رسالة
في السبعة الذين يظلهم الله يوم
القيامة يوملا ظلّ إلاّ ظله
تأليف
الشيخ عبدالباقي الزرقاني المالكي
تحقيق
الدكتور
جميل عبد الله عويضة
1430هـ / 2009م
الزرقاني (1) :
عبد الباقي بن يوسف بن أحمد شهاب الدين بن محمد بن علوان الزرقاني المالكي ، العلامة ، الإمام ، الحجة شرف العلماء ، ومرجع المالكية ، وكان عالما ، نبيلا ، فقيها ، متبحرا ، لطيف العبارة .
ولد بمصر في سنة عشرين وألف ، وبها نشأ ، ولزم النور الأجهوري سنين عديدة ، وشهد له بالفضل ، وأخذ علوم العربية عن العلامة يس الحمصي والنور الشبراملسى ، وحضر الشمس البابلي في دروسه الحديث ، وأجازه جل شيوخه ، وتصدر للإقراء بجامع الأزهر .
ألف مؤلفات كثيرة منها : شرح على مختصر خليل ، تشد إليه الرحال ، وشرح على العزية ، وغير ذلك .
وكان رقيق الطبع ، حسن الخلق ، جميل المحاورة ، لطيف التأدية للكلام وكانت وفاته ضحى يوم الخميس رابع عشرى شهر رمضان سنة تسع وتسعين وألف بمصر ودفن بتربة المجاورين .
السخاوي (2) :
علم الدين السَّخاوي الشافعي المقرئ النحوي علي بن محمد بن عبد الصمد العلاّمة علم الدين، أبو الحسن الهَمْداني السَّخاوي المصري، شيخ القرّاء بدمشق. ولد سنة ثمانٍ أو تسع و خمسين و خمس مائة، وتوُفي بدمشق ليلة الأحد، ثاني عشر جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربعين وست مائة.
كان السخاوي إماماً، علاّمةً، مقرئاً، محقِّقاً، مجوِّداً، بصيراً بالقراءات وعللها، إماماً في النحو واللغة والتفسير، وله معرفةٌ تامّةٌ بالفقه والأصول. وكان يفتي على مذهب الشافعي.
__________
(1) هذه الترجمة من خلاصة الأثر في أعيان القرن الثاني عشر2/287
(2) هذه الترجمة من الصفدب ، الوافي بالوفيات ، ص 17403 ـ 17407 / الموسوعة الشعرية .(1/1)
وتصدّر للإقراء بجامع دمشق، وازدحم عليه الطلبة، وتنافسوا في الأخذ عنه، وقصدوه من البلاد. قال ابن خلِّكان: رأيته مراراً راكباً بهيمة إلى الجبل، وحوله اثنان وثلاثة يقرؤون عليه في أماكن مختلفة دفعةً واحدة، وهو يردُّ على الجميع.
ومن تصانيفه: شرح الشاطبيّة في مجلدين، وشرح الرائية في مجلد، وكتاب جمال القراء وتاج الإقراء، وكتاب منير الدياجي في تفسير الأحاجي، وكتاب التفسير إلى الكهف في أربع مجلدات، وكتاب المفضَّل في شرح المفصَّل، وله قصيدة سماها ذات الحُلل، وهي على طريق اللغز وشرحها في مجلد، وكتاب تحفة الفرَّاض وطُرفة تهذيب المرتاض، وكتاب هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب في متشابه الكتاب، وأرجوزة تسمّى الكوكب الوقّاد في تصحيح الاعتقاد، وله القصيدة الناصرة لمذهب الأشاعرة تائيّة، وعروس السَّمَر في منازل القمر نونيّة، وله مدائح في النبي صلّى الله عليه وسلّم، وله كتاب سفر السعادة وسفير الإفادة وهو كتاب كثير الفوائد في اللغة والعربية.
بسم الله الرحمن الرحيم
... أمَّا بعد ....
... ... حمدا لله على نعمه التترى ، وشكره على مزيد أنعامه علينا دنيا وأحرى ، والصلاة والسلام على مَنْ جعل دعوته شفاعة لنا يوم القيامة ذخرا ، وعلى آله وأصحابه الذين نالوا به أعلى مقام ، أعظم به فخرا .(1/2)
... فهذه عجالة للقاصرالباع ، القليل الاطلاع ، ممن لي الأنام ضارع ، ولم يحمل رماح الحفظ على عاتقه ، ولا بين فرسان الحفاظ بسهام الإصابة صارع ، انتقيتها من كتاب الحافظ الشهير ، العالم الكبير ، أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي ، متَّعه الله بالنظر إليه ، وجعله ممن بظل عرشه يأوي ، في الخصال الموجبة للظِلال ، فإنه رحمه الله تعالى قد أجاد، ومدَّ ساعد الجدِّ حتى أفاد فوق ما استفاد (1) .
__________
(1) قوله : أفاد فوق ما استفاد ، هو مشكل ؛ لأن الإنسان لا يكون مفيدا لغيره إلاّ بأن يصدق ، وذكر ما لم يكن استفاده كذب ، فلا يمكن أن يفيد فوق ما استفاد ، ولعل الجواب تخصيص قوله ما استفاد بأن يكون حذف متعلقه لضيق السجع ، أي ما استفاد من بعض المؤلفات في ذلك ؛ لقصوره عن بعض الخصال ، فوجد في الآثار غير ما فيه ، أو ما استفاد من مشايخه ، وأنه وجد زيادة عما قالوه بأن عثر عليها في الكتب ، أو ما كان استفاده في الزمن الأول ، فإنه لما اجتهد في جمع ذلك ، وتأليفه وجد زيادة عما كان استفاده قبل ، فأفاده ، أو نحو ذلك مما يحتمل ، الحاشية .(1/3)
... روى الشيخان ، والنسائي ،والطيالسي عن أبي هريرة ، والإمام / مالك في 2 ب الموطأ ، ومن طريقه مسلم والترمذي ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( سبعةٌ يُظِلُّهُم اللهُ عزَّ وجلَّ في ظِلَّهِ يومَ لا ظِلَّ لإلاّ ظِلُّهُ : إمامٌ عادِل، وشابٌّ نشأَ في عِبادةِ اللهِ ، ورجلٌ قلبُهُ مُعَلَّقٌ في المساجدِ إذا خرجَ منه حتى يعودَ إليه ، ورجلانِ تَحابَّا في الله ، اجتمعا على ذلك ، وافترقا عليه ، ورجلٌ ذكرَ اللهَ خالياً ففاضت عيناه ، ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إنِّي أخافُ اللهَ ، ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفِقُ يمينُه ) رواه أبو نعيم وغيره من حديث أبي هريرة ، وابن الجراح في أماليه من حديث ابن مسعود، فقالا بدل وشاب نشأ في عبادة الله : ورجلٌ كان في سريَّة مع قوم فلقوا العدو ، فانكشفوا ، فحمى آثارهم ، وفي لفظ ديارهم ، حتى نَجَوْا ونجا ، أو استشهد ، قال الحافظ ابن حجر : حسنٌ غريب جدا .
/ ... وروى الحاكم وتلميذه البيهقي في الشُّعب عنه حديث أبي هريرة ، فقال بدل 3 أ الشاب أيضا : ورجلٌ تعلّم القرآن في صغره ، فهو يتلوه في كبره .(1/4)
... وروى عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد لأبيه الحديث عن سليمان موقوفا ، وحكمه الرفع (1) ، فمثله لا يقال رأيا ، وأبدل الإمام والشاب بقوله : ورجل يراعي الشمس لمواقيت الصلاة ، ورجل إنْ تكلّم تكلَّم بعلم ، وإنْ سكتَ سكت عن حلم ، ورواه ابن أبي الدنيا بلفظ : سبعة يظلهم الله في ظلّ عرشه رجل نبت بحلم أو علم ان تكلم ....الخ .
... وأخرج ابن عدي عن أنس رفعه : أربعة في ظل الله ، وعدّ الشاب ، والمتصدق ، والإمام ، قال : ورجل تاجر ، اشترى وباع ، فلم يقل إلاّ حقا ، وسنده ضعيف ، لكن له طريق آخر عنه مرفوعا بلفظ التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة ، رواه الديلمي ، والأصفهاني ، وهو ضعيف أيضا ، لكن له / شواهد عن سلمان عند البيهقي وعليَ 3 ب مرفوعا وأبي هريرة مرفوعا .
... وأخرج مسلم والحسن بن سفيان ، وأبو يعلى ، وآخرون عن أبي اليسر عن النبي صلى الله عليه وسلم مَن أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله .
__________
(1) قوله : وحكمه الرفع سيأتي قريبا في حديث أبي الدرداء ما يؤخذ منه أنه يُشترط في الصحابي الذي حديثه له حكم الرفع أن لا يكون ممن يأخذ عن أهل الكتاب ، مع ىأنّ سلمان وهو الفارسي كان أصله مجوسيا ، ثم تنصر ، وخدم جماعة من الرهبان والقسيسين ، أي علمائهم ، فكيف يكون لحديثه الموقوف حكم الرفع ، وسيأتي عن وهب بن منبه ، وعن كعب الأحبار وعن عطاء بن يسَّار ما ليس مرفوعا ، فالنقل عنهم يستدل به في هذا المقصد ؛ لأنه باب فضائل الأعمال ، وأكثر ما ينقلونه هو من الكتب المنزلة ، فلعل الطريق إليها مثل الطريق إلى الأحاديث الضعيفة . الحاشية .(1/5)
... وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه عن عثمان ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أظلَّ الله عبدا في ظله يوم لا ظلّ إلاّ ظله مَنْ أنظر معسرا ، أو ترك لِغَارِمٍ ، وللطبراني في الأوسط عن شداد بن أوس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَنْ أنظر مُعسرا ، أو تصدّق عليه أظلّه الله في ظله يوم القيامة ، والصدقة على المعسر أسهل (1) من الوضع عنه ، فهي غيرها ، وله أيضا عن جابر مرفوعا : أظلّ الله في ظله يوم القيامة من أنظر معسراً ، أو أعان أخرق ، وفي إسناده ضعف ، والأخرق الذي لا صناعة له ، ولا يقدر أن يتعلم صنعة ، ولأحمد وابن أبي شيبة ، وعبد بن حُميد ، والحاكم، / والبيهقي عن سهل بن حنيف مرفوعا : مّنْ أعان مجاهدا في سبيل الله ، أو غارما 4 أ في عسرته ، أو مكاتبا في رقبته ، أظله الله في ظله ، يوم لا ظل إلاّ ظله ، وإعانة الغارم لا تتكرر مع الترك له ؛ لأنه أخص (2) من معونته .
__________
(1) في الحاشية : لعل المناسب أعم .
(2) قوله : لأنه أخص : أي الترك له أخص من معونته ، فالمعونة أعم ، فيكون فيها زيادة . الحاشية(1/6)
... وأخرج أبو يعلى ، والضياء في المختارة عن عمر رفعه : مَنْ أظلَّ رأس غازٍ أظله الله يوم القيامة ، ولأبي الشيخ في النوائب ، ومن طريقه التميمي في ترغيبه ، وأبو نعيم في فضل إطعام الطعام عن جابر رفعه : ثلاثلٌ مَنْ كُنَّ فيه أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظلّ إلاّ ظله ، الوضوء على المكاره ، والمشي إلى المساجد في الظُلَم ، وإطعام الجائع ، قال الحافظ ابن حجر : غريب ، وفيه القفاري ضعيف جدا ، لكنْ في الترغيب في كلٍّ من الثلاثة أحاديث قوية، وللطبراني عن جابر : مَنْ أطعم الجائع حتى يشبع أظله الله تحت ظل عرشه ، وإشباع الجائع أخص من مُطلق إطعامه ، قلت : لا ينهض هذا مع اتّحاد المخرج / وهو 4ب جابر ، فيحتمل أنّ ترك الغاية في الرواية الأولى تقصيره في السماع ، أو المراد الإطعام المعتبر ، وهو الإشباع ، بدليل الرواية الثانية ، لكنْ قد عدّهما الأصل خصلتين ، انتهى .(1/7)
... ولأبي الشيخ بسند ضعيف عن عليّ رفعه : أنَّ سيّد التجار لزم التجارة التي دلّ الله عليها من الإيمان بالله ورسوله ، وجهاد في سبيله ، فمن لزم البيع والشراء فلا يذمّ إذا اشترى ، ولا يحمد إذا باع ، وليصدق الحديث ، ويؤدِ الأمانة ، ولا يَقْمَ (1) ن للمؤمنين الغلاء ، فإذا كان كذلك كان أحد السبعة الذين في ظل العرش ، وهذا قدر زائد على الصدق ، فيمكن أن يكون خصلة مستقلة ، وللطبراني عن أبي نعيم ، والديلمي ، وابن عدي ، عن أبي هريرة رفعه : أوحى الله إلى إبراهيم : يا خليلي حَسِّن خُلُقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار ، وإنّ كلمتي سبقت لمن حَسُن خُلُقه أنْ أُظلَّه تحت ظل عرشي ، وأسقيه من حظيرة قدسي ، وأدنيه من / جُِواري .
__________
(1) أي يكون حريا به ، أو يسرّع . اللسان ( قمن )(1/8)
وللطبراني عن جابر رفعه في حديث : ومَنْ كفل يتيما ،5أ أو أرملة أظله الله في ظله يوم القيامة ، ضعيف ، لكن له شواهد ، وأحمد وابن منيع والبيهقي وغيرهم عن عائشة رفعته : أتدرون مَنْ السابق إلى ظلّ الله يوم القيامة ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : الذين إذا أعطوا الحقّ قبلوه ، وإذا سُئلوا بذلوا ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم ، قال الحافظ ابن حجر : غريب ، ولم أره إلاّ من حديث ابن لهيعة ، وحاله معروف ، وابن عساكر ، وابن شاهين ، وابن أبي الدنيا ، والحاكم عن أبي ذرٍّ رفعه : إنّي موصيك بوصية فاحفظها ، لعلها تنفعك زُرْ القبور تذكرك الآخرة ، قلت : بالليل ، قال : لا بالنهار أحيانا ، ولازمْ غسل الموتى فإنّ في مُعاينة جسد خاوٍ موعظة بليغة ، وصلِّ على الجنائز ، لعل ذلك يُحزنك ، فإنّ الحزين في ظل الله معرض / لكل خير ، وجالس 5 ب المساكين ، وسلّم عليهم ، وكل مع صاحب البلاء إيمانا وتواضعا ، والبسْ الخَشِن من الثياب وتزيّن لعبادة ربك أحيانا ، ولا تعذِّب شيئا مما خلق الله بالنار ، قال الحافظ ابن حجر : غريب ، وفيه ضعف ، وخفيَت عِلَّتُه على الحاكم فاستدركه ، وابن شاهين ، وأبي نعيم ، وغيرهما عن الصدّيق ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الوالي العادل ظلُّ الله ورمحه في الأرض ، فمَنْ نصحه في نفسه ، وفي عباد الله أظله الله يوم القيامة بظله يوم لا ظلَّ إلاَ ظله ، ومن غشَّه في نفسه ، وفي عباد الله خذله الله يوم القيامة ، رجاله معروفون إلاّ سليمان بن رجال ، فقال أبو حاتم مجهول ، وأبو بكر بن لال ، وأبو الشيخ عن الصديق رفعه : مَنْ أراد أنْ يُظله الله بظله فلا يكن على المؤمنين غليظا ، وليكن بالمؤمنين رحيما ، والدار قطني ، وابن شاهين عن الصديق وابن السني والديلمي عنه ، وعن عمران بن حصين ، قالا : قال موسى عليه السلام / لربه عزّ وجلّ : ما جزاء مَن عزّى 6 أ الثكلى ، قال : أظله في ظلي يوم لا ظلَّ إلاّ(1/9)
ظلي ، قال الحافظ القسطلاني : وطريق كلٍّ من هذين الحديثين أوهى مما مرّ ، وابن أبي الدنيا عن فضيل بن عياض ، قال : بلغني أنّ موسى قال : أي رب مَنْ تُظلّ تحت عرشك يوم لا ظلّ إلاّ ظلك ، قال : يا موسى الذين يعودون المرضى ، ويشبعون الهلكى ، ويُعزُّون الثكلى .
... وروى أبو سعيد السكري عن عليّ رفعه : السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة طوبى لهم ، قال : مَنْ هم ؟ قال : هم شيعتك يا عليّ ، ومحبوك . واهٍ جداً ، فيه سليمان الملطي ، رماه الدار قطني بالكذب ، وسلم بن ميمون الخواص ضعيف ، قال أبو حاتم : لا يُكتب حديثه ، وقال ابن حبّان : شغله الصلاح عن حفظ الحديث حتى كثرت المناكير في روايته ، والبيهقي وابن عساكر عن أبي الدرداء ، قال : قال موسى : يا رب مَنْ مُساكنُك في حظيرة القدس ، ومَنْ / يستظل بظلك يوم لا ظلّ إلّ ظلك ، قال : أولئك الذين لا 6 ب ينظرون بأعينهم الزنا ، ولا يبتغون في أموالهم الربا ، ولا يأخذون على أحكامهم الرِّشا ، أولئك طوبى لهم وحسن مآب ، قال الحافظ أبو الفضل : غريب ، وليس في رواية منْ اتّفق على تركه ، وما كان أبو الدرداء ممن يأخذ عن أهل الكتاب ، فالظاهر أنّ لحديثه حكم الرفع.
... وأخرج أبو القاسم التيمي في ترغيبه عن ابن عمر مرفوعا : ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين ، والناس في الحساب رجل لم يأخذه في الله لومة لائم ، ورجل لم يمدّ يده إلى ما لا يحل له ، ورجل لم ينظر إلى ما حُرِّم عليه ، فيه عنبسة القرشي متروك منهم ، لكن ورد في الخصال الثلاث ما يرغب فيها .(1/10)
... وروى طلحة بن علي بن الصقر في جزئه المشهور عن ابن عباس قال : مَنْ قرأ إذا صلّى الغداة ثلاث آيات من أول سورة الأنعام إلى ويعلم ما / تكسبون نزل إليه 7 أ أربعون ألف ملك يُكتب له مثل أعمالهم ، الحديث ، وفيه فإذا كان يوم القيامة قال الله : امشِ في ظلِّي . فيه إبراهيم بن إسحاق الصبي متروك ، قال الدار قطني ، وقال الأزدي : زائغ ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وورد ما يُستأنس له به ، وأبو الشيخ والديلمي عن يزيد الرقاشي عن أنس رفعه : ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة ، يوم لا ظلّ إلاّ ظله : واصل الرحم ، يزيد الله تعالى في رزقه ، ويمدّ له في أجله ، وامرأة مات زوجها ، وترك عليها أيتاما صغارا ، فقالت : لا أتزوج ، أُقيم على أيتامي حتى يموتوا أو يغنيهم الله تعالى ، وعبد صنع طعاما ؛ فأطاب صنعه ، وأحسن نفقته ، فدعا عليه الفقير والمسكين ؛ فأطعمهم لوجه الله عزّ وجلّ . والطبراني في الكبير عن أبي أُمامة رفعه : ثلاثة في ظل الله يوم القيامة : رجل حيث توجّه علم أنّ الله معه ، ورجل دعته امرأة إلى نفسها / فتركها 7ب من خشية الله ، ورجل يُحب الناس لجلال الله تعالى ، فيه بشر بن عمر ، متروك .
... وروى الخطيب في التاريخ عن أبي سعيد رفعه : إذا كان يوم القيامة جيء بكراسي من ذهب مكللة بالدر والياقوت ، مفروشة بالسندس والإستبرق ، ثم يُضرب عليها قباب من نور ، ثم ينادي منادٍ أين المؤذنون ، فيقومون ، وهم أطول الناس أعناقا ، فيقال لهم اجلسوا على تلك الكراسي ، تحت تلك القباب حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ، فإنه لا خوف عليكم ، ولا أنتم تحزنون ، وسنده ضعيف جدا ، وأفرد المؤذن بالذكر عن مُراعي الشمس ، فإنه قد لا يكون مؤذنا ، وللديلمي بلا سند عن أنس مرفوعا : ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة ، يوم لا ظلّ إلاّ ظله : مَنْ فرّج على مكروب من أمّتي ، وأحيى سُنَّتي ، وأكثر الصلاة عليَّ .(1/11)
... وأخرج الديلمي مرفوعا : أدمنوا أولادكم على ثلاث خِصال : حبّ نبيكم ، وحب أهل بيته / وعلى قراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلاّ ظله مع أنبيائه 8 أ وأصفيائه ، ومرّ حديث ورجل تعلم القرآن في صغره ، فهو يتلوه في كبره ، لكن الظاهر أن هذه الخصلة ، وهي حامل القرآن غير تلك ، قلت : كأنه لحظ أنه لا يلزم من حمله كونه تعلمه في صغره ، انتهى .
... وروى أبو يعلى في حديث طويل عن أنس رفعه : إذا خرج المسلم من بيته يعود أخاه المسلم خاض في الرحمة إلى حِقويه ، فإذا جلس عنده غمرته الرحمة ، وكان المريض في ظلّ عرشه ، والعائد في ظل عرشه . فيه عيَاد بن كثير ضعيف متروك ؛ لغفلته ، وإن كان صالحا ، لكن له شواهد ، والديلمي عن أبي هريرة رفعه : أهل الجوع في الدنيا هم الذين يقبض الله أرواحهم ، وهم الذين إذا غابوا لم يُفتقدوا ، وإذا شهدوا لم يُعرفوا ، أخفياء في الدنيا ، معروفون في السماء ، إذا رآهم الجاهل ظنّ أنهم سقماء ، وما بهم سَقَم / 8 ب إلاّ الخوف من الله ، يستظلون يوم القيامة يوم لا ظلّ إلاّ ظله . في إسناده ضعف ، وابن أبي الدنيا عن مغيث بن سمي أنه قال : الصائمون في ظلّ العرش ، ومثله لا يقال رأيا ، بل عندهم أيضا ، عن أنس مرفوعا : الصائمون ينفح من أفواههم ريح المسك ، وتوضع لهم يوم القيامة مائدة تحت العرش ؛ فيأكلون منها ، والناس في شدّة ، والديلمي عن أبي الدرداء رفعه : يوضع للمصلين موائد من ذهب تحت العرش ، وفي أمالي ابن ناصر عن أبي سعيد رفعه : مّنْ صام في رجب ثلاثة عشر يوما وضع الله يوم القيامة مائدة في ظل العرش ، يأكل منها ، والناس في شدّة ، وهو شديد الوها ، والحارث ابن أبي أسامة عن عليٍّ رفعه : مَنْ صلى ركعتين بعد ركعتي المغرب ، قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة ، جاء يوم القيامة ‘ فقيل : هذا من الصديقين ، فيجوزهم ، فيقال(1/12)
/ هذا من الشهداء ، فيجوزهم ، فيقال هذا من النبيين ، فيجوزهم ، فيقال هذا من 9 أ الملائكة ، فيجوزهم ، فلا يُحجب حتى ينتهي إلى ظل العرش ، وهذا مُنكر ، قاله الديلمي عن أنس رفعه : يُؤتى يوم القيامة بالمتقاعسين والمتبذِّلين، قالوا : يا رسول الله ومَنْ هم؟ قال : أمَّا المتبذلون فهم الذين تركوا (1)
__________
(1) الرواية في كنز العمال 14 / 676 : الذين بذلوا ....(1/13)
مهج دمائهم لله ، فهراقوها ، شاهري سيوفهم ، يتمنون على الله عزّ وجل يوم القيامة ، لا تردّ لهم حاجة، وأما المتقاعسون فهم أطفال المؤمنين ، اشتد عليهم الموقف ؛ فيتصايحون ، فيقول الله يا جبريل ما هذا الصوت ، وهو أعلم بذلك ، فيقول جبريل : ربّ أطفال المؤمنين ، اشتد عليهم الموقف ، قال فيقول : أُظلهم تحت ظلِّ عرشي ، فيظلهم ثم يقول : يا جبريل أدخلهم الجنة فيرتعون فيها ، فيسوقهم جبريل فيصيحون كما يصيح الخرفان إذا عُزلت أمهاتهم ، فيقول : يا جبريل / وهو بذلك أعلم 9ب ما حالهم ، قال يا رب يريدون الآباء والأمهات ، فيقول الله عزّ وجلّ أدخل الآباء والأمهات مع أطفالهم جنتي برحمتي ، ضعيف ؛ لبعضه شواهد ، والطبراني برواة ثقات عن ابن عمر مرفوعا في حديث أنّ إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم تحت ظل العرش ، وأبو نعيم عن وهب بن منبه ، قال : قال موسى : إلهي مَنْ ذكر بلسانه وقلبه ، قال : يا موسى أظله بظل عرشي ، وأجعله في كنفي ، وعنده بطريق آخر عن كعب مثله ، وهما واهيان ، لكن في الذكر أحاديث شاهدة بالثواب الجزيل منها ما يُستأنس به في الجملة ، وابن عساكر عن ابن مسعود ، وسعيد بن منصور ، والبيهقي عن رجل من الصحابة ، قال : رأى موسى رجلا في ظل العرش ، قال : مَنْ هذا ؟ قال : لا أحدثك مَنْ هو ، ولكن سأخبرك بثلاث فيه ، كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله / ولا يعقّ والديه ، ولا يمشي 10 أ بالنميمة ، وأحمد في الزهد ، وابن أبي الدنيا عن عكدطاء بن يسار أنّ موسى قال : يا رب أخبرني بأهلك الذين هم أهلك ، الذين تؤويهم في ظل عرشك يوم لا ظلّ إلاّ ظلك ، قال : هم الطاهرة قلوبهم ، النقية قلوبهم ، البرية أبدانهم ، الذين يتحابون بجلالي ، الذين إذا ذكرت ذُكروا بي ، وإذا ذكروا ذكرت بهم ، الذين يسعون في الوضوء في المكاره ، ويُنيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكرها ، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت ، كما يغضب النمر إذا(1/14)
حرب ، ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس . وابن المبارك في الزهد ، وأخبرنا معمر عن رجل من قريش ، قال : قال موسى ، قد ذكره ، وزاد الذين يعمرون مساجدي ، ويستغفروني بالأسحار ، وأبو نعيم عن أبي إدريس الخولاني ، قال قال موسى : يا رب مَنْ في ظلك يوم لا ظلّ إلاّ ظلك ، قال : الذين أذكرهم ، ويذكروني ، ويتحابون / لجلالي 10 ب فأولئك في ظلي يوم لا ظلّ إلاّ ظلي ، والديلمي عن أنس مرفوعا : لقول الله عزّ وجلّ : قربوا أهل لا إله إلاّ الله مِنْ ظل عرشي ، فإني أحبُّهم . والطبراني بسند صحيح في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : لهم ـ أي المؤمنين ـ منابرمن نور ، يظلّ عليهم الغمام ، والديلمي وأبو يعلى بسند ضعيف عن أبي الدرداء مرفوعا : خلق الله الإنس ثلاثة أصناف : صنف كالبهائم ، ثم قال الله تعالى : [ لَهُمْ قُلُوبٌ] (1) الآية ، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم ، وأرواحهم أرواح الشياطين ، وصنف في ظلِّ عرش الله يوم القيامة ، يوم لا ظلّ إلاّ ظله ، والمراد خيار المؤمنين ، كما صرح به القرطبي ، فقال في قول سلمان : لا يجد حرَّ جهنم مؤمن ولا مؤمنة، ظاهره العموم ، وليس كذلك، أمَّا المراد والله أعلم مؤمن كامل الإيمان ، أو مَنْ استظلّ بظل العرش ، وكذا ما جاء ، المرء في ظلّ صدقته ، والأعمال الصالحة أصحابها في ظلها ، انتهى .
... وفي حديث مرفوع أنّ الشهداء في ظل عرش / الرحمن في الجنة . وأبو داود 11أ والحاكم ، وصحح على شرط مسلم مرفوعا في شهداء أحد : أرواحهم في أجواف طير خضر ، تأوي إلى قناديل من ذهب ، معلقة في ظل العرش .
__________
(1) الأعراف 179 ،والآية بتمامها : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(1/15)
... وروى الحسن بن علي بن محمد الخلال ، والخطيب عن ابن عباس مرفوعا : اللهم اغفر للمعلمين ، وأطل أعمارهم ، وأظلهم تحت ظلك ، فإنهم يُعلمون كتابك المنزل ، قال بعض الحفاظ : هذا موضوع . وأبو الشيخ ، والديلمي عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعا : ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة : القران يُحاجّ العباد ، والأمانة والرحم ينادي : ألا مَنْ وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله ، قال العقيلي : لا يصح اسناده . وأبو نعيم عن كعب الأحبار : أوحى الله إلى موسى في التوراة : يا موسى مَنْ أمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر ، ودعا الناس إلى طاعتي فله صحبتي في الدنيا ، وفي القبر ، وفي القيامة ظلي ، وفي أمالي ابن البختري عن / جابر مرفوعا : أنا سيد ولد آدم ، إلى أنْ قال : وفي 11ب ظل الرحمن عزّ وجلّ يوم القيامة ، ولا ظلّ إلّ ظله ، ولا فخر ، ويروى عند أحمد في مناقب عليّ مرفوعا : أنه يسير القيامة بلواء الحمد ، وهو حامله ، والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، حتى يقف بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين إبراهيم في ظلِّ العرش ، ومن الواهي ما يشهد له إنْ صح للاستشهاد ، ما عند الحاكم عن سلمان مرفوعا : إذا كان يوم القيامة ضُرِبتْ لي قبة حمراء عن يمين العرش ، وضربت لإبراهيم قبة من ياقوتة خضراء عن يسار العرش ، وضرب فيما بيننا لعليّ قبة من لؤلؤة بيضاء ، فما ظنك بحبيب بين خليلين . والديلمي عن عمر مرفوعا : فاطمة وعليّ والحسن والحسين (1)
__________
(1) وهنا يكون السخاوي قد وقف عند الرقم 94 ممن يظلهم الله تحت ظل عرشه . وهو يضع فوق كل واحد منهم رقما ..(1/16)
من حظيرة القدس في قبّة بيضاء ، سقفها عرش الرحمن ، ونحوه عن أبي موسى الأشعري مرفوعا : أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبة / تحت العرش ، واعلم أنّ عدَّ 12 أ سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، وعلى فاطمة وابنيهما ؛ لأنهم أخصّ من مطلق الأنبياء والأصفياء ، كما أنّ عدّ السيد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أخص من مطلق أولاد المؤمنين ، وكذا عدّ شهداء أحد ؛ لأنهم أخص من مطلق الشهداء ، قال السخاوي : هذا ما يسر الله الوقوف عليه في مدة متطاولة ، وليس ذلك على وجه الحصر فيه ، بل باب الفضل مفتوح ، قال : ووصل بها ابن كمال الدين السيوطي ممن تردد إليّ وقفا إلى نيف وسبعين ، ونظمها وأدرج ما لا تصريح بالمراد منه في أحاديثه ، وإن أسفرت به كالزهد ، وقضاء الحوائج ، وصالح العبيد ، والإمام المرتضى للمأمومين ، والمهاجر ، فلفظه في الأول جلساء الله غداً أهل الورع والزهد / وفي الثاني إذا كان يوم القيامة أُجلسوا على منابر من نور ، ويُحادثون الله ورسوله 12ب والناس في الحساب ، وفي الثالث والرابع : ثلاثة على كثب من مسك أسود لا يهولهم الفزع الأكبر ، ولا ينالهم الحساب : رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله ، وأمَّ قوما وهم راضون ، ورجل أذّن في مسجد دعا إلى الله ابتغاء وجهه ، ورجل ابتلي بالرق في الدنيا فلم يشغله ذلك عن طلب الآخرة ، رواه البيهقي ، وفي الخامس : إنّ للمهاجرين منابر من نور ، يجلسون عليها يوم القيامة ، قد أمنوا من الفزع ز
قال ـ أي السخاوي ـ ولو أُريد استيفاء ما يشبه ذلك لزادت كثيرا ، بل ربما يتوهم مَنْ نظمه أنّ الطفل والمؤذِّن والمعلم تتلو ، وليس كذلك ، انتهى .(1/17)
وقد نظم أبو شامة السبعة الأولى في بيت ، وذيله الحافظ ابن حجر بثلاث سبعات ، وزادها ستا ، ولم ينظمها ، فذكرت ذلك وذيّلت / عليه بقية ما ذكر السخاوي ، 13 أ والجملة أربعة وتسعون خصلة ، فقلت :
... ... أتى في الموطا والصحيحين سبعة ... يظلهم الله الكريم بظله
... ... أشار لهم رمزا إمام زمانه ... أبو شامة إذ قال في بيت شعره
... ... مُحبٌّ عفيفٌ ناشئ متصدق ... وبالِّ مصلٍ والإمام بعدله
... ... وزاد عليه القسطلاني بعده ... ثلاثة سبعات فقال بنفله ...
... ... وزد سبعة إظلال غاز وعونه ... وإنظارذي عُسرٍ وتخفيف حمله
... ... وحامي غزاة حين ولَّوا وعون ذي ... غزاة حق مع مُكاتب أهله
... ... وزد مع ضعف سبعتين إعانة ... لأخرق مع أخذ لحق وبذله
... ... وكره وضوء ثم مشيٌ لمسجد ... ... وتحسين خُلق ثم مطعم فضله
... ... وكافل ذي يُتم فأرملة وهت ... وتاجر صدق في المقال وفعله
... ... وحزنٌ وتصبير ٌ ونصح ورأفة ... تربع بها السبعات من فيض فضله
... ... وقد زادها ستأ بضعف ولم تقع ... ... منظمة منه فخذ نظم نثره
... ... فحبّث عليٍّ ثم تركٌ لرشوةٍ ... ... زناً ورباً حكم لغير كمثله
... ... ومن أول الأنعام آيٌ ثلاثة ... ... عُقَيْبَ صلاة الصبح غاية نقله
... ... وأوصلها الشيخ السخاوي أربعا ... ... وتسعين مع ضعف لإسناد جلّهِ
... ... مُراقب شمسٍ للمواقيت ساكتٌ ... ... بحلمٍ وعن علمٍ بقول وعقله
... / ... ومَنْ حفِظَ القرآن حالة صغره ... ... وفي كِبَرٍ يتلو وحامل كلمه 13ب
... مريضٌ وتشببعٌ لميتٍ عيادة ... ... شهيد ومَنْ في أُحُدٍ فاز بقتله
... وعلم بأن الله معه وتاجر ... ... أمين بلا مدح وذم ٍ لرحله
... مَنْ لم يمدّ اليد نحومُحرَّمٍ ... ... عليه ولم ينظر إلى غير حِلِّه
... مُحسِّن طعم للفقير مصدق ... ... على مُعسرٍ تركُ الغريم لعسره
... وكافلة أيتامها بعد زوجها ... ... ومُشبع جوعٍ ثم واصل أهله
... مُحبُّ الأناسي للجلال مؤذِّنٌ ... ... ومَنْ لم يخف في الله لوما لعذله
... كذا رَحِمٌ ثم الأمانة تلوها ... ... خيار ذوي التوحيد طيب فعله
... مُفرِّجُ كَرْبٍ ثم محيى لسُنَّةٍ ... ... مُصَلٍ على الهادي كثيرا بعمره
... قران وأهل الجوع خوفا وصائمٌ ... ... ثلاثة عَشْرٍ من مُرَجِّبِ حولِه(1/18)
... مَنْ يقرأ الإخلاص من بعدمغربٍ ... ... ثلاثين في ثنتين من بعد نقله
... وأطفال ذي الإيمان نجل نبيِّنا ... ... وغير حسود لا يَعِقُّ لأصله
... وطاهر قلبٍ ليس يمشي نميمة ... ... بريء ومكلوف مُحبٌّ لربه
... مُنيب ومذكور بذكر إلاهه ... ... لحرمته غضبان داعٍ لِسُبلِه
... وأمر بمعروف ونهي لمنكر ... ... وذكر بقلب مع لسان لنيله
... ومُستغفر الأسحار عمار مسجد ... ... كذلك صوَّام معلم طفله
... ومَنْ يذكرالرحمن مع ذكرهم له ... ... كذا أنبياء الله مع أهل صفوه
/ ... خليل إله العرش فاطمة كذا ... ... عليٌّ ونجلاه وخاتم رسله 14 أ
... عليه صلاة مع سلام به نُرى ... ... بحرمته يوم المعاد بظله
وأمَّا نظم العالم الفقيه النحوي معمر بن عبد القوي المالكي المكي وإن أطنب فيه شيخه السخاوي ، وقال إنّ أبياته جامعة للخصال ، قاطعة للقيل والقال ففيه إعواز ، كقوله في الستة التيمن جهات لم ينظمها الحافظ .
... فخذ نظمها حكم لغير كنفسه ... ... مُحبٌ لسيف الله شيعة عدله
... وترك الزنا ترك الرباء ورشوة ... ... وأول أنعام نهاية كله(1/19)
إذ لا يُعلم المراد بقوله : وأول أنعام ، إذ يصدق بأية وبأكثر منالثلاثة ، ومد الربا ، وهو مقصور ، وفي جوازه للنظم خلاف ، وكذا قوله : ومن حفظ القرآن في حال صغره ، وفاز كبيرا في الأنام لحمله ، لا يُعلم المراد به ، فإنهجعل قوله : وفازكبيرا رمزاً لقوله: في الحديث ، فهو يتلوه في كبره ، بل يُتوهم ببادي الرأي أنه مكرر مع قوله / بعده 14 ب بأبيات : وحامل قرأن ، والمطلوب أنه غيره ، وكذا قوله : وصانع طعم لليتيم ، فليس المرادمجرد الصمع ، بل تحسينه ، ولا خصوص اليتيم ، فلفظ الحدبث : وعبد صنع طعاما فأحسن صنعه ، فدعا عليه الفقير والمسكين ، فأطعم لوجه الله ،كما مرّ ، وكذا قوله : مصل فقران أتى بعد مغرب ، فيه إجمال ، فلا يُعلم المراد به إلاّ بالوقوف على الحديث ، وكذا قوله : وعُمار بيت الله جلّ جلاله ، أراد به جنس المسجد، مع أنّ المتبادر من اللفظ البيت العتيق وكذا قوله : ثم المحب لأجله ، أراد به خلاف مدلوله ، فإنه إشارة للحديث القدسي : ويكلفون بحبي ، وكذا قوله : وأحبار ديننا ، يتبادر منه أنهم العلماء ، مع أنه أراد به معلمين القرآن ، ولا يلزم أن يكونوا علماء أحبارا .
لطيفة : يقال إنّ السبعة الأولى اجتمعت في يوسف عليه السلام / فهو إمام عادل ، 15
نشأ في عبادة الله تعالى ،وتحابّ هو ووالده يعقوب عليهما السلام في الله ، ودعته زليخا ، وهي ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ، وتصدق على إخوته سرّاً كما في قوله : اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ، ولا شك أنّ قلبه كان يحب مواظ\طن العبادات ،وأنه شديد الشوق إلى الله .(1/20)
تتمة ... : أورد الديلمي في مسند الفردوس ، وتبعه ابنه بلا سند ،عنعائشة رضي الله عنها، قالت : قال رسول الله صلى الله عليهوسلم : ثلاثة لا يظلهم في ظل عرشه ، ولا يقبل منهم صرفا ولا عدلا : مَنْ جرَّ إزاره أسفل من كعبيه خُِيَلاء وكِبْرا ، ورجل اغتاب من حيث لا يعلم ، ورجل نفق سلعته يُزيِّنها بما ليس فيها ، والله أعلم .
بيّضه جامعه الحقير محمد بن عبد الباقي الزرقاني (1)
جعله الله خالصا لوجهه
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب
العالمين
__________
(1) هو ابن صاحب الرسالة(1/21)