سنة خمسين وخمس مئة
فيها توجه المقتفي إلى الكوفة واجتاز بسوقها إلى الجامع
وفيها عسكر طلائع بن رزيك بالصعيد وأقبل ليأخذ القاهرة فانهزم منه عباس وابنه الذي قتل الظافر ودخل طلائع القاهرة بأعلام مسودة وثياب سود مظهرا للحزن وفي الأعلام شعور نساء القصر كن بعثن إليه بها في طي الكتب حزنا على الظافر
وفيها توفي الأقليشي أبو العباس أحمد بن معد بن عيسى التجيبي الأندلسي الداني سمع أبا الوليد بن الدباغ وطائفة وبمكة من الكروخي وكان زاهدا عارفا علامة متفننا صاحب تصانيف وله شعر في الزهد
وأبو عثمان العصائدي إسماعيل بن عبد الرحمان النيسابوري روى عن طاهر بن محمد الشحامي وطائفة وكان ذا رأي وعقل عمر تسعين سنة
وسعيد بن البناء أبو القاسم ابن الشيخ أبي غالب أحمد
____________________
(4/139)
ابن الإمام أبي محمد الحسن بن أحمد البغدادي الحنبلي سمع ابن البسري وأبا نصر الزينبي وعاش ثلاثا وثمانين سنة توفي في ذي الحجة
وأبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب سمع رزق الله التميمي والحميدي ومات في صفر
ومحمد بن ناصر بن محمد بن علي الحافظ أبو الفضل البغدادي محدث العراق ولد سنة سبع وستين وأربع مئة وسمع علي ابن البسري وأبا طاهر بن أبي الصقر والبانياسي وطبقتهم وأجاز له من خراسان أبو صالح المؤذن والفضل بن المحب وأبو القاسم بن عليك وطبقتهم وعني بالحديث بعد أن برع في اللغة وتحول من مذهب الشافعي إلى الحنابلة
قال ابن النجار كان ثقة ثبتا حسن الطريقة متدينا فقيرا متعففا نظيفا نزها وقف كتبه وخلف ثيابا خلقة وثلاثة دنانير ولم يعقب
وقال فيه أبو موسى المديني الحافظ هو مقدم أصحاب
____________________
(4/140)
الحديث في وقته ببغداد توفي في ثامن عشر شعبان رحمه الله
وأبو الكرم الشهرزوري المبارك بن الحسن البغدادي شيخ المقرئين ومصنف المصباح في العشرة كان صالحا خيرا قرأ عليه خلق كثير أجاز له أبو الغنائم ابن المأمون والصريفيني وطائفة وسمع من إسماعيل بن مسعدة وزرق الله التميمي وقرأ القرآءات على عبد السيد ابن عتاب وعبد القاهر العباسي وطائفة وانتهى إليه علو الإسناد في القرآءات وتوفي في ذي الحجة
ومجلي بن جميع قاضي القضاة بالديار المصرية أبو المعالي القرشي المخزومي الشافعي ولي بتفويض العادل ابن السلار وله كتاب الذخائر في المذهب من المصنفات المعتبرة توفي في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وخمس مئة
كان السلطان سليمان شاه بن محمد ملكشاه السلجوقي قد قدم بغداد في آخر سنة خمسين فتلقاه الوزير عون الدين ولم يترجل أحد منهما للآخر ولم
____________________
(4/141)
يحتفل لمجيئه لتمكن الخليفة وقوة دولته وكثرة جيوشه وهيبته فاستدعى في نصف المحرم إلى باب الخليفة المقتفى وحلف وقلد السلطنة وذكر في الخطبة بعد السلطان سنجر وقرر أنه ليس له في العراق شيء إلا ما يفتحه من خراسان فقدم للمقتفى عشرين ألف دينا له ومايتي كر ثم سار المقتفي وفي خدمته سليمان شاه إلى حلوان ثم بعث المقتفى مع سليمان شاه جيشا
وفي رمضان هرب سنجر من يد الغز وطلع إلى قلعة ترمذ وانكسرت سورة الغز بموت كبيرهم علي بك وتسربت الأجناد إلى خدمة سنجر ثم أقبل فدخل مرو وزال عنه البؤس وكان له في حكمية الغز أكثر من ثلاث سنين وكان خوارزم شاه أتسز والخاقان محمود ابن أخت سنجر يحاربان الغز والحرب سجال بينهم
وفيها عمل سليمان شاه مصافا مع محمد شاه فانكسر سليمان شاه ووصل المنهزمون بغداد وتشتت سليمان شاه فنزل صاحب الموصل فأسره وقصد محمد شاه بغداد وانجفل أهلها
____________________
(4/142)
وفيها توفي أبو القاسم الحمامي إسماعيل بن علي بن الحسين النيسابوري ثم الإصبهاني الصوفي مسند إصبهان وله أكثر من مئة سمع سنة تسع وخمسين وأربع مئة من أبي مسلم محمد بن مهر بزد وتفرد بالسماع من جماعة سمع منه السلفي
وقال يوسف بن أحمد الحافظ انبأ الشيخ المعمر الممتع بالعقل والسمع والبصر وقد جاوز المئة أبو القاسم الصوفي
قلت مات في سابع صفر
وأبو القاسم بن البن الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي الدمشقي تفقه على نصر المقدسي وسمع من أبي القاسم المصيصي والحسن بن أبي الحديد وجماعة وتوفي في ربيع الآخر عن خمس وثمانين سنة
وأبو بكر عتيق بن أحمد الأزدي الأندلسي الأوريولي حج فسمع بمكة من طراد الزينبي وهو آخر من حدث عنه بالمغرب توفي بأوريوله وله أربع وثمانون سنة
وأبو الحسن علي بن أحمد بن محمويه اليزدي الشافعي
____________________
(4/143)
المقرئ الزاهد نزيل بغداد وقرأ بإصبهان على أبي الفتح الحداد وأبي سعد المطرز وغيرهما وسمع من ابن مردويه وسمع النسائي من الدوني وببغداد من أبي القاسم الربعي وأبي الحسين بن الطيوري وبرع في القرآءات والمذهب وصنف في القرآءات والفقه والزهد وكان رأسا في الزهد والورع توفي في جمادي الآخرة وقد قارب الثمانين رحمه الله
وأبو عبد الله بن الرطبي محمد بن عبيد الله بن سلامة الكرخي كرخ جدان المعدل روي عن أبي القاسم بن البسري وأبي نصر الزينبي توفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة
وأبو البيان نبا بن محمد بن محفوظ القرشي الشافعي اللغوي الدمشقي الزاهد ويعرف بابن الحوراني سمع أبا الحسن علي بن الموازيني وغيره وكان صالحا تقيا ملازما للعلم والمطالعة كثير العبادة والمراقبة كبير الشأن بعيد الصيت صاحب أحوال
____________________
(4/144)
ومقامات ملازما للسنة والأمر له تواليف ومجاميع ورد على المتكلمين وأذكار مسجوعة وأشعار مطبوعة وأصحاب ومريدون وفقراء بهديه يقتدون كان هو والشيخ رسلان شيخي دمشق في عصرهما وناهيك بهما توفي في ربيع الأول وقبره يزار بباب الصغير سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة
فيها نازل بغداد محمد شاه ابن السلطان محمود وزين الدين علي كوجك واختلف عسكر المقتفى عليه وقاتلت العامة ونهب الجانب الغربي واشتد الخطب واقتتلوا في السفن أشد قتال وفرق المقتفى الأموال والغلة الكثيرة ونهض أتم نهوض حتى إنه من جملة ما عمل له بعض الزجاجين ثماني عشرة ألف قارورة للنفط ودام الحصار نحوا من شهرين وقتل خلق من الفريقين وجاءت الأخبار بأخذ همذان وهي لمحمد شاه فقلق لذلك وقلت عليهم الميرة وجرت أمور طويلة ثم ترجلوا خائبين
____________________
(4/145)
وفيها خرجت الإسماعيلية على حجاج خراسان فقتلوا وسبوا واستباحوا الركب وصبح الضعفاء والجرحى إسماعيلي شيخ ينادي يا مسلمين ذهبت الملاحدة فأبشروا ومن هو عطشان سقيته فبقي إذا كلمه أحد أجهز عليه فهلكوا إلى رحمة الله كلهم واشتد القحط بخراسان وتخربت بأيدي الغز ومات سلطانها سنجر وغلب كل أمير على بلد واقتتلوا وتعثرت الرعية الذين نجوا من القتل وخرج المقتفى بعد الحصار فتصيد أياما ورجع
وفيها هزم نور الدين الفرنج على صفد وكانت وقعة عظيمة
وجاءت الزلزلة العظيمة بالشام فهلك بحلب تحت الردم نحو الخمس مئة وخربت أكثر حماة ولم ينج من أهل شيزر إلا خادم وامرأة ثم عمرها نور الدين
وفيها أخذ نور الدين من الفرنج غزة وبانياس
وفيها انقرضت دولة الملثمين بالأندلس لم يبق لهم إلا جزيرة ميورقة
____________________
(4/146)
وفيها توفي أبو علي الخراز أحمد بن أحمد بن علي الحريمي سمع أبا الغنائم محمد بن علي الدقاق ومالكا البانياسي توفي في ذي الحجة
وشمس الملوك إبراهيم بن رضوان بن تتش السلجوقي تملك حلب مديدة ثم أخذها منه زنكي وعوضه نصيبين فتملكها إلى أن مات في شعبان وطالت أيامه بها وخلف ذرية فحملوا
وسنجر السلطان الأعظم معز الدين أبو الحارث ولد السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان بن جعفر بيك السلجوقي صاحب خراسان وأجل ملوك العصر وأعرقهم نسبا وأقدمهم ملكا وأكثرهم جيشا واسمه بالعربي أحمد بن الحسن بن محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق خطب له بالعراق والشام والجزيرة وأذربيجان وأران والحرمين وخراسان وما وراء النهر وغزنة وعاش ثلاثا وسبعين سنة
قال ابن خلكان أول ما ناب في المملكة عن أخيه بركياروق سنة تسعين وأربع مئة ثم استقل بالسلطنة سنة اثنتي عشرة وخمس مئة
____________________
(4/147)
ولقب حينئذ بالسلطان وكان قبل ذلك يلقب بالملك المظفر وكان وقورا مهيبا ذا حياء وكرم وشفقة على الرعية وكان مع كرمه المفرط من أكثر الناس مالا اجتمع في خزائنه من الجوهر ألف رطل وثلاثون رطلا وهذا ما لم يملكه خليفة ولا ملك فيما نعلم توفي في ربيع الأول ودفن في قبة بناها وسماها دار الآخرة وقد تضعضع ملكه في أواخر أيامه وقهرته الغز ورأى الهوان ثم من الله عليه وخلص كما تقدم
وعبد الصبور بن عبد السلام أبو صابر الهروي التاجر روى جامع الترمذي ببغداد عن أبي عامر الأزدي وكان صالحا خيرا
وعبد الملك بن مسرة أبو مروان اليحصبي الشنتمري ثم القرطبي أحد الأعلام
قال ابن بشكوال كان ممن جمع الله له الحديث والفقه مع الأدب البارع والخط الحسن والفضل والدين والورع والتواضع أخذ الموطأ عن أبي عبد الله بن الطلاع
____________________
(4/148)
سماعا وصحب أبا بكر بن مفوز وتوفي في شعبان
وعثمان بن علي البيكندي أبو عمر مسند بخاري كان إماما عالما ورعا عابدا متعففا تفرد بالرواية عن أبي المظفر عبد الكريم الأندقي وسمع من عبد الواحد الزبيري المعمر وطائفة ومات في شوال عن سبع وثمانين سنة
وعمر بن عبد الله الحربي المقرئ أبو حفص سمع الكثير وروى عن طراد وطبقته توفي في شعبان
وصدر الدين أبو بكر الخجندي محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت رئيس إصبهان وعالمها
قال ابن السمعاني كان صدر العراق في زمانه على الإطلاق إماما مناظرا واعظا جوادا مهيبا كان السلطان محمود يصدر عن رأيه وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء درس ببغداد بالنظامية وكان يعظ وحوله السيوف مات فجأة بقرية بين همذان والكرج في شوال وقد روي عن أبي علي الحداد
____________________
(4/149)
وأبو بكر بن الزاعوني محمد بن عبيد الله بن نصر البغدادي المجلد سمع أبا القاسم بن البسرى وأبا نصر الزينبي والكبار وصار مسند العراق وكان صالحا مرضيا إليه المنتهى في الجليد اصطفاه الخليفة التجليد خزانة كتبه توفي في ربيع الآخر وله أربع وثمانون سنة
وأبو الحسن ابن الخل الفقيه الشافعي محمد بن المبارك ابن محمد العكبري أتقن المذهب على أبي بكر الشاشي المستظهري ودرس وأفتى وصنف وأقرأ له مصنف في شرح التنبيه ومصنف في الأصول روي عن النعالي وابن البطر وطائفة ومات في المحرم عن سبع وسبعين سنة
ونصر بن نصر بن علي أبو القاسم العكبري الواعظ روي عن أبي القاسم بن البسرى وطائفة توفي في ذي الحجة عن سبع وثمانين سنة
____________________
(4/150)
سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة
فيها اتفق السلطان ملك شاه وأخوه محمد شاه وسار محمد فأخذ خوزستان
وفيها زار المقتفى مشهد الحسين ودخل واسط
وفيها خرج إلى المدائن وكان يركب في تجمل عظيم وأبهة تامة
وفيها قال ابن الأثير نزل ألف وسبع مئة من الإسماعيلية على زوق كبير التركمان فحازوه فأسرع عسكر التركمان فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف فلم ينج منهم إلا تسعة أنفس فلله الحمد
وفيها تمت عدة وقعات بين عسكر خراسان وبين الغز وقتل خلق
وفيها توفي مسند الدنيا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي ثم الهروي الماليني الصوفي الزاهد سمع الصحيح ومسندي الدارمي وعبد بن حميد من جمال الإسلام الداودي في سنة خمس
____________________
(4/151)
وستين واربع مئة وسمع من أبي عاصم الفضيلي ومحمد بن أبي مسعود الفارسي وطائفة وصحب شيخ الإسلام الأنصاري وخدمه وعمر إلى هذا الوقت وقدم بغداد فازدحم الخلق عليه وكان خيرا متواضعا متوددا حسن السمت متين الديانة محبا للرواية توفي في سادس ذي القعدة ببغداد وله خمس وتسعون سنة
وكوتاه الحافظ أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الإصبهاني توفي في شعبان عن سبع وسبعين وحدث عن رزق الله التميمي وأبي بكر بن ماجة الأبهري وخلق
قال أبو موسى المديني أوحد وقته في علمه مع طريقته وتواضعه حدثنا لفظا وحفظا على منبر وعظه
وقال غيره كان جيد المعرفة حسن الحفظ ذا عفة وقناعة وإكرام للغرباء
وعلي بن عساكر بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الخشاب صحب الفقيه نصر المقدسي مدة وسمع
____________________
(4/152)
منه سنة سبعين وأربع مئة ثم سمع بدمشق من أبي عبد الله ابن أبي الحديد توفي في سن أبي الوقت صحيح الذهن والجسم توفي في شوال
والعلامة أبو حفص الصفار عمر بن أحمد بن منصور النيسابوري روي عن أبي بكر بن خلف وأبي المظفر موسى بن عمران وطائفة ولقبه عصام الدين وكان من كبار الشافعية يذكر مع محمد بن يحيى ويزيد عليه بالأصول
قال ابن السمعاني إمام بارع مبرز جامع لأنواع من العلوم الشرعية سديد السيرة مكثر مات يوم عيد الأضحى سنة أربع وخمسين وخمس مئة
فيها نهبت الغز نيسابور مرة ثالثة
وفيها سار المقتفى إلى واسط فرماه الفرس وشج جبينه بقبيعة سيفه
وفيها سار عبد المؤمن في مئة ألف فنازل المهدية
____________________
(4/153)
برا وبحرا فأخذها من الفرنج بالأمان ولكن ركبوا البحر وكان شتاء فغرق أكثرهم
وفيها قتل بعض أصحاب نقيب العلوية بنيسابور فحمى رئيس الشافعية مؤيد الدين القاتل فقصد النقيب الشافعية فاقتتلوا بالبلد وقتل جماعة وأحرق النقيب سوق العطارين وسكة معاذ فحشد المؤيد والتقى الفريقان واشتد الحرب وعظم الخطب وندرت الرؤوس عن كواهلها وأحرقت المدارس والأسواق واستحر القتل بالشافعية وهرب المؤيد وكاد يخرب البلد وعصى العلوي بالبلد وتعثرت الرعية وتمنوا الموت وجاء المؤيد أبيه القائد فشد من الشافعية فبالغ القوم في أخذ الثأر وحرقوا مدرسة الحنفية
وفيها أقبلت الروم في جموع عظيمة وقصدوا الشام فالتقاهم المسلمون فانتصروا ولله الحمد وأسر ابن أخت ملك الروم
وفيها توفي ابن قفرجل أبو القاسم أحمد بن المبارك ابن عبد الباقي البغدادي الذهبي القطان روي عن عاصم ابن الحسن وجماعة
____________________
(4/154)
وأبو جعفر العباسي أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي نقيب الهاشميين بمكة روي عن أبي علي الشافعي وحدث ببغداد وإصبهان وكان صالحا متواضعا فاضلا مسندا توفي في شعبان عن ست وثمانين سنة وثلاثة أشهر وسماعه في الخامسة من أبي علي
وأبو زيد جعفر بن زيد بن جامع الحموي الشامي مؤلف رسالة البرهان التي رواها عنه ابن الزبيدي كان صالحا عابدا صاحب سنة وحديث روي عن أبي سعد ابن الطيوري وأبي طالب اليوسفي وأبي القاسم ابن الحصين توفي في ذي الحجة وقد شاخ
والحسن بن جعفر بن المتوكل أبو علي الهاشمي العباسي سمع أبا غالب بن الباقلاني وغيره وكان أديبا شاعرا صالحا جمع سيرة المسترشد وسيرة المقتفى وتوفي في جمادى الآخرة
ومحمد شاه ابن السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه أخو ملكشاه السلجوقي توفي بعلة السل وله ثلاث وثلاثون سنة وكان كريما عاقلا وهو الذي حاصر بغداد من قريب واختلفت الأمراء من بعده فطائفة لحقت بأخيه ملكشاه وطائفة لحقت بسليمان شاه
____________________
(4/155)
سنة خمس وخمسين وخمس مئة
فيها تملك سليمان شاه همذان وذهب ملكشاه إلى إصبهان فمات بها
وتوفي المقتفى وعقدت البيعة يومئذ للمستنجد بالله ولده فأول من بايعه أخوه الكبير ثم ابن هبيرة وقاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني
وفيها توفي الفائز صاحب مصر وأقيم بعده العاضد
وفيها قبضت الأمراء على سليمان شاه وخطبوا لأرسلان شاه بن طغرل بن محمد بن ملكشاه بقيام زوج أمه ألدكز صاحب أران وأذربيجان
وفيها توفي العميد بن القلانسي صاحب التاريخ أبو يعلى حمزة بن أسد التميمي الدمشقي الكاتب حدث عن سهل بن بشر الأسفراييني وولى رئاسة البلد مرتين وكان يسمى أيضا المسلم توفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة
وأبو يعلى بن الحبوبي حمزة بن علي بن هبة الله الثعلبي الدمشقي البزاز سمع أبا القاسم المصيصي ونصر المقدسي
____________________
(4/156)
مات في جمادي الأولى عن بضع وثمانين سنة وكان لا بأس به
وخسرو شاه سلطان غزنة تملك بعد أبيه بهرام شاه ابن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين وكان عادلا سائسا مقربا للعلماء وكانت دولته تسع سنين وتملك بعده ولده ملكشاه
وأبو جعفر الثقفي قاضي العراق عبد الواحد بن أحمد ابن محمد وقد ناهز الثمانين ولى قضاء الكوفة مدة وسمع من أبي النرسي ثم ولاه المستنجد في هذا العام قضاء القضاة فتوفي في آخر العام وقد ناهز الثمانين وولى بعده ابنه جعفر
والفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل ابن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي أقيم في الخلافة بعد قتل أبيه وله خمس سنين فحمله الوزير عباس على كفته وقال يا أمراء هذا ولد مولاكم وقد قتل مولاكم أخواه فقتلتهما كما ترون فبايعوا هذا الطفل
فقالوا سمعنا وأطعنا
____________________
(4/157)
وضجوا ضجة واحدة ففزع الصبي وبال واختل عقله فيما قيل من تلك الصيحة وصار يتحرك ويصرع وتوفي في رجب من هذه السنة وكان الحل والربط لعباس فلما هرب عباس وقتل كان الأمر للصالح طلائع بن رزيك
والمقتفى لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله بن الأمير محمد بن القائم العباسي أمير المؤمنين كان عالما فاضلا دينا حليما شجاعا مهيبا خليقا للإمارة كامل السؤدد وكان لا يجري في دولته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه وكتب أيام خلافته ثلاث ربعات ووزر له علي بن طراد ثم أبو نصر بن جهير ثم علي بن صدقة ثم ابن هبيرة وحجبه أبو المعالي ابن الصاحب ثم جماعة بعده وكان آدم اللون بوجهه أثر جدري مليح الشيبة عظيم الهيبة ابن حبشية كانت دولته خمسا وعشرين سنة توفي في ربيع الأول عن ست وستين سنة وقد جدد باب الكعبة واتخذ لنفسه من العقيق تابوتا دفن فيه
____________________
(4/158)
وأبو المظفر التريكي محمد بن أحمد بن علي العباسي خطيب جامع المهدي روي عن أبي نصر الزينبي وعاصم ابن الحسن وعاش خمسا وثمانين سنة توفي في نصف ذي القعدة
وأبو الفتوح الطائي محمد بن أبي جعفر محمد بن علي الهمذاني صاحب الأربعين سمع فيد بن عبد الرحمان الشعراني وإسماعيل بن الحسن الفرائضي وطائفة بخراسان والعراق والجبال توفي في شوال عن خمس وثمانين سنة سنة ست وخمسين وخمس مئة
فيها ركب المستنجد بالله إلى الصيد مرتين
وفيها توفي أبو حكيم النهرواني إبراهيم ابن دينار الحنبلي الزاهد الفرضي أحد من كان يضرب به المثل في الحلم والتواضع أنشأ مدرسة بباب الأزج وقد اجتهد جماعة على إغضابه فلم يقدروا وكان بصيرا بالمذهب
____________________
(4/159)
وعلاء الدين الحسين بن الحسين الغوري سلطان الغور تملك بعده ولده سيف الدين محمد
وسليمان شاه ابن السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي وكان أهوج أخرق فاسقا بل زنديقا يشرب الخمر في نهار رمضان قبض عليه الأمراء في العام الماضي ثم خنق في ربيع الآخر من هذه السنة
وطلائع بن رزيك الأرمني ثم المصري الملك الصالح وزير الديار المصرية غلب على الأمور في سنة تسع وأربعين وكان أديبا شاعرا فاضلا رافضيا جوادا ممدحا ولما بايع العاضد زوجه بابنته ونقص أرزاق الأمراء فعملوا عليه بإشارة العاضد وقتلوه في الدهليز في رمضان وكان في نصر التشيع كالسكة المحماة كان يجمع الفقهاء ويناظرهم على الإمامة وعلى القدر وله مصنف في ذلك
وأبو الفتح ابن الصابوني عبد الوهاب بن محمد المالكي المقرئ الخفاف من قرية المالكية روي عن النعالي وابن البطر وطبقتهما وكتب وحصل وجمع أربعين حديثا وقرأ القرآءات علي ابن بدران الحلواني وغيره
____________________
(4/160)
وتصدر للإقرآء وكان قيما بالفن توفي في صفر عن أربع وسبعين سنة
والوزير جلال الدين أبو الرضا محمد بن أحمد بن صدقة وزر للراشد بالله وكان في خير ودين توفي في شعبان عن ثمان وخمسين سنة
وابن المادح أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي البغدادي روي عن أبي نصر الزينبي وجماعة وتوفي في ذي القعدة
والخاقان محمود بن محمد التركي سلطان ما وراء النهر وابن بنت السلطان ملكشاه السلجوقي سار بالغز في وسط السنة وحاصر نيسابور شهرين وكان كالمقهور مع الغز فهرب منهم إلى صاحب نيسابور المؤيد ثم خلاه المؤيد قليلا وسمله وحبسه سنة سبع وخمسين وخمس مئة
فيها كان مصاف هائل بين جيوش أذربيجان وبين الكرج فنصر الله الإسلام وكانت الغنيمة تتجاوز الوصف
____________________
(4/161)
وفيها حج الركب العراقي وحيل بينهم وبين البيت إلا شرذمة يسيرة ورد الناس بلا طواف
وفيها توفي أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي الدمشقي روي عن نصر المقدسي ومكي الرميلي وجماعة وكان شيخا مباركا حسن السمت توفي في صفر عن أربع وثمانين سنة تفرد برواية الموطأ
ورمرد الخاتون المحترمة صفوة الملوك بنت الأمير جاولي أخت دقاق صاحب دمشق لأمه وزوجة تاج الملوك بوري وأم ولديه شمس الملوك إسماعيل ومحمود سمعت من أبي الحسن بن قبيس واستنسخت الكتب وحفظت القرآن وبنت الخاتونية بصنعاء دمشق ثم تزوجها أتابك زنكي فبقيت معه تسع سنين فلما قتل حجت وجاورت بالمدينة ودفنت بالبقيع
أما خاتون بنت أنر زوجة الملك نور الدين فتأخرت ولها مدرسة بدمشق وخانقاه معروفة على نهر باناس
____________________
(4/162)
وأبو مروان عبد الملك بن زهر بن عبد الملك الإشبيلي طبيب عبد المؤمن وصاحب التصانيف أخذ عن والده وبرع في الصناعة
والشيخ عدي بن مسافر بن إسماعيل الشامي ثم الهكاري الزاهد قطب المشايخ وبركة الوقت وصاحب الأحوال والكرامات صحب الشيخ عقيلا المنبجي والشيخ حماد الدباس وعاش تسعين سنة ولأصحابه فيه عقيدة تتجاوز الحد
وهبة الله بن أحمد الشبلي أبو المظفر القصار المؤذن توفي في سلخ السنة عن ثمان وثمانين سنة وبه ختم السماع من أبي نصر الزينبي
وهبة الله بن أحمد أبو بكر الحفار روي عن رزق الله التميمي وتوفي في شوال كلاهما ببغداد سنة ثمان وخمسين وخمس مئة
فيها غزا نور الدين ونزل تحت حصن الأكراد وكبست الفرنج جيشه فوقعت الهزيمة وركب نور الدين فرسا ونجا ونزل على بحيرة حمص وحلف لا يستظل بسقف أو يأخذ بالثأر ثم لم شعث العسكر
____________________
(4/163)
وفيها سار جيش المستنجد فالتقوا آل دبيس الأسديين أصحاب الحلة فالتقوهم فخذلت بنو أسد وقتل من العرب نحو أربعة آلاف وقطع دابرهم فلم يقم لهم بعدها قائمة
وفيها توفي الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ الموفق وله سبع وستون سنة وكان خطيب جماعيل ففر بدينه من الفرنج فهاجر إلى الله ونزل بمسجد أبي صالح الذي بظاهر باب شرقي سنتين ثم صعد إلى الجبل وبنى الدير ونزل هو وآله بسفح قاسيون وكانوا يعرفون بالصالحية لنزولهم بمسجد أبي صالح ومن ثم قيل جبل الصالحية وكان زاهدا صالحا قانتا لله صاحب جد وصدق وحرص على الخير رحمة الله عليه
وشهردار ابن الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي المحدث أبو منصور
____________________
(4/164)
قال ابن السمعاني كان حافظا عارفا بالحديث فهما عارفا بالأدب ظريفا سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكي السلار وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي وعاش خمسا وسبعين سنة
وعبد المؤمن بن علي القيسي الكومي التلمساني صاحب المغرب والأندلس وكان أبوه صانعا في الفخار فصار أمره إلى ما صار وكان أبيض مليحا ذا جسم عمم يعلوه حمرة أسود الشعر معتدل القامة وضيئا جهوري الصوت فصيحا عذب المنطق لا يراه أحد إلا أحبه بديهة وكان في الآخر شيخا أنقى وقد سقت أخباره في تاريخي الكبير مات غازيا بمدينة سلا في جمادى الآخرة وكان ملكا عادلا سائسا عظيم الهيبة عالي الهمة كثير المحاسن متين الديانة قليل المثل كان يقرأ كل يوم سبعا ويجتنب لبس الحرير ويصوم الاثنين والخميس ويهتم بالجهاد والنظر في الأمور كأنما خلق للملك
وسديد الدولة بن الأنباري صاحب ديوان الإنشاء
____________________
(4/165)
ببغداد وهو محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم الشيباني الكاتب البليغ أقام في الإنشاء خمسين سنة وناب في الوزارة ونفذ رسولا وكان ذا رأي وحزم وعقل عاش نيفا وثمانين سنة
والجواد جمال الدين أبو جعفر محمد بن علي الإصبهاني وزير صاحب الموصل أتابك زنكي كان رئيسا نبيلا مفخما دمث الأخلاق سمحا كريما مفضالا متبوعا في أفعال البر والقرب مبالغا في ذلك وقد وزر أيضا لولد زنكي سيف الدين غازي ثم لأخيه قطب الدين مدة ثم قبض عليه في هذه السنة وحبسه ومات في العام الآتي فنقل ودفن بالبقيع ولقد حكى ابن الأثير في ترجمة الجواد مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها في الأعمار سنة تسع وخمسين وخمس مئة
فيها كسر نور الدين الفرنج وأسر الإبرنس وذلك أن صاحب ماردين نجم الدين نازل حارم فنجدتها الفرنج واجتمع عليها طائفة من ملوكهم وعلى الكل
____________________
(4/166)
بيمند صاحب أنطاكية ففر صاحب ماردين وقصدهم نور الدين فالتقاهم فانهزمت ميمنته وتبعتهم فرسان الفرنج فمالت ميسرته على رجالة الفرنج فحصدتهم فلما ردت فرسانهم ردت خلفهم الميمنة ومن بين أيديهم الميسرة فأحاط بهم المسلمون وحمى الحرب واستحر القتل بالفرنج والأسر فأسر صاحب أنطاكية وصاحب طرابلس ومقدم الروم الدوك وزادت عدة القتلى على عشرة آلاف وتسلم نور الدين قلعة حازم وفي آخر السنة قلعة بانياس
وفيها سار ملك القسطنطينية بجيوشه وقصد بلاد الإسلام فلما قاربوا مملكة قلج أرسلان جعل التركمان يبيتونهم ويغيرون عليهم في الليل حتى قتلوا منهم نحو العشرة آلاف فردوا بذلة وطمع فيهم المسلمون وأخذوا لهم عدة حصون ولله الحمد
وفيها سار جيش نور الدين مع مقدم عسكره أسد الدين شيركوه فدخلوا مصر وقتل الملك المنصور ضرغام الذي كان قد قهر شاور السعدي ثم تمكن
____________________
(4/167)
شاور وخاف من عسكر الشام فاستنجد بالفرنج فنجدوه من القدس وما يليه فدخل العسكر بلبيس وحصرهم الفرنج ثلاثة أشهر فلما جاءهم الصريخ بما تم على دين الصليب بوقعة حارم صالحوا أسد الدين وردوا ورجع هو إلى الشام
وفيها توفي أبو سعد عبد الوهاب بن الحسن الكرماني بقية شيوخ نيسابور روي عن أبي بكر بن خلف وموسى بن عمران وأبي سهل عبد الملك الدشتي وتفرد عنهم عاش تسعا وسبعين سنة
والسيد أبو الحسن علي بن حمزة العلوي الموسوي مسند هراة سمع أبا عبد الله العمري ونجيب بن ميمون وأبا عامر الازدي وطائفة وعاش نيفا وتسعين سنة
وأبو الخير الباغبان محمد بن أحمد بن محمد الإصبهاني المقدر سمع عبد الوهاب بن مندة والمطهر البزاني وجماعة وكان ثقة مكثرا توفي في شوال
____________________
(4/168)
ونصر بن خلف السلطان أبو الفضل صاحب سجستان عمر مئة سنة ملك منها ثمانين سنة وكان عادلا حسن السيرة مطيعا للسلطان سنجر سنة ستين وخمس مئة
فيها وقعت فتنة هائلة بإصبهان بين صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وبين غيره من أصحاب المذاهب سببها التعصب للمذاهب فخرجوا إلى القتال وبقي الشر والقتل ثمانية أيام قتل خلق كثير وأحرقت أماكن كثيرة
وفيها توفي أبو العباس بن الحطئة أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام اللخمي الفاسي المقرئ الصالح الناسخ ولد سنة ثمان وسبعين وحج وقرأ القرآءات علي ابن الفحام وبرع فيها وكان لأهل مصر فيه اعتقاد كبير رحمه الله توفي في المحرم وقبره بالقرافة
وأمير ميران أخو السلطان نور الدين أصابه سهم في عينه على حصار بانياس فمات منه بدمشق
____________________
(4/169)
وأبو الندى حسان بن تميم الزيات رجل حاج صالح روي عن نصر المقدسي وتوفي في رجب عن بضع وثمانين سنة روت عنه كريمة
وأبو المظفر الفلكي سعيد بن سهل الوزير النيسابوري ثم الخوارزمي وزير خوارزمشاه روي مجالس عن علي بن أحمد المديني ونصر الله الخشنامي وحج وتزهد وأقام بدمشق بالسميساطية وكان صالحا متواضعا توفي في شوال
وحذيفة بن سعد أبو المعمر ابن الهاطر الأزجي الوزان روي عن أبي الفضل بن خيرون وجماعة توفي في رجب
ورستم بن علي بن شهريار صاحب مازندران استولى في العام الماضي علي بسطام وقومس واتسعت مملكته ومات في ربيع الأول وتملك بعده ابنه علاء الدين حسن
____________________
(4/170)
وعلي بن أحمد أبو الحسن اللباد الإصبهاني سمع أبا بكر بن ماجه ورزق الله التميمي وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف توفي في شوال
وأبو القاسم بن البزري عمر بن محمد الشافعي فقيه أهل الجزيرة تفقه ببغداد علي الغزالي وإلكيا الهراسي وصار أحفظ أهل زمانه للمذهب وله مصنف كبير على إشكالات المهذب وكان ينعت بزين الدين جمال الإسلام عاش تسعا وثمانين سنة
وأبو عبد الله الحراني محمد بن عبد الله بن العباس العدل ببغداد سمع رزق الله التميمي وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري وطراد بن محمد وكان أديبا فاضلا ظريفا توفي في جمادي الأولى
والقاضي أبو يعلى الصغير محمد بن أبي خازم محمد ابن القاضي الكبير أبي يعلى ابن الفراء البغدادي الحنبلي شيخ المذهب تفقه على أبيه وعمه أبي الحسين وكان مناظرا فصيحا مفوها ذكيا ولى قضاء واسط مدة ثم عزل
____________________
(4/171)
منها فلزم منزله وأضر بأخرة توفي في ربيع الآخر وله ست وستون سنة
وأبو طالب العلوي الشريف محمد بن محمد بن محمد ابن أبي زيد الحسني البصري نقيب الطالبيين بالبصرة روي عن أبي علي التستري وجعفر العباداني وجماعة واستقدمه ابن هبيرة لسماع السنن فروى الكتاب بالإجازة سوى الجزء الأول فبالسماع من التستري وأما ابن الحصري فروي عنه الكتاب عن التستري سماعا وهذا لم يتابعه عليه أحد توفي في ربيع الأول عن إحدى وتسعين سنة
وأبو الحسن بن التلميذ أمين الدولة هبة الله بن صاعد النصراني البغدادي شيخ قومه وقسيسهم لعنهم الله وشيخ الطب وجالينوس العصر وصاحب التصانيف مات في ربيع الأول وله أربع وتسعون سنة
وياغى أرسلان ابن الداشمند صاحب ملطية جرى بينه وبين جاره قلج أرسلان حروب عديدة ثم مات وولي بعده ابن أخيه إبراهيم بن محمد فصالح قلج أرسلان
والوزير عون الدين أبو المظفر يحيى بن محمد بن
____________________
(4/172)
هبيرة بن سعيد الشيباني وزير المقتفى وابنه ولد سنة تسع وتسعين وأربع مئة بالسواد ودخل بغداد شابا فطلب العلم وتفقه وسمع الحديث وقرأ القراءات وشارك في الفنون وصار من فضلاء زمانه ثم احتاج فدخل في الكتابة وولي مشارفة الخزانة ثم ترقى وولي ديوان الخاص ثم استوزره المقتفى فبقي وزيرا إلى أن مات وكان شامة بين الوزراء لعدله ودينه وتواضعه ومعروفه روي عن أبي عثمان بن ملة وجماعة ولما ولاه المقتفى امتنع من لبس خلعة الحرير وحلف أنه لا يلبسها وذا شيء لا يفعله قضاة زماننا ولا خطباؤه وكان مجلسه معمورا بالعلماء والفقهاء والبحث وسماع الحديث شرح صحيحي البخاري ومسلم وألف كتاب العبادات في مذهب أحمد ومات شهيدا مسموما في جمادى الأولى ووزر بعده شرف الدين أبو جعفر ابن البلدي
____________________
(4/173)
سنة إحدى وستين وخمس مئة
فيها ظهر ببغداد الرفض والسب وعظم الخطب
وفيها خرجت الكرج في أرمينية وأذربيجان فقتلوا وسبوا
وفيها أخذ نور الدين من الفرنج حصن المنيطرة
وفيها توفي الرستمي الإمام أبو عبد الله الحسن بن العباس الإصبهاني الفقيه الشافعي مسند إصبهان سمع أبا عمرو بن منده ومحمود الكوسج وطائفة وتفرد ورحل إليه وكان زاهدا ورعا خاشعا بكاء فقيها مفتيا محققا تفقه به جماعة توفي في غرة صفر وقد استكمل ثلاثا وتسعين سنة رحمه الله
وعبد الله بن رفاعة بن غدير الفقيه أبو محمد السعدي المصري الشافعي الفرضي صاحب القاضي الخلعي توفي في ذي القعدة عن أربع وتسعين سنة كاملة وقد ولى القضاء بمصر ثم طلب أن يعفى فأعفى
وأبو محمد الأشيري عبد الله بن محمد المغربي
____________________
(4/174)
الصنهاجي الفقيه الحافظ روي عن أبي الحسن الجذامي والقاضي عياض وكان عالما بالحديث وطرقه وبالنحو واللغة كثير الفضائل وقبره بظاهر بعلبك
وابو طالب بن العجمي عبد الرحمان بن الحسن الحلبي الفقيه الشافعي تفقه ببغداد علي الشاشي وأسعد الميهني وسمع من ابن بيان وله بحلب مدرسة كبيرة عاش إحدى وثمانين سنة ومات في شعبان
والشيخ عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي دوست أبو محمد الجيلي الزاهد شيخ العصر وقدوة العارفين صاحب المقامات والكرامات ومدرس الحنابلة محيي الدين انتهى إليه التقدم في الوعظ والكلام على الخواطر ولد بجيلان سنة إحدى وسبعين وأربع مئة وقدم بغداد شابا فتفقه على أبي سعد المخرمي وسمع من أبي غالب ابن الباقلاني وجعفر السراج وطائفة وصحب الشيخ حمادا الدباس
____________________
(4/175)
قال الشيخ الموفق أقمنا عنده في مدرسته شهرا وتسعة أيام ثم مات وصلينا عليه قال ولم أسمع عن أحد يحكى عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه ولا رأيت أحدا يعظم من أجل الدين أكثر منه
قلت عاش تسعين سنة سنة اثنتين وستين وخمس مئة
فيها سار أسد الدين شيركوه المسير الثاني إلى مصر بمعظم جيش نور الدين فنازل الجيزة شهرين واستنجد وزير مصر شاور بالفرنج فدخلوا في النيل من دمياط والتقوا فنصر أسد الدين وقتل ألوف من الفرنج قال ابن الأثير هذا من أعجب ما أرخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج
قلت ثم استولى أسد الدين على الصعيد وتقوى بخراجها وأقامت الفرنج بالقاهرة حتى استراشوا ثم قصدوا الإسكندرية وقد أخذها صلاح الدين فحاصروه أربعة أشهر ثم كر أسد الدين منجدا له
____________________
(4/176)
فترحلت الملاعين بعد أن استقر لهم بالقاهرة شحنة وقطيعة مئة ألف دينار في العام وصالح شاور أسد الدين على خمسين ألف دينار أخذها ونزل الشام
وفيها قدم قطب الدين صاحب الموصل على أخيه نور الدين فغزوا الفرنج وأخذوا غير حصن
وفيها احترقت اللبادين حريقا عظيما صار تاريخا وأقامت النار تعمل أياما وكان أصلها من دكان طباخ وذهب للناس ما لا يحصى
وفيها توفي خطيب دمشق أبو البركات الخضر بن شبل بن عبد الحارثي الدمشقي الفقيه الشافعي درس بالغزالية وبالمجاهدية وبنى له نور الدين مدرسته التي عند باب الفرج فدرس بها وتعرف الآن بالعمادية قرأ على أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي وسمع من أبي الحسن بن الموازيني توفي في ذي القعدة
وعبد الجليل بن أبي سعد الهروي أبو محمد المعدل
____________________
(4/177)
مسند هراة تفرد بالرواية عن بيبي الهرثمية وعبد الرحمان كلار وعاش اثنتين وتسعين سنة وهو أكبر شيخ للحافظ عبد القادر الرهاوي
والحافظ أبو سعد السمعاني تاج الإسلام عبد الكريم ابن محمد بن منصور المروزي محدث المشرق وصاحب التصانيف الكثيرة والرحلة الواسعة عاش ستا وخمسين سنة سمع حضورا من الشيروي وأبي منصور الكراعي رحل بنفسه وله ثلاث وعشرون سنة فسمع من الفراوي وطبقته بنيسابور وهراة وبغداد وإصبهان ودمشق وله معجم شيوخه في عشر مجلدات وكان حافظا ثقة مكثرا واسع العلم كثير الفضائل ظريفا لطيفا متجملا نظيفا نبيلا شريفا توفي في غرة ربيع الأول بمرو
وأبو شجاع البسطامي عمر بن محمد بن عبد الله الحافظ المفسر الواعظ المفتي الأديب المتفنن وله سبع وثمانون سنة سمع أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي وجماعة وانتهت إليه مشيخة بلخ وتفقه عليه جماعة مع الدين
____________________
(4/178)
والورع تفرد برواية الشمائل ومسند الهيثم بن كليب
وقيس بن محمد أبو عاصم السويقي الإصبهاني المؤذن الصوفي رحل وسمع ببغداد من أبي غالب ابن الباقلاني وابن الطيوري وجماعة
وابن اللحاس أبو المعالي محمد بن محمد بن الجبان الحريمي العطار سمع من طراد طائفة وهو آخر من روى بالإجازة عن أبي القاسم بن البسرى وكان صالحا ثقة ظريفا لطيفا توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة
وأبو طالب بن خضر المبارك بن علي البغدادي الصيرفي المحدث كتب الكثير عن أبي الحسن بن العلاف وطبقته وبدمشق عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة وعاش ثمانين سنة توفي في ذي الحجة
ومسعود الثقفي الرئيس المعمر أبو الفرج بن الحسن ابن الرئيس المعتمد أبي عبد الله القاسم بن الفضل الإصبهاني مسند العصر ورحلة الآفاق توفي في رجب وله مئة سنة
____________________
(4/179)
أجاز له عبد الصمد بن المامون وأبو بكر الخطيب وسمع من جده وعبد الوهاب بن منده وطبقتهما
وهبة الله بن الحسن بن هلال أبو القاسم البغدادي الدقاق مسند العراق سمع عاصم بن الحسن وأبا الحسن الأنباري وعمر نحوا من تسعين سنة توفي في المحرم وكان شيخا لا بأس به متدينا سنة ثلاث وستين وخمس مئة
فيها أعطي نور الدين لنائبه أسد الدين حمص وأعمالها فبقيت بيد أولاده مئة سنة
وفيها توفي أبو المعالي الباجسرائي التاني أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة روي عن ابن البطر وطائفة توفي في رمضان وكان ثقة
وأبو بكر أحمد بن المقرب الكرخي روي عن
____________________
(4/180)
النعالي وطراد وطائفة وكان ثقة متوددا توفي في ذي الحجة وله ثلاث وثمانون سنة
وقاضي القضاة أبو البركات جعفر ابن قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي ولي قضاء العراق سبع سنين ولما مات ابن هبيرة ناب في الوزارة مضافا إلى القضاء فاستفظع ذلك وقد روي عن ابن الحصين وعاش ستا واربعين سنة توفي في جمادى الآخرة
وشاكر بن علي أبو الفضل الأسواري الإصبهاني سمع أبا الفتح السوذرجاني وأبا مطيع وجماعة توفي في أواخر رمضان
وأبو محمد الطامذي عبد الله بن علي الإصبهاني المقرئ عالم زاهد معمر روي عن طراد وجعفر بن محمد العباداني والكبار توفي في شعبان
وأبو النجيب السهروردي عبدالقاهر بن عبد الله بن
____________________
(4/181)
محمد بن عمويه الصوفي القدوة الواعظ العارف الفقيه الشافعي أحد الأعلام قدم بغداد وسمع أبا علي بن نبهان وجماعة وكان إماما في الشافعية وعلما في الصوفية توفي في جمادى الآخرة ودفن بمدرسته وله ثلاث وسبعون سنة
وزين الدين صاحب إربل علي كوجك بن بكتكين التركماني الفارس المشهور والبطل المذكور ولقب بكوجك وهو بالعربي اللطيف القد والقصير وكان مع ذلك معروفا بالقوة المفرطة والشهامة وهو ممن حاصر المقتفى وخرج عليه ثم حسنت طاعته وكان جوادا معطاء فيه عدل وحسن سيرة يقال إنه جاوز المئة توفي في ذي الحجة
وأبو الحسن تاج القراء علي بن عبد الرحمان الطوسي ثم البغدادي روى عن أبي عبد الله البانياسي ويحيى السيبي وجماعة وكان صوفيا كبيرا توفي في صفر عن سن عالية
وأبو الحسن بن الصابي محمد بن إسحاق بن محمد ابن هلال بن المحسن البغدادي من بيت كتابة وأدب سمع
____________________
(4/182)
النعالي وغيره وكان ثقة توفي في ربيع الأول عن اثنتين وثمانين سنة
والشريف الخطيب أبو الفتوح ناصر بن الحسن الحسيني المصري شيخ الإقرآء قرأ على أبي الحسن الحصيني وأبي الحسين الخشاب وتصدر للإقراء وحدث عن محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي توفي يوم عيد الفطر وله إحدى وثمانون سنة
والجياني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله بن ياسر الأنصاري الأندلسي تفقه بدمشق على نصر الله المصيصي وادب بها
قال ابن عساكر ثم زاملني إلى بغداد وسمع من ابن الحصين وبمرو من أبي منصور الكراعي وبنيسابور من سهل المسجدي وطائفة ثم سكن في الآخر حلب وكان ذا معرفة جيدة بالحديث
ونفيسة البزازة واسمها أيضا فاطمة بنت محمد بن علي البغدادية روت علي النعالي وطراد وتوفيت في ذي الحجة
____________________
(4/183)
والصائن أبو الحسين هبة الله بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر الفقيه الشافعي قرأ القرآءات على جماعة منهم أبو الوحش سبيع وسمع من النسيب وتفقه على جمال الإسلام وسمع ببغداد من ابن نبهان وعلق الخلاف على أسعد الميهني ودرس بالغزالية وأفتى وعني بفنون العلم وكان ورعا خيرا كبير القدر عرضت عليه خطابة البلد فامتنع توفي في شعبان سنة أربع وستين وخمس مئة
فيها سار أسد الدين مسيره الثالث إلى مصر وذلك أن الفرنج قصدت الديار المصرية وملكوا بلبيس واستباحوها ثم حاصروا القاهرة وأخذوا كل ما كان خارج السور فبذل شاور لملك الفرنج مري ألف ألف دينار يعجل له بعضها فأجاب فحمل إليه مئة ألف دينار وكاتب نور الدين واستصرخ به وسوكد كتابه وجعل في طيه ذوائب نساء القصر وواصل كتبه يستحثه
____________________
(4/184)
وكان بحلب فساق إليه أسد الدين من حمص فأخذ بجمع العساكر ثم توجه في عسكر لجب فيقال كانوا سبعين ألفا من بين فارس وراجل فتقهقر الفرنج ودخل القاهرة في ربيع الآخر وجلس في دست الملك وخلع عليه العاضد خلع السلطنة وعهد إليه بوزارته وقبض على شاور فأرسل إليه العاضد يطلب رأس شاور فقطع وأرسل إليه فلم ينشب أسد الدين أن مات بعد شهرين فقلد العاضد منصبه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن نجم الدين ولقبه بالملك الناصر ثم ثار عليه السودان فحاربهم وظفر بهم وقتل منهم خلقا عظيما
وفيها توفي أبق الملك المظفر مجير الدين صاحب دمشق قبل نور الدين وابن صاحبها جمال الدين محمد ابن تاج الملوك بوري التركي ثم الدمشقي ولد ببعلبك في إمرة أبيه عليها وولى دمشق بعد أبيه خمس عشرة سنة وملكوه وهو دون البلوغ وكان المدبر لدولته أنر فلما مات أنر انبسطت يد أبق ودبر الأمور الوزير الرئيس أبو الفوارس المسيب بن علي الصوفي ثم غضب
____________________
(4/185)
عليه وأبعده إلى صرخد واستوزر أخاه أبا البيان حيدرة مدة ثم أقدم عطاء بن حفاظ من بعلبك وقدمه على العسكر وقتل حيدرة ثم قتل عطاء ولما انفصل عن دمشق توجه إلى بالس ثم إلى بغداد فأقطعه المقتفي خبزا وأكرم مورده
وشاور بن مجير بن نزار الهوازني السعدي أبو شجاع ولاه ابن رزيك إمرة الصعيد فتمكن وكان شهما شجاعا مقداما داهية فحشد وجمع وتوثب على مملكة الديار المصرية وظفر بالعادل رزيك بن الصالح طلائع ابن زريك وزير العاضد فقتله ووزر بعده فلما خرج عليه ضرغام فر إلى الشام فأكرمه نور الدين وأعانه على عوده إلى منصبه فاستعان بالفرنج على رفع أسد الدين عنه وجرت له أمور طويلة وفي الآخر وثب عليه جردبك النوري فقتله في جمادى الأولى لأن أسد الدين تمارض فعاده شاور فقتلوه
وشيركوه بن شاذي بن مروان الملك المنصور أسد الدين قد ذكرنا من أخباره توفي بالقاهرة فجأة في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة ثم نقل إلى مدينة النبي
____________________
(4/186)
صلى الله عليه وسلم فدفن بها وكان بطلا شجاعا شديد البأس ممن يضرب بشجاعته المثل له صيت بعيد توفي شهيدا بخانوق عظيم قتله في ليلة وكان كثيرا ما يعتريه وورثه ولده الملك القاهر ناصر الدين محمد صاحب حمص
وأبو محمد عبد الخالق بن أسد الدمشقي الحنفي المحدث مدرس الصادرية والمعينية روي عن عبد الكريم ابن حمزة وإسماعيل بن السمرقندي وطبقتهما ورحل إلى بغداد وإصبهان وخرج لنفسه المعجم توفي في المحرم
وأبو الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي شيخ المقرئين بالأندلس ولد سنة إحدى وسبعين وأربع مئة وقرأ القرآءات على أبي داود ولازمه أكثر من عشر سنين وكان زوج أمه فأكثر عنه وهو أثبت الناس فيه وروى الصحيحين وسنن داود وغير ذلك
قال ابن الأبار كان منقطع القرين في الفضل والزهد
____________________
(4/187)
والورع مع العدالة والتواضع والإعراض عن الدنيا والتقلل منها صواما قواما كثير الصدقة انتهت إليه الرئاسة في صناعة الإقراء عامة عمره لعلو روايته وإمامته في التجويد والإتقان حدث عن جلة لا يحصون توفي في رجب
والقاضي زكي الدين أبو الحسن علي ابن القاضي المنتخب أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي قاضي دمشق هو وأبوه وجده استعفى من القضاء فأعفي وسار يحج من بغداد وعاد إليها فتوفى بها وله سبع وخمسون سنة
وأبو الفتح بن البطي الحاجب محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البغدادي مسند العراق وله سبع وثمانون سنة أجاز له أبو نصر الزينبي وتفرد بذلك وبالرواية عن البانياسي وعاصم بن الحسن وعلي ابن محمد بن محمد الأنباري والحميدي وخلق وكان دينا عفيفا محبا للرواية صحيح الأصول توفي في جمادي الأولى
وأبو عبد الله الفارقي الزاهد محمد بن عبد الملك نزيل بغداد كان يعظ ويذكر من غير كلفة وللناس فيه
____________________
(4/188)
اعتقاد عظيم وكان صاحب أحوال ومجاهدات وكرامات ومقامات عاش ثمانين سنة
ومعمر بن عبد الواحد الحافظ أبو أحمد بن الفاخر القرشي العبشمي الإصبهاني المعدل عاش سبعين سنة وسمع من أبي الفتح الحداد وأبي المحاسن الروياني وخلق وببغداد من ابن الحصين وعني بالحديث وجمعه وعظ بإصبهان وآمل وقدم بغداد مرات فسمع أولاده توفي في ذي القعدة بطريق الحجاز وكان ذا قبول ووجاهة سنة خمس وستين وخمس مئة
فيها جاءت الزلزلة العظمى بالشام أطنب في وصفها العماد الكاتب وأبو المظفر بن الجوزي وغيرهما حتى قال بعضهم هلك بحلب تحت الهدم ثمانون ألفا
وفيها حاصرت الفرنج دمياط خمسين يوما ثم ترحلوا لأن نور الدين وصلاح الدين أجلبا عليهم وعلى بلادهم برا وبحرا فعن صلاح الدين قال ما رأيت أكرم من العاضد أخرج إلي في هذه المرة ألف ألف دينار سوى الثياب وغيرها
____________________
(4/189)
وفيها حاصر نور الدين سنجار ثم أخذها بالأمان وتوجه إلى الموصل فبنى بها جامعا ورتب أمورها ثم رجع فنازل الكرك ونصب عليها منجنيقين ثم رحل عنها لحرب نجدة الفرنج فانهزموا منه
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي ثم البغدادي أحد العلماء المعدلين والفضلاء والمحدثين سمع قاضي المارستان وطبقته وقرأ القرآءات على سبط الخياط وعني بالحديث أتم عناية وكان يقتفي أثر ابن ناصر ويمشي خلفه وقد لازمه مدة واستملى عليه توفي في شعبان وله خمس وأربعون سنة
قال الشيخ الموفق كان إماما في السنة ثقة حافظا مليح القرآءة للحديث
وأبو بكر بن النقور عبد الله بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد البغدادي البزاز ثقة محدث من أولاد الشيوخ سمع العلاف وأبا الحسين بن الطيوري وطائفة
____________________
(4/190)
وطلب بنفسه مع الدين والورع والتحري توفي في شعبان وله اثنتان وثمانون سنة
وأبو المكارم عبد الواحد بن أبي طاهر محمد بن مسلم ابن هلال الأزدي المعدل أحضره أبو طاهر محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال عند عبد الكريم الكفرطابي وهو في الرابعة في جزء خيثمة ثم سمع من النسيب وغيره وكان رئيسا جليلا كثير العبادة والبر اسمه عبد الواحد توفي في جمادى الآخرة وأجاز له الفقيه نصر
وفورجه أبو القاسم محمود بن عبد الكريم الإصبهاني التاجر روي عن أبي بكر بن ماجة وسليمان الحافظ وأبي عبد الله الثقفي وغيرهم توفي بإصبهان في صفر وبه ختم جزء لوين
ومودود السلطان قطب الدين الأعرج صاحب الموصل وابن صاحبها أتابك زنكي تملك بعد أخيه سيف الدين غازي فعدل وأحسن السيرة توفي في شوال عن نيف وأربعين سنة وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة وكان محببا إلى الرعية سنة ست وستين وخمس مئة
فيها استحلف المستضئ أبو محمد الحسن بعد موت أبيه ونادى برفع الظلم والكوس
قال ابن الجوزي أظهر من العدل والكرم ما لم نره من الأعمار واحتجب عن أكثر الناس فلم يركب إلا مع الخدم ولم يدخل عليه غير قايماز
وفيها سار نور الدين وأبطل عن الجزيرة مكوسا وضرائب كثيرة
وفيها أخذت الخزر مدينة دوين من بلاد أرمينية وقتلوا من المسلمين نحوا ن ثلاثين ألفا
وفيها مات الوزير أبو جعفر بن البلدي لأن المستضئ استوزر ابا لافرج محمد بن عبد الله ان رئيس الرؤساء فانتقم من ابن البلدي وقتله وألقى في دجلة
وأبو زرعة طاهر ابن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ثم الهمذاني ولد بالري سنة إحدى وثمانين وأربع مئة وسمع بها من المقومي وبالدون من عبد الرحمان بن
____________________
(4/191)
سنة ست وستين وخمس مئة
فيها استخلف المستضئ أبو محمد الحسن بعد موت أبيه ونادى برفع الظلم والمكوس
قال ابن الجوزي أظهر من العدل والكرم ما لم نره من الأعمار واحتجب عن أكثر الناس فلم يركب إلا مع الخدم ولم يدخل عليه غير قايماز
وفيها سار نور الدين وأبطل عن الجزيرة مكوسا وضرائب كثيرة
وفيها أخذت الخزر مدينة دوين من بلاد أرمينية وقتلوا من المسلمين نحوا من ثلاثين ألفا
وفيها مات الوزير أبو جعفر بن البلدي لأن المستضئ استوزر ابا الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء فانتقم من ابن البلدي وقتله وألقى في دجلة
وأبو زرعة طاهر ابن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ثم الهمذاني ولد بالري سنة إحدى وثمانين وأربع مئة وسمع بها من المقومي وبالدون من عبد الرحمان بن
____________________
(4/192)
محمد الدوني وبهمذان من عبدوس وبالكرج من السلار مكي وبساوة من الكامخي وروى الكثير وكان رجلا جيدا عريا من العلم توفي بهمذان في ربيع الآخر
وأبو مسعود الحاجي عبد الرحيم بن أبي الوفاء الحافظ المعدل سمع من جده غانم البرجي ورحل فسمع بنيسابور من الشيروي وببغداد من ابن الحصين توفي في شوال في عشر الثمانين
وأبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة المرسي نزيل شاطبة مكثر عن أبي علي الصدفي وإليه صارت عامة أصوله وسمع أيضا من أبي محمد بن عتاب وجمع فسمع من ابن غزال ورزين العبدري
قال ابن الأبار كان عارفا بالأثر مشاركا في التفسير حافظا للفروع بصيرا باللغة والكلام فصيحا مفوها مع الوقار والسمت والصيام والخشوع ولي قضاء شاطبة وحدث وصنف ومات في أول العام وله سبعون سنة
____________________
(4/193)
____________________
(4/192)
ويحيى بن ثابت بن بندار أبو القاسم البغدادي البقال سمع من طراد والنعالي وجماعة توفي في ربيع الأول وقد نيف على الثمانين
والمستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن المقتدي العباسي خطب له أبوه بولاية العهد سنة سبع وأربعين واستخلف سنة خمس وخمسين وعاش ثمانيا وأربعين سنة وأمه طاوس الكرجية أدركت دولته وله شعر وسط وكان موصوفا بالعدل والديانة أبطل المكوس وقام كل القيام على المفسدين توفي في ثامن ربيع الآخر حبس في حمام
وابن الخلال القاضي الأديب موفق الدين يوسف بن محمد المصري صاحب ديوان الإنشاء توفي في جمادى الآخرة وقد شاخ وولي بعده القاضي الفاضل سنة سبع وستين وخمس مئة
في أولها تجاسر صلاح الدين وقطع خطبة
____________________
(4/194)
العاضد العبيدي وخطب للمستضئ أمير المؤمنين فأعقب ذلك موت العاضد يوم عاشوراء فجلس صلاح الدين للعزاء وبالغ في الحزن والبكاء وتسلم القصر وما حوى واحتيط على آل القصر في مكان أفرد لهم وقرر لهم ما يكفيهم ووصل إلى بغداد أبو سعد بن أبي عصرون رسولا بذلك فغلقت بغداد فرحا وعملت القباب
وكانت خطبة بني العباس قد قطعت من مصر من مائتي سنة وتسع سنين بخطبة بني عبيد فقدم صندل المقتفوي بالخلع لنور الدين ولصلاح الدين فلبس نور الدين الخلعة وهي فرجية وجبة وقباء وطوق ذهب وزنه ألف دينار وحصان بسرجه وسيفان ولوآء وحصان آخر بحيث كتب بين يديه وقلد السيفين إشارة إلى الجمع له بين مصر والشام
وفيها سار نور الدين لحصار الكرك وطلب صلاح الدين فبعث يعتذر فلم يقبل عذره وهم بالدخول إلى مصر وعزل صلاح الدين عنها وبلغ صلاح الدين ذلك فجمع خواصه ووالده وخاله شهاب الدين الحارمي وجماعة امراء وأطلعهم على أمره واستشارهم
____________________
(4/195)
فقال ابن أخيه تقي الدين عمر إذا جاء قاتلناه فتابعه غيره فشتمهم أبوه نجم الدين أيوب واحتد وزبرهم وقال لابنه أنا أبوك وهذا خالك أفي هؤلاء من يريد لك من الخير مثلنا
فقال لا
قال والله لو رأيت أنا وهذا نور الدين لم يمكنا إلا أن ننزل ونقبل الأرض ولو أمرنا بضرب عنقك لفعلنا فما ظنك بغيرنا وهذه البلاد لنور الدين ولو أراد عزلك فأي حاجة له في المجئ بل يطلبك بكتاب
وتفرقوا وكتب غير واحد من الأمراء بما تم فلما خلا نجم الدين بابنه قال أنت جاهل تجمع هذا الجمع وتطلعهم على سرك فلو قصدك نور الدين لم تر معك منهم أحدا فاكتب إليه واخضع له ففعل
وفيها توفي أبو علي بن الرحبي أحمد بن محمد الحريمي العطار روي عن النعالي وجماعة ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة
والعلامة أبو محمد بن الخشاب عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد البغدادي النحوي المحدث ولد سنة
____________________
(4/196)
اثنين وتسعين وأربع مئة وسمع من علي بن الحسين الربعي وأبي النرسي ثم طلب بنفسه وأكثر عن ابن الحصين وطبقته وقرأ الكثير وكتبه بخطه المليح المتقن وأخذ العربية عن أبي السعادات ابن الشجري وابن الجواليقي وأتقن العربية واللغة والهندسة وغير ذلك وصنف التصانيف وكان إليه المنتهى في حسن القرآءة وسرعتها وفصاحتها مع الفهم والعذوبة وانتهت إليه الإمامة في النحو وكان ظريفا مزاحا قذرا وسخ الثياب يستقي في جرة مكسورة وما تأهل قط ولا تسرى توفي في رمضان
وابو محمد عبد الله بن منصور ابن الموصلي البغدادي المعدل سمع من النعالي وتفرد بديوان المتنبي عن أبي البركات الوكيل وعاش ثمانين سنة
والعاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد المستنصر بن الظاهر ابن الحاكم العبيدي المصري الرافضي خاتمة خلفاء الباطنية ولد في أول سنة ست وأربعين وخمس مئة وأقامه الصالح بن رزيك بعد هلاك الفائز وفي أيامه قدم
____________________
(4/197)
حسين بن نزار بن المستنصر العبيدي في جموع من المغرب فلما قرب غدر به أصحابه وقبضوا عليه وحملوه إلى العاضد فذبحه صبرا
ورد أن موت العاضد كان بإسهال مفرط وقيل مات غما لما سمع بقطع خطبته وقيل بل كان له خاتم مسموم فامتصه وخسر نفسه وعاش إحدى وعشرين سنة
وأبو الحسن بن النعمة علي بن عبد الله بن خلف الأنصاري الأندلسي المريي ثم البلنسي أحد الأعلام توفي في رمضان وهو في عشر الثمانين روي عن أبي علي بن سكرة وطبقته وتصدر ببلنسية لإقراء القرآءات والفقه والحديث والنحو
قال ابن الأبار كان عالما حافظا للفقه والتفاسير ومعاني الآثار مقدما في علم اللسان فصيحا مفوها ورعا فاضلا معظما دمث الأخلاق انتهت إليه رئاسة الإقرآء والفتوى وصنف كتابا كبيرا في شرح سنن النسائي بلغ الغاية وكان خاتمة العلماء بشرق الأندلس
____________________
(4/198)
والقاسم بن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل أبو المطهر الإصبهاني الصيدلاني روى عن رزق الله التميمي والقاسم بن الفضل الثقفي توفي في جمادى الأولى وقد نيف على التسعين
وأبو المظفر محمد بن أسعد بن الحكيم العراقي الحنفي الواعظ كان له القبول التام في الوعظ بدمشق ودرس بالطرخانية والصادرية والمعينية سمع أبا علي بن نبهان وجماعة وروى المقامات عن الحريري وصنف لها شرحا وصنف تفسير القرآن عاش نيفا وثمانين سنة
وأبو عبد الله بن الفرس محمد بن عبد الرحيم الأنصاري الخزرجي الغرناطي تفقه على أبيه وقرأ القرآءات وسمع أبا بكر بن عطية وسمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب وطبقته وصار رأسا في الفقه وفي الحديث وفي القرآءات توفي في شوال ببلنسية وله ست وستون سنة
____________________
(4/199)
وأبو حامد البروى الطوسى الفقيه الشافعي محمد بن محمد تلميذ تلميذ محمد بن يحيى وصاحب التعليقة المشهورة في الخلاف كان إليه المنتهى في معرفة الكلام والنظر والبلاغة والجدل بارعا في معرفة مذهب الأشعري قدم بغداد وشغب على الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلو مسمومة وقيل إن البروى قال لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية
وأبو المكارم الباذرائى المبارك بن محمد المعمر الرجل الصالح روى عن ابن البطر والطريثيثى توفى في جمادى الآخرة
ويحي بن سعدون الإمام أبو بكر الأزدى القرطبى النحوى نزيل الموصل وشيخها قرأ القرآءات على جماعة منهم ابن الفحام بالاسكندرية وسمع بقرطبة من أبى محمد ابن عتاب وبمصر من أبى صادق المدينى وببغداد من ابن
____________________
(4/200)
الحصين وقد أخذ عن الزمخشرى وبرع في العربية والقرآءات تصدر فيهما مدة وكان ثقة ثبتا صاحب عبادة وورع وتبحر في العلوم توفى يوم الفطر عن اثنتين وثمانين سنة سنة ثمان وستين وخمس مئة
568 فيها دخل قراقوش مملوك تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أخي السلطان صلاح الدين المغرب فنازل طرابلس المغرب مدة وافتتحها وكانت للفرنج
وفيها سار شمس الدولة أخو صلاح الدين فافتتح اليمن وقبض على المتغلب عليها عبد النبى الزنديق
وفيها سار صلاح الدين فحاصر الكرك ولم يفتحها
وفيها التقى مليح بن لاون الأرمنى والروم فهزمهم وكان نور الدين قد استخدم ابن لاون وأقطعه سيس وظهر له نصحه وكان الكلب شديد النصح لنور الدين معينا له
____________________
(4/201)
على الفرنج ولما ليم نور الدين على إقطاعه سيس قال أستعين به وأريح عسكرى وأجعله سدا بيننا وبين صاحب القسطنطينية
وفيها سار نور الدين فافتتح بهسنا ومرعش ثم دخل الموصل ودان له صاحب الروم قلج أرسلان
وفيها توفى أبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف الدارقزى المقرئ أسند من بقى في القرآءات لكنه لم تكن ماهرا بها قرأ على ابن سوار وثابت بن بندار وعاش ستا وتسعين سنة
وأرسلان خوارزم شاه بن اتسز خوارزم شاه بن محمد نوشتكين رد من قتال الخطا فمرض ومات فتملك بعده ابنه محمود فغضب ابنه الأكبر خوارزم شاه علاء الدين تكش وقصد ملك الخطا فبعث معه جيشا فهرب محمود واستولى هو على خوارزم فالتجأ محمود إلى صاحب نيسابور المؤيد فنجده والتقيا فانهزم هاولاء وأسر المؤيد وذبح بين يدى تكش صبرا وقتل أم أخيه وذهب
____________________
(4/202)
محمود إلى غياث الدين صاحب الغور فأكرمه
وألدكز ملك أذربيجان وهمذان كان عاقلا جيد السيرة واسع الممالك عدد عسكره خمسون ألفا وكان ابن امرأته أرسلان شاه بن طغرل السلجوقي هو السلطان وألدكز أتابكه لكنه كان من تحت حكمه وولي بعده ابنه محمد البهلوان
وأيوب بن شاذي الأمير نجم الدين الدويني والد الملوك صلاح الدين وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون أخو الملك أسد الدين شب به فرسه فحمل إلى داره ومات بعد أيام في ذي الحجة وكان يلقب بالأجل الأفضل دفن عند أخيه ثم نقلا سنة تسع وسبعين إلى المدينة النبوية وأول ما ولي نجم الدين قلعة تكريت بعد أبيه لصاحبها الخادم بهروز نائب بغداد ثم غضب بهروز عليه بسبب أخيه أسد الدين فقصدا أتابك زنكي فاستخدمهما فلما ولي
____________________
(4/203)
بعلبك استناب عليها نجم الدين فعمر بها الخانقاه وكان دينا عاقلا كريما
والمؤيد أبي به ابن عبد الله السنجري صاحب نيسابور قتل في هذاالعام
وجعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد ابن علي الدامغاني أبو منصور روي عن أبي مسلم السمناني وابن الطيوري توفي في جمادى الآخرة
وملك النحاة أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي كان نحويا بارعا وأصوليا مكلما وفصيحا متقعرا كثير العجب والتيه قدم دمشق واشتغل بها وصنف في الفقه والنحو والكلام وعاش ثمانين سنة وكان رئيسا ماجدا
وأبو جعفر الصيدلاني محمد بن الحسن الإصبهاني له أجازة من بيبي الهرثمية تفرد بها وسمع من شيخ الإسلام وطبقته بهراة ومن سليمان الحافظ وطبقته بإصبهان توفي في ذي القعدة
____________________
(4/204)
سنة تسع وستين وخمسمئة
فيها توفي نور الدين
وثارت الفرنج ونزلوا على بانياس فصالحهم أمراء دمشق وبذلوا لهم مالا وأسارى فبعث صلاح الدين يوبخهم
وفيها وعظ الشهاب الطوسي ببغداد فقال ابن ملجم لم يكفر بقتل علي فرجموه بالآجر وهاشت الشيعة فلولا الغلمان لقتل وأحرقوا منبره وهيئوا له للميعاد الآخر قوارير النفط ليحرقوه ولامه نقيب النقباء فأساء الأدب فنفوه من الحضرة فدخل مصر وارتفع بها شأنه وعظم
وفيها توفي النقيب أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر الحسيني الأديب نقيب الطالبيين روي عن أبي الحسين بن الطيوري وجماعة وتوفي في جمادى الأولى
وأبو إسحاق بن قرقول إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي وحمزة اسم قريته سمع الكثير وعاش
____________________
(4/205)
أربعا وستين سنة وكان من أئمة أهل المغرب فقيها مناظرا متفننا حافظا للحديث بصيرا بالرجال
والحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمذاني المقرئ الأستاذ شيخ همذان وقارئها وحافظها رحل وحمل القرآءات والحديث عن الحداد وقرأ بواسط على القلانسي وببغداد على جماعة وسمع من ابن بيان وطبقته
قال الحافظ عبد القادر شيخنا أبو العلاء أشهر من أن يعرف بل يتعذر وجود مثله في أعصار كثيرة وأول سماعه من الدوني في سنة خمس وتسعين وأربع مئة برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير وله التصانيف في الحديث والقرآءات والرقائق وله في ذلك مجلدات كبيرة منها كتاب زاد المسافر خمسون مجلدا قال وكان إماما في العربية سمعت أن من جملة ما حفظ في اللغة كتاب الجمهرة وخرج له تلامذة في العربية أئمة منهم إنسان كان يحفظ كتاب الغريبين للهروى ثم أخذ عبد القادر
____________________
(4/206)
يصف مناقب أبي العلاء ودينه وكرمه وجلالته وأنه أخرج جميع ما ورثه وكان أبوه تاجرا وأنه سافر مرات ماشيا يحمل كتبه على ظهره ويبيت في المساجد ويأكل خبز الدخن إلى أن نشر الله ذكره في الآفاق
وقال ابن النجار هو إمام في علوم القرآءات والحديث والأدب والزهد والتمسك بالأثر توفي في جمادى الأولى
وأبو محمد الدهان سعيد بن المبارك البغدادي النحوي ناصح الدين صاحب التصانيف الكثيرة ألف شرحا للإفصاح في ثلاث وأربعين مجلدة وسكن الموصل وأضر بأخرة وكان سيبويه زمانه تصدر للاشتغال خمسين سنة وعاش بضعا وسبعين سنة
وعبد النبي بن المهدي اليمني الذي تغلب على اليمن ويلقب بالمهدي وكان أبوه أيضا قد استولى على اليمن فظلم وغشم وذبح الأطفال وكان باطنيا من دعاة المصريين فهلك سنة ست وستين وقام بعده الولد فاستباح الحرائر وتمرد على الله فقتله شمس الدولة كما ذكرنا
____________________
(4/207)
وأبو الحسن علي بن أحمد بن حنين الكناني القرطبي نزيل فاس سمع الموطأ من أبي عبد الله بن الطلاع وقرأ القرآءات عن أبي الحسن العبسي وسمع من حازم بن محمد والكبار وحج سنة خمس مئة ولقي الكبار وعمر دهرا ولد سنة ست وسبعين وأربع مئة وتصدر للإقراء مدة
والفقيه عمارة بن علي بن زيدان أبو محمد الحكمي المذحجي التميمي الشافعي القاضي نجم الدين نزيل مصر وشاعر العصر
قال ابن خلكان كان شديد التعصب للسنة أديبا ماهرا لم يزل ماشي الحال في دولة المصريين إلى أن ملك صلاح الدين فمدحه ثم شرع في أمور وأخذ في اتفاق مع الرؤساء في التعصب للعبيديين وإعادة دولتهم فنقل أمرهم وكانوا ثمانية إلى صلاح الدين فشنقهم في رمضان
قلت مات في الكهولة
والسلطان نور الدين الملك العادل أبو القاسم محمود
____________________
(4/208)
ابن أتابك زنكي بن أقسنقر التركي تملك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة وكان مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمس مئة وكان أجل ملوك زمانه وأعدلهم وأدينهم وأكثرهم جهادا وأسعدهم في دنياه وآخرته هزم الفرنج غير مرة وأخافهم وجرعهم المر وفي الجملة محاسنه أبين من الشمس وأحسن من القمر
وكان أسمر طويلا مليحا تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليما من التكبر خائفا من الله قل أن يوجد في الصلحاء الكبار مثله فضلا عن الملوك ختم الله له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء الله وزيادة فمات بالخوانيق في حادي عشر شوال وعهد بالملك إلى ولده الصالح إسماعيل وعمره إحدى عشرة سنة
وهبة الله بن كامل المصري التنوخي قاضي القضاة وداعي الدعاة أبو القاسم قاضي الخليفة العاضد كان أحد الثمانية الذين سعوا في إعادة دولة بني عبيد فشنقهم الملك صلاح الدين رحمه الله
____________________
(4/209)
سنة سبعين وخمس مئة
فيها قدم صلاح الدين فاخذ دمشق ولا ضربة ولا طعنة
وسار الصالح إسماعيل في حاشيته إلى حلب ثم سار صلاح الدين فحاصر حمص بالمجانيق ثم سار فأخذ حماة في جمادى الآخرة ثم سار فحاصر حلب وأساء العشيرة في حق آل نور الدين ثم رد وتسلم حمص ثم عطف إلى بعلبك فتسلمها ثم كر فالتقى عز الدين مسعود بن مودود ابن صاحب الموصل وأخو صاحبها فانهزم المواصلة على قرون حماة أسوأ هزيمة ثم وقع الصلح واستناب بدمشق أخاه سيف الإسلام وكان بمصر أخوه العادل
وفيها توفي أحمد بن المبارك المرقعاتي روي عن جده لأمه ثابت بن بندار وكان يبسط المرقعة للشيخ عبد القادر على الكرسي توفي في صفر
وخديجة بنت أحمد بن الحسن النهرواني روت عن أبي عبد الله النعالي وكانت صالحة توفيت في رمضان
____________________
(4/210)
وشملة التركماني تملك بلاد فارس وجدد قلاعا وحارب الملوك ونهب المسلمين وكان يخطب للخليفة التقاه البهلوان بن إلدكز ومعه عسكر من التركمان لهم ثأر على شملة فانهزم جيشه وأصابه سهم فأسر ومات وكان ظالما جبارا فرح الناس بمصرعه وكانت أيامه عشرين سنة
وقايماز الملك قطب الدين المستنجدي عظم في دولة مولاه وصار مقدم الجيش في دولة المستضئ واستبد بالأمور إلى أن هم بالخروج فسار بعسكره نحو الموصل فمات في ذي الحجة وكان فيه كرم وقلة ظلم
وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل القيسي اللبلي نزيل فاس ثم مراكش روي عن ابن الطلاع وحازم بن محمد وسمع صحيح مسلم من أبي علي الغساني
قال ابن الأبار كان من أهل الرواية والدراية لازم مالك بن وهيب مدة
____________________
(4/211)
سنة إحدى وسبعين وخمس مئة
فيها نقض صاحب الموصل وسار السلطان سيف الدين غازي بن قطب الدين فالتقاه صالح الدين بنواحي حلب على تل السلطان فانهزم غازي وجمعة وكانوا ستة آلاف وخمس مئة ولكن لم يقتل سوى رجل واحد ثم سار صلاح الدين فأخذ منبج ثم نازل قلعة عزاز مدة وقفز عليه الإسماعيلية فجرحوه في فخذه وأخذوا فقتلوا وافتتح القلعة ثم نازل حلب أشهرا ثم وقع الصلح وترحل عنهم وأطلق قلعة عزاز لولد نور الدين
وفيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلدة أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الدمشقي محدث الشام ثقة الدين ولد في أول سنة تسع وتسعين وأربع مئة وأسمع سنة خمس وخمس مئة وبعدها من النسيب وأبي طاهر الحنائي وطبقتهما ثم عني بالحديث ورحل فيه إلى العراق وخراسان وإصبهان وساد أهل زمانه في الحديث ورجاله وبلغ في ذلك
____________________
(4/212)
الذروة العليا ومن تصفح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ توفي في حادي عشر رجب
وحفدة العطاري الإمام نجم الدين أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد الطوسي الفقيه الشافعي الأصولي الواعظ تلميذ محيي السنة البغوي وراوي كتابيه شرح السنة ومعالم التنزيل وقد دخل إلى بخاري وتفقه بها ثم عاد إلى أذربيجان والجزيرة وبعد صيته في الوعظ
قال ابن خلكان توفي في ربيع الآخر قال وقيل سنة ثلاث وسبعين سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة
فيها أمر صلاح الدين ببناء السور الكبير المحيط بمصر والقاهرة في البر وطوله تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاث مئة ذراع بالقاسمي فلم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين وأنفق عليه أموالا لا تحصى وكان
____________________
(4/213)
مشد بنائه قراقوش وأمر أيضا بإنشاء قلعة الجبل ثم توجه إلى الإسكندرية وسمع الحديث من السلفي
وفيها وقعة الكنز جمع الكنز مقدم السودان خلقا وجيش بالصعيد وسار إلى القاهرة في مئة ألف فخرج لحربه نائب مصر سيف الدين أبو بكر العادل فالتقوا فانكسر الكنز وقتل في المصاف
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي قيل أنه قتل منهم ثمانون ألفا يعني من السودان
وفيها توفي أبو محمد صالح بن المبارك بن الرخلة الكرخي المقرئ القزاز سمع من النعالي وغيره وتوفي في صفر
والعثماني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمان بن يحيى الأموي الديباجي محدث الإسكندرية بعد السلفي في الرتبة روي عن أبي القاسم بن الفحام والطرطوشي وخلق ويعرف بابن أبي اليابس وكان ثقة صالحا متعففا يقرئ النحو اواللغة والحديث وكان السلفي يؤذيه ويرميه بالكذب فكان يقول كل من بيني
____________________
(4/214)
وبينه شيء فهو في حل إلا السلفي فبيني وبينه وقفة بين يدي الله
يقال توفي في شوال عن ثمان وثمانين سنة
وعلي بن عساكر بن المرحب أبو الحسن البطائحي الضرير المقرئ الأستاذ قرأ القرآءات على أبي العز القلانسي وأبي عبد الله البارع وطائفة وتصدر للإقراء وأتقن الفن وحدث عن أبي طالب بن يوسف وطائفة توفي في شعبان
ومحمد بن أحمد بن ماشاذه أبو بكر الإصبهاني المقرئ المحقق قرأ القرآءات وتفرد بالسماع من سليمان ابن إبراهيم الحافظ ومات في عشر المئة
وأبو الفضل بن الشهرزوري قاضي القضاة كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفر الموصلي الشافعي ولد سنة إحدى وتسعين وأربع مئة وتفقه ببغداد على أسعد الميهني وسمع من نور الهدى الزينبي وبالموصل من جده لأمه علي بن طوق وولى قضاء بلده لأتابك زنكي ثم وفد على نور الدين فبالغ في تبجيله وركن إليه وصار قاضيه ووزيره ومشيره ومن جلالته
____________________
(4/215)
أن السلطان صلاح الدين لما أخذ دمشق وتمنعت عليه القلعة أياما مشى إلى دار القاضي كمال الدين فانزعج وخرج لتلقيه فدخل وجلس وقال طب نفسا فالأمر أمرك والبلد بلدك توفي في سادس المحرم وهو من بيت قضاء وفقه
وأبو الفتح نصر بن سيار بن صاعد بن سيار الكتاني الهروي الحنفي القاضي شرف الدين كان بصيرا بالمذهب مناظرا دينا متواضعا سمع الكثير من جده القاضي أبي العلاء والقاضي أبي عامر الأزدي ومحمد بن علي العميري والكبار وتفرد في زمانه وعاش سبعا وتسعين سنة توفي في يوم عاشوراء وهو آخر من روى جامع الترمذي عن أبي عامر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة
فيها وقعة الرملة سار صلاح الدين من مصر فسبى وغنم ببلاد عسقلان وسار إلى الرملة فالتقى الفرنج فحملوا على المسلمين فهزموهم وبيت السلطان وابن أخيه تقي الدين عمر ودخل الليل واحتوت الفرنج على
____________________
(4/216)
المعسكر بما فيه وتمزق العسكر وعطشوا في الرمال واستشهد جماعة وتحيز صلاح الدين ونجا ولله الحمد وقتل ولد لتقي الدين عمر وله عشرون سنة وأسر الأمير الفقيه عيسى الهكاري وكانت نوبة صعبة ونزلت الفرنج على حماة وحاصرتها أربعة أشهر لاشتغال السلطان بلم شعث الجيش
وفيها توفي أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي سلطان أذربيجان كان له السكة والخطبة والقائم بدولته زوج أمه إلدكز ثم ابنه البهلوان فلما توفي خطبوا لولده طغريل الذي قتله خوارزم شاه
والوزير أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء الوزير أبي القاسم علي ابن المسلمة روي عن ابن الحصين وجماعة وولي أستاذ دارية المقتفى ثم المستنجد ووزر للمستضئ ولقب عضد الدين وكان جوادا سريا معظما مهيبا خرج للحج في محمل عظيم فوثب عليه واحد من الباطنية فقتله في أوائل ذي القعدة عن تسع وخمسين سنة
وأبو محمد بن المأمون صاحب التاريخ هارون بن
____________________
(4/217)
العباس بن محمد العباسي المأموني البغدادي الأديب روي عن قاضي المرستان وشرح أيضا مقامات الحريري توفي في ذي الحجة كهلا
ولاحق بن علي بن كارة أخو دهبل البغدادي روي عن أبي القاسم بن بيان وغيره وتوفي في نصف شعبان عن ثمان وسبعين سنة
وأبو شاكر السقلاطوني يحيى بن يوسف بن بالان الخباز روي عن ثابت بن بندار والحسين بن البسرى وجماعة توفي في شعبان سنة أربع وسبعين وخمس مئة
فيها أخذ ابن قرايا الرافضي الذي ينشد في الأسواق ببغداد فوجدوا في بيته سب الصحابة فقطعت يده ولسانه ورجمته العامة فهرب وسبح فألحوا عليه بالآجر فغرق فأخرجوه وأحرقوه ثم وقع القبح على الرافضة وأحرقت كتبهم وانقمعوا حتى صاروا في
____________________
(4/218)
ذلة اليهود وهذا شيء لم يتهيأ ببغداد من نحو مئتين وخمسين سنة
وفيها خرج نائب دمشق فرخشاه ابن أخي السلطان فالتقى الفرنج فهزمهم وقتل مقدمهم هنفري الذي كان يضرب به المثل في الشجاعة
وفيها أطلق السلطان حماة عند موت صاحبها خاله شهاب الدين الحارمي لابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه وأطلق له أيضا المعرة ومنبج وفامية فبعث إليها نوابه
وفيها توفي أبو أحمد أسعد بن بلدرك الجبريلي البغدادي البواب المعمر في ربيع الأول عن مئة وأربع سنين ولو سمع في صغره لبقي مسند العالم سمع من أبي الخطاب ابن الجراح وأبي الحسن بن العلاف
والحيص بيص شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن صيفي التميمي الشاعر المشهور وله ديوان معروف كان وافر الأدب متضلعا من اللغة بصيرا بالفقه والمناظرة توفي في شعبان
____________________
(4/219)
وشهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري ثم البغدادي الكاتبة المسندة فخر النساء كانت دينة عابدة صالحة سمعها أبوها الكثير وصارت مسندة العراق روت عن طراد والنعالي وابن البطر وطائفة وكانت ذات بر وخير توفيت في رابع عشر المحرم عن نيف وتسعين سنة
وأبو رشيد عبد الله بن عمر الإصبهاني آخر من بقي بإصبهان من أصحاب الرئيس الثقفي
وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي أخو عبد الحق روي عن ابن بيان وجماعة وكان خياطا دينا توفي بمكة وله سبعون سنة
وأبو الخطاب العليمي عمر بن محمد بن عبد الله الدمشقي التاجر السفار طلب بنفسه وكتب الكثير في تجارته بالشام ومصر والعراق وما وراء النهر روي عن نصر الله المصيصي وعبد الله بن الفراوي وطبقتهما توفي في شوال عن أربع وخمسين سنة
وأبو عبد الله بن المجاهد الزاهد القدوة محمد بن أحمد ابن عبد الله الأنصاري الأندلسي عن بضع وثمانين سنة
____________________
(4/220)
قرأ العربية ولزم أبا بكر بن العربي مدة
قال ابن الأبار كان المشار إليه في زمانه بالصلاح والورع والعبادة وإجابة الدعوة وكان أحد أولياء الله الذين تذكر به رؤيتهم آثاره مشهورة وكراماته معروفة مع الحظ الوافر من الفقه والقرآءات
ومحمد بن نسيم العيشوني روي عن ابن العلاف وابن نبهان وقع من سلم فمات في الحال في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمس مئة
فيها نزل صلاح الدين على بانياس وأغارت سراياه على الفرنج ثم أخبر بمجئ الفرنج فبادر في الحال وكبسهم فإذا هم في ألف قنطارية وعشرة آلاف راجل فحملوا على المسلمين فبيتوا لهم ثم حمل المسلمون فهزموهم ووضعوا فيهم السيف ثم أسروا مائتين وسبعين أسيرا منهم مقدم الديوية فاستفك نفسه بألف أسير
____________________
(4/221)
وبجملة من المال وأما ملكهم فانهزم جريحا
وفيها نزل قلج أرسلان صاحب الروم على حصن رعبان في عشرين ألفا فنهض لنجدة الحصن تقي الدين صاحب حماة وسيف الدين المشطوب في ألف فارس فكبسوا الروميين بغتة فركبوا خيولهم عريا ونجوا وحوى تقي الدين الخيام بما فيها ثم من على الأسراء بأموالهم وسرحهم
وفيها مات المستضئ وبويع ابنه أحمد الناصر لدين الله في سلخ شوال
وفيها توفي أحمد بن أبي الوفاء أبو الفتح ابن الصائغ البغدادي الحنبلي خدم أبا الخطاب الكلواذاني مدة وحدث عن ابن بيان بحران
وأبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم الغافقي المقرئ أخذ القرآءات عن أبيه وأبي الحسن شريح وطائفة وأقرأ بالإسكندرية والقاهرة واستملى عليه صلاح الدين وقربه واحترمه وكان فقيها مفتيا محدثا مقرئا نسابة أخباريا بديع الخط وقيل هو أول من خطب
____________________
(4/222)
بالدعوة العباسية بمصر توفي في رجب
وتجنى الوهابية أم عتب آخر من روي في الدنيا بالسماع عن طراد والنعالي توفيت في شوال وآخر من حدث عنها ابن قميرة
والمستضئ بأمر الله أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله بن يوسف بن المقتفى محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي العباسي بويع بعد أبيه في ربيع الآخر سنة ست وستين ونهض بخلافته الوزير عضد الدين بن رئيس الرؤساء فاستوزره وكان ذا دين وحلم وأناة ورأفة ومعروف زائد وأمه أرمنية عاش خمسا وأربعين سنة خلف ولدين أحمد الناصر وهاشما
قال ابن الجوزي في المنتظم أظهر من العدل والكرم ما لم نره في أعمارنا وفرق مالا عظيما في الهاشميين وفي المدارس وكان ليس للمال عنده وقع
قلت كان يطلب ابن الجوزي ويأمر بعقد مجلس
____________________
(4/223)
الوعظ ويجلس بحيث يسمع ولا يرى وفي أيامه اختفى الرفض ببغداد ووهي وأما بمصر والشام فتلاشي وزالت دولة العبيديين أولى الرفض وخطب له بديار مصر وبعض المغرب واليمن
وأبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الشيخ الثقة عن إحدى وثمانين سنة أسمعه أبوه الكثير من أبي القاسم الربعي وابن الطيوري وجعفر السراج وطائفة ولم يحدث بما سمعه حضورا تورعا وكان فقيرا صالحا متعففا كثير التلاوة جدا توفي في جمادى الأولى
وأبو الفضل عبد المحسن بن تريك الأزجي البيع روي عن ابن بيان وجماعة توفي يوم عرفة
وأبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي الزبيري الدمشقي القاضي الحافظ نزيل بغداد سمع من أبي الدر ياقوت الرومي وطائفة بدمشق ومن أبي الوقت والناس ببغداد وصحب أبا النجيب السهروردي وولى قضاء الحريم توفي في ذي الحجة وله خمسون سنة
____________________
(4/224)
وابو هاشم الدوشابي عيسى بن أحمد الهاشمي العباسي البغدادي الهراس روي عن الحسين بن البسرى وغيره توفي في رجب
وأبو بكر بن خير واسمه محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الأشبيلي المقرئ الحافظ صاحب شريح فاق الأقران في ضبط القرآءات وسمع الكثير من أبي مروان الباجي وابن العربي وخلق وبرع أيضا في الحديث واشتهر بالإتقان وسعة المعرفة بالعربية توفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة
وأبو بكر الباقداري الضرير محمد بن أبي غالب الحافظ سمع أبا محمد سبط الخياط فمن بعده وبرع في الحديث حتى صار ابن ناصر يسأله ويرجع إلى قوله
قال ابن الدبيثي انتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه وعليه كان المعتمد فيه توفي كهلا في ذي الحجة
وأبو عبد الله الوهراني المغربي محمد بن محرز ركن الدين وقيل جمال الدين الأديب الكاتب صاحب المزاح والدعابة والمنام الطويل الذي جمع أنواعا من
____________________
(4/225)
المجون والأدب مات في رجب بدمشق
وأبو محمد بن الطباخ المبارك بن علي البغدادي الحنبلي المجاور بمكة كان يكتب العبر ويؤم بحطيم الحنابلة روي عن ابن الحصين وطبقته وكتب بخطه سمع منه أبو سعد بن السمعاني والقدماء توفي في شوال
وأبو الفضل متوجهر بن محمد بن تركشاه الكاتب كان أديبا فاضلا مليح الإنشاء حسن الطريقة كتب للأمير قايماز المستنجدي وروى المقامات عن الحريري مرارا وروى عن هبة الله بن أحمد الموصلي وجماعة وتوفي في جمادي الأولى وله ست وثمانون سنة
وأبو عمر بن عباد الأستاذ المقرئ المحقق يوسف بن عبد الله الأندلسي اللري قدم بلنسية وأخذ القرآءات عن أبي مروان بن الصيقل وابن هذيل وسمع من طارق بن يعيش وخلق كثير وعني بصناعة الحديث وكتب العالي والنازل وبرع في معرفة الرجال وصنف التصانيف الكثيرة وعاش سبعين سنة
____________________
(4/226)
سنة ست وسبعين وخمس مئة
فيها نزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن فافتتحه وهدمه ثم رجع فوافاه التقليد وخلع السلطنة بحمص من الناصر لدين الله فركب بها هناك وكان يوما مشهودا
وفيها ركب الناصر بأبهة الخلافة وعلى رأسه المظلة السوداء وعلى كريمته الطرحة ثم ركب بعد أيام يتصيد
وفيها توفي أبو طاهر السلفي الحافظ العلامة الكبير مسند الدنيا ومعمر الحفاظ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الإصبهاني الجروآني وجروآن محلة بإصبهان وسلفة لقب جده أحمد ومعناه غليظ الشفة سمع من أبي عبد الله الثقفي وأحمد ابن عبد الغفار بن اشته ومكي السلار وخلق كثير
____________________
(4/227)
بإصبهان خرج عنهم في معجم وحدث بإصبهان في سنة اثنتين وتسعين قال وكنت ابن سبع عشرة سنة أكثر أو أقل ورحل سنة ثلاث فأدرك أبا الخطاب بن البطر ببغداد وعمل معجما لشيوخ بغداد ثم حج وسمع بالكوفة والحرمين والبصرة وهمذان وأذربيجان والري والدينور وقزوين وزنجان والشام ومصر فأكثر وأطاب وتفقه فأتقن مذهب الشافعي وبرع في الأدب وجود القرآن بالروايات واستوطن الإسكندرية بضعا وستين سنة مكبا على الاشتغال والمطالعة والنسخ وتحصيل الكتب وقد أفردت أخباره في جزء وجاوز المئة بلا ريب وإنما النزاع في مقدار الزيادة ومكث نيفا وثمانين سنة يسمع عليه ولا أعلم أحدا مثله في هذا ومات يوم الجمعة بكرة خامس ربيع الآخر رحمه الله
وشمس الدولة الملك المعظم تورانشاه بن أيوب بن شاذي وكان أسن من أخيه صلاح الدين وكان يحترمه ويتأدب معه سيره فغزا النوبة فسبى وغنم ثم بعثه
____________________
(4/228)
فافتتح اليمن وكانت بيد الخوارج الباطنية وأقام بها ثلاث سنين ثم اشتاق إلى طيب الشام ونضارتها فقدم وناب بدمشق لأخيه ثم تحول إلى مصر فتوفي بالإسكندرية في صفر فنقل إلى الشام ودفنته أخته ست الشام بمدرستها وكان من الأجواد الغارقين في اللذات
وأبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمان بن أحمد ابن علي بن صابر الدمشقي ولد سنة تسع وتسعين وعني به أبوه فأسمعه الكثير من النسيب وأبي طاهر الحنائي وطبقتهما ولعب في شبابه وباع أصول أبيه بالهوان توفي في رجب على طريقة حسنة
وأبو المفاخر المأموني راوي صحيح مسلم بمصر سعيد ابن الحسين بن سعيد العباسي روى الحديث هو وابنه وحفيده ونافلته
وأبو الفهم بن أبي العجائز الأزدي الدمشقي واسمه عبد الرحمان بن عبد العزيز بن محمد وهو راوي حديث سخنام عن أبي طاهر الحنائي
وأبو الحسن بن العصار النحوي علي بن عبد الرحيم السلمي الرقي ثم البغدادي كان علامة في اللغة حجة في
____________________
(4/229)
العربية أخذ عن ابن الجواليقي وكتب الكثير بخطه الأنيق وروى عن أبي الغنائم بن المهتدي بالله وغيره وخلف مالا طائلا وإليه انتهى علم اللغة توفي في المحرم عن ثمان وستين سنة
وغازى السلطان سيف الدين صاحب الموصل وابن صاحبها قطب الدين مودود بن أتابك زنكي التركي الأتابكي توفي في صفر بعلة السل وكان شابا مليحا أبيض طويلا عاقلا وقورا قليل الظلم
ومحمد بن محمد بن مواهب أبو العز بن الخراساني البغدادي الأديب صاحب العروض والنوادر والديوان الشعر الذي هو في مجلدات كان صاحب ظرف ومجون وذكاء مفرط وتفنن في الأدب روى عن أبي الحسين بن الطيوري وأبي سعد بن خشيش وجماعة وتغير ذهنه قبل موته بقليل توفي في رمضان وله اثنتان وثمانون سنة
____________________
(4/230)
سنة سبع وسبعين وخمس مئة
فيها توفي الملك الصالح أبو الفتح إسماعيل ابن السلطان نور الدين محمود بن زنكي ختنه أبوه وعمل وقتا باهرا وزينت دمشق ثم مات أبوه بعد ختانه بأيام وأوصى له بالسلطنة فلم يتم وبقيت له حلب وكان شابا أديبا عاقلا محببا إلى الحلبيين إلى الغاية بحيث أنهم قاتلوا عن حلب صلاح الدين قتال الموت وما تركوا شيئا من مجهودهم ولما مرض بالقولنج في رجب ومات أقاموا عليه المأتم وبالغوا في النوح والبكاء وفرشوا الرماد في الطرق وكان له تسع عشرة سنة وأوصى بحلب لابن عمه عز الدين مسعود بن مودود فجاء وتملكها
والكمال ابن الأنباري النحوي العبد الصالح أبو البركات عبد الرحمان بن محمد بن عبيد الله تفقه بالنظامية على ابن الرزاز وأخذ النحو عن ابن الشجري واللغة عن ابن الجواليقي وبرع في الأدب حتى صار شيخ العراق توفي في شعبان وله أربع وستون سنة وكان زاهدا مخلصا ناسكا تاركا الدنيا له مئة وثلاثون مصنفا في الفقه والأصول والزهد وأكثرها في فنون العربية فرحمه الله
____________________
(4/231)
وشيخ الشيوخ أبو الفتح عمر بن علي بن الزاهد محمد ابن علي بن حمويه الجويني الصوفي وله أربع وستون سنة روي عن جده والفراوي وطائفة وولاه نور الدين مشيخة الشيوخ بالشام وكان وافر الحرمة سنة ثمان وسبعين وخمس مئة
فيها سار صلاح الدين فافتتح حران وسروج وسنجار ونصيبين والرقة والبيرة ونازل الموصل فحاصرها وتحير من حصانتها ثم جاءه رسول الخليفة يأمره بالترحل عنها فرحل ورجع فأخذ حلب من عز الدين مسعود الأتابكي وعوضه بسنجار
وفيها لبس لباس الفتوة الناصر لدين الله من شيخ الفتوة عبد الجبار ولهج بذلك وبقي يلبس الملوك وإنما كمال المروة ترك لبس الفتوة
وفيها بعث صلاح الدين أخاه سيف الإسلام على
____________________
(4/232)
مملكة اليمن فدخلها وتسلمها من نواب أخيه
وفيها مات نائب دمشق فرخشاه وولى بعده شمس الدين محمد بن المقدم
وفيها توفي أحمد بن الرفاعي الزاهد القدوة أبو العباس ابن علي بن أحمد كان أبوه قد نزل البطائح بالعراق بقرية أم عبيدة فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد فولد له الشيخ أحمد في سنة خمس مئة وتفقه قليلا على مذهب الشافعي وكان إليه المنتهى في التواضع والقناعة ولين الكلمة والذل والانكسار والإزراء على نفسه وسلامة الباطن ولكن أصحابه فيهم الجيد والردئ وقد كثر الزغل فيهم وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات وهذا لا عرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه فنعوذ بالله من الشيطان
وأبو طالب الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس الدمشقي المقرئ آخر من قرأ على أبي الوحش سبيع
____________________
(4/233)
وآخر من سمع على الشريف النسيب توفي في شوال وله ست وثمانون سنة
وأبو القاسم بن بشكوال خلف بن عبد الملك بن مسعود الأنصاري القرطبي الحافظ محدث الأندلس ومؤرخها ومسندها وله أربع وثمانون سنة سمع أبا محمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وطبقتهما واجاز له أبو علي الصدفي وله عدة تصانيف توفي في ثامن رمضان
وخطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد القادر الطوسي ثم البغدادي ولد في صفر سنة سبع وثمانين وسمع حضورا من طراد والنعالي وغيرهما وسمع من ابن البطر وأبي بكر الطريثيثي وخلق وكان ثقة في نفسه توفي في رمضان
قال ابن النجار قرأ الفقه والأصول على الكياالهراسي وأبي بكر الشاشي والأدب على أبي زكريا التبريزي وولي خطابة الموصل زمانا وتفرد في الدنيا وقصده الرحالون
____________________
(4/234)
وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس البغدادي السراج سمع أبا الحسن ابن العلاف وأبا سعد بن خشيش وجماعة
قال ابن الأخضر كان لا يحسن يصلي ولا أن يقول التحيات
قلت توفي في رجب
وفروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي عز الدين صاحب بعلبك وأبو صاحبها الملك الأمجد ونائب دمشق لعمه صلاح الدين كان ذا معروف وبر وتواضع وأدب وكان للتاج الكندي به اختصاص توفي بدمشق ودفن بقبته التي بمدرسته على الشرف الشمالي في جمادي الأولى وهو أخو صاحب حماة تقي الدين
والقطب النيسابوري الفقيه العلامة أبو المعالي مسعود ابن محمد بن مسعود الطريثيثي الشافعي ولد سنة خمس وخمس مئة وتفقه علي محمد بن يحيى صاحب الغزالي وتأدب على أبيه وسمع من هبة الله السيدي وجماعة وبرع في الوعظ وحصل له القبول ببغداد ثم قدم
____________________
(4/235)
دمشق سنة أربعين وأقبلوا عليه ودرس بالمجاهدية والغزالية ثم خرج إلى حلب ودرس بالمدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين ثم ذهب إلى همذان فدرس بها ثم عاد بعد مدة إلى دمشق ودرس بالغزالية وانتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق وكان حسن الأخلاق قليل التصنع مات في سلخ رمضان ودفن يوم العيد بتربته
وأبو محمد بن الشيرازي هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل البغدادي المعدل الصوفي الواعظ سمع أبا علي بن نبهان وغيره وقدم دمشق سنة ثلاثين وخمس مئة وهو شاب فسكنها وأم بمشهد علي وفوض إليه عقد الأنكحة توفي في ربيع الأول وهو في عشر الثمانين وأم بعده بالمشهد القاضي شمس الدين أبو نصر محمد
وأبو الفضل وفاء بن أسعد التركي الخباز روى عن أبي القاسم بن بيان وجماعة توفي في ربيع الآخر وكان شيخا صالحا
____________________
(4/236)
سنة تسع وسبعين وخمس مئة
في أولها نازل صلاح الدين حلب وبها عماد الدين مسعود فاقتتلوا ثم وقع الصلح فقتل عليها جماعة
وفيها توفي بوري تاج الملوك مجد الدين أخو السلطان صلاح الدين وله ثلاث وعشرون سنة وكان أديبا شاعرا له ديوان صغير أصابت ركبته طعنة على حلب مات منها بعد أيام
وتقية بنت غيث بن علي الأرمنازي الشاعرة المحسنة لها شعر سائر وكانت امرأة برزة جلدة مدحت تقي الدين عمر صاحب حماة والكبار وعاشت اربعا وسبعين سنة ولها ابن محدث معروف
وأبو الفتح الخرقي عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الإصبهاني مسند إصبهان سمع أبا مطيع المصري وأحمد ابن عبد الله الشوذرجاني وانفرد بالرواية عن جماعة توفي في رجب وله تسع وثمانون سنة وكان رجلا صالحا
____________________
(4/237)
والأبله الشاعر صاحب الديوان أبو عبد الله محمد بن بختيار البغدادي شاب ظريف وشاعر مفلق بزي الجند وقيل له الأبله بالضد توفي في جمادى الآخرة
ومحمد بن جعفر بن عقيل أبو العلاء البصري ثم البغدادي المقرئ قرأ القرآءات على أبي الخير الغسال وسمع من ابن بيان وأبي النرسي وعاش ثلاثا وتسعين سنة
وأبو طالب الكتاني محمد بن أحمد بن علي الواسطي المحتسب توفي في المحرم وله أربع وتسعون سنة سمع من محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر وأبي نعيم الجماري وطائفة وانفرد بإجازة أبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي والباقلاني وجماعة ورحل إلى بغداد فلحق بها أبا الحسن ابن العلاف وكان ثقة دينا
ويونس بن محمد بن منعة الإمام رضي الدين الموصلي الشافعي والد العلامة كمال الدين موسى وعماد الدين محمد تفقه على الحسين بن نصر بن خميس وببغداد على أبي منصور الرزاز ودرس وأفتى وناظر وتفقه به جماعة توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة
____________________
(4/238)
سنة ثمانين وخمس مئة
فيها نازل صلاح الدين الكرك ونصب عليها المجانيق فجاءتها نجدات الفرنج وطبلوا وأجلبوا فرأى أن حصارها يطول فسار وهجم على نابلس فنهب وسبى
وفيها توفي إيلغازي بن ألبي بن تمرناس بن إيلغازي بن أرتق الملك قطب الدين صاحب ماردين التركماني وليها بعد أبيه مدة وكان موصوفا بالشجاعة والعدل توفي في جمادى الآخرة
ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر أبو عبد الله القرشي الدمشقي الشروطي المعدل توفي في صفر وله إحدى وثمانون سنة وكان ثقة صاحب حديث سمع من هبة الله ابن الأكفاني وطائفة ورحل فسمع من هبة الله بن الطبر وقاضي المرستان وكتب الكثير وأفاد وكان شروطي البلد
والسلطان يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي أبو يعقوب صاحب المغرب كان أبوه قد جعل الأمر
____________________
(4/239)
بعده لولده محمد وكان طياشا شريبا للخمر فخلعه الموحدون بعد شهر ونصف واتفقوا على بيعه أبي يعقوب وكان أبيض مشربا بحمرة أسود الشعر مستدير الوجه أعين أفوه حلو الكلام مليح المفاكهة بصيرا باللغة وأيام الناس قوي المشاركة في الحديث والقرآن وغير ذلك وقيل إنه كان يحفظ أحد الصحيحين وكان شيخا جوادا هماما له همة في أيام خلافته في الفلسفة وكان لا يكاد يفارق محمد ابن طفيل الفيلسوف وأما الممالك فافتتح ما لم يتهيأ لأبيه من الأندلس وغيرها وهادن ملك صقلية على جزية يحملها وكان يملي أحاديث الجهاد بنفسه على الموحدين وتجهز لغزو النصارى واستنفر الخلق في سنة تسع وسبعين ودخل الأندلس فنازل مدينة شنترين وهي لابن الدنق الفرنجي مدة ثم تكلموا في الرحيل فتسابق الجيش حتى بقي أبو يعقوب في قل من الناس فانتهزت الملاعين الفرصة وخرجوا فحملوا على الناس فهزموهم
____________________
(4/240)
وأحاطت الفرنج بالمخيم فقتل على بابه طائفة من أعيان الجند وخلص إلى أبي يعقوب فطعن في بطنه ومات بعد أيام يسيرة في رجب وبايعوا ولده يعقوب سنة إحدى وثمانين وخمس مئة
فيها نازل صلاح الدين الموصل وكانت قد سارت إلى خدمته ابنة الملك نور الدين محمود زوجة عز الدين صاحب البلد وخضعت له فردها خائبة وحصر الموصل فبذل أهلها نفوسهم وقاتلوا أشد قتال فندم وترحل عنهم لحصانتها ثم نزل على ميافارقين فأخذها بالأمان ثم رد إلى الموصل وحاصرها أيضا ثم وقع الصلح على أن يخطبوا له وأن يكون لصلاح الدين شهرزور وحصنوها ثم رحل فمرض واشتد مرضه بحران حتى أرجفوا بموته وسقط شعر لحيته ورأسه
وفيها هاجت الفتنة العظيمة بين التركمان وبين
____________________
(4/241)
الأكراد بالجزيرة وأذربيجان وغلب من أجلها وتمادى تطاولها وقتل من الفريقين خلق لا يحصون وتقطعت السبل
وفيها استولى ابن غانية الملثم على أكثر بلاد أفريقية وخطب للناصر العباسي وبعث رسوله يطلب التقليد بالسلطنة
وفيها توفي صدر الإسلام أبو الطاهر بن عوف إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف الزهري الإسكندراني المالكي في شعبان وله ست وتسعون سنة تفقه على أبي بكر الطرطوشي وسمع منه ومن أبي عبد الله الرازي وبرع في المذهب وتخرج به الأصحاب وقصده السلطان صلاح الدين وسمع منه الموطأ
ومحمد البهلوان بن إلدكز الأتابك شمس الدين صاحب أذربيجان وعراق العجم توفي في آخر السنة وقام بعده أخوه قزل وكان السلطان طغرل السلجوقي من تحت حكم البهلوان كما كان أبوه أرسلان شاه من تحت حكم أبيه إلدكز ويقال كان للبهلوان خمسة آلاف مملوك
____________________
(4/242)
والشيخ حياة بن قيس الحراني الزاهد القدوة شيخ أهل حران وصالحهم المشهور توفي في سلخ جمادي الأولى وله ثمانون سنة وكان صاحب زاوية وأتباع زاره نور الدين ثم صلاح الدين
وأبو اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد التنوخي المعرى ثم الدمشقي صاحب ديوان الإنشاء في الدولة النورية عاش خمسا وثمانين سنة
والمهذب بن الدهان عبد الله بن أسعد بن علي الموصلي الفقيه الشافعي الأديب الشاعر النحوي ذو الفنون توفي بحمص في شعبان وكان مدرسا بها
وعبد الحق بن عبد الرحمان بن عبد الله أبو محمد الأزدي الإسبيلي الحافظ ويعرف بابن الخراط أحد الأعلام ومؤلف الأحكام الكبرى والصغرى والجمع بين الصحيحين وكتاب الغريبين في اللغة وكتاب الجمع بين الكتب الستة وغ
____________________
(4/243)
في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة وكان مع جلالته في العلم قانعا متعففا موصوفا بالصلاح والورع ولزوم السنة
والسهيلي أبو زيد وأبو القاسم وأبو الحسن عبد الرحمان ابن عبد الله بن أحمد العلامة الأندلسي المالقي النحوي الحافظ العلم صاحب التصانيف أخذ القرآءات عن سليمان بن يحيى وجماعة وروى عن ابن العربي والكبار وبرع في العربية واللغات والأخبار والأثر وتصدر للإفادة توفي في شعبان في اليوم الذي توفي فيه شيخ الإسكندرية أبو الطاهر ابن عوف وعاش اثنتين وسبعين سنة
وعبد الرزاق بن نصر بن المسلم الدمشقي النجار روي عن أبي طاهر بن الحنائي وأبي الحسن بن الموازيني وجماعة توفي في ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة
وابن شاتيل أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد ابن نجا الدباس مسند بغداد سمع الحسين بن البسرى وأبا غالب بن الباقلاني وجماعة تفرد بالرواية عن
____________________
(4/244)
بعضهم ووهم من قال إنه سمع من ابن البطر توفي في رجب عن تسعين سنة
وعصمة الدين الخاتون بنت الأمير معين الدين أنر زوجة نور الدين ثم صلاح الدين وواقفة المدرسة التي بدمشق للحنفية والخانكاه التي بظاهر دمشق توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي هي تجاه قبة جركس بالجبل
والميانشي أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي شيخ الحرم تناول من أبي عبد الله الرازي سداسياته وسمع من جماعة وله كراس في علم الحديث توفي بمكة
والبانياسي أبو المجد الفضل بن الحسين الحميري عفيف الدين الدمشقي روي عن أبي القاسم الكلابي وأبي الحسن بن الموازيني توفي في شوال وله ست وثمانون سنة
____________________
(4/245)
وصاحب حمص الملك ناصر الدين محمد بن الملك أسد الدين شيركوه وابن عم السلطان صلاح الدين كان فارسا شجاعا جريئا متطلعا إلى السلطنة قيل إنه قتله الخمر وقيل بل سقي السم مات يوم عرفة
وأبو سعد الصائغ محمد بن عبد الواحد الأصبهاني المحدث روى عن غانم البرجي والحداد وخلق
وابو موسى المديني محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد الحافظ صاحب التصانيف وله ثمانون سنة سمع من غانم البرجي وجماعة من أصحاب أبي نعيم ولم يخلف بعده مثله مات في جمادى الأولى وكان مع براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة وجلالة وتقى سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة
قال العماد الكاتب أجمع المنجمون في هذا العام في جميع البلاد على خراب العالم في شعبان عند اجتماع الكواكب الستة في الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك الأعاجم والروم فشرعوا في حفر مغارات
____________________
(4/246)
ونقلوا إليها الماء والأزواد وتهيأوا فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون لمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع توقد فلا تتحرك ولم نر ليلة مثل ركودها
وقال محمدبن القادسي فرش الرماد في أسواق بغداد وعلقت المسوح يوم عاشوراء وناح أهل الكرخ وتعدى الامر إلى سب الصحابة وكانوا يصيحون ما بقي كتمان وكان ذلك منسوبا إلى مجد الدين ابن الصاحب أستاذ الدار
وقال غيره تمت فتنة ببغداد قتل فيها خلق من الرافضة والسنة
وفيها توفي العلامة عبد الله بن بري أبو محمد المقدسي ثم المصري النحوي صاحب التصانيف وله ثلاث وثمانون سنة روي عن أبي صادق المديني وطائفة وانتهى إليه علم العربية في زمانه وقصد من البلاد لتحقيقه وتبحره ومع ذلك فله حكايات في التغفل وسذاجة الطبع كان يلبس الثياب الفاخرة
____________________
(4/247)
____________________
(4/246)
ويأخذ في كمه العنب مع الحطب والبيض فيقطر على رجله ماء العنب فيرفع رأسه ويقول العجب أنها تمطر مع الصحو وكان يتحدث ملحونا ويتبرم بمن يخاطبه بإعراب وهو شيخ الجزولي سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة
فيها افتتح صلاح الدين بالشام فتحا مبينا ورزق نصرا متينا وهزم الفرنج وأسر ملوكهم وكانوا أربعين ألفا ونازل القدس وأخذه ثم عكا فأخذها ثم جال وافتتح عدة حصون ودخل على المسلمين سرور لا يعلمه إلا الله
وفيها قتل ابن الصاحب ولله الحمد ببغداد فذلت الرافضة
وفيها قويت نفس السلطان طغريل بن أرسلان بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي وامتدت يده وحكم بأذربيجان بعد موت أبي بكر البهلوان بن إلدكز فأرسل إلى بغداد يأمر بأن يعمر له دار السلطان
____________________
(4/248)
وأن يخطبوا له فأمر الناصر بالدار فهدمت وأخرج رسوله بلا جواب
وفيها توفي عبد الجبار بن يوسف البغدادي شيخ الفتوة وحامل لوائها وكان قد علا شأنه بكون الخليفة الناصر تفتى إليه توفي حاجا بمكة
وعبد المغيث بن زهير أبو العز الحربي محدث بغداد وصالحها وأحد من عني بالأثر والسنة سمع ابن الحصين وطبقته وتوفي في المحرم عن ثلاث وثمانين سنة وكان ثقة سنيا مفتيا صاحب طريقة حميدة تبارد وصنف جزءا في فضايل يزيد أتى فيه بالموضوعات
وابن الدامغاني قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن قاضي القضاة علي ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد ابن علي الحنفي وله سبعون سنة وكان ساكنا وقورا محتشما حدث عن ابن الحصين وطائفة وولى القضاء بعد موت قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي ثم عزل عند موت المقتفى فبقي معزولا إلى سنة سبعين ثم ولي إلى أن مات
____________________
(4/249)
وابن المقدم الأمير الكبير شمس الدين محمد بن عبد الملك كان من أعيان أمرآء الدولتين وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين ثم تملك بعلبك وعصى على صلاح الدين مدة فحاصره ثم صالحه وناب له بدمشق وكان بطلا شجاعا محتشما عاقلا شهد في هذا العام الفتوحات وحج فلما حل بعرفات رفع علم السلطان صلاح الدين وضرب الكوسات فأنكر عليه أمير ركب طاشتكين فلم يلتفت إليه وركب في طلبه وركب طاشتكين فالتقوا وقتل جماعة من الفريقين وأصاب ابن المقدم سهم في عينه فخر صريعا وأخذ طاشتكين ابن المقدم فمات من الغد بمنى
ومخلوف بن علي بن جارة أبو القاسم المغربي ثم الإسكندراني المالكي أحد الأئمة الكبار تفقه به أهل الثغر زمانا
وأبو السعادات القزاز نصر الله بن عبد الرحمان بن محمد بن زريق الشيباني الحريمي مسند بغداد سمع جده أبا غالب القزاز وأبا القاسم الربعي وأبا الحسين بن الطيوري وطائفة توفي في ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة
____________________
(4/250)
وأبو الفتح بن المني ناصح الإسلام نصر بن فتيان ابن مطر النهرواني ثم الحنبلي فقيه العراق وشيخ الحنابلة روى عن أبي الحسن بن الزاغوني وطبقته وتفقه على أبي بكر الدينوري وكان ورعا زاهدا متعبدا على منهاج السلف تخرج به أئمة وتوفي في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة ولم يخلف مثله
ومجد الدين ابن الصاحب هبة الله بن علي ولي أستاذ دارية المستضئ ولما ولى الناصر رفع منزلته وبسط يده وكان رافضيا سبابا تمكن وأحيا شعار الإمامية وعمل كل قبيح إلى أن طلب إلى الديوان فقتل وأخذت حواصله فمن ذلك ألف الف دينار وعاش إحدى وأربعين سنة سنة أربع وثمانين وخمس مئة
دخلت وصلاح الدين يصول ويجول بجنوده على الفرنج حتى دوخ بلادهم وبث سراياه وافتتح أخوه الملك العادل الكرك بالأمان في رمضان سلموها لفرط القحط
____________________
(4/251)
____________________
(4/252)
وفيها سار عسكر بغداد وعليهم الوزير جلال الدين ابن يونس فالتقوا السلطان طغريل بن رسلان السلجوقي فهزمهم ورجعوا بسوء الحال وقبض طغريل على الوزير وكان المصاف بهمذان ثم خلص الوزير وتوصل إلى بغداد واختفى بداره
وفيها توفي أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الأمير الكبير مؤيد الدولة ابو المظفر الكناني الشيزري أحد الأبطال المشهورين والشعراء المبرزين له عدة تصانيف في الأدب والأخبار والنظم والنثر وفيه تشيع عمر ستا وتسعين سنة
وعبد الرحمان بن محمد بن حبيش القاضي أبو القاسم الأنصاري المريي نزيل مرسية عاش ثمانين سنة قرأ القرآءات على جماعة ورحل بعد ذلك فسمع بقرطبة من يونس بن محمد بن مغيث والكبار وكان من أئمة الحديث والقرآءات والنحو واللغة ولى خطابة مرسية وقضاءها مدة واشتهر ذكره وبعد صيته وكانت الرحلة إليه في زمانه وقد صنف كتاب المغازي في عدة مجلدات
____________________
(4/252)
وعمر بن بكر بن محمد بن علي القاضي عماد الدين ابن الإمام شمس الأئمة الجابري الزرنجري شيخ الحنفية في زمانه بما ورآء النهر ومن انتهت إليه رئاسة الفقه توفي في شوال عن نحو ستين سنة
والتاج المسعودي محمد بن عبد الرحمان البنجديهي الخراساني الصوفي الرحال الأديب عن اثنتين وثمانين سنة سمع من أبي الوقت وطبقته وأملى بمصر مجالس وعني بهذا الشأن وكتب وسعى وجمع فأوعى وصنف شرحا طويلا للمقامات
قال يوسف بن خليل الحافظ لم يكن في نقله بثقة
وقال ابن النجار كان من الفضلاء في كل فن في الفقه والحديث والأدب وكان من أظرف المشايخ وأجملهم
وأبو الفتح بن التعاويذي الشاعر الذي سار نظمه في الآفاق وتقدم على شعراء العراق توفي في شوال عن خمس وثمانين سنة
____________________
(4/253)
وابن صدقة الحراني أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد ابن الحسن بن صدقة التاجر السفار راوي صحيح مسلم عن الفراوي شيخ صالح صدوق كثير الأسفار سمع في كهولته الكتاب المذكور وعمر سبعا وتسعين سنة توفي في ربيع الأول بدمشق له أوقاف وبر
وأبو بكر الحازمي الحافظ محمد بن موسى الهمذاني سمع من أبي الوقت حضورا وسمع من أبي زرعة ومعمر بن الفاخر ورحل سنة نيف وسبعين إلى العراق وإصبهان والجزيرة والنواحي وصنف التصانيف وكان إماما ذكيا ثاقب الذهن فقيها بارعا ومحدثا ماهرا بصيرا بالرجال والعلل متبحرا في علم السنن ذا زهد وتعبد وتأله وانقباض عن الناس توفي في جمادى الأولى شابا عن خمس وثلاثين سنة
ويحيى بن محمود بن سعد الثقفي أبو الفرج الإصبهاني الصوفي حضر في أول عمره على الحداد وجماعة وسمع من جعفر بن عبد الواحد الثقفي وفاطمة الجوزدانية وجده لأمه أبي القاسم صاحب الترغيب والترهيب وروى الكثير بإصبهان والموصل وحلب ودمشق توفي بنواحي همذان وله سبعون سنة
____________________
(4/254)
سنة خمس وثمانين وخمس مئة
في أول شعبان التقى صلاح الدين الفرنج
ووسطه التقى الفرنج أيضا فانهزم المسلمون واستشهد جماعة ثم ثبت السلطان والأبطال وكروا على الملاعين ووضعوا فيهم السيف وجافت الأرض من كثرة القتلى
ونازلت الفرنج عكا فساق صلاح الدين وضايقهم وبقوا محاصرين محصورين والتقاهم المسلمون مرات وطال الأمر وعظم الخطب وبقي الحصار والحالة هذه عشرين شهرا أو أكثر وجاء الفرنج في البحر والبر وملأوا السهل والوعر حتى قيل إن عدة من جاء منهم أو نجدهم بلغت ست مئة ألف
وفيها توفي أبو العباس الترك أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن ينال الإصبهاني شيخ صوفية بلده ومسندها سمع أبا مطيع وعبد الرحمان الدوني وببغداد أبا علي بن نبهان توفي في شعبان في عشر منه
وابن الموازيني أبو الحسين أحمد بن حمزة بن أبي الحسن
____________________
(4/255)
علي بن الحسن السلمي سمع من جده ورحل إلى بغداد في الكهولة فسمع من أبي بكر بن الزاغوني وطبقته وكان صالحا خيرا محدثا فهما توفي في المحرم وهو في عشر التسعين
وابن ابي عصرون قاضي القضاة فقيه الشام شرف الدين أبو سعد عبدالله بن محمد بن هبة الله بن المظفر بن علي بن أبي عصرون التميمي الحديثي ثم الموصلي أحد الأعلام تفقه بالموصل وسمع بها من أبي الحسن البارع وسبط الخياط وسمع من ابن الحصين وطائفة ودرس النحو والأصلين ودخل واسطا فتفقه بها ورجع إلى الموصل بعلوم جمة فدرس بها وأفتى ثم سكن سنجار مدة ثم قدم حلب ودرس بها وأقبل عليه نور الدين فقدم معه عندما افتتح دمشق ودرس بالغزالية ثم رد وولى قضاء سنجار وحران مدة ثم قدم دمشق وولى القضاء لصلاح الدين سنة ثلاث وسبعين وله مصنفات كثيرة أضر في آخر عمره وتوفي في رمضان وله ثلاث وتسعون سنة
____________________
(4/256)
وأبو طالب الكرخي صاحب ابن الخل واسمه المبارك ابن المبارك بن المبارك شيخ الشافعية في وقته ببغداد وصاحب الخط المنسوب ومؤدب أولاد الناصر لدين الله درس بالنظامية بعد أبي الخير القزويني وتفقه به جماعة وحدث عن ابن الحصين وكان رب علم وعمل ونسك كان أبوه مغنيا فتشاغل بضرب العود حتى شهدوا له أنه في طبقة معبد ثم أنف من ذلك فجود الكتابة حتى زاد بعضهم وقال هو أكتب من ابن البواب ثم اشتغل بالفقه فبلغ في العلم الغاية سنة ست وثمانين وخمس مئة
دخلت والفرنج محدقون بعكا والسلطان في مقاتلتهم والحرب سجال فتارة يظهر هاؤلاء وتارة يظهر هاؤلاء وقدمت عساكر الأطراف مددا لصلاح الدين وكذلك الفرنج أقبلت في البحر من الجزائر البعيدة وفرغت السنة والناس كذلك
____________________
(4/257)
وفيهاتوفي أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ الحافظ الكبير ابن صصرى التغلبى الدمشقي سمع من جده ونصر الله المصيصي وطبقتهما ولزم الحافظ ابن عساكر وتخرج به ثم رحل وسمع بالعراق من ابن البطي وطبقته وبهمذان من أبي العلاء الحافظ وعدة وبإصبهان ممن ابن ماشاذه وطبقته وبالحيرة والنواحي وبرع في هذا الشأن وجمع وصنف مع الثقة والجلالة والكرم والرئاسة عاش تسعا وأربعين سنة
وأبو عبد الله بن زرقون محمد بن سعيد ابن أحمد الإشبيلي المالكي المقرئ المحدث ولد سنة اثنتين وخمس مئة فأجاز له فيها أبو عبد الله أحمد بن محمد الخولاني وسمع بمراكش من موسى بن أبي تليد وتفرد بالرواية عن جماعة ولى قضاء سبتة وكان فقيها مبرزا عالما سريا بصيرا بالحديث توفي في رجب
وأبو بكر بن الجد محمد بن عبد الله بن يحيى الفهري الأشبيلي الحافظ النحوي بحث كتاب سيبويه علي أبي الحسن ابن الأخضر وسمع صحيح مسلم من
____________________
(4/258)
أبي القاسم الهوزني ولقي بقرطبة أبا محمد بن عتاب وطائفة وبرع في الفقه والعربية وانتهت إليه الرئاسة في الحفظ والفتيا وقدم للشورى في سنة إحدى وعشرين وخمس مئة وعظم جاهه وحرمته توفي في شوال وله تسعون سنة
ومحيي الدين قاضي القضاة أبو حامد محمد ابن قاضي القضاة كمال الدين أبي الفضل محمد بن عبدالله بن الشهرزوري الشافعي تفقه ببغداد علي أبي منصور بن الرزاز وناب بدمشق عن أبيه ثم ولي قضاء حلب ثم الموصل وتمكن من صاحبها عز الدين مسعود إلى الغاية
قال ابن خلكان قيل إنه أنعم في ترسله مرة إلى بغداد بعشرة آلاف دينار على الفقهاء والأدباء والشعراء والمحاويج
ويحكى عنه رئاسة ضخمة ومكارم كثيرة
توفي في جمادى الأولى وله اثنتان وستون سنة
ومحمد بن المبارك بن الحسين أبو عبد الله بن أبي السعود الحلاوي الحربي المقرئ روى بالإجازة عن أبي الحسين
____________________
(4/259)
ابن الطيوري وجماعة ثم ظهر سماعه بعد موته من جعفر السراج وغيره وعاش ثلاثا وتسعين سنة
ومسعود بن علي بن النادر أبو الفضل البغدادي قرأ على أبي بكر المزرفي وسبط الخياط وكتب عن قاضي المارستان فمن بعده فأكثر ونسخ مئة وإحدى وعشرين ختمة وعاش ستين سنة وتوفي في المحرم
وابن الكيال أبو الفتح نصر الله بن علي الفقيه الحنفي مقرئ واسط أخذ العشرة عن علي بن علي بن شيران وأبي عبد الله البارع وأخذ العربية عن ابن السجزي وابن الجواليقي وتفقه ودرس وناظر وولى قضاء واسط توفي في جمادى الآخرة عن أربع وثمانين وحدث عن ابن الحصين
وزين الدين يوسف بن زين الدين علي كوجك صاحب إربل وابن صاحبها وأخو صاحبها مظفر الدين مات مرابطا على عكا
____________________
(4/260)
سنة سبع وثمانين وخمس مئة
اشتدت مضايقة الفرنج لعكا والحرب بينهم وبين السلطان مستمر فرمى المسلمون بحجر ثقيل وهو مجئ ملك الأنكتير في جمادى الأولى وكان رجل الفرنج دهاء ومكرا وشجاعة فراسل صلاح الدين أهل عكا أن اخرجوا على حمية وسيروا مع الساحل وأنا أحمل بالجيش وأكشف عنكم فما تمكنوا من هذا ثم قلت الأقوات على المسلمين بها فسلموها بالأمان فغدرت الفرنج ببعضهم
وفيها توفي الفقيه أبو محمد عبد الرحمان بن علي بن المسلم اللخمي الدمشقي الخرقي الشافعي روى عن ابن الموازيني وعبد الكريم بن حمزة وجماعة وكان فقيها متعبدا يتلو كل يوم وليلة ختمة أعاد مدة بالأمينية توفي في ذي القعدة وسنه ثمان وثمانون سنة
والفقيه أبو بكر عبد الرحمان بن محمد بن مغاور الشاطبي الكاتب وهو آخر من سمع من أبي علي بن
____________________
(4/261)
سكرة وسمع أيضا من جماعة وكان منشئا بليغا مفوها شاعرا توفي في صفر
وأبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري مسند خراسان سمع من جده وأبي بكر الشيروي وجماعة وتفرد في عصره توفي في أواخر شعبان عن سن عالية
وتقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب الملك المظفر صاحب حماة أحد الأبطال الموصوفين كان عمه صلاح الدين يحبه ويعتمد عليه وكان يتطاول للسلطنة ولا سيما لما مرض صلاح الدين فإنه كان نائبه على مصر توفي وهو محاصر منازكرد في رمضان فنقل ودفن بحماة وتملك حماة بعده ابنه المنصور محمد
وقزل أرسلان بن إلدكز ملك آذربيجان وأران وهمذان وإصبهان والري بعد أخيه البهلوان محمد قتل غيلة على فراشه في شعبان
ونجم الدين الخبوشاني محمد بن الموفق الصوفي
____________________
(4/262)
الزاهد الفقيه الشافعي تفقه على ابن يحيى وكان يستحضر كتاب المحيط ويحفظه ألف كتاب تحقيق المحيط في ستة عشر مجلدا روى عن هبة الرحمان القشيري وقدم مصر وسكن بتربة الشافعي ودرس وأفتى ووكان صلاح الدين يعتقد فيه ويبالغ في احترامه وعمر له مدرسة الشافعي وكان كالسكة المحماة في الذم لبنى عبيد ولما نهيب صلاح الدين من الإقدام على قطع خطبة العاضد وقف الخبوشاني قدام المنبر وأمر أن يخطب الخطبة لبنى العباس ففعل ولم يتم إلا الخير ثم عمد إلى قبر أبي الكيزان الظاهري وكان من غلاة السنة وأهل الأثر فنبشه وقال لا يكون صديق وزنديق في موضع واحد يعني هو والشافعي فثارت حنابلة مصر عليه وقويت الفتنة وصار بينهم حملات حربية وقد سقت فوائد من أخباره في تاريخي الكبير توفي في ذي القعدة في عشر الثمانين
والسهروردي الفيلسوف المقتول شهاب الدين يحيى
____________________
(4/263)
ابن محمد بن حبش بن أميرك أحد أذكياء بني آدم وكان رأسا في معرفة علوم الأوائل بارعا في علم الكلام فصيحا مناظرا محجاجا متزهدا زهد مردكة وفراغ مزدريا للعلماء مستهزئا رقيق الدين قدم حلب واشتهر اسمه فعقد له الملك الظاهر غازي ولد السلطان صلاح الدين مجلسا فبان فضله وبهر علمه فارتبط عليه الظاهر واختص به وظهر للعلماء منه زندقة وانحلال فعملوا محضرا بكفره وسيروه إلى صلاح الدين وخوفوه من أن يفسد عقيدة ولده فبعث إلى ولده بأن يقتله بلا مراجعة فخيره الظاهر فاختار أن يموت جوعا لأنه كان له عادة بالرياضيات فمنع من الطعام حتى تلف وعاش ستا وثلاثين سنة
قال السيف الآمدي رأيته كثير العلم قليل العقل قال لا بد أن أملك الأرض
وقال ابن خلكان حبسه الظاهر ثم خنقه في
____________________
(4/264)
خامس رجب سنة سبع
قلت كان زري اللباس وفي رجله زربول كأنه خربندج وسائر تصانيفه فلسفة وإلحاد
قال ابن خلكان كانت يتهم بالانحلال والتعطيل سنة ثمان وثمانين وخمس مئة
فيها سار شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بجيوشه فالتقى ملك الهند لعنهم الله فانتصر المسلمون واستحر القتل بالهنود وأسر ملكهم وغنم المسلمون ما لا يوصف من ذلك أربعة عشر فيلا وافتتحوا في الحرارة قلعة جهير وأعمالها
وفيها التقى المسلمون بالشام الفرنج غير مرة كلها للمسلمين إلا واحدة كان الملك العادل مقدمها ردهم العدو فهزموهم
وفيها أخذ صلاح الدين يافا بالسيف ثم هادن الفرنج ثلاثة أعوام وثمانية أشهر
____________________
(4/265)
وفيها توفي الخبزوي أبو الفضل إسماعيل بن علي الشافعي الشروطي الفرضي من أعيان المحدثين بدمشق وبها ولد تفقه على جمال الإسلام ابن المسلم وغيره وسمع من هبة الله بن الأكفاني وطبقته ورحل إلى بغداد فسمع أبا علي الحسن بن محمد الباقرحي وأبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني والكبار وكتب الكثير وكان بصيرا بعقد الوثائق والسجلات توفي في جمادى الأولى عن تسعين سنة
وموفق الدين خالد ابن الأديب البارع محمد بن نصر القيسراني أبو البقاء الكاتب صاحب الخط المنسوب كان صدرا نبيلا وافر الحشمة وزر للسلطان نور الدين وسمع بمصر من عبد الله بن رفاعة توفي بحلب
وأبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة البغدادي الطحان روي عن ابن الحصين وزاهر وقدم حران فروي بها المسند وكان فقيرا صبورا توفي في
____________________
(4/266)
ربيع الأول عن اثنتين وسبعين سنة وحبة بباء موحدة
والمشطوب الأمير مقدم الجيوش سيف الدين علي ابن أحمد ابن صاحب قلاع الهكارية أبي الهيجاء الهكاري نائب عكا لما أخذت الفرنج عكا أسروه ثم اشترى بمبلغ عظيم وقيل إن خبزه كان يعمل في السنة ثلاث مئة ألف دينار ثم أقطعه صلاح الدين القدس فتوفي بها في شوال وكان ابنه عماد الدين ابن المشطوب من كبراء الأمراء بمصر
وقلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان ابن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق بن دقاق التركي السلجوقي صاحب الروم وحمو الناصر لدين الله امتدت أيامه وشاخ وقوى عليه أولاده وتصرفوا في ممالكه في حياته وهي قونية وأقسرا وسيواس وملطية وعاش سلطانا أكثر من ثلاثين سنة وتملك بعده ابنه غياث الدين كيخسروا
وابن مجبر الشاعر أبو بكر يحيى بن عبد الجليل الفهري ثم الإشبيلي شاعر الأندلس في عصره وهو كثير القول في يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن
____________________
(4/267)
سنة تسع وثمانين وخمس مئة
فيها توفي بكتمر السلطان سيف الدين صاحب خلاط توفي في جمادى الأولى وكان فيه دين وإحسان إلى الرعية وله همة عالية ضرب لنفسه الطبل في أوقات الصلوات الخمس قتله بعض الإسماعيلية
وصاحب مكة داود بن عيسى بن فليتة بن قاسم ين محمد بن أبي هاشم العلوي الحسنى وكانت مكة تكون له تارة ولأخيه مكثر تارة
ومحمود سلطان شاه أخو الملك علاء الدين خوارزمشاه ابن أرسلان بن اتسز بن محمد الخوارزمي تملك بعد أبيه سنة ثمان وستين ثم قوى عليه أخوه وحاربه وتنقلت به الأحوال ثم وثب على مدينة مرو وكان نظيرا لأخيه في الجلالة والشجاعة دفع الغز عن مرو ثم تجمعوا له وحاربوه وقتلوا رجاله ونهبوا خزانته فاستعان على حربهم بالخطا وجاء بجيش عرمرم واستولى على مملكة مرو وسرخس ونسا وأبيورد وردت الخطا بمكاسب عظيمة من أموال المسلمين ثم أغار على بلاد الغورى وظلم وعسف ثم التقى هو والغورية فهزموه
____________________
(4/268)
ووصل إلى مرو في عشرين فارسا وجرت له أمور طويلة توفي في سلخ رمضان
وسنان بن سلمان أبو الحسن البصري الإسماعيلي الباطني صاحب الدعوة وصاحب حصون الإسماعيلية كان أديبا متفننا متكلما عارفا بالفلسفة أخباريا شاعرا ماكرا من شياطين الإنس سقت خمسة أوراق في أخباره توفي بحصن الكهف في المحرم
وأبو منصور عبد الله بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب البغدادي روى عن أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان ومات في ربيع الأول وقد قارب التسعين
والحضرمي قاضي الإسكندرية أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن محمد المالكي روى عن محمد ابن أحمد الرازي وغيره
وصاحب الموصل السلطان عز الدين مسعود بن مودود ابن أتابك زنكي بن آقسنقر
قال ابن الأثير بقي عشرة أيام لا يتكلم إلا بالشهادتين وبالتلاوة ورزق خاتمة خير وكان كثير الخير والإحسان يزور الصالحين ويقربهم ويشفعهم وفيه حلم وحياء ودين
____________________
(4/269)
قلت دفن في مدرسته بالموصل وتملك بعده ولده نور الدين
وصلاح الدين السلطان الملك الناصر أبو المظفر يوسف ابن أيوب ابن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني الأصل التكريتي المولد ولد في سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة إذ أبوه شحنة تكريت ملك البلاد ودانت له العباد وأكثر من الغزو وأطاب وكسر الفرنج مرات وكان خليقا للملك شديد الهيبة ومحببا إلى الأمة عالي الهمة وكامل السؤدد جم المناقب ولي السلطنة عشرين سنة وتوفي بقلعة دمشق في السابع والعشرين من صفر وارتفعت الأصوات بالبلد بالبكاء وعظم الضجيج حتى إن العاقل يتخيل أن الدنيا كلها تصيح صوتا واحدا وكان أمرا عجيبا رحمه الله ورضي عنه سنة تسعين وخمس مئة
فيها سار بنارس أكبر ملوك الهند وقصد الإسلام فطلبه شهاب الدين الغوري فالتقى الجمعان على نهر ماحون كذا
____________________
(4/270)
قال ابن الأثير وكان مع الهندي سبع مئة فيل ومن العسكر على ما قيل ألف ألف نفس فصبر الفريقان وكان النصر لشهاب الدين وكثر القتل في الهنود حتى جافت منهم الأرض وأخذ شهاب الدين تسعين فيلا وقتل بنارس ملك الهند وكان قد شد أسنانه بالذهب فما عرف إلا بذلك ودخل شهاب الدين بلاد بنارس وأخذ من خزانته ألفا وأربع مئة حمل وعاد إلى غزنة ومن جملة الفيلة فيل أبيض حدثني بذلك من رآه
وفيها حارب علاء الدين خوارزم شاه بأمر الخليفة السلطان طغريل فالتقاه وهزم جيشه وقتل طغريل وحمل رأسه على رمح إلى بغداد ومعه قاتله شاب تركي أمير
وفيها توفي القزويني العلامة رضي الدين أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني الفقيه الشافعي الواعظ ولد سنة اثنتي عشرة وخمس مئة وتفقه على الفقيه ملكدار العمركي ثم بنيسابور على محمد بن يحيى حتى فاق الأقران وسمع من الفراوي
____________________
(4/271)
وزاهر وخلق ثم قدم بغداد قبل الستين ودرس بها ووعظ ثم قدمها ودرس بالنظامية وكان إماما في المذهب والخلاف والأصول والتفسير والوعظ وروى كتبا كبارا ونفق كلامه على الناس لحسن سمته وحلاوة منطقه وكثرة محفوظاته وكان صاحب قدم راسخة في العبادة عديم النظير كبير الشأن رجع إلى قزوين سنة ثمانين ولزم العبادة إلى أن مات في المحرم رحمة الله عليه
وطغريل شاه بن أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي صاحب آذربيجان طلب السلطنة من الخليفة وأن يأتي بغداد ويكون على قاعدة الملوك السلجوقية فمنعه الخليفة فأظهر العصيان فانتدب لحربه علاء الدين الخوارزمي وقتله وكان شابا مليحا موصوفا بالشجاعة
وعبد الخالق بن فيروز الجوهري الهمذاني الواعظ أكثر الترحال وروى عن زاهر والفراوي وطائفة ولم يكن ثقة ولا مأمونا
وعبد الوهاب بن علي القرشي الزبيري الدمشقي الشروطي
____________________
(4/272)
ويعرف بالحبقبق والد كريمة روى عن جمال الإسلام أبي الحسن السلمي وجماعة وتوفي في صفر
والشاطبي أبو محمد القاسم بن فيره بن خلف الرعيني الأندلسي المقرئ الضرير أحد الأئمة الأعلام
وأما السخاوي فقال أبو القاسم ولم يذكر له اسما سوى الكنية والأول أصح
ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة وقرأ القرآءات على ابن أبي العاص النفزي ببلده ثم ارتحل إلى بلنسية فعرض القرآءات على ابن هذيل وسمع الحديث من طائفة ثم رحل وسمع من السلفي وكان إماما علامة محققا ذكيا كثير الفنون واسع المحفوظ له القصيدتان اللتان قد سارت بهما الركبان وخضع لبراعة نظمهما فحول الشعراء وأئمة القراء والبلغاء وكان ثقة في نفسه زاهدا ورعا قانتا لله منقبضا عن الناس كبير القدر نزل القاهرة وتصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية فشاع
____________________
(4/273)
أمره وبعد صيته وانتهت إليه الرئاسة في الإقراء إلى أن توفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة
وابن الفخار أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خلف الأنصاري المالقي الحافظ صاحب أبي بكر بن العربي أكثر عنه وعن شريح وخلق وكان إماما معروفا بسرد المتون والأسانيد عارفا بالرجال واللغة ورعا جليل القدر طلبه السلطان ليسمع منه بمراكش فمات بها في شعبان وله ثمانون سنة
ومحمد بن عبد الملك بن بونه العبدري المالقي ابن البيطار نزيل غرناطة وآخر من روى بالإجازة عن أبي علي ابن سكرة سمع أبا محمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وعاش أربعا وثمانين سنة
وفخر الدين ابن الدهان محمد بن علي بن شعيب البغدادي الفرضي الحاسب الأديب النحوي الشاعر جال في الجزيرة والشام ومصر وصنف الفرائض على شكل المنبر فكان أول من اخترع ذلك وألف تاريخا
____________________
(4/274)
وألف كتاب غريب الحديث في مجلدات وصنف في النجوم والزيج وكان أحد الأذكياء مات فجأة بالحلة
وممن كان في هذا العصر
أبو مدين الأندلسي الزاهد العارف شيخ أهل المغرب شعيب بن الحسين سكن تلمسان وكان من أهل العمل وله اجتهاد منقطع القرين في العبادة والنسك بعيد الصيت
وأبو الكرم علي بن عبد الكريم بن أبي العلاء العباسي الهمذاني العطار مسند همذان حدث سنة خمس وثمانين عن أبي غالب العدل وفيد الشعراني
وجاكير الزاهد القدوة أحد شيوخ العراق واسمه محمد بن رستم الكردي الحنبلي له أصحاب وأتباع وأحوال وكرامات سنة إحدى وتسعين وخمس مئة
فيها كانت وقعة الزلاقة بالأندلس بين يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن وبين الفنش المتغلب على أكثر جزيرة الأندلس فدخل يعقوب وعدى من زقاق
____________________
(4/275)
سبتة في مئة ألف وأما المطوعة فقل ما شئت وأقبل الفنش في مائتي ألف وأربعين ألفا فانتصر الإسلام وانهزم الكلب في عدد يسير وقتل من الفرنج كما أرخ أبو شامة وغيره مئة ألف وستة واربعون ألفا وأسر ثلاثون ألفا وغنم المسلمون غنيمة لم يسمع بمثلها حتى أبيع السيف بنصف درهم والحصان بخمسة دراهم والحمار بدرهم وذلك في تاسع شعبان فهاؤلاء جاهدوا
وأما آل أيوب فسار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر فنزل بحوران ليأخذ دمشق من أخيه الأفضل فنجد الأفضل عمه العادل فرد العزيز وتبعاه فدخل القاضي الفاضل في الصلح وأقام العادل بمصر فعمل نيابة السلطنة ورد الأفضل
وفيها توفي ذاكر بن كامل الخفاف البغدادي أخو المبارك سمعه أخوه من أبي علي الباقرجي وأبي علي بن المهدي وأبي سعد بن الطيوري والكبار وكان صالحا خيرا صواما توفي في رجب
وأبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي المصري الفقيه النحوي قرأ القرآءات على ابن الحطئة
____________________
(4/276)
وسمع من جماعة وتصدر بجامع مصر وتوفي في ربيع الآخر وآخر أصحابه الكمال الضرير
وأبو محمد بن عبيد الله الحجري الأندلسي الحافظ الزاهد القدوة أحد الأعلام عبد الله بن محمد بن علي بن عبيد الله المريي ولد سنة خمس وخمس مئة قرأ الصحيح للبخاري عن شريح وسمع فأكثر عن أبي الحسن بن مغيث وابن العربي والكبار وتفنن في العلوم وبرع في الحديث وطال عمره وشاع ذكره وكان قد سكن سبتة فاستدعاه السلطان إلى مراكش ليسمع منه توفي في أول صفر سنة اثنين وتسعين وخمس مئة
فيها قدم العزيز دمشق مرة ثالثة ومعه عمه العادل فحاصرا دمشق مدة ثم خامر جند الأفضل عليه ففتحوا لهما فدخلا في رجب وزال ملك الأفضل وأنزل في صرخد ورد العزيز وبقي العادل
____________________
(4/277)
بدمشق وخطب بها للعزيز قليلا وكانت دار الأمير أسامة بجنب تربة صلاح الدين فأمر العزيز القاضي محيي الدين ابن الزكي أن يبنيها له مدرسة ففعل
وفيها سار خوارزم شاه علاء الدين فوصل إلى همذان وطلب السلطنة من الخليفة وأن يجيئ بغداد ويكون سلطانا بها مع الناصر فانزعج الناصر والرعية وغلت الأسعار
وفيها التقى يعقوب صاحب المغرب والفنش فهزمه أيضا يعقوب ولله الحمد وساق وراءه إلى طليطلة وحاصره وضربها بالمجانيق فخرجت والدة الفنش وحريمه وبكين بين يدي يعقوب فرق لهن ومن عليهن ولولا ابن غانية الملثم وهيجه ببلاد المغرب لافتتح يعقوب عدة مدائن للفرنج لكنه رجع لحرب ابن غانية
وفيها توفي أحمد بن طارق أبو الرضا الكركي ثم البغدادي التاجر المحدث سمع من ابن ناصر وأبي الفضل الأرموي وطبقتهما فأكثر ورحل إلى دمشق ومصر
____________________
(4/278)
وهو من كرك نوح وكان شيعيا جلدا
والشيخ السديد شيخ الطب بالديار المصرية شرف الدين عبد الله بن علي أخذ الصناعة عن الموفق بن العين زربى وخدم العاضد صاحب مصر ونال الحرمة والجاه العريض وعمر دهرا أخذ عنه نفيس الدين ابن الزبير وحكى بعضهم أن الشيخ السديد حصل له في يوم واحد ثلاثون ألف دينار وحكى عنه ابن الزبير تلميذه أنه طهر ولدى الحافظ لدين الله فحصل له من الذهب نحو خمسين ألف دينار
وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد الصابوني المالكي الخفاف الحنبلي أبو محمد الضرير سمعه أبوه من أبي علي الباقرحي وعلي بن عبد الواحد الدينوري وطائفة توفي في ذي الحجة
وأبو الغنائم بن المعلم شاعر العراق محمد بن علي ابن فارس الواسطي توفي في رجب وقد نيف على التسعين
وابن القصاب الوزير الكبير مؤيد الدين أبو الفضل
____________________
(4/279)
محمد بن علي البغدادي المنشئ البليغ وزر وسار بالعساكر ففتح همذان وإصبهان وحاصر الري وصارت له هيبة وعظمة في النفوس توفي بظاهر همذان في شعبان وقد نيف على السبعين ورد العسكر فلما جاء خوارزم شاه بيته وحز رأسه وطوف به بخراسان
والمجير الإمام أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي ثم البغدادي الفقيه الشافعي أحد الأذكياء والمناظرين تفقه عل أبي منصور بن الرزاز وأخذ علم النظر عن أبي الفتوح محمد بن الفضل الأسفراييني وصار المشار إليه في زمانه والمقدم على أقرانه حدث عن ابن الحصين وجماعة درس بالنظامية وكان ذكيا طوالا نبيلا غواصا على المعاني قدم دمشق وبنيت له مدرسة جاروخ ثم توجه إلى شيراز وبنى له ملكها مدرسة ثم أحضره ابن القصاب وقدمه
ويوسف بن معالي الأطرابلسي ثم الدمشقي الكتاني البزاز المقرئ روى عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة توفي في شعبان
____________________
(4/280)
سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة
في شوال افتتح العادل يافا عنوة وكان لها مدة في يد الفرنج
وفيها أخذت الفرنج من المسلمين بيروت وهرب أميرها عز الدين سامة إلى صيدا
وفيها توفي سيف الإسلام الملك العزيز طغتكين بن أيوب بن شاذي أرسله أخوه صلاح الدين فتملك اليمن وكان بها نواب أخيهما شمس الدولة وبقي بها بضع عشرة سنة وكان شجاعا سائسا فيه ظلم توفي بالمنصورة مدينة أنشأها في شوال وتملك بعده ابنه إسماعيل الذي سفك الدماء وظلم وعسف وادعى أنه أموي
وأبو بكر الباقلاني مقرئ العراق عبد الله بن منصور ابن عمران الربعي الواسطي تلميذ أبي العز القلانسي وآخر أصحابه روى الحديث عن خميس الجوزي وأبي عبد الله البارع وطائفة توفي في سلخ ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة وثلاثة أشهر
والجلال عبيد الله بن يونس البغدادي الوزير تفقه
____________________
(4/281)
وقرأ الأصول والكلام وقرأ القرآءات على أبي العلاء العطار وسمع من أبي الوقت وصنف كتابا في الكلام والمقالات ثم توكل لأم الخلفة ثم توفي وعظم قدره وولى وزارة الناصر لدين الله والتقى طغريل فانكسر عسكر الخليفة وجرت لابن يونس أمور ونجا وقدم بغداد فاختفى ثم ظهر وولى الأستاذ دارية ثم حبس حتى مات
وقاضي القضاة أبو طالب علي بن علي بن هبة الله ابن محمد بن النجاري البغدادي الشافعي سمع من أبي الوقت وولى القضاء سنة اثنتين وثمانين ثم عزل ثم أعيد سنة تسع وثمانين
ومحمد بن حيدرة بن أبي البركات عمر بن إبراهيم ابن محمد أبو المعمر الحسيني الزيدي الكوفي سمع من جدة وهو آخر من حدث عن أبي النرسي وكان رافضيا
وناصر بن محمد الويرج أبو الفتح الإصبهاني القطان روى الكثير عن جعفر الثقفي وإسماعيل بن الفضل الإخشيد وخلق توفي في ذي الحجة أكثر عنه الحافظ ابن خليل
____________________
(4/282)
ويحيى بن أسعد بن بوش أبو القاسم الأزجي الحنبلي الخباز سمع الكثير من أبي طالب اليوسفي وأبي سعد ابن الطيوري وأبي علي الباقرحي وطائفة وكان عاميا مات شهيدا غص بلقمة فمات في ذي القعدة عن بضع وثمانين سنة له إجازة من ابن بيان سنة أربع وتسعين وخمس مئة
فيها استولى علاء الدين خوارزم شاه تكش على بخارا وكانت لصاحب الخطا لعنه الله وجرى له معه حروب وخطوب ثم انتصر تكش وقتل خلق من الخطا
وفيها نازل العادل ماردين وحاصرها أشهرا
وفيها توفي أبو علي الفارسي الزاهد واسمه الحسن ابن مسلم زاهد العراق في زمانه تفقه وسمع من أبي البدر الكرخي وكان متبتلا في العبادة كثير البكاء دائم المراقبة يقال إنه من الأبدال زاره الخليفة الناصر غير مرة توفي في المحرم وقد بلغ التسعين
وصاحب سنجار الملك عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود بن أتابك زنكي تملك حلب بعد
____________________
(4/283)
ابن عمه الصالح إسماعيل فسار السلطان صلاح الدين على عكا وكان عادلا متواضعا موصوفا بالبخل وتملك بعده ابنه قطب الدين محمد
وأبو الفضائل الكاغدي الخطيب عبد الرحيم ابن محمد الإصبهاني روى عن أبي علي الحداد وعدة توفي في ذي القعدة
وعلي بن سعيد بن فاذشاه أبو طاهر الإصبهاني روى عن الحداد أيضا ومات في شهر ربيع الأول
وقوام الدين بن زبادة يحيى بن سعيد بن هبة الله الواسطي ثم البغدادي صاحب ديوان الإنشاء ببغداد ومن انتهى إليه رئاسة الترسل مع معرفته بالفقه والأصول والكلام والنحو والشعر أخذ عن ابن الجواليقي وحدث عن علي ابن الصباغ والقاضي الأرجاني وولى نظر واسط ثم ولى حجابة الحجاب ثم الأستاذ دارية وغير ذلك توفي في ذي الحجة
____________________
(4/284)
سنة خمس وتسعين وخمس مئة
فيها بعث الخليفة خلع السلطنة إلى خوارزم شاه
وفيها أخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس وبقي في المطمورة خمس سنين
وفيها كانت فتنة الفخر الرازي صاحب التصانيف وذلك أنه قدم هراة ونال إكراما عظيما من الدولة فاشتد ذلك على الكرامية فاجتمع يوما هو والقاضي الزاهد مجد الدين ابن القدوة فتناظرا ثم استطال فخر الدين على ابن القدوة وشتمه وأهانه فلما كان من الغد جلس ابن عم مجد الدين فوعظ الناس وقال { ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين } أيها الناس لا نقول إلا ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما قول أرسطو وكفريات ابن سينا وفلسفة الفارابي فلا نعلمها فلأي شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام يذب عن دين الله وبكى فأبكى الناس وضجت الكرامية وثاروا من كل ناحية وحميت الفتنة فأرسل السلطان الجند وسكنهم وأمر الرازي بالخروج
____________________
(4/285)
وفيها كانت بدمشق فتنة الحافظ عبد الغني وكان أمارا بالمعروف داعيا إلى السنة فقامت عليه الأشعرية وأفتوا بقتله فأخرج من دمشق طريدا
وفيها مات العزيز صاحب مصر وأقيم ولده علي فاختلف الأمراء وكاتب بعضهم الأفضل فسار من صرخا إلى مصر وعمل نيابة السلطنة ثم سار بالجيوش ليأخذ دمشق من عمه فأحرق العادل الحواضر والنيرب ووقع الحصار ثم دخل الأفضل من باب السلامة وفرحت به العامة وحوصرت القلعة مدة
وفيها صلب بدمشق الذي زعم أنه عيسى بن مريم وأضل طائفة فأفتى العلماء بقتله
وفيها توفي عبد الخالق بن هبة الله أبو محمد الحريمي ابن البندار الزاهد روى عن ابن الحصين وجماعة
قال ابن النجار كان يشبه الصحابة ما رأيت مثله توفي في ذي القعدة
____________________
(4/286)
والملك العزيز أبو الفتح عثمان ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر توفي في المحرم عن ثمان وعشرين سنة وكان شابا مليحا ظريف الشمائل قويا ذا بطش وأيد وكرم وحياء وعفة بلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة وبلغ من عفته أنه كان له غلام بألف دينار فحل لباسه ثم وفق فتركه واسرع إلى سرية له فافتضها وخرج وأمر الغلام بالتستر وأقيم بعده ابنه وهو مراهق
وابن رشد الحفيد هو العلامة أبو الوليد محمد بن احمد ابن العلامة المفتي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي أدرك من حياة جدة شهرا سنة عشرين تفقه وبرع وسمع الحديث وأتقن الطب ثم أقبل على الكلام والفلسفة حتى صار يضرب به المثل فيها وصنف التصانيف مع الذكاء المفرط والملازمة للاشتغال ليلا ونهارا وتواليفه كثيرة في الفقه والطب والمنطق والرياضي والإلهي توفي في صفر بمراكش
وأبو جعفر الطرسوسي محمد بن إسماعيل الإصبهاني الحنبلي سمع أبا علي الحداد ويحيى بن مندة وابن طاهر
____________________
(4/287)
ومحمود بن إسماعيل وطائفة وتفرد في عصره توفي في جمادى الآخرة عن أربع وتسعين سنة
وأبو بكر بن زهر محمد بن عبد الملك بن زهر الأيادي الإشبيلي شيخ الطب وجالينوس العصر ولد سنة سبع وخمس مئة وأخذ عن جده أبي العلاء زهر بن عبد الملك وبرع ونال تقدما وحظوة عند السلاطين وحمل الناس عنه تصانيفه وكان جوادا ممدحا محتشما كثير العلوم قيل إنه حفظ صحيح البخاري كله وحفظ شعر ذي الرمة وبرع في اللغة توفي بمراكش في ذي الحجة
والجمال أبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد الإصبهاني الخياط روى عن الحداد ومحمود الصيرفي وحضر غانما البرجي وأجاز له عبد الغفار الشيروي توفي في شوال
ومنصور بن أبي الحسن الطبري أبو الفضل الصوفي الواعظ تفقه وتفنن وسمع من زاهر الشحامي وعبد الجبار الخواري وجماعة وهو ضعيف في روايته
____________________
(4/288)
لمسلم عن الفراوي توفي بدمشق في ربيع الآخر
وجمال الدين ابن فضلان العلامة أبو القاسم يحيى بن علي البغدادي الشافعي عاش ثمانين سنة وورى عن أبي غالب ابن البنا وكان من أئمة علم الخلاف والجدل مشارا إليه في ذلك ارتحل إلى محمد بن يحيى صاحب الغزالي مرتين وكان يجري له وللمجير البغدادي بحوث ومحافل توفي في شعبان
والمنصور أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ابن علي القيسي الملقب بأمير المؤمنين بويع سنة ثمانين بعد ابيه وسنة اثنتان وثلاثون سنة وكان صافي اللون جميلا أفوه أقنى أكحل مستدير اللحية ضخما جهوري الصوت جزل الألفاظ كثير الإصابة بالظن والفراسة خبيرا ذكيا شجاعا محبا للعلوم كثير الجهاد ميمون النقيبة ظاهري المذهب معاديا لكتب الفقه والرأي أباد منها شيئا كثيرا بالحريق وحمل الناس على التشاغل بالأثر
____________________
(4/289)
سنة ست وتسعين وخمس مئة
فيها تسلطن علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش بعد موت أبيه علاء الدين
وفيها كانت دمشق محاصرة وبها العادل وعليها الأفضل والظاهر ابنا صلاح الدين وعساكرهما نازلة قد خندقوا عليهم من أرض اللوان إلى يلدا خوفا من كبسة عسكر العادل ثم ترضوا عنها ورد الظاهر إلى حلب وسار الأفضل إلى مصر فساق وراءه العادل وأدركه عند الغرابي ثم تقدم عليه وسبقه إلى مصر فرجع الأفضل منحوسا إلى صرخد وغلب العادل على مصر وقال هذا صبي وقطع خطبته ثم أحضر ولده الكامل وسلطنه على الديار المصرية في أواخر السنة فلم ينطق أحد من الأمراء وسهل له ذلك اشتغال أهل مصر بالقحط فإن فيها كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعا إلا ثلاثة اصابع واشتد الغلاء وعدمت الأقوات وشرع الوباء وعظم الخطب إلى أن
____________________
(4/290)
آل بهم الأمر إلى أكل الآدميين الموتى
وفيها توفي أبو جعفر القرطبي أحمد بن علي بن أبي بكر المقرئ الشافعي إمام الكلاسة وأبو إمامها ولد سنة ثمان وعشرين بقرطبة وسمع بها من أبي الوليد بن الدباغ وقرأ القرآءات على أبي بكر ابن صيف ثم حج وقرأ القرآءات بالموصل على ابن سعدون القرطبي ثم قدم دمشق فأكثر عن الحافظ ابن عساكر وكتب الكثير وكان عبدا صالحا خبيرا بالقرآءات
وأبو إسحاق العراقي العلامة إبراهيم بن منصور المصري الخطيب شيخ الشافعية بمصر شرح كتاب المهذب ولقب بالعراقي لاشتغاله ببغداد
وإسماعيل بن صالح بن ياسين أبو الطاهر الشارعي المقرئ الصالحي روى عن أبي عبد الله الرازي مشيخته وسداسياته توفي في ذي الحجة
وأبو سعيد الراراني خليل بن أبي الرجاء بدر بن ثابت
____________________
(4/291)
الإصبهاني الصوفي ولد سنة خمس مئة وروى عن الحداد ومحمود الصيرفي وطائفة توفي في ربيع الآخر تفرد بعدة أجزاء
وعلاء الدين خوارزم شاه تكش بن خوارزم شاه أرسلان ابن المز بن محمد بن نوشتكين سلطان الوقت ملك من السند والهند وما وراء النهر إلى خراسان إلى بغداد وكان جيشه مئة ألف فارس وهو الذي أزال دولة بني سلجوق وكان حاذقا يلعب بالعود ذهبت عينه في بعض حروبه وكان شجاعا فارسا عالي الهمة تغيرت نيته للخليفة وعزم على قصد العراق وسار فجاءه الموت فجأة بدهستان في رمضان وحمل إلى خوارزم وقيل كان عنده أدب ومعرفة بمذهب أبي حنيفة مات بالخوانيق وقام بعده ولده قطب الدين محمد ولقبوه بلقب أبيه
ومجد الدين طاهر بن نصر الله بن جهبل الكلابي الحلبي الشافعي الفرضي مدرس مدرسة صلاح الدين بالقدس وله أربع وستون سنة وهو أحد من قام على السهروردي الفيلسوف وافتى بقتله
____________________
(4/292)
والقاضي الفاضل أبو علي عبد الرحيم بن علي ابن الحسن اللخمي البيساني ثم العسقلاتي ثم المصري محيي الدين صاحب ديوان الإنشاء وشيخ البلاغة ولد سنة تسع وعشرين وخمس مئة وقيل إن مسودات رسائله لو جمعت لبلغت مئة مجلدة وقيل إن كتبه بلغت مئة ألف مجلد وكان له حدبة يخفيها بالطيلسان وله آثار جميلة وفعال حميدة وديانة متينة وأوراد كثيرة وكان كثير الأموال يدخله في السنة من مغلة ورزقه خمسون ألف دينار توفي في سابع ربيع الآخر
وعبد اللطيف بن أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري ثم البغدادي شيخ الشيوخ كان صوفيا عاميا روى عن قاضي المرستان وابن السمرقندي حج وقدم دمشق فمات بها في ذي الحجة
وابن كليب مسند العراق أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد الحراني ثم البغدادي الحنبلي التاجر ولد في صفر سنة خمس مئة وسمع من ابن بيان وابن
____________________
(4/293)
نبهان وابن بدران الحلواني وطائفة وتوفي في ربيع الأول ممتعا بحواسه
والأثير محمد بن محمد بن أبي الطاهر محمد بن بنان الأنباري ثم المصري الكاتب روى عن أبي صادق مرشد المديني وغيره وروى ببغداد صحاح الجوهري عن أبي البركات العراقي وعمر زالت رئاسته توفي في ربيع الآخر وله تسع وثمانون سنة
والشهاب الطوسي أبو الفتح محمد بن محمود نزيل مصر وشيخ الشافعية توفي بمصر درس وأفتى ووعظ وصنف وتخرج به الأصحاب وكان يركب بالغاشية والسيوف المسللة وبين يديه من ينادي هذا ملك العلماء وكان رئيسا معظما وافر الهيبة يحمق بظرافة ويتيه على الملوك بصنعة وكان صاحب حرمة في القيام على الحنابلة ونصر الأشاعرة توفي في ذي القعدة
____________________
(4/294)
وابن زريق الحداد أبو جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد الواسطي شيخ الإقراء ولد سنة تسع وخمس مئة وقرأ على أبيه ولعى سبط الخياط وسمع من أبي علي الفارقي وأبي علي بن شيران وأجاز له خميس الحوزي وطائفة توفي في رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مئة
فيها كان الجوع والموت المفرط بالديار المصرية وجرت أمور تتجاوز الوصف ودام ذلك إلى نصف العام الآتي فلو قال القائل مات ثلاثة أرباع أهل الليم لما أبعد والذي دخل تحت قلم الحشرية في مدة اثنين وعشرين شهرا مئة ألف وأحد عشر ألفا بالقاهرة وهذا نزر في جنب ما هلك بمصر والحواضر وفي البيوت والطرق ولم يدفن وكله نزر في جنب ما هلك بالإقليم وقيل إن مصر كان بها تسع مئة منسج للحصر فلم يبق إلا خمسة عشر منسجا فقس على هذا وبلغ الفروج
____________________
(4/295)
مئة درهم ثم عدم الدجاج بالكلية لولا ما جلب من الشام
وأما أكل لحوم الآدميين فشاع وتواتر
وفي شعبان كانت الزلزلة العظمى التي عمت أكثر الدنيا
قال أبو شامة مات بمصر خلق تحت الهدم قال ثم هدمت نابلس وذكر خسفا عظيما إلى أن قال وأحصي من هلك في هذه السنة فكان ألف ومئة ألف ألف
وفيها كاتبت الأمراء بمصر الأفضل والظاهر وكرهوا العادل وتطيروا بكعبه فأسرع الأفضل إلى حلب فخرج معه أخوه واتفقا على أن تكون دمشق للأفضل ثم يسيران إلى مصر فإذا تملكاها استقر بها الأفضل وتبقى بالشام كلها للظاهر فنازلوا دمشق في ذي القعدة وبها المعظم وقدم أبوه إلى نابلس فاستمال الأمراء وأوقع بين الأخوين وكان من دهاة الملوك فترحلوا
وكان بخراسان فتن وحروب ضخمة على الملك
____________________
(4/296)
وفيها توفي القاضي العدل أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد التيمي الإصبهاني مسند العجم مكثر عن أبي علي الحداد وله إجازة عن عبد الغفار الشيروي توفي في آخر العام
وتميم بن أحمد بن أحمد البندنيجي الأزجي أبو القاسم مفيد بغداد ومحدثها كتب الكثير وعني بهذا الشأن وحدث عن أبي بكر بن الزاغوني وطبقته
وظافر بن الحسين أبو المنصور الأزدي المصري شيخ المالكية كان منتصبا للإفادة والفتيا انتفع به بشر كثير توفي بمصر في جمادى الآخرة
وأبو محمد بن الطويلة عبد الله بن أبي بكر بن المبارك ابن هبة الله البغدادي روي عن ابن الحصين وطائفة توفي في رمضان
وأبو الفرج بن الجوزي عبد الرحمان بن علي بن محمد ابن علي الحافظ الكبير جمال الدين التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ المتفنن صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في أنواع العلم من التفسير والحديث والفقه والزهد والوعظ والأخبار والتاريخ والطب وغير ذلك ولد
____________________
(4/297)
سنة عشر وخمس مئة أو قبلها وسمع من علي بن عبد الواحد الدينوري وابن الحصين وأبي عبد الله البارع وتتمة سبع وثمانين نفسا ووعظ من صغره وفاق فيه الأقران ونظم الشعر المليح وكتب بخطه ما لا يوصف ورأى من القبول والاحترام ما لا مزيد عليه وحكى غير مرة أن مجلسه حزر بمئة ألف وحضر مجلسه الخليفة المستضئ مرات من وراء الستر توفي في ثالث عشر رمضان
وابن ملاح الشط عبد الرحمان بن محمد بن أبي ياسر البغدادي روى عن ابن الحصين وطبقته ومات في عشر المئة
وعمر بن علي الحربي البغدادي روى عن ابن الحصين والكبار توفي في شوال
وقراقوش الأمير الكبير الخادم بهاء الدين الأبيض فتى الملك أسد الدين شيركوه كان خصيا وقد وضعوا عليه خرافات ولولا وثوق صلاح الدين بعقله لما سلم إليه عكا وغيرها وكانت له رغبة في الخير وآثار حسنة
____________________
(4/298)
والكراني أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الإصبهاني الخباز المعمر توفي في شوال وقد استكمل مئة عام سمع الكثير من الحداد ومحمود الصيرفي وغيرهما وكران محلة معروفة بإصبهان
والعماد الكاتب الوزير العلامة محمد بن محمد بن حامد بن محمد الإصبهاني ويعرف بابن أخي العزيز ولد سنة تسع عشرة بإصبهان وتفقه ببغداد على ابن الرزاز وأتقن الفقه والخلاف والعربية وسمع من علي ابن الصباغ وطبقته وأجاز له ابن الحصين والفراوي ثم تعانى الكتابة والترسل والنظم وفاق الأقران وحاز قصب السبق وولاه ابن هبيرة نظر واسط وغيرها ثم قدم دمشق بعد الستين وخمس مئة وخدم في ديوان الإنشاء فبهر الدولة ببديع نثره ونظمه وترقى إلى أعلى المراتب ثم عظمت رتبته في الدولات الصلاحية وما بعدها وصنف التصانيف الأدبية وختم به هذا الشأن توفي في أول رمضان ودفن بمقابر الصوفية رحمه الله
____________________
(4/299)
وابن الكيال أبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون البغدادي ثم الحلى البزاز أحد القراء الأعيان ولد سنة خمس عشرة وخمس مئة وقرأ القرآءات على سبط الخياط ودعوان وأبي الكرم الشهرزوري وأقرأ بالحلة زمانا توفي في ذي الحجة
وأبو شجاع بن المقرون محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي البغدادي أحد أئمة القراء قرأ على سبط الخياط وأبي الكرم وسمع من أبي الفتح بن البيضاوي وطائفة ولقي خلقا لا يحصون وكان صالحا عابدا ورعا مجاب الدعوة يتقوت من كسب يده وكان من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر توفي في ربيع الآخر
ويوسف بن عبد الرحمان بن غصن أبو الحجاج الإشبيلي أخذ القرآءات عن شريح وجماعة وحدث عن ابن العربي وتصدر للإقراء وكان آخر من قرأ القرآءات على شريح توفي في هذا العام أو في حدوده
____________________
(4/300)
سنة ثمان وتسعين وخمس مئة
فيها تغلب قتادة بن إدريس الحسنى على مكة وزالت دولة بني فليتة
وفيها توفي أحمد بن ترمش البغدادي الخياط نقيب القاضي روى عن قاضي المرستان والكروخي وجماعة وتوفي بحلب
وأسعد بن أحمد بن أبي غانم الثقفي الإصبهاني الضرير سمع هو وأخوه زاهر الثقفي مسند أبي يعلى من أبي عبد الله الخلال وسمع هو من جعفر بن عبد الواحد الثقفي وجماعة وكان فقيها معدلا
والمؤيد أبو المعالي أسعد بن العميد أبي يعلى بن القلانسي التميمي الدمشقي الوزير روى عن نصر الله المصيصي وغيره ومات في ربيع الأول وكان صدر البلد
والملك المعز إسماعيل بن سيف الإسلام طغتكين بن نجم الدين أيوب صاحب اليمن وابن صاحبها كان مجرما مصرا على الخمر والظلم ادعى أنه أموي وخرج وعزم على الخلافة فوثب عليه أخوان من أمرائه فقتلاه
____________________
(4/301)
ويقال إنه ادعى النبوة ولم يصح وولي بعده أخ له صبي اسمه الناصر أيوب
والخشوعي مسند الشام أبو طاهر بركات بن إبراهيم ابن طاهر الدمشقي الأنماطي ولد في صفر سنة عشر وأكثر عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة وأجاز له الحريري وأبو صادق المديني وخلق من العراقيين والمصريين والإصبهانيين وعمر وبعد صيته ورحل إليه وكان صدوقا توفي في سابع صفر
وحماد بن هبة الله الحافظ أبو الثناء الحراني التاجر السفار ولد سنة إحدى عشرة وسمع ببغداد من إسماعيل بن السمرقندي وبهراة من عبد السلام بكبره وبمصر من ابن رفاعة وعمل بعض تاريخ حران أو كله توفي في ذي الحجة بحران
وعبد الله بن أحمد بن أبي المجد أبو محمد الحربي الإسكاف روى المسند عن ابن الحصين ببغداد وبالموصل واشتهر ذكره توفي في المحرم
وأبو بكر عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عطية
____________________
(4/302)
المحاربي الغرناطي المالكي المفتي تفرد بإجازة غالب ابن عطية أخو جدهم وأبي محمد بن عتاب وسمع من القاضي عياض والكبار وهو من بيت علم ورواية
وأبو الحسن العمري عبد الرحمان بن أحمد بن محمد البغدادي القاضي أجاز له أبو عبد الله البارع وسمع من ابن الحصين وطائفة وناب في الحكم توفي في صفر
وزين القضاة أبو بكر عبد الرحمان بن سلطان بن يحيى بن علي القرشي الدمشقي الشافعي سمع من جده القاضي أبي الفضل يحيى بن الزكي وجماعة وكان نعم الرجل فقها وفضلا ورئاسة وصلاحا توفي في ذي الحجة
وعبد الرحيم بن أبي القاسم الجرجاني أبو الحسن أخو زينب الشعرية ثقة صالح مكثر روى مسلما عن الفراوي والسنن والآثار عن عبد الجبار الخواري والموطأ من السيدي والسنن الكبير عن عبد الجبار الدهان وشعب الإيمان توفي في المحرم
والدولعي خطيب دمشق ضياء الدين
____________________
(4/303)
عبد الملك بن زيد بن ياسين التغلبي الموصلي الشافعي وله إحدى وتسعون سنة تفقه بدمشق وسمع من الفقيه نصر الله المصيصي وببغداد من الكروخي وكان مفتيا خبيرا بالمذهب خطب دهرا ودرس بالغزالية وولى الخطابة بعده سبعا وثلاثين سنة ابن أخيه
وعلي بن محمد بن علي بن يعيش سبط ابن الدامغاني روي عن ابن الحصين وزاهر توفي في صفر وكان متميزا جليلا لقيه ابن عبد الدائم
ولؤلؤ الحاجب العادلي من كبار الدولة له مواقف حميدة بالسواحل وكان مقدم المجاهدين المؤيدين الذين ساروا لحرب الفرنج الذين قصدوا الحرم النبوي في البحر فظفروا بهم قيل إن لؤلؤ سار جازما بالنصر وأخذ معه قيودا بعدد الملاعين وكانوا ثلاث مئة وشيئا كلهم أبطال من الكرك والشوبك مع طائفة من العرب المرتدة فلما بقي بينهم وبين المدينة يوم ادركهم لؤلؤ وبذل الأموال للعرب فخامروا معه وذلت الفرنج واعتصموا بجبل فترجل لؤلؤ وصعد إليهم بالناس وقيل بل صعد في تسعة أنفس فهابوه وسلموا أنفسهم
____________________
(4/304)
فصفدهم وقيدهم كلهم وقدم بهم مصر وكان يوم دخولهم يوما مشهودا
وكان لؤلؤ شيخا أرمنيا من غلمان القصر فخدم مع صلاح الدين مقدما للأسطول وكان أينما توجه فتح ونصر ثم كبر وترك الخدمة وكان يتصدق كل يوم بعدة قدور طعام وبإثنى عشر ألف رغيف ويضعف ذلك في رمضان مات في صفر
وابن الوزان عماد الدين محمد ابن الإمام أبي سعد عبد الكريم بن أحمد الرازي شيخ الشافعية بالري وصاحب شرح الوجيز توفي في ربيع الآخر
وابن الزكي قاضي الشام محيي الدين أبو المعالي محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين علي ابن قاضي القضاة منتخب الدين محمد بن يحيى القرشي الشافعي ولد سنة خمسين وخمس مئة وروى عن الوزير الفلكي وجماعة وكان فقيها إماما طويل الباع في الإنشاء والبلاغة فصيحا كامل السؤدد توفي في شعبان عن ثمان وأربعين سنة
ومحمود بن عبد المنعم التميمي الدمشقي روى معجم
____________________
(4/305)
ابن جميع عن جمال الإسلام وتوفي في جمادى الأولى
والسبط أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن أبي سعد الهمذاني سبط ابن لال روى عن أبيه وابن الحصين وخلق توفي في المحرم
والبوصيري أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود الأنصاري الكاتب الأديب مسند الديار المصرية ولد سنة ست وخمس مئة وسمع من أبي صادق المديني ومحمد بن بركات السعيدي وطائفة وتفرد في زمانه ورحل إليه توفي في ثاني صفر سنة تسع وتسعين وخمس مئة
تمكن العادل من الممالك وأبعد الملك المنصور علي بن العزيز ابن صلاح الدين وأسكنه بمدينة الرها
وفيها رمي بالنجوم ورخ ذلك العز النسابة وسبط ابن الجوزي وغير واحد فأنبأني محفوظ بن البزوري في تاريخه قال
____________________
(4/306)
في سلخ المحرم ماجت النجوم وتطايرت كتطاير الجراد ودام ذلك إلى الفجر وانزعج الخلق وضجوا بالدعاء ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور نبينا صلى الله عليه وسلم
وفيها توفي أبو علي بن أشنانة الحسن بن إبراهيم بن منصور الفرغاني ثم البغدادي الصوفي روى عن ابن الحصين وغيره وتوفي في صفر
وأبو محمد بن عليان عبد الله بن محمد بن عبد القاهر الحربي روى عن ابن الحصين وجماعة تغير من السوداء في آخر عمره مديدة
وأبو القاسم بن موقا بعد الرحمان بن مكي بن حمزة الأنصاري المالكي التاجر مسند الإسكندرية وآخر من حدث عن أبي عبد الله الرازي توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة ومتع بحواسه
وابن نجية الإمام أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجا زين الدين الأنصاري الدمشقي الحنبلي الواعظ نزيل مصر ولد سنة ثمان وخمس مئة وسمع من علي بن أحمد بن
____________________
(4/307)
قيس المالكي ورحل وحمل جامع الترمذي عن عبد الصبور الهروي وكان من رؤساء العلماء له وجاهة ودنيا واسعة وهمة عالية ترسل عن نور الدين إلى الديوان وكان يجري له وللشهاب الطوسي العجائب من أجل العقيدة توفي في رمضان عن إحدى وتسعين سنة وكان سبط الشيخ أبي الفرج الشيرازي
وعلي بن حمزة أبو الحسن البغدادي الكاتب حاجب باب النوبى حدث بمصر عن ابن الحصين وتوفي في شعبان
وغياث الدين الغوري سلطان غزنة أبو الفتح محمد ابن سام بن حسين ملك جليل عادل محبب إلى رعيته كثير المعروف والصدقات تفرد بالممالك بعده أخوه السلطان شهاب الدين
وابن الشهرزوري قاضي القضاة ضياء الدين أبو الفضائل القاسم بن يحيى ابن أخي قاضي الشام كمال الدين ولي قضاء الشام بعد عمه قليلا ثم لما تملك العادل سار إلى بغداد فولى بها القضاء والمدارس والأوقاف وارتفع شأنه عند الناصر لدين الله إلى الغاية ثم إنه خاف الدوائر فاستعفى وتوجه إلى الموصل ثم قدم حماة
____________________
(4/308)
فولى قضاءها فعيب ذلك عليه وكان جوادا ممدحا له شعر جيد ورواية عن السلفى توفي بحماة في رجب عن خمس وستين سنة
والزاهد أبو عبد الله القرشي محمد بن أحمد بن إبراهيم الأندلسي الصوفي أحد العارفين وأصحاب الكرامات والأحوال نزل بيت المقدس وبه توفي عن خمس وخمسين سنة وقبره مقصود بالزيارة
وأبو بكر بن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك الأموي مولاهم المرسي المالكي القاضي أحد أئمة المذهب عرض المدونة على والده وله منه إجازة كما لأبيه إجازة أبي عمرو الداني وأجاز له أبو بحر بن العاص والكبار وأفتى ستين سنة وولى قضاء مرسية وشاطبة دفعات وصنف التصانيف وكان أسند من بقي بالأندلس توفي في المحرم
والغزنوي الفقيه بهاء الدين أبو الفضل محمد بن يوسف الحنفي المقرئ روى عن قاضي المرستان وطائفة وقرأ القرآءات على سبط الخياط قرأ عليه بطرق المنهج
____________________
(4/309)
السخاوي وأبو عمرو بن الحاجب ودرس المذهب توفي بالقاهرة في ربيع الأول
وابن المعطوش مسند العراق أبو طاهر المبارك بن المبارك ابن هبة الله الحريمي العطار ولد سنة سبع وخمس مئة وسمع من أبي علي بن المهدي وأبي الغنائم بن المهتدي بالله وبه ختم حديثهما وسمع المسند كما رواه توفي في عاشر جمادى الأولى
والبرهان الحنفي العلاء أبو الموفق مسعود بن شجاع الأموي الدمشقي مدرس النورية والخاتونية وقاضي العسكر كان صدرا معظما مفتيا رأسا في المذهب ارتحل إلى بخارى وتفقه هناك وعمر دهرا توفي في جمادى الآخرة وله تسعون إلا سنة وكان لا يغسل له فرجية بل يهبها ويلبس جديدة
وابن الطفيل أبو يعقوب يوسف بن هبة الله بن محمود الدمشقي الصوفي شيخ صالح له عناية بالرواية رحل إلى بغداد وسمع من أبي الفضل الأرموي وابن ناصر وطبقتهما وأسمع ابنه عبد الرحيم من السلفى
____________________
(4/310)
سنة ست مئة
فيها أخذ صاحب الموصل تلعفر من ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار فاستنجد القطب بجاره الملك الأشرف موسى وهو بخراسان فسار معه وعمل مصافا مع صاحب الموصل نور الدين فكسره الأشرف واسر جماعة من أمرائه ثم اصطلحا في آخر العام
وتزوج الأشرف بأخت صاحب الموصل وهي الجهة الأتابكية صاحبة التربة والمدرسة بالجبل
وفيها أخذت الفرنج فوة واستباحوها دخلوا من فم رشيد في النيل فلا حول ولا قوة إلا بالله وهي بليدة حسنة تكون بقدر زوع
وفيها توفي العلامة أبو الفتوح العجلى منتجب الدين أسعد ابن أبي الفضائل محمود بن خلف الإصبهاني الشافعي الواعظ شيخ الشافعية عاش خمسا وثمانين سنة
____________________
(4/311)
وروى عن فاطمة الجوزدانية وجماعة وكان يقتنع وينسخ له كتاب مشكلات الوجيز وكتاب تتمة التتمة وترك الوعظ وألف كتاب آفات الوعاظ
وبقاء بن عمر بن حند أبو المعمر الأزجي الدقاق ويسمى أيضا المبارك روى عن ابن الحصين وجماعة توفي في ربيع الآخر
وأبو الفرج بن اللحية جابر بن محمد بن يونس الحموي ثم الدمشقي التاجر روى عن الفقيه نصر الله المصيصي وغيره
وابن شرقيني أبو القاسم شجاع بن معالي البغدادي العراد القصباني روى عن ابن الحصين وجماعة وتوفي في ربيع الآخر
وأبو سعد بن الصفار عبد الله ابن العلامة أبي حفص عمر بن احمد بن منصور النيسابوري الشافعي فقيه متبحر أصولي عامل بعلمه ولد سنة ثمان وخمس مئة وسمع من جده لأمه أبي نصر بن القشيري سمع سنن الدارقطني بفوت من أبي القاسم الأبيوردي وسمع
____________________
(4/312)
سنن أبي داود من عبد الغافر بن إسماعيل وسمع من طائفة كتبا كبارا توفي في شعبان أو رمضان وله اثنتان وتسعون سنة
والحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي ابن سرور الإمام تقي الدين أبو محمد المقدسي الجماعيلي الحنبلي ولد سنة إحدى وأربعين وخمس مئة وهاجر صغيرا إلى دمشق بعد الخمسين فسمع أبا المكارم بن هلال وببغداد أبا الفتح بن البطي وبالإسكندرية من السلفى وطبقتهم ورحل إلى إصبهان فأكثر بها سنة نيف وسبعين وصنف التصانيف ولم يزل يسمع ويكتب إلى أن مات وإليه انتهى حفظ الحديث متنا وإسنادا ومعرفة بفنونه مع الورع والعبادة والتمسك بالأثر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيرته في جزئين ألفها الحافظ الضياء
الركن الطاووسي أبو الفضل العراقي عزيز بن محمد ابن العراقي القزويني صاحب الطريقة كان إماما مناظرا محجاجا قيما بعلم الخلاف مفحما للخصوم أخذ عن
____________________
(4/313)
الرضي النيسابوري الحنفي صاحب الطريقة توفي بهمذان
وعمر بن محمد بن الحسن الأزجي القطان روى عن ابن الحصين وجماعة لقبه جريرة توفي في جمادي الأولى
وفاطمة بنت سعد الخير بن محمد أم عبد الكريم بنت أبي الحسن الأنصاري البلنسي ولدت بإصبهان سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة وسمعت حضورا من فاطمة الجوزدانية ومن ابن الحصين وزاهر الشحامي ثم سمعت من هبة الله بن الطبر وخلق وتزوج بها أبو الحسن بن نجا الواعظ وروت الكثير بمصر توفيت في ربيع الأول عن ثمان وسبعين سنة
والقاسم ابن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن المحدث أبو محمد ابن عساكر الدمشقي ولد سنة سبع وعشرين وخمس مئة وسمع من جد أبويه القاضي الزكي يحيى ابن علي القرشي وجمال الإسلام بن المسلم وطبقتهما وأجاز له الفراوي وقاضي المرستان وطبقتهما وكان محدثا فهما حسن المعرفة شديد الورع صاحب مزاح وفكاهة وخطه ضعيف عديم الإتقان ولي مشيخة دار
____________________
(4/314)
الحديث النورية بعد أبيه وتوفي في صفر
ومحمد بن صافي أبو المعالي البغدادي النقاش روى عن أبي بكر المزرفي وجماعة وتوفي في ربيع الآخر
والمبارك بن إبراهيم بن مختار بن تغلب الأزجي الطحان ابن الشيبي روى عن ابن الحصين وجماعة وتوفي في شوال
وصنيعة الملك القاضي أبو محمد هبة الله بن يحيى ابن علي بن حيدرة المصري ويعرف بابن ميسر المعدل راوي كتاب السيرة توفي في ذي الحجة
ولاحق بن أبي الفضل بن علي بن قندرة روى المسند كله عن ابن الحصين توفي في المحرم عن ثمان وثمانين سنة
____________________
(4/315)
سنة إحدى وست مئة
601 فيها تغلبت الفرنج على مملكة القسطنطينية وأخرجوا الروم عنها بعد حصار طويل وحروب كثيرة
وفيها خرجت الكرج فعاثوا ببلاد أذربيجان وقتلوا وسبوا ووصلت عيارتهم إلى عمل خلاط فانتدب لحربهم عسكر خلاط وعسكر أرزن الروم والتقوهم فنصر الله الإسلام وقتل في المصاف ملك الكرج
وفيها توفى السكر المحدث أحمد بن سليمان بن أحمد الحربي المقرىء المفيد عن نيف وستين سنة قرأ على أحمد بن محمد بن شنيف وجماعة وسمع من سعيد بن البنا وابن البطى فمن بعدهما وكان ثقة مكثرا صاحب قرآن وتهجد وإفادة للطلبة
توفي في صفر
وعبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن
____________________
(5/1)
حمويه الإصبهاني الرجل الصالح نزيل همذان روى بالحضور معجم الطبرانى عن عبد الصمد العنبرى عن ابن ريذة
وعبد الله بن عبد الرحمان بن أيوب الحربى الفلاح أبو محمد آخر من سمع من أبي العز بن كادش وسمع أيضا من ابن الحصين توفي في ربيع الأول
123 آ وشميم الحلى أبو الحسن علي بن الحسن ابن عنتر النحوي اللغوي الشاعر تأدب بابن الخشاب كان ذا حمق وتيه ودعاو كثيرة تزرى بكثرة فضائله توفي بالموصل في ربيع الآخر عن سن عالية
وابن الخصيب أبو المفضل محمد بن الحسين بن أبى الرضا القرشى الدمشقى روى عن جمال الإسلام وعلي بن أبي عقيل الصورى ضعفه ابن خليل
وأبو عبد الله الأرتاحى محمد بن حمد بن حامد الأنصارى المصرى الحنبلى عن بضع وتسعين سنة
____________________
(5/2)
سمع في الكهولة من غير واحد روى الكثير بإجازة أبى الحسن الفراء توفي في شعبان
ويوسف بن المبارك بن كامل الخفاف أبو الفتوح البغدادي سمعه أبوه الحافظ أبو بكر الكثير من القاضى أبي بكر الأنصارى وابن زريق القزاز وطائفة وكان عاميا لا يكتب توفي في ربيع الأول سنة اثنتين وست مئة
602 فيها سلم خوارزم شاه محمد ترمذ إلى الخطا وكان عين الخطا وتألم الناس لذلك وفعل ذلك مكيدة ليتمكن من ممالك خراسان
وفيها وقبلها تابعت الكرج الإغارات على بلاد أذربيجان وضعف عنهم أبو بكر بن البهلوان وراسل ملك الكرج وتزوج بإبنته ووقعت الهدنة
وفيها وجد بإربل خروف وجهه وجه آدمى
وفيها كثرت الغارات من الكلب ابن ليون صاحب سيس على حلب يسبى ويحرق فسار لحربهم عسكر حلب فهزمهم
____________________
(5/3)
وفيها توفي التقى الأعمى مدرس الأمينية فوجد مشنوقا بالمنارة الغربية امتحن بأخذ ماله فاتهم به قائده واحترق قلبه فأهلك نفسه ودرس بعده جمال الدين المصري وكيل بيت المال
وأبو يعلى حمزة بن علي بن حمزة بن فارس بن القبيطي البغدادي المقرئى 123 ب قرأ القراءات على سبط الخياط والشهرزوري وسمع منهما ومن أبى عبد الله السلال وطائفة وكان خيرا زاهدا بصيرا بالقراءات حاذقا بها توفي في ذي الحجة
والسلطان شهاب الدين الغوري أبو المظفر محمد بن سام صاحب غزنه قتلته الإسماعيلية في شعبان بعد قفوله من غزو الهند وكان ملكا جليلا مجاهدا واسع الممالك حسن السيرة وهو الذي حضر عنده فخر الدين الرازي وقال يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي يبقى وإن مردنا إلى الله فانتحب السلطان بالبكاء
____________________
(5/4)
وضياء بن أبي القاسم أحمد بن علي بن الخريف البغدادي البخاري سمع الكثير من قاضى المرستان وأبي الحسين محمد بن الفراء وكان أميا
توفي في شوال
وأبو العز عبد الباقي بن عثمان الهمذاني الصوفي روى عن زاهر الشحامي وجماعة وكان ذا علم وصلاح
واللفتوانى أبو زرعة عبيد الله بن محمد بن أبي نصر الإصبهاني أسمعه أبوه الكثير من الحسين الخلال وحضر علي ابن أبى ذر الصالحاني وبقى إلى هذه السنة وانقطع خبره بعدها سنة ثلاث وست مئة
603 فيها تمت عدة حروب بخراسان قوى فيها خوارزم شاه واتسع ملكه وافتتح بلخ وغيرها
ونازلت الفرنج حمص فسار المبارز إليهم ووقع مصاف أسر فيه أميران
____________________
(5/5)
وفيها توفي داود بن محمد بن محمود بن ماشاذه أبو إسماعيل الإصبهاني في شعبان حضر فاطمة الجوزدانية وسمع من زاهر الشحامي وغانم بن خالد وجماعة
وسعيد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف أبو القاسم المؤدب ببغداد روى عن قاضى المرستان وأبى القاسم بن السمرقندى
توفي في ربيع الآخر
وعبد الرزاق 124 آ بن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الحافظ الثقة أبو بكر الجيلي سمعه أبوه من أبي الفضل الأرموى وطبقته ثم سمع هو بنفسه
قال الضياء لم أر ببغداد في تيقظة وتحريه مثله توفي في شوال
وعلى بن فاضل بن سعد الله بن حمدون الحافظ أبو الحسن الصور ثم المصر قرأ القراءات علي أحمد ابن جعفر الغافقى وأكثر عن السلفى وسمع بمصر من الشريف الخطيب وكتب الكثير ورأس في الحديث توفي في صفر
____________________
(5/6)
وأبو جعفر الصيدلاني محمد بن أحمد بن نصر سبط حسين بن منده ولد في ذي الحجة سنة تسع وخمس مئة وحضر الكثير على الحداد ومحمود الصيرفى وسمع من فاطمة الجوزدانية وانتهى إليه علو الإسناد في الدنيا ورحلوا إليه توفي في رجب
ومحمد بن كامل بن أحمد بن أسد أبو المحاسن التنوخى الدمشقى سمع من طاهر بن سهل الأسفرايينى ومات في ربيع الأول آخر من حدث عنه الفخر بن البخارى
ومحمد بن معمر بن الفاخر مخلص الدين أبو عبد الله القرشي الإصبهانى ولد سنة عشرين وسمعه أبوه حضورا من فاطمة الجوزدانية وجعفر الثقفي وإسماعيل الإخشيد وسمع من ابن أبى ذر وزاهر وخلق وكان عارفا بمذهب الشافعي وبالعربية وبالحديث قوي المشاركة محتشما ظريفا وافر الجاه توفي في ربيع الآخر
____________________
(5/7)
ومكي بن ربان بن شبة العلامة صائن الدين أبو الحرم الماكسيننى ثم الموصلى الضرير المقرىء النحوى صاحب ابن الخشاب قرأ القراءات على يحيى بن سعدون وبرع في القراءات والعربية واللغة وغير ذلك ولم يكن لأهل الجزيرة في وقته في فنه مثله روى عن خطيب الموصل بدمشق فسمع منه الفخر على والناس توفي بالموصل وقد شاخ سنة أربع وست مئة
- 604 124 ب فيها سار خوارزم شاه محمد بن تكش بجيوشه وقصد الخطا فحشدوا له والتقوه فجرى لهم وقعات وانهزم المسلمون وأسر جماعة منهم السلطان خوارزم شاه واختبطت البلاد ووصل المنهزمون إلى خوارزم وأسر خطاى أميرا وخوارزم شاه فأظهر خوارزم شاه أنه مملوك لذلك الأمير وقلعه خفه فقام الخطاى وعظم الأمير ثم قال الأمير أريد أبعث رجلا بكتابي إلى أهلي ليستفكونى بما أردت قال ابعث غلامك بذلك وقرر عليه مبلغا كبيرا فبعث مملوكه يعنى خوارزم شاه وخلص السلطان بهذه الحيلة ووصل ورتبت البلاد ثم قال الخطاى لذلك الأمير إن سلطانكم قد عدم قال أو ما تعرفه قال لا قال هو الذي قلت لك هو مملوكي فقال هلا عرفتني حتى كنت خدمته وسرت به إلى مملكته فأسعد به قال خفتك عليه قال فسر بنا إليه فسارا إليه
____________________
(5/8)
وفيها تملك الملك الأوحد أيوب بن العادل مدينة خلاط بعد حرب جرت بينه وبين صاحبها بلبان ثم قتل بلبان بعد ذلك
وفيها سار الملك العادل نحو حمص وأغار على بلاد طرابلس وأخذ حصنا من أعمالها
وفيها توفي أبو العباس الرعيني أحمد بن محمد بن أحمد بن مقدام الإشبيلي المقرىء آخر من قرأ القراءات على أبى الحسن شريح وسمع منه ومن أبي بكر ابن العربي وجماعة وكان من الأدب والزهد بمكان أخذ الناس عنه كثيرا
توفي بين العيدين عن سبع وثمانين سنة
____________________
(5/9)
وحنبل بن عبد الله الرصافى أبو عبد الله المكبر راوى المسند بكماله عن ابن الحصين كان دلالا في الأملاك وسمع المسند في نيف وعشرين مجلسا بقراءة ابن الخشاب سنة ثلاث وعشرين توفى في رابع عشر المحرم بعد عوده من دمشق وما تهنى بالذهب الذي ناله وقت سماعهم عليه
وست الكتبة 125 آ نعمة بنت علي بن يحيى ابن الطراح روت الكثير بدمشق عن جدها وتوفيت في ربيع الأول
وعبد المجيب بن عبد الله بن زهير البغدادي سمعه عمه عبد المغيث من عبد الله بن أحمد بن يوسف وجماعة وكان كثير التلاوة جدا توفي بحماة في سلخ المحرم
وعبد الواحد بن عبد السلام بن سلطان الأزجى البيع المقرىء الأستاذ أبو الفضل قرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط وأبى الكرم الشهرزورى وسمع منهما ومن الأرموي وأقرأ القراءات وكان دينا صالحا توفي في ربيع الأول
____________________
(5/10)
وابن الساعاتى الشاعر المفلق بهاء الدين على بن محمد ابن رستم الدمشقي صاحب ديوان الشعر توفى في رمضان وله إحدى وخمسون سنة
وأبو ذر الخشنى مصعب بن محمد بن مسعود الجياني النحوي اللغوي ويعرف أيضا بابن أبي ركب صاحب التصانيف وحامل لواء العربية بالأندلس ولي خطابة إشبيليه مدة ثم قضاء جيان ثم تحول إلى فاس وبعد صيته وسارت الركبان بتصانيفه توفى بفاس وله سبعون سنة ذم في القضاء سنة خمس وست مئة
605 فيها نازلت الكرج مدينة أرجيش فافتتحوها بالسيف وأحرقوها
____________________
(5/11)
وفيها توفي ابن القارص الحسين بن أبى نصر بن حسين بن هبة الله بن أبى حنيفة الحريمي المقرىء الضرير روى عن ابن الحصين وعمر دهرا توفي في شعبان
وفيها توفي أبو عبد الله الحسين بن أحمد الكرخى الكاتب روى عن قاضي المرستان وأبى منصور بن زريق مات في ذي القعدة
وصاحب الجزيرة العمرية الملك سنجر شاه بن غازي ابن مودود بن أتابك زنكي قتله ابنه غازي 125 ب وحلفوا له ثم وثب عليه من الغد خواص أبيه وقتلوه وملكوا أخاه الملك العظيم وكان سنجر سيء السيرة ظلوما
والجبائي الإمام السني أبو محمد عبد الله بن أبى الحسن ابن أبي الفرج الطرابلسي الشامي نزيل إصبهان كان أبوه نصرانيا فمات وأسلم هذا وله إحدى عشرة سنة ثم رحل إلى بغداد وله عشرون سنة فسمع من
____________________
(5/12)
الأرموي وابن الطلاية وتفقه على مذهب أحمد وسمع الكثير بإصبهان من مسعود الثقفى وطبقته
وابن درباس قاضي القضاة صدر الدين أبو القاسم عبد الملك بن عيسى الماراني الشافعي ولد بنواحي الموصل سنة ست عشرة وخمس مئة وتفقه بحلب على أبي الحسن المرادي وسمع بدمشق من أبي القاسم بن البن وسكن مصر وبها مات في رجب
وعبد الواحد بن أبي المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني الإصبهاني في جمادى الأولى عن إحدى وتسعين سنة سمع من جعفر الثقفي وفاطمة الجوزدانية وحضر عبد الواحد الدستج وغيره
وأبو الحسن المعافرى خطيب القدس علي بن محمد ابن علي بن جميل المالقى سمع كتاب الأحكام من مصنفه عبد الحق وسمع بالشام من يحيى الثقفي وجماعة وكتب وحصل ونال رئاسة وثروة مع الدين والخير
وأبو الجود غياث بن فارس اللخمي مقرىء الديار المصرية ولد سنة ثمان عشرة وخمس مئة وسمع من ابن
____________________
(5/13)
رفاعة وقرأ القراءات على الشريف الخطيب وأقرأ الناس دهرا خير من مات من أصحابه إسماعيل المليجي توفي في رمضان
وأبو الفتح المندائى محمد بن أحمد بن بختيار الواسطي المعدل مسند العراق ولد سنة سبع عشرة وخمس مئة وأسمعه أبوه من القاضي أبي العباس بن أبي الحصين وأبي عبد الله البارع وعبيد الله بن محمد 126 آ البيهقي وطائفة وتفقه على سعيد بن الرزاز وتأدب على ابن الجواليقي توفي في شعبان وكان من خيار الناس
وأبو بكر بن مشق المحدث العالم محمد بن المبارك ابن محمد البغدادي البيع عاش اثنتين وسبعين سنة وروى عن القاضي الأرموى وطبقته وكان صدوقا متوددا بلغت أثبات مسموعاته ست مجلدات
____________________
(5/14)
سنة ست وست مئة
606 فيها نزلت الكرج على خلاط فلما كادوا أن يأخذوها وبها الأوحد ابن العادل ثسل ملك الكرج وزحف في جيشه فوصل إلى باب البلد فبرز إليه عسكر المسلمين فتقنطر به فرسه فأحاط به المسلمون وأسروه فهرب جيشه
وفيها حاصر العادل سنجار مدة وبها قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود الأتابكى ثم ترحل عنها بعد أن أخذ نصيبين والخابور
وفيها سار خوارزم شاه صاحب خراسان بجيوشه وقطع النهر فالتقى الخطا وعليهم طاينكو وكانت ملحمة عظيمة انكسر فيها الخطا وقتل منهم خلق وأسر طاينكو واستولى خوارزم شاه على بلاد ما ورآء النهر وكان طائفة من التتار قد خرجوا من أرضهم قديما ونزلوا بلاد الترك وجرت لهم حروب مع الخطا
____________________
(5/15)
فلما عرفوا أن خوارزم شاه كسرهم قصدوهم مع مقدمهم كشلوخان فكاتب ملك الخطا في الحال خوارزم شاه يقول أما ما كان منك من أخذ بلادنا وقتل رجالنا فمغفور فقد أتانا عدو لا قبل لنا به ولو قد انتصروا علينا وأخذونا لم يبق لهم دافع عنك والمصلحة أن تسير إلينا وتنجدنا
فكاتب خوارزم شاه كشلوخان أنا معك
وكاتب الخطا كذلك وسار بجيوشه إلى أن نزل بقربهم وكان في المصاف يوهم 126 ب كلا الطائفتين أنه معهم وأنه كمين لهم فالتقوا فانهزمت الخطا فمال حينئذ مع التتار على الخطا ولم ينج منهم إلا القليل فخضع له كشلوخان وراسله بأن يقاسمه بلاد الخطا فقال ليس بيننا إلا السيف وأما البلاد فلى ثم سار ليقاتله فهاب التتار ورأى رأيا حسنا وهو أن يجعل بينه وبين التتار مفازة فأمر أهل بلاد الترك كلهم بالجلاء إلى بخارى وسمرقند ثم خرجها جميعها وشتت الناس ووافقه خروج جنكزخان على كشلوخان واشتغال بعضهم ببعض مدة
____________________
(5/16)
وفيها توفي إدريس بن محمد أبو القاسم العطار الإصبهانى المعروف بآل والويه روى عن محمد بن علي ابن أبي ذر الصالحاني وتوفي في شعبان قيل إنه جاوز المئة
وأسعد بن المنجا بن أبى البركات القاضى وجيه الدين أبو المعالى التنوخي المعرى ثم الدمشقي مصنف الخلاصة في الفقه روى عن القاضي الأرموى وجماعة وتفقه على شرف الإسلام عبد الوهاب ابن الحنبلي بدمشق وعلى الشيخ عبد القادر ببغداد ومن تصانيفه كتاب النهاية في شرح الهداية يكون بضيغة عشر مجلدا عاش سبعا وثمانين سنة
وعفيفة بنت أحمد بن عبد الله بن محمد أم هاني الفارفانية الإصبهانية ولدت سنة عشر وخمس مئة وهي آخر من روى عن عبد الواحد الدشتج صاحب أبي نعيم ولها إجازة من أبى على الحداد وجماعة وسمعت من فاطمة المعجمين الكبير والصغير للطبراني توفيت في ربيع الآخر
____________________
(5/17)
وأبو عبد الله المرادى محمد بن سعيد المرسى أخذ القراءات عن ابن هذيل وسمع من جماعة
توفي في رمضان
وفخر الدين الرازى العلامة أبو عبد الله 127 آ محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل الشافعي المفسر المتكلم صاحب التصانيف المشهورة ولد سنة أربع وأربعين وخمس مئة واشتغل على والده الإمام ضياء الدين خطيب الرى صاحب محي السنة البغوي وكان ربع القامة عبل الجسم كبير اللحية جهوري الصوت صاحب وقار وحشمة له ثروة ومماليك وبزة حسنة وهيئة جميلة إذا ركب مشى معه نحو الثلاث مئة مشتغل على اختلاف مطالبهم في التفسير والفقه والكلام والأصول والطب وغير ذلك وكان فريد عصره ومتكلم زمانه ورزق الحظوة في تصانيفه وانتشرت في الأقاليم وكان ذا باع طويل في الوعظ فبكى كثيرا في وعظه سار إلى شهاب الدين الغوري سلطان غزنة فبالغ في كرمه وحصلت له منه أموال طائلة واتصل بالسلطان علاء الدين خوارزم شاه فحظى لديه وكان بينه وبين الكرامية السيف الأحمر فينال منهم وينالون منه سبا وتكفيرا حتى قيل إنهم سموه فمات وخلف تركة ضخمة من جملتها ثمانون ألف دينار توفى بهراة يوم عيد الفطر
____________________
(5/18)
والعلاء مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير المبارك ابن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيبانى الجزري ثم الموصلي الكاتب مصنف جامع الأصول والنهاية في غريب الحديث ولد سنة أربع وأربعين وسمع من يحيى بن سعدون الفرضى وخطيب الموصل وولى ديوان الإنشاء لصاحب الموصل وعرض له في أواخر عمره فالج فلزم داره وله عدة تصانيف
وابن الإخوة مؤيد الدين أبو مسلم هشام بن عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن الإخوة البغدادى ثم الإصبهانى المعدل سمع حضورا من ابن أبى ذر وزاهر وسمع من أبى عبد الله الخلال وطائفة وروى كتبا كبارا توفي في جمادى الآخرة
____________________
(5/19)
127 ب ويحيى بن الحسين أبو زكريا الأوانى قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزورى ودعوان وسمع بواسط من القاضي أبي عبد الله الحلابي وغيره توفي في صفر
ومجد الدين يحيى بن الربيع العلامة أبو علي الشافعي ولد سنة ثمان وعشرين وخمس مئة بواسط تفقه أولا على ابن النجيب السهروردى ورحل إلى محمد بن يحيى فتفقه عنده سنتين ونصف وسمع من نصر الله بن الجلخت وجماعة وببغداد من ابن ناصر ونيسابور من عبد الله بن الفراوى وولى تدريس النظامية وكان إماما في القراءات والتفسير والمذهب والأصلين والخلاف كبير القدر وافر الحرمة توفي في ذي القعدة سنة سبع وست مئة
607 فيها خرجت الفرنج من البحر من غربي دمياط وساروا في البر فأخذوا قرية نورة واستباحوها وردوا في الحال فالأمر لله
____________________
(5/20)
وفيها توفي صاحب الموصل الملك العادل نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود بن مودود بن أتابك زنكى التركى ولى بعد أبيه ثمانى عشرة سنة وكان شهما شجاعا سائسا مهيبا مخوفا
قال أبو السعادات ابن الأثير وزيره ما قلت له في فعل خير إلا وبادر إليه
وقال أبو شامة كان عقد نور الدين صاحب الموصل مع وكيله بدمشق على ابنة العادل على مهر ثلاثين ألف دينار ثم بان أنه قد مات من أيام
وقال أبو المظفر سبط بن الجوزى كان جبارا سافكا للدماء بخيلا
وقال ابن خلكان كان شهما عارفا بالأمور تحول شافعيا ولم يكن في بيته شافعى سواه وله مدرسة قل أن يوجد مثلها في الحسن
توفي في رجب وتسلطن ابنه عز الدين مسعود
218 آ وأبو الفخر أسعد بن سعيد بن محمود ابن روح الإصبهانى التاجر رحلة وقته ولد سنة سبع عشرة وخمس مئة وسمع المعجم الكبير للطبرانى بفوت و المعجم الصغير من فاطمة وكان آخر من سمع منها وسمع من زاهر وسعد بن أبي الرجاء توفي في ذي الحجة وآخر من روى عنه بالإجازة تقي الدين الواسطى
____________________
(5/21)
وتقية بنت محمد بن آموسان روت عن أبي عبد الله الخلال وغانم بن خالد توفيت في رجب بإصبهان
وأخوها جفعر بن آموسان الواعظ أبو محمد الإصبهاني سمع من فاطمة بنت البغدادى وجماعة وروى الكثير وحج فأدركه الأجل بالمدينة النبوية في المحرم
وزاهر بن أحمد بن أبي غانم أبو المجد بن أبي طاهر الثقفى الإصبهانى ولد سنة إحدى وعشرين وسمع من محمد بن علي بن أبي ذر وسعد بن أبي الرجاء والحسين ابن عبد الملك وزاهر بن طاهر وطائفة وروى حضورا عن جعفر بن عبد الواحد الثقفي توفي في ذي القعدة
وعائشة بنت معمر بن الفاخر أم حبيبة الإصبهانية حضرت فاطمة الجوزدانية وسمعت من زاهر وجماعة
قال ابن نقطة سمعنا منها مسند أبي يعلى بسماعها من سعيد الصيرفي
توفيت في ربيع الآخر
____________________
(5/22)
وأبو أحمد عبد الوهاب بن علي ابن سكينة هو الحافظ ضياء الدين عبد الوهاب ابن الأمين علي بن علي البغدادي الصوفي مسند العراق وسكينة جدته ولد سنة تسع عشرة وسمع من ابن الحصين وزاهر الشحامي وطبقتهما ولازم ابن السمعانى فسمع الكثير من قاضي المرستان وأقرانه ثم قرأ القراءات على سبط الخياط وجماعة ومهر فيها وقرأ المذهب والخلاف على أبى منصور بن الرزاز وقرأ النحو على ابن الخشاب وصحب جده لأمه أبا البركات 128 ب إسماعيل بن أبي سعد وأخذ علم الحديث عن ابن ناصر ولازمه
قال ابن النجار هو شيخ العراق في الحديث والزهد والسمت وموافقة السنة كانت أوقاته محفوظة لا تمضى له ساعة إلا في تلاوة أو ذكر أو تهجد أو تسميع وكان يديم الصيام غالبا ويستعمل السنة في أموره إلى أن قال وما رأيت أكمل منه ولا أكثر عبادة ولا أحسن سمتا صحبته وقرأت عليه القراءات وكان ثقة نبيلا من أعلام الدين
____________________
(5/23)
قلت آخر من له أجازته الكمال المكبر توفى في تاسع عشر ربيع الآخر
وابن طبرزد مسند العصر أبو حفص موفق الدين عمر بن محمد بن معمر الدار قزى المؤدب ولد سنة ست عشرة وخمس مئة وسمع من ابن الحصين وأبي غالب ابن البناء وطبقتهما فأكثر وحفظ أصوله إلى وقت الحاجة وروى الكثير ثم قدم دمشق في آخر أيامه فازدحموا عليه وقد أملى مجالس بجامع المنصور وعاش تسعين سنة وسبعة أشهر وكان ظريفا كثير المزاح
توفي في تاسع رجب ببغداد
وأبو موسى الجزولى عيسى بن عبد العزيز بن يللبخت البربرى المراكشى النحوى العلامة حج وأخذ العربية عن ابن برى بمصر وسمع الحديث من أبى محمد عبيد الله وإليه انتهت الرياسة في علم النحو توفي بآزمور من عمل مراكش وولى خطابة مراكش مدة وكان بارعا في الأصول وفي القراءات توفي سنة سبع وقيل سنة ست وقيل سنة عشر والله أعلم
____________________
(5/24)
والشيخ أبو عمر المقدسي الزاهد محمد بن أحمد ابن محمد بن قدامة بن مقدام الحنبلي القدوة الزاهد أخو العلامة موفق الدين ولد بجماعيل سنة ثمان وعشرين وخمس مئة وهاجر إلى دمشق لاستيلاء الفرنج على الأرض المقدسة وسمع الحديث من أبى المكارم 129 آ عبد الواحد بن هلال وطائفة كثيرة وكتب الكثير بخطه وحفظ القرآن والفقه والحديث وكان إماما فاضلا مقرئا زاهدا عابدا قانتا لله خائفا من الله منيبا إلى الله كثير النفع لخلق الله ذا أوراد وتهجد واجتهاد وأوقات مقسمة على الطاعة من الصلاة والصيام والذكر وتعليم العلم والفتوة والمروة والخدمة والتواضع رضى الله عنه وأرضاه فلقد كان عديم النظير في زمانه خطب بجامع الجبل إلى أن مات توفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول
____________________
(5/25)
ومحمد بن هبة الله بن كامل أبو الفرج الوكيل عند قضاة بغداد أجاز له ابن الحصين وسمع من أبي غالب ابن البناء وطائفة وروى الكثير وكان ماهرا في الحكومات توفي في رجب
والمظفر بن إبراهيم أبو منصور ابن البرتى الحربى آخر من حدث عن أبى الحسين محمد بن الفراء توفي في شوال عن بضع وتسعين سنة سنة ثمان وست مئة
608 فيها قدم بغداد رسول جلال الدين حسن صاحب الألموت بدخول قومه في الإسلام وأنهم قد تبرأوا من الباطنية وبنوا المساجد والجوامع وصاموا رمضان ففرح الخليفة بذلك
وفيها وثب قتادة الحسنى أمير مكة على الركب العراقي بمنى فنهب الناس وقتل جماعة فقيل راح
____________________
(5/26)
للناس ما قيمته ألف ألف دينار ولم ينتطح فيها عنزان
وفيها توفي أبو العباس العاقولى أحمد بن الحسن ابن أبي البقاء المقرىء قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري وسمع من أبي منصور القزاز وأبي منصور ابن خيرون وطائفة توفي يوم التروية عن ثلاث وثمانين سنة
وجهاركس الأمير الكبير فخر الدين الصلاحى أعطاه العادل بانياس والشقيف فأقام هناك 129 ب مدة توفي في رجب ودفن بتربته بقاسيون
وابن حمدون صاحب التذكرة أبو سعد الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن حمدون البغدادي كاتب الإنشاء للدولة
والخضر بن كامل بن سالم بن سبيع الدمشقي السروجي المعبر سمع من نصر الله المصيصى وببغداد من الحسن سبط الخياط توفي في شوال
____________________
(5/27)
وعبد الرحمان الرومى عتيق أحمد بن باقا البغدادى قرأ القرآن على أبي الكرم الشهرزورى وروى صحيح البخارى بمصر والاسكندرية عن أبي الوقت توفي في ذي القعدة وقد شاخ
وابن نوح الغافقي العلامة أبو عبد الله محمد بن أيوب بن محمد وهب الأندلسي البلنسي ولد سنة ثلاثين وخمس مئة وقرأ القراءات على ابن هذيل وسمع من جماعة وتفقه وبرع في مذهب مالك ولم يبق له في وقته نظير بشرق الأندلس تفننا واستبحارا كان رأسا في القراءات والفقه والعربية وعقد الشروط
قال الأبار تلوت عليه وهو أغزر من لقيت علما وأبعدهم صيتا توفي في شوال
وعماد الدين محمد بن يونس العلامة أبو حامد تفقه على والده وببغداد على يوسف بن بندار الدمشقي وغيره ودرس في عدة مدارس بالموصل واشتهر وقصده الطلبة من البلاد
قال ابن خلكان كان إمام وقته في المذهب والأصول والخلاف وكان له صيت عظيم في زمانه صنف المحيط جمع فيه بين المهذب والوسيط
____________________
(5/28)
وكان ذا ورع ووسواس فى الطهارة بحيث إنه يغسل يده من مس القلم وكان كالوزير لصاحب الموصل نور الدين وما زال به حتى نقله إلى الشافعية توفي في سلخ جمادى الآخرة وهو جد مصنف التعجيز تاج الدين عبد الرحيم بن محمد بن محمد الموصلي
ومنصور بن عبد المنعم بن أبي البركات عبد الله بن فقيه الحرم 130 آ محمد بن الفضل الفراوى أبو الفتح وأبو القاسم ولد سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة وسمع من جده وجد أبيه وعبد الجبار الخوارى ومحمد ابن إسماعيل الفارسى وروى الكتب الكبار ورحلوا إليه توفي في ثامن شعبان بنيسابور
وابن سناء الملك القاضى أبو القاسم هبة الله بن جعفر المصرى الأديب صاحب الديوان المشهور والمصنفات الأدبية قرأ على الشريف الخطيب وقرأ النحو على ابن برى وسمع من السلفى كتب بديوان الإنشاء مدة توفي في أوائل رمضان عن بضع وستين سنة وكان بارع الترسل والنظم
____________________
(5/29)
ويونس بن يحيى الهاشمي أبو محمد البغدادى القصار نزيل مكة روى عن أبي الفضل الأرموى وابن الطلاية وطبقتهما سنة تسع وست مئة
609 فيها كانت الملحمة العظمى بالأندلس بين الناصر محمد بن محمد بن يعقوب بن يوسف وبين الفرنج ونصر الله الإسلام واستشهد بها عدد كثير وتعرف بوقعة العقاب
وفيها توفي أبو جعفر الحصار أحمد بن علي بن يحيى ابن عون الله الأنصارى الأندلسي الداني نزيل بلنسية قرأ القراءات على ابن هذيل وسمع من جماعة وتصدر للإقراء ولم يكن أحد يقاربه في الضبط والتحرير ولكن ضعفه الأبار وغيره لروايته عن ناس ما كأنه لقيهم توفي في صفر
____________________
(5/30)
وأبو عمر بن عات أحمد بن هارون بن أحمد النقري الشاطبى الحافظ سمع أباه العلامة أبا محمد وابن هذيل ولما حج سمع من السلفى وكان عجبا في سرد المتون ومعرفة الرجال والأدب وكان زاهدا سلفيا متعففا عدم في وقعة العقاب في صفر
والملك الأوحد أيوب ابن الملك العادل أبي بكر بن 130 ب أيوب تملك خلاط خمس سنين وكان ظلوما سفاكا لدماء الأمراء مات في ربيع الأول
وأبو نزار ربيعة بن الحسن الحضرمي اليمني الصنعانى الشافعي المحدث ولد سنة خمس وعشرين وخمس مئة وتفقه بظفار ورحل إلى العراق وإصبهان وسمع من أبي المطهر الصيدلاني ورجاء بن حامد المعدانى وطائفة وكان مجموع الفضائل كثير التعبد والعزلة توفي في جمادى الآخرة
وزاهر بن رستم أبو شجاع الإصبهاني الأصل ثم
____________________
(5/31)
البغدادي الفقيه
الشافعي الزاهد قرأ القراءات على سبط الخياط وأبي الكرم وسمع منهما ومن الكروخى وجماعة وجاور وأم بمقام إبراهيم إلى أن عجز وانقطع توفي في ذي القعدة وكان ثقة بصيرا بالقراءات
وأبو الفضل بن المعزم عبد الرحمان بن عبد الوهاب ابن صالح الهمذاني الفقيه توفي في ربيع الآخر سمع من أبي جعفر محمد بن أبي على الحافظ وعبد الصبور الهروي وطائفة وكان مكثرا صحيح السماع
وابن القبيطى أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة أخو حمزة الحراني ثم البغدادي روى عن الحسين وأبي محمد سبطى الخياط وأبي منصور بن خيرون وأبي سعد البغدادي وطائفة وكان متيقظا حسن الأخلاق
ومحمد بن محمد بن أبي الفضل الخوارزمى سمع من زاهر الشحامى بإصبهان
____________________
(5/32)
سنة عشر وست مئة
610 كان السلطان خوارزم شاه محمد صاحب إقدام وجرأة وكان من خبره أنه نازل التتار بجيوشه فخطر له أن يكشفهم فتنكر ولبس زيهم هو وثلاثة ودخل فيهم فأنكرتهم التتار وقبضوا عليهم وقرروهم فمات اثنان تحت الضرب 31 آ ولم يقرا ورسموا على خوارزم شاه ورفيقه فهربا في الليل
قال أبو شامة فيها ورد الخبر بخلاص خوارزم شاه من أسر التتار
وفيها توفي تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقى المعدل ابن عساكر والد العز النسابة ولد سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة وسمع من نصر بن أحمد بن مقاتل وأبى القاسم بن البن وعميه الصائن والحافظ وطائفة وسمع بمكة من أحمد ابن المقرب وخرج لنفسه مشيخة وكتب وجمع وخدم في جهات كبار توفي في رجب
____________________
(5/33)
وأبو الفضل التركستاني أحمد بن مسعود بن علي شيخ الخنفية بالعراق وعالمهم ومدرس مشهد الإمام أبي حنيفة توفي في ربيع الآخر
والفخر إسماعيل بن علي بن حسين المأموى الحنبلي الرفاء الفقيه المناظر صاحب التصانيف ويعرف أيضا بغلام ابن المنى ولد سنة تسع وأربعين وخمس مئة ولازم أبا الفتح نصر ابن المنى مدة وسمع من شهدة وكان له حلقة كبيرة للمناظرة والاشتغال بعلم الكلام والجدل ولم يكن في دينه بذاك توفي في 122 ب ربيع الآخر
وأيدغمش السلطان شمس الدين صاحب همذان وإصبهان والرى كان قد تمكن وكثرت جيوشه واتسعت ممالكه بحيث إنه حصر ولد أستاذه أبا بكر بن البهلوان بأذربيجان إلى أن خرج عليه منكلى بالتركمان وحاربه واستعان عليه بالمماليك البهلوانية فهرب إلى بغداد فسلطنه الخليفة وأعطاه الكوسات في العام الماضي فلما كان في المحرم كبسته التركمان وقتلوه وحملوا رأسه إلى منكلى
____________________
(5/34)
والحسين بن سعيد بن شنيف أبو عبد الله الأمين سمع من هبة الله ابن الطبر وقاضي المرستان وجماعة توفي في المحرم ببغداد
وزينب بنت إبراهيم القيسي زوجة الخطيب ضياء الدين الدولعى أم الفضل سمعت من نصر الله المصيصي وأجاز لها أبو عبد الله الفراوى وخلق توفيت في ربيع الأول
وابن حديدة الوزير معز الدين أبو المعالي سعيد بن علي الأنصاري البغدادي وزر للناصر في سنة أربع وثمانين وخمس مئة فلما عزل بابن مهدي صودر فترك للمترسمين ذهبا وهرب وحلق رأسه والتف في إزار وبقي بأذربيجان مدة ثم قدم بغداد ولزم بيته إلى أن مات في جمادى الأولى
وعبد الجليل بن أبي غالب بن مندويه الإصبهاني أبو مسعود الصوفي المقرىءنزيل دمشق روى الصحيح عن أبي الوقت وروى عن نصر البرمكي
قال القوصى هو الإمام شيخ القراء بقية السلف توفي في جمادي الأولى
____________________
(5/35)
وابن هبل الطبيب العلامة مهذب الدين علي بن أحمد ابن علي البغدادي نزيل الموصل روى عن أبي القاسم بن السمرقندي وكان من الأذكياء الموصوفين له عدة تصانيف وجماعة تلامذه
وعين الشمس بنت أحمد بن أبي الفرج الثقفية الإصبهانية سمعت حضورا في سنة أربع وعشرين من إسماعيل بن الإخشيد وسمعت من ابن أبي ذر وكانت آخر من حدث عنهما توفيت في ربيع الآخر
ومحمد بن مكى بن أبي الرجاء الحنبلي أبو عبد الله محدث إصبهان وأحد من عنى بهذا الشأن روى عن مسعود الثقفي وطبقته توفي في المحرم
وصاحب المغرب السلطان الملك الناصر الملقب بأمير المؤمنين أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي بن علوى القيسي وأمه أمة رومية وكان أشقر أشهل أسيل الخد حسن القامة طويل الصمت كثير الإطراق بعيد الغور ذا شجاعة وحلم وفيه بخل بين تملك بعد أبيه في صفر سنة خمس وتسعين وزر له غير واحد منهم أخوه إبراهيم وكان أولى بالملك منه
____________________
(5/36)
وفي سنة تسع وتسعين سار ونزل على مدينة فاس وكان قد أخذها منهم ابن غانية فظفر جيشه بابن غانية عبد الله بن إسحاق بن غانية متولى فاس فقتلوه ثم خرج عليه عبد الرحمن بن الجزارة بالسوس وهزم الموحدين مرات ثم قتل واستولى ابن غانية على إفريقية كلها سوى بجاية وقسطنطينية فسار الناصر وحاصر المهدية أربعة أشهر ثم تسلمها من ابن عم ابن غانية وصار من خواص أمرائه ثم خامر إليه سير أخو ابن غانية فأكرمه أيضا
قال عبد الواحد المراكشي في تاريخه فبلغني أن جملة ما أنفقه في هذه السفرة مئة وعشرون حمل ذهب ثم دخل الأندلس في سنة ثمان وست مئة فحشد له الإذفنش واستنفر عليه حتى فرنج الشام وقسطنطينية الكبرى وكانت وقعة الموضع المعروف بالعقاب فانكسر المسلمون وكان الذي أعان على ذلك أن البربر الموحدين لم يسلوا سلاحا بل جبنوا وانهزموا غضبا على تأخير أعطياتهم وثبت السلطان ولله الحمد ثباتا كليا ولولا ذلك لاستؤصلت تلك الجموع ورجعت الفرنج بغنائم لا تحصى وأخذوا بلد بياسة عنوة مات بالسكتة في شعبان
____________________
(5/37)
سنة إحدى عشرة وست مئة
611 فيها توفي أبو محمد ابن الأخضر الحافظ المتقن مسند العراق عبد العزيز بن محمود بن المبارك الجنابذى ثم البغدادي سمع سنة ثلاثين وخمس مئة وبعدها من قاضي المرستان وإسماعيل بن السمرقندي فمن بعدهما وحصل الأصول الكثيرة وجمع وخرج مع الثقة والجلالة توفي في شوال
وعلى بن المفضل 132 ب بن علي الإمام الحافظ المفتي شرف الدين أبو الحسن اللخمى المقدسي ثم الإسكندراني الفقيه المالكي ولد سنة أربع وأربعين وتفقه على أبي طالب صالح ابن بنت معافى وأبي طاهر بن عوف وأكثر إلى الغاية عن السلفى والموجودين وسكن في أواخر عمره بمصر ودرس بالصاحبية وصنف التصانيف توفي في غرة شعبان
____________________
(5/38)
وأبو بكر محمد بن معالى بن غنيمة البغدادي المأموني ابن الحلاوى شيخ الحنابلة في زمانه ببغداد وكان علامة صالحا ورعا كبير القدر عاش ثمانين سنة وحدث عن أبى الفتح الكروخي وابن ناصر وتوفي في رمضان وعليه تفقه الشيخ المجد جد شيخنا ابن تيمية سنة اثنتي عشرة وست مئة %
612 فيها ثارت الكرج وبدعوا بأذربيجان وقتلوا سبوا وأسروا نحو المئة ألف
وفيها سار الملك المسعود أقسيس ابن السلطان الملك الكامل من الديار المصرية عندما بلغه موت صاحب اليمن سيف الإسلام فاستولى على إقليم اليمن بلا حرب
____________________
(5/39)
وفيها استولى خوارزم شاه علاء الدين على غزنة وهرب ملكها ألدز إلي بهاور ثم جمع وحشد والتقى صاحب دهلة شمس الدين الدزمش فقتل الدز
وفيها انهزم منكلى الذي غلب على همذان والرى وإصبهان ثم قتل
وفيها توفي ابن الدبيقي أبو العباس أحمد بن يحيى ابن بركة البزاز ببغداد وله بضع وستون سنة روى عن قاضي المرستان وابن زريق القزاز وجماعة وهو ضعيف ألحق اسمه في أماكن توفي في ربيع الآخر ضعفه غير واحد
وسليمان بن محمد بن علي الموصلي الفقيه أبو الفضل الصوفي ولد سنة ثمان وعشرين وسمع من إسماعيل 133 آ ابن السمرقندي ويحيى بن الطراح وطائفة توفي في ربيع الأول
وأبو محمد بن حوط الله الحافظ عبد الله بن سليمان ابن داود الأنصاري الأندلسي الأندى ولد سنة تسع وأربعين وخمس مئة وسمع من أبي الحسن بن هذيل وأبي القاسم بن حبيش وأبي بكر بن الجد وخلق كثير وكان موصوفا بالإتقان حافظا لأسماء الرجال صنف كتابا في تسمية شيوخ البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي ولم يتمه وكان إماما في العربية والترسل والشعر ولى قضاء أشبيلية وقرطبة وأدب أولاد المنصور صاحب المغرب بمراكش وتوفي في ربيع الأول
____________________
(5/40)
وعبد الله بن أبي بكر بن أحمد بن طليب أبو علي الحربي روى عن عبد الله بن أحمد بن يوسف توفي في ذي الحجة
وابن منينا أبو محمد عبد العزيز بن غنيمة البغدادي الأشناني آخر من حدث بالعراق عن قاضي المرستان وسمع من جماعة توفي في ذي الحجة عن سبع وثمانين سنة
ولحافظ عبد القادر الرهاوى أبو محمد الحنبلي
____________________
(5/41)
كان مملوكا لبعض أهل الموصل فأعتقه وحبب إليه فن الحديث فسمع الكثير وصنف وجمع وله الأربعون المتباينة الإسناد والبلاد وهو أمر ما سبقه إليه أحد ولا يرجوه بعده محدث لخراب البلاد سمع بإصبهان من مسعود الثقفي وطبقته وبهمذان من أبي العلاء الحافظ وأبي مهراة زرعة والمقدسى بن عبد الجليل بن أبي سعد آخر أصحاب بيبى الهرثمية وبمرو ونيسالبور وسجستان وبغداد ودمشق ومصر
وقال ابن خليل كان حافظا ثبتا كثير التصنيف ختم به الحديث
وقال أبو شامة كان صالحا مهيبا زاهدا خشن العيش ورعا ناسكا
قلت توفي في جمادى الأولى وله ست وسبعون سنة
133 ب وأبو الحسن بن الصبوغ القدوة العارف علي بن حميد الصعيدي كان صاحب أحوال ومقامات
وانتفع به خلق كثير توفي في نصف شعبان ودفن برباطه بقنا من الصعيد
____________________
(5/42)
وأبو عبد الله بن البناء الشيخ نور الدين محمد بن أبي المعالي عبد الله بن موهوب بن جامع البغدادي الصوفي صحب الشيخ أبا النجيب السهرودى وسمع من ابن ناصر وابن الزاغوانى وطائفة وكتب سماعاته حدث بالعراق والحجاز ومصر والشام واستقر بالسميساطية إلى أن توفي في ذي القعدة عن ست وسبعين سنة
وابن الجلاجلي كمال الدين أبو الفتوح محمد بن علي ابن المبارك البغدادي التاجر الكبير سمع من هبة الله ابن أبي شريك الحاسب وغيره وتوفي ببيت المقدس في رمضان
والوجيه الدهان أبو بكر المبارك بن المبارك بن أبي الأزهر الواسطي الضرير النحوي ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة وسمع ببغداد من أبي زرعة ولزم الكمال عبد الرحمان الأنباري مدة وأبا محمد بن الخشاب وبرع في العربية ودرس النحو أيضا بالنظامية وكان حنبليا فتحول حنفيا وقيل تحول أيضا شافعيا وفيه أبيات سائرة توفي في شعبان ببغداد
____________________
(5/43)
وموسى بن سعيد أبو القاسم الهاشمي البغدادي بن الصيقل سمع من إسماعيل بن السمرقندي وأبي الفضل الأمورى وكان صدرا معظما ولي حجابة باب النوبى ثم نقابة الكوفة توفي في جمادى الأولى
ويحيى بن ياقوت البغدادي الفراش المجاور بمكة روى عن إسماعيل بن السمرقندي وعبد الجبار بن أحمد ابن توبة وجماعة توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وست مئة
613 - 34 آ قال ابن الأثير فيها قد وقع بالبصرة برد قيل ان أصغره كالنارنجة الكبيرة وأكبره ما يستحى الإنسان أن يذكره
قلت أرض العراق قد وقع فيها مثل هذا البرد مرات عديدة ذكرته في أماكنه من تاريخي الكبير
وفيها توفي العلامة تاج الدين الكندي أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الحسن البغدادي المقرىء النحوي اللغوي شيخ الحنفية والقراء والنحاة بالشام ومسند العصر ولد سنة عشرين وخمس مئة وأكمل القراءات العشرة وله عشرة أعوام وهذا ما لا أعلمه تهيأ لأحد سواه
____________________
(5/44)
اعتنى به سبط الخياط فأقرأه وحرص عليه وجهزه إلى أبي القاسم هبة الله بن الطبر فقرأ عليه بست روايات وإلى أبي منصور بن خيرون وأبي بكر خطيب المحول وأبي الفضل بن المهتدي بالله فقرأ عليهم بالروايات الكثيرة وسمع من ابن الطبر وقاضي المرستان وأبي منصور القزاز وخلق وأتقن العربية على جماعة وقال الشعر الجيد ونال الجاه الوافر فإن الملك المعظم كان مديما للاشتغال عليه وكان ينزل إليه من القلعة توفي في سادس شوال ونزل الناس بموته درجة في القراءات وفي الحديث لأنه آخر من سمع من القاضى أبي بكر والقاضى آخر من سمع من أبي محمد الجوهري والجوهري آخر من روى عن القطيعي والقطيعي آخر من روى عن الكريمى وجماعة
____________________
(5/45)
وعبد الرحمان بن علي الزهري الإشبيلى أبو محمد مسند الأندلس في زمانه روى صحيح البخاري سماعا عن أبي الحسن شريح وعاش بعد ما سمعه ثمانين سنة وهذا شيء لا أعلمه وقع لأحد بالأندلس توفي في آخر العام
والملك الظاهر غازي صاحب حلب ولد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ولد بمصر سنة ثمان وستين وخمس مئة وحدث عن عبد الله بن 134 ب برى وجماعة وكان بديع الحسن كامل الملاحة ذا غور ودهاء ورأى ومصادقة لملوك النواحي فيوهمهم أنه لولا هو لقصدهم عمه العادل ويوهم عمه لولا هو لاتفق عليه الملوك وشاقوه وكان سمحا جوادا تزوج بابنتى عمه توفي في العشرين من جمادي الآخرة بالإسهال وتسلطن بعده الملك العزيز وله ثلاثة أعوام وكاسر الملك العادل لأجل بنته أم الطفل
والجاجرمي مؤلف الكفاية في الفقه الإمام معين الدين أبو حامد محمد بن إبراهيم السهلي الشافعي وله طريقة في الخلاف وجاجرم بليدة بين نيسابور وجرجان جاء منها إلى نيسابور ودرس بها ومات كهلا في رجب
____________________
(5/46)
والعزيز محمد ابن الحافظ تقي الدين عبد الغنى بن عبد الواحد المقدسى الحافظ أبو الفتح ولد سنة ست وستين وخمس مئة ورحل إلى بغداد وهو مراهق فسمع من ابن شاتيل وطبقته وسمع بدمشق من أبى الفهم عبد الرحمان بن أبي العجائز وطائفة وكتب الكثير وعنى بالحديث ورحل إلى إصبهان وغيرها وكان موصوفا بحسن القراءة وجودة الحفظ والفهم
قال الضياء كان حافظا فقيها ذا فنون وصفة بالمروءة التامة والديانة المتينة توفي في تاسع عشر شوال سنة أربع عشرة وست مئة
614 فيها سار خوارزم شاه في أربع مئة ألف راكب إلى أن وصل همذان قاصدا بغداد ليتملكها ويحكم على الناصر لدين الله فاستعد له الناصر وفرق الأموال
____________________
(5/47)
والسلاح وراسله مع السهروردى فلم يلتفت عليه فحكى قال دخلت إليه في خيمة عظيمة لم أر مثل دهليزها وهو من أطلس والأطناب حرير وفي الخدمة 135 آ ملوك العجم وما وراء النهر وهو شاب له شعرات قاعد على تخت وعليه قباء يساوى خمسة دراهم وعلى رأسه قلنسوة جلد تساوى درهما فسلمت فما رد ولا أمرني بالجلوس فخطبت وذكرت فضل بني العباس وأطنبت في وصف الخليفة والترجمان يخبره فقال قل له هذا الذى تصفه ما هو في بغداد بل أنا أجىء وأقيم خليفة هكذا ثم ردنا بلا جواب واتفق أن نزل همذان ثلج عظيم أهلك خيلهم وركب هو يوما فعثر به فرسه فتطير وقلت الأقوات على جيوشه ولطف الله فردوا
وفيها تحزبت الفرنج على الملك العادل ونزلوا على عين جالوت وهو ببيسان فأحرقها وتقهقر إلى عجلون ثم إلى الفوار فقطعت الفرنج الشريعة تمبعته وبيتوا اليزك وعاثوا في البلاد وتهيأ أهل دمشق للحصار واستحث العادل ملوك النواحي وتأخر إلى مرج الصفر فرجعت الفرنج بالسبى والغنائم إلى نحو عكا وكانوا خمسة عشر ألفا عليهم الهنكر
____________________
(5/48)
وفيها توفي أبو الخطاب بن واجب أحمد بن محمد ابن عمر القيسي البلنسي الإمام ولد سنة سبع وثلاثين وأكثر عن جده أبي حفص ابن واجب وابن هذيل وابن قزمان صاحب ابن الطلاع وطائفة وأجاز له أبو بكر ابن العربي
قال ابن الأبار هو حامل راية الرواية بشرق الأندلس وكان متفننا ضابطا نحويا عالي الإسناد ورعا قانتا له عناية كاملة بصناعة الحديث ولي القضاء ببلنسية وشاطبة غير مرة ومعظم روايتي عنه توفي في رجب
والشيخ العماد أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي أخو الحافظ عبد الغني ولد بجماعيل سنة ثلاث وأربعين وهاجر سنة إحدى وخمسين وخمس مئة مع أقاربه وسمع من عبد الواحد بن هلال 135 ب وجماعة وببغداد من شهدة وصالح ابن الرحلة وبالموصل من خطيبها وحفظ الخرقي والغريب للعزيزى وألقى الدروس وناظر واشتغل وقد قرأ القراءات على أبي الحسن الطائحى وكان متصديا لقراءة القرآن والفقه ورعا تقيا متواضعا سمحا مفضالا صواما قواما صاحب أحوال وكرامات موصوفا بطول الصلاة
____________________
(5/49)
قال الشيخ الموفق ما فارقته إلا أن يسافر فما عرفت أنه عصى الله معصية
توفي الشيخ العماد رضى الله عنه فجأة في سابع عشر ذي القعدة
وعبد الله بن عبد الجبار العثمانى أبو محمد الاسكندرانى التاجر الكارمي المحدث سمع من السلفى فأكثر وتوفي في ذي الحجة عن سبعين سنة
وابن الحرستانى قاضي القضاة جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الخزرجي الربعي الشافعي ولد سنة عشرين وخمس مئة وسمع سنة خمس وعشرين من عبد الكريم بن حمزة وجمال الإسلام وطاهر بن سهل الأسفرايينى والكبار حدث وأفتى وبرع في المذهب وانتهى إليه علو الإسناد وكان صالحا عابدا من قضاة العدل توفي في رابع ذي الحجة وله خمس وتسعون سنة
____________________
(5/50)
وعلي بن محمد بن علي الموصلى أبو الحسن أخو سليمان سمع من الحسين سبط الخياط وأبي البدر الكرخي وجماعة توفي في جمادى الآخرة
وابن جبير الكناني الإمام الرئيس أبو الحسين محمد ابن جبير البلنسى نزيل شاطبة ولد سنة أربعين وخمس مئة وسمع من أبيه وعلى بن أبي العيش المقرئ وأجاز له أبو الوليد بن الدباغ وحج وحدث في طريقه
قال الأبار عنى بالآداب فبلغ فيها الغاية وتقدم في صناعة النظم والنثر ونال بذلك دنيا عريضة ثم زهد ورحل مرتين إلى الشرق وفي الثالثة توفي بالاسكندرية في شعبان
136 آ وأبو عبد الله بن سعادة الشاطبى المعمر محمد بن عبد العزيز بن سعادة أخذ قراءة نافع عن أبي عبد الله بن غلام الفرس والقراءات عن ابن هذيل وأبي بكر محمد بن أحمد بن عمران وسمع من ابن النعمة وابن عاشر وأبي عبيد الله محمد بن يوسف بن سعادة أكثر عنه ابن الأبار وكان مولده سنة ست عشرة وخمس مئة أو قيل ذلك وتوفي بشاطبة في شوال وكان مجودا للقراءات
____________________
(5/51)
سنة خمس عشرة وستمئة
615 فيها نازلت الفرنج دمياط فجهز العادل جيشا نجدة لولده الكامل
وفيها كسر الملك الأشرف موسى ملك الروم كيكاوس ثم أخذ عسكره وعسكر حلب ودخل بلاد الفرنج ليشغلهم بأنفسهم عن دمياط فأقبل صاحب الروم إلى أعمال حلب وأخذ رعبان وتل باشر فقصده الملك الأشرف وقدم بين يديه العرب فكبسوا الروم وهزموهم
____________________
(5/52)
وأخذت الفرنج برج السلسلة من دمياط وكان قفل ديار مصر وهو في وسط النيل فكان يمد منه سلسلة على وجه النيل إلى دمياط وأخرى إلى برج آخر فلا تمكن المراكب أن تعبر من البحر في النيل
وفيها التقى الملك المعظم الفرنج فكسرهم وقتل خلق وأسر مئة فارس ولكنه تمقت إلى الناس بإدارة المكوس والحانات بدمشق واعتذر لما عنفوه بقلة المال ثم سار وخرب بانياس وتبنين وقد كانت قفلا للشام وزعم أنه خربهما خوفا من استيلاء الفرنج وكذلك كان قد أنشأ قلعة على الطور من أعوام فأخربها وعجز عن حفظ ذلك لإحتياجه إلى المال والرجال ثم سار الكامل والتقى الفرنج فهزمهم ببر دمياط
وفيها توفي صاحب مصر والشام 136 ب العادل وصاحب الروم وصاحب الموصل
____________________
(5/53)
وفيها جاءت رسل جنكزخان ملك التتار محمود الخوارزمى وعلى البخارى بتقدمة مستطرفة إلى خوارزم شاه ويطلب منه المسالمة والهدنة فاستمال خوارزم شاه محمودا الخوارزمى وقال أنت منا وإلينا وأعطاه معضدة جوهر وقرر معه أن يكون عينا للمسلمين ثم قال له أصدقني أيملك جنكزخان طمغاج الصين قال نعم قال فما ترى قال الهدنة فأجاب وسر جنكزخان بإجابته واستقر الحال إلى أن جاء من بلاده تجار إلى ما وراء النهر وعليها خال خوارزم شاه فقبض عليهم وأخذ أموالهم شرها منه ثم كاتب خوارزم شاه يقول إنهم تتار في زى التجار وقصدهم يجسوا البلاد ثم جاءت رسل جنكزخان إلى خوارزم شاه يقول إن كان ما فعله خالك بأمره فسلمه الينا وان كان بأمرك فالغدر قبيح وستشاهد ما تعرفني به فندم خوارزم شاه وتجلد وأمر بالرسل فقتلوا ليقضي الله أمرا كان مفعولا فيالها حركة عظيمة الشؤم أجرت كل قطرة بحرا من الدماء
وفيها توفي محدث بغداد أبو العباس البندنيجي أحمد بن أحمد بن كرم الحافظ المعدل ولد سنة إحدى وأربعين وسمع من أبى بكر بن الزاغوني وأبي الوقت فمن بعدهما وعنى بالحديث وفنونه وكان من أطيب الناس قراءة للحديث وهو الذي أظهر إجازة الناصر لدين الله من أبي الحسين عبد الحق وطبقته ولكنه كان ضعيفا لأمور توفي في رمضان
____________________
(5/54)
والشمس العطار أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمى البغدادى الصيدلاني نزيل دمشق ولد سنة ست وأربعين وسمع الناس منه صحيح البخاري غير مرة وكان ثقة توفي في شعبان
137 آ وصاحب الموصل السلطان الملك القاهر عز الدين أبو الفتح مسعود ابن السلطان نور الدين أرسلان شاه بن مسعود الأتابكي ولد سنة تسعين وخمس مئة وتملك بعد أبيه وله سبع عشرة سنة وكان موصوفا بالملاحة والعدل والسماحة قيل إنه سم ومات في ربيع الآخر وله خمس وعشرون سنة وعظم على الرعية فقده وولى بعده بعهد منه ولده نور الدين إرلان شاه ويسمى أيضا عليا وله عشر سنين فمات في أواخر السنة أيضا
____________________
(5/55)
وزينب الشعرية الحرة أم المؤيد بنت أبي القاسم عبد الرحمان بن الحسن بن أحمد بن سهل الجرجاني ثم النيسابوري الشعري الصوفي ولدت سنة أربع وعشرين وسمعت من ابن الفراوى عبد الله لا من أبيه ومن زاهر الشحامي وعبد المنعم ابن القشيري وطائفة توفيت في جمادى الآخرة وانقطع بموتها إسناد عال
وأبو القاسم بن الدامغاني قاضي القضاة عبد الله ابن الحسين بن أحمد بن علي ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني الفقيه العلامة عماد الدين سمع من تجنى الوهبانية وولى القضاء بالعراق سنة ثلاث وست مئة إلى أن عزل سنة إحدى عشرة
توفي في ذي القعدة
والقاضي شرف الدين ابن الزكى القرشي أبو طالب عبد الله بن زين القضاة عبد الرحمان بن سلطان بن يحيى بن على الدمشقي الشافعي ناب في الحكم عن ابن عمه القاضي محيى الدين ثم عن ابنه زكي الدين الطاهر ودرس بالشامية الكبيرة وهو أول من درس بالرواحية توفي في شعبان
____________________
(5/56)
وصاحب الروم السلطان الملك الغالب عز الدين كيكاوس بن كيخسرو بن قلج أرسلان السلجوقي سلطان قونية وأقصرا وملطية وأخو السلطان علاء الدين 137 ب كيقباذ كان ظلوما غشوقا سفاكا للدماء قيل إنه مات فجأة مخمورا فأخرجوا أخاه علاء الدين وملكوه بعده وذلك في شوال
وأبو الفتوح البكري فخر الدين محمد بن محمد ابن محمد بن عمروك القرشي التيمى النيسابوري الصوفي ولد سنة ثمان عشرة وخمس مئة ولو سمع في صغره لصار مسند عصره وقد سمع من أبي الأسعد القشيري وغيره ويالاسكندرية مع ابنه محمد من السلفي وحدث بأماكن توفي في جمادى الآخرة
والركن العميدى صاحب الجست أبو حامد محمد بن محمد ابن السمرقندي الحنفي أخذ عن الرضى النيسابوري وبرع في الخلاف والجدل وصنف الطريقة المشهورة وكتاب شرح الإرشاد توفي في جمادى الآخرة ببخارى
____________________
(5/57)
والسلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر محمد بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذى ولد ببعلبك حال ولاية أبيه عليها ونشأ في خدمة نور الدين مع أبيه وكان أخوه صلاح الدين يستشيره ويعتمد على رأيه وعقله ودهائه ولم يكن أحد يتقدم عليه عنده ثم تنقلت به الأحوال واستولى على الممالك وسلطن ابنه الكامل على الديار المصرية وابنه المعظم على الشام وابنه الأشرف على الجزيرة وابنه الأوحد على خلاط وابن ابنه المسعود على اليمن وكان ملكا جليلا سعيدا طويل العمر عميق الفكر بعيد الغور جماعا للمال ذا حلم وسؤدد وبر كثير وكان يضرب المثل بكثرة أكله وله نصيب من صوم وصلاة ولم يكن محببا إلى الرعية لمجيئه بعد الدولتين النورية والصلاحية وقد حدث عن السلفي وخلف سبعة عشر ابنا تسلطن منهم الكامل والمعظم والأشرف والصالح وشهاب الدين 138 آ غازى صاحب ميافارقين وتوفي في سابع جمادى الآخرة وله بضع وسبعون سنة
____________________
(5/58)
سنة ست عشرة وست مئة
616 فيها تحركت التتار فخارت قوى السلطان خوارزم شاه وتقهقر بين أيديهم ببلاد ما وراء النهر وانجفل الناس بخوارزم وأمرت أمه بقتل من كان محبوسا من الملوك بخوارزم وكانوا بضعة عشر نفسا ثم سارت بالخزائن إلى قلعة إيلال بمازندران ووصل خوارزم شاه إلى همذان في نحو عشرين ألفا وتقوضت أيامه
وفي أول العام خرب الملك المعظم سور بيت المقدس عجزا وخوفا من الفرنج أن تملكه فتشتت أهله وتعثروا وكان هو مع أخيه الكامل في كشف الفرنج عن دمياط وتم لهم وللمسلمين حروب وقتال كثير وجرت أمور يطول شرحها وجدت الفرنج في محاصرة دمياط وعملوا عليهم خندقا كبيرا وثبت أهل البلد ثباتا لم يسمع بمثله وكثر فيهم القتل والجراح والموت وعدمت الأقوات ثم سلموها بالأمان في شعبان وطار عقل الفرنج وتسارعوا إليها من كل فج عميق وشرعوا في تحصينها وأصبحت دار هجرتهم وترجوا بها أخذ ديار مصر وأشرف الإسلام على خطة خسف اقبلت التتار من المشرق والفرنج من المغرب وعزم المصريون على الجلاء فثبتهم الكامل إلى أن سار إليه أخوه الأشرف كما يأتي
____________________
(5/59)
وفيها توفي أحمد بن سلمان بن الأصفر أبو العباس الخريبى روى عن أحمد بن علي بن الأشقر وابن الطلاية توفي في ذي الحجة
وأحمد بن محمد بن سيدهم أبو الفضل الأنصاري الدمشقي الجابى المعروف بابن الهراس سمع من نصر الله المصيصى وغيره
توفي في شعبان
138 ب وابن ملاعب زين الدين أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن ملاعب الأزجي وكيل القضاة روى عن الأرموى وابن ناصر وطائفة وبعض سماعاته في الخامسة توفي في جمادى الآخرة بدمشق
وريحان بن تيكان بن موسك الحربي الضرير مات في صفر وله بضع وتسعون سنة روى عن أحمد بن الطلاية والمبارك بن أحمد الكندي
____________________
(5/60)
وست الشام الخاتون أخت الملك العادل توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي بمدرستها الشامية رحمها الله تعالى
وأبو منصور بن الرزاز سعيد ب محمد ابن العلامة المفتى سعيد بن محمد بن عمر البغدادي روى البخاري عن أبي الوقت وحضر أبا الفضل الأرموى
وأبو البقاء العلامة محب الدين عبد الله بن الحسين ابن أبي البقاء العكبرى ثم الأزجى الضرير الحنبلي النحوي الفرضي صاحب التصانيف قرأ القراءات على ابن عساكر البطائحي وتأدب على ابن الخشاب وتفقه على أبي يعلى الصغير وروى عن ابن البطى وطائفة وحاز قصب السبق في العربية وتخرج به خلق ذهب بصره في صغره بالجدرى وكان دينا ثقة توفي في ربيع الآخر
وابن شاس العلامة جلال الدين أبو محمد عبد الله ابن نجم بن شاس بن نزار الجذامى السعدى المصرى شيخ المالكية وصاحب كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم
____________________
(5/61)
المدينة كان من كبار الأئمة العاملين حج في آخر عمره ورجع فامتنع من الفتيا إلى أن مات مجاهدا في سبيل الله في حدود رجب
وعبد الرحمان بن محمد بن علي بن يعيش الصدر أبو الفرج 139 آالأنباري أخو أبي الحسن على روى عن عبد الوهاب الأنماطي وغيره وعمر تسعين سنة توفي في شعبان
وعبد العزيز بن أحمد بن مسعود ابن الناقد أبو محمد البغدادي المقرئ الصالح قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزورى وغيره وسمع من أبي سعد البغدادي والآرموي توفي في شوال
والإفتخار الهاشمي أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل العباسي البلخى ثم الحلبي الحنفي إمام المذهب بحلب سمع بما وراء النهر من القاضي عمر بن علي المحمودي وأبي شجاع البسطامي وجماعة وبرع في المذهب وناظر وصنف وشرح الجامع الكبير وتخرج به الأصحاب وعاش ثمانين سنة توفي في جمادى الآخرة
وعلى بن القاسم ابن الحافظ الكبير أبي القاسم ابن
____________________
(5/62)
عساكر عماد الدين أبو القاسم ولد سنة إحدى وثمانين وسمع من أبيه وعبد الرحمان بن الخرقي وإسماعيل الجنزوى ورحل إلى خراسان فكان آخر من رحل إليها من المحدثين وأكثر عن المؤيد الطوسي ونحوه وكان صدوقا ذكيا فهما حافظا مجدا في الطلب إلا أنه كان تشيع وقد خرجت عليه الحرامية في قفوله من خراسان فجرحوه وأدركه الموت ببغداد في جمادى الأولى
وصاحب سنجار الملك المنصور قطب الدين محمد ابن عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بن آقسنقر تملك سنجار مدة حاصره الملك العادل أياما ثم رحل عنه بأمر الخليفة توفي في صفر وتملك بعده ولده عماد الدين شاهنشاه أشهرا ومات قبله أخوه عمر وتملك بعده مديدة ثم سلم سنجار إلى الأشرف ثم مات سنة سبع عشرة وست مئة
617 فيها قصد الموصل الملك مظفر الدين صاحب إربل فالتقاه بدر الدين لولو وكسره وأفلت لولو ونازل مظفر الدين الموصل فنجدها الأشرف ثم وقع الصلح
____________________
(5/63)
وفي رجب 139 ب وقعة البرلس بين الكامل والفرنج وكانت فتحا عزيزا قتل من الملاعين عشرة آلاف وانهزموا إلى دمياط
وفيها حج بالعراقيين أقباش مملوك الخليفة وكان من أحسن أهل زمانه اشتراه الناصر بخمسة آلاف دينار وكان معه تقليد بمكة لحسن بن قتادة لموت أبيه في وسط العام فجاءه بعرفات راجح فقال أنا أكبر ولد قتادة فولني فتوهم حسن أنه معزول فأغلق مكة فركب أقباش ليسكن الفتنة وقال ما قصدى قتال فثار به أولئك العبيد الأشرار وحملوا فانهزم أصحابه فتقدم عبد فعرقب فرسه فوقع فذبحوه وعلقوا رأسه وأرادوا نهب العراقيين فقام في القضية أمير الشاميين المعتمد والى دمشق ورد معه ركب العراق
وأما التتار فإنهم أخذوا في آخر عام ستة عشر بخارى وقتلوا وما أبقوا ثم عبروا نهر جيحون واستولوا على خراسان قتلا وسبيا وتخريبا وإبادة إلى حدود العراق بعد أن هزموا جيوش خوارزم شاه ومزقوهم
____________________
(5/64)
ثم عطفوا إلى قزوين فاستباحوها ثم سارت فرقة كبيرة إلى أذربيجان فاستباحوها وحاصروا تبريز وبها ابن البهلوان فبذل لهم أموالا وتحفا فرحلوا عنه ليشنوا على الساحل فوصلوا إلى موغان وحاربوا الكرج وهزموهم في ذي القعدة من سنة سبع عشرة ثم ساروا إلى مراغة وأخذوها بالسيف ثم كروا نحو إربل فاجتمع لحربهم عسكر العراق والموصل مع صاحب إربل فهابوهم وعرجوا إلى همذان فحاربهم أهلها أشد محاربة في العام المقبل وأخذوها بالسيف وأحرقوها ثم نزلوا على بيلقان وأخذوها بالسيف وقتلوا بلا استثناء ثم حاربوا الكرج أيضا وقتلوا منهم نحو ثلاثين ألفا ثم سلكوا طرقا وعرة في جبال دربند شروان وانبثوا من تلك الأراضي 140 آ وبها اللان واللكز وطوائف من الترك وفيهم قليل مسلمون فتجمعوا والتقوا فكانت الدبرة على اللان ثم بيتوا القفجاق وقتلوا وسبوا وأقاموا بتلك الديار ووصلوا إلى سوراق وهي مدينة القفجاق فملكوها وأقاموا هناك إلى سنة عشرين وست مئة
ولما تمكن الطاغية جنكزخان وعتا وتمرد وأباد
____________________
(5/65)
وأذل العرب والعجم قسم عساكره وجهزكل فرقة إلى ناحية من الأرض ثم عادت إليه أكثر عساكره إلى سمرقند فلا يقال كم أباد هؤلاء من بلد وإنما يقال كم بقي وكان خوارزم شاه محمد بطلا مقدما هجاما وعسكره أو شابا ليس لهم ديوان ولا إقطاع بل يعيشون من النهب والغارات وهم تركى كافر أو مسلم جاهل لم يعرفوا تعبئة العسكر في المصاف ولم يدمنوا إلا على المهاجمة ولا لهم زرديات ولا عدد جند ثم إنه كان يقتل بعض القبيلة ويستخدم باقيها ولم يكن فيه شيء من المداراة ولا التؤدة لا لجنده ولا لعدوه وتحرش بالتتار وهم يغضون على من يرضيهم فكيف بمن يغضبهم ويؤذيهم فخرجوا عليه وهم بنو أب وأولو كلمة مجتمعة وقلب واحد ورئيس مطاع فلم يمكن أن يقف مثل خوارزم شاه بين أيديهم ولكل أجل كتاب فطووا الأرض وكلت أسلحتهم وتكلكلت أيديهم مما قتلوا من النساء والأطفال فضلا عن الرجال وقد بسطنا أخبارهم وشرحنا ما تم للإسلام وأهله في التاريخ الكبير فإنا لله وإنا إليه راجعون
____________________
(5/66)
وفيها توفي زكى الدين الطاهر قاضي القضاة ولد قاضي القضاة محييى الدين محمد ابن قاضي القضاة زكى الدين على ابن قاضي القضاة المنتجب محمد بن يحيى القرشي الدمشقي ولى قبل ابن الحرستانى ثم بعده وكان ذا هيبة وحشمة وسطوة وكان الملك 140 ب المعظم يكرهه فاتفق أن زكى الدين طالب جانى العزيزية بالحساب فأساء الأدب عليه فأمر بضربه بين يديه فوجد المعظم سبيلا إلى أذيته وبعث إليه بخلعة أمير قباء وكلوته وألزمه بلبسها في مجلس حكمه ففعل ثم قام فدخل ولزم بيته ومات كمدا يقال إنه رمى قطعا من كبده ومات في صفر كهلا وندم المعظم
والشيخ عبد الله اليونينى وهو ابن عثمان بن جعفر الزاهد الكبير أسد الشام وكان شيخا مهيبا طوالا حاد الحال تام الشجاعة أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر كثير الجهاد دائم الذكر عظيم الشأن منقطع القرين صاحب مجاهدات وكرامات كان الأمجد صاحب بعلبك يزوره وكان يهينه ويقول يا مجيد أنت تظلم وتفعل وهو يعتذر إليه وقيل كان قوسه ثمانين رطلا وما كان يبالى بالرجال قلوا أو كثروا وكان ينشد هذه الأبيات ويبكي
____________________
(5/67)
( شفيعي إليكم طول شوقي إليكم % وكل كريم للشفيع قبول )
( وعذري إليكم أنني في هواكم % أسير ومأسور الغرام ذليل )
( فإن تقلبوا عذري فأهلا ومرحبا % وإن لم تجيبوا فالمحب حمول )
( سأصبر لا عنكم ولكن عليكم % عسى لى إلى ذاك الجناب وصول )
توفي في عشر ذي الحجة وهو صائم وقد نيف على الثمانين وقبره يزار ببعلبك
وأبو المظفر ابن السمعاني فخر الدين عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن الحافظ أبي بكر محمد ابن الإمام أبي المظفر منصور بن محمد التميمي
____________________
(5/68)
المروزي الشافعي الفقيه المحدث مسند خراسان ولد سنة سبع وثلاثين وخمس مئة 141 آ وروى كتبا كبارا منها صحيح البخاري و مسند الحافظ أبى عوانة و سنن أبى داود و جامع أبي عيسى و تاريخ الفسوى و مسند الهيثم بن كليب سمع من وجيه الشحامى وأبي تمام أحمد بن محمد بن المختار وأبى سعد الأسعد القشيري وخلق رحله أبوه إليهم بمرو ونيسابور وهراة وبخارى وسمرقند ثم خرج له أبوه معجما في ثمانية عشر جزءا وكان مفتيا عارفا بالمذهب عدم في دخول التتار بمرو في آخر العام
وقتادة بن أدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى العلوى الحسنى صاحب مكة أبو عزيز وعاش أكثر من ثمانين سنة
وخوارزم شاه محمد بن تكش السلطان الكبير علاء الدين كان ملكا جليلا أصيلا عالى الهمة واسع الممالك كثير الحروب ذا ظلم وجبروت وغور ودهاء تسلطن بعد والده علاء الدين تكش فدانت له الملوك وذلت له الأمم وأباد أمة الخطا واستولى على بلادهم إلى أن
____________________
(5/69)
قهر بخروج التتار الطمغاجية عسكر جنكزخان واندفع قدامهم وأتاه أمر الله من حيث لم يحتسب فما وصل إلى الري إلا وطلائعهم على رأسه فانهزم إلى قلعة برجين وقد مسه النصب فأدركوه وما تركوه يبلع ريقه فتحامل إلى همذان ثم إلى مازندران وقعقعة سلاحهم قد ملأت مسامعه فنزل ببحيرة هناك ثم مرض بالإسهال وطلب الدواء فأعوزه الخبر ومات فقيل إنه حمل في البحر إلى دهستان
واما ابنه جلال الدين فتقاذفت به البلاد ثم رمته الهند إلى كرمان وقيل بلغ عدد جيشه ثلاث مئة ألف وقيل أكثر من ذلك
وصدر الدين شيخ الشيوخ أبو الحسن محمد ابن شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن علي الجوينى برع في مذهب 141 ب الشافعي وسمع من يحيى الثقفي ودرس وأفتى وزوجه شيخه القطب النيسابوري بابنته فأولدها الإخوة الأمراء الأربعة ثم ولى بمصر تدريس الشافعي ومشهد الحسين وبعثه الكامل رسولا يستنجد
____________________
(5/70)
بالخليفة وجيشه على الفرنج فأدركه الموت بالموصل أجاز له أبو الوقت وجماعة وكان كبير القدر
وصاحب حماة الملك المنصور محمد ابن المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب سمع من أبي الطاهر بن عوف وجمع تاريخا على السنين في مجلدات وقد تملك حماة بعده ولده الناصر قلج أرسلان فأخذها منه الكامل وسجنه ثم أعطاه لأخيه الملك المظفر
والمؤيد بن محمد بن علي بن حسن رضي الدين أبو الحسن الطوسي المقرئ مسند خراسان ولد سنة أربع وعشرين وسمع صحيح مسلم من الفراوى و صحيح البخاري من جماعة وعدة كتب وأجزاء وانتهى إليه علو الإسناد بنيسابور ورحل إليه من الأقطار توفي ليلة الجمعة العشرين من شوال رحمه الله
وناصر بن مهدي الوزير نصير الدين العجمي قدم من مازندران سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة فوزر للخليفة الناصر سنتين ثم قبض عليه سنة أربع وست مئة وعاش إلى هذا الوقت توفي في جمادى الأولى
____________________
(5/71)
سنة ثمان عشرة وست مئة
618 استهلت والدنيا تغلى بالتتار وتجمع إلى السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه فل عساكره والتقى تولى خان بن جنكزخان فانكسر تولى خان وأسر خلق من التتار وقتل آخرون ولله الحمد فقامت قيامة جنكزخان واشتد غضبه إذ لم يهزم له جيش قبلها فجمع جيشه وسار بهم إلى ناحية السند فالتقاه جلال الدين 142 آ في شوال من السنة فانهزم جيشه وثبت هو وطائفة ثم حمل بنفسه على قلب جنكزخان وكسره وولى جنكزخان منهزما وكادت الدائرة تدور عليه لولا كمين له عشرة آلاف خرجوا على المسلمين فطحنت الميمنة وأسر ولد السلطان جلال الدين فتبدد نظامه وتقهقر إلى حافة السند
وأما بغداد فانزعج أهلها وقنت المسلمون وتأهب الخليفة واستخدم وأنفق الأموال
وفيها سار الملك الأشرف ينجد أخاه الكامل وسار معه عسكر الشام
____________________
(5/72)
وخرجت الفرنج من دمياط بالفارس والراجل أيام زيادة النيل فنزلوا على ترعة فبثق المسلمون عليها النيل فلم يبق لهم وصول إلى دمياط وجاء الأصطول فأخذوا مراكب الفرنج وكانوا مئة كند وثمان مئة فارس فيهم صاحب عكا وخلق من الرجالة فلما عاينوا الخذلان بعثوا يطلبون الصلح ويسلمون دمياط إلى الكامل فأجابهم ثم جاءه أخواه بالعساكر في رجب فعمل سماطا عظيما وأحضر ملوك الفرنج وأنعم عليهم ووقف في خدمته المعظم والأشرف وكان يوما مشهودا وقام راجح الحلى فأنشد قصيدة منها
( ونادى لسان الكون فى الأرض رافعا % عقيرته في الخافقين منوشدا )
( أعباد عيسى إن عيسى وحزبه % وموسى جميعا ينصران محمدا )
وأشار إلى الأخوة الثلاثة
وفيهاتوفي الشيخ الزاهد القدوة نجم الدين أبو الجناب أحمد بن عمر بن محمد الخيوقي الصوفي المحدث شيخ خوارزم ويقال له نجم الدين الكبرى
____________________
(5/73)
وخيوق من قرى خوارزم كان صاحب حديث وسنة وزهد وورع له عظمة في النفوس وجاه عظيم رحل في الحديث 142 ب وسمع بهمذان من الحافظ أبي العلاء وبالإسكندرية من السلفي وعنى بمذهب الشافعى وبالتفسير وله تفسير في اثني عشر مجلدا ولما نزلت التتار على خوارزم في هذه السنة خرج لقتالهم في خلق فاستشهدوا على باب البلد
وعبد المعز بن أبي الفضل بن أحمد أبو روح الهروى البزاز ثم الصوقى مسند العصر ولد سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة وسمع من غنيم الجرجاني وزاهر الشحامي وطبقتهما وله مشيخة في جزء روى شيئا كثيرا واستشهد في دخول التتار هراة في ربيع الأول وهو آخر من كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم سبعة أنفس ثقات
والقاسم ابن المفتي أبي سعد عبد الله بن عمر أبو بكر بن الصفار النيسابوري الشافعي الفقيه روى عن جده العلامة عمر بن أحمد الصفار ووجيه الشحامي وأبى الأسعد القشيري وطائفة وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة استشهد في دخول التتار نيسابور في صفر
____________________
(5/74)
والشهاب محمد بن خلف بن راجح الإمام أبو عبد الله المقدسي الحنبلى الفقيه المناظر رحل إلى السلفى فأكثر عنه وإلى شهدة وطبقتها فأكثر عنهم وأخذ الخلاف عن ابن المنى وكان بحاثا مفحما للخصوم ذا حظ من صلاح وأوراد وسلامة صدر وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر نسخ الكثير ومات في صفر عن ثمان وستين سنة
ومحمد بن عمر بن عبد الغالب العثماني المحدث أبو عبد الله الدمشقي دين صالح ورع روى عن أحمد ابن حمزة الموازينى وابن كليب وخليل الرزاى وطبقتهم توفي بالمدينة النبوية في المحرم كهلا
وفيها توفي موسى ابن الشيخ عبد القادر الجيلى أبو نصر روى عن أبيه وابن ناصر وسعيد بن البنا وأبي الوقت وسكن دمشق وكان عريا من العلم توفي في أول جمادى الآخرة عن ثمانين سنة
____________________
(5/75)
143 آ وهبة الله بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس السديد أبو محمد الدمشقي سمعه أبوه من نصر الله المصيصى وابن البن وجماعة وكان كثير التلاوة توفي في جمادى الأولى سنة تسع عشر وست مئة
619 فيها توفي أبو طالب أحمد بن عبد الله بن الحسين بن حديد الكناني الإسكندراني المالكي روى عن السلفي وجماعة وهو من بيت قضاء وحشمة توفي في جمادي الآخرة
وابن الأنماطي الحافظ تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل ابن عبد الله بن عبد المحسن المصري الشافعي روى عن البوصيري ومن بعده ورحل إلى الشام والعراق وكتب الكثير وحصل وخرج
وثابت بن مشرف أبو سعد الأزجي البناء المعمار روى عن ابن ناصر والكروخي وطبقتهما فأكثر وحدث بدمشق وحلب وتوفي في ذي الحجة
____________________
(5/76)
والشيخ على بن إدريس اليعقوبي الزاهد صاحب الشيخ عبد القادر سيد زاهد عابد رباني متأله بعيد الصيت توفي في ذي القعدة
ومسمار بن عمر بن محمد بن العويس أبو بكر البغدادي النيار نزيل الموصل روى عن أبي الفضل الأرموى وابن ناصر وجماعة وحدث بالكثير وكان دينا خيرا يقرئ القرآن توفي بالموصل في شعبان
وأبو الفتوح بن الحصرى الحافظ برهان الدين نصر ابن أبي الفرج محمد بن علي البغدادي الحنبلي المقرئ قرأ القراءات على أبى الكرم الشهرزورى وأقرأها وحدث عن أبي بكر بن الزغواني وأبي طالب العلوي وخلق كثير وكان يفهم الحديث وجاور بمكة وتعبد ثم خرج إلى اليمن فأدركه أجله بالمهجم في أول السنة وقيل في ربيع الآخر عن ثلاث وثمانين سنة
والشيخ يونس 143 ب بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي القنيى والقنية قرية من نواحي ماردين وهذا شيخ الطائفة اليونسية أولى الشطح وقلة العقل وكثرة الجهل أبعد الله شرهم وكان رحمه الله صاحب حال وكشف يحكى عنه كرامات
____________________
(5/77)
سنة عشرين وست مئة
620 فيها كانت الملحمة الكبرى بين التتار الذين جاوزا الدربند وبين القفجاق والروس وثبت الجمعان أياما ثم انتصرت التتار وغسلوا أولئك بالسيف
وفيها توفي أبو علي الحسن بن زهرة الحسيني النقيب رأس الشيعة بحلب وعزهم وجاههم وعالمهم كان عارفا بالقراءات والعربية والأخبار والفقه على رأي القوم وكان متعينا للوزارة أنفد رسولا إلى العراق وغيرها اندكت الشيعة بموته
والحسين بن يحيى بن أبى الرداد المصرى ويسمى أيضا محمدا كان آخر من روى بنفس مصر عن رفاعة الخلعيات توفي في ذي القعدة
____________________
(5/78)
والشيخ موفق الدين المقدسي أحد الأئمة الأعلام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي صاحب التصانيف ولد بجماعيل سنة إحدى وأربعين وخمس مئة وهاجر مع أخيه الشيخ أبي عمر سنة إحدى وخمسين وحفظ القرآن وتفقه ثم ارتحل إلى بغداد فأدرك الشيخ عبد القادر وسمع منه ومن هبة الله الدقاق وابن البطى وطبقتهم وتفقه على ابن المنى حتى فاق الأقران وحاز قصب السبق وانتهى إليه معرفة المذهب وأصوله وكان مع تبحره في العلوم وتفننه ورعا زاهدا تقيا ربانيا عليه هيبة ووقار وفيه حلم وتؤدة وأوقاته مستغرقة للعلم والعمل وكان يفحم الخصوم بالحجج والبراهين ولا يتحرج ولا ينزعج وخصمه يصيح 144 آ ويحترق
قال الحافظ الضياء كان تام القامة أبيض مشرق الوجه أدعج العينين كأن النور يخرج من وجهه لحسنه واسع الجبين طويل اللحية قائم الأنف مقرون الحاجبين لطيف اليدين نحيف الجسم إلى أن قال رأيت الإمام أحمد في النوم فقال ما قصر صاحبكم الموفق في شرح الخرقى
____________________
(5/79)
وسمعت أبا عمرو بن الصلاح يقول ما رأيت مثل الشيخ الموفق
وسمعت شيخنا أبا بكر بن غنيمة المفتي ببغداد يقول ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق
قلت جمع له الضياء ترجمة في جزئين ثم قال توفي يوم عيد الفطر
والشيخ فخر الدين ابن عساكر شيخ الشافعية بالشام أبو منصور عبد الرحمان بن محمد بن الحسن بن هبة الله ولد سنة خمسين وخمس مئة وسمع من عميه الصائن والحافظ أبي القاسم و بن حسان الزيات وطائفة وبرع في المذهب على القطب النيسابوري وتزوج بابنته ودرس بالجاروخية ثم بالصلاحية بالقدس ثم بالتقوية
____________________
(5/80)
وكان يقيم بالقدس أشهرا وبدمشق أشهرا وكان لا يمل الشخص من رؤيته لحسن سمته واقتصاده في لباسه ولطفه ونور وجهه وكثرة ذكره لله عرض عليه المعظم القضاء فامتنع وأشار بتولية ابن الحرستاني فولى وكان له مصنفات في الفقه لم تنشر توفي في رجب وله سبعون سنة
وصاحب المغرب السلطان المستنصر بالله أبو يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن القيسي لم يكن في آل عبد المؤمن أحسن منه ولا أفصح ولا أشغف باللذات ولى الأمر عشر سنين بعد أبيه ومات شابا لم يعقب مات في شوال أو ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وست مئة
621 - 144 ب فيها استولى السلطان جلال الدين الخوارزمي على بلاد أذربيجان وراسله الملك المعظم واتفق معه ليعينه على أخيه الملك الأشرف لفساد ما بينهما
وفيها استولى لؤلؤ على الموصل وخنق محمود بن القاهر وزعم أنه مات
____________________
(5/81)
وفيها عادت التتار من بلاد القفجاق ووصلوا إلى الرى وكان من سلم من أهلها قد تراجعوا إليها فما شعروا إلا بالتتار قد أحاطوا بهم فقتلوا وسبوا ثم ساروا إلى ساوه ففعلوا بأهلها كذلك ثم ساروا إلى قم وقاشان فأبادوهما ثم عطفوا إلى همذان فغسلوا ونظفوا من تبقى بها ثم ساروا إلى توريز فوقع بينهم وبين الخوارزمية مصاف
وفيها توفي ابن صرما أبو العباس أحمد بن أبي الفتح يوسف بن محمد الأزجى المشترى مسند وقته سمع من الأرموى وابن الطلاية وابن ناصر وطائفة وتفرد بأشياء توفي في شعبان
وأبو سليمان بن حوط الله وهو داود بن سليمان ابن داود الأنصاري نزيل مالقه رحل وروى عن ابن بشكوال فأكثر وعن عبد الحق بن بونه وأبي عبد الله بن زرقون وولى قضاء بلنسية وغيرها وعاش تسعا وستين سنة
____________________
(5/82)
وأبو طالب بن عبد السميع الهاشمي عبد الرحمان بن محمد بن عبد السميع بن أبي تمام الواسطي المقرئ المعدل قرأ القراءات على عبد العزيز السماني وغيره وسمع ببغداد من هبة الله بن الشبلي وطائفة وصنف أشياء حسنة وعنى بالحديث والعلم توفي في المحرم عن ثلاث وثمانين سنة
وابن الحباب القاضى الأسعد أبو البركات عبد القوى ابن القاضى الجليس عبد العزيز بن الحسين التميمي السعدى الإغلبي المصري المالكي الأخباري المعدل راوى السيرة عن ابن رفاعة كان ذا فضل ونبل وسؤدد وعلم ووقار وحلم 145 آ وكان جمالا لبلده توفي في شوال وله خمس وثمانون سنة
وعبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي سلطان المغرب أبو محمد ولي الأمر في العام الماضي فلم يدار أمر الموحدين فخلعوه وخنقوه في شعبان وكانت ولايته تسعة أشهر وفي أيامه استولى عل مملكة الأندلس ابن أخيه عبد الله بن يعقوب الملقب بالعادل والتقى الفرنج فهزموا جيشه فطلب مراكش بأسوإ حال فقبضوا عليه وتملك الأندلس بعده أخوه إدريس مديدة فخرج عليه محمد بن يوسف بن هود الجذامي ودعا إلى آل العباس فمال الناس إليه فهرب إدريس بعسكره إلى مراكش فالتقاه صاحبها يومئذ يحيى بن يوسف فهزم يحيى
____________________
(5/83)
وابن النبيه الشاعر المشهور علي بن محمد ابن النبيه أحد شعراء العصر مات ينصيبين
وعلي بن عبد الرشيد أبو الحسن الهمذاني قاضى همذان ثم قاضى الجانب الغربي ببغداد ثم قاضي تستر حضر على أبي الوقت وسمع من أبي الخير الباغبان وقرأ القرآن على جده لأمه أبي العلاء العطار توفي في صفر
والشيخ على الفرنثي الزاهد صاحب الزاوية والأصحاب بسفح قاسيون وكان صاحب حال وكشف وعبادة وصدق توفي في جمادى الآخرة
وابن اليتيم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري الأندرشي خطيب المرية رحل في الحديث وسمع من أبي الحسن بن النعمة وابن هذيل والكبار وبالإسكندرية من السلفى وببغداد من شهدة وبدمشق من الحافظ ابن عساكر ولد سنة أربع وأربعين وخمس مئة وتوفي في ربيع الأول
____________________
(5/84)
وابن اللبودى شمس الدين محمد بن عبدان الدمشقي الطبيب
قال ابن أبي أصيبعة كان علامة وقته وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكمية وكان 145 ب له ذكر مفرط وحرص بالغ توفى في ذي القعدة ودفن بتربته بطريق المزة
وابن زرقون أبو الحسين محمد بن أبي عبد الله محمد ابن سعد الأنصارى الأشبيلى شيخ المالكية كان من كبار المتعصبين للمذهب فأوذى من جهة بني عبد المؤمن لما أبطلوا القياس وألزموا الناس بالأثر والظاهر وقد صنف كتاب المعلى في الرد على المحلى لابن حزم توفي في شوال وله ثلاث وثمانون سنة
ومحمد بن هبة الله بن مكرم أبو جعفر البغدادي الصوفي توفي في المحرم ببغداد وله أربع وثمانون سنة روى عن أبي الفضل الأرموى وأبي الوقت وجماعة
____________________
(5/85)
والفازازى محمد بن يخلقتن بن أحمد البربري التلمسانى الفقيه الأديب الشاعر ولى قضاء قرطبة وغير ذلك
والفخر الموصلي أبو المعالي محمد بن أبي الفرج بن معالي الشافعى المقرئ صاحب محمد بن سعدون ومعيد النظامية كان بصيرا بعلل القراءات توفي ببغداد في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة سنة اثنتين وعشرين وست مئة
622 فيها جاء جلال الدين بن خوارزم شاه فبذل السيف في دقوقا وفعل ما لا يفعله الكفرة وأحرق دقوقا وعزم على هجم بغداد فانزعج الخليفة الناصر وحصن بغداد وأقام المجانيق وأنفق ألف ألف دينار ففجأ ابن خوارزم شاه أن الكرج قد خرجوا على بلاده فساق إليهم والتقاهم
____________________
(5/86)
قال أبو شامة فظفر بهم وقتل منهم سبعين ألفا ثم أخذ تفليس بالسيف وقتل بها ثلاثين ألفا في آخر العام وكان قد أخذ تبريز بالأمان وتزوج بابنة السلطان طغريل السلجوقى ثم جهز جيشا فافتتحوا كنجه
وفيها توفي الخليفة الناصر لدين الله 146 آ أبو العباس أحمد بن المستضىء بأمر الله الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفى الهاشمي العباسي بويع بالخلافة في أول ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمس مئة وله ثلاث وعشرون سنة وكان أبيض تركى الوجه أقنى الأنف خفيف العارضين رقيق المحاسن فيه شهامة وإقدام وله عقل ودهاء وهو أطول بنى العباس خلافة كما أن الناصر لدين الله الأموي صاحب الأندلس أطول بني أمية دولة وكما أن المستنصر بالله العبيدي أطول بني أبيه دولة وكما أن السلطان سنجر بن ملكشاه أطول بنى سلجوق دولة
____________________
(5/87)
قال الموفق عبد اللطيف كان يشق الدروب والأسواق أكثر الليل والناس يتهيبون لقاءه وأظهر الفتوة والبندق والحمام المناسيب في أيامه وتفتن الأعيان والأمراء في ذلك ودخل فيه الملوك
قلت وكان مشتغلا بالأمور بالعراق متمكنا من الخلافة يتولى الأمور بنفسه ما زال في عز وجلالة واستظهار وسعادة وقد سقت أخباره مستوفاة في تاريخ الإسلام أصابه فالج في أواخر أيامه توفي في سلخ رمضان وله سبعون سنة إلا أشهرا وولى بعده الظاهر ولده
وابن يونس صاحب شرح التنبيه الإمام شرف الدين أحمد ابن العلامة ذى الفنون كمال الدين موسى ابن الشيخ المفتي رضي الدين يونس الموصلي الشافعي توفي في ربيع الآخر عن سبع وأربعين سنة
قال ابن خلكان كان كثير المحفوظات غزيرة المادة نسج على منوال أبيه في التفنن في العلوم وما سمعت أحدا يلقى الدروس مثله ولقد كان من محاسن الوجود وما أذكره إلا تصغر الدنيا في عينى رحمه الله
____________________
(5/88)
قلت عاش بعده أبوه سبع عشرة سنة
وإبراهيم بن عبد الرحمن القطيعي المواقيتي أبو إسحاق الخياط 146 ب روى الصحيح غير مرة عن أبي الوقت توفي في شعبان وكان ثقة فاضلا موقتا
وأبو إسحاق بن البرني إبراهيم بن مظفر بن إبراهيم الواعظ شيخ دار الحديث المهاجرية بالموصل روى عن ابن البطى وجماعة وكان عالما متفننا
وجعفر بن شمس الخلافة محمد بن مختار الأفضلي المصري مجد الملك أبو الفضل الشاعر الأديب الكبير سمع منه ديوانه وله تصانيف تقضي بفضله خدم أميرا مع صلاح الدين ومع ابنه العزيز ثم مع ابنه غازي توفي في المحرم
والحسين بن عمر بن باز المحدث أبو عبد الله الموصلى رحل وسمع من شهدة وطبقتها وكتب الكثير وولى مشيخة دار الحديث بالموصل التي بناها صاحب إربل توفي في ربيع الآخر
____________________
(5/89)
وابن شكر الصاحب الوزير صفي الدين أبو محمد عبد الله بن علي بن الحسين بن عبد الخالق الشيبى الدينورى المالكي ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مئة وسمع الحديث وتفقه وساد
قال أبو شامة كان خليفا بالوزارة لم يتولها بعده مثله
قلت كان يبالغ في إقامة النواميس مع التواضع للعلماء وتيعانى الحشمة الضخمة والصدقات والصلات ولقد تمكن من العادل تمكنا لا مزيد عليه ثم غضب عليه ونفاه فلما مات عاد ابن شكر إلى مصر ووزر للكامل ثم عمى في الآخر توفي في شعبان
وابن البناء راوى جامع الترمذي عن الكروخى أبو الحسن علي ابن أبي الكرم نصر بن المبارك العراقي ثم المكى الخلال حدث بمصر والإسكندرية وتوفي بمكة في صفر أو في ربيع الأول
____________________
(5/90)
وزين الدين قاضي القضاة بالديار المصرية أبو الحسن على ابن العلامة يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي ثم البغدادي الشافعي عاش 147 آ اثنتين وسبعين سنة وتوفي في جمادى الآخرة روى عن أبى زرعة وغيره
والملك الأفضل نور الدين على ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ولد سنة خمس وستين بالقاهرة وسمع من عبد الله بن برى وجماعة وله شعر وترسل وجودة كتابة تسلطن بدمشق ثم حارب أخاه العزيز صاحب مصر على الملك ثم زال ملكه وتملك سميساط وأقام بها مدة وكان فيه عدل وحلم وكرم وإنما أدركته حرفة الأدب توفي فجأة في صفر وكان فيه تشيع
وعمر بن بدر الموصلي الحنفي المحدث ضياء الدين حدث عن ابن كليب وجماعة وتوفي بدمشق في شوالها عن بضع وستين سنة
والفخر الفارسي أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الفيروز آباذى الشافعي الصوفي روى الكثير عن السلفى وصنف التصانيف في التصوف والمحبة وفيها أشياء منكرة توفي في أثناء ذي الحجة وقد نيف على التسعين
____________________
(5/91)
والقزويني مجد الدين أبو المجد محمد بن الحسين بن أبي المكارم الصوفي الفقيه ولد سنة أربع وخمسين وخمس مئة بقزوين وسمع شرح السنة و معالم التنزيل للبغوى من حفدة العطاردى وسمع من جماعة وحدث بالعراق والشام والحجاز ومصر وأذربيجان والجزيرة وبعد صيته توفي بالموصل في شعبان
والفخر بن تيمية أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد الحراني الحنبلي الخطيب المفسر ولد سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة ورحل فسمع من ابن البطى وجماعة وأخذ الفقه عن ابن المنى وجماعة والعربية عن ابن الخشاب وصنف مختصرا في مذهب أحمد وكان رأسا في التفسير والوعظ بليغا فصيحا مفوها علامة مفتيا عديم النظير توفي في صفر بحران
والزكى بن رواحة 147 ب هبة الله بن محمد الأنصاري التاجر المعدل واقف المدرسة الرواحية بدمشق وأخرى بحلب توفي في رجب بدمشق
____________________
(5/92)
سنة ثلاث وعشرين وست مئة
623 فيها سار الملك الأشرف إلى أخيه المعظم وأطاعه وسأله أن يكاتب جلال الدين خوارزم شاه ليحمل جيشه عنه ويترحل عن خلاط فكتب إليه فترحل عنها وكان المعظم يلبس خلعة جلال الدين ويركب فرسه وإذا خاطب الأشرف حلف وحياة رأس السلطان جلال الدين فتألم بذلك
وفيها بلغ جلال الدين أن نائبه على مملكة كرمان قد عصى عليه لاشتغاله عنه بأذربيجان وبعده فسار يطوى الأرض إلى كرمان فتحصن منه ذلك النائب في قلعة وخضع له فبعث له الخلعة وأقره على عمله ثم كر إلى أذربيجان ثم نازل خلاط ثانيا مدة وترحل عنها وحارب التركمان ومزقهم ثم التقى الكرج فهزمهم وأخذ تفليس بالسيف وكانت إذ ذاك دار ملكهم ولها في أيديهم أكثر من مئة سنة
وفيها توفي الشمس البخاري أحمد بن عبد الواحد ابن أحمد المقدسي الحنبلي العلامة المناظر والد الفخر على ولد بالجبل سنة أربع وستين وخمس مئة وسمع من أبي المعالي بن صابر وأبي الفتح بن شاتيل وطبقتهما بالشام والعراق وخراسان ولقب بالبخاري لاشتغاله بالخلاف ببخارى على الرضى النيسابوري توفي في جمادى الآخرة
____________________
(5/93)
وابن الأستاذ أبو محمد عبد الرحمان بن عبد الله بن علوان الحلبي المحدث الصالح والد قاضي حلب ولد سنة أربع وثلاثين وخمس مئة وسمع من طائفة وحج من بغداد فسمع بها من أحمد بن محمد العباسي 148 آ وكان له عناية متوسطة بالحديث توفي في عاشر جمادى الآخرة رحمه الله
والإمام الرافعي أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل القزويني الشافعي صاحب الشرح الكبير إليه انتهت معرفة المذهب ودقائقه وكان مع براعته في العلم صالحا زاهدا ذا أحوال وكرامات ونسك وتواضع توفي في حدود آخر السنة رحمه الله
وعلى بن النفيس بن بورنداز أبو الحسن البغدادي ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة وسمع من أبي الوقت ومحمود فورجه وجماعة توفي في ذي القعدة
____________________
(5/94)
وكافور شبل الدولة الحسامي طواشي حسام الدين محمد بن لاجين ولد ست الشام له فوق جسر ثورا المدرسة والتربة والخانقاه وكان دينا وافر الحشمة روى عن الخشوعي
والظاهر بأمر الله أبو نصر محمد بن الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله الحسن بن المستنجد بالله يوسف ابن المقتفى العباسي ولد سنة إحدى وسبعين وخمس مئة وبويع بالخلافة بعد أبيه في العام المار وكانت خلافته تسعة أشهر ونصفا وكان دينا خيرا عادلا حتى بالغ ابن الأثير وقال أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنة العمرين
وقال أبو شامة كان أبيض مشربا حمرة حلو الشمائل شديد القوى قيل له ألا تتفسح قال قد لقس الزرع فقيل يبارك الله في عمرك فقال من فتح بعد العصر إيش يكسب ثم إنه أحسن إلى الناس وفرق الأموال وأبطل المكوس وأزال المظالم
____________________
(5/95)
قلت توفي في ثالث عشر رجب وبويع بعده ابنه المستنصر بالله
وابن أبي لقمة أبو المحاسن محمد بن السيد بن فارس الأنصاري الدمشقي الصفار المعمر ولد سنة 148 ب تسع وعشرين وخمس مئة وسمع من هبة الله بن طاوس والفقيه نصر الله المصيصى وجماعة تفرد بالرواية عنهم وأجاز له من بغداد سنة أربعين على بن الصباغ وطبقته وكان دينا كثير التلاوة والذكر توفي في ثالث ربيع الأول
وابن البيع أبو المحاسن محمد بن هبة الله بن عبد العزيز ابن على الدينورى الزهري سمع من عمه أبي بكر محمد ابن أبي حامد ومحمد بن طراد الزينبى وجماعة انفرد بالرواية عنهم وكان شيخا جليلا نبيلا رضى توفي في شوال
والمبارك بن علي بن أبي الجود أبو القاسم العتابي الوراق آخر أصحاب ابن الطلاية كان رجلا صالحا توفي في المحرم حدث عنه الأبرقوهى
____________________
(5/96)
والجمال المصري قاضي القضاة أبو الوليد يونس بن بدران ابن فيروز القرشي الشيبى الشافعي ولد في حدود الخمسين وخمس مئة وسمع من السلفى وولى الوكالة السلطانية بالشام ودرس بالأمينية ثم ولى القضاء ودرس بالعادلية واختصر الأم للشافعي ولم يكن بذاك المحمود في الولاية توفي في ربيع الآخر ودفن بداره بقرب القليجية وقد تكلم في نسبه سنة أربع وعشرين وست مئة
624 فيها جاء الخبر إلى السلطان جلال الدين وهو بتوريز أن التتار قد قصدوا إصبهان وبها أهله فسار إليها وتأهب للملتقى فلما التقى الجمعان خذله أخوه غياث الدين وولى وتبعه جهان بهلوان فكسرت ميمنته ميسرة التتار ثم حملت ميسرته على ميمنة التتار فطحنتها
____________________
(5/97)
أيضا وتباشر الناس بالنصر ثم كرت التتار مع كميتها وحملوا حملة واحدة كالسيل وقد أقبل الليل فزالت الأقدام وقتلت الأمراء واشتد القتال وتداعى بنيان جيش جلال الدين وثبت هو في طائفة يسيرة 149 آ وأحيط به فانهزم على حمية وطعن طعنة لولا الأجل لتلف وتمزق جيشه إلا أن ميمنته زخت في افقية التتار ورجعت بعد يومين فلم يسمع بمثله في الملاحم من انهزام كلا الفريقين وذلك في رمضان
وفيها في رمضان قبل هذا المصاف بأيام اتفق موت جنكزخان طاغية التتار وسلطانهم الأعظم الذى خرب البلاد وأباد الأمم وهو الذي جيش الجيوش وخرج بهم من بادية الصين فدانت له المغول وعقدوا له عليهم وأطاعوه ولا طاعة الأبرار للملك القهار واسمه قبل الملك تمرجين ومات على الكفر وكان من دهاة العالم وأفراد الدهر وعقلاء الترك وهو جد ابنى العم بركة وهولاكو
وقاضى حران أبو بكر عبد الله بن نصر الحنبلي المقرئ رحل واشتغل وحدث عن شهدة وطائفة وقرأ القراءات بواسط على أبي طالب المحتسب وغيره وصنف فيها وعاش خمسا وسبعين سنة
____________________
(5/98)
وعبد البر ابن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني سمع أباه ونصر بن المظفر وعلى بن المطهر المشكاني راوى تاريخ البخاري وجماعة توفي في شعبان بروذراور
والبهاء عبد الرحمان بن إبراهيم بن أحمد المقدسي الحنبلي رحل واشتغل وحصل الفقه والحديث وروى عن شهدة وعبد الحق وطبقتهما وحدث بالكثير واشتهر ذكره وبعد صيته وصنف في الفقه والحديث والرقائق وكان من كبار المقادسة وعلمائهم آخر من حدث عنه أبو جعفر بن الموازيني توفي في سابع عشر ذي الحجة عن تسع وستين سنة
وقاضي القضاة ابن السكرى عماد الدين عبد الرحمان ابن عبد العلى بن علي المصري الشافعي تفقه على الشهاب الطوسي وبرع في المذهب ودرس 149 ب وأفتى وولى قضاء القاهرة وخطابتها توفي في شوال وله إحدى وسبعون سنة
وحجة الدين الحقيقي أبو طالب عبد المحسن ابن أبي العميد الأبهري الشافعي الصوفي ولد سنة ست وخمسين وخمس مئة وتفقه بهمذان وعلق التعليقة عن الفخر الرازي النوقانى وسمع بإصبهان من الترك وجماعة وببغداد من ابن شاتيل وبدمشق ومصر وكان كثير الأسفار والعبادة والتهجد صاحب أوراد وصدق وعزم جاور مدة بمكة وتوفي في صفر
____________________
(5/99)
والملك المعظم سلطان الشام شرف الدين عيسى بن العادل الحنفى الفقيه الأديب ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين وحفظ القرآن وبرع في الفقه وشرح الجامع الكبير في عدة مجلدات بإعانة غيره ولازم الاشتغال زمانا وسمع المسند كله لابن حنبل وله شعر كثير وكان عديم الالتفات إلى النواميس وأبهة الملك ويركب وحده مرارا ثم تتلاحق مماليكه بعده توفي في سلخ ذي القعدة وكان فيه خير وشر كثير سامحه الله تملك بعده ابنه
والفتح بن عبد الله بن محمد بن على بن هبة الله بن عبد السلام عميد الدين أبو الفرج البغدادى الكاتب ولد في أول سنة سبع وثلاثين وسمع من جده أبي الفتح وأبي الفضل الأرموى ومحمد بن أحمد الطرائفى وطائفة تفرد بالرواية عنهم ورحل الناس إليه توفي في الرابع والعشرين من المحرم وهو من بيت حديث وأمانة
____________________
(5/100)
سنة خمس وعشرين وست مئة
625 فيها سار الملك الكامل ليأخذ دمشق من ابن أخيه الناصر داود وجاء إلى خدمته وإغاثته أسد الدين صاحب حمص فاستنجد الناصر بعمه الملك الأشرف فجاء إليه فرد الكامل من الغور إلى غزة لذلك وقال أنا ما أقاتل أخي فأعجب الأشرف ذلك واتفق مع أخيه على الناصر وخامر على الناصر عمه الصالح إسماعيل في جماعة وقدم أيضا المظفر 150 آ غازي بن العادل فاجتمع الكل بفلسطين وسار الناصر ليجتمع بهم فلما علم باتفاقهم عليه رد إلى دمشق وحصنها واستعد
وأما السلطان جلال الدين فجرت له حروب مع التتار له وعليه
____________________
(5/101)
وفيها ثار الفرنج وقدم الإنبرور بعساكره فكاتبه الكامل وباطنه وأوقفه على مكاتبة ملوك الفرنج إليه بأن عزمهم أن يمسكوه فبعث يقول أنا عتيقك وتعلم أني أكبر ملوك الفرنج وأنت كاتبتنى بالمجئ وقد علم البابا والملوك بإهتمامى فإن رجعت خائبا انكسرت حرمتى وهذه القدس فهى أصل دين النصرانية وأنتم قد خربتموها وليس لها طائل فإن رأيت أن تنعم على بقصبة البلد ليرتفع رأسى بين الملوك وأنا ألتزم بحمل دخلها لك فلان له الكامل وجاوبه أجوبة غليظة وباطنها نعم
وفيها توفي اللبلى المحدث الرحال فخر الدين أحمد بن تميم بن هشام الأندلسي طوف وسمع من ابن طبرزد والمؤيد الطوسي وطبقتهما وكان من وجوه أهل لبلة توفي في رجب بدمشق كهلا
وابن طاووس أبو المعالي أحمد بن الخضر بن هبة الله ابن أحمد الصوفي أخو هبة الله سمع من حمزة بن كروس وكان عريا من الفضيلة توفي في رمضان
____________________
(5/102)
وأحمد بن شرويه بن شهردار الديلمي أبو مسلم الهمذاني روى عن جده ونصر بن المظفر البرمكي وأبي الوقت وطائفة توفي في شعبان
وأبو منصور بن البراج أحمد بن يحيى بن أحمد البغدادي الصوفي راوى سنن النسائى عن أبي زرعة سمع أيضا من ابن البطى وكان صالحا عابدا توفي في المحرم
وابن بقى قاضي الجماعة أبو القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمان بن أحمد الأموي مولاهم البقوى القرطبي سمع جده أبا الحسن ومحمد بن عبد الحق الخزرجي وأجاز له شريح وجماعة وكان مسند أهل المغرب وعالمهم ورئيسهم ولى القضاء 150 ب بمراكش مضافا إلى الكتابة العليا وغير ذلك وكان ظاهري المذهب توفي في نصف رمضان وقد تجاوز ثمانيا وثمانين سنة وآخر من روى عنه عبد الله بن هارون الطائي
وأبو علي بن الجواليقى الحسن بن إسحاق ابن العلامة أبى منصور موهوب بن أحمد البغدادي روى عن ابن
____________________
(5/103)
ناصر وأبي بكر بن الزاغونى وجماعة وكان ذا دين ووقار توفي في شعبان
والنفيس بن البن أبو محمد الحسن بن علي بن أبي القاسم الحسين بن الحسن الأسدي الدمشقي تفرد عن جده بحديث كثير وكان ثقة حسن السمت والديانة توفي في شعبان
وابن عفيجة أبو منصور محمد بن عبد الله بن المبارك البندنيجى ثم البغدادى البيع أجاز له في سنة بضع وثلاثين وخمس مئة أبو منصور بن خيرون وأبو محمد سبط الخياط وطائفة وسمع من ابن ناصر توفي في ذي الحجة
ومحمد بن النفيس بن محمد بن إسماعيل بن عطاء أبو الفتح البغدادي الصوفي سمع البخاري من أبي الوقت وتوفي في ذي القعدة سنة ست وعشرين وست مئة
626 فيها أخلى الكامل البيت المقدس وسلمه إلى الإنبرور ملك الفرنج فإنا لله وإنا إليه راجعون فكم بين
____________________
(5/104)
من طهره من الشرك وبين من أظهر الشرك عليه ثم اتبع فعله ذلك بحصار دمشق وأذية الرعية وجرت بين عسكره وعسكر الناصر وقعات وقتل جماعة في غير سبيل الله ونهبوا في الغوطة والحواضر وأحرقت الخانات وخانقاه الطواويس وخانقاه خاتون ودام الحصار أشهرا ثم وقع الصلح في شعبان ورضى الناصر بالكرك ونابلس فقط ثم دخل الكامل وبعث جيشه يحاصرون حماة ثم سلم دمشق بعد أشهر إلى أخيه الأشرف 151 آ وأعطاه الأشرف حران والرقة والرها وغير ذلك فتوجه إلى الأشرف ليتسلم ذلك ثم حاصر الأشرف بعلبك وأخذها من الأمجد وقدم المسكين فسكن في داره بدمشق
وفيها حاصر خوارزم شاه خلاط المرة الرابعة
وفيها توفي أبو القاسم بن صصرى مسند الشام شمس الدين بن الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد التغلبي الدمشقى ولد سنة بضع وثلاثين وسمع من جده وجده لأمه عبد الواحد بن هلال وأبى القاسم بن البن وعبدان بن ذرين وخلق كثير وأجاز له على بن الصباغ وأبو عبد الله بن السلال وطبقتهما و مشيخته في سبعة عشر جزءا توفي في الثالث والعشرين من المحرم
____________________
(5/105)
وأمة الله بنت أحمد بن عبد الله بن علي بن الآبنوسي روت الكثير عن أبيها وتفردت عنه توفيت في المحرم أيضا وتلقب بشرف النساء وكانت صالحة خيرة
والحاجب على بن حسام الدين نائب خلاط للملك الأشرف كان شهما مقداما موصوفا بالشجاعة والسياسة والحشمة والبر والمعروف قبض عليه الأشرف على يد مملوكه عز الدين أيبك ثم قتله فلم يمهل الله أيبك ونازله خوارزم شاه وأخذ خلاط وأسر أيبك وجماعة
ومحمد بن أبي حرب بن النرسي أبو الحسن الكاتب الشاعر روى عن أبى محمد بن المادح وهبة الله بن الشبلي وله ديوان شعر توفي في جمادى الآخرة
وأبو نصر المهذب بن على قنيدة الأزجى الخياط المقرئ روى عن أبى الوقت وجماعة وتوفي في شوال
وياقوت الرومي الحموى ثم البغدادي التاجر شهاب الدين الأديب الأخباري صاحب التصانيف الأدبية في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك توفي في رمضان 151 ب
____________________
(5/106)
سنة سبع وعشرين وست مئة
627 فيها حاصر جلال الدين والخوارزمية خلاط مرة خامسة ففتح له بابا بعض الأمراء بها لشدة القحط على أهلها وحلف لهم جلال الدين وغدر وعمل أصحابه بها كما يعمل التتار من القتل والسبي ورفعوا السيف ثم شرعوا في المصادرة والتعذيب وخاف أهل الشام وغيرها من الخوارزمية وعرفوا أنهم إن ملكوا عملوا بهم كل نحس فاصطلح الأشرف وصاحب الروم علاء الدين واتفقوا على حرب جلال الدين وساروا والتقوه في رمضان فكسروه واستباحوا عسكره ولله الحمد وهرب جلال الدين بأسوإ حال ووصل إلى خلاط في سبعة أنفس وقد تمزق جيشه وقتلت أبطاله فأخذ حرمه وما خف حمله وهرب إلى أذربيجان ثم راسل الملك الأشرف في الصلح وذل وأمنت خلاط وشرعوا في إصلاحها
____________________
(5/107)
قال الموفق عبد اللطيف هزم الله الخوارزمية بأيسر مؤونة بأمر ما كان في الحساب فسبحان من هزم ذاك الجبل الراسى في لمحة ناظر
وفيها توفي زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر الدمشقي الشافعي روى عن أبي العشائر محمد بن خليل وعبد الرحمان الدارانى والفلكى وطائفة وكان صالحا خيرا حسن السمت من سروات الناس تفقه على جمال الأئمة على بن الماسح وولى نظر الخزانة والأوقاف ثم تزهد وعاش ثلاثا وثمانين سنة وتوفي في صفر
وراجح بن إسماعيل الحلي الأديب شرف الدين صدر نبيل مدح الملوك بمصر والشام والجزيرة وسار شعره توفي في شهر شعبان
وعبد الرحمان بن عتيق بن عبد العزيز بن صيلا 152 آ أبو محمد الحربي المؤدب روى عن أبي الوقت وغيره توفي في ربيع الأول
____________________
(5/108)
وعبد السلام بن عبد الرحمان بن الأمين على بن علي ابن سكينة علاء الدين الصوفي البغدادي سمع أبا الوقت ومحمد بن أحمد التريكى وجماعة كثيرة توفي في صفر
وأبو محمد عبد السلام بن عبد الرحمان ابن الشيخ العارف أبي الحكم بن برجان اللخمى المغربي ثم الأشبيلى حامل لواء اللغة بالأندلس توفي في جمادى الأولى أخذ عن أبي إسحاق ابن ملكون وجماعة
والفخر بن الشيرجى أبو بكر محمد بن عبد الوهاب الأنصارى الدمشقي المعدل ولد سنة تسع وأربعين وسمع من السلفى وابن عساكر وكان رئيسا سريا صاحب أخبار وتواريخ توفي يوم النحر
____________________
(5/109)
سنة ثمان وعشرين وست مئة
628 لما علمت التتار بضعف جلال الدين خوارزم شاه بادروا إلى أذربيجان فلم يقدم جلال الدين على لقائهم فملكوا مراغة وعاثوا وبدعوا وفر هو إلى آمد وتفرق جنده فبيته التتار ليلة فنجا بنفسه وطمع الأكراد والفلاحون وكل أحد في جنده وتخطفوهم وانتقم الله منهم وساقت التتار إلى ديار بكر في طلب جلال الدين لا يعلمون أين سلك وأخذوا أسعرد وبذلوا فيها السيف ووصلوا إلى ماردين يسبون ويقتلون
وفيها توفي أبو نصر بن النرسى أحمد بن الحسين ابن عبد الله بن أحمد بن هبة الله البغدادي البيع روى عن أبي الوقت وجماعة توفي في رجب
والملك الأمجد مجد الدين أبو المظفر بهرام شاه ابن فروخشاه ابن شاهنشاه ابن أيوب بن شاذي صاحب بعلبك تملكها بعد والده خمسين سنة وكان جوادا كريما شاعرا محسنا قتله مملوك له مليح بدمشق في شوال
____________________
(5/110)
152 ب وجلدك التقوى الأمير ولى نيابة الإسكندرية وشد الديار المصرية وكان أدبيا شاعرا روى عن السلفى ومولاه هو صاحب حماه تقي الدين عمر توفي في شعبان
والزين الكردي محمد بن عمر المقرئ أخذ القراءات عن الشاطبي وتصدر بجامع دمشق مع السخاوى
والمهذب الدخوار عبد الرحيم بن علي بن حامد الدمشقي شيخ الطب وواقف المدرسة التي بالصاغة العتيقة على الأطباء ولد سنة خمس وستين وخمس مئة أخذ عن الموفق بن المطران والرضى الرخي وأخذ الأدب عن الكندي وانتهت إليه معرفة الطب وصنف فيه التصانيف وحظى عند الملوك ولما تجاوز سن الكهولة عرض له طرف خرس حتى بقى لا يكاد يفهم كلامه واجتهد في علاج نفسه فما أفاد بل ولد له أمراضا وكان يشغل إلى أن مات في صفر ودفن بتربته
____________________
(5/111)
والداهري أبو الفضل عبد السلام بن عبد الله ابن أحمد بن بكران البغدادي الخفاف الخراز سمع من أبي بكر بن الزاغونى ونصر العكبرى وجماعة وكان عاميا مستورا كثير الرواية توفي في ربيع الأول
وابن رحال العدل نظام الدين على بن محمد بن يحيى المصرى سمع من السلفى وغيره وتوفي في شوال
وابن عصية أبو الرضا محمد بن أبي الفتح المبارك ابن عبد الرحمان الكندى الحربى روى عن أبي الوقت غير مرة توفي في المحرم
وابن معط النحوى الشيخ زين الدين أبو الحسن يحيى ابن عبد المعطى بن عبد النور الزواوي الفقيه الحنفى ولد سنة أربع وستين وخمس مئة وأقرأ العربية مدة بدمشق ثم بمصر وروى عن القاسم بن عساكر وهو أجل تلامذة الجزولى توفي في ذي القعدة بمصر
____________________
(5/112)
سنة تسع وعشرين وست مئة
629 153 آ فيها عاثت التتار لموت جلال الدين ووصلوا إلى شهرزور فاتفق المستنصر بالله في العساكر وجهزهم مع قشتمر الناصري فانضموا إلى صاحب إربل فتقهقرت التتار
وفيها توفي السمذى أبو القاسم أحمد بن أحمد ابن أبى غالب البغدادي الكاتب روى جزء أبى الجهم عن أبي الوقت وبعضهم سماه عليا وإنما اسمه كنيته توفي في المحرم وكان يطلع أمينا في البر
وابن الزبيدى الفقيه أبو على الحسن بن المبارك بن محمد الحنفى أخو سراج الدين الحسين ولد سنة اثنتين وأربعين وسمع الصحيح من أبي الوقت وسمع من أبي على أحمد بن الخزاز ومعمر بن الفاخر وجماعة وكان إماما متقنا صالحا
قال السيف بن المجد لم ير في المشايخ مثله إلا يسيرا توفي في سلخ ربيع الأول
____________________
(5/113)
والسلطان جلال الدين خوارزم منكوبرى ابن خوارزم شاه السلطان الكبير علاء الدين محمد ابن السلطان خوارزم شاه علاء الدين تكش ابن خوارزم شاه أتسز بن محمد الخوارزمى أحد من يضرب به المثل في الشجاعة والإقدام ولا أعلم في السلاطين أكثر جولانا في البلدان منه ما بين الهند إلى ما وراء النهر إلى العراق إلى فارس إلى كرمان إلى أذربيجان وأرمينية وغير ذلك وحضر غير مصاف وقاوم التتار في أول حدهم وحدتهم وافتتح غير مدينة وسفك الدماء وظلم وعسف وغدر ومع ذلك كان صحيح الإسلام كان ربما قرأ في المصحف ويبكى وآل أمره إلى أن تفرق عنه جيشه وقلوا لأنهم لم يكن لهم إقطاع بل أكثر عيشهم من نهب البلاد يقال إنه سار في نفر يسير ونزل منزلة فبيته كردى وطعنه بحربة بأخ له قتله وذلك في أوائل هذا العام وأحاطت به أعماله
وأبو موسى الحافظ 153 ب جمال الدين عبد الله ابن الحافظ عبد الغنى بن عبد الواحد بن على بن على المقدسى
____________________
(5/114)
ولد سنة إحدى وثمانين وخمس مئة وسمع من عبد الرحمان ابن الخرقى بدمشق ومن ابن كليب ببغداد ومن خليل الرازانى بإصبهان ومن الأرتاحى بمصر ومن منصور بنيسابور وكتب الكثير وعنى بهذا الشأن وجمع وأفاد وتفقه وتأدب وتميز مع الأمانة والديانة والتقوى
قال الضياء اشتغل بالفقه وبالحديث وصار علما فيه ورحل ثانيا إلى إصبهان
قلت تغير في أخرة لمخالطته للصالح إسماعيل ومرض عنده ببستانه وبه مات في خامس رمضان
وعبد الغفار بن شجاع المجلى الشروطى روى عن السلفى وغيره ومات في شوال عن سبع وسبعين سنة
وعبد اللطيف بن عبد الوهاب بن محمد ابن الطبرى سمع من أبي محمد بن المادح وهبة الله بن الشبلى توفي في شعبان
والموفق عبد اللطيف بن يوسف العلامة ذو الفنون أبو محمد البغدادى الشافعي النحوى اللغوى الطبيب النيسابورى الفيلسوف صاحب التصانيف الكثيرة ولد سنة سبع وخمسين وخمس مئة وسمع من البطى وأبي زرعة وطبقتهما وكان أحد الأذكياء البارعين في اللغة والآداب والطب لكن كثرة دعاويه أزرت به ولقد بالغ القفطي في الحط عليه وظلمه وبخسه حقه سافر من حلب للحج على العراق فأدركه الموت ببغداد في ثاني عشر المحرم
____________________
(5/115)
والشيخ عمر بن عبد الملك الدينورى الزاهد نزيل قاسيون كان صاحب أحوال ومجاهدات وأتباع وهو والد خطيب كفر بطنا جمال الدين
وعمر بن كرم بن أبي الحسن أبو حفص الدينوري ثم البغدادي الحمامى ولد سنة تسع وثلاثين وسمع من جده لأمه عبد الوهاب الصابونى ونصر العكبرى وأبي الوقت وأجاز له الكروخى وعمر بن أحمد الصفار 154 آ الفقيه وطائفة وانفرد عن أبي الوقت بجماعة أجزاء وكان صالحا توفي في رجب
وعيسى ابن المحدث عبد العزيز بن عيسى اللخمى الشريشى ثم الإسكندرانى المقرئ سمع من السلفى وقرأ القراءات على أبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف ثم ادعى أنه قرأ على ابن خلف الدانى وغيره فأتهم وصار من الضعفاء وفجعنا بنفسه توفي في سابع جمادى الآخرة
____________________
(5/116)
وابن نقطة معين الدين الرحال الحافظ أبو بكر بن محمد ابن الزاهد عبد الغنى بن أبي بكر بن شجاع البغدادى الحنبلي سمع من يحيى بن يونس وغيره وبإصبهان من عفيفة وبنيسابور من منصور الفراوى وبدمشق ومصر وكتب الكثير وخرج وصنف مع الثقة والجلالة والمروءة والديانة توفي في صفر كهلا سنة ثلاثين وست مئة
630 فيها حاصر الملك الكامل آمد وأخذها من صاحبها المسعود مودود ابن الملك الصالح الأتابكى بالأمان وكان مودود فاسقا يأخذ الحرم غصبا وسلم الكامل آمد إلى ولده الصالح نجم الدين أيوب
وفيها جاء صاحب الروم وحاصر حران والرقة واستولى على الجزيرة وفعلت الروم مع لإسلامهم كما يفعل الروم مع كفرهم
____________________
(5/117)
وفيها توفي إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد القاضى بهاء الدين التنوخي الشافعي الكاتب البليغ والد تقي الدين محمد قيل روى بالإجازة عن شهدة وولى قضاء المعرة في صباه خمس سنين فقال
( وليت الحكم خمسا هن خمس % لعمرى والصبي في العنفوان )
( فلم يضع الأعادى قدر شأني % ولا قالوا فلان قد رشانى ) توفي في المحرم 54 ب
وإدريس ابن السلطان يعقوب بن يوسف أبو العلا المأمون بايعوه بالأندلس ثم جاء إلى مراكش وملكها وعظم سلطانه وكان بطلا شجاعا ذا هيبة شديدة وسفك للدماء قطع ذكر ابن تومرت من الخطبة ومات غازيا والله يسامحه
وإسماعيل بن سلمان بن أيداش أبو طاهر الحنفى ابن السلار حدث عن الصائن هبة الله وعبد الخالق ابن أسد توفي في ذي القعدة
____________________
(5/118)
والأوهى الزاهد أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف نزيل بيت المقدس أكثر عن السلفى وجماعة وكان عبدا صالحا قانتا لله صاحب أحوال ومجاهدة له أجزاء يحدث منها توفي في عاشر صفر
والحسن ابن الأمير السيد على بن المرتضى أبو محمد العلوى الحسنى آخر من سمع من ابن ناصر يروى عنه كتاب الذرية الطاهرة توفي في شعبان عن ست وثمانين سنة وسماعه في الخامسة من عمره
وعبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن محمد ابن باقا العدل صفى الدين أبو بكر البغدادى التاجر نزيل مصر روى عن أبي زرعة ويحيى بن ثابت وجماعة توفي في رمضان عن خمس وسبعين سنة
والملك العزيز عثمان بن العادل أخو المعظم لأبويه هو الذي بنى قلعة الصبيبة بين بانياس وتبنين وهونين اتفق موته بالناعمة وهو بستان له ببيت لهيا في عاشر رمضان
____________________
(5/119)
وعبيد الله بن إبراهيم العلامة جمال الدين العبادى المحبوبى البخارى شيخ الحنفية بما وراء النهر وأحد من انتهى إليه معرفة المذهب أخذ عن أبي العلاء عمر ابن بكر بن محمد الزرنجرى عن أبيه شمس الأئمة وبرهان الأئمة عبد العزيز بن عمر بن مازه وتفقه أيضا على قاضي خان فخر الدين حسن بن منصور الأوزجندي توفي في جمادى الأولى ببخارى عن أربع وثمانين سنة
155 آ وعلى بن الجوزى أبو الحسن ولد العلامة جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمان بن على البغدادى الناسخ نسخ الكثير بالأجرة وكان معاشرا لعابا روى عن ابن البطى وأبى زرعة وجماعة توفي في رمضان
وابن الأثير الإمام عز الدين أبو الحسن على بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزرى الحافظ صاحب التاريخ و أسد الغابة في معرفة الصحابة وغير ذلك كان صدرا معظما كثير الفضائل وبيته مجمع الفضلاء روى عن خطيب الموصل أبي الفضل وغيره وتوفي في الخامس والعشرين من شعبان عن خمس وسبعين سنة
____________________
(5/120)
وابن الحاجب الحافظ الرحال عز الدين أبو الفتح عمر بن محمد بن منصور الأمينى الدمشقى سمع سنة ست عشرة بدمشق ورحل إلى بغداد فأدرك الفتح بن عبد السلام وخرج لنفسه معجما حافلا في بضعة وستين جزءا توفي في شعبان وقد قارب الأربعين وكان فيه دين وخير وله حفظ وذكاء وهمة عالية في طلب الحديث قل من أنجب مثله في زمانه
ومظفر الدين صاحب إربل الملك المعظم أبو سعيد كوكبورى ابن الأمير زين الدين علي بن كوجك التركماني وكوجك بالعربي اللطيف القدر ولى مظفر الدين مملكة إربل بعد موت أبيه في سنة ثلاث وستين وله أربع عشرة سنة فتعصب عليه أتابكه مجاهد الدين قيماز وكتب محضرا أنه لا يصلح للملك لصغره وأقام أخاه يوسف ثم سكن حران مدة ثم اتصل بخدمة السلطان صلاح الدين وتمكن منه وتزوج بأخته ربيعة واقفة مدرسة الصاحبة وشهد معه عدة مواقف أبان فيها عن
____________________
(5/121)
شجاعة وإقدام وكان حينئذ على إمرة حران والرها فقدم أخوه يوسف منجدا لصلاح الدين فاتفق موته على عكا فأعطى صلاح الدين لمظفر الدين إربل 155 ب وشهرزور وأخذ منه حران والرها ودامت أيامه إلى هذا العام وكان من أدين الملوك وأجودهم وأكثرهم برا ومعروفا على صغر مملكته وكان يضرب المثل بما ينفقه كل عام في المولد وله مدرستان وأربع خوانك ودار الأرامل ودار الأيتام ودار اللقطاء ومارستان وغير ذلك توفي في رابع عشر رمضان
وابن سلام المحدث الزكى أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن سالم بن سلام الدمشقى سمع من داود بن ملاعب وابن البن وطبقتهما وكان إماما فاضلا متقنا يقظا صالحا ناسكا على صغره كتب الكثير وحفظ علوم الحديث للحاكم ومات في صفر عن إحدى وعشرين عاما وفجع به أبوه
وابن عنين الصدر شرف الدين أبو المحاسن محمد نصر الله بن مكارم بن حسن بن عنين الأنصاري الدمشقي الأديب وله ديوان مشهور وهجو مؤلم وكان بارعا في معرفة اللغة كثير الفضائل يشتعل ذكاء ولم يكن في دينه بذاك توفي في ربيع الأول وله إحدى وثمانون سنة اتهم بالزندقة
____________________
(5/122)
سنة إحدى وثلاثين وست مئة
631 فيها سار الكامل بجيوش عظيمة ليأخذ الروم وقدم بين يديه جيشا فهزمهم صاحب الروم علاء الدين وأسر صاحب حماة ومقدم الجيش صوابا فرد الكامل وأعطى ابنه الصالح حصن كيفا واستناب على آمد صوابا بعد ما أطلقه صاحب الروم
وفيها تسلطن بدر الدين لولو بالموصل وانقرض البيت الأتابكى
وفيها تكامل بناء المستنصرية ببغداد وهى على المذاهب الأربعة على يد أستاذ الدار ابن العلقمى الذي وزر ولا نظير لها في الدنيا فيما أعلم
وفيها توفي إسماعيل 156 آ بن على بن إسماعيل ابن باتكين أبو محمد البغدادى الجوهرى عن ثمانين سنة روى عن هبة الله الدقاق وابن البطى وطائفة وتفرد بأشياء وكان صالحا ثقة توفي في ذي القعدة
____________________
(5/123)
وابن الزبيدي سراج الدين أبو عبد الله الحسين ابن أبي بكر المبارك بن محمد بن يحيى الربعى اليمنى الأصل البغدادى الحنبلى مدرس مدرسة عون الدين بن هبيرة روى عن أبي الوقت وأبي زرعة وأبي زيد الحموى وأبي الفتوح الطائي وكان عالما خيرا عدلا عالى الإسناد بعيد الصيت سمع منه خلق لا يحصون وتوفى في الثالث والعشرين من صفر
والعلبى زكريا بن علي بن حسان بن على أبو يحيى البغدادى الصوفى روى عن أبي الوقت وغيره وكان عاميا مات في ربيع الأول
والسيف الآمدى أبو الحسن على بن أبي على بن محمد الحنبلى ثم الشافعي المتكلم العلامة صاحب التصانيف العقلية ولد بعد الخمسين بآمد قرأ القراءات والفقه ودرس على ابن المنى وسمع من ابن شاتيل ثم تفقه للشافعى على ابن فضلان وبرع في الخلاف وحفظ
____________________
(5/124)
طريقة الشريف وتفنن في علم النظر وكان من أذكياء العالم أقرأ بمصر مدة فنسبوه إلى دين الأوائل وكتبوا محضرا بإباحة دمه فهرب وسكن بحماة ثم تحول إلى دمشق ثم عزل لأمر اتهم فيه ولزم بيته يشتغل ولم يكن له نظير في الأصلين والكلام والمنطق توفي في ثالث صفر
والقرطبي أبو عبد محمد بن عمر المقرئ المالكى الرجل الصالح حج وسمع من عبد العزيز بن الفراوى وقرأ القراءات على أبي القاسم الشاطبى وكان إماما زاهدا متفننا بارعا في عدة علوم كالفقه والقراءات والعربية طويل الباع في التفسير توفي بالمدينة في صفر
وطغريل 156 ب شهاب الدين الخادم أتابك صاحب حلب الملك العزيز مدبر دولته كان صالحا خيرا متعبدا كثير المعروف ذا رأى وعقل وسياسة وعدل
والشيخ عبد الله بن الارموى الزاهد القدوة صاحب الزاوية بجبل قاسيون كان صالحا متواضعا مطرحا للتكلف يمشي وحده ويشترى الحاجة وله أحوال ومجاهدات وقدم في الفقر توفى في شوال وقد شاخ
____________________
(5/125)
وأبو نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن عساكر روى عن عميه الصائن والحافظ وطائفة وكان قليل الفضيلة توفى في شعبان
وأبو رشيد الغزال محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الله الإصبهانى المحدث التاجر سمع من خليل الرازانى وطبقته وكان عالما ثقة توفى ببخارى في شوال
ومحيى الدين بن فضلان قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن يحيى بن على بن الفضل البغدادى الشافعي مدرس المستنصرية تفقه على والده العلامة أبي القاسم وبرع في المذهب والأصول والخلاف والنظر ولى القضاء في آخر أيام الناصر فلما استخلف الظاهر عزله بعد شهرين من خلافته توفى في شوال عن بضع وستين سنة
والمسلم بن أحمد بن على أبو الغنائم المازنى النصيبينى ثم الدمشقي روى عن عبد الرحمان بن أبي الحسن الدارانى والحافظ أبي القاسم وأخيه الصائن ودخل في المكس مدة ثم تركه وروى الكثير توفى في ربيع الأول وآخر من روى عنه فاطمة بنت سليمان وأبو الفتوح الأغماتى ثم الإسكندرانى واسمه ناصر ابن عبد العزيز بن ناصر روى عن السلفى وتوفى في ذي القعدة
____________________
(5/126)
والرضى الرخى أبو الحجاج يوسف بن حيدرة شيخ الطب بالشام 157 آ وأحد من انتهت إليه معرفة الفن قدم دمشق مع أبيه حيدرة الكحال في سنة خمس وخمسين ولازم الإشتعال على المهذب ابن النقاش فنوه باسمه ونبه على محل علمه وصار من أطباء صلاح الدين وامتدت حياته وصارت أطباء البلد تلامذته حتى إن من جملة أصحابه المهذب الدخوار وعاش سبعا وتسعين سنة ممتعا بالسمع والبصر توفى يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين وست مئة
632 فيها ضربت ببغداد دراهم وفرقت في البلد وتعاملوا بها وإنما كانوا يتعاملون بقراضة الذهب القيراط والحبة ونحو ذلك فاستراحوا
____________________
(5/127)
وفيها توفى أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح المخزومى المصرى الكاتب عن نيف وتسعين سنة وكان آخر من حدث عن ابن رفاعة توفى في سادس عشر رجب وكان أديبا صالحا جليلا
وصواب شمس الدين العادلى الخادم مقدم جيش الكامل وأحد من يضرب به المثل في الشجاعة وكان له من جملة المماليك مئة خادم فيهم جماعة أمراء توفى بحران في رمضان وكان نائبا عليها للكامل
والملك الزاهر داود بن صلاح الدين ولد بالقاهرة سنة ثلاث وسبعين وتملك البيرة مدة إلى أن مات بها في صفر وله شعر
والشهاب عبد السلام بن المطهر بن أبي سعد بن أبي عصرون التميمى الدمشقى الشافعي روى عن جده وكان صدرا محتشما مضى في الرسلية إلى الخليفة توفى في المحرم
وابن ماسويه تقي الدين على بن المبارك بن الحسن الواسطى الفقيه الشافعي المقرئ المجود روى عن ابن شاتيل وطبقته وقرأ القراءات على أبي بكر الباقلاني 157 ب وعلى بن مظفر الخطيب وسكن دمشق وأقرأ بها توفى في شعبان عن ست وسبعين سنة
____________________
(5/128)
وابن الفارض ناظم الديوان المشهور شرف الدين أبو القاسم عمر بن على بن مرشد الحموى المصرى حجة أهل الوحدة وحامل لواء الشعر توفى في جمادى الأولى وله ست وخمسون سنة إلا أشهرا
والشيخ شهاب الدين السهروردى قدوة أهل التوحيد شيخ العارفين أبو حفص وأبو عبد الله عمر بن محمد بن التيمى البكرى الصوفى رضى الله عنه ولد سنة تسع وثلاثين وخمس مئة بسهرورد وقدم بغداد فلحق بها هبة الله بن الشبلى فسمع منه وصحب عمه أبا النجيب وتفقه وتفنن وصنف التصانيف وانتهت إليه تربية المريدين وتسليك العباد ومشيخة العراق ولم يخلف بعده مثله توفى في أول السنة
والشيخ غانم بن علي بن إبراهيم المقدسي النابلسي الزاهد أحد عباد الله الأخفياء الأتقياء والسادة الأولياء ولد سنة اثنتين وستين وخمس مئة بقرية بورين وسكن القدس من الفتوح واتفق موته عند صاحبه الشيخ عبد الله الارموى في غرة شعبان فدفن عنده
____________________
(5/129)
ومحمد بن عبد الواحد بن أبي سعيد المدينى الواعظ أبو عبد الله مسند العجم ولد سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة وسمع من إسماعيل الحمامى وأبي الوقت وأبي الخير الباغبان
قال ابن النجار واعظ مفت شافعى له معرفة بالحديث وقبول عند أهل بلده وفيه ضعف بلغنا أنه استشهد بإصبهان على يد التتار في أواخر رمضان
قلت وفي دخولهم إليها قتلوا أمما لا يحصون
ومحمد بن عماد بن محمد بن حسين أبو عبد الله الحرانى الحنبلى التاجر نزيل الإسكندرية روى عن ابن رفاعة وابن البطى والسلفى وطائفة 158 آ كبيرة بإعتناء خاله حماد الحرانى توفى في عاشر صفر وكان ذا دين وعلم وفقه عاش تسعين سنة روى عنه خلق
وشعر أنه وجيه الدين محمد بن أبي غالب زهير بن محمد الإصبهاني الثقة الصالح سمع الصحيح من أبي الوقت وعمر دهرا ومات شهيدا
____________________
(5/130)
ومحمد بن غسان بن عاقل بن نجاد الأمير سيف الدولة الحمصى ثم الدمشقى روى عن الفلكى وابن هلال وطائفة توفى في شعبان عن ثمانين سنة
وأبو الوفاء محمود بن إبراهيم بن شعبان بن منده العبدى الإصبهاني بقية آل منده ومسند وقته
روى الكثير عن مسعود الثقفى والرستمى وأبي رشيد الفتح وأبي الخير الباغبان وعدم تحت السيف
وأبو الفتوح الوثابى محمد بن محمد بن أبي المعالى الإصبهاني روى عن جده كتاب الذكر بسماعه من طراد ويروى عن رجاء بن حامد المعدانى راح تحت السيف وله ثمان وسبعون سنة
وعبد الأعلى ابن العلامة محمد بن أبي القاسم ابن القطان الإصبهانى الحافظ ظهير الدين محدث إصبهان حضر على محمد بن أحمد بن شاذه وأكثر عن الترك وله معجم فيه عن خمس مئة وخمسين نفسا عاش بضعا وستين سنة وعدم في الوقعة
وجامع بن إسماعيل بن غانم صائن الدين الإصبهاني الصوفى المعروف بباله راوى جزء لوين عن محمد ابن أبي القاسم الصالحانى
____________________
(5/131)
ومحمود بن على بن محمود بن قرقين شمس الدين الدمشقى الجندى الأديب الشاعر روى عن أبي سعد بن أبي عصرون وتوفي في شوال
وابن شداد قاضي القضاة بهاء الدين أبو العز يوسف ابن رافع بن تميم الأسدى الحلبى الشافعي ولد سنة تسع وثلاثين وخمس مئة وقرأ القراءات والعربية بالموصل على يحيى ابن سعدون القرطبى وسمع من حفدة العطاردى وطائفة 158 ب وبرع في الفقه والعلوم وساد أهل التصانيف وله بحلب تربة بين مدرسته ودار حديثه امتدت أيامه وتخرج به الأصحاب توفى في رابع عشر صفر سنة ثلاث وثلاثين وست مئة
633 في ربيع الأول جاءت فرقة من التتار فكسرهم عسكر إربل فما بالوا وساقوا إلى بلاد الموصل فقتلوا
____________________
(5/132)
وسبوا فاهتم المستنصر بالله وأنفق الأموال فردوا الأموال فردوا ودخلوا الدربند
وفيها عدا الكامل الفرات واستعاد حران وخرب قلعة الرها وهرب منه نواب صاحب الروم ثم كر إلى الشام خوفا من التتار فإنهم وصلوا إلى سنجار ثم حشر صاحب الروم ونازل حران وتعثر أهلها بين الملكين
وفيها توفي الجمال أبو حمزة أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسي روى عن نصر الله القزاز وابن شاتيل وأبي المعالى بن صابر وكان يتعانى الجندية وفيه شجاعة وإقدام توفي في ربيع الأول
والقيلويى المؤرخ أبو على الحسن بن محمد بن إسماعيل عاش سبعين سنة وروى عن الأبله الشاعر وغيره وكتب الكثير وكان أدبيا أخباريا توفى في ذي القعدة
وزهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر شيخة صالحة صوفية بالرباط روت عن ابن البطى ويحيى بن ثابت توفيت في جمادى الأولى عن تسع وسبعين سنة
____________________
(5/133)
وخطيب زملكا عبد الكريم بن خلف بن نبهان الأنصارى وله اثنتان وسبعون سنة روى عن أبي القاسم ابن عساكر توفى في ذي الحجة
وابن الرماح عفيف الدين 159 آ على بن عبد الصمد ابن محمد المصرى المقرئ النحوى قرأ القراءات على أبي الجيوش عساكر بن على وسمع من السلفى وتصدر للإقراء والعربية بالفاضلية وغيرها توفي في جمادى الأولى
وابن روزبة أبو الحسن على بن أبي بكر بن روزبة البغدادى القلانسى العطار الصوفى حدث بالصحيح عن أبي الوقت ببغداد وحران ورأس عين وحلب ورد منها خوفا من الحصار الكائن بدمشق على الناصر داود وإلا كان عزمه المجىء إلى دمشق توفى فجأة في ربيع الآخر وقد نيف على التسعين
وابن دحية العلامة أبو الخطاب عمر بن حسن بن على بن الجميل الكلبى الدانى ثم السبتى الحافظ اللغوى
____________________
(5/134)
روى عن أبي عبد الله بن زرقون وابن الجد وابن بشكوال وطبقتهم وعنى بالحديث أتم عناية وجال في مدن الأندلس ومدن العدوة وحج في الكهولة فسمع بمصر من البوصيرى وسمع بالعراق مسند أحمد وبإصبهان معجم الطبرانى من الصيدلانى وبنيسابور صحيح مسلم بعلو بعد أن كان حدث به بالمغرب بالإسناد الأندلسي النازل وكان يقول إنه حفظه كله وليس بالقوى ضعفه جماعة وله تصانيف ودعاو مدحضة وعبارة مقعرة مبغضة وقد نفق على الملك الكامل وجعله شيخ دار الحديث بالقاهرة توفي في رابع عشر ربيع الأول وله سبع وثمانون سنة
والإربلى فخر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن مسلم بن سليمان الصوفي روى عن يحيى بن ثابت وأبي بكر بن النقور وجماعة كثيرة توفي بإربل في رمضان وروايته منتشرة عالية
وأبو بكر المأموني محمد بن محمد بن محمد بن أبي المفاخر سعيد بن حسين العباسي النيسابوري ثم المصري الجنائزى روى عن السلفى وتوفى في ربيع الآخر
____________________
(5/135)
ونصر بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر قاضي القضاة عماد الدين أبو صالح الجيلى ثم البغدادى الحنبلى أجاز له ابن البطى وسمع من شهدة وطبقتها ودرس وأفتى وناظر وبرع في المذهب وولى القضاء سنة ثلاث وعشرين وعزل بعد أشهر وكان لطيفا ظريفا متين الديانة كثير التواضع متحريا في القضاء قوى النفس في الحق عديم المحاباة والتكلف توفي في شوال عن سبعين سنة سنة أربع وثلاثين وست مئة
634 فيها نزلت التتار على إربل وحاصروها وأخذوها بالسيف حتى جافت المدينة بالقتلى وعصت القلعة بعد أن لم يبق من أخذها شيء وترحلت الملاعين بغنائم لا تحصى فلا حول ولا قوة إلا بالله
وفيها توفى الملك المحسن عين الدين أحمد ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب روى عن ابن صدقة الحرانى والبوصيرى وعنى بالحديث أتم عناية وكتب الكثير وكان متواضعا متزهدا كثير الإفضال على المحدثين وفيه تشيع قليل توفى بحلب في المحرم
____________________
(5/136)
وأحمد بن أحمد بن محمد بن صديق موفق الدين الحرانى الحنبلى رحل إلى بغداد وتفقه على ابن المنى وسمع من الحق وطائفة وتوفى بدمشق وتوفي في صفر
والخليل بن أحمد أبو طاهر الجوسقى الصرصرى الخطيب بها قرأ القراءات على جماعة وسمع من ابن البطى وطائفة توفى في ربيع الأول عن ست وثمانين سنة وقد أجاز لجماعة
وسعيد بن محمد بن ياسين أبو منصور البغدادى السفار في التجارة حج تسعا وأربعين حجة وحدث عن ابن البطى وغيره توفي في صفر
وأبو الربيع الكلاعى سليمان بن موسى بن سالم البلنسى الحافظ الكبير صاحب التصانيف وبقية أعلام الأثر بالأندلس ولد سنة خمس وستين وخمس مئة سمع أبا بكر بن الجد وأبا عبد الله بن زرقون وطبقتهما
____________________
(5/137)
قال الأبار كان بصيرا بالحديث حافظا عاقلا عارفا بالجرح والتعديل ذاكرا للموالد والوفيات يتقدم أهل زمانه في ذلك خصوصا من تأخر زمانه ولا نظير لخطه في الإتقان والضبط مع الاستبحار في الأدب والبلاغة كان فردا في إنشاء الرسائل مجيدا في النظم خطيبا مفوها مدركا حسن السرد والمساق مع الشارة الأنيقة وهو كان المتكلم عن الملوك في مجالسهم والمبين لما يريدونه على المنبر في المحافل ولى خطابة بلنسية وله تصانيف في عدة فنون استشهد بكائنه أنيشة بقرب بلنسيه مقبلا غير مدبر في ذي الحجة
والناصح ابن الحنبلى أبو الفرج عبد الرحمان بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج الشيرازي الأنصارى الحنبلى الواعظ المفتى ولد بدمشق سنة أربع وخمسين وبرز في الوعظ ورحل فسمع من شهدة وطبقتها وسمع بإصبهان من أبي موسى المدينى وله خطب ومقامات و تاريخ الوعاظ انتهت إليه رئاسة المذهب بعد الشيخ الموفق توفى في ثالث المحرم
____________________
(5/138)
والناصح عبد القادر بن عبد الظاهر بن أبي الفهم الحرانى الحنبلى مفتى حران وعالمها ومدرسها سمع بدمشق من ابن صدقة ويحيى الثقفى وعرض عليه قضاء بلده فامتنع توفى في ربيع الأول عن إحدى وسبعين سنة
وأبو عمرو عثمان بن حسن السبتى اللغوى أخو أبي الخطاب بن دحية روى عن أبي بكر بن الجد وابن زرقون وابن بشكوال وخلق وولى مشيخة الكاملية بعد أخيه وتوفى بالقاهرة
وصاحب الروم السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان بن سلجوق كان ملكا جليلا شهما شجاعا وافر العقل متسع الممالك تزوج بابنة الملك العادل وامتدت أيامه وتوفى في سابع شوال وكان فيه عدل وخير في الجملة
وأبو الحسن القطيعى محمد بن أحمد بن عمر البغدادى المحدث المؤرخ ولد سنة ست وأربعين وسمع من ابن الزغوانى ونصر العكبرى وطائفة ثم طلب بنفسه ورحل إلى خطيب الموصل وبدمشق من أبي المعالى بن صابر وأخذ الوعظ عن ابن الجوزى وهو أول شيخ ولى مشيخة المستنصرية وآخر من حدث ب البخارى سماعا عن أبي الوقت ضعفة ابن النجار لعدم اتقانه ولكثرة أوهامه توفى في ربيع الآخر
____________________
(5/139)
والملك العزيز غياث الدين محمد بن عبد الملك الظاهر غازى ابن صلاح الدين صاحب حلب وسبط الملك العادل ولوه السلطنة بعد أبيه وله أربع سنين من أجل والدته الصاحبة وهى كانت الكل وكان الأتابك طغريل يسوس الأمور توفي في ربيع الأول وأقيم بعده ابنه الملك الناصر يوسف وهو طفل فنعوذ بالله من إمرة الصبيان
ومرتضى بن أبي الجود حاتم بن المسلم الحارثي الحوفى أبو الحسن المقرئ قرأ القراءات وسمع الكثير من السلفى وجماعة وكان عالما عاملا كبير القدر قانعا متعففا يختم في الشهر ثلاثين ختمة توفى في شوال عن خمس وثمانين سنة
وهبة الله بن عمر بن كمال أبو بكر الحربى الحلاج آخر من حدث عن هبة الله بن الشبلى وأمه كمال بنت السمرقندى توفى في جمادى الأولى
____________________
(5/140)
وياسمين بنت سالم بن على البيطار أم عبد الله الخريمية روت عن هبة الله بن الشبلى القصار وتوفيت
يوم عاشوراء سنة خمس وثلاثين وست مئة
635 كانت طائفة كبيرة من الخوارزمية قد خدموا مع الصالح أيوب بن الملك الكامل فعزموا على القبض عليه فهرب إلى سنجار ونهبوا خزائنه فسار إليه 161 آ لولو صاحب الموصل وحاصره فحلق الصالح لحية وزيره وقاضي بلده بدر الدين السنجارى طوعا ودلاه من السور ليلا فذهب واجتمع بالخوارزمية وشرط لهم كل ما أرادوا فساقوا من حران وبيتوا لولو فنجا بنفسه على فرس النوبة وانتهبوا عسكره واستغنوا
وأما دمشق فمات صاحبها الأشرف وتسلطن بعده أخوه الصالح إسماعيل فسار الملك الكامل وقدم دمشق وأخذها بعد محاصرة وتعب وذهب إسماعيل إلى بلد بعلبك ودخل الكامل قلعة دمشق ونفى القلندرية والحريرية وتمرض ومات بعد شهرين فتملك بعده بدمشق ابن اخيه الملك الجواد وبمصر ابنه العادل
____________________
(5/141)
وفيها وصلت التتار إلى دقوقا تنهب وتسبى وتفسد فالتقاهم الأمير بكلك الخليفتى في سبعة آلاف والتتار في عشرة آلاف فانهزم المسلمون بعد أن قتلوا خلقا وكادوا ينتصرون وقتل بكلك وجماعة أمراء أعيان
وفيها توفى أبو محمد الأنجب بن أبي السعادات البغدادى الحمامى عن إحدى وثمانين سنة راو حجة روى عن ابن البطى وأبي المعالي ابن النحاس وطائفة وأجاز له سعيد الثقفى وجماعة توفى في تاسع عشر ربيع الآخر
وابن رئيس الرؤساء أبو محمد الحسين بن على بن الحسين ابن هبة الله ابن الوزير رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة البغدادى الناسخ الصوفى ولد سنة إحدى وخمسين وسمع من ابن البطى وأحمد بن المقرب
توفى في رجب
____________________
(5/142)
وقاضي حلب زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمان بن عبد العزيز بن علوان الأسدي الحلبى الشافعي ابن الاستاذ روى عن يحيى الثقفى
توفي في شعبان بحلب عن ثمان وخمسين سنة وكان من سروات الرؤساء
وابن اللتى مسند الوقت أبو المنجا عبد الله بن عمر ابن على بن عمر بن زيد 161 ب الحريمى القزاز رجل مبارك خير
ولد سنة خمس وأربعين وسمع من أبي الوقت وسعيد بن البنا وطائفة وأجاز له مسعود الثقفى والإصبهانيون وكان آخر من روى حديث البغوى بعلو نشر حديثه بالشام ورجع منها في آخر سنة أربع وثلاثين فتوفى ببغداد في رابع عشر جمادى الأولى
وعبد الله بن المظفر ابن الوزير أبي القاسم على بن طراد الزينبى أبو طالب العباسي البغدادى روى عن ابن البطى حضورا وعن أبي بكر بن النقور ويحيى بن ثابت
توفي في رمضان
____________________
(5/143)
والرضى عبد الرحمان بن محمد بن عبد الجبار أبو محمد المقدسى الحنبلى الملقن أقرأ كتاب الله احتسابا أربعين عاما وختم عليه خلق كثير وروى عن يحيى الثقفى وطائفة وكان كثير العبادة والتهجد توفى في ثاني صفر وقد شاخ
وعبد الرزاق ابن الإمام أبى أحمد عبد الوهاب بن سكينة صدر الدين شيخ الشيوخ البغدادى حضر على ابن البطى وسمع من شهدة وترسل عن الخليفة إلى النواحى توفى في جمادى الأولى
والكامل سلطان الوقت ناصر الدين أبو المعالى محمد ابن العادل أبي بكر بن أيوب ولد سنة ست وسبعين وخمس مئة وتملك الديار المصرية تحت جناح والده عشرين سنة وبعده عشرين سنة وتملك دمشق قبل موته بشهرين وتملك حران وآمد وتلك الديار وله مواقف مشهورة وكان صحيح الإسلام معظما للسنة وأهلها محبا لمجالسة العلماء فيه عدل وكرم وحياء وله هيبة شديدة مرض بقلعة دمشق بالسعال والإسهال نيفا وعشرين ليلة وكان في رجله نقرس فمات في الحادى والعشرين من رجب ومن عدله المخلوط بالجبروت والظلم شنق جماعة من أجناده على آمد في أكيال شعير غصبوه
____________________
(5/144)
وأبو بكر محمد بن 162 آ مسعود بن بهروز البغدادى الطبيب سمعه خاله من أبي الوقت وتفرد بالرواية بالسماع عنه
توفى في رمضان وقد جاوز التسعين
ومحمد بن نصر بن عبد الرحمان بن محمد بن محفوظ القرشي الدمشقي شرف الدين ابن أخى الشيخ أبي البيان أديب شاعر صالح زاهد ولى مشيخة رباط أبي البيان وروى عن ابن عساكر توفى في رجب
وأبو نصر بن الشيرزاي القاضي شمس الدين محمد ابن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن يحيى الدمشقي الشافعي ولد سنة تسع وأربعين وخمس مئة وأجاز له أبو الوقت وطائفة وسمع من أبي يعلى بن الحبوبى وطائفة كبيرة وله مشيخة في جزء درس وأفتى وناظر وصار من كبار أهل دمشق في العلم والرواية والرئاسة والجلالة درس مدة بالشامية الكبرى وتوفى في ثانى جمادى الآخرة
____________________
(5/145)
وخطيب دمشق الدولعى جمال الدين محمد بن أبي الفضل بن زيد بن ياسين الثعلبي الشافعي ولد بقرية الدولعية من عمل الموصل وتفقه على عمه ضياء الدين الدولعى خطيب دمشق وسمع من ابن صدقة الحرانى وجماعة
توفى في جمادى الأولى ودفن بمدرسته بجيرون
ومكرم بن محمد بن حمزة بن محمد المسند نجم الدين أبو المفضل القرشي الدمشقى التاجر المعروف بابن أبي الصقر ولد في رجب سنة ثمان وأربعين وسمع من حمزة بن الحبوبى وحمزة بن كروس وحسان الزيات والفلكى وعلى بن أحمد بن مقاتل السوسى وطائفة وتفرد وطال عمره وسافر للتجارة كثيرا توفى في رجب
والملك الأشرف مظفر الدين أبو الفتح موسى بن العادل ولد سنة ست وسبعين بالقاهرة وروى عن ابن طبرزد تملك حران وخلاط وتلك الديار مدة ثم ملك دمشق تسع سنين فأحسن وعدل وخفف الجور وكان فيه دين 162 ب وتواضع للصالحين وله ذنوب عسى الله أن يغفرها له وكان حلو الشمائل محببا إلى الرعية موصوفا بالشجاعة لم تكسر له راية قط
توفى في يوم الخميس رابع المحرم فتسلطن بعده أخوه إسماعيل
____________________
(5/146)
وشمس الدين بن سنى الدولة قاضي القضاة أبو البركات يحيى بن هبة الله بن الحسن الدمشقى الشافعي والد قاضي القضاة صدر الدين أحمد ولد سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة وتفقه على ابن أبي عصرون والقطب النيسابوري وسمع من أحمد بن الموازينى وطائفة
توفى في ذي القعدة
وابن الشواء شهاب الدين أبو المحاسن يوسف بن إسماعيل الحلبى الأديب وله ديوان في أربع مجلدات توفى في المحرم عن ثلاث وسبعين سنة سنة ست وثلاثين وست مئة
636 فيها مهنت نفس الملك الجواد وضعف عن سلطنة دمشق بعد أن محق الخزائن وكاتب الملك الصالح أيوب بن الكامل وقايضه فأعطاه دمشق بسنجار وعانة
____________________
(5/147)
وكانت صفقة خاسرة فبادر الصالح وقدم فتسلم دمشق من الجواد لأن المصريين الحو على الجواد في أن ينزل عن دمشق ويعطى الإسكندرية ثم ركب الصالح في الدست وحمل الجواد الغاشية بين يديه ثم أكل يديه ندما وسافر ثم توجه الصالح نحو الغور وطلب عمه ابن إسماعيل من بعلبك ليتفقا فدبر إسماعيل أمره واستعان بالمجاهد صاحب حمص وهجم على دمشق فأخذها في صفر من العام الآتى فسمعت الأمراء فتسحبت إليه وبقى الصالح في طائفة فأخذه عسكر الناصر صاحب الكرك واعتقله الناصر عنده
وفيها توفى أبو العباس القسطلاني ثم المصرى الفقيه المالكى الزاهد أحمد بن على تلميذ الشيخ أبي عبد الله القرشي سمع من عبد الله بن برى ودرس بمصر وأفتى 163 آ ثم جاور بمكة مدة وعاش سبعا وسبعين سنة توفي بمكة في جمادى الآخرة
وصاحب ماردين ناصر الدين أرتق بن ألبى الأرتقى التركمانى تملك ماردين بضعا وثلاثين سنة وكان فيه عدل ودين في الجملة قتله غلمانه بمواطأة ابن أبنه وتملك بعده ابنه نجم الدين غازى
____________________
(5/148)
والتاج أسعد بن المسلم بن مكى بن علان القيسى الدمشقى
توفى في رجب عن ست وسبعين سنة روى عن ابن عساكر وأبي الفهم بن أبي العجائز وكان من كبار العدول وهو أسن من أخيه السديد
وبدل بن أبي المعمر بن إسماعيل أبو الخير التبريزى المحدث الرحال ولد بعد الخمسين وخمس مئة وسمع من أبي سعد بن أبي عصرون وجماعة ورحل فأكثر عن اللبان والصيدلاني وسمع بنيسابور ومصر والعراق وكتب وتعب وخرج وولى مشيخة دار الحديث بإربل فلما أخذتها التتار قدم حلب وبها توفى في جمادى الأولى
وجعفر بن على بن هبة الله أبو الفضل الهمذانى الإسكندرانى المالكى المقرئ الأستاذ المحدث ولد سنة ست وأربعين وقرأ القراءات على عبد الرحمان ابن خلف الله صاحب ابن الفحام وأكثر عن السلفى وطائفة وكتب الكثير وحصل وتصدر للإقراء ثم رحل في آخر عمره فروى الكثير بالقاهرة ودمشق
وتوفى في صفر وقد جاوز التسعين
____________________
(5/149)
وابن الصفراوى جمال الدين أبو القاسم عبد الرحمان ابن عبد المجيد بن إسماعيل بن عثمان بن يوسف بن حسين ابن حفص الإسكندرانى الفقيه المالكى المقرئ ولد في أول سنة أربع وأربعين وخمس مئة وقرأ القراءات على ابن خلف الله وأحمد بن جعفر الغافقى واليسع بن حزم وابن الخلوف وتفقه على أبي طالب صالح بن بنت معافى 163 ب وسمع الكثير من السلفى وغيره وانتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى ببلده وطال عمره وبعد صيته توفى في الخامس والعشرين من ربيع الآخر
وعسكر بن عبد الرحيم بن عسكر بن أسامه أبو عبد الرحيم العدوى النصيبينى من بيت مشيخة وحديث ودين له أصحاب وأتباع رحل في الحديث وسمع من عبد العزيز ابن منينا وسليمان الموصلى وطبقتهما وله مجاميع حسنة توفى في المحرم
وعلى بن جرير الرقى الصاحب جمال الدين وزر للأشرف ثم للصالح إسماعيل وتوفى في جمادى الآخرة
وعماد الدين بن الشيخ هو الصاحب الرئيس أبو الفتح عمر ابن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد بن عمر الجوينى ثم الدمشقى ولى تدريس الشافعي ومشهد الحسين ومشيخة الشيوخ بالديار المصرية وقام بسلطنة الجواد ثم دخل الديار المصرية فلامه صاحبها العادل أبو بكر فرد وهم بخلع الجواد من السلطنة فلم يطعه وجهز عليه من الإسماعيلية من قتله في جمادى الأولى وله خمس وخمسون سنة
____________________
(5/150)
وأبو الفضل السباك محمد بن محمد بن الحسن البغدادى أحد وكلاء القضاة روى عن ابن البطى وأبي المعالى بن اللحاس توفى في ربيع الآخر
والزكى البرزالى أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أبي بداس الإشبيلى الحافظ الجوال محدث الشام ومفيده سمع بالحجاز ومصر والشام والعراق وإصبهان وخراسان والجزيرة وأكثر وجمع فأوعى وأول طلبه سنة اثنتين وست مئة وأقدم شيوخه عين الشمس الثقفية ومنصور الفراوى
توفى في رمضان بحماة وله ستون سنة رحمه الله
____________________
(5/151)
وجمال الدين الحصيرى شيخ الحنفية أبو المحامد محمود بن أحمد بن عبد السيد البخارى وله تسعون سنة توفى في صفر وروى صحيح مسلم عن أصحاب الفراوى ودرس بالنورية خمسا وعشرين سنة وكان من العلماء العاملين 164 آ سنة سبع وثلاثين وست مئة
637 قد ذكر أن إسماعيل هجم على دمشق في صفر من هذا العام فملكها وتسلم القلعة من الغد واعتقلوا الصالح أيوب بالكرك أشهرا فطلبه أخوه العادل من الناصر داود وبذل فيه مئة ألف دينار وكذا طلبه الصالح إسماعيل فامتنع الناصر ثم اتفق معه وحلفه وأخذه وسار به إلى الديار المصرية فمالت الكاملية إليه وقبضوا على العادل وتملك الصالح أيوب ورجع الناصر بخفى حنين
وفيها توفى الخويى قاضي القضاة شمس الدين أحمد ابن الخليل الشافعي في شعبان عن أربع وخمسين سنة وله تصانيف وفضائل ولا سيما في العقليات
____________________
(5/152)
وثابت بن محمد بن أبي بكر الصدر علاء الدين أبو سعد الخجندى ثم الإصبهانى سمع الصحيح حضورا في الرابعة من أبي الوقت وبقى إلى هذا الوقت بشيراز
وسالم بن الحافظ أبي المواهب بن صصرى الصدر أمين الدين أبو الغنائم البغدادى الدمشقى رحل به أبوه وسمعه من ابن شاتيل وطبقته توفي في جمادى الآخرة وله ستون سنة
وشيركوه الملك المجاهد أسد الدين بن محمد بن شيركوه بن شاذي صاحب حمص بحمص في رجب
وعبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل أبو القاسم الدمشقى بمصر في ذي الحجة روى عن السلفى
وابن الكريم الكاتب شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن على البغدادى المحدث الأديب الماسح المتفنن روى عن ابن بوش وابن كليب وخلق وسكن دمشق وكتب الكثير بخطه توفى في رجب عن سبع وخمسين سنة
____________________
(5/153)
وابن الدبيثى الحافظ المؤرخ المقرئ الحاذق أبو عبد الله محمد بن سعيد بن يحيى الواسطى الشافعي 164 ب ولد سنة ثمان وخمسين خمس مئة وسمع من أبي طالب الكنانى وأبي الفتح ابن شاتيل وعبد المنعم بن الفراوى وطبقتهم وقرأ القراءات على جماعة وكان إماما متفننا واسع العلم غزير الحفظ أضر في آخر عمره
وتوفى في ثامن ربيع الآخر ببغداد
ومحمد بن طرخان تقى الدين بن السلمى الدمشقى الصالحي الحنبلي ولد سنة إحدى وستين وخمس مئة وروى عن ابن صابر وأبي المجد البانياسى وطائفة وخرج لنفسه مشيخة وكان فقيها جليلا متوددا توفى في تاسع المحرم
وأبو طالب بن صابر الدمشقى محمد بن أبي المعالى عبد الله بن عبد الرحمان بن أحمد بن على بن صابر السلمى الصوفى الزاهد روى عن أبيه وجماعة وصار شيخ الحديث بالعزية
____________________
(5/154)
قال ابن النجار لم أر إنسانا كاملا غيره زاهدا عابدا ورعا كثير الصلاة والصيام توفى في سابع المحرم
وابن الهادى محتسب دمشق رشيد الدين أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن يحيى القيسى الدمشقى شيخ وقور مهيب عفيف سمع ابن عساكر وأبا المعالى بن صابر توفى في جمادى الآخرة عن سبع وثمانين سنة
والرشيد النيسابورى محمد بن أبي بكر بن على الحنفى الفقيه سمع بمصر من أبي الجيوش عساكر والتاج المسعودى وجماعة ودرس وناظر وعاش سبعا وسبعين سنة ولى قضاء الكرك والشوبك ثم درس بالمعينية توفى في خامس ذي القعدة
وشرف الدين أبو البركات المستوفى المبارك بن أحمد ابن أبي البركات اللخمى الإربلى وزير إربل وقاضيها
____________________
(5/155)
ومؤرخها ولد سنة أربع وستين وخمس مئة وسمع من عبد الوهاب بن حبة وحنبل وابن طبرزد وخلق وكان بيته مجمع الفضلاء وله يد طولى في النثر والنظم ونفس كريمة كبيرة وهمة علية شرح ديوان أبي تمام و المتنبى في عشر مجلدات وله ديوان شعر سلم بقلعة إربل من التتار ثم سكن الموصل وبها مات في المحرم
165 آ وضياء الدين ابن الأثير الصاحب العلامة أبو الفتح نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم ابن عبد الواحد الشيبانى الجزرى الكاتب البليغ صاحب المثل السائر انتهت إليه رياسة إنشاء والترسل ومن جملة محفوظاته شعر أبي تمام والبحترى والمتنبى وزر بدمشق للملك الأفضل فأساء وظلم ثم هرب ثم كان معه بسميساط سنوات ثم خدم الظاهر صاحب حلب فلم يقبل عليه فتحول إلى الموصل وكتب الإنشاء لصاحبها محمود بن عز الدين مسعود ولأتابكه لولو وذهب رسولا في آخر أيامه إلى الخليفة فمات ببغداد في ربيع الآخر وكان بينه وبين أخيه عز الدين مقاطعة كلية
____________________
(5/156)
وعبد العزيز بن بركات بن إبراهيم الخشوعى الدمشقي إمام الربوة أبو محمد روى عن أبيه وأبي القاسم بن عساكر توفى في ثامن ربيع الآخر
وعبد العزيز بن دلف البغدادى المقرئ الناسخ خازن كتب المستنصرية قرأ القراءات على على بن عساكر البطائحى وسمع من شهدة توفى في السادس والعشرين من صفر
والحر الى أبو الحسن على بن أحمد بن الحسن التجيبى المرسى كان متفننا عارفا بالنحو والكلام والمنطق سكن حماة وله تفسير عجيب
وقشتمر سلطان بغداد ومقدم العساكر جمال الدين الخليفتى الناصرى توفى في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وست مئة
638 فيها سلم الملك الصالح إسماعيل قلعة الشقيف للفرنج لغرض في نفسه فمقته المسلمون وأنكر عليه ابن عبد السلام وأبو عمرو بن الحاجب فسجنهما وعزل ابن عبد السلام من خطابة دمشق وولى القضاء الرفيع الجيلى
____________________
(5/157)
وفيها توفى أبو على أحمد بن محمد بن محمود بن المعز الحرانى ثم البغدادى الصوفى روى عن ابن البطى وأحمد بن المقرب وجماعة توفى في المحرم 165 ب
والقاضي نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد خلف بن راجح المقدسى الحنبلى ثم الشافعي صاحب التصانيف روى عن ابن صدقة الحرانى وجماعة وسافر إلى همذان فلزم الركن الطاوسى حتى صار معيده ثم سافر إلى بخارا فبرع في علم الخلاف وطار اسمه وبعد صيته وكان يتوقد ذكاء ومن جملة محفوظاته الجمع بين الصحيحين وكان صاحب أوراد وتهجد توفى في خامس شوال
وعلى بن مختار بن نصر الله بن طعان جمال الملك أبو الحسن العامرى المحلى الإسكندراني المعروف بابن الجمل روى عن السلفى وغيره وتوفى في شعبان
ومحيى الدين ابن العربي أبو بكر محمد بن على بن محمد الطائى الحاتمى المرسى الصوفى نزيل دمشق وصاحب التصانيف وقدوة العالمين بوحدة الوجود ولد سنة ستين وخمس مئة وروى عن ابن بشكوال وطائفة وتنقل في البلاد وسكن الروم مدة وقد اتهم بأمر عظيم توفى في الثاني والعشرين من ربيع الآخر
____________________
(5/158)
سنة تسع وثلاثين وست مئة
فيها توفى الشمس بن الخباز النحوى أبو عبد الله أحمد ابن الحسين بن أحمد بن معالى الإربلى ثم الموصلى الضرير صاحب التصانيف الأدبية توفى في رجب بالموصل وله خمسون سنة
والمارستانى أبو العباس أحمد بن يعقوب بن عبد الله البغدادى الصوفى قيم جامع المنصور روى عن أبي المعالى ابن اللحاس وحفدة العطاردى وجماعة توفى في ذي الحجة
وإسحاق بن طرخان بن ماض الفقيه تقى الدين الشاغورى الشافعي آخر من حدث عن حمزة بن كروس توفى في رمضان بالشاغور
والنفيس بن قادوس هو القاضي أبو الكرم أسعد ابن 166 آ عبد الغنى العدوى المصرى آخر من روى عن الشريف أبي الفتوح الخطيب وأبي العباس بن الحطئة توفى في ذي الحجة وله ست وتسعون سنة
____________________
(5/159)
وإسماعيل بن مظفر أبو الطاهر النابلسي ثم الدمشقى الحنبلى المحدث الجوال الزاهد ولد سنة أربع وستين وسمع بمصر من البوصيرى وببغداد من ابن المعطوش وبإصبهان من أبي المكارم اللبان وبنيسابور من أبي سعد الصفار وبدمشق وحران ومكة
قال ابن الحاجب كان عبدا صالحا صاحب كرامات ذا مروة مع فقر مدقع
قلت توفى في شوال
والحسن بن إبراهيم بن هبة الله بن دينار أبو على المصرى الصائغ روى عنالسلفى ومات في جمادى الآخرة عن تسع وثمانين سنة
والإسعردى أبو الربيع سليمان بن إبراهيم بن هبة الله ابن أحمد المحدث خطيب بيت لهيا ولد بإسعرد وسمع بدمشق الخشوعى وبمصر من البوصيرى وتخرج بالحافظ عبد الغنى توفى في ربيع الآخر ببيت لهيا
____________________
(5/160)
وعبد الرحمان بن مقبل العلامة قاضى القضاة عماد الدين أبو المعالى الواسطى الشافعي ولد سنة سبعين وتفقه فدرس وأفتى وناب في القضاء عن أبي صالح الجيلى ثم ولى بعده القضاء ودرس بالمستنصرية ثم عزل عن الكل سنة ثلاث وثلاثين وست مئة فتزهد وتعبد ثم ولى مشيخة رباط في سنة خمس وثلاثين وحدث عن ابن كليب توفى في ذي القعدة
وعبد السيد بن أحمد الضبى خطيب بعقوبا روى عن يحيى بن ثابت وأحمد المرقعاتى وتوفى في صفر وله تسع وسبعون سنة
والسيف عبد الغنى خطيب حران وابن خطيبها فخر الدين محمد بن الخضر بن تيمية توفى في المحرم كهلا وكان فصيحا مليح الخطابة
والبدر على بن عبد الصمد بن عبد الجليل الرازى المؤدب بمكتب جاروخ بدمشق روى عن السلفى ثمانى الآجرى وتوفى في ربيع الآخر
____________________
(5/161)
وأبو فضيل 166 ب قايماز المعظمى مجاهد الدين والى البحيرة روى عن السلفى ومات في سلخ شوال
وشرف الدين ابن الصفراوى قاضي قضاة مصر أبو المكارم محمد ابن القاضى الرشيد على ابن القاضى أبي المجد حسن الإسكندرانى ثم المصرى الشافعي ولد بالإسكندرية سنة إحدى وخمسين وخمس مئة وقدم القاهرة فناب في القضاء سنة أربع وثمانين عن صدر الدين ابن درباس ثم ناب عن غير واحد وولى قضاء الديار المصرية في سنة سبع عشرة وست مئة توفى في تاسع عشر ذي القعدة
وابن نعيم القاضي أبو بكر محمد بن يحيى بن البغدادى الشافعي المعروف بابن الحبير ولد سنة تسع وخمسين وسمع من شهدة وجماعة وكان من أئمة الشافعية صاحب ليل وتهجد وحج طويل الباع في النظر والجدل ولى تدريس النظامية مدة وتوفى في شوال
والكمال بن يونس العلامة أبو الفتح موسى بن يونس ابن محمد بن منعة بن مالك الموصلى الشافعي أحد الأعلام ولد سنة إحدى وخمسين بالموصل وتفقه على
____________________
(5/162)
والده وببغداد على معيد النظامية السديد السلماسى وبرع عليه في الأصول والخلاف وقرأ النحو على ابن سعدون القرطبى والكمال الأنبارى وأكب على الإشتغال بالعقليات حتى بلغ فيها الغاية وكان يتوقد ذكاء ويموج بالمعارف حتى قيل إنه كان يتقن أربعة عشر فنا اشتهر ذكره وطار خبره ورحلت الطلبة إليه من الأقطار وتفرد بإتقان علم الرياضى ولم يكن له في وقته نظير
قال ابن خلكان كان يتهم في دينه لكون العلوم العقلية غالبة عليه كما قال العماد المغربى فيه
( وعاطيته صهباء من فيه مزجها % كرقة شعرى أو كدين ابن يونس ) ولكمال الدين عدة تصانيف توفى في نصف شعبان بالموصل 167 آ
____________________
(5/163)
سنة أربعين وست مئة
640 فيها جهز الملك الصالح أيوب عسكره وعليهم كمال الدين ابن الشيخ لأخذ دمشق من عمه الصالح إسماعيل فمات مقدم العسكر كمال الدين بغزة ويقال إنه سم
وفيها توفى الزين بن عبد الملك بن عثمان المقدسي الحنبلي الشروطي الناسخ روى عن يحيى الثقفى والبوصيري وابن المعطوش وطبقتهم وطلب وكتب الأجزاء توفى في رمضان عن ثلاث وستين سنة
وإبراهيم الخشوعى أبو إسحاق ابن الشيخ أبي طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الدمشقي آخر من سمع من عبد الواحد بن هلال وما يدرى ما سمع من ابن عساكر توفى في رجب وله اثنتان وثمانون سنة
وآسية المقدسية والدة السيف بن المجد الحافظ قال أخوها الضياء ما في زمانها مثلها لا تكاد تدع قيام الليل
والجهة الأتابكية امرأة الملك الأشرف موسى صاحبة المدرسة والتربة بالجبل تركان بنت الملك عز الدين مسعود ابن قطب الدين مودود بن أتابك زنكى
____________________
(5/164)
وجمال النساء بنت أحمد بن أبي سعد الغراف البغدادية سمعت من ابن البطى وأحمد بن محمد الكاغدى توفيت في جمادى الأولى
وسعيدة بنت عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة روت بالإجازة عن العثماني
وعائشة بنت المستنجد بالله بن المقتفى وأخت المستضىء وعمة الناصر عمرت دهرا وماتت في ذي الحجة
وعبد الحميد بن محمد بن سعد الصالحى الطيان روى عن يحيى الثقفى وتوفى في رجب
وابن أبيه عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن الدجاجية روى عن الحافظ ابن عساكر ومات في المحرم
وعبد العزيز بن مكى أبو محمد البغدادى 167 ب روى عن ابن البطى وجماعة توفى في ربيع الآخر
وصاحب المغرب الرشيد أبو محمد بن المأمون واسمه عبد الواحد بن إدريس المؤمنى صاحب مراكش ولى الأمر سنة ثلاثين وست مئة وأعاد ذكر ابن تومرت في الخطبة ليستميل قلوب الموحدين توفى غريقا في صهريج بستانه وولى بعده أخوه المعتضد على
____________________
(5/165)
والعلم ابن الصابونى أبو الحسن على بن محمود بن أحمد المحمودى الجويثى الصوفى والد الجمال ابن الصابونى المحدث أجاز له أبو المطهر الصيدلانى وابن البطى وطائفة وسمع من السلفى وكان عدلا جليلا وافر الحرمة
توفى في شوال عن أربع وثمانين سنة
وابن شفنين الشريف أبو الكرم محمد بن عبد الواحد ابن أحمد بن أحمد الهاشمي العباسى المتوكلى مسند العراق أجاز له أبو بكر بن الزغوانى ونصر بن نصر العكبرى وأبو الوقت ومحمد بن عبيد الله الرطبى وسمع من يحيى بن السدنك توفى في رجب وله إحدى وتسعون سنة
وكان سريا نبيلا
والمستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله محمد بن الناصر أحمد بن أحمد بن المستضىء حسن بن المستنجد يوسف ابن المقتفى العباسى ولد سنة ثمان وثمانين وخمس مئة وهو ابن تركية استخلف في رجب سنة ثلاث وعشرين فحمدت سيرته وكان أشقر ضخما قصيرا وخطه الشيب فخضب بالحناء ثم تركه
توفى عاشر جمادى الآخرة بكرة الجمعة وبويع ولده المستعصم بالله
____________________
(5/166)
سنة إحدى وأربعين وست مئة
641 فيها حكمت التتار على بلد الروم وألزم صاحبها ابن علاء الدين بأن يحمل لهم كل يوم ألف دينار ومملوكا وجارية وفرسا وكلب صيد
وفيها توفى التقى الصريفينى أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد بن الأزهر الحافظ ولد سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة بصريفين ورحل إلى 168 آ الشام والعراق والجزيرة وخراسان وإصبهان وجمع وصنف وحدث عن حنبل وأبى روح وطبقتهما وكان ذا صدق وإتقان وحفظ
توفى في جمادى الأولى بدمشق
والأعز بن كريم أبو محمد الحربى الإسكاف البزاز سمع من يحيى بن ثابت وعيره توفى في صفر
____________________
(5/167)
وحمزة بن عمر بن عتيق بن أوس الغزال أبو القاسم الأنصارى الإسكندرانى روى عن السلفى
وتوفى في ذي الحجة
وسلطان بن محمود البعلبكى الزاهد أحد أصحاب الشيخ عبد الله اليونينى كان صاحب أحوال وكرامات وهو والد الشيخ الزاهد محمود رحمهما الله
وعائشة بنت محمد بن على بن البل البغدادى أمة الحكم الواعظة أجاز لها أبو الحسن بن غبرة والشيخ عبد القادر وكانت صالحة تعظ النساء
توفيت في جمادى الأولى
وعبد الحق بن خلف بن عبد الحق أبو محمد الدمشقي الحنبلي روى عن أبي الفهم بن أبي العجائز وابن صابر وجماعة توفى في شعبان عن نيف وتسعين سنة وكان صالحا فاضلا
وأبو طالب بن القبيطى عبد اللطيف بن محمد بن علي بن حمزة الحرانى ثم البغدادى الجوهوري ولد سنة أربع وخمسين وسمع الكثير من ابن البطى وأبي زرعة والشيخ عبد القادر وطبقتهم وكان من أهل القرآن والصلاح والإسناد العالي
توفي في جمادى الآخرة وقد تفرد بأشياء
____________________
(5/168)
وأبو الوفاء عبد الملك بن عبد الحق ابن شرف الإسلام عبد الوهاب بن الحنبلي الأنصاري الدمشقي روى عن السلفي وجماعة
توفى في جمادى الآخرة أيضا بدمشق
وأبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمان بن عبد الواحد ابن محمد بن هلال الأزدى الدمشقى روى عن الحافظ ابن عساكر والأمير أسامة توفى في رجب
والتسارسى أبو الرضا على بن زيد بن على الإسكندراني الخياط روى عن السلفى وتسارس من قرى برقة توفى في رمضان
وعلى بن 168 ب أبي الفخار هبة الله بن أبي منصور محمد بن هبة الله الشريف أبو تمام الهاشمي العدل خطيب جامع ابن المطلب ببغداد روى عن ابن البطى وجماعة وعاش تسعين سنة توفى في جمادى الآخرة
____________________
(5/169)
وعمر بن أسعد بن المنجا القاضى شمس الدين أبو الفتوح التنوخى الدمشقى الحنبلى والد ست الوزراء سمع أبا المعالى ابن صابر والقاضي كمال الدين بن الشهرزورى وجماعة وولى قضاء حران كأبيه وأفتى ودرس وتوفى في ربيع الآخر
وقيصر بن فيروز البواب أبو محمد القطيعى روى عن عبد الحق اليوسفى توفى في رمضان
وكريمة بنت عبد الوهاب بن على بن الخضر مسندة الشام أم الفضل القرشية الزبيرية وتعرف ببنت الحبقبق روت عن أبي يعلى بن الحبوبى وعبد الرحمان ابن أبي الحسن الدارانى وحسان الزيات وجماعة وأجاز لها أبو الوقت السجزى وأبو الخير والباغبان ومسعود الثقفى وخلق وروت شيئا كثيرا توفيت في جمادى الآخرة ببستانها بالميطور
____________________
(5/170)
والجواد الذي تسلطن بدمشق بعد الملك الكامل هو مظفر الدين يونس بن ممدود بن العادل كان من أمراء عمه الكامل وكان جوادا لكنه كان لا يصلح للملك سنة اثنتين وأربعين وست مئة
642 جر الملك الصالح أيوب الخوارزمية وطلبهم من الجزيرة فعدوا الفرات وندبهم لمحاصرة عمه إسماعيل بدمشق واستنجد إسماعيل بالفرنج وبصاحب حمص فساقت الخوارزمية واجتمعت بعده بعسكر مصر وجائهم الخلع والنفقات وبعث الناصر داود عسكره من الكرك نجدة لإسماعيل ثم وقع المصاف بقرب عسقلان في جمادى الأولى فانتصر المصريون والخوارزمية على الشاميين والفرنج واستحر القتل ولله الحمد بالفرنج وأسرت ملوكهم 169 آ وخاف إسماعيل وحصن دمشق واستعد
وفيها توفي التاج ابن الشيرازى أبو المعالى أحمد بن القاضي أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد الدمشقي المعدل روى عن جده والفضل بن البانياسى وجماعة وتوفى في رمضان وله إجازة من السلفى
____________________
(5/171)
وحاطب بن عبد الكريم بن أبي يعلى الحارثى أبو طالب المزى عاش خمسا وتسعين سنة وروى عن أبي القاسم بن عساكر توفي المحرم
وظافر بن طاهر بن ظافر بن إسماعيل بن سحم أبو المنصور الأزدى الإسكندراني المالكي المطرز روى عن السلفي وجماعة
توفي في ربيع الأول
وتاج الدين ابن حمويه شيخ الشيوخ أبو محمد عبد الله ويسمى أيضا عبد السلام ابن عمر بن على ابن محمد الجوينى الصوفى شيخ السميساطية ولد بدمشق سنة ست وستين وسمع من شهدة والحافظ أبي القاسم ودخل المغرب قبل الستمائة فأقام هناك ست سنين وله مجاميع وفرائد
توفى في صفر
والرفيع الجيلى قاضى القضاة بدمشق أبو حامد عبد العزيز ابن عبد الواحد بن إسماعيل أحد قضاة الجور كان متكلما بارعا في العقليات والفلسفة رقيق الديانة قبض عليه في آخر سنة إحدى وأربعين ثم بعث مع من رماه في هوة بأرض البقاع نسأل الله الستر
____________________
(5/172)
والنفيس أبو البركات محمد بن الحسين بن عبد الله ابن رواحة الأنصارى الحموى سمع بمكة من عبد المنعم الفراوى وبالثغر من أبي الطاهر بن عوف وأبي طالب التنوخى توفى في آخر السنة عن ثمان وتسعين سنة
والجمال ابن المخيلي أبو الفضل يوسف بن عبد المعطى ابن منصور بن نجا الغساني الإسكندرانى المالكى روى عن السلفى وجماعة وكان من أكابر بلده
توفى في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وست مئة
643 169 ب في أولها بل قبل ذلك حاصرت الخوارزمية دمشق وعليهم الصاحب معين الدين حسن ابن الشيخ واشتد الخطب وأحرقت الحواضر ورمى من الفريقين بالمجانيق وتعب الدمشقيون بالصالح إسماعيل أولا وآخرا وذاقوا من الخوف والقحط والوباء ما لا يعبر عنه ودام الحصار خمسة أشهر إلى أن ضعف إسماعيل وفارق دمشق وتسلمها الصاحب معين الدين فغضبت الخوارزمية من الصلح ونهبوا داريا وترحلوا وراسلوا الصالح إلى بعلبك وصاروا معه على الصالح نجم الدين وردوا معه فحاصروا دمشق في ذي القعدة لموت معين الدين ابن الشيخ وتلك الأيام كان الغلاء المفرط حتى أبيعت الغرارة بدمشق بألف وست مئة درهم وأكلت الجيف وتفاقم الأمر والخمور والفاحشة دائرة بدمشق
____________________
(5/173)
وفيها توفي بدمشق خلق كثير من الأعيان والشيوخ منهم
السيف بن المجد الحافظ القدوة أبو العباس أحمد بن عيسى ابن الشيخ الموفق المقدسى الصالحى في أول شعبان وله ثمان وثلاثون سنة سمع من أبي القاسم بن الحرستانى فمن بعده بدمشق وبغداد وكان من أعيان الأذكياء ومن خيار الصلحاء رحمه الله تعالى
والتقى بن العز العلامة المفتى أبو العباس أحمد بن محمد ابن الحافظ عبد الغنى المقدسى الصالحى الحنبلى في ربيع الآخر وله اثنتان وخمسون سنة روى عن الخشوعى وعفيفة الفارقانية وطبقتهما ومن محفوظاته الكافى لشيخه الموفق انتهت إليه مشيخة الحنابلة بسفح قاسيون
____________________
(5/174)
وابن الجوهرى الحافظ أبو العباس أحمد بن محمود بن إبراهيم نبهان الدمشقى مفيد الجماعة وله أربعون سنة سمع من أبي المجد القزوينى وخلق ورحل إلى بغداد سنة إحدى وثلاثين وكتب الكثير واستنسخ وحصل وكان ذكيا متقنا رئيسا ثقة
والقاضى الأشرف 170 آ أبو العباس أحمد ابن القاضى الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني ثم المصرى في جمادى الآخرة وله سبعون سنة سمع من فاطمة بنت سعد الخير والقاسم بن عساكر وحصل له في الكهولة غرام زائد بطلب الحديث فسمع الكثير وكتبه واستنسخ وكان رئيسا نبيلا وافر الجلالة يصلح للوزارة
ومعين الدين الصاحب الكبير أبو على الحسن ابن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد بن عمر الجوينى في رمضان وقد قارب الستين ولى عدة مناصب وتقدم عند صاحب مصر فأمره على جيشه الذين حاصروا دمشق فأخذها وولى وعزل وعمل نيابة السلطنة فبغته الأجل بعد أربعة أشهر ووجد ما عمل
____________________
(5/175)
وربيعة خاتون الصاحبة أخت صلاح الدين والعادل وقد نيفت على الثمانين ودفنت بمدرستها بالجبل توفيت في شعبان
وسالم بن عبد الرزاق بن يحيى أبو المرجا المقدسى خطيب عقربا روى عن أبي المعالى بن صابر وجماعة وعاش أربعا وسبعين سنة
والشرف عبد الله ابن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد ابن محمد بن قدامه أبو محمد وأبو بكر المقدسى خطيب الجبل روى عن يحيى الثقفى وابن صدقة وابن المعطوش والبوصيرى وخلق
توفي في جمادى الآخرة
وأبو سليمان عبد الرحمان ابن الحافظ عبد الغنى ابن عبد الواحد المقدسى الفقيه من كبار تلامذة الشيخ الموفق سمع بمصر من البوصيرى وبدمشق من الخشوعى وببغداد من ابن الجوزى درس الفقه توفى في صفر
____________________
(5/176)
وعبد الرحمان بن مقرب بن عبد السلام الحافظ أسعد الدين أبو القاسم التجيبى الإسكندرى العدل تلميذ ابن المفضل روى عن البوصيرى وابن موقا وطائفة وعنى بالحديث وكتب وخرج توفى في صفر
وعبد المحسن بن حمود الصدر العلامة أمين الدين التنوخى الحلبى 170 ب الكاتب المنشئ روى عن حنبل وطبقته وله ديوان ترسل و ديوان شعر وكتب لجماعة من الملوك توفي في رجب وله ثلاث وسبعون سنة
وأبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني المقرئ روى عن ابن عساكر وغيره وتوفي في ذي القعدة عن تسعين سنة
وتقى الدين ابن الصلاح شيخ الإسلام أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمان بن موسى الكردى الشهرزورى الموصلى الشافعى ولد سنة سبع وسبعين وسمع من عبيد الله بن السمين ومنصور الفراوى وطبقتهما وتفقه وبرع في المذهب وأصوله وفي الحديث وعلومه وصنف التصانيف مع الثقة والديانة والجلالة درس بالرواحية وولى مشيخة دار الحديث ثلاث عشرة سنة وتوفي في السادس والعشرين من ربيع الآخر
____________________
(5/177)
وعلم الدين السخاوى العلامة أبو الحسن على بن محمد ابن عبد الصمد بن عبد الأحد الهمذانى المقرئ النحوى ولد قبل الستين وخمس مئة وسمع من السلفى وجماعة وقرأ القراءات على الشاطبى والغزنوى وأبي الجود والكندى وانتهت إليه رئاسة الاقراء والأدب في زمانه بدمشق وقرأ عليه خلق لا يحصيهم إلا الله وما علمت أحدا في الإسلام حمل عنه القراءات أكثر مما حمل عنه وله تصانيف سائرة متقنة توفى إلى رحمة الله في ثانى عشر جمادى الآخرة ودفن بتربته بجبل قاسيون
وأبو الحسن بن المقير مسند الديار المصرية على بن منصور البغدادى الحنبلى النجار ولد سنة خمس وأربعين وخمس مئة وسمع من شهدة ومعمر بن الفاخر وجماعة وأجاز له ابن ناصر وأبو بكر الزاغونى وطائفة وكان صاحب تلاوة وذكر وأوراد توفي في نصف ذي القعدة بالقاهرة
____________________
(5/178)
والعز النسابة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن الحسن بن عساكر الدمشقى صدر كبير محتشم فاضل سمع من عم والده 171 آ الحافظ ومن أبي الفهم بن أبي العجائز وطائفة توفى في جمادى الأولى
والتاج أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن على القرطبى إمام الكلاسة وابن إمامها ولد بدمشق في أول سنة خمس وسبعين وسمع من عبد المنعم الفراوى بمكة ومن يحيى الثقفى والفضل البانياسى بدمشق وطلب وتعب ونسخ الكثير وكان ذا دين ووقار توفي في جمادى الأولى
وابن الخازن أبو بكر محمد بن سعد بن الموفق النيسابورى ثم البغدادى أحد مشايخ الصوفية الأكابر ولد في صفر سنة ست وخمسين وسمع من أبي زرعة المقدسى وأحمد بن المقرب وجماعة توفى في السابع والعشرين من ذي الحجة
والشيخ الضياء أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد ابن أحمد المقدسى الحنبلى الحافظ أحد الأعلام ولد سنة تسع وستين وخمس مئة وسمع من الخضر بن طاوس وطبقته بدمشق ومن ابن المعطوش وطبقته ببغداد ومن البوصيرى وطبقته بمصر ومن أبي جعفر الصيدلانى وطبقته فإصبهان ومن أبي روح والمؤيد وطبقتهما بخراسان وأفنى عمره في هذا الشأن مع الدين المتين والورع والفضيلة التامة والثقة والإتقان انتفع الناس بتصانيفه والمحدثون بكتبه فالله يرحمه ويرضى عنه توفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة
____________________
(5/179)
وابن النجار الحافظ الكبير محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن البغدادى صاحب تاريخ بغداد ولد سنة ثمان وسبعين وخمس مئة وسمع من ذاكر بن كامل وابن بوش وابن كليب ورحل إلى إصبهان وخراسان والشام ومصر وكتب ما لا يوصف وكان ثقة متقنا واسع الحفظ تام المعرفة بالفن توفى في خامس شعبان
والمنتخب بن أبي العز بن رشيد أبو يوسف الهمذاني المقرئ 171 ب نزيل دمشق قرأ القراءات على أبي الجود وغيره وصنف شرحا كبيرا للشاطبية و شرحا للزمخشرى وتصدر للإقراء توفى في ربيع الأول
____________________
(5/180)
ومنصور بن أبي الفتح أحمد بن محمد بن محمد المراتبى الخلال أبو غالب ابن المعوج ولد سنة خمس وخمسين وسمع محمد بن إسحاق الصابى وأبا طالب بن خضير وغيرهما توفى في جمادى الآخرة
والموفق يعيش بن على بن يعيش الأسدى الحلبى ولد سنة ثلاث وخمسين وسمع بالموصل من أبي الفضل الطوسى وبحلب من أبي سعد بن أبي عصرون وطائفة وانتهى إليه معرفة العربية ببلده وتخرج به خلق كثير توفى في الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وست مئة
644 لما أتفق الصالح إسماعيل مع الخوارزمية استمال الصالح أيوب صاحب حمص وأفسده على إسماعيل ثم كتب إلى عسكر حلب يحثهم على حرب الخوارزمية وأنهم قد خربوا الشام فبادر نائب حلب شمس الدين لولو واجتمع معه صاحب حمص بالعرب والتركمان وبعسكر دمشق وأقبل الصالح إسماعيل
____________________
(5/181)
ومعه الخوارزمية وعسكر الكرك وأيبك صاحب صرخد فالتقى الجمعان على بحيرة حمص فقتل بركة خان مقدم الخوارزمية وانهزم الصالح وأيبك وراحت أثقالهم في المحرم ثم سارت الخوارزمية إلى البلقاء واتفق معهم الناصر داود فجهز الصالح صاحب مصر جيشا عليهم فخر الدين ابن الشيخ فكسروا الخوارزمية بنواحي الصلت وساقوا فنازلوا الكرك وتسلموا بعلبك وبصرى وأخذوا أولاد إسماعيل تحت الحوطة إلى القاهرة والتجأ إسماعيل إلى حلب وانقضت دولته فسبحان من لا يزول ملكه
وصفت الشام لنجم الدين أيوب فقدمها ودخل دمشق في ذي القعدة وكان يوما مشهودا ثم مر إلى بعلبك ومر إلى صرخد فأخذها من أيبك المعظمى وأخذ الصبيبة من الملك السعيد ابن العزيز وهو ابن عمه ثم مر ببصرى وبالقدس فأمر بعمارة سورها وأمر بصرف مغلها في سورها
وفيها توفى أحمد بن على بن معقل العلامة عز الدين
____________________
(5/182)
أبو العباس الأزدى المهلبى الحمصى النحوى اللغوى الذي نظم الإيضاح و التكملة عاش سبعا وسبعين سنة ومات في ربيع الأول أخذ عن الكندى وأبي البقاء وبرع في لسان العرب وكان صدرا محترما غاليا في التشيع
والملك المنصور ابن المجاهد أسد الدين شيركوه بن محمد بن شيركوه صاحب حمص وابن صاحبها وأحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام مرض بدمشق ببستان الملك الأشرف ومات به في حادى عشر صفر ونقل فدفن عند أبيه بحمص وكان عازما على أخذ دمشق ففجأه الموت وقام بعده بحمص ابنه الملك الأشرف موسى
والحسن بن على بن أبي البركات بن صخر بن مسافر حفيد أبي البركات أخى الشيخ عدى شيخ العدوية الأكراد وكان لقب بتاج العارفين شمس الدين له تصانيف في التصوف وشعر كثير وله أتباع يغالون فيه إلى الغاية فقبض عليه صاحب الموصل بدر الدين وخنقه خوفا من غائلته لأنه خاف أن يثور عليه بالأكراد
____________________
(5/183)
وإسماعيل بن علي الكورانى الزاهد كان عابدا قانتا صادقا أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر ذا غلظة على الملوك ونصيحة لهم روى عن أحمد بن محمد بن الطرسوسى الحلبى وتوفى بدمشق في شعبان
وعبد المنعم بن محمد بن محمد بن أبي المضاء أبو المظفر البعلبكى ثم الدمشقى حدث بحماة عن أبي القاسم ابن عساكر توفى في ذي الحجة بحماة
ومحمد بن حسان بن رافع بن سمير أبو عبد الله العامرى المحدث روى عن الخشوعى وجماعة وكتب الكثير توفى في صفر
والتقى المراتبى محمد بن محمود الحنبلى أحد أئمة المذهب بدمشق كان عالما متفننا متبحرا لم يخلف في الحنابلة مثله توفى في جمادى الآخرة
____________________
(5/184)
سنة خمس وأربعين وست مئة
645 في جمادى الآخرة أخذ المسلمون عسقلان وأخذوا طبرية قبلها بأيام وكان الفتح على يد فخر الدين ابن الشيخ
وفيها أخذ الملك الصالح نجم الدين الصبيبة من الملك السعيد وعوضه أموالا وخبز مئة فارس بمصر
وفيها نازل عسكر حلب مدينة حمص وأخذوها بعد أشهر في أول سنة ست
وفيها توفى الكاشغرى أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الزركشى ببغداد في حادى عشر جمادى الأولى وله تسع وثمانون سنة سمع من ابن البطى وعلى بن تاج القراء وأبي بكر بن النقور وجماعة وعمر ورحل إليه الطلبة وكان آخر من بقى بينه وبين مالك الإمام خمسة أنفس ثقات ولى مشيخة المستنصرية
____________________
(5/185)
وشعيب بن يحيى بن أحمد أبو مدين ابن الزعفرانى التاجر إسكندرانى متميز جاور بمكة وحدث عن السلفى توفى في ذي القعدة
والشيخ على الحريرى أبو محمد بن أبي الحسن بن منصور الدمشقى الفقير ولد بقرية بسر من حوران ونشأ بدمشق وتعلم بها نسج العتابى ثم تمفقر وعظم أمره وكثر أتباعه وأقبل على الطيبة والراحة والسماعات والملاح وبالغ في ذلك فمن يحسن به الظن يقول هو كان صحيحا في نفسه صاحب حال وتمكن ووصول ومن خبر أمره رماه بالكفر والضلال وهو أحد من لا يقطع عليه بجنة ولا نار فإنا لا نعلم بما ختم له لكنه توفى في يوم شريف يوم الجمعة قبيل العصر السادس والعشرين من رمضان وقد نيف على التسعين مات فجأة
وأبو على الشلوبين عمر بن محمد بن عمر الأزدي الأندلسى الإشبيلى النحوى أحد من 173 آ انتهت إليه معرفة العربية في زمانه ولد سنة اثنتين وستين وخمس مئة وسمع من أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون والكبار وأجاز له السلفى وكان أسند من بقى بالمغرب وكان في العربية بحرا لا يجارى وحبرا لا يبارى قياما عليها واستبحارا فيها تصدر لإقراء النحو نحوا من ستين عاما أخذ عن أبي إسحاق ابن ملكون وأبي الحسن نجية وصنف التصانيف وله حكايات في التغفل
____________________
(5/186)
وغازى الملك المظفر شهاب الدين ابن العادل كان فارسا شجاعا وشهما مهيبا وملكا جوادا كان صاحب ميافارقين وخلاط وحصن منصور وغير ذلك حج من بغداد ثم توفى في هذه السنة وتملك بعده ابنه الشهيد الملك الكامل ناصر الدين
وابن الدوامى عز الكفاة الصاحب أبو المعالى هبة الله بن الحسن بن هبة الله كان أبوه وكيل الخليفة الناصر وسمع هو من تجنى الوهبانية وابن شاتيل وكان حاجب الحجاب مدة ثم تزهد وانقطع إلى أن توفى في جمادى الأولى
ويعقوب بن محمد بن حسن الأمير الكبير شرف الدين الهذباني الإربلى روى عن يحيى الثقفى وطائفة وولى شد دواوين الشام وكان ذا علم وأدب توفى في ربيع الأول بمصر
____________________
(5/187)
سنة ست وأربعين وست مئة
646 فيها قدم المصريون عليهم فخر الدين ابن الشيخ فنازلوا حمص بعد أن تملكها الحلبيون ورميت بالمجانيق وقدم الملك الصالح وعملوا التلاق تحت القلعة لتفرح فهلك سبعة أنفس وتهشم جماعة فمنع من عمل التلاق وكان يترتب عليه مفاسد عظيمة
وفيها توفي أحمد بن سلامة الحرانى النجار الرجل الصالح رحل وسمع من ابن كليب وجماعة وكان ثقة عالما صاحب سنة توفى في وسط العام
173 ب وإسماعيل بن سودكين أبو الطاهر النورى الحنفى الصوفي صاحب محي الدين ابن العربي وله كلام وشعر توفي في صفر روى عن الأرتاحي
وصفيه بنت عبد الوهاب بن علي القرشية أخت كريمة لم تسمع شيئا بل أجاز لها مسعود الثقفى والكبار وتفردت في زمانها توفيت في رجب بحماة
____________________
(5/188)
وابن البيطار الطبيب البارع ضياء الدين عبد الله ابن أحمد المالقى صاحب كتاب الأدوية المفردة انتهت إليه معرفة تحقق النبات وصفاته وأماكنه ومنافعه وله اتصال بخدمة الكامل ثم ابنه الصالح توفي بدمشق في شعبان
وابن رواحة عز الدين أبو القاسم عبد الله بن الحسين ابن عبد الله الأنصارى الحموى الشافعى ولد بصقلية وأبواه في الأسر سنة ستين وخمس مئة فخلصا وسمعه أبوه بالإسكندرية من السلفى والكثير ومن جماعة توفي في جمادى الآخرة وله خمس وثمانون سنة
وابن الحاجب العلامة جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر الكردى الأسنائى ثم المصرى المالكى المقرئ النحوى الأصولى صاحب التصانيف توفي بالإسكندرية في السادس والعشرين من شوال وله خمس وسبعون سنة كان أبوه حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحى فاشتغل هو وقرأ القراءات على الغزنوى وأبي الجود وبعضها على الشاطبى وبرع في الأصول والعربية وكان من أدباء أهل زمانه وأوجزهم بلاغة وبيانا
____________________
(5/189)
وابن الدباج العلامة أبو الحسن على بن جابر النحوى المقرئ شيخ الأندلس أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف والعربية عن أبي ذر بن أبي ركب الخشنى وساد أهل عصره في العربية ولد سنة ست وستين وخمس مئة وتوفى بإشبيلية بعد أخذ الروم الملاعين لها في شعبان صلحا 174 آ بعد جمعة فإنه هاله نطق الناقوس وخرس الأذان فما زال يتلهف ويتأسف ويضطرب ارتماضا لذلك إلى أن قضى نحبه وقيل مات يوم أخذها
وصاحب المغرب المعتضد ويقال له أيضا السعيد أبو الحسن المؤمنى على بن المأمون إدريس بن المنصور يعقوب بن يوسف ولى الأمر بعد أخيه عبد الواحد سنة أربعين وقتل على ظهر جواده وهو يحاصر حصنا بتلمسان في صفر وولى بعده المرتضى أبو حفص فامتدت دولته عشرين عاما
____________________
(5/190)
والقفطى الوزير الأكرم جمال الدين أبو الحسين على ابن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد الشيباني وزير حلب وصاحب التصانيف والتواريخ جمع من الكتب على اختلاف أنواعها مالا يوصف وكان ذا غرام مفرط بها ولما احتضر أوصى بها للناصر صاحب حلب وكانت تساوى نحوا من أربعين ألف دينار توفى في رمضان
والأفضل الخونجى محمد بن ناماور الشافعى الفيلسوف ولد سنة تسعين وخمس مئة واشتغل في العجم ثم قدم وولى قضاء مصر وأفتى وصنف وبرع في المنطق والإلهى والطبيعى توفى في رمضان
ومحمد بن يحيى بن ياقوت أبو الحسن الإسكندرانى المقرئ روى عن السلفى وغيره توفي في سابع عشر ربيع الآخر
ومنصور بن سند ابن الدباغ أبو على الإسكندرانى النحاس روى عن السلفى وتوفي في ربيع الأول
____________________
(5/191)
سنة سبع وأربعين وست مئة
647 رجع السلطان إلى مصر مريضا في محفة واستناب على دمشق جمال الدين بن يغمور
وفيها عمل الأمجد حسن على أبيه وراح إلى مصر وسلم الكرك إلى الصالح
وفي ربيع الأول 174 ب نازلت الفرنج دمياط برا وبحرا وكان بها خير الدين ابن الشيخ وعسكر وملكتها الفرنج بلا ضربة ولا طعنة فإنا لله وإنا إليه راجعون
وكان السلطان بالمنصورة فغضب على أهلها كيف سيبوها حتى إنه شنق ستين نفسا من أعيان أهلها وقامت قيامته على العسكر بحيث إنهم تخوفوه وهموا به فقال فخر الدين أمهلوه فهو على شفا فمات ليلة نصف شعبان بالمنصورة وكتم موته أياما وساق مملوكا حافظا بأعلى البرية إلى أن عبر الفرات وساق إلى حصن كيفا وأخذ الملك المعظم تورانشاه ولد الصالح وقدم به دمشق فدخلها في آخر رمضان في دست السلطنة
____________________
(5/192)
وجرت للمصريين مع الفرنج فصول وحروب إلى أن تمت وقعة المنصورة في ذي القعدة وذلك أن الفرنج حملوا ووصلوا إلى دهليز السلطان فركب مقدم الجيش فخر الدين ابن الشيخ وقاتل فقتل وانهزم المسلمون ثم كروا على الفرنج ونزل النصر وقتل من الفرنج مقتله عظيمة ولله الحمد ثم قدم الملك المعظم بعد أيام
وفيها أغارت التتار بعد أيام بأطراف العراق وقتلوا خلقا كثيرا
وفيها توفى الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن العادل ومولده سنة ثلاث وست مئة بالقاهرة وسلطنه أبوه على حران وآمد وسنجار وحصن كيفا فأقام هناك إلى أن قدم وملك دمشق بعد الجواد وجرت له أمور ثم ملك الديار المصرية ودانت له الممالك وكان وافر الحرمة عظيم الهيبة طاهر الذيل خليقا للملك ظاهر الجبروت
وابن عوف الفقيه رشيد الدين أبو الفضل عبد العزيز ابن عبد الوهاب ابن العلامة أبي طاهر إسماعيل بن مكى الزهرى العوفى الإسكندرانى 175 آ المالكى سمع من جده الموطأ وكان ذا زهد و ورع توفى في صفر عن ثمانين سنة
____________________
(5/193)
وعجيبة بنت الحافظ محمد بن أبي غالب الباقدارى البغدادية سمعت من عبد الحق وعبد الله بن منصور الموصلى وهى آخر من روى بالإجازة عن مسعود والرستمى وجماعة توفيت في صفر عن ثلاث وتسعين سنة ولها مشيخة في عشرة أجزاء
وابن البراذعى صفى الدين أبو البركات عمر بن عبد الوهاب القرشي الدمشقى العدل روى عن ابن عساكر وأبي سعد بن عصرون توفى في ربيع الآخر
والسيدى أبو جعفر محمد بن عبد الكريم بن محمد البغدادى الحاجب روى عن عبد الحق وتجنى وجماعة كثيرة وطال عمره
وفخر الدين ابن شيخ الشيوخ الأمير نائب السلطنة أبو الفضل يوسف ابن الشيخ صدر الدين محمد بن عمر ابن على بن محمد بن حمويه الجوينى ولد بدمشق بعد الثمانين وخمس مئة وسمع من منصور بن أبي الحسن
____________________
(5/194)
الطبرى وغيره وكان رئيسا محتشما سيدا معظما ذا عقل وقاسى شدائد وبقى في الحبس ثلاث سنين ثم أخرجه وأنعم عليه وقدمه على الجيش طعن يوم المنصورة وجاءته ضربتان في وجهه فسقط
والساوى يوسف بن محمود أبو يعقوب المصرى الصوفي روى عن السلفى وعبد الله بن برى وتوفى في رجب سنة ثمان وأربعين وست مئة
648 استهلت والفرنج على المنصورة والمسلمون بإزائهم مستظهرون لإنقطاع الميرة عن الفرنج ولوقوع المرض في خيلهم ثم عزم ملكهم الفرنسيس على المسير في الليل إلى دمياط ففهمها المسلمون وكان الفرنج قد عملوا جسرا من صنوبر على النيل فنسوا 175 ب قطعه فعبر عليه الناس وأحدقوا بهم فتحصنوا بقرية تهيه أبي عبد الله وأخذ اصطول المسلمين أصطولهم أجمع وقتل منهم خلق فطلب الافرنسيس الطواشى رشيد وسيف الدين
____________________
(5/195)
القيمرى فأتوه فكلمهم في الأمان على نفسه وعلى من معه فعقدا له الأمان وانهزم جل الفرنج على حمية فحمل عليهم المسلمون ووضعوا فيهم السيف وغنم الناس مالا يحد ولا يوصف وأركب الفرنسيس وطلبه في حراقة والمراكب الإسلامية محدقة به تخفق بالكوسات والطبول وفي البر الشرقي الجيش سائر تحت ألوية النصر وفي البر الغربي العربان والعوام وكانت ساعة عجيبة واعتقل الفرنسيس بالمنصورة وذلك في أول يوم من المحرم
قال سعد الدين ابن حمويه كانت الأسرى نيفا وعشرين ألفا فيهم ملوك وكنود وكانت القتلى سبعة آلاف واستشهد نحو مئة نفس وخلع الملك المعظم على الكبار من الفرنج خمسين خلعة فامتنع الكلب الفرنسيس من لبسها وقال أنا مملكتي تقدر بمملكة صاحب مصر كيف ألبس خلعته
ثم بدت من المعظم خفة وطيش وأمور خرج بسببها عليه مماليك أبيه وقتلوه وقدموا على العسكر عز الدين أيبك التركمانى الصالحى وساقوا إلى القاهرة بعد أن استردوا
____________________
(5/196)
دمياط وذلك أن حسام الدين ابن أبي على أطلق الفرنسيس على أن يسلم دمياط وعلى بذل خمس مئة ألف دينار للمسلمين فأركب بغلة وساق معه الجيش إلى دمياط فما وصلوا إلا وأوائل المسلمين قد ركبوا أسوارها فاصفر لون الفرنسيس فقال حسام الدين هذه دمياط قد ملكناها والرأى أن لا نطلق هذا لأنه قد اطلع على عورتنا فقال عز الدين أيبك لا أرى الغدر وأطلقه
وأما دمشق فقصدها الملك الناصر صاحب حلب واستولى عليها في ربيع الآخر ثم بعد اشهر قصد 176 آ الديار المصرية ليملكها فالتقى هو والمصريون في ذي القعدة بالعباسية فانهزم المصريون ودخل أوائل الشاميين القاهرة وخطب بها للناصر فالتف على عز الدين أيبك والفارس أقطايا نحو ثلاث مئة من الصالحية وهربوا نحو الشام فصادفوا فرقة من الشاميين فحملوا عليهم وهزموهم وأسروا نائب الملك الناصر وهو شمس الدين لولو فذبحوه وحملوا على طلب الناصر فكسروا سناجقه ونهبوا خزائنه فأخذه نوفل البدوى والحاصلية وساقوا إلى غزة ودخلت الصالحية بأعلام الناصر منكسة وبالأسارى وكانوا النصرة ولد السلطان الكبير صلاح الدين والملك الأشرف موسى بن صاحب حمص والملك الصالح إسماعيل ابن العادل وقتل عدة أمراء
____________________
(5/197)
وفيها توفي فخر القضاة ابن الجباب أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين السعدى المصرى ناظر الأوقاف وراوى صحيح مسلم عن المأمونى سمع قليلا من السلفى وابن برى توفي في رمضان وله سبع وثمانون سنة
وابن الخير أبو إسحاق إبراهيم بن محمود بن سالم ابن مهدى الأزجى المقرئ الحنبلى روى الكثير عن شهدة وعبد الحق وجماعة وأجاز له ابن البطى وقرأ القراءات ولقن دهرا توفى في ربيع الآخر وله خمس وثمانون سنة
قال ابن النجار فيه ضعف
والملك الصالح عماد الدين أبو الجيش إسماعيل بن العادل الذي تملك دمشق مدة انضم سنة أربع وأربعين إلى ابن أخيه صاحب حلب الملك الناصر وكان من كبراء دولته ومن جملة أمرائه بعد سلطنة دمشق ثم قدم معه دمشق وسار معه فأسرته الصالحية ومروا به على تربة الصالح مولاهم وصاحوا ياخوند أين عينك تبصر عدوك أسيرا ثم أخذوه في الليل وأعدموه في سلخ ذي القعدة
____________________
(5/198)
176 ب وأمين الدولة الوزير أبو الحسن الطبيب كان سامريا ببعلبك فأسلم في الظاهر والله أعلم بسريرته ونفق على الصالح إسماعيل حتى وزر له وكان ظالما نجسا ماكرا داهية وهو واقف الأمينية التي ببعلبك أخذ من دمشق بعد حصار الخوارزمية وسجن بقلعة مصر فلما جاء الخبر الذى لم يتم بانتصار الناصر توثب أمين الدولة في جماعة وصاحوا بشعار الناصر فشنقوا وهم هو وناصر الدين ابن يغمور والخوارزمى
والملك المعظم غياث الدين تور انشاه ابن الصالح نجم الدين أيوب لما توفي أبوه حلف له الأمراء وقعدوا وراءه كما ذكرنا وفرح الخلق بكسر الفرنج على يده لكنه كان لا يصلح لصالحة لقلة عقله وفساده بالمرد ضربه مملوك بسيف فلقاها بيده ثم هرب إلى برج خشب فرموه بالنفط فرمى بنفسه وهرب إلى النيل فأتلفوه وبقى ملقى على الأرض ثلاثة أيام حتى انتفخ ثم واروه وخطب بعده على منابر الإسلام لشجرة الدر أم خليل حظية والده
____________________
(5/199)
قال أبو شامة دخل في البحر إلى حلقه فضربه البندقدارى بالسيف فوقع
وابن رواج المحدث رشيد الدين أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن على بن فتوح الإسكندرانى المالكى ولد سنة أربع وخمسين وخمس مئة وسمع الكثير من السلفى وطائفة ونسخ الكثير وخرج الأربعين وكان ذا دين وفقه وتواضع توفي في ثامن عشر ذي القعدة
والمجد الأسفرايينى المحدث قارئ دار الحديث أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر الصوفى روى عن المؤيد الطوسى وجماعة توفي في ذي القعدة بالسميساطية
____________________
(5/200)
ومظفر ابن الفوى أبو منصور بن عبد الملك بن عتيق الفهرى الإسكندراني المالكى الشاهد روى عن السلفى وعاش تسعين سنة توفى في سلخ ذي القعدة
177 آ ويوسف بن خليل الحافظ الرحال محدث الشام أبو الحجاج الدمشقى الأدمى نزيل حلب ولد سنة خمس وخمسين وخمس مئة ولم يعن بالحديث إلى سنة بضع وثمانين فروى عن يحيى الثقفى وطائفة ثم رحل إلى بغداد قبل التسعين ثم إلى إصبهان بعد التسعين وأدرك بها إسنادا عاليا كبيرا وكتب ما لا يوصف بخطه المليح وانتشر حديثه ورحل الناس إليه توفى في عاشر جمادى الآخرة بحلب سنة تسع وأربعين وست مئة
649 أقامت عساكر الشام على غزة نحوا من سنتين خوفا من المصريين وترددت الرسل بين الناصر والمعز أيبك
وفيها تملك المغيث بن الملك العادل بن الكامل الكرك والشوبك سلمها إليه متوليها الطواشى صواب
____________________
(5/201)
وفيها توفي ابن العليق أبو نصر الأعز بن فضائل البغدادى البابصرى روى عن شهدة وعبد الحق وجماعة وكان صالحا تاليا لكتاب الله توفي في رجب
والنشتبرى أبو محمد عبد الخالق بن الأنجب بن معمر الفقيه ضياء الدين شيخ ماردين روى عن أبي الفتح ابن شاتيل وجماعة وكان له مشاركة قوية في العلوم
قال شيخنا الدمياطى مات في الثاني والعشرين من ذي الحجة وقد جاوز المئة
وقال الشريف عز الدين في الوفيات كان يذكر أنه ولد في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة
وعبد الظاهر بن نشوان الإمام رشيد الدين الجذامى المصرى الضرير شيخ الإقراء بالديار المصرية قرأ على أبي الجود وسمع من البوصيرى وجماعة توفي في جمادى الأولى وكان عارفا بالنحو
____________________
(5/202)
وأبو نصر بن الزبيدى عبد العزيز بن يحيى بن المبارك الربعى اليماني البغدادى ولد سنة ستين وخمس مئة وسمع من أبي علي الرحبى وشهدة وجماعة توفي في سلخ جمادى الأولى
177 ب وابن الجميزى العلامة بهاء الدين أبو الحسن على بن هبة الله بن سلامة بن المسلم اللخمى المصرى الشافعي المقرىء الخطيب ولد سنة تسع وخمسين بمصر حفظ الختمة سنة تسع وستين ورحل به أبوه فسمعه بدمشق من ابن عساكر وببغداد من شهدة وجماعة وقرأ القراءات على أبي الحسن البطائحى وقرأ كتاب المهذب على القاضى أبي سعد بن أبي عصرون وقرأه أبو سعد على القاضي أبي على الفارقى عن مؤلفه وسمع بالإسكندرية من السلفى وتفرد في زمانه ورحل إليه الطلبة ودرس وأفتى وانتهت إليه مشيخة العلم بالديار المصرية توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة
والسديد أبو القاسم عيسى بنة أبي الحرم مكى بن حسين العامري المصرى الشافعى المقرئ إمام جامع الحاكم
____________________
(5/203)
قرأ القراءات على الشاطبى وأقرأها مدة توفي في شوال عن ثمانين سنة قرأ عليه غير واحد
وابن المنى المفتى الإمام سيف الدين أبو المظفر محمد ابن أبي البدر مقبل بن فتيان بن مطر النهروانى ثم البغدادى الحنبلى روى عن شهدة وعبد الحق وجماعة وتفقه على عمه ناصح الإسلام أبي الفتح المنى وقرأ القراءات على أبي بكر بن الباقلاني وتوفي في جمادى الآخرة وهو في عشر التسعين
وجمال الدين ابن مطروح المصرى صاحب الشعر الرائق ولد سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة وبرع في الأدب وخدم الملك الصالح وأقام عنده بحصن كيفا وسنجار ثم ولى نظر الخزانة بمصر في أيامه وعمل وزارة دمشق سنة ثلاث وأربعين ولبس زي الأمراء ثم عزله سنة ست لأمور بدت منه توفي في شعبان سنة خمسين وست مئة
650 فيها وصلت التتار إلى ديار بكر فقتلوا وسبوا وعملوا عوائدهم
____________________
(5/204)
وفيها توفي 178 آ الرشيد ابن مسلمة أبو العباس حمد بن المفرج بن على الدمشقي ناظر الأيتام ولد سنة خمس وخمسين وخمس مئة وأجاز له الشيخ عبد القادر لجيلى وهبة الله بن الدقاق وابن البطى والكبار وتفرد في وقته وسمع من الحافظ ابن عساكر وجماعة توفي في ذي القعدة
والكمال إسحاق ابن أحمد المعرى الشافعى المفتى تلميذ ابن الصلاح كان إماما بارعا زاهدا عابدا توفي بالرواحية
والصغانى العلامة رضى الدين أبو الفضائل الحسن ابن محمد بن الحسن بن حيدر العدوى العمرى الهندى اللغوى نزيل بغداد ولد سنة سبع وسبعين وخمس مئة بلوهور ونشأ بغزنة وقدم بغداد وذهب في الرسلية غير مرة وسمع بمكة من أبي الفتوح بن الحصرى وببغداد من سعيد بن الرزاز وكان إليه المنتهى في معرفة علم اللغة له مصنفات كبار في ذلك وله بصر بالفقه
____________________
(5/205)
والحديث مع الدين والأمانة توفي في شعبان وحمل إلى مكة فدفن بها
ومحمد بن سعد بن عبد الله بن سعد الإمام شمس الدين الأنصارى المقدسى الصالحي الأديب الكاتب ولد سنة إحدى وسبعين وخمس مئة وسمع من أحمد بن الموازينى ويحيى الثقفى وجماعة وكان متشيعا بليغا وشاعرا محسنا ودينا صينا توفي في شوال
وسعد الدين ابن حمويه الجوينى محمد بن المؤيد ابن عبد الله بن على الصوفي صاحب أحوال ورياضات وله أصحاب ومريدون وله كلام على طريقة الإتحاد سكن سفح قاسيون مدة ثم رجع إلى خراسان فتوفى هناك
وهبة الله بن محمد بن الحسين بن مفرج جمال الدين أبو البركات المقدسى ثم الإسكندراني الشافعى ويعرف بابن الواعظ من عدول الثغر روى عن السلفى قليلا وعاش إحدى وثمانين سنة توفي في صفر
وابن قميرة المؤتمن أبو القاسم يحيى بن أبي السعود نصر بن أبي القاسم بن أبي الحسن التميمى الحنظلى الأزجى التاجر مسند العراق ولد سنة خمس وستين وخمس مئة وسمع من شهدة وتجنى وعبد الحق وجماعة وحدث في تجارته بمصر والشام توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى
____________________
(5/206)
سنة إحدى وخمسين وست مئة
651 دخلت وسلطان مصر هو الملك الأشرف يوسف ابن صلاح الدين يوسف بن الملك المسعود أقسس الكامل وأتابكه المعز أيبك
وفيها توفي الجمال ابن النجار إبراهيم بن سليمان بن حمزة القرشي الدمشقى المجود كتب للأمجد صاحب بعلبك مدة وله شعر وأدب وأخذ عن الكندى وفتيان الشاغورى توفي بدمشق في ربيع الآخر
والملك الصالح صلاح الدين أحمد بن الملك الظاهر غازى بن صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب عين تاب ولد سنة ست مئة وإنما أخروه عن سلطنة حلب لأنه ابن أمة ولأن أخاه العزيز ابن بنت العادل وقد تزوج بعد أخيه العزيز بفاطمة بنت الملك الكامل وكان مهيبا وقورا حدث عن الافتخار الهاشمي وتوفي في شعبان بعين تاب
____________________
(5/207)
وصالح بن شجاع بن محمد بن سيدهم أبو التقا المدلجى المصرى المالكى راوي صحيح مسلم عن أبي المفاخر المأمونى كان صالحا متعففا توفي في المحرم
والسبط جمال الدين أبو القاسم عبد الرحمان بن مكى بن عبد الرحمان الطرابلسى المغربي ثم الإسكندرانى ولد سنة سبعين وخمس مئة وسمع من جده السلفى الكثير ومن بدر الحذاداذى وعبد المجيد بن دليل وجماعة وأجاز له عبد الحق وشهدة 179 آ وخلق وانتهى إليه علو الإسناد بالديار المصرية وكان عريا من العلم توفي في رابع شوال بمصر
وابن الزملكانى العلامة كمال الدين عبد الواحد ابن خطيب زملكا أبي محمد عبد الكريم بن خلف الأنصارى السماكى الشافعى صاحب علم المعانى والبيان كان قوى المشاركة في فنون العلم خيرا متميزا وكان سريا ولى قضاء صرخد ودرس مدة ببعلبك وتوفي بدمشق في المحرم وله نظم رائق
____________________
(5/208)
والشيخ عثمان شيخ دير ناعس ابن محمد بن عبد الحميد البعلبكي الزاهد القدوة العدوى صاحب أحوال وكرامات ومجاهدات من مريدى الشيخ عبد الله اليونينى توفي في شعبان
وأبو الحسن بن قطرال على بن عبد الله بن محمد الأنصاري القرطبى سمع عبد الحق بن توبة وأبا القاسم ابن الشراط وناظر على بن أبي العباس بن مضاء وقرأ العربية وولى قضاء أبذة فلما أخذها الفرنج سنة تسع وست مئة أسروه ثم خلص وولى قضاء شاطبة ثم ولى قضاء قرطبة وولى قضاء فاس وكان يشارك في عدة علوم وينفرد ببراعة البلاغة توفي بمراكش في ربيع الأول وله ثمان وثمانون سنة
____________________
(5/209)
والشيخ محمد ابن الشيخ الكبير عبد الله اليونينى خلف أباه في المشيخة ببعلبك مدة وكان زاهدا عابدا متواضعا كبير القدر توفي في رجب سنة اثنتين وخمسين وست مئة
652 فيها تسلطن الملك المعز أيبك وشال من الوسط الملك الأشرف وذلك بعد ما قتل الفارس أقطايا وهربت البحرية إلى الشام ورأسهم سيف الدين بلبان الرشيدى وركن الدين بيبرس البندقدارى فبالغ الملك الناصر في إكرامهم وقووا عزمه ولزوه في المسير إلى مصر ليأخذها فإن العسكر مختبط 197 ب فجهز جيشا عليهم المعظم تورانشاه ابن السلطان صلاح الدين فساروا إلى غزة فخرج صاحب مصر المعز وقصدهم فلم يتم حال
وفيها توفي الرشيد العراقى أبو الفضل إسماعيل بن أحمد بن الحسين الحنبلي الجابي بدار الطعم كان أبوه فقيها مشهورا سكن دمشق واستجاز لابنه من شهدة والسلفى وظائفة فروى الكثير بالأجازة توفي في نصف جمادى الأولى
____________________
(5/210)
وأقطايا الأمير فارس الدين التركى الصالحى النجمى كان موصوفا بالشجاعة والكرم اشتراه الصالح بألف دينار فلما اتصلت السلطنة إلى رفيقه الملك المعز بالغ أقطايا في الإدلال والتجبر وبقى يركب ركبة ملك وتزوج بابنة صاحب حماة وقال للمعز أريد أعمل العرس في قلعة الجبل فأخلها لى وكان يدخل الخزائن ويتصرف في الأموال فاتفق المعز وزوجته شجرة الدر عليه ورتبا من قتله وأغلقت أبواب القلعة فركبت مماليكه وكانوا سبع مئة وأحاطوا بالقلعة فألقى إليهم رأسه فهربوا وتفرقوا وكان قتله في شعبان
وشمس الدين الخسروشاهى أبو محمد عبد الحميد ابن عيسى التبريزى المتكلم ولد سنة ثمانين وخمس مئة ورحل فاشتغل على فخر الدين الرازى وسمع من المؤيد الطوسى وتقدم في علم الأصول والعقليات وقدم الشام وأقام مدة بالكرك عند الناصر وله يد طولى في الفلسفة توفي في الخامس والعشرين من شوال
____________________
(5/211)
ومجد الدين بن تيمية شيخ الإسلام أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد الحرانى الحنبلى ولد على رأس التسعين وخمس مئة ورحل إلى بغداد وهو مراهق في صحبة ابن عمه السيف عبد الغنى فقرأ القراءات على عبد الواحد بن سلطان وسمع من عبد الوهاب 180 آ بن سكينة وضياء بن الخريف وطائفة وتفقه على أبي بكر ابن غنيمة وانتهى إليه معرفة المذهب وكان يتوقد ذكاء رحمه الله توفي في يوم عيد الفطر
وعيسى بن سلامة بن سالم أبو الفضل الحرانى الخياط المعمر ولد في آخر شوال سنة إحدى وخمسين وخمس مئة وسمع من أحمد بن أبي الوفاء الصائغ وأجاز له ابن البطى وأبو بكر بن النقور ومحمد بن محمد بن السكن وجماعة وانفرد بالرواية عنهم توفي في أواخر هذه السنة
____________________
(5/212)
والناصح فرج بن عبد الله الحبشي الخادم مولى أبي جعفر القرطبي وعتيق المجد البهنسى سمع الكثير من الخشوعى والقاسم وعدة وكان صالحا كيسا متيقظا وقف كتبه وعاش قريبا من ثمانين سنة توفي في شوال
والكمال محمد بن طلحة أبو سالم النصيبينى الشافعى المفتى رحل وسمع بنيسابور من المؤيد وزينب الشعرية وكان رئيسا محتشما بارعا في الفقه والخلاف ولى الوزارة مرة ثم زهد وجمع نفسه توفي بحلب في رجب وقد جاوز السبعين وله دائرة الحروف ضلال وبلية
ومحمد بن علي بن بقاء أبو البقاء بن السباك البغدادى سمع من أبي الفتح بن شاتيل ونصر الله القزاز وجماعة توفي في شعبان
والسديد مكى بن المسلم بن مكى بن خلف بن علان القيسى الدمشقى المعدل آخر أصحاب أبي القاسم بن عساكر وفاة وتفرد أيضا عن أبي الفهم عبد الرحمان بن أبي العجائز وأبي المعالى ابن خلدون توفي في العشرين من صفر عن تسع وثمانين سنة
____________________
(5/213)
سنة ثلاث وخمسين وست مئة
653 فيها توفي الشهاب القوصى أبو المحامد وأبو العرب إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمان الأنصارى الخزرجى الشافعى وكيل بيت المال ولد في 180 ب المحرم سنة أربع سبعين بقوص ورحل إلى مصر سنة تسعين ثم إلى دمشق فسكنها روى عن إسماعيل بن ياسين والأرتاحى والخشوعى وخلق كثير وخرج لنفسه معجما في أربع مجلدات كبار فيه غلط كثير وكان أديبا أخباريا فصيحا مفوها بصيرا بالفقه توفي في ربيع الأول ودفن بداره التى وقفها دار حديث
وسيف الدين القيمرى صاحب المارستان بالجبل كان من جلة الأمراء وأبطالهم المذكورين توفي بنابلس ونقل فدفن بقبته التى بإزاء المارستان
وصقر بن يحيى بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر المفتى الإمام المعمر ضياء الدين أبو محمد الكلبى الحلبى الشافعى ولد قبل الستين وخمس مئة وروى عن يحيى الثقفى وجماعة توفي في صفر بحلب
____________________
(5/214)
والنظام البلخى محمد بن محمد بن محمد بن عثمان الحنفى نزيل حلب ولد ببغداد سنة ثلاث وسبعين وتفقه بخراسان وسمع صحيح مسلم من المؤيد الطوسى وكان فقيها مفتيا بصيرا بالمذهب توفي بحلب في جمادى الآخرة
والنور البلخى أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن المقرئ بالألحان ولد بدمشق سنة سبع وخمسين وخمس مئة وسمع بالقاهرة من التاج المسعودى واجتمع بالسلفى وأجاز له وسمع بالإسكندرية في سنة خمس وسبعين من المطهر الشحامى توفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر وكان صالحا خيرا سنة أربع وخمسين وست مئة
654 فيها كان ظهور النار بظاهر المدينة النبوية وكانت آية من آيات ربنا الكبرى لم يكن لها حر على عظمها وشدة ضوئها وهى التى أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى وبقيت أياما وظن أهل المدينة أنها القيامة وضجوا إلى الله بالدعاء وتواتر أمر هذه الآية
____________________
(5/215)
وفيها كان غرق بغداد وزادت دجلة زيادة ما سمع بمثلها 181 آ وغرق خلق كثير ووقع شيء كثير من الدور وأهلها وأشرف الناس على الهلاك وبقيت المراكب تمر في أزقة بغداد وركب الخليفة في مركب وابتهل الخلق إلى الله بالدعاء
وفي أول رمضان احترق مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من مسرجة القوام وأتت النار على جميع سقوفه ووقعت بعض السوارى وذاب الرصاص وذلك قبل أن ينام الناس واحترق سقف الحجرة و وقع بعضه في الحجرة
وفيها كان خروج الطاغية هولاوو فأخذ قلعة الألموت وغيرها وعاث بنواحى الرى وسار ناجونوين بأمره إلى الروم فهرب صاحبها وملكت التتار سائر الروم بالسيف وتوجه الكامل محمد بن غازي صاحب ميافارقين إلى خدمة هولاوو فأكرمه وأعطاه الفرمان ثم نزل هولاوو أذربيجان عازما على قصد العراق فجاء رسول الخلافة الباذرائى إلى الناصر بأن يصالح المعز ويتفقا على حرب التتار فأجاب الناصر وأمر عسكره بالمجىء من غزة
____________________
(5/216)
وفيها توفي ابن وثيق شيخ القراء أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد بن عبد الرحمان الأموى الإشبيلى المجود الحاذق ولد سنة سبع وستين وخمس مئة وذكر أنه قرأ القراءات السبع بالكافي وغيره سنة سبع وتسعين على غير واحد من أصحاب أبي الحسن شريح وأن أبا عبد الله ابن زرقون أجاز له فروى عنه التيسير بالإجازة قال أنبأنا أحمد بن محمد الخولاني عن الدانى
تنقل ابن وثيق في البلاد وأقرأ بالموصل والشام ومصر وكان عالى الإسناد توفي بالإسكندرية في ربيع الآخر
والعماد بن النحاس الأصم أبو بكر بن عبد الله بن أبي المجد الحسن بن الحسن بن على الأنصارى الدمشقي ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة وسمع من أبي سعد ابن أبي عصرون وكان آخر من روى عنه ومن الفضل ابن 181 ب البانياسى ويحيى الثقفى وجماعة وسمع بنيسابور من منصور الفراوى وبإصبهان من على بن منصور الثقفى وكان ثقة خيرا نبيلا به صمم مفرط سمع الناس من لفظه ومات في الثاني والعشرين من صفر
____________________
(5/217)
ونجم الدين الرازى العارف شيخ الطريق أبو بكر عبد الله بن محمد بن شاهاور الأسدى الصوفى ولد سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة وأكثر التطواف والأسفار وصحب الشيخ نجم الدين الكبرى الخيوقى وسمع الكثير من منصور الفراوى وأبي بكر عبد الله بن إبراهيم الشحاذى وطبقتهما وهو من شيوخ الدمياطى توفي ببغداد في شوال
وشمس الدين عبد الرحمان بن نوح بن محمد المقدسى مدرس الرواحية وأجل أصحاب ابن الصلاح وأعرفهم بالمذهب توفي في ربيع الآخر وقد تفقه به جماعة
والصورى أبو الحسن على بن يوسف الدمشقى التاجر السفار سمع من المؤيد الطوسى وجماعة وكان ذا بر وصدقة توفي في المحرم
والشيخ عيسى بن أحمد بن إلياس اليونينى الزاهد صاحب الشيخ عبد الله زاهد عابد صوام قانت متبتل منقطع القرين صاحب أحوال وإخلاص إلا أنه كان حاد النفس ولذلك قيل له سلاب الأحوال وكان خشن العيش في ملبسه ومأكله توفي في ذي القعدة ودفن بزاويته بيونين وكان كلمة إجماع بين البعلبكيين
____________________
(5/218)
وابن المقدسية العدل شرف الدين أبو بكر محمد ابن الحسن بن عبد السلام التميمى السفاقسى الأصل الإسكندراني المالكي ولد في أول سنة ثلاث وسبعين وأحضره خاله الحافظ ابن المفضل قراءة المسلسل بالأولية عند السلفى واستجازه له ثم أسمعه من أحمد بن عبد الرحمان الحضرمي وغيره توفي في جمادى الأولى وله مشيخة خرجها منصور بن سليم الحافظ
والكمال 182 آ ابن الشعار أبو البركات المبارك ابن أبي بكر بن حمدان الموصلى مؤلف عقود الجمان في شعراء الزمان توفي بحلب
ومجير الدين يعقوب ابن الملك العادل أجاز له أبو روح الهروى وطائفة ويلقب بالملك المعز توفي في ذي القعدة ودفن بالتربة عند أبيه
____________________
(5/219)
وابن الجوزى العلامة الواعظ المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزأ غلي التركي ثم البغدادى العونى الهبيرى الحنفى سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزى سمعه جده منه ومن ابن كليب وجماعة وقدم دمشق سنة سبع وست مئة فوعظ بها وحصل له القبول العظيم للطف شمائله وعذوبة وعظه وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدا وشرح الجامع الكبير وجمع مجلدا في مناقب أبي حنيفة ودرس وأفتى وكان في شبيبته حنبليا توفى في الحادى والعشرين من ذي الحجة وكان وافر الحرمة عند الملوك سنة خمس وخمسين وست مئة
655 فيها صاحب مصر الملك المعز وسلطنوا بعده ابنه الملك المنصور عليا
وفيها ترددت رسل هولاوو وفر أمينه إلى بغداد إلى ناس بعد ناس والمستعصم لا يدرى بشيء ولو درى لما درأ
____________________
(5/220)
وفي رمضان بعث الملك الناصر ولده الملك العزيز وهو صبي مع ثقة الدين الحافظى في الرسلية إلى هولاوو بتحف وتقادم
وفيها كانت فتنة السنة والرافضة ببغداد أدت إلى نهب وخراب وقتل جماعة وذلت الرافضة وأوذوا
وفيها غضب الملك الناصر من البحرية وتخوفهم وقطع أخبارهم ففارقوه وساروا إلى غزة وانتموا إلى الملك المغيث صاحب الكرك وخطبوا له بالقدس ثم حصل انتصار عليهم فانهزموا إلى البلقاء ثم ساروا إلى مصر فالتقاهم المعزية وكسروهم 182 ب وأما التتار فوصلوا إلى الموصل وخربوا بلادها
وفيها توفي ابن باطيش العلامة عماد الدين أبو المجد إسماعيل ابن هبة الله بن سعيد الموصلى الشافعى ولد سنة خمس وسبعين وسمع ببغداد من ابن الجوزى وطائفة وبحلب من حنبل ودرس وأفتى وصنف له كتاب طبقات الشافعية وكتاب المغنى في غريب المهذب وكان عارفا بالأصول قوى المشاركة في العلوم توفي في جمادى الآخرة
____________________
(5/221)
والمعز عز الدين أيبك التركماني الصالحي صاحب مصر جهاشنكير الملك الصالح كان ذا عقل ودين وترك للمسكر تملك في ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ثم أقاموا معه باسم السلطنة الأشرف يوسف ابن الناصر يوسف بن أقسيس وله عشر سنين وبقى المعز أتابكه وهذا بعد خمسة أيام من سلطنة المعز فكان يخرج التوقيع وصورته رسم بالأمر العالى السلطانى الأشرفى والملكى المعزى ثم بطل أمر الأشرف بعد مديدة وجرت لأيبك أمور إلى أن خطب ابنة صاحب الموصل فعادت أم خليل وقتلته في الحمام فقتلوها وملكوا ولده عليا وله خمس عشرة سنة وصار أتابكه علم الدين سنجر الحلبى وذلك في ربيع الأول ومات المعز كهلا
وشجرة الدر أم خليل كانت بارعة الحسن ذات ذكاء وعقل ودهاء فأحبها الملك الصالح ولما توفي أخفت موته وكانت تعلم بخطها علامته ونالت من
____________________
(5/222)
السعادة أعلى الرتب بحيث إنها خطب لها على المنابر وملكوها عليهم أياما فلم يتم ذلك وتملك المعز وتزوج بها وكانت ربما تحكم عليه وكانت تركية ذات شهامة وإقدام وجرأة وآل أمرها إلى أن قتلت وألقيت تحت قلعة مصر مسلوبة ثم دفنت بتربتها
والباذرائى العلامة نجم الدين أبو محمد عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحسن الشافعي الفرضي ولد سنة أربع وتسعين 183 آ وسمع من عبد العزيز ابن منينا وجماعة وبرع في المذهب ودرس بالنظامية ثم ترسل عن الخلافة غير مرة وبنى بدمشق مدرسة كبيرة وولى في آخر أيامه قضاء العراق خمسة عشر يوما ومات في أول ذى القعدة وكان متواضعا دمث الأخلاق سريا محتشما عافاه الله من كائنه التتار
واليلدانى المحدث المسند تقى الدين عبد الرحمان ابن أبي الفهم عبد المنعم بن عبد الرحمان الشافعى ولد بيلدان في أول سنة ثمان وستين وطلب الحديث وقد كبر فرحل وسمع من ابن كليب وابن بوش وطبقتهما وكتب الكثير وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في النوم أنت رجل جيد توفي بقريته وكان خطيبها في ثامن ربيع الأول
____________________
(5/223)
والمرسى العلامة شرف الدين أبو عبد الله محمد بن علي ابن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمى الأندلسي المحدث المفسر النحوى ولد سنة سبعين في أولها وسمع الموطأ من أبي محمد بن عبيد الله ورحل إلى أن وصل إلى أقصى خراسان وسمع الكثير من منصور الفراوى وأبي روح والكبار وكان كثير الأسفار والتطواف جماعة لفنون العلم ذكيا ثاقب الذهن له تصانيف كثيرة مع زهد وورع وفقر وتعفف سئل عنه الحافظ الضياء فقال فقيه مناظر نحوى من أهل السنة صحبنا وما رأينا منه إلا خيرا
قلت توفي في نصف ربيع الأول في الطريق ودفن بتل الزعقة
____________________
(5/224)
سنة ست وخمسين وست مئة
656 كان المؤيد بن العلقمى قد كاتب التتار وحرضهم على قصد بغداد لأجل ما جرى على إخوانه الرافضة من النهب والخزى وظن المخذول أن الأمر تم وأنه يقيم خليفة علويا فأرسل أخاه ومملوكه إلى هولاوو وسهل عليه أخذ بغداد وطلب أن يكون نائبا لهم عليها فوعدوه بالأماني وساروا فأخذ لؤلؤ صاحب الموصل 183 ب يهيىء للتتار الإقامات ويكاتب الخليفة سرا فكان ابن العلقمى قبحه الله لا يدع تلك المكاتبات تصل إلى الخليفة مع أنها لو وصلت لما أجدت لأن الخليفة كان يرد الأمر إليه فلما تحقق الأمر بعث ولد محيى الدين ابن الجوزى رسولا إلى هولاوو يعده بالأموال فركب هولاوو في خلق من التتار والكرج ومدد من صاحب الموصل مع ولده الصالح إسماعيل فخرج ركن الدين الدويدار فالتقى ناجوانوين وكان على مقدمة هولاوو فانكسر المسلمون ثم سار ناجو فنزل من غربي بغداد ونزل هولاوو من شرقيها فأشار ابن العلقمى على
____________________
(5/225)
المستعصم بالله أنى أخرج إليهم في تقرير الصلح فخرج الخبيث وتوثق لنفسه ورجع فقال إن الملك قد رغب في أن يزوج بنته بإبنك الأمير أبي بكر وأن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع الملوك السلجوقية ثم يترحل فخرج إليه المستعصم في أعيان الدولة ثم استدعى الوزير العلماء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه فخرجوا فضربت رقاب الجميع وصار كذلك تخرج طائفة بعد طائفة فتضرب أعناقهم حتى بقيت الرعية بلا راع
ثم دخلت حينئذ التتار بغداد وبذلوا السيف واستمر القتل والسبى نيفا وثلاثين يوما فقل من نجا فيقال إن هولاوو أمر بعد القتلى فبلغوا ألف ألف وثمان مئة ألف وكسر فعند ذلك نودى بالأمان ثم أمر هولاوو بناجونوين فضربت عنقه لأنه بلغه أنه كاتب الخليفة وأرسل رسولا إلى الناصر صاحب الشام يهدده إن لم يخرب أسوار بلاده واشتد الوباء بالشام ولا سيما بدمشق وحلب لفساد الهواء
وفيها توفي أبو العباس القرطبى أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصارى المالكى المحدث الشاهد نزيل الإسكندرية كان من كبار الأئمة ولد سنة ثمان وسبعين وخمس مئة 184 آ وسمع بالمغرب من جماعة واختصر الصحيحين وصنف كتاب المفهم في شرح مختصر مسلم توفي في ذي القعدة
____________________
(5/226)
وابن الحلاوى الأديب شرف الدين أبو الطيب أحمد ابن محمد بن أبي الوفاء الربعى الموصلى الجندى الشاعر المشهور مدح الملوك والكبار وعاش ثلاثا وخمسين سنة وكان في خدمة صاحب الموصل
والكمال إسحاق بن أحمد بن عثمان المقدسى الشافعى المفتى الذي تفقه عليه الشيخ محيى الدين النووى كان عالما عاملا توفي في ذي القعدة
والزعبى أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر بن إسماعيل بن علي المراتبي الحمامى روى كتاب الشكر عن ابن شاتيل ومات في المحرم ببغداد
والصدر البكرى أبو على الحسن بن محمد بن محمد ابن محمد بن عمروك بن محمد التميمى النيسابورى ثم
____________________
(5/227)
الدمشقي الصوفي الحافظ ولد سنة أربع وسبعين وخمس مئة وسمع بمكة من عمر الميانشى وبدمشق من ابن طبرزد وبخراسان من أبي روح وبإصبهان من أبي الفرج ابن الجنيد وكتب الكثير وعنى بهذا الشأن أتم عناية وجمع وصنف وشرع في مسودة ذيل على تاريخ ابن عساكر وولى مشيخة الشيوخ وحسبة دمشق وعظم في دولة المعظم ثم فتر سوقه وابتلى بالفالج قبل موته بأعوام ثم تحول إلى مصر فتوفى بها في حادى عشر ذي الحجة ضعفه بعضهم
وقال الزكى البرزالى كان كثير التخليط
والشرف الإربلى العلامة أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الهذبانى الشافعى اللغوى ولد سنة ثمان وستين بإربل وسمع بدمشق من الخشوعى وطائفة وحفظ على الكندى خطب ابن نباتة و ديوان المتنبى ومقامات الحريرى وكان يعرف اللغة ويقرئها
توفي في ثانى ذي القعدة
____________________
(5/228)
والعماد داود بن عمر بن يوسف أبو المعالي الزبيدى المقدسى ثم الدمشقي الآبارى خطيب بيت الآبار 184 ب ولد سنة ست وثمانين وخمس مئة وسمع من الخشوعى وطائفة وكان فصيحا خطيبا بليغا ولى خطابة دمشق وتدريس الغزالية بعد ابن عبد السلام ثم عزل بعد ست سنين وعاد إلى خطابة القرية
وبها توفي في شعبان ودفن هناك
والملك الناصر داود بن المعظم بن العادل صاحب الكرك صلاح الدين أبو المفاخر ولد سنة ثلاث وست مئة وأجاز له المؤيد الطوسى وسمع ببغداد من أبي الحسن القطيعى وكان حنفيا فاضلا مناظرا ذكيا بصيرا بالآداب بديع النظم كثير المحاسن ملك دمشق بعد أبيه ثم أخذها منه عمه الأشرف فتحول إلى مدينة الكرك فملكها إحدى وعشرين سنة ثم عمل عليه ابنه وسلمها إلى صاحب مصر الصالح وزالت مملكته توفي بظاهر دمشق بقرية البويضا ودفن عند والده الملك المعظم في جمادى الأولى وكانت أمه خوارزمية عاشت بعده مدة وكان جوادا ممدحا
____________________
(5/229)
والبهاء زهير بن محمد بن على بن يحيى الصاحب المنشئ أبو الفضل وأبو العلاء الآزدى المهلبى المكى ثم القوصى الكاتب وله ديوان مشهور ولد سنة إحدى وثمانين وخمس مئة بمكة كتب الإنشاء للملك الصالح نجم الدين ببلاد الشرق فلما تسلطن بلغه أرفع المراتب ونفذه رسولا ولما مرض بالمنصورة تغير عليه وأبعده وكان سريع التخيل والغضب والمعاقبة على الوهم ثم اتصل البهاء بالناصر صاحب الشام وله فيه مدائح وكان ذا مروءة ومكارم توفي بمصر في ذي القعدة
والمستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله أبي جعفر منصور بن الظاهر محمد ابن الناصر العباسى آخر الخلفاء العراقيين وكانت دولتهم خمس مئة سنة وأربعا وعشرين سنة
ولد أبو أحمد سنة تسع وست مئة في خلافة جد أبيه وأجاز له المؤيد الطوسى وجماعة 185 آ وسمع
____________________
(5/230)
من على بن النيار الذى لقنه الختمة روى عنه محيي الدين ابن الجوزى ونجم الدين الباذرائى بالإجازة واستخلف في جمادى الأولى سنة أربعين وكان حليما كريما سليم الباطن قليل الرأى حسن الديانة مبغضا للبدعة في الجملة وختم له بخير فإن الكافر هولاوو أمر به وبولده أبي بكر فرفسا حتى ماتا وذلك في حدود آخر المحرم وكان الأمر أشغل من أن يوجد مؤرخ لموته أو موار لجسده وبقي الوقت بلا خليفة ثلاث سنين
الكفرطابي أبو الفضل عبد العزيز بن عبد الوهاب ابن بيان القواس الرامى الأستاذ ولد سنة سبع وسبعين وسمع الكثير من يحيى الثقفى وعمر دهرا توفي في الحادى والعشرين من شوال بدمشق
وابن صديق أبو العز عبد العزيز بن محمد بن أحمد الحرانى المؤدب وهو بكنيته أشهر ولهذا سماه بعضهم ثابتا سمع من عبد الوهاب بن أبي حبة وحدث بدمشق وبها توفي في جمادى الأولى
____________________
(5/231)
وعبد العظيم بن عبد القوى بن عبد الله بن سلامة الحافظ الكبير زكى الدين أبو محمد المنذرى الشامى ثم المصرى الشافعي صاحب التصانيف ولد سنة إحدى وثمانين وخمس مئة وسمع من الآرتاحى وأبي الجود وابن طبرزد وخلق وتخرج بأبي الحسن على بن المفضل ولزمه مدة وله معجم كبير مروى ولى مشيخة الكاملية مدة وانقطع بها نحوا من عشرين سنة مكبا على العلم والإفادة وكان ثبتا حجة متبحرا في علوم الحديث عارفا بالفقه والنحو مع الزهد والورع والصفات الحميدة توفي في رابع ذي القعدة
وابن خطيب القرافة أبو عمر عثمان بن على بن عبد الواحد القرشي الأسدى الدمشقي الناسخ كان له إجازة من السلفى فروى بها الكثير وتوفي في ثالث ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة
185 ب والشاذلى أبو الحسن على بن عبد الله ابن عبد الجبار المغربي الزاهد شيخ الطائفة الشاذلية سكن الإسكندرية وصحبه بها جماعة وله عبارات في التصوف مشكلة توهم ويتكلف له في الإعتذار عنها وعنه أخذ الشيخ أبو العباس المرسى توفي الشاذلى بصحراء عيذاب متوجها إلى بيت الله في أوائل ذي القعدة
____________________
(5/232)
وسيف الدين المشد صاحب الديوان المشهور الأمير أبو الحسن على بن عمر بن قزل التركماني ولد سنة اثنتين وست مئة بمصر وتوفي في تاسع المحرم بدمشق
والنشبي المحدث شمس الدين أبو الحسن علي بن المظفر بن القاسم الربعي النشبي الدمشقي نائب الحسبة سمع الكثير من الخشوعى والقاسم بن عساكر وخلق وكان فصيحا طيب الصوت بالقراءة كتب الكثير وكان يؤدب ثم صار شاهدا توفي في ربيع الأول وقد جاوز التسعين
والشيخ على الخباز الزاهد أحد مشايخ العراق له زاوية واتباع وأحوال وكرامات قتل شهيدا
____________________
(5/233)
وابن عوة أبو حفص عمر بن أبي نصر بن أبي الفتح الجزرى التاجر السفار العدل حدث بدمشق عن البوصيرى وتوفي في ذي الحجة وكان صالحا
والموفق بن أبي الحديد أبو المعالى القاسم بن هبة الله ابن محمد بن محمد المدائني المتكلم الأشعري الكاتب المنشئ البليغ توفي ببغداد في رجب وله شعر جيد
وشعلة الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الموصلى الحنبلي المقرئ العلامة الذي اختصر الشاطبية كان شابا فاضلا صالحا محققا بتوقد ذكاء عاش ثلاثا وثمانين سنة
وتوفي بالموصل في صفر
وابن الجرج أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن عبد الرحمان الأنصارى التلمساني المالكى نزيل الثغر كان من صلحاء 186 آ العلماء سمع بسبتة الموطأ من أبي محمد بن عبيد الله الحجرى
توفي في ذي القعدة عن ثنتين وتسعين سنة
____________________
(5/234)
وخطيب مردا الفقيه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفتح المقدسى النابلسي الحنبلي ولد بمردا سنة ست وستين وخمس مئة ظنا وتفقه بدمشق وسمع من يحيى الثقفي وأحمد الموازيني وبمصر من البوصيرى وغير واحد وتوفي بمردا في أوائل ذي الحجة
والفاسي الإمام أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد ابن يوسف المغربي المقرئ مصنف شرح الشاطبية قرآ على رجلين قرأ على الشاطبي وكان فقيها بارعا متفننا متين الديانة جليل القدر تصدر للإقراء بحلب مدة وتوفي في ربيع الآخر
وابن العلقمى الوزير المبير مؤيد الدين محمد بن محمد ابن على بن أبي طالب البغدادى الرافضي ولى وزارة العراق أربع عشرة سنة وكان ذا حقد وغل على أهل السنة قرر مع التتار أمورا انعكست عليه وأكل يده ندما وبقى بعد تلك الرتبة الرفيعة يركب إكديشا فصاحت امرأة يا ابن العلقمى أهكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين ولى وزارة التتار على بغداد مشاركا لغيره ثم مرض بعد قليل ومات غما وغبنا وكان الذي حمله على مكاتبة هولاوو عداوة الدويدار وأبي بكر بن المستعصم وما اعتمداه من نهب الكرخ وأذية الشيعة هلك قبل رجب من السنة ومات بعده ابنه
____________________
(5/235)
وابن صلايا الصاحب تاج الدين أبو المكارم محمد بن نصر بن يحيى الهاشمي العلوى نائب الخليفة بإربل كان من رجال الدهر عقلا ورأيا وهيبة وحزما وجودا وسؤددا قتله هولاوو في ربيع الآخر بقرب تبريز
وابن شقير الشيخ عفيف الدين أبو الفضل المرجى بن الحسن بن علي بن هبة الله بن غزال الواسطى المقرئ التاجر السفار ولد سنة إحدى وستين وخمس مئة بواسط قرأ القراءات على أبي بكر بن 186 ب الباقلانى وأتقنها وتفقه وكان آخر من حدث عن أبي طالب الكتانى ذكر الفاروثى أنه عاش إلى حدود هذه السنة
وابن الشقيشقة المحدث نجيب الدين أبو الفتح نصر الله ابن أبي العز مظفر بن عقيل الشيبانى الدمشقي الصفار الشاهد ولد بعد الثمانين وخمس مئة وسمع من حنبل وابن طبرزد وخلق كثير وروى مسند أحمد وكان أديبا ظريفا مليح البزة رماه أبو شامة بالكذب ورقة الدين توفي في جمادى الآخرة ووقف داره بدمشق دار حديث
____________________
(5/236)
والصرصرى الشيخ العلامة القدوة أبو زكريا يحيى بن يوسف بن يحيى الصرصرى الأصل البغدادى الحنبلى الضرير كان إليه المنتهى في معرفة اللغة وحسن الشعر و ديوانه ومدائحه سائرة قيل إنه قتل تتاريا بعكازه ثم استشهد وله ثمان وستون سنة
ومحيى الدين ابن الجوزى الصاحب العلامة سفير الخلافة أبو المحاسن يوسف ابن الشيخ أبي الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمد التيمى البكري البغدادي الحنبلي أستاذ دار المستعصم بالله ولد سنة ثمان وخمس مئة سمع من ذاكر بن كامل وابن بوش وطائفة وقرأ القرآن بواسط على ابن الباقلانى وكان كثير المحفوظ قوى المشاركة في العلوم وافر الحشمة ضربت عنقه هو وأولاده تاج الدين والمحتسب جمال الدين وشرف الدين في صفر
____________________
(5/237)
سنة سبع وخمسين وست مئة
657 فيها نزل هولاوو على آمد وبعث رسله إلى صاحب ماردين فبعث ولده الملك المظفر بالتقادم فقبض عليه هولاوو
وفي آخرها اشتدت الأراجيف بحركة هولاوو إلى الشام وهرب الخلق فقبض قطز المعزى على ابن أستاذه الملك المنصور على وتسلطن ولقب بالملك المظفر لحاجة الوقت إلى ملك كاف وأول من جاوز الفرات 187 آ أشموط ابن هولاوو في ذي الحجة ثم نازلوا حلب فناوشهم أهلها وجندها القتال فهربوا لهم ثم كروا عليهم واشتد الخطب وحار الناصر في نفسه
وفيها توفي أبو العباس بن مامتيت أحمد بن محمد ابن الحسن اللواتى الفاسي المحدث المعمر نزيل القاهرة كان صالحا عالما خيرا روى بالإجازة العامة عن أبي الوقت
____________________
(5/238)
قال الشريف عز الدين مولده فيما بلغنا في المحرم سنة ثمان وأربعين وتوفي في رابع المحرم وأبو الحسين بن السراج المحدث الكبير مسند المغرب أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصارى الإشبيلى ولد سنة ست وخمس مئة وسمع من ابن بشكوال وأبي عبد الله بن زرقون وعبد الحق بن بونه وطائفة وتفرد في زمانه وكانت الرحلة إليه بالمغرب توفي في سابع صفر
والصدر بن المنجا واقف المدرسة الصدرية الرئيس أبو الفتح أسعد بن عثمان بن وجيه الدين أسعد ابن المنجا التنوخى الحنبلي المعدل ولد سنة ثمان وتسعين وخمس مئة وروى عن ابن طبرزد
توفي في رمضان ودفن بمدرسته
وابن اللمط شمس الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الجذامى المصرى رحل وسمع من ابن دحية وسمع من أبي جعفر الصيدلاني وعبد الوهاب ابن سكينة توفي في ربيع الآخر وله خمس وثمانون سنة
____________________
(5/239)
وصاحب الموصل الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ الأرمنى الأتابكى مملوك نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود صاحب الموصل كان مدبر دولة أستاذه وبدولة ولده القاهر مسعود فلما مات القاهر سنة خمس عشرة أقام بدر الدين ولدى القاهر صورة وبقى أتابكا لهما مدة ثم استقل بالسلطنة وكان حازما شجاعا مدبرا خبيرا توفي في شعبان وقد نيف على الثمانين وانخرم نظام بلده من بعده
وابن الشيرجى الصدر 187 ب نجم الدين مظفر ابن محمد بن إلياس الأنصاري الدمشقي ولى تدريس العصرونية والوكالة وحدث عن الخشوعى وجماعة وولى أيضا الحسبة ونظر الجامع توفي في آخر السنة
ويوسف القمينى الموله الذى يعتقد فيه العامة أنه ولى وحجتهم الكشف والكلام على الخواطر وهذا شيء يقع من الكاهن والراهب والمجنون الذي له قرين من الجن وقد كثر هذا في عصرنا والله المستعان وكان يوسف يتنجس ببوله ويمشي حافيا ويأوى إلى قمين حمام نور الدين ولا يصلى
____________________
(5/240)
سنة ثمان وخمسين وست مئة
658 في المحرم قطع هولاوو الفرات ونهب نواحى حلب فراسل متوليها المعظم تورانشاه ابن السلطان صلاح الدين بأنكم تضعفون عنا ونحن نقصد سلطانكم الناصر فاجعلوا لنا عندكم شحنة بالقلعة وشحنة بالبلد فإن انتصر عليها الناصر فاقتلوا الشحنتين أو أبقوهما وإن انتصرنا فحلب والبلاد لنا ويكونون آمنين فأبى عليه تورانشاه فنزل على حلب في ثانى صفر فلم يصبح عليهم الصباح إلا وقد حفروا عليهم خندقا عمق قامة وعرض أربعة أذرع وبنوا حائطا ارتفاع خمسة أذرع ونصبوا عشرين منجنيقا وألحوا بالرمى وشرعوا في نقب السور
وفي تاسع صفر ركبوا الأسوار ووضعوا السيف يومهم ومن الغد وأحمى في حلب أماكن سلم فيها نحو خمسين ألفا واستتر خلق وقتل أمم لا يحصون وبقي القتل والسبى خمسة أيام ثم نودى برفع السيف وأذن المؤذن يومئذ يوم الجمعة بالجامع وأقيمت الجمعة بأناس ثم أحاطوا بالقلعة وحاصروها
____________________
(5/241)
ووصل الخبر يوم السبت إلى دمشق فهرب الناصر ودخلت يومئذ رسل هولاوو وقرئ الفرمان بأمان دمشق ثم وصل نائب هولاوو فتلقاه الكبراء وحملت أيضا مفاتيح حماة إلى هولاوو فسير إليهم شحنة 188 آ وسار صاحبها والناصر إلى نحو غزة وعصت قلعة دمشق فحاصرتها التتار وألحوا بعشرين منجنيقا على برج الطارمة فتشقق وطلب أهلها الأمان فأمنوهم وسكنها النائب كتبغا وتسلموا بعلبك وقلعتها وأخذوا نابلس ونواحيها بالسيف ثم ظفروا بالملك وأخذوه بالأمان وساروا به إلى هولاوو فرعى له مجيئه وبقى في خدمته أشهرا ثم قطع الفرات راجعا وترك بالشام فرقة من التتار وأما المصريون فتأهبوا وشرعوا في المسير من نصف شعبان وثارت النصارى بدمشق ورفعت رؤوسها ورفعوا الصليب ومروا به وألزموا الناس بالقيام له من حوانيتهم في الثاني والعشرين من رمضان ووصل جيش الإسلام عليهم الملك المظفر وعلى مقدمتهم ركن الدين البندقدارى فالتقى الجمعان على عين
____________________
(5/242)
جالوت غربي بيسان ونصر الله دينه وقتل في المصاف مقدم التتار كتبغا وطائفة من أمراء المغول ووقع بدمشق النهب والقتل في النصارى وأحرقت كنيسة لهم وعيد المسلمون على خير عظيم وساق البندقدارى وراء التتار إلى حلب وخلت من القوم الشام وطمع البندقدارى في أخذ حلب كان وعده بها الملك المظفر ثم رجع فتأثر وأضمر الشر فلما رجع المظفر بعد شهر إلى مصر مضمرا للبندقدارى أيضا الشر فوافق ركن الدين على مراده عدة أمراء وكان الذي ضربه بالسيف فحل كتفه بكتوت الجوكندار المعزى ثم رماه بهادر المعزى بسهم قضى عليه وذلك يوم سادس عشر ذي القعدة بقرب قطية وتسلطن ركن الدين البندقدارى الملك الظاهر
وأما نائب دمشق علم الدين الحلبي فحلف الأمراء لنفسه ولقب الملك المجاهد وخطب له بدمشق مع الملك الظاهر
وفي آخر السنة كرت التتار على حلب واندفع عسكرها بين أيديهم فدخلوا إليها وأخرجوا من بها إلى قربين وأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف
____________________
(5/243)
188 ب وفيها توفي ابن سنى الدولة قاضي القضاة صدر الدين أبو العباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن الدمشقي الشافعي ولد سنة تسعين وخمس مئة وسمع من الخشوعي وجماعة وتفقه على أبيه قاضي القضاة شمس الدين وعلى فخر الدين ابن عساكر وقل من نشأ مثله في صيانته وديانته ناب عن أبيه وولى نيابة بيت المال ودرس بالإقبالية والجاروخية وولى القضاء مدة رجع من عند هولاوو متمرضا وأدركه الموت ببعلبك في جمادى الآخرة وله ثمان وستون سنة
وإبراهيم بن خليل نجيب الدين أبو إسحاق الأدمي ولد سنة خمس وسبعين وسمعه أخوه من عبد الرحمان ابن علي الخرقي ويحيى الثقفي وجماعة وحدث بدمشق وحلب وعدم بها في صفر
وتمام المسروري أبو طالب بن أبي بكر بن أبي طالب الدمشقي الجندي ولد سنة سبع وسبعين وسمع من يحيى الثقفي توفي في رجب
____________________
(5/244)
وتورانشاه المعظم أبو المفاخر ابن السلطان الكبير صلاح الدين ولد سنة سبع وسبعين وسمع من يحيى الثقفي وابن صدقة الحراني وأجاز له عبدالله ابن برى وكان كبير البيت الأيوبي وكان السلطان يجله ويتأدب معه سلم قلعة حلب لما عجز بالأمان أدركه الموت إثر ذلك فتوفي في ربيع الأول وله ثمانون سنة
والملك السعيد حسن بن عبد العزيز عثمان بن العادل صاحب الصبيبة وبانياس تملك سنة إحدى وثلاثين بعد أخيه الملك الظاهر إلى سنة بضع وأربعين فأخذ الصبيبة منه الملك الصالح وأعطاه إمرة بمصر فلما قتل المعظم بن الصالح ساق إلى غزة وأخذ ما فيها وأتى الصبيبة فتسلمها فلما تملك الناصر دمشق قبض عليه وسجنه بالبيرة فلما أخذ هولاوو البيرة أحضر إليه بقيوده وخلع عليه بسراقوس 189 آ وصار منهم وسلموا إليه الصبيبة وبقى في خدمة كتبغا بدمشق وكان بطلا شجاعا قاتل يوم عين جالوت فلما انهزمت التتار جيء به إلى الملك المظفر فضرب عنقه
____________________
(5/245)
والمحب عبدالله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم السعدي المقدسي الصالحي الحنبلي المحدث مفيد الجبل روى عن الشيخ الموفق وابن البن وابن الزبيدى ورحل إلى بغداد فسمع من ابن القبيطى وعلى ابن أبي الفخار وطبقتهما وكتب الكثير وعنى بالحديث أتم عناية توفي في جمادى الآخرة وله أربعون سنة
وابن الخشوعى أبو محمد عبد الله بن بركات بن إبراهيم الدمشقى سمع من يحيى الثقفى وأبيه وعبد الرزاق النجار وأجاز له السلفى وطائفة توفي في أواخر صفر
والعماد عبد الحميد بن عبد الهادى بن يوسف المقدسى الجماعيلى الحنبلى المؤدب سمع من يحيى الثقفي وأحمد الموازينى وجماعة توفي في ربيع الأول
____________________
(5/246)
وابن العجمى أبو طالب عبد الرحمان بن عبد الرحيم ابن عبد الرحمان بن الحسن الحلبي الشافعي روى عن يحيى الثقفى وابن طبرزد ودرس وأفتى عذبه التتار على المال حتى هلك في الرابع والعشرين من صفر
والملك المظفر سيف الدين قظز المعزى كان بطلا شجاعا دينا مجاهدا انكسرت التتار على يده واستعاد منهم الشام وكان أتابك الملك المنصور على ولد أستاذه فلما رآه لا يغنى شيئا عزله وقام في السلطنة وكان شابا أشقر وافر اللحية ذكر أنه قال أنا محمود بن ممدود ابن أخت السلطان خوارزم شاه وأنه كان لتاجر في القصاعين بدمشق وقبره بالقصير من رمل مصر قد عفى أثره
وكتبغا المغلى نوين مقدم التتار ونائب الشام لهولاوو قتله أقوش الشمسى في المصاف وكان عظيما عند التتار معتمدا عليه لشجاعته ورأيه 189 ب كان هولاكو يتيمن برأيه ويحترمه وكان شيخا مسنا كافرا يميل إلى النصارى
____________________
(5/247)
والفقيه شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بن أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن عيسى اليونينى الحنبلي الحافظ ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة بيونين ولبس الخرقة من الشيخ عبد الله البطائحى عن الشيخ عبد القادر ورباه الشيخ عبد الله البونينى وتفقه على الشيخ الموفق وسمع من الخشوعى وحنبل وكان يكرر على الجمع بين الصحيحين وكان يكرر على أكثر مسند أحمد ونال من الحرمة والتقدم مالم ينله أحد وكانت الملوك تقبل يده وتقدم مداسه وكان إماما عالما علامة زاهدا خاشعا فانتا لله عظيم الهيبة منور الشيبة مليح الصورة حسن السمت والوقار
توفي في تاسع عشر رمضان ببعلبك
والأكال الشيخ محمد بن خليل الحوارنى ثم الدمشقي عاش ثمانيا وخمسين سنة وكان صالحا خيرا مؤثرا لا يكاد يأكل لأحد شيئا إلا بأجرة وله في ذلك حكايات
____________________
(5/248)
وابن الأبار الحافظ العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعى البلنسي الكاتب الأديب أحد أئمة الحديث قرأ القراءات وعنى بالأثر وبرع في البلاغة والنظم والنثر وكان ذا جلالة ورئاسة قتله صاحب تونس ظلما في العشرين من المحرم وله ثلاث وستون سنة
ومحمد بن عبد الهادى بن يوسف بن محمد بن قدامة أبو عبد الله المقدسى الجماعيلى سمع من محمد بن حمزة ابن أبي الصقر وعبد الرزاق النجار ويحيى الثقفى وطائفة وكان آخر من روى بالإجازة عن شهدة وهو شيخ صالح متعفف تال لكتاب الله يؤم بمسجد ساوية من عمل نابلس فاستشهد على يد التتار في جمادى الأولى وقد نيف على التسعين
والملك الكامل ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر شهاب الدين غازى 190 آ ابن العادل صاحب ميافارقين ملك سنة خمس وأربعين وكان عالما فاضلا شجاعا
____________________
(5/249)
عادلا محسنا إلى الرعية ذا عبادة وورع لم يكن في بيته من يضاهيه حاصرته التتار عشرين شهرا حتى فنى أهل البلد بالوباء والقحط ثم دخلوا وأسروه فضرب هولاوو عنقه بعد أخذ حلب وطيف برأسه ثم علق على باب الفراديس ثم دفنه المسلمون بمسجد الرأس داخل الباب بلغنى أن التتار دخلوا البلد فوجدوا به سبعين نفسا بعد ألوف كثيرة
والضياء القزوينى الصوفى أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة بحلب وروى عن يحيى الثقفى توفي في ربيع الآخر
وابن قوام الشيخ الزاهد الكبير أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسى جد شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر كان زاهدا عابدا قدوة صاحب حال وكشف وكرامات وله رواية وأتباع ولد سنة أربع وثمانين وخمس مئة وتوفي في سلخ رجب سنة ثمان ببلاد حلب ثم نقل تابوته ودفن بجبل قاسيون في أول سنة سبعين وقبره ظاهر يزار
____________________
(5/250)
وحسام الدين أبو علي بن محمد بن أبي على الهذبانى الكردى من كبار الدولة وأجلائها وكان له اختصاص زائد بالملك الصالح نجم الدين ناب في سلطنة دمشق له ثم في سلطنة مصر وحج سنة تسع وأربعين ثم أصابه في آخر عمره صرع وتزايد به حتى مات ولد بحلب سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة وله شعر جيد
وأبو الكرم لاحق بن عبد المنعم بن قاسم الأنصارى الأرتاحى ثم المصرى الحنبلى اللبان سمع من عم جده أبي عبد الله الأرتاحى وتفرد بالإجازة من المبارك ابن الطباخ وكان صالحا متعففا روى عنه الزكى عبد العظيم مع تقدمه توفي بمصر في جمادى الآخرة 190 ب سنة تسع وخمسين وست مئة
659 في المحرم اجتمع خلق من التتار نجوا من يوم عين جالوت والذين كانوا بالجزيرة فأغاروا على حلب ثم ساقوا إلى حمص لما بلغهم مصرع الملك المظفر
____________________
(5/251)
فصادفوا على حمص حسام الدين الجوكندار والمنصور صاحب حماة والأشرف صاحب حمص في ألف وأربع مئة والتتار في ستة آلاف فالتقوهم وحمل المسلمون حملة صادقة وكان النصر ووضعوا السيف في الكفار قتلا حتى أبادوا أكثرهم وهرب مقدمهم بيدرا بأسوا حال ولم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد
وأما دمشق فإن الحلبى دخل القلعة فنازله عسكر مصر وبرز إليهم وقاتلهم ثم رد فلما كان في الليل هرب وقصد قلعة بعلبك وعصى بها فقدم علاء الدين طيبرس الوزيرى وقبض على الحلبى من بعلبك وقيده فحبسه الملك الظاهر مدة طويلة
وفي رجب بويع بمصر المستنصر بالله أحمد بن الظاهر محمد بن الناصر لدين الله العباسي الأسود وفوض الأمور إلى الملك الظاهر بيبرس ثم قدما دمشق فعزل عن القضاء نجم الدين ابن سنى الدولة بابن خلكان ثم سار المستنصر ليأخذ بغداد ويقيم بها وكان أقوش البرلو قد بايع بحلب الحاكم بأمر الله فلما قدم السلطان تسحب الحاكم ثم اجتمع بالمستنصر وبايعه
____________________
(5/252)
وكان في آخر العام مصاف بينه وبين التتار الذين بالعراق فعدم المستنصر في الوقعة وانهزم الحاكم فنجا
وفيها توفي الأرتاحى أحمد بن حامد بن أحمد بن حمد الأنصارى المصرى الحنبلى قرأ القراءات على والده وسمع من جده لأمه أبي عبد الله الأرتاحى وابن ياسين والبوصيرى ولازم الحافظ عبد الغنى فأكثر عنه
توفي في رجب
وإبراهيم بن سهل الإشبيلى اليهودى شاعر زمانه بالأندلس غرق في البحر
191 آ والصفى بن مرزوق إبراهيم بن عبد الله ابن هبة الله العسقلاني الكاتب ولد سنة سبع وسبعين وخمس مئة وكان متمولا وافر الحرمة وزر مرة
وتوفي بمصر في ذي القعدة
والشرف حسن ابن الحافظ أبي موسى عبد الله ابن الحافظ عبد الغنى أبو محمد المقدسي الحنبلى ولد سنة خمس وست مئة وسمع من الكندى ومن بعده وبرع في المذهب ودرس بالجوزية مدة توفي في المحرم
____________________
(5/253)
والباخرزى الإمام القدوة الحافظ العارف سيف الدين أبو المعالى سعيد بن المطهر صاحب الشيخ نجم الدين الكبرى كان إماما في السنة رأسا في التصوف روى عن نجم الدين أبي الجناب وعلى بن محمد الموصلي وأبي رشيد الغزال وخرج أربعين حديثا
والشارعى العالم الواعظ جمال الدين عثمان بن مكى ابن عثمان بن إسماعيل السعدى الشافعي سمع الكثير من قاسم بن إبراهيم المقدسي والبوصيري وطبقتهما وكان صالحا متفننا مشهورا جليلا
توفي في ربيع الآخر
وصاحب صهيون مظفر الدين عثمان بن منكورس تملك صهيون بعد والده ثلاثا وثلاثين سنة وكان حازما سائسا مهيبا عمر تسعين سنة ودفن بقلعة صهيون وتملك بعده ابنه سيف الدين محمد
____________________
(5/254)
والملك الظاهر غازى شقيق السلطان الملك الناصر يوسف وأمهما تركية كان مليح الصورة شجاعا جوادا قتل مع أخيه بين يدى هولاكو
وابن سيد الناس الخطيب الحافظ أبو بكر محمد ابن أحمد بن عبد الله بن محمد اليعمرى الإشبيلي ولد سنة سبع وتسعين وعنى بالحديث فأكثر وحصل الأصول النفسية وختم به معرفة الحديث بالمغرب
توفي بتونس في رجب
والصائن النعال أبو الحسن محمد بن الأنجب بن أبي عبد الله البغدادى الصوفي ولد سنة خمس وسبعين 191 ب وسمع من جده لأمه هبة الله بن رمضان وظاعن الزبيرى وابن شاتيل وطائفة وله مشيخة
توفي في رجب
والمتيجى محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى ابن مغنين ضياء الدين الإسكندراني الفقيه المالكى المحدث الرجل الصالح أحد من عنى بالحديث روى عن عبد الرحمان بن موقا فمن بعده وكتب الكثير
توفي في جمادى الآخرة
____________________
(5/255)
وابن درباس القاضي كمال الدين أبو حامد محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك المارانى المصري الشافعي الضرير ولد سنة ست وسبعين وخمس مئة فأجاز له السلفى وسمع من البوصيرى والقاسم بن عساكر ودرس وأفتى واشتغل وجالس الملوك
توفي في شوال
ومكى بن عبد الرزاق بن يحيى بن عمر بن كامل أبو الحرم الزبيدى المقدسى ثم العقربانى أجاز له عبد الرزاق النجار وسمع من الخشوعى وأبو أبيه يحيى يعيش بعد مات في شوال
والملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن العزيز محمد ابن الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين صاحب الشام ولد سنة سبع وعشرين وست مئة وسلطنوه بعد أبيه سنة أربع وثلاثين ودبر المملكة شمس الدين لؤلؤ والأمر كله راجع إلى جدته ضيفة ابنة العادل ولهذا سكت الملك الكامل لأنها أخته فلما ماتت سنة
____________________
(5/256)
أربعين اشتد الناصر واشتغل عنه الكامل بعمه الصالح ثم فتح عسكره له حمص سنة ست وأربعين ثم سار هو وتملك دمشق بلا قتال سنة ثمان وأربعين فوليها عشر سنين وفي سنة اثنتين وخمسين دخل بابنة السلطان علاء الدين صاحب الروم وهي بنت خالة أبيه العزيز وكان حليما جوادا موطأ الأكناف حسن الأخلاق محببا إلى الرعية فيه عدل في الجملة وقلة جور وصفح وكان الناس معه في بلهنية من العيش لكن مع إدارة الخمر والفواحش 192 آ وكان للشعراء دولة بأيامه لأنه كان يقول الشعر ويجيز عليه ومجلسه مجلس ندماء وأدباء خدع وعمل عليه حتى وقع في قبضة التتار فذهبوا به إلى هولاوو فاكرمه فلما بلغه كسرة جيشه على عين جالوت غضب وتنمر وأمر بقتله فتذلل له وقال ما ذنبي فأمسك عن قتله فلما بلغه كسرة بيدرا على حمص استشاط غضبا وأمر بقتله وقتل أخيه الظاهر وقيل بل قتله في الخامس والعشرين من شوال عام ثمانية وكان شابا أبيض مليحا حسن الشكل بعينه قبل
____________________
(5/257)
سنة ستين وست مئة
660 في أوائل رمضان أخذت التتار الموصل بخديعة بعد حصار أشهر وطمنوا الناس وخربوا السور ثم بذلوا السيف تسعة أيام وأبقوا على صاحبها الملك الصالح إسماعيل بن لولو أياما ثم قتلوه وقتلوا ولده علاء الدين
وفيها وقع الخلف بين بركة صاحب دست القفجاق وابن عمه هولاوو
وفيها توفي أحمد بن عبد المحسن بن محمد الأنصارى أخو شيخ شيوخ حماة روى عن عبد الله ابن أبي المجد الحربي وغيره
والمستنصر بالله أبو القاسم أحمد بن الظاهر بأمر الله محمد بن الناصر لدين الله العباسي الأسود قدم مصر وعقد له مجلس فاثبتوا نسبه ثم بدأ الملك الظاهر بمبايعته ثم الأعيان على مراتبهم ولقب بلقب أخيه صاحب بغداد ثم صلى بالناس يوم الجمعة وخطب ثم ألبس السلطان خلعة بيده وطوقه وأمر له بكتابة
____________________
(5/258)
تقليد بالأمر وركب السلطان بتلك الخلعة الخليفية وزينت القاهرة وهو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس وكان جسيما شجاعا عالى الهمة رتب له السلطان أتابك وأستاذ دار وحاجبا 192 ب وكاتب إنشاء وجعل له خزنة ومئة فرس وثلاثين بغلا وستين حملا وعدة مماليك فلما قدم دمشق وسار إلى العراق وجد بهجانة الحاكم في سبع مئة نفس فاستماله وأنزله معه في دهليزه فتجمعت المغول بالعراق في نحو خمسة آلاف ثم دخل المستنصر هيت في ذي الحجة في التاسع والعشرين ونهب من بها من الذمة ثم التقى المسلمون والتتار في ثالث المحرم فانهزم التركمان والعرب وأحاطت التتار بعسكر المستنصر فحرقوا وساقوا على حمية فنجا طائفة منهم الحاكم وقتل المستنصر وأضمرته البلاد وقيل إنه قتل ثلاثة من التتار ثم تكاثروا عليه فاستشهد
والعز الضرير الفيلسوف الرافضى حسن بن محمد بن أحمد بن نجا الإربلى كان بصيرا بالعربية رأسا في العقليات كان يقرئ المسلمين والذمة بمنزله وله حرمة وهيبة مع فساد عقيدته وتركه للصلاة ووساخة هيئته مات في ربيع الآخر عن أربع وسبعين سنة بدمشق
____________________
(5/259)
وعز الدين شيخ الإسلام أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمى الدمشقي الشافعي ولد سنة ثمان وسبعين وحضر أحمد بن حمزة بن الموازينى من عبد اللطيف بن أبي سعد والقاسم بن عساكر وجماعة وتفقه على فخر الدين ابن عساكر وبرع في الفقه والأصول ودرس وأفتى وصنف وبلغ رتبة الإجتهاد وانتهت إليه رئاسة المذهب مع الزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصلابة في الدين
قال قطب الدين كان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنوادر والأشعار يحضر السماع ويرقص مات في عاشر جمادى الأولى وشيعه الملك الظاهر
والتاج عبد الوهاب بن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد الدمشقي ابن عساكر سمع الكثير من الخشوعى وطبقته وولى مشيخة النورية بعد والده وحج 193 آ وزار ولده أمين الدين عبد الصمد وجاور قليلا ثم توفي في حادي عشر جمادى الأولى بمكة
____________________
(5/260)
ونقيب الأشراف بهاء الدين أبو الحسن على بن محمد ابن إبراهيم بن محمد الحسينى بن أبي الجن سمع حضورا وله أربع سنين من يحيى الثقفي وابن صدقة توفي في رجب
وابن العديم الصاحب العلامة كمال الدين أبو القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي الحلبي من بيت القضاء والحشمة ولد سنة بضع وثمانين وخمس مئة وسمع من ابن طبرزد وبدمشق من الكندي وببغداد والقدس والنواحي وأجاز له المؤيد وخلق وكان قليل المثل عديم النظير فضلا ونبلا ورأيا وحزما وذكاء وبهاء وكتابة وبلاغة ودرس وأفتى وصنف وجمع تاريخا لحلب في نحو ثلاثين مجلدا وولى خمسة من آبائه على نسق القضاء وقد ناب في سلطنة دمشق وعلم عن الملك الناصر توفي في العشرين من جمادى الأولى
والضياء عيسى بن سليمان بن رمضان أبو الروح التغلبي المصرى القرافى الشافعي آخر من روى صحيح البخاري عن منجب المرشدى مولى مرشد المدينى
توفي في رمضان عن تسعين سنة
____________________
(5/261)
والشمس الصقلى أبو عبد الله محمد بن سليمان بن أبي الفضل الدمشقي الدلال في الأملاك سمع من ابن صدقة الحرانى وإسماعيل الجنزوى وأبي الفتح المندائي وقرأ الختمة على أبي الجود ولد سنة ثلاث وسبعين وتوفي في أواخر صفر
وابن عرق الموت أبو بكر محمد بن فتوح بن خلوف ابن يخلف بن مصال الهمذانى الإسكندراني سمع من التاج المسعودى وابن موقا وأجازه أبو سعد بن أبي عصرون والكبار وتفرد عن جماعة توفي في جمادى الاولى
وابن زبلاق الشاعر المشهور الأجل محيى الدين يوسف ابن يوسف بن يوسف بن سلامة الموصلي العباسي الكاتب قتلته التتار بالموصل في آخر شعبان
193 ب وأبو بكر بن على بن مكارم بن فتيان الأنصاري المصري روى عن البوصيري وجماعة وتوفي في المحرم
____________________
(5/262)
سنة إحدى وستين وست مئة
661 في ثامن المحرم عقد مجلس عظيم للبيعة وجلس الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد ابن الأمير أبي على بن على بن أبي بكر ابن الخليفة المسترشد بالله بن المستظهر العباسي فأقبل عليه الملك الظاهر ومد يده إليه وبايعه بالخلافة ثم بايعه الأعيان وقلد حيئنذ السلطنة للملك الظاهر فلما كان من الغد خطب بالناس خطبة مليحة أولها الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركنا وظهيرا ثم كتب بدعوته وإمامته إلى الأقطار وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهرا
وفيها خرج الظاهر إلى الشام وتحيل على صاحب الكرك الملك المغيث حتى نزل إليه وكان آخر العهد به وأعطى ولده بمصر خبز مئة فارس ثم قبض على ثلاثة أنكروا عليه إعدامه المغيث وهم بلبان الرشيدى وأقوش البرلى وأيبك الدمياطي وكانوا نظراء له في الجلالة والرتبة
وفيها وصل كرمون المقدم في طائفة كبيرة من التتار قد أسلموا فأنعم عليهم الملك الظاهر
____________________
(5/263)
وفيها راسل بركة الملك الظاهر ثم كانت وقعة هائلة بين بركة وبين ابن عمه هولاوو فانهزم هولاوو ولله الحمد وقتل خلق من رجاله وغرق خلق
وفيها توفي الحسن بن علي بن منتصر أبو على الفاسي ثم الإسكندراني الكتبي آخر أصحاب عبد المجيد بن خليل
توفي في ربيع الآخر
وسليمان بن خليل العسقلاني الفقيه خطيب الحرم أبو الربيع الشافعي سبط عمر بن عبد المجيد الميانسي روى عن زاهر بن رستم وغيره وتوفي في المحرم
والرسغى 194 ب العلامة عز الدين عبد الرزاق ابن رزق الله بن أبي بكر المحدث المفسر الحنبلي ولد سنة تسع وثمانين وسمع بدمشق من الكندي وببغداد من ابن منينا وصنف تفسيرا جيدا وكان شيخ الجزيرة في زمانه علما وفضلا وجلالة
توفي في ثاني عشر ربيع الآخر
____________________
(5/264)
والأنباري المفتي جمال الدين عبد الرحمان بن سالم الأنصاري الحنبلي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي سمع من الكندى وعبد القادر الحافظ وطائفة وتفقه بالموفق المقدسي
توفي في ربيع الآخر
والعز بن العز الحافظ المحدث أبو محمد عبد الرحمان ابن عز الدين محمد بن الحافظ الكبير عبد الغنى المقدسي ولد سنة ست مئة وسمع من الكندى وطبقته وتفقه على الموفق ورحل فسمع من الفتح بن عبد السلام وطبقته ثم رحل إلى مصر وكتب الكثير وكان يفهم ويذاكر
توفي في ذي الحجة
والناشرى المقرئ البارع تقي الدين عبد الرحمان بن مرهف المصري قرأ القراءات على أبي الجود وتصدر للإقراء وبعد صيته
توفي في شوال عن نيف وثمانين سنة
وابن بنين أثير الدين عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري الشافعي القباني الناسخ ولد سنة خمس وسبعين وسمع من عشير الجبلي فكان آخر أصحابه وسمع من طائفة وأجاز له عبد الله بن برى وعبد الرحمان السبي وانتهى إليه علو الإسناد بمصر مع صلاح وسكون
توفي في ثالث ربيع الأول
____________________
(5/265)
وعلى بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي روى عن الخشوعى وغيره
توفي في رجب وكان مباركا خيرا
والكمال الضرير شيخ القراء أبو الحسن على بن شجاع ابن سالم بن علي الهاشمي العباسي المصري الشافعي صاحب الشاطبي وزوج ابنته ولد سنة اثنتين 194 ب وسبعين وخمس مئة قرأ القراءات على الشاطبي وشجاع المدلجى وأبي الجود وسمع من البوصيري وطائفة وتصدر للإقراء دهرا وانتهت إليه رئاسة الإقراء وكان إماما يجرى في فنون من العلم وفيه تودد وتواضع ولين ومروة تامة
توفي في سابع ذي الحجة
والعلم أبو القاسم والأصح أبو محمد القاسم بن أحمد ابن موفق بن جعفر المرسى اللورقى المقرئ النحوى المتكلم شيخ القراء بالشام ولد سنة خمس وسبعين وخمس مئة وقرأ القراءات على ثلاثة من أصحاب ابن هذيل ثم قرأها على أبي الجود ثم على الكندي وسمع ببغداد من ابن الأخضر وكان عارفا بالكلام والأصلين والعربية أقرأ واشتغل مدة وصنف التصانيف ودرس بالعزيزية نيابة وولى مشيخة الإقراء والنحو بالعادلية
توفي في سابع رجب وقد شرح الشاطبية
____________________
(5/266)
سنة اثنتين وستين وست مئة
662 فيها توفي قاضي حلب كمال الدين أحمد ابن قاضي القضاة زين الدين عبد الله بن عبد الرحمان ابن الأستاذ الأسدي الشافعي سمع حضورا من الإفتخار الهاشمي وسماعا من جده وطائفة وكان صدرا معظما كامل الرئاسة واسع الفضيلة ولى قضاء حلب في الدولتين الناصرية والظاهرية
وبها توفي في نصف شوال
وإسماعيل بن صارم الخياط أبو الطاهر الكناني العسقلاني ثم المصري روى عن البوصيرى وابن ياسين
توفي في جمادى الأولى
والزين الحافظي سليمان بن المؤيد بن عامر العقرباني الطبيب طب الملك الحافظ صاحب جعبر فنسب إليه ثم خدم الملك الناصر يوسف وعظم عنده وبعثه رسولا إلى التتار فباطنهم ونصح لهم فأمره هولاوو وصار تتريا خائنا للمسلمين فسلط الله عليه 195 آ مخدومه فقتل بين يديه لكونه كاتب الملك الظاهر وقتل معه أقاربه وخاصته وكانوا خمسين
____________________
(5/267)
وشيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الأنصاري الدمشقي ثم الحموي الشافعي الأديب كان أبوه قاضي حماة ويعرف بابن الرفاء ولد هو بدمشق سنة ست وثمانين وكان مفرط الذكاء رحل به أبوه فسمعه من ابن كليب جزء ابن عرفة ومن أبي المجد المسند كله وله محفوظات كثيرة وفضائل شهيرة وحرمة وجلالة
توفي في ثامن رمضان
والعماد بن الحرستاني أبو الفضائل عبد الكريم ابن القاضي جمال الدين عبد الصمد بن محمد الأنصاري الدمشقي الشافعي ولد سنة سبع وسبعين وسمع من الخشوعى والقاسم وتفقه على أبيه وأفتى وناظر وولى قضاء الشام بعد أبيه قليلا ثم عزل ودرس
____________________
(5/268)
بالغزالية مدة وخطب بدمشق وكان من جلة العلماء له سمت ووقار وتواضع ولى الدار الأشرفية بعد ابن الصلاح ووليها بعده شهاب الدين أبوشامة
توفي في جمادى الأولى
والضياء ابن البالسى أبو الحسن على بن محمد بن على المحدث الخطيب العدل الشروطي ولد سنة خمس وست مئة وسمع من ابن البن وأجاز له الكندي وعنى بهذا الشأن وكتب الكثير
توفي في صفر
والملك المغيث فتح الدين عمر بن العادل أبي بكر ابن الملك الكامل ابن العادل حبس بعد موت عمه الصالح بالكرك فلما قتلوا ابن عمه المعظم أخرجه معتمد الكرك الطواشى وسلطنه بالكرك وكان كريما مبذرا للأموال فقل ما عنده حتى سلم الكرك إلى صاحب مصر ونزل إليه فخنقه وكذا خنق عمه أباه العادل وعاش كل منهما نحو ثلاثين سنة
والبابشرقى أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن علي الأنصاري التاجر بجيرون روى عن الخشوعى وطائفة توفي في ربيع الأول
____________________
(5/269)
وابن سراقة الإمام محيى الدين أبو بكر محمد ابن محمد بن إبراهيم الأنصاري الشاطبي شيخ دار الحديث الكاملية بالقاهرة ولد سنة اثنتين وتسعين وسمع من أبي القاسم أحمد بن بقي وبالعراق من أبي علي ابن الجواليقى وطبقته وله مؤلفات في التصوف توفي في العشرين من شعبان
والملك الأشرف مظفر الدين موسى بن المنصور إبراهيم ابن المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص ولد سنة سبع وعشرين وست مئة وتملك حمص سنة أربع وأربعين فأخذت منه سنة ست ثم تملك الرحبة ثم سار إلى هولاوو فأكرمه وأعاد إليه حمص وولاه نيابة الشام مع كتبغا فلما قلع الله التتار راسل الملك المظفر من تدمر فأمنه وأقره على حمص فغسل هناته بيوم حمص وكسر التتار ونبل قدره وكان إذ حزم ودهاء وشجاعة وعقل
توفي بحمص في صفر فيقال إنه سقى وتسلم الظاهر بلده وحواصله
____________________
(5/270)
والجوكندار العزيز بن حسام الدين لاجين من أكبر أمراء دمشق كان محبا للفقراء موثرا لراحتهم يجمعهم على السماعات والسماطات التي يضرب بها المثل ويخدمهم بنفسه
توفي في المحرم كهلا
والرشيد العطار الحافظ أبو الحسين يحيى بن على بن عبد الله بن على بن مفرج القرشي الأموى النابلسي ثم المصري المالكى ولد سنة أربع وثمانين وسمع من البوصيرى وإسماعيل بن ياسين والكبار فأكثر وأطاب وجمع المعجم وحصل الأصول وتقدم في الحديث وولى مشيخة الكاملية ست سنين
توفي في ثاني جمادى الأولى
والقبارى أبو القاسم بن منصور الإسكندراني الزاهد كان صالحا قانتا مخلصا منقطع القرين في الورع كان له بستان يعمله ويتبلغ منه وله ترجمة مفردة جمعها ناصر الدين ابن المنير
توفي في سادس شعبان
____________________
(5/271)
سنة ثلاث وستين وست مئة
663 فيها كانت ملحمة عظمى بالأندلس التقى الفنش لعنه الله وأبو عبد الله ابن الأحمر غير مرة ثم انهزمت الملاعين وأسر الفنش ثم أفلت وحشد وجيش ونازل أغرناطة فخرج ابن الأحمر وكسرهم وأسر منهم عشرة آلاف وقتل المسلمون فوق الأربعين ألفا وجمعوا كوما هائلا من رؤوس الفرنج أذن عليه المسلمون واستعادوا عدة مدائن من الفرنج ولله الحمد
وفيها نازلت التتار البيرة فساق سم الموت والمحمدى وطائفة وكشفوهم عنها
وفيها قدم السلطان فحاصر قيسارية وافتتحها عنوة وعصت القلعة أياما ثم أخذت ثم نازل أرسوف وأخذها بالسيف في رجب ثم رجع فسلطن ولده الملك السعيد في شوال وركب بأبهة الملك وله خمس سنين ثم عمل طهوره بعد أيام
وفيها جرد بديار مصر أربعة حكام من المذاهب لأجل توقف تاج الدين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من القضايا فتعطلت الأمور فأشار بهذا جمال الدين أيدغدي العزيزى فأعجب السلطان وفعله في آخر السنة ثم فعل ذلك بدمشق
____________________
(5/272)
وفيها ابتدئ بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ففرغ في أربع سنين
وفيها حجب الخليفة الحاكم بقلعة الجبل
وفيها توفي المعين القرشي الذكوى المحدث المتقن أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز بن الحسن ابن القاضي الزكى على بن محمد بن يحيى كتب عن ابن صباح وابن اللتى وكريمة فأكثر وكتب الكثير
توفي فجأة في ربيع الأول
والزين خالد بن يوسف بن سعد الحافظ اللغوى أبو البقاء النابلسي 196 ب ثم الدمشقي ولد سنة خمس وثمانين وسمع من القاسم ومحمد بن الخصيب وابن طبرزد وببغداد من ابن الأخضر وطبقته وحصل الأصول وتقدم في الحديث وكان فهما يقظا حلو النوادر
توفي في سلخ جمادى الأولى
____________________
(5/273)
والنظام ابن البانياسي عبد الله بن يحيى بن الفضل بن الحسين سمع من الخشوعي وجماعة وكان دينا فاضلا
توفي في صفر
والنجيب فراس بن على بن زيد أبو العشائر الكناني العسقلاني ثم الدمشقي التاجر العدل روى عن الخشوعي والقاسم وجماعة
وابن مسدى الحافظ أبو بكر محمد بن يوسف الأزدى الغرناطي رى عن محمد بن عماد وجماعة كثيرة وجمع وصنف توفي بمكة في شوالها وقد خرج لنفسه معجما
وجمال الدين ابن يغمور الباروقي موسى ولد بالصعيد سنة تسع وستين وكان من جلة الأمراء ولى نيابة مصر ونيابة دمشق
توفي في شعبان
وبدر الدين السنجارى الشافعى قاض القضاة أبو المحاسن يوسف بن الحسن الزرارى صدر معظم وجواد ممدح ولى قضاء بعلبك وغيرها قبل الثلاثين ثم عاد إلى سنجار فنفق على الصالح نجم الدين فلما ملك الديار المصرية وفد عليه فولاه مصر والوجه القبلى ثم ولى قضاء القضاة بعد شرف الدين ابن عين الدولة وباشر الوزارة وكان له من الخيل والمماليك ما ليس لوزير مثله ولم يزل في إرتقاء إلى أوائل الدولة الظاهرية فعزل ولزم بيته
توفي في رجب وقيل كان يرتشي ويظلم
____________________
(5/274)
وأبو القاسم الحوارى الزاهد شيخ بلد السواد له أتباع ومريدون
توفي في ذي الحجة سنة أربع وستين وست مئة
664 فيها غزا الملك الظاهر وبث جيوشه بالسواحل فأغاروا على بلاد عكا وصور 197 آ وطرابلس وحصن الأكراد ثم نزل على صفد في ثامن رمضان وأخذت في أربعين يوما بخديعة ثم ضربت رقاب مئتين من فرسانهم وقد استشهد عليها خلق كثير
وفيها استباح المسلمون قارة وسبى منها ألف نفس وجعلت كنيستها جامعا
____________________
(5/275)
وفيها توفي الشيخ أحمد بن سالم المصرى النحوى نزيل دمشق فقير متزهد محقق للعربية اشتغل بالناصرية وبمقصورة الحنفية الحلبية مدة وتوفي في شوال
وابن شعيب الإمام جمال الدين أحمد بن عبيد الله بن شعيب التميمى الصقلى ثم الدمشقي المقرئ الأديب الذهبي ولد سنة تسعين وخمس مئة ولزم السخاوى مدة وأتقن القراءات وسمع من القاسم بن عساكر وطائفة وقرأ الكثير على السخاوى وطبقته
توفي في جمادى الأولى
وابن البرهان العدل الصدر رضي الدين إبراهيم بن عمر بن مضر بن فارس المضرى الواسطى البرزى التاجر السفار ولد سنة ثلاث وتسعين
توفي في حادى عشر رجب
____________________
(5/276)
وابن الدرجى الفقيه صفى الدين إسماعيل بن إبراهيم ابن يحيى بن علوان القرشي الدمشقي الحنفي ولد سنة اثنتين وسبعين وسمع من عبد الرحمان بن على الخرقى ومنصور الطبرى وطائفة
توفي في السادس والعشرين من ربيع الأول
وأيدغدى العزيزى الأمير الكبير جمال الدين كان متين الديانة من جلة الأمراء ومتميزيهم حبسه المعز مدة ثم أخرجوه نوبة عين جالوت وكان الملك الظاهر يحترمه ويتأدب معه جهزه في آخر السنة فأغار على بلاد سيس ثم خرج على صفد فتمرض
وتوفي ليلة عرفة بدمشق
وابن صصرى الصدر العدل 197 ب بهاء الدين الحسن بن سالم بن الحافظ أبي المواهب التغلبي الدمشقي أحد أكابر البلد روى عن ابن طبرزد وطائفة
توفي في صفر عن ست وستين سنة
وابن صصرى الصدر الرئيس شرف الدين عبد الرحمان ابن سالم أخو الذى قبله سمع من حنبل وابن طبرزد وولى المناصب الكبار ونظر الديوان ومات في شعبان عن تسع وستين سنة
____________________
(5/277)
والموقانى المحدث جمال الدين محمد بن عبد الجليل المقدسي نزيل دمشق سمع من أبي القاسم بن الحرستاني وخلق وعنى بالحديث والأدب وله مجاميع مفيدة
توفي في ذي القعدة وله أربع وسبعون سنة
وابن فار اللبن معين الدين أبو الفضل عبد الله بن محمد بن عبد الوارث الأنصاري المصري آخر من قرأ الشاطبية على مؤلفها قرأها عليه شيخنا البدر التادفى
وهولاكو بن قاآن بن جنكيزخان المغلى مقدم التتار وقائدهم إلى النار الذي أباد العباد والبلاد بعثه ابن عمه القان الكبير على جيش المغل فطوى الممالك وأخذ حصون الإسماعيلية وأذربيجان والروم والعراق والجزيرة والشام وكان ذا سطوة ومهابة وعقل وغور وحزم ودهاء وخبرة بالحروب وشجاعة ظاهرة وكرم مفرط ومحبة لعلوم الأوائل من غير أن
____________________
(5/278)
يفهمها مات على كفره في هذه السنة بعلة الصرع فإنه اعتراه منذ قتل الشهيد صاحب ميافارقين الملك محمد بن غازي حتى كان يصرع في اليوم مرة ومرتين وقيل مات في ربيع الآخر من العام الماضي بمراغة ونقلوه إلى قلعة تلا وبنوا عليه قبة وخلف سبعة عشر ابنا تملك عليهم ابنه ابغا وكان القان قد استناب هولاوو لا رحمه الله على خراسان وأذربيجان وما يفتحه سنة خمس وستين وست مئة
665 - 198 آ في أولها كبا الفرس بالملك الظاهر فانكسر فخذه وحصل له عرج منها
وفيها توفي خطيب القدس كمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد النابلسي الشافعي ولد سنة تسع وسبعين وخمس مئة وسمع بدمشق من القاسم بن عساكر وحنبل وكان صالحا متعبدا متزهدا
توفي بدمشق في ذي القعدة
____________________
(5/279)
وإسماعيل الكوراني القدوة الزاهد شيخ كبير القدر مقصود بالزيارة صاحب ورع وصدق وتفتيش عن دينه أدركه أجله بغزة في رجب
وبركة بن تولى بن جنكزخان المغلى سلطان مملكة القفجاق الذي أسلم وراسل الملك الظاهر وكذا ابن عمه هولاوو
وتوفي في عشر الستين وتملك بعده ابن أخيه منكوتمر
والقيمرى الأمير مقدم الجيوش ناصر الدين حسين ابن عزيز الذي أنشأ المدرسة بسوق الحريميين كان بطلا شجاعا رئيسا عادلا جوادا وهو الذي ملك دمشق للناصر
توفي مرابطا بالساحل في ربيع الأول
وأبو شامة العلامة المجتهد شهاب الدين أبو القاسم عبد الرحمان بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي ثم الدمشقي الشافعي المقرىء النحوي المؤرخ صاحب التصانيف ولد سنة تسع وتسعين وخمس مئة وقرأ القراءات سنة ست عشرة على البخاري وسمع من الشيخ الموفق وعبد الجليل بن مندويه وطائفة
وتوفي في تاسع عشر رمضان وكان متواضعا خيرا
____________________
(5/280)
وابن بنت الأعز قاضي القضاة تاج الدين أبو محمد عبد الوهاب بن خلف بن بدر العلامى المصري الشافعي صدر الديار المصرية ورئيسها كان ذا ذهن ثاقب وحدس صائب وعقل ونزاهة وتثبت في الأحكام روى عن جعفر الهمدانى وتوفي في السابع والعشرين من رجب
وابن القسطلانى 198 ب الشيخ تاج الدين علي بن الزاهد أبي العباس أحمد بن على القيسى المصري المالكي المفتي المعدل سمع بمكة من زاهر بن رستم ويونس الهاشمي وطائفة ودرس بمصر ثم ولى مشيخة الكاملية إلى أن توفي في سابع عشر شوال وله سبع وسبعون سنة
وأبو الحسن الدهان على بن موسى السعدي المصري المقرئ الزاهد ولد سنة سبع وتسعين وخمس مئة وقرأ القراءات على جعفر الهمدانى وغيره وتصدر بالفاضلية
توفي في رجب وكان ذا علم وعمل
____________________
(5/281)
وصاحب المغرب المرتضى أبو حفص عمر بن أبي إبراهيم القيسي المؤمنى ولى المك بعد ابن عمه المعتضد على وامتدت أيامه وكان مستضعفا وادعا فلما كان في المحرم من العام دخل ابن عمه أبو دبوس الملقب بالواثق بالله إدريس بن أبي عبد الله بن يوسف مراكش فهرب المرتضى فظفر به عامل للواثق وقتله بأمر الواثق في ربيع الآخر وأقام الواثق ثلاثة أعوام ثم قامت دولة بني مرين وزالت دولة آل عبد المؤمن
وابن خطيب بيت الآبار ضياء الدين أبو الطاهر يوسف بن يحيى الزبيدي
توفي يوم الجمعة يوم الأضحى وله أربع وثمانون سنة سمع من الجنزوى والخشوعى وناب في خطابة دمشق زمن العادل
ويوسف بن مكتوم بن أحمد القيسي شمس الدين والد المعمر صدر الدين
توفي في ربيع الأول عن إحدى وثمانين سنة وروى عن الخشوعي والقاسم وجماعة وقد روى عنه زكى الدين البرزالى مع تقدمه
____________________
(5/282)
سنة ست وستين وست مئة
666 في جمادى الأولى افتتح السلطان يافا بالسيف وقلعتها بالأمان ثم هدمها ثم حاصر الشقيف عشرة أيام وأخذها بالأمان ثم أغار على أعمال طرابلس وقطع أشجارها 199 آ وغور أنهارها ثم نزل تحت حصن الأكراد فخضعوا له فرحل إلى حماه ثم إلى فامية ثم ساق وبغت أنطاكية فأخذها في أربعة أيام وحصر من قتل بها فكانوا أكثر من أربعين ألفا ثم أخذ بغراس بالأمان
وفيها كانت الصعقة العظمى على الغوطة يوم ثالث نيسان إثر حوطة السلطان عليها ثم صالح أهلها على ست مئة ألف درهم فأضر الناس وباعوا بساتينهم بالهوان
وفيها توفي المجد ابن الحلوانية المحدث الجليل أبو العباس أحمد بن عبد الله بن المسلم بن حماد الأزدى الدمشقي التاجر ولد سنة أربع وست مئة وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني فمن بعده وكتب العالى والنازل ورحل إلى بغداد ومصر والاسكندرية وخرج المعجم
توفي في حادي عشر ربيع الأول
____________________
(5/283)
والشيخ العز خطيب الجبل أبو إسحاق إبراهيم ابن الخطيب شرف الدين عبد الله بن أبي عمر المقدسي الزاهد ولد سنة ست وست مئة وسمع من العماد والموفق والكندى وخلق وكان فقيها بصيرا بالمذهب صالحا عابدا مخلصا متينا صاحب أحوال وكرامات وأمر بالمعروف وقول بالحق
توفي في تاسع عشر ربيع الأول وقد جمع ابن الخباز سيرته في مجلد
والحبيس النصراني الكاتب ثم الراهب أقام بمغارة بجبل حلوان بقرب القاهرة فقيل إنه وقع بكنز الحاكم صاحب مصر فواسى منه الفقراء والمستورين من كل ملة واشتهر أمره وشاع ذكره وأنفق ثلاث سنين أموالا عظيمة وأحضره السلطان وتلطف به فأبى عليه أن يعرفه بجلية أمره وأخذ يراوغه ويغالطه فلما أعياه حنق عليه وسلط عليه العذاب فمات وقيل إن مبلغ ما وصل إلى بيت المال من طريقه في الأداء عن المصادرين في مدة سنتين ست مئة ألف دينار فضبط ذلك بقلم الصيارفة الذين كان يضع عندهم الذهب وقد أفتى غير واحد بقيله خوفا على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلهم ويغويهم
____________________
(5/284)
199 ب وصاحب الروم السلطان ركن الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان ابن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق بن دقاق السلجوقى كان هو وأبوه مقهورين مع التتار له الاسم ولهم التصرف فقتلوه في هذه السنة وله ثمان وعشرون سنة لأن البرواناه عمل عليه ونم عليه بأنه يكاتب الملك الظاهر فقتلوه خنقا وأظهروا أنه رماه فرسه ثم أجلسوا في الملك ولده غياث الدين كيخسرو وله عشر سنين سنة سبع وستين وست مئة
667 فيها نزل السلطان على خربة اللصوص ثم ركب وسار في البريد سرا إلى مصر فأشرف على ولده السعيد وكان قد استنابه بمصر ثم رد إلى الغربة وكانت الغيبة أحد عشر يوما أوهم فيها أنه متمرض بالمخيم
____________________
(5/285)
وفيها توفي إسماعيل بن عبد القوى بن غزون زين الدين أبو الطاهر الأنصاري المصري الشافعي سمع الكثير من البوصيرى وابن ياسين وطائفة وكان صالحا خيرا
توفي في المحرم
والروذراورى مجد الدين عبد المجيد بن أبي الفرج اللغوى نزيل دمشق كانت له حلقة اشتغال بالحائط الشمالى
توفي في صفر وكان فصيحا مفوها حفظة لأشعار العرب
وعلى بن وهب بن مطيع العلامة مجد الدين ابن دقيق العيد القشيرى المالكى شيخ أهل الصعيد ونزيل قوص وكان جامعا لفنون العلم موصوفا بالصلاح والتأله معظما في النفوس روى عن علي بن المفضل وغيره
وتوفي في المحرم عن ست وثمانين سنة
والأبيوردى الحافظ زين الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن أبي بكر الصوفي الشافعي سمع وهو ابن أربعين سنة من كريمة وابن قميرة فمن 200 آ بعدهما
____________________
(5/286)
حتى كتب عن أصحاب محمد بن عماد وشرع في المعجم وحرص وبالغ فما أفاق من الطلب إلا والميتة قد فجئته وكان ذا دين وورع
توفي بخانكاه سعيد السعداء في جمادى الأولى وله شعر
والتاج مظفر بن الكريم بن نجم الحنبلي الدمشقي مدرس مدرسة جدهم شرف الإسلام روى عن الخشوعى وحنبل ومات فجأة في صفر وله ثمان وسبعون سنة وكان مفتيا عارفا بالمذهب حسن المعرفة سنة ثمان وستين وست مئة
668 فيها تسلم الملك الظاهر حصون الإسماعيلة مصياف وغيرها وقرر على زعيمهم نجم الدين حسن بن الشعراني أن يحمل كل سنة مئة ألف وعشرين ألفا وولاه على اإسماعيلية
____________________
(5/287)
وفيها أبطلت الخمور بدمشق وقام في إعدامها الشيخ خضر شيخ السلطان قياما كليا وكبس دور النصارى واليهود حتى كتبوا على نفوسهم بعد القسامة أنه لم يبق عندهم منها شيء
وفيها توفي أحمد بن عبد الدائم بن نعمة مسند الشام زين الدين أبو العباس المقدسي الحنبلي الفقيه المحدث الناسخ ولد سنة خمس وسبعين وخمس مئة وأجاز له خطيب الموصل وعبد المنعم الفراوى وابن شاتيل وخلق وسمع من يحيى الثقفي وابن صدقة وأحمد بن الموازينى وعبد الرحمن الخرقي وجماعة وتفرد بالرواية عنهم في الدنيا ثم رحل إلى بغداد فسمع من ابن كليب وابن المعطوش وجماعة وقرأ بنفسه وكتب بخطه السريع المليح ما لا يدخل تحت الحصر وتفقه على الشيخ الموفق وخطب بكفربطنا مدة وكان فيه دين وتواضع ونباهة روى الحديث بضعا وخمسين سنة وانتهى إليه علو الإسناد
توفي في تاسع رجب
وأبو دبوس صاحب المغرب الواثق بالله أبو العلاء إدريس بن عبد الله المؤمنى جمع الجيوش 200 ب وتوثب على مراكش وقتل ابن عمه صاحبها أبا حفص وكان بطلا شجاعا مقداما مهيبا خرج عليه زعيم آل مرين يعقوب بن عبد الحق المرينى وتمت بينهما حروب إلى أن قتل أبو دبوس بظاهر مراكش في المصاف واستولى يعقوب على المغرب
____________________
(5/288)
والكرمانى الواعظ المعمر بدر الدين عمر بن محمد بن أبي سعد التاجر ولد بنيسابور سنة سبعين وسمع في الكهولة من القاسم بن الصفار وروى الكثير بدمشق وبها توفي في شعبان
ومحيى الدين قاضي القضاة أبو الفضل يحيى ابن قاضي القضاة محيى الدين أبي المعالى محمد ابن قاضي القضاة زكى الدين أبي الحسن على ابن قاضي القضاة منتجب الدين أبي المعالى القرشي الدمشقي الشافعي ولد سنة ست وتسعين وروى عن حنبل وابن طبرزد وتفقه على الفخر ابن عساكر وولى قضاء دمشق مرتين فلم تطل أيامه وكان صدرا معظما معرقا في القضاء له في ابن العربي عقيدة تتجاوز الوصف وكان شيعيا يفضل عليا على عثمان مع كونه ادعى نسبا إلى عثمان وهو القائل
____________________
(5/289)
( أدين بما دان الوصى ولا أرى % سواه وإن كانت أميه محتدى )
( ولو شهدت صفين خيلى لأعذرت % وساء بني حرب هنالك مشهدى )
وسار إلى خدمة هولاوو فأكرمه وولاه قضاء الشام وخلع عليه خلعة سوداء مذهبة فلما تملك الملك الظاهر أبعده إلى مصر وألزمه بالمقام بها
توفي بمصر في رابع عشر رجب سنة تسع وستين وست مئة
669 في شعبان افتتح السلطان حصن الأكراد بالسيف ثم نازل حصن عكار وأخذه بالأمان فتذلل له صاحب طرابلس وبذل له ما أراد وهادنه عشر سنين
وفي شوال جاء بدمشق سيل عرم وقت أول دخول المشمش وذلك بالنهار والشمس طالعة 201 آ فغلقت أبواب البلد وطغى الماء وارتفع وأخذ البيوت والجمال والأموال وارتفع عند باب الفرج ثمانية أذرع حتى طلع الماء فوق أسطحة عديدة وضج الخلق وابتهلوا إلى الله وكان وقتا مشهودا أشرف الناس فيه على التلف ولو ارتفع ذراعا آخر لغرق نصف دمشق
____________________
(5/290)
وفيها توفي ابن البارزى قاضي حماة شمس الدين إبراهيم بن المسلم بن هبة الله الحموى الشافعي توفي في شعبان عن تسع وثمانين سنة وكان ذا علم ودين تفقه بدمشق بالفخر ابن عساكر وأعاد له ودرس بالرواحية ثم تحول إلى حماة ودرس وأفتى وصنف
والشيخ حسن بن أبي عبد الله بن صدقة الأزدى الصقلي المقرئ الرجل الصالح قرأ القراءات على السخاوى وسمع الكثير وأجاز له المؤيد الطوسى وتوفي في ربيع الآخر وكان صالحا ورعا مخلصا متقللا من الدنيا منقطع القرين عاش تسعا وسبعين سنة رحمه الله
وابن سبعين الشيخ قطب الدين عبد الحق بن إبراهيم ابن محمد بن نصر المرسى الصوفي كان من زهاد الفلاسفة
____________________
(5/291)
من القائلين بوحدة الوجود له تصانيف وأتباع يقدمهم يوم القيامة
توفي بمكة في شوال كهلا
وابو الحسن بن عصفور الأشبيلى النحوى صاحب التصانيف
والمجد ابن عساكر محمد بن إسماعيل بن عثمان ابن مظفر بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي العدل سمع من الخشوعي والقاسم وجماعة
توفي في ذي القعدة سنة سبعين وست مئة
670 فيها سار السلطان إلى دمشق فعزل عنها النجيبي وأمر عليها عز الدين أيدمر مملوكه 201 ب
وفي رمضان حولت التتار من تبقى من أهل حران إلى الشرق وخرجت ودثرت بالكلية
وفيها توفي أحمد ابن قاضي الديار المصرية زين الدين على بن العلامة أبي المحاسن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي ثم المصري معين الدين ولد سنة ست وثمانين وخمس مئة وسمع من البوصيرى وابن ياسين وطائفة
توفي في رجب
____________________
(5/292)
والكمال سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد الإربلي الشافعي المفتى أبو الفضائل صاحب ابن الصلاح
توفي في جمادى الآخرة وعليه كان مدار الفتيا بدمشق في وقته ولم يكن معه غير إعادة الباذرائية تفقه به جماعة ومات في عشر السبعين أو نيف عليها
والجمال البغدادى عبد الرحمان بن سعيد الحراني الحنبلي المفتي نزيل دمشق ولد سنة خمس وثمانين وخمس مئة وروى عن حنبل وحماد الحراني وطائفة
توفي في شعبان
وابن يونس العلامة الكبير عماد الدين محمد بن يونس بن منعة الموصلى الشافعي مصنف التعجيز
توفي ببغداد وله اثنتان وسبعون سنة
وعبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم بن سعد المقدسي أبو محمد الصحراوى روى عن الخشوعى ومحمد بن الخصيب
توفي في رمضان عن ثمانين سنة
____________________
(5/293)
وابن صصرى القاضي الرئيس عماد الدين محمد بن سالم ابن الحافظ أبي المواهب التغلبي الدمشقي والد قاضي القضاة نجم الدين ولد بعد الست مئة وسمع من الكندى وجماعة وكان كامل السؤدد متين الديانة وافر الحرمة
توفي في العشرين من ذي القعدة عن سبعين سنة
والوجيه ابن سويد التكريتى محمد بن علي بن أبي طالب التاجر كان واسع الأموال والمتجر عظيم الحرمة مسوط اليد في الدولة الناصرية والظاهرية
توفي في ذي القعدة عن نيف وستين سنة ولم يرو شيئا
202 آ وأبو بكر النشبي محمد بن المحدث على بن المظفر بن القاسم الدمشقي ولد في المحرم سنة إحدى وتسعين وسمع من الخشوعي وطائفة كبيرة توقف بعض المحدثين في السماع منه لأنه كان جنا ئزايا
____________________
(5/294)
سنة إحدى وسبعين وست مئة
671 فيها وصلت التتار إلى حافة الفرات ونازلوا البيرة وكان السلطان بدمشق فأسرع السير وأمر الأمراء بخوض الفرات فخاض سيف الدين قلاوون وبيسرى والسلطان أولا ثم تبعهم العسكر ووقعوا على التتار فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا مئتين
وفيها توفي أبو البركات أحمد بن عبد الله بن محمد الأنصارى المالكى الإسكندراني ابن النحاس سمع من عبد الرحمان بن موقا وغيره توفي في جمادى الأولى
واحمد بن هبة الله بن أحمد السلمى الكهفى روى عن ابن طبرزد وغيره
توفي في رجب
وعبد الهادي بن عبد الكريم على أبو الفتح القيسي المصرى المقرئ الشافعي خطيب جامع المقياس ولد سنة سبع وخمسين وخمس مئة وقرأ القراءات بالسبعة على أبي الجود وسمع من قاسم بن إبراهيم المقدسي وجماعة وأجاز له أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمى وأبو الطاهر بن عوف وجماعة تفرد بالرواية عنهم وكان صالحا كثير التلاوة
____________________
(5/295)
وابن هامل المحدث العالم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم بن عمار بن هامل الحراني أحد من عنى بالحديث وكتب العالى والنازل روى عن أصحاب أبي الوقت والسلفى
توفي في ثامن رمضان
وصاحب صهيون سيف الدين محمد بن مظفر الدين عثمان بن منكورس بن خمرتكين ملك صهيون وبرزية بعد أبيه اثنتي عشرة سنة ومات بصهيون في عشر السبعين وملك بعده ولده سابق الدين ثم جاء إلى خدمة الملك الظاهر مختارا غير مكره 202 ب فسلم الحصن إليه فأعطاه امرة وأعطى أقاربه أخبازا
وخطيب بيت الآبار موفق الدين محمد بن عمر ابن يوسف حدث عن حنبل وابن طبرزد ومات في صفر وله ست وسبعون سنة
____________________
(5/296)
والشرف ابن النابلسي الحافظ أبو المظفر يوسف بن الحسن بن بدر الدمشقي ولد بعد الست مئة وسمع من ابن البن وطبقته وفي الرحلة من عبد السلام الداهرى وعمر بن كرم وطبقتهما وكتب الحديث الكثير وكان فهما يقظا حسن الحفظ مليح النظم ولى مشيخة دار الحديث النورية وتوفي في حادى عشر المحرم سنة اثنتين وسبعين وست مئة
672 فيها توفي الكمال المحلى أحمد بن علي الضرير شيخ القراء بالقاهرة انتفع به جماعة ومات في ربيع الآخر عن إحدى وخمسين سنة
والمؤيد ابن القلانسى رئيس دمشق أبو المعالى اسعد ابن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد التميمى سمع من ابن طبرزد وحدث بمصر ودمشق
توفي في المحرم
والأتابك الأمير الكبير فارس الدين أقطاى الصالحى المستعرب توفي في جمادى الأولى بمصر وقد شارف السبعين أمره استاذه الملك الصالح ثم ولى نيابة السلطنة للمظفر قطز ولما قتل قطز قام مع الملك الظاهر وسلطنه في الوقت وكان من رجال العالم حزما ورأيا وعقلا ومهابة وناب مدة للملك الظاهر ثم قدم عليه بيلبك الخزندار ثم اعتراه طرف جذام فلزم بيته
____________________
(5/297)
والنجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم بن الصيقل أبو الفرج الحرانى الحنبلي التاجر مسند الديار المصرية ولد بحران سنة سبع وثمانين ورحل به أبوه فاسمعه الكثير من ابن كليب وابن المعطوش وابن الجوزي وابن أبي المجد وولى مشيخة دار الحديث الكاملية وتوفي في أول صفر وله خمس وثمانون سنة
203 آ وعلى بن عبد الكافي الحافظ الإمام نجم الدين والد المفتي الخطيب جمال الدين الربعي الدمشقي أحد من عنى بالحديث مع الذكاء المفرط عاش وما تقدمه أحد في الفقه والحديث بل توفي في ربيع الآخر ولم يبلغ الثلاثين
والكمال التفليسى أبو الفتح عمر بن بندار بن عمر الشافعي القاضي
توفي في ربيع الأول بالقاهرة وله
____________________
(5/298)
سبعون سنة درس وأفتى وبرع في الأصول والكلام وناب في الحكم بدمشق مدة فلما غلب هولاوو على الشام بعث له تقليدا بالقضاء فحكم أياما وبالغ في الذب والإحسان فلما جاء ابن الزكى بالقضاء ولاه قضاء حلب ونواحيها فتوجه إليها تلك الأيام ثم ألزم بسكنى مصر فاشتغل عليه أهلها
وابن أبي اليسر مسند الشام تقي الدين أبو محمد إسماعيل ابن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله التنوخى الكاتب المنشىء ولد سنة تسع وثمانين وروى الكثير عن الخشوعى فمن بعده وتوفي في السادس والعشرين من صفر وله شعر جيد وبلاغة وفيه خير وعدالة
وابن علاق أبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد بن محمد ابن علاق الأنصاري المصري الرزاز المعروف بابن الحجاج سمع البوصيرى وإسماعيل بن ياسين وكان آخر من حدث عنهما
توفي في أول ربيع الأول وله ست وثمانون سنة
والكمال ابن عبد المسند الثقة أبو نصر عبد العزيز بن عبد المنعم ابن الفقيه أبي البركات الخضر ابن شبل الحارثي الدمشقي ولد سنة تسع وثمانين وسمع من الخشوعي والقاسم وعبد اللطيف بن أبي سعد توفي في ثاني شعبان
____________________
(5/299)
وابن مالك العلامة حجة العرب جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الجيانى النحوى اللغوى صاحب التصانيف وواحد العصر في علم اللسان روى عن ابن . والسخاوى وتوفي بدمشق في ثاني عشر شعبان وهو في عشر الثمانين
203 ب والشاطبي الزاهد نزيل الإسكندرية أبو عبد الله محمد بن سليمان المعافري كان أحد المشهورين بالعبادة والتأله يقصد بالزيارة ويتبرك بلقائه عاش بضعا وثمانين سنة
وخواجا نصير الطوسى أبو عبد الله محمد بن محمد ابن حسن مات في ذي الحجة ببغداد وقد نيف على الثمانين وكان رأسا في علم الأوائل ذا منزلة من هولاوو
ويحيى ابن الناصح عبد الرحمان نجم بن الحنبلي الأنصاري سيف الدين سمع حضورا من الخشوعى وبه ختم حديثه وسمع من حنبل وجماعة
توفي في ثاني عشر شوال
____________________
(5/300)
سنة ثلاث وسبعين وست مئة
673 في رمضان غزا السلطان بلاد سيس فملك المصيصة وأذنه واباس ورجع الجيش بسبى عظيم وغنائم لا تحصى
وفيها توفي قاضي القضاة شمس الدين عبد الله ابن محمد بن عطاء الأذرعى الحنفي وكان المشار إليه في مذهبه مع الدين والصيانة والتواضع والتعفف اشتغل عليه جماعة وروى عن ابن طبرزد وغيره ومات في جمادى الأولى وقد قارب الثمانين
وعمر بن يعقوب بن عثمان تقي الدين الإربلى الصوفي روى بالإجازة عن المؤيد وزينب وجماعة وسمع الكثير توفي يوم الأضحى
ومنصور بن سليم بن منصور بن فتوح المحدث
____________________
(5/301)
الحافظ وجيه الدين ابن العمادية الهمدانى الإسكندراني ولد سنة سبع وست مئة وسمع الكثير من أصحاب السلفى ورحل إلى الشام والعراق وكان يفهم كثيرا من هذا الشأن خرج تاريخا للإسكندرية وأربعين حديثا بلدية ودرس وولى حسبة بلده
توفي في شوال سنة أربع وسبعين وست مئة
674 فيها توفي شيخ الأدب التاج الصرخدى محمود ابن عابد التميمى الحنفي الشاعر المحسن وكان قانعا زاهدا معمرا
204 آ ومحمد بن مهلهل بن بدران سعد الدين أبو الفضل الأنصاري الجنبي سمع الأرتاحي والحافظ عبد الغني وتوفي في ربيع الأول
والمكين الحصنى المحدث أبو الحسن بن عبد العظيم ابن أبي الحسن بن أحمد المصرى ولد سنة ست مئة وسمع الكثير وكتب وقرأ وتعب وبالغ واجتهد وما أبقى ممكنا وكان فاضلا جيد القراءة متميزا
توفي في تاسع عشر رجب
____________________
(5/302)
وأبو الفتح عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمان بن مكى بن إسماعيل بن عوف الزهرى العوفي الإسكندراني آخر أصحاب عبد الرحمان بن موقا وفاة
وسعد الدين شيخ الشيوخ الخضر ابن شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله ابن شيخ الشيوخ أبي الفتح عمر بن على ابن القدوة الزاهد محمد بن حمويه الجوينى ثم الدمشقي عمل للجندية مدة ثم لزم الخانقاه وله تاريخ مفيد وشعر متوسط سمع من ابن طبرزد وجماعة وأجاز له ابن كليب والكبار
توفي في ذي الحجة وقد نيف على الثمانين
وظهير الدين أبو الثناء محمود بن عبيد الله الزنجانى الشافعي المفتى أحد مشايخ الصوفية كان إمام التقوية وغالب نهاره بها صحب الشيخ شهاب الدين السهروردى وروى عنه وعن أبي المعالي صاعد
توفي في رمضان وله سبع وسبعون سنة
____________________
(5/303)
سنة خمس وسبعين وست مئة
675 فيها كاتب أمراء الروم الملك الظاهر وقووا عزمه على أخذ الروم فسار بجيشه وقطع الدربند ثم وقع صاحب مقدمته سنقر الأشقر على ثلاثة آلاف من التتار فهزمهم وأسر منهم وأشرف الجيش من الجبال على صحراء البلستين فإذا بالتتار قد تعبئوا أحد عشر طلبا الطلب ألف فارس فلما التقى الجمعان حملت ميسرتهم فصدموا سناجق السلطان وخرقوا وعطفوا على ميمنة السلطان فرد فيها بنفسه 204 ب ثم حمل بها حملة صادقة فترجلت التتار وقاتلوا أشد قتال فأخذتهم السيوف وأحاطت بهم العساكر المحمدية حتى قتل أكثرهم وقتل من الأمراء عز الدين أخو المحمدى وضياء الدين [ محمود ] بن الخطير الرومى الذي كان قد سار إلى خدمة السلطان منذ أشهر وشرف الدين قيران العلائى وسيف الدين قفجق الششنكير وعز الدين أيبك الشقيفى
____________________
(5/304)
ثم سار الملك الظاهر يخترق مملكة الروم ونزل إليه ولاة القلاع وأطاعوه ونزل إليه سنقر الأشقر ليطمن الرعية وليخرج سوقا ثم وصل قيصرية الروم في اثناء ذي القعدة فتلقاه أعيانها وترجلوا ودخلها وجلس على سرير ملكها وصلى الجمعة بجامعها ثم بلغه أن البرواناه يحث أبغا على المجىء ليدرك السلطان فرحل عنها لذلك وللغلاء وقطع الدربند فجرى بعده بالروم خبطة ومحنة عظيمة فقصدهم أبغا وقال أنتم باغى علينا ولم يقبل لهم عذرا وبذل السيف فيقال إنهم قتلوا من أهل الروم ما يزيد على مائتي ألف نفس فإنا لله وإنا إليه راجعون
وفيها توفي الشيخ قطب الدين أبو المعالى أحمد بن عبد السلام ابن المطهر بن أبي سعد بن أبي عصرون التميمى الشافعى مدرس الأمينية والعصرونية بدمشق ولد سنة اثنتين وتسعين وختم القرآن سنة تسع وتسعين وأجاز له ابن كليب وطائفة وسمع ابن طبرزد والكندى
توفي في جمادى الآخرة بحلب
____________________
(5/305)
وابن الفويره بدر الدين محمد بن عبد الرحمان ابن محمد السلمى الدمشقي الحنفي أحد الأذكياء الموصوفين درس وأفتى وبرع في الفقه والأصول والعربية ونظم الشعر الرائق
وتوفي في جمادى الأولى قبل الكهولة
والشمس محمد بن عبد الوهاب الحرانى الحنبلي كان بارعا في المذهب والأصول والخلاف وله حلقة اشتغال بدمشق وكان موصوفا بجودة 205 آ المناظرة والتحقيق والذكاء
توفي في جمادى الأولى
وصاحب تونس أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الواحد الهنتاتى وله نيف وخمسون سنة كان ملكا سائسا عالي الهمة شديد البأس جوادا ممدحا تزف إليه كل ليلة جارية تملك تونس سنة سبع وأربعين بعد أبيه ثم قتل عميه وقتل جماعة من الخوارج عليه وتوطد له الملك
توفي في أواخر العام
والشهاب التلعفرى صاحب الديوان المشهور محمد ابن يوسف بن مسعود بن بركة الشيباني الأديب مدح الملوك والكبراء وسار شعره
توفي في شوال عن اثنتين وثمانين سنة
____________________
(5/306)
سنة ست وسبعين وست مئة
676 في أولها ولى مملكة تونس أبو زكريا يحيى بن محمد بعد أبيه
وفي سابع محرم قدم السلطان فنزل بجوسقه الأبلق ثم مرض يوم نصف المحرم وتوفي بعد ثلاثة عشر يوما فأخفى موته وسار نائبه بيليك بمحفة يوهم أن السلطان فيها مريض إلى أن دخل مصر بالجيش وأظهر موته وعمل العزاء وحلفت الأمراء للملك السعيد
وفيها توفي الكمال ابن فارس أبو إسحاق إبراهيم ابن الوزير نجيب الدين أحمد بن إسماعيل بن فارس التميمى آخر من قرأ بالروايات على الكندى ولد في سنة ست وتسعين وخمس مئة
وتوفي في صفر وكان فيه خير وتدين ترك بعض الناس الأخذ عنه لتوليه نظر بيت المال
والمحمدى جمال الدين أقش الصالحى النجمى
والدمياطى عز الدين أيبك الصالحى قبض عليهما
____________________
(5/307)
الملك الظاهر مدة مع الرشيدى ثم أطلقهما وكانا من كبراء الأمراء الشجعان
والسلطان الكبير الملك الظاهر 205 ب ركن الدين أبو الفتوح بيبرس التركى البندقدارى ثم الصالحى النجمى صاحب مصر والشام ولد في حدود العشرين وست مئة اشتراه الأمير علاء الدين البندقدار الصالحى فقبض الملك الصالح على البندقدار وأخذ ركن الدين فكان من جملة مماليكه ثم طلع ركن الدين شجاعا فارسا مقداما إلى أن شهر أمره وبعد صيته وشهد وقعة المنصورة بدمياط ثم كان أميرا في الدولة المعزية وتنقلت به الأحوال وصار من أعيان البحرية وولى السلطنة في سابع عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وكان ملكا سريا غازيا مجاهدا مؤيدا عظيم الهيبة خليقا للملك يضرب بشجاعته المثل له أيام بيض في الإسلام وفتوحات مشهورة ومواقف مشهورة ولولا ظلمة وجبروته في بعض الأحايين لعد من الملوك العادلين انتقل إلى عفو الله ومغفرته يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم بقصره بدمشق وخلف من الأولاد الملك السعيد محمدا والخضر وسلامش وسبع بنات ودفن بتربته التي أنشأها ابنه
____________________
(5/308)
وبيليك الخزندار الظاهري نائب سلطنة مولاه كان نبيلا عالى الهمة وافر العقل محببا إلى الناس ينطوى على دين ومروءة ومحبة للعلماء والصلحاء ونظر في العلم والتواريخ رقاه أستاذه إلى أعلى الرتب واعتمد عليه في مهماته قيل أن شمس الدين الفارقاني الذي ولى نيابة السلطنة سقاه السم باتفاق مع الملك السعيد فأخذه قولنج عظيم وبقي به أياما
وتوفي بمصر في سابع ربيع الأول
والشيخ خضر بن أبي بكر المهرانى العدوى شيخ الملك الظاهر كان له حال وكشف ونفس مؤثرة مع سفه فيه ومرد له ومزاح تغير عليه السلطان بعد شدة خضوعه له وانقياده لإرادته وعقد له مجلسا وأحضر من حاققه ونسب إليه 206 آ أمورا لا تصدر من مسلم وأشاروا بقتله فقال للسلطان أنا بينى وبينك في الموت شيء يسير فوجم لها السلطان وحبسه في سنة إحدى وسبعين إلى أن مات في سادس المحرم ودفن بزاويته بالحسينية
____________________
(5/309)
وزكى بن الحسن البيلقانى أبو أحمد الشافعى فقيه بارع مناظر متقدم في الأصلين والكلام أخذ عن فخر الدين الرازى وسمع من المؤيد الطوسى وكان صاحب ثروة وتجارة عمر دهرا وسكن اليمن وتوفي بعدن
والبرواناه الصاحب معين الدين سليمان بن على وزر أبوه لصاحب الروم علاء الدين كيقباذ ولولده كيخسرو فلما مات ولى الوزارة بعده معين الدين هذا سنة بضع وأربعين فلما غلبت التتار على الروم ساس الأمور وصانع التتار وتمكن من الممالك بقوى إقدامه وقوة دهائه امتدت أيامه إلى أن دخل المسلمون وحكموا على مملكة الروم ونسب إلى البرواناه مكاتبتهم فقتله أبغا في المحرم
____________________
(5/310)
والشيخ عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش أبو أحمد البغدادى الحنبلى الرجل الصالح مقرئ العراق ولد سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة وقرأ القراءات على الفخر الموصلى وسمع من عبد العزيز بن الناقد وطائفة وأجاز له ابن الجوزى تلمذ له خلق كثير
وتوفي في ربيع الأول
والواعظ نجم الدين على بن على بن أسفنديار البغدادى ولد سنة ست وخمسين وست مئة وسمع من ابن اللتى والحسين بن رئيس الرؤساء وعظ بدمشق وازدحم عليه الخلق وانتهت إليه رئاسة الوعظ لحسن إيراده ولطف شمائله وبهجة مجالسه
توفي في رجب
والشيخ شمس الدين ابن العماد المقدسى الحنبلى قاضي القضاة أبو بكر محمد بن 206 ب إبراهيم ولد في سنة ثلاث وست مئة وسمع من الكندى وطبقته وحضر ابن طبرزد ورحل فسمع ببغداد من الفتح بن عبد السلام وطائفة وسكنها وجاءته الأولاد فأسمعهم من الكاشغرى ثم تحول وسكن مصر وكان شيخ الإقليم في مذهبه علما وديانة وصلاحا ورئاسة حبس سنة سبعين وعزل لغير جرم ثم أطلق بعد سنتين ولزم بيته يفتى ويشتغل ويدرس
توفي في المحرم
____________________
(5/311)
والشيخ يحيى المنيحى المقرئ المتصدر بجامع دمشق لقن خلقا كثيرا وتوفي في المحرم وكان من أصحاب أبي عبد الله الفاسي
والشيخ محيى الدين النواوى شيخ الإسلام أبو زكريا يحيى بن شرف بن مرى بن حسن الشافعي ولد سنة إحدى وثلاثين وست مئة وقدم دمشق ليشتغل فنزل بالرواحية وحفظ التنبيه في سنة خمس وحج مع أبيه سنة إحدى وخمسين ولزم الإشتغال ليلا ونهارا نحو عشر سنين حتى فاق الأقران وتقدم على جميع الطلبة وحاز قصب السبق في العلم والعمل ثم أخذ في التصنيف من حدود الستين وست مئة وإلى أن مات وسمع الكثير من الرضى بن البرهان والزين خالد وشيخ الشيوخ عبد العزيز الحموى وأقرانهم وكان مع تبحره في العلم وسعة معرفته بالحديث والفقه واللغة وغير ذلك بما قد سارت به الركبان رأسا في الزهد قدوة
____________________
(5/312)
في الورع عديم المثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قانعا باليسير راضيا عن الله والله عنه راض مقتصدا إلى الغاية في ملبسه ومطعمه وإنائه تعلوه سكينة وهيبة فالله يرحمه ويسكنه الجنة بمنه ولى مشيخة دار الحديث بعد الشيخ شهاب أبي شامة وكان لا يتناول من معلومها شيئا بل يتقنع بالقليل مما يبعث به إليه أبوه توفي في الرابع والعشرين من رجب بقرية نوى عند أهله 207 آ سنة سبع وسبعين وست مئة
677 في ذي الحجة قدم الملك السعيد وعملت القباب ودخل القلعة يوم خامس الشهر فأسقط ما وظفه أبوه على الأمراء فسر الناس ودعوا له
وفيها توفي الشهاب ابن الجزرى المحدث أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى الأنصارى الدمشقي وله أربع وستون سنة روى عن ابن اللتى وابن المقير وطبقتهما وكتب الكثير ورحل إلى ابن خليل فأكثر عنه وكان يقرأ الحديث على كرسى بالحائط الشمالي
توفي في جمادى الآخرة
____________________
(5/313)
والفارقانى شمس الدين أقسنقر الظاهرى أستاذ دار الملك الظاهر جعله الملك السعيد نائبه فلم يرض خاصة السعيد بذلك ووثبوا على الفارقانى واعتقلوه فلم يقدر السعيد على مخالفتهم فقيل إنهم خنقوه في جمادى الأولى وكان وسيما جسيما شجاعا نبيلا له خبرة ورأى وفيه ديانة وإيثار وعليه مهابة ووقار مات في عشر الخمسين
والنجيبي جمال الدين أقوش الصالحى النجمى أستاذ دار الملك الصالح ولى أيضا للملك الظاهر الأستاذ دارية ثم نيابة دمشق تسعة أعوام وعزل بعز الدين أيدمر ثم بقى بالقاهرة مدة بطالا ولحقه فالج قبل موته بأربع سنين وكان محبا للعلماء كثير الصدقة لديه فضيلة وخبرة عاش بضعا وستين سنة
توفي في ربيع الآخر له بدمشق خانقاه وخان ومدرسة ولم يخلف ولدا
____________________
(5/314)
والصدر سليمان بن أبي العز بن وهيب الأذرعي ثم الدمشقي شيخ الحنفية قاضي القضاة أبو الفضل أحد من انتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه وبقية أصحاب الشيخ جمال الدين الحصيرى درس بمصر مدة ثم قدم دمشق فاتفق موت القاضي مجد الدين ابن العديم فتقلد بعده القضاء فبقي ثلاثة أشهر وتوفي في شعبان عن ثلاث وثمانين سنة وولى بعده القاضي حسام الدين الرومى
207 ب وابن العديم الصاحب قاضي القضاة مجد الدين أبوالمجد عبد الرحمان ابن الصاحب كمال الدين أبي القاسم عمر بن أحمد بن أبي جرادة العقيلي الحلبي الحنفي سمع حضورا من ثابت بن مشرف وسماعا من أبي محمد ابن الأستاذ وابن البن وخلق كثير وكان صدرا مهيبا وافر الحشمة عالي الرتبة عارفا بالمذهب والأدب تياها مبالغا في التجمل والترفع مع دين تام وتعبد وصيانة وتواضع للصالحين
توفي في ربيع الآخر عن أربع وستين سنة
وابن حنا الوزير الأوحد بهاء الدين على بن محمد بن
____________________
(5/315)
سليم المصري الكاتب أحد رجال الدهر حزما ورأيا وجلالة ونبلا وقياما بأعباء الأمور مع الدين والعفة والصفات المجيدة والأموال الكثيرة ابتلى بفقد ولديه الصدرين فخر الدين ومحيى الدين فصبر وتجلد
توفي في ذي القعدة وله أربع وسبعون سنة وكان من أفراد الوزراء
وابن الظهير العلامة مجد الدين أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر الإربلي الحنفي الأديب ولد سنة اثنتين وست مئة بإربل وسمع من السخاوى وطائفة بدمشق ومن الكاشغرى وغيره ببغداد ودرس بالقيمازية مدة له ديوان مشهور ونظم رائق مع الجلالة والديانة التامة توفي في ربيع الآخر
وابن إسرائيل الأديب البارع نجم الدين محمد بن سوار بن إسرائيل بن خضر بن إسرائيل الشيبانى الدمشقي الفقير صاحب الحريرى روح المشاهد وريحانة المجامع كان فقيرا ظريفا نظيفا لطيفا مليح النظم رائق المعاني لولا ما شانه بالإتحاد تصريحا مرة وتلويحا أخرى
توفي في رابع عشر ربيع الآخر عن أربع وسبعين سنة وشهر
____________________
(5/316)
ومحمد بن عربشاه بن أبي بكر بن أبي نصر المحدث ناصر الدين أبو عبد الله الهمذاني ثم الدمشقي روى عن ابن الزبيدى والمسلم المازنى وابن صباح وكتب الكثير وكان ثقة صحيح النقل توفي في جمادى الأولى 208 آ
ومؤمل بن محمد بن على أبو المرجا البالسى ثم الدمشقي روى عن الكندى والخضر بن كامل وجماعة
توفي في رجب سنة ثمان وسبعين وست مئة
678 في ربيع الأول اختلف خواص الملك السعيد عليه وخرج سيف الدين كوندك عن الطاعة وبايعه نحو أربع مئة من الظاهرية فعسكر بالقطيفة ينتظر رجعة الجيش الذين ساروا للإغارة على بلاد سيس
____________________
(5/317)
مع الأمير سيف الدين قلاوون فقدموا ونزل الكل بمرج عذرا وراسلوا السعيد وكان كوندك مائلا إلى البيسرى فاجتمع به وسيف الدين بن قلاوون وأفشوا نياتهم وخوفهم من صبيان استولوا على الملك السعيد فطلبوا منه أن يبعدهم عنه فامتنع عجزا وخوفا أيضا من بقائه وحيدا فرحل الجيش وشد على المرج إلى الكسوة وترددت الرسل فقلق السلطان واستمروا إلى مصر فسار وراءهم وبعث بخزائنه إلى الكرك ثم دخل قلعة القاهرة بعد مناوشة من حرب وقتل جماعة ثم حاصروه بالقلعة حتى ذل لهم وخلع نفسه من السلطنة وقنع بالكرك ورتبوا في السلطنة أخاه سلامش وله سبع سنين وجعلوا أتابكه سيف الدين قلاوون وضربت السكة باسميهما وبعث على نيابة الشام سنقر الأشقر فدخل في ثالث جمادى الآخرة
وفي الحادى والعشرين من رجب ترتب في السلطنة المولى الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي من غير نزاع ولا قتال وشيل من الوسط سلامش وحلف له بيسرى والحلبي ثم لم يختلف عليه اثنان وحلف له أمراء الشام
____________________
(5/318)
وفي أواخر ذي الحجة ركب سنقر الأشقر من دار السعادة بعد العصر وهجم على القلعة فملكها وحلفوا له ودقت البشائر في الحال ولقب 208 ب بالسلطان الملك الكامل شمس الدين سنقر الصالحى واستوزر مجد الدين ابن كسيرات ولم يحلف له ركن الدين الجالق فقبض عليه وقبض على نائب القلعة حسام الدين لاجين الذي تملك
وفيها توفي أبو العباس أحمد بن أبي الخير سلامة ابن إبراهيم الدمشقي الحداد ولد سنة تسع وثمانين وخمس مئة وكان أبوه إماما لحلقة الحنابلة
فمات وهذا صغير سمع سنة ست مئة من الكندي وأجاز له خليل الدارانى وابن كليب والبوصيرى وخلق وعمر وروى الكثير توفي يوم عاشوراء وكان خياطا ودلالا ثم قرر بالرباط الناصرى وأضر بآخرة وكان يحفظ القرآن
____________________
(5/319)
وشيخ الشيوخ شرف الدين أبو بكر عبد الله ابن شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله بن عمر بن حمويه الجوينى ثم الدمشقي الصوفي ولد سنة ثمان وست مئة وروى عن أبي القاسم بن صصرى وجماعة توفي في شوال
وابن الأوحد الفقيه شمس الدين عبد الله بن محمد ابن على القرشي الزبيرى روى عن الإفتخار الهاشمي وكتب بديوان المارستان النورى توفي في شوال أيضا وله خمس وسبعون سنة
والشيخ نجم الدين ابن الحكيم عبد الله بن محمد بن أبي الخير الحموى الصوفي الفقير كان له زاوية بحماة ومريدون وفيه تواضع وخدمة للفقراء وأخلاق حميدة صحب الشيخ إسماعيل الكورانى واتفق موته بدمشق فدفن عنده بمقابر الصوفية
____________________
(5/320)
والشيخ عبد السلام بن أحمد ابن الشيخ القدوة غانم بن علي المقدسي الواعظ أحد المبرزين في الوعظ والنظم والنثر توفي بالقاهرة في شوال
وفاطمة ابنة الملك المحسن أحمد ابن السلطان صلاح الدين ولدت سنة سبع وتسعين وسمعت من حنبل وابن طبرزد وست الكتبة
توفيت ببلاد حلب في بلد بزاعة
209 آ والسلطان الملك السعيد ناصر الدين أبو المعالي محمد ابن الملك الظاهر ولد في صفر سنة ثمان وخمسين بظاهر القاهرة وتملك بعد أبيه سنة ست في صفر وكان شابا مليحا كريما حسن الطباع فيه عدل ولين وإحسان ومحبة للخير خلعوه من الأمر كما ذكرنا فأقام بالكرك أشهرا ومات شبه الفجأة في نصف ذي القعدة بقلعة الكرك ثم نقل بعد سنة ونصف إلى تربة والده وتملك بعده الكرك أخوه خضر
وابن الصيرفي المفتى المعمر جمال الدين أبو زكريا يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح بن رافع الحرانى
____________________
(5/321)
الحنبلى ويعرف بابن الحبيشى سمع من عبد القادر الرهاوى بحران ومن ابن طبرزد ببغداد ومن الكندى بدمشق واشتغل على أبي بكر بن غنيمة وأبي البقاء العكبرى والشيخ الموفق وكان إماما عالما مفتنا صاحب عبادة وتهجد وصفات حميدة
توفي في رابع صفر سنة تسع وسبعين وست مئة
679 في صفر خرج الملك الكامل سنقر الأشقر فنزل على الجسورة وأنفق في العسكر واستخدم وحضر إليه عيسى بن مهنا وأحمد بن حجى بعرب الشام وجاء صاحب حماة وعسكر الأطراف وجاء من جهة السلطان الملك المنصور عسكر عليهم علم الدين الحلبي الكبير فالتقوا وقاتل سنقر الأشقر بنفسه وثبت لكن خامر عليه أكثر جموعه وخذلوه وبقى في طائفة قليلة فانصرف ولم يتبعه أحد وسلك الدرب الكبير إلى القطيفة ونزل المصريون في خيام الشاميين وحكم الحلبي بدمشق وسار ابن مهنا بسنقر
____________________
(5/322)
الأشقر إلى أرض الرحبة وباشر نيابة دمشق بكتوت العلائى أياما ثم جاء تقليد بها لحسام الدين لاجين المنصورى ووقع الصفح من السلطان 209 ب عن كل من قام مع سنقر الأشقر ثم توجه هو إلى صهيون فاستولى عليها وعلى برزيه وبلاطنس وعكار وشيزر وأعطى شيزر الحاج أزدمر الشهيد ثم بعد أيام وصلت التتار إلى حلب فعاثوا وبذلوا السيف بها ورموا النار في المدارس وأحرقوا منبر الجامع وأقاموا بالبلد يومين ثم استاقوا المواشي والغنائم
وفي آخر السنة سار السلطان إلى الشام غازيا فنزل قريبا من عكا فخضع له أهلها وراسلوه في الهدنة وجاء إلى خدمته عيسى بن مهنا فصفح عنه وأكرمه
وفيها التقى عبد الساتر بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي المقدسي الحنبلي في ثامن شعبان وقد نيف على السبعين تفقه على التقى ابن العز ومهر في المذهب وسمع من موسى بن عبد القادر والشيخ الموفق وعنى بالسنة وجمع فيها وناظر الخصوم وكفرهم وكان صاحب حزبية وتحرق على الأشعرية فرموه بالتجسيم ثم كان منابذا لأصحابه الحنابلة وفيه شراسة أخلاق مع صلاح ودين يابس
____________________
(5/323)
ومحمد بن إلياس الفقيه شمس الدين ابن البعلبكى الحنبلي صحب الشيخ الفقيه زمانا وسمع معه من الشيخ الموفق وابن البن وطائفة
توفي في رمضان ببعلبك وله إحدى وثمانون سنة
وابن النن الفقيه شمس الدين محمد بن عبد الله بن محمد البغدادى الشافعى في رجب بالإسكندرية وله ثمانون سنة سمع من عبد العزيز بن منينا وسليمان والموصلى وجماعة وكان ثقة متيقظا
والجزار الأديب جمال الدين أبو الحسين يحيى بن عبد العظيم المصري
توفي في شوال وله ست وسبعون سنة أو نحوها وشعره سائر مشهور
والشيخ يوسف الفقاعى 210 آ الزاهد ابن نجاح ابن موهوب توفي في شوال ودفن بزاويته بسفح قاسيون وقد نيف على الثمانين كان عبدا صالحا خائفا قانتا كبير القدر له أصحاب ومريدون
____________________
(5/324)
والفقيه المعمر أبو بكر بن هلال بن عباد الحنفى عماد الدين معيد الشبلية
توفي في رجب عن مئة وأربع سنين وقد سمع في الكهولة من أبي القاسم بن صصرى وغيره
والنجيب أبو القاسم بن حسين الحلي الرافضي الفقيه المتكلم شيخ الشيعة وعالمهم سكن حلب مدة فصفع بها لكونه سب الصحابة ثم سكن جزين إلى أن مات بها في نصف شعبان وله نيف وتسعون سنة وكان قد وقع في الهرم سنة ثمانين وست مئة
680 في المحرم قبض السلطان بأرض بيسان على سيف الدين كوندك وعدة أمراء فهرب أيتمش السعدى وسيف الدين الهارونى في ثلاث مئة فارس على حمية إلى عند سنقر الأشقر وأعدم كوندك ودخل السلطان دمشق وحمل
____________________
(5/325)
الجتر يومئذ البيسرى فبعث عسكرا حاصروا شيزر وأخذوها برضى سنقر الأشقر وصالح السلطان فأطلق له كفر طاب وأنطاكية وشغر وبكاس وغير ذلك على أن يقيم ست مئة فارس
وفي يوم الخميس رابع عشر رجب كانت وقعة حمص أقبل منكوتمر بن هولاوو بجيوش أخيه أبغا يطوى البلاد من ناحية حلب وسار السلطان بجيوشه وحضر سنقر الأشقر وإيتمش السعدى وأزدمر الحاج واستغاث الخلق والأطفال يوم الأربعاء وتضرعوا إلى الله وكان الملتقى شمالى تربة خالد بن الوليد وكان منكوتمر في مئة ألف والسلطان في خمسين ألفا أو دونها فحملت التتار واستظهروا واضطربت ميمنة الإسلام ثم انكسرت الميسرة مع طرف القلب وثبت السلطان بحلقته واستمر الحرب من أول النهار إلى اصفرار 210 ب الشمس وحملت الأبطال بين يدي السلطان عدة حملات وبين يومئذ فوارس الإسلام
____________________
(5/326)
الذين لم يخلفهم الوقت مثل سنقر الأشقر وبيسرى وطبرس الوزيرى وأيتمش السعدى وأمير سلاح الدين بكتاش والحاج إزدمر وحسام الدين طرنطاى وحسام الدين لاجين وعلم الدين الدوادارى وفتحت أبواب الجنة وبرزت الحور العين ونزل مدد الملائكة وصعد خالص الدعاء وطاب الموت في سبيل الله ففتح الله ونصر وولى العدو الملعون وانكسر وأصيب رأس الكفر منكوتمر بطعنة يقال أنها من يد الشهيد الحاج ازدمر وطلع من جهة الشرق عيسى بن مهنا عرضا فاستحكمت هزيمتهم وركب المسلمون اقفيتهم ولله الحمد
وفيها مات الشيخ موفق الدين الكواشى المفسر العلامة المقرئ المحقق الزاهد القدوة أبو العباس أحمد ابن يوسف بن حسن الشيباني الموصلى ولد بكواشة قلعة من نواحى الموصل سنة إحدى وتسعين وخمس مئة وبرع في القراءات والتفسير والعربية وسمع من ابن روزبة والسخاوى وكان منقطع القرين زهدا
____________________
(5/327)
وصلاحا وتبتلا وورعا له كشف وكرامات أضر قبل موته بعشر سنين
وتوفي في سابع عشر جمادى الآخرة
وجيعانه إبراهيم بن سعيد الشاغورى الموله مات في جمادى الأولى وكان من أبناء السبعين على قاعدة المولهين من عدم التقيد بصلاة أو صيام أو طهارة وللعامة فيه اعتقاد يتجاوز الوصف لما يرون من كشفه وكلامه على الخواطر وقد شاركه في ذلك الراهب والكاهن والمصروع فانتفت الولاية
وأبغا ملك التتار وابن ملكهم هولاكو بن قا آن بن جنكزخان مات بنواحى همذان بين العيدين وله نحو خمسين سنة
وأزدمر الحاج عز الدين الجمدار الذي ولى نيابة السلطنة بدمشق لسنقر الأشقر 211 آ كان عنده معرفة وفضيلة وعنده مكارم كثيرة استشهد على حمص مقبلا غير مدبر وله بضع وخمسون سنة
والكمال عبد الرحيم بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة أبو محمد المقدسى الصالحي الحنبلي الرجل الصالح سمع ابن طبرزد والكندى وعدة توفي في عاشر جمادى الأولى
____________________
(5/328)
والمجد ابن الخليل عبد العزيز بن الحسين الدارى المصرى والد الصاحب فخر الدين سمع من أبي الحسين ابن جبير الكنانى والفتح بن عبد السلام وطائفة وكان رئيسا دينا خيرا
توفي بدمشق في ربيع الآخر عن إحدى وثمانين سنة
وولى الدين الزاهد القدوة أبو الحسن على بن أحمد ابن بدر الجزرى الشافعي الفقيه نزيل بيت لهيا صاحب حال وكشف وعبادة وتبتل
توفي في شوال وقد قارب الستين
وعلى بن محمود بن حسن بن نبهان أبو الحسن الربعى المنجم الأديب عاش خمسا وثمانين سنة وروى عن ابن طبرزد والكندى تركه بعض العلماء لأجل التنجيم
وابن بنت الأعز قاضى القضاة صدر الدين عمر ابن
____________________
(5/329)
قاضى القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن خلف العلامى الشافعي المصري ولى قضاء الديار المصرية سنة ثمان وسبعين وعزل في رمضان سنة تسع وتوفي يوم عاشوراء
والأمين الإربلى أبو القاسم بن أبي بكر بن القاسم ابن غنيمة رحل مع أبيه وله بضع عشرة سنة فذكر وهو صدوق أنه سمع صحيح مسلم من المؤيد الطوسى رواه بدمشق وسمعة منه الكبار
توفي في جمادى الأولى وله خمس وثمانون سنة
وابن سني الدولة قاضى القضاة نجم الدين محمد ابن قاضى القضاة صدر الدين أحمد ابن قاضى القضاة شمس الدين يحيى الدمشقى الشافعى ولد سنة ست عشرة وست مئة وولى القضاء عقيب كسرة التتار بعين جالوت ثم عزل بعد سنة بابن خلكان ثم أسكن مصر 211 ب وصودر ثم ولى قضاء حلب وقد درس بالأمينية وغيرها وكان يعد من كبار الفقهاء العارفين بالمذهب مع الهيبة والتحرى حدث عن أبي القاسم بن صصرى وغيره
وتوفي في ثامن المحرم ودفن بقاسيون
____________________
(5/330)
وابن المجبر الكتبى شرف الدين محمد بن أحمد ابن إبراهيم القرشى الدمشقى ولد سنة عشر وسمع من أبي القاسم بن صصرى وطائفة ورحل وأكثر عن الأنجب الحمامى وطبقته وكتب الكثير وخطه مليح فيه سقم ولم يكن بثقة في نقله
توفي في ذي القعدة ولم يكن عليه أنس أهل الحديث الله يسامحه
وابن رزين قاضي القضاة شيخ الإسلام تقي الدين أبو عبد الله محمد بن الحسين بن رزين بن موسى العامرى الحموي الشافعي ولد سنة ثلاث وست مئة واشتغل من الصغر وحفظ التنبيه و الوسيط كله و المفصل كله و المستصفى وغير ذلك وبرع في الفقه والعربية والأصول وشارك في المنطق والكلام والحديث وفنون العلم
وأفتى وله ثمان عشرة سنة أخذ الفقه عن ابن الصلاح والقراءات عن السخاوى والعربية عن ابن يعيش وكان يفتى بدمشق في أيام ابن الصلاح ويؤم بدار الحديث ثم ولى الوكالة في أيام الناصر مع تدريس الشامية ثم تحول زمن هولاكو إلى مصر واشتغل ودرس بالظاهرية ثم ولى قضاء القضاة فلم يأخذ عليه رزقا تدينا وورعا تفقه به عدة أئمة وانتفعوا بعلمه وهديه وسمعته وورعه
توفي في ثالث رجب
____________________
(5/331)
والجمال ابن الصابونى الحافظ أبو حامد محمد ابن على بن محمود شيخ دار الحديث النورية ولد سنة أربع وست مئة وسمع من أبي القاسم ابن الحرستانى وخلق كثير وكتب العالى والنازل وبالغ وحصل الأصول وجمع وصنف اختلط قبل موته بسنة أو أكثر
وتوفي في نصف ذي القعدة
وابن أبي الدنية مسند العراق شهاب الدين أبو سعد محمد بن يعقوب 212 آ بن أبي الفرج البغدادى ولد سنة تسع وثمانين وسمع من أبي الفتح المندآئى وضياء ابن الخريف والكبار وأجاز له ذاكر بن كامل وابن كليب وولى مشيخة المستنصرية إلى أن توفي في ثامن عشر رجب
وابن علان القاضي الجليل شمس الدين أبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن مكي بن خلف القيسى الدمشقي الكاتب ولد سنة أربع وتسعين وسمع الكثير من حنبل وابن طبرزد وابن مندويه وطائفة وأجاز له الخشوعى وجماعة وكان من سروات الناس
توفي في ذي الحجة
____________________
(5/332)
والبدر يوسف بن لؤلؤ الشاعر المشهور من كبار شعراء الدولة الناصرية
توفي في شعبان وقد نيف على سبعين
والمزى الفقيه شمس الدين أبو بكر بن عمر بن يونس الحنفى روى البخاري عن ابن مندويه والعطار ومسلما عن ابن الحرستانى وعاش سبعا وثمانين سنة
توفي في شعبان سنة إحدى وثمانين وست مئة
681 في ليلة حادى عشر رمضان احترقت اللبادين وجميع أسواقها الفوقانية والتحتانية وقوا سيرها وكان منظرا مهولا ذهب للناس فيه من الأموال ما لا يوصف ولم يحترق فيه أحد وكان مبدأه من دكان أولاد عثمان الجابي وأعيد هذا أحسن ما كان عمارة مع الملازمة وكثرة الصناع في سنتين
____________________
(5/333)
وفيها توفي الأمين الأشترى الإمام أبو العباس أحمد ابن عبد الله بن محمد الشافعي الحلبي ولد سنة خمس عشرة وسمع من أبي محمد بن علوان والقزوينى وابن روزبة وطائفة وكان بصيرا بالمذهب ورعا صالحا كبير القدر
توفي بدمشق فجأة في ربيع الأول
وابن خلكان قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الإربلى الشافعي ولد سنة ثمان وست مئة وسمع البخارى من ابن مكرم وأجاز له المؤيد الطوسى وجماعة وتفقه بالموصل على الكمال بن 212 ب يونس وبالشام على ابن شداد ولقى كبار العلماء وبرع في الفضائل والآداب وسكن مصر مدة وناب في القضاء ثم ولى قضاء الشام عشر سنين وعزل بابن الصايغ سنة تسع وستين فأقام سبع سنين معزولا بمصر ثم رد إلى قضاء الشام وكان كريما جوادا سريا ذكيا أحوزيا أخباريا عارفا بأيام الناس
توفي في رجب
____________________
(5/334)
والبرهان الدرجى أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل ابن إبراهيم بن يحيى القرشي الدمشقى الحنفى إمام مدرسة الكشك روى عن الكندى وأبي الفتوح البكرى وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني وطائفة روى المعجم الكبير للطبراني
توفي في صفر
وابن المليحى مسند القراء بالديار المصرية فخر الدين أبو الطاهر إسماعيل بن هبة الله بن علي المقرئ المعدل ولد سنة بضع وثمانين وقرأ القراءات على أبي الجود وكان آخر من قرأ عليه وفاة وسمع الحديث من أبي عبد الله بن البناء وغيره
توفي في رمضان
والشيخ عبد الله كتيلة بن أبي بكر الحربى الفقير بقية شيوخ العراق كان صاحب أحوال وكرامات وله أتباع وأصحاب تفقه وسمع الحديث وصحب الشيخ أحمد المنذر مات في عشر الثمانين كان شيخنا شمس الدين الدماهى يحكى لنا عنه عجائب وكرامات
والشيخ زين الدين الزواوى الإمام أبو محمد
____________________
(5/335)
عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس المالكى القاضى المقرئ شيخ المقرئين ولد ببجاية سنة تسع وثمانين وقرأ القراءات بالإسكندرية على ابن عيسى وبدمشق على السخاوى وبرع في الفقه وعلوم القرآن والزهد والإخلاص ولى مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح اثنتين وعشرين سنة وقرأ عليه عدد كبير وولى رفيقه القضاء تسعة أعوام ثم عزل نفسه يوم موت القاضي شمس الدين بن عطاء واستمر على التدريس والإقراء
توفي في رجب
والبرهان المراغي محمود بن عبيد الله 123 آ الشافعى الأصولى ولد سنة خمس وست مئة وحدث عن أبي القاسم بن رواحة وكان مع سعة فضائله وبراعته في العلوم صالحا متعبدا متعففا عرض عليه القضاء ومشيخة الشيوخ فامتنع ودرس مدة بالفلكية
وتوفي في ربيع الآخر
والمقداد ابن أبي القاسم هبة الله بن علي بن المقداد الإمام نجيب الدين أبو المرهف القيسى الشافعى ولد سنة ست مئة ببغداد وسمع بها من ابن الأخضر وأحمد بن الدمشقي وبمكة من ابن الحصرى وابن البناء وروى الكثير وكان عدلا خيرا تاجرا
توفي في ثامن شعبان بدمشق
____________________
(5/336)
ومنكوتمر المغلى أخو أبغا طاغية التتار كان نصرانيا خرج يوم المصاف على حمص وحصل له ألم وغم بالكسرة واعتراه فيما قيل صرع متدارك كما اعترى أباه هولاوو فهلك في أوائل المحرم بقرية تل خنزير من جزيرة ابن عمر وله ثلاثون سنة وكان شجاعا جريئا مهيبا سنة اثنتين وثمانين وست مئة
682 فيها توفي إسماعيل بن أبي عبد الله العسقلانى ثم الصالحى في ذي القعدة وله ست وثمانون سنة سمع من حنبل وابن طبرزد والكبار وكان أميا لا يكتب
والفقيه عباس بن عمر بن عبدان البعلبكى الحنبلى الرجل الصالح روى عن الشيخ الموفق وقرأ عليه العمدة وأم بمسجد بالعقيبة مدة
توفي في ذي الحجة وقد ناهز الثمانين
____________________
(5/337)
والجمال الجزائرى أبو محمد عبد الله بن يحيى الغساني المحدث المتقن نزيل دمشق روى عن أبي الخطاب ابن دحية والسخاوى وخلق وكتب الكثير وصار من أعيان الطلبة مع العبادة والتواضع توفي في شوال
والشهاب بن تيمية المفتى ذو الفنون أبو أحمد عبد الحليم ابن 213 ب شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله الحرانى الحنبلى ولد سنة سبع وعشرين وست مئة وتفقه على والده ورحل في صغره فسمع بحلب من ابن اللتى وجماعة وصار شيخ حران وحاكمها وخطيبها بعد موت والده ثم هاجر بآله وأصحابه وشطر [ من ] أهل بلده إلى الشام في سنة سبع وستين
توفي ليلة سلخ ذي الحجة
والشيخ شمس الدين شيخ الإسلام وبقية الأعلام أبو الفرج وأبو محمد عبد الرحمان ابن القدوة الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي
____________________
(5/338)
الحنبلى ولد في أول سنة سبع وتسعين وسمع من حنبل وابن طبرزد والكبار وتفقه على عمه الشيخ الموفق وبحث عليه المقنع وعرضه وصنف له شرحا في عشر مجلدات وكان منقطع القرين عظيم القدر عديم النظير علما وفضلا وجلالة قد جمع المحدث نجم الدين إسماعيل بن الخباز له سيرة في مئة وخمسين جزءا ملكتها ولكن ثلاثة أرباعها لا تعلق له بترجمة الشيخ إلا على سبيل الإستطراد توفي إلى رضوان الله ورحمته ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر ولم يخلف بعده مثله
والعماد الموصلى أبو الحسن على بن يعقوب بن زهران المقرئ الشافعى أحد من انتهت إليه رئاسة الإقراء قرأ على ابن وثيق وغيره وكان فصيحا ومفوها وفقيها مناظرا تكرر على الوجيه الغزالى توفي في صفر وله إحدى وستون سنة
وابن أبي عصرون الشيخ محييى الدين أبو الخطاب عمر بن محمد ابن القاضي أبي سعد عبد الله بن محمد التميمى الدمشقى الشافعى سمع في الخامسة من ابن طبرزد وسمع من الكندى ومحمد بن الدنف وتعانى الجندية ثم لبس البقيار ودرس بمدرسة جدة بدمشق توفي فجأة في ذي القعدة
____________________
(5/339)
والمقدسي المفتي شمس الدين محمد بن أحمد بن نعمة الشافعي مدرس الشامية ولى نيابة القضاء عن ابن الصائغ وكان بارعا في المذهب متين الديانة خيرا ورعا
توفي في ثاني عشر ذي القعدة
214 آ وابن الحرستانى خطيب دمشق محيى الدين أبو حامد محمد ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن القاضي أبي القاسم عبد الصمد بن الحرستانى الأنصارى الشافعي ولد سنة أربع عشرة وأجاز له جده والمؤيد الطوسى وسمع من أبي القاسم بن صصرى وطائفة درس وأفتى واشتغل وكان قوى المشاركة في العلوم على خطابته طلاوة وروح توفي في ثامن عشر جمادى الآخرة وله شعر
____________________
(5/340)
وابن القواس شرف الدين محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير الطائى الدمشقى ولد سنة اثنتين وست مئة وسمع من الكندى وابن الحرستانى والخضر بن كامل وكان شيخا متميزا حسن الديانة توفي في ربيع الآخر
والعماد بن الشيرازي القاضى الرئيس أبو الفضل محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد الدمشقى الكاتب صاحب الخط المنسوب ولد سنة خمس وست مئة وسمع ابن الحرستاني وداود بن ملاعب وكتب على الولى وانتهت إليه رئاسة التجويد مع الحشمة والوقار
توفي في ثامن عشر صفر وكان مرضه أربعة أيام
والرشيد العامرى محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان الدمشقى سمع دلائل النبوة و صحيح مسلم من ابن الحرستانى و جزء الأنصارى من الكندى توفي في ذي الحجة
____________________
(5/341)
والمحيى ابن القلانسى الصدر الأوحد أبو المفضل يحيى بن على بن محمد بن سعيد التميمى الدمشقي ولد سنة أربع عشرة وسمع من الموفق وابن البن وطائفة
توفي في شوال سنة ثلاث وثمانين وست مئة
683 في شعبان كانت الزيادة الهائلة بدمشق بالليل وكان عسكر مصر نزالا بالوادي فذهب لهم ما لا يوصف وخربت البيوت وانطمت الأنهار
وفيها توفي ابن المنير العلامة ناصر الدين أحمد بن محمد بن منصور الجذامى الجروى الاسكندرانى المالكى قاضى الإسكندرية وفاضلها المشهور ولد سنة عشرين وست مئة 214 ب وبرع في الفقه والأصول والنظر والعربية والبلاغة وصنف التصانيف توفي في أول ربيع الأول
والملك أحمد بن هولاوو المغلى ولى السلطنة بعد أخيه أبغا أسلم وهو صبى ويسر له قرين صالح
____________________
(5/342)
وهو الشيخ عبد الرحمان الذي قدم الشام رسولا وسعى في الصلح ومات وله بضع وعشرون سنة وكان قليل الشر مائلا إلى الخير ومات عبد الرحمان أيضا في الإعتقال بقلعة دمشق بعده
وابن البارزى قاضي حماة وابن قاضيها وأبو قاضيها الإمام نجم الدين عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله الجهنى الشافعى ولد سنة ثمان وست مئة وسمع من موسى بن عبد القادر وكان بصيرا بالفقه والأصول والكلام والأدب له شعر بديع وفيه ديانة متينة وصدق وتواضع توفي بتبوك في ذي القعدة فحمل إلى المدينة
وعلاء الدين صاحب الديوان عطاء مالك ابن الصاحب بهاء الدين محمد بن محمد الخراسانى الجوينى أخو الوزير الكبير شمس الدين نال هو وأخوه من المال والحشمة والجاه العظيم ما يتجاوز الوصف في دولة أبغا وكان أمر العراق راجعا إلى علاء الدين فساسه أحسن سياسة طلب في هذه السنة فاختفى ومات في الإختفاء وقتل أخوه شمس الدين
____________________
(5/343)
وعيسى بن مهنا ملك العرب بالشام ورئيس آل فضل كانت له المنزلة العالية عند السلطان مات في ربيع الأول وقام بعده ولده الأمير حسام الدين مهنا صاحب تدمر
وفاطمة بنت الحافظ عماد الدين على بن القاسم ابن مؤرخ الشام أبي القاسم بن عساكر ولدت سنة ثمان وتسعين وسمعت من ابن طبرزد وجماعة توفيت في شعبان وأجاز لها الصيدلانى
وابن الصائغ قاضى القضاة عز الدين أبو المفاخر 215 آ محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق ابن خليل الأنصارى الدمشقى الشافعى ولد سنة ثمان وعشرين وسمع من ابن اللتي وجماعة وكان عارفا بالمذهب بارعا في الأصول والمناظرة لازم الكمال التفليسى مدة ودرس بالشامية مشاركة مع شمس الدين المقدسي ثم ولى وكالة بيت المال ثم ولى قضاء الشام وعزل ابن خلكان فظهرت منه نهضة وشهامة وقيام في الحق بكل ممكن مع زعارة وفجاجة وإهمال لجانب الأكابر فقاموا عليه
____________________
(5/344)
وفرغوا له وعزل في أول سنة سبع وسبعين بابن خلكان وبقي له تدريس العذراوية ثم أعيد إلى منصبه في أوائل سنة ثمانين ثم إنهم أتقنوا قضيته فامتحن في رجب سنة اثنتين وثمانين وأخرجوا عليه محضرا بنحو مئة ألف دينار روتمت له فصول إلى أن خلصه الله ثم ولوا مكانه القاضى بهاء الدين ابن الزكى وانقطع هو بمنزله ثم توفي في تاسع ربيع الآخر عن خمس وخمسين سنة
وابن خلكان قاضى بعلبك بهاء الدين أبو عبد محمد بن محمد بن إبراهيم كان أسن من أخيه قاضى القضاة بخمس سنين وسمع الصحيح من ابن مكرم وأجاز له المؤيد الطوسى وطائفة وكان حسن الأخلاق رقيق القلب سليم الصدر ذا دين وخير وتواضع توفي في رجب
والملك المنصور صاحب حماه ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين محمود بن المنصور محمد بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب تملك بعد أبيه سنة اثنتين وأربعين وله عشر سنين رعاية لأمه الصاحبة ابنة الكامل وكان لعابا مصرا على أمور الله يسامحه
____________________
(5/345)
وابن النعمان القدوة الزاهد أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان التلمسانى قدم الإسكندرية شابا فسمع بها من محمد بن عماد والصفراوى وكان عارفا بمذهب مالك راسخ القدم في العبادة والنسك أشعريا متحرقا على الحنابلة توفي في رمضان ودفن بالقرافة وشيعه أمم 215 ب سنة أربع وثمانين وست مئة
684 فيها سار السلطان بجيوشه فنازل حصن المرقب مدة وأخذه بالأمان في ثاني عشر ربيع الأول
وفيها توفي الوزيري المقرئ المجود برهان الدين إبراهيم بن إسحاق بن المظفر المصرى ولد سنة تسع عشرة وست مئة وقرأ القراءات على أصحاب الشاطبى وأبي الجود وأقرأها بدمشق توفي بين الحرمين في أواخر ذي الحجة
والنسفى العلامة برهان الدين محمد بن محمد بن محمد الحنفى المتكلم صاحب التصانيف في الخلاف تخرج به خلق وطالت حياته وبقي إلى هذا العام وكان مولده في سنة ست مئة
____________________
(5/346)
وست العرب بنت يحيى بن قايماز أم الخير الدمشقية الكندية سمعت من مولاهم التاج الكندي وحضرت على ابن طبرزد الغيلانيات توفيت في المحرم عن خمس وثمانين سنة
والرشيد بن سعيد بن على بن سعيد البصروى الحنفى مدرس الشبيلية أحد أئمة المذهب وكان دينا ورعا نحويا شاعرا توفي في شعبان وقد قارب الستين
والصائن مقرئ بلاد الروم أبو عبد الله محمد البصرى المقرئ المجود الضرير قرأ القراءات بدمشق على المنتجب وكان بصيرا بمذهب الشافعي عدلا خيرا صالحا
والزين عبد الله بن الناصح عبد الرحمان بن نجم الدين الحنبلي سمع بالموصل من عبد المحسن بن الخطيب وببغداد من الداهرى وبدمشق من ابن البن وعاش ثمانين سنة توفي في شوال
____________________
(5/347)
وعبيد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله الشمس المقدسى الحنبلى سمع من كريمة وجماعة ودرس وبرع في المذهب
وتوفي في شعبان
وعلى بن بلبان المحدث الرحال علاء الدين أبو القاسم المقدسى الناضرى الكركى مشرف الجامع وإمام مسجد الماشكى تحت مأذنة فيروز ولد سنة اثنتي عشرة وسمع من ابن اللتى والقطيعى وابن القبيطى وخلق كثير بالشام والعراق ومصر وعنى بالحديث وخرج العوالى توفي في أول رمضان
والمراكشي علاء الدين على بن محمد بن على البكرى الكاتب سمع ابن صباح وابن الزبيدى وولى نظر المرستان ونظر الدواوين
توفي في جمادى الأولى عن بضع وستين سنة
وعلاء الدين البندقدارى الأمير الذي كان مولى الملك الظاهر كان أميرا جليلا عاقلا كان أولا للأمير جمال الدين ابن يغمور ثم صار للملك الصالح نجم الدين فجعله بندقداره
توفي بالقاهرة
____________________
(5/348)
وشبل الدولة الطواشى الأمير أبو المسك كافور الصوابى الصالحى الصفوى خزندار قلعة دمشق روى عن ابن رواج وجماعة وكان محبا للحديث عاقلا دينا
توفي في رمضان وقد نيف على الثمانين
وابن شداد الرئيس المنشىء البليغ عز الدين محمد ابن إبراهيم بن على الأنصارى الحلبى ولد سنة ثلاث عشرة وست مئة وهو الذي جمع السيرة للملك الظاهر وجمع تاريخا لحلب
توفي في صفر
وابن الأنماطى أبو بكر محمد ابن الحافظ البارع أبي الطاهر إسماعيل بن عبد الله الأنصاري المصري ولد بدمشق سنة تسع وست مئة وسمع حضورا من الكندى وأكثر عن ابن الحرستاني وابن ملاعب وخلق
توفي في ذي الحجة بالقاهرة
والحراني الأمير ناصر الدين محمد بن الإفتخار اياز والى دمشق بعد أبيه ومشد الأوقاف كان من عقلاء الرجال وألبائهم مع الفضيلة والديانة والمروءة والكلمة النافذة في الدولة استعفى من الولاية فأعفى ثم أكره على نيابة حمص فلم تطل مدته بها
وتوفي في شعبان فنقل إلى دمشق في آخر الكهولة
____________________
(5/349)
والإخميمى الزاهد شرف الدين محمد بن محمد ابن الحسن بن إسماعيل نزيل سفح قاسيون 216 ب كان صاحب توجه وتعبد وللناس فيه عقيدة عظيمة
توفي في جمادى الأولى
وابن عامر الشيخ أبو عبد الله محمد بن عامر بن أبي بكر الصالحى المقرئ صاحب الميعاد المعروف روى عن ابن ملاعب وجماعة وكان صالحا متواضعا خيرا حسن الوعظ حلو العبارة في الدعاء توفي في جمادى الآخرة وقد قارب الثمانين
والرومى الشيخ الزاهد شرف الدين محمد ابن الشيخ الكبير عثمان بن على صاحب الزاوية التى بسفح قاسيون كان عجبا في الكرم والتواضع ومحبة السماع
توفي في جمادى الأولى وقد نيف على السبعين
____________________
(5/350)
والشاطبى العلامة رضى الدين محمد بن علي بن يوسف الأنصارى إمام عصره في اللغة ولد سنة إحدى وست مئة وحدث عن ابن المقير وغيره وقرأ لورش على محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبى صاحب ابن هذيل أشغل الناس بالقاهرة وبها توفي في الثاني والعشرين من جمادى الأولى
والمجير بن تميم محمد بن يعقوب بن علي الجندى خدم صاحب حماة ومدحه وله شعر بديع ونظم رائق سنة خمس وثمانين وست مئة
685 فيها أخذت الكرك من الملك المسعود خضر ابن الملك الظاهر ونزل منها وسار إلى مصر
وفيها توفي أحمد بن شيبان بن تغلب بن حيدرة بدر الدين أبو العباس الشيبانى الصالحى العطار ثم الخياط راوى مسند الإمام أحمد أكثر عن حنبل وابن طبرزد وجماعة وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني وخلق وكان مطبوعا متواضعا توفي في الثامن والعشرين من صفر عن تسع وثمانين سنة رحمه الله
____________________
(5/351)
والراشدى المقرئ الأستاذ القدوة أبو على الحسن ابن عبد الله بن ويحيان المغربى البربرى الرجل الصالح تصدر للإقراء والإفادة وأخذ عنه مثل الشيخ مجد الدين التونسى والشيخ شهاب الدين بن جبارة 217 آ ولم يقرأ على غير الكمال الضرير
توفي في صفر بالقاهرة
والصفي خليل بن أبي بكر بن محمد بن صديق المراغى الفقيه الحنبلى المقرئ سمع من ابن الحرستانى وابن ملاعب وطائفة وتفقه على الموفق وقرأ القراءات على ابن ماسويه وتصدر بالقاهرة للإقراء وناب في القضاء مع وفور الديانة والورع توفي في ذي القعدة وقد قارب التسعين
وشامية أمة الحق بنت الحافظ أبي على الحسن بن محمد ابن البكرى روت عن جد أبيها وجدها وحنبل وابن طبرزد وتفردت بعدة أجزاء توفيت بشيزر عند أقاربها في أواخر رمضان عن سبع وثمانين سنة
____________________
(5/352)
والسراج بن فارس أبو بكر عبد الله بن أحمد بن إسماعيل التميمى الإسكندرانى أخو المقرئ كمال الدين سمع من التاج الكندى وابن الحرستانى وتوفي بالإسكندرية في ربيع الأول
والشيخ عبد الدائم الزاهد القدوة تاج الدين ولد زين الدين أحمد بن عبد الدائم المقدسى روى عن الشيخ الموفق وجماعة
وتوفي في رمضان وقد نيف على السبعين
والشيخ عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس البغدادى ابن الزجاج عفيف الدين أحد مشايخ العراق فقيه زاهد سنى أثرى عارف بمذهب أحمد ولد سنة اثنتي عشرة وسمع من عبد السلام العبرتى والفتح بن عبد السلام وطائفة توفي في المحرم بذات حج بعد قضاء الحج
والشيخ عبد الواحد بن علي القرشي الهكارى الفارقي الحنبلي سمع من مسمار بن العويش بالموصل ومن موسى بن الشيخ عبد القادر وطائفة بدمشق وكان عبدا صالحا
توفي في رمضان بالقاهرة وله أربع وتسعون سنة
____________________
(5/353)
والمعين بن تولوا الشاعر المشهور عثمان بن سعيد الفهرى المصرى
توفي في ربيع الأول بالقاهرة وله ثمانون سنة
والشريشى العلامة جمال الدين أبو بكر محمد ابن أحمد بن محمد بن عبد الله بن 217 ب سحمان البكرى الوائلى الأندلسى الفقيه المالكى الأصولى المفسر ولد سنة إحدى وست مئة وسمع بالثغر محمد بن عماد وببغداد من أبي الحسن القطيعي وخلق وبدمشق من مكرم وكان بارعا في مذهب مالك محققا للعربية عارفا بالكلام والنظر قيما بكتاب الله وتفسيره جيد المشاركة في العلوم ذا زهد وتعبد وجلالة توفي في الرابع والعشرين من رجب
وابن الخيمى شهاب الدين محمد بن عبد المنعم بن محمد الأنصارى اليمنى ثم المصرى الصوفي الشاعر المحسن حامل لواء النظم في وقته سمع جامع الترمذى من البنا أجازه له عبد الوهاب بن سكينة
توفي في رجب عن اثنتين وثمانين سنة أو أكثر
____________________
(5/354)
والدينورى خطيب كفر بطنا الشيخ جمال الدين أبو البركات محمد ابن القدوة العابد الشيخ عمر بن عبد الملك الصوفى الشافعي ولد سنة ثلاث عشرة وست مئة بالدينور وقدم مع أبيه وله عشر سنين فسكن بسفح قاسيون وسمع الكثير ونسخ الأجزاء واشتغل وحصل وحدث عن ابن الزبيدي والناصح ابن الحنبلي وطائفة
توفي في رجب وكان دينا فاضلا عالما
وابن الدباب الواعظ جمال الدين أبو الفضل محمد بن أبي الفرج محمد بن على البابصرى الحنبلى ولد سنة ثلاث وست مئة وسمع من أحمد بن صرما وثابت بن مشرف والكبار وحدث بالكثير
توفي في آخر العام ببغداد
____________________
(5/355)
وابن المهتار الكاتب المجود المحدث الورع مجد الدين يوسف بن محمد بن عبد الله المصرى ثم الدمشقى الشافعى قارئ دار الحديث الأشرفية ولد في حدود سنة عشر وسمع من ابن الزبيدى وابن صباح وطبقتهما وروى الكثير توفي في تاسع ذي القعدة
وابن الزكى قاضى القضاة بهاء الدين أبو الفضل يوسف ابن قاضى القضاة محيى الدين يحيى ابن قاضى القضاة محيى الدين أبي المعالى محمد ابن قاضي القضاة زكى الدين على ابن قاضي القضاة منتجب الدين محمد بن يحيى القرشى الدمشقى الشافعي ولد سنة أربعين وست مئة وبرع في العلم بذكائه المفرط وقدرته على المناظرة وحله المعضلات
توفي في حادى عشر ذي الحجة وله خمس وأربعون سنة سنة ثمان وثمانين وست مئة
688 في أول ربيع الأول نازل السلطان الملك المنصور مدينة طرابلس ودام الحصار والقتال ورمى المجانيق الكبار وحفر النقوب ليلا ونهارا الى أن افتتحها بالسيف في رابع ربيع الآخر وغنم المسلمون ما لا يوصف وكان سورها منيعا قليل المثل وهى من أحسن المدائن وأطيبها فأخربها وتركها خاوية على عروشها ثم أنشأوا مدينة على ميل من شرقيها فجاءت رديئة الهواء والمزاج
____________________
(5/356)
وفيها توفي الشيخ العماد أحمد بن العماد إبراهيم بن عبد الواحد بن على بن سرور المقدسى الصالحى ولد سنة ثمان وست مئة وسمع من أبي القاسم بن الحرستانى وجماعة واشتغل وتفقه ثم تمفقر وتجرد وصار له أتباع ومريدون أكلة سلطة بطلة
توفي يوم عرفة
والعلم ابن 221 آ الصاحب أبو العباس أحمد بن يوسف ابن الصاحب صفى الدين بن شكر المصرى اشتغل ودرس وتميز ثم تمفقر وتجرد وأرسل طباعه واشتلق على بنى آدم وعاشر الحمارى وله أولاد رؤساء ونوادره مشهورة وزوائده حلوة
توفي في ربيع الآخر وقد شاخ الله يسامحه
وأحمد بن أبي محمد بن عبد الرزاق أبو العباس أخو شيخنا عيسى المغارى روى عن موسى بن عبد القادر والموفق وجماعة توفي في ثاني ذي الحجة عن ثمان وسبعين سنة
____________________
(5/357)
وزينب بنت مكى بن على بن كامل الحرانى الشيخة المعمرة العابدة أم أحمد سمعت من حنبل وابن طبرزد وست الكتبة وطائفة وازدحم عليها الطلبة وعاشت أربعا وتسعين سنة
توفيت في شوال
والفخر البعلبكى المفتى أبو محمد عبد الرحمان بن يوسف أبو محمد الحنبلى ولد سنة إحدى عشرة وسمع من القزوينى والبهاء عبد الرحمان وابن الزبيدى وجماعة وتفقه بدمشق على التقى ابن العز وشمس الدين عمر بن المنجا وعرض كتاب علوم الحديث على مؤلفه ابن الصلاح وأتقن العربية وأخذ الأصول عن السيف الآمدى تخرج به جماعة وكان من أولياء الله العالمين
توفي في سابع رجب
والكمال ابن النجار محمد بن أحمد بن على الدمشقى الشافعى مدرس الدولعية ووكيل بيت المال روى عن ابن أبي لقمة وجماعة وكان ذا بشر وشهامة
____________________
(5/358)
ومحمد ابن الشيخ العفيف التلمسانى سليمان بن على الكاتب الأديب شمس الدين كان ظريفا لعابا معاشرا وشعره في غاية الحسن مات في رجب وله نحو ثلاثين سنة
وابن الكمال المحدث الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن عبد الواحد بن أحمد المقدسى الحنبلى ولد سنة سبع وست مئة وسمع من الكندى وابن الحرستانى 221 ب حضورا ومن داود بن ملاعب وطائفة وعنى بالحديث وجمع وخرج مع الدين المتين والورع والعبادة وولى مشيخة الضيائية ومشيخة الأشرفية بالجبل
توفي في تاسع جمادى الأولى
وشمس الدين الإصفهانى الأصولى المتكلم العلامة أبو عبد الله محمد بن محمود بن محمد بن عباد الكافي نزيل مصر وصاحب التصانيف له كتاب القواعد في العلوم الأربعة الأصولين والخلاف والمنطق وكتاب غاية المطلب في المنطق وله يد طولى في العربية والشعر درس بالشافعى ومشهد الحسين وتخرج به المصريون وتوفي في العشرين من رجب وله اثنتان وسبعون سنة
____________________
(5/359)
والمهذب بن أبي الغنائم التنوخى العدل الكبير زين الدين كاتب الحكم بدمشق ولد سنة ثمان عشرة وقرأ على السخاوى وسمع من مكرم وتفقه وانتهت إليه رئاسة الشروط ومعرفة عللها ودقائقها
توفي في رجب
والجرائدى تقي الدين يعقوب بن بدران بن منصور المصرى شيخ القراء أخذ القراءات عن السخاوى وابن ماسويه وأبي القاسم بن عيسى وروى عن ابن الزبيدى وتصدر للإقراء
توفي في شعبان سنة تسع وثمانين وست مئة
689 فيها توفي نجم الدين ابن الشيخ وهو قاضي القضاة أبو العباس أحمد ابن شيخ الإسلام شمس الدين عبد الرحمان بن أبي عمر الحنبلى ولد سنة إحدى وخمسين وست مئة وسمع من جماعة وما حدث كان مليح الشكل حسن السيرة موصوفا بالذكاء
توفي في ثالث عشر جمادى الأولى رحمه الله
____________________
(5/360)
وابن عز القضاة فخر الدين أبو الفداء إسماعيل ابن على بن محمد الدمشقى الزاهد ولد سنة خمسين وست مئة وخدم في الكتابة وكان أديبا شاعرا زاهدا ناسكا خاشعا مقبلا على شبابه حافظا لوقته توفي ليلة الأربعاء الحادى والعشرين من رمضان وكانت له جنازة مشهورة
222 آ وطرنطاى نائب المملكة المعظمة حسام الدين المنصورى السيفى أحد رجال الدهر حزما وعزما ودهاء وذكاء وشجاعة وهيبة اشتراه السلطان أيام إمرته من أولاد ابن الموصلى ولما تملك الملك الأشرف ودعه أياما ثم قبض عليه وعذبه إلى أن مات وأخذ أمواله ولم يبلغ خمسين سنة
وخطيب المصلى عماد الدين أبو بكر عبد الله بن محمد بن حسان بن رافع العامرى المعدل روى عن ابن البن وزين الأمناء وطائفة توفي في صفر وله ثلاث وسبعون سنة
____________________
(5/361)
والشمس عبد الرحمان بن الزين أحمد بن عبد الملك ابن عثمان المقدسى الحنبلى ولد سنة ست وست مئة وسمع من الكندى وابن الحرستانى وطائفة ثم رحل وأدرك الفتح ابن عبد السلام وطائفة فأكثر وأجاز له ابن طبرزد وأبو الفخر أسعد بن سعيد وكان ثقة صالحا نبيلا مهيبا من خيار الشيوخ
توفي في ذي القعدة
وخطيب دمشق جمال الدين أبو محمد عبد الكافي ابن عبد الملك بن عبد الكافى الربعى الدمشقي المفتى ولد سنة اثنتى عشرة وست مئة وسمع من ابن صباح وابن الزبيدى وجماعة وناب في القضاء مدة وكان دينا حسن السمت للناس فيه عقيدة كبيرة مات في سلخ جمادى الأولى
والنور بن الكفتى أبو الحسن على بن ظهير بن شهاب المصرى شيخ الإقراء بديار مصر أخذ القراءات عن ابن وثيق وأصحاب أبي الجود وشهر بالإعتناء بالقراءات وعللها وسمع من ابن الجميزى وغيره مع الورع والتقى والجلالة توفي في ربيع الآخر
____________________
(5/362)
والرشيد الفارقى أبو حفص عمر بن إسماعيل بن مسعود الربعى الشافعى الأديب ولد سنة ثمان وتسعين وخمس مئة وسمع من الفخر ابن تيمية وابن الزبيدى وابن باقا وكان أديبا بارعا 222 ب منشئا بليغا شاعرا مفلقا لغويا محققا درس بالناصرية مدة ثم بالظاهرية وتصدر للإفادة خنق في بيته في رابع محرم بالظاهرية وأخذ ماله ودرس بعده علاء الدين ابن بنت الأعز
والسلطان الملك المنصور سيف الدين أبو المعالى وأبو الفتوح قلاوون التركى الصالحى النجمى كان من أكبر الأمراء زمن الظاهر وتملك في رجب سنة ثمان وسبعين وكسر التتار على حمص وغزا الفرنج غير مرة
وتوفي في سادس ذي القعدة بالمخيم بظاهر القاهرة وقد عزم على الغزاة ثم دفن بتربته بين القصرين
وسبط إمام الكلاسة المحدث المفيد بدر الدين محمد ابن أحمد بن النجيب شاب ذكى مليح الخط صحيح النقل حريص على الطلب الهمة سمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وحدث
توفي في صفر
____________________
(5/363)
وابن المقدسى ناصر الدين محمد ابن العلامة المفتى شمس الدين عبد الرحمان بن نوح الشافعى الدمشقى تفقه على أبيه وسمع من ابن اللتى ودرس بالرواحية وتربة أم الصالح ثم داخل الدولة وولى وكالة بيت المال ونظر وظلم وعسف وعدا طوره ثم اعتقل بالعذراوية فوجد بها مشنوقا بعد أن ضرب بالمقارع وصودر
توفي في ثالث شعبان
وابن المحدث العدل شمس الدين محمد بن عبد الرازق ابن رزق الله الرسعنى الحنبلى نزيل دمشق روى عن ابن روزية وابن بهروز وعدة وكان من كبار الشهود له شعر جيد ذهب إلى مصر في شهادة فلما رجع غرق بنهر الأردن في جمادى الآخرة سنة تسعين وست مئة
690 دخلت وسلطان الإسلام الملك الأشرف بن المنصور وقد فوض الوزارة 223 آ إلى شمس الدين ابن السلعوس ونيابة الملك إلى بدر الدين بيدار فسار بالجيوش إلى الشام ونزل على عكا في رابع ربيع الآخر وجد
____________________
(5/364)
المسلمون في حصارها واجتمع عليها أمم لا يحصون فلما استحكمت النقوب وتهيأت أسباب الفتح أخذ أهلها في الهزيمة في البحر وافتتحت بالسيف بكرة الجمعة سابع عشر جمادى الأولى وصير المسلمون سماءها أرضا وطولها عرضا وأخذ المسلمون بعد يومين مدينة صور بلا قتال لأن أهلها هربوا في البحر لما علموا بأخذ عكا وسلمها الرعية بالأمان وأخربت أيضا ثم افتتح الشجاعى صيدا في رجب وأخربت ثم افتتح بيروت بعد أيام وهدمها فلما رأى أهل حصن علثيث خلو الساحل من عباد الصليب أحرقوا حواصلهم وهربوا في البحر ليلة أول شعبان فهدمه المسلمون وكذلك فعل أهل انطرسوس فتسلمها الطباخى في خامس شعبان ولم يبق للنصارى بأرض الشام معقل ولا حصن ولله الحمد
وفيها توفي الشيخ الخابورى خطيب حلب ومقرئها ونحويها الإمام شهاب الدين أحمد بن عبد الله بن الزبير الحلبي صاحب النوادر والطرف سمع بحران من فخر الدين ابن تيمية وبحلب من ابن الأستاذ وببغداد من الداهرى وبدمشق من ابن صباح وقرأ القراءات على السخاوى توفي في المحرم وقد قارب التسعين
____________________
(5/365)
والسويدى الحكيم العلامة شيخ الأطباء عز الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن طرخان الأنصارى الدمشقى ولد سنة ست مئة وسمع من الشمس العطار وابن ملاعب وطائفة وتأدب على ابن معطى وأخذ الطب عن المهذب الدخوار وبرع في الطب وصنف فيه وفاق على الأقران وكتب الكثير بخطه المليح ونظر في العقليات وألف كتاب الباهر في الجواهر و التذكرة في الطب
وتوفي في شعبان
وأرغون 223 ب ابن أبغا بن هولاوو صاحب العراق وخراسان وأذربيجان تملك بعد عمه الملك وكان شهما مقداما كافر النفس شديد البأس سفاكا للدماء عظيم الجبروت هلك في هذا العام فيقال إنه سم فاتهمت المغل وزيره سعيد الدولة اليهودى بقتله فمالوا على اليهود قتلا ونهبا وسبيا
وإسماعيل بن نور بن قمر الهيتى الصالحى روى عن موسى بن عبد القادر وجماعة
توفي في رجب
____________________
(5/366)
وسلامش الملك العادل بدر الدين ولد الملك الظاهر بيبرس الصالحى الذي سلطنوه عند خلع الملك السعيد ثم نزعوه بعد ثلاثة أشهر وبقى خاملا بمصر فلما تسلطن الأشرف أخذه وأخاه الملك خضر وأهلهم وجهزهم إلى مدينة اصطنبول بلاد الأشكرى فمات بها وله نحو من عشرين سنة وكان مليح الصورة رشيق القد ذا عقل وحياء
والتلمسانى عفيف الدين سليمان بن على بن عبد الله بن على الأديب الشاعر أحد زنادقة الصوفية وقد قيل له مرة أأنت نصيرى فقال النصيرى بعض منى وأما شعره ففى الذروة العليا من حيث البلاغة والبيان لا من حيث الإيجاد
توفي في خامس رجب وله ثمانون سنة
وتاج الدين فقيه الشام شيخ الإسلام أبو محمد عبد الرحمان بن إبراهيم بن سباع الفزارى الدمشقي الشافعي ولد سنة أربع وعشرين وست مئة وسمع من ابن الزبيدى وابن ماسويه وطائفة وتفقه على ابن الصلاح وابن عبد السلام وجلس للإشتغال سنة ثمان وأربعين وأفتى سنة أربع وخمسين وكان مع فرط ذكائه وتوقد ذهنه ملازما للإشتغال مقدما في المناظرة متبحرا في الفقه وأصوله انتهت إليه رئاسة المذهب في الدنيا
توفي في خامس جمادى الآخرة وله ست وستون سنة وثلاثة أشهر
____________________
(5/367)
234 آ والأبهرى القاضى شمس الدين عبد الواسع ابن عبد الكافى بن عبد الواسع الشافعى سمع من ابن روزبه وابن الزبيدى وطائفة وأجاز له أبو الفتح المندائى والمؤيد بن الأخوة وخلق توفى في شوال بالخانقاه الأسدية وله اثنتان وتسعون سنة إلا أشهرا
والفخر ابن البخارى مسند الدنيا أبو الحسن على ابن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمان السعدى المقدسى الصالحى الحنبلى ولد في آخر سنة خمس وتسعين وسمع من حنبل وابن طبرزد والكندى وخلق وأجاز له أبو المكارم اللبان وابن الجوزى وخلق كثير وطال عمره ورحل الطلبة إليه من البلاد وألحق الأسباط بالأجداد في علو الأسناد توفي في ثانى ربيع الآخر
____________________
(5/368)
وابن الزملكانى الإمام المفتى علاء الدين أبو الحسن على بن العلامة البارع كمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصارى السماكى الدمشقى الشافعى مدرس الأمينية
توفي في ربيع الآخر وقد نيف على الخمسين سمع من خطيب مردا والرشيد العطار ولم يحدث
والفخر الكرجى أبو حفص عمر بن يحيى بن عمر الشافعى ولد سنة تسع وتسعين بالكرج وتفقه بدمشق على ابن الصلاح وخدمه مدة وسمع من البهاء عبد الرحمان وابن الزبيدى وطائفة وليس ممن يعتمد عليه توفي هو والفخر بن البخارى في يوم
وغازى الحلاوى أبو محمد بن الفضل بن عبد الوهاب الدمشقى سمع من حنبل وابن طبرزد وعمر دهرا وانتهى إليه علو الإسناد بمصر عاش خمسا وتسعين سنة توفي من رابع صفر بالقاهرة
____________________
(5/369)
والشهاب بن مزهر الأنصارى الدمشقى المقرئ قرأ القراءات على السخاوى وأقرأها وكان فقيها عالما وقف كتبه بالأشرفية
توفي في رجب
224 ب ومحمد بن عبد المؤمن بن أبى الفتح الصورى شمس الدين أبو عبد الله الصالحى ولد سنة إحدى وست مئة وسمع من الكندى وابن الحرستانى وطائفة وببغداد من أبي على بن الجواليقى وجماعة وأجاز له ابن طبرزد وجماعة وكان آخر من سمع من الكندى موتا توفي في منتصف ذي الحجة
وابن المجاور نجم الدين أبو الفتح يوسف ابن الصاحب يعقوب بن محمد بن علي الشيباني الدمشقي الكاتب ولد سنة إحدى وست مئة وسمع الكندي وعبد الجليل بن مندويه وجماعة وتفرد برواية تاريخ بغداد عن الكندي
توفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة وكان دينا مصليا إلا أنه يخدم في المكس
____________________
(5/370)
سنة إحدى وتسعين وست مئة
691 في جمادى الأولى قدم السلطان الملك الأشرف دمشق وقد فرغ الشجاعى من بناء الطارمة والرواق وقاعة الذهب والقبة الزرقاء بقلعة دمشق وفرغ جميع ذلك في سبعة أشهر وجاء في غاية الحسن ثم سار السلطان ونازل قلعة الروم في جمادى الآخرة فنصب عليها المجانيق وجد في حصارها وفتحت بعد خمسة وعشرين يوما في رجب وهي مجاورة لقلعة البيرة وأهلها نصارى من تحت طاعة التتار فلما رأوا أن التتار لا ينجدونهم ذلوا وما أحسن ما قال الشهاب محمود في كتاب الفتح
فسطا خميس الإسلام يوم السبت على أهل الأحد فبارك الله للأمة في سبتها وخميسها
ثم رد السلطان فعزل عن حلب قرا سنقر بالطباخى وولى قلعة الروم عز الدين الموصلى
وفيها توفي الزكى المعرى إبراهيم بن عبد الرحمان بن أحمد البعلبكى عابد صالح سمع من البهاء وحضر الشيخ الموفق توفي في شوال وهو في عشر التسعين
____________________
(5/371)
وابن دبوقا المقرئ المحقق رضى الدين أبو الفضل جعفر بن القاسم بن 225 آ جعفر بن حبيش الربعي الضرير قرأ القراءات على السخاوى وأقرأها وله معرفة متوسطة وشعر جيد توفي في رجب
وسعد الدين الفارقى الأديب البارع المنشىء أبو الفضل سعد الله بن مروان الكاتب أخو شيخنا زين الدين سمع من ابن رواحة وكريمة وطائفة وكان بديع الكتابة معنى وخطا
توفي في رمضان بدمشق وهو في عشر الستين
والسيف عبد الرحمان بن محفوظ بن هلال الرسعنى أحد الشهود تحت الساعات كان عدلا صالحا ناسكا روى عن الفخر ابن تيمية والموفق ابن الطالبانى وأجاز له عبد العزيز بن منينا وجماعة توفي في المحرم عن بضع وثمانين سنة
وابن صصرى العدل علاء الدين أبو الحسن على بن أبي بكر ابن أبي الفتح التغلبى الدمشقى الضرير آخر من روى صحيح البخارى عن عبد الجليل بن مندويه والعطاء توفي في شعبان
____________________
(5/372)
ووكيل بيت المال خطيب دمشق زين الدين أبو حفص عمر بن مكى بن عبد الصمد الشافعى الأصولى المتكلم توفي في ربيع الأول وولى بعده الخطابة الشيخ عز الدين الفاروثى
والعماد الصائغ محمد بن عبد الرحمان بن ملهم القرشى الدمشقى روى عن ابن البن حضورا وعن ابن الزبيدى
توفي في شعبان عن بضع وسبعين
والصاحب فتح الدين محمد ابن المولى محيى الدين ابن عبد الله بن عبد الظاهر المصرى الكاتب الموقع روى عن ابن الجميزى
توفي بدمشق في رمضان
وابن أبي عصرون نور الدين محمود ابن القاضي نجم الدين عبد الرحمان بن أبي عصرون التميمي روى عن المؤيد الطوسى بالإجازة وتوفي في رمضان
والنجم أبو بكر بن أبي العز بن مشرف الكاتب ويعرف بابن الحردان كان لغويا فصيحا متقعرا له شعر جيد
توفي في صفر
____________________
(5/373)
225 ب سنة اثنتين وتسعين وست مئة
692 فيها سلم صاحب سيس قلعة بهسنا للسلطان صفوا عفوا وضربت البشائر في رجب
وفيها توفي أبو العباس أحمد بن على بن يوسف الحنفى المعدل سبط عبد الحق بن خلف ووالد قاضى الحصن روى عن موسى بن عبد القادر والشيخ الموفق توفي في صفر بنواحى البقاع
وابن النصيبى الرئيس كمال الدين أحمد بن محمد بن عبد القاهر الحلبي آخر من حدث عن الإفتخار الهاشمي وثابت بن مشرف وأبي محمد ابن الأستاذ توفي بحلب في المحرم
وأحمد بن أبي الطاهر بن أبي الفضل المقدسى لصالحى تقى الدين شيخ صالح روى عن الموفق القزوينى توفي في رجب
والفاضل جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر العسقلانى ثم الدمشقى المقرئ صاحب السخاوى ولى مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح مدة وسمع من ابن الزبيدى وجماعة وكتب الكثير
توفي في مستهل جمادى الأولى
____________________
(5/374)
والأرموى الشيخ الزاهد إبراهيم ابن الشيخ القدوة عبد الله روى عن الشيخ الموفق وغيره
توفي فى المحرم وحضره ملك الأمراء والقضاة وحمل على الرؤوس وكان صالحا خيرا متقنا قانتا لله
وابن الواسطى العلامة الزاهد القدوة مسند الوقت تقى الدين أبو إسحاق إبراهيم بن على بن أحمد بن فضل الصالحى الحنبلي ولد سنة اثنتين وست مئة وسمع من ابن الحرستانى وابن البناء وطائفة ورحل إلى بغداد فسمع من الفتح بن عبد السلام وطبقته وأجاز له ابن طبرزد وأبو الفخر أسعد وخلق وتفقه وأتقن المذهب ودرس بالصاحبية وكان فقيها زاهدا عابدا مخلصا قانتا صاحب جد وصدق وقول بالحق وله هيبة في النفوس
توفي في رابع عشر جمادى الآخرة
____________________
(5/375)
226 آ وصفية بنت الواسطى أخت المذكور روت عن الموفق وابن راجح
وتوفيت في ذي الحجة عن نيف وثمانين سنة
ومحيى الدين عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان المصرى الأديب كاتب الإنشاء وأحد البلغاء المذكورين توفي بمصر
والمكين الأسمر عبد الله بن منصور الاسكندرانى شيخ القراء بالاسكندرية أخذ القراءات عن أبي القاسم بن الصفراوى وأقرأ الناس مدة
والتقى عبيد بن محمد الإسعردي الحافظ نزيل القاهرة سمع الكثير من أصحاب السلفى وخرج لغير واحد
توفي في هذا العام وكان ثقة
والسيف على بن الرضى عبد الرحمان بن محمد بن عبد الجبار المقدسى الحنبلى نقيب الشيخ شمس الدين سمع من ابن البن والقزوينى وحضر موسى والموفق توفي في شوال
وابن الأعمى صاحب المقامة التي في صفات البحرية كمال الدين على بن محمد بن المبارك الأديب الشاعر روى عن ابن اللتى وغيره
توفي في المحرم عن سن عالية
____________________
(5/376)
وابن قرقين الأمير ناصر الدين على بن محمود بن قرقين أجاز له الكندى وسمع من القزوينى وغيره توفي في شعبان
وابن الأستاذ عز الدين أبو الفتح عمر بن محمد ابن الشيخ أبي محمد عبد الرحمان بن عبد الله بن علوان الأسدى الحلبي مدرس المدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق روى سنن ابن ماجه عن عبد اللطيف
توفي في ربيع الأول
ومحمد بن إبراهيم بن ترجم أبو عبد الله المصرى آخر من روى جامع الترمذى عن على بن البناء سنة ثلاث وتسعين وست مئة
693 في سابع المحرم قتل السلطان بتروجة في الصيد ثم قتل نائبه بيدرا وحلفوا للسلطان 226 ب الملك الناصر محمد بن المنصور قلاوون وهو ابن تسع سنين وجعل نائبه كتبغا وبسط العذاب على الوزير ابن السلعوس حتى مات وأخذت أمواله ثم قتل الشجاعى
____________________
(5/377)
وفيها توفي ابن مزيز المحدث المفيد تقى الدين إدريس بن محمد التنوخى الحموى روى عن ابن رواحة وصفية بنت الحبقيق وطبقتهما وعنى بالحديث توفي في ربيع الآخر
وإسحاق بن إبراهيم بن سلطان البعلبكى الكتانى المقرئ روى عن البهاء عبد الرحمان وتوفي بدمشق في ذي القعدة
وبكتوت العلائى الأمير الكبير بدر الدين المنصورى توفي بمصر في جمادى الآخرة
والملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن الملك المنصور سيف الدين ولى السلطنة بعد والده في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وفتك به بيدرا ولاجين وجماعة في المحرم وتسلطن بيدرا في الحال ولقب بالملك القاهر فأقبل كتبغا والخاصكية وحملوا على بيدرا فقتلوه من الغد وله بضع وثلاثون سنة وللأشراف نحو ذلك أو أقل
____________________
(5/378)
وابن الخويى قاضى القضاة شهاب الدين أبو عبد الله محمد ابن قاضى القضاة شمس الدين أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر الشافعى روى عن ابن اللتى وابن المقير وطائفة وكان من أعلم أهل زمانه وأكثرهم تفننا وأحسنهم تصنيفا وأحلاهم مجالسة ولى القضاء بحلب مدة ثم ولى قضاء الشام من بعد بهاء الدين ابن الزكى ومات في خامس وعشرين رمضان
والملك الحافظ غياث الدين محمد بن شاهنشاه ابن صاحب بعلبك الملك الأمجد بهرام شاه بن فروخشاه الأيوبى روى صحيح البخارى عن ابن الزبيدى ونسخ الكثير بخطه وتوفي في شعبان
227 آ والدمياطى شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن عبد العزيز بن أبي عبد الله أخذ القراءات عن السخاوى وتصدر واحتيج إلى علو روايته وقرأ عليه جماعة توفي في صفر وله نيف وسبعون سنة
____________________
(5/379)
وابن السلعوس الوزير الكامل مدبر الممالك شمس الدين محمد بن عثمان التنوخى الدمشقى التاجر الكاتب ولى حسبة دمشق فاستصغره الناس عنها فلم ينشب أن ولى الوزارة ودخل دمشق في دست عظيم لم يعهد مثله مات في تاسع صفر بعد أن أنتن جسده من شدة الضرب وقطع منه اللحم الميت نسأل الله العافية
وابن التنبى فخر الدين محمد بن عقيل الدمشقى الكاتب صاحب الخط المنسوب روى عن الشيخ الموفق وغيره
وتوفي في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وست مئة
694 في حادي عشر المحرم تسلطن الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى وزينت مصر والشام وله نحو من خمسين سنة يومئذ أخذ يوم وقعة حمص مع التتار الهولاوونية
وفيها توفي ابن المقدسى العلامة شرف الدين أبو العباس
____________________
(5/380)
أحمد بن أحمد بن نعمه بن أحمد الشافعي خطيب دمشق ومفتيها وشيخ الشافعية بها ولد سنة نيف وعشرين وست مئة وأجاز له أبو على بن الجواليقى وطائفة وسمع من السخاوى وابن الصلاح وتفقه على ابن عبد السلام وغيره وبرع في الفقه والأصول والعربية وناب في الحكم مدة ودرس بالشامية والغزالية وكتب الخط المنسوب الفائق وألف كتابا في الأصول وكان كيسا متواضعا متنسكا ثاقب الذهن مفرط الذكاء طويل النفس في المناظرة
توفي في رمضان
والفاروثي الإمام عز الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم ابن عمر الواسطى الشافعى المقرئ الصوفي شيخ العراق ولد سنة أربع عشرة وست مئة 227 ب وقرأ القراءات على أصحاب ابن الباقلاني وسمع من عمر بن كرم وطبقته وكان إماما عالما متفننا متضلعا من العلوم والآداب حسن التربية للمريدين لبس الخرقة من السهروردى وجاور مدة ثم قدم علينا في سنة إحدى وتسعين فأقرأ القراءات وروى الكثير وولى الخطابة بعد ابن المرحل ثم عزل بعد سنة بالخطيب الموفق فسافر مع الحجاج ودخل العراق توفي في أول ذي الحجة وقد نيف على الثمانين رحمه الله
____________________
(5/381)
والجمال المحقق أبو العباس أحمد بن عبد الله الدمشقي كان فقيها ذكيا مناظرا بصيرا بالطب درس وأعاد وكان فيه لعب ومزاح توفي في رمضان عن نحو ستين سنة روى عن ابن طلحة
والتاج إسماعيل بن إبراهيم بن قريش المخزومى المصرى المحدث كان عالما جليلا له معرفة وفهم سمع من جعفر الهمدانى وابن المقير وهذه الطبقة مات فجأة في رجب
والمحب الطبرى شيخ الحرم أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم المالكى الشافعي الحافظ ولد سنة خمس عشرة وست مئة وسمع من ابن المقير وجماعة وصنف كتابا حافلا في الأحكام في عدة مجلدات
توفي في ذي القعدة وتوفي قبله بأيام ولده جمال الدين محمد قاضي مكة
____________________
(5/382)
وعبد الصمد ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن القاضى جمال الدين بن الحرستانى أبو القاسم الشافعي كان صالحا زاهدا صاحب كشف وفيه تواضع ووله يسير روى عن زين الأمناء وابن الزبيدى وتوفي في ربيع الآخر وله خمس وسبعون سنة
وابن سحنون خطيب النيرب مجد الدين شيخ الأطباء أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد بن سحنون الحنفى روى عن خطيب مروا يسيرا وله شعر وفضائل توفي في ذي القعدة
واللمتونى أبو الحسن على بن عثمان بن يحيى الصنهاجى الشواء ثم أمين السجن سمع ابن غسان وابن الزبيدى وطائفة وتوفي في ذي القعدة وقد نيف على السبعين
288 آ وابن البزورى أبو بكر محفوظ بن معتوق البغدادى التاجر روى عن ابن القبيطى
____________________
(5/383)
ووقف كتبه على تربته بسفح قاسيون وكان نبيلا سريا جمع تاريخا ذيل به على المنتظم توفي في صفر عن ثلاث وستين سنة وهو أبو الواعظ نجم الدين
وابن الحامض أبو الخطاب محفوظ بن عمر بن أبي بكر بن خليفة البغدادى التاجر روى عن عبد السلام الداهرى وجماعة
توفي بمصر يوم الأضحى
وابن العديم الصاحب جمال الدين أبو غانم محمد ابن الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد العقيلى الحلبي الفرضى الكاتب سمع من ابن رواحة وطائفة وببغداد ودمشق وانتهت إليه رئاسة الخط المنسوب توفي بحماة في أول أيام التشريق وله ستون سنة
وقاضي نابلس جمال الدين محمد بن القاضي نجم الدين محمد ابن القاضي شمس الدين سالم بن يوسف ابن صاعد القرشي المقدسى الشافعي روى عن أبي على الأوقى وتوفي في ربيع الآخر عن أربع وسبعين سنة
وصاحب اليمن الملك المظفر يوسف ابن الملك المنصور عمر بن رسول توفي في رجب وبقى في السلطنة نيفا وأربعين سنة وبقي قبله أبوه نيفا وعشرين سنة سامحهما الله
____________________
(5/384)
والجوهري الصدر نجم الدين أبو بكر بن محمد ابن عباس التميمى صاحب المدرسة الجوهرية الحنفية بدمشق توفي في شوال ودفن بمدرسته عن سن عالية
وأبو بكر بن إلياس بن محمد بن سعيد الرسعنى الحنبلى روى عن الفخر بن تيمية والقزوينى وتوفي بالقاهرة
وأبو الرجال بن مرى المنينى الرجل الصالح القدوة بركة الوقت توفي يوم عاشوراء بمنين عن نيف وثمانين سنة وكان صاحب حال وكشف وله عظمة في النفوس
وأبو الفهم بن أحمد بن أبي الفهم السلمى الدمشقى رجل مستور روى عن الشيخ الموفق وغيره
توفي في إحدى الربيعين وله ثلاث وثمانون سنة
____________________
(5/385)
سنة ثمان وتسعين وست مئة
698 استهلت وسلطان الإسلام الملك المنصور حسام الدين ونائبه منكوتمر وهو معتمد عليه في جل الأمور فشرع يمسك كبار الأمراء ويبقى آخرين
وفي ربيع الآخر استوحش قبجق المنصورى نائب الشام وبكتمر السلحدار والبكى غيرهم من فعائل منكوتمر وخافوا لا يبطش بهم وبلغهم دخول ملك التتار في الإسلام فأجمعوا على 230 ب الميسر إليه وكانوا مجردين بحمص فساروا منها على البرية ورد معظم العسكر فلم يلبث أن جاءنا الخبر بقتل السلطان ومنكوتمر على يد كرجى الأشرفي ومن قام معه هجم عليه كرجى في ستة أنفس وهو يلعب بعد العشاء بالشطرنج ما عنده إلا قاضي القضاة حسام الدين الحنفى والأمير عبد الله وبريد البدوى وأمامه المجير ابن العسال
قال حسام الدين رفعت رأسي فإذا سبعة أسياف تنزل عليه ثم قبضوا على نائبه فذبحوه من الغد ونودى للملك الناصر وأحضروه من الكرك فاستناب في المملكة سلار ثم قتل كرجى وطغجى الأشرفيان ثم ركب الملك الناصر بخلعة الخليفة وتقليده وقدم الأفرم على نيابة دمشق في جمادى الأولى
____________________
(5/386)
وفيها توفي ابن الحصيرى نائب الحكم نظام الدين أحمد ابن العلامة جمال الدين محمود أحمد البخارى الأب الدمشقى الحنفى وله نحو من سبعين سنة
والصوابى الخادم الأمير الكبير بدر الدين بدر الحبشي من المقدمين بدمشق وله مئة فارس
توفي فجأة بقرية الخيارة في جمادى الأولى وكان دينا معمرا موصوفا بالشجاعة والعقل والرأى روى لنا عن ابن عبد الدائم
والبيسرى الأمير الكبير بقية الصالحية وعين البحرية بدر الدين بيسرى الشمسى مات بالجب في ذي العقدة وقد شاخ
والتقى البيع الصاحب الكبير أبو البقاء توبة بن على ابن مهاجر التكريتى في جمادى الآخرة ودفن بتربته بسفح قاسيون وكان ناهضا كافيا في فنه وافر الحشمة والغلمان عاش ثمانيا وسبعين سنة وكان مولده بعرفة
____________________
(5/387)
والعماد عبد الحافظ بن بدران بن شبل المقدسى النابلسى صاحب المدرسة بنابلس روى عن الموفق وابن راجح وموسى بن عبد القادر وجماعة وطال عمره وقصد بالزيارة وتفرد بأشياء توفي في ذي الحجة
231 آ والشيخ على الملقن بن محمد بن على بن بقاء الصالحى المقرئ البغدادى العبد الصالح روى عن ابن الزبيدى وغيره وعاش ستا وثمانين سنة توفي في رابع شوال
وابن القواس مسند الوقت ناصر الدين أبو حفص عمر بن عبد المنعم بن عمر الطائى الدمشقى في ثاني ذي القعدة وله ثلاث وتسعون سنة سمع حضورا من ابن الحرستانى وأبي يعلى بن أبي لقمة فكان آخر من روى عنهما وأجاز له الكندى وطائفة وخرجت له مشيخة وكان دينا خيرا متواضعا محبا للرواية
____________________
(5/388)
وابن النحاس العلامة حجة العرب بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي عبد الله الحلبي شيخ العربية بالديار المصرية
توفي في جمادى الأولى وله إحدى وسبعون سنة روى عن الموفق بن يعيش وابن اللتى وجماعة وكان من أذكياء أهل زمانه
وابن النقيب الإمام المفسر العلامة المفتى جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان بن حسن البلخى ثم المقدسى الحنفى مدرس العاشورية بالقاهرة ولد سنة إحدى عشرة وقدم مصر فسمع بها من يوسف بن المخيلى وصنف تفسيرا كبيرا إلى الغاية وكان إماما زاهدا عابدا مقصودا بالزيارة متبركا به أمارا بالمعروف كبير القدر توفى فى المحرم ببيت المقدس
وصاحب حماة الملك المظفر تقى الدين محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد بن المظفر محمود بن المنصور محمد بن عمر بن شاهنشاه الحموى آخر ملوك حماة مات في الحادى والعشرين من ذي القعدة
والملك المنصور صاحب مصر والشام حسام الدين لاجين المنصورى السيفى قدم في أول سلطنة أستاذه
____________________
(5/389)
نائبا على قلعة دمشق فلما تملك سنقر الأشقر تلك الأيام اعتقله بالقلعة ثم ولى وجاءه تقليد نيابة دمشق في أثناء سنة تسع وسبعين واستمر إلى سنة تسعين فحمدت سيرته 231 ب ثم عزل بالشجاعى وقبض عليه الملك الأشرف ثم أطلقه ثم قبض عليه وخنقه ثم رق له وتركه بآخر رمق ثم أنعم عليه وكان أحد من خرج عليه وقتله ثم اختفى أشهرا فأجاره نائب الوقت كتبغا وعفا عنه السلطان وأعطى خبزا وارتفع شأنه وعظم وقعه في النفوس وهابته الشجعان فلما تسلطن كتبغا استنابه فودعه سنتين وتوثب عليه فأخذ منه الملك ولم يؤذه وأقام في السلطنة سنتين وقتل وكان فيه دين وعدل في الجملة وهو أشقر أصهب تام القامة عاش نحو خمسين سنة وقتل معه نائبه منكوتمر
وياقوت المستعصمى الكاتب الأديب جمال الدين البغدادى أحد من انتهت إليه رئاسة الخط المنسوب
والملك الأوحد نجم الدين يوسف بن الناصر صاحب الكرك ابن المعظم توفي بالقدس في ذي الحجة وله سبعون سنة سمع من ابن اللتى وروى عنه الدمياطى في معجمه
____________________
(5/390)
سنة تسع وتسعين وست مئة
699 في أوائلها تيقن قصد التتار الشام فوصل السلطان الملك الناصر إلى دمشق في ثامن ربيع الأول وانجفل الناس من كل وجه وهج الناس على وجوههم وسار الجيش في سابع عشر الشهر وتضرع الخلق إلى الله والتقى الجمعان بوادى الخزندار بين حمص وسلمية يوم الأربعاء في الثامن والعشرين من الشهر فاستظهر المسلمون وقتل من التتار نحو العشرة آلاف وثبت ملكهم غازان وولت الميمنة بعد العصر وقاتلت الخاصكية أشد قتال إلى الغروب وكان السلطان آخر من انصرف بحاشيته فسار نحو بعلبك وتفرق الجيش وقد ذهبت أمتعتهم ونهبت أموالهم ولكن قل من قتل منهم وجاءنا الخبر من الغد فخار الناس وأبلسوا وأخذوا يتسلون 232 آ بإسلام التتار ويرجون اللطف فتجمع أكابر البلد وساروا إلى خدمة غازان فرأى لهم ذلك وفرح بهم وقال نحن قد بعثنا الفرمان بالأمان قبل أن تأتوا
ثم انتشرت جيوش التتار بالشام طولا وعرضا وذهب
____________________
(5/391)
للناس من الأهل والمال والمواشي ما لا يحصى وحمى الله دمشق من النهب والسبى والقتل ولله الحمد لكن صودروا مصادرة عظيمة ونهب ما حول القلعة لأجل حصارها وثبت متوليها علم الدين أرجواش ثباتا لا مزيد عليه حتى هابه التتار ودام الحصار أياما عديدة وأدمن الناس على الخوف وأخذ الدواب جميعها وشدة العذاب في المصادرة مع الغلاء والجوع وضروب الهم والفزع لكنهم بالنسبة إلى ما تم بجبل الصالحية من السبي والقتل أحسن حالا فقيل إن الذي وصل إلى ديوان غازان من البلد ثلاثة آلاف ألف وسبع مئة سوى ما أخذ في الترسيم والبرطيل ولشيخ الشيوخ وكان إذا ألزم التاجر بألف درهم لزمه عليها فوق المائتين ترسيما يأخذه التتار ثم أعان الله وترحل الملك فى ثانى عشر جمادى الأولى غير مصحوب بالسلامة ثم ترحل بقية التتار بعد عشرة أيام ودخلت الجيوش القاهرة فى غاية الضعف ففتحت بيوت المال وأنفق فيهم نفقة لم يسمع بمثلها ومدة انقطاع خطبة الناصر من خوف التتار مئة يوم
____________________
(5/392)
وفيها توفي من شيوخ الحديث بدمشق والجبل أكثر من مئة نفس وقتل بالجبل ومات بردا وجوعا نحو أربعة آلاف منهم سبعون نسمة من ذرية الشيخ أبي عمرو
وفيها توفي أحمد بن زيد الجمالي الصالحى فقير مبارك روى عن ابن الزبيدى وغيره
وأحمد بن سليمان بن أحمد بن إسماعيل بن عطاف أبو العباس المقدسى ثم الحراني المقرئ روى عن القزوينى وابن روزبه ووالده الفقيه أبي الربيع توفي في جمادى الآخرة وله أربع وثمانون سنة
232 ب وأحمد بن عبد الله بن عبد العزيز أبو العباس اليونينى الصالحى الحنفي سمع البهاء عبد الرحمان وابن الزبيدى استشهد بالجبل في ربيع الآخر
وأحمد بن على بن البليبل البغدادى الحمصانى روى عن ابن اللتى
وأحمد بن فرج بن أحمد الإشبيلى الإمام شهاب الدين أبو العباس الشافعى المحدث الحافظ تفقه على ابن عبد السلام وحدثنا عن ابن الدائم وطبقته وكان له حلقة اشتغال بجامع دمشق عاش خمسا وسبعين سنة وكان ذا ورع وعبادة وصدق
____________________
(5/393)
وأحمد بن محمد بن حمزة بن منصور أبو العباس الهمدانى الطبيب النجم الحنيبلى روى عن ابن الزبيدى ومات بدويرة حمد في رمضان
وأحمد بن محمد بن محمد بن أبي الفتح أبو العباس ابن المجاهد الصالحى الحداد روى عن أبي القاسم بن صصرى وابن الزبيدى وأجاز له الشيخ الموفق هلك بالجبل فيمن هلك رحمه الله
وابن جعوان المفتى الزاهد شهاب الدين أحمد بن محمد ابن عباس الدمشقي الشافعي أخو الحافظ شمس الدين كان عمدة في النقل روى عن ابن عبد الدائم
وأحمد بن محسن بن ملى العلامة نجم الدين أحد أذكياء الرجال وفضلائهم في الفقه والأصول والطب والفلسفة والعربية والمناظرة روى عن البهاء عبد الرحمان وابن الزبيدى وتوفي في جمادى الآخرة بجبل الظنيين وله اثنتان وثمانون سنة
____________________
(5/394)
وأحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عساكر المسند الأجل شرف الدين أبو العباس الدمشقى ويقال أبو الفضل ولد سنة أربع عشرة وسمع القزوينى وابن صصرى وزين الأمناء وطائفة وأجاز له المؤيد الطوسى وأبو روح الهروى وآخرون وروى الكثير وتفرد بأشياء توفي في الخامس والعشرين من جمادى الأولى
وإبراهيم 233 آ بن أحمد بن محمد بن خلف ابن راجح العماد الماسح ولد القاضي نجم الدين المقدسى الصالحى روى عن إسماعيل بن ظفر وجماعة وبالإجازة عن عمر بن كرم توفي في أواخر السنة عن نيف وسبعين سنة
وإبراهيم بن أبي الحسن بن عمرو أبو إسحاق الفراء الصالحى سمع الموفق والبهاء والقزوينى استشهد بالجبل وله سبع وثمانون سنة
____________________
(5/395)
وإبراهيم بن عنبر الماردينى الأسمر حدثنا عن ابن اللتى
توفي في جمادى الأولى بعد الشدة والضرب
وأيوب بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله الشيخ بهاء الدين أبو صابر الأسدى الحلبى الحنفى ابن النحاس مدرس القليجية وشيخ الحديث بها روى لنا عن ابن روزبه ومكرم وابن الخازن والكاشغرى وابن خليل
توفي في شوال عن اثنتين وثمانين سنة
وبلال المغيثى الطواشى الكبير الأمير أبو الخير الحبشى الصالحى روى عن عبد الوهاب بن رواج
توفي بعد الهزيمة بالرمل وهو في عشر المئة
وجاعان الأمير الكبير سيف الدين الذي ولى الشد بدمشق كان فيه خير ودين
توفي بأرض البلقاء في أول الكهولة
والمطروحى الأمير جمال الدين بن الحاجب من جلة أمراء دمشق ومشاهيرهم عمل للحجوبية مدة وعدم بعد الوقعة فيقال أسر وبيع للفرنج
____________________
(5/396)
وحسام الدين قاضي القضاة الحسن بن أحمد بن أنو شروان الرازى ثم الرومى الحنبلى عدم بعد الوقعة وتحدث أنه في الأسر بقبرص ولم يثبت ذلك فالله أعلم وكان هو والمطروحى من أبناء السبعين
وابن هود الشيخ الزاهد بدر الدين حسن بن على ابن يوسف بن هود المرسى الصوفي الاتحادى الضال مات في السادس والعشرين من شعبان بدمشق وله ثمان وستون سنة
وابن النشابى الوالي عماد الدين حسن بن على وكان قد أعطى الطبل خاناه مات بالبقاع في شوال وحمل إلى تربته بقاسيون
233 ب وابن الصيرفي شرف الدين حسن بن على ابن عيسى اللخمى المصرى المحدث أحد من عنى بالحديث وقرأ وكتب وولى مشيخة الفارقانية روى عن ابن رواج وابن قميرة وطائفة ومات في ذي الحجة
وخديجة بنت المفتى محمد بن محمود بن المراتبى أم محمد روت لنا عن ابن الزبيدى وتوفيت في جمادى الأولى بالجبل
____________________
(5/397)
وخديجة بنت يوسف بن غنيمة العالمة الفاضلة أمة العزيز روت الكثير عن ابن اللتى ومكرم وطائفة وقرأت غير مقدمة في النحو وجودت الخط على جماعة وتكلمت في الأعزية مدة وحجت
توفيت في رجب عن نيف وسبعين سنة
وزينب بنت عمر بن كندى أم محمد الحاجة البعلبكية الدار الدمشقية المحتد لها أوقاف ومعروف روت بالإجازة عن المؤيد الطوسى وأبي روح وعدة
توفيت في جمادى الآخرة عن نحو تسعين سنة
والشيخ سعيد الكاسانى الفرغانى شيخ خانقاه الطاحون وتلميذ الصدر القونوى كان أحد من يقول بالوحدة شرح تائية ابن الفارض في مجلدتين ومات في ذي الحجة عن نحو سبعين سنة
وابن الشيرجى الصاحب فخر الدين سليمان بن العماد محمد بن أحمد بن محمد مات في رجب عن نيف وستين سنة سمع من ابن الصلاح ولم يحدث وكان ناظر الدواوين فأقره نواب التتار على النظر فمنع أرجواش الناس من تشييعه وطردوهم لذلك وما بقى معه غير ولده
____________________
(5/398)
والدوادارى الأمير الكبير علم الدين سنجر التركى الصالحى من نجباء الترك وشجعانهم وعلمائهم وله مشاركة جيدة في الفقه والحديث وفيه ديانة وكرم سمع الكثير من الزكى المنذرى والرشيد العطار وطبقتهما وله معجم كبير وأوقاف بدمشق والقدس تحيز إلى حصن الأكراد فتوفى به في رجب عن بضع وسبعين سنة رحمه الله
234 آ وصفية بنت عبد الرحمان بن عمرو الفراء المنادى أم محمد روت في الخامسة عن الشيخ الموفق وعدمت بالجبل
والطيار الأمير الكبير سيف الدين المنصورى أدركته التتار بنواحى غزة فقاتل عن حريمه حتى قتل وحصل له خير بذلك فإنه كان مسرفا على نفسه
وعبد الدائم بن أحمد بن ربح المحجى القبانى الصالحى روى لنا عن ابن الزبيدى وغيره مات في تاسع جمادى الأولى بالجبل بعد شدائد
____________________
(5/399)
والباجربقى المفتى المفتن جمال الدين عبد الله ابن عمر بن عثمان الشيبانى الدنيسرى الشافعى اشتغل بالموصل وقدم دمشق فدرس واشتغل وحدث بجامع الأصول عن رجل عن مؤلفه وعاش نحو التسعين أو أكثر وكان حسن السمت كثير العبادة والإفادة
توفي في خامس شوال
وعبد العزيز بن محمد بن عبد الحق بن خلف العدل الإمام عز الدين أبو محمد الدمشقى الشافعى روى عن ابن الزبيدى والإربلي وطائفة وكتب الخط المنسوب وتوفي في جمادى الآخرة عن أربع وسبعين سنة
وابن الزكى القاضى عز الدين عبد العزيز ابن قاضى القضاة محيى الدين يحيى بن محمد القرشي مدرس العزيزية وقد ولى نظر الجامع وغير ذلك ومات كهلا
وعبد الولى بن على ابن السماقى روى عن ابن اللتى توفي أيام التتار ودفن داخل السور
____________________
(5/400)
وعبيد الله بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسى العلاف روى عن جعفر الهمدانى وكريمة
والمؤيد على بن إبراهيم بن يحيى بن عبد الرزاق ابن خطيب عقربا عدل كاتب 234 ب متميز روى عن ابن اللتى والناصح وطائفة
توفي في رجب عن سبع وسبعين سنة
وعلى بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة أبو الحسن المقدسى قيم جامع الجبل اعتنى بالرواية قليلا وكتب اجزاء وسمع من البهاء عبد الرحمان وابن صباح وببغداد من الكاشغرى وطائفة وكان صالحا كثير التلاوة عذبه التتار إلى أن مات شهيدا وله اثنتان وثمانون سنة
وعلى بن مطر المحجى ثم الصالحى البقال روى عن ابن الزبيدى وابن اللتى وقتل بالجبل في جمادى الاولى
وابن العقيمى شيخ الأدباء جمال الدين عمر بن إبراهيم بن حسين بن سلامة الرسعنى الكاتب ولد سنة ست وست مئة برأس عين وأجاز له الكندي وسمع من القزوينى وابن روزبه وطائفة وبرع في النظم والنثر
توفي في شوال
____________________
(5/401)
وإمام الدين قاضي القضاة أبو القاسم عمر بن عبد الرحمان القزوينى الشافعى انجفل إلى مصر فتألم في الطريق وتوفي بالقاهرة بعد أسبوع في ربيع الآخر وكان تام الشكل سمينا متواضعا مجموع الفضائل لم يتكهل
وعمر بن يحيى بن طرخان المعرى ثم البعلبكى روى عن الإربلى وغيره وكان ضعيفا في نفسه
والمجد عيسى بن بركة بن والى الحورانى الصالحى المؤدب روى عن ابن اللتى وغيره هلك في جمادى الأولى
ومحمد بن أحمد بن نوال الرصافى ثم الصالحى روى عن ابن الزبيدى
وابن غانم الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن سلمان بن حمايل بن على المقدسى الشافعي الموقع سبط الشيخ غانم المقدسى روى لنا عن شيخ الشيوخ تاج الدين بن حمويه وكان مع تقدمه في الإنشاء فقيها مدرسا ذكر لخطابة دمشق
توفي في شعبان وله اثنتان وثمانون سنة رحمه الله
____________________
(5/402)
235 آ وابن الفخر المفتى المتفنن شمس الدين محمد ابن الإمام فخر الدين عبد الرحمان بن يوسف البعلبكى الحنبلي أحد الموصوفين بالذكاء المفرط وحسن المناظرة والتقدم في الفقه وأصوله والعربية والحديث وغير ذلك روى عن خطيب مروا وطبقته وعاش خمسا وخمسين سنة
توفي في تاسع رمضان درس بالمسمارية وحلقة الجامع
ومحمد بن عبد الغنى بن عبد الكافى الأنصارى ابن الحرستانى زين الدين الذهبى المعروف بالنحوى دين خير متودد روى عن ابن صباح وابن اللتى
وتوفي في ذي القعدة عن خمس وسبعين سنة
ومحمد بن عبد القوى العلامة شمس الدين المرداوى الصالحى الحنبلى درس وأفتى وصنف وبرع في العربية واللغة واشتغل مدة وكان من محاسن الشيوخ روى عن خطيب مروا وطبقته وعاش سبعين سنة أو أكثر توفي في ربيع الأول
____________________
(5/403)
ومحمد بن عبد الكريم بن عبد القوى أبو السعود المنذرى المصرى روى عن ابن المقير وجماعة وتوفي في ربيع الأول عن خمس وستين سنة
والفخر محمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد ابن الحباب التميمى المصرى ناظر الخزانة روى عن على بن الجمل وجماعة توفي في ربيع الأول عن خمس وسبعين سنة
وابن الواسطى شمس الدين محمد بن على بن أحمد بن فضل الصالحى الحنبلى سمع حضورا من الموفق وموسى بن عبد القادر وابن راجح وسمع من ابن البن وابن أبي لقمة وطائفة
توفي بمارستان البلد في رجب بعد أن قاسى الشدائد وكان قليل العلم خيرا ساكنا
والخطيب موفق الدين محمد بن محمد بن المفضل بن محمد البهرانى القضاعى الحموي الشافعى ويعرف بابن حبيش خطيب حماة ثم خطيب دمشق ثم قاضى حماة روى لنا بالإجازة عن جده مدرك بن أحمد وكان شيخا منورا مديد القامة مهيبا كثير 325 ب الفضائل توفي بدمشق في أواخر جمادى الآخرة وله سبع وسبعون سنة
____________________
(5/404)
ومحمد بن مكى بن أبي الذكر القرشى الصقلى الرقام روى بمصر عن ابن صباح والإربلى وطائفة كبيرة توفي في ربيع الآخر وله خمس وسبعون سنة
ومحمد بن هاشم بن عبد القاهر بن عقيل العدل أبو عبد الله الهاشمي العباسى الدمشقي روى عن ابن الزبيدى وأبي المحاسن الفضل بن عقيل العباسى وبالإجازة المضمن ذكره فيها عن أبي روح الهروى شهد مدة وانقطع ببستانه ومات في رمضان عن ثلاث وتسعين سنة
والموفق محمد بن يوسف بن إسماعيل المقدسى الحنبلى الشاهد عن ابن المقير ومات في شعبان عن خمس وسبعين سنة
ومحمد بن يوسف بن خطاب التلى الصالحى حدثنا عن جعفر الهمدانى ومات في جمادى الأولى بعد المحنة والشدة بالجبل
____________________
(5/405)
ومريم بنت أحمد بن حاتم البعلبكية حضرت البهاء وسمعت الإربلى وكانت صالحة خيرة
ومنكبرس الأمير ركن الدين الجمالى العزيزى نائب غزة استشهد بعد أن قاتل وبين وعاش نحو سبعين سنة روى عن السبط
وكرت الأمير سيف الدين بن عبد الله نائب سلطنة طرابلس حمل مرات وقتل جماعة ثم قتل وكان ذا دين وخير وشجاعة
وابن المقير أبو الفرج عبد الرحمان بن عبد الله ابن أبي الحسن المقرئ روى عن إبراهيم بن الخير وجماعة وكان عبدا صالحا حضر المصاف واستشهد يومئذ
وسنجر علم الدين الجمالي العزيزى الأمير استشهد يومئذ وقد روى عن السبط
وابن المقدم الأمير نوح بن عبد الملك ابن الأمير الكبير شمس الدين محمد بن المقدم لجده المواقف المشهورة وهو الذي استشهد بعرفة في زمن صلاح الدين 236 آ وكان هذا من أمراء حماة استشهد يومئذ وله خمس وسبعون سنة وقد حدث عن ابن رواحة فهؤلاء الخمسة هم الذين عرفنا من كبار من قتل يوم المصاف
____________________
(5/406)
وهدية بنت عبد الحميد بن محمد المقدسية الصالحية روت الصحيح عن ابن الزبيدى
وتوفيت بالجبل في ربيع الآخر
ووهبان بن على بن محفوظ أبو الكرم الجزرى المؤذن المعمر ولد بالجزيرة سنة أربع وست مئة وسمع بمصر من ابن باقا
توفي في ربيع الأول وكان مؤذن السلطان مدة
وابن الشقارى أمير الحاج عماد الدين يوسف بن أبي نصر بن ابي الفرج الدمشقى حدث بالصحيح مرات وروى عن الناصح والأربلى وجماعة وحج مرات توفي زمن التتار ووضع في تابوت فلما أمن الناس نقل إلى النيرب ودفن بقبته التي بالخانقاه وله نحو من تسعين سنة
____________________
(5/407)
وابن خطيب بيت الآبار محيى الدين أبو بكر عبد الله ابن عمر بن يوسف المقدسى روى عن ابن اللتى والإربلى ومات في شعبان
وأبو محمد عبد الله المرجانى المغربى الواعظ المذكر أحد مشايخ الإسلام علما وعملا توفي بتونس في هذه السنة وصلى عليه بالقاهرة صلاة الغائب في رمضان سنة سبع مئة
700 في صفر قويت الأراجيف بالتتار وأكريت المحارة إلى مصر بخمس مئة درهم وأبيعت الأمتعة بالثمن البخس
وفي ربيع الآخر جاوز غازان بجيشه الفرات وقصد حلب والسلطان نازل على بدعرش وكثرت الأمطار وجبيت الأموال على الأملاك فأخذوا أجرة أربعة أشهر وساق بنحاص المنصورى إلى بدعرش فأخبر السلطان بقدوم العدو فرجع السلطان إلى مصر ولم يظهر لقدومه فائدة فتشوشت الخواطر 236 ب وجمع الخلق
____________________
(5/408)
على وجوههم في الوحل والأمطار ثم ساق الشيخ تقى الدين في البريد إلى القاهرة وحرضهم على الجهاد واجتمع بأكابر الأمراء ثم نودى في دمشق من قدر على الهرب فلينج بنفسه فانقلبت المدينة وانرص الخلق بالقلعة وأشرف الناس على خطة صعبة وأبيع اللحم بتسعة دراهم وبقي الخوف أياما ثم تناقص برجعة غازان لما ناله من المشاق والثلوج
وفيها توفي العز أحمد بن العماد عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة أبو العباس المقدسى الصالح روى عن الشيخ الموفق وابن أبي لقمة وابن راجح وموسى بن عبد القادر وطائفة وخرج له مشيخة سمعها خلق وزاره نائب السلطنة توفي في ثالث المحرم وله ثمان وثمانون سنة
والعماد أحمد بن محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد أبو العباس المقدسى الصالحى الحنبلى شيخ صالح فاضل مشهور روى عن القزوينى وابن الزبيدى وجماعة وروى الكثير
توفي في المحرم وله ثلاث وثمانون سنة
____________________
(5/409)
والشيخ إسماعيل بن إبراهيم بن سونح الصالح الفقير شيخ البكرية كان يتوب لأبى بكر رضي الله عنه وله أصحاب وفيه خير وسكون مات كهلا
وابن الفراء العدل المسند الكبير عز الدين أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمان بن عمرو المرداوى الصالحى الحنبلي روى عن الموفق وابن راجح وابن البن وجماعة وروى الصحيح مرات وكان صالحا متواضعا متعبدا قاسى الشدائد عام أول واحترقت أملاكه توفي في سادس جمادى الآخرة وله تسعون سنة
وأيدمر الأمير الكبير عز الدين الظاهرى الذي كان نائب دمشق في دولة مخدومه حبس مدة ثم أطلق فلبس عمامة مدورة وسكن بمدرسته عند الجسر الأبيض توفي في ربيع الأول ودفن بتربته وكان أبيض الرأس واللحية
237 آ والطباخى الأمير الكبير سيف الدين بلبان المنصورى ولى إمرة حلب وإمرة طرابلس وكان من جلة الأمراء وكبارهم
توفي فى ربيع الأول بالساحل كهلا وخلف جملة
____________________
(5/410)
وابن عبدان المسند شمس الدين أبو القاسم الخضر بن عبد الرحمان بن الخضر بن الحسين بن الخضر بن الحسين ابن عبد الله بن عبدان الأزدى الدمشقى الكاتب في جهات الظلم وكان عريا من العلم لكنه تفرد بأشياء وحدث عن ابن البن والقزوينى وأبي القاسم بن صصرى وجماعة
توفي في ذي الحجة عن أربع وثمانين سنة
وزينب بنت قاضي القضاة محيى الدين يحيى بن محمد بن الزكى القرشى الدمشقى أم الخير روت عن على بن حجاج وابن المقير وجماعة
توفيت في شعبان عن بضع وسبعين سنة
وعبد الملك بن عبد الرحمان بن عبد الأحد بن العنيقة أبو محمد الحرانى العطار روى عن ابن معالى العطار وابن يعيش وابن خليل ومات بطريق مصر عن ثلاث وثمانين سنة
وعبد المنعم بن عبد اللطيف بن زين الأمناء أبي البركات ابن عساكر أبو محمد الدمشقى روى عن ابن غسان وابن اللتى وطائفة
توفي في رجب وله أربع وسبعون سنة
____________________
(5/411)
والفرضى الإمام شمس الدين أبو العلا محمود بن أبي العلاء البخارى الكلاباذى الحنفى الصوفي الحافظ كان إماما في الفرائض مصنفا فيها له حلقة أشغال وسمع الكثير بخراسان والعراق والشام ومصر وكتب بخطه الأنيق المتقن الكثير ووقف أجزاء وراح مع التتار من خوف الغد فنزل بماردين أشهرا وأدركه أجله بها وله ست وخمسون سنة وكان صالحا دينا سنيا حدثنا عن محمد ابن أبي الدنية وغيره
والغسولى أبو على يوسف بن أحمد بن أبي بكر الصالحى الحجار روى عن موسى بن عبد القادر والشيخ الموفق وعاش ثمانيا وثمانين سنة وهو آخر من روى في الدنيا عن موسى
توفي في نصف جمادى الآخرة بالجبل خدم مدة في الحصون وقد حدث في حياة ابن عبد الدايم وكان فقيرا متعففا أميا لا يكتب
____________________
(5/412)
قال شيخنا الذهبي رحمه الله تعالى وقد انتهى ما أردت إيراده من كتاب الحوادث وأكابر الناس من العلماء والرواة والأعيان
فأسأل الله المنان بفضله على عباده أن يغفر لى زلتى وأن يرحم غربتى ويلقنى حجتى يوم حاجتى آمين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين انتهى بحمد الله صلى الله عليه وسلم
____________________
(5/413)