توثيق البحث :
مجلة " الأحمدية " ( مجلة علمية دورية محَكَّمَة ، تعنى بالدراسات الإسلامية وإحياء التراث ) دبي .
العدد الثامن عشر /رمضان 1425 هج – أكتوبر 2004 م .
من ص293 إلى ص344 .
تنبيه : تلعليقات يسيرة بين معقوفتين لأخيكم .
.........................................................................
الرواة المتروكون في مسند الإمام أحمد
جمع ودراسة
أ . د عامر حسن صبري (1)
التعريف بالبحث
عني هذا البحث بتتبع استقرائي للرواة المتروكين في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وتراجمهم ، وتتبع أحاديثم وتخريجها ، والوقوف على كيفية إخراج الإمام أحمد لهؤلاء المتروكين ، مع دراسة لأسباب إخراج الإمام لهم ، وتبين أن الإمام لم يعتمد عليهم استقلالاً ، وإنما أخرج لهم ما وافقهم غيرهم عليه ، هذا مع ندرة الروايات التي جاءت من طريقهم .
(1) أستاذ الحديث النبوي وعلومه ورئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة والقانون في جامعة الإمارات العربية المتحدة ، ولد في بغداد عام ( 1377 هج ، 1957م ) ، وحصل على درجة الماجيستير من كلية الشريعة بجامعة أم القرى عام ( 1983م ) ، ورسالته " الاقتراح لابن دقيق العيد : دراسة وتحقيق " ، وحصل على درجة الدكتوراة من الكلية نفسها عام ( 1986م) ، ورسالته " تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي : دراسة وتحقيق " ، وله أعمال كثيرة ، من آخرها تحقيق " مشيخة القزوويني ت 750 هج ) .
ص294
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين .
أما بعد :(1/1)
فإن الله عزوجل هيَّأ لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حُفَّاظاً عارفين ، وجهابذةً عالمين ، وصيارفةً ناقدين ، ينفون عنها تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، فتفننوا في تصنيفها ، وتنوَّعوا في تدوينها ، على طرق مختلفة ، ومناهج متنوعة ، حرصاً على حفظها ، وتمييزاً لصحيحها من دخيلها ، حتى غدت السنة المطهرة بهذه الجهود الخيرة صافيةً نقية ، لا تَزَيُّدَ فيها ولا نقص ، وتحقق في ذلك قول الله تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له حافظون } .
وكان من أشهر العلماء اهتماماً بحفظ السنّة وتبليغها والدفاع عنها الإمام الحافظ الحجة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، الذي قدّم في سبيل حفظها الكثير ، وترك لنا آثاراً عظيمة كان لها أبلغ الأثر في حفظ سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الضياع والتحريف ، إضافة لما أوتي من الثبات والصبر على أشد البلاء في سبيل الدفاع عنها وصيانتها .
وإنَّ كتابه ( المسند ) ليعدُّ من أكبر دواوين السنّة ، وأحسنها وضعاً ، وأفضلها انتقاءً ، فقد ضم أحاديث كثيرة لا توجد إلا فيه ، وقلّ حديث يثبت إلا وهو فيه ، وفي ذلك يقول الإمام أبو موسى المديني : وهذا الكتاب أصلٌ كبير ، ومرجع وثيق لأصحاب الحديث ، اُنْتُقِيَ من حديثٍ كثير ومسموعاتٍ وافرة ، فجعله إماماً ومُعْتَمَداً ، وعند النزاع مَلْجَأ ً ومستنداً (1) .
(1) خصائص المسند ص21 .
ص295(1/2)
ومن فضل الله تعالى عليَّ أن وفقني إلى خدمة هذا الديوان السامي ، واستخراج دُرره وفوائده ، فقمتُ من أجل ذلك بعدد من الأعمال العلمية (1) ، لاقت قبولاً عند بعض أهل العلم ، والحمد لله رب العالمين ، ومن الخدمات التي قمت بها : إفراد رواةِ مسند الإمام وترتيبهم على نسق حروف المعجم ، مع ذكر شيوخ المتَرجَم وتلامذته من روايات المسند نفسه ، والحكم على مرتبتهم بما أدّاه اجتهادي ، معتمداً في ذلك على أقوال أئمة الجرح والتعديل مع ذكر فوائد أخرى تتعلق بحديث الراوي وبإسناده ، وقد تم هذا العمل بفضل الله ، ولم يبق منه سوى مراجعته ووضع دراسة مفصَّلة عن منهج الإمام في المسند ، وكان أحد الأسباب التي شجعتني على هذا العمل – على الرغم من صعوبته – ما كان من تمني الإمام الذهبي بضرورة تيسير سبل الإفادة من المسند ، والذي قال عندما تقدمت به السن ، وأصبح عاجزاً عن النهوض بأعبائه ، يستنهض همم من بعده : فلعلَّ الله يقيِّض لهذا الديوان العظيم من... يوضح حال كثير من رجاله ... ويُرتّب الصحابة على المعجم ، وكذلك أصحابهم على المعجم ... ولولا أني قد عجزتُ عن ذلك لضعف البصر وعدم النية ، وقرب الرَّحيل ، لعملتُ في ذلك (2) .
(1) من هذه الأعمال التي طُبعت : زوائد عبد الله بن أحمد في المسند ، وكتاب الوجادات في المسند ،ومعجم شيوخ الإمام أحمد في المسند ، وتحقيق كتاب ( ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج لهم أحمد بن حنبل في المسند ) لابن عساكر ، وتحقيق كتاب ( حديث عبد الله بن يزيد المقرئ مما وافق رواية الإمام أحمد ) للضياء المقدسي ، وبحث في المخضرمين في المسند ، وآخر في خدمات العلماء والباحثين لمسند أحمد ، وغيرذلك ، ومن الأعمال التي تتعلق بالإمام أحمد تحقيق كتاب الزهد ، وقد باشرت تحقيقه على ست نسخ خطية .
(2) سير أعلام النبلاء 13/525 ، بتصرف ، وأرجو الله تعالى أن أكون أهلاً لتحقيق أمنية هذا الإمام الجليل في خدمة المسند .(1/3)
أهمية البحث :
هذا البحث جزء من تلك الدراسة ، رأيتُ إفرادها على حدة ، وتكمن أهميته في :
أ – أصالته ، وعدم السبق إليه فيما أعلم .
ب – في كونه دراسة استقرائية تطبيقية .
ص296
ت – الدفاع عن هذا الكتاب العظيم ، وإظهار مكانته وإمامته .
ث – معرفة كيفية إخراج الإمام أحمد لهؤلاء المتروكين ، وأن الإمام لم يعتمد عليهم استقلالاً وإنماأخرج لهم ما وافقهم غيرهم عليه ، هذا مع نُدرة الروايات التي جاءت من طريقهم .
وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في الرواة المتروكين أو الكذَّابين في المسند ، فذهب بعضُهم إلى نفي ذلك وأنَّ الإمام نزَّه مسنده عن الكذابين وعن المتهمين بالكذب ، وممن قال بهذا القول الإمام ابن تيميَّة ، فقال : طريقة أحمد أنه لا يروي في مسنده عمَّن يُعرف أنه يتعمد الكذب ...الخ (1) ، واختار هذا القول الحافظ ابن [ رجب ] الحنبلي ، فقال : يتبين من من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين والذين كثر خطؤهم للغفلة وسوء الحفظ ، ويحدِّث عمن دونهم في الضعف ، مثل مَن في حفظه شيء أو يَختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه (2) .
وذهب بعض العلماء إلى أن في المسند بعض المتروكين ، كما توجد فيه أحاديث قليلة موضوعة أو ساقطة ، وممن قال بهذا القول الإمام ابن الجوزي ، وحكم على أحاديث في المسند بأنها موضوعة ، وأنها لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم (3) ، ومنهم أيضاً الإمام الذهبي إذ قال عنه : وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة ، ولكنها قطرة في بحر (4) ، وقال أيضاً : فإنه مُحْتَوٍ على أكثر الحديث النبوي وقلّ أَنْ يثبت حديث إلا وهو فيه ، وقلّ أَنْ تجد فيه خبراً ساقطاً (5) ،
وقال ابن كثير : فيه أحاديث ضعيفة بل موضوعة ، كأحاديث مرو ، وشهداء عسقلان( 6) .
(1) الفتاوى 18/26 .
(2) شرح علل الترمذي 1/92 .
(3) جمع الحافظ ابن حجر هذه الأحاديث في " القول المسدد " ، ودافع عنها ، ونفى أن تكون موضوعة .
((1/4)
4) سير أعلام النبلاء 11/329 .
(5) نقله ابن الجزري في المصعد الأحمد ص34 .
(6) اختصار علوم الحديث ص42 .
ص297
وأثبتَ هذا البحث صحة هذا المذهب الأخير ، ولكن بتفصيل سنذكره في خاتمته إن شاء الله تعالى .
خطة البحث :
جمعتُ في هذا البحث رواة المسند الذين تُركوا بسبب تعمدهم الكذب الصريح ، أو بسبب وقوع الكذب في حديثهم وإن لم يتعمدوه ، أو بسبب عدم حفظهم بمرة لغفلتهم ، واتبعتُ فيه الخطوات التالية :
أ – رتبتُ الرواة على نسق حروف المعجم .
ب – ذكرتُ ترجمة مختصرة لهؤلاء الرواة ، وحرصتُ على معرفة أقوال الإمام أحمد فيهم .
ت – استعرضت أحاديث هؤلاء الرواة في المسند .
ث – خرًّجتُ جميع أحاديثهم ، وحرصتُ على ذكر المتابعات والشواهد .
ج – قمتُ في خاتمة البحث بدراسة تتعلق بهذا الجمع ، وسبب إخراج الإمام لهم ، وغير ذلك .
***************************
وقبل الشروع بذكر أسماء الرواة المتروكين وأحاديثهم في المسند ، يحسُن بنا أن نذكر نُبذة عن الراوي المتروك ، وتعريفه ، وحكم الرواية عنه .
1 – الترك لغة واصطلاحاً :
الترك لغة : وَدْعُك الشيء ، يقال : تركه تركاً ، وتركت الشيء تركاً : خلَّيته (1) .
وفي اصطلاح المحدثين : هو الراوي الذي يُتَّهم بالكذب في الحديث ، أو ظهر فسقه بالفعل أو بالقول ، أو فحُش غلطه ، وكَثُرت غفلته حتى غلب ذلك على صوابه (2) .
(1) لسان العرب 1/ 430 .
(2) ينظر : شرح علل الترمذي 1/ 72 .
ص298
فقد سأل عبدُ الرحمن بن مهدي شعبةَ بن الحجاج : متى يُترك حديث الرجل ؟ فقال : إذا حدث عن المعروفين ما لا يعرفه المعرفون ، وإذا كثر الغلط ، وإذا اتهم بالكذب ، وإذا روى حديثاً غلطاً مجتمعاً عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طُرح حديثه ، وما كان غير ذلك فارووا عنه (1) .(1/5)
وقال الإمام مالك : أربعة لا يكتب حديثهم : رجل سفيه معروف بالسفه وصاحب هوى داعية إلى هواه ، ورجل صالح لا يدري ما يُحدِّث ، ورجل يكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسائرهم يُكتب عنهم (2) .
وبهذا يُتبين أن الراوي لا يُقال فيه : ( متروك ) حتى يتصف بواحد من الأوصاف السابقة ، وإليك تفصيلها :
أ – من كان يكذب في روايته ، ويتعمد ذلك ، ويدخل في هذا الوصف من روى الخطأ من غير أن يعلم أنه خطأ ، فلما عُرف وجه الصواب أصرَّ على الخطأ أَنَفَة من أن يُنسب إلى غلط (3) ، ويلحق به أيضاً من غلبه الزُّهد فغفل عن الحفظ ، وفي ذلك يقول ابن حبان – وهو يتحدث عن أنواع جرح الضعفاء -: ومنهم من كبر وغلب عليه الصلاح والعبادة ، وغفل عن الحفظ والتمييز ... حتى خرج عن حد الاحتجاج به (4) . ويقول يحيى بن سعيد القطان : لم نجد الصالحين أكذب منهم في الحديث (5) . وقال مالك : لقد أدركت في هذا البلد – يعني المدينة – مشيخة لهم فضل وصلاح وعبادة يحدِّثون ، ما سمعت من
(1) رواه العقيلي في الضعفاء 1/ 13 ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/ 32 .
(2) رواه العقيلي في الضعفاء 1/ 13 ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/ 32 ، وابن حبان في المجروحين 1/ 80 ، وابن عدي في الكامل 1/ 103 .
(3) ينظر : كتاب الموضوعات لابن الجوزي 1/ 16 .
(4) المجروحين 1/ 67 .
(5) رواه مسلم في مقدمة الصحيح 1/ 122 ، وابن عدي في الكامل 1/ 151 . وعقب عليه مسلم بقوله : يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب .
ص299
أحد منهم حديثاً قط ، قيل له : ولم يا أبا عبد الله ؟ قال : لم يكونوا يعرفون ما يُحدِّثون (1) .
ب – أو ظهر منه سبب مفسِّق ، والفسق في الاصطلاح الشرعي : خروج المسلم عن تعاليم الشرع ( ويقع بالقليل من الذنوب وبالكثير ، ولكن تعُورف فيما إذا كان كثيراً (2) .(1/6)
وأكثر مايقال الفاسق لمن التزم به ، وأقر به ، ثم أخلّ بجميع أحكامه ، أو بعضه ) (3) . وقال ابن حبان : ومنهم – يعني من المجروحين – المعلن بالفسق والسفه ، وإن كان صدوقا في روايته ، لأن الفاسق لا يكون عدلاً ، والعدل لا يكون مجروحاً ، ومن خرج عن حد العدالة لا يُعتمد على صدقه ... إلخ (4) .
قلت : ومن الفسق أيضاً سبُّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وانتقاصهم ، وتتبع معايبهم ، وفي ذلك يقول ابن معين : كل من شتم عثمان أو طلحة أو أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دجال لا يُكتب عنه ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (5) . وقال أبو زرعة الرَّازي : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ... إلخ (6) . وقال الحافظ الذهبي ، وهو يتحدث عن البدعة : وبدعة كبرى ، كالرفض الكامل والغلو فيه ، والحطِّ على أبي بكر وعمر والدعوة إلى ذلك فهذا النوع لا يُحتج بهم ولا كرامة (7) .
(1) رواه العقيلي في الضعفاء 1/ 13 ، وابن عدي في الكامل 1/ 104 ، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/ 213 .
(2) وهذا العرف يحتاج إلى تقييد شرعي أو عرفي ، وما هو قادح في العدالة .
(3) من كتاب المنهاج الإسلامي في الجرح والتعديل للدكتور فاروق حمادة ص287 .
(4) المجروحين 1/ 79 .
(5) التاريخ لابن معين ، رواية الدوري 2/66 .
(6) رواه الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية ص97 .
(7) ميزان الاعتدال 1/ 5 .
ص300(1/7)
ج – من كثُر غلطه في الحديث ، فيكون الغالب على حديثه الغلط والوهم ، أما من كان غلطه قليلاً بحيث إنه لم يكن هو الغالب ، فقد ذهب جمهور المحدثين إلى جواز الرواية عنه ، والاحتجاج بحديثه فيما لم يقع فيه الغلط ، وفي ذلك يقول ابن مهدي : الناس ثلاثة : رجل متقن فهذا لا يُختلف فيه ، وآخر يَهِم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يُترك حديثه ، وآخر يَهِم والغالب على حديثه الوهم فهذا يُترك حديثه (1) . وسئل الإمام أحمد : متى يترك حديث الرجل ؟ فقال : إذا كان يغلب عليه الخطأ (2) . وقال ابن حبان :إنَّ الشيخ إذا عُرف بالصدق والسماع ، ثم تبين منه الوهم ولم يفحش ذلك منه لم يستحق أن يعدل به عن العدول إلى المجروحين ، إلا بعد أن يكون وهمه فاحشاً وغالباً ، فإذا كان كذلك استحق الترك ، فأما من كان يخطئ في الشيء اليسير فهو عدل ، وهذا مما لا ينفك عنه البشر ، إلا أن ّ الحكم في مثل هذا إذا علم خطؤه تجنبه واتبع مالم يخطيء فيه ... إلخ(3) .
2 – حكم رواية من قيل فيه ( متروك ) :
أنزل المحدِّثون من وُصف بصفة الترك منزلة الراوي الذي لا يحتج بخبره ولا يكتب للاعتبار ، وتشبه هذه اللفظة عند أكثر المحدثين من قيل فيه : ( متهم بالكذب ) ، أو ( بالوضع ) ، أو ( ساقط ) ، أو ( ذاهب ) ، أو ( فيه نظر ) ، أو ( سكتوا عنه ) ، أو ( لا يُكتب حديثه ) ، أو ( لا يُعتبر به ) ، أو ( ليس بثقة ) ، ونحو ذلك .
وللفائدة نشير : إلى أنه ينبغي أن يفرّق بين قولهم ( متروك ) وقولهم ( تركه فلان ) ، فإن اللفظة الأولى تدل على سقوط الراوي ، وأنه لا يُكتب حديثه ، بخلاف اللفظة الثانية ، فإنها قد تكون جرحاً ، وقد تكون غير جرح (4) .
(1) شرح علل الترمذي 1/ 109 .
(2) شرح علل الترمذي 1/ 113 .
(3) المجروحين 2/ 283 ، وقال مثله في الثقات 6/ 278 – 279 .[*]
((1/8)
4) نقلت هذه الفائدة من تعليق الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى على كتاب الرفع والتكميل ص141 ، بتصرف .
[*] قال [ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير ( يخطيء ) والوهم القليل ( يهم ) حتى يفحش ذلك منه ؛ لأن هذا مما لا ينفك منه البشر ، ولو كنا سلكناه المسلك للزمنا ترك جماعة من الثقات الأئمة ؛ لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ ، بل الصواب في هذا ترك من فحُش ذلك منه والاحتجاج بمن كان منه ما لا ينفك منه البشر ]
* * *
ص301
الرواة المتروكون في المسند :
روى الإمام أحمد في المسند عن بعض الرواة الذين ينطبق عليهم التعريف السابق للمتروك ، وإليك أسماءهم ، وقد اعتمدت في جميع إحالات المسند على الطبعة الميمنية بمصر :
1 – أبان بن أبي عيَّاش العبدي مولاهم ، أبو إسماعيل البصري ، كان رجلاً صالحاً ، لكنه كان سيء الحفظ جداً ، ويغلب على حديثه الخطأ ، ولم يكن يتعمد الكذب ، قال أحمد : متروك الحديث ، ترك الناس حديثه مُذ دُهرٍ من الدَّهْرِ (1) ، وقال ابن رجب : خرق أحمد حديثه وأسقطه من المسند ولم يخرّجه فيه (2) .
روى له الإمام حديثاً واحداً مقروناً بغيره ، فقال :
حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن ثابت وأبان وغير واحد ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا شغار في الإسلام (3) .
ورواه النسائي ، والضياء المقدسي في المختارة بإسنادهما إلى حميد الطويل عن أنس به (4) .
2 - إسحاق بن عبد الله بن أبي فَرْوة الأٌموي مولاهم المدني ،
متروك بسبب عدم حفظه ، قال أحمد : لا تحل الرواية عن إسحاق بن أبي فروة ، ما هو بأهل أن يُحمل عنه (5) ، وقال ابن حبان : يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ، وقد اتهمه ابن معين في رواية بالكذب (6) .
(1) العلل ومعرفة الرجال (872 ) .
(2) شرح علل الترمذي 1/ 90 ، بتصرف .
(3) المسند 3/ 165 .
(4) سنن النسائي (3336 ) ، والمختارة 6/ 17 .
((1/9)
5) رواه ابن عدي في الكامل 1/ 320 . وقال البخاري في التاريخ الكبير 1/ 396 : نهى ابن حنبل عن حديثه .
(6) المجروحين 1/ 131 .
ص302
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد تُوبع عليه ، فقال :
حدثنا عبد السلام بن حرب المُلائي ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فَرْوة ، عن بُكير بن عبد الله الأشج ، عن سليمان ابن يسار ، عن سلمة بن صخر الزُّرَقي ، قال : تظاهرت من امرأتي ، ثم وقعت بها قبل أن أُكفِّر ... الحديث (1) .
ثم رواه الإمام بعده من طريق يزيد بن هارون ، ومن طريق عبد الله بن إدريس الأودي ، كلاهما عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن سليمان بن يسار به ، وسليمان لم يسمع من سلمة بن صخر ، ولكن للحديث طريق آخر ، فقد رواه الترمذي بإسناده إلى يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان ، كلاهما عن سلمة بن صخر به ، وإسناده حسن (2) .
وللفائدة نشير إلى أن عبد الله بن أحمد روى لإسحاق بن أبي فروة حديثين ، وهما من زيادات المسند (3) .
وأرى أن الإمام أحمد لو نقّح المسند وراجعه لرفع رواية هذا الراوي الذي قال عنه : لا تحل الرواية عنه .
3 – أوس بن عبد الله بن بُريدة بن الحُصيب الأسلمي ،
نزيل مرو ، تُرك بسبب تفرّده بأحاديث منكرة ، وممن تكلم فيه : البخاري ، والنسائي ، والدارقطني (4) .
روى له الإمام أحمد حديثاً واحداً مما تفرد به ، فقال :
حدثنا الحسن بن يحيى ، حدثنا أوس بن عبد الله بن بريدة ، قال : أخبرني أخي سهل بن عبد الله بن بُريدة ، عن أبيه ، عن
(1) المسند 4/ 37 .
(2) جامع الترمذي ( 1200 ) .
(3) المسند 1/ 74 و 4/ 73 ، وذكرتهما في كتابي زوائد عبد الله برقم ( 114 و 211 ) .
(4) ينظر : التاريخ الكبير 2/ 17 ، وضعفاء النسائي ( 59 ) ، وضعفاء الدارقطني ( 121 ) .
ص303(1/10)
جدِّه بُريدة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون بعدي بعوث كثيرة ، فكونوا في بعث خراسان ... الحديث (1) .
ورواه من طريقه : ابن الجوزي في العلل المتناهية ، وقال : هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) .
ورواه أيضاً : ابن حبان في المجروحين ، والطبراني ، والخطيب البغدادي ، وابن عساكر ، بإسنادهم إلى أوس به (3) .
وقال ابن حجر في اللسان : الحديث باطل (4) ، وقال في إتحاف المهرة : تفرّد به الإمام أحمد ، واتهم بعض الحفاظ أوس بن عبد الله هذا بوضعه ... على أنه لم ينفرد به ،( فرواه الطبراني في المعجم الكبير ، وابن عدي في الكامل ) من طريق حسام بن مِصَكّ ، عن عبد الله بن بُريدة ، عن أبيه ... إلخ (5) .
قلت : هذه المتابعة لا يُفرح بها ، فإن حسام بن مِصَكّ متروك عند أكثر النقاد .
وقد خالف الحافظ ابن حجر قوله هذا ، فذهب في كتابه القول المسدد إلى أن الحديث حسن ، وأنه لا يتبين فيه الحكم بالوضع ، والحديث ليس من أحاديث الأحكام فيطلب المبالغة في التنقيب (6) ، وهذا الرأي من الحافظ غير سديد ، والصحيح ما ذهب إليه أولاً .
4 – البَخْتِري بن عبيد بن سلمان الشامي ،
تُرك بسبب مخالفته للثقات الأثبات ، واتهمه أبو الفتح الأزدي بالكذب (7) .
(1) المسند 5/ 357 .
(2) العلل المتناهية 1/ 308 .
(3) المجروحين 1/ 348 ، والمعجم الأوسط 8/ 141 ، وتالي التلخيص 2/ 562 ، وتاريخ دمشق 2/ 413 .
(4) لسان الميزان 3/ 120 .
(5) إتحاف المهرة 2/ 594 ، وينظر : المعجم الكبير للطبراني 2/ 19 ، وابن عدي في الكامل 2/ 841 .
(6) القول المسدد ص28 ، وذكر نحوه في النكت على [ ابن ] الصلاح 1/ 471 ، ولكنه لم يصرح بالتحسين .
(7) تهذيب الكمال 4/ 24 ، مع حاشيته .
ص304
روى له الإمام أحمد حديثاً واحداً ، وقد تفرّد به ، فقال :(1/11)
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ وَثَلَاثٌة خَيْرٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ ... .
وهذا الحديث لم أجده في موضع آخر ، ولكن رواه ابن عساكر بإسناده إلى البختريّ بن عبيد عن أبيه ، عن أبي هريرة به ، فجعله من مسند أبي هريرة (2) .
5 – حسين بن قيس ، أبو علي الرَّحَبي الواسطي ، الملقب ب ( حَنَش ) ،
وهو متروك الحديث ، لأنه كان متهماً بالكذب ، وترك أحمد حديثه ، وقال : ليس حديثه بشيء ، لا أروي عنه شيئاً (3) ، وقال ابن حبان : كان يقلب الأخبار ويلزق رواية الضعفاء (4) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد روي من أوجه أخرى ، فقال :
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرَّحَبِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَنَابَةٍ فَلَمَّا خَرَجَ رَأَى لُمْعَةً عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ فَبَلَّهَا ثُمَّ مَضَى إِلَى الصَّلَاةِ (5) .
ورواه ابن ماجة ، وابن أبي شيبة ، بإسنادهما إلى حنش به (6) .
(1) المسند 5/ 145 .
(2) تاريخ دمشق 38/ 206 .(1/12)
فائدة : سقط من طبعة المسند قول عبد الله :( حدثني أبي ... ) فأصبح الحديث من رواية عبد الله عن أبي اليمان [ الحكم بن نافع] ، وهو خطأ مطبعي ظاهر ، فإن الحديث للإمام أحمد ، وعبد الله لم يدرك أبا اليمان ، وقد جاء عزو الحديث إلى الإمام أحمد في : جامع المسانيد 13/ 758 ، والمسند المعتلي 6/ 180 ، [ وابن الجوزي : تلبيس إبليس ص14- 15] ، ومجمع الزوائد 1/ 177 ، والدر المنثور 2/ 536 ، وعزاه الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة 4/ 279 ، إلى عبد الله ، وهو وهم منه ، وجاء الحديث على الصواب في طبعة المسند المحققة .
(3)الجرح والتعديل 3/ 63 .
(4) المجروحين 1/ 242 .
(5) [ مسند عبد بن حميد ( 1/ 199 ، 570 ) ] ، المسند 1/ 243 .
(6) سنن ابن ماجة ( 663 ) ، ومصنف ابن أبي شيبة 1/ 42 .
ص305
رواه أحمد وأبو داود ، بإسنادهما إلى خالد بن معدان ، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عنه به (1) .
وراه أبو داود في المراسيل ، والدارقطني ، بإسنادهما إلى إسحاق بن سويد عن العلاء بن زياد به ، وقال الدارقطني : هذا مرسل (2) .
وله طريق أخرى ، رواها ابن الجوزي في العلل ، وقال : هذه الأحاديث ليس فيها ما يثبت ... إلخ (3) .
وأرى أن الإمام أحمد لو تسنى له إعادة المسند وتنقيحه لرفع رواية هذا الراوي الذي قال عنه : لا أروي عنه شيئاً .
6 – خالد بن عبيد ، أبو عصام العتكي البصري ،
متروك الحديث بسبب اختلال حفظه ، مع أنه كان رجلاً ، قال ابن حبان : يروي عن أنس نسخة موضوعة ما لها أصل ، يعرفها من ليس الحديث صناعته أنها موضوعة ... لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب (4) . وقال البخاري : في نظر (5) .
روى له الإمام حديثاً واحداً مما تفرد به ، فقال :(1/13)
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ بِالْمُثَنَّاةِ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ [ الْأَزْدِيُّ ] أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ عُبَيْد [ٍ أَبُو عِصَامٍ ]حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبَ [ بِي ] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَوْضِعٍ بِالْبَادِيَةِ قَرِيبًا مِنْ مَكَّةَ فَإِذَا أَرْضٌ يَابِسَةٌ حَوْلَهَا رَمْلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِذَا فِتْرٌ فِي شِبْرٍ (6) .
(1) المسند 4/ 424 ، وسنن أبي داود ( 175 ) ، وفيه بقية بن الوليد ، وقد عنعن ، وهو يدلس تدليس تسوية ، فلا يقبل حديثه إلا أن يقع التصريح بالسماع في جميع حلقات الإسناد ، ينظر : كتاب التدليس في الحديث للدكتور مسفر الدميني ص120 .
(2) المراسيل ص74 ، وسنن الدارقطني 1/ 110 .
(3) العلل المتناهية 1/ 279 .
(4) المجروحين 1/ 279 .
(5) التاريخ الكبير 3/ 161 .
(6) المسند 5/ 357 .
ص306
ورواه من طريقه : ابن الجوزي في العلل (1) .
والحديث رواه أيضاً : البخاري في التاريخ ، وابن ماجة ، والعقيلي ، وابن عدي ، كلمهم بإسنادهم إلى يحيى بن واضح عن خالد بن عبيد به (2) .
7 – رُشيد الهَجَري الكوفي ،
متروك الحديث بسبب اتهامه بالكذب ، وبسبب معتقده الفاسد ، فإنه كان سبئياً يقول برجعة عليّ ، وأنه دابة الأرض ، وأنه يعرف سر آل محمد صلى الله عليه وسلم الذي يكلم به الموتى (3) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد روي من أوجه كثيرة ، فقال :(1/14)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، سَمِعْتُ سَيْفًا يُحَدِّثُ عَنْ رُشَيْدٍ الْهَجَرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : حَدِّثْنِي مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ (4) .
ورواه أيضاً عن حسين عن شعبة به (5) .
وراه كذلك عن أسود بن عامر شاذان ، عن أبي إسائيل ، عن الحكم ، عن هلال الهَجَريّ ، قال : قلت لعبد الله بن عمرو ... إلخ ، قال عبد الله : هذا خطأ ، وإنما هو الحَكَم ُ عن سيف عن رٌشَيد الهَجَريّ (6) .
وسيف المذكور هو بيَّاع السَّابري ، غير منسوب ، وهو مجهول ، والحكم هو ابن عُتيبة الفقيه .
(1) العلل المتناهية ( 1525 ) .
(2) التاريخ الكبير للبخاري 3/ 162 ، وسنن ابن ماجة ( 4118 ) ، والضعفاء للعقيلي 2/ 10 ، والكامل لابن عدي 3/ 897 .
(3) ينظر : كتاب الرواة الذين تأثروا بابن سبأ للدكتور سعدي الهاشمي ص47 .
(4) المسند 2/ 159 .
(5) المسند 2/ 195 .
(6) المسند 2/ 209 .
ص307
وراه البخاري في التاريخ بإسناده إلى شعبة عن الحكم به .
والحديث رواه أحمد في المسند من طرق كثيرة صحيحة تزيد على اثني عشر طريقاً بأسانيده إلى عبد الله بن عمرو ، وأحسب أن الإمام لو تسنَّى له تنقيح المسند لرفع رواية رُشيد هذه ، اعتماداً على روايات الحديث الكثيرة (1) .
8 – السَّري بن إسماعيل الهَمْداني الكوفي ،(1/15)
متروك الحديث ، لأنه يتفرَّد بأحاديث لا يتابعه عليها أحد ، وقد رماه يحيى بن القطان بالكذب ، وقال أحمد : ترك الناس حديثه (2) ، وقال ابن عدي : وأحاديثه التي يرويها لا يتابعه أحد عليها ، وخاصة عن الشعبي ، فإن َّ أحاديثه عنه منكرات ، لا يرويها عن الشعبي غيره ، وهو إلى الضعف أقرب (3) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وهو معروف من وجه آخر ، فقال :
حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ السَّرِيَّ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ الشَّعْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا ، وَمِنْ الشَّعِيرِ خَمْرًا ، وَمِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا ، وَمِنْ التَّمْرِ خَمْرًا ، وَمِنْ الْعَسَلِ خَمْرًا ، وَأَنَا أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ (4) .
ورواه أيضاً : ابن ماجة ، والطبراني ، وابن عدي ، والدارقطني ، والحاكم ، والخطيب البغدادي ، والمزيّ ، كلهم بإسنادهم إلى خالد بن كثير به (5) .
(1) ينظر : المسند 2/ 163 ، و187 ، و192 ، و193 ، و202 ، و205 ، و206 ، 209 ، و212 ، و215 ، و224 .
والحديث رواه البخاري في مواضع من صحيحه ، ومنها ( 10 ) ، ومسلم ( 41 ) ، وأبو داود ( 2481 ) ، والنسائي ( 4996 ) ، والحميدي في مسنده ( 595 ) ، والدارمي في مسنده ( 2719 ) ، وعبد بن حميد في المنتخب ( 336 ) .
(2) العلل ، من رواية الميموني ( 489 ) .
(3) الكامل 3/ 1295 ، وينظر : تهذيب الكمال 10/ 227 .
(4) المسند 4/ 273 .
(5) سنن ابن ماجه ( 3379 ) ، ومعجم الطبراني الأوسط 8/ 308 ، وسنن الدارقطني 4/ 253 ، والمستدرك للحاكم 4/ 148 ، وتاريخ بغداد للخطيب 4/ 425 ، وتهذيب الكمال 8/ 155 .
ص308(1/16)
وهذا الحديث أنكره يحيى القطان ، وترك الرواية عن السري بن إسماعيل بسببه ، لأن الحديث معروف من رواية الشعبي عن عبد الله بن عمر عن أبيه ، رواه البخاري ومسلم وغيرهما (1) .
ورواه أحمد أيضاً من حديث سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم به ، وإسناده صحيح (2) . وأرى أن الإمام أحمد لو أعاد مراجعة المسند لرفع رواية السري هذه اعتماداً على روايات الحديث الأخرى .
9 – سهل بن عبد الله بن بُرَيدة الأسلمي ،
متروك الحديث لأنه كان يروي عن أبيه أحاديث موضوعة في فضائل مرو وغيرها ، لا أصل لها ، يرويها عن أخوه أوس ، كذا قال ابن حبان ، والحاكم (3) .
روى له الإمام أحمد حديثاً واحداً في فضل مرو ، من رواية أخيه أوس عنه ، وقد تقدم في ترجمة أخيه .
10 – عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقُبري ، أبو عبَّاد الليثي المدني ،
متروك ، بسبب سوء حفظه ، وقد اتهمه يحيى القطان بالكذب ، وقال الإمام أحمد : منكر الحديث متروك الحديث (4) .
روى له الإمام ثلاثة أحاديث - وقد توبعت من طرق أخرى - وهي :
الحديث الأول :
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ [ قَالَ أَبِي اسْمُهُ ] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ [ ثِقَةٌ ] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَمِينُكَ مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ (5) .
(1) صحيح البخاري (4343) ، ومسلم (3032) ، وأبو داود (3669) ، والنسائي (5578) .
(2) المسند 2/118 .
(3) المجروحين 1/348 ، والمدخل إلى الصحيحين للحاكم 1/159 .
(4) يُنظر : الجرح والتعديل 5/71 ، وتهذيب الكمال 15/31 .
(5) المسند 2/331 .
ص309
ورواه الإمام من طريق آخر صحيح ، ورواه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه (1) .
الحديث الثاني :(1/17)
حَدَّثَنَا صَفْوَانُ ، [قَالَ] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي شُرَيْحِ [ بْنِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيِّ] قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الصُّعُدَاتِ ... الحديث (2) .
ورواه من طريق عبد الله بن سعيد به : الدُّ ولابي ، والطحاوي ، والطبراني (3) .
ولكن للحديث شواهد عن عدد من الصحابة ، منهم : أبو سعيد الخُدري ، وأبو طلحة ، وعمر بن الخطاب ، فأما حديث أبي سعيد فرواه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، وغيرهم (4) .
وأما حديث أبي طلحة فرواه مسلم ، وأحمد وغيرهما (5) ، وأما حديث عمر ، فرواه أبو داود وغيره (6) .
الحديث الثالث :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ،[قَالَ] حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ،أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ [قَالَ وَكِيعٌ] شَكَّ [هُوَ يَعْنِي] عَبْدَ اللَّهِ [بْنَ سَعِيدٍ] : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال َلأحدهما [ كذا ، والصواب : لِإِحْدَاهُمَا ] لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا ، فَقَالَ لِي : إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا ... الحديث (7) .
(1) المسند 2/228 ، وصحيح مسلم ( 1653) ، وسنن أبي داود (3255) ، والترمذي (1354) ، وابن ماجة (2120) .
(2) المسند 6/385 .
(3) الكنى لأبي بشر الدولابي 1/39 ، ومشكل الآثار 1/156 ، ومعجم الطبراني الكبير 22/187 .
(4) صحيح البخاري (2465) ، ومسلم (2121) ، وأحمد 3/36 _ 47 ، ورواه أيضاً : أبو داود (4815) ، وعبد الرزاق 11/20 ، والطحاوي في المشكل 1/156 ، والبيهقي في الأدب ص156 .
(5) صحيح مسلم (2161) ، ومسند أحمد 4/30 ، ومشكل الآثار للطحاوي 1/155 .
((1/18)
6) سنن أبي داود (4817) ، ورواه أحمد في فضائل الصحابة 2/770 ، عن وكيع به .
ص310
ونسبه الهيثمي إلى المسند ، ثم قال : ورجاله رجال الصحيح ، وهذا سبق قلم منه رحمه الله تعالى ، وكأنه ظن أن عبد الله بن سعيد هذا هو ابن أبي هند ، وهو ثقة معروف بخلاف المقْبُري (1) .
وللحديث شواهد ، منها عن علي ، وعن أنس ، وأبي أمامة وغيرهم ، فأما حديث علي ، فقد رواه أحمد (2) ، وإسناده حسن ، وأما حديث أنس فرواه أحمد ، والبزار ، وأبو يعلى ، وابن حبان (3) ، وهو حسن أيضاً ، وأما حديث أبي أمامة فرواه الطبراني (4) ، وإسناده جيد ، وفي الباب عن : أم سلمة ، وأم الفضل ، وأبي الطفيل (5) .
11 – عبد الحكيم [ الحكم ] البصري ، قائد سعيد بن أبي عَرُوبة ،
وهو متروك الحديث ، كما قال الدارقطني (6) .
روى له الإمام حديثاً واحداً مما تفرد به ، فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَكَيمِ [ الحكم قَائِدُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [ بن ] الْأَصَمُّ ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَبِعَ جَنَازَةً ، قَالَ : انْبَسِطُوا بِهَا وَلَا تَدِبُّوا دَبِيبَ الْيَهُودِ بِجَنَائِزِهَا (7) .
ورواه عبد الرزاق عن الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : فذكره من قوله ، وهو الصحيح (8) .
(1) مجمع الزوائد 9/187 .
(2) المسند 1/85 .
(3) مسند أحمد 3/242 – 265 ، وكشف الأستار عن زوائد البزار (2642) ، وأبو يعلى 6/129 ، وابن حبان 15/142 .
(4) معجم الطبراني الكبير 8/342 .
(5) يُنظر تخريج أحاديثهم في حاشية صحيح ابن حبان 15/143 .
(6) ينظر سؤالات البرقاني (312) .
(7) المسند 2/363 .
(8) مصنف عبد الرزاق 3/441 .
ص311
12 - عبد الغفار بن القاسم بن قيس الأنصاري ، أبو مريم الكوفي ،(1/19)
متروك الحديث ، لأنه كان ممن كان يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال أحمد متروك الحديث ، وقد كان يُرمى بالتشيع (1) ، واتهمه بالوضع ابن المديني وأبو داود وغيرهما (2) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد جاء الحديث من وجه آخر صحيح ، فقال :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْبَرَاءِ ، عَن أَبِيهِ ، قَالَ : لَقِيتُ خَالِي مَعَهُ رَايَةٌ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ ، فَأَمَرَنَا أَنْ نَقْتُلَهُ وَنَأْخُذَ مَالَهُ ، قَالَ : فَفَعَلُوا . قَالَ [ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ ] عبد الله بن أحمد : مَا حَدَّثَ أَبِي عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ الْغَفَّارِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ لِعِلَّتِهِ (3) .
قلتُ : قوله ( لعلته ) أي لضعفه ، فإن أبا مريم هذا بيِّنُ الضعف ، وقد اتفق على تركه أكثر علماء الحديث .
والحديث رواه الإمام من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أشعث ، عن عدي بن عدي ، عن يزيد بن البراء ، عن أبيه به . ورواه أيضاً من طريق عثمان بن محمد ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مطرِّف ، عن أبي الجهم ، عن البراء به (4) ، فصح الحديث من غير طريق هذا الراوي المتروك .
13 – عبد الواحد بن زيد القاصّ ، أبو عبيدة البصري ،
كان رجلاً صالحاً إلا أنه لم يكن له علم بالحديث ، ولذلك كثرت المناكير في روايته ، وقال البخاري : تركوه ، وقال مرة أخرى : منكر الحديث ، وقال أبو حاتم : ضعيف بمرة (5) .
(1) العلل من رواية المروذي (135) .
(2) ينظر : لسان الميزان 4/42 .
(3) المسند 4/295 .
(4) المسند 4/297 .
((1/20)
5) ينظر : التاريخ الكبير 6/62 ، والتاريخ الأوسط 2/109 ، والجرح والتعديل 6/20 ، ولسان الميزان 4/80 .
ص312
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد تُوبع عليه فقال :
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ أَخْبَرَنَا عُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ بَكَى فَقِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ فَذَكَرْتُهُ فَأَبْكَانِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ ... الحديث (1) .
ورواه أيضاً من طريقه : الطبراني ، والحاكم ، وأبو نعيم (2) .
ورواه أحمد من وجه آخر ، فقال : حدثنا أبو النضر ، عن عبد الحميد بن بَهْرام ، عن شَهْر بن حَوْشَب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن شداد به (3) .
ورواه ابن ماجه ، من حديث عامر بن عبد الله ، عن الحسن بن ذكوان ، عن عبادة بن نسيّ به (4) .
14 – عبد الواحد بن نافع ، أبو رماح الكُلاعي ،
نزيل البصرة ، متروك الحديث ، قال عنه ابن حبان : يروي عن أهل الحجاز المقلوبات ، وعن أهل الشام الموضوعات ، لايحلُّ ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه (5) .(1/21)
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد تفرّد به ، فقال : حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ [ الْكَلَاعِيِّ ] ، عن عبد الله بن رافع بن خديج ، عن أبيه ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يأمرنا بتأخير هذه الصلاة ، يعني صلاة العصر (6) . [ قوله : يعني صلاة العصر ، " مدرجة " ليست في المسند ، وإنما هي بمثابة الشرح ، ونص الحديث كما هو في المسند : حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ الْكَلَاعِيِّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، قَالَ : مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ بِالْمَدِينَةِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَإِذَا شَيْخٌ فَلَامَ الْمُؤَذِّنَ وَقَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الصَّلَاة ، ِ قَالَ ، قُلْتُ : مَنْ هَذَا الشَّيْخُ ؟ قَالُوا هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ] ( أشرف ) .
ورواه من طريق عبد الواحد : البخاري في التاريخ ، وابن حبان ، والطبراني ، والدارقطني ، وأبو نعيم ، وقال الدارقطني : هذا حديث ضعيف الإسناد من جهة عبد الواحد هذا ، لم يروه عن ابن رافع بن خديج غيره (7) .
(1) المسند 4/124 .
(2) معجم الطبراني الكبير 7/341 ، وفي الأوسط 4/248 ، وفي مسند الشاميين 3/270 ، والمستدرك للحاكم 4/330 ، وحلية الأولياء لأبي نُعيم 1/268 .
(3) المسند 4/125 ، وذكره الهيثمي في المجمع 10/220 ، وعزاه لأحمد ، ثم قال : وفيه شهر بن حوشب ، وثّقه أحمد وغير واحد ، وبقية رجاله ثقات .
(4) سنن ابن ماجه (4205) ، وفيه عامربن عبد الله " مجهول " ، وبقية رجاله ثقات .
(5) المجروحين 2/154 .
(6) المسند 3/463 ، و 4/142 .
((1/22)
7) التاريخ الكبير 6/61 ، والتاريخ الأوسط 2/65 ، والمجروحين لابن حبان 2/154 ، والمعجم الكبير للطبراني 4/267 ، وسنن الدارقطني 1/251 ، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم 1/96 .
ص313
15 – عطاء بن عجلان العطار ، أبو محمد الحنفي البصري ،
متروك الحديث ، لأنه متهم بالكذب ، كان لا يدري ما يقول ، يُوضع له الحديث فيُحدث به ، وقال ابن معين : ليس حديثه بشيء كذاب ، وقال أحمد : لا يكتب حديثه ، أو قال : ليس بشيء (1) ، وقال أبو حاتم : متروك الحديث (2) .
روى له الإمام أحمد حديثاً واحداً في ثلاثة مواضع بإسناده إليه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يتصدق بدينار ، يعني الذي يغشى امرأته حائضاً (3) .
ورواه من طريقه : ابن عديّ ، والبيهقي (4) .
وقال الطبراني : لا نعلم أسند إلا حديثاً واحداً ، يروي عن عكرمة ، ثم ذكر الحديث المتقدم (5) .
ولكن الحديث صحيح من وجه آخر ، فقد رواه مِقْسَم عن ابن عباس به ، رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، بلفظ : يتصدق بدينار أو نصف دينار (6) .
16 – عمارة بن جُوين ، أبو هارون العبدي البصري ،
وهو متروك الحديث ، لأنه كان يكذب في حديثه ، وكان رافضياً ، قال أحمد : متروك ، ليس بشيء (7) .
روى له الإمام حديثاً واحداً مقروناً بغيره ، فقال :
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ ، عَنْ
(1) سؤالات ابن هانيء (2269) .
(2) ينظر : الجرح والتعديل 6/335 .
(3) المسند 1/245 ، و 306 ، و 363 .
(4) الكامل لابن عدي 5/2003 ، والسنن الكبرى للبيهقي 1/318 .
(5) جزء مَنْ اسمه عطاء ص15 .
((1/23)
6) مسند أحمد في مواضع ، ومنها 1/230 ، سنن أبي داود (264) ، وسنن النسائي (289 ، و 370) ، وسنن ابن ماجه (640) ، وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد وابن حجر وغيرهم ، ينظر : تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي 1/594 ، وإرواء الغليل للشيخ الألباني 1/218 .
(7) المجروحين 2/117 ، وتهذيب الكمال 21/232 .
ص314
أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تُمْلَأُ الْأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًاً ، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي ، يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا (1) .
ورواه أحمد أيضاً عن محمد بن جعفر ، عن عوف الأعرابي ، عن أبي الصديق الناجي به ، وهذا إسناد صحيح (2) .
17 – عمرو بن جابر الحَضْرمي ، أبو زرعة المصري ،
متروك ؛ لأنه تفرد بأحاديث لا يتابع عليها ، ولأجل ذلك اتهمه الإمام أحمد بالكذب ، وقال : يروي عن جابر أحاديث مناكير (3) ، ولاعتقاده الفاسد ، إذ كان يزعم بأن علياً في السحاب ، قال ابن حبان : ينفرد جابر بأشياء ليست من حديثه ، لا يحل الإحتجاج بخبره ، ولا الرواية عنه إلا على وجه التعجب ، وكان سحابيَّاً يزعم أنَّ علياً كان في السحاب (4) .
روى له الإمام أربعة أحاديث ، وقد جاءت من طرق أخرى ، وإليك ذكرها :
الحديث الأول :
رواه من طرق ، عنه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صام رمضان وستاً من شوال فإنما صام السنة كلها (5) .
ورواه من طريقه : عبد بن حميد ، والطبراني ، وابن عدي ، والبيهقي (6) .
والحديث مشهور عن جماعة عن الصحابة ، منهم : أبو أيوب ، وثوبان ، فأما حديث أبي أيوب فرواه مسلم ، وأحمد ، وأبو داود ، والترمذي (7) . وأما حديث ثوبان فرواه أحمد ، وابن ماجه ، والدارمي ، وابن خزيمة (8) .
(1) مسند أحمد 3/70 .
(2) مسند أحمد 3/36 .
(3) العلل ومعرفة الرجال (4644) .
((1/24)
4) المجروحين 2/68 ، والكامل 5/1765 .
(5) المسند 3/308 ، و324 ، و344 .
(6) منتخب مسند عبد بن حميد (1116) ، ومعجم الطبراني الأوسط 3/293 ، والكامل لابن عدي 5/1765 ، وسنن البيهقي 4/292 .
(7) صحيح مسلم (1164) ، ومسند أحمد 5/417 ، و419 ، وسنن أبي داود (2433) ، وجامع الترمذي (759) .
(8) مسند أحمد 5/280 ، وسنن ابن ماجه (1715) ، وسنن الدارمي (1762) ، وصحيح ابن خزيمة (2115) .
ص315
الحديث الثاني :
رواه من طريقه عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفاً (1) .
ورواه من طريقه : الترمذي ، وابن عدي (2) .
وله شواهد عن جماعة ، منهم : أبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وأنس ، وابن عمر ، فأما حديث أبي هريرة ، فرواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن أبي شيبة (3) ، وأما حديث أبي سعيد ، فرواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه (4) ، وأما حديث أنس فرواه الترمذي (5) ، وأما حديث ابن عمر فرواه ابن ماجه ، وابن أبي شيبة (6) .
الحديث الثالث :
رواه من طرق من حديثه عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الفارُّ من الطاعون كالفارُّ من الزحف (7) .
ورواه من طريقه : عبد بن حميد ، والبزار ، والطبراني (8) .
وله شاهد صحيح من حديث عائشة ، رواه أحمد (9) .
الحديث الرابع :
عنه ، عن سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تسبُّوا تبَّعاً ، فإنه كان أسلم (10) .
(1) المسند 3/324 .
(2) جامع الترمذي (2355) ، والكامل 5/1765 .
(3) مسند أحمد 2/296 ، و343 ، و451 ، و513 ، و519 ، والترمذي (2352) ، وسنن ابن ماجه (4122) ، ومصنف ابن أبي شيبة 13/246 .
(4) مسند أحمد 3/63 ، و96 ، وسنن أبي داود (3666) ، وجامع الترمذي (2352) ، وسنن ابن ماجه (4123) .
(5) جامع الترمذي (2352) .
(6) سنن ابن ماجه (4124) ، ومصنف ابن أبي شيبة 13/244 .
(7) المسند 3/324 ، و352 ، و360 .
((1/25)
8) المنتخب من مسند عبد بن حميد (118) ، وكشف الأستار عن زوائد البزار (3038) ، ومعجم الطبراني الأوسط 3/293 ، و9/13 .
(9) مسند أحمد 6/82 ، و255 .
(10) المسند 5/340 .
ص316
ورواه من طريقه : عبد الله بن وهب ، والطبراني ، وابن عساكر (1) .
وله شاهد من حديث ابن عباس ، رواه الطبراني ، والخطيب البغدادي ، وابن عساكر ، وإسناده ضعيف ، وذكره ابن حجر ، وقال : إسناده أصلح من إسناد سهل (2) .
18 – عمرو بن عُبَيد المعتزلي ،
وهو متروك الحديث ، كان داعية إلى الإعتزال ، وكان يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يكذب في الحديث توهّماً لا تعمداً ، وقال أحمد : ما كان عمرو بن عبيد بأهل أن يُحدَّث عنه (3) ، وقال ابن عدي : هو مذموم ضعيف جداً ، معلن بالبدع ، وقد كفانا ما قال فيه الناس ، يعني من جرح ، ورماه أيوب السختياني وغيره (4) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، قال :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن هارون ، قال : أَخْبَرَنَا رَجُلٌ - وَالرَّجُلُ كَانَ يُسَمَّى فِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عبد الله بن أحمد : عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ - قَالَ : ثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ حَتَّى مَضَى لِوَجْهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ : [ وَكَانَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ ضَرَبَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِهِ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ صَحَّ صَحَّ ] إِنَّمَا ضَرَبَ أَبِي عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ الرَّجُلَ الَّذِي حَدَّثَ عَنْه يَزِيدُ (5) .
ورواه من طريقه : الطبراني (6) .
(1) الجامع لابن وهب 1/37 ، ومعجم الطبراني الأوسط 3/323 ، وتاريخ دمشق 11/5 .
((1/26)
2) معجم الطبراني الكبير 11/296 ، والأوسط 2/112 ، وتاريخ بغداد 3/205 ، وتاريخ دمشق 11/6 ، وفتح الباري 8/571 .
(3) العلل ، من رواية المروذي (514) .
(4) الكامل 5/1763 ، وينظر : تهذيب الكمال 22/123 .
(5) مسند أحمد 4/441 .
(6) المعجم الكبير للطبراني 18/139 .
ص 317
والحديث صحيح عن جما عة من الصحابة ، منهم : أبو هريرة ، وعائشة ، فأما أبي هريرة ، فرواه مسلم ، وأحمد ، والترمذي ، وابن ماجه (1) . وأما حديث عائشة ، فرواه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، والترمذي ، وابن ماجه (2) .
19 – كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المُزَني المدني ،
وهو متروك الحديث ، وقد اتهمه الشافعي وأبو داود وغيرهما ، وقال ابن حبان : روى عن أبيه عن جدِّه نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب والرواية عنه إلا على وجه التعجب (3) .
روى له الإمام حديثاً واحداً سنذكره ، فقال :
حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ [ الْمُزَنِيُّ ] ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ .... الحديث .
ثم قال الإمام : حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ مَوْلَى بَنِي الدِّيلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِثْلَهُ (4) .
قال عبد الله بن أحمد في العلل : ضرب أبي على حديث كثير بن عبد الله في المسند ، ولم يُحدّثنا عنه (5) .(1/27)
قلتُ : لم يُخرج الإمام في المسند شيئاً من حديثه ، وإنما أخرج هذا الإسناد ليذكر الإسناد الذي بعده من حديث ابن عباس ، والذي هو بنحو حديث عمرو بن عوف – جد كثير – والسبب في ذلك أنّ الإمام لم يسمع من شيخه حسين بن محمد لفظ حديث ابن عباس ، بل سمع منه حديث عمرو بن عوف ، فحرص أنْ يثبت لفظ شيخه كما سمعه منه ،
(1) صحيح مسلم (2976) ، ومسند أحمد 2/434 ، وجامع الترمذي (2358) ، وسنن ابن ماجه (3343) .
(2) صحيح البخاري (5107) ، ومسلم (2970) ، وأحمد 6/42 ، و98 ، و156 ، و277 ، والترمذي (2357) ، وابن ماجه (3346) .
(3) المجروحين 2/221 ، وينظر : تهذيب الكمال 24/136 .
(4) المسند 1/306 .
(5) العلل ومعرفة الرجال (4922) .
ص318
ولا شكّ أنّ هذا يدل على دقة الإمام وأمانته ، فرحمه الله تعالى وجزاه عن سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم خير الجزاء .
20 – محمد بن سعيد المصلوب الشامي ،
وهو أحد من اشتهر كذبه ، وكان بعض الرواة الضعفاء يقلب اسمه على أكثر من مائة اسم (1) ، وقال أحمد : قتله أبو جعفر في الزندقة ، وهو متروك الحديث (2) .
روى الإمام له حديثاً واحداً ، فقال :
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَغَسَلَ أَحَدُكُمْ رَأْسَهُ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ غَدَا ... الحديث (3) .
ورواه الخطيب البغدادي في المُوضح في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب ، بإسناده إلى عبد الله بن أحمد ، عن أبيه به (4) .
ورواه الطبراني ، بإسناده إلى سعيد بن أبي هلال به (5) .(1/28)
وذكره البخاري ، وابن أبي حاتم ، وقال : سمعت أبي يقول : محمد بن سعيد هذا هو الشامي المتروك الحديث ، روى هذا الحديث بعينه عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبى هلال ، عن محمد بن سعيد ،عن عبادة بن نسي ، عن أوس بن أوس الثقفى ،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغسل يوم الجمعة ، فعلمنا أنه هو الشامي المتروك الحديث ، ثم قال ابن أبي حاتم : وأخرج البخاري في موضع آخر محمد بن سعيد ، روى عن أوس [ بن أوس ] الثقفى ، روى عنه سعيد بن أبى هلال ، وهذا هو الشامي (6) .
(1) ينظر : الضعفاء 4/72 ، والموضح لأوهام الجمع والتفريق 2/349 .
(2) العلل من رواية المروذي ( 168 ، و258 ) ، وينظر : الجرح والتعديل 7/262 .
(3) المسند 4/8 .
(4) موضح أوهام الجمع والتفريق 2/345 – 346 .
(5) المعجم الكبير 1/216 .
(6) التاريخ الكبير 1/94 ، والجرح والتعديل 7/263 .
ص319
قلت : كأنّ الإمام أحمد خَفِي عليه أمره ، ولو تنبه إليه لأمر بحذفه ، كما فعل هذا في نظراء هذا الكذاب ، أو مَنْ هم أحسن حالاً منه ، والحديث مشهور من طرق أخرى صحيحة ، رواه أحمد ، والترمذي ، وعبد الرزاق ، وابن خزيمة ، والحاكم (1) .
21 – محمد بن عبد الرحمن بن البَيْلَماني الكوفي النحوي ،
متروك الحديث ، وقد اتهمه بالكذب ابن حبان وابن عدي وغيرهما ، وقال ابن حبان : حدَّث عن أبيه بنسخة شبيهاً بمائة حديث كلها موضوعة ، لايجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على سبيل التعجب ، وقال أيضاً : محمد بن عبد الرحمن يضع على أبيه العجائب ، وقال ابن عدي : كل ما روي عن ابن البيلماني فالبلاء منه فيه ... والضعف على حديثه بيِّن (2) .
روى له الإمام حديثين ، من روايته عن أبيه ، عن ابن عمر ، وقد تفرّد بهما ، فلم أجد لهما متابعة ولا شاهداً ، وإليك بيان ذلك :
الحديث الأول :(1/29)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا الَّذِي يَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ مِنْ الشُّهُودِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ (3) .
ورواه عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وابن عدي ، والبيهقي ، كلهم بإسنادهم إلى ابن البيلماني به (4) .
الحديث الثاني :
عَنْ [عَبْدِ اللَّهِ] بْنِ عُمَرَ [ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : إِذَا لَقِيتَ الْحَاجَّ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَصَافِحْهُ وَمُرْهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَإِنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ (5) .
والحديث رواه من طريقه : ابن حبان ، وأبو الشيخ ابن حيان (6) .
(1) مسند أحمد 4/9 ، و104 ، وسنن أبي داود (346) ، وجامع الترمذي (494) ، ومصنف عبد الرزاق 3/260 ، وصحيح ابن خزيمة 2/132 ، ومستدرك الحاكم 1/282 .
(2) المجروحين 2/264 ، والثقات في ترجمة أبيه 5/91 ، والكامل 6/2189 .
(3) المسند 2/35 ، و109 .
(4) مصنف عبد الرزاق 7/484 ، ومصنف ابن أبي شيبة 4/195 ، والكامل 6/2188 ، و2244 ، وسنن البيهقي الكبرى 7/464 .
(5) المسند 2/69 ، و128 .
(6) لمجروحين 2/265 ، و طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ 3/176 .
ص320
22 – محمد بن عبيد الله بن أبي رافع القرشي الهاشمي ،
متروك الحديث ، قال البخاري : منكر الحديث ، وقال ابن حبان : جدا يروي عن أبيه ما ليس يشبه حديث أبيه فلما غلب المناكير على روايته استحق الترك كان يحيى بن معين شديد الحمل عليه (1) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد تفرّد به ، فقال :(1/30)
حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، حدثنا [ أَنْبَأَنَا ] إِسْرَائِيلُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمِّهِ ، [ قَالَ : قَالَ : ] عن : عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَسُئِلَ : يَرْكَبُ الرَّجُلُ هَدْيَهُ ؟ فَقَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ ، قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُرُّ بِالرِّجَالِ يَمْشُونَ فَيَأْمُرُهُمْ يَرْكَبُونَ هَدْيَهُ ... الحديث (2) .
ونسبه ابن حجر إلى أحمد في المسند ، وقال : إسناده صالح ، وهو سهو من الحافظ رحمه الله (3) .
23 – محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العَزْرَمي ، أبو عَوْن الثقفي الكوفي ،
كان رجلاً ، وكان يُحدِّث من حفظه ولم يكن يحفظ ، ولأجل ذلك ترك حديثه ابن المبارك ويحيى وغيرهما ، وقال أحمد : ترك الناس حديثه .
روى له الإمام حديثاً واحداً ليُظهر علّته ، فقال :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ [ بْنُ أَرْطَاةَ ] ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ ابْنَتَهُ إِلَى أَبِي الْعَاصِ بِمَهْرٍ جَدِيدٍ وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ .[ قَالَ أَبِي فِي حَدِيثِ حَجَّاحٍ رَدَّ زَيْنَبَ ابْنَتَهُ قَالَ ] ثم قال : هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَوْ قَالَ : وَاهٍ ، [ و ] َلَمْ يَسْمَعْهُ الْحَجَّاجُ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ ، وَالْعَرْزَمِيُّ لَا يُسَاوِي حَدِيثُهُ شَيْئًا ، وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ : [الَّذِي رُوِيَ ] أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهُمَا عَلَى النِّكَاحِ [ الْأَوَّلِ ] الجديد (4) .
(1) المجروحين 2/ 249 ، وهذا الرواي ذكره ابن حبان في الثقات أيضاً 7/400 .
((1/31)
2) المسند 1/121 ، وعم محمد بن عبيد الله هو عبيد الله بن أبي رافع ، كاتب علي رضي الله عنه ، كما أفاده الخطيب البغدادي في إيضاح الملتبس ص269 .
(3) فتح الباري 3/537 .
(4) المسند 2/207 – 208 .
ص321
وبهذا البيان ظهر أنه لم يرو عنه ، وإنما جاء ذكره بسبب أنّ الحجاج لم يرو عن عمرو بن شعيب ، وإنما يروي عنه بواسطة العزرمي هذا ، ولذلك دلَّسه ، فأسقطه من الإسناد ، والحديث الصحيح الذي أشار إليه الإمام أحمد رواه في المسند ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، من حديث ابن عباس ، أنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ زينب ابنيه على زوجها أبي العاص بالنكاح الأول ولم يحدث شيئاً (1) .
24 – منذر أبو حسَّان ،وهو متروك الحديث ،
قال الدُّولابي : يُرمى بالكذب ، وقال البخاري : لا يتابع عليه (2) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وقد تفرّد به ، فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ أبو زيد [ يَعْنِي أَبَا زَيْدٍ ] ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ ، ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي النَّبِيذِ بَعْدَ مَا نَهَى عَنْهُ : مُنْذِرٌ أَبُو حَسَّانَ ، ذَكَرَهُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، وَكَانَ يَقُولُ : مَنْ خَالَفَ الْحَجَّاجَ فَقَدْ خَالَفَ (3) .
والحديث ذكره العقيلي في الضعفاء ، ونقل عن البخاري قوله : لا يتابع عليه (4) .
25 – ميناء بن أبي ميناء القرشي الزهري مولى عبد الرحمن بن عوف ،
متروك الحديث ، ورماه أبو حاتم بالكذب ، وقال ابن معين ويعقوب بن سفيان : ليس بثقة ، وزاد يعقوب : ولا مأمون ، يجب أن لا يُكتب حديثه ، وكان يغلو في التشيع (5) .
(1) مسند أحمد 1/217 ، و216 ، و351 ، وأبو داود ( 2240 ) ، والترمذي ( 1143 ) ، وابن ماجه ( 2009 ) .
(2) ينظر لسان الميزان 6/91 ، وقال ابن عدي في الكامل 6/23366 : مجهول ، وذكره ابن حبان في الثقات 5/421 .
((1/32)
3) المسند 5/12 .
(4) الضعفاء 4/200 .
(5) ينظر : تهذيب التهذيب 10/357 :
والغلو في التشيع هو أن يقدم علياً على الشيخين أبي بكر وعمر ، ويطلق عليه رافضي ، فإذا انضاف إلى ذلك السبُّ أو التصريح بالبغض فهو غال في الرفض ، ينظر : هدي الساري لابن حجر ص459 .
ص322
روى له الإمام حديثين ، وقد تفرّد بهما ، وهما :
الحديث الأول :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ مِينَاءَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ وَفْدِ الْجِنِّ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَنَفَّسَ ، فَقُلْتُ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي يَا ابْنَ مَسْعُودٍ (1) .
ورواه من طريقه : العقيلي ، والطبراني ، وابن الجوزي ، وابن عساكر ، وقال ابن الجوزي : هذا حديث موضوع ، والحمل فيه على ميناء (2) .
الحديث الثاني :
بالإسناد السابق إلى أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ... فَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ حِمْيَرَاً [ أو : حِمْيَرَ ]، أَفْوَاهُهُمْ سَلَامٌ ، وَأَيْدِيهِمْ طَعَامٌ ، أَهْلُ أَمْنٍ وَإِيمَانٍ (3) .
ورواه من طريقه : الترمذي ، وابن عدي ، والمزني ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد الرزاق ، ويُروى عن ميناء هذا أحاديث مناكير (4) .
26 – نُفَيْع بن الحارث ، أبو داود الأعمى الكوفي ،
متروك الحديث وكذَّبه بعضهم ، ومنهم قتادة (5) ، وقال ابن احبان : كان ممن يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات توهماً ، لا يجوز الإحتجاج به والرواية عنه إلا على جهة الإعتبار (6) .
(1) المسند 1/449 .
((1/33)
2) ضعفاء العقيلي 4/253 ، ومعجم الطبراني الكبير 10/81 ، والموضوعات لابن الجوزي 2/104 ، وتاريخ دمشق 42/421 ، وله متابعة لا يفرح بها ، رواها الطبراني في المعجم الكبير 10/81 ، فيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو متروك الحديث .
(3) المسند 2/278 .
(4) جامع الترمذي ( 3939 ) ، والكامل 6/2451 ، والتهذيب 29/248 .
(5) ينظر العلل للإمام أحمد ، من رواية صالح ( 317 ) .
(6) المجروحين 3/55 .
ص323
روى له الإمام عشرة أحاديث ، توبع في السبعة الأولى منها ، وتفرد في الأحاديث الثلاثة الأخيرة ، كما روى له حديثاً واحداً من الوجادات (1) ، وإليك الأحاديث العشرة :
الحديث الأول :
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، [أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ] وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ،[قَالَ : حَدَّثَنَا] عن إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ [ أبي داود ] نَفِيعٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ أَحَدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَنِيٍّ وَلَا فَقِيرٍ ، إِلَّا وَدَّ أَنَّمَا كَانَ أُوتِيَ مِنْ الدُّنْيَا قُوتًا .
ورواه من طريقه : ابن ماجه ، وعبد [ بن حميد ] ، وأبو عبيد ، وابن الأعرابي ، وابن حبان ، وابن عدي ، وأبو نعيم (3) .
وله شاهد من حديث ابن مسعود ، رواه الخطيب البغدادي ، وإسناده ضعيف (4) ، ورواه ابن أبي شيبة ، وأبو نعيم من قول ابن مسعود ، وهو الصحيح (5) .
الحديث الثاني :
[ حَدَّثَنَا =] عن ابْنُ نُمَيْرٍ ، [حَدَّثَنَا =] عن إِسْمَاعِيلُ [ بْنُ عُمَرَ] ، عَنْ [ أبي داود ] نُفَيْعٍ ، [ قَالَ =] عن [ سَمِعْتُ ] أَنَسَ [ بْنَ مَالِكٍ ] ، [ قال =] : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى وُجُوهِهِمْ ؟ قَالَ : إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ ، قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ (6) .
ورواه من طريقه : أبو يعلى ، والحاكم (7) .(1/34)
والحديث صحيح من وجه آخر ، فقد رواه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، من حديث قتادة عن أنس به (8) .
(1) ذكرته في كتاب الوجادات في مسند الإمام أحمد برقم (97) .
(2) المسند 3/117 ، و167 .
(3) سنن ابن ماجة (4140) ، ومنتخب مسند عبد بن حميد (1235) ، ومسند أبي يعلى 7/303 ، و304 ، والزهد لابن الأعرابي (929) ، والمجروحين 3/56 ، والكامل 7/2524 ، وحلية الأولياء 10/69 .
(4) تاريخ بغداد 4/8 .
(5) مصنف ابن أبي شيبة 13/301 ، وحلية الأولياء 1/137 .
(6) المسند 3/167 .
(7) مسند أبي يعلى 7/264 ، والمستدرك 2/402 .
(8) صحيح البخاري (4482) ، ومسلم (2806) ، وأحمد 3/229 .
ص324
الحديث الثالث :
[حَدَّثَنَا =] عن ابْنُ نُمَيْرٍ ، أَخْبَرَنَا [= عن] مَالِكٌ بن مغول [ بن مغول : ليست في الأصل ] ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ نُفَيع [ نفيع : ليست في الأصل ] ،[ قَالَ لَقِيتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَأَخَذَ بِيَدِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي قَالَ تَدْرِي لِمَ فَعَلْتُ هَذَا بِكَ قَالَ قُلْتُ لَا أَدْرِي وَلَكِنْ لَا أَرَاكَ فَعَلْتَهُ إِلَّا لِخَيْرٍ قَالَ إِنَّهُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَ بِي مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتُ بِكَ فَسَأَلَنِي فَقُلْتُ مِثْلَ الَّذِي قُلْتَ لِي فَقَالَ : ] عن البراء بن عازب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيُسَلِّمُ [ في الأصل : فيقبل ] أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ ، لَا يَأْخُذُهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لَا يَتَفَرَّقَانِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُمَا (2) .
والحديث صحيح من طريق آخر ، فقد رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، من حديث أبي إسحاق السبيعي عن البراء به (2) .
الحديث الرابع :(1/35)
حَدَّثَنَا [الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ] أَبُو الْيَمَانِ ، حَدَّثَنَا [= عن] إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي شَيْبَةَ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ [أبي داود] نُفَيْعِ [بْنِ الْحَارِثِ] ، عَنْ مَعْقِلٍ بن يسار [الْمُزَنِيّ ] ،ِ قَالَ : أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَ قَوْمٍ ... ، فقال : اللَّهُ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَحِفْ عَمْدًا (3) .
ورواه من طريقه : الطبراني ، والحاكم (4) .
وللحديث شاهد صحيح ، فقد رواه الترمذي ، وابن ماجه ، من حديث عبد الله بن أبي أوفى ، بلفظ : إن الله مع القاضي ما لم يجر ، فإذا جار وكله إلى نفسه (5) .
الحديث الخامس :
حَدَّثَنَا أَسْوَدُ [ بْنُ عَامِرٍ ] ، [حَدَّثَنَا =] عن أَبي بَكْرٍ بن عياش ، عَنِ الْأَعْمَشِ ،عَنْ أَبِي دَاوُدَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ ، فَمَنْ أَخَّرَهُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ (6) .
ورواه من طريقه الطبراني (7) .
(1) المسند 4/289 .
(2) مسند أحمد 4/289 ، و303 ، وسنن أبي داود (5212 ) ، وجامع الترمذي (2727) ، وسنن ابن ماجة (3730) .
(3) المسند 5/26 .
(4) المعجم الكبير 20/230 ، والمستدرك 3/577 .
(5) جامع الترمذي (1330) ، والمستدرك 3/577 .
(6) المسند 4/442 .
(7) المعجم الكبير 18/240 ، وجزء من اسمه شعبة (30) .
ص325
وللحديث شاهد صحيح من حديث بُرَيدة ، ورواه أحمد ، والرُّوياني ، وابن عدي ، والحاكم ، والبيهقي (1) ، وله شاهد آخر صحيح من حديث زيد بن أرقم ، ورواه الخطيب البغدادي (2) .
الحديث السادس :(1/36)
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عن الْأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ نفيع ، عَنْ بُرَيْدَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا كَانَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ وَمَنْ أَنْظَرَهُ بَعْدَ حِلِّهِ كَانَ لَهُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ (3) .
ورواه من طريقه : ابن ماجه ، وأبو يعلى (4) .
والحديث صحيح ، كما في الحديث السابق .
الحديث السابع :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عن إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ نفيع ، عَنْ بُرَيْدَةَ ، قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ ، قَالَ : قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ ... الحديث (5) .
ورواه من طريقه : الخطيب البغدادي (6) .
وهذا الحديث صحيح من طرق أخرى ، فقد رواه جماعة من الصحابة ، منهم : أبو سعيد الخدري ، وكعب بن عُجْرة ، وزيد بن خارجة وغيرهم (7) .
(1) مسند أحمد 5/360 ، ومسند الروياني 1/66 ، والكامل 4/1531 ، والمستدرك 2/29 ، وسنن البيهقي الكبرى 5/357 .
(2) تاريخ بغداد 1/304 .
(3) المسند 5/351 .
(4) سنن ابن ماجة (2418) ، ومسند أبي يعلى 1/209 .
(5) المسند 5/353 .
(6) تاريخ بغداد 8/142 .
(7) ينظر : جامع الأصول في أحاديث الرسول 4/403 .
ص326
الحديث الثامن :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عن سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ ، عَنْ عَائِذِ اللَّهِ الْمُجَاشِعِيِّ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ نفيع ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، قَالَ :[ قُلْتُ أَوْ ] قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ ؟ قَالَ : سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ... الحديث (1) .(1/37)
وهذا الحديث تفرد به أبو داود نفيع ، ورواه من طريقه : ابن ماجه ، وعبد ، والعقيلي ، وابن قانع ، وابن حبان ، والطبراني ، والحاكم ، والبيهقي والمزي (2) .
الحديث التاسع :
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ طَهْمَانَ - أَبُو الْعَلاَءِ الْخَفَّافُ حَدَّثَنِى نَافِعُ بْنُ أَبِى نَافِعٍ عَنْ مَعْقِل بْنِ يَسَارٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ... الحديث (3) .
كذا قال : نافع بن أبي نافع ، وهو أبو داود الأعمى نُفَيع ، وقد دلّسه بعضهم لضعفه .
وهذا الحديث مما تفرد به ، وقد رواه من طريقه : الترمذي ، والدارمي ، والطبراني (4) .
الحديث العاشر :
بالإسناد السابق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يلبث الجور بعدي إلا قليلاً حتى يطلع ... الحديث (5) .
وهو أيضاً مما تفرد به أبو داود نفيع ، وقد رواه من طريقه الروياني (6) .
27 – هشام بن زياد بن أبي يزيد القرشي ، أبو المقدم بن أبي هشام المصري ،
وهو متروك الحديث ، لأنه كما قال ابن حبان : كان يروي الموضوعات عن الثقات ، والمقلوبات
(1) المسند 4/368 .
(2) سنن ابن ماجة (3127) ، ومنتخب مسند عبد بن حميد (259) ، والضعفاء للعقيلي 3/419 ، ومعجم الصحابة لابن قانع 1/228 ، والمجروحين لابن حبان 3/55 ، ومعجم الطبراني الكبير 5/197 ، والمستدرك 2/389 ، وسنن البيهقي 9/261 ، وتهذيب الكمال 14/94 .
(3) المسند 5/26 .
(4) جامع الترمذي (2922) ، وسنن الدارمي (3428) ، وكتاب الدعاء للطبراني (308) .
(5) المسند 5/26 – 27 .
(6) مسند الروياني 2/327 .
ص327
عن الأثبات حتى يسبق إلى قلب المستمع أنه كان المتعمد لها ، وحدّث عنه ابن مهدي ثم تركه ، وقال أحمد : ليس بشيء ، وهو ضعيف الحديث ، كان يرى رأي سوء (1) .(1/38)
روى له الإمام ثلاثة أحاديث ، وكلها مما تفرد بها ، وإليك ذكرها :
الحديث الأول :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ ، قَالاَ : أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِى هِشَامٍ [- قالَ عَبَّادٌ ابْنُ زِيَادٍ - ] ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : « مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلاَ مَسْلِمَةٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَذْكُرُهَا وَإِنْ طَالَ عَهْدُهَا [ - قالَ عَبَّادٌ قَدِمَ عَهْدُهَا - ] ، فَيُحْدِثُ لِذَلِكَ اسْتِرْجَاعاً ، إِلاَّ جَدَّدَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَأَعْطَاهُ مِثْلَ أَجْرِهَا يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا » (2) .
وراه من طريقه : ابن ماجه ، والحارث ، وأبو يعلى ، وابن السُّني (3) .
الحديث الثاني :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِى هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أُعْطِيَتْ أُمَّتِى خَمْسَ خِصَالٍ فِى رَمَضَانَ لَمْ تُعْطَهَا أُمَّةٌ قبلها [ قَبْلَهُمْ ] ... الحديث (4) .
ورواه من طريقه : البزار ، والطحاوي ، وابن أبي الصقر (5) .
الحديث الثالث :
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِىُّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ الْمَخْزُومِىِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، [ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ] أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :« إِنَّ الَّذِى يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الإِثْنَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِ الإِمَامِ ، كَالْجَارِّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ » (6) .
((1/39)
1) المجروحين 3/88 ، وسؤالات ابن هانئ (2217) ، وينظر : الكامل 7/2565 .
(2) المسند 1 /201 .
(3) سنن ابن ماجه (1600 ) ، وبغية الحارث عن زوائد الحارث (260) ، ومسند أبي يعلى 12/148 ، وعمل اليوم والليلة لابن السني (559) .
(4) المسند 2/292 .
(5) كشف الأستار عن زوائد البزار (963) ، وشرح مشكل الآثار 8/12 ، ومشيخة ابن أبي الصقر الأنباري (69) ، وفي حاشيته مصادر أخرى .
(6) المسند 3/417 .
ص328
ورواه منطريقه : الطبراني ، والحاكم ، وأبو نُعَيم ، وابن عساكر (1) .
28 – هلال بن زيد بن يسار ، أبو عقال البصري ، نزيل عسقلان ،
وهو متهم بالوضع ، قال ابن حبان : كان ممن يروي عن أنس بن مالك أشياء موضوعة ، ما حدّث بها أنس قط ... لا يجوز الاحتجاج به بحال ولا ذكر حديثه إلا على جهة الإعتبار ، وقال ابن عدي : وأحاديثه غير محفوظة (2) .
روى له حديثاً واحداً ، وهو مما تفرّد به ، فقال :
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى عِقَالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « عَسْقَلاَنُ أَحَدُ الْعَرُوسَيْنِ يُبْعَثُ مِنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُونَ أَلْفاً لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ ... الحديث (*) . [ (*) 3/225 ( 13380 ) ] .
ورواه من طريقه : ابن حبان ، وابن عدي (3) .
وهذا الحديث من الأحاديث التي تكلم عليها ابن الجوزي وابن كثير وغيرهما بالوضع (4) ، إلا أن الحافظ ابن حجر دافع عنه ، وذكّرَ
بأنّ له شواهد ، وأن غاية ما يصل إليه : أنه ضعيف وليس بموضوع (5) ، قلتُ : جميع شواهد هذا الحديث لا تصح ، وقد حكم الحافظ نفسه على هذا الحديث في التهذيب بأنه من الموضوعات ، وهو الصحيح والله أعلم (6) .
29 – يحيى بن سلمة بن كُهَيل الحضرمي ، أبو جعفر الكوفي ،(1/40)
وهو متروك الحديث ، قال ابن معين والنسائي : ليس بثقة ، وقال البخاري : في أحاديثه مناكير ، وقال ابن حبان :
(1) معجم الطبراني الكبير 1/307 ، والمستدرك 3/504 ، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم 2/383 ، وتاريخ دمشق 4/326 .
(2) المجروحين 3/86 ، والكامل 7/1578 .
(3) المجروحين 3/58 ، والكامل 5/1681 .
(4) الموضوعات لابن الجوزي (881) ، واختصار علوم الحديث لابن كثير ص42 ، وقال في التفسير 2/242 : هذا الحديث يعد من غرائب المسند ، ومنهم من يجعله موضوعاً .
(5) ينظر : القول المسدد ص36 .
(6) تهذيب التهذيب 3/25 ، في ترجمة حمزة بن أبي حمزة .
ص329
منكر الحديث جداً يروي عن أبيه أشياء لا تشبه أحاديث الثقات ، كأنه ليس من حديث أبيه ، فلما أكثر عن أبيه مما خالف الأثبات بطل الاحتجاج به ... إلخ ، وكان يحيى أيضاً مما يغلو في التشيع (1) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، فقال :(1/41)
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ - يَعْنِى ابْنَ كُهَيْلٍ - ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِى ، يُحَدِّثُ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِىِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَلِيًّا ضَحِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَمْ أَرَهُ ضَحِكَ ضَحِكاً أَكْثَرَ مِنْهُ ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، ثُمَّ قَالَ : ذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِى طَالِبٍ ، ظَهَرَ عَلَيْنَا أَبُو طَالِبٍ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نُصَلِّى بِبَطْنِ نَخْلَةَ ، فَقَالَ : مَاذَا تَصْنَعَانِ يَا ابْنَ أَخِى ؟ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ : مَا بِالَّذِى تَصْنَعَانِ بَأْسٌ . أَوْ بما [ بِالَّذِى ] تَقُولاَنِ بَأْسٌ ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَعْلُونِى أُسْتِى أَبَداً . وَضَحِكَ تَعَجُّباً لِقَوْلِ أَبِيهِ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ لاَ أَعْتَرِفُ أَنَّ عَبْداً لَكَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ عَبَدَكَ قَبْلِى غَيْرَ نَبِيِّكَ [ - ثَلاَثَ مِرَارٍ - ] ، لَقَدْ صَلَّيْتُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ النَّاسُ سَبْعاً (2) .
ورواه من طريقه : البزار ، وابن عساكر (3) .
وتابعه الأجلح ، عن سلمة بن كهيل به . رواه : أبو يعلى ، والطبراني ، والحاكم ، وابن الجوزي (4) ، وهي متابعة لا يُفرح بها ؛ لأن في إسناده حبة بن جُوَين العُرَني ، وهو ضعيف الحديث ، وكان غالياً في التشيع (5) ، وقال الحافظ الذهبي : هذا باطل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مِن أول ما أُوحي إليه ، آمَنَ به : خديجة وأبو بكر وبلال وزيد مع علي قبله بساعات بعده بساعات ، وعَبَدُوا اللهَ مع نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأين السبع سنين ؟! ، ولعل السمع أخطأ
(1) المجروحين 3/113 ، وتهذيب التهذيب 11/196 .
(2) المسند 1/99 .
(3) كشف الأستار عن زوائد البزار 3/182 ، وتاريخ دمشق 42/32 .
((1/42)
4) مسند أبي يعلى 1/348 ، والمعجم الأوسط 2/207 ، والمستدرك للحاكم 3/112 ، والموضوعات لابن الجوزي 2/98 .
(5) ينظر : تهذيب الكمال 5/351 .
ص330
فيكون أمير المؤمنين قال : عبدتُ الله ولي سبع سنين . ولم يضبط الراوي ، ثم حبّة شيعي ... إلخ (1) .
وللفائدة نشير إلى أنّ عبد الله روى لهذا الراوي حديثاً واحداً ، وهو مما زاد في مسند أبيه (2) .
30 – يحيى بن العلاء البَجَلي الرَّازي ، متروك الحديث ،
متروك الحديث ، ورماه الإمام أحمد بالكذب ، وقال ابن حبان : كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات التي إذا سمعها مَن الحديث صناعته سبق إلى قلبه أنه كان المتعمّد لذلك ، لا يجوز الإحتجاج به (3) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلاَءِ ، عَنْ عَمِّهِ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنِى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَطْحَاءِ ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « أَتَدْرُونَ مَا هَذَا » ؟ ... الحديث ، وهذا الحديث هو المسمى عند المحدثين بحديث الأوعال (4) .
ورواه أيضاً عبد الله في زياداته على المسند ، عن محمد بن الصباح ومحمد بن بكار ، قالا : حدثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس به (5) .
ورواه أيضاً من طريق يحيى بن العلاء : محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وأبو يعلى ، والحاكم (6) .
(1) تلخيص المستدرك 3/112 .
(2) المسند 5/123 .
(3) المجروحين 3/116 ، وتهذيب الكمال 31/484 .
(4) المسند 1/206 .
((1/43)
5) المسند 1/207 ، ووردت هذه الرواية في طبعة المسند من رواية عبد الله عن أبيه ، وهو خطأ مطبعي ، فإن الحديث من رواية عبد الله عن شيوخه ، وقد سها العلامة أحمد شاكر رحمه الله فوقع في الخطأ نفسه ، وجاءت الرواية على الصواب في طبعة المسند المحققة 3/294 .
(6) العرش لابن أبي شيبة (10) ، ومسند أبي يعلى 12/75 ، والمستدرك 2/287 .
ص331
والحديث له طرق أخرى ، ولكنها لا تصح ، وقد جمع طرقه الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى (1) .
31 – يزيد بن عياض بن جُعدُبة الليثي ، أبو الحكم المدني ، نزيل البصرة ، وهومتروك ، وكذّبه مالك وابن معين والنسائي وغيرهم (2) .
روى له الإمام حديثين ، وقد رُويا من طرق أخرى ، وإليك ذكرهما :
الحديث الأول :
حَدَّثَنَا هَارُونُ ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ أَخْبَرَنِى يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ : أَنَّهُ " رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى نَعْلَيْنِ " (3) .
وللحديث شواهد ، منها : من حديث أبي العلاء بن عبد الله بن الشخير ، عن أبيه ، رواه عبد الرزاق ، وإسناده حسن (4) . ومن حديث أعرابي من الصحابة ، رواه أحمد ، وأبو الشيخ ، وإسناده منقطع (5) . ومن حديث أبي ذر ، رواه أبو الشيخ ، والبيهقي ، وإسناده جيد (6) . و من حديث عمرو بن حريث ، رواه أحمد ، وأبو يعلى ، وإسناده منقطع (7) .
الحديث الثاني :(1/44)
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِى أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ ابْنِ الْعَمْيَاءِ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : « صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ... » الحديث (8) .
(1) سلسلة الأحاديث الضعيفة 3/398 ، وينظر : حاشية كتاب إثبات صفة العلو لابن قدامة ص59 ، فقد توسع محققه في تخريجه .
(2) ينظر : تهذيب الكمال 32/221 .
(3) المسند 3/480 .
(4) مصنف عبد الرزاق 1/384 .
(5) مسند أحمد 5/6 ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه (383) .
(6) أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه (384) ، وسنن البيهقي الكبرى 2/420 .
(7) مسند أحمد 4/307 ، ومسند أبي يعلى 3/46 ، و47 .
(8) مسند أحمد 4/167 .
ص332
تابعه عمران بن سعيد ، فرواه عن عمران بن أنس به ، ورواه أحمد ، وأبو داود وابن ماجه ، وابن خزيمة (1) .
وللفائدة نشير إلى أن عبد الله روى لهذا الراوي حديثاً واحداً مما زاده في مسند أبيه (2) .
32 – يوسف بن أبي ذرة الأنصاري ، متروك ،
لأنه كان يروي أحاديث منكرة لا أصول لها ، قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال (3) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، فقال :
حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ أَبِى ذَرَّةَ الأَنْصَارِىُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : « مَا مِنْ مُعَمَّرٍ يُعَمَّرُ فِى الإِسْلاَمِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، إِلاَّ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلاَثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلاَءِ : الْجُنُونَ ، والْجُذَامَ ، وَالْبَرَصَ ... » الحديث (4) .(1/45)
ورواه من طريقه : الحارث بن أبي أسامة ، والبزَّار ، وأبو يعلى ، والدِّينوري ، والخِلَعي ، والبيهقي ، وابن النجار ، والذهبي (5) .
وقد تابعه محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، وهو المعروف بالدِّيباج ، فرواه عن جعفر بن عمرو الضَّمْري به ، رواه : أحمد ، والبزار ، وأبو يعلى ، وابن مردويه ، وابن فيل ، وإسناده ضعيف جداً (6) .
(1) مسند أحمد 4/167 ، وسنن أبي داود (1296) ، وسنن ابن ماجه (1325) ، وصحيح ابن خزيمة (1212) .
(2) المسند 4/70 .
(3) المجروحين 3/131 .
(4) المسند 3/217 .
(5) بغية الحارث عن زوائد الحارث 2/977 ، وكشف الأستار عن زوائد البزار 4/225 ، ومسند أبي يعلى 7/241 ، والمجالسة للدينوري ، والفوائد للخلعي ، كما في معرفة الخصال المكفرة لابن حجر ص88 ، والزهد للبيهقي (642) ، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/132 ، وسير أعلام النبلاء 15/405 .
(6) مسند أحمد 2/89 ، وكشف الأستار 4/225 ، ومسند أبي يعلى 7/242 ، وتفسير بن مردويه ، وجزء بن فيل ، كما في معرفة الخصال المكفرة ص87 .
ص333
وذكره ابن كثير ، وقال : هذا حديث غريب جداً ، وفيه نكارة شديدة (1) ، وتكلم عنه الحافظ ابن حجر ، وذكر له متابعات وشواهد ، ويفهم من كلامه أنه يرتقي بمجموعها إلى درجة الحديث الحسن (2) .
قلت : قد تتبعتُ طرقه وشواهده ، فوجدتها لا تصلح أن تكون حسنة ، وإنما هي شديدة الضعف ، بل حكم عليه ابن الجوزي (3) بالوضع ، فقال : هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
33 – أبو شعبة الطحان الكوفي ، وهو متروك الحديث ،
كما قال الدارقطني (4) .
روى له الإمام حديثاً واحداً ، وهو مما تفرد به ، فقال :(1/46)
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو شُعْبَةَ الطَّحَّانُ جَارُ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِى الرَّبِيعِ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِى جَنَازَةٍ ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانٍ يَصِيحُ ... » الحديث (5) .
وذكره الهيثمي ، وعزاه لأحمد ، وقال : وفيه أبو شعبة ، وهو متروك (6) . قلت : وفيه أبو الربيع الراوي ، عن ابن عمر ، وهو مجهول (7) .
(1) تفسير ابن كثير 5/513 .
(2) معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة ، وكتاب القول المسدد ص22 .
(3) الموضوعات 1/282 .
(4) سؤالات البرقاني (606) .
(5) المسند 2/135 .
(6) مجمع الزوائد 3/16 .
(7) ينظر : لسان الميزان 7/47 .
* * *
ص334
خاتمة البحث وفيها أهم النتائج
قبل البدء بتسجيل أهم النتائج ، التي توصلتُ إليها في هذا البحث ، ينبغي أن أشير إلى أن الإمام أحمد حرص أشد الحرص على تنقية مسنده من الكذَّابين والمتروكين ، ولم يخرج فيه إلا عمّن ثبتَ عنده صدقه وديانته ، ولأجل هذا فقد خرّق أحاديث خَلْق من الضعفاء ممن كتب أحاديثهم لمعرفتها ، ولم يروها في المسند ، بل كان إذا شك في حديث أمر ولده عبد الله أن يضرب عليه ، ولا بأس من ضرب أمثلة لذلك :
حدثنا عبد الصمد ، ثنا هشام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نهى أن يُمشي في خفٍّ واحد ، ونعل واحد " . وفي الحديث كلامٌ كثير غير هذا ، فلم يحدثنا به ، ضرب عليه في كتابه ، فظننته أنه ترك حديثه من أجل أنه رُوي عن عمرو بن خالد ، الذي يُحدث عن زيد بن علي ، وعمرو بن خالد لا يساوي شيئاً (1) .
[ تنبيه : هذا السند ليس لهذا المتن ، وإنما للحديث الذي بعده ( 2952 ) ط الأرناؤوط ، وأما سنده على الصواب ، ورد في طبعة عالم الكتب 1/813 (2950 ) ، فإليها مع تعليق محققه :(1/47)
المسند ( 2950 ) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ وَكَانَ فِى كِتَابِ أَبِى عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ - يَعْنِى ابْنَ ذَكْوَانَ - عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُمْشَى فِى خُفٍّ وَاحِدٍ أَوْ نَعْلٍ وَاحِدَةٍ . وَفِى الْحَدِيثِ كَلاَمٌ كَثِيرٌ غَيْرُ هَذَا فَلَمْ يُحَدِّثْنَا بِهِ ضَرَبَ عَلَيْهِ فِى كِتَابِهِ فَظَنَنْتُهُ أَنَّهُ تَرَكَ حَدِيثَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الَّذِى يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِىٍّ وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ لاَ يُسَاوِى شَيْئاً .
قال محققه : " شطح ناظر الناسخ للميمنية ، فأثبت بعد هذا الحديث ، إسناد الحديث رقم ( 2951 ) ، وركَّب عليه متن الحديث ( 2950 ) ، ولم يَرِد هذا السهو في أصولنا الخطية " ] اهـ ( أشرف ) .
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ ، وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَسْتَاذَ - قَالَ هَوْذَةُ : الْهِزَّانِىِّ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِى فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ لَمْ يَلْبَسْ مِنْ ذَهَبِ الْجَنَّةِ ...ِ » قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : ضَرَبَ أَبِى عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ ضَرَبَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ خَطَأٌ ... الخ (2) .(1/48)
وروى عبد الله عن أبيه حديث أبي هريرة : « يُهْلِكُ أُمَّتِى هَذَا الْحَىُّ مِنْ قُرَيْشٍ » . قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ » . وَقَالَ أَبِى فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ : اضْرِبْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، فَإِنَّهُ خِلاَفُ الأَحَادِيثِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ... الخ (3) .
(1) المسند 1/321 .
(2) المسند 2/208 .
(3) المسند 2/301 .
ص335
وروى حديث ابن عباس عن أسباط ، بإسناده إلى إبراهيم ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أرسلت الكلب ... قال عبد الله : كان في كتاب أبي : ( عن إبراهيم ، قال : سمعت ابن عباس ) فضرب عليه أبي ، كذا قال أسباط (1) .
وكان الإمام يرى التساهل في رواية الأحاديث الضعيفة التي تدخل في فضائل الأعمال ، والترغيب والترهيب ونحو ذلك مما لا يتعلق بالحلال والحرام ، ولذلك فقد روي في المسند أحاديث ضعيفة كثيرة ، ولكن أكثر هذه الأحاديث لها متابعات وشواهد وأصول صحيحة مقررة في الشرع .
أما الأحاديث الموضوعة فهي نادرة جداً ، وفي ذلك يقول ابن تيمية ما ملخصه :
( وليس كل مارواه أحمد في المسند وغيره حجة عنده ، بل يروي ما رواه أهل العلم ، وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده ، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف ، وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده ، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف ، وشرطه في المسند مثل شرط أبي داود في سننه (2) ، ولذلك لم يرو عمن يعرف أنه يكذب ، مثل محمد بن سعيد المصلوب ونحوه ، ولكن يروي عمن يضعف لسوء حفظه ، فإن هذا يكتب حديثه ، ويعتضد به ويعتبر به ، قال : ويراد بالموضوع ما يعلم انتقاء خبره وإن كان صاحبه لم يتعمد الكذب ، بل أخطأ فيه ، وهذا الضرب في المسند منه (3) .(1/49)
ومذهب الإمام أحمد في التساهل في أحاديث الفضائل والمواعظ دون الأحكام والسنن ، قال به جمهور المحدثين ، قال الذهبي : أكثر الأئمة على التشديد في أحاديث الأحكام ، والترخيص قليلا لا كل الترخيص في الفضائل والرقائق ، فيقبلون في ذلك ما ضعف اسناده لا ما اتهم رواته ، فإن الأحاديث الموضوعة والاحاديث الشديدة الوهن لا يلتفتون اليها ... إلخ (4) .
(1) المسند 1/231 . وهناك خمسة أحاديث أخرى ضرب عليها الإمام ، وهي من أحاديث الوجادات ، وقد ذكرتها في كتاب الوجادات برقم ( 7 ، و73 ، و80 ، و81 ، و83 ) .
(2) في موضع آخر من منهاج السنة النبيوية 7/223 : " إن غالب أحاديث المسند جيدة يحتج بها ، وهي أجود من أحاديث أبي داود " .
(3) أنظر : منهاج السنة النبوية 7/96 – 97 ، والفتاوى 18/72 ، والمصعد الأحمد ص35 .
(4) سير أعلام النبلاء 8/520 .
ص336
وقال ابن حجر وهو يتحدث عن الأحاديث التي حكم عليها ابن الجوزي بالوضع :
والحكم على الأحاديث التسعة بكونها موضوعة محل نظر وتأمل ، ثم إنها كلها في الفضائل أو الترغيب ، ومن عادة المحدثين التساهل في مثل ذلك ... إلخ (1) .
بعد هذا التمهيد نخلص إلى أهم النتائج :
أولاً : لقد تبين أن الإمام روى في المسند عن بعض المتروكين ممن اتهم بالكذب ، أو بسوء الحفظ بمرة ، ولا تتناقض هذه النتيجة مع ما قدمته من أنه كان يحرص أشد الحرص على تنقية مسنده منهم ، لأننا يمكن أن نسوِّغ روايته عنهم بسببين ، أحدهما عام ، ولآخر خاص .
فأما السبب العام فهناك أربعة احتمالات ، أقواها عندي الأول ، وإليك ذكرها :(1/50)
الاحتمال الأول : ان الإمام توفي قبل أن ينقح مسنده ويهذبه ويرتبه ، وقد أشار الحافظ ابن عساكر إلى هذا المعنى ، فقال وهو يتحث عن سبب التكرار في المسند ، وعدم الترتيب ، وامتزاج المسانيد بعضها مع بعض : ولست أظن ذلك إن شاء الله على مثله لا يخفى ، وقد نراه توفي قبل تهذيبه ، ونزل به أجله قبل تلفيقه وترتيبه ، وإنما قرأه لأهل بيته قبل بذل مجهوده فيه ، خوفاً من حلول عائق بموته دون بلوغ مقصوده فيما يرتضيه ... إلخ (2) .
ومما يؤكد هذا الاحتمال أن الإمام طعن في كثير من هؤلاء الرواة المتروكين ، كما سبق أن ذكرنا ذلك في تراجمهم ، وهذا يدل على أن الإمام لو تسنى له أن يراجع المسند لرفع هؤلاء منه ، كما فعل ذلك مع غيرهم .
(1) النكت على ابن الصلاح 1/452 .
(2) ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم الإمام أحمد بن حنبل في المسند ص33 .
ص337
ولاحتمال الثاني : ذكره ابن حجر فقال : ربما يكون الإمام غفل عنه وذهل ؛ لأن الإنسان محل السهو والنسيان ، والكمال لله تعالى (1) .
قلت : ولعل في رواية الإمام عن محمد بن سعيد المصلوب الكذاب خاصة من هذا القبيل ، فإن الذي يظهر أن الإمام غفل عنه لكونه لم يذكر نسبه كاملاً ، وهذا ما أكده الخطيب البغدادي في الموضح كما تقدم في ترجمته .
والاحتمال الثالث :
وهو ما سبق ذكره ، من أن الإمام كان يرى التساهل في أحاديث الفضائل والمكارم والزهد ونحوها ، لأن أصولها ثابتة من طرق أخرى صحيحة ، وقد تقدم أن كثيراً من الأحاديث التي رواها هؤلاء المتروكون لها شواهد ومتابعات .
والاحتمال الرابع :
لعل الإمام لم يَخْبُر حال بعض هؤلاء المتروكين ، فهذا الإمام يحيى ابن معين يتعقب الإمام في روايته عن عامر بن صالح الزُّبَيري ، فقال : ما له جُنَّ ؟! (2) .
وتعقب ابن حبان الإمام أحمد في قول ذكره عن بقية بن الوليد ، فقال : لم يسبر أبو عبد الله شأن بقية ... إلخ (3) .(1/51)
أما السبب الخاص ، فهو يخص رواة بأعيانهم ، وإليك بيانه :
1 – أبان بن أبي عيَّاش ، روى حديثاً مقروناً بغيره ، وبهذا يظهر الإعتماد في الحديث على الراوي الثقة ، وليس على رواية هذا المتروك .
2 – عمارة بن جوين أبو هارون العبدي ، روى حديثاً مقروناً بغيره ، كما أن هذا الحديث رواه من طريق آخر .
3 – عبد الغفار بن القاسم أبو مريم ، روى حديثه ليبين ضعفه ، ولذلك قال عبد الله : ما حدَّث أبي عن أبي مريم إلا هذا الحديث لعلته .
(1) النكت على ابن الصلاح 1/473 .
(2) ينظر : تهذيب الكمال 14/47 .
(3) المجروحين 1/200 ، وينظر : تهذيب التهذيب 1/418 .
ص338
4 – عمرو بن عبيد المعتزلي ، روى له حديثاً واحداً ، ثم أمر ولده أن يضرب على حديثه .
5 – كثير بن عبد الله المُزَني ، أخرج له حديثاً واحداً عن أبيه عن جده ، أنه لم يسمع من شيخه حسين بن محمد الجُعْفي لفظ حديث ابن عباس ، بل سمع منه حديث عمرو بن عوف – جد كثير – فحرص أن يثبت لفظ شيخه كما سمعه منه ، وكان من منهج الإمام في الرواية تأدية الأحاديث كما سمعها من شيوخه .
6 – محمد بن عبيد الله العَزرمي ، روى له ليُظهر تدليس أحد الرواة – وهو الحجاج بن أرطاة - فإنه أسقطه من الإسناد ، ولذلك عقَّب عليه بقوله : والعزرمي لا يساوي حديثه شيئاً ... إلخ .
هذه هي الأسباب الخاصة التي دعته إلى الرواية عن هؤلاء الخمسة ، أما بقيتهم ، فإنه يرجع في أغلبهم إلى أنه لم ينقِّح المسند ولم يهذبه ، إلا ما كان من روايته لحديث محمد بن سعيد المصلوب ، فالذي يظهر أن الإمام لم ينتبه له .
ثانياً : عدد الأحاديث التي رواها هؤلاء المتروكون (52) إثنان وخمسون حديثاً .
وبلغت الأحاديث التي رُويت من طرق أخرى من متابعات وشواهد (31) حديثاً ، في حين بلغت الأحاديث التي لم أجد لها طريقاً (21) حديثاً .(1/52)
وبهذا يظهر أن أكثر من نصف هذه الأحاديث قد توبعت من طرق أخرى ، فلاعتماد إذاً ليس على رواية هذا المتروك ، وإنما على الطريق الآخر الصحيح .
كما أن الأحاديث التي تفرد بها هؤلاء المتروكون لا تدل بالضرورة على أنها موضوعة ، فإن لفظ
" الموضوع " يطلق ويراد عند أكثر المحدثين على أحد معنين (1) :
المعنى الأول : يراد به المختلق المصنوع الذي تعمَّد وضعه راويه الكذّاب ، وليس في هذه الأحاديث التي تفرد بها هؤلاء المتروكون منها شيء .
(1) ينظر : المصعد الأحمد لابن الجزري ص35 ، والنكت على ابن الصلاح لابن حجر 1/473 ، وكتاب الوضع في الحديث للدكتور عمر بن حسن فلاتة 1/108 .
ص339
والمعنى الثاني : يطلق على ما يعلم انتقاء خبره ، وأن الحديث لا تصح نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان صاحبه لم يتعمد الكذب ، بل أخطأ فيه ، فإن أهل الحديث لا يشترطون في الحكم على الحديث بالوضع أن يكون في إسناده راو كذاب أو متهم بالكذب ، وإنما إذا احتفت بالحديث قرائن كأن يكون فيه مخالفة للعقل والنقل ، وأنه ممن يشهد القلب ببطلانه ، ترجح عند الناقد أن يكون مكذوباً باطلاً ، وإنما حصل هذا الخطأ لكون راويه لم يكن حافظاً لروايته ، فوقع في مثل هذا الخطأ وهماً لا تعمداً ، وهذا موجود في بعض الأحاديث المذكورة .
ويبقى بعد ذلك أحاديث قليلة جداً رواها مَن اتهموا بالكذب ، ولا تُعرف إلا من طريقهم ، وقد حَكم عليها بعض العلماء بالوضع أو النكارة ، فقد قال الذهبي : وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة ، ولكنها نقطة في بحر (1) ، وقال العراقي : فيه أحاديث ضعيفة كثيرة ، وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة (2) ، وتقد قول ابن كثير : فيه أحاديث ضعيفة بل موضوعة ، كأحاديث مرو ، وشهداء عسقلان .
قلت : ومنها أيضاً حديث الأوعال ، والتعمير .
ثالثاً : يصنف الرواة المتروكون في المسند على الأنواع التالية :(1/53)
أ – المتروكون بسبب تعمدهم الكذب ، وعددهم تسعة رواة ، وقد روى لكل منهم حديثاً واحداً ، وهو :
حسين بن قيس حنش ، ورُشَيد الهَجَري ، والسري بن إسماعيل ، وعبد الغفار بن القاسم ، وعطاء بن عجلان ، وأبو هارون عمارة بن جوين العبدي ، وعمرو بن جابر ، ومحمد بن سعيد المصلوب ، وهلال بن زيد .
ب – المتروكون بسبب صلاحهم وعدم معرفتهم بصناعة الحديث ، فوقع الكذب في حديثهم وهماً لا تعمداً ، ولكل واحد منهم حديث واحد ، وهم أربعة :
(1) سير أعلام النبلاء 11/329 .
(2) نقله ابن حجر في مقدمة القول المسدد ص4 .
ص340
أبان بن أبي عياش ، وخالد بن عبيد العتكي ، وعبد الواحد بن زيد القاص ، ومحمد بن عبيد العزرمي .
ج – المتروكون بسبب عدم الحفظ بمرة ، ولذلك وقع الخطأ الكثير في حديثهم ، وهم بقية المتروكين .
رابعاً : هناك بعض المتروكين لهم روايات في المسند ، من غير ما تقدم ، وفيما يلي بيانه :
1 – روى الإمام عن أربعة من المتروكين هم من شيوخه ، وقد ذكرتهم في كتاب معجم شيوخ الإمام أحمد في المسند ، وذكرت مواضع أحاديثهم ، وهم : عامر بن صالح ، وعبد الله بن واقد ، وعمر بن هارون ، ومحمد بن القاسم الأسدي .
2 – روى الإمام أحاديث ستة من المتروكين ، وهي من الأحاديث التي وجدها عبد الله في كتاب أبيه ، ثم أدخلها في المسند ، وهو : إسماعيل بن مسلم المكي ، وحصين بن عمر ، وعباس بن الفضل الواقفي ، وعمرو بن خالد ، وفائد بن عبد الرحمن ، وناصح بن العلاء ، وقد ذكرت أحاديثهم وقمت بتخريجها في كتاب : الوجادات في مسند أحمد .(1/54)
3 – روى عبد الله بن أحمد أحاديث بعض المتروكين ، وهي من الأحاديث التي زادها في مسند أبيه ، وقد ذكرتهم مع تخريج أحاديثهم في كتاب : زوائد عبد الله بن أحمد في المسند ، وعددهم ثمانية ، وهم : إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كُهيل ، وحسين بن عبد الله بن ضميرة ، وحفص بن سليمان المقرئ ، وزيد بن جبير ة ، وعبد الله بن ميمون القداح ، وعمر بن موسى بن الوجيه ، والوليد بن محمد الموقري ، ويوسف بن خالد السمتي .
وبعد : فهذا ما قمت به من جمع الرواة المتروكين في مسند الإمام أحمد ، وهم كما تقدم لا يمثلون إلا نَزْراً يسيراً من رواة المسند ، وأغلب أحاديثهم توبعت من طرق أخرى ، وأسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت فيما قصدت ، والحمد لله رب العالمين .
ص341 - 344 = مصادر البحث .
ملتقى أهل الحديث :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=29985(1/55)