اللآلئ الحِسَان
بِذِكر مَحاسِن الدعاةِ والأعلام
الجزء الأول
( الإمام محمد بن عبد الوهاب، العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، العلامة عبد العزيز بن باز، العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني، العلامة محمد بن صالح العثيمين )
نبذة موجزة عن سيرهم الطيبة
جَمعه وأعدّه وقام على خدمته
مهنا نعيم مصطفى نجم
عضو هيئة العلماء والدعاة – فلسطين
عفا الله عنه وعن والديّه بمنّهِ وكرمِهِ
حجم الكتاب المفترض 17 x 24
قبل المقدمة لمحة سريعة عن المؤلف
شهادة حق ، لأهل الحق
أئمة حقّ كالشموس اشتهارهم فما إن طمسوا إلا على من به عمى
يقول سماحة الشيخ صالح بن عبد الله الحميد – حفظه الله ورعاه " المشرف العام على إدارة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ": ( ولذلك نحن لا ندعو أحداً إلى التمسك بآراء علماؤنا إلا إذا اطلع على دليلها، واقتنع بها، وتيقن أنها صحيحة مستمدّة من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح - رضوان الله عليهم... ثم إن الاهتمام بالأعلام دليل وعيُّ الأمة وعنوان وفاء في المجتمع وهو في ذات الوقت طريق صحيح لتعريف الجيل والأجيال بعده بالقدوة والأسوة والمثال الحي ).
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ... ... على الهُدى بِمَن استهدى أدلاّءُ
وقَدْرُ كُلِّ امرئٍ ما كان يُحْسِنُه ... ... والجاهلون لأهل العلم أعداءُ
فَفُزْ بعلم تَعِشْ حيّاً به أبداً ... ... الناسُ موتى وأهلُ العلمِ أحياءُ
شكر وتقدير
قال ( ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله )
فإني أرى لزاماً عليّ أن أتوجه بالشكر والتقدير لكل من ساهم معي في إنجاز هذا الكتاب النافع – إن شاء الله – وأخص بالشكر كلاً
وفضيلة شيخنا - حفظه الله ورعاه ونفع به – الذي قرظّ وقدم له ، وشيخنا الفاضل- حفظه الله ورعاه ونفع به – الذي قرأه وراجعه وقدم له .
فبارك الله بالجميع وجزاهم عنا خير الجزاء .
جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الأولى
1425 هـ(1/1)
أخي الكريم إذا أردت أن يكون لك الأجر في حياتك وبعد موتك، وكانت لديك الرغبة في طباعة هذا الكتاب، اتصل بالمؤلف ليساعدك على الطبع بأرخص سعر ممكن ويرسل لكَ نسخة مزيدة ومنقحة
بريد إلكتروني mohananajim @ uae.us
جوال - 599 - 307230 00970
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. ثم أما بعد :
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وانتم مسلمون } (آل عمران 102)
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً - يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما ً } ( الأحزاب 70-71 )
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } ( النساء 1 )
" فإن العلماء بعلومهم، والحكماء بحكمتهم، والصالحون بوصاياهم، هم – بإذن الله – نجوم هادية لمن سار في الليالي المظلمة، ودفة محكمة لمن خاض عُباب البحار الموحشة، وغيثٌ مدرارا يأتي على الأرض الهامدة، فتهتز وتربو ثم تنبت من كل زوج بهيج "(1) ، فهم بحق " سراج العباد، ومنار البلاد وقوام الأمة، وينابيع الحكمة وهم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الحق، وتموت قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر، إذا انطمست النجوم تحيروا، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا "(2).
__________
(1) مقدمة المحقق لكتاب القواعد الفقهية للعلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله.
(2) أخلاق العلماء - للإمام المحدث الفقيه أبي بكر الآجري – المتوفي 360هـ(1/2)
من أجل هذا ما رحل علامة من علماء الإسلام إلا وقد ترك آثاراً إصلاحية وعلمية كبيرة ينهل من معينها الصافي المصلحون، ويجدّ في تحصيلها والغوص إلى دررها ومعانيها العالمون، وسيبقى أجرها جارياً لمن ورَّثها بإذن الله تعالى، وقد قال الله تعالى:( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) ( يس) أي: ما قدموا من الأعمال والآثار التي أثاروها وخلفوها من بعدهم ، من علم ودعوة ودلالة على خير .. ونحوه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا » [ ] .
ومع ما حبا الله تعالى به أولئك العلماء الذي أنا بصدد الكتابة عنهم من وفرة العلم ، وتبحرهم في فنونه ، وانشغالهم الدائم في نشره وتعليمه والدعوة إليه ، وإجابة من يستفتي عن مسائله ، والسعي في مصالح الناس ، وإيصال المعروف والإحسان إليهم ؛ فقد كانوا - رحمهم الله تعالى - متابعين لقضايا المسلمين ، فهم يسألون عن أحوالهم وأخبارهم ، ومن ذلك ما سأذكره لكل عالم على حدى ، مع تبين دوره البارز في بعض المواقف والتي تنبأ على صدق علمه وانتمائه لعقيدة التوحيد ، وعقيدة الولاء والبراء لله ولرسوله والمؤمنين ، وخشيته لله وأنه لا يخشى في الله لومة لائم – ولا نزكي على الله أحد - وهذا الجانب من شخصية هؤلاء العلماء - رحمهم الله - لا يعرفه كثير من الناس .
ومن باب الوفاء والإكرام، وإنزال الناس منازلهم، واحترام كبيرهم والعطف على صغيرهم، وتكريم عالمهم، والحلم على جاهلهم كان لا بدّ أن أذكر سيّر تلك الثلة الطيبة والكوكبة المباركة من علماء أهل السنة والجماعة.(1/3)
فاستعنت بالله المعين على جمع وإعداد سيرهم – رحمهم الله - والتوفيق بينها في هذه السطور، والكلمات الصريحة دون تكلف أو تزيين في الألفاظ لأهديها لكل طالب علم ، وإلى كل محب للخلق الجميل في أحلى مناظره وصوره ، وإلى كل من يعجبه الزهد والحلم ، ويبحث عن الحكمة والكرم ... منافحاً عن أهل العلم الذين جهلهم بعض المغرضين والحاقدين على دعوة أهل السنة والجماعة ( دعوة السلف الصالح )، ليصل بهم المطاف وقلت الخلق والأدب أن يقولوا: إن الدعوة السلفية ، دعوة حكام وسلاطين ومنافقين ، ناهيك أن الغالب منهم سرعان ما اغتاب ونقص من قدر علماء السلف في عصرنا الحاضر ، وربّما يصل به الحدّ إلى الانتقاص من بعض العلماء أمثال شيخ الإسلام أحمد بن تيميه ، وابن القيم الجوزية … وربما ببعض التابعين ، وبعضهم تكلم في الصحابة – نسأل الله العفو والعافية – فذلك قد خرج من جميع الأخلاق والآداب بل إنه يحتاج لتوبة صادقة وشهادة جديدة وعودة لله عز وجل لأنه قد خرج من دين الإسلام(1) .
نعم لقد كانوا - رحمهم الله – أصحاب مواقف تذكر بجميع مواطن الفخر والكرامة والاعتزاز، فالناظر في حياة هذه ( الثلّة الطيبة من العلماء ) يدرك الحقيقة التي لطالما غابة عنه وعن غيره – وإني والله لأجد نفسي خجولاً صغيراً، فليس مثلي من يكتب عن العلماء الأكابر - الذين بذلوا الغالي والنفيس في خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية والحديث النبوي والعقيدة الصحيحة والفقه الإسلامي، وإرشاد الأمة للعودة إلى دين الله عز وجل، والأخذ من المنبع الصافي والمصدر الكافي لمن أراد الحق والحقيقة . فالناظر إلى الكم الهائل من مصنفات هذه الثلة الطيبة يدرك حقاً حرصهم – رحمهم الله – على خدمة دين الله .
__________
(1) قلت: إن شتم وسبّ الصحابة الكرام كفر ويحتاج لتوبة صادقة ورجوع إلى الله – وفي كتب أهل العلم تفصيل لذلك(1/4)
نعم " لقد احتل العلماء والفقهاء مكانة عظمى في المجتمع المسلم في صدر الإسلام، ذلك للمعاني الرفيعة التي كانوا يمثلونها، والتي رسخها الدين الإسلامي العظيم في نفوس أبنائه، مما انعكس على سلوكياتهم في تعاملهم مع هؤلاء العلماء والفقهاء..."(1)
أخي المحب للعلم وأهله ، هذه عبارات لطيفة ، وإشارات منيفة ، تسيء كل حاسد ، وتسر كل خليل وحبيب ، في ذكر محاسن هذه ( الثلة الطيبة من العلماء ) علماء ربانيون وأئمة متقون ، نفع الله بهم وبارك في علومهم ، بلّغو ما علموه من هذا الدين أحسن تبليغ ، فكان لهم رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم - قدوة في تبليغ الأمانة ، ومنهج الصحابة – رضوان الله عليهم – والسلف الصالح مسلكاً سلكوه ، وما أجمل قول شيخ الإسلام ابن القيم الجوزية – رحمه الله - في التعريف عن العالم الرباني لما ذكر مراتب جهاد النفس فقال :« إن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانياً حتى يعرف الحق ، ويعمل به ، ويُعلّمه ؛ فمن علم وعمل وعلَّم فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السماوات » فلقد كانوا بحق مرجع للأمة في علومها وحكمها ، أناروا الطريق للسالكين وعبدوه للعابرين ، ليسهل على السالك الوصول إلى شريعة الله عز وجل وسنة نبيهم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
لذلك أعز الله العلماء وآثرهم بكرامته وفضله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه للفصل بين الخلائق : إني لم أجعل علمي وحلمي فيكم ، إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي)(2)
__________
(1) العلم والتعلم وفضل العلماء – الشيخ د. صالح السدلان – مجلة الأصالة العدد 28
(2) رواه الطبراني(1/5)
إن كلمات العلماء الصادقة المطمئِنة والمشجعة على تطبيق وتنفيذ أوامر الله ونبيه - صلى الله عليه وسلم - من التزام بأحكام الإسلام ، والبذل في سبيل الله تعالى ، والثبات على الحق ، هي النور الذي يضيء للناس الطريق بإذن الله تعالى ، وهي النبراس الذي يبيّن لهم سبيل الصواب فيسلكوه ، ومواقع الخطأ والانحراف فيتجنبوه .
سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد علماءنا بواسع رحمته ومغفرته ، وأن يرفع درجتهم في جناته ، هذا وقد قسمت الكتاب إلى مقدمة ثم سيرة كل عالم على حدى مقسمة إلى فصول ثم الخاتمة نسأل الله حسنها ، سائلا الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن صار على هديه إلى يوم الدين .
المؤلف
التاريخ
المجدد الأول
الذي لا يخشى في الله لومة لائم
سماحة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب(1)
كثير هم الدعاة والحكماء والبلغاء في تلك الفترة (2) ، ولكن قليل منهم المخلصين الذين انبثقت عقيدتهم ومنهجهم من منهج أهل السنة والجماعة ... لذا " لما كان الحديث عن المصلحين والدعاة والمجددين، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة، وأعمالهم المجيدة، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم، وعلى صدقهم في دعوتهم وإصلاحهم، لما كان الحديث عن هؤلاء المصلحين المشار إليهم، وعن أخلاقهم وأعمالهم وسيرتهم، مما تشتاق إليه النفوس، وترتاح له القلوب، ويود سماعه كل غيور على الدين ، وكل راغب في الإصلاح، والدعوة إلى سبيل الحق، رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير، وداعية غيور، ألا وهو الشيخ المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية ...
هو المصلح العظيم وباعث النهضة الإسلامية في العصر الحديث الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي.
__________
(1) مجدد القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية
(2) الفترة الواقعة ما بين ( 1100 هجري وحتى 1425 هجري )(1/6)
لقد عرف الناس هذا الإمام ولا سيما علماؤهم ورؤساؤهم، وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز وما بين مطول، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات، حتى المستشرقون كتبوا عنه كتابات كثيرة، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين، وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم، وبأنه مجدد للإسلام، وبأنه على هدى ونور من ربه، وإن تعدادهم يشق كثيرا.
ومن جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الأحسائي . فقد كتب عن هذا الشيخ فأجاد وأفاد، وذكر سيرته وذكر غزواته، وأطنب في ذلك وكتب كثيرا من رسائله، واستنباطاته من كتاب الله عز وجل.
وممن كتب عنه أيضا الشيخ عثمان بن بشر في كتابه عنوان المجد، فقد كتب عن الإمام الشيخ ( محمد بن عبد الوهاب ) أيضا، وعن دعوته، وعن سيرته، وعن تاريخ حياته، وعن غزواته وجهاده.
وممن كتب عنه من خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه زعماء الإصلاح، فقد كتب عنه وأنصف، ومنهم الشيخ الكبير مسعود الندوي ، فقد كتب عنه وسماه: المصلح المظلوم، وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك، وكتب عنه أيضا آخرون، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني ، فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته. فلما بلغه دعوة الشيخ سُر بها وحمد الله عليها.
وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني ، صاحب نيل الأوطار ورثاه بمرثية عظيمة، وكتب عنه جمع غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء وبمناسبة كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الرجل وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حال هذا الرجل ، وما كان عليه من سيرة حسنة، ودعوة صالحة، وجهاد صادق ، وأن أشرح قليلا مما عرفته عن هذا الإمام الرباني حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لُبْس، أو شيء من شك في حال هذا الرجل، ودعوته، وما كان عليه .
مولده(1/7)
ولد الإمام ( محمد بن عبد الوهاب ) في عام (1115) هجرية، هذا هو المشهور في مولده رحمة الله عليه، وقيل في عام (1111) هجرية، والمعروف الأول: أنه ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية.
نشأته وتلقيه العلم
تعلم على أبيه في ( بلدة العيينة ) وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمه الله عليه وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد ، شمال غرب مدينة الرياض، بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو متر، ولد فيها رحمة الله عليه، ونشأ نشأة صالحة .
قرأ القرآن مبكراً قبل بلوغ العاشرة (1)وكان ذكيا حاد الفهم أخذ العلم عن والده وغيره ثم ذهب لطلب العلم إلى البصرة ومكة والمدينة و الإحساء وغيرها، ثم عاد إلى نجد. كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر داعيا إلى توحيد الله وإقامة حدوده ونبذ الشرك والبدع التي انتشرت في وقته ولاقى في سبيل ذلك أذى كثيرا رحمه الله .
اجتهد في الدراسة والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان وكان فقيها كبيرا، وكان عالما قديرا، وكان قاضيا في بلدة العيينة. ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام، وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف. ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فاجتمع بعلمائها وأخذ العلم عنهم ، انتقل وارتحل وأخذ عن عدّة مشايخ أجلاء وعلماء فضلاء منهم :
والده الشيخ عبدالوهاب بن محمد التميمي رحمه الله مفتي نجد ، أخذ عنه الفقه بعد أن حفظ القرآن عليه عن ظهر قلب.
الشيخ عبدالله بن إبراهيم بن سيف النجدي المدني ، وقد قرأ عليه وأجازه بكل ما حوى .
الإمام المحدث محمد حياة السندي رحمه الله ، وكان له أكبر الأثر في توجيهه إلى إخلاص توحيد عبادة الله ، والتخلص من رق التقليد الأعمى والاشتغال بالكتاب والسنة . وقد كان أحد مشايخه في علم الحديث .
__________
(1) أي حفظ القرآن الكريم كاملا عن ظهر غيب(1/8)
الشيخ محمد المجموعي صاحب البصرة رحمه الله ،وهو عالم جليل أقام عنده - الشيخ محمد - في البصرة وقرأ عليه.
الشيخ علي أفندي داغستاني - رحمه الله - جلس يدرس عليه في المدينة النبوية وأجازه .
الشيخ عبدالطيف العفالقي الأحسائي - رحمه الله ، ولقد أجاز الإمام محمد بن عبد الوهاب بكل ما حواه .
الشيخ إسماعيل العجلوني -رحمه الله
الشيخ عبدالله بن سالم البصري -رحمه الله ، وذكر ما قرأ عليه وهو في الثانية عشر من عمره .
الشيخ صبغة الله الحيدري - رحمه الله ،وقد أخذ عنه ببغداد.(1/9)
وغيرهم من العلماء وأجازه محدثو العصر بكتب الحديث وغيرها، كما سمع عن عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني. ثم رحل الإمام المجدد لطلب العلم إلى العراق ، فقصد البصرة واجتمع بعلمائها، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ، ودعا الناس إلى السنة، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله، وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وناقش وذاكر في ذلك، وناظر من هنالك من العلماء واشتهر من مشايخه هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة، وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى، فخرج من أجل ذلك، وكان من نيته أن يقصد الشام، فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية، فخرج من البصرة إلى الزبير، وتوجه من الزبير إلى الإحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين، ثم توجه إلى بلدة حريملاء وذلك - والله أعلم - في العقد الخامس من القرن الثاني عشر في عام 1140 هجرية أو ما بعدها، واستقر هناك، ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم، والدعوة في حريملاء حتى مات والده عام 1153 هجرية، فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به، وقيل إن بعضهم تسور عليه الجدار، فعلم بهم بعض الناس فهربوا ، وهكذا لما اشتهر أمره عاداه كثير من الناس ـ كما هي سنة الله فيمن دعا إلى الحق ـ إما جهلا أو حسدا وعنادا للحق ، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة رحمة الله عليه .(1/10)
وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين، الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء، هؤلاء السفلة الذين يقال لهم العبيد هناك، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم، وأنه لا يرضى بأفعالهم، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم، والحد من شرهم، غضبوا عليه وهموا أن يفتكوا به، فصانه الله وحماه، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن ناصر بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير، وقال قم بالدعوة إلى الله ، ونحن معك وناصروك، وأظهر له الخير، والمحبة والموافقة على ما هو عليه.
فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل، وتوجيه الناس إلى الخير، والمحبة في الله رجالهم ونسائهم، واشتهر أمره في العيينة، وعظم صيته، وجاء إليه الناس من القرى المجاورة، وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان: دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى، وأن الله عز وجل لا يرضى بهذا العمل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد، وحصل بها الشرك فيجب هدمها، فقال الأمير: لا مانع من ذلك، فقال الشيخ: إني أخشى أن يثور أهل الجبيلة، والجبيلة قرية هنالك قريبة من القبر، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة. ومعهم الشيخ رحمة الله عليه، فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها. فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك. فباشر الشيخ هدمها وإزالتها، فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه "(1) .
__________
(1) لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – بشيء من التصرف دون خلل في المعنى أو المقصود - صدرت ضمن منشورات الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم 50 عام 1403 هـ(1/11)
وكانت دعوته السلفيّة المباركة - طيب الله ثراه - مستمدة من سنة النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - ، والسلف الصالح – تنبع من صميم منهاج أهل السنة والجماعة . كانت تحرر العقل من البدع والخرافات والشعوذة التي كانت تتغذى من واقع التخلف وقيم الدولة العثمانية ومراحل الانحطاط في الواقع العربي، حيث كانت بداية التأسيس العلمي والحضاري للمجتمع الجديد.
ولم يكن يقصد - رحمه الله - فالرجوع إلى سيرة السلف الصالح إلى الرجوع بالتاريخ إلى الوراء ولا استنساخ أي تجربة من تجارب الماضي وإنما استلهم قوة تلك الفترة، أما اعتبار الفوارق الزمنية واختلاف العصور وما ينتج عن ذلك من خلاف طبيعة الحلول، فتلك أمور كانت تعتبر من المسلمات ولم تكن موضوع نقاش في كتابات الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب - طيب الله ثراه – ولم يكن الشيخ يوماً مقلداً، وإنما كان مجتهد عصره، ومدرسته منفتحة على المذاهب الأربعة وتتبين الفارق بين خرافات التصوف في الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر ومناهج التربية الروحية في الإسلام.
والناظر في دعوة الشيخ يجد أنها امتداداً لفهم السلف الصالح للكتاب والسنة، ولم تكن وليدة دعوة الإمام بل كانت أيضاً امتداداً للعلماء عبر القرون مثل الأئمة الأربعة وابن تيمية وابن القيم والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، الذي تتلمذ الإمام على يده ، وأيضا فقيه صنعاء محمد بن إسماعيل الصنعاني، والعالم المجتهد محمد الشوكاني، فالعقيدة السلفية التي دعا لها الشيخ - رحمه الله - إنما هي عقيدة حضارية كاملة وليست مجرد دعوة منحصرة في واقعها المحلي ، أو مرتبطة بظروف البداوة فقط كما يعتقد البعض كما ذكرت . فدعا إلى محو كل ما هو مخالف للإسلام الصحيح، والعودة إلى الإسلام في صورته الأولى، في بساطته وطهارته ونقائه، وصدق التوحيد واتصال العبد بربه من غير واسطة ولا شريك.(1/12)
وكان الإمام " محمد بن عبد الوهاب " يرى أن ما لحق بالمسلمين من ضعف وسقوط إنما هو بسبب ضعف العقيدة، والبعد عن التوحيد، فقد كانت العقيدة الإسلامية في أول عهدها صافية نقية من أي شرك، وبهذه العقيدة وحدها انتصر المسلمون وفتحوا العالم.
وكانت ترتكز دعوته المباركة على عدّة ركائز أهمها:
الدعوة إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك صغيره وكبيره.
الإتباع التام لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخالص من شرور الابتداع والخرافات حتى لو كان يسيرا.
الدعوة إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، بفهم علماء السلف، وجعلهما المصدر الأساس للدين والبعد عن الجمود على التقليد إذا استبان الدليل، مع البعد عن علم الكلام.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يلزم من ذلك من نشر العلم الشرعي والجهاد في سبيل الله وإقامة الحدود والرد على أهل الباطل.
إحياء مبدأ الولاء للمؤمنين ولو كانوا أبعد الناس والبراء من المشركين والملحدين ولو كانوا أقرب الناس
دعوته إلى التوحيد
كان – يرحمه الله - حنبلي المذهب، يميل إلى الشدة في التعاليم الدينية، ولا يأخذ بالرخص، فاستنكر كثيرًا من البدع الفاشية بين المسلمين، ورأى فيها شركًا بالله، ودعا إلى التوحيد، وتنقية الدين من البدع والخرافات، وتخليصه مما داخَلَه من انحراف، فدعا قومه إلى نبذ البدع، وطرح كل ما لم يرد في القرآن والسنة من الأحكام والتعاليم، والرجوع بالدين إلى فطرته النقية وبساطته الأولى، وسعى إلى تنقية العقيدة من تلك الشوائب والشبهات، والعودة إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصافية؛ ولذلك فقد أُطلِقَ على تلاميذه وأتباعه اسم " الموحدين أو السلفيين " ، وأما اسم "الوهابيين" الذي عُرفوا به في الوقت المعاصر ، فقد أطلَقَهُ عليهم خصومهم، واستعمله الأوروبيين والغربيين حتى صار عَلمًا عليهم .(1/13)
وقد قامت دعوته – رحمه الله - على فكرة التوحيد، فالتوحيد أساسه الاعتقاد بأن الله وحده هو خالق هذا الكون، وأنه هو المسيطر عليه، وواضع قوانينه التي يسير عليها، وليس في الخلق من يشاركه في خلقه ولا في حكمه، ولا من يعينه على تصريف أموره؛ فهو وحده الذي بيده الحكم، وهو وحده الذي يملك النفع والضر، وليس في الوجود من يستحق العبادة والتعظيم سواه.
لماذا يهاجمون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟(1)
واجهت دعوة الشيخ – رحمه الله تعالى – منذ بداية ظهورها حملةً ضارية وعداءً سافراً، سواءً من قبل أمراء وحكام، أو من قبل بعض المنتسبين إلى العلم، وقد تنوعّت أساليب هذه المعارضة وتعددت جوانبها من تأليف وترويج الكتب ضد هذه الدعوة السلفية التجديدية، وتحريض الحكام عليها، ورميها بالتشدد والتكفير وإراقة الدماء. ...
وقد تحدّث الشيخ – رحمه الله – عن هذه الهجمة قائلاً: "فلما أظهرت تصديق الرسول فيم جاء به سبّوني غاية المسبة، وزعموا أنّي أكفر أهل الإسلام وأستحل أموالهم" (مجموعة مؤلفات الشيخ 5/26).
ويصف الشيخ عداوة الخصوم وفتنتهم في رسالته للسويدي – أحد علماء العراق – فيقول _رحمه الله_: "ولبّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، وكبرت الفتنة وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله" (مجموعة مؤلفات الشيخ 5/36). ...
ولاحظت من خلال استقراء كتب خصوم هذه الدعوة أن غالبهم إما من الروافض أو غلاة الصوفية، فالروافض ينافحون عن وثنيتهم وعبادتهم للأئمة، وكذلك الصوفية يفعلون. ...
__________
(1) الدكتور الشيخ عبد العزيز آل عبد اللطيف -(1/14)
وعمد العلمانيون في هذه البلاد – ومن تأثّر بهم من التنويريين والإصلاحيين – إلى الطعن في هذه الدعوة من أجل التوثّب على قواعد الشريعة والتفلّت منها، ومنهم من شغب على هذه الدعوة؛ لأن ثوابت هذه الدعوة كالجهاد في سبيل الله ، وبُغْض الكافرين والبراءة منهم تعكِّر ما يصبوا إليه من ركون إلى الدنيا وإيثار للسلامة والسلام مع الكفار، فهدف أرباب العقول المعيشية أن يأكلوا ويقتاتوا بسلام ولو على حساب وأد الثوابت العقدية والقواطع الشرعية.
وأما عداوة الغرب لهذه الدعوة فقديمة قدم هذه الدعوة المباركة، فما إن سقطت الدرعية سنة 1234هـ على يد إبراهيم باشا حتى أرسلت الحكومة البريطانية مندوبَها مهنئاً على هذا النجاح، ومبدياً رغبة الإنجليز في سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل ! لا سيما وأن الإنجليز – وفي ذروة غطرستهم وهيمنتهم – قد كابدوا أنواعاً من الهجمات الموجعة من قبل "القواسم" أتباع الدعوة، وذلك في بحر الخليج العربي. ...
ولا عجب أن يناهض الغرب هذه الدعوة الأصيلة، فالغرب يدين بالتثليث والشرك بالله ، وهذه الدعوة قائمة على تحقيق التوحيد لله ، وأُشرب الغرب حبّ الشهوات المحرمة وعبودية النساء والمال، وهذه الدعوة على الملة الحنيفية تدعو إلى التعلّق بالله ، والإقبال على عبادته والإنابة إليه، والإعراض والميل عما سوى الله سبحانه وتعالى. ...
وأما عن أسباب مناهضة هذه الدعوة السلفية، فيمكن أن نجمل ذلك في الأسباب الآتية: ...(1/15)
1- غلبة الجهل بدين الله ، وظهور الانحراف العقدي على كثير من أهل الإسلام، فالتعصب لآراء الرجال والتقليد الأعمى، وعبادة القبور، والتحاكم إلى الطاغوت، والركون إلى الكفار والارتماء في أحضانهم.. كل ذلك مظاهر جلية في واقع المسلمين الآن، وهذه الدعوة تأمر باتباع نصوص الوحيين، وتدعو إلى عبادة الله وحده، وتقرر أن من أطاع العلماء أو الأمراء في تحليل ما حرّم الله أو تحريم ما أحل الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله ، وتنهى عن موالاة الكفار، وتقرر أن مظاهرة الكفار ضد المسلمين من نواقض الإسلام، فلما أظهر الله تعالى هذه الدعوة السلفية استنكرها الرعاع وأدعياء العلم والعوام؛ لأنها خالفت عوائدهم الشركية ومألوفاتهم البدعية.
2- ومن أسباب هذه الحملة الجائرة: ما ألصق بهذه الدعوة ومجددها وأنصارها من التهم الباطلة والشبهات الملبسة، فقد كُذب على الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما "كُذب على جعفر الصادق"، ومثال ذلك رسالة ابن سحيم – أحد الخصوم المعاصرين للشيخ – حيث بعث برسالة إلى علماء الأمصار، يحرّضهم ضد الشيخ، وقد حشد في تلك الرسالة الكثير من الأكاذيب والمفتريات، ثم جاءت مؤلفات أحمد دحلان ضد الدعوة فانتشرت في الآفاق والبلاد.(1/16)
3- النزاعات السياسية والحروب التي قامت بين أتباع هذه الدعوة وبين الأتراك من جهة، وبين أتباع هذه الدعوة والأشراف من جهة أخرى، فلا تزال آثار تلك النزاعات باقية إلى الآن، يقول العلامة محب الدين الخطيب – رحمه الله – في هذا الشأن: ( كان الأستاذ محمد عبده – رحمه الله – يستعيذ بالله من السياسة ومن كل ما يتصرف منها؛ لأنها إذا احتاجت إلى قلب الحقائق، وإظهار الشيء بخلاف ما هو عليه اتخذت لذلك جميع الأسباب، واستعانت على ذلك بمن لهم منافع شخصية من وراء إعانتها، فتنجح إلى حين في تعمية الحق على كثير من الخلق، ومن هذا القبيل ما كان يطرق آذان الناس في مصر والشام والعراق وسائر الشرق الأدنى في المائة السنة الماضية من تسمية الدعوة التي دعا بها الشيخ المصلح محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - باسم "الوهابية" اتهاماً بأنه مذهب جديد ...)(1) ...
ويقول الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله : ( إن سبب قذف الوهابية بالابتداع والكفر سياسي محض، كان لتنفير المسلمين منهم لاستيلائهم على الحجاز، وخوف الترك أن يقيموا دولة عربية، ولذلك كان الناس يهيجون عليهم تبعاً لسخط الدولة، ويسكتون عنهم إذا سكنت ريح السياسة )(2)
4- ومن أسباب هذه المناهضة: الجهل بحقيقة هذه الدعوة، وعدم الإطلاع على مؤلفات ورسائل علماء الدعوة، فجملة من المثقفين يتعرّفون على هذه الدعوة من كتب خصومها، أو من خلال كتب غير موثّقة ولا محرّرة.
إن المنصف لهذه الدعوة ليدرك ما تتميز به هذه الدعوة من سلامة مصادر تلقيها، وصفاء عقيدتها، وصحة منهجها، وما قد يقع من زلات أو تجاوزات فهذا يتعلّق بجوانب تطبيقية وممارسات عملية لا ينفك عنها عامة البشر، وعلماء الدعوة لا يدّعون لأنفسهم ولا لغيرهم العصمة، فكل يؤخذ منه ويردّ إلا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) مجلة الزهراء، 1354هـ، ص84
(2) مجلة المنار، م24، ص584(1/17)
كما أن الدفاع عن هذه الدعوة ليس مجرد دفاع عن أئمة وأعلام فحسب، بل هو ذبّ عن دين الله تعالى، وذودٌ عن منهج السلف الصالح.
وفي الختام ندعو أهل الإسلام عموماً للانتفاع بالجهود العلمية والتراث النفيس الذي سطّره علماء الدعوة، والانتفاع بمواقفهم العملية وتجاربهم الاحتسابية والإصلاحية، والله أعلم.
تأثر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمهم الله
لقد تأثر الإمام "محمد بن عبد الوهاب" في دعوته وتعاليمه بعالم جهبذ جليل ظهر في القرن السابع الهجري هو شيخ الإسلام الإمام "أحمد بن تيمية الحراني" الذي عُرف بالشجاعة وقوة الحجة، وكان لا يخشى في الله لومة لائم، حتى تعرض للسجن والتعذيب.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يدعو إلى التوحيد وإخلاص العبودية لله ، وترك ما اقترن بزيارة القبور من بدع أو التبرك بالأولياء، كما نادى بهدم الأضرحة حتى لا تجلب للناس الفساد في العقيدة أو الفتنة في الدين.
وقد وجدت دعوة " شيخ الإسلام ابن تيمية " صدى لها في قلب وعقل " الإمام محمد بن عبد الوهاب "، فأخذ كثيرًا من أقواله وفتاويه وأفكاره وآرائه التي دعا بها في ضوء الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، ولم يكن مقلداً له، بل كان يخالفه إذا وجد الدليل الأقوى مع غيره من علماء السلف.
أبرز تلاميذه
لقد أخذ عنه العلم جماعة من العلماء الأجلاء والدعاة الفضلاء، وغيرهم كثير ممن تتلمذوا على كتبه وفتاويه، فما زالت كتبه وستبقى – إن شاء الله – منارة لطلبة العلم الشرعي، فمن غفل عنها فقد خسر علم واسعاً وضيّع رأياً سديداً.(1)
__________
(1) اللهم إني أشهدك أني أحب الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيك ، فاللهم اغفر لنا وجمعنا فيه مع النبيين والصديقين والشهداء(1/18)
فكان من أبرز تلاميذه – يرحمه الله - أبناؤه الشيخ حسين والشيخ عبد الله والشيخ علي. كما أخذ عنه الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، والشيخ عبد العزيز الحصين الناصري، والشيخ سعيد بن حجي، والشيخ عبد العزيز والشيخ محمد آل سويلم، والشيخ حمد بن راشد العريني.
أقوال أهل العلم في الإمام – رحمه الله :
قول علامة الشام الشيخ محمد بهجة البيطار: ( ليس للوهابية ولا للإمام محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص ولكنه رحمه الله كان مجددا لدعوة الإسلام ومتبعا لمذهب احمد بن حنبل... )(1)
الشيخ البشير الإبراهيمي الجزائري : ( لقد كان رحمه الله تعالى – الشيخ البشير - في محاربتهِ للصُّوفيَّة وخرافاتها وتُرّهاتهم متأثِّراً بتعاليم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب الإصلاحيَّة ، ويتَّضحُ ذلك عندما نراه يُعَلّل هجوم المتاجرين بالدَّين على هذه الدَّعوةِ السُّنِّيَّة الإصلاحيَّة في البلاد الحجازيَّة التي سَّماها خصومُها بِـ( الوهَّابيَّة) تنفيراً وتَشويهاً- لأنَّها قضت على بدعهم ، وحاربت خرافاتهم(2) ، فيقول – الشيخ البشير الإبراهيمي – رحمه الله تعالى : ( إنَّهم موتورون لهذه الوهَّابيَّة التي هدمت أنصابهم ، ومحت بدعهم فيما وقعَ تحتَ سلطانهم من أرضِ الله ، وقَد ضجَّ مبتدعة الحجاز فضجَّ هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسة ، فليس ما نسمعهُ هنا من ترديد كلمة (وهابي) تُقذف في وجه كل داعٍ إلى الحقِّ إلاّ نواحاً مردَّداً على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهَّابيَّة ) .
__________
(1) من كتاب (حياة شيخ الاسلام ابن تيمية ص200 ) للشيخ محمد بهجت البيطار
(2) هذا الكلام لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان – حفظه الله ، مجلة الأصالة العدد الاول بعنوان ( الشيخ البشير الإبراهيمي )(1/19)
العالم الأزهري الكبير الشيخ "أبو الهدى الصعيدي" عام 1815م بعد أن انتهى من مناظرة قامت بينه وبين بعض علماء الوهابيين بأمر محمد علي والي مصر في ذلك الحين: ( إذا كانت الوهابية كما سمعنا وطالعنا - دعوة الإسلام ، دعوة التوحيد الخالص ، ثورة على الشرك والوثنية ، وإعصار على الضلال والبهتان ، فنحن أيضاً وهابيون .. ) نطق هذا العالم بكلمة الحق ، ولم يخش بطش الوالي المتسلط الذي كمم الأفواه وسلط على أتباع هذه الدعوة جنوده وفتكه وناره ؛ لأن قوة هذا الوالي مبتوتة الصلة عن القوة العليا قوة الله سبحانه وتعالى ، فهي لا تخيف ولا ترهب. وأيضاً فإن هذا العالم تأدب بأدب الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتربى في رحاب سنته التي ترى: ( أن أفضل الجهاد كلمة الحق عند سلطان جائر ). وكأن الوجود كله قد أخذ يردد في تلك اللحظة كلمة هذا الشيخ المؤمن الصادق الإيمان.
ونقول: إذا كان ذلك كذلك.. فلماذا قامت الدنيا ولم تقعد؟ ولماذا تقولوا على الدعوة الأقاويل؟ ورموا صاحبها بالمروق عن الإسلام؟ وأعلنت الحرب الضروس التي لا تبقي ولا تذر؟ للإجابة على ذلك: علينا أن نقطع شوطاً آخر في البحث)(1)
يقول فضيلة الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي -حفظه الله : ( ... إذا ما تكلم ناصح ، أو تأمل مخلص ، أو اندفع غيور يدافع عن حرمات الله ، سرعان ما اتهمه العوام والسطحيون –وهم مع الأسف أكثرية- بالمروق ، والشذوذ والعمالة لفئة ما ، وعدّوا أنفسهم أهل الملة ، وسدنة الشريعة وحماة الإسلام. وعلى هذا النحو مرت بالمسلمين في فترة ضعف الخلافة العثمانية وما قبلها أزمنة حجب فيها صفاء الإسلام ، وبساطته ونقاؤه وجوهره وقوته الحقيقية …….
__________
(1) الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ) للشيخ الدكتور عبد الرحمن بن راتب عميرة المصري(1/20)
ولكن فضل الله على الأمة كبير ، إذ حفظ للمسلمين أصول الشريعة في القرآن والسنة الصحيحة ، حتى تظل الشريعة حجة على العلم ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله )
وفي سبيل الحفاظ على الوحي الإلهي الأخير ، يهيئ الحق تبارك وتعالى صوت الإصلاح الداوي بين الحين والآخر ، وإن صاحبه بعض الأخطاء ، لأن المصلح بشر ، لتعهد الله عز وجل بحفظ الذكر المبين ، فتثير حركة الإصلاح رعب الجبناء ، وتقض مضاجع الأدعياء ، وتهز أركان الجهل وكيان الجهلة ، وتزلزل مواقع النفعيين: ( إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة ، على رأس كل مائة سنة ، من يجدد لها دينها ) .(1/21)
ومما لا شك فيه ، إنصافاً للحقيقة ، لا إرضاءً لأحد ، وعملاً بمبدأ القرآن العظيم : {ولا تبخسوا الناس أشياءهم} كان من أجرأ أصوات الحق ، وأكبر دعاة الإصلاح ، والبناء والجهاد لإعادة تماسك الشخصية الإسلامية وإعادتها لمنهج السلف الصالح: دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) لتجديد الحياة الإسلامية ، فكان ابن عبد الوهاب بحق ، زعيم النهضة الدينية الإصلاحية المنتظر ، الذي صحح موازين العقيدة الإسلامية الناصعة ، وأبان حقيقة الوحدانية والوحدة والتوحيد الخالص لله عز وجل ، وأن العبادة هي التوحيد ، وحوّل الشراع رأساً على عقب ، للعمل الكامل بالقرآن والسنة ونبذ مظاهر الترف والبدع ، وتحطيم ما علق بالحياة الإسلامية من أوهام ، والعودة إلى الحياة الإسلامية الأولى المبسطة التي لا تعرف غير الجهاد الدائم منهجاً ، وقصد مرضاة الله مسلكاً ، وألتزم أخلاق الإسلام قانوناً ومظهراً ، وبروز دور العقل والفكر ، والجد والعلم والاجتهاد فيما لا نص فيه أو ما فيه نص ظني ، بغية تقدم الأمة ، وتصحيح مسار حياة العامة التائه أحياناً ، لأن دين الإسلام لا يعرف الخرافة والجهل والضلالة ، فكانت أعمال ابن عبد الوهاب وثبة وجبارة ، وقفزة رائعة لتصحيح خطأ الناس في العقيدة والعبادة ، في وسط شوهت فيه مبادئ الإسلام ومناهجه)(1)
__________
(1) كتاب ( تأثر الدعوات الإصلاحية الإسلامية بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي )(1/22)
الشيخ العلامة سيدي محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي المغربي: ( ولد الإمام محمد بن عبد الوهاب في مدينة العيينة أقليم العارض بنجد سنة 1115هـ وربى بحجر أبيه ، ثم أنتقل إلى البصرة لإتمام دروسه ، فبرع في علوم الدين ، واللسان وفاق الأقران ، واشتهر هناك بتقوى وصدق التدين ... ثم قال: وكانت عقيدته السنة الخالصة ، على مذهب السلف المتمسكين بمحض القرآن والسنة لا يخوض التأويل والفلسلفة ولا يدخلهما في عقيدته. وفي الفروع : مذهبه حنبلي غير جامد على تقليد الإمام أحمد ، ولا من دونه ؛ بل إذا وجد دليلاً أخذ به ، وترك أقوال المذهب فهو مُستقل الفكر في العقيدة والفروع معاً. إلى أن قال : وكان قوي الحال ذا نفوذ شخصي وتأثير نفسي ، ولذا كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وهو متفرد عن عشيرته في البصرة )(1)
يقول فضيلة الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله - بعدما ذكر فشو البدع قبل ولادة الإمام محمد : ( واعتقد الناس النفع والضرر بالرسول والصالحين ، وبالقبور والأشجار ، والقباب والمزارات ، فيطلبون منهم الحاجات ، ويرجعون في الشدائد إليهم ، وينذرون لهم ، ويذبحون لهم ، واشتد تعظيم الأموات .وكان حظ نجد في هذه الجاهلية الجديدة أكبر الحظوظ . فقد اجتمع على أهله الجهل والبداوة ، والفقر ، والانقسام في كل ناحية من نواحي نجد ، من الأمراء بمقدار ما كان فيها من القرى .
__________
(1) نقلاً عن مقدمة الشيخ العلامة محمد عطية سالم في تقديمه لكتاب (الإمام محمد بن عبدالوهاب دعوته وسيرته لابن باز)(1/23)
ففي كل قرية أمير ، وفي كل ناحية جمعية أمم .وكان في كل إمارة قبر ، عليه بناء ، أو شجرة لها أسطورة . يقوم عليها سادن من شياطين الإنس ، ويزين للناس الكفر ويدعوهم إلى الاعتقاد بالقبر والذبح له ، والتبرك به ، والدعاء عنده .إلى أن قال – رحمه الله : وكان العلماء قلة، والحكام عتاه ظلمة،والناس فوضى يغزو بعضهم بعضاً،ويَعْدُو قويهم على ضعيفهم ، في تلك البيئة نشأ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فرأى شمس الإسلام إلى أفول ، ورأى ظلمة الكفر إلى امتداد وشمول . وأراد الله له الخير فقدر له أن يكون أحد الذين أخبر الرسول أنهم يبعثون ليجدودوا لهذا الأمة دينها ، بل لقد كان أحق بهذا الوصف من كل من وصف به في تاريخنا . فقد حقق الله على يديه عودة نجد إلى التوحيد الصحيح ، والدين الحق والألفة بعد الاختلاف ،الوحدة بعد الانقسام .ولا أقول : إن الرجل كامل ، فالكمال لله ولا أقول إنه معصوم فالعصمة للأنبياء .
ولا أقول: إنه عار عن العيوب والأخطاء .
ولكن أقول:إن هذه اليقظة،التي عمت نجداً ،ثم امتدت حتى جاوزته إلى أطراف الجزيرة ، ثم إلى ما حولها ، ثم امتدت حتى وصلت إلى آخر بلاد الإسلام ليست إلا حسنة من حسناته عند الله إن شاء الله ا هـ .(1/24)
رأى الأستاذ أحمد حسين – مؤسس حزب مصر الفتاة - في كتابه ( مشاهداتي في جزيرة العرب ) بعد أن وصف ما كان في جزيرة العرب من جهالة قبل ظهور الدعوة ما يلي:( وفي وسط هذا الجو ولد محمد بن عبد الوهاب . وكان أبوه الشيخ عبد الوهاب قاضي بلدة العيينة . وكان شيخاً عالماً جليلاً . فقرأ على أبيه الفقه. وسرعان ما ظهرت عليه علائم النجابة . وبدأ يدرك على الفور ما تردت به البادية من همجية وردة عن دين الإسلام . وبدأت تجيش به نفسه كل مصلح من عزم على تغيير هذه الحال . فلما بلغ من العمر عشرين ربيعاً . بدأ يستخدم فصاحته وعلمه في مناقشة أنداده وأضرابه . بل ومن هم أكبر منه سناً . في فساد الحال فلم يجد منهم أذناً صاغية . وبعد أن ذكر سفر الشيخ إلى الحجاز والبصرة – ورجوعه ثانية إلى نجد . واستقراره في الدرعية واتفاقه مع محمد بن سعود .
ختم هذا البحث بقوله : تلك هي قصة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما بدأت . والتي لم تكمل حتى الآن . فلا يزال أحفاد محمد بن سعود . وأحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب . يحملون لواء التوحيد . وينافحون عنه . وإذا كان العالم الإسلامي كله اليوم تحت تأثير النور والعرفان . قد بدأ يدرك بفطرته هذا الذين كانوا أول من نصره واستجاب له . اهـ
رأي الأستاذ الإمام محمد عبده مفتي مصر – نقلاً عن كتاب ( 50عام في جزيرة العرب - للشيخ حافظ وهبة) . أثنى على الإمام الشيخ محمد عبد الوهاب وكان يلقبه بالمصلح العظيم .
تناول الأستاذ أحمد أمين العالم المصري الشهير في كتابه ( زعماء الإصلاح الإسلامي ) فذكر أن : ( الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أثناء إقامته في الحجاز ورحلاته إلى كثير من بلاد العالم الإسلامي وجد أن التوحيد الذي هو مزية الإسلام الكبرى قد ضاع ودخله الكثير من الفساد ... فشغلت ذهنه فكرة التوحيد في العقيدة مجردة من كل شريك ، وفكرة التوحيد في التشريع لا مصدر له إلا الكتاب والسنة ).(1/25)
قال الشيخ محمد حامد الفقي (1) : ( الوهابية نسبة إلى الإمام المصلح شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر . وهي نسبة على غير القياس العربي . والصحيح أن يقال المحمدية ، إذ أن اسم صاحب هذه الدعوة والقائم بها هو محمد ، لا عبد الوهاب ، ثم قال بعد كلام : وإنهم لحنابلة متعصبون لمذهب الإمام أحمد في فروعه ككل أتباع المذاهب الأخرى ، فهم لا يدعون ، لا بالقول ، ولا بالكتابة أن الشيخ بن عبد الوهاب أتى بمذهب جديد ، ولا اخترع علماً غير ما كان عند السلف الصالح ، وإنما كان علمه وجهاده لإحياء العمل بالدين الصحيح وإرجاع الناس إلى ما قرره القرآن في توحيد الإلهية والعبادة لله وحده ذلاً وخضوعاً ، ودعاءاً ، ونذراً وحلفاً، وتوكلاً ، وطاعة لشرائعه ... )
__________
(1) في كتابه ( أثر الدعوة الوهابية ) وفضيلة الشيخ يعتبر من علماء الأزهر الشريف ، ورئيس جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر(1/26)
قال أمين سعيد : في كتابه ( سيرة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ) إن سيرة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي من أحفل السير بالعظات وأغناها بالفضائل وأحقها بالبحث والفصل ، والتفسير والتعليل وهي سيرة مصلح من كرام المصلحين ، ومجاهد من كبار المجاهدين وعالم من خيرة العلماء أنار الله بصيرته وهداه سبله وألهمه التقوى فدعا أمته للرجوع إلى الله والعمل بكتابه وسنة رسوله ونبذ سواهما ... ومن وسط الجو القاتم المربد جو الجهل والجمود ، جو ضعف الوازع الديني وتسلط الحكام واستبداد الطغاة ، أشرقت من جانب نجد أنوار الدعوة الوهابية التي حمل مشعلها الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب فأنارت للأمة السبيل وألهمتها رشدها فشقت طريقها واهتدت بهديها ، وحققت الدعوة لنجد آمالها وقد بدأت في محيطها أول ما بدأت فأنشأت لها مجتمعاً إسلامياً سليماً يؤمن بالتوحيد ويعظم شأنه ويسير على هداه ولا يدعو مع الله أحدا ولا يزال هذا حالة لم يتبدل ولم يتغير منذ عهد الشيخ حتى يومنا هذا فهو يصدع بالحق ويؤمن به ، وانبثقت عن هذا المجتمع دولة عربية كريمة نشأت في ظل الدعوة وآمنت بها فكانت أول دولة عربية كبرى يؤسسها العرب داخل جزيرتهم بعد دولة الخلفاء الراشدين فاتبعت طريقهم وترسمت خطاهم فسادت وشادت ووسعت حدودها وانتشرت الدعوة في بلاد الإسلام وسرى نورها في أرجائها وأقبل عليها الكثيرون وأخذوا بها وتفاعلوا معها واستجابوا لها فكانت الأمة الكبرى لهذه النهضات التي تعم بلاد العرب وبلاد المسلمين فأحييت ميت الهمم وأيقظت خامد النفوس ، وضرب الشيخ الأمثال على تجرده ونزاهته وعلى أنه لم يرد من دعوته سوى وجه الله وحده وإصلاح حال أمته وإنقاذها من ظلمات الجهالة التي كانت تغمرها ).(1/27)
يقو الدكتور مصطفى صادق الرافعي الأديب المصري : ( والسبب لتأليف هذا الكتاب(1) فمن أجل حركة توعية رائدة ، ومن أجل تجهيز دعاة إسلاميين ذوي جدارة وأهلية ، لمواجهة النكبات التي تتوالى على الإسلام والمسلمين منذ أكثر من خمسة قرون ، أقدم هذه العجالة عن بعض الدعاة السابقين المؤهلين "رجال الإسلام" عسى أن يكون فيها بعض ما ينير الظلمات التي تكتنف حياتنا ،وتلف مجتمعاتنا ، وعسى أن تنشأ بوادر انتفاضة صحيحة تقوّم الاعوجاج ، وتزيح أستار الضلالة ، وتدفع بعربة الإسلام في طريق المجد والتقدم)
ومن القدوات لأبناء هذا الجيل إمام الدعوة السلفية المجدد محمد بن عبدالوهاب –رحمه الله تعالى- ولنقف مع أديبنا د- مصطفى صادق الرافعي والإمام محمد بن عبدالوهاب .. حيث قال: الدعوة السلفية
عاش الشرق الإسلامي زهاء خمسة قرون من عمر الزمن ، ينعم في بحبوحة ونعيم ، وحضارة وارفة الظلال ، بفضل نور الإسلام الوهاج الذي عمّم خيراته على كل أرض ، ونشر هدايته لكل قبيل.
بعدها اعتراه الوهن والضعف ، فمر في عهود سوداء ، وحاقت به ظلمات حالكة ، فتقلصت هداية الإسلام عن أرضه أو أوشكت ، وأصبح تراث المسلمين نهباً مقسماً بين شذاذ الأمم ، وذئبان الشعوب ، يستغلون علومه ويستأكلون حضارته ، فسيطر على بلاده الغربيون ، فأذاقوها من العذاب أقساه ، ومن الألم أشده ، حتى انحدرت بلاد المسلمين إلى هوة عميقة من الضعف والتخلف والانحطاط.
__________
(1) أي كتابه ( الدعوة والدعاة في الإسلام )(1/28)
ثم ما إن أطلّ القرن الثامن عشر ، حتى انطلقت صيحة واعية مؤمنة من قلب الجزيرة العربية ، تهيب بالمسلمين أن يتحرروا من الشوائب التي اعترت عقائدهم ، والخرافات والأباطيل التي شوّهت دينهم ، وأن يعودوا في جميع شؤون حياتهم إلى ما كان عليه حال السابقين الأولي من أسلافهم. وكان مرسل هذه الصيحة ، الداعي إلى الله على بصيرة القائد الفذّ ، محمد بن عبدالوهاب ، وإليه تنسب "الحركة السلفية" التي دعت إلى إصلاح النفوس ، واستعادة مجد الإسلام ، فظهرت بظهورها تباشير صبح جديد ، فيه كل معاني الصباح ، من نور وضياء ، وإشراق ولألاء ، فأيقظ المسلمين من سباتهم العميق الذي رزخوا تحت وطأته حقباً طويلة من الزمن
أحمد القطان:( استطاعت حركة الموحدين نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب المختلفة, واستطاعت تكوين طبقة ممتازة من علماء الدين ورجال المعرفة فنشرت الحركة في الناس علوم الشريعة المطهرة وألاتها , من التفسير والحديث , والتوحيد والفقه , والسيرة والتاريخ , وغير ذلك وأصبحت الدرعية قبلة العلوم والمعارف يفد إليها الطلاب من سائر النواحي والأرجاء , و انتشر العلم في جميع الطبقات )(1)
محمد كرد: كتب علامة الشام محمد كرد علي بحثا بعنوان ( اصل الوهابية ) اختتمه بقوله ( وما محمد بن عبد الوهاب إلا داعية هداهم من الضلال وساقهم إلى الدين السمح , وإذا بدت من بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية , وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...إلخ )(2)
__________
(1) عبدالله بن يوسف الشبل , الشيخ محمد بن عبدالوهاب , ص 64
(2) القديم والحديث , محمد كرد علي , ص 120(1/29)
طه حسين: قال يصف دعوة محمد بن عبدالوهاب ( قلت أن هذا مذهب جديد قديم معا , والواقع أنه ليس بجديد بالنسبة للمعاصرين , ولكنه قديم في حقيقة الامر , لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من شوائب الشرك والوثنية , وهو دعوة إلى الإسلام كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم خالصا له , ملغيا كل واسطة بين الله وبين الناس )(1)
حافظ وهبة قال في كتابه (جزيرة العرب ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب ( مصلح مجدد , داع إلى الرجوع إلى الدين الحق , فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة , ولا أراء خاصة , وكل ما يطبق في نجد , هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله وأما في العقائد , فهم يتبعون السلف الصالح , ويخالفون من عداهم )
الزركلي : قال في كتابه ( الأعلام الجزء السابع ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته , الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العلم الإسلامي كله , تأثر بها رجال الإصلاح , في الهند ومصر , والعراق , والشام وغيرها )
محمد رشيد رضا : قال السيد محمد رشيد رضا عن محمد بن عبدالوهاب ( قام يدعو إلى تجريد التوحيد , وإخلاص العبادة لله وحده , بما شرع الله في كتابه , وعلى لسان رسوله خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام , وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة )
__________
(1) حيات الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل , الطبعة الأولى 1999م , ص 210(1/30)
رأي العقاد : تناول الأستاذ عباس العقاد في كتابه ( الإسلام في القرن العشرين ) دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فقال ( ظاهر من سيرة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب الوهابية أنه لقي في رسالته عنتا , فاشتد كما يشتد من يدعو غير سميع ومن العنت أطباق الناس على الجهل والتوسل بما لا يضر ولا ينفع والتماس المصالح بغير أسبابها وآتيان الممالك من غير أبوابها وقد غبر البادية زمان كانوا يتكلمون فيه على التعاويذ والتمائم وأضاليل المشعوذين والمنجمين ويدعون السعي من وجوهه توسلا بأباطيل السحرة والدجالين حتى الاستشفاء ودفع الوباء فكان حقا على الدعاة أن يصرفهم عن هذه الجهالة وكان من أثر هذه الدعوة أنها صرفتهم عن ألوان البدع والخرافات )
يقول الدكتور الشيخ عائض بن عبد الله القرني-حفظه الله- في نونيته:
ومجدد الإسلام في هذا الورى .. أعني التميمي ناصر الإيمانِ
رحم الإلهُ محمداً في لحدهِ … خضم الضلال مهدِّم الأوثان
في نجد أشرق نورهُ متوهجاً … بل شعَّ من هندٍ إلى تطوانِ
فعلى عقيدتهم بنيتُ عقيدتي … وعلى رسائلهم فتقت لساني
أقفو طريقتهم ونهجي نهجهم … دوماً وأبرأ من أخي كفرانِ
أهل الضلالةِ هم خصومي دائماً … لا يلتقي بمحبةٍ خصمان
ولكل مبتدع أقول مجلجلاً … أنا صارمٌ يفري الرقاب يماني
أسلمت نفسي للذي برأ الورى … وبرئت من شركٍِ ومن طغيان
ورضيت بالقرآن والسنن التي … جاءت بفهمِ صحابة العدناني
أقوال المفكرين والمستشرقين في الإمام – رحمه الله :
يقول المستشرق سيديو في كتابه ( تاريخ العرب العام ) الذي نقله إلى العربية ( عادل زعيتر ) : قال في أثناء كلامه على ثورات العرب للتحرر من سيطرة الترك وسيطرة البرتغال في عمان بعد كلام .
ومن ثم نرى أن جزيرة العرب استردت استقلالها التام تقريباً ، منذ أوائل القرن الثامن عشر بفضل جدها ، وضعف أعدائها ، ولم يبق لها إلا أن تؤيد نصرها بمركز يلتف حوله جميع النفوس .(1/31)
وهذا ما حاولت صنعه ، قبيلة ظهرت في نجد ، حوالي سنة 1749م .
وهذا ما حاوله الوهابيون النافذون ، حتى الآن ، والذي سيكون لهم تأثير دائم ، في مصير جزيرة العرب لا ريب .
واسم واضح هذه السيطرة هو محمد عبد الوهاب التميمي ، الذي أكب على دراسة آداب العرب وعلومهم ، منذ صباه . والفقه أكثر ما عنى به . واطلع على آراء رجال المذهب ، وقصد بغداد ، والبصرة ، وفارس سائحاً. فنمت مداركه ، فأنعم النظر في حال بني قومه وميولهم وغرائزهم ، وطبيعة قواهم .
فرأى أنه إذا ما حمل المسلمين على مراعاة أحكام القرآن ، رجعت إليهم تلك الحماسة التي تعودتها عظمة الماضين .
ولم يكن للإصلاح الذي بدأ زعيماً له هدف سوى إعادة شريعة الرسول الخاصة إلى سابق عهدها . وحارب ابن عبد الوهاب كثير من المحرمات منها : تقديس قبور الأولياء ، فحمل أنصاره على هدمها .
وكذلك حارب ما كان يعيبه على الترك من فساد الأخلاق .تعاطي المسكرات . ومما ذكَّر الناس به هو أن الشريعة تأمر المسلمين بأن يؤتوا الزكاة ، وتلزم القضاة بالنزاهة التامة .
ومما عني به على الخصوص إبقاء روح الجهاد في قومه لما أدى إليه الجهاد من نصر عجيب منذ قرون.
ولا يمكن أن تنعت أقوالهم بالإلحاد على العموم لما بدت تكراراً لسور القرآن .
وهو لموافقته تعاليم الإسلام الصحيحة – كان بالغ الأثر لمبادئه قصار صناديد قبائل ينضمون إلى لوائه ، أفراداً وأرسالاً .
فيؤلفون جيشاً صغيراً بقيادة محمد بن سعود من عشيرة المساليخ وكان محمد قد اعتنق المذهب الجديد في الدرعية .
فأبصر ابن عبد الوهاب فيه من المواهب الحربية ، ما لم يجده في الغير ، فزوجه بابنته ، مفوضاً إليه أمر حكومة الوهابيين السياسية.
فخلع على دين محمد رونقاً جديداً ، وبدد الخرافات التي زالت مع الزمن فأظهر القرآن خالياً من جميع ما عزى إليه من الشوائب .(1/32)
وما لبثت النفوس التي أرهقتها شروح أئمة المسلمين المطولة الغامضة أن رجعت إلى بضعة مبادئ عامة بسيطة واضحة ، فتقبلت خطط ابن عبد الوهاب الإصلاحية بقبول حسن .
ودعا الوهابيون إلى الفضيلة خلافاً للقرامطة الذين تذرعوا بسيء المناحي، فلم يبالوا بغير قضاء المآرب. ا ه
قال العالم الفرنسى برنادلوس في كتابه ( العرب في التاريخ ) ما يلي :
وباسم الإسلام الخالي من الشوائب الذي ساد في القرن الأول . نادى محمد بن عبد الوهاب بالابتعاد عن جميع ما أضيف للعقيدة والعبادات من زيارات باعتبارها بدع خرافية غربية عن الإسلام الصحيح .
قال شيخ المستشرقين جولد سهير النمساوي في كتابه ( العقيدة والشريعة ) ما يلي : وإذا أردنا البحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية نجد أنه مما يسترعي خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني الحقيقة التالية يجب على من ينصب نفسه للحكم عن الحوادث الإسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصاراً للديانة الإسلامية على الصورة التي وضعها النبي والصحابة . فغاية الوهابية هي إعادة الإسلام كما كان .
قال المستشرق جب الإنجليزي في كتابه ( المحمدية ) : وفي جزيرة العرب قام حوالي 1744م 1157هـ محمد بن عبد الوهاب مع أمراء الدرعية آل سعود بتحقيق الدعوة إلى المدرسة - المذهب - الحنبلية التي دعا إليها ابن تيمية في القرن الرابع عشر - وقال أيضاً في كتابه الاتجاهات المدنية في الإسلام ( أما مجال الفكر فإن الوهابية بما قامت به من الفتن ضد التدخلات العدوانية . وضد الأصول القائلة بوحدة الوجود . التي تريد تدنيس التوحيد في الإسلام . فقد كانت عاملاً مفيداً للخلاص الأبدي . وحركة تجديد أخذت تنجح في العالم الإسلام شيئاً فشيئاً ).
جاء في دائرة المعارف البريطانية . قولها : ( أن الوهابية : اسم لحركة التطهير في الإسلام . والوهابية يتبعون تعاليم الرسول وحده . ويهملون كل ما سواها . وأعداء الوهابية هم أعداء الإسلام الصحيح )(1/33)
قال الأستاذ المستشرق ويلفرد في كتاب ( الإسلام في نظر الغرب - ألفه جماعة من المستشرقين ) : ( كان محمد بن عبد الوهاب يقول قبل كل شيء يجب أن تعيشوا حسب الشرع الإسلامي وهذا هو معنى أن تكونوا مسلمين . لا ذاك الرغاء العاطفي .
والتقى والحرارة التي يقدمها لكم الصوفيون فأساس الإسلام هو الشرع . وإذا كنتم تريدون أن تكونوا مسلمين فيجب أن تعيشوا حسب أوامر الشرع )
قال المؤرخ الألماني الدكتور داكبرت - في كتابه ( عبد العزيز – وقد صدر في ألمانيا سنة 1953م ) ترجمه أمين رويحه . عن الحركة الوهابية : ( وكان لآل سعود إلى جانب سيفهم الذي يستخدمونه في الفتح سلاح معنوي آخر . يدينون له بأعظم قسط من نجاحهم . ذلك السلاح من صنع الشيخ محمد بن عبد الوهاب أحد رجال الدين المطاردين في سبيل عقيدتهم . والذي لجأ إلى الدرعية عاصمة آل سعود في ذلك الحين . فلقي لديهم الحماية والأمان . وكانت تملأ قلب محمد بن عبد الوهاب فكرة تجديد القوى العربية على أساس ديني ناسباً إلى ابتعادهم عن سيرة السلف الصالح . وانقسامهم إلى شيع . وإلى ابتعادهم عن خُلقهم العربي الأصل . سبب تلاشيهم الذي – جعلهم في متناول النفوذ الأجنبي - إلى أن قال : ورأى الشيخ أن سبب الإنقاذ هو الرجوع إلى تعاليم الدين المشروعة . إلى تعاليم الرسول الصحيحة . فراح يبشر بوحي من ضميره وعقيدته . بمحاربة البدع التي أدخلت على الإسلام عبر العصور الغابرة . والضال المضل من تقارير علماء الدين غير مقيم وزناً إلا لما نص عليه القرآن صراحة . أو لما يمكن نسبته بصورة قاطعة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وراح يحارب بكل قواه المستمدة من عقيدته الصلبة كل ما هو مخالف للدين الاسلامي الصحيح انتهى ملخصاً ).(1/34)
قال الأستاذ فيليب . في كتابه ( تاريخ العرب ) وهو مؤرخ ألباني ( ولقد تأثر محمد بن عبد الوهاب بفكرة . هي أن الإسلام كما يمارسه معاصروه . قد انحرف كثيراً علمياً ونظرياً عن طريق السنة التي استنها القرآن . وقرر أن ينقيها هو بنفسه )
لوثروب ستودارد : يقول ( بلغ العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري أعظم مبلغ من التضعضع و الانحطاط , فأربد جوه ,وطبقت الظلمة كل صعق من أصقاعه , ..... وبينما العالم الإسلامي مستغرق في هجعته , ومترنح في ظلمته , إذا بصوت يدوي في قلب الصحراء في شبه الجزيرة العربية , مهد الإسلام , فيوقظ المؤمنين ويدعوهم إلى الإصلاح والرجوع إلى سواء السبيل , والصراط المستقيم , فكان الصراخ بهذا الصوت إنما هو المصلح المشهور محمد بن عبدالوهاب الذي أشعل نار الوهابية واتقدت ثم أخذت هذا الداعي يحض المسلمين على إصلاح النفوس واستعادة المجد الإسلامي القديم )(1)
المستشرق بروكلمان : ( فلما أب محمد بن عبدالوهاب إلى بلده الأول سعى إلى أن يعيد العقيدة والحياة الإسلامية صفاءها الأصلي )(2)
ويلفرد كانتول : ( سمعت – من أساتذة جامعة مكييل بكندا ) كان محمد بن عبدالوهاب يقول قبل كل شيء , يحب أن تعيشوا حسب الشرع الإسلامي وهذا معنى أن تكونوا مسلمين , لا ذاك الرغاء العاطفي النقي الحرارة التى يقدمها الصوفيون , فأساس الإسلام هو الشرع . وإذا كنتم تريدون أن تكونوا مسلمين فيجب أن تعيشوا حسب أوامر الشرع .(3)
مؤلفاته ومصنفاته العلميّة:
كتاب التوحيد فيما يجب من حق الله على العبيد
الأصول الثلاثة
كشف الشبهات
الكبائر
مختصر زاد المعاد
مختصر سيرة الرسول
تفسير الفاتحة
مسائل الجاهلية
أصول الإيمان
آداب المشي إلى الصلاة
فضائل القرآن
__________
(1) حاضر العالم الإسلامي , ج1
(2) تاريخ الشعوب الإسلامية . ترجمة الدكتور نبيه أمين ومنير البعلبكي
(3) الإسلام في نظر الغرب لجماعة من المستشرقين نقله للعربية إسحاق الحسيني .(1/35)
السيرة المختصرة، ومن ثمّ السيرة المطولة
مجموع الحديث على أبواب الفقه
مختصر الإنصاف والشرح الكبير
مختصر الصواعق
مختصر فتح الباري
مختصر الهدي
مختصر العقل والنقل
مختصر المنهاج
مختصر الإيمان
وله رحمه الله رسائل وأجوبة في التوحيد والنصائح وأجوبة في الفقه كثيرة مفيدة ، قد قامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بجمع وطباعة مؤلفاته في مجموع أسمته: مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، في أحد عشر مجلدا.
موقف العثمانيون من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب
بعد وفاة الإمام محمد عبد الوهاب - رحمه الله - ظلت الدعوة السلفيّة المباركة تنمو ويتسع نفوذها ويزداد أتباعها، وبلغ نفوذها أقصاه، وامتد سلطانها كل الجزيرة العربية، وحينئذ شعرت الدولة العثمانية بالخطر يقترب منها، وأن الحجاز يوشك- في ظل هذه الدعوة الفتية- أن يخرج من قبضتها، وهو أمر في غاية الخطورة والحساسية بالنسبة للدولة العثمانية، فالحجاز يمثل السيادة الروحية على العالم الإسلامي كله؛ نظرًا لوجود الحرمين الشريفين فيه، وفقده يعني زوال تلك السلطة الروحية والسيادة والزعامة الدينية التي يتمتع بها الخلفاء العثمانيون.
فاستنجد العثمانيون بمحمد علي باشا- والي مصر- وطلبوا منه تجهيز جيش لمحاربة تلك الدعوة وأتباعها، وبعد عدة معارك تمكن " محمد علي باشا " عليّه من الله ما يستحق، من قتل وأسر وتشتيت – الدعوة السلفيّة المباركة – في ذلك الوقت ولكن ( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً )(1).
__________
(1) سورة الطلاق : الآية 3(1/36)
وبالرغم من تلك الهجمة الشرسة التي قام بها أولئك الحاقدون على الدعوة الصحيحة النابعة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إلا الله عز وجل كتب لتلك الدعوة المباركة الانتشار والتأييد من جديد، فانتشرت في كثير من الأقطار الإسلامية: كالهند، والجزائر، واليمن، والحجاز من جديد وتأثر بها الكثير من المخلصين لله، والساعين لنشر سنة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في مصر، والأردن، وفلسطين، بل امتدت إلى المسلمين في الغرب وروسيا البيضاء، وأوربا، والعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني خير مثال على انتشار هذه الدعوة المباركة .
وما تزال دعوة السلف الصالح تجتذب المزيد من الأتباع والأنصار كل يوم في مواجهة ذلك الطوفان الهائل من البدع والخرافات والتغريب.
وفاته
وفي يوم الإثنين نهاية ربيع الآخر (1206هـ = 1792م) توفي الإمام المجدد وشيخ الإسلام المُوحد والعالم الجهبذ "محمد بن عبد الوهاب" بعد أن قويت دعوته، وانتشرت بين القبائل.
فرحمه الله رحمةً واسعة، وقدس روحه وطيب ثراه، آمين.
المجدد الثاني
الفقيه المُفَسِر، العالِم الرباني
سماحة الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي
اسمه ونسبه
هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل السعدي التميمي النجديّ الحنبلي.
وترجع أسرة آل السعدي إلى بني عمرو، أحد البطون الكبيرة، من قبيلة تميم المشهورة، ويقع بعض مساكن بني عمرو بن تميم في بلدة قفار إحدى القرى المجاورة لمدينة حائل.(1)
نشأته ومولده
ولد الشيخ عبد الرحمن - رحمه الله – في مدينة العلم والعلماء ( عنيزة – بالقصيم ) في المملكة العربية السعودية، في اليوم الثاني عشر من شهر محرم من السنة السابعة وثلاثمائة بع الألف ( 1307هـ) قبل وقعة المليدا الشهيرة بسنة واحدة.(2)
__________
(1) الشيخ عبد الرحمن السعدي ، سؤال وجواب في أهم المهمات ص3
(2) حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور ص12(1/37)
نشأ الشيخ - رحمه الله – يتيم الأبوين، إذ توفت والدته وعمره أربع سنين، ثم توفى والده وعمره سبع سنين، فكفلته زوجة والده - رحمها الله – وأحبته حباً جمّا أكثر من حبها لأولادها، فرعته حتى شب، ثم انتقل إلى بيت أخيه الأكبر ( حمد ) فقام برعايته وتربيته ، وكان – حمد – رجلاً صالحاً وهو من حملة القرآن ومن المعمرين .(1)
طلبه للعلم
نشأة الشيخ – رحمه الله – في بيئة وبيت كله علم ، مما جعله يبرز في طلب العلم منذ نعومة أظفاره ، فوالده ( ناصر الدين السعدي ) كان من العلماء ، وإماماً في مساجد مدينة عنيّزة . وأخيه ( حمد ) كما ذكرنا من حملة القرآن والصالحين – ولا نزكي على الله أحد.
وبدأ شيخنا - رحمه الله – طلب العلم فحفظ القرآن الكريم عن ظهر غيب قبل تمام الثانية عشر من عمره، واهتم بطلي العلم على علماء بلده ثم البلاد المجاورة، كما كان يستفيد من العلماء الذين يردون إلى بلده، فجعل جلّ وقته في تحصيل العلم ، حفظاً وفهماً ودراسة ومراجعة واستذكارا ، حتى أدرك في صباه من العلم مالا يدركه غيره في زمن طويل .(2)
__________
(1) الشيخ محمد العثمان القاضي – روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد 1/ ص220
(2) الشيخ عبد الله البسام ، علماء نجد خلال ستة قرون 2 / 423(1/38)
وكان من حرصه على حلقات العلم والذكر ومجالسة أهل العلم والسماع لدروسهم ومواعظهم ما لا يوصف، فهو شديد الحرص والمتابعة وهذا يظهر منذ نعومة أظفاره كما هو حاله في ( صباح سطوة آل سليم على بلده، وكان عمره آنذاك خمس عشرة سنة، وكان القصر فيه الرماة، والناس متحصنين في منازلهم خوفاً على أنفسهم، أما شيخنا - رحمه الله – وثب في خطاً ثابتة إلى بيت الله لأداء صلاة الفجر. فقابله بعضهم فخاطبه: إلى أين تريد الذهاب ؟! فقال – الشيخ : لصلاة الفجر !! فضربه حتى ألجأه إلى الانصراف إلى بيته، وعلى هذا كان حرصه على ألاّ تفوته صلاة واحدة في أشدّ الأزمات التي واجهته في عصره، وكذا كان حرصه على حضور دروس العلم.(1)
وتعلم القراءة والكتابة في سن مبكرة، ثم انكب على العلم وانقطع له، ولم يشتغل بأي من الأعمال التجارية حرصاً على طلب العلم (2). ولما لاحظ أقرانه في طلب العلم تقدمه عليّهم، ونبوغه المبكر تتلمذوا عليّه، وبدأوا يأخذون عنه العلم، وما لبثَ حتى فتح الله عليه آفاق العلم ، فخرج عمّا اعتاد عليه علماء بلده من الاهتمام بالفقه الحنبلي فقط ، إذ تطلع إلى كتب متعددة في التفسير والحديث والفقه ، وعنيّ بشكل خاص بكتب شيخ الإسلام ابن تيميّة وتلميذه ابن القيّم وسار على نهجهما في إتباع الأدلة والاستنباط (3).
__________
(1) الشيخ عثمان القاضي ، روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد – بشيء من التصرف
(2) صالح السليمان العمري ،علماء آل سليم وعلماء القصيم
(3) الشيخ عبد الله البسام ، علماء نجد خلال ستة قرون
وإذ أنصح كل طالب علم باقتناء ودراسة كتب شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه الفذ الهمام ابن القيم الجوزية ، لما فيها من الفائدة والقيم والحكم ، ففيها تجد التفسير والحديث والفقه واللغة ، فكلها درر وفوائد – رحمهما الله رحمة واسعة – فلقد بكت عليهم عيون العلماء ورثاهم الفضلاء ، وشهد لعلمهم الأصدقاء والأعداء .(1/39)
وخرج شيخنا - رحمه الله – من مرحلة التقليد إلى مرحلة الاجتهاد المقيد، فصار يرجح من الأقوال ما يرجحه الدليل ويصدقه التعليل، وكان إذا عرض عليه مسائل متعددة يجيب عليها باختصار غير مخل، وكانت فتواه غير طويلة، تدل على أنه سريع البديهة، قويّ الذاكرة، سريع الكتابة بديع التحرير، ولهذا نجد في مؤلفاته الكثير مما يدل على ذلك من اتصافها بالأسلوب الشيق الذي تفهمه العامة والخاصّة.
ميزته في طلب العلم
كان من شدّة طلبه للعلم - رحمه الله ( أن قرأ على مشايخ عصره في علم الحديث والتفسير والمصطلح والأصول والفروع وأصول الدين وعلوم اللغة العربية، وأكب على المطالعة في المتون العلمية، كما كان واسع الإطلاع في كل جانب من جوانب الحياة التي تتعلق بحياته وحياة الناس من حوله ، ليعرف حالاتهم ، وليكون عنده الدراية الواعية التي يتمشى بها في حياته .
وكان - رحمه الله – يميل كثيراً إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيميّة وتلميذه ابن القيم – كما ذكرت – ولهذا جاء من تأليفه في التفسير والحديث وغيّره وردٌ لا ينضب من العلم، ورفد لا يشح على متتبع لمؤلفاته )(1).
صفاته وأخلاقه (2)
منذ أن تربى وترعرع، كان صالحاً محافظاً على قواعد الدين ومحباً للخير والإحسان إلى الفقراء والضعفاء، وكان ذكياً محباً للمناقشة ومتواضعاً... طيب الخُلق والأخلاق في معاملته للصغير والكبير، الغني والفقير، وكان ورعاً زاهداً، عرض عليّه تولي القضاء سنة ( 1360هـ ) فرفض ذلك لانشغاله بطلب العلم.
__________
(1) حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور – جمع أحمد القرعاوي ص 16
(2) المجلة العربية العدد 95 السنة 9 للهجرة / كتاب حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور / الشيخ عبد الله البسام – علماء نجد خلال ستة قرون / الشيخ عبد الرحمن السعدي – تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان وكتاب الدرّة البهيّة شرح القصيدة التائية .(1/40)
وكان - رحمه الله – على جانب كبير من الأخلاق الطيبة الفاضلة، فهو عزيز النفس طلق الوجه لا ترى عليه سمات الغضب، محباً لأفعال الخير... وكان كثير الاجتماع بالعامة والخاصة، يشتاق لحديثه جميع الناس لسهولة وبساطة تعامله مع الآخرين.
ولقد وُصِفَ - رحمه الله – بأنه أرق من النسيم وأعذب من السلسبيل، لا يعاتب على الهفوة، ولا يواخذ بالجفوة، ويتحبب إليه البعيد والقريب، وكان جواداً بماله ونفسه وعلمه وبكل ما يستطيع القيام به، فلا يبخل بشيء أبداً مهما كانت الظروف.
كان يتكلم مع كل فرد بما يناسبه، ويبحث معه في المواضيع النافعة له، وكثيراً ما يحل المشاكل برضاء الطرفين في الصلح العادل، وهو على جانب كبير من الأدب والعفة والنزاهة والحزم في كل أعماله... فقد وضع الله له القبول في الأرض، وأعطاه محبة في القلوب، فكان الناس يحبونه محبة لا تقدر بثمن ، وكان له زعامة شعبية في النفوس ، فكانت كلمته مسموعة وأمره مطاعاً في كل الأقوال والأعمال التي تصدر عنه – بحيث كان لا ينطق إلا حقاً وصدقاُ ويتحرى ذلك دائماً .
كان مخلصاً لدين والعلم، حريصاً على مصالح المسلمين، راجياً من الله أن تكون مجتمعاتهم متمسكة بالدين، فكان كثيراً ما يتصل بالناس، ويتفقد أحوالهم، ويحل مشاكلهم، ويعلم الجاهل، ويرشد الضال، ويحقق لهم الخير... فكان - رحمه الله – لين الجانب متواضعاً، عليه وقار العلم والعبادة، تحس إذا جالسته كأنك مع أقرب الناس إليك لما تجده من الزهد والتواضع. ولم تقتصر أخلاقه على ذلك، بل كان لتلامذته وطلابه نصيب من ذلك.
صفاته الخَلقِيّة(1/41)
ذكر الشيخ محمد العثمان القاضي في روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد ، والشيخ عبد الرحمن السعدي في المختارات الجليّة عن صفات شيخنا - رحمه الله – أنه كان ( قصير القامة ، ممتلئ الجسم ، أبيض اللون مشرباً بالحمرة ، مدور الوجه طلقة ،كثيف اللحيّة البيضاء ، وقد ابيضت مع رأسه وهو صغير ... وكانت الكثافة في شعر لحيته أقرب من رأسه، كان وجهه يتلألأ كأنه فضّة، عليه نور في غاية الحسن، نيّر لا يُرى إلا مبتسماً...
صفته في التدريس
كانت صفته في التدريس والتعليم - رحمه الله – من أحسن الناس وأهل العلم تعليماً وابلغهم تفهماً – في زمانه ومكانه – فكان مرتباً لأوقات التعليم مستخدماً عدّة وسائل لتنشيط طلابه في حفظ المتون وغيرها... يختار العلوم المثمرة والكتب النافعة، يشاور تلاميذه ويأخذ برأي الأكثرية منهم، وهم يحرصون على تلقيّ العلم عليه والانتفاع بمؤلفاته التي ألفّها.
وكان ذا جلد وصبر وقوة على ملازمة الدروس وعدم الضجر، صبوراً على شدّة البرد وعلى شدّة الحر في الدروس والتعاليم، ولم يسمع عنه أنه تضجر مرّة واحدة.
شيوخه(1)
درس الشيخ - رحمه الله – على عدد من المشايخ، فأخذ العلوم والفنون المتنوعة منهم، سأذكر ما تيسر لي جمعه والإحاطة به من أصحاب الفضيلة العلماء الذين درسَ عليهم شيخنا - رحمه الله - في كل فنّ:
أخذ عن الشيخ إبراهيم بن حمد الجاسر في الحديث عندما عين قاضياً وجلس للتدريس فيها(2)، وهو أول من قرأ عليه .
قرأ القرآن الكريم وحفظه على الشيخ سليمان بن دامغ في مدرسته بأم خمار.
قرأ على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم في أكثر من فن من فنون الفقه وغيره
__________
(1) كتاب حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور – جمع أحمد القرعاوي – الناشر مكتبة الأمة – القصيم مدينة عنيزة / وبعض التراجم القصيرة التي نشرت في المجلات ومواقع شبكة المعلومات بعد وفاته - رحمه الله .
(2) الشيخ صالح بن سليمان العمري ، علماء آل سليم وعلماء القصيم(1/42)
قرأ على الشيخ علي بن ناصر أبو وادي، في الحديث والأمهات الست في الحديث وأجازه في ذلك.
قرأ على الشيخ العلامة محمد الشنقيطي – نزيل الحجاز قديماً - التفسير والحديث ومصطلح الحديث أثناء وجوده بمدينة عنيزة، وأخذ عنه سنداً بالرواية.
وأخذ من الشيخ العلامة محمد بن الشيخ عبد العزيز بن محمد المانع – مستشار المعارف بالمملكة العربية السعودية ( المتوفي 1385هـ رحمه الله ) وقد قرأ عليه في عنيزة وأخذ من علمه الغزير .
قرأ الفقه والنحو وعلوم العربية على الشيخ محمد بن عبد الكريم الشبل.
قرأ على الشيخ صالح بن عثمان القاضي ( قاضي عنيّزة ) في التوحيد والتفسير والفقه وأصوله والنحو وهو أكثر من قرا عليّه ولازمه قرابة عشرين سنة، حتى توفي - رحمه الله(1) .
وقرأ على الشيخ عبد الله بن عائض، والشيخ صعب بن عبد الله التويجري ، والشيخ علي السناني وغيرهم – رحمهم الله جميعاً .
طلابه وتلاميذه(2)
فأما تلاميذه فهم – والحمد لله – كثر لا يعدون بالأصابع، وسأذكر بعضاً منهم – حسب ما توفر لي من المراجع، وحسب من اشتهر منهم بالعلم من بعده، وذكري لهم لا للحسر ولكن من باب تعداد فضائل شيخنا - رحمه الله – ومدى تأثيره ومكانته عند طلاب العلم، ومن أشهرهم طلبة العلم الذين أخذوا عن الشيخ:
__________
(1) الشيخ عبد الرحمن السعدي – المختارات الجليّة – منهج السالكين . بقي شيخنا عبد الرحمن ملازماً للشيخ العلامة صالح بن عثمان القاضي حتى توفي الأخير – رحمه الله .
(2) حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور – جمع أحمد القرعاوي – مشيراً أنني لم اذكر جميع طلاب العلامة شيخنا السعدي ، وكتفيتً بذكر هذه الثلة الطيبة من العماء الذين تتلمذوا عليّه ، ليستبين لطالب العلم أن للعلماء علينا حق في احترامهم وتقديرهم . وللمزيد يراجع المصدر(1/43)
الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين، وهو الذي خلفه في التدريس والإفتاء في عنيزة، وهو إمام المسجد الكبيرة فيها، ومدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم (1).
الشيخ العلامة عبد الله بن عبد العزيز عقيل، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.
الشيخ علي بن حمد الصالحي، وقد وكل إليه – الشيخ عبد الرحمن – تدريس صغار الطلبة.
الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن البسام، عضو هيئة التمييز بالمنطقة الغربية.
الشيخ محمد بن منصور الزامل، المدرس بالمعهد العلمي بعنيزة
الشيخ عبد الله بن محمد العوهلي، المدرس بالمعهد العلمي بمكة المكرمة
الشيخ حمد بن محمد البسام، المدرس بالمعهد العلمي بعنيزة
الشيخ سليمان بن صالح البسام
الشيخ محمد بن عثمان القاضي ( أبن أستاذ الشيخ السعدي – رحمهم الله )
الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان، المدرس بمعهد إمام الدعوة بالرياض
الشيخ عبد الله بن محمد المطرودي ، ويحفظ صحيح البخاري بأسانيده
الشيخ محمد بن سليمان بن عبد العزيز البسام، المدرس بالحرم المكي
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد البسام، وهو النائب عن شيخه في حياته في الإمامة والخطابة.
الشيخ ابراهيم المحمد العمود، تقلب في عدّة مناصب قضائية آخرها قضاء المنطقة الشرقية.
الشيخ صالح العبد الله الزغيبي أمام المسجد النبوي الشريف
الشيخ عبد العزيز بن سبيل قاضي البكيرية، ثم مدرس بالمسجد الحرام
الشيخ عبد الله الخضيري، قاضي بلدة عفيف ثم مدرس بمعهد المدينة المنورة
الشيخ عبد الرحمن المحمد المقوش، قاضي الرياض ثم أحيل الى التقاعد
الشيخ سليمان بن ابراهيم البسام، درس في المعهد العلمي، وعيّن قاضياً فرفض.
الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن حنطي، قاضي الدرعية
__________
(1) سيأتي ذكره الطيب في الفصل الخامس – إن شاء الله(1/44)
هذه نقطة من سيّل، وقلّة من كثرة ، عدد يسير من جمٍّ غفير من طلاب الحق وأهل السنة والجماعة الذين تتلمذوا على شيخنا - رحمه الله – وهناك عدد أكبر من طلبة شيخنا – رحمه الله – ولكن خشية الإطالة لم يتسنى لي أن أذكرهم جميعهم ، وهناك أعداد كثيرة درست عليه وانتفعت به ومن علمه وسلوكه في مجالات مختلفة ومتعددة ، وهذا مما اقتصيّته وجمعته ، والله أسأل أن ينفعنا بهم جميعاً(1) .
أقوال أهل العلم فيه
ومما يدل على مكانة الشيخ - رحمه الله – ما قيل عنه من قبل أهل العلم المعاصرين واللاحقين له، ممن وقفوا على سيرته ونهلوا من علمه وقرؤوا مصنفاته، وتتبعوا مؤلفاته وكتبه، وسمعوا من فتواه أو خالطوه... ومن تلك الأقوال:
قال فيه الشيخ العلامة ابن مانع ( كان عالم عصرنا، وعلامة مَصرنا )
الشيخ العلامة عبد الرزاق العفيفي عميد معهد القضاء العالي في المصنف ( فمن العلماء في هذا العصر كثير ، ولكن قلّ منهم من يستقي الحكم من منبعه ، ويسنده إلى أصله ويتبع القول العمل ، ويتحرى الصواب في كل ما يأتي ويذر ، وإن من ذلك القليل فيما أعتقد الشيخ الجليل عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله ... )
__________
(1) أخي طالب العلم أنصحك بمطالعة ذكر محاسن الأعلام من العلماء والحكماء ، وليكن لك زاد من سيرهم ، مع ضرورة الوقوف على كتبهم ومؤلفاتهم ففيها الفائدة – إن شاء الله ، وإني والله لقد انشرح صدري لمّا قرأت أسماء طلاب وتلاميذ شيخنا - رحمه الله – فكيف بي إذا قرأت سيرهم وأخبارهم ، ففيها والله كل الخير . فالناظر في هذه الثلّة الطيبة من الطلبة يجد أنهم جميعاً علماء ودعاة ربانيين لهم به باع طويل وذكر جميل .(1/45)
قال الشيخ سليمان المشعلي ( كان عالماً جليلاً وقاضياً مسدداً... ولما علم بوفاته قال: مات اليوم عالم نجد وقد طاب الموت بعد هذه الشخصيّة الفذّة فانصدع ومات بعد وفاة الشيخ بتسعة عشر يوماً )(1)
مؤلفاته وكتبه(2)
لقد كتب الشيخ - رحمه الله – في صنوف وفنون عدّة وبعضها طبع والبعض الآخر لم يطبع بعد ، والناظر في مؤلفاته يجد سعة العلم وأصنافه وتعدد مجالاته لدى الشيخ - رحمه الله – وسأذكر ما تيسر لي الوقوف عليه من مؤلفات شيخنا العلامة عبد الرحمن السعدي ، وهي :
تيسير القرآن الكريم، وهو من أشهر كتب التفسير اليوم والمسمى أيضاً ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ) ويقع في ثمانية مجلدات، وطبع عدّة طبعات.
حاشية على الفقه أستدراكاً على جميع الكتب المتداولة والمؤلفة في المذهب الحنبلي – مخطوطة.
الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين – وهو توضيح لنونيّة ابن القيم - رحمه الله .
منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين – مطبوع
طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول – مطبوع
الدين الصحيح يحل جميع المشاكل – مطبوع
الفتاوى السعديّة ( 3 مجلدات ) مطبوع
فتح الرب الحميد في أصول العقائد والتوحيد – مطبوع
التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة أو المتينة
إرشاد أولي الألباب، لمعرفة الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب – سؤال وجواب – مطبوع
الإرشاد إلى معرفة الأحكام – طبعة جديدة بدل ( إرشاد أولي الألباب )
بهجت قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار – وهو شرح لتسعة وتسعين حديثاً .
توضيح الكافية الشافيّة ( نونيّة ابن القيم المشهورة )
الخطب على المناسبات - مطبوع
الخطب العصريّة القيّمة – مطبوع
__________
(1) الشيخ محمد العثمان القاضي – روضة الناظرين في مآثر علماء نجد
(2) كتاب حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور – جمع احمد القرعاوي(1/46)
الفواكة الشهيّة في الخطب المنبريّة - مطبوع
الدرة البهيّة – شرح القصيدة التائية لإبن تيميّة
رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة – مطبوع
فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليّه السلام
القواعد والأصول الجامعة، والفروق والتقاسيم البديعة النافعة
الدرّة المختصرة في محاسن الإسلام – مطبوع
القواعد الحسان لتفسير القرآن – مطبوع
تنزيه الدين وحملته ورجاله، مما افتراه القصيمي في أغلاله – مطبوع
وجوب التعاون بين المسلمين والجهاد الديني – مطبوع بالقاهرة
القول السديد في مقاصد التوحيد – مطبوع
تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن – مطبوع
الرياض الناضرة – مطبوع
الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين – مطبوع
التوضيح والبيان لشجرة الإيمان – مطبوع
الوسائل المفيدة للحياة السعيدة – مطبوع
فوائد قرآنية - مطبوع
انتصار الحق " محاورة دينية اجتماعية "
المواهب الربانية من الآيات القرآنية
سؤال وجواب في أهم المهمات
المختارات الجليّة من المسائل الفقهية - مطبوع
المناظرات الفقهية – مطبوع
مجموعة فقه، رسالة في القواعد الفقهيّة
منظومة مشتملة على أحكام الفقة، تعليق لطيف على منظومة في السير إلى الله والدار الآخرة
وللشيخ - رحمه الله – مؤلفات أكثر مما ذكرت ولكن هذا ما وفقت لجمعه والوقوف عليّه، وهناك أيضاً كتب للشيخ لم تطبع بعد.
وفاته
في عام واحد وسبعين وثلاثمائة وألف هجرية ( 1371هـ) أصيب الشيخ - رحمه الله – بمرض ضغط الدم وضيق الشرايين، فكان يعتريه المرّة بعد الأخرى وهو صابر عليّه مدّة خمس سنوات فزاد عليه المرض واشتد.(1/47)
فكانت أعراضه ظاهرة عليه أحياناً من خلال الكلام، فقد كان يقف أحياناً وهو يقرأ القرآن ثم يتكلم ويرجع إلى حالته الطبيعية، وفي عام (1372هـ) وأرسلت له طائرة تحمل لجنة أطباء لتشخيص المرض، فرأوا أن يسافر الشيخ الى لبنان ليتلقى العلاج هناك، إذ كان العلاج غير متوفر في السعودية آنذاك، فسافر إليها، وجلس فيها نحو شهر حتى شفاه الله.
وكان - رحمه الله – يستفيد من كل دقيقة ففي فترة علاجه تلك، تعرف على علمائها وفضلائها، ثم ( عاد إلى عنيزة ليكمل علمه وتدريسه مع نصح الأطباء له بأن لا يجهد نفسه، وأن يعطي لنفسه الراحة، لكنه لم يصبر على ترك العلم، وبدأ بالتعليم والتأليف والبحث مرّة أخرى )(1). ولكن ( ما لبث أن عاوده المرض مرّة ثانيّة أشدّ مما كان عليه من قبل وفي ليلة الأربعاء 22 من شهر جمادى الآخرة سنة 1376هـ أحس بشيء في جسمه مثل البرد والقشعريرة ، وبعد أن أكمل الدرس للطلاّب أتم صلاة العشاء الآخر إماماً وبعد السلام أحس بثقل وضعف ، فأشار إلى بعض تلاميذه أن يمسك بيده ويذهب به إلى بيته ، ففزع لذلك أناس آخرون من الذين حضر للصلاة ، وإن وصل الشيخ إلى بيته حتى أغمي عليه ، ثم أفاق بعد ذلك وذكر الله وأنثى عليه وحمده ، وتكلّم مع الموجودين عنده بكلام حسن وبعد ذلك عاوده الإغماء مرّة أخرى فلم يتكلم )(2) وفي صباح يوم الخميس سقط القلم من بين أصابع الشيخ ، وذاب الصوت القوي النديّ اللطيف ، الذي ملأ طباق الأرض علماً ، وسكت اللسان الذي جالت الحكمة والآي من فوقه ، وأطبقت الشفتان اللتان طالما تحركتا بالفقه والتأويل والتفسير ، وحيل بين الثرى وبين الثُريا برحيله ، وحزن الكثير ممن لم يكن لهم لقاء مع الشيخ في حِلَق الدرس والتلقي بين يديه ... فكان وفاته – يرحمه الله – قبيل الفجر يوم الخميس الموافق 22 جمادى الآخرة
__________
(1) الشيخ عبد الله البسام – علماء نجد خلال ستة قرون
(2) حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور – احمد القرعاوي(1/48)
سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف ( 1376هـ).
فسالت الدموع بفقده، وحزنت القلوب برحيله، وكان ذلك اليوم مشهوداً في تاريخ مدينة عنيزة... فكان يوماً لا يوصف، لما كان فيه الناس من الأحوال السيئة لوفاة عالمها الجليل.
صليّ عليه بعد صلاة الظهر في الجامع الكبير بعنيّزة يوم الخميس، وكان الناس في حشد عظيم امتلأ الجامع بهم، وكان جمعٌ غفير من المصلين والمشيعين للصلاة عليه.
ثم دفن - رحمه الله – في مقبرة الشهوانيّة ( شمالي عنيزة )، وبهذا قضى الشيخ - رحمه الله – حياته في العلم تعلماً وتعليماً وإفتاءً وتأليفاً، وتوفي عن عمر يناهز تسعاً وستين سنة، غفر الله له ورحمه وعفا عنه وأدخله فسيح جنانه.
المجدد الثالث
درّة العصّر، والعالم الهُمام
سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز
الاسم ومكان الولادة
هو سماحة الشيخ العلامة، الفقيه المحدث عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز. ولد بمدينة الرياض في ذي الحجة سنة 1330 هـ. كان بصير في أول الدراسة ثم أصابه المرض في عينيه عام 1346 هـ. فضعف بصره بسبب ذلك. ونسأل الله جل وعلا أن يعوضه عنهما بالجزاء الحسن في الآخرة، كما وعد بذلك سبحانه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
نشأته وبداية طلبه للعلم
بدأ الدراسة منذ الصغر وحفظ القرآن الكريم قبل البلوغ في مدينة الرياض عاصمة نجد، وجوّده على الشيخ سعد وقاص البخاري بمكة المكرمة ثم بدأ في تلقي العلوم الشرعية والعربية على أيدي كثير من علماء الرياض.(1/49)
فأخذ من مشاهير علماء نجد، وكان أكثر ما تلقَّاه عن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم وعليه تخرج في علوم الشريعة واللغة العربية ورأى أن من الغبن لنفسه أن يكتفي بما حصّله من تلك العلوم أيام طلبه وتلقيه عن مشايخه، لما في ذلك من هضمها حقها وحرمانها من الحظ الوافر في العلم والدين، فتابع الإطلاع والبحث ودأب في التحصيل وبذل جهده في تحقيق المسائل بالرجوع إلى نطاقها في أمهات الكتب كلما دعت الحاجة إلى ذلك في تدريسه وفيما يعرض له من القضايا المشكلة أيام توليه القضاء، وفي إجابته عما يوجه إليه من أسئلة تحتاج إلى بحث وتنقيب، وفي رده على ما ينشر من أقوال باطلة وآراء منحرفة فازداد بذلك تحصيله ورسوخه، ونبغ في كثير من علوم الشريعة وخاصة الحديث متنا وسندا، والتوحيد على طريقة السلف، والفقه على مذهب الحنابلة، حتى صار فيها من العلماء البارزين.
شيوخه
أخذ عن عدة مشايخ ودرس على أيدي كثيرين أغلبهم من آل الشيخ. ومنهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ. ومنهم الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ قاضي الرياض آنذاك. ومنهم الشيخ سعد بن حمد بن عتيق من آل عتيق قاضي الرياض آنذاك. ومنهم الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال آنذاك، ومنهم الشيخ سعد وقاص البخاري بمكة المكرمة أخذ عليه التجويد خاصة. ومنهم سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى، وهو الذي درس عليه جميع الدروس وكان له الحظ الأوفر في تحقيق العلوم على يديه، فقد لازم درسه نحو عشر سنوات حيث بدأ الدراسة. على سماحته ابتداء من عام 1347 هـ إلى عام 1357 هـ إلى أن رشحه سماحته إلى القضاء.
منهج الدراسة: قد تتعدد الدراسة في عدة فنون على عدة مشايخ في وقت معا أو على شيخ واحد في دروس متعددة، وقد كانت دراسة الشيخ - رحمه الله - لها نظامها الخاص، وهو نظام التدرج والبدء بالأهم.(1/50)
فأولًا: بدأ بدراسة العقائد وابتدأها بالأصول الثلاثة، ثم كشف الشبهات، ثم كتاب التوحيد، ثم العقيدة الواسطية، وهكذا في الفقه بالتدرج في المتون وكذلك الفرائض قرأها مرارا وكذلك في النحو في الأجرومية ثم الملحة، ثم القطر، إلخ …
ثانياً أوقات الدراسة ومكانها: كانت أوقات الدراسة مع سماحة المفتي كالآتي: في الصباح بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس في المسجد، ثم صحوة النهار في مجلس سماحة المفتي في البيت، ثم بعد الظهر، وبعد العصر، وبعد المغرب، عقب الصلوات في المسجد.
أبرز تلاميذه
نظرًا لما تميز به سماحة الشيخ – رحمه الله - من مكانة علمية عالية، ومنزلة رفيعة من العلم والهدى والتقى، أخذ العلم عنه عدد كبير وكثير ، وسأذكر من وسعني أن أذكره منهم، معتذراً لمن نسيته سهواً ، فإنني لم أتعمد إسقاطه، وذاك ليس بخلق حميد في أمر التراجم ؛ ولكن – والحمد لله – لكثرة تلاميذ الشيخ وطلابه ، وخوفاً من الإطالة اقتصر على هذا العدد الطيب منهم حسب ترتيب جلوسه للتدريس فأبدء بطلابه في الدلمم، ثم في المدينة ثم في الرياض .
أولا في الدلمم :
معالي الشيخ راشد بن صالح المستشار بالديوان الملكي، وأحد أعضاء هيئة كبار العلماء، ومن أكثر الطلاب ملازمة له ومن أكثرهم كتابة له في مجلس القضاء .
معالي الشيخ عبد الله بن سليمان المسعريي رئيس ديوان المظالم - سابقا
معالي الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله السالم أمين عام مجلس الوزراء وهو من الرياض ، محب للعلماء وطلبة العلم
الشيخ الفاضل محمد بن سليمان آل سليمان القاضي في المحكمة الكبرى بالدمام - سابقا - ورئيس جمعية تحفيظ القرآن بالمنطقة الشرقية، وأحد العلماء الفضلاء والوجهاء النبلاء
الشيخ عبد الله بن حسن بن قعود، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقا
الشيخ محمد بن زيد آل سليمان رئيس المحاكم الشرعية في الدمام، وعضو هيئة كبار العلماء(1/51)
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الشثريي المستشار بالحرس الوطني
الشيخ عبد الرحمن بن سحمان، كان كاتبا للشيخ، عمل رئيسا لمحكمة الأفلاج ، ثم قاضيا في هيئة التمييز للأحكام الشرعية
الشيخ حمد بن سعد بن حمد بن عتيق ، عمل قاضيا في محكمة التمييز ثم محالا على التقاعد .
الشيخ سليمان بن عبد الله بن حماد ، كان يقرأ على الشيخ الكتب التي سيلقي فيها دروسا في اليوم التالي
الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العزيز آل الشيخ - من الرياض .
الشيخ محمد بن أحمد بن سنان ، صاحب مدرسة ابن سنان لتحفيظ القرآن الكريم، نائب رئيس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، ومديرا لمدرسة تحفيظ القرآن الكريم الأولى بالرياض
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك - من الرياض - يعمل حاليا أستاذا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهو أحد كبار
الشيخ علي بن عبد الله بن حواس - رحمه الله - من علماء القصيم المعروفين
الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن جلال - رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدلمم .
الشيخ سليمان بن عبد العزيز آل سليمان- من بلدة اليمامة بالخرج ، أحد القضاة المعروفين ويعمل حاليا رئيس محكمة التمييز بالمنطقة الوسطى
الشيخ صالح بن حسين العلي - من العراق - كان من كتاب الشيخ في مجلس القضاء ومن الطلاب البارزين، عمل مديرا لمدرسة ابن عباس، ثم محاضرا في الجامعة الإسلامية، وله نفس طويل في نظم الشعر المطول - رحمه الله - .
الشيخ عبد الكريم السعيدان - من العراق - .
الأستاذ مسفر بن سعيد الزهراني - من زهران - كان يعمل آنذاك مديرا لبريد الدلمم.
الشيخ سعيد بن عياش الغامدي – من غامد - عمل رئيسا لمحكمة بلدة خميس مشيط.
الشيخ محمد بن عبد الله العديني - من اليمن
الشيخ سيف بن عبد الله العديني - من اليمن
الشيخ عبد الله يحيى اليمني - من اليمن
الشيخ سعيد العديني - من اليمن
الشيخ علي مهدي اليماني - من اليمن(1/52)
الشيخ محمود ياسين - من فلسطين - رشحه الشيخ ليكون أول مدير للمدرسة السعودية (ابن عباس) إبان افتتاحها عام 1368 هـ.
الشيخ محمد حسن العبد الرزاق - رحمه الله – فلسطين
الشيخ عبد القادر بن سليمان الأشقر - من فلسطين
الشيخ عبد الرحمن بن سعيد الناطور - من فلسطين
الشيخ عبد الكريم الهري - من الحبشة
ثانيا في الرياض :
زيد بن عبد العزيز بن فياض - رحمه الله - أحد كبار العلماء، وصاحب كتاب الروضة الندية في شرح العقيدة الواسطية
محمد بن سليمان الأشقر العالم المعروف صاحب كتاب زبدة التفسير عن فتح القدير
حمود بن عبد الله العقلاء الشعيبي، له باع في الفقه والعقيدة ويدرس الآن في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
عبد العزيز بن محمد آل عبد المنعم أمين عام هيئة كبار العلماء بالمرتبة الممتازة، وهو محل ثقة الشيخ وكان يستشيره في كثير من الأمور
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان أحد أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماءز .
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل سابقا، وعضو هيئة كبار العلماء - سابقا - وكان رئيسا لدائرة البحوث العلمية والإفتاء، وهو الآن يرأس مجلس إدارة مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية.
عبد الله بن عبد العزيز بن إدريس الأديب المعروف ورئيس نادي الرياض الأدبي، ولعل من أبرز كتبه شعراء نجد، وديوانه المشهور "في زورقي" .
علي بن سليمان الرومي نائب رئيس محكمة التمييز بالرياض وأحد العلماء المشهورين
صالح بن محمد بن رشود - المدرس بكلية الشريعة - سابقا
عمر بن عبد العزيز بن مترك المستشار في الديوان الملكي - سابقا
فالح بن سعد آل مهدي - رحمه الله - أحد العلماء المعروفين بقوة الفهم والحفظ
محمد بن صا لح العثيمين أحد كبار العلماء المعروفين، وأحد كبار المفتين في العالم الإسلامي مفسر فقيه نحوي ، وهو ممن لازم الشيخ عبد العزيز في المسجد والكلية(1/53)
عبد الله بن حسن بن قعود عضو هيئة كبار العلماء - سابقا - وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – سابقا
حمود بن عبد العزير السبيل أحد القضاة المعروفين، والفقهاء المشهورين
عطية بن محمد بن سالم القاضي بمحكمة المدينة، والمدرس بالمسجد النبوي، وتلميذ الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله
صالح بن عبد الرحمن الأطرم، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو الإفتاء، وعضو هيئة التدريس بكلية الشريعة
حسن بن عبد اللطيف بن مانع، المدرس بالمعهد العلمي بالشفاء، وأحد كبار العلماء
عبد الله بن محمد بن زاحم رئيس محاكم المدينة المنورة - سابقا - وعضو المجلس الأعلى للقضاء وإمام وخطيب المسجد النبوي .
علي بن محمد بن زامل: النحوي المعروف، وعالم القصيم في اللغة والنحو
عبد الله بن محمد بن رشيد عضو مجلس القضاء الأعلى
عبد الصمد بن محمد الكاتب - مدرس الجامعة الإسلامية - سابقا
يوسف بن محمد المطلق الداعية المعروف، والواعظ المشهور
عبد الله بن إبراهيم الفتوخ عميد كلية الشريعة - سابقا - ومدير عام الدعوة في الداخل - سابقا
علي الحمد الصالحي أحد علماء عنيزة ، وهو من كبار تلاميذ الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله
صالح بن محمد اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء بمرتبة وزير، وعضو هيئة كبار العلماء
صالح بن عبد العزيز المنصور، الفقيه المعروف، والمدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم
علي بن سليمان المهنا - أحد علماء المدينة النبوية، ورئيس محكمة المدينة المستعجلة - سابقا
محمد بن سليمان البدر عضو مجلس القضاء الأعلى، عضو هيئة كبار العلماء
محمد بن عبد الله الأمير - عضو مجلس القضاء الأعلى - وأحد أهل العلم والفضل
عبد الكريم بن مراد الآثري – مدرس في الجامعة الإسلامية(1/54)
العلامة الجهبذ عبد المحسن بن حمد العباد(1) - نائب رئيس الجامعة الإسلامية - سابقا - والمدرس حاليا بالمسجد النبوي
منصور بن حمد المالك - نائب رئيس ديوان المظالم - واحد العلماء المعروفين
محمد أمان علي الجامي - المدرس بالجامعة الإسلامية والمسجد النبوي
العلامة الجهبذ أبو بكر جابر الجزائري(2) - علم على رأسه نار - أحد علماء المدينة، والمدرس بالمسجد النبوي، وصاحب الكتب المفيدة النافعة
حمد بن محمد الفريان - عضو مجلس الشورى - حاليا - ووكيل وزارة العدل - سابقا - .
رومي بن سليمان الرومي - رحمه الله - المستشار في وزارة الداخلية - سابقا - واحد أهل العلم والفضل
سعد بن محمد الفريان - عضو الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، ورئيس تحرير مجلة الدعوة - سابقا - .
العلامة صالح بن فوزان آل فوزان - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وأحد كبار العلماء المعروفين على أوساط العالم الإسلامي
عبد الله بن حمد بن عبد الله الجلالي - الداعية المعروف نزيل عنيزة - حاليا
عبد الله بن سعد السعد - رحمه الله - وكيل الجامعة لشئون المعاهد العلمية
عبد الله بن محمد المنيف - المدرس بالمعهد العلمي بالرياض، وإمام جامع بن تركي بالشفا والداعية المعروف
عبد المحسن بن عبد الله الخيال - رئيس محاكم جدة - حاليا
محمد بن سليمان المهوس - رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام - حاليا
العلامة صالح بن غانم السدلان - العالم المعروف ورئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض وهو من شيوخنا الفضلاء
أبو بكر إسماعيل ميغا عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود
عبد الرحمن بن محمد آل سدحان - عميد كلية الشريعة بالرياض - حاليا
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام ، وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
__________
(1) سيكون له ترجمة كاملة - إن شاء الله
(2) سيكون له ترجمة كاملة – إن شاء الله(1/55)
غيهب بن محمد آل غيهب - قاضي التمييز بمحكمة الرياض – حاليا
علي بن مديش بجوي - عضو مجلس الشورى، وقاضي التمييز في الديوان الملكي
حمد بن عبد الرحمن الجنيدل - رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بكلية الشريعة بالرياض
العلامة عبد الله بن عبد المحسن التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ؛ وعضو هيئة كبار العلماء .
العلامة عمر بن سليمان الأشقر - الكاتب الإسلامي المعروف
محمد بن عبد الله العجلان - عضو مجلس الشورى
محمد بن عمد الرحمن بن مفدى - دكتور في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كلية اللغة العربية نحوي لغوي ضليع فيهما،
عبد الله بن سليمان المنيع - نائب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء - سابقا ، وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو مجلس الأوقاف الأعلى،
عمران بن محمد العمران - الكاتب المعروف، وعضو مجلس الشورى .
عبد الرحمن بن سليمان الرويشد - رئيس مجلة الشبل، والمستشار في وزارة الداخلية - سابقا - .
محمد بن سعد بن حسين - الأستاذ الدكتور بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بكلية اللغة العربية، وأحد الأدباء المعروفين
محمد بن عبد الخطراوي، نائب رئيس النادي الأدبي بالمدينة، وأستاذ اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز بالمدينة .
وهذا ؛ غيض فيض من طلاب سماحة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الذين درسوا عليه في المعهد العلمي وفي كليتي الشريعة واللغة العربية، إبان تدريسه بهما وهذا السرد الطويل ليس للحصر، بل هو للإشارة وضرب المثال، وإلا فهم أكثر من أن يحصوا ويعدوا ؛ وليعذرني من غفلت عن ذكر اسمه، من طلاب الشيخ ، فإن النفس مجبولة على الخطأ والوهم والنسيان، وليذكرني بذلك، فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
ثالثا في المدينة :
وذلك في الجامعة الإسلامية، وفي المسجد النبوي الشريف وهؤلاء أبرز الأسماء الذين وقفت عليهم من تلاميذه – رحمه الله :(1/56)
إبراهيم بن عبد الرحمن الحصين - رحمه الله - مدير مكتب الشيخ ، ومستشاره الخاص وأحد أولي العلم والفضل
عمر بر محمد بن فلاته المدرس حاليا بالمسجد النبوي، ورئيس مركز السنة النبوية – سابقا
محمد بن ناصر العبودي الأمين العام للجامعة الإسلامية - سابقا ، والأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي - حاليا
الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين مدير مركز الدعوة والإرشاد بعمان - الأردن
علي بن محمد بن ناصر الفقيهي - الأستاذ بالجامعة الإسلامية، ورئيس مركز شئون الدعوة بها - حاليا
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، الأستاذ بالجامعة الإسلامية، ورئيس قسم السنة بشعبة الدراسات العليا
عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف، نزيل الكويت - حاليا - رئيس دائرة الإفتاء بجمعية إحياء التراث الإسلامي
ذياب بن سعد السحيمي - القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة النبوية .
صالح بن سعد السحيمي الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة، ورئيس قسم العقيدة بشعبة الدراسات العليا
عبيد بن عبد الله الجابري، المدرس بالجامعة الإسلامية .
عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل عبد اللطيف المدرس بالجامعة الإسلامية .
محمد بن بكري السميري - الباحث العلمي برئاسة البحوث العلمية والإفتاء .
العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله أبو زيد، القاضي بالمحكمة المستعجلة بالمدينة المنورة
علي بن محمد بن سنان، العالم المعروف، والمدرس بالمسجد النبوي
عبد العزيز الشبل - رحمه الله - المدرس بالمسجد النبوي سابقا
علي بن عبد العزيز العايدي الداعية المعروف المتجول في بلاد أفريقيا
علي بن مشرف العمري الأستاذ بالجامعة الإسلامية – سابقا
محمد بن المجذوب بن مصطفى الأستاذ بالجامعة الإسلامية – سابقا
عبد الرحمن الحكواتي أحد الدعاة المعروفين في سوريا .
رابعا في الرياض من عام 1395 هـ:(1/57)
هذه أسماء بعض طلاب سماحة الشيخ - حفظه الله ورعاه - من المشهورين من كبار تلامذته وممن عرف عنه بالحضور والمواظبة على دروس الشيخ – رحمه الله
فهد بن حمين، العالم المعروف، وأحد كبار أهل العلم والفضل، وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهو أيضاً من تلاميذ الشيخ الإمام العلامة / محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله
العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، أحد العلماء والمعروفين، والمفتين المشهورين يمتاز بسعة العلم وسلامة المقصد
العلامة عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأحد العلماء المعروفين بسعة العلم، ودقة الفهم، والزهد والورع
عبد الله بن صالح القصير، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمستشار بوزارة الشئون الإسلامية، وأحد دعاة العقيدة المعروفين بالعلم والفضل
عمر بن سعود العيد، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأحد الدعاة
سلطان بن عبد العزيز الخميس عضو هيئة التدريس جامعة الملك سعود – سابقا
عبد العزيز بن حمد المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
عبد الله بن عبد العزيز الخضير المستشار بوزارة الشئون الإسلامية
عبد المحسن الزامل الموجه الديني بوزارة الدفاع، وأحد أفاضل كبار طلبة العلم، حافظ فقيه محدث
صالح بن عبد العزيز العقيل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وعين حديثا وكيلا لوزارة العدل للشئون القضائية .
عبد العزيز بن محمد السدحان، صاحب المؤلفات القيمة، وعضو هيئة التدريس بالكلية التقنية
عبد العزيز بن محمد الوهيبي، الداعية بوزارة الشئون الإسلامية، وأحد الدعاة المعروفين
سعد بن عبد الله البريك - الداعية المعروف ، والأستاذ بكلية إعداد المعلمين بالرياض
طارق العيسى ، رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت(1/58)
عبد الرحمن بن يوسف الرحمة - كاتب هذه الأسطر
ولديه طلاب ليس بالسهل أن نعدهم على اليد أو نحصرهم بعدد - فهم كُثر والحمد لله - فمن من قرأ عليه ومنهم من استقى من بحر علمه، وقسم قرأ كتبه وسمع أشرطته، وهؤلاء الثلة الطيبة إنما ذكرتها لتبيان مكانة الشيخ - رحمه الله – في نفوس طلبة العلم .
بحر العلوم وموسوعة الفقه
يعد فضيلته من كبار العلماء المجتهدين، حيث يسر الله له من العلوم في العربية ما يمكنه من النظر الكافي في العلوم الدينية، وقد كرس جهوده لأول وهلة في علوم الشريعة خاصة الفقه على مذهب الحنابلة، ثم أولى الحديث عنايته التامة، وكذلك علوم القرآن الكريم مما جعل سماحته يعد في علماء العالم الإسلامي البارزين حفظهم الله تعالى. غير أنه يمكن أن يعد في علماء الفقه والحديث والعقيدة وله مؤلفات في ذلك وفتاوى عدة، ولقد تولى الشيخ – رحمه الله – أعمال ومناصب مختلفة، منها:
ولي القضاء في منطقة الخرج أربعة عشر عاما، وأشهر وذلك من عام 1357 هـ إلى 1371 هـ ولم يكن عمله في القضاء قاصرا على مهمة المحكمة بل كان يعنى بشئون المنطقة العامة من تعليم وزراعة وصحة، ويراسل المسئولين في كل ما من شأنه إصلاح المنطقة حتى كان وجوده كوجود الأب المشفق حول أبنائه في وسطهم يعني بكل ما يهمهم. ولم تزل آثاره الإصلاحية باقية حتى الآن.
انتقل إلى التدريس في المعاهد والكليات أول افتتاحها عام 1371 هـ إلى عام 1380 هـ حين فتحت الجامعة وكان - رحمه الله - أثناء علمه في ميدان التدريس أسند إليه تدريس ثلاثة فنون هي الفقه، والتوحيد، والحديث، في كلية الشريعة.
أسند إلى فضيلته نيابة رئاسة الجامعة الإسلامية من عام 1381 هـ وكان ذلك ولله الحمد نعمة من الله تعالى، خاصة في بدء تكوينها حيث تحتاج إلى التسامح والرفق مع الحزم والحكمة.
وفي عام1390 هـ تولى فيه رئاسة الجامعة الإسلامية حتى عام 1395 هـ.(1/59)
وفي 14/ 10/ 1395 هـ صدر أمر ملكي بتعيين سماحته في منصب الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بمرتبة وزير.
وفي محرم عام 1414 هـ عين سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- مفتيا عاما للمملكة العربية السعودية
وفي العام نفسه عيّن رئيسا لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير حتى توفي - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-.
كما تولى رئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي
ورئاسة المجلس الأعلى العالمي للمساجد
ورئاسة المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
وعضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة
وعضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية
وعضوية المجلس الاستشاري للندوة العالمية للشباب الإسلامي وغيرها من المجالس والهيئات الإسلامية. والمؤتمرات العالمية التي عقدت في المملكة العربية السعودية والتي يسرت أمامه سبل الاتصال وتبادل الرأي مع الكثير من الدعاة وعلماء المسلمين في شتى أنحاء العالم.
صفاته وأخلاقه (1)
كان سماحة شيخنا - رحمه الله " رقيق القلب، قريب الدمعة، نقي السريرة، طاهر الفؤاد، صافي الروح، حلو الموعظة، كريم الخلق، باسم المحيا، ذكّارا شكّارا، صوّاما قوّاما، عذب الحديث، هيّنا ليّنا، متواضعا، مخبتا لله، لا يحقد ولا يحسد، ولا يتكلّف ما ليس عنده، يده بالعطاء ندية، وبالخير سخية؛ فهو بحق غرة هذا الزمان، وحصن الفضيلة، وسيف الإسلام المنافح عن عقيدة التوحيد، والذابّ عن حياض السنة، والمكافح ضد البدع والمنكرات، وإذا ذكر الصالحون فحي هلا بسماحة إمامنا وعالمنا وشيخنا عبد العزيز بن باز.
أوصافه الخلقية
__________
(1) صاحب كتاب الايجاز في ترجمة الإمام عبد العزيز بن باز - عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن الرحمة – بشيء من التصرف(1/60)
كان الشيخ - رحمه الله - يمتاز باعتدال في بنيته، مع المهابة، وهو ليس بالطويل البائن، ولا القصير جدا، بل هو عوان بين ذلك، مستدير الوجه، حنطي اللون، أقنى الأنف، ومن دون ذلك فم متوسط الحجم، ولحية قليلة على العارضين، كثة تحت الذقن، كانت سوداء يغلبها بعض البياض فلما كثر بياضها صبغها بالحناء، وهو ذو بسمة رائعة تراها على أسارير وجهه إن ابتسم؛ وهو عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ويمتاز بالتوسط في جسمه فهو ليس بضخم الكفين ولا القدمين؛ وأوصافه فيها شبه من أوصاف العلماء السابقين - رحمهم الله.
هيئته ولباسه يعتبر
كان يرحمه الله - حسن الهيئة، جميل المظهر، ولا يتكلف في ذلك أبدا، ويحرص جدا على لباس البياض في ثيابه، ويحب ارتداء الثياب الواسعة، وثيابه تصل إلى أنصاف ساقيه، ويزين ثيابه بمشلح وعباءة عودية اللون، وهو سلفي في المظهر والشارة.
صفاته الخُلقية
إنه لمن المعلوم المتواتر عند جميع الناس أن سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - ممَّن تميَّز بالخلال الحميدة، والخصال الرشيدة، وجميل الأخلاق، وطيب الفعال، وعظيم التواضع، وهو ممن يقتدى به في الأدب والعلم والأخلاق، بل هو أسوة حسنة في تصرفاته وسمته وهديه المبني على كتاب الله العظيم، وسنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم، وخاصة في زهده وعبادته وأمانته وصدقه، وكثرة التجاءه وتضرعه إلى الله، وعظيم خشيته لله، وذكاء فؤاده وسخاء يده، وطيب معشره، مع إتباع للسنة الغراء، وكثرة عبادة.
واختصارا للقول أن هذه الثلة الطيبة من العلماء - رحمهم الله - كانت لهم صفات حسنة، وخِلال جميلة، وشِيم كريمة، ومناقب فذّة عظيمة، يجدر بنا أن نتناولها بشيء من التفصيل. ولكن المقال لا يحتمل، وهناك التراجم المصنّفة – ولله الحمد والمنّة.(1/61)
لقد عرف قدر نفسه، وتواضع لربه أشد التواضع، فهو يعامل الناس معاملة حسنة بلطف ورحمة ورفق ولين جانب، لا يزهو على مخلوق، ولا يتكبر على أحد، ولا ينهر سائلاً، ولا يبالي بمظاهر العظمة الكاذبة، ولا يترفع عن مجالسة الفقراء والمساكين، والمشي معهم، ومخاطبتهم باللين، ولا يأنف أبدا من الاستماع لنصيحة من هو دونه، ومما يندرج تحت هذا الخلق خلقا: السكينة والوقار، وهما من أبرز صفاته - رحمه الله - وهما أول ما يواجه به الناس سواء القرباء أو البعداء، جلساءه أو زواره...
الحلم وسعة الصدر
ومن صفاته الحميدة، وفضائله الرشيدة، التي تميز بها سماحته - رحمه الله - على غيره من العلماء، صفة الحلم وسعة الصدر، ولا شك بل ولا ريب أن الحلم من أشرف الأخلاق، وأنبل الصفات، وأجمل ما يتصف به ذو العقول الناضجة والأفهام المستنيرة، وهو سبيل إلى كل غاية حميدة، وطريق المحب إلى كل نهاية سعيدة. ولقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة الحليم، وما له من أجر وثواب عظيم عند الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج بن عبد القيس:( إن فيك خصلتين يحبهما الله الأناة والحلم ( (1) وبلوغ الحليم لمنزلة محبة الله ورسوله ليس بمستغرب، وذلك لأن الحلم هو سيد الفضائل، وأسّ الآداب، ومنبع الخيرات، ومصدر العقل، ودعامة العز، ومنبع الصبر والعفو.
صفة التدريس
__________
(1) متفق عليه(1/62)
كان – رحمه الله - مثلا لرحابة الصدر، وإبانة المسائل، وتربية الطلاب على طريقة الترجيح، ولا سيما أن مواطن الدرس في كل من الحديث والفقه كانت متفقة، فمثلا يدرس باب الزكاة في الفقه وباب الزكاة في الحديث، فإذا كانت حصة الفقه قرر المسألة على مذهب الحنابلة بدليلها. عندهم وإذا كان درس الحديث قرر المسألة على ما تنص عليه الأحاديث فإن وافقه المذهب كان تأييدا له، وإذا خالفه أشار إلى وجه الترجيح ودعا إلى الأخذ بما يسانده الدليل، بدون تعصب لمذهب معين ومما يحفظ لفضيلته: عدم التثاقل من السؤال وتوجيه الطالب إلى أراده، وربما توقف عن الإجابة وطلب الإمهال إذا كانت المسألة تحتاج إلى نظر وتأمل ، بأن كانت من مواضع الخلاف مثلا ، وكان بعيد العهد بها ، وفي ذلك كما يقول علماء التربية الحديثة بعث النشاط في همة الطالب وبث روح الثقة بالنفس ، وتفتح آمال التحصيل عند الطالب ، حيث يشعر أن العلم بالبحث والدرس ، وأنه لا يقدم على القول إلا بعد المعرفة التامة . وفي العقائد كان مثال الاعتدال، لا هو من أولئك المتطرفين الذين يطلقون عبارات الشرك والكفر على كل صغيرة وكبيرة، ولا هو من المتساهلين الذين يغضون النظر عن صغار الأمور. بل كان ينبه على الصغيرة والكبيرة، ويضع كل شيء في موضعه، يجعل الشرك شركا والبدعة بدعة، حتى جعله بعض من لقيه من غير المملكة العربية السعودية مقياسا عادلا لمبدأ الدعوة ورجالها عدالة واعتدالا، ولم يزل كذلك حتى وهو في علمه الإداري إذا جلس للدرس في المسجد أو غيره.
مواقف من حياته(1/63)
ولقد منّ الله تعالى على سماحته - رحمه الله - فجمع له بين أكرم خصلتين، وأعظم خلتين وهما العلم والحلم، فبهما تميز عن غيره في زمنه، ولذا اتسع صدره، وامتد حلمه، وعذر الناس من أنفسهم، والتمس العذر لأغلاطهم. ولعل من المناسب إيراد ما يدل على حلمه وسعة صدره، وشفعته على الناس، فمن ذلك أنه دخل عليه في مجلس القضاء في الدلم، رجل كثير السباب فسبَّ الشيخ وشتمه، والشيخ لا يرد عليه، وعندما سافر الشيخ / عبد العزيز بن باز إلى الحج توفي هذا الرجل فجهّز للصلاة عليه، في جامع العذار، وكان إمامه آنذاك الشيخ / عبد العزيز بن عثمان بن هليل، فلما علم أنه ذلك الرجل تنحى وامتنع عن الصلاة عليه، وقال: لا أصلي على شخص يشتم عالم من علماء المسلمين مثل الشيخ ابن باز، بل صلوا عليه أنتم؛ فلما عاد الشيخ عبد العزيز من الحج وأخبر بموت ذلك الرجل ترحم عليه، وعندما علم برفض الشيخ ابن هليل الصلاة عليه، قال: إنه مخطئ في ذلك، ثم قال دلوني على قبره فصلى عليه وترحم عليه ودعا له.
ودخل عليه رجل آخر عنده قضية في الصباح الباكر، والشيخ يدرس الطلاب في الجامع - جامع الدلم - فوقف هذا الرجل عليهم، وأخذ ينادي بصوت مرتفع قائلا: قم افصل بين الناس، قم افصل بين الناس، واترك القراءة، فلم يزد الشيخ على أن قال: قم يا عبد الله بن رشيد، وأخبره يأتينا عندما نجلس للقضاء بعد الدرس.
وأخبرته برجل اغتابه سنين عديدة متهما إياه بصفات بذيئة، ونعوت مرذولة وأنه يطلب منه السماح والعفو، فقال: أما حقي فقد تنازلت عنه، وأرجو الله أن يهديه ويثبته على الحق.(1/64)
ولقد جمعت لكَ أخي الكريم بعض مواقف سماحة شيخنا ابن باز - رحمه الله – وردوده الثابته والمبنيّة على الحق، فمع كثرة مشاغله – يرحمه الله - في الدعوة إلى الله والتعلم والتدريس والإفتاء إلا أنه أيضا سخر قلمه في نصرة الحق وأهله, فتارة يناصح رئيسا وتارة يتعقب كاتبا وتارة يصحح مفهوما خاطئاً وتارة يكشف شبهة وهكذا.. وهذه نماذج من مناصحته ورسائله اكتفى بالإشارة إليها دون نقل تفاصيلها ليسهل الرجوع إليها لمن أراد الاستفادة منها:
من مواقف سماحة الشيخ
رسالته للملك فيصل يحثه فيها على الدعوة إلى الله ومناصحة رؤساء بعض الدول بتحكيم شرع الله "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (6/72)
رسالته إلى الرئيس ضياء الحق رحمه الله يشجعه ويهنئه على إعلانه تحكيم شرع الله "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (4/185)
رسالة يوصي بها أميرا بتحكيم شرع الله وإتباع الحق بمناسبة تعيينه. "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (6/229)
رسالة إلى بعض أمراء الخليج يحثهم فيها على إزالة قبر يعبد من دون الله في بلادهم "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (6/228)
رسالة إلى قادة الدول العربية أوصاهم فيها بأربعة أمور مهمة.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (6/63)
رسالة إلى صدام حسين ينكر عليه فيها إعلانه للنظام الاشتراكي في العراق "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (7/394)
نصيحة لحكام المسلمين وعلمائهم. "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (6/62)
رسالة لرئيس ليبيا معمر القذافي حول وجوب العمل بالسنة وتحكيم شرع الله وحول ما ذكرته الكاتبة الإيطالية عنه. "مجلة البحوث الإسلامية" العدد (5) ص (262)
الرد على دعاة القومية "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (1/284) وقد طبع هذا الرد في كتيب باسم " نقد القومية العربية "
الرد على من قال: إن الجهاد دفاع فقط "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " (3/171)(1/65)
الرد على من يقول الإسلام انتشر بالسيف "مجموع فتاوى سماحة الشيخ"(3/1089) " مجموع فتاوى سماحة الشيخ " (3/1078)
الرد على من اعتقد صحة دين اليهود والنصارى "فتاوى إسلامية" (1/67)
الرد على دعاة التقارب بين الأديان "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/80)
تعقبه على فتوى المحدث العلامة الشيخ الألباني حول فتوى تحريم الذهب المحلق "مجلة البحوث الإسلامية" العدد (12) ص (124)
تعقبه على تعليقات الشيخ حامد الفقي على كتاب فتح المجيد وهي ملحقة بآخر كتاب "فتح المجيد" تحقيق أشرف بن عبد المقصود
تعقبه على محمد سعيد البوطي حول بعض الأمور التي زال فيها "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (4/353)
الرد على من ينكر نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (1\433)
الرد على من استدل على وفاة عيسى عليه السلام " فتاوى اللجنة الدائمة " (3/229 و 232)
الرد على الطريقة التيجانية "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/224 -250)
الرد على البريولية "فتاوى اللجنة الدائمة " (2/283)
الرد على طائفة الدروز "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/287-306) وانظر مجلة البحوث الإسلامية" العدد (36) ص (85)
الرد على الشيوعية والمنتمين إليها "فتاوى إسلامية" (1/161)
الرد على البهائية والقاديانية والمنتمين إليها "فتاوى إسلامية" (1/163)
الرد على بعض معتقدات الصوفية "فتاوى إسلامية" (1/159)
الرد على الماسونية "مجلة البحوث الإسلامية"" العدد (36) ص (105)
الرد على من قال: الخوارج هم أنصار علي "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " (6/341)
الرد على من يريد التقريب بين أهل السنة والرافضة "مجموع فتاوى سماحة الشيخ " (3/1103)
الرد على أصحاب الأفكار الهدامة "مجلة البحوث الإسلامية " العدد (26) ص (7)
الرد على المنادين إلى اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل "مجلة البحوث الإسلامية " العدد (6) ص (297) والعدد (32) ص (83)(1/66)
الرد على رشاد خليفة حول إنكاره للسنة المطهرة "مجلة البحوث الإسلامية " العدد (9) ص (39)
الرد على من يعتبر الأحكام الشرعية غير متناسبة مع هذا العصر "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " (4\415)
الرد على من يزعم أن في الدين قشور "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " (6/323)
الرد على من يستدل بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم على جواز بناء المساجد على القبور. "مجموع فتاوى سماحة الشيخ" (2/760)
الرد على من يقول الصحابة رجال ونحن رجال فيستقل في فهمه وعلمه "مجموع فتاوى سماحة الشيخ" (3/1270)
الرد على من يجيز تمثيل الأنبياء والصحابة "مجلة البحوث الإسلامية" العدد (42) ص (113) وانظر "مجموع فتاوى سماحة الشيخ" (3/1257)
أقوال أهل العلم فيه
يقول سماحة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله:( إن "ابن باز" هذا اسم عال في سماء العصر وعنوان بارز في رجال الجيل يسمو على التلقيب بالألقاب " ابن باز " يترفع عن التحلية بالنعوت، والعرب بفطرتها الصاخبة تنكر حاجة الأعلام للألقاب حتى قالوا " وهل يخفى القمر ". والأصالة العربية تنزع إلى التجريد فتتعلق بالجواهر والمعاني فتنادي عظماءها بأسمائهم المجردة ثقة بنفسها وثقة بعظيمها. وإنه الشيخ الإمام العالم الحبر البحر سماحة الوالد عبد العزيز بن باز - رحمه الله - فله تكوينه السوي وفقهه الواثق وروحه المتوثبة في قيم خلقية صافية، ترفعت على الشهوات نفسه، وتحلت بالإيثار خليقته، ويصرفه عقل دارك وقلب يقظ... كان - رحمه الله - يجمع بين الهمة العالية والخشوع والخضوع، سر الإعجاب أنه متواضع في بساطة مع كم من القيم والمثل العليا. رجل فذ يحمل المسئولية بقوة ويرسم المنهج بكفاءة )(1).
__________
(1) سماحة الشيخ صالح بن حميد ، إمام الحرم المكي ، والمشرف العام على رئاسة شؤون الحرم المكي والمسجد النبوي(1/67)
يقول الشيخ د. عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ - حفظه الله :( لقد كان سماحته على قدر كبير من فهم مقاصد الشريعة وأهدافها والفهم الحقيقي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر العلم وتقدير وفهم مسئولية الدولة وكان في هذا كله مرجعا للجميع من الكبار والصغار والعلماء وعامة المسلمين وكان لكل هؤلاء الرجل الذي يبذل جل وقته لقضاء حوائج الناس وإرشادهم حتى أصبح مثلا أعلى وقدوة حسنة للجميع العالم والعامي الكبير والصغير الرئيس والمرءوس مجمعا عليه إجماع لا يقبل الشك ولا الاختلاف فكان بذلك نادرة زمانه وعالم عصره وإمام وقته ).
يقول أ.عبد العزيز بن عبد الله السالم ( وممن تميز في حاضرنا بهذا النهج الواضح وسلك هذا السبيل المستقيم وحقق منجزات مباركة في حقل الدعوة والإرشاد وفي مجال العلم والإصلاح: سماحة شيخنا الوالد الكريم عبد العزيز بن باز. العالم الرباني الذي نذر نفسه لله تعالى، فلم يكن للدنيا نصيب عنده لشغله عما أعد لنفسه فيما يستقبل بعد مفارقته لهذه الدنيا لقد كان شيخنا - تولاه الله برحمته - العاقل الفطن الذي عمل لآخرته لأنها المصير الذي لا مصير بعده ولم يلتفت إلى الدنيا التي كانت تغر سواه ).
يقول سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم شقرة - حفظه الله:( فرحم الله الشيخين الأنورين، فقد والله ما منيّت الأمة منذ عقود طويلة بمثل ما منيّت به من موتهما: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الزاهد، الداعية، دثار الحكمة ورواء التأويل. والشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر، ورافع لواء السنّة، وشمس الأمة، رحمهما الله، وأجزل لهما الأجر، ووفّانا نعمة الشكر على ما أبقينا فينا من بعدهما، ونعمة الصبر على مصابنا فيهما )(1)
شعر الشيخ الداعية د. عائض القرني في رثاء العلامة ابن باز - رحمه الله
__________
(1) مقال رفعت الأقلام وجفت الصحف وقضى نحبه علم الأمة وشيخ السنّة الألباني – للشيخ محمد بن إبراهيم شقرة(1/68)
رحلت وأرواح الملايين تعصر ... وأجفاننا من حزن فقدك تمطر
كأنا يتامى بعد موتِكَ كلنا ... وكنت لنا نعم الإمام المدبر
بكتك العلا والدين والمجد والتقى ... وضجَّ لفراقكم كتاب ومنبر
إلى اين يا رمز السماحة والنُّهى ... إلى أين يا ذاك الثناء المعطر
دُعيتَ فلبيّتَ النداء مسافراً ... فكم أضحت الأيام بعدك تقصر
فلو أن هذا الموت يقبل فدية ... فديناك بالأرواح والأمر أيسر
عليك سلام الله ما اهتز شوقنا ... إليك ورضوان من الله أكبر
مؤلفاته وكتبه (1)
لقد أثرى الشيخ - رحمه الله - المكتبة الإسلامية بمؤلفات عديدة، قيمة في بابها، واضحة العبارات رصينة في أسلوبها، تطرق فيها إلى جوانب من العلوم الشرعية، والقضايا الاجتماعية، وذلك من أجل إبراء الذمة، ونصح الأمة، وبيان الحق لها، وتحذيرها من الباطل والضلال وأسبابهما، وكتب سماحته ومؤلفاته زاخرة بالعلم الشرعي، من الأدلة الواضحة من كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأقوال الأئمة المرضيين من السلف الصالحين، ومن سار على نهجهم من أئمة الدين، فنجده - رحمه الله -قد كتب في العقيدة الإسلامية بأنواعها وأقسامها المختلفة، ونبه إلى البدع والمنكرات، وألف في الفقه وأصوله وقواعده، وفي العبادات والمعاملات والبيوع المحرمة، وكتب في الحديث وأصوله ومصطلحاته، وفي الأذكار وفوائدها.
وفي التراجم، وعن المرأة المسلمة ودورها في بناء المجتمع، وإنقاذها من براثن الكفر والشبه الضالة، وفي التشريع والجهاد في سبيل الله ، وفي فضل الدعوة إلى الله، ومسئولية الشباب المسلم، وفي الحض على الزواج المبكر، كما أنه كتب كتبا تدفع المطاعن والشبهات في الدين، وكتب في الغزو الفكري، والقومية العربية، والحداثة الشعرية .
__________
(1) الايجاز في ترجمة الامام عبد العزيز بن باز(1/69)
فهذه الكتب المتنوعة يجمعها صدق النصيحة، مع صدق العبارة، مع الأسلوب الواضح المفهوم لخاصة الناس وعامتهم، فنفع الله بهذه المؤلفات نفعا عظيما، حتى أن كثيرا منها قد ترجم لعدة لغات؛ لكي يستفاد منه أشد الاستفادة، حتى أنني رأيت بعض كتب سماحته - في أدغال أفريقيا - وهي وصلت إلى كل بقعة من العالم الإسلامي ويحكي لي بعض الدكاترة المصريين: أنه رأى في معرض الكتاب الدولي في القاهرة صفا طويلا "أي طابورا" فاستغرب لهذا المنظر الغريب، والأمر العجين، فأخذه حب الاستطلاع إلى الوقوف مع الناس، فإذا به يفاجأ بأن الصف من أجل أخذ كتاب " التحذير من البدع " لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - يقول: فكبرت بأعلى صوتي وقلت: "جاء الحق وزهق الباطل ".
وهكذا - يهيئ الله لمن أخلص نيته، وأحسن قصده، القبول في جميع الأرض، وعند جميع طبقات العالم الإسلامي.
ومؤلفاته على النحو التالي:
أ- القسم الأول: الرسائل الكبيرة والمتوسطة
الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب.
الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس وسكون الأرض
إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين.
الإمام محمد بن عبد الوهاب: دعوته وسيرته.
بيان معنى كلمة لا إله إلا الله.
التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة.
تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل
العقيدة الصحيحة وما يضادها
تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة إلى الشيخ أحمد.
وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها
الدعوة إلى الله سبحانه وأخلاق الدعاة
الرسائل والفتاوى النسائية: اعتنى بجمعها ونشرها أحمد بن عثمان الشمري.
فتاوى إسلامية - ابن باز - ابن عثيمين - ابن جبرين .
فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.
فتاوى المرأة لابن باز واللجنة الدائمة جمع وترتيب محمد المسند.(1/70)
فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة.
فتاوى وتنبيهات ونصائح.
الفوائد الجلية في المباحث الفرضية
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة أشرف على تجميعه وطبعه د. محمد بن سعد الشويعر . من مجلد ( ا – 12 ) طبعة دار الإفتاء.
مجموعة رسائل في الطهارة والصلاة والوضوء.
مجموعة الفتاوى والرسائل النسائية.
نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع.
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها.
شرح ثلاثة الأصول
ب- القسم الثاني : الرسائل الصغيرة
موقف اليهود من الإسلام.
فضل الجهاد والمجاهدين.
الأذكار التي تقال بعد الفراغ من الصلاة.
إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك.
التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله.
التحذير من البدع .
التحذير من القمار وشرب المسكر.
التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج.
تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار.
تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة للشيخ أحمد خادم الحرم النبوي.
ثلاث رسائل في الصلاة: ( كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وجوب أداء الصلاة في الجماعة، أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع )
الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح.
الجواب المفيد في حكم التصوير.
حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات أو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته، والرد على الرئيس أبي رقيبة فيما نسب إليه من ذلك.
حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار.
حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإشارة إليها بالحروف
حكم الغناء.
حكم مقابلة المرأة للسائق والخادم.
خطر مشاركة الرجل للمرأة في ميدان عمله.
الدروس المهمة لعامة الأمة.
رسالتان موجزتان عن أحكام الزكاة والصيام.
رسالة عن حكم شرب الدخان.
رسالة في إعفاء اللحى.
رسالة في الجهاد في سبيل الله(1/71)
رسالة في حكم السحر والكهانة.
رسالة في مسائل الحجاب والسفور.
رسالة في وجوب الصلاة جماعة.
رسائل في الطهارة والصلاة.
السفر إلى بلاد الكفرة.
العقيدة الصحيحة وما يضادها.
عوامل إصلاح المجتمع مع نصيحة مهمة عامة.
الغزو الفكري ووسائله.
فتاوى في حكم الغناء والإسبال وحلق اللحى والتصوير وشرب الدخان
فتاوى ورسائل في الأفراح.
ماذا يجب عليكم شباب الإسلام.
مجموعة رسائل في الصلاة.
فتاوى بشأن الخدم والسائقين وخطرهم على الفرد والمجتمع.
نصيحة وتنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع.
هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم.
وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه.
في ظل الشريعة الإسلامية.
وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة.
دعوة للتوبة.
بيان لا إله إلا الله.
العلم وأخلاق أهله.
أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة.
أصول الإيمان.
لا دين حق إلا دين الإسلام.
التحذير من الإسراف والتبذير.
يا مسلم احذر تسلم.
بيان التوحيد.
السحر والخرافة.
الأجوبة المفيدة عن بعض رسائل العقيدة.
رسالة في التبرك والتوسل.
مسئولية طالب العلم.
إعصار التوحيد يحطم وثن الصوفية.
نصائح عامة
وفاة العلامة
وذرفت عيناه بدموعٍ رقيقة، وتنهد تنهيدة عميقة، ثم قال: ( إنا لله وإنا إليه راجعون.اللهم أجرني في مصيبتي، واخلفني خيراً منها. رحمه الله رحمةً واسعةً، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً.
كل ابنِ أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباءَ محمولُ
لقد كان الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - من خيرة العلماء، نسأل الله تعالى أن يجعل مأواه الجنة. ولو أن هذه الحياة دامت لأحد لدامت للمصطفى - صلوات الله وسلامه عليه - رحمه الله ، وألحقنا وإياه بالصالحين )(1)
__________
(1) العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله ، سيأتي ذكره الطيب في الفصل الرابع – إن شاء الله(1/72)
وافى الأجل المحتوم الشيخ عبد العزيز بن باز يوم الخميس 27 محرم 1420هـ الموافق 13 مايو 1999م بمنطقة (الطائف) اثر تفشي مرض السرطان في جهازه الهضمي ، وقد أديت صلاة الجنازة على الشيخ ابن باز في المسجد الحرام، وحضرها عشرات الآلاف من المصلين وتوافد الكثير من الدعاة والعلماء إلى بيت الشيخ لتقديم واجب العزاء لأهله وذويه . فرحمه الله رحمة واسعة إن شاء الله .
المجدد الرابع
مُحَدِث الأمّة، وأسد السنّة
فضيلة الشيخ العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني
هو الإمام، محدث العصر، الزاهد الورع، الأثري العلامة محمد بن نوح بن آدم النجاتي، الشهير بـ ( محمد بن ناصر الدين الألباني ) كنيته: أبو عبد الرحمن
ولد في مدينة " أشقودرة " عاصمة ألبانيا عام 1332هـ الموافق 1914م ، وعاش في تلك المدينة قريباً من تسع سنوات . وكان من بيت علم ، فوالده الشيخ نوح نجاتي من علماء المذهب الحنفي ، حيث تحرج من المعاهد الشرعية في اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية ، ونهل من كبار علمائها .
وفي فترة حكم المسمى ( أحمد زوغو ) على ألبانيا وسار في صرفها عن الإسلام، وأخذ على عاتقه نشر الفساد الخلقي، والاجتماعي، والفكري... حيث ألزم هذا الحاكم المستبد الظالم الناس بتقليد الغرب في مظاهر حياتهم، حتى أنه ألزمهم بلبس القبعة الغربية، وغير الأذان في المساجد من اللغة العربية إلى اللغة الألبانية !!!
فكان لا بدّ من الهجرة إلى بلاد يستطيع معها تطبيق حكم الله والسير عليه، فهاجر إلى بلاد الشام، لما فيها من الفضائل التي وردت في السنة النبوية، فركب البحر من ألبانيا إلى بيروت، ثم من بيروت إلى مدينة دمشق عروس الشام ، حتى طاف به المطاف إلى الاستقرار بعمان عاصمة البلقاء الأردن .
بداية تلقيه العلم(1/73)
عندما استقر به المُقام في دمشق ، ألحقه والده بمدرسة الإسعاف الخيري الابتدائية بدمشق ، ثم انتقل في أثناء هذه المرحلة من تلك المدرسة إلى مدرسة أخرى بسوق " ساروجة " وفيها أنهى الفتى دراسته الأولية .
ثم أخرجه والده من المدرسة، إذ كان يرى والده أن هذه المدرسة النظامية لا فائدة منها ، إلا بقدر ما يتعلم الطفل فيها القراءة والكتابة .
ثم وضع له منهاجاً علمياً مركّزاً درس من خلاله – الشيخ – وتعلم القرآن الكريم، والتجويد ،والصرف ، وركز على دراسة الفقه الحنفي ، إذ كان يريده والده فقيهاً حنفياً !! وكان ولَعُ الشيخ بالقراءة لا يوصف، حتى وهو في هذه السن المبكرة.
ثم تلقى العلم من والده، فتعلم العربية والفقه الحنفي، وكذا أخذ العلم عن بعض العلماء من أصدقاء والده، كالشيخ سعيد البرهاني، حيث قرأ عليه كتاب " مراقي الفلاح " وبعض الكتب الحديثة في علوم البلاغة.
وكانت أول بداية الشيخ الحقيقة في طلب العلم وهو ابن العشرين سنة، حيث يقول: ( ذات يوم لاحظت بين الكتب المعروضة لدى أحد الباعة جزءاً من مجلة المنار، فاطلعت عليه، ووقعت فيه على بحث بقلم السيد رشيد رضا يصف فيه كتاب " الإحياء " للغزالي، ويشير إلى محاسنه ومآخذه ، ولأول مرّة أواجه مثل هذا النقد العلمي ، فاجتذبني ذلك إلى مطالعة الجزء كله ، ثم أمضى لأُتابع موضوع تخريج الحافظ العراقي على " الإحياء " ورأيتُني أسعى لاستئجاره ،لأني لا أملك ثمنه ، فاستهواني ذلك التخريج الدقيق ، وحتى صممت على نسخه "
والأمر الذي يلفت الأنظار إلى اهتمام الشيخ الألباني منذ نعومة أظفاره بالعلم الشرعي هو قيامه بنسخ ذلك الكتاب والمسمى " المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار " بخطه الحسن الدقيق، ورتبه ونسّقه أحسن تنسيق، حيث كان أول عمل حديثي قام به الشيخ رحمه الله، وما يزال في مكتبته إلى الآن ، وهو ثلاث مجلدات في أكثر من (2000 ) صفحة .(1/74)
ومن هنا أصبح الشيخ يتابع مجلة المنار، ويهتم بما كانت تنشره من بحوث حول السنة وما يتعلق بها، وأعجب بها أيّما إعجاب، وعلى أثر ذلك جذبه علم الحديث، وأحب كتبه ، فأقبل على دراسة كل ما يتعلق بالحديث وتحصيله بهمة عالية ، فقد حباه الله عز وجل بذهن وقّاد ، ونبوغ ظاهر ، وعقلية علمية نادرة ، وهذا يظهر في قصة الورقة الضائعة ..
شيوخه
والد الشيخ ،حيث تعلم على يده اللغة العربية والفقه الحنفي
الشيخ سعيد البرهاني ،حيث قرأ عليه كتاب "مراقي الفلاح " وبعض الكتب الحديثة في علوم البلاغة
طلابه
لقد قضى الشيخ حياته كلّها في طلب العلم وتعليم الناس، ودعوتهم، لذا كان من الطبيعي أن يكون للشيخ عدد لا بأس به من طلاب العلم، وقد يفوق عددهم المئات، فهم مختلفون في طريقة الأخذ والكيفية، إضافة إلى اختلاف أماكن سكناهم وتواجدهم، فإننا قد نجزم بأنه لا يخلو بلد إسلامي من وجود تلاميذ للشيخ.
أما طريقة تلقي العلم من الشيخ بالنسبة لطلابه كانت تتمثل بالأخذ بعدة طرق كلاً حسب تمكنّه، فمن تلامذته من تلقى العلم منه مباشرة، وقسم تلقاه عن طريق كتبه، والقسم الآخر عن طريق الأشرطة السمعية المنتشرة والمتوفرة بكثرة في المكتبات.
وليس للحسر – أذكر – بعض تلامذة الشيخ ممن لازموه وهم اليوم من العلماء المعتبرين والدعاة المعروفين من أتباع منهج الحق، منهج أهل السنة والجماعة – نحسبهم كذلك، ولا نزكي على الله أحد:
سماحة الشيخ محمد إبراهيم شقرة – حفظه الله – كان أخاً وصديقاً
الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله
الشيخ العلامة أبو إسحاق الحويني– حفظه الله
فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان – حفظه الله
فضيلة الشيخ علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري – حفظه الله
فضيلة الشيخ د.محمد بن موسى آل نصر – حفظه الله
فضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي – حفظه الله
فضيلة الشيخ حسين بن عودة العوايشة – حفظه الله(1/75)
فضيلة الشيخ د.حلمي بن كامل عبد الهادي – حفظه الله
فضيلة الشيخ هشام العارف المقدسي - حفظه الله
عصام موسى هادي ( كان ناسخاً وكاتباً للشيخ لمدة خمس سنوات – كما جاء في جمعه لكتاب الروض الداني ، للشيخ – رحمه الله )
وطلاب الشيخ أكثر مما أن يعدوا على الأصابع وهم جمّ غفير ولله الحمد والمنّة، وما أصحاب الفضيلة - هؤلاء – إلا عدد يسير ممن لازموا شيخنا - رحمه الله.
نصيحته لطالب العلم المبتدئ
( أنصح طالب العلم المبتدئ أن يقرأ من كتب الفقه: " فقه السنة " للشيخ سيد سابق، مع الاستعانة عليه ببعض المراجع مثل: " سبل السلام " وان نظر في " تمام المنّة " فيكون اقوى له(1) ، وأنصح له بـ " الروضة النديّة " ، وأما في التفسير ، فعليّه القراءة من كتاب " تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كثير ، فإنه أصح كتب التفسير اليوم .
ثم من حيث المواعظ والرقائق فعليّه بكتاب " رياض الصالحين " للإمام النووي، ثم فيما يتعلق بكتب العقيدة انصح بكتاب " شرح العقيدة الطحاوية " لابن أبي العز الحنفي، ويستعين عليها بتعليقي وشرحي لها.
ثم يجعل بصورة عامة ديدنه دراسة كتب شيخ الإسلام ابن تيميه، وتلميذه ابن القيم الجوزية – رحمهما الله – الذي أعتقد أنهما من نوادر العلماء المسلمين الذين سلكوا منهج السلف الصالح في فقههم، مع التقوى والصلاح، ولا ازكي على الله أحدا )
صفاته وأخلاقه
__________
(1) اقول: بل من الأهمية بمكان، ومن الضروري أن يلازم طالب العلم قراءته كتاب ( فقه السنة ) بكتاب ( تمام المنّة ) ولكنّه تواضع العلماء.(1/76)
لقد كان طلبة العلم الذين يحرصون على أخذ العلم من أهله الربانيين، يتكبكبون حول – شيخنا رحمه الله - أينما وجد ، في المسجد ، في المنزل ، في مكتبته ، وإنه ليصغي لكل منهم ويقضي حاجته من العلم ، وكثير هم الذين حرصوا على أخذ العلم على العلامة الألباني ، فمن لم يستطع الأخذ مباشرة ، كان على اتصال مباشر معه أو مع مصنفاته ومؤلفاته الضخمة ، والتي لا يخلوا منها كتاب أو رسالة(1) ... ولقد كثر مراجعوه من مختلف الطبقات والأرجاء، ولكل حاجته وقصده، فيقوم الشيخ – رحمه الله - بتسهيل أمره، وتيسير مطلبه بقدر استطاعته، إنها والله صور صادقة، بالحق ناطقة، تدل على التواضع وحسن الخلق، ووقار العلماء الربانيون.
__________
(1) ما نظرت إلى كتاب قط إلا ورأيت أسم شيخنا يتلألأ به، كأنه الكوكب الدريّ اللامع، والنور المشع، فلا مفر ولا سبيل لأي كاتب أو مؤلف إلا لرجوع لكتب شيخنا العلامة الألباني إذ - رحمه الله – ألف في الحديث وصحح جميع كتب الأحاديث المعتمدة وكتب في الفقة والعقيدة والتوحيد والأصول،،، وغيرها ، وبهذا لا يخلوا أي طالب علم أو كاتب أراد الحق إلا وتراه رجع إلى مؤلفات ومصنفات الإمام الألباني ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء – ولله الحمد والمنّة .(1/77)
أضف إلى ذلك " أننا وجدنا لديه الوعي الصحيح والصدر الرحب للبحث العلمي الحر النزيه، بحيث يستطيع أبسط تلميذ مناقشته في أي أمر، ومطالبته بالدليل والرد عليّه، دون أن يضيق بذلك ذرعاً ولا يضجر ولا يتأفف... كما أنه يشجعنا دائماً على انتقاده، ويحثنا على تنبيهه إلى خطئه، هذا مع أخلاق فاضلة وتواضع جميل، وإخلاص له، وجهاد في سبيله، ونظافة في اليد، وجرأة في الحق، وعدم المداهنة والمجاملة على حسابه، والاستقلال في البحث والشخصية، إلى آخر تلك الصفات الحميدة... وقد علمنّا شيخنا - رحمه الله – التمسك بالحق وحده، والمطالبة بالدليل، وعدم التعصب للرجال، وقد وجدناه يسر إذا خالفه أحد في بعض آرائه بشرط أن يكون متمسكاً بدليل، ومقتنعاً به، ولذلك نحن لا ندعو أحداً إلى التمسك بآراء شيخنا إلا إذا اطلع على دليلها، واقتنع بها... "(1)
وكان - رحمه الله - يلبي دعوة طلابه ومحبيه في حفلات الزواج الخاصة بهم ، ولا يفوت الفرص في تلك المناسبات حتى يبدأ بإيضاح السنة ويحض عليها ،ويحذر من البدعة والابتداع وهذا دأبه والغالب عليه في جميع أوقاته .
ومما تميز به شيخنا – رحمه الله - الزهد في هذه الدنيا، مع توفر أسبابها، وحصول مقاصدها له، فقد انصرف عنها بالكلية، وقدم عليها دار البقاء، لأنه علم أنها دار الفناء، متأسيا بزهد السلف الصالح - رحمهم الله.
فكان مثالا يحتذى به، وعلما يقتدى به، في الزهد والورع وإنكار الذات، والهروب من المدائح والثناءات العاطرة، وفي تلك المناسبات كان يكثر من قوله: ( اللهم لا تآخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون ) فتراه يكره المدح والثناء كرها شديدا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على زهد في القلب وعفة في الروح، وطهارة في الجوارح، وخشية للمولى جل وعلا.
__________
(1) العلامة المحدث الألباني – عبد الله بن حسين الموجان ( مجلة الاصالة – العدد 28 ص 83 )(1/78)
قصة الورقة الضائعة (1)
قال الشيخ – رحمه الله – في مقدمة ( فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية المنتخب من مخطوطات الحديث ):
" لم يكن ليخطر في بالي وضع مثل هذا الفهرس، لأنه ليس من اختصاصي، وليس عندي متسع من الوقت ليساعدني عليه، ولكن الله تبارك وتعالى إذا أراد شيئاً هيأ أسبابه، فقد ابتليت بمرض خفيف أصاب بصري، منذ أكثر من اثني عشر عاماً، فنصحني الطبيب المختص بالراحة، ونرك القراءة والكتابة والعمل في المهنة ( تصليح الساعات ) مقدار ستة أشهر.
فعملت بنصيحته أول الأمر، فتركت ذلك كله نحو أسبوعين ثم أخذت نفسي تراودني، وتزيّن لي أن أعمل شيئاً في هذه العطلة المملة، عملاً لا ينافي – بزعمي – نصيحته، فتذكرت رسالة مخطوطة في المكتبة، اسمها " ذم الملاهي " للحافظ ابن أبي الدنيا، لم تطبع فيما اعلم يومئذ.
فقلت: ما المانع من أن أكلف من ينسخها لي ؟ وحتى يتم نسخها.. يكون قد مضى زمن لا بأس به من الراحة، فبإمكاني يومئذ مقابلتها بالأصل، حيث أنها لا تستدعي جهداً ينافي الوضع الصحي الذي أنا فيه، ثم أحققها بعد ذلك على مهل، وأخرج أحاديثها، ثم نطبعها، وكل ذلك على فترات، ولكيلا اشق على نفسي !!
فلما وصل الناسخ إلى منتصف الرسالة، ابلغني أن فيها نقصاً، فأمرته أن يتابع نسخها حتى ينتهي منها... وبالفعل لما قابلتها بالأصل تأكدت من النقص الذي أشار إليه، وأقدّره بأربع صفحات في ورقة واحدة في منتصف الكراس، فأخذت أفكر فيها وكيف يمكنني العثور عليها ؟!!
__________
(1) أخذت هذه القصة من كتاب " محدث العصر الألباني " بقلم : سمير بن أمين الزهيري – بشيء من الاختصار والتصرف(1/79)
والرسالة محفوظة في مجلد من المجلدات الموضوعة في المكتبة تحت عنوان " مجاميع " وفي كل مجلد منها على الغالب عديدٌ من الرسائل والكتب، مختلطة الخطوط والمواضيع، والورق لوناً وقياساً... وهكذا بدأ الشيخ – رحمه الله – بالبحث عن الورقة الضائعة في أكثر من ( 152 مجلد ) ويقول الشيخ: ولما لم اعثر على الورقة في المجلدات المذكورة، قلت في نفسي لعلها خيطت خطأ في مجلدات الحديث !! فأخذت اقلبها مجلداً مجلداً، حتى انتهيت منها دون أن أقف عليها !!! وهكذا لم أزل أعلل النفس وأمنّيها بالحصول على الورقة، فأنتقل في البحث عنها بين مجلدات المكتبة ورسائلها من علم إلى آخر ، حتى أتيت على جميع المخطوطات المحفوظة في المكتبة ، والبالغ عددها نحو ( عشرة آلاف مخطوط ) دون ان أحظى بها !!!
ولكن لم أيأس بعد، فهناك ما يعرف بـ(الدشت) وهو عبارة عن مكدسات من الأوراق والكراريس المتنوعة التي لا يعرف أصلها فأخذت في البحث فيها بدقة وعناية، ولكن دون جدوى.
وحينئذ يئست من الورقة !!! ولكني نظرت فوجدت أن الله تبارك وتعالى، قد فتح لي من ورائها باباً عظيماً من العلم، طلاما كنت غافلاً عنه كغيري، وهو أن في المكتبة الظاهريّة كنوزاً من الكتب والرسائل في مختلف العلوم النافعة التي خلفها لنا أجدادنا – رحمهم الله تعالى – وفيها من نوادر المخطوطات التي قد لا توجد في غيرها من المكتبات العالمية مما لم يطبع بعد... وكنت في أثناء المرحلة الثانية، ألتقط نتفاً من هذه الفوائد التي أعثر عليها عفوياً فما كدت أنتهي منها حتى تشعبت بضرورة دراستها كتاباً كتاباً، وجزءاً جزءاً.(1/80)
ولذلك فقد شمّرت عن ساعد الجد، واستأنفت الدراسة للرمة الثالثة، لا أدع صحيفة إلا تصفحتها، ولا ورقة شاردة إلا قرأتها، واستخرجت منها ما أعثر عليه من فائدة علمية، وحديث نبوي شريف، فتجمع عندي بها نحو أربعين مجلداً، في كل مجلد نحو أربعمائة ورقة، في كل ورقة حديث واحد، معزواً إلى جميع المصادر التي وجدتها فيها، مع اسانيده وطرقه.
ورتبت الاحاديث فيها على حروف المعجم، ومن هذه المجلدات أغذي كل مؤلفاتي ومشاريعي العلمية، الأمر الذي يساعدني على التحقيق العلمي، والذي لا يتيسر لأكثر أهل العلم، لا سيّما في هذا الزمان الذي قنعوا فيه بالرجوع إلى بعض المختصرات في علم الحديث، وغيره من المطبوعات !!
فهذه الثروة الحديثيّة الضخمة التي توفرت عندي، ما كنت لأحصل عليها، لو لم ييسر الله لي هذه الدراسة بحثاً عن الورقة الضائعة !! فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات... "
ولقد بلغ الإمام - رحمه الله - من الصدق مبلغا عظيما، منزلة رفيعة ومكانة سامية، فتجد طلاب العلم والناس يثقون به وبعلمه، وبفتاواه التي يعرفون أن مصدرها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويتقبلون نصحه لأنهم يعلمون أنه صادر من قلب صادق مبني على الرحمة والشفقة وحب الهداية للخلق والخير لهم .
أقوال أهل العلم فيه
لقد حبب للشيخ علم الحديث وهو ابن عشرين عاما، فهتم به اهتماماً واضحاً، يظهر ذلك من كلماته المضيئة ومؤلفاته الشهيرة، وعنايته الدقيقة في تخريج الأحاديث وتحقيقها، وردّها لأصولها، ومتابعة روّاتها ومصنِفيها ممن سبقوه، مما جعله - رحمه الله – يعكف على علم الحديث تعلماً ودرساً حتى برع فيه بشهادة كبار علماء وقته المخالف منهم والمؤالف.فمن أقوال أهل العلم فيه:
أجازه العلامة راغب الطباخ - رحمه الله – بمروياته في علم الحديث لما رأى من الشيخ الألباني الحرص على علم السنّة والمطالعة فيه.(1/81)
ولقد أقر والده الشيخ نوح نجاتي - رحمه الله – بمعرفة ولده بالحديث، فكان يسأله عن بعض الأحاديث كما قاله شيخنا - رحمه الله.(1)
قال فيه الشيخ محب الدين الخطيب - رحمه الله – ( ومن دعاة السنّة الذين وقفوا حياتهم على العمل لإحيائها وهو أخونا بالغيب الشيخ أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين نوح نجاتي الألباني )(2)
قال الشيخ المحدث المغربي أبو الفيض أحمد الغماري - رحمه الله ( أما ناصر الدين الألباني قدم إلى دمشق، وتعلم العربية وأقبل على علم الحديث، فأتقنه جداً جداً، وهو من الأفراد في معرفة هذا الفن )(3)
وصفه سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز- رحمه الله ( بالعلامة، وحسن العقيدة والسيرة، مع العناية بعلم الحديث الشريف وتمييز صحيحه من سقيمه ) وقال فيه أيضاً ( ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني، وسئل سماحته عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فسئل من مجدد هذا القرن، فقال - رحمه الله : الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم ).
__________
(1) الروض الداني في الفوائد الحديثية للعلامة محمد ناصر الدين الألباني – جمع وإعداد : عصام موسى هادي
(2) الروض الداني في الفوائد الحديثية ، جمع وإعداد: عصام موسى هادي
(3) المرجع السابق(1/82)
قال فيه الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله (فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية، و أن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلى علم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد... )(1) وقوله ( الألباني – رحمه الله – عالمٌ محدث فقيه ، وإن كان محدثاً أقوى منه فقيهاً ... وأنا أشهد للشيخ الألباني - رحمه الله - بالاستقامة، وسلامة المعتقد، وحسن المقصد )(2)
قال فيه سماحة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد - حفظه الله: ( لقد كان رحمه الله من العلماء الأفذاذ الذين أفنوا أعمارهم في خدمة السنة و التأليف فيها و الدعوة إلى الله عز و جل و نصرة العقيدة السلفية و محاربة البدعة، و الذب عن سنة الرسول- صلى الله عليه و سلم- و هو من العلماء المتميزين، و قد شهد تميزه الخاصة و العامة. و لاشك أن فقد مثل هذا العالم من المصائب الكبار التي تحل بالمسلمين. فجزاه الله خيراً على ما قدم من جهود عظيمة خير الجزاء و أسكنه فسيح جناته ).
يقول الشيخ عبد العزيز الهده: ( إن العلامة الشنقيطي يجل الشيخ الألباني إجلالاً غريباً، حتى إذا رآه ماراً وهو في درسه في الحرم المدني يقطع درسه قائماً ومسلماً عليه احتراماً له )(3)
__________
(1) المرجع السابق
(2) مجلة الاصالة العدد 28
(3) موقع الشيخ الألباني على شبكة المعلومات(1/83)
قال فيه الشيخ الأستاذ أحمد العظمة بكتابه " بدعة التعصب المذهبي " ( عرفت دمشق محدثها الأكبر العلامة الشيخ بدر الدين الحسيني، فلما توفّاهُ الله خلت الديار من إمام تتجه الأنظار إليه في علوم الحديث . غير أن فتى أرناؤوطياً " نشأ نشأة علم وتقى، وكان له من اسمه نصيب هو الأستاذ محمد ناصر الدين ( الألباني ) " عرف بأوساط الشباب بخدمته الحديث وعلومه...)(1)
وقال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق(2) ( إنه عالم من علماء المسلمين، وعلم من أعلام الدعوة إلى الله، وشيخ المحدثين وإمامهم في العصر الراهن، ألا وهو أستاذي محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله وبارك فيه)
وقال العلامة الشيخ مقبل الوادعي: (والذي أعتقده وأدين الله به أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله من المجددين الذين يصدق عليهم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -( إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها)
__________
(1) مجلة الأصالة العدد 28
(2) هو الشيخ الجليل عبد الرحمن عبد الخالق الفلسطيني ، نزيل الكويت – رئيس اللجنة العلمية في جمعية إحياء التراث الإسلامي في دولة الكويت(1/84)
يقول سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم شقرة ( فرحم الله الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر، ورافع لواء السنّة، وشمس الأمة، رحمه الله، وأجزل له الأجر، فلم تعرف السنة النبوية في شطر عمرها الثاني مثله في قوة سبره، واستدراكه على السابقين، وتيسير وتسهيل للاحقين، واختصار للمتون، وتوليف بينها، وإعمال دقيق محكم لقواعدها وأحكامها...)(1) وقال أيضاً ( لو أن شهادات أهل العصر من شيوخ السنة وأعلام الحديث والأثر اجتمعت، فصيغ منها شهادة واحدة، ثم وضعت على منضدة تاريخ العلماء فإني أحب أن تكون شهادة صادقة في عالم الحديث الأوحد، أستاذ العلماء، وشيخ الفقهاء، ورأس المجتهدين في هذا الزمان، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أكرمه الله في الدارين )
قال الشيخ عبد الله العبيلان - حفظه الله: ( أعزي نفسي و إخواني المسلمين في جميع أقطار الأرض بوفاة الإمام العلامة المحقق الزاهد الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، و في الحقيقة الكلمات تعجز أن تتحدث عن الرجل، ولو لم يكن من مناقبه إلا أنه نشأ في بيئة لا تعد بيئة سلفية، و مع ذلك صار من أكبر الدعاة إلى الدعوة السلفية و العمل بالسنة و التحذير من البدع لكان كافياً، حتى أن شيخنا عبد الله الدويش و الذي يعد من الحفاظ النادرين في هذا العصر و قد توفي في سن مبكرة، يقول رحمه الله: منذ قرون ما رأينا مثل الشيخ ناصر الألباني كثرة إنتاج وجودة في التحقيق، ومن بعد السيوطي إلى وقتنا هذا لم يأت من حقق علم الحديث بهذه الكثرة و الدقة مثل الشيخ ناصر الدين الألباني )(2)
__________
(1) مقال رفعت الأقلام وجفت الصحف وقضى نحبه علم الأمة وشيخ السنّة الألباني – للشيخ محمد بن إبراهيم شقرة
(2) موقع الشيخ الألباني على شبكة المعلومات(1/85)
يقول شيخنا الفاضل الأستاذ الدكتور حسام الدين عفانه(1) – حفظه الله: ( ولا شك أن الشيخ الألباني هو مُحَدِث الديار الشاميّة في القرن الرابع عشر الهجري بلا منازع ... وقام منذ سنين طويلة بالعمل على خدمة السنّة النبوية وأصدر عشرات المؤلفات التي استفاد منها طلبة العلم الشرعي في الجامعات والمعاهد وفي حلقات العلم في المساجد ... وأن جهوده الضخمة في خدمة السنة النبويّة لا ينكرها إلا مكابر ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل...)(2)
ولقد سمعتها أكثر من مرّة من شيخنا الفاضل الأستاذ الدكتور حلمي عبد الهادي(3) – حفظه الله – إذ يكرر قوله ( إن لي الشرف أن أكون شعرة في صدر شيخي الإمام ناصر الدين الألباني – رحمه الله )
وقال فيه الشيخ العلامة عبد الصمد شرف الدين – من كبار علماء الهند ومحدثيها: ( مما لا فيه أنه " الألباني " أكبر عالم في الحديث في العصر الحاضر )(4)
وقال فيه العلامة عبيد الله الرحماني المباركفوري – مدير الجامعة المركزية في بنارس في الهند: ( إنه اطلع على مخطوطات الحديث وتبحر في علومه، وإنه ذو أفق واسع في الحديث ورجاله...)(5)
__________
(1) هو فضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – حفظه الله ورعاه - من بيت المقدس من علماء أهل السنة والجماعة في العصر الحاضر ، له مؤلفات عدّة ومقالات متعددة ، وله ترجمة في هذا الكتاب - إن شاء الله - في الجزء الثاني .
(2) يسألونك – لفضيلة شيخنا د.حسام الدين عفانة – المجلد الأول الجزء 2 / ص 467
(3) هو فضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور حلمي بن كامل عبد الهادي – حفظه الله ورعاه - من قلعة الصمود جنين – فلسطين ، وهو من علماء أهل السنة والجماعة ، له ترجمة في هذا الكتاب - إن شاء الله - في الجزء الثاني
(4) مجلة الاصالة العدد 28 ص 82
(5) المرجع السابق(1/86)
( والشيخ الألباني علم من أعلام الدعوة السلفيّة في هذا العصر... ومن يردّ على الألبانيّ أو ينال منه: إما متمسح بلباس العلماء زوراً، أو طويلب مغمور أراد التسلق ليظهر !! ومن الإنصاف أن يقال: إن هناك من ردّ على الإمام الألباني بحق ، لكنه التزم جانب الرد العلمي السويّ مع اعتراف بفضله وإذعان لمآثره التي غطت طباق العالم الإسلامي كله ... وإن " السلسلتيّن / الصحيحة والضعيفة " كافيتان في التعريف بعِلم الألباني )(1)
وقال فيه أهل الأدب رثاءً
من كان في نهج الصحابة سائراً ... ما ضره إن كان خالفه الملا
من أول الإسلام ظلت فرقة ... تمشي على آثار من قد أُرسلا
قد قادها في كل عصر نخبة ... ينفون عنها كل ما قد أُدخِلا
حتى أتاها عالم متمكن ... من سنة المختار كان محصّلا
لله درٌّ من إمام فاضل ... ومجدد للعلم زاد تفضّلا
هو مركز سموه باسم إمامنا ... هو ( ناصر ) في العلم كان مبجلا
يا سامعاً لقصيدتي فعقيدتي ... كعقيدة ( الشيخ الإمام ) تأصلا
وعقيدة ( الباز ) الإمام بعلمه ... أكرم بمن خص الإله وفضّلا
و( ابن العثيمين ) الذي بدروسه ... النفع من رب السماء تحصّلا
لمحات سريعة في حياة العلامة الألباني - رحمه الله
اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق لتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي.
اختير عضواً في لجنة الحديث التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر وسوريا للإشراف على نشر كتب السنّة وتحقيقها.
درّس مادة الحديث في الجامعة الإسلامية من عام ( 1381هـ) إلى عام (1383هـ)
اختير عضواً في المجلس التأسيس الأعلى للجامعة الإسلامية من عام 1395هـ إلى عام 1398هـ.
عرض عليّه الإشراف على قسم الدراسات العليّا بجامعة أم القرى، فاعتذر.
__________
(1) مقال ( العلامة المحدث الالباني – الاصالة 28 ) بقلم عبد الله بن حسين الموجان(1/87)
طلبت منه الجامعة السلفية في بنارس بالهند برسالة من مديرها الشيخ عبيد الله الرحماني المباركفوري بتولي مشيخة الحديث، فاعتذر.
منح جائزة الملك فيصل العالميّة عام 1419هـ عن جهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجاً وتحقيقاً ودراسة. نضيف صورة الجائزة (1)
مواقف من حياته
إن من أروع الحِكَم التي استحوذت على قلبي، قول الخليفة الراشد الفاروق عمر " لا تهرف بما لا تعرف " نعم إنه لقول بليغ، إن دلّ على شيء فإنما يدل على حرص ودقة الشهادة والتعريف بالغير، ومن هنا كان لا بدّ أن أذكر ما يجهله الكثير ممن يحقدون على هذه الدعوة المباركة، وعلمائها وطلابها.
فالناظر في حياة الشيخ الألباني - رحمه الله – يدرك حقيقة ذلك الرجل الذي وهبه الله لهذه الأمة في هذا الوقت بذات ليحيي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ، ويسير على نهج السلف – رضوان الله عليهم .
وسأذكر بعض الأمثلة لا الحسر، على حرص الشيخ - رحمه الله – في طلب العلم وتبليغه وبيان الحق، وإظهار الحقيقة للأمة عامة، وطلاب العلم خاصة.
ففي أوائل 1960م كان الشيخ يقع تحت مرصد الحكومة السورية، مع العلم أنه كان بعيداً عن السياسة، و قد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة له. فقد تعرض للاعتقال مرتين، الأولى كانت قبل 67 حيث اعتقل وسجن في سجن القلعة بدمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الإسلام (ابن تيمية) وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين.
__________
(1) أخذت هذه اللمحات من ترجمة لحياة الشيخ معنونةً بـ( كتاب محدث العصر الألباني – بقلم سمير امين الزهيري )(1/88)
ولكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، و لكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، و قد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، و خلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري و اجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل(1). ومن المواقف التي تدل على حرصِه:
لقد كان الشيخ حريصاً على الوقت أيما حرص، فقد كان لا يضيع شيئاً من وقته في غير فائدة. فكان - رحمه الله – يقضي ثماني عشرة ساعة في مكتبته، وبين كتبه ومراجعه ! ومن نظر في الكم الهائل الذي تركه الشيخ من المصنفات والكتب والمخطوطات، و دروسه العلميّة الكثيرة المسجلة منها والتي بلغ عددها – حسب تسجيلات الأخ الفاضل: محمد أبي ليلى الأثري – ما يقارب الستة آلاف شريط، والتي لم تسجل منها بسبب تنقله بين بعض الأقطار لإحياء الدروس العلمية والسنة النبوية في الندوات والمحاضرات النافعة...
__________
(1) يقول الشيخ الألباني- رحمه الله – كما جاء في كتاب محدث العصر الألباني – للشيخ سمير أمين الزهيري : ( قدر الله عليّ أن أسجن في عام 1389هـ الموافقة لسنة 1969م مع عدد من العلماء من غير جريرة اقترفناها سوى الدعوة الى الإسلام ، وتعليمه الناس ، فأساق إلى سجن القلعة وغيره في دمشق ، ثم أفرج عني بعد مدّةٍ لأساق مرة ثانية ، وأنفى إلى الجزيرة لأقضي في سجنها بضعة أشهر أحتسبها في سبيل الله عز وجل .
وقد قدّر الله أن لا يكون معي فيه إلا كتابي المحبب " صحيح الإمام مسلم " وقلم رصاص، وممحاة !!
وهناك اعتكفت على تحقيق أمنيتي في اختصاره وتهذيبه، وفرغت من ذلك في نحو ثلاثة أشهر، كنت اعمل فيه ليل نهار، ودون كللٍ ولا مللٍ، وبذلك انقلبَ ما أراده أعداء الأمة انتقاماً منا إلى نعمةٍ لنا، يتفيأ ظلالها طلاب العلم من المسلمين في كل مكان . فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات(1/89)
وكان يقضي الشيخ - رحمه الله – وهو في دمشق فضلاً عن مهنته ( تصليح الساعات ) ودروسِهِ العلميّة ومحاضراته، في المكتبة الظاهريّة كل يوم ما بين ست ساعات وثماني ساعات.
كان - رحمه الله – يعتمر ويحج كل عام ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأحيانا يعتمر في السنة الواحدة مرتين، وقد حج أكثر من ثلثين حجة ، وكانت آخر حجّةٍ له عام 1410هـ .
كان يبكي كلما ساق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " أول من تسعر بهم النار... " ، ولقد رآه رجل ذات مرّة – وهو جالس في السيارة – فاندفع نحوه : وقال له أنت الشيخ الألباني ؟ فما كان من الشيخ إلا أن بكى !! ولما سئل عن سبب بكائه ؟ قال : ينبغي للمرء أن يجاهد نفسه ، وأن لا يغتر بإشارة الناس إليه .
نصيحته إلى عموم الأمة
( إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلا له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدهُ ورسوله.
وبعد: فوصيتي لكل مسلم على وجه الأرض، وبخاصة إخواننا الذين يشاركوننا في الانتماء إلى الدعوة المباركة، دعوة الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح: أوصيهم ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى أولاً
ثم بالاستزادة من العلم النافع، كما قال الله تعالى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) وأن يعرفوا علمهم الصالح الذي هو عندنا جميعاً لا يخرج عن كونه كتاباً وسنة وعلى منهج السلف الصالح، وأن يقرنوا مع علمهم هذا والاستزادة منه – ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً – العمل بهذا العلم، حتى لا يكون حجّة عليهم، وإنما يكون حجة لهم ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )(1/90)
ثم أحذرهم من مشاركة الكثير ممن خرجوا عن الخط السلفي بأمورٍ كثيرة، وكثيرة جداً، يجمعها كلمة الخروج على المسلمين وعلى جماعاتهم، وإنما نأمرهم بأن يكونوا كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( وكونوا عباد الله إخوانا )
وعلينا أن نترفق في دعوتنا المخالفين إليها، وأن نكون مع قوله تبارك وتعالى دائماً وأبداً ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) وأول من يستحق أن نستعمل معه هذه الحكمة هو من كان أشد خصومة لنا في مبدئنا وفي عقيدتنا، حتى لا نجمع بين ثقل دعوة الحق التي امتنّ الله عز وجل بها علينا، وبينثقل سوء أسلوب الدعوة إلى الله عز وجل.
فأرجو من إخواننا جميعاً في كل بلاد الإسلام أن يتأدبوا بهذه الآداب الإسلامية، ثم أن يبتغوا من وراء ذلك وجه الله عز وجل، لا يريدون جزاءً ولا شكوراً، ولعل في هذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين )
مؤلفاته وكتبه
لقد أثرى الشيخ - رحمه الله – المكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب النافعة الماتعة التي لا تخلو منها – أو من بعضها – مكتبة عامة أو خاصة، حتى خصومه كانوا من احرص الناس على اقتناء كتبه، لاعترافهم بعلمه الغزير، والمتين، والمبين بالحجة والدليل، فضلا عن جمال سرده وحسن أسلوبه، وسهولة ألفاظه، وما تميز به من ذكر الفوائد التي قد لا توجد في كتب غيره... ناهيك عن حرص أهل الإنصاف والعدل، فكانوا يحرصون على كتب الشيخ، ويوصون طلاب العلم بها،ويحثونها على دراستها ...
وإليك أخي الحبيب، قائمة بكتب ومؤلفات الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله – مرتبة حسب الحروف الهجائية(1) ):
الأمثال النبوية – تأليف .(خ)
أحاديث الإسراء والمعراج – تأليف .(خ)
أحاديث التحري والبناء على اليقين في الصلاة - تأليف.(خ)
أحكام الجنائز – تأليف
__________
(1) أخذ هذه القائمة من كتب شيخنا العلامة الألباني من كتاب محدث العصر الألباني – بقلم سمير امين الزهيري(1/91)
أحكام الركاز - تأليف.(خ)
أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب / لإبن دحبة – تحقيق وتخريج
آداب الزفاف – تأليف
إرشاد النقاد في تفسير الاجتهاد / للصنعاني – تخريج وتعليق (خ)
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل – تأليف
إزالة الدهش والوَلَهَ عن المتحير في صحة حديث – ماء زمزم لما شرب له – تخريج
إزالة الشكوك عن حديث البروك - تأليف.(خ)
أسباب الاختلاف / للحميدي – تحقيق(خ)
أسماء الكتب المنسوخة من المكتبة الظاهرية – إعداد (خ)
إصلاح المساجد من البدع والعوائد / للقاسمي – تخريج وتعليق
أصول السنة واعتقاد الدين / للحميدي – تحقيق (خ)
إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان / لإبن القيم الجوزية – تخريج
اقتضاء العلم العمل / للخطيب البغدادي – تحقيق وتخريج وتعليق
الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة – تأليف
الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي ضعفها أو أشار إلى ضعفها أبن تيمية في مجموع الفتاوى - تأليف.(خ)
الأحاديث الضعيفة والموضوعة في أمهات الكتب الفقهية - تأليف.(خ)
الأحاديث المختارة / للضياء المقدسي – تحقيق وتخريج (خ)
الاحتجاج بالقدر / لأبن تيميه – تحقيق
الأحكام الصغرى لعبد الحق / تحقيق وتخريج وتعليق (خ)
الأحكام الوسطى / تحقيق وتخريج وتعليق(خ)
الأذكار/ للنووي - تخريج وتعليق (خ)
الأسئلة والأجوبة - تأليف.(خ)
الإكمال في أسماء الرجال / التبريزي – تحقيق
الآيات البينات في عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات / للآلوسي -تحقيق وتخريج
الأيات والأحاديث في ذم البدعة - تأليف.(خ)
الإيمان / لأبن أبي شيبة -تحقيق وتخريج وتعليق
الإيمان / لأبن تيميه – تعليق
الإيمان / لأبي عبيد القاسم بن سلام - تحقيق وتخريج وتعليق
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث / لأحمد شاكر – تعليق
التعقيب المبعوث على رسالة السيوطي الطُّرثوث - تأليف.(خ)
التعقيب على رسالة الحجاب / للمودودي – تعليق(1/92)
التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب - تأليف.(خ)
التعليق الممجد على موطأ الإمام أحمد / للكنوي – تحقيق وتعليق (خ)
التعليق والردّ على رسالة كلمة سواء (خ)
التعليق على سنن ابن ماجه – تخريج (خ)
التعليقات الجياد على زاد المعاد - تأليف.(خ)
التعليقات الحسان على الإحسان - تأليف.(خ)
التعليقات الرضيّة على الروضة النديّة / لصديق حسن خان – تأليف
التمهيد لفرض رمضان - تأليف.(خ)
التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل – تحقيق وتعليق
التوحيد / محمد احمد العدويّ - تخريج وتعليق (خ )
التوسل أنواعه وأحكامه – تأليف
الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب - تأليف.(خ)
الجمع بين ميزان الاعتدال للذهبي ولسان الميزان لأبن حجر .(خ)
الحديث النبوي / لمحمد الصباغ – تخريج
الحديث حجة بنفسه في العقائد والاحكام – تأليف
الحوض المورود في زوائد منتقى ابن الجارود - تأليف.(خ)
الدعوة السلفية أهدافها وموقفها من المخالفين لها - تأليف.(خ)
الذب الأحمد عن مسند الامام أحمد - تأليف.(خ)
الرد المفحم على من خالف العلماء - تأليف.(خ)
الرد على التعقيب الحثيث / للحبشي الهرري – تأليف
الرد على أرشد السلفي – تأليف
الرد على السقاف فيما سوده على دفع شبه التشبيه - تأليف.(خ)
الرد على اسماعيل الانصاري في مسألة الذهب المحلق – تأليف
الرد على رسالة التويجري في صفة الصلاة - تأليف.(خ)
الرد على عز الدين بليق في منهاجه - تأليف.(خ)
الرد على كتاب المراجعات / لعبد الحسين الرافضي - تأليف.(خ)
الرد على كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة / لمحمد عبد الحليم ابو شقة - تأليف.(خ)
الرد على كتاب ظاهرة الارجاء / لسفر الحوالي - تأليف.(خ)
الرد على هدية البديع في مسألة القبض بعد الركوع - تأليف.(خ)
الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير(1) - تأليف.(خ)
__________
(1) يعد هذا الكتاب من أوائل مؤلفات الشيخ ،وهو كتاب ضخم فيه نفس طويل وجلد في البحث(1/93)
الزوائد على الموارد – تأليف
السفر الموجب للقصر - تأليف.(خ)
الشهاب الثاقب في ذم الخليل والصاحب / للسيوطي – تخريج
الصراط المستقيم في ليلة النصف من شعبان / علماء الازهر- تخريج
العقيدة الطحاوية شرح وتعليق – تأليف
العلم لأبي خيثمة - تحقيق وتخريج وتعليق
الفهرس الشامل لأحاديث وآثار كتاب الكامل / لابن عدي – إعداد (خ)
الفهرس المنتخب من مكتبة خزانة ابن يوسف مراكش – إعداد(خ)
الفائد الى تصحيح العقائد / للمعلمي – تعليق
الكلم الطيب / لابن تيميه - تحقيق وتخريج
اللحية في نظر الدين – تأليف
المحو والاثبات الذي يدعى به في ليلة النصف من شعبان – تأليف (خ)
المرأة المسلمة / لحسن البنا – تخريج
المستدرك على المعجم المفهرس لألفاظ الحديث - تأليف.(خ)
المسح على الجوربين والنعليّن – تأليف وتذييل
المصطلحات الأربعة في القرآن / للمودودي – تخريج
المغني عن حمل الأسفار في الأسفار / للحافظ العراقي - تخريج وتعليق (خ)
المناظرات والردود - تأليف.(خ)
المناظرة بين الشيخ الالباني والشيخ الزمزمي – نسخها عبد الصمد البقالي (خ)
المنتخب من مخطوطات الحديث في المكتبة الظاهرية – تأليف
النصيحة بالتحذير من تخريب ( ابن عبد المنان ) لكتب الائمة الرجيحة ومن تضعيفه لمئات الاحاديث الصحيحة – تأليف
بداية السول في تفضيل الرسول / للعز بن عبد السلام - تحقيق وتخريج
بغية الحازم في فهارس مستدرك الحاكم – إعداد (خ)
بين يدي التلاوة – تأليف (خ)
تاريخ دمشق / لأبي زرعة – رواية أبي ميمون – تحقيق وتعليق (خ)
تأسيس الأحكام شرح بلوغ المرام / للشيخ احمد بن يحيى النجمي – تعليق
تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد – تأليف
تحريم آلات الطرب – تأليف
تحقيق معنى السنة / لسليمان الندوي – تخريج
تخريج أحاديث كتاب مشكلة الفقر / للقرضاوي – تأليف
تخريج أحاديث موسوعة البيوع – تأليف
تخريج حديث أبي سعيد الخدري في سجود السهو - تأليف.(خ)(1/94)
ترجمة الصحابي أبي الغادية ، ودراسة مرويات قتلة عمار بن ياسر - تأليف.(خ)
تصحيح حديث افطار الصائم – تأليف
تلخيص أحكام الجنائز – تأليف
تلخيص حجاب المرأة المسلمة - تأليف.(خ)
تلخيص صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - - تأليف
تمام المنة في التعليق على فقه السنة - تأليف.(خ)
تمام النصح في أحكام المسح – تأليف
تمام تمام المنّة في التعليق على فقه السنّة – تأليف
تهذيب صحيح الجامع الصغير وزيادته والاستدراك عليه - تأليف.(خ)
تيسير انتفاع الخلان بترتيب ثقات ابن حبان - تأليف.(خ)
جلباب المرأة المسلمة – تأليف
جواب حول الأذان وسنة الجمعة - تأليف.(خ)
حجاب المرأة ولباسها في الصلاة / لابن تيميه - تحقيق وتخريج وتعليق
حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواها عنه جابر - رضي الله عنه - - تأليف
حجة الوداع . (خ)
حقوق النساء في الاسلام / لرشيد رضا – تعليق
حقيقة الصيام / لابن تيميه – تخريج
حكم تارك الصلاة – تأليف
خطبة الحاجة – تأليف
دفاع عن الحديث النبوي – تأليف
ديوان الضعفاء والمتروكين / للذهبي – تحقيق وتعليق (خ)
رجال الجرح والتعديل لابن ابي حاتم – اعداد (خ)
رفع الاستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار / للصنعاني – تحقيق وتعليق
رياض الصالحين / للنووي – تخريج
زهر الرياض في رد ما شنعه القاضي عياض على من اوجب الصلاة علي البشير النذير في التشهد الاخير / للخيضري – تحقيق وتعليق (خ)
سؤال وجواب حول فقه الواقع – فتاوى للشيخ - رحمه الله .
سبل السلام للصنعاني – تعليق (خ)
سلسلة الاحاديث الصحيحة – تألي
سلسلة الأحاديث الموضوعة والموضوعة وأثرها السيئ على الأمة – تأليف
شرح العقيدة الطحاوية / لابن أبي العز الحنفي – تخريج
صحيح ابن خزيمة – مراجعة وتخريج
صحيح الأدب المفرد – تأليف
صحيح الإسراء والمعراج - تأليف.(خ)
صحيح الترغيب والترهيب – اختيار وتخريج
صحيح الجامع الصغير وزيادته – تأليف
صحيح السيرة النبوية – تأليف(1/95)
صحيح الكلم الطيب – تأليف
صحيح سنن ابن ماجه – تأليف
صحيح سنن أبي داود (خ)
صحيح سنن أبي داود – تأليف
صحيح سنن الترمذي – تأليف
صحيح سنن النسائي – تأليف
صحيح كشف الأستار عن زوائد البزار / للهيثمي ( خ)
صحيح موارد الظمآن – تأليف
صفة الفتوى والمفتي والمستفتي / لابن حمدان – تخريج وتعليق
صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - - تأليف
صلاة الاستسقاء - تأليف.(خ)
صلاة التراويح – تأليف
صلاة العيدين في المصلى خارج البلد هي السنة – تأليف
صلاة الكسوف وما رأى - صلى الله عليه وسلم - فيها من الآيات - تأليف.(خ)
صوت الطبيعة ينادي بعظمة الله / لعبد الفتاح الإمام – تخريج
صوت العرب تسأل وناصر الدين يجيب – لقاء مع جريدة صوت العرب 1380هـ
صيد الخاطر / لابن الجوزي – تخريج
ضعيف الأدب المفرد – تأليف
ضعيف الترغيب والترهيب – اختيار وتخريج
ضعيف الجامع الصغير وزيادته – تأليف
ضعيف سنن ابن ماجه – تأليف
ضعيف سنن ابي داود – تأليف
ضعيف سنن الترمذي – تأليف
ضعيف سنن النسائي – تأليف
ضعيف كشف الاستار عن زوائد البزار / للهيثمي ( خ)
ضعيف موارد الظمآن – تأليف
ظلال الجنة في تخريج السنة – تأليف
عودة الى السنة - تأليف.(خ)
غاية الآمال بتضعيف حديث عرض الأعمال والرد على الغماري - تأليف.(خ)
غاية المرام بتخريج أحاديث الحلال والحرام – تأليف
فتنة التكفير – فتوى
فتوى الحكم تتبع آثار الأنبياء والصالحين – تأليف
فضائل الشام ودمشق – تخريج
فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - - تحقيق وتخريج
فقه السيرة / للغزالي – تخريج
فهرس أحاديث كتاب التاريخ الكبير للبخاري – إعداد (خ)
فهرس أحاديث كتاب الشريعة للآجري – إعداد (خ)
فهرس أسماء الصحابة في معجم الطبراني الأوسط – إعداد .(خ)
فهرس الصحابة الرواة في مسند الامام احمد بن حنبل – إعداد
فهرس المخطوطات الحديثية في مكتبة الأوقاف الحلبيّة - تأليف.(خ)(1/96)
فهرس كتاب الكواكب الدراري لابن عروة الحنبلي – إعداد.(خ)
قاموس البدع - تأليف.(خ)
قاموس الصناعات الشامية / لمحمد سعيد القاسمي – تخريج / مشاركة مع الشيخ محمد بهجت البيطار - رحمه الله -
قصة نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال - تأليف.(خ)
قيام رمضان - تأليف.(خ)
كتاب الصلاة الكبير - تأليف.(خ)
كشف النقاب عما في كلمات أبي غدة من الأباطيل والافتراءات – تأليف
كلمة الاخلاص وتحقيق معناها / لابن رجب – تخريج
كيف يجب أن نفسر القرآن - تأليف.(خ)
لفتة الكبد إلى نصيحة الولد / لابن الجوزي - تحقيق وتخريج / مشاركة مع الاستاذ محمود مهدي استانبولي - رحمه الله –
ما دلّ عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة / للألوسي – تخريج
مجموع الفتاوي – تقوم مكتبة المعارف بالرياض بنشر هذه الفتاوى وإعدادها
مختصر التوسل - تأليف.(خ)
مختصر الشمائل المحمدية / للترمذي –اختصار وتحقيق
مختصر العلو للعلي العظيم –اختصار وتحقيق
مختصر تحفة المودود / لابن القيم – اختصار وتخريج .(خ)
مختصر تعليق الشيخ محمد كنعان .(خ)
مختصر شرح العقيدة الطحاوية .(خ)
مختصر صحيح البخاري (1-4) اختصار وتعليق
مختصر صحيح مسلم / للمنذري – اختصار وتعليق
مختصر صحيح مسلم- تأليف
مذكرات الرحلة الى مصر - تأليف.(خ)
مسائل ابي جعفر محمد بن عثمان بن ابي شيبة - تحقيق وتعليق .(خ)
مسائل غلام الخلال التي خالف فيها الخرقي – تعليق
مساجلة علمية بين العز بن عبد السلام وابن الصلاح – تحقيق وتعليق
مساوئ الأخلاق / للخرائطي - تحقيق وتخريج .(خ)
مشكاة المصابيح – تخريج
مع الأستاذ الطنطاوي - تأليف.(خ)
معالم التنزيل / للبغوي – تخريج .(خ)
معجم الحديث النبوي ( أربعون مجلداً ) - تأليف.(خ)
مناسك الحج والعمرة – تأليف
مناظرة كتابية مع طائفة من أتباع القاديانية - تأليف.(خ)
مناقب الشام وأهله / لابن تيميه - تخريج
منتخبات من فهرس المكتبة البريطانية – إعداد .(خ)(1/97)
منزلة السنّة في الإسلام – تأليف
موارد السيوطي في الجامع الصغير - تأليف.(خ)
نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر / لابن حجر – تعليق وتحقيق .(خ)
نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق – تأليف
نقد التاج الجامع للاصول لمنصور علي ناصف – تعليق وتخريج .(خ)
نقد نصوص حديثية في الثقافة الاإسلامية – تأليف
هداية الرواة الى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة / لابن حجر – تخريج
وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والأحكام – تأليف
وصف الرحلة الأولى إلى الحجاز والرياض مرشداً للجيش السعودي - تأليف.(خ)
وضع الآصار في ترتيب أحاديث مشكل الآثار – إعداد .(خ)
وفاة العلاّمة
قبيل غروب شمس ذلك اليوم " أجاء الله قدره إلى الروح القوية، التي ظلت زهاء ستة عقود تحتضن لواء السنّة في عزيمة لا تعرف التردد، وصبر لا يعرف الضجر، وإقدام لا يعرف النكوص، ودأب موصول لا يعرف الوهن، وسهر عميّت الطرائق على الإجهاد إليه، ودقة صبور تقاصر عنها الهمم، وأمانة واعية أذكرت أهل العلم بما يجب عليهم من حقوقها، واستقصاء أحاط علماً بكل ما ندّ من قواعدها، وخفيّ من أصولها... ومع عظم البلاء يكون عظم الأجر، وعظم الأجر لا يكون إلا وصوبه الصبر، ومن سخط كان له السخط، ومن رضيّ كان له الرضى ... "(1) نعم ذرفت الدمعة ، وانفطر القلب في الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرة ،سنة 1420هـ ، الموافق الثاني من أكتوبر سنة 1999م ، قبيل غروب شمس يوم السبت .
المجدد الخامس
الإمام والفقيه المجتهد
فضيلة الشيخ العلاّمة محمد بن صالح العثيمين
هو العلامة، والفقيه الجهبذ، والإمام العالم العامل / أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين الوهيبي التميمي.
ولد في مدينة عنيزة في 27/ رمضان المبارك / عام 1347 من هجرة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
نشأته وبداية طلبه للعلم
__________
(1) مقال رفعت الأقلام وجفت الصحف وقضى نحبه علم الأمة وشيخ السنّة الألباني – للشيخ محمد بن إبراهيم شقرة(1/98)
قرأ القرآن الكريم على جده من جهة أمه ( الشيخ عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ –رحمه الله ) فحفظه ثم اتجه إلى طلب العلم فتعلم الخط والحساب وبعض فنون الآداب، وكان الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – قد أقام اثنين من طلبة العلم عنده ليدرسا الطلبة الصغار، أحدهما الشيخ علي الصالحي، والثاني الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع – رحمه الله – فقرأ عليه شيخنا العثيمين مختصر العقيدة الواسطية للشيخ عبد الرحمن السعدي، ومنهاج السالكين في الفقه للشيخ السعدي أيضاً، والأجروميّة والألفيّة.
يعتبر العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – شيخه الأول حيث لازمه وقرأ عليه غالب العلوم منها : التوحيد ، والتفسير ، والحديث ، والفقه ، وأصول الفقه ، والفرائض ، ومصطلح الحديث والنحو والصرف .
ولقد كانت للشيخ العثيمين منزلة عظيمة ومكانة جليلة لدى شيخه السعدي – رحمه الله - ويظهر حرص شيخنا العلامة عبد الرحمن السعدي على – الشيخ محمد رحمه الله – لمّا أنتقل والد الشيخ محمد – رحمه الله – إلى الرياض إبان أول تطوره رغب في أن ينتقل معه ولده ( محمد ) فكتب له الشيخ السعدي ( إن هذا لا يمكن نريد محمداً أن يمكث هنا حتى يستفيد )
يقول فضيلة الشيخ العثيمين - رحمه الله – ( إنني تأثرت به كثيراً في طريقة التدريس وعرض العلم وتقريبه للطلبة بالأمثلة والمعاني، وكذلك أيضاً تأثرت به من ناحية الأخلاق لأن الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله – كان على جانب كبير من الأخلاق الفاضلة، وكان - رحمه الله – على قدر كبير في العلم والعبادة، وكان يمازح الصغير ويضحك الكبير، وهو من أحسن من رأيت أخلاقاً )
وأما سماحة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله – يعتبر الشيخ الثاني – لشيخنا العثيمين – حيث قرأ عليه ابتداءً صحيح الإمام البخاري وبعض رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض الكتب الفقهية المتنوعة.(1/99)
يقول الشيخ العثيمين ( تأثرت بالشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله من جهة العناية بالحديث، وتأثرت به من جهة الأخلاق أيضاً وبسط نفسه للناس )
و قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان في الفرائض والفقه
وفي عام 1371هـ جلس للتدريس في الجامع، ولمّا فتحت المعاهد العلميّة في مدينة الرياض التحق الشيخ بها عام 1372هـ، وفي ذلك قال الشيخ - رحمه الله -:
( دخلت المعهد العلمي من السنة الثانية، والتحقت به بمشورة من الشيخ علي الصالحي، وبعد أن استأذنت من الشيخ عبد الرحمن السعدي عليه رحمة الله، وكان المعهد العلمي في ذلك الوقت ينقسم إلى قسمين خاص وعام، فكنت في القسم الخاص، وكان في ذلك الوقت أيضاً من شاء أن يقفز – كما يعبرون – بمعنى أنه يدرس السنة المستقبلة له في أثناء الإجازة ثم يختبرها في أول العام الثاني، فإذا نجح انتقل إلى السنة التي بعدها وبهذا اختصرت الزمن ).
وبعد سنتين تخرج وعيّن مدرساً في معهد عنيزة العلمي مع مواصلة الدراسة انتساباً في كليّة الشريعة ومواصلة طلب العلم على يدّ الشيخ عبد الرحمن السعدي.
ولمّا توفي فضيلة الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله – تولى الشيخ العثيمين إمام الجامع الكبير بعنيزة والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية، بالإضافة إلى التدريس في المعهد العلمي ثم انتقل إلى التدريس في كليتي الشريعة أصول الدين، بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم .
وفي ذلك الوقت كان الشيخ - رحمه الله – يحمل عضوية هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، إضافة إلى نشاطه الكبير لخدمة الدين، والدعوة إلى الله عز وجل وتبصير الدعاة في كل مكان وله جهود مشكورة في هذا المجال.
شيوخه
استفاد الشيخ أبو عبد الله في طلبه للعلم، من عدّة شيوخ منهم وأبرزهم: -(1/100)
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي: المتوفى عام 1376هـ، المفسر المشهور صاحب التفسير المعروف بـ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ) في ثمان مجلدات.
الشيخ محمد الأمين بن محمد بن المختار الجكنى الشنقيطي: المتوفى عام 1393هـ المفسر، واللغوي، صاحب التفسير المعروف بـ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن )
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز: العالم المشهور، صاحب المواقف النبيلة الطيبة، والرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والمفتي العام للمملكة العربية السعودية ، ورئيس هيئة كبار العلماء .
الشيخ علي بن حمد الصالحي - رحمه الله -
الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع - رحمه الله –
الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان - رحمه الله –
الشيخ عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ - رحمه الله -
طلابه وتلاميذه
لا يمكن حصر جميع من تتلمذ على الشيخ - رحمه الله – لأنهم ازدحموا في مجلسه – لاسيّما في السنوات الأخيرة – بما يزيد على الخمس مائة طالب في بعض دروسه على اختلاف مستوياتهم.
أما من عامة الناس والأمة في مشارق العالم الإسلامي ومغاربه فهم كثر – والحمد لله. فمنهم من درس عليه ومنهم من درس على كتبه وأشرطته المسجلة وبرامجه المحفوظة، إلا أنني سأذكر بعض الطلبة البارزين، من أصحاب العلم والفضيلة - لا للحسر - بل كلمحة سريعة موجزة عن تلك الثلة الطيبة التي نهلت من علم شيخنا - رحمه الله:
الشيخ محمد بن سليمان السلمان، وهو الذي ينوب عن الشيخ في خطبة الجمعة والعيدين
الشيخ الدكتور محمد بن صالح البراك، المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
الشيخ الداعية إبراهيم بن محمد الدبيان
الشيخ سامي بن محمد الصقير، والشيخ خالد بن عبد الله المصلح، وهما متزوجان من ابنتي الشيخ – رحمه الله.
الشيخ أحمد بن عبد الرحمن القاضي، مدير المعهد العلمي في مدينة عنيزة(1/101)
الشيخ الدكتور يوسف بن عبد الله الزامل، عميد كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك سعود فرع القصيم سابقاً
الشيخ الداعية عثمان آل خميس - الكويت
الشيخ الداعية الدكتور سلمان بن فهد العودة
الأمير الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن سعود الكبير آل سعود
الشيخ عبد الله السعد، والشيخ فهد السنيد
الشيخ عبد الرحمن بن صالح الدهش، الشيخ محمد بن عبد الرحمن الإسماعيل، الشيخ غانم بن مرزوق الحربي، الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الإبراهيم، الشيخ احمد بن محمد العبيد، الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح، والشيخ خالد بن سليمان المزيني، الشيخ علي بن عبد الله السلطان، الشيخ خالد المطرفي، الشيخ عبد الله بن حمد السليم، الشيخ بندر العبدلي، الشيخ يحيى بن عبد العزيز اليحيى، الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الصائغ، الشيخ أحمد المشرف، الشيخ عادل بن عبد الشكور الزرقي، الشيخ عبد الله بن حمد الزيداني، الشيخ عبد الله بن صالح الحمود، والشيخ رشيد بن عبد الرحمن الحربي، والشيخ صالح الحجاج.
ومن دولة الكويت: الشيخ حمد العثمان، الشيخ سالم بن سعد الطويل، الشيخ ماهر بن فهد الساير .
ومن دولة البحرين: الشيخ خالد بن سالم، الشيخ عبد الوهاب الزياني
ومن سوريا: الشيخ مصطفى بن محمد بن كامل حورية
ومن مصر: الشيخ الدكتور طبيب رشاد بن زارع
ومن اليمن: محمد بن أحمد الواصل، والشيخ عمار بن ناشر، الشيخ يحيى بن صالح الراعي، الشيخ زيد بن ثابت، الشيخ طارق بن عبد الواسع
ومن باكستان: الشيخ محبوب بن أحمد بن محمد عليف
هؤلاء نخبة من طلابه البارزين وهناك طلاب بمنزلتهم، أو قريبون منهم، أو دونهم، أعرضت عن ذكرهم خشية الإطالة – مع حفظ مكانتهم العلمية وجهودهم الطيبة في نشر عقيدة أهل السنة والجماعة.
أقوال أهل العلم فيه - رحمه الله –
قال فيه
شعر د. عائض القرني في رثاء العلامة محمد بن صالح العثيمين
على العلم نبكي أم على الفضلِ نجزعُ ... وما منهما إلا مصابٌ مفجِعُ(1/102)
أصبنا بيوم في الفقيد لو أنّه ... أصيبت عروش الدّهرِ أضحت تضعضعُ
فقدنا العثيمين الإمام وإنّه ... على مثلِهِ شمّ الرواسي تصدّعُ
الى الله نشكو فقدهُ ورحيلَهُ ... وليس إلى غير المهيمنِ نفزعُ
وكادت جروح القلب تبرى نزيفها ... على الباز حتى حلّ خطبٌ مضعضعُ
عنيزة لم تبكِ على العلم وحدها ... بلى قد بكته الأرضُ والناس أجمعُ
بكت جبلاً في العلم والفضل والتُّقى ... حبراً به صرح الشريعة يرفعُ
على مثلِه تبكي البواكي وإنهُ ... أحق فقيد بالقلوب يشيّعُ
( أكثر من نصف قرن )
منذ عام 1370هـ إلى آخر ليلة من شهر رمضان عام 1421هـ
* بدأ التدريس منذ عام 1370هـ في الجامع الكبير بعنيزة في عهد شيخه عبد الرحمن السعدي وبعد أن تخرج من المعهد العلمي في الرياض عين مدرساً في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ.
* وفي سنه 1376هـ توفي شيخه عبدالرحمن السعدي فتولى بعده إمامة المسجد بالجامع الكبير في عنيزة والخطابة فيه والتدريس بمكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع والتى أسسها شيخه عام 1359هـ .
* ولما كثر الطلبة وصارت المكتبة لا تكفيهم صار يدرس في المسجد الجامع نفسه واجتمع إليه طلاب كثيرون من داخل المملكة وخارجها حتى كانوا يبلغون المئات وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل لا لمجرد الاستماع - ولم يزل مدرساً في مسجده وإماماً وخطيباً حتى توفي -رحمه الله .
* استمر مدرساً بالمعهد العلمي في عنيزة حتى عام 1398هـ وشارك في آخر هذه الفترة في عضوية لجنة الخطط ومناهج المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وألف بعض المناهج الدراسية.
* ثم لم يزل أستاذاً بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم بكلية الشريعة وأصول الدين منذ العام الدراسي 1398-1399هـ حتى توفي - رحمه الله .
* درّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج وشهر رمضان والعطل الصيفية.
* شارك في عدة لجان علمية متخصصة عديدة داخل المملكة العربية السعودية.(1/103)
* ألقى محاضرات علمية داخل المملكة وخارجها عن طريق الهاتف.
* تولى رئاسة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة منذ تأسيسها عام 1405هـ حتى وفاته - رحمه الله.
* كان عضواً في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منذ 1398 هـ وحتى 1400 هـ.
* كان عضواً في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين بفرع الجامعة بالقصيم ورئيساً لقسم العقيدة فيها.
* كان عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1407هـ حتى وفاته -رحمه الله .
وكان بالإضافة إلي أعماله الجليلة والمسؤوليات الكبيرة حريصاً على نفع الناس بالتعليم والفتوى وقضاء حوائجهم ليلاً ونهاراً حضراً وسفراً وفي أيام صحته ومرضه -رحمه الله تعالى رحمة واسعة- كما كان يلزم نفسه باللقاءات العلمية والاجتماعية النافعة المنتظمة المجدولة فكان يعقد اللقاءات المنتظمة الأسبوعية مع قضاة منطقة القصيم وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عنيزة ومع خطباء مدينة عنيزة ومع كبار طلابه ومع الطلبة المقيمين في السكن ومع أعضاء مجلس إدارة جمعية تحفيظ القران الكريم ومع منسوبي قسم العقيدة بفرع جامعة الإمام بالقصيم.
وكان يعقد اللقاءات العامة كاللقاء الأسبوعي في منزله واللقاء الشهري في مسجده واللقاءات الموسمية السنوية التي كان يجدولها خارج مدينته فكانت حياته زاخرة بالعطاء والنشاط والعمل الدؤوب وكان مباركا في علمه الواسع أينما توجه كالغيث من السماء أينما حل نفع.
أعلن فوزه بجائزة الملك فيصل العالية لخدمة الإسلام للعام الهجري 1414هـ .
كان -رحمه الله- على جانب عظيم من العلم بشريعة الله سبحانه وتعالى وكان يتمسك بصحة الدليل وصواب التعليل كما كان حريصاً أشد الحرص على التقيد بما كان عليه السلف الصالح في الاعتقاد علماً وعملاً ودعوة وسلوكاً فكانت أعماله العلمية ونهجه الدعوي كلاهما على ذلك النهج السليم.(1/104)
ولقد آتاه الله سبحانه وتعالى ملكة عظيمة لاستحضار الآيات والأحاديث لتعزيز الدليل واستنباط الأحكام والفوائد فهو في هذا المجال عالم لا يشق له غبار في غزارة علمه ودقة استنباطه للفوائد والأحكام وسعة فقهه ومعرفته بأسرار اللغة العربية وبلاغتها.
أمضى وقته في التعليم والتربية والإفتاء والبحث والتحقيق وله اجتهادات واختيارات موفقة، لم يترك لنفسه وقتاً للراحة حتى إذا سار على قدميه من منزله إلى المسجد وعاد إلى منزله فإن الناس ينتظرونه ويسيرون معه يسألونه فيجيبهم ويسجلون إجاباته وفتاواه.
وكان للشيخ -رحمه الله- أسلوب تعليمي رائع فريد فهو يسأل ويناقش ليزرع الثقة في نفوس طلابه ويلقي الدروس والمحاضرات في عزيمة ونشاط وهمة عالية ويمضي الساعات يلقي دروسه ومحاضراته وفتاواه بدون ملل ولا ضجر بل يجد في ذلك متعته وبغيته من أجل نشر العلم وتقريبه للناس.(1/105)
وأخيراً توجت جهوده العلمية وخدمته العظيمة التي قدمها للناس في مؤلفاته العديدة ذات القيمة العلمية من كتب ورسائل وشروح للمتون العلمية طبقت شهرتها الآفاق وأقبل عليها طلبة العلم في أنحاء العالم وقد بلغت مؤلفاته أكثر من خمسين كتاباً ورسالة تقع في أكثر من تسعين مجلداً، ثم لا ننسى تلك الكنوز العلمية الثمينة المحفوظة في أشرطة الدروس والمحاضرات فإنها تقدر بآلاف الساعات فقد بارك الله تعالى في وقت هذا العالم الجليل وعمره نسأل الله تعالى أن يجعل كل خطوة خطاها في تلك الجهود الخيرة النافعة في ميزان حسناته يوم القيامة(1) .
ملامح من صفاته الشخصية وأخلاقه النبيلة
كان الشيخ - رحمه الله تعالى - قدوة صالحة ونموذجاً حياً فلم يكن علمه مجرد دروس ومحاضرات تلقى على أسماع الطلبة وإنما كان مثالاً يحتذى في علمه وتواضعه وحلمه وزهده ونبل أخلاقه.
تميز بالحلم والصبر والجلد والجدية في طلب العلم وتعليمه وتنظيم وقته والحفاظ على كل لحظة من عمره كان بعيداً عن التكلف وكان قمة في التواضع والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة وكان بوجهه البشوش اجتماعياً يخالط الناس ويؤثر فيهم ويدخل السرور إلى قلوبهم ترى السعادة تعلو محياه وهو يلقي دروسه ومحاضراته.
كان - رحمه الله - عطوفاً مع الشباب يستمع إليهم ويناقشهم ويمنحهم الوعظ والتوجيه بالرفق واللين والإقناع. وكان حريص على تطبيق السنة في جميع أموره.
__________
(1) موقع مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية على شبكة المعلومات، وقد أخذت مؤسسة الشيخ التي أنشئت عام 1422هـ على عاتقها مسؤولية العناية والاهتمام بهذا التراث الضخم الذي خلفه شيخنا رحمه الله تعالى على تحقيق ذلك الهدف السامي الذي ينشده الجميع لجعل ذلك العلم الغزير متاحاً للجميع في مختلف الوسائل الممكنة بإذن الله تعالى وعونه وتوفيقه - فبارك الله فيهم جميعاً .(1/106)
ومن ورعه أنه كان كثير التثبت فيما يفتي ولا يتسرع في الفتوى قبل أن يظهر له الدليل فكان إذا أشكل عليه أمر من أمور الفتوى يقول : انتظر حتى أتأمل المسألة، وغير ذلك من العبارات التي توحي بورعه وحرصه على التحرير الدقيق للمسائل الفقهية.
كان رحمه الله يستمع إلى شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم قدر استطاعته وقد خصص لهذا العمل الخيري وقتاً محدداً في كل يوم لاستقبال هذه الأمور وكان يدعم جمعيات البر وجمعيات تحفيظ القرآن بل قد من الله عليه ووفقه لجميع أبواب البر والخير ونفع الناس فكان شيخناً بحق مؤسسة خيرية اجتماعية وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
زواجه – رحمه الله
تزوج ـ رحمه الله ـ ثلاث مرات الأولى : ابنة عمه بنت سليمان بن محمد العثيمين التي توفيت أثناء الولادة ، ثم تزوج بعد وفاتها من ابنة الشيخ عبد الرحمن بن الزامل العفيسان وظلت معه خمس سنوات لم ينجب منها فطلقها ثم تزوج بنت محمد بن إبراهيم التركي وهي أم أولاده ، ولم يجمع بين زوجتين .
أولاده وأبناؤه
1. عبدالله : موظف في جامعة الملك سعود .
2. عبدالرحمن : ضابط في وزارة الدفاع .
3. إبراهيم : ضابط في الحرس الملكي .
4. عبدالعزيز : ضابط في الجوازات .
5. عبدالرحيم : موظف في الخطوط السعودية .
ولم يطلب العلم أحد من أبناءه عليه ـ رحمه الله ـ وله ثلاث بنات
مواقف من حياته - رحمه الله
عرض سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله – بل وألح على فضيلة الشيخ العثيمين في تولي القضاء ، بل أصدر قراره بتعيينه رئيساً للمحكمة الشرعية بالإحساء فطلب منه الإعفاء ، وبعد مراجعات واتصال شخصي من الشيخ العثيمين ، سمح الشيخ محمد بن إبراهيم بإعفائه من منصب القضاء .
الجهاد الشيشاني في حياة الشيخ
بقلم / الشيخ أبي عمر السيف ، أحد المجاهدين في الشيشان(1/107)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن صار على دربه ، وبعد : فلقد كان لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين الأثر الكبير في نفوس المجاهدين الشيشان ، وكان متأثراً كثيراً عليهم متابعاً لهم في كل صغيرة وكبيرة ، كثير السؤال عنهم والاتصال بهم (( ولا سيما عندما يشاهد صوراً لجرائم القوات الروسية في حق النساء والرجال والأطفال في الشيشان ، فكان يتابع أخبار المجاهدين وأحوالهم أولاً بأول ، ويكثر من الاتصال بهم بنفسه ، ويسأل أسئلة تفصيلية تدل على حرص واهتمام ، ولا أعلم أحداً من العلماء المعاصرين سبقه في ذلك . فقد بدأ اهتمامه رحمه الله بقضية الجهاد في الشيشان من الحرب الأولى ، فكان نعم المعين والمشير ، ولمّا انتهت الحرب وهدأت الأمور ، وقامت المحاكم الشرعية كان الشيخ هو مرجعنا فيما يشكل علينا من المسائل والمواقف ، وكنا نلقى منه كل تجاوب وتفاعل وصبر ، فقد كان يستقبل أسئلتنا في كل الأوقات بكل ترحيب وبشاشة وسعة صدر ، بل أعطانا رقم هاتفه الخاص ليتيسر لنا الحديث معه في أي وقت.(1/108)
ولمَّا بدأت الحرب الشيشانية الثانية كان تفاعله أشد ، ومتابعته أكثر ، وأحسب أن له نصيباً وافراً من قول الله تعالى )وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ( الأنفال (72) ، ونصيباً وافراً من قول النبي صلى الله عليه وسلم : « المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله » [3] . وكنا نتعهده بآخر الأخبار ، ونشرح له تفاصيل الواقع العسكري ، وكان يسأل عن قتلى العدو ، وعن السلاح المستخدم ، وعن حال المجاهدين وأسرهم ومعاناتهم . فإذا تأخرنا عنه اتصل بنا يسأل ويتابع ، وقد يتصل أحياناً في ساعة متأخرة بعد الثانية عشرة ليلاً ، وإذا تحدث معنا فإنك تشعر في كلامه بصدق التفاعل وبالحرقة والحزن والألم . كان يألم لألمنا ، ويفرح لفرحنا ، ويبشرنا بفضل الله تعالى وكرمه ، وكان يتأسف كثيراً من تقصير الأمة بكافة فئاتها في نصرة إخوانهم ، ومن جهة أخرى كان شيخنا رحمه الله يحث الناس على التبرع للمجاهدين في الشيشان ، ويدفع زكاة ماله للمجاهدين ، وقد حدثنا من نثق به من خاصة طلابه أنه كان يقرأ عليهم أخبار المجاهدين ، ويطلعهم على أحوالهم ، ويحثهم على نصرتهم والتعاون معهم )) صدق الله العظيم
مؤلفاته وكتبه
فتح البرية بتلخيص الحمويّة(1)
تفسير آيات الأحكام – لم يكمل
شرح عمدة الأحكام – لم يكمل
مصطلح الحديث
الأصول من علم الأصول
رسالة في الوضوء والغسل والصلاة
رسالة في كفر تارك الصلاة
مجالس رمضان
الأضحية والذكاة
المنهج لمريد الحج والعمرة
تسهيل الفرائض
شرح لمعة الاعتقاد
شرح العقيدة الواسطية
عقيدة أهل السنة والجماعة
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
رسالة في الطلاق الثلاث واحدة ولو بكلمات
تخريج أحاديث الروض المربع
رسالة حجاب
رسالة في الصلاة والطهارة لأهل الأعذار
رسالة في مواقيت الصلاة
رسالة في سجود السهو
__________
(1) أول كتاب طبع لفضيلة الشيخ محمد بن العثيمين - رحمه الله - وقد فرغ منه في 8 ذو القعدة سنة 1380هـ(1/109)
رسالة في أقسام المداينة
رسالة في وجوب زكاة الحليّ
رسالة في أحكام الميت وغسله
تفسير آية الكرسي
نيل الأرب من قواعد ابن رجب
القواعد الفقهية . نظم على بحر الرجز
الضياء اللامع من الخطب الجوامع
الفتاوى النسائية
زاد الداعية إلى الله عز وجل
المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين ( 15 مجلد )
حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة
الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه
من مشكلات الشباب
رسالة في المسح على الخفين
رسالة في قصر الصلاة للمبتعثين
أصول التفسير
رسالة في الدماء الطبيعية للنساء
أسئلة مهمة
الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع
إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار
شرح أصول الإيمان
شرح رياض الصالحين ( 4 أجزاء )
الشرح الممتع على زاد المستنقع
القول المفيد شرح كتاب التوحيد
التعليقات على كشف الشبهات
شرح ثلاثة الأصول
شرح نزهة النظر
شرح منظومة أصول الفقه
شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث
أثر المعاصي على الفرد والمجتمع
وفاته يرحمه الله
لم يكتشف مرضّه إلا في شهر صفر من العام 1421 هـ ، أثناء مراجعته لمستشفى الملك فهد بالرياض ، وقد ظل الشيخ - رحمه الله – صابراً محتسباً رافضاً للعلاج الكيماوي ، ونزولاً عند رغبة ولاة الأمر بالإلحاح عليّه بالعلاج ، سافر إلى بضعة أشهر إلى أمريكا للعلاج ، ورغم ذلك لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم ففي رحلته العلاجيّة تلك ، وقبل ستة أشهر من وفاته نظم العديد من المحاضرات في المراكز الإسلامية والتقى بجموع المسلمين من الأمريكيين وغيرهم ووعظهم وأرشدهم كما أمهم في صلاة الجمعة.
وكان يحمل هم الأمة الإسلامية وقضاياها في مشارق الأرض ومغاربها وقد واصل -رحمه الله تعالى- مسيرته التعليمية والدعوية بعد عودته من رحلته العلاجية فلم تمنعه شدة المرض من الاهتمام بالتوجيه والتدريس في الحرم المكي حتى قبل وفاته بأيام.(1/110)
أصابه المرض فتلقى قضاء الله بنفس صابرة راضية محتسبة، وقدم للناس نموذجاً حياً صالحاً يقتدي به لتعامل المؤمن مع المرض المضني، نسأل الله تعالى أن يكون في هذا رفعة لمنزلته عند رب العالمين.
توفي الشيخ - رحمه الله – يوم الأربعاء 15 شوال 1421هـ وكانت وفاته في الساعة السادسة مساءً بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدّة إثر إصابته بسرطان القولون الذي ظل يعاني منه لفترة طويلة وهو محتسب ذلك عند الله .
الخاتمة نسأل الله حسنها
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلي الله على سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وسلم ، وبالله أستعين وحسبي الله ونعم الوكيل ...
واعلموا أحبتي " أن الله تعالت صفاته، وتقدست أسماؤه، يختص من أحب ممن آمن به وتوكل عليه لحملة دينه ونشر سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فيتفضل عليهم فيعلمهم الكتاب والحكمة، ويفقههم في الدين، ويعلهم التأويل ويرفعهم بالعلم ويزينهم بالحلم "(1) .
وهذه الكوكبة من العلماء التي دونّا سيرهم الموجزة ممن أختارهم الله لحملة دينه ونشر هدي وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما كان عليّه السلف الصالح من أخلاق وآداب وسنن – نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحد.
__________
(1) أخلاق العلماء – للإمام المحدث أبي بكر الآجري – المتوفي 360هـ - بتصرف(1/111)
فمع مداد دموع المحبين " سقط القلم من بين أصابع تلك الثلّة الطيبة من العلماء، وذاب صوتهم القوي النديّ اللطيف، الذي ملأ طباق الأرض علماً، وسكتت ألسنتهم التي جالت الحكمة من فوقه، وأطبقت الشفاة التي طالما تحركت بالتوحيد والتفسير والتأويل والفقه، وحيل بين الثرى وبين الثُريا برحيلهم، وحزن الكثير ممن لم يلتحق بحِلَق درسهم ومتابعة علومهم والتلقي بين أيديهم... وتنفست الصعداء صدور تربع الحقد والحسد من فوقها، واستبشرت النفوس المريضة التي أعياها السوء والبغضاء أن عجزت إدراك الفضيلة التي نلتموها، وما هيأ الله لكم من القبول التي سعت إليه نفوس طلاب العلم خاصّة والناس عامّة من شتى أقطار الأرض فكنتم بها بحق مجددين لعصركم ناشرين به علمكم الذي علمكم الله ..."(1) فرحمكم الله رحمة واسعة ، وألحقكم بالأنبياء والشهداء والصالحين ، إنه نعم المولى ونعم النصير .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وكتبه الفقير لرحمته تعالى
مهنا بن نعيم النجم ... أبو الحارث
عضو هيئة العلماء والدعاة – فلسطين
قائمة أهم المصادر والمراجع
مراجع ترجمة سيرة العلامة محمد بن عبد الوهاب
: الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه
حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , تأليف الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل ,الطبعة الأولى , 1999م
محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه , الأستاذ مسعود الندوي , ترجمة وتعليق عبدالعليم عبدالعظيم البستوي , مراجعة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي , 1420 هجري
تاريخ العرب الحديث والمعاصر , دكتور عبدالرحيم عبدالحمن عبدالرحيم , الطبعة الخامسة 1990م
__________
(1) رفعت الأقلام وجفت الصحف وقضى نحبه علم الأمة وشيخ السنة الإمام الألباني – بقلم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم شقرة – حفظه الله ورعاه - بتصرف(1/112)
دراسات في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر , الدكتور بدر الدين عباس الخصوصي ,الجزء الأول , الطبعة الثانية 1984م
مذكرة تاريخ العرب الحديث , الدكتور فيصل المسلم
- لوتروب ستودارد, حاضر العالم الإسلامي , ترجمة عجاج نويهض, وتعليق شكيب أرسلان , ج1
محمد بن عبدالوهاب - أحمد عبد الغفور العطار
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الشبهات التي أثيرت حول دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب والرد عليها , إعداد عبد الكريم الخطيب,ج2
مراجع ترجمة سيرة العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي
روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد – الشيخ عثمان القاضي
علماء نجد خلال ستة قرون – الشيخ عبد الله البسام
علماء آل سليم وعلماء القصيم – الشيخ صالح سليمان العمري
حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي في سطور – أحمد القرعاوي
مجلة الأصالة – الناشر مركز الإمام الألباني للدراسات المنهجية – عمان ، الأردن
مراجع ترجمة سيرة العلامة عبد العزيز بن باز
مؤسسة الشيخ ابن باز الخيرية
الإنجاز في ترجمة العلامة عبد العزيز بن باز – كتبت أثناء حياته – رحمه الله
مجلة الأصالة - الناشر مركز الإمام الألباني للدراسات المنهجية
مراجع ترجمة سيرة العلامة محمد بن ناصر الألباني
محدث العصر الألباني – سمير بن أمين الزهيري
الروض الداني للفوائد الحديثية – جمع عصام هادي
موقع العلامة الألباني على شبكة المعلومات الدولية
مراجع ترجمة سيرة العلامة محمد بن صالح العثيمين
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ابن عثيمن الإمام الزاهد – الشيخ الدكتور ناصر الزهراني
صفحات مشرقة في حياة الشيخ محمد بن عثيمن – الشيخ إحسان بن محمد العتيبي
الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثمين - وليد الحسن
قائمة في بعض الكتب والمؤلفات التي تحدثت عن دعوة الشيخ بإنصاف
أعدها أبو عمر المنهجي
دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بين المعارضين والمنصفين والمؤيدين(1/113)
المؤلف:الشيخ محمد جميل زينو حفظه الله
السنة والشيعة أو الوهابية والرافضة
المؤلف: الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله
الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) دعوة ومنهج
المؤلف: خطيب الحرم المكي د-صالح بن حميد.
نظرة على الحركة الوهابية
المؤلف: ثناء الله الأمرتسري - الهند
الصواعق الإلهية لطرد الشياطين اللهابية
المؤلف: الشيخ بشير الدين القنوجي – الهند
الإمام محمد بن عبدالوهاب أو انتصار المنهج السلفي
المؤلف: المستشار عبدالحليم الجندي - مصر
دعوة التوحيد والسنة
المؤلف: محمد بهجة الأثري - العراق
الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: أحمد بن حجر آل بوطامي - قطر
محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه
المؤلف: مسعود الندوي - الهند
حقيقة دعوة الإمام المصلح محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: إسحاق بن الشيخ عبدالرحمن بن حسن –السعودية
التحفة الوهابية
المؤلف: محمد إسماعيل الغزنوي بن الشيخ عبدالواحد الغزنوي بن العلامة عبدالله الغزنوي - الهند.
محمد بن عبدالوهاب ودعوته إلى التوحيد
المؤلف: الدكتور التهامي نقرة - تونس
فصل الخطاب في بيان عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: د- أحمد بن عبدالكريم نجيب - سوريّة
حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وآثاره العلمية
المؤلف:إسماعيل محمد الأنصاري - مالي- أفريقيا
المستطاب في أسباب نجاح دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: عبدالرحمن بن يوسف الرحمة - السعودية
الإمام محمد بن عبدالوهاب في الموصل
المؤلف: اللواء الركن محمود شيت خطاب – العرا
أجوبة المسائل الثمان في السنة والبدعة والكفر والإيمان
المؤلف: العلامة محمد سلطان المعصومي / حياته كلها جهاد...
المولد: بلاد ما وراء النهر على شاطئ سَيْحون – بلدة خُجَنْدة
الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق
المؤلف: د – محمد تقي الدين الهلالي الحسيني - المغرب
دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب سلفية لا وهابية
المؤلف: أحمد بن عبدالعزيز الحصين - السعودية(1/114)
رسالة في تأييد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف:علي بن محمد أبو زيد الحازمي – اليمن
القول الفيصل
المؤلف: الحافظ محمد أمين – بنغلادش
داعية التوحيد محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: عبدالعزيز سيد الأهل - لبنان
اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب على الكتاب والسنة
المؤلف: مناع القطان
المولد: مصر
وكان من العلماء المؤثرين بمصر ، له صولاته وجولاته ، وكان من رؤوس الإخوان المسلمين ، ومن حواري حسن البنا رحمه الله تعالى.وكان مدير إدارة الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: الدكتور عبدالرحمن بن راتب عميرة - مصر
سيرة الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: أمين سعيد – سوريا
تاريخ نجد
المؤلف: محمود شكري الآلوسي - العراق
الإمام محمد بن عبدالوهاب شيخ المجددين في العصر الحديث
المؤلف: كامل محمد محمد عويضة - مصر
تأثر الدعوات الإصلاحية الإسلامية بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: الشيخ العلامة وهبة الزحيلي – سوريا
اسم الكتاب: المرأة في حياة إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: المؤرخ حمد الجاسر
المولد: نجد
اسم الكتاب: الداعية الأكبر إمام الإسلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: عبدالوهاب فتال
المولد: مصر = مقرظ الكتاب معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير المعارف السعودي –سابقاً-
اسم الكتاب: أثر دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب في الفكر الإسلامي الإصلاحي بالجزائر
المؤلف: الدكتور عبدالحليم عويس
المولد: مصر
اسم الكتاب: خصائص التفكير الفقهي عند الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: الدكتور عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان
المؤلف هو الأستاذ المشارك بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى.
اسم الكتاب: الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: الدكتور عبدالله بن صالح العثيمين
المولد: القصيم – عنيزة(1/115)
اسم الكتاب: كشف الأكاذيب والشبهات عن دعوة المصلح الإمام محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: صلاح الدين بن محمد آل الشيخ
المولد: نجد
اسم الكتاب: الإقناع بما جاء عن أئمة الدعوة من الأقوال في الاتباع
المؤلف: محمد بن هادي بن علي المدخلي
المولد: جيزان
اسم الكتاب: أثر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في غرب أفريقيا
المؤلف: الأستاذ عبدالفتاح بن مقلد الغنيمي
المولد: اليمن
اسم الكتاب: العقيدة الإسلامية وتاريخها
المؤلف: محمد أمان علي الجامي
المولد: الحبشة - منطقة هرر
اسم الكتاب: رَدُّ شُبُهَاتٍ حَوْلَ دَعْوَةِ المُجَدِّدِ الشيخ الإمام مُحمد بن عبدالوهاب
المؤلف: الشيخ د- صالح بن فوزان الفوزان
المولد: القصيم - الشماسية
اسم الكتاب: قَطْفُ الجَنْيِّ المُسْتَطَاب شَرْح عَقِيدَة المُجدِّدِ محمَّد بن عَبْدالوَهَّابْ
المؤلف: زيد بن محمد بن هادي المدخلي
المولد: جيزان
اسم الكتاب: تأثر الدعوات الإصلاحية الإسلامية في تايلاند بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: إسماعيل أحمد
المولد: تايلاند
اسم الكتاب: مقدمة كتاب الإمام محمد بن عبدالوهاب دعوته وسيرته لابن باز
المؤلف: العلامة محمد عطية سالم
المولد: مصر
اسم الكتاب: دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عرض ونقد
المؤلف: الشيخ د- عبدالعزيز بن محمد العبداللطيف
المولد: نجد
اسم الكتاب: تأثر الدعوات الإصلاحية في أندنوسيا بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
المؤلف: نجيح عبدالله
المولد: أندنوسيا
اسم الكتاب: معَاول الهَدم والمنكرات
المؤلف: د- خالد بن علي الحاج
المولد: فلسطين -الخليل
مؤلف هذا الكتاب هو من علماء فلسطين ، وكانت رسالة الدكتوراه: "الإمام ابن القيم مصلحاً وأديباً" في عام 1985-1986م.
اسم الكتاب: الشيخ محمد بن عبدالوهاب حياته ودعوته في الرؤية الاستشراقية (دراسة نقدية)
المؤلف: د- ناصر بن إبراهيم بن عبدالله التويم
المولد: نجد(1/116)
اسم الكتاب: الدعوة والدعاة في الإسلام
المؤلف: الأديب الدكتور مصطفى صادق الرافعي
المولد: مصر
اسم الكتاب: دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأصداؤها في فكر محمد إقبال
المؤلف: د- محمد السعيد جمال الدين
المولد: مصر
اسم الكتاب: محمد بن عبدالوهاب وآل البيت عليهم السلام
المؤلف: خالد بن أحمد الزهراني
المولد: الباحة
اسم الكتاب: الدعوة الوهابية وأثرها في الفكر الإسلامي الحديث
المؤلف: د- محمد كامل ضاهر
المولد: لبنان
اسم الكتاب: الشيخ محمد بن عبدالوهاب حياته وفكره
المؤلف: د- عبدالله بن صالح العثيمين
المولد: القصيم – عنيزة
اسم الكتاب: إمام التوحيد [الشيخ محمد بن عبدالوهاب] الدعوة والدولة
المؤلف: أحمد القطان و محمد الزين
المولد: الكويت
فهرست المحتويات
على آخر ورقة
شعر / سلطان بن محمد الشمريّ
أهل العقيدة أخرجوا أرماحكم ... ... وسيوفكم فالأمر ليس يؤجل
عضّوا على سنن الرسول وهديّه ... ... وتأملوا فيما يقول تأمّلوا
ولتصبروا إنَّ الحياة سريعة ... ... هذا نكفّنه وذلك يُحملُ
رحم الإله مشايخي وأحبتي ... ... ... ما قام في ليل الدجى متنفل(1/117)