البريلوية
التعريف :
البريلوية فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية في مدينة بريلي في ولاية أوترابراديش بالهند أيام الإستعمار البريطاني وقد اشتهرت بمحبة وتقديس الأنبياء ولأولياء بعامة ، والنبي صلى الله عليه وسلم بخاصة .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
مؤسس هذه الفرقة أحمد رضا خان تقي علي خان وقد كان من 1272-1340 ه الموافق 1865-1921م ولقد سمى نفسه عبد لمصطفى ، وهذا لا يجوز في الإسلام ، لأن العبودية لله وحده . ولد في بريلي بولاية اترابرديش وتتلمذ على الميرزا غلام قادربيك .
زار مكة المكرمة وقرأ على بعض المشايخ فيها عام 1295 ه ، وكان نحيلاُ حاد المزاج ، مصاباً بالأمراض المزمنة ، دائم الشكوى من الصداع والآم الظهر ، شديد الغضب ، حاد اللسان ، مع فطنة وذكاء ، ومن أبرز كتبه أنباء المصطفى وخالص الإعتقاد ودوام العيش والأمن والعي لناعتي المصطفى ومرجع الغيب والملفوظات وله ديوان شعر حدائق بخش .
· ديدار علي : بريلوي ، ولد سنة 1270ه في نواب بور بولاية ألور وتوفي في اكتوبر 1935م ومن مؤلفاته تفسير ميزان الأديان وعلامات الوهابية .
· نعيم الدين المراد آبادي 1300-1367ه الموافق 1883-1948م وهو صاحب المدرسة التي سماها الجامعة النعيمية ويلقب بصدر الأفاضل ، ومن كتبه الكلمة العليا في عقيدة علم الغيب .
· أمجد علي بن جمال الدين بن خدابخش : ولد في كهوسي ، وتخرج في المدرسة الحنفية بجونبور سنة 1320 ه ، وكان موته سنة 1369ه الموافق 1948م وله كتاب بهار شريعت .
· حشمت علي خان : ولد في لكهنو ، وفرغ من دراسته سنة 1340 ه ، وكان يسمى نفسه كلب أحمد رضا خان معتزاً بهذه التسمية وله كتاب تجانب أهل السنة ، ويلقب بـ ( غيظ المنافقين ) ، وكان موته سنة 1380 ه .
· أحمد يار خان : 1906-1906م كان شديد التعصب للفرقة ، ومن مؤلفاته جاء الحق وزهق الباطل ، سلطنت مصطفى .
الأفكار والمعتقدات :(1/1)
يعتقد أبناء هذه الطائفة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لديه قدرة يتحكم بها في الكون ، يقول أمجد على : " إن النبي صلى الله عليه وسلم نائب مطلق لله سبحانه وتعالى ، وإن العالم كله تحت تصرفاته ، فيفعل ما يشاء ، يعطي ما يشاء لمن يشاء ،ويأخذ ما يشاء ، وليس هناك أحد مصرف لحكمه في العالمين ، سيد الآدميين ، ومن لم يجعله مالكاً له حرم من حلاوة السنة .
وأن محمد صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده لديهم قدرة على التصرف في الكون يقول أحمد رضا خان : " يا غوث " أي يا عبد القادر الجيلاني " إن قدرة " كن " حاصلة لمحمد من ربه ، ومن محمد حاصلة لك ، وكل ما يظهر منك يدل على قدرتك على التصرف ، وأنك أنت الفاعل الحقيقي وراء الحجاب " .
لقد غالوا في نظرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أوصلوه إلى قريب من مرتبة الألوهية - والعياذ بالله - يقول أحمد رضا خان في حدائق بخشش 2/104 : " أي يا محمد صلى الله عليه وسلم لا أستطيع أن أقول لك الله ، ولا أستطيع أن أفرق بينكما ، فأمرك إلى الله هو أعلم بحقيقتك " .
كما بالغوا في إضفاء الصفات التي تخالف الحقيقة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوه عالماً للغيب ، يقول أحمد رضا خان في كتابه خالص الاعتقاد ص 33 : " إن الله تبارك وتعالى أعطى صاحب القرآن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم جميع ما في اللوح المحفوظ " .
لديهم عقيدة اسمها ( عقيدة الشهود ) حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم في نظرهم حاضر وناظر لأفعال الخلق الآن في كل زمان ومكان ، يقول أحمد يار خان في كتابه جاء الحق 1/160 : " المعنى الشرعي للحاضر والناظر هو أن صاحب القوة القدسية يستطيع أن يرى العالم مثل كفه من مكان وجوده ويسمع الأصوات من قريب ومن بعيد ، ويطوف حول العالم في لمحة واحدة ويعين المضطرين ، ويجيب الداعين ".(1/2)
ينكرون بشرية النبي صلى الله عليه وسلم ويجعلونه نوراً من نور الله . يقول أحمد يار خان في كتابه مواعظ نعيمية ص 14: " إن الرسول صلى الله عليه وسلم نور من نور الله ، وكل الخلائق من نوره " يقول أحمد رضا خان في أشعاره " ما قيمة هذا الطين والماء إذا لم يكن النور الإلهي حل في صورة البشر ".
يحثون أتباعهم على الاستغاثة بالأنبياء والأولياء ، ومن يستنكر عليهم ذلك يرمونه بالإلحاد ، يقول أمجد علي في كتابه بهار شريعت 1/122 : " إن المنكرين للإستمداد بالأنبياء والأولياء وبقبورهم ، ملحدون .
يشيدون القبور ويعمرونها ويجصصونها وينيرون فيها الشموع والقناديل وينذرون لها النذور ، ويتبركون بها ويقيمون الاحتفالات لأجلها ، ويضعون عليها الزهور والورود والأردية والستائر ، ويدعون أتباعهم للطواف حول الضريح تبركاً به .
لديهم غلو شديد في تقديس شخصية عبد القادر الجيلاني ، ويعظمون باقي الأولياء من أئمة المتصوفة وينسبون إليهم أفعال خيالية خارقة للعادات متسمة بالنسيج الخرافي الأسطوري .
ويقولون بالإسقاط وهي صدقة تدفع عن الميت بمقدار ما ترك الصلاة والصيام وغيرها ، ومقدار الصدقة عن كل صلاة أو صيام تركه الميت هو مقدار صدقة الفطر المعروفة ، وقد يعمدون إلى الحيلة في ذلك إذ يوزعون مقداراُ يغطي سنة واحدة ثم يستردون ذلك هبة ومن ثم يعيدون توزيعه ، ويكررون ذلك بعدد السنين التي تركت فيها تلك الفريضة .
أعظم أعيادهم هو ذكرى المولد النبوي الشريف إذ ينفقون فيه الأموال الطائلة ، وهو يوم مقدس مشهور لديهم ، ينشدون فيه الأناشيد التي تمجد الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال القصص الخرافية ويقرءون فيه كتاب سرور القلوب في ذكر المولد المحبوب الذي ألفه أحمد رضا خان ملأه بالأساطير والخيالات .(1/3)
الأعراس : وهي تعني زيارة القبور والاجتماع عليها من مثل عرس الشيخ الشاه وارث في بلدة ديوه وعرس الخواجة معين الدين جشتي ، حيث يجتمع له الملايين ويختلط فيه الرجال بالنساء وتحصل فيه بعض المفاسد المحرمة شرعاً .
- إن من يترك الصوم والصلاة يجد له خلاصاً ، أما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى في نظرهم فإنما تقع على من يتخلف عن الاحتفال بالمولد أو الفاتحة أو العرس . وهم يكفرون المسلمين من غير البريلويين لأدنى سبب ولم يتركوا تجمعاً إسلامياً ولا شخصية إسلامية من وصف الكفر ، وكثيراً ما يرد في كتبهم بعد تكفير أي شخص عبارة " ومن لم يكفره فهو كافر " ، وقد شمل تكفيرهم الديوبنديين وزعماء التعليم والإصلاح ومحرري الهند من الاستعمار . كما شمل الشيخ إسماعيل الدهلوي وهو من علماء الهند ممن حاربوا البدع والخرافات ، ومحمد إقبال والرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق وعدداً من وزرائه .
- وهم يكفرون شيخ الإسلام ابن تيمية وينعتونه بأنه مختل وفاسد العقل ويدرجون معه تلميذه ابن القيم .
- يكرهون الإمام محمد بن عبد الوهاب ويرمونه بأشنع التهم وأسوأ الألفاظ وما ذلك إلا لأنه وقف أمام الخرافات موقفاً حازماً داعياً إلى التوحيد الخالص .
يعملون دائماً على شق صفوف المسلمين وتوهين قوتهم وإضعافهم وإدخالهم في متاهات من الخلافات التي لا طائل تحتها . فمن ذلك إصرارهم على بدعة تقبيل الإبهامين عند الأذان ومسح العينين بهما ، واعتبار ذلك من الأمور الأساسية ولا يتركها - في نظرهم - إلا من كان عدواً لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ويزعمون أن من يفعل ذلك لا يرمد أبداً ، انظر مؤلفهم منير العينين في تقبيل الإبهامين .
الجذور الفكرية والعقائدية :(1/4)
تصنف هذه الفرقة من حيث الأصل ضمن جماعة أهل السنة الملتزمين بالمذهب الحنفي . وهذا خطأ حيث يرى بعض الدارسين أن أسرة مؤسس الفرقة كانت شيعية ثم أظهرت تسننها تقية ، لكنهم مزجوا عقائدهم بعقائد أخرى ودأبوا على الإحتفال بالمولد النبوي على غرار الإحتفالات بعيد رأس السنة الميلادية . وهم يغلون في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بما يوازي الخرافات المنسوبة إلى عيسى عليه الصلاة والسلام .
بسبب عيشهم ضمن القارة الهندية ذات الديانات المتعددة فلقد انتقلت أفكار من الهندوسية والبوذية لتمازج عقيدتهم الإسلامية .
لقد أضفوا على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الأولياء صفات تماثل تلك الصفات التي يضفيها الشيعة على أئمتهم المعصومين في نظرهم .
كما انتقلت إليهم عقائد غلاة المتصوفة والقبوريين وشركياتهم ونظرياتهم في الحلول والوحدة والإتحاد حتى صارت هذه الأمور جزءاً من معتقداتهم .
هذا ويؤخذ على البريلوية :
- التطرف الشديد والغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ومزج ذلك بعقائد المشركين .
- مجانبتهم الصواب في هجومهم وافتراءاتهم على شيخ الإسلام ابن تيمية وعلى الإمام محمد بن عبد الوهاب وعلى كل دعاة التوحيد الخالص من أفاضل علماء الأمة الإسلامية .
- إطلاق العنان لألسنتهم في تكفير المسلمين لمجرد مخالفتهم في الرأي .
- سعيهم الدؤوب لتفريق كلمة المسلمين وتوهين قوتهم .
- على الرغم مما سبق فإن هذه الفرقة ونظيراتها تحتاج إلى من ينير لها الطريق بالحكمة والموعظة الحسنة ويزيل عن أعين أصحابها ومريديها أوهام الجهل والخرافة والتخلف حتى تكون على الجادة المستقيمة ، كما حصل بالفعل في بعض الأماكن .
الانتشار ومواقع النفوذ :
انطلقت الدعوة من بريلي بولاية أوترابرديش بالهند ، لتنتشر في القارة الهندية كلها ( الهند والباكستان وبنجلاديش وبورما سريلانكا ) .(1/5)
لهم وجود في انجلترا ، كما لهم نفوذ في جنوب أفريقيا وكينيا ومورشيوس وعدد من البلدان في قارة أفريقيا .
ويتضح مما سبق :
إن البريلوية فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية إبان الاستعمار البريطاني ، وهم يغلون في الأنبياء والأولياء ، ويحاربون دعاة التوحيد الخالص ، ويعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم له قدرة يتحكم بها في الكون ، وأنه صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده لهم قدرة على التصرف في الكون ، ولديهم عقيدة اسمها عقيدة الشهود فيعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضر وناظر لأعمال الخلق في كل زمان ومكان ، وهم ينكرون بشريته صلى الله عليه وسلم ويحثون أتباعهم على الاستغاثة بالأنبياء ويشيدون القبور ويعمرونها وينيرونها بالشموع والقناديل .(1/6)
البلاليون
التعريف :
" أمة الإسلام " ، حركة ظهرت بين السود في أمريكا وقد تبنت الإسلام بمفاهيم خاصة غلبت عليها الروح العنصرية ، وعرفت فيما بعد باسم ( البلاليون ) بعد أن صححت كثيراً من معتقداتها وأفكارها .
التأسيس وأبرز والشخصيات :
· مؤسس هذه الحركة والاس د.فارد وهو شخص أسود غامض النسب ، ظهر فجأة في ديترويت عام 1930م داعياً إلى مذهبه بين السود ، وقد اختفى بصورة غامضة في يوينو 1934م .
· اليجابول أو اليجا محمد 1898-1975م التحق بالحركة وترقى في مناصبها حتى صار رئيساً لها وخليفة لفارد من بعده ، زار السعودية عام 1959م وتجول في تركيا وأثيوبيا والسودان والباكستان يرافقه ابنه والاس محمد الذي كان يقول بالترجمة .
· مالكم إكس ( مالك شباز ) : كان رئيساً للمعبد رقم 7 بنيويورك . خطيب ومفكر قام برحلة إلى الشرق العربي وحج عام 1963م ، ولما عاد تنكر لمبادئ الحركة العنصرية وخرج عليها وشكل فرقة عرفت باسم ( جماعة أهل السنة ) وقد اغتيل في 21 فبراير 1965م .
· لويس فرخان : الذي دخل في الإسلام عام 1950م وخلف مالكم إكس على رئاسة معبد رقم 7 وهو أيضاً خطيب وكاتب ومحاضر ، وهو على صلة قوية حالياً بالعقيد القذافي ، يدعو إلى قيام دولة مستقلة بالسود في أمريكا ما لم تحصلوا على حقوقهم الاجتماعية والسياسية كاملة .
· والاس و.محمد ، الذي تسمى باسم وارث الدين محمد ولد في ديترويت 30 أكتوبر 1933م وعمل رئيساً للحركة في معبد فيلادلفييا 1958-1960م وأدى فريضة الحج عام 1967م كما تكررت زياراته للملكة العربية السعودية .
- انفصل عن الحركة وتخلى عن مبادئ والده عام 1964م لكنه عاد إليها قبيل وفاة والده بخمسة أشهر آملاً في إدخال إصلاحات على الحركة من داخلها .
- حضر المؤتمر الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في نيويورك بولاية نيوجرسي 1397هـ/1977م .
- قام بزيارة للمركز الإسلامي بواشنطن في ديسمبر 1975م .(1/1)
- حضر على رأس وفد المؤتمر الإسلامي المنعقد في كندا عام 1977م ، وفي كل مرة منها كان يعلن عن صدق توجهه الإسلامي وأنه سيسعى إلى تغيير المفاهيم الخاطئة في جماعته .
- زار الملكة العربية السعودية عام 1976م وتركيا وعدداً من بلاد الشرق وكان يقابل كبار الشخصيات في البلاد التي يزورها .
- أعلن في عام 1975م عن الشخصيات التي سيعتمد عليها في رئاسته للجماعة والذين من أبرزهم :
· مساعداه الخاصان كريم عبد العزيز والدكتور نعيم أكبر .
· المتحدث باسم المنظمة : عبد الحليم فرخان .
· مستشارون للنواحي الثقافية : د.عبد العليم شباز ، د.فاطمة علي ، فهمية سلطان .
· الأمين العام : جون عبد الحق .
· رئيس القيادة العسكرية : اليجا محمد الثاني .
· ريموند شريف : صار وزيراً للعدل بعد أن كان قائداً أعلى لحرس الحركة المسمى ثمرة الإسلام ويرم إليه بالرمز F.O.I الذي تأسس منذ عام 1937م .
· أمينة رسول مسؤولة عن جهاز تطوير المرأة .
· د.ميكل رمضان : الممثل لكافة لجان المساجد ورئيس لجنة التوجيه .
· ثيرون مهدي : الذي انضم للحركة عام 1967م رئيساً لهيئة اكتشاف الفساد والآفات الاجتماعية بين أفرد الحركة التي تشكلت عام 1976م .
· إبراهيم كمال الدين : المشرف على هيئة فرقة الأرض الحديثة للإشراف على مشروع الإسكان في الناحية الجنوبية من شيكاغو .
· سلطان محمد : أحد أحفاد اليجا محمد : يقال بأنه على فهم جيد للإسلام ، وهو إمام في واشنطن ، وكان يدرس الإسلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وقد توفي عام 1410هـ في الرياض .
· محمد علي كلاي : الملاكم العالمي المعروف : يقال بأن مالكم اكس هو الذي اجتذبه إلى الحركة كما أنه كان أحد أعضاء المجلس الذي أنشأه والاس محمد بعد استلامه رئاسة الحركة من أجل التخطيط للأمور المهمة في الجماعة .
الأفكار والمعتقدات :(1/2)
لا بد من ملاحظة أن أفكار هذه الحركة قد تطورت تدريجياً متأثرة بشخصية الزعيم الذي يدير أمورها ، ولذا فإنه لا بد من تقسيم تطور الحركة إلى ثلاث فترات ( انظر مادة الفرخانية ) .
اولاً : في عهد والاس د.فارد :
· عرفت المنظمة منذ تأسيسها باسم " أمة الإسلام " كما عرفت باسم آخر هو ( أمة الإسلام المفقودة المكتشفة ) ، وبرزت أهم أهدافها فيما يلي :
- التأكيد على الدعوة إلى الحرية والمساواة والعدالة والعمل على الرقي بأحوال الجماعة .
- التركيز على تفوق العنصر الأسود وأصالته والتأكيد على انتمائهم إلى الأصل الأفريقي والتهجم على البيض ووصفهم بالشياطين .
- العمل على تحويل أتباعها من التوراة والإنجيل إلى القرآن مع استمرار الأخذ من الكتاب المقدس في بعض الأفكار .
أنشأ زعيمها منظمتين:واحدة للنساء أطلق عليها اسم ( تدريب البنات المسلمات ) ويرمز لها بالرمز ( T.M.G ) وأخرى للرجال أسماها ( ثمرة الإسلام ) بغية إيجاد جيش قوي يحمي الحركة ويدعم مركزها الاجتماعي والسياسي.
ثانياً : في عهد اليجا محمد :
· أعلن اليجا محمد أن الإله ليس شيئاً غيبياً ، بل يجب أن يكون متجسداً في شخص ، وهذا الشخص هو فارد الذي حل فيه الإله ، وهو جدير بالدعاء والعبادة . وقد أدخل بذلك مفاهيم باطنية على فكر جماعته .
· اتخذ لنفسه مقام النبوة وصار يتصف بلقب رسول الله .
· حرم على أتباعه القمار وشرب الخمور والتدخين والإفراط في الطعام والزنى ، ومنع اختلاط المرأة برجل أجنبي عنها ، وحثهم على الزواج داخل أبناء وبنات الحركة ومنعهم من ارتياد أماكن اللهو ولمقاهي العامة .
· الإصرار على إعلاء العنصر الأسود واعتباره مصدراً لكل معاني الخير ، مع الاستمرار في ازدراء العرق الأبيض ووصفه بالضعة والدونية ، ولا شك أن الاكتتاب في الحركة مقصور على السود دون البيض بشكل قطعي والدونية لا مجال لمناقشته إطلاقاً .(1/3)
· لا يؤمن اليجا محمد إلا بما يخضع للحس ، وعليه فإنه لا يؤمن بالملائكة ولا يؤمن كذلك بالبعث الجسماني إذ أن البعث لديه ليس أكثر من بعث عقلي للسود الأمريكيين .
· لا يؤمن بختم الرسالة عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويعلن أنه هو خاتم الرسل إذ ما من رسول إلا ويأتي بلسان قومه وهو أي - اليجا محمد - قد جاء نبياً يوحى إليه من قبل فارد بلسان قومه السود .
· يؤمن بالكتب السماوية ، لكنه يؤمن بأن كتاباً خاصاً سوف ينزل على قومه السود والذي سيكون بذلك الكتاب السماوي الأخير للبشرية .
· الصلاة على عهده عبارة عن قراءة للفاتحة أو آيات أخرى ودعاء مأثور مع التوجه نحو مكة واستحضار صورة فارد في الأذهان ، وهي خمس مرات في اليوم .
· صيام شهر ديسمبر من كل عام عوضاً عن صوم رمضان .
· يدفع كل عضو عشر دخله للحركة .
· ألف عدداً من الكتب التي تبين أفكاره ، منها :
- رسالة إلى الرجل الأسود ( في أمريكا ) .
- منقذنا قد وصل .
- الحكمة العليا .
- سقوط أمريكا .
- كيف تأكل لتعيش .
- أنشأ صحيفة تنطق بلسانهم أسماها محمد يتكلم .
ثالثاُ : في عهد وارث الدين محمد :
· في 24 نوفمبر 1975م اختار وارث الدين اسماً جديداً للمنظمة هو ( البلاليون ) نسبة لبلال الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
· ألغى وارث الدين في 19 يونيو 1975م قانون منع البيض من الانضمام إلى الحركة وفي 25 فبراير 1976م ظهر في قاعة الاحتفالات عدد من البيض المنضمين إليهم جنباً إلى جنب مع السود .
· العلم الأمريكي صار يوضع إلى جانب علم المنظمة بعد أن كان ذلك العلم يمثل الرجل الأبيض ذا العيون الزرقاء الشيطان القوقازي .
· في 29 أغسطس 1975م صدر قرار بضرورة صوم رمضان والاحتفال بعيد الفطر .
· وفي 14 نوفمبر 1975م تحول اسم الصحيفة من محمد يتكلم إلى بلاليان نيوز ثم أصبحت الجريدة الإسلامية .(1/4)
· أعلن أن لقبه إمام وقد حصر اهتمامه بالأمور الدينية بينما وزع الأمور الأخرى على القياديين في الحركة.
· تم إعداد المعابد لتكون صالحة لإقامة الصلاة .
· أصدر في 3 أكتوبر 1975م أمراً بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة لدى المسلمين خمس مرات في اليوم .
· التأكيد على الخلق الإسلامي والأدب والذوق وحسن الهندام ولبس الحشمة بالنسبة للمرأة .
· يقوم الدعاة في الحركة بزيارة السجون لنشر الدعوة بين المساجين وقد لاحظت سلطات الأمن أن السجين الأسود الذي يعرف عنه التمرد وعدم الطاعة داخل السجن يصبح أكثر استقامة وانضباطاً بمجرد دخوله في الإسلام ، ومن هنا فإن السلطات تسر بقيام الدعاة بدعوتهم هذه بين المسجونين .
· تصحيح المفاهيم الإسلامية ، التي اعتنقتها الحركة منذ أيام فارد واليجا محمد بطريقة خاطئة ، ومحاولة تصويبها .
· إن الأمور التي ذكرناها سابقاً لا تدل على أن الحركة قد توجهت توجهاً إسلامياً صحيحاً تماماً ، لكنها تدل على أن هناك تحسناً نوعياً قد طرأ على أفكار ومعتقدات الحركة قياساً على ما كانت عليه في عهد من سبقه . وهي ما تزال بحاجة إلى إصلاحات عقائدية وتطبيقية حتى تكون على الجادة الإسلامية .
· لقد اضطربت الأمور كثيراً بين قادة الحركة وكان محصلة هذا الاضطراب أن أعلن وارث الدين في 25 مايو 1985م حل الجماعة وترك كل شعبة من شعبها تعمل بشكل منفرد ، وفي كل يوم هناك جديد حول المصير الذي ستؤول إليه الحركة .
· هناك محاولات يقوم بها العقيد القذافي ومحاولات يقوم بها حكام إيران بغية احتواء الحركة وتسييرها وفق الأهواء الخاصة بكل منهما ، وهناك شخصيات جديدة تظهر وزعامات تختفي وانقسامات قد تهدد الجميع .
· لقد عرفت الجماعة بعدد من الأسماء كان من آخرها أمة الإسلام في الغرب .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· قامت هذه الحركة على أنقاض حركتين قويتين ظهرتا بين السود هما :(1/5)
- الحركة المورية التي دعا إليها الزنجي الأمريكي تيموثي نوبل درو علي 1886-1913م الذي أسس حركته سنة 1913م وهي دعوة فيها خليط من المبادئ الاجتماعية والعقائدية الدينية المختلفة وهم يعدون أنفسهم مسلمين لكن حركتهم أصيبت بالضعف إثر وفاة زعيمها .
- منظمة ماركوس جارفي 1887-1940م الذي أسس منظمة سياسية للسود سنة 1916م تحت اسم Universai Negro Improvement Associlation وتتصف هذه الحركة بأنها نصرانية لكن على أساس جعل المسيح أسود وأمه سوداء وقد أبعد زعيمها عن أمريكا سنة 1925م مما أدى كذلك إلى اندثار هذه الحركة .
· ولهذا يمكن أن يقال بأن هذه الحركة تنظر إلى الإسلام على أنه إرث روحي يمكن أن ينقذ السود من سيطرة البيض ويدفع بهم إلى تشكيل أمة خاصة متميزة لها حقوقها ومكاسبها ومكانتها .
· تأثر المؤسس الرئيسي للحركة اليجا محمد بما في التوراة والإنجيل من أفكار بالإضافة إلى ما أخذه من الإسلام وافرازات التمييز العنصري في الولايات المتحدة .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· يبلغ عدد السود في أمريكا أكثر من 35 مليون نسمة منهم حوالي مليون مسلم .
· كانوا يسمون مساجدهم معابد ولهم الآن ثمانون شعبة في مختلف أنحاء أمريكا ونخصص الحصة الأولى كل يوم لتعليم الدين الإسلامي .
· يتركز المسلمون السود في ديترويت وشيكاغو وواشنطن ومعظم المدن الأمريكية الكبيرة ويحلمون بقيام دولة مستقلة ، وهم يناصرون قضايا السود بعامة .
ويتضح مما سبق :(1/6)
أن أمة الإسلام في الغرب حركة مذهبية فكرية ، ادعت انتسابها للإسلام ، ولكنها أفرغته أمداً طويلاً من جوهره ومضمونه ، ذلك أنها في عهدها الأول ، وإن كانت قد دعت إلى تحويل أتباعها صوب القرآن الكريم إلا أنها أبقت على فكرة الاستمرار في الأخذ من التوراة والإنجيل . وفي عهدها الثاني اتبعت المفاهيم الباطنية وقالت إن الإله ليس شيئاً غيبيا وإنما يجب أن يتجسد شخصاً معيناً هو فارد الذي حل فيه الإله فعلاً كما يزعمون ، وذهبت إلى عدم ختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبشرت بنزول كتاب سماوي على السود ، وجعلت الصيام في شهر ديسمبر بديلاً عن صوم رمضان . وفي عهدها الثالث اتخذت هذه المنظمة اسماً جديداً هو : " البلاليون " نسبة إلى بلال الحبشي مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد أمر وارث الدين محمد بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة ، مع تصحيح المفاهيم الإسلامية السابقة لديهم ، وبدأ الاتجاه الحقيقي لهم صوب الإسلام بمفهومه الحق .(1/7)
البهائية
التعريف :
البابية والبهائية حركة نبعت من المذهب الشيعي الشيخي سنة 1260ه تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
أبرز الشخصيات :
· أسسها الميرزا علي محمد رضا الشيرازي 1235_1266 ( 1819 _ 1850 م )، ففي السادسة مم عمره تلقى تعليمه الأولي على يد دعاة الشيخية من الشيعة ثم انقطع عن الدراسة ومارس التجارة .
_ وفي السابعة عشر من عمره عاد للدراسة واشتغل بدراسة كتب الصوفية والرياضة الروحانية وخاصة كتب الحروفيين وممارسة الأعمال الباطنية المتعبة .
_ في عام 1259 م ذهب إلى بغداد وبدأ يرتاد مجلس إمام الشيخية في زمانه كاظم الرشتي ويدرس أفكاره وآراء الشيخية . وفي مجالس الرشتي تعرف عليه الجاسوس الروسي كينازد الغوركي والمدعي الإسلام باسم عيسى النكراني والذي بدأ يلقي في روعهم أن الميرزا علي محمد الشيرازي هو المهدي المنتظر والباب الموصل إلى الحقيقة الإلهية والذي سيظهر بعد وفاة الرشتي وذلك لما وجده مؤهلاً لتحقيق خطته في تمزيق وحدة المسلمين .
_ في ليلية الخميس 5 جمادى الأولى 1260 ه _ 23 مارس 1844مأعلن أنه الباب نسبة إلى ما يعتقده الشيعة الشيخية من ظهوره بعد وفاة الرشتي المتوفى 1259 ه وأنه رسول كموسى وعيسى ومحمد – عليهم السلام – بل وعياذاً بالله – أفضل منهم شأناً .
_ فآمن به تلاميذ الرشتي وانخدع به العامة واختار ثمانية عشرة مبشراً لدعوته أطلق عليهم حروف الحي إلا أنه في عام 1261 ه قبض عليه فأعلن توبته على منبر مسجد الوكيل بعد أن عاث وأتباعه في الأرض فساداً وتقتيلاً وتكفيراً للمسلمين .(1/1)
_ في عام 1266 ه ادعى الباب حلول الإلهية في شخصه حلولاً مادياً وجسمانياً، لكن بعد أن ناقشه العلماء حاول التظاهر بالتوبة والرجوع ، ولم يصدقوه فقد عرف بالجبن والتنصل عند المواجهة . وحكم عليه بالإعدام هو والزنوزي وكاتب وحيه حسين اليزدي الذي تاب وتبرأ من البابية قبل الإعدام فأفرج عنه وذلك في 27 شعبان سنة 1266 ه _ 8 يوليو 1850 م .
· قرة العين واسمها الحقيقي أم سلمى ولدت في قزوين سنة 1231 ه أو 1233 ه أو 1235 ه للملا محمد صالح القزويني أحد علماء الشيعة ودرست عليه العلوم ومالت إلى الشيخية بواسطة عمها الأصغر الملا علي الشيخي وتأثرت بأفكارهم ومعتقداتهم ، ثم رافقت الباب في الدراسة عند كاظم الرشتي بكربلاء حتى قيل إنها مهندسة أفكاره إذ كانت خطيبة مؤثرة ، أديبة فصيحة اللسان فضلاً عن أنها جميلة جذابة ، إلا أنها إباحية فاجرة طلقها زوجها وتبرأ منها أولادها . كانت تلقب بزرين تاج – صاحبة الشعر الذهبي – بالفارسية .
_ في رجب 1264 ه اجتمعت مع زعماء البابية في مؤتمر بيدشت وكانت خطيبة القوم ومحرضة الأتباع على الخروج في مظاهرات احتجاج على اعتقال الباب ، وفيه أعلنت نسخ الشريعة الإسلامية .
_ اشتركت في مؤامرة قتل الشاه ناصر الدين القاجاري فقبض عليها وحكم بأن تحرق حية ولكن الجلاد خنقها قبل أن تحرق في اول ذي القعدة 1268 ه الموافق 1852 م .(1/2)
· الميرزا يحي علي : أخو البهاء والملقب بصبح أزل ، أوصى له الباب بخلافته وسمي أصحابه بالأزليين فنازعه أخوه الميرزا حسين البهاء في الخلافة ثم في الرسالة والإلهية وحاول كل منهما دس السم لأخيه . ولشدة الخلافات بينهم وبين الشيعة تم نفيهم إلى أدرنة بتركيا في عام 1863 م حيث كان يعيش اليهود ، ولاستمرار الخلافات بين أتباع صبح أزل وأتباع البهاء نفى السلطان العثماني البهاء واتباعه مع بعض اتباع أخيه إلى عكا ونفى صبح أزل مع اتباعه إلى قبرص حتى مات ودفن بها في 29 إبريل 1912 م صباحاً عن عمر يناهز 82 عاما مخلفاً كتاب أسماه الألواح – تكملة البيان بالفارسي – والمستيقظ ناسخ البيان وأوصى بالخلافة لابنه الذي تنصر وانفض من حوله الأتباع .
· الميرزا حسين علي الملقب بهاء الله المولود 1817م نازع أخاه خلافة الباب وأعلن في بغداد أمام مريديه انه المظهر الكامل الذي أشار إليه الباب وانه رسول الله الذي حلت فيه الروح الإلهية لتنهي العمل الذي بشر به الباب وان دعوته هي المرحلة الثانية في الدورة العقائدية .
_ حاول قتل أخيه صبح أزل ، وكان على علاقة باليهود في أدرنة بسالونيك في تركيا والتي يطلق عليها البهائيون أرض السر التي ارسل منها إلى عكا فقتل من أتباع أخيه صبح أزل الكثير ، وفي عام 1092 م قتله بعض الأزليين ودفن بالبهجة بعكا وله الأقدس الذي نسخ به البيان والإيقان وكانت كتبه تدعو للتجمع الصهيوني على أرض فلسطين .
· عباس أفندي : الملقب بـ عبد البهاء ولد في 23 مايو 1844 م نفس يوم إعلان دعوة الباب ، أوصى له والدها لبهاء بخلافته فكان ذا شخصية جادة لدرجة أن معظم المؤرخين يقولون بأنه : لولا العباس لما قامت للبابية والبهائية قائمة ، ويعتقد البهائيون أنه معصوم غير مشرع ، وكان يضفي على والده صفة الربوبية القادرة على الخلق .(1/3)
_ زار سويسرا وحضر مؤتمرات الصهيونية ومنها مؤتمر بال 1911 م وحاول تكوين طابور خامس وسط العرب لتأييد الصهيونية ، كما استقبل الجنرال اللنبي لما أتى إلى فلسطين بالترحاب لدرجة أن كرمته بريطانيا بمنحه لقب سير فضلاً عن أرفع الأوسمة الأخرى .
_ زار لندن وأمريكا وألمانيا والمجر والنمسا والإسكندرية للخروج بالدعوة من حيز الكيان الإسلامي فأسس في شيكاغو أكبر محفل للبهائية ، رحل إلى حيفا 1913 م ثم إلى القاهرة حيث هلك بها في 1921 م / 1340 ه بعد أن نسخ بعض تعاليم أبيه وأضاف إليها من العهد القديم ما يؤيد أقواله .
· شوقي أفندي : خلف جده عبد البهاء وهو ابن الرابعة والعشرين من العمر في عام 1921 م / 1340 ه وسار على نهجه في إعداد الجماعات البهائية في العلم لإنتخاب بيت العدالة الدولي ، ومات بلندن بأزمة قلبية ودفن بها في أرض دقمتها الحكومة البريطانية هدية للطائفة البهائية .
· في عام 1963 م تولى تسعة من البهائيين شؤون البهائية بتأسيس بيت العدالة الدولي من تسعة أعضاء أربعة من أمريكا ، واثنان من إنجلترا وثلاثة من إيران وذلك برئاسة فرناندو سانت ثم تولى رئاستها من بعده اليهودي الصهيوني ميسون الأمريكي الجنسية.
أهم العقائد :
· يعتقد البهائيون أن الباب هو الذي خلق كل شيء بكلمته وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جمع الأشياء .
· يقولون بالحلول والاتحاد والتناسخ وخلود الكائنات وان الثواب والعقاب إنما يكونان للأرواح فقط على وجه يشبه الخيال .
· يقدسون العدد 19 ويجعلون عدد الشهور 19 شهراً وعدد الأيام 19 يوماً ، وقد تابعهم في هذا الهراء المدعو محمد رشاد خليفة حين ادعى قدسية خاصة للرقم 19 ، وحاول إثبات أن القرآن الكريم قائم في نظمه من حيث عدد الكلمات والحروف على 19 ولكن كلامه ساقط بكا المقاييس .
· يقولون بنبوة بوذا وكنفوشيوس وبراهما وزاردشت وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس الأول .(1/4)
· يوافقون اليهود والنصارى في القول بصلب المسيح .
· يؤولون القرآن تأويلات باطنية ليتوافق مع مذهبهم .
· ينكرون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون الجنة والنار .
· يحرمون الحجاب على المرأة ويحللون المتعة وشيوعية النساء والأموال .
· يقولون إن دين الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
· يؤولون القيامة بظهور البهاء ، أما قبلتهم فهي إلى البهجة بعكا بفلسطين بدلاً من المسجد الحرام .
· والصلاة تؤدي في تسع ركعات ثلاث مرات والوضوء بماء الورد وغن لم يوجد فالبسملة بسم الله الأطهر الأطهر خمس مرات .
· لا توجد صلاة الجماعة إلا في الصلاة على الميت وهي ست تكبيرات يقول كل تكبيرة (الله أبهى).
· الصيام عندهم في الشهر التاسع عشر شهر العلا فيجب فيه الامتناع عن تناول الطعام من الشروق إلى الغروب مدة تسعة عشر يوماً ( شهر بهائي ) ويكون آخرها عيد النيروز 21 آذار وذلك من سن 11 إلى 42 فقط يعفى البهائيون من الصيام .
· تحريم الجهاد وحمل السلاح وإشهاره ضد الأعداء خدمة للمصالح الاستعمارية .
· ينكرون أن محمداً – خاتم النبيين مدعين استمرار الوحي وقد وضعوا كتباً معارضة للقرآن الكريم مليئة بالأخطاء اللغوية والركاكة في الأسلوب .
· يبطلون الحج إلى مكة وحجهم حيث دفن بهاء الله في البهجة بعكا بفلسطين .
الجذور العقائدية :
· الرافضة الإمامية .
· الشيخية أتباع الشيخ أحمد الإحسائي .
· الماسونية العالمية .
· الصهيونية العالمية .
أماكن الإنتشار :(1/5)
· تقطن الغالبية العظمى من البهائيين في إيران وقليل منهم في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة حيث مقرهم الرئيسي وكذلك لهم وجود في مصر حيث أغلقت محافلهم بقرار جمهوري رقم 263 لسنة 1960 م وكما إن لهم عدة محافل مركزية في أفريقيا بأديس أبابا وفي الحبشة وكمبالا بأوغندا ولوساكا بزامبيا التي عقد بها مؤتمرهم السنوي في الفترة من 23 مايو حتى 13 يونيو 1989 م ، وجوها نسبرج بجنوب أفريقيا وكذلك المحفلى الملى بكراتشي بباكستان . ولهم أيضاً حضور في الدول الغربية فلهم في لندن وفينا وفرانكفورت محافل وكذلك بسيدني في استراليا ويوجد في شيكاغو بالولايات المتحدة أكبر معبد لهم وهو ما يطلق عليه مشرق الأذكار ومنه تصدر مجلة نجم الغرب وكذلك في ويلمنت النويز ( المركز المريكي للعقيدة البهائية ) وفي نيويورك لهم قافلة الشرق والغرب وهي حركة شبابية قامت على المبادئ البهائية ولهم كتاب دليل القافلة وأصدقاء العلم . ولهم تجمعات كبيرة في هيوستن ولوس انجلوس وبيركلين بنيويورك حيث يقدر عدد البهائيين بالولايات المتحدة حوالي مليوني بهائي ينتسبون إلى 600 جمعية ، ومن العجيب أن لهذه الطائفة ممثل في الأمم المتحدة في نيويورك فيكتور دي أرخو ولهم ممثل في مقر المم المتحدة بجنيف ونيروبي وممثل خاص لأفريقيا وكذلك عضو استشاري في المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة أيكو سكو وكذلك في برنامج البيئة للأمم المتحدة وفي اليونيسيف وكذلك بمكتب الأمم المتحدة للمعلومات ودزي بوس ممثل الجماعات البهائية الدولية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ورستم خيروف الذي ينتمي إلى المؤسسة الدولية لبقاء الإنسانية .(1/6)
البوذية
التعريف :
هي فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينية ، وقد ظهرت في النهد بعد الديانة البرهمية الهندوسية في القرن الخامس قبل الميلاد ، وكانت في البداية تناهض الهندوسية وتتجه إلى العناية بالإنسان ، كما أن فيها دعوة إلى التصوف والخشونة ونبذ الترف والمناداة بالمحبة والتسامح وفعل الخير . وبعد موت مؤسسها تحولت إلى معتقدات باطلة ، ذات طابع وثني ، ولقد غالى أتباعها في مؤسسها حتى ألهوه .
وهي تعتبر نظاماً أخلاقياً ومذهباً فكرياً مبنياً على نظريات فلسفية ، وتعاليمها ليست وحياً ، وإنما هي آراء وعقائد في إطار ديني . وتختلف البوذية القديمة عن البوذية الجديدة في أن الأولى صبغتها أخلاقية في حين أن البوذية الجديدة هي تعاليم بوذا مختلطة بآراء فلسفية وقياسية عقلية عن الكون والحياة .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· أسسها سدهارتا جوتاما الملقب ببوذا 560-480ق.م وبوذا تعني العالم ويلقب أيضاً بسكيا موني ومعناه المعتكف . وقد نشأ بوذا في بلدة على حدود نيبال ، وكان أميراً فشب مترفاً في النعيم وتزوج في التاسعة عشرة من عمره ولما بلغ السادسة والعشرين هجر زوجته منصرفاً إلى الزهد والتقشف والخشونة في المعيشة والتأمل في الكون ورياضة النفس وعزم على أن يعمل على تخليص الإنسان من آلامه التي منبعها الشهوات ثم دعا إلى تبني وجهة نظره حيث تبعه أناس كثيرون .
- اجتمع أتباع بوذا بعد وفاته في مؤتمر كبير في قرية راجاجواها عام 483 ق.م لإزالة الخلاف بين أتباع المذهب ولتدوين تعاليم بوذا خشية ضياع أصولها وعهدوا بذلك إلى ثلاثة رهبان هم :
1- كاشيابا وقد اهتم بالمسائل العقلية .
2- أويالي وقد اهتم بقواعد تطهير النفس .
3- أناندا وقد دون جميع الأمثال والمحاورات .
الأفكار والمعتقدات :
· يعتقد البوذيون أن بوذا هو ابن الله ، وهو المخلص للبشرية من مآسيها وآلامها وأنه يتحمل عنهم جميع خطاياهم .(1/1)
· يعتقدون أن تجسد بوذا قد تم بواسطة حلول روح القدس على العذراء مايا .
· ويقولون إنه قد دل على ولادة بوذا نجم ظهر في أفق السماء ويدعونه نجم بوذا .
· ويقولون أيضاً إنه لما ولد فرحت جنود السماء ورتلت الملائكة أناشيد المحبة للمولود المبارك .
· وقد قالوا : لقد عرف الحكماء بوذا وأدركو أسرار لاهوته . ولم يمض يوم واحد على ولادته حتى حياه الناس ، وقد قال بوذا لأمه وهو طفل إنه أعظم الناس جميعاً .
· وقالوا : دخل بوذا مرة أحد الهياكل فسجدت له الأصنام . وقد حاول الشيطان إغواءه فلم يفلح .
· ويعتقد البوذيون أن هيئة بوذا تغيرت في آخر أيامه ، وقد نزل عليه نور أحاط برأسه . وأضاء من جسده نور عظيم فقال الذين رأوه : ما هذا بشراً إن هو إلا إله عظيم .
· يصلي البوذيون لبوذا ويعتقدون أنه سيدخلهم الجنة . والصلاة عندهم تؤدى في اجتماعات يحضرها عدد كبير من الأتباع .
· لما مات بوذا قال أتباعه : صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض .
· يؤمنون برجعة بوذا ثانية إلى الأرض ليعيد السلام والبركة إليها .
· يعتقدون أن بوذا هو الكائن العظيم الواحد الأزلي وهو عندهم ذات من نور غير طبيعية ، وأنه سيحاسب الأموات على أعمالهم .
· يعتقدون أن بوذا ترك فرائض ملزمة للبشرية إلى يوم القيامة ، ويقولون إن بوذا أسس مملكة دينية على الأرض .
· قال بعض الباحثين إن بوذا أنكر الألوهية والنفس الإنسانية وأنه كان يقول بالتناسخ .
الجانب الأخلاقي في الديانة البوذية :
- في تعاليم بوذا دعوة إلى المحبة والتسامح والتعامل بالحسنى والتصدق على الفقراء وترك الغنى والترف وحمل النفس على التقشف والخشونة وفيها تحذير من النساء والمال وترغيب في البعد عن الزواج .
- يجب على البوذي التقيد بثمانية أمور حتى يتمكن من الانتصار على نفسه وشهواته :
1- الاتجاه الصحيح المستقيم الخالي من سلطان الشهوة واللذة وذلك عند الإقدام على أي عمل .(1/2)
2- التفكير الصحيح المستقيم الذي لا يتأثر بالأهواء .
3- الإشراف الصحيح المستقيم .
4- الاعتقاد المستقيم الذي يصحبه ارتياح واطمئنان إلى ما يقوم به .
5- مطابقة السلوك للقلب واللسان .
6- الحياة الصحيحة التي يكون قوامها هجر اللذات .
7- الجهد الصحيح المتجه نحو استقامة الحياة على العلم والحق وترك الملاذ .
- في تعاليم بوذا أن الرذائل ترجع إلى أصول ثلاثة :
1- الاستسلام للملاذ والشهوات .
2- سوء النية في طلب الأشياء .
3- الغباء وعدم إدراك الأمور على وجهها الصحيح .
- من وصايا بوذا : لا تقض على حياة حي ، لا تسرق ولا تغتصب ، لا تكذب ، لا تناول مسكراً ، لا تزن ، لا تأكل طعاماً نضج في غير أوانه ، لا ترقص ولا تحضر مرقصاً ولا حفل غناء ، لا تتخذ طبيباً لا تقتن فراشاً وثيراً ، لا تأخذ ذهباً ولا فضة .
· ينقسم البوذيون إلى قسمين :
1- البوذيون المتدينون : وهؤلاء يأخذون بكل تعاليم بوذا وتوصياته .
2- البوذيون المدنيون : هؤلاء يقتصرون على بعض التعاليم والوصايا فقط .
· الناس في نظر بوذا سواسية لا فضل لأحد إلا بالمعرفة والسيطرة على الشهوات .
- وقد احتفظت البوذية ببعض صورها الأولي في منطقة جنوب آسيا وخاصة في سيلان وبورما ، أما في الشمال وعلى الأخص في الصين واليابان فقد ازدادت تعقيداً وانقسمت إلى مذهبين هما :
1- مذهب ماهايانا ( مذهب الشمال ) ويدعو إلى تأليه بوذا وعبادته وترسم خطاه .
2- مذهب هنايانا ( مذهب الجنوب ) وقد حافظ على تعاليم بوذا ويعتبر أتباع هذا المذهب أن بوذا هو المعلم الأخلاقي العظيم الذي بلغ أعلى درجة من الصفاء الروحي .(1/3)
- وقد عبروا عن بلوغ النفس الكمال الأسمى والسعادة القصوى وانطلاقها من أسر المادة وانعتاقها من ضرورة التناسخ باليزفان وتعنى الخلاص من أسر المعاناة والرغبة ، واكتساب صفاء الدين والروح ، والتحرر من أسر العبودية واللذة ، وانبثاق نور المعرفة عن طريق تعذيب النفس ومقاومة النزعات ، مع بذل الجهد والتأمل والتركيز الفكري والروحي ،وهو هدف البوذية الأسمى .
· علاقتهم بالمسلمين الآن لا تحمل طابع العداء العنيف ويمكن أن يكونوا مجالاً خصباً للدعوة الإسلامية .
· كتب البوذية : كتبهم ليست منزلة ولا هم يدعون ذلك بل هي عبارات منسوبة إلى بوذا أو حكاية لأفعاله سجلها بعض أتباعه ، ونصوص تلك الكتب تختلف بسبب انقسام البوذيين ، فبوذيو الشمال اشتملت كتبهم على أوهام كثيرة تتعلق ببوذا أما كتب الجنوب فهي أبعد قليلاً عن الخرافات .
- تنقسم كتبهم إلى ثلاثة أقسام :
1- مجموعة قوانين البوذية ومسالكها .
2- مجموعة الخطب التي ألقاها بوذا .
3- الكتاب الذي يحوي أصل المذهب والفكر التي نبع منها .
4- وتعتمد جميع كتبهم على الآراء الفلسفية ومخاطبة الخيال وتختلف في الصين عنها في الهند لأنها تخضع لتغيرات الفلاسفة .
5- شعار البوذية عبارة عن قوس نصف دائرة وفي وسطه قائم ثالث على رأسه ما يشبه الوردة وأمام هذا التمثال صورة مجسمة لجرة الماء وبجوارها فيل يتربع عليه بوذا في لباسه التقليدي .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· ليس هناك ما يثبت أن للبوذية جذوراً فكرية أو عقائدية إلا أن الناظر في الديانات الوضعية التي سبقتها أو عاصرتها يجد بينها وبين البوذية شبهاً من بعض الجوانب مثل :
- الهندوسية : في القول بالتناسخ والاتجاه نحو التصوف .
- الكونفوشيوسية : في الاتجاه إلى الاعتناء بالإنسان وتخليصه من آلامه .(1/4)
- ينبغي أن يلاحظ التشابه الكبير بينها وبين النصرانية وبخاصة فيما يتعلق بظروف ولادة المسيح وحياته والظروف التي مر بها بوذا مما يؤكد تأثر النصرانية بها في كثير من معتقدات هذه الأخيرة .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· الديانة البوذية منتشرة بين عدد كبير من الشعوب الآسيوية حيث يدين بها أكثر من ستمائة مليون نسمة ، ولهم معبد ضخم في كاتمندو بالنيبال ، وهو عبارة عن مبنى دائري الشكل وتتوسطه قبة كبيرة وعالية وبها رسم لعينين مفتوحتين وجزء من الوجه ، ويبلغ قطر المبنى 40 متراً ، أما الارتفاع فيزيد عن خمسة أدوار مقارنة بالمباني ذات الأدوار ، والبوذية مذهبان كما تقدم :
- المذهب الشمالي : وكتبه المقدسة مدونة باللغة السنسكريتية ، وهو سائد في الصين واليابان والتبت ونيبال وسومطره .
- المذهب الجنوبي : وكتبه المقدسة مدونة باللغة البالية ، وهو سائد في بورما وسيلان وسيام .
- ويمكن تقسيم انتشار البوذية إلى خمس مراحل :
1- من مطلع البوذية حتى القرن الأول الميلادي وقد دفع الملك آسوكا البوذية خارج حدود الهند وسيلان .
2- من القرن الأول حتى القرن الخامس الميلادي وفيها أخذت البوذية في الانتشار نحو الشرق إلى البنغال ونحو الجنوب الشرقي إلى كمبوديا وفيتنام ونحو الشمال الغربي إلى كشمير وفي القرن الثالث اتخذت طريقها إلى الصين وأواسط آسيا ومن الصين إلى كوريا .
3- من القرن السادس حتى القرن العاشر الميلادي وفيه انتشرت في اليابان ونيبال والتبت وتعد من أزهى مراحل انتشار البوذية .
4- من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر وفيها ضعفت البوذية واختفى كثير من آثارها لعودة النشاط الهندوسي وظهور الإسلام في الهند فاتجهت البوذية إلى لاوس ومنغوليا وبورما وسيام .(1/5)
5- من القرن السادس عشر حتى الآن وفيه تواجه البوذية الفكر الغربي بعد انتشار الاستعمار الأوروبي وقد اصطدمت البوذية في هذه الفترة بالمسيحية ثم بالشيوعية بعد أن صار الحكم في أيدي الحكومات الشيوعية .
ويتضح مما سبق :
أن البوذية فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينية وقد ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية ، وقامت على أساس أن بوذا هو ابن الله ومخلص البشرية من مآسيها ، وقد قال لأمه وهو طفل إنه أعظم الناس جميعاً ، ولما مات بوذا قال أتباعه : إنه صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض وإنه سيرجع ثانية إلى الأرض ليعيد السلام والبركة إليها ، ويقول البعض : : إن بوذا أنكر الألوهية والنفس الإنسانية وأنه كان يقول بالتناسخ ، وتعتمد جميع كتب البوذيين على الآراء الفلسفية ومخاطبة الخيال وتختلف البوذية في الصين عنها في الهند بحسب نظرة الفلاسفة .(1/6)
التنصير
التعريف :
التنصير حركة دينية سياسية استعمارية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب .
ويساعدهم في ذلك ثلاثة عوامل :
- انتشار الفقر والجهل والمرض في معظم بلدان العالم الإسلامي .
- النفوذ الغربي في كثير من بلدان المسلمين .
- ضعف بعض حكام المسلمين الذين يسكتون عنهم أو ييسرون لهم السبل رغبا ورهبا أو نفاقا لهم .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· ريمون لول : أول نصراني تولى التبشير بعد فشل الحروب الصليبية في مهمتها إذ إنه قد تعلم اللغة العربية بكل مشقة وأخذ يجول في بلاد الشام مناقشاً علماء المسلمين .
· منذ القرن الخامس عشر وأثناء الاكتشافات البرتغالية دخل المبشرون الكاثوليك إلى إفريقيا وبعد ذلك بكثير أخذت ترد الإرساليات التبشيرية البروتستانتية إنجليزية وألمانية وفرنسية .
· بيتر هيلنغ : احتك بمسلمي سواحل إفريقيا منذ وقت مبكر .
· البارون دوبيتز : حرك ضمائر النصارى منذ عام 1664م إلى تأسيس كلية تكون قاعدة لتعليم التبشير المسيحي .
· المستر كاري : فاق أسلافه في مهنة التبشير وقد ظهر إبان القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر .
· كان للمبشر هنري مارتن ت 1812م يد طولى في إرسال المبشرين إلى بلاد آسيا الغربية وقد ترجم التوراة إلى الهندية والفارسية والأرمنية .
· في عام 1795م تأسست جمعية لندن التبشيرية وتبعتها أخريات في اسكوتلانده ونيويورك .
· في سنة 1819م اتفقت جمعية الكنيسة البروتستانتية مع النصارى في مصر وكونت هناك إرسالية عهد إليها نشر الإنجيل في إفريقيا .
· دافيد ليفنستون 1813-1873م : رحالة بريطاني اخترق أواسط إفريقيا وقد كان مبشرا قبل أن يكون مستكشفا .
· في سنة 1849م أخذت ترد إرساليات التبشير إلى بلاد الشام وقد قامت بتقسيم المناطق بينها .(1/1)
· وفي سنة 1855م تأسست جمعية الشبان المسيحية من الإنجليز والأمريكان وقد انحصرت مهمتها في إدخال ملكوت المسيح بين الشبان كما يزعمون .
· في سنة 1895م تأسست جمعية اتحاد الطلبة المسيحيين في العالم ، وهي تهتم بدراسة أحوال التلاميذ في كل البلاد مع العمل على بث روح المحبة بينهم (المحبة تعني التبشير بالنصرانية) .
· صموئيل زويمر : رئيس إرسالية التبشير العربية في البحرين ورئيس جمعيات التنصير في الشرق الأوسط كان يتولى إدارة مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية التي أنشأها سنة 1911م وما تزال تصدر إلى الآن من هارتيفورد ، دخل البحرين عام 1890م ومنذ عام 1894م قدمت له الكنيسة الإصلاحية الأمريكية دعمها الكامل . وأبرز مظاهر عمل البعثة التي أسسها زويمر كان في حقل التطبيب في منطقة الخليج وتبعا لذلك فقد افتتحت مستوصفات لها في البحرين والكويت ومسقط وعمان ، ويعد زويمر من أكبر أعمدة التنصير في العصر الحديث وقد أسس معهدا باسمه في أمريكا لأبحاث تنصير المسلمين .
· كنيث كراج : خلف صموئيل زويمر على رئاسة مجلة العالم الإسلامي وقام بالتدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة فترة من الوقت وهو رئيس قسم اللاهوت المسيحي في هارتفيفورد بأمريكا وهو معهد للمبشرين ومن كتبه ( دعوة المئذنة ) صدر عام 1956م .
· لويس ماسينيون : قام على رعاية التبشير والتنصير في مصر وهو عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة كما أنه مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقيا .
· دانيال بلس : يقول : إن كلية روبرت في استانبول (الجامعة الأمريكية حاليا) كلية مسيحية غير مستترة لا في تعليمها ولا في الجو الذي تهيئه لطلابها لأن الذي أنشأها مبشر ولا تزال إلى اليوم لا يتولى رئاستها إلا مبشر .
· الأب شانتور : رأس الكلية اليسوعية في بيروت زمنا طويلا أيام الانتداب الفرنسي .(1/2)
· مستر نبورز : ترأس جامعة بيروت الأمريكية عام 1948م يقول : لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان .
· دون هك كري : كان أكبر شخصية في مؤتمر لوزان التبشيري عام 1974م وهو بروتستانتي عمل مبشرا في الباكستان لمدة عشرين سنة وهو أحد طلبة مدرسة فلر للتبشير العالمي وبعد مؤتمر كولورادو التبشيري عام 1978م وهو أحد طلبة مدرسة فلر للتبشير العالمي وبعد مؤتمر كولورادو التبشيري عام 1978م أصبح مديرا لمعهد صموئيل زويمر الذي يضم إلى جانبه داراً للنشر ولإصدار الدراسات المختصة بقضايا تنصير المسلمين ومقرها في كاليفورنيا وهو يقوم بإعداد دورات تدريبية لإعداد المبشرين وتأهيلهم .
· يرى بابا الفاتيكان بعد سقوط الشيوعية أن من مصلحة الكنيسة ومصلحة رجال السياسة توجيه عموم الشعب المسيحي نحو خصم جديد يخيفه به وتجنده ضده والإسلام هو الذي يمكن أن يقوم بهذا الدور في المقام الأول ويقوم البابا بمغادرة مقره بمعدل أربع رجلات دولية لكسب الصراع مع الأيديولوجيات العالمية وعلى رأسها الإسلام وتوجد بلايين الدولارات تحت تصرفه للإنفاق منها على إرسال المنصرين وإجراء البحوث وعقد المؤتمرات والتخطيط لتنصير أبناء العالم الثالث وتنظيم وتنفيذ ومتابعة النشاط التنصيري في كل أحاء العالم وتقويم نتائجه أولا بأول .
الأفكار والمعتقدات :
· أفكارهم :
· محاربة الوحدة الإسلامية : يقول القس سيمون : إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية وتساعد على التملص من السيطرة الأوروبية والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة من أجل ذلك يجب أن نجول بالتبشير باتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية .
· يقول لورنس براون إذا اتحد المسلمون في امبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة علىالعالم وخطرا أو أمكن أن يصبحوا أيضا نعمة له أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير .(1/3)
· يقول مستر بلس : إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في إفريقيا .
· لقد دأب المنصرون على بث الأكاذيب والأباطيل بين أتباعهم ليمنعوهم من دخول الإسلام وليشوهوا جمال هذا الدين .
· انتشار الإسلام بالسيف : يقول المبشر نلسون : وأخضع سيف الإسلام شعوب إفريقيا وآسيا شعبا بعد شعب .
· يقول هنري جسب الأمريكي : المسلمون لا يفهمون الأديان ولا يقدرونها قدرها إنهم لصوص وقتلة ومتأخرون وإن التبشير سيعمل على تمدينهم .
· لطفي ليفونيان وهو أرمني ألف بضعة كتب للنيل من الإسلام يقول إن تاريخ الإسلام كان سلسلة مخيفة من سفك الدماء والحروب والمذابح .
· أديسون الذي يقول عن محمد صلى الله عليه وسلم محمد لم يستطع فهم النصرانية ولذلك لم يكن في خياله إلا صورة مشوهة بنى عليها دينه الذي جاء به العرب .
· المبشر نلسن يزعم بأن الإسلام مقلد وأن أحسن ما فيه إنما هو مأخوذ من النصرانية وسائر ما فيه أخذ من الوثنية كما هو أو مع شيء من التبديل .
· المبشر ف.ج هاربر يقول : إن محمدا كان في الحقيقة عابد أصنام ذلك لأن إدراكه في الواقع كاريكاتور .
· المبشر جسب يقول : إن الإسلام مبني على الأحاديث أكثر مما هو مبني على القرآن ولكننا إذا حذفنا الأحاديث الكاذبة لم يبق من الإسلام شيء .
· ويقول كذلك : الإسلام ناقص والمرأة فيه متعبدة .
· المبشر جون تاكلي يقول : يجب أن نري هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديدا وأن الجديد فيه ليس صحيحا .
· أما القس صموئيل زويمر فيقول في كتابه العالم الإسلامي اليوم يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم .
· يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين لأنه أهم عمل مسيحي .
· تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها .(1/4)
· ينبغي للمبشرين أن لا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة إذ إن من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء .
· وقال صموئيل زويمر كذلك في مؤتمر القدس التنصيري عام 1935م : ... لكن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية فإن في هذا هداية لهم وتكريما وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها .
· إنكم أعددتم نشئاً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية وبالتالي فقد جاء النشء طبقا لما أراده الاستعمار لا يهتم بعظائم الأمور ويحب الراحة والكسل فإذا تعلم فللشهرة وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهرة يجود بكل شيء .
· وقد كتب أحد المبشرين في بداية هذا القرن الميلادي يقول : سيظل الإسلام صخرة عاتية تتحطم عليها كل محاولات التبشير مادام للمسلمين هذه الدعائم الأربع : القرآن والأزهر واجتماع الجمعة الأسبوعي ومؤتمر الحج السنوي العام .
مؤتمراتهم :
· لقد كان لهم وما يزال الكثير من المؤتمرات الإقليمية والعالمية ومن ذلك :
· مؤتمر القاهرة عام 1324هـ 1906م وقد دعا إليه زويمر بهدف عقد مؤتمر يجمع الإرساليات التبشيرية البروتستانتية للتفكير في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين وقد بلغ عدد المؤتمرين 62 شخصا بين رجال ونساء وكان زويمر رئيسا لهم .
· المؤتمر التبشيري العالمي في أدنبرة باسكوتلندة عام 1328هـ 1910م وقد حضره مندوبون عن 159 جمعية تبشيرية في العالم .(1/5)
· مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند عام 1339هـ 1911م حضره صموئيل زويمر وبعد انفضاض المؤتمر وزعت على الأعضاء رقاع مكتوب على أحد وجهيها تذكار لهكنؤ سنة 1911م وعلى الوجه الآخر اللهم يا من يسجد له العالم الإسلامي خمس مرات في اليوم بخشوع انظر بشفقة إلى الشعوب الإسلامية وألهمها الخلاص بيسوع المسيح .
مؤتمرات التبشير في القدس :
· في عام 1343ه 1924م .
· في عام 1928م مؤتمر تبشيري دولي .
· في عام 1354ه 1935م وقد كان يضم 1200 مندوب .
· في عام 1380ه 1961م .
· مؤتمر الكنائس البروتستانتية عام 1974م في لوزان بسويسرا .
· وأخطر المؤتمرات مؤتمر كولورادوا في 15 اكتوبر 1978م تحت اسم مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين حضره 150 مشتركا يمثلون أنشط العناصر التنصيرية في العالم استمر لمدة أسبوعين بشكل مغلق وقدمت فيه بحوث حول التبليغ الشامل للإنجيل وتقديمه للمسلمين والكنائس الديناميكية في المجتمع المسلم وتجسيد المسيح وتحبيبه إلى قلب المسلم ومحاولات نصرانية جديدة لتنصير المسلمين وتحليل مقاومة واستجابة المسلم واستخدام الغذاء والصحة كعنصرين في تنصير المسلمين وتنشيط دور الكنائس المحلية في تنصير العالم الإسلامي .
· وقد انتهى المؤتمر بوضع استراتيجية بقيت سرية لخطورتها مع وضع ميزانية لهذه الخطة مقدارها (1000 ) مليون دولار وقد تم جمع هذا المبلغ فعلا وتم إيداعه في أحد البنوك الأمريكية الكبرى .
· المؤتمر العالمي للتنصير الذي عقد في السويد في شهر اكتوبر 1981م تحت إشراف المجلس الفيدرالي اللوثراني الذي نوقشت فيه تنائج مؤتمري لوزان وكولورادو وخرج بدراسة مستفيضة عن التنصير لما وراء البحار بهدف التركيز على دول العالم الثالث .
· ومن مؤتمراتهم كذلك :
· مؤتمر استانبول .
· مؤتمر حلوان بمصر .
· مؤتمر لبنان التبشيري .
· مؤتمر لبنان بغداد البتشيري .
· مؤتمر قسطنطينية التبشيري في الجزائر وذلك قبل الاستقلال .(1/6)
· مؤتمر شيكاغو .
· مؤتمر مدارس التبشيري في بلاد الهند وكان ينعقد هذا المؤتمر كل عشر سنوات .
· مؤتمر بلتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية 1942م وهو مؤتمر خطير جدا وقد حضره من اليهود بن غوريون .
· بعد الحرب العالمية الثانية تخذت النصرانية نظاما جديدا إذ ينعقد مؤتمر للكنائس مرة كل ست أو سبع سنوات متنقلا من بلد إلى آخر .
· مؤتمر امستردام 1948م هولندا .
· مؤتمر ايفانستون 1954م أمريكا .
· مؤتمر نيودلهي 1961م الهند .
· مؤتمر أوفتالا 1967م أوفتالا بأوروبا .
· مؤتمر جاكرتا 1975م أندونيسيا وقد اشترك فيه 3000 مبشر نصراني .
· عقد المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي في يوليو سنة 1980م في كاليفورنيا بالولايات المتحدة وقد حث المؤتمر على ضرورة زيادة البعثات التنصيرية بين مسلمي الشرق الأوسط خاصة في دول الخليج العربي .
أشهر المراكز والمعاهد التنصيرية :
· معهد صموئيل زويمر في ولاية كاليفورنيا فقد تم إنشاؤه بناء على توصية من قرارات مؤتمر كولورادو .
· المركز العالمي للأبحاث والتبشير في كاليفورنيا الذي قام بتقديم الأشخاص اللازمين للإعداد لمؤتمر كولورادو مع تهيئة عوامل نجاح هذا المؤتمر .
· الجامعة الأمريكية في بيروت الكلية السورية الإنجيلية سابقا أنشئت عام 1865م .
· الجامعة الأمريكية في القاهرة أنشئت لتكون قريبة من الأزهر ومنافسة له .
· الكلية الفرنسية في لاهور .
· جمعية التبشير الكنيسية الإنجليزية وهي أهم جمعية بروتستانتية وقد مضى على إنشائها قرابة قرنيين من الزمان .
· إرساليات التبشير الأمريكية أهمها الجمعية البشيرية الأمريكية والتي يرجع عهدها إلى سنة 1810م .
· جمعية إرساليات التبشير الألمانية الشرقية أسسها القسيس لبسيوس سنة 1895م وقد بدأ عملها فعلا سنة 1900م .(1/7)
· أسس الإنجليز في سنة 1809م الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود وبدأ عملها بأن ساقت اليهود المتفرقين في شتات الأرض إلى أرض فلسطين .
بعض الكتب ووسائل الدعاية التنصيرية :
· صنف زويمر كتابا جمع فيه بعض التقارير عن التبشير أسماه العالم الإسلامي اليوم تحدث فيه عن الوسائل المؤدية للاحتكاك بالشعوب غير المسيحية وجلبها إلى حظيرة المسيح مع بيان الخطط التي يجب على المبشر اتباعها .
· تاريخ التبشير : للمبشر أدوين بلس البروتستانتي .
· كتاب المستر فاردنر : ركز فيه حديثه عن إفريقيا وسبل نشر النصرانية فيها وعائق ذلك ومعالجاته.
· مجلة إرساليات التبشير البروتستانتية التي تصدر في مدينة بال بسويسرا والتي تحدثت عن مؤتمر أدنبره سنة 1910م .
· مجلة الشرق المسيحي الألمانية تصدرها جمعية التبشير الألمانية منذ سنة 1910م .
· دائرة المعارف الإسلامية التي صدرت بعدة لغات حية .
· موجز دائرة المعارف الإسلامية .
· طبع الإنجيل بشكل أنيق وبأعداد هائلة وتوزيعه مجانا وإرساله بالبريد لمن يطلبه وأحيانا لمن لا يطلبه أيضا .
· توزيع أشرطة الفيديو والكاسيت المسجل عليها ما يصرف المسلم عن دينه واستخدام الموجات الإذاعية والتليفزيونية التي تبث سمومها وتصل إلى المسلمين في مخادعهم وتعتمد على التمثيليات والبرامج الترفيهية والثقافية والرياضية من أجل خدمة أهدافهم الخبيثة .
وسائل أخرى لها تأثير واسع :
· من هذه الوسائل :
· تقديم الخدمات الطبية بهدف استغلال هذه المهنة في التنصير :
· بول هاريسون له كتاب الطبيب في بلاد العرب يقول : لقد وجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى .
· س.أ. موريسون محرر في مجلة العالم الإسلامي يقول : وحينئذ تكون الفرصة سانحة حتى يبشر هذا الطبيب بين أكبر عدد ممكن من المسلمين في القرى الكثيرة في طول مصر وعرضها .(1/8)
· المبشرة ايد هاريس تقول : يجب على الطبيب أن ينتهز الفرصة ليصل إلى أذان المسلمين وقلوبهم .
· المستر هاربر يقول بوجوب الإكثار من الإرساليات الطبية لأن رجالها يحتكون دائما بالجمهور ويكون لهم تأثير على المسلمين أكثر مما للمبشرين الآخرين مؤتمر القاهرة 1906 .
· من المبشرين الأطباء : آن أساوودج ، فورست ، كار نيليوسي فانديك ، جورج بوست ، وتشارلز كلهون ، ماري أوي ، الدكتور طومسون .
التعليم :
· إنهم يضعون كل ثقلهم في استغلال التعليم وتوجيهه بما يخدم أهدافهم التنصيرية .
· إنشاء المدارس والكليات والجامعات والمعاهد العليا وكذلك إنشاء دور للحضانة ورياض للأطفال واستقبال الطلبة في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية .
· لقد وزعوا خلال مائة وخمسين عاما ما يزيد عن ألف مليون نسخة من نسخ العهد القديم والجديد مترجمة إلى 1130 لغة عدا النشرات والمجلات التي تبلغ قيمتها بم يقدر بـ 7000 مليون دولار .
· الاستشراق والتنصير يتعاونان تعليميا في خدمة أهدافهما المشتركة .
الأعمال الاجتماعية :
· إيجاد بيوت للطلبة من الذكور والإناث .
· إيجاد الأندية .
· الاهتمام بدور الضيافة والملاجيء للكبار ودور لليتامى واللقطاء .
· الاعتناء بالأعمال الترفيهية وحشد المتطوعين لأمثال هذه الأعمال .
· إنشاء المكتبات التبشيرية واستغلال الصحافة بشكل واسع .
· إنشاء مخيمات الكشافة التي تستغل أفضل استغلال في التنصير .
· زيارة المسجونين والمرضى في المستشفيات وتقديم الهدايا والخدمات لهم .
· تكلمت المس ولسون ومس هلداي في مؤتمر القاهرة 1906م عن دور المرأة كمبشرة لتقوم بنشر ذلك بين نساء المسلمين المسلمات .
النسل :(1/9)
· في اجتماع البابا شنودة في 5/3/1973م مع القساوسة والأثرياء في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية طرحوا بعض المقررات وقد كان منها تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة وتشجيع الإكثار من النسل بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية مع تشجيع الزواج المبكر بين النصارى وبالمقابل تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين خاصة علما بأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض القائمين على الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة .
الفتن والحروب :
· يعملون على تشجيع الحروب والفتن وذلك لإضعاف الشعوب الإسلامية .
· إثارة الاضطرابات المختلفة بإذكاء نار العداوة والبغضاء وإيقاظ روح القوميات الإقليمية الطائفية الضيقة كالفرعونية في مصر والفينيقية في الشام وفلسطين ولبنان والآشورية في العراق والبربرية في شمال إفريقيا واستغلال جميع ذلك في التنصير .
· يقول زويمر في مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند 1911م إن الانقسام السياسي الحاضر في العالم الإسلامي دليل بالغ على عمل يد الله في التاريخ واستثارة للديانة المسيحية كي تقوم بعملها .
الإمكانات :
· في إندونيسيا يسيطرون على وسائل الاعلام ولديهم إذاعات تبشيرية وصحف قومية وإحصائية 1975م تكشف بأن فيها 8919 كنيسة لطائفة البروتستانت و 3897 قسيسا و 8504 مبشرين متفرغين ولطائفة الكاثوليك 720 كنيسة و 2630 قسيسا و 5393 مبشرا متفرغا وقد وضعوا خطة للانتهاء من تنصيرها في عام 2000 ميلادية .
· في بنجلاديش إرساليات تبشيرية كثيرة لتنصير المسلمين هناك .
· في كينيا : يعدون لتنصيرها تماما في عام 2000 ميلادية أيضا .
· ذكر في مؤتمر عدم الإنحياز في كوالالمبور بأن هناك حوالي 2500 محطة إذاعية بـ 64 لغة قومية تشن هجوما صريحا وضارياً ضد الإسلام .
· مجموع الإرساليات الموجودة في 38 بلدا إفريقيا يبلغ 111.000 إرسالية بعضها يملك طائرات تنقل الأطباء والأدوية والممرضات لعلاج المرضى في الغابات وأحراش الجبال .(1/10)
· يوجد الآن في العالم ما يربو على 220 ألف مبشر منهم 138.000 كاثوليكي والباقي 82.000 بروتستانتي وفي إفريقيا وحدها 119.000 مبشر ومبشرة ينفقون بليوني دولار سنويا .
· يستخدمون سفناً معدة إعدادا خاصا يسمح بإقامة الحفلات على ظهرها للاستعانة بها في توزيع المطبوعات الكنسية وإقامة الحفلات التي تستغل لأهدافهم الخاصة في التنصير ويعلنون عنها باسم إقامة معرض عائم للكتاب .
· يقوم مجلس الكنائس العالمي والفاتيكان وهيئات أخرى بالإشراف والتوجيه والدعم المالي لكافة الأنشطة التنصيرية وتتوفر مصادر تمويل ثابة من مختلف الحكومات والمؤسسات في الدول الغربية وعن طريق المشروعات الاقتصادية والأراضي الزراعية والأرصدة في البنوك والشركات التابعة لهذه الحركات التنصيرية مباشرة وحملات جمع التبرعات التي يقوم بها القساوسة من حين لآخر ، وتوجد هيئات ومراكز للبحوث والتخطيط يعمل بها نخبة ممتازة من الباحثين المؤهلين ومن أهم هذه المراكز :
· مركز البحوث التابع للفاتيكان .
· مركز البحوث التابع لمجلس الكنائس العالمي .
· حركة الدراسات المسيحية في كاليفورنيا .
· مركز البحث في كولورادو .
· المركز المسيحي في نيروبي ( كينيا وقد أنشيء في عام 1401هـ )
· مركز المعلومات المسيحي في نيجيريا .
· المركز المسيحي الدراسي في روالبندي (باكستان) وقد تأسس سنة 1966م ويعتبر من أكبر المراكز في آسيا .
الجذور الفكرية :
· يبلغ عدد المبشرين في أنحاء العالم ما يزيد على 220 ألف منهم 138000 كاثوليكي والباقي وعددهم 62000 من البروستانت .
· لقد بدأ التنصير وتوسع إثر الانهزامات التي مني بها الصليبيون طوال قرنين من الزمان 1099-1254 أنفقوهما في محاولة الاستيلاء على بيت المقدس وانتزاعه من أيدي المسلمين .(1/11)
· الأب اليسوعي ميبز يقول : إن الحروب الصليبية الهادئة التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر لا تزال مستمرة إلى أيامنا إن الرهبان الفرنسيين والراهبات الفرنسيات لا يزالون كثيرين في الشرق .
· يرى المستشرق الألماني بيكر بأن هناك عداء من النصرانية ضد الإسلام بسبب أن الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدا منيعا في وجه انتشار النصرانية في أساسه يهدف إلى تمكين الغرب النصراني من البلاد الإسلامية وهو مقدمة أساسية للاستعمار وسبب مباشر لتوهين قوة المسلمين وإضعافها .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· لقد انتشر التنصير وامتد إلى كل دول العالم الثالث .
· إنه يتلقى الدعم الدولي الهائل من أوروبا وأمريكا ومن مختلف الكنائس والهيئات والجامعات والمؤسسات العالمية .
· إنه يلقى بثقله بشكل كثيف حول العالم الإسلامي عن طريق فتح المدارس الأجنبية وتصدير البعوث والإرساليات التبشيرية وتشجيع انتشار المجلات الخليعة والكتب العابثة والبرامج التلفزيونية الفاسدة والسخرية من علماء الدين والترويج لفكرة تحديد النسل والعمل على إفساد المرأة المسلمة ومحاربة اللغة العربية وتشجيع النعرات القومية .
· إنه يتمركز في أندونيسيا وماليزيا وبنجلاديش والباكستان وفي إفريقيا بعامة .
· يزداد تيار التنصير نتيجة لسياسة التساهل من قبل الحكام في بعض البلدان الإسلامية فبعضهم يحضر القداس بنفسه وبعضهم يتبرع بماله لبناء الكنائس وبعضهم يتغافل عن دخول المسيحيين بصورة غير مشروعة والمطلوب اتخاذ سياسة حازمة لإيقاف تيار التنصير قبل فوات الأوان .
ويتضح مما سبق :(1/12)
· أن التنصير حركة سياسية استعمارية تستهدف نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث عامة وبين المسلمين على وجه الخصوص ويستغل زعماؤها انتشار الجهل والفقر والمرض للتغلغل بين شعوب تلك الأمم متوسلين بوسائل الإعلام التقليدية من كتب ومطبوعات وإذاعة وتلفاز وأشرطة سمعية ومرئية فضلا عن المخيمات والتعليم والطب إلى جانب الأنشطة الاجتماعية الإنسانية والإغاثية الموجهة لمنكوبي الفتن والحروب وغفلة وتساهل حكام بعض الدول الإسلامية ، وتعتمد تلك الحركة في تحقيق أهدافها على تشويه صورة الإسلام وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم مسخرين إمكاناتهم الضخمة لتحقيق مآربهم .(1/13)
الحداثة
هي صبيانية المضمون وعبثية في شكلها الفني وتمثل نزعة الشر والفساد في عداء مستمر للماضي والقديم ،وهي افراز طبيعي لعزل الدين عن الدولة في المجتمع الاوروبي ولظهور الشك والقلق في حياة الناس مما جعل للمخدرات والجنس دورهما الكبير.
التأسيس وأبرز الشخصيات :
بدأ مذهب الحداثة منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تقريا في باريس على يد كثير من الأدباء السريالين والرمزيين والماركسيين والفوضويين والعبثيين،ولقي استجابة لدى الأدباء الماديين والعلمانين والملحدين في الشرق والغرب.حتى وصل إلى شرقننا الإسلامي والعربي .
ومن أبرز رموز مذهب الحداثة من الغربيين :
- شارل بودلير 1821-1867م وهو أديب فرنسي أيضا نادى بالفوضى الجنسية والفكرية والأخلاقية ،ووصفها بالسادية أي التلذذبتعذيب الآخرين .له ديوان شعر مترجم بالعربية من قبل الشاعرإبراهيم ناجي ،ويعد شارل بودلير مؤسس الحداثة في العالم الغربي.
الاديب الفرنسي غوستاف فلوبير 1821-1880م.
- مالارامية 1842-1898م وهو شاعر فرنسي ويعد أيضا من رموز المذهب الرمزي .
الأديب الروسي مايكوفوسكي ، الذي نادى بنبذ الماضي والاندفاع نحو المستقبل .
ومن رموز مذهب الحداثة في البلاد العربية:
- يوسف الخال- الشاعر النصراني وهو سوري الاصل رئيس تحرير مجلة الحداثية .وقد مات منتحراً أثناء الحرب الاهلية اللبنانية .
- أدونيس( علي أحمد سعيد )نصراني سوري ويعد المروج الأول لمذهب الحداثة في البلاد العربية ،وقد هاجم التاريخ الإسلامي والدين والأخلاق في رسالتة الجامعيةالتي قدمها لنيل درجة الدكتوراة في جامعة ( القديس يوسف)في لبنان وهي بعنوان الثابت والمتحول ،ودعا بصراحة إلى محاربة الله عز وجل .وسبب شهرتة فساد الإعلام بتسليط الأضوءعلى كل غريب .
-د.عبد العزيز المقالح - وهو كاتب وشاعر يماني،وهو الآن مدير لجامعة صنعاء وذو فكر ييساري.
- عبد الله العروي - ماركسي مغربي.(1/1)
- محمد عابد الجابري مغربي.
الشاعرالعراقي الماركسي عبد الوهاب البياتي.
-الشاعر الفلسطيني محمود درويش- عضو الحزب الشيوعي الاسرائيلي أثناء اقامته بفلسطين المحتله , وهو الآن يعيش خارج فلسطين .
-كاتب ياسين ماركسي جزائري .
- محمد أركون جزائري يعيش فى فرنسا .
- الشاعر المصري صلاح عبدالصبور – مؤلف مسرحية الحلاج .
الأفكار والمعتقدات :
- نجمل أفكار ومعتقدات مذهب الحداثة وذلك من خلال كتاباتهم وشعرهم فيمايلي :
- رفض مصادر الدين الكتاب والسنة والجماع ومصادر عنها من عقيدة أما صراحة أوضمان .
- رفض الشريعة وأحكامها كموجه للحياة البشرية .
- الدعوة إلى نقد النصوص الشرعية والمناداة بتأويل جديد لها يتناسب والأفكار الحداثية .
- الدعوة الى إنشاء فلسفات حديثة على أنقاض الدين .
- الثورة على الأنضمة السياسية الحاكمة لأنها فى منظورها رجعية متخلفة أي غير حداثية , وربما استثنوا الحكم البعثي .
- تبني أفكار ماركس المادية الملحدة , ونظريات فرويد في النفس الإنسانية وأ وهامه , ونظريات دارون فى أصل الأنواع وفكار نيتشة ،وهلوسته،والتي سموها فلسفة ،في الإنسان على( السوبر بان) .
- تحطيم الأطر التقليدية والشخصية الفردية،وتبني رغبات الانسان الفوضوية والغريزية.
- الثورة على جميع القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية،وحتى الاقتصادية والسياسية .
- رفض كل ما يمت الى المنطق والعقل.
- -اللغة- في رأيهم - قوى ضخمة من قوى الفكر المتخلف التراكمي السلطوي،لذا يجب أن تموت،ولغة الحداثة هي اللغة النقيض لهذه اللغة الموروثة بعدأن أضحث اللغة والكلمات بضاعة عهد قديم يجب التخلص منها.
- -الغموض والابهام والرمز- معالم بارزة في الأدب والشعر الحداثي.
- ولا يقف الهجوم على اللغة وحدها ولكنه يمتد إلى الأرحام والوشائح حتى تتحلل الأسرة وتزول روابطها،وتنتهي سلطة الأدب وتنتصر إرادة الانسان وجهده على الطبيعة والكون .(1/2)
ومن الغريب أن كل حركة جديدة للحداثة تعارض سابقتهافي بعض نواحي شذوذها وتتابع في الوقت نفسه مسيرتها في الخصائص الرئيسية للحداثة.
إن الحداثة هي خلاصة سموم الفكر البشري كله ، من الفكر الماركسي إلى العلمانية الرافضة للدين، إلى الشعوبية إلى هدم عمود الشعر، إلى شجب تاريخ أهل السنة كاملاً إلى إحياء الوثنيات والأساطير.
ويتخفىالحداثيون وراء مظاهر تقتصرعلى الشعر والتفعيلة والتحليل،بينما هي تقصد رأساً هدم اللغة العربية ومايتصل بها ممن يتصل بهامن مستوى بلاغي وبياني عربي مستمد من القرآن الكريم ،وهذا هو السر في الحملة علىالقديم وعلى التراث وعلى السلفية.
تطورمذهب الحداثة في الغرب وفي البلاد العربية :
إن حركة الحداثة الأوروبية بدات قبل قرن من الزمن في باريس بظهور الحركة البوهيمية فيهابين الفنانين في الأحياء الفقيرة.
ونتيجة للمؤثرات الفكرية، والصراع السياسي والمذهبي والاجتماعي شهدت نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في أوروبا اضمحلال العلاقات بين الطبقات ، ووجود فوضىحضارية انعكست آثارها على النصوص الأدبية.
وقد تبنت الحداثة كثير من الطبقات ،ووجود فوضى حضارية انعكست آثارها على النصوص الأدبية .وبلغت التفاعلات السياسية والاجتماعيةوالاقتصادية في أوروبا ذروتها في أعقاب الحرب العالمية الأولى .وبقيت باريس مركز تيار الحداثة الذي يمثل الفوضى الأدبية.
وقد تبنت الحداثةكثير من المعتقدات واملذاهب الفلسفية والأدبية والنفسية أهمها:
1-الدادائية : وهي دعوةظهرت عام1916م،غالت في الشعور الفردي ومهاجمة المعتقدات، وطالبت بالعودة للبدائية والفوضى الفنية الاجتماعية.
2-السريالية : واعتمادها على التنويم المغناطيسي والأحلام الفرويدية ، بحجة أن هذا هو الوعي الثوري للذات ،ولهذا ترفض التحليل المنطقي ، وتعتمد بدلاً عنه الهوس والعاطفة.(1/3)
3-الرمزية : وما تتضمنة من ابتعاد عن الواقع والسباحة في عالم الخيال والأوهام ،فضلاً عن التحرر من الأوزان الشعرية ،واستخدام التعبيرات الغامضة والألفاظ الموحية برأي روادها .وقد واجهت الحداثة معارضة شديدة في جميع أنحاء أوروبا،
ثم ظهرت مجلة شعر التي رأس تحريرها في لبنان يوسف الخال عام 1957م تمهيد لظهور حركة الحداثة بصفتها حركة فكرية ، لخدمة التغريب ، وصرف العرب عن عقيدتهم ولغتهم الفصحى ... لغة القرآن الكريم .
وبدأت تجربتها خلف ستار تحديث الأدب ، فاستخدمت مصطلح الحداثة عن طريق ترجمة شعر رواد الحداثة الغربيين أمثال :بودلير ورامبو ومالا رامية ، وبدأ رئيس تحريرها –أي مجلة شعر – بكشف ما تروج له الحداثة الغربية حين دعا إلى تطوير الايقاع الشعري ،وقال بأنه ليس لللأوزان التقليدية أي قداسة ويجب أن يعتمد في القصيدة على وحدة التجربة والجو العاطفي العام لا على التتابع العقلي والتسلسل المنطقي كما أنه قرر في مجلتة أن الحداثة موقف حديث في الله والإنسان والوجود .
كان لعلي أحمد( أدونيس)دور مرسوم في حركة الحداثة وتمكينها على أساس :
ما دعاه من الثبات والتحول فقال ( لايمكن أن تنهض الحياة العربية ويبدع الإنسان العربي إذا لم تتهدم البنية التقليدية السائدة في الفكر العربي والتخلص من المبنى الديني التقليدي ( الاتباع ) استخدم أدونيس مصطلح الحداثة الصريح ابتداءً من نهاية السبعينات عندما :صدمة الحداثة عام 1978م وفيه لايعترف بالتحول إلا من خلال الحركات الثورية السياسية والمذهبية ،وكل مامن شأنه أن يكون تمرد على الدين والنظام تجاوز للشريعة.(1/4)
لقد أسقط أدونيس مفهوم الحداثة على الشعر الجاهلي وشعراء الصعاليك وشعر عمر بن أبي ربيعة ، وأبي نواس وبشار بن برد وديك الجن الحمصي ،كما أسقط مصطلح الحداثة على المواقف الإلحادية لدى ابن الرواندي وعلى الحركات الشعوبية والباطنية والإلحادية المعادية للإسلام أمثال :ثورة الزنج والقرامطة .
ويعترف أدونيس بنقل الحداثة الغربية حيث يقول في كتابه الثابت والمتحول : ( لانقدر أن نفصل بين الحداثه العربيه والحداثه في العالم ) .
أهم خصائص الحداثة :
- محاربة الدين بالفكر والنشاط .
- الحيرة والشك والاضطراب .
- تمجيد الرذيلة والفساد والإلحاد .الهروب من الواقع إلى الشهوات والمخدرات والخمور .
- ا لثورة على القديم كله وتحطيم جميع أطر الماضي إلى الحركات الشعوبية والباطنية .
- الثورة على اللغة بصورها التقليدية المتعددة .
- امتدت الحداثة في الأدب إلى مختلف نواحي الفكر الإنساني ونشاطه .
- قلب موازين المجتمع والمطالبة بدفع المرأة إلى ميادين الحياة بكل فتنها ، والدعوة إلى تحريرها من أحكام الشريعة .
- عزل الدين ورجاله واستغلاله في حروب عدوانية .
- تبني المصادفة والحظ والهوس والخبال لمعالجة الحالات النفسية والفكرية بعد فشل العقل في مجابهة الواقع .
- امتداد الثورة على الطبيعة والكون ونظامه وإظهار الإنسان بمظهر الذي يقهر الطبيعة .
- ولذا نلمس في الحداثة قدحاً في التراث الإسلامي ،وإبراز لشخصيات عرفت بجنوحها العقدي كالحلاج والأسود العنسي ومهيار الديلمي وميمون القداح وغيرهم .وهذا المنهج يعبر به الأدباء المتحللون من قيم الدين والأمانة،عن خلجات نفوسهم وانتماءاتهم الفكرية .
ويتضح ما سبق :(1/5)
أن الحداثة تصور إلحادي جديد – تماما - للكون والإنسان والحياة ،وليست تجديد في فنيات الشعر والنثر وشكلياتها .وأقوال سدنة الحداثة تكشف عن انحرافهم بإعتبار أن مذهبهم يشكل حركة مضللة ساقطة لا يمكن أن تنمو إلا لتصبح هشيما تذرة الرياح وصدق الله العظيم إذ يقول (ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً ) .
حسبنا في التدليل على سعيهم لهدم الثوابت أن نسوق قول أدونيس وهو أحد رموز الحداثة في العالم العربي في كتابه فن الشعر ص76: ( إن فن القصيدة أو المسرحية أو القصة التي يحتاج إليها الجمهور العربي ليست تلك التي تسلية أو تقدم له مادة استهلاكية ،وليست تلك التي تسايره في حياتة الجادة ،وإنما هي التي تعارض هذه الحياة .أي تصدمه وتخرجه من سباته ،تفرغه من موروثه وتقذفه خارج نفسه , إنها التي تجابه السياسة ومؤسساتها،الدين ومؤسساته العائلة وموسساتها، التراث ومؤسساته ، وبنية المجتمع القائم ,كلها بجميع مظاهرها ومؤسساتها ،وذلك من أجل تهديمها كلها أي من أجل خلق الإنسان العربي الجديد ،يلزمنا تحطيم الموروث الثابت ،فهنا يكمن العدو الأول للثروة والإنسان ) ولا يعني التمرد على ما هو سابق وشائع في مجتمعنا إلا التمرد على الإسلام وإباحة كل شئ باسم الحرية .
فالحداثة إذاً هي مذهب فكري عقدي يسعى لتغيير الحياة ورفض الواقع والردة عن الإسلام بمفهومه الشمولي والإنسياق وراء الأهواء والنزعات الغامضة والتغريب المضلل .وليس الإنسان المسلم في هذه الحياة في صراع وتحد كما تقول الكتابات لأهل الحداثة وإنما هم الذي يتنصلون من مسؤلية الكلمة عند الضرورة ويريدون وأد الشعر العربي ويسعون إلى القضاء على الأخلاق والسلوك باسم التجريد وتجاوز كل ما هو قديم وقطع صلتهم به .
- ونستطيع أن نقرر أن الحداثين فقدوا الإنتماء لماضيهم وأصبحوا بلا هوية ولا شخصية .ويكفي هراء قول قائلهم حين عبر عن مكنونة نفسة بقوله :
لا الله أختار ولا الشيطان
كلاهما جدار(1/6)
كلاهما يغلق لي عيني
هل أبدل الجدار بالجدار
تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .(1/7)
الحزب الجمهوري في السودان
التعريف :
هو حزب سوداني أسسه محمود طه ليدعو إلى قيام حكومة فيدرالية ديمقراطية اشتراكية تحكم بالشريعة الإنسانية . ومبادئ الحزب مزيج من الأفكار الصوفية الغالية والفلسفات المختلفة مع شيء من الغموض والتعقيد المقصود بغية إخفاء كثير من الحقائق أولاً ولجذب أنظار المثقفين ثانياً .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· مؤسس هذا الحزب هو المهندس محمود طه الذي ولد عام 1911م وتخرج في جامعة الخرطوم أيام الإنجليز عندما كان اسمها ( كلية الخرطوم التذكارية ) عام 1936م.
- يمتاز بالقدرة على المجادلة والملاحاة .
- تعرض للسجن في الفترة الأخيرة من حياته ، ثم أفرج عنه بعد ذلك ، لكنه قاد نشاطاً محموماً فور خروجه من السجن معترضاً على تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان ومحرضاً الجنوبيين النصارى ضدها مما أدى إلى صدور حكم بالإعدام ضده مع أربعة من أنصاره بتهمة الزندقة ومعارضة تطبيق الشريعة الإسلامية .
- أمهل ثلاثة أيام ليتوب خلالها ، لكنه لم يتب ، وقد أعدم شنقاً صباح يوم الجمعة 27 ربيع الثاني 1405هـ الموافق 18/1/1985م وعلى مرأى من أتباعه الأربعة وهم :
1) تاج الدين عبد الرزاق 35 سنة ، العامل بإحدى شركات صناعة النسيج .
2) خالد بكير حمزة 22 سنة طالب بجامعة القاهرة - فرع الخرطوم .
3) محمد صالح بشير 36 سنة مستخدم بشركة الجزيرة للتجارة .
4) عبد اللطيف عمر 51 سنة صحفي بجريدة الصحافة . وقد أعلنوا جميعاً توبتهم بعد يومين وأنقذوا بذلك رقابهم من حبل المشنقة .
الأفكار والمعتقدات :
· لهذه الحركة أفكار ومعتقدات شاذة تنبو عن الحس الإسلامي وقد حدد زعيمهم الأهداف التي يسعون إليها بما يلي :
- إيجاد الفرد البشري الحر " الذي يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول " .
- إقامة ما يسمى بالمجتمع الصالح " وهو المجتمع الذي يقوم على المساواة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ".(1/1)
- المساواة الاقتصادية : وهي تبدأ بالاشتراكية وتتطور نحو الشيوعية ( عندما كان لها طنين ورنين وقبل سقوطها الأخير ) ولا ندري ماذا كان سيقول أتباعه بعد سقوط الشيوعية .
- المساواة السياسية : وهي تبدأ بالديمقراطية النيابية المباشرة وتنتهي بالحرية الفردية المطلقة ، حيث يكون لكل فرد شريعته الفردية ( وهذا منتهى الفوضى ) .
- المساواة الاجتماعية : حيث تمحى فوارق الطبقة واللون والعنصر والعقيدة .
- محاربة الخوف .. " والخوف من حيث هو الأب الشرعي كل آفات الأخلاق ومعايب السلوك ( ويعنى هنا مخافة الله ) ولن تتم كمالات الرجولة للرجل وهو خائف ، ولا تتم كمالات الأنوثة للأنثى وهي خائفة في أي مستوى من الخوف وفي أي لون من ألوانه ، فالكمال والسلامة من الخوف " رسالة الصلاة ، ص62 .
· نشأ الدين - حسب زعمهم - من الخوف حيث يقول : " ولما كان الإنسان الأول قد وجد نفسه في البيئة الطبيعية التي خلقه الله فيها محاطاً بالعداوات من جميع أقطاره فإنه قد سار في طريق الفكر والعمل من أجل الاحتفاظ بحياته ، وقد هداه الله بعقله وقلبه إلى تقسيم القوى التي تحيط به إلى أصدقاء وإلى أعداء ،ثم قسم الأعداء إلى أعداء يطيقهم وتنالهم قدرته ، وإلى أعداء يفوقون طوقه ويعجزون قدرته .. فأما الأعداء الذين يطيقهم وتنالهم قدرته مثل الحيوان المفترس والإنسان العدو فقد عمد في أمرهم إلى المنازلة والمصارعة ، وأما الأعداء الكبار والأصدقاء فقد هدته حيلته إلى التزلف إليهم بتقريب القرابين وبإظهار الخضوع وبالتملق ، فأما الأصدقاء فبدافع من الرجاء وأما الأعداء فبدافع من الخوف ، وبدأت من يومئذ مراسيم العبادة ونشأ الدين " رسالة الصلاة ص 31 .
· وسيلتة إلى تحقيق هذه الأهداف تكون بالعمل على قيام حكومة في السودان ذات نظام جمهوري فيدرالي اشتراكي .
· زعم أنه تلقى رسالة عن الله كفاحاً بدون واسطة .(1/2)
· زعم بأن الدين هو الصدأ والدنس ، وقد قام في ظل الأوهام والخرافات والأباطيل التي صحبت علمنا بالله وبحقائق الأشياء وبما يمليه علينا الواجب نحو أنفسنا ونحو الله ونحو الجماعة .
· يقول بأن مستوى شريعة الأصول هو مستوى الرسالة الثانية من الإسلام وهي الرسالة التي وظف حياته للتبشير بها والدعوة إليها .
· يزعم أن محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الإنسان في سائر أمته إذ كانت له شريعة خاصة قامت على أصول الإسلام وكانت شريعة أمته تقوم على الفروع .
· يشير إلى أن الشيوعية تختلف عن الاشتراكية اختلاف مقدار ، فكأن الاشتراكية إنما هي طور مرحلي نحو الشيوعية ، ولقد عاش المعصوم يعني الرسول صلى الله عليه وسلم ، الشيوعية في قمتها ، كما يذكر ذلك في كتابه الرسالة الثانية ص 147 .
· كان الجمهوريون يحرضون على خروج الأخوات الجمهوريات في تشييع الجنائز ، وإذا اضطروا للصلاة فإن المرأة الجمهورية هي التي تؤذن في حضور الرجال .
· لا يولمون للزواج الجمهوري ، ولا يضحون في مناسبة عيد الأضحى ، مخالفة للسنة .
· الشهادتان : يقول زعيمهم في كتاب الرسالة الثانية ص 164-165 :" فهو حين يدخل من مدخل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يجاهد ليرقى باتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى فيها عن الشهادة ،ولا يرى إلا الشاهد هو المشهود ، وعندئذ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحاً بغير حجاب " قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " .
· الصلاة : الصلاة بالمعنى القريب : هي الصلاة الشرعية ذات الحركات المعروفة ،والصلاة بالمعنى البعيد : هي الصلة مع الله بلا واسطة ، أو هي صلاة الأصالة .
· يرون بأن التكليف في مرحلة من المراحل يسقط عن الإنسان لاكتمال صلاحه ، إذ لا داعي للعبادة حينذاك . على نحو ما يقول غلاة الصوفية .(1/3)
· يقول مؤسس الحزب :" ... ويومئذ لا يكون العبد مسيراً ، إنما مخير قد أطاع الله حتى أطاعه الله معارضة لفعله ، فيكون حياً حياة الله ، وقادراً قدرة الله ، ومريداً إرادة الله ، ويكون الله " - تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً - هذا هو مذهب الصوفية في وحدة الوجود .
· يقول رئيسهم : إن جبريل تخلف عن النبي ، وسار المعصوم بلا واسطة لحضرة الشهود الذاتي ، لأن الشهود الذاتي لا يتم بواسطة .. والنبي الذي هو جبريلنا نحن يرقى بنا إلى سدرة منتهى كل منا ، ويقف هناك كما وقف جبريل حتى يتم اللقاء بين العابد المجرد وبين الله بلا واسطة ،فيأخذ كل عابد مجرد ، من الأمة الإسلامية المقبلة شريعتة الفردية بلا واسطة فتكون له شهادته ، وتكون له صلاة وصيامه وزكاته وحجه ويكون في كل أولئك أصيلاً .
· هناك أشياء لا يعتبرونها أصلاً من الإسلام كالزكاة والحجاب والتعدد .
· يرى زعيمهم " بأن اللطائف تخرج من الكثائف ، وعلى هذه القاعدة المطردة فإن الإنجيل قد خرج من التوراة كما ستخرج أمة المسلمين من المؤمنين ، كما ستخرج الرسالة الأحمدية ( أي الجمهورية ) من الرسالة المحمدية ، كما سيخرج الإخوان من الأصحاب " .
· يقول محمود طه عن القرآن الكريم : " القرآن موسيقى علوية ،هو يعلمك كل شيء ولا يعلمك شيئاً بعينه ، هو ينبه قوى الإحساس ويشحذ أدوات الحس ثم يخلي بينك وبين عالم المادة لتدركه على أسلوبك الخاص ، هذا هو القرآن ".
· له رأي خاص في معنى التوحيد :
- الشرك لديه : " هو الكبت الذي انقسمت به النفس الإنسانية إلى عقل واع وعقل باطن بينهما تضاد وتعارض ".
- يبين مفهوم التوحيد من وجهة نظره بقوله : " ولا يكون الفكر مسدداً ولا مستقيماً إلا إذا أصاب نقطة التقاء الضدين العقل الواعي والباطن - هذا هو التوحيد ".
· يقول عن الإسلام : " الإسلام في أصوله يحتوي شريعة الإنسان ، لكنه في فروعه لا يزال يحوي بعض السمات الملطفة من قانون الغابة ".(1/4)
· يعتقدون بأن الذين كانوا حول النبي هم أصحابه ، أما الأتباع الذين يتبعون الدعوة الجمهورية فهم الإخوة معتمدين في ذلك على الحديث الذي رواه ابن ماجه في كتاب الزهد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لوددنا أنا قد رأينا إخواننا . قالوا : يا رسول الله أولسنا إخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي ،وإخواني الذين يأتون من بعدي ،وأنا فرطكم على الحوض .. " .
· يقول : " .. وحين يكون إنجاب الذرية هو نتيجة العلاقة الجنسية بيننا - فإن انفعال العبودية للربوبية يرفع الحجب التي أنستنا النفس التي هي أصلنا - نفس الله تبارك وتعالى - وحين يتم اللقاء بين هذين الزوجين الذات الإلهية والإنسان الكامل ( الجمهوري والجمهورية ) ينبث العلم اللدني في فيض يغمر العبد الصالح من جميع أقطاره ، ومن هذا العلم اللدني يوضع رجال ونساء ".
- ويذكر قائلاً : " فهذا الوضع بين الذات الإلهية والإنسانية الكامل - انفعال العبودية بالربوبيه - هو الذي جاء منه بين الرجال والنساء انفعال الأنوثة بالذكورة ، هو ما يسمى بالعلاقة الجنسية ".
- يقول أيضاً : " انفعال الأنوثة بالذكورة ، وهو ما يسمى عندنا بالعلاقة الجنسية ، وتكون ثمرتها المباشرة تعميق الحياة واجتنابها ووصلها بالله بغير حجاب ، وهذه هي ذروة اللذة ".
· ويقول في ذات الكتاب :" وليس لله تعالى صورة فيكونها ولا نهاية فييلغها ، وإنما حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين بتحديد حياة فكره وحياة شعوره في كل لحظة ،وإلى ذلك تهدف العبادة ".
الجذور الفكرية والعقدية :
· لقد جاءت أفكار هذا الحزب مزيجاً مشوشاً مضطرباً من أديان وآراء ومذاهب كثيرة حديثة وقديمة :
- فقد اعتمد مؤسس هذا الحزب على آراء محي الدين بن عربي في كتابه فصوص الحكم مما حمل بعض النقاد على الاعتقاد بأنهم حركة صوفية باطنية ، يضاف إلى ذلك أنهم يطلقون البخور ويرقصون في الشوارع على الأنغام الإيقاعية في حلقات الذكر الجمهوري .(1/5)
- يصدر في كثير من آرائه عن فرويد ، وداروين .
- لعله متأثر بالنصرانية من خلال مناقشتة لفكرة الإنسان الكامل الذي سيحاسب الناس بدلاً عن الله . وقد أخذ أفكاره من كتاب الإنسان الكامل لمؤلفه عبد الكريم الجبلي .
- اعتمد على الأفكار هم مع البهائية والقاديانية .
- على الرغم مما سبق فإنه يصدر كتبه بالآيات القرآنية وبالأحاديث النبوية مستدلاً بهما فيما يدعو إليه ، لكن ذلك لا يضفي عليها صفة الإسلام قط بل الحقيقة أنها لون من ألوان الردة .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· نشأ هذا الحزب وترعرع في السودان ، وأنصاره بلغوا بضع عشرات من الألوف ، لكن عددهم انحسر وتقلص كثيراً جداً وذلك عقب إعدام زعيمهم ،فيهم نسبة لا بأس بها من المثقفين الذين خلا فكرهم من الثقافة الإسلامية الدينية ، ومن المتوقع أن ينقرض هذا الحزب تماماً نتيجة لانتشار الصحوة الإسلامية في السودان .
ويتضح مما سبق :
أن الحزب الجمهوري في السودان حزب منحرف عن الإسلام عمد مؤسسه إلى إفراغ المصطلحات الإسلامية من مدلولاتها الشرعية ووظف حياته لهدم الإسلام وتحريف أصوله وسلك طريقاً ينأى بأتباعه عن الدين الصحيح بتلبيس الحق بالباطل مستفيداً من أفكاره ومستعيناً بمصادر أخرى غير إسلامية من الفلسفات الإغريقية وتابع غلاة الصوفية في المناداة بوحدة الوجود وألبسها طابعاً علمياً لتجد سبيلها إلى نفوس الشباب وبعض المنبهرين ببريق العلم ، وانتهى أمره بأن غالى فيه أتباعه واعتقدوه المسيح المنتظر وأقرهم على ذلك ولم يعترض عليه . ولقد أراح الله المجتمع السوداني من شروره بعد أن استفحل أمره وأنقذ بإعدامه آلاف الشباب الأغرار وأنصاف المثقفين من فتنته .(1/6)
الخمينية
التعريف :
جاء الخميني بآراء وأفكار خاصة فرضها على الحكومة الإيرانية والتزم بها الشيعة - في إيران على الأقل - والبعض لم يلتزم بها خارج إيران...مما دعانا إلى إطلاق الخمينية على بدعته هذه ، وقد يكون هذا العنوان مستغرباً ولكنه الواقع الذي فرض نفسه .
الأفكار والمعتقدات :
· من بين الأفكار التي جاء بها الخميني ولم يسبقه فيها أحد من أئمة المذهب الإمامي ، فتعتبر من اجتهاده ، وقد تضمنها الدستور الإيراني ما يلي :
· ولاية الفقيه : وتستند هذه الفكرة التي نادى بها الخميني على أساس الاعتقاد بأن الفقيه الذي اجتمعت له الكفاءة العلمية وصفة العدالة يتمتع بولاية عامة وسلطة مطلقة على شؤون العباد والبلاد باعتباره الوصي على شؤونهم في غيبة الإمام المنتظر . وهذه الفكرة لم يقل بها علماء المذهب المحدثين ولا القدماء ، إذ أنهم خصوا الفقيه العادل الذي بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق بالولاية الخاصة . وقد استدلوا جميعاً بدليلين هما :
- الأول : عدم وجود دليل قطعي مستفاد من آثار الأئمة المعصومين ومروياتهم يدل على وجوب طاعة الفقيه طاعة مطلقة في دائرتي الأحكام الخاصة والعامة سواء بسواء .
- الثاني : إن إثبات الولاية العامة للفقيه ينتهي لا محالة إلى التسوية بينه وبين الإمام المعصوم ، وهذا مالا تؤيده حجة من عقل أو نقل .
- فإن منح الفقيه حق الولاية العامة يؤدي منطقياً إلى رفع منزلته إلى مقام الإمام المعصوم ما ادعاه الخميني لنفسه بدعوى ( استمرارية الإمامة و القيادة ) العامة في غيبة المهدي . ومما يترتب على القول بولاية الفقيه :
الاستبداد واحتكار السلطة والتشريع والفقه وفهم الأحكام بحيث يصبح الحاكم معصوماً عن الخطأ ، ولا أحد من الأمة يخطئه في أمر من الأمور ، ولا يعترض عليه ولو كان مجلساً للشورى .(1/1)
· ادعاء الخميني بأن الأنبياء والرسل لم يكملوا رسالات السماء ، ولم ينجحوا في إرساء قواعد العدالة في العالم وأن الشخص الذي سينجح في نشر العدل الكامل بين الناس هو المهدي المنتظر .
- وقد قال الخميني بهذا الإدعاء في ذكرى مولد الإمام المهدي ، وهو أحد أئمة الشيعة ، في الخامس عشر من شعبان 1400هـ .
- ويعد قوله هذا منافياً لكل ما قررته العقيدة الإسلامية ، وفيه إنكار لتعاليم الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، وهو المصلح الأعظم للبشرية جمعاء حيث أرسل بأكمل الرسالات وأتمها كما قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) .
· يقول الخميني في بيان منزلة الأئمة : فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون .
- يقول : " والأئمة الذين لا نتصور فيهم السهو أو الغلة " .
- ويقول : " ومن ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل " .
- وأن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها واتباعها .
وهو بهذا يرفع الأئمة إلى مقام فوق مقام البشر والعياذ بالله .
· الولاء والبراء عند الشيعة بشكل عام هو : الولاء للأئمة والبراء من أعدائهم وأعداء الأئمة في اعتقادهم جيل الصحابة رضي الله عنهم ، والخميني يجعل السجود موضع دعاء التولي والتبري وصيغته : " الإسلام ديني ومحمد نبي وعلي والحسن والحسين . ( يعدهم لآخرهم ) أئمتي ، بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرى " وهناك آراء وأفكار لدى الشيعة عامة قال بها الخميني ، وأعاد صياغتها في الدستور الإيراني وفي كتبه التي نشرها .
· مصادر التلقي : عنده هي مصادر الشيعة عامة وأهمها الكتب الأربعة الآتية :
- كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني الرازي ويعد كصحيح البخاري عند أهل السنة .(1/2)
- من لا يحضره الفقيه ، لمحدثهم محمد بن علي بن بابويه الرازي .
- تهذيب الأحكام ، لشيخ الطائفة ابن الحسن الطوسي المتوفي سنة 460هـ بالنجف .
- الاستبصار ، للطوسي نفسه .
والخميني يعتمد هذه الكتب الأربعة ويعرض عن كل كتب السنة المعتمدة .
· التقية : وهي من أصول المذهب الشيعي يقول عنها الخميني : " هذه التقية التي كانت تتخذ لحفظ المذهب من الاندراس لا لحفظ النفس خاصة " .
· الجهاد الإسلامي معطل في حال غياب الإمام .
· موقف الخميني من الصحابة ، وهو موقف الشيعة عامة .
· وكذلك موقفه من الخلافة الإسلامية ، إذ يرى أن الإسلام لم يتمثل إلا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد علي رضي الله عنه .
· يوثق الخميني الملاحدة أمثال نصير الدين الطوسي 597-672هـ وزير هولاكو الذي دمر بغداد وقضى على الخلافة الإسلامية .
· الاحتفال بعيد النيروز - الفارسي الأصل - إذ يجعل الغسل فيه مستحب والصوم فيه مشروع .
· وللخميني في كتاب تحرير الوسيلة آراء فقهيه خاصة به وبالشيعة عامة ليس لها سند من السنة الصحيحة .. منها :
- طهارة ماء الاستنجاء .
- من مبطلات الصلاة وضع اليد على الأخرى .
- الطهارة ليست شرطاً في كل موضع الصلاة بل في موضع السجود فقط .
- جواز وطء الزوجة في دبرها .
- جواز الجمع بين المرأة وخالتها .
الجذور الفكرية والعقائدية :
مذهب الشيعة الإمامية أو الجعفرية هو لأساس الفكري للخمينية ومن كتب الشيعة كون الخميني فكره .. وقد ظل متعصباً لمذهبه حتى آخر حياته .
ويتضح مما سبق :(1/3)
أن الخمينية تقيم فلسفتها جملة وتفصيلاً على قراءة منحرفة قوامها التلفيق والتدليس لكل تاريخ المسلمين ، فتأتي على رموزه وكبار مؤسسيه هدماً وتشويهاً وتمويهاً ، وتعمد إلى إفساد العقيدة وطمس معالم الإسلام وتشويه مقاصده النبيلة ، باسم التعصب لأهل البيت ، وتصرح بما يخرج عن ملة الإسلام ، مثل ادعائهم نقض القرآن وتغييره وجهرهم بالسوء في حق الصحابة ، ومخالفتهم الإجماع بإباحتهم نكاح المتعة وجعلهم المذهبية مادة في دستور إيران ، وتحالفاتهم الإستراتيجية المرفوضة وغير ذلك من صور التآمر على واقع الإسلام والمسلمين .(1/4)
الإباضية
التعريف :
الإباضية إحدى فرق الخوارج ، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض التميمي ، ويدعي أصحابها أنهم ليسوا خوارج ، وينفون عن أنفسهم هذه النسبة ، والحقيقة أنهم ليسوا من غلاة الخوارج كالأزارقة مثلاً ، لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها : أن عبد الله بن إباض يعتبر نفسه امتداداً للمحكمة الأولى من الخوارج ، كما يتفقون مع الخوارج في تعطيل الصفات والقول بخلق القرآن وتجويز الخروج على أئمة الجور .
أبرز الشخصيات :
¨ مؤسسها الأول عبد الله بن إباض من بني مرة بن عبيد بن تميم ، ويرجع نسبه إلى إباض وهي قرية العارض باليمامة ، وعبد الله عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان .
¨ يذكر الإباضية أن أبرز شخصياتهم جابر بن زيد (22-93ه) الذي يعد من أوائل المشتغلين بتدوين الحديث آخذاً العلم عن عبد الله بن عباس وعائشة و أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهم من كبار الصحابة ، مع أن جابر قد تبرأ منهم .
¨ أبو عبيدة مسلمة بن أبي كريمة : من أشهر تلاميذ جابر بن زيد ، وقد أصبح مرجع الإباضية بعده مشتهراً بلقب القفاف توفي في ولاية أبي جعفر المنصور 158ه .
¨ الربيع بن حبيب الفراهيدي الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة وينسبون له مسنداً خاصاً به مسند الربيع بن حبيب وهو مطبوع ومتداول .
¨ من أئمتهم في الشمال الإفريقي أيام الدولة العباسية : الإمام الحارث بن تليد ، ثم أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري ، ثم أبو حاتم بعقوب بن حبيب ثم حاتم الملزوزي .
¨ ومنهم الأئمة الذين تعاقبوا على الدولة الرستمية في تاهرت بالمغرب : عبد الرحمن ، عبد الوهاب ، أفلح ، أبو بكر ، أبو اليقظان ، أبو حاتم .
¨ من علمائهم :
- سلمة ين سعد : قام بنشر مذهبهم في أفريقيا في أوائل القرن الثاني .
- ابن مقطير الجناوني : تلقى علومه في البصرة وعاد إلى موطنه في جبل نفوسه بليبيا ليسهم في نشر المذهب الإباضي .(1/1)
- عبد الجبار بن قيس المرادي : كان قاضياً أيام إمامهم الحارث بن تليد .
- السمح أبو طالب : من علمائهم في النصف الثاني في القرن الثاني للهجرة ، كان وزيراً للإمام عبد الوهاب بن رستم ثم عاملاً له على جبل نفوسه ونواحيه بليبيا .
- أبو ذر أبان بن وسيم : من علمائهم في النصف الأول من القرن الثالث للهجرة ، وكان عاملاً للإمام أفلح بن عبد الوهاب على حيز طرابلس .
أهم العقائد :
· يظهر من خلال كتبهم تعطيل الصفات الإلهية ، وهم يلتقون إلى حد بعيد مع المعتزلة في تأويل الصفات ، ولكنهم يدعون أنهم ينطلقون في ذلك من منطلق عقدي ، حيث يذهبون إلى تأويل الصفة تأويلاً مجازياً بما يفيد المعنى دون أن يؤدي ذلك إلى التشبيه ، ولكن كلمة الحق في هذا الصدد تبقى دائماً مع أهل السنة والجماعة المتبعين للدليل ، من حيث إثبات الأسماء والصفات العليا لله تعالى كما أثبتها لنفسه ، بلا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل .
· ينكرون رؤية الله تعالى في الآخرة .
· يؤولون بعض مسائل الآخرة تأويلاً مجازياً كالميزان والصراط .
· أفعال الإنسان خلق من الله واكتساب من الإنسان ، وهم بذلك يقفون موقفاً وسطاً بين القدرية والجبرية .
· صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنها هي عين ذاته .
· القرآن لديهم مخلوق ، وقد وافقوا الخوارج في ذلك ، يقول الأشعري في مقالات الإسلاميين (والخوارج جميعاً يقولون بخلق القرآن) .
· مرتكب الكبيرة عندهم كافر كفر نعمة أو كفر نفاق .
· الناس في نظرهم ثلاثة أصناف :
- مؤمنون أوفياء بإيمانهم .
- مشركون واضحون في شركهم .(1/2)
- قوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد ، وهم كذلك ليسوا بمؤمنين لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان ، فهم إذن مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك .
· للدار وحكمها عند محدثي الإباضية صور متعددة ، ولكن محدثيهم يتفقون مع القدامى في أن دار مخالفيهم من أهل الإسلام هي دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي .
· يعتقدون بأن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والخيل وكل ما فيه من قوة الحرب حلال وما سواه حرام .
· مرتكب الكبيرة كافر ولا يمكن في حال معصيته وإصراره عليها أن يدخل الجنة إذا لم يتب منها ، فإن الله لا يغفر الكبائر لمرتكبيها إلا إذا تابوا منها قبل الموت .
· الذي يرتكب كبيرة من الكبائر يطلقون عليه لفظة (كافر) زاعمين بأن هذا كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملة ، بينما يطلق عليه أهل السنة والجماعة كلمة العصيان أو الفسوق ، ومن مات على ذلك – في اعتقاد أهل السنة – فهو في مشيئة الله ، إن شاء غفر له بكرمه وإن شاء عذبه بعدله حتى يطهُر من عصيانه ثم ينتقل إلى الجنة ، أما الإباضية فيقولون بأن العاصي مخلد في النار . وهي بذلك تتفق مع بقية الخوارج والمعتزلة في تخليد العصاة في جهنم .
· ينكرون الشفاعة لعصاة الموحدين ، لأن العصاة – عندهم – مخلدون في النار فلا شفاعة لهم حتى يخرجوا من النار .
· ينفون شرط القرشية في الإمام إذ أن كل مسلم صالح لها، إذا ما توفرت فيه الشروط، والإمام الذي ينحرف ينبغي خلعه وتولية غيره .
· يتهجم بعضهم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعلى معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم .(1/3)
· الإمامة بالوصية باطلة في مذهبهم ، ولا يكون اختيار الإمام إلا عن طريق البيعة ، كما يجوز تعدد الأئمة في أكثر من مكان .
· لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر ولا يمنعونه ، وإنما يجيزونه ، فإذا كانت الظروف مواتية والمضار فيه قليلة فإن هذا الجواز يميل إلى الوجوب ، وإذا كانت الظروف غير مواتية والمضار المتوقعة كثيرة والنتائج غير مؤكدة فإن هذا الجواز يميل إلى المنع . ومع كل هذا فإن الخروج لا يمنع في أي حال ، والشراء (أي الكتمان) مرغوب فيه على جميع الأحوال ما دام الحاكم ظالماً .
· يرون أن الجد للأب أولي بالحضانة من الجدة للأم خلافاً لأكثر المذاهب ، ويرون أن الجد يمنع الإخوة من الميراث بينما ترى بعض المذاهب الأخرى أن يقتسموا معه .
· لا يجوز لديهم أن يدعوا شخص لآخر بخير الجنة وما يتعلق بها إلا إذا كان مسلماً موفياً بدينه مستحقاً الولاية بسبب طاعته ، أما الدعاء بخير الدنيا وبما يحول الإنسان من أهل الدنيا إلى أهل الآخرة فهو جائزٌ لكل أحد من المسلمين تقاة وعصاة .
· لديهم نظام أسمه (حلقة العزابة) وهي هيئة محدودة العدد تمثل خيرة أهل البلد علماً وصلاحاً وتقوم بالإشراف الكامل على شؤون المجتمع الإباضي الدينية والتعليمية والإجتماعية والسياسية كما تمثل مجلس الشورى في زمن الظهور الدفاع ، أما في زمن الشراء والكتمان فإنها تقوم بعمل الإمام وتمثله في مهامه .
· لديهم منظمة اسمها (ايروان) تمثل المجلس الإستشاري المساعد للعزابة وهي القوة الثانية في البلد بعدها .
· يشكلون من بينهم لجاناً تقوم على جمع الزكاة وتوزيعها على الفقراء ، كما تمنع منعاً باتاً طلب الزكاة أو الإستجداء وما إلى ذلك من صور إنتظار العطاء .
- انشق عن الإباضية عدد من الفرق التي اندثرت وهي :
- الحفصية : أصحاب حفص بن أبي المقدام .
- الحارثية : أصحاب الحارث الإباضي .(1/4)
- اليزيدية : أصحاب يزيد بن أنيسة : الذي زعم أن الله سيبعث رسولاً من العجم ، وينزل عليه كتاباً من السماء ، ومن ثم ترك شريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
الجذور العقائدية :
· الإباضيون يعتمدون على القرآن والسنة – مسند الربيع بن حبيب – والرأي والإجماع.
· ولقد تأثروا بمذهب أهل الظاهر ، إذا أنهم يقفون عند بعض النصوص الدينية موقفاً حرفياً ويفسرونها تفسيراً ظاهرياً .
· وتأثروا كذلك بالمعتزلة في قولهم بخلق القرآن .
· ولكن منهم من استند في كتاباته الفقهية إلى آراء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة دون تحامل.
· ويعتبر كتاب النيل وشفاء العليل – الذي شرحه الشيخ محمد بن يوسف إطفيش المتوفي سنة 1332ه - من أشهر مراجعهم . جمع فيه فقه المذهب الإباضي وعقائده .
أماكن الانتشار :
· كانت لهم صولة وجولة في جنوبي الجزيرة العربية حتى وصلوا إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ، أما في الشمال الإفريقي فقد انتشر مذهبهم بين البربر وكانت لهم دولة عرفت باسم الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت .
· حكموا الشمال الإفريقي حكماً متصلاً مستقلاً زهاء مائة وثلاثين سنة حتى أزالهم الفاطميون (العبيديون) .
· قامت للإباضية دولة مستقلة في عُمان وتعاقب على الحكم فيها إلى العصر الحديث أئمة إباضيون .
· من حواضرهم التاريخية جبل نفوسة بليبيا ، إذ كان معقلاً لهم ينشرون منه المذهب الإباضي ، ومنه يديرون شؤون الفرقة الإباضية .
ما زال لهم تواجد إلى وقتنا الحاضر في كل من عُمان بنسبة مرتفعة وليبيا وتونس والجزائر وفي واحات الصحراء الغربية وفي زنجبار التي ضمت إلى تانجانيقا تحت اسم تنزانيا.(1/5)
الدروز
التعريف :
هي فرقة باطنية تؤلِّه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ، أخذت جل عقائدها من الإسماعيلية، وهي تنتسب إلى نشتكين الدرزي، نشأت في مصر لكنها لم تلبث أن هاجرت إلى الشام، عقائدها خليط من عدة أديان وأفكار، كما أنها تؤمن بسرية أفكارها، فلا تنشرها على الناس، ولا تعلمها لأبنائها إلا إذا بلغوا سن الأربعين .
أبرز الشخصيات :
· محور العقدية الدرزية هو الخليفة الفاطمي : أبو علي المنصور بن العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي الملقب بالحاكم بأمر الله ولد سنة 375هـ وقتل سنة 411هـ، كان شاذاً في فكره وسلوكه وتصرفاته، شديد القسوة والتناقض والحقد على الناس، أكثر من القتل والتعذيب دون أسباب تدعو إلى ذلك .
· المؤسس الفعلي لهذه العقيدة هو : حمزة بن علي بن محمد الزوزني وهو الذي أعلن سنة 408ـه أن روح الإله قد حلت في الحاكم ودعا إلى ذلك وألف كتب العقائد الدرزية .
· محمد بن إسماعيل الدرزي : المعروف بنشتكين، كان مع حمزة في تأسيس عقائد الدروز إلا أنه تسرع في إعلان ألوهية الحاكم سنة 407 هـ مما أغضب حمزة عليه وأثار الناس ضده حيث فر إلى الشام وهناك دعا إلى مذهبه وظهرت الفرقة الدرزية التي ارتبطت باسمه على الرغم من أنهم يلعنونه لأنه خرج عن تعاليم حمزة الذي دبر لقتله سنة 411 هـ .
· الحسين بن حيدرة الفرغاني المعروف بالأخرم أو الأجدع : وهو المبشر بدعوة حمزة بين الناس .
· بهاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد السموقي المعروف بالضيف :كان له أكبر الأثر في انتشار المذهب وقت غياب حمزة سنة 411هـ . وقد ألف كثيراً من نشراتهم مثل : رسالة التنبيه والتأنيب والتوبيخ ورسالة التعنيف والتهجين وغيرها . وهو الذي أغلق باب الإجتهاد في المذهب حرصاً على بقاء الأصول التي وضعها هو وحمزة والتميمي .
· أبو إبراهيم إسماعيل بن حامد التميمي : صهر حمزة وساعده الأيمن في الدعوة وهو الذي يليه في المرتبة .(1/1)
· ومن الزعماء المعاصرين لهذه الفرقة :
_ كمال جنبلاط : زعيم سياسي لبناني أسس الحزب التقدمي الأشتراكي وقتل سنة 1977م.
_ وليد جنبلاط : وهو زعيمهم الحالي وخليفة والده في زعامة الدروز وقيادة الحزب .
_ د. نجيب العسراوي : رئيس الرابطة الدرزية بالبرازيل .
_ عدنان بشير رشيد : رئيس الرابطة الدرزية في استراليا .
_ سامي مكارم : الذي ساهم مع كمال جنبلاط في عدة تآليف في الدفاع عن الدروز .
· الناس في الدرزية على درجات ثلاث :
_ العقل : وهم طبقة رجال الدين الدارسين له والحفاظ عليه . وهم ثلاثة أقسام : رؤساء أو عقلاء أو أجاويد ، ويسمى رئيسهم شيخ العقل .
_ الأجاويد : وهم الذين اطلعوا على تعاليم الدين والتزموا بها .
_ الجهال : وهم عامة الناس .
أهم العقائد :
· يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله ولما مات قالوا بغيبته وانه سيرجع .
· ينكرون الأنبياء والرسل جميعاً ويلقبونهم بالأبالسة .
· يعتقدون بان المسيح هو داعيتهم حمزة .
· يبغضون جميع أهل الديانات الأخرى والمسلمين منهم بخاصة ويستبيحون دماءهم وأموالهم وغشهم عند المقدرة .
· يعتقدون بأن ديانتهم نسخت كل ما قبلها وينكرون جميع أحكام وعبادات الإسلام وأصوله كلها.
· حج بعض كبار مفكريهم المعاصرين إلى الهند متظاهرين بأن عقيدتهم نابعة من حكمة الهند .
· ولا يكون الإنسان درزياً إلا إذا كتب أو تلى الميثاق الخاص .
· يقولون بتناسخ الأرواح وأن الثواب والعقاب يكون بانتقال الروح من جسد صاحبها إلى جسد أسعد أو أشقى .
· ينكرون الجنة والنار والثواب والعقاب الأخرويين .
· ينكرون القرآن الكريم ويقولون إنه من وضع سلمان الفارسي ولهم مصحف خاص بهم يسمى المنفرد بذاته .
· يرجعون عقائدهم إلى عصور متقدمة جداً ويفتخرون بالإنتساب إلى الفرعونية القديمة وإلى حكماء الهند القدامى .
· يبدأ التاريخ عندهم من سنة 408هـ وهي السنة التي أعلن فيها حمزة ألوهية الحاكم .(1/2)
· يعتقدون أن القيامة هي رجوع الحاكم الذي سيقودهم إلى هدم الكعبة وسحق المسلمين والنصارى في جميع أنحاء الأرض وأنهم سيحكمون العالم إلى الأبد ويفرضون الجزية والذل على المسلمين .
· يعتقدون أن الحاكم أرسل خمسة أنبياء هم حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء .
· يحرمون التزاوج مع غيرهم والصدقة عليهم ومساعدتهم كما يمنعون التعدد وإرجاع المطلقة .
· يحرمون البنات من الميراث .
· لا يعترفون بحرمة الأخت والأخ من الرضاعة .
· لا يقبل الدروز أحداً في دينهم ولا يسمحون لأحد بالخروج منه .
· ينقسم المجتمع الدرزي المعاصر – كما هو الحال سابقاً – من الناحية الدينية إلى قسمين :
_ الروحانيين : بيدهم أسرار الطائفة وينقسمون إلى : رؤساء وعقلاء واجاويد .
_ الجثمانيين : الذين يعتنون بالأمور الدنيوية وهم قسمان : أمراء وجهال .
· أما من الناحية الإجتماعية فلا يعترفون بالسلطات القائمة إنما يحكمهم شيخ العقل ونوابه وفق نظام الإقطاع الديني .
· يعتقدون ما يعتقده الفلاسفة من ان إلههم خلق العقل الكلي وبواسطته وجدت النفس الكلية وعنها تفرعت المخلوقات .
· يقولون في الصحابة أقوالاً منكرة منها قولهم : الفحشاء والمنكر هما ( أبو بكر وعمر ) رضي الله عنهما .
· التستر والكتمان من أصول معتقداتهم فهي ليست من باب التقية إنما هي مشروعة في أصول دينهم .
· مناطقهم خالية من المساجد ويستعيضون عنها بخلوات يجتمعون فيها ولا يسمحون لأحد بدخولها.
· لا يصومون في رمضان ولا يحجون إلى بيت الله الحرام ، وإنما يحجون إلى خلوة البياضة في بلدة حاصبية في لبنان ولا يزورون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولا بمحافظة دمشق .
· لا يتلقى الدرزي عقيدته ولا يبوحون بها إليه ولا يكون مكلفاً بتعاليمها إلا إذا بلغ سن الأربعين وهو سن العقل لديهم .(1/3)
· يصنف الدروز ضمن الفرق الباطنية لإيمانها بالتقية والقول بالباطن وبسرية العقائد .
· تؤمن بالتناسخ بمعنى أن الإنسان إذا مات فإن روحه تتقمص إنساناً آخر يولد بعد موت الأول ، فإذا مات الثاني تقمصت روحه إنساناً ثالثاً وهكذا في مراحل متتابعة للفرد الواحد .
· للأعداد خمسة وسبعة مكانة خاصة في العقيدة الدرزية .
من كتب الدروز :
_ لهم رسائل مقدسة تسمى رسائل الحكمة وعددها 111 رسالة وهي من تأليف حمزة وبهاء الدين والتميمي .
_ لهم مصحف يسمى المنفرد بذاته .
_ كتاب النقاط والدوائر وينسب إلى حمزة بن علي ويذهب بعض المؤرخين في نسبته إلى عبد الغفار تقي الدين البعقلي الذي قتل سنة 900 هـ .
_ ميثاق ولي الزمان : كتبه حمزة بن علي ، وهو الذي يؤخذ على الدرزي حين يعرف بعقيدته.
_ النقض الخفي : وهو الذي نقض فيه حمزة الشرائع كلها وخاصة أركان الإسلام الخمسة .
_ أضواء على مسلك التوحيد : د. سامي مكارم .
الجذور العقائدية :
· تأثروا بالباطنية عموماً وخاصة الباطنية اليونانية متمثلة في أرسطو وأفلاطون وأتباع فيثاغورس واعتبرهم أسيادهم الروحانيين .
· أخذوا جُل معتقداتهم عن الطائفة الإسماعيلية .
· تأثروا بالدهريين في قولهم بالحياة الأبدية .
· وقد تأثروا بالبوذية في كثير من الأفكار والمعتقدات ، كما تأثروا ببعض فلسفة الفرس والهند والفراعنة القدامى .
أماكن الإنتشار :
· يعيش الدروز اليوم في لبنان وسوريا وفلسطين .
· غالبيتهم العظمى في لبنان ونسبة كبيرة من الموجودين منهم في فلسطين المحتلة قد أخذوا الجنسية الإسرائلية وبعضهم يعمل في الجيش الإسرائيلي .
· توجد لهم رابطة في البرازيل ورابطة في استراليا وغيرهما .
· نفوذهم في لبنان الآن قوي جداً تحت زعامة وليد جنبلاط ويمثلهم الحزب الإشتراكي التقدمي ولهم دور كبير في الحرب اللبنانية وعداوتهم للمسلمين لا تخفى على أحد .(1/4)
· ويبلغ عدد المنتمين إليها حوالي 250 ألف نسمة موزعين بين سوريا 121 ألفاً ، ولبنان 90 ألفاً والباقي في فلسطين وبعض دول المهجر .(1/5)
الديوبندية
التعريف :
تنسب الديوبندية إلى جامعة ديوبند - دار العلوم في الهند .
فهي مدرسة فكرية عميقة الجذور طبعت كل خريج منها بطابعها العلمي الخاص ، حتى أصبح ينسب إليها .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· أسس جامعة ديوبند مجموعة من علماء الهند بعد أن قضى الإنجليز على الثورة الإسلامية في الهند عام 1857م فكان تأسيسها ردً قوي ، لوقف الزحف الغربي ومدنيته المادية على شبه القارة الهندية لإنقاذ المسلمين من مخاطر هذه الظروف ، خاصة وأن دلهي العاصمة قد خربت بعد الثورة ، وسيطر عليها الإنجليز سيطرة كاملة ، وخاف العلماء أن يبتلع دينهم ، فأخذ الشيخ إمداد الله المهاجر المكي وتلميذه الشيخ محمد قاسم الناناتووي وأصحابهم برسم الخطط للمحافظة على الإسلام وتعاليمه . فرأوا أن الحل بإقامة المدارس الدينية ، والمراكز الإسلامية . وهكذا أسست المدرسة الإسلامية العربية بديوبند كمركز للدين والشريعة في الهند في عصر حكومة الإنجليز .
- وقد بدأت دار العلوم بمدرسة دينية صغيرة بقرية ديوبند تأسست في 15 محرم 1283هـ الموافق 30 أيار ( مايو ) 1866م ، ثم أصبحت من أكبر المعاهد الدينية العربية في شبه القارة الهندية .
- وفي عام 1291هـ تم إنشاء البناء الخاص بالجامعة ، بعد بقائها تسع سنوات بدون بناء وكانت الدروس في ساحة المسجد الصغير وفي الهواء الطلق .
ومن أبرز شخصيات هذه المدرسة الفكرية :(1/1)
· الشيخ محمد قاسم ولد بناتوته سنة 1248هـ ورحل إلى سهارنبور في صغر سنه وقرأ المختصرات على الشيخ محمد نواز الهارنبوري . ثم سافر إلى دهلي وقرأ على الشيخ مملوك على انانوني سائر الكتب الدراسية ، وأخذ الحديث على الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي ، وأخذ الطريقة عن الشيخ الحاج إمداد الله العمري التهانوي المهاجر المكي ، وكان ممن قام ضد الاستعمار البريطاني في الثورة المشهورة سنة 1273هـ . وفي 15 محرم 1273هـ أسس مدرسة دار العلوم بديوبند وتحمل مسؤلية إدارتها وشاركة في تربية طلابها رفيقة الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي . وقد لخص هدفها في رده على اللورد ميكالي الإنجليزي بقوله : " إن غرضنا من التعليم هو إيجاد جيل يكون بلونه وعنصره هندياً ، يتنور قلبه وعقله بنور الإسلام ، وتموج نفسه بالعواطف الإسلامية ، ثقافة وحضارة وسياسة " .
وذلك رداً على قول اللورد ميكالي " إن الفرصة من خطتنا التعليمية هو إنشاء جيل من الهند ، يكون هندي النسل واللون ، وأوربي الفكر والذهن ".
· الشيخ أحمد الكنكوهي : أحد أعلام الحنفية وأئمتهم في الفقه والتصوف قرأ على كبار مشايخ عصره حتى برع وفاق أقرانه في المنقول والمعقول واستفاد منه خلق كثير . وهو أحد الذين بايعوا الشيخ إمداد الله المهاجر المكي على الطريقة . وكان زميلاً للشيخ محمد قاسم الناناتوي . وله مؤلفات عديدة منها مجموع فتاواه في عدة مجلدات ، توفي عام 1323هـ .(1/2)
· الشيخ حسين أحمد المدني والملقب بشيخ الإسلام : ولد في التاسع عشر من شوال سنة 1296هـ وتلقى مبادئ العلوم في تانده من مديرية فيض آباد الهند وطن أبائه . وفي سنة 1309هـ سافر إلى دار العلوم الديوبندية وفيها تعلم الحديث عن الشيخ محمود حسن الديوبندي الذي لازمه مدة طويلة وكذلك تلقى من الشيخ خليل أحمد السهارنفوري ، وبايع على الطريقة على يد الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي الذي أجازه على البيعة والإرشاد والتلقين . ولا شك أن هذا السلوك سلوك مبتدع لم يعرفه السلف الصالح .
- سافر إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ، بصحبة والده أيام الحرب العالمية فأسره ولاة الأمر - الشريف حسين بعد خروجهم على الدولة العثمانية - وتم ترحيله بصحبة شيخه محمد حسن الديوبندي إلى مصر ثم إلى مالطا أسرى لمدة ثلاثة سنين وشهرين . وفي عام 1338هـ أفرج عنه ثم عاد إلى الهند وقام بتدريس الحديث وإلقاء المحاضرات والخطب الحماسية ضد الإستعمار الإنجليزي فتم القبض عليه مرة أخرى في جماد الآخرة 1361هـ وسجن لمدة سنتين وعدة أشهر في سجن مراد آباد وسجن إله آباد إلى أن أطلق سراحه في السادس من رمضان 1363هـ . استمر في جهاده بالتعليم ومناهضة الإستعمار إلى أن وافاه الأجل في الثالث عشر من جماد الأولي سنة 1377هـ . من مؤلفاته : نقش حيات في مجلدين ، وكتاب الشهاب الثاقب على المسترق الكاذب .
· محمد أنور شاه الكشميري : أحد كبار فقهاء الحنفية وأساطين مذهبهم تخرج في جامعة ديوبندي وولي التدريس في المدرسة الأمينية بدلهي ، ثم شغل مشيخة الحديث في جامعة ديوبند . في عام 1246هـ تولى رئاسة التدريس وشياخة الحديث فيها إلى جامعة دابهيل كجرات وله مؤلفات عديدة . ويعد من أبرز علماء عصره في قوة الحفظ وسعة الاطلاع . وكان أحد الذين لعبوا دوراً هاماً في القضاء على فتنة القاديانية في شبه القارة الهندية . توفي عام 1352هـ .
· ومن أعلام الديوبندية الحديثة :(1/3)
_ الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي ، رئيس جامعة ندوة العلماء في لكنهو ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ... وهو عالم داعية طبقت شهرته آفاق العالم الإسلامي .
· والشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي - سبقت ترجمته في مبحث المذهبية - .
الأفكار والمعتقدات :
· ترجع الديوبندية مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الفقه والفروع ومذهب أبي منصور الماتريدي في الاعتقاد والأصول ، وتنتسب من طرق الصوفية إلى طرق النقشبندية الجشيتية والقادرية السهروردية طريقاً وسلوكاً .
· ويمكن تلخيص أفكار ومبادئ المدرسة الديوبندية بما يلي :
- المحافظة على التعاليم الإسلامية ، والإبقاء على شوكة الإسلام وشعائره .
- نشر الثقافة الإسلامية ومحاربة الثقافة الإنجليزية الغازية .
- الاهتمام بنشر اللغة العربية ، لأنها وسيلة الاستفادة من مناهج من منابع الشريعة الإسلامية .
- الجمع بين القلب والعقل وبين العلم والروحانية .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· القرآن والسنة أساسها العقائدي والفكري وذلك على أساس :
- مذهب أبي منصور الماتريدي في الاعتقاد .
- مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان في الفقه والفروع .
- سلاسل الطرق الصوفية من النقشبندية والجشتية والقادرية والسهروردية في السلوك والاتباع .
الانتشار وموقع النفوذ :
· لم تمض سوى فترة قصيرة على تأسيس دار العلوم بديوبند حتى اشتهرت وتقاطرت إليها قوافل طلاب العلوم الإسلامية من أطراف القارة الهندية .
· وقد لعبت دار العلوم دوراً هاماً في نشر الثقافة الإسلامية خارج الهند ، وقد انتشرت المدارس الشرعية التابعة لدار العلوم في أقطار عديدة منها الهند وباكستان .(1/4)
· وقد أسس أحد متخرجي دار العلوم المدرسة الصولتية في مكة المكرمة في بداية هذا القرن . وهي المدرسة التي قدمت خدمة جليلة من نشر العلوم الشرعية ، وكذلك المدرسة الشرعية في المدينة المنورة - بجوار الحرم المدني وقد أسستها أسرة الشيخ حسين أحمد المدني رئيس هيئة التدريس في دار العلوم سابقاً الذي ظل سبع عشرة سنة يدرس في الحرم النبوي بعد هجرته إلى المدينة أثناء الاضطرابات في الهند .
· ومعلوم أن أغلب رجال جماعة التبليغ المشهورة في الهند والعالم الإسلامي ، هم من خريجي دار العلوم مثل الشيخ محمد يوسف مؤلف كتاب حياة الصحابة والشيخ محمد إلياس مؤسس الجماعة .
· بالنسبة لندوة العلماء في لكنهو بالهند فإن أغلب علمائها من خريجي دار العلوم أيضاً ، ومنهم رئيسها الحالي العلامة الداعية أبو الحسن الندوي .
ويتضح مما سبق :
إن الديوبندية مدرسة فكرية أسسها مجموعة من علماء الهند ونمت حتى أصبحت أكبر المعاهد الدينية العربية للأحناف في الهند . ومن أعلامها المعاصرين الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي . ومن أهداف هذه المدرسة المحافظة على التعاليم الإسلامية ونشر الإسلام ومقاومة المذاهب الهدامة ومحاربة الثقافة الأجنبية والاهتمام بنشر اللغة العربية باعتبارها أداة فهم الشريعة الغراء . وترجع الديوبندية المذهب الحنفي في مجال الفقه والعقيدة الماتريدية في مجال الاعتقاد والطرق الجشتية والسهوردية والنقشبندية والقادرية والصوفية في مجال السلوك والاتباع .(1/5)
الرأسمالية
التعريف :
الرأسمالية نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية ، يقوم على أساس إشباع حاجات الإنسان الضرورية والكمالية ، وتنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها ، متوسعاً في مفهوم الحرية ، معتمداً على سياسة فصل الدين عن الحياة : ولقد ذاق العالم بسببه ويلات كثيرة نتيجة إصراره على كون المنفعة واللذة هما أقصى ما يمكن تحقيقه من السعادة للإنسان . وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتدخلها السياسي والاجتماعي والثقافي وترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· كانت أوروبا محكومة بنظام الإمبراطورية التي ورثها النظام الإقطاعي .
· لقد ظهرت ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر الطبقة البورجوازية تالية لمرحلة الإقطاع ومتداخلة معها .
· تلت مرحلة البورجوازية مرحلة الرأسمالية وذلك منذ بداية القرن السادس عشر ولكن بشكل متدرج .
· فقد ظهرت أولاً الدعوة إلى الحرية وكذلك الدعوة إلى إنشاء القوميات اللادينية .
· ظهر المذهب الحر ( الطبيعي ) في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في فرنسا حيث ظهر الطبيعيون ومن أشهر دعاة هذا المذهب :
- فرنسوا كنز 1694-1778م ولد في فرساي بفرنسا ، وعمل طبيباً في بلاط لويس الخامس عشر ، لكنه اهتم بالاقتصاد وأسس المذهب الطبيعي ، فلقد نشر في سنة 1756 مقالين عن الفلاحين وعن الجنوب ، ثم أصدر في سنة 1758م الجدول الاقتصادي وشبه فيه تداول المال داخل الجماعة بالدورة الدموية . وقد قال ميرابو حينذاك عن هذا الجدول بأنه : " يوجد في العالم ثلاثة اختراعات عظيمة هي الكتابة والنقود والجدول الاقتصادي " .
- جون لوك 1632-1704م صاغ النظرية الطبيعية الحرة حيث يقول عن الملكية الفردية : " وهذه الملكية حق من حقوق الطبيعة وغريزة تنشأ مع نشأة الإنسان ، فليس لأحد أن يعارض هذه الغريزة ".
- ومن ممثلي هذا الاتجاه أيضاً تورجو وميرابو وجان باتست ساي .(1/1)
· ظهر بعد ذلك المذهب الكلاسيكي الذي تبلورت أفكاره على أيدي عدد من المفكرين من أبرزهم :
- آدم سميث 1723-1790م وهو أشهر الكلاسيكيين على الإطلاق ، ولد في مدينة كيركالدي في اسكوتلنده ، ودرس الفلسفة ، وكان أستاذاً لعلم المنطق في جامعة جلاسجو . سافر إلى فرنسا سنة 1766م والتقى هناك بأصحاب المذهب الحر . وفي سنة 1776م أصدر كتابه بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم هذا الكتاب الذي قال عنه أحد النقاد وهو أدمون برك : " إنه أعظم مؤلف خطه قلم إنسان ".
- دافيد ريكاردو 1772-1823م قام بشرح قوانين توزيع الدخل في الاقتصاد الرأسمالي ، وله النظرية المعروفة باسم قانون تناقص الغلة ويقال بأنه كان ذا اتجاه فلسفي ممتزج بالدوافع الأخلاقية لقوله :" إن أي عمل يعتبر منافياً للأخلاق ما لم يصدر عن شعور بالمحبة للآخرين ".
- جون استيوارت مل 1806-1873م يعد حلقة اتصال بين المذهب حول البطالة والتشغيل وقد تجاوزت غيرها من النظريات إذ يرجع إليه الفضل في تحيق التشغيل الكامل للقوة العاملة في المجتمع الرأسمالي . وقد ذكر نظريته هذه ضمن كتابه النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود الذي نشره سنة 1936م .
- دافيد هيوم 1711-1776م صاحب نظرية النفعية التي وضعها بشكل متكامل والتي تقول بأن " الملكية الخاصة تقليد اتبعه الناس وينبغي عليهم أن يتبعوه لأن في ذلك منفعتهم ".
- أدمون برك من المدافعين عن الملكية الخاصة على أساس النظرية التاريخية أو نظرية تقادم الملكية .
الأفكار والمعتقدات :
· أسس الرأسمالية :
- البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب إلا ما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلاً .
- تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها واطرادها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن .(1/2)
- المنافسة والمزاحمة في الأسواق .
- نظام حرية الأسعار وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب ، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها .
· اشكال رأسمالية :
- الرأسمالية التجارية التي ظهرت في القرن السادس عشر إثر إزالة الإقطاع ، إذ أخذ التاجر يقوم بنقل المنتجات من مكان إلى آخر حسب طلب السوق فكان بذلك وسيطاً بين المنتج والمستهلك .
- الرأسمالية الصناعية التي ساعد على ظهورها الصناعة وظهور الآلة البخارية التي اخترعها جيمس وات سنة 1770م والمغزل الآلي سنة 1785م مما أدى إلى قيام الثورة الصناعية في إنجلترا أولاً وفي أوروبا عامة إبان القرن التاسع عشر .
وهذه الرأسمالية الصناعية تقوم على أساس الفصل بين رأس المال وبين العامل ، أي بين الإنسان وبين الآلة .
- نظام الكارتل الذي يعني اتفاق الشركات الكبيرة على اقتسام اقتسام السوق العالمية فيما بينها مما يعطيها فرصة احتكار هذه الأسواق وابتزاز الأهالي بحرية تامة . وقد انتشر هذا المذهب في ألمانيا واليابان .
- نظام الترست والذي يعني تكون شركة من الشركات المتنافسة لتكون أقدر في الإنتاج وأقوى في التحكم والسيطرة على السوق .
أفكار معتقدات أخرى :
· إن المذهب الطبيعي الذي هو أساس الرأسمالية إنما يدعو إلى أمور منها :
- الحياة الاقتصادية تخضع لنظام طبيعي ليس من وضع أحد حيث يحقق بهذه الصفة نمواً للحياة وتقدماً تلقائياً لها.
- إنه يدعو إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وأن تقصر مهمتها على حماية الأفراد والأموال والمحافظة على الأمن والدفاع عن البلاد .
- الحرية الاقتصادية لكل فرد حيث إن له الحق في ممارسة واختيار العمل الذي يلائمه وقد عبروا عن ذلك بالمبدأ المشهور : " دعه يعمل دعه يمر " .(1/3)
- إن إيمان الرأسمالية بالحرية الواسعة أدى إلى فوضى في الاعتقاد وفي السلوك مما تولد عنه هذه الصراعات الغربية التي تجتاح العالم معبرة عن الضياع الفكري والخواء الروحي .
- إن انخفاض الأجور وشدة الطلب على الأيدي العاملة دفع الأسرة لأن يعمل كل أفرادها مما أدى إلى تفكك عرى الأسرة وانحلال الروابط الاجتماعية فيما بينها .
- من أهم آراء آدم سميث أن نمو الحياة الاقتصادية وتقدمها وازدهارها إنما يتوقف على الحية الاقتصادية ، وتتمثل هذه الحرية في نظره بما يلي :
- الحرية الفردية التي تتيح للإنسان حرية اختيار عمله الذي يتفق مع استعداداته ويحقق له الدخل المطلوب .
- يرى الرأسماليون بأن الحرية ضرورية للفرد من أجل تحقيق التوافق بينه وبين المجتمع ، ولأنها قوة دافعة للإنتاج ، لكونها حقاً إنسانياً يعبر عن الكرامة البشرية .
· عيوب الرأسمالية :
الرأسمالية نظام وضعي يقف على المساواة مع الشيوعية وغيرها من النظم التي وضعها البشر بعيداً عن منهج الله الذي ارتضاه لعباده ولخلقه من بني الإنسان ، ومن عيوبها :
- الأنانية : حيث يتحكم فرد أو أفراد قلائل بالأسواق تحقيقاً لمصالحهم الذاتية دون تقدير لحاجة المجتمع أو احترام للمصلحة العامة .
- الاحتكار : إذ يقوم الشخص الرأسمالي باحتكار البضائع وتخزينها حتى إذا ما فقدت من الأسواق نزل بها ليبيعها بسعر مضاعف يبتز به المستهلكين الضعفاء .
- لقد تطرفت الرأسمالية في تضخم شأن الملكية الفردية كما تطرفت الشيوعية في إلغاء هذه الملكية . ...
- المزاحمة والمنافسة : إن بنية الرأسمالية تجعل الحياة ميدان سباق مسعور إذ يتنافس في سبيل إحراز الغلبة ، وتتحول الحياة عندها إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف ، وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إفلاس المصانع والشركات بين عشية وضحاها .(1/4)
- ابتزاز الأيدي العاملة : ذلك أن الرأسمالية تجعل الأيدي العاملة سلعة خاضعة لمفهومي العرض والطلب مما يجعل العامل معرضاً في كل لحظة لأن يستبدل به غيره ممن يأخذ أجراً أقل أو يؤدي عملاً أكثر أو خدمة أفضل .
- البطالة : وهي ظاهرة مألوفة في المجتمع الرأسمالي وتكون شديدة البروز إذا كان الإنتاج أكثر من الاستهلاك مما يدفع بصاحب العمل إلى الاستغناء عن الزيادة في هذه الأيدي التي تثقل كاهله .
- الحياة المحمومة : وذلك نتيجة للصراع بين طبقتين إحداهما مبتزة يهمها جمع المال من كل السبل وأخرى محروقة تبحث عن المقومات الأساسية لحياتها ، دون أن يشملها شيء من التراحم والتعاطف المتبادل .
- الاستعمار : ذلك أن الرأسمالية بدافع البحث عن المواد الأولية ، وبدافع البحث عن أسواق جديدة لتسويق المنتجات تدخل في غمار استعمار الشعوب والأمم استعماراً اقتصادياً أولاً وفكرياً وسياسياً وثقافياً ، وذلك فضلاً عن استرقاق الشعوب وتسخير الأيدي العاملة فيها لمصلحتها .
- الحروب والتدمير: فلقد شهدت البشرية ألواناً عجيبة من القتل والتدمير وذلك نتيجة طبيعية للاستعمار الذي يعتمدون على مبدأ الديمقراطية في السياسة والحكم ، وكثيراً ما تجنح الديمقراطية مع الأهواء بعيدة عن الحق والعدل والصواب وكثيراً ما تستخدم لصالح طائفة الرأسماليين أو من يسمون أيضاَ (أصحاب المكانة العالية).
- إن النظام الرأسمالي يقوم على أساس ربوي ، ومعروف أن الربا هو جوهر العلل التي يعاني منها العالم أجمع .
- إن الرأسمالية تنظر إلى الإنسان على أنه كائن مادي وتتعامل معه بعيداً عن ميوله الروحية والأخلاقية ، داعية إلى الفصل بين الاقتصاد وبين الأخلاق .
- تعمد الرأسمالية إلى حرق البضائع الفائضة ، أو تقذفها في البحر خوفاً من أن تتدنى الأسعار لكثرة العرض ، وبينما هي تقدم على هذا الأمر تكون كثير من الشعوب أشد معاناة وشكوى من المجاعات التي تجتاحها .(1/5)
- يقوم الرأسماليون بإنتاج المواد الكمالية ويقيمون الدعايات الهائلة لها دونما التفات إلى الجاجات الأساسية للمجتمع ذلك أنهم يفتشون عن الربح والمكسب أولاً وآخراً .
- يقوم الرأسمالي في أحيان كثيرة بطرد العامل عندما يكبر دون حفظ لشيخوخته إلا أن أمراً كهذا أخذت تخف حدته في الآونة الأخيرة بسبب الإصلاحات التي طرأت على الرأسمالية والقوانين والتشريعات التي سنتها الأمم لتنظيم العلاقة بين صاحب رأس المال والعامل .
· الإصلاحات التي طرأت على الرأسمالية :
- كانت إنجلترا حتى سنة 1875م من أكبر البلاد الرأسمالية تقدماً . ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت كل من الولايات المتحدة وألمانيا ، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت اليابان .
- في عام 1932م باشرت الدولة تدخلها بشكل أكبر في إنجلترا ، وفي الولايات المتحدة زاد تدخل الدولة ابتداء من سنة 1933م ، وفي ألمانيا بدءاً من العهد الهتلري وذلك لأجل المحافظة على استمرارية النظام الرأسمالي .
- لقد تمثل تدخل الدولة في المواصلات والتعليم ورعاية حقوق المواطنين وسن القوانين ذات الصبغة الاجتماعية ، كالضمان الاجتماعي والشيخوخة والبطالة والعجز والرعاية الصحية وتحسين الخدمات ورفع مستوى المعيشة .
- لقد توجهت الرأسمالية هذا التوجه الإصلاحي الجزئي بسبب ظهور العمال كقوة انتخابية في البلدان الديمقراطية وبسبب لجان حقوق الإنسان ، ولوقف المد الشيوعي الذي يتظاهر بنصرة العمال ويدعي الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· تقوم جذور الرأسمالية على شيء من فلسفة الرومان القديمة ؛ يظهر ذلك في رغبتها في امتلاك القوة وبسط النفوذ والسيطرة .
· لقد تطورت متنقلة من الإقطاع إلى البروجوازية إلى الرأسمالية وخلال ذلك اكتسبت أفكاراً ومبادئ مختلفة تصب في تيار التوجه نحو تعزيز الملكية الفردية والدعوة إلى الحرية .(1/6)
· قامت في الأصل على أفكار المذهب الحر والمذهب الكلاسيكي .
· إن الرأسمالية تناهض الدين متمردة على سلطان الكنيسة أولاً وعلى كل قانون أخلاقي أخيراً .
· لا يهم الرأسمالية من القوانين الأخلاقية إلا ما يحقق لها المنفعة ولاسيما الاقتصادية منها على وجه الخصوص .
· كان للأفكار والآراء التي تولدت نتيجة للثورة الصناعية في أوروبا دور بارز في تحديد ملامح الرأسمالية .
· تدعو الرأسمالية إلى الحرية وتتبنى الدفاع عنها ، لكن الحرية السياسية تحولت إلى حرية أخلاق واجتماعية ، ثم تحولت هذه بدورها إلى إباحية .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· ازدهرت الرأسمالية في إنجلترا وفرنسا وألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وفي معظم العالم الغربي.
· كثير من دول العالم تعيش في جو من التبعية إما للنظام الشيوعي وإما للنظام الرأسمالي ، وتتفاوت هذه التبعية بين التدخل المباشر وبين الاعتماد عليها في الشؤون السياسية والمواقف الدولية .
· وقف النظام الرأسمالي مثله كمثل النظام الشيوعي إلى جانب إسرائيل دعماً وتأييداً بشكل مباشر أو غير مباشر .
ويتضح مما سبق :
أن الرأسمالية مذهب مادي جشع يغفل القيم الروحية في التعامل مع المال مما يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقراً . وتعمل أمريكا الآن باعتبارها زعيمة هذا المذهب على ترقيع الرأسمالية في دول العالم الثالث بعد أن انكشف عوارها ببعض الأفكار الاشتراكية ، ومحافظة على مواقعها الاقتصادية ، وكي تبقى سوقاً للغرب الرأسمالي وعميلاً له في الإنتاج والاستهلاك والتوزيع . وما يراه البعض من أن الإسلام يقترب من نظام الاقتصادي من الرأسمالية خطأ واضح يتجاهل عدداً من الاعتبارات :
· أن الإسلام نظام رباني يشمل أفضل ما في الأديان والمذاهب من إيجابيات ويسلم مما فيها من سلبيات إذ أنه شريعة الفطرة تحلل ما يصلحها وتحرم ما يفسدها .(1/7)
· أن الإسلام وجد وطبق قبل ظهور النظم الرأسمالية والاشتراكية ، وهو نظام قائم بذاته ، والرأسمالية تنادي بإبعاد الدين عن الحياة ، وهو أمر مخالف لفطرة الإنسان ، كما تزن أقدار الناس بم يملكون من مال ، والناس في الإسلام يتفاضلون بالتقوى .
· ترى الرأسمالية أن الخمر والمخدرات تلبي حاجات بعض أفراد المجتمع ، وكذلك الأمر بالنسبة لخدمات راقصة البالية ، وممثلة المسرح ، وأندية المرأة ، ومن ثم تسمح بها دون اعتبار لما تسببه من فساد ، وهي أمور لا يقرها الضمير الإسلامي . وفي سبيل تنمية رأس المال تسلك كل الطرق دونما وازع أخلاقي مانع فالغاية عندهم دائماً تبرر الوسيلة .
· النواحي الاقتصادية في الإسلام مقيدة بالشرع وما أباحه أو حرمه ولا يصح أن نعتبر الأشياء نافعة لمجرد وجود من يرغب في شرائها بصرف النظر عن حقيقتها واستعمالها من حيث الضرر أو النفع .
· القول بأن الندرة النسبية هي أصل المشكلة الاقتصادية قول مخالف للواقع فالمولى سبحانه وتعالى خلق الكون والإنسان والحياة وقدر الأقوات بما يفي بحياة البشرية،وقدر الأرزاق وأمر بالتكافل بين الغني والفقير .
· أدى النظام الرأسمالي إلى مساوئ وويلات ، وأفرز ما يعانيه العالم من استعمار ومناطق نفوذ وغزو اقتصادي ووضع معظم ثروات العالم في أيدي الاحتكارات الرأسمالية وديون تراكمية .(1/8)
الزيدية
التعريف :
تعتبر الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة حيث يتصف مذهبهم بالإبتعاد عن غلو الإثنا عشرية وباقي الشيعة ، كما أن نسبتها ترجع إلى مؤسسها زيد بن علي زين العابدين الذي صاغ نظرية شيعية متميزة في السياسة والحكم ، وقد جاهد من أجلها وقتل في سبيلها ، وكان يرى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً ولم يقل أحد منهم بتكفير أحد من الصحابة ومن مذهبهم جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· ترجع الزيدية إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهما ( 80-122هـ/698-740م ) ، قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبد الملك ، فقد دفعه أهل الكوفة لهذا الخروج ثم ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهما ، بل يترضى عنهما ، فاضطر لمقابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فارس حيث أصيب بسهم في جبهته أدى إلى وفاته عام 122هـ .
- تنقل في البلاد الشامية والعراقية باحثاً عن العلم أولاً وعن حق أهل البيت في الإمامة ثانياً ، فقد كان تقياً ورعاً عالماً فاضلاً مخلصاً شجاعاً وسيماً مهيباً ملماً بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- تلقى العلم والرواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر الذي يعد أحد الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية .
- اتصل بواصل بن عطاء رأس المعتزلة وتدارس معه العلوم ، فتأثر به وبأفكاره التي نقل بعضها إلى الفكر الزيدي ، وإن كان هناك من ينكر وقوع هذا التتلمذ ، وهناك من يؤكد وقوع الإتصال دون التأثر .
- تتلمذ عليه أبو حنيفة النعمان وأخذ عنه العلم .(1/1)
- بصرف النظر عن رأي يشكك ، فإن من مؤلفاته كتاب المجموع في الحديث ، و كتاب المجموع في الفقه ، وهما كتاب واحد اسمه المجموع الكبير ، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمر خالد الواسطي الهاشمي الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة .
· أما ابنه يحيى بن زيد فقد خاض المعارك مع والده ، لكنه تمكن من الفرار إلى خراسان حيث
لاحقته سيوف الأمويين فقتل هناك سنة 125هـ .
· فوض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم .
- خرج محمد بن عبد الله الحسن بن علي ( المعروف بالنفس الزكية ) بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان .
- وخرج من بعده أخوه إبراهيم بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من المنصور .
· أحمد بن عيسى بن زيد - حفيد مؤسس الزيدية - أقام بالعراق ، وأخذ عن تلاميذ أبي حنيفة فكان ممن أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره .
· من علماء الزيدية القاسم بن إبراهيم المرسي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ( 170-242هـ ) تشكلت له طائفة زيدية عرفت باسم القاسمية .
· جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم ( 245-298هـ ) الذي عقدت له الإمامة باليمن فكان ممن حارب القرامطة فيها ، كما تشكلت له فرقة زيدية عرفت باسم الهادوية منتشرة في اليمن والحجاز وما والاها .
· ظهر للزيدية في بلاد الديلم وجيلان إمام حسيني هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر باسم الأطروش ، فقد هاجر هذا الإمام إلى هناك داعياً إلى الإسلام على مقتضى المذهب الزيدي فدخل فيه خلق كثير صاروا زيديين ابتداء .
· ومنهم الداعي الآخر صاحب طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنهما والذي تكونت له دولة زيدية جنوب بحر الخزر سنة 250هـ .(1/2)
· وقد عرف من أئمتهم محمد بن إبراهيم بن طباطبا ، الذي بعث بدعاته إلى الحجاز ومصر واليمن والبصرة . ومن شخصياتهم البارزة كذلك مقاتل بن سليمان ، ومحمد بن نصر . منهم أبو الفضل بن العميد والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بويه .
· استطاعت الزيدية في اليمن استرداد السلطة من الأتراك إذ قاد الإمام يحيى بن منصور بن حميد الدين ثورة ضد الأتراك عام 1322هـ وأسس دولة زيدية استمرت حتى سبتمبر عام 1962م حيث قامت الثورة اليمنية وانتهى بذلك حكم الزيود ولكن لا زال اليمن معقل الزيود ومركز ثقلهم .
· خرجت عن الزيدية ثلاث فرق طعن بعضها في الشيخين ، كما مال بعضها عن القول بإمامة المفضول ، وهذه الفرق هي :
- الجارودية : أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد .
- الصالحية : أصحاب الحسن بن صالح بن حي .
- البترية : أصحاب كثير النوي الأبتر .
- الفرقتان الصالحية والبترية متفقتان ومتماثلتان في الآراء .
- هذه الفرق بجملتها لم يعد لها مكانة بارزة عند الزيدية المعاصرة .
الأفكار والمعتقدات :
· يجيزون الإمامة في كل أولاد فاطمة ، سواء أكانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين - رضي الله عنهما .
- الإمامة لديهم ليست بالنص ، إذ لا يشترط فيها أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق ، بمعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة ، فمن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإمامة كان أهلاً لها .
- يجوز لديهم وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفين .
- تقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل إذ لا يشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعاً بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التي يدلي برأيه فيها .(1/3)
· معظم الزيدية المعاصرين يقرون خلافة أبي بكر وعمر ، ولا يلعنونهما كما تفعل فرق الشيعة ، بل يترضون عنهما ويقرون بصحة خلافة عثمان مع مؤاخذته على بعض الأمور .
· يميلون إلى الإعتزال فيما يتعلق بذات الله ، والإختيار في الأعمال . ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منزلة بين المنزلتين كما تقول المعتزلة .
· يرفضون التصوف رفضاً قاطعاً .
· يخالفون الشيعة في زواج المتعة ويستنكرونه .
· يتفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر .
· هم متفقون مع أهل السنة بشكل كامل في العبادات والفرائض سوى اختلافات قليلة في الفروع مثل :
- قولهم " حي على خير العمل " في الأذان على الطريقة الشيعية .
- صلاة الجنازة لديهم خمس تكبيرات .
- يرسلون أيديهم في الصلاة .
- صلاة العيد تصح فرادى وجماعة .
- يعدون صلاة التروايح جماعة بدعة .
- يرفضون الصلاة خلف الفاجر .
- فروض الوضوء عشرة بدلاً من أربعة عند أهل السنة .
· باب الإجتهاد مفتوح لكل من يريد الإجتهاد ، ومن عجز عن ذلك قلد ، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم .
· يقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم الجائر ولا تجب طاعته .
· لا يقولون بعصمة الأئمة عن الأخطاء , كما لا يغالون في رفع أئمتهم علىغرار ما تفعله معظم فرق الشيعة الأخرى .
- لكن بعض المنتسبين للزيدية قرروا العصمة لأربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين - رضي الله نهم جميعاً .
· لا يوجد عندهم مهدي منتظر .
· يستنكرون نظرية البداء التي قال بها المختار الثقفي ، حيث إن الزيدية تقرر أن علم الله أزلي قديم غير متغير وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ .
· قالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حراً مختاراً في طاعة الله أو عصيانه ، ففصلوا بذلك بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا وهو رأي أهل البيت من الأئمة .(1/4)
· مصادر الاستدلال عندهم كتاب الله ، ثم سنة رسول الله ، ثم القياس ومنه الاستحسان والمصالح المرسلة ، ثم يجيء بعد ذلك العقل ، فما يقر العقل صحته وحسنه يكون مطلوباً وما يقر قبحه يكون منهياً عنه .
وقد ظهر من بينهم علماء فطاحل أصبحوا من أهل السنة ، سلفيو المنهج والعقيدة أمثال : ابن الوزير وابن الأمير الشوكاني .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· يتمسكون بالعديد من القضايا التي يتمسك بها الشيعة كأحقية أهل البيت في الخلافة وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرها ، وتقليدهم ، وزكاة الخمس ، فالملامح الشيعية واضحة في مذهبهم على الرغم من اعتدالهم عن بقية فرق الشيعة .
· تأثر الزيدية بالمعتزلة فانعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جلياً في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية كبرى في الاستدلال ، إذ يجعلون له نصيباً وافراً في فهم العقائد وفي تطبيق أحكام الشريعة وفي الحكم بحسن الأشياء وقبحها فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والاختيار ومرتكب الكبيرة والخلود في النار .
· أخذ أبو حنيفة عن زيد ، كما أن حفيداً لزيد وهو أحمد بن عيسى بن زيد قد أخذ عن تلاميذ أبي حينفة في العراق ، وقد تلاقي المذهبان الحنفي السني والزيدي الشيعي في العراق أولاً ، وفي بلاد ما وراء النهر ثانياً مما جعل التأثر والتأثير متبادلاً بين الطرفين .
الانتشار وموقع النفوذ :
· قامت دولة للزيدية أسسها الحسن بن زيد سنة 250هـ في أرض الديلم وطبرستان .
· كما أن الهادي إلى الحق أقام دولة ثانية لها في اليمن في القرن الثالث الهجري .
· انتشرت الزيدية في سوالحل بلاد الخزر وبلاد الديلم وطبرستان وجيلان شرقاً وامتدت إلى الحجاز ومصر غرباً وتركزت في أرض اليمن .
ويتضح مما سبق :(1/5)
أن الزيدية من أكثر فرق الشيعة اعتدالاً بالنسبة لغيرهم من فرق الشيعة ، ولصلاتهم القديمة بالمعتزلة تأثروا بكثير من أفكارهم ومعتقداتهم إلا أن المذهب الزيدي في الفروع لا يخرج عن إطار مدارس الفقه الإسلامي ومذاهبه ، ومواطن الاختلاف بين الزيدية والسنة في مسائل الفروع لا تكاد تذكر .(1/6)
السيخية
التعريف :
السيخ : جماعة دينية من الهنود ظهروا في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلادي داعين إلى دين جديد زعموا أن فيه شيئاً من الديانتين الإسلامية والهندوسية تحت شعار " لا هندوس ولا مسلمون ". وقد عادوا المسلمين خلال تاريخهم ، وبشكل عنيف ، كما عادوا الهندوس بهدف الحصول على وطن خاص بهم ، وذلك مع الاحتفاظ بالولاء الشديد للبريطانيين خلال فترة استعمار الهند . وكلمة سيخ كلمة سنسكريتية تعني المريد أو التابع .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· كابر ، ولد من أبوين هندوسيين في بنارس ، وعرف عنه نقده لديانة آبائه الهندوسية .
- المؤسس تاناك ويدعى غورو أي المعلم ، ولد سنة 1469م في قرية ري بوي دي تلفندي التي تبعد 40 ميلاً عن لاهور ، كانت نشأته هندوسية تقليدية .
- لما شب عمل محاسباً لزعيم أفغاني في سلطانبور ، وهناك تعرف على عائلة مسلمة ماردانا كانت تخدم هذا الزعيم . وقد أخذ ينظم الأناشيد الدينية ، كما نظم مقصفاً ليتناول المسلمون والهندوس الطعام فيه .
- درس علوم الدين ، وتنقل في البلاد كما قام بزيارة مكة والمدينة ، وزار أنحاء العالم المعروفة لديه وتعلم الهندية والسنسكريتية والفارسية .
- ادعى أنه رأي الرب حيث أمره بدعوة البشر ، ثم اختفى أثناء استحمامه في أحد الجداول ، وغاب لمدة ثلاثة أيام ظهر بعدها معلناً " لا هندوس ولا مسلمون ".
- كان يدعي حب الإسلام ، مشدوداً إلى تربيته وجذوره الهندوسية من ناحية أخرى ، مما دفعه لأن يعمل على التقريب بين الديانتين فكان أن أنشأ ديناً جديداً في القارة الهندية ، وبعض الدارسين ينظرون إليه على أنه كان مسلماً في الأصل ثم ابتدع مذهبه هذا .(1/1)
- أنشأ المعبد الأول للسيخ في كارتاربور بالباكستان حالياً وقبل وفاته عام 1539م عين أحد أتباعه خليفة له ، وقد دفن في بلدة ديرة باباناك من أعمال البنجاب الهندية الآن ، ولا يزال له ثوب محفوظ فيه مكتوب عليه سورة الفاتحة وبعض السور القصيرة من القرآن .
· خلفه من بعده عشرة خلفاء معلمون آخرهم غوبند سنغ 1675-1708م الذي أعلن انتهاء سلسلة المعلمين .
· صار زعماؤهم بعد ذلك يعرفون باسم المهراجا رانجيت سنغ المتوفى سنة 1839م .
الأفكار والمعتقدات :
· خلفية فكرية :
- يدعون إلى الاعتقاد بخالق واحد ، ويقولون بتحريم عبادة الأصنام ، وينادون بالمساواة بين الناس .
- يؤكدون على وحدانية الخالق الحي الذي لا يموت ، والذي ليس له شكل ، ويتعدى أفهام البشر ، كما يستعملون عدة أسماء للإله منها واه غورو الجاب ، وأفضلها عند ناناك " الخالق الحق " وكل ما عداه وهم ( مايا ) .
- يمنعون تمثيل الإله في صورة ، ولا يقرون بعبادة الشمس والأنهار والأشجار التي يعبدها الهندوس ، كما لا يهتمون بالتطهر والحج إلى نهر الغانج ، وقد انفصلوا تدريجياً عن المجتمع الهندوسي حتى صارت لهم شخصية دينية متميزة .
- أباح ناناك الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، وقد حرم البقر مجاراة للهنادكة .
- أصول الدين لديهم خمسة بانج كهكها أي الكافات الخمس ذلك أنها تبدأ بحرف الكاف باللغة الكورمكية ، وهي :
1- ترك الشعر مرسلاً بدون قص من المهد إلى اللحد ، وذلك لمنع دخول الغرباء بينهم بقصد التجسس .
2- أن يلبس الرجل سواراُ حديدياً في معصميه بقصد التذلل والاقتداء بالدراويش .
3- أن يلبس الرجل تباناً وهو أشبه بلباس السباحة تحت السراويل رمزاَ للعفة .
4- أن يضع الرجل مشطاً صغيراً في شعر رأسه ، وذلك لتمشيط الشعر وترجيله وتهذيبه .
5- أن يتمنطق السيخي بحرية صغيرة أو خنجر على الدوام ، وذلك لإعطائه قوة واعتداداً ، وليدافع عن نفسه إذا لزم الأمر .(1/2)
6- يعتقد بأن هذه الأمور ليست من وضع ناناك بل هي من وضع الخليفة العاشر غوبند سنغ الذي حرم أيضاً التدخين على أتباعه ، ويقصد بهذه الأمور التميز عن جميع الناس .
- معلمو السيخ ينكرون المعجزات والقصص والخرافات ذات الأساطير ، إلا أنه على الرغم من ذلك فقد خلد السيخ معابد لهم غور دوار مبنية على قصص تتحدث عن معجزات وقعت .
- للمعلم ويسمى عندهم غورو درجة دينية تأتي بعد مرحلة الرب ، فهو الذي يدل - في نظرهم - على الحق والصدق ، كما أنهم يتعبدون الإله بإنشاد الأناشيد الدينية التي نظمها المعلمون .
- يعتقدون بأن ترديد أسماء الإله الناما يطهر المرء من الذنوب ويقضي على مصادر الشر في النفوس ، وإنشاد الأناشيد كيرتا والتأمل بتوجيه من معلم غورو كل هذا يؤدي إلى الاتصال بالإله .
- يعتقدون بأن روح كل واحد من المعلمين تنتقل منه إلى المعلم التالي له .
- هناك بعض التنبؤات واسمها ساوساكي المائة قصة والمنسوبة إلى المعلم غوبند سنغ والتي تدور حول الانقلابات في الحكم القائم ومجيء مخلص ينشر السيخية في جميع أنحاء العالم .
- يؤمنون بولادة الإنسان وموته ثم إعادة ولادته كارما بحيث تتقرر حياة الإنسان المستقبلية على ضوء حياته السابقة ، ويتوقف خلاصه على هذه المرحلة .
- أن توجيه المعلم غورو أساسي للوصول إلى مرحلة الانعتاق موكا .
- يقدسون العدد خمسة الذي له معنى صوفي في أرض البنجاب أي الأنهار الخمسة .
- الخلافات الدينية يحلها مجلس ديني يعقد في أمرتيسار وقرارات هذا المجلس لها قوة روحية .
- ليس لديهم طبقة دينية مشابهة للبراهمية الهندوس ، إذ إنهم - عموماً - يرفضون مبدأ الطبقات الهندوسي كما يعارضون احتكار طبقة البراهمة للتعاليم الدينية .
- يقسمون أنفسهم على أساس عرقي .. منهم الجات ( قبائل زراعية ) وغير الجات ، والمذاهبي ، وهم المنبوذون ، لكن وضعهم أفضل بكثير من وضع المنبوذين لدى الهندوس .
- يتزوجون من زوجة واحدة فقط .(1/3)
- أعياد السيخ هي نفس أعياد الهندوس الشمال في الهند بالإضافة إلى عيد مولد أول وآخر غورو وعيد ذكرى استشهاد الغورو الخامس والتاسع .
· خالصادال ( الباختا ) :
- تعرض السيخ لا ضطهاد الغول الذين أعدموا اثنين من معلميهم ، وقد كان أشد المغول عليهم نادر شاه 1738-1839م الذي هاجمهم مما اضطرهم إلى اللجوء إلى الجبال والشعاب .
- قام غوبند سنغ وهو المعلم العاشر بإنشاء منظمة الباختا أي خالصادال التي سمى رجالها " أسوداً " ونساءها " لبؤات " .
- هدف شباب السيخ أن يصبحوا مؤهلين لأن يكونوا من رجال الخالصادال ويطلعوا على تعاليمها.
- إن الخالصادال مجموعة من الشباب الذين يرتبطون بنظام سلوكي ديني قاس ، حيث ينصرفون إلى الصلاة والقتال من أجل الحق والعدل الذي يعتقدون به ممتنعين عن المخدرات والمسكرات والتبغ .
- صاروا بعد عام 1761م حكاماً للبنجاب وذلك بعد ضعف المغول ، حيث احتلوا لاهور عام 1799م .وفي عام 1819م امتدت دولتهم إلى بلاد الباتان ، وقد وصلت إلى ممر خيبر في عهد المهراجا رانجيت سنغ ت1839م متغلبين على الأفغان .
- عندما وصل الإنجليز حصلت مصادمات بينهم وبين السيخ واضطروهم لأن يتراجعوا ويتوقفوا عند نهر سوتلج واعتبار ذلك حدوداً لدولة السيخ من الناحية الجنوبية الشرقية .
- انكسروا بعد ذلك وتراجعوا أكثر ، وأجبرهم البريطانيون على دفع غرامة كبيرة وتسليم جاموا وكشمير ، كما عينوا في لاهور مقيماً بريطانياً يدير مملكة السيخ .
- صاروا بعد ذلك شديدي الولاء للإنجليز ، بل ساعدوهم على احتلال النبجاب .
- تحول السيخ إلى أداة في أيدي الإنجليز يضطهدون بهم حركات التمرد 1857م .
- حصلوا من الإنجليز على امتيازات كثيرة ، منها منحهم أراض زراعية وإيصال الماء إليها عبر قنوات مما جعلهم في رخاء مادي يمتازون به عن جميع المقيمين في المنطقة .
- في الحرب العالمية الأولي كانوا يشكلون أكثر من 20% من الجيش الهندي البريطاني .(1/4)
- انضموا إلى حركة غاندي في طلب الحرية وذلك إثر قيام مشكلات بينهم وبين الإنجليز .
- بعد عام 1947 م صاروا مقسمين بين دولتين : الهند و الباكستان ، ثم اضطر مليونان ونصف المليون منهم لأن يغادروا باكستان إلى الهند إثر صدامات بينهم وبين المسلمين .
- ألغت الحكومة الهندية الامتيازات التي حصل عليها السيخ من الإنجليز مما دفعهم إلى المطالبة بولاية البنجاب وطناً لهم .
- على إثر المصادمات المستمرة بين الهندوس والسيخ أمرت أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند في شهر يونيو 1984م باقتحام المعبد الذهبي في أمرتيسار حيث اشتبك الطرفان وقتل فيه حوالي 1500 شخص من السيخ و 500 شخص من الجيش الهندي .
- وفي يوم 31 أكتوبر 1984 م أقدم السيخ على قتل رئسية الوزراء هذه انتقاماً لاقتحام المعبد ، وقد حصلت مصادمات بين الطرفين عقب الاغتيال قتل بسببها عدة آلاف من السيخ يقدرهم بعضهم بحوالي خمسة آلاف شخص .
- اشتهر السيخ خلال حكمهم بالعسف والظلم والجور والغلظة على المسلمين من مثل منعهم من أداء الفرائض الدينية والأذان وبناء المساجد في القرى التي يكونون فيها أكثرية وذلك فضلاً عن المصادمات المسلحة بينهما والتي يقتل فيها كثير من المسلمين الأبرياء .
كتبهم :
- كتاب آدي غرانت وهو مجموعة أناشيد دينية ألفها المعلمون الخمسة الأوائل وتبلغ نحوا من 6000 نشيد ديني ، كما ضم إليها المعلم الأخير غوبند سنغ 115 نشيداً نظمها أبوه تيغ بهادور كما تحتوي على أناشيد نظمها شيوخ من الخالصادال الباختا وبعض رجال الصوفية المسلمين من مثل ابن الفارض على وجه الخصوص وبعض شعراء بلاط غورو ، وهذا الكتاب هو الكتاب المقدس الذي يعتبر أساس السلطة الروحية لديهم .
- أقدم مصدر عن حياة ناناك كتب بعد وفاته بخمسين إلى ثمانين عاماً ، ومعظم علماء السيخ يرفضون عدداً من القصص الواردة فيه .
- هناك كتابات تاريخية سيخية ترجع إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .(1/5)
- كتاب راحت ناما يحتوي على تقاليد الخالصادال وتعاليمهم .
- لهم كتاب مقدس مكتوب باللغة الكورمكية يسمونه كرانته صاحب .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· ترجع حركتهم في الأصل إلى ظهور حركة فيسنافا باختي التي بدأت بالظهور بين الهندوس في منطقة التاميل ، ووصلت إلى الشمال على يد رامانوجا 1050-1137م .
· وفي القرنين الرابع عشر والخامس عشر وبعد الإحتكاك بالمسلمين ، انتشرت هذه الحركة في سهل الغانج .
· لذا يقال بأن ناناك 1469-1538م لم يكن الأول في مذهبه السيخي هذا ، وإنما سبقه إليه شخص آخر صوفي اسمه كابير 1440-1518م درس الدين الإسلامي والهندوكي وكان حركة اتصال بين الدينين إذ أراد أن يؤلف بينهما عن طريق التوجيه والتأمل الصوفي .
· كان كابير هذا يتساهل في قبول كثير من العقائد الهندوكية ويضمها إلى الإسلام شريطة بقاء التوحيد أساساً ، لكنه لم يفلح إذ انقرض مذهبه بموته مخلفاً مجموعة أشعار باللغة البنجابية تظهر تمازج العقيدتين المختلفتين الهندوسية والإسلامية مرتبطتين برباط صوفي يجمع بينهما .
· أصل نظريتهم عن الكون مستمدة من النصوص الهندوسية .
· أنهم يحرقون موتاهم كالهندوس .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· لهم بلد مقدس يعقدون فيه اجتماعاتهم المهمة ، وهي مدينة أمرتيسار من أعمال البنجاب وقد دخلت عند التقسيم في أرض الهند .
· هناك أربعة عروش تتمتع بالقداسة عقل تخت وهي في أمرتيسار ، وأناندبور ، وباتنا ، وباندد .
· لهم في مدينة أمر تيسار أكبر معبد يحجون إليه ويسمى دربار صاحب أي مركز ديوان السيد الملك ، وأما سائر المعابد فتسمى كرو داوره أي مركز الأستاذ .(1/6)
· أكثرية السيخ وهم الأقلية الثالثة بعد الإسلام والمسيحية تقطن النبجاب إذ يعيش فيه 85% منهم ، فيما تجد الباقي في ولاية هاريانا ،وفي دلهي ، وفي أنحاء متفرقة من الهند ، وقد استقر بعضهم في ماليزيا وسنغافورة وشرق إفريقيا وإنجلترا والولايات المتحدة وكندا ، ورحل بعضهم إلى دول الخليج العربي بقصد العمل .
· لهم لجنة تجتمع كل عام منذ سنة 1908م ، تنشئ المدارس وتعمل على إنشاء كراسي في الجامعات لتدريس ديانة السيخ ونشر تاريخها .
· انشق قسم من السيخ عن الاتجاه العام متبعين ابن تاناك الأكبر وسموا أدواسي إذ يتجه هؤلاء نحو التصوف ، أما الخالصادال فلا يؤمنون بانتهاء سلالة الغورو غوبند سنغ العاشر ، بل يعتقدون بأن هناك معلماً حياً بين الناس ما يزال موجوداً .
· لديهم اعتقاد راسخ بضرورة إيجاد دولة لهم وأن ذلك أحد أركان الإيمان لديهم إذ ينشدون في نهاية كل عبادة نشيداً يقولون فيه : " سيحكم رجال الخالصادال " كما يحلمون بأن تكون عاصمتهم في شانديغار .
· يقدر عدد السيخ حالياً بحوالي 15 مليون نسمة داخل الهند وخارجها .
ويتضح مما سبق :
إن عقيدة السيخ تعتبر إحدى حركات الإصلاح الديني التي تأثرت بالإسلام واندرجت ضمن محاولات التوفيق بين العقائد ولكنها ضلت الطريق حيث لم تتعرف على الإسلام بما فيه الكفاية من ناحية ولأن الأديان ينزل بها الوحي من السماء ولا مجال لاجتهاد البشر بالتلفيق والتوليف واختيار عناصر العقيدة من هنا وهناك .(1/7)
الشيعة الإمامية
التعريف :
الشيعة الامامية الإثنا عشرية هم تلك الفرقة من المسلمين الذين زعموا أن علياً هو الأحق في وراثة الخلافة دون الشيخين وعثمان رضي الله عنهم أجمعين . وقد أطلق عليهم الإمامية لأنهم جعلوا من الإمامة القضية الأساسية التي تشغلهم وسُمُّوا بالاثني عشرية لأنهم قالوا باثني عشر إماماً دخل آخرهم السرداب بسامراء على حد زعمهم . كما أنهم القسم المقابل لأهل السنة والجماعة في فكرهم وآرائهم المتميزة ، وهم يعملون لنشر مذهبهم ليعم العالم الإسلامي .
أبرز الشخصيات :
· الاثنا عشر إماماً الذين يتخذهم الشيعة الإمامية أئمة لهم يتسلسلون على النحو التالي :
_ علي بن أبي طالب –رضي الله عنه – الذي يلقبونه بالمرتضى رابع الخلفاء الراشدين ، وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد مات غيلةً حينما أقدم الخارجي عبد الرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40 ه.
_ الحسن بن علي رضي الله عنهما ، ويلقبونه بالمجتبى( 3-50 ه).
_ الحسين بن علي رضي الله عنهما ويلقبونه بالشهيد ( 4- 61 ه) .
_ علي زين العابدين بن الحسين ( 38 _ 95ه ) ويلقبونه بالسجاد .
_ محمد الباقر بن علي زين العابدين ( 57 _ 114ه ) ويلقبونه بالباقر .
_ جعفر الصادق بن محمد الباقر ( 83 _ 148 ه ) ويلقبونه بالصادق .
_ موسى الكاظم بن جعفر الصادق ( 128 _ 183 ه ) ويلقبونه بالكاظم .
_ علي الرضا بن موسى الكاظم ( 148 _ 203 ه ) ويلقبونه بالرضي .
_ محمد الجواد بن علي الرضا ( 195 _ 220 ه ) ويلقبونه بالتقي .
_ علي الهادي بن محمد الجواد ( 212 ـ 254 ه ) ويلقبونه بالنقي .
_ الحسن العسكري بن علي عبد الهادي ( 232 ـ 260 ه ) ويلقبونه بالزكي
_ محمد المهدي بن الحسن العسكري ( 256 ـ ... ) ويلقبونه بالحجة القائم المنتظر .(1/1)
يزعمون بأن الإمام الثاني عشر قد دخل سرداباً في دار أبيه بِسُرَّ من رأى ولم يعد ، وقد اختلفوا في سنه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثماني سنوات ، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى انه غير موجود أصلاً وأنه من اختراعات الشيعة ويطلقون عليه لقب ( المعدوم أو الموهوم ) .
· من شخصياتهم البارزة تاريخياً عبد الله بن سبأ ، وهو يهودي من اليمن . أظهر الإسلام ونقل ما وجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة ، وعدم الموت وملك الرض ، والقدرة على أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق ، والعلم بما لا يعلمه أحد ، وإثبات البداء والنسيان على الله عز وجل – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً . وقد كان يقول في يهوديته بأن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام ، فقال في الإسلام بأن علياً وصي محمد صلى الله عليه وسلم . تنقل من المدينة إلى مصر والكوفة والفسطاط والبصرة وقال لعلي : (أنت أنت) أي أنت الله مما دفع علياً إلى أن يهم بقتله لكن عبد الله بن عباس نصحه بأن لا يفعل . فنفاه إلى المدائن .
· منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفي سنة 588 ه صاحب كتاب الاحتجاج طبع في إيران سنة 1302 ه .
· الكُليني صاحب كتاب الكافي المطبوع في إيران سنة 1278 ه وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة ويزعمون بأن فيه 16199 حديثاً . الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320 ه والمدفون في المشهد المرتضوي بالنجف ، وهو صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب يزعم فيه بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه . ومن ذلك ادعاؤهم في سورة الإنشراح نقص عبارة ( وجعلنا علياً صهرك )،معاذ الله أن يكون ادعاؤهم هذا صحيحاً . وقد طبع هذا الكتاب في إيران سنة 1289 ه .(1/2)
· آية الله المامقامي صاحب كتاب تنقيح المقال في أحوال الرجال وهو لديهم إمام الجرح والتعديل ، وفيه يطلق على أبي بكر وعمر لقب الجبت والطاغوت ، انظر 1/ 207 – طبع 1352ه بالمطبعة المرتضوية بالنجف .
· أبو جعفر الطوسي صاحب كتاب تهذيب الأحكام ، ومحمد بن مرتضى المدعو ملا محسن الكاشي صاحب كتاب الوافي ومحمد بن الحسن الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة إلى أحاديث الشريعة ومحمد باقر بن الشيخ محمد تقي المعروف بالمجلسي صاحب كتاب بحار النوار في أحاديث النبي والأئمة الأطهار وفتح الله الكاشاني صاحب كتاب منهج الصادقين وابن أبي الحديد صاحب شرح نهج البلاغة .
· آية الله الخميني : من رجالات الشيعة المعاصرين ، قاد ثورة شيعية في إيران تسلمت زمام الحكم ، وله كتاب كشف الأسرار وكتاب الحكومة الإسلامية . وقد قال بفكرة ولاية الفقيه . وبالرغم من انه رفع شعارات إسلامية عامة في بداية الثورة إلا انه ما لبث أن كشف عن نزعة شيعية متعصبة ضيقة ورغبة في تصدير ثورته إلى بقية العالم الإسلامي فقد اتخذ إجراءات أدى بعضها مع أسباب أخرى إلى قيام حرب استمرت ثماني سنوات مع العراق .
أهم العقائد :
· الإمامة : وتكون بالنص ، إذ يجب أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق بالعين لا بالوصف ، وان الإمامة من الأمور الهامة التي لا يجوز أن يفارق النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ويتركها هملاً يرى كل واحد منهم رأياً . بل يجب أن يعين شخصاً هو المرجوع إليه والمعول عليه .
_ يستدلون على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على إمامة على من بعده نصاً ظاهراً يوم غدير خم ، وهي حادثة لا يثبتها محدثو أهل السنة ولا مؤرخوهم .
_ ويزعمون أن علياً قد نص على ولديه الحسن والحسين .. وهكذا فكل إمام يعين الأمام الذي يليه بوصية منه . ويسمونهم الأوصياء .
· العصمة : كل الأئمة معصومون عن الخطأ والنسيان ، وعن اقتراف الكبائر والصغائر .(1/3)
· العلم اللدني : كل إمام من الأئمة أُودع العلم من لدن الرسول صلى الله عليه وسلم بما يكمل الشريعة ، وهو يملك علماً لدنياً ولا يوجد بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم من فرق سوى انه لا يوحى إليه ، وقد استودعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرار الشريعة ليبينوا للناس ما يقتضيه زمانهم .
· خوارق العادات : يجوز أن تجري هذه الخوارق على يد الإمام ، ويسمون ذلك معجزة وإذا لم يكن هناك نص على إمام من الإمام السابق عليه وجب أن يكون غياث الإمامة في هذه الحالة بالخارقة .
· الغيبة : يرون أن الزمان لا يخلو من حجة لله عقلاً وشرعاً، ويترتب على ذلك أن الإمام الثاني عشر قد غاب في سردابه، كما زعموا وأن له غيبة صغرى وغيبة كبرى، وهذا من أساطيرهم .
· الرجعة : يعتقدون أن الحسن العسكري سيعود في آخر الزمان عندما يأذن الله له بالخروج ، وكان بعضهم يقف بعد صلاة المغرب بباب السرداب وقد قدموا مركباً ، فيهتفون باسمه ، ويدعونه للخروج حتى تشتبك النجوم ، ثم ينصرفون ويرجئون الأمر إلى الليلة التالية . ويقولون بأنه حين عودته سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً وسيقتص من خصوم الشيعة على مدار التاريخ ، ولقد قالت الإمامية قاطبة بالرجعة ، وقالت بعض فرقهم الأخرى برجعة بعض الموات .
· التقية : وهم يعدونها أصلاً من أصول الدين ، ومن تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة ، وهي واجبة لا يجوز رفعها حتى يخرج القائم ، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية ، كما يستدلون على ذلك بقوله تعالى : (( إلا أن تتقوا منهم تقاة )) وينسبون إلى أبي جعفر الإمام الخامس قوله : (( التقية ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له )) وهم يتوسعون في مفهوم التقية إلى حد كبير .(1/4)
· المتعة : يرون بأن متعة النساء خير العادات وأفضل القربات مستدلين على ذلك بقوله تعالى : (( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة )) . وقد حرم الإسلام هذا الزواج الذي تشترط فيه مدة محدودة فيما يشترط معظم أهل السنة وجوب استحضار نية التأبيد ، ولزواج المتعة آثار سلبية كثيرة على المجتمع تبرر تحريمه .
· يعتقدون بوجود مصحف لديهم اسمه مصحف فاطمة : ويروي الكليني في كتابه الكافي في صفحة 57 طبعة 1278 ه عن أبي بصير ( أي جعفر الصادق ) : ( إن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام ، قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه حرف واحد من قرآنكم )
· البراءة : إنهم يتبرؤون من الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان وينعتونهم بأقبح الصفات لأنهم – كما يزعمون – اغتصبوا الخلافة دون علي الذي هو أحق منهم بها كما يبدؤون بلعن أبي بكر وعمر بدل التسمية في كل أمر ذي بال ، وهم ينالون كذلك من كثير من الصحابة باللعن ، ولا يتورعون عن النيل من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
· المغالاة : بعضهم غالى في شخصية علي رضي الله عنه ، والمغالون من الشيعة رفعوه إلى مرتبة الألوهية كالسبئية ، وبعضهم قالوا بأن جبريل قد أخطأ في الرسالة فنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، بدلاً من أن ينزل على علي لأن علياً يشبه النبي صلى الله عليه وسلم كما يشبه الغراب الغراب ولذلك سموا بالغرابية .
· عيد غدير خم : وهو عيد لهم يصادف اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة ويفضلونه على عيدي الأضحى والفطر ويسمونه بالعيد الأكبر وصيام هذا اليوم عندهم سنة مؤكدة ، وهو اليوم الذي يدعون فيه بأن النبي قد أوصى فيه بالخلافة لعلي من بعده .
· يعظمون عيد النيروز وهو من أعياد الفرس ، وبعضهم يقول غسل يوم النيروز سنة .(1/5)
· لهم عيد يقيمونه في اليوم التاسع من ربيع الأول وهو عيد أبيهم ( بابا شجاع الدين ) وهو لقب لقبوا به ( ابو لؤلؤة المجوسي ) الذي أقدم على قتل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .
· يقيمون حفلات العزاء والنياحة والجزع وتصوير الصور وضرب الصدور وكثير من الأفعال المحرمة التي تصدر عنهم في العشر الأول من شهر محرم معتقدين بأن ذلك قربة إلى الله تعالى وأن ذلك يكفر سيئاتهم وذنوبهم ، ومن يزورهم في المشاهد المقدسة في كربلاء والنجف وقم فسيرى من ذلك العجب العجاب .
الجذور العقائدية :
· انعكست في التشيع معتقدات الفرس الذين يدينون لهم بالملك والوراثة وقد ساهم الفرس فيه لينتقموا من الإسلام – الذي كسر شوكتهم – باسم الإسلام ذاته.
· اختلط الفكر الشيعي بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية كالبوذية والمانوية والبرهمية ، وقالوا بالتناسخ وبالحلول .
· استمد التشيع أفكاره من اليهودية التي تحمل بصمات وثنية آشورية وبابلية .
· أقوالهم في على بن أبي طالب وفي الأئمة من آل البيت تلتقي مع أقوال النصارى في عيسى عليه السلام ولقد شابهوهم في كثرة الأعياد وكثرة الصور واختلاق خوارق العادات وإسنادها إلى الأئمة .
أماكن الإنتشار :
... تنتشر فرقة الأثنا عشرية من الإمامية الشيعية الآن في إيران وتتركز فيها ومنهم عدد كبير في العراق ، ويمتد وجودهم إلى الباكستان كما أن لهم طائفة في لبنان ، أما في سوريا فهناك طائفة قليلة منهم ولكنهم على صلة وثيقة بالنصيرية الذين هم من غلاة الشيعة .(1/6)
الشيوعية
التعريف :
الشيوعية مذهب فكري يقوم على الإلحاد وأن المادة هي أساس كل شيء ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الإقتصادي . ظهرت ألمانيا على يد ماركس وإنجلز، وتجسدة في الثورة البلشفية التي ظهرت في روسيا سنة 1917م بتخطيط من اليهود ، وتوسعت على حساب غيرها بالحديد والنار . وقد تضرر المسلمون منها كثيراً ، وهناك شعوب محيت بسببها من التاريخ ولكن الشيوعية أصبحت الآن في ذمة التاريخ ، بعد أن تخلى عنها الإتحاد السوفيتي ، الذي تفكك بدوره إلى دول مستقلة تخلت كلها عن الماركسية ، واعتبرتها نظرية غير قابلة للتطبيق .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· وضعت أسسها الفكرية النظرية على يد كارل ماركس اليهودي الألماني 1818-1883م وهو حفيد الحاخام المعروف مردخاي ماركس ، وكارل ماركس شخص قصير النظر متقلب المزاج حاقد على المجتمع ، مادي النزعة ، ومن مؤلفاته :
- البيان الشيوعي الذي صدر سنة 1848م .
- رأس المال ظهر سنة 1868م .
· ساعده في التنظير للمذهب فردريك إنجلز 1820-1895م وهو صديق كارل ماركس الحميم وقد ساعده في نشره المذهب كما أنه ظل ينفق على ماركس وعائلته حتى مات ، ومن مؤلفاته :
- أصل الأسرة .
- الثنائية في الطبيعة .
- الاشتراكية الخرافية والاشتراكية العلمية .
· لينين : واسمه الحقيقي : فلاديمير أليتش بوليانوف ، وهو قائد الثورة البلشفية الدامية في روسيا 1917م ودكتاتورها المرهوب ، وهو قاسي القلب ، مستبد برأيه ، حاقد على البشرية . ولد سنة 1870م ، ومات سنة 1924م ، وهناك دراسات تقول بأن لينين يهودي الأصل ، وكان يحمل اسماً يهودياً ، ثم تسمى باسمه الروسي الذي عرف به مثل تروتسكي في ذلك .
- ولينين هو الذي وضع التنفيذ وله كتب كثيرة وخطب ونشرات أهمها ما جمع في ما يسمى مجموعة المؤلفات الكبرى .(1/1)
· ستالين : واسمه الحقيقي جوزيف فاديونوفتش زوجا شفلي 1879-1954م وهو سكرتير الحزب الشيوعي ورئيسه بعد لينين ، اشتهر بالقسوة والجبروت والطغيان والدكتاتورية وشدة الإصرار على رأيه في تصفية خصومه على القتل والنفي كما أثبتت تصرفاته أنه مستعد للتضحية بالشعب كله في سبيل شخصه . وقد ناقشته زوجته مرة فقتلها .
· تروتسكي : ولد سنة 1879م واغتيل سنة 1940م بتدبير من ستالين ، وهو يهودي واسمه الحقيقي بروشتاين . له مكانة هامة في الحزب وقد تولى الشؤون الخارجية بعد الثورة ثم أسندت إليه شؤون الحزب .. ثم فصل من الحزب بتهمة العمل ضد مصلحة الحزب ليخلو الجو الذي دبر اغتياله للخلاص منه نهائياً .
الأفكار والمعتقدات :
· إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات والقول بأن المادة هي أساس كل شيء وشعارهم : نؤمن بثلاثة : ماركس ولينين وستالين ، ونكفر بثلاثة : الله والدين ، الملكية الخاصة ، عليهم من الله ما يستحقون .
· فسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البورجوازية والبروليتاريا ( الرأسماليين والفقراء ) وينتهي هذا الصراع حسب زعمهم بدكتاتورية البروليتاريا .
· يحاربون الأديان ويتعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب وخادماً للرأسمالية والإمبريالية والاستغلال مستثنين من ذلك اليهودية لأن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة !!
· يحاربون الملكية الفردية ويقولون بشيوعية الأموال وإلغاء الوارثة .
· تتركز اهتماماتهم بكل ما يتعلق بالمادة وأساليب الإنتاج .
· إن كل تغيير في العالم في نظرهم إنما هو نتيجة حتمية لتغير وسائل الإنتاج وإن الفكر والحضارة والثقافة هي وليدة التطور الاقتصادي .
· يقولون بأن الأخلاق نسبية وهي انعكاس لآلة الإنتاج .
· يحكمون الشعوب بالحديد والنار . ولا مجال لإعمال الفكر ، والغاية عندهم تبرر الوسيلة .
· يعتقدون بأنه لا آخرة ولا عقاب ولا ثواب في غير الحياة الدنيا .(1/2)
· يؤمنون بأزلية المادة وأن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأول للأفراد والجماعات .
· يقولون بدكتاتورية الطبقة العاملة ويبشرون بالحكومة العالمية .
· تؤمن الشيوعية بالصراع والعنف وتسعى لإثارة الحقد والضغينة بين العمال وأصحاب الأعمال .
· الدولة هي الحزب والحزب هو الدولة .
· تكون المكتب السياسي الأول للثورة البلشفية من سبعة أشخاص كلهم يهود إلا واحداً وهذا يعكس مدى الارتباط بين الشيوعية واليهودية .
· تنكر الماركسية الروابط الأسرية وترى فيها دعامة للمجتمع البرجوازي وبالتالي لا بد من أن تحل محلها الفوضى الجنسية .
· لا يحجمون عن أي عمل مهما كانت بشاعته في سبيل غايتهم وهي أن يصبح العالم شيوعياً تحت سيطرتهم . قال لينين : " إن هلاك ثلاثة أرباع العالم ليس بشيء إنما الشيء الهام هو أن يصبح الربع الباقي شيوعياً " . وهذه القاعدة طبقوها في روسيا أيام الثورة وبعدها وكذلك في الصين وغيرها حيث أبيدت ملايين من البشر ، كما أن اكتساحهم لأفغانستان بعد أن اكتسحوا الجمهوريات الإسلامية الأخرى كبخارى وسمرقند وبلاد الشيشان والشركس ، إنما ينضوي تحت تلك القاعدة الإجرامية .
· يهدمون المساجد ويحولونها إلى دور ترفيه ومراكز للحزب ، ويمنعون المسلم إظهار شعائر دينه ، أما المصحف فهو جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة سنة كاملة .
· لقد كان توسعهم عل حساب المسلمين فكان أن احتلوا بلادهم وأفنوا شعوبهم وسرقوا ثرواتهم واعتدوا على حرمة دينهم ومقدساتهم .
· يعتمدون على الغدر والخيانة والاغتيالات لإزاحة الخصوم ولو كانوا من أعضاء الحزب .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· لم تستطع الشيوعية إخفاء تواطئها مع اليهود وعملها لتحقيق أهدافهم فقد صدر منذ الأسبوع الأول للثورة قرار ذو شقين بحق اليهود :
- يعتبر عداء اليهود عداء للجنس السامي يعاقب عليه القانون .
- الاعتراف بحق اليهود في إنشاء وطن قومي في فلسطين .(1/3)
· يصرح ماركس بأنه اتصل بفيلسوف الصهيونية وواضع أساسها النظري وهو موشيه هيس أستاذ هرتزل الزعيم الصهيوني الشهير .
- جد ماركس هو الحاخام اليهودي المشهور في الأوساط اليهودية مردخاي ماركس .
· تأثرت الماركسية إضافة إلى الفكر اليهودي بجملة من الأفكار والنظرات الإلحادية منها :
- مدرسة هيجل العقلية المثالية .
- مدرس كونت الحسية الوضعية .
- مدرسة فيورباخ في الفلسفة الإنسانية الطبيعية .
- مدرسة باكونين صاحب المذهب الفوضوي المتخبط .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· حكمت الشيوعية عدة دول منها :
- الاتحاد السوفياتي ، الصين ، تشيكوسلوفاكيا ، المجر ، بلغاريا ،بولندا ، ألمانيا الشرقية ، رومانيا ، يوغسلافيا ، ألبانيا ، كوبا .
ومعلوم أن دخول الشيوعية إلى هذه الدول كان بالقوة والنار والتسلط الاستعماري .
ولذلك فإن جل شعوب هذه الدول أصبحت تتململ بعد أن عرفت الشيوعية على حقيقتها وأنها ليست الفردوس الذي صور لهم وبالتالي بدأت الانتفاضات والثورات تظهر هنا وهناك ، كما حدث في بولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا ، كما أنك لا تكاد تجد دولتين شيوعيتين في وئام دائم .
· أما في العالم الإسلامي فقد استفاد الشيوعيون من جهل الحكام وحرصهم على تدعيم كراسيهم ولو على حساب الدين ، إذا اكتسحت الشيوعية أفغانستان وشردت شعبها المسلم كما تحكمت في بعض الدول الإسلامية الأخرى بواسطة عملائها .
· تقوم الدول الشيوعية بتوزيع ملايين الكتيبات والنشرات مجاناً في كافة أنحاء العالم داعية إلى مذهبها .
· أسست الشيوعية أحزاباً لها في كل الدول العربية والإسلامية تقريباً فنجد لها أحزاباً في مصر ، سوريا ، لبنان ، فلسطين ، والأردن ، تونس وغيرها .
· إنهم يؤمنون بالأممية ويسعون لتحقيق حلمهم بالحكومة العالمية التي يبشرون بها .
· انهيار الماركسية :(1/4)
- انهارت الشيوعية في معاقلها بعد قرابة السبعين عاماً من قيام الحكم الشيوعي وبعد أربعين عاماً من تطبيق أفكارها في أوروبا الشرقية وأعلن كبار المسؤولين في الاتحاد السوفيتي قبل تفككه أن الكثير من المبادئ الماركسية لم تعد صالحة للبقاء وليس بمقدورها أن تواجه مشاكل ومتطلبات العصر الأمر الذي تسبب في تخلف البلدان التي تطبق هذا النظام عن مثيلاتها الرأسمالية . وهكذا يتراجع دعاة الفكر المادي الشيوعي عن تطبيقه لعدم واقعيته وتخلفه عن متابعة التطور الصناعي والعلمي وتسببه في تدهور الوضع الاقتصادي وهدم العلاقات الاجتماعية وإشاعة البؤس والحرمان والظلم والفساد ومصادمة الفطرة ومصادرة الحريات ومحاربة الأديان . وقد تأكد بوضوح بعد التطبيق لهذه الفترة الطويلة أن من عيوب الماركسية أنها تمنع الملكية الفردية وتحاربها وتلغي الإرث الشرعي وهذا مخالف للفطرة وطبائع الأشياء ولا تعطي الحرية للفرد في العمل وناتج العمل ولا تقيم العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع وأن الشيوعي يعمل لتحقيق مصلحته ولو هدم مصالح الآخرين وينحصر خوفه في حدود رقابة السلطة وسوط القانون وأن الماركسية تهدم أساس المجتمع وهو الأسرة فتقضي بذلك على العلاقات الاجتماعية .
- اقتنع الجميع بأنها نظرية فاسدة يستحيل تطبيقها حيث تحمل في ذاتها بذور فنائها وقد ظهر لمن مارسوها عدم واقعيتها وعدم إمكانية تطبيقها ومن أكبر ناقدي الماركسية من الماركسيين أنفسهم الفيلسوف الأمريكي أريخ مزوم في كتابه المجتمع السليم ، ومن غير الماركسيين كارل بوبر صاحب كتاب المجتمع المفتوح ، وغيرهما ، يجيء جورباتشوف في كتابه البيروستريكا أو إعادة البناء ليفضح عيوب تطبيق الشيوعية في الاتحاد السوفيتي .(1/5)
وتبين بعد انهيارها أنها لم تفلح في القضاء على القوميات المتنافرة بل زادتها اشتعالاً ولم تسمح بقدر ولو ضئيل من الحرية بل عمدت دائماً إلى سياسة الظلم والقمع والنفي والقتل وحولت أتباعها إلى قطيع من البشر . وهكذا باءت جميع نبوءات كارل ماركس بالفشل وأصبح مصير النظرية إلى مزبلة التاريخ ، ثم انتهى الأمر بتفكك الاتحاد السوفيتي .(1/6)
الصهيونية
التعريف :
الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة،ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم . واشتقت الصهيونية من اسم ( جبل صهيون ) في القدس حيث ابتنى داود قصره بعد انتقاله من حبرون (الخليل) إلى بيت المقدس في القرن الحادي عشر قبل الميلاد . وهذا الاسم يرمز إلى مملكة داود وإعادة تشييد هيكل سليمان من جديد بحيث تكون القدس عاصمة لها .
وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والمعاصرة الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· للصهيونية العالمية جذور تاريخية فكرية وسياسية تجعل من الواجب الوقوف عند الأدوار التالية :
- وردت لفظة صهيون لأول مرة في العهد القديم عندما تعرض للملك داود الذي أسس مملكته 1000-960 ق.م.
- حركة المكابيين التي أعقبت العودة من السبي البابلي 586-538م قبل الميلاد ، وأول أهدافها العودة إلى صهيون وبناء هيكل سليمان .
- حركة باركوخيا 118-138م وقد أثار هذا اليهودي الحماسة في نفوس اليهود وحثهم على التجمع في فلسطين وتأسيس دولة يهودية فيها .
- حركة موزس الكريتي وكانت شبيهة بحركة باركوخيا .
- مرحلة الركود في النشاط اليهودي بسبب اضطهاد اليهود وتشتتهم . ومع ذلك فقد ظل الشعور القومي عند اليهود عنيفاً لم يضعف .
- حركة دافيد روبين وتلميذه سولومون مولوخ 1501-1532م وقد حث اليهود على ضرورة العودة لتأسيس ملك إسرائيل في فلسطين .
- حركة منشه بن إسرائيل 1604-1657م وهي النواة الأولى التي وجهت خطط الصهيونية وركزتها على أساس استخدام بريطانيا في تحقيق أهداف الصهيونية .
- حركة سبتاي زيفي 1626-1676م الذي ادعى أنه مسيح اليهود المخلص فأخذ اليهود في ظله يستعدون للعودة إلى فلسطين ولكن مخلصهم مات .(1/1)
- حركة رجال المال التي تزعمها روتشيلد وموسى مونتفيوري وكانت تهدف إلى إنشاء مستعمرات يهودية في فلسطين كخطوة لامتلاك الأرض ثم إقامة دولة اليهود .
- الحركة الفكرية الاستعمارية التي دعت إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين في بداية القرن التاسع عشر .
- الحركة الصهيونية العنيفة التي قامت إثر مذابح اليهود في روسيا سنة 1882م ، وفي هذه الفترة ألف هيكلر الجرماني كتاب بعنوان إرجاع اليهود إلى فلسطين حسب أقوال الأنبياء .
- ظهور مصطلح الصهيونية Zionism لأول مرة على يد الكاتب الألماني ناثان برنباوم سنة 1893م .
- في عام 1882م ظهرت في روسيا لأول مرة حركة عرفت باسم ( حب صهيون ) وكان أنصارها يتجمعون في حلقات اسمها ( أحباء صهيون ) وقد تم الاعتراف بهذه الجماعات في عام 1890م تحت اسم " جمعية مساعدة الصناع والمزارعين اليهود في سوريا وفلسطين وإحياء اللغة العبرية .
- الصهيونية الحديثة وهي الحركة المنسوبة إلى تيودور هرتزل الصحفي اليهودي المجري ولد في بودابست في 2/5/1860م حصل على شهادة الحقوق من جامعة فينا 1878م وهدفها الأساسي الواضح قيادة اليهود إلى حكم العالم بدءاً بإقامة دولة لهم في فلسطين . وقد فاوض السلطان عبد الحميد بهذا الخصوص في محاولتين ، لكنه أخفق ، عند ذلك عملت اليهودية العالمية على إزاحة السلطان وإلغاء الخلافة الإسلامية .(1/2)
- وقد أقام هرتزل أول مؤتمر صهيوني عاملي سنة 1897م ، مستغلاً محاكمة الضابط اليهودي الفرنسي دريفوس الذي اتهم بالخيانة 1894م لنقله أسراراً عسكرية من فرنسا إلى ألمانيا ، لكن ثبتت براءته فيما بعد ونجح هرتزل من تصوير المأساة اليهودية في زعمه من خلال هذه الواقعة الفردية وأصدر كتابه الشهير الدولة اليهودية الذي أكسبه أنصاراً لا بأس بعددهم مما شجعه على إقامة أول مؤتمر صهيوني في بال بسويسرا 29-31/8/47 وقد علق عليه بقوله : " لو طلب إلى تلخيص أعمال المؤتمر فإني أقول بل أنادي على مسمع من الجميع إنني قد أسست الدولة اليهودية " ونجح في تجميع يهود العالم حوله كما نجح في جمع دعاة اليهود الذين صدرت عنهم أخطر مقررات في تاريخ العالم وهي بروتوكولات حكماء صهيون المستمدة من تعاليم كتب اليهود المحرفة التي يقدسونها ، ومن ذلك الوقت أحكم اليهود تنظيماتهم وأصبحوا يتحركون بدقة ودهاء وخفاء لتحقيق أهدافهم التدميرية التي أصبحت نتائجها واضحة للعيان في زماننا هذا .
الأفكار والمعتقدات :
· تستمد الصهيونية فكرها ومعتقداتها من الكتب المقدسة التي حرفها اليهود، وقد صاغت الصهيونية فكرها في بروتوكولات حكماء صهيون .
· تعتبر الصهيونية جميع يهود العالم أعضاء في جنسية واحدة هي الجنسية الإسرائيلية .
· تهدف الصهيونية إلى السيطرة اليهودية على العالم كما وعدهم إلههم يهوه ، وتعتبر المنطلق لذلك هو إقامة حكومتهم على أرض الميعاد التي تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات .
· يعتقدون أن اليهود هم العنصر الممتاز الذي يجب أن يسود وكل الشعوب الأخرى خدم لهم .
· يرون أن أقوم السبل لحكم العالم هو إقامة الحكم على أساس التخويف والعنف .
· يدعون إلى تسخير الحرية السياسية من أجل السيطرة على الجماهير ويقولون : يجب أن نعرف كيف نقدم لهم الطعم الذي يوقعهم في شباكنا .(1/3)
· يقولون : لقد انتهى العهد الذي كانت فيه السلطة للدين ، والسلطة اليوم للذهب وحده فلابد من تجميعه في قبضتنا بكل وسيلة لتسهل سيطرتنا على العالم .
· يرون أن السياسة نقيض للأخلاق ولا بد فيها من المكر والرياء أما الفضائل والصدق فهي رذائل في عرف السياسة .
· يقولون : لا بد من إغراق الأمميين في الرذائل بتدبيرنا عن طريق من نهيئهم لذلك من أساتذة وخدم وحاضنات ونساء الملاهي .
· يقولون : يجب أن نستخدم الرشوة والخديعة والخيانة دون تردد ما دامت تحقق مآربنا .
· يقولون : يجب أن نعمل على بث الفزع الذي يضمن لنا الطاعة العمياء ويكفي أن يشتهر عنا أننا أهل بأس شديد ليذوب كل تمرد وعصيان .
· يقولون : تنادي بشعارات الحرية والمساواة والإخاء لينخدع بها الناس ويهتفوا وينساقوا وراء ما نريد لهم .
· يقولون : لا بد من تشييد ارستقراطية تقوم على المال الذي هو في يدنا والعلم الذي اختص به علماؤنا .
· يقولون : سنعمل على دفع الزعماء إلى قبضتنا وسيكون تعيينهم في أيدينا واختيارهم يكون حسب وفرة أنصبتهم من الأخلاق الدينية وحب الزعامة وقلة الخبرة .
· يقولون : سنسيطر على الصحافة تلك القوة الفعالة التي توجه العالم نحو ما نريد .
· يقولون : لا بد من توسيع الشقة بين الحكام والشعوب وبالعكس ليصبح السلطان كالأعمى الذي فقد عصاه ويلجأ إلينا لتثبيت كرسيه .
· يقولون : لا بد من إشعال نار الخصومة الحاقدة بين كل القوى لتتصارع وجعل السلطة هدفاً مقدساً تتنافس كل القوى وتسقط الحكومات وتقوم حكومتنا العالمية على أنقاضها .
· يقولون : ستقدم إلى الشعوب الفقيرة المظلومة في زي محرريها ومنقذيها من الظلم وندعوها إلى الانضمام إلى صفوف جنودنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين والماسونيين وبسبب الجوع سنتحكم في الجماهير ونستخدم سواعدهم لسحق كل من يعترض سيبلنا .(1/4)
· يقولون : لا بد أن نفتعل الأزمات الاقتصادية لكي يخضع لنا الجميع بفضل الذهب الذي احتكرناه .
· يقولون : إننا الآن بفضل وسائلنا الخفية في وضع منيع بحيث إذا هاجمتنا دولة نهضت أخرى للدفاع عنا .
· يقولون : إن كلمة الحرية تدفع الجماهير إلى الصراع مع الله ومقاومة سنته ويتغير أعضاؤها على الدوام وهي الكفيلة بتوجيه حكام الأمميين كما نريد .
· يقولون : لا بد أن نهدم دولة الإيمان في قلوب الشعوب وننزع من عقولهم فكرة وجود الله ونحل محلها قوانين رياضية مادية لأن الشعب يحيا سعيداً هانئاً تحت رعاية دولة الإيمان . ولكي لا ندع للناس فرصة المراجعة يجب أن نشغلهم بشتى الوسائل وبذلك لا يفطنوا لعدوهم العام في الصراع العالمي .
· يقولون : لا بد أن نتبع كل الوسائل التي تتولى نقل أموال الأمميين من خزائنهم إلى صناديقنا .
· يقولون : سنعمل على إنشاء مجتمعات مجردة من الإنسانية والأخلاق ، متحجرة المشاعر ، ناقمة أشد النقمة على الدين والسياسة ،ليصبح رجاؤها الوحيد تحقيق الملاذ المادية ، وحينئذ يصبحون عاجزين عن أي مقاومة فيقعون تحت أيدينا صاغرين .
· يقولون : سنقبض بأيدينا على كل مقاليد القوى ونسيطر على جميع الوظائف وتكون السياسة بأيدي رعايانا وبذلك نستطيع في كل وقت بقوتنا محو كل معارضة مع أصحابها من الأمميين .
· يقولون : لقد بثثنا بذور الشقاق في كل مكان بحيث لا يمكن اجتثاثه ، وأوجدنا التنافر بين مصالح الأمميين المادية والقومية وأشعلنا نار النعرات الدينية والعنصرية في مجتمعاتهم ولم ننفك عن بذل جهودنا في إشعالها منذ 20 قرناً ولذلك من المستحيل على أي حكومة أن تجد عوناً من أخرى لضربنا وأن الدول لن تقدم على إبرام أي اتفاق مهما كان ضئيلاً دون موافقتنا لأن محرك الدول في قبضتنا .
· يقولون : لقد هيأنا الله لحكم العالم وزودنا بخصائص ومميزات لا توجد عند الأمميين ولو كان في صفوفهم عباقرة لا ستطاعوا مقاومتنا .(1/5)
· يقولون : لا بد من الانتفاع بالعواطف المتأججة لخدمة أغراضنا عوض إخمادها ولا بد من الاستيلاء على أفكار الآخرين وترجمتها بما يتفق مع مصالحنا بدل قتلها .
· يقولون : سنولي عناية كبرى بالرأي العام إلى أن نفقده القدرة على التفكير السليم ونشغله حتى نجعله يعتقد أن شائعاتنا حقائق ثابتة ونجعله غير قادر على التمييز بين الوعود الممكن إنجازها والوعود الكاذبة فلا بد أن نكون هيئات يشتغل أعضاؤها بإلقاء الخطب الرنانة التي تغدق الوعود ولا بد أن نبث في الشعوب فكرة عدم فهمهم للسياسة وخير لهم أن يدعوها لأهلها .
· يقولون : سنكثر من إشاعة المتناقضات ونلهب الشهوات ونؤجج العواطف .
· يقولون : سننشئ " إدارة الحكومة العليا " ذات الأيدي الكثيرة الممتدة إلى كل أقطار الأرض والتي يخضع لها كل الحكام .
· يقولون : يجب أن نسيطر على الصناعة والتجارة ونعود الناس على البذخ والترف والانحلال ونعمل على رفع الأجور وتيسير القروض ومضاعفة فوائدها عند ذلك سيخر الأمميون ساجدين بين أيدينا .
· يقولون : في الرسميات يجب علينا أن نتظاهر بنقيض ما نضمر فنستنكر الظلم وننادي بالحريات ونندد بالطغيان .
· يقولون : إن الصحافة جميعها بأيدينا إلا صحفاً قليلة غير محتفل بها ، وسنستعملها لبث الشائعات حتى تصبح حقائق وسنشغل بها الأمميين عما ينفعهم ونجعلهم يجرون وراء الشهوة والمتعة .
· يقولون : الحكام أعجز من أن يعصوا أومرانا لأنهم يدركون أن السجن أو الاختفاء من الوجود مصير المتمرد منهم فيكونوا طاعة لنا وأشد حرصاً ورعاية لمصالحنا .
· يقولون : سنعمل على ألا يكشف مخططنا قبل وقته ولا نهدم قوة الأمميين قبل الأوان .
· يقولون : نحن الذين وضعنا طريقة التصويت ونظام الأغلبية المطلقة ليصل إلى الحكم كل من نريد بعد أن نكون قد هيأنا الرأي العام للتصويت عليهم .(1/6)
· يقولون : سنفكك الأسرة وننفخ روح الذاتية في كل فرد ليتمرد ونحول دون وصول ذوي الامتياز إلى الرتب العالية .
· يقولون : لا يصل إلى الحكم إلا أصحاب الصحائف السود غير المكشوفة وهؤلاء سيكونون أمناء على تنفيذ أوامرنا خشية الفضيحة والتشهير . كما نقوم بصنع الزعامات وإضفاء العظمة والبطولة عليها .
· يقولون : سنستعين بالانقلابات والثورات كلما رأينا فائدة لذلك .
· يقولون : لقد أنشأنا قوانا الخفية لتحقيق أهدافنا ولكن البهائم من الأمميين يجهلون أسرارها فوثقوا بها وانتسبوا إلى محافلها فسيطرنا عليهم وسخرناهم لخدمتنا .
· يقولون : إن تشتيت شعب الله المختار نعمة وليست ضعفاً وهو الذي أفضى بنا إلى السيادة العالمية .
· يقولون : ستكون كل دور النشر بأيدينا وستكون سجلات التعبير عن الفكر الإنساني بيد حكومتنا وكل دار تخالف فكرنا سنعمل على إغلاقها باسم القانون .
· يقولون : ستكون لنا مجلات وصحف كثيرة مختلفة النزعات والمبادئ وكلها تخدم أهدافنا .
· يقولون : لا بد أن نشغل غيرنا بألوان خلابة من الملاهي والألعاب والمنتديات العامة والفنون الجنس والمخدرات لنلهيهم عن مخالفتنا أو التعرض لمخططاتنا .
· يقولون : سنمحو كل ما هو جماعي وسنبدأ المرحلة بتغيير الجامعات وسنعيد تأسيسها حسب خططنا الخاصة .
· يقولون : سنتصرف مع كل من يقف في طريقنا بكل عنف وقسوة .
· يقولون : سنكثر من المحافل الماسونية وننشرها في كل وسط لتوسيع نطاق سيطرتنا.
· يقولون : عندما تصبح السلطة في أيدينا لن نسمح بوجود دين غير ديننا على الأرض .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· الصهيونية قديمة قدم التوراة نفسها وهي التي أججت الروح القومية عند اليهود منذ أيامها الأولى . وحركة هرتزل إنما هي تجديد وتنظيم للصهيونية العديمة .(1/7)
· تقوم الصهيونية على تعاليم التوراة المحرفة والتلمود . ولكن لا بد من الإشارة إلى أن عدداً من زعماء الصهيونية هم من الملاحدة ، واليهودية عندهم ليست سوى ستار لتحقيق المطامع السياسية والاقتصادية .
· تعتبر أكثرية من اليهود ما يعرف بالتلمود دستوراً دينياً وهو مؤلف من بحوث أحبار اليهود وفقهائهم وقد رسموا فيه الحدود لكل جوانب الحياة الخاصة والعامة وقد دون فيه من الأحكام والتعليمات ما يبرر وضعهم الاجتماعي والسياسي وما يغرس في نفوسهم ونفوس أجيالهم اللاحقة احتقار المجتمع البشري وحب الإنتقام منه وأكل أموال الناس بالباطل والسطو على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم واستنزاف دماء غير اليهود لا ستعمالها في بعض المناسبات الدينية حيث يستعمل الدم البشري بوضع نقط منه على فطير الفصح أو غيره .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· الصهيونية هي الواجهة السياسية لليهودية العالمية وهي كما وصفها اليهود أنفسهم ( مثل الإله الهندي فشنو الذي له مائة يد ) فهي لها في جل الأجهزة الحكومية في العالم يد مسيطرة موجهة تعمل لمصلحتها .
· هي التي تقود إسرائيل وتخطط لها .
· الماسونية تتحرك بتعاليم الصهيونية وتوجيهاتها وتخضع لها زعماء العالم ومفكريه .
· للصهيونية مئات الجمعيات في أوروبا وأمريكا في مختلف المجالات التي تبدو متناقضة في الظاهر لكنها كلها في الواقع تعمل لمصلحة اليهودية العالمية .
· هناك من يبالغ في قوتها مبالغة كبيرة جداً ، وهناك من يهون من شأنها ، والرأيان فيهما خطأ على أن استقراء الواقع يدل على أن اليهود الآن يحيون فترة علو استثنائية .
يتضح مما سبق :(1/8)
أن الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي لحكم العالم كله من خلال دولة اليهود في فلسطين ، واسمها مشتق من اسم جبل صهيون في فلسطين ، وقد قامت على تحريف تعاليم التوراة والتلمود التي تدعو إلى احتقار المجتمع البشري وتحض على الانتقام من غير اليهود . وقد قنن اليهود مبادئهم الهدامة فيما عرف ببروتوكولات حكماء صهيون التي تحوي بحق أخطر مقررات في تاريخ العالم .(1/9)
الأحباش
التعريف :
طائفة ضالة تنسب إلى عبد الله الحبشي ، ظهرت حديثاً في لبنان مستغلة ما خلفته الحروب الأهلية اللبنانية من الجهل والفقر والدعوة إلى إحياء مناهج أهل الكلام والصوفية والباطنية بهدف إفساد العقيدة وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
التأسيس وابرز الشخصيات :
· عبد الله الهرري الحبشي : هو عبد الله بن محمد الشيبي العبدري نسباً الهرري موطناً نسبة إلى مدينة هرر بالحبشة ، فيها ولد لقبيلة تدعى الشيباني نسبة إلى بني شيبة من القبائل العربية . ودرس في باديتها اللغة العربية والفقه الشافعي على الشيخ سعيد بن عبد الرحمن النوري والشيخ محمد يونس جامع الفنون ثم ارتحل إلى منطقة جُمة وبها درس على الشيخ الشريف وفيها نشأ شذوذه وانحرافه حيث بايع على الطريقة التيجانية . ثم ارتحل إلى منطقة داويء من مناطق أرمو ودرس صحيح البخاري وعلوم القرآن الكريم على الحاج أحمد الكبير ثم ارتحل إلى قرية قريبة من داويء فالتقى بالشيخ مفتي السراج – تلميذ الشيخ يوسف النبهاني صاحب كتاب شواه الحق في الاستغاثة بسيد الخلق ودرس على يديه الحديث .ومن هنا توغل في الصوفية وبايع على الطريقة الرفاعية . ثم أتى إلى سوريا ثم إلى لبنان من بلاد الحبشة في أفريقيا عام 1969م . وذكر أتباعه أنه قدم عام 1950م بعد أن أثار الفتن ضد المسلمين ، حيث تعاون مع حاكم إندراجي صهر هيلاسيلاسي ضد الجمعيات الإسلامية لتحفيظ القرآن بمدينة هرر سنة 1367ه الموافق 1940م فيما عرف بفتنة بلاد كُلُب فصدر الحكم على مدير المدرسة إبراهيم حسن بالسجن ثلاثاً وعشرين سنة مع النفي حيث قضى نحبه في مقاطعة جوري بعد نفيه إليها وبسبب تعاون عبد الله الهرري مع هيلاسيلاسي تم تسليم الدعاة والمشايخ إليه وإذلالهم حتى فر الكثيرون إلى مصر والسعودية ، ولذلك أطلق عليه الناس هناك صفة (( الفتّان )) أو (( شيخ الفتنة )) .(1/1)
- منذ أن أتى لبنان وهو يعمل على بث الأحقاد والضغائن ونشر الفتن كما فعل في بلاده من قبل من نشره لعقيدته الفاسدة من شرك وترويج لمذاهب : الجهمية في تأويل صفات الله ، والإرجاء والجبر والتصوف والباطنية والرفض ، وسب للصحابة ، واتهام أم المؤمنين عائشة بعصيان أمر الله ، بالإضافة إلى فتاوى شاذة .
- نجح الحبشي مؤخراً في تخريج مجموعات كبيرة من المتبجحين والمتعصبين الذين لايرون مسلماً إلا من أعلن الإذعان والخضوع لعقيدة شيخهم مع ما تتضمنه من إرجاء في الإيمان وجبر في أفعال الله وجهمية واعتزال في صفات الله . فهم يطرقون بيوت الناس ويلحون عليهم بتعلم العقيدة الحبشية ويوزعون عليهم كتب شيخهم بالمجان .
· نزار الحلبي : خليفة الحبشي ورئيس جمعية المشاريع الإسلامية ويطلقون عليه لقب ((سماحة الشيخ )) حيث يعدونه لمنصب دار الفتوى إذ كانوا يكتبون على جدران الطرق (( لا للمفتي حسن خالد الكافر ، نعم للمفتي نزار الحلبي )) وقد قتل مؤخراً .
· لديهم العديد من الشخصيات العامة مثل النائب البرلماني عدنان الطرابلسي ومرشحهم الآخر طه ناجي الذي حصل على 1700 صوتاً معظمهم من النصارى حيث وعدهم بالقضاء على الأصولية الإسلامية ، لكن لم يكتب له النجاح ، وحسام قرقيرا نائب رئيس جمعية المشاريع الإسلامية ، وكمال الحوت وعماد الدين حيدر وعبد الله البارودي وهؤلاء الذين يشرفون على أكبر أجهزة الأبحاث والمخطوطات مثل المؤسسة الثقافية للخدمات ويحيلون إلى اسم غريب لايعرفه حتى طلبة العلم فمثلاً يقولون : ((قال الحافظ العبدري في دليله )) فيدلسون على الناس فيظنون أن الحافظ من مشاهير علماء المسلمين مثل الحافظ ابن حجر أو النووي وإنما هو في الحقيقة شيخهم ينقلون من كتابه الدليل القويم مثلاً .
أهم العقائد :(1/2)
· يزعم الأحباش أنهم على مذهب الإمام الشافعي في الفقه والاعتقاد ولكنهم في الحقيقة أبعد ما يكونون عن مذهب الإمام الشافعي رحمه الله . فهم يُأولون صفات الله تعالى بلا ضابط شرعي فيُأولون الاستواء بالاستيلاء كالمعتزلة والجهمية .
· يزعم الحبشي أن جبريل هو الذي أنشأ ألفاظ القرآن الكريم وليس الله تعالى ، فالقرآن عنده ليس بكلام الله تعالى ، وإنما هو عبارة عن كلام جبريل ، كما في كتابه إظهار العقيدة السنية ص591 .
· الأحباش في مسألة الإيمان من المرجئة الجهمية الذين يؤخرون العمل عن الإيمان ويبقى الرجل عندهم مؤمناً وإن ترك الصلاة وسائر الأركان ، ( انظر الدليل القويم ص7 ، بغية الطالب ص51 ) .
- تبعاً لذلك يقللون من شأن التحاكم للقوانين الوضعية المناقضة لحكم الله تعالى فيقول الحبشي : (( ومن لم يحكم شرع الله في نفسه فلا يؤدي شيئاً من فرائض الله ولا يجتنب من المحرمات ، ولكنه قال ولو مرة في العمر : لا إله إلا الله فهذا مسلم مؤمن . ويقال له أيضاً مؤمن مذنب )) الدليل القويم 9-10 بغية الطالب 51 .
· الأحباش في القدر جبرية منحرفة يزعمون أن الله هو الذي أعان الكافر على كفره وأنه لولا الله ما استطاع الكافر أن يكفر . ( النهج السليم 71 ) .
· يحث الأحباش الناس على التوجه إلى قبور الأموات والاستغاثة بهم وطلب قضاء الحوائج منهم ، لأنهم في زعمهم يخرجون من قبورهم لقضاء حوائج المستغيثين بهم ثم يعودون إليها ، كما يجيزون الاستعاذة بغير الله ويدعون للتبرك بالأحجار . ( الدليل القويم 173 ، بغية الطالب 8 ، صريح البيان 57 ، 62 ) . ( شريط خالد كنعان /ب / 70 ) ولو قال قائل أعوذ برسول الله من النار لكان هذا مشروعاً عندهم .
· يرجح الأحباش الأحاديث الضعيفة والموضوعة بما يؤيد مذهبهم بينما يحكمون بضعف الكثير من الأحاديث الصحيحة التي لا تؤيد مذهبهم ويتجلى ذلك في كتاب المولد النبوي .(1/3)
· يكثر الحبشي من سب الصحاب وخاصة معاوية بن أبي سفيان وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهم . ويطعن في خالد بن الوليد وغيره ، ويقول إن الذين خرجوا على علي رضي الله عنه ماتوا ميتة جاهلية . ويكثر من التحذير من تكفير سابِّ الصحابة ، لاسيما الشيخين إرضاءً للروافض . إظهار العقيدة السنية 182 .
· يعتقد الحبشي أن الله تعالى خلق الكون لا لحكمة وأرسل الرسل لا لحكمة وأن من ربط فعلاً من أفعال الله بالحكمة فهو مشرك .
· كفّر الحبشي العديد من العلماء فحكم على شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه كافر وجعل من أول الواجبات على المكلف أن يعتقد كفره ولذلك يحذر أشد التحذير من كتبه ، وكذا الإمام الذهبي فهو عنده خبيث ، كما يزعم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجرم قاتل كافر ويرى أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني كافر ، وكذلك الشيخ سيد سابق فيزعم أنه مجوسي كافر أما الأستاذ سيد قطب فمن كبار الخوارج الكفرة في ظنه . انظر مجلة منار الهدى الحبشية عدد ( 3ص234 ) النهج السوي في الرد على سيد قطب وتابعه فيصل مولوي ) أما ابن عربي صاحب مذهب وحدة الوجود ونظرية الحلول والاتحاد والذي شهد العلماء بكفره فيعتبره الحبشي شيخ الإسلام . كما يدعو الحبشي إلى الطريقة النقشبندية والرفاعية والصوفية .
· وللحبشي العديد من الفتاوى الشاذة القائلة بجواز التحايل في الدين وأن النظر والاختلاط والمصافحة للمرأة الأجنبية حلال لاشيء فيه بل للمرأة أن تخرج متعطرة متبرجة ولو بغير رضا زوجها .
· يبيح بيع الصبي وشراءه كما يجيز للناس ترك زكاة العملة الورقية بدعوى انها لاعلاقة لها بالزكاة إذ هي واجبة في الذهب والفضة كما يجيز أكل الربا ويجيز الصلاة متلبساً بالنجاسة . ( بغية الطالب 99 ) .(1/4)
· أثار الأحباش في أمريكا وكندا فتنة تغيير القبلة حتى صارت لهم مساجد خاصة حيث حرفوا القبلة 90 درجة وصاروا يتوجهون إلى عكس قبلة المسلمين حيث يعتقدون أن الأرض نصف كروية على شكل نصف البرتقالة ، وفي لبنان يصلون في جماعات خاصة بهم بعد انتهاء جماعة المسجد ، كما اشتهر عنهم ضرب أئمة المساجد والتطاول عليهم وإلقاء الدروس في مساجدهم لنشر أفكارهم رغماً عنهم . ويعملون على إثارة الشغب في المساجد ، كل هذا بمدٍ وعونٍ من أعداء المسلمين بما يقدمون لهم من دعم ومؤازرة .
الجذور العقائدية :
· مما سبق يتبين أن الجذور الفكرية والعقائدية للأحباش تتلخص في الآتي :
- المذهب الأشعري المتأخر في قضايا الصفات الذي يقترب من منهج الجهمية !!
- المرجئة والجهمية في قضايا الإيمان .
- الطرق الصوفية المنحرفة مثل الرفاعية والنقشيندية .
- عقيدة الجفر الباطنية .
- مجموعة من الأفكار والمناهج المنحرفة التي تجتمع على هدف الكيد للإسلام وتمزيق المسلمين . ولا يستبعد أن يكون الحبشي وأتباعه مدسوسين من قبل بعض القوى الخارجية لإحداث البلبلة والفرقة بين المسلمين كما فعل عبد القادر الصوفي ثم المرابطي في أسبانيا وبريطانيا وغيرها .
أماكن الانتشار :
ينتشر الأحباش في لبنان بصورة تثير الريبة ، حيث انتشرت مدارسهم الضخمة وصارت حافلاتهم تملأ المدن وأبنية مدارسهم تفوق سعة المدارس الحكومية ، علاوة على الرواتب المغرية لمن ينضم إليهم ويعمل معهم وأصبح لهم إذاعة في لبنان تبث أفكارهم وتدعو إلى مذهبهم ، كما ينتشر أتباع الحبشي في أوروبا وأمريكا وقد أثاروا القلاقل في كندا واستراليا والسويد والدانمارك . كما أثاروا الفتن في لبنان بسبب فتوى شيخهم بتحويل اتجاه القبلة إلى جهة الشمال .
وقد بدأ انتشار أتباع هذا المذهب الضال في مناطق عدة من العالم حيثما وجد لبنانيون في البداية ، ثم بعض المضللين ممن يعجب بدعوة الحبشي .
يتضح مما سبق :(1/5)
أن الأحباش طائفة ضالة تنتمي إلى الإسلام ظاهراً وتهدم عراه باطناً ، وقد استغلت سوء الأوضاع الاقتصادية وما خلفته الحروب الأهلية اللبنانية من فقر وجهل في الدعوة إلى مبادئها الهدامة وإحياء الكثير من الأفكار والمعتقدات الباطلة التي عفى عليها الدهر مثل خلق القرآن والخلاف المعروف في قضايا الصفات الذي تصدى لها علماء أهل السنة والجماعة في الماضي والحاضر . وقد تصدى لهم عدد من علماء أهل السنة في عصرنا مثل المحدث الشيخ الألباني وغيره . وأفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في الفتوى رقم 2392/1 بتاريخ 30/10/1406ه التي جاء فيها : (( إن طائفة الأحباش طائفة ضالة ، ورئيسهم عبد الله الحبشي معروف بانحرافه وضلاله ، فالواجب مقاطعتهم وإنكار عقيدتهم الباطلة وتحذير الناس منهم ومن الاستماع لهم أو قبول ما يقولون )) .(1/6)
العدمية
التعريف :
العدمية مذهب أدبي وفلسفي ملحد ، اهتم بالعدم باعتباره الوجه الآخر للوجود ، بل هو نهاية الوجود ، وبه نعرف حقيقة الحياة بعيداً عن النظرة المثالية والنظرة الواقعية السطحية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· من أهم الشخصيات العدمية في مجال الأدب ديستوفسكي الروائي الروسي ، وفي مجال الفلسفة نيتشه صاحب مقولة (موت الإله) والعدمية ترى أن الوجود تالإلهي وعدمه سواء ولا يحسن أن يجهد الناس أنفسهم في هذا الموضوع . والمؤرخون يفرقون بين الإلحاد والعدمية من حيث أن الملحد يختار الإلحاد الصريح (سارتر مثلاً) أما العدمي فيرى أن المسألة سواء (يستوي الوجود الإلهي وعدمه) وديستوفسكي يرى أنه إذا كان الإله غير موجود فكل شيء مباح ولا معنى للأخلاق .
· وهذا المذهب مرفوض إسلامياً لأننا مطالبون أولاً بتقرير الوجود الإلهي والتوحيد الخالص وثانياً تقرير ارتباط قيام الأخلاق على التشريع الإسلامي في مصدريه الأساسيين ، فالأديب والفيلسوف العدمي يناقضان الإسلام .
· برزت العدمية في الواقعية النقدية لجوستاف فلوبير 1821-1880م وأندريه دي بلزاك 1799-1850م وفي أعمال الطبيعة الانطباعية لأميل زولا 1840-1902م في القرن التاسع عشر . إلا أن الأديب الفرنسي جوستاف فلوبير هو المعبر الأول عن العدمية في رواياته ، ثم أصبحت مذهباً أدبياً لعدد كبير من الأدباء في القرن التاسع عشر .
· ويعد الشاعر والناقد جوتفريد بن 1886-1956م من أبرز العدميين الذين وضحوا معنى العدمية كمذهب أدبي ، إذ قال بأن العدمية ليست مجرد بث اليأس والخصوع في نفوس الناس بل مواجهة شجاعة وصريحة لحقائق الوجود .(1/1)
· وقد رحب هذا الشاعر بالحكومة النازية عندما قامت في الثلاثينات من هذا القرن على أساس أنها مواجهة حاسمة للوجود الراكد . إلا أنه عد عدواً للنازية لأنه قال بأن البشر متساوون أمام العدم والفناء وليس جنس مفضل على غيره . وقد صودرت جميع أعماله الأدبية عام 1937م .
الأفكار والمعتقدات :
· إن الأنسان خلق وله إمكانات محدودة ، وعليه لكي يثبت وجوده ، أن يتصرف في حدود هذه الإمكانات ، بحيث لا يتحول إلى يأئس متقاعس أو حالم مجنون .
· إن البشر يتصارعون ، وهم يدركون جيداً أن العدم في انتظارهم ، وهذا الصراع فوق طاقتهم البشرية ، لذلك يتحول صراعهم إلى عبث لا معنى له .
· ينحصر التزام الأديب العدمي في تذكره الإنسان بحدوده حتى يتمكن من استغلال حياته على أحسن وجه .
· العمل الأدبي يثبت أن لكل شيء نهاية ، ومعناه يتركز في نهايته التي تمنح الدلالة للوجود ، ولا يوجد عمل أدبي عظيم بدون نهاية وإلا فقد معناه ، وكذلك الحياة تفقد معناها إذا لم تكن لها نهاية .
· الرومانسية المثالية في نظر الأديب العدمي مجرد هروب مؤقت لا يلبث أن يصدم الإنسان بقسوة الواقع وبالعدم الذي ينتظره ، وقد يكون في هذا الاصطدام انهياره أو انحرافه .
· يهدف الالتزام الأدبي للعدمية إلى النضوج الفكري للإنسان ورفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم .
· تهدف العدمية إلى إلغاء الفواصل المصطنعة بين العلم والفن ، لأن العرفة الإنسانية لا تتجزأ في مواجهة قدر الإنسان ، وإذا اختلف طريق العلم عن طريق الفن فإن الهدف يبقى واحداً وهو : المزيد من المعرفة عن الإنسان وعلاقته بالعالم .
· إن اتهام العدمية بالسلبية وإشاعة اليأس ، يرجع إلى الخوف من لفظ العدم ذاته وهذه نظرة قاصرة ، لأن تجاهل العدم لا يلغي وجود من حياتنا .(1/2)
· العدمية ليست مجرد إبراز الموت والبشاعة والعنف والقبح ولكن الأديب العدمي هو الذي ينفذ من خلال ذلك إلى معنى الحياة ، وبذلك يوضح بأن العدم هو الوجه الآخر للوجود ، ولا يمكن الفصل بينهما لأن معنى كل منهما يكمن في الآخر .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· ترجع العدمية في أفكارها إلى مسرحيات الإغريق القدامى ، التي تصور الإنسان وتصارعه مع الأقدار وكأنه صراع ضد فكرة العدم .
· وكذلك العقائد النصرانية وما تتضمنه من معاني الموت ، ونهاية العالم ، واليوم الآخر والحساب .. إلخ .
· إلا أن العدمية لم تبلور العقيدة الدينية في الحياة والموت .. في الإيمان الذي يبعث على عمل الخير والجد ، والاجتهاد لإعمار الأرض لتكون الحياة عليها سعيدة مطمئنة . وإنما اقتصرت على تصوير معاني العدم والجانب السلبي في الحياة على نحو يوحي بأن العدم هو الوجود الخالد ، وطالما كان الأمر كذلك فإن الإلحاد يحيط بالعدمية من كل جانب .
أماكن الانتشار :
· انتشرت العدمية في فرنسا وإنكلترا بشكل خاص والعالم الغربي عامة .
ويتضح مما سبق :
أن العدمية مذهب أدبي ملحد يعتبر العدم نهاية الوجود ، ووفقاً لهذا المذهب ينحصر التزام الأديب العدمي في تذكير الإنسان بحدوده حتى يستغل حياته استغلالاً عدمياً ، ينضج مع فكر الإنسان ، حسب زعم هذا المذهب ، نضجاً يرفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم إلى مرتبة الأديب المدرك له والذي يلغي الفواصل المصطنعة بين العلم والفن ، فالأديب العدمي هو الذي ينفذ من خلال الموت والبشاعة والعنف والقبح إلى معنى الحياة العدمية ، فالعدم هو الوجه الآخر للوجود . ولا شك أن هذه الأفكار لا تخدم أية فكرة أخلاقية أو دينية ، بل إنها تتنافى كلية معهما .(1/3)
العلمانية
التعريف :
العلمانية وترجمتها الصحيحة : اللادينية أو الدنيوية ، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين وتعني في جانبها السياسي بالذات اللا دينية في الحكم ، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمه العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدا عن الدين وتعني في جانبها بالذات اللادينية في الحكم ، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمه العلم وقد ظهرت في أوربا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر . أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين ،وقد اختيرت كلمه علمانية لأنها اقل إثارة من كلمه لادينية .
ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فان سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما.
تتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة وهذا واضح فيما ينسب للسيد المسيح من قوله :( إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) . أما الاسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) سورة الأنعام : آية 162
التأسيس وابرز الشخصيات :
· انتشرت هذه الدعوة في أوربا وعمت أقطار العالم بحكم النفوذ الغربي والتغلغل الشيوعي . وقد أدت ظروف كثيرة قبل الثورة الفرنسية سنة 1789م وبعدها إلى انتشارها الواسع وتبلور منهجها وأفكارها وقد تطورت الأحداث وفق الترتيب التالي :
- تحول رجال الدين إلى طواغيت ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الاكليريوس والرهبانية والعشاء الرباني وبيع صكوك الغفران .(1/1)
- وقوف الكنيسة ضد العلم وهيمنتها على الفكر وتشكيله ا لمحاكم التفتيش واتهام العلماء بالهرطقة ، مثل:
1-كوبرنيكوس : نشر عام 1543م كتاب حركات الأجرام السماوية وقد حرمت الكنيسة هذا الكتاب .
2- جرادانو:صنع التلسكوب فعذب عذاباً شديداً وعمره سبعون سنة وتوفي سنة 1642م.
3-سبينوزا : صاحب مدرسة النقد التاريخي وقد كان مصيره الموت مسلولاً .
4- جون لوك : طالب بإخضاع الوحي للعقل عند التعارض .
ظهور مبدا العقل والطبيعة : فقد اخذ العلمانيون يدعون الى تحرر العقل وإضفاء صفات الإله على الطبيعة .
- الثورة الفرنسية : نتيجة لهذا الصراع بين الكنيسة وبين الحركة الجديدة من جهة اخرى ، كانت ولادة الحكومة الفرنسية سنة 1789م وهي أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب . وهناك من يرى أن الماسون استغلوا أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية وركبوا موجة الثورة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهدافهم .
- جان جاك روسو سنة 1778له كتاب العقد الاجتماعي الذي يعد إنجيل أ الثورة ، مونتسكيو له روح القوانين , سبينوزا ( يهودي) يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجا للحياة والسلوك وله رسالة في اللاهوت والسياسة ، فولتير صاحب القانون الطبيعي كانت له الدين في حدود العقل وحده سنة 1804م ،وليم جودين 1793م له العدالة السياسية ودعوته فيه دعوة علمانية صريحة .
- ميرابو : الذي يعد خطيب وزعيم وفيلسوف الثورة الفرنسية .
- سارت الجموع الغوغائية لهدم الباستيل وشعارها الخبز ثم تحول شعارها الى ( الحرية والمساواة والإخاء ) وهو شعار ماسوني و( لتسقط الرجعية ) وهي كلمة ملتوية تعني الدين وقد تغلغل اليهود بهذا الشعار لكسر الحواجز بينهم وبين أجهزة الدولة وإذابة الفوارق الدينية وتحولت الثورة من ثورة على مظالم رجال الدين الى ثورة على الدين نفسه .(1/2)
- نظربة التطور : ظهر كتاب أصل الأنواع سنة 1859م لتشارز دارون الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب وقد جعلت الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين ، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها . وهذا النظرية التي أدت الى انهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد وقد استغل اليهود هذه النظرية بدهاء وخبث .
- ظهور نيتشه :وفلسفته التي تزعم بأن الإله قد مات وأن الإنسان الأعلى (السوبر مان ) ينبغي أن يحل محله .
- دور كايم ( اليهودي ) : جمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظرية العقل الجمعي .
- فرويد ( اليهودي ) :اعتمد الدافع الجنسي مفسرا لكل الظواهر .والإنسان في نظره حيوان جنسي
- كارل ماركس ( اليهودي ) : صاحب التفسير المادي للتاريخ الذي يؤمن بالتطور الحتمي وهو داعية الشيوعية ومؤسسها والذي اعتبر الدين أفيون الشعوب .
- جان بول سارتر : في الوجودية وكولن ولسون في اللامنتمي : يدعوان إلى الوجودية والإلحاد .
- الاتجهات العلمانية في العالم الإسلامي نذكر نماذج منها :
1- في مصر : دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت . وقد اشار اليها الجبرتي الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر واحداثها – بعبارات تدور حول معنى العلمانية وان لم تذكر الفظة صراحة .أما أول من استخدم هذا المصطلح العلمانية فهو نصراني يدعى اليأس بقطر في معجم عربي فرنسي من تأليفه سنة 1827 م .وادخل الخديوي اسماعيل القانون الفرنسي سنة 1883م،وكان هذا الخديوي مفتونا بالغرب ،وكان أمله أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا .
2- الهند: حتى سنة 1791م كانت الاحكام وفق الشريعة الاسلامية ثم بدأ التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة الإسلامية بتدبير الإنجليز وانتهت تماما في أواسط القرن التاسع عشر .
3- الجزائر : إلغاء الشريعة الإسلامية عقب الاحتلال الفرنسي سنة 1830 م .(1/3)
4- تونس : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906 م.
5– المغرب: ادخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913م.
6-تركيا لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخلافة واستقرار الأمور تحت سيطرة مصطفى كمال أتاتورك ، وان كانت قد وجدت هناك إرهاصات ومقدمات سابقة .
7- العراق والشام : الغيت الشريعة أيام إلغاء الخلافة العثمانية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيها .
8- معظم أفريقيا : فيها حكومات نصرانية امتلكت السلطة بعد رحيل الإستعمار
9- أندونيسيا ومعظم بلاد جنوب شرق اسيا دول علمانية .
10-إنتشار الأحزاب العلمانية والنزاعات القومية : حزب البعث ،الحزب القومي السوري ،النزعة الفرعونية ،النزعة الطورانية ،القومية العربية .
14- من اشهر دعاة العلمانية في العالم العربي الإسلامي : احمد لطفي السيد ، إسماعيل مظهر ، قاسم امين ، طه حسين ، عبد العزيز فهمي ، ميشيل عفلق ،أنطوان سعادة ، سوكارنو ، سوهارتو ، نهرو، مصطفى كمال اتاتورك ،جمال عبد الناصر ، أنور السادات ( صاحب شعار لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين ) ، د. فؤاد زكريا ، د. فرج فودة وقد اغتيل بالقاهرة مؤخرا ، وغيرهم .
الافكار والمعتقدات :
¨ بعض العلمانين ينكر وجود الله أصلاً .
¨ وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود آية علاقة بين الله وبين حياة الانسان .
¨ الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل والتجريب .
¨ إقامة حاجز بين عالمي الروح والمادة والقيم الوحية لديهم قيم سلبية .
¨ فصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي .
¨ تطبيق مبدأ النفعية على كل شئ في الحياة .
¨ اعتماد مبدأ الميكافيلية في فلسفة الحكم والسياسية والاخلاق .
¨ نشر الإباحة والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية .
أما معتقدات العلمانية في العالم الاسلامي والعربي التي انتشرت بفضل الاستعمار والتبشير
فهي :(1/4)
¨ الطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة
¨ الزعم بان الإسلام استنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية
¨ الزعم بان الفقه الاسلامي مأخوذ عن القانون الروماني .
¨ الوهم بأن الإسلام لا يتلائم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف .
¨ الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي .
¨ تشويه الحضارة الإسلامية وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الاسلامي والزعم بأنها حركات إصلاح .
¨ إحياء الحضارات القديمة .
¨ اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن المغرب ومحاكاته فيها .
¨ تربية الأجيال تربية لادينية .
· إذا كان هناك عذر لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين لأن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي لا ينزعج كثيراً ولا قليلا لأنه لا يعطل قانون فرضه علية دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجا للحياة ، أما مع المسلم فالأمر مختلف حيث يوجب عليه إيمانه الاحتكام لشرع الله . ومن ناحية أخرى كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي – فإنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقي الدين النصراني قائما في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة وبقيت جيوش من الراهبين والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فأن النتيجة أن يبقى الدين بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده حيث لا بابوية ولا كهنوت ولا اكلريوس وصدق الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حين قال ( إن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن ) .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· العداء المطلق للكنيسة أولا وللدين ثانيا أياً كان ، سواء وقف إلى جانب العلم أم عاداه .
· لليهود دور بارز في ترسيخ العلمانية من أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلا بينهم وبين أمم الأرض .(1/5)
· يقول الفرد هوايت هيو : ( ما من مسالة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ حليف الدين ) وهذا القول إن صح بين العلم واللاهوت في اوروبا فهو قول مردود ولا يصح بحال فيما يخص الاسلام حيث لا تعارض إطلاقاً بين الاسلام وبين حقائق العلم ، ولم يقم بينها أي صراع كما حدث في النصرانية . وقد نقل عن أحد الصحابة قوله عن الاسلام : ( ما أمر بشئ ، فقال العقل : ليته نهى عنه ، ولا نهى عن شئ فقال العقل ليته أمر به ) وهذا القول تصدقه الحقائق العلمية والموضوعية وقد أذعن لذلك صفوة من علماء الغرب وفصحوا عن إعجابهم وتصديقهم لتلك الحقيقة في مئات النصوص الصادرة عنهم .
· تعميم نظرية (العداء بين العلم من جهة والدين من جهة ) لتشمل الدين الاسلامي على الرغم أن الدين الاسلامي لم يقف موقف الكنيسة ضد الحياة والعلم حتى كان الاسلام سباقاً إلى تطبيق المنهج التجريبي ونشر العلوم .
· انكار الاخرة وعدم العمل لها واليقين بان الحياة الدنيا هي المجال الوحيد لماذا يرفض الاسلام العلمانية
لانها تغفل طبيعة الانسان البشرية باعتبارها مكونة من نفس وروح فتهتم بمطالب جسمة ولاتلقي اعتبارا لاشواق روحة .
- لانها نبتت في البيئة الغربية وفقا لظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية وتعتبر فكرا غريبا في بيئتنا الشرقية
- لانها تفصل الدين عن الدولة فتفتح المجال للفردية والطبقية والعنصرية والمذهبية والقومية والحزبية والطائفية .
- لانها تفسح المجال لانتشار الالحاد وعدم الانتماء والاغتراب والتفسخ والفساد والانحلال.
لانها تجعلنا نفكر بعقلية الغرب ، فلا ندين العلاقات الحرة بين الجنسين وندوس على اخلاقيات المجتمع ونفتح الابواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة ,وتبيح الربا وتعلي من قدر الفن للفن ,ويسعى كل انسان لاسعاد نفسة ولو على حساب غيرة .
- لانها تنقل الينا امراض المجتمع الغربي من انكار الحساب في اليوم الاخر ومن(1/6)
ثم تسعى لان يعيش الانسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني ، مهيجة الغرائز الدنيوية كالطمع والمنفع وتنازع البقاء ويصبح صوت الضمير عدما .
- مع ظهور العلمنية يتم تكريس التعليم لدراسة ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب والمشاهدة وتهمل امور الغيب من ايمان با لله والبعث والثواب والعقاب , وينشا بذلك مجتمع ٍغايته متاع الحياة وكل لهو رخيص .
الانتشار ومواقع النفوذ :
بدات العلمانية في اوروبا وصار لها وجود سياسي مع ميلاد الثورة الفرنسية سنة 1789م . وقد عمت اوروبا في القرن التاسع عشر وانتقلت لتشمل معظم دول العالم في السياسة والحكم في القرن العشرين بتاثير الستعمار والتبشر .
يتضح مما سبق :
ان العلمانية دعوة الى اقامة الحياة على اسس العلم الوضعي والعقل بعيدا عن الدين الذي يتم فصلة عن الدولة وحياة المجتمع وحبسة في ضمير الفرد ولايصرح بالتعبير عنة الا في اضيق الحدود . وعلى ذلك فأن الذي يؤمن بالعلمانية بديلا عن الدين ولا يقبل تحكيم
- الشرعية الاسلامية .في كل جوانب الحياة ولا يحرم ما حرم الله يعتبر مرتدا ولا ينتمي الى الاسلام . والواجب اقامة الحجة علية حتى واستتابتة حتى يدخل في حضيرة الاسلام والا جرت علية احكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة .(1/7)
الفراخانية
التعريف :
... هي إحدى الفرق الباطنية السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية التي مازالت تتبع منهج اليجا محمد .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
- ولد مؤسسها لويس والكت لعائلة تشتغل بالتمثيل والغناء ، وأصولها من جزر البحر الكاريبي .
- في عام 1956م دخل فرقة اليجا محمد الذي ادعى النبوة وأن معلمه فرد محمد هو الله المتجسد . ولما فتح مالكوم معبد محمد للإسلام رقم 11 في بوسطن عين له لويس أكس واعظاً ومديراً .
- ألف لويس أكس بعض الأغاني والمسرحيات التي عرضت في جميع المعابد لأهميتها في بيان تعاليم اليجا محمد مما أكسبه شهرة واسعة .
- لما فصل اليجا محمد مالكوم أكس عين لويس في منصب الناطق الأول باسم الفرقة ولقبه بفراح خان ثم جعله واعظاً في أكبر المعابد وأخطرها ، معبد محمد للإسلام رقم 7 الذي كان يديره مالكوم قبل طرده .
- ولكن بعد هلاك اليجا محمد وتولى ولاس الزعامة عزل فراح خان من جميع مناصبه وجعله في منصب صوري في شيكاغو ، وأثناء هذه الفترة كان لويس ينكر نبوة اليجا محمد وألوهية فرد محمد تماشياً مع إنكار ولاس لهما .
- ولكن فرح خان استقال من ذلك المنصب ومن الفرقة إثر انسحاب المتنبئ سايلس في عام 1977م .
- وعاد إلى نيويورك وجمع أتباعه السابقين تحت الدعوة إلى العودة إلى تعاليم اليجا الأصلية ، وفتح له معابد في نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلوس وجمع أتباعاً فيها . وجعل لويس فراح خان شيكاغو مركزاً رسمياً لفرقته ، وأصدر جريدة الفرقة التي سماها النداء الأخير ، لإعادة بناء أمة الإسلام بالعودة إلى تعاليم اليجا محمد .
- أخذ فراح خان يتجول في الولايات المتحدة الأمريكية لإلقاء المحاضرات في الجامعات والتحدث في جميع مناسبات السود وكثر ظهوره على التلفزيون والإذاعة .(1/1)
- ولما كانت دعوته إلى إعادة بناء منظمة اليجا ( أمة الإسلام ) وإحياء تعاليمه صافية خالية من دعاوى خاصة لنفسه - كما فعل المتنبئ ( سايلس ) فقد استجاب له معظم أفراد أسرة اليجا .
- في عام 1981م أعاد نظام توزيع الأسماء المقدسة وافترض على الجميع أن يكتب كل شخص في الفرقة ( رسالة المخلص ) يشهد فيها أن لا إله إلا الله الذي جاء في صورة السيد فرد محمد وأن المكرم اليجا محمد رسول الله .
- اكتسب فراح خان شهرة كبيرة بمساندته للقس الأسود جاكسون في حملاته الانتخابية .
الأفكار والمعتقدات :
· عقائد الفراحانية :
ثبت فراح خان تعاليم اليجا محمد كلها ، ما عدا تغييرات بسيطة ، دأب أن يذكر في آخر صفحة من جميع أعداد جريدة الفرقة النداء الأخير بابين تحت عنواني ماذا يريد المسلمون وماذا يعتقد المسلمون ؟ ! ، يضمنها أهداف الفرقة الاليجية ومعتقداتها حرفياً كما كانت ترد في كل عدد من أعداد جريدة محمد يتكلم في عهد اليجا كما يذكر في كل عدد مقالات اليجا المنقولة من أعداد محمد يتكلم القديمة .
· بعض عقائد الأليجية الأساسية التي أحياها فراح خان :
- أن الله قد خلق نفسه .
- أن جميع السود آلهة ويولد بينهم إله مطلق كل 25 ألف سنة .
- أحد الآلهة السود المسمى يعقوب قد خلق الإنسان الأبيض نتيجة لبعض التجارب الوراثية .
- أن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أرسل للعرب فقط واليجا أرسله الله إلى سود أمريكا وأنه آخر المرسلين .
- ويعتقد فراح خان أنه هو المقصود بالحواري بطرس المعروف في المسيحية ويعتقد أنه لا يملك قوة الإحياء ولكن بواسطة صوت اليجا محمد سوف يحيي الأمة بأسرها .
- الإنسان الأبيض شيطان .
- الإنسان الأسود هو الذي ألف جميع الكتب السماوية .
- معظم تعاليم القرآن موجهة إلى الرسول اليجا محمد والسود في أمريكا .(1/2)
- لا قيامة للأجساد بعد الموت ، والبعث والقيام عبارة عن يقظة روحية لمن هم نيام من السود في قبور الأوهام ولا يتأنى ذلك إلا بمعرفة اليجا وإلهه والإيمان بهما .
- يقولون إذا كان العرب يعتقدون أن محمداً خاتم النبيين يقيناً فيمكن ، نجتمع ونتناقش في الأدلة حتى نصل إلى كلمة سواء . إلا أنكم أيها العرب عنصريون ولم تتجاوزوا هذا الجانب من طبيعتكم التي تماثل طبيعة الإنسان الأبيض الذي هو شيطان ، أنتم واليهود والبيض كلكم شياطين .
إضافات فراح خان :
- أما معتقدات فراخ خان الجديدة حول اليجا فإنه إله اليجا كما إله المسيحيون عيسى ، بل ادعى فراح أن اليجا هو عيسى المسيح .
- وادعى أن اليجا لم يمت بل بعثه الله حيا مع أن اليجا أنكر البعث الجسدي إنكاراً شديداً مطلقاً .
- يقول فراح خان : " إنما أنا هنا لأشهد أن المكرم اليجا محمد قد رفع وأن عيسى الذي كنتم تبحثون عودته كان بين ظهرانيكم لمدة أربعين سنة ، ولكنكم لم تعلموا من هو ".
- ويقول :" إن المكرم اليجا محمد حي وهو مع الإله سوية وعودته وشيكة الحدوث ، واشهد أن أحد إخوانكم اليجا من بينكم قد رفع إلى مقام محمود يمين الإله ، وجعل رب العالمين فيه السلطة التامة على طاقات الطبيعة ".
- ويقول :" قد علمنا المكرم اليجا محمد أننا ( الرجل الأسود ) : مالك الأرض وخالقها وصفوة كائناته وإله الكون كله ، فإن لم يكن المكرم اليجا محمد إلهاً فلا يمكن أن نصل إلى درجة الألوهية ، وإن لم يبعث حياً فلا أمل فينا أن نبعث أحياء من موتنا الذهني والروحي والسياسي والاجتماعي ".
نماذج من تأويلات فراح خان :
- بنى لويس فراح خان دعاويه في اليجا على تأويل آيات قرآنية وفقرات من الكتاب المقدس تأويلاً عجيباً منها :
- يقول فراح خان ممهداً لدعواه أن اليجا محمد هو عيسى بن مريم وذلك تأويلاً للآية 44 من سورة آل عمران .(1/3)
- أول مريم البتول إلى رمز يقصد به السود في أمريكا حيث قال : أين نبحث عن عيسى هذا إن العبارة سوف تحمل بتول هي المفتاح لاكتشاف السر فإن كلمة ( بتول ) كما نفهمها في عالم المادة تعني امرأة لم يمسها رجل ولكن كلمة ( بتول ) في الكتاب المقدس ترمز إلى أناس لم يلقحهم الإله ، والسود في أمريكا هم أناس بتوليون كما هو واضح من تصرفاتنا .
- وانتهت به تأويلاته إلى القول برفع اليجا اعتماداً على الآيات 157-158 من سورة النساء .
- ويقول : " أعلم أنكم تظنون أن اليجا محمد قد مات ولكنني أقف لكي أشهد للعالم أنه حي وبصحبة جيدة وهو ذو نفوذ ".
" إنني شاهد له وإننا شهداء له . وهو مكتوب في القرآن : (( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا .. )) . الخ . وفي مكان آخر يقول القرآن (( شبه له )) أنه مات ، وهذا هو مكر الله فوق مكر أعداء الله الأشرار في إشارة إلى قوله تعالى في الآية 157 من سورة النساء .
محاولات لإصلاح فكر فراح خان :
قام بزيارة إلى المملكة العربية السعودية ، وعقد لقاء بينه وبين بعض المسؤولين عن الدعوة في المملكة . وقد وعد خيراً وأظهر توجهاً للفهم وللمراجعة .ولكن عندما عاد إلى أمريكا بقيت نفس أفكاره وسلوكياته دون تغيير يذكر . وإن كان قد أصبح أقل إعلاناً لها ، والذي يظهر أن الرجل غير مخلص ويبحث عن الزعامة وتتجاذبه عوامل عديدة . نسأل الله له ولكل ضال الهداية والعودة إلى الطريق المستقيم .(1/4)
الفرويدية
التعريف :
الفرويدية مدرسة في التحليل النفسي أسسها اليهودي سيجموند فرويد وهي تفسر السلوك الإنساني تفسيراً جنسياً ، وتجعل الجنس هو الدافع وراء كل شيء . كما أنها تعتبر القيم والعقائد حواجز وعوائق تقف أمام الإشباع الجنسي مما يورث الإنسان عقداً وأمراضاَ نفسية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· المؤسس وحياته :
- ولد سيجموند فرويد في 6 مايو 1856م في مدينة فريبورج بمقاطعة مورافيا بتشيكوسلوفاكيا الحالية من والدين يهوديين .
- استقرت أسرة أبيه في كولونيا بألمانيا زمناً طويلاً .
- ولدت أمه بمدينة برودي في الجزء الشمالي من غاليسيا ولما شبت تزوجت من جاكور فرويد والد سيجموند فرويد حيث أنجبت له سبعة أبناء .
- وغاليسا مدينة ببولندا جاء منها والد فرويد وكانت معقلاً رئيسياً ليهود شرق أوروبا ، وبسبب ظروف الشغب رحلت الأسرة إلى برسلاو بألمانيا وعمر سيجوند حينها ثلاث سنوات ، ثم رحلوا مرة أخرى إلى فيينا حيث أمضى معظم حياته وبقي فيها إلى سنة 1938م حيث هاجرها إلى لندن ليقضي أيامه الأخيرة فيها مصاباً بسرطان في خده وقد أدركته الوفاة في 23 سبتمبر 1939م .
- تلقى تربيته الأولى وهو صغير على يدي مربية كاثوليكية دميمة عجوز متشددة كانت تصحبه معها أحياناً إلى الكنيسة مما شكل عنده عقدة ضد المسيحية فيما بعد .
- نشأ يهودياً ، وأصدقاؤه من غير اليهود نادرون إذ كان لا يأنس لغير اليهود ولا يطمئن إليهم .
- دخل الجامعة عام 1873م وعقب على ذلك بأنه يرفض رفضاً قاطعاً أن يشعر بالدونية والخجل من يهوديته . لكن هذا الشعور الموهوم بالاضطهاد ظل يلاحقه على الرغم من احتلاله أرقى المناصب .(1/1)
- في سنة 1885م غادر فيينا إلى باريس وتتلمذ على شاركوت مدة عام حيث كان أستاذه هذا يقوم بالتنويم المغناطيسي لمعالجة الهستيريا وقد أعجب فرويد به عندما أكد له بأنه في حالة من حالات الأمراض العصبية لا بد من وجود اضطراب في الحياة الجنسية للمريض .
- أخذ يتعاون مع جوزيف بروير 1842-1925م وهو طبيب نمساوي صديق لفرويد ، وهو فيزيولوجي في الأصل لكنه انتقل إلى العمل الطبي إذ كان ممن يستعملون التنويم المغناطيسي أيضاً .
- بدأ الاثنان باستعمال طريقة التحدث مع المرضى فنجحا بعض النجاح ونشرا أبحاثهما في عامي 1893-1895م وصارت طريقتهما مزيجاً من التنويم والتحديث ، ولم يمض وقت طويل حتى أنصرف بروير عن الطريق كلها .
- تابع فرويد عمله تاركاً طريقة التنويم معتمداً على طريقة التحدث طالباً من المريض أن يضطجع ويتحدث مفصحاً عن كل خواطره ، وسماها طريقة ( الترابط الحر ) سالكاً طريق رفع الرقابة عن الأفكار والذكريات ، وقد نجحت طريقته هذه أكثر من الطريقة الأولى .
- أخذ يطلب من مريضه أن يسرد عليه حلمه الذي شاهده في الليلة الماضية ، مستفيداً منه في التحليل ، وقد وضع كتاب تفسير الأحلام الذي نشره سنة 1900م ، ثم كتاب علم النفس المرضي للحياة اليومية . ثم توالت كتبه وصار للتحليل النفسي مدرسة سيكولوجية صريحة منذ ذلك الحين .
- انضم عام 1895م إلى جمعية بناي برث أي أبناء العهد ، وكان حينها في التاسعة والثلاثين من عمره ، وهذه الجمعية لا تقبل بين أعضائها غير اليهود .
- كان يعرف تيودور هرتزل الذي ولد عام 1860م ، كما سعيا معاً لتحقيق أفكار واحدة لخدمة الصهيونية التي ينتميان إليها ، مثل فكرة معاداة السامية التي ينشرها هرتزل سياسياً ويحللها فرويد نفسياً .
· من أصحابه وتلاميذه :
- لارنست جونز ، مؤرخ السيرة الفرويدية ، مسيحي مولداُ ، ملحد فكراً يهودي شعوراً ووجداناً ، حتى إنهم خلعوا عليه لقب : اليهودي الفخري .(1/2)
- أوتو رانك 1884-1939م قام بوضع نظرية تقوم أساساً على أفكار فرويد الأصلية مع شيء من التعديل الهام .
- الفرد آدلر : ولد في فيينا 1870-1937م ، وقد انضم إلى جماعة فرويد مبكراً لكنه افترق عنه بعد ذلك مؤسساً مدرسة سماها مدرسة علم النفس الفردي مستبدلاً بالدوافع الجنسية عند فرويد عدداً من الدوافع الاجتماعية مع التأكيد على الإرادة القوية والمجهودات الشعورية .
- كارل جوستاف يونج 1875-1961م ولد في زيورخ ، وهو مسيحي ، نصبه فرويد رئيساً للجمعية العالمية للتحليل النفسي ، لكنه خرج على أستاذه معتقداً بأن هذه المدرسة التحليلية ذات جانب واحد وغير ناضجة ، وكان لخروجه أثر بالغ على فرويد . وضع نظرية السيكولوجيا التحليلية مشيراً إلى وجود قوة دافعة أكبر هي طاقة الحياة مؤكداً على دور الخبرات اللاشعورية المتصلة بالعرق أو العنصر .
· الفرويديون المحدثون :
- حدث انسلاخ كبير عن الفرويدية الأصلية ، وذلك عندما تكونت الفرويدية الحديثة التي كان مركزها مدرسة واشنطن للطب العقلي ، وكذلك معهد إليام ألانسون هوايت في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي مدرسة تتميز بالتأكيد على العوامل الاجتماعية معتقدة أن ملامح الإنسان الأساسية إيجابية ، وهم يلحون على نقل التحليل النفسي إلى علم الاجتماع للبحث عن أصول الحوافز البشرية في تلبية مطالب الوضع الاجتماعي ، ومن أبرز شخصياتهم :
- أريك فروم : ظهر بين 1941-1947م . كان ينظر إلى الإنسان على أنه مخلوق اجتماعي بالدرجة الأولى بينما ينظر إليه فرويد على أنه مخلوق مكتف بذاته ، تحركه عوامل غريزية .
- كارن هروني : استعملت طريقة فرويد خمسة عشر عاماً في أوروبا وأمريكا إلا أنها أعادت النظر فيها إذ وضعت نظرية جديدة تحرر فيها التطبيق العلاجي من كثير من القيود التي تفرضها النظرية الفرويدية .(1/3)
- وعلى الرغم من ذلك فإن الفرويديين المحدثين ما يزالون متمسكين بأشياء كثيرة من نظرية فرويد الأصلية مثل :
1- أهمية القوى الانفعالية بوصفها مضادة للدفع العقلي والارتكاسات الاشراطية وتكوين العادات .
2- التداعي اللاشعوري .
3- الكبت والمقاومة وأهمية ذلك في التحليل أثناء العلاج .
4- الاهتمام بالنزاعات الداخلية وأثرها على التكوين النفسي .
5- التأثير المستمر للخبرات الطفولية المبكرة .
6- طريقة التداعي الحر ، وتحليل الأحلام ، واستعمال حقيقة النقل .
الأفكار والمعتقدات :
· الأسس النظرية :
- الأسس الثلاثة التي تركز عليها المدرسة التحليلية هي : الجنس - الطفولة - الكبت . فهي مفاتيح السيكولوجية الفرويدية .
- نظرية الكبت : هي دعامة نظرية التحليل النفسي وهي أهم قسم فيه إذ إنه لا بد من الرجوع إلى الطفولة المبكرة وإلى الهجمات الخيالية التي يراد بها إخفاء فاعليات العشق الذاتي أيام الطفولة الأولى إذ تظهر كل الحياة الجنسية للطفل من وراء هذه الخيالات .
- يعتبر فرويد مص الأصابع لدى الطفل نوعاً من السرور الجنسي الفمي ومثل ذلك عض الأشياء ، فيما يعد التغوط والتبول نوعاً من السرور الجنسي الأستي كما أن الحركات المنتظمة للرجلين واليدين عند الطفل إنما هي تعبيرات جنسية طفولية .
- اللبيدو طاقة جنسية أو جوع جنسي ، وهي نظرية تعتمد على أساس التكوين البيولوجي للإنسان الذي تعتبره حيواناً بشرياً فهو يرى أن كل ما نصرح بحبه أو حب القيام به في أحاديثنا الدارجة يقع ضمن دائرة الدافع الجنسي . فالجنس عنده هو النشاط الذي يستهدف اللذة وهو يلازم الفرد منذ مولده إذ يصبح الأداة الرئيسية التي تربط الطفل بالعالم الخارجي في استجابته لمنبهاته .(1/4)
- الدفع : يقول بأن كل سلوك مدفوع ، فإلى جانب الأفعال الإرادية التي توجهها الدوافع والتمنيات هناك الأفعال غير الإرادية أو العارضة . فكل فهوة مثلاً ترضى تمنياً وكل نسيان دافعه رغبة في إبعاد ذلك الشيء .
- الشلل أو العمى انقلاب لديه قد يكون سببه الهروب من حالة صعبة يعجز الإنسان عن تحقيقها ، وهذا يسمى انقلاب الرغبة إلى عرض جسدي .
- الحلم عنده هو انحراف عن الرغبة الأصلية المستكنة في أعماق النفس وهي رغبة مكبوتة يقاومها صاحبها في مستوى الشعور ويعيدها إلى اللاشعور ، وأثناء النوم عندما تضعف الرقابة تأخذ طريقها باحثة لها عن مخرج .
- يتكلم فرويد عن تطبيق مبدأين هما اللذة والواقع فالإنسان يتجه بطبيعته نحو مبدأ اللذة العاجلة لمباشرة الرغبة لكنه يواجه بحقائق الطبيعة المحيطة به فيتجنب هذه اللذة التي تجلب له آلاماً أكبر منها أو يؤجل تحقيقها .
- يفترض فرويد وجود غريزتين ينطوي فيهما كل ما يصدر عن الإنسان من سلوك وهما غريزة الحياة وغريزة الموت . غريزة الحياة تتضمن مفهوم اللبيدو وجزءاً من غريزة حفظ الذات ، أما غريزة الموت فتمثل نظرية العدوان والهدم موجهة أساساً إلى الذات ثم تنتقل إلى الآخرين .
- الحرب لديه إنما هي محاولة جماعية للإبقاء على الذات نفسياً ، والذي لا يحارب إنما يعرض نفسه لاتجاه العدوان إلى الداخل فيفني نفسه بالصراعات الداخلية ، فالأولى به أن يفني غيره إذن ، والانتحار هو مثل واضح لفشل الفرد في حفظ حياته . وهذا المفهوم إنما يعطي تبريراً يريح ضمائر اليهود أصحاب السلوك العدواني المدمر .
- اللأشعور : هو مستودع الدوافع البدائية الجنسية وهو مقر الرغبات والحاجات الانفعالية المكبوتة التي تظهر في عثرات اللسان والأخطاء الصغيرة والهفوات وأثناء بعض المظاهر الغامضة لسلوك الإنسان . إنه مستودع ذو قوة ميكانيكية دافعة وليس مجرد مكان تلقى إليه الأفكار والذكريات غير الهامة .(1/5)
- الـ(هو) : مجموعة من الدوافع الغريزية الموجودة لدى الطفل عند ولادته التي تحتاج إلى شعور الموجه ، وهي غرائز يشترك فيه الجنس البشري بكافة . إنها باطن النفس ، وقد نتجت عن (الأنا) إلا أنها تبقى ممزوجة بها في الأعماق أي حينما تكون (الأنا) لا شعورية ، وهي تشمل القوى الغريزية الدافعة ، فإذا ما كبتت هذه الرغبات فإنها تعود إلى الـ(هو) .
- (الأنا) : بعد قليل من ميلاد الطفل يزداد شعوراً بالواقع الخارجي فينفصل جزء من مجموعة الدوافع الـ(هي) لتصبح ذاتاُ ووظيفتها الرئيسية هي اختيار الواقع حتى يستطع الطفل بذلك تحويل استجاباته إلى سلوك منظم يرتبط بحقائق الواقع ومقتضياته ، إنها ظاهرة النفس التي ترتبط بالمحيط .
- (الأنا العليا) : هي الضمير الذي يوجه سلوك الفرد والجانب الأكبر منه لا شعوري وهو ما نسميه بالضمير أو الوجدان الأخلاقي ، لها زواجر وأوامر تفرضها على (الأنا) ، وهي سمة خاصة بالإنسان ، إذ إنها أمور حتمية صادرة من العالم الداخلي .
- النقل : وهي أن المريض قد ينقل حبه أو بغضه المكبوت في أعماق الذكريات إلى الطبيب مثلاً خلال عملية المعالجة . وقد تعرض بروير لحب واحدة من اللواتي كان يعالجهن إذ نقلت عواطفها المكبوتة إليه ، فكان ذلك سبباً في انصرافه عن هذه الطريقة بينما تابع فرويد عمله بمعالجة الواحدة منهن عواطفها مرة أخرى والوصول بها إلى الواقع .
- استفاد كثيراً من عقدة أوديب تلك الأسطورة التي تقول بأن شخصاً قد قتل أباه وتزوج أمه وأنجب منها وهو لا يدري . ولما علم بحقيقة ما فعل سمل عينيه ، فقد استغلها فرويد في إسقاطات نفسية كثيرة واعتبرها مركزاً لتحليلاته المختلفة .
- شخصية الإنسان هي حصيلة صراع بين قوى ثلاث:دوافع غريزية ، واقع خارجي ، ضمير وهي أمور رئيسية تتحدد بشكل ثابت بانتهاء الموقف الأوديبي حوالي السنة الخامسة أو السادسة من العمر .
· الآثار السلبية للفرويدية :(1/6)
- لم ترد في كتب وتحليلات فرويد أية دعوة صريحة إلى الانحلال - كما يتبادر إلى الذهن - وإنما كانت هناك إيماءات تحليلية كثيرة تتخلل المفاهيم الفرويدية تدعو إلى ذلك . وقد استفاد الإعلام الصهيوني من هذه المفاهيم لتقديمها على نحو يغري الناس بالتحلل من القيم وييسر لهم سبله بعيداً عن تعذيب الضمير .
- كان يتظاهر بالإلحاد ليعطي لتفكيره روحاً علمانية ، ولكنه على الرغم من ذلك كان غارقاً في يهوديته من قمة رأسه إلى أخمص قدميه .
- كان يناقش فكرة معاداة السامية وهي ظاهرة كراهية اليهود ، هذه النغمة التي يعزف اليهود عليها لاستدرار العطف عليهم ، وقد رد هذه الظاهرة نفسياً إلى اللاشعور وذلك لعدة أسباب :
1- غيرة الشعوب الأخرى من اليهود لأنهم أكبر أبناء الله وآثرهم عنده حاشا الله .
2- تمسك اليهود بطقس الختان الذي ينبه لدى الشعوب الأخرى خوف الخصاء ويقصد بذلك النصارى لأنهم لا يختتنون .
3- كراهية الشعوب لليهود هو في الأصل كراهية للنصارى ، وذلك عن طريق النقل إذ أن الشعوب التي تنزل الاضطهاد النازي باليهود إنما كانت شعوباً وثنية في الأصل ، ثم تحولت إلى النصرانية بالقوة الدموية ، فصارت هذه الشعوب بعد ذلك حاقدة على النصرانية لكنها بعد أن توحدت معها نقلت الحقد إلى الأصل الذي يعتمد عليه النصرانية ألا وهو اليهودية .
- يركن إلى إشباع الرغبة الجنسية ، وذلك لأن الإنسان صاحب الطاقة الجنسية القوية والذي لا تسمح له النصرانية إلا بزوجة واحدة ، إما أن يرفض قيود المدنية ويتحرر منها بإشباع رغباته الجنسية وإما يكون ذا طبيعة ضعيفة لا يستطيع الخروج على هذه القيود فيسقط صاحبها فريسة للمرض النفسي ونهباً للعقد النفسية .
- يقول بأن الامتناع عن الاتصال الجنسي قبل الزواج قد يؤدي إلى تعطيل الغرائز عند الزواج .(1/7)
- عقد فصلاً عن تحريم العذرة وقال بأنها تحمل مشكلات وأمراضاً لكلا الطرفين ، واستدل على ذلك بأن بعض الأقوام البدائية كانت تقوم بإسناد أمر فض البكارة لشخص آخر غير الزوج ، وذلك ضمن احتفال وطقس رسمي .
- لقد برز عشق المحارم لأن اليهود أكثر الشعوب ممارسة له بسبب انغلاق مجتمعهم الذي يحرم الزواج على أفراده خارج دائرة اليهود ، وهو يرجع هذا التحريم إلى قيود شديدة كانت تغل الروح وتعطلها ، وهو بذلك يساعد اليهود أولاً على التحرر من مشاعر الخطيئة كما يسهل للأخرين اقتحام هذا الباب الخطير بإسقاط كل التحريمات واعتبارها قيوداً وأغلالاً وهمية . وقد استغل اليهود هذه النظرية وقاموا بإنتاج عدد من الأفلام الجنسية الفاضحة التي تعرض نماذج من الزنى بالمحارم .
- لم يعتبر التصعيد أو الإعلاء - كما يسميه - إلا طريقاً ضعيفاً للتخلص من ضغط الدافع الجنسي إذ أن هذا الطريق لن يتيسر خلال مرحلة الشباب إلا لقلة ضئيلة من الناس وفي فترات متقطعة وبأكبر قدر من العنت والمشقة ، أما الباقون - وهم الغالبية العظمى - فليس أمامهم إلا المرض النفسي يقعون صرعاه . كما أن أصحاب التصعيد هؤلاء إنما هم ضعاف يضيعون في زحمة الجماهير التي تنزع إلى السير بإرادة مسلوبة وراء زعامة الأقوياء .
- في كفاحه ضد القيود ، والأوامر العليا الموجهة إلى النفس ، صار إلى محاربة الدين واعتبار لوناً من العصاب النفسي الوسواسي .
- تطورت فكرة الألوهية لديه على النحو التالي .
1- كان الأب هو السيد الذي يملك كل الإناث في القبيلة ويحرمها على ذكورها.
2- قام الأبناء بقتل الأب ، ثم التهموا جزاء نيئاً من لحمه للتوحد معه لأنهم يحبونه .
3- صار هذا الأب موضع تبجيل وتقدير باعتباره أباهم اصلاً .
4- ومن ثم اختاروا حيواناً مرهوباً لينقلوا إليه هذا التبجيل فكان الحيوان هو الطوطم .
5- الطوطمية أول صورة للدين في التاريخ البشري .(1/8)
6- كانت الخطوة الأولي بعد ذلك هي التطور نحو الإله الفرد ، فتطورت معها فكرة الموت الذي صار بهذا الاعتبار خطوة إلى حياة أخرى يلقى الإنسان فيها جزاء ما قدم .
7- الله -إذن- هو بديل الأب أو بعبارة أصح هو أب عظيم ، أو هو صورة الأب كما عرفها المرء في طفولته .
- نخلص من هذا إلى أن العقائد الدينية - في نظره - أوهام لا دليل عليها ، فبعضها بعيد عن الاحتمال ولا يتفق مع حقائق الحياة ، وهي تقارن بالهذيان ، ومعظمها لا يمكن التحقق من صحتته ، ولا بد من مجيء اليوم الذي يصغي فيه الإنسان لصوت العقل .
- حديثه عن الكبت فيه إيحاءات قوية وصارخة بأن الوقاية منه تكمن في الانطلاق والتحرر من كل القيود ، كما يحرم الإدانة الخلقية على أي عمل يأتيه المريض مركزاً على الآثار النفسية المترتبة على هذه الإدانة في توريثه العقد المختلفة مما يحرفه عن السلوك السوي .
· مما ساعد على انتشار أفكاره ما يلي :
1- الفكر الدارويني الذي أرجع الإنسان إلى أصول حيوانية مادية .
2- الاتجاه العقلاني الذي ساد أوروبا حينذاك .
3- الفكر العلماني الذي صبغ الحياة بثورته ضد المفاهيم الدينية ثانياً .
4- اليهود الذين قدموا فكرة للإنسانية باستخدام مختلف الوسائل الإعلامية بغية نشر الرذيلة والفساد وتسهيل ذلك على ضمير البشرية ليسهل عليهم قيادة هذه الرعاع من الشعوب اللاهثة وراء الجنس ، المتحللة من كل القيود والقيم .
· من أكبر الآثار المدمرة لآراء فرويد ، أن الإنسان حين كان يقع في الإثم كان يشعر بالذنب وتأنيب الضمير ، فجاء فرويد ليريحه من ذلك ، ويوهمه بأنه يقوم بعمل طبيعي لا غبار عليه ، وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى توبة ، وبذلك أضفى على الفساد صفة أخلاقية إذا صح التعبير .(1/9)
· ألف نحو ثلاثين كتاباً في الدراسات النفسية من أشهرها : الذات والذات السفلى والطواطم والمحرمات وتفسير الأحلام ، وثلاث مقالات في النظرية الحسية والأمراض النفسية المنتشرة في الحياة اليومية . وكلها تدور - من زوايا مختلفة - حول موضوع واحد مكرر فيها جميعاً هو التفسير الجنسي للسلوك البشري .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· لقد دخل التنويم المغناطيسي إلى حقل العلم والطب على يد مسمر 1780م إلى أنه قد مزج بكثير من الدجل مما نزع بالأطباء إلى أن ينصرفوا عنه انصرافاً دام حتى أيام مدرستي باريس ونانسي .
· لقد كان الدكتور شاركوت 1825-1893م أبرز شخصيات مدرسة باريس ، إذ كان يعالج المصابين بالهستيريا عن طريق التنويم المغناطيسي .
· من تلاميذ شاركوت بيير جانه الذي اهتم بالأفعال العصبية غير الشعورية والتي سماها الآليات العقلية .
· ساهمت مدرسة نانسي بفرنسا في التنويم المغناطيسي المعتدل وقالت إنها أمر وقد استعملته هذه المدرسة في معالجة الحالات العصبية .
· أما فرويد فقد أخذ الأسس النظرية ممن سبقه ، وأدخل أفكاره في تحليل التنويم المغناطيسي باستخدام طريقة التداعي الحر . لكن لهذا الوجه العلمي الظاهر وجه آخر هو التراث اليهودي الذي استوحاه فرويد واستخلص منه معظم نظرياته التي قدمها للبشرية خدمة لأهداف صهيون .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· بدأت هذه الحركة في فيينا ، وانتقلت إلى سويسرا ، ومن ثم عمت أوروبا ، وصارت لها مدارس في أمريكا .
· وقد حملت الأيام هذه النظرية إلى العالم كله عن طريق الطلاب الذين يذهبون إلى هناك ويعودون لنشرها في بلادهم .
· تلاقي هذه الحركة اعتراضات قوية من عدد من علماء النفس الغربيين اليوم .
ويتضح مما سبق :(1/10)
أن الفرويدية تدعو إلى التحرر من كل القيود لأنها تسبب العقد النفسية والاضطرابات العصبية ، وبذلك تريد للمجتمع أن يكون بلا دين ولا أخلاق ولا تقاليد فتتسع هوة الرذيلة والفساد وتسهل لليهود السيطرة على الشعوب المتحللة خدمة لأهداف الصهيونية . وبطبيعة الحال فإنها تنادي بأن الدين الذي يضع الضوابط لطاقة الجنس لا يستحق الاتباع ولا يستوجب الاحترام .(1/11)
القاديانية الأحمدية
التعريف :
القاديانية حركة نشأت سنة 1900 م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية ، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص ، حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام ، وكان لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية .
أبرز الشخصيات :
· كان مرزا غلام أحمد القادياني 1839-1908م أداة التنفيذ الأساسية لإيجاد القاديانية . وقد ولد في قرية قاديان من بنجاب في الهند عام 1839م ، وكان ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن ، وهكذا نشأ غلام أحمد وفياً للاستعمار مطيعاً له في كل حال ، فاختير لدور المتنبئ حتى يلتف حوله المسلمون وينشغلوا به عن جهادهم للاستعمار الإنجليزي . وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم ، فأظهروا الولاء لها ، وكان غلام أحمد معروفاً عند أتباعه باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات .
- وممن تصدى له ولدعوته الخبيثة ، الشيخ أبو الوفاء ثناء الله الأمرتستري أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند ، حيث ناظره وأفحم حجته ، وكشف خبث طويته ، وكفر وانحراف نحلته . ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده باهله الشيخ أبو الوفا على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق ، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك المرزا غلام أحمد القادياني في عام 1908م مخلفاً أكثر من خمسين كتاباً ونشرة ومقالاً ، ومن أهم كتبه : إزالة الأوهام ، إعجاز أحمدي ، براهين أحمدية ، أنوار الإسلام ، إعجاز المسيح ، التبليغ ، تجليات إلهية .
· نور الدين : الخليفة الأول للقاديانية ، وضع الإنجليز تاج الخلافة على رأسه فتبعه المريدون . من مؤلفاته : فصل الخطاب .(1/1)
· محمد علي وخوجه كمال الدين : أمير القاديانية اللاهورية ، وهما منظرا القاديانية وقد قدم الأول ترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية ومن مؤلفاته : حقيقة الاختلاف ، النبوة في الإسلام ، والدين الإسلامي . أما الخوجه كمال الدين فله كتاب المثل الأعلى في الأنبياء وغيره من الكتب ، وجماعة لاهور هذه تنظر إلى غلام أحمد ميرزا على انه مجدد فحسب ، ولكنهما يعتبران حركة واحدة تستوعب الأولى ماضاقت به الثانية وبالعكس .
· محمد علي : أمير القاديانية اللاهورية ، وهو منظر القاديانية وجاسوس الاستعمار والقائم على المجلة الناطقة باسم القاديانية ، قدم ترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية . من مؤلفاته : حقيقة الاختلاف ، النبوة في الإسلام على ما تقدم .
· محمد صادق : مفتي القاديانية ، من مؤلفاته : خاتم النبيين .
· بشير احمد بن الغلام : من مؤلفاته سيرة المهدي ، كلمة الفصل .
· محمود أحمد بن الغلام وخليفته الثاني : من مؤلفاته أنوار الخلافة ، تحفة الملوك ، حقيقة النبوة .
· كان لتعيين ظفر الله خان القادياني كأول وزير للخارجية الباكستانية أثر كبير في دعم هذه الفرقة الضالة حيث خصص لها بقعة كبيرة في إقليم بنجاب لتكون مركزاً عالمياً لهذه الطائفة وسموها ربوة استعارة من نص الآية القرآنية (( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين )) .[سورة المؤمنون ،الآية50] .
أهم العقائد :
· بدأ غلام أحمد نشاطه كداعية إسلامي حتى يلتف حوله الأنصار ثم ادعى أنه مجدد وملهم من الله ثم تدرج خطوة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود ثم ادعى النبوة وزعم أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
· يعتقد القاديانيون أن الله يصوم ويصلي وينام ويصحو ويكتب ويخطئ ويجامع – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - .
· يعتقد القادياني بأن الهه إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية !!! .(1/2)
· تعتقد القاديانية بأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية ، والله يرسل الرسول حسب الضرورة ، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً .
· يعتقدون أن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد وأنه كان يوحى إليه ، وأن إلهاماته كالقرآن .
· يقولون لاقرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود ( الغلام ) ، ولاحديث إلا مايكون في ضوء تعليماته ، ولانبي إلا تحت سيادة غلام أحمد .
· يعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين وهو غير القرآن الكريم .
· يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل وشريعة مستقلة وأن رفاق الغلام كالصحابة.
· يعتقدون أن قاديان كالمدينة المنورة ومكة المكرمة بل وأفضل منهما وأرضها حرم وهي قبلتهم وإليها حجهم .
· نادوا بإلغاء عقيدة الجهاد كما طالبوا بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية لأن حسب زعمهم ولي الأمر بنص القرآن !!! .
· كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل القاديانية : كما أن من تزوج أو زوج من غير القاديانيين فهو كافر .
· يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات .
الجذور العقائدية :
· كانت حركة سير سيد أحمد خان التغريبية قد مهدت لظهور القاديانية بما بثته من الأفكار المنحرفة.
· استغل الإنجليز هذه الظروف فصنعوا الحركة القاديانية واختاروا لها رجلاً من أسرة عريقة في العمالة .
· في عام 1953م قامت ثورة شعبية في باكستان طالبت بإقالة ظفر اله خان وزير الخارجية حينئذ واعتبار الطائفة القاديانية أقلية غير مسلمة ، وقد استشهد فيها حوالي العشرة آلاف من المسلمين ونجحوا في إقالة الوزير القادياني .(1/3)
· وفي شهر ربيع الأول 1394ه الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم ، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام ، وطالب المسلمون بمقاومة خطرها وعدم التعامل مع القاديانيين وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين .
· قام مجلس الأمة في باكستان ( البرلمان المركزي ) بمناقشة زعيم الطائفة مرزا ناصر أحمد والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله . وقد استمرت هذه المناقشة قرابة الثلاثين ساعة عجز فيها ناصر أحمد عن الأجوبة وانكشف النقاب عن كفر هذه الطائفة ، فأصدر المجلس قراراً باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة .
· من موجبات كفر الميرزا غلام أحمد الاتي :
- ادعاؤه النبوة .
- نسخه فريضة الجهاد خدمة للاستعمار .
- إلغاؤه الحج إلى مكة وتحويله إلى قاديان .
- تشبيهه الله تعالى بالبشر .
- إيمانه بعقيدة التناسخ والحلول .
- نسبته الولد إلى الله تعالى وادعاؤه أنه ابن الإله .
- إنكاره ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وفتح بابها لكل من هب ودب .
· للقاديانية علاقات وطيدة مع إسرائيل وقد فتحت لهم إسرائيل المراكز والمدارس ومكنتهم من إصدار مجلة تنطق باسمهم وطبع الكتب والنشرات لتوزيعها في العالم .
· تأثرهم بالمسيحية واليهودية والحركات الباطنية واضح في عقائدهم وسلوكهم رغم ادعائهم الإسلام ظاهرياً .
· أماكن الإنتشار :
· معظم القاديانيين يعيشون الآن في الهند وباكستان وقليل منهم في إسرائيل والعالم العربي ويسعون بمساعدة الاستعمار للحصول على المراكز الحساسة في كل بلد يستقرون فيه .
· وللقاديانيين نشاط كبير في أفريقيا ، وفي بعض الدول الغربية ، ولهم في أفريقيا وحدها مايزيد عن خمسة آلاف مرشد وداعية متفرغين لدعوة الناس إلى القاديانية ، ونشاطهم الواسع يؤكد دعم الجهات الاستعمارية لهم .(1/4)
· هذا وتحتضن الحكومة الإنجليزية هذا المذهب وتسهل لأتباعه التوظف بالدوائر الحكومية العالمية في إدارة الشركات والمفوضيات وتتخذ منهم ضباطاً من رتب عالية في مخابراتها السرية .
· نشط القاديانيون في الدعوة إلى مذهبهم بكافة الوسائل ، وخصوصاً الثقافية منها حيث أنهم مثقفون ولديهم كثير من العلماء والمهندسين والأطباء . ويوجد في بريطانيا قناة فضائية باسم التلفزيون الإسلامي يديرها القاديانية .(1/5)
القرامطة
التعريف :
القرامطة حركة باطنية هدامة تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من خوزستان في الأهواز ثم رحل إلى الكوفة . وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري ، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· يتضح لنا تطور الحركة من خلال دراسة شخصياتها الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون المجوسية وتركوا أثراً بارزاً على سيرهم وتشكلها عبر مسيرة طويلة من الزمن :
- بدأ عبد الله بن ميمون القداح رأس الأفعى القرامطية بنشر المبادئ الإسماعيلية في جنوب فارس سنة 260هـ .
- ومن ثم كان له داعية في العراق اسمه الفرج بن عثمان القاشاني المعروف بذكرويه الذي أخذ يبث الدعوة سراُ .
- وفي سنة 278 هـ نهض حمدان قرمط بن الأشعث يبث الدعوة جهراً قرب الكوفة ثم بنى داراً سماها دار الهجرة وقد جعل الصلاة خمسين صلاة في اليوم .
- هرب ذكرويه واختفى عشرين عاماً ، وبعث أولاده متفرقين في البلاد يدعون للحركة .
- استخلف ذكرويه أحمد بن القاسم الذي بطش بقوافل التجار والحجاج وهزم في حمص وسيق ذكرويه إلى بغداد وتوفي سنة 294هـ .
· قام بالأمر بعده ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام ويعرف بأبي طاهر الذي استولى على كثير من بلاد الجزيرة العربية ودام ملكه فيها 30 سنة ، ويعتبر مؤسس دولة القرامطة الحقيقي ومنظم دستورها السياسي الإجتماعي ، بلغ من سطوته أن دفعت له حكومة بغداد الاتاوة ومن أعماله الرهيبة أنه :
- فتك هو ورجاله بالحجاج حين رجوعهم من مكة ونهبوهم وتركوهم في الفقر حتى هلكوا .
- ملك الكوفة أيام المقتدر 295-320هـ لمدة ستة أيام استحلها فيهم .(1/1)
- هاجم مكة عام 319هـ ، وفتك بالحجاج ، وهدم زمزم ، وملأ المسجد بالقتلى ، ونزع الكسوة ، وقلع البيت العتيق ، واقتلع الحجر الأسود ، وسرقه إلى الأحساء ، وبقي الحجر هناك عشرين سنة إلى عام 339هـ .
· توفي سليمان فآلت الأمور لأخيه الحسن الأعصم الذي قوي أمره واستولى على دمشق سنة 360هـ ، ثم توجه إلى مصر ودارت معارك مع الخلافة الفاطمية ،لكن الأعصم ارتد وانهزم القرامطة وتراجعوا إلى الأحساء .
· خلع القرامطة الحسن لدعوته لبني العباس ، أسند الأمر إلى رجلين هما جعفر وإسحاق اللذان توسعا ثم دار الخلاف بينهما وقاتلهم الأصفر التغلبي الذي ملك البحرين والأحساء وأنهى شوكتهم ودولتهم .
· وللمجتمع القرمطي ملامحه المتميزة إذ تشكلت في داخله أربع طبقات اجتماعية متميزة :
- الطبقة الأولى : وتسميهم رسائل إخوان الصفا " الإخوان الأبرار الرحماء " وتشمل الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين خمس عشرة وثلاثين سنة . وهم ممن على استعداد لقبول الأفكار القرمطية عقيدة وتمثلاُ في نفوسهم .
- الطبقة الثانية : ويعرفون بـ"الإخوان الأخيار الفضلاء " وتشمل من كانت أعمارهم بين الثلاثين والأربعين سنة وهي مرتبة الرؤساء ذوي السياسات ، ويكلفون بمراعاة " الإخوان " وتعهدهم وإظهار العطف عليهم ومساعدتهم .
- الطبقة الثالثة : وتشمل أولئك الذين هم بين الأربعين والخمسين من العمر ، ممن يعرفون الناموس الإلهي وفق المفهوم القرمطي ويتمتعون بحق الأمر والنهي ودعم الدعوة القرمطية ودفع خصومها ، وهؤلاء هم الذين ألفوا الرسائل العقائدية القرمطية وعمموها في الآفاق .(1/2)
- الطبقة الرابعة : ويطلق على أصحاب هذه الطبقة اسم " المريدون " ثم " المعلمون " ثم " المقربون " إلى الله وتشمل من تجاوزت أعمارهم الخمسين سنة ؛ وهي أعلى المراتب القرمطية ، من يبلغها يكون في نظر هذه الفرقة من الناموس والطبيعة ويصبح من أهل الكشف اللدني إذ يستطيع رؤية أحوال القيامة من البعث والنشور والحساب والميزان ...
الأفكار والمعتقدات :
· حينما قام القرامطة بحركتهم أظهروا بعض الأفكار والآراء التي تزعمون أنهم يقاتلون من أجلها ، فقد نادوا بأنهم يقاتلون من أجل آل البيت ، وإن لم يكن آل البيت قد سلموا من سيوفهم .
· ثم أسسوا دولة شيوعية تقوم على شيوع الثروات وعدم احترام الملكية الشخصية .
· يجعلون الناس شركاء في النساء بحجة استئصال أسباب المباغضة فلا يجوز لأحد أن يحجب امرأته عن إخوانه وأشاعوا أن ذلك يعمل زيادة الألفة والمحبة ( وهذا ما كان عليه المزدكيون الفارسيون من قبل ) .
· إلغاء أحكام الإسلام الأساسية كالصوم والصلاة وسائر الفرائض الأخرى .
· استخدام العنف ذريعة لتحقيق الأهداف .
· يعتقدون بإبطال القول بالمعاد والعقاب وأن الجنة هي النعيم في الدنيا والعذاب هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد .
· ينشرون معتقداتهم وأفكارهم بين العمال والفلاحين والبدو الجفاء وضعفاء النفوس وبين الذين يميلون إلى عاجل اللذات ، وأصبح القرامطة بذلك مجتمع ملاحدة وسفاكين يستحلون النفوس والأموال والأعراض .
· يقولون بالعصمة وإنه لا بد في كل زمان من إمام معصوم يؤول الظاهر ويساوي النبي في العصمة ، ومن تأويلاتهم :
- الصيام : الامساك عن كشف السر .
- البعث : الاهتداء إلى مذهبهم .
- النبي : عبارة عن شخص فاضت عليه من الإله الأول قوة قدسية صافية .
- القرآن : هو تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه ومركب من جهته وسمي كلام الله مجازاً .(1/3)
· يفرضون الضرائب على أتباعهم إلى حد يكاد يستغرق الدخل الفردي لكل منهم .
· يقولون بوجود إلهين قديمين أحدهما علة لوجود الثاني ، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه ، الأول تام والثاني ناقص ، والأول لا يوصف بوجود ولا عدم فلا هو موصوف ولا غير موصوف .
· يدخلون على الناس من جهة ظلم الأمة لعلي بن أبي طالب وقتلهم الحسين .
· يقولون بالرحمة وأن علياُ يعلم الغيب فإذا تمكنوا من الشخص أطلعوه على حقيقتهم في إسقاط التكاليف الشرعية وهدم الدين .
· يعتقدون بأن الأئمة والأديان والأخلاق ليست إلا ضلالاً .
· يدعون إلى مذهبهم اليهود والصابئة والنصارى والمجوسية والفلاسفة وأصحاب المجون والملاحدة والدهريين ، ويدخلون على كل شخص من الباب الذي يناسبه .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· فلسفتهم مادية تسربت إليها تعاليم الملاحدة والمتآمرين من أئمة الفرس .
· تأثروا بمبادئ الخوارج الكلامية والسياسية ومذاهب الدهرية .
· يتعلقون بمذاهب الملحدين من مثل مزدك وزرادشت .
· أساس معتقدهم ترك العبادات والمحظورات وإقامة مجتمع يقوم على الإباحية والشيوع في النساء والمال .
· فكرتهم الجوهرية هي حشد جمهور كبير من الأنصار ودفعهم إلى العمل لغاية يجهلونها .
الانتشار ومواقع النفوذ :(1/4)
دامت هذه الحركة قرابة قرن من الزمان ، وقد بدأت من جنوبي فارس وانتقلت إلى سواد الكوفة والبصرة وامتدت إلى الأحساء والبحرين واليمن وسيطرت على رقعة واسعة من جنوبي الجزيرة العربية والصحراء الوسطى وعمان وخراسان . وقد دخلوا مكة واستباحوها واحتلوا دمشق ووصلوا إلى حمص والسلمية . وقد مضت جيوشهم إلى مصر وعسكرت في عين شمس قرب القاهرة ثم انحسر سلطانهم وزالت دولتهم وسقط آخر معاقلهم في الأحساء والبحرين . هذا ومما يلاحظ الآن أن هناك كتابات مشبوهة تحاول أن تقدم حركة القرامطة وغيرها من حركات الردة على أنها حركات إصلاحية وأن قادتها رجال أحرار ينشدون العدالة والحرية .
ويتضح مما سبق :
أن هذه الحركة كان هدفها محاربة الإسلام بكل الوسائل وذلك بارتكاب الكبائر وهتك الأعراض وسفك الدماء والسطو على الأموال وتحليل المحرمات بين أتباعهم حتى يجمعوا عليهم أصحاب الشهوات والمراهقين وأسافل الناس ، وتعتبر عقائدها نفسها عقائد الإسماعيلة في خلاف في بعض النواحي التطبيقية التي لم يستطيع الإسماعيلة تطبيقها خوفاً من ثورة الناس عليهم ويخرجهم من حظيرة الإسلام عقائدهم التالية :
أولاً : اعتقادهم باحتجاب الله في صورة البشر .
ثانياً : قولهم بوجود إلهين .
ثالثاً : تطبيقهم مبدأ إشاعة الأموال والنساء .
رابعاً : عدم التزامهم بتعاليم الإسلام في قليل أو كثير .
خامساً : فساد عقيدتهم في الوحي والنبوة والرسالة .
سادساً : انتهاكهم حرمات الإسلام بالاعتداء على الحجيج واقتحام الكعبة ونزع الحجر الأسود ونقله إلى مكان آخر .
سابعاً : إنكارهم للقيامة والجنة والنار .(1/5)
القومية العربية
التعريف :
حركة سياسية فكرية متعصبة ، تدعوا إلى تمجيد العرب ، وإقامة دولة موحدة لهم ، على أساس من رابطة الدم واللغة والتاريخ ، وإحلالها محل رابطة الدين . وهي صدى للفكر القومي الذي سبق أن ظهر في أوربا .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· ظهرت بدايات الفكر القومي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين متمثلة في حركة سرية تألفت من أجلها الجمعيات والخلايا في عاصمة الخلافة العثمانية ، ثم في حركة علنية في جمعيات أدبية تتخذ من دمشق وبيروت مقراً لها ، ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1912م .
وفيما يلي إشارة إلى أهم الجمعيات ذات التوجه القومي حسب التسلسل التاريخي :
- الجمعية السورية : أسسها نصارى منهم بطرس البستاني وناصيف اليازجي سنة 1847م في دمشق .
- الجمعية السورية في بيروت أسسها نصارى منهم سليم البستاني ومنيف خوري سنة 1868م .
- الجمعية العربية السرية : ظهرت سنة 1875م ولها فروع في دمشق وطرابلس وصيدا .
- جمعية حقوق الملة العربية ظهرت سنة 1881م ولها فروع كذلك ، وهي تهدف إلى وحدة المسلمين والنصارى .
- جمعية رابطة الوطن العربي أسسها نجيب عازوري سنة 1904م بباريس وألف كتاب يقظة العرب .
- جمعية الوطن العربي : أسسها خير الله سنة 1905م بباريس ، وفي هذه السنة نشر أول كتاب قومي بعنوان الحركة الوطنية العربية .
- الجمعية القحطانية ظهرت سنة 1909م وهي جمعية سرية من مؤسسيها خليل حمادة المصري .
- جمعية ( العربية القناة ) : أسسها في باريس طلاب عرب منهم محمد البعلبكي سنة 1911م .
- الكتلة النيابية العربية : ظهرت سنة 1911م .
- حزب اللامركزية : سنة 1912م .
- الجمعيات الإصلاحية : أوخر 1912م وقد قامت في بيروت ودمشق وحلب وبغداد والبصرة والموصل و تتكون من خليط من أعيان المسلمين والنصارى .(1/1)
- المؤتمر العربي في باريس : أسسه بعض الطلاب العرب سنة 1912م .
- حزب العهد :1912م وهو سري ، أنشأه ضباط عرب في الجيش العثماني .
- جمعية العلم الأخضر سنة 1913م ، من مؤسسها الدكتور فائق شاكر .
- جمعية العلم ، وقد ظهرت سنة 1914م ، في الموصل .
· هذا وقد ظلت الدعوة إلى القومية العربية محصورة في نطاق الأقليات الدينة غير المسلمة ، وفي عدد محدود من أبناء المسلمين الذين تأثروا بفكرتها ، ولم تصبح تياراً شعبياً عاماً إلا حين تبنى الدعوة إليها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حين سخر لها أجهزة إعلامه وإمكانات دولته . ويمكن أن يقال إنها الآن تعيش فترة انحسار أو جمود على الأقل .
· يعد ساطع الحصري 1880-1968م داعية القومية العربية وأهم مفكريها وأشهر دعاتها، وله مؤلفات كثيرة تعد الأساس الذي يقوم عليه فكرة القومية العربية ، ويأتي بعده في الأهمية مشيل عفلق .
الأفكار والمعتقدات :
· يعلي الفكر القومي من شأن رابطة القربى والدم على حساب رابطة الدين ، وإذا كان بعض كتاب القومية العربية يسكتون عن الدين ، فإن بعضهم الآخر يصر على إبعاده إبعاداً تاماً عن الروابط التي تقوم عليها الأمة ، بحجة أن ذلك يمزق الأمة بسبب وجود غير المسلمين فيها ويرون أن رابطة اللغة والجنس أقدر على جمع كلمة العرب من رابطة الدين .
· حيث إن أساسها إبعاد الدين الإسلامي عن معترك حياة العرب السياسية والإجتماعية والتربوية والتشريعية فإنها تعد ردة إلى الجاهلية ، وضرباً من ضروب الغزو الفكري الذي أصاب العالم الإسلامية ، لأنها في حقيقتها صدى للدعوات القومية التي ظهرت في أوروبا .(1/2)
· يصفها سماحة الشيخ ابن باز بأنها : " دعوة جاهلية إلحادية تهدف إلى محاربة الاسلام والتخلص من أحكامه وتعاليمه " . ويقول عنها : " وقد أحدثها الغربيون من النصارى لمحاربة الاسلام والقضاء عليه في داره بزخرف من القول .. فاعتنقها كثير من العرب من أعداء الإسلام واغتر بها كثير من الأغمار ومن قلدهم من الجهال وفرح بذلك أرباب الإلحاد وخصوم الإسلام في كل مكان " . ويقول أيضاً : " هي دعوة باطلة وخطأ عظيم ومكر ظاهر وجاهلية نكراء وكيد سافر للإسلام وأهله " .
· يرى دعاة الفكر القومي - على اختلاف بينهم في ترتيب مقومات هذا الفكر- أن أهم المقومات التي تقوم عليها القومية العربية هي : اللغة والدم والتاريخ ولأرض والآلام والأمال المشتركة .
· ويرون أن العرب أمة واحدة لها مقومات الأمة وأنها تعيش على أرض واحدة هي الوطن العربي الواحد الذي يمتد من الخليج إلى المحيط .
· كما يرون أن الحدود بين أجزاء هذا الوطن هي حدود طارئة ، ينبغي أن تزول وينبغي أن تكون للعرب دولة واحدة ، وحكومة واحدة ، تقوم على أساس من الفكر العلماني .
· يدعو الفكر القومي إلى تحرير الإنسان العربي من الخرافات والغيبيات والأديان كما يزعمون .
- لذلك يتبنى شعار : (( الدين لله والوطن للجميع )) . والهدف من هذا الشعار ، إقصاء الإسلام عن أن يكون له أي وجود فعلي من ناحية ، وجعل أخوة الوطن مقدمة على أخوة الدين من ناحية أخرى .
- يرى الفكر القومي أن الأديان و الأقليات والتقليد المتوارثة عقبات ينبغي التخلص منها من أجل بناء مستقبل الأمة .
- يقول عدد من قادة هذا الفكر : نحن عرب قبل عيسى وموسى ومحمد عليهم الصلاة و السلام .
· ويقرر الفكر القومي أن الوحدة العربية حقيقة أما الوحدة الإسلامية فهي حلم .
- وأن فكرة القومية العربية من التيارات الطبيعية التي تنبع من أغوار الطبيعة الإجتماعية ، لا من الآراء الاصطناعية التي يستطيع أن يبدعها الأفراد .(1/3)
- كثيراُ ما يتمثل دعاة الفكر القومي بقول الشاعر القروي .
هبوني عيداً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
- يقول بعض دعاة الفكر القومي : إن العبقرية العربية عبرت عن نفسها بأشكال شتى ، فمثلاً عبرت ذات مرة عن نفسها بشريعة حمورابي ، ومرة أخرى بالشعر الجاهلي ، وثالثة بالإسلام .
- وقال أحد مشاهيرهم : لقد كان محمد كل العرب ، فليكن كل العرب محمداً .
· يرى دعاة الفكر القومي أن من الإجرام أن يتخلى العربي عن قوميته ، ويتجاوزها إلى الإيمان بفكرة عالمية أو أممية ، مع أن إبعاد الإسلام عن معترك حياة العرب ينهي وجودهم .
· يقول بعض مفكري القومية العربية : إذا كان لكل عصر بيوته المقدسة ، فإن القومية العربية نبوة هذا العصر .
- ويقول بعضهم الآخر : إن العروبة هي ديننا نحن العرب المؤمنين العريقين من مسلمين ومسيحيين ، لأنها وجدت قبل الإسلام وقبل المسيحية ، ويجب أن نغار عليها كما يغار المسلمون على قرآن النبي والمسيحيون على إنجيل المسيح .
· ويقرر بعضهم الآخر أن المرحلة القومية في حياة الأمة ، مرحلة حتمية ، وهي آخر مراحل التطور كما أنها أعلى درجات التفكير الإنساني .
الجذور والفكرية والعقائدية :
· الدعوة القومية التي ظهرت في أوربا وتأسست بتأثيرها دول مثل إيطاليا وألمانيا .
· يظهر الواقع أن الإستعمار هو الذي شجع الفكر القومي وعمل على نشره بين المسلمين حتى تصبح القومية بديلاً عن الدين ، مما يؤدي إلى انهيار عقائدهم ، ويعمل على تمزيقهم سياسياً حيث تثور العداوات المتوقعة بين الشعوب المختلفة .
· يلاحظ نشاط نصارى بلاد الشام خاصة لبنان في الدعوة إلى الفكر القومي أيام الدولة العثمانية ، وذلك لأن هذا الفكر يعمق العداوة مع الدولة العثمانية المسلمة التي يكرهونها ، وينبه في العرب جانباً من شخصيتهم غير الدينية ، مما يبعد بهم عن العثمانيين .(1/4)
· من بعض الجوانب يمكن أن يعد ظهور الفكر القومي العربي رد فعل للفكر القومي التركي الطوراني .
الإنتشار و مواقع النفوذ :
· يوجد كثير من الشباب العربي ومن المفكرين العرب الذين يحملون هذا الفكر ، كما توجد عدة أحزاب قومية منتشرة في البلاد العربية مثل حركة الوحدة الشعبية في تونس ، وحزب البعث بشقيه في العراق وسوريا ، وبقايا الناصريين في مصر وبلاد الشام ، وفي ليبيا .
· كثير من الحكام يتبارون في ادعاء القومية وكل منهم يفتخر بأنه رائد القومية العربية ويدعي أنه الأجدر بزعامتها .
· يلاحظ أن الفكر القومي الآن هو في حالة تراجع وانحسار .(1/5)
الماتريدية
التعريف :
الماتريدية : فرقة كلامية ، تنسب إلى أبي منصور الماتريدي ، قامت على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها ، من المعتزلة والجهمية وغيرهم ، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
مرت الماتريدية كفرقة كلامية بعدة مراحل ، ولم تعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها كما لم تعرف الأشعرية وتنتشر إلا بعد وفاة أبي الحسن الأشعري ، ولذلك فإنه يمكن إجمالها في أربع مراحل رئيسية كالتالي :
· مرحلة التأسيس : [ 000-333هـ] والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة :
- أبو منصور الماتريدي : [ 000-333هـ ] : هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي ، نسبة إلى ( ماتريد ) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر ، ولد بها ولا يعرف على وجه اليقين تاريخ مولده ، بل لم يذكر من ترجم له كثيراً عن حياته ، أو كيف نشأ وتعلم ، أو بمن تأثر . ولم يذكروا من شيوخه إلا العدد القليل مثل : نصير بن يحيى البلخي ، وقيل نصر وتلقى عنه علوم الفقه الحنفي وعلوم المتكلمين ".
- أطلق عليه الماتريدية ، ومن وافقهم عدة ألقاب تدل على قدره وعلو منزلته عندهم مثل :" إمام المهدى " ، " إمام المتكلمين " .
قال عبد الله المرائي في كتاب الفتح المبين في طبقات الأصوليين : " كان أبو منصور قوي الحجة ، فحماً في الخصومة ، دافع عن عقائد المسلمين ، ورد شبهات الملحدين .. " ( 1/193 ، 194 ) . وقال عنه الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب رجال الفكر والدعوة " جهبذ من جهابذة الفكر الإنساني ، امتاز بالذكاء والنبوغ وحذق الفنون العلمية المختلفة " بل كان يرجحه على أبي الحسن الأشعري في كتاب تاريخ الدعوة والعزيمة ( 1/114-115) .(1/1)
- عاصر أبا الحسن الأشعري ، وعاش الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم . فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم ، ولكن بمنهاج غير منهاج الأشعري ، وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما ، أو اطلاع على كتب بعضها .
- توفي رحمه الله تعالى عام 333هـ ودفن بسمرقند ، وله مؤلفات كثيرة : في أصول الفقه والتفسير . ومن أشهرها : تأويلات أهل السنة أو تأويلات القرآن وفيه نصوص القرآن الكريم ، ولا سيما آيات الصفات ، فأولها تأويلات جهمية . و من أشهر كتبه في علم الكلام كتاب التوحيد وفيه قرر نظرياته الكلامية ، وبين معتقده في أهم المسائل الاعتقادية ، ويقصد بالتوحيد : توحيد الخالقية والربوبية ، وشيء من توحيد الأسماء والصفات ، ولكن على طريقة الجمهمية بتعطيل كثير من الصفات بحجة التنزيه ونفي التشبيه ؛ مخالفاً طريقة السلف الصالح . كما ينسب إليه شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة ، وله في الردود على المعتزلة رد الأصول الخمسة وأيضاً في الرد على الروافض رد كتاب الأمامة لبعض الروافض ، وفي الرد على القرامطة الرد على فروع القرامطة .
· مرحلة التكوين : [ 333-500هـ ] : وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده ، وفيه أصبحت فرقة كلامية ظهرت أولاً في سمرقند ، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم ، ودافعوا عنها ، وصنفوا التصانيف مبتعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع ( الأحكام ) ، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها . ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي (342هـ) عرف بأبي القاسم الحكيم لكثرة حكمه ومواعظه ، وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي (390هـ).
· ثم تلى ذلك مرحلة أخرى تعتبر امتداد للمرحلة السابقة . ومن أهم وأبرز شخصياتها :(1/2)
- أبو اليسر البزدوي [421-493هـ] هو محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم والبزدوي نسبة إلى بزدوة ويقال بزدة ، ولقب بالقاضي الصدر ، وهو شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير علي البزودي ، ولد عام (421هـ) .
- تلقى العلم على يد أبيه ، الذي أخذه عن جده عبد الكريم تلميذ أبي منصور الماتريدي ، قرأ كتب الفلاسفة أمثال الكندي ، وغيره وكذلك كتب المعتزلة أمثال الجباني ، والكعبي ، والنظام ، وغيرهم ، وقال فيها : " لا يجوز إمساك تلك الكتب والنظر فيها ؛ لكي لا تحدث الشكوك ، وتوهن الاعتقاد ". ولا يرى نسبة الممسك إلى البدعة . كما اطلع على كتب الأشعري ، وتعمق فيها ، وقال بجواز النظر فيها بعد معرفة أوجه الخطأ فيها ، كما اطلع على كتابي التأويلات ، والتوحيد للماتريدي فوجد في كتاب التوحيد قليل انغلاق وتطويل ، وفي ترتيبه نوع تعسير ، فعمد إلى إعادة ترتيبه وتبسيطه مع ذكر بعض الإضافات عليه في كتاب أصول الدين .
- أخذ عن الشيخ أبو اليسر البزدوي جم غفير من التلاميذ ؛ ومن أشهرهم : والده القاضي أبو المعاني أحمد ، ونجم الدين عمر بن محمد النسفي صاحب العقائد النسفية ، وغيرهما .
- توفي رحمه الله تعالى في بخارى في التاسع من رجب سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة .
· مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية : [ 500-700هـ ] : وامتازت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية ؛ والذا فهي أكبر الأدوار السابقة في تأسيس العقيدة ، ومن أهم أعيان هذه المرحلة :
- أبو المعين النسفي [438-508هـ] : وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي ، والنسفي نسبة إلى نسف وهي مدينه كبيرة بين جيحون وسمرقند ، والمكحولي نسبة إلى جده الأكبر ، ولكن نسبته إلى بلده غلبت نسبته إلى جده ، وله ألقاب عدة أشهرها : سيف الحق والدين .(1/3)
- ويعد من أشهر علماء الماتريدية ، إلا أن من ترجم له لم يذكر أحداً من شيوخه ، أو كيفية تلقيه العلم ، يقول الدكتور فتح الله خليف : " ويعتبر الإمام أبو العين النسفي من أكبر من قام بنصرة مذهب الماتريدي ، وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الأشاعرة ، ومن أهم كتبه تبصرة الأدلة ، ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب التوحيد للماتريدي ، بل هو أوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق ، وقد اختصره في كتابه التمهيد ، وله أيضاً كتاب بحر الكلام ، وهو من الكتب المختصرة التي تناول فيها أهم القضايا الكلامية ".
- توفي رحمه الله تعالى في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وخمسمائة ’ وله سبعون سنة .
- نجم الدين عمر النسفي [462-537هـ] : هو أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد ابن اأحمد بن إسماعيل ... بن لقمان الحنفي النسفي السمرقندي ، وله ألقاب أشهرها : نجم الدين ، ولد في نسف سنة إحدى أو اثنين وستين وأربعمائة .
- كان من المكثرين من الشيوخ ، فقد بلغ عدد شيوخه خمسمائة رجلاً ومن أشهرهم : أبو اليسر البزدوي ، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي . وأخذ عنه خلق كثير ، وله مؤلفات بلغت المائة منها: مجمع العلوم ، التيسير في تفسير القرآن . النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري وكتاب العقائد المشهورة بالعقائد النسفية ، والذي يعد من أهم المتون في العقيدة الماتريدية وهو عبارة عن مختصر لتبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي قال فيه السمعاني في ترجمة له : " كان إماماً فاضلاً متقناً ، صنف في كل نوع من التفسير والحديث .. فلما وافيت سمرقند استعرت عدة كتب من تصانيفه ، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة خارجة عن الحد ، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث ، ولم يرزق فهمه ".
- توفي رحمه الله تعالى بسمرقند ليلة الخميس ثاني عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة .(1/4)
* مرحلة التوسع والانتشار :[700-1300هـ] : وتعد من أهم مراحل الماتريدية حيث بلغت أوج توسعها وانتشارها في هذه المرحلة ؛ وما ذلك إلا لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية ، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية ، فانتشرت في : شرق الأرض وغربها ، وبلاد العرب ، والعجم ، والهند والترك ، وفارس ، والروم .
وبرز فيها أمثال : الكمال بن الهمام صاحب المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة ، والذي ما زال يدرس في بعض الجامعات الإسلامية . وفي هذا الدور كثرت فيها تأليف الكتب الكلامية من : المتون ، والشروح على الشروح ، والحواشي على شروح .
وهناك مدراس مازالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية وتتمثل في :
- مدرسة ديوبند و الندويه [ 1283هـ- ... ] وفيها كثر الاهتمام بالتأليف في علم الحديث وشروحه ، فالديوبندية أئمة في العلوم النقلية والعقلية ؛ وإلا أنهم متصوفة محضة ، وعند كثير منهم بدع قبورية ، كما يشهد عليهم كتابهم المهند على المفند لـ الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمتهم ، وهو من أهم كتب الديوبندية في العقيدة ، ولا تختلف عنها المدرسة الندوية في كونها ماتريدية العقيدة .
- مدرسة البريلوي [1272هـ - ... ] نسبة إلى زعيمهم أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي الملقب بعبد المصطفى [1340هـ] وفي هذا الدور يظهر الإشراك الصريح ، والدعوة إلى عبادة القبور ، وشدة العداوة للديوبندية ، وتكفيرهم فضلاً عن تكفير أهل السنة .(1/5)
- مدرسة الكوثري [ 1296هـ - ... ] و تنسب إلا شيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي (1371هـ) ويظهر فيها شدة الطعن في أئمة الإسلام ولعنهم ، وجعلهم مجسمة ومشبهة ، وجعل كتب السلف ككتب : التوحيد ، الإبانة ، الشريعة ، والصفات ، والعلو ، وغيرها كتب أئمة السنة كتب وثنية وتجسيم وتشبيه ، كما يظهر فيها أيضاً شدة الدعوة إلى البدع الشركية وللتصوف من تعظيم القبور والمقبورين تحت ستار التوسل . انظر تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ، وكتاب مقالات الكوثري .
أهم الأفكار والمعتقدات :
· من حيث مصدر التلقي : قسم الماتريدية أصول الدين حسب التلقي إلى :
- الإلهيات [ العقليات ] : وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له ، وتشمل أبواب التوحيد والصفات .
- الشرعيات [ السمعيات ] : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتاً ونفياً ، ولا طريق للعقل إليها مثل : النبوات ، و عذاب القبر ، وأمور الآخرة ، علماُ بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات .
ولا يخفى ما في هذا من مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة حيث أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هم مصادر التلقي عندهم ، فضلاُ عن مخالفتهم في بدعة تقسيم أصول الدين إلى : عقليات وسمعيات ، والتي قامت على فكرة باطلة أصلها الفلاسفة من : أن نصوص الدين متعارضة مع العقل ، فعملوا على التوسط بين العقل والنقل ، مما اضطرهم إلى إقحام العقل في غير مجالات بحثه ؛ فخرجوا بأحكام باطلة تصطدم مع الشرع ألجأتهم إلى التأويل والتفويض ، بينما لا منافاة عند أهل السنة والجماعة بين العقل والسليم الصريح والنقل الصحيح .
· بناء على التقسيم السابق فإن موقفهم من الأدلة النقلية في مسائل الإلهيات [ العقليات ] كالتالي :(1/6)
- إن كان من نصوص القرآن الكريم والسنة المتواترة مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة عندهم ، أي مقبولاً عقلاُ ، خالياً من التعارض مع عقولهم ؛ فإنهم يحتجون به في تقرير العقيدة . وأما إن كان قطعي الثبوت ظني الدلالة عندهم أي : مخالفاً لعقولهم ، فإنه لا يفيد اليقين ،ولذلك تؤول الأدلة النقلية بما يوافق الأدلة العقلية ، أو تفويض معانيها إلى الله عز وجل . وهم في ذلك مضطربون ،فليست عندهم قاعدة مستقيمة في التأويل والتفويض ؛ فمنهم من رجح التأويل على التعويض ، ومنهم من رجح التفويض ، ومنهم من أجاز الأمرين ، وبعضهم رأى أن التأويل لأهل النظر والاستدلال ، والتفويض أليق للعوام .
والملاحظ أن القول بالتأويل لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحاب القرون المفضلة ، وإنما هي بدعة دخلت على الجهمية والمعتزلة من اليهود والنصارى ، وإلى التأويل يرجع جميع ما أحدث في الإسلام من بدع فرقت شمل الأمة ، وهو أشر من التعطيل ؛ حيث يستلزم التشبيه ، والتعطيل ، واتهاماً للرسول صلى الله عليه وسلم بالجهل ، أو كتمان بيان ما أنزل الله .
وأما القول بالتفويض فهو من أشر أقوال أهل البدع لمناقضته ومعارضته نصوص التدبر للقرآن ، واستلزام تجهيل الأنبياء والمرسلين برب العالمين .(1/7)
- وإن كان من أحاديث الآحاد فإنها عندهم تفيد الظن ، ولا تفيد العلم اليقيني ، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقاً ، بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها ، وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها ، ولا تثبت بها عقيدة ، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه ، وإن كانت ظاهرة فظاهرها غير مراد ، وهذا موقف الماتريدية قديماً وحديثاً ؛ حتى أن الكوثري ومن وافقه من الديوبندية طعنوا في كتب السنة بما فيها الصحيحين ، وفي عقيدة أئمة السنة مثل : حماد بن سلمة راوي أحاديث الصفات ، والإمام الدارمي عثمان بن سعيد صاحب السنن . وهذا مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يبعث الرسل إلى الملوك والرؤساء فرادى يدعونهم إلى الإسلام . وكذلك فإن تقسيم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى متواتر وآحاد لم يكن معروفاً في عصر الصحابة والتابعين .
- كما رتبوا على ذلك وجوب معرفة الله تعالى بالعقل قبل ورود السمع ، واعتبروه أول واجب على المكلف ، ولا يعذر بتركه ذلك ، بل يعاقب عليه ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل . وبهذا وافقوا قول المعتزلة : وهو قول ظاهر البطلان ، تعارضه الأدلة من الكتاب والسنة التي تبين أن معرفة الله تعالى يوجبها العقل ،ويذم من يتركها ، لكن العقاب على الترك لا يكون إلا بعد ورود الشرع ، يقول الله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ) [ سورة الإسراء الآية 15] وأن أول واجب على المكلف ، وبه يكون مسلماً : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، والبراءة من كل دين يخالف دين الإسلام على الإجمال ، ولهذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن لم يأمره بغير ذلك . وكذلك الأنبياء لم يدعوا أقوامهم إلا بقول ( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) [ سورة الأعراف الآية 59] .(1/8)
- وقالوا أيضاً بالتحسين والتقبيح العقليين ،حيث يدرك العقل حسن الأشياء وقبحها ، إلا أنهم اختلفوا في حكم الله تعالى بمجرد إدراك العقل للحسن والقبح . فمنهم من قال : إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسول ؛ كما سبق ، ومنهم من قال بعكس ذلك .
- وذهب كذلك الماتريدية كغيرها من الفرق الكلامية إلى أن المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث ؛ ويقصدون بالمجاز بأنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ، وهو قسيم الحقيقة عندهم . ولذلك اعتمدوا عليه في تأويل النصوص دفعاً - في ظنهم - لشبه التجسيم والتشبيه . وهو بهذا المعنى : قول مبتدع ، محدث لا أصل له في اللغة ولا في الشرع . ولم يتكلم فيه أئمة اللغة : كالخليل بن أحمد ، وسيبويه فضلاً عن أئمة الفقهاء والأصوليين المتقدمين .
- مفهوم التوحيد عند الماتريدية هو : إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته ، لا قسيم له ، ولا جزء له ، واحد في صفاته ، لا شبيه له ، واحد في أفعاله ، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات ، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد باعتبار أن الإله عندهم هو : القادر على الاختراع . مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية ، مثل دليل حدوث الجواهر والأعراض ، وهي أدلة طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم وأساطين الكلام والفلسفة وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن أصح . بين ذلك أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر ، وابن رشد الحفيد في مناهج الأدلة . وشيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل . وأيضاً خالفوا أهل السنة والجماعة بتسويتهم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، فالإله عند أهل السنة : المألوه المعبود الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له . وما أرسلت الرسل إلا لتقرير ذلك الأمر ، ودعوة البشرية إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .(1/9)
- أثبتوا لله تعالى أسماءه الحسنى ، وقالوا : لا يسمى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه ، وجاء به الشرع . في ذلك وافقوا أهل السنة والجماعة في القول بالتوقيف في أسمائه تعالى إلا أنهم خالفوهم فيما أدخلوه في أسمائه تعالى : كالصانع ، القديم ،الذات ... حيث لم يفرقوا بين باب الإخبار عن الله تعالى وباب التسمية .
- وقالوا بإثبات ثماني صفات لله تعالى فقط ، على خلاف بينهم وهي : الحياة ، القدرة ، العلم ، الإرادة ، السمع ، البصر ، الكلام ، التكوين . وعلى أن جميع الأفعال المتعدية ترجع إلى التكوين ، أما ما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها الكتاب والسنة [ الصفات الخبرية ] من صفات ذاتية ، أو صفات فعلية ، فإنها لا تدخل في نطاق العقل ، ولذلك قالوا بنفيها جميعاً . أما أهل السنة والجماعة فهم كما يعتقدون في الأسماء يعتقدون في الصفات وأنها جميعاً توقيفية ، ويؤمنون بها " بإثبات بلا تشبيه ، وتنزيه بلا تعطيل ، مع تفويض الكيفية وإثبات المعنى اللائق بالله - تعالى - لقوله تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .
- قولهم بأن القرآن الكريم ليس بكلام الله تعالى على الحقيقة ، وإنما هو كلام الله تعالى النفسي ، لا يسمع وإنما يسمع ما هو عبارة عنه ، ولذلك فإن الكتب بما فيها القرآن مخلوق ؛ وهو قول مبتدع محدث لم يدل عليه الكتاب ولا السنة ، ولم يرد عن سلف الأمة . وأول من ابتدعه ابن كلاب . فالله تعالى يتكلم إذا شاء متى شاء ، ولا يزال يتكلم كما كلم موسى ، ويكلم عباده يوم القيامة ، والقرآن كلام الله تعالى على الحقيقة ، غير مخلوق . وكذلك التوراة والإنجيل والزبور . وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة من سلف الأمة الصالح ومن تبعهم بإحسان .(1/10)
- تقول الماتريدية في الإيمان أنه التصديق بالقلب فقط ، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان ، ومنعوا زيادته ونقصانه ،وقالوا بتحريم الاستثناء فيه ، وأن الإسلام والإيمان مترادفان ، لا فرق بينهما ، فوافقوا المرجئة في ذلك ، وخالفوا أهل السنة والجماعة ، حيث إن الإيمان عندهم : اعتقاد بالجنان وقول باللسان ، و عمل بالأركان . يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . ويجوز الاستثناء فيه [ والمقصود عدم تزكية النفس ] والإيمان والإسلام متلازمان ، إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا .
· وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في الإيمان بالسمعيات مثل : أحوال البرزخ وأمور الآخرة من : الحشر ، والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة ، والجنة ، والنار ؛ لأنهم جعلوا مصدر التلقي فيها السمع ، لأنها من الأمور الممكنة التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم وأيدتها نصوص الكتاب والسنة .
- وبالتالي فإنهم أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة ؛ ولكن مع نفي الجهة والمقابلة . وهذا قول متناقض حيث أثبتوا ما لا يمكن رؤيته ، ولا بخفى مخالفته لما عليه أهل السنة والجماعة .
· كما وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطاً عن اجتهاد منهم ؛ ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم ، لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق . كما يرون أن الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على الإمام الجائر .
· وأيضاً وافقوا أهل السنة والجماعة في القول : بالقدر ، والقدرة ، والاستطاعة ، على أن كل ما يقع في الكون بمشيئة الله تعالى وإرادته ، وأن أفعال العباد من خير وشر من خلق الله تعالى وأن للعباد أفعالاً اختيارية ، يثابون عليها ، ويعاقبون عليها ، وأن العبد مختار في الأفعال التكليفية غير مجبور على فعلها .(1/11)
قالت الماتريدية بعدم جواز التكليف بما لا يطاق موافقة المعتزلة في ذلك ،والذي عليه أهل السنة والجماعة هو : التفضيل ، وعدم إطلاق القول بالجواز أو بالمنع .
الجذور الفكرية والعقائدية :
يتبين للباحث أن عقيدة الماتريدية فيها حق وباطل ؛ فالحق أخذوه عن أهل السنة من الحنفية السلفية ، وغيرهم ؛ لأن المستقرىء للتاريخ يجد أن الحنفية بعد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تفرقوا فرقاً شتى في وقت مبكر ، ولم يسر على سيرة الإمام أبي حنيفة وصاحبيه إلا من وفقه الله عز وجل . وقد كانت الغلبة في ذلك للأحناف المنتسبين للفرق المبتدعة من : جهمية ، ومعتزلة . ولأن المصادر التاريخية لم تشر إلى كيفية تلقي أبي منصور الماتريدي العلم أو من تأثر بهم من العلماء ، نستطيع ترجيع الآتي :
_ تأثر أبو منصور الماتريدي مباشرة أو بواسطة شيوخه بعقائد الجهمية من الإرجاء والتعطيل ؛ وكذلك المعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها ، ونفي العلو والصفات الخبرية ظناً منه أنها عقيدة أهل السنة .
- تأثر بابن كلاب ( 240هـ ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه ، وأن لم يثبت لهما لقاء ، حيث توفي ابن كلاب قبل مولده ، بل صرح شيخ الإسلام ابن تيمية أن أبا منصور الماتريدي تابع ابن كلاب في عدة مسائل : الصفات ، وما يتعلق بها ، كمسألة القرآن هل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته ؟ ومسألة الاستثناء في الإيمان . ( مجموع الفتاوي 7/362 ) .
الانتشار ومواقع النفوذ :
انتشرت الماتريدية ، وكثر أتباعها في بلاد الهند وما جاورها من البلاد الشرقية : كالصين ، وبنغلاديش ، وباكستان ، وأفغانستان . كما انتشرت في بلاد تركيا ، والروم ، وفارس ، وبلاد ما وراء النهر ، والمغرب حسب انتشار الحنفية وسلطانهم ، وما زال لهم وجود قوي في هذه البلاد ، وذلك لأسباب كثيرة منها :(1/12)
1- المناصرة والتأييد من الملوك والسلاطين لعلماء المذهب ، وبخاصة سلاطين الدولة العثمانية .
2- للمدارس الماتريدية دور كبير في نشر العقيدة الماتريدية ، وأوضح مثال على ذلك : المدارس الديوبندية بالهند وباكستان وغيرها ؛ حيث لا زال يدرس فيها كتب الماتريدية في العقيدة على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة .
3- النشاط البالغ في ميدان التصنيف في علم الكلام ، وردهم على الفرق المبتدعة الأخرى ، مثل الجهمية الأولي والمعتزلة ، والروافض .
4- انتسابهم للإمام أبي حنيفة ومذهبه في الفروع .
يتضح مما سبق :(1/13)
أن الماتريدية فرقة كلامية نشأت بسمرقند في القرن الرابع الهجري ، وتنسب إلى أبي منصور الماتريدي ، مستخدمة الأدلة والبراهين العقلية والفلسفية في مواجهة خصومها من المعتزلة ، والجهمية وغيرهما من الفرق الباطنية ، في محاولة لم يحالفها التوفيق للتوسط بين مذهب أهل السنة والجماعة في الاعتقاد ومذاهب المعتزلة والجهمية وأهل الكلام ، فأعلوا شأن العقل مقابل النقل ، وقالوا ببدعة تقسيم أصول الدين إلى عقليات وسمعيات مما أضطرهم إلى القول بالتأويل والتفويض ، وكذا القول بالمجاز في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وعدم الأخذ بأحاديث الآحاد ، وبالقول بخلق الكتب ومنها : القرآن الكريم ، وعلى أن القرآن الكريم كلام الله تعالى النفسي . مما قربهم إلى المعتزلة والجهمية في هذا الباب ، وإلى المرجئة في أبواب الإيمان ، وأهل السنة والجماعة في مسائل : القدر ، وأمور الآخرة وأحوال البرزخ ، وفي القول في الإمامة ، والصحابة رضي الله عنهم . ولما كان مفهومهم للتوحيد أنه يقتصر على : توحيد الخالقية ، والربوبية ، مما مكن التصوف الفلسفي بالتغلغل في أوساطهم ، فغلب على كبار منتسبيهم وقوي بقوة نفوذ وانتشار المذهب ؛ ولوجود أكثر من دولة تحميه وتؤيده مثل : الدولة العثمانية ؛ فضلاً عن وجود جامعات ومدارس مشهورة تعمل على نشره ، وكان لانتسابهم لمذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع أثره البالغ في انتشار المذهب الماتريدي إلى اليوم . ومع هذا فإن للماتريدية خدمات جليلة في الرد على : المعتزلة والباطنية والفلاسفة الملحدين والروافض ، ولهم جهود مشكورة في خدمة كتب الحديث .(1/14)
الماسونية
التعريف :
الماسونية لغة معناها البناءون الأحرار ، وهي في الاصطلاح منظمة يهودية سرية هدامة ، إرهابية غامضة ، محكمة التنظيم تهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم وتدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد ، وتتستر تحت شعارات خداعه ( حرية - إخاء - مساواة - إنسانية ) . جل أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم ، من يوثقهم عهداً بحفظ الأسرار ، ويقيمون ما يسمى بالمحافل للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام تمهيداً بحفظ جمهورية ديمقراطية عالمية - كما يدعون - وتتخذ الوصولية والنفعية أساساً لتحقيق أغراضها في تكوين حكومة لا دينية عالمية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
لقد أسسها هيرودس أكريبا ( ت 44م ) ملك من ملوك الرومان بمساعدة مستشاريه اليهوديين :
- حيران أبيود : نائب الرئيس .
- موآب لامي : كاتم سر أول .
ولقد قامت الماسونية منذ أيامها الأولى على المكر والتمويه والإرهاب حيث اختاروا رموزاً وأسماء وإشارات للإيهام والتخويف وسموا محفلهم (هيكل أورشليم) للإيهام بأنه هيكل سليمان عليه السلام .
· قال الحاخام لاكويز : الماسونية يهودية في تاريخها ودرجاتها وتعاليمها وكلمات السر فيها وفي إيضاحاتها .. يهودية من البداية إلى النهاية .
· أما تاريخ ظهورها فقد اختلف فيه لتكتمها الشديد ، والراجح أنها ظهرت سنة 43م .
· وسميت القوة الخفية وهدفها التنكيل بالنصارى واغتيالهم وتشريدهم ومنع دينهم من الإنتشار .
· كانت تسمى في عهد التأسيس ( القوة الخفية ) ومنذ بضعة قرون تسمت بالماسونية لتتخذ من نقابة البنائين الأحرار لافتة تعمل من خلالها ثم التصق بهم الاسم دون حقيقة .(1/1)
· تلك هي المرحلة الأولى . أما المرحلة الثانية للماسونية فتبدأ سنة 1770م عن طريق آدم وايزهاويت المسيحي الألماني ( ت 1830م ) الذي ألحد واستقطبته الماسونية ووضع الخطة الحديثة للماسونية بهدف السيطرة على العالم وانتهى المشروع سنة 1776م ، ووضع أول محفل في هذه الفترة ( المحفل النوراني ) نسبة إلى الشيطان الذي يقدسونه .
· استطاعوا خداع ألفي رجل من كبار الساسة والمفكرون وأسسوا بهم المحفل الرئيسي المسمى بمحفل الشرق الأوسط ، وفيه تم إخضاع هؤلاء الساسة لخدمة الماسونية ، وأعلنوا شعارات براقة تخفي حقيقتهم فخدعوا كثيراً من المسلمين .
· ميرابو ، كان أحد مشاهير قادة الثورة الفرنسية .
· مازيني الإيطالي الذي أعاد الأمور إلى نصابها بعد موت وايزهاويت .
· الجنرال الأمريكي ( البرت مايك ) سرح من الجيش فصب حقده على الشعوب من خلال الماسونية ، وهو واضع الخطط التدميرية منها موضع التنفيذ .
· ليوم بلوم الفرنسي المكلف بنشر الإباحية أصدر كتاباً بعنوان الزواج لم يعرف أفحش منه .
· كودير لوس اليهودي صاحب كتاب العلاقات الخطرة .
· لاف أريدج وهو الذي أعلن في مؤتمر الماسونية سنة 1865م في مدينة أليتش في جموع من الطلبة الألمان والإسبان والروس والإنجليز والفرنسيين قائلاً : " يجب أن يتغلب الإنسان على الإله وأن يعلن الحرب عليه وأن يخرق السموات ويمزقها كالأوراق ".
· ماتسيني جوزيبي 1805-1872م .
· ومن شخصياتهم كذلك : جان جاك روسو ، فولتير ( في فرنسا ) جرجي زيدان ( في مصر ، كار ماركس وأنجلز ( في روسيا ) والأخيران كانا من ماسونيي الدرجة الحادية والثلاثون ومن منتسبي المحفل الإنجليزي ومن الذين أداروا الماسونية السرية وبتدبيرهما صدر البيان الشيوعي المشهور .
الأفكار والمعتقدات :
· يكفرون بالله ورسله وكتبه وبكل الغيبيات ويعتبرون ذلك خزعبلات وخرافات .
· يعملون على تقويض الأديان .(1/2)
· العمل على إسقاط الحكومات الشرعية وإلغاء أنظمة الحكم الوطنية في البلاد المختلفة والسيطرة عليها .
· إباحة الجنس واستعمال المرأة كوسيلة للسيطرة .
· العمل على تقسيم غير اليهود إلى أمم متنابذة تتصارع بشكل دائم .
· تسليح هذه الأطراف وتدبير حوادث لتشابكها .
· بث سموم النزاع داخل البلد الواحد وإحياء روح الأقليات الطائفية العنصرية .
· تهديم المبادئ الأخلاقية والفكرية والدينية ونشر الفوضى ولانحلال والإرهاب والإلحاد .
· استعمال الرشوة بالمال والجنس مع الجميع وخاصة ذوي المناصب الحساسة لضمهم لخدمة الماسونية والغاية عندهم تبرر الوسيلة .
· إحاطة الشخص الذي يقع في حبائلهم بالشباك من كل جانب لإحكام السيطرة عليه وتيسيره كما يريدون ولينفذ صاغراً كل أوامرهم .
· الشخص الذي يلبي رغبتهم في الانضمام إليهم يشترطون عليه التجرد من كل رابط ديني أو أخلاقي أو وطني وأن يجعل ولاءه خالصاً للماسونية .
· إذا تململ الشخص أو عارض في شيء تدبر له فضيحة كبرى وقد يكون مصيره القتل .
· كل شخص استفادوا منه ولم تعد لهم به حاجة يعملون على التخلص منه بأية وسيلة ممكنة .
· العمل على السيطرة على رؤساء الدول لضمان تنفيذ أهدافهم التدميرية .
· السيطرة على الشخصيات البارزة في مختلف الاختصاصات لتكون أعمالهم متكاملة .
· السيطرة على أجهزة الدعاية والصحافة والنشر والإعلام واستخدامها كسلاح فتاك شديد الفاعلية .
· بث الأخبار المختلفة والأباطيل والدسائس الكاذبة حتى تصبح كأنها حقائق لتحويل عقول الجماهير وطمس الحقائق أمامهم .
· دعوة الشباب والشابات إلى الانغماس في الرذيلة وتوفير أسبابها لهم وإباحة الإتصال بالمحارم وتوهين العلاقات الزوجية وتحطيم الرباط الأسري .
· الدعوة إلى العقم الاختياري وتحديد النسل لدى المسلمين .(1/3)
· السيطرة على المنظمات الدولية بترؤسها من قبل أحد الماسونيين كمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ومنظمات الأرصاد الدولية ، ومنظمات الطلبة والشباب والشابات في العالم .
· لهم درجات ثلاث :
- العمي الصغار : والمقصود بهم المبتدئون من الماسونيين .
- الماسونية الملوكية : وهذه لا ينالها إلا من تنكر كلياً لدينه ووطنه وأمته وتجرد لليهودية ومنها يقع الترشيح للدرجة الثالثة والثلاثون كتشرشل وبلفور .
- الماسونية الكونية : وهي قمة الطبقات ، وكل أفرادها يهود ، وهم أحاد ، وهو فوق الأباطرة والملوك والرؤساء لأنهم يتحكمون فيهم ، وكل زعماء الصهيونية من الماسونية الكونية كهرتزل ، وهم الذين يخططون للعالم لصالح اليهود .
· يتم قبول العضو الجديد في جو مرعب مخيف وغريب حيث يقاد إلى الرئيس معصوب العينين وما أن يؤدي يمين حفظ السر ويفتح عينيه حتى يفاجأ بسيوف مسلولة حول عنقه وبين يديه كتاب العهد القديم ومن حوله غرفة شبه مظلمة فيها جماجم بشرية وأدوات هندسية مصنوعة من خشب ... وكل ذلك لبث المهابة في نفس العضو الجديد .
· هي كما قال بعض المؤرخين " آلة صيد بيد اليهودية يصرعون بها الساسة ويخدعون عن طريقها الأمم والشعوب الجاهلة .
· والماسونية وراء عدد من الويلات التي أصابت الأمة الإسلامية ووراء جل الثورات التي وقعت في العالم : فكانوا وراء إلغاء الخلافة الإسلامية وعزل السلطان عبد الحميد ، كما كانوا وراء الثورة الفرنسية و البلشفية والبريطانية .
· تشترط الماسونية على من يلتحق بها التخلي عن كل رابطة دينية أو وطنية أو عرقية ويسلم قياده لها وحدها .
· حقائق الماسونية لا تكشف لأتباعها إلا بالتدريج حين يرتقون من مرتبة إلى مرتبة وعدد المراتب ثلاث وثلاثون .
· يحمل كل ماسوني في العالم فرجارا صغيراً وزاوية لأنهما شعار الماسونية منذ أن كانا الأداتين الأساسيتين اللتين بنى بهما سليمان الهيكل المقدس بالقدس .(1/4)
· يردد الماسونيون كثيراً كلمة " المهندس الأعظم للكون " ويفهمها البعض على أنهم يشيرون بها إلى الله سبحانه وتعالى والحقيقة أنهم يعنون " حيراما " إذ هو مهندس الهيكل وهذا هو الكون في نظرهم .
الجذور الفكرية والعقائدية :
جذور الماسونية يهودية صرفة ، من الناحية الفكرية ومن حيث الأهداف والوسائل وفلسفة التفكير . وهي بضاعة يهودية أولاً وآخراً ، وقد اتضح أنهم وراء الحركات الهدامة للأديان والأخلاق . وقد نجحت الماسونية بواسطة جمعية الإتحاد والترقي في تركيا في القضاء على الخلافة الإسلامية ، وعن طريق المحافل الماسونية سعى اليهود في طلب أرض فلسطين من السلطان عبد الحميد الثاني ، ولكنه رفض رحمه الله وقد أغلقت محافل الماسونية في مصر سنة 1965م بعد أن ثبت تجسسهم لحساب إسرائيل .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· لم يعرف التاريخ منظمة سرية أقوي نفوذاً من الماسونية ، وهي من شر مذاهب الهدم التي تفتق عنها الفكر اليهودي .
· ويرى بعض المحققين أن الضعف قد بدأ يتغلل في هيكل الماسونية وأن التجانس القديم في التفكير وفي طرق الانتساب قد تداعى .
يتضح مما سبق :
أن الماسونية تعادي الأديان جميعاً ، وتسعى لتفكيك الروابط الدينية ، وهز أركان المجتمعات الإنسانية ، وتشجع على التفلت من كل الشرائع والنظم والقوانين . وقد أوجدها حكماء صهيون لتحقيق أغراض التلمود وبروتوكولاتهم ، وطابعها التلون والتخفي وراء الشعارات البراقة ، ومن والاهم أو انتسب إليهم من المسلمين فهو ضال أو منحرف أو كافر ، حسب درجة ركونه إليهم .
وقد أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر بياناً بشأن الماسونية والأندية التابعة لها مثل الليونز والروتاري جاء فيه :(1/5)
" يحرم على المسلمين أن ينتسبوا لأندية هذا شأنها وواجب المسلم ألا يكون إمعة يسير وراء كل داع وناد بل واجبه أن يمتثل لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " لا يكن أحدكم إمعة يقول : إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم ".
وواجب المسلم أن يكون يقظاً لا يغرر به ، وأن يكون للمسلمين أنديتهم الخاصة بهم ، ولها مقاصدها وغاياتها العلنية ، فليس في الإسلام ما نخشاه ولا ما نخفيه والله أعلم ) .
... ... ... ... ... رئيس الفتوى بالأزهر
... ... ... ... ... ... عبد الله المنشد
· كما أصدر المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي فتوى أخرى جاء فيها :
· - " وقد قام أعضاء المجمع بدراسة وافية عن هذه المنظمة الخطيرة ، وطالع ما كتب عنها من قديم وجديد ، وما نشر من وثقائها فيما كتبه ونشره أعضاؤها ، وبعض أقطابها من مؤلفات ، ومن مقالات في المجلات التي تنطق باسمها :
- وقد تبين للمجمع بصورة لا تقبل الريب من مجموع ما اطلع عليه من كتابات ونصوص ما يلي :
1- أن الماسونية منظمة سرية تخفي تنظيمها تارة وتعلنه تارة ، بحسب ظروف الزمان والمكان ، ولكن مبادئها الحقيقية التي تقوم عليها هي سرية في جميع الأحوال محجوب علمها حتى على أعضائها إلا خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتب عليا فيها .
2- أنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع بقاع الأرض على أساس ظاهري للتمويه على المغفلين وهو الإخاء والإنساني المزعوم بين جميع الداخلين في تنظيمها دون تمييز بين مختلف العقائد والنحل والمذاهب .(1/6)
3- أنها تجذب الأشخاص إليها ممن يهمها ضمهم إلى تنظيمها بطريق الإغراء بالمنفعة الشخصية ، على أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ ماسوني آخر ، في أي بقعة من بقاع الأرض ، يعينه في حاجاته وأهدافه ومشكلاته ، ويؤيده في الأهداف إذا كان من ذوي الطموح السياسي ويعينه إذا وقع في مأزق من المآزق أيا كان على أساس معاونته في الحق لا الباطل . وهذا أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز الاجتماعية وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال .
4- إن الدخول فيه يقوم على أساس احتفال بانتساب عضو جديد تحت مراسم وأشكال رمزية إرهابية لإرهاب العضو إذا خالف تعليماتها والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة .
5- أن الأعضاء المغفلين يتركون أحراراً في ممارسة عباداتهم الدينية وتستفيد من توجيههم وتكليفهم في الحدود التي يصلحون لها ويبقون في مراتب دنيا ، أما الملاحدة أو المستعدون للإلحاد فترتقي مراتبهم تدريجياً في ضوء التجارب والإمتحانات المتكررة للعضو على حسب استعدادهم لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة .
6- أنها ذات أهداف سياسية ولها في معظم الانقلابات السياسية والعسكرية والتغييرات الخطيرة ضلع وأصابع ظاهرة أو خفية .
7- أنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور ويهودية الإدارة العليا والعالمية السرية وصهيونية النشاط .
8- أنها في أهدافها الحقيقة السرية ضد الأديان جميعها لتهديمها بصورة عامة وتهديم الإسلام بصفة خاصة .
9- أنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي المكانة المالية أو السياسية أو الإجتماعية أو العلمية أو أية مكانة يمكن أن تستغل نفوذاً لأصحابها في مجتمعاتهم ، ولا يهمها انتساب من ليس لهم مكانة يمكن استغلالها ، ولذلك تحرص كل الحرص على ضم الملوك ولرؤساء وكبار موظفي الدولة ونحوهم .(1/7)
10- أنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويهاً وتحويلاً للأنظار لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت الأسماء إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما ، وتلك الفروع المستورة بأسماء مختلفة من أبرزها منظمة الروتاري والليونز . إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة التي تتنافى كلياً مع قواعد الإسلام وتناقضه مناقضة كلية .
وقد تبين للمجمع بصورة واضحة العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية العالمية ، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثيرة من المسؤولين في البلاد العربية وغيرها ، في موضوع قضية فلسطين ، وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية المصيرية العظمى ، لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية .
لذلك ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى وتلبيساتها الخبيثة وأهدافها الماكرة يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب أهله .
الرئيس : عبد الله بن حميد - رئيس مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية .
نائب الرئيس : محمد علي الحركان - الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي .
الأعضاء : عبد العزيز بن عبد الله بن باز - الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء ، محمد محمود الصواف .(1/8)
المعتزلة
التعريف :
المعتزلة فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي ، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة . وقد أطلق عليها أسماء مختلفة منها : المعتزلة والقدرية والعدلية وأهل العدل والتوحيد والمقصد والوعيدية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· اختلفت رؤية العلماء في ظهور الاعتزال ، واتجهت هذه الرؤية وجهين :
- الوجهة الأولى : أن الاعتزال حصل نتيجة النقاش في مسائل عقدية دينية كالحكم على مرتكب الكبيرة ، والحديث في القدر ، بمعنى هل يقدر العبد على فعله أو لا يقدر ، ومن رأي أصحاب هذا الاتجاه أن اسم المعتزلة أطلق عليهم لعدة أسباب :
1- أنهم اعتزلوا المسلمين بقولهم بالمنزلة بين المنزلتين .
2- أنهم عرفوا بالمعتزلة بعد أن اعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري وشكل حقله خاصة به لقوله بالمنزلة بين المنزلتين فقال الحسن : " اعتزلنا واصل " .
3- أو أنهم قالوا بوجوب اعتزال مرتكب الكبيرة ومقاطعته .
- والوجهة الثانية : أن الاعتزال نشأ بسبب سياسي حيث أن المعتزلة من شيعة علي رضي الله عنه اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية ، أو أنهم وقفوا موقف الحياد بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين .
· أما القاضي عبد الجبار الهمذاني - مؤرخ المعتزلة - فيزعم أن الاعتزال ليس مذهباً جديداً أو فرقة طارئة أو طائفة أو أمراً مستحدثاً ، وإنما هو استمرار لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ، وقد لحقهم هذا الاسم بسبب اعتزالهم الشر لقوله تعالى : (( وأعتزلكم وما تدعون )) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من أعتزل الشر سقط في الخير ) .(1/1)
· والواقع أن نشأة الاعتزال كان ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية لما سنرى في فقرة ( الجذور الفكرية والعقائدية ) .
· قبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء ، كان هناك جدل فكري بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي وهذه المقولات نوجزها مع أصحابها بما يلي :
- مقولة أن الإنسان حر مختار بشكل مطلق ، وهو الذي يخلق أفعاله بنفسه قالها : معبد الجهني ، الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث .. وقد قتله الحجاج عام 80م بعد فشل الحركة .
- وكذلك قالها غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز وقتله هشام بن عبد الملك .
- ومقولة خلق القرآن ونفي الصفات ، قالها الجهم بن صفوان ، وقد قتله سالم بن أحوز في مرو عام 128م .
- وممن قال بنفي الصفات أيضاً : الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري والي الكوفة .
· ثم برزت المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الغزال ( 80هـ - 131هـ ) الذي كان تلميذاً للحسن البصري ، ثم اعتزل حلقة الحسن بعد قوله بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين ( أي ليس مؤمنا ولا كافراً ) وأنه مخلد في النار إذا لم يتب قبل الموت ، وقد عاش في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك ، والفرقة المعتزلية التي تنسب إليه تسمى : الواصيلة .
· ولاعتماد المعتزلة على العقل في فهم العقائد وتقصيهم لمسائل جزئية فقد انقسموا إلى طوائف مع اتفاقهم على المبادئ الرئيسية الخمسة - التي سنذكرها لاحقاً - وكل طائفة من هذه الطوائف جاءت ببدع جديدة تميزها عن الطائفة الأخرى .. وسمت نفسها باسم صاحبها الذي أخذت عنه .(1/2)
· وفي العهد العباسي برز المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق الاعتزال عن طريق بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد وهو أحد رؤوس بدعة الاعتزال في عصره ورأس فتنة خلق القرآن ، وكان قاضياً للقضاة في عهد المعتصم .
- في فتنة خلق القرآن امتحن الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بهذه البدعة ، فسجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون وبقي في السجن لمدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق .
- لما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ انتصر لأهل السنة وأكرم الإمام أحمد وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة خلال أربعة عشر عاماً .
· في عهد دولة بني بويه عام 334 هـ في بلاد فارس – وكانت دولة شيعية – توطدت العلاقة بين الشيعة والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة فعين القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضياً لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي ، وهو من الروافض المعتزلة ، يقول فيه الذهبي : " وكان شيعياً معتزلياً مبتدعاً " ويقول المقريزي : " إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر " . وممن برز في هذا العهد : الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي : " وكان من الأذكياء والأولياء المتبحرين في الكلام ولاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد ".
· بعد ذلك كاد أن ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم .
· عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر ، على يد بعض الكتاب والمفكرين ، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة وهذا ما سنبسطه عند الحديث عن فكر الاعتزال الحديث .(1/3)
· ومن أبرز مفكري المعتزلة منذ تأسيسها على يد واصل بن عطاء وحتى اندثارها وتحللها في المذاهب الأخرى كالشيعة والأشعرية والماتريدية ما يلي :
- أبو الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف ( 135 -226 هـ ) مولى عبد القيس وشيخ المعتزلة والمناظر عنها. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء ، طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلطه بكلام المعتزلة ، فقد تأثر بأرسطو وأنبادقليس من فلاسفة اليونان ، وقال بأن " الله عالم بعلم وعلمه ذاته ، وقادر بقدرة وقدرته ذاته ... " انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص 76 . وتسمى طائفة الهذيلية .
- إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام ( توفي سنة 231هـ ) وكان في الأصل على دين البراهمة وقد تأثر أيضاً بالفلسفة اليونانية مثل بقية المعتزلة .. وقال : بأن المتولدات من أفعال الله تعالى ، وتسمى طائفة النظامية .
- بشر بن المعتمر ( توفي سنة 226 هـ ) وهو من علماء المعتزلة ، وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه فقال : إن كل المتولدات من فعل الإنسان فهو يصح أن يفعل الألوان والطعوم والرؤية والروائح وتسمى طائفة البشرية .
- معمر بن عباد السلمي ( توفي سنة 220 هـ ) وهو من أعظم القدرية فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر خيره وشره من الله وتسمى طائفته : المعمرية .
- عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار ( توفي سنة 226هـ ) وكان يقال له : راهب المعتزلة ، وقد عرف عنه التوسع في التكفير حتى كفر الأمة بأسرها بما فيها المعتزلة ، وتسمى طائفته المردارية .
- ثمامة بن أشرس النميري ( توفي سنة 213هـ ) ، كان جامعاً بين قلة الدين وخلاعة النفس ، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة . وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين . وكان زعيم القدرية في زمان المأمون والمعتصم والواثق وقيل إنه الذي أغرى المأمون ودعاه إلى الاعتزال ، وتسمى طائفته الثمامية .(1/4)
- عمرو بن بحر : أبو عثمان الجاحظ ( توفي سنة 256هـ ) وهو من كبار كتاب المعتزلة ، ومن المطلعين على كتب الفلاسفة ، ونظراً لبلاغته في الكتابة الأدبية استطاع أن يدس أفكاره المعتزلية في كتاباته كما يدس السم في الدسم مثل ، البيان والتبيين ، وتسمى فرقته الجاحظية .
- أبو الحسين بن أبي عمر الخياط ( توفي سنة 300هـ ) من معتزلة بغداد و بدعته التي تفرد بها قوله بأن المعدوم جسم ، والشيء المعدوم قبل وجوده جسم ، وهو تصريح بقدم العالم ، وهو بهذا يخالف جميع المعتزلة وتسمى فرقته الخياطية .
- القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني ( توفي سنة 414هـ ) فهو من متأخري المعتزلة ، قاضي قضاة الري وأعمالها ، وأعظم شيوخ المعتزلة في عصره ، وقد أرخ للمعتزلة وقنن مبادئهم وأصولهم الفكرية والعقدية .
المبادئ ولأفكار :
· جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعين :
- الأولى : القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل ، فهو يخلق أفعاله بنفسه ، ولذلك كان التكليف ، ومن أبرز من قال ذلك غيلان الدمشقي ، الذي أخذ يدعو إلى مقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز . حتى عهد هشام بن عبد الملك ، فكانت نهايته أن قتله هشام بسبب ذلك .
- الثانية : القول بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافراً ولكنه فاسق فهو بمنزلة بين المنزلتين ، هذه حاله في الدنيا أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة بل هو خالد في النار ، ولا مانع عندهم من تسميته مسلماً باعتباره يظهر الإسلام وينطق بالشهادتين ولكنه لا يسمى مؤمناً .
· ثم حرر المعتزلة مذهبهم في خمسة أصول :
1- التوحيد .
2- العدل .
3- الوعد والوعيد .
4- المنزلة بين المنزلتين .
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .(1/5)
1- التوحيد : وخلاصته برأيهم ، هو أن الله تعالى منزه عن الشبيه والمماثل ( ليس كمثله شيء ) ولا ينازعه أحد في سلطانه ولا يجري عليه شيء مما يجري على الناس . وهذا حق ولكنهم بنوا عليه أحد نتائج باطلة منها : استحالة رؤية الله تعالى لاقتضاء ذلك نفي الصفات ، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات ، وإلا تعدد القدماء في نظرهم ، لذلك يعدون من نفاة الصفات وبنوا على ذلك أيضاَ أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم عنه سبحانه صفة الكلام .
2- العدل : ومعناه برأيهم أن الله لا يخلق أفعال العباد ، ولا يحب الفساد ، بل إن العباد يفعلون ما أمروا به وينهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركبها فيهم وأنه لم يأمر إلا بما أراد ولم ينه إلا عما كره ، وأنه ولي كل حسنة أمر بها ، بريء من كل سيئة نهى عنها ، لم يكلفهم ما لا يطيقون ولا أراد منهم ما لا يقدرون عليه . وذلك لخلطهم بين إرادة الله تعالى الكونية وإرادته الشرعية .
3- الوعد والوعيد : ويعني أن يجازي الله المحسن إحساناً ويجازي المسيء سوءاً ، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة إلا أن يتوب .
4- المنزلة بين المنزلتين : وتعني أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر فليس بمؤمن ولا كافر . وقد قرر هذا واصل بن عطاء شيخ المعتزلة .
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : فقد قرروا وجوب ذلك على المؤمنين نشراً لدعوة الإسلام وهداية للضالين وإرشاد للغاوين كل بما يستطيع : فذو البيان ببيانه ، والعالم بعلمه ، وذو السيف بسيفه وهكذا . ومن حقيقة هذا الأصل أنهم يقولون بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق .(1/6)
· ومن مبادئ المعتزلة الاعتماد على العقل كلياً في الاستدلال لعقائدهم وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد ، أنهم كانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً فقالوا كما جاء في الملل والنحل للشهرستاني : " المعارف كلها معقولة بالفعل ، واجبة بنظر العقل ، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع أي قبل إرسال الرسل ، والحسن والقبيح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح " .
- ولاعتمادهم على العقل أيضاً أولوا الصفات بما يلائم عقولهم الكلية ، كصفات الاستواء واليد والعين وكذلك صفات المحبة والرضى والغضب والسخط ومن المعلوم أن المعتزلة تنفي كل الصفات لا أكثرها .
- ولاعتمادهم على العقل أيضاً ، طعن كبراؤهم في أكابر الصحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب ، فقد زعم واصل بن عطاء : أن إحدى الطائفتين يوم الجمل فاسقة ، إما طائفة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والحسن والحسين وأبي أيوب الأنصاري أو طائفة عائشة والزبير ، وردوا شهادة هؤلاء الصحابة فقالوا : لا تقبل شهادتهم .
- وسبب اختلاف المعتزلة فيما بينهم وتعدد طوائفهم هو اعتمادهم على العقل فقط كما نوهنا -
- وإعراضهم عن النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة ، ورفضهم الاتباع بدون بحث واستقصاء وقاعدتهم التي يستندون إليها في ذلك :
" كل مكلف مطالب بما يؤديه إليه اجتهاده في أصول الدين " ، فيكفي وفق مذهبهم أن يختلف التلميذ مع شيخه في مسألة ليكون هذا التلميذ صاحب فرقة قائمة ، وما هذه الفرق التي عددناها آنفاً إلا نتيجة اختلاف تلاميذ مع شيوخهم ، فأبو الهذيل العلاف له فرقة ، خالفه تلميذه النظام فكانت له فرقة ، فخالفه تلميذه الجاحظ فكانت له فرقة ، والجبائي له فرقة ، فخالفه ابنه أبو هشام عبد السلام فكانت له فرقة أيضاَ وهكذا .(1/7)
- وهكذا نجد أن المعتزلة قد حولوا الدين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية ، وذلك لتأثرهم بالفلسفة اليونانية عامة وبالمنطق الصوري الأوسطي خاصة .
· وقد فند علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم ، فمنهم أبو الحسن الأشعري الذي كان منهم أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فتنتهم المتعلقة بخلق القرآن ووقف في وجه هذه الفتنة بحزم وشجاعة نادرتين .
- ومن الردود قوية الحجة ، بارعة الأسلوب ، رد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عليهم في كتابه القيم : درء تعارض العقل والنقل فقد تتبع آراءهم وأفكارهم واحدة واحدة ورد عليها رداً مفحماً .. وبين أن صريح العقل لا يكمن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل .
· وقد ذكر في هذا الحديث أكثر من مرة أن المعتزلة اعتمدوا على العقل في تعاملهم مع نصوص الموحي ، وقد يتوهم أحد أن الإسلام ضد العقل ويسعى للحجر عليه . ولكن هذا يرده دعوة الإسلام إلى التفكر في خلق السموات والأرض والتركيز على استعمال العقل في اكتشاف الخير والشر وغير ذلك مما هو معروف ومشهور مما دعى العقاد - رحمه الله - إلى أن يؤلف كتاباً بعنوان : التفكر فريضة إسلامية ، ولهذا فإن من انحرافات المعتزلة هو استعمالهم العقل في غير مجاله : في أمور غيبية مما تقع خارج الحس ولا يمكن محاكمتها محاكمة عقلية صحيحة ، كما أنهم بنوا عدداً من القضايا على مقدمات معينة فكانت النتائج ليست صحيحة على إطلاقها وهو أمر لا يسلم به دائماً حتى لو اتبعت نفس الأساليب التي استعملوها في الاستنباط والنظر العقلي : مثل نفيهم الصفات عن الله اعتماداً على قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) . وكان الصحيح أن لا تنفى عنه الصفات التي أثبتها لنفسه سبحانه وتعالى ولكن تفهم الآية على أن صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين :
وقد حدد العلماء مجال استعمال العقل بعدد من الضوابط منها :
- أن لا يتعارض مع النصوص الصحيحة .(1/8)
- أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها.
- أن يقدم النقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حكمتها " وهي ما يعرف بالأمور التوقيفية ".
ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر لا يعدمه على النصوص الشرعية الصحيحة . خاصة أن العقول متغيرة وتختلف وتتأثر بمؤثرات كثيرة تجعلها لا تصلح لأن تكون الحكم المطلق في كل الأمور . ومن المعروف أن مصدر المعرفة في الفكر الإسلامي يتكون من .
1- الحواس وما يقع في مجالها من الأمور الملموسة من الموجودات .
2- العقل وما يستطيع أن يصل إليه من خلال ما تسعفه به الحواس والمعلومات التي يمكن مشاهدتها واختبارها وما يلحق ذلك من عمليات عقلية تعتمد في جملتها على ثقافة الفرد ومجتمعه وغير ذلك من المؤثرات .
3- الوحي من كتاب وسنة حيث هو المصدر الوحيد والصحيح للأمور الغيبية ، وما لا تستطيع أن تدركه الحواس ، وما أعده الله في الدار الآخرة ، وما أرسل من الرسل إلخ ...
وهكذا يظهر أنه لا بد من تكامل العقل والنقل في التعامل مع النصوص الشرعية كل فيما يخصه وبالشروط التي حددها العلماء .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في الصفات إلى أصول يهودية فلسفية فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي.
وقيل : إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية - وهي فرقة هندية تؤمن بالتناسخ - قد أدت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات .
· إن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تعد مورداً من موارد الفكر الاعتزالي ، إذ أنه كان يقول بالأصلح ونفي الصفات الأزلية حرية الإرادة الإنسانية .(1/9)
- ونفي القدر عند المعتزلة الذي ظهر على يد الجهني وغيلان الدمشقي ، قيل إنهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنسويه وقد أخذ عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء فكرة نفي القدر عن معبد الجهني .
- تأثر المعتزلة بفلاسفة اليونان في موضوع الذات والصفات ، فمن ذلك قول أنباد بن قليس الفيلسوف اليوناني : " إن الباري تعالى لم يزل هويته فقط وهو العلم المحض وهو الإرادة المحضة وهو الجود والعزة ، والقدرة والعدل والخير والحق ، لا أن هناك قوى مسماة بهذه الأسماء بل هي هو ، وهو هذه كلها " انظر ا لملل والنحل ج 2 / ص58.
وكذلك قول ارسطو طاليس في بعض كتبه " إن الباري علم كله قدره كله ، حياة كله ، بصر كله " .
فاخذ العلاف وهو من شيوخ المعتزله هذه الأفكار وقال : إن الله عالم بعلم وعلمه ذاته قادر بقدره وقدرته ذاته ، حي بحياة وحياة ذاته .
- وأخذ النظام من ملاحدة الفلاسفة قوله بإبطال الجزء الذي لا يتجرأ بنى عليه قوله بالطفرة ، أي أن الجسم يمكن أن يكون في مكان ( أ ) ثم يصبح في مكان ( ج ) دون أن يمر في ( ب ) .
وهذا من عجائبه حتى قيل : إن من عجائب الدنيا : " طفرة النظام وكسب الأشعري " .
- وإن أحمد بن خابط والفضل الحدثي وهما من أصحاب النظام قد طالعا كتب الفلاسفة ومزجا الفكر الفلسفي مع الفكر النصراني مع الفكر الهندي وقالا بما يلي :
1- إن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة .
2- إن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة .
3- القول بالتناسخ .
4- حملا كل ما ورد في الخبر عن رؤية الله تعالى على رؤية العقل الأول هو أول مبتدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات .
· يؤكد العلماء تأثير الفلسفة اليونانية على فكر المعتزلة بما قام به الجاحظ وهو من مصنفي المعتزلة ومفكريهم فقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وتمذهب بمذهبهم - حتى إنه خلط وروج كثيراً من مقالاتهم بعبارته البليغة .(1/10)
- ومنهم من يرجع فكر المعتزلة إلى الجذور الفكرية والعقدية في العراق - حيث نشأ المعتزلة - الذي يسكنه عدة فرق تنتهي إلى طوائف مختلفة ، فبعضهم ينتهي إلى الكلدان وبعضهم إلى الفرس وبعضهم نصارى وبعضهم يهود وبعضهم مجوس . وقد دخل هؤلاء في الإسلام وبعضهم قد فهمه على ضوء معلوماته القديمة وخلفيته الثقافية والدينية .
الفكر الاعتزالي الحديث :
يحاول بعض الكتاب والمفكرون في الوقت الحاضر إحياء فكر المعتزلة من جديد بعد أن عفى عليه الزمن أو كاد .. فألبسوه ثوباً جديداً ، وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل ... العقلانية أو التنوير أو التجديد أو التحرر الفكري أو التطور أو المعاصرة أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي ..
- وقد قوى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادي ، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وفق العقل الإنساني .. فلجأوا إلى التأويل كما لجأت المعتزلة من قبل ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم ، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات المادية .. وما تفسير الشيخ محمد عبده لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل .. إلا من هذا القبيل .
· وأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجدد هو ذاك الذي يزعم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة ، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية ، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة وكل فكر للعقل البشري القاصر .(1/11)
· وأخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي .. محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص اليقيني من الكتاب والسنة .. مثل عقوبة المرتد ، وفرضية الجهاد ، والحدود ، وغير ذلك .. فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات ، والطلاق والإرث .. إلخ .. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله .. وتحكيم العقل في هذه المواضيع . ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر .
· ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث سعد زغلول الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية وقاسم أمين مؤلف كتاب تحرير المرأة و المرأة الجديدة ، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه : " أستاذ الجيل " وطه حسين الذي أسموه " عميد الأدب العربي " وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا . هذا في البلاد العربية .
أما في القارة الهندية فظهر السير أحمد خان ، الذي منح لقب سير من قبل الاستعمار البريطاني . وهو يرى أن القرآن الكريم لا السنة هو أساس التشريع وأحل الربا البسيط في المعاملات التجارية . ورفض عقوبة الرجم والحرابة ، ونفى شرعية الجهاد لنشر الدين ، وهذا الأخير قال به لإرضاء الإنجليز لأنهم عانوا كثيراً من جهاد المسلمين الهنود لهم .
- وجاء تلميذه سيد أمير علي الذي أحل زواج المسلمة بالكتابي وأحل الاختلاط بين الرجل والمرأة .
- ومن هؤلاء أيضاً مفكرون علمانيون ، لم يعرف عنهم الالتزام بالإسلام .. مثل زكي نجيب محمود صاحب ( الوضعية المنطقية ) وهي من الفلسفة الوضعية الحديثة التي تنكر كل أمر غيبي .. فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ويجب أن نحييه ، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة ( انظر كتاب تجديد الفكر العربي ص 123 ) .(1/12)
- ومن هؤلاء أحمد أمين صاحب المؤلفات التاريخية والأدبية مثل فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام ، فهو يتباكى على موت المعتزلة في التاريخ القديم وكأن من مصلحة الإسلام بقاؤهم ، ويقول في كتابه : ضحى الإسلام : " في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة " .
- ومن المعاصرين الأحياء الذين يسيرون في ركب الدعوة الإسلامية من ينادي بالمنهج العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة مثل الدكتور محمد فتحي عثمان في كتابه الفكر الإسلامي والتطور .. والدكتور حسن الترابي في دعوته إلى تجديد أصول الفقه حيث يقول : " إن إقامة أحكام الإسلام في عصرنا تحتاج إلى اجتهاد عقلي كبير ، وللعقل سبيل إلى ذلك لا يسع عاقل إنكاره ، والاجتهاد الذي نحتاج إليه ليس اجتهاداً في الفروع وحدها وإنما هو اجتهاد في الأصول أيضاً " ( أنظر كتاب المعتزلة بين القديم والحديث ص 138 ) .
- وهناك كتاب كثيرون معاصرون ، ومفكرون إسلاميون يسيرون على المنهج نفسه ويدعون إلى أن يكون للعقل دور كبير في الاجتهاد وتطويره ، وتقويم الأحكام الشرعية ، وحتى الحوادث التاريخية .. ومن هؤلاء فهمي هويدي ومحمد عمارة - صاحب النصيب الأكبر في إحياء تراث المعتزلة والدفاع عنه - خالد محمد خالد و محمد سليم العوا ، وغيرهم . ولا شك بأهمية الاجتهاد وتحكيم العقل في التعامل مع الشريعة الإسلامية ولكن ينبغي أن يكون ذلك في إطار نصوصها الثابتة وبدوافع ذاتية وليس نتيجة ضغوط أجنبية وتأثيرات خارجية لا تقف عند حد ، وإذا انجرف المسلمون في هذا الاتجاه - اتجاه ترويض الإسلام بمستجدات الحياة والتأثير الأجنبي بدلاً من ترويض كل ذلك لمنهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - فستصبح النتيجة أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من الشريعة إلا رسمها ويحصل للإسلام ما حصل للرسالات السابقة التي حرفت بسبب اتباع الأهواء والآراء حتى أصبحت لا تمت إلى أصولها بأي صلة .(1/13)
ويتضح مما سبق :
أن حركة المعتزلة كانت نتيجة لتفاعل بعض المفكرين المسلمين في العصور الإسلامية مع الفلسفات السائدة في المجتمعات التي اتصل بها المسلمون . وكانت هذه الحركة نوع من ردة الفعل التي حاولت أن تعرض الإسلام وتصوغ مقولاته العقائدية والفكرية بنفس الأفكار والمناهج الوافدة وذلك دفاعاً ع الإسلام ضد ملاحدة تلك الحضارات بالأسلوب الذي يفهمونه . ولكن هذا التوجه قاد إلى مخالفات كثيرة وتجاوزات مرفوضة كما فعل المعتزلة في إنكار الصفات الإلهية تنزيها لله سبحانه عن مشابهة المخلوقين .
ومن الواضح أيضاً أن أتباع المعتزلة الجدد وقعوا فيما وقع فيه أسلافهم ، وذلك أن ما يعرضون الآن من اجتهادات إنما الهدف منها أن يظهر الإسلام بالمظهر المقبول عند أتباع الحضارة الغربية والدفاع عن النظام العام قولاً بأنه إن لم يكن أحسن من معطيات الحضارة الغربية فهو ليس بأقل منها .
ولذا فلا بد أن يتعلم الخلف من أخطاء سلفهم ويعلموا أن عزة الإسلام وظهوره على الدين كله هي في تميز منهجه وتفرد شريعته واعتباره لمرجع الذي يقاس عليه الفلسفات والحضارات في الإطار الذي يمثله الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح في شمولهما وكما لهما .(1/14)
الإسماعيلية
التعريف :
... الإسماعيلية فرقة باطنية ، انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق ، ظاهرها التشيع لآل البيت ، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام ، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر ، وحقيقتها تخالف العقائد الإسلامية الصحيحة ، وقد مالت إلى الغلو الشديد لدرجة أن الشيعة الإثنى عشرية يكفرونها !!! .
أبرز الشخصيات :
أولاً : الإسماعيلية القرامطية :
· كان ظهورهم في البحرين والشام بعد أن شقوا عصا الطاعة على الإمام الإسماعيلي نفسه ونهبوا أمواله ومتاعه فهرب من سلمية في سوريا إلى بلاد ما وراء النهر خوفاً من بطشهم .
· ومن شخصياتهم :
- عبد الله بن ميمون القداح : ظهر في جنوبي فارس سنة 260ه .
- الفرج ين عثمان القاشاني (ذكرويه) : ظهر في العراق وأخذ يدعو للإمام المستور .
- حمدان قرمط بن الأشعث (278ه) : جهر بالدعوة قرب الكوفة .
- أحمد بن القاسم : الذي بطش بقوافل التجار والحجاج .
- الحسن بن بهرام (أبو سعيد الجنابي) : ظهر في البحرين ويعتبر مؤسس دولة القرامطة .
- ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام (أبو طاهر) : حكم ثلاثين سنة ، وفي عهده حدث التوسع والسيطرة وقد هاجم الكعبة المشرفة سنة 319ه وسرق الحجر الأسود وأبقاه عنده لأكثر من عشرين سنة .
- الحسن الأعصم بن سليمان : استولى على دمشق سنة 360ه .
ثانياً : الإسماعيلية الفاطمية :
· وهي الحركة الإسماعيلية الأصلية وقد مرت بعدة أدوار :
- دور الستر : من موت إسماعيل سنة 143ه إلى ظهور عبيد الله المهدي ، وقد اختلف في أسماء أئمة هذه الفترة بسبب السرية التي انتهجوها .
- بداية الظهور : بدأ الظهور بالحسن بن حوشب الذي أسس دولة الإسماعيلية في اليمن سنة 266ه وامتد نشاطه إلى شمال أفريقيا واكتسب شيوخ كتامة ، يلي ذلك ظهور رفيقه علي بن فضل الذي ادعى النبوة وأعفى أنصاره من الصوم والصلاة .(1/1)
- دور الظهور : يبدأ بظهور عبيد الله المهدي الذي كان مقيماً في سلمية بسوريا ثم هرب إلى شمال أفريقيا وأعتمد علىأنصاره هناك من الكتاميين .
· قتل عبيد الله داعيته أبا عبد الله الشيعي الصنعاني وأخاه أبا العباس لشكهما في شخصيته وأنه غير الذي رأياه في سلمية .
· أسس عبيد الله أول دولة إسماعيلية فاطمية في المهدية بإفريقية (تونس) واستولى على رقادة سنة 297ه وتتابع بعده الفاطميون وهم :
- المنصور بالله (أبو طاهر إسماعيل ) .
- المعز لدين الله (أبو تميم معد) : وفي عهده فتحت مصر سنة 361ه وانتقل إليها المعز في رمضان سنة 362ه .
- العزيز بالله (أبو منصور نزار ) .
- الحاكم بأمر الله (أبو علي المنصور ) .
- الظاهر (أبو الحسن علي) .
- المستنصر بالله (أبو تميم ) .
· وبوفاته انقسمت الإسماعيلية الفاطمية إلى نزارية شرقية ومستعلية غربية والسبب في هذا الانقسام أن الإمام المستنصر قد نص على أن يليه ابنه نزار لأنه الابن الأكبر، لكن الوزير الأفضل بن بدر الجمالي نحى نزاراً وأعلن إمامة المستعلي وهو الابن الأصغر كما أنه في نفس الوقت ابن أخت الوزير ، وقام بإلقاء القبض على نزار ووضعه في سجن وسدَّ عليه الجدران حتى مات .
· استمرت الإسماعيلية الفاطمية المستعلية تحكم مصر والحجاز واليمن بمساعدة الصليحيين والأئمة هم :
- المستعلي (أبو القاسم أحمد) .
- الظافر (أبو المنصور إسماعيل) .
- الفائز (أبو القاسم عيسى ) .
- العاضد (أبو محمد عبد الله ) : من 555ه حتى زوال دولتهم على يدي صلاح الدين الأيوبي .
ثالثاً : الإسماعيلية الحشاشون :
· وهم إسماعيلية نزارية انتشروا بالشام ، وبلاد فارس والشرق ، ومن أبرز شخصياتهم :(1/2)
- الحسن بن الصباح : وهو فارسي الأصل وكان يدين بالولاء للإمام المستنصر قام بالدعوة في بلاد فارس للإمام المستور ثم استولى على قلعة الموت وأسس الدولة الإسماعيلية النزارية الشرقية – وهم الذين عرفوا بالحشاشين لإفراطهم في تدخين الحشيش، وقد أرسل بعض رجاله إلى مصر لقتل الإمام الآخر بن المستعلي فقتلوه مع ولديه عام 525ه، وتوفي الحسن بن الصباح عام 1135م .
- كيابزرك آميد .
- محمد كيابزرك آميد .
- الحسن الثاني بن محمد .
- محمد الثاني بن الحسن .
- الحسن الثالث بن محمد الثاني .
- ركن الدين خورشاه: من سنة 1255ه إلى أن انتهت دولتهم وسقطت قلاعهم أمام جيش هولاكو المغولي الذي قتل ركن الدين فتفرقوا في البلاد وما يزال لهم اتباع إلى الآن .
رابعاً : إسماعيلية الشام :
· وهم إسماعيلية نزارية، لقد أبقوا خلال هذه الفترة الطويلة عقيدتهم يجاهرون بها في قلاعهم وحصونهم غير أنهم ظلوا طائفة دينية ليست لهم دولة بالرغم من الدرو الخطير الذي قاموا به ولا يزالون إلى الآن في منطقة سلمية بالذات وفي مناطق القدموس ومصياف وبانياس والخوابي والكهف .
- ومن شخصياتهم (راشد الدين سنان) الملقب بشيخ الجيل، وهو يشبه في تصرفاته الحسن بن الصباح، ولقد كون مذهب السنانية الذي يعتقد اتباعه بالتناسخ إضافة إلى عقائد الإسماعيلية الأخرى .
خامساً : الإسماعيلية البهرة :
· وهم إسماعيلية مستعلية، يعترفون بالإمام المستعلي ومن بعده الآمر ثم ابنه الطيب ولذا يسمون بالطيبية، وهم إسماعيلية الهند واليمن، تركوا السياسة وعملوا بالتجارة فوصلوا إلى الهند واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا وعرفوا بالبهرة، والبهرة لفظ هندي قديم بمعنى التاجر .
· الإمام الطيب دخل الستر سنة 525ه والأئمة المستورون من نسله إلى الآن لا يعرف عنهم شيئاً، حتى إن أسمائهم غير معروفة،وعلماء البهرة أنفسهم لا يعرفونهم .
انقسمت البهرة إلى فرقتين :(1/3)
- البهرة الداوودية : نسبة إلى قطب شاه داود : وينتشرون في الهند وباكستان منذ القرن العاشر الهجري وداعيتهم يقيم في بومباي .
- البهرة السليمانية : نسبة إلى سليمان بن حسن وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم .
سادساً : الإسماعيلية الأغاخانية :
· ظهرت هذه الفرقة في إيران في الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، وترجع عقيدتهم إلى الإسماعيلية النزارية، ومن شخصياتهم :
- حسن علي شاه : وهو الأغاخان الأول : الذي استعمله الإنجليز لقيادة ثورة تكون ذريعة لتدخلهم فدعا إلى الإسماعيلية النزارية، ونفي إلى أفغانستان منها إلى بومباي وقد خلع عليه الإنجليز لقب آغاخان،مات سنة1881م .
- أغا علي شاه وهو الأغاخان الثاني .
- يليه ابنه محمد الحسيني : وهو الآغاخان الثالث : وكان يفضل الإقامة في اوروبا وقد رتع في ملاذ الدنيا وحينما مات أوصى بالخلافة من بعده لحفيده كريم مخالفاً بذلك القواعد الإسماعيلية في تولية الابن الأكبر .
- كريم : وهو الآغاخان الرابع وما يزال حتى الآن،وقد درس في إحدى الجامعات الإمريكية .
سابعاً : الإسماعيلية الواقفة :
· وهي فرقة إسماعيلية وقفت عند إمامة محمد بن إسماعيل وهو أول الأئمة المستورين وقالت برجعته بعد غيبته .
أهم العقائد :
· ضرورة وجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل على أن يكون الابن الأكبر وقد حدث خروج على هذه القاعدة عدة مرات .
· العصمة لديهم ليست في عدم ارتكاب المعاصي والأخطاء بل إنهم يؤولون المعاصي والأخطاء بما يناسب معتقداتهم .
· من مات ولم يعرف إمام زمانه ولم يكن في عنقه بيعة له مات ميتة جاهلية .
· يضفون على الإمام صفات ترفعه إلى ما يشبه الإله، ويخصونه بعلم الباطن ويدفعون له خُمس ما يكسبون .
· يؤمنون بالتقية والسرية ويطبقونها في الفترات التي تشتد عليهم فيها الأحداث .
· الإمام هو محور الدعوة الإسماعيلية، ومحور العقيدة يدور حول شخصيته .(1/4)
· الأرض لا تخلو من إمام ظاهر مكشوف أو باطن مستور فإن كان الأمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً، وإن كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين .
· يقولون بالتناسخ، والإمام عندهم وارث الأنبياء جميعاً ووارث كل من سبقه من الأئمة.
· ينكرون صفات الله تعالى أو يكادون لأن الله – في نظرهم – فوق متناول العقل، فهو لا موجود ولا غير موجود، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز، ولا يقولون بالإثبات المطلق ولا بالنفي المطلق فهو إله المتقابلين وخالق المتخاصمين والحاكم بين المتضادين، ليس بالقديم وليس بالمحدث فالقديم أمره وكلمته والحديث خلقه وفطرته .
من عقائد البهرة :
· لا يقيمون الصلاة في مساجد عامة المسلمين .
· ظاهرهم في العقيدة يشبه عقائد سائر الفرق الإسلامية المعتدلة .
· باطنهم شيء آخر فهم يصلون ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المستور من نسل الطيب بن الآمر .
· يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين لكنهم يقولون : إن الكعبة هي رمز على الإمام .
· كان شعار الحشاشين ( لا حقيقة في الوجود وكل أمر مباح ) ووسيلتهم الإغتيال المنظم والامتناع بسلسلة من القلاع الحصينة .
· يقول الإمام الغزالي عنهم : ( المنقول عنهم الإباحة المطلقة ورفع الحجاب واستباحة المحظورات، وإنكار الشرائع، إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب إليهم ) .
· يعتقدون أن الله لم يخلق العالم خلقاً مباشراً بل كان ذلك عن طريق العقل الكلي الذي هو محل لجميع الصفات الإلهية ويسمونه الحجاب، وقد حل العقل الكلي في إنسان هو النبي وفي الأئمة المستورين الذين يخلفونه فمحمد هو الناطق وعلي هو الأساس الذي يفسر .
الجذور العقائدية :
· لقد نشأ مذهبهم في العراق، ثم فروا إلى فارس وخراسان وما وراء النهر كالهند والتركستان فخالط مذهبهم آراء من عقائد الفرس القديمة والأفكار الهندية، وقام فيهم ذوو أهواء في انحرافهم بما انتحلوا من نحل .(1/5)
· اتصلوا ببراهمة الهند والفلاسفة الإشراقيين والبوذيين وبقايا ما كان عند الكلدانيين والفرس من عقائد وأفكار حول الروحانيات والكواكب والنجوم واختلفوا في مقدار الأخذ من هذه الخرافات وقد ساعدتهم سريتهم على مزيد من الإنحراف .
· بعضهم اعتنق مذهب مزدك وزرادشت في الإباحية والشيوعية كالقرامطة مثلاً .
· ليست عقائدهم مستمدة من الكتاب والسنة فقد داخلتهم فلسفات وعقائد كثيرة أثرت فيهم وجعلتهم خارجين عن الإسلام .
أماكن الإنتشار :
· لقد اختلفت الأرض التي سيطر عليها الإسماعليون مداً وجزراً بحسب تقلبات الظروف والأحوال خلال فترة طويلة من الزمن، وقد غطى نفوذهم العالم الإسلامي ولكن بتشكيلات متنوعة تختلف باختلاف الأزمان والأوقات :
- فالقرامطة سيطروا على الجزيرة وبلاد الشام والعراق وما وراء النهر .
- والفاطميون أسسوا دولة امتدت من المحيط الأطلسي وشمال أفريقيا، وامتلكوا مصر والشام، وقد اعتنق مذهبهم أهل العراق وخُطب لهم على منابر بغداد سنة 540ه ولكن دولتهم زالت على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله .
- والآغاخانية يسكنون نيروبي ودار السلام وزنجبار ومدغشقر والكنغو البلجيكي والهند وباكستان وسوريا ومركز القيادة لهم في مدينة كراتشي بباكستان .
- والبهرة استوطنوا اليمن والهند والسواحل القريبة المجاورة لهذين البلدين .
- وإسماعيلية الشام امتلكوا قلاعاً وحصوناً في طول البلاد وعرضها وما تزال لهم بقايا في مناطق سلمية والخوابي والقدموس ومصياف وبانياس والكهف .
- والحشاشون انتشروا في إيران واستولوا على قلعة آلموت جنوب بحر قزوين واتسع سلطانهم واستقلوا بإقليم كبير وسط الدولة العباسية السُنية، كما امتلكوا القلاع والحصون ووصلوا بانياس وحلب والموصل، وولي أحدهم قضاء دمشق أيام الصليبين وقد اندحروا أمام هولاكو المغولي .
- المكارمة وهم الآن مستقرون في مدينة نجران في جنوب الجزيرة العربية .(1/6)
الناصرية
التعريف :
الناصرية حركة قومية عربية ، نشأت في ظل حكم جمال عبد الناصر ( رئيس مصر من عام 1952م-1970م ) واستمرت بعد وفاته واشتقت اسمها من اسمه وتبنت الأفكار التي كان ينادي بها وهي : الحرية والاشتراكية والوحدة وهي نفس أفكار الأحزاب القومية اليسارية العربية الأخرى .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· أول من أطلق لفظ ( الناصرية ) محمد حسنين هيكل ، الصحفي الذي رافق عبد الناصر إبان حكمه ، وأصبح له شهرة في العالم العربي ، وذلك بمقال له في جريدة الأهرام في 14/1/1972م.
· جاء بعده كمال رفعت وأصدر في عام 1976م كتيبا بعنوان ناصريون ذكر فيه مبادئ الناصرية وأهدافها .
· وبلور الدكتور عبد القادر حاتم الذي كان وزيراً في عهد عبد الناصر المذهب الناصري في تأبينه لعبد الناصر ، كما جاء في جريدة الأخبار ( 2/10/1970م ) حيثما قال : " أصبح في العالم اليوم مذهب سياسي متميز ينتسب إلى عبد الناصر ".
· وقد وافق القضاء المصري على إعلان الناصرية كحزب باسم ( الحزب الديمقراطي الناصري ) وذلك في يوم الاثنين 18/شوال/1412هـ ( 20/4/1992م ) برئاسة ضياء الدين داود المحامي ، وعضو مجلس الشعب المصري .
· وهناك من قادة الدول العربية - مثل معمر القذافي رئيس الجماهرية الليبية - من يصرح بأنه على منهج عبد الناصر !! .
نظرة تاريخية على مؤسس الناصرية :
- جمال عبد الناصر : وكان يتردد على مركز الإخوان المسلمين لسماع حديث الثلاثاء منذ عام 1942م . ( مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف ) .
- في أوائل عام 1946م بايع الإخوان المسلمين على التضحية في سبيل الدعوة الإسلامية مجموعة من الضباط منهم جمال عبد الناصر . ( مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف ) .(1/1)
- بدأت علاقة عبد الناصر بالمخابرات الأمريكية منذ آذار ( مارس ) 1952م أي قبل قيام الثورة بأربعة أشهر ، كما اعترف بذلك أحد رفاقه وهو خالد محي الدين . وتحدث اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد الثورة عن هذه العلاقة في مذكراته ، وأنهم هم الذين كانوا يرسمون له الخطط الأمينة ويدعمون حرسه بالسيارات والأسلحة الجديدة .
- في 14 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1954م أعفي محمد نجيب من منصبه كرئيس للجمهورية ليصبح عبد الناصر فرعون مصر الجديد - على حد تعبير رفاقه - كمال الدين حسين وحسن التهامي .
- في 8 كانون الأول ( ديسمبر ) 1945م ( 12 ربيع الآخر 1374هـ ) نفذ عبد الناصر حكم الإعدام في ستة من قادة جماعة الإخوان المسلمين منهم عبد القادر عودة مؤلف التشريع الجنائي في الإسلام . فضلاً عن الاعتقالات التي شملت الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وذلك بعد اتهامهم بالتآمر على قتله في حادث المنشية بالإسكندرية ( في نفس العام ) والتي قيل بأنها مسرحية دبرها عبد الناصر مع المخابرات المركزية للتخلص من الإخوان المسلمين الذين كانوا يشكلون عقبة كبيرة لحكمه الفردي البعيد عن الدين ، ولتلميع شخصيته كزعيم وطني حتى تتعلق به الجماهير .
- في عام 1965م كان الاعتداء الثلاثي على مصر من قبل انجلترا وفرنسا وإسرائيل .. ولم ينسحب المعتدون إلا بعد استيلاء إسرائيل على شرم الشيخ في سيناء ، وجزيرة تيران في البحر الأحمر .
- شارك في الحرب اليمنية : التي قتل فيها الآلاف من الشعب المصري المسلم .. وخسرت فيها الملايين .
- في عام 1965م أقدم عبد الناصر على إعدم ثلاث من كبار الإخوان المسلمين منهم سيد قطب مؤلف في ظلال القرآن .
- في نفس العام صدر القرار الجمهوري ( نيسان - أبريل - 1965م ) بالعفو الشامل عن جميع العقوبات الأصلية والتبعية ضد الشيوعيين في مصر ، ودخل الماركسيون في جميع مجالات الحياة في مصر بعد ذلك .(1/2)
- في عام 1967م كانت النكبة الثانية للعرب والمسلمين ، فقد احتلت دولة اليهود في فلسطين المحتلة ، ثلاثة أمثال ما اغتصبوه عام 1948م ( سيناء والجولان والضفة الغربية ) وسقطت القدس بلا قتال .
- توفي عبد الناصر سنة 1970م بعد أن غرقت مصر في الديون وبعد أن خرب مصر سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً ، وملأ العالم العربي بالشعارات الجوفاء .
· ومن أخلاق عبد الناصر على لسان رفاق حياته ومعاصريه :
- يقول حسن التهامي وهو من أقرب المقربين لعبد الناصر : " إن عبد الناصر هو الذي أمر القوات المصرية بالانسحاب إلى الضفة الغربية من قناة السويس عام 1967م . وأن عبد الناصر هو الذي دس السم لعبد الحكيم عامر ، في بيت عبد الناصر نفسه ". الأهرام 5/8/1977م .
- حسين الشافعي وهو أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بالانقلاب العسكري سنة 1952م يقول في محاضرة له في جمعية الشبان المسلمين : " انقلوا عني : أن الجيش المصري لم يحارب في معركة 1967م بل هزم بسبب الإهمال والخيانة ، وأقول الخيانة وأضع تحتها عشرة خطوط ".
- خالد محي الدين : الآن هو زعيم التنظيم اليساري في مصر وهو أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار ، يقول : " إن عبد الناصر كانت له علاقة بالمخابرات الأمريكية منذ مارس 1952م أي قبل قيام الثورة بأربعة أشهر ".
الأفكار والمعتقدات :
· من مبادئ الناصرية :
- الحرية والاشتراكية والوحدة للقضاء على مشكلات العالم العربي الأربعة : وهي الاستعمار والتخلف والطبقية والتجزئة بين أقطار العالم العربي . ( وهي نفسها أفكار حزب البعث القومي اليساري : الوحدة ، الحرية ، الاشتراكية ) .
- الحرية المطلوبة هي حرية الناصريين وليس حرية الشعب بكامله ، إذ أن الناصرية القديمة ( في عهد عبد الناصر نفسه ) رفعت شعارات لا حرية لأعداء الحرية ، وهي تعتقد بأن كل معارض لها من أعداء الحرية .(1/3)
الاشتراكية أساس التقدم الاقتصادي .. وهي أساس بناء مجتمع الكفاية والعدل ، والمجتمع الذي ترفرف عليه الرفاهية كما يزعمون .
- ونادت الناصرية بتوزيع الثروة الوطنية لتحقيق التغيير الاجتماعي .
- ونادت بالاشتراكية العلمية .. وهي خليط من الاشتراكية لماركسية والليبرالية الغربية والأفكار والوطنية مع شيء من الأفكار الدينية .
- الوحدة هي أساس القوة العربية .. والعروبة أو القومية العربية هي أساس قيام الوحدة . وأغفلت الناصرية رباط العقيدة التي لا تؤمن الشعوب العربية إلا بها ولا تجتمع إلا حول رايتها . وهي أساس وحدة العرب في الصدر الأول .
- نادت الناصرية بالديمقراطية ومفهوم الديمقراطية لديها هو ديمقراطية التحالف السياسي ، تبعا لتحالف القوى الاجتماعية .. أو كما وصفها محمد حسنين هيكل بديمقراطية الموافقة : أي أن الزعيم الحاكم ينفرد بالحكم وبإصدار القرارات المصيرية .. ودور الشعب يقتصر على تأييد هذه القرارات . لأنه يفترض في الزعيم العصمة والصواب والحكمة وتجسيد إرادة الشعب وحقوق التعبير عنها .
- العلمانية - أو اللادينية - من أسس الناصرية أيضاَ .. فليس للدين علاقة بالمجتمع وقوانينه ونظام حياته ، وإنما هو طقوس تعبدية في المسجد فحسب .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· الناصرية حركة قومية يسارية علمانية برزت بعد وفاة عبد الناصر لذلك فهي تعتمد على الفكر القومي الذي ظهر بعد سقوط الدولة العثمانية .
· الفكر الماركسي المادي أحد روافد فكرها الذي تلبسه الثوب القومي .
· الناصرية أبعدت الدين من كل مبادئها وممارساتها ، من هنا جاء وصفها بالعلمانية ( اللادينية ) .
النفوذ وأماكن الانتشار :
نشأت الناصرية في مصر وانتشرت في باقي البلاد العربية ، وإن كان أتباعها في البلاد العربية قلة من المنتفعين ، وقد طالب بعض الذين تعاونوا مع عبد الناصر إبان حكمه بتشكيل حزب ناصري في مصر وقد سمح لهم بذلك .
ويتضح مما سبق :(1/4)
أن الناصرية تتجسد في حفنة من الذين تعاونوا مع عبد الناصر إبان حكمه وأظهروا الولاء لشخصه فلما سمح بالتعددية الحزبية في مصر اتفقوا على التجمع باسم القومية العربية وتحت لواء الحرية والاشتراكية والوحدة دون تحديد واضح لمضمون هذه الأهداف . ولكنهم علىأية حال يدينون بالولاء لعبد الناصر ويعتبرونه رائدهم مشيدين بمواقفه الإيجابية بحكم أنه أنهى الملكية الفاسدة في مصر وأمم قناة السويس ، وأنهى الاحتلال البريطاني ، وبنى السد العالي ، وحرر اليمن الشمالي ، وحقق مكاسب للعمال والفلاحين . ولكنهم يتغافلون عن سلبيات حكمه الفظيعة ، التي تتمثل في إعلان الحرب على الاتجاه الإسلامي في الداخل والخارج ، وتعذيب حملة لوائه عذاباً نكراً ، تقتيل فطاحل علمائه من أمثال عبد القادر عودة وسيد قطب وغيرهم بعد محاكمات صورية .
· كما دأب على الوقوف دائما في صف أعداء الإسلام ومناصرة سياستهم فأيد نهرو في مواقفه الجائرة ضد باكستان ، وأيد نيريري الذي قام بمذبحة ضد مسلمي زنجبار ، وأيد مكاريوس الذي كافح من أجل إضاعة حقوق المسلمين في قبرص .
وأحيا جاهلية القرن العشرين بإثارة نعرة القومية العربية وإعلان الحرب على ملوك البلدان الإسلامية وتشجيع المؤامرات الانقلابية .
· ورغم أنه أول حكم الثورة كان قد جعل الديمقراطية أحد مبادئها ، إلا أنه لم يسمح ببزوغ فجرها ووأدها في مهدها وقضى على كافة الأحزاب المطالبة بها ، وأنشأ الحزب الشمولي وألغى الدستور وجمع السلطة كلها في يده وظل طوال حكمه مثال الحاكم المستبد الذي يضرب خصومه بيد من حديد ، دون أدنى مراعاة للقيم الأخلاقية ويفتعل المؤامرات للقضاء عليهم قضاء مبرما .(1/5)
وانتشر في عهده التحلل الأخلاقي والتفكك الأسري والتزلف النفعي والفساد ، وقام بإلغاء الأوقاف الإسلامية والمحاكم الشرعية ، وأضعف كيان الأزهر ، وأصبح للمخابرات والمباحث العامة والأمن القومي السيطرة على كل المؤسسات في الدولة ، وقاصمة الظهر في هذا كله أنه عرض الجيش المصري لهزيمة ساحقة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً وضاعت بسببها الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان والقدس الشريف وتمكنت إسرائيل من توسيع رقعتها بما لم تكن تحلم به .
· ويعتبر مسؤولاً عن انفصال السودان عن مصر وعن حرب اليمن وعن السماح لإسرائيل باستعمال مضيق تيران .
· والمؤمل ، إذا تجملت الناصرية - بعد أن سمح لها من جديد بتشكيل حزب سياسي في مصر - أن تفتح أنصارها عيونها على هذه الحقائق المؤلمة ويصححوا مسارها نحو فهم جديد مستند للإسلام كأهم عنصر إيجابي في تحقيق حكم نظيف قوامه العدالة الاجتماعية وإنجاز الحرية والشورى كأساس متين لتجمع المسلمين ووحدتهم . ولعلهم بذلك يخفون وجه الناصرية القبيح ويقضون على آثارها المتعفنة ورموزها القذرة ، ولهم في ماضيهم عبرة وفيما حدث في الكويت تبصرة وذكرى ( لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) .(1/6)
النصرانية
التعريف :
هي الرسالة التي أنزلت على عيسى عليه السلام ، مكملة لرسالة موسى عليه الصلاة والسلام ، ومتممة لما جاء في التوراة من تعاليم ، موجهة إلى بني إسرائيل ، داعية إلى التوحيد والفضيلة والتسامح ، ولكنها جابهت مقاومة واضطهاداً شديداً ، فسرعان ما فقدت أصولها ، مما ساعد امتداد يد التحريف إليها ، فابتعدت كثيراُ عن أصولها الأولى لا متزاجها بمعتقدات وفلسفات وثنية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
مرت النصرانية بعدة مراحل وأطوار تاريخية مختلفة ، انتقلت فيها من رسالة منزلة من عند الله تعالى إلى ديانة محرفة ومبدلة ، تضافر على صنعها بعض الكهان ورجال السياسة ، ويمكن تقسيم هذه المراحل كالتالي :
· المرحلة الأولى :
النصرانية المنزلة من عند الله جاء بها عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام :(1/1)
- هي رسالة أنزلها الله تعالى على عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل بعد أن انحرفوا وزاغوا عن شريعة موسى عليه السلام ، وغلبت عليهم النزعات المادية . وافترقوا بسبب ذلك إلى فرق شتى ، فمنهم من يؤمن بأن غاية الإنسان هي الحياة الدنيا ، حيث لا يوم آخر ، ولا جنة ولا نار ، ومنهم من يعتقد أن الثواب والعقاب إنما يكونان في الدنيا فقط ، وأن الصالحين منهم يوم القيامة سيشتركون في ملك المسيح الذي يأتي لينقذ الناس ، ليصبحوا ملوك العالم وقضاته . كما شاع فيهم تقديم القرابين والنذور للهيكل رجاء الحصول على المغفرة ، وفشا الاعتقاد بأن رضا الرهبان ودعاءهم يضمن لهم الغفران . لذا فسدت عقيدتهم وأخلاقهم ، فكانت رسالته ودعوته عليه الصلاة والسلام داعية إلى توحيد الله تعالى حيث لا رب غيره ولا معبود سواه ، وأنه لا واسطة بين المخلوق والخالق سوى عمل الإنسان نفسه ، وهي رسالة قائمة على الدعوة للزهد في الدنيا ، والإيمان باليوم الآخر وأحواله ، ولذا فإن عيسى عليه الصلاة والسلام كان موحداً على دين الإسلام ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين .
- المبلغ : عيسى ابن مريم عليه السلام ، أمه البتول مريم ابنة عمران أحد عظماء بني إسرائيل ، نذرتها أمها أن تحمل بها لخدمة المسجد ، وكفلها زكريا أحد أنبياء بني إسرائيل وزوج خالتها ، فكانت عابدة قانتة لله تعالى ، حملت به من غير زوج بقدرة الله تعالى ، وولدته عليه السلام في مدينة بيت لحم بفلسطين ، وأنطقه الله تعالى في المهد دليلاً على براءة أمه من بهتان بني إسرائيل لها بالزنا ، فجاء ميلاده حدثاً عجيباً على هذا النحو ليلقي بذلك درساً على بني إسرائيل الذين غرقوا في الماديات ، وفي ربط الأسباب بالمسببات ، ليعلموا بأن الله تعالى على كل شيء قدير .(1/2)
- بعث عيسى عليه السلام نبياً إلى بني إسرائيل ، مؤيداً من الله تعالى بعدد من المعجزات الدالة على نبوته ، فكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله . ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله .
-كما كان يخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم بإذن الله .
-وقد أيده الله هو وحوارييه بمائدة من السماء أنزلها عليهم لتكون عيداً لأولهم وآخرهم .
- تآمر اليهود على قتله برئاسة الحبر الأكبر ( كايافاس ) وأثاروا عليه الحاكم الروماني لفلسطين ( بيلاطس ) لكنه تجاهلهم أولاً ، ثم لما كذبوا عليه وتقولوا على عيسى عليه السلام بأنه يدعو نفسه مسيحاً ملكاً ، ويرفض دفع الجزية للقيصر ، دفع ذلك الحاكم إلى إصدار أمراً بالقبض عليه ، وإصدار حكم الإعدام ضده عليه السلام .
- اختفى عيسى وأصحابه عن أعين الجند ، إلا أن أحد أصحابه دل الجند الرومان على مكانه ، فألقى الله تعالى شبه عيسى عليه الصلاة والسلام وصورته عليه ، ويقال إنه يهوذا الإسخريوطي وقيل غيره ، فنفذ حكم الصلب فيه بدلاً من عيسى عليه الصلاة السلام حيث رفعه الله إليه ، على أنه سينزل قبل قيام الساعة ليحكم بالإسلام ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ثم يموت كما دلت على ذلك النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة .
- آمن بدعوة المسيح عليه السلام الكثير ولكنه اصطفى منهم اثني عشر حوارياً كما هم مذكورون في إنجيل متى .
- وهناك الرسل السبعون الذين يقال بأن المسيح عليه السلام اختارهم ليعلموا النصرانية في القرى المجاورة .
· المرحلة الثانية :
- ويسميها مؤرخو الكنيسة بالعصر الرسولي ، وينقسم هذا العصر إلى قسمين :
التبشير وبداية الانحراف ، والاضطهاد الذي يستمر حتى بداية العهد الذهبي للنصارى .
· التبشير وبداية الانحراف(1/3)
· بعدما رفع المسيح عليه السلام ، واشتد الإيذاء والتنكيل بأتباعه وحوارييه بوجه خاص ؛ حيث قتل يعقوب بن زيدي أخو يوحنا الصياد فكان أول من قتل من الحواريين ، وسجن بطرس ، وعذب سائر الرسل ، وحدثت فتنة عظيمة لأتباع المسيح عليه الصلاة والسلام حتى كادت النصرانية أن تفنى .
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة أعلن شاول الطرسوسي اليهوذي الفريسي ، صاحب الثقافات الواسعة بالمدارس الفلسفية والحضارات في عصره ، وتلميذ أشهر علماء اليهود في زمانه عمالائيل ، أعلن شاول الذي كان يذيق أتباع المسيح سوء العذاب ، إيمانه بالمسيح بعد زعمه رؤيته عند عودته من دمشق ، مؤنباً له على اضطهاده لأتباعه ، آمر له بنشر تعاليمه بين الأمم ، فاستخف الطرب النصارى ، في الوقت الذي لم يصدقه بعضهم ، إلا أن برنابا الحواري دافع عنه وقدمه إلى الحواريين فقبلوه ، وبما يمتلكه من حدة ذكاء وقوة حيلة ووفرة نشاط استطاع أن يأخذ مكاناً مرموقاً بين الحواريين وتسمى بـ بولس .
- انطلق الحواريون للتبشير بين الأمم اليهودية في البلدان المجاورة ، التي سبق أن تعرفت على دعوة المسيح عليه السلام أثناء زيارتها لبيت المقدس في عيد العنصرة ، وتذكر كتب التاريخ النصراني بأن متى ذهب إلى الحبشة ، وقتل هناك بعد أن أسس أول مدرسة لاهوتية وكنيسة فيها بتوجيه من بطرس الذي أسس كنيسة روما وقتل في عهد نيرون عام 62م .
- أما بولس فذهب إلى روما وأفسس وأثينا وأنطاكية ، وأسس فيها كنائس نصرانية نظير كنيسة أورشليم ورسم لهم أساقفه . وفي أحد جولاته في أنطاكية صحبه برنابا فوجدا خلافاً حاداً بين أتباع الكنيسة حول إكراه الأمميين على اتباع شريعة التوراة فعادا إلى بيت المقدس لعرض الأمر على الحواريين لحسم الخلاف بينهم .
· بداية الانحراف :(1/4)
- فيما بين عام 51-55م عقد أول مجمع يجمع بين الحواريين - مجمع أورشليم - تحت رئاسة يعقوب بن يوسف النجار المقتول رجماً سنة 62م ليناقش دعوى استثناء الأمميين ، وفيه تقرر - إعمالاً لأعظم المصلحتين - استثناء غير اليهود من الالتزام بشريعة التوراة إن كان ذلك هو الدافع لانخلاعهم من ربقة الوثنية ، على أنها خطوة أولى يلزم بعدها بشريعة التوراة . كما تقرر فيه تحريم الزنا ، وأكل المنخنقة ، والدم ، وما ذبح للأوثان ، بينما أبيحت فيه الخمر ولحم الخنزير والربا ، مع أنها محرمة في التوراة .
- عاد بولس بصحبة برنابا إلى أنطاكية مرة أخرى ، وبعد صحبة غير قصيرة انفصلا وحدث بينهما مشادة عظيمة نتيجة لإعلان بولس نسخ أحكام التوراة وقوله أنها : " كانت لعنة تخلصنا منها إلى الأبد " و " أن المسيح جاء ليبدل عهداً قديماً بعهد جديد " ولا ستعارته من فلاسفة اليونان فكرة اتصال الإله بالأرض عن طريق الكلمة ، أو ابن الإله ، أو الروح القدس ، وترتيبه على ذلك القول بعقيدة الصلب والفداء ، وقيامة المسيح وصعوده إلى السماء ، ليجلس على يمين الرب ليحاسب الناس في يوم الحشر . وهكذا كرر بولس نفس الأمر مع بطرس الذي هاجمه وانفصل عنه مما أثار الناس ضده ، لذا كتب بولس رسالة إلى أهل غلاطية ضمنها عقيدته ومبادئه ، و من ثم واصل جولاته بصحبة تلاميذه إلى أوروبا وآسيا الصغرى ليلقى حتفه أخيراً في روما في عهد نيرون سنة 65م .(1/5)
- قد استمرت المقاومة الشديدة لأفكار بولس عبر القرون الثلاثة الأولى : ففي القرن الثاني الميلادي تصدى هيولتس ، وإيبيي فايتس ، وأوريجين لها ، وأنكروا أن بولس كان رسولا ، وظهر بولس الشمشاطي في القرن الثالث ، وتبعه فرقته البوليسية إلا أنها كانت محدودة التأثير . وهكذا بدأ الانفصال عن شريعة التوراة ، وبذرت التثليث والوثنية في النصرانية ، أما باقي الحواريين والرسل فإنهم قتلوا على يد الوثنيين في البلدان التي ذهبوا إليها للتبشير فيها .
· الاضطهاد :
- عانت الدعوة النصرانية أشد المعاناة من سلسلة الاضطهادات والتنكيل على أيدي اليهود الذين كانت لهم السيطرة الدينية ، ومن الرومان الذين كانت لهم السيطرة والحكم ، ولذلك فإن نصيب النصارى في فلسطين ومصر كان أشد من غيرهم ، حيث اتخذ التعذيب والقتل أشكالاً عديدة ، ما بين الحمل على الخشب ، والنشر بالمناشير ، إلى التمشيط ما بين اللحم والعظم ، والإحراق بالنار .
- من أعنف الاضطهادات وأشدها :
1- اضطهاد نيرون سنة 64م الذي قتل فيه بطرس وبولس .
2- واضطهاد دمتيانوس سنة 90م وفيه كتب يوحنا إنجيله في أفسس باللغة اليونانية .
3- واضطهاد تراجان سنة 106م وفيه أمر الإمبراطور بإبادة النصارى وحرق كتبهم ، فحدثت مذابح مروعة قتل فيها يعقوب البار أسقف أورشليم .
4- ومن أشدها قسوة وأعنفها اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس 284م الذي صمم على أن لا يكف عن قتل النصارى حتى تصل الدماء إلى ركبة فرسه ، وقد نفذ تصميمه ، وهدم الكنائس وأحرق الكتب ، وأذاقهم من العذاب صنوفاً وألوناً ، مما دفع النصارى من أقباط مصر إلى اتخاذ يوم 29 أغسطس 284ن بداية لتقويمهم تخليداً لذكرى ضحاياهم .
- وهكذا استمر الاضطهاد يتصاعد إلى أن استسلم الامبراطور جالير لفكرة التسامح مع النصارى لكنه مات بعدها ، ليعتلي قسطنطين عرش الإمبراطورية .(1/6)
- سعى قسطنطين بما لأبيه من علاقات حسنة ، فأعلن مرسوم ميلان الذي يقضي بمنحهم الحرية في الدعوة والترخيص لديانتهم ومساواتها بغيرها من ديانات الإمبراطورية الرومانية ، وشيد لهم الكنائس ، وبذلك انتهت أسوأ مراحل التاريخ النصراني قسوة ، التي ضاع فيها إنجيل عيسى عليه السلام ، وقتل الحواريين والرسل ، وبدأ الانحراف والانسلاخ عن شريعة التوراة ، ليبدأ النصارى عهداً جديداً من تأليه المسيح عليه الصلاة والسلام وظهور اسم المسيحية .
· نشأة الرهبانية والديرية وتأثير الفلسفة على النصرانية :
- في خلال هذه المرحلة ظهرت الرهبانية في النصرانية في مصر أولاً على يد القديس بولس الطبي 241-356م والقديس أنطوان المعاصر له ، إلا أن الديرية - حركة بناء الأديرة - نشأت أيضاً في صعيد مصر عام 315-320م أنشأها القديس باخوم ، ومنها انتشرت في الشام وآسيا الصغرى . وفي نفس الوقت دخلت غرب أوروبا على يد القديس كاسليان 370-420م ومارتن التوري 316-387م ، كما ظهر مجموعة من الآباء المتأثرين بمدرسة الإسكندرية الفلسفية ( الأفلاطونية الحديثة ) وبالفلسفة الغنوصية ، مثل كليمنت الإسكندري 150-215م أوريجانوس 185-245م وغيرهم .
· العهد الذهبي للنصارى :
- يطلق مؤرخو الكنيسة اسم العهد الذهبي للنصارى ابتداء من تربع الإمبراطور قسطنطين على عرش الإمبراطورية الرومانية عام 312م لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل تاريخ النصرانية .
ويمكن تقسيم ذلك العهد إلى مرحلتين رئيسيتين :
· مرحلة جمع النصارى على عقيدة واحدة ( عصر المجامع أو عهد الخلافات والمناقشات ) :(1/7)
- ما إن أعلن قسطنطين إعلان ميلان حتى قرب النصارى وأسند إليهم الوظائف الكبيرة في بلاط قصره ، وأظهر لهم التسامح ، وبنى لهم الكنائس ، وزعمت أمه هيلينا اكتشاف الصليب المقدس ، الذي اتخذه شعاراً لدولته بجانب شعارها الوثني ،فنشطت الدعوة إلى النصرانية ، ودخل الكثير من الوثنيين وأصحاب الفلسفات في النصرانية ، مما كان له أثره البالغ في ظهور الكثير من العقائد والآراء المتضاربة ، والأناجيل المتناقضة ، حيث ظهر أكثر من خمسين إنجيلاً ، وكل فرقة تدعي أن إنجيلها هو الصحيح وترفض الأناجيل الأخرى .
- وفي وسط هذه العقائد المختلفة والفرق المتضاربة ما بين من يؤله المسيح وأمه ( الريمتين ) أو من يؤله المسيح فقط . أو يدعي وجود ثلاثة آلهة : إله صالح وإله طالح ، وآخر عدل بينهما ( مقالة مرقيون ) . أعلن آريوس أحد قساوسة كنيسة الإسكندرية صرخته المدوية بأن المسيح عليه السلام ليس أزلياً، وإنما هو مخلوق من الأب ، وأن الابن ليس مساوياً للأب في الجوهر ، فالتف حوله الأنصار وكثر أتباعه في شرق الإمبراطورية حتى ساد مذهبه التوحيدي كنائس مصر والإسكندرية وأسيوط وفلسطين ومقدونيا والقسطنطينية وأنطاكية وبابل ، مما أثار بطريرك الإسكندرية بطرس ضده ولعنه وطرده من الكنيسة ، وكذلك فعل خلفه البطريرك إسكندر ، ثم الشماس إثناسيوس ، وضماناً لاستقرار الدولة أمر الإمبراطور قسطنطين عام 325م بعقد اجتماع عام يجمع كل أصحاب هذه الآراء للاتفاق على عقيدة واحدة يجمع الناس حولها ، فاجتمع في نقية 2048 أسقفاً منهم 338 يقولون بألوهية المسيح ، وانتهى ذلك المجمع بانحياز الإمبراطور إلى القول بألوهية المسيح ولينفض على القرارات التالية :
1- لعن آريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وحرق كتبه ، ووضع قانون الإيمان النيقاوي ( الأثناسيوسي ) الذي ينص على ألوهية المسيح .
2- وضع عشرين قانوناً لتنظيم أمور الكنيسة والأحكام الخاصة بالأكليريوس .(1/8)
3- الاعتراف بأربعة أناجيل فقط : ( متى ، لوقا ، مرقس ، يوحنا ) وبعض رسائل العهد الجديد والقديم ، وحرق باقي الأناجيل لخلافها عقيدة المجمع .
- للتغلب على عوامل انهيار وتفكك الإمبراطورية أنشأ قسطنطين مدينة روما الجديدة عام 324م في بيزنطة القديمة باليونان على نفس تصميم روما العديمة ، وأنشأ بها كنيسة كبيرة ( أجيا صوفيا ) ورسم لهم بطريركاً مساوياً لبطاركة الإسكندرية وأنطاكية في المرتبة على أن الإمبراطور هو الرئيس الأعلى للكنيسة . وعرفت فيما بعد بالقسطنطينية ، ولذلك أطلق عليها بلاد الروم ، وعلى كنيستها كنيسة الروم الشرقية أو كنسية الروم الأرثوذكس .
- تمهيداً لانتقال العاصمة إلى روما الجديدة ( القسطنطينية ) اجتمع قسطنطين بآريوس حيث يدين أهل القسطنطينية والجزء الشرقي من الإمبراطورية بعقيدته ، وإحساساً منه بالحاجة إلى استرضاء سكان هذا القسم أعلن الإمبراطور موافقته لآريوس على عقيدته ، وعقد مجمع صور سنة 334 م ليعلي من عقيدة آريوس ، ويلغي قرارات مجمع نيقية ، ويقرر العفو عن آريوس وأتباعه . ولعن أثناسيوس ونفيه ، وهكذا انتشرت تعاليم آريوس أكثر بمساعدة الإمبراطور قسطنطين .
· مرحلة لانفصال السياسي :
- قسم قسطنطين الإمبراطورية قبل وفاته عام 337م على أبنائه الثلاثة : فأخذ قسطنطين الثاني الغرب ، وقسطنطيوس الشرق ، وأخذ قنسطانس الجزء الأوسط من شمال إفريقيا ، وعمد كل منهم إلى تأييد المذهب السائد في بلاده لترسيخ حكمه . فاتجه قسطنطيوس إلى تشجيع المذهب الآريوسي ، بينما شجع أخوه قسطنطين الثاني المذهب الأثناسيوسي مما أصل الخلاف بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني .
- توحدت الإمبراطورية تحت حكم قسطنطيوس عام 353-361م بعد وفاة قسطنطين الثاني ، ومقتل قنسطانس ، ووجد الفرصة سانحة لفرض مذهبه الأريوسي على جميع أجزاء الإمبراطورية شرقاً وغرباً .(1/9)
- لم يلبث الأمر طويلاً حتى اعتلى فلؤديوس عرش الإمبراطورية 379-395م الذي اجتهد في إلغاء المذهب الآريوسي والتنكيل بأصحابه ، والانتصار للمذهب الأثناسيوسي .
- ولذلك ظهرت في عهده دعوات تنكر الأقانيم الثلاثة ولاهوت الروح القدس ، فقرر عقد مجمع القسطنطينية الأول 382م ، وفيه فرض الإمبراطور العقوبات المشددة على أتباع المذهب الآريوسي . كما تقرر فيه أن روح القدس هو روح الله وحياته ، وأنه من اللاهوت الإلهي ، وتم زيادته في قانون الإيمان النيقاوي ، ولعن من أنكره مثل مكدنيوس ، وذلك بالإضافة إلى عدة قوانين تنظيمية وإدارية تتعلق بنظام الكنيسة وسياستها .
· نشأة البابوية :
- على إثر تقسيم الإمبراطورية إلى شرقية وغربية ، ونتيجة لضعف الإمبراطورية الغربية تم الفصل بين سلطان الدولة والكنيسة ، بعكس الأمر في الإمبراطورية الشرقية حيث رسخ الإمبراطور قسطنطين مبدأ القيصرية البابوية ، ومن هنا زادت سلطات أسقف روما وتحول كرسيه إلى بابوية لها السيادة العليا على الكنيسة في بلدان العالم المسيحي الغربي ( روما - قرطاجة ) . وقد لعب البابا داماسوس الأول 366-384م دوراً هاماً في إبراز مكانة كرسي روما الأسقفي - سيادة البابوية - ، وفي عهده تم ترجمة الإنجيل إلى اللغة اللاتينية ، ثم تابعه خلفه البابا سيري كيوس 384-399م في تأليف المراسم البابوية .
· بداية الصراع والتنافس على الزعامة الدينية بين الكنيستين :(1/10)
- ظهر الصراع والتنافس بين كنيسة روما بما تدعي لها من ميراث ديني ، وبين كنيسة القسطنطينية عاصمة الدولة ومركز أباطرتها في مجمع أفسس الأول عام 431م حيث نادى نسطور أسقف القسطنطينية بانفصال طبيعة اللاهوت عن الناسوت في السيد المسيح عليه السلام ، وبالتالي فإن اللاهوت لم يولد ولم يصلب ، ولم يقم مع الناسوت ، وأن المسيح يحمل الطبيعتين منفصلتين : اللاهوتية والناسوتية ، وأنه ليس إلها ، وأمه لا يجوز تسميتها بوالدة الإله ، وقد حضر المجمع مائتان من الأساقفة بدعوة من الإمبراطور ثؤديوس الصغير ، الذي انتهى بلعن نسطور ونفيه ، والنص في قانون الإيمان بأن مريم العذراء والدة الإله .
- وبثت دعوى أرطاخي باتحاد الطبعتين في السيد المسيح عقد له أسقف القسطنطينية فلافيانوس مجمعاً محلياً وقرر فيه قطعه من الكنيسة ولعنه ، لكن الإمبراطور ثاؤديوس الصغير قبل التماس أرضاخي ، وقرر إعادة محاكمته ، ودعا لانعقاد مجمع أفسس الثاني عام 449م برئاسة بطريرك الإسكندرية ديسقورس لينتهي بقرار براءته مما نسب إليه .
· انفصال الكنيسة مذهبياً :(1/11)
- لم يعترف أسقف روما ليو الأول بقرارات مجمع أفسس الثاني 449م وسعى الإمبراطور مركيانوس لعقد مجمع آخر للنظر في قرارات ذلك المجمع ، فوافق الإمبراطور على عقد المجمع في القسطنطينية ، ثم في كلدونية 451م لمناقشة مقالة بابا الإسكندرية ديسقورس : من أن للمسيح طبيعتين في طبيعة واحدة ( المذهب الطبيعي - المونوفيزتية ) ، ليتقرر لعن ديسقورس وكل من شايعه ونفيه ، وتقرير أن للمسيح طبيعتين منفصلتين . فكان ذلك دافعاً أن لا تعترف الكنيسة المصرية بهذا المجمع ولا بالذي يليه من المجامع . ومنذ ذلك التاريخ انفصلت الكنيسة مستقلة تحت اسم الكنيسة المرقسية - الأرثوذكسية - أو القبطية تحت رئاسة بطريرك الإسكندرية ، وانفصلت معها كنيسة الحبشة وغيرها ، لييدأ الانفصال المذهبي عن الغربية . بينما اعترفت كنيسة أورشليم الأرثوذكسية بقرارات مجمع كلدونية وصارت بطريركية مستقلة تحت رئاسة البطريرك يوفيناليوس .
· نشأة الكنيسة اليعقوبية :
- واجه الإمبراطور جستنيان 527-565م صعوبة بالغة في تحقيق طموحه بتوحيد مذهبي الإمبراطورية لتتحقق له سلطة الإمبراطورية والبابوية معاً . بعد انتصاره في إيطاليا ودخل جيوش روما حاول إرضاء زوجته بفرض مذهب الطبيعة الواحدة ( المونوفيزتية ) على البابا فجليوس الذي رفض ذلك بشدة ، مما عرضه إلى القبض عليه وترحيله إلى القسطنطينية ، ليعقد مجمع القسطنطينية الخامس سنة 553م الذي انتهى بتقرير مذهب الطبيعة الواحدة ، ولعن أصحاب فكرة تناسخ الأرواح ، وتقرير أن عيسى عليه السلام كان شخصية حقيقة وليست بخيالية .
- ومن آثار هذا المجمع استقلال أصحاب مذهب الطبيعة الواحدة إقامة كنسية الرهامما زاد في عداء البابوية للإمبراطورية الشرقية .
· نشأة الكنيسة المارونية :(1/12)
- في عام 678-681م عمل الإمبراطور قسطنطين الرابع على استرضاء البابا أجاثون بعدما فقد المراكز الرئيسية لمذهب الطبيعة الواحدة في مصر والشام لفتح المسلمين لهما ، فتم عقد مجمع القسطنطينية الثالث عام 680م للفصل في قول يوحنا مارون من أن للمسيح طبيعتين ومشيئة واحدة . وفيه تقرر أن للمسيح طبيعتين ومشسئتين ، ولعن وطرد من يقول بالطبيعة الواحدة أو بالمشيئة الواحدة ، ولذلك انفصلت طائفة المارونية ولحقت بسابقتها من الكنائس المنفصلة .
· انفصال الكنيسة إدارياً :
- جاء هذا الانفصال بعد النزاع والصراع الطويل ابتداء من الإمبراطور ليو الثالث 726م الذي أصدر مرسوماً يحرم فيه عبادة الأيقونات ، ويقضي بإزالة التماثيل والصور الدينية والصلبان من الكنائس والأديرة والبيوت على أنها ضرب من الوثنية ، متأثراً بدعوة المسلمين لإزالة هذه التماثيل التي بالكنائس في داخل الدولة الإسلامية .
- تصدى لهذه الدعوة البابا جريجوري الثاني ، ثم خلفه البابا جريجوري الثالث ليصدر الإمبراطور قراراً بحرمان الكراسي الأسقفية في صقلية وجنوب إيطاليا من سلطة البابا الدينية والقضائية وجعلها تحت سلطان بطريرك القسطنطينية . واستمر الوضع على ذلك إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين الخامس 741-775م ، وازدادت الثورات اشتعالاً ضد دعاة اللاأيقونية ، فعقد مجمعاً ، ولم يحضره سوى ثلاثمائة وأربعين أسقفاً تحت رئاسة بطريرك القسطنطينية ليقضي بتحريم تصوير المسيح في أي شكل ، وكذلك تحريم عبادة صور القديسين ، وتحريم طلب الشفاعة من مريم ، لأن كل هذا من ضروب الوثنية .(1/13)
- ولكن هذه القرارات لم تدم طويلاً حيث أمرت الإمبراطورة الأيقونية إبرين التي خلفت زوجها الإمبراطور ليو الخزري بعقد مجمع نيقية عام 787م بعد تعيينها للبطريرك خرسيوس المتحمس للأيقونية بطريركاً على القسطنطينية ، وانتهى المجمع على تقديس صور المسيح ووالدته والقديسين ،ووضع الصور في الكنائس والأديرة والبيوت والطرقات بزعم أن النظر إليهم يدعو للتفكير فيها .
- في عمان 869م أثار بطريرك القسطنطينية فوسيوس مسألة الروح القدس من الأب وحده فعارضه - كالعادة - بطريرك روما وقال إن انبثاق الروح القدس من الأب والابن معاً ، وعقد لذلك مجمع القسطنطينية الرابع 869م ( مجمع الغرب اللاتيني ) الذي تقرر فيه أن الروح القدس منبثقة من الأب والابن معاً ، وأن جميع النصارى في العالم خاضعون لمراسيم بابا روما ، وأن من يريد معرفة ما يتعلق بالنصرانية وعقائدها عليه برفع دعواه إلى بابا روما . ولذلك تم لعن وعزل فوسيوس وحرمانه وأتباعه ، إلا أن فسيوس استطاع أن يعود إلى مركزه مرة أخرى . وفي عام 879م عقد المجمع الشرقي اليوناني ( القسطنطينية الخامس ) ليلغي قرارات المجمع السابق ، ويعلن أن الروح والقدس منبثقة من الأب وحده ويدعو إلى عدم الاعتراف إلا بالمجامع السبعة التي آخرها مجمع نيقية 787م .(1/14)
- وهكذا تم الانفصال المذهبي للكنيسة الشرقية تحت مسمى الكنيسة الشرقية والأرثوذكسية ، أو كنيسة الروم الأرثوذكس برئاسة بطريرك القسطنطينية ومذهباً بأن الروح القدس منبثقة من الأب وحده ، على أن الكنيسة الغربية أيضاً تميزت باسم الكنيسة البطرسية الكاثوليكية ، ويزعم أن لبابا روما سيادة على كنائس الإمبراطورية وأنها أم الكنائس ومعلمتهن ، وتميزت بالقول بأن الروح القدس منبثقة عن الأب والابن معاً . ولم يتم الانفصال النهائي - الإداري - إلا في عام ( 1054م ) ، وبذلك انتهى عهد المجامع المسكونية ،وحلت محلها المؤتمرات الإقليمية أو سلطات البابا المعصوم لتستكمل مسيرة الإنحراف والتغيير في رسالة عيسى عليه السلام .
- ومن أبرز سمات هذه المرحلة الأخيرة - القرون الوسطى - الفساد ، ومحاربة العلم والعلماء والتنكيل بهم والاضطهاد لهم ، وتقرير أن البابا معصوم له حق الغفران ، مما دفع إلى قيام العديد من الحركات الداعية لإصلاح فساد الكنيسة ، وفي وسط هذا الجو الثائر ضد رجال الكنيسة انعقد مؤتمر تزنت عام 1542-1563م لبحث مبادئ مارتن لوثر التي تؤيدها الحكومة والشعب الألماني ،وانتهى إلى عدم آراء الثائرين أصحاب دعوة الإصلاح الديني . ومن هنا انشقت كنيسة جديدة هي كنيسة البروتستانت ليستقر فارب النصرانية بين أمواج المجامع التي عصفت بتاريخها على ثلاث كنائس رئيسية لها النفوذ في العالم إلى اليوم ، ولكل منها نحلة وعقيدة مستقلة ، وهي : الأرثوذكس ، الكاثوليك ، البروتستانت ، بالإضافة إلى الكنائس المحدودة مثل : المارونية ، والنسطورية ، واليعقوبية ، وطائفة الموحدين ، وغيرهم .
أهم الأفكار والمعتقدات :
يمكن إجمال أفكار معتقدات النصرانية بشكل عام فيما يلي : علماً بأنه سيفصل فيما بينهم من خلاف في المباحث التالية :(1/15)
· الألوهية والتثليث : مع أن النصرانية في جوهرها تعني بالتهذيب الوجداني ، وشريعتها هي شريعة موسى عليه السلام ، وأصل اعتقادها هو دين الإسلام حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الأنبياء أخوة لعلات ، أمهاتهم ودينهم واحد ) لكنه بعد ضياع الإنجيل وظهور العشرات من الأناجيل والمجامع والدعاوى المتحرفة استقرت أصول عقائد النصرانية على ما يلي :
- الإله : الإيمان بالله الواحد الأب مالك كل شيء ، وصانع ما يرى وما لا يرى . هكذا في قانون إيمانهم ، وواضح تأثرهم بألفاظ الفلاشفة في قولهم صانع ما يرى . والأولى قولهم خالق ما يرى وما لا يرى حيث بينهما فرق كبير ، فالصانع يخلق على أساس مثال سابق ، بينما الخالق على العكس من ذلك .
- المسيح : أن ابنه الوحيد يسوع المسيح بكر الخلائق ولد من أبيه قبل العوالم ، وليس بمصنوع ( تعالى الله عن كفرهم علوا كبيراً ) ومنهم من يعتقد أنه هو الله نفسه - سبحانه وتعالى عن إفكهم - وقد أشار القرآن الكريم إلى كلا المذهبين ، وبين فسادهما ، وكفر معتقدهما ، يقول تعالى : ( وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ) . [ التوبة : 30 ] وقال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) . [ المائدة : 72] .
- روح القدس : وإن روح القدس الذي حل في مريم لدى البشارة ، وعلى المسيح في العماد على صورة حمامة ، وعلى الرسل من بعد صعود المسيح ، الذي لا يزال موجوداً ، وينزل على الأباء والقديسين بالكنيسة يرشدهم ويعلمهم ويحل عليهم المواهب ، ليس إلا روح الله وحياته ، إله حق من إله حق .(1/16)
- الأقانيم : ولذلك يؤمنون بالأقانيم الثلاثة : الأب ، الابن ، الروح القدس ، بما يسمونه في زعمهم وحدانية في تثليث وتثليث في وحدانية . وذلك زعم باطل صعب عليهم فهمه ، ولذلك اختلفوا فيه أختلافاُ متبايناً ، وكفرت كل فرقة من فرقهم الأخرى بسببه ، وقد حكم الله تعالى بكفرهم جميعاً إن لم ينتهوا عما يقولون ، قال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) .
- الصلب والفداء : المسيح في نظرهم مات مصلوباً فداءً عن الخليقة ، لشدة حب الله للبشر ولعدالته ، فهو وحيد لله - تعالى الله عن كفرهم - الذي أرسله ليخلص العالم من إثم خطيئة أبيهم آدم وخطاياهم ، وأنه دفن بعد صلبه ، وقام بعد ثلاثة أيام متغلباً على الموت ليرتفع إلى السماء .
- قال تعالى مبيناً حقيقة ما حدث وزيف ما ادعوه : ( وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شكٍ منه مالهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً ) . [ النساء : 157،158 ] .
· الدينونة الحساب : يعتقدون بأن الحساب في الآخرة سيكون موكولاً للمسيح عيسى ابن مريم الجالس - في زعمهم - على يمين الرب في السماء ، لأن فيه من جنس البشر مما يعينه على محاسبة الناس على أعمالهم .
· الصليب : يعتبر الصليب شعاراً لهم ، وهو موضع تقديس الأكثرين ، وحمله علامة على أنهم من أتباع المسيح ، ولا يخفى ما في ذلك من خفة عقولهم وسفاهة رأيهم ، فمن الأولى لهم أن يكرهوا الصليب ويحقروه لأنه كان أحد الأدوات التي صلب عليه إلههم وسبب آلامه . وعلى حسب منطقهم فكان الأولى بهم أن يعظموا قبره الذي زعموا أنه دفن فيه ، ولا مس جسده تربته فترة أطول مما لامس الصليب .(1/17)
· مريم البتول : يعتقد النصارى على ما أضيف في قانون الإيمان أن مريم ابنة عمران والدة المسيح عليه السلام ، هي والدة الإله ، ولذا يتوجه البعض منهم إليها بالعبادة .
· الدين : يؤمن النصارى بأن النصرانية دين عالمي غير مختص ببني إسرائيل وحدهم ، ولا يخلوا اعتقادهم هذا أيضاَ من مخالفة لقول المسيح المذكور في إنجيل متى ، الإصحاح ( 10:5،6 ) : " إلى طرق الأمم لا تتجهوا ، ومدن السامريين لا تدخلوا ، بل انطلقوا بالحري إلى الخراف الضالة من آل بني إسرائيل ".
· الكتاب المقدس : يؤمن النصارى بقدسية الكتاب المشتمل على :العهد القديم : والذي يحتوي على التوراة - الناموس - وأسفار الأنبياء التي تحمل تواريخ بيي أسرائيل وجيرانهم ، بالإضافة إلى بعض الوصايا والإرشادات .
· العهد الجديد : والذي يشتمل الأناجيل الأربعة : ( متى ، مرقس ، لوقا ، يوحنا ) فقط ، والرسائل كلمة الله ، وذلك على خلاف بين طوائفهم في الاعتقاد في عدد الأسفار والرسائل بل وفي صحة التوراة نفسها .
· المجامع ( التقليد ) : يؤمن النصارى بكل ما صدر عن المجامع المسكونية من أمور تشريعية سواء في العقيدة أو في الأحكام ، وذلك على خلاف بينهم في عددها .
· الختان : يؤمن النصارى بعدم الختان للأطفال على عكس شريعة التوراة .
· الشعائر والعبادات :
- الصلاة : الأصل عندهم في جميع الصلوات إنما هي الصلاة الربانية ، والأصل في تلاوتها أن يتلوها المصلي ساجداً ، أو تكون بألفاظ منقولة أو مرتجلة أو عقلية بأن تنوي الألفاظ ويكون الابتهال قلبياً ، وذلك على خلاف كبير بين طوائفهم في عددهم وطريقة تأديتها . ليس لها عدد معلوم مع التركيز على صلاتي الصباح والمساء .
- الصوم : هو الامتناع عن الطعام الدسم وما فيه شيء من الحيوان أو مشتقاته مقتصرين على أكل البقول ، وتخلف مدته وكيفيته من فرقة إلى أخرى .(1/18)
- الأسرار السبعة : والتي تنال بها النصرانية النعم غير المنظورة في صورة نعم منظورة ، ولا تتم إلا على يد كاهن شرعي ، ولذا فهي واجبة على كل نصراني ممارستها وإلا أصبح إيمانه ناقصاً . بالجملة فإنها من ضمن التشريعات التي لم ينزل الله بها من سلطان ، وإنما هي من تخرصات البابوات .
- سر التعميد : ويقصد به تعميد الأطفال عقب ولادتهم بغطاسهم في الماء أو الرش به باسم الأب والابن والروح القدس ، لتحمي عنهم آثار الخطيئة الأصلية ، بزعم إعطاء الطفل شيئاً من الحرية والمقدرة لعمل الخير ، وهذا أيضاً على خلاف بينهم في صورته ووقته .
- سر التثبيت ( الميرون ) : ولا يكون إلا مرة واحدة ، ولا تكمل المعمودية إلا به ، حيث يقوم الكاهن بمسح أعضاء المعتمد بعد خروجه من جرن المعمودية في ستة وثلاثين موضعاً - الأعضاء والمفاصل - بدهن الميرون المقدس .
- سر العشاء الرباني : ويكون بالخمر أو الماء ومعه الخبز الجاف ، حيث يتحول في زعمهم الماء أو الخبز إلى دم المسيح ، والخبز إلى عظامه ، وبذلك فإن من يتناوله فإنما يمتزج في تعاليمه بذلك ، وكذلك ففرقهم على خلاف في الاستحالة بل وفي العشاء نفسه .
- سر الاعتراف : وهو الإفضاء إلى رجل الدين بكل ما يقترفه المرء من آثام وذنوب ، ويتبعه الغفران والتطهير من الذنب بسقوط العقوبة ، وكان الاعتراف يتكرر عدة مرات مدى الحياة ، ولكن منذ سنة 1215م أصبح لازماً مرة واحدة على الأقل ، وهذه الشعيرة عندهم أيضاً مما اختلف في وجوبها وإسقاطها.
- سر الزواج : يسمح الزواج بزوجة واحدة مع منع التعدد الذي كان جائزاً في مطلع النصرانية ، ويشترط عند الزواج حضور القسيس ليقيم وحده بين الزوجين ، والطلاق لا يجوز إلا في حالة الزنى - على خلاف بينهم - ولا يجوز الزواج بعده مرة أخرى ، بعكس الفراق الناشئ عن الموت ، أما إذا كان أحد الزوجين غير نصراني فإنه يجوز التفريق بينهما .(1/19)
- سر مسحة المرضى : وهو السر السادس بزعم شفاء الأمراض الجسدية المتسببة عن العلل الروحية وهي الخطيئة ، ولا يمارس الكاهن صلوات القنديل السبع إلا بعد أن يتثبت من رغبة المريض في الشفاء .
- سر الكهنوت : وهو السر الذي ينال به الإنسان بزعمهم النعمة التي تؤهله لأن يؤدي رسالة المسيح بين إخوانه البشر ، ولا يتم إلا بوضع يد الأسقف على رأس الشخص المنتخب ثم يتلى عليه الصلوات الخاصة برسم الكهنة .
- الرهبانية : اختلفت طوائفهم في مدى لزوم الرهبنة التي يأخذ رجال الدين أنفسهم بها .
· التنظيم الكهنوتي : تختلف كل كنيسة - فرقة - عن الأخرى في التنظيم الكهنوتي ، ولكنه بوجه عام تنظيم استعارته الكنيسة في عهودها الأولى من الرومان حيث كان يرأسها أكبرهم سناً على أمل عودة المسيح ، ويقدسون رهبانهم ورجال كنيستهم ، ويجعلون لهم السلطة المطلقة في الدين وفي منح صكوك الغفران ، يقول تعالى مبيناً انحرافهم : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) . [ التوبة : 31 ] .
· الهرطقة ومحاربتها : حاربت الكنيسة العلوم والاكتشافات العلمية وكل المحاولات الجديدة لفهم كتابهم المقدس ، ورمت ذلك كله بالهرطقة ، وواجهت هذه الاتجاهات بمنتهى العنف والقسوة ، مما أوجد ردة فعل قوية تمثلت في ظهور المذاهب العلمانية والأفكار الإلحادية .
- الجذور الفكرية والعقائدية :
أساسها نصوص العهد القديم فقد انعكست الروح والتعاليم اليهودية من خلاله ، ذلك أن النصرانية قد جاءت مكملة لليهودية ، وهي خاصة بخراف بني إسرائيل الضالة ، كما تذكر أناجيلهم .
- لقد أدخل أمنيوس المتوفي سنة 242م أفكاراً وثنية إلى النصرانية بعد أن اعتنقها وارتد عنها إلى الوثنية الرومانية .
- عندما دخل الرومان في الديانة النصرانية نقلوا معهم إليها أبحاثهم الفلسفية وثقافتهم الوثنية ، ومزجوها بالمسيحية التي صارت خليطاً من كل ذلك .(1/20)
- لقد كانت فكرة التثليث التي أقرها مجمع نيقية 325م انعكاساً للأفلوطونية الحديثة التي جلبت معظم أفكارها من الفلسفة الشرقية ، وكان لأفلوطين المتوفي سنة 270م أثر بارز على معتقداتها ، فأفلوطين هذا تتلمذا في الإسكندرية ، ثم رحل إلى فارس والهند ، وعاد بعدها وفي جعبته مزيج من ألوان الثقافات ، فمن ذلك قوله بأن العالم في تدبيره وتحركه يخضع لثلاثة أمور :
1- المنشئ الأزلي الأولي .
2- العقل .
3- الروح التي هي مصدر تتشعب منه الأرواح جميعاً .
بذلك يضع أساساً للتثليث إذ أن المنشئ هو الله ، والعقل هو الابن ، والروح هو الروح القدس .
- تأثر النصرانية بديانة متراس التي كانت موجودة في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون التي تتضمن قصة مثيلة لقصة العشاء الرباني .
- في الهندوسية ،وأقانيم ، وصلب للتكفير عن الخطيئة ، وزهد ورهبنة ، وتخلص من المال للدخول في ملكوت السموات ، والإله لديهم له ثلاثة أسماء فهو فشنو أي الحافظ وسيفا المهلك وبرهما الموجد . وكل ذلك انتقل إلى النصرانية بعد تحريفها .
- انتقلت بعض معتقدات وأفكار البوذية التي سبقت النصرانية بخمسة قرون إلى النصرانية المحرفة ، وإن علم مقارنة الأديان يكشف تطابقاً عجيباً بين شخصية بوذا وشخصية المسيح عليه السلام .
- خالطت عقيدة البابليين القديمة النصرانية إذ أن هناك محاكمة لبعل إله الشمس تماثل وتطابق محاكمة المسيح عليه السلام .
وبالجملة فإن النصرانية قد أخذت من معظم الديانات والمعتقدات التي كانت موجودة قبلها ، مما أفقدها شكلها وجوهرها الأساسي الذي جاء به عيسى عليه السلام من لدن رب العالمين .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· تنتشر النصرانية اليوم في معظم بقاع العالم ، وقد أعانها على ذلك الاستعمار والتنصير الذي تدعمه مؤسسات ضخمة عالمية ذات إمكانات هائلة .
يتضح مما سبق :(1/21)
· لم تكن عقيدة التثليث معروفة في عصر الحواريين ( العصر لرسولي ) تقول دائرة المعارف الفرنسية : " وإن تلاميذ المسيح الأولين الذين عرفوا شخصه وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس عن اعتقاد أنه أحد الأركان الثلاثة المكونة لذات الخالق ، وما كان بطرس حواريه يعتبره أكثر من رجل يوحى إليه من عند الله " . وتستشهد على ذلك بأقوال قدماء المؤرخين مثل جوستن ماراستر من القرن الثاني الميلادي حيث يصرح بأنه كان في زمنه في الكنيسة مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح ، ويعتبرونه إنساناً بحتاً ، وأنه كان أرقى من غيره من الناس ، وحدث بعد ذلك أنه كلما تنصر عدد من الوثنيين ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل .
· لضياع النصوص الأصلية من الإنجيل نتيجة للاضطهاد من جانب وللاحتكاك والتأثر بالفلسفات والحضارات الشرقية والوثنية من جانب آخر ، حملت الديانة النصرانية المحرفة عوامل اختلافها وتناقض نصوصها ، الذي ظهر بشكل واضح من خلال المجامع المختلفة التي عقدت وضع أصول الدين وتشريعاته بشكل لم يرد عن المسيح عليه السلام ولا عن حوارييه .
· سيطرت عقائد وأفكار بولس على النصرانية ، بقول دبليو ريد " إن بولس قد غير النصرانية لدرجة أنه أمسى مؤسسها الثاني ، إنه في الواقع مؤسس المسيحية الكنسية ".
ويؤيده لوني دنيله ، وستون استيورت ، جيمبرلين في أن بولس أضفى على المسيحية بتمزيقها إطاراً غير اليهودية ولذلك فبات خالق الكنائس التي أسست باسم اليسوع . ويقول لوني نيك : " لو لم يكن بولس لعادت المسيحية فرقة من الديانة اليهودية ، ولما كانت ديانة كونية ".
· كل ما ذكر عن برنابا وبطرس في رسائل بولس فإنها هي قبل الافتراق ، حيث كان لتلاميذ بولس من أمثال لوقا ويوحنا دور كبير في إخفاء تاريخها بعد الخلاف بينهما ، وهذا ما أيدته دائرة المعارف البريطانية من أن قوة نفوذ وأتباع بولس أخفت تاريخ كل من يعارض بولس مثل برنابا وبطرس .(1/22)
- هناك رسالتان تنسبان لبطرس يوافق فيهما أفكار بولس ، أثبتت دائرة المعارف البريطانية أنهما ليستا له وأنهما مزورتان عليه حيث تتعلق بتاريخ ما بعد موته ، ولم تقبلها كنيسة روما إلا في سنة ( 264م ) بينما اعترفت بهما الإسكندرية في القرن الثالث ، وكذلك بالنسبة للرسالة المنسوبة ليعقوب ، يؤكد العلماء عدم صحة نسبتها إليه أيضاً حيث أوصى يعقوب بولس بأداء الكفارة لخلافة شريعة التوراة ، والزمه بالعمل بها .
· لم تعرف الأناجيل الأربعة المتفق عليها عند النصارى اليوم المعرفة الكاملة قبل مجمع نيقية ( 335م ) حيث تم اختيارها من بين عشرات الأناجيل ، وأما الرسائل السبع فلم يعترف المجمع المذكور بالكثير منها ، وإنما تم الاعتراف فها فيما بعد .
- إن تلاميذ المسيح عليه السلام ليسوا بكتاب هذه الأناجيل فهي مقطوعة الإسناد ، والنصوص الأصلية المترجم عنها مفقودة ، بل ونصوص الإنجيل الواحد متناقضة مع بعضها فضلاً عن تناقضها مع غيرها من نصوص الأناجيل الأخرى مما يبطل دعوى أنها كتبت بإلهام من الله تعالى .
- بعد الدراسة المتأنية لنصوص الأناجيل الأخرى مما يبطل دعوى أنها كتبت بإلهام من الله تعالى .
- بعد الدراسة المتأنية لنصوص الإنجيل نجد فضلاً عن التناقضات ، لا بين نصوص الإنجيل الواحد أو الأناجيل المختلفة فقط ، وإنما بين نصوص الأناجيل ورسائل الرسل المزعومة ، وأيضاً بينها وبين نصوص العهد القديم ما يدلل ويؤكد التحريف سواء كان بقصد أو بغير قصد .
- هناك مئات النصوص في الأناجيل الأربعة تدل على أن عيسى إنسان وليس إلها ، وأنه ابن الإنسان وليس ابن الله ، وأنه جاء رسولاً إلى بني إسرائيل فقط ، مكملاً لشريعة موسى وليس ناقضاً لها .(1/23)
- وهناك نصوص أخرى تدل على أن عيسى لم يصلب وإنما أنجاه الله ورفعه إلى السماء ، وتدحض كذلك عقيدة الغفران ، وتبين أن الغفران ينال بالتوبة وصلاح الأعمال .وهناك نصوص إنجيلية تؤكد بشارة عيسى بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
- بل إن هناك نصوصاً عديدة في الرسائل تثبت زيف زعم بولس بأنه يوحى إليه ، وتبين كذلك تناقضه مع نفسه ومع عيسى عليه السلام .
· رأينا كيف تدخلت السياسة والحكام في تقرير عقائد الكنيسة وتبديلها من خلال المجامع المختلفة ، وأن الأصل في الخلاف بين الكنيستين الشرقية والغربية تنشأ عن موقف عقدي يقدر ما هو محاولة إثبات الوجود والسيطرة .
· لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن في آيات عديدة إفك النصارى وقولهم في مريم ، واعتقادهم في المسيح على اختلاف مذاهبهم ، مبيناً انحرافهم ، ومصححاً عقائدهم ، وداعياً إياهم عدم الغلو في الدين وأن لا يقولوا على الله إلا الحق .
· وعموماً فإن النصارى يعتبرون بالنسبة للمسلمين أهل كتاب مثل اليهود ، وحكمهم في الإسلام سواء فقد كذبوا برسول الله وآياته وأشركوا بالله ، فهم بذلك كفار لهم نار جهنم خالدين فيها . يقول تعالى: ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية ) [ البينة :6 ] . لكنهم مع ذلك يعاملون بما أمر الله به تعالى من الإحسان والبر والقسط إليهم ، وأكل طعامهم والتزوج من نسائهم ، طالما أنهم لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجون من ديارنا ،فهم أهل ذمة إذا عاشوا في ديار المسلمين ، فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين من الحقوق والواجبات ؛ ما لم ينقضوا عهدهم . فإن نكثوا عهدهم وتجرؤوا على الإسلام والمسلمين ، بأن حاولوا الدعوة إلى باطلهم وكفرهم بين أبناء المسلمين ، أو طعنوا في الدين مثلاً ، فلا بد من قتالهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله .(1/24)
النُصيرية
التعريف :
النصيرية حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة ، أصحابها يعدون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجوداً إلهياً في علي وألهوه به ، مقصدهم هدم الإسلام ونقض عراه وهم مع كل غاز لأرض المسلمين ، ولقد أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهاً وتغطية لحقيقتهم الرافضية والباطنية .
أبرز الشخصيات :
· مؤسس هذه الفرقة أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري ( ت 270ه ) عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة وهم علي الهادي( العاشر ) والحسن العسكري ( الحادي عشر ) ومحمد المهدي (الموهوم ) (الثاني عشر) .
_ زعم أنه الباب إلى الإمام الحسن العسكري ، وأنه وارث علمه ، والحجة والمرجع للشيعة من بعده ، وأن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام المهدي .
_ ادعى النبوة والرسالة وغلا في حق الأئمة إذ نسبهم إلى مقام الألوهية .
· خلفه على رئاسة الطائفة محمد بن جندب .
· ثم أبو محمد عبد الله بن محمد الجنان الجنبلاني 235 _ 287 ه من جنبلا بفارس ، وكنيته العابد والزاهد والفارسي ، سافر إلى مصر وهناك عرض دعوته إلى الخصيبي .
· حسين بن علي بن الحسين بن حمدان الخصيبسي : المولود سنة 260 ه مصري الأصل جاء مع أستاذه عبد الله بن محمد الجنبلاني من مصر إلى جنبلا ، وخلفه في رئاسة الطائفة، وعاش في كنف الدولة الحمدانية بحلب كما أنشأ للنصيرية مركزين أولهما في حلب ورئيسه محمد علي الجلي والآخر في بغداد ورئيسه علي الجسري .
_ وقد توفي في حلب وقبره معروف بها وله مؤلفات في المذهب وأشار في مدح آل البيت وكان يقول بالتناسخ والحلول .
· انقرض مركز بغداد بعد حملة هولاكو عليها .
· انتقل مركز حلب إلى اللاذقية وصار رئيسه أبو سعد الميمون سرور بن قاسم الطبراني 358 _ 427 ه .(1/1)
· اشتدت هجمات الكراد والتراك عليهم مما دعاهم إلى الإستنجاد بالأمير حسن المكزون السنجاري 583 _ 638ه ومداهمة المنطقة مرتين ، فشل في حملته الولى ونجح في الثانية حيث أرسى قواعد المذهب النصيري في جبال اللاذقية .
· ظهر فيهم عصمة الدولة حاتم الطوبان حوالي 700ه 1300م وهو كاتب الرسالة القبرصية .
· وظهر حسن عجرد من منطقة أعنا ، وقد توفي في اللاذقية سنة 836 / 1432م .
· نجد بعد ذلك رؤساء تجمعات نصيرية كتلك التي أنشأها الشاعر القمري محمد بن يونس كلاذي 1011ه/1602م قرب أنطاكية ، وعلي الماخوس وناصر نصيفي ويوسف عبيدي .
· سليمان أفندي الأذني : ولد في أنطاكية سنة 1250 ه وتلقى تعاليم الطائفة لكنه تنصر على يد أحد المبشرين وهرب إلى بيروت حيث أصدر كتابه الباكورة السليمانية يكشف فيه أسرار هذه الطائفة ، استدرجه النصيريون بعد ذلك وطمأنوه فلما عاد وثبوا عليه وخنقوه واحرقوا جثته في إحدى ساحات اللاذقية .
· عرفوا تاريخيا باسم النصيرية ، وهو اسمهم الأصلي ولكن عندما شُكِّل حزب سياسي في سوريا باسم ( الكتلة الوطنية ) أراد الحزب أن يقرب النصيرية إليه ليكسبهم فأطلق عليهم اسم العلويين وصادف هذا هوى في نفوسهم وهم يحرصون عليه الآن . هذا وقد أقامت فرنسا لهم دولة أطلقت عليها اسم ( دولة العلويين ) وقد استمرت هذه الدولة من سنة 1920 إلى سنة 1936 م .
· محمد أمين غالب الطويل : شخصية نصيرية ، كان أحد قادتهم أيام الإحتلال الفرنسي لسوريا ، ألف كتاب تاريخ العلويين يتحدث فيه عن جذور هذه الفرقة .
· سليمان المرشد : كان راعي بقر ، لكن الفرنسيين احتضنوه وأعانوه على ادعاء الربوبية ، كما اتخذ له رسولا ( سليمان الميده ) وهو راعي غنم ، ولقد قضت عليه حكومة الإستقلال وأعدمته شنقاً عام 1946 م .(1/2)
جاء بعده ابنه مجيب ، وادعى الألوهية ، لكنه قتل أيضاً على يد رئيس المخابرات السورية آنذاك سنة 1951 م ، وما تزال فرقة ( المواخسة ) النصيرية يذكرون اسمه على ذبائحهم .
· ويقال بأن الأبن الثاني لسليمان المرشد اسمه ( مغيث ) وقد ورث الربوبية المزعومة عن أبيه . واستطاع العلويون ( النصيريون ) أن يتسللوا إلى التجمعات الوطنية في سوريا، واشتد نفوذهم في الحكم السوري منذ سنة 1965 م بواجهة سنية ثم قام تجمع القوى التقدمية من الشيوعيين والقوميين والبعثيين بحركته الثورية في 12 مارس 1971 م وتولى الحكم العلويين رئاسة الجمهورية.
أهم العقائد :
· جعل النصيرية علياً إلها، وقالوا بأن ظهوره الروحاني بالجسد الجسماني الفاني كظهور جبريل في صورة بعض الأشخاص .
· لم يكن ظهور ( الإله علي ) في صورة الناسوت إلا إيناساً لخلقه وعبيده .
· يحبون ( عبد الرحمن بن ملجم ) قاتل الإمام علي ويترضون عنه لزعمهم بأنه قد خلص اللاهوت من الناسوت ويخطئون من يلعنه .
· يعتقد بعضهم أن علياً يسكن السحاب بعد تخلصه من الجسد الذي كان يقيده وإذا مر بهم السحاب قالوا : السلام عليك أبا الحسن ، ويقولون إن الرعد صوته والبرق سوطه
· يعتقدون أن علياً خلق محمد صلى الله عليه وسلم وان محمداً خلق سلمان الفارسي وان سلمان الفارسي قد خلق الأيتام الخمسة الذين هم :
_ المقداد بن الأسود ويعدونه رب الناس وخالقهم والموكل بالرعود .
_ أبو ذر الغفاري : الموكل بدوران الكواكب والنجوم .
_ عبد الله بن رواحة : الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر .
_ عثمان بن مظعون : الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان .
_ قنبر بن كادان : الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام .
· لهم ليلة يختلط فيهم الحابل بالنابل كشأن بعض الفرق الباطنية .
· يعظمون الخمرة ، ويحتسونها ، ويعظمون شجرة العنب لذلك ، ويستفظعون قلعها او قطعها لأنها هي أصل الخمرة التي يسمونها( النور ) .(1/3)
· يصلون في اليوم خمس مرات لكنها صلاة تختلف في عدد الركعات ولا تشتمل على سجود وإن كان فيها نوع من ركوع أحيانا. ً
_ لايصلون الجمعة ولا يتمسكون بالطهارة من وضوء ورفع جنابة قبل أداء الصلاة .
_ ليس لهم مساجد عامة ، بل يصلون في بيوتهم ، وصلاتهم تكون مصحوبة بتلاوة الخرافات .
· لهم قداسات شبيهة بقداسات النصارى من مثل :
_ قداس الطيب لك أخ حبيب .
_ قداس البخور في روح ما يدور في محل الفرح والسرور .
_ قداس الأذان وبالله المستعان .
· لا يعترفون بالحج ، ويقولون بأن الحج إلى مكة إنما هو كفر وعبادة أصنام !! .
· لا يعترفون بالزكاة الشرعية المعروفة لدينا – نحن المسلمين – وإنما يدفعون ضريبة إلى مشايخهم زاعمين بأن مقدارها خمس ما يملكون .
· الصيام لديهم هو الامتناع عن معاشرة النساء طيلة شهر رمضان .
· يبغضون الصحابة بغضاً شديداً ، ويلعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين .
· يزعمون بأن للعقيدة باطنا وظاهراً وانهم وحدهم العالمون بباطن الأسرار، ومن ذلك :
_ الجنابة : هي موالاة الأضداد والجهل بالعلم الباطني .
_ الطهارة : هي معاداة الأضداد ومعرفة العلم الباطني .
_ الصيام : هو حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً وثلاثين امرأة .
_ الزكاة : يرمز لها بشخصية سلمان .
_ الجهاد : هو صب اللعنات على الخصوم وفُشاة الأسرار .
_ الولاية : هي الإخلاص للأسرة النصيرية وكراهية خصومها .
_ الشهادة : هي أن تشير إلى صيغة ( ع . م . س ) .
_ القرآن : هو مدخل لتعليم الإخلاص لعلي ، وقد قام سلمان (( تحت اسم جبريل )) بتعليم القرآن لمحمد .
_ الصلاة : عبارة عن خمس أسماء هي : علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة و( محسن ) هذا هو ( السر الخفي ) إذ يزعمون بأنه سقط طرحته فاطمة ، وذكر هذه الأسماء يجزئ عن الغسل والجنابة والوضوء .(1/4)
· اتفق علماء المسلمين على أن هؤلاء النصيريين لا تجوز مناكحتهم ، ولا تباح ذبائحهم ، ولا يصلى على من مات منهم ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يجوز استخدامهم في الثغور والحصون .
· يقول ابن تيمية : ( هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية – هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية – أكفر من اليهود والنصارى ، بل وأكفر من كثير من المشركين ، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم.. وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين ، فهم مع النصارى على المسلمين ، ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار ، ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم .
· الأعياد : لهم أعياد كثيرة تدل على مجمل العقائد التي تشتمل عليها عقيدتهم ومن ذلك :
_ عيد النيروز : في اليوم الرابع من نيسان ، وهو أول أيام سنة الفرس .
_ عيد الغدير : وعيد الفراش وزيارة يوم عاشوراء في العاشر من المحرم ذكرى استشهاد الحسين في كربلاء .
_ يوم المباهلة أو يوم الكساء :في التاسع من ربيع الأول ذكرى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران للمباهلة .
_ عيد الأضحى : ويكون لديهم في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة .
_ يحتفلون بأعياد النصارى كعيد الغطاس ، وعيد العنصرة ، وعيد القديسة بربارة ، وعيد الميلاد ، وعيد الصليب الذي يتخذونه تاريخاً لبدء الزراعة وقطف الثمار وبداية المعاملات التجارية وعقود الإيجار والأستئجار .
_ يحتفلون بيوم ( دلام ) وهو اليوم التاسع من ربيع الأول ويقصدون به مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فرحاً بمقتله وشماتة به .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· استمدوا معتقداتهم من الوثنية القديمة وقدسوا الكواكب والنجوم وجعلوها مسكناً للإمام علي .
· تأثروا بالأفلاطونية الحديثة ونقلوا عنهم نظرية الفيض النوراني على الأشياء .
· بنوا معتقداتهم على مذهب الفلاسفة المجوس .(1/5)
· أخذوا عن النصرانية ، ونقلوا عن الغنوصية النصرانية ، وتمسكوا بما لديهم من التثليث والقداسات وإباحة الخمور .
· نقلوا فكرة التناسخ والحلول عن المعتقدات الهندية والآسيوية الشرقية .
· هم من غلاة الشيعة مما جعل فكرهم يتسم بكثير من المعتقدات الشيعية وبالذات تلك المعتقدات التي قالت بها الرافضة بعامة والسبئية (جماعة عبد الله بن سبأ اليهودي) بخاصة .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· يستوطن النصيريون منطقة جبال النصيريين في اللاذقية ، ولقد انتشروا مؤخراً في المدن السورية المجاورة لهم .
· يوجد عدد كبير منهم أيضاً في غربي الأناضول ويعرفون باسم ( التختجية والحطابون ) فيما يطلق عليهم شرقي الأناضول اسم ( القزل باشيه )
· ويعرفون في أجزاء أخرى من تركيا وألبانيا باسم البكتاشية .
· هناك عدد منهم في فارس وتركستان ويعرفون باسم ( العلي إلهية ) . وعدد منهم يعيشون في لبنان وفلسطين .
الوثيقة المترجمة من الفرنسية والتي رفعها النصيريون إلى الحكومة الفرنسية بمناسبة التفاوض على منح الإستقلال لسوريا في عام 1936م
فخامة العميد السامي
بواسطة دولة حاكم اللاذقية الأفخم
نتشرف نحن رؤساء العشائر والزعماء والنواب العلويون بعرض ما يأتي :
لقد جاءت حكومة الإنتداب إلى بلادنا ونحن مستقلون عن كل سلطة في العالم بقوة سلاحنا ومنعة جبالنا. وهذا الإستقلال الغريزي دفع فريقاً منا في بادئ الأمر إلى محاربة الجيش الافرنسي احتفاظاً فيه ولكن الفريق الأكبر منا وثق بشرف فرنسا وتاريخها فوضعنا يدنا بيد الإنتداب الذي قدر لنا هذه الثقة فحفظ لنا استقلالنا ونظمه .(1/6)
... ... ومن ذلك الحين أخلصنا لفرنسا إخلاصاً لا حد له . وزاد في هذا الإخلاص أن جميع المفوضين السامين كانوا يصرحون ويعدون باسم فرنسا بضمان هذا الإستقلال وحمايته وكنا نتقبل هذه الوعود والتصريحات كما نتقبل كلام الله . إذ أنه لم يخطر في بالنا قط أنه يمكن لفرنسي يمثل حكومته أن يعد ثم يحنث في وعده .
... وكم كانت دهشتنا عظيمة حين رأينا الافرنسيين المسؤولين لأول صدمة صغيرة يتلقونها من السوريين يتناسون جميع وعودهم السابقة ويعدون السوريين بتصريح رسمي بإمكان إلحاقنا في سوريا . كأن إستقلالنا هو هبة من فرنسا تعطيها حين تريد وتمنعها حين تريد . وزاد في دهشتنا أن قضيتنا مع الأسف لم تكن أثناء المفاوضات الفرنسية السورية موضع نظر وعطف ومحافظة من الافرنسيين على شرف وعودهم بل كانت كما كتبته جميع الصحف موضع مساومة . بل كانت أكثر من ذلك عملية بيع وشراء كاننا من عبيد إفريقيا يباعون لأسيادهم دون أخذ موافقتهم وهذا أمر لم نكن نتصوره ولا في الأحلام .
... ... تجاه ذلك رأينا أن نحدد موقفنا مع فخامتكم بصراحة متناهية لاننا أمام كارثة عظمى وعلى وشك الإستشهاد في ميدان الشرف .
... ... اننا نطالب فرنسا العظيمة بالمحافظة على وعودها وشرف قراراتها ونزيد على ذلك أننا لا نسمح حتى ولا لفرنسا الكريمة المحسنة أن تتصرف باستقلالنا وتهبه هدية لمن تريد . متناسية اخلاصنا وتضحيتنا وثقتنا من جهة ووعودها وتأكيداتها من جهة أخرى غير مهتمة بحكم التاريخ .
سيدي
عطفاً على برقياتنا وكتبنا السابقة نتشرف بعرض مايأتي :(1/7)
... إن العلويين يشكلون الأكثرية الساحقة من سكان حكومة اللاذقية يرفضون الرفض الجازم رجوعهم إلى التيار الإسلامي السوري ويذكرون فخامتكم ورجال البرلمان الافرنسي (كلمة غير معروفة) والأحزاب بتعهدات المفوضين السامين باحترام إستقلال العلويين وعدم إحداث أي تغيير إلا بعد أخذ رأي العلويين وموافقتهم . وهذه التعهدات تفيد في نظرنا على الأقل كل حكومة افرنسية بل تفيد شرف فرنسا وكرامتها .
... اننا نؤكد لفخامتكم بمناسبة المفاوضات الافرنسية السورية أن كل اتفاق مع السوريين على قضيتنا مهما كان صغيراً لا يقيدنا بشيئ مطلقاً ولا نعترف به ولا بقانونية بل نعده خروجاً من قبل المفاوض الافرنسي على مبادئ افرنسا السامية وعلى وعودها بل على مبادئ الإنسانية التي تجيز لشعب أن يتحكم بمستقبل شعب آخر دون رضاه .
ونعتقد أن يستحيل على فرنسا الممثلة باحزابها البرلمانية أن تقرر عبودية شعب صغير صديق لأعدائه التاريخيين الدينيين ولكي تتأكدوا من عمق الهوة التي تفصل بيننا وبين السوريين وتتصوروا الكارثة المفجعة التي نحن على أبوابها نرجوكم التفضل بارسال لجنة تحقيق نيابة لتطالع على الحالة كما هي ولترى هل في الإمكان الحاق العلويين بسوريا دون التعرض لمأساة دامية تكون لطخة سوداء في تاريخ فرنسا مع إيقاف المفاوضات الافرنسية السورية فيما يختص بالعلويين لانتهاء مهمة هذه اللجنة . ولا يمنع هذا اصرارنا السابق على ذهاب وفد منا إلى باريس ونعيد ثانية لفخامتكم اننا لا نعترف مهما كلفنا الأمر بكل حل أو تعهد في قضيتنا لا يؤخذ رأينا أو موافقتناعليه وإذا كنتم تريدون تطبيق مبادئكم الإنسانية على الشعب السوري السني رغم عداوته لكم فلنا وطيد الأمل تطبيقها علينا نحن العلويين لأننا أصدقاء مخلصون .
وتفضلوا يا صاحب الفخامة بقبول أخلص الإحترام
رئيس المجلس التمثيلي : إبراهيم الكنج .
أعضاء : عزيز هواش . محمد سلمان الأحمد . محمد جناد(1/8)
أعضاء : صقر خير بك . يوسف الحامد
11 حزيران 1936م(1/9)
الهندوسية
التعريف :
الهندوسية ويطلق عليها أيضاً البرهمية ديانة وثنية يعتنقها معظم أهل الهند ،وهي مجموعة من العقائد والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر . إنها ديانة تضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادئ القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها، فلكل منطقة إله ولكل عمل أو ظاهرة إله .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· لا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين ، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون ، فقد تم تشكل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن .
· الآريون الغزاة الذين قدموا إلى الهند في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هم المؤسسون الأوائل للديانة الهندوسية .
- ديانة الفاتحين الجديدة لم تمح الديانة القديمة للهنود ، بل مازجتها وتأثرت كل منهما بالأخرى .
- في القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية على أيدي الكهنة البراهمة الذين يزعمون أن في طبائعهم عنصراً إلهياً .
- ثم تطورت مرة أخرى في القرن الثالث قبل الميلاد عن طريق قوانين منوشاستر .
الأفكار والمعتقدات :
نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها ، ونظرتها إلى الإله ، ومعتقداتها وطبقاتها إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى .
· كتبها :
للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم غريبة اللغة وقد ألفت كتب كثيرة لشرحها وأخرى لاختصارها تلك الشروح ، وكلها مقدسة وأهمها :
1- الفيدا : وهي كلمة سنسكريتية معناها الحكمة والمعرفة ، وتصور حياة الآريين ، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي ، وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب يرتقي إلى وحدة الوجود ،وهي تتألف من أربعة كتب هي :(1/1)
1- رج فيدا أو راجا فندا ( أي الفيدا الملكية ) وترجع إلى 3000 سنة قبل الميلاد ، فيها ذكر الإله ( إنذار ) ثم الإله النار ( أغني ) ثم الإله ( فارونا ) ثم الإله سوريه ( إله الشمس ) .
2- يجور فيدا يتلوها الرهبان عند تقديم القرابين .
3- سم فيدا : ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية .
4- أثروا فيدا : عبارة عن مقالات من الرقى والتمائم لدفع السحر والتوهم والخرافة والأساطير والشياطين . وكل واحد من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء هي :
أ - سمهتا : تمثل مذهب الفطرة ، وأدعيته كان يقدمها سكان الهند الأقدمون لآلهتهم قبل زحف الآريين .
ب - البراهمن : يقدمها البراهمة للمقيمين في بلادهم مبينة أنواع القرابين .
ت - آرانياك : وهي الصلوات والأدعية التي يتقدم بها الشيوخ أثناء إقامتهم في الكهوف والمغاور وبين الأحراش والغابات .
ث - آبا نيشادات : وهي الأسرار والمشاهدات النفسية للعرفاء من الصوفية .
2- قوانين منو : وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد في العصر الويدي الثاني ، عصر انتصار الهندوسية على الإلحاد الذي تمثل في ( الجينية والبوذية ) . وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات بين معالم الهندوسية ومبادئها وأسسها .
3- كتب أخرى :
أ - ممها بهارتا : ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسه عند اليونان ومؤلفها ( وياس ) ابن العارف ( بوسرا ) الذي وضعها سنة 950 ق.م وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة ، وقد استركت الآلهة في هذه الحرب .
ب - كيتا : تصف حرباً بين أمراء من أسرة ملكية واحدة ، وينسب إلى كرشنا فيها نظرات فلسفية واجتماعية .
ت - يوجا واسستها: تحتوي على أربعة وستين ألف بيت ، ألفت ابتداء من القرن السادس عبر مرحلة طويلة على أيدي مجموعة من الناس ، فيها أمور فلسفية ولاهوتية .
ث - رامايانا : يعتني هذا الكتاب بالأفكار السياسية والدستورية وفيه خطب لملك اسمه ( راما ) .
· نظرة الهندوسية إلى الآلهة :(1/2)
- التوحيد : لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق ، لكنهم إذا أقبلوا على إله من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم الآلهة الأخرى ، وعندها يخاطبونه برب الأرباب أو إله الآلهة .
- التعدد : يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يعبد : كالماء ولهواء والأنهار والجبال .. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين .
- التثليث : في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه :
1- براهما : من حيث هو موجود .
2- فشنو : من حيث هو حافظ .
3- سيفا : من حيث هو مهلك .
فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها . وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث .
يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلوا على أي قداسة ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ولها حق الانتقال إلى أي مكان ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذي أو يذبحها وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية .
يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان كرشنا وقد التقى فيه الإله بالإنسان أو حل اللاهوت في الناسوت ، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح ، وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب ، بل التطابق ، وعلق في آخر المقارنة قائلاً : " وعلى المسيحيين أن يبحثوا عن أصل دينهم ".
· الطبقات في المجتمع الهندوسي :
منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن .ولا طريق لإزالتها لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله ( كما يعتقدون ) .
وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي :(1/3)
1- البراهمية : وهم الذين خلقهم الإله براهما من فمه : منهم المعلم والكاهن ، والقاضي ، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة ، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم .
2- الكاشتر : وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه : يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع .
3- الويش : وهم الذين خلقهم الإله من فخذه : يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال ، وينفقون على المعاهد الدينية .
4- الشودر : وهم الذين خلقهم الإله من رجليه ، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة المنبوذين وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاثة السابقة الشريفة ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة .
- يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني .
- يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال .
- البراهمة هم صفوة الخلق ، وقد ألحقوا بالآلهة ، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم " شودر " ما يشاؤون .
- البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه .
- لا يجوز للملك - مهما اشتدت الظروف - أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي .
- إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل .
- البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة كما يفوق الوالد ولده .
- لا يصلح لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده .
- المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو .
- من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب .
- إذا مد أحد المنبوذين إلى براهمي يداً أو عصا ليبطش به قطعت يده ، وإذا رفسه فدعت رجله .
- إذا هم أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد .(1/4)
- إذا ادعى أحد المنبوذين أنه يعلم برهمياً فإنه يسعى زيتاً مغلياً .
- كفارة قتل الكلب والقطة والضفدع والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء .
- ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات .
- ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه .
معتقداتهم :
- تظهر معتقداتهم في الكارما ، وتناسخ الأرواح ، والانطلاق ،ووحدة الوجود :
1- الكارما : قانون الجزاء أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض ، هذا العدل الذي سيقع لا محالة إما في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة ، وجزاء الحياة يكون في حياة أخرى ، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء والثواب .
2- تناسخ الأرواح : إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد وتنطلق منه الروح لتتقمص تحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى ، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة .
3- الانطلاق : صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة .
- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء ، واطمأنت نفسه ، فإنه لا يعاد إلى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما .
- يؤخذ على هذا المبدأ أنه جعل التصوف والسلبية أفضل من صالح الأعمال لأن ذلك طريق للاتحاد بالبراهما .
4- وحدة الوجود : التجرد الفلسفي ارتقى بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها ، وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة وتصير النفس هي عين القوة الخالقة .
أ - الروح كالآلهة أزلية سرمدية مستمرة ، غير مخلوقة .
ب - العلاقة بين الإنسان وبين الآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها ، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة .(1/5)
ت - هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي ، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا .
أفكار ومعتقدات أخرى :
الأجسام تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه إلى أعلى وبشكل عمودي لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن ، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً .
- عندما تتخلص الروح تصعد ، يكون أمامها ثلاثة عوالم :
1- إما العالم الأعلى : عالم الملائكة .
2- وإما عالم الناس : مقر الآدميين بالحلول .
3- وإما عالم جهنم : وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب .
- ليس هناك جهنم واحدة بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم .
- البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد .
- يترقى البرهمي في أربع درجات :
1- التلميذ وهو صغير .
2- رب الأسرة .
3- الناسك ويقوم بالعبادة في الغابات إذا تقدم به السن .
4- الفقير : الذي يخرج من حكم الجسد وتتحكم فيه الروح ويقترب من الآلهة .
- المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده ، بل تعيش في شقاء دائم ، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح ، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم .
- قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه ، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة .
- الديانة الهندية تجيز القران للأطفال وهم يحبون ، ويحدث أن يموت الولد فتشب البنت أرملة ابتداء ، ولكن القانون الهندي الحديث حرم ذلك ومنع عقد القران إلا في سن الشباب .
- ليس للفرد أهمية إلا إذا كان عضواً في جماعة ، وتكون هذه الجماعة عضواً في جماعة أكبر ، ذلك لأن العناية للجماعة لا للفرد .
- يلاحظ هبوط المستوى الاقتصادي لمعتنقي الهندوسية لأن بعض الطبقات لا تعمل ، ذلك لأن العمل لا يليق بمكانتها السامية كطبقة البراهمية مثلاً .
- نظام الطبقات يعطل مبدأ تكافؤ الفرص .
- رفضت الهندوسية حركة الإصلاح الداخلي المتمثلة في الإسلام وقاومتها محتفظة بتعليماتها ومعتقداتها .(1/6)
- حاول الزعيم الهندي ( غاندي ) تقليص الحدة بين الطبقات وبين المنبوذين ولكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح ، بل كان هو ذاته ضحية لهذه المحاولة .
- حاولت جماعة ( السيخ ) إنشاء دين موحد من الهندوسية والإسلام لكنهم فشلوا إذ سرعان ما انغلقوا على أنفسهم وصاروا طبقات متميزة يرفضون التزاوج مع غيرهم .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· في القرن الخامس عشر قبل الميلاد كان هناك سكان الهند الأصليين من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية .
· جاء الغزاة الآريون مارين في طريق بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها ، لما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص .
· وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وضع مذهب البرهمية وقالوا بعبادة براهما .
· عصفت بالديانة الهندية حركتان قويتان هما الجينية والبوذية .
· ظهرت قوانين منو فأعادت إليها القوة وذلك في القرن الثاني والثالث قبل الميلاد .
· انتقلت فكرة التثليث من الفكر الهندي إلى الفكر النصراني بعد رفع المسيح عليه السلام .
· انتقلت فكرة التناسخ والحلول ووحدة الوجود إلى بعض المسلمين الذين ضلوا فظهرت هذه العقائد عند بعض المتصوفة ، وكذلك ظهرت عند الإسماعيلية وعند الفرق الضالة كالأحمدية .
الانتشار ومواقع النفوذ :
كانت الديانة الهندوسية ، تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز ، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيها إلى الكون والحياة وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها، كان ذلك سبباً في حدوث
ويتضح مما سبق :(1/7)
أن الديانة الهندوسية مزيج من الفلسفة الهندية والديانتين اليهودية والمسيحية كما أنها عقيدة محدودة الأتباع . ويعتقد الهندوس أنها جاءت عن طريق الوحي ، ولو صح هذا فلا بد أنه قد حصل لها الكثير من التحريف والتبديل حتى أصبحت أسلوباً في الحياة أكثر مما هي عقيدة واضحة المعالم . وتشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأشجار والأحجار والقرود والأبقار .. إلى غير ذلك من أنواع الوثنية التي تتنافى مع أبسط قواعد التوحيد .
كما أن التقسيم الطبقي فيها يتعارض مع كرامة الإنسان ويجعلها بعيدة عن الوحي الرباني .(1/8)
الوجودية
التعريف :
· الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد ، وهو أشهر مذهب استقر في الآداب الغربية في القرن العشرين .
· ويرتكز المذهب على الوجود الإنساني الذي هو الحقيقة اليقينية الوحيدة في رأيه ، ولا يوجد شيء سابق عليها ، ولا بعدها ، وتصف الوجودية الإنسان بأنه يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته ، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· دخل المذهب الوجودي مجال الأدب على يد فلاسفة فرنسيين : هم جبرييل مارسيل المولود عام 1889م . وقد أوجد ما أسماه الوجودية المسيحية ، ثم جان بول سارتر الفيلسوف والأديب الذي ولد 1905م . ويعد رأس الوجوديين الملحدين والذي يقول : إن الله خرافة ضارة . وهو بهذا فاق الملحدين السابقين الذين كانوا يقولون إن الله خرافة نافعة ..- تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً - ومن قصصه ومسرحياته . الغثيان ، الذباب ،الباب المغلق .
· ومن الشخصيات البارزة في الوجودية : سيمون دي بوفوار وهي عشيقة سارتر . التي قضت حياتها كلها معه دون عقد زواج تطبيقاً عملياً لمبادئ الوجودية التي تدعو إلى التحرر من كل القيود المتوارثة والقيم الأخلاقية .
الأفكار والمعتقدات :
· الوجود اليقيني للإنسان يكمن في تفكيره الذاتي ، ولا يوجد شيء خارج هذا الوجود ولا سابقاً عليه ، وبالتالي لا يوجد إله ولا توجد مثل ولا قيم أخلاقية متوارثة لها صفة اليقين ، ولكي يحقق الإنسان وجوده بشكل حر فإن عليه أن يتخلص من كل الموروثات العقيدية والأخلاقية .
· إن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته ، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة .(1/1)
· الالتزام في موقف ما - نتيجة للحرية المطلقة في الوجود - من مبادىء الأدب الوجودي الرئيسة .. حتى سميت الوجودية : أدب الالتزام أو أدب المواقف .. أي الأدب الذي يتخذ له هدفاً أساسياً أصحابه هم الذين يختارونه . وبذلك جعلوا القيمة الجمالية والفنية للأدب بعد القيمة الاجتماعية الملتزمة .
· ولقد نتج عن الحرية والالتزام في الوجودية ، القلق والهجران واليأس :
- القلق نتيجة للإلحاد وعدم الإيمان بالقضاء والقدر .. ونبذ القيم الأخلاقية والسلوكية .
- والهجران الذي هو إحساس الفرد بأنه وحيد لا عون له إلا نفسه .
- واليأس الذي هو نتيجة طبيعية للقلق والهجران ، وقد حاول سارتر معالجة اليأس بالعمل ، وجعل العمل غاية في ذاته لا وسيلة لغرض آخر ، وحسب الوجودي أن يعيش من أجل العمل وأن يجد جزاءه الكامل في العمل ذاته وفي لذة ذلك العمل .
الجذورالفكرية :
· ترجع بذور مذهب الوجودية إلى الكاتب الدانمركي كيركا جورد 1813-1855م وقد نمى آراءه وتعمق فيها الفيلسوفان الألمانيان مارتن هيدجر الذي ولد عام 1889م ، وكارك يسبرز المولود عام 1883م .
· وقد أكد هؤلاء الفلاسفة أن فلسفتهم ليست تجريدية عقلية ، بل هي دراسة ظواهر الوجود المتحقق في الموجودات .
· والفكر الوجودي لدى كيركاجورد عميق التدين ، ولكنه تحول إلى ملحد إلحاداً صريحاً لدى سارتر .
- ومهما حاول بعض الوجوديين العرب ، وغيرهم ، تزيين صورة الوجودية ، إلا أنها ستبقى مذهباً هداماً للأديان والعقائد والقيم الأخلاقية .
أماكن الانتشار :
· انتشرت الوجودية الملحدة في فرنسا بشكل خاص ، وكانت قصص ومسرحيات سارتر من أقوى العوامل التي ساعدت على انتشارها .
ويتضح مما سبق :(1/2)
أن الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد ، وهو أشهر المذاهب الأدبية التي استقرت في الآداب الغربية في القرن العشرين ويرى أن الوجود الإنساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة عند الوجوديين ، بحيث إنه لا يوجد شيء سابق على الوجود الإنساني كما أنه لا يوجد شيء لا حق له ، ولذا فإن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته ، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة . وقد أفرز هذا المذهب أموراً عديدة منها القلق واليأس نتيجة للإلحاد وعدم الإيمان وهما من ركائز هذا المذهب . لذا يجب أن يعي الشباب المسلم حقيقة هذا المذهب وهو يتعامل مع إفرازاته .
ولا شك أن الإسلام يرفض الوجودية بجميع أشكالها ويرى فيها تجسيداً للإلحاد . أو أن قضايا الحرية والمسؤولية والالتزام التي تدعو إليها الوجودية غير مقيدة بأخلاق أو معتقدات دينية . وهي تنادي بأن الإنسان لا يدري من أين جاء ولا لماذا يعيش وهذه جميعها أمور محسومة في الإسلام وواضحة كل الوضوح في عقل وضمير كل مسلم آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً نبياً وقدوة وإماماً .(1/3)
اليزيدية
التعريف :
فرقة منحرفة نشأت سنة 132هـ اثر انهيار الدولة الأموية .كانت في بدايتها حركة سياسية لإعادة مجد بني أمية ولكن الظروف البيئية وعوامل الجهل انحرفت بها فأوصلتها إلى تقديس يزيد بن معاوية وإبليس الذي يطلقون علية اسم (طاووس ملك )وعزازيل .
التأسيس وابرز الشخصيات :
البداية :
عندما انهارت الدولة الأموية في معركة الزاب الكبرى شمال العراق سنة 132هـ هرب الأمير إبراهيم بن حرب بن خالد بن يزيد إلى شمال العراق وجمع فلول الأمويين داعياً إلى أحقية يزيد في الخلافة والولاية ، وأنه السفياني المنتظر الذي سيعود إلى الأرض ليملأها عدلا كما ملئت جورا .ويرجع سبب أختيارهم لمنطقة الأكراد ملجألهم إلى أن أم مروان الثاني _ الذي سقطت في عهد الدولة الأموية –كانت من الأكراد.
عدي بن مسافر : كان في مقدمة الهاربين من السلطة العباسية ،فقد رحل من لبنان الى الحكارية من أعمال كردستان ،وينتهي نسبه الى مروان بن الحكم ولقبه شرف الدين أبو الفضائل لقي الشيخ عبد القادر الجيلاني وأخذ عنه التصوف، ولد سنة 1073 م أو 1078م وتوفي بعد حياة مدتها تسعون سنة ودفن في لالش في منطقة الشيخان في العراق .
صخر بن صخر بن مسفر : المعروف بالشيخ أبو البركات رافق عمه عدياً وكان خليفته ولما مات دفن بجانب قبر عمه في لالش .
عدي بن ابي البركات : الملقب بأبي المفاخر المشهور بالكردي ، توفي سنة 615 هـ / 1217 م خلفه ابنه شمس الدين أبو محمد المعروف بالشيخ حسن : المولود سنة 591هـ /1154م وعلى يديه انحرفت الطائفة اليزيدية من حب عدي ويزيد بن مسافر إلى تقديسها والشيطان إبليس ، وتوفي سنة 644هـ/ 1246م بعد أن ألف كتاب الجلوة لأصحاب الخلوة وكتاب محك الإيمان وكتاب هداية الأصحاب وقد أدخل اسمه في الشهادة كما نجد اليوم عند بعض اليزيدية .
الشيخ فخر الدين أخو الشيخ حسن : انحصرت في ذريته الرئاسة الدينية والفتوى .(1/1)
شرف الدين محمد الشيخ فخر الدين : قتل عام 655هـ / 1257م وهو في طريقه إلى السلطان عزالدين السلجوقي .
زين الدين يوسف بن شرف الدين محمد : الذي سافر إلى مصر وانقطع إلى طلب العلم والتعبد فمات في التكية العدوية بالقاهرة سنة 725هـ .
بعد ذلك اصبح تاريخهم غامضا بسبب المعارك بينهم وبين المغول والسلاجقة وبين الفاطميين .
ظهر خلال ذلك الشيخ زين الدين ابو المحاسن : الذي يرتقي بنسبه إلى شقيق أبي البركات ، عين أميراً لليزيدية على الشام ثم اعتقله الملك سيف الدولة قلاوون بعد أن اصبح خطرا لكثرة مؤيديه ، ومات في سجنه .
- جاء بعده ابنه الشيخ عز الدين ، وكان مقره في الشام ، ولقب بلقب أمير الأمراء ،وأراد أن يقوم بثورة أموية فقبض عليه عام 731ه ومات في سجنه أيضاً .
- استمرت دعوتهم في اضطهاد من الحكام وبقيت منطقة الشيخان في العراق محط أنظار اليزيديين ،وكان كتمان السر من أهم ما تميزت به هذه الفرقة .
- استطاع آخر رئيس للطائفة الأمير با يزيد الأموي أن يحصل على ترخيص بافتتاح مكتب للدعوة اليزيدية في بغداد سنة 1969م بشارع الرشيد بهدف إحياء عروبة الطائفة الأموية اليزيدية ووسيلتهم إلى ذلك نشر الدعوة القومية مدعمة بالحقائق الروحية والزمنية وشعارهم عرب أموي القومية ، يزيديي العقيدة .
- وآخر رئيس لهم هو الأمير تحسين بن سعد أمير الشيخان .
ونستطيع أن نجمل القول بأن الحركة قد مرت بعدة أدوار هي :
- الدور الأول :حركة أموية سياسية ، تتبلور في حب يزيد بن معاوية .
- الدور الثاني : تحول الحركة إلى طريقة عدوية أيام الشيخ عدي بن مسافر الأموي .
- الدور الثالث : انقطاع الشيخ حسن ست سنوات ، ثم خروجه بكتبه مخالفاً فيها تعاليم الدين الإسلامي الحنيف .
- الدور الرابع :خروجهم التام من الاسلام وتحريم القراءة والكتابة ودخول المعتقدات الفاسدة والباطلة في تعاليمهم .
الأفكار والمعتقدات :
أولاً :مقدمة لفهم المعتقد اليزيدي :(1/2)
- حدثت معركة كربلاء في عهد يزيد بن معاوية وقتل فيها الحسين بن علي رضي الله عنة وكثيرون من آل البيت رضي الله عنهم جميعا .
- أخذ الشيعة يلعنون يزيداً و يتهمونه بالزندقة وشرب الخمر .
- بعد زوال الدولة الأموية بدأت اليزيدية على شكل حركة سياسية .
- أحب اليزيديون يزيد واستنكروا لعنه بخاصة .
- ثم استنكروا اللعن بعامة .
- وقفوا أمام مشكلة لعن إبليس في القرآن فاستنكروا ذلك أيضاً وعكفوا على كتاب الله يطمسون بالشمع كل كلمة فيها لعن أو لعنة أو شيطان أو استعاذة بحجة أن ذلك لم يكن موجود في أصل القرآن وأن ذلك زيادة من صنع المسلمين .
- ثم اخذوا يقدسون إبليس الملعون في القرآن ، وترجع فلسفة هذا التقديس لديهم إلى أمور هي :
- لأنه لم يسجد لآدم فإنه بذلك - في نظرهم - يعتبر الموحد الأول الذي لم ينس وصية الرب بعدم السجود لغيره في حين نسيها الملائكة فسجدوا ، إن أمر السجود لآدم كان مجرد اختبار ، وقد نجح إبليس في هذا الاختبار فهو بذلك أول الموحدين ، وقد كافأه الله على ذلك بأن جعله طاووس الملائكة ، ورئيساً عليهم .
- ويقدسونه كذلك خوفاً منه لأنه قوي إلى درجة أنه تصدى للإله وتجرأ على رفض أوامر !! .
- ويقدسونه كذلك تمجيداً لبطولته في العصيان والتمرد .
- أغوى إبليس آدم بأن يأكل من الشجرة المحرمة فانتفخت بطنه فأخرجه الله من الجنة .
- إن إبليس لم يطرد من الجنة بل انه نزل من أجل رعاية الطائفة اليزيدية على وجه الأرض .
ثانيا معتقداتهم :
- جرهم اعتبار إبليس طاووس الملائكة إلى تقديس تمثال طاووس من النحاس على شكل ديك بحجم الكف المضمومة وهم يطوفون بهذا التمثال على القرى لجمع الأموال .
- وادي لالش في العراق : مكان مقدس يقع وسط جبال شاهقة تسمى بيت عذري ، مكسوة بأشجار من البلوط والجوز .(1/3)
- المرجة في وادي لالش : تعتبر بقعة مقدسة ، واسمها مأخوذ من مرجة الشام ، والجزء الشرقي منها فيه – على حد قولهم – جبل عرفات ونبع زمزم .
- لديهم مصحف رش (أي الكتاب الأسود) فيه تعاليم الطائفة ومعتقداتها .
- الشهادة : أشهد واحد الله ، سلطان يزيد حبيب الله .
- الصوم : يصومون ثلاثة أيام من كل سنة في شهر كانون الأول وهي تصادف عيد ميلاد يزيد بن معاوية.
- الزكاة : تجمع بواسطة الطاووس ويقوم بذلك القوالون وتجبى إلى رئاسة الطائفة .
- الحج : يقفون يوم العاشر من ذي الحجة من كل عام على جبل عرفات في المرجة النورانية في لالش بالعراق .
- الصلاة : يصلون في ليلة منتصف شعبان يزعمون أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة .
- الحشر والنشر بعد الموت : سيكون في قرية باطط في جبل سنجار ، حيث توضع الموازين بين يدي الشيخ عدي الذي سيحاسب الناس ، وسوف يأخذ جماعته ويدخلهم الجنة .
- يقسمون بأشياء باطلة ومن جملتها القسم بطوق سلطان يزيد وهو طرف الثوب .
- يترددون على المراقد والأضرحة كمرقد الشيخ عدي والشيخ شمس الدين ، والشيخ حسن وعبد القادر الجيلاني ،ولكل مرقد خدم ، وهم يستخدمون الزيت والشموع في إضاءتها .
- يحرمون التزاوج بين الطبقات ، ويجوز لليزيدي أن يعدد في الزوجات إلى ست زوجات .
- الزواج يكون عن طريق خطف العروس أولأً من قبل العريس ثم يأتي الأهل لتسوية الأمر .
- يحرمون اللون الأزرق لأنه من أبرز ألوان الطاووس .
- يحرمون أكل الخس والملفوف (الكرنب ) والقرع والفاصوليا ولحوم الديكة وكذلك لحم الطاووس المقدس عندهم لأنه نظير لإبليس طاووس الملائكة في زعمهم ، ولحوم الدجاج والسمك والغزلان ولحم الخنزير .
- يحرمون حلق الشارب ، بل يرسلونه طويلاً وبشكل ملحوظ .
- إذا رسمت دائرة على الأرض حول اليزيدي فإنه لا يخرج من هذه الدائرة حتى تمحو قسماً منها اعتقادا منه بأن الشيطان هو الذي أمرك بذلك .(1/4)
- يحرمون القراءة والكتابة تحريما دينياً لأنهم يعتمدون على علم الصدر فأدى ذلك إلى انتشار الجهل والأمية بينهم مما زاد في انحرافهم ومغالاتهم بيزيد وعدي وإبليس .
- لديهم كتابان مقدسان هما : الجلوة الذي يتحدث عن صفات الإله ووصاياه والآخر مصحف رش أو الكتاب الأسود الذي يتحدث عن خلق الكون والملائكة وتاريخ نشوء اليزيدية وعقيدتهم .
- يعتقدون أن الرجل الذي يحتضن ولد اليزيدي أثناء ختانه يصبح أخاً لأم هذا الصغير وعلى الزوج أن يحميه ويدافع عنه حتى الموت .
- اليزيدي يدعوا متوجهاً نحو الشمس عند شروقها وعند غروبها ثم يلثم الأرض ويعفر بها وجهه ، وله دعاء قبل النوم .
- لهم أعياد خاصة كعيد رأس السنة الميلادية وعيد المربعانية وعيد القربان وعيد الجماعة وعيد يزيد وعيد خضر إلياس وعيد بلندة ولهم ليلة تسمى الليلة السوداء ((شفرشك)) حيث يطفئون الأنوار ويستحلون فيها المحارم والخمور .
- يقولون في كتبهم ((أطيعوا وأصغوا إلى خدامي بما يلقنونكم به ولا تبيحوا به قدام الأجانب كاليهود والنصاري وأهل الإسلام لأنهم لا يدرون ما هيته ، ولا تعطوهم من كتبكم لئلا يغيروها عليكم وأنتم لا تعلمون )) .
الجذور الفكرية والعقائد :
- اتصل عدي بن مسافر بالشيخ عبد القادر الجيلاني المتصوف ، وقالوا بالحلول والتناسخ ووحدة الوجود ،وقولهم في إبليس يشبه قول الحلاج الذي اعتبره إمام الموحدين .
- يحترمون الدين النصراني حتى انهم يقبلون أيدي القسس ويتناولون معهم العشاء الرباني ويعتقدون بأن الخمرة هي دم المسيح الحقيقي وعند شربها لا يسمحون بسقوط قطرة واحدة منها على الأرض أو أن تمس لحية شاربها .
- أخذوا عن النصارى (( التعميد )) حيث يؤخذ الطفل إلى عين ماء تسمى (عين البيضاء) ليعمد فيها،وبعد أن يبلغ أسبوع يؤتى به إلى مرقد الشيخ عدي حيث زمزم فيوضع في الماء وينطقون اسمه عاليا طالبين منه أن يكون يزيدياً ومومناً (بطاووس ملك) أي إبليس .(1/5)
- عندما دخل الإسلام منطقة كردستان كان معظم السكان يدينون بالزرادشتية فأنتقلت بعض تعاليم هذه العقيدة إلى اليزيدية .
- داخلتهم عقائد المجوس والوثنية فقد رفعوا يزيد إلى مرتبة الألوهية ،والتنظيم عندهم (الله - يزيد -عدي )ٍ.
- (طاووس ملك) رمز وثني لإبليس يحتل تقديراً فائقاً لديهم . اخذوا عن الشيعة (البراءة )وهي كرة مصنوعة من تراب مأخوذة من زاوية الشيخ عدي يحملها كل يزيدي في جيبه للتبرك بها ، وذلك على غرر التربة التي يحملها أفراد الشيعة الجعفرية . وإذا مات اليزيدي توضع في فمه هذه التربة وإلا مات كافراً .
- عموماً : إن المنطقة التي انتشروا بها تعج بالديانات المختلفة كالزرادشتية وعبدة الأوثان ، وعبدة القوى الطبيعية ، واليهودية ، والنصرانية ، وبعضهم مرتبط بآلهة آشور وبابل وسومر ، والصوفية من أهل الخطوة ،وقد اثرت هذه الديانات في عقيدة اليزيدية بدرجات متفاوتة وذلك بسبب جهلهم وأميتهم مما زاد في درجة انحرافهم عن الإسلام الصحيح .
الانتشار وموقع النفوذ :
تنتشر هذه الطائفة التي تقدس الشيطان في سوريا وتركيا وإيران وروسيا والعراق ولهم جاليات قليلة العدد في لبنان ويبلغ تعدادهم حوالي 120 ألف نسمة ،منهم سبعون ألف في العراق والباقي في الأقطار الأخرى ، وهم مرتبطون جميعاً برئاسة البيت الأموي . هم من الأكراد إلا أن بعضهم من أصل عربي .
لغتهم هي اللغة الكردية وبها كتبهم وأدعيتهم وتواشيحهم الدينية ولهم مكتب رسمي مصرح به وهو المكتب الأموي للدعوة العربية في شارع الرشيد ببغداد .
ويتضح مما سبق
أن اليزيدية فرقة منحرفة قدست يزيد بن معاوية وإبليس وعزرائيل ،ويترددون على المراقد والأضرحة ولهم عقيدة خاصة في كل ركن من أركان الإسلام ، ولهم أعياد خاصة كعيد رأس السنة الميلادية ، ويجيزون لليزيدي أن يعدد في الزوجات حتى ست إلى غير ذلك من الأقوال الضالة المضلة .(1/6)
اليهودية
التعريف :
اليهودية : هي ديانة العبرانيين المنحدرين من إبراهيم عليه السلام والمعروفين بالأسباط من بني إسرائيل الذي أرسل الله إليهم موسى عليه السلام مؤيداً بالتوراة ليكون لهم نبياً . واليهودية ديانة يبدو أنها منسوبة إلى يهود الشعب . وهذه بدورها قد اختلف في أصلها . وقد تكون نسبة إلى يهوذا أحد أبناء يعقوب وعمت على الشعب على سبيل التغليب .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· موسى عليه السلام : رجل من بني إسرائيل ، ولد في مصر أيام فرعونها رمسيس الثاني على الأرجح 1301-1234 ق.م وقد تربى في قصر هذا الفرعون بعد أن ألقته أمه في النهر داخل تابوت عندما خافت عليه من فرعون ، الذي كان يقتل أبناء بني إسرائيل . ولما شب قتل مصرياً مما دفعه للهرب إلى مدين حيث عمل راعياً لدى شيخ صالح هناك قيل أنه شعيب عليه السلام الذي زوجه إحدى ابنتيه .
- في طريق عودته إلى مصر أوحى الله إليه في سيناء بالرسالة ، وأمره أن يذهب هو وأخوه هارون إلى فرعون لدعوته ولخلاص بني إسرائيل ، فأعرض عنهما فرعون وناصبهم العداء ، فخرج موسى ببني إسرائيل وقد كان ذلك سنة 1213ق.م في عهد فرعونها منفتاح الذي خلف أباه رمسيس الثاني ، ولحق بهم هذا الفرعون ، لكن الله أغرقه في اليم ، ونجى موسى وقومه .(1/1)
- في صحراء سيناء صعد موسى الجبل ليكلم ربه وليستلم الألواح ، لكنه لما عاد وجد غالب قومه قد عكفوا على عجل من ذهب صنعه لهم السامري فزجرهم موسى ، ولما أمرهم بدخول فلسطين امتنعوا عليه وقالوا له : (( إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) . " المائدة 22 " ... فلما حاورهم رجال من بني جلدتههم في ذلك قالوا لموسى : (( إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون )) " المائدة 24 " ، هنا دعا موسى على قومه : (( قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين )) " المائدة : 25 " فغضب الله عليهم وتركهم يتيهون في الصحراء أربعين سنة مات خلالها موسى ودفن في كثيب أحمر دون أن يدخل فلسطين .
- مات كذلك أخوه هارون ودفن في جبل هور ، ويذكر المؤرخون أن الذين كانوا مع موسى ماتوا كلهم في التيه ، باستثناء اثنين كان يوشع أحدهما .
· يوشع بن نون : تولى القيادة بعد موسى ، ودخل ببني إسرائيل عن طريق شرقي الأردن إلى أريحا ، وقد مات يوشع سنة 1130ق.م .
· تم تقسيم الأرض المفتوحة بين الإثني عشر سبطاً ، الذين كان يحكمهم قضاة من الكهنة ، وقد ظهرت فيهم خلال ذلك قاضية اسمها دبورة ، واستمر هذا العهد العشائري البدائي حوالي قرن من الزمان حسب تقدير المؤرخين .
· آخر القضاة صموئيل شاءول صار ملكاً عليهم وهو الذي يسميه القرآن طالوت ، وهو الذي قادهم في معارك ضارية ضد من حولهم ، وكان داود واحداً من جنوده ، وفي إحدى المعارك تغلب داود على جالوت قائد الفلسطينيين ومن هنا برز داود النبي القائد . داود عليه السلام أصبح الملك الثاني فيهم ، وقد بقي الملك في أولاده وراثياً ، واتخذ من أورشليم ( القدس ) عاصمة ملكه مشيداً الهيكل المقدس ، ناقلاً إليه التابوت ، وقد دام حكمه أربعين سنة .(1/2)
· سليمان بن داود عليهما السلام : خلف أباه ، وقد علا نجمه حتى إنه صاهر فرعون مصر شيشنق ودانت له سبأ ، لكن ملكه انكمش بعد مماته مقتصراً على غرب الأردن .
· رحبعام : الذي صار ملكاً سنة 935 ق.م إلا أنه لم يحظ بمبايعة الأسباط ، فمال عنه بنو إسرائيل إلى أخيه يربعام ، مما أدى إلى انقسام المملكة إلى قسمين :
- شمالية اسمها إسرائيل وعاصمتها شكيم .
- جنوبية اسمها يهوذا وعاصمتها أورشليم .
- حكم في كل من المملكتين 19 ملكاً ، واتصل الملك في ذرية سليمان في مملكة يهوذا فيما تنقل في عدد من الأسر في مملكة إسرائيل .
· عاموس : نبي ظهر حوالي سنة 750 ق.م وهو أقدم أنبياء العهد القديم الذين وردت أقوالهم إلينا مكتوبة إذ عاش أيام يربعام الثاني 783-743 ق.م .
· وقع اليهود الإسرائيليون في سنة 721 ق.م تحت قبضة الآشوريين في عهد الملك مرجون الثاني ملك آشور فزالوا من التاريخ ، وسقطت مملكة يهوذا تحت قبضة البابليين سنة 586 ق.م ، وقد دمر نبوخذ نصر ( بختنصر ) أورشليم والمعبد وسبى اليهود إلى بابل وهذا هو التدمير الأول .
· أشعيا : عاش في القرن الثامن ق.م وقد كان من مستشاري الملك حزقيال ملك يهوذا 729-668 ق.م .
· أرميا : 650-580 ق.م ندد بأخطاء قومه ، وقد تنبأ بسقوط أورشليم ، ونادى بالخضوع لملوك بابل مما جعل اليهود يضطهدونه ويعتدون عليه .
· حزقيال : ظهر في القرن السادس قبل الميلاد ، قال بالبعث والحساب وبالمسيح الذي سجيء من نسل داود ليصبح ملكاً على اليهود ، وقد عاصر فترة سقوط مملكة يهوذا ، أبعد إلى بابل بعد استسلام أورشليم .
· دانيال : أعلن مستقبل الشعب الإسرائيلي إذ كان مشتهراً بالمنامات والرؤى الرمزية ، وقد وعد شعبه بالخلاص على يد المسيح .
· سنة 538 ق.م احتل قورش ملك الفرس بلاد بابل وقد سمح لهم قورش بالعودة إلى فلسطين ، ولكن لم يرجع منهم إلا القليل .(1/3)
· في سنة 320 ق.م آل الحكم في فلسطين إلى الإسكندر الأكبر ومن بعده إلى البطالسة .
· اكتسح الرومان فلسطين سنة 63 ق.م . واستولوا على القدس بقيادة بامبيوس .
· وفي سنة 20 ق.م بني هيرودس هيكل سليمان من جديد ، وقد ظل هذا الهيكل حتى سنة 70 م حيث دمر الإمبراطور تيطس المدينة وأحرق الهيكل ، وهذا هو التدمير الثاني . وقد جاء أوريانوس سنة 135م ليزيل معالم المدينة تماماً ويتخلص من اليهود بقتلهم وتشريدهم ، وقد بنى هيكلاً وثنياً ( اسمه جوبيتار ) مكان الهيكل المقدس ، وقد استمر هذا الهيكل الوثني حتى دمره النصارى في عهد الإمبراطور قسطنطين .
- في سنة 636م فتح المسلمون فلسطين وأجلوا عنها الرومان ، وقد اشترط عليهم صفرونيوس بطريرك النصارى أن لا يسكن المدينة أحد من اليهود .
- في سنة 1897م بدأت الحركة الجديدة لليهود تحت اسم الصهيونية ،لبناء دولة إسرائيل على أرض فلسطين ( يراجع بحث الصهيونية ) .
الأفكار والمعتقدات :
الفرق اليهودية :
- الفريسيون : أي المتشددون ، يسمون بالأحبار أو الربانيين ، هم متصوفة رهبانيون لا يتزوجون ، لكنهم يحافظون على مذهبهم عن طريق التبني ، يعتقدون بالبعث والملائكة وبالعالم الآخر .
- الصدقيون : وهي تسمية من الأضداد لأنهم مشهورون بالإنكار ، فهم ينكرون البعث والحساب والجنة والنار وينكرون التلمود ، كما ينكرون الملائكة والمسيح المنتظر .
- المتعصبون : فكرهم قريب من فكر الفريسيين لكنهم اتصفوا بعدم التسامح وبالعداوانية ، قاموا في مطلع القرن الميلادي الأول بثورة قتلوا فيها الرومان ، وكذلك كل من يتعاون من اليهود مع هؤلاء الرومان فأطلق عليهم اسم السفاكين .
- الكتبة أو النساخ : عرفوا الشريعة من خلال عملهم في النسخ والكتابة ، فاتخذوا الوعظ وظيفة لهم ، يسمون بالحكماء ، وبالسادة ، وواحدهم لقبه أب ، وقد أثروا ثراء فاحشاً على حساب مدارسهم ومريديهم .(1/4)
- القراءون : هم قلة من اليهود ظهروا عقب الفريسيين وورثوا أتباعهم ، لا يعترفون إلا بالعهد القديم ولا يخضعون للتلمود ولا يعترفون به بدعوى حريتهم في شرح التوراة .
- السامريون : طائفة من المتهودين الذين دخلوا اليهودية من غير بني إسرائيل ، كانوا يسكنون جبال بيت المقدس ، أثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون ، دون نبوة ... . بعدهم . ظهر فيهم رجل ،يقال له الألفان ، ادعى النبوة ، وذلك قبل المسيح بمائة سنة وقد تفرقوا إلى دوستانية وهم الألفانية ، وإلى كوستانية أي الجماعة المتصوفة . وقبلة السامر ... إلى جبل يقال له غريزيم بين بيت المقدس ونابلس ، ولغتهم غير لغة اليهود العبرانية .
- السبئية : هم أتباع عبد الله بن سبأ الذي دخل الإسلام ليدمره من الداخل ، فهو الذي نقل الثورة ضد عثمان من القول إلى العمل مشعلا الفتنة ، وهو الذي دس الأحاديث الموضوعة ليدعم بها رأيه ، فهو رائد الفتن السياسية الدينية في الإسلام .
· كتبهم :
- العهد القديم : وهو مقدس لدى اليهود والنصارى إذ أنه سجل فيه شعر ونثر وحكم وأمثال وقصص وأساطير وفلسفة وتشريع وغزل ورثاء .. وينقسم إلى قسمين :
1- التوراة : وفيه خمسة أسفار : التكوين أو الخلق ، الخروج ،اللاوين ، الأخبار ، العدد ، التثنية ،ويطلق عليه اسم أسفار موسى .
2- أسفار الأنبياء : وهي نوعان :
ا) أسفار الأنبياء المتقدمين : يشوع ، يوشع بن نون ، قضاة ، صموئيل الأول ، صموئيل الثاني ،الملوك الأول ، الملوك الثاني .
ب) أسفار الأنبياء المتأخرين : أشعيا ، إرميا ، حزقيال ، هوشع ، يوئيل ، عاموس ،عوبديا ، يونان ، يونس ، ميخا ، ناحوم ، حبقوق ، صفنيا ، حجى ، زكريا ، ملاخي .
- وهناك الكتابات وهي :
1- كتابات العظيمة : المزامير ، الزبور ، الأمثال ، أمثال سليمان ، أيوب .
2- المجلات الخمس : نشيد الإنشاد ، راعوت ، المرائي ، مرائي إرميا ، الجامعة ، أستير .(1/5)
3- الكتب : دانيال ، عزرا ، نحميا ، أخبار الأيام الأول ، أخبار الأيام الثاني .
- هذه الأسفار السابقة الذكر معترف بها لدى اليهود ، وكذلك لدى البروتستانت .
- أما الكنيسة الكاثوليكية : فتضيف سبعة أخرى هي : طوبيا ، يهوديت الحكمة ، يسوع بن سيراخ ، باروخ ، المكابيين الأول ،المكابيين الثاني . كما تجعل أسفار الملوك أربعة وأولها وثانيها بدلاً من سفر صموئيل الأول والثاني .
- استير ويهوديت : كل منهما أسطورة تحكي قصة امرأة تحت حاكم من غير بني إسرائيل حيث تستخدم جمالها وفتنتها في سبيل رفع الظلم عن اليهود ، فضلاً عن تقديم خدمات لهم .
- التلمود : هو روايات شفوية تناقلها الحاخامات حتى جمعها الحاخام يوضاس سنة 150م في كتاب أسماه المشنا أي الشريعة المكررة لها في توراة موسى كالإيضاح والتفسير ، وقد أتم الراباي يهوذا سنة 216م تدوين زيادات وروايات شفوية . وقد تم شرح هذه المشنا في كتاب سمي جمارا ، ومن المشنا والجمارا يتكون التلمود ، ويحتل التلمود عند اليهود منزلة مهمة جداً تزيد على منزلة التوراة .
· أعيادهم :
- يوم الفصح : وهو عيد خروج بني إسرائيل من مصر ، يبدأ من مساء 14 أبريل وينتهي مساء 21 منه ويكون الطعام فيه خبزاً غير مختمر .
- يوم التكفير : في الشهر العاشر من السنة اليهودية ينقطع الشخص تسعة أيام يتعبد فيها ويصوم وتسمى أيام التوبة ، وفي اليوم العاشر الذي هو يوم التكفير لا يأكل فيه اليهودي ولا يشرب ، ويمضي وقته في العبادة حيث يعتقد أنه تغفر فيه جميع سيئاته ويستعد فيه لا ستقبال عام جديد .
- زيارة بيت المقدس : يتحتم على كل يهودي ذكر رشيد زيارة البيت المقدس مرتين كل عام .
- الهلال الجديد : كانوا يحتفلون لميلاد كل هلال جديد حيث كانت تنفخ الأبواق في البيت المقدس وتشعل النيران ابتهاجاً به .(1/6)
- يوم السبت : لا يجوز لديهم الاشتغال في هذا اليوم لأنه اليوم الذي استراح فيه الرب كما يعتقدون . فقد اجتمعت اليهود على أن الله تعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض استوى على عرشه مستلقياً على قفاه واضعاً إحدى رجليه على الأخرى - تعالى الله عما يقولون علوا كبيراُ .
· الإله :
- اليهود كتابيون موحدون وهذا الأصل .
- كانوا يتجهون إلى التعدد والتجسيم والنفعية مما أدى إلى كثرة الأنبياء فيهم لردهم إلى جادة التوحيد كلما أصابهم انحراف في مفهوم الألوهية .
- اتخذوا العجل معبوداً له بعيد خروجهم من مصر ، ويروي العهد القديم أن موسى قد عمل لهم حية من نحاس وأن بني إسرائيل قد عبدوها بعد ذلك ، كما أن الأفعى مقدس لديهم لأنها تمثل الحكمة والدهاء .
- الإله لديهم سموه يهوه وهو ليس إلهاً معصوماً بل يخطئ ويثور ويقع في الندم وهو يأمر بالسرقة ،وهو قاس ، متعصب ، مدمر لشعبه ، إنه إله بني إسرائيل فقط وهو بهذا عدو للآخرين ، ويزعمون أنه يسير أمام جماعة من بني إسرائيل في عمود من سحاب .
· عزرا هو الذي أوجد توراة موسى بعد أن ضاعت ، فبسبب ذلك وبسبب إعادته بناء الهيكل سمي عزرا ابن الله وهو الذي أشار إليه القرآن الكريم .
· أفكار ومعتقدات أخرى :
- يعتقدون بأن الذبيح من ولد إبراهيم هو إسحاق المولود من سارة . والصحيح أنه إسماعيل .
- لم يرد في دينهم شيء دو بال عن البعث والخلود والثواب والعقاب إلا إشارات بسيطة وذلك أن هذه الأمور بعيدة عن تركبية الفكر اليهودي المادي .
- الثواب والعقاب إنما يتم في الدنيا ، فالثواب هو النصر والتأييد ، والعقاب هو الخسران والذل و الاستعباد .
- التابوت : وهو صندوق كانوا يحفظون فيه أغلى ما يملكون من ثروات ومواثيق وكتب مقدسة .
- المذبح : مكان مخصص لإيقاد البخور يوضع قدام الحجاب الذي أمام التابوت .(1/7)
- الهيكل : هو البناء الذي أمر به داود وأقامه سليمان ،فقد بني بداخله المحراب ( أي قدس الأقداس ) وهيأ كذلك بداخله مكاناً يوضع فيه تابوت عهد الرب .
- الكهانة : وتختص ، بأبناء ليفي ( أحد أبناء يعقوب ) ، فهم وحدهم لهم حق تفسير النصوص وتقديم القرابين وهم معفون من الضرائب وسخصياتهم وسيلة يتقرب بها إلى الله ، فأصبحوا بذلك أقوى من الملوك .
- القرابين : كانت تشمل الضحايا البشرية إلى جانب الحيوان والثمار . ثم اكتفى الإله بعد ذلك بجزء من الإنسان وهو ما يقتطع منه في عملية الختان التي يتمسك بها اليهود إلى يومنا هذا فضلاً عن الثمار والحيوان إلى جانب ذلك .
- يعتقدون بأنهم شعب الله المختار ، وأن أرواح اليهود جزء من الله ، وإذا ضرب أمي ( جوييم ) إسرائيلياً فكأنما ضرب العزة الإلهية ، وأن الفرق بين درجة الإنسان والحيوان هو بمقدار الفرق بين اليهودي وغير اليهودي .
- يجوز غش غير اليهودي وسرقته وإقراضه بالربا الفاحش وشهادة الزور ضده وعدم البر بالقسم أمامه ، ذلك أن غير اليهود في عقيدتهم كالكلاب والخنازير والبهائم ، بل أن اليهود يتقربون إلى الله بفعل ذلك بغير اليهودي .
- يقول التلمود عن المسيح : إن يسوع الناصري موجود في لجات الجحيم بين القار والنار ، وإن أمه مريم أتت به من العسكري باندارا عن طريق الخطيئة ، وإن الكنائس النصرانية هي مقام القاذورات والواعظون فيها أشبه بالكلاب النابحة .
- بسبب ظروف الاضطهاد نشأت لديهم فكرة المسيح المنتظر كنوع من التنفيس والبحث عن أمل ورجاء .
- يقولون بأن يعقوب قد صارع الرب ، وأن لوطا قد شرب الخمر وزنى بابنتيه بعد نجاته إلى جبل صوغر ، وأن داود قبيح في عين الرب .
- لقد فقدت توراة موسى بعد تخريب الهيكل أيام بختنصر فلما كتبت مرة ثانية أيام أرتحشتا ملك فارس جاءت محرفة عن أصلها ،يقول الله تعالى :(( يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به )) .(1/8)
- إن ديانتهم خاصة بهم ، مقفلة على الشعب اليهودي .
- الولد الأكبر الذي هو أول من يرث وله حظ اثنين من إخوته ، ولا فرق بين المولود بنكاح شرعي أو غير شرعي في الميراث .
- بعد الزواج تعد المرآة مملوكة لزوجها ، ومالها ملك له ، ولكن لكثرة الخلافات فقد أقر بعد ذلك أن تملك الزوجة رقبة المال والزوج يملك المنفعة .
- من بلغ العشرين ولم يتزوج فقد استحق اللعنة ، وتعدد الزوجات جائز شرعاً بدون حد ، فقد حدده الربانيون بأربع زوجات بينما أطلقه القراءون .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· عبادة العجل مأخوذة عن قدماء المصريين حيث كانوا هناك قبل الخروج ، والفكر المصري القديم يعد مصدراً رئيسياً للأسفار في العهد القديم .
· أهم مصدر اعتمدت عليه أسفار العهد القديم هو تشريع حمورابي الذي يرجع إلى نحو سنة 1900 ق.م ، وقد اكتشف هذا التشريع في سنة 1902 ق.م محفوراً على عمود أسود من الصخر وهو أقدم تشريع سامي معروف حتى الآن .
· يقول التلمود بالتناسخ وهي فكرة تسربت لبابل من الهند فنقلها حاخامات بابل إلى الفكر اليهودي .
· تأثروا بالفكر النصراني فتراهم يقولون : " تسبب يا أبانا في أن نعود إلى شريعتك ، قربنا يا ملكنا إلى عبادتك وعد بنا إلى التوبة النصوح في حضرتك ".
· في بعض مراحلهم عبدوا آلهة البلعيم والعشتارت وآلهة آرام وآلهة صيدوم ، وآلهة مؤاب وآلهة الفلسطينيين ( سفر القضاء : 10/60 ) .
الانتشار ومواقع النفوذ :(1/9)
· عاش العبريون في الأصل - في عهد أبيهم إسرائيل - في منطقة الأردن وفلسطين ، ثم انتقل بنو إسرائيل إلى مصر ثم ارتحلوا إلى فلسطين ليقيموا هناك مجتمعاً يهودياً ، ولكن نظراً لانعزالهم واستعلائهم وعنصريتهم وتآمرهم ، فقد اضطهدوا وشردوا ، فتفرقوا في دول العالم فوصل بعضهم إلى أوروبا وروسيا ودول البلقان والأمريكتين وأسبانيا ، بينما اتجه بعضهم إلى داخل الجزيرة العربية التي أجلوا عنها مع فجر الإسلام ، كما عاش بعضهم في أفريقيا وآسيا .
· منذ نهاية القرن الميلادي الماضي ما يزالون يجمعون أشتاتهم في أرض فلسطين تحرضهم على ذلك وتشجعهم الصهيونية والصليبية .
· مما لا شك فيه أن اليهود الحاليين - الذين يبلغون حوالي خمسة عشر مليوناً - لا يمتون بصلة إلى العبرانيين الإسرائيليين القدماء المنحدرين من إبراهيم عليه السلام ، إذ أنهم حالياً أخلاط من شعوب الأرض المتهودين الذين تسوقهم دوافع استعمارية . أما الذين يرجعون إلى أصول إسرائيلية فعلاً هم اليوم - وفي إسرائيل بخاصة - يهود من الدرجة الدنيا .
· ظهر لكثير من الباحثين في أمر التوراة ، من خلال ملاحظة اللغات والأساليب وما تشتمل عليه من موضوعات وأحكام وتشاريع ، أنها قد ألفت في عصور مختلفة وبأقلام مختلفة ، وفي هذا يقول سبحانه عنهم : (( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون )) سورة البقرة ، آية :79 .
· كما استطاع النقد الحديث أن يثبت تعارض نصوص التوراة والإنجيل مع الكثير من الحقائق العلمية المعاصرة ، أما النقد الباطني لها فقد اعتبرها مجموعاً متنافراُ - كما يقول موريس بوكاي - وهذا يكفي لمن يريد التأكد بأن التوراة لا يمكن الاستناد إلى معطياتها لما اعتراها من تناقض وقصص مموهة بل وأشعار مشكوك في صحتها أيضاً .
يتضح مما سبق :(1/10)
أن اليهودية هي ديانة العبرانيين المنحدرين من إبراهيم عليه السلام والمعروفين بالأسباط من بني إسرائيل " يعقوب عليه السلام " . وقد أرسل الله تعالى إليهم موسى عليه السلام مؤيداً بالتوراة ليكون لهم نبياً . واليهود ينقسمون إلى فرق هي : الفريسيون وهم يعتقدون بالبعث والملائكة وبالعالم الآخر . الصدقيون وهم ينكرون التلمود والملائكة والمسيح المنتظر . والمتعصبون ويتصفون بالعدوانية . والكتبة أو النساخ وقد عرفوا الشريعة من خلال عملهم في الكتابة وقد أثروا على حساب مدارسهم ومريديهم . والقراءون وهم لا يعترفون إلا بالعهد القديم ولا يخضعون للتلمود . والسامريون وهم طائفة من المتهودين من غير بني إسرائيل . والسبئية وهم أتباع عبد الله بن سبأ الذي دخل الإسلام ليدمره من الداخل .
وكتبهم هي العهد القديم وهو ينطوي على شعر ونثر وحكم وأمثال وقصص وأساطير وفلسفة وتشريع وغزل ورثاء ، وينقسم إلى التوراة وأسفار الأنبياء بنوعيها . وهناك التلمود وهو روايات شفوية جمعت في كتاب اسمه المشنا أي الشريعة المكررة ، وقد شرحت المشنا في كتاب اسمه جمارا .
اليهود من حيث الأصل كتابيون موحدين ، غير أنهم اتجهوا إلى التعدد والتجسيم والنفعية فكثر أنبياؤهم ، وقد عبدوا العجل وقدسوا الأفعى . وقد تأكد أن التوراة ألفت في عصور مختلفة وبأقلام مختلفة ، ولذا فإن كثيراُ من نصوصها تعارض الحقائق العلمية المعاصرة ، كما يعارض بعضها بعضاً .(1/11)
حركة تحرير المرأة
التعريف :
حركة تحرير المرأة . حركة علمانية ،نشأت في مصر في بادئ الأمر ، ثم انتشرت في أرجاء البلاد العربية والإسلامية . تدعوا إلى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب ، وتقييد الطلاق ، ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل أمر ... ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية في العالم الغربي .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· قبل أن تتبلور الحركة بشكل دعوة منظمة لتحرير المرأة ضمن جمعية تسمى الاتحاد النسائي .. كان هناك تأسيس نظري فكري لها .. ظهر من خلال كتب ثلاث ومجلة صدرت في مصر .
- كتاب المرأة في الشرق تأليف مرقص فهمي المحامي ، نصراني الديانة ، دعا فيه إلى القضاء على الحجاب وإباحة الاختلاط وتقييد الطلاق ، ومنع الزواج بأكثر من واحدة ، وإباحة الزواج بين النساء المسلمات والنصارى .
- كتاب تحرير المرأة تأليف قاسم أمين ، نشره عام 1899م ، بدعم من الشيخ محمد عبده وسعد زغلول ، وأحمد لطفي السيد . زعم في أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام ، وقال إن الدعوة إلى السفور ليست خروجاً على الدين .
- كتاب : المرأة الجديدة تأليف قاسم أمين أيضاً - نشره عام 1900م يتضمن نفس أفكار الكتاب الأول ويستدل على أقواله وادعاءاته بآراء الغربيين .
- مجلة السفور ، صدرت أثناء الحرب العالمية الأولى ، من قبل أنصار سفور المرأة ، وتركز على السفور و الاختلاط .
· سبق سفور المرأة المصرية ، اشتراك النساء بقيادة هدى شعراوي ( زوجة علي شعراوي ) في ثورة سنة 1919م فقد دخلن غمار الثورة بأنفسهن ، وبدأت حركتهن السياسية بالمظاهرة التي قمن بها في صباح يوم 20 مارس سنة 1919م .(1/1)
· وأول مرحلة للسفور كانت عندما دعا سعد زغلول النساء اللواتي تحضرن خطبته أن يزحن النقاب عن وجوههن . وهو الذي نزع الحجاب عن وجه نور الهدى محمد سلطان التي اشتهرت باسم : هدى شعراوي مكونة الاتحاد النسائي المصري وذلك عند استقباله في الإسكندرية بعد عودته من المنفى . واتبعتها النساء فنزعن الحجاب بعد ذلك .
· تأسس الاتحاد النسائي في نيسان 1924م بعد عودة مؤسسته هدى شعراوي من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما عام 1922م .. ونادى بجميع المبادئ التي نادي بها من قبل مرقص فهمي المحامي وقاسم أمين .
· مهد هذا الاتحاد بعد عشرين عاماً لعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي عام 1944م وقد حضرته مندوبات عن البلاد العربية . وقد رحبت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بانعقاد المؤتمر حتى أن حرم الرئيس الأمريكي روزفلت أبرقت مؤيدة للمؤتمر .
ومن أبرز شخصيات حركة تحرير المرأة .
· الشيخ محمد عبده - فقد نبتت أفكار كتاب تحرير المرأة في حديقة أفكار الشيخ محمد عبده . وتطابقت مع كثير من أفكار الشيخ التي عبر فيها عن حقوق المرأة وحديثه عنها في مقالات الوقائع المصرية وفي تفسيره لآيات أحكام النساء . ( التفاصيل في كتاب المؤامرة على المرأة المسلمة د. السيد أحمد فرج ص 63 وما بعدها . دار الوفاء سنة 1985م كتاب عودة الحجاب الجزء الأول ، د.محمد أحمد بن إسماعيل المقدم ) .
· سعد زغلول ، زعيم حزب الوفد المصري ، الذي أعان قاسم أمين على إظهار كتبه وتشجيعه في هذا المجال .
· لطفي السيد الذي أطلق عليه أستاذ الجيل وظل يروج لحركة تحرير المرأة على صفحات الجريدة لسان حال حزب الأمة المصري في عهده .
· صفية زغلول . زوجة سعد زغلول وابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء في تلك الأيام وأشهر صديق للإنكليز عرفته مصر .(1/2)
· هدى شعراوي ابنة محمد سلطان باشا الذي كان يرافق الاحتلال الإنكليزي في زحفه على العاصمة وزوجة علي شعراوي باشا أحد أعضاء حزب الأمة ( حالياً الوفد ) ومن أنصار السفور .
· سيزا نبراوي ( واسمها الأصلي زينب محمد مراد ) ، وهي صديقة هدى شعراوي في المؤتمرات الدولية والداخلية . وهما أول من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923م .
· درية شفيق . من تلميذات لطفي السيد ، رحلت وحدها إلى فرنسا لتحصل على الدكتوراه ، ثم إلى إنكلترا ، وصورتها وسائل الإعلام الغربية بأنها المرأة التي تدعوا إلى التحرر من أغلال الإسلام وتقاليده مثل : الحجاب والطلاق وتعدد الزوجات .
- لما عادة إلى مصر شكلت حزب ( بنت النيل ) في عام 1949م بدعم من السفارة الإنكليزية والسفارة الأمريكية .. وهذا ما ثبت عندما استقالت إحدى عضوات الحزب وكان هذا الدعم سبب استقالتها . وقد قادت درية شفيق المظاهرات ، وأشهرها مظاهرة في عام 19 فبراير 1951م و 12 مارس 1954م بالتنسيق مع أجهزة عبد الناصر فقد أضربت النساء في نقابة الصحافيين عن الطعام حتى الموت إذا لم تستجب مطالبهن . وأجيبت مطالبهن ودخلت درية شفيق الانتخابات ولم تنجح . وانتهى دورها . وحضرت المؤتمرات الدولية النسائية للمطالبة بحقوق المرأة - على حد قولها - .
· سهير القلماوي : - تربت في الجامعة الأمريكية في مصر - وتخرجت من معهد الأمريكان - وتنقلت بين الجامعات الأمريكية والأوربية ، ثم عادت للتدريس في الجامعة المصرية .(1/3)
· أمينة السعيد : وهي من تلميذات طه حسين ، الأديب المصري الذي دعا إلى تغريب مصر .. ترأست مجلة حواء . وقد هاجمت حجاب المرأة بجرأة - ومن أقوالها في عهد عبد الناصر : " كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصر الظلام ولدينا الميثاق ؟ " . تقصد ميثاق عبد الناصر الذي يدعو فيه إلى الاشتراكية - وسخرت مجلة حواء للهجوم على الآداب الإسلامية .. وهي لا تزال تقوم بهذا الدور ..
· د . نوال السعداوي : زعيمة الاتحاد المصري حالياً .
الأفكار والمعتقدات :
نجمل أفكار ومعتقدات أنصار حركة تحرير المرأة فيما يلي :
· تحرير المرأة من كل الآداب والشرائع الإسلامية وذلك عن طريق :
- الدعوة إلى السفور والقضاء على الحجاب الإسلامي .
- الدعوة إلى اختلاط الرجال مع النساء في كل المجالات في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية ، والأسواق .
- تقييد الطلاق ، والاكتفاء بزوجة واحدة .
- المساواة في الميراث مع الرجل .
· الدعوة العلمانية الغربية أو اللادينية بحيث لا يتحكم الدين في مجال الحياة الاجتماعية خاصة .
· المطالبة بالحقوق الاجتماعية والسياسية .
· أوروبا والغرب عامة هم القدوة في كل الأمور التي تتعلق بالحياة الاجتماعية للمرأة : كالعمل ، والحرية الجنسية ، ومجالات الأنشطة الرياضية والثقافية .
الجذور الفكرية والعقائدية :
بعد تبلور حركة تحرير المرأة على شكل الاتحادات النسائية في البلاد العربية خاصة والدولية عامة ، أصبحت اللادينية أو ما يسمونه ( العلمانية ) الغربية هي الأساس الفكري والعقدي لحركة تحرير المرأة . وهي موجهة وبشكل خاص في البلاد العربية والإسلامية إلى المرأة المسلمة ؛ لإخراجها من دينها أولاً . ثم إفسادها خلقياً واجتماعياً .. وبفسادها ، يفسد المجتمع الإسلامي وتنتهي موجة حماسة العزة الإسلامية التي تقف في وجه الغرب الصليبي وجميع أعداء الإسلام وبهذا الشكل يسهل السيطرة عليه .(1/4)
ومن الأدلة على أن جذور حركة تحرير المرأة تمتد نحو العلمانية الغربية مايلي :
- في عام 1894م ظهر كتاب للكاتب الفرنسي الكونت داركور ، حمل فيه على نساء مصر وهاجم الحجاب الإسلامي ، وهاجم المثقفين على سكوتهم .
- في عام 1899م ألف أمين كتابه تحرير المرأة أبدا فيه آراء داركور .
- وفي نفس العام هاجم الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل ( زعيم الحزب الوطني ) كتاب تحرير المرأة وربط أفكاره بالاستعمار الإنكليزي .
- ألف الاقتصادي المصري الشهير محمد طلعت حرب كتاب تربية المرأة والحجاب في الرد على قاسم أمين ومما قاله : " إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا ".
- ترجم الإنكليز - أثناء وجودهم في مصر - كتاب تحرير المرأة إلى الإنكليزية ونشروه في الهند والمستعمرات الإسلامية .
- الدكتورة ( ريد ) رئيسة الاتحاد النسائي الدولي التي حضرت بنفسها إلى مصر لتدرس عن كثب تطور الحركة النسائية .
- اغتباط الدوائر الغربية بحركة تحرير المرأة العربية وبنشاط الاتحاد النسائي في الشرق وتمثلت ببرقية حرم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمؤتمر النسائي العربي عام 1944م .
- صلة حزب ( بنت النيل ) بالسفارة الإنكليزية والدعم المالي الذي يتلقاه منهما - كما رأينا عند حديثنا عن درية شفيق .
- ترحيب الصحف البريطانية بدرية شفيق زعيمة حزب ( بنت النيل ) وتصويرها بصورة الداعية الكبرى إلى تحرير المرأة المصرية من أغلال الإسلام وتقاليده .
- برقية جمعية ( سان جيمس ) الإنكليزية إلى زعيمة حزب بنت النيل تهنئها على اتجاهها الجديد في القيام بمظاهرات للمطالبة بحقوق المرأة .
- مشاركة الزعيمة نفسها في مؤتمر نسائي دولي في أثينا عام 1951م ظهر من قرارته التي وافقت عليها أنها تخدم الاستعمار أكثر من خدمتها لبلادها .
- إعلان ( كاميلا يفي ) الهندية أن الاتحاد النسائي الدولي واقع تحت زيادة الدول الغربية ولاستعمارية واستقالتها منه .(1/5)
- إعلان الدكتورة نوال السعداوي رئيسة الاتحاد النسائي المصري عام 1987م أثناء المؤتمر أن الدول الغربية هي التي هيأت المال اللازم لعقد مؤتمر الاتحاد النسائي والدول العربية لم تساهم في ذلك .
هذه بعض الوقائع التي تدل دلالة لا ريب فيها على صلة حركة تحرير المرأة بالقوى الاستعمارية الغربية .
ويتضح مما سبق :
أن حركة تحرير المرأة هي حركة علمانية ، نشأت في مصر ، ومنها نشرت في أرجاء البلاد العربية والإسلامية ، وهدفها هو قطع صلة المرأة بالآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها كالحجاب ، وتقييد الطلاق ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل شيء . ويعتبر كتاب المرأة في الشرق لمرقص فهمي المحامي ، وتحرير المرأة والمرأة الجديدة لقاسم أمين من أهم الكتب التي تدعوا إلى السفور والخروج على الدين ، وتمتد أهداف هذه الحركة لتصل إلى جعل العلمانية واللادينية أساس حركة المرأة والمجتمع .(1/6)
حزب البعث العربي الاشتراكي
التعريف :
حزب البعث حزب قومي علماني يدعو إلى الانقلاب الشامل في المفاهيم والقيم العربية لصهرها وتحويلها إلى التوجه الاشتراكي ، شعاره المعلن ( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) وهي رسالة الحزب ، أما أهدافه فتتمثل في الوحدة والحرية والاشتراكية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· في سنة 1932م عاد من باريس قادما إلى دمشق كل من ميشيل عفلق ( نصراني ينتمي إلى الكنيسة الشرقية ) وصلاح البيطار ( سني ) وذلك بعد دراستهم العالية محملين بأفكار قومية وثقافة أجنبية .
- عمل كل من عفلق والبيطار في التدريس ومن خلاله أخذا ينشران أفكارهما بين الزملاء والطلاب والشباب .
- أصدر التجمع الذي أنشأه عفلق والبيطار مجلة الطليعة مع الماركسيين سنة 1934م وكانوا يطلقون على أنفسهم اسم ( جماعة الإحياء العربي ) .
- في نيسان 1947م تم تأسيس الحزب تحت اسم ( حزب البعث العربي ) ، وقد كان من المؤسسين : ميشيل عفلق ، صلاح البيطار ، جلال السيد ، زكي الأرسوزي كما قرروا إصدار مجلة باسم البعث .
- كان لهم بعد ذلك دور فاعل في الحكومات التي طرأت على سوريا بعد الاستقلال سنة 1946م وهذه الحكومات هي :
- حكومة شكري القوتلي : من 1946م وحتى 29/3/1949م .
- حكومة حسني الزعيم : استلم السلطة عدة شهور من سنة 1949م .
- حكومة اللواء سامي الحناوي : بدأ حكمه وانتهى في نفس عام 1949م .
- حكومة أديب الشيشكلي : استمر حكمه حتى سنة 1954م .
- حكومة شكري القوتلي : عاد إلى الحكم مرة ثانية واستمر إلى توقيع اتفاقية الوحدة مع مصر سنة 1958م .
- حكومة الوحدة برئاسة جمال عبدالناصر : 1958-1961م .
- حكومة الانفصال برئاسة الدكتور ناظم القدسي : وقد دام الانفصال من 28/9/1961م وحتى 8/3/1963م . وقد قاد حركة الانفصال عبدالكريم النحلاوي .
- منذ 8/3/1963م وإلى اليوم فقد وقعت سوريا تحت حكم حزب البعث ، وقد مرت هذه الفترة بعدة حكومات بعثية هي :(1/1)
- حكومة قيادة الثورة : 1963م وفيها برز صلاح البيطار كرئيس للوزراء .
- حكومة أمين الحافظ : من 1963م وحتى 1966م .
- حكومة نور الدين الأتاسي : 1966م-1970م حيث لعبت القيادة القطرية للحزب دورا بارزا في الحكم ، وقد برز في هذه الفترة كل من صلاح جديد الذي عمل أمينا عاما للقيادة القطرية وحافظ الأسد الذي عمل وزيرا للدفاع .
- حكومة حافظ الأسد : من سنة 1970م وإلى يومنا هذا .
- ومن الشخصيات السورية البارزة التي ظهرت في تاريخ الحزب :
- سامي الجندي : تقلد منصب وزير الإعلام بعد انقلاب 1963م .
- حمود الشوفي : عمل سكرتيرا عاما للقيادة القطرية الأولى إلا أنه انشق وجماعته عن الحزب في آذار سنة 1964م ، وهو الآن في العراق .
- منيف الرزار : (أردني سني) عمل سكرتيرا عاما للقيادة القومية للحزب من نيسان 1965م إلى شباط 1966م .
- مصطفى طلاس : (سني) : ولد سنة 1932م ، درس في الكلية العسكرية بحمص ، انضم إلى الحزب في سنة 1947م وعمل رئيسا لمحكمة الأمن القومي للمنطقة الوسطى من 1963م ، ورئيس أركان اللواء المدرع الخامس من 1964م-1966م ورئيس الأركان للقوات المسلحة من شباط 1968م ونائب وزير الدفاع من 1968-1972م وفي آذار 1973م وصار وزيرا للدفاع وما يزال .
- اللواء يوسف شكور : خلف مصطفى طلاس في رئاسة الأركان وهو من منطقة حمص .
- اللواء ناجي جميل : من دير الزور ، كان قائدا لسلاح الجو من تشرين الثاني 1970م وحتى آذار 1978م .
- سليم حاطوم : حاول أن يقود انقلابا عام 1966م لكنه فشل في ذلك ، وقد أعدم في عام 1967م .
- زكي الأرسوزي : (من لواء إسكندرون) مؤسس مع ميشيل عفلق ومنافس له .
- شبلي العيسمي : ولد عام 1930م ، عمل وزيرا للإصلاح الزراعي ثم وزيرا للمعارف ، ثم وزيرا للثقافة والإرشاد القومي 1963م-1964م ونائبا للأمين العام لحزب البعث 1965م .
- عبد الكريم الجندي : من أنصار صلاح جديد ، انتهى منتحرا عام 1969م .(1/2)
- سليمان العيسى : (من لواء اسكندرون) منظر ومفكر وشاعر .
- أحمد الخطيب : استلم رئاسة الجمهورية من تشرين الثاني 1970م واستقال في شباط 1971م وهي الفترة الانتقالية بين حكومة نور الدين الأتاسي وحكومة حافظ الأسد ، وقد كان عضو القيادة القطرية الموسعة من 1965م كما استلم رئاسة مجلس الشعب لفترة قصيرة .
- يوسف زعين : مولود في البوكمال 1931م طبيب ، عمل وزيرا للإصلاح الزراعي 1963-1964م ، وسفيرا في بريطانيا ،وفي 1965م انتخب عضوا في القيادة القطرية ، ومن شباط 1966م إلى تشرين الأول 1968م ، كان رئيسا للوزراء حتى عام 1970م .
- جلال السيد : عضو مؤسس في حزب البعث وهو من مدينة دير الزور وقد ترك الحزب لكنه بقي نشيطا في السياسة السورية .
- عبد الحليم خدام : ولد 1932م في بانياس ، خريج كلية الحقوق بدمشق تنقل في عدة وظائف حيث عمل محافظا لمدينة حماة ومحافظا لمدينة القنيطرة ومحافظا لمدينة دمشق 1964م ووزيرا للاقتصاد 1969م ووزيرا للخارجية من 1970م وهو عضو القيادة القطرية .
- حافظ الأسد : ولد بالقرداحة من قرى اللاذقية سنة 1930، تخرج في الكلية العسكرية بحمص 1955م عمل قائدا لقاعدة الضمير الجوية 1963م ، تخرج في الكلية العسكرية بحمص 1955م ، عمل قائدا لقاعدة الضمير الجوية 1963م ، وقائدا لسلاح الطيران 1964م انضم إلى المجلس الوطني لقيادة الثورة 1965م ، انضم إلى صلاح جديد في انقلاب 1966م وصار وزيرا للدفاع من 1966م إلى 1970م . ومن تشرين الثاني 1970م صار رئيسا للجمهورية بعد قيادته الحركة التغيرية التي أوصلته إلى السلطة .
- زهير مشارقة من حلب ، عين مؤخرا نائب رئيس الجمهورية لشؤون الحزب .
- لقد اندمج في سنة 1953م كل من (حزب البعث) و (الحزب العربي الاشتراكي) الذي كان يقوده أكرم الحوراني في حزب واحد أسمياه (حزب البعث العربي الاشتراكي).(1/3)
- أما عن الجناح العراقي من حزب البعث فقد استولى على السلطة في العراق بعد أحداث دامية سارت على النحو التالي :.
- استيلاء حزب البعث على ناصية الحكم في العراق :
- في الرابع عشر من شهر يوليو عام 1958م دخل لواء بقيادة عبد السلام عارف إلى بغداد قادما من الأردن واستولى على محطة الإذاعة وأعلن الثورة على النظام الملكي وقتل الملك فيصل الثاني وولي عهده عبد الإله ونوري السعيد وأعوانه وأسقط النظام الملكي وبذلك انتهى عهد الملك فيصل ودخل العراق دوامة الانقلابات العسكرية .
- وفي اليوم الرابع والعشرين من شهر يوليو عام 1958م أي بعد عشرة أيام من نشوب الثورة وصل ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث وزعيمه إلى بغداد وحاول إقناع أركان النظام الجديد بالانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) ولكن الحزب الشيوعي العراقي أحبط مساعيه ونادى بعبد الكريم قاسم زعيما أوحد للعراق .
- وفي اليوم الثامن من شهر فبراير لعام سنة 1963م قام حزب البعث بانقلاب على نظام عبد الكريم قاسم وقد شهد هذا الانقلاب قتالا شرسا دار في شوارع بغداد، وبعد نجاح هذا الانقلاب تشكلت أول حكومة بعثية ، و سرعان ما نشب خلاف بين الجناح المعتدل والجناح المتطرف من حزب البعث فاغتنم عبد السلام عارف هذه الفرصة وأسقط أول حكومة بعثية في تاريخ العراق في 18 نوفمبر سنة 1963م وعين عبد السلام عارف أحمد حسن البكر أحد الضباط البعثيين المعتدلين نائبا لرئيس الجمهورية .
- في شهر فبراير سنة 1964م أوصى ميشيل عفلق بتعيين صدام حسين عضوا في القيادة القطرية لفرع حزب البعث العراقي .
- في شهر سبتمبر سنة 1966م قام حزب البعث العراقي بالتحالف مع ضباط غير بعثيين بانقلاب ناجح أسقط نظام عارف .(1/4)
- وفي اليوم الثلاثين من شهر يوليو عام 1968م طرد حزب البعث كافة من تعاونوا معه في انقلابه الناجح على عبد السلام عارف وعين أحمد حسن البكر رئيسا لمجلس قيادة الثورة ورئيسا للجمهورية وقائدا عاما للجيش وأصبح صدام حسين نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة ومسؤولا عن الأمن الداخلي .
- وفي 15 أكتوبر سنة 1970م تم اغتيال الفريق حردان التكريتي في مدينة الكويت وكان من أبرز أعضاء حزب البعث العراقي وعضوا في مجلس قيادة الثورة ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع .
- وفي شهر نوفمبر من عام 1971م تم اغتيال السيد فؤاد الركابي وكان المنظر الأول للحزب وأحد أبرز قادته في العراق وقد تم اغتياله داخل السجن .
- وفي 8 يوليو سنة 1973م جرى إعدام ناظم كزار رئيس الحكومة وجهاز الأمن الداخلي وخمسة وثلاثين شخصا من أنصاره وذلك في أعقاب فشل الانقلاب الذي حاولوا القيام به .
- وفي 8 يوليو السادس من شهر مارس عام 1975م وقعت الحكومة البعثية العراقية مع شاه إيران الاتفاقية المعروفة باتفاقية الجزائر وقد وقعها عن العراق صدام حسين وتقضي الاتفاقية المذكورة بأن يوافق العراق على المطالب الإقليمية للشاه في مقابل وقف الشاه مساندته للأكراد في ثورتهم على النظام العراقي .
- في شهر أكتوبر لعام 1978م طردت الحكومة البعثية الخميني من العراق وقامت في شهر فبراير عام 1979م الثورة الخمينية في إيران .
- وفي شهر يونيو عام 1979م أصبح صدام حسين رئيسا للجمهورية العراقية بعد إعفاء البكر من جميع مناصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله .
- في يوليو سنة 1979م قام صدام حسين بحملة إعدامات واسعة طالت ثلث أعضاء مجلس قيادة الثورة وأكثر من خمسمائة عضو من أبرز أعضاء مجلس قيادة الثورة وأكثر من خمسمائة عضو من أبرز أعضاء حزب البعث العراقي .(1/5)
- وفي اليوم الثامن من شهر أغسطس من العام نفسه أقدم صدام حسين على إعدام غانم عبد الجليل وزير التعليم ومحمد محجوب وزير التربية ومحمد عايش وزير الصناعة وصديقه الحميم عدنان الحمداني والدكتور ناصر الحاني سعيد، ثم قتل مرتضى سعيد الباقي تحت التعذيب ،وقد سبق لكل من الأخيرين أن شغلا منصب وزير الخارجية ، وقد بلغ عدد من أعدمهم صدام حسين خلال أقل من شهر واحد ستة وخمسين مسؤولا حزبيا ، ولم يبق على قد الحياة من الذين شاركوا في انقلاب عام 1968م سوى عزت إبراهيم الدوري وطه ياسين رمضان وطارق حنا عزيز .
- وفي اليوم التاسع من شهر إبريل عام 1980م قام صدام حسين بإعدام محمد باقر الصدر أحد أبرز علماء الشيعة وأخته زينب الصدر المعروفة باسم (بنت الهدى) .
- وفي يوم 22 سبتمبر سنة 1980م شن صدام حسين حربه على إيران التي أسفرت عن سقوط ما يقارب نصف المليون من أزاهير شباب العراق فضلا عن سبعمائة ألف من المعاقين والمشوهين ، إضافة إلى نفقات الحرب التي تجاوزت المائتي ألف مليون من الدولارات وكذلك تجميد كل تنمية طوال مدة زمنية تجاوزت الثماني سنوات ، خرج صدام بعد كل هذه التضحيات ليعلن للعالم أن حربه مع إيران كانت خطأ وأن الحق كل الحق في العودة إلى الاتفاقية المبرمة بينهما – اتفاقية الجزائر - .
- وفي أثناء حربه مع إيران أنزل بالمواطنين الأكراد أبشع أنواع القتل والبطش والتنكيل والإبادة باستخدام الغازات السامة والكيماوية وقنابل النابالم الحارقة بصورة همجية لم تعرف حرمة لشرع ولا لدين ولا لمروءة ولا لشرف ، وقد أمر جنده أن يدكوا بمدافعهم مدنا بأكملها على رؤوس النساء والأطفال والشيوخ والرجال من مواطنين بدلا من أن يحميهم ويقيهم كل مكروه باعتبارهم شعبه وأبناء وطنه .(1/6)
- وفي 2 أغسطس سنة 1990م (11 محرم سنة 1411هـ) قام باجتياح دولة الكويت واستباحة أرضها وطرد شعبها وتخريب منشآتها ونهب متاجرها وقتل الأحرار من أبنائها وتفجير آبار النفط فيها ، مما جعل العالم بأسره يقف في وجه هذا الطاغية ويحشد جنوده لحربه وطرده من الكويت ، الأمر الذي أنزل به هزيمة كاسحة راح ضحيتها مئات الآلاف ن جنود حرسه الوطني العراقيين وجعله يستسلم في ذلة وخنوع ويوافق على كل شروط قوات الحلفاء المنتصرين ،بعد أن دك الطيران كافة المنشآت والمرافق في العراق وتركها خرابا في معركة غير متكافئة أطلق عليها (عاصفة الصحراء) وعاد أمير الكويت إلى بلاده ورجعت الحكومة الكويتية من منفاها ومارست سلطاتها .
سلوكيات ومبادىء حزب البعث في العراق :
- نادى مؤسس الحزب بضرورة الأخذ بنظام الحزب الواحد لأنه كما يقول : إن القدر الذي حملنا هذه الرسالة خولنا أيضا حق الأمر والكلام بقوة والعمل بقسوة لفرض تعليمات الحزب ومن ثم لا يوجد أي مواطن عراقي يتمتع بأبسط قدر من الحرية الشخصية أو السياسية فكل شيء في دولة حزب البعث العراقي يخضع لرقابة بوليسية صارمة تشكل دوائر المباحث والمخابرات والأمن قنوات الاتصالات الوحيدة بين المواطنين والنظام .
- تركيز سياسة الحزب على قطع كافة الروابط بين العروبة والإسلام ، والمناداة بفصل الدين عن السياسة ، والمساوات في نظرتها للأمور بين شريعة حمورابي وشعر الجاهلية وبين دين محمد عليه والصلاة والسلام وبين ثقافة المأمون وجعلها جميعا تتساوى في بعث الأمة العربية وفي التعبير عن شعورها بالحياة .(1/7)
- ادعت سياسة الحزب أن تحقيق الاشتراكية شرط أساسي لبقاء الأمة العربية ولإمكان تقدمها ، مع أن النتيجة الحتمية للسياسة الاشتراكية التي طبقت في العراق لم تجلب الرخاء للشعب ولم ترفع مستوى الفقراء ولكنها ساوت الجميع في الفقر ، وبعد أن كان العراق قمة في الثراء ووفرة الموارد والثروات أصبح بطيش حزب البعث عاجزا عن توفير القوت الأساسي لشعبه .
- قيامه بتجريد الدستور العراقي من كل القوانين التي تمت إلى الإسلام بصلة ،وأصبحت العلمانية هي دستور العراق ومعتقدات البعث ومبادئه هي مصدر التشريع لقوانينه .
- ورد في التقرير المركزي للمؤتمر القطري التاسع والمنعقد في بغداد في شهر يونيو من عام 1982م ما يلي : وأما الظاهرة الدينية في العصر الراهن فإنها ظاهرة سلفية ومتخلفة في النظرة والممارسة .
- ومن الأخطاء التي ارتكبت في هذا الميدان أن بعض الحزبيين صاروا يمارسون الطقوس الدينية وشيئا فشيئا صارت المفاهيم لدينية تغلب على المفاهيم الحزبية . إن النضار ضد هذه الظاهرة - يقصد الظاهرة الدينية - يجب أن يستهدفها الحزب حيث وجدت .. لأنها كلها تعبر عن موقف معاد للشعب وللحزب وللثورة وللقضية القومية . ولذلك فقد اتجه صدام حسين وحزبه إلى إعلان الحرب على الإسلام والعاملين له في كافة المجالات ولسان حاله يقول عن نفسه وكن امرءً من جند إبليس فارتقى بي الحال حتى صار إبليس من جندي واتخذت تلك الحرب الصور التالية :
- قام صدام حسين بقتل 47 عالماً وداعية نشرت أسماؤهم في تقارير منظمة العفو الدولية وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز البدري من أهل السنة ومحمد باقر الصدر من أئمة المذهب الشيعي واغتيل عدد كبير من العلماء الذين أرسلهم للتفاوض مع مصطفى البرزاني الزعيم الكردي حيث أجبرهم على ارتداء لابس مفخخة انفجرت فيهم وقتلت عددا كبيرا منهم وتتابعت القرارات الصدامية بإعدام المئات من الشخصيات الإسلامية .(1/8)
- أحال الكثيرين من أساتذة الجامعات من أصحاب الأفكار المتحررة إلى التقاعد ثم قدمهم إلى المحاكمة وصدرت بحقهم أحكام مختلفة بعد طردهم من وظائفهم وتحديد إقاماتهم أو سجنهم لفترات طويلة .
- أصدر أوامره بإغلاق مئات المساجد في العراق لمجرد أن لشباب المسلم يلتقي فيها .
- أصدر أوامره بمحاربة الكتاب الإسلامي وعدم السماح به في المكتبات العامة وفي تعليل ذلك يقول سعدون حمادي : اسهل على الرقيب أن يمنع من أن يجيز ، لأنه إذا منع مائة كتاب فإننا لن نحاسبه ولكنه عندما يجيز كتابا وتظهر في كلمة ممنوعة فيمكن أن تقوم القيامة .
- محاربة ارتداء الحجاب الإسلامي بين الفتيات المسلمات وتشجيع العلاقات غير الشرعية بين الفتيان والفتيات وفتح النوادي الليلية وتشجيع الفساد في كافة المجالات وتقديم معونات سخية لكل من يقوم بفتح كباريهات حتى أصبحت مظاهر الفجور والعهر تكسو الشوارع والأسواق وإعلانات البعث ومنشوراته تملأ المكتبات والمدارس وحانات الخمر تملأ الأزقة والأحياء وقد أمر بفتح محلات لبيع الخمور في الكويت بعد احتلالها .
- كانت العراق من آخر الدول التي قبلت بالانضمام لمنظمة المؤتمر الإسلامي بعدما شعر بعزله إسلاميا ، ولم يلتزم بقرارات المؤتمر عمليا .
- دأب على دعم النظم العلمانية ضد كل من يرفع شعار الإسلام سواء في لبنان أو كشمير أو فلسطين أو قبرص أو أفغانستان وهكذا في كل قضية إسلامية أخذ موقعه إلى جانب القوى المعادية للإسلام .
- جلب من وسائل التعذيب في سجون ومعتقلات بلاده ما تقشعر لهوله الأبدان وعرف عن جلاوذته أنهم يلجأون إلى الوسائل البشعة التالية :
- ثقب الآذان بآلة كهربائية .
- قطع جسد السجين نصفين بالمنشار الكهربائي .
- إرغام السجين أو المعتقل على السير حافي القدمين على سلالم مغطاة بالزجاج المكسر حتى تنزف قدماه دما غزيرا وعندما يصل المعتقل إلى آخر درجة يصعقه تيار كهربائي .(1/9)
- يضربون المعتقل أو المسجون بالأسلاك الكهربائية والأنابيب البلاستيكية ويغطسونه في المياه القذرة ويرشونه بالماء الحار ثم بالماء البارد .
- يعلقونه بمراوح السقف ثم يطلقون التيار الكهربائي ويكوونه بالسجائر المشتعلة والمسامير المحماة في النار.
- يترك السجين لعدة أيام بدون طعام أو شراب ثم يقدمون له كوبا من الماء المثلج ، فإذا هم بشربه لقي ضربة قوية تحطم الكوب الزجاجي على شفتيه وأسنانه فتتحطم أسنانه ويمتليء فمه بقطع الزجاج المكسور .
- إحضار أقارب المتهمين من الزوجات والأخوات والبنات واغتصابهن أمامهم ، لكي يرغموا المتهمين على الاعتراف بما اقترفوه وما لم يقترفوه .
حصاد حكم البعث العراقي :
- كان لاعتدائه على الكويت واتخاذه شعار الجهاد الإسلامي أسوأ الأثر على الجماهير المسلمة ، خاصة عندما هاجم قادة المملكة العربية السعودية ونسب شخصه إلى البيت النبوي الشريف ، وأسمى نفسه عبد الله المؤمن في حين أنه عدو لدود للإسلام .
- أدرك الجميع كذب صدام عندما ادعى أن شعب الكويت وثواره هم الذين دعوه لغزو الكويت ولما لم تنطل فريته على أحد ادعى أن الكويت جزءا من العراق ومن حق الجزء أن ينضم إلى الكل وشكل حكومة بعد أخرى مدعيا أن أعضاءها من الكويتيين ولكن الواقع كذب ادعاءه السخيف وأثبت الشعب الكويتي صدق انتمائه وتمسكه بقيادته الشرعية .
- ظل يردد أن الحرمين الشريفين واقعان تحت الاحتلال الأمريكي الصهيوني الأمر الذي دعا إلى عقد مؤتمر للعلماء في أرض الحرمين ودفعوا هذه التهمة باعتبارها باطلا محضا وكلما زاد نفور الشارع الإسلامي من أكاذيبه ازداد الرجل تملقا للشعارات الإسلامية .
- أعطى اجتياح الكويت مبررات للصهاينة لتبرير اغتصاب فلسطين حتى صرح أحد أعضاء الكنسيت من حزب الليكود بأنه على إسرائيل أن تستغل الوضع المتفاقم في الخليج لقمع الانتفاضة الفلسطينية بشكل شامل .(1/10)
- اتضحت سياسة حزب البعث التي تنادي بالوحدة وانكشفت أطماعهم في السعي للهيمنة على العالم العربي عن طريق الضم بالقوة ، وبدأ بمنطقة الخليج التي تعتبر حتى الآن في بعض الحسابات الدولية مستعصية على التغريب والهيمنة ، ومصدر تمويل أساسي لكل الأعمال الخيرية ولكافة مظاهر الصحوة الإسلامية فتسبب بذلك في انتكاسة العمل الإسلامي .
- تسبب في انهيار النظام العربي إثر عجز الأمة العربية بمختلف مؤسساتها ومنظماتها عن ردع العدوان وخاب أمل العرب والمسلمين في تملك قوات رادعة تقف في وجه القوات العراقية بعد أن انكشف الغطاء عن اتجاه العراق لحرب المملكة والكويت ودول الخليج العربي ووجهوا صواريخهم لضرب الرياض والدمام وقاموا فعلا بنسف آبار البترول في الكويت وإضرام النار فيها .
- كان قيام العراق بالعدوان على الكويت سببا لاستدعاء قوات التحالف الدولي لصد الخطر المفاجيء واضطرت الدول العربية لتحمل نفقات القوات الدولية التي استدعيت لوقف العدوان .
- أدى الغزو إلى تدمير بنية الكويت وترويع شعبها وتشريده بصورة فاجعة تجاوزت في أبعادها ما جرا في فلسطين من حيث أن المغتصب للتراب الفلسطيني كان عدوا لا شبهة فيه بينما المغتصب في الحالة الكويتية كان شقيقا ظلم شقيقه الذي ظل طيلة ثماني سنوات يساند ويدعم المجهود الحربي العراقي الذي استغل الفرصة وانقض عليه ليفترسه من غدر تأباه النفوس السليمة .
- أهدر قيمة الأمن في منطقة الخليج وغرس بذور التوجس والقلق والخوف في أعماق أبناء المنطقة ونزع منهم الثقة التي كانوا يولونها لأبناء جلدتهم .
- أهدر الغزو قيمة الوحدة العربية وقضى على الروابط القومية وأدى إلى شق الصف العربي بصورة غير مسبوقة حينما تتابع إرسال جثث العمال المصريين مشحونة في صناديق مغلقة إلى بلادهم .(1/11)
- تراجعت أولوية القضية الفلسطينية في جميع الساحات وانقطعت الموارد المالية عن قطاعات عريضة من الفلسطينيين كانت دخولهم من الكويت من أهم مصادر الإعاشة والتمويل .
- ساعد انشغال البلاد العربية بالغزو للكويت على تدفق المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي بما وصل إلى 600 ألف مهاجر .
- أدت الأزمة إلى كشف الغطاء عن القضية الكردية وفتح ملفها الذي ظل محاصرا ومدفونا طيلة السنوات الماضية مت جراء المجاملة العربية للعراق وفضح الإعلام جرائم النظام العراقي على مستوى العالم أجمع ، ودفعت جرائم البعث العراقي إلى مطالبة الأكراد بالانفصال عن العراق أو الحصول علىالحكم الذاتي لمنطقتهم مما سيؤدي على المدى البعيد إلى ضعف وتفتت هذا البلد المسلم .
- أدت الأزمة إلى زيادة ملحوظة في أسعار النفط في الأسواق العالمية ، الأمر الذي كان له مردوده المهم على الدول المنتجة له العربية وغير العربية وعكست أثرا سلبيا آخر تمثل في إضافة أعباء اقتصادية على دول العالم الثالث التي تستورد النفط وتنوء ميزانيتها بقيمة فواتيره .(1/12)
- لقد صاحب تحرير الكويت استجابة لقرارات مجلس الأمن الدولي تدمير العراق ولم يكن التدمير قاصرا على المنشآت العسكرية فقط وإنما كان تدميرا شاملا مقصودا في حد ذاته لخلق واقع جديد ينشغل به حكام العراق لفترة طويلة لإصلاح ما أفسدته الحرب ، كما يتيح للقوى العظمى التحكم في مستقبل العراق وبتروله عن طريق إعطاء حكم ذاتي لأكراد يخولهم حق السيطرة على منابع النفط في الموصل وكركوك ويضمن التواجد المستمر لأمريكا وبريطانيا وفرنسا في المنطقة لتوفير الأمن للأقلية الكردية ، هذا عن إتاحة الفرصة لوجود عسكري دائم للقوى الاستعمارية العظمى وفقا لخطط سبق إعدادها للإجهاز على الجزع المشاغب ضد إسرائيل والذي أصبح منتهيا سياسيا بعد حرب الخليج ، ونظامه محاصرا إقليميا ومعزولا دولياً ، والعراق كله في حالة من الدمار الكامل والخراب الشامل حاليا .
- ولا شك أن شخص صدام حسين قد أصبح مرفوضا على المستوى المحلي والعربي والإسلامي ، بسبب أسلوبه الهمجي في التعامل مع جيرانه وأشقائه ومواطنيه الأكراد كما أصبح ممقوتا من حيث جبلته الشريرة وغريزته العدوانية المسعورة وسيطرة جنون العظمة على تصرفاته ولجوئه إلى المخادعة بعد أن انكشفت نواياه الخبيثة في حربه مع إيران ، ثم في انقلابه على الكويت الجارة المسالمة والداعمة له .
- وقد تسبب صدام حسين في إفشال قضايا الأمن القومي العربي والقومية العربية بما أحدثه من انهيار في جدار التضامن العربي .
تقييم للأفكار والمعتقدات التي يعتنقها حزب البعث :
- حزب البعث العربي الاشتراكي حزب قومي علماني انقلابي له طروحات فكرية متعددة يتعذر الجمع بينها أحيانا فضلا عن الإقناع بها ، لقد كتب عنه كثيرا وتحدث زعماؤه طويلا ولكن هناك بون واسع بين ممارسات وأقوال فترة ما قبل السلطة ، وممارسات وأقوال فترة ما بعدها .(1/13)
- الرابطة القومية عنده هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة وتكبح جماح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية حتى قال شاعرهم :
آمنت بالبعث ربا لا شريك له ... وبالعروبة ديناً ما له ثان
- تعلن ساسة الحزب التربوية أنها ترمي إلى خلق جيل عربي جديد مؤمن بوحدة أمته وخلود رسالتها آخذا بالتفكير العلمي طليقا من قيود الخرافات والتقاليد والرجعية مشبعا بروح التفاؤل والنضال والتضامن مع مواطنيه في سبيل تحقيق الانقلاب العربي الشامل وتقدم الإنسانية والطريق الوحيد لتشييد حضارة العرب وبناء المجتمع العربي هو خلق الإنسان الاشتراكي العربي الجديد الذي يؤمن بأن الله والأديان والإقطاع ورأس المال وكل القيم التي سادت المجتمع السابق ليست إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ .
من التوصيات العامة لمقررات المؤتمر القومي الرابع :
- تقول التوصية الرابعة : يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المضار الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة ولذلك يوصي القيادة القومية بالتركيز في النشاط الثقافي والعمل على علمانية الحزب خاصة في الأقطار التي تشوه فيها الطائفية العمل السياسي .
- التوصية التاسعة تقول : إن أفضل سبيل لتوضيح فكرتنا القومية هو شرح وإبراز مفهومها التقدمي العلماني وتجنب الأسلوب التقليدي الرومنطيقي في عرض الفكرة القومية وعلى ذلك سيكون نضالنا في هذه المرحلة مركزا حول علمانية حركتنا ومضمونها الاشتراكي لاستقطاب قاعدة شعبية لا طائفية من كل فئات الشعب .(1/14)
- أما عن الوحدة فهم يقولون ليست الوحدة العربية مجرد تجميع ولصق لأجزاء الوطن العربي بل هي التحام فصهر لهذه الأجزاء لذا فإن الوحدة ثورة بكل أبعادها ومعانيها ومستوياتها وهي ثورة لأنها قضاء على مصالح إقليمية عاشت وتوسعت وترسبت عبر القرون وهي ثورة لأنها تجابه مصالح وطبقات تعارض الوحدة وتقف في وجهها .
- وأما الاشتراكية فهي تعني تربية المواطن تربية اشتراكية علمية تعتقه من كافة الأطر والتقاليد الاجتماعية الموروثة والمتأخرة لكي يمكن خلق إنسان عربي جديد يعقل علمي متفتح ويتمتع بأخلاق اشتراكية جديدة ويؤمن بقيم جماعية .
- الرسالة الخالدة يفسرونها بأن الأمة العربية ذات رسالة خالدة تظهر بأشكال متجددة متكاملة في مراحل التاريخ ترمي إلى تجديد القيم الإنسانية وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام والتعاون بين الأمم
- هذا ويمكن ملاحظة ما يلي :
- إن كلمة الدين لم ترد مطلقا في صلب الدستور السوري أو العراقي .
- كلمة الإيمان بالله على عموميتها لم ترد في صلب الدستور لا في تفصيلاته ولا في عمومياته مما يؤكد على الاتجاه العلماني لديه .
- في بناء الأسرة لا يشيرون إلى تحريم الزنى ولا يشيرون إلى آثاره السلبية .
- في السياسة الخارجية لا يشيرون إلى أية صلة مع العالم الإسلامي .
- لا يشيرون إلى التاريخ الإسلامي الذي أكسب الأمة العربية مكانة وقدرا بين الشعوب .
- رغم مطالبة الحزب بإتاحة أكبر قدر من الحرية للمواطنين فإن ممارساته القمعية فاقت كل تصور وانتهكت كل الحرمات ووأدت كل الحريات وألجأت الكثيرين إلى الهجرة والفرار بعقيدتهم من الظلم والاضطهاد .
- القوانين في البلاد التي يحكمها البعث علمانية وحانات بيع الخمور مفتوحة ليل نهار والنظام المالي ربوي ودعاة الإسلام مضطهدون بشكل سافر .
- الجذور الفكرية والعقائدية :(1/15)
- يعتمد الحزب على الفكر القومي الذي ظهر وبرز بعد سقوط الدولة العثمانية في العالم العربي والذي نادت به أوروبا والذي نادى به منظر القومية العربية في العالم العربي آنذاك ساطع الحصري .
- يعتمد الحزب على الفكر العلماني إذ ينحي مسألة العقيدة الدينية جانبا ولا يقيم لها أي وزن سواء على صعيد الفكر الحزبي أو على صعيد الانتساب إلى الحزب أو على صعيد التطبيق العملي .
- يستلهم الحزب تصوراته من الفكر الاشتراكي ويترسم طريق الماركسية رغم انهيارها والخلاف الوحيد بينهما أن اتجاهات الماركسية أممية أما البعث فقومي وفيما عدا ذلك فإن الأفكار الماركسية تمثل العمود الفقري في فكر الحزب ومعتقده وهي لا تزال كذلك رغم انهيار البنيان الماركسي فيما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي .
- لقد كان الحزب واجهة انضوت تحته كل الاتجاهات الطائفية (درزية – نصيرية – إسماعيلية – مسيحية) وأخذ هؤلاء يتحركون من خلاله بدوافع باطينة يطرحونها ويطبقونها تحت شعار الثورة والوحدة والحرية والاشتراكية والتقدمية وقد كانت الطائفة النصيرية أقدر هذا الطوائف على استغلال الحزب لتحقيق أهدافها وترسيخ وجودها .
الإنتشار ومواقع النفوذ :
- للحزب أعضاء ينتشرون في معظم الأقطار العربية ، بعضهم يعمل بشكل علني وبعضهم الآخر سري ويتفاوت وجودهم وتأثيرهم من بلد إلى آخر على حسب طبيعة البلد ونوعية حكمه .
- يحكم حزب البعث بلدين عربيين مهمين هما سوريا والعراق وقد عجز الحزب عن تحقيق الوحدة بين فصائله بل إن الصراع بين شطري البعث مستمر وعلى أشده واتهامات الخيانة بين الطرفين لا تنقضي وإذا كان هذا هو شأن الحزب في بلدين يخضعان له فهو من باب أولى عاجز عن تحقيق وحدة الأمة العربية بكاملها .(1/16)
- والبعثيون يتطلعون إلى استلام السلطة في جميع أرجاء الوطن العربي باعتبار ذلك جزءا لا يتجزأ من طموحاتهم البعيدة وقد أدت بهم هذه الرغبة العارمة إلى السقوط في حمأة الإنذار المقنع والتهديد السافر والعدوان الصريح وربما يكون حزب البعث في العراق أسوأ ما شهده التاريخ .
ويتضح مما سبق :
- أن حزب البعث العربي الاشتراكي حزب قومي سلطوي يحاد الله ورسوله ويسعى إلى قلب الأوضاع في العالم العربي ويتخذ العلمانية وتحقيق الاشتراكية مطلبا يبرر سياسته القمعية ورسالته التي يصفها على خلاف الحقيقة بالتقدمية ويجعل من الوحدة العربية هدفا ينفذه بالضم والإرغام رغم إرادة الشعوب .
والعلاقة معه يجب أن يحكمها قول الله سبحانه (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) الآية .(1/17)
الأشاعرة
الأشاعرة : فرقة كلامية إسلامية ، تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة . وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم ، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاب .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· أبو الحسن الأشعري : هو أبو الحسن علي بن إسماعيل ، من ذرية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، ولد بالبصرة سنة 270هـ ومرت حياته الفكرية بثلاث مراحل :
- المرحلة الأولى : عاش فيها في كنف أبي علي الجيائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته . ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة .
- المرحلة الثانية : ثار فيه على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه ، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً ، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه ، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل : الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها .
- المرحلة الثالثة : إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تمثيل ، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم والذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل . ولم يقتصر على ذلك بل خلف مكتبة كبير ة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدر بثمانية وستين مؤلفاً ، توفي سنة 324هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته : " اليوم مات ناصر السنة " .(1/1)
· بعد وفاة أبو الحسن الأشعري ، وعلى يد أئمة المذهب وواضعي أصوله وأركانه ، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور ، تعدد فيها اجتهاداتهم ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده ، و ما ذلك إلا لأن المذهب لم يبن في البداية على منهج مؤصل ، واضحة أصوله الاعتقادية ، ولا كيفية التعامل مع النصوص الشرعية ، بل تذبذبت مواقفهم واجتهاداتهم بين موافقة مذهب السلف واستخدام علم الكلام لتأييد العقيدة والرد على المعتزلة . من أبرز مظاهر ذلك التطور :
- القرب من أهل الكلام والاعتزال .
- الدخول في التصوف ، والتصاق المذهب الأشعري به .
- الدخول في الفلسفة وجعلها جزء من المذهب .
· من أبرز أئمة المذهب :
-القاضي أبو بكر الباقلاني : ( 328-402هـ ) (950-1013هـ ) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر ، من كبار علماء الكلام ، هذب بحوث الأشعري ، وتكلم في مقدمات البراهين العقلية للتوحيد وغالى فيها كثيراً إذ لم ترد هذه المقدمات في كتاب ولا سنة ، ثم انتهى إلى مذهب السلف وأثبت جميع الصفات كالوجه واليدين على الحقيقة وأبطل أصناف التأويلات التي يستعملها المؤولة وذلك في كتابه : تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل .
ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها . وجهه عضد الدولة سفيراً عنه إلى ملك الروم ، فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها . من كتبه : إعجاز القرآن ، الإنصاف ، مناقب الأئمة ، دقائق الكلام ، الملل والنحل ، الاستبصار ، تمهيد الأوائل ، كشف أسرار الباطنية .(1/2)
_ أبو إسحاق الشيرازي : ( 293-476هـ ) ( 1003-1083م ) . وهو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي الشيرازي ، العلامة المناظر ، ولد في فيروز أباد بفارس وانتقل إلى شيراز ، ثم البصرة ومنها إلى بغداد سنة ( 415هـ ) . وظهر نبوغه في الفقه الشافعي وعلم الكلام ، فكان مرجعاً للطلاب ومفتياً للأمة في عصره ، وقد اشتهر بقوة الحجة في الجدل والمناظرة . بنى له الوزير نظام الملك : المدرسة النظامية على شاطىء دجلة ، فكان يدرس فيها ويديرها .
عاش فقيراً صابراً ، وكان حسن المجالسة ، طلق الوجه فصيحاً ، مناظراً ، ينظم الشعر ، مات ببغداد وصلى عليه المقتدر العباسي .
من مصنفاته : التنبيه والمهذب في الفقه ، والتبصرة في أصول الشافعية ، وطبقات الفقهاء ، واللمع في أصول الفقه وشرحه ، والملخص ، والمعونة في الجدل .
· أبو حامد الغزالي : ( 450-505هـ) ( 1058-1111م ) وهو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي ، حجة الإسلام .. ولد في الطابران ، قصبة طوس خراسان وتوفي بها . رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد ، فالحجاز ، فبلاد الشام ، فمصر ثم عاد إلى بلدته .
لم يسلك الغزالي مسلك الباقلاني ، بل خالف الأشعري في بعض الآراء وخاصة فيما يتعلق بالمقدمات العقلية في الاستدلال ، وذم علم الكلام وبين أن أدلته لا تفيد اليقين كما في كتبه المنقذ من الضلال ، وكتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة ، وحرم الخوض فيه فقال : " لو تركنا المداهنة لصرحنا بأن الخوض في هذا العلم حرام " . اتجه نحو التصوف ، واعتقد أنه الطريق الوحيد للمعرفة .. وعاد في آخر حياته إلى السنة من خلال دراسة صحيح البخاري .(1/3)
· أبو إسحاق الإسفراييني : ( ت418هـ) ( 1027م ) وهو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران ، أبو إسحاق عالم بالفقه والأصول وكان يلقب بركن الدين وهو أول من لقب به من الفقهاء . نشأ في إسفرايين ( بين نيسابور وجرجان ) ثم خرج إلى نيسابور وبنيت له مدرسة عظيمة فدرس فيها ، ورحل إلى خراسان وبعض أنحاء العراق ، فاشتهر في العالم الإسلامي . ألف في علم الكلام كتابه الكبير ، الذي سماه الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين . قال ابن خلكان : رأيته في خمسة مجلدات . توفي أبو إسحاق الإسفراييني يرحمه الله تعالى - في يوم عاشوراء سنة عشرة وأربعمائة بنيسابور ثم نقل إلى إسفرايين ودفن بها وكان قد نيف على الثمانين .
· إمام الحرمين أبو المعالي الجويني : ( 419-478هـ ) ( 1028-1085م ) . وهو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني ، الفقيه الشافعي ولد في بلد جوين ( من نواحي نيسابور ) ثم رحل إلى بغداد ، فمكة حيث جاور فيها أربع سنين ، وذهب إلى المدينة المنورة فأفتى ودرس . ثم عاد إلى نيسابور فبنى له فيها الوزير نظام الملك المدرسة النظامية ، وكان يحضر دروسه أكابر العلماء . وبقي على ذلك قريباً من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع ، ودافع عن الأشعرية فشاع ذكره في الأفاق ، إلا أنه في نهاية حياته رجع إلى مذهب السلف . وقد قال في رسالته : النظامية والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة ... ويعضد ذلك ما ذهب إليه في كتابه غياث الأمم في التياث الظلم ، فبالرغم من أن الكتاب مخصص لعرض الفقه السياسي الإسلامي فقد قال فيه :" والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب ، أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذاهب السلف السابقين ، قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات ... " .(1/4)
- نقل القرطبي في شرح مسلم أن الجويني كان يقول لأصحابه : " يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام ، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به " . توفي بنيسابور وكان تلامذته يومئذ أربعمائة . ومن مصنفاته . العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية ، البرهان في أصول الفقه ، ونهاية المطلب في دراية المذهب في فقه الشافعية ، والشامل في أصول الدين .
* الإمام الفخر الرازي ( 544هـ – 1150م ) ( 606هـ - 1210م ) : هو أبو عبد الله محمد بن عمر الحسن بن الحسين التيمي الطبرستاني الرازي المولد ، الملقب فخر الدين المعروف بابن الخطيب الفقيه الشافعي قال عنه صاحب وفيات الأعيان " إنه فريد عصره ونسيج وحده ، فاق أهل زمانه في علم الكلام ، والمعقولات " أهـ ، وهو المعبر عن المذهب الأشعري في مرحلته الأخيرة حيث خلط الكلام بالفلسفة ، بالإضافة إلى أنه صاحب القاعدة الكلية التي انتصر فيها للعقل وقدمه على الأدلة الشرعية . قال فيه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان : ( 4/426 - 429 ) : " كان له تشكيكات على السنة على غاية من الوهن " إلا أنه أدرك عجز العقل فأوصى وصية تدل على حسن اعتقاده فقد نبه في أواخر عمره إلى ضرورة اتباع منهج السلف ، وأعلن أنه أسلم المناهج بعد أن دار دورته في طريق علم الكلام فقال : " لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية رأيتها لا تشفي عليلاً ولا تروي عليلاً ، ورأيت أقرب الطرق ، طريقة القرآن ، اقرأ في الإثبات [ الرحمن على العرش استوى ] و [ إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه ] ، و أقر في النفي [ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ] و [ ولا يحيطون به علماً ] ، ثم قال في حسرة وندامة : " ومن جرب تجربتي عرف معرفتي " أهـ . ( الحموية الكبرى لا بن تيمية ) .(1/5)
من أشهر كتبه في علم الكلام : أساس التقديس في علم الكلام ، شرح قسم الإلهيات من إشارات ابن سينا ، واللوامع البينات في شرح أسماء الله تعالى والصفات ، البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والضلال ، كافية العقول .
الأفكار والمعتقدات :
· مصدر التلقي عند الأشاعرة : الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام ولذلك فإنهم يقدمون العقل على النقل عند التعارض ، صرح بذلك الرازي في القانون الكلي للمذهب في أساس التقديس والآمدي وابن فورك وغيرهم .
- عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة لأنها لا تفيد العلم اليقيني ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات أو فيما لا يعارض القانون العقلي. والمتواتر منها يجب تأويله ، ولا يخفى مخالفة هذا لما كان عليه السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومن سار على نهجهم حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسل فرادى لتبليغ الإسلام كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن ، ولقوله صلى الله عليه وسلم " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها ... " الحديث ، وحديث تحويل القبلة وغير ذلك من الأدلة .
- مذهب طائفة منهم وهم : صوفيتهم كالغزالي والجامي في مصدر التلقي ، تقديم الكشف والذوق على النص ، وتأويل النص ليوافقه . ويسمون هذا " العلم اللدني " جرياً على قاعدة الصوفية " حدثني قلبي عن ربي " . وكما وضح ذلك في الرسالة اللدانية 1/114-118 من مجموعة القصور العوالي ، وكبرى اليقينيات لمحمد سعيد رمضان البوطي ، الإهداء - 32-35 . ولا يخفى ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة وإلا فما الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب .
· يقسم الأشاعرة أصول العقيدة بحسب مصدر التلقي إلى ثلاثة أقسام :(1/6)
- قسم مصدره العقل وحده وهو معظم الأبواب ومنه باب الصفات ولهذا يسمون الصفات التي تثبت بالعقل " عقلية " وهذا القسم يحكم العقل بوجوبه دون توقف على الوحي عندهم . أما ما عدا ذلك من صفات خير دل الكتاب والسنة عليها فإنهم يؤولونها .
- قسم مصدره العقل والنقل معاً كالرؤية - على خلاف بينهم فيها .
- قسم مصدره النقل وحده وهو السمعيات ذات المغيبات من أمور الآخرة كعذاب القبر والصراط والميزان وهو مما لا يحكم العقل باستحالته ، فالحاصل أنهم في صفات الله جعلوا العقل حاكماً ، وفي إثبات الآخرة جعلوا العقل عاطلاً ، وفي الرؤية جعلوه مساوياً . أما في مذهب أهل السنة والجماعة فلا منافاة بين العقل أصلاً ولا تقديم للعقل في جانب وإهمال في جانب آخر وإنما يبدأ بتقديم النقل على العقل .
* خالف الأشاعرة مذهب السلف في إثبات وجود الله تعالى ، ووافقوا الفلاسفة والمتكلمين في الاستدلال على وجود الله تعالى بقولهم : إن الكون حادث ولا بد له من محدث قديم وأخص صفات القديم مخالفة للحوادث وعدم حلوله فيها ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس بجوهر ولا جسم ولا في جهة ولا في مكان . وقد رتبوا على ذلك من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت حصر مثل : إنكارهم صفات الرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم من أجل الرد على القائلين بقدم العالم ، بينما طريقة السلف هي طريقة القرآن الكريم في الاستدلال على وجود الخالق سبحانه وتعالى .(1/7)
· التوحيد عند الأشاعرة هو نفي التثنية والتعدد بالذات ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي نفي الكمية المتصلة والمنفصلة . وفي ذلك يقولون : إن الله واحد في ذاته لا قسيم له ، واحد في صفاته لا شبيه له ، واحد في أفعاله لا شريك له . ولذلك فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع ، و أنكروا صفات الوجه واليدين والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم . وفي هذا مخالفة كبيرة لمفهوم التوحيد عند أهل السنة والجماعة من سلف الأمة ومن تبعهم - ، وبذلك جعل الأشاعرة التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته وتأويل بعض صفاته .
وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد هو أول واجب على العبد إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل .
- إن أول واجب عند الأشاعرة إذا بلغ الإنسان سن التكليف هو النظر أو القصد إلى النظر ثم الإيمان ، ولا تكفي المعرفة الفطرية ثم اختلفوا فيمن آمن بغير ذلك بين تعصيته و تكفيره ..
بينما يعتقد أهل السنة والجماعة أن أول واجب على المكلفين هو عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له ، توحيد الألوهية بدليل الكتاب والسنة والإجماع ، وأن معرفة الله تعالى أمر فطري مركوز في النفوس .(1/8)
- يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعين واليمين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء . وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه ، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات بل توسعوا في باب التأويل حيث أكثر نصوص الإيمان خاصة فيما يتعلق بإثبات الزيادة والنقصان ، وكذلك موضوع عصمة الأنبياء . أما مذهب السلف فإنهم يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص - بمعنى تحريفه - أو تفويضه ، سواءاً كان في نصوص الصفات أو غيرها .
· الأشاعرة في الإيمان بين : المرجئة التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان ، وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي . ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين إن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشهادتين ، ( تبسيط العقائد الإسلامية 29-32 ) . و مال إليه البوطي و ( كبرى اليقينيات 196 ) . وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها : ( أم حسب الذين اجترحوا اليسئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون ) . عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم ، وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله وغير ذلك كثير .
· الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير فتارة يقولون لا تكفر أحداً ، وتارة يقولون لا تكفر إلا من كفرنا ، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق ، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون : إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر .
أما أهل السنة والجماعة فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً ،(1/9)
ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفرة بإثبات شروط وانتفاء موانع 0
· قولهم بأن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة ولكنه كلام الله النفسي وإن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة . يقول صاحب الجوهرة : " يمتنع أن يقال إن القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم " وذلك في محاولة لم يحالفها النجاح للتوفيق بين أهل السنة والجماعة والمعتزلة .
أما مذهب أهل السنة والجماعة فهو : أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل و سمعه موسى - عليه السلام - ويسمعه الخلائق يوم القيامة . يقول تعالى : (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )) .
· والإيمان والطاعة بتوفيق الله ، والكفر والمعصية بخذلانه ، والتوفيق عند الأشعري ، خلق القدرة على الطاعة ، والخذلان عنده : خلق القدرة على المعصية ، وعند بعض أصحاب الأشعري ، تيسير أسباب الخير هو التوفيق وضده الخذلان .
· كل موجود يصح أن يرى ، والله موجود يصح أن يرى ، وقد ورد في القرآن أن المؤمنين يرونه في الآخرة ، قال تعالى : (( وجوه يوم ناظرة إلى ربها ناظرة )) . ولكن يرى الأشاعرة إنه لا يجوز أن تتعلق به الرؤية على جهة ومكان وصورة ومقابلة واتصال شعاع فإن كل ذلك مستحيل . وفي ذلك نفي لعلو الله تعالى والجهة بل ونفي للرؤية نفسها . ويقرب الرازي كثيراً من قول المعتزلة في تفسيره للرؤية بأنها مزيد من الانكشاف العلمي .
· حصر الأشاعرة دلائل النبوة بالمعجزات التي هي الخوارق ، موافقة للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدق النبي بينما يرى جمهور أهل السنة أن دلائل ثبوت النبوة للأنبياء كثيرة ومنها المعجزات .
· صاحب الكبيرة إذا خرج من الدنيا بغير توبة حكمه إلى الله تعالى ، إما أن يغفر له برحمته ، وإما أن يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، موافقة لمذهب أهل السنة والجماعة .(1/10)
· يعتقد الأشاعرة أن قدرة العبد لا تأثير لها في حدوث لها في حدوث مقدورها ولا في صفة من صفاته ، وأن الله تعالى أجرى العادة بخلق مقدورها مقارناً لها ، فيكون الفعل خلقاً من الله وكسباً من العبد لوقوعه مقارناً لقدرته . ولقد عد المحققون " الكسب " هذا من محالات الكلام وضربوا له المثل في الخفاء والغموض ، فقالوا : " أخفى من كسب الأشعري " ، وقد خرج إمام الحرمين وهو من تلاميذ الأشعري عن هذا الرأي ، وقال بقول أهل السنة والجماعة بل والأشعري نفسه كتاب الإبانة رجع عن هذا الرأي .
· قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقاً ، ولكنهم قالوا إن الله يجعل لكل نبي معجزة لأجل إثبات صدق النبي فتناقضوا في ذلك بين ما يسمونه نفي الحكمة و الغرض وبين إثبات الله للرسول المعجزة تفريقاً بينه وبين المتنبئ .
· وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ ، وأمور الآخرة من : الحشر والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة والجنة والنار ، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم ، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة ، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .
· كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطاً وعن اجتهاد منهم ، ولذا الكف عن الطعن فيهم ، لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق ، كما يرون الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور . بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في أمور العبادات والمعاملات .
· فضلاً عن تصدي الأشعري للمعتزلة ومحاجتهم بنفس أسلوبهم الكلامي ليقطع شبهاتهم ويرد حجتهم عليهم ، تصدى أيضاً للرد على الفلاسفة والقرامطة والباطنية ، والروافض وغيرهم من أهل الأهواء الفاسدة والنحل الباطلة .(1/11)
· والأشعري في كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي هو آخر ما ألف من الكتب على أصح الأقوال ، رجع عن كثير من آرائه الكلامية إلى طريق السلف في الإثبات وعدم التأويل .. يقول رحمه الله :" وقولنا الذي نقول به ، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبينة نبينا عليه السلام ، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ، ورفع درجته ، وأجزل مثوبته - قائلون ، ولما خالف قوله مخالفون ، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ، ورفع به ضلال الشاكين ، فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفخم ".
· إن مدرسة الأشعرية الفكرية لا تزال مهيمنة على الحياة الدينية في العالم الإسلامي ، ولكنها كما يقول الشيخ أبو الحسن الندوي : " فقدت حيويتها ونشاطها الفكري ، وضعف إنتاجها في الزمن الأخير ضعفاً شديداً وبدت فيها آثار الهرم والإعياء ". لماذا ؟
- لأن التقليد طغى على تلاميذ هذه المدرسة وأصبح علم الكلام لديهم علماً متناقلاً بدون تجديد في الأسلوب .
- لإدخال مصطلحات الفلسفة وأسلوبها في الاستدلال في علم الكلام .. فكان لهذا أثر سيئ في الفكر الإسلامي ، لأن هذا الأسلوب لا يفيد العلم القطعي .. ولهذا لم يتمثل الأشاعرة بعد ذلك مذهب أهل السنة والجماعة ومسلك السلف ، تمثلاً صحيحاً ، لتأثرهم بالفلاسفة وإن هم أنكروا ذلك .. حتى الغزالي نفسه الذي حارب الفلاسفة في كتبه تهافت الفلاسفة يقول عنه تلميذه القاضي ابن العربي : " شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة ، ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر " .(1/12)
- تصدي الإمام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية التي اعتقد أنها انحرفت عن الكتاب والسنة - ومنهم الأشاعرة وبخاصة المتأخرة منهم - في كتابه القيم : درء تعارض العقل والنقل وفند آراءهم الكلامية ، وبين أخطاءهم وأكد أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيد ة .
الجذور الفكرية و العقائدية :
· كما رأينا في آراء أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية أن العقيدة الإسلامية ، كما هي في الكتاب والسنة و على منهج ابن كلاب هي الأساس في آرائه الكلامية وفي ما يتفق مع أحكام العقل .
· تأثر أئمة المذهب بعد أبي الحسن الأشعري ببعض أفكار ومعتقدات : الجهمية من الإرجاء والتعطيل ، وكذلك بالمعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها ، ونفي العلو والصفات الخبرية كما تأثرو بالجبرية في مسألة القدر .
· لا ينفي ذلك تأثرهم بعقيدة أهل السنة والجماعة فيما وافقوهم فيها .
الانتشار ومواقع النفوذ :
انتشر المذهب الأشعري في عهد وزارة نظام الملك الذي كان أشعري العقيدة ، وصاحب الكلمة النافذة في الإمبراطورية السلجوقية ، وكذلك أصبحت العقيدة الأشعرية عقيدة شبه رسمية تتمتع بحماية الدولة .
وزاد في انتشارها وقوتها مدرسة بغداد النظامية ، ومدرسة نيسابور النظامية ، وكان يقوم عليهما رواد المذهب الأشعري ، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامية وقتها ، كما تبنى المذهب وعمل على نشره المهدي بن تومرت مهدي الموحدين ، ونور الدين محمود زنكي ، والسلطان صلاح الدين الأيوبي ، بالإضافة إلى اعتماد جمهرة من العلماء عليه ، وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين . ولذلك انتشر المذهب في العالم الإسلامي كله ، لا زال المذهب الأشعري سائداً في أكثر البلاد الإسلامية وله جامعاته ومعاهده المتعددة .
يتضح مما سبع :(1/13)
إن الأشاعرة فرقة كلامية إسلامية تنسب إلى أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية التي خرج فيها على المعتزلة ودعى فيها إلى التمسك بالكتاب والسنة ، على طريقة ابن كلاب ، وهي تثبت بالعقل الصفات العقلية السبع فقط لله تعالى ، ( الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام ) واختلفوا في صفة البقاء ، أما الصفات الاختيارية والمتعلقة بالمشيئة من الرضا والغضب والفرح والمجيء والنزول فقد نفوها ، بينما يأولون الصفات الخبرية لله تعالى أو يفوضون معناها . ويؤمن متأخرو الأشاعرة ببعض الأفكار المنحرفة عن عقيدة أهل السنة والجماعة التي تصدى لها ولغيرها شيخ الإسلام ابن تيمية ، لا سيما في مجال العقيدة ، حيث أكد أن أسلوب القرآن والسنة بفهم السلف الصالح هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيدة والدين . وعموماً فإن عقيدة الأشاعرة تنسب إلى عقيدة أهل السنة والجماعة بالمعنى العام في مقابل الخوارج والشيعة والمعتزلة ، وأن الأشاعرة ، وبخاصة أشاعرة العراق الأوائل أمثال أبو الحسن الأشعري ، والباهلي ، وابن مجاهد ، والباقلاني وغيرهم ، أقرب إلى السنة والحق من الفلاسفة والمعتزلة بل ومن أشاعرة خراسان كأبي بكر بن فورك وغيره ، وإنهم ليحمدوا على موافقتهم في الدفاع عن السنة والحق في وجه الباطنية والرافضة والفلاسفة ، فكان لهم جهد المحمود في هتك أستار الباطنية وكشف أسرارهم ، بل وكان لهم جهادهم المشكور في كسر سورة المعتزلة والجهمية . وعلى ذلك فإن حسناتهم على نوعين كما صرح شيخ الإسلام ابن تيمية : " إما موافقة السنة والحديث ، وأما الرد على من خالف السنة والحديث ببيان تناقض حججهم " . ويقول أيضاً : " ومنهم من يذمهم لما وقع كلامهم من البدع والباطل ، وخير الأمور أوسطها " . درء التعارض 2/102-103 . ويقول في كتاب النبوات : " حيث إن خطؤهم بعد اجتهادهم مغفور " .(1/14)
وأخيراً يقول في درء التعارض :" .. فإن الواحد من هؤلاء له مساع مشكورة في نصر ما نصره من الإسلام والرد على طوائف من المخالفين لما جاء به الرسول . فحمدهم والثناء عليهم بما لهم من السعي الداخل في طاعة الله ورسوله ، وإظهار العلم الصحيح .. وما من أحد من هؤلاء هو أفضل منه إلا وله غلط في مواضع " .
...(1/15)
حزب التحرير
التعريف :
حزب التحرير حزب سياسي إسلامي يدعو إلى تبني مفاهيم الإسلام وأنظمته وتثقيف الناس به والدعوة إليه والسعي جدياً لإقامة الخلافة الإسلامية معتمداً الفكر أداة رئيسية في التغيير . وقد صدرت عنه اجتهادات شرعية كانت محل انتقاد جمهرة علماء المسلمين .
التاسيس وأبرز الشخصيات :
أسسه الشيخ تقي الدين النبهاني 1326-1397هـ ، 1908-1977م فلسطيني ، من مواليد قرية إجزم قضاء حيفا بفلسطين . تلقى تعليمة الأولي في قريته ثم التحق بالأزهر ثم دار العلوم بالقاهرة ، وعاد ليعمل مدرساً فقاضياً في عدد من مدن فلسطين .
- إثر نكبة 1948م غادر وطنه ومع أسرته إلى بيروت .
- عين بعد ذلك عضواً في محكمة الاستئناف الشرعية في بيت المقدس ثم مدرساً في الكلية الإسلامية في عمان .
- في عام 1952م أسس حزبه وتفرغ لرئاسته ولإصدار الكتب والنشرات التي تعد في مجموعها المنهل الثقافي الرئيسي للحزب . تنقل بين الأردن وسوريا ولبنان إلى أن كانت وفاته في بيروت وفيها دفن .
بعد وفاة النبهاني ، ترأس الحزب عبد القديم زلوم وهو من مواليد مدينة الخليل بفلسطين ، وهو
عالم من خريجي الأزهر ، وصاحب كتاب هكذا هدمت الخلافة وكتاب الأموال في دولة الخلافة .
بناء على طلب تقدم به كل من : علي فخر الدين ، طلال البساط ، مصطفى صالح ، مصطفى النحاس ومنصور حيدر ، فقد تأسس فرع للحزب في لبنان بتاريخ 19/10/1378هـ .
الشيخ أحمد الداعور : من قلقيلية بفلسطين وهو عالم من خريجي الأزهر ، وكان مسئولاً عن فرع الحزب في الأردن ، ألقي عليه القبض عام 1969م إثر محاولة الحزب الاستيلاء على الحكم ، وحكم عليه بالإعدام ثم ألغي هذا الحكم .
الشيخ عبد العزيز البدري من علماء بغداد وداعية إسلامي مشهور قتله حزب البعث .
المحامي الأستاذ عبد الرحمن المالكي من دمشق وهو صاحب كتاب السياسة الاقتصادية المثلى وكتاب نظام العقوبات .(1/1)
الأستاذ غانم عبده المقيم في عمان حالياً وصاحب كتاب نقض الاشتراكية الماركسية .
في شهر أغسطس 1984م أعلن عن تقديم 32 شخصاً من المنتمين إلى حزب التحرير إلى المحاكمة في مصر وذكر أن زعماء هؤلاء الذين وجهت إليهم تهمة العمل على قلب نظام الحكم هم : عبد الغني جابر سليمان ( مهندس ) ، صلاح الدين محمد حسن ( دكتوراه في الكيمياء ) ويقيمان في النمسا ، والفلسطيني كمال أبو لحية ( دكتوراه في الاكترونيات ) مقيم في ألمانيا الاتحادية آنذاك ، وعلاء الدين عبد الوهاب حجاج ( بجامعة القاهرة ) .
الأفكار والمعتقدات :
· تقوم غايتهم على استئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة الدولة الإسلامية في البلدان العربية أولاً ثم الخلافة الإسلامية ، ويتم حمل الدعوة بعد ذلك إلى البلدان غير الإسلامية عن طريق الأمة المسلمة .
· الميزة الرئيسية التي يتصف بها الحزب هي التركيز الكبير على الناحية الثقافية والاعتماد عليها في إيجاد الشخصية الإسلامية أولاً والأمة الإسلامية آخراً ، ويحرص الحزب أشد الحرص على تنمية هذه الناحية لدى المنتسبين إليه .
· يركز الحزب على إعادة الثقة بالإسلام عن طريق العمل الثقافي من ناحية والعمل السياسي من ناحية أخرى :
العمل الثقافي :
- ويكون بتثقيف الملايين من الناس تثقيفاً جماعياً ، بالثقافة الإسلامية ، وهذا يوجب على الحزب أن يتقدم أمام الجماهير ويتصدى لمناقشتهم وأسئلتهم وشكوكهم ليظفر بتأييدهم حتى يصهرهم بالإسلام ". من كتاب مفاهيم أساسية ص87).
العمل السياسي :
- ويكون برصد الحوادث والوقائع ، وجعل هذه الحوادث والوقائع تنطق بصحة أفكار الإسلام وأحكامه وصدقها فتحصل الثقة لدى الجماهير بذلك ". نداء حار ص 96 .(1/2)
· يفلسف الحزب طريقة وصوله إلى تحقيق أهدافه بما يراه من أن أي مجتمع إنما يعيش الناس فيه داخل جدارين سميكين : جدار العقيدة والفكر ، وجدار الأنظمة التي تعالج علاقات الناس وطريقتهم في العيش ، فإذا أريد قلب هذا المجتمع من قبل أهله أنفسهم فلا بد أن يركز هجومه على الجدار الخارجي ( أي مهاجمة الأفكار ) مما يؤدي إلى صراع فكري حيث يحصل الإنقلاب الفكري ثم السياسي ويصر الحزب في دعوته على قاعدة " أصلح المجتمع يصلح الفرد ويستمر إصلاحه " .
· يقسم الحزب مراحل عملية التغيير إلى ثلاث مراحل على النحو التالي :
- المرحلة الأولي : الصراع الفكري ، ويكون بالثقافة التي يطرحها الحزب .
- المرحلة الثانية : الإنقلاب الفكري ، ويكون بالتفاعل مع المجتمع عن طريق العمل الثقافي والسياسي .
- المرحلة الثالثة : تسلم زمام الحكم ، ويكون عن طريق الأمة ، تسلماً كاملاً .
- ويرى أنه لا بد له في المرحلة الثالثة من طلب النصرة من رئيس الدولة ، أو رئيس كتلة ، أو قائد جماعة ، أو زعيم قبيلة ، أو من سفير ، أو ما شاكل ذلك .
· حدد الحزب أولاً مدة ثلاثة عشر عاماً من تاريخ تأسيسه للوصول إلى الحكم ، ثم مددها ثانياً إلى ثلاثة عشر عاماً للوصول إلى الحكم ، ثم مددها ثالثاً إلى ثلاثة عقود من الزمان ( 30 سنة ) مراعاة للظروف والضغوط المختلفة ، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث على الرغم من مضي المدتين .
· يغفل الحزب الأمور الروحية وينظر إليها نظرة فكرية إذ يقول : "ولا توجد في الإنسان أشواق روحية ونزعات جسدية ، بل الإنسان فيه حاجات وغرائز لا بد من إشباعها " .
" فإذا أشبعت هذه الحاجات العضوية والغرائز بنظام من عند الله كانت مسيرة بالروح ، وإذا أشبعت بدون نظام أو بنظام من عند غير الله كان إشباعاً مادياً يؤدي إلى شقاء الإنسان " .
· يرى الشيخ تقي الدين أن الصعوبات التي تعترض قيام الدولة الإسلامية هي :(1/3)
- وجود الأفكار التعليمية غير الإسلامية وغزوها للعالم الإسلامي ( الغزو الفكري ) .
- قيام البرامج التعليمية على الأساس الذي وضعه المستعمر واستمرار تطبيقها .
- وجود نوع من الإكبار لبعض المعارف الثقافية واعتبارها علوماً عالمية .
- بعد الشقة بين المسلمين وبين الحكم الإسلامي حيث لا تنفذه أي دولة تنفيذاً كاملاً لا سيما في سياسة الحكم وسياسة المال ، حيث يؤثر هذا البعد فيجعل تصور المسلمين للحياة الإسلامية ضعيفاً .
- وجود حكومات في البلاد الإسلامية تقوم على أساس ديمقراطي وتطبق النظام الرأسمالي كله على الشعب وترتبط بالدولة الأجنبية وتقوم على الإقليمية .
- وجود رأي عام منبثق عن الوطنية والإشتراكية بعيداً عن مفاهيم الإسلام .
· يحرم الحزب على أعضائه الإعتقاد بعذاب القبر وبظهور المسيح الدجال ومن يعتقد هذا في نظرهم يكون آثماُ .
· يرى زعماء الحزب عدم التعرض للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ذلك لديهم من معوقات العمل المرحلي الآن ، فضلاً عن أن الأمر والنهي إنما هما من مهمات الدولة الإسلامية عندما تقوم .
· للحزب دستور مؤلف من 187 مادة معدة للدولة الإسلامية المتوقعة ، وقد شرح هذا الدستور شرحاً مفصلاً ، ورغم أن هذا الدستور لم يطبق تطبيقاً فعلياً فقد وجه إليه النقد بأنه لا يفي بتصور واحتياجات دولة الإسلام المعاصرة .
هذا ويأخذ الدارسون على الحزب عدة أمور منها :
أولاً قضايا دعوية :
- تركيزهم على النواحي الفكرية والسياسية وإهمال النواحي التربوية والروحية .
- انشغال أفراد الحزب بالجدل مع كافة الإتجاهات الإسلامية الأخرى .
- إعطاء العقل أهمية زائدة في بناء الشخصية وفي الجوانب العقائدية .
- اعتماد الحزب على عوامل خارجية في الوصول إلى الحكم عن طريق طلب النصرة والتي قد يكون فيها تورط غير متوقع .(1/4)
- تخليه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حالياً حتى تقوم الدولة الإسلامية التي تنفذ الأحكام بقوة السلطان .
- يتصور القارئ لفكر الحزب أن همه الأول هو الوصول إلى الحكم .
- المحدودية في الغايات والإقتصار على بعض غايات الإسلام دون بعضها الآخر .
- تصور أن مرحلة التثقيف ستنقلهم إلى مرحلة التفاعل فمرحلة استلام الحكم ، وهذا مخالف لسنة الله في امتحان الدعوات ، ومخالف للواقع المحفوف بآلاف المعوقات .
- معاداة جميع الأنظمة التي يتحركون فوق أرضها مما ورطهم بحملات إعتقالات دائمة ومستمرة ، ولعل السرية الشديدة وطموحهم للوصول إلى الحكم هو السبب في تخوف الأنظمة منهم وملاحقتهم دون هوادة . وإن كانت الملاحقة قد شملت كل التوجهات الإسلامية في معظم بلدان العالم الإسلامي .
ثانياً قضايا فقهية :
- قام الحزب بإصدار فتاوى وإعطاء أحكام فقهية غريبة عن الفقه والحس الإسلاميين وألزم أتباعه بتبني هذه الأحكام والعمل على نشرها ، ومن ذلك :
- قوله بجواز عضوية غير المسلم ، وعضوية المرأة في مجلس الشورى .
- إباحة النظر إلى الصور العارية .
- إباحة تقبيل المرأة الأجنبية بشهوة وبغير شهوة فضلاً عن مصافحتها .
- قوله بجواز أن تلبس المرأة الباروكة والبنطال وأنها لا تكون ناشزة إذا لم تطع زوجها في التخلي عن ذلك .
- قوله بجواز أن يكون القائد في الدولة المسلمة كافراً .
- قوله بجواز دفع الجزية من قبل الدولة المسلمة للدولة الكافرة .
- قوله بجواز القتال تحت راية شخص عميل تنفيذاً لخطة دولة كافرة مادام القتال قتالاً للكفار .
- قوله بسقوط الصلاة عن رجل الفضاء المسلم .
- قوله بسقوط الصلاة والصوم عن سكان القطبين .
- قوله بالسجن عشر سنوات لمن تزوج بإحدى محارمه حرمة مؤبدة .
- قوله بأن الممرات المائية بما فيها قناة السويس ممرات عامة لا يجوز منع أية قافلة من المرور فيها .(1/5)
- قوله بجواز الركوب في وسائل المواصلات ( البواخر والطائرات .. ) التي تملكها شركات أجنبية مع تحريم هذا الركوب إن كانت مملوكة لشركات أصحابها مسلمون لأن الأخيرة ليست أهلاً للتعاقد في نظره .
- تفسيره ملكية الأرض بمعنى زراعتها والذي يهملها ولا يزرعها لمدة ثلاث سنوات تؤخذ منه وتعطى لغيره ولا يجوز تأخير الأرض للزراعة عندهم إطلاقاً .
- يرون أن كنز المال حرام ولو أخرجت زكاته .
الجذور الفكرية والعقائدية :
- كانت للمؤسس أفكار قومية إذ أصدر سنة 1950م كتاباً بعنوان رسالة العرب وانعكس هذا على ترتيب أولويات إقامة الدولة الإسلامية في البلدان العربية أولاً ثم الإسلامية .
- كان النبهاني في بداية أمره على صلة بالإخوان المسلمين في الأردن ، يلقي محاضرته في لقاءاتهم ، ويثني على دعوتهم وعلى مؤسسها الشيخ حسن النبا ، لكنه ما لبث أن أعلن عن قيام حزبه مستقلاً فيه تأسيساً وتنظيراً .
- ناشده الكثيرون العدول عن هذه الدعوة ومن أولئك الأستاذ سيد قطب حين زيارته للقدس عام 1953م فقد ناقشه كثيراً ودعاه إلى توحيد الجهود لكنه أصر على موقفه .
- وكانت حجته دائماً رداً على المطالبين بتوحيد الحركات الإسلامية ، أن الإختلاف هو الأصل في فهم النصوص الظنية الدلالة في الإسلام وأن الوحدة التي فرضها الإسلام هي الوحدة السياسية في كيان واحد وليست الوحدة في الرأي .
الانتشار ومواقع النفوذ :
- ركز الحزب نشاطه في البداية على الأردن وسوريا ولبنان ثم امتد نشاطه إلى مختلف البلدان الإسلامية وأخيراً وصل نشاطه إلى أوروبا وخاصة النمسا وألمانيا .
- كانت للحزب صحيفة أسبوعية تصدر في الأردن اسمها الراية ، ثم صودرت وأعقبها صدور الحضارة في بيروت وقد توقفت أيضاً .
- يسمي الحزب الأقطار التي يعمل فيها باسم الولايات ويقود التنظيم في كل ولاية لجنة خاصة به تسمى لجنة الولاية وتتشكل من 3-10 أعضاء .
- يخضع لجان الولايات لمجلس القيادة السري .(1/6)
ويتضح مما سبق :
أن حزب التحرير حزب سياسي إسلامي يدعو إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية ، ويرى أنه لا يمكن تغيير المجتمع وقلبه إلا من خلال مهاجمة فكره حيث يحدث الانقلاب الفكري ثم السياسي . ويؤخذ على هذا الحزب مخالفة عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة في تقديم العقل على النصوص الشرعية موافقة لأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم مما دفعه لإنكار عذاب القبر وظهور المسيح الدجال ، بالإضافة إلى إهماله الجوانب التربوية وتخليه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن تقوم الدولة الإسلامية ، وإصداره فتاوى غريبة عن الفقه والحس والإسلاميين .(1/7)
عبدة الشيطان
... هؤلاء جماعة اشتهروا في مصر في أواخر سنة 1996م وأوائل سنة 1997م، وتحدثت عنهم وسائل الإعلام وخاضت في ذكر أوصافهم وطقوسهم ومصادر ثقافتهم ، وقبضت الشرطة على نحو 140 فرداً منهم من الذكور والإناث ، كانوا جميعاً من أولاد الطبقة الغنية التي استحدثها الإنفتاح الإقتصادي والثقافي ، وأثرتها أموال المخابرات الأجنبية التي تنفق في مصر باسم المعونات الخارجية ، وأفردها التوسع في إقراض البنوك باسم تشجيع الاستثمار ، ورسخها ما آلت إليه الأحوال في مصر نتيجة بيع القطاع العام لغير المصريين ، وتخصيص أراضي البناء بالمجان للأثرياء ، وما انتهى إليه الأمر من الفساد والتردي العام للأوضاع في مصر عموماً وخاصة في مجال التعليم ، وخلو الساحة من الأشراف نتيجة ملاحقة الشرطة للإسلاميين حتى لم تعد بالساحة إلا هذه الجماعات التابعة للفكر الانحلالي الغربي ، وقد تبين أن المقبوض عليهم من أعضاء ما يُسمى بعبادة الشيطان ، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة ، وأنهم من خريجي المدارس الأجنبية ، ولا يعرفون شيئاً عن الإسلام برغم انهم مسلمون . وقد تيسر لكاتب هذه السطور أن يزور بعضاً من هؤلاء الشباب وهاله أنهم لا يحفظون الفاتحة ولا أياً من سور القرآن ، ولا يعرفون أركان الإسلام ولا معنى الشهادتين ، ولا أياً من القيم الإسلامية .(1/1)
... وتبين من بحوث الباحثين التي نشرت في الصحف والمجلات اليومية أن هذه الفرقة قد تلقت معلوماتها من طريق الاختلاط بالإسرائيليين في المنطقة المصرح فيها بدخولهم إلى الأراضي المصرية بدون جوازات إلى جوار طابا ، وفيها تغليب الممارسات الجنسية والرقص بطريقة عبدة الشيطان ، والحوار بين الجماعات الاسرائيلية المكلفة بنشر هذه العبادة والشباب الموسر في مصر ، وهم الذين يعدهم لتولي قيادة الإقتصاد والسياسة المصرية بعدهم ، وثبت أن الموساد الإسرائيلي يستهدف الشباب المصري بهذه التقليعات والبدع لإفساده ، طالما أن هذا الشباب يمثل 75 % من الطاقة العاملة المصرية . وعبادتهم للشيطان – كما ذكر هؤلاء الشباب لأساتذة الأزهر الذين ناقشوهم – إنما لأنه رمز للقوة والإصرار ، ولكل ما هو لذيذ وينبغي اقتناؤه وحيازته . وفي الأسطورة الدينية في اليهودية والإسلام والمسيحية – كما ذكروا – يلعب الشيطان الدور الحضاري الكبر ، فهو الذي عرف آدم وحواء شجرة الخلود أو المعرفة ، والمعرفة خلود ، وبسببه خرج آدم وحواء إلى الحياة ليتناسلا وينجبا الذكور والإناث ، ويتكاثروا ، ويفعلوا ، ويرتقوا ، ويعرفوا ، والقانون الحاكم هو قيم الأقوى ، والأقوى هو الأصلح . ولم تكن أخلاقيات التوراة والإنجيل والقرآن إلا لتكريس الضعف وحماية الضعفاء . وهؤلاء الأولاد يريدون القوة ، وان يشكلوا النظام التربوي من جديد ، ويعيدوا النظر في أهداف التعليم ، ويقيموا العلاقات بين الناس وفق مذهب اللذة والمنفعة ، ويقننوا للحرب التي هدفها الأستعلاء والأستكبار وسيادة الجنس الأقوى ، والفرد الأقوى . وهم ضد المساواة ، فالكون ليست فيه مساواة فكيف تكون المساواة هدفاً وهي ضد طبيعة الأمور ؟ وضد الخير ، لأن الخير تكريس للعجز ، ووسيلة بقاء للمتسولين والأغبياء والكسالى وقليلي الحيلة وبغاث الناس .(1/2)
والمعلمون لهذه الفرقة يزعمون أن لجوئهم للموسيقى والرقص ليس إلا لخلق المناسبة والمناخ النفسي الذي يمكن به اكتشاف الأقوياء من أصحاب الطموح والخيال والحس المتفرد والذكاء النادر . وموسيقى البلاك ميتاليك من شأنها إزكاء هذه المزايا والخصال عند أصحاب المزاج النادر ، وإلا فهؤلاء الجماعة ليسوا نادياً ليلياً أو مضحكة يلهو بها الضاحكون ، وغنما هم مجتمع رسالة ، هدفهم تحصيل البديل للدافع الديني المعاصر ، بأن تكون لهم القوة الشيطانية ، والقدرات الشيطانية ، والذكاء الشيطاني . وللجماعة كتابهم الديني وهو كتاب ( الشيطان ) من تأليف الأمريكي اليهودي المدعو ليفي ، يعنى اللاوي والمؤسس لكنيسة الشيطان بسان فرانسيسكو من أعمال الولايات المتحدة ، وواضح من اقوال معلمي الجماعة الذين ناقشهم علماء الزهر أنهم يعتبرون عبادة الشيطان هي الموضة الجديدة، أو صرعة التسعينات ، مثلما كانت الوجودية صرعة الخمسينات ، والهيبيز صرعة السبعينات . وللجماعة مراتب ، فبعضهم أمير وبعضهم مجرد منتمٍ وبعضهم أمير مجموعة ، وبعضهم له اسم الشر ، وبعضهم يطلقون عليه اسم الشر الأعظم . وتمارس الجماعة إثر كل جلسة استماع لموسيقى الشيطان الجنس الجماعي ، فعندما يحمى الوجد يتعاطون المخدرات ، ويتعرون ، وعندئذ يشتد بهم الرقص ، ويستبيحون الأعراض ، ويمارسون الجنس المشاعي واللواط ، وقد يجتمع الشابان على شابة واحدة ، ويختلط الحابل بالنابل .(1/3)
ويؤكد معلمو الجماعة أن عبدة الشيطان ليسوا من الخاملين ، فهم موهوبون ومبدعون ، وليسوا منحرفين ، ولكنهم يمارسون الحياة من غير قيود الأخلاقيين ، فالأخلاقيون أفسدوا الحياة وآن أوان التخلص من الأخلاق ، لأنها عنصر تعويق وليست عامل دفع وترقية ، وللجماعة وصاياها المناقضة للوصايا العشر في التوراة ، ولوصايا القرآن وهي أطلق العنان لأهوائك وانغمس في اللذة ، واتبع الشيطان فهو لن يأمرك إلا بما يؤكد ذاتك ويجعل وجودك وجوداً حيوياً ، والشيطان يمثل الحكمة والحيوية غير المشوهة ، والتي لا خداع فيها للنفس ، ولا أفكار فيها زائفة سرابية الهدف ، فأفكار الشيطان محسوسة ملموسة ومشاهدة ، ولها مذاق ، وتفعل في النفس والجسم فعل الترياق ، والعمل بها فيه الشفاء لكل أمراض النفس والوقاية منها . ولا ينبغي أن تتورط في الحب ، فالحب ضعف وتخاذل وتهافت ، فأزهق الحب في نفسك لتكون كاملاً ، وليظهر انك لست في حاجة لأحد وأن سعادتك من ذاتك لا يعطيها لك أحد ، وليس لأحد أن يمن بها عليك . وفي الحجب يكون التفريط في حقوقك فلا تحب ، وانتزع حقوقك من الآخرين ، ومن يضربك على خدك فاضربه بجميع يديك على جسمه كله ، ولا تحب جارك وإنما عامله كأحد الناس العاديين ، ولا تتزوج ، ولا تنجب ، فتتخلص من أن تكون وسيلة بيولوجية للحياة وللاستمرار فيها ، وتكون لنفسك فقط ، وجماعة الشيطان يرتدون الثياب السوداء ، ويطلقون شعورهم ، ويرسمون وشم الصليب المعقوف على صدورهم وأذرعهم ، أو نجمة داود ، ومن تقاليدهم القداس الأسود ، يتعرى فيه كاهنهم باعتباره الشيطان ، وتتعرى أمامه فتاة وتلمس أعضاءه الجنسية وتنتهي الملامسات بالغناء والرقص والجنس الجماعي ، ومن رأي المفكر الإسلامي الدكتور عبد العظيم المطعني أن الشباب المسلم مستهدف ، والمدرسة لم تعد تهتم بالتعليم الديني .(1/4)
ولا ينبغي ان ننسى بروتوكولات حكماء صهيون التي تركز في مخططها لضرب الأمة على الشباب لتدميره ، ويضيف المطعني أن إسرائيل تريد تخريب شبابنا والقضاء على قيمنا . وتأثير إسرائيل جاءنا من منفذ طابا حيث يأتي عبد الشيطان بتخطيط من المخابرات الإسرائيلية لغواية أولادنا بالجنس والموسيقى وبهرج الحضارة . وعبد الشيطان في مصر يستمدون أفكارهم بالإضافة إلى ذلك من كتاب الإنجيل الأسود المطبوع في إسرائيل خصيصاً لبلاد الإسلام ، وكانت أول مجموعة تم القبض عليها من المترددين على منفذ طابا ، ويرد الدكتور مصطفى الشكعة حركة عبدة الشيطان إلى شكلية تدريس الدين في المدارس الإسلامية ، ويزيد ذلك دراسة طلبة الجامعات لمواد تدعو إلى الغربة الدينية ، ولذلك يتخرج الكثيرون وقد تعروا من كل ثوب ديني . ويرسخ التلفزيون المصري الكفر بالدين وينبه إلى الرموز السيئة في المجتمع ويجعل منها قدوة . ويقول الدكتور عبد البديع عبد العزيز إن قضية مثل عبد الشيطان لا تنشأ في مجتمع جاد تميز بالقيم الدينية ، ولكنها تظهر في طبقة المترفين ذوى الخواء الفكري والضحالة الدينية ، فعلى الرغم من الوفرة المادية وملذاتها الحسية نجد الشباب متخلفاً روحياً ، يبحثون عن أي معبود ، من دون الله ، وقد ثبت الآن أن الإيمان فطري ، وان الشباب في حاجة للإيمان ، وقد تهيأت لشبابنا الأفكار الشيطانية دون غرها فصاروا شيطانيين .(1/5)
ويقول الدكتور عادل الأشول إن هذه الدعوى لم تجد صدى إلا عند الشباب في سن المراهقة ، ومعروف ان مرحلة المراهقة بمثابة ميلاد جديد ، وفترة تمرد وعصيان ، وتكوين هوية ، ووسائل الإعلام عليها العبء الأكبر في التأثير على أبنائنا في سن المراهقة ، ويقول الدكتور حمدي زقزوق إن ظاهرة عبدة الشيطان سببها الترف والفراغ الفكري والديني ، والتقليد الأعمى ، ويقول الدكتور أحمد زايد إن عبد الشيطان إحدى صور الانحراف ، أفرزتها موضة الثقافة الاستهلاكية ، وكان ظهورها بين أبناء الطبقة المترفة الذين هم أكثر انفتاحاً على نمط الثقافة الاستهلاكية . ويقول الدكتور عطية القوصي إن هذه الحركات ظهر مثلها في العصر العباسي الأول ، ولوحظ ارتباطها منذ البداية بالمجوسية والزردشتية ، وتمثلت في حركة المقنعة والخرمية ، وتبنت أفكار الزندقة التي راجت آنذاك على يد الفرس ، ابتداءً من حكم أبي جعفر المنصور حتى عصر الخليفة المأمون وهي حركات هدامة ، قصد بها الفرس هدم الدين الإسلامي وتقويض المجتمع ، ولكنها دعت إلى أن ينغمس الناس في الملذات والشهوات بلا ضابط ، وإسقاط الفرائض ، وعبدة الشيطان حركة كغيرها من الحركات الإلحادية في الإسلام ، ومثيلتها قديماً حركة الصابئة ، وهم عبدة الشيطان في منطقة حران بشمال العراق ، ولما زارهم الخليفة المأمون وجدهم قد أطالوا لحاهم وشعورهم وأظافرهم ، وكان هؤلاء أول إعلان لعبدة الشيطان في التاريخ سنه 170 ه .(1/6)
وقد نبهت وسائل الإعلام إلى بعض غرائب هذه الجماعة في مصر ، منها مسألة نبش القبور السابق ذكرها ، وعادة ما يذهبون نهاراً إلى المقابر خاصة مقابر الكومنولث بمصر الجديدة ويقومون بالنبش والبحث عن جثث الموتى ، ويتراقص كبيرهم فوق الجثة التي يعثرون عليها ، وغالباً ما يفضلون الجثث حديثة الوفاة ، ويذبحون القطط باعتبارنفوسها من الشيطان كما في الفولكلور المصري ، ويشربون من دمائها ويلطخون أجسادهم ووجوههم بها ، ثم يذهبون إلى الصحراء ليعيشوا فيها أياما لا يضيئون شمعة وإنما يحيون في الظلام ، وعلامتهم بينهم رفع إصبعين رمز الشيطان ، وتلك الإشارة هي السلام فيما بينهم .وقيل في تبرير نبش القبور والمبيت في الجبانات إنه لتقسية قلوبهم ، ولمعاينة العدم والشعور به محسوساً ، والتدريب على ممارسة القتل دون أن تطرف لهم عين . وقيل عن تلطيخ اليدين والجسم بالدم إنه ليكون العضو دموياً عنيفاً لا يخشى الموت ، ولا يرهب القتل ، ويتأبى على الخضوع لأحد ، ويزيد إحساسه بالقوة ومن علامات الإناث عابدات الشيطان طلاء الأظافر والشفاه باللون الأسود ، وارتداء الملابس المطبوع عليها نقوش الشيطان والمقابر والموت ، والتزين بالحلي الفضية ذات الأشكال غير المألوفة التي تعبر عن أفكارهم ، مثل الجماجم ورؤوس الكباش ويخزن شرائط كاسيت مسجلاً عليها أغان فيها ازدراء للدين .
ولما قبض على أفراد عبدة الشيطان كشفت التحقيقات أن هدفهم اعتناق الفكر المنحرف ، والترويج له ، والدعوة إلى عدم الإيمان بالله ، وإنكار الذات الألهية ، وتقديس الشيطان باعتباره القوة العظمى التي تحرك الحياة والبشر ، وأثبتت التحقيقات أن منظمات وهيئات خارجية تخطط لنشر الفكر المنحرف بهدف اختراق الشباب المصري وإفساده .(1/7)
ومن قيادات الجماعة المدعو خالد مدني عن خلية مصر الجديدة ، وهو الذي دبر الحفل الراقص في قصر البارون إمبان والذي لطخ أفراد الجماعة جدرانه بدماء القطط والكلاب والدجاج باعتباره قصراً مهجوراً تسكنه العفاريت ، وأكدت التحقيقات أن أفراد الجماعة يبلغ في مصر ألفي عضواً منهم مذيعات وأبناء فنانين وموسيقيين كبار ، وتبين أن هناك محلات متخصصة في ملابس عبدة الشيطان وفي موسيقاهم ، واندية خاصة ومطاعم تستقبلهم وتتخصص لهم .
والحق أن وجود هذه الجماعة لا يبشر إلا بالشر ، فأمثالهم في بلجيكا اغتصبوا الأطفال وقتلوهم أمام الناس كقرابين لاسترضاء الشيطان ، وقد شهدت حفلاتهم بعض الشخصيات المهمة في المجتمع البلجيكي ، ومنهم مبعوث سابق لمنظمة الوحدة الأوروبية وبعض القضاة .
ويقول فهمي هويدي إن أسباب سقوط الشباب المصري المسلم منها : غياب المشروع الوطني الذي يستثير حماس الشباب ، والفراغ الشديد الذي يعانون منه ، والجدب السياسي ، وانعدام النشاط الطلابي والتربية في المدارس ، وتدهور الثقافة الدينية ، وتغيير منظومة القيم في المجتمع ، وصدارة قيم الوجاهة والفهلوة والثراء والكسب السريع ، واشتداد حملة التغريب ، والإصرار على هتك الهوية واقتلاع الجذور والإنقطاع عن الأصول ، وتخبط الخطاب الإعلامي ، واجتراء البعض على المقدس ، والتركيز على الأمن السياسي دون الأمن الإجتماعي ، وتأثيرات الوجه السلبي لثورة الاتصال .(1/8)
وفي رأي الدكتور عبد الوهاب المسيرس أن إبليس في عبادة الشيطان ليس كائن له قرون وذيل ، وإنما هو يتمثل في فكرة إنكار الحدود وإعلان الذات والإرادة ، وهي فكرة محورية في الحداثة الغربية ظهرت في الرؤية الداروينية الاجتماعية ، والفلسفة النيتشوية التي تهاجم العطف والمحبة والعدل والمساواة باعتبارها أخلاق الضعفاء ، والعالم في منظورها ليس سوى خلية صراع لا يوجد فيه عدل او ظلم ، وإنما فقط قوة وضعف ، ونصر وهزيمة ، والبقاء ليس للأفضل ، وإنما للأصلح من منظور مادي أي للأقوى ، وإذاً فهناك مطلق واحد هو إرادة الإنسان البطل القوي المنتصر : الإنسان المتأله ، أي الشيطان بالمعنى الفلسفي ، وعبادة الشيطان من انماط الغنوص أو العرفان الفلسفي الذي يعجب الذين يعانون الفراغ الروحي والفلسفي والنفسي ، والعبادة الإبليسية هي عبادة ذات ، وهي قبول النسبي والغوص فيه دون بحث عن ثوابت ، وهي ميتافيزيقا كاملة ولكنها متجسمة في المادة داخل الطبيعة والزمان ، فهي عبادة لشيء حقيقي ملموس وهذا هو جوهر العبادات الجديدة التي تجعل الإله مادياً يمكن الإمساك به ، ومن ثم فهي وثنية جديدة كما أن الإيمان هنا لا يحمل الإنسان أية أعباء أخلاقية فهو لا يضطر لكبح جماع ذاته ، وإنما يطلب منه أن يطلق لها العنان ، ولذلك فليس غريباً أن تأخذ هذه العبادة شكل ممارسات جنسية ، فهي تعبير عن تمجيد الذات ، وتعظيم اللذة ، ورفض المعايير الاجتماعية ، كما أنها تعبير عن فلسفة القوة والإرادة وهي القيم السائدة حالياً .(1/9)
ولعل أجمل تسمية لهذه الديانة هو الاسم الذي أذاعه فهمي هويدي : الديانة الإبليسية ويذكر ان من إرهاصاتها في بلادنا العربية والإسلامية محاضرة الدكتور صادق جلال العظم السوري لسنة 1996 باسم مأساة إبليس دعا فيها إلى رد الإعتبار لإبليس ، والكف عن كيل السباب له والتعوذ منه ، والعفو عنه وطلب الصفح له ، وتوصية الناس به خيراً ، وهي المحاضرة التي ساقته إلى المحاكمة وضمنها من بعد كتابه نقد الفكر الديني
ومن القيادات الرئيسية في الجماعة طارق حسن وهو طالب جامعي وصاحب فرقة موسيقية تقيم الحفلات الصاخبة ، ويفسر اتخاذ الصليب المقلوب رمزاً للجماعة أنه يعني اتخاذ عكس طريق الأديان ، والإسلام ليس له نقيض ، على عكس المسيحية ، ولذلك اتخذوا الصليب المقلوب رمزاً لهم . ومتهمة أخرى اسمها أنجى ، وأخوها اسمه أشرف ، ومتهم اسمه تامر علاء . وآخر اسمه هاني برهان ، اعترفوا بأن جذور اعتناق الشباب المصري لهذه الأفكار من خلال مجموعة من الإسرائيليين عبر منفذ طابا عن طريق استدراجهم بالجنس والمخدرات والخمور .
وذكر المفتي الدكتور نصر فريد أن عبد الشيطان مرتدون عن الدين ، ونظراً لحداثة سنهم يجب استتابتهم فإن رجعوا عن أفكارهم الفاسدة يمكن العفو عنهم ، وإن أصروا على الانحراف ينفذ فيهم حكم الشرع .
ولقد أطلقت النيابة سراح الجميع بعد ذلك ، وتوقفت الحملة في الصحف وكأن لم تكن ، ولم يعد أحد إلى الموضوع بعد ذلك ، ولم يعرف الناس شيئاً عما تم بشأن هذه الجماعة التي أدانوها جميعاً !!!!!! .(1/10)
وحدة الوجود
التعريف :
وحدة الوجود مذهب فلسفي لا ديني يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة ، وأن الله هو الوجود الحق ، ويعتبرونه - تعالى عما يقولون علواً كبيراً - صورة هذا العالم المخلوق ، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته .
- ونحن نوضح هذا المذهب لأن آثاره وبعض أفكاره لا زالت مبثوثة في فكر أكثر أهل الطرق الصوفية المنتشرة في العالم العربي والإسلامي ، وفي أناشيدهم وأذكارهم وأفكارهم .
- والمذهب كما سنرى موجود في الفكر النصراني واليهودي أيضاً ، وقد تأثر المنادون بهذا الفكر من أمثال : ابن عربي ، وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة ، وبالعناصر التي أدخلها إخوان الصفا من إغريقية ونصرانية وفارسية الأصل ومنها المذهب المانوي ولمذهب الرزاردشتي وفلسفة فيلون اليهودي وفلسفة الرواقيين .
التأسيس وابرز الشخصيات وأهم آرائهم :
· إن فكرة وحدة الوجود قديمة جداً ، فقد كانت قائمة بشكل جزئي عند اليونانيين القدماء ، وهي كذلك في الهندوسية الهندية . وانتقلت الفكرة إلى بعض الغلاة من متصوفة المسلمين من أبرزهم : محي الدين ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني . ثم انتشرت في الغرب الأوروبي على يد رونو النصراني وسبينوزا اليهودي .
ومن أبرز الشخصيات وأفكارهم :
· ابن عربي 560هـ –638 :
- هو محي الدين محمد بن علي بن عبد الله العربي ، الحاتمي ، الطائي ، الأندلسي وينتهي نسبه إلى حاتم الطائي ، أحد مشاهير الصوفية ، وعرف بالشيخ الأكبر ولد في مرسية سنة 560هـ وانتقل إلى أشبيلية حيث بدأ دراسته التقليدية بها ثم عمل في شبابه كاتباً لعدد من حكام الولايات .(1/1)
- في سن مبكرة وبعد مرض ألم به كان التحول الكبير في حياته ، حيث انقلب بعد ذلك زاهداً سائحاً منقطعاً للعبادة والخلوة ، ثم قضى بعد ذلك حوالي عشر سنين في مدن الأندلس المختلفة وشمالي إفريقية بصحبة عدد من شيوخ الصوفية .
- في الثلاثين من عمره انتقل إلى تونس ثم ذهب إلى فارس حيث كتب كتابه المسمى : الإسراء إلى مقام الأسرى ثم عاد إلى تونس ، ثم سافر شرقاً إلى القاهرة والقدس واتجه جنوباً إلى مكة حاجاً ، ولزم البيت الحرام لعدد من السنين ، وألف في تلك الفترة كتابه تاج الرسائل ، وروح القدس ثم بدأ سنة 598هـ بكتابة مؤلفه الضخم الفتوحات المكية .
- في السنين التالية نجد أن ابن عربي ينتقل بين بلاد الأناضول وسورية والقدس والقاهرة ومكة ،ثم ترك بلاد الأناضول ليستقر في دمشق .وقد وجد ملاذاً لدى عائلة ابن الزكي وأفراد من الأسرة الأيوبية الحاكمة بعد أن وجه إليه الفقهاء سهام النقد والتجريح ،بل التكفير والزندقة . وفي تلك الفترة ألف كتابه فصوص الحكم وأكمل كتابه الفتوحات المكية وتوفي ابن عربي في دار القاضي ابن الزكي سنة 638هـ ودفن بمقبرة العائلة على سفح جبل قسيون .
· مذهبه في وحدة الوجود :
يتلخص مذهب ابن عربي في وحدة الوجود في إنكاره لعالم الظاهر ولا يعترف بالوجود الحقيقي إلا لله ، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق .
- فابن عربي يقرر أنه ليس ثمة فرق بين ما هو خالق وما هو مخلوق ومن أقواله التي تدل على ذلك : " سبحان من أظهر الأشياء وهو عنيها " .
- ويقول مبيناً وحدة الوجود وأن الله يحوي في ذاته كل المخلوقات :
ياخالق الأشياء في نفسه أنت لما تخلق جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيك فأنت الضيق الواسع
- ويقول أيضاً :
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقاً بذالك الوجه فاذكروا
جمع وفرق فإن العين واحدة وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذر(1/2)
وبناء على هذا التصور فليس ثمة خلق ولا موجود من عدم بل مجرد فيض وتجلي وما دام الأمر كذلك فلا مجال للحديث عن علة أو غاية ، وإنما يسير العالم وفق ضرورة مطلقة ويخضع لحتمية وجبرية صارمة .
وهذا العالم لا يتكلم فيه عن خير وشر ولا عن قضاء وقدر ولا عن حرية أو إرادة ثم لا حساب ولا مسؤولية وثواب ولا عقاب ، بل الجميع في نعيم مقيم والفرق بين الجنة والنار إنما هو في المرتبة فقط لا في النوع .
وقد ذهب ابن عربي إلى تحريف آيات القرآن لتوافق مذهبه ومعتقده ، فالعذاب عنده من العذوبة والريح التي دمرت عاد هي الراحة لأنها أراحتهم من أجسامهم المظلمة ، وفي هذه الريح عذاب وهو من العذوبة :
- ومما يؤكد على قوله بالجبيرة الذي هو من نتائج مذهبه الفاسد :
الحكم حكم الجبر والاضطرار ... ما ثم حكم يقتضي الاختيار
إلا الذي يعزى إلينا ففي ... ظاهره بأنه عن خيار
لو فكر الناظر فيه رأى ... بأنه المختار عن اضطرار
- وإذا كان قد ترتب على قول ابن عربي بوحدة الوجود قوله بالجبر ونفي الحساب والثواب والعقاب . فإنه ترتب على مذهبه أيضاَ قوله بوحدة الأديان . فقد أكد ابن عربي على أن من يعبد الله ومن يعبد الأحجار والأصنام كلهم سواء في الحقيقة ما عبدوا إلا الله إذ ليس ثمة فرق بين خالق ومخلوق .
يقول في ذلك :
... لقد صار قلبي قابلاً كل صورة ... فمرعى الغزلان ودير لرهبان
... وبيت لأوثان وكعبة طائف ... وألواح توراة ومصحف قرآن
- فمذهب وحدة الوجود الذي قال به ابن عربي يجعل الخالق والمخلوق وحدة واحدة سواء بسواء ، وقد ترتب على هذا المذهب نتائج باطلة قال بها ابن عربي وأكدها وهي قوله بالجبرية ونفيه الثواب والعقاب وكذا قوله بوحدة الأديان .
- وقد بالغ ابن عربي في القول بوحدة الوجود تلاميذ له أعجبوا بآرائه وعرضوا لذلك المذهب في أشعارهم وكتبهم من هؤلاء : ابن الفارض وابن سبعين والتلمساني .(1/3)
· أما ابن الفارض فيؤكد مذهبه في وحدة الوجود في قصيدته المشهورة بالتائية :
لها صلاتي بالمقام أقيمها ... ... وأشهد أنها لي صلت ...
كلانا مصل عابد ساجد إلى ... حقيقة الجمع في كل سجدة
وما كان لي صلى سواي فلم تكن ... صلاتي لغيري في أداء كل ركعة
وما زالت إياها وإياي لم تزل ... ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت
فهو هنا يصرح بأنه يصلي لنفسه لأن نفسه هي الله . ويبين أنه ينشد ذلك الشعر لا في حال سكر الصوفية بل هو في حالة الصحو فيقول :
... ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها ... وذاتي ذاتي إذا تحلت تجلت
- الصوفية معجبون بهذه القصيدة التائية ويسمون صاحبها ابن الفارض بسلطان العاشقين ، على الرغم مما يوجد في تلك القصيدة من كفر صريح والعياذ بالله .
· وأما ابن سبعين فمن أقواله الدالة على متابعة ابن عربي في مذهب وحدة الوجود :
قوله : رب مالك ، وعبد هالك ، وأنتم ذلك الله فقط ، والكثرة وهم .
وهنا يؤكد ابن سبعين أن هذه الموجودات ليس له وجد حقيقي فوجودها وهم وليس ثمة فرق بين الخلق وبين الحق ، فالموجودات هي الله !!
· أما التلمساني وهو كما يقول الإمام ابن تيمية من أعظم هؤلاء كفراً ، وهو أحذقهم في الكفر والزندقة . فهو لا يفرق بين الكائنات وخالقها ، إنما الكائنات أجزاء منه ، وأبعاض له بمنزلة أمواج البحر ، وأجزاء البيت من البيت ، ومن ذلك قوله :
البحر لا شك عندي في توحده ... وإن وأن تعدد بالأمواج والزبد
فلا يغرنك ما شاهدت من صور ... فالواحد الرب ساوي العين في العدد
- ويقول أيضاَ :
فما البحر إلا الموج لا شيء غيره ... وإن فرقته كثرة المتعدد
- ومن شعره أيضاَ :
... أحن إليه وهو قلبي وهل يرى ... سواي أخو وجد يحن لقلبه ؟
ويحجب طرفي عنه إذ هو ناظري ... وما بعده إلا لإفراط قربه
- فالوجود عند التلمساني واحد ، وليس هناك فرق بين الخالق والمخلوق ، بل كل المخلوقات إنما هي لله ذاته .(1/4)
- وقد وجد لهذا المذهب الإلحادي صدى في بلاد الغرب بعد أن انتقل إليها على يد برونو الإيطالي وروج له اسبينوز اليهودي .
· جيور واتو برونو 1548-1611م وهو مفكر إيطالي ، درس الفلسفة واللاهوت في أحد الأديرة الدينية ، إلا أنه خرج على تعاليم الكنيسة فرمي بالزندقة، وفر من إيطاليا ، وتنقل طريداً في البلدان الأوروبية وبعد عودته إلى إيطاليا وشي به إلى محاكم التفتيش فحكم عليه بالموت حرقاً .
· باروخ سبينوزا 1632-1677م . وهو فيلسوف هولندي يهودي ، هاجر أبواه من البرتغال في فترة الاضطهاد الديني لليهود من قبل النصارى ، ودرس الديانة اليهودية والفلسفة كما هي عند ابن ميمون الفيلسوف اليهودي الذي عاش في الأندلسي وعند ابن جبريل وهو أيضاَ فيلسوف يهودي عاش في الأندلس كذلك .
ومن أقول سبينوزا التي تؤكد على مذهبه في وحدة الوجود :
- ما في الوجود إلا الله ، فالله هو الوجود الحق ، ولا وجود معه يماثله لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان متماثلان .
- إن قوانين الطبيعة وأوامر الله الخالدة شيء واحد يعينه ، وإن كل الأشياء تنشأ من طبيعة الله الخالدة .
- الله هو القانون الذي تسير وفقه ظواهر الوجود جميعاً بغير استثناء أو شذوذ .
- إن الطبيعة عالماً واحداً هو الطبيعة والله في آن واحد وليس في هذا العالم مكان لما فوق الطبيعة .
- ليس هناك فرق بين العقل كما يمثله الله وبين المادة كما تمثلها الطبيعة فهما شيء واحد .(1/5)
· يقول الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر كثيراً من أقوال أصحاب مذهب وحدة الوجود " يقولون : إن الوجود واحد ، كما يقول ابن عربي - صاحب الفتوحات - وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني وأمثالهم - عليهم من الله ما يستحقونه - فإنهم لا يجعلون للخالق سبحانه وجوداً مبايناً لوجود المخلوق . وهو جامع كل شر في العالم ، ومبدأ ضلالهم من حيث لم يثبتوا للخالق وجوداً مبايناً لوجود المخلوق وهم يأخذون من كلام الفلاسفة شيئاً ، ومن القول الفاسد من كلام المتصوفة والمتكلمين شيئاً ومن كلام القرامطة والباطنية شيئاً فيطوفون على أبواب المذاهب ويفوزون بأخس المطالب ، ويثنون على ما يذكر من كلام التصوف المخلوط بالفلسفة " ( جامع الرسائل 1- ص 167 ) .
· الجذور الفكرية والعقائدية :
- لقد قال بفكرة وحدة الوجود فلاسفة قدماء : مثل الفيلسوف اليوناني هيراقليطس فالله - سبحانه وتعالى - عنده نهار وليل وصيف وشتاء ، ووفرة وقلة ، جامد وسائل ، فهو كالنار المعطرة تسمى باسم العطر الذي يفوح منها .
- وقال بذلك الهندوسية الهندية : إن الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي والروح الإنسانية جزء من الروح العليا وهي كالآلهة سرمدية غير مخلوقة .
- وفي القرن السابع الهجري قال ابن عربي بفكرة وحدة الوجود وقد سبق ذكر أقواله .
- وفي القرن السابع عشر الميلادي ظهرت مقولة وحدة الوجود لدى الفيلسوف اليهودي سبينوزا ، الذي سبق ذكره ، ويرجح أنه اطلع على آراء ابن عربي الأندلسي في وحدة الوجود عن طريق الفيلسوف اليهودي الأندلسي ابن ميمون .
وقد أعجب سبينوزا بأفكار برونو الإيطالي الذي مات حرقاً على يد محاكم التفتيش ، وخاصة تلك الأفكار التي تتعلق بوحدة الوجود . ولقد قال أقوالاً اختلف فيها المفكرون ، فمنهم من عدوه من أصحاب وحدة الوجود ، والبعض نفى عنه هذه الصفة .(1/6)
- وفي القرن التاسع عشر الميلادي نجد أن مقولة وحدة الوجود قد عادت تتردد على ألسنة بعض الشعراء الغربيين مثل بيرس شلى 1792-1822م فالله سبحانه وتعالى في رأيه - تعالى عما يقول : " هو هذه البسمة الجميلة على شفتي طفل جميل باسم ، وهو هذه النسائم العليلة التي تنعشنا ساعة الأصيل ، وهو هذه الإشراقة المتألقة بالنجم الهادي ، في ظلمات الليل ، وهو هذه الورد اليانعة تتفتح وكأنه ابتسامات شفاء جميلة إنه الجمال أينما وجد ... ".
- وهكذا فإن لمذهب وحدة الوجود أنصار في أمكنة وأزمنة مختلفة .
· موقف الإسلام من المذهب :
الإسلام يؤمن بأن الله جل شأنه خالق الوجود منزه عن الاتحاد بمخلوقاته أو الحلول فيها . والكون شيء غير خالقه ، ومن ثم فإن هذا المذهب يخالف الإسلام في إنكار وجود الله ، والخروج على حدوده ، ويخالفه في تأليه المخلوقات وجعل الخالق والمخلوق شيئاً واحداً ، ويخالفه في إلغاء المسؤولية الفردية ، والتكاليف الشرعية ، والانسياق وراء الشهوات البهيمية ، ويخالفه في إنكار الجزاء والمسؤولية والبعث والحساب .
- ويرى بعض الدعاة أن وحدة الوجود عنوان آخر للإلحاد في وجود الله وتعبير ملتو للقول بوجود المادة فقط وأن هذا المذهب تكئة لكل إباحي يلتمس السبيل إلى نيل شهواته تحت شعار من العقائد أو ملحد يريد أن يهدم الإسلام بتصيد الشهوات أو معطل يحاول التخلص من تكاليف الكتاب والسنة .
يتضح مما سبق :
أن هذا المذهب الفلسفي هو مذهب لا ديني ، جوهره نفي الذات الإلهية ، حيث يوحد في الطبيعة بين الله تعالى وبين الطبيعة ، على نحو ما ذهب إليه الهندوس أخذاً من فكرة يونانية قديمة ، وانتقل إلى بعض الغلاة المتصوفة كابن عربي وغيره ، وكل هذا مخالف لعقيدة التوحيد في الإسلام ، فالله سبحانه وتعالى منزه عن الاتحاد بمخلوقاته أو الحلول فيها .(1/7)
الإلحاد
التعرف :
الإلحاد هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى :
- فيدعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق .
- وأن المادة أزلية أبدية ، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت .
ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· الإلحاد بدعة جديدة لم توجد في القديم إلا في النادر في بعض الأمم والأفراد .
· يعد أتباع العلمانية هم المؤسسون الحقيقيون للإلحاد ، ومن هؤلاء : أتباع الشيوعية والوجودية والداروينية .
· الحركة الصهيونية أرادت نشر الإلحاد في الأرض فنشرت العلمانية لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية المفرطة والانسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها ، وعندما يخلو الجو لليهود يستطيعون حكم العالم .
· نشر اليهودية نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ونظريات فرويد في علم النفس ونظرية دارون في اصل الأنواع ونظريات دوركايم في علم الاجتماع ، وكل هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم .
· أما انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر ، فقد بدأت بعد سقوط الخلافة الإسلامية .
· صدر كتاب في تركيا عنوانه : مصطفى كمال للكاتب قابيل آدم يتضمن مطاعن قبيحة في الأديان وبخاصة الدين الإسلامي . وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين وأشادة بالعقلية الأوربية .
· إسماعيل أحمد أدهم : حاول نشر الإلحاد في مصر ، وألف رسالة بعنوان لماذا أنا ملحد ؟ وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية حوالي سنة 1926م .(1/1)
· إسماعيل مظهر أصدر في سنة 1928م مجلة العصور في مصر ، وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب والعروبة طعناً قبيحاً . معيداً تاريخ الشعوبية ، ومتهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط ، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوقهم واجتهادهم .
· أسست في مصر سنة 1928م جماعة لنشر الإلحاد تحت شعار الأدب واتخذت دار العصور مقراً لها واسمها رابطة الأدب الجديد وكان أمين سرها كامل كيلاني .. وقد تاب إلى الله بعد ذلك .
ومن أعلام الإلحاد في العالم :
· أتباع الشيوعية : ويتقدمهم كارل ماركس 1828-1883م اليهودي الألماني .
وأنجلز عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في إنجلترا أصدرا سوياً المانيفستو أو البيان الشيوعي سنة 1820-1895م .
· أتباع الوجودية ويتقدمهم :
- جان بول سارتر .
- وسيمون دوبوفوار .
- والبير كامي .
· وأتباع الدراوينية .
· ومن الفلاسفة والأدباء :
- نيتشه / فيلسوف ألماني .
- برتراند راسل 1872-1970م فيلسوف إنكليزي .
- هيجل 1770-1831م فيلسوف ألماني قامت فلسفته على دراسة التاريخ .
- هربرت سبنسر 1820-1903م إنكليزي كتب في الفلسفة وعلم النفس والأخلاق .
- فولتير 1694-1778م أديب فرنسي .
· وفي سنة 1930م ألف إسماعيل مظهر حزب الفلاح ليكون منبراً للشيوعية والاشتراكية . وقد تاب إسماعيل إلى الله بعد أن تعدى مرحلة الشباب وأصبح يكتب عن مزايا الإسلام .
· ومن الشعراء الملاحدة الذين كانوا ينشرون في مجلة العصور .
- الشاعر عبد اللطيف ثابت الذي كان يشكك في الأديان في شعره ..
- والشاعر الزهاوي ويعد عميد الشعراء المشككين في عصره .
الأفكار والمعقدات :
· إنكار وجود الله سبحانه ، الخالق البارئ ، المصور ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .
· إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة وسينتهي كما بدأ ولا توجد حياة بعد الموت .(1/2)
· أن المادة أزلية أبدية وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت .
· النظرة الغائية للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم .
· إنكار معجزات الأنبياء لأن تلك المعجزات لا يقبلها العلم ، كما يزعمون . ومن العجب أن الملحدين الماديين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ولا سند لها إلا الهوس والخيال .
· عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية ، ولا بالروح والجمال .
· ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل وقصته لا تعني شيئاً .
· المعرفة الدينية ، في رأي الملاحدة ، تختلف اختلافاً جذرياً وكلياً عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي !!
· الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية .
· الحاجات هي التي تحدد الأفكار ، وليست الأفكار هي التي تحدد الحاجات .
· نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ونظرية فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظرية دوركهايم في علم الاجتماع من أهم أسس الإلحاد في العالم .. وجميع هذه النظريات هي مما أثبت العلماء أنها حدس وخيالات وأوهام شخصية ولا صلة لها بالعلم .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· نشأ الإلحاد الحديث مع العقلانية والشيوعية والوجودية .
· وقد نشر اليهود الإلحاد في الأرض ، مستغلين حماقات الكنيسة ومحاربتها للعلم ، فجاؤوا بثورة العلم ضد الكنيسة ، وبالثورة الفرنسية والداروينية والفرويدية ، وبهذه الدعوات الهدامة للدين والأخلاق تفشى الإلحاد في الغرب ، والهدف الشرير لليهودية العالمية الآن هو إزالة كل دين على الأرض ليبقى اليهود وحدهم أصحاب الدين !! .
الانتشار وأماكن النفوذ :
· انتشر الإلحاد في أوروبا ، وانتقل بعد ذلك إلى أمريكا .. وبقاع من العالم .(1/3)
وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي قبل انهياره وتفككه ، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه .. وأنشأت له مدارس وجمعيات .
· وحاولت الشيوعية نشره في شتى أنحاء العالم عن طريق أحزابها ، وإن سقوط الشيوعية في الوقت الحاضر ينبئ عن قرب سقوط الإلحاد بإذن الله تعالى .
· يوجد الآن في الهند جمعية تسمى جمعية النشر الإلحادية ، وهي حديثة التكوين وتركز نشاطها في المناطق الإسلامية ، ويرأسها جوزيف إيدا مارك ، وكان مسيحياً من خطباء التنصير ، ومعلماً في إحدى مدارس الأحد ، وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ، وقد ألف في عام 1953م كتاباً يدعى : إنما عيسى بشر فغضبت عليه الكنيسة وطردته فتزوج بامرأة هندوكية وبدأ نشاطه الإلحادي ، وأصدر مجلة إلحادية باسم إيسكوا أي شرارة النار . ولما توقفت عمل مراسلاً لمجلة كيرالا شبدم أي صوت كيرالا الأسبوعية . وقد نال جائزة الإلحاد العالمية عام 1978م ويعتبر أول من نالها في آسيا .
يتضح مما سبق :
أن الإلحاد مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود لله سبحانه وتعالى ، ويذهب إلى أن الكون بلا خالق ، ويعد أتباع العقلانية هم المؤسسون الحقيقيون للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة ، ويرى أن المادة أزلية أبدية ، وأنه لايوجد شيء اسمه معجزات الأنبياء فذلك مما لا يقبله العلم في زعم الملحدين ، الذين لا يعترفون أيضاً بأية مفاهيم أخلاقية .ولا بقيم الحق والعدل ولا بفكرة الروح . ولذا فإن التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل وقصته ولا تعني شيئاً ، والإنسان مجرد مادة تطبق عليه كافة القوانين الطبيعية وكل ذلك مما ينبغي أن يحذره الشباب المسلم عندما يطالع أفكار هذا المذهب الخبيث .(1/4)
الأنصار
التعريف :
فرقة باطنية عنصرية ظهرت بين السود في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينيات الميلادية وامتدت إلى كندا وأمريكا الوسطى والجنوبية نظراً لقوة أنشطتها . وهي تدعي الإسلام والانتساب إلى المهدية في السودان ، غير أن عقائدها خليط من النصرانية واليهودية والبوذية والإسلام .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· ولد مؤسس هذه الفرقة دوايت يورك Dwight York سنة 1935م بمدينة نيويورك ، وكان يتعاطى المخدرات ، فقضى فترة من عمره في السجن . وهناك تعرف على مبادئ الإسلام ودرس النصرانية واليهودية وغيرها من الأديان والفرق . وبعد إطلاق سراحه في أوائل الستينات ، أسلم في مسجد ستايت . بحي بروكلين بمدينة نيويورك ، وانتحل لنفسه اسم عيسى عبد الله . وبما أن الوضع الاجتماعي في أمريكا كان مشحوناً بالشعور القومي آنذاك ، فقد أخذ عيسى يدعو شباب السود في ضواحي نيويورك إلى الإسلام ، بطابع قومي ، معتمداً في ذلك على تأويل نصوص الإنجيل المتداول ، والقرآن الكريم . واتخذ شعاراً لفرقته هلالاً بداخله نجمة داود ، وبداخلها صليب فرعون ، وقد أطلق على فرقته في بداية الأمر اسم ( أنصار الصوفية الخاصة ) شعاراً للفرقة ثم غير اسم الفرقة إلى النوبيين انتساباً إلى قبائل النوبة بمصر والسودان ، وإبرازاً للاتجاه القومي ، ثم غير الاسم مرة أخرى إلى جمعية أنصار الله كما فرض على أتباعه في البداية التحلي بقطعة عظم صغيرة في الأذن اليسرى ، وارتداء طرابيش سوداء وملابس من غرب أفريقيا ثم غير الزي إلى حلقة فضية في الأنف مع وضع العمامة على الرأس وارتداء الثوب السوداني .
· النظام الاجتماعي والاقتصادي :(1/1)
- ألزم عيسى أتباعه بالسكن الجماعي ، حيث تتجمع النساء في وحدة خاصة منفصلة عن وحدة الرجال ، ويتجمع الأطفال في وحدة أخرى منفصلة عنهما ، وخصص غرفة واحدة في مهجع النساء للإتصال الجنسي بين المتزوجين بالتناوب وسموا تلك الغرفة ( الغرفة الخضراء ) . وكان عيسى الوحيد الذي يسمح له بحرية الاختلاط مع نساء الفرقة في سكنهن ، فكثرت تقريرات العضوات اللاتي انسحبن من الفرقة بسبب دخوله على نساء الغير وحمل عشرات النساء في آن واحد بأولاد له ، كما اختار عيسى بعض النساء كملك يمين له ، إضافة إلى زوجاته الأربع اللاتي يبدلهن من حين إلى آخر ، وحدد عيسى للنساء ما عدا زوجاته وملك يمينه أعمالاً جماعية معينة مثل الطبخ والخياطة وغسل الثياب وجمع معلومات لتأليف كتب تطبع باسمه .
- فرض عيسى على المعتنقين الجدد تسليم جميع ما عندهم من الأموال والممتلكات وأجبر من كان يعمل منهم أو يدرس في الجامعات بترك العمل والدراسة كما دعاهم إلى مقاطعة أقربائهم ومفاصلتهم وقطع صلتهم بهم حتى لا يكون لهم أدنى درجة في الاستقلال المالي أو الفكري واقتبس عيسى نظام التسول الجماعي من الفرقة الهندوكية ( هاري كريشنا ) التي كانت منتشرة بين الشباب البيض حينئذ ففرضه على جميع أتباعه الذكور حيث ظهروا في زوايا أحياء نيويورك وممرات مطار كيندي وعربات القطارات يتسولون من طلوع الشمس إلى غروبها ويسلمون جميع ما يجمعون من التبرعات إلى عيسى فيتصرف فيها كما يشاء ، ومن لم يجمع الحد الأدنى من التبرعات التي عينها عيسى ( خمسين دولاراً ) حرم آخر النهار من مباشرة زوجته .
الأفكار والمعتقدات :(1/2)
· زار عيسى السودان في عام 1973م ، وقابل أهل المهدي ، والتقط عدة صور فوتوغرافيه لنفسه مع أفراد عائلة المهدي ، وعند عودته إلى أمريكا غير اسمه إلى عيسى عبد الله المهدي ، وادعى أنه حصل على شهادة الدكتوراه في علوم الشريعة خلال الشهور الأربعة التي قضاها هناك . وقد زاره في نيويورك الصادق المهدي وبعض إخوانه الآخرين فصوروا الصادق يعانقه ،ويصافحه وأتباعه ، ويخطب في معبده تأييداً لدعواه ، وغير عيسى اسمه مرة أخرى إلى عيسى الهادي المهدي ، وأضاف اسمه واسم أمه إلى شجرة نسب المهدي المزعوم .
· أعلن عيسى في أواخر السبعينيات أنه مجدد القرن منافساً لابن اليجا محمد ( المعروف بوارث دين محمد ) الذي ادعاه آنذاك . وفي أوائل الثمانينيات تطرق إلى الألوهية حيث صرح في كتبه أنه الإله المتجسد .
· يعتقد الأتباع أن الجنس الأبيض ليسوا بشراً على الحقيقة إذ لا أرواح لهم وإنما تلبست بأجسادهم الأرواح الشريرة فهم حسب اعتقاد الاتباع شياطين في صورة آدميين ، أما الأنبياء فيعتقدون أنهم جميعاً كانوا من أصحاب البشرة السوداء .
· زعم عيسى أن جبريل جامع مريم البتول فأنجبت منه النبي عيسى ( عليه الصلاة والسلام ) وهو بدوره لم يرفعه الله إليه إنما توفاه الله في الأرض .
· ينكر أتباع عيسى نسخ التوراة والإنجيل ويقولون بعدم تحريفهما ، وأوجب عيسى على أتباعه العمل بتعاليمها .
· زعم عيسى على أنه عثر على الصحف التي أنزلت على آدم وشيت وإبراهيم وإدريس كما ادعى أنه ترجم بعض نصوصها إلى اللغة الإنجليزية .
· زاد في الصلاة أشياء كثيرة ، مثل أن يقول المصلي عند التشهد الأخير ( اللهم صلى على محمد أحمد خليفة رسول الله ، ثم ألغى الصلاة على النبي مدعياً أنه شرك وعبادة موجهة إلى رسول من دون الله تعالى ) .
· يعتبر الأتباع يوم الجمعة يوم تمهيد للعيد الأسبوعي وهو يوم السبت فهم يؤدون في السبت بعض الطقوس المقتبسة من طقوس اليهود .(1/3)
· يعتقد الأنصار أن نعيم الجنة نعيماً نفسياً وأن آلام النار آلاماً نفسية وليست حقيقية .
· يحرم الأنصار أكل لحوم الإبل والضب كما لا يجيزون العمل في يوم السبت . كما أنهم يحلون وطء المرأة في دبرها ويبيحون شرب الخمر لأداء الطقوس الدينية اليهودية .
· لهذه الفرقة صحف ومجلات وأكثر من مائتي كتاب ، كلها تنسب إلى عيسى ، وهي تتناول أفكار الفرقة واعتقاداتها ومن ضمنها ترجمة للأوراد الراتبة للمهدي السوداني المزعوم وترجمة وتفسير لبعض أجزاء القرآن .
الانتشار ومواقع النفوذ :
يقع مركز الفرقة في مدينة نيويورك ، ولها أحياء كبيرة أخرى في واشنطن وفيلاديلفيا في الولايات المتحدة ، وفي مونتريال بكندا وسان وان بجزيرة ترينيداد بأمريكا الوسطى ، ولها فروع متوسطة الحجم في جورج تاون وجمهورية غيانا بأمريكا الجنوبية ، وجزيرة سانت فيسانت من جزر الكاريبي .
ويتضح مما سبق :
أن الأنصار فرقة باطنية عنصرية ظهرت بين السود في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الستينيات ومنها امتدت إلى دول مجاورة ، وهي تدعي الإسلام والانتساب إلى المهدية في السودان ، ويعتقد أتباع هذه الفرقة أن الجنس الأبيض لا أرواح لهم وأنهم ليسوا بشراً ، وقد زعم مؤسس هذه الفرقة أنه الإله المتجسد ، وافترى على مريم بهتاناً عظيماً فقال إن جبريل جامعها فأنجب منها عيسى عليه السلام ، وتنكر هذه الفرقة نسخ التوراة والإنجيل ، وتحل وطء المرأة في دبرها ، وغير ذلك من الأمور والعقائد لشاذة .(1/4)
الاستشراق
التعريف :
الاستشراق تعبير يدل على الاتجاه نحو الشرق ، ويطلق على كل ما يبحث في أمور الشرقيين وثقافتهم وتاريخهم . ويقصد به ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي ، والتي تشمل حضارته وأديانه وآدابه ولغاته وثقافته . ولقد أسهم هذا التيار في صياغة التصورات الغربية عن الشرق عامة وعن العالم الإسلامي بصورة خاصة ، معبرا عن الخلفية الفكرية للصراع الحضاري بينهما .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
- البدايات :
- من الصعب تحديد بداية للاستشراق ، إذ أن بعض المؤرخين يعودون به إلى أيام الدولة الإسلامية في الأندلس ، في حين يعود به آخرون إلى أيام الصليبيين ، بينما يرجعه كثيرون إلى أيام الدولة الأموية في القرن الثاني الهجري . وأنه نشط في الشام بواسطة الراهب يوحنا الدمشقي في كتابين الأول : حياة محمد . والثاني : حوار بين مسيحي ومسلم . وكان هدفه إرشاد النصارى في جدل المسلمين . وأيا كان الأمر فإن حركة الاستشراق قد انطلقت بباعث ديني يستهدف خدمة الاستعمار وتسهيل عمله ونشر المسيحية .
- وقد بدأ الاستشراق اللاهوتي بشكل رسمي حين صدور قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312م وذلك بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية .
- لم يظهر مفهوم الاستشراق في أوروبا إلا مع نهاية القرن الثامن عشر ، فقد ظهر أولا في إنجلترا عام 1779م ، وفي فرنسا عام 1799م كما ادرج في قاموس الأكاديمية الفرنسية عام 1838م .
- هربر دي أورلياك (938-1003م) من الرهبانية البندكتية ، قصد الأندلس ، وقرأ على أساتذتها ثم انتخب – بعد عودته – حبرا أعظم باسم سلفستر الثاني 999-1003م فكان بذلك أول بابا فرنسي .
- في عام 1130م قام رئيس أساقفة طليطلة بترجمة بعض الكتب العلمية العربية .
- جيرار دي كريمونا 1114-1187م إيطالي ، قصد طليطلة وترجم ما لا يقل عن 87 مصنفا في الفلسفة والطب والفلك وضرب الرمل .(1/1)
- بطرس المكرم 1094-1156م فرنسي من الرهبانية البندكتية ، رئيس دير كلوني ، قام بتششكيل جماعة من المترجمين للحصول على معرفة موضوعية عن الإسلام . وقد كان هو ذاته وراء أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية 1143م التي قام بها الإنجليزي روبرت أوف كيتون .
- يوحنا الإشبيلي : يهودي متنصر ظهر في منتصف القرن الثاني عشر وعني بعلم التنجيم ، نقل إلى العربية أربعة كتب لأبي معشر البخلي 1133م وقد كان ذلك بمعاونة إدلر أوف باث .
- روجر بيكون 1214-1294م إنجليزي ، تلقى علومه في أكسفورد وباريس حيث نال الدكتوراه في اللاهوت ، ترجم عن العربية كتاب مرآة الكيمياء نورمبرج 1521م .
- رايموند لول 1235-1314م قضى تسع سنوات 1266-1275م في تعلم العربية ودراسة القرآن وقصد بابا روما وطالبه بإنشاء جامعات تدرس العربية لتخريج مستشرقين قادرين على محاربة الإسلام . ووافقه البابا . وفي مؤتمر فينا سنة 1312م تم إنشاء كراس للغة العربية في خمس جامعات أوربية هي : باريس ، اكسفورد ، ويولونيا بإيطاليا ، وسلمنكا بأسبانيا ، بالإضافة إلى جامعة البابوية في روما .
- قام المستشرقون بدراسات متعددة عن الإسلام واللغة العربية والمجتمعات المسلمة . ووظفوا خلفياتهم الثقافية وتدريبهم البحثي لدراسة الحضارة الإسلامية والتعرف على خباياها لتحقيق أغراض الغرب الاستعمارية والتنصيرية .(1/2)
- وقد اهتم عدد من المستشرقين اهتماما حقيقيا بالحضارة الإسلامية وحاول أن يتعامل معها بموضوعية . وقد نجح عدد قليل منهم في هذا المجال . ولكن حتى هؤلاء الذين حاولوا أن ينصفوا الإسلام وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يستطيعوا أن ينفكوا من تأثير ثقافاتهم وعقائدهم فصدر منهم ما لا يقبله المسلم . وهذا يعني أن أي تصنيف للمستشرقين إلى منصفين ومتعصبين هو أمر تختلف حوله الآراء . فقد يصدر ممن عرف عن الاعتدال قولا أو رأيا مرفوضا ، وقد يحصل العكس فتكون بعض آراء المتعصبين إنصافا جميلا للإسلام ، ولهذا نتوقع أن تكون بعض الأسماء التي شملها تصنيفنا الآتي محل نظر .
· مستشرقون منصفون :
- هادريان ريلاند ت1718م أستاذ اللغات الشرقية في جامعة أوترشت بهولندا ، له كتاب الديانة المحمدية في جزأين باللغة اللاتينية 1705م ، لكن الكنيسة في أوروبا وضعت كتابه في قائمة الكتب المحرم تداولها .
- يوهان ج. رايسكه 1716-1774م هو مستشرق ألماني جدير بالذكر ، اتهم بالزندقة لموقفه الإيجابي من الإسلام ، عاش بائسا ومات مسلولا ، وإليه يرجع الفضل في إيجاد مكان بارز للدراسات العربية بألمانيا .
- سلفستر دي ساسي : 1838م اهتم بالأدب والنحو مبتعدا عن الخوض في الدراسات الإسلامية ، وإليه يرجع الفضل في جعل باريس مركزا للدراسات العربية ، وكان ممن اتصل به رفاعة الطهطاوي .
- توماس أرنولد 1864-1930م إنجليزي ، له الدعوة إلى الإسلام الذي نقل إلى التركية والأردية والعربية .
- غوستاف لوبون : مستشرق وفيلسوف مادي ، لا يؤمن بالأديان مطلقا ، جاءت أبحاثه وكتبه الكثيرة متسمة بإنصاف الحضارة الإسلامية مما دفع الغربيين إلى إهماله وعدم تقديره .
- زيجريد هونكه : اتسمت كتابتها بالإنصاف وذلك بإبرازها تأثير الحضارة العربية على الغرب في مؤلفها الشهير شمس العرب تسطع على الغرب .(1/3)
- ومن المعتدلين : جاك بيرك، أنا ماري شمل، وكارلايل ، ورينيه جينو ، والدتور جرينيه وجوته الألماني .
- أ.ج. أربري ، من كتبه الإسلام اليوم صدر 1943م ، وله التصوف صدر 1950م ، وترجمة معاني القرآن الكريم .
· مستشرقون متعصبون :
- جولد زيهر 1850-1920م مجري يهودي ، من كتبه تاريخ مذاهب التفسير الإسلامي ، والعقيدة والشريعة ، ولقد أصبح زعيم الإسلاميات في أوروبا بلا منازع .
- جون ماينارد أمريكي ، متعصب ، من محرري مجلة الدراسات الإسلامية .
- ص م. زويمر مستشرق مبشر ، مؤسس مجلة العالم الإسلامي الأمريكية ، له كتاب الإسلام تحد لعقيدة صدر 1908م ، وله كتاب الإسلام عبارة عن مجموعة مقالات قدمت للمؤتمر التبشيري الثاني سنة 1911م في لكهنئو بالهند .
- غ. فون. غرونباوم ألماني يهودي ، درس في جامعات أمريكا ، له كتاب الأعياد المحمدية 1915م ودراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية 1954م .
- أ.ج. فينسينك عدو للإسلام ، له كتاب عقيدة الإسلام 1932م ، وهو ناشر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي في لغته الأولى .
- كينيث كراج أمريكي ، متعصب ، له كتاب دعوة المئذنة 1956م .
- لوي ماسينيون فرنسي ، مبشر ، مستشاراً في وزارة المستعمرات الفرنسية لشؤون شمال أفريقيا ، له كتاب الحلاج الصوفي شهيد الإسلام 1922م .
- د.ب. ماكدونالد أمريكي ، متعصب مبشر ، له كتاب تطور علم الكلام والفقه والنظرية الدستورية 1930م ، وله الموقف الديني والحياة في الإسلام 1908م .
- مايلز جرين سكرتير تحرير مجلة الشرق الأوسط .
- د.س. مرجليوث 1885-1940م إنجليزي ، متعصب ، من مدرسته طه حسين وأحمد أمين ، وله كتاب التطورات المبكرة في الإسلام صدر 1913م ، وله محمد ومطلع الإسلام صدر 1905م وله الجامعة الإسلامية صدر 1912م .
- بارون كارادي فو فرنسي ، متعصب ، من كبار محرري دائرة المعارف الإسلامية .(1/4)
- هـ. أ. ر. جب 1895-1965م إنجليزي ، من كتبه المذهب المحمدي 1947م والاتجاهات الحديثة في الإسلام 1947م .
- ر.أ. نيكولسون إنجليزي ، ينكر أن يكون الإسلام دينا روحيا وينعته بالمادية وعدم السمو الإنساني ، وله كتاب متصوفوا الإسلام 1910م وله التاريخ الأدبي للعرب 1930م .
- هنري لامنس اليسوعي 1872-1937فرنسي ، متعصب ، له كتاب الإسلام وله كتاب الطائف ، من محرري دائرة المعارف الإسلامية .
- دوزيف شاخت ألماني متعصب ضد الإسلام ، له كتاب أصول الفقه الإسلامي .
- بلاشير : كان يعمل في وزارة الخارجية الفرنسية كخبير في شؤون العرب والمسلمين .
- ألفردجيوم إنجليزي ، متعصب ضد الإسلام من كتبه الإسلام .
- الأفكار والمعتقدات :
· أهداف الاستشراق
- الهدف الديني :
كان هذا الهدف وراء نشأة الاستشراق ، وقد صاحبه خلال مراحله الطويلة ، وهو يتمثل في :
1) التشكيك في صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، والزعم بأن الحديث النبوي إنما هو من عمل المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى ، والهدف الخبيث من وراء ذلك هو محاربة السنة بهدف إسقاطها حتى يفقد المسلمون الصورة التطبيقية الحقيقية لأحكام الإسلام ولحياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يفقد الإسلام أكبر عناصر قوته .
2) التشكيك في صحة القرآن والطعن فيه ، حتى ينصرف المسلمون عن الاتقاء على هدف واحد يجمعهم ويكون مصدر قوته وتنأى بهم اللهجات القومية عن الوحي باعتباره المصدر الأساسي لهذا الدين (تنزيل من حكيم حميد) .
3) التقليل من قيمة الفقه الإسلامي واعتباره مستمدا من الفقه الروماني .
4) النيل من اللغة العربية واستبعاد قدرتها على مسايرة ركب التطور وتكريس دراسة اللهجات لتحل محل العربية الفصحى .
5) إرجاع الإسلام إلى مصادر يهودية ونصرانية بدلا من إرجاع التشابه بين الإسلام وهاتين الديانتين إلى وحدة المصدر .
6) العمل على تنصير المسلمين .(1/5)
7) الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والأخبار الموضوعة في سبيل تدعيم آرائهم وبناء نظرياتهم .
8) لقد كان الهدف الاستراتيجي الديني من حملة التشويه ضد الإسلام هو حماية أوروبا من قبول الإسلام بعد أن عجزت عن القضاء عليه من خلال الحروب الصليبية .
- الهدف التجاري :
لقد كانت المؤسسات والشركات الكبرى ، والملوك كذلك ، يدفعون المال الوفير للباحثين ، من أجل معرفة البلاد الإسلامية وكتابة تقارير عنها ، وقد كان ذلك جليا في عصر ما قبل الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي في القرنين التاسع والعشرين .
- الهدف السياسي يهدف إلى :
1) إضعاف روح الإخاء بين المسلمين والعمل على فرقتهم لإحكام السيطرة عليهم .
2) العناية باللهجات العامية ودراسة العادات السائدة لتمزيق وحدة المجتمعات المسلمة .
3) كانوا يوجهون موظفيهم في هذه المستعمرات إلى تعلم لغات تلك البلاد ودراسة آدابها ودينها ليعرفوا كيف يسوسونها ويحكمونها .
4) في كثير من الأحيان كان المستشرقون ملحقين بأجهزة الاستخبارات لسبر غور حالة المسلمين وتقديم النصائح لما ينبغي أن يفعلوه لمقاومة حركات البعث الإسلامي .
- الهدف العلمي الخالص :
بعضهم اتجه إلى البحث والتمحيص لمعرفة الحقيقة خالصة ، وقد وصل بعض هؤلاء إلى الإسلام ودخل فيه ، نذكر منهم :
1) توماس أرنولد الذي أنصف المسلمين في كتابه الدعوة إلى الإسلام .
2) المستشرق الفرنسي رينيه فقد أسلم وعاش في الجزائر وله كتاب أشعة خاصة بنور الإسلام مات في فرنسا لكنه دفن في الجزائر .
· أهم المؤلفات :
- تاريخ الأدب العربي : كارل بروكلمان ت1956م .
- دائرة المعارف الإسلامية : ظهرت الطبعة الأولى بالإنجليزية والفرنسية والألمانية وقد صدرت في الفترة 1913-1938م ، غير أن الطبعة الجديدة قد ظهرت بالإنجليزية والفرنسية فقط من عام 1945-م وحتى عام 1977م .(1/6)
- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث الشريف والذي يشمل الكتب الستة المشهورة بالإضافة إلى مسند الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل وقد وضع في سبعة مجلدات نشرت ابتداء من عام 1936م .
- لقد بلغ ما ألفوه عن الشرق في قرن ونصف قرن ( منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين ) ستين ألف كتاب .
· المؤتمرات والجمعيات :
- عقد أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس سنة 1873م .
- تتابعت المؤتمرات بعد ذلك حتى بلغت أكثر من ثلاثين مؤتمرا دوليا ، فضلا عن الندوات واللقاءات الإقليمية الكثيرة الخاصة بكل دولة من الدول كمؤتمر المستشرقين الألمان الذي عقد في مدينة درسدن بألمانيا عام 1849م ، وما تزال تنعقد مثل هذه المؤتمرات باستمرار حتى الآن .
- يحضر هذه المؤتمرات مئات من العلماء المستشرقين ، حيث حضر مؤتمر أكسفورد تسعمائة (900) عالم من خمس وعشرين دولة وثمانين جامعة وتسع وستين جمعية علمية .
- هناك العديد من الجمعيات الاستشراقية كالجمعية الآسيوية في باريس تأسست عام 1822م ، والجمعية الملكية الآسيوية في بريطانيا وإيرلندا عام 1823م ، والجمعية الشرقية الأمريكية عام 1842م والجمعية الشرقية الألمانية عام 1845م .
· المجلات الاستشراقية :
للمستشرقين اليوم من المجلات والدوريات عد هائل يزيد على ثلاثمائة مجلة متنوعة وبمختلف اللغات نذكر منها على سبيل المثال :
1) مجلة العالم الإسلامي أنشأها صمويل زويمر ت1952م في بريطانيا سنة 1911م وقد كان زويمر هذا رئيس المبشرين في الشرق الأوسط .
2) مجلة عالم الإسلام ظهرت في بطرسبرج عام 1912م لكنها لم تعمر طويلا .
3) مجلة ينابيع الشرق أصدرها هامر برجشتال في فيينا من 1809 إلى 1818م .
4) مجلة الإسلام ظهرت في باريس عام 1895م ثم خلفتها عام 1906م مجلة العالم الإسلامي التي صدرت عن البعثة العلمية الفرنسية في المغرب وقد تحولت بعد ذلك إلى مجلة الدراسات الإسلامية .(1/7)
5) في عام 1910م ظهرت مجلة الإسلام .
· الاستشراق في خدمة الاستعمار :
- كارل هنيريش بيكر ت1933م مؤسس مجلة الإسلام الألمانية ، قام بدراسات تخدم الأهداف الاستعمارية في أفريقيا .
- بار تولد لآشقفاخمي ت 1930م مؤسس مجلة عالم الإسلام الروسية ، قام ببحوث تخدم مصالح السيادة الروسية في آسيا الوسطى .
- الهولندي سنوك هرجرونجه 1857-1936م قدم إلى مكة عام 1884م تحت اسم عبد الغفار ، ومكث مدة نصف عام ، وعاد ليكتب تقارير تخدم الاستعمار في المشرق الإسلامي ، وقد سبق له أن أقام في جاوه مدة 17 سنة ، وقد صدرت الصور التي أخذها لمكة والأماكن المقدسة في كتاب بمناسبة مرور مائة سنة على تصويرها .
- معهد اللغات الشرقية بباريس المؤسس عام 1885م كانت مهمته الحصول على معلومات عن البلدان الشرقية وبلدان الشرق الأقصى مما يكل أرضية تسهل عملية الاستعمار في تلك المناطق .
- وهكذا نرى أن مثل هؤلاء المستشرقين جزء من مخطط كبير هو المخطط الصهيوني الصليبي لمحاربة الإسلام ، ولا نستطيع أن نفهمهم على حقيقتهم إلا عندما نراهم في إطار ذلك المخطط الذي يهدف إلى تخريج أجيال لا تعرف الإسلام أو لا تعرف من الإسلام إلا الشبهات ، وقد تم انتقاء أفراد من هذه الأجيال لتتبوأ أعلى المناصب ومراكز القيادة والتوجيه لتستمر في خدمة الاستعمار .
· آراء استشراقية خطرة :
- جورج سيل زعم في مقدمة ترجمته لمعاني القرآن 1736م ، أن القرآن إنما هو من اختراع محمد ومن تأليفه وأن ذلك أمر لا يقبل الجدل .
- ريتشارد بل يزعم بأن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قد استمد القرآن من مصادر يهودية ومن العهد القديم بشكل خاص ، وكذلك من مصادر نصرانية .
- دوزي ت 1883م : يزعم أن القرآن الكريم ذو ذوق رديء للغاية ولا جديد فيه إلا القليل ، كما يزعم أن فيه إطنابا بالغا ومملا إلى حد بعيد .(1/8)
- جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني أومسبي غو لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير 1938م : أن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الامبراطورية أن تحذره وتحاربه ، وليس الامبراطورية وحدها بل فرنسا أيضا ، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة .
- يقول شيلدون آموس : إن الشرع المحمدي ليس إلا القانون الروماني للامبراطورية الشرقية معدلا وفق الأحوال السياسية في الممتلكات العربية ، ويقول كذلك : إن القانون المحمدي ليس سوى قانون جستنيان في لباس عربي .
- قال رينان الفرنسي : إن الفلسفة العربية هي الفلسفة اليونانية مكتوبة بأحرف عربية .
- أما لويس ماسينيون فقد كان زعيم الحركة الرامية إلى الكتابة في العامية وبالحرف اللاتيني .
- مما لا شك فيه أن للمستشرقين فضلا كبيرا في إخراج الكثير من كتب التراث ونشرها محققة مفهرسة مبوبة .
- ولا شك أن الكثير منهم يملكون منهجية علمية تعينهم على البحث .
- ولا ريب في أن لدى بعضهم صبرا ودأبا وجلدا في التحقيق والتمحيص وتتبع المسائل .
- وما على المسلم إلا أن يلتقط الخير من مؤلفاتهم متنها إلى مواطن الدس والتحريف ليتجنبها أو ليكشفها أو ليرد عليها لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ، خاصة وأن الفكر الاستشراقي المعاصر قد بدأ يغير من أساليبه وقسماته من أجل المحافظة على الصداقة والتعاون بين العالم الغربي والعالم الإسلامي وإقامة حوار بين المسيحية والإسلام ، ومحاولة تغيير النظرة السطحية الغربية إلى المسلمين ، وربما كمحاولة لاستقطاب القوى الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافهم فلنكن حذرين .
الجذور الفكرية والعقائدية :(1/9)
· لقد كان الاستشراق وليد الاحتكاك بين الشرق الإسلامي والغرب النصراني أيام الصليبيين ، وعن طريق السفارات والرحلات ويلاحظ دائما أن هناك تقاربا وتعاونا بين الثالوث المدمر : التنصير والاستشراق والاستعمار ، والمستعمرون يساندون المستشرقين والمنصرين لأنهم يستفيدون منهم كثيرا في خططهم الاستعمارية .
· كان الدافع الأساسي هو الجانب اللاهوتي النصراني بغية تحطيم الإسلام من داخله بالدس والكيد والتشويه ، ولكن الاستشراق بعد ذلك وفي الآونة الأخيرة بدأ يتحلل من هذا القيد نوعا ما ليتوجه توجها أقرب إلى الروح العلمية .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· الغرب هو المسرح الذي يتحرك فوق أرضه المستشرقون ، فمنهم الألمان ومنهم البريطانيون والفرنسيون والهولنديون والمجريون ، وظهر بعضهم في إيطاليا وفي إسبانيا ، وقد علا نجم الاستشراق في أمريكا وصارت له فيها مراكز كثيرة .
· لم تبخل الحكومات ، ولا الهيئات ولا الشركات ولا المؤسسات ولا الكنائس في يوم من الأيام في دعم حركة الاستشراق ومدها بما تحتاجه من مال ، وتأييد وإفساح الطريق أمامها في الجامعات حتى بلغ عدد هؤلاء المستشرقين آلافا كثيرة .
· لقد كانت حركة الاستشراق مسخرة في خدمة الاستعمار ، وفي خدمة التنصير وأخيرا في خدمة اليهودية والصهيونية التي يهمها إضعاف الشرق الإسلامي وإحكام السيطرة عليه بشكل مباشر أو غير مباشر .
· استطاع المستشرقون أن يتسللوا إلى المجامع العلمية وقد عين عدد كبير منهم أعضاء في هذه المجامع في سوريا ومصر ، كما استطاعوا أن يؤثروا على الدراسات العربية والإسلامية في العالم الإسلامي من خلال تلاميذهم ومؤلفاتهم .
ويتضح مما سبق :(1/10)
· أن الاستشراق تيار فكري يتجه صوب الشرق ، لدراسة حضارته وأديانه وثقافته ولغته وآدابه ، من خلال أفكار اتسم معظمها بالتعصب ، والرغبة في خدمة الاستعمار ، وتنصير المسلمين ، وجعلهم مسخا مشوها للثقافة الغربية ، وذلك ببث الدونية فيهم ، وبيان أن دينهم مزيج من اليهودية والنصرانية ، وشريعتهم هي القوانين الرومانية مكتوبة بأحرف عربية ، والنيل من لغتهم ، وتشويه عقيدتهم وقيمهم ، ولكن بعضهم رأى نور الحقيقة فأسلم وخدم العقيدة الإسلامية ، وأثر في محدثيهم ، فبدأت كتاباتهم تجنح نحو العلمية ، وتنحو نهو العمق بدلا من السطحية ، وربما صدر ذلك عن رغبة من بعضهم في استقطاب القوى الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافهم الاستشراقية ، وهذا يقتضي الحذر عند التعامل مع الفكر الاستشراقي الذي يتدثر الآن بدثار الموضوعية .(1/11)
البانتشاسيلا
التعريف :
البانتشاسيلا ( أو المبادئ الخمسة المتلاحمة ) هي خمسة مبادئ رئيسية أعلنت غداة الاستقلال سنة 1945م ووضعت في دستور أندونيسيا المسلمة ، ليسير على هديها ، الشعب الأندونيسي المسلم ، بديلاً عن العقيدة الإسلامية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· في سنة 1945م عقدت لجنة الإعداد للاستقلال في أندونيسيا ، لوضع أسس للدولة المقبلة .
- واحتدم الخلاف بين القوى الإسلامية والوطنية - كما يقال عنهم - حول أساس الدولة ، هل هو الإسلام أو اللادينية .
- في أثناء ذلك وضع سوكارنو - وهو أول رئيس لاندونيسيا بعد الاستقلال المبادئ الخمسة ( البانتشاسيلا ) لتكون أساس وفلسفة الدولة .
- وأنجزت اللجنة التساعية التي ضمت الزعماء الإسلاميين والزعماء الوطنيين مهمتها في وضع ميثاق جاكرتا وتم التوقيع عليه في 22 يونيو 1945م . وهذا الميثاق أصبح مقدمة لدستور سنة 1945م بعد إلغاء جملة : "مع وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية على معتنقيها" . ويقال إن سبب إلغاء هذه الجملة هو صدور إنذار من النصارى- وهم قلة قليلة في أندونيسيا -بعدم المشاركة في النضال لنيل الاستقلال إذا لم تحذف هذه العبارة .
- وهكذا ضاع أمل الإسلاميين في إنشاء دولة إسلامية في اندونيسيا نتيجة فكر الدول الصليبية وتلاميذها من القادة العلمانيين .
- وكان سوكارنوا - واضع المبادئ الخمسة - يحكم أندونيسيا مثل باقي العسكريين الذين استولوا على السلطة في دول العالم الثالث بالحديد والنار .
- وعرف سوكارنو ببعده عن الإسلام وتحلله الأخلاقي طوال فترة حكمه وقد لقيت الدعوة الإسلامية في أندونيسيا أشد العنت إبان حكمه .(1/1)
· الرئيس ( سوهارتو ) الذي استولى على السلطة بانقلاب عسكري وأقصى سوكارنو عن الحكم .. سار على نهجه ، في صبغ أندونيسيا المسلمة بالصبغة العلمانية ( اللادينية ) وأطلق يد كل أعداء الإسلام للعمل في البلاد وفتح أبواب أندونيسيا للتنصير وإحياء الوثنية ونشر الفساد والتحلل الأخلاقي في البلاد .
الأفكار والمعتقدات :
· يقوم البانتشاسيلا على خمسة مبادئ هي :
- الإيمان بالله الواحد الأحد ( الربانية المتفردة ) .
- القومية وتنادي ( بالوحدة الأندونيسية ) .
- الديمقراطية أو ( الشعبية الموجهة بالحكمة في الشورى النيابية ) .
- الإنسانية العادلة المهذبة .
- العدالة الاجتماعية .
- على أساس أن هذه المبادئ هي نقاط التفاهم بين جميع الطوائف في أندونيسيا .
- هذه المبادئ الخمسة بقيت مبادئ نظرية محضة ، أو شعارات مرفوعة - كما هي الحال في الحكومات العسكرية في العالم الإسلامي - وتخفي وراءها العلمانية التي تسعى إلى سلخ الشعب المسلم في أندونيسيا عن الإسلام شيئاً فشيئاً .
- لا يقصد بـ ( الإيمان بالله ) (المبدأ الأول من المبادئ الخمسة ) ، الإيمان القائم على العقيدة الصحيحة والوحي الإلهي المجرد من كل المؤثرات ، وفكرة الله عند سوكارنو ( المنظر لهذه المبادئ ) : ( أن الإنسان الذي لا يزال يعيش على الزراعة يشعر بحاجة إلى الله وإذا بلغ مرحلة الصناعة لم يعد يرى ثمة ضرورة لوجود الله ) .
- إذاً المقصود بوجود هذا المبدأ ( الإيمان بالله ) هو الخداع والتمويه على الحقيقة اللادينية للبانتشاسيلا .
· العلمانية والتغريب هما خلفية البانتشاسيلا ومن هذا الباب دخلت الصليبية والجمعيات التنصيرية من كل طائفة وملة إلى أندونيسيا بتسهيلات من الحكومة الأندونيسية ، والأمم المتحدة باسم رعاية الأمومة والطفولة ، ومكافحة الأمراض وفتح المستشفيات .. الخ .(1/2)
· بلغ عدد الذين تركوا الإسلام واعتنقوا الكاثوليكية في أندونيسيا 20 ميلوناً ضمن سكان الدولة المسلمة التي كانت مسلمة مائة بالمائة .
· الرابطة القومية - اللادينية - هي التي تربط أفراد الشعب الأندونيسي بعضهم ببعض .. وهذه الرابطة صدى للدعوات القومية التي ظهرت في أوروبا وتسعى الآن للتخلص منها وإحياء الانتماء لديهم للنصرانية واليهودية .. وهدف القومية الأندونيسية إبعاد العقيدة الإسلامية عن عوامل وحدة الشعب الأندونيسي وبالتالي إبعاد الشعب عنها شيئاً فشيئاً .
· الإنسان فكرة أصبحت مبدأ من المبادئ الخمسة ، تخفي وراءها الدعوة اللادينية ، والحقد على الإسلام . . باعتبار أن الشعب الأندونيسي ليس كله مسلما .. وأن الذي يجمعهم هو الإنسانية .
· العدالة الإجتماعية .. مقولة جميع الحكام العسكريين في دولة العالم الثالث ولكن بدون ممارسة حقيقية ، أو وجود واقعي .. وإلا فلماذا انتشر الفساد واللصوصية والرشوة والمحسوبية بين المسؤولين في أندونيسيا وفي سواها ممن نهج نهجها .
- انطلاقاً من التزام الحكومة بالبانتشاسيلا باعتبارها الأساس الوحيد المعترف به للسياسة العامة للدولة فقد صدرت القوانين التي اعتبرت أية دعوة لتطبيق الدين الإسلامي دعوة تخريبية تهدد أساس استقرار المجتمع - كما حاولت الحكومة عام 1973م منع المسلمين من التحاكم لقوانين الشريعة الإسلامية المتعلقة بالزواج والطلاق والأحوال الشخصية إلا أن تلك المحاولة أسقطتها المظاهرات التاريخية الكبرى التي قام بها الشباب المسلم آنذاك .
· كما اتجهت الحكومة لمنع حجاب الشابات المسلمات وألحقت جهاز بوليس بكل مصلحة حكومية لتولي مسؤولية مراقبة وملاحقة أنشطة الدعوة الإسلامية .
· وعلى أساس البانتشاسيلا اعترفت الحكومة بالنصرانية وتمثل 5 % والأديان الوثنية و البوذية 2 % والهندوكية 2 % وباقي الوثنية 2 % على الرغم من أن الإسلام يمثل 88 % من عدد السكان البالغ 160 مليون نسمة .(1/3)
· وتعامل الحكومة - انطلاقاً من البانتشاسيلا - الأديان معاملة متساوية لذلك أتاحت للهيئات التبشيرية كامل الحرية في نشر الديانة النصرانية بين المسلمين وكذلك تقدم الحكومة برامج متساوية على شاشة التلفزيون لنشر تعاليم كل الأديان !! .
- ونظراً لأعمال البانتشاسيلا فإن عدد الكنائس والمعابد البوذية والهندوكية أصبحت مقاربة لعدد مساجد المسلمين .
· أدخلت الحكومة مبادئ البانتشاسيلا كمادة أساسية في مجال التربية والتعليم في جميع المراحل التعليمية ، وأعدت دورات تدريبية لجميع موظفي الحكومة والقطاع الخاص لدراسة مبادئها . زعماً بأن البانتشاسيلا ليست ضد الإسلام والمسلمين وإنما تعني حرية الأديان للتعايش السلمي .
· ومما تجدر ملاحظته ما قيل من أن الرئيس سوكارنو قد اقتبس مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والإنسانية من الزعيم الوطني " سون يات سن " وأضاف إليها مبدئي الألوهية ووحدة أندونيسيا .
· وهكذا انطلقت الجمعيات التنصيرية لتنصير المسلمين في أندونيسيا حتى أصبح المنصرون من المسلمين الأندونيسيين يتعدون عشرين مليوناً انطلاقاً من البانتشاسيلا التي باركها الغرب .
ويتضح مما سبق :
أن البانتشاسيلا هي خمسة مبادئ أعلنت غداة استقلال أندونيسيا المسلمة ليسير الشعب على هديها وهي : الإيمان بالله الواحد والقومية والديمقراطية والإنسانية والعدالة الاجتماعية ،وفي ظل هذه الشعارات النظرية عربدت العلمانية في أندونيسيا . في بيان المبدأ الأول قال سوكارنو منظر هذه المبادئ إن المزارع يشعر بحاجته إلى الله أما الصانع فلا يرى ضرورة لوجوده ، وفي ظل هذه المبادئ تم تنصير الملايين من المسلمين في أندونيسيا ، وفي ظل هذه المبادئ تمنع الحكومة الحجاب وتلاحق الدعاة إلى الله .(1/4)
أمل وأفواج المقاومة اللبنانية
التعريف :
أمل : حركة شيعية لبنانية مسلحة ، أسسها موسى الصدر في لبنان سنة 1975م لتكون الجناح العسكري لحركة المحرومين ( الشيعة ) . وللدفاع عن مصالح الشيعة كمذهب متميز عن السنة ، في الصراع الطائفي اللبناني .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
بعد حرب رمضان عام 1393هـ – 1973م عبأ موسى الصدر شيعة جنوب لبنان بسبب الصراع المسلح ، لحماية الشيعة في مواجهة اليهود في فلسطين المحتلة . وفي عام 1394هـ - 1974م أسس الصدر حركة المحرومين ... للدفاع عن مصالح الشيعة في لبنان ، وألحق بها ميليشيات مسلحة عام 1975م أطلق عليها اسم ( أفواج المقاومة اللبنانية ) وعرفت هذه الميليشيات اختصاراً بـ ( أمل ) وهي كلمة تضم الحروف الأولى من اسم الميليشيا ، وتدربت حركة أمل على السلاح في معسكرات منظمة فتح الفلسطينية .
وبقيت حركة أمل تحت قيادة موسى الصدر إلى أن اختفى في ظروف غامضة فاستلم قيادتها نبيه بري القائد الحالي للمنظمة .
وأبرز الشخصيات في حركة أمل هم :(1/1)
· موسى الصدر : ولد في مدينة قم بإيران عام 1928م . وتخرج من جامعة طهران ، كلية الحقوق والاقتصاد والسياسة وليس العلوم الشرعية وتربطه بالخميني صلة نسب حيث أن أحمد بن الخميني متزوج من بنت أخت موسى الصدر وابن الصدر متزوج من حفيدة الخميني . وقد توجه الصدر إلى لبنان سنة 1958م بناء على أوامر من شاه إيران وأقام فيها ، وحصل على الجنسية اللبنانية بقرار من فؤاد شهاب الذي تولى رئاسة الجمهورية في لبنان بين عامي 1958م - 1964م . ولا يعلم أحد سر هذا القرار الفريد من نوعه ، ذلك أن الجنسية اللبنانية ، يصعب الحصول عليها من غير النصارى ، ولا زال هناك قبائل ومواطنون لبنانيون منذ القديم لا يحملون الجنسية اللبنانية . فكيف منح الصدر الجنسية بهذه السرعة وهو إيراني مسلم ؟. - في نهاية الستينيات نصب الصدر نفسه قائداً للشيعة ، وقد صدق هذا التنصيب بعد أن اختير في سنة 1969م رئيساً للمجلس الشيعي الأعلى الذي شكلته الحكومة وقتها استجابة لطلبات الشيعة حيث أصبح صوتها عالياً ومؤثراً في مسرى الحياة السياسية اللبنانية بفضل الصدر وبموافقه الموارنة . وبتشكيل المجلس الشيعي الأعلى انفصل الشيعة عن السنة في لبنان وصاروا طائفة مستقلة كالموارنة ، وقام الصدر بعد ذلك بإنشاء المدارس والنوادي وجعلها مركزاً لنشاطه السياسي المشبوه . - اختفى موسى الصدر في سنة 1978م عندما كان في زيارة إلى ليبيا وتقول ليبيا أنه غادرها إلى أوروبا ، ولا يعلم سبب اختفائه حتى الآن . · نبيه بري : وهو محام لبناني ولد في سيراليون وعاش معظم سني عمره بعد تخرجه من الجامعة في الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن ديترويت جاء أو جيء به ليكون الرجل الأول في لبنان واستلم رئاسة مجلس قيادة أمل في أوائل سنة 1980م . · محمد مهدي شمس الدين : مفتى الشيعة ، ونائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان لأن موسى الصدر لا زال هو الرئيس حتى الآن .(1/2)
· حسين الحسيني : ويشغل وظيفة الأمين العام لحركة أمل . · مصطفى جمران : أو مصطفى شمران كما كان يطلق عليه في لبنان قبل نشوب الثورة الشيعية في إيران ووزير الدفاع الإيراني بعد ثورة إيران على الشاه . وكان أكبر أعوان موسى الصدر ، وكان يتولى الإشراف على فروع حركة أمل العسكرية قبل نشوب الثورة الإيرانية . الأفكار والمعتقدات : · حركة أمل شيعية المذهب ، تتبع المذهب الجعفري في جميع معتقداته . · الثورة والصراع المسلح من أسس قيام حركة أمل ، ولكن الثورة ضد من ؟! - ليست ضد الموارنة لأن موسى الصدر مؤسس الحركة سانده المورانة وأعطوه الجنسية وفتحوا له كل الأبواب في لبنان .. ونصبوه زعيماً للشيعة هناك ! - وليست ضد اليهود ( إسرائيل ) لأن تصريحات موسى الصدر عندما بدأت صورته الحقيقة تتضح قال : " لسنا في حالة حرب مع إسرائيل والعمل الفدائي يحرجنا " ! - إذاً لم يبق إلا السنة والمنظمات الفلسطينية التي يعدونها من السنة وخطراً عليهم وهذا يتضح من خطبه في مناطق متعددة في لبنان بعد أن استتب الأمر ، إذ نقلت الصحف اللبنانية عنه سنة 1974م : " الثورة لم تمت في رمال كربلاء بل تدفقت في مجرى حياة العالم الإسلامي " . وقال أيضاً : " وابتداء من اليوم لن نشكو ولن نبكي ، فاسمنا هو الرافضون رجال الثأر . لقد واجه الحسين العدو ومعه سبعون رجلاً ، وكان العدو كثير العدد ، أما اليوم فنحن نعد أكثر من سبعين ، ولا يعد عدونا ربع سكان العالم ". · لا بأس أن نذكر أن موسى الصدر رفع شعارات لحركة المحرومين التي هي أصل حركة أمل ، من هذه الشعارات التي انكشف زيفها بعد ذلك : الإيمان بالله والتراث اللبناني والعدالة الاجتماعية والوطنية ، خاصة في الجنوب لإبعاد شبهه تعامل قادتهم مع إسرائيل وتحرير فلسطين ، وأن الحركة لجميع المحرومين وليست خاصة بالشيعة .
الجذور الفكرية والعقائدية :(1/3)
ظاهر حركة أمل أنها حركة سياسية ولا تهتم بالأمور الدينية ، وهمها الأول لبنان وليس لها ارتباطات خارجية .. والواقع يثبت أنها منذ تأسيسها على يد موسى الصدر وهي مرتبطة بالفكر الشيعي المتعصب ضد السنة . وهذا يظهر من تحالفاتها الظاهرة والمستترة .. مع أعداء الإسلام لضرب السنة في لبنان .. ولا تزال تتلقى الدعم الكامل ليبقى لها دورها المرسوم من قبل الأعداء .. على الرغم من تشكيل ما يدعى حزب الله - الموالي لإيران - الذي يظهر له اتجاه ديني أكثر من حركة أمل .
ويتضح مما سبق :
أن حركة أمل في لبنان ليست حركة دينية ولكنها علمانية ولا يهدف القائمون عليها - كما يدعون - إلى تحقيق مكاسب فئوية بل يعتبرونها حركة المحرومين جميعاً . وميثاقها خال من المعنى الإسلامي ولا تدعو إلى تحكيم شرع الله في لبنان . وقد تم صياغة ميثاقها عام 1975م من قبل 180 مثقفاً لبنانياً معظمهم من النصارى ، ومما يؤسف له أنها تعاونت مع القوات الصهيونية في بيروت الغربية وفي جنوب لبنان ضد الفلسطينيين بسبب تلاقي المصالح المزعومة وأحياناً يتوزعون الأدوار بينهم لخدمة هذه المصالح .(1/4)
التغريب
التعريف :
التغريب هو تيار فكري كبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية ، يرمي إلى صبغ حياة الأمم بعامة ، والمسلمين بخاصة بالأسلوب الغربي ، وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
- بدأ المشرقيون في العالم الإسلامي مع نهاية القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر بتحديث جيوشهم وتعزيزها عن طريق إرسال بعثات إلى البلاد الأوربية أو باستقدام الخبراء الغربيين للتدريس والتخطيط للنهضة الحديثة ، وذلك لمواجهة تطلع الغربيين إلى بسط نفوذهم الاستعماري إثر بدء عهد النهضة الأوربية .
- لما قضى السلطان محمود الثاني على الإنكشارية العثمانية سنة 1826م أمر باتخاذ الزي الأوروبي الذي فرضه على العسكريين والمدنيين على حد سواء .
- استقدم السلطان سليم الثالث المهندسين من السويد وفرنسا والمجر وانجلترا وذلك لإنشاء المدارس الحربية والبحرية .
- قام محمد علي والي مصر ، والذي تولى سنة 1805م ، ببناء جيش على النظام الأوروبي ، كما عمد إلى ابتعاث خرجي الأزهر من أجل التخصص في أوروبا .
- أنشأ أحمد باشا باي الأول في تونس جيشا نظاميا ، وافتتح مدرسة للعلوم الحربية فيها صباط وأساتذة فرنسيون وإيطاليون وإنجليز .
- افتتحت أسرة الفاجار التي حكمت إيران كلية للعلوم والفنون على أساس غربي سنة 1852م .
- منذ عام 1860م بدأت حركة التغريب عملها في لبنان عن طريق الإرساليات ، ومنها امتدت إلى مصر في ظل الخديوي إسماعيل الذي كان هدفه أن يجعل مصر قطعة من أوروبا .
- التقى الخديوي إسماعيل في باريس مع السلطان العثماني عبد العزيز 1284هـ/1867م حينما لبيا دعوة الإمبراطور نابليون الثالث لحضور المعرض الفرنسي العام ، وقد كانا يسيران في تيار الحضارة الغربية .(1/1)
- ابتعث كل من رفاعة الطهطاوي إلى باريس وأقام فيها خمس سنوات 1826/1831م وكذلك ابتعث خير الدين التونسي إليها وأقام فيها أربع سنوات 1852-1856م وقد عاد كل منهما محملا بأفكار تدعو إلى تنظيم المجتمع على أساس علماني عقلاني .
- منذ 1830م بدأ المبتعثون العائدون من أوروبا بترجمة كتب فولتير وروسو ومونتسكيو في محاولة منهم لنشر الفكر الأوروبي الذي ثار ضد الدين الذي ظهر في القرن الثامن .
- أنشأ كرومر كلية فيكتوريا بالإسكندرية لتربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا أداة المستقبل في نقل ونشر الحضارة الغربية .
- قال اللورد لويد (المندوب السامي البريطاني في مصر) حينما افتتح هذه الكلية سنة 1936م : كل هؤلاء لن يمضي عليهم وقت طويل حتى يتشبعوا بوجهة النظر البريطانية بفضل العشرة الوثيقة بين المعلمين والتلاميذ .
- كان نصارى الشام من أول من اتصل بالبعثات التبشيرية وبالإرساليات ومن المسارعين بتلقي الثقافة الفرنسية والإنجليزية ، كما كانوا يشجعون العلمانية التحررية وذلك لعدم إحساسهم بالولاء تجاه الدولة العثمانية ، فبالغوا من إظهار إعجابهم بالغرب ودعوا إلى الاقتداء به وتتبع طريقه ، وقد ظهر ذلك جليا في الصحف التي أسسوها وعملوا فيها .
- كان ناصيف اليازجي 1800-1871م وابنه إبراهيم اليازجي 1847-1906م على صلة وثيقة بالإساليات الأمريكية الإنجيلية .
- أسس بطرس البستاني 1819-1883م في عام 1863م مدرسة لتدريس اللغة العربية والعلوم الحديثة فكان بذلك أول نصراني يدعو إلى العروبة والوطنية إذ كان شعاره : حب الوطن من الإيمان . كما أصدر صحيفة الجنان سنة 1870م التي استمرت ست عشرة سنة وقد تولى منصب الترجمة في قنصلية أمريكا ببيروت مشاركا في الترجمة البروتستانتية للتوراة مع الأمريكيين سميث وفانديك .(1/2)
- أنشأ جورجي زيدان 1861-1914م مجلة الهلال في مصر وذلك في سنة 1892م ، وقد كان على صلة بالمبعوثين الأمريكان ، كما كانت له سلسلة من القصص التاريخية التي حشاها بالافتراءات على الإسلام والمسلمين .
- أسس سليم تقلا صحيفة الأهرام في مصر وقد سبق له أن تلقى علومه في مدرسة عبية بلبنان والتي أنشأها المبشر الأمريكي فانديك .
- أصدر سليم النقاش صحيفة المقتطف التي عاشت ثمانية أعوام في لبنان انتقلت بعدها إلى مصر في سنة 1884م .
- تجول جمال الدين الأفغاني 1838-1897م كثيرا في العالم الإسلامي شرقا وغربا وقد أدخل نظام الجمعيات التسرية في العصر الحديث إلى مصر ، كما يقال بأنه انضم إلى المحافل الماسونية ، وكان على صلة بالمستربلنت البريطاني .
- كان الشيخ محمد عبده 1849-1905م من أبرز تلاميذ الأفغاني ، وشريكه في إنشاء مجلة العروة الوثقى ، وكانت له صداقة مع اللورد كرومر والمستربلنت ، ولقد كانت مدرسته ومنها رشيد رضا تدعو إلى مهاجمة التقاليد ، كما ظهرت لهم فتاوى تعتمد على أقصى ما تسمح به النصوص من تأويل بغية إظهار الإسلام بمظهر المتقبل لحضارة الغرب كما دعا الشيخ محمد عبده إلى إدخال العلوم العصرية إلى الأزهر لتطويره وتحديثه .
- كان المستشرق مستربلنت : يطوف هو وزوجته مرتديا الزي العربي ، داعيا إلى القومية العربية وإلى إنشاء خلافة عربية بغية تحطيم الرابطة الإسلامية .
- قاد قاسم أمين 1865-1908م وهو تلميذ محمد عبده ، الدعوة إلى تحرير المرأة وتمكينها من العمل في الوظائف والأعمال العامة . وقد كتب تحرير المرأة 1899م والمرأة الجديدة 1900م .
- كان سعد زغلول : الذي صار وزيرا للمعارف سنة 1906م شديد التأثر بآراء محمد عبده وقد نفذ فكرة كرومر القديمة والداعية إلى إنشاء مدرسة للقضاء الشرعي بقصد تطوير الفكر الإسلامي من خلال مؤسسة غير أزهرية منافسة له .(1/3)
- كان أحمد لطفي السيد 1872-1963م من أكبر مؤسسي حزب الأحرار الدستوريين الذين انشقوا عن سعد زغلول سياسيا ، وكان يدعو إلى الإقليمية الضيقة وهو صاحب العبارة المشهورة التي أطلقها عام 1907م وهي مصر للمصريين وقد تولى شؤون الجامعة المصرية منذ تسلمتها الحكومة المصرية عام 1916م وحتى 1941م تقريبا .
- وكان طه حسين 1889-1973م من أبرز دعاة التغريب في العالم الإسلامي حيث تلقى علومه على يد المستشرق دوركايم وقد نشر أخطر آرائه في كتابيه الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر .
- يقول في كتابه الشعر الجاهلي ص26: للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا أيضا ، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي .
- ويقول بعد ذلك : وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح . كما أنه ينفي فيه نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أشراف قريش .
- لقد بدأ طه حسين محاضرة له في اللغة والأدب بحمد الله والصلاة على نبيه ثم قال : سيضحك مني بعض الحاضرين إذا سمعني أبدأ هذه المحاضرة بحمد الله والصلاة على نبيه لأن ذلك يخالف عادة العصر .
- ازدهرت حركة التغريب بعد سيطرة الاتحاديين عام 1908م على الحكم في الدولة العثمانية وسقوط السلطان عبد الحميد .
- وفي سنة 1924م ألغت حكومة مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية مما مهد لانضمام تركيا إلى الركب العلماني الحديث ، وفرض عليها التغريب بأقصى صوره وأعنفها.(1/4)
- علي عبد الرزاق : نشر سنة 1925م كتابه الإسلام وأصول الحكم الذي ترجم إلى الإنجليزي والأردية ، يحاول فيه المؤلف أن يقنع القارئ بأن الإسلام دين فقط وليس دينا ودولة ، وقد ضرب سميث مثلا به عندما أشار إلى أن التحررية العلمانية والعالمية لا تروج في العالم الإسلامي إلا إذا فسرت تفسيرا إسلاميا مقبولا ، وقد حوكم الكتاب والمؤلف من قبل هيئة العلماء بالأزهر في 12/8/1925م وصدرت ضده إدانة أخرجته من زمرة العلماء ، وكان يشرف على مجلة الرابطة الشرقية كما أقام حفل تكريم لأرنست رينان في الجامعة المصرية بمناسبة مرور مائة سنة على وفاة هذا المستشرق الذي لم يدخل وسعا في مهاجمة العرب والمسلمين .
- وكان محمود عزمي من أكبر دعاة الفرعونية في مصر ، درس على أستاذه دور كايم الذي كان يقول له : إذا ذكرت الاقتصاد فلا تذكر الشريعة ، وإذا ذكرت الشريعة فلا تذرك الاقتصاد .
- وسبق أن قدم منصور فهمي 1886-1959م : أول أطروحة للدكتوراه على أستاذه ليفي بريل مهاجما نظام الزواج في الإسلام التي موضوعها حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها ، وفي هذه الرسالة يقول : محمد يشرع لجميع الناس ويستثني نفسه ، ويقول : إلا أنه أعفى نفسه من المهر والشهود ، لكنه انتقد بعد ذلك حركة التغريب في سنة 1915م وجاهر بآرائه في الأخطاء التي حملها طه حسين ومدرسته .
- ويعتبر إسماعيل مظهر من أئمة مدرسة التغريب لكنه لم يلبث أن تحول عنها إبان عصر النهضة الحديثة .
- وكان زكي مبارك في مقدمة تلاميذ طه حسين ، درس على أيدي المستشرقين وسق له أن قدم أطروحة للدكتوراه في الغزالي والمأمون مهاجما الغزالي هجوما عنيفا لكنه رجع عن ذلك فيما بعد وكتب مقاله المعروف إليك أعتذر أيها الغزالي .(1/5)
- ويعتبر محمد حسين هيكل 1888-1956م رئيس تحرير جريدة السياسة في الفترة الأولى من حياته من أبرز المستغربين وقد أنكر الإسراء بالروح والجسد معا انطلاقا من نظرة عقلانية حياة محمد ، لكنه عدل عن ذلك وكتب معبرا عن توجهه الجديد في مقدمة كتابه في منزل الوحي .
- وكان الشيخ أمي الخولي وهو من مدرسي مادتي التفسر والبلاغة بالجامعة المصرية ، يروج لأفكار طه حسين في الدعوة إلى دراسة القرآن دراسة فنية بغض النظر عن مكانته الدينية ، وقد استمر في ذلك حتى كشفه الشيخ محمود شلتوت سنة 1947م .
- وقاد شبلي شميل 1860-1917م الدعوة إلى العلمانية ومهاجمة قيم الأديان والأخلاق .
الأفكار والمعتقدات :
أفكار تغريبية :
- المستشرق الإنجليزي جب ألف كتاب إلى أين يتجه الإسلام الذي يقول فيه : من أهم مظاهر سياسة التغريب في العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة وقد أعلن في بحثه هذا صراحة أن هدف إلى معرفة إلى أي مدى وصلت حركة تغريب الشرق وما هي العوامل التي تحول دون تحقيق هذا التغريب .
- عندما دخل اللورد اللنبي القدس عام 1918م أعلن قائلا : الآن انتهت الحروب الصليبية .
- يقول لورنس بروان : إن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته ، إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الغربي . ولهذا فلا بد من الدعوة إلى أن يطبع العالم الإسلامي بطابع الغرب الحضاري .
- تشجيع فكرة إيجاد فكر إسلامي متطور يبرر الأنماط الغربية ومحو الطابع المميز للشخصية الإسلامية بغية إيجاد علائق مستقرة بين الغرب وبين العالم الإسلامي خدمة لمصالحه .
- الدعوة إلى الوطنية ودراسة التاريخ القديم والدعوة إلى الحرية باعتبارها أساس نهضة الأمة مع عرض النظم الاقتصادية الغربية عرضا مصحوبا بالإعجاب ، وتكرار الكلام حول تعدد الزوجات في الإسلام وتحديد الطلاق واختلاط الجنسين .(1/6)
- نشر فكرة العالمية والإنسانية التي يزعم أصحابها بأن ذلك هو السبيل إلى جمع الناس على مذهب واحد تزول معه الخلافات الدينية والعنصرية لإحلال السلام في العالم ، ولتصبح الأرض وطنا واحدا يدين بدين واحد ويتكلم بلغة واحدة وثقافة مشتركة بغية تذويب الفكر الإسلامي واحتوائه في بوتقة الأقوياء المسيطرين أصحاب النفوذ العالمي .
- إن نشر الفكر القومي خطوة على طريق التغريب في القرن التاسع عشر وقد انتقل من أوروبا إلى العرب والإيرانيين والترك والإندونيسيين والهنود ، إلى كيانات جزئية تقوم على رابط جغرافي يجمع أناسا ينتمون إلى أصول عرقية مشتركة .
- تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة ، يقول المستشرق جب: وقد كان من أهم مظاهر سياسية التغريب في العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة التي ازدهرت في البلاد المختلفة التي يشغلها المسلمون الآن ... وقد تكون أهميته محصورة الآن في تقوية شعور العداء لأوروبا ولكن من الممكن أي يلعب في المستقبل دورا مهما في تقوية القوميات المحلية وتدعيم مقوماتها .
- عرض روكفلر الصهيوني المتعصب تبرعه بعشرة ملايين دولار لإنشاء متحف للآثار الفرعونية في مصر وملحق به معهد لتخريج المتخصصين في هذا الفن .
- إن كلا من الاستعمار والاستشراق والشيوعية والماسونية وفروعها والصهيونية ودعاة التوفيق بين الأديان "وحدة الأديان" قد تآزروا جميعا في دعم حركة التغريب وتأييدها بهدف تطويق العالم الإسلامي وتطويعه ليكون أداة لينة بأيديهم .(1/7)
- نشر المذاهب الهدامة كالفرويدية والداروينية والماركسية والقول بتطور الأخلاق (ليفي برويل) وبتطور المجتمع (دوركايم) والتركيز على الفكر الوجودي والعلماني والتحرري والدراسات عن التصوف الإسلامي والدعوة إلى القومية والإقليمية والوطنية والفصل بين الدين والمجتمع وحملة الانتقاص من الدين ومهاجمة القرآن والنبوة والوحي والتاريخ الإسلامي والتشكيك في القيم الإسلامية عن فكرة الجهاد وإشاعة فكرة أن سبب تأخر العرب والمسلمين إنما هو الإسلام .
- اعتبار القرآن فيضا من العقل الباطن مع الإشادة بعبقرية النبي محمد صلى الله عليه وسلم و ألمعيته وصفاء ذهنه ووصف ذلك بالإشراق الروحي تمهيدا لإزالة صفة النبوة عنه .
مؤتمرات تغريبية :
- عقد مؤتمر في بلتيمور عام 1942م وهو يدعو إلى دراسة وابتعاث الحركات السرية في الإسلام .
- في عام 1947م عقد في جامعة برنستون بأمريكا مؤتمر لدراسة (الشؤون الثقافية والاجتماعية في الشرق الأدنى) وقد ترجمت بحوث هذا المؤتمر إلى العربية تحت رقم 116 من مشروع الألف كتاب في مصر ، شارك فيه كويلر يونغ وحبيب كوراني وعبد الحق إديوار ولويس توماس .
- عقد مؤتر (الثقافة الإسلامي والحياة المعاصرة) في صيف عام 1953م في جامعة برنستون وشارك فيه كبار المفكرين من مثل ميل بروز ، وهارولد سميث وروفائيل باتاي ، وهارولد ألن ، وجون كرسويل ، والشيخ مصطفى الزرقا وكنت كراج واشتياق حسين وفضل الرحمن الهندي .
- وفي عام 1955م عقد في لاهور بالباكستان مؤتمر ثالث لكنه فشل وظهرت خطتهم بمحاولتهم إشراك باحثين من المسلمين والمستشرقين في توجيه الدراسات الإسلامية .
- انعقد مؤتمر للتأليف بين الإسلام والمسيحية في بيروت 1953م ، ثم في الاسكندرية 1954م وتتالت بعد ذلك اللقاءات والمؤتمرات في روما وغيرها من البلدان لنفس الغرض .(1/8)
- في سبتمبر 1944م عقد بالقاهرة مؤتمر السكان والتنمية بهدف نشر أفكار التحلل الجنسي الغربية بين المسلمين من إتاحة للاتصالات غير المشروعة بين المراهقين والإجهاض والزواج الحر والسفاح والتدريب على موانع الحمل وقد أصدرت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية فتوى بضرورة مقاطعته والحذر من توصياته وأهدافه .
كتب تغريبية خطرة :
- الإسلام في العصر الحديث لمؤلفه ولفرد كانتول سميث ، مدير معهد الدراسات الإسلامية وأستاذ الدين المقارن في جامعة ماكجيل بكندا ، حصل على الدكتوراه من جامعة برنستون سنة 1948م تحت إشراف المستشرق هـ.أ.ر. جب الذي تتلمذ عليه في جامعة كمبريدج وهذا الكتاب يدعو إلى التحررية والعلمانية وإلى الفصل الدين عن الدولة .
- نشر هـ.أ.ر.جب كتابه إلى أين يتجه الإسلام ، الذي نشر بلبنان سنة 1932م كان قد ألفه مع جماعة من المستشرقين وهو يبحث في أساب تعثر عملية التغريب في العالم الإسلامي ووسائل تقدمها وتطورها .
- إن بروتوكولات حكماء صهيون التي ظهرت في العالم كله عام 1902م ظلت ممنوعة من الدخول إلى الشرق الأوسط والعالم الاسلامي حتى عام 1952م تقريبا أي إلى ما بعد قيام إسرائيل في قلب الأمة العربية والإسلامية ولا شك بأن منعها كان خدمة لحركة التغريب عموما .
- تصوير بعض الشخصيات الإسلامية في صور من الابتذال والعهر والمزاجية كما في كتب جوردي زيدان ، وكذلك تلك الكتب التي تضيف الأساطير القديمة إلى التاريخ الإسلامي على هامش السيرة لطه حسين والكتب التي تعتمد على المصادر غير الموثوقة مثل محمد رسول الحرية للشرقاوي وكتبه عن الخلفاء الراشدين والأئمة التسعة .
الجذور الفكرية والعقائدية :(1/9)
- لقد ارتدت الحملة الصليبية مهزومة بعد حطين ، وفتح العثمانيون عاصمة الدولة البيزنطية ومقر كنيستهم عام 1453م واتخذوها عاصمة لهم وغيروا اسمها إلى اسلامبول أي دار الإسلام ، كما أن جيوش العثمانيين قد وصلت أوروبا وهددت فيينا سنة 1529م وقد ظل هذا التهديد قائما حتى سنة 1683م ، وسبق ذلك كله سقوط الأندلس وجعلها مقرا للخلافة الأموية ، كل ذلك كان مدعاة للتفكير بالتغريب ، والتبشير فرع منه ، ليكون السلاح الذي يحطم العالم الإسلامي من داخله .
- إن التغريب هجمة نصرانية صهيونية استعمارية في آن واحد التفت على هدف مشترك بينها وهو طبع العالم الإسلامية بالطابع الغربي تمهيدا لمحو الطابع المميز للشخصية الإسلامية .
الانتشار ومواقع النفوذ :
- لقد استطاعت حركة التغريب أن تتغلغل في كل بلاد العالم الإسلامي ، وإلى كل البلاد المشرقية على أمل بسط بصمات الحضارة الغربية المادية الحديثة على هذه البلاد وربطها بالغرب فكرا وسلوكا .
- لقد تعالت تأثير حركة التغريب إذ أنه قد ظهر بوضوح في مصر ، وبلاد الشام وتركيا وأندونيسيا والمغرب العربي وتتدرج بعد ذلك في البلاد الإسلامية الأقل فالأقل ولم يخل بلد إسلامي أو مشرقي من آثار وبصمات هذه الحركة .
ويتضح مما سبق :
أن التغريب تيار مشبوه يهدف إلى نقض عرى الإسلام والتحلل من التزاماته وقيمه واستقلاليته والدعوة إلى التبعية للغرب في كل توجهاته وممارساته ومن واجب قادة الفكر الإسلامي كشف مخططاته والوقوف بصلابة أمام سمومه ومفترياته التي تبثها الآن شخصيات مسلمة وصحافة ذات باع طويل في محاولات التغريب ، وأجهزة وثبقة الصلة بالصهيونية العالمية والماسونية الدولية ، وقد استطاع هذا التيار استقطاب كثير من المفكرين العرب ، فمسخوا هويتهم وحاولوا قطع صلتهم بدينهم والذهاب بولائهم وانتمائهم لأمتهم الإسلامية من خلال موالاة الغرب والزهو بكل ما هو غربي وهي أمور ذات خطر عظيم على الشباب المسلم .(1/10)
الحزب القومي السوري
التعريف :
هو حزب يدعو إلى القومية العربية ، واعتبار الوطن السوري البيئة التي نشأت الأمة السورية فيها والقول بأن النهضة السورية تستمد روحها وتاريخها السياسي والقومي من مواهب الأمة السورية . وقد اتخذ الحزب اسم " الحزب القومي الإجتماعي " وشعاره زوبعة لها أربعة رؤوس ترمز إلى الحرية ، والواجب والنظام والقوة .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
في الثلاثينيات من هذا القرن ، وتحديداً في عام 1932م ، ظهر على مسرح السياسة في لبنان شاب عائد من البرازيل اسمه انطوان سعادة ألف حزباً منظماً دقيقاً مركزياً يعرف بالحزب القومي السوري .
- لقد نشأ هذا الحزب بدعوى محاربة الطائفية والنزعة الانعزالية مستغلاً وجود العديد من الطوائف والديانات في لبنان ، داعياً إلى رابطة تلغي جميع الفوارق بين الناس وتربطهم برباط واحد هو رباط الأرض ، وقد بارك الغرب هذا الحزب وأمده بالمال والسلاح .
- وقد ازدهرت دعوة الحزب بانضمام الشبان المثقفين إليه ، وتطور على يدي أكبر شخصية فيه وهو أنطوان سعادة الموجه الروحي والمنظر الفكري الذي أعدم رمياً بالرصاص عام 1949م إثر محاولة القيام بثورة مسلحة تهدد كيان الدولة في لبنان .
· من شخصياته البارزة المقدم غسان جديد وهو مقدم سابق في الجيش السوري ( نصيري ) ، وعصام المحايري ، والدكتور عبد الله سعادة ، وفايز صايل ،وجورج عبد المسيح ، ومن رؤسائه مؤخراً إنعام رعد .
الأفكار والمعتقدات :
تتركز مبدىء الحزب في الأفكار التي يذكرها أنطوان سعادة في كتابه نشوء الأمم وهي :
- فصل الدين عن الدولة
- منع رجال الدين من التدخل في الشؤون السياسية والقضائية والقومية .
- إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب .
- إلغاء الإقطاع ،وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج ، وإنصاف العامل وصيانة مصلحة الأمة والدولة .
- إعداد جيش قومي ذي قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن .(1/1)
· كما أن للحزب منطلقاته التي تعبر عن أفكاره ومعتقداته وتصوراته لحركة التاريخ ومن ذلك :
- سورية للسوريين ، والسوريون أمة تامة .
- يتميز السوريون عن أبناء الأمة العربية كما يتميز الفرنسيون عن الإنجليز ، وكما يتميز الروس عن الألمان .
- القضية السورية هي الأمة السورية والوطن السوري .
- الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل التاريخ الجلي .
- الأمة السورية هيئة اجتماعية واحدة .
- مصلحة سوريا فوق كل مصلحة .
- القوميون السوريون يعتزون بالماضي السحيق الذي يمثله الفينيقيون بوثنيتهم وخمرهم وآلهتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولذاتهم ويعتزون بالثقافة الروحية الطابع العمراني الذي نشرته سوريا في البحر السوري المعروف بالبحر المتوسط .
- الاعتزاز بما خلده العظام من مثل كرينون - بيار صليني - يوحنا فم الذهب - أفرام العمري - ديك الجن الحمصي - الكواكبي - جبران .
- الاعتزاز بالمحاربين الخالدين مثل سرجون الكبير - أسرحدون - سنحاريب - نبوخذ نصر - آشور بانبال - هاني بعل ... إلى يوسف العظمة ، وهم بذلك يغفلون مشاهير وعظماء الإسلام .
- أزهى العصور في تاريخ سوريا هو العصر الفينيقي .
- الفتح الإسلامي يعتبر فتحاً أجنبياً ولا يرون في التاريخ الإسلامي في سوريا بعد الفتح إلا تاريخاً سورياً خالصاً ، فمعاوية رضي الله عنه أصبح سورياً لإقامته في دمشق عشرين عاماً قبل الخلافة ، وأمجاد الأمويين أمجاد سورية محضة ، والنزاع بين معاوية وعلي رضي الله عنهما إنما هو نزاع بين القومية السورية والقومية العراقية ، ويجعلون للأرض والتراب والجو أثراً سحرياً يحول الإنسان خلال فترة وجيزة من قومية إلى قومية ومن تاريخ إلى تاريخ .
- عندما يتحدثون عن سوريا فإنما يقصدون بذلك سوريا الكبرى والتي تضم سوريا الحالية ولبنان و الأردن وفلسطين .
الجذور الفكرية والعقائدية .(1/2)
· رجالات هذا الحزب يحاربون الدين بكل قواهم ، ويستنكرون الرابطة الدينة بين الناس ، وينطلقون في ذلك من عدة معتقدات وأفكار : من أهمها ما يلي :
- الزعم بأن فكرة الألوهية اخترعها الإنسان يوم أن كان رازحاً تحت سلطان الخوف والوهم والخرافة .
- النظر إلى الكون والإنسان والحياة نظرة مادية تنكر وجود الله والبعث والرسالات واليوم الآخر .
- الزعم بأن الإسلام دمه جامد ، وإنما الذي جعله متطوراً هم الخلفاء والفقهاء .
- ينادون بفصل الدين عن الدولة وهي فكرة غربية يرفضها الإسلام جملة وتفصيلاً .
- يعتبرون التجمع على أساس ديني من أخطر العقبات في سبيل التقدم وينادون بالتخلي عنه حتى يسلم الكيان السوري القومي من التناقضات .
· دعوتهم انعزالية تخدم مصالح الغرب المستعمر وتخدم الصهيونية في تفتيت الوطن الإسلامي الكبير ، وتمزيق القوة المحيطة بإسرائيل .
- تدعو إلى الاستهتار بالقيم الأخلاقية ، وذلك بتهيئة فرص الإغراء للشباب والفتيات بالانضمام إليها في حلقات ماجنة تلعب فيها الخمر بالرؤوس وتنطق فيها الغرائز جامحة مسترسلة .
الانتشار ومواقع النفوذ .
· اتخذ هذا الحزب من لبنان مركزاً له ، وصار له أتباع في سوريا ، ولكنه لقي اضطهاداً من مختلف الحكام لأنه يتعارض مع فكرة القومية العربية التي كان لها نفوذ أكبر ، ومع ذلك ظل يعمل بشكل علني في لبنان متخذاَ له اسماً جديداً وهو " الحزب القومي الإجتماعي " .
· عبر أنطوان سعادة عن حدود القومية السورية في كتابه نشوء الأمم بأنها البيئة الجغرافية المتميزة عما سواها فهي تمتد من جبال طوروس في الشمال إلى قناة السويس في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة ومن البحر السوري ( المتوسط ) في الغرب إلى الصحراء في الشرق حتى الالتقاء بدجلة . هذا و الحزب الآن في حالة انحسار كبير .
ويتضح مما سبق :(1/3)
أن دعوة القومية السورية دعوة انعزالية تفرق ولا تجمع وتدعو إلى العصبية القومية في عصر التكتلات الكبرى ويعيش معتنقوها داخل حدود وهمية وأسرى روابط تمت إلى الماضي السحيق الذي لا يحرك المشاعر . وهم يعتبرون أن الأرض هي أقوى الروابط و من ثم فنظريتهم تدعو إلى فصل الدين عن الدولة .(1/4)
الداروينية
التعريف :
تنتسب الحركة الفكرية الداروينية إلى الباحث الإنجليزي شارلز داروين الذي نشر كتابه أصل الأنواع سنة 1859م الذي طرح فيه نظريته في النشوء والارتقاء مما زعزع القيم الدينية وترك آثاراً سلبية على الفكر العالمي .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· شارلز داروين : صاحب هذه المدرسة ولد في 12 فبراير 1809 وهو باحث إنجليزي نشر في سنة 1859م كتابه أصل الأنواع ، وقد ناقش فيه نظريته في النشوء والارتقاء معتبراً أصل الحياة خلية كانت في مستنقع آسن قبل ملايين السنين . وقد تطورت هذه الخلية ومرت بمراحل منها ، مرحلة القرد ، انتهاء بالإنسان ، وهو بذلك ينسف الفكرة الدينية التي تجعل الإنسان منتسباً إلى آدم وحواء ابتداء .
آرثر كيت : دارويني متعصب ، يعترف بأن هذه النظرية لا تزال حتى الآن بدون براهين فيضطر إلى كتابتها من جديد وهو يقول : " إن نظرية النشوء والارتقاء لا زالت بدون براهين وستظل كذلك ، والسبب الوحيد في أننا نؤمن بها هو أن البديل الوحيد الممكن لها هو الإيمان بالخلق المباشر وهذا غير وارد على الإطلاق ".
جليان هكسلي : دارويني ملحد ، ظهر في القرن العشرين ، وهو الذي يقول عن النظرية :
- " هكذا يضع علم الحياة الإنسان في مركز مماثل لما أنعم به عليه كسيد للمخلوقات كما تقول الأديان ".
- " من المسلم به أن الإنسان في الوقت الحاضر سيد المخلوقات ولكن قد تحل محله القطة أو الفار ".
- ويزعم أن الإنسان قد اختلق فكرة الله إبان عصر عجزه وجهله ، أما الآن فقد تعلم وسيطر على الطبيعة بنفسه ، ولم يعد بحاجة إليه ، فهو العابد والمعبود في آن واحد .
- يقول :" بعد نظرية داروين لم يعد الإنسان يستطيع تجنت اعتبار نفسه حيواناً ".
ليكونت دي نوى : من أشهر التطوريين المحدثين ، وهو في الحقيقة صاحب نظرية تطورية مستقلة .(1/1)
د . هـ . سكوت : دارويني شديد التعصب ، يقول : " إن نظرية النشوء جاءت لتبقى ، ولا يمكن أن نتخلى عنها حتى لو أصبحت عملاُ من أعمال الاعتقاد ".
برتراند راسل : فيلسوف ملحد ، يشيد بالأثر الدارويني مركزاً على الناحية الميكانيكية في النظرية ، فيقول : " إن الذي فعله جاليليو ونيوتن من أجل الفلك فعله داروين من أجل علم الحياة ".
الأفكار والمعتقدات :
· نظرية داروين : تدور هذه النظرية حول عدة أفكار وافتراضات هي :
- تفترض النظرية تطور الحياة في الكائنات العضوية من السهولة وعدم التعقيد إلى الدقة والتعقيد .
- تتدرج هذه الكائنات من الأحط إلى الأرقى .
- الطبيعة وهبت الأنواع القوية عوامل البقاء والنمو والتكيف مع البيئة لتصارع الكوارث وتتدرج في سلم الرقي تتجلى في الإنسان ، بينما نجد أن الطبيعة قد سلبت تلك القدرة من الأنواع الضعيفة فتعثرت وسقطت وزالت . وقد استمد داروين نظريته هذه من قانون الانتقاء لمالتوس .
- الفروق الفردية داخل النوع الواحد تنتج أنواعاً جديدة مع مرور الأحقاب الطويلة .
- الطبيعة تعطي وتحرم بدون خطة مرسومة ، بل خبط عشواء ، وخط التطور ذاته معترج ومضطرب لا يسير على قاعدة مطردة منطقية .
- النظرية في جوهرها فرضية بيولوجية أبعد ما تكون عن النظرية الفلسفية .
- تقوم النظرية على أصلين كل منهما مستقل عن الآخر :
1- المخلوقات الحية وجدة في مراحل تاريخية متدرجة ولم توجد دفعة واحدة وهذا الأصل من الممكن البرهنة عليه .
2- هذه المخلوقات متسلسلة وراثياً ينتج بعضها عن بعض بطريقة التعاقب خلال عملية التطور الطويلة . وهذا الأصل لم يتمكنوا من البرهنة عليه حتى الآن لوجود حلقة أو حلقات مفقودة في سلسلة التطور الذي يزعمونه .(1/2)
- تفترض النظرية أن كل مرحلة من مراحل التطور أعقبت التي قبلها بطريقة حتمية ، أي العوامل الخارجية هي التي تحد نوعية هذه المرحلة ، أما خط سيرها ذاته بمراحله جميعها فهو خط مضطرب لا يسعى إلى غاية مرسومة أو هدف بعيد لأن الطبيعة التي أوجدته غير عاقلة ولا واعية ، بل تخبط خبط عشواء .
الآثار التي تركتها النظرية :
- قبل ظهور النظرية كان الناس يدعون إلى حرية الاعتقاد بسبب الثورة الفرنسية ، ولكنهم بعدها أعلنوا إلحادهم الذي انتشر بطريقة عجيبة وانتقل من أوروبا إلى بقاع العالم .
- لم يعد هناك أي معنى لمدلول كلمة : آدم ، وحواء الجنة ، الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ، الخطيئة " حسب اعتقاد النصارى بان المسيح قد صلب ليخلص البشرية من أغلال الخطيئة الموروثة التي ظلت ترزح تحتها من وقت آدم حين صلبه ).
- سيطرة الأفكار المادية على عقول الطبقة المثقفة وأوحت كذلك بمادية الإنسان وخضوعه لقوانين المادة .
- تخلت جموع غفيرة من الناس عن إيمانها بالله تخلياً تاماً أو شبه تام .
- عبادة الطبيعة ، فقد قال داروين : " الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق ". ولكن لم يبين ما هي الطبيعة وما الفرق بين الاعتقاد بوجود الله الخالق ووجود الطبيعة ؟ .
وقال : إن تفسير النشوء والارتقاء يتدخل الله هو بمثابة إدخال عنصر خارق للطبيعة في وضع ميكانيكي بحت.
- لم يعد هناك جدوى من البحث في الغاية والهدف من وجود الإنسان لأن داروين قد جعل بين الإنسان والقرد نسباً ، بل زعم أن الجد الحقيقي للإنسان هو خلية صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين .
- أهملت العلوم الغربية بجملتها فكرة الغائية بحجة أنها لا تهم الباحث العلمي ولا تقع في دائرة علمه .
- استبد الناس شعور باليأس والقنوط والضياع وظهرت أجيال مضطربة ذات خواء روحي ، حتى أن القرد - جدهم المزعوم - أسعد حالاً من كثير منهم .(1/3)
- ظغت على الحياة فوضى عقائدية ، وأصبح هذا العصر عصر القلق والضياع .
· كانت نظرية داروين إيذاناً لميلاد نظرية فرويد في التحليل النفسي ، ونظرية برجسون في الروحية الحديثة ، ونظرية سارتر في الوجودية ، ونظرية ماركس في المادية ، وقد استفادت هذه النظريات جميعاً من الأساس الذي وضعه داروين واعتقدت عليه في منطلقاتها وتفسيراتها للإنسان والحياة والسلوك .
· ( فكرة التطور ) أوحت بحيوانية الإنسان ، و ( تفسير عملية التطور ) أوحت بماديته .
· نظرية التطور البيولوجية انتقلت لتكون فكرة فلسفية داعية إلى التطور المطلق في كل شيء ، تطور لا غاية له ولا حدود ، وانعكس ذلك على الدين والقيم والتقاليد ، وساد الاعتقاد بأن كل عقيدة أو نظام أو خلق هو أفضل وأكمل من غيره ما دام تالياً له في الوجود الزمني .
· استمد ماركس من نظرية داروين مادية الإنسان وجعل مطلبه في الحياة ينحصر في الحصول على ( الغذاء والسكن والجنس ) مهملاً بذلك جميع العوامل الروحية لديه .
· استمد فرويد من نظرية داروين حيوانية الإنسان فالإنسان عنده حيوان جنسي ، لا يملك إلا الانصياع لأوامر الغريزة وإلا وقع فريسة الكبت المدمر للأعصاب .
· استمد دور كايم من نظرية داروين حيوانية الإنسان وماديته وجمع بينهما بنظرية العقل الجمعي .
· استفاد برتراند راسل من ذلك بتفسيره لتطور الأخلاق الذي تطور عنده من المحرم ( التابو ) إلى أخلاق الطاعة الإلهية ومن ثم إلى أخلاق المجتمع العلمي .
· والتطور عند فرويد أصبح مفسراً للدين تفسيراُ جنسياً : " الدين هو الشعور بالندم من قتل الأولاد لأبيهم الذي حرمهم من الاستمتاع بأمهم ثم صار عبادة للأب ، ثم عبادة الطوطم ، ثم عبادة القوى الخفية في صورة الدين السماوي ، وكل الأدوار تنبع وترتكز على عقدة أو ديب ".
· دور اليهود و القوي الهدامة في نشر هذه النظرية :(1/4)
- لم يكن داروين يهودياً ، بل كان نصرانياً ، ولكن اليهودية والقوى الهدامة وجدوا في هذه النظرية ضالتهم المنشودة فعملوا على استغلالهم لتحطيم القيم في حياة الناس .
- تقول بروتوكلات حكماء صهيون : " لا تتصوروا أن تصريحاتنا كلمات جوفاء ولا حظوا هنا أن نجاح داروين وماركس ونيتشه قد رتبناه من قبل ، والأثر غير الأخلاقي لاتجاهات هذه العلوم في الفكر الأممي سيكون واضحاً لنا على التأكيد ".
· نقدها :
- نقدها آغاسيز في إنجلترا ، وأوين في أمريكا : " إن الأفكار الداروينية مجرد خرافة علمية وأنها سوف تنسى بسرعة ". ونقدها كذلك العالم الفلكي هرشل ومعظم أساتذة الجامعات في القرن الماضي .
- كريسي موريسون : " إن القائلين بنظرية التطور لم يكونوا يعلمون شيئاً عن وحدات الوراثة ( الجينات ) وقد وقفوا في مكانهم حيث يبدأ التطور حقاً ، أعني عند الخلية ".
- أنتوني ستاندن صاحب كتاب العلم بقرة مقدسة يناقش الحلقة المفقودة وهي ثغرة عجز الداروينيون عن سدها فيقول : " إنه لأقرب من الحقيقة أن تقول : إن جزءاً كبيراً من السلسلة مفقودة وليس حلقة واحدة بل إننا لنشك في وجود السلسلة ذاتها ".
- ستيوارت تشيس : " أيد علماء الأحياء جزئياً قصة آدم و حواء كما ترويها الأديان ، وأن الفكرة صحيحة في مجملها ".
- أوستن كلارك : " لا توجد علامة واحدة تحمل على الاعتقاد بأن أياً من المراتب الحيوانية الكبرى ينحدر من غيرها ، إن كل مرحلة لها وجودها المتميز الناتج عن عملية خلق خاصة متميزة ، لقد ظهر الإنسان على الأرض فجاء وفي نفس الشكل الذي تراه عليه الآن ".
- أبطل باستور أسطورة التوالد الذاتي ، وكانت أبحاثه ضربة قاسية لنظرية داروين .
· الداروينية الحديثة :(1/5)
- اضطرب أصحاب الدراوينية الحديثة أمام النقد العلمي الذي وجه إلى النظرية ، ولم يستطيعوا أمام ضعفها إلا أن يخرجوا أفكار جديدة تدعيماً لها وتدليلاً على تعصبهم الشديد حيالها فأجروا سلسلة من التبديلات منها :
- إقرارهم بأن قانون الارتقاء الطبيعي قاصر عن تفسير عملية التطور واستبدلوا به قانوناً جديداً أسموه قانون التحولات المفاجئة أو الطفرات ، وخرجوا بفكرة المصادفة .
- أرغموا على الاعتراف بأن هناك أصولاً عدة تفرعت عنها كل الأنواع وليس أصلاً واحداً كما كان سائداً في الاعتقاد .
- أجبروا على الإقرار بتفرد الإنسان بيولوجياً رغم التشابه الظاهري بينه وبين القرد ، وهي النقطة التي سقط منها داروين ومعاصروه .
- كل ما جاء به أصحاب الداروينية الحديثة ما هو إلا أفكار ونظريات هزيلة أعجز من أن تستطيع تفسير النظام الحياتي والكوني الذي يسير بدقة متناهية بتدبير الحكيم (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى).
- الجذور الفكرية :
· لقد عرفت هذه الفكرة قبل داروين ، وقد لا حظ العلماء أن الأنواع المتأخرة في الظهور أكثر رقياً من الأنواع المتقدمة ومن هؤلاء : رأي باكنسون ، ولينو .
- قالوا : " بأن التطور خطة مرسومة فيها رحمة للعالمين ". ولكن نظريتهم وصفت بأنها لاهوتية فنسبت داخل معامل الأحياء .
· استوحى داروين نظريته من علم دراسة السكان ، ومن نظرية مالتوس بالذات ، فقد استفاد من قانونه في الانتخاب أو الانتقاء الذي يدور حول إفناء الطبيعة للضعفاء لمصلحة الأقوياء .
· استفاد من أبحاث ليل الجيولوجية حيبث تمكن من صياغة نظرية ميكانيكية للتطور .
· صادفت هذه النظرية جواً مناسباً إذ كان ميلادها بعد زوال سلطان الكنيسة والدين ، وبعد الثورة الفرنسية والثورة الصناعية حيث كانت النفوس مهيأة لتفسير الحياة تفسيراً مادياً بحتاً ، ومستعدة لتقبل أي طرح فكري يقودها إلى مزيد من الإلحاد والبعد عن التفسيرات اللاهوتية ، مصيبة كانت أم مخطئة .(1/6)
الانتشار ومواقع النفوذ :
· بدأت الداروينية سنة 1859م ، وانتشرت في أوروبا ، وانتقلت بعدها إلى جميع بقاع العالم ، وما تزال هذه النظرية تدرس في كثير من الجامعات العالمية ، كما أنها قد وجدت أتباعاً لها في العالم الإسلامي بين الذين تربوا تربية غربية ، ودرسوا في جامعات أوروبية وأمريكية .
· والواقع أن تأثير نظرية داروين قد شمل معظم بلدان العالم كما شمل معظم فروع المعرفة الإنسانية من علمية وأدبية وغيرها . ولم يوجد في التاريخ البشري نظرية باطلة صبغت مناحي الفكر الغربي كما فعلت نظرية النشوء ولارتقاء الداروينية .
ويتضح مما سبق :
أن نظرية داروين دخلت متحف النسيان بعد كشف النقاب عن قانون مندل الوراثي واكتشاف وحدات الوراثة (الجينات) باعتبارها الشفرة السرية للخلق واعتبار أن الكروموسومات تحمل صفات الإنسان الكاملة وتحفظ الشبه الكامل للنوع .
ولذا يرى المنصفون من العلماء أن وجود تشابه بين الكائنات الحية دليل واضح ضد مادة الخلق الأولى للكائنات هي الماء (( والله خلق كل دابة من ماء )) [ سورة النور : 45 ] (( وجعلنا من الماء كل شيء حي )) [ سورة الأنبياء : 30 ] .
وقد أثبت العلم القائم على التجربة بطلان النظرية بأدلة قاطعة وإنها ليست نظرية علمية على الإطلاق .
والإسلام وكافة الأديان السماوية تؤمن بوجود الله الخالق الباري المدبر المصور الذي أحسن صنع كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من سلالة من طين ثم خلقه من نطفة في قرار مكين ، والإنسان يبقى إنساناً بشكله وصفاته وعقله لا يتطور ولا يتحول (( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )) .(1/7)
الصوفية
مقدمة :
لم يكن الإسلام أبداً ، إلا دين علم وعمل خالص لقوله تعالى : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين )) . وقوله تعالى : (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )) . وقوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم : (( اعملي يافاطمة فإني لا أغني عنك من الله شيئاً )) . ولم يكن الإسلام كذلك إلا دين توحيد خالص ، لا توجه فيه إلا إلى الله وحده : (( ذلك الدين القيم )) .
والإسلام بهذه المثابة دين صفاء العقيدة ، ونقاء الاعتقاد ، دين بلا طرق ، دين بلا مذاهب في أصل العقيدة ، ولا اختلافات حول جوهر وأصول الدين .
ولقد ظل الإسلام بهذه الصورة العظيمة المتفردة ، حتى هبت عليه رياح التغيير بعد اتساع الفتوحات الإسلامية ، وازدياد الرخاء ، وحدوث الانغماس في الترف الحضاري ، فقام نفر من المخلصين الزهاد بحمل لواء الدعوة إلى العودة إلى خشونة الحياة ، آملاً في استمرار النمط الأول للحياة ، وانطلق نفر من هؤلاء الزهاد في اتجاه آخر هو اتجاه التصوف ، ولم يكن هذا الاتجاه في بداياته الأولى يريد غير صلاح المسلمين بتربية النفوس على مقتضى العقيدة .
ولكن فشو الجهل ، واستمراء التعيم ، وظهور الفتن ، واندساس الحاقدين ، وظهور النفعيين المرتزقين باسم الدين ، بل وظهور أعداء الإسلام ، أوجد مدرسة جديدة مارقة عن العقيدة هي مدرسة الصوفية الجديدة التي اتبعت فكر المجوس ، وأولت القرآن ، وأتت بفكر باطني مدمر ، وحرفت الكلم عن مواضعه ، وبدأت تنتشر كالسم في جسد الأمة الإسلامية ، وكلما نأت عن الكتاب والسنة خطوة كلما سرى السم في جسد الأمة المسلمة خطوات وخطوات ، حتى أصبح العالم الإسلامي يموج الآن بكثير من الفرق الضالة التي تتشح بوشاح الصوفية الذي لم يكن جوهره سبباً من أسباب الانحراف . وحتى يقف الشباب المسلم على طبيعة التصوف فإننا نعرض فيما يلي للصوفية بصورة عامة .
التعريف :(1/1)
التصوف حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة كرد فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري . ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرق مميزة معروفة باسم الصوفية ، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لاعن طريق اتباع الوسائل الشرعية ، ولذا جنحوا في المسار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية : الهندية والفارسية واليونانية المختلفة . ويلاحظ أن هناك فروقاً جوهرية بين مفهومي الزهد والتصوف أهمها : إن الزهد مأمور به ، والتصوف جنوح عن طريق الحق الذي اختطه أهل السنة والجماعة .
أبرز الشخصيات :
مقدمة هامة :
· خلال القرنين الأولين ابتداءً من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين حتى وفاة الحسن البصري ، لم تعرف الصوفية سواء كان باسمها أو برسمها وسلوكها ، بل كانت التسمية الجامعة : المسلمين ، المؤمنين ، أو التسميات الخاصة مثل : الصحابي ، البدري ، أصحاب البيعة ، التابعي .
لم يعرف ذلك العهد هذا الغلو العملي التعبدي أو العلمي الاعتقادي إلا بعض النزعات الفردية نحو التشديد على النفس الذي نهاهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة ، ومنها قوله للرهط الذين سألوا عن عبادته صلى الله عليه وسلم :(( لكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأتزوج النساء ، وآكل اللحم ، فمن رغب عن سنتي فليس مني)).
وقوله صلى الله عليه وسلم للحولاء بنت نويت التي طوقت نفسها بحبل حتى لا تنام عن قيام الليل كما في حديث عائشة رضي الله عنها : (( عليكم من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل )) .(1/2)
ـ وهكذا كان عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم على هذا المنهج يسيرون ، يجمعون بين العلم والعمل ، والعبادة والسعي على النفس والعيال ، وبين العبادة والجهاد ، والتصدي للبدع والأهواء مثلما تصدى ابن مسعود رضي الله عنه لبدعة الذكر الجماعي بمسجد الكوفة وقضى عليها ، وتصديه لأصحاب معضد بن يزيد العجلي لما اتخذوا دوراً خاصة للعبادة في بعض الجبال وردهم عن ذلك .
· ظهور العباد : في القرن الثاني عشر الهجري في عهد التابعين وبقايا الصحابة ظهرت طائفة من العباد آثروا العزلة وعدم الاختلاط بالناس فشددوا على أنفسهم في العبادة على نحو لم يُعهد من قبل ، ومن أسباب ذلك بزوغ بعض الفتن الداخلية ، وإراقة بعض الدماء الزكية ، فآثروا اعتزال المجتمع تصوناً عما فيه من الفتن ، وطلباً للسلامة في دينهم ، يضاف إلى ذلك أيضاً فتح الدنيا أبوابها أمام المسلمين ، وبخاصة بعد اتساع الفتوحات الاسلامية وانغماس بعض المسلمين فيها ، وشيوع الترف والمجون بين طبقة من السفهاء ، مما أوجد ردة فعل عند بعض العباد وبخاصة في البصرة والكوفة حيث كانت بداية الانحراف عن المنهج الأول في جانب السلوك .(1/3)
ـ ففي الكوفة ظهرت جماعة من أهلها اعتزلوا الناس وأظهروا الندم الشديد بعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه وسموا أنفسهم بالتوَّابين أو البكَّائين . كما ظهرت طبقة من العباد غلب عليهم جانب التشدد في العبادة والبعد عن المشاركة في مجريات الدولة ، مع علمهم وفضلهم والتزامهم بآداب الشريعة ، واشتغالهم بالكتاب والسنة تعلماً وتعليماً ، بالإضافة إلى صدعهم بالحق وتصديهم لأهل الأهواء . كما ظهر فيهم الخوف الشديد من الله تعالى ، والإغماء والصقع عند سماع القرآن الكريم مما استدعى الإنكار عليهم من بعض الصحابة وكبار التابعين كأسماء بنت أبي بكر وعبد الله بن الزبير ومحمد بن سيرين ونحوهم رضي الله عنهم ، وبسببهم شاع لقب العبَّاد والزُهَّاد والقُرَّاء في تلك الفترة . ومن أعلامهم : عامر بن عبد الله بن الزبير ، و صفوان بن سليم ، وطلق بن حبيب العنزي ، عطاء السلمي ، الأسود بن يزيد بن قيس ، وداود الطائي ، وبعض أصحاب الحسن البصري .
· بداية الانحراف : كدأب أي انحراف يبدأ صغيراً ، ثم مايلبث إلا أن يتسع مع مرور الأيام فقد تطور مفهوم الزهد في الكوفة والبصرة في القرن الثاني للهجرة على أيدي كبار الزهاد أمثال : إبراهيم بن ادهم ، مالك بن دينار ، وبشر الحافي ، ورابعة العدوية ، وعبد الواحد بن زيد ، إلى مفهوم لم يكن موجوداً عند الزهاد السابقين من تعذيب للنفس بترك الطعام ، وتحريم تناول اللحوم ، والسياحة في البراري والصحاري ، وترك الزواج . يقول مالك بن دينار : (( لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ، ويأوي إلى مزابل الكلاب )) . وذلك دون سند من قدوة سابقة أو نص كتاب أو سنة ، ولكن مما يجدر التنبيه عليه أنه قد نُسب إلى هؤلاء الزهاد من الأقوال المرذولة والشطحات المستنكرة ما لم يثبت عنهم بشكل قاطع كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية .(1/4)
ـ وفي الكوفة أخذ معضد بن يزيد العجلي هو وقبيله يروِّضون أنفسهم على هجر النوم وإقامة الصلاة ، حتى سلك سبيلهم مجموعة من زهاد الكوفة ، فأخذوا يخرجون إلى الجبال للانقطاع للعبادة ، على الرغم من إنكار ابن مسعود عليهم في السابق .
ـ وظهرت من بعضهم مثل رابعة العدوية أقوال مستنكرة في الحب والعشق الإلهي للتعبير عن المحبة بين العبد وربه ، وظهرت تبعاً لذلك مفاهيم خاطئة حول العبادة من كونها لا طمعاً في الجنة ولا خوفاً من النار مخالفةً لقول الله تعالى : (( يدعوننا رغباً ورهباً )) .
ـ يلخص شيخ الإسلام ابن تيمية هذا التطور في تلك المرحلة بقوله : (( في أواخر عصر التابعين حدث ثلاثة أشياء : الرأي ، والكلام ، والتصوف ، فكان جمهور الرأي في الكوفة ، وكان جمهور الكلام والتصوف في البصرة ، فإنه بعد موت الحسن وابن سيرين ظهر عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء ، وظهر أحمد بن علي الهجيمي ت200 ، تلميذ عبد الواحد بن زيد تلميذ الحسن البصري ، وكان له كلام في القدر ، وبنى دويرة للصوفية ـ وهي أول مابني في الإسلام ـ أي داراً بالبصرة غير المساجد للالتقاء على الذكر والسماع ـ صار لهم حال من السماع والصوت ـ إشارة إلى الغناء . وكان أهل المدينة أقرب من هؤلاء في القول والعمل ، وأما الشاميون فكان غالبهم مجاهدين )) .
· ومنذ ذلك العهد أخذ التصوف عدة أطوار أهمها :
ـ البداية والظهور : ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس ، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة ، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب ، وقد تنازع العلماء والمؤرخون في أول من تسمَّ به . على أقوال ثلاثة :(1/5)
2) ول شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه : أن أول من عُرف بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي ت150هـ أو 162هـ بالشام بعد أن انتقل إليها ، وكان معاصراً لسفيان الثوري ت 155هـ قال عنه سفيان : (( لولا أبو هاشم ماعُرِفت دقائق الرياء )) . وكان معاصراً لجعفر الصادق وينسب إلى الشيعة الأوائل ويسميه الشيعة مخترع الصوفية .
2) يذكر بعض المؤرخين أن عبدك ـ عبد الكريم أو محمد ـ المتوفى سنة 210هـ هو أول من تسمى بالصوفي ، ويذكر عنه الحارث المحاسبي أنه كان من طائفة نصف شيعية تسمي نفسها صوفية تأسست بالكوفة . بينما يذكر الملطي في التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع أن عبدك كان رأس فرقة من الزنادقة الذين زعموا أن الدنيا كلها حرام ، لا يحل لأحد منها إلا القوت ، حيث ذهب أئمة الهدى ، ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل ، وإلا فهي حرام ، ومعاملة أهلها حرام .
3) يذهب ابن النديم في الفهرست إلى أن جابر بن حيان تلميذ جعفر الصادق والمتوفى سنة 208هـ أول من تسمى بالصوفي ، والشيعة تعتبره من أكابرهم ، والفلاسفة ينسبونه إليهم .
ـ وقد تنازع العلماء أيضاً في نسبة الاشتقاق على أقوال كثيرة أرجحها :
1ـ ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلدون وطائفة كبيرة من العلماء من أنها نسبة إلى الصوف حيث كان شعار رهبان أهل الكتاب الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية ، وبالتالي فقد أبطلوا كل الاستدلالات والاشتقاقات الأخرى على مقتضى قواعد اللغة العربية ، محمولة نسبة الصوفية أنفسهم إلى علي بن أبي طالب والحسن البصري وسفيان الثوري رضي الله عنهم جميعاً ، وهي نسبة تفتقر إلى الدليل ويعوزها الحجة والبرهان .(1/6)
2ـ الاشتقاق الآخر ما رجحه أبو الريحان البيروني 440هـ وفون هامر حديثاً وغيرهما من أنها مشتقة من كلمة سوف اليونانية والتي تعني الحكمة . ويدلل أصحاب هذا الرأي على صحته بانتشاره في بغداد وما حولها بعد حركة الترجمة النشطة في القرن الثاني الهجري بينما لم تعرف في نفس الفترة في جنوب وغرب العالم الإسلامي . ويضاف إلى الزمان والمكان التشابه في أصل الفكرة عند الصوفية واليونان حيث أفكار وحدة الوجود والحلول والإشراق والفيض . كما استدلوا على قوة هذا الرأي بما ورد عن كبار الصوفية مثل السهروردي ـ المقتول ردة ـ بقوله : (( وأما أنوار السلوك في هذه الأزمنة القريبة فخميرة الفيثاغورثيين وقعت إلى أخي أخميم (( ذي النون المصري )) ومنه نزلت إلى سيار ستري وشيعته (( أي سهل التستري )) وأضافوا إلى ذلك ظهور مصطلحات أخرى مترجمة عن اليونانية في ذلك العصر ، مثل الفلسفة ، الموسيقا ، الموسيقار ، السفسطة ، الهيولي .
· طلائع الصوفية :
ظهر في القرنين الثالث والرابع الهجري ثلاث طبقات من المنتسبين إلى التصوف وهي :
· الطبقة الأولى :
وتكتل التيار الذي اشتهر بالصدق في الزهد إلى حد الوساوس ، والعد عن الدنيا والانحراف في السلوك والعبادة على وجه يخالف ماكان عليه الصدر الأول من الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته بل وعن عباد القرن السابق له ، ولكنه كان يغلب على أكثرهم الاستقامة في العقيدة ، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف ، وإن كان ورد عن بعضهم ـ مثل الجنيد ـ بعض العبارات التي عدها العلماء من الشطحات ، ومن أشهر رموز هذا التيار :(1/7)
ـ الجنيد : هو أبو القاسم الخراز المتوفى 298هـ يلقبه الصوفية بسيد الطائفة ، ولذلك يعد من أهم الشخصيات التي يعتمد المتصوفة على أقواله وآرائه وبخاصة في التوحيد والمعرفة والمحبة . وقد تأثر بآراء ذي النون النوبي ، فهذبها ، وجمعها ونشرها من بعده تلميذه الشبلي ، ولكنه خالف طريقة ذي النون والحلاج و البسطامي في الفناء ، حيث كان يؤثر الصحو على السكر وينكر الشطحات ، ويؤثر البقاء على الفناء ، فللفناء عنده معنى آخر ، وقد أنكر على المتصوفة سقوط التكاليف . وقد تأثر الجنيد بأستاذه الحارث المحاسبي والذي يعد أول من خلط الكلام بالتصوف ، وبخاله السري السقطي ت 253هـ .
وهناك آخرون تشملهم هذه الطبقة أمثال : أبو سليمان الدارني عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العني ت205هـ ، وأحمد بن الحواري ، والحسن بن منصور بن إبراهيم أبو علي الشطوي الصوفي وقد روى عنه البخاري في صحيحه ، والسري بن المغلس السقطي أبوالحسن ت253هـ ، سهل بن عبد الله التستري ت273هـ ، معروف الكرخي أبومحفوظ 412هـ محمد بن الحسن الأزدي السلمي ، محمد بن الحسن بن الفضل بن العباس أبويعلى البصري الصوفي 368هـ شيخ الخطيب البغدادي .
ـ ومن أهم السمات الأخرى لهذه الطبقة : بداية التمييز عن جمهور المسلمين والعلماء ، وظهور مصطلحات تدل على ذلك بشكل مهد لظهور الطرق من بعد ، مثل قول بعضهم : علمنا ، مذهبنا ، طريقنا ، قال الجنيد : (( علمنا مشتبك مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم )) وهو انتساب محرم شرعاً حيث يفضي إلى البدعة والمعصية بل وإلى الشرك أيضاً ، وقد اشترطوا على من يريد السير معهم في طريقتهم أن يخرج من ماله ، وأن يقل من غذائه وأن يترك الزواج مادام في سلوكه .(1/8)
ـ كثر الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما في الوقت الذي اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان ونساك أهل الكتاب حيث حدث الالتقاء ببعضهم ، مما زاد في البعد عن سمت الصحابة وأئمة التابعين . ونتج عن ذلك اتخاذ دور للعبادة غير المساجد ، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي صلى الله عليه وسلم مما سبب العداء الشديد بينهم وبين الفقهاء ، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق وبعض المقولات الكلامية . وفي هذه الفترة ظهرت لهم تصانيف كثيرة في مثل : كتب أبو طالب المكي قوت القلوب وحلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني ، وكتب الحارث المحاسبي . وقد حذر العلماء الأوائل من هذه الكتب لاشتمالها على الأحاديث الموضوعة والمنكرة ، واشتمالها على الإسرائيليات وأقوال أهل الكتاب . سئل الإمام أبو زرعة عن هذه الكتب فقيل له : في هذه عبرة ؟ قال : من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة .
· ومن أهم هذه السمات المميزة لمذاهب التصوف والقاسم المشترك للمنهج المميز بينهم في تناول العبادة وغيرها مايسمونه (( الذوق )) والذي أدى إلى اتساع الخرق عليهم ، فلم يستطيعوا أن يحموا نهجهم الصوفي من الاندماج أو التأثر بعقائد وفلسفات غير إسلامية ، مما سهل على اندثار هذه الطبقة وزيادة انتشار الطبقة الثانية التي زاد غلوها وانحرافها .(1/9)
· الطبقة الثانية : خلطت الزهد بعبارات الباطنية ، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري ، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات : الوحدة ، والفناء ، والاتحاد ، والحلول ، والسكر ، والصحو ، والكشف ، والبقاء ، والمريد ، والعارف ، والأحوال ، والمقامات ، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة ، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن ، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم مما زاد العداء بينهما ، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية ، مما زاد في انحرافها ، فكانت بحق تمثل البداية الفعلية لما صار عليه تيار التصوف حتى الآن .
· ومن أهم أعلام هذه الطبقة : أبواليزيد البسطامي ت263هـ ، ذوالنون المصري ت245هـ ، الحلاج ت309هـ ، أبوسعيد الخزار 277 ـ 286هـ ، الحكيم الترمذي ت320هـ ، أبوبكر الشبلي 334هـ وسنكتفي هنا بالترجمة لمن كان له أثره البالغ فيمن جاء بعده إلى اليوم مثل :
ـ ذوالنون المصري : وهو أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم ، قبطي الأصل من أهل النوبة ، من قرية أخميم بصعيد مصر ، توفي سنة 245 هـ أخذ التصوف عن شقران العابد أو إسرائيل المغربي على حسب رواية ابن خلكان وعبد الرحمن الجامي . ويؤكد الشيعة في كتبهم ويوافقهم ابن النديم في الفهرست أنه أخذ علم الكيمياء عن جابر بن حيان ، ويذكر ابن خلكان أنه كان من الملامتية الذين يخفون تقواهم عن الناس ويظهرون استهزاءهم بالشريعة ، وذلك مع اشتهاره بالحكمة والفصاحة .(1/10)
ويعده كتاب الصوفية المؤسس الحقيقي لطريقتهم في المحبة والمعرفة ، وأول من تكلم عن المقامات والأحوال في مصر ، وقال بالكشف وأن للشريعة ظاهراً وباطناً . ويذكر القشيري في رسالته أنه أول من عرف التوحيد بالمعنى الصوفي ، وأول من وضع تعريفات للوجد والسماع ، وأنه أول من استعمل الرمز في التعبير عن حاله ، وقد تأثر بعقائد الإسماعلية والباطنية وإخوان الصفا بسبب صِلاته القوية بهم ، حيث تزامن مع فترة نشاطهم في الدعوة إلى مذاهبهم الباطلة ، فظهرت له أقوال في علم الباطن ، والعلم اللدني ، والاتحاد ، وإرجاع أصل الخلق إلى النور المحمدي ، وكان لعلمه باللغة القبطية أثره على حل النقوش والرموز المرسومة على الآثار القبطية في قريته مما مكنه من تعلم فنون التنجيم والسحر والطلاسم الذي اشتغل بهم . ويعد ذوالنون أول من وقف من المتصوفة على الثقافة اليونانية ، ومذهب الأفلاطونية الجديدة ، وبخاصة ثيولوجيا أرسطو في الإلهيات ، ولذلك كان له مذهبه الخاص في المعرفة والفناء متأثراً بالغنوصية .
ـ أبويزيد البسطامي : طيفور بن عيسى بن آدم بن شروسان ، ولد في بسطام من أصل مجوسي ، وقد نسبت إليه من الأقوال الشنيعة التي يشكك الكثير من الباحثين في صدق نسبتها إليه مثل قوله : (( خرجت من الحق إلى الحق حتى صاح فيّ : يا من أنت أنا ، فقد تحققت بمقام الفناء في الله )) ، (( سبحاني ما أعظم شأني )) وهي أقوال لاتُغفر لصاحبها ، سواءً كان في حالة سكر أو صحو ، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يعده من أصحاب هذه الطبقة ويشكك في صدق نسبتها إليه حيث كانت له أقوال تدل على تمسكه بالسنة ، ومن علماء أهل السنة والجماعة من يضعه مع الحلاج والسهروردي في طبقة واحدة .(1/11)
ـ الحكيم الترمذي : أبوعبد الله محمد بن علي بن الحسين الترمذي المتوفى سنة 320ه أول من تكلم في ختم الولاية وألف كتاباً في هذا أسماه ختم الولاية كان سبباً لاتهامه بالكفر وإخراجه من بلده ترمذ ، يقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية : (( تكلم طائفة من الصوفية في (( خاتم الأولياء )) وعظموه كالحكيم الترمذي ، وهو من غلطاته ، فإن الغالب على كلامه الصحة بخلاف ابن عربي فإنه كثير التخليط )) . [ مجموع الفتاوى 1/363 ] . وينسب إليه انه قال : (( للأولياء خاتم كما ان للأنبياء خاتماً )) ، مما مهد الطريق أمام فلاسفة الصوفية أمثال ابن عربي وابن سبعين وابن هود والتلمساني للقول بخاتم الأولياء ، وأن مقامه يفضل مقام خاتم الأنبياء .
· الطبقة الثالثة :
وفيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية ، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود ، على أن الموجود الحق هو الله وماعداه فإنها صور زائفة وأوهام وخيالات موافقة لقول الفلاسفة ، كما أثرت في ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي . وبذلك تعد هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف والتي تعدت مرحلة البدع العملية إلى البدع العلمية التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية . ومن أشهر رموز هذه الطبقة : الحلاج ت309هـ ، السهروردي 587هـ ، ابن عربي ت638هـ ، ابن الفارض 632هـ ، ابن سبعين ت 667 هـ .
ـ الحلاج : أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج 244 ـ 309هـ ولد بفارس حفيداً لرجل زرادشتي ، ونشأ في واسط بالعراق ، وهو أشهر الحلوليين والاتحاديين، رمي بالكفر وقتل مصلوباً لتهم أربع وُجهت إليه :
1ـ اتصاله بالقرامطة .
2ـ قوله (( أنا الحق )) .
3ـ اعتقاد أتباعه ألوهيته .
4ـ قوله في الحج ، حيث يرى أن الحج إلى البيت الحرام ليس من الفرائض الواجب أداؤها .(1/12)
كانت في شخصيته كثير من الغموض ، فضلاً عن كونه متشدداً وعنيداً ومغالياً ، له كتاب الطواسين الذي أخرجه وحققه المستشرق الفرنسي ماسنيون .
· يرى بعض الباحثين أن أفراد الطائفة في القرن الثالث الهجري كانوا على علم باطني واحد ، منهم من كتمه ويشمل أهل الطبقة الولى بالإضافة إلى الشبلي القائل : (( كنت أنا والحسين بن منصور ـ الحلاج ـ شيئاً واحداً إلا انه أظهر وكتمت )) ، ومنهم من أذاع وباح به ويشمل الحلاج وطبقته فأذاقهم الله طعم الحديد ، على ماصرحت به المرأة وقت صلبه بأمر من الجنيد حسب رواية المستشرق الفرنسي ماسنيون .
· ظهور الفرق :
وضع أبو سعيد محمد أحمد اميهمي الصوفي الإيراني 357 ـ 430 هـ تلميذ أبي عبد الرحمن السلمي أول هيكل تنظيمي للطرق الصوفية بجعله متسلسلاً عن طريق الوراثة .
· يعتبر القرن الخامس امتداداً لأفكار القرون السابقة ، التي راجت من خلال مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي ، المتوفى 412هـ والتي يصفها ابن تيمية بقوله : (( يوجد في كتبه من الآثار الصحيحة والكلام المنقول ماينتفع به في الدين ، ويوجد فيه من الآثار السقيمة والكلام المردود مايضر من لا خيرة له ، وبعض الناس توقف في روايته )) [ مجموع الفتاوى 1/ 578 ] ، فقد كان يضع الأحاديث لصالح الصوفية .
· ما بين النصف الثاني من القرن الخامس وبداية السادس في زمن أبي حامد الغزالي الملقب بحجة الإسلام ت505هـ أخذ التصوف مكانه عند من حسبوا على أهل السنة . وبذلك انتهت مرحلة الرواد الأوائل أصحاب الأصول غير الإسلامية ، ومن أعلام هذه المرحلة التي تمتد إلى يومنا هذا :(1/13)
ـ أبوحامد الغزالي : محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الملقب بحجة الإسلام 450 ـ 505هـ ولد بطوس من إقليم خراسان ، نشأ في بيئة كثرت فيها الآراء والمذاهب مثل علم الكلام والفلسفة ، والباطنية ، والتصوف ، مما أورثه ذلك حيرة وشكاً دفعه للتقلب بين هذه المذاهب الأربعة السابقة أثناء إقامته في بغداد ، رحل إلى جرجان ونيسابور ، ولازم نظام الملك ، درس في المدرسة النظامية ببغداد ، واعتكف في منارة مسجد دمشق ، ورحل إلى القدس ومنها إلى الحجاز ثم عاد إلى موطنه . وقد ألف عدداً من الكتب منها : تهافت الفلاسفة ، والمنقذ من الضلال ، وأهمها إحياء علوم الدين . ويعد الغزالي رئيس مدرسة الكشف في المعرفة ، التي تسلمت راية التصوف من أصحاب الأصولية الفارسية إلى أصحاب الأصول السنية ، ومن جليل أعماله هدمه للفلسفة اليونانية وكشفه لفضائح الباطنية في كتابه المستظهري أو فضائح الباطنية . ويحكي تلميذه عبد الغافر الفارسي آخر مراحل حياته ، بعدما عاد إلى بلده طوس ، قائلاً : (( وكانت ثمة أمره إقباله على حديث المصطفى ومجالسة أهله ، ومطالعة الصحيحين ـ البخاري ومسلم ـ اللذين هما حجة الإسلام )) ا . هـ . وذلك بعد أن صحب أهل الحديث في بلده أمثال : أبي سهيل محمد بن عبد الله الحفصي الذي قرأ عليه صحيح البخاري ، والقاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي الذي سمع عليه سنن أبي داود [ طبقات السبكي 4 / 110 ] .
ـ وفي هذه المرحلة ألف كتابه إلجام العوام عن علم الكلام الذي ذم فيه علم الكلام وطريقته ، وانتصر لمذهب السلف ونهجهم فقال : (( الدليل على أن مذهب السلف هو الحق : أن نقيضه بدعة ، والبدعة مذمومة وضلالة ، والخوض من جهة العوام في التأويل والخوض بهم من جهة العلماء بدعة مذمومة ، وكان نقيضه هو الكف عن ذلك سنة محمودة )) ص[96] .(1/14)
ـ وفيه أيضاً رجع عن القول بالكشف وإدراك خصائص النبوة وقواها ، والاعتماد في التأويل أو الإثبات على الكشف الذي كان يراه من قبل غاية العوام .
· يمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي ، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبدالقادر الجيلاني ، المتوفى سنة 561ه ، وقد رزق بتسعة وأربعين ولداً ، حمل أحد عشر منهم تعاليمه ونشروها في العالم الإسلامي ، ويزعم أتباعه أنه أخذ الخرقة والتصوف عن الحسن البصري عن الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما – رغم عدم لقائه بالحسن البصري ، كما نسبوا إليه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب ، وإحياء الموتى ، وتصرفه في الكون حياً أو ميتاً ، بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة . ومن هذه الأقوال أنه قال مرة في أحد مجالسه : (( قدمي هذه على رقبة كل ولي لله )) ، وكان يقول : (( من استغاث بي في كربة كشفت عنه ، ومن ناداني في شدة فرجت عنه ، ومن توسل بي في حاجة قضيت له )) ، ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الشرك وادعاء الربوبية .
- يقول السيد محمد رشيد رضا : (( يُنقل عن الشيخ الجيلاني من الكرامات وخوارق العادات مالم ينقل عن غيره ، والنقاد من أهل الرواية لا يحفلون بهذه النقول إذ لا أسانيد لها يحتج بها )) [دائرة المعارف الإسلامية11/171] .(1/15)
· كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن الحسين الرفاعي ت 540ه ويطلق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق ، وينسج حوله كتَّاب الصوفية – كدأبهم مع من ينتسبون إليهم – الأساطير والخرافات ، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية . ومن هذه الأقوال : (( كان قطب الأقطاب في الأرض ، ثم انتقل إلى قطبية السماوات ، ثم صارت السماوات السبع في رجله كالخلخال )) [طبقات الشعراني ص141 ، قلادة الجواهرص42] .
-وقد تزوج الرفاعي العديد من النساء ولكنه لم يعقب ، ولذلك خلفه على المشيخة من بعده علي بن عثمان ت584ه ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت604ه ، ولأتباعه أحوال وأمور غريبة ذكرها الحافظ الذهبي ثم قال : (( لكن أصحابه فيهم الجيد والرديء )) .
-وفي هذا القرن ظهرت شطحات وزندقة السهروردي شهاب الدين أبو الفتوح محيي الدين بن حسن 549-587ه ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت604ه ، صاحب مدرسة الإشراق الفلسفية التي أساسها الجمع بين آراء مستمدة من ديانات الفرس القديمة ومذاهبها في ثنائية الوجود وبين الفلسفة اليونانية في صورتها الأفلاطونية الحديثة ومذهبها في الفيض أو الظهور المستمر ، ولذلك اتهمه علماء حلب بالزندقة والتعطيل والقول بالفلسفة الاشراقية مما حدا بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضراً بكفره وزندقته فأمر بقتله ردة ، وإليه تنسب الطريقة السهروردية ومذاهبها في الفيض أو الظهور المستمر . ومن كتبه : حكمة الإشراق ، هياكل النور ، التلويحات العرشية ، والمقامات .
· تحت تأثير تراكمات مدارس الصوفية في القرون السالفة أعاد ابن عربي ، وابن الفارض ، وابن سبعين ، عقيدة الحلاج ، وذي النون المصري ، والسهروردي .
· في القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي الطائي الأندلسي أحد رؤوس الصوفية حتى لُقب بالشيخ الأكبر .(1/16)
- محيي الدين ابن عربي : الملقب بالشيخ الكبر 560-638ه رئيس مدرسة وحدة الوجود ، يعتبر نفسه خاتم الأولياء ، ولد بالأندلس ، ورحل إلى مصر ، وحج وزار بغداد ، واستقر في دمشق حيث مات ودفن ، وله فيها الآن قبر يُزار ، طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلى فيه الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله ، وله كتب كثيرة يوصلها بعضهم إلى 400كتاب ورسالة مايزال بعضها محفوظاً بمكتبة يوسف أغا بقونية ومكتبات تركيا الأخرى ، وأشهر كتبه : روح القدس ، وترجمان الأشواق وأبرزها : الفتوحات المكية وفصوص الحكم .
- أبو الحسن الشاذلي 593-656ه : صاحب ابن عربي مراحل الطلب –طلب العلم – ولكنهما افترقا حيث فضّل أبوالحسن مدرسة الغزالي في الكشف بينما فضل ابن عربي مدرسة الحلاج وذي النون المصري ، وقد أصبح لكلتا المدرستين أنصارهما إلى الآن داخل طرق الصوفية ، مع ما قد تختلط عند بعضهم المفاهيم فيهما ، ومن أشهر تلاميذ مدرسة أبي الحسن الشاذلي ت656ه أبوالعباس ت686ه ، وإبراهيم الدسوقي ، وأحمد البدوي ت675ه . ويلاحظ على أصحاب هذه المدرسة إلى اليوم كثرة اعتذارها وتأويلها لكلام ابن عربي ومدرسته .(1/17)
· وفي القرن السابع ظهر أيضاً جلال الدين الرومي صاحب الطريقة المولوية بتركيا ت672ه . · أصبح القرن الثامن والتاسع الهجري ما هو إلا تفريع وشرح لكتب ابن عربي وابن الفارض وغيرهما ، ولم تظهر فيه نظريات جديدة في التصوف . ومن أبرز سمات القرن التاسع هو اختلاط أفكار كلتا المدرستين . وفي هذا القرن ظهر محمد بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريقة النقشبندية ت791ه . وكذلك القرن العاشر ماكان إلا شرحاً أو دفاعاً عن كتب ابن عربي ، فزاد الاهتمام فيه بتراجم أعلام التصوف ، والتي اتسمت بالمبالغة الشديدة . ومن كتب تراجم الصوفية في هذا القرن : عبد الوهاب الشعراني ت 973ه صاحب الطبقات الصغرى والكبرى . · وفي القرون التالية اختلط الأمر على الصوفية ، وانتشرت الفوضى بينهم ، واختلطت فيهم أفكار كلتا المدرستين وبدأت مرحلة الدراويش .
- ومن أهم ماتتميز به القرون المتأخرة ظهور ألقاب شيخ السجادة ، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية ، والخليفة والبيوت الصوفية التي هي أقسام فرعية من الطرق نفسها مع وجود شيء من الاستقلال الذاتي يمارس بمعرفة الخلفاء ، كما ظهرت فيها التنظيمات والتشريعات المنظمة للطرق تحت مجلس وإدارة واحدة الذي بدأ بفرمان أصدره محمد علي باشا والي مصر يقضي بتعيين محمد البكري خلفاً لوالده شيخاً للسجادة البكرية وتفويضه في الإشراف على جميع الطرق والتكايا والزوايا والمساجد التي بها أضرحة كما له الحق في وضع مناهج التعليم التي تعطى فيها . وذلك كله في محاولة لتقويض سلطة شيخ الأزهر وعلمائه ، وقد تطورت نظمه وتشريعاته ليعزف فيما بعد بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر .
ومن أشهر رموز هذه القرون المتأخرة :
- عبدالغني النابلسي 1050-1287ه .
- أبوالسعود البكري المتوفى 1812مأول من عرف بشيخ مشايخ الطرق الصوفية في مصر بشكل غير رسمي .
- أبوالهدى الصيادي الرفاعي 1220-1287ه(1/18)
- عمر الفوتي الطوري السنغالي الأزهري التيجاني ت 1281ه ، ومما يحسن ذكره له أنه اهتم بنشر الإسلام بين الوثنيين ، وكون لذلك جيشاً ، وخاض به حروباً مع الوثنيين ، واستولى على مملكة سيغو وعلى بلاد ماسينه . ومن مؤلفاته : سيوف السعيد ، سفينة السعادة ، رماح حزب الرحيم على نحو حزب الرجيم .
- محمد عثمان الميرغني ت1268ه .
- أبوالفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني ، فقيه متفلسف ، من أهل فاس بالمغرب ، أسس الطريقة الكتانية 1290-1327ه ، انتقد عليه علماء فاس بعض أقواله ونسبوه إلى فساد الاعتقاد .ومن كتبه : حياة الأنبياء ، لسان الحجة البرهانية في الذب عن شعائر الطريقة الأحمدية الكتانية .
- أحمد التيجاني ت1230ه .
- حسن رضوان 1239-1310ه صاحب أرجوزة روض القلوب المستطاب في التصوف .
- صالح بن محمد بن صالح الجعفري الصادقي 1328-1399ه انتسب إلى الطريقة الأحمدية الإدريسية بعد ماسافر إلى مصر والتحق بالأزهر ، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد بخيث المطيعي ، والشيخ حبيب الله الشنقيطي ، والشيخ يوسف الدجوي ، ومن كتبه : الإلهام النافع لكل قاصد ، القصيدة التائية ، الصلوات الجعفرية .
أهم العقائد :
· مصادر التلقي :
- الكشف : ويعتمد الصوفية الكشف مصدراً وثيقاً للعلوم والمعارف ، بل تحقيق غاية عبادتهم ، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور الشرعية والكونية منها :
1- النبي صلى الله عليه وسلم : ويقصدون به الأخذ عنه يقظةً أو مناماً .
2- الخضر عليه الصلاة السلام : قد كثرت حكايتهم عن تقياه ، والأخذ عنه أحكاماً شرعية وعلوماً دينية ، وكذلك الأوراد ، والأذكار والمناقب .
3- الإلهام : سواء كان من الله تعالى مباشرة ، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم مباشرة عن الله تعالى حيث أخذه الملك الذي يوحي به إلى النبي أو الرسول .
4- الفراسة : والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها .(1/19)
5- الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى ، أو من الملائكة ، أو الجن الصالح ، أو من أحد الأولياء ، أو الخضر ، أو إبليس ، سواء كان مناماً أو يقظةً أو في حالة بينهما بواسطة الأذن .
6- الإسراءات والمعاريج : ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي ، وجولاتها هناك ، والاتيان منها بشتى العلوم والأسرار .
7- الكشف الحسي : بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر .
8- الرؤى والمنامات : وتعتبر من أكثر المصادر اعتماداً عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية .
- الذوق : وله إطلاقان :
1- الذوق العام الذي ينظم جميع الأحوال والمقامات ، ويرى الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال إمكان السالك أن يتذوق حقيقة النبوة ، وأن يدرك خاصيتها بالمنازلة .
2- أما الذوق الخاص فتتفاوت درجاته بينهم حيث يبدأ بالذوق ثم الشرب .
- الوجد : وله ثلاثة مراتب :
1- التواجد .
2- الوجد .
3- الوجود .
- التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأشياخ المقبورين .
- تتشابه عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد بتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي :
- يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى ، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج ، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق ، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته .(1/20)
- والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً عقائد شتى ، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم ، وأنه كان جاهلاً بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي : (( خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله )) . ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون ، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خُلقت من نوره ، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه . ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة .
- وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى ، فمنهم من يفضِّل الولي على النبي ، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته ، فهو يخلق ويرزق ، ويحيي ويميت ، ويتصرف في الكون . ولهم تقسيمات للولاية ، فهناك الغوث ، والأقطاب ، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير . ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضاً يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواءً كان في حياتهم أو بعد مماتهم .
وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى ، وعمل الصالحات ، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه ، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أنه يملك لغيره ، قال تعالى لرسوله : (( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً )) [الجن :21] .
- يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة ، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع ، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار .
- التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معاً .
- لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه .(1/21)
- لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى ، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي .
- يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية ، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام ، حيث أخبر الله تعالى عن ذلك فقال : ((وعلمناه من لدنا علماً )) .
- الفناء : يعتبر أبويزيد البسطامي أول داعية في الإسلام إلى هذه الفكرة ، وقد نقلها عن شيخه أبي علي السندي حيث الاستهلاك في الله بالكلية ، وحيث يختفي نهائياً عن شعور العبد بذاته ويفنى المشاهد فينسى نفسه وما سوى الله ، ويقول القشيري : الاستهلاك بالكلية يكون (( لمن استولى عليه سلطان الحقيقة حتى لم يشهد من الغبار لا عيناً ولا أثراً ولا رسماً )) .
( مقام جمع الجمع ) وهو : (( فناء العبد عن شهود فنائه باستهلاكه في وجود الحق )) .
إن مقام الفناء حالة تتراوح فيها تصورات السالك بين قطبين متعارضين هما التنزيه والتجريد من جهة والحلول والتشبيه من جهة أخرى .
· درجات السلوك :
- هناك فرق بين الصوفي والعابد والزاهد إذ أن لكل واحد منهم أسلوباً ومنهجاً وهدفاً . وأول درجات السلوك حب الله ورسوله ، ودليله الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأسوة الحسنة : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) .
ثم التوبة : وذلك بالإقلاع عن المعصية ، والندم على فعلها ، والعزم على أن لا يعود إليها ، وإبراء صاحبها إن كانت تتعلق بآدمي .
- المقامات : (( هي المنازل الروحية التي يمر بها السالك إلى الله فيقف فترة من الزمن مجاهداً في إطارها حتى ينتقل إلى المنزل الثاني )) ولابد للانتقال من جهاد وتزكية . وجعلوا الحاجز بين المريد وبين الحق سبحانه وتعالى أربعة أشياء هي : المال ، والجاه ، والتقليد ، والمعصية .(1/22)
- الأحوال : (( إنها النسمات التي تهب على السالك فتنتعش بها نفسه لحظات خاطفة ثم تمر تاركة عطراًً تتشوق الروح للعودة إلى تنسُّم أريجه )) . قال الجنيد : (( الحال نازلة تنزل بالقلوب فلا تدوم )) .
والأحوال مواهب ، والمقامات مكاسب ، ويعبرون عن ذلك بقولهم : (( الأحوال تأتي من عين الجود ، والمقامات تحصل ببذل المجهود )) .
- الورع : أن يترك السالك كل ما فيه شبهة ، ويكون هذا في الحديث والقلب والعمل .
- الزهد : وهو يعني أن تكون الدنيا على ظاهر يده ، وقلبه معلق بما في يد الله . يقول أحدهم عن زاهد : (( صدق فلان ، قد غسل الله قلبه من الدنيا وجعلها في يده على ظاهره)) . قد يكون الإنسان غنياً وزاهداً في ذات الوقت إذ أن الزهد لا يعني الفقر ، فليس كل فقير زاهداً ، وليس كل زاهد فقيراً، والزهد على ثلاث درجات :
1- ترك الحرام ، وهو زهد العوام .
2- ترك الفضول من الحلال ، وهو زهد الخواص .
3- ترك ما يشغل العبد عن الله تعالى ، وهو زهد العارفين .
- التوكل : يقولون : التوكل بداية ، والتسليم واسطة ، والتفويض نهاية إن كان للثقة في الله نهاية ، ويقول سهل التستري:(( التوكل : الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد )) .
- المحبة : يقول الحسن البصري ت110ه : (( فعلامة المحبة الموافقة للمحبوب والتجاري مع طرقاته في كل الأمور ، والتقرب إليه بكل صلة ، والهرب من كل ما لا يعينه على مذهبه )) .
- الرضا : يقول أحدهم :(( الرضا بالله الأعظم ، هو أن يكون قلب العبد ساكناً تحت حكم الله عز وجل )) ويقول آخر : (( الرضا آخر المقامات ، ثم يقتفي من بعد ذلك أحوال أرباب القلوب ، ومطالعة الغيوب ، وتهذيب الأسرار لصفاء الأذكار وحقائق الأحوال )) .
- يطلقون الخيال : لفهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يصل السالك إلى اليقين وهو على ثلاث مراتب :(1/23)
1- علم اليقين : وهو يأتي عن طريق الدليل النقلي من آيات وأحاديث (( كلا لو تعلمون علم اليقين )) . [سورة التكاثر:5] .
2- عين اليقين : وهو يأتي عن طريق المشاهدة والكشف : (( ثم لترونَّها عين اليقين )) [سورة التكاثر:7] .
3- حق اليقين : وهو ما يتحقق عن طريق الذوق : (( إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم )) [سورة الواقعة:95،96] .
- وأما في الحكم والسلطان والسياسة فإن المنهج الصوفي هو عدم جواز مقاومة الشر ومغالبة السلاطين لأن الله في زعمهم أقام العباد فيما أراد .
- ولعل أخطر ما في الشريعة الصوفية هو منهجهم في التربية حيث يستحوذون على عقول الناس ويلغونها ، وذلك بإدخالهم في طريق متدرج يبدأ بالتأنيس ، ثم بالتهويل والتعظيم بشأن التصوف ورجاله ، ثم بالتلبيس على الشخص ، ثم بالرزق إلى علوم التصوف شيئاً فشيئاً ، ثم بالربط بالطريقة وسد جميع الطرق بعد ذلك للخروج .
· مدارس الصوفية :
- مدرسة الزهد : وأصحابها : من النساك والزهاد والعباد والبكائين ، ومن أفرادها : رابعة العدوية ، وإبراهيم بن أدهم ، ومالك بن دينار .
- مدرسة الكشف والمعرفة : وهي تقوم على اعتبار أن المنطق العقلي وحده لا يكفي في تحصيل المعرفة وإدراك حقائق الموجودات ، إذ يتطور المرء بالرياضة النفسية حتى تتكشف عن بصيرته غشاوة الجهل وتبدو له الحقائق منطبقة في نفسه تتراءى فوق مرآة القلب ، وزعيم هذه المدرسة : الإمام أبو حامد الغزالي .
- مدرسة وحدة الوجود : زعيم هذه المدرسة محيي الدين بن عربي : ( وقد ثبت عن المحققين أنه ما في الوجود إلا الله ، ونحن إن كنا موجودين فإنما كان وجودنا به ، فما ظهر من الوجود بالوجود إلا الحق ، فالوجود الحق وهو واحد ، فليس ثم شيء هو له مثل ، لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان أو متماثلان )) .(1/24)
- مدرسة الاتحاد والحلول : وزعيمها : الحلاج ، ويظهر في هذه المدرسة التأثر بالتصوف الهندي والنصراني ، حيث يتصور الصوفي عندها أن الله قد حل فيه وأنه قد اتحد هو بالله ، فمن أقوالهم : (( أنا الحق )) و (( ما في الجبة إلا الله )) وما إلى ذلك من الشطحات التي تنطلق على ألسنتهم في لحظات السكر بخمرة الشهود على مايزعمون .
· طرق الصوفية :
- الجيلانية : تنسب إلى عبد القادر الجيلاني 470 – 561ه المدفون في بغداد ، حيث تزوره كل عام جموع كثيرة من أتباعه للتبرك به ، اطلع على كثير من علوم عصره ، وقد نسب أتباعه إليه كثيراً من الكرامات ، على نحو ما ذكرنا من قبل .
وقد ساهمت طريقته في إقامة المراكز الإسلامية التي قامت بدور كبير في نشر الإسلام في أفريقيا ووقفت حاجزاً منيعاً في وجه المد الأوروبي الزاحف إلى المغرب العربي .
- الرفاعية : تنسب إلى أحمد الرفاعي 512-580ه من بني رفاعة أحد قبائل العرب ، و جماعته يستخدمون السيوف ودخول النيران في إثبات الكرامات . قال عنهم الشيخ الآلوسي في غاية الأماني في الرد على النبهاني : (( وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة : مبتدعة الرفاعية ، فلا تجد بدعة إلا ومنهم مصدرها وعنهم موردها ومأخذها ، فذكرهم عبارة عن رقص وغناء والتجاء إلى غير الله وعبادة مشايخهم . وأعمالهم عبارة عن مسك الحيات )) 1/370 .
وتتفق الرفاعية مع الشيعة في أمور عدة منها : إيمانهم بكتاب الجفر ، واعتقادهم في الأئمة الإثنى عشر ، وأن احمد الرفاعي هو الإمام الثالث عشر ، بالإضافة إلى مشاركتهم الحزن يوم عاشوراء . وغير ذلك .
هذا رغم ماورد عن شيخ طريقتهم – الشيخ أحمد الرفاعي – من الحض الشديد على السنة واجتناب البدعة ومنها قوله : (( ما تهاون قوم بالسنة وأهملوا قمع البدعة إلا سلط الله عليهم العدو ، و ما انتصر قوم للسنة وقمعوا البدعة وأهلها إلا رزقهم هيبة من عنده ونصرهم وأصلح شأنهم )).(1/25)
وللرفاعية انتشار ملحوظ في غرب آسيا .
- البدوية : وتنسب إلى أحمد البدوي596-634ه ولد بفاس ، حج ورحل إلى العراق ، واستقر في طنطا حتى وفاته ، وله فيها ضريح مقصود ، حيث يقام له كغيره من أولياء الصوفية احتفال بمولده سنوياً يمارس فيه الكثير من البدع والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرك وتوسل مما يؤدي إلى الشرك المخرج من الملة . وأتباع طريقته منتشرون في بعض محافظات مصر ، ولهم فيها فروع كالبيومية والشناوية وأولاد نوح والشعبية ، وشارتهم العمامة الحمراء .
- الدسوقية : تنسب إلى إبراهيم الدسوقي 633-676ه المدفون بمدينة دسوق في مصر ، يدعي المتصوفة أنه أحد الأقطاب الأربعة الذين يرجع إليهم تدبير الأمور في هذا الكون .
- الكبرية : نسبة إلى الشيخ محيي الدين بن عربي ، وتقوم طريقته على عقيدة وحدة الوجود والصمت والعزلة والجوع والسهر ، ولها ثلاث صفات : الصبر على البلاء ، والشكر على الرخاء، والرضا بالقضاء .
- الشاذلية : نسبة إلى أبي الحسين الشاذلي 593-656ه ولد بقرية عمارة قرب مرسية في بلاد المغرب ، وانتقل إلى تونس ، وحج عدة مرات ، ثم دخل العراق ومات أخيراً في صحراء عيذاب بصعيد مصر في طريقه إلى الحج ، قيل عنه : ( إنه سهل الطريقة على الخليقة )) لأن طريقته أسهل الطرق وأقربها ، فليس فيها كثير مجاهدة ، انتشرت طريقته في مصر واليمن وبلاد العرب ، وأهل مدينة مخا يدينون له بالتقدير والاعتقاد العميق في ولايته ، وانتشرت طريقته كذلك في مراكش وغرب الجزائر وفي شمال أفريقيا وغربها بعامة .
- البكداشية : كان الأتراك العثمانيون ينتمون إلى هذه الطريقة ، وهي ما تزال منتشرة في ألانيا ، كما أنها أقرب إلى التصوف الشيعي منها إلى التصوف السني ، وقد كان لهذه الطريقة أثر بارز في نشر الإسلام بين الأتراك والمغول ، وكان لها سلطان عظيم على الحكام العثمانيين ذاتهم .(1/26)
- المولوية : أنشأها الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي ت672ه والمدفون بقونية ، أصحابها يتميزون بإدخال الرقص والإيقاعات في حلقات الذكر ، وقد انتشروا في تركيا وآسيا الغربية ، ولم يبق لهم في الأيام الحاضرة إلا بعض التكايا في تركيا وفي حلب وفي بعض أقطار المشرق .
- النقشبندية : تنسب إلى الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري الملقب بشاه نقشبند 618-791ه وهي طريقة سهلة كالشاذلية ، انتشرت في فارس وبلاد الهند وآسيا الغربية .
- الملامتية : مؤسسها أبوصالح حمدون بن أحمد بن عمار المعروف بالقصار ت271ه أباح بعضهم مخالفة النفس بغية جهادها ومحاربة نقائصها ، وقد ظهر الغلاة منهم في تركيا حديثاً بمظهر الإباحية والاستهتار وفعل كل أمر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية .
- وهناك طرق كثيرة غير هذه : كالقنائية ، والقيروانية ، والمرابطية ، والبشبشية ، والسنوسية ، والمختارية ، والختمية ... وغيرها ، ولاشك أن كل هذه الطرق بدعية .
· شطحات الصوفية :
سلك بعضهم طريق تحضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف ، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل ، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها ، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
- يقول بعضهم بارتفاع التكاليف – إسقاط التكاليف – عن الولي ، أي أن العبادة تصير لالزوم لها بالنسبة إليه ، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك ، ولأنه لو اشتغل بوظائف الشرع وظواهره انقطع عن حفظ الباطن وتشوش عليه بالالتفات عن أنواع الواردات الباطنية إلى مراعاة الظاهر .
- وينقل عن الغزالي انتقاده لمن غلبه الغرور ، ويعدد فرقهم :
1- فرقة اغتروا بالزي والهيئة والمنطق .
2- وفرقة ادعت علم المعرفة ، ومشاهدة الحق ، ومجاوزة المقامات والأحوال .
3- وفرقة وقعت في الإباحة ، وطووا بساط الشرع ، ورفضوا الأحوال ، وسووا بين الحلال والحرام .(1/27)
4- وبعضهم يقول : الأعمال بالجوارح لاوزن لها وإنما النظر إلى القلوب ، وقلوبنا والهة بحب الله وواصلة إلى معرفة الله ، وإنما نخوض في الدنيا بأيدينا ، وقلوبنا عاكفة في الحضرة الربوبية ، فنحن مع الشهوات بالظواهر لا بالقلوب .
- ومذهب الوحدة المطلقة لم يكن له وجود في الإسلام بصورته الكاملة قبل ابن عربي ، فهو الواضع لدعائمه والمؤسس لمدرسته والمفضل لمعانيه ومراميه ، وله فصوص الحكم والفتوحات المكية وغيرهما .
- أما الحلاج فيعتبر صاحب مدرسة الاتحاد والحلول وله أقوال منها :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرته وإذا أبصرته أبصرتنا
وقوله :
مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة في الماء الزلال
فإذا مسَّك شيء مسني فإذا أنت أنا في كل حال
- يستخدم الصوفيون لفظ ( الغوث والغياث ) وقد أفتى ابن تيمية كما جاء في كتاب مجموع الفتاوى ص 437 : (( فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غوث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل )) .
- لقد أجمعت كل طرق الصوفية على ضرورة الذكر ، وهو عند النقشبندية لفظ الله مفرداً ، وعند الشاذلية لا إله إلا الله ، وعند غيرهم مثل ذلك مع الاستغفار والصلاة على النبي ، وبعضهم يقول عند اشتداد الذكر : هو هو ، بلفظ الضمير . وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى ص 229 : (( وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له ، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين ، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات ، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد )) .
ويقول في ص 228 أيضاً : (( من قال : ياهو ياهو ، أو هو هو ، ونحو ذلك ، لم يكن الضمير عائداً إلا إلى مايصوره القلب ، والقلب قد يهتدي وقد يضل )) .(1/28)
- قد يأتي بعض المنتسبين إلى التصوف بأعمال عجيبة وخوارق ، وفي ذلك يقول ابن تيمية ص 494 : (( وأما كشف الرؤوس ، وتفتيل الشعر ، وحمل الحيات ، فليس هذا من شعار أحد من الصالحين ، ولامن الصحابة ، ولا من التابعين ، ولا شيوخ المسلمين ، ولا من المتقدمين ، ولا من المتأخرين ، ولا الشيخ أحمد بن الرفاعي ، وإنما ابتدع هذا بعد موت الشيخ بمدة طويلة )) .
- ويقول أيضاً في ص 504 : (( وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى )) .
- وفي ص 506 من نفس الكتاب : (( وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه ))
- ويقول في ص 505 من نفس الكتاب أيضاً : (( وأما مؤاخاة الرجال والنساء الجانب وخلوتهم بهن ، ونظرهم إلى الزينة الباطنة ، فهذا حرام باتفاق المسلمين ، ومن جعل ذلك من الدين فهو من إخوان الشياطين )) .
- وفي مقام الفناء عن شهود ماسوى الرب – وهو الفناء عن الإرادة – يقول ابن تيمية ص337 من كتابه : (( وفي هذا الفناء قد يقول : انا الحق ، أو سبحاني ، أو ما في الجنة إلا الله ، إذا فنى بمشهوده عن شهوده ، وبموجوده عن وجوده ، وفي مثل هذا المقام يقع السكر الذي يسقط التمييز مع وجود حلاوة الإيمان كما يحصل بسكر الخمر وسكر عشق الصور . ويحكم على هؤلاء أن أحدهم إذا زال عقله بسبب غير محرم فلا جناح عليه فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال المحرمة ، بخلاف ماإذا كان سبب زوال العقل أمراً محرماً . وكما أنه لاجناح عليهم فلا يجوز الاقتداء بهم ولا حمل كلامهم وفعالهم على الصحة ، بل هم في الخاصة مثل الغافل والمجنون في التكاليف الظاهرة )) .(1/29)
- أما في مقام الفناء عن وجود السوي فيقول ص337 من الكتاب أيضاً : (( الثالث : فناء وجود السوي ، بمعنى أنه يرى الله هو الوجود وأنه لاوجود لسواه ، لابه ولا بغيره ، وهذا القول للاتحادية الزنادقة من المتأخرين كالبلياني والتلمساني والقونوي ونحوهم ، الذين يجعلون الحقيقة أنه غير الموجودات وحقيقة الكائنات ، وأنه لاوجود لغيره ، لا بمعنى أن قيام الأشياء به ووجودها به لكنهم يريدون أنه عين الموجودات ، فهذا كفر وضلال )) .
· تجاوزات بعض المنتسبين إلى الصوفية في الوقت الحاضر :
- من أبرز المظاهر الشركية التي تؤخذ على الصوفية مايلي :
1- الغلو في الرسول .
2- الحلول والاتحاد .
3- وحدة الوجود .
4- الغلو في الأولياء .
5- الادعاءات الكثيرة الكاذبة ، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة .
6- ادعاؤهم الانشغال بذكر الله عن التعاون لتحكيم شرع الله والجهاد في سبيله ، مع ماكان لبعضهم من مواقف طيبة ضد الاستعمار مثل الأمير عبد القادر الجزائري .
7- كثيراً ما يتساهل بعض المحسوبين على التصوف في التزام أحكام الشرع .
8- طاعة المشايخ والخضوع لهم ، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم .
9- تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، في هيئة ما يسمونه الذكر ، وهو هز البدن والتمايل يميناً وشمالاً ، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة ، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم ، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم ، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم .
الجذور العقائدية :
- إن المجاهدات الصوفية إنما ترجع إلى زمن سحيق في القدم من وقت أن شعر الإنسان بحاجة إلى رياضة نفسه ومغالبة أهوائه .(1/30)
- لاشك أن ما يدعو إليه الصوفية من الزهد ، والورع والتوبة والرضا ... إنما هي أمور من الإسلام ، وأن الإسلام يحث على التمسك بها والعمل من أجلها ، ولكن الصوفية في ذلك يخالفون ما دعا إليه الإسلام حيث ابتدعوا مفاهيم وسلوكيات لهذه المصطلحات مخالفة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته .
لكن الذي وصل إليه بعضهم من الحلول والاتحاد والفناء ، وسلوك طريق المجاهدات الصعبة ، إنما انحدرت هذه الأمور إليهم من مصادر دخيلة على الإسلام كالهندوسية والجينية والبوذية والأفلاطونية والزرادشتية والمسيحية . وقد عبر عن ذلك كثير من الدارسين للتصوف منهم :
- المستشرق ميركس ، يرى أن التصوف إنما جاء من رهبانية الشام .
- المستشرق جونس يرده إلى فيدا الهنود .
- نيكولسون ، يقول بأنه وليد لاتحاد الفكر اليوناني والديانات الشرقية ، أو بعبارة أدق : وليد لاتحاد الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والديانات المسيحية والمذهب الغنوصي .
- إن السقوط في دائرة العدمية بإسقاط التكاليف وتجاوز الأمور الشرعية إنما هو أمر عرفته البرهمية حيث يقول البرهمي : (( حيث أكون متحداً مع برهماً لا أكون مكلفاً بعمل أو فريضة )) .
- قول الحلاج في الحلول،وقول ابن عربي في الإنسان الكامل يوافق مذهب النصارى في عيسى عليه السلام .
- لقد فتح التصوف المنحرف باباً واسعاً دخلت منه كثير من الشرور على المسلمين مثل التواكل ، والسلبية ، وإلغاء شخصية الإنسان ، وتعظيم شخصية الشيخ فضلاً عن كثير من الضلالات والبدع التي تخرج صاحبها من الإسلام .
أماكن الإنتشار :
لقد عملت الطرق الصوفية على نشر الإسلام في كثير من الأماكن التي لم تفتحها الجيوش ، وذلك بما لديهم من تأثير روحي يسمونه ( الجذب ) ، مثل إندونيسيا ومعظم أفريقيا وغيرها من الأقطار النائية .(1/31)
انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي ، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا ، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .
لقد تركوا أثراً مهماً في الشعر والنثر والموسيقى وفنون الغناء والانشاد وكانت لهم آثار في إنشاء الزوايا والتكايا .
لقد كان للروحانية الصوفية أثر في جذب الغربيين الماديين إلى الإسلام ، ومن أولئك مارتن لنجز الذي يقول : (( إنني أوروبي وقد وجدت خلاص روحي ونجاتها في التصوف)) .
على أن اهتمام الغربيين ومراكز الاستشراق في الجامعات الغربية والشرقية بالتصوف يدعو إلى الريبة ، فبالإضافة إلى انجذاب الغربيين إلى روحانية التصوف وإعجابهم بالمادة الغزيرة التي كتبت عن التصوف شرحاً وتنظيراً ، فإن هناك أسباباً أخرى لاهتمام المستشرقين والمؤسسات الأكاديمية والغربيين بصفة عامة بالتصوف ، من هذه الأسباب :
- إبراز الجانب السلبي الاستسلامي الموجود في التصوف وتصويره على اعتبار أنه الإسلام.
- موافقة التصوف للرهبانية المسيحية واعتباره امتداداً لهذا التوجه .
- ميل منحرفي المتصوفة إلى قبول الأديان جميعاً ، واعتبارها وسيلة للتربية الروحية ، وقد وجد في الغرب من يعتبر نفسه متصوفاً ، ويستعمل المصطلحات وبعض السلوكيات الإسلامية دون أن يكون مسلماً ، وذلك من بين أتباع اليهودية والمسيحية والبوذية وغيرها من الأديان .
- تجسيم الصراع بين فقهاء الإسلام ومنحرفي المتصوفة على أنها هي السمة الغالبة في العقيدة والفقه الإسلاميين .
- تراجعت الصوفية وذلك ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل ، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مُثبِّط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي .(1/32)
جماعة التكفير والهجرة
التعريف :
· جماعة المسلمين كما سمت نفسها ، أو جماعة التكفير والهجرة كما أطلق عليها إعلامياً ، هي جماعة إسلامية غالية نهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية ، نشأت داخل السجون المصرية في بادئ الأمر ، وبعد إطلاق سراح أفرادها ، تبلورت أفكارها ، وكثر أتباعها في صعيد مصر ن وبين طلبة الجامعات خاصة .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· تبلورت أفكار ومبادئ جماعة المسلمين التي عرفت بجماعة التكفير والهجرة في السجون المصرية وخاصة بعد اعتقال سنة 1965م التي أعدم إثرها سيد قطب وإخوانه بأوامر من جمال عبد الناصر - حاكم مصر آنذاك .
· لقد رأى المتدينون المسلمون داخل السجون من ألوان العذاب ما تقشعر من ذكره الأبدان ، وسقط الكثير منهم أمامهم شهداء بسبب التعذيب ، دون أن يعبأ بهم القساة الجبارون . في هذا الجو الرهيب ولد الغلو ونبتت فكرة التكفير ووجدت الاستجابة لها .
· في سنة 1967م طلب رجال الأمن من جميع الدعاة المعتقلين تأييد رئيس الدولة جمال عبد الناصر فانقسم المعتقلون إلى فئات :
- فئة سارعت إلى تأييد الرئيس ونظامه بغية الإفراج عنهم والعودة إلى وظائفهم وزعموا أنهم يتكلمون باسم جميع الدعاة ، وهؤلاء كان منهم العملاء وثبت أنهم طابور خامس داخل الحركة الإسلامية ، وثمة نوع آخر ليسوا عملاء بالمعنى وإنما هم رجال سياسة التحقوا بالدعوة بغية الحصول على مغانم كبيرة .
- أما جمهور الدعاة المعتقلين فقد لجأوا إلى الصمت ولم يعارضوا أو يؤيدوا باعتبار أنهم في حالة إكراه .
- بينما رفضت فئة قليلة من الشباب موقف السلطة وأعلنت كفر رئيس الدولة ونظامه ، بل اعتبروا الذين أيدوا السلطة من إخوانهم مرتدين عن الإسلام ومن لم يكفرهم فهو كافر ، والمجتمع بأفراده كفار لأنهم موالون للحكام وبالتالي لا ينفعهم صوم ولا صلاة . وكان إمام هذه الفئة ومهندس أفكارهم الشيخ علي إسماعيل .
ومن أبرز شخصيات هذا الجماعة :(1/1)
· الشيخ علي إسماعيل : كان إمام هذه الفئة من الشباب داخل المعتقل ، وهو أحد جريجي الأزهر ، وشقيق الشيخ عبد الفتاح إسماعيل أحد الستة الذين تم إعدامهم مع الأستاذ سيد قطب ، وقد صاغ الشيخ علي مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة ضمن أطر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلتها من الكتاب والسنة ومن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترتين : المكية والمدنية ، متأثراً في ذلك بأفكار الخوارج ، إلا أنه رجع إلى رشده وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها .
- شكري أحمد مصطفى ( أبو سعد ) من مواليد قرية الحوائكة بمحافظة أسيوط 1942م ، أحد شباب جماعة الأخوان المسلمين الذين اعتقلوا عام 1965م لانتسابهم لجماعة الأخوان المسلمين وكان عمره وقتئذ ثلاثة وعشرون عاماً .
- تولى قيادة الجماعة داخل السجن بعد أن تبرأ من أفكارها الشيخ علي عبده إسماعيل .
- في عام 1971م أفرج عنه بعد أن حصل على بكالوريوس الزراعة ومن ثم بدأ التحرك في مجال تكوين الهيكل التنظيمي لجماعته . ولذلك تمت مبايعته أميراً للمؤمنين وقائداً لجماعة المسلمين - على حد زعمهم - فعين أمراء للمحافظات والمناطق واستأجر العديد من الشقق كمقار سرية للجماعة بالقاهرة والاسكندرية والجيزة وبعض محافظات الوجه القبلي .
- في سبتمبر 1973م أمر بخروج أعضاء الجماعة إلى المناطق الجبلية واللجوء إلى المغارات الواقعة بدائرة أبي قاص بمحافظة المنيا بعد أن تصوفوا بالبيع في ممتلكاتهم وزودوا أنفسهم بالمؤن اللازمة والسلاح الأبيض ، تطبيقاً لمفاهيمهم الفكرية حول الهجرة .
- في 26 اكتوبر 1973م اشتبه في أمرهم رجال الأمن المصري فتم إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة في قضية رقم 618 لسنة 73 أمن دولة عليا .(1/2)
- في 21 ابريل 1974م عقب حرب أكتوبر 1973م صدر قرار جمهوري بالعفو عن مصطفى شكري وجماعته ، إلا أنه عاود ممارسة نشاطه مرة أخرى ولكن هذه المرة بصورة مكثفة أكثر من ذي قبل ، حيث عمل على توسيع قاعدة الجماعة ، وإعادة تنظيم صفوفها ، وقد تمكن من ضم أعضاء جدد للجماعة من شتى محافظات مصر ، كما قام بتسفير مجموعات أخرى إلى خارج البلاد بغرض التمويل ، مما مكن لانتشار أفكارهم في أكثر من دولة .
- هيأ شكري مصطفى لأتباعه بيئة متكاملة من النشاط وشغلهم بالدعوة والعمل و الصلوات والدراسة وبذلك عزلهم عن المجتمع إذ أصبح العضو يعتمد على الجماعة في كل احتياجاته ، ومن ينحرف من الأعضاء يتعرض لعقاب بدني ، وإذا ترك العضو الجماعة اعتبر كافراً ، حيث اعتبر المجتمع خارج الجماعة كله كافرا . ومن ثم يتم تعقبه وتصفيته جسدياً .
- رغم أن شكري مصطفى كان مستبداً في قراراته ، إلا أن أتباعه كانوا يطيعونه طاعة عمياء بمقتضى عقد البيعة الذي أخذ عليهم في بداية انتسابهم للجماعة .
- وكما هو معلوم وثابت أن هذه الجماعة جوبهت بقوة من قبل السلطات المصرية بخاصة بعد مقتل الشيخ حسن الذهبي وزير الأوقاف المصري السابق ، وبعد مواجهات شديدة بين أعضاء الجماعة والسلطات المصرية تم القبض على المئات من أفراد الجماعة وتقديمهم للمحاكمة في القضية رقم 6 لسنة 1977م التي حكمت بإعدام خمسة من قادات الجماعة على رأسهم شكري مصطفى ، وماهر عبد العزيز بكري ، وأحكام بالسجن متفاوتة على باقي أفراد الجماعة .
- في 390 مارس صبيحة زيارة السادات للقدس تم تنفيذ حكم الإعدام في شكري مصطفى وإخوانه .(1/3)
- بعد الضربات القاسية التي تلقتها الجماعة اتخذت طابع السرية في العمل ، الأمر الذي حافظت به الجماعة على وجودها حتى الآن ، ولكن وجود غير مؤثر ولا ملحوظ لشدة موجهة تيار الصحوة الإسلامية من أصحاب العقيدة والمنهج السلفي لهم بالحوار والمناظرات سواء كان داخل السجون والمعتقلات أم خارجه ، مما دفع الكثير منهم إلى العودة إلى رشده والتبرؤ من الجماعة .
· ماهر عبد العزيز زناتي ( أبو عبد الله ) ابن شقيقة شكري مصطفى ونائبه في قيادة الجماعة بمصر وكان يشغل منصب المسؤول الإعلامي للجماعة ، أعدم مع شكري في قضية ***** محمد حسين الذهبي رقم 6 لسنة 1977م . وله كتاب الهجرة .
الأفكار والمعتقدات :
· أن التكفير عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة .
- فهم يكفرون كل من أرتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها ، وكذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ودون تفصيل ، ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك وتابعوهم أيضاً بإطلاق ودون تفصيل ، أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك ، كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم . أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم ، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين .
- وكل من أخذ بأقوال الأئمة بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر .
- والعصور الإسلامية بعد القرن الرابع الهجري كلها عصور كفر وجاهلية لتقديسها لصنم التقليد المعبود من دون الله تعالى فعلى المسلم أن يعرف الأحكام بأدلتها ولا يجوز لديهم التقليد في أي أمر من أمور الدين .
- قول الصحابي وفعله ليس بحجة ولو كان من الخلفاء الراشدين .(1/4)
· والهجرة هي العنصر الثاني في فكر الجماعة ، ويقصد بها العزلة عن المجتمع الجاهلي ، وعندهم أن كل المجتمعات الحالية مجتمعات جاهلية . والعزلة المعنية عندهم عزلة مكانية وعزلة شعورية ، بحيث تعيش الجماعة في بيئة تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقة - برأيهم - كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في الفترة المكية .
- يجب على المسلمين في هذه المرحلة الحالية من عهد الاستضعاف الإسلامي أن يمارسوا المفاضلة الشعورية لتقوية ولائهم للإسلام من خلال جماعة المسلمين - التكفير والهجرة - وفي الوقت ذاته عليهم أن يكفوا عن الجهاد حتى تكتسب القوة الكافية .
· لا قيمة عندهم للتاريخ الإسلامي لأن التاريخ هو أحسن القصص الوارد في القرآن الكريم فقط .
· لا قيمة أيضاَ لأقوال العلماء المحققين وأمهات كتب التفسير والعقائد لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث - بزعمهم - مرتدون عن الإسلام .
· قالوا بحجية الكتاب والسنة فقط ولكن كغيرهم من أصحاب البدع الذي اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه فما وافق أقوالهم من السنة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رده أو رد دلالته .
· دعوا إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ لحديث ( نحن أمة أمية ... ) فدعوا إلى ترك الكليات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد إسلامية أو غير إسلامية لأنها مؤسسات الطاغوت وتدخل ضمن مساجد الضرار .
- أطلقوا أن الدعوة لمحو الأمية دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام ، فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة .
· قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد لأن المساجد كلها ضرار وأئمتها كفار إلا أربعة مساجد : المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى ولا يصلون فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم .(1/5)
· يزعمون أن أميرهم شكري مصطفى هو مهدي هذه الأمة المنتظر وأن الله تعالى سيحقق على يد جماعته ما لم يحقق عل يد محمد صلى الله عليه وسلم من ظهور الإسلام على جميع الأديان .
- وعليه فإن دور الجماعة يبدأ بعد تدمر الأرض بمن عليها بحرب كونية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي تنقرض بسببها الأسلحة الحديثة كالصواريخ والطائرات وغيرها ويعود القتال كما كان في السابق رجل لرجل بالسلاح القديم من سيوف ورماح وحراب . ..
· ادعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الإمامة ، والاجتهاد المطلق ، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفاً وخلفاً .
- وأهم كتاب كشف عن أسرار دعوتهم وعقيدتهم هو - ذكريات مع جماعة المسلمين - التكفير والهجرة - لأحد أعضاء الجماعة عبد الرحمن أبو الخير الذي تركهم فيما بعد .
الجذور الفكرية والعقائدية :
إن قضية تكفير المسلم قديمة ، ولها جذورها في تاريخ الفكر الإسلامي منذ عهد الخوارج . وقد تركت آثاراً علمية لعدة أجيال . وقد استيقظت هذه الظاهرة لأسباب عدة ذكرها العلماء ويمكن إجمالها فيما يلي :
- انتشار الفساد والفسق والإلحاد في المجمعات الإسلامية دونما محاسبة من أحد لا من قبل الحكام ولا من المجتمعات الإسلامية المسحوقة تحت أقدام الطغاة والظالمين .
- محاربة الحركات الإسلامية الإصلاحية من قبل حكام المسلمين ، وامتلاء السجون بدعاة الإسلام واستخدام أقسى أنواع التعذيب ، مع التلفظ بألفاظ لكفر من قبل المعذبين والسجانين .
- ظهور وانتشار بعض الكتب الإسلامية التي ألفت في هذه الظروف القاسية وكانت تحمل بذور هذا الفكر ، واحتضان هذا الفكر من هذه الجماعة - التكفير والهجرة - وطبعه بطابع الغلو والعنف .(1/6)
- ويعد أساس جميع ما تقدم : ضعف البصيرة بحقيقية الدين والاتجاه الظاهري في فهم النصوص والإسراف في التحريم والتباس المفاهيم وتميع عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة لدى بعض قادة الحركة الإسلامية بالإضافة إلى اتباع المتشابهات وترك المحكمات وضعف المعرفة بالتاريخ والواقع وسنن الكون والحياة ومنهج أهل السنة والجماعة .
أماكن الانتشار :
انتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر وفي منطقة الصعيد على الخصوص ، ولها وجود في بعض الدول العربية مثل اليمن والأردن والجزائر ... وغيرها .
يتضح مما سبق :
أن هذه الجماعة هي جماعة غالية أحيت فكر الخوارج بتكفير كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها وتكفير الحكام بإطلاق ودون تفصيل لأنهم لا يحمون بشرع الله وتكفير المحكومين لرضاهم بهم بدون تفصيل وتكفر العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام . كما أن الهجرة هي العنصر الثاني في تفكير هذه الجماعة ، ويقصد بها اعتزال المجتمع الجاهلي عزلة مكانية وعزلة شعورية ، وتتمثل في اعتزال معابد الجاهلية ( ويقصد بها المساجد ) ووجوب التوقف والتبين بالنسبة لأحاد المسلمين بالإضافة إلى إشاعة مفهوم الحد الأدنى من الإسلام . ولا يخفى مدى مخالفة أفكار ومنهج هذه الجماعة لمنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي والإستدلال وقضايا الكفر والإيمان وغير ذلك مما سبق بيانه .(1/7)