض واعتبروا .(2/46)
وأما ما ورد بالواو : فكقوله في سورة فاطر: ? ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - - - (( ((( - - } - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- جل جلاله -- عليه السلام - - - ( - رضي الله عنهم - - ( - - - - رضي الله عنه - تمت - - - ( { - رضي الله عنه - - ( { (- رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( - { - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( تمهيد - - } - ( قرآن كريم ( الله أكبر - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - { - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - - { - قرآن كريم ( - ? [ فاطر : 44 ] لم يتقدّمه ما يكون هذا كالجواب عنه ؛ فلم يحسن إلا الواو ؛ لأن الآية التي قبله ليست في وصف قوم عوقبوا على مخالفة نبيّهم ، وبقيت آثار ما نزل بهم من العذاب في منازلهم وديارهم .
* * *
الخاتمة
أحمد الله تعالى آخراً كما حمدته أولاً ، على جزيل فضله ، ولطف تيسيره ، الذي لولا هو ما غدا هذا البحث حاضراً في العيان ، بعد أن كان صورة في الأذهان .
وإني في ختام هذا البحث لابد لي من ذكر الكلمة الشهيرة للعماد الأصفهاني ، التي هذا مقام ذكرها ، وهي قوله : " إني رأيت أنه لا يكتب أحد كتاباً في يومه إلا قال في غده : لو غُيّر هذا لكان أحسن ، ولو زيد هذا لكان يُستحسن ، ولو قُدّم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل . وهذا من أعظم العبر ، وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر " .
هذا وقد كان من أبرز النتائج التي ظهرت لي في مباحث هذه الرسالة ما يلي :
* أن المتشابه في القرآن له أنواعٌ عدّة ، لكن باعتبارات مختلفة ، وتبيّن أن الكلام في هذه الأنواع دون ملاحظة اختلاف اعتباراتها ؛ ربما أدّى إلى وقوع الخلط بين تلك الأنواع ، وعدم تحرير العلاقة بينها .(2/47)
* بعد النظر فيما قيل من تعريفات اصطلاحيّة للمتشابه اللفظي ، ومناقشة تلك التعريفات ؛ ظهر لي أن الأقرب في تعريفه اصطلاحاً بأنه : ما أشكل من الآيات المتشابهة لفظاً ؛ بلا اختلاف أو معه . وهذا التعريف يعني تحديد مفهوم المتشابه اللفظي ، ولا يعني تحديد الآيات المتشابهات في القرآن ؛ لأن ذلك مما يختلف باختلاف الناس .
وقد سبق بيان اتّكاء هذا التعريف الاصطلاحي على المعنى اللغوي ، وصلته به , كما سبق إبراز الفرق بين المتشابه اللفظي وكلٍّ من المشترك والمكرّر ، وتبيّن وجود فروق جوهريّة بينها .
* ظهر لي قِدَم التأليف في علم المتشابه اللفظي ، وأن أوّل مَن دوَّن فيه هم القُرّاء ؛ بل أئمّتهم . على أنه لم يمكن على سبيل الجزم تحديد أول مؤلّف فيه ، وإن كان أقدم كتاب وصلنا إلى الآن هو كتاب (( متشابه القرآن )) للإمام الكسائي – أحد القرّاء السبعة - .
* كان وقوع الغلط في قراءة القرآن بسبب تشابه آياته ، والطّعن فيه بسبب وجود تلك المتشابهات : أهمَّ الأسباب الداعية للتأليف في المتشابه اللفظي . وعليه فإن تسهيل أمر المتشابهات على قَرَأَة القرآن ، والردّ على الطّاعنين فيه بسببها : أبرز ما قصده المؤلفون من وراء التأليف فيه .
* تبيَّن بأن المصنّفات في المتشابه اللفظي – عموماً – أخذت اتجاهين :
الأول : جمع الآيات المتشابهة ، وبيان مواضعها ، وإبراز الفروق اللفظية بينها ، وذكر بعض الضوابط المعينة على ذلك ، ويطلق على المصنفات في هذا الاتّجاه (( المؤلفات في جمع المتشابه )) .
وأصحاب هذا الاتجاه منهم من ألّف على طريقة النظم – كالسخاوي علَم الدين في منظومته المشهورة - ، وأكثرهم ليس على هذه الطريقة . وداخل هاتين الطريقتين تنوّعت مناهج التأليف ؛ على ما سبق تفصيله في محلّه .(2/48)
الثاني : التوجيه والتعليل ، وإبراز الفروق المعنويّة بين الآيات المتشابهة . وأبرز المصنّفات المفردة في هذا الاتجاه - سوى الدراسات المعاصرة – خمسة : درة التنزيل للإسكافي ، والبرهان في متشابه القرآن للكرماني ، وملاك التأويل لابن الزبير الغرناطي ، وكشف المعاني لابن جماعة ، وفتح الرحمن للأنصاري .
هذا مع أن كتب التفسير الكبار ، ومجاميع علوم القرآن ؛ لا تخلو من توجيهات وتعليلات للآيات المتشابهات .
* التعلُّق المباشر لعلم المتشابه اللفظي بالقرآن – ألفاظاً ومعاني - أكسبه أهمّية كبيرة بين العلوم المختلفة ، وذلك سوى الفوائد العديدة لهذا العلم ، مما سبق تفصيله .
* وقد سبق أيضاً تحرير القول في أنواع المتشابه اللفظي ؛ بردّها إلى اعتبارات مختلفة في التنويع ، وهو ما أرجو أن أكون قد وفّقت فيه ؛ نظراً لصعوبة التحديد الدقيق لتلك الأنواع، والتداخل الكبير فيما بينها .
* وحيث إن علم المتشابه اللفظي أحد علوم القرآن ؛ فمن المتوقّع أن يكون له تعلّق ، وتأثّر وتأثير ؛ بعلوم القرآن الأخرى ، وهو ما سبق القول فيه مفصّلاً . هذا فضلاً عن تعلّقه بعلوم الشريعة الأخرى .
أما علوم اللغة العربية فلم تكن مقطوعة الصّلة بعلم المتشابه ، وخصوصاً علوم البلاغة ، التي تبيّن بجلاء أنها من أهمّ العلوم التي يُعتمد عليها في توجيه الآيات المتشابهة .
* ثم إن أهل العلم قد ألْمحوا إلى بعض الحكم من وجود المتشابه اللفظي في القرآن ، ولكن جاء هذا البحث ليقول الكلام الصريح في ذلك .
كما أن لكثرة ورود المتشابه اللفظي في بعض موضوعات القرآن – كالقصص وفواتح السور وفواصل الآيات – حكماً وتوجيهات ؛ اجتهدت في استخراجها من كلام أهل العلم .(2/49)
* أما المباحث المتعلّقة بقواعد توجيه المتشابه ؛ فقد كانت بالنسبة لهذه الرسالة : المقصود الأعظم ، وبيت القصيدة ، وأول الجريدة ، وواسطة القلادة ، ودرّة التاج – كما نعت الزركشيّ النوعَ السادس والأربعين بالنسبة للأنواع الأخرى في البرهان –
وقد أوفت هذه القواعد – بأنواعها الأربعة – على السبعين قاعدة ؛ منها ما يربو على العشرين " قواعد عامة " – وهي التي تشمل نوعين فأكثر - ، ومثلها " القواعد الخاصة بنوع " ، وأكثر منها " القواعد الخاصة بمسألة من مسائل المتشابه اللفظي " .
* وقد أظهر استخراج هذه القواعد ودراستها : سَيْرَ علماء توجيه المتشابه على أصول مطّردة ، واعتمادهم على قواعد مؤصّلة ، كما كشف عن حقيقة مهمّة في ذلك ، وهي : أنه لا يمنع كون التوجيهات والتعليلات التي تقال في توجيه المتشابهات أقوالاً اجتهاديّة ، لا يمنع ذلك من كون هذا العلم له أصولٌ وقواعد مرعيّة من قِبَل أهل العلم ، وأن الأمر ليس مفتوحاً لكلّ أحد ليقول ما يقول ، أو يجتهد اجتهاداً مفتوحاً بلا ضوابط .
* * *
أما النتائج العامّة وما يلحق بها من توصيات ومقترحات ؛ فأوجزها في النقاط الثلاث التالية :
* تجلّت لي حاجة الناس وحفظة القرآن منهم على وجه أخصّ ؛ لمعرفة علم المتشابه اللفظي وما ألّف فيه ، وإن كان يصعب على كثيرٍ منهم الاستفادة المباشرة من ذلك ؛ فلو تصدَّى مُتصدٍّ لتسهيل ما كتب في توجيه الآيات المتشابهة ، ونشره بين الناس ؛ لحَصَلَ من جرّاء ذلك نفعٌ كبير .
والعجيب أن كثيراً ممن يشتغل بحفظ القرآن وتحفيظه ، لا يعرف عن هذا العلم – إن عرف – إلا نزراً يسيراً ، مع كونه بالنسبة لهم من الكنوز التي يوقَع عليها . ولا عجب في ذلك ؛ إذا عُلم أن المتخصّصين في علوم القرآن ليس حالهم عن ذلك ببعيد ، وقد كنت كأحدهم قبل أن أُجبر على البحث فيه ، والتنقيب عن كنوزه .(2/50)
* وجدت أن جملة غير قليلة من التوجيهات التي يذكرها المصنّفون في ذلك مما يُوقف عنده ، ويُرى أنه بحاجة إلى بحث خاص لتحقيق وجاهة ذلك من ضعفه .
أعني بذلك تتبّع التوجيهات التفصيلية للآيات المتشابهة – كمثل ما ذكرته على سبيل التمثيل لقواعد توجيه المتشابه في هذه الرسالة - ، ودراستها دراسة مقارنة بين ما كتب في كلّ مسألة منها ، سواء في كتب توجيه المتشابه ، أو فيما يمكن أن يذكره المفسّرون أو غيرهم من ذلك ، مع الاستفادة مما كتب في ذلك من الدراسات المعاصرة .
وهذا وإن كان أمراً قد يطول ، لكنّه مفيد في تحقيق المقترح المذكور في النقطة السابقة.
* تبيّن لي من خلال هذا البحث عناية العلماء – المتصدّين للتصنيف في التفسير وعلوم القرآن – عنايةً بالغة بعلوم البلاغة ؛ وتوظيفهم إيّاها كثيراً في فهم القرآن وحلِّ مشكلاته ، وسبب ذلك راجع إلى أن تلك العلوم تدرس أساليب العرب في كلامها ، وهي الأساليب التي نزل عليها القرآن .
وما أريد أن أسجّله هنا : هو أن هذه العلوم – أعني علوم البلاغة – لم تلقَ في هذا العصر العناية اللائقة بها - من قِبَل طلاب العلم والمتخصّصين في علوم القرآن والتفسير خصوصاً - أسوة بغيرها من علوم اللغة ؛ كالنحو والتصريف ، مع كونها لا تقلّ أهميّة عنها، إن لم تضاهِها في ذلك .
وختاماً : فهذا جهد المقلّ ؛ أسال الله تعالى أن يرزقني القبول ، وأن يحسن عاقبتي في الأمور كلّها ، وأن يجيرني من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، وأن يغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
* * *(2/51)