الرقابة الشريعة
وأثرها في المصارف الإسلامية
د. أحمد محمد السعد
كلية الشريعة - جامعة اليرموك - الأردن
(طبعة تمهيدية)
ملخص البحث
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، الحمد لله الذي جعل حفظ المال وحمايته مقصداً من مقاصد شرعه، فدعا المسلم إلى كسبه من الحلال وإنفاقه في الحلال. فنظم المعاملات بين الناس، وأنزل الأحكام الشرعية- متمثلة بنصوص القرآن والسنة النبوية- التي تبين للناس ما يحرم من التعامل، وما يحل منه. وجعل الأصل في المعاملات الحل، والتحريم يحتاج إلى دليل، وجعل الإنسان رقيباً على نفسه من خلال استشعار رقابة خالقه عليه سبحانه وتعالى، إلا أن النفس البشرية أمارة وميالة للمخالفة، فدل خلقه إلى تنظيمات تضبط سلوك الإنسان ابتداء من الحاكم وانتهاء بالمحتسب. وجعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية عامة تتحملها الأمة موزعة على قطاعاتها المختلفة. { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } . فكل نشاط من أنشطة الإنسان يقوم به فرد أو جماعة، يخضع لرقابة تمنع من وقوع المخالفات.
والمؤسسات المالية نشاط اقتصادي فردي أو جماعي، لابد من وجود مراقبة عليها، لأن المال قد يغري النفس، فلا يلتفت المرء إلى مصدره؛ أهو حلال أم حرام. ومن هذه المؤسسات المصارف الإسلامية التي تعد في ظل الظروف المعاصرة ضرورة من ضرورات الحياة. ومع ظهور المصارف الإسلامية اقترنت بها الرقابة الشرعية؛ إما في إطار قانوني أو من خلال النظام المصرفي، أو من خلال أصحاب الأموال (الهيئة العمومية للمصرف) أو بطلب من مجلس الإدارة، أو وظيفة من وظائف المصرف. فكيف يمكن أن تؤدي الرقابة الشرعية دورها ؟ وما أثر غيابها في بعض المؤسسات المالية ؟ وماذا نعني بالرقابة الشرعية ؟ وما مهامها وواجباتها وأنماطها ؟ هذه الأسئلة تمثل مشكلة بحثي، والتي سأبينها من خلال العناوين التي يتكون منها البحث.(1/1)
التمهيد : يتناول تحديد مفهوم المصرف الإسلامي، ومفهوم الرقابة الشرعية.
أما المصرف الإسلامي : فهو مؤسسة مالية، تعمل على تجميع فوائض الأموال لدى الأشخاص، وتوجيهها في الاستثمار لصالح الفرد والجماعة، لتحقيق التنمية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، ومقاصدها.
فمن خلال التعريف تتركز وظيفة البنك الإسلامي في تجميع المدخرات، ثم توجيهها في أوجه الاستثمار الإنمائية. لتسهم في تحقيق تنمية تعود فائدتها على الفرد والمجتمع والدولة.
فالبنك الإسلامي يعود الناس على سلوك اقتصادي إسلامي، يحفظ لهم أموالهم وينميها، فيوجهه، كيف ينفق، وكيف يدخر، وكيف يستثمر.
فإذا وجد المسلم مؤسسة تحفظ له رأس ماله، ثم تجني له ربحاً أيضاً، وتأكد من ذلك، فإنه يتجه للادخار، ثم إيداعها في المصرف، كمثل المؤمن الذي لا تسلم له نوافله إلا إذا سلمت له عزائمه، فالتاجر لا يسلم له غرائمه حتى يسلم له رأس ماله.
وعندما نقول إن البنك الإسلامي يعمل طبقاً لأحكام الشريعة، فهذه ترتكز على عدة أمور هي:
1 – تطبيق الأحكام الشرعية.
أ – من حيث التكوين والتأسيس والتنظيم.
ب – من حيث الطاقة البشرية العاملة.
جـ – من حيث الممارسة الفعلية لنشاطات البنك، والتي يجب أن تتسم :
- بالسلوك الشخصي في التعامل وفي المظهر.
- بأداء العمل المنوط بالفرد.
2 – المتابعة والرقابة من خلال :
أ – هيئات شرعية داخلية.
ب – هيئات شرعية خارجية (الهيئة العليا للرقابة الشرعية).
جـ – هيئات شرعية عامة (جهات الإفتاء والمؤتمرات الفقهية)
3 – كيفية الرقابة وآلياتها :
ومن هنا أنتقل لبيان مفهوم الشق الثاني من عنون البحث، وهو الرقابة الشرعية، فالرقابة الشرعية: أحد أجهزة المصرف الإسلامي التي تحميه من مخالفة أحكم الشرع الإسلامي من خلال ممارساته لأعماله، وتقدم له الحلول الشرعية بما يضفي عليها الصبغة الشرعية.(1/2)
لذلك لا يقتصر عملها على المراقبة، بل لها دور في التطبيق بداية ومراقبة أثناء التنفيذ ومتابعة. هي هيئة فتوى، تقدم الفتاوى في المسائل المالية للمصرف، ثم تتابع تنفيذها وتطبيقها على الوجه السليم.
وهنا لابد من توافر ذوي الكفاءة كأعضاء في هذه الهيئة. فالمفتي يحتاج إلى قوة في العلم، وقوة في التنفيذ، فإذا لم تتحقق له الكفاية مضغة الناس؛ فلا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.
وحتى يتحقق ذلك ينبغي توفر مجموعة شروط في أعضاء هيئة الفتوى والرقابة الشرعية، بحثها الفقهاء في باب شروط المجتهد؛ من علم باللغة العربية وبالقرآن وناسخه ومنسوخه وبالنسبة ناسخها ومنسوخها، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، ومعرفة بمواطن الإجماع وموضع الخلاف، ومعرفة بالقياس، لأنه قاعدة الاجتهاد والموصل إلى تفاصيل الأحكام التي لا حصر لها، وله معرفة بمقاصد الحكام. فوضع الشرائع إنما هو لصالح العباد في العاجل والآجل معاً، والشريعة وضعت لتحقيق هذه المصالح لقوله تعالى : { رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } .
وتكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق. والمقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام : ضرورة، وحاجة، وتكميل. أما الضرورة : مالا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعيم. فالعبادات راجعة إلى حفظ الدين من جانب من الوجود، والعادات راجعة إلى حفظ النفس والعقل من جانب الوجود أيضاً.
والحاجة : وهي المفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى المشقة اللاحقة بفوت المطلوب. فإذا لم تراع وقع المكلفون في الحرج والمشقة. والتكميل (التحسينات) : الأخذ بما يليق من محاسن العادات، ويجمعها مكارم الأخلاق.(1/3)
هذه الشروط السابقة، تؤكد على وجوب توفر أهلية الإفتاء والاجتهاد في أفراد هيئة الرقابة الشرعية، وخاصة أن المعاملات فيها مستجدات متتالية نظراً للتطور التقني والتكنولوجي. لهذا لابد من اختيار المشهور لهم بالكفاءة الفقهية، ولا نلتفت إلى الشهرة ولا إلى المفتين الرسميين إلا إذا كانوا ممن تتوافر فيهم الشروط التي أشرت إليها سابقاً.
لأن هؤلاء مهمتهم رقابة الأعمال والأنشطة في المؤسسات المالية، والرقابة تعني : ضبط المعاملات المصرفية في ضوء الأدلة الشرعية والقواعد الفقهية للتأكد من صحة التطبيق. ومتابعة وتحليل كافة الأعمال والتصرفات والسلوكيات والقرارات التي تقوم بها المؤسسات، والتأكد من موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية باستخدام الوسائل والأساليب الملائمة المشروعة، وبيان المخالفات والأخطاء وتصويبها فوراً، وتقديم التقارير إلى الجهات المعنية متضمنة الملاحظات والإرشادات وسبل التطوير إلى الأفضل.
فالمؤسسات المالية الإسلامية بحملها هذا الاسم، فإن مسئوليتها عظيمة بعظم هذا الدين. ولهذا ينبغي أن يكون واقعها موافقاً لما يحتويه اسمها من أحكام وأخلاق وسلوك وتعامل. ومن هنا تظهر أهمية الرقابة الشرعية في نشاط هذه المؤسسات. وتستمد الرقابة الشرعية دورها من قوله تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } وقوله سبحانه : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } . وقوله عز وجل : { فلولا نفر من كل فرقة طائفة منهم ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } .(1/4)
ويجب على كل فرد أو مؤسسة ألا يقدموا على أي تعامل أو نشاط إلا بعد سؤال أهل العلم من ذوي الكفاءة والاختصاص، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب. لذلك يلزم كل مؤسسة مالية، الاستعانة بهيئة رقابة شرعية تقوم على التأكد من موافقة الأنشطة للأحكام والضوابط الشرعية. فالأحكام الشرعية معروفة لأهل العلم، وأما الضوابط الشرعية فهي كل العناصر التي يتحقق بها ضبط مسيرة المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية. بجميع الأساليب والإجراءات المتبعة.
وهيئة الرقابة الشرعية تستمد مشروعيتها من الأدلة السابقة، لكي ترعى خطوات الإنشاء، وتراجع أولاً بأول إجراءات قيام ذلك الكيان وتدعو إليه بين الناس، وتضبطه بأحكام الشريعة.
ففكرة إنشاء أي مؤسسة مالية إسلامية لا تنجح ولا تحقق المقصود منها إلا بوضعها تحت رقابة وإشراف هيئة شرعية تراجع أعمالها وتبدي الرأي في أساليب التنفيذ من الوجهة الشرعية.
ويتحدد دور الرقابة الشرعية في المؤسسة حسب المهمة المنوطة بها، ودرجة تداخلها في نظام عمل المصرف، من رقابة وقائية (سابقة للتنفيذ)، ورقابة علاجية (أثناء التنفيذ)، ورقابة متابعة (بعد التنفيذ).
الإطار القانوني لهيئة الرقابة الشرعية :
كثيراً ما تنص المؤسسات المالية الإسلامية عند إنشائها على ضرورة الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، وعلى ضرورة وجود رقابة شرعية. ومن المؤسسات ما تقتصر على النص فقط بالالتزام بالأحكام الشرعية.
وبعض المؤسسات ما تذكر في نظامها الأساسي أو عقد التأسيس، أو في قانون إنشائها على النص بوجوب التزام أحكام الشرع الإسلامي، دون الإشارة إلى الأسلوب أو الطريق الذي يحقق هذا الالتزام، وهو وجود هيئة رقابة شرعية تحرص على تفعيل هذا النص وتطبيقه، وكان من الواجب وجود الرقابة الشرعية لأنها تؤدي إلى الاطمئنان على عمل هذه المؤسسة، وبالتالي مزيد من الثقة عند الناس.(1/5)
ولقد اختلفت المصارف الإسلامية، في مدى تحقيق هذا المطلب، ودون تحديد أسماء المصارف، ويمكن أن أصنفها إلى مجموعات، دون ذكر الأسماء :
الأولى : نصت على ضرورة وجود مراقب أو مستشار شرعي.
الثانية : نصت على ضرورة وجود هيئة رقابة شرعية.
الثالثة : ضرورة تفرغ عناصر شرعية في المصرف، إضافة إلى وجود هيئة.
الرابعة : النص على وجود هيئة رقابة شرعية على مستوى الدولة.
وهنا ينبغي الالتفات إلى وجود مراقب شرعي مؤهل وكفء، متواجد في المؤسسة، يطلع على العقود والمعاملات قبل المباشرة بها، ثم يتابع حتى يتم التنفيذ. أما أن يكون المراقب الشرعي أو المستشار، لا يتواجد في المؤسسة، ويكتفي في نهاية العام المالي، بالنص على شرعية المعاملات دون تفحص وتدقيق، أو يطلع على نزر يسير من المعاملات، ثم يعطي تقريره بشرعية المعاملات في ضوء ما اطلع. فهذا لا يكون قد أدى واجبه، ولا أدى الأمانة بحقها.
والشكل القانوني لهيئة الرقابة الشرعية يعتمد في إلزاميته لما يقدمه من آراء، على كيفية تشكيلها وتعيينها وموقعها من أجهزة المؤسسة، فكلما كان تشكيلها منبثقاً عن الهيئة العمومية، وإلى عدد المساهمين لا إلى عدد الأسهم، فيكون دورها فعالاً ومؤثراً، لثقة المساهمين والمتعاملين في أعضائها. وهذا ما يجب أن تحرص عليه البنوك الإسلامية، دفعاً للتهم وقطعاً للشك.
أما إن كان من قبل مجلس الإدارة، فتأثيرها أقل من سابقتها، وإن كانت أفضل من أن تكون من قبل المدير العام أو مدير شؤون الموظفين، لأنها ستكون وظيفة عادية ولا تؤدي الهدف المنشود، ولا تكتسب الثقة من المساهمين والمتعاملين.(1/6)
والعدد أيضاً له دور في تأثير هذه الرقابة على المؤسسات المالية الإسلامية، لأن تعدد الآراء والمناقشات مع أعمال قواعد الترجيح، يطمئن القائمين على المؤسسة ويطمئن المتعاملين، لأن معظم الأحكام اجتهادية، والحكم الاجتهادي ظني، لهذا لابد من تنوع الاختصاصات، واستشارة من له دراية في الجانب التطبيقي لأي معاملة من المعاملات، وهنا ينبغي وجود المختص الشرعي والاقتصادي والمالي والمصرفي والقانوني.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن عدد أعضاء هيئة الرقابة الشرعية، لا يصح أن يقل بحال عن ثلاثة أعضاء ليتناسب مع عدد أعضاء مجلس الإدارة، أو يزيد وهذا العدد محكوم بعدة اعتبارات :
1 – موقعها من الهيكل التنظيمي للمؤسسة.
2 – الاختصاصات والمهام المنوطة بها.
3 – تواجدها في مواقع العمل لتحقيق هدفين :
أ – الاطلاع على حقيقة ما يجري من عقود ومعاملات وتصرفات.
ب – الاطمئنان على سلامة التطبيق والتنفيذ، ومعالجة ما يجد من مشكلات، منعاً من مجاوزة الحكم الشرعي، أو إساءة في التطبيق.
ومن هنا لابد من بيان الواجبات الوظيفية التي تتولاها هذه الهيئة، وهنا أذكر الواجبات من خلال إطلاعي عليها أثناء علمي في بيت التمويل الكويتي مراقباً شرعياً، وهذه الواجبات تم تحديدها عند إعداد الوصف الوظيفي لجميع الوظائف التي يشتمل عليها بيت المال الكويتي، وهذه الواجبات والمهام هي :
1 – دراسة مجالات العمل والعقود وصياغتها بحيث تتفق مع أحكام الفقه.
2 – متابعة تنفيذ العقود والمعاملات للتأكد من التزام الموظفين بتنفيذها دون مخالفة للضوابط الشرعية.
3 – دراسة ما يقدم لها من أسئلة للاستفادة وبيان الرأي الشرعي فيها. كذلك دراسة مشروعية العقود قبل التوقيع عليها للتأكد من عدم وجود أي بند فيها يتعارض مع أحكام فقه المعاملات.(1/7)
4 – دراسة تقارير وملاحظات المراقب الشرعي المتفرغ على الممارسات التنفيذية في الجوانب الشرعية لمسيرة الأعمال اليومية والتوصية بما يلزم بشأنها.
5 – تحديد القضايا أو الأنشطة التي تتطلب عناية خاصة من المراقب الشرعي المتفرغ. وطلب إعداد الدراسات التفصيلية التي ترى الهيئة أهميتها.
6 – وضع تقرير سنوي من الهيئة يبين به رأيها بأن أعمال المصرف الإسلامي خلال السنة الماضية تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية ولم يتبين للهيئة ما يخالف ذلك.
7 – الإشراف على تجميع الفتاوى وتنظيم عملية الرجوع إليها. وتعتبر الفتاوى التي يتم نشرها مرجعاً شرعياً ومستنداً رسمياً يتعين على المصرف الإسلامي التقيد بها وعدم مخالفة شيء منها إلا ما يتم الرجوع عنه من الهيئة.
8 – المشاركة في المؤتمرات الشرعية وإعداد برامج تثقيف العاملين وتقديم المحاضرات والندوات اللازمة لهم ومتابعتها.
9 – إعداد الردود الخاصة بالجوانب الشرعية والتي قد تثار حول الأمور الفقهية لأعمال المصارف الإسلامية.
هيئة الرقابة الشرعية :
أسست هيئات الرقابة الشرعية لتواكب تجربة تأسيس المصارف الإسلامية وتطويرها التماساً للملاءمة الشرعية بين العقود الحديثة في المعاملات المصرفية والأصول الفقهية التي استنبطها الفقهاء وتوافقوا عليها بحيث يكون نتاج هذه الملاءمة الشرعية استحداث تكييف شرعي للمعاملات المصرفية المعاصرة تحقيقاً لأهداف البنوك الإسلامية في تسخير مزايا العلم المصرفي في تنمية وترقية الحياة الاقتصادية عير المؤسسة المالية مع الاحتفاظ لها بنطاق تأصيلي ينأى بها عن المعاملات المصرفية البينة الحرمة (كالربا) والاحتكار وما شابهها.(1/8)
وقد أدت هيئات الرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية وظيفتها أداء لا بأس به (في إطار البيئة التي نشأت فيها)، إلا أن هنالك عدة قضايا أظهرتها التجربة التطبيقية مما يقتضي إعادة النظر وتقييم التجربة بجد، وقد أدى بناء التجربة في مراحلها الأولى إلى انصراف القائمين عليها والمشتغلين بالقضايا الإسلامية إلى تثبيت نجاح التجربة واقعياً وبحماس بالغ بحسبانها تجربة في نطاق الشرائع الإسلامية في الحياة المعاصرة، ومن هنا وجدت دعماً معنوياً ومادياً يحسه كل من اتصل بهذه التجربة، أو تتبع تاريخها، وهذا الدعم المؤثر يتعدى أولئك الذين تربطهم مصالحهم الوقتية بهذه المؤسسات إلى دعم معنوي من عامة الناس بدافع عقيدتهم وحماسهم الديني وعواطفهم الإسلامية الجياشة، كان هذا الحماس ضرورياً في مراحل البناء الأولى كما كان طبيعياً وعفوياً. إلا أن هذا الحماس لم يتح في هذه المرحلة الحالية لبناء البنوك تقييم التجربة موضوعياً، ونقدها وإثراء البحث العلمي في مجالاتها المتعددة: " المالية والإدارية والقانونية والفقهية "، بل إنه أدى في جانب منه إلى نظرة معادية لمن يتصدى لمعالجة التجربة نقدياً، أو يتناول القضايا المتعلقة بها بروح البحث العلمي الحر. وقادت هذه النظرة إلى رؤية متعنتة تحاول أن تسترسل (القدسية) على هذه التجربة.(1/9)
فكأنها تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم، وهذا الاتجاه غذته – من حيث لم تقصد – تأثيرات الاتجاهات المناوئة للفكر الإسلامي والتي تصدت لهذه التجربة بروح معادية ظاهرة الغرض، مما عزز اتجاه المتحمسين لمعاداة كل من يتعرض للتجربة بالتقييم أو النقد الموضوعي، وهذا بدوره انعكس سلباً على أولئك المؤمنين بالفكرة والمخلصين لها والذين يعتقدون أن إعادة تقييمها المرة بعد المرة وتحديد أخطائها بشجاعة ونقد أوجه القصور فيها، وتحليل مكتسباتها من منظور علمي نقدي محض، سيثري التجربة ويصحح مسارها، ويقودها نحو فتح جديد، وذلك خشية أن يتطاول عليهم البعض (سفهاء القوم) فيجدوا فيهم مطعناً لولائهم، لا سيما أن في مجتمعنا ظواهر كالحة لاختلاط النظر للقضايا الموضوعية ممتزجة برؤية ممعنة في الذاتية وميل البعض لتصفية حساباتهم الشخصية في أتون معارك فكرية يفترض فيها تحرير النية لمحض الحق، وبتأسيس الوصول فيها إلى الحقيقة من خلال معلم أخلاقي نبيل هو "التجرد".(1/10)
ومهما يكن فإن هذه مقدمة أجدها ضرورية وأنا بصدد تناول تجربة هيئة الرقابة الشرعية بالتقييم العام، لأن وظيفة هيئة الرقابة الشرعية للبنك جد خطيرة، وذلك لطبيعتها القانونية والتي تنبثق من أنها (الهيئة التشريعية) الموكول إليها وظيفة التأصيل الفقهي لمعاملات البنك الإسلامي، وحيث إن معاملات البنوك الإسلامية تقع (كلياً أو جزئياً) خارج إطار الإلزام القانوني العام، تتأكد خطورة المهمة الملقاة على عواتق هؤلاء العلماء الأجلاء، ولا أراني مضطراً أن أقول إنه لم تفنن إلى الآن المعاملات المصرفية الإسلامية، كما لم يستحدث قانون للبنوك (إسلامي)، - حسب علمي فإن ذلك ينطبق على مختلف دول العالم الإسلامي وبالذات دول المؤتمر الإسلامي، فيما عدا الباكستان وإيران والسودان جزئياً – وأهمية هذه القوانين تتمثل في أنها تضفي على ممارسات هذه البنوك طابعاً إلزامياً قائماً على تكييف شرعي أصيل وصياغة قانونية معاصرة، ورعاية للظروف والعرف في نطاق الشريعة، ويلاحظ هنا أن عقود تأسيس هذه البنوك أو نظامها الأساسي أو القوانين الخاصة التي تأسست بناء عليها لا تغطي هذه الثغرة، ومن هنا انتقل العبء التشريعي على هيئة الرقابة الشرعية، وتأكد جسامة وخطر مسؤوليتها.
فهل استطاعت هذه الهيئات الرقابية أن تقوم بوظيفتها ؟ وتؤدي المهام المنوطة بها ؟
الوضع الراهن لهيئة الرقابة الشرعية :
يمكن لنا دراسة مسيرة الرقابة الشرعية معتمدين البحث في الكلي دون الجزئي ليتوفر على بحث التفاصيل آخرون :
أ – الطبيعة القانونية لهيئة الرقابة الشرعية :(1/11)
إن أول أوجه القصور في البنية القانونية لهيئة الرقابة الشرعية هي في طبيعتها القانونية، فهذه الطبيعة يكتنفها الغموض، فهيئة الرقابة الشرعية هي (رقابة) لكنها لا تراقب إلا ما يعرض عليها من عقود أو معاملات، ولا تفتي إلا فيما تستفتى فيه، إذن فإدارة البنوك هي التي تحدد (عملياً) نطاق أعمال هيئة الرقابة الشرعية، وقد تتدخل الهيئة إذا ما تسامعت أو وقفت على ما يستدعي تدخلها، أو قد تتدخل بناءً على شكوى أو التماس، ولكن هذه الوسائل تفتقر للفعالية الإدارية، وهي وسائل (غير رسمية) لا يمكن التعويل عليها في جهاز رقابي موكول إليه رقابة النظام والتطبيق على الممارسة اليومية لآلاف العمليات والمعاملات والعقود التي يزخر بها العمل المصرفي. فإذا انتقلنا للبحث عن (آثار) هذا التحجيم نراه واضحاً في الشهادة الرقابية التي تصدرها الهيئة (سنوياً) جوار إفادة المرجع القانوني، ففي هذه الشهادة صياغة دقيقة لهذا الحال نراه مضمناً في عباراتها المتحفظة والتي تقول (عادة) :
" وراجعت – أي الهيئة (كذا) من العقود ووجدتها صحيحة ومتفقة مع النماذج المجازة ما عدا بعض العقود التي أبدت عليها ملحوظات ووجهت بتصحيحها "
وتبني على ذلك حكمها بأن (البنك ملتزم في جميع معاملاته التي اطلعت عليها بأحكام الشريعة الإسلامية).
فهذا الإقرار ليس عاماً وإنما (محدود) بالعقود التي اطلعت عليها الهيئة – فعلاً – وقد ثبت مراراً أن قرارات تصدر على مستوى إداري معين، لا تخضع للرقابة الشرعية بل تجتاز طريقها للتنفيذ دون عرضها على القناة الشرعية.(1/12)
أما في نطاق العقود النموذجية وهي عقود نمطية إطارها العام ثابت فتجيزها الرقابة الشرعية، ومن ثم تصبح عقوداً نموذجية لا حاجة لعرضها مرة أخرى، وإنما هي عقود صالحة للتنفيذ. أما العقود التي تلبي حاجات خاصة فيفترض عرضها على الهيئة لإجازتها ومراجعة الصياغة وتكييف أساسها الفقهي حتى تنفذ، والواقع أن العقود النموذجية لا تعني إنها موافقة للشريعة إلا (شكلاً) وقد يختلف أمر تنفيذها فما هي وظيفة المراقب أو الهيئة حينئذ ؟ ... إن الرقابة هنا يصبح لها معنيان :
? معنى حاضر : وهو إمضاء صحة معنى العقد النموذجي.
? معنى غائب : وهو ضمان سلامة التنفيذ على النحو المعتمد في نصوص العقد.
لعل هيئات الرقابة الشرعية لو استقبلت من أمرها ما استدبرت لنسخت كل بيوع المرابحة التي يتضح يوماً بعد يوم إنها صارت مطية للربويين، مع أن هذا العقد لا لبس فيه ولا تعقيد من الوجهة الشرعية، ولكن كيف يتم تنفيذه ؟ هذا هو المركب الخطر، هنا لا ألتمس الأمثلة فما قلت فيه كفاية للتعبير عن ضعف فعالية الرقابة الشرعية وفقاً للنظام المعمول به حالياً في البنوك الإسلامية.
ب – الرقابة (ابتداء) أم (بقاء) :
ثم ماذا بعد ؟(1/13)
إن العقود تخضع للتنفيذ، وتخفق أو تحقق النتائج المرجوة منها في إطار خطة البنك، ثم يحتفظ البنك بها في (دوسيهاته) وتنحسر الرقابة الشرعية. فليست هناك وظائف رقابية للهيئة تتعلق بمراجعة أعمال هذه البنوك من الوجهة الشرعية، إن الوضع هنا يمثل مفارقة كبيرة خاصة إذا ما قارناه بالجهد الذي يبذل في مراجعة الحسابات الختامية من خلال المراجعة الداخلية أو الخارجية (من قبل مرجع عام أو خاص) بحيث يكون تقرير المراجع أساساً وسنداً لإثبات الوضع المالي الحقيقي للبنك. بينما تتغيب هنا أيضاً وظيفة هيئة الرقابة الشرعية فهذه الهيئة غير معنية بمراجعة أعمال البنوك الإسلامية لضمان أنها نفذت فعلاً وفقاً للشريعة الإسلامية ولتوجيهات الهيئة الرقابية، أو وفقاً للعقود المجازة من قبل الهيئة (بافتراض أن كل العقود تعرض عليها إلزاماً).
إن الحد من الرقابة الشرعية بحيث لا يشمل المراجعة الختامية بعد التنفيذ يقلل كثيراً من احتمال نجاح هذه الهيئات في أداء وظيفتها الرقابية والتثقيفية أيضاً، ولا أرى حاجة لأن أقول إن المراجعة الداخلية والخارجية غير مختصة في تقييم أعمال البنك فقهياً، وليست مؤهلة كذلك لمثل هذه الوظيفة، فقصارى جهدها أن تحدد صحة الأرقام وانطباقها على واقع المؤسسة محاسبياً، وهذا النوع من المراجعة يقوم في المؤسسة المصرفية، ربوية كانت أم غير ربوية. (ويلاحظ هنا مصطلح (المراجعة) – مصطلح مأخوذ عن المؤسسة المصرفية التقليدية – الربوية – لأنها ليست مراجعة مطلقة ولكنها مراجعة محاسبية – إدارية ولا تختص بالملاءمة الشرعية. وأقول إننا بحاجة إلى (مراجعة شرعية) لأعمال المصرف عقب حساباته الختامية، وقبل إمضائها من قبل الجمعية العامة للمساهمين، يهم المساهمين مثل هذه المراجعة كما يهم ذلك المودعين والمستثمرين والدولة والمجتمع العام أيضاً، يجب أن تكون هيئة الرقابة الشرعية رقابة ابتداء، وبقاء وانتهاء.
جـ – الفتوى والقرار الإداري :(1/14)
ما هو وزن (فتوى) هيئة الرقابة الشرعية مقارنة بالقرار الإداري في المؤسسة المصرفية ؟ من البين أن وزن فتوى الهيئة يؤول إلى الصفر فيما إذا ما قارناه بالقرارات الإدارية العادية النابعة من إدارة المصرف نفسه (مع تعدد مستويات القرار)، بمعنى أن الطبيعة القانونية للرقابة الشرعية لا يعتبر (وجهة نظرها أو اجتهاداتها أو قراراتها من حيث التكييف القانوني)، (قرارات ملزمة للكافة) في المؤسسة، ومن هنا تمخض عن هذا (عملياً) توقف فعالية جهود الهيئة على مدى التجاوب الإداري بحيث ينقل هذه الفتاوى إلى حيز القرار الإداري الملزم، وحتى لو تم هذا التجاوب فهذه قرينة تؤكد أن القرار الإداري هو المتحكم أولاً وأخيراً في نفاذ (الفتوى) أو الاجتهاد الشرعي للهيئة، وأن المدير هنا ينفخ في الروح الهامدة لهذه الفتاوى، ليمدها بالقوى الإدارية التي تكفل لها حسن الأداء والتنفيذ، وبمعنى آخر فإن الموظف في المصرف الإسلامي يمتنع عليه تطبيق فتاوى الهيئة أو آرائها الصادرة لها، لأن هناك شرط معلق للنفاذ، وهو مدى التجاوب الإداري مع هذه الفتاوى، ويتضح هنا أن قرارات الهيئة الشرعية لا تماثل في الحجة والإلزام مستويات الإدارة التنظيمية الأخرى (التخطيط، التنفيذ، الرقابة، التنسيق)، ولا تتسق مع هذه الآليات الإدارية ذات الفعالية التنظيمية المستقرة، وفي هذا المجال تواجه الهيئة الرقابية أزمة فعلية، لأن الوضع التنظيمي للهيئة مبهم وهزيل ويتحدد بالفعالية الفردية لأعضاء الهيئة، وغيرتهم على تحقيق أهداف الهيئة.
هيئة الرقابة الشرعية التي نريد :
على ضوء ما أثرناه من مشكلات يمكن أن نعرض – إجمالاً – لآفاق المثالية التي نرجوها لهيئة الرقابة الشرعية :
أولاً : يجب العمل على استصدار قوانين تنظيم العمل المصرفي وقوانين أخرى للمعاملات المصرفية وفقاً للشريعة الإسلامية وهذا هو الضمان الوحيد لمستقبل العمل المصرفي الإسلامي.(1/15)
ثانياً : يجب اعتبار هيئة الرقابة الشرعية هيئة تأسيسية بمعنى أنها مستشار شرعي للبنك في تأسيس أوضاعه المالية والإدارية والمصرفية عامة، ولا يتوقف عمل هذه الهيئة على مجرد الفتوى. ويلاحظ هنا أن جوانب العمل المصرفي لم تستحدث فيها اجتهادات فقهية، إذ تركزت الجهود الرائدة في مجال التشغيل ونفي الربا كأداة مصرفية، بينما ظلت مختلف الحقول الإدارية والتنظيمية بعيدة عن دائرة البحث والاجتهاد الفقهي، وهذا بدوره يقتضي أن يتسع أفق العلماء والفقهاء لتتكامل الجهود بين علماء الشريعة وأندادهم من علماء الإدارة العامة وإدارة الأعمال، والقانون، والاقتصاد والمحاسبة وغيرهم من الباحثين في حقول المعرفة المصرفية المتنوعة.
ثالثاً : يجب إعلان الاستقلال المالي لهذه الهيئة وأن يقدر لها ميزانية سنوية يدخل في اعتبارها إنشاء هيكل تنظيمي مواكب لأعمالها، من أمانة عامة وباحثين وكتبة، ويقدر لها ما يتطلبه العمل الفقهي من مواكبة لحركة البحث والإصدار والمكتبات والتوثيق، وملاحقة المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية، وتقدر هذه الميزانية وتصرف دون تدخل الإدارة التنفيذية أو مجلس الإدارة وإنما تعتمد من قبل هيئة المساهمين مباشرة.
رابعاً : وفقاً للبند (أولاً) يضم للهيئة أعضاء يمثلون حقول المعرفة المختلفة من اقتصاد وإدارة وتدريب وقانون ... الخ، وذلك حتى يتهيأ لهذه الهيئة مراعاة التكامل بين العلوم الشرعية البحتة والعلوم والخبرات المعاصرة، وحتى يتهيأ لأن تؤتي هذه المحاورات بين أطرافها إغناءً جديداً للتجربة وتبادلاً للمعارف.(1/16)
خامساً : تتكون هيئة رقابة شرعية عليا مستقلة، وأن يتم تكوينها بقانون وأن يراعى تنوع تخصصاتها مع الالتزام بمراعاة التوجه الفقهي في أعضائها وتوفرهم على البحث في العلوم الشرعية، إضافة إلى خبراتهم التخصصية، وأن تستمر في ظل هذه الهيئة العليا، هيئات فرعية تمثل، جمعية عمومية، للهيئة العليا وينظم القانون العلاقة بين الهيئات الفرعية والعليا.
عمل الرقابة الشرعية :
يبتدئ دور الهيئة الشرعية منذ فكرة إنشاء المصرف أو المؤسسة من وضع الأسس العامة التي يجب أن ينبني عليها أي نشاط اقتصادي أو مالي ثم صياغة العقود اللازمة، ثم متابعة التطبيق ميدانياً، ثم مراقبة التنفيذ، حتى تسلم المعاملة من أي خلل شرعي وسيلةً وغايةً، فحكم الوسيلة والغاية مرتبطان معاً.
فمن خلال ملاحظاتي واطلاعي على معظم الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية، لم أر لها وجوداً ميدانياً إلا ما رحم ربي. بل غالبيتها توقع على ميزانية المؤسسة في نهاية العام، وتلتقي بالجمعية العمومية لتعلن بأن نشاط المؤسسة ومعاملاتها واستثماراتها خالية من المخالفات الشرعية. وبمراجعة سريعة للتقرير السنوي للمؤسسة نجد عبارة : في ضوء ما اطلعت عليه اللجنة الشرعية أو المستشار الشرعي – من معاملات – لا توجد مخالفات شرعية. لكن ما حجم هذه المعاملات ؟ وكيف اطلع عليها ؟ وفي أي مرحلة ؟ الله أعلم. وهل تستمع اللجنة لصوت المتعاملين ؟ وهل تستمع لتظلمات العاملين ؟وهل تراقب تصرفات المسؤولين ونفقاتهم ومهماتهم وسلوكياتهم ؟ فهم القدوة. وكم زيارة ميدانية قام بها المستشار الشرعي، أو المراقب الشرعي للمؤسسة ؟ وكم سؤال أجاب عنه ؟ وكم مرة اجتمعت اللجنة الشرعية ؟ وكم مرة طلبت من الإدارة اللقاء بالموظفين التنفيذيين وسمعت منهم مشكلات العمل، وما يدور من شبهات حول بعض المعاملات وحول تسلط بعض المسؤولين وتحكمهم ؟ كل ما سبق سمعته وأسمعه من المتعاملين والعاملين.(1/17)
وكم من أرصدة تهرب من بعض المؤسسات لسوء الإدارة وانعزالها عن الواقع الذي تعمل فيه المؤسسة وعدم وجود الانتماء من قبل العاملين للظلم الذي يحسون به، والتفاوت العجيب بينهم في التعامل.
لا أقول بأن اللجنة يجب أن تتواجد دائماً، بل يكفي أن يعين في المؤسسة مكتب تنسيق من تخصصات مختلفة مهمته إعداد تقرير شهري أو ربع سنوي عن سير العمليات المصرفية والاستثمارية وبقية الأنشطة، وتقوم اللجنة بدراسته، أو المستشار الشرعي. ثم يقدم تقريراً إلى مجلس الإدارة، وفي نهاية العام تلخص جميع التقارير وتوضع بين يدي الجمعية العمومية.
وحتى يكون للرقابة الشرعية الدور الفعال في ضبط العمل في المؤسسة، يمكن أن يكون موقعها في المؤسسة على النحو الذي يبينه الشكل رقم (1)،
أو الشكل رقم (2).
شكل رقم (1)
شكل رقم (2)
ثم أقدم نماذج متنوعة تبين موقع هيئة الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية، ومن ثم نموذجاً مقترحاً على المستوى المحلي والعالمي.
انظر الشكل رقم (3) و (4) و (5) و (6) و (7).
( نموذج بنك التنمية الإسلامي في جدة )
( نموذج أ / 2 عدم وجود رقابة شرعية بالمصرف )
( نموذج أ / 3 التبعية لمجلس الإدارة )
( نموذج أ / 4 التبعية للجمعية العمومية )
( النموذج المقترح للهيكل التنظيمي للرقابة الشرعية على كافة المستويات المحلية والعالمية )
والذي أريد أن أؤكد عليه بأن جميع هيئات الرقابة الشرعية لم تبحث مسألة إدارية تتعلق بالموظفين، وكم من موظف ظلم باسم مصلحة المؤسسة وباسم النظام الإداري، وبأن الهيئة لا علاقة لها بالشؤون الإدارية، بل بعض الإدارات تعد ذلك تدخلاً في عملها، وليس من اختصاص الشرعيين، فالمراقب الشرعي لا يقتصر عمله على مراجعة العقود والنشاط الاستثماري والمصرفي فحسب، بل يجب أن يشمل كل إدارات المؤسسة.(1/18)
وهذا الأمر يعتمد على، من اختار الهيئة أو المراقب الشرعي ؟ فإن كان الذي اختاره المدير العام، فتكون هيمنة الإدارة واضحة على قرارات وأداء المراقب الشرعي. وإن كان مجلس الإدارة هو الذي اختاره، فيكون لمجلس الإدارة تأثير على المراقب الشرعي. أما إذا كان المراقب الشرعي مختاراً من الهيئة العمومية أو من الدولة، ويكون مسؤولاً حتى عن الإدارة وعن مجلس الإدارة فالصورة تختلف.
والذي يجري حالياً هو تحديد دور هيئات الرقابة الشرعية وتضييق اختصاصاتها، ويقتصر دورها على الفتوى والإرشاد، حتى إن بعض الهيئات لا تقدم فتوى واحدة خلال العام، ولا تجتمع ولا تناقش، وتلتقي فقط بالهيئة العمومية، وأحياناً يعتذر بعضهم عن الحضور، ويكتفي بالتوقيع على التقرير السنوي.
ولا أريد هنا أن أذكر أمثلة من المؤسسات التي لا يوجد أي دور لهيئة الرقابة الشرعية فيها، وإن كانت ذكرت في النظام الأساسي للمؤسسة أو عقد التأسيس. ومن المؤسسات ما يوجد فيها هيئات رقابة شرعية ولكن ليس لها صلاحيات سوى الإفتاء في بعض المسائل التي تطلب منها الإدارة بحثها، حتى إنها لا يجوز لها الإدلاء بأي معلومات عن المؤسسة.
وهنا لابد من بحث موضوع هو في غاية الأهمية وهو غياب الرقابة الشرعية عن المؤسسات المالية الإسلامية، والذي هو صلب بحثي هذا.
غياب الرقابة الشرعية وأثره في المؤسسات :(1/19)
الإنسان بطبعه يخطئ إما قصداً وإما من غير قصد، والمال له سيطرة على النفس البشرية، وصاحبه يجب أن ينمو ماله بأي وسيلة كانت، إلا أن المسلم لا يقبل أن ينمو ماله إلا في حلال ومباح. والله سبحانه وتعالى عندما خلق البشر أوجد بينهم التفاوت في الفهم والعقل والرزق وغير ذلك، ثم يسر كل مخلوق لما خلق له. ومن هنا ظهر الاختصاص والتنوع بين بني البشر. فلا يستطيع المسلم أن يستوعب كل العلوم والمعارف ويعلمها ويفهمها، لذلك وجد الاقتصادي والشرعي والقانوني والمصرفي والمالي و ... الخ. وتتكامل خبرات الناس فيما بينهم، فيصلوا إلى ما يحقق السعادة البشرية.
لكن الملاحظ أحياناً كثيرة من يتجرأ على الدين والحكم الشرعي، فيفتي لنفسه أو لغيره عن غير علم، ولا يدري أين أودت به هذه الفتوى، هل إلى جنة أم إلى نار ؟؟ ومن هنا لما بدأ التفكير عند المعاصرين من المسلمين الذين رفضوا استيراد الأنظمة التي تخالف شريعتنا ولا تصلح لمجتمعنا، وباشروا بإنشاء المؤسسات المالية الإسلامية، قرروا ضرورة وجود هيئة شرعية في كل مؤسسة تعمل على ضبط التعامل شرعياً، وتجنبهم المخالفات الشرعية. إلا أن بعض المؤسسات غاب فيها أو عنها وجود مثل هذه الهيئة، وإن وجدت فيها اسماً لا عملاً، وجزءً من إدارات المؤسسة التي تم حصر مهمتها في الإرشاد والتوجيه والفتوى في مسائل تهم العاملين في حياتهم الاجتماعية والأسرية، بل إن بعض هذه الهيئات لا تمارس حتى دور الإرشاد والتوجيه.
فماذا ينتج عن هذا الأمر ؟ ففي تصوري ينتج أن تقوم المؤسسة بمعاملات وأنشطة لا تعرف هل هي حلال أم حرام ؟ يترتب على ذلك اختلاط أموالهم الحلال بمال حرام، بل وينصرف ذلك على المتعاملين فيدخل في حصتهم من الأرباح جزء من الحرام.(1/20)
وقد تصدر المؤسسة قرارات يقع فيها ظلم على العاملين، فتضيع حقوقهم ولا يجد العامل من يحصل له حقه. ومن هنا ينعدم التعاون بين العاملين والمراقب الشرعي، وخاصة أن المراقب الشرعي لا يستطيع الإلمام بكل ما يجري، فتزيد المخالفات ويزداد الأمر تعقيداً وصعوبة.
وغياب الرقابة الشرعية أيضاً يجعل مسألة اختيار العاملين لا تقوم على أساس الدين والخلق، بل الكفاءة الفنية والمعرفية في مجال العمل. فيزداد عدد العاملين غير الملتزمين شرعياً، فيخف الوازع الديني في المؤسسة، ويبدأ الانحراف الاقتصادي الذي يفقد ثقة المساهمين والمودعين والمتعاملين، لما يلحظوه من مخالفات شرعية وعدم التزام لشرع الله سبحانه، فتتأثر المؤسسة وتبدأ بالتراجع، وقد ينتهي الأمر إلى خسارة المؤسسة لا سمح الله.
ويمكن حصر الآثار فيما يلي :
من خلال تقرير قدمته لجنة شكلت لتقويم وضع هيئات الرقابة الشرعي في المصارف الإسلامية أظهرت الدراسة ما يلي :
1 – وجود سلبيات تتعلق باختصاصات الرقابة الشرعية.
2 – ضعف الرقابة الشرعية على الاستثمارات المحلية خارج المصرف.
3 – قصور الضبط الشرعي في التعامل مع البنوك غير الإسلامية.
4 – اهتزاز الثقة بالرقابة الشرعية في بعض المصارف.
هذه الأمور تؤدي إلى نتائج يمكن إجمالها بما يلي :
1 – ظهور مخالفات شرعية في بعض المعاملات.
2 – وجود شروط في العقود، لا يصح اشتراطها. لأن الشروط المقترنة بالعقد منها ما يجوز اشتراطه، ومنها مالا يصح اشتراطه.(1/21)
وأضرب مثالاً على ذلك. اطلعت على أحد العقود لبنك إسلامي ينص فيه على سقوط حق المودع في الأرباح إذا سحب وديعته قبل نهاية العام ولو بأسبوع حتى ولو بيوم. في نفس العقد يوجد شرط، ويحق للبنك أن يلاحق المودع الذي سحب وديعته قبل نهاية مدة الأجل، بالخسارة إن وجدت. والقاعدة المعروفة " الغرم بالغنم ". فلو طبقنا هذه القاعدة نصل إلى نتيجة بأنه إذا سقط الربح سقطت الخسارة. فمن حق البنك أن يتمسك بالعقد، ولكن إذا وافق على سحب الوديعة أصبحت المسألة إقالة، ولا يجوز له أن يطالب بالخسارة.
كذلك اطلعت على بعض العقود في البنوك، وجدت فيها إلزامية التأمين التعاوني. أي كأن البنك يقول للمتعامل، لا أوافق على التعامل معك إلا إذا رضيت بشرط التأمين التعاوني، فهل هذا الشرط يصح اقترانه بعقد البيع ؟؟
3 – تصبح الرقابة الشرعية في المؤسسات رقابة شكلية تكميلية هامشية، وبهذا تشبه المؤسسات الإسلامية، إلى المؤسسات الأخرى التي لا أثر لأحكام الشرع عليها أو في تعاملاتها أو سلوكياتها.
4 – وصلت بعض البنوك إلى الاعتماد على غير ذوي الاختصاص بالفقه، أو على بعض المختصين غير المؤهلين الذين لا يعرفون عن المؤسسة الإسلامية إلا اسمها فتصدر فتاوى هزيلة، أو فتاوى غير دقيقة، مما يوقع المؤسسات في مخالفات شرعية، فتفقد ثقة الناس بها، وقد يؤدي الأمر إلى قطع التعامل معها عند فئة ليست بالقليلة من المتعاملين.
5 – ضياع بعض حقوق العاملين أو المتعاملين، لأن غياب الشرع انفلات لسلوك الإنسان، لأنه بطبعه يميل إلى المخالفة. ومن هنا لابد من رقيب يضبط تعاملات وعقود هذه المؤسسات. فالرقابة الشرعية تتدرج من الرقابة العامة على كل الخلق (رقابة الله عز وجل)، ورقابة (الرسول صلى الله عليه وسلم) ويمثله بعده ولي الأمر (الحاكم)، (رقابة المؤمنين) وهذه تمثلها قوانين وتنظيمات إدارية.(1/22)
وهذه الرقابة تأخذ أشكالاً ثلاثة، الرقابة الشرعية، الرقابة المالية، الرقابة الشعبية – رقابة الناس المتمثلة بالحق العام والمصلحة العامة – وهذه تكون حسبة لله تعالى، فشهادة الخلق لسان الحق. وإذا كثرت الشكوى من الناس على المؤسسة، فيعني هذا وجود مخالفات لا يرضى عنها الناس.
والذي يهمنا هنا هو الرقابة الشرعية، التي تعد من أهل الاختصاص وأهل الذكر في هذا المجال. وتكون على علم تام بفنيات عمل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، ومتطلباته المتنوعة والمتعددة، وليس فقط ذات إلمام عام بالكليات والعموميات.
وتخصص هذه الرقابة يقوم على معرفة أمور ثلاثة :
1 – طبيعة النشاط، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
2 – المناخ الذي تباشر فيه المؤسسات أعمالها، والذي تسيطر عليه القوانين والأنظمة الوضعية. وهذا يفرض صعوبات على هذه الهيئات، مما يتطلب تخصصاً ومهارة فنية دقيقة.
3 – البعد العالمي في النشاط المصرفي والمالي، بطريق مباشر أو غير مباشر من خلال التعامل مع المؤسسات في السوق العالمية.
ومن هنا يبدأ عمل الرقابة الشرعية من صياغة النظام الأساسي وعقد التأسيس فتحرص هذه الهيئة على استخدام المفردات الشرعية، وتؤكد على تعامل المصرف وفق الشريعة الإسلامية. ثم صياغة العقود التي يجوز للمصرف استخدامها، بما يحفظ حقوق المساهمين وحقوق المودعين، كما للهيئة الشرعية حق اختيار الموظفين وتعيينهم، أو وضع مواصفات وواجبات وظيفية. ليستطيع المصرف الاطمئنان إلى التطبيق السليم. ولهيئة الرقابة الشرعية التدقيق على الاتفاقات التي ينشئها المصرف مع المؤسسات المحلية والعالمية، وتشرف على كيفية توزيع الأرباح، وتوزيع أموال الزكاة والصدقات، وتتابع تنفيذ العقود والمعاملات يومياً.(1/23)
وهذا الأمر يعتمد على طريقة الرقابة الشرعية، فقد تكون هذه الرقابة من عالم واحد متخصص في الشريعة ويسأل فقط من قبل إدارة البنك في عدم التأكد من عقدها، دون أن يتوجه إلى ميدان العمل ويتأكد كيف يتم هذا العقد، فهذا الأسلوب غير كاف للتأكد من شرعية المعاملات.
وتقرير الرقابة الشرعية يقتصر فقط على نماذج العقود التي عرضت عليه، بينما يجب أن يكون تقريرها موضحاً لكل العمليات والعقود والأنشطة قد تمت وفق الشريعة الإسلامية.
ومن المصارف ما تتخذ لجنة فتوى ومنها يسمى المستشار الشرعي، ولا تجتمع هذه اللجنة إلا مرة في العام، ولا دور لها إلا في المسائل التي يطلب المستشار الشرعي تحويلها عليها لبحثها وإعطاء الرأي الشرعي فيها.
ومن المصارف ما تتخذ مكتباً للتنسيق من داخل المصرف، يتولى مراقبة أنشطة البنك ثم يقدم تقريراً للمستشار الشرعي أو لجنة الفتوى. وفي ضوء هذا التقرير تعد الرقابة الشرعية تقريرها عن عمليات وأنشطة المصرف.
ومن المصارف ما تتخذ مراقباً شرعياً فقهياً، يتولى الزيارات الميدانية لأقسام وإدارات وفروع المؤسسة، ويسجل ملاحظاته ثم يقدمها لهيئة الرقابة الشرعية، والتي تتكون على الأقل من ثلاثة أعضاء، ويتم دراسة هذه الملاحظات أسبوعياً، أو كل أسبوعين على الأكثر فتكون الهيئة الشرعية قد اطلعت طوال العام على عمليات وأنشطة المصرف، ثم تقدمها في ضوء ذلك أمام الهيئة العمومية.
وحتى تتم الاستفادة من الرقابة الشرعية، يجب أن تكون مستقلة ولا يكون المدقق عاملاً في أي نشاط أو إدارة يريد المراجعة عليه وتدقيقه. وعلمية التدقيق يجب ألا تكون محدودة، وتعطي الصلاحيات للمدقق بالاطلاع على المعلومات والسجلات والمستندات والأصول والالتقاء بالعاملين، ويجب أن يحصل على المعلومات، والتفسيرات التي يراها مناسبة لإنجاز عملية التدقيق بصورة سليمة.(1/24)
فكلما ضعفت الرقابة الشرعية، كلما أثر ذلك على ثقة الناس بالمؤسسة فتتأثر أسهمها في السوق المالي. وهذا ما نلاحظه على بعض البنوك الإسلامية فسهمها في هبوط مستمر. بينما نرى بيت التمويل الكويتي في نمو مستمر بل وتتفرع عنه مؤسسات عدة وشركات تابعة لها. وذلك لثقة الناس بهيئة الرقابة الشرعية التي تتولى تدقيق معاملاته والكفاءة العلمية التي يتمتع بها أعضاء هيئة الرقابة الشرعية.
والذي يؤثر على عمل هيئة الرقابة الشرعية ويغيبها عن بعض أنشطة المؤسسة، احتجاج القائمين على المؤسسة بأن هناك أموراً سرية لا يستطيع أن نطلع عليها أحد، وخطوطاً حمراء لا يجوز تجاوزها حتى من المراقب الشرعي. إذن فماذا يراقب وماذا يدقق ؟ وإذا وثقت المؤسسة بدينه وحملته مسؤولية الفتوى لها، فهل تخشى من اطلاعه على كل ما يتعلق من نشاط فيها، ليعطي تقريراً واضحاً شافياً وافياً، ويكون مطمئناً لما يقرره ؟
وسأعرض تجربتي كمراقب شرعي في بيت التمويل الكويتي خلال ثلاث سنوات (87 – 1990م) :(1/25)
عندما بدأت العمل كمراقب شرعي في عام 1987م، فقبل أن أبدأ بالتعاون مع هيئة الرقابة الشرعية، عملت مسحاً ميدانياً لكل أقسام وإدارات وفروع المؤسسة، وتعرفت مباشرة على سير كل معاملة، وأثناء الزيارات الميدانية شككت في بعض المعاملات. ثم رفعت تقريري لهيئة الرقابة الشرعية. ونوقشت مواطن الشك فكان بعضها فيه خطأ شرعي، وبعضها عدم فهمي لها فهماً صحيحاً. فما ثبت مخالفة للشرع تم تصحيحه من قبل هيئة الرقابة الشرعية، وهكذا استمر عملي بزيارات ميدانية متواصلة، وتقدم أسئلة العاملين بواسطتي إلى أمانة سر الهيئة الشرعية. وطلب مني رئيس مجلس الإدارة حضور اجتماعات الهيئة. ثم كان لا يتم تعيين أي موظف إلا بعد لقائي معه للتعرف على تقبله لفكرة البنوك الإسلامية، ومعلوماته الشرعية في المعاملات المصرفية، وفي ضوئها يحدد له دورة شرعية عن المعاملات التي يجريها البنك مع التركيز على معاملات الدائرة التي سيعمل فيها. وخلال العمل تعد للموظفين الجدد دورة متكاملة ودورات متخصصة عن أعمال وأنشطة بيت التمويل الكويتي. وكذلك تصل للمراقب الشرعي بعض التظلمات من العاملين ويتم دراستها شرعياً ثم إدارياً، ويتخذ فيها قرار يحدد موقف الإدارة وما يترتب على العامل، إما تأكيد الجزاء أو رده أو تخفيفه.
كما أن المراقب الشرعي يقع على عاتقه مسؤولية تسويق فكرة المصارف الإسلامية، لأنه هو أقدر الناس على إقناع المجتمع بشرعية معاملات المصرف. وكان هذا يتم فعلاً بالتنسيق مع إدارة الإعلام، عدا عن المناظرات العلمية التي تتم بين أهل العلم الشرعي والمراقب الشرعي، أو أحد أعضاء هيئة الرقابة الشرعية حسب فراغهم. وإذا طرح أثناء التسويق أو المناظرات إشكاليات صعب إقناع الناس بها، يتم طرحها على هيئة الرقابة الشرعية، وتناقش حتى تصل الهيئة إلى قرار أو جواب شرعي مؤيد بالأدلة، ويتم بعد ذلك عرضها على الناس.(1/26)
وما بين فترة وأخرى يقوم المراقب الشرعي بجولة على الأقسام والإدارات والفروع، ويطلع على الوثائق والمعاملات، ويسأل العاملين عن إجراءات العمل، ثم يلتقي بالمتعاملين ويسمع منهم، ويقدم تقريراً موجزاً للهيئة الشرعية، هذا عدا عن الأسئلة التي ترد إليه من العاملين وقت تنفيذ المعاملات إذا استشكل الأمر عليهم، كما ترد إليه أسئلة من المتعاملين أيضاً. وإذا توقف في الإجابة عن سؤال، يقدمه إلى الهيئة الشرعية ليحصل على جواب السائل.
فالمراقب الشرعي في حركة دائمة، وفي تواصل مستمر مع المتعاملين والعاملين والإدارة ومجلس الإدارة والهيئة الشرعية. ويمكن أن يترجم هذا العمل إلى وريقات توزع على العاملين والمتعاملين عن بعض العمليات وخاصة المتكررة، كالمرابحة والمضاربة والمشاركة والفوائد وحكمها ... وغير ذلك.(1/27)