الجمهوريةالجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
كلية العلوم الإقتصادية و علوم التسيير بالخروبة
جامعة الجزائر
الدورالتنموي للبنوك الإسلامية
دراسة نظرية تطبيقية ( 1980م-2000م)
رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه دولة
في العلوم الإقتصادية فرع التسيير
من اعداد الطالب: اشراف الدكتور الأستاذ:
جميل أحمد محمد ناصر ثابت
لجنة المناقشة:
أ-د/ قدي عبد المجيد....... أستاذ ت.ع..... جامعة الجزائر............ رئيسا
أ-د/ محمد ناصر ثابت..... أستاذ ت.ع..... المدرسة العليا للتجارة..... مشرفا
أ-د/ كساب علي......... أستاذ ت.ع .... جامعة الجزائر............. ممتحنا
أ-د/ باشي أحمد........... أستاذ ت.ع .... جامعة الجزائر............ ممتحنا
السنة الدراسية 2005/2006(1/1)
{ إهداء }
{ إلى والداي الكريمين وليا نعمتي فارحمهما يا رب كما ربياني صغيرا إلى إخوتي وأخواتي إلى أساتذتي و كل من كان له فضل علم علي إلى كل السائرين على طريق الهدى والحق أهدي ثمرة جهدي المتواضع }
{ شكر و عرفان }
{ أحمد الله تعالى وأتقدم بالشكر الجزيل وامتناني وتقديري إلى الأستاذ الدكتور محمد ناصر ثابت الذي تفضل بقبوله الإشراف على الرسالة والذي أرى فيه صورة مجسمة للخير والفضل ومثالاً طيبا للبذل والعطاء و الذي غمرني بفائض علمه وتوجيهاته القيمة التي كان لها الأثر الطيب في إخراج هذه الرسالة في صورتها النهائية.
كما لا أنسى شكري و تقديري لأعضاء اللجنة الموقرة الأساتذة الأفاضل الأستاذ قدي عبد المجيد، الأستاذ باشي أحمد و الأستاذ كساب علي
كما لا أنسى أخي ميساوي الحبيب الذي عاصر البحث في جميع مراحله وإلى كل أفراد عائلته و إلى الذين مدوا إلي يد المساعدة و أخص بالذكر .
الأستاذ معد سي بوزيد و شقيقي جمال.
كما لا أنسى إدارة كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير بالخروبة جامعة الجزائر و كل طاقم أعضاء لجنة المناقشة.}(1/1)
الدور التنموي للبنوك الإسلامية
دراسة نظرية وتطبيقية 1980-2000م.
المقدمة:
إن التنمية الاقتصادية والإجتماعية هي التحدي الذي يواجه جميع الدول في العالم الإسلامي الذي ينتمي برمته إلى مجموعة الدول النامية.
و باتفاق بين جميع الإقتصاديين بأن عملية التنمية تحتاج إلى أعباء تمويلية في جميع مراحلها، وأن
النهوض بالمجتمع من كبوة التخلف الإقتصادي والإجتماعي يتطلب تعبئة جميع القوى في المجتمع مادية ومعنوية ولا يغيب عن الأذهان ما للجهاز المصرفي في أي بلد من دور هام وفعال في تعبئة موارد المجتمع، ودفعها في طريق تحقيق الأهداف التنموية التي يصبو إليها، وكلما كان الجهاز المصرفي متفقا في تعاملاته مع معتقدات الشعوب وتطلعاتها كلما كانت استجاباتهم له أكثر وبالتالي تكون فعالية هذا الجهاز في دفع عملية التنمية أقوى وأعظم.
من ذلك يتبين بجلاء الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه المصارف الإسلامية لتحقيق ما تطمح إليه الدول الإسلامية وشعوبها من تقدم ونهضة واستقرار، وإن ترحيب جماهير المسلمين وإقبالهم المنقطع النظير على التعامل مع المصارف الإسلامية لخير دليل على ذلك.
وتمثل البنوك الإسلامية وعلاقتها بالتنمية جانبا هاما في منظومة الاقتصاد الإسلامي.
ولا تأتي أهمية الحديث عن البنوك من أنها تضع بين أعيننا المبادئ الجوهرية للنظام المالي الإسلامي بصفة خاصة والإقتصاد الإسلامي بصفة عامة فحسب، وإنما تأتي كذلك من إنشاء هذه البنوك كخطوة جد هامة في تطبيق المنهج الإسلامي، فالبنك الإسلامي من خلال أنشطته وقنواته العملية يمكنه الإنتقال بالمبادئ من المستوى النظري إلى التطبيق ومن التصور إلى الواقع العلمي المحسوس ويجسد في نفس الوقت الثروة الفكرية التي يزخر بها الإسلام.(1/1)
ولقد كانت بعض أهداف هذه الجهود نظرية والبعض الآخر علمية إلا أنها تمتثل في طرح البنوك الإسلامية كمؤسسات مالية تمثل استراتيجية فعالة في الدول النامية محققة بذلك رد الادعاء القائل بأن العمل المصرفي للأموال لا يكون إلا من خلال المنهج الربوي المرتكز على أساس الفائدة.ولحشد الموارد المتاحة على كل صعيد من أجل العمل لصالح التنمية الشاملة في البلاد الإسلامية وفقا للظروف والاحتياجات المختلفة.
فلقد أصبحت البنوك الإسلامية علامة بارزة من علامات هذا العصر الذي يمكن أن يوصف في الجملة بأنه عصر الرغبة إلى الإسلام و التوجه إليه.و هذا مما جعلها محور الاهتمام و التركيز من جانب المفكرين المسلمين و غير المسلمين حيث دارت أبحاثهم حول كيفية عمل هذه البنوك، و تعريف خدماتها و تكييف أنواع نشاطها تكييفا شرعيا.مما ابرز تياراً فكرياً جديداً في مجال البحث في حقل المعاملات الإسلامية.
إن البحوث الدراسات التي اطلعت عليها في المجال التنموي تنص وتركز أساسا على ضرورة توفير رؤوس الأموال الكافية في تمويل المشروعات الطموحة لتحقيق التنمية السريعة وبالتالي القضاء على فجوة التمويل الداخلي. وهذا الأساس التمويلي غير متوفر محليا مما يجرنا إلى جلبه من الخارج بشروط صعبة وقاسية.
وبالتالي نلاحظ نوعا من التناقض أو كيف يمكن أن نبني ما هو ذاتي بأساس لا نملكه ؟ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التناقض الآخر الذي يعتبر أساس التمويل لا يعتبر حاجزا أو عقبة لدى بعض الدول النامية، بل أن كثير من الدول البترولية لديها فوائض كثيرة من هذا العنصر، مع هذا تصنف في مصاف الدول المتخلفة أو النامية، ومن هنا يتضح أن الفجوة ليست مدخرات بقدر ما هي فجوة أنظمة.(1/2)
بناء على ذلك فرضت فكرة البنوك الإسلامية كبديل شرعي للبنوك الربوية العادية القائمة واستطاعت أن تثبت وجودها وتبرهن بالدليل العلمي على إمكانية وجود أحسن بديل عن البنوك التقليدية وخاصة عن طريق إهتمامها بالعمليات الإستثمارية.
لا يزال الأمر يتطلب مزيدا من التدقيق والنظر الشامل المستوعب لكل الآثار والظواهر والمشاكل التي أفرزتها تجارب التطبيق الأولى، خاصة وأنه الآن لم يتضح بجلاء دور البنوك الإسلامية في تحقيق التنمية الإقتصادية بمفهومها الإسلامي الشامل.
من هنا نشأت لدي فكرة البحث في هذا الموضوع وما يمكن أن يؤديه من تحقيق تنمية إقتصادية مستمدة من قيم الإسلام وأنظمته وتؤكد ارتباط المسلمين بعقيدتهم وتشدهم إلى ماضيهم وحاضرهم وتنمي فيهم روح الاعتزاز بقيمه الخالدة راميا بذلك إلى تحقيق غايتين أولهما علمية وتتمثل في إبراز دور البنوك الإسلامية في تحقيق التنمية الإقتصادية، وثانية عملية وتتمثل في بيان كيفية نقل هذا الدور من الزاوية المجردة إلى الناحية التطبيقية خاصة وأمتنا الإسلامية أشد ما تكون بحاجة إلى التنمية وإرساء قواعد هذه التنمية على أسس تجنبها الأخطار القاتلة التي تصاحب التمويل الربوي. لا سيما أن البنوك الإسلامية تسير في طريق مليء بالصعوبات والأشواك تتحدى البيئة غير الإسلامية، وتصطدم بالقوانين الوضعية وتواجه حربا ضارية من أعداء المسلمين وتفتقر إلى العاملين المؤمنين الصادقين لذلك فهي في حاجة ضرورية لأن تقوم تباعا بتقويم الإنجازات ومقارنتها بالمستهدفات، ودراسة أسباب القصور والتجاوزات ووضع الحلول البديلة لإزالة المعوقات ورسم الخطة لمسيرة المستخدم بما يضمن السير في طريق تطبيق شريعة الإسلام وتحرير المسلمين وأموالهم من الاستعمار الربوي.
من هنا طرحت التساؤلات التالية والتي نحاول البحث والإجابة عنها.(1/3)
أ-هل استطاع المصرف الإسلامي كوحدة من الوحدات الإقتصادية وبصفة استراتيجية تنموية أن يحقق هذا الدور؟
ب- ما هي الوسائل المتوفرة والمتاحة لدى المصرف الإسلامي في عملية استقطاب الأموال واجتذاب المدخرات وتوفير السيولة التي تحتاج إليها الإستثمارات؟
جـ- كيف يستوجب البنك الإسلامي لمتطلبات الحياة الحديثة بتأدية الخدمة للعملاء ومساهمته في تمويل
المشاريع الاستثمارية التنموية ؟
د- ما هي الصيغ والأساليب التي يستعملها البنك الإسلامي في تمويل استثماراته؟
هـ- هل تمثل البنوك الإسلامية شكلا جديدا من أشكال البنوك التقليدية أم هي نمط جديد مغاير في أصوله
وفروعه؟
و- ما هي فعالية البنوك الإسلامية في معالجة أوجه القصور والأزمات في اقتصاديات البلدان الإسلامية ؟
ي- كيف تسير التجربة الميدانية لهذه البنوك ؟ وما هي النتائج التي حققها الواقع ؟(1/4)
إذا كان التحليل الاقتصادي هو المنهج العلمي للبحث الاقتصادي والأسلوب المنطقي للدراسة الاقتصادية كونه يعتمد على الأدوات المنطقية وطرق البحث العلمي التي يتم استخدامها في استخلاص النظريات الاقتصادية، وإذا كانت النظرية الاقتصادية الحديثة قد احتوت على نوعين رئيسيين من التحليل الاقتصادي هما: التحليل الاقتصادي الكلي و التحليل الاقتصادي الجزئي، فسوف نتناول موضوع بحثنا من خلال منهج التحليل الكلي مستخدمين في ذلك الجمع بين أسلوب الاستنباط والاستقراء بأدواتهما الرياضية والإحصائية، وحيث يتم من خلال الأسلوب الاستنباطي استنباط المبادئ والأحكام من النصوص ومن خلال الأسلوب الاستقرائي عرض هذه المبادئ والأحكام على النصوص لهدف إبراز مدى قدرة البنوك الإسلامية على تحقيق التنمية الاقتصادية داخل عالمنا الإسلامي وتصحيح مسار الاقتصاد العالمي لما فيه خير البشرية من حيث الفكرة النظرية والتطبيق العملي.لذا كان حصر الدراسة التطبيقية بين 1980-2000م لتشعب الموضوع ولتمكين ربط المعطيات و الإحصائيات البيانية لإبراز وجه المقارنة المستفيضة ،مع العلم أن جل أوجه الصيغ الاستثمارية المتعامل بها بدأت في الثمانينات لإعطاء وقائع و متغيرات لمساهمة البنوك في التنمية بمقياس البيئة و الزمن .(1/5)
وإذا كانت البنوك- كما وصفها أحد خبراء الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية " جديدة في مظهرها قديمة في مخبرها"(1)،فان ذلك يفرض علينا تناولها من خلال منهج يجمع بين الأصالة والتجديد أما الأصالة فتكون من خلال استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية وهي الكتاب والسنة والإجماع القياس أولا، ثم الحفاظ على مناهج السلف من الفقهاء والتمسك بما توصلوا إليه من أحكام. والتشبث بجوهر ثمرات أفكارهم والتسليم لهم بالزيادة في الصدق والإخلاص ثانيا. أما التجديد فيبدو في الإستيعاب الواعي للأحكام الشرعية العملية ومقاصد السلف الصالح في عطائهم المبارك، وتلقى هذه الأحكام والمبادرات و الاسترسال بها في خضم مشاكل العصر دون سلبية أو جمود.
وقد صادفت هذه الدراسة عدة صعوبات تمثلت في حداثة تجربة تطبيق البنوك الإسلامية في العمل المصرفي مما صعب معه عمليا ومنطقيا تقويمها تقويما شاملا يتيح إبداء بعض الملاحظات عليها من واقع أنظمتها الإسلامية بالإضافة إلى إحجام بعض البنوك عن ذكر الكثير من الحقائق مخافة تشويه تجربة وهي مازالت في المهد، هذا فضلا عن جدة الموضوع وقلة المراجع المباشرة.
تناولنا هذا البحث في أربعة أبواب مقسمة إلى فصول ومباحث ومطالب. بيّنا في الباب الأول الاقتصاديات الإسلامية وعلاقتها بالتنمية وتتضمن ثلاثة فصول تتمثل في كل من مبادئ وخصائص الاقتصاد الإسلامي والتركيز على موارد البنوك والخدمات المصرفية مع عرض تحليلي لآليات التنمية الاقتصادية في الإسلام.
__________
(1) النظام الإسلامي فكرا وتطبيقا- د. عبد الحميد البعلي- ورقة عمل مقدمة لندوة بنك فيصل الاسلامي المصري عن البنوك الإسلامية ودورها في التنمية الإقتصادية والإجتماعية (القهرة-03-05 ديسمبر 1983) ص4.(1/6)
بينما يتناول الباب الثاني أساسيات الإستراتيجية الاستثمارية للبنوك الإسلامية ويتناول فصلين مركزين في الفصل الأول على صيغ التمويل والاستثمار في البنوك الإسلامية بينما خصص الفصل الثاني إلى الإستراتيجية الاستثمارية مع التركيز على أهم العناصر والعوامل والصيغ المختلفة بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية.
أما الباب الثالث فيتناول بالخصوص حالات تطبيقية للبنوك الإسلامية ويتضمن ثلاثة فصول.
الفصل الأول: دراسة حالة عن حالة البنك الإسلامي للتنمية، ونتناول فيها ممارسة البنك في كيفية تعامله مع المشاكل المختلفة التي تقابله، أما الفصل الثاني على تطبيق على مجموعة بنوك فيصل الإسلامية مع التعرض إلى كل من استراتيجية الإستثمار لهذا البنك وكيفية العمل المصرفي والصيغ الاستثمارية لدى البنك، وخصص الفصل الثالث إلى تجربة البنك الإسلامي الأردني.
خصص الباب الرابع للبنوك الإسلامية والمغرب العربي، ويتناول هذا الباب فصلين، متضمنا التجارة النسبية لبلدان المغرب العربي والقوانين المنضمة للأعمال المصرفية داخل كل دولة مغاربية والتغيرات التي طرأت عليها ومدى إنسجامها أو تعارضها مع التطبيق المصرفي الإسلامي. مع التركيز على آفاق مساهمة البنوك الإسلامية في الاندماج الاقتصادي لدول المغرب العربي، وقد أبرزنا فيها القرار السياسي في تحقيق هذا الاندماج لكي يكون اندماجا حقيقيا ينبغي أن يكون اندماجا إقتصاديا، إجتماعيا في آن واحد. كما أنه لابدا من تحقيق النزعة الوطنية، وحيث أن البنك الإسلامي يعد بنكا استثماريا في المقام الأول نظرا لصيغة نشاطه القائم على المشاركة والتعبئة الاقتصادية مما يعين على تحقيق هذا الاندماج.(1/7)
الدور التنموي للبنوك الإسلامية
دراسة نظرية وتطبيقية
مقدمة
الباب الأول: اقتصاديات البنوك الإسلامية وعلاقتها بالتنمية
الفصل الأول: خصائص الإقتصاد الإسلامي وقواعده التنموية
المبحث الأول: النظام الاقتصادي الإسلامي
المبحث الثاني: المال في الفكر الإسلامي
المبحث الثالث: أساسيات طبيعة التنمية ومقوماتها في المنهج الإسلامي
الفصل الثاني: تحديد العلاقة بين البنوك الإسلامية والتنمية الإقتصادية.
المبحث الأول: أبعاد علاقة البنوك التقليدية بالتنمية الإقتصادية لدى علماء الاقتصاد المعاصرين
المبحث الثاني: أبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الإقتصادية لدى علماء الإقتصاد الإسلامي
المبحث الثالث: الاختلافات الرئيسية بين البنوك الإسلامية والتقليدية
الفصل الثالث: أهداف وطبيعة أنشطة البنوك الإسلامية
المبحث الأول: أساسيات النظام الإقتصادي الإسلامي وعلاقته بالبنوك الإسلامية.
المبحث الثاني: طبيعة أنشطة البنوك الإسلامية
المبحث الثالث: الخدمات المصرفية في البنوك الإسلامية
الباب الثاني: أساسيات الإستراتيجية الإستثمارية للبنوك الإسلامية
الفصل الأول: صيغ التمويل والإستثمار في البنوك الإسلامية
المبحث الأول: نظرية التمويل بالمشاركة
المبحث الثاني: المضاربة
المبحث الثالث: المرابحة
المبحث الرابع: عقود البيع بالآجال
المبحث الخامس: الإستثمار عن طريق الإجارة
المبحث السادس: دور البنوك وأهميتها
الفصل الثاني: الإستراتيجية الإستثمارية للبنوك الإسلامية
المبحث الأول: المشروع الإستثماري وترويجه
المبحث الثاني: عناصر السلامة في مشروعات الإستثمار
المبحث الثالث: متابعة مشروعات الاستثمار والتمويل
الباب الثالث:حالات تطبيقية للبنوك الاسلامية.
الفصل الأول:دراسة حالة البنك الاسلامي للتنمية .
المبحث الأول: العمليات العادية (تمويل المشروعات الانمائية).(1/1)
المبحث الثاني : دور البنك الإسلامي للتنمية في تطوير التجارة الخارجية بين دول الأعضاء.
المبحث الثالث: محفظة البنوك التجارية
الفصل الثاني: دراسة حالة مجموعة بنوك فيصل الإسلامية
المبحث الأول: تعريف ببنوك مجموعة فيصل الإسلامية ومنهجية العمل
المبحث الثاني: نظرة تحليلية للأرقام المجمعة لبنوك فيصل الإسلامية
المبحث الثالث: دور مجموعة بنوك فيصل الإسلامية في مجالات التنمية الإقتصادية والإجتماعية
الفصل الثالث: دراسة حالة تجربة البنك الإسلامي الأردني
المبحث الأول: أهداف البنك واختصاصاته.
المبحث الثاني: علاقة البنك بالنسبة للبيئة التي يعمل فيها.
المبحث الثالث: استخدام الأموال وإدارة التوظيفات
الباب الرابع: علاقة تطور البنوك الإسلامية بالمغرب العربي
الفصل الأول:البنوك الإسلامية و الأنظمة المصرفية في دول المغرب العربي
المبحث الأول: مكونات الأنظمة المصرفية المغاربية في دول المغرب العربي
المبحث الثاني: تالأنظمة المصرفية والمالية لبلدان المغرب العربي
الفصل الثاني: المصارف الإسلامية و دورها في التنمية الإقتصادية لدول المغرب العربي
المبحث الأول: تقويم الدور الإقتصادي للمصارف الإسلامية بمنطقة دول المغرب العربي
المبحث الثاني:دور المصارف الإسلامية في الإندماج المغاربي
خاتمة
الملاحق
الأشكال
الجداول
البيانات
المراجع
الفهرس(1/2)
الأشكال
الرقم ... عنوان الشكل ... الصفحة
01 ... أنواع البنوك الاسلامية ... 50
02 ... ضوابط تشغيل المال إسلاميا ... 82
03 ... الأبعاد الاستثمارية للبنوك الإسلامية ... 86
04 ... نموذج الهيكل التنظيمي ... 93
05 ... عناصر الدور الإستثماري للبنك الإسلامي ... 191
06 ... معايير إختيار مشروعات إستثمارية للدراسة ... 194
07 ... علاقة المخاطرة بالربحية ... 205
08 ... المراحل الفرعية للتنفيذ(مرحلة الإنفاق الاستثماري) ... 215(1/1)
الباب الأول
اقتصاديات البنوك الإسلامية وعلاقتها بالتنمية
الفصل الأول: خصائص الاقتصاد الإسلامي وقواعده التنموية
تتجلى أهمية الاقتصاد الإسلامي بصفة عامة أولا في الإلزام الإيديولوجي علينا بوصفنا ندين بدين الإسلام ، ذلك الإلزام الذي يجد منابعه في القرآن الكريم الذي له ذاتيته الخاصة وكذا في السنة والإجماع والاجتهاد ذات العلاقة الوثيقة والمتبادلة فيما بينها ولعلُ ترسيخ الاتجاه الأخلاقي في قلب النظرية الاقتصادية هو ما ينهي بالاقتصاد الإسلامي إلى أن يصبح غير محدد بفجوة ما. وهناك أيضا الإلزام الاقتصادي الذي يفرض ضرورة وضع الحدود للمشاكل الاقتصادية التي تعصف بالمجتمعات الإسلامية ، ولا شك في أن أنسب الحلول هي النابعة من العقيدة الإسلامية.
يأتي بعده الإلزام الاجتماعي حيث لا نجد خططا للتنمية الاقتصادية وحدها وإنما تمتد لتشمل التنمية الاجتماعية . حيث يتم التجاوب الجماهيري، والذي يضمن نجاح التخطيط، وبناء على ذلك فإن النظرة الإسلامية بوصفها تهتم بالمنظور الاجتماعي تفرض نفسها على فلسفة التنمية والتخطيط الاقتصادي في الظروف الحالية.
وأخيرا فهناك الإلزام التاريخي المستمد من الأمجاد الإسلامية القديمة وضرورة إعادتها بعد ذلك يمكن أن نخلص إلى أن هناك اعتبارات عدة مقنعة تفرض علينا هذا التوجه بل وتستوجبه سواء من الناحية العقائدية الروحية أو من الناحية النظرية الفلسفية أو من ناحية العلمية التطبيقية.
المبحث الأول: النظام الاقتصادي الإسلامي
... يقوم الاقتصاد الإسلامي على أساس اجتماعي واضح ينتهي في مضمونه بضرورة تقريب بين الناس في الدخول ولذا نجده يقرر المبادئ التالية:
أولا: حرية الفرد في التصرف ليست حرية مطلقة بل مقيدة بإطار المجتمع الإسلامي .(1/1)
ثانيا : الناس في المجتمع الإسلامي تظلهم مظلة واقية هي مظلة المسؤولية التضامنية بين أفراد المجتمع بمعنى أن الجماعة مسؤولة عن الفرد والفرد عضو في الجماعة مسؤول عن التعاون معها تعاونا على البر والتقوى لا تعاونا على الإثم والعدوان.
المطلب الأول: تعريف علم الاقتصاد الإسلامي.
تعددت تعاريف علم الاقتصاد الإسلامي ومثلها :
- إن علم الاقتصاد الإسلامي هو: علم استخدام الإنسان ما استخلف فيه لسد حاجات الفرد والمجتمع الدنيوية
طبقا لمنهج شرعي محدد.(1)
- وهناك من يعرفه بأنه : " هو علم كيفية تطبيق تعاليم وقواعد الشريعة التي تتفادى الإجحاف عند الحيازة
والتصرف في المصادر المادية من أجل إشباع الوجود الإنساني وتمكينه من القيام بالتزاماته نحو الله والمجتمع".(2)
- وذهب رأي آخر إلى أن علم الإقتصاد الإسلامي هو: " العلم الذي يحقق الفلاح الإنساني من خلال تنظيم الموارد في الأرض على أساس من التعاون والمشاركة أو التوزيع "(3)
- كما عرفه البعض بأنه :" مجموعة الأصول العامة الإقتصادية التي نستخرجها من القرآن والسنة ، والبناء الإقتصادي الذي نقيمه على أساس تلك الأصول بحسب كل بيئة وكل عصر ".(4)
__________
(1) محمد الفيصل آل سعود : التعريف الإصطلاحي لعلم الإقتصاد الإسلامي ، مطابع الإتحاد العربي للبنوك الإسلامية، دون تاريخ ، ص 27 وما بعدها.
(3) .(1) – Hassanus, Z., « Definition Of Islamic Economic » . Journal of Research in Islamic Economics, Vol. 1 , N° : 2 Winter, 1984, Jedda, P.52
(4) – Akram, M.K, « Islamic Economic : Nature and need » Journal of Research in Islamic Economics, Vol. 1 , N° : 2 Winter, 1984, Jedda, P.55(1/2)
- وعرفه آخرون بأنه المذهب الإقتصادي للإسلام الذي تتجسد فيه الطريقة الإسلامية في تنظيم الحياة الإقتصادية بما يملك هذا المذهب من رصيد فكري بتآلف من أفكار الإسلام الأخلاقية والأفكار العلمية الإقتصادية أو التاريخية التي تتصل بمسائل الإقتصاد السياسي أو بتحليل تاريخ المجتمعات البشرية.
- وهناك تعريف استخلصه الباحث وهو " علم الإقتصاد الإسلامي، هو العلم الذي يتناول كيفية استخدام الوسائل غير المتعارضة مع المنهج الشرعي لحل المشكلة الإقتصادية بمنظورها الإسلامي". ويتميز هذا التعريف بالآتي:
1- أنه قد وضع مفهوم علم الإقتصاد الإسلامي في موضعه الصحيح، حيث ركز على المنظور الإسلامي للمشكلة الإقتصادية، هذا المنظور الذي يميز هذا العلم عن قرينه الوضعي.
2- أنه يتيح قدرا أكبر من المرونة لإستخدام الوسائل، فلا يستبعد منها إلا ما يتعارض مع المنهج الشرعي والذي يترك المجال مفتوحا لمساحة أكبر من حرية الحركة بما يتفق مع مصالح وإحتياجات المجتمع ويناسب ظروفه المتغيرة.
3- أنه إمتداد ليشمل سائر الأهداف المتوخاة من حل المشكلة الإقتصادية وليس سد حاجات الفرد والمجتمع
4- أنه لم يقصر الأمر على دور الإنسان في حل هذه المشكلة وإنما اتسع ليشمل دور المجتمع ذاته.
المطلب الثاني: خصائص الاقتصاد الإسلامي وركائزه الأساسية
الفرع أولا: خصائص الاقتصاد الإسلامي:
يوجز البعض خصائص الاقتصاد الإسلامي في أنها –كمقومات- تتخلص الواقعية والأخلاقية تحقيقا للغايات، وسلوكا للطريق المنتهج(1)4).
أن هذه الخصائص تعتبر مفتاح فهم الاقتصاد الإسلامي واطاره النظري المميز وتتلخص فيما يلي:
__________
(1) - أحمد النجار، " المقومات الإسلامية لمواجهة التحديات الإديولوجية" ، مجلة البنوك الإسلامسة، العدد 27، ديسمبر 1982، ص7.
(4)- محمد شوقي الفنجري "نطورات الدراسات الاقتصادية الاسلامية" الاتحاد الدولي للدراسات الاسلامية سنة 1978 ص 73 .(1/3)
أ- الاعتقاد في الإنسان المسلم الذي له تركيبة مختلفة، فهو متعاون مع غيره، يتحمل مسؤوليته الاجتماعية ويقدرها ويفهمها، وهو أخيرا ملتزم بعقيدة توجهه.
ب- عدم الاحتياج لتوافق المصالح، فالإسلام يعتبر أن ما بين السماوات والأرض ملك لله تعالى، والإنسان عارض اليد على مال الله (الاستخلاف) فيتعين استخدام هذا المال لصالح الجنس البشري كله.
ج- نسبية الملكية الخاصة، فهي ليست ملكية مطلقة الحدود. فإذا كان الإسلام يعترف بالملكية الخاصة ويقرها، إلا أنه يحدها بقيود ترتبط بكونها استخلافا فحسب لمال الله. فهي ملكية مرتبطة بالاستعمال المستمر لها، ودفع زكاتها، والاستخدام النافع لها، دون أن يكون إضرار بالغير، وضرورة كون التملك مستندا لسبب شرعي، وأن تدار دون تبذير أو تقتير، ولغرض تأمين النفس بمنافع المال، مع شرعية تطبيق قانون الميراث الإسلامي.
د-رفض تسلط المنتج أو المستهلك، إذ ينظر الإسلام لاستغلال الموارد واستخدامها نظرة نسبية تقوم على اشتراط أن يكون ذلك رهنا بالإنصاف والقسط والعدل وليس استغلال الآخرين.
هـ- محدودية مشروعية الدولة، فالاقتصاد الإسلامي يحكم نظامه المتوقع إطار يمثل مزيجا من نظام الثمن (الأسعار) والتخطيط في آن واحد. إذ يمكن الحفاظ على الحافز الفردي من النشاط مع وجود الشروط الإسلامية تحكم الملكية الخاصة، ومع ضمان تحقيق الآثار الإجتماعية الإيجابية الناتجة من توسيع قاعدة التوزيع الإجباري لكل زيادة في الدخل أو الملكية وهكذا يكون النشاط الفردي هو القاعدة الأصلية التي تحكمها هذه الشروط التي ترسم مجال تدخل الدولة وحدوده.
و- الإرتكاز على المرونة والصرامة الشرعية، وهذا من منطلق وجود قواعد شرعية ثابتة ودائمة في الإسلام يتعين الإلتزام بها بدقة لكل وقت وكل مكان، مع مرونة قواعد المعاملات لتناسب كل تجدد في متطلبات الحياة.
الفرع الثاني: الركائز الأساسية للإقتصاد الإسلامي(1/4)
أ- توفير المناخ الإقتصادي والإجتماعي المناسب وذلك بإقامة السلام الإجتماعي، يقوم على الشورى، ونبذ العصبية ورعاية الضعفاء، والعلاقة الحسنة مع الرعايا غير المسلمين.مع توفير المناخ الاقتصادي الملائم من خلال عدالة توزيع الدخول و تنظيم الاسواق والرقابة عليها و اقامة المرافق العامة و صيانتها .
ب-حل المشكلة الإقتصادية بمنظورها الإسلامي، فالإسلام يحض على الحد من استهلاك وزيادة الإدخار في العديد من المواطن منها:
- " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين "الآية 29 سورة الاعراف.
كما يخص الإسلام على الإستثمار وزيادة التراكم الرأسمالي حيث أن الإقتطاع الدائم من المال بالزكاة يمثل حافزا على تشغيله (حتى لا تأكله الصدقة). كما أن تحريم الربا يدفع الإستثمار لمجال منتج كما يحث الإسلام على العمل وزيادة الإنتاج(1)1)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل ".
__________
(1) حسن العنائي " الخصائص المميزة للإقتصاد الإسلاميي "، مجلة البنوك الإسلامية، العدد 11، مايو سنة 1980، مصادر هذا الجزء من الدراسة التي يمكن الرجوع إليها تفصيلا صفحة 40 – 44 .
- ... يوسف إبراهيم يوسف ، " الآثار الإقتصادية للإلتزام بمنهج الإسلام في الإنفاق الإستهلاكي "، مجلة الدراسات التجارية الإسلامية العدد 4 القاهرة 1984 ،ص 63.
- ... عبد السلام السيد: " الإقتصاد الإسلامي – أهدافه وسماته"، مجلة الإقتصاد الدراسات التجارية الإسلامية العدد 4 ، القاهرة 1984، ص 90.
- ... ربيع محمود الروبي ، " المنهج الإسلامي في التنمية الإقتصادية والإجتماعية " ، مجلة الدراسات الإسلامية العدد 3 ، جامعة الأزهر القاهرة 1984، ص 31 وما بعدها.(1/5)
والمنهج الإسلامي يشجع على استصلاح الأرض وتعميرها، ويربط حيازة الأرض المستصلحة بإستمرار تعميرها، (ليس لمحتجز فوق ثلاث سنوات وإلا تؤخذ منه).
ج – الإهتمام بتنمية الموارد البشرية والحضارية نظرا لمكانة الإنسان الخاصة في الإسلام "ولقد كرمنا بني آدم " سورة الإسراء، ( آية 70 )، " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم "، سورة التين (آية 4)
واهتمام الإسلام بإعداد المسلم ليتولى مسئولياته في المجتمع الإسلامي قال الرسول صلى الله عليه وسلم " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ".
د- ترشيد استخدام الموارد وخفض نفقات الإنتاج بعدة أساليب منها الحث على عدم المبالغة في الربح للتقليل من ثمن حوافز الإنتاج، والرغبة في الإنتاج الكبير حيث لا يحكمه مبدأ أقصى ربح ممكن وإنما أكبر منفعة جماعية، مع عدالة توزيع الدخل، وحرم الإسلام الإحتكار، وألغى ربح الوسطاء والمخاطرة ، ورفض التغرير بالمستهلك فوفر نفقات الدعاية والإعلان في جانبها الأكبر.
المبحث الثاني:المال في الفكر الإسلامي
المطلب الأول: مفهوم المال العام في الإسلام وأهميته.
الفرع الأول: مفهوم المال في الفكر الإسلامي:
ذكر لفظ " المال " في القرآن الكريم ستا وثمانون مرة ، مفردا وجمعا، معرفا ومنكرا، مضافا ومنقطعا عن الإضافة ولا شك أن دوران المال بهذه الكثرة في كتاب الله دليل على النظرة الخاصة للإسلام والاهتمام الشديد به(1)وفي مجال تحديد مفهوم المال- بصفة عامة- ، يمكن التمييز بين اتجاهين رئيسيين للفقهاء.
أ-اتجاه الحنفية: ويترجم هذا المفهوم على أنه: " ما يميل إليه الطبع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة(2)
__________
(2) شوقي عبده الساهي ، " المال وطرق استثماره في الإسلام " ، الطبعة الأولى ، دار المطبوعات الدولية ، القاهرة ، سنة 1981م، ص 136.(1/6)
او هو " كل عين ذات قيمة مادية بين الناس"(1).
ب- اتجاه جمهور الفقهاء:
- الشافعية: هو " ما كان منتفعا به، أو معدا للانتفاع به، وهو إما أعيان أو منافع"(2).
- المالكية: هو " ما يقع عليه الملك ويستبد به المال إذا أخذه من وجهه"(3). .
- الحنابلة: هو" ما فيه منفعة لغير حاجة أو ضرورة"(4).
... ويتضح من هذين الاتجاهين أن هناك اتفاق على أن المال يرتبط في مفهومه " بالمنفعة" أي الشيء الذي يمكن الانتفاع به. وهذه المنفعة تأتي من كون هذا الشيء يشبع حاجة من حاجات الإنسان. وبناء عليه فإن مالا نفع فيه لايدخل في عداد الأموال. كما أن ما فيه نفع ولكن لا ينتفع به عادة (مثل حبة قمح واحدة) ليس بمال.
... ومن الطبيعي فضلا عن عنصر المنفعة في المفهوم، أن نضيف عنصر " القيمة المادية " لهذا المفهوم، وهو العنصر الذي ينبع من الندرة الواقعية المتاحة من هذا المال. وقد يخرج من هذا المفهوم الماء والهواء وغيرها.
ومفهوم المال في الفكر المالي المعاصر لا يخرج به عن هذين العنصرين رغم تعدد الإتجاهات التعاريف وتنوعها في تحديد هذا المفهوم بين التعريف والضوابط أو بينه وبين أنواع المال المختلفة.
الفرع الثاني : المقصود بالمال العام.
__________
(1) ابن عابدين" رد المحتار على المختار"، طبعة دار سعادات، المطبعة العثمانية، ج 4، ص3.
(2) مصطفى أحمد الزرقا " المدخل لنظرية الالتزام في الفقه الإسلامي "، ص136.
(3) الزركسي" القواعد" ، ص 343.
(4) الشاطبي " الموافقات"، ج2، المكتبة التجارية الكبرى، بدون تاريخ، ص17.
(6)ابنا قدامة ،موفق وشمس الدين" المغني و الشرح الكبير "ج5 دار الكتاب العربي بيروت 1971م ص439.(1/7)
... مما لا شك فيه أن نظرة الإسلام للمال لا بد وأن تكون نابعة من العقيدة الإسلامية التي تقرر أن كل شيء في الوجود إنما هو ملك لله سبحانه وتعالى وما البشر إلا مستخلفين على هذا المال بيد عارضه " له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثري " (سورة طه ، آية 3).
ومفهوم المال العام في الفكر الإسلامي يرتبط ويتحدد بهذا الأساس، وهو يرتبط بالملكية في الإسلام عموما مما يقتضي منا التعرض بإيجاز لهذه الجزئية.
الفرع الثالث : الملكية العامة في الإسلام.(1)1)
... من الطبيعي أن يتحدد نطاق الملكية بحدود فاصلة بين الملكية الخاصة والملكية العامة. ويترجم هذه الحدود وهذا النطاق مفهوم كل من الملكية العامة والخاصة في الإسلام.
فالملكية العامة هي مسؤولية الجماعة عن إدارة أموال معينة ومقررة لهذه الجماعة، يقوم الفكر الإسلامي بتحديدها، وعلة تقريرها كون هذه الجماعة مؤلفة من أفراد ذوي أنصبة أزلية في هذه الملكية تأتي من استخلاف الله لهم فيها باعتبارهم يكونون الكيان الجماعي.
... فالحق الجماعي المنطوي على أنصبة الأفراد هو قوام الملكية العامة وأساسه مبدأ التكافل والتضامن الاجتماعي الذي أتى به الإسلام.
... أما الملكية الخاصة فهي أمانة في يد الفرد استودعه الله إياها واستخلفه عليها، فجعله بما بذل من جهد وبما قدم من عمل أحق من غيره بها ليستخدم من خلالها إمكانياته وصلاحياته لتحقيق مصالحه الخاصة ومصالح المجتمع العامة دون إضرار. فهي ملكية مجازية ربطت على الفرد لتحديد مسؤولياته عنها وعن قدراته التي أودعها الله فيه.
__________
(1) مراجع هذه الجزئية :
- ... محمود محمد نور ، " حول النظام المالي في الإسلام " ، مكتبة عين شمس القصر العيني، 1975، ص 29-30.
- ... يوسف إبراهيم يوسف، " المنهج الإسلامي في التنمية الإقتصادية "، مطابع الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.(1/8)
بناء على ذلك، فهناك شرطين إن تحققا وجب أن يكون المورد الإنتاجي خاضعا للملكية العامة، وهما:
- كون المال ذا نفع ضروري للمجتمع كله.
- كون المال حال بطبيعته ، لا يحتاج لبذل عمل كبير للحصول على منافعه (أي لا يتناسب العمل المبذول فيه مع عائده وفوائده).
ومتى تحقق هذان الشرطان وجب أن تكون ملكية المال عامة، ولا يجوز للدولة تمليكه لأحد لا بالبيع ولا بالهبة ولا بآية وسيلة أخرى.
أما إن لم يتحققا فإن ذلك يعني صلاحية المال للتملك الخاص، دون أن يعني ذلك صلاحية تملك الدولة له.
الفرع الرابع : أنواع وصور الملكية العامة في الإسلام: وهي تأخذ أحد صورتين:
أ- ملكية الدولة:وهي الأموال المملوكة للشخص المعنوي الذي يسوس دنيا المسلمين وفقا لشريعة الله السماوية.
ب- ملكية الجماعة : وهي الأموال التي تربط على جماعة المسلمين، وتديرها الدولة باسمهم (مثل الحمى والوقف والأرض المفتوحة وغيرها)(1)
وتتفق جميع صور الملكية العامة في مغزاها العقائدي والإجتماعي الذي يرمي إلى تحقيق مصالح الإسلام والمسلمين. ولكنها تختلف من حيث الشكل والأحكام . فملكية الدولة مملوكة للدولة ذاتها، بينما ملكية الجماعة مملوكة لشخص معنوي آخر هو جماعة المسلمين. ولذلك فلا يجوز للدولة التصرف في أموال الجماعة الموقوفة عليها، في حين يجوز لها مثلا أن تقطع الأفراد من أملاك الدولة، أو تؤجرها(2)، لهم لإحيائها.
__________
(1) الشيخ عبد الرحمن حسن ، " الزكاة والوقوف ونفقات الأقارب كمصدر لتمويل مشروعات التكافل الإجتماعي "، حلقة الدراسات العربية لجامعة الدول العربية ، الدورة الثالثة، القاهرة، ص 265.
(2) حمدي عبد العظيم ، " الآثار الإقتصادية للملكية الخاصة في ضوء الشريعة الإسلامية " ، بحيث، مجلة مصر المعاصرة، الجمعية المصرية للإقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع ، يوليو، 1986، ص 141 – 142.(1/9)
... ولكن الخلاصة أن شكل الملكية العامة في الإسلام يقوم على إئتلاف نوعين من الملكية هما ملكية الدولة وملكية الجماعة. ومن ناحية أخرى يأتلف هذا الإطار مع الملكية الخاصة في الإسلام.
... مما سبق جمعيه يتضح لنا أن مفهوم المال العام في الإسلام يتمثل في الأموال المملوكة للدولة الإسلامية وكذا تلك المملوكة لجماعة المسلمين، سواء تلك التي يجوز أن تكون محلا للملكية الخاصة، أم تلك التي يقتصر تملكها على الشخص العام للدولة أو لجماعة المسلمين، ويدخل في ذلك التكاليف الشرعية المالية واجبة الأداء للدولة، الجدير بالذكر هو أن ثمرات الملكية العامة في الإسلام تكّون أهم الإيرادات العامة التي تحصل عليها الدولة(1)3، ، وهناك أيضا الملكية التعاونية ويقصد بها امتلاك فئة معينة من فئات المجتمع الإسلامي مجتمعين ومتعاونين معا بعض أدوات الإنتاج أو العقارات أو غيرها. وذلك بهدف إعانة بعضهم البعض على الحصول على دخل أو منفعة أكبر منها في حالة انفراد كل مواطن بالملكية في صورة مجزأة ولم يحرم الإسلام ذلك بل حث عليه.
المطلب الثاني: أحكام وتوجيهات الإسلام في الأموال العامة:
... يحكم المال ، بصفة عامة ، عدة أساسيات(2)
__________
(1) يوسف ابراهيم ، " النفقات في الإسلام "دراسة مقارنة"، دار الكتاب الجامعي ، 8 ش سليمان الحلبي، القاهرة، 1400هـ/1980م، ص 217، 307.
(2) شوقي عبده الساهي ، " المال وطرق استثماره في الإسلام " ، مرجع سابق، ص 40.
- ... عيسى عبده " النظم المالية في الإسلام – دراسات وقراءات مختارة " معهد الدراسات الإسلامية ، القاهرة ، 1973 ، 199.
- ... القرطبي " الجامع لأحكام القرآن " ، دار الكتب ، الجزء 17، القاهرة، 1965، ص 238.
- ... ابن تيمية " الفتاوي الكبرى " ، دار المعرفة ، جزء 3 ، بيروت، 1966، ص 347 – 348.
- ... محمد عبد الله العربي ، " ملكية المال وحدودها في الإسلام "، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، العدد 234، القاهرة، مايو 1964، ص19.
(
2) شوقي الساهي ، المرجع السابق، ص 46، ونشير إلى أن التملك عن طريق الشراء والبيع ليس إلا نتاجا للعمل.(1/10)
1)
أ- فيما يتعلق بطبيعته:
1- أن الله سبحانه وتعالى وحده هو مالك كل شيء باعتباره الخالق الأول والآخر.
2- أن ما في يدي الإنسان لا يعدو أن يكون أمانة ووديعة استخلفه الله فيها، فهي ملكية مجازية.
" وهو الذي جعل لكم الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم " (سورة الأنعام آية 165).
3- أن هذه الخلافة ترتب المسؤولية عن تنفيذ ما شرع الله من أحكام في توجيهه للغرض الذي خلق من أجله وهو المجتمع وسعادته، في الحدود التي شرعها الله بما يحقق به عدالة توزيعه، وحسن إنفاقه، وسداد التصرف فيه. " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " (سورة التكاثر، آية 8).
4-أن سبب هذا الإستخلاف إطلاق الحافز الفردي في الإستثمار وعمارة الأرض لنفع المجتمع. وبذلك يمتنع الإضرار بالنفس أو بالغير أو بالمجتمع، وألا يكون وسيلة لإهدار الكرامة والتسلط، وألا يكثر المال ويحبس عن التداول لنفع المسلمين، وألا ينفق في المحظور، وأن ينفق في خير الجماعة والفرد دون إسراف أو تقتير.
كما أن إحساس المستخلف بأنه ليس المالك الحقيقي يؤدي إلى الحد من تسلطه على الناس بما في يده.
ب- من حيث طرق كسب الملكية:
... الإطار العام الذي وضعه الإسلام كطريق لكسب المال يدور حول ضرورة أن تكون طريقة كسبه حلالا، ولا يجوز على حق أحد. وسائل كسب الملكية في الإسلام هي : العمل ، والميراث، والوصية ، والهبة(1)2)
ج- من حيث طرق استخدام المال :
1- منع الإسلام استثمار المال بطرق غير مشروعة مثل الانتظار (الربا)، أو الإحتكار، أو التواطؤ (كالغش والرشوة والإنتاج الضار ... الخ ).
2- كما قرر المجالات المشروعة لهذا الاستثمار وحث عليها، مثل الزراعة واستصلاح الأرض البور لإحياء مواتها، والتصنيع والتعدين والطاقة، والتبادل التجاري .(1/11)
3- وفي نفس الوقت رشد الإسلام سبل استثمار المال، حين حث على طلب العلم والمعرفة، وإتقان العمل والتوازن في التوجيهات الإستثمارية ليكون الإستثمار من أجل صلاح المجتمع الإسلامي، من خلال تحقيق الكفاية، وضرورة التخطيط ومداومة الإستثمار.
4- أعطى لولي الأمر حق التدخل لكفالة تنفيذ التكاليف الشرعية التي يقوم على تحقيقها والحفاظ على مقاصدها (تنظيم القطاع الخاص).
د- النشاط الإقتصادي في الإسلام:
... يتميز النشاط الإقتصادي في الإسلام بما يلي:
1- نشاط إقتصادي جماعي ومشترك
2- يقر الإسلام النشاط الخاص بجانب الجماعي وينظمه بقيم وقيود ويحميه ويوحد بينهما في الهدف.
3- عند التعارض بين النشاط الجماعي والنشاط الخاص يقدم الأول لقيامه على صالح المجتمع.
4- تتم الرقابة الذاتية والخارجية على النشاط الإقتصادي من منطلق ديني قوي(1)
كما أن سياسة الحكم الإسلامي وسياسة المال العام تستهدف حفظ ضرورات الحياة الخمس ألا وهي : الدين والنفس و النسل والعقل والنفس والمال.وبناء على ذلك يمكن لنا القول بأن أحكام وتوجيهات الفكر الإسلامي بالنسبة للمال العام تدور في فلك الحفاظ على كل ذلك باعتباره أداة لإشباع الحاجات العامة.
المبحث الثالث: أساسيات طبيعة التنمية ومفهومها في المنهج الإسلامي.
المطلب الأول: التنمية الاقتصادية في المنهج الإسلامي:
تعتبر التنمية الاقتصادية عملية تطور حضاري، فهي جزء من التنمية الشاملة للمجتمع بأبعادها المختلفة، والتنمية في الإسلام لا تركز على تنمية الجانب العادي فحسب لتوفير الرخاء والسعادة للأفراد بل تتعدى إلى الجانب القيمي للأخلاق. فهي إذا مواجهة صريحة وشاملة لأسباب التخلف وعقباته تستهدف الإنسان بالدرجة الأولى ورقيه وتقدمه ماديا وروحيا واجتماعيا وأخلاقيا.
__________
(1) محمود نور، " أسس ومبادئ المالية العامة " ، مكتبة التجارة والتعاون، الطبعة الأولى، القاهرة، 1973، ص 255.(1/12)
الفرع الأول: مدلول التنمية في القرآن والسنة
إن لفظ التنمية ليس هو اللفظ الوحيد الذي يستعمل ليعبر عن عملية التقدم والارتفاع بمستويات الدخول. بل يستخدم كذلك كثيرا من الألفاظ من أشهرها النمو، التقدم، التغيير طويل المدى، أما التنمية في الفكر الإسلامي فقد استعملت لفظ العمارة أو التعمير في المجال الاقتصادي، حيث يقول المولى عز وجل في الآية 60 من سورة هود " هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها " ويعلق الإمام القرطبي في كتابه جامع الأحكام عن تفسير هذه الآية بقوله: أنها تقصد طلب العمارة لاستعمالها السين والتاء في استعمركم للطلب والطلب المطلق من الله يكون على سبيل الوجوب(1).
يتبين لنا مما سبق طرحه بأن لفظ العمارة الواردة في القرآن الكريم يعني التنمية الاقتصادية، وقد يفوق هذا اللفظ ( العمارة) مدلول التنمية الاقتصادية كما تعرفها الكثير من المدارس الفكرية والتي تحدد التنمية بزيادة الإنتاج في جميع المجالات الاقتصادية إلى شمول شتى مجالات الحياة الإنسانية.
والأمر الثاني الذي يؤكد معنى العمارة ما جاء في سيرة السلف الصالح ومنها قول عمر بن الخطاب: ( من كانت لهم أرض فلم يعمروها ثلاث سنين فعمرها قوما آخرون فهم أحق بها)(2)
بالإضافة إلى قول علي بن أبي طالب نائبه على مصر: ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استخراج الخراج. لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة. ومن طلب الخراج بدون عمارة اخرب البلاد(3).
وهذا أكبر دليل على أن مفهوم هذا المصطلح يعني التنمية الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق الرخاء والرقى للفرد من الجانبين المادي والروحي.
__________
(1) القرطبي - الجامع لأحكام القرآن – دار الكتب المصرية ،سنة 1935، ص56.
(2) أبو يوسف – الخراج نقلا عن كتاب لإسلام والتنمية، ص 85.
(3) للأستاذ شريف الرصاص نهج البلاغة المجلد الثالث دار الأندلس، 1980، ص96.(1/13)
إن مصطلح العمارة لم ينفرد بالتعبير عن التنمية في الإسلام، ولكن هناك مصطلح آخر احتوى مضمون لتنمية الاقتصادية وهو ( التمكين) .
حيث يقول المولى عز وجل:" ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش "سورة الأعراف الآية 09.
ويفسر التمكين لغويا على أن له جانبين: الأول ويشمل ( اتخاذ القرار – المكان – الوطن ) والجانب الثاني يتمثل في ( السيطرة والقدرة على التحكم).
أما الجانب التفسيري للآية فهو يعني أن الله سبحانه وتعالى قد مكن الإنسان من السيطرة على الطبيعة وهو إذ مكننا في الأرض طلب منا تعميرها وتنميتها وهو ما يحقق التنمية الاقتصادية.
من خلال ما سبق التعرض إليه من مصطلحات التنمية أنها ثابتة الورود في المنهج الإسلامي منذ 1400 سنة وهذا ما يزيدنا وضوحا أن للإسلام منهاجه الخاص بالتنمية الاقتصادية.
ويجدر بنا بعد إثبات ورود مصطلح التنمية الاقتصادية في الإسلام وأسبقيتها في معالجة الحالة الاقتصادية للأفراد أن نتطرق إلى مفهومها بشكل أوسع.
إن شمولية الإسلام للمبدأ الاجتماعي يعني بان التنمية الاقتصادية هي جزء لا يتجزأ من النظام الإسلامي ومنه يمكن أن نختصر في النقاط التالية:
أ- أن التنمية الاقتصادية في الإسلام جزء من التنمية الشاملة للمجتمع بأبعادها المختلفة. فهي تتضمن النواحي المادية والروحية والخلقية. فالتنمية إذا ليست عملية إنتاج فحسب إنما هي عملية إنسانية تستهدف الإنسان وتقدمه ماديا وروحيا وأخلاقيا(1)1). أي أنها نشاط يقوم على قيم وأهداف المجتمع الإسلامي في كل هذه الأبعاد المختلفة وهي لا تتعارض في أهدافه الدنيوية مع الحياة الروحية وهذا ما تفتقر إليه المفاهيم الحالية في التنمية الاقتصادية.
__________
(1) عبد العزيزخياط"التنمية والرفاه من منظور إسلامي"،دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، لسنة 1988، ص14.(1/14)
ب- إن اهتمام الإسلام بالتنمية الاقتصادية نابع من كونها من مشكلة تنمية وبناء الإنسان، حيث أن الكون والذي يحدده المولى عز وجل ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) الآية رقم 29 من سورة البقرة.
أما هدف الإنسان فيبينه المولى عز وجل في قوله: " ما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون " الآية رقم 56 سورة الذريات.ويتبين مما سبق أن نواة الجهد التنموي وصميم عملية التنمية في الإسلام يعني الإنسان نفسه الذي كرمه الله وأعزه قائلا سبحانه وتعالى: " لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرا ممن خلقنا تفضيلا " الآية رقم 70 سورة الإسراء.ومعنى هذا أن التنمية تعمل على تجسيد هذه الآية الكريمة بتوفير مصطلح كرامة الإنسان وعزته شاملة في ذلك الحاجات المادية والروحية بخلاف المنهج العصري لمتطلبات التنمية الذي يركز بالدرجة الأولى على الجانب المادي.
ج-تسير التنمية الاقتصادية في الإسلام جنبا إلى جنب مع التنمية الاجتماعية الأمر الذي يؤدي إلى إحداث التوازن بين مختلف العوامل والاتجاهات، لأن التركيز على جانب واحد لا يوجد أمر يبرره مثل تنمية الفرد تنمية الأسرة، تنمية المجتمع، تنمية الأمة الإسلامية.
د- يبرز الاختلال في التنمية الاقتصادية عند تركيزها على الاهتمام بجانب واحد ولهذا فالتنمية تتضمن كل من التغيرات الكمية والنوعية.(1/15)
هـ-من مقاصد التنمية في المنهج الإسلامي تحقيق العدالة الاجتماعية في مجال التوزيع الكامن في عدالة التوزيع يقول المولى عز وجل: " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيء وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا، الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل واعتدنا للكافرين عذابا مهينا " الآية رقم 35 و 36 من سورة النساء.وتبين هذه الآية الكريمة شمولية المذهب الاقتصادي الإسلامي في عملية التوزيع بحيث شمل أهم الشرائح الاجتماعية وجعل حق المجتمع في توزيع الثروة مقترنا بعبادة الله سبحانه وتعالى والإخلاء بهذا الحق كفر يترتب عليه العقاب في الدنيا والآخرة.
ويتبين أن الإسلام يعمل على أن تكون التنمية الاقتصادية على اختلافها تتفق جميعا على الاستفادة من الموارد بأقصى درجة ممكنة شاملة بذلك كل الأبعاد الروحية والخلقية والاجتماعية للفرد والمجتمع بما يؤدي تحقيق أقصى رفاهية اقتصادية واجتماعية ممكنة وبالتالي المنفعة القصوى للأفراد في الدنيا والآخرة في حدود الممكن شرعا(1)1)
__________
(1) عبد المنعم عفر "مشكلة التخلف وإطار التنمية والتكامل الاقتصادي" ،مطبوعات الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، عام 1978 ،ص41.(1/16)
ويمكن أن نخلص إلى تعريف التنمية الاقتصادية في ظل المنهج الإسلامي بأنها تلك العملية التي يتم بموجبها استخدام كل الموجودات أو المخلوقات في هذا الكون من ثروات طبيعية ونواميس كونية ووسائل علمية حديثة وطاقات بشرية من أجل تنمية جوانب الإنسان الروحية والخلقية والمادية بصورة متوازنة من غير إفراط أو تفريط في جانب من هذه الجوانب على حساب جانب آخر حتى نستطيع توزيع الناتج بما يحقق حد الكفاية المتناسب مع حجم هذا الناتج لجميع أفراد المجتمع وتقليل نسب التعاون العادي بين فئات المجتمع(1)2).
وبهذا المفهوم للتنمية – الاستخدام السليم والتوزيع العادل للثروات حقق النظام الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ( حد الكفاية) لجميع الأفراد وقضى على الفقر نهائيا فلم يوجد في المجتمع مدين أو محتاج أو من يقبل الأموال، فقد أغنى النظام الإسلامي جميع الناس(2)3)
المطلب الثاني: القواعد الأساسية للتنمية الاقتصادية في المنهج الإسلامي
الفرع الأول: ازدواجية ملكية وسائل الإنتاج
تتكامل كل من الملكية العامة والخاصة في المنهج الإسلامي، ويعتبر وجود أحدهما ضروري بالنسبة لللآخر فلا يوجد تناقض أو تناحر بين الملكيتين وهذا لأن كل منهما يحدد بسياج من القيم التشريعية والخلقية والمعنوية.
__________
(1) - يوسف الخليفة اليوسف "شكل التنمية الاقتصادية" ،مجلة الاقتصاد الإسلامي، دبي، 1983 ،ص31/36.
(2) يوسف إبراهيم يوسف "استراتيجية وتكتيك التنمية في الإسلام"، مطبوعات الاتحاد الدوي للبنوك الإسلامي، سنة1981 ،ص212.(1/17)
إن إقرار الملكية الخاصة هي بمثابة إقرار للميل الطبيعي في الإنسان لتملك نتائج عمله، بينما تكمن أهمية إقرار الملكية العامة من باب تكفل الدولة بتوفير الحاجيات الضرورية التي تضمن حد الكفاية: مستوى لائق من العيش لكل فرد، وتمويل المشاريع اللازمة لذلك غير أن مشاريع كلا من الملكيتين متكاملة يتمم كل منها الآخر، ولهذا فإن المنهج الإسلامي للتنمية يحدد مجالات معينة للملكية العامة لوسائل الإنتاج تكون في أغلب الأحيان الثروات الطبيعية، والمرافق الضرورية، والمنافع العامة وبعض المنشآت القائمة على إنتاج بعض الاحتياجات التي تعد ضرورية بالنسبة لأفراد المجتمع والتي تتكفل الدولة بتوفيرها، وبعض المجالات التي لا يكون للملكية الخاصة القدرة على الاستثمار فيها.
وماعدا هذا يكون خاضعا للملكية الفردية هذه التي تعتبر حق ثابت ولا يمكن التعدي عليه أو تحويل ملكيته أو نزعها إلا في حالة وجود حاجة حقيقية فيها مصلحة راجحة للمجتمع يصاحب ذلك تعويضا عادلا.
إن المنهج الإسلامي لم يحدد الملكية الخاصة، بل لقد أجاز التفاوت في الثروات شرط أن تكون وسائل وأساليب الكسب المشروعة.
ويتضح لنا من خلال هذا الطرح أن المنهج الإسلامي للتنمية ينفرد بتعايش النشاطين الاقتصاديين العام والخاص، وهذا يكمل هذا ويدعمه، بينما تضطلع الدولة من خلال وحداتها الاقتصادية بالتكفل بقدر من النشاط لخدمة سائر أفراد المجتمع، يقوم الأفراد الخواص من خلال المشاريع الاستثمارية الخدماتية بتوفير باقي السلع والخدمات.
الفرع الثاني: الحرية الاقتصادية(1/18)
... تعتبر الحرية الاقتصادية في تملك وسائل الإنتاج من أولى القواعد التي يقوم عليها المنهج الإسلامي للتنمية، حيث يكون الأفراد المالكين أحرارا في التصرف في ممتلكاتهم في ما يخص النشاط الاقتصادي، العمل الاستهلاك، الإنتاج، العقود وغيرها بشرط التقيد بقيود معنية تتماشى مع قيم المجتمع وتتحدد بحدود الشريعة الإسلامية وسنوجز أهم هذه الشروط في النقاط التالية:
- يجب أن يكون نشاط الفرد نافعا له ولمجتمعه.
- يجب أن لا يتعارض نشاط الفرد مع أهداف المجتمع واحتياجاته
- أن يسلك في إشباع حاجاته واستغلال الموارد المتاحة بالطرق المشروعة.
- الابتعاد عن كل ما من شأنه إهدار الموارد أو سوء استخدامها.
- مراعاة عدم الإضرار بالنفس أو المجتمع في مجالي الإنتاج والاستهلاك.
- الابتعاد عن إنتاج الخبائث أو استهلاكها أو التعامل بها.
- دفع الفرائض المستحقة على الأموال كالزكاة وإخراج وغيرها ...
- عدم اكتناز الثروة أو حجبها أو تعطيلها عن مجال الاستثمار.
- التحلي بالقوام في الاستهلاك، فلا إسراف ولا تقتير حسب ما تقضيه الظروف المحيطة.
- أن يتقيد الأفراد بنوعية الإنتاج التي تتطلبه مرحلة وظروف التنمية في الاقتصاد القومي.
الفرع الثالث: تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي.
من القواعد الأساسية للتنمية الاقتصادية في المنهج الإسلامي التدخل في الملكية الفردية، ويستهدف هذا التدخل على السير المتوازن للنشاط الاقتصادي، ولا يكون تدخل الدولة مشروعا إلا في حالات معينة تستدعي ذلك وسنوجز أهم الحالات التي تمكن الدولة من التدخل في الملكية الفردية وذلك في النقاط التالية:
- الحالات التي تكتسب فيها الملكية بطرق غير شرعية مثل الغش بجميع أنواعه، كالغش في الميزان وأنواع السلع، وفي النقود.
- الإنتاج أو الاتجار في الخبائث مثل الخمر والمخدرات، الميتة، الخنزير، الأصنام، آلات اللهو المنهي عنها والزنا والكهانة والشعوذة.(1/19)
- الاستغلال الوظيفي، والسرقة والقمار والمراهنات، الغصب، الاختلاس، الربا، الاحتكار.
- الحقوق التي على الملكية للغير كالزكاة، الرهن، اللقطة، الإنفاق الواجب.
- إساءة التصرف في الملكية وسوء استخدامها، كالصغير، السفيه، وجميع حالات الإضرار بالغير.
- الجنايات التي تستدعي عقوبة مالية.
- ما تستدعيه ظروف المجتمع الحالات أخرى مختلفة.
وتتمثل أشكال التدخل في جميع في حالات فيما يلي:
? استيفاء الحقوق.
? المصادرة والغرامات المالية أو الإتلاف في بعض الحالات كإنتاج الخبائث.
? الحجز ومنع التصرف.
الفرع الرابع: المنافسة الحرة
من بين القواعد التي ترتكز عليها حرية التعامل في الأسواق في المنهج التنموي الإسلامي المنافسة الحرة الشريفة بين المنتجين، وهذا لضمان تفاعل جيد بين قوى العرض والطلب في ظل حرية تامة لتحديد الأسعار.
... وكونها حرة وشريفة لأنها تخضع لضوابط تمنع ظهور العوامل التي تجعل المنافسة الحرة هدامة كما هو الحال في النظام الرأسمالي وهذه الضوابط شرعية نوجزها فما يلي:
- منع الاحتكار بجميع أنواعه.
- منع الغش والتدليس والتطفيف والغرر.
- منع الوساطة التي يترتب عليها التأثير في حرية الأسواق.
- ضمان الوساطة التي يترتب عليها التأثير في حرية الأسواق.
- ضمان الحقوق العادلة لكل من المنتجين والمستهلكين.
- منع التعامل بأي شكل من أشكال الربا وكل ما يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل.
- ضرورة تحلي المنتجين بالصدق من جهة ومراقبة الدولة المستمرة للأسواق من جهة أخرى.
المطلب الثالث: أهداف وخصائص التنمية الاقتصادية في المنهج الإسلامي
الفرع الأول: أهداف التنمية الاقتصادية في الإسلام(1/20)
... تعتبر التنمية الاقتصادية في الإسلام ذات طابع خاص للجمع بين التنمية الاقتصادية وبين جوانبها الأخرى مما يؤدي إلى توفير سائر الاحتياجات التي تضمن المعيشة المتوازنة للأفراد على اختلاف طبقاتهم وحسب تغير الظروف المعاشة، ويتفق مع مفهوم الإسلام للرفاهية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
... وقد بين الدكتور عفر عبد المنعم بأن الرفاهية الاقتصادية في الإسلام هي وفرة الإنتاج وسهولة الحصول عليه مرتبطا بالأمن والطمأنينة للفرد والمجتمع في الداخل والخارج، وللتنمية الاقتصادية هدفين رئيسيين هما:
- الهدف الأول هدف اقتصادي مرحلي يتمثل في استخدام الموارد الطبيعية لتحقيق الرفاه الاقتصادي للجماعة والفرد، وهذا يتأتى بالسيطرة الكاملة على مختلف موارد الطبيعة واستغلالها أمثليا، وبهذا يمكن للفرد المسلم أن يتعدى هذه المرحلة المتمثلة في الرفاه العام لكي يصل إلى هدفه الذي سطره المولى عز وجل المتمثل في خلافة الأرض وعبادة الله.
- الهدف الثاني العدالة الاجتماعية: هدف إنساني وهو الهدف النهائي ويكمن في استخدام نتائج التقدم الاقتصادي لنشر العدالة الاجتماعية مشتملة عن القيم الإنسانية الرفيعة في جميع نواحي المعمورة، حيث يطلق الدكتور شوقي على دنيا هذا الهدف اسم (إنسانية الاقتصاد)(1)مضيفا بأن معنى أن يستخدم الإنسان تقدمه الاقتصادي ينبغي أن يسخر لخدمة الحق والعدل وليس العكس.
__________
(1) شوقي دنيا- رسالة ماجستنير في التنمية الاقتصادية في الإسلام- جامعة الأزهر، 1972 ،ص96 .(1/21)
ومما تجدر الإشارة إليه أن تحقق كل من الهدف الأول (الهدف المرحلي) يتطلب أن يكون هنالك ارتفاع لدخل كل فرد من أفراد المجتمع قد ارتفع في صورته الحقيقية المتمثل في تعزيز قدرة الفرد الشرائية الفعلية التي تترجمها السلع والخدمات الممكن الحصول عليها نتيجة إنفاق دخله، فإذا استطاع الأفراد أن يتعدوا حد الكفاية فمعنى هذا أن التنمية حقيقية وان طريقها موصل إلى رفاه اقتصادي الذي بدوره يحقق الهدف النهائي المتمثل في سيادة الخير والعدل لكفاية الإنسانية وحد كفاية في الإسلام يختلف عما يسمى بجد الكفاف في الاقتصاد الوضعي، فقد عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (أنه توفير القوام من العيش)(1)2)، أي ما به يستقيم حياة الفرد ويصلح أمره، أي المستوى الكريم في المعيشة من مسكن وملبس ومطعم ومشرب وغيره حسب الظروف التي يعيش فيها الفرد.
أما ما جاء في تعبير عمر بن الخطاب رضي الله عنه فغي حد الكفاية بقوله: (إذا أعطيتم فاغنوا)(2)3). أي يعطي الفقير ما يستأصل شأن فقره.
واعتبر المارودي حد الكفاية هو أدنى مراتب الغنى حيث قال: (فيدفع إلى الفقير المسكين من الزكاة بقدر ما يخرج به من اسم الفقير والمسكين إلى أدنى مراتب الغنى)(3)4).
الفرع الثاني: خصائص التنمية الاقتصادية في الإسلام
... إن أهم الخصائص التي تتميز بها التنمية الاقتصادية في الإسلام هي : الشمولية ،الواقعية والمسؤولية.
__________
(1) أبو عبيد "كتاب الأموال"، مكتبة الكليات الأزهرية، 1981 ،ص502 .
(2) المارودي " الأحكام السلطانية" ،دار الكتب العلمية، بيروت، 1978 ،ص122.(1/22)
أ- الشمولية: مما سبق ذكره في شأن صبغة التنمية الاقتصادية الإسلامية التي ذكرنا بأنها شاملة ومتوازنة وغايتها الإنسان نفسه يتبين أن المنهج الإسلامي التنموي نابع من منهج رباني خالي من النواقص والأهواء البشرية والمحدودية الزمنية(1)1). مما يجعل من قواعد التنمية دعائم دائمة وصالحة لتقوم بأهداف وأغراض التنمية الحقيقية .
إن المنهج الإسلامي للتنمية يختلف عن المناهج المعاصرة لكونه يهتم بالإضافة إلى الجانب المادي إلى تطوير الجوانب الأخرى الروحية والأخلاقية.
ويتجلى الطابع الشمولي للتنمية كونها تتضمن كافة الاحتياجات البشرية بمعنى توفير ضروريات الحياة من ملبس ومسكن ونقل وتعليم ورعاية صحية ومواصلات وحرية التعبير وحق العمل، وغيرها من الحاجات التي تساعد الإنسان على تطوير طاقاته والمساهمة في المجهود الاجتماعي.
فالإسلام لا يعرف الفصل بين الجانب المادي والجانب الروحي ولا يفرق بين ما هو دنيوي وأخروي فكل نشاط يمارسه الإنسان طالما كان مشروعا وبه يتجه إلى المولى عز وجل يعتبر عملا صالحا لأن المولى عز وجل يقول " وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون " الآيةرقم 56 سورة الذرايات.
وبالإضافة إلى ما سبق فإن الشمولية تعني كذلك غرس الأخلاق والقيم الإنسانية في سائر أفراد المجتمع متآلف متعاون في جميع الحالات وفي شتى الظروف لتنمية المجتمع ورقيه.
__________
(1) يوسف الخليفة اليوسف- المجلد الثاني- لمجلة الاقتصاد الإسلامي ،مرجع سابق ،ص478 .(1/23)
وينبع العمل الصالح من الجوانب الأخلاقية التي ينميها الإسلام في الإنسان المسلم عندما تتغلغل العقيدة في أعمق أعماق النفس الإنسانية مؤتمرة بأوامر ونواهي الله سبحانه وتعالى، ومسنده إلى الرحمة والأخلاق الكريمة والمساواة ومؤدية بالإنسان إلى القوة والصلابة ليعمل ويكد ويطبق التكامل الاجتماعي(1)الأمر الذي يؤدي إلى تنمية شاملة لكل جوانب الحياة وما يترتب عليه من تقدم اقتصادي واجتماعي.
ب- الواقعية : تتميز التنمية الاقتصادية الإسلامية بأنها واقعية تتماشى مع ظروف المجتمع الحقيقية أي أنها تضع المعالجة للمشاكل الاقتصادية بحيث يمكن تطبيقها تطبيقا حقيقيا في الواقع الاقتصادي المعاش.
وتعتبر الواقعية في الإسلام مثالية لأنها موضوعة من عند خالق البشر والعالم بأحوالهم مسبقا هو بذلك لا يمكن أن يشرع مناهج للحياة الاقتصادية تكون بعيدة عن إمكانية تطبيق العبادة لها.
__________
(1) فؤاد الشنبي " التنمية الاقتصادية في الإسلام"، مكتبة الكلمات الأزهرية، 1982 ،ص62.(1/24)
وتظهر واقعية التنمية الاقتصادية في كون أن الإسلام وضع المعالي الملائمة لكل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المحتملة الوقوع في المجتمع البشري لكن حكمته تعالى أنه أوجد الغني والفقير لم يترك هذا التفاوت بدون تشريع يكفل له حسن التنظيم لإيجاد التوازن بين المستويين، ولذلك نجد الإسلام قد فرض الزكاة وجعلها حقا للفقير من مال الغني مصداقا لقوله تعالي: " وفي أموالهم حق للسائل والمحروم " الآية 19 سورة الذاريات وقوله صلى الله عليه وسلم: ( أن الله فرض على الأغنياء بقدر ما يسع فقرائهم)(1)1). والزكاة ليست صدقة يمن بها الغني على الفقير ولكنه حق ثابت يتولى ولي الأمر ( الدولة ) على إجبار الأغنياء على دفع هذا الحق عند الامتناع، ولقد قام الخليفة أبو بكر الصديق بإجبار مانعي الزكاة على دفعها.
وتبدو الواقعية في التنمية الاقتصادية في الإسلام في دعوته إلى التوسط بين الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري فيقول عز وجل " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " الآية رقم 67 سورة الفرقان.
... وهذا المتوسط في الإنفاق الاستهلاكي على النفس وعلى منافع المجتمع مع تحريم كل من الإسراف وتبديد المال والربا والاكتناز، وفرض الزكاة على المال المدخر الذي لا يجد طريقه إلى الاستثمار وتسيير سبل الانتفاع بثروات المجتمع والحوافز المرتبطة بذلك يؤدي واقعيا إلى اتجاه المال إلى سبل الاستثمار المختلفة وزيادة الإنفاق الإسلامي لتحقيق أهداف التنمية.
__________
(1) جلال الدين السيوطي الجامع الصغير-في احاديث النذير البشير، ج 2، دار الكتب العلمية.(1/25)
ج- المسؤولية: يقول صلى الله عليه وسلم: ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)(1)2). ويبين هذا الحديث الشريف أن مبدأ المسؤولية في الإسلام واضح جدا فالكل مسؤول في إطار الدائرة والشريحة التي ينتمي إليها، وكل الأفراد مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى في كل عمل يقوم به، لذلك نجد أن مسؤولية الفرد تتعدى من الإطار الشخصي إلى الإطار الجماعي، كما أن مسؤولية الجماعة تتعدى إلى الإطار الفردي وهذا يعززه الإسلام بقانون التكامل الاجتماعي فالإسلام يعترف بكل من الحرية الفردية والحرية الجماعية ويجعل لكل منها حدودا مسؤولة بتحقيق رقي وازدهار المجتمع بأكمله وهذا التوافق بين مصلحة كل من الفرد والمجتمع وتحديد حالات تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي بما يكفل التوافق بين المصلحتين ويمنع إلحاق الضرر بالفرد بالمجتمع.
... وتتضح مسؤولية الفرد في مزاولته لنشاطه بصورة مختلفة في أن يمتنع عن كل ما من شأنه إهدار المواد وسوء استخدامها والإضرار بنفسه أو بالمجتمع فقد نهى الإسلام اتباعه عن كل ما يضر بالفرد أو بالمجتمع وإهدار المواد وتصريف الأموال في غير أوجهها والعمل أو إنتاج سلع وخدمات تكون ضارة بالمجتمع.
... وتتضح مسؤولية الدولة في كونها تلعب دورا في النشاط الاقتصادي يتمثل في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية كتحريم الربا، وتحريم الاحتكار ومراقبة مدى التزام النشاط الاقتصادي بالتعاليم الإسلامية وتوفير حد الكفاية لسائر أفراد المجتمع ومسؤولية الدولة تتعدى الأحكام إلى ما يحده الصالح العام، فحيثما وجدت المصلحة التي تقتضي تدخلها تدخلت وبذلك فمسؤولياتها تمتد إلى ملئ الفراغ من التشريع، فهي تحرص من ناحية على تطبيق العناصر المشتركة وفقا لظروف كل مرحلة من المراحل التنموية.
__________
(1) رواه البخاري ومسلم.(1/26)
... ومن بين الأدلة التي توضح مسؤولية الدولة عن تنمية الاقتصاد، كتاب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى أحد ولاته قائلا: ( أنظر ما قبلكم من أرض الصافية فأعطوها بالمزارعة بالنصف، وما لم تزرع فأعطوها بالثلث فإن لم تزرع فأعطوها حتى تبلغ العشر، فإن لم يزرعها أحد فامنحها، فإن لم تزرع فانفق عليها من بيت المسلمين )(1)1)
ومن هذا يمكن الاستنتاج بأن المسؤولية في الإسلام مشتركة بين كل من الفرد والمجتمع.
د- التوازن :أن من بين أهم خصائص التنمية الاقتصادية في الإسلام هو التوازن في استغلال كل مستلزمات التنمية الاقتصادية المتوفرة في المجتمع من موارد بشرية ومادية، فالمنهج الاقتصادي الإسلامي في التنمية يجمع بين النمو الاقتصادي من ناحية وبين عدالة توزيع الثروة من ناحية أخرى وفي هذا يقول المولى عز وجل " اعدلوا هو أقرب للتقوى "الآية رقم 09 سورة المائدة. وهذا يبين أن هدف الإسلام في التنمية الاقتصادية هو أن يتوافر لكل فرد في المجتمع أي كانت جنسيته أو ديانته حد الكفاية لا الكفاف، أي الوصول إلى مستوى لائق للمعيشة حسب زمانه ومكانه.
__________
(1) محمد شوقي الفنجري، نحو اقتصادي إسلامي - شركة مكتبة عكاظ،1981.(1/27)
... كما أن من خصائص التوازن في المجتمع الإسلامي عدم الترجيح، فهو لا يرجح الصناعة على الزراعة ولا التنمية الريفية على التنمية الحضرية، أو الإنتاج الاستهلاكي على الإنتاج الاستثماري، أو التكنولوجية كثيفة رأس المال على العمالة أو تحقيق أهداف الأجيال المعاصرة على حساب الأجيال القادمة أو دور الحكومة على دور القطاع الخاص، بل أنه يعتمد على الوسطية في اتخاذ جميع القرارات وعلى ضوء متطلبات المجتمع الإسلامي وفي إطار مصادره الشرعية لكي يحقق التوازن في عملية التنمية المنشودة(1). ويتضح مما سبق بان المنهج التنموي الإسلامي يحث على زيادة الإنتاج وتكثيره بشتى الوسائل والطرق السلمية كما يذكر في نفس الوقت على عدالة التوزيع، بحيث لا يستغني أحد الطرفين عن الأخر، وهذا لأن وفرة الإنتاج مع سوء التوزيع يعتبر احتكارا ينفيه الإسلام، كما أن عدالة التوزيع دون وفرة في الإنتاج يعني توزيع الفقر والبؤس وهذا مرفوض هو الأخر في الإسلام.
... وتختلف نظرة الإسلام للتنمية مع نظرة الرأسمالية التي تستهدف تنمية ثروة المجتمع دون النظرة إلى توزيع هذه الثروة.
__________
(1) مشكل التنمية الاقتصادية من منظور اسلامي ،مرجع سابق ،ص477.(1/28)
... كما أنه إذا كانت التنمية الاشتراكية تؤكد على العلاقة بين أشكال الإنتاج والتوزيع إلا أنها ترى أن نظام التوزيع يتبع دائما الإنتاج في حين يرفض الإسلام هذه التنمية فأين ما كانت أشكال الإنتاج السائدة فإنه يضمن أولا حد الكفاية لكل فرد حسب حاجته وذلك كحق شرعه الله يعلو فوق كل الحقوق، ثم بعد ذلك يكون لكل فرد نصيبه تبعا لعمله وجهده وعندما لا يمكن توفير حد الكفاية لكل فرد من المجتمع وهو ما يحدث في الظروف الاستثنائية كالمجاعات والحروب والكوارث الطبيعية التزم سائر أفراد المجتمع بحد الكفاية(1)1)وهكذا يكون بداية بولي الأمر، وفي هذا يقول عمر بن الخطاب في سنين القحط ( والله لن آكل حتى يشبع أطفال المسلمين).
إن الإطار التوازن للتنمية الاقتصادية في الإسلام هو الإطار الدقيق والمتوازن الذي رسمه المولى عز وجل، لكي يعمر الأرض التي جعله خليفة عليها وذلك تبعا للقوانين الربانية التي سطرها سبحانه وتعالى بمثابة الطريق المستقيم الذي يضمن استقرار ورقي وتقدم الإنسان في الدنيا، وثوابا وجزاء في الآخرة.
وفي هذا يقوم المولى عز وجل: " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " الآية رقم 153 سورة الأنعام.
المطلب الرابع: مقومات التنمية الاقتصادية في الإسلام
... إن نجاح واستمرار التنمية الاقتصادية يستوجب تدعيمها وتقويتها وذلك بتركزها على مقومات أساسية نذكر منها :
الفرع الأول: التربية الإسلامية للإنسان
__________
(1) التنمية الاقتصادية في المنهج الإسلامي، مرجع سابق ذكره، ص66.(1/29)
... يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي: ( ظهرت الآثار الاجتماعية للمسلم والتي تتنافى مع الأوضاع الاقتصادية التي حددتها وفرضتها الحضارة الغربية منذ اللحظة التي وقع فيها في الأحبولة الاستعمارية فأصبح العميل المستبد المستغل للاقتصاد الحديث)(1)2). وتنطوي هذه المقولة القيمة على كيفية إغراء المسلم وراء الحضارة الغربية التي غذاه الاستعمار إياه بتجريعه القيم والأخلاقيات الغربية و ذلك في أسلوب يتنافى مع واقع وقيم ومقومات وبيئة هذه الشعوب، واستطاعت الحضارة الغربية تربية الفرد المستعمر على أنماط وأفكا(2)ر ظهرت آثارها الاجتماعية متنافية منذ الوهلة الأولى مع الأوضاع الاقتصادية التي فرضتها الحضارة الغربية، ولقد تنبه المستعمر في بداية استعماره إلى خطورة المنهج التربوي وآثاره على تنشئة الأجيال فبدأ بمحاربة كل ما له صلة بالأصالة والأخلاق الإسلامية حيث أغلق كل المدارس التي كانت تهدف إلى العمل على توعية الأفراد وتعليمهم وأنشأ هياكل تربوية علمانية تستمد فلسفتها التربوية وأهدافها من النظم الاجتماعية الغربية التي تتعارض مع معتقداتنا وقيمنا وأخلاقنا الإسلامية.
__________
(1) مالك بن بني " المسلم في عالم الاقتصاد"، دار القلم بيروت، بدون سنة ، ص 16.
(2) هذا ما حدث في الجزائر، فقد استعملت فرنسا قبل دخولها الجزائر فئة من المشرين عملوا جاهدين على استغلال بعض العناصر لتجهيل وترسيخ عادات وأفكار بعيدة عن الواقع الإسلامي وبعد دخول فرنسا إلى الجزائر عملت بكل ما لديها على محو الشخصية الجزائرية الإسلامية وعملت في ذلك على غلق المدارس التي كانت تقوم برسالة التعليم وخصوصا القرآن منها، ثم نصبت بعض أئمة جهل ساهموا في إبعاد الشعب عن معاني القرآن والسنة ورسخت فكرة الولاء لفرنسا(1/30)
ولهذه الأسباب مجتمعة اعتبر النظام التربوي في أي مجتمع من أهم المقومات التنموية لأنه يشتمل على الأهداف والمبادئ المستمدة من قيم ومعتقدات المجتمع التي يتم غرسها في نفوس الأجيال.
ولما كانت غاية التنمية الاقتصادية في الإسلام هي الإنسان نفسه لا تستعبده المادة، ولا يستغله الغير وباعثها هو توفير حد الكفاية لكل فرد من مجتمع كان لابد من الاهتمام بهذا العنصر الفعال: (الإنسان) وتقويمه تقويما جذريا بحيث يصبح يتماشى ويتفاعل ويطبق ويعمل على تدعيم القيم والأخلاقيات التنموية الإسلامية، وذلك بتطوير النظم التربوية القائمة على نظم تتجسد فيها خصائص المنهج الإسلامي وتسعى إلى تحقيق الأهداف المنوطة برقي الإنسان وازدهاره ماديا ومعنويا.
الفرع الثاني: الإعلام الإسلامي
إن المتابع لواقع المجتمعات الإسلامية يستخلص أن جل وسائل الإعلام تابعة للغرب سواء كانت مرئية أو سمعية أو المكتوبة أو وسائل ترفيهية أو قنوات تثقيفية لا تعكس معتقدات وتصورات الأفراد، بل أنها أصبحت تخلق عندهم ازدواجية وهمية تساعد على تفكك المجتمع وانتشار الأمراض الاجتماعية بشتى أصنافها فانتشار الوسائل السمعية البصرية على مستوى واسع من العالم الإسلامي وتوسع شبكات البث التلفزيون من شتى المحطات ومن أبعد المسافات وانتشار وسائل الالتقاط مع فقدان الوعي لدى كثير من الأفراد في تجنيد التقاط البرامج الغربية من ناحية وهزل وتشابه مع عدم الإتقان مع البرامج المحلية ساعدت كلها على توصيل الأمراض الاجتماعية التي تفتك بالحضارة الغربية إلى بيوت المسلمين ( من اختلاط جنسي وأنماط استهلاكية(1/31)
وتفكك أخلاقي وغيرها أما الجانب التثقيفي لوسائل إعلامنا فلا يغدو أن يكون هامشيا وبعيدا عن المقومات الحقيقية للأفراد، فهو لا يتعدى جزءا متناثرا من الخير في المحيط من الشر المتجسد في بقية الجوانب الإعلامية الأخرى(1).
ومما سبق نلاحظ بأن للمؤسسات الإعلامية الدور الفعال والخطير في نفس الوقت في تنشئة الأجيال لأنه يساعد الأفراد في المجتمع على التحلي بالقيم والأخلاق التي تخدم التنمية الأصلية النابعة من واقعهم المعاش وخطير لأن انحرافه يؤدي إلى تعميق التبعية الخلقية وغيرها للخارج.
ومن هذا كان واجبا بل لزاما على الأمة الإسلامية مراجعة الهياكل الإعلامية من بشرية وفكرية المتوفرة لديها، وتوجيهها لتتماشى مع القواعد العامة للإسلام، بالإضافة إلى توفير الإطارات التي تجمع بين الكفاءة والفهم الصحيح للإسلام حتى يتمكنوا من تحليل الأخبار من منظور إسلامي، وتنقية البرامج من الشوائب الخلقية التي تعتبر من المبادئ الروحية للمجتمع وذلك لتستطيع أن تربي أجيالا إسلامية ذات فهم صحيح تستطيع أن تحرك طاقاتها الكامنة وأفكارها الجديدة الجادة في خدمة التنمية الاقتصادية ورقيها.
الفرع الثالث: التقدم التكنولوجيا
يقول المولى عز وجل: " وقل ربي زدني علما " الآية رقم 111 من سورة طه.يتبين من الآية أن الإسلام اهتم بزيادة واستمرارية العلم، وقد تركزت مطالب العلم في الإسلام على دعامتين نذكرهما باختصار:
الدعامة الأولى: أفاق العلم
... ويهدف إلى قابلية العلم ونموه وتماشيه مع كل عصر وظرف لأن العلم ليس له حدود وما توصل إليه الإنسان من مخترعات تكنولوجية وطرق عملية ومناهج مختلفة سواء في العصور السابقة لعصرنا أو في عصرنا الحالي إلا قليلا من هذا الكون الزاخر وفي هذا يقول المولى عز وجل: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " الآية رقم 85 سورة الإسراء.
__________
(1) يوسف خليفة يوسف "مجلة الاقتصاد الإسلامي"، مرجع سبق ذكره، ص31.(1/32)
... هذه القلة التي نؤمن بها تدفعنا إلى اتخاذ كافة الأسباب والوسائل للاستزادة من هذا العلم والكشف أكثر عن القوانين العلمية الموجودة في الكون وذلك لتسخير الطبيعة أكثر فأكثر لخدمة البشرية، وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الإنسان طالبا ما طلب العلم فإن ظن أنه علم فقد جهل )(1)
... ونستنتج من هذا العرض المبدئي أن العلم يتصف بخاصية التطوير المستمرة وأن الإنسان مطالب بتطوير وتنمية هذه الخاصية.
الدعامة الثانية: الاستفادة من أي تقدم علمي
... ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اطلبوا العلم ولو كان في الصين )(2)2). ويتبين من الحديث الشريف أن الإسلام يدعوا إلى الاستفادة من أي تقدم علمي مهما كان زمانه أو مكانه، وهذا يهدف إلى فتح أبواب العلم والمعرفة أمام الفرد المسلم بغض النظر عن الجبهة المأخوذة منها العلم. وفي هذا يقول على بن أبي طالب: ( العلم ضالة المؤمن، فخذوه ولو من أيدي المشركين)(3)1).
__________
(1) الإسلام والتنمية الاقتصادية، نقلا عن ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 209.
(2) السيوطي " الجامع الصغير"، مرجع سابق الذكر، المجلد الأول ،ص308.
(3) شوقي دينا، الإعلام والتنمية الاقتصادية مأخوذ من ابن عبد ربه جامع بيان العلم وفضله، المجلد الأول، ص101.(1/33)
... ومن الملاحظ في عصرنا الحاضر أن العلم قد قفز قفزات واسعة بسب التقدم العملي الكبير بين الدول واستعمال الجهد المنظم الرامي لاستخدام نتائج البحث العلمي في تطوير أساليب العمليات الإنتاجية، وهذا ما يطلق عليه اسم التكنولوجيا التقنية التي تعرف بأنها تطبيق العلم على الطبيعة والعمل ورأس المال والتنظيم بحيث ينتج عن ذلك وسائل إنتاجية جديدة تزيد من الكفاية الإنتاجية للعناصر السابقة، وتهدف التكنولوجيا إلى توظيف مجموع الوسائل لتسخير الطبيعة المحيطة بالإنسان، وتطويع ما فيها من موارد وطاقات وإشباع الحاجات الإنسانية الأساسية، وتعتبر التكنولوجيا في عصرنا الحالي القوة الفعالة والسلاح الفتاك الذي تمتلكه قوى الغرب وتسيطر به مجموعة الدول التي لا تملك مثل هذه التكنولوجيا، ومن هنا كان لابد من أجل أن تحقق الدول الإسلامية نموا اقتصاديا متزايدا ومستمرا أن تستخدم الوسائل العلمية الحديثة التي تكمل دور الموارد البشرية والمادية في إحداث التنمية المطلوبة.
... والتنمية المطلوبة في المجتمعات الإسلامية هي تنمية تنبع من واقع وبيئة المسلمين لذلك فالتنمية المطلوبة يجب أن تتناسب مع واقع المجتمع واحتياجاته إذ ما يصلح لمجتمع أخر يختلف عنه في ظروف وبيئته. أي يجب أن تكون ذات كفاءة اقتصادية وهذه الكفاءة ترتبط بطبيعة الموارد المتوفرة وبالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تتصدى لها.(1/34)
... إن وجود الموارد البشرية والمادية كما و نوعا لا يكفي وحده لتحقيق الاستخدام الأمثل، لثروات المجتمع الأخرى الذي يستدعي تطوير الوسائل العلمية الحديثة والمتمثلة في المعارف المغذية المجسدة في وسائل الإنتاج والتسويق والإدارة والاستهلاك وغيرها من النشاطات التي تهدف إلى المساعدة على تحقيق الأهداف التنموية وبكلفة منخفضة، وقد يحتاج المجتمع الإسلامي في الأطوار الأولى للتنمية إلى استيراد الوسائل التكنولوجية غير أنه يجب تطويعها مع الواقع المعاش ولا يتسنى ذلك إلا بتكوين الإنسان الذي يخرج بعد مدة من فكرة الاستيراد إلى فكرة الإبداع والاختراع، وبذلك يستطيع الفرد المسلم من توطين الوسائل العلمية وجعلها أكثر فائدة وبصورة لا تتعارض مع معتقدات وآمال وطموح وقيم هذه المجتمعات.
... إن عملية توطين وتطوير التكنولوجيا لا يقدم إنتاجه الأمثل إلا إذا استنبط من داخل أرض المجتمع تبعا لمشاكله واحتياجاته وهذا ما يدعوا إلى تحقيق مناخ علمي فعال يساعد على تفجير الطاقات والإمكانيات العلمية لأبناء هذه المجتمعات
الفرع الرابع: دور الدول الإسلامية في التنمية
... يرى الإسلام وجوب دولة قوية تضطلع بمهمة تنمية المجتمع واستمرارها وتقيم شريعة الله، وهو ما يفهم من قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن )(1). وهذا يعني أن الدولة في الإسلام لا تقتصر مهمتها على حفظ الأمن في الداخل والدفاع عن الوطن في الخارج بل تتعدى إلى الأعمال المتعلقة بالسهر على تحسين وترقية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
__________
(1) أبو الأعلى المووردي "الحكومة الإسلامية"، مكتبة المختار الإسلامي، ترجمة أحمد إدريس، القاهرة، 1977، ص60.(1/35)
... فالدولة في الإسلام مسؤولة عن تحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير الحاجات اللازمة للأفراد، ويتسنى ذلك بتوفير فرص العمل اللازمة لكل فرد، وذلك بتهيئة وسائل العمل لكي يستطيع الأفراد المساهمة في النشاط الاقتصادي للمجتمع. ومن هنا يمكن للأفراد العيش الكريم من ثمرة أعمالهم ومن أهم الأدوار التي تضطلع بها الدولة الإسلامية ما سيأتي ذكره باختصار:
أ-إنشاء المرافق العامة وتطوير المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كإنشاء المشاريع الكبرى ذات الاستثمار المالي الكبير، التي تساهم بقدر كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية من ناحية زيادة إثراء المجتمع، ومن ناحية أخرى القضاء على البطالة وإشراك الفرد في الثروة العامة للمجتمع، من جهة إنتاجها والاستفادة بها.
ب-تشجيع وتطوير الهياكل الأساسية التي تساعد على حدوث التنمية الاقتصادية كتشجيع الزراعة والصناعة والخدمات التربوية والصحية وتعبيد الطرق وإنشاء السدود والموانئ وشق الطرق وبناء الجسور وما إليها من المراحل والخطوات التي يستلزم بها القيام بعملية التنمية الاقتصادية.
ج- التوازن الاجتماعي والذي يعتبر من أولويات الأهداف التي يرمي إلى تحقيقها الإسلام وذلك للوصول إلى تنمية أساسها العدالة الاجتماعية الحقة(1)2). فالإسلام دين الوسط، دين التوازن. فالتفاوت الطبيعي في القدرات الجسدية والذهنية يقره الإسلام ولا يرى في طياته تناقضا مع جوهر التوازن الاجتماعي طالما أن العمل الإنساني هو المصدر الحقيقي للقيمة وان التمايز بين أفراد المجتمع لن يكون غير هذا الأساس.
وعلى ذلك يقوم التوازن الذي كفله الإسلام تأسيسا على ضمان مستوى واحد من المعيشة لأفراد المجتمع المسلم، لا مستوى واحد من الدخل.
__________
(1) إبراهيم السوقي أباظة "الاقتصاد الإسلامي"، مقوماته ونتائجه من مطبوعات أ.د.ب.أ السنة غير مذكورة، ص 104-108.(1/36)
وانطلاقا من هذا يكون دور الدولة الإسلامية في العمل على تحقيق التوازن في مستوى معيشة سائر أفراد أن يتفاوتوا ويختلفوا في دخولهم حسب العمل المقدم وهذا يعني بان الإسلام يقر التفاوت المحتمل الذي مصدره العمل في إطار الحدود الشرعية.
د- (التكافل العام) الضمان الاجتماعي:
يقوم مبدأ الضمان الاجتماعي في المذهب الإسلامي على دعامتين:
أولا:التكافل العام بين أفراد المجتمع: ويعني أن يعيش سائر المسلمين في تآخ يكفل بعضهم بعضا وقد جعل الإسلام من هذه الكفالة فريضة على كل مسلم ومسلمة في حدود طاقة كل فرد، وفي هذه يقول صلى الله عليه وسلم: ( ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره جائع)(1)1) .
وقد أوجب الإسلام على الأغنياء أن ينفقوا على الفقراء والمساكين والعاجزين عن الكسب من أقربائهم تبعا للحدود الشرعية، وأوجب على أهل كل حي أن يتكافلوا ويتعاضدوا حيث يسد شبعانهم حاجة جائعهم(2)2). وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)(3)3). ومن هنا تعتبر الكفالة هي التعبير الواقعي على الأخوة والتضامن بين سائر أفراد المجتمع.
ثانيا:حق المجتمع في موارد الدولة:
ويظهر هذا فيما إذا كان الفرد عاجزا عن العمل أو أن دخله لا يكفيه لسد حاجاته الحقيقية، فحق للدولة تأسيسا على حق المجتمع في مصادرة الثروة توفر لكل فرد سواء كان عاجزا أو معوزا حد الكفاية من المعيشة كما يجوز للدولة التدخل في النشاطات الاقتصادية عند الضرورة، وقد يكون التدخل مباشرا مثل إقامة قطاع عام قوي قادر على القيام بدور فعال، أو غير مباشر كتدخلها لتنظيم العمل ومراقبة السوق ومنع الغش والتدليس والاحتكار ومحاربة الربا وغيرها.
حفظ الأمن الداخلي والخارجي وذلك بتكوين جيش إسلامي متطور يعتمد على إمكانياته الذاتية من عدة وعتاد.
__________
(1) موطأ الإمام مالك، دار القلم بيروت تعليق وتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، ص328.(1/37)
الفصل الثالث: أهداف وطبيعة أنشطة البنوك الإسلامية
المبحث الأول: أساسيات النظام الاقتصادي الإسلامي وعلاقته
بالبنوك الإسلامية
المطلب الأول: مفهوم البنوك الإسلامية
تعرف الموسوعة العلمية والعملية للبنك الإسلامي بأنه أداة تحقيق وتعميق للأدوات المرتبطة بالقيم الروحية، ومركز للإشعاع ومدرسة للتربية وسبيل عملي إلى حياة كريمة لأفراد الأمة الإسلامية وسند لاقتصاديات الدول الإسلامية.(1)
وفي اتفاقية إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية يعرف البنك الإسلامي بأنه المؤسسة المالية التي ينص قانون إنشائها ونظامها الأساسي صراحة على الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية وعلى عدم التعامل بالفائدة أخذاً وعطاء.(2)
وتنص اتفاقية إنشاء البنك الإسلامي للتنمية على أن هدف البنك الإسلامي هو دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاقتصادي لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية مجتمعة ومنفردة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.(3)
وفي موضع آخر من الاتفاقية يعرف البنك الإسلامي بأنه مؤسسة مصرفية لتجميع الأموال وتوظيفها في نطاق الشريعة بما يخدم المجتمع الإسلامي ويحقق عدالة التوزيع، ووضع المال في المسار الإسلامي.(4)
__________
(1) الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الجزء الأول، (القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، 1977)، ص 05.
(2) اتفاقية إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، (القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، 1978)، المادة 05.
(3) اتفاقية إنشاء البنك الإسلامي للتنمية، المادة 01.
(4) تقرير الحلقة العلمية لخبراء التنظيم في البنوك الإسلامية، البنوك الإسلامية (القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامي، مارس 1979)، العدد الخامس، ص 39.(1/1)
والبنك الإسلامي هو البنك الذي يبنى على العقيدة الإسلامية ويستمد منها كل كيانه ومستوياته فهذه العقيدة تمثل البناء الفكري الذي يسير عليه هذا البنك وعلى ذلك فالمتوقع أن يكون للبنك أيديولوجية تختلف تمام الاختلاف عن أيديولوجية غيره من البنوك.
وتتمثل أيديولوجية البنك الإسلامي في:
أ- أن النظام الاقتصادي الإسلامي هو النظام الذي يسير عليه، ويؤمن به.
ب- أن البنك الإسلامي جزء من تنظيم إسلامي عام.
ج- بنك يلتزم بتعاليم الإسلام وتجسيد المبادئ الإسلامية.
د- أن صفته العقيدية صفة شمولية بالضرورة.
هـ- وفي التزامه بموقف الإسلام من الربا.(1)
وتعرف البنوك الإسلامية بأنها أجهزة مالية تستهدف التنمية وتعمل في إطار الشريعة الإسلامية، وتلتزم بكل القيم الأخلاقية التي جاءت بها الشرائع السماوية، وتسعى إلى تصحيح وظيفة رأس المال في المجتمع، وهي أجهزة مالية تنموية اجتماعية، مالية من حيث أنها تقوم بما تقوم به البنوك الإسلامية من وظائف في تسيير المعلومات، وتنموية من حيث أنها تضع نفسها في خدمة المجتمع وتستهدف تحقيق التنمية منه، وتقوم بتوظيف أموالها بأرشد السبل بما يحقق النفع للمجتمع أولاً وقبل كل شيء، واجتماعية من حيث أنها تقصد في عملها وممارستها إلى تدريب الأفراد على ترشيد الإنفاق، وتدريبهم على الادخار ومعاونتهم في تنمية أموالهم بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع والمصلحة، هذا فضلاً عن إسهام في تحقيق التكافل بين أفراد المجتمع بالدعوة إلى أداء الزكاة وجمعها وإنفاقها في مصارفها الشرعية.(2)
__________
(1) سيد الهواري – ما معنى بنك إسلامي (القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، 1983)، ص 9.
(2) أحمد النجار " عن البنوك الإسلامية: ماذا قالوا ؟"، (القاهرة: اتحاد البنوك الإسلامية، 1982)، ص 10.(1/2)
وتعرف البنوك الإسلامية بأنها مؤسسات مالية تمثل التحرر الحقيقي من بقايا التبعية والخضوع للاقتصاد الاستعماري الرأسمالي الغربي الذي فرض على بلاد المسلمين نظام البنوك الربوية وتركها من بعده تحمل فكرته وتنفذ خطته، والبنوك الإسلامية تمثل في الوقت نفسه تجسيداً حياً ليقظة الأمة الإسلامية. وتثبت أن لها وجوداً إسلامياً حقاً في ذلك الميدان الذي هزمت فيه يوماً أمام الحضارة الوافدة ... وهو ميدان الاقتصاد.(1)
والبنك الإسلامي هو منشأة مالية تعمل في إطار إسلامي، وتستهدف تحقيق الربح بإدارة المال حالاً بعد حال، وفعلاً بعد فعل إدارة اقتصادية سليمة.(2)
ويعرف أيضاً البنك الإسلامي بأنه كيان ووعاء يمتزج فيه فكر استثماري اقتصادي سليم، ومال يبحث عن ربح حلال، لتخرج منه قنوات تجسد الأسس الجوهرية للاقتصاد الإسلامي، وتنقل مبادئه من النظرية إلى التطبيق، ومن التصور إلى الواقع الملموس فهو يجذب رأس المال الذي يمكن أن يكون عاطلاً لتخرج أصحابه من التعامل به مع بيوتات يجدون في صدورهم حرجاً من التعامل معها.(3)
ويعرف البنك الإسلامي بأنه مؤسسة مالية تلتزم بتطبيق شريعة الله تعالى في المجال الاقتصادي والمعاملات وتحرير المجتمعات الإسلامية من المحظورات الشرعية.(4)
وفي رسالة دكتوراه غير منشورة تلخص أبرز معالم تعريفات البنوك الإسلامية في:
__________
(1) يوسف القرضاوي "للمال وظيفة اجتماعية"، مجلة البنوك الإسلامية، (القاهرة: اتحاد البنوك الإسلامية، مايو 1980)، ص 56.
(2) شوقي إسماعيل شحاتة "البنوك الإسلامية"، (جدة: دار الشروق، 1977)، ص 55.
(3) محمد الفيصل آل سعود "البنوك والتأمين في الإسلام"، (القاهرة: الاتحاد الدولي البنوك الإسلامية، 1979)، ص 27.
(4) أحمد النجار وآخرون، 100 سؤال وجواب حول البنوك الإسلامية، القاهرة: الاتحاد الدولي البنوك الإسلامية، 1978)، ص 39.(1/3)
إن البنك الإسلامي يقوم أساساً بتطبيق نظام مصرفي جديد يختلف عن غيره من النظم المصرفية القائمة في أنه يلتزم بالأحاكم التي وردت في الشريعة الإسلامية في مجال المال والمعاملات.
إن البنك الإسلامي يضع في اعتباره وهو يقوم بهذه الوظيفة أنه يعمل على تجسيد المبادئ الإسلامية في الواقع العملي لحياة الأفراد.
إن البنك الإسلامي يعمل على إقامة مجتمع إسلامي عملي، وبذلك فإن تعميق الروح الدينية لدى الأفراد يعتبر جزءاً من وظيفته.
إن البنك الإسلامي يباشر وظيفته على مستوى المجتمع الذي يعمل فيه، وقد يبدأ العمل في وحدات جغرافية محدودة ولكن يتعامل مع كل أفراد هذه الوحدات ويسعى في نفس الوقت إلى الامتداد إلى وحدات جغرافية أكثر اتساعاً.
إن البنوك الإسلامية ليست أجهزة بديلة عن البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، وإنما هي أجهزة تمارس عملها مستقلة عن الأجهزة المصرفية الأخرى، وحيث أنها تلتزم بالشريعة فإنها لا تتقيد بأحكام ولوائح هذه البنوك إن هي تعارضت مع الأسس التي قامت عليها.(1)
التعريفات التي وردت على البنوك الإسلامية أن أغلبها فضفاضة غير دقيقة يغلب فيها الجانب الديني عن الجانب الاقتصادي، وهي مشبعة بشحنات انفعالية، وقد يرجع ذلك إلى أن كثير ممن تصدوا للتعريف ليسوا مصرفين ممارسين أو إلى غياب التنظير الكافي ووضوح الرؤية حيث يمكن القول أن الممارسة سبقت النظرية.
ونلاحظ أيضاً أن هناك ثلاث سمات مشتركة في تعريفات البنوك الإسلامية وهي:
1- وجود العنصر الديني.
2- أنها مؤسسات مالية.
3- المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
__________
(1) محمد الأنصاري "العلاقة بين الكفاية المهنية لدى البنوك وبعض السمات الشخصية"، رسالة دكتوراه، كلية التربية، جامعة الأزهر، 1983م، ص 33.(1/4)
فالنظام المصرفي والنقدي بوجه عام يمثل نظام اقتصادي، وتحاول البنوك تجسيد هذا النظام والوصول إلى أهدافه، فالبنوك الإسلامية في حد ذاتها لا تضع نظرية وإنما هي معبرة عن مضمون ونظرية أكثر شمولاً وبالتالي فإنه استكمالاً لتعريف البنك الإسلامي فإنه لابد وأن يبدأ من خلال التعرف على مجمل سياسة المال في الفكر الاقتصادي الإسلامي.
والشكل التوضيحي التالي يبين الوظيفة الحقيقية للمال في الإسلام.(1)
شكل (02): ضوابط تشغيل المال إسلامياً.
المصدر :بحث مقدم من الغريب ناصر إلى المعهد الدولي للبنوك الإسلامية ص 34
من الشكل يتضح أن الوظيفة الحقيقية للمال في الإسلام ترتكز على حق المجتمع في المال، الأمر الذي يترتب عليه أن الأداء الأمثل لوظيفة المال في الإسلام تقاس بمدى القدرة على توسيع قاعدة المستفيدين منه وهذا
يعني أن اختزال وصف البنوك الإسلامية تحت عبارة "بنوك لا ربوية" يعتبر اختزالاً مخلاً حيث لا يعبر عن مهمة وظيفة ودور البنوك الإسلامية، وإن كان من الصحيح أن الامتناع عن الربا يمثل تطبيقاً لحكم شرعي ولكن الوقف عند حد الامتناع وحده يهدر تحقيق الهدف الشرعي.(2)
فالبنك الإسلامي مشروع للتنمية بالدرجة الأولى، إذ استثمار الأموال ينبغي أن يمر عبر القنوات التنموية الإنتاجية ليصب في صالح المجتمع من ناحية وليعود ربحه على المستثمر والمودع من ناحية أخرى.(3)
__________
(1) الغريب محمود ناصر "المعايير التي يتم على أساسها اتخاذ قرارات التمويل في البنك الإسلامي، بحث غير منشور مقدم إلى المعهد الدولي للبنوك الإسلامية، ص 34.
(2) أحمد النجار "المشكلات التي تواجه البنوك الإسلامية"، (بحث غير منشور مقدم إلى المعهد الدولي للبنوك الإسلامية).
(3) فهمي هويدي، "التدين المنقوص"، مركز الأهرام للترجمة والنشر ،القاهرة ، 1978م.(1/5)
وحيث يمثل المال في الإسلام والتعامل فيه وأساليب التعامل معه كلية من الكليات التي وردت في عمومية وشمول لكي تفتح باب الاجتهاد واسعاً. فإنه قد يتعذر ضبط وتحديد جميع الصور التي تجرى عليها المعاملات. وربما كانت حكمة الله جلا وعلا من وراء ذلك أن يفتح الأبواب أمام المرونة وأمام البدائل حتى لا يترتب على وجود صورة واحدة أو شكل واحد ما يمكن أن يشكل حجراً وتضييقاً على عقول الناس ومصالحهم إلى مدى العصور والأزمنة.
لقد أناط الإسلام بالمال وظيفة عامة، هي أن يكون المال في خدمة الفرد والمجتمع، وفي ظل هذه الوظيفة الكلية العامة تتعد الآراء والاجتهادات في سبيل تحقيق الوظيفة الأصلية على أشكال منها، على سبيل المثال أن يكون المال وسيلة من وسائل تربية الفرد في مجال كسب المال وفي مجال إنفاقه وفي مجال ادخاره وفي مجال توظيفه.(1)
المطلب الثاني: أهداف البنوك الإسلامية.
__________
(1) باختصار عن شوقي عبد الساهي، "المال وطرق استثماره في الإسلام"، دار المطبوعات الدولية، القاهرة ، 1981م، ص 38.
عبد الحميد الغزالي، "حول جوهر النظام الاقتصادي الإسلامي"، مركز الاقتصاد الإسلامي للبحوث والدراسات، برنامج الضمانات، 1993م، ص 03.
شوقي إسماعيل شحاتة، "بعض المفاهيم والمبادئ في الاقتصاد الإسلامي"، (القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية)، مجلة البنوك الإسلامية، العدد 39، 1984، ص 16.
سمير رمضان الشيخ، "البنوك الإسلامية خصائصها وأهميتها ومعوقات نجاحها"، (بحث غير منشور للمصرف الإسلامي الدولي)، ص 17.(1/6)
... للبنك الإسلامي أهداف يسعى لتحقيقها استلزمتها الطبيعة الديناميكية وجدوى وجود المشروع تجسيداً للقيم الإسلامية وتطبيقاً لأهداف الشريعة الحقة في مجال المال والمعاملات الاقتصادية وفيما يسهم بفعالية في القضاء على الازدواجية التي قد يجدها الإنسان المسلم بين تعاليم العقيدة الحقة، وبين واقع الممارسات الفعلية التي تتم في المجتمع إعلاء لدين الله وتطبيقاً لشريعته، ويمكن لنا أن نعرض لأهم هذه الأهداف فيما يلي:
الفرع الأول: الهدف التنموي للبنك الإسلامي.
تساهم البنوك الإسلامية بفعالية في تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية إنسانية في إطار المعايير الشرعية تنمية عادلة متوازنة ترتكز على توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمعات، وتحقيق النمو المتوازن والعادل لكافة المناطق وبالشكل الذي يسمح بالاهتمام بالمناطق والقطاعات الأقل نمواً ليتحقق لتلك المجتمعات أمنها الاقتصادي وخروجها من سجن التبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، فالنظام المصرفي قادر على حل مشكلات التنمية الاقتصادية بما ينسجم مع عقيدة الأمة وتطلعاتها الحضارية ويشكل حافزاً قوياً لإطلاق الطاقات الكامنة في الدول الإسلامية، وتفجير روح الابتكار والإبداع، من خلال نمط تنموي متميز يحقق التقدم والعدالة والاستقرار وهي عملية تأخذ عدة أبعاد من بينها ما يلي:(1/7)
أ- تسعى البنوك الإسلامية في هذا المجال إلى إيجاد المناخ المناسب لجذب رأس المال الإسلامي الجماعي، وبما يحقق انعتاق الدول الإسلامية من أسر التبعية الخارجية التي تستنزف مواردها وتدمر اقتصادها، وزيادة الاعتماد الجماعي على الذات بين الدول الإسلامية ومن ثم تقوية علاقات الترابط والتكامل الاقتصادي بالشكل الذي يعود بالخير على الأمة الإسلامية وهي في هذا تضع حداً لمشكلة نقص حجم المدخرات وصغر حجم التراكم الرأسمالي بالدول الإسلامية وفي الوقت ذاته توفر الموارد اللازمة لتحقيق الانطلاقة التنموية الذاتية نحو الرفاهية الاقتصادية للأمة الإسلامية.
ب- تعمل البنوك الإسلامية في إطار سعيها الدائم ومسيرتها الدؤوبة للتنمية الشاملة والعادة بأسسها الإسلامية على إعادة توطين الأرصدة الإسلامية داخل الوطن الإسلامي وتحقيق الاكتفاء الذاتي له من السلع والخدمات الأساسية والاستراتيجية التي يتم إنتاجها داخل البلدان الإسلامية.
ج- تهتم البنوك الإسلامية بتنمية الحرفيين والصناعات الحرفية والبيئية والصناعات الصغيرة، والتعاونيات باعتبارها جميعاً الأساس الفعال لتطوير النية الاقتصادية والصناعية في الدول الإسلامية والإفادة من تجارب الدول الإسلامية وغير الإسلامية التي تمت في هذا المجال وتوسيع قاعدة الملكية والمشاركة في المجتمع.
د- من خلال التوظيف الفعال لموارد البنك الإسلامي يعمل البنك الإسلامي على توسيع قاعدة العاملين في المجتمع والقضاء على البطالة بين أفراده، ومن ثم زيادة الناتج الإجمالي للدولة الإسلامية وفي الوقت ذاته يتمكن من وضع رأس المال في موضعه الصحيح ليصبح أداة ووسيلة لخدمة الأمة الإسلامية، وليس هدفاً وحيداً يسعى الأفراد إليه ليزدادوا ثراء ونفوذاً وقدرة على السيطرة والاستغلال للآخرين.(1/8)
هـ- يعمل البنك الإسلامي على تأسيس وترويج المشروعات الاستثمارية سواء كان ذلك بمعرفة ما أراد بالكامل أو عن طريق الاشتراك مع الغير من أصحاب الخبرة والمعرفة والدراية المشهود لهم بحسن السمعة والإخلاص في العمل والقدرة على إدارة شؤونه، ولا يقتصر مجال إنشاء المشروعات على نشاط اقتصادي معين بذاته، بل يمتد ليشمل كافة الأنشطة الاقتصادية المشروعة سواء في الصناعة، أو الزراعة، أو التجارة والتوزيع أو في التعدين ... إلخ، وهو بهذا يعمل على اتساع قاعدة الاستثمار في المجتمع وتنمية أصوله الإنتاجية، وتوسيع طاقته الاستيعابية والإسراع بمعدل نموه وتحقيق تنمية متسارعة في التراكم الرأسمالي الذي يكفل للمجتمع الاستقلال والأمن الاقتصادي.
ويكفي للتدليل على ذلك أن نظرة علمية متعمقة لأدوات التوظيف ووسائله في البنوك الإسلامية تظهر بوضوح أن نظام المشاركة كوسيلة أساسية للتوظيف الائتماني الإسلامي لا يقوم على الربح كهدف وحيد بل أنه يسعى إلى جانب هدف الربح إلى تحققي أهداف أخرى مثل فتح مجالات للعمالة العاطلة والارتفاع بإنتاج وإنتاجية عوامل الإنتاج الداخلة في المشروع ورفع دخولها وعوائدها.
ومن هنا فإن البنك الإسلامي هو أداة فعالة للتنمية بالدرجة الأولى وإن معيار التزامه بالشريعة الإسلامية يقاس بمدى التصاقه واتصاله بالعملية التنموية ورسالتها الإنتاجية الشرعية، فليس الهدف من البنك هو مجرد تجميع أموال المسلمين، ولكن الهدف الأساسي هو توظيفها التوظيف الفعال في المشروعات التنموية التي تضيف للناتج القومي وللمجتمع سلعاً وخدمات في حاجة إليها وبالشكل الذي يعود عائده على كل من المودع للأموال وعلى البنك المستثمر وعلى المجتمع.(1/9)
ويجب التنويه إلى أنه من المتعين بل والمحتم أن تعمل البنوك الإسلامية على تطوير خدماتها وتجويدها وتنويعها باستمرار بالشكل الذي يكفل خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويوافق مع احتياجات مشروعاتها، بل والمساهمة في إنشاء وترويج هذه المشروعات وبما يخدم شعوب الأمة الإسلامية ويقضي على مشاكلها ويحقق استقلالها الاقتصادي والاجتماعي، ذلك أن محور عمل البنك الإسلامي هو دعم التنمية الاقتصادية وتحقيق التقدم الاقتصادي لشعوب الأمة والمجتمعات الإسلامية.
الفرع الثاني: الهدف الاستثماري للبنك الإسلامي.
تعمل البنوك الإسلامية على نشر وتنمية وتطوير الوعي الادخاري بين الأفراد وترشيد سلوكيات الإنفاق للقاعدة العريضة من المواطنين بهدف تعبئة الموارد الفائضة ورؤوس الأموال العاطلة واستقطابها وتوظيفها في المجالات الاقتصادية التي تعظم من عائدها وترفع من إنتاجها وإنتاجيتها وبالشكل الذي يسهم في بناء قاعدة اقتصادية سليمة لصالح المجتمع بأسره وفقاً للصيغ الإسلامية المحددة للتوظيف، وابتكار صيغ جديدة تتوافق مع الشريعة الإسلامية وتتناسب مع المتغيرات التي تحدث في السوق المصرفية وتضمن التوظيف الأمثل لموارد البنك.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يقوم البنك الإسلامي بالتركيز في توظيفاته التمويلية على التوظيف الاستثماري متوسط وطويل الأجل الذي يتيح له أن ينشئ مشروعات بنفسه في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي في المجتمع وتقوية هيكل القطاعات الاقتصادية فيه.
إن الاستثمار ومداومة الاستثمار هو جزء من رسالة البنك الإسلامي وواجب من واجباته في إطار أنه تكليف مفروض عليه من واجب الاستخلاف في أموال المسلمين المودعة لديه، وفي واجب الأمانة التي حملها عنهم.
من هنا فإن للدور الاستثماري للبنوك الإسلامية أبعاداً متكاملة يمكن لنا أن نوضحها من خلال الشكل التالي:
شكل رقم (03): الأبعاد الاستثمارية للبنوك الإسلامية.(1/10)
المصدر :موسوعة البنوك الإسلامية الجزء الرابع ص 113
ويتم هذا التوظيف الاستثماري في إطار المسؤولية الاجتماعية التي يحرص عليها البنك الإسلامي اتجاه المجتمع، ومن حيث أنه لا يساهم في أي مجال قد يترتب عليه ضرراً بأفراده، وأن يعطي أولوية مطلقة للمجالات التي يحتاج إليها المجتمع في حل مشاكله التي يعاني منها أفراده، مثل مشاكل البطالة وانخفاض الدخول، والفقر، والمرض ... إلخ، وفي إطار ما تقدم تتحد معالم الأهداف الاستثمارية للبنك الإسلامي في النواحي التالية:
1- تحقيق زيادات متناسبة في معدل النمو الاقتصادي بهدف قهر التخلف وتحقيق التقدم للأمة الإسلامية.
2- تحقيق مستوى توظيفي تشغيلي مرتفع لعوامل الإنتاج المتوفرة في المجتمع والقضاء على البطالة السافرة والمقنعة، والراكد وغير المستغل من عناصر الإنتاج وكذا القضاء على كافة صور سوء الاستخدام لهذه العوامل.
3- العمل بكافة الطرق وشتى الوسائل على إنماء وتنشيط الاستثمار في مختلف الأنشطة الاستثمارية الاقتصادية عن طريق الاستثمار المباشر الصريح الذي يقوم على تأسيس الشركات الجديدة بمختلف أنواعها ،أو المساهمة في توسيع خطوط الإنتاج للشركات القائمة والقيام بعمليات المشاركة في تجديد وتطوير هذه الخطوط
4 ترويج المشروعات سواء لحساب الغير أو لحساب البنك الإسلامي ذاته أو بالمشاركة مع أصحاب الخبرة و المعرفة والدراية والقدرة الفنية ممن يحوزون سمعة حسنة(1/11)
5- توفير خدمات الاستشارات الاقتصادية والفنية والمالية والإدارية المختلفة(خدمات نظم الإنتاج والمنتج، خدمات التسويق المتعددة التي تشمل: المنتجات، الترويج، التوزيع، التسعير، دراسات السوق والعميل، وخدمات التمويل، وخدمات الأفراد) وتقديم خدمات دراسة الجدوى الاقتصادية بجوانبها المختلفة (البيئية، القانونية، التسويقية، الفنية، التجارية، المالية، الاقتصادية، الاجتماعية، دراسات الظل، اختبارات الحساسية)، لترشيد القرارات الاستثمارية للمستثمرين وللحفاظ على أموالهم من الضياع أو الاستثمار في المشروعات غير مربحة.
6- تحسين الأداء الاقتصادي للمؤسسات المختلفة سواء التي يشرف عليها البنك، أو للمؤسسات الأخرى التي سوف تجد نفسها مضطرة لتحسين أدائها وبالتالي القضاء على كافة صور الإسراف، والفاقد، الضائع والتالف، والمعيب التي تنتشر في هذه المؤسسات.
7- تحقيق مستوى مناسب من الاستقرار السعري في أسعار السلع والخدمات المطروحة للتداول في الأسواق وبما يتناسب مع مستوى الدخول وبالتالي القضاء على أهم صور الاحتكار والاستغلال التي تعمل على نهب أموال الفقراء عن طريق سياسة سعرية غير عادلة، ومن هنا يكون من أحد الأهداف الاستثماري للبنك الإسلامي تطبيق الأسعار التوازنية العادلة.
8- تحقيق العدالة في توزيع الناتج التشغيلي للاستثمار وبما يسهم في عدالة توزيع الدخول بين أصحاب عوامل الإنتاج المشاركة في العملية الإنتاجية، بحيث يحصل كل منهم على العائد المجزي الحقيقي الذي يستحقه من الناتج التشغيلي الذي تم، وبالتالي يحرص كل منهم على تعظيم هذا الناتج حتى يحصل على حجم أكبر من الناتج المعظم في إطار نصيبه المتفق عليه من قبل.(1/12)
... ومن هنا فإن الهدف الاستثماري للبنك الإسلامي هو هدف حقيقي أصيل، بل هو دعامات وجوده، ومن ثم فإن تجاهل هذا الهدف وعدم تحقيق تلك الدعامة يقوض البنيان الأساسي للبنك وفي الوقت ذاته تصبح الآمال المعقودة على البنوك الإسلامية مجرد طموحات أو أضغاث أحلام لا سند لها في الواقع الذي ترغب الأمة الإسلامية في الوصول إليه.
... بل يصل البعض إلى القول أن الهدف الاستثماري للبنك هو بمثابة الرئة الوحيدة المتاحة له والتي عن طريقها يتنفس، حيث أن إلغاء التعامل بالفائدة الربوية يجعل الاستثمار المباشر الطريق الأساسي أمام البنك لتوظيف أمواله وأموال مودعيه وتحقيق ربحية عادلة ومناسبة تدعم وجوده وتبقى عليه، ومن هنا فإنه لا يمكن إلا أن يكون بنكاً استثمارياً تنموياً لا ينتظر حتى يطرق المستثمر بابه، بل أنه يذهب إلى فرص الاستثمار بنفسه، يدرسها ويمحصها، ويستثمر فيها أمواله سواء بذاته فقط، أو بالمشاركة مع الغير أو يقدمها للغير ويروجها له.(1/13)
... ويرتبط بالهدف الاستثماري للبنك الإسلامي هدف أصيل آخر وهو محاربة الاحتكار(1)وما قد ينجم عنه من استغلال لحاجات الناس، ومن ثم يعمل البنك الإسلامي على كسر احتكار القلة، وإشاعة ونشر أدوات الإنتاج وإتاحتها مما يضمن توزيع عادلة للثروة وإنتاج وفير يكفي البشر، ويحقق لهم الأمن والاستقرار.
الفرع الثالث: الهدف الاجتماعي للبنك الإسلامي.
تعمل البنوك الإسلامية عند توظيفها لمواردها إلى الموازنة بين تحقيق الربح الاقتصادي وبين تحقيق الربحية الاجتماعية من خلال جانبين أساسيين يتم مراعاتهما في سياسة البنك التوظيفية هما:
أ- الجانب الأول: التدقيق في مجالات التوظيف التي يقوم البنك بتمويلها والتأكد من سلامتها وقدرتها على سداد التمويل وتحقيق عائد مناسب ومن ثم ضمان عدم ضياع أموال المودعين بالبنك.
__________
(1) يقصد بالاحتكار لغة حبس الشيء عن التداول انتظاراً لارتفاع ثمنه، وهو محرم شرعاً لقول الرسول صلوات الله عليه وسلامه: "لا يحتكر إلا خاطئ"و "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة" و"الجالب مرزوق والمحتكر ملعون"، قوله صلى الله عليه وسلم: "من احتكر طعاماً أربعين يوماً فقد برئ من الله وبرئ الله منه"، وقد روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالجذام والإفلاس". ومما تقدم فالاحتكار غير مشروع كأسلوب لتنمية الثروة وزيادة الأرباح محرم، وقيام المحتكر بحبس السلع عن البيع لتفقد في الأسواق لترتفع أسعارها مذموم، وعلى حاجة الناس وألحق بهم الأذى والضيق وأضر بهيكل القيم الأخلاقية وأضعف الذمم، وأفسد النفوس وأدخل بين الناس الكراهية والحقد، وهو أم لا يقبل الله ولا ترتضيه تعاليم الإسلام وأخلاقياته.(1/14)
ب- الجانب الثاني: أن يحقق التوظيف مجالاً خصباً لرفع مستوى العمالة ومشاركتها في المشروعات الممولة وفي الوقت نفسه يسمح عائده بتقديم خدمات اجتماعية إلى كل من يحتاجها من أفراد المجتمع تحقيقاً لرسالة البنك في التكافل الاجتماعي.
... هذه من ناحية ومن ناحية أخرى فإن البنك الإسلامي عن طريق صناديق الزكاة التي لديه يقوم برعاية أبناء المسلمين والعجزة والمعوقين منهم وتوفير وتهيئة الظروف الملائمة لرعايتهم وإقامة ورعاية المرافق الإسلامية العامة ودور العبادة وتوفير سبل التعليم والتدريب للمسلين وتقديم المنح الدراسية.
ففي الوقت الذي يعمل فيه البنك الإسلامي على تنظيم جباية الزكاة سواء من ناتج نشاطها أو من المال الذي يملكه البنك أو المودع لديه وكذا من الذين يرغبون في ذلك، فإنه يعمل على إحياء فريضة الزكاة وروح التكافل الاجتماعي بين أفراد الأمة ويستخدم البنك الإسلامي في هذا المجال عدة وسائل أهمها ما يلي:
1- العمل على إزكاء وتعظيم وتطوير ثقة المواطنين بالنظام الاقتصادي الإسلامي باعتباره هو الطريق الوحيد لرفاهية الأمة وإصلاح حالها وأنه السبيل الوحيد المضمون لخلاصها من المشاكل والأزمات التي تعاني منها، وأن أحد أهم الأدوات المستخدمة في إحياء الفرائض الإسلامية فريضة الزكاة وتبيان مفهومها وأهميتها وأنواعها وأوجه مصرفها باعتبارها أولا وأخيرا حقا معلوما للفقراء في أموال الأغنياء.
2- حصر كافة المستحقين للزكاة والاتصال بهم وترتيب تلقيهم لأموالها، وفي الوقت ذاته ترتيب إخراجهم من حالة الفقر الخاملة إلى حالة الاستغناء الفاعلة وبزيادة قدرتهم على العمل الشريف وتسخيره وتيسيره لهم بأموال الزكاة ومن ثم طرد شبح الفقر من المجتمع الإسلامي وإلى الأبد.(1/15)
3- العمل على إنشاء دور العلم التي تقدم خدماتها مجاناً للمسلمين سواء أكانت دوراً لإكساب المعرفة، أو للتدريب العلمي أو للتأهيل الفني أو للارتقاء التعليمي والوظيفي والمهني بهدف القضاء على الجهل بين أفراد المجتمع الإسلامي وإلى الأبد وتشجيع البحث العلمي والإنفاق على البعثات العلمية والأبحاث الخاصة بعلماء المسلمين لتطوير المجتمع الإسلامي وبعث نهضته.
4- إنشاء المستشفيات والمعاهد العلمية الصحية التي تقدم خدماتها مجاناً لأبناء الأمة الإسلامية وبالشكل الذي يقضي تماماً على مشاكل الأمراض المتوطنة والشعبية التي تعاني منها الأمة الإسلامية خاصة للفقراء الذين لا يجدون المال للعلاج وفي الوقت ذاته زيادة قدرة الأمة على تخليق العلاج المناسب لهذه الأمراض.
5- تأكيد جماعية العمل الاجتماعي الإسلامي وفتح مجالات الخير أمام أفراد الأمة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد ويجلب البركات الإلهية ويعم الخير والرفاهية ومن ثم القضاء على بؤر الأمراض الاجتماعية المدمرة، وفي الوقت ذاته زيادة قدرة المجتمع الإسلامي على توظيف موارده البشرية بفاعلية كاملة.
6- زيادة الالتحام والتكافل والتكاتف بين أفراد الأمة الإسلامية بإيجابية الزكاة من خلال إعطاء كل ذي حق حقه من المستحقين في مصارف الزكاة الشرعية والتعامل مع طموحات وأحلام الأمة بالتعرف على مشاكلها وأحلامها وطموحاتها، والعمل على معالجة هذه المشاكل وتحقيق تلك الأحلام والوصول إلى تلك الطموحات، وتعظيم المنفعة بين أفراد الأمة، وتفجير طاقات البذل والعطاء، وتحويل الطاقات المعطلة والخامة إلى طاقات منتجة فاعلة ومتفاعلة تضيف إلى إنتاج الأمة بما يخفف من المعاناة عن أفراد الأمة الإسلامية، وسد حاجة الأسر وفي الوقت ذاته القضاء على كافة صور الإسراف والفاقد والتالف بزيادة روح الانتماء والولاء والحرص على مال المسلمين.(1/16)
7- التخفيف عن ويلات المسلمين في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية التي يتعرضون فيها للظلم والاستبداد أو لكوارث طبيعية أو غير طبيعية، أو لضغوط إرهابية من قوى مستبدة تنصيرية وتهويدية وعلمانية تغريبية ومعاونتهم لصد هذه الأخطار والصمود أمامها، بل ودحرها والانتصار عليها.
8-ارتباط البعد الاجتماعي للبنوك الإسلامية ارتباطاً شديداً بالبعد الاقتصادي التنموي الارتقائي لهذه البنوك حيث أن نجاح البنك الإسلامي في زيادة حجم الثروة والدخل لأفراد الأمة الإسلامية أمر كفيل بزيادة موارد البنك وكذا موارد الزكاة، كما أن نجاح البنك في نشر وتعميق الوعي الديني يساعد على ترشيد سلوكيات أفراد المجتمع والحد من الإسراف والبذخ وزيادة الوعي الادخاري والاستثماري وفي الوقت ذاته زيادة رفاهية جميع أفراد الأمة الإسلامية.
وبمعنى آخر فإن الجانب الاجتماعي لنشاط البنك الإسلامي يرتبط بهدف إجمالي عام يمكن أن نطلق عليه اسم تحسين جودة الحياة(1)بشقيها المادي والقيمي أو المعنوي من خلال التزامه بتجسيد أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي عن طريق سياسات استثمارية لتوظيف كافة موارد البنك وبمشاركة عوامل وعناصر الإنتاج في المجتمع وبموجب مشروعات اقتصادية مدروسة جدواها بعمق.
الفرع الرابع: الهدف الارتقائي والإشباعي للبنوك الإسلامية.
يعمل البنك على الارتقاء بحاجات الأفراد وعلى إشباعها الإشباع السليم من حيث تقديم الخدمات المصرفية التي تتوافق مع احتياجاتهم الحقيقية ومع معتقداته الدينية، وبالتالي تضمن لهم الإشباع المادي والمعنوي في نفس الوقت.
__________
(1) بمعنى زيادة الارتقاء الثقافي والمعرفي، فضلاً على إشباع الاحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع.(1/17)
وتعمل البنوك الإسلامية بشكل مستمر على استحداث أدوات مصرفية إسلامية جديدة سواء في مجالات الموارد والودائع أو مجالات التوظيف والائتمان أو الاستثمار وبالشكل الذي يغطي احتياجات الأفراد ويتوافق مع متطلبات ومتغيرات العصر.
كما تسعى البنوك والمصارف الإسلامية إلى تجويد وإتقان أداء أجهزتها وفروعها بالشكل الذي يضمن تقديم خدماتها المصرفية بأعلى درجة من الجودة وبالشكل الذي يتوافق مع حاجة العملاء في:
- المكان المناسب.
- الزمان والتوقيت المناسبان.
- بالتكلفة المناسبة.
-بأقل جهد ممكن.
وذلك يتم عن طريق دراسات علمية متعمقة ومستفيضة لرغبات العملاء واحتياجاتهم المصرفية، سواء الحالية أو التي يمكن أن تنهض مستقبلاً، وكذا قدراتهم الحالية والمستقبلية وبالتالي وضع النظم المصرفية الإسلامية التي تضمن هذا الإشباع وفي الوقت نفسه تتناسب مع تلك القدرات وما يتطلبه هذا من انتهاج إحدى الأساليب العلمية وأكثرها تطوراً واستخداماً للتقنيات المبتكرة وبما يسمح بالتالي بتقديم هذه الخدمات لعملائها وبما يضمن ارتباط هؤلاء بالبنك.
إن التمويل المصرفي الإسلامي في حقيقة الأمر لا يقدم نقدياً سائلاً سائغاً لمن يرغب أو تتوافر فيه شروط الائتمان المصرفي، بل أنه في حقيقة الأمر يقدم التمويل الائتماني في شكل توظيف عيني أو نقدي، من خلال نشاط اقتصادي مشروع.
الفرع الخامس: تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية.
إن الدولة الحديثة لا تقف مكتوفة الأيدي أمام تفاعلات الاستثمار، أو تعطي كامل الحرية لقوى الفعل الفردية بعفويتها لتفعل ما تشاء دون ضوابط ترشد خطوتها وتوجه مسيرتها الصحيحة نحو الهدف المطلوب، و من هنا تقوم الدولة بتنفيذ المشروعات التي تراها مناسبة لتحقيق أهداف الشعب ولصالح المجموع العام للسكان.(1/18)
ولما كانت الدول الإسلامية في مجموعها العام لا تزال قابعة في مرحلة من مراحل التخلف الاقتصادي لقصور إدراكي ومادي أو لعدم توفر عامل أو آخر من عوامل الإنتاج، فإن البنوك الإسلامية يمكن لها ان تمارس دوراً في إحداث تكامل اقتصادي فعال بين الدول الإسلامية وتوجيه قوى الفعل الاقتصادي فيها توجيها فعالاً.
... فعلى سبيل المثال تعاني الدول الإسلامية من عدم توافر شبكات البنية الأساسية التي تربط بين دولها بعضها البعض مثل الطرق السريعة ذات الكفاءة التي تستخدم في تنقل الأفراد أو نقل البضائع بين هذه الدول، فضلاً عن شبكات السكك الحديدية ونقل الطاقة الكهربائية، ويمكن للبنوك الإسلامية خدمة هذه المرافق من خلال الدخول في مشاركات مع الدول لإنشاء مثل هذه المشروعات وتقديمها مقابل رسم معين يطبق على المواطنين الذين يستخدمونها وبذلك تعم الفائدة المتعددة حيث يحصل البنك الممول على عائد مجز من تمويله، وتحصل الحكومات على شبكة بنية أساسية تحتاجها بشدة، وتتحقق قاعدة مواصلات تعمل على إحداث التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، يضاف إلى ذلك أيضاً شركات النقل والتوزيع والاتصالات السلكية واللاسلكية.
... ومن ثم فإن عملية التمويل لا يجب أن تقتصر فقط على المشروعات الإنتاجية التي تقوم على استخدام عوامل الإنتاج المتوفرة في كل دولة إسلامية على حده، بل وبالضرورة يجب أن تتسع النظرة وتعبر الحدود المصطنعة بين هذه الدول لتقوم على التشغيل الفعال للموارد الإسلامية.
وهذا يقودنا إلى معرفة الدور الحقيقي الذي يمكن أيضاً أن تسهم به البنوك الإسلامية في مجال تعظيم الموارد الادخارية، وتنميتها وتطويرها ليس فقط من خلال إطارها النقدي، ولكن أيضاً وبشكل أكثر فعالية في إطارها غير النقدي.
المبحث الثاني: طبيعة أنشطة البنوك الإسلامية.
المطلب الأول: المخطط التنظيمي للبنوك الإسلامية.(1/19)
تخضع البنوك الإسلامية عموما في شكلها القانوني لنظام شركات المساهمة، يسمح هذا النظام للمدخرين المشاركة في تأسيس البنك إذا أرادوا ذلك ويتبع البنك في تأسيسه القواعد والإجراءات التي ينص عليها القانون في هذا المجال باستثناء واحد لا تخضع له والمتمثل في القوانين واللوائح التي تخضع لها البنوك التقليدية كرقابة البنك المركزي عليها وكما يخضع شكل البنوك الإسلامية القانوني لنظام شركات المساهمة كذلك يخضع النظام الداخلي بصفة عامة لنظام هذه الشركات.
... هناك في أعلى الهرم مجلس الإدارة الذي يعتبر الهيئة العليا في البنك من حيث رسم الأهداف ووضع السياسة العامة، واتخاذ القرارات الهامة وتحديد استراتيجية البنك، وتوجد جمعية عامة للمساهمين تمثل هؤلاء حسب عدد الأسهم التي يملكها كل منهم زيادة عن وجود مراقبين ماليين، وتنتخب الجمعية العامة أعضاء مجلس الإدارة الذي يعتبر مسؤولاً أمامها وفقاً لقواعد القانون التجاري والنظام الأساسي للبنك.
هذا هو الخط العام الذي تسير عليه البنوك لكن توجد في الواقع تفاصيل تنظيمية داخلية تختلف من بنك إلى آخر حسب اجتهادات أصحابها وتجاربهم والظروف الخاصة بنشاط كل بنك لكن توجد في هذا التنظيم الداخلي هيئة تنفرد بها البنوك الإسلامية وهي هيئة الرقابة الشرعية تتألف هذه الهيئة من علماء الشريعة تتولى مهمة الرقابة الشرعية على كافة عمليات البنك الإسلامي بهدف ضمان خلوها من المحرمات أو مخالفتها لأحاكم الشريعة الإسلامية ومن مهام هذه الهيئة أيضاً إصدار الفتاوى إذا اقتضى الأمر.
إن هيئة الرقابة الشرعية الموجودة في هرم السلطة لها سلطات واختصاصات رقابية هامة جداً ولا يمكن للبنك مزاولة نشاطه في حقل المال والأعمال بغير رقابة شرعية ترسم له حدوداً يمنع تجاوزها خاصة في وسط مصرفي يعمل في غالبه بالربا.(1/20)
... إن الهيكل التنظيمي للبنك الإسلامي إذا كان خطه العام متشابهاً مع شركات المساهمة، فهناك اختلافات جزئية كثيرة لهذا السبب اقترحت موسوعة البنوك الإسلامية نموذجاً للهيكل التنظيمي للبنك الإسلامي حتى لا تبعد أشكال البنوك بعضها البعض ونقدم هنا هذا النموذج دون غيره لأن الاختلافات الفرعية كثيرة وبالتالي تكون الهياكل التنظيمية كثيرة لا يسمح لنا المجال هنا لتقديمها، سنحاول أن نعلق بإيجاز عن هذا الهيكل بهدف الشرح والتوضيح.
في أعلى الهرم يوجد مجلس الإدارة الذي يعتبر الهيئة العليا في البنك وتحته مباشرة توجد الهيئة التنفيذية المتمثلة في المدير العام الذي يسهر على تسيير البنك وتنفيذ السياسة التي يضعها مجلس الإدارة يساعده في ذلك مستشارون في اختصاصات مختلفة كما تعمل هيئة الرقابة الشرعية والقانونية على مراقبة نشاط البنك والتأكد من شرعية عملياته ومطابقتها للشريعة الإسلامية ولقوانين البلد لاجتناب التعامل في الحرام من فائدة واستثمار في مشروعات غير مباحة.
وتأتي بعد المدير العام الإدارات المركزية تختص كل واحدة منها بقطاع معين.
قسمت الإدارة المركزية إلى خمسة:
1- إدارة الاستثمار.
2- إدارة الأعمال المصرفية.
3- التكافل الاجتماعي.
4- الإدارة العامة.
5- التخطيط والبحوث والتدريب والإعلام.
أ-إدارة الاستثمار:
... يمثل قطاع الاستثمارات إحدى المميزات الرئيسية للبنوك الإسلامية يقابلها في البنوك التقليدية قطاع القروض حيث تكتفي هذه الأخيرة بمنح القروض إلى القطاعات الاقتصادية مقابل فائدة ثابتة دون الأخذ بعين الاعتبار الخسارة أو الربح الذي يحصل عليه المشروع.(1/21)
أما البنوك الإسلامية فهي إما أن تستثمر أموالها مباشرة وإما عن طريق المشاركة مع الآخرين أو المضاربة أو المرابحة وبذلك تكون البنوك الإسلامية على شكل مؤسسات اقتصادية متنوعة الأنشطة ولا تتقيد البنوك بمجال معين في الاستثمار بل يمكن أن تستثمر في جميع النشاطات الممكنة كما يظهر ذلك من النظام الداخلي لإدارة الاستثمار مثل الصناعة والزراعة والتجارة والحرف والخدمات ... إلخ، من هذا كله يمكن اعتبار إدارة الاستثمار نظرياً على الأقل العمود الفقري للبنك الإسلامي والذي يجب أن يكون مركز اهتمام المسؤولين في البنك.
وداخل قطاع الاستثمار يعتبر الاستثمار المباشر والاستثمار بالمشاركة بدرجة أقل أهم نشاطات البنك الإسلامي نظرياً على الأقل.
على أساس إنهما الهدف الرئيسي الذي أنشئت لأجله البنوك الإسلامية وبالتالي يجب أن يحظى بكل الاهتمامات.
ب- إدارة الأعمال المصرفية:
... لا يختلف هذا القطاع في البنوك التقليدية إلا في نقطة واحدة والمتمثلة في عدم التعامل بالفائدة وتتمثل مهمته في فتح الحسابات المختلفة والاعتمادات المستندية وإصدار الصكوك وشراء وبيع العملات ... إلخ.
... وتتكفل هذه المديرية بإدارة فروع البنك، وكذا بعملية التفتيش والمراقبة وتنشيط عمل الفروع حسب ما تقتضيه السياسة العامة للبنك.
ج- التكافل الاجتماعي:
تعتبر هذه الإدارة من مميزات البنوك الإسلامية من مهامها الرئيسية جمع الزكاة وتوزيعها.
في الحقيقة يعتبر جمع الزكاة وتوزيعها من مهام الدولة وحدها فقط لكن الدول الإسلامية في معظمها لا تقوم بهذا الواجب الشرعي لذلك ارتأت البنوك الإسلامية القيام بهذا العمل في انتظار أن تقوم الدولة به.
إن جمع الزكاة وتوزيعها لا يعتبر إحدى مهام البنوك الإسلامية ومن العمليات المصرفية الضرورية بل لنقل إن هذا العمل تطوعي قبل كل شيء.(1/22)
إضافة إلى التكفل بالزكاة تقوم بعض البنوك بالعمليات التأمينية التي من المفروض أن تقوم بها شركات مختصة في التأمين.
وعمليات التأمين هذه تختلف عن التأمينات التقليدية حيث تراعي فيها أحكام الشريعة الإسلامية ويسمى هذا النوع من التأمين بالتأمين التعاوني.
لكن غالباً ما تقوم البنوك بإنشاء شركات تابعة لها تقوم بمهمة التأمين حتى لا يثقل العمل على البنك فتتشعب أعماله وبالتالي تتضاعف صعوبات التسيير.
تكون شركات التأمين التعاوني هذه إما فروعاً للبنك وإما شركات مستقلة يشرف عليها البنك.
زيادة على الزكاة والتأمين التعاوني تقوم مديرية التكافل الاجتماعي بخدمات اجتماعية مختلفة حسب الظروف والحاجات.
د- الإدارة العامة:
ككل الإدارات في كل الشركات تتكفل هذه الإدارة بالشؤون المالية للبنك كالحسابات والخزينة والشؤون الإدارية المختلفة مثل شؤون العمال والمخازن والصيانة ... إلخ.
هـ- إدارة التخطيط والبحوث والتدريب والإعلام.
ولها نفس المهام التي نجدها في الشركات والبنوك الأخرى.
المطلب الثاني: تنظيم النشاط في البنوك الإسلامية:
يعد نطاق التخطيط أحد الركائز القوية التي تستند إليها البنوك.وهو ضرورة حيوية لنجاح البنك الإسلامي وهو أمر لازم تحث عليه الشريعة وتستند إليه العقيدة حيث يقول الله تعالى على لسان سيدنا يوسف، قال:"تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون"، "ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون".سورة يوسف الآيات 47 إلى 49.فالتخطيط في البنوك الإسلامية يقدم على الحشد بجميع المقاومات والإمكانيات اللازمة للتعامل مع الأحداث المستقبلية وفي الوقت ذاته تحقيق أهداف البنك والأخذ بأسباب القوة لتوجيه قوى الفعل الاقتصادي لانماء الأمة.
وتمر عملية التخطيط في البنك بعدة مراحل أساسية هي:
أ – وضع الأهداف التي تحيط بالكليات الخاصة ومن بين هذه الأهداف مايلي:(1/23)
1- أن يكون المصرف أداة تلبية وانتفاع ونفع متبادل للمسلمين وعونا دائما لهم الذي يؤمن للمجتمع ولكل مسلم إشباع حاجاته في إطار حد الكفاية.
2- وضع المشروعات الخاصة بالبنك والتي يمكن في عملية التنمية.
3- النظم التوزيعية العادلة التي تكفل التوزيع العادل لناتج النشاط بين البنك وعملائه والتوزيع العادل يشكل معالم طريق وعلامات رسالة البنك وتوضع الأهداف في إطار موارد إمكانيات البنك المتاحة وفي إطار الظروف التي يباشر البنك فيها نشاطه.
ب- ترجمة الأهداف إلى برامج عمل حيث يقدم البنك بترجمة الأهداف التي يتخذها إلى برامج إنفاق نقدي بشكل واضح ومتوافق زمنياً مع كل مرحلة من مراحل تحقيق هذه الأهداف.
ومن هنا فإن الإنفاق النقدي في المصرف الإسلامي يتعين أن يكون له مقصد محدد وأن يسعى إلى تحقيق غاية معلومة ومن هنا فإن خضوع هذا الإنفاق للمعايير الإسلامية السليمة، يجعل من البنك الإسلامية أداة فعالة لتحقيق تنمية المجتمع.
وقد تأخذ برامج العمل التنفيذي شكل موازنات تقديرية أو جداول للتدفقات النقدية الداخلة والخارجية والتي من خلالها يتم إدارة الموارد المالية والنقدية بكفاءة عالية في البنك كما تأخذ هذه العملية شكل مجموعة من الوظائف التي يتبين القيام بها خلال مدة معينة أو شكل معين.
وأي ما كانت الصورة التخطيطية التي تكون عليها برامج العمل فإنه يتعين أن يتوافر فيها عدة شروط أهمها:
- القدرة على تنفيذها في الوقت المحدد وبالموارد المتوفرة.
- مناسبتها وعدم تعارضها أو ازدواجها ولها مرونة مناسبة للتوافق مع المتغيرات التي قد تصادف عملية التنفيذ.(1/24)
ج- وضع معايير سليمة وذلك حتى يتمكن متخذ القرار متابعة الأداء الفعلي ومقارنته بالأداء المخطط وفي الوقت ذاته حتى يمكن للقائمين بالعمل التنفيذي معرفة مقدار تقدمهم أو حجم الإنجاز الذي تحقق فضلاً عنه معرفة أوجه القصور والضعف الذي تظهر أثناء العمل التنفيذي وأسباب هذا القصور، وهل يرجع إلى أخطاء العملية المخططة أم في العملية التنفيذية أو في النواحي الإشراقية والتوجيهية ومن ثم يجب أن توضع هذه المقاييس في شكل كمي موضوعي سيسهل القياس بموجبه.
د- وضع نظام فعال لتدفق البيانات والمعلومات صعوداً وهبوطاً وعلى نفس المستوى وذلك نظراً لأن العملية المتكاملة لا تتم إلا في إطار من المعلومات المتدفقة المناسبة والحديثة والتفصيلية التي توفر لمتخذي القرار صورة واضحة عن الإنجاز الذي تم أو الظروف المحيطة بالعملية التقليدية.
هـ- الإشراف على التنفيذ الفعلي وقياس حجم الأداء المحقق وذلك بأن التخطيط يرتبط ارتباطاً عضوياً بالإشراف على التنفيذ ومن ثم فإن دور المخطط يتم استكماله بالإشراف على هذا التنفيذ ومتابعة الأداء المحقق في جمع مراحل الخطة.
و- تحديد أوجه الانحرافات وأوجه القصور وذلك بمعرفة أسباب الانحراف وهل يعود إلى نقص الإمكانيات أو سوء التخطيط أو نقص المهارات التنفيذية أو المعرفة أو سوء نظام إبلاغ الأوامر ... ذلك بتحليل هذه الأسباب ومعرفة الطرق المختلفة للتعامل معها وتحديد بدائل هذا التعامل اللازمة وتزويد متخذ القرار بها.
ل- القيام بالإجراءات التصحيحية اللازمة وذلك باختيار البديل الأمثل أو المناسب للبنك الإسلامي سواء من حيث العائد أو من حيث ملاءمته لظروف وإمكانيات البنك ومن ثم يقوم البنك باتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لمعالجة القصور في التنفيذ.(1/25)
م- مراعاة ومعالجة أسباب الانحرافات في الخطط المستقبلية حتى لا تحدث مرة أخرى، أي بنك لابد من إيجاد نظام وقائي يعالج الخطأ ويضمن عدم وقوعه مستقبلاً أو تكراره مرة أخرى ويرجع هذا ببساطة إلى أن البنك ما هو إلا ثقة أولاها الجمهور له وإذا حدثت به أخطاء اهتزت الثقة وتأثرت، وهي في حقيقتها رأسمال البنك الوحيد الذي يعتمد عليه.
المبحث الثالث: الخدمات المصرفية في البنوك الإسلامية.
يقوم البنك الإسلامي بالأعمال التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ويمكن القول أنه بإمكان قيام المصرف الإسلامي بالوظائف الرئيسية للبنك التجاري الحديث من قبول الودائع من العملاء وتحصيل المستندات التي تمثل بالنقود والنيابة عن عملائه، كما يقوم بالاستثمارات المخصصة في نوع أو أنواع من النشاط الاقتصادي في المجتمع كما يتم في البنوك المتخصصة ولكن المصرف الإسلامي سواء كان تجاري أو متخصص فمن الضروري أن يقر من المعاملات ما هو مشروع وفقاً لأحكام الشريعة، ويدعمه ويمتنع عن كل ما هو منكر ومخالف لأحكام الشريعة وعلى ذلك نجد أن للمصرف الإسلامي معاملات مباحة كثيرة، حيث يقوم المصرف بجميع الخدمات التي يقرها المشروع، وهي خدمات كثيرة ومتنوعة أهمها:(1)
المطلب الأول: الحسابات الجارية والودائع الادخارية
أ- الحسابات الجارية:
... وهي عبارة عن ودائع تحت الطلب، يستطيع أن يسحب المودع من حسابه متى شاء وله أن يسحبه بالكامل في أي وقت، وقد جرى العرف في البنوك الربوية على أن لا تعطي عملائها أية فائدة على هذه الحسابات، كما قد تفرض عليهم عمولة زهيدة مقابل العمليات الدفترية والمصاريف الفعلية التي أنفقتها كالتليفون والبرق والبريد وخلافه.
__________
(1) أحمد النجار، المرجع السابق، من ص 123 إلى 173.(1/26)
... ويجوز أن يقدم المصرف الإسلامي بمعاملة هذا النوع من الودائع (الحسابات الجارية) على نفس الوجه فيتقاضى عمولة كأجره له على عمله في إدارة الحساب الجاري وخدمته وله أن يسترد المصاريف الفعلية التي أنفقها كالتليفون والبرق والبريد إذا لم ينص على أن العمولة شاملة لها.
ب- الودائع الادخارية:
... وهي ودائع صغيرة غالباً، ويعطى صاحبها عادة دفتر توفير وله الحق في سحب بعض أو كل هذه الوديعة في أي وقت شاء.
والشريعة الإسلامية تحرم التعامل بالربا بجميع صوره تحريماً قاطعاً، فالمصرف الإسلامي يقبل هذه الودائع على النحو التالي:
1- يقبلها قرضاً حسنا دون أن يدفع لأصحابها أي فائدة ربوية، ويمكن للبنك أن يستفيد من المبالغ التي تتجمع لديه عادة في استثمارات مناسبة مشروعة، ولا يحول ذلك دون إلزام البنك بالاستجابة لطلبات السحب من هذه الودائع فوراً وفي أي وقت يشاء العميل.
2- يخير المصرف الإسلامي صاحب الوديعة بأن يدعها في حساب الاستثمار مع المشاركة في الأرباح وبين أن يودع جزءاً منها في حساب الاستثمار ويترك جزءاً آخر لمقابلة السحب وفقاً لاحتياجاته.
... ونود الإشارة إلى أن مثل هذه المعاملة من المصرف الإسلامي لا تحد من حجم الودائع الادخارية لديه، فإننا قد رأينا في البنوك الربوية أن بعض المودعين يضعون ودائعهم مع تنازلهم عن الفوائد والبعض الآخر يضعها في صناديق توفير البريد بدون فوائد ولا شك أن كلهم يتجهون إلى المصارف الإسلامية بعد انتشارها واتساع مجال خدماتها الإقليمي بالإضافة إلى ذلك نظام في الأرباح لمثل هذه الودائع اتخذ أشكالاً متعددة ومتنوعة يشجع صغار المودعين ولكن مع هذا فإن حجم هذه الودائع النسبي في الغالب الأعم صغيراً وأصحابها ليسوا من كبار رجال المال.
المطلب الثاني: الودائع لأجل والتحويلات النقدية
أ- الودائع لأجل:(1/27)
... وهي ودائع بعيدة المدى، لا يسترد منها شيء إلا بعد ستة أشهر مثلاً، ويقبل المصرف الإسلامي هذه الودائع ويتفق مع أصحابها على استثمارها بالمشاركة في ناتج الاستثمار إن غنماً وإن غرماً، ويقوم المصرف وكيلاً أو نائباً عن أصحاب هذه الودائع إما باستثمارها مباشرة بواسطته أو يدفعها إلى من يعمل فيها على شروط العقود التي يقرها الإسلام، وهي عديدة متنوعة فمنها ما هو مضاربة ومنها ما هو مشاركة ومنها ما يجمع بين المضاربة المشاركة وكلها صور أجازتها المذاهب المختلفة.
ويجب على المصرف الإسلامي أن يتبع نظم المحاسبة والتكاليف التي يمكن بموجبها إعطاء كل ذي حق حقه، وإنه لدينا من هذه النظم والأساليب ما يحقق الهدف المرجو.
ب- التحويلات النقدية:
... هي أن يقوم المصرف بتحويل النقود من مكان إلى آخر، كأن يدفع شخص إلى المصرف مبلغاً من المال في السعودية ويأخذ هذا المبلغ تحويلاً على مصرف في مصر، أو أن تحل للمصرف السعودي تسليم المبلغ لشخص آخر في مكان آخر بطرق عديدة ومقابل أجور زهيدة.
وقيام المصرف بمثل هذه العمليات وأخذ عمولة أو أجر عليها جائز، وهو أجرة مشروعة(1)، وقد تكون عمليات التحويلات النقدية داخلية أو خارجية وتتضمن شراء وبيع العملات الأجنبية، فالعمولة التي يتقضاها المصرف والمصاريف الفعلية التي يستردها ليست من قبيل الربا، وتقديم هذه الخدمات للعملاء يمثل أحد مصادر الإيرادات لهذه المصارف.
المطلب الثالث: الشيكات وبيع وشراء العملات الأجنبية
أ- الشيكات:
هي أوامر من العميل إلى المصرف الذي أودع في الحساب الجاري ليدفع إلى شخص ثالث أو لحامله المبلغ المدون في الشيك، والشيك على هذه الصورة تنفيذ لعقد الودعية بين المصرف والعميل وهو تصرف لا غبار عليه وبريء من إثم الربا.
__________
(1) أحمد النجار، مرجع سابق، ص 181.(1/28)
إصدار الشيكات للسفر قد يحتاج المسافر إلى نقد يسهل تداوله في البلاد التي يسافر بها، فيشتري مقداراً معيناً من النقد ويأخذ شيكاً "نقود مصرفية" له قوة النقد يبيعه في أي مكان بنفس المبلغ الذي عليه أو بقيمة من عملة أخرى وذلك أيسر تداولاً وأسلم من حمل النقود وهذا من قبيل الصرف المباح لأنه تم التقايض في المجلس باستلام صاحب أوراق النقد للشيك وهو نقد مصرفي.
ب- بيع وشراء العملات الأجنبية:
لا يوجد ما يمنع المصرف الإسلامي من القيام بعمليات بيع وشراء العملات الأجنبية لغرض توفير قدر كاف منها لمواجهة حاجة العملاء ولا جل الحصول على ربح حلال فيما كانت أسعار الشراء أقل من أسعار البيع، ما دام المصرف يراعي في ذلك أحكام الشريعة الغراء.
فلا يخالف أحكام الصرف ولا يدخل في دائرة الربا.
المطلب الرابع: الأوراق التجارية وعمليات الأوراق المالية
أ- الأوراق التجارية (الكمبيالات والسند لأمر):
يقوم البنك الإسلامي بتحصيل الأوراق التجارية أي مستندات الديون التي يضعها الدائنون لدى المصرف ويفوضونه بقبضها، وما يأخذه من عمولة ومصاريف في هذا الشأن مقابل أجر على العمل.
ولكن لا يستطيع المصرف الإسلامي أن يقوم بخصم الكمبيالات أي يدفع قيمة الدين المحرر عند تقديم الكمبيالة مخصوماً منه سعر الفائدة أو ما يقابله عن مدة الانتظار فذلك من الربا.
إن المصرف الإسلامي يستطيع ان يعالج القيام بهذه العملية على أحد الوجهين التاليين:(1)
أ- أن يدفع قيمة الكمبيالة كاملة ويتفق مع المدين على أن يكون المبلغ الذي قام البنك بسداده بمثابة تمويل يشارك المدين في ناتجه على شروط أحد العقود الصحيحة في الإسلام.
__________
(1) أحمد النجار، المرجع السابق، 127/128.(1/29)
- إذا كان المستفيد من الكمبيالة عميلاً في المصرف له حساب جاري فيه فإن المصرف يستطيع أن يصرف لهذا المستفيد قيمة الكمبيالة كاملة بغير أن يخصم من قيمتها ما تخصمه البنوك الربوية عن مدة الانتظار وليس في ذلك ظلم أو غبن على المصرف(1)1) فالمصرف يستثمر الحساب الجاري لهذا المودع ولا يؤدي إليه أية "فائدة" فلماذا لا يصرف كمبيالاته إلا بعد خصم فائدة من قيمتها ؟
وبهذا فإن شروط جواز هذه العملية في المصرف الإسلامي يكون مرتهنا بثلاث شروط:
الأول: أن يكون للعميل المستفيد من الكمبيالة حساب جاري في المصرف.
الثاني: أن يكون هذا الحساب في المتوسط السنوي لا يقل عن ثلث أو نصف قيمة الكمبيالة التي تقدم للمصرف لصرفها، وذلك حتى لا يساء تقديم الكمبيالة للمصارف لدفع قيمتها بكثرة قد تعرقل سيولة رصيدها النقدي.
الثالث: أن يرافق بالكمبيالة الفاتورة أو المستند الدال على موضوعها ضماناً للجدية.
والشرط الثالث مؤداه منع الكمبيالة المجاملة والمسلم الصادق لا يمكن أن يصدر منه مثل هذا التصرف.
ب- عمليات الأوراق المالية:
تتعدد العمليات التي تقوم بها البنوك فيما يتعلق بالأوراق المالية ويمكن أن نجملها فيما يلي:
1- حفظ الأوراق المالية.
2- خدمة الأوراق المالية (تحصيل كوبوناتها، صرف المستهلك منها، استبدال الأوراق المجدد إصدارها).
3- طرح عملية الاكتتاب في الأوراق المالية.
ويقوم المصرف الإسلامي بهذه الأعمال مقابل أجرة يأخذها من عملية ولكن قيام المصرف بهذا النشاط يرتهن بمشروعية الربح الخاص لهذه الأوراق المالية التي يحتفظ بها ويخدمها فإذا كان ربح هذه الأوراق ربحاً تجارياً كربح الأسهم جاز قيام البنك بهذه الخدمة، لأن السهم يعني حصة الشريك في رأس مال الشركة والشرع.
__________
(1) محمد عبد الله العربي، النظم الإسلامية، معهد الدراسات الإسلامية، القاهرة، ص 6/7.(1/30)
كما سبق القول بأن الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم لا فرق في ذلك بين القرض الاستهلاكي والقرض الإنتاجي أو الاستثماري وأن الربا كثيره كقليله حرام، لهذا نجد أن الصورة في المصرف الإسلامي تختلف تماماً عما في المصارف الربوية تلك التي تقرض مقابل فائدة معينة ولا يعنيها نوع النشاط وكل ما يعنيها استرداد القرض وفوائده الربوية ولكن المصرف الإسلامي لا يقدم ما لديه من أموال على هذه الصورة وإنما يقدم المصرف الإسلامي أمواله إلى الطالبين بعد بحث وتقييم المشروعات التي يتقدمون بها ومجالات الاستثمار ليختار منهم أكثرهم خبرة وأوسعهم معرفة في مجال استثمارهم وأكثر المشروعات نفعاً للمجتمع فيقوم المصرف بالتمويل على شروط العقود التي تقرها الشريعة الإسلامية فيدفع للعامل في المال ما اتفق عليه من الربح أو يشارك في الخسارة طبقاً لشروط العقد.
وهنا نجد أن الأعمال الممولة تتفق وأحكام الشريعة فلا يوجد بينها أعمال محرمة كما أن المصرف لا يتعامل بالربا بل يقوم بالتمويل طبقاً للعقود المعتبرة شرعاً، وهذه سمة مميزة لنشاط المصرف الإسلامي وهوية اقتصادية مميزة قائمة على الكتاب والسنة ومصادر التشريع الإسلامي التي تحكم الممارسات المالية، تؤدي إلى زيادة الاستثمارات وتساعد على التنمية الاقتصادية وتدعمها بما يعود على المجتمع بأكمله بالخير ويحقق الرخاء الاقتصادي دون تضخم قد تسببه أسعار الفائدة في النظام الربوي ودون خلق للائتمان ومضاعفته مما يزيد من حدة التضخم ويصعب التحكم فيه.
لا يمنع من عرض هذه الأسهم للبيع والشراء ولا يمنع من بيعها أكثر أو أقل من قيمتها الاسمية(1)وإن كان ربحاً ربوياً كفوائد السندات فلا يجوز للمصرف القيام بخدمة هذه الأوراق، فالسندات هي جزء من قرض للشركة فهو دين عليها.
__________
(1) عبد العزيز الخياط "الأسهم والسندات"، بحث مقدم لندوة الاقتصاد الإسلامي، معهد البحوث والدراسات العربية، بغداد، 1403 هـ/1998م.(1/31)
وأيا كان نوع السندات عادية أو مضمونة أو غير ذلك فهي محرمة ما دامت بفائدة ثابتة معينة بل أن بعضها أشد إيغالا في الحرمة، كسندات الإصدار بعلاوة، وهي التي يستردها صاحبها بأزيد مما أقرض به الشركة مضافاً إليها الفائدة السنوية الثابتة، ومنها أيضاً سندات النصيب وهي نوع من أنواع القمار الذي حرمه الله تعالى بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون".سورة المائدة الآية92 .
وأياً كان شكل السندات اسمية أو حاملة فهي كذلك غير جائزة لما فيها من الفائدة الربوية من جهة إلى ذلك جهالة الدائن.(1)2)
أما قبول المصرف القيام بعملية اكتتاب لبعض الشركات فهو مرتهن كذلك بصحة تركيب الشركة من ناحية الشرعية ومشروعية النشاط الذي تقوم به.
ويكون المصرف في قيامه بهذه العملية وكيلاً عن عميله ويأخذ أجرة مقابل هذه الأعمال.
المطلب الخامس: الاعتمادات السندية وحكم عمولة خطاب الضمان
أ- الاعتمادات السندية:
... هي عبارة عن تعهد من المصرف بأن يدفع للمصدر قيمة البضائع المشحونة مقابل تقديم المستندات التي تثبت أن الشحن قد تم وبعد التأكد من مطابقة هذه المستندات لشروط الاعتماد.
ويجوز للمصرف الإسلامي أن يقوم بفتح الاعتمادات المستندية ويحصل على أجرة أو عمولة مقابل تعهده عن العميل المستورد بسداد ثمن البضائع للمصدر ومطالبة الأخير بمستندات الشحن وإيصالها إلى المستورد (المشتري) ليتأكد من أن المستندات مطابقة لشروط الاعتماد أي أن البضاعة مطابقة للمواصفات المطلوبة و السابق الإنفاق عليها.
__________
(1) محمود محمد نور، مرجع سابق.(1/32)
وأجرة المصرف واستراده لما قام به من مصاريف فعلية أو ما يأخذ من عمولة سواء نظرنا إلى ذلك على انه وكالة أو حوالة أو ضمان (مع اختلاف في المذاهب) وتقاضى المصرف أجراً نظير أتعابه في التخليص على البضائع الواردة لعملائه واستلامها يمكن اعتباره من قبل الأجر.
ولكن المشكلة التي تثار هنا أن للاعتماد قد يكون غير مغطى بالكامل أو أن جزءاً منه غير مغطى يحصل البنك المراسل المستحقة طيلة الفترة التي تسبق تحصيلها في الخارج وكل ذلك ربا محرم، وعلى المصرف الإسلامي أن يتجنب ذلك بكافة الطرق ولكنه إذا اضطر إلى التعامل مع هذه البنوك الربوية لحاجة البلاد الماسة إلى البضائع المطلوب فتح الاعتمادات المستندية لها، فهذه ضرورة يجب أن تقدر بقدرها طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
ب- خطابات الضمان:
... يمكن أن يقوم المصرف الإسلامي بإصدار خطابات ضمان لعملائه وهو في ذلك يعتبر وكيلاً عن العميل في تنفيذ الالتزام في مواجهة المستفيد أو كفيلاً ضامناً للعميل لدى الدائن وله أن يأخذ أجرة على ذلك ويسترد ما تكبده من مصاريف ويلزم أن يكون للعميل وديعة لدى المصرف تغطي قيمة خطابات الضمان بالكامل.
ولكن إذا لم يكن هذا الغطاء كافياً فإن المصرف يستطيع أن يقدم خطاب الضمان لعميله على شروط المشاركة، ويكون خطاب الضمان في هذه الحالة بمثابته تمويل لعامل يقوم في المال بعمله.
حكم عمولة خطاب الضمان:
قد أرسل رئيس مجلس إدارة بنك دبي الإسلامي إلى الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر.(1)
سؤال: "كتاب الضمان الذي يقدمه البنك لعملائه ومدى أحقية البنك في تقاضي نسبة تتناسب مع حجم الضمان علما أن الجهد المبذول من البنك في أغلب الحالات لا يرتبط بحجم مبلغ الضمان".
__________
(1) ... نشرة الاقتصاد الإسلامي "بنك دبي الإسلامي"، العدد الخامس ربيع الثاني 1402 هـ، ص 39 وما بعدها.(1/33)
الجواب: فتوى صادرة عن الأزهر، مكتب الإمام الكبير شيخ الأزهر وبتوفيقه في 27 ربيع الآخر 1397هـ ونصها:
أما حكم كتاب الضمان الذي يقدمه البنك لعملائه ابتداء أو انتهاء ومدر أحقية البنك في تقاضي نسبة مئوية أو محددة متفق عليها بين البنك أقل مما يتناسب مع حجم الضمان فإننا نفيد:
أن الفقهاء قد فرقوا بين أنواع الكفالة حسب الموضوع الذي يتعلق به من كفالة بالمال وكفالة بالنفس.
وفرقوا في الكفالة بالمال بين الكفالة التي تكون موضوعها الالتزام بأداء دين أو الالتزام بتسليم عين أو ضامن خلوص المال المبيع من كل ما عليه للغير من حقوق وهو ما يعرف بضمان الدرك عند الحنفية ويسمى ضمان العهدة عند غيرهم، ومعظم الحالات التي تستعمل فيها خطاب الضمان المصرفي بناء على ما ذكر في السؤال تعد في أكثرها من نوع كفالة الدين.
والكفالة في الاصطلاح الفقهي هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة كما هو مذهب أكثر الحنفية، أو في المطالبة والدين كما هو مذهب الشافعية والمالكية ورواية عن أحمد.
والمقصود من ذلك على كلا الرأيين هو تأكيد التوثيق، وهو الغاية المرادة من خطاب الضمان المصرفي وإذا كان القانون قد أجاز خطاب الضمان بإيجاب من المصرف دون توقف على قبول المستفيد، فإن الإمام أبا يوسف في قوله الأخير لم يجعل القبول ركناً في الكفالة بالنفس أو المال تتوقف عليها صحتها وهو مذهب الثلاثة.
كما ذهب الحنفية إلى جواز رجوع الكفيل على المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره ونقله السرخسي في المبسوط، كما نقل صاحب البحر الزخار جواز الرجوع بدلالة المادة، ولا خوف في جواز الكفالة إلى أجل معلوم، ويرى أكثر الفقهاء جواز الضمان قبل وجوب الحق وبعده.
وبناءاً على ما تقدم:
نرى ان خطاب الضمان المصرفي يتضمن معنى الضمان والكفالة، لكنه التزام من المصرف للمستفيد كما يتضمن معنى الوكالة حيث يقوم المصرف نيابة عن عميله بإجراءات إتمام ما يشتمل عليه كتاب الضمان و تسهيلها.(1/34)
ويستحق ما يدفعه المصرف على الأمر في دفعه للمستفيد إن كان الوكيل يستحق كل ما أنفقه على موكله طبقاً للقواعد العامة.
لذلك:
يحل للمصرف أخذ عوض لقاء قيامه بما وكل إليه من اتخاذ إجراءات خطاب الضمان المصرفي بالإضافة إلى المصروفات لأن الكفالة بالأمر ما هي إلا الوكالة بالأداء.(1/35)
الفصل الثاني: تحديد العلاقة بين البنوك الإسلامية و التنمية الاقتصادية
... ارتبطت البنوك الإسلامية منذ ظهورها في مصدر الإسلام ممثلة في بيت المال بالتنمية الاقتصادية ارتباطاً وثيقاً، إذ ساهمت بدور هام في تحقيقها(1). باعتبارها فرض من فروض الكفاية، إذ تقم بها الأمة ممثلة في حكامها و مؤسساتها و محكميها(2).
... و قد تعمق هذا الارتباط حديثا نتيجة لإدراك الأمة الإسلامية لمدى حاجتها إلى النهوض بمستوى معيشة شعوبها، وأي تحقيق تنمية اقتصادية متجانسة ومتوازنة لدولها على أساس المبادئ و المثل الإسلامية.
... لذلك اعتبرت البنوك الإسلامية الإدارة الرئيسية لحشد المدخرات واستخدامها في توفير السيولة النقدية لشتى الأنشطة الاقتصادية بصفة عامة، وفي تمويل المشروعات الاستثمارية بصفة خاصة، بمساهمة في إحداث تنمية شاملة جادة و متجددة في العالم الإسلامي وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية(3).
... و هي بذلك ـ أي البنوك الإسلامية ـ تختلف كثيراً من البنوك التقليدية (الربوية) و علاقتها بالتنمية الاقتصادية، حيث اختلفت أراء علماء الاقتصاد المعاصرين في تحديد أبعاد هذه العلاقة و تنوعت بين مؤيد
و موسع ونافي.
... و يتطلب تحديد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الاقتصادية تناول أبعاد علاقة البنوك التقليدية بالتنمية الاقتصادية لدى علماء الاقتصاد المعاصرين بالدراسة أولا، ثم نتبعها بأبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الاقتصادية لدى علماء الاقتصاد الإسلامي.
المبحث الأول: أبعاد علاقة البنوك التقليدية (الربوية) بالتنمية الاقتصادية لدى علماء الاقتصاد المعاصرين
__________
(1) "التنمية الاقتصادية في الاسلام " مرجع سابق ،ص 104
(2) زين العابدين "الأشياه و النظائر " ، دار الطباعة العامرة،ت 970ه، اسطنبول، 1290ه، ص 410.
(3) عبد الحميد الغزالي، علي حافظ مصور "مقدمة في اقتصاديات النقود و التوازن الكلي" ، ص 176.(1/1)
... لم يهتم علماء الاقتصاد المعاصرون بدراسة أبعاد علاقة البنوك التقليدية (الربوية) بالتنمية الاقتصادية إلا حديثا، وبالتحديد عقب ظهور كتاب (شومبيتر)(نظرية التطور الاقتصادي) عام 1911 و الذي أبرز فيه لأول مرة أبعاد هذه العلاقة و الدور الهام الذي يمكن للبنوك أن تقوم به في تمويل التنمية الاقتصادية من خلال أبعاد هذه العلاقة و الدور الهام الذي يمكن للبنوك أن تقوم به في تمويل التنمية الاقتصادية من خلال مساهمتها في عملية تكوين رأس المال عن طريق إصدار الائتمان، إذ يسمح الائتمان المصرفي بالتوسع الاقتصادي و بتكوين رأس المال رغم الإدخارات لا تكون كافية لمثل هذا التوسع، كما أن اتساع الإنتاج بتضخيمه
في نفس الوقت للدخول النقدية يستطيع أن يوفر الوسائل التي يمكن عن طريقها تصفية الائتمان نفسه، تاركا خلفه قوة شرائية أكبر و دخولا نقدية أضخم(1).
... ورغم تأكيد هذا الكتاب، ـ و الذي ظهرت طبعته الأولى باللغة الألمانية ـ إلا أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي من الاقتصاديين يوم ذاك ولذلك فقد استمر إهمال تحديد علاقة البنوك التقليدية (الربوية)بالتنمية الاقتصادية مدة أخرى.
__________
(1) Cambirdge, Harvard university press’’ The theory of economy development’’Schumpeter J.A
1947) P:107
(2) عبد المنعم السيد علي "دور السياسة النقدية في التنمية الاقتصادية" ، معهد البحوث و الدراسات العربية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 1975، ص 50/49.
(3) Moulton, H.G,’’controlling factor in economi development’’ Washington; D.C the brooking institution, 1949, P:31.(1/2)
... و قد كانت هذه الفترة مرحلة زمنية سادت فيها النظرة الاقتصادية الكلاسيكية التي كانت تذهب إلى أن النقود ليست إلا حجابا يخفي خلفه تبادلا حقيقيا بين السلع و الخدمات وأنها ما هي إلا وسيلة لتسهيل عملية التبادل هذا في السوق، و أنها لا تطلب لذاتها كخزين لقيمة شرائية يمكن الحفاظ بها لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر.
... أن البنوك تعمل فقط كوسيلة بين المدخرين (المودعين) و المستثمرين (المفترضين) وأنها بتوسطها هذا تعمل على تسهيل انتقال وسائل الدفع من الأولين ذوي الفوائض المالية الناتجة عن دخول لا ينفقون جزء منها على السلع و الخدمات الاستهلاكية، إلى الآخرين الذين يستثمرونها في أوجه إنتاجية، متعدين في إنفاقهم الاستثماري هذا ما يحصلون عليه من دخول، و قد أنكرت المدرسة الكلاسيكية على البنوك قدرتها على إصدار قوة شرائية جديدة يمكن وضعها تحت تصرف المنظمين و المستثمرين الذين لا تتيسر لديهم الأموال اللازمة من مواردهم الخاصة (2).
... و لم تستمر هذه الفترة طويلا حيث ظهر تأثير آراء (شومبيتر) على بعض اقتصادي أوروبا بعدئذ، فظهر نظريون نقديون في ألمانيا ركزوا انتباههم على الوظائف الأساسية للبنوك ودورها، ليس فقط في تكوين رأس المال، وإنما أيضا في توليد الدورات التجارية و كان من بين هؤلاء (البرت هان) Albert Hahmالذي نشر بالألمانية كتابه (نظرية الائتمان المصرفي) عام 1920 مؤكدا فيه ـ متابعا بذلك (شومبيتر) ـ "أن الأساس الضروري لنظرية الدورات التجارية هو إدراك طبيعة و وظائف الائتمان في العملية الاقتصادية"(3) و أن الودائع المشتقة، وليست الودائع الرئيسية، هي الظاهرة الأساسية في العملية المصرفية، فليست البنوك مجرد مؤسسات لاقتراض النقود و من ثم إقراضها، و إنما هي تتعامل بالائتمان بالمعنى الحرفي (الثقة) و بذلك تصبح الفائدة
مقابلا لتلك (الثقة) بعدما كانت ثمنا للادخال.(1/3)
... وهكذا أوضح (هان) و منقبله (شومبيتر) علاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية وقدرتها على إصدار ائتمان يفوق ما لديها من ودائع رئيسية و احتياطات نقدية بما يمكنها من القيام بدور فعال في تكوين رأس المال و في تمويل التنمية الاقتصادية(1). ...
... كما برهنت تجارب بعض الأقطار الصناعية، في أوروبا خاصة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على مدى أهمية الدور الذي قامت به البنوك في تصنيع هذه البلدان وفي تحقيق تنمية اقتصادية سريعة وحثيثة فيها.
... وعلى الرغم من وضوح علاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية على النحو السالف الذكر فقد اختلفت أراء الاقتصاديين المعاصرين حول مدى فاعلية دور البنوك في التنمية الاقتصادية. و تدور أساسا حول اتجاهين متعارضين، فبينما يؤكد البعض أهمية هذا الدور يتجه البعض الآخر إلى الإقلال من شأنه، و يقف بيم الاثنين فريقا يأخذ موقفا وسطا أساسه أنه من الممكن أن تقوم البنوك بدور هام في التنمية إلا أنه يمكن كذلك أن تحدث التنمية رغم عدم وصول البنوك إلى درجة النمو الكامل إذا كانت سياسات مالية و ضريبية و تعليميةرشيدة كما أنه من الممكن ألا تحدث التنمية بالدرجة المطلوبة لنقص كفاءة المؤسسات و التنظيمات الأخرى رغم تقدم البنوك و سوف نعرض لتلك الآراء على النحو التالي:
المطلب الأول: الآراء التي تشير إلى أهمية دور البنوك في التنمية الاقتصادية
... يجيء في مقدمة الآراء التي تشير إلى أهمية دور البنوك في التنمية الاقتصادية (أدلمان وموريس)(2) و(جولد سميث)(3) و (باتريك)(4) و (كاميرون)(5) و (ماكينوك)(6) و (شو) ، (جيرو شنكرون). ... و يجدر الإشارة الى أن هذه لآراء (شومبيتر) في تحليله لمسار النمو الاقتصادي الرأسمالي عندما اعتبر عاملي البنوك و لمنشآت المالية من ناحية، و التنظيم التجديد من ناحية أخرى هما المحاور الرئيسية للتنمية الاقتصادية باعتبارها شروط لازمة وواجبة.
...
((1/4)
1) "دور السياسة في التنمية الإقتصادية"، المرجع السابق، ص53.
2)Diamond , « Developement bank » (Baltimore,Johns Hopkins university press , 1957) PP 19-40.)
Irma Ahmed and Cynthia Morris, « Society politics and economic development »
(a quantitative approche ; Baltimore, Johns Hopkins press,1967) PP : 8-23.
(3) Remond Goldsmith, « Financial structure and devlopment » (New Haven, Yale univertsity, 1969).
(4) Hungh Pratich, « Financial developement and economic growth in inder developed countries ».
(Economic development and cultural chang 14,N°2 January1966) PP 101-104. ...
(5) Rando Cameron, Ed « Banking and economic development some lessons of history » (New York, Oxford university press, 1972). P :25
(6) Ronald Mckinnon « Money and capital in economic development » (Washintong D.C brooding institution, 1973) PP : 89-117.
و نظرا لاختلاف أسلوب تقييم مدى فاعلية البنوك في التنمية الاقتصادية تبعا للأهداف المأمولة و التي تختلف في تقديرها من باحث لآخر فقد تعددت مناهج الباحثين السابقين ذكرهم في هذا الصدد فمنهم من اتبع المنهج الكمي أو المنهج التحليلي. المستند إلى الفقه الاقتصادي، و منهم من اتبع منهج الدراسة الشاملة لمساهمة البنوك في التكوين الرأسمالي و التنمية الاقتصادية، و منهم من اتبع منهج البحوث التطبيقية بغرض اختيار الفروض و النظريات التي انتهى إليها الفكر الاقتصادي.
... و سوف نعرض لتلك المناهج بالقدر المناسب من خلال الفروع الثلاثة التالية:
الفرع الأول:المنهج الكمي أو التحليلي(1/5)
... يعتبر كل من (أدمان و مريس) و (جولد سميث) و (باتريك) من أنصار اتباع المنهج الكمي أو التحليلي المستند إلى الفقه الاقتصادي و رغم اتفاقهم على قياس أثر الآداء المصرفي في الناتج القومي سواء تم ذلك من خلال عنصر أو أكثر من العناصر المعتبرة عن الأداء المصرفي من ناحية، و كذا الأمر بالنسبة للناتج القومي من ناحية أخرى وأنهم لم يتبعوا أسلوبا موحدا في إبراز علاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية وفقا للأهداف الراسخة في ذهن كل منهما، و من ثم اختلفت النتائج التي خرج بها كل منهم عن الآخر.
... لذلك بحث (أدلمان و موريس) مدى مساهمة البنوك في التنمية الاقتصادية وفقا لنموذج كمي يقوم على التغيرات القابلة للقياس الرقمي و التي تحدد التنمية الاقتصادية المرتقبة للدولة، وشملت دراستها نحو 74 دولة نامية عن السنوات من 1920 إلى 1963 لقياس الأثر لنمو 39 متغيرا اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا على قدرة هذه الدولة على تحقيق التنمية، و أتضح لها من بين 14 متغيرا اقتصاديا أن مستوى تقدم البنوك و المنشآت المالية هو أفضل المؤشرات لتحقيق التنمية الاقتصادية.
... و لقد أشار الباحثان إلى أن الزيادة في مدخرات البنوك و حجم القروض الممنوحة للنشاط الاقتصادي تعكس مدى فاعلية دور البنوك في التنمية.
كما أسهمت دراستها إلى حد ما في إلقاء الضوء على أهمية ما للبنوك و أثر ذلك على الإسراع بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية. و يثور التساؤل في هذا الشأن عما إذا كان إنماء البنوك ضروري حتمية و سابقة لأحداث التنمية ؟ أم أن نموها يأتي من خلال الاقتصاد القومي و كناتج لذلك النمو و ليس سببا له ؟(1/6)
... كما تناول (جولد سميث) في محاولة تطبيقية بحث هذه العلاقة من التجارب الحديثة للدول فقام بإجراء دراسة عن الهيكل التمويلي و التنمية لخمسة وثلاثين دولة متقدمة و نامية لإيجاد العلاقة الكمية بين الهيكل المالي و بين البناء الأساسي للاقتصاد القومي و انتهت الى القول أنه باستثناء الدول التي تتبع أسلوب التخطيط المركزي. هناك مسار واحد بين التنمية المالية و النمو الاقتصادي.
... كما تناول (باتريك) بالتحليل بحث علاقة السببية بين النمو المالي و النمو الحقيقي وفرَّق في هذا الصدد بين نوعين من نظم التمويل.
أ- التمويل التابع للطلب
... و هو التمويل الناتج عن التنمية في الجانب الحقيقي، فبانتقال الاقتصاد من الكيان التقليدي للإنتاج إلى الشكل الأكثر تعقيدا ليصبح بصفة عامة اقتصادا نقديا، يتولد حجم معين من الطلب على خدمات المنشآت المالية. و بعبارة أخرى ينشأ مثل هذا الطلب نتيجة لنمو حاجة المنشآن للتمويل الخارجي و بخاصة عندما تعجز أرباحها المحتجزة عن الوفاء باحتياجاتها للتوسع و النمو مما يستوجب تواجد منشآت مالية جديدة كنوع من الامتداد للفكر القائل بأن الطلب يخلق العرض اللازم له.
... و يرتبط نظام التمويل التابع للطلب بالنظام المصرفي الإنجليزي في أواخر القرن الثالث عشر و أوائل القرن التاسع عشر، حيث اختلف المؤرخون في تقدير مدى مساهمة الجهاز المصرفي في التنمية الاقتصادية في إنجلترا. و باعتبار أن العمليات المصرفية كانت تتميز بالحذر و التقليد و عدم الابتكار و منع القروض قصيرة الأجل فقط.
ب- العرض التمويلي القائد(1/7)
... و مفاده أن عرض الخدمات في البنوك و المنشآت المالية يخلق الطلب عليها، و الأمثلة السائدة تاريخيا لظاهرة العرض التمويلي القائد و جدت في ألمانيا منذ عام 1830م، و اليابان منذ عام1830م،ففي هذه النماذج تقوم البنوك و المنشآت المالية بدورها كقطاع قائد أي أن وحدات الجهاز المصرفي وجدت قبل أن يكون الطلب على أصولها و التزاماتها قد نشأ بعد.
... و يمكن لنظام العرض التمويلي القائد أن يقوم بدور مباشر في تنمية عنصر التنظيم، و ذلك بإمداد الخدمات غير التمويلية للوحدات الاقتصادية ففي بعض الحالات تساهم البنوك في الترويج و الرقابة لمشروعات صناعية، فالثابت تاريخيا أن البنوك الألمانية قدمت للمشروعات الصناعية رؤوس أموال قصيرة و متوسطة الأجل وكذلك مساعدات غير مالية و يقال أن مديري البنوك اشتركوا في غالبية القرارات المالية و كذلك في المعلومات اليومية في الشركات الصناعية و نادرا ما تأسست شركة مساهمة خلال الفترة ما بين1830م -1870م دون اشتمال مناصبها الإدارية الرئيسية لمصرفي أو أكثر، سواء على مستوى المناصب التي تتخذ القرارات في العمل اليومي أو على مستوى مجلس الإدارة.
... هذا وقد يتداخل النظامان (التمويلي التابع للطلب، و العرض التمويلي القائد) مما في مختلف الاقتصاديات في أي وقت و عبر أي فترة من الزمن.
... لذا اتنهى (باتريك) الى سيادة نظام العرض التمويلي القائد في مراحل التنمية الأولى للدول النامية، بينما يكون الاعتماد على البنوك و المؤسسات المالية و التنظيم في الدول المتقدمة أقل حدة، فضلا عن أن الدور الذي يتم به التحديد التمويلي في إزالة بعض المعوقات الرئيسية للتنمية الاقتصادية، ليس ثمة حاجة عليه في لاقتصاديات المتقدمة.(1/8)
و هكذا يتضح من دراستنا للمنهج الكمي أو التحليلي أن (أدلمان و موريس) قد تناولا أثر الجانب المالي على الجانب العيني في عموميته ضمن باقي العوامل الأخرى المؤثرة على الجانب العيني و تدرج (جولد سميث) الى العمق الأكثر فتناولا الجانبين السابق الإشارة إليهما بتفصيل أكبر مستخدما في ذلك المعايير الإحصائية ثم استطرد (باتريك)في ذلك الدرب محاولا تأصيل أو تفسير هذه العلاقة من الناحية المنطقية.
... و يؤخذ على تلك الدراسات إغفالها لكثير من التغيرات الكيفية و الظروف الخاصة بكل دولة، و ذلك في محاولتها تنميط و تعميم أسلوب المغايرة وفق نماذج رياضية و انتهائها إلى الشكل المختصر للنموذج فالتفسير الدقيق للعلاقة بين التنظيمات المصرفية المالية و التنمية الاقتصادية يتطلب توفر بيانات شاملة عن كل منا الأداء المصرف و المالي، و الأداء الاقتصادي لفترات زمنية بعيدة، الأمر الذي يتعذر توافره عن أكثر من دولة.
الفرع الثاني: منهج الدراسة الشاملة.
... و يتزعمه كل من : (ماكينون، و كاميرون، و شو، و جير شنكرون) و يهدف إلى الدراسة الشاملة لعلاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية و بالتحديد مدى قدرة البنوك على المساهمة في التكوين الرأسمالي و التنمية الاقتصادية.
... و يمكن تقسيم دراسة هذا المنهج إلى مجموعتين متميزتين أسفرت بحوث كل منهما عن غرض يختلف عن الغرض الذي تأسس عليه رأى المنهج الآخر على النحو التالي:
الغرض الأول: و يسمى التمويل المضغوط
... و ينسب إلى الأعمال الحديثة لكل من (ماكينوك و كامرون و شو)(1)
__________
(1) راجع في ذلك:
- R. Mckinon, OP. Cit., PP89-117.
- R.Cameron, OP. Cit., PP.24.
- E. Shaw, OP. Cit., P.3.
(2) A.Gerschenkron, OP. Cit., P.5.(1/9)
فكل من الثلاثة دافع بشدة عن الدور الجوهري للتنمية المالية في التنمية الحقيقية للاقتصاديات النامية، وأكدوا أن الجهاز المصرفي (الجهاز التمويلي عند كل من ماكينون و شو) عامل دافع للتنمية، و أنه فقط في الحالات التي يتعرض فيها لضغوط و على حد قولهم أن الحالة كذلك بصفة غالبة في الدول النامية)، فإنه يعجز على المساهمة الإيجابية أو يمثل عائقا للتنمية الحقيقية.
الغرض الثاني: و هو الغرض البنيوي أو الهيكلي فينسب إلى (جير شنكرون)(1)2) .
... وقد بنى على تفسير التاريخي لدور البنوك في عملية التكوين الرأسمالي في مراحل التصنيع الأول في أوربا. فقد قام (جير شنكرون) بتحليل شامل لعملية التصنيع الأولى في أوربا، و أولى البنوك دورا هاما في تحقيق التنمية و إن اختلف هذا الدور من دولة لأخرى وفقا لنموذج النمو بها.
... و أوجز مصادر تمويل رأس المال الرئيسية في مختلف مراحل التنمية ثلاث مصادر رئيسية وفقا لدرجة التخلف الاقتصادي. ففي الاقتصاديات المتوسطة التخلف تقوم البنوك بهذا الدور، و في الاقتصاديات المتقدمة يتوفر التمويل الذاتي، بينما تضطلع الدولة بهذا الدور في الاقتصاديات المختلفة تخلفا شديدا و يستخلص من هذا التوصيف أبعاد علاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية عند (جير شنكرون) فهي محدودة الفاعلية في التنمية عندما يكون الاقتصاد عند أي من الحدين، التخلف الشديد، و تكون فعالة عندما في التنمية عند درجات(1/10)
التخلف المتوسط و على الرغم من منطقية هذا الغرض و تناسبه مع الواقع العلمي و العملي إلا أنه يؤخذ على المنهج التاريخي الذي اتبعه عدم قدرته على تفسير مدى فاعلية دور البنوك في التنمية الاقتصادية، اذ عجز عن إعطاء تفسير لنا حد في النمسا رغم تشابه الظروف بينها و بين ألمانيا و في ذات الحقبة التاريخية، كما لم يخرج بنظرية للمراحل يمكن معها الاستدلال لما سيكون عليه الحال مستقبلا في دولة ما في ضوء معطيات معينة(1).
الفرع الثالث: منهج البحوث التطبيقية
... اتبع بعض الاقتصاديين هذا المنهج لاختيار الفروض و النظريات التي انته إليه الفكر الاقتصادي بشأن علاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية.
... و بصفة عامة يمكننا تقسيم مناهج البحوث التطبيقية التي أجريت في هذا الصدد إلى منهجين أساسين يختلف كل منهما على الآخر.
المنهج الأول: ينحو إلى إعداد نموذج اقتصادي للعلاقة بيت التغيرات المالية و المتغيرات الحقيقية و تعتبر الدراسة (مالدونالدو) عن بورتو ريكو و التي انتهى فيها إلى أن الطلب على إجمالي الاستثمار المحلي يعتمد جزئيا على مصادر طويلة الأجل التي يوفرها الوسطاء الماليون(2)،
__________
(1) - فؤاد محمد شاكر "تقييم فاعلية التنظيمات المصرفية في التنمية الاقتصادية بالدول العربية"، رسالة دكتوراه غير منشورة ، جامعة عين شمسن، كلية التجارة، القاهرة 1979، ص 38.
(2) Maldonado, Rita M.,’’The role of finacial sector in the economic development of Puarto’’, Washintong D.C., Federal Deposit Insurance Corporation- 1970.(1/11)
و كذا محاولة (بهاتيا و خاتخيت) لاستكشاف مدى ارتباط تقدم البنوك بالتنمية الاقتصادية و تقدير أثرها في أحداث التنمية في بعض الدول الإفريقية و الانتهاء إلى الرأي بأنه يتم التوصل إلى التحديد الدقيق للعلاقة المذكورة من أولى الدراسات التي أعدت في هذا الشأن(1)3).
كما تعد دراسة (تان واي) من أحداث الدراسات تاريخيا في هذا الصدد إذ أنها أعدت عام 1978م
و تتميز عن الدراستين السابقتين من حيث العينة التي استخدمها الباحث اذ شملت دول أكثر عددا و تمثل مختلف المناهج الاقتصادية بالإضافة إلى أعداد نموذجية في ايطار فروض نظرية (باتريك) عن القرض التمويلي القائد و الطلب التمويلي التابع.
وقد اتضح من الدراسة أن البنوك و التنظيمات المالية في الدول النامية، و منها بعض الدول العربية الإسلامية (كمصر و تونس وليبيا) مازالت دون الحد الأمثل بما قد يفيد أن هناك هامشا بين فاعلية الأداء المصرفي الحالي و ما يمكن أن يكون عليه، و يمكن التحرك في ذلك الهامش صعودا فيما لو عولجت الأسباب.
و على الرغم من منطقية الفروض التي بنيت عليها هذه الدراسة، و عملية الأسلوب المتبع، إلا أن البعض قد انتقد ما توصلت إليه من نتائج و عزى ذلك لقصور البيانات المتوافرة عن الظواهر محل الدراسة لفترة زمنية محدودة(2)1) .
المنهج الثاني: فيتم بالبساطة نسبيا، حيث حاول أنصاره تلاقي المآخذ المأخوذة، من منهج النماذج الاقتصادية و المعادلات خاصة في حالة التجاوز عن الإدراج الكامل لكافة المتغيرات التي يعتقد أنها ذات أثر في الناتج القومي.
__________
(1) Bhatia, Ratta J., and Khatkhat, Decna R.,’’Finacial internediation, Savings Mobilisation And Enterprenurial Development, : The African experience’’, Staff Papers, Vol. XXII (March 1975)PP.132-158.
(2) "تقييم فاعلية التنظيمات المصرفية في التنمية الاقتصادية"، المرجع السابق، ص 161-60(1/12)
لذلك أقام (فيكتور ارجي) منهجه على إيجاد العلاقة المباشرة بين وسائل الدفع و الناتج القومي أو المحلي في ذات الفترة و أيضا بإدخال فترة زمنية بين كل من المتغير المستقل و المتغير التابع مؤكدا في ذلك أهمية وسائل الدفع باعتبارها المعبر الأفضل عن دور البنوك و التنظيمات المالية في التنمية الاقتصادية، كما و أن هناك احتمال تواجد فترة إبطاء بين الدفع و الناتج القومي(1).
المطلب الثاني: أراء المعارضين لدور البنوك في التنمية لاقتصادية
... يتزعم تلك الآراء الأستاذ (جيرتلبي) الذي أكد صراحة تشكيكه فيما أضفى من أهمية على نماء البنوك و المنشآت المالية كعنصر متميز عن غيره من العناصر الأخرى المتاحة للدول في التنمية، و ذلك بمقولة أن الوسائل الممكنة الأخرى مثل السياسات المالية و الضريبية قد تبدوا أكثر أهمية من تحقيق ذات النتائج التي يمكن أن تحقق من البنوك(2)3).
... و قد أسس (جيرتلي) رأيه على الدرسات التي قام بها للتجارب الحديثة للدول الاشتراكية، ولذلك فقد أعطى للتخطيط المركزي و السياسات المالية و الضريبية فضلا عن تحويلات المدخرات الخارجية الأهمية الأولى في التنمية الاقتصادية.
... و قد حاول ترتيب هذه البدائل فأوضح أن الاختيار بينهم يعتمد على التكلفة الاجتماعية من العائد المحقق من كل منهم من ناحية، و على مدى تناسبه مع العقيدة السياسية للبلد من ناحية أخرى، وأكد بأن التكلفة الاقتصادية قد تمثل مرتبة ثانوية.
__________
(1) Victor Argy,’’The role of money in economic activity : Some results for 17 Developed Countries’’, Washington D.C., Intenational Monettary found, Staff Paper, Vol. XVII, N°3, 1970, P:527.
(2) J. Guretly. Finacial Structrise in Development Economics In fiscal and Money Problem in Developing States. New york. 1967. P.104.(1/13)
... و يجدر التنويه إلى أن (جيرتلي) أشار صراحة أنه لم يقم بدراسة تحليله للربحية و التكلفة لدولة ما عبر فترة زمنية أو لمجموعة من الدول خلال فترة التنمية، و اكتفى بالقول بأن هذه الاختيارات عرضة للتغير وفقا لمدى الفارق بين التكلفة و المنفعة عبر الزمن، و أن بعض الدول قد تجد حتمية تطبيق أسلوب التخطيط المركزي في فترة ما، بينما تحتم ظروفها في فترة لاحقة تطبيق أسلوب عدم المركزية، و في هذه الحالة قد تنتقل بعض الموارد المالية من هيئات التخطيط الى البنوك و المؤسسات المالية و يؤخذ على (جيرتلي) في هذا الصدد عدم تطرقه إلى الإشارة إلى النتائج المنتظرة من البنوك و المؤسسات المالية النقدية في بلد ما.
و أيضا تأكيده على أن أسلوب التمويل من خلال البنوك يزدهر عندما يكون النظام غير مركزيا في اتخاذ القرارات، مع عدم التخصيص في الإبداع و الاستثمار، و تركيزه على أهمية التمويل الخارجي أكثر من التمويل المحلي للتنمية(1)1).
... هذا فضلا عن تراجعه عن وقفه المتشدد بعض الشيء بعد مراجعة بعض المشاهدات التاريخية التي أشرف على تجميعها (كاميرون)، بينما كان رأيه منحصرا في عدم أهمية نمو البنوك و المنشآت المالية للتنمية لضعف التمويل المصرفي كأداة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية،نجده يذكر ان التجارب الحديثة تقترح بشدة أن الجهاز المصرفي كوسيط مالي هام بدرجة كبيرة لعملية التنمية الاقتصادية (2).
... و هكذا يتضح اتفاق معظم الاقتصاديين المعاصرين بشأن علاقة البنوك التقليدية (الربوية) بالتنمية الاقتصادية، و إن كان ذلك لم يحسم الجدل اتجاه علاقة السببية بينهما، و حاول تفسير الدور الذي يمكن أن تقوم به في التنمية و الشروط اللازمة توافرها لنجاحه.
__________
(1) et (2) J.gurely ’’Review of banking in the barly Stage or industrialization’’, ed., Rando Cameron, American Economic Review 57,110.4(September 1967)PP 50-53.(1/14)
المبحث الثاني: أبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الاقتصادية لدى علماء الاقتصاد الإسلامي
... إذا كانت أراء علماء الاقتصاد المعاصرين حول أبعاد علاقة البنوك التقليدية (الربوية) بالتنمية الاقتصادية قد اختلفت و تعددت، فقد جاء أراء علماء الاقتصاد الإسلامي على العكس من ذلك خالية من هذا الاختلاف و التعدد، اذ اجتمعت أراء قديما و حديثا على إبراز أهمية دور البنوك في تحقيق التنمية الاقتصادية.
المطلب الأول: أبعاد علاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية لدى علماء الاقتصاد الإسلامي قديما
... على الرغم من علاقة البلاد الإسلامية للبنوك منذ صدر الإسلام ممثلة في بيت المال كان يعد مؤسسة مالية و مصرفية في آن واحد. و على الرغم من اهتمام فقهاء المسلمين القدامى بدراسات إيراداته و نفقاته و أدوات معاملاته المالية غير النقود كالسفتجة، و الصك و و تنظيمها بما يكفل تحقيقه لأهداف تنمية المجتمع الإسلامي، إلا أن أحدا منهم لم يهتم صراحة بدراسة علاقة بيت المال (بنك الدولة) بالتنمية الاقتصادية.(1/15)
... بيد أننا نلمح هذا المعنى و نستنبطه ـ بطريقة غير مباشرة من خلال كتابات بعض فقهاء المسلمين القدامى كأبي عبيد(1)، و المارودي(2)، و الكتابي(3)، و الجهشياري(4)، الخوارزمي(5)، و الطبري(6)، و ابن طبا(7)، و ابن خلدون(8)، و المقريزي(9)، و القلقشندي(10). و غيرهم حول بيت المال و تنظيمه بال أننا ذات الاهتمام من الخالق و تعالى حيث اهتم بتحديد وتقدير بعض إيرادات و نفقات بيت المال كالخمس و الجزية و الزكاة.
__________
(1) ابن عبيد "كتاب الأموال "، مرجع سبق ذكره.
(2) الماوردي "الأحكام السلطانية"، مرجع سبق ذكره.
(3) عبد الحي الكتابي "الترتيب الإدارية المسمى بنظام الحكومة النبوية" ،بيروت، بدون تاريخ.
(4) ابن عبد الله عبدوس الجهشياري "الوزراء و الكتاب"، مطبعة مصطفى الجبلي، القاهرة،1938 م.
(5) ابن عبد الله محمد ابن أحمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي "مفاتيح العلوم"، الطبعة الأولى، القاهرة ، 1930م.
(6) الإمام محمد بن جرير الطبري "تاريخ الأمم و الملوك" ، مطبعة الاستقامة، القاهرة، 1939م.
(7) امحمد بن علي بن طابا المعروف بابن الطقطقي "الفخري في الآداب السلطانية و الدول الإسلامية"، مطبعة الموسوعات، القاهرة 1317هـ.
(8) "مقدمة ابن خلدون" مرجع سبق ذكره.
(9) أحمد علي عبد القادر القريزي "المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط و الآثار"، مطبعة النيل، القاهرة 1324هـ.
(10) 10) أبي العباس أحمد بن علي القلقشندي "صبح الأعشى في صناعة النشا"، طبع المؤسسة العامة للتأليف و الترجمة، و الطباعة والنشر، القاهرة، بدون تاريخ.(1/16)
و أيضا من بطون و جوانب و هوامش و متون كتب الفقه التي زخرت بأحكام الشرع الإسلامي التفصيلية في جانب المعاملات بصفة عامة و العمليات المصرفية المتعددة بصفة خاصة، مما أعان المسلمين الأوائل على وضع نظام دقيق لضبط الإيرادات الكثيرة و كيفية التصرف فيها و أسهم بقدر كبير في بناء دولتهم القوية التي مازالت آثارها العمرانية و المادية باقية إلى الآن تبهر كل من يشاهدها وأدى بالتالي إلى كثرة إيرادات الدولة إلى الحد الذي لم يكن هناك من محتاج كي يأخذ منها(1)1)، و هو معيار تحقق التنمية الاقتصادية في الإسلام، و قد تحقق هذا المعيار على أرض الواقع في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، و في عهد خامس الخلفاء الراشدين عمر ابن عبد العزيز حيث بلغت دولة الإسلام من الغنى ما فاض عن حاجة المسلمين و أسلفوا منه أهل الذمة. ...
المطلب الثاني: أبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الاقتصادية لدى علماء الاقتصاد الإسلامي المعاصرين
... اهتم علماء الاقتصاد الإسلامي المعاصرين بدراسة أبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الاقتصادية.
__________
(1) 11) محمود المرسي لاشلين "التنظيم المحاسبي للأموال العامة للدولة الإسلامية" ، رسالة ماجستير، الطبعة الأولى، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1977م،ص.11(1/17)
مؤكدين بأنه لم تعد أسس المعاملات الإسلامية أفكار تناقش على المستوى النظري و تقيل لجدواها و فعاليتها في تحسين الأداء الاقتصادي و رفع مستوى المنطقي، و لم تعد مسالة تطبيقها بنجاح و فقا على فترة تاريخية مزدهرة، و هي صدر الإسلام، بل تجسدت في الواقع العلمي المعاصر تتحدى أسس المعاملات "غير الإسلامية" من حيث الكفاءة و الفعالية و التقدم الفني و الأداء و هي أوضح ما تكون في مجالات الائتمان و التمويل حيث حرم الربا (الفائدة) تحريما قاطعا كاملا و أخذت صبغة المشاركة و المضاربة و المرابحة مكانها كأدوات أكثر عصرية و أعلى كفاءة و اعظم أداء، بالمقارنة بالنظام المصرفي الربوي في حشد المدخرات و توجيهها إلى الاستثمار المنتج. و تمثل هذا التجسيد في إنشاء لبنوك إسلامية تسير و فقا للمنهج الإسلامي "الكامل " في كل معاملاتها المصرفية من ناحية تطبيق أحداث الفنون المصرفية من ناحية أخرى(1).
... فالسرعة و التزايد في انتشار البنوك الإسلامية القائمة ما كان ليتم لولا اشتداد عود التيار الإسلامي الذي فجر في المسلمين حماسهم نحو مسؤوليتهم عن تطبيق ما أمكن في كل مجالات الحياة(2).
... لذلك يرى البعض(3)أن حركة البنوك الإسلامية تجربة لتطبيق الشريعة الإسلامية و التشابه بينهما شديد من حيث الدوافع و المؤيدين و المعارضين و المنهج و العقبات.
__________
(1) عبد الحميد الغزالي، علي حافظ "مقدمة في اقتصاديات النقود و التوازن الكلي" مرجع سبق ذكره، ص 195 - 194.
(2) محمد الأنصاري و آخرون "البنوك الإسلامية " ، مرجع سبق ذكره، ص 26.
(3) جمال الدين عطية و آخرون "البنوك الإسلامية " ، مرجع سبق ذكره، ص 195.(1/18)
لذلك يخطئ من يتصور إمكانية الولادة الكاملة التامة التجربة ذلك انه من سنن الله الحاكمة ان المسافة بين النظرية و التطبيق لا يطويها إلا الزمن(1)، خاصة وان البنوك الإسلامية جزء من النظام الاقتصادي الإسلامي بل جهاز من أجهزته، و لا يمكن توقع نجاحها الكامل إلا في ظل نظام اقتصادي إسلامي(2). لذلك يمكن لنا رد معظم الصعاب التي تواجهها إلى كونها و حدات منفصلة في محيط مختلف لا يتفهم مراميها، و لا يقدم لهم الحماية.
و لذلك لم تسلم تجربة إقامة البنوك الإسلامية لا من الأخطاء و لا من الشبهات و محاولات التشكيك في جديتها و سلامة معاملاتها في العالم و عي المجتمع الفقهي بمكة المكرمة الذي يضم نخبة من خيرة علماء العالم الإسلامي و الذي نظر الموضوع في جلسات دورته التاسعة المنعقدة في رجب 1406هـ و أصدر بيانا دعا فيه
المسلمين لتطهير البنوك الربوية من الربا، و دعا للتوسع في أنشاء البنوك الإسلامية في كل أقطار الإسلام و حيثما وجد المسلمون تجمع خارج أقطاره حتى تتكون من هذه البنوك شبكة قوية تهيئ لاقتصاد إسلامي متكامل.
__________
(1) محمد الأنصاري و آخرون "البنوك الإسلامية" ، مرجع سبق ذكره، ص 117.
(2) جمال الدين عطية و آخرون "البنوك الإسلامية" ، مرجع سبق ذكره، ص 194.(1/19)
... و رغم هذه الشهادة فان البنوك و مؤسسات التمويل الإسلامي ما تزال غير سالمة من النقد الذي تتراوح أهدافه بين الرغبة في التصحيح و تعديل المسار بحيث تحقق هذه البنوك أهدافها و بين الرغبة في تحجيم هذه البنوك و وقف نموها لحساب المؤسسات المنافسة(1).
و على ذلك فانه لا يتصور أن ننسب أخطاء التطبيق إلى مناهج البنوك الإسلامية، فالنظرية سليمة و واجبة الدعم و التأييد لما فيها من نفع عظيم للاقتصاد، و امتثال كريم لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء. و إنما الأخطاء أن وقعت فتنسب إلى أسلوب الإدارة لبعضها أو إلى عدم تطبيق هذه المناهج في بعضها الآخر تطبيقا سليما.
__________
(1) فلا جدال فان هناك مؤسسات عالمية تتحسب للمستقبل البعيد ـ في ضوء النتائج التي حققتها البنوك الإسلامية في الأمد القريب ـ باعتبار أن حركة البنوك الإسلامية بمعدلات تزايدها الحالي سوف يؤثر على المؤسسات المالية الحالية التي لديها مليارات الدولارات ود ائع من البلاد الإسلامية و اذا ما اكتسبته هذه الكيانات العالمية من قدرة على التأثير و صياغة و توجيه الرأي العام بامكاناتها المادية الهائلة و خبرات و اتصالات القائمين عليها فقد استطاعت أن تحدث تيارا فكريا في حده الأدنى غير متعاطف مع مسيرة البنوك الإسلامية ـ راجع في ذلك: (البنوك الإسلامية، محمود الأنصاري و آخرون، مرجع سبق ذكره، ص 109).(1/20)
... لذلك يرى البعض(1)، إن تجربة التطبيق الإسلامي في مجال العمل المصرفي في حديثة للغاية نسبيا و من ثم لا تبرر الفترة التي استغرقتها عمليا و منطقيا، إجراء تقويما شاملا لهذه النماذج المصرفية الإسلامية بيد أننا نرى انه من المناسب أن نستعرض الموقف من الناحية العلمية خاصة بعد انقضاء اكثر من عشر سنوات على بدء ممارسة البنوك الإسلامية لنشاطها الفعلي و ذلك للوقف على الهيكل الفعلي لمصادر الأموال، و استخداماتها و لنتعرف على حجم النشاط و التطور كمنطق لتقويم أداء البنوك الإسلامية على المستويين الدولي و المحلي.
المبحث الثالث: الاختلافات الرئيسية بين البنوك الإسلامية و التقليدية
... للبنوك التقليدية تاريخ طويل من التجارب، و مكان الصدارة من حيث القوة المالية من بين المؤسسات، نظرا لتاريخ نشأته القديم من جهة و لتعاملها في النقود المحررة الرئيسي لنشاطها من جهة أخرى، هذين العاملين جعلا منها مؤسسة ضخمة، ذات فعاليات كبرى على الاقتصاد، لدرجة أن أصبحت اليوم قلب المجتمع النابض الذي لا غنى عنه.
... و قد استطاع العلماء المسلمين حديثا تكييف هذه المؤسسات لاعتبار من أهميتها و ضرورتها و فقا لروح الأمة و معتقداتها، إلا انه نظرا لحداثة التجربة و صغر سنها، فان نجاحها و فشلها لا يمكن الحكم عليه في هذه الفترة الوجيزة من الزمن، كما لا يمكننا منطقيا مقارنتها من حيث القوة و المكانة بغيرها من البنوك التقليدية.
__________
(1) عبد الحميد الغزالي، علي حافظ منصور "مقدمة في اقتصاديات النقود و التوازن الكلي" ، مرجع سبق ذكره، ص 199 وما بعدها.(1/21)
... لكن النجاحات التي أحرزتها البنوك الإسلامية خلال هذه المدة القصيرة، والقوة و التوسع الذي وصلته، و جلبته لشرائح عديدة في المجتمع الإسلامي، يجعل من المقارنة بينها و بين البنوك التقليدية، ذات أهمية قصوى للوقوف على مواطن القوة بها التي تميزها عن غيرها، و عن الاختلافات التي تفصل بينهما، لكي نستطيع معرفة أيهما افضل، و التكهن لمن سيكون المستقبل.
المطلب الأول: الاختلافات في المفهوم، النشأة، ومصادر التمويل.
... في الوقت الذي انطفأ فيه نجم الحضارة الإسلامية، و دب الضعف إلى شعوبها و تراجع الاجتهاد، و سيطرة الفكر الغربي و الاستثمار، ثم هبت عاصفة التحرر حوالي منتصف هذا القرن، وجدوا المسلمون أنفسهم مكبلين بقيد التبعية في مختلف الميادين و أخيرا بزغ عصر من الصحوة الإسلامية، و حاول المخلصون مواكبة ركب التطور بالاجتهاد في فقه المعاملات الذي عرف ركودا لأحقاب طويلة، و أثمرت غيرها في بعض الصفات، فإنها تختلف عنها في صفات أخرى عديدة.
الفرع الأول: الفرق بين البنوك الإسلامية و التقليدية في النظرة إلى النقود
أ- أهمية النقود:
... في ظل التطور التاريخي للمجتمعات الإنسانية، لم يعد الفرد و من ثم المجتمع قادرا على إنتاج كل ما يحتاجه من السلع و الخدمات، و بذلك نشأة حاجة الأفراد و المجتمعات إلى تبادل السلع المنتجة فيما بينهما.(1/22)
... في البداية كانت العملية تتم بما يعرف بالمقايضة، أي مبادلة سلعة بسلعة، لكن تنوع الإنتاج و تعدده حال دون استمرار هذا النظام و جعل من العسير على الإنسان العمل به، لما فيه من العيوب، و عليه فقد دعت الضرورة الاقتصادية على البحث عن معيار مشترك تقاس به الأشياء، ((السلع و الخدمات))، اتخذ هذا المعيار في البداية شكل سلعة يتفق عليها الجميع و تحضي بالقبول العام، ثم تطور الأمر إلى ما يعرف اليوم بالنقود بأشكالها المختلفة، و النقود بشكلها الحالي هي الوسيلة الهامة التي استطاعت أن تزيل العراقيل من وجه التبادل و تواكب التطور الهائل في اقتصاديات الشعوب، لكن هذا التطور المذهل لم يمنع من عودة المقايضة مرة أخرى من الظهور في المعاملات الدولية، حيث اقتصرت مهمة النقود على مجرد تقييم السلع المتبادلة فالاتفاقيات الثنائية بين الدول، هي مظهر من مظاهر المقايضة المنظمة، كما أن هناك عمليات مقايضة تتم بين الدول للتغلب على بعض مشاكل النقود، و يرجع السبب في عودة المقايضة إلي انتشار النقود النقدية الإلزامية غير القابلة للصرف بالذهب و الغير القابلة للتحويل الحر.إلى عملات أجنبية كالروبلات الروسية و الجنيهات المصرية و الدينارات اليوغسلافية مثلا، و فضلا عن ذلك فإن مما دعا عودة المقايضة، أن تجد دولتان توافقا في حاجة إحداهما إلى سلعة الأخرى، و فائضا من تلك السلعة عند الدولة الأخرى(1).
__________
(1) عاسف حمود، "إدارة المنشآت المالية"، دار النشر العربي، ص 37. يعود الفضل في ابتكارها إلى البنوك في بداية شكلها و نشأتها،و نظرا لكون هذه البنوك في البداية كانت بنوكا تجارية استمرت إلى اليوم على أساس سعر الفائدة.(1/23)
... ولا شك في أن اختراع الإنسان للنقود يعود من أهم الأمور التي اهتدى إليها، شأنه في ذلك شأن اختراع أحرف الكتابة، و ذلك لما وفرته هذه النقود من متاعب، و ما ساهمت به في تسير التبادل و تطور الإنتاج، و تحرير المعاملات من القيود، لا سيما في المراحل الأخيرة من التطور التاريخي الذي عرفته هذه النقود و الخاص بالتخلي عن نظام الذهب و العودة إلى نظام الورق النقدي الإلزامي.
و رغم مزايا نظام الذهب إلى أن اصبح بعد الحرب العالمية الثانية، غير ممكن الاستمرار في العمل به لما يملكه من قيود (خاصة نقص الاحتياطي العالمي من الذهب خصوصا)، تعيق التجارة الدولية و تطور الشعوب.
... و في هذه الأثناء فإن جميع الدول سارت على نظام الورق النقدي الإلزامي، الذي خولت الحكومات إلى بنوكها المركزية مهمة إصداره على اعتبار البنك المركزي هو بنك الدولة أولا، و بنك البنوك ثانيا و وظيفته في الإصدار هذه يفترض أن تكون بناء على دراسات وفقا للتطور الاقتصادي للمجتمع، و ليس نزولا عند رغبة الدولة و حاجاتها مثلما يحدث لدى الدول النامية خصوصاً.
... و عليه فإن تطور الجهاز المصرفي في الوقت الحاضر جعل من البنك المركزي بنكا لإصدار النقود القانونية (الورقية)، كأول وظيفة لا ينافسه فيها أحد إضافة إلى غيرها من الوظائف .
ب- الفرق بين البنوك الإسلامية و التقليدية في النظرة إلى النقود:
... إن أول ملاحظة نستنتجها هي أن هناك فارق جوهري في نظرة كلا النوعين من البنوك لهذه النقود، فهي في البنوك العادية بمثابة سلعة يتم الاتجار فيها و يتم تحقيق الربح من الفرق بين سعر الفائدة المدنية و الدائنة، بينما هي في البنوك الإسلامية وسيط للتبادل و مقياس للقيم.(1/24)
ج-نشأة البنوك(1)
... إن أول مصرف منظم أسس في مدينة البندقية عام 1157م، تلاه بنك الودائع في مدينة برشلونة عام 1411م، و تلافيا للتكرار نلخص القول بأن أعمال البنوك، بدأت في الازدهار منذ القرن السادس عشر، ثم أينعت في الأوائل القرن السابع عشر، و تطورت خلال القرن التاسع عشر، و خطت خطوات عملاقة أثر الثورة الصناعية التي عملت الدول الأوربية، مما استدعى صناعات قائمة و إنشاء أخرى جديدة، و ازداد الرخاء و اتسع نطاق التبادل التجاري، فتطور بالتالي نشاط البنوك، و أصبحت في الوقت من القوة بمكان فهي شريان يمد الاقتصاد القومي بالأموال اللازمة لتنميته، و أي خلل يصيب البنوك يحدث خللا موازيا في الاقتصاد القومي.
... بينما ترجع البداية الأولى للمصارف الإسلامية إلى تجربة بنوك الادخار المحلية بمصر برائدها أحمد النجار عام 1963م، و تولى إنشاء هذا النوع من المصارف بعد عام 1975م.
أما ما يلاحظ في اختلاف النشأة نستنتج حسب ما ورد عن أصل البنوك التقليدية و الإسلامية و تاريخ نشأتها نقطتان أو ظاهرتان تميزهما عن بعضهما البعض:
__________
(1) * إن التطورات التي شهدتها أوروبا أثناء القرن 16، و تأثير اتجاه اليهود عن مجريات الحياة الاقتصادية و التجارية سواء في أوروبا دفعت بالكنيسة الى التساهل في قضية الفائدة، و هكذا اصدر رجل الكنيسة البروتستنتي المشهور، كالفن رسالته بإباحة الفائدة سنة 1545م، و بالتالي وجد اليهود مجالا خصبا للتنمية ثروتهم بكسرهم لحاجز الربا في ظل نظام الفائدة الحاجز، الذين ساهموا بكل حماس في ترويجه، محمد بوجلال مرجع البنوك الربوية، معهد العلوم الاقتصادية، جامعة سطيف، جانفي 1988ص 3.(1/25)
الأولى: أن نقطة البداية للمصارف العادية بعيدة جدا و تعود إلى سنة 1157م، مما يبين الأصل القديم لهذه البنوك، و يدعم بالتالي القول بأن البنوك اليوم من خلال تاريخها الطويل التطورات المتعاقبة التي عرفتها لاسيما خلال القرن التاسع عشر، تجربة عريقة في ميدان العمل المصرفي، حسب طريقتها طبعا، و مكانة رفيعة من بين المؤسسات و قوة عظيمة في التأثير في شؤون الاقتصاد باحتوائها على عصب الحياة الذي يغذي الاقتصاد القومي ألا و هو المال.
... بينما نلاحظ أن نقطة البداية للمصارف الإسلامية تعود إلى سنة 1963م فقط، و انطلاقتها الحقيقية كانت ابتداءا من سنة 1975م.حيث نلمس الفرق بين الكبير بين هذه و تلك من حيث القدم، مما يبين بأن تجربة البنوك الإسلامية بأسلوبها المتميز و أغراضها الهادفة. و تاريخها القصير تجربة رائدة و حديثة، و لا يمكن لنا من خلال هذه الفترة القصيرة من الوقت أن تحكم عليها بالنجاح أو الفشل.
الثانية: أن البنوك التقليدية في بداية ظهورها لم يكن غرضها خدمة المجتمع و إنما تم اكتشاف خدمتها للاقتصاد القومي، من خلال امتداده بالتمويل اللازم، فيما بعد بحيث أصبحت مؤسسات لا غنى عنها، يمكن أصحابها من المزيد من التحكم و الثراء و الاستغلال، إذا كانت لبداية ظهورها نزعة فردية نحو الاتجار بالأموال و الأفراد من خلالها لا غير.
... أما البنوك الإسلامية فدافع ظهورها هو إيجاد البديل الإسلامي الذي يبعث بالاقتصاد الإسلامي للتطبيق العلم، من أجل النهوض باقتصاديات المجتمع دون تحكم أو الاستغلال على أسس متينة و قواعد تتلاءم و هوية شعوبها من أجل استبعاد الآثار السلبية التي تصاحب وجود البنوك الربوية من جهة، ولأجل خلق جو التفاعل و التجارب بين القمة المخططة المسيرة في المجتمع و القاعدة العريضة المنفذة العاملة.(1/26)
... و لن يتم هذا التجاوب إلا في ظل هذا النوع من البنوك، إذا عرفت كيف تواجه التحدي، مع الالتزام بحدود الله، في الوقت الذي عجزت فيه البنوك المعروفة عن خلق التفاعل و التفاني اللازم بين القمة و القاعدة نتيجة أسلوبها في العمل المفروض:
رابعا ـ تعريف البنوك:جاء في الكتاب ((النقود و البنوك))، للدكتور إسماعيل محمد هاشم تعريف البنك بأنه "المنشأة التي تقبل الودائع من الأفراد و الهيئات تحت الطلب أو الأجل ثم تستخدم هذه الودائع في منح القروض و السلفيات"(1).
... و عليه فإن ربحها يأتي من الفرق بين سعري فائدة الإقراض و الاقتراض، في حين يذكرنا الدكتور غريب الجمال بأنه: ((بقصد بالمصرف أو بيت التمويل الإسلامي، كل مؤسسة تباشر الأعمال المصرفية مع التزامها باجتناب التعامل بالفوائد الربوية تعاملا محرما شرعيا))(2)1).
- الاختلاف في التعريف:
... نستنتج من التعريفين أن هناك نقاط تشابه تجمعها، و نقاط اختلاف تميز النوعين عن بعضهما، إلا أن أهم فارق نلاحظه هو اعتماد البنوك التقليدية على الفائدة اعتمادا كليا، و تخلي البنوك الإسلامية عنها تخليا كليا أيضا، و تعتبر الفائدة النقطة الحاسمة التي تفصل بين النوعين، و إلا لما اتصف البنك الإسلامي بهذا الاسم، على أن عدم التعامل بالفائدة لوحده غير كاف حسب ما يراه الدكتور أحمد النجار، الذي يقول في ملتقى الفكر الإسلامي بتبسة ((أن النظر إلى البنك الإسلامي و تصوره على أن بنك يختلف من البنوك الأخرى في أنه لا يعمل بسعر الفائدة، فحسب نظرة قاصرة، و تصور مبتور))(3)2).
__________
(1) اسماعيل محمد هاشم "مذكرات في النقود والبنوك"، دار النهظة العربية، 1976م، ص 46.
(2) غريب جمال "أهمية النقود"، ص 45.
(3) أحمد التجار، اجتهادات في الجانب الاقتصادي، محاضرة القاهرة، بملتقى الفكر الاسلامي المنعقد بتبسة(الجزائر)، من23 أوت الى 5 سبتمبر 1989م ،ص .61(1/27)
و يرى بأن البنك الإسلامي، هو مؤسسة تمثل وسيلة فعالة لتنفيذ إستراتيجية تنمية متميزة و منفردة، ميدان عملها الرئيسي هو التنمية من أسفل، بما يدعم الجهود التي تبذل من أعلى، بما يحقق نتائج عميقة و سريعة و فعالة في المجتمعات التي تزاول العمل فيها)).
... هذا المفهوم العميق، و الدقيق للبنك الإسلامي، يجعل منه مؤسسة تختلف عن المؤسسات التقليدية اختلافا جذريا، ليس في سعر الفائدة و أسلوب العمل فحسب، و إنما فيما هو أوسع من ذلك بكثير، باعتباره القاعدة الأساسية للمجتمعات الإسلامية لإحداث تنمية حقيقية، و يوضح لنا الدكتور أحمد النجار تعريفه هذا حينما يقول :
... "تؤكد لنا شواهد التاريخ، على أن هناك قضايا أساسية لحدوث التنمية الاقتصادية بالصورة المطلوبة على رأس هذه القضايا.
* اشتراك الجماهير اشتراكا فعالا.
? أن يكون الاشتراك و الإسهام طواعية و اختيارا.
? لا يمكن أن تحقق التنمية بجهود قلة من أعلى فقط.
? لابد و أن يتفاعل مع المجهود المبذول من أعلى مجهود عريض من أسفل إذا كانت تلك هي القضايا الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة فإن ذلك يؤكد، دون اتهام بالإدعاء، و بعد تحليل أثار و بصمات البنوك الحالية على المجتمع، أن مؤسسة البنك الإسلامي، هي أنسب مؤسسة لبدء طريق التنمية بالصورة التي ننشدها"(1).
... ... من قول هذا العالم الجليل، يتبين لنا، بأن البنك الإسلامي يتميز عن البنك التقليدي، في أنه المؤسسة اللازمة للمجتمعات الإسلامية على الأقل لأحداث تنمية موازية، و حضارة متكاملة، في الوقت الذي عجزت فيه البنوك التقليدية باختلاف أنواعها عن تحقيق ذلك.
الفرع الثاني: أنواع البنوك
أ) أنواع البنوك التقليدية:(1/28)
... ... يختلف هيكل الجهاز المصرفي من دولة لأخرى، وفقا لنظامها الاقتصادي، و مدى تدخل الدولة في توجيه الجهاز و تنظيمه، و نظرا لأننا لسنا بصدد الحديث عن الهيكل بتفصيلاته فإننا نقول بصفة عامة بأن هيكل الجهاز يتكون من ثلاثة أنواع من البنوك:
أولا: البنوك التجارية:
... ... البنك التجاري "منشأة تقوم بصفة، معتاد بقبول ودائع تدفع عند الطلب أي بعد أجل قصير، وتحتل هذه المصارف مركزا هاما في الاقتصاد القومي، بالإضافة إلى قدرتها على خلق النقود، فإنها تجمع ودائع الهيئات و الأفراد و مدخراتهم، و تعيد استثمار ما تجمع لديها في الشكل قروض قصيرة الأجل، تمنحها للمنشآت التجارية و الصناعية و الزراعية وغيرها".
ثانيا: البنوك المتخصصة:
... ... "و هي حديثة الظهور نسبيا و نسأت لتلبية حاجات التطور الاقتصادي في المجالات الزراعية و الصناعية، و هي مجالات تحتاج إلى استثمار طويل الأجل و لهذا فأنها لا تستطيع الاعتماد على مصادر الادخار التقليدية، بل يجب أن يكون موارد أموالها متصفة بالاستقرار"(2).
و تؤكد على أن هذه الموارد، لا تستقيها من الودائع كما هو الحال في البنوك التجارية و لكن من رأس مال البنك، أو مما يخصص له في ميزانية الدول إن كان اقتصادها موجها، و من السندات التي تصدرها و تشترك فيها البنوك التجارية، كنوع من أنواع الاستثمار عندها، لذلك فإن البنوك المتخصصة لا تستطيع التوسع المستمر في نشاطها إلا في حدود مواردها بعكس الحال عند البنوك التجارية التي تستطيع أن تنمي ودائعها عن طريق الودائع و ما تقدمه من إجراءات للمودعين كي يزيدوا من مقدارها.
(1) أحمد النجار، مرجع سابق، ص .32/22
(2) أحمد نبيل النموي "مبادئ في المصرفية بالبنك الأردني" ، ص 61.(1/29)
... و البنوك المتخصصة على أنواع عدة، فمنها ما يختص بالتمويل و ما ينشط في مجال التمويل الزراعي و ما يباشر عمليات مصرفية خاصة بالتجارة الخارجية فضلا عن البنوك العقارية التي تقوم بالإقراض بضمان رهن عقاري لأجل متوسطة أو طويلة و تختص هذه الأخيرة بتمويل الإسكان كذلك.
ثالثا : البنوك المركزية:
... يختص البنك المركزي قلب الجهاز المصرفي النابض، بمده بالدم و ينظم حركته و يبعث فيه الحياة، فجميع المنشآت المصرفية الأخرى، تدور في النطاق الذي يرسمه لها و في حدود السياسات التي يقرها.
و البنك المركزي منشأة مصرفية عليا، لا تضع في اعتبارها الربح بقدر ما تستهدف تدعيم النظام النقدي و بالتالي النظام الاقتصادي في الدولة، و نظرا لأهمية هذا الهدف فإن البنك المركزي يجب أن يكون مملوكا للدولة.
رابعا: تطورها و وظائفها:
إن نظام البنوك المركزية كأي نظام أخر وليد التطور، فالبنوك المركزية العريقة نشأت في بادئ الأمر كبنوك تجارية بحقه، ثم أضافت وظائفها الأولى للبنك المركزي، فبنك إنجلترا مثلا نشأ كبنك تجاري عادي ولكن الحكومة ميزته منذ البداية حيث أودعت لديه حساباتها، وفق هذا منحته امتياز إصدار أوراق البنوك، و مع مرور الزمن، اكتسب البنك احترام وثقة البنوك الأخرى، حيث أودعت لديه أرصدة نقدية لاستخدامها في تسوية حساباتها و في تطوير البنوك المركزية العريقة، كانت وظيفته الإصدار و القيام بخدمات مصرفية للحكومة هما الوظيفتين الأوليتين من وظائف البنك المركزي، و عن هاتين الوظيفتين تفرعت الوظائف الأخرى.
ب) أنواع البنوك الإسلامية:
... إن واقع الدول الإسلامية كلها باستثناء الباكستان و إيران و السودان مؤخرا فقط، يثبت أن هذه الدول بعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية في معاملاتها الاقتصادية و المالية خصوصا.
و هذا الوضع هو الذي أفرز شكلين لتجارب البنوك الإسلامية:(1/30)
الشكل الأول: ـ محاولات فردية قامت في محيط غير إسلامي، سواء في البلدان المسماة إسلامية أو في بلدان غير إسلامية.
الشكل الثاني: ـ أتي بمبادرة من الدول لإعادة هيكلة النظام المالي ككل كالباكستان و إيران، و من المحلولات الفردية التي قامت في البلدان الإسلامية نذكر على سبيل المثال:
... بنك دبي الإسلامي: في 12 مارس 1975م، وقع حاكم دبي مرسوما بتأسيس بنك دبي إسلامي، و يقوم هذا المصرف على مساهمات مجموعات من رجال الأعمال المسلمين في عدد من الدول الإسلامية، و يبلغ رأسماله خمسين مليون من الدراهم و مركزه مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة
بنك البحرين الإسلامي: أول بنك إسلامي أسس في البحرين و ثالث بنك من نوعه أسس في منطقة الخليج العربي، تأسس بموجب مرسوم بقانون ـ رقم 02 ـ لسنة 1979م و صدر بتاريخ 08 ربيع الثاني 1399هـ الموافق لـ 07 مارس 1979م، و زاول البنك أعماله في اليوم الثاني من محرم 1400هـ الموافق لـ نوفمبر 1979م(1)1).
و من المحاولات التي قامت في البلدان غير الإسلامية واتخذت طابعا دوليا نذكر على سبيل المثال بنوك البركة و دار المال الإسلامي، و بنوك فيصل.
... فبالنسبة لبنوك البركة و شركاتها نذكر بنك البركة الإسلامي بموريتانيا شركة البركة للاستثمار بألمانيا الغربية، بنك البركة المحدود بإنجلترا بنك البركة الإسلامي بالسودان، شركة البركة للاستثمار و التنمية بجدة بنك البركة للاستثمار بالبحرين، بنك البركة التركي للتمويل.
... بنك البركة بالبغلاديش، البركة أمريكا بأنكورب بنك بالولايات المتحدة الأمريكية، الشركة العربية التايلاندية الدولية المحدودة.
... و بالنسبة لبنوك فيصل فنجد بنك فيصل الإسلامي المصري ، و مصرف فيصل الإسلامي بالسنغال
__________
(1) التقرير السنوي لبنك البحرين لسنة 1987م.(1/31)
و مصرف فيصل الإسلامي السودان، و مصرف فيصل الإسلامي بغينيا، و مصرف فيصل الإسلامي بقبرص و مصرف فيصل الإسلامي بالنيجر، و مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين.
... و من المحاولات التي قامت بمبادرة من الحكومات الإسلامية ة اتخذت طابعا دوليا و تسعى لتنمية الدول الإسلامية و ربطها مع بعضها اقتصاديا و تجاريا، نذكر المحاولة الوحيدة المتمثلة في البنك الإسلامي للتنمية الذي هو مؤسسة دولية أنشئت لبيان العزم الصادر عن مؤتمر وزراء مالية البلدان الإسلامية الذي عقد في جدة من شهر ذي القعدة من عام 1393هـ الموافق لـ ديسمبر 1973م، وانعقد الاجتماع الافتتاحي لمجلس الحافظين في مدينة الرياض في شهر رجب عام 1395هـ الموفق لـ شهر يوليو من عام 1975م، و تم افتتاح البنك رسميا في اليوم الخامس عشر من شوال عام 1395هـ الموافق لـ 20 أكتوبر 1975م(1)2).
ج-أهم الاختلافات: من الجوانب التي برزت فيها البنوك الإسلامية مخالفة البنوك التقليدية في هذه الفقرة هي:
أولا: انعدام التخصص:
فالبنوك الإسلامية غير متخصصة في مجال أو نشاط دون غيره، وإنما تعمل في جميع أوجه الاستثمارات مهما تعددت و تباينت شريطة أن تكون مما احل الله فقط، و لذلك فعندما نقول بنك إسلامي فهذا يعني، أو يفهم منه بنك تجاري، و بنك أعمال، و بنك تنمية، و بنك استثمار.
... أما البنوك التقليدية فنجد أنها ظهرت كبنوك تجارية ثم تطورت إلى ما هي عليه الآن، مقسمة إلى أنواع النشاط الذي تمارسه و تعمل فيه، و هذا التخصص طبعا فرضه التطور الاقتصادي الهائل.
ثانيا: العلاقة مع البنك المركزي:
__________
(1) التقرير السنوي الثالث عشر للبنك الإسلامي للتنمية 1988/1987.(1/32)
... من أجل المحافظة على أموال المودعين من الضياع، و من أجل السيطرة على التوسع في المجتمع بهدف تحقيق قدرة من التوازن في المجتمع، ظهرت أساليب الرقابة على البنوك، بعضها أساليب كمية، و بعضها أساليب نوعية ولكن الحال و لاشك مختلف مع البنوك الإسلامية في بعض الأشياء و لذلك لابد من تعديل علاقة البنك المركزي مع البنوك الإسلامية بما يتلاءم و طبيعة نشاطها.
... فيما يتعلق بحماية أموال المودعين يختلف الأمر كثيرا لدى البنوك الإسلامية وإذا كان هناك التزام على البنك الإسلامي اتجاه صاحب الحساب الجاري بضرورة رده إليه عند طلبه، فإن الأمر ليس لحسابات الاستثمار،التي تقابل الودائع لأجل بالنسبة للبنوك التقليدية، فحسابات الاستثمار مودعة لدى البنك الإسلامي لاستثمارها و هو ليس مدينا بها لأصحابها وإنما هو مؤتمن عليها فقط، و من ثم لا يوجد أي التزام عليه بردها كاملة لأصحابها الذين هم شركاء مع البنك فيما يحققه استثمار هذه الحسابات من العائد أو الخسارة لا قدر الله.
... أما فيما يتعلق بسيطرة على التوسع النقدي قد ينجم تمادي البنوك التقليدية في منح القروض، سعيا وراء الربح مما قد ينجر عنه حالة عدم التوازن، و المعروفة بالتضخم، لأن التوسع في الائتمان يعني زيادة في الكتلة النقدية، هذه الزيادة إذا لم يصاحبها و يقابلها زيادة في النشاط و المنتجات، فإن ولا شك تؤدي حتما إلى التضخم.(1/33)
... إن البنوك الإسلامية لا تعتمد على منح الائتمان و القروض كأهم نشاط تقوم به، وإنما نشاطاتها الأساسية هي في الاستثمار المال المودع لديها في المشاريع الإنتاجية و لذلك كانت الحسابات الجارية لديها لا تشكل عاملا مهم في نشاطهم، بقدر ماهي تقدمها لأصحابها مقابل عمولة بسيطة، إضافة إلى إن قروضها هي قروض حسنة أصلا، وبالتالي فإن تقديمها للقروض محدودة والنتيجة هي أن مساهمتها في التضخم محدودة أيضا لكن ما ذكرناه هذا، لايعني البنوك الإسلامية لعدم الخضوع لرقابة البنك المركزي، ولكن لتوضيح إن هذه الرقابة لابد أن تكون متماثلة مع طبيعة البنوك السلامية ومتفهمة لدورها، وهذا يستوجب حتما ألا تكون بعض أساليب الرقابة المطبقة على البنوك التقليدية هي نفسها المطبقة على البنوك الإسلامية.
فمعروف أن البنك المركزي يطبق ثلاثة أنواع من الرقابة على البنوك لتوجيهها، وأحكام السيطرة عليها، وعلى عملياتها وفقا للسياسة العليا للبلاد منها:
- الرقابة الكمية: وتتمثل فيما يعرف بسعر البنك، ونسبة الاحتياطي القانوني، وسياسة السوق المفتوحة.
- الرقابة الكيفية أو النوعية: وتتمثل في عدد من الإجراءات التي تستهدف التمييز بين أنواع القروض، أو تحديد أجال استحقاق القروض.
- الرقابة المباشرة: وتتمثل في أسلوبين هما أسلوب الإقناع الأدبي وأسلوب الأوامر باتخاذ مجموعة من القرارات تلتزم البنوك التجارية باتباعها، كإعطاء أوامر لزيادة القروض الموجه لقطاع معين أو غير ذلك.
... نلاحظ بأن بعضاً من أساليب الرقابة هذه لا يتماشى مع طبيعة عمل البنوك الإسلامية، بينما يمكن لبعضها الآخر أن يسري بفعالية مع البنوك الإسلامية مثلما هو عليه مع غيرها من البنوك.(1/34)
فبالنسبة لأساليب الرقابة الكمية، نلاحظ أن نسبة الاحتياطي القانوني النقدي، يمكن أن تطبق على الحسابات الجارية بالبنوك الإسلامية فقط، وفقاً لذات الأسس المطبقة على البنوك الأخرى لعدم وجود اختلافات كبيرة بينهما إلا من حيث إقراضها بفوائد أو بدون فوائد، بينما تطبيق هذه النسبة من الاحتياطي على حسابات الاستثمار، فهذا ما يتعارض مع طبيعة هذه الحسابات، لأن أصحاب هذه الحسابات يدعونها للاستثمار، متحملين فوائد من ربح أو خسارة، ومتقبلين كامل المخاطرة في ذلك، ولذلك فإن تطبيق نسبة الاحتياطي القانوني على حسابات الاستثمار كذلك يعني عدم استثمار هذه الأموال بالكامل أي تعطيل جانب من أموال المودعين على الاستثمار علي غير رغبتهم.
... وفيما يخص سعر البنك(1)والمتضمن لسعر فائدة البنك على قروضه إلى البنوك الأخرى، وكذا سعر إعادة خصم الأوراق التجارية، فيبدوا أن هذه التقنية لا يمكن أن تطبق على البنوك الإسلامية نظراً لكون هذه الأخيرة لا تتعامل بسعر الفائدة، ولا يخصم أو إعادة خصم الأوراق التجارية باعتبار ذلك من التعامل المنهي عنه.
... ولذلك نذكر بأن قروض البنك المركزي للبنوك الإسلامية لابد أن تكون قروض حسنة، أو أن تكون على سبيل المضاربة أو المشاركة.
ونظراً لكون البنك المركزي هو الملجأ الأخير للإقراض بالنسبة للبنوك التقليدية التي تعود إليه في النهاية، في حالة الأزمات، فإنه لابد أن يكون كذلك بالنسبة للبنوك الإسلامية على الأقل في الوقت الحاضر نظراً لقلة عددها وقروض البنك المركزي هو السند للبنك الإسلامي، في حالة الأزمات كغيره، ويتحتم كذلك إيجاد صيغة تحكم هذه العلاقة، كأن يقوم البنك الإسلامي بإيداع نسبة من سيولته لدى البنك المركزي بدون فوائد، وبالمقابل يمكنه أن يقترض منه عند الضرورة بدون فوائد كذلك.
__________
(1) سعر البنك: يتكون من سعر الفائدة الذي يقرض به البنك المركزي للبنوك الأخرى، وكذا سعر إعادة الخصم.(1/35)
وأما العنصر الثالث من أساليب الرقابة الكمية والمتمثل في سياسة السوق المفتوحة(1)، فهذا لا ينفع البنك الإسلامي ولا يضره، وعليه فإننا نلاحظ بأنه في أساليب الرقابة المباشرة التي يطبقها البنك المركزي على البنوك التقليدية، ولا سيما منها نسبة الاحتياطي القانوني.
وسعر البنك فإن هذه الرقابة قد تختلف اختلافاً أساسياً فيما يخص سعر البنك عند تطبيقها على البنوك الإسلامية، عنها لدى البنوك التقليدية، وبالأخرى لا يمكن تطبيق سعر البنك أصلاً عن البنوك الإسلامية، أما الاختلاف الموجود بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية فيما يخص نسبة الاحتياطي القانوني، فهو أقل حدة نظراً لكون هذه النسبة يمكن أن تفرض على البنوك الإسلامية بذات الفعالية على الحسابات الجارية، أما حسابات الاستثمار فالعدل هو أن لا تفرض عليها أية نسبة.
وفيما يخص الرقابة الكيفية أو المباشرة، فلا نرى اختلافاً أو مانعاً من أن تطبق بعض هذه الأنواع من الرقابة على البنوك الإسلامية كغيرها من البنوك التقليدية.
1) الفرع الثالث: ـ مصادر الأموال بالبنوك التجارية (الخصوم) واستخدامها:
أ- مصادر الأموال بالبنوك التجارية:
... إن مصادر الأموال بالبنوك التقليدية لا تختلف كثيراً عن البنوك الإسلامية، نوجز هذه المصادر في شكلين، مصادر داخلية (أو ذاتية) ومصادر خارجية.
أما المصادر (أو الموارد) الذاتية أو الداخلية تتكون من رأس مال البنك، والاحتياطات المجنية (من أرباحه السابقة لمواجهة المخاطر المحتملة أو لتدعيم مركزه المالي)، والأرباح الصافية المرحلية من سنوات مضت.
__________
(1) سياسة السوق المفتوحة: هي دخول البنك المركزي بائعاً أو مشترياً للأوراق المالية وهذا طبعاً بالسوق المالي،ولذلك فغن هذه السياسة غير مجدية ببعض الدول النامية نظراً لانعدام السوق المالي أصلاً.(1/36)
أما المصادر الخارجية فتمثل التزامات البنك قبل الغير، لذلك فهي تأخذ طابع الوديعة أو القرض، وتعتبر الودائع أهم مصادر التمويل بالبنوك التجارية وتأخذ شكلين:
- الودائع جارية (الحسابات الجارية):
وسميت بهذا الاسم نظراً لارتفاع معدل السحب منها، وبالإضافة إليها مقارنة بغيرها من الودائع خلال فترة زمنية معينة.
- ودائع غير جارية:
وهي على أشكال: ودائع الأجل ودائع بأخطار، ودائع التوفير.
... رأس مال البنك يعد النواة الأولى لموارد البنك الذي يبدأ به نشاطه، ولا يعتبر ذا أهمية لموارد البنك التجاري وإنما تتمثل أهميته في كونه مصدر ثقة المودعين وعنصراً من عناصر الضمان والأمان، لذلك لا يجوز تشفيله في عمليات الإقراض أو الاستثمار .
- الودائع لأجل: وتودع لدى البنك التجاري على أن لا يسحب منها إلا بعد انقضاء مدة معينة يتفق عليها صاحب الوديعة مع البنك، ومن ثم يكفي أن يحتفظ البنك مقابلها بنسبة من الاحتياطي النقدي، أقل من تلك النسبة التي يتعين الاحتفاظ بها مقابل الودائع التجارية.
- الودائع بأخطار: وتشرك مع الودائع الآجلة في وجود قيد معين على السحب منها، ولكنه قيد أخف نسبياً، ويتمثل في أخطار البنك قبل السحب بمدة معينة الأمر الذي جعل قابليتها للسحب منها أعلى نسبياً
واضطرار البنك لتجنب قدراً أكبر من السيولة لمقابلة السحب منها، ومؤدى هذا أن يتاح للبنك قدر أقل نسبياً لتوظيفها وبالتالي تميل أسعار الفائدة المقررة لها لأن تكون أقل، وبالمقارنة مع النوع السابق.
- ودائع التوفير: فهي تمثل مدخرات يودعها أصحابها لحين الحاجة إليها، بدلاً من تركها عاطلة في خزائنهم الخاصة، وتفويت فرصة الحصول على عائد مقابلها دون التضحية باعتبارها السيولة، حيث يمكن السحب منها في أي وقت(1).
__________
(1) صبحي تادريس قريصة "النقود والبنوك"، دار النهضة العربية، ص 131.(1/37)
ونستطيع أن نضيف إلى ما سبق ، مصادر خارجية أخرى للتمويل بالبنوك التقليدية كالمستحق للبنوك والمراسلين،الذي يمثل التزامات البنك قبل البنوك المحلية والأجنبية في إطار العلاقات العادية اليومية أو القروض التي يحصل عليها من غيره.
? ودائع أخرى وتشمل مثلا أرصدة الفوائد المستحقة العملاء ، وأرباح المساهمين التي لم يتسلموها بعد ومبالغ الديون المعدومة.
? المبالغ المقترضة من البنك المركزي يمثل في الوقت الحاضر الملجأ الأخير للإقراض، لتدعيم مركز السيولة بالبنوك التجارية. أن هناك حقائق أساسية مفادها أن البنوك التجارية مثلاً تعتمد أساساً على مواردها الخارجية أو غير الذاتية، ومن هذه الموارد تعتمد الودائع أهمها على الإطلاق، أما الالتجاء إلى الاقتراض فيعتبر في الحقيقة مصدراً إضافياً يتكامل مع الودائع.
ب- ما يلاحظ من فروق في مصادر الأموال:
... من خلال المقارنة بين مصادر الأموال بالبنوك الإسلامية والعادية يستنتج بأنه لا يوجد هناك خلاف في النوعين من البنوك وإنما يتجلى الخلاف في هيكلة الودائع ومدى أهميتها، وكذا في النظرة وأسلوب التعامل مع هذه المصادر، وعليه توجز هذا الفرق فيما يلي:
1- بينما نجد أن الودائع تحت الطلب بالبنوك التجارية، تعتبر أهم مصدر من مصادر الأموال الخارجية، فإنها بالبنوك الإسلامية تقل أهميتها النسبية في هيكل الودائع، حيث تحتل المكانة الأولى فيها الودائع بالمشاركة، ذلك لأن الأرصدة النقدية في شكل حسابات جارية بالبنك، يعرضها لزكاة المال بنسبة 2,5 % متى بلغت النصاب وحال عليها الحول.
ويستدل علي ان الحسابات الجارية تعتبر أهم مصادر التمويل بالبنوك التجارية بالجدول التالي، الذي يعطي توضيحاً كافياً عن هيكل الودائع وأهمية كل نوع منها، في المملكة العربية السعودية المبين التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي عام 1996.(1/38)
جدول رقم 01 :نسبة الودائع تحت الطلب ودائع الادخار والأجل بالمملكة العربية السعودية لسنتي 1985 - 1995:
السنة ... ودائع الطلب ... النسبة ... ودائع الادخار ولأجل ... النسبة ... المجموع
1985 ... 226,20 ... % ... 115,6 ... 17 % ... 685,5
1995 ... 7.410,50 ... % ... 1626,6 ... % ... 9.037,2
عن التقرير السنوي لمؤسسة النقد السعودي لسنة 1980، ص: 101، 102 منقول عن كتاب الدكتور شوقي إسماعيل شحاتة، مرجع سابق الذكر، ص 137.
نلاحظ من الجدول، بأن نسبة الودائع تحت الطلب أعلى بكثير من نسبة الودائع لأجل، وبذلك فإن أهميتها تكون أكبر لدى البنوك مما يضطرها الالتزام بعمليات التمويل القصيرة الأجل مناسباً مع طبيعة هذه الحسابات، في حين أننا نجد بأن المكانة الأولى في هيكل الودائع بالبنوك الإسلامية تعود للودائع بالمشاركة ويتجلى لنا ذلك واضحاً من خلال الجدول التالي الذي يوضح نسبة الودائع يأخذ البنوك الإسلامية، وهو بنك ناصر الاجتماعي (وهو بنك لا يتعامل بالفوائد أخذاً أو عطاء، وأنشئ بالقاهرة عام 1971م، وبدأ أعماله في 25/07/1972م)، الذي أظهرت ميزانية في 31 ديسمبر 1975م ما يلي:
جدول رقم 02 : نسبة الودائع ببنك ناصر الإجتماعي 31 ديسمبر 1995 .
السنة ... ودائع تحت الطلب ... النسبة ... ودائع الادخار ... النسبة ... ودائع ثابتة بأخطار ... النسبة ... المجموع
1995 ... 1.018.019 ... % ... 249,805 ... % ... 3.608.422 ... % ... 4.876.246
... من الجدول نلاحظ أن الودائع تحت الطلب تمثل 21 % من مجموع الودائع/ وودائع الادخار 5 % والودائع الثابتة وبأخطار تمثل 74 % وهي أعلى النسب مما يبرر أهميتها الكبيرة.
- اختلاف جوهري آخر نلاحظه وهو أن:
2 -البنك الإسلامي لا يضمن العائد الثابت لصاحب الوديعة في حساب الادخار أو الاستثمار، مثلما هو عليه بالبنك التجاري، وإنما يتفق مع المودع على نسبتي المشاركة في الربح والخسارة.
نقطة ثالثة في هذا الباب يمكن الإشارة إليها وهي أن:(1/39)
... بعض المصادر المكملة الخارجية والتي تكون في شكل قروض من البنك المركزي أو البنوك الأخرى المحلية أو الأجنبية، بالبنوك التقليدية قائمة أساساً على سعر الفائدة الثابت، بينما هي بالبنوك الإسلامية لا يمكن أن تقوم على هذا الأساس.
وإذا كانت نسبة حسابات الودائع إلى الحسابات الجارية بالبنوك التقليدية لها أهمية خاصة في بيان مركز النشاط الاقتصادي للمجتمع فإنها بالبنوك الإسلامية حسب ما أرى لها نفس الأهمية أيضاً، ولكن من منظور مختلف فإذا زادت نسبة حسابات الودائع إلى الحسابات الجارية بالبنوك التقليدية، فهذا دليل على عدم رغبة
الأفراد في التوسع في الاستثمارات فيقوم الأفراد بنقل جزء كبير من أموالهم من الحسابات الجارية إلى حسابات الودائع(1)من أجل الحصول على فوائد مضمونة، وهذا يعني وجود كساد، بينما يكون العكس في حالة الرواج والحال مخالف بالنسبة للبنوك الإسلامية لأن حساب الودائع بها هي حسابات استثمار توجه للتوظيف بمختلف أوجه النشاط الاقتصادي المربح للفرد والنافعة للمجتمع، وبالتالي فإن الإيداع بهذه الحسابات يكون كبيراً في حالة الرواج، لأن المناخ الاستثماري موات، ومساعد للحصول على عائد أكبر، وبالتالي يزيد إقبال الأفراد على الإيداع في هذه الحسابات.
ج- استخدامات الأموال بالبنوك التجارية:
... يمثل جانب الأصول لميزانية البنك، الكيفية التي يستخدم بها الأموال الموجودة تحت تصرفه، ومن خلال تتبع البنود التي تحتويها ميزانية بنك تجاري، نلاحظ بأن أصوله مرتبة ترتيباً تنازلياً، حسب درجة السيولة، بحيث تبدأ بالنقدية الموجودة بالخزينة، وتمثل أعلى درجات السيولة، وتنتهي بالأصول الثابتة وهي أقلها سيولة.
شكل رقم 03: هيكل الاستخدامات:
31/12/1995 ... /12/1996
الأرصدة ... % ... الأرصدة ... %
نقدية بالصندوق ولدى البنوك ... 254,3 ... ,4 ... 173,3 ... 15,2
__________
(1) حسابات الودائع هي الحسابات لأجل وتشمل ودائع لأجل وودائع بأخطار، وودائع التوفير.(1/40)
توظيف إسلامي ... 321,7 ... 45,9 ... 792,3 ... 69,4
استثمارات ... 143,6 ... 13,3 ... 126,1 ... 11,00
أصول ثابتة (بعد الاستهلاك) ... 21,6 ... 2,7 ... 21,5 ... 1,9
أصول أخرى ... 44,5 ... 5,7 ... 23,5 ... 2,5
إجمالي الاستخدامات ... 785.4 ... 100,0 ... 1.136,7 ... 100,0
شكل رقم (03) المصدر: عن التقرير السنوي لمؤسسة النقد السعودي 1991.
يتضح من ميزانية بنك دبي هذا ما يلي:
1- حسابات الاستثمار والتوفير البالغ رصيدها 861.0 مليون درهم في 31/12/1984م مثلت 75,3 % من أرصدة الموارد، مقابل 67,9 % لعام 1983م برصيد 533.6 مليون درهم، وهذا ما بين أهمية هذه الحسابات بالبنوك الإسلامية كما سبق.
2- أرصدة الحسابات الجارية في سنة 1984م كانت 175.4 مليون درهم بنسبة 15,4 %، مقابل رصيد 161.8 مليون درهم في عام 1983م، ونسبة 20,6 % وهذا دليل عدم أهمية هذا النوع من الحسابات بالبنوك الإسلامية، وأهمية الكبرى بالبنوك التقليدية.
3- ارتفع رصيد التوظيف الإسلامي (مرابحات ومشاركات)، إلى 792.3 مليون درهم بما يعادل 69,4 % من إجمالي الاستخدامات، مقابل 321.2 مليون درهم في نهاية عام 1983م، أي زيادة قدرها 471.1 مليون درهم، تعادل 146,7 %.
4- بلغ حجم التوظيف طويل الأجل المتمثل في تأسيس شركات مملوكة بالكامل للبنك، مساهمات في شركات أو عقارات نحو 126.1 مليون درهم، بما يعادل 11 % من أرصدة الاستخدامات في 31/12/1984.
... ولا ننهي الكلام في هذا المقام، دون التذكير بالاختلاف الموجود في جانب المخصصات بين البنوك الإسلامية والتقليدية.
ففي الوقت الذي يمثل مخصص الديون المشكوك فيها أهم المخصصات بالبنوك التقليدية، نجد أن مخصص مخاطر عمليات الاستثمار بالبنوك الإسلامية، يمثل المقابل لمخصص الديون المشكوك في تحصيلها، أخذاً في الاعتبار الاختلاف الجوهري في طبيعة كل من المخصص، ومصادر تكوينها.
الفرع الرابع: الربحية والسيولة:(1/41)
... "البنك التجاري في نظام المشروع الخاص كأي منشأة يسعى إلى تحقيق أكبر ربح ممكن، وفي تحقيق هذا الهدف على الدوام إلى زيادة إيرادته وتخفيض نفقاته الإجمالية. وفي سعيه لتخفيض نفقاته، يجب أن يراعى تحقيق أكبر كفاءة ممكنة وفي سبيل زيادة إيراده الإجمالي يتعرض البنك لإغراء قوي نحو زيادة قروضه واستثماراته، ولكنه يستخدم بمطالبة السيولة".
وعليه فإن سياسة الاستثمار بالبنوك التجارية يتنازعها عاملان هما: عامل الربحية، وعامل السيولة، وهذان العاملان متناقضان ومتعارضان، بمعنى أن زيادة أحدهما يكون على حساب الآخر بالضرورة، ولذلك فكلما ازدادت السيولة بالبنك، كلما هبط عائد الاستثمار والربحية، وانخفضت قدرة البنوك على المساهمة في تمويل خطط التنمية الاقتصادية. وأما إذا قلت نسبة السيولة عن الحد المطلوب، فإن ذلك قد يعرضه لنتائج خطيرة، قد تؤدي إلى انهياره، إذا عجز عن الوفاء بالتزاماته قبل المودعين، مثل ما حصل لبنك مصر عام 1939 – 1940م، وبنك انترا بلبنان في أكتوبر من عام 1966م(1)، ذلك لأن اتجاهات المودعين وميلهم إلى زيادة السحب أو الإيداع، أمر لا يمكن التنبؤ به بشكل قاطع، فإشاعة بسيطة عن عدم سلامة المركز المالي للبنك قد تكفي لأن ينهال عليه المودعين لسحب ودائعهم.
مما يلاحظ من اختلاف هو :
... إن البنوك التجارية تواجه مشكلة إيجاد التوازن بين عاملي الربحية والسيولة ولا فرق في ذلك بينها وبين البنوك الإسلامية، وإنما الخلاف في هذه النقطة قائم حول وقع عامل السيولة وخطره في كلا النوعين من البنوك.
__________
(1) الصديق تارتي "تجربة البنوك الإسلامية "، بحث مقدم في ملتقى الفكر الإسلامي الثالث والعشرون المنعقد في الفترة ما بين 28 أوت إلى 05 ديسمبر 1989م.(1/42)
سبق التعرف على أن الأهمية الكبيرة للحسابات بالبنوك التجارية تعود للحسابات الجارية، ولا يخفى أن هذه الحسابات تتطلب نسبة من السيولة، وحداً أعلى من غيرها. في حين نجد بأن المكانة الأولى في هيكل الودائع بالبنوك الإسلامية تعود للودائع بالمشاركة الأمر الذي يجعلها أقل عرضة لخطر عامل السيولة. لذا يتطلب الحال هنا الاحتفاظ بحجم من السيولة أقل مما يتعين الاحتفاظ به في البنوك التجارية، أو التقليدية عموماً بالإضافة إلى أن احتفاظ البنوك الإسلامية بأموال سائلة لمدة تفوق السنة يعرضها لخسارة مالية تقدر بـ 2,5%، كزكاة على النقود التي دار عليها الحول.
ولذلك فإن هذه البنوك مطالبة بالاحتفاظ بنسبة أقل من الأموال السائلة عن غيرها من البنوك ومطالبة كذلك باستثمارها في المشاريع المختلفة، حتى لا تأكلها أموال الزكاة، وبذلك فهي تساهم بقدر أكبر في إقامة المشاريع، والمساهمة في تمويل الاستثمارات ذات الأولوية، والتي تعود بالنفع على المجتمع.
ومن هذه الملاحظات، يتبين لنا أيضاً، بأن مقدرة البنوك الإسلامية على خلق نقود الودائع، النقود المصرفية، قليلة مقارنة بغيرها من البنوك، كما أن ودائع الأفراد لديها يفترض أن توجه للاستثمار المنتج، والمفيد للمجتمع، وهذا ما يجعل البنوك الإسلامية بعيدة عن أحداث التضخم في المجتمع، بخلاف الأمر لدى البنوك التجارية التي لها مقدرة هائلة على خلق النقود المصرفية، مما يضر بالمجتمع إن لم يكن لهذه النقود مقابل حقيقي من الإنتاج.
إن هذه الميزات التي تتمتع بها البنوك الإسلامية، لا يجب أن تغرينا وتنسينا المحيط الشرس الذي تعمل فيه هذه البنوك، وكذا الأثر الخطير للإشاعة. ولنا مما حدث لبنك فيصل الإسلامي المصري مؤخرا عبرة،فلقد ورد في استجواب لأحد كبار الشخصيات في ممارسة الاقتصاد الإسلامي،الأمير محمد فيصل،رئيس دار المال الإسلامي،في الشرق الأوسط بتاريخ 23/05/1989م ما يلي:(1/43)
س:تردد أن بنك فيصل الإسلامي في مصر يعاني من بعض المصاعب:ماهي الحقيقة ؟
ج:حقيقة الأمر ان إشاعات انطلقت خطأ حول البنك،فحصل هجوم على السحب من البنك،حتى وصل في بعض الأوقات إلى 12مليون دولار بالعملة الصعبة،مما اضطرنا إلى إحضار الأموال بالطائرة لتغطية الموقف،وبلغ السحب بالجنيه المصري بحدود 7ملايين ثم بدأ الموقف يتراجع وهذه الحالة استمرت لشهرين،أثبتت خلالها قوة البنك،إذا لم يجد أي إنسان صعوبة في سحب أمواله.وقد انتهت هذه المرحلة وعادت الأمور إلى طبيعتها.ومما أود التأكيد عليه أن أرباح هذا العام كانت أعلى من أرباح الفترة السابقة.وقد تأكد للناس،ان ما حدث كان مجرد إشاعات،واستطاع كل من طلب أمواله ان يسحبها بدون تأخير(1).
ان المتمعن في مثل هذه الظاهرة التي حدثت لبنك فيصل الإسلامي المصري،لا يملك إلا أن يشيد بحنكة مسيريه،وما ذلك إلا برهان على الأمان الذي تضعه البنوك الإسلامية لعملائها،ودليل على سلامة مركزها المالي.
والحقيقة الأخيرة التي ينبغي الإدلاء بها في هذا الجانب بالذات،هي ان إدارة البنك الناجحة،هي التي تستطيع أن تحقق أمثل توفيق ممكن بين عاملي الربحية والسيولة،محافظة في نفس الوقت على السلامة المالية للبنك.
الفرع الخامس: توفر الثقة:
توفر الثقة في البنوك شرط أساسي لنجاحها مهما كانت طبيعة البنوك،فإنها لا يمكن أن تقوم بأعمالها،أو تطور من نشاطها إلا إذا حظيت بثقة الجمهور،وهذه الثقة تنشأ في العادة من:
1- وجود ضمان كاف لأموال المودعين،وأهم ما يحقق ذلك،هو إنشاء مؤسسة لضمان الودائع،وكذلك إنشاء وتطوير صلاحيات البنوك المركزية،بما يضمن تدخلها في تحديد الحد الأدنى لرأس مال البنك،ونسبة سيولته،وتحديد نسبة الاستثمار إلى حجم الودائع،ا إلى غير ذلك من القيود والإرشادات والتوجيهات،التي نلاحظها في مذكرات وتعليمات البنوك المركزية.
__________
(1) الصديق تارتي" تجربة البنوك الإسلامية"، مرجع سابق.(1/44)
2 ـ انتشار الوعي المصرفي،وعادة التعامل مع البنوك،لدى أكبر عدد من السكان.
3 ـ الاستقرار السياسي والاقتصادي.
4 ـ وجود نظام إداري سليم،وجهاز من الموظفين الأكفاء،بحيث يمكن من إنجاز الأعمال وخدمة عملاء البنك بسرعة ودقة،نظرا لأن البط ء في الخدمة أو الخطأ فيها تقللان كثيرا من ثقة الفرد في مصرفه.
5 ـ إن حرص البنوك على دفع ودائع الأفراد في أي وقت وبمجرد طلبها،وعليها أن تحافظ على دفع الالتزامات التي تطلب منها بسرعة وبدون مماطلة.
6 ـ وجود تشريع يضمن سرية الحسابات.
إن جميع هذه النقاط الضرورية لخلق جو من الطمأنينة والثقة بين الأفراد والبنوك لا تخص البنوك التقليدية فحسب،و إنما تمس أيضا البنوك الإسلامية،لكن عند النقطتين الأولى،الثانية و الثالثة أين يبدو لنا الاختلاف.
بالنسبة للنقطة الأولى:
... تعتبر البنوك المركزية في الوقت الحاضر كأهم ضامن لأموال المودعين، فعلاقة البنوك التجارية مع غيرها من المؤسسات المالية من جهة، وعلاقتها مع البنك المركزي من جهة أخرى، تجعل هؤلاء المودعين في مأمن من الضياع، وذلك لتدخل البنك المركزي بتعليماته وتوجيهاته ومساعدته للبنوك التجارية وقت الضرورة وعند الشدة. وأساس هذه العلاقة بين بنوك الجهاز المصرفي كافة، هو استباحة الفائدة، وتبعاً لذلك حددت التشريعات التي ترسم هذه الروابط.
غير أن هذا الأساس لا يمكن الانصياع إليه بالبنوك الإسلامية، ولا يحل التعامل وفقه من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن المحيط الذي تعمل فيه البنوك الإسلامية هو محيط غير إسلامي، تسيطر عليه البنوك التقليدية ولذلك يصبح من الضروري إقامة تشريعات أخرى تحدد وتوضح العلاقة بين البنك المركزي والبنوك الإسلامية.(1/45)
بالنسبة للنقطة الثانية: والخاصة بانتشار الوعي المصرفي، وعادة التعامل مع البنوك ما يستشف من فرق في هذه النقطة بين البنوك الإسلامية والتقليدية، هو حساسية الأفراد المسلمين اتجاه فكرة الفائدة، هذه الحساسية ولا شك لها تأثيرها الكبير في عدم تعامل الأفراد مع البنوك التقليدية، وقصور الوعي المصرفي وهذا ما يلاحظ لدى الدول الإسلامية المختلفة.
ومع عدم تمكن المصارف التقليدية من كسب استجابة الأفراد بهذه الدول، ومع الصحوة الإسلامية المباركة الأخيرة، فإن العديد من الدول الإسلامية سمح بإقامة بنوك.
بالنسبة للنقطة الثالثة: الخاصة بوجود نظام إداري سليم، وجهاز من الموظفين الأكفاء.
... إن معيار الكفاءة لوحده غير كاف بالنسبة للبنوك الإسلامية، التي يشترط في العامل بها، إضافة إلى الكفاءة والتحلي بالمثل والأخلاق الإسلامية، وإلا اختل العمل بها وقلت فعاليتها، وهذا ما حدث بالفعل عندما ظهرت المصارف الإسلامية، لم يكن قد أعد العنصر البشري المؤهل معنوياً وعلمياً ليعمل بها، فتسرب إليها العديد من العاملين، ممن يفتقدون القيم والمثل والأخلاق، والسلوك الإسلامي ولم يحصلوا على المعرفة والثقافة المطلوبة ولم يتمرسوا على العمل المصرفي الإسلامي، وهذا سبب للمصارف الإسلامية العديد من المشاكل وكانت سبباً مباشراً في الوقوع في الكثير من الأخطاء، وبعث الافتراءات ومازالت المصارف الإسلامية تعاني حتى الآن من بقايا هؤلاء العاملين.(1)
__________
(1) حسين شحاتة "أهمية انتقاء وتهيئة وإعداد العاملين بالمصارف الإسلامية "، ورقة بحث مقدمة في ملتقى نادي ابن خلدون للاقتصاد الإسلامي بقسنطينة، المنعقد في الفترة ما بين 12 – 14 مارس سنة 1990م.(1/46)
ولقد أكدت مؤتمرات المصارف الإسلامية على أهمية انتقاء وإعداد العاملين بالمصارف الإسلامية، فقد ورد في توصيات المؤتمر الثالث للمصرف الإسلامي، وفتاوى لجنة علماء هذا المؤتمر، الذي عقد في دبي في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر عام 1983م والذي اشترك فيه نخبة من علماء الشريعة وأساتذة الجامعات ما يلي:
... "يؤكد المؤتمر على أهمية انتقاء وتهيئة وإعداد العاملين بالمصارف الإسلامية، حتى يتمكنوا من القيام بدورهم كدعاة مسلمين قبل أن يكونوا موظفين في جهاز مالي".
المطلب الثاني: الاختلافات في النشاط بين البنوك الإسلامية والتقليدية.
... إن الوظيفة الأساسية للبنوك، تتمثل في تحريك الأموال العاطلة ودفعها للتداول، وتسهيل التعامل بين الأفراد والهيئات، وتقديم أنواع من الخدمات والمساعدات مقابل لمستحقيها، خدمة للتنمية والمجتمع.
... وفق هذا المنظور، فإنه يمكن تلخيص نشاط المصرف التجاري بصفة خاصة، مع بيان ما يميزه عن البنك الإسلامي في الآتي:(1) قبول الودائع
(2) توظيف الأموال
(3) تقديم الخدمات
... ومن ذلك نستنتج: أن لا خلاف بين البنوك الإسلامية والتقليدية في النظر إلى المال، وأهمية تدويره واستثماره، والعمل على مشاركة مال الجماعة في خدمة المجتمع.
... ويأتي النظام المصرفي في قمة تطوره المعاصر، ليلحق غاية ما يرمي إليه النظر الإسلامي للأموال بوجه عام، من زاوية رعاية حق مالكه فيه، دون حرمان المجتمع من الإفادة من ذلك المال، فعندما يودع المواطن أمواله في البنك فإنه يحتفظ لنفسه بحق امتلاكه ذلك المال، ويسمح في الوقت نفسه باستعمال هذا المال لمنفعة المجتمع، سواء بصورة قروض حسب الأساس المتبع لدى البنوك التقليدية، أم بصورة تمويل ومشاركة، حسب الأسس المطبقة لدى البنوك الإسلامية.
... غير أن سوء حظ الأجيال التي عاصرت هذا التطور المصرفي الحديث، قد جعل من هذا المنهج الصالح في مجمله، عملاً غير عادل في نتائجه.(1/47)
فقد اقترن تطور العمل المصرفي الحديث بدخول التعامل بالربا، المخفف على صورة الفائدة المحمية بالقانون والتشريع في معظم الأحوال.
وكان من نتائج هذا التمازج بين الربا وفعالية العمل المصرفي أن ظهرت سيطرة رأس المال، بصورة مجردة عن القيود التي كانت ستكبح جماحه، لو كانت هناك سيادة لنظام الإسلام الاقتصادي في مجال التعامل مع الأموال.(1)
الفرع الأول: قبول الودائع.
يعتمد نشاط البنك التجاري أساساً على الودائع، التي تعتبر من الموارد الرئيسية بالبنك، وتنقسم إلى قسمين:
1. ودائع جارية (أو تحت الطلب، أو متحركة).
2. ودائع غير جارية (ثابتة) والتي تنقسم بدورها إلى: ودائع التوفير، وودائع بأخطار، وودائع لأجل.
أهم الاختلافات:
... ما نلاحظه من اختلاف في هذا الجانب، يتجلى في الفرق الجوهري الذي يميز البنوك الإسلامية عن غيرها من البنوك التقليدية والمتمثل في:
- العائد الذي يحصل عليه أصحاب الحسابات الثابتة، فالبنوك التقليدية تعطي أصحاب هذه الحسابات عائداً ثابتاً، يتمثل في سعر الفائدة المحدد مسبقاً.
أما البنوك الإسلامية، فإنها لا تضمن لأصحابها عائداً سنوياً محدداً، وإنما تتقاسم معهم الأرباح في حالة الربح، والخسارة في حالة الخسارة.
- يركز البنك التقليدي جهوده، حول الودائع الكبير فقط، ولا يهتم بالودائع الصغيرة، بخلاف الأمر لدى البنك الإسلامي، الذي لا يعنيه حجم الوديعة بقدر ما يعنيه جذب الفرد لكي يسلك سلوكاً ادخارياً، وتوسيع قاعدة تعامله مع الأفراد، وتوسيعاً لفائدة المطبقين لتعاليم الإسلام.
__________
(1) سامي حسن حمود "خصائص العمل المصرفي الإسلامي لتحقيق التنمية المتوازنة"، بحث مقدم بملتقى الفكر الإسلامي المنعقد بتبسة 1989م ، ص 24.(1/48)
والادخار ما هو إلا تأجيل إنفاق عاجل إلى إنفاق آجل، والنقود المتاحة لكل أفراد المجتمع، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، ولذلك كانت الودائع الصغيرة تلقى القبول والعناية لدى البنك الإسلامي، زيادة على توضيح الصفة التعبدية في ترشيد الإنفاق.
وفي ممارسة الادخار، ومحاربة الإسراف باعتباره طريقاً لهلاك الأمم، يقول تعالى في سورة الإسراء الآية 16 "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً".
ويقول تبارك وتعالى في سورة الواقعة: الآية 48 "أنهم كانوا قبل ذلك مترفين".
يتبين لنا أن غاية الأول (البنك العادي) هو الربح وغاية الثاني (البنك الإسلامي) مصلحة العباد والبلاد، عن طريق ترشيد السلوك الادخاري وتطبيق شرع الله، إضافة إلى الربح طبعاً، ونعتقد بأن هذا الأسلوب في جمع المدخرات وترشيد السلوك الادخاري، هو الأسلوب الفعال نظراً لتعامله مع مختلف الفئات الاجتماعية وعدم الاقتصار على الفئات الغنية فقط، وتهميش الفئات الأخرى لأن في ذلك زيادة في تدعيم مركز الفئات الغنية والزيادة في سيطرتها وتسلطها ،وعلى الرغم مما لحجم الدخل من أهمية بالنسبة إلى القدرة الادخاري لكل فرد، فإن عامل الدخل لوحده أو بمفرده، لا يمكن التسليم به كعامل وحيد في دفع الأفراد إلى الادخار، وإنما هناك عوامل أخرى، تعمل جنباً إلى جنب معه في دفع الأفراد إلى هذا السلوك.
إن الفائدة الربوية التي يقدمها البنك العادي، لا تشكل دافعاً قوياً في عملية الادخار، فالذي يدخر لأجل الزواج مثلاً، لن يثنيه عن الادخار أن يرتفع سعر الفائدة أو ينخفض، والذي يحجم عن الادخار لاعتقادات دينية لن يدفعه للادخار أن يرتفع سعر الفائدة أو ينخفض إلى أية نسبة ولذلك فإن مجرد عدم التعامل بالفائدة يعد من أقوى عوامل الجذب للمدخرات بالبلاد الإسلامية.(1/49)
بالإضافة إلى ذلك أن الذي تحركه دوافع غير الربح، يجد لدى البنك الإسلامي ما يشبع دوافعه والذي تحركه دوافع الربح، يجد لدى البنك الإسلامي ما يشبع هذه الدوافع، بطريقة نظيفة من جانب، ومحققة لصالح المجتمع من جانب آخر.
وً نشير إلى اعتماد البنك أياً كان نوعه على الودائع، هو اعتماد كبير في ميدان توظيف الأموال، مهما اختلفت أساليب التوظيف، ولا يمكن للبنوك التجارية خصوصاً أن تقوم لها قائمة دون هذه الودائع، والحال كذلك بالنسبة للبنوك الإسلامية.
- إن الودائع الثابتة للبنوك التقليدية، هي مبالغ يودعها أصحابها لدى البنوك بهدف الحصول على فوائد إن لم يكونوا بحاجة ماسة إليها في الوقت الحاضر. وهذه الفوائد التي يحصل عليها أصحاب الودائع، إنما تأتي من إقرار هذه الودائع إلى الغير، من أصحاب المشاريع بفائدة أزيد ولا يجوز طبعاً سحب هذه الأموال من البنك قبل مدة محددة على الأقل.
أما البنك الإسلامي فإنه يستبدل هذه الفوائد، باتفاق يعقده مع أصحاب هذه الودائع لاستثمارها، مع المشاركة في ناتج الاستثمار ربحاً كان أم خسارة.
الفرع الثاني: توظيف الأموال بالبنوك التجارية.
... يعتبر البنك أمينا على أموال المودع، وهو مجبر على ردها إليه فور طلبها أو متى حل أجلها، وإلا عرض نفسه للخطر، باعتبار أن الأموال بالبنك، النسبة الكبرى منها ليست ملكاً له، باستثناء رأس المال، لذلك لا يجوز أن يستخدم هذه الأموال في المضاربة على الربح والخسارة، كأن يتجربها في السلع بالبيع والشراء مهما كان الربح المتوقع من وراء ذلك، وعليه كانت الصور التي تأخذ بها البنوك التجارية في توظيف أموالها تتخذ الأشكال التالية:
أ ) التوظيف في الإقراض ، ب) التوظيف في الاستثمار، جـ) التوظيف في إطار الجهاز المصرفي.(1/50)
أ) التوظيف في الإقراض: تعتبر هذه الوظيفة من المهام الرئيسية بالبنوك التجارية، كما أنها وثيقة الصلة بوظيفة قبول الودائع ذلك لأن إقراض البنك للأفراد والهيئات معناه وضع أرصدة سبق أن أودعت لديه موضع التشغيل، وبذلك فهو يحولها من مال عاطل إلى مال متحرك يدر إيراداً، ونافع للمجتمع ووظيفة الإقراض هذه تتمثل في قيام البنك بمد الغير برأس مال عامل في هيئة نقود أو في شكل ائتمان مصرفي(1).
على أن يتعهد المدين برد مبلغ القرض مضافاً إليه الفوائد المتفق عليها في ميعاد الاستحقاق، وعادة ما يدعم البنك هذا التعهد بضمانات كافية، يأخذها من العميل صاحب القرض، تحسباً لإمكانيات عدم الاسترداد في حالة الإعسار أو الامتناع عن الدفع.
1)-ما تراعيه البنوك عند وضع خطة الإقراض:
__________
(1) الائتمان المصرفي: حساب يفتحه البنك للعميل، ليتمكن من السحب منه في الحدود التي أوضحها البنك، وهناك عدة أنواع من القروض تأخذ شكل الائتمان أو الاعتماد المصرفي، كما يطلق عليه وهي تتباين بحسب نوع الضمانات التي تغطيها ومن أشكالها:
أ) الاعتمادات الشخصية: يعتمد فيها البنك عند تقديم القرض على متانة المركز المالي للعميل كضمان لسداد القرض.
ب) الاعتمادات بضمان بضائع: يقبل بموجبها البنك على فتح الاعتماد (أو القرض) مقابل بضائع قابلة للتخزين تودع لدى البنك كضمان.(1/51)
... لكي يضع البنك خطة للإقراض عن فترة مقبلة، عليه أن يسترشد بعدد من الاعتبارات يأخذها في حسبانه عند وضع السياسات التي تنبني عليها تلك الخطة، ومن أهم هذه الاعتبارات، مدى احتياج النشاط الاقتصادي بالدولة إلى القروض، وتعيين المال الذي يمكن توظيفه في الإقراض، وتوزيع القروض وفقاً لآجال استحقاقها وتوزيعها بين القطاعات للنشاط الاقتصادي ودراسة أحوال طالبي القروض ومدى كفاية الضمانات التي يقدمها المقترضون، ومقدار الفوائد التي يحصل عليها البنك من تشغيل موارده في الإقراض.(1)
2) احتياجات النشاط الاقتصادي: يستطيع البنك معرفة ذلك اعتماداً على الميزانية العامة للدولة، وما تشمله من خطط إنتاجية، والميزانيات التقديرية للمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها، وكذا تنبؤات أجهزة التخطيط بالبنوك.
3) تعيين المال الذي يمكن توظيفه في الإقراض: نظراً لأن الإقراض مرتبط أساساً بالإيداع، فإن تحديد أنواع الودائع لدى البنك وما يمكن أن يحصل عليه منها مستقبلاً، مع تحليل حركتها من سحب وإيداع، فضلاً عن دراسة الموارد الأخرى المتاحة للبنك، كالاقتراض من البنك المركزي والبنوك التجارية الأخرى.
4) الاعتمادات بضمان أوراق مالية: شبيهة بسابقتها على ان يكون الضمان في هذه الحالة أوراقاً مالية كالأسهم والسندات وشهادات الاستثمار هذا لو كانت مضمونة من الحكومة.
5) اعتمادات التجارة الخارجية: تلعب فيها البنوك الدور الحاسم، من خلال ما تفتحه من اعتمادات مستندية، التي تعتبر بمثابة تعهد من البنك، بأن يدفع للمصدر قيمة البضاعة المشحونة منه مقابل تقديم المستندات الدالة على تسلم الشحن، المطابقة لشروط الاعتماد.
__________
(1) عاسف محمود، مرجع سابق، ص 135/136.(1/52)
كل هذه المعلومات تفيد البنك في تحديد النسبة الملائمة من الأموال التي يخصصها للإقراض، فإذا كانت حاجة النشاط الاقتصادي من هذه الأموال تفوق طاقته، فما عليه إلا أن ينشط في حدود قدراته، أو أن يعطي على زيادة موارده بأساليبه المختلفة بما يتلاءم مع حجم الطلب على القروض.
6- توزيع القروض بين قطاعات النشاط الاقتصادي: من المبلغ الإجمالي المخصص للإقراض، يحدد البنك نسبة ما يخصص من ائتمان لكل قطاع من القطاعات الاقتصادية بالدولة، صناعة، زراعة، خدمات، بالاعتماد على ما يلي:
- مدى حاجة القطاع إلى تمويل قصير الأجل.
- أهمية القطاع في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالدولة.
وأما عند توزيع ما خصص لكل قطاع، على مشروعاته المختلفة، فإن البنك يقوم بإجراء دراسة تحليلية على المشروع طالب الائتمان، حتى يتمكن من معرفة كل مشروع وقدراته، وإمكانياته. وبعد ترتيب طالبي القروض ترتيباً تنازلياً، يقوم بمنحهم الائتمان، وفقاً لأولويات الحاجة إليه والمصلحة العامة التي تتحقق من ورائه.
7)- دراسة أحوال طالبي القروض: من المشاكل التي تواجه البنك عند منح القرض هو خطر ضياع القرض، لذلك يعطي البنك ما في وسعه لتفادي شبح عدم استرداده، معتمداً على دراسة أحوال طالبي القروض، دراسة تحليلية مستفيظة تشمل: الغرض من القرض، والسمعة التي يتمتع بها طالبه، ونوع النشاط الذي يمارسه، ودرجة هذا النشاط، وتحليل مركزه المالي(1)، للتعرف على مواطن القوة والضعف عنده.
__________
(1) تحليل المركز المالي لطالب القرض: يتم بدراسة الحسابات الختامية لمنشآته من ميزانية عمومية، وحساب الأرباح والخسائر وتسترشد البنوك في هذه الدراسة بمعدلات تبرز قدرة المؤسسات على الدفع، لا سيما في الأجل القصير، وكذا الإلمام الكامل بنشاط المنشأة، ومواطن القوة والضعف عندها، ومن هذه المعدلات أو النسب.(1/53)
8)- الضمانات التي يقدمها المقترضون: تختلف هذه الضمانات تبعاً لاختلاف أنواع القروض، ودرجة المخاطرة التي تواجهها، فالقرض الذي ينطوي على مخاطرة ينبغي أن يكون ضمانه كافياً، ومأموناً تماماً. وكذا القرض المتوسط الأجل، يقتضي ضماناً أكثر ثباتاً واستقرار عن ذلك الذي يستلزمه القرض قصير الأجل، وهذا الضمان قد يكون بضائع أو أوراق مالية أو مباني أو عقارات ... إلخ.
واضمن ضمان للبنك، هو ما يمكن تحديد قيمته بسهولة مع إمكانية تحويله إلى قيمة نقدية بسهولة أيضاً.
9)- مقدار الفوائد التي يحصل عليها البنك من تشغيل موارده في الإقراض: يضع البنك مقدار الفوائد التي تستحق له عن القروض التي يمنحها موضع الاعتبار عند تقرير منح القرض، إذا لم يكن معدل هذه الفوائد محدداً تحديداً قاطعاً بواسطة البنك المركزي.
ويتوقف سعر الفائدة التي تقررها البنوك على عوامل عدة منها: درجة المنافسة بين البنوك، ومقدار الطلب على القروض بأنواعه، ومستوى سعر الفائدة ومدة استحقاق القرض، وقوة الضمان المقدم عنه، ومن جهة أخرى يؤثر سعر الفائدة في حجم القروض وتركيبها حيث أنه كلما ارتفع معدل الفائدة قل حجم القروض بصفة عامة والعكس صحيح.
10)- أهم الاختلافات في ميدان الإقراض:
ما يتجلى لنا ونحن نستعرض الأشكال التي توظف بها البنوك التجارية أموالها، من توظيف في الإقراض، أو الاستثمار، أو في الجهاز المصرفي، هو أن هذه الصور، هي نقاط الفصل الأساسية التي يظهر فيها الفرق واضحاً بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية.(1/54)
وكيفية التوظيف في الإقراض والاستثمار، هي ما يميز البنوك الإسلامية عن غيرها، نظراً لانتهاجهما أسلوباً جديداً في هذا المضمار، ومغايراً تماماً للأسلوب الذي تطبقه البنوك التقليدية وتعتمد عليه، منذ بداية نشأتها إلى يومنا هذا، والقاضي بأن ربح هذه البنوك، يأتي من الفرق بين سعر الفائدة المدينة والدائنة، وسار على هذا النهج الجميع، من زمن بعيد لدرجة أن أصبح وكأنه السبيل الذي لا سبيل غيره، بترسخه في الأذهان واعتباره من الضرورات للنشاط الاقتصادي في الوقت الحاضر، حتى لدى من تحرم ديانتهم هذا النوع من التعامل وهم المسلون اللهم إلا في السنين الأخيرة، وحسب ما فهمناه عن الشكل الأول من أشكال التوظيف وهو التوظيف في الإقراض، فإننا نستلهم جملة من الفروق التي تفصل بين البنوك التقليدية والإسلامية.
- يعتمد نشاط البنوك التقليدية في ميدان توظيف الأموال أساساً على القروض، وربحها يأتي من خلال الفرق بين سعر الفائدة المدينة والدائنة إلى الفرق بين ما تقدمه للمودعين وما تأخذه من المقترضين.
أما البنوك الإسلامية، فلا وجود بها سوى للقرض الحسن، ولا تتعامل بسعر الفائدة أخذاً أو عطاء إطلاقاً، معنى هذا أنها لا تعطي مودعيها فوائد ثابتة محددة مسبقاً، ولا تأخذ ممن تقرضهم الأموال فوائد أيضاً وإنما تعطي القروض لترد عند حلول الأجل دون أية زيادة وتعرف بالقرض الحسن.
- تعطي القروض بالبنوك التقليدية، من ودائع الأفراد، التي يحتفظ بنسبة قليلة منها لمواجهة طلبات السحب، وبالباقي يقدم للإقراض، ولذلك تقدم البنوك بعض المغريات، لجلب المدخرات، كسعر الفائدة، والخدمات المصرفية، أو غير ذلك وفي ذلك زيادة لطاقتها على الإقراض، وبالتالي تحقيق أرباح أكبر.(1/55)
أما البنوك الإسلامية، فلا يحق لها شرعاً أن تقدم إلا القرض الحسن من أموال المودعين بل أن موارده هي من أموال الزكاة، أو التبرعات، أو الصدقات أو الهبات، أو الجزء الذي يخصصه البنك من فائض أرباحه لمواجهة مثل هذه الحالات ليست العبرة في منح القروض والائتمان في البنوك التقليدية أن ينفق في حلال أو حرام، وإنما في إمكانية استرداده بفوائد أولاً، وفي خدمة المجتمع ثانياً، وكذلك لا يوجد اعتبار للجوانب الأخلاقية والروحية.
بينما الحال مخالف تماماً بالبنوك الإسلامية، التي تمتنع عن إعطاء الائتمان إن كان يستخدم في صناعة أو تجارة أو نشاط محرم، أو مكروه امتثالاً لأوامر الله سبحانه في تشغيل الأموال.
قليلاً ما تعطي البنوك التقليدية قروضها في شكل ائتمان نقدي، بل في شكل ائتمان مصرفي عموماً، أما البنوك الإسلامية فتعطي القرض الحسن للمحتاجين له، كالعاطل الذي يريد العمل ويحتاج للمال ولطلبة المال وغيرهم بينما الائتمان المصرفي فيعطي للمؤسسات والمشاريع وفق أساليب الاستثمار المعروفة لدى البنوك الإسلامية.
أشكال توظيف الأموال الأساسية بالبنوك التقليدية هي منح قروض قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأجل، مقابل ضمانات كافية لاسترداد القرض وفوائده بينما تتعدد أشكال التوظيف بالبنوك الإسلامية، ومن أهمها المضاربة والمشاركة والمرابحة.
يواجه البنك التقليدي حالات توقف المدين عن الدفع، بالرفع من سعر الفائدة، أما البنك الإسلامي فلا يملك هذا الأسلوب، لذلك يعتمد خصوصاً عند تقديم القرض أو الائتمان على الضمان الشخصي.
ما يضعه البنك التقليدي عند منح الائتمان في الاعتبار، هو مقدار سعر الفائدة الذي على أساسه يقدر العائد الذي يناله من القرض.
أما البنك الإسلامي، فهو يفاضل بين المشاريع وفقاً لأهميتها الاقتصادية، والاجتماعية، لتأكيد العائد المناسب له ولعملائه.
11)- ما يستحسن إجراءه بالنسبة للبنوك الإسلامية في ميدان الإقراض:(1/56)
... إن القروض القصيرة الأجل هي أهم وظائف البنوك التجارية، ومثل هذه القروض، أو الائتمان ضرورية في العصر الحاضر للمؤسسات الإنتاجية، لأن دعم المؤسسات وأصحاب المشاريع بالسيولة النقدية وقت الحاجة إليها، تعتبر أهم خدمة تقدمها البنوك للقطاع الاقتصادي.
... وفي الوقت الذي لا يمكن فيه للبنوك الإسلامية، أن تفي باحتياجات المؤسسات والمشاريع من التمويل القصير الأجل من قروضها التي ما هي إلا قروض حسنة، ونظراً لكون أصحاب المؤسسات والمشاريع ليسوا من المحتاجين للقرض الحسن بل محتاجون إلى تمويل قصير الأجل، من لأجل تغذية الخزينة، والحصول على رأس مال عامل لمتابعة النشاط، لذلك وجب على البنوك الإسلامية أن لا تهمل هذا اللون من النشاط، اعتباراً لأهميته الكبرى بالنسبة للمؤسسات والمشروعات على أساس أن يقدم هذا التمويل القصير الأجل، حسب رغبة الأفراد ونظرتهم ووفق أساليب الاستثمار المتبعة.
فالذين لا يرغبون في تدخل الغير، البنك هنا، في شؤونهم، لهم في أسلوب الاستثمار بالمضاربة ما يناسبهم، والذين هم في حاجة إلى خبرة البنك ودرايته وأمواله، لهم في أسلوب الاستثمار بالمشاركة ما يناسبهم، كذلك وجب بأن لا يقدم القرض الحسن إلا لمن هم في حاجة فعلية إليه.
ب)-التوظيف في الاستثمار:
1- معنى الاستثمار بالبنوك: يحتل التوظيف في الاستثمار المكانة الثانية بعد إشباع حاجات النشاط الاقتصادي إلى القروض، فيعد تجنيب قدر كاف من الأموال التي في حوزة البنك لمواجهة مسحوبات العملاء وطلبات القروض، يعمل البنك على توظيف الفائض عنده، في استثمارات طويلة الأجل نسبياً، بدلاً من ترك ذلك الفائض عنده، في استثمارات طويلة الأجل نسبياً، بدلاً من ترك ذلك الفائض عاطلاً دون تشغيل، فليس من مهمة البنك اكتناز المال وحجبه عن التداول.(1/57)
ويقصد بالاستثمار في البنوك، الأموال التي يتم بها شراء أصول بقصد الربح وليس بقصد تحقيق متطلبات السيولة، وعلى ذلك تخرج من مفهوم الاستثمار أموال البنك المستخدمة، وأوراق مالية حكومية ذلك لأن حيازة تلك الأذون، والأوراق المالية، لم تكن بغرض تحقيق أرباح بالدرجة الأولى ولكن لتكوين احتياطي وقائي، أو ثانوي لمقابلة متطلبات السيولة.
ويفهم من هذا بأن كلمة استثمار من الناحية المصرفية، يقصد بها الأموال التي توضع لشراء أسهم الشركات، والسندات الخاصة أو العامة، لآجال طويلة بهدف تحقيق عائد.
غير أن الواقع يثبت بأن الفرق بين حساب الاستثمار في البنك، والاحتياطي الوقائي رفيع جداً، لذلك كثيراً ما يشار إلى الاستثمار في البنوك التجارية على أنها تلك الأصول التي تكون الاحتياطي الوقائي، وحساب الاستثمار، وتعرف "محفظة الأوراق المالية".
ونلخص أوجه الاستثمار بالبنوك التجارية بما يلي: الأذون على الخزانة، والسندات الحكومية(1)، أو المضمونة من الحكومة(2)، وكذا الأسهم والسندات غير الحكومية.(3)
__________
(1) سندات الحكومة: تصدرها الدولة للاكتتاب العام، لتمويل مشاريع التنمية لديها، وغالباً ما تفضل البنوك هذه السندات بسبب ما تدره من دخل ثابت ومعقول في مقداره، بالإضافة إلى ما تتمتع به من ثقة مثالها القرض الوطني للتضامن الذي أصدرته الحكومة الجزائرية مؤخراً.
(2) الذهب والصكوك المقومة بالذهب تعتبر من أوجه الاستثمار بالبنوك التجارية بالخارج فتقوم هذه البنوك بشراء الذهب عند انخفاض أثمانه نسبياً لكي تبيعه عندما ترتفع تلك الأسعار.
(3) الأسهم والسندات التي تطرحها الشركات المساهمة، والمؤسسات الكبرى للاكتئاب من قبل الجمهور، واستثمارات البنوك بالخارج تتجه إلى هذا النوع من الاستثمار، باعتباره يمثل خط دفاع متين في مواجهة مخاطر السيولة.(1/58)
... والقاعدة العامة التي تحكم استثمارات البنوك، هي أنه كلما زادت المخاطر كلما زاد الربح، أما إذا توافر الأمان بالنسبة لرد الأصل، وبالنسبة للعوائد السنوية فإنه غالباً ما يكون العائد قليلاً، لذلك تراعي البنوك هدف الربحية والسيولة والأمان، واعتبر تنويع الأوراق المالية التي يحتفظ بها البنك من القواعد المصرفية السليمة.
2)-أشكال خدمة الأوراق المالية:
- الشراء والبيع لحساب البنك نفسه:
تفضل البنوك شأن باقي المؤسسات التجارية، تنويع استثماراتها توزيعا لمخاطرها، ولقد لجأت إلى شراء الأوراق المالية،في الأوقات التي يكون فيها السعر منخفضا لغرض الحصول على حصتها من الأرباح، التي ستوزع (حالة السهم) أو الفائدة التي ستدفع(حالة السند)، وأيضا من أجل إعادة بيعها بسعر مرتفع لغرض الحصول على الربح.
- استلام وحفظ الأوراق المالية برسم الأمانة:
يفضل الأفراد ان يتم حفظ شهادات ملكية لدى أحد البنوك، للمحافظة عليها من الضياع ولحمايتها من خطر الحريق أو السرقة، نظرا لما تملكه البنوك من إمكانيات الحفظ الأمني في خزائنها الحديثة وغرفها المحصنة.
- استلام وحفظ الأوراق المالية برسم (التأمين )الضمان:
عندما يمنح البنك أحد العملاء تسهيلات ائتمانية فقط، يشترط عليه تقديم أوراق مالية كضمان ويفضل الكثير من العملاء تقديم مثل هذا النوع من التأمين، لأنه غير مكلف ولان البنك سيتولى الخدمات الإضافية المتمثلة في تحصيل الأرباح والفوائد، مقابل الحصول على العمولات المقررة.
- تحصيل كبونات (أرباح أو فوائد ) الأوراق تاريخ الاستحقاق:(1/59)
غالبا ما يتحقق للسهم أرباح معينة، يتم صرفها بعد نهاية العام المالي، كذلك فإن السند يتحقق له فائدة يجري صرفها في تواريخ محددة مسبقا عند طرح السندات للاكتتاب، وقد يلاحظ ان صاحب الأوراق المالية يفضل أن يتولى بنكه عملية تحصيل الكبونات سواء بقيت الأوراق في حوزته أو سلمها إلى البنك برسم الأمانة، أو برسم الضمان، أما البنك فإنه يرحب بالقيام بهذه المهمة.
لأنه سيحصل على عمولة مقابل خدمته، وسيحقق أيضا مزايا جانبية أخرى، منها أن قيمة الكبونات المحصلة قد لا تسحب، بل تبقى في حساب صاحب الأوراق المالية، مما يزيد من سيولة البنك.
- دفع أو صرف كوبونات أوراق الشركات المالية:
بعد نهاية العام المالي وبعد إعداد الحسابات الختامية، والميزانية العمومية تقرر الشركات العمومية توزيع نسبة معينة من قيمة السهم كربح يجري توزيعه على أصحاب الأسهم، وتفضل الشركة خاصة إذا كان عدد مساهميها كبيرا، ان يقوم بنكها بمهمة دفع كوبونات الأرباح، لأن في ذلك توفير جهد ووقت على الشركة الموزعة للأرباح، في حين يستفيد البنك من عمولة إضافة إلى السيولة التي يحصل عليها، في الفترة الواقعة بين تحويل قيمة الأرباح إلى البنك، وقيامه بتوزيعها فعلا، وبعضها يتم تحويله إلى الحسابات الجارية لحملة الأسهم .
- الإشراف على عملية الاكتتاب في الأسهم والسندات:
تتم المساهمة في رأسمال الشركة المساهمة بطرح أسهمها للاكتتاب العم للجمهور، وبسبب ما تتطلبه عملية الاكتتاب من إمكانيات، فان الشركة تعهد إلى أحد البنوك المرخصة بالقيام بهذه المهمة مقابل عمولة .(1)
و عن استثمارات البنوك، دون ان نشير إلى أمثلة من القيود التشريعية التي تقف أمام البنوك التجارية في هذا المضمار. إذ ان غالبية التشريعات المصرفية في معظم الدول ، تحضرا على البنوك التجارية، من استثمار أموالها في مجالات معينة .
3ـ أهم الاختلافات في مجال الاستثمار:(1/60)
إن وجه الاختلاف الأساسي في مجالي التمويل و الاستثمار، يرجع إلى فلسفة النظرة الإسلامية لرأس المال، الذي يتمثل في النقود بشكل خاص . بمعنى أنها مقياس للقيمة، وليس لها حق في الزيادة .بغير المشاركة في العمل، فإذا أعطى قرضا لجهة ما، فليس له نصيب من الزيادة، لأن القرض ما هو إلا إحسانا ورفقا بالمقترض، حيث يكفي المقرض ان يكون القرض مضمونا له، في ذمة المدين المقترض .
هذه النظرة الإسلامية للنقود، وغيرها من التوجيهات والقيم الأخلاقية في النظام الإسلامي، هو الأساس الذي بنت عليه البنوك الإسلامية أهدافها، وخصائصها أسلوب عملها بشكل عام، وانطلاقا من هذه الخصائص كان عدم فسح المجال للعائد الثابت المعلوم القيمة مسبقا، سواء بالنسبة للمودعين أو البنك، هو الفاصل الذي يميزها عن غيرها ولذلك نضيف إلى ما سبق عن عدم التعامل بسعر الفائدة أخذا أو عطاءا ما يلي:
عدم إمكانية التعامل في الأوراق المالية المحددة القيمة والعائد مسبقا، باعتبارها من صور التعامل المنهي عنه بإجماع العلماء .
ومن هذه الأوراق: أذون الخزانة والسندات الحكومية، أو المضمونة من الحكومة، وكذا السندات التي تصدرها الشركات، أما الأسهم باعتبارها حصة مشاركة يمكن لها أن تستخدم في سوق المال الإسلامي بالقوة والكفاءة التي تستخدمها البنوك التقليدية.
ولا يعني عدم تعامل البنوك الإسلامية في هذه الأوراق في الوقت الحاضر، عدم وجود البديل، إن البديل هو في تضافر الجهود لإنشاء سوق المال الإسلامي.(1/61)
... وإذا كانت البنوك الإسلامية قد نجحت على مستوى العمل المحلي في مجال اجتذاب الودائع، وإرضاء بعض التطلعات لمن يطرقون أبواب التمويل الحلال، فإن معيار النجاح الحقيقي للبنوك الإسلامية إنما يعتمد على قدرة هذه البنوك، وتمكنا في إيجاد سوق رأس المال الإسلامي، بأدواته ووسائله والنتيجة المترتبة على عدم وجود هذه السوق، هي أكبر خطراً مما قد يتصوره الكثيرون، من غير العارفين لحقائق الأمور، ومن هذه الحقائق من موجودات خارجية تفوق ما عليه من ديون بل أن الأرقام تشير إلى أن مجموع ديون العالم الإسلامي بأكمله تساوي 75 % مجموع الموجودات الأجنبية للدول الإسلامية.(1)
ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى غياب سوق رأس المال الإسلامي حيث لا يلتقي رأس المال الباحث عن الاستثمار في سوق العرض بالمشاريع المحتاجة للتمويل في سوق الطلب، وتكون النتيجة انسياب الأموال وتدفقها إلى خارج البلاد الإسلامية، للاستثمار بأقل الأسعار.
وحتى البنوك الإسلامية نفسها، التي استطاعت أن تصل إلى المدخرات التي لم تتمكن البنوك التقليدية من الوصول إليها، واستخراجها من جيوب المواطنين، لم تجد وسيلة متاحة أمامها للاستثمار الدولي، إلا في خارج العالم الإسلامي.
يختلف استثمار البنوك التقليدية عن نظيره في البنوك الإسلامية، ففي الوقت الذي تعتمد استثمارات البنوك الأولى على العائد الثابت والمتغير الذي قدره الأوراق المالية تحرم البنوك الإسلامية على نفسها هذا التعامل في شكله الحالي، وطيلة هذا الوقت الذي تحرم فيه البنوك التجارية على نفسها التعامل في المنقول أو العقار أو غير ذلك من القيود، نجد أن هذا التعامل يعتبر من الأوجه التي تنشط فيها البنوك الإسلامية.
__________
(1) سامي حسن حمود ، مرجع سابق.(1/62)
ولذلك فإن أشكال الاستثمار بالبنوك الإسلامية عموماً لا تعمل بها البنوك التقليدية ولا تعرفها في الأصل، نظراً لأن قاعدة المشاركة في الأرباح والخسائر هي أساس النشاط الاستثماري للبنوك الإسلامية، وهذا ما لم تعرفه البنوك التقليدية منذ نشأتها.
ولقد نجحت هذه البنوك التقليدية من خلال تاريخها الطويل في أن تصنع عقلية معينة وأن تشكل مفاهيم فكرية وأساليب عمل أصبحت تمثل ما يمكن أن نطلق عليه (الشيء المألوف.. ومن قوانين ذلك الشيء المألوف) إن تعديله أو تحديده أو الخروج عليه يعد من الأمور بالغة الصعوبة، ومن الأمور التي تلقى مقاومة عاتية، وذلك هو بالفعل الموقف الذي تجد نفسها فيه المؤسسات المالية الجديدة، التي تختلف جذرياً عن المؤسسات المالية التقليدية، في النظرة إلى وظيفة النقود.
4- أشكال التمويل الإسلامية كبديل: إن الاعتراض على قيام البنك الإسلامي باستثمارات مباشرة أو بتمويل بالمشاركة (في الغنم والغرم)، إنما يقصد به سد منافذ الحياة أمام البنك الإسلامي وتحويل مساره بدعوى العرف المصرفي، إلى طريق غير طريق الإسلام، فلو أن البنك الإسلامي اكتفى بأن ينزع من معاملاته عنصر الفائدة الربوية، ثم سار في بقية عملياته على نهج البنوك الربوية، فحصر نفسه في مجال الإقراض، فمن أين يجيء إذن بما يلزمه من أموال لتغطية مصروفاته الإدارية ؟ إن ذلك الإقراض، إن هو إلا حرب مستترة للقضاء على البنك اللاربوي، إذ لا سبيل أمامه لكي يقوم وينجح ويثبت وجوده، إلا أن يستمر بنفسه وأن يشارك مع
غيره في استثمارات، ومن عائد استثماراته ومشاركاته، يستطيع أن يغطي مصروفاته الإدارية، وأن يوزع أرباحاً على المستثمرين معه.(1)
__________
(1) أحمد عبد العزيز النجار وآخرون، مرجع سابق.(1/63)
إن هذا الأسلوب انفرد به البنك الإسلامي، وهو الضروري في كل المؤسسات المالية للتخلي عن سعر الفائدة الجائر، وإرساء قواعد العدل والمساواة في المجتمع، ومن الصيغ التي لا تخرج عن إطار الشرع الإسلامي، وتفي بتطبيق هذا الأسلوب، وتعتمد عليها البنوك الإسلامية في استثماراتها، هناك في الوقت الحالي عقد المضاربة والمشاركة، والمشاركة المنتهية بالتمليك والإجارة، والمرابحة والقرض الحسن، ويمكن لعلمائنا استنباط عقود أخرى أوسع، تتيح لمؤسساتنا المالية الإسلامية التحرك بشكل أسهل وأفضل، وما ذلك ببعيد.
5-أهمية الأخذ بالضوابط الشرعية: قبل التعرض إلى هذه الضوابط لابد من الإشارة إلى أن ظروف الدول النامية بصفة عامة تختلف اختلافاً كبيراً عن ظروف الدول المتقدمة، فانخفاض مستوى الدخل الفردي، وصغر حجم المدخرات يجعل الحجم الكلي للتداول ليس صغيراً فقط، وإنما مقصوراً داخل مجتمع محدود من المتهمين بشراء الأسهم، يعني هذا صغر حجم السوق المالي ومحدودية التداول المضاربي فيه، يقابله من الناحية الأخرى صغر حجم القاعدة الإنتاجية وعدم الاستقرار، وهذا يؤدي إلى أن الممارسات المضاربية فيها ولو كانت محدودة بسبب صغر حجم السوق المالي وإمكاناته القديرة مقارنة بالدول الصناعية المتطورة تشكل خطراً عليها، وهذا ما يجعلنا في الدول الإسلامية خاصة أكثر حرصاً على تنظيم أسواقنا المالية وتوجيهها الوجهة التي تساعد على تحقيق أهداف النمو الحقيقي، وهذا طبعاً لن يتم وفق الأسلوب الذي تعمل به البورصات في الغرب دون ضوابط ولا قيود.(1/64)
يقول جون بياراكوت ((J. PIERRE. COTTE)) وهو أحد المهتمين باقتصاديات الدول النامية: ((من أجل محاربة آفات النمو وإرضاء قواعد التنمية الاقتصادية، فإنه ينبغي أن نهتم أولاً بالمحيط أو البيئة الثقافية، يعني ذلك تيسير السبل لخلق قنوات أو دوائر بنكية مطابقة لثقافة المجتمع)).(1)
إن أهمية البحث عن صيغ التعامل في سوق المال الإسلامي، وأهمية هذه السوق في الوقت الحاضر للبنوك الإسلامية، كسند تعتمد عليه لتخطي بعض العقبات الكبيرة التي تعترضها للوقوف الند للند أمام غيرها من البنوك، تعتبر من الأولويات، من هذه العقبات ولا شك التمويل لآجال طويلة، خاصة كذلك ونحن ندرك أن البنوك الإسلامية لا يمكنها أن تقتصر على أشكال التمويل القصير الأجل، مثلما هو معمول به لدى غالبيتها، لا سيما التمويل بالمرابحة، الذي أصبح يمثل النسبة الغالبة في استثماراتها، وحتى وإن كانت المرابحة هي الأسلوب الذي خلص هذه البنوك من مشكلة توظيف الأموال الكبيرة المودعة لديها، وحتى وإن كان حلاً ملائماً باعتبار أن هذه المؤسسات هي مؤسسات مصرفية ويهمها تحقيق ربح لها ولعملائها، إلا أننا نقول بأن الاعتماد على هذا الأسلوب فقط وغيره لمدى قصير الأجل، لا يمكن ان يكون الحل الدائم لهذه البنوك إذا ما أرادت الاستمرارية والتفوق.
ج-التوظيف في إطار الجهاز المصرفي: "قد يوظف البنك بعضاً من أمواله في إطار الجهاز المصرفي وحينئذ يتجه هذا التوظيف وجهتين لدى البنوك التجارية الأخرى ولدى البنوك المتخصصة فإذا قام البنك بتوظيف أمواله لدى بنك تجاري آخر فإنه يودع تلك الأموال في شكل ودائع بخطر سابق نظير فائدة يستحقها عن تلك الودائع، ويتوقف سعر هذه الفائدة عادة على مدة الوديعة".
__________
(1) جون بياراكوت " اقتصاديات الدول النامية"، الطبعة الثالثة ، 1982.(1/65)
1- ما يلاحظ من فروق: لا يمكن للبنوك الإسلامية أن تلجأ إلى هذا النوع من التوظيف على اعتبار أن العائد المحقق يعتبر ربحاً خبيثاً، ورغم ذلك فقد نجد صوراً لهذا النوع من التعامل حدثت لدى البنك الإسلامي للتنمية ويؤكد لنا ذلك الدكتور الصديق تاوتي الذي عايش مثل هذه المشاكل به حيث يقول في ملتقى تبسة في سبتمبر 1989م أنه(1): "عندما تأسس البنك، وبعدما تقرر كل دولة عضو مساهمتها، وتحدد المبلغ فإن عليها أي الدول الأعضاء أن تحو 20 % من حصتها إلى مؤسسة النقد السعودي، وقد كان هذا قبل أن يفتح البنك أبوابه، وبعد تاريخ الافتتاح في 15 شوال 1395 هـ، وأثناء اجتماعات مجلس الإدارة أو مجلس المديرين التنفيذيين، أثار أحد الأعضاء قضية السيولة، وعندها اتضح بأن أموال البنك المطروحة كأمانة لدى مؤسسة النقد السعودي، هي في الأصل مستعملة في سوق المال يعني في بنوك ربوية، في أمريكا أو أوربا والتي تعطي بطبيعتها أرباحاً أي فوائد، وبعد نقاش طويل فيه آخذ ورد اتخذ المجلس قرارين:
القرار الأول: يقضي بفتح حساب خاص تطرح فيه هذه الفوائد أو الأرباح أو الأموال الخبيثة كما سماها البعض، حتى يحصل على كيفية لاستعمالها.
القرار الثاني: هو أن تقوم إدارة البنك بإعداد دراسة من أجل حل هذه المشاكل عن طريق توظيف الأرصدة حسب الشريعة الإسلامية بعيداً عن المعاملات الربوية.(2)
__________
(1) عاسف محمود " إدارة المنشآت المالية "، ص 133/134.
(2) الصديق تاوتي: ورقة بحث مقدمة في ملتقى تبسة، المنعقد في سبتمبر 1989 ص 9/13.
قام البنك لهذا الغرض بإنشاء المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة، والذي بدأ أعماله عام 1402 هـ، وقد زاد في عام 1408 هـ عدد الدول التي توزع فيها لحوم الهدي والإضاحي إلى 22 دولة في مقابل 19 دولة عام 1407 هـ، وبلغ مجموع الذبائح التي تم توزيعها منذ بدأ العمل في موسم حج عام 1403 هـ). وفي موسم حج 1408 هـ ... 1859267 ذبيحة (التقرير السنوي الثالث عشر 1408 هـ،" 1987/1988م" للبنك الإسلامي للتنمية.(1/66)
وبعد مشاورات عديدة أعدت ندوة يومي 7/8 فبراير 1979م، وبعد نقاش طويل تمت الموافقة على توصية من أجل عرضها على مجلس المحافظين، وأثناء الاجتماع الثالث لمجلس المحافظين، الذي عقد في كمبالا عاصمة أوغندا في عام 1399 هـ (1979) قرر المجلس استعمال الفوائد كما يلي:
- 50 % لتغطية تذبذب العملة.
- إنشاء حساب المعونة الخاصة لتحقيق الأهداف التالية:
- توفير وسائل التدريب والبحوث بهدف مساعدة وإرشاد الأعضاء إلى إعادة توجيه أنشطتها الاقتصادية والمالية المصرفية، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
- تقديم الإغاثة في شكل سلع وخدمات مناسبة للدول الأعضاء المتضررة من الكوارث الطبيعية.
- تقديم المساعدة المالية للدول الأعضاء بهدف تعزيز ودعم القضايا الإسلامية.
- تقديم المساعدات المالية للمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء في البنك بهدف تحسين أحوالها الاجتماعية والاقتصادية.
- برنامج التعاون الفني.
- المساهمة في مشروع الإفادة من لحوم الهدي والإضاحي.
هذا ما اهتدى إليه البنك الإسلامي للتنمية حول كيفية التعرف في الفوائد الآتية من التوظيف في إطار الجهاز المصرفي (هذه الفوائد التي تعتبر كربح خبيث لدى البنوك الإسلامية، وكربح مشروع لدى غيرها من البنوك)، أما البنوك الإسلامية الأخرى فغالبيتها لا تأخذ لقاء أموالها المودعة بالخارج فوائد.(1/67)
فإن سعي بعض هذه الدول إلى إيجاد مؤسسات تعمل على تعويد الشعب على مبدأ المشاركة وترسيخ وتعميق هذه الفضيلة، فإن ذلك يعني ان هذه الدول قد وضعت يدها على مفتاح النهوض لمجتمعاتها المختلفة، في حين تقوم بنوكها التجارية في أوربا على إضعاف هذه الروح وانتزاع عنصر المخاطرة والإقدام من مواطنيها، وذلك بتوسيع نشاط البنوك التجارية، التي تعتمد في نظامها على مبدأ تحديد الربح مقدماً على الوديعة والقرض، يحذر الخبير الألماني هورست الباخ، إنه إذا لم تتوجه أوربا جدياً إلى نشر مؤسسات التمويل بالمشاركة ودعمها فإنها تكون قد وضعت نفسها على أبواب مرحلة التدهور والسقوط، في حين تكون الدول النامية المهتمة بمبدأ المشاركة، قد وضعت نفسها على أبواب سلم الصعود نحو التنمية والنهضة الاقتصادية.(1)
ومن هنا يتبين لنا بأن منهج الانطلاقة الفعلية المتوازنة موجود بالبلاد الإسلامية، ويبقى لتحقيق ذلك أن تهيأ الإطار الذي يمكن أن يتم من خلاله إقامة البناء، وقد ابتدأ ذلك فعلاً بواسطة البنوك الإسلامية، هذه البنوك التي رغم نجاحاتها في الداخل، وفي جلب المدخرات من الأفراد فإن هذا النظام يبقى مبتوراً ما دامت هذه البنوك نفسها توظف فوائض السيولة لديها بالخارج، وما دام سوق رأس المال الإسلامي غير موجود فلابد من تحقيق ذلك لكي نضمن لهذه البنوك الفتية الاستمرارية والتوسع والقدرة على مقاومة التحديات التي من بينها انعدام هذه السوق نفسها.
__________
(1) أحمد النجار، مرجع سابق، ص 14/15.(1/68)
وقد عرفنا أن البنوك التقليدية تنشط في الاستثمار في الأوراق المالية، وليس لها مجالات الاستثمار الواسعة التي تتمتع بها البنوك الإسلامية، بينما هذه الأخيرة ليس لها في ميدان الاستثمار في الأوراق المالية إلا ما يخرج عن التعامل بالفائدة المحددة،رغم ما لهذه الأوراق من أهمية في الوقت الحاضر، ورغم ما تملكه هذه البنوك من سيولة، لذلك فإن إيجاد السوق المالي الإسلامي يعد ضرورة لوقف التحدي، ولخدمة العالم الإسلامي عوضاً عن ترك الأموال الإسلامية تذهب إلى الخارج وتوظف ضدنا.
2- شهادة العالم الألماني هورست الباخ:(1)
... إن نهضة أوربا وتكوين قاعدتها الاقتصادية والصناعية، قامت أساساً على مبدأ المشاركة، وتدين هذه النهضة إلى الأموال المخاطرة والتي ساهمت في تمويل إنتاج المخترعات، التي أفرزتها عقول المخترعين في مرحلة الثروة الصناعية، وكانت هذه الأموال مكدسة لدى التجار أثناء عنصر التجاريين، وتبحث عن مجالات للاستثمار والتشغيل في الصناعة خاصة وأن الكنيسة كانت تحرم التعامل بالفائدة مهما قل مقدارها تحريماً قاطعاً وحاسماً، ولم تكن للبنوك التجارية التي تتاجر في الأموال حالياً دوراً أساسي في تكوين القاعدة الاقتصادية، وإنما نشأت لاستغلال حاجة المنشآت الصناعية بأموال قصيرة الأجل لتمويل احتياجات تمويلية مؤقتة.
ولقد ساهمت هذه المؤسسات، أو هؤلاء التجار في تشكيل عقلية مخاطرة، كما ساهمت في إيجاد روح وفكر قصير الأجل، وبذلك حرمت المجتمع من جانب هام من الفضائل العزيزة التي تدين أوربا في نهضتها إلى انتشارها، وهي فضيلة المشاركة والإقدام والمخاطرة في مجال الاستثمار.
__________
(1) أحمد النجار، مرجع سابق ص 16/17.(1/69)
3- حقائق لا يمكن تجاهلها: ان الكلام عن نشاط البنوك التقليدية (التجارية على الخصوص) في ميدان الإقراض والاستثمار، والخلاف الذي يفصلها عن البنوك الإسلامية في هذا الميدان الإشارة إلى أن الاعتبارات التي تعمل بها البنوك التقليدية في ميدان الإقراض، لا تختلف كثيراً عن مثيلتها في البنوك الإسلامية في ميدان الاستثمار لا سيما منها ما يختص بدراسة أحوال طالبي القروض، التمويل، إذ أن البنوك الإسلامية كغيرها لا تمنح التمويل للمشروع إلا بعد الدراسة المستفيضة له، ويبرز عندها الضمان الشخصي كأقوى ضمان لتجنب مخاطر ضياع التمويل، فيعتبر ساعداً له كطلب رهن من المدين أو طلب كفيل وكتابة الدين ... إلخ، لكننا نشير في هذا المقام إلى أن "طلب راهن أو كفيل غير جائز شرعاً في حالة المشاركات أو المضاربات، لأن يد الشريك على مال المشاركة يد أمانة لا يد ضمان".(1)
إن الطريق المسدود الذي آلت إليه تجارب التنمية في دول العالم الثالث من جراء تفاقم مشكلة الديون وتفاقم المشاكل الأخرى، الاقتصادية منها والاجتماعية، إنما هي النتيجة الحتمية لنظام سعر الفائدة، الذي امتدت عيوبه لتغطي كل الشعوب حتى الدول المتقدمة منها ذات الاقتصاد القوي، لم تنج من الأزمات، ومن منا لم يسمع عن أزمة 12 أكتوبر 1929.
ومن منا كذلك لا يذكر أزمة 19 أكتوبر 1987 (الاثنين الأسود كما سمي) عندما انهارت أسواق المال العالمية، لقد ذهب إدراج الرياح ما مقداره 800 مليار دولاراً في يوم واحد في بورصة وول سترايت أي ما يعادل تقريباً مجموع ديون العالم الثالث.
الفرع الثالث: تقديم الخدمات
الخدمات المصرفية:
__________
(1) محمد عبد الحليم عمر "بحث مقدم في ندوة البركة"، الاقتصاد الإسلامي، من 4 إلى 7 نوفمبر 1984 تحت عنوان: حماية الديون في الشريعة الإسلامية أو الاحتياط ضد مخاطر الائتمان في الإسلام بالتطبيق على البنوك الإسلامية.(1/70)
تقوم البنوك إضافة إلى وظيفتها الرئيسية – في اخذ الودائع من الأفراد ودفع هذه الأموال في شكل قروض إلى المؤسسات و المشاريع – بتقديم خدمات مصرفية عديدة لعملائها هذه الخدمات ونظرا للتطور الاقتصادي الهائل الذي تعرفه البلدان الصناعية لدرجة أن أصبحت الخدمات ، تشكل موردا هاما للبنوك كتحصيل الشيكات و الكمبيالات ، ودفع المستحقات ،وإصدار خطابات الضمان ن وفتح الاعتمادات المستندية وتأجير الخزائن الحديدية،ودفع الفواتير ،والصرف،وتحويل العملات،وحفظ الأوراق المالية، وأعمال الوساطة والسمسرة وأعمال الاستشارات،والخبرة المالية و الدراسات الاقتصادية.
كما نستطيع أن نضيف إلى هذه الخدمات، ما تقوم به هذه البنوك في ميدان تسيير وسائل الدفع لدرجة أن أصبحت تتدخل في أبسط عملية تجارية، في أسواق السلع والخدمات، لا سيما بالدول المتقدمة حيث حلت الشيكات وبطاقات الائتمان محل النقود الورقية.
إضافة إلى هذا لا ننسى تدخلها في الأسواق المالية بيعاً وشراء للأوراق المالية لدرجة أن أصبحت وظيفة السماسرة مهددة، فهناك توقعات تفيد بأن البنوك ستحل لا محالة محل السماسرة، لذلك استحدثت هذه البنوك مصلحة خاصة بالأوراق المالية، مثلما استحدثت بالأمس مصلحة خاصة بالأوراق التجارية.
أولاً: ما يلاحظ من اختلافات:
في ميدان الخدمات، نذكر بأن البنوك الإسلامية تقوم بمختلف الخدمات التي تقوم بها البنوك التقليدية، فيما عدا خصم الكمبيالات، والتعامل في السندات، لذا فإننا إذا ما استثنينا من هذه الخدمات، العمليات التي تحتوي على فائدة ربوية، والمجازفة في الأسواق المالية، نقول بأن البنوك الإسلامية اليوم مطالبة بالقيام بمختلف الخدمات التي تقوم بها البنوك التقليدية، ما لم يتعارض ذلك مع نص شرعي، نظراً لأنهما يعملان معاً، في نفس المحيط ونفس المستوى من التطور، مما لا يسمح للبنوك ان تتخلى عن مسايرة الركب إذا ما أرادت فرض نفسها.(1/71)
... وإذا كان سوق الأسهم والسندات اليوم، لا يساعد البنوك الإسلامية الولوج فيه استثماراً لأموالها، فإن ذلك سيكون حافزاً على خلق سوق المال الإسلامي المبني على أسس أخرى رغم كون البنوك الإسلامية بإمكانها تقديم خدمات لعملائها في هذا الميدان بالرغم من عد وجود سوق المال الإسلامي.
... تعتبر الخدمات المصرفية المتنوعة مصدر إيرادات لا يستهان بها بالبنوك التقليدية، بينما هي غير ذلك بالبنوك الإسلامية التي تقوم بالخدمات نظير الأجور الفعلية لهذه الخدمة.
ب-الخدمات الاجتماعية:
تؤدي البنوك التقليدية خدمة المجتمع من خلال توفير التمويل لكبار العملاء، والربح هو المؤشر الوحيد لتشغيل الأموال.و أهم الاختلافات تتجلى في:
1) القرض الحسن:
لا تقدم البنوك التقليدية القروض إلا بفوائد، وغالباً ما لا يستفيد من هذه القروض إلا كبار العملاء بينما الفئات الاجتماعية البسيطة فلا يمكنها الحصول على هذه القروض مهما كانت الغايات، وإن حصلت فبفائدة:بينما البنوك الإسلامية لا تعرف إلا القرض الحسن، أي القرض بدون فائدة، ويعطي للمحتاجين الحقيقيين إليه كالمريض، والطالب وبعض حالات الزواج من الأشخاص الذين يحتاجون إلى الإعانة والذين يتعرضون لكوارث والحرفيين الصغار وغيرهم.
2) تجميع الزكاة وإنفاقها في مصادرها:
... إن هذا العمل غير وارد إطلاقاً بالبنوك التقليدية، وهو من شيم البنوك الإسلامية فقط، وما يميزه عن غيرها. ... والبنوك الإسلامية تقوم بجمع أموال الزكاة من أموالها التي يدور عليها الحول، وكذا من أموال الزبائن المودعة لديها أن أوكل لها هذه المهمة، متى حال الحول على أموالهم، وكذا بإمكانها تلقي الأموال من المواطنين، وتصرف كل هذه الأموال في مصارفها الشرعية . ... ... ... ... ... ...(1/72)
... والبنوك الإسلامية تقوم بهذه المهمة في الوقت الذي تحجم فيه الحكومات عن ذلك، ولا أحد ينكر النفع الذي يعود على الطبقات الدنيا وعلى المجتمع من جراء هذه الخدمة، التي تعتبر معلم رئيسي من معالم البنك الإسلامي .
... لعل الخلاصة التي نستخلصها من هذا العرض عن ما يفارق البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية، هي كونهما يشتركان في بعض النقاط ويختلفان في أخرى اختلافا جوهريا، فإذا كانت للبنوك الإسلامية أهداف متعددة أهمها المساهمة بصورة إيجابية وفعالة، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بصورة عامة، فان للبنوك التقليدية أيضا نفس هذا التصور .
... ان اتحادهما على هذا الهدف وتشابههما في العديد من العمليات المصرفية، ولا يعني عدم اختلافهما عن بعضهما بل هناك فروق استراتيجية متعددة الجوانب تفصل بينهما، ذلك أن للبنوك الإسلامية سمات مميزة حيث أنها:
-بنوك متعددة الوظائف، فهي تؤدي دور البنوك التجارية ، وبنوك الأعمال ، وبنوك الاستثمار، وبنوك التنمية،ولا يقتصر عملها على الأجل القصير، كالبنوك التجارية ولا على الأجل المتوسط والطويل، كالبنوك غير التجارية .
- بنوك لا تتعامل في الائتمان، فهي ليست مقرضة أو مقترضة، ولا تتعامل بالفوائد أخذا أو عطاءا، وإنما تقدم التمويل على أساس تحمل المخاطرة والمشاركة في النتائج ربحا أو خسارة .
- بنوك تربطها بعملائها سواء كانوا أصحاب الموارد، أو مستثمرين لهذه الموارد ، علاقة مشاركة ومتاجرة وليس علاقة دائنيه و مديونية كالحال في البنوك التقليدية .
- بنوك تقدم تمويلا عينيا ،بمعني أنها بصدد استخدام الأموال ، لا توجهها بصورتها النقدية إلى الغير كالوضوح
في البنوك التقليدية .(1/73)
والبنوك الإسلامية تولي اهتماما خاصا لمهمة استقطاب شريحة غير المتعاملين مع البنوك التقليدية أصلا للتعامل معها ،وتولي ذات الاهتمام لتنمية الوعي الادخاري لدي المواطنين ،يستوي في ذلك ذوي الدخول المحدودة أو الدخول العالية يعاونها علي هذا الاستقطاب،حرص المسلم بفطرته علي تقنية معاملاته من شبهات الربا.(1)
__________
(1) ... سمير مصطفى " بحث مقدم للمؤتمر الدولي الأول للبنوك الإسلامية"، مرجع سابق، باسطنبول، 1986م، ص59.(1/74)
الباب الثالث
حالات تطبيقية للبنوك الإسلامية
الفصل الأول: دراسة حالة البنك الإسلامي للتنمية
لقد كان من ثمرات القرار الذي اتخذه قادة دول منظمة المؤتمر الإسلامي من عام 1970م بإنشاء لشعوب الدول الأعضاء ودعم التعاون الاقتصادي بين هذي الدول، والمساعدة في تطوير جهاز مصرفي مالي تتفق عملياته مع أحكام الشريعة الإسلامية وتقديم العون للجمعيات الإسلامية في الدول غير الأعضاء ولم يكن للبنك نموذج سابق يحتذي في هذا المجال، ومع ذلك ففي خلال فترة قصيرة نسبيا أحرز البنك تقدما واحتجاجا تنفيذ المهام التي عهدها إليه، و البنك الإسلامي للتنمية عملياته التمويلية في عام 1976م.
المبحث الأول:العمليات العادية (تمويل الشركات الإنمائية )
المطلب الأول: القروض الحسنة والمساعدات الفنية
الفرع الأول: القروض الحسنة
يقدم البنك قروضا بشروط ميسرة لا تتجاوز رسوم الخدمة عليها التكاليف الفعلية التي يتعرض لها البنك على دراسة ومتابعة هذه المشاريع وذلك وفقا لما تقتضيه مبادئ الشريعة الإسلامية.
وتقدم القروض للدول الأعضاء لصالح مشاريع البنية الأساسية فيها مثل الطرق ومشاريع المياه والصرف والمدارس والمستشفيات والموانئ، وتعطي الأولوية في تقديم القروض للدول الأعضاء الأقل نموا.
الفرع الثاني: المساعدة الفنية
إن عمليات المساعدة الفنية التي يقوم بها البنك تتمشى مع واحدة من أهم احتياجات الدول الأعضاء من أجل التنمية الإقتصادية والتقدم الإجتماعي ولا سيما الدول الاقل نموا، و التي تحصل على بعض تلك المساعدات في صورة منحة كلية أو جزئية . وتلعب عمليات المساعدة الفنية دورا أساسيا في نشاطات البنك بصفة عامة . وهي تخدم بشكل أساسي عدة أهداف نذكر منها ما يلي :
أ- نقل التكنولوجيا و المعرفة إلى الدول الأعضاء في مراحل إنشاء و تطوير المشروعات.
ب- إ عداد دراسات الجدوى الفنية و الإقتصادية للمشاريع.(1/1)
جـ- المساعدة في الإشراف على المشروعات و المؤسسات أثناء التشييد و مرحلة التشغيل الأولية.
د- إعداد التصميمات الهندسية التفصيلية و وثائق العطاءات للمشاريع.
المطلب الثاني: المساهمة في رأس المال وعمليات الإجارة
الفرع الأول: المساهمة في راس المال
المشروعات الإنتاجية الصناعية أو الصناعية الزراعية ذات الجدوى الإقتصادية، وتعتبر بعض مدارس الفكر المختصة بالتمويل الانتمائي أن النوع من التمويل ينطوي على نسبة عالية من المخاطر، ومن سياسة البنك عدم الحصول على النصيب الغالب أو الأرجح في رأس مال المشروع، ومن ثم فإن مساهمة البنك تحدد بما لا يزيد على ثلث رأس مال المشروع كي يتمكن من تمويل عدد أكبر من المشروعات.
وفي مثل هذه الحالات يهدف البنك إلى القيام بدور المحفز لتشجيع الممولين الآخرين على المساهمة في تمويل المشروع، وهو ما يتيح الفرصة للبنوك التجارية والمستثمرين في القطاع الخاص أن يتعاونوا مع البنك في سبيل توفير التمويلات اللازمة للمشروعات الصناعية والصناعية الزراعية المجدية.
بلغ ما اعتمد البنك في 2001 ما يقارب 288 عملية تمويل شملت 103 مشاريع و 36 عملية مساعدة فنية و 97 عملية تحويل تجارة و 52 عملية من طرف صندوق الوقف (البنك).
بلغ اجمالي 22.83 مليار دينار اسلامي ما يعادل 29.4 مليار دولار أمريكي هذا مقابل 20.93 مليار دولار أمريكي نهاية 2000 بنمو تقريبا 5.53?.
الفرع الثاني: عمليات الإجارة(1/2)
يعد التمويل عن طريق الإجازة وسيلة تمويلية غير تقليدية، وفي هذا النوع من التمويل يقوم البنك وبالتشاور مع الدول الأعضاء متلقية التمويل بشراء المعدات المطلوبة للمشروعات الصناعية، وبعد تركيب تلك المعدات وبدء تشغيلها يقوم بتأجيرها إلى الجهة المستفيدة لفترات تتراوح من 5 إلى 10 سنوات بما فيها فترة سماح تتراوح بين 6 أشهر و 26 شهراً للحصول على المعدات المطلوبة وتوريدها وتركيبها وبهامش ربح يتراوح حالياً بين 8- 9 % سنوياً، ويحرص البنك على الحصول على ضمان مناسب لسداد مبالغ الأقساط على حسب اتفاقية التأجير وفي عمليات الإجارة يحتفظ البنك بملكية المعدات المؤجرة خلال فترة التأجير وعند انتهاء هذه الفترة وبعد سداد كامل المبلغ المحدد في اتفاقية الإجارة تؤول الملكية مباشرة إلى المستأجر وقد مول البنك حتى 47 عملية تأجير في 16 دولة من الدول الأعضاء بمبلغ إجمالي قدره 497 مليون دولار أمريكي.
المطلب الثالث: البيع لأجل مع تقسيط الثمن
وفي هذا النوع من التمويل يقوم البنك بشراء العين وبمجرد تسلمها يعيد بيعها إلى الجهة المستفيدة مقابل ثمن يدفع على أقساط نصف سنوية متساوية ولفترات تتراوح بين 5 و 10 سنوات بما فيها فترة سماح تتراوح من 6 أشهر إلى 36 شهراً لاتخاذ إجراءات شراء وإعداد العين المطلوبة ويحدد مجلس المديرين التنفيذيين العائد الذي يحصل عليه البنك من استثماره في هذا النوع من التمويل، وفي الوقت الحالي يتراوح هذا العائد بين 8 – 9 %.
والفرق بين هذا النوع من التمويل وأسلوب التأجير إن ملكية العين المبيعة تنتقل إلى المشتري فوراً ويتم البيع على أساس المرابحة مع دفع الثمن على أقساط وهو بيع إجارة جمهور الفقهاء.
ويتم البيع في هذه الحالة على أساس:
أ- أن يقدم الضمان من بنك تجاري من الدرجة الأولى ومقبول لدى البنك الإسلامي للتنمية.
ب- أن يراعي عند تحديد فترة البيع بالتقسيط العمر التشغيلي للعين المبيعة.(1/3)
المطلب الرابع: اعتمادات التمويل والمشاركة في الأرباح
الفرع الأول: اعتمادات التمويل
بالإضافة إلى المساهمة المباشرة في رؤوس أموال المشروعات والقيام بعمليات الإجارة والبيع بالتقسيط بصفة مباشرة، يقدم البنك اعتمادات للمساهمة و اعتمادات للتأجير والبيع لأجل مع تقسيط الثمن للمؤسسات الوطنية للتمويل التنموي في الدول الأعضاء، لتكون واسطة في تمويل مشروعات صغيرة أو متوسطة الحجم مما لا يتوافر فيها بعض شروط التمويل المباشر من حيث مقدار المساهمة ويدعم من قدرة هذه المؤسسات على خدمة الاستثمار الإنمائي في الدول الأعضاء وفقاً للقواعد التي تطبقها وفي إطار الأوضاع والسياسات الاقتصادية في كل دولة.
وفي هذا النطاق تقوم المؤسسات الوطنية للتمويل التنموي نيابة عن البنك الإسلامي للتنمية بالتعرف على المشروعات الصناعية والصناعية الزراعية الصغيرة أو المتوسطة الحجم وتقييمها وتقديم الوثائق الخاصة بها إلى البنك للدراسة وإصدار قرار بشأنها من مجلس المديرين التنفيذيين، والحد الأدنى لتمويل مشروع في هذا النطاق يتراوح التمويل ما بين مائة ألف دينار إسلامي ومليوني دينار إسلامي في حالة المساهمة في رأس المال أما في التأجير والبيع لأجل مع تقسيط الثمن فيتراوح التمويل ما بين 250.000 دينار إسلامي ومليوني دينار إسلامي، وهذا الأسلوب من شأنه تعزيز جهود المؤسسات الوطنية للتمويل التنموي وزيادة قدرتها الاستيعابية لموارد إضافية، ويساعد البنك الإسلامي للتنمية على الوصول إلى دعم وتشجيع القطاع الخاص وتمكينه من اختيار وتنفيذ المشروعات الصناعية والصناعية الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم بما يوفر لها من عملة أجنبية يصعب غالباً توفيرها محلياً، بوساطة هذه المؤسسات لتوسيع نطاق خدمة المشروعات ذات العلاقة بالتنمية الاقتصادية.(1/4)
و قد قدم البنك حتى سنة 2000م 47 عملية تمويل اجمالي مقداره 1050 ملايين دينار اسلامي من هذه العمليات اعتمدت 19 عملية لصالح 17 من الدول الأعضاء بتمويل قدره 5.76 ملايين دولار أمريكي و 28 عملية لصالح المجتمعات الإسلامية و الهيئات الإسلامية في 28 من الدول الغير الأعضاء بتمويل مقداره 7.572 ملايين دولار أمريكي.
الفرع الثاني: المشاركة في الأرباح
... المشاركة في الأرباح أسلوب للتمويل بمقتضاه يدخل البنك الإسلامي للتنمية في ترتيبات مع طرف ثان أو أكثر على أساس وضع مبالغ من المال "نقداً أو عيناً" في صندوق مشترك بهدف تمويل مشروع ما وتوزع أرباح المشروع بنسبة حصة كل مساهم في التمويل وذلك بعد خصم كافة النفقات الإدارية.
وقد اعتمد البنك أربع عمليات في هذا المجال لصالح أربع دول من الدول الأعضاء بمبلغ إجمالي قدره 26,99 مليون دولار أمريكي والمبالغ المعتمدة للمشاريع التنموية 2.420 مليون دولار أمريكي علماً أن مجموع ما اعتمده البنك للمشروعات والمساعدات الفنية الآنفة الذكر بلغ 2.420 مليون دولار أمريكي.
المبحث الثاني: دور البنك الإسلامي للتنمية في تطوير التجارة الخارجية بين الدول
الإسلامية
المطلب الأول: تعريف موجز لبرامج تمويل التجارة الخارجية في البنك الإسلامي للتنمية
تشمل جهود البنك الإسلامي للتنمية الحالية في مجال تنمية وتمويل التجارة الخارجية بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ثلاثة برامج هي برنامج تمويل الواردات وبرنامج التمويل الأطول أجلاً للتجارة (تمويل الصادرات) ومحفظة البنوك الإسلامية، وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل واحد من هذه البرامج.
الفرع الأول: برنامج تمويل الواردات(1/5)
بدأ البنك الإسلامي للتنمية تنفيذ برنامج تمويل عمليات الواردات في فبراير 1977م، وقد هدف البنك من وراء ذلك إلى العمل على تنمية التبادل التجاري بين الدول الأعضاء فيه بشكل عام ومساعدة هذه الدول في جهودها التنموية من خلال تمكينها من استيراد بعض حاجياتها من السلع ذات الطبيعة التنموية، وقد أتاح هذا البرنامج أمام البنك فرصة تثمير الفوائض المالية غير المطلوبة بصفة عاجلة للعمليات العادية في تمويل عمليات البنك متوسطة وطويلة الأجل.
تمت الموافقة حتى سنة 2001م حيث استفادت من تمويلات البنك خلال 2001م 40 دولة عضوة و 6 منظمات اقليمية مقارنة بسنة 2000م حيث استفادت 42 دولة عضوة و دولة واحدة غير عضوة و 16 منظمة اقليمية اعتمدت لها 115 عملية (87 مشروعا و 28 عملية مساعدة فنية) حيث بلغ المجموع الكلي من المسحوب و المساعدات الفنية حتى نهاية 2001م. و 210 مليون دينار اسلامي أي 29? من التمويل المعتمد للعام و تظهر هذه النسبة انخفاظا في معدل السحب المعدلات التي تحققت خلال 1998م، 1999م، 2000م.
جدول رقم (05): خلاصة عمليات تمويل الواردات خلال الفترة من 1983م – 2000م باستثناء العمليات الملغاة
السنة ... عدد الأول المستفيدة ... المبالغ المخصصة (دينار إسلامي) ... دولار أمريكي
1983 ... 4 ... 43.608.000 ... 50.519.960
1984 ... .440.830 ... .815.240
1985 ... .360.101 ... .087.047
1986 ... .062.522 ... .992.800
1987 ... .992.800 ... .440.000
1988 ... .300.000 ... .300.000
1989 ... .300.000 ... .500.000
1990 ... .500.000 ... .422.217
1991 ... .422.217 ... .400.000
1992 ... .400.000 ... .383.300
1993 ... .383.300 ... .340.750
1994 ... .340.750 ... .000.000
1995 ... .737.259 ... .000.000
1996 ... .390.771 ... .250.000
1997 ... .440.000 ... .815.000
1998 ... 12 ... 400.300.000 ... 519.500.000
1999 ... 14 ... .992.800 ... .440.000
2000 ... .422.217 ... .400.000
المجموع ... / ... 7.408.393.567 ... 8.027.606.314
المصدر: التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية سنة 2001م.(1/6)
من إجمالي التمويل المعتمد للواردات منذ نشأة البرنامج (انظر الملحقين رقم 1و2).
كما شملت قائمة السلع المؤهلة للتمويل والتي دخلت ميدان التبادل التجاري الفعلي في نطاق برنامج تمويل الواردات ما يزيد على 33 سلعة، وكان أبرزها النفط الخام والسلع الصناعية الوسيطة والمنتجات النفطية المكررة والزيوت النباتية والإسمنت والأسمدة والحوت والقطن.
جدول رقم (06) : دور البنك الإسلامي للتنمية في تطوير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء خلال الفترة 1983م-2000م.(بالمليون دولار أمريكي).
السنة ... اجمالي التمويل ... إجمالي التمويل المعتمد للاستيراد من دول أعضاء ... النسبة المئوية (%)
1983 ... 50.52 ... 27.97 ... 55.38
1984 ... .82 ... .10 ... .66
1985 ... .09 ... .51 ... .42
1986 ... .99 ... .09 ... .30
1987 ... .44 ... .64 ... .56
1988 ... .30 ... .30 ... .03
1989 ... .50 ... .50 ... .87
1990 ... .42 ... .05 ... .25
1991 ... .40 ... .00 ... .68
1992 ... .38 ... .39 ... .07
1993 ... .34 ... .39 ... .07
1994 ... .00 ... .50 ... .71
1995 ... .00 ... .90 ... .82
1996 ... .92 ... .92 ... .00
1997 ... .00 ... .03
1998 ... .84 ... .84 ... .42
1999 ... .00 ... .05
2000 ... .92 ... .92 ... .7
المجموع ... 10.919.88 ... 9.315.02 ... 83.52
المصدر: التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية سنة 2001م.
الفرع الثاني: برنامج التمويل الأطول أجلاً للتجارة (تمويل الصادرات)
يعتبر برنامج تمويل الصادرات نافذة مكملة لأنشطة البنك في مجال تمويل التجارة الخارجية وبعداً جديداً من أبعاد سياسته الرامية إلى دعم وتعزيز التبادل التجاري بين الدول في منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد تم تشغيل هذا البرنامج في نهاية عام 1407 هـ (1994) وعلى شكل صندوق خاص تحت إشراف وإدارة البنك الإسلامي للتنمية مع استقلال تام لميزانيته وموارده عن ميزانية البنك وموارده.(1/7)
ويهدف البرنامج إلى زيادة حركات الصادرات من السلع غير التقليدية بين الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، وتتراوح فترات التمويل بين 6 و 60 شهراً وفقاً لطبيعة السلعة المؤهلة للتمويل حيث تكون فترة التمويل للسلع الاستهلاكية في حدود 24 شهراً والسلع الوسيطة والمواد الخام في حدود 36 شهراً أما السلع الرأسمالية المؤهلة فتحظى بالحد الأقصى لفترة التمويل المحددة بـ 60 شهراً.
وقد بلغ عدد الدول المشاركة في البرنامج حتى تاريخ إعداد هذه الورقة ( 20 ) دولة . و بلغ مجموع اكتتابات هذه الدول (151,5 ) مليون دينار إسلامي ، أي نحو ( 201 ) مليون دولار أمريكي ، بالإضافة إلى مساهمة البنك الإسلامي للتنمية في موارد البرنامج بمبلغ ( 150 ) مليون دينار إسلامي ، أي نحو ( 200 ) مليون دولار أمريكي .
و يقدم البرنامج حاليا نسبة مئوية من قيمة السلعة المزمع تصديرها تتراوح بين 30 و %40 ولمجلس إدارة البرنامجان يتجاوز هذه النسب عندما يرى ذلك مناسباً، وللتعامل مع الظروف التنافسية السائدة في السوق، وقد أجاز البرنامج تمويل 80 % من قيمة العملية التي لا تزيد على 3 ملايين دينار إسلامي، و قد بلغ عدد عمليات التصدير التي مولها البرنامج حتى نهاية سنة 2000م 67 عملية بقيمة 83.3 مليون دينار اسلامي ، 103 مليون دولار أمريكي تقريبا استفاد منها عدة دول من بينها المملكة السعودية و ماليزيا ومصر والمغرب وتركيا وسوريا.
الفرع الثالث: محفظة البنوك الإسلامية(1/8)
لتوفير المزيد من الدعم للتبادل التجاري بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تم في نهاية عام 1994م إنشاء محفظة البنوك الإسلامية، وتقدم المحفظة حالياً التمويل اللازم لعمليات التجارة بنوعيها الواردات والصادرات من السلع الرأسمالية وغير الرأسمالية وكذلك تمويل عمليات التأجير، ويشارك في المحفظة في الوقت الحاضر 21 بنكاً إسلامياً بالإضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية الذي يتولى إدارة عمليات المحفظة بوصفة مضارباً، وقد بلغ رأس المال المبدئي للمحفظة 65,5 مليون دولار مدفوعة بالكامل، كما تسمح لوائح المحفظة القيام بإصدارات عامة تبلغ عشرة أضعاف رأس المال المبدئي مما يتيح المجال للمحفظة لتمويل عمليات بقيمة تقرب من 720 مليون دولار، كما أن عمليات المحفظة موجهة أساساً إلى المصدرين والمستوردين من القطاع الخاص.
و قدم البنك حتى سنة 2000م، حوالي 47 عملية تمويل اجمالي مقداره 1050 ملايين دينار اسلامي، أفاد منها مصدرون و مستوردون في عدة دول من الدول الأعضاء.
وجدير بالذكر هنا ان محفظة البنوك الإسلامية تدار على أساس تجاري باعتبارها صندوقاً استثمارياً ينتظر أن يقدم عائداً مناسباً لأصحاب رأس المال من البنوك المشاركة فيه، وفي نفس الوقت فإن إجراءات وشروط التمويل التي تعتمدها المحفظة تتميز بالمرونة كما أن التنفيذ يتم في فترة قصيرة.
جدول رقم (07): قائمة السلع الرئيسية التي شملها برنامج تمويل الواردات في البنك (مليون ريال)
01- ... النفط الخام ... 18- ... جلود غير مصنعة
02- ... السلع الصناعية الوسيطة ... 19- ... منتجات الحوت
03- ... المشتقات النفطية المكررة ... 20- ... الأخشاب
04- ... السكر الخام ... 21- ... فحم الكوك
05- ... الإسمنت ... 22- ... عجينة الورق
06- ... القطن وخيوط القطن ... 23- ... خامات الحديد
07- ... الزيت النباتي الخام ... 24- ... الرصاص
08- ... الكبريت ... 25- ... الدراجات الهوائية
09- ... الكلكير ... 26- ... اسطوانات الغاز
10- ... زوارق الصيد ... 27- ... الغاز السائل(1/9)
11- ... الفوسفات ... 28- ... المولدات الكهربائية
12- ... الأكياس الورقية ... 29- ... أنابيب فولاذية
13- ... كرات طحن الكلكير ... 30- ... مفاتيح حديدية
14- ... الجبس ... 31- ... المطاط
15- ... الأمونيا ... 32- ... علف الماشية والدواجن
16 ... جلايكول الأيثيلين ... 33- ... الأسفلت
17- ... الأسمدة
المصدر:التقرير السنوي لبنك التنمية الإسلامي لسنة 2001.
المطلب الثاني: دور البنك الإسلامي للتنمية في تطوير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
أولت اتفاقية تأسيس البنك موضوع تطوير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء اهتماماً خاصاً إذ جعلته أحد أبرز أعمال البنك، وقد تجسد ذلك بوضوح في المواد (1)(2/8) من اتفاقية تأسيس البنك التي حددت الهدف الرئيسي للبنك ووسائل تحقيق ذلك، وفي واقع الأمر فقد حظي موضوع تطوير وتمويل التجارة الخارجية عناية كبيرة من البنك، ومن خلال تزايد عمليات الواردات أمكن للبنك الإسلامي للتنمية أن يساهم بشكل إيجابي في تطوير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
ويشير الجدول إلى أن حوالي 81% من إجمالي المبالغ المعتمدة لتمويل عمليات الواردات، منذ مباشرة برنامج البنك لأنشطته عام 1983 وحتى نهاية عام 2000 والبالغة 10919 مليون دولار، قد مولت الواردات من الدول الأعضاء، وبصورة رقمية نرى ان التمويل السنوي المعتمد من البنك الإسلامي للتنمية لعمليات الواردات قد ارتفع من 250,5 مليون دولار عام 1983 إلى 1234.92 مليون دولار عام 2000، كما وصل إجمالي المبالغ المقدمة لتمويل الواردات من الدول الأعضاء خلال الفترة 1983-2000 حوالي 9.315 مليون دولار أو ما نسبته 83.52%من إجمالي المبالغ التي أنفقها البنك لتمويل كافة عمليات الواردات (من دول أعضاء وغير أعضاء).
ومن الخصائص والمرتكزات الميزة لبرنامج البنك في تمويل عمليات التبادل التجاري بين الدول الأعضاء نذكر ما يلي:(1/10)
1- ضمن برنامج البنك المذكور، يحبذ أن تقوم الجهة المستفيدة من التمويل باستيراد احتياجاتها من السلع من دولة أو دول أعضاء في البنك وتحقيقاً لهذا المبدأ يترك للدولة العضو حرية الاستيراد من دولة عضو أخرى مباشرة ووفق الشروط التي تراها مناسبة بناء على الاتفاق الثنائي بين المستورد والمصدر.
وإذا كانت عملية الاستيراد تتم وفقاً لأسلوب العطاءات الدولية يتخذ البنك كافة الخطوات اللازمة لإبلاغ المصدرين المحتملين من الدول الأعضاء بشروط العطاءات لتمكينهم من المشاركة فيها، وإذا ما أسفرت العملية عن كون أفضل الشروط والأسعار مقدمة من مورد من دولة غير عضو، يقوم البنك بإبلاغ نتائج العطاء المعني إلى الموردين المحتملين من الدول الأعضاء، وإذا ما قبل أحد الموردين من دولة عضو بأفضل شروط العطاء المعروضة عليه، فإن الأفضلية في توريد السلعة المعنية تقدم لذلك المورد من الدولة العضو.
2- إن هامش الربح الذي يتقاضاه البنك على التمويل المقدم لعمليات الواردات يعتبر ميسراً ويقدم للمستفيد شروطاً تضاهي الشروط المماثلة من مصادر التمويل الأخرى.
... ولا يساور البنك الإسلامي للتنمية أي شك في أن الدول الأعضاء التي أفادت من برنامجه في تمويل التبادل التجاري خلال العقد الماضي قد حققت تحويلاً صافياً وتدفقاً من الموارد من البنك إليها.
3- ينطوي التمويل التجاري الذي يقدمه البنك في نطاق برنامج تمويل الواردات على ميزة الوفاء الأجل لمدة تتراوح ما بين 9-24 شهراً.(1/11)
4- رغم حداثة برنامج تمويل الصادرات ومحفظة البنوك الإسلامية فمن المؤمل أن تضيف أبعاداً جديدة لجهود البنك الرامية إلى تنمية وتطوير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء نظراً لكونها تقدم التمويل لأجال مختلفة (6-60 شهراً لبرنامج الصادرات وتمويلات قصيرة الأجل لكل من الصادرات والواردات بالنسبة للمحفظة) علاوة على كونها تغطي العديد من السلع التي لم يشملها برنامج تمويل الواردات بالإضافة إلى كونها تفسخ المجال أمام القطاع الخاص للإفادة من التمويلات المقدمة.
5- إن دور برامج البنك المختلفة في تعزيز التبادل التجاري بين الدول الأعضاء يتوقف على مدى توافر المزايا النسبية الناتجة عن الفرق بين التكلفة العالمية للسلع وتكلفتها في إطار البرنامج وسوف يعمل البنك على استغلال تلك المزايا بصورة كاملة بهدف تعزيز التبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
ولا شك أن تأثير برامج البنك لا يزال محدوداً فيما يتعلق بتحقيق المنجزات المتوقعة السالفة الذكر، ولكن ينبغي ألا يغيب عن الذهن أن هذا التعزيز للتجارة وما يترتب عليه من تنمية اقتصادية واجتماعية، يدعو أولاً وما قبل كل شيء إلى المبادرات والعمل من جانب الدول الأعضاء ذاتها لتأمين أفضليات تجارية مشتركة وكافية لاستغلال المميزات الاقتصادية الإقليمية أو شبه الإقليمية من خلال تكوين مؤسسات دولية مثل مناطق التجارة الحرة، أو الاتحادات الجمركية أو الأسواق المشتركة أو الاتحادات الاقتصادية التامة بين الدول الأعضاء.
المطلب الثالث: سياسات وإجراءات تمويل الواردات
أ) سياسة تمويل الواردات:(1/12)
عملاً بحكم المادة 2 فقرة 7 من اتفاقية تأسيس البنك عمد البنك إلى إنشاء برنامج تمويل عمليات التجارة الخارجية(1)، بغية تحقيق الأهداف التالية:
أ) توظيف الفوائض المالية غير المطلوبة بصفة عاجلة للعمليات العادية في تمويل عمليات البنك متوسطة وطويلة الأجل وتحقيقاً لذلك يعمد البنك إلى شراء السلعة المعنية ثم يبيعها إلى المستفيد مقابل معدل (هامش) ربح متفق عليه وعلى أساس الدفع الآجل لثمن البيع.
ويمثل هذا النشاط بيع المرابحة وهو أسلوب معروف في نظام التمويل التجاري في الإسلام.
ب) مساعدة الدول الأعضاء في جهودها التنموية من خلال تمكينها من استيراد بعض احتياجاتها من السلع ذات الطبيعة التنموية.
جـ) تنمية التبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
بدأ البنك الإسلامي للتنمية تنفيذ برنامج تمويل عمليات الواردات في 2000 وبنهاية ديسمبر اعتمد لها مبلغ إجمالي قدره 7.01 مليار دينار إسلامي أي ما يعادل 7.56مليار دولار أمريكي تقريباً.
ب)- السلع المؤهلة للاستفادة من برنامج تمويل الواردات:
جميع السلع ذات الصفة التنموية مؤهلة للاستفادة من برنامج تمويل الواردات، وقد اشتملت قائمة السلع التي مولها البنك بشكل رئيسي كلا من النفط الخام ومشتقات النفط المكررة، الإسمنت، الأسمدة، المواد الخام والسلع الوسيطة للأغراض الصناعية.
جدول رقم (08): التركيب السلعي لعمليات تمويل الواردات (مليون ريال):
الترتيب ... السلع الرئيسية ... 1998 ... 1999 ... 2000
1 ... حيوانات حية ومنتجات حيوانية ... 5.107 ... 5.312 ... 5.675
2 ... منتجات نباتية ... 6.868 ... 7.637 ... 8.278
3 ... شحوم ودهون وشموع حيوانية ونباتية ... 0.880 ... 0.927 ... 0.784
4 ... منتجات صناعية الأغذية ، مشروبات ، خل ، تبغ ... 4.761 ... 4.191 ... .531
__________
(1) أعيد تسمية البرنامج إلى برنامج تمويل الواردات لتمييزه عن برنامج التمويل الأطول أجلاً للتجارة (تمويل الصادرات بشكل رئيسي) الذي دخل حيز التنفيذ الفعلي مع مطلع عام 1408 هـ (آب/أغسطس 1987م).(1/13)
5 ... منتجات معدنية ... 1.055 ... 1.274 ... .062
6 ... منتجات الصناعة الكيمياوية و المرتبطة بها ... 9.249 ... 9.496 ... .512
7 ... لدائن ، إثيرات ، استرات السليولوز، مطاط ... 3.753 ... 3.488 ... .130
8 ... جلود ، حقائب ، الحرير ، مصنوعات المصارين ... 0.381 ... 0.381 ... 0.394
9 ... خشب ومصنوعاته ، فلين ومصنوعاته ، حصر وسلال ... 17.434 ... 1.259 ... .444
10 ... صناعة الورق والموارد المستعملة فيه ... 4.305 ... 2.087 ... .356
11 ... مواد نسجية ومصنوعات هذه المواد ... 7.464 ... 6.494 ... 6.674
12 ... أحذية، أغطية رأس، شماسي، أزهار صناعية ... 1.082 ... 0.935 ... 0.899
13 ... مصنواعت من حجر وإسمنت وخزف وزجاج ... 1.460 ... 1.392 ... 1.931
14 ... لؤلؤ أحجار كريمة، حلي، معادن ثمينة ... 2.263 ... 5.113 ... 4.575
15 ... معادن عادية ومصنوعاتها ... 10.743 ... 8.808 ... 8.895
16 ... آلات وأجهزة معدات كهربائية وأجزاؤها ... 22.486 ... 25.187 ... 24.982
17 ... معدات نقل ... 20.705 ... 15.201 ... 19.996
18 ... أجهزة إذاعية طبية دقيقة، ساعات، أدوات موسيقية ... 2.950 ... 3.102 ... 0.048
19 ... أسلحة وذخائر وأجزاؤها ... 0.987 ... 0.636 ... 0.788
20 ... أصناف مصنوعة منوعة غير مذكورة ... 2.133 ... 1.929 ... 2.260
21 ... تحف فنية، قطع للمجموعات وقطع أثرية ... 0.330 ... 0.127 ... 0.023
المجموع ... 130.396 ... 104.976 ... 110.440
المصدر: التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية سنة 2001.
كما جرى تمويل بعض السلع الرأسمالية الخفيفة بشكل محدود كالدراجات الهوائية واسطوانات الغاز السائل وزوارق الصيد ولم تحظى السلع الرأسمالية الثقيلة كالمولدات الكهربائية إلا بنسبة قليلة من الموارد المتاحة للتمويل في ظل البرنامج المذكور.
وليست هناك قائمة موحدة للسلع المؤهلة لأن وجود مثل هذه القائمة من شأنه أن يؤدي إلى الجمود وتضييق نطاق البرنامج، وربما يتسع نطاق البرنامج في المستقبل ليشمل بعض السلع الاستهلاكية الأساسية، وبصفة خاصة المواد الغذائية وذلك على حسب توافر الأموال وجهود البنك في اجتذاب الودائع.(1/14)
ويبين الجدول رقم (07) التركيب السلعي لعمليات تمويل الواردات خلال عام 2000 وخلال الفترة 1998م-2000م.
جـ) - مصدر التوريد:
- إعطاء الأفضلية للدول الأعضاء:
إن تطوير التجارة البينية كان ولا يزال حجر الزاوية في أهداف برنامج تمويل الواردات ولتحقيق هذا الهدف حرص البنك الإسلامي للتنمية دوماً على جعل مصدر السلع الممولة في ظل هذا البرنامج من إحدى الدول الأعضاء، أما الاستيراد من دولة غير عضو فقد تم إقراره عند الضرورة في حالتين هما:
1) حيث لا تتوافر السلعة المطلوبة في أي دولة عضو.
2) حيث لا تكون شروط الاستيراد (بما فيها الأسعار) من الدولة العضو منافس للشروط المماثلة لاستيراد نفس السلعة من دول غير أعضاء.
ويتم توريد السلع الممولة في إطار البرنامج عادة عن طريق مناقصة تنافسية دولية، إلا أنه يجوز للدولة العضو متلقية التمويل أن تستورد السلعة الممولة من دولة أخرى عضو بصورة مباشرة وفضلاً عن ذلك إذا أسفرت المناقصة التنافسية الدولية عن تساوي شروط التوريد من الدولة العضو ودولة غير عضو عندئذ تعطى الأفضلية للموردين في الدولة العضو.
- إعطاء الأفضلية للتوريد المباشر:
يجب أن يتم توريد السلعة الممولة بصورة مباشرة إذا كان من دولة عضو لدولة أخرى.
ولهذا الغرض يعد التوريد مباشراً إذا تم بإحدى الصور التالية بين الدول الأعضاء المعنية:
1- أن يكون التوريد دون مشاركة أية جهة وسيطة ودون إعادة تصدير من قبل مؤسسة التصدير في الدولة العضو المصدرة إلى مؤسسة الاستيراد في الدولة العضو المستوردة.
2- أن يكون التوريد بدون إعادة تصدير ولكن من خلال شركة أجنبية تعمل مع مؤسسة التصدير للدولة العضو المصدرة بغرض تنمية أو تسهيل الصادرات من السلعة المعينة.
3- أن يكون التوريد من الدولة المصدرة من مخازن لها خارج أراضيها بغرض تشجيع صادراتها وإيجاد منافذ تسويق لها.(1/15)
4- أن يكون التوريد عن طريق وسيط يقوم بشراء السلعة على ظهر السفينة (فوب) من الدولة العضو المصدرة ثم يبيع السلعة نفسها بسعر التكلفة والتأمين والشحن (سيف) أو بسعر التكلفة والشحن إلى الدولة العضو المستوردة، وذلك إذا لم تكن أي من الدولتين قادرة على اتخاذ الترتيبات اللازمة لتوفير النقل أو أي متطلبات ضرورية أخرى.
جدول رقم (09 ) الحد الأقصى لفترات الوفاء للتمويل السنوي بموجب برنامج تمويل الواردات للدول الأعضاء
الفترة بالشهر
ر.م ... السلعة ... التوريد من دولة غير عضو ... التوريد من دولة عضو
01 ... النفط الخام ومشتقاته ... 9
02 ... منتجات الجوت ... 12
03 ... الأسمدة ... 15
04 ... الإسمنت، الكلكير، أكياس الورق، الجبس، بوزالين ... 12
05 ... المواد الخام للصناعة بما فيها القطن والفوسفات والكبريت والأمونيا والزيوت النباتية ولب الورق والنشادر ... 12
06 ... السلع الصناعية الوسيطة وقطع الغيار ... 12
- آجال التمويل:
تتفاوت آجال التمويل وفقاً لنوع السلعة المعنية ولمصدر توريدها، وتتراوح ما بين 9-24 شهراً وتتفق طبيعة هذا التمويل قصير الأجل مع سياسة البنك الإسلامي للتنمية في تخصيص موارد البنك المرتبط عليها، حيث تستبعد تلك السياسة أية توظيفات أطول أجلاً للموارد قصيرة الأجل.
ويبين الجدول الحد الأقصى لفترات الوفاء للتمويل الممنوح للسلع المستفيدة من برنامج تمويل الواردات.
- تكلفة التمويل:
... تنعكس تكلفة تمويل عمليات الواردات التي ينفذها البنك من خلال هامش الربح المحتسب على أساس سنوي على القيمة الإجمالية لبيع السلعة التي يشتريها نيابة عن البنك.
ويطبق المشتري هامش ربح موحد محسوباً كنسبة من قيمة الشراء ويضمنه ثمن البيع كمعدل مرابحة وتجري مراجعة هذا الهامش بصفة دورية.(1/16)
كما تجدر الإشارة إلى أن الجهات المستفيدة من عمليات تمويل الواردات تمنح خصماً بنسبة %15 من هامش الربح المحدد إذا قامت بسداد المبالغ المستحقة للبنك في مواعيدها المحددة، وقد بدأ البنك بتطبيق هذه السياسة عام 1995، وعليه يكون هامش الربح الفعلي المطبق حالياً %7,225 إذا تم الوفاء بثمن البيع عند أو قبل تواريخ الاستحقاق.
وأثناء مراجعة إدارة البنك هامش الربح بصفة دورية تأخذ في الحسبان حاجة البنك لتحقيق إيرادات مالية، عبر برنامج تمويل الواردات تكون كافية لتغطية النفقات الإدارية للبنك ولبناء احتياطياته العادية فقط.
- عملة التحاسب:
يصدر مجلس المديرين التنفيذيين قراراته بالموافقة على عمليات تمويل الواردات مقومة بالدولار الأمريكي، ومن أحكام اتفاقية تأسيس البنك التي تحدد الدينار الإسلامي كوحدة للحساب في البنك، فإن قيمة بيع أي سلعة يمولها البنك يجرى تحديدها بالدينار الإسلامي، وتتم عملية التقويم على أساس سعر الصرف السائد بين الدينار الإسلامي (وحدة حقوق السحب الخاص لصندوق النقد الدولي) وعملة السحب التي مول بها البنك العملية كما هو بتاريخ يوم العمل السابق للتاريخ الذي تم فيه الدفع فعلاً.
كما يتم الوفاء بالمبالغ المدفوعة عند الاستحقاق بعملة قابلة للتحويل ومقبولة لدى البنك وبمبالغ تعادل ثمن البيع بالدينار الإسلامي كما هو مثبت في قيود البنك المحاسبية، ويتم حساب الثمن المذكور على أساس سعر الصرف السائد بين عملة الوفاء القابلة للتحويل والدينار الإسلامي كما هي في اليوم السابق لتاريخ الاستحقاق.
- الصرف:
... في العادة يتم صرف التمويل المعتمد لعملية تمويل واردات إلى الجهة الموردة للسلعة وذلك على أساس الشحنات الفعلية وبموجب خطاب اعتماد على حسب ما هو متعارف عليه، ويجوز أن يتم الصرف للمؤسسة المستفيدة للدولة متلقية التمويل، وذلك في مقابل ما دفعته فعلاً مقابل شحنات فعلية من المورد.(1/17)
- السداد في مواعيد الاستحقاق:
... للتأكد من نجاح عمليات تمويل الواردات التي تمول إما من الموارد الخاصة للبنك الإسلامي للتنمية أو من الودائع التي يعنيها من الخارج يجب أن تعطى الأهمية القصوى بالوفاء بثمن البيع وهامش الربح عن الصفقات في الوقت المحدد للاستحقاق، وفي حالات تأخير الوفاء أو في حالات عدم السداد في تاريخ الاستحقاق فإنه لا يمكن اعتماد أية عمليات أخرى سواء كانت عمليات تمويل واردات أو أي نوع آخر من عمليات البنك الإسلامي للتنمية لصالح الدولة العضو التي تأخرت في الوفاء بأقساط السداد وهامش الربح.
د- إجراءات تمويل الواردات:
... في ضوء الخبرة التي اكتسبها البنك من خلال تنفيذ عمليات تمويل الواردات من خلال العقد الماضي وضع البنك خطوطاً إرشادية تتم على هديها الإجراءات الخاصة بتشغيل برنامج تمويل الواردات على أسس سليمة.
ويهدف العرض المختصر التالي لإجراءات تمويل الواردات المطبقة في البنك إلى تعريف الدول الأعضاء والمصدرين والمستوردين المحتملين في هذه الدول بتلك الإجراءات بغية تمكينهم في النهاية من الإفادة من هذا البرنامج.
- إجراءات تقديم الطلبات لتمويل عمليات الواردات:
أ) يمكن للدول الأعضاء أن تتقدم بطلبات التمويل عن طريق القنوات الرسمية المتفق عليها مع تلك الدول وذلك على صورة رسالة أو تلكس أو برقية معنوية مباشرة إلى رئيس البنك، ويشتمل الطلب على اسم المؤسسة المستفيدة من التمويل وعنوانها البريدي والبرقي والسلعة المطلوبة ومصدر توريدها المحتمل وكمية السلعة ومواصفاتها الفنية وسعر الوحدة والقيمة الإجمالية للعملية بالدولار الأمريكي.
بعد دراسة الطلب الخاص بالتمويل من قبل الإدارة المعنية يتم إبلاغ محافظ البنك الإسلامي للتنمية عن الدولة المعنية برسالة مبرقة (تلكس) بشروط التمويل التي تراها إدارة البنك لكي يتم نقل هذه الشروط إلى الجهات المعنية والجهة المستفيدة عن طريق السيد المحافظ.(1/18)
وإذا ما قبلت الدولة المعنية شروط التمويل المعروضة عليها، وتم إبلاغ البنك الإسلامي للتنمية بذلك حسب الأصول المتبعة تبدأ عملية تصنيف الطلب وإعداد تقرير وتوصيات رئيس البنك للغرض على مجلس المديرين التنفيذيين.
يتم إبلاغ المحافظ بنص قرار المجلس برسالة مبرقة (تلكس)، وينتظر من المحافظ اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعجيل بالإجراءات الخاصة بقيام دولته (الجهات المعنية) باستغلال الموارد التي أقرها المجلس لتمويل عملية واردات لصالح الدولة.
- إجراءات تنفيذ عملية تمويل واردات:
حال إنجاز الخطوات سالفة الذكر يطلب البنك إلى السلطات المعنية في الدولة العضو بما فيها الجهة المستفيدة من التمويل، القيام باختيار موردي السلع المعتمد تمويلها، كما يطلب إليها التفاوض بشأن عقد الشراء مع المورد ثم التفاوض لإبرام اتفاقية البيع مع البنك الإسلامي للتنمية وفقاً للسياسة التالية:
هـ- سياسة مصادر التوريد.
- سياسة العقود: يختار البنك الإسلامي للتنمية مؤسسة مناسبة في الدولة العضو لتكون الوكيل المنفذ ليقوم بشراء السلعة المعنية من المورد نيابة عن البنك (ويغلب أن يكون الوكيل هو المستفيد نفسه) ومن ثم يتم بيع نفس السلعة إلى الجهة المستفيدة في الدولة العضو وعليه يجرى توقيع العقد بين البنك الإسلامي للتنمية والجهة المستفيدة والوكيل المنفذ والبنك الضامن وبعد قبض الوكيل للسلعة يتم بيعها للمستفيد بعقد يتم إبرامه عن طريق تبادل الرسائل المبرقة.
- استغلال التمويل الممنوح لعمليات الواردات:
تقضي الإجراءات المتبعة بعدم موافقة البنك الإسلامي للتنمية على أي عملية تمويل واردات جديدة لأي دولة عضو لاستيراد سلعة معينة، ما دام هناك رصيد لصالح هذه الدولة خاص بعملية واردات سابقة لشراء نفس نوع السلعة المقترحة.
- الإجراءات المتعلقة بالحدود الزمنية لاستغلال التمويل المعتمد لعمليات تمويل الواردات:(1/19)
... نظراً للطبيعة قصيرة الأجل لعمليات تمويل الواردات يتوقع البنك من الدول الأعضاء سرعة استغلال الموارد المعتمدة لعملياتها وتحقيقاً لذلك عمد البنك إلى تحديد الإجراءات التالية متضمنة خطوط النهاية الزمنية التي ينبغي للدول الأعضاء المستفيدة من برنامج عمليات تمويل الواردات أن تراعيها:
بالنسبة للدول الأعضاء التي تتبع نظام الصرف المباشر القائم على خطابات الاعتماد، فإن عملية استغلال التمويل المعتمد في نطاق البرنامج يبدأ بفتح خطاب الاعتماد غضون ثلاثة أشهر من تاريخ إبلاغ المحافظ المعني بقرار مجلس المديرين التنفيذيين.
وفي حالة عدم تمكن الدولة العضو من إنجاز ترتيبات فتح خطاب الاعتماد في غضون فترة الشهور الثلاثة المشار إليها يرسل البنك رسالة مبرقة (تلكس) أو برقية إلى المحافظ المعني للتذكير وتمدد المدة بموجب ذلك ثلاثة أشهر أخرى.
وإذا لم تتم عملية فتح خطاب الاعتماد أيضاً بعد ذلك تعتبر عملية التمويل ملغاة بانقضاء المدة الزمنية لإشعار التذكير.
أما بالنسبة للدول التي لا تتبع نظام الصرف المباشر بل تستخدم نظام التعويض المالي تبدأ عملية الصرف من التمويل المعتمد في غضون ستة أشهر من تاريخ إشعار المحافظ عن الدول المعنية، وإذا لم تبدأ عملية الصرف في غضون الشهور الستة المذكورة يتصل البنك برسالة مبرقة (تلكس) أو برقية تذكير إلى المحافظ المعني تمدد بموجبه المدة ثلاثة أشهر أخرى وإذا لم تبدأ عملية السحب بعد مهلة إشعار التذكير تعتبر عملية التمويل ملغاة مع انقضاء المهلة المحددة.(1/20)
يجب أن يتم سحب المبلغ المعتمد بكامله في خلال فترة لا تتجاوز تسعة أشهر من تاريخ أول سحب إذا كانت فترة الوفاء بثمن المبيع تسعة أشهر، وفي خلال 12 شهراً إذا كانت فترة الوفاء بثمن المبيع 12 شهراً وفي خلال 15 شهراً إذا كانت فترة الوفاء بثمن المبيع 15 أو 18 شهراً وفي خلال 18 شهراً إذا كانت فترة الوفاء بثمن المبيع 24 شهراً، وبناءً على ذلك تكون الفترة الإجمالية لتنفيذ العملية بما في ذلك إتمام السحب من البنك وإتمام السداد إلى البنك من خلال 18 شهراً أو 24 شهراً أو 30 شهراً أو 33 شهراً أو 42 شهراً على التوالي اعتباراً ممن تاريخ أول سحب من البنك.
وفي الحالات التي يتأخر فيها تنفيذ العمليات لأسباب ترى إدارة البنك أنها خارجة عن سيطرة السلطات المعنية في الدولة العضو يحق لرئيس البنك تمديد الفترات الزمنية لثلاثة أشهر أخرى عند الاقتضاء وإذا تعذر تنفيذ العملية خلال فترة التمديد فإنها عندئذ تعتبر ملغاة.
ويوضح الجدول رقم (10) التالي الفترات المحددة لإتمام السحب والتنفيذ والسداد:
فترة السداد (بالشهر) ... فترة إتمام السحب اعتباراً من تاريخ السحب الأول (بالشهر) ... الفترة الإجمالية لتنفيذ العملية (بالشهر)
9
12
15
18
24
المصدر: التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية سنة 2001.
- العقود:(1/21)
يلجأ البنك عادة إلى تعيين الجهة المستفيدة من التمويل كوكيل عن البنك في إجراء عملية الشراء وفقاً لإجراءات البنك للسلعة المطلوبة من المورد وذلك لحساب البنك ونيابة عنه ولهذا الغرض يقوم البنك بالدخول في عقد وكالة مع الجهة المستفيدة تحدد فيه الشروط والأحكام المتصلة بعلاقة الوكالة وتشمل هذه الشروط والأحكام على وعد من المستفيد (الوكيل) بشراء السلعة موضوع عقد الوكالة بمجرد تسلمه لتلك السلعة المورد، ويشتمل عقد الوكالة كذلك على الأحكام والشروط الخاصة بعقد الشراء الذي وعد المستفيد بإبرامه مع البنك، ويوقع عقد الوكالة من البنك والمستفيد بالإضافة إلى البنك المركزي للدولة المعنية (أو بنك تجاري يقبله البنك الإسلامي للتنمية) بما يفيد إعطاء ضمان غير مشروط وغير قابل للإلغاء للوفاء بالتزامات الجهة المستفيدة في إطار الاتفاق.
وعندما تقوم الجهة المستفيدة بتسليم السلعة الممولة نيابة عن البنك يتم عن طريق تبادل البرقيات إبرام عقد البيع للسلعة من البنك إلى الجهة المستفيدة وهو العقد الذي كانت الجهة المستفيدة قد وعدت بإبرامه وأدرجت شروط وأحكامه في اتفاق الوكالة.
ويبرم اتفاق منفصل لكل عملية يوافق مجلس المديرين التنفيذيين على تمويلها إلا أنه يمكن النص على تجديد الاتفاق من خلال تبادل البرقيات إذا كانت العملية تتضمن نفس السلعة وتضم نفس الأطراف (أي المستفيد والضامن) وكان اعتمادها في نفس السنة المالية.
- تنفيذ العقد:(1/22)
بعد موافقة مجلس المديرين التنفيذيين على الطلب المقدم من الدولة العضو للإفادة من عملية تمويل واردات وبعد إبلاغ هذه الموافقة إلى محافظ البنك عن الدولة يطلب البنك من السلطات المختصة في الدولة بما فيها الجهة المستفيدة تحديد الجهة الموردة للسعة كما يطلب منهم إرسال وفد عنهم إلى جدة للتفاوض وتوقيع عقد الوكالة وعندما يكون من الممكن توريد السلعة من إحدى الدول الأعضاء فإن عقد الوكالة يخول للجهة المستفيدة (الوكيل) الحصول على السلعة من أي دولة عضو، إلا أنه عندما لا يمكن توريد السلعة من دولة عضو فإن المستفيد يخول شراء السلعة من المورد الذي يتم اختياره طبقاً لإجراءات البنك وتنص هذه الإجراءات على من المورد الذي يتم اختياره طبقاً لإجراءات البنك، وتنص هذه الإجراءات على ان تقوم الجهة المستفيدة (الوكيل) بطرح مناقصة دولية أو إجراء مشاورات دولية ثم تقدم نتيجة المناقصة أو المشاورات إلى البنك للموافقة عليها قبل أن يقوم المستفيد (الوكيل) بإبرام عقد التوريد.
وبعد إبرام عقد التوريد يقوم المستفيد (الوكيل) بفتح خطاب الاعتماد اللازم لصالح الموردين وبناء على طلب من المستفيد (الوكيل) يقوم البنك بتعزيز خطاب الاعتماد المذكور لتأمين حقوق البنك الذي يتعامل معه المورد نظير كل شحنة فعلية من السلعة، ولكن بشرط أن يؤكد الأخير عن طريق التلكس أنه تم الالتزام بجميع أحكام وشروط خطاب الاعتماد، وطبقاً لنظام السحب المبين في سياسات التمويل ترسل المؤسسة المستفيدة أو البنك الضامن إلى البنك الإسلامي للتنمية الوثائق التي تؤكد توريد السلعة وإتمام الدفع وبناءً على هذه الوثائق يقوم البنك الإسلامي للتنمية بتعويض البنك التابع للمؤسسة المستفيدة.(1/23)
ويتم تحديد سعر إعادة البيع (أي سعر الشراء الذي دفعه البنك الإسلامي للتنمية إلى الموردين مضافاً إليه هامش الربح) بالدينار الإسلامي وذلك على أساس سعر الصرف بين الدينار الإسلامي وعملة الدفع اليوم السابق على تاريخ السحب، ويحدد البنك المبلغ المعادل لسعر إعادة البيع بالدينار الإسلامي ويبلغ ذلك إلى المؤسسة المستفيدة والبنك الضامن خلال سبعة أيام من تاريخ السحب الفعلي الذي يتم مقابل كل شحنة فعلية من السلعة للتنمية ومعادلة بالدينار الإسلامي المسحوب على المؤسسة المستفيدة، وذلك على أساس سعر الصرف السائد بين الدينار الإسلامي والعملة المذكورة في تاريخ السداد.
وبمجرد استخدام المبلغ المعتمد لعملية تمويل الواردات، يقوم البنك الإسلامي للتنمية بإعداد جدول السداد موضحاً به المبالغ المسحوبة من البنك وتواريخ سحبها وهامش الربح والمبلغ الإجمالي المطلوب تسديده وأقساط التسديد وتاريخ كل منها، ويبلغ ذلك إلى المؤسسة المستفيدة والبنك الضامن وتلتزم المؤسسة المستفيدة بدفع المبلغ المستحق في تاريخ الاستحقاق وفي حالة عدم السداد من قبل المستفيد يلتزم البنك الضامن بدفع أقساط السداد في تواريخ استحقاقها.
ويجب أن تدفع أقساط السداد كاملة من قبل المستفيد أو البنك الضامن إلى البنك الإسلامي للتنمية أو أي جهة يعنيها كوكيل عنه، وذلك دون خصم أي جزء من هذه الأقساط مقابل ضرائب ورسوم أو أجور أو أي تكاليف مستحقة لأي حكومة أو أي طرف آخر.
وتتكفل المؤسسة المستفيدة في الدولة العضو أو يتكفل البنك الضامن بتحمل كافة النفقات التي قد تنشأ نتيجة لإبرام أو تنفيذ عملية تمويل الواردات.(1/24)
ولا يجوز أن يزيد المبلغ الإجمالي المدفوع من البنك الإسلامي للتنمية إلى المورد في أية عملية تمويل واردات على المبلغ الفعلي الذي وافق عليه مجلس المديرين التنفيذيين، وتلتزم المؤسسة المستفيدة في الدولة العضو متلقية التمويل بتحمل أية مبالغ إضافية تزيد على المبلغ المعتمد من المجلس.
والمرجو من الدول الأعضاء المستفيدة من عمليات تمويل الواردات أن تحرص على استخدام العمليات بطريقة مباشرة ودون تدخل من وسطاء أو سماسرة أو وكلاء أو ما شابه هؤلاء من الأشخاص والأطراف.
المطلب الرابع: سياسات تمويل الصادرات
أ- سياسات تمويل الصادرات:
واجهت الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، شانها شأن الدول النامية الأخرى في السنوات الأخيرة هبوطاً في فرص التصدير وتأثرت بذلك عوائدها من صادراتها للدول الصناعية المتقدمة، وقد بذلت جهوداً كثيرة في مختلف المحافل التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي للوصول إلى خطط وبرامج مناسبة لدعم التجارة بين الدول الإسلامية الأعضاء.
وبناءً على توصية اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي في اجتماعها الأول أجرى البنك الإسلامي للتنمية الدراسات والبحوث اللازمة لإنشاء البرنامج الخاص بالتمويل الأطول أجلاً للتجارة، وعهد إلى مجلس المديرين التنفيذيين وضع القواعد واللوائح اللازمة لتنفيذه.
وقد تم إنشاء البرنامج بشكل صندوق خاص في البنك الإسلامي للتنمية بمقتضى نص المادة (22) من اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية بعد صدور قرار مجلس محافظي البنك رقم م م- 4/1406 هـ بهذا الشأن.
1- إدارة البرنامج:(1/25)
يتم تشغيل هذا البرنامج وإدارته بإشراف البنك الإسلامي للتنمية مع استقلال ميزانيته وموارده عن ميزانية البنك وموارده استقلالاً تاماً، ويعتبر مجلس المديرين التنفيذيين للبنك هو مجلس إدارة البرنامج ويتم الاسترشاد بالأحكام الواردة في اتفاقية تأسيس البنك والمبادئ التوجيهية الخاصة بتشغيل البرنامج وقواعده إلى جانب ما يصدره مجلس إدارة البرنامج من إجراءات وقرارات وإرشادات.
2- أغراض البرنامج:
الغرض من البرنامج هو زيادة حركة الصادرات من السلع غير التقليدية بين الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي بتقديم التمويل اللازم لصادرات الدول المشاركة في البرنامج إلى أي دولة عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي وتتراوح فترات التمويل بين 6 و 60 شهراً.
3- عضوية البرنامج:
- لجميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الحق في الانضمام إلى هذا البرنامج ويجوز للدولة أن تشارك فيه مباشرة أو بتفويض إحدى الهيئات أو المؤسسات التابعة لها للاشتراك باسمها.
- الحد الأدنى لاكتتاب الدولة العضو في هذا البرنامج هو مبلغ (1,5) مليون دينار إسلامي ويتم دفع نصف المبلغ المكتتب به على ثلاثة أقساط سنوية متساوية أما النصف الثاني فيدفع في التاريخ وبالطريقة التي يقررها مجلس إدارة البرنامج.
- يساهم البنك الإسلامي للتنمية في رأسمال هذا البرنامج بمبلغ (150) مليون دينار إسلامي من موارد رأسماله العادية، وقد دفع البنك الإسلامي للتنمية نصف متساوية، أما النصف الثاني فيدفع بناءً على قرار يصدره مجلس إدارة البرنامج.
4- موارد البرنامج:
... تتكون موارد هذا البرنامج من:
- المبالغ التي يكتتب بها البنك الإسلامي للتنمية والدول الأعضاء المشاركة في البرنامج.
- الموارد التي يعبئها البنك بإصدار الأدوات المالية وقبول الودائع من المؤسسات العامة والخاصة ومن الأفراد الراغبين في تثمير أموالهم وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.(1/26)
- الأرباح التي تتحقق من عمليات البرنامج ويحدد مجلس محافظي البنك سنوياً الكيفية التي يتم بها توزيع الدخل الصافي الناتج عن عمليات البرنامج سواء من حيث التخصيص للاحتياطي أو التوزيع على المشاركين.
5- استخدام موارد البرنامج:
حيث أن موارد البرنامج تفوق مجمل اكتتابات الدول المشاركة فيه، يراعي البنك تناسب التمويل المقدم إلى المصدرين في أي دولة مشاركة مع حجم مساهمة الدولة في موارد البرنامج، وفي هذا الصدد يقوم مجلس إدارة البرنامج بتحديد سقوف سنوية لمبالغ التمويل المخصصة لكل دولة مشاركة، كما يقوم بوضع التدابير الكفيلة بحسن استغلال موارد البرنامج وتشغيله.
جدول رقم (11) الدول المشاركة في برنامج التمويل الأطول أجلاً للتجارة (الصادرات) حتى سنة 1996:
الترتيب ... السلع الرئيسية ... 1998 ... 1999 ... 2000
1 ... الولايات المتحدة الأمريكية ... 23.695 ... 37.185 ... 58.832
2 ... اليابان ... .668 ... .496 ... .273
3 ... كوريا الجنوبية ... .886 ... .429 ... .273
4 ... الهند ... .083 ... .175 ... .823
5 ... سنغافورا ... .697 ... .107 ... .632
6 ... الصين الشعبية ... .231 ... .352 ... .630
7 ... الصين الوطنية
8 ... هولندا ... .043 ... .845 ... .592
9 ... الإمارات
10 ... إيطاليا ... .908 ... .428 ... .971
11 ... فرنسا ... .456 ... .469 ... .910
12 ... البحرين ... .387 ... .560 ... .158
13 ... إسبانيا ... .050 ... .388 ... .013
14 ... أندونسيا ... .280 ... .318 ... .071
15 ... تايلاندا ... .607 ... .100 ... .578
16 ... الباكستان ... .520 ... .562 ... .766
17 ... الفلبين ... .020 ... .828 ... .023
18 ... اليونان ... .127 ... .321 ... .964
19 ... الأردن
20 ... تركيا ... .320 ... .944 ... .248
المصدر: التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية سنة 2001.
6- المؤهلون للاستفادة من البرنامج:
المؤهلون للاستفادة من التمويل الذي يقدمه هذا البرنامج هم المؤسسات العامة في مجال التصدير في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي المشتركة في البرنامج، ويمكن للمستفيد أن يصدر إلى أي دولة من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي سواء كانت من الدول المشاركة في البرنامج أو لم تكن.
7- السلع المؤهلة للتمويل:(1/27)
يقصر البرنامج تمويله في بادئ الأمر على صادرات الدول المشاركة فيه من السلع غير التقليدية الجاهزة للشحن و المتجهة إلى أي دولة عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي . و تعرف الصادرات من السلع غير التقليدية على أنها جميع السلع التي تمثل في المتوسط السنوي ما لا يزيد على نسبة (%40) من قيمة إجمالي صادرات الدولة المعنية محسوبة على إحساس سعر التسليم على ظهر السفينة ( فوب ) خلال فترة السنوات الثلاث السابقة. و يمكن لمجلس إدارة البرنامج النظر في تمويل أية سلع أخرى لا تندرج ضمن التعريف السابق إذا ما رأى أن مصالح الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي تتطلب ذلك . و يمكن في مرحلة لاحقة النظر في تمويل السلع في مرحلة التصنيع ( تمويل ما قبل الشحن ) . كما يقوم مجلس إدارة البرنامج ، بالتعاون مع الدول الأعضاء المشاركة في البرنامج . بإعداد قوائم بالسلع المؤهلة للتمويل من البرنامج و بمراجعة و تنقيح هذه القوائم من وقت لآخر . و تتوافر هذه القوائم من وقت لآخر. وتتوافر هذه القوائم لدى الوكالات الوطنية التي عينتها كل دولة من الدول المشتركة في البرنامج لتكون جهة الاتصال الرسمية بين المصدرين المحليين لهذا البرنامج.
8- قواعد المنشأ:
... يقتصر تمويل البرنامج على الصادرات من السلع المؤهلة التي يكون منشؤها في دولة عضو مصدرة وتعتبر السلعة المزمع تصديرها ذات منشأ محلي إذا تم إنتاجها أو تصنيعها في الدولة المشتركة في البرنامج من مدخلات محلية و مستوردة من إحدى الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بحيث لا تقل نسبة هذه المدخلات مجتمعة عن(40 %) من إجمالي قيمة المنتج النهائي (سلعة التصدير ) محسوبا على أساس (فوب).
9- أجال التمويل والسداد:
... يمول البرنامج عمليات التصدير لفترات تتراوح بين 6-20شهرا. وتكون فترات السداد للسلع المؤهلة للتمويل على النحو التالي:(1/28)
- السلع الاستهلاكية: فترة سداد لا تتجاوز 24شهرا(من تاريخ دفع ثمن الشحنة للمصدر)
- السلع الوسيطة والمواد الأولية: فترة سداد لا تتجاوز36 شهرا.
- السلع الرأسمالية: فترة سداد لا تتجاوز 60شهرا.
10- نسبة التمويل التي يقدمها البرنامج:
تقتصر تمويلات البرنامج حالياً على نسبة مئوية من قيمة السلعة المزمع تصديرها (فوب) تتراوح بين 30 و %40 ولمجلس إدارة البرنامج أن يتجاوز هذه النسبة عندما يرى ذلك مناسباً وللتعامل مع الظروف التنافسية السائدة في السوق، وقد أجاز البرنامج تمويل %80 من قيمة العملية التي لا تزيد على 3 ملايين دينار إسلامي أي ما يقارب 4 ملايين دولار.
كما يمكن للبرنامج أن يشترك معه برامج تمويلية أخرى يديرها البنك كمحفظة البنوك الإسلامية للاستثمار بهدف رفع نسبة التمويل للصادرات المؤهلة متى رأى ذلك مناسباً.
وبشكل عام يبقى المصدر عن توفير النسبة الباقية من التمويل اللازم لصادراته التي لا يوفرها البرنامج وهنا فإن المجال أيضاً مفتوح للبنوك العربية والإسلامية للتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية عن طريق المشاركة في تمويل العمليات التصديرية المعتمدة في نطاق هذا البرنامج.
11- أسلوب التمويل:
يتم تقديم التمويل للصادرات من السلع الجاهزة للشحن على أساس المرابحة والبيع بالتقسيط، حيث يعمد البنك إلى شراء السلعة مباشرة من المصدر أو عن طريق الوكالة الوطنية المعدنية في الدولة العضو المشاركة ومن ثم بيعها إلى المستورد مقابل ربح يتم تحديده على أساس كل حالة على حدة وذلك عن طريق التفاوض مع الأخذ بعين الاعتبار شروط السوق الدولية والشروط السارية بالنسبة لعمليات البنك الأخرى المتعلقة بتمويل التجارة.
الوحدة المالية للتعامل:
1- يجوز إبرام عقود الشراء بأية عملة يقبلها الأطراف المعنيون (المصدر، البرنامج والمستورد).(1/29)
2- يتم احتساب التزامات مشتري السلع اتجاه البنك بالدينار الإسلامي، وذلك على أساس سعر الصرف السائد في اليوم السابق لدفع البرنامج حصته في عقد المرابحة، وباعتبار أن ثمن المبيع سيدفع إلى البرنامج بعملة قابلة للتحويل ومقبولة للبرنامج على أساس سعر الصرف السائد بين العملة المذكورة والدينار الإسلامي في اليوم السابق لموعد السداد.
12- كيفية الاتصال بالبرنامج:
يتقدم المصدرون بطلبات التمويل إلى البرنامج عن طريق الوكالات الوطنية المعنية في بلدانهم وتنظر الوكالة الوطنية في جميع الطلبات التي ترد إليها قبل تقديمها للبرنامج للنظر في إمكانية تمويلها.
13- مهام الوكالة الوطنية:
... تقوم كل دولة من الدول الأعضاء المشاركة في البرنامج بتعيين وكالة وطنية وتحديد قناة الاتصال الرسمية مع البنك الإسلامي للتنمية، وتعطى لهذه الوكالة سلطة رسمية للنظر في كافة طلبات التمويل الواردة من الدول الأعضاء المشاركة في البرنامج يتقدم المصدرون المحتملون بطلباتهم للبرنامج عن طريق الوكالات الوطنية المعنية ومن مسؤوليات الوكالة الوطنية ما يلي:
- دراسة وتقييم طلبات التمويل الواردة من المصدرين والمستوردين المحليين للتأكد من مطابقتها لإجراءات ولوائح البرنامج.
- أن تقوم نيابة عن البرنامج عند الاقتضاء بأية إجراءات تتعلق بعمليات التمويل والعمليات التجارية لتنفيذ عقد معتمد للتصدير وكذلك فحص السلع المصدرة وإبرام عقود الشراء والبيع نيابة عن البرنامج.
يبرم البرنامج عقد توكيل مع كل وكالة وطنية تعينها الدول الأعضاء المشاركة في البرنامج لتنوب عنه في عقد شراء مع المصدر واتفاقية إعادة بيع مع المستورد.
14- البيانات الرئيسية لنموذج طلب تمويل الصادرات المرسل إلى الوكالة الوطنية:(1/30)
- بيانات حول المؤسسة المصدرة (الاسم، العنوان، الوضع القانوني، الإنتاج) مع إرفاق آخر تقرير سنوي وحسابات ختامية مدققة وعقد التأسيس أن القانون الذي أنشئت بموجبه المؤسسة.
- بيانات حول المؤسسة المستوردة (الدولة، اسم المؤسسة، العنوان، الوضع القانوني) مع إرفاق آخر تقرير سنوي وحسابات ختامية مدققة وبفضل إرسال آخر تقريرين سنويين سابقين له، وعقد التأسيس أو القانون الذي أنشئت بموجبه المؤسسة.
- البنك الضامن المقترح (الاسم، العنوان) مع إرفاق آخر حسابات ختامية مدققة.
- بيان بمواصفات السلعة (السلع) المزمع تصديرها.
- إرفاق نسخة من عقد التوريد المزمع إبرامه بين المصدر والمستورد أو مذكرة تفاهم بينهما تفيد برغبتهما في إبرام الصفقة إذا توفر التمويل في نطاق البرنامج.
- تحديد ميناء التصدير والاستيراد (للشحن البحري أو الجوي).
- إقرار بأن السلعة المزمع تصديرها ذات منشأ محلي وفقاً للتعريف الوارد آنفاً لتحديد قواعد المنشأ.
- قيمة التصدير المتوقع بالعملة الأجنبية.
-نسبة ومقدار المساهمة المطلوبة من البرنامج في تمويل قيمة التصدير.
- هامش الربح المقترح كنسبة مئوية من ثمن الشراء.
- فترة التمويل المقترحة للوفاء بثمن إعادة البيع.
المطلب الخامس: إجراءات تمويل الصادرات
تغطي هذه الإجراءات حالات التمويل التالية:
- تكون فيها طلبات التمويل مقدمة من المصدرين.
- يكون التمويل مطلوباً للسلع الجاهزة للشحن.
- يتم فيها التمويل على أساس المرابحة أو البيع بالتقسيط.
أولاً: الحد الأقصى للبدء في تنفيذ العمليات المعتمدة لتمويل الصادرات
1- للتعجيل بالاستفادة من العمليات المعتمدة من قبل مجلس إدارة البرنامج يتم اتخاذ الخطوات التالية:
- يرسل البرنامج إشعاراً برسالة مبرقة إلى الوكالة الوطنية المعنية بموافقة مجلس إدارة البرنامج على عملية التمويل المعنية مبيناً شروط ذلك التمويل.(1/31)
- ترسل الوكالة الوطنية بأسرع وسيلة ممكنة رد المستفيد بالموافقة على شروط التمويل المشار إليها في البند أعلاه في غضون أسبوعين من تاريخ الإشعار المرسل إليها.
- تعطي إدارة البنك مهلة ستة أشهر اعتباراً من تاريخ إشعار الوكالة للبنك في الفترة المحددة بموافقة المستفيد على شروط التمويل كحد أقصى للبدء بتنفيذ العملية المعتمدة.
2- في حالة عدم الشروع في تنفيذ العملية خلال ستة أشهر من تاريخ إشعار الوكالة الوطنية للبنك بموافقة المستفيد خلال الفترة المحددة في البند و يجوز لإدارة البنك تمديد المهلة لفترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر وبنفس الشروط أو بشروط أخرى يتم الاتفاق عليها بين مجلس إدارة البرنامج والوكالة الوطنية المعنية.
3- وفي حالة عدم استغلال التمويل المخصص للعملية في غضون الشهور الستة الأصلية أو في غضون الفترة الإضافية حسب ما تكون الحال تعتبر العملية ملغاة.
ثانياً: الحد الأقصى لفترة استخدام العمليات المعتمدة لتمويل الصادرات
1- ينبغي ألا تزيد الفترة الإجمالية لاستخدام المبلغ المعتمد لأية عملية لتمويل الصادرات عادة على ستة أشهر من تاريخ أول سحب.
2- وفي الحالات الخاصة يجوز لرئيس البنك تمديد فترة الاستخدام بما لا يزيد على ستة أشهر أخرى.
ثالثا: فترات السداد و السماح
1- يقوم المستورد بوفاء كامل التزاماته إلى البرنامج علي دفعة أو دفعات دورية وفقا لما هو محدد في اتفاقية إعادة البيع .
2- تحدد فترة السماح في كل حالة حسب طبيعة السلعة.
رابعا– إجراءات التقدم للحصول علي التمويل وإجراءات الموافقة والدفع.
1- فيما يتصل بإجراءات طلب للحصول علي التمويل والموافقة علي أية عمليات لتمويل الصادرات، يتم ذلك وفقا للإجراءات المحددة أدناه.
2-يتم تنفيذ إجراءات السحب والسداد باتباع أحد الطرق التالية:(1/32)
خطاب اعتماد يفتحه المستورد لصالح المصدر يحدد المبالغ التي سيدفعها كل من البنك المصدر لخطاب الاعتماد والبرنامج على التوالي وسوف يتم تعزيز الخطاب لصالح المصدر يخضع خطاب الاعتماد المذكور للأصول والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية.
أي طريقة دفع أخرى تكون مناسبة للأطراف في عملية تمويل الصادرات ومتفقة مع الممارسات التجارية الدولية حسبما يتم عليه الاتفاق بين جميع الأطراف المعنيين بالعملية.
3- لضمان السداد يقدم المصدر/ المستورد ضماناً مصرفياً مقبولاً للبرنامج للسداد في الموعد المحدد.
خامساً: إجراءات التنفيذ لعمليات التمويل (عن طريق خطاب الاعتماد):
1- تستند الإجراءات المتبعة في هذه الحالة على وجود اعتماد معزز وغير قابل للإلغاء.
2- يتفق المصدر مع المستورد على الشروط التجارية للعملية مثل تحديد الكميات والأسعار والتأمين وطريقة الشحن والمواصفات وعدد الشحنات والمستندات المطلوبة.
3- وفي نفس الوقت يعرض المصدر على المستورد ترتيب تمويل العملية جزئياً من برنامج تمويل الصادرات.
4- يتقدم المصدر إلى الوكالة الوطنية بطلب تمويل عملية وفقاً لنموذج خاص.
5- تتولى الوكالة الوطنية تقييم الطلب للتأكد من مطابقتها لإجراءات ولوائح البرنامج وقواعده التشغيلية.
6- إذا اقتنعت الوكالة الوطنية بطلب التمويل تقوم بإرسال تقريرها النهائي مع توصياتها إلى البرنامج ومن ثم يقوم البرنامج بإبلاغ الوكالة الوطنية بقراره في أسرع وقت ممكن.
7- ترسل الوكالة الوطنية شروط وأحكام عرض التمويل إلى المصدر والمبلغة إليها من البرنامج وتطلب من المصدر أن يقوم بدوره بإرسالها إلى المستورد.
8- يرسل المستورد إلى المصدر بأسرع وسيلة ممكنة موافقته على عرض التمويل، مع إرسال نسخة من هذه الموافقة إلى كل من الوكالة الوطنية والبرنامج.
9- تقوم الوكالة الوطنية بتوقيع عقد شراء مع المصدر وعقد إعادة بيع مع المستورد نيابة عن البرنامج.(1/33)
10- تتم إجراءات دفع السلم المشتراة في حالة استخدام أسلوب الاعتماد المستندي وفقاً للخطوات التالية:
- يتقدم المستورد إلى بنكه طالباً فتح خطاب اعتماد لصالح المصدر وإعلام البرنامج بخطاب الاعتماد المفتوح برسالة مبرقة موثقة.
- عند استلامه للرسالة المبرقة الموثقة يقوم البرنامج بإصدار تعليماته إلى أحد بنوكه المراسلة ليضيف تعزيزه على خطاب الاعتماد المفتوح والدفع إلى بنك المصدر مقابل شهادة منه تثبت قيام المصدر بتنفيذ كافة الشروط الواردة في خطاب الاعتماد المفتوح لصالحه.
- يقوم المصدر بشحن البضائع إلى مستورد ويقدم وثائق الشحن إلى بنكه ليقبض ثمن البضائع المصدرة.
- يرسل البنك المبلغ أو المعزز النسخة الأصلية من وثائق الشحن إلى البنك المصدر (فاتح الاعتماد).
- يرسل البنك المبلغ أو المعزز نسخة مصدقة من الوثائق إلى الوكالة الوطنية.
- يقوم البنك المصدر بتسليم الوثائق الواردة إليه من البنك المبلغ أو المعزز إلى المستورد لتمكينه من استلام البضائع المصدرة إليه.
نموذج رقم (2)
عقد رقم: ... ... ... ... ...
برنامج التمويل الأطول أجلاً للتجارة
نموذج طلب تمويل صادرات
إلى: البنك الإسلامي للتنمية رقم: ... ... ... ... ...
جدة – المملكة العربية السعودية التاريخ: ... ... ... ... ..
يتقدم ـــ المصدر (في) ـــ (الدولة) بطلب تمويل صادرات عبر ـــ (الوكالة الوطنية) في نطاق برنامج التمويل الأطول أجلاً للتجارة والسمات الرئيسية لهذا الطلب هي:
1- المؤسسة المصدرة:
? الاسم الكامل.
? العنوان الكامل.
? الوضع القانوني.
? البيانات الفنية (تاريخ تأسيس، رأس المال، إنتاج، مبيعات محلية، تصدير خارجي ... الخ).
? يرفق آخر تقرير سنوي متضمناً الحسابات الختامية المدققة.
? يرفق عقد التأسيس أو القانون الذي أنشئت بموجبه المؤسسة (حسبما تكون الحال).
2- الدولة العضو المستوردة:
3- المؤسسة المستوردة:
? الاسم الكامل.
? العنوان الكامل.
? الوضع القانوني.(1/34)
? البيانات الفنية (تاريخ تأسيس، رأس المال، إنتاج، مبيعات محلية، تصدير خارجي ... الخ).
? يرفق آخر تقرير سنوي متضمناً الحسابات الختامية المدققة.
? يرفق عقد التأسيس أو القانون الذي أنشئت بموجبه المؤسسة (حسبما تكون الحال).
4- البنك الضامن المقترح:
? الاسم الكامل.
? العنوان الكامل.
? يرفق آخر تقرير سنوي متضمناً الحسابات الختامية المدققة (ويفضل إرفاق تقريرين سنويين سابقين له مباشرة أيضاً).
5- السلع المزمع تصديرها:
? اسم السلعة/ السلع ومواصفاتها.
? الكميات.
? سعر الوحدة.
? الثمن الإجمالي (فوب)، أو (سيف) أو (سي أند أف).
? تاريخ الشحن المتوقع.
? استخدامات السلعة السلع المصدرة.
? يرفق مسودة عقد التوريد المبدئي بين مؤسسة التصدير والاستيراد أو مذكرة تفاهم تبين رغبة الطرفين في إتمام عملية التصدير في حالة موافقة البنك الإسلامي للتنمية على تقديم التمويل للعملية بشروط يقبلها كل من المصدر والمستورد.
6- ميناء التصدير.
7- ميناء الاستيراد.
8- نسبة المكونات المحلية في القيمة النهائية (فوب) للسلعة المصدرة % (تعامل المدخلات ذات المنشأ من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي معاملة المدخلات المحلية لأغراض تحديد النسبة).
9- ومرافق لهذا قرار يثبت منشأ السلعة (حسب المكونات المشار إليها في البنك أعلاه) مقدم من مؤسسة التصدير ومصدق من قبل الوكالة الوطنية.
10- ثمن التصدير المتوقع (فوب).
11- إجمالي مبلغ التمويل المطلوب.
أ- المساهمة المطلوبة من البرنامج. ب- المساهمة المتوقعة من مصادر أخرى (يرجى تعيين المصادر).
12- هامش الربح المقترح.
13- فترة التمويل المقترحة للوفاء بثمن عادة البيع شهراً.
المفوض بالتوقيع
عن الوكالة الوطنية في الدول العضو المصدرة
الاسم ـــ التوقيع ـــ
المصدر: التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية سنة 1996.
المبحث الثالث: محفظة البنوك التجارية(1/35)
من المعلوم أن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي كما هو الحال في الدول النامية الأخرى واجهت في السنوات الأخيرة انخفاضاً في عوائدها من التصدير مما أثر سلباً على اقتصاديات هذه الدول ومن أسباب ذلك تدنى معدلات التجارة من جهة وتوسع الدول الصناعية المتقدمة في تطبيق سياسات وإجراءات الحماية أمام صادرات الدول النامية هذا إلى جانب عدم توافر التسهيلات الانتمائية الكافية لمواجهة احتياجات المصدرين من الدول النامية، علماً بأن الفرص التسويقية متوافرة ومجالاتها متعددة في الدول النامية بصفة عامة والإسلامية بصفة خاصة والتي يمكن الإفادة منها على نطاق كبير إذا وجد الدعم والتشجيع إلى جانب التسهيلات المناسبة.
وقد بذلت جهود متعددة في مختلف المحافل بغرض دعم التجارة بين الدول الإسلامية وكانت من ثمرات هذه الجهود.
أ- إنشاء برنامج التمويل الأطول أجلاً للتجارة بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي وهو برنامج حكومات أنشئ في نطاق البنك الإسلامي للتنمية ويساهم فيه عدد من الدول الأعضاء بالإضافة إلى مساهمة البنك الإسلامي للتنمية.
ب-محفظة البنوك الإسلامية التي يساهم فيها عدد من البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية ويديرها البنك الإسلامي للتنمية، وهذه المحفظة موجهة أساساً إلى »القطاع الخاص« من مصدرين ومستوردين.
المطلب الأول: السياسات الرئيسية للمحفظة
أ- المؤسسون لهذه المحفظة 22 بنكاً إسلامياً برأس مال أساسي مقداره 65,5 مليون دولار أمريكي، وقد تمت تغطية الإصدار الأساسي بالكامل.
ب- للمحفظة »لجنة مشاركين« مكونة من 13 عضواً اختيروا بواسطة البنوك المؤسسة، وتتولى هذه اللجنة وضع السياسات العامة للمحفظة وتقر خطة العمل وسبل الاستثمار.(1/36)
ج- يتولى البنك الإسلامي للتنمية إدارة عمليات المحفظة بوصفة مضارباً في ضوء اللائحة الخاصة بالمحفظة وقرارات »لجنة مشاركين« ويستخدم في ذلك إمكاناته المادية والبشرية، كما يستعين بالخبراء الخارجيين في مجال الشريعة وأسواق المال والأمور الفنية ذات العلاقة.
د- موجودات ومطلوبات المحفظة منفصلة من جميع الوجوه عن أموال البنك، كما أن حساباتها مستقلة تماماً عن حسابات البنك العادية وتراجع بواسطة مكاتب المراجعة الخارجية وتنشر حساباتها الختامية في وسائل الإعلام المعروفة.
هـ- توجه موارد المحفظة في المرحلة الحالية نحو تمويل عمليات التجارة للدول الإسلامية كما أنها تقوم بتمويل بعض العمليات الأخرى ومنها الإيجار والمساهمة في رأس المال الإسلامي للمشروعات الصناعية.
و-توجه موارد المحفظة أساساً إلى القطاع الخاص من مصدرين ومستوردين في الدول الإسلامية.
ل- الدولار الأمريكي هو عملة التعامل في المحفظة، ويجوز للبنك الإسلامي للتنمية استخدام أي عملة أخرى متى رأى ذلك مناسباً.
المطلب الثاني: الشروط العامة للتمويل
أ- السلع المؤهلة للتمويل: تعتبر جميع السلع الرأسمالية وغير الرأسمالية (المقبولة من الناحية الشرعية والمتعارف عليها في التجارة الدولية) مؤهلة للإفادة من تمويل المحفظة.
ب- المستفيدون من التمويل: يفتح البنك الإسلامي للتنمية باب التمويل لجميع المصدرين التي يكون طرفاها (المصدر المستورد ) من الدول الأعضاء ويمكن أن ينظر في طلبات التمويل التي يكون أحد طرفيها من دولة غير عضو إذا كانت العملية تخدم الأغراض التنموية في الدولة العضو.(1/37)
ج-نسب مساهمة المحفظة في العمليات أو سقوف العمليات: يأخذ مدير المحفظة في الاعتبار عند تحديد هذه النسب أموراً عديدة منها: طبيعة السلعة المطلوب تمويلها (رأسمالية/ أو غير رأسمالية) وقدرة المصدر أو المستورد على المشاركة في التمويل المطلوب، ويمكن في بعض الحالات الخاصة بالسلع غير الرأسمالية النظر في إمكانية إعفاء المصدر/ أو المستورد من المشاركة في التمويل، وللمحفظة أن تدخل في عمليات تمويل مشترك مع أحد البنوك المشاركة فيها.
د- الضمان: يفضل أن يكون الضمان مصرفياً بقدر الإمكان وفي حالات خاصة يمكن قبول الضمان من مصادر أخرى مثل حكومة إحدى الدول الأعضاء أو البنك المركزي بها أو إحدى الشركات التابعة لبنك مشارك.
هـ- آجال الوفاق: يؤخذ بعين الاعتبار في كل عملية على حدة طبيعة السلع الممولة وقيمة العملية وغاياتها.
و- هامش الربح: يتم تحديد هامش الربح لكل حالة على حدى وذلك عن طريق التفاوض الذي يأخذ في الاعتبار شروط الأسواق العالمية وآجال الوفاء ونوع الضمان المقدم إلى جانب مراعاة الشروط المعمول بها في نطاق برامج البنك الإسلامي للتنمية لتمويل التجارة الخارجية للدول الأعضاء.
المطلب الثالث: إجراءات التمويل
أ- يتم التقدم بطلب التمويل إلى وكيل البنك الإسلامي للتنمية وهو أحد البنوك الإسلامية المشاركة في المحفظة.
ب- يقوم الوكيل (الذي قد يكون مشاركاً أيضاً في تمويل العملية المقدمة عن طريقه) بدراسة الطلب من الناحيتين الفنية والمالية ويتفاوض مع الطالب فيما يتعلق بشروط التمويل.
ج- يقدم الوكيل تقريره متضمناً جميع البيانات الخاصة بالعملية المطلوبة إلى إدارة المحفظة بالبنك الإسلامي للتنمية لتقوم بدراستها واتخاذ القرار بشأنها.(1/38)
د- بعد الموافقة على العملية يتم إبرام عقود الشراء والبيع الآجل وغيرها بين الأطراف المختلفة وهي المحفظة (البنك الإسلامي للتنمية) والوكيل (أحد البنوك الإسلامية المشاركة) والمصدر/ أو المستورد وذلك على أساس عقود المرابحة الشرعية كما تحدد طريقة السحب وتواريخ استحقاق الوفاء بالأقساط وغير ذلك من الأمور ذات العلاقة.
وفي حالات خاصة (منها عدم وجود بنك إسلامي مشارك في دولة المصدر أو المستورد) يمكن تقديم الطلب مباشرة إلى إدارة المحفظة بالبنك الإسلامي للتنمية ليتم اتخاذ الإجراءات المناسبة.
الفصل الثاني : دراسة حالة مجموعة بنوك فيصل الإسلامية
تكشف نظرة إلى البدايات الأولى للبنوك الإسلامية أن الخطوة الأولى كانت من جانب المؤتمر الإسلامي في اجتماعه بمدينة كراتشي والتي تحققت بإنشاء بنك التنمية الإسلامي بجدة، ثم تبعت هذه الخطوة مبادرات من جانب أناس آمنوا بفكرتها التي لاقت قبولا كبيرا داخل المجتمعات الإسلامية، وهكذا توالي ظهور البنوك الإسلامية على الساحة المصرفية وبدأت في ممارسة أنشطتها المتميزة، وكان لزاما عليها حينئذ وبعد أن نجحت في تخطي مرحلة الإنشاء والتأسيس أن تدعم تواجدها وذلك بافتتاح وحدات لها سواء داخل المجتمعات التي تعمل بها أو خارجها، وإقامة المشروعات المشتركة والمساهمة في رؤوس أموال شركات ومصاريف مثيلة جديدة في كل أنحاء العالم.
وتعد مجموعة بنوك فيصل من أبرز المجموعات المصرفية الإسلامية في الوقت الحالي، فهي تضم إحدى عشر بنكا فضلا عن عدد كبير من الشركات التي تغطي مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وتنتشر بنوكا وشركاتها في قارات إفريقيا وأوربا وأمريكا ولها علاقات بأهم البنوك والمؤسسات المالية في العالم.
المبحث الأول :تعريف بنوك مجموعة فيصل الإسلامية ومنهجية العمل
المطلب الأول : تعريف ببنوك مجموعة فيصل الإسلامية(1/39)
ويصل عدد هذه البنوك الآن إلى إحدى عشر بنكا ونورد فيما يلي تعريفا موجزا عن هذه البنوك :
أ- بنك فيصل الإسلامي المصري : كانت الحكومة المصرية سباقة في تدعيم العمل المصرفي الإسلامي فقد تأسس البنك بموجب القانون الخاص رقم (48) لسنة 1977 م، كمؤسسة اقتصادية واجتماعية تأخذ شكل شركة مساهمة مصرية وتعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وتم تعديل نظام الإنشاء فيما بعد بناء على القانون رقم 142 لسنة 1981، وقد افتتح البنك رسميا وبدأ ممارسة أنشطته في الخامس من يوليو عام 1979.
ويصل رأس المال المرخص به إلى 500 مليون دولار والمصدر إلى 100 مليون دفع منها حتى الآن 70 مليون دولار، ويبلغ إجمالي حجم نشاطه وفقا لآخر ميزانية منشورة أكثر من 2.6 مليار دولار، ويعمل البنك من خلال اثني عشر فرعا تغطي معظم المناطق الجغرافية داخل جمهورية مصر العربية ، وتتوزع هذه الفروع بين منطقتي ً القاهرة والوجه القبلي و الإسكندرية والوجه البحري ً كما أن للبنك مكتب تمثيل خارجيا بالمملكة العربية السعودية بمدينة جدة وتشمل شبكة مراسلية أكثر من مائة وأربعين بنكا ومؤسسة مالية ينتشرون في أكثر من خمسين دولة، هذا بالإضافة إلى مساهمته في رؤوس أموال الشركات والمشروعات في الداخل والخارج.
ب-بنك فيصل الإسلامي السوداني: تأسس البنك بموجب قانون خاص أجازه مجلس الشعب في جمهورية السودان يحمل اسم ٌقانون بنك فيصل الاسلامي لعام 1977 ٌ ، وتم تسجيل البنك كشركة مساهمة عامة(1/40)
محدودة تعمل وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية من أجل تدعيم تنمية المجتمع من خلال الاضطلاع بجميع الأعمال المصرفية والمالية وأعمال الاستثمار ، وقد افتتح البنك رسميا للعملاء في العاشر من مايو عام 1978م، ويصل رأس المال المرخص به إلى 100مليون جنيه سوداني مقسمة إلى 10ملايين سهم قيمة السهم الاسمية 10جنيهات سودانية والمدفوع حتى الآن يبلغ 58.5مليون ، كما يبلغ إجمالي حجم نشاط البنك أكثر من 887 مليون جنيه سوداني وفقا لآخر ميزانية منشورة.
ويعمل البنك داخل السودان من خلال تسعة عشر فرعا ومكتبا للمصرف ، ومن هذه الفروع يوجد ستة في مدينة الخرطوم العاصمة.
ج-دار المال الإسلامي القابضة: تأسست دار المال الإسلامي القابضة بموجب عقد تأسيس طبقا لقوانين كمونولث البهامس في 27يوليو 1981م وذلك كشخصية قانونية مستقلة بغرض مزاولة أعمال تجارية طبقا لأحكام ومبادئ وتقاليد الشريعة الإسلامية ، ويبلغ رأس مال المصدر و المصرح به 10ملايين دولار وحدة سهمية قيمة الوحدة الاسمية 100دولار أمريكي بإجمالي بليون دولار أمريكي كما يصل حجم النشاط 21/12/1988م نحو 1.2مليار دولار ، وتقوم الدار بالعمل في إطار النظام الإسلامي من خلال شركات الاستثمار والتكافل وكذا المصارف الاسلامية التابعة لها وعددها يربو على 22 وحدة هذا بالإضافة إلى العديد من المكاتب التي تنتشر في كافة أنحاء العالم، وجدير بالذكر أن ارقام نشاط ونتائج أعمال دار المال الاسلامي تتضمن كل من : مصرف فيصل الاسلامي جيرسي المحدود ومصرف فيصل الاسلامي (المملكة المتحدة) المحدود بلندن.(1/41)
د- مصرف فيصل الاسلامي بالبحرين : تأسس في الرابع عشر من يوليو عام 1982م ، أخذ الشكل القانوني لشركة مساهمة معفاة مرخص لها بمزاولة العمل كوحدة مصرفية خارجية من قبل مؤسسة نقد البحرين ويلتزم المصرف في جميع عملياته بأحكام الشريعة الاسلامية ، وقد بدأ المصرف في جميع عملياته باحكام الشريعة الاسلامية وقد بدأ المصرف نشاطه الرسمي للعملاء في الاول من ديسمبر 1982 م،ويصل رأس المال المرخص به والمصدر و المدفوع بالكامل الى 30 مليون دولار أمريكي موزعة على 300 ألف سهم بقيمة 100دولار أمريكي لكل سهم ، ويبلغ إجمالي حجم النشاط من خلال مركزه الرئيسي في البحرين فضلا عن
ستة مكاتب في المملكة العربية السعودية و فرعين بمدينتي كاراتشي وفيصل آباد بباكستان .
هـ- مؤسسة فيصل للتمويل تركيا : تأسست في اسطنبول بعد الحصول على ترخيص بممارسة أنشطتها من البنك المركزي بتاريخ 23يناير 1985م وفقا لنظام التعامل المحرر من الفوائد ، وبعد أخذ موافقة نائب رئيس الوزراء التركي للخزانة والتجارة الخارجية في مارس في نفس العام ، وقد فتحت المؤسسة أبوابها رسميا أمام العملاء في الثاني من أبريل عام 1985م ، ويصل رأس المال المصدر والمدفوع الى عشرة بلايين ليرة تركية ، كما يبلغ إجمالي حجم النشاط في نهاية ديسمبر 1988 م، ما يقرب من 359 بليون ليرة، وتعمل المؤسسة من
خلال مركزها الرئيسي باسطنبول وعدد (5) فروع بتركيا فضلا عن فرع خارجي بمدينة فرانكفورت بألمانيا الغربية ومكتب تمثيل خارجي بجدة في المملكة العربية السعودية.(1/42)
و- مصرف فيصل الإسلامي بالسنغال : تأسس هذا المصرف وفقا للبروتوكول الموقع من سمو الأمير محمد الفيصل آل سعود رئيس مجموعة بنوك فيصل ورئيس السنغال يوم 14 أكتوبر 1981م، ومارس أنشطته الفعلية اعتبارا من 22 فبراير 1983م، ويصل رأسمال المصرف الآن إلى 1550 مليون فرنك أفريقي، ويبلغ إجمالي حجم أنشطته في 30/09/1988م أكثر من عشرة مليارات فرنك فرنسي.
ل- مصرف فيصل الإسلامي بغينيا : وقد بدأ هذا المصرف العمل عام 1984م، ويصل رأسماله المدفوع إلى 1.860 مليون فرنك غيني، أما إجمالي حجم نشاطه فقد جاء بنحو 12 مليار فرنك في نهاية عام 1988.
ثامنا : مصرف فيصل الإسلامي بالبهامس: بدأ مزاولة أنشطته المصرفية في يناير 1984، ويصل رأسماله المدفوع الآن 2 مليون دولار، أما جملة نشاطه فبلغت في نهاية عام 1988م نحو 6.531 مليون دولار.
م- مصرف فيصل الإسلامي بالنيجر : وقد افتتح هذا المصرف أمام العملاء خلال عام 1984 بمدينة نيامي ويصل رأسماله إلى 1.907,5 مليون فرنك إفريقي، كما يبلغ إجمالي أصوله في 30/09/1988 إلى ما يقرب من 6 مليارات فرنك.
المطلب الثاني: منهجية العمل في مجموعة بنوك فيصل الإسلامية
لهذه البنوك منهج ونظام قامت عليه ومن أجله تعمل، يختلف تمام الاختلاف عن البنوك التقليدية فهي تقوم في الأساس على الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية الغراء وتستمد كل مقوماتها ولأنها لا تتعامل بالفوائد أخذا(1/43)
وعطاء فإنها تعتمد على المشاركة مع الغير في تحقيق الأرباح وفقا للمبدأ المعروف ً الغنم بالغرم ً ومن هنا نشأت الطبيعة التمويلية المختلفة للبنوك الإسلامية ومجموعة فيصل منها، كما برزت أهمية الدور الذي تلعبه في إدارة عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع، ولذا فهي تعمل على تحقيق الكفاية في إدارة الأموال في المجتمع الإسلامي بأسره من خلال المشاركة الفعالة في الإنتاج والتوزيع بما يحقق التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لأحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويتم ذلك من خلال التزام بنوك المجموعة بوظائفه الأساسية وبالأسس والمبادئ التي يقوم عليها العمل المصرفي الإسلامي.
الفرع الأول : الوظائف الأساسية لبنوك المجموعة :
أ- تحرير المعاملات من الفوائد الربوية:
وذلك لأن الربا يترتب عليه أمور غير شرعية واقتصادية غاية في الخطورة منها مخالف لما استقر عليه الشرع الإسلامي ، أما اقتصاديا فمعلوم أن الفوائد تدخل في تكلفة الإنتاج كأحد عناصره وبالتالي يتحمل بها المنتج النهائي ، فتعمل على رفع الأسعار بخلاف ما أو حل محلها في التمويل نظام المشاركة في الربح و الخسارة بدلا من الاقتراض بفائدة ، ومن ثم فان أسعار المنتجات ستحدد عن أقل من مثيلها المحددة في ظل نظام يسوده سعر
الفائدة ومن ثم فإن النظام غير الربوي يعمل على تخفيف وطأة الأسعار على المستهلكين وبصفة خاصة ذوي الدخل المحدود.(1/44)
كذلك فإن مضار الفوائد على اقتصاديات البلدان المقترضة واضح و ملموس حيث أنها تمتثل ضغطا على الموارد المالية للدول المقترضة مما يعوق عملية التنمية ومن جهة أخرى فإن ارتفاع أسعار الفائدة يضاعف من أعباء سداد فوائد الديون التي على الدول النامية مما يضيف إليها عبئا على عبء ويجعلها ترسخ في أغلال الديون وتدور في فلكها لا تكاد تنتهي من دين حتى تقع في آخر ، والتاريخ يشهد أن الديون كانت سببا في وقت من الأوقات في فقدان بعض الدول لحريتها السياسية وخضوعها للاستعمار المسلح.
ب- الوظيفة الاستثمارية :
وتشمل تلك الوظيفة البحث والتعرف على المشروعات المهمة القائمة وإنشاء مشروعات جديدة والترويج لها وإتاحة التمويل اللازم لقيامها ، بل أن البنوك الاسلامية تتولى في بعض الاحيان إدارة جانب كبير من المشروعات في حالة عدم توافر المنظمين ذوي الخبرة وتحكم بنوك فيصل الاسلامي في مجال انتقائها لمشروعاتها وإدارتها ثلاثة معايير رئيسية هي:
-الالتزام الكامل بأحكام الشريعة الاسلامية
-الوفاء بالحاجيات الضرورية للجماهير المسلمة
-الاسهام الفعال في تنفيذ خطط التنمية(1/45)
وبنوك هذه المجموعة في مباشرتها لوظيفتها الاستثمارية تدعم المناخ الاستثماري ، فعن طريق ما تقوم به من دراسات لمتابعة هذا النشاط تضع يدها بتقديم على المشاكل والعقبات التي تؤثر على أدئها وكذا على أوضاع المستثمرين والمتعاملين معها بما يسمح لها بتقديم التوصيات والمقترحات اللازمة لعلاجها ، كما تعمل على تعديل سياستها وأساليب الادارة التي تتبعها بما يدعم قدرتها التقدم باستمرار، ولا يقف الامر عند هذا الحد بل يتعداه الى احداث تكوينات راسمالية عن طريق تشجيع كبار المستثمرين والمؤسسات والهيئات المالية والتجارية والصناعية والخدمية على المشاركة في اقامة المشروعات الاستثمارية المختلفة (زراعية-صناعية-خدمية)، كما تعمل على تنمية قدرات صغار المستثمرين الذين لديهم الخبرة الفنية والإدارية والتنظيمية ، ويمكنهم أن يقوموا بدور مؤثر في عمليات التنمية وتنقصهم الأموال وذلك بمساعدتهم على بدء وزيادة وتوسيع أعمالهم بما يكفل زيادة الإنتاج وبالتالي دعم البنيان الاقتصادي للمجتمع.
ج- الوظيفة التمويلية :
تعتمد هذه البنوك في مباشرتها لهذه الوظيفة على تدبير الموارد المالية ذات الآجال المناسبة بما يسمح لها بتقديم التمويلات متوسطة وطويلة الأجل للمشروعات مع الالتزام بتمويل العمليات ألإنتاجية وتسويق المواد الخام اللازم استيرادها من الخارج والتي تدخل في صلب تلك العمليات، وفي هذا الصدد تسلك البنوك الإسلامية العديد من السبل لتحقيق هذا الهدف أهمها :
- الاهتمام بزيادة رأس المال المدفوع وتدعيم الاحتياطات تماشيا مع النمو المطرد في الأنشطة المصرفية للبنك.
- حث المجتمع على الادخار بما يوفر الموارد اللازمة للعمليات التنموية والاستثمارية.
- استحداث أوعية ادخارية تتناسب مع كافة الدخول والمستويات.
- العمل على الارتقاء بمستوى أداء الخدمات المصرفية الإسلامية وتحسينها بما يساعد في جذب المزيد من المدخرات.(1/46)
- الاهتمام بالانتشار الجغرافي سواء على المستوى المحلي أو الدولي بهدف توصيل الخدمات المصرفية الإسلامية إلى العملاء حيثما كانوا.
د- التكافل الاجتماعي:
إذا كانت هناك فوارق في الدخول مسلم بها بين الطبقات الاجتماعية المختلفة إلا أن الإسلام لا يجعل ذلك سببا في التفرقة بين الناس في الحقوق والواجبات أو المنزلة عند الله عز وجل، وإنما كانت تلك الفوارق ضرورية كي يستخدم الناس بعضهم بعضا لتدور عجلة الإنتاج ويسعى الناس إلى الكسب والرزق فيستفيد كلا الطرفين في النهاية (المعطي للأجر والأخذ له )، وعليه فإذا ما وجد ذوي الدخول المحدودة الذين لا يتحصلون من الدخول إلا على ما هو أدنى من حد الكفاية كان لزاما على الأغنياء سد عوزهم من أموالهم الخاصة، ولذلك كانت فريضة الزكاة التي أوجبها الله عز وجل على الأغنياء بشروطها لترسيخ مبادئ التكافل الاجتماعي وإعادة توزيع الدخول بين الناس حتى لا يوجد محتاج في المجتمع الإسلامي، وقد جعل الله هذه الفريضة ركنا من أركان الإسلام يتعبد الناس بها ربهم ويقيمون صرحا اجتماعيا راقيا فيها بينهم يسعى فيه الغنى لإسعاد الفقير وسد حاجته ولقضاء على البطالة أو الشروع في الكسب الحرام.
الفرع الثاني : الأسس والمبادئ التي تقوم عليها المجموعة .(1/47)
وقد أدت الدعوات المتلاحقة للعودة إلى أصول الشريعة الإسلامية من أجل تصحيح المسار الاقتصادي والمالي للأمة الإسلامية إلى عمل على اتخاذ الخطوات الفعالة من أجل تطبيق النماذج الشرعية في مجال المعاملات المالية ومن ثم قام العلماء المسلمون المتخصصون بوضع الأسس العلمية التي يمكن أن يقوم عليها التعامل في الجهاز المصرفي إذا ما أراد أن يتحول من التعامل بالفوائد الربوية إلى المعاملات الخالية من الربا وبحيث يحقق نفس المعدلات العالية من الانسياب دون معوقا وفقا لهذه النماذج المستحدثة على الساحة المصرفية ،ومن ثم بدأت هذه الاسس تظهر إلى حيز التطبيق مع بداية نشأة المصارف الاسلامية، وفيما يلي نوجز هذه الاسس والمبادئ التي يقوم عليها العمل المصرفي في بنوك فيصل الاسلامية.
أ- بيع المرابحة: هو البيع بمثل الثمن الاول مع زيادة ربح يتفق عليها الطرفان ويشترط ان يكون الثمن الاول للسلعة معلوما للمشتري وان يكون الربح الزائد عن الثمن معلوما ايضا له.
وفي هذه الحالة يقوم العملاء بإبداء رغبته لدى البنك في شراء سلعة ما ويحدد أوصافها على أن يقوم البنك بشرائها وبيعها له بمرابحه ، ويتم في هذا الشأن الاتفاق على تحديد الثمن الاصلي للسلعة مع اضافة اي تكاليف اخرى من شحن وخلافه للوصول الى التكلفة الكلية ، ويمثل هذا المبلغ الزائد ربح البنك في تلك السلعة ، كما يتفق الطرفان على تحديد مكان وشروط التسليم وطريقة سداد القيمة للبنك.(1/48)
ب-أسلوب المضاربة الشرعية : ويعتبر أسلوب المضاربة الشرعية من الصور المهمة في نماذج التمويل وفقا لأحكام الشريعة وهو يقوم أساسا على وجود احد الأطراف يملك المال ولا يملك الخبرة في تشغيله بينما يملك الطرف الأخر الخبرة ويفقد المال ويتفق الطرفان فيما بينهما على ان يقدم صاحب المال ماله ويسمى (رب العمل) إلى الطرف الأخر ويسمى (المضارب بعمله) لكي يستثمره له بمعرفته وفقا للشروط التي يتفقان عليها على أن يتحدد الربح بينهما بنسبة شائعة فيه وليس بمبلغ محدد مقطوع به، أما في حالة الخسارة فيتحملها رب المال وحده ويكفي المضارب بعمله خسارة جهده ووقته دون عائد وليس عليه ضمان الخسارة إلا إذا قصر أو خالف شروط المضاربة المتفق عليها يضمنها حينئذ.
ج-أسلوب التمويل بالمشاركة: تعتبر هذه الصيغة من الصيغ الأساسية التي تمارسها البنوك الإسلامية حيث تبرز فكرة كون البنك الإسلامي ليس مجرد ممول ولكنه مشارك للمتعاملين معه وأن العلاقة التي تربطه بهم هي علاقة شراكة وليست علاقة دائن بمدين كما هو الحال في البنوك التقليدية ومن منطلق هذه العلاقة تتضح للعيان فكرة إسهام البنك مع المتعاملين معه في تحمل المخاطر التي قد تتعرض لها العمليات التي يقومون بها طالما كان ذلك بدون قصير من جانبهم ، ويتم احتساب الربح و الخسارة بين الطرفين في عملية المشاركة بنسبة رأس مال كل منهما .
ومن صور التمويل بالمشاركة ما يعرف (بالمشاركة المتناقصة) وهي أن يمنح البنك عملية الحق في الحلول محله سواء مرة واحدة أو على مراحل وفق ما تقتضيه شروط العقد وطبيعة العملية موضوع المشاركة ولا يخفي أن ذلك يعاون العميل على اقتناء الأصول الرأسمالية اللازمة له وتملكها في النهاية طبقا لقدرته دون أن يتحمل أعباء أو التزامات إضافية (سعر الفائدة).(1/49)
ويحقق أسلوب التمويل بالمشاركة بصفة عامة من العديد من المزايا منها تحرير العميل من السلبية التي يتصف بها المودع الذي يودع أمواله في البنك التقليدي وينتظر ما يحصل عليه من فوائد، كما أن البنك وهو يمارس هذا الأسلوب مع عملائه فإنه يمنحهم التعزيز والأمان والمساندة المالية والفنية بما يمكنهم من اقتحام بعض المجالات الاستثمارية التي لا يمكنهم طرقها بمفردهم هذا فضلا عما يتم به هذا الأسلوب من عدالة في توزيع العائد.
د- التأجير المنتهي بالتمليك : ووفقا لهذه الصيغة يقوم البنك الإسلامي بتوفير الأصول الرأسمالية للعملاء عن طريق شرائها ثم تأجيرها لهم من خلال فترة محددة تنتهي بتملكهم لها بعد بلوغ مقدار الإيجارات المحصلة منهم القيمة البيعية للأصل مضافا إليها مقابل الانتفاع به لحين انتقال الملكية بصفة نهائية.
ونظرا لأن العمل المصرفي الإسلامي هو عمل مستحدث من حيث الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في كافة الأعمال التي يقوم بها البنك الإسلامي وحتى تكون كافة المعاملات التي تقوم بها تلك البنوك مطابقة لأحكام الشريعة فإن الأنظمة الأساسية لمعظم البنوك الإسلامية الأعضاء في مجموعة فيصل تنص على إخضاع كافة معاملات البنك للرقابة الشرعية وذلك من خلل هيئة فيصل أو لجنة أو مستشار شرعي للإفتاء في المسائل المتعلقة بالمعاملات المصرفية وما يستجد منها من أعمال أو ما يلتبس عن العاملين فهمه وتطبيقا وفقا للصيغ الشرعية.
هذا ويتم اختبار علماء الهيئات الشرعية أو اللجان الشرعية من كبار العلماء المتخصصين في العلوم الشرعية وأحيانا يعاونهم بعض خبراء القانون.
المبحث الثاني: نظرة تحليلية للأرقام المجمعة لبنوك فيصل الإسلامية.
- نتناول في هذا العنصر الأقسام التالية:
- قائمة مقارنة بأهم المؤشرات الرئيسية الأنشطة ونتائج أعمال مجموعة بنوك فيحصل تطورها فيما بين عامي 1999-2000(1/50)
- إخضاع الأرقام المجمعة للمجموعة في عامي المقارنة لأساليب التحليل المالي المختلفة واستخلاص أهم النتائج المتعلقة بإنجازات وكفاءة أداء بنوك المجموعة
جدول رقم (12): قائمة تطور المؤشرات الرئيسية لمجموعة بنوك فيصل الإسلامية عام 2000
أهم البنود ... السنة (التغيير خلال العام)
1999 ... 2000
حجم النشاط ... .00 ... .3
اجمالي الأصول ... 8749.63 ... .19
أرصدة التوظيف و الإستثمار ... .3 ... .00
جملة الودائع ... 7124.7 ... 7600.00
النقدية بالصندوق و لدى المركزي ... 0.707 ... 0.764
أصول ثابتة ... 230.103 ... 230.17
الموارد الذاتية ... 854.4 ... 376.00
خصوم ... 21.72 ... 24.64
الإلتزامات العرضية ... 295.26 ... 494.94
أرباح العام ... 29.3 ... 32.2
نصيب أصحاب الحسابات الإستثمارية من الأرباح (المساهمين) ... 22.01 ... 24.17
الفائض القابل للتوزيع ... 29.34 ... 32.231
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة سنة 2001.
ونورد فيما يلي أهم الملاحظات والإيضاحات الخاصة باحتساب الأرقام المجمعة وشملت المؤشرات المجمعة الموضحة بالجدول السابق الأرقام التفصيلية لكافة بنوك مجموعة فيصل بما فيها أرقام مصرفي فيصل بجيرسي ولندن التي جاءت ضمن دار المال الإسلامي
تعد القوائم المالية في كثير من بنوك مجموعة فيصل بالعملات الوطنبية للدول التي تعمل بها مراكزها الرئيسية (لهذا فقد تم تحويل كافة أرقام) البنوك إلى الدولار الأمريكي وفقا لأسعار الصرف السارية عام 2000م.
المطلب الأول: التغيير ومعدلات النمو:
يتضح من استقراء قائمة تطور المؤشرات الرئيسية كالآتي:
وصل حجم النشاط لمجموعة بنوك فيصل الإسلامية عام 2000 إلى نحو 471,38 أي أن مجمل الإيرادات تعادل 8471,3 مليون مصري محققا بذلك نقص مقارنة سنة 99م قدره 100,62 مليون جنيه مصري، حيث تولدت هذه الإيرادات عن أنشطة البنك المختلفة وفقا للآتي.
إيرادات تولدت عن عمليات المشاركات والمضاربات والمرابحات بمبلغ 376,2 مليون هذا في سنة 2000م(1/51)
إيرادات نشأت عن أداء الخدمات المصرفية المختلفة بلغت 68,8 مليون جنيه مصري
إيرادات الاستثمارات المالية والمساهمات بما يعادل 26,3 مليون فيه، ومن الجدير بالذكر أن جملة أصول هذه البنوك فاقت 7870 مليون جنيه مصري.
كما أن الالتزامات العرضية لها جاءت بنحو 494,74 مليون جنيه بعد أن حققت نموا يقدر بـ 199,48 مليون ج م مقارنة بسنة 1999 ومن المعلوم أن تطور هذه الالتزامات يعني فعالية مساهمة بنوك المجموعة في مجالات تمويل التجارة الداخلية والخارجية بالمجتمعات التي تعمل بها متمثلا ذلك في فتح الاعتمادات المستندية وإصدار خطابات الضمان.
انخفضت الموارد الذاتية بما يعادل 478,4 مليون جنيه مصري وذلك لتصل إلى 376 مليون عام 2000.
ارتفعت جملة الود100ائع بما يعادل نحو 475,8 مليون جنيه مصري لتصل عام 2000 إلى 7600,5 مليون مسجلة معدل نمو 6,26%
أما أرصدة التوظيف والاستثمار فلمجموعة بنوك فيصل الإسلامية فقد وصلت 7870 مليون جنيه مسجلة زيادة خلال العام مقدارها 324,7 مليون، ويفوق معدلها 4% وأصبحت هذه الأرصدة تمثل 86,22% من إجمالي أصول مجموعة بنوك فيصل الإسلامية.
كما انعكست أرقام الأنشطة الرئيسية لبنوك المجموعة على نتائج الأعمال المحققة، حيث وصلت أرباح العام إلى 9137,2 مليون جنيه مصري صعودا من 8749,6 مليون مصري عام 1999، أي بزيادة قدرها 378,6 مليون ونسبة تفوق 4,2%
المطلب الثاني: هيكل الموارد والاستخدامات ببنوك المجموعة
عند استعراض هيكل الموارد والاستخدامات في مجموعة بنوك فيصل سيتم استخدام أسلوبين للتحليل.
أ-يتمثل في إيضاح تطور الأوزان النسبية لأهم مصادر واستخدامات الأموال في هذه المجموعة فيما بين عامي 1999-2000
ب-إعداد قائمة الموارد والاستخدامات خلال عام 2000م
ومن خلال هذين الأسلوبين يمكن تحديد أهم الخصائص المميزة للهيكل.
جدول رقم (13): تطور الأوزان النسبية واستخدامات الأموال في مجموعة بنوك فيصل الإسلامية(1/52)
الموارد ... 1999% ... 2000% ... الاستخدامات ... 1999% ... 2000%
الموارد الذاتية ... 10,68 ... 4,70 ... التوظيف والاستثمار ... 83,83 ... 87,44
الودائع ... 89,05 ... ,00 ... أصول سائلة ... 13,62 ... ,01
خصوم أخرى ... 0.27 ... .30 ... أصول ثانية أخرى ... 2.55 ... .55
الإجمالي ... 100 ... الإجمالي ... 100
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة سنة 2001.
وأهم ما يلاحظ على هذا الجدول ما يلي:
بالنسبة لمصادر الأموال:
تمثل ودائع الأموال وهي من أهم مصادر للأموال في بنوك المجموعة وهي في معظمها ودائع استثمارية، وليست جارية، ولهذا فإنها تتسم بالرسوخ والاستقرار وتجدر الإشارة إلى أن الوزن النسبي لهذا المصدر جاء عام 2000 بنمو 95% من جملة الموارد وفوق أنها نسبة مرتفعة بالمقارنة بمثيلاتها في البنوك الأخرى فقد سجلت زيادة فيما بين تاريخي المقارنة.
على الرغم من تراجع الأهمية النسبية في جملة الموارد فيما بين عامي المقارنة من 10,68% إلى 4,70% إلا أن مستوى هذا البنك في مجموعة بنوك فيصل يعد ملائما جدا وبل مرتفع عن المعايير الدولية في هذا الخصوص مما يؤكد مدى الاهتمام بتدعيم هذه البنود بهدف تقوية المركز المالي لبنوك المجموعة.
بالنسبة لاستخدامات الأموال:
تمثل أرصدة التوظيف والاستثمار أهم أوجه الاستخدامات الأموال في مجموعة فيصل، وقد بلغ الوزن النسبي لتلك الأرصدة في جملة الاستخدامات 87,44% وعلى الرغم من أن هذه النسبة مرتفعة إلا أنها تصاعدت أيضا فيما بين تاريخي المقارنة بما يعني نجاح السياسات الخاصة بإدارة الأموال في بنوك هذه المجموعة.(1/53)
على الرغم من انخفاض الوزن النسبي للأصول السائلة لدى مجموعة بنوك فيصل من 13,62 % إلى 10,01% إلا أن ذلك لا يعكس وجود نقص في السيولة (بقدر ما يعكس الحرص على إيجاد تشغيل عائد لكافة الموارد البشرية للتوظيف وبحيث يلبي ذلك التشغيل في جزء منه مطالب السيولة بصفة عامة، وهذا ما تحقق لبنوك مجموعة فيصل إذ تم توجيه أكثر من 324 مليون جنيه مصري عام 2000، حيث بلغ عدد العاملين في نهاية 2000 إلى 1444 عامل مقابل 1426 في سنة 1999م.
كل هذا من أجل توظيفات تتسم بدرجة عالية من السيولة وتدر في نفس الوقت عائدا مناسبا .
جدول رقم (14) : قائمة الموارد و الاستخدامات لمجموعة بنوك فيصل الإسلامية :
الموارد التي أتيحت خلال عام الاستخدامات التي تمت في نفس العام 2000م.
الزيادة في قيود الخصوم ... مليون جنيه ... % ... الزيادة في قيود الأصول ... مليون جنيه ... %
الموارد الذاتية ... 7600 ... .00 ... أرصدة التوظيف و الاستثمار ... 230.175 ... .15
الودائع ... 27 ... 94.00 ... أصول ثابتة
خصوم أخرى ... 0.30 ... 2.85
جمله ... 98.30 ... جملة ... .17
النقص في بنود الأصول ... 764.37 ... 1.70
النقدية بالصندوق و لدى المركزي
جمله ... .37 ... .70
الإجمالي ... 8 767.37 ... 100 ... الإجمالي ... .17
المصدر : التقرير السنوي لبنك المجموعة سنة 2001م
- سينتج من هذه القائمة أن إجمالي الموارد التي أتيحت للتوظيف خلال عام 2000م بلغت ما يعادل 8767.37 مليون جنيه مصري , وهي عبارة عن موارد إضافية استقتها هذه البنوك بصفة أساسية من الزيادة التي حدثت في ودائع العملاء و التي مثلت 94.00% من فوائد الموارد فضلا عن تدعيم الموارد الذاتية الذي التي بنحو 4.00% منها , هذا في الوقت الذي حصلت فيه البنوك فيصل على باقي الموارد من نمو الخصوم الأخرى , وتخفيض أرصدتها السائلة , أما بخصوص استخدام هذه الموارد فقد تم تشغيلها بالكامل في إتمام عمليات توظيف و استثمار جديدة حيث استوعبت تلك العمليات نحو 97.15% من الموارد المتاحة للتوظيف .(1/54)
المطلب الثالث: استخدام أسلوب النسب المالية في تحليل الأرقام المجمعة لبنوك فيصل الإسلامية
تعد النسب المالية من أدوات التحليل المالي المهمة للحكم على المراكز المالية للبنوك، وتكون هذه النسب مجموعات فيما بينها بحيث تقيس كل منها وظيفة أو سمة معينة في البنك تختلف عن الأخرى.
ولأعمال هذا الأسلوب التحليلي في الأرقام المجمعة لبنوك فيصل الإسلامية، سوف نستخرج أرقام النسب المالية التي تقيس أوجه النشاط ونتائج الأعمال المختلفة في هذه البنوك وهي نسب السيولة والتوظيف ومدى كفاية حقوق الملكية والربحية وسيتم احتساب تلك النسب في تاريخي المقارنة لتوضيح التطور الذي طرأ عليه.
جدول رقم (15) : نسب السيولة .
نسب السيولة ... 1999 % ... 2000 %
الأصول السائلة (1) / إجمالي الودائع ... 9.92 ... 10.05
الأصول السائلة / إجمالي الأصول ... 8.08 ... 8.37
الأصول السائلة الأرصدة التوظيف و الاستثمار ... 9.37 ... 9.71
الأصول السائلة / إجمالي الالتزامات (2) ... 8.95 ... 8.73
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة سنة 2001.
يبين من استقراء أرقام نسب السيولة أنها تراجعت فيما بين عامي المقارنة كما أنا هذه النسب تقل عن مثيلتها في البنوك المحلية و العالمية , و قد يظن أن ذاك يعكس تزايد المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها بنوك هذه المجموعة الوفاء بطلبات المودعين و متطلبات التشغيل ، اليومي و أيضا في مجال التنسيق و المواءمة بين الموارد
و الاستخدامات بالنسبة لأجال الاستحقاق ، وهذا الأمر مردود عليه في النقاط التالية :
- كما سبقت الإشارة إليه فإن جانب غير يسير من توظيفا بنوك هذه المجموعة يتميز بسيولة عالية
و هذا الجانب يرتفع من عام لأخر ، فقد اقتصر عام 1999م على 7851.62 مليون جنيه مصري
و بلغ في العام الثاني نحو 8174.80 مليون جنيه مصري و إذا ما أضيف هذا الرقم على الأصول السائلة ستنخفض نوعا ما نسب السيولة لمجموعة بنوك فيصل إلى مستويات ملائمة .(1/55)
- تقيس نسب السيولة في الأصل قدرة البنوك على مقابلة مسحوبات العملاء , و لاسيما من الحسابات الجارية و الودائع تحت الطلب ، حيث أن الوزن النسبي لهذا النوع من الودائع لا يمثل في تاريخي المقارنة سوى نسبة ضئيلة من جملة ودائع هذه المجموعة يتضح عدم خطورة تراجع مستويات نسب السيولة لديها بالمقارنة مع البنوك الاخرى التجارية التي تعتمد في جزء هام من مواردها على الودائع تحت الطلب .
هناك وجهة نظر أخرى يجب ان تعتبر في هذا الخصوص حيث انخفاض هذه النسب يعني قدرة بنوك هذه المجموعة على توظيف الاموال و الموارد المتاحة لها في اوجه استخدام حقيقة تدر عوائد تساهم في ارتفاع معدلات الربحية سواء بالنسبة للمودعين او المساهمين .
جدول رقم (16) : نسب التشغيل.
نسب التشغيل ... 1999 % ... 2000 %
ارصدة التوضيف و الاستثمار / إجمالي الميزانية ... 86.23 ... 86.22
ارصدة التوظيف و الاستثمارات / إجمالي الودائع و الموارد الذاتية ... 94.56 ... 98.66
المصدر : التقرير السنوي لبنك المجموعة , سنة 2001م .
نلاحظ ان نسب تسهيلات التشغيل لدى مجموعة بنوك فيصل جاءت في تاريخي المقارنة عند مستويات مرتفعة كما انها سجلت زيادات ملائمة فيما بين التاريخين , مما يؤكد نجاح المجموعة في ادارة أموالها بكفاءة تنجم عنها تشغيل شبه كامل لكافة الموارد المتاحة للتوظيف .
جدول رقم (17) : نسب الربحية
نسب الربحية ... 1999 % ... 2000 %
معدل العائد / رأس المال المدفوع الفائض القابل للتوزيع / رأس المال المدفوع ... 11.12 ... 11.12
ربحية الأصول أرباح العام / إجمالي الاصول ... 0.33
0.35
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة , سنة 2001م.
يتضح تصاعد كفاءة نسب الربحية فيما بين عامي المقارنة و وصولها الى مستويات عالية عام 2000م , مما يعكس نجاح السياسات المتبعة في إدارة اموال بنوك المجموعة و كفاءة الاداء .(1/56)
- إن استعراض معدلات نمو الأنشطة المصرفية ونتائج الأعمال في مجموعة فيصل خلال عام 2000م تنبئ عن أن بنوك هذه المجموعة قد حققت إنجازات طيبة للغاية تمثلت في تصاعد حجم النشاط وإجمالي الميزانية وجملة الودائع وأرصدة التوظيف والاستثمار وكذا إجمالي أرباح العام والعائد الموزع على أصحاب حسابات الاستثمار والفائض القابل للتوزيع، كما أن هذا التصاعد جاء بمعدلات متصاعدة تزيد عن مثيلاتها في البنوك الأخرى ولاسيما بالنسبة للأنشطة الرئيسية، كالإيداع وتجميع المدخرات والتوظيف والاستثمار التي يقوم عليها كيان الجهاز المصرفي ككل.
إن تتبع هيكل الموارد والاستخدامات في بنوك مجموعة فيصل يشير إلى مميزات أهمها:
- اعتماد هذه البنوك على ودائع العملاء والموارد الذاتية كمصادر أساسية للموارد.
- هناك تشغيل شبه كامل للموارد المتاحة للتوظيف في هذه البنوك سواء من خلال عمليات التوظيف الإسلامية (المشاركات و المضاربات والمرابحات الإنتاجية والتجارية ) أو من خلال المساهمات المباشرة في رؤوس أموال المشروعات وتأسيس الشركات التي تعمل في المجالات الاقتصادية المختلفة.
- يستنتج من استيضاح أرقام النسب المالية في بنوك هذه المجموعة، أنها تتسم بوضع أمن من ناحية السيولة كما أنها لا تواجه مشكلة توظيف (تشغيل) حيث تظهر المؤشرات كفاءة عالية في إدارة الأموال، وتعتبر أرصدة حقوق الملكية متسقة من حيث كفايتها للوضع الحالي في هذه البنوك، ولكن من صالح الأمور الاهتمام بتدعيمها بصفة مستمرة لمواجهة التوسع الكبير في الأنشطة المصرفية من ناحية ولإتاحة موارد ذات آجال مناسبة للاستثمارات الطويلة الأجل التي تعتبر إحدى سمات البنوك الإسلامية عامة.(1/57)
- نظرا للأداء المرضي ومتانة المراكز المالية لبنوك هذه المجموعة في الأعوام الأخيرة، فقد أهلتها أرقام أنشطتها ونتائج أعمالها ليحتل البعض منها مراكز متقدمة ضمن أكبر مائة بنك عربي، وفقا للدراسات السنوية التي تعدها المجلات العالمية المتخصصة في هذا الشأن، ولا يخفى أن هذا يعد إنجازا جيدا في ظل اعتباري حداثة النشأة والافتقار إلى التجربة العلمية الطويلة للبنوك التقليدية.
وقد جاءت البنوك التالية ضمن قائمة أكبر مائة بنك عربي في السنوات الأخيرة، سواء بالنسبة لمعيار إجمالي الميزانية أو إجمالي حقوق الملكية:
- بنك فيصل الإسلامي المصري.
- مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين.
- بنك فيصل الإسلامي السوداني.
المبحث الثالث: دور مجموعة بنوك فيصل الإسلامية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية:
تتميز المصارف الإسلامية بأنها مؤسسات مالية تهدف في الأصل إلى إرساء الأسس والقواعد العلمية للأساليب الشرعية في المعاملات المصرفية والاستثمارية والتجارية، مع التأكيد على اقتران مفهوم البعد الاجتماعي بالبعد الاقتصادي في الفكر الإسلامي من خلال قيام هذه المصارف بدعم أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمعات التي تعمل بها، وتحرص بنوك مجموعة فيصل دائما على تدعيم المسيرة الإنمائية للدول الإسلامية التي تعمل بها سواء في المجال الاجتماعي أو الاقتصادي، كما تضع هذه البنوك أولويات مطلقة للأنشطة التي تلبي احتياجات التنمية في هذه الدول.
المبحث الثالث: دور مجموعة بنوك فيصل الإسلامية في مجالات التنمية الإقتصادية و الإجتماعية
المطلب الأول: الدور الاقتصادي لبنوك فيصل الإسلامية:
أ- توفير التمويل اللازم لكافة قطاعات النشاط الاقتصادي ولا سيما الإنتاجية منها:
قامت مجموعة بنوك فيصل مجتمعة بتوفير أكثر من أربعة مليارات دولار أمريكي لقطاعات النشاط الاقتصادي في المجتمعات الإسلامية التي تعمل بها خلال عام 1996.(1/58)
ومن النماذج الرائدة في هذا المجال بين بنوك المجموعة يجيء بنك فيصل الإسلامي المصري الذي أتاح في العام المالي الماضي نحو 1.5مليار دولار لتمويل مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي ولآجال متنوعة، هادفا من وراء ذلك إلى المساهمة الفعالة في تدعيم خطط التنمية الاقتصادية وخدمة جموع المواطنين من ناحية، فضلا عن ترسيخ المفاهيم الأساسية لأساليب التمويل الإسلامي في المجتمع المصري من ناحية أخرى، وقد وصل عدد عمليات التوظيف في ذات العام نحو 3.56 عملية، واستوعبت قطاعات الزراعة والصناعة والنقل والإسكان والسلع الإستراتيجية أكثر من64% من إجمالي الأرصدة وعدد العمليات، ونظرا للأهمية الكبرى التي يتمتع بها قطاع البناء والتشييد في جمهورية مصر العربية ولدوره الفعال في تحقيق أهداف خطة التنمية وفي معالجة أزمة الإسكان فقد أولاه البنك عناية خاصة، عملا على تطويره وتزويده بكافة احتياجاته من الأموال والمعدات والأجهزة ومستلزمات الإنتاج للقيام بواجباته على أكمل وجه،وقد بادر بنك فيصل الإسلامي المصري
بالتعاون مع عملائه المتخصصين إلى إقامة الكثير من المشروعات الإسكانية و المدن المتكاملة التي تخدم في الأساس الجماهير العريضة في المجتمع وفي أنحاء البلاد، ويمارس البنك نشاطه في مجال الإسكان من خلال أساليب التوظيف والاستثمار الإسلامية ممثلة في المشاركات والمضاربات والمرابحات والإجارة والاقتناء التي تتناسب تماما مع الاستثمارات في هذا القطاع، ويعتبر مشروع مدينة بنك فيصل الإسلامي المصري بمنطقة سيدس بشر بالإسكندرية (8300 وحدة سكنية من أهم مشروعات البنك في هذا المجال وكذلك مشروع مدينة فيصل السكنية بالهرم(575 وحدة سكنية) ومشروع أبراج أغاخان (660 وحدة سكنية)، وبصفة عامة فقد اختص قطاع البناء والتشييد بأكثر من 64 مليون دولار، هي قيمة مشاركة البنك في إجمالي تكلفة المشروعات الإسكانية التي تم تنفيذها حتى الآن.(1/59)
وقد قام البنك أيضاً بتوقيع بروتوكول تعاون مع الاتحاد التعاوني الإنتاجي المركزي، بهدف الصناعات الصغيرة والحرفية والعمل على استغلال الطاقات العاطلة، ولزيادة نشاط وكفاءة تشغيل الجمعيات التعاونية الإنتاجية وأعضائها والحرفيين بصفة عامة، أما بنك فيصل الإسلامي السوداني فقد قدم ما يقرب من 150 مليون جنيه سوداني كتوظيفات استثمارية لخدمة قطاعات وأنشطة إنتاجية متوسطة وطويلة الأجل خلال عام 1996.
وفي ذات العام أيضاً نفذت مؤسسة فيصل التركية نحو 1800 عملية توظيف قيمتها تصل إلى 237.3 بليون ليرة تركية لصالح كافة قطاعات النشاط الاقتصاد التركي، وقد توزعت تلك الاستثمارات على تلك القطاعات حسب الجدول رقم (18)كالتالي: توزيع الإستثمارات
القطاع ... الكيماويات ... الآلات والمعدات ... الغزل والنسيج ... التعدين ... المواد الغذائية ... الورق وأدوات الطباعة ... الإنتاج الزراعي ... التشييد
الوزن النسبي لما حصل عليه من تمويل (%) ... 17.8 ... .7 ... .7 ... .3 ... .9 ... .3 ... .9 ... .4
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة، سنة 1998.
كما لعب مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين دوراً أساسياً في عمليات التجارة الدولية، حيث قام خلال عام 1992 بترتيب وإنجاز ثلاث عمليات للتمويل الإسلامي المشترك وبقيمة إجمالية قدرها 300 مليون دولار أمريكي، ويعتبر هذا المصرف أول من ابتكر وطور بنجاح عمليات التمويل الإسلامي المشترك حتى حازت تلك العمليات رضاء وقبول المؤسسات المالية المشاركة فيها وذلك لتركيبها الفريد ومرونتها البالغة بالإضافة إلى ملائمة العقود المستخدمة فيها.
وقد قدم مصرف فيصل الإسلامي بالسنغال تمويلاً للأنشطة الاقتصادية بنحو 4.3 مليار فرنك إفريقي، وبلغت حصة قطاعي الزراعة والصناعة منها نحو %30.(1/60)
وبالنسبة لدار المال الإسلامي فقد قامت خلال العام الأخير بتنفيذ عمليات تمويلية واستثمارية بلغت قيمتها نحو 694.3 مليون دولار تتوزع على أنشطة اقتصادية متنوعة في كثير من البلدان الإسلامية، ومعظم هذه التمويلات متاحة لآجال متوسطة وطويلة الأجل بما يخدم الأغراض التنموية في تلك البلدان.
ب- إنشاء المشروعات الاقتصادية والمساهمة في رؤوس أموال الشركات وبصفة خاصة التي تتمتع بأهمية
حيوية بالنسبة للاقتصاد القومي:
وصلت المبالغ المسددة في رؤوس أموال المشروعات والشركات التابعة لبنوك مجموعة فيصل الإسلامية إلى نحو 1.2 مليون دولار عام 1991، ويصل عدد هذه المشروعات والشركات إلى ستين وحدة تغطي أوجه النشاط الاقتصادي في البلدان التي تعمل فيها هذه البنوك؟
يعتبر بنك فيصل الإسلامي المصري أحد بنوك مجموعة فيصل الذي له باع كبير في هذا المجال حيث وصل عدد شركاته ومشروعاته إلى 33 شركة حم رؤوس أموالها قيمته 676 مليون دولار وبلغت قيمة مساهمة البنك فيها 66.1 مليون، وتتوزع هذه الشركات على القطاعات الاقتصادية المختلفة وفقاً للبيان الذي يتضح منه الحرص على تنوع وتعدد الشركات التي يؤسسها البنك أو يساهم في رؤوس أموالها حتى تغطي كافة أوجه النشاط الاقتصادي حسب الجدول رقم (19) .
الجدول رقم (19): أنواع النشاط الإقتصادي
اسم القطاع ... الزراعي والحيواني ... الصناعي ... الدوائي والرعاية الطبية ... التجارة الخارجية والداخلية ... المال والمصرف ... السياحة وخدمات أخرى ... الإجمالي
عدد الشركات
المساهمة بالمليون دولار أمريكي ... .4 ... .4 ... .1 ... .4 ... .6 ... .2 ... .1
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة، سنة 1998.(1/61)
ولا يقتصر دور بنك فيصل الإسلامي المصري بالنسبة لشركاته ومشروعاته على التأسيس والمساهمة في رؤوس الأموال فحسب بل يتعداه إلى توفير الاحتياجات التمويلية لها وفقاً للأساليب الشرعية، وهكذا تسهم هذه الشركات بنصيب وافر في فتح مجالات توظيف جديدة أمام البنك مما يساعد أيضاً على زيادة قدرته للتوسع في أنواع التمويل الإسلامي التي تتطلب في ظل ظروف السوق الحالية حرصاً وعناية خاصة عند اختيار العملاء، وتلاقي منتجات في الشركات العاملة لبنك فيصل الإسلامي المصري رواجاً كبيراً في الأسواق المصرية والخارجية وبصفة خاصة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ومن أهم هذه الشركات:
الشركة الإسلامية للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية (فاركو)، الشركة الإسلامية للتصنيع (سيلتال)، شركة الإسماعيلية الوطنية للصناعات الغذائية (فوديكو).
أما بنك فيصل الإسلامي السوداني فإن شركاته التابعة تتمثل في ثلاث شركات تباشر أعمال التأمين والتجارة والخدمات والإسكان داخل الاقتصاد السوداني هذا بالإضافة إلى مصنع للألمنيوم، وقد بلغت قيمة مساهمات البنك في رؤوس أموال شركاته ومشروعاته نحو 24 مليون جنيه إسترليني.
وبخصوص مؤسسة فيصل التركية للتمويل فقد قامت عام 1990م بإنشاء شركتين لها هما: شركة فيصل للتجارة الخارجية والتسويق برأسمال قدره 1500 مليون ليرة تركية وشركة فيصل العقارية للتشييد والتجارة برأسمال قدره 1250 مليون ليرة.
وبالنسبة لدار المال الإسلامي فإنها تساهم في 22 شركة، وتصل جملة المبالغ التي تمثل حصة الدار في رؤوس أموال هذه الشركات إلى أكثر من 50 مليون دولار ويوضح البيان التالي توزيع الشركات على القطاعات الاقتصادية المختلفة رقم (20).
مصارف ... استثمار ... تكافل ... خدمات ... الإجمالي
10
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة، سنة 1998.(1/62)
كما تنشر شركات دار المال الإسلامي في معظم أنحاء العالم ويوضح البيان التالي توزيع تلك الشركات جغرافياً حسب الجدول رقم (21).
دول الخليج ... غرب إفريقيا مصر ... والسودان ... تركيا ... أوربا ... أخرى ... الإجمالي
04
المصدر: التقرير السنوي لبنك المجموعة، سنة 1998.
ج- تجميع المواد اللازمة لعمليات التنمية من خلال تعبئة المدخرات وحيث الأفراد وتشجيعهم على
الادخار فضلاً عن استحداث أنماط وأساليب جديدة لتطوير العمل المصرفي:
كما سبق توضيحه فقد استطاعت بنوك المجموعة مع نهاية عام 1996 اجتذاب ما يقرب من 3.8 مليار دولار أمريكي كودائع ومدخرات، استخدمت معظمها في عمليات إنتاجية وتولى هذه البنوك النشاط الخاص بتجميع الودائع والمدخرات أهمية كبيرة نظراً لأنه يمثل المصدر الرئيسي للموارد المتاحة للتوظيف والاستثمار لديها، ولا شك أن نجاح الجهود في هذا الصدد تعزي أساساً للصيغ الإسلامية للمعاملات فضلاً عن استحداث أوعية ادخارية تتناسب مع دخول الأفراد وتتلاءم مع ظروفهم، هذا بالإضافة إلى قيام بنوك المجموعة بعملية تطوير وتحديث مستمرة لوظيفتها كمقدمة للخدمات المصرفية مما ساعدها على اجتذاب أعداد ضخمة من العملاء ومن أهم إنجازات هذه المجموعة في هذا الشأن إدخال نظام الصرف الآلي بالنسبة لعمليات
الخزينة واستخدام الحاسبات الآلية في معظم العمليات المصرفية والعمل الدؤوب من أجل إتاحة الخدمات المصرفية الإسلامية للعملاء في كل مكان عن طريق التوسع والانتشار الجغرافي في كافة أنحاء العالم.
وفي بنك فيصل الإسلامي المصري:
تشمل الأوعية الادخارية التي يتيحها وفقاً للصيغ الإسلامية التي تقرها الشريعة: الحسابات الجارية بالجنيه المصري الحسابات الجارية بالعملات الأجنبية حسابات الاستثمار العام بالجنيه المصري حسابات الاستثمار العام بالعملات الأجنبية حسابات الاستثمار الخاصة لمدة سنتين فأكثر بالجنيه المصري.
وتتمثل إنجازات البنك في هذا المجال فيما يلي:(1/63)
بلغت جملة ودائع البنك في العام الماضي نحو 1.4 مليار دولار أمريكي، وقد كانت هذه الودائع عند نهاية العام الأول للبنك قاصرة على 26 مليون دولار تقريباً.
تصاعد عدد الحسابات من خمسة آلاف حساب عند نهاية العام الأول للبنك ليصل إلى أكثر من 436 ألف حساب في نهاية العام الماضي.
تتسم قاعدة الإيداعات في البنك بالاستقرار والثبات النسبي وهي تخص الآن ما يقرب من 255 ألف عميل معظمهم من صغار المدخرين.
يلاقي الوعاء الادخاري متوسط الأجل إقبالاً كبيراً داخل السوق المصرية، وقد تصاعدت أرصدته خلال العام الماضي بما نسبته %37.6.
وفي بنك فيصل الإسلامي السوداني تتنوع الأوعية الادخارية فهناك الودائع الجارية بالجنيه السوداني وبالعملات الأجنبية وكذا ودائع الادخار وودائع الاستثمار المحلي والأجنبي، هذا بالإضافة إلى ودائع المغتربين.
وبخصوص مؤسسة فيصل للتمويل بتركيا: فقد استحدثت أوعية ادخارية كثيرة منها: حسابات المشاركة في الأرباح والخسائر ذات الآجال المتنوعة (90 يوماً – 180 يوماً – 360 يوماً) بالليرة التركية والعملات الأجنبية، وأيضاً "الحسابات الجارية الخاصة للنظام المحرر من الفوائد" بالليرة التركية والعملات الأجنبية أيضاً.
توصيل الخدمات المصرفية الإسلامية المتطورة إلى العملاء حيثما كانوا وتكثيف الجهود من أجل توسيع قاعدة المتعاملين، وذلك من خلال الانتشار الجغرافي لوحدات بنوك هذه المجموعة عبر أنحاء البلدان التي تعمل بها والدول الإسلامية عامة وكذا الدول الأخرى التي تضم تجمعات إسلامية مع إتاحة كافة التيسيرات الممكنة في هذا الخصوص أمام الأفراد.(1/64)
تحاول بنوك مجموعة فيصل الإسلامية الانتشار داخلياً وخارجياً في حدود الإمكانيات المتاحة حالياً في ضوء القواعد والقوانين التي تسود البلدان التي تعمل بها، وعلى أية حال فقد حققت مجموعة بنوك فيصل الإسلامية نجاحاً ذا شأن في هذا الصدد مع حداثة نشأتها، حيث بلغ عدد الوحدات المصرفية الداخلية
والخارجية وكذا الشركات والمصارف على اختلافها التابعة للمجموعة والعاملة في المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية أكثر من مائة وحدة.
المطلب الثاني: الدور الاجتماعي لبنوك فيصل الإسلامية
المساهمة في تدعيم البنية الاجتماعية وتحقيق التكافل في المجتمع من خلال صناديق الزكاة ببنوك المجموعة والتي تعمل في اتجاهين:
أ- توعية الأفراد لإخراج الزكاة وإحياء لهذه الفريضة الإسلامية وحثاً على أدائها، تطهيراً للنفس وتعبداً لله تعالى.
ب- الاهتمام بالعمل التنموي عن طريق تطوير قدرات وإمكانيات مستحقي الزكاة سواء كانوا أفراداً أو هيئات ومؤسسات.
ولا تكاد تخلو ميزانية من ميزانيات بنوك فيصل الإسلامية من حسابات مستقلة للزكاة تصب فيها الموارد المجتمعة من زكاة المساهمين في البنك والمتعاملين معه، ويخرج منها ما ينفق على المصارف المختلفة سواء في صورة نقدية أو عينية.
قد يكون من المناسب التعرف على الموارد السنوية لصناديق الزكاة ببعض بنوك فيصل الإسلامية:
تطورت موارد الزكاة في بنك فيصل الإسلامي المصري من 387 ألف جنيه مصري عام 1401 هـ إلى 3.7 مليون جنيه مصري عام 1997 وبلغت جملة الموارد خلال السنوات التسع ما قيمته 16 مليون جنيه مصري وجهت جميعها طبقاً للمصارف الشرعية.
في بنك فيصل الإسلامي السوداني:
جاءت موارد الزكاة عام 1993 بنحو 125 ألف جنيه سوداني وتطورت إلى 365 ألف عام 1408 هـ، ولقد بلغت جملة تلك الموارد في الفترة ما بين 1994 – 1996 نحو 1.6 مليون جنيه سوداني، وقد تم توجيه هذه المبالغ إلى المصارف الشرعية للزكاة.
1- استحداث فرص عمل جديدة:(1/65)
ساهمت مجموعة بنوك فيصل الإسلامية في إيجاد فرص عمل جديدة للآلاف من الأفراد، أما من خلال العمل في البنوك نفسها أو في الشركات والمشروعات التابعة لها، ذلك أن عدد الشركات التي أنشأتها بنوك هذه المجموعة يصل إلى 60 شركة تقريباً، ولهذه البنوك أيضاً أكثر من 50 فرعاً الأمر الذي يلقى ضوءاً على مدى إسهام المجموعة الكبير في مجال توفير وإتاحة وظائف وأعمال جديدة، هذا بالإضافة إلى الشركات التي مولتها هذه البنوك وساعدت في توسيع وتنمية أنشطتها ومن ثم زادت فرص العمالة بها، وجدير بالذكر أنه طبقاً لأحداث بيانات متاحة فإن عدد العاملين بمجموعة بنوك فيصل يصل إلى نحو 3500 شخص تقريباً.
2- القرض الحسن:
تتيح معظم بنوك فيصل الإسلامية قروضاً حسنة بلا فوائد ولا أية أعباء للمحتاجين من الأفراد المسلمين لإعانتهم في مواجهة الأزمات المالية التي تعترض حياتهم.
3- إثراء الثقافة الإسلامية والفكر الإسلامي:
وذلك بما تقوم به بنوك المجموعة في مجال نشر الكتب الإسلامية والدوريات والنشرات، وبما تعقده من ندوات ومؤتمرات تخدم هذا الغرض، هذا بالإضافة إلى توفير كافة التسهيلات للباحثين وكذا المتدربين في مجال العمليات المصرفية الإسلامية والاقتصاد الإسلامي أيضاً.(1/66)
إن الوضع الذي صارت إليه مجموعة بنوك فيصل الإسلامية سواء من حيث عددها وانتشارها في أقطار كثيرة أو نمو حجم ونتائج أعمالها وإنجازاتها في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، قد أضحى واقعاً يتصف بالنجاح والتوفيق خاصة وأنه تم خلال فترة لا تمثل شيئاً يذكر إذا ما قيست بعمر العمل المصرفي التقليدي، يضاف إلى ذلك أن هذه المجموعة تسير متكافئة ابتغاء تحقيق المزيد من أعمال الاستثمار وخطوات التنمية في شتى المجالات بما يعود بالخير والنفع على المجتمعات التي تعمل في نطاقها وآية ذلك الخطوات التكاملية التي جرت مؤخراً بين بنوكها وشركاتها والتي اعتمدت أساساً على توافر العديد من مقومات وإمكانيات التعاون والتنسيق بين وحدات هذه المجموعة ويتمثل ذلك في إيجاد نوع من التزاوج والاندماج بين هذه الوحدات بصفتها تمثل تجمعاً مصرفياً إقليمياً ذي أغراض وأهداف واحدة بما يمكنها من ولوج الأسواق العالمية ويعطيها في نفس الوقت قوة تفاوضية في مواجهة ظاهرة التجمعات الاقتصادية التي يسود انتشارها في الوقت الحالي، وقد أخذت بالفعل هذه السياسات تؤتي ثمارها حيث تم الاتفاق على المبدأ في تطبيق بعض الإجراءات الخاصة بالتنسيق والتكامل ووضع خطط وبرامج العمل المشترك في مجالات التوظيف والاستثمار والتجارة الخارجية وتبادل الخبرات والمعلومات وغيرها من الأمور ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل أن مجموعة فيصل تنطلق إلى المستقبل باستراتيجيه ثابتة تعتمد في الأساس على المزيد من الانتشار الجغرافي سواء لوحداتها أو شركاتها داخل المجتمعات التي تعمل بها أو خارج الحدود، مع الاهتمام بإقامة مراكز لها في الأسواق العالمية تكون حلقة اتصال بالمستحدثات والتطورات الجديدة فضلاً عن قيام هذه المراكز بإعطاء دفعة قوية للعمليات الدولية التي تضطلع بها بنوك المجموعة.
الفصل الثالث:البنك الإسلامي الأردني
المبحث الأول: ماهية البنك الإسلامي الأردني(1/67)
المطلب الأول: تأسيس البنك و أهدافه
الفرع الأول: تأسيس البنك
تأسس البنك بموجب قانون خاص مؤقت صدر في 1978م، لممارسة الأعمال التمويلية و المصرفية
و الإستثمارية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، و تم الغاء هدا القانون البنكي الخاص و صدور فصل خاص بالبنوك الإسلامية في 01/08/2000م.
و قد سجل البنك باعتباره شركة مساهمة برأس مال مدفوع لم يتجاوز المليونين دينار من رأس ماله المصرح به البالغ أربعة ملايين دينار أردني، و تم رفعه في نهاية عام 2001 الى أربعين (40) مليون دينار أردني كما بلغ عدد الحسابات المفتوحة لديه حوالي 997.000 حساب في (52) فرع و مكتب تغطي مختلف مناطق المملكة(1).
الفرع الثاني: أهداف البنك
ان من أهداف البنك توسيع نطاق التعامل مع القطاع المصرفي عن طريق تقديم الخدمات المصرفية غير الربوية مع الإهتمام بادخال الخدمات الهادفة الى احياء صورة التكافل الإجتماعي المنظم على أساس المنفعة، و كذا تطوير وسائل اجتذاب الأموال و المدخرات و توجيهها نحو المشاركة في الإستثمار بالأسلوب المصرفي الغير الربوي مع توفير التمويل اللازم لسد احتياجات القطاعات المختلفة و لا سيما تلك القطاعات البعيدة عن امكان الإفادة من التسهيلات الصرفية المرتبطة بالفائدة.
المطلب الثاني: استراتيجية و اختصاصات البنك للتحكم في السوق المصرفية
الفرع الأول: استراتيجية البنك للتحكم في السوق المصرفية(1/68)
تشمل استراتيجية البنك للتحكم في السوق المصرفية على عدة عناصر أهمها المحافظة على قوة المركز المالي للبنك و زيادة حصة البنك في السوق المصرفي، تحقيق الربحية للمساهمين و المودعين، كما أن الحفاظ على ترسيخ القيم و المثل العليا التي تحملها رسالة البنك و التي تحتوي على الإلتزام بترسيخ قيم المنهج الإسلامي بالتعامل مع الجميع وفق أحكام و مبادئ الشريعة الإسلامية خدمة لمصلحة المجتمع عامة و الحرص على تحقيق التوازن بين مصالح ذوي العلاقة من المساهمين و مستثمرين و موظفين، مع السعي الى كل جديد في مجال الصناعة المصرفية و التكنولوجية و التطلع لبلوغ ثقة الجميع في خدماتنا المميزة التي تتماشى مع المتغيرات ضمن
(1) التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني سنة 2000.
اطار التزامنا بمنهجنا الإسلامي (1).
الفرع الثاني: اختصاصات البنك
أولا: الأعمال المصرفية غير الربوية
من الأعمال المصرفية غير الربوية قبول الودائع و فتح الحسابات بالدينار الأردني و بالعملات الأجنبية المختلفة ضمن الحسابات الجارية و تحت الطلب، حسابات الإستثمار المشترك و من بين الحسابات الإستثمارية في البنك الإسلامي الأردني هي: حسابات التوفير، حسابات تحت الإشعار، حسابات لأجل حسابات الإستثمار المخصص، المحافظ الإستثماري و كذاالتعامل بالعملات الأجنبية بيعا و شراء على أساس السعر الحاضر، مع القيام بدور الوصي المختار لإدارة التركات و تنفيدالوصاية، و القيام بالدراسات خاصةلحساب عملائه و تقديم المعلومات و الإستشارات المختلفة.
ثانيا:الخدمات الإجتماعية
- تقديم تبرعات للجان بناء المساجد و الزكاة و الجمعيات الخيرية المختلفة.
- تقديم قروض حسنة لغايات اجتماعية مبررة كالتعليم و العلاج و الزواج.
- تمويل المهنيين و الحرفيين بأسلوب المشاركة.(1/69)
- تأسيس صندوق التأمين التبادلي، و ذلك لتعويض المدنيين بسبب الوفيات، و قد بلغت التعويضات المدفوعة منذ تأسيس هذا الصندوق (872) ألف دينار.
- تكريم الفائزين في حفظ القران الكريم و الحديث الشريف و دعم جمعية العفاف الخيرية التي تعمل على تسيير سبل الزواج للشباب، و ذلك من خلال تقديم قروض الحسنة للعرسان (2).
ثالثا: أعمال التمويل و الإستثمار
يقوم البنك بأعمال التمويل و الإستثمار كلها شريطة أن تكون على غير أساس الربا و ذلك من خلال الوسائل التي تمكنه من تحقيق أهداف منها، تقديم التمويل اللازم كليا أو جزئيا في مختلف الأحوال و العمليات و يشمل أشكال التمويل بالمضاربة و المشاركة وبيع المرابحة و غير ذلك من الصور مماثلة، و توظيف الأموال التي يرغب أصحابها في استثمارها المشترك مع سائر الموارد المتاحة لدى البنك وفق نظام المضاربة و المشاركة
و كذلك القيام بتوظيف الأموال حسب الإتفاق الأخص بذلك، مع استثمار الأموال في مختلف المشاريع
و كذا تأسيس الشركات في مختلف المجالات و تملك الأموال المنقولة و غير المنقولة و استثمارها و استئجارها و تطويرها في مجالات مختلفة، زراعية، صناعية و اسكان و غيرها.
(1)،(2) التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني سنة 2000.
المطلب الثالث: مباشرة البنك للعمل(1/70)
لقد باشر الفرع الأول للبنك العمل في 22/09/1979م بمدينة عمان و تم وضع خطة للتفرع بهدف ايصال الخدمات الى المواطنين كافة في أنحاء المملكة، اذ عمل على ترسيخ مكانته في الكوكبة الأمامية للبنوك الأردنية، و ذلك عن طريق فتح (12) اثنا عشر فرعا على مستوى المنطقة الأردنية الأكثر نشاطا من الناحية الإقتصادية و السكنية، و عمل على زياد فروعه الى أن وصل في سنة 2000 الى (52) اثنا و خمسين فرعا في جميع أنحاء المملكة، و توظيف قرابة 1377 موظفا في البنك، مع تقديم أرقى الخدمات لعملائه، عن طريق خدمة بطاقات الإعتماد (Master Card)و (Visa Card) بأنواعها الثلاثة البطاقة الذهبية، البطاقة الفضية، البطاقة المحلية، بالإضافة الى تقديم خدمة بطاقات (Visa Electron) لتمكين العملاء من اجراء عمليات السحب النقدي و شراء السلع و الخدمات و المنافع، و قيدها الفوري على الحساب كما تم وضع (53) صرفا اليا منتشرا في كل أنحاء المملكة، تقديم البنك لعملائه الخدمة المصرفية المباشرة عبر الأنترنيت
(E-Banking) مع تأسيس صندوق التأمين التبادلي عام 1994م، و الذي بلغ قيمة التعويضات حوالي (1.077) مليون دينار.
المبحث الثاني: علاقة البنك بالبيئة التي يعمل فيها
المطلب الأول: البيئة التي يعمل فيها البنك
يعمل في الأردن الان 16 مصرفا و مثله كشركات مالية عقارية تقبل الودائع و مع أنه كان آخر مصرف باشر عمله في المملكة، الا أنه يحتل مع نهاية عام 1986م، المرتبة الرابعة بين البنوك الأردنية من حيث مجموع كل من الموجودات و الودائع و الإستثمارات و ذلك رغم قصر المدة التي أنشأ فيها، و يبلغ رأسماله
و احتياطاته و مخصصاته في الوقت الحاضر حوالي 9.8 مليون دينار مخصصة لمخاطرة الإستثمار.
المطلب الثاني: العلاقة مع البنوك المحلية و الأجنبية(1/71)
استطاع البنك من خلال المدة الماضية وضع أسس التعامل مع البنوك المحلية وفق قانونه و تطبيقاته الخالية من الربا، كما تم اقامة علاقات من المصاريف الخرجية وفق أسس ذاتها، و اتباع سياسة اقامة شبكة المراسلين في الخارج مع البنوك الإسلامية و اذا تعذر وجودها في بلد ما فانه يتجه الى البنوك الأخرى التي تفهمت تطبيقات البنك و أسس تعامله و قبلت التعامل معه وفق هذه الأسس.
المطلب الثالث: العلاقات مع البنك المركزي الأردني
تتكون موارد البنك من مصادر البنك ذاتية و تتمثل في رأس مال البنك و احتياطاته و تشكل هذه النسبة حاليا 10 ? من مصادر الأموال، و أما الجزء الأكبر، فيتمثل في الموارد من الودائع الإئتمانية
و حسابات الإستثمار و تشكل هذه المواردحاليا 90? و الحسابات في البنك الإسلامي الأردني ثلاثة أنواع رئيسيةهي:
الفرع الأول: حسابات الإئتمان
و هي عبارة عن ودائع جارية و تحت الطلب التي يتسلمها البنك على أساس أن يفوض اليه استعمالها، و له غنمها و عليه غرمها و لا تكون مقيدة بأي شرط عند السحب أو الإيداع.
الفرع الثاني: حسابات الإستثمار المشترك و المخصص
أولا: حسابات الإستثمار المشترك
و هي الحسابات التي يتسلمها البنك من الراغبين في مشاركته فيما يقوم به من تمويل و استثمار على أساس المضاربة المشتركة مقابل حصول هذه الحسابات على نسبة من الربح المتحقق خلال السنة المالية ذات العلاقة و هذه الحسابات هي حسابات التوفير و الإشعار و الأجل.
ثانيا: حسابات الإستثمار المخصص
و هي الودائع التي يتسلمها البنك من الراغبين في استثمارها في مشروع معين أو غرض محدد على أساس حصول البنك على الربح و دون أن يتحمل الخسارة الناشئة من غير تعد او تفريط.
و لدينا الجدولان التاليان اللذان يبينان تصنيف الودائع و الحسابات و هدا في الجدول رقم (22)، و جدول آخر يبين تصنيف الحسابات الإستثمارية تحت اشعار و للأجل حسب استحقاقها و هو الجدول رقم (23) (1).(1/72)
(1) ورقة مقدمة من بنك الأردني الإسلامي اسطنبول تركيا 199
جدول رقم(22) هو: تصنيف الودائع و الحسابات (ألف دينار) (1)
السنة ... ودائع جارية و تحت الطلب ... ح توفير ... ح اشعار ... ح لأجل ... المجموع
1990 ... .848 ... .097 ... .099 ... .098 ... .142
1991 ... .213 ... .864 ... .024 ... .233 ... .334
1992 ... .382 ... .268 ... .530 ... .654 ... .834
1993 ... .728 ... .902 ... .485 ... .459 ... .574
1994 ... .298 ... .826 ... .033 ... .712 ... .869
1995 ... .746 ... .060 ... .875 ... .183 ... .864
1996 ... .641 ... .287 ... .334 ... .352 ... .614
1997 ... .536 ... .514 ... .811 ... .521 ... .382
1998 ... .985 ... .748 ... .635 ... .992 ... .360
1999 ... .555 ... .672 ... .480 ... .245 ... .952
2000 ... .901 ... .306 ... .435 ... .050 ... .692
التمثيل البياني رقم (01) للجدول رقم (22):
تصنيف الودائع و الحسابات بألف دينار(2)
(1)،(2) التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني سنة 2000.
يتبين من خلال الجدول أن هناك استمرارية من طرف العملاء اتجاه هذا البنك الذي عرف استقبال سنويا من الودائع و الحسابات المختلفة بصفة متواصلة، و قدرة زيادة حجم المتحصل من 1990 الى 2000 في كل من:
حسابات لأجل بالزيادة المتوسطية السنوية حوالي (12.709) ألفا دينار أردني سنويا، و هي زيادة معتبرة بالمقارنة مع الحسابات الأخرى، و ذلك راجع الى مشاركتها في نتائج أرباح الإستثمار بنسبة 90 ? من أدنى رصيد خلال العام.
و فيما يخص الزيادة المتوسطية السنوية في الودائع الجارية التي تقدر بحوالي (3.632) ألف دينار أردني سنويا، و هي زيادة معتبرة لو قورنت مع حسابات الإشعار و التوفير و ضئيلة جدا لو قورنت مع حسابات لأجل، و هذا راجع في ذلك الى الإيداع و السحب بموجب شيكات أو أوامر الدفع و بدون قيد و لا شرط بالإضافة الى طبيعة العملاء.(1/73)
و في حساب الإشعار وصلت الزيادة قرابة (2.088) ألف دينار أردني للمتوسط السنوي و هي زيادة ضئيلة بالمقارنة مع حساب لأجل و مقاربة لحساب الودائع الجارية، و هذا راجع الى مشاركتها في نتائج أرباح الإستثمار بنسبة 70? من المعدل السنوي في نفس الوقت صاحب هذا الحساب يلجأ الى حساب آخر الذي يتحصل على مشاركة في الربح أكثر كالحساب لأجل الذي تكون نسبة المشاركة في نتائج الأرباح 90?.
و أما فيما يخص حساب التوفير تقدر الزيادة المتوسطية لكل سنة حوالي (1.531) ألف دينار أردني، و هي الزيادة ضئيلة جدا بالمقارن مع حسابات لأجل، و هذا راجع أيضا الى أنها تتميز بالتقيد الجزئي، و المشاركة تكون في نتائج أرباح الإستثمار بنسبة 50? من المعدل السنوي للرصيد.
و من هذه الزيادة نستنتج أن البنك اعتمد على ارتفاع و انخفاض في نسبة المشاركة في الأرباح، و هذا ما أثر ايجابا على حساب لأجل و سلبا على الحسابات الأخرى، بالإضافة الى طبيعة عملائها الذين يسعون الى البحث عن النسبة المرتفعة في الأرباح كما يبين الجدول رقم (23).
جدول رقم(23): تصنيف الحسابات الإستثمارية تحت اشعار و لأجل حسب استحقاقها(1)
السنة ... حسابات تستحق خلال 03 أشهر ... حسابات تستحق من 03 أشهر الى 06 أشهر ... حسابات تستحق من 06 أشهر الى 09 أشهر ... أكثر من 09 أشهر
1990 ... .99 ... .120 ... .810 ... .598
1991 ... .024 ... .930 ... .910 ... .233
1992 ... .530 ... .270 ... .150 ... .654
1993 ... .485 ... .180 ... .160 ... .452
1994 ... .299 ... .721 ... .698 ... .987
1995 ... .526 ... .746 ... .887 ... .899
1996 ... .297 ... .810 ... .801 ... .777
1997 ... .068 ... .874 ... .715 ... .655
1998 ... .882 ... .899 ... .904 ... .567
1999 ... .837 ... .440 ... .442 ... .032
2000 ... .343 ... .188 ... .452 ... .453
التمثيل البياني رقم (02) للجدول رقم (23)
تصنيف الحسابات حسب الإستثمار تحت الإشعار و حسابات لأجل(2)
(1)، (2) التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني سنة 2000.(1/74)
أما هذا الجدول يوضح هيكل استحقاق الودائع و يبين الحسابات المفتوحة لديه هو لا يخدم الإستثمارات الطويلة الأجل بالدرجة الأولى بقدر ما يمول عملية البنك القصيرة الأجل، لأن نسبة الحسابات التي تستحق خلال ثلاثة أشهر تقدر بمتوسط النسبي السنوي من 1990 الى سنة 2000 ب 36.76 ?، وهذه النسبة المؤونية لا تترك المجال للبنك بالإستثمار في الأمد المتوسط و الطويل، ذلك راجع الى الميعاد المستحق قبل ثلاثة أشهر من ميعاد استحقاق هذه الحسابات، وهذا ما قد يعرض البنك الى خطر عدم توفير السيولة اذا ما قام بتخصيص هذه النسبة في الإستثمارات الطويلة الأجل، في حين لو يقوم البنك بتغطية جزء هذه الحسابات من نسبة الحسابات التي تستحق من ثلاثة أشهر ال ستة أشهر و التي تقدر نسبتها ب 14.51 ?، زائد الحسابات التي تستحق مدتها من 6 أشهر الى 9 أشهر و التي تقدر نسبتها ب 17.43 ?، منه يكون مجموع هذه النسبتان تقدر ب 31.94 ?، و هي النسبة التي لا تغطي نسبة الحسابات التي لا تفوق عن ثلاثة أشهر
و النسبة الغير المغطاة تقدر ب 4.82 ?، و هي النسبة التي ستغطى من الحسابات المستحقة بأكثر من تسعة أشهر و التي تقدر ب 31.28 ?، و بعد التغطية ستبقى 26.46 ?، و هي النسبة التي تغطي جزء النسبتان المستحقتان من ثلاثة أشهر الى تسعة أشهر، و الباقي الغير المغطى سيكون سيغطى من أرباح المتوقع من حسابات المستحقة في أقل من ثلاثة أشهر، و هي عادة تكون أرباح طائلة، ذلك نتيجة العمليات التجارية التي يقوم بها البنك خاصة أنه يقوم باستثمار هذه الحسابات في شراء البضائع لعملائها و تطبق عملية البيع بالمرابحة كما قد يقوم بشراء عقارات أو سيارات أو آليات قصد النتاجرة فيها أو تأجيرها و الحصول على عائد من هذه الإستثمارات.(1/75)
و من هنا نستنتج أن البنك قد قسم الحسابات بالنسب المئوية متقاربة جدا، وذلك يظهر في حصولها على نسب 36.76 ? من متوسط النسبي للعشرية لكل عام و هي النسبة المستحقة في أقل من ثلاثة أشهر، في حين تحصل على نسبة متوسطية للعشرية لكل عام على 31.94 ? لمجموع النسبتان المستحقتان من ثلاثة أشهر الى تسعة أشهر، و في نفس الوقت تحصل على نسبة 31.28 ? من الحسابت المستحقة من تسعة أشهر فما فوق و عليه نرى أن هذا التوازن في النسب طوال الفترة الممتدة من 1990 الى 2000 أنه يعتمد على الإستثمارات القصيرة الأجل بنسبة 68.70 ? و التي تمتد مدتها من يوم الى تسعة أشهر، أما النسبة المتبقية 31.3 ? تخصص للاستثمارات، وهذا ما قد يظهر جدول رقم(24).
المبحث الثالث: استخدام الأموال و ادارة التوظيف
المطلب الأول: المضاربة
و هي ان يقدم البنك التمويل اللازم قد يكون كليا أو جزئيا لتمويل عملية تجارية محددة يقوم بالعمل فيها شخص على أساس المشاركة في الربح و الخسارة حسب التطبيقات الشرعية المعتمدة، و يتحمل البنك وحده مخاطرها دون تعد أو تقصير من قبل العميل، طالما لم يشارك بأمواله الخاصة.
المطلب الثاني: المشاركة
هي مشاركة البنك في رأسمال المشروع اما أن تكون مشارك دائمة و التي يقتسم البنك نتائجها مع الشريك حسب حصة كل منهما، أو تكون مشاركة متناقصة منتهية بالتمليك تكون دخول البنك بصفة ممولا كليا أو جزئيا في مشروع ذي دخل متوقع، و ذلك على أساس الإتفاق مع الشريك بحصول البنك على نسبة من حصة صافي الدخل المتحقق مع احتفاظ البنك بالجزء الباقي.
المطلب الثالث: بيع بالمرابحة(1/76)
يعتبر البيع بالمرابحة من أهم قنوات الإستثمار في البنك الإسلامي الأردني، و يعتمد البنك هنا على بيعان الأول هو البيع برأس المال و ربح معلوم مع اشتراط علم البائع و المشتري برأس المال، أما الثاني فهو بيع المرابحة للآمر بالشراء المطبق في البنك بتنفيذ طلب المتعاقد معه (العميل)، على أساس شراء البنك ما يطلبه الآمر بالشراء بالنقد كليا أو جزئيا على أساس التزام العميل بشراء ما أمر به بالربح المتفق عليه عند الإبتداء، و البنك لا يبيع الراغب في شراء حتى يملك السلعة ثم يجرى عقد البيع و من المهم الإشارة هنا الى أن البنك يشتري
و يصبح مالكا للسلعة و يتحمل البنك تبعه هلاكها قبل تسليمها لصاحبها.
و حسب الجدول رقم (24) الذي يبين مدى الأهمية النسبية لقنوات الإستثمار في البنك الإسلامي الأردني كما هي في نهاية الأعوام من 1990 الى 2000 (1).
(1) التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني سنة 2000.
جدول رقم (24): توزيع الإستثمارات في البنك الإسلامي الأردني (ألف دينار) (1)
السنة ... المشاركة و المضاربة ... المرابحة ... المجموع ... نسبة المرابحة الى المجموع
و الإستثمارات الأخرى
1990 ... 4.796 ... 33.993 ... 38.789 ... %87.63
1991 ... 6.355 ... 36.434 ... 42.789 ... %85.14
1992 ... 7.914 ... 38.875 ... 46.789 ... %83.09
1993 ... 10.205 ... 48.808 ... 59.013 ... 82.70%
1994 ... 11.764 ... 51.249 ... 63.013 ... 81.33%
1995 ... 14.882 ... 56.132 ... 71.014 ... 79.04%
1996 ... 19.464 ... 75.998 ... 95.462 ... 79.61%
1997 ... 22.582 ... 80.881 ... 103.463 ... 78.17%
1998 ... 27.164 ... 100.697 ... 127.861 ... 78.75%
1999 ... 30.282 ... 105.580 ... 135.862 ... 77.71%
2000 ... 34.864 ... 125.446 ... 160.310 ... 78.25%
التمثيل البياني رقم (03) للجدول رقم (24)
توزيع الإستثمارات (2)
(1)،(2) التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني لسنة 2000.(1/77)
من خلال هذا الجدول نلاحظ أن هناك توزيع مستمر الإستثمارات في هذا البنك، بحيث عرفة كل من المشاركة و المضاربة و الإستثمارات الأخرى من 1990 الى 2000 بالمتوسط النسبي الذي يقدر ب 15.80 ? لكل سنة، في حين أن المتوسط النسبي للمرابحة يقدر ب 12.12 ? سنويا، و هذا فيما يخص تزايد المتوسط النسبي من سنة لأخرى حسب كل من الإستثمار بالمرابحة أو الإستثمار بالمشاركة و المضاربة
و الإستثمارات الأخرى.
أما بالنسبة لأكبر النسبة الموزعة من الإستثمارات، نجد أن المرابحة تحصلت على حصة الأسد في استثمارات البنك و التي تقدر نسبتها ب 79.85 ?، و هذا راجع الى الودائع و الحسابات المحصلة من طرف عملاء البنك، و التي تستحق في أجالها المحدد من يوم الى تسعة أشهر و التي قدرت نسبتها حسب جدول رقم (23) ب 68.70 ? في نفس الوقت تقدر نسبة كل من المشاركة و المضاربة و الإستثمارات الأخرى
ب 20.14 ?، وهذه النسبة المنخفضة جدا راجع كذلك الى مدى مساهمة العملاء في ايداع أموالهم لمدة زمنية أكثر من تسعة أشهر و التي قد قدرت نسبتها المئوية حسب جدول رقم (23) ب 31.28 ?.
و من هنا نستنتج أن البنك يستثمر ودائع و حسابات العملاء في الإستثمارات القصيرة الأجل و خاصة الإستثمارات التجارية، التي قد تحقق له أرباحا طائلة، في حين لم يخصص لكل من المشاركة و المضاربة
و الإستثمارات الأخرى سوى 20.14 ?.
كما نستنتج أيضا، أن البنك يعتمد على ودائع و حسابات العملاء بنسبة 100 ? و هذا حسب الجدولين (23) و (24).
المبحث الرابع: الصعوبات القائمة في البنك الإسلامي الأردني و حلولها المقترحة
المطلب الأول: الصعوبات القائمة في البنك
- قصور بعض القوانين عن معالجة تسهيل مهمة البنك الإسلامي في تحقيق متطلبات عملائه، حيث أن بعض هذه القوانين قد صيغ لمعالجة الإقراض الربوي دون حل مشكلة التمويل اللاربوي.(1/78)
- منح ميزة لبنوك الربوية على البنك الإسلامي، في مجال استفادته من تعليمات تشجيع التصدير بسعر منخفض، مما يجعل تكلفة عملاء البنوك الأخرى بسبب هذا الإمتياز.
- اضطرار البنك الإسلامي بسبب عدم امكان الإفادة من تسهيلات البنك المركزي باعتبار الملجأ الأخير الى ما يلي على سبيل المثال:
- جعل مدد التمويل لعملائه قصيرة الأجل أو متوسطة.
- الإحتفاظ بسيولة مرتفعة لمواجهة أي طوارئ قد تحصل مما يعيق استثمار الأموال، و يخفض عوائد المودعين.
- اعتماد البنك الإسلامي على تدفق الودائع عند اتخاذ خطة توزيع استثماراته و تنويعها و تحديد مدد التمويل اللازمة.
- توجيه لأغلبية استثماراته الى المرابحة بدل توجيهها الى المساهمات و المشاركات لسرعة تسييرها
و وضوح التدفق النقدي و وضوح العائد.
- نقص الأدوات المالية (كالسندات القابضة) التي يمكن بمقتضاها سرعة تدوير الأموال، و ايجاد مصادر للسيولة السريعة لبنك مما يشكل باعثا على الإستثمار الأطول أجلا.
- اضطرار البنك الى التشديد في الحصول على ضمانات، لتكون رادعا للعملاء بسبب مماطلة عدد من العملاء في السداد و لجوئهم الى الإستفادة من قوانين المحاكمات اعتمادا على أن البنك لا يتقاضى عوائد من أمواله المستحقة خلال سنوات المحاكمة.
- لقد أدى ارتباط العديد من الناس بأعمال البنوك الربوية لمدة طويلة الى تركز أذهانهم بأن أية نسبة مئوية يتقاضاها البنك على تكلفة المرابحة انما هي من أعمال الفائدة، دون تفهم لطبيعة عملية المرابحة.
- اعتراض عدد من العملاء على قيام البنك بتأمين البضاعة التي يمولها من خلال شركات التأمين القائمة.
- ضعف الجهزة الوظيفية لا سيما في بداية عمل البنك و عدم قدرتها على تفهم الأمور الشرعية بدقة.
المطلب الثاني: الحلول المقترحة
يمكن اقتراح ما يلي في هذا المجال لإيجاد بعض الحلول لدفع مسيرة البنك:(1/79)
- معالجة الثغرات في بعض القوانين بحيث تلبي حاجات التطبيق و تسير معها، وفق ذكر في الصعوبات سواء من ناحية الرسوم المكررة أو من ناحية مماطلات العملاء في التقاضي و غيرها.
- ايجاد حل لمشكلة استفادة المصارف الإسلامية من البنوك كملجأ أخير خارج اطار الفائدة لاسيما أن هذه المهمة من المهمات الأساسية للبنوك المركزية و كذلك ايجاد الإمكانية للإستفادة من توجيهات السياسة النقدية في مجالات الإستثمار المختلفة كالتصدير، ليتمكن البنك من التوجيه في استثماراته حسب توجيهات خطة التنمية.
- ايجاد الأدوات المالية، و اقرار قانون سندات المقترضة بشكله الدائم في سبيل الإستفادة منه و تطبيقه لإيجاد وسائل التسيير السريعة.
- ايجاد حوافز للبنوك الإسلامية لتقوم بتوجيه استثماراتها ضمن الأسس التي تراها الدولة و وفق خطط التنمية.
- استمرار توجيه البنوك الإسلامية نحوى حسابات الودائع لأجل، و حسابات الإستثمار المخصص ضمن الحوافز المطلوبة لتطابق استحقاقات هذه الودائع من التدفقات النقدية للإستثمارات.
- الحاجة المستثمرة للفقهاء من أجل الإستمرار في تقديم الفتاوى بمرونة و تطور و استيعاب ما يطرأ من الأعمال لتبقى مرونة التعامل و يبقى التطبيق للنظام المصرفي الإسلامي مسايرا لما يطرأضمن قواعد الشريعة الإسلامية السمحاء.
- استمرار البنك في الأخذ بالتدريب المستمر لموظفيه من أجل تفهم طبيعة العمل و استيعاب الجديد فيه.
- الإستمرار في توجيه الإعلام المصرفي الإسلامي لتوضيح طبيعة أعمال البنوك الإسلامية لإكمال مسيرة أعماله و تطبيقها و تناسقها.(1/80)
رغم الصعوبات التي يواجهها البنك الا أنه خاض تجربة ناجحة في جميع المجالات و لاسيما من ناحية الخدمات، من حيث قبول الودائع و الحسابات بالدينار الأردني أو بالعملات الأجنبية المختلفة، و كذا من حيث الإستثمارات المتعددة كالمضاربة و المشاركة و البيع بالمرابحة و الإستثمار المباشر و التأجير المنتهي بالتمليك و تمويل العقارات و البيوت و الشقق في الوقت الحاضر، و كذلك تقديم الخدمات الجديدة العصرية لمواكبة التطور البنوك العالمية منها، نجد خدمة بطاقة الصراف الآلي المجانية لخدمة المتعاملين من خلال "56" صرافا آليا منتشر في مختلف المملكة الأردنية و على مدار الساعة مع الشبكة الوطنية للمدفوعات (Jonet) ، و كذا تقديم أرقى الخدمات لعملائه عن طريق بطاقات الإعتماد بأنواعها الثلاثة: البطاقة الذهبية، البطاقة الفضية، البطاقة المحلية، و خارج الخدمات نجد أن البنك من كل هذه الخدمات استطاع ان يرفع من رأس ماله المدفوع الى (38.5) مليون دينار و هذا في نهاية سنة 2000 ، كما حقق نمو بنسبة 10.8 ? لنفس السنة
و محافظة على حصته في السوق المصرفية المحلية و التي تقدر بحوالي 9.3 ? و كذا محافظته على المرتبة الثالث في الجهاز المصرفي الأردني، كما بلغت موجودات البنك في نهاية 2000 ب (853.2) مليون دينار في حين وصلت الأموال المتجمعة في الحسابات المختلفة (الإئتمان و الإستثمار المشترك و الإستثمار المخصص و المحافظة الإستثمارية) ب (737) مليون دينار، كما بلغت توظيفاته ب (531.9) مليون دينار و التي شملت مختلف القطاعات الإنتاجية و الخدمية التي لها ضرورات اقتصادية و اجتماعية.
أما حول خطة البنك المستقبلية أي بعد سنة 2000 أنها تقوم ب:(1)
- تنويع خدماتها المصرفية.
- التوسع في برامج تمويل المهنيين و الحرفيين للمساهمة في ايجاد فرص عمل جديدة.
- استمرار في ترسيخ التعامل بسندات القارضة عن طريق اصدار محافظ استثمارية متنوعة.(1/81)
- تقديم خدمات مصرفية الكترونية من خلال الأنترنيت و الهاتف الخلوي.
(1) التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني سنة 2000.(1/82)
الباب الثاني
أساسيات الاستراتيجية الاستثمارية للبنوك الإسلامية
الفصل الأول: صيغ التمويل والاستثمار في البنوك الإسلامية
المبحث الأول: نظرية التمويل بالمشاركة
تعتبر نظرية التمويل بالمشاركة أهم بديل عن الإقراض بالفائدة وتقدم البنوك الإسلامية بالاستثمار عن طريق المشاركة وهي في سبيل ذلك تقوم باستخدامها بأساليب مختلفة ومتعددة.
المطلب الأول: تعريف الشركة وأنواعها
الفرع الأول: تعريف الشركة
الشركة هي المخالطة لغوياً وفي المفهوم الاصطلاحي الشركة هي استقرار ملك له قيمة مالية بين اثنين أو أكثر لكل منهم حق تصرف المالك.
ومن أركان الشركة العقد بينهم ليدل على انعقاد الشركة ويدفع المال وممارسة العمل.
الفرع الثاني: أنواع الشركة
أ- المشاركة الدائمة
وهي تعني قيام المصرف الإسلامي بالاشتراك مع شخص أو أكثر في مشروع تجاري معين، كان يكون مصنعاً، أو مبنى، أو مزرعة أو غيرها من مجالات الاستثمار المختلفة وذلك عن طريق التمويل في المشروع المشترك فيستحق كل واحد من الشركاء نصيبه من أرباح ذلك المشروع، وتكون المحاسبة للخسائر والأرباح بعد نهاية كل سنة مالية.
وهذا النوع من الشركة تنطبق عليه شركة العنان التي ذكرها الفقهاء، والتي تعني: (اشتراك في مال ليتجر في نوع من أنواع التجارة، أو في عموم التجارات). (1)
أو هي (اشتراك اثنين بماليهما ليعملا فيه ببدنهما وربحه لهما فينفذ تصرف كل واحد منهما بحكم المالك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكه).(1)
وقد نقل غير واحد من الفقهاء الإجماع على مشروعية شركة العنان.(2)
__________
(1) البابرتي " العناية عاى الهداية"، مكتبة و مطبعة مصطفى الباي الحلبي، القاهرة، 1970م، ص 3،7.
(2) بن قدامة المقدسي" المقنع"، المكتبة السلفية، بدون تاريخ، قطر، ص 2،163.
(2) بن قدامة المقدسي " المغني"، المطبعة السلفية بدون تاريخ،قطر، ت 620ه،ص 5،16.(1/1)
والأسلوب المتبع لدى بعض المصارف الإسلامية هو: القيام بتمويل جهة ما، بجزء من رأس المال، للاتجار في صنف محدد من البضائع، على أن يكون العمل مشتركاً بينهما، ولكل منهما نسبة محددة من الربح.(1)4)
وهذا الأسلوب في التعامل جائز شرعاً،ة فقد ذهب الحنفية والحنابلة إلى القول بجواز قيام أحد الشركاء بالعمل، على أن تكون له نسبة من الربح إضافة إلى نسبة ربح رأس ماله في الشركة.
جاء في البدائع: (وإن شرطاً العمل على أحدهما: فإن شرطاه على الذي شرطاً له فضل ربح جاز والربح بينهما على الشرط، فيستحق ربح رأس ماله بماله، والفضل بعمله).(2)1)
وجاء في المغني: (فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم، لأحدهما ألف وللآخر ألفان، فإذن صاحب الألفين لصاحب الألف يتصرف فيها على أن يكون الربح بينهما نصفين إلى أن قال: (فجعلناه أي الربح ستة أسهم، منها ثلاثة للعامل، حصة ماله سهمان وسهم يستحقه بعمله في مال شريكه).
ومن خلال التدقيق في طبيعة هذا العقد لدى المصارف الإسلامية، نجد أن لهذه العملية الاستثمارية معالم أساسية تتحدد سمة العملية من خلالها وهي:
1- إن المال والعمل شركة بين الطرفين المتعاقدين (المصرف، الطرف الآخر).
2- عن نصيب كل واحد من الطرفين جزء مشاع مما يتحقق من أرياح وليس نسبة محددة ومرتبطة بمقدار رأس المال.
3-إنفاق الطرفين مسبقاً على نسبة كل منهما من الربح، خشية الوقوع في الخطأ أو الجهالة.
__________
(1) بنك فيصل الإسلامي المصري، التمويل والمشاركة بدون ترقيم، بنك فيصل الإسلامي السوداني/ أهدافه ومعاملاته: 7، الأعمال التي يزاولها بنك دبي الإسلامي: 4.
(2) بدائع الصنائع: 6،63.(1/2)
4- يتم تخصيص جزء من الربح للطرف الذي يتولى عملية إدارة وتشغيل المشروع، أما ما تبقى من تلك الأرباح فإنه يتم تقسيمه بينهما على مقدار مساهمة كل منهما في رأس مال الشركة، وكذلك الحال فيما لو وقعت خسارة، فإنها تقسم بين الطرفين على قدر مساهمة كل منهما في رأس مال المشروع.
أما هذه الشركة (شركة العنان) فإن رأس مالها والعمل فيها يشترك فيهما كلا الطرفين، وتفضل المصارف الإسلامية هذا النوع من التعامل على المضاربة للأسباب الآتية:
- قلة المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون، ذلك لأن المصرف مع المستثمرين يتحملون في المضاربة المشتركة جميع الخسارة، باعتبارهم أصحاب رأس المال، أما في هذه الحالة (المشاركة) فإن المصرف لا يتحمل من الخسارة إلا بقدر مساهمته في رأس مال المشروع.
- سهولة تنظيم الحسابات فيها: ذلك لأن المصرف في هذه الشركة يمكنه إمساك سجلات حسابية منظمة، أما في حالة المضاربة فإنه يصعب عليه تنظيم الحساب وضبطه مع المستثمرين إلا في حالة واحدة وهي فيما لو قام بفصل عملية المضاربة عن باقي أنشطته الاستثمارية الأخرى، ولا شك أن ذلك فيه صعوبة بالغة، بل يكاد يكون غير ممكن في العمل المصرفي.
- تمكنه من متابعة المشروع المشترك فيه ومراقبة سير العمل فيه: ذلك لأن المصرف الإسلامي مشارك في رأس مال المشروع وبالتالي في إدارته وذلك يمكنه من ممارسة عملية المراقبة والإشراف على سير العمل في المشروع، أما في حالة المضاربة فإن ذلك غير ممكن نظراً لمنافاة ذلك لطبيعة المضاربة، والتي تقوم أساساً على إطلاق يد المضارب في العمل.(1/3)
بقي لنا البحث في مدى شرعية قيام المصرف باعتباره مضارباً مشتركاً لهذا النوع من التعاقد فأقول: اتفق الفقهاء على أن المضارب لا يملك المشاركة بمال المضاربة بمطلق العقد(1)، ذلك لأن الشركة عقد آخر غير المضاربة وهي فوق المضاربة لأنها شركة في رأس المال، وهو أصل بينما المضاربة شركة في الربح فقط وهو فرع والشيء لا يستتبع مثله، فما فوقه أولى، كما اتفقوا أيضاً على جواز ذلك في حالة الإذن الصريح، من قبل صاحب رأس المال.
لكنهم اختلفوا فيما لو فوض رب المال أمور المضاربة إلى المضارب، كأن يقول له: اعمل برأيك أو بما أراك الله، فهل يجوز له ذلك أولا ؟ هنا اختلف الفقهاء:
1- ذهب الحنفية والحنابلة إلى القول بجواز ذلك، لأن الشركة من الأمور التجارية المتعارف عليها وما دام الهدف منها تحقيق الربح، فهي داخلة تحت التفويض العام.
جاء في البدائع: (وأما القسم الذي للمضارب أن يعمله إذا قيل له اعمل برأيك وإن لم ينص عليه، فالمضاربة والشركة والخلط، فله أن يدفع مال المضاربة إلى غيره وأن يشارك غيره في مال المضاربة شركة عنان، وأن يخلط مال المضاربة بمال نفسه إذا قال له رب المال اعمل برأيك، وليس له أن يعمل شيئاً من ذلك إذا لم يقل له ذلك).
... وجاء في المغني: (وهكذا القول في المشاركة به، أي مال المضاربة ليس له فعلها، إلا أن يقول: اعمل برأيك فيملكها).(2)
2- وذهب المالكية إلى القول بعدم جواز المشاركة في مال المضاربة إلا بإذن الصريح من رب المال.
جاء في المدونة: (وقال مالك: لا يجوز للمقارض أن يشارك أحداً).(3)
__________
(1) بدائع الصنائع ، مرجع سابق، ص 96،95.
(2) بن قدامة المقدسي " المغني"، مرجع سابق، ص51.
(3) المدونة الكبرى، رواية سحنون: المجلد الخامس: 12،103.(1/4)
أما الشافعية: فإني لم أعثر على نص صريح لهم في هذه المسألة، إلا أن الظاهر من مذهبهم عدم جواز ذلك، حيث أنهم قالوا: بعدم جواز خلط مال المضاربة بغيره إلا بالإذن الصريح(1)4)، فعد جواز الشركة يكون من باب أولى، ذلك لأنهم عللوا ما ذهبوا إليه من القول بعدم جواز الخلط: بأن التفويض العام إنما ينصرف إلى التجارة فقط، بناء على مذهبهم الذي يرى بأن عمل المضاربة مقصور على التجارة فقط، والخلط ليس من هذا القبيل، فيحتاج إلى النص عليه، فإذا كان هذا هو رأيهم فيما لو قام المضارب بخلط مال المضاربة بماله هو، فالقول بعدم الجواز فيما لو شارك غيره بمال المضاربة يكون من باب أولى باعتبارها خارجة عما ينصرف إليه التفويض العام، والمحصور في مجال التجارة فقط.
... والذي يبدو لي: هو رجحان الرأي القائل بجواز المشاركة في مال المضاربة إذا فوض أمرها إلى المضارب، باعتبارها إحدى الوسائل التي يمكن للمضارب من خلالها تحقيق الربح الذي هو الهدف الأساسي من المضاربة، وعلى هذا الأساس فإننا يمكننا القول: أن ما تقوم به المصارف الإسلامية من استثمار أموالها في ميدان المشاركة، هو تصرف لا غبار عليه من الناحية الشرعية، ذلك باعتبار أن المستثمرين قد فوضوا المصرف التصرف في ودائعهم الاستثمارية بكل ما من شأنه تحقيق عائد أكبر لهم.
وقد جاء في توصيات مؤتمر المصرف الإسلامي بدبي القول: (أن هذه المشاركة تقرها الشريعة الإسلامية إذا كان نشاطها حلالاً وما يرزق الله به من ربح يوزع بين الشريكين، أو الشركاء بنسبة رأس مال كل منهم، وأن تكون الخسارة كذلك بنفس النسبة إذ الغنم بالغرم فإذا كان أحد الشركاء قائماً بإدارة الشركة فتخصص له نسبة حسب حصصهم في رأس المال).
ب- المشاركة المتناقضة أو المنتهية بالتمليك(1/5)
وهي المشاركة التي يساهم فيها المصرف الإسلامي في رأس مال شركة، أو مؤسسة تجارية أو عقار، أو مصنع أو مزرعة أو أي مشروع تجاري آخر مع شريك أو أكثر وعندئذ يستحق كل طرف من أطراف هذه الشركة نصيبه من الربح بموجب الاتفاق الوارد في العقد، مع وعد المصرف الإسلامي بالتنازل عن حقوقه بطريق بيع أسهمه إلى هؤلاء الشركاء على أن يلتزم هؤلاء الشركاء أيضاً بشراء تلك الأسهم، والحلول محله في الملكية، سواء تم ذلك بدفعة واحدة، أم بدفعات متعددة وحسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها.
وهذا النوع من المشاركات غالباً ما يكون في الأشياء المنتجة للدخول بطريق العمل فيها مشاركة بين المصرف وبين من يقوم بالعمل في تلك الآلة المنتجة، كعربات النقل و المحاريث والحاصدات الزراعية وغيرها.
وهذا النوع غالبا ما ينتهي بتمليك الآلة المنتجة للدخل عليها، وذلك بترتيب يقسم على أساسه عائد نتاج العمل عليها إلى ثلاثة أقسام :قسم للمصرف ، وقسم للعامل كأجرة لعمله على تلك الآلة ، وقسم يحفظ مقابلا لقيمة الآلة ،وذلك بعد تنزيل نفقات الوقود والصيانة ،حتى إذا بلغ ذلك الجزء المحفوظ مقدار الآلة المنتجة قام المصرف من جانبه بالتنازل عن ملكيتها للعامل عليها.
ويدخل في نطاق هذا التعاقد أيضا: حالة قيام المصرف بتمويل إنشاء الأبنية على الأرض المملوكة لمن يرغب في الإفادة من هذا الأسلوب بالترتيب المعروض.
وقد جاء في توصيات مؤتمر المصرف الإسلامي بدبي أن المشاركات المنتهية بالتمليك والتي يريد المصرف استثمار أمواله فيها تكون على إحدى الصور الآتية:
الصورة الأولى: يتفق المصرف مع متعامله على تحديد حصة كل منهما في رأس مال الشركة وشروطها.وقد رأى المؤتمر أن يكون له الحق في بيعها للمصرف أو غيره، وكذلك الأمر بالنسبة للمصرف بأن تكون له حرية بيع حصصه للمتعامل: شريكه أو لغيره.(1/6)
الصورة الثانية: يتفق المصرف مع متعامله على المشاركة في التمويل الكلي أو الجزئي لمشروع ذي دخل متوقع، وذلك على أساس إتفاق المصرف مع الشريك الأخر على حصول العميل على حصة سعيه من صافي الدخل المحقق فعلا، مع حقه بالاحتفاظ بالجزء المتبقي من الإيرادات أو على قدر منه يتفق عليه، ليكون ذلك الجزء مخصصا لتسديد أصل ما قدمه المصرف من تمويل.
الصورة الثالثة: يحدد نصيب كل من المصرف وشريكه في صورة أسهم تمثل مجموع قيمة الشيء الموضوع للمشاركة (عقارا مثلا )يحصل كل من الشريكين (المصرف والشريك ) علي نصيبه من الإيراد المحقق من العقار ،وللشريك إذا شاء أن يقتني من هذه الأسهم للمصرف عددا معينا كل سنة بحيث تكون الأسهم الموجودة في حيازة المصرف متناقصة إلي أن يتم تمليك شريك المصرف الأسهم بكاملها لتصبح له الملكية للعقار دون شريك أخر
أما عن كيفية قسمة الأرباح والخسائر الناتجة عن هذه المشاركة فتكون كما يأتي:
يقوم المصرف الإسلامي باقتطاع نسبة معينة من الإيراد الصافي للمشروع، بإعتباره مالكا للمشروع – كلا أو جزءا، ومتحملا تبعة هلاكه إذا تلف بلا تعد أو تقصير، كتعرض المشروع للاحتراق أو الهدم، فإن المصرف الإسلامي في مثل هذه الحالة يتحمل الخسارة بقيمة الفرق بين أصل رأس المال والمقدار المسترد من دخل المشروع، فإن كان المشروع مملوكا بكامله للمصرف، فإنه يتحمل جميعها، وإذا كان العامل في المشروع مشاركا في تمويل أصل المال فإنه يخسر بنسبة ما يملكه، وأما الجزء المتبقي من الأرباح الناتجة، فإن المصرف الإسلامي يحتفظ به كله أو بعضه حسب الاتفاق – لكي يكون مخصصا لتسديد أصل رأس المال، وإنهاء العملية بطريق تمليك المتعامل مع المصرف الإسلامي كامل المشروع الذي يشاركه فيه.(1/7)
أما بالنسبة للعامل، فإنه إذا كان يقوم بعمل مباشر في المشروع كالسائق مثلا، أو مدير مصنع أو المستشفى فإنه يتقاضى أثناء عمله في المشروع جزءا من الربح مساويا لأجر المثل نظير عمله، ويكون استحقاقه لتملك المشروع الذي يعمل فيه مرتبطا بتحقيق شرط إمكان تسديد رأس المال من واقع النسبة الموجودة لهذه الغاية.
أما إذا لم يكن المتعاقد مع المصرف الإسلامي عمل معين يقوم به- كما في حالة تمويل الأبنية لمن لا يرغبون في تقديم عمل من جانبهم فإن صاحب الأرض لا يتقاضى شيئاً خلال فترة المشاركة، وإنما يكون له حق تملك البناء بعد تسديد أصل رأس المال المدفوع في إقامته، وذلك من حصيلة النسبة الموجودة لهذه الغاية حسب الاتفاق.
الفرع الثالث: التكييف الشرعي للمشاركة.
... الذي يبدو لنا أن صور المشاركة كلها جائزة لكن قبل الكلام عليها أود الإشارة هنا إلى أن مذهب الحنابلة سيكون هو المنطلق في تكييف هذه العملية لأنه من أوسع المذاهب الإسلامية في قضايا الشركات إذا عرفنا هذا فإن التكييف الشرعي يختلف بين ما إذا كان رأس المال ينمي بواسطة تغليبه في التجارة، كالشركات التجارية التي تعتمد في تنمية رأس مالها على البيع والشراء، وبين ما إذا كان رأس المال ينمى بواسطة العمل بها كالأرض تنمى بزرعها والسيارة من الآلات تنمى بواسطة النقل بها ونحو ذلك.
فإذا كان رأس المال ينمى بواسطة تغليبه في التجارة فهذا فيه التفصيل الآتي:(1/8)
إذا اشترك العميل والمصرف في رأس المال، وكان على كل منهما عمل يؤديه في هذه الشركة، فهذه شركة عنان، ثم إذا كان رأس المال نقداً، فهذه جائزة اتفاقاً وإن كان غير نقد كالبضائع ونحوها فهي جائزة أيضاً على إحدى الروايتين عن أحمد، وهو مذهب مالك وتكون القيمة يوم العقد هي التي يحسب على أساسها رأس المال عند إجراء المحاسبة لمعرفة الربح ولأي غرض آخر وحصة كل منهما من الربح يجب أن تكون مقدرة بالنسبة كالنصف والثلث ونحو ذلك، ولا يجوز أن تكون مقداراً معيناً بعدد كعشرة دنانير وما أشبه ذلك وهذا مجمع عليه.
ولا يشترط أن تكون الحصة من الربح على حسب رأس المال، بل يجوز أن تكون على نسبة رأس المال أو أقل أو أكثر حسب ما يتفقون عليه وهذا مذهب أحمد وهو قول أبي حنيفة.
وإن كان رأس المال مشتركاً بينهما والعمل من العميل فقط فهذه شركة ومضاربة وهي جائزة أيضاً.
قال ابن قدامة: (القسم الرابع يعني: من أقسام الشركات أن يشترك مالان وبدون صاحب أحدهما، فهذا يجمع شركة ومضاربة وهو صحيح، فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم لأحدهما ألف وللآخر ألفان، فإذا صاحب الألفين لصاحب الألف أن يتصرف فيها، على ان يكون الربح بينهما نصفين صح، ويكون لصاحب الألف ثلث الربح بحق ماله والباقي وهو ثلثا الربح بينهما: لصاحب الألفين ثلاثة أرباعه، وللعامل ربعه وذلك لأنه جعل له نصف الربح فجعلناها ستة أسهم: منها ثلاثة للعامل حصة ماله سهمان وسهم يستحقه للعمل في مال شريكه وحصة مال شريكه أربعة أسهم للعامل فيها سهم).
يعني: أخذنا منها للعامل بسبب عمله، فبقي له ثلاثة أسهم أيضاً فيكون الحاصل أن لكل منهما نصف الربح.
وهذا مثال ضربه ابن قدامة لحالة ما إذا اتفقنا على المناصفة في الربح، وإلا فإن التفاوت في نسب الربح جائز عند الحنابلة في جميع أقسام الشركة.(1/9)
وإذا كان رأس المال كله من المصرف فهذا مضاربة ثم إذا كان رأس المال نقداً، فهذا جائز بالاتفاق وإذا كان عروضا فذلك جائز في إحدى الروايتين عن أحمد، ونقله ابن قدامة عن طاووس والأوزاعي وحماد.
ثم إن الربح في المضاربة على حسب ما يتفقون، فلا يشترط أن يكون مناصفة، لكن يشترط أن يكون مقدراً بالنسبة: كالنصف والثلث والربع وهذا متفق عليه أيضاً لكن يلاحظ: أن العامل إذا تحولت إلى ملكيته
بعض أسهم الشركة، فإن طبيعة العقد في هذه الحالة تتغير، فيكون شركة عنان إذا كان المصرف يشارك في العمل ويكون شركة ومضاربة إذا كان لا يشارك في العمل.
أما إذا كان رأس المال ينمى بواسطة العمل فيه، وذلك كالآلات ونحوها فهذا النوع من المعاملة له تكييف آخر.
فإذا اشترى المصرف سيارة مثلاً ليعمل عليها العميل بنقل البضائع على أن يكون له نسبة من الربح أو اشترى جراراً ليعمل العميل عليه بالحراثة وله نسبة معينة من الربح، فهذا النوع من أنواع المعاملة قائم على أساس المشاركة في الربح، وقد قال غالبية الحنابلة وفقهاء آخرون بجوازه وخرجوه قياساً على المساقاة والمزارعة وقد ذكر ابن قدامة لذلك صور عدة منها الصورة الآتية:
قال في المغني: (ولو دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها وما يرزق الله بينهما نصفين أو ثلاثاً أو كيفما شرطاً صح نص عليه أحمد ونقل عن الاوزاعي ما يدل على هذا) وعلل ذلك بقوله: (لأنها عين تنمى بالعمل، فصح العقد عليها ببعض نمائها: كالدراهم والدنانير وكالشجر في المسافة والأرض في الزراعة).(1/10)
وقال أيضاً: (فإن اشترك ثلاثة: من أحدهم دابة ومن الآخر رواية ومن الآخر العمل، على أن ما رزق الله تعالى فهو بينهم صح في قياس قول أحمد، فإنه قد نص في الدابة يدفعها إلى آخر يعمل عليها والرواية عين تنمى بالعمل عليها، فهي كالبهيمة، فعلى هذا يكون ما رزق الله بينهم على ما اتفقوا عليه ... ولأنهما وكلا العامل في كسب مباح بآلة دفعاها إليه، فأشبه ما لو دفع أرضه إليه ليزرعها، وهكذا لو اشترك أربعة من أحدهم دكان ومن الآخر رحى، ومن الآخر بغل ومن آخر العمل على أن يطحنوا وما رزق الله تعالى فهو بينهم صح، وكان بينهم على ما شرطوه).
وبهذا يظهر: أن المشاركة في الربح يمكن أن تكون عن طريق تنمية رأس المال بالعمل فيه مع بقاء عين رأس المال قائمة.
وإذا جازت المشاركة في الربح عن طريق مشاركة العميل بالعمل فقط، كالصور التي ذكرها ابن قدامة آنفاً فإن له حق المشاركة من باب أولى إذا شارك مع العمل بنسبة من رأس المال أيضاً، فإنه يكون له نصف رأس المال أيضاً، فإنه يكون له نصف رأس المال في السيارة إضافة إلى عمله.
وقد اتضح مما سبق أن حصة كل طرف في الربح يجب أن تكون محددة بالنسبة، كالنصف ونحوه، وليس بالمقدار، كما أن الحصص لا يشترط أن تكون متساوية وإنما يجوز أن تكون متساوية أو متفاوتة على حسب اتفاقهم. هذا بالنسبة للتكييف الشرعي لهذه المعاملة.
أما بالنسبة لنقل العين موضوع الشركة إلى العامل في جميع الصور التي ذكرتها، سواء منها ما كان تنمية رأس المال فيه يحصل بتقليبه في البيع والشراء، أو كان تنميته تحصل بواسطة العمل به، وسواء كان نقل الملكية يحصل تدريجياً أو دفعة واحدة، فهذا كله جائز فيما يبدو لي لأن العامل في كل الأحوال إنما هو شريك يشتري حصة شريكه في الشركة، وذلك جائز قال ابن قدامة:
(وإن اشترى أحد الشريكين حصة شريكه جاز لأنه يشتري ملك غيره).(1/11)
أما بالنسبة لتقسيم الربح، فقد ذكرت أنه إنما يتقاسم على حسب ما تتفق عليه الأطراف المتشاركة، وعليه: فإذا اتفقوا على أن نسبة معينة منه تكون للمصرف، ونسبة معينة تكون للعميل، ونسبة معينة يحتفظ بها المصرف لتكون ثمناً له ستنقل ملكيته من الشركة إلى العامل فذلك كله جائز.
لكن من الواضح، أن الربح في الحقيقية إنما يكون حصتين:
حصة منها للمصرف: وتلك هي النسبة التي تخصه من الربح حسب الاتفاق، أما الحصة الأخرى فهي من نصيب العامل، وهذه تضم النسبة التي اتفق على أن يأخذها العامل، وكذلك النسبة التي يحتفظ بها المصرف، فهذه هي الأخرى في حقيقة الأمر للعامل أيضاً، بديل أنها جعلت ثمناً للأسهم التي ستنقل ملكيتها إليه، وبعبارة أخرى ان حصة العامل من الربح قسمت قسمين: قسم يدفع له وقسم يدخر له لكي تباع له به الشركة كلها، أو الأسهم التي لا يملكها منها.
وهذا كله فيما اتفق على أن يأخذ العامل بنسبة من الربح يتصرف فيها، وإلا فمن الممكن ادخار حصة العامل كلها، وفي هذه الحالة يكون نقل ملكية الشركة إليه أسرع مما أخذ قسما منها وادخر القسم الآخر.
وعلى هذا الأساس: فإن نصيب العامل من الربح والذي يدخره لدى المصرف إلى حين سداد قيمة السلعة المشتراة، يكون ملكاً خاصاً بالعامل مودعاً لدى المصرف.
أما تصرف المصرف فيه، فهو إن كان بإذن صاحبه كان له الربح وعليه الخسارة في حالة وقوعها، أما إذا لم يكن بإذن منه فإن تصرف فيه تعد ويجب عيه ضمانها وله ربحها) فمن اتجر بالوديعة فذلك مكروه والربح له لأنه ضامن).
التمويل بالمشاركة قوة تنموية عالية وسيتم تحليل هذه الطبيعة المتميزة لهذا الأسلوب التمويلي من خلال علاقته بالنظام الاقتصادي الإسلامي.
المطلب الثاني: القوة التنموية للتمويل بالمشاركة.
الفرع الأول: زيادة معدل النمو الاقتصادي(1/12)
لقد اكتشف أصحاب رجال الأعمال في إنجلترا (رأس المال المخاطر) ليس أمام قوس للانكماش، وذلك بناء على أن رأس المال المخاطر تمويل في مقابل التملك ينقع للربح والمخاطر وليس له أكيد مضمون محدد سابقاً.
أثبتت دراسات أخرى في أمريكا أن الحاجة تزداد إلى التمويل المخاطر عندما تقفل مصادر التمويل التقليدية (الآمنة)، فهي تحل محل أصحاب الملايين عندما يحجمون عن الاستثمار، ويصبح لهذا النوع من التمويل أهمية عندما ينخفض كم راس المال.
فضلاً عن ذلك فإن التمويل بالمشاركة يزداد عندما يقل الاكتتاب وتضعف البورصة ففي حالة وجود بورصات مالية فإن الشركات تسعى للبنوك لتحصل على تمويل طويل الأجل لا يلزمها بفوائد ثابتة، ولكن يشترك معها في إصلاح بناء قاعدة الغنم بالغرم.
التمويل بالمشاركة أكثر ضماناً لتحقيق النجاح للمشروعات الصغيرة فمن المعروف أن معدل الفشل للمشروعات كبيرة، فالأسباب من قصور الدراسات الاقتصادية ومن قصور في الإدارة ونقص في التخطيط وسوء في القيادة لظروف البيئة، وظروف الأسواق كانت المنشأة الصغيرة في مهب الرياح، ولا سيما إذا كانت هناك منشآت كبيرة في القوة، لكن وقوف البنك الإسلامي مع المنشآت الصغيرة يراجعها ويخططها، معطياً مشورته بالنسبة للبدائل دون أن يزيد من قدرة المنشآت الصغيرة على التقدم والنمو ولا غرابة في ذلك، فمعظم الشركات الكبيرة كانت منشآت صغيرة.
التمويل بالمشاركة لا سيما في مراحل الإنشاء الأولى، ما هو إلا بمثابة وجود ((مؤسس مشارك))، يشد أزر المؤسس ((المستحدث الفرد))، أو المنظم الفرد، فالبنك الإسلامي إذا كان منظما تنظيماً جيداً، أقوى من الأفراد في إنشاء المشروعات لما له من خبرة ودراية وأجهزة، أي ان البنك الإسلامي أكثر قدرة من المستحدث الفرد، على المشروعات فهو يستطيع تقييم فرص الاستثمار تقيماً كمياً لتوافر التخصصات والخبرات.(1/13)
إن البنك الإسلامي يستطيع بما لديه من إمكانيات معروفة وإمكانيات مالية أن يتبنى الأفكار الابتكارية التكنولوجية الجديدة أكثر من إمكانيات البنك أكبر من الإمكانات المستحدثة للفرد.(1)
التمويل بالمشاركة للاستثمارات الجديدة التي تميز المخاطر وتفعل من هذه الإدارة التمويلية التي يستخدمها البنك بقوة في زيادة معدل النمو الاقتصادي، وزيادة الإنتاجية .(2)2)
الفرع الثاني: التوازن بين العمالة واستقرار الأسعار
إن البنوك الإسلامية سواء على المستوى الاستراتيجي باختيار برامج مشروعات الاستثمار أم على مستوى تشغيل مشروع معين، أو تعديل بدائلها يمكنها أن تشجع استخدام المشروعات "المكثفة العمالة" بدلاً من "المشروعات مكثفة أس المال" وبالتالي تسهم في تحقيق درجة أعلى من التوظيف ولا سيما إذا كان حجم البنك الإسلامي وحجم المشروعات كبيراً، ونفس الشيء يمكن ان يحدث بالنسبة لاستقرار الأسعار إذ يمكنها اختيار المشروعات التي لا ترفع المستوى العام للأسعار (لزيادة الطلب عنها) أو المشروعات التي تكون فيها الموارد غير المستخدمة.
الفرع الثالث: تحسين الكفاءة التخصصية
__________
(1) الموسوعة اصطلاح ((مؤسس ليشرابل entrepreneur وهذا الاصطلاح يستخدم في الأقدام بمعنى (كبيرة ويستخدم بالهند بمعنى مستحدث (بكس الدال) والمؤسس أكبر تعتبر للمعنى وإن كنا نستخدم الاصطلاحات الأخرى تفيد نفس المعنى.
(2) الدراسات في أمريكا أن رأس المال المخاطر كرو تمويل المبلغ الجديدة التكنولوجيا الجديدة إلى كانت ممنوعة على مصادر التمويل
TECHNOLOGIE REVIEW AVRIL 1973 P 34.
المؤلفين الأمريكان بالنص: إن النمو والإنتاجية هذه الأمة (أمريكا) شكل نظير الاستخدام الفعال لمدة الإدارة.(1/14)
إن البنوك الإسلامية بدراسة جدوى المشروعات الجديدة المقدمة للتمويل بالمشاركة تستطيع أن تعيد النظر في الموارد المستخدمة، بحيث نضع القيمة الحقيقية للموارد في اتخاذ القرار للاستمرار، فإذا كان المستثمر الخاص يهتم فقط بأسعار السوق، ولا يهتم بالأسعار الحقيقية، فإن البنك الإسلامي قد يعيد طرح بدائل للاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لكي يستخدمها أحسن استخدام، إذ البنك الإسلامي يستطيع أن يتفهم وعنده القدرة على تفهم معنى ((تكلفة الفرصة البديلة للموارد المتاحة))، ولذلك فإن التمويل بالمشاركة يجعل البنك في مركز المرجع الاقتصادي على ((المستحدث الفرد)) للتأكد من حسن استخدام الموارد.
الفرع الرابع : عرض وأهداف النظام الاقتصادي الإسلامي:
وهنا قد يثار التساؤل، وهو ألا يمكن ان تحقق البنوك التقليدية بقروضها نفس هذه الأهداف؟
وجواب هذا السؤال: أن البنوك التقليدية لا تهتم بمجالات استخدام الأموال بقدر ما تهتم بترتيبات رد الأموال، أما البنك الإسلامي فانه في التمويل بالمشاركة يهتم بالإضافة إلى ترتيبات رد الأموال بكيفية ومجالات استخدامها، وهذا الفرق الإستراتيجي هو التمويل بالمشاركة هذه الميزة التنموية الحادة .
المبحث الثاني: المضاربة
تعد المضاربة إحدى صيغ الاستثمار التي تحقق تضافر جهود عناصر الإنتاج من عمل ورأس مال في سبيل إنتاج الطيبات في المجتمع الإسلامي، وهي تأخذ أشكال مختلفة وتمتد لتشمل العديد من الأنشطة الاقتصادية.
المطلب الأول: الجانب الشرعي للمضاربة
الفرع الأول: تعريف المضاربة
هي في اللغة عبارة عن أن يدفع شخص مالاً لآخر ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما على ما شرطاً والخسارة على صاحب المال.(1)
__________
(1) ابن منظور "لسان العرب"، دار المعارف، الجزء التاسع والعشرون، مادة (ض.ر.ب)، القاهرة، ص 256.(1/15)
والمضاربة وهي تسمية أهل العراق مأخوذة من الضرب في الأرض بمعنى السعي على الرزق، وبمعنى السفر لأن الاتجار يستلزم السفر غالباً(1)، قال تعالى: ((وإذا ضربتم في الأرض ... )).سورة النساء – من الآية رقم 100وكذلك قوله تعالى: ((وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ... )). سورة المزمل - من الآية رقم 18.
و يقال للعامل من المضاربة – مضارب – بكسر الراء ؛ أو الضارب لأنه هو الذي يضرب في الأرض، وليس للمالك اسم مشتق منه، كما تسمى عند أهل الحجاز قراضاً أو مقارضة(2)1)، وتأتي من القطع لأن صاحب المال يقتطع قدراً من ماله يسلمه للعامل يتصرف فيه بقطعة من الربح(3)، ويقال لرب المال مقارض بكسر الراء وللعامل مقارض بفتح الراء والمضاربة لفظاً لاستعمال الحنفية والحنابلة(4)، أما القرض والمقارضة فاستعمال المالكية والشافعية.(5)،
__________
(1) أبا محمد عبد الله بن قدامة بن قدامة " المغني"، الجزء الخامس، ص 21/22.
(2) أنظر ابن قدامة" المغني" ، الجزء الخامس ، ص 22.
(3) أبا بكر بن محمد الحسيني الحصني الشافعي "كفاية الأخبار"، مرجع سابق الذكر، الجزء الأول، ص 186.
(4) شرف الدين المقدس الحجازي الدمشقي "زاد المستنقع في اختصار المقنع"، المكتبة السلفية، الطبعة الثامنة 1394 هـ ، القاهرة، ص 44.
(5) مفهوم المضاربة للكاساني – بدائع الصنائع ، مرجع سابق الذكر، الجزء السادس، ص 80/81.(1/16)
ومن حيث الاصطلاح فقد عرف الشافعية(1)5)، والحنابلة(2)، عقد المضاربة بأن عقد بين اثنين يتضمن أن يدفع أحدهما للآخر مالاً ليملكه ليتجر فيه بجزء شائع معلوم من الربح كالنصف أو الثلث أو نحوها بشرائط مخصوصة، وكذا تسمى المضاربة أيضا معاملة وكذلك عرفها الأحناف(3)بأنها عقد على الشركة بمال من أحد الجانبين وعمل من الآخر، كما عرفها المالكية.(4)بأنها عقد توكيل صادر من رب المال لغيره على تجارة بنقد مضروب مسلم بجزء من ربه.
وتجدر الإشارة إلى ان المضاربة وفقاً لهذا التعريف الشرعي تختلف اختلافاً تاماً عن المضاربة المتعارف عليها في الاقتصاديات الوضعية والتي تصرف مفهومها إلى المضاربة على أسعار الأسهم والسندات في سوق الأوراق المالية بغية الاستفادة من تقلبات الأسعار، وهي بهذا المعنى نوع من المغامرة على احتمالات تحرك الأسعار صعوداً وهبوطاً دون أن تقترن باستثمار حقيقي في أصول عينية ينبغي إنماؤها لإعمار الأرض، وتكون نقيض مفهوم المضاربة في الإسلام والتي تكفل تضافر الجهود صاحب المال والعامل (أو المضارب) ومشاركتها في شكل منظم في العملية إنتاجية لخدمة الفرد والمجتمع على حد سواء.
__________
(1) الإمام الشافعي "كتاب الأم"، الجزء الثالث 233، الطبعة الأولى، المطبعة الكبرى الأميرية ،القاهرة، 1322 هـ،.
(2) علاء الدين أبا بكر الكاساني – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، مرجع سابق الذكر ، الجزء السادس، ص 20.
(3) الكاساني – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – الجزء السادس – ص 89.
(4) أبا البركات أحمد الدرديري "الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام ملك"، مطبعة عيسى البابي الحلي، القاهرة، بدون تاريخ الجزء الخامس، ص 181.(1/17)
أن المضاربة أو القراض أو المقارضة تعد ألفاظا مترادفة على حد مقصود واحد مؤداه إعطاء المال من جانب لمن يعمل فيه نظير حصة من الربح المعلوم بالنسبة المقدرة كجزء شائع من هذا الربح، ومن ثم فإن عقد المضاربة يتضمن أن يكون المال من جانب والعمل من جانب أخر، ولكل من الجانبين نصيب شائع من الربح إن تحقق(1)1).
فعند الحنفية(2)2)، والمالكية(3)3)، والشافعية(4)
__________
(1) يوسف قاسم – التعامل التجاري في ميزان الشريعة – دار النهضة العربية – القاهرة 1986 – ص 148/151.
(2) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 79.
(3) القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي – المنتقى شرح موطأ الإمام مالك – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 160/161.
(4) في الفقه الشافعي : رخصة لخروجة عن قياس الإجازات كما أنها كذلك لخوجها عن بيع ما لم يخلق، ويرى أبو بكر بن محمد الحسيني الحصني الشافعي أن الأصل فيه أنه عليه الصلاة والسلام ... ... لخديجة بمالها إلى الشام وغير ذلك، وأجمعت الصحابة عليه ومنه من قاسمه على المسافات بجامع الحاجة، إذ قد يكون للشخص نخل ومالاً ولا يحسن العمل وآخر عكسه، وما رواه ابن ماجة أنه عليه الصلاة والسلام قال: ثلاثة فيهن البركة: البيع إلى أجل والمقارضة، واختلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع، قال البخاري: إنه موضوع حيث رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف وهذا يعني أن هذا العقد من ثلاثة مصادر من مصادر الشريعة وهي السند والإجماع والقياس.
تحقيق الحديث: أنظر ابن ماجة – سنن ابن ماجة تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – مطبعة عيسى الحلي – القاهرة بدون تاريخ – كتابات التجارات باب 62 – الشركة والمضاربة – حديث 2289 – الجزء الثاني – ص 768.
(
4) أبا بكر بن محمد الحسيني – كفاية الأخيار – الجزء الأول – ص 186.(1/18)
4)، تعد المضاربة من جنس المعارضة كالإجارة وأنها واردة على خلاف القياس وذلك لجهالة الأجرة فيها لأن العامل لا يعلم مقدار ما سيناله من الأجرة، ولذا ضيق أنصار هذا الرأي دائرة المضاربة وحصر ما ورد من اتفاقات في نطاق محدد، وعند الحنابلة تعد المضاربة من جنس المشاركات، وفي هذا يرى ابن تيمية أن المضاربة لا تخالف القياس في شيء تمشياً مع مبدئه في أن الشريعة لا تأتي بخلاف القياس الصحيح ومن ثم في رأيه فإن الذين قالوا: أن المضاربة جاءت على خلاف القياس ظنوها من جنس عقود المعارضات التي يشترط فيها العلم بالعوضين كالإجارة، والحقيقة أن المضاربة من جنس عقود المعارضات التي يشترط فيها بالعوضين كالإجارة، والحقيقة أن المضاربة من جنس المشاركات هي جنس غير جنس المعاوضة، وإن كان فيه شوب المعاوضة وذلك لأن المضاربة لا يقصد فيها العمل، وإنما المقصود المال فرب المال ليس له قصد في نفس عمل العامل، كما للمستأجر قصد في عمل العامل وهذا.
لو عمل ما العمال ولم يربح شيئاً لم يكن له شيء، فالمضاربة مشاركة والعامل يشارك فيها بنفع عمله ورب المال بنفع ماله، وما قسم الله من الربح بينهما على الإشاعة.(1)5)
هذا فيما يتعلق بحقيقة المضاربة، أما أحكامها فتختلف باختلاف أحوال المضارب كما يلي:
1- أن المضارب عند قبض المال وقبل الشروع في العمل يكون أميناً، وحكم الأمين أن يكون المال أمانة في يده يجب عليه حفظ ورده عند الطلب وليس عليه الضمان إذا فقد المال.
2- أنه عقد الشروع في العمل يكون المضارب وكيلاً، وحكم الوكيل أنه يقوم مقام موكله فيما وكل فيه ويرجع على صاحب المال بما يلحقه من التعهدات المالية المتعلقة بوكالته.
__________
(1) ابن تيمية: فتاوى ابن تيمية – مكتبة المعارف – المغرب – الجزء التاسع والعشرون – ص 101/105.(1/19)
3- أنه عند الحصول على الربح يكون حكم المضارب كالشريك في شركة العقود المالية، وهي أن يكون لكل من الشريكين حصة معينة من الربح الناتج عن استثمار المال، مع ملاحظة أن المضاربة قسم خاص من أقسام الشركة.
وفي هذا يقول الشيخ قاسم بن قطلو الحنفي المضاربة قال في المحيط (يقصد به المحيط الرضوى للسرخس: أما أحكامها، فصيرورته أميناً بعد الدفع وكيلاً عند الشروع في العمل وشريكاً عند الربح).(1)(2)
الأدلة الشرعية على جواز المضاربة:
__________
(2) الشيخ قاسم بن قطلوا بغا الحنفي "كتاب موجبات الأحكام"، وواقعت الأيام ، تحقيق وتقديم محمد سعود المعيني، مطبعة الإرشاد، بغداد 1983 م، ص 92.(1/20)
... كانت المضاربة عقداً من عقود الجاهلية شاع التعامل بها قبل الإسلام وكانت مقصورة على التجارة باعتبارها المجال الشائع للاستثمار، وقد انتقلت هذه الصورة التي كانت للمضاربة إلى الإسلام، فتعاملوا به المسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأقرها لهم على ذلك، كما أقر على الشروط التي حدتها بعضهم في قراضهم حفاظاً على أموالهم، حيث يروى عن حكيم بن حزام، من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة ويضرب له به: "أن لا تجعل مالي في كبد رطبة ولا تحمله في بحر ولا تترل به في بطن مسيل إن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي(1)،
__________
(1) رواه الدار قطني ورجاله تقات وأخرجه البيهقي بإسناد قوى الحافظ بن حجر إسناده، يقال إن أول قراض في الإسلام كان قراض عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب عندما خرجا في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل ثم قال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما لفعلت، ثم قال بل هنا مالا من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكما فتبعتان من متاع العراق، ثم تبعياته بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الربح، فقالا: وودنا فنفعل، وكتب إلى عمر رضي الله عنه أن يأخذ منهما المال..(1/21)
ورويت الأخبار عند جماعة من الصحابة بما دل على تعاملهم بالمضاربة، وقد ذكر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أعطى مال يتيم مضاربة، وكذلك ممن دفعوا مال اليتيم مضاربة: عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعائشة (رضي الله عنهم جميعاً)" وروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: الخسارة على رأس المال والربح على ما اصطلحوا عليه، وكان ابن عباس إذا دفع مالاً مضاربة اشترط من الشروط ما يرى أن فيه حفاظاً على ماله وأنه رفع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ما كان يشترط فأقره، وكان جابر إذا سأل عن الاشتراط في القراض يقول لا بأس بذلك هناك آثار كثيرة، ولكنها تتضمن تغيراً في صورته عما كانت عليه الجاهلية.(1)
وجاء في نيل الأوطار: أن الصحابة كانوا يتعاملوا بالمضاربة على الصورة التي كانت عليها في الجاهلية وكان ذلك من غير نكير، فكان ذلك إجماعا منهم على جوازها، وليس فيها شيء مرفوع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- ثلاثة فيهن البركة: البيع إلى اجل، و المقارضة، واختلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع ويقوم ابن حزم في ذلك – كل أبواب الفقه لها أصل من الكتاب والسنة ماعدا القراض فما وجدنا فيهما ألبته، ولكنه إجماع صحيح مجرد، والذي يقطع به أنه كان في عصر النبي – صلى الله عليه وسلم – فعلم به وأقره ولولا ذلك جاز.
__________
(1) فلما قدما باعاً وربحاً، فلما دفعا ذلك إلى أمير المؤمنين(1/22)
أجمع أهل العلم على جواز المضاربة استنادا إلى إقرار الرسول – صلى الله عليه وسلم – لها – وبالإقرار سنة وإن لم تكن قولية وذلك لحاجة الناس إليها ولتحقيق مصالحهم، فقد يكون هناك من يملك المال ولا يقدر على استثماره وقد يكون هناك من لا يملك المال ولكن يملك القدرة على استثمار فأجاز الشرع هذه المعاملة لكي ينتفع كل منهما بالآخر ويتحقق تعاون المال والعمل ومن ثم تكون المضاربة إحدى الوسائل الإسلامية المشروعة لإدخال الموجودات النقدية في النشاط الاقتصادي وتحويلها إلى عنصر إنتاج عن طريق عمل مشترك يقوم به صاحب المال والعامل معا
وجوه المضاربة:
من واقع تعريف المضاربة أنها استثمار للمال عن طريق التجارة والبيع والشراء ولا يتناول اسم التجارة استثمار المال بغيرها من وسائل الاستثمار.
وإذا تبعنا أقوال الفقهاء في عمل المضاربة فسنجد أن منهم من قصرها على تجارة فقط، وعند الشافعية يشترط أن يكون العمل في تجارة من بيع وشراء ولا يصح المضاربة على العمل صناعي كان يضارب نساجا على أن يشتري منه قطنا ثم ينسجه ويبعه منسوجا أو يضارب خبازا على أن يشتري قمحا ثم يطحنه ويخبزه ويبيعه قرصا، وكذا لو قارض على دارهم بأن يشتري نخيلا أو دوابا ومستغلات ويمسك رقابها، كثمارها ونتاجها وغلاتها، وتكون العوائد بينهما، فهو فاسد.
ولذا يرى الشافعية، أن المضاربة هنا للأسترباح بالبيع والشراء لا بالحرفة كالطحن والخبز فإن فاعلها يسمى محترفا لا تاجرا، ذلك لأن القراض رخصة شرعت للحاجة ويترتب فساد القراض في هذه الأعمال - يقصد ما يفعله شخص حين يقارض شخصا على أن يشتري حنطته فيطحن ويخبز، أو يغزل غزلا فينسجه – على ما ذكروا من العلم.
وكذلك اشترط الحنفية أن يكون مجال العمل في المضاربة هو التجارة حتى يكون الربح معلوم، وذلك لأنه إذا أمكن تحديد العمل فيكون بذلك العمل مستحقا لأجر معين نظير هذا العمل المحدد.(1/23)
أما الحنابلة فقد قصروا مجال المضاربة على الاتجار.
هذا ولم يقصد الفقهاء التقسيم الاقتصادي المتعارف عليه حاليا للمجالات الاقتصادية من تجارة وصناعة وزراعة وإنما قصدوا مطلق الإنجاز أي مطلق البيع والشراء ولأن المضاربة رأسمالها بالنقديين الذهب والفضة، فبالتالي تكون بالاتجار(البيع والشراء) ويخرج عن مجال الحرفة لأن ذلك يخرجها من نطاق المضاربة ويدخلها كشركة أبدان.
وقد جاء في بعض الكتابات المعاصرة التي تناولت فقه المضاربة ما يفيد إمكان تعميم المضاربة على مختلف أوجه النشاط الاقتصادي حيث لا يوجد مايدل على عدم جواز الاستثمار بغير التجارة من طرق الكسب الأخرى المستخدمة مما فيه وفاء بالغرض المطلوب من التجارة متى كان ذلك خالياً من الخطر، وقد أباح الشارع الحصول على عائد الكسب ما دام ذلك لا يخالف الأصول العامة، كالغرر والجهالة والربا وأكل أموال الناس بالباطل والمعاملات الحديثة التي لم تكن موجودة عند نزول التشريع أو معروفة في عصر أئمة الفقه يكون حكمها كما هو مقرر في أصول الفقه على قاعدة أن الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار الخطر.
وفضلاً عن ذلك فالعرف قد جرى على التوسع في معنى التجارة، وأصبحت تناولاً أعمالاً متنوعة، لم تكن تتناولها من قبل، بعدما اتسعت ميادين الاستثمار، ولا زالت تتسع تبعاً لتطور العمران وعلى هذا تشمل المضاربة من حيث المبدأ وجوه الاستثمار الأخرى تجارة أو غيرها مادام ذلك يقوم على أصول الشريعة وليس فيها خطر شرعي.(1)
الفرع الثاني: أركان المضاربة وشروطها
__________
(1) علي حسن عبد القادر " فقه المضاربة في التطبيق العملي والتجديد الاقتصادي"، مطابع الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، القاهرة بدون تاريخ، ص 13/14.(1/24)
المضاربة صورة من صور ابتغاء وجه الله تيسر على الناس تحقيق المصالح ودفع الحوائج، وتتمثل أركانها في رأس مال العمل، الربح المتعاقدين (رب المال والمضارب)، والصيغة (الإيجاب والقبول)، حيث تقوم المضاربة على مالك المال الذي يدفع والعامل الذي يتجر به والعقد الذي هو الصيغة، ولا تتحقق المضاربة إلا إذا وجدت هذه الأمور.
وقد وضع الفقهاء شروطاً وأحكاماً خاصة بالمضاربة باجتهادهم تناولت كل ركن من أركانها، وقد اتفقوا في بعض هذه الشروط واختلفوا في البعض الآخر، وذلك على النحو التالي:
أ- الشروط الخاصة برأس المال:
يشترط في رأس المال المضاربة ما يلي:
1- أن يكون رأس المال من النقديين (الذهب والفضة المسكوكتين) أي المضروبين المختومين وعلل الفقهاء هذا الشرط بأن الذهب والفضة هي أصول الائتمان وقيم المتلفات، ولا يدخل أسواقها تغيراً، أي أن يكون المال من الائتمان المطلقة.(1)2)
وقد اتفق الفقهاء على هذا الشرط، إلا أنهم اختلفوا في صحة المضاربة بغيرها كالفلوس والتبر(2)3) وعروض التجارة كما اختلفوا في جواز التعامل بغير النقدين المضروبين، فعند الحنابلة والشافعية(3)4) لا تصح
المضاربة بغير النقدين المضروبين، وإن كان بعض الشافعية أجاز التعامل بالفلوس باعتبارها من النقد لا من عروض التجارة إذا كان التعامل به قائماً.
__________
(1) الصديق الضرير "أشكال وأساليب الاستثمار في الفكر الإسلامي عند البنوك الإسلامي"، العدد 19، أغسطس/سبتمبر 1981، ص 17/18.
يوسف قاسم "التعامل التجاري في ميزان الشريعة"، المرجع سابق الذكر، ص 153/155.
(2) عبد الرحمن الجزيري "الفقه على المذاهب الأربعة"، الجزء الثالث، ص 36/37.
(3) قليوبي وعميرة – حاشية قليوبي وعميرة – دار إحياء الكتب العربية – القاهرة بدون تاريخ – الجزء الثالث – ص 52.(1/25)
وعند المالكية(1)1) يجوز التعامل في حالة واحدة إذا كان أهل البلد يعرفون النقد المضروب، وكانت عادتهم التعامل بالتجارة أو التعامل بالتبر أو بالفلوس أو بالنقد غير المضروب فقط، وأما عند الحنفية(2)2)، فقد اختلفوا في جواز المضاربة بالنقد الغير مضروب أو التبر إذا كان رائجاً، وأجازوا بالتعامل بالفلوس الرائجة، ولم يجيزوا التعامل بعروض التجارة لأن قيمتها تعرف بالظن وتختلف باختلاف المقومين مما يؤدي إلى جهالة الربح وقت القسمة.
2- أن يكون رأس المال معلوماً قدراً وصفة وهذا الشرط محل اتفاق بين الفقهاء، فلا يصح للعامل المضاربة على مبلغ غير معين، لأن جهالة رأس المال تفضي إلى المنازعة والاختلاف.(3)3)
3- أن يكون رأس المال عيناً لا ديناً في ذمة المضارب، فلا يصح أن يقول صاحب الدين للمدين، أعمل في ديني الذي في ذمتك بالنصف مثلاً، لأن الدين الذي عليه لا يصح رأس مال للمضاربة، ولذا يشترط المالكية لصحة المضاربة في هذه الحالة أن يقبض صاحب المال الدين من المدين أولاً ثم يعامله به بعد ذلك مضاربة، أو شهادة من الشهود بإبراء ذمة المدين في الدين حتى تصح المضاربة.
وإذا كان مال المضاربة وديعة كأن يكون رب المال أودع المال لدى العامل وقال له اعمل فيما عندك مضاربة فإنه يجوز عند الحنفية، والحنابلة(4)4) ولا يصح عند المالكية(5)5)، إلا بعد أن يحضر الوديعة من عند صاحبه.
__________
(1) الدردير "الشرح الصغير"، الجزء الخامس، ص 189.
(2) الكاساتي " بدائع الصنائع"، الجزء السادس، ص 80.
(3) حاشية أحمد بن محمد الصاوي المالكي على الدرديري، الجزء الخامس، ص 183.
(4) فليوبي وعميرة، حاشية قليوبي وعميرة، الجزء الثالث، ص 52.
(4) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 83.
(6) أنظر الدرديري " شرح الصغير"، مرجع سابق الذكر، الجزء الخامس، ص 187.(1/26)
4- أن يكون رأس المال مسلماً للمضارب ليتمكن من العمل، فيتحقق هذا الشرط عند الفقهاء باستلام العامل للمال حتى يتصرف فيه وبالتالي لا يصح اشتراط رب المال أو وكيله مشاركة العامل في العمل أو اشتراط كون المال في يد المالك وغيره.(1)6)
الشروط الخاصة بالعمل:
قد تكون المضاربة مطلقة ويقصد به المضاربة التي لم تقيد بزمان ولا مكان ولا عمل ولا ما يتاجر فيه المضارب ولا من يتعامل معه ولا أي قيد من القيود، وقد تكون المضاربة مقيدة ببعض هذه الشروط أو مثلها.(2)1)
وفي حالة التقييد لا يجوز للعامل أن يتجاوز الشروط التي شرطها فإن تعدها ضمن(3)2)، وروى عن حكيم بن حزام، أنه كان يشترط على الرجل إن أعطاه مالا مقارضة يضرب له به "أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر، ولا تترل في بطن مسيل فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي".
وعند المالكية يكون للعامل حق الاتجار دون تقييد العامل بمدة معينة أو بمكان معين أو بنوع معين من السلع، كما يكون للعامل حق الشراء والبيع بالنقد وأخذ المال بدون ضامن، وحق انفراده بالعمل وحقه ألا يشارك مع غيره في مال المضاربة وألا يخلط مال المضاربة بماله، أما المالك فله أن يشترط على المضارب ألا يسافر بالبحر، لا يسافر ليلاً سلعة بعينها لقلة ربحها، كما لو حق وضع العامل من بيع السلعة بثمن مؤجل.
__________
(2) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 83/85.
(2) الجزيري: الفقه على المذاهب الأربعة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثالث – ص 44/45.
(3) السيد سابق – فقه السنة – الجزء الثالث – ص 206.(1/27)
وعند الشافعية، للمالك أن يمنع المضارب من السفر ومن البيع بثمن غير مقبوض ومن معاملة شخص معين إلا أنه ليس له أن يقيد المضاربة زمنياً وحجة المالكية(1)3)، والشافعية(2)4) في عدم المضاربة:
- أن المضاربة عقد يقع مطلقاً.
- أن هذا ليس من مقتضى العقد ولا له فيه مصلحة فمن مقتضى العقد أن يكون رأس المال ناقضاً فإذا منعه البيع لم ينقض.
- إن هذا التأقيت يؤدي إلا ضرر بالعامل لأنه قد يكون الربح في تبقية المتاع وتأجيل البيع.
... وعند الحنابلة للمضارب الحق في البيع والشراء مرابحة ومساومة ورد السلعة بالعيب والبيع بثمن مؤجل وحق السفر إلا أنه ليس له أن يضارب برأس المال للمضاربة أو يشارك فيه أحداً، وليس له أن يخلط مال المضاربة، بماله أو مال غيره كما انه ليس له أن يقرض مال المضاربة.
ويجوز للمالك أن يقيد المضاربة زمنياً كالوكالة.(3)5)
وعند الحنفية(4)1) يحق للمالك أن يقيد المضاربة مكانياً وله أن يقيدها بنوع من التجارة وان يقيد التعامل مع شخص معين كما بحق توقيت المضاربة، حيث أنها توكيل والتوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون آخر.
وإذا لم يقيد العامل بالشروط السابقة، فإن تصرفات العامل تنقسم إلى أربعة أقسام.(5)
__________
(1) يفهم هذا الأمر السباجي المنتقى شرح الموطأ – الجزء الخامس – ص 159.
(2) قليوبي: المغني، حاشية قليوبي وعميرة – الجزء الثالث – ص 53.
(3)
(1) تبطل هذه الوكالة عندهم للاعتبار الأول الذي استند إليه المالكية والشافعية، أما الاعتبار الثاني والثالث فيبطلان بالتخصيص العقد بنوع من المتاع ولأن لرب المال منع المضارب من البيع والشراء في كل وقت فإن شرط ذلك فقد شرطا ما هو من مقتضى العقد.
ابن قدامة: المغني، الجزء الخامس – ص 57.
(4) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق – الجزء السادس – ص 97/100.
(5) ابن قدامة: المغني – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 25/31.
(
4) يوسف قاسم – التعامل في ميزان الشريعة – ص 157/158.(1/28)
1)
- ما له أن يعمله بغير حاجة إلى التنصيص عليه، أعمل برأيك فيه، ومن ذلك حق البيع والشراء نقداً ونسيئة حق ما اشتراه من عروض التجارة لرب المال حتى السفر من مال المضاربة وحق توكيل غيره حتى استئجار الأرض وزراعتها.
- ما ليس له ان يعمل ولو قيل له اعمل فيه بدأبه إلا بالتنصيص عليه، كما هو الحال بالنسبة للاستدانة أو الاقتراض ومنح الهبة أو الصدقة.
- ما له ان يعمل إذا قيل له: اعمل فيه برأيك وإن لم ينص عليه ومن ذلك حقه أن يتعاقد مع غيره مضاربة، يشترك آخر وإن يخلط مال المضاربة بمال نفسه أو مال غيره.
- ما ليس له أن يعمل وإن نص عليه، ومن ذلك شراء مالا يملك بالقبض مثل شراء المحرمات (الميتة ولحم الخنزير ... ).
الشروط الخاصة بالربح:
يشترط في ربح المضاربة ما يلي:(1)2)
- تحديد مقدار الربح بالجزئية (أو تشارط رب المال والمقارض على نسبة كل منهما من الربح)، لأن المعقود عليه هو وجها له المعقود عليه هو الربح وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد.(2)3)
- أن يكون المشروط لكل واحد منهما من المضارب رب المال من الربح جزءاً شائعاً نصفاً أو ثلثاً أو ربعاً،(3)4) فإن شرط عدداً مقدار كان شرطاً أن يكون لأحدهما مائة درهم من الربح أو أقل أو اكثر والباقي للأخرى، لا يجوز والمضاربة فاسدة، وإذا عمل العامل دون معرفة واضحة لنصيب من الربح كان له قراض المثل.
أما الوضيعة (الخسارة)، فلو شرطاً في العقد أن تكون الوضيعة عليهما بطل الشرط، والمضاربة صحيحة لأن شرط الوضيعة عليهما فاسد، فهي تكون على المال وليس على المضارب لأن الضيعة جزء الضيعة جزء هالك من المال فلا يكون إلا على رب المال.
وقد تعددت أراء الفقهاء بشأن النفقة في المضاربة وجواز خصامها من رأس المال، فيرى الحقيقة أن النفقة واجبة، ويرى المالكية والحنابلة جوازها في حين لم يجزها الشافعية.(1/29)
فقد قرر الحنفية(1)1) وجوب النفقة من رأس مال المضاربة، بغض النظر عما سيحقق من ربح أو خسارة فهي من الربح أولاً، إن كان في المال ربح فإن لم يكن فهي من رأس المال لأن النفقة جزء هالك من المال.
وقد وضع شرط على ذلك هو خروج المضارب من البلد الذي أخذ المال منه مضاربة، سواء أكانت بلده أم لا، أي أن العامل ينفق من مال القراض على نفسه، إذا سفر، ولا ينفق إذا كان حاضراً وأما عن مقدار النفقة، فهو أن يكون بالمعروف عند التجارة من غير إسراف.
وقد أجاز المالكية(2)2) المضارب بشرط الشروع في السفر والاحتياج إليه لتنمية مال المضاربة وذلك متى كان المال كثيراً يتسع للإنفاق منه.
كما أجاز الحنابلة(3)3) أيضاً نفقة المضارب من مال المضارب، فقال ابن قدامة: فإذا شرط له النفقة فله جميع نفقته من أكل وملبس وخلافه.
أما الشافعية، فلم يجيزوا نفقة المضارب من مال المضارب، فقال ابن قدامة، فإذا شرط له النفقة فله جميع نفقته من أكل وملبس وخلافه.
أما الشافعية فلم يجيزوا نفقة المضارب من مال المضاربة، فقال ابن قدامة: فإذا شرط له النفقة فله جميع نفقته من مأكل وملبس وخلافه.
أما الشافعية فلم يجيزوا نفقة المضارب من مال المضاربة، سواء أكان سفراً أم حضراً أي سواء سافر بالمال أم أقام واستندوا في ذلك إلى أن النفقة قد تستدعي الربح فيلزم انفراده به، وقد تزيد عليه فيلزم أخذه من رأس المال، وهو ينافي مقتضاه، كما أن العامل لو اشترط ذلك لفسد العقد.(4)
__________
(1) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 105/107.
(2) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 105/107
(2) الدرديري – شرح الصغير – الجزء الخامس – ص 210/215.
(4) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 35.
أجاز أبو حنيفة ذلك أيضاً بشرط بقاء المال.(1/30)
قد امتنع الظاهرية(1)1) أيضاً على إجازة النفقة المضارب من مال المضاربة، فقد علل ابن حزم ذلك بأن المال يعود إلى الجهالة، فلا يدري ما يخرج فيه، ولا ما يبقى وقليل الحرام حرام ولو كان مقدرة ذرة.
وقد اتفقت المذاهب على أنه لا يجوز للعامل أن يعطي من مال المضاربة سائلاً، أو يهب منه شيئاً أو يكافئ منه أحداً، فلأصل المجمع عليه أن مال القراض لم يعط للعامل ليهبه أو يتصدق به ولا ليسلفه وإنما ليثمره ويطلب ليثمره ويطلب فيه الربح والإنماء ولا يعرضه للهلاك.
الشروط الخاصة برب المال:
__________
(1) وقد قررت الكتابات المعاصرة التي تناولت موضوع المضاربة في شأن نفقة العامل (المضارب)، من مال المضاربة،أ، نفقته تكون من مال مدام مقيماً، وكذلك إذا سافر للمضاربة – لأن النفقة قد تكون قدر الربح – فيأخذ كله دون رب المال، ولأن له نصيب من الربح مشروطاً فلا يستحق معه شيئاً آخر، لكن إذا أذن رب المال العامل أن يتفق على نفسه من مال المضاربة أثناء سفره أو كان ذلك مما جرى به العرف فإنه يجوز له حينئذ ان ينفق من مال المضاربة.
(2) أبا محمد علي بن أحمد بن حزم – المحلي – (تحقيق أحمد محمد شاكر) – دار التراث – القاهرة – الجزء الثامن – مسألة 1371 – ص 248.(1/31)
يشترط أن يكون رب المال أهلاً للتصرف كما هو الشأن في سائر العقود، فلا يصح عقد المضاربة من صبي أو مجنون أو مكره أو فضولي لا يملك المال، ولا يصح الاشتراط في العقد على مشاركة صاحب المال في العمل مع المضارب، وإذا كانت المضاربة مقيدة فيحق لصاحب المال تحديد شروط عمل المضارب وإلزامه بها كأن يقيدها بزمان وبمكان معين أو نوع معين من التجارة، وذلك لأن المالك له الولاية على ماله إلا أنه لا يجوز للمالك أن يشترط شرطاً غير مفيد كما إذا نهاه عن البيع بثمن مقبوض أو الأمر بالشراء من سوق معين مع توفير أسواق بداية السلعة بسعر أقل.(1)2)
الشروط الخاصة بالمضارب:
يشترط في المضارب أيضاً أن يكون أهلاً للتصرف وأن يكون منفرداً بالعمل وله أن يعمل في المضاربة دون قيد من رب المال، ما دامت المضاربة مطلقة وغير مقيدة بأوجه تصرف محددة، ولا يضمن العامل رأس المال إلا إذا كان متعدياً ولا يجوز له أن يضارب بمال المضاربة بإعطائه لشخص آخر ليضارب فيه بدون إذن رب المال، وإلا كان متعدياً وضامناً لرأس المال في حالة الضياع أو الخسارة.
الشروط الخاصة بالعقد: يقصد بالعقد الصيغة بمعنى الإيجاب والقبول، وتعد الصيغة إحدى أركان المضاربة عند المالكية والشافعية، أما عند الحنفية والحنابلة، فركن المضاربة هو الإيجاب والقبول، حيث نظر إلى الركن الحقيقي وهو ما كان داخلاً في حقيقة الشيء، أي ما كان أصلاً للشيء داخلاً فيه.
__________
(1) عبد الرحمن الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – الجزء الثالث – ص 49/58.(1/32)
ويتحقق الإيجاب والقبول عند الحنفية(1)3) والحنابلة(2)4) بألفاظ تدل على المعنى المقصود كأن يقول له: خذ هذا المال واعمل فيه مضاربة أو مقارضة أو معاملة أو خذ هذا المال مضاربة على أن ما رزقنا الله من ربح فهو بيننا من نصف أو ثلث، فيقول المضارب أخذت ورضيت أو قبلت، ولو قال: خذا هذا المال بالنصف أو على النصف ولم يزد على هذا يكون مضاربة صحيحة(3)1) ومن ثم لا يشترط في المضاربة الصيغة كما يشترط التوكيل(4)2)، أما عن المالكية(5)3) فيرى البعض أنه لابد فيه من اللفظ في حالة تعريف المضاربة بأنها عقد توكيل، كأن يقول أعمل في هذا المال مضاربة ولك كذا من ربحه فيقول: قبلت لأن التوكيل لابد فيه من اللفظ ولا تكفي فيه المعاطاة، ويذهب البعض الآخر إلى أنه لا يشترط في عقد المضاربة اللفظ إذا اعتبر عقد إجارة لأنه الإجارة تكفي فيها المعاطاة.
__________
(1) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 79/80.
(3) عبد الرحمن الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – الجزء الثاني – ص 36.
(4) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 79/81.
(5) الدرديري – شرح الصغير – الجزء الخامس – ص 184.(1/33)
وتتحقق الصيغة عند الشافعية بقول ابن مالك: ضاربتك وعاملتك ونحوهما، فيقول العامل:قبلت أو رضيت، فإذا كان الإيجاب بلفظ الماضي لابد أن يكون القبول(1)3)، وإذا كانت الصيغة بلفظ الأمر كأن يقول المالك: خذ هذا الألف مثلاً واتجر فيه على أن يكون الربح بيننا نصفين، فقيل لابد فيه من القبول لفظاً أيضاً كغيره من سائر العقود، وقيل يكفي في الشروع في العمل، فإذا أخذه وعمل فيه بدون قول صح العقد، ومثل ذلك إذا قال له: خذ وبيعه واشتر على أن الربح بيننا.(2)4)
وفيما يتعلق بفسخ المضاربة، فيرى المالكية(3)، والشافعية(4)6)، والحنابلة(5)7)، ان عقد المضاربة مثل عقد الشركة من العقود الجائزة غير اللازمة، فلكل واحد من رب المال والعامل (المضارب)، أن ينفرد بالفسخ، قبل العمل وبعده مع وجود الربح أو حدوث الخسارة فإذا فسخها أحدهما انفسخت وصارت كاجتماعهما على فسخها.(6)8)
__________
(1) قليوبي وعمير – حاشية قليبي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثالث – ص 74.
(2) عبد الرحمن الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – الجزء الثاني – ص 47.
(3) الدرديري – شرح الصغير – الجزء الخامس – ص 215/216.
(7) أبا بكر محمد الحسيني – كفاية الأخيار – الجزء الأول – ص 188.
(4) ابن قدامة المغني – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 54.
(5) عبد الوهاب حواس: المضاربة للماوردى، دراسة مقارنة بين المذاهب الفقهية ودراسة تطبيقية، دار الأنصار، القاهرة – ص 175.(1/34)
وقد خالف الحنفية جمهور الفقهاء، فقد اشترطوا لتحقق الفسخ أن يكون الجانبان على علم بالأمر وثمرة الخلاف بين الحنفية وجمهور الفقهاء، هنا هي أن تصرف العامل قبل عمله بفسخ المضاربة يعتبر نافذاً على رب المال حتى يعلم بفسخ العقد، هذا على مذهب الحنفية، أما بالنسبة لمذهب الجمهور فإن المضارب ينعزل من حين فسخ رب المال للعقد، فكل تصرف يقوم به المضارب بعد الفسخ يتحمله هو ولو لم يبلغه نبأ عزله(1)9(
وقد وضعت ثلاثة شروط لإمكان الفسخ:(2)1)
1- أن يكون بمحضر من صاحبه وبعلمه.
2- أن لا يشرع المضارب في العمل حتى لا يكون في ذلك إبطال لحقه في التصرف.
3- أن يكون المال عيناً(3)2) فلو كان عروضاً وقت النهي لا يصح الفسخ، لأنه يحتاج إلى بيعها ليظهر الربح، فيكون فيه إبطال لحقه في التصرف، ومال المضاربة في يد المضارب، وولاية التصرف فيه لا لرب المال، فلا يملك رب المال نهيه بعد ما صار عروضاً.
وبصفة عامة تفسخ المضاربة في الأحوال التالية:
1- إذا فقدت شرطاً من شروط الصحة، وكان العامل قد قبض المال واتجر فيه، فيكون له في هذه الحالة أجر مثله، لأن تصرفه كان بإذن من رب المال، وقام بعمل يستحق عليه الأجر وما كان من ربح فهو للمالك، وما كان من خسارة فهي عليه، لأن العامل لا يكون أجيراً والأجر لا يضمن إلا بالتعدي.
2- إذا تعدى العامل أو قصر في حفظ المال أو فعل شيئاً يتنافى مع مقصود العقد، فإن المضاربة في هذه الحالة تبطل، ويضمن المال إذا تلف لأنه هو المتسبب في التلف.(4)3)
__________
(1)
(1) عبد الوهاب حواس – دار الأمطار – ص 179/182.
علي حسن عبد القادر – فقه المضاربة في التطبيق العلمي والتحديد الاقتصادي – دار الأمطار – القاهرة.
(2) الكاساني – بدائع الصنائع – الجزء السادس – ص 112.
(3) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر - الجزء السادس – ص 113.
(4) الكاساني – بدائع الصنائع – الجزء السادس – ص 112.(1/35)
3- أن يموت العامل أو رب المال، فإن مات أحدهما انفسخت المضاربة، لأن المضاربة تشتمل على الوكالة، والوكالة تبطل بموت الموكل والوكيل، وسواء علم المضارب بموت رب المال أم لم يعلم لأنه عزل حكمي، وأيضاً تبطل بجنون أحدهما لأن ذلك يبطل أهلية التصرف.(4)
المطلب الثاني: تطبيق نظام المضاربة
الفرع الأول: المضاربة المشتركة أو الجماعية:
أ- تعريف المضاربة المشتركة وأساسها الشرعي:تعد المضاربة المشتركة أو الجماعية الصيغة الشرعية الملائمة لاستثمار الأموال في الظروف الاقتصادية المعاصرة التي تتسم بكبر حجم المعاملات الاقتصادية واتساع نطاقها، وتقوم هذه المضاربة على عكس المضاربة بصورتها الثنائية على تعدد أرباب المال، وتعدد المضاربين بأن يعرض المضارب، مرة أخرى وبصفته وكيلاً عن أصحاب رأس المال المجتمع لديه من مشروعات.(1)
__________
(1)
(1) عبد الحليم الغزالي، دراسة جدوى المصرف الإسلامي، الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الجزء الخامس، المجلد الثاني، ص 92/99.
وهناك رأى يقضى: أن ما فوضت به المصارف من قبل المودعين لاستثمار أموالهم المودعة استثماراً مباشراً بمعرفتها، فيمكن أن تباشر تلك الأموال بمفرها وفقاً لقواعد المضاربة ويصبح الصرف في هذه الحالة هو المضارب، والمودعين هم رب المال، أما إذا فوضت المصارف من قبل المودعين لاستثمار أموالهم استثماراً مباشراً بمعرفتها منفردة أو مشتركة مع الآخرين فإن المصارف وكذلك من يشترك معها الممولون المستثمرون ورجال الأعمال يعتبرون جميعاً في هذه الحالة في مركز المضارب وأصحاب الأموال، أما إذا كان التفويض المعطى للمصرف من عملائه محدداً، وقاصراً على أن يقوم عنهم مع رجال الأعمال الآخرين في تمويل مشروعاتهم والعمل فيها مضاربة مقابل نصيب من الربح فإن المصرف في هذه الحالة يستحق الحصول على الأقل على العمولة المتفق عليها فيما بينه وبين المودع الآن ما يباشره وفي هذه الحالة كوكيل، هو من قبل الأعمال المصرفية الخدمية وليس من قبيل الأعمال المصرفية الاستثمارية.
الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، الأصول الشرعية والأعمال المصرفية في الإسلام، الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – المجلدالأول –ص316(1/36)
وتستند المضاربة في أساسها الشرعي على ما يلي: (1)
1- إمكان تعدد أصحاب رأس المال والمضاربين والعاملين في رأس المال.
2- إمكان تعدد مجالات الاستثمار وتنوعها دون قصرها على المجال التجاري فقط.
3- جواز جمع المضارب بين صفتي المضارب ورب المال في مضاربة واحدة.
4- جواز تأقيت المضاربة.
5-جواز خلط مال المضاربة لاستثمار في مجالات متعددة.
6- إمكان قيام الشخص المعنوي بعمل المضارب.
ب- أطراف المضاربة المشتركة:
تقوم المضاربة المشتركة على العلاقات الجماعية متعددة الأطراف الأمر الذي يسمح باتساع دائرة نشاطها ومعاملاتها، ويمكن التمييز في المضاربة المشتركة بين ثلاثة أطراف:
- المودعين (أصحاب رأس المال):
ويقومون بإيداعه في المصرف في شكل ودائع استثمارية أو من خلال شراء صكوك مضاربة.
- المستثمرون:
ويمثلون في مجموعتهم المضارب بمجموع مال المضاربة، وهم أصحاب المشروعات الذين يستثمرون أموال الودائع دون أن تربطهم علاقة مباشرة مع المودعين.
- المصرف:
بوصفه مضارباً وسيطاً بين الطرفين ووكيلاً عن صاحب المال، ويقوم بدور مزدوج حيث إنه مضارب في علاقته مع أصحاب الودائع ورب المال، في علاقته مع المستثمرين.
يمكن اعتبار أن المودعين في مجموعتهم لرب المال، والمصرف هو المضارب مضاربة مطلقة، أي يكون له حق توكيل غيره في استثمار أموال المودعين، وعلي هذا النمط يقوم المصرف بتقديم المال لأصحاب
المشروعات، موجها كل ما لديه من فطنه ودراية مالية وخبرة تسويقية في اختبار المشروعات والقائمين فيها لنه أمين على هذا المال.(1)
وعلى ذلك، تتمثل مهام المضارب الوسيط أو المشترك أي المصرف في:
- تجمع أموال المودعين وتعبئة مدخراتهم لتوجيهها لأغراض الاستثمار المنتج، وذلك نظير حصول المصرف على نسبة من عائد هذه الأموال مقابل عمله كمضارب.(1/37)
- تقدم أموال المودعين بصفته وكيل عنهم للمستثمرين (بصفتهم مضاربين) مع تحديد شروط المضاربة ونصيب كل طرف من الأرباح.
ج- أحكام المضاربة المشتركة:
يمكن تلخيص أحكام المضاربة المشتركة فيما يلي:
1- لا تنتقل ملكية المال إلى المضاربة الوسيط بل تصبح مملوكة ملكاً مشاعاً لمجموع أصحاب رؤوس الأموال كل بحصته.
2- يخضع عقد المضاربة مع أصحاب رؤوس الأموال لقواعد المضاربة المقيدة، مما يعطي للمصرف حرية استغلال هذه الأموال دون تدخل أصحابها، فيكون المضارب هو الوسيط الذي يضع شروط المضاربة، مثل اشتراط الاحتفاظ بالوديعة لفترة معينة كحد أدنى لاستحقاق العائد.
3- يخضع عقد المضاربة مع المستثمرين لقواعد المضاربة المقيدة، حيث يقوم المضارب الوسيط بتحديد شروط المضاربة.(1)
4- يعتبر المضارب الوسيط شريكاً مع المستثمرين شركة عنان إذا عمل في مال المضاربة معهم.
5- المضارب الوسيط أمين على مال المضاربة ولا يضم إلا إذا تعدى أو قصر.
6- تقوم المضاربة المشتركة على نظام الخلط المتلاحق للأموال نتيجة تعدد مصادر التمويل ومجالات الاستثمار، وبالتالي تجبر خسائر إحدى المضاربات بربح المضاربات الأخرى.(2)
د- شروط المضاربة المشتركة:
في ظل الأحكام السابقة، يتطلب قيام المصرف بدوره كمضارب مشترك توفر شروط معينة لكل من المودعين والمستثمرين.(3)
فبالنسبة للشروط المقروضة على المودع: يشترط البنك في توكيله واستثمار وديعته عن طريق المضاربة ما يلي:
__________
(1) في حالات استثنائية تكون المضاربة مطلقة.
(2) أميرة مشهورة: دوافع الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي – رسالة دكتوراه – مرجع سابق الذكر – ص 308/309.
(3) محمد باقر الصدر – البنك اللاربوي في الإسلام – دار التعارف للمطالعات – بيروت 1981 – ص 26/30.(1/38)
1- أن يلتزم المودع بملزم شرعي بإلقاء وديعته مدة لا تقل عن ستة أشهر تحت تصرف البنك، فإذا لم يوافق المودع على ذلك لم يسمح له بالاشتراك في عقود المضاربة، ولم يقبل البنك التوكيل عنه في هذا المجال.
2- أن يقر المودع ويوافق على الصيغة التي يقترحها البنك للمضاربة ، والشروط التي يتبنى إدراجها في تلك الصيغة.
3-أن يفتح وديعة ثابتة، حسابا جاريا مع البنك (وهذا الشرط قابل للتغير تبعا لظروف الاستثمار وحاجة البنك إلى الودائع ليضارب به، فقد يرفع هذا الشرط عند الحاجة إلى ودائع ثابتة للمضاربة ليكون هذا الشرط مشجعا على استقدام مودعين جدد).
أما الشروط المفروضة على المستثمر.
1-أن تحصل للبنك القناعة الكافية المستثمر وقدرته على استثمار الأموال التي سيأخذها من البنك في مجال منخفض مخاطرة ، أو على الأقل يتوقع البنك فرصة طيبة في ذلك المجال تكون للمستثمر في المجال الذي يستثمر فيه المال.
2-أن الحساب العملية التي يريد العامل استثمار المال فيها محددة ومفهومة لدي البنك بحيث يستطيع البنك يقدر نتائجها ويدرس احتمالاتها.
3- أن يخضع للشروط التي يمليها البنك عليه هي:
- الشروط التي تتعلق بتقسيم الأرباح .(1/39)
- أن تكون جميع الأعمال المالية للمستثمر متصلة بذلك الاستثمار الخاص بواسطة البنك ،بأن يفتح فيه الحساب الجاري للمضاربة ويودع فيه الودائع المتحركة(1).
- أن يلتزم بالسجلات الدقيقة والمضبوطة ،في حدود استثمار مال المضاربة .
- أن يفتح البنك ملفا لكل عملية مضاربة يرفق فيه كل ما يتعلق بتلك العملية من معلومات تبدأ بعقد المضاربة الموقع عليه من قبل المضارب ،الذي يشترط عليه من قبل المضارب ،الذي يشترط عليه أن يزود البنك بجميع المعلومات عن سير دورة عملية المضاربة من ساعة تنفيذ عقد المضاربة ،وحتى انتهاء العقد ،وتتمثل هذه المعلومات تقلبات الأسعار الحقيقة الفعلية ، والمحتملة من قبل العميل وأسعار البيع التي تقل عن أسعار الشراء.
الفرع الثاني: عمليات المضاربة وحساب الأرباح
تقوم المضاربة التي تتم بواسطة البنك على أساس صفقة تجارية خاصة، أو تقوم على أساس إنشاء مشروع كامل.
أ- حالة قيام المضاربة على أساس صفقة تجارية خاصة:
__________
(1) الودائع المتحركة: هي ودائع تحت الطلب تكون الحساب الجاري، أي هي المبالغ التي يودع أصحابها في البنوك بقصد ان تكون حاضرة التداول والسحب عليها لحظة الحاجة، وفقا لمتطلبات العمل التجاري، أو حاجات المودع كمستهلك، ولا يتقاضى هؤلاء عادة فائدة من البنوك على هذه الودائع، كما أنها تكون تحت الطلب الدائم بمعنى ان البنك يلتزم بدفعها متى طلب ذلك، خلاف الودائع الثابتة، فإن أصحابها يتقاضون فوائد أو أرباحا تبعا لما إذا كان البنك ربويا أو إسلاميا، عليها ولا يلتزم البنك بدفعها فورا، متى طلب ذلك .(1/40)
في هذه الحالة توظف الأموال في عمليات محدودة عادة ما تكون قصيرة، وإذا لم تظهر نتائجها في بداية التعريف الذي يقوم فيه البنك بتسديد حساباته، فيمكن أن تظهر في الفترة ما بين تسديد حساباته وظهور الميزانية بتسديد، وقد تكون هذه الفترة طويلة نسبياً، بحيث يكون محاسبياً أن يطلع على نتائج العمليات التي قام به البنك قبل نهاية السنة المالية.
وإذا كان البنك قد قام بالمضاربات قبل نهاية السنة المالية ولم تظهر نتائجها حتى في هذه الفترة، فيمكن للبنك أن يقدر الأرباح المتوقعة، حيث يعرف نوع العملية وموقفها حتى هذا الوقت فيمكن له أن يقدر الأرباح المتوقعة، حيث يعرف نوع العملية وموقفها حتى هذا الوقت فيمكن له أن يقوم بتقدير النتائج وأن يتصرف على أساس هذا التقدير.
وبذلك يمكن للبنك أن يتفق مع المودع الذي لم يشاء الانتظار على أرباح هذه المضاربات (التي لم تحدد قدر أرباحها حتى موعد ظهور الميزانية العامة للبنك)، على مبلغ يحدد له (مصالحة مع المودع)، ويكون تحديده على أساس خبرة البنك بنوع العملية وظروفها وقدرته على التنبؤ بنتائجها.
ب- حالة قيام المضاربة على قيام مشروع كامل:
يمكن في هذه الحالة أن يفرض البنك على المشروع أن تتفق سنته المالية مع السنة المالية للبنك ويكون ذلك في حالتين:
1- حالة إنشاء المشروع ابتداء عن طريق المضاربة.
2- حالة كون المشروع قائماً، وتقدم إلى البنك ليساهم في رأسماله في شكل دائم تقريباً على أساس المضاربة، ويمكن له أن يغير السنة المالية للبنك.(1/41)
أما في حالة عدم قدرة البنك على أن يلزم المشروع بأن يوافق سنته المالية مع السنة المالية للبنك لصعوبة التغيير أو لموسمية النشاط، في هذه الحالة تحسب الأرباح التي ستظهر في ميزانيات هذه المشروعات ضمن أرباح السنة التي ظهرت فيها الميزانيات،وقد يسبب هذا خللا في توزيع الأرباح في السنة الأولى،أما في السنوات التالية فان الأرباح التي ستحتسب خلال السنة القادمة، وهي ترجع لهذه السنة، سوف تتعادل بصورة تقريبية مع الأرباح التي حسبت ضمن أرباح هذه السنة، وهي ترجع للسنة الماضية .
... ويمكن للمودع ان ينتظر إلى السنة القادمة، وخلالها سنعرف أرباح المشروعات التي يمكن التعرف على أرباحها خلال هذه السنة، وتقسم الأرباح بنفس الطريقة التي قسمت بها أرباح الماضية وبنفس النسب .
ج- توزيع الأرباح: تتميز المضاربة المشتركة بالطبيعة الاستمرارية التي تجعل عملية قسمة الأرباح المحققة بشكل دوري، كل سنة مالية مثلا، أمرا مناسبا من حيث تأدية عائد دوري لمالكي الأموال من ناحية، ومن حيث تنظيم النشاط الاستثماري من متابعته وتقويمه .
وتتم عملية تقسيم الأرباح كالآتي: تحسب الأرباح الصافية المحققة في نهاية المدة، وذلك بحساب الأرباح المحققة ثم يخصم منها النفقات المباشرة للمضاربة نفسها، أي المصاريف الخاصة بالعمل الاستثماري من سجلات و مطبوعات .
تقسيم الأرباح الصافية المحققة بين المصرف ومالكي الأموال(المودعين)، وفقا للشروط المحددة المتفق عليها من الطرفين، فبالنسبة للمضارب المشترك(المصرف)، فهو يستحق نصيبا من الأرباح كجزء مشاع منها بصفته مضاربا، كما يستحق نصيبا آخر كمصرف باعتباره مالكا لجزء من المال الداخل في الاستثمار سواء كان ذلك جزءا مخصصا من رأس ماله واحتياطاته، أو جزء من الأموال المودعة في الحسابات الجارية التي يودعها أصحابها بهدف الحصول خدمة مصرفية وليس بهدف الاستثمار .(1/42)
هذا عن توزيع الأرباح بالنسبة لنصيب المضارب المشترك (المصرف) ، أما بالنسبة لمالكي الأموال(المودعين) فتقسم الأرباح الصافية المحققة المتبقية بعد خصم نصيب المصرف من الأرباح بينهم على حسب نوع الحسا ب حيث تتفاوت نسبة الربح طرديا مع تفاوت مدة المخاطر .
و تتم عملية القسمة وفقا لمدة المخاطرة، و في ضوء مقتضيات السيولة النقدية، عن طريق:تحديد نسبة استثمار الأموال المودعة في كل الحسابات و ذلك مع الأخذ في الاعتبار أن النسبة الباقية تمثل جانب الإيداع لمقابلة الطلبات المحتملة بالسحب من قبل أصحاب هذه الأموال، وذلك بأن يحدد المصرف النسبة (الجزء)، التي تدخل في المضاربة(الاستثمار)، لكل مبلغ مود في الحسابات الاستثمارية، ثم بمعرفة ما يخص الوحدة النقدية من مالا لمضاربة من هذه أرباح ككل (التوصل إلى معرفة نصيب كل رب مال من الأرباح)، أي أن التوزيع الأرباح يتم بالعمليات التالية:
1- الأرباح الصافية المحققة = الأرباح لمحققة – النفقات المباشرة الخاصة بالمضاربة (العمل الاستثماري)
2- الأرباح الصافية المحققة الخاصة بمالكي الأموال = الأرباح الصافية المحققة –نصيب المصرف من الأرباح
الصافية
3- الجزء الداخل من مال المضارب (الاستثمار )من مال المودع=المبلغ المستثمر ×نسبة الاستثمار المحددة
للحساب المودع
4- الأموال الداخلة من المضاربة ككل = مجموع الأجزاء الداخلة في مال المضاربة بالنسبة لكل من مالكي
الأموال .
5 – مقدار ما يخص الوحدة النقدية (جنيه أو الدولار) من الأرباح = الأرباح الصافية المحققة الخاصة بمالكي
الأموال / أموال المضاربة
6- نصيب كل رب المال من الأرباح = مقدار ما يخص الوحدة النقدية من الأرباح × الجزء
... ... ... المستثمر من المبلغ المودع.(1/43)
وفي حالة استيراد مالك المال لبعض ماله فإن المال المضارب به يحاسب على أساس أدنى رصيد، أي أنه يكون على أساس الجزء المتبقي، أما في حالة تقديم المالك خلال السنة المالية فإن نصيبه من الأرباح يكون على أساس المدة التي يدخل فيها الاستثمار، حيث أن معيار المفاضلة في استحقاق الأرباح يكون على أساس الوقت.
وقد يشترط المصرف أن لا يعتبر المال المودع مشاركاً في مال المضاربة إلا من بداية الشهر التالي لإيداع المبلغ، على أساس أن المصرف يخطط استثماراته بشكل منظم وبعد دراسات وافية في ضوء الموارد المتاحة.(1)
... ويمكن اتباع نظام النمو عند تحديد نصيب أصحاب رؤوس الأموال من الأرباح بما يتمشى مع حجم الوديعة وأجل استثمارها، حيث يكون نصيب كل رب مال من الأرباح:
عدد النمو لكل رب مال/ إجمالي النمو × نصيب أصحاب رأس المال من صافي الربح.(2)
د- تقييم نظام المضاربة: تحقق المضاربة كافة المزايا التي استطاع التنظيم المصرفي الحديث أن يحققها بشكل يتوافق مع المتطلبات المتجددة والحاجات المتغيرة والمتطورة في الاقتصاديات المعاصرة، وذلك بالنسبة لمالكي الأموال أو من هم في حاجة إليها (المستثمرون أو راغبي الاستثمار)، على حد سواء.
فبالنسبة لمالكي المال، توفر لهم صيغة المضاربة فرصاً كبيرة ومتنوعة للاستثمار، وذلك بغض النظر على حجم ما يملكه كل منهما من أموال، كما أنه تعطيهم الحق في استيراد أموالهم والخروج من عمليات الاستثمار عند حاجتهم لذلك.
__________
(1) عبد الحميد الغزالي – دراسة جدوى المصرف الإسلامي – الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – المجلد الثاني – ص 98.
(2) أميرة مشهورة – دوافع الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي – رسالة دكتوراه – مرجع سابق الذكر – ص 213/214.(1/44)
أما بالنسبة للمضاربين (المستثمرين)، فإنها توفر لهم احتياجاتهم المالية بالكم المناسب، وفي الوقت المناسب وتجنبهم التعرض لمشكلات الاستثمار الفرد في حالة المضاربة الخاصة، ومشكلات تكاليف الاقتراض الباهضة في حالة المصاريف الربوية.
ومن ثم فهي توفر لصغار المستثمرين على وجه الخصوص فرص للعمل المنتج عن طريق التزاوج الطبيعي بين رأس المال والعمل، وفي الوقت نفسه فإن هذه الصفقة الاستثمارية تسمح بجذب المدخرات من الأموال المكتنزة لدى أصحابها غير الراغبين في التعامل بالنظم الربوية، وتوجيه هذه المدخرات نحو الاستثمارات المنتجة المتفقة مع أحكام الشريعة.
هـ- صكوك المضاربة الإسلامية:(1)تعد صكوك المضاربة الإسلامية إحدى أساليب التمويل الشرعية(2)
__________
(1) مفهوم الصك: الصك لفظ فارسي معرب يعني الكتاب – وقد ورد تعريفه في معجم الوسيط: أنه وثيقة بمال أو نحوه ومثال مطبوع بشكل خاص يستعمل المودع في أحد المصارف للأمر بصرف المبلغ المحرر ... والجمع صكوك، وقد أشار المعجم بالرمز (مع) لإللا كونه معرباً، وبالرمز (مج) إلى أن المجمع قد أقره.
المعجم الوسيط – معجم اللغة العربية – القاهرة – الطبعة الثالثة – الجزء الأول – (ص.ك.ك) – ص 538/539.
وصك المضاربة يمثل قيمة المضاربة وشروطها، وهو أساساً أصال باستلام المبلغ.
(2) صدرت فتاوى عديدة تجيز استثمار الأموال بتقديم العمل من جانب والأموال من جوانب متعددة، ومنها على سبيل المثال:
- ... فتوى دار الإفتاء المصرية بتاريخ: 14 ذي الحجة 1397 هـ الموافق لـ 24 نوفمبر 1977 (رقم 304/77).
- ... فتوى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالسعودية رقم 28687 الصادرة في 01 –03 –1401 ه فتوى الزهر الشريف بتاريخ 11 –09 –1978 الموافق لي 09 شوال 1398 ه
- ... مشروع صندوق الإستثمار و الأوراق المالية الإسلامية ص 2.
- ... إسماعيل شلبي مقال صكوك المضاربة الإسلامية الإطار القانوني الشرعي مجلة الأهرام الاقتصادية العدد 1933 الصادرة في: 01 /12/1986 ص 19 .(1/45)
التي يمكن الاعتماد عليها في تسيير الأموال اللازمة لعمليات المضاربة.
فبجانب توظيف أموال المصرف الإسلامي و الأرباح الغير الموزع و الودائع الاستثمارية، فإنه يمكن للمصرف أن يصدر صكوكا معينة محددة القيمة و المدة ، يحصل عليها أصحاب رؤوس الأموال الراغبين في الاستثمار في عمليات المضاربة الإسلامية .
و صكوك المضاربة هي تطبيق لعقد المضاربة حيث يشتمل الممولون هذه الصكوك و يسمون رب المال في مجموعهم ويقوم المصرف الإسلامي بدور المضارب في هذا العقد ليقوم بتوظيف هذه الأموال بمقابل حصة معينة من الربح يتفق عليها ابتداء،أما باقي الربح فيكون من حق حملة الصكوك.
وتقوم أشكال المضاربة الإسلامية في نوعين
1- صكوك مضاربة للاستثمار العام
2- صكوك مضاربة لأغراض محددة.
وتتيح المضاربة للاستثمار العام للشركة المصدر للصكوك في اختيار مجالات الاستثمار الأكثر تناسبا وربحية، وتقتصر المضاربة المحددة الغرض على عمليات أو مشروع ،أو خدمة معينة ،وبالتالي يكون للمستثمر هذا النوع من الصكوك حق اختيار الوسيلة أو الطريقة التي يتم بها استخدام أموالهم في حين أن المستثمر في صكوك المضاربة للاستثمار العام لا يتمتع بهذا الحق ويترك للبنك الشريكة،حرية الاختيار مجالات الاستثمار التي يراها مناسبة.
وللصك قيمة اسمية ممثل حصة حامله في تمويل المشروع أو النشاط،ويستحق عنها عائد عند تصفية المشروع أما قبل ذلك فيمكن للمصرف دفعات تحت التسوية تكون أجالها ومتناسبة مع المدة المتوقعة للمشروع.
أما أن رغب حامل الصك في تسبيله أي التخلص منه بالبيع قبل انتهاء المشروع فإن البنك المصدر و بناء على التزام بضمان هذه الصكوك يكون ملزما بالشراء .
و يمكن تحديد السعر بطريقتين:(1/46)
أما السعر قبل الشراء في ضوء التقييم المالي للمشروع و موقفه ، أو بالإعطاء عامل الصك نسبة من قيمته التي وضعت تحت الحساب لحين إتمام المشروع ،و حساب قيمة الصك في تاريخ تصفية المشروع (و ذلك على سبيل القرض ) و قد تكون اسلم و أحكم من الوجهة الشرعية .
المبحث الثالث :المرابحة
المطلب الأول: الجانب الشرعي للمرابحة
الفرع الأول: تعريف المرابحة
تأتي المرابحة في اللغة مصدراً لربح، ويقول ابن منظور: الربح والربح والرباح النماء، في التجارة وبعت الشيء مرابحة، ويقال بعت السلعة مرابحة على كل عشرة دراهم درهم، وكذلك اشتريته مرابحة.(1)
والمرابحة في الاصطلاح هي: بيع بالثمن بزيادة أي بيع برأس المال وربح معلوم(2)، أو بيع السلعة بثمنها الذي قامت به مع ربح معلوم.(3)
وتدور تعريفات المذاهب حول هذا المعنى حيث يقصد بالمرابحة في المذهب الحنفي(4): نقل ما ملكه بالعقد الأول مع زيادة ربح، أي بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة الربح(5)كما يقصد بالمرابحة في المذهب المالكي(6)
__________
(1) ابن منظور – لسان العرب – الجزء الثامن عشر "مادة ربح" – ص 1553 – دار الأنصار القاهرة.
(2) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 259.
(3) الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 278.
(4) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 287.
عبد الحميد البعلي – فقه المرابحة – مطبوعات الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – القاهرة – بدون تاريخ – ص 8.
(5) الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – الأصول الشرعية والأعمال المصرفية في الإسلام – الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – المجلد الثاني – ص 329.
(6) الدرد يري – الشرح الصغير – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 275.
شرح الزرقاني على مختصر سيدي خليل – دار الفكر – بيروت 1987 - الجزء الخامس – ص 182.(1/47)
بيع السلعة بالثمن الذي تم الشراء به وزيادة ربح معلوم يتفق عليه، وعرفها فقهاء المذهب الشافعي: أن يبين رأس المال وقدر الربح بأن يقول ثمن السلعة مائة وقد بعتها برأس مالها وربح درهم في كل عشرة، وهو ما ذهب إليه أيضاً فقهاء المذهب الحنبلي.
وكما هو واضح من تعريفات المرابحة التي وردت في المذاهب الأربعة، أن هناك إجمالاً على ضرورة توفر ثلاثة عناصر أساسية في تعريف المرابحة وهي:
1- دخول السلعة في ملك البائع مرابحة حتى يمكن بيعها للمشتري مرابحة، حتى لا تدخل في إطار بيع الإنسان ما ليس عنده، الممنوع شرعاً.
2- ذكر الثمن الأصلي للسلعة.
3- زيادة ربح معلوم متفق عليه.
ومن ثم يمكن إجمال عناصر التعريفات السابقة في تعريف واحد وهو بيع ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الذي قامت به السلعة وزيادة ربح معلوم يتفق عليه.
الفرع الثاني: خصائص المرابحة ومشروعيتها
أ- خصائص المرابحة
بالنظر إلى طبيعة المرابحة يتضح بالخصائص التالية:(1)
1- أنها عقد من العقود وهو ما يعني ضرورة توفر ركني العقد في المرابحة وهما الإيجاب والقبول أو توفر فيها الصيغة والعاقدان والمحل ولكل ركن من هذه الأركان شروط يتعين توفرها منها: توفر الأهلية لكل من العاقدين والقدرة على تسليم محل العقد، وإن يكون معلوماً علما نافياً للجهالة، إلى غير ذلك من الشروط التي يجب أن تتوفر في العقود، وبما يتوافق مع طبيعة المرابحة.
__________
(1) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – دار النهضة العربية – القاهرة 1986 – ص 21/39.(1/48)
2- أن المرابحة تعد معاملة من المعاملات التي أجيز التعامل بها للتيسير والتخفيف عن الناس ولسد حاجيات الإنسان وقضاء مطالبه ورفع الحرج عنه، وهي تدخل في دائرة المعاملات الحلال التي تندرج في نطاق المشروعية الإسلامية شأنها في ذلك شأن صور البيوع الأخرى كالبيع المطلق والإجارة والسلم والشركات والرهن والوضعية لما فيها من النفع والمصلحة.
3- المرابحة هي بيع من البيوع وفي هذه الجزئية تختلف المرابحة عن البيع العادي الذي يطلق عليه المساومة والتي يبيع فيها الإنسان السلعة إلى المشتري بعد المساومة بينهما على الثمن بغض النظر عما قال عليه المبيع من المال، ويترتب على كون المرابحة عقد البيع سريان الأحكام العامة للبيع على عقد المرابحة ومنها أن يكون المبيع مملوكاً للبائع عند إبرام العقد.
4- أن المرابحة تقوم على الربح الحلال حيث يكون الربح ناتجاً عن سعي الإنسان بالمال أو العمل أو الخبرة، فالبائع يملك مالاً يشتري به عيناً من الأعيان ثم يتولى بيعها نظير ربح معين وبالتالي يكون قد حصل على الربح من مصادره المشروعة بمنأى عن الربا أو الغش أو التدليس أو الغرر.
ب- مشروعية المرابحة : يستدل على مشروعية المرابحة بما جاء من كتاب الله تعالى من آيات مثل: "وأحل الله البيع وحرم الربا" سور البقرة – من الآية رقم 275.كدليل عام على مشروعيتها هي وغيرها من البيوع، وقوله تعالى: "وابتغوا من فضل الله" سورة الجمعة – من الآية رقم 10.وقوله تعالى: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم" سور البقرة – من الآية رقم 197.حيث أن المرابحة هي ابتغاء الفضل من البيع.(1/49)
كما لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد نهى عن المرابحة بل الثابت عنه أنه أباح البيع لطالب الفضل، وجاء في حديث لأبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح يداً بيد، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، إلا ما اختلفت ألوانه"(1)1)، وقد قال النووي: إلا ما اختلفت ألوانه يعني أجناسه وهو ما يستدل منه على جواز المرابحة حيث أن المرابحة بيع عين بثمن يكون الجنسان فيها مختلفين فيجوز بيع إحداهما بالآخر.
كما يستدل على مشروعية المرابحة من أقوال الصحابة وما روي عن عبد الله بن مسعود أنه كان لا يرى بأسا من بيع عشرة بأنثى عشرة أو بيع عشرة بأحد عشرة وكذلك قول عثمان: "كنت ابتاع التمر ببطن من اليهود يقال لهم بني قينقاع أبيعه بربح فبلغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عثمان: "إن ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكل"(2)2) وفي هذا دلالة شرعية طلب الربح في البيع.
وفي هذا يذهب الفقهاء أيضاً حيث أجازوا المرابحة على أنها من المعاملات التي يحتاجها الناس والتي لا تتضمن ما نهى عنه الشارع من الربا أو الغش أو التدليس أو الغرر، وبذلك فهي بمقتضى الأصل العام تكون مباحة والحرام مذكور ومنصوص عليه صراحة أو دلالة مما يندرج تحت وصف الحرمة ، وما سواه يبقى على الحل والإباحة.
__________
(1) النسائي – سنن النسائي – المطبعة المصرية – القاهرة – الجزء السابع كتاب اللبيوع – بيع التمر بالتمر – ص 273/274.
(2) الشوكاني – نيل الأوطار شرح ملتقى الأخبار – مكتبة الكلية الأزهرية – القاهرة – بدون تاريخ – الجزء الخامس – ص 18.(1/50)
ويستند الاتجاه الغالب الذي يبيح المرابحة إلى أنها بيع وجدت أركانه وتوافرت شروطه، تقوم على بيان الثمن وقدر الربح وبالتالي تنتفي الجهالة مما يجيزها في التعامل(1)3)، ويرى ابن تيمية أن عادة الناس قد جرت على قبول البيع بتقدير ثمن المرابحة أكثر مما يرضون بالمساومة "البيع العادي" لأن تغيير الثمن يكون قد رضي بخبرة التاجر البائع وشرائه لنفسه وهو أبلغ مما يوكله وهو تاجر يشتري لنفسه ليربح فلا يشتري في العادة إلا بثمن مثل أو أقل.
وقد استدل جمهور الفقهاء على جواز المرابحة مما يلي:
1- عموم الأدلة التي تقضي بإباحة الآبي مثل قول الله تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا". سورة البقرة من الآية رقم 274
2- الإجماع حيث تعامل الناس بالمرابحة بمختلف الإعصار والأمصار بغير نكير.
3- الحاجة الماسة لهذا النوع من البيع.
... تجدر الإشارة إلى أن هناك رأياً آخر يذهب إلى حد الكراهة أو المنع ويستند إلى ما قد يشوه المرابحة من تأويل أو غلط أو جهالة في الثمن والتي قد ينطوي معها البيع على حضر أو غرر، ويكون تجنب ذلك اسلم وأحوط، والصورة التي يرى فقهاء الحنابلة أنها مكروهة هي التي يكون فيها الربح جزءاً من رأس المال، كما لو قال: "بعتك برأس مالي فيه وهو مائة واربح في كل عشرة درهماً" أو قال "ده يازده أو ده داوزده".(2)
__________
(1) الدرديري – الشرح الصغير – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 286/291.
(2) "ده" بفتح المال وسكون الهاء اسم للعشرة بالفارسية، و"زيادة" اسم أحد عشر بالفارسية، ومعنى ذلك العشرة بأحد عشرة، ومعنى ذلك العشرة بأحد العشرة، ومعنى "داوزده" اثنا عشر، أي أنه لا يرى بأسا أن يبيع ما اشتراه، بعشرة بأحد عشر أو إثنى عشر.
(2) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 51.(1/51)
وقد رويت كراهة هذه الصورة من المرابحة عن ابن عمر وابن عباس والحسن ومسروق وعكرمة وسعيد ابن جبير وعطاء ابن يسار وقال إسحاق: لا يجوز لأن الثمن مجهول حال العقد فلم يجز، والكراهة ترجع إلى أن البيع فيه نوع من الجهالة، والتحرز عنه أولى، والواقع أن هذه كراهة تتريه والحكم فيه أن فاعله لا يستحق العقوبة، ويمدح تاركه كما لا يذم فاعله، لأن النهي فيه ليس مقصوداً به التحريم.(1)
أما ابن حزم(2)فيذهب إلى ما هو أبعد من حد الكراهة ويقضي بعدم الحل، وقد جاء في المحلى: "ولا يحل البيع على أن تربحني الدينار درهماً ولا على أن أربح معك فيه كذا وكذا درهماً فإن وقع فهو مفسوخ أبداً، ويستند ابن حزم في عدم إباحة بيع المرابحة إلى ثلاثة أمور هي:
1- أنه يحتوي على شرط لم يرد في كتاب الله تعالى.
2- أن الثمن فيه مجهول والعلم به شرط لصحة البيع.
3- أن هذا البيع يتضمن غرراً، والغرر منهي عنه لما فيه من المخاطرة.
__________
(1) ابن محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم – المحلى – تصحيح أحمد بن محمد شاكر – المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – بدون تاريخ – الجزء التاسع –
(2) ص 14/15.(1/52)
وبالنسبة لما ذكر الحنابلة في كراهة هذه المعاملة، وما ذكره ابن حزم فبحرمتها فهو محل نظر(1)فبالنسبة لما قيل من أن المرابحة تحتوي على شرط ليس في كتاب الله ولم يرد به الشرع، فهذا مردود عليه بأن الشرط الذي نهى عنه الكتاب هو الذي ينطوي على الربا والفيصل في الحل والتحريم هو الذي نطق به النص الشرعي كما أن شرط المرابحة ليس من الشروط التي تنافى مقتضى العقد أو تتعارض مع أغراضه أو التي لم يرد بها الشرع، لأن الشرع أجاز البيع ولم يحرمه، والمرابحة من أنواع البيع الذي لم ينه عنه الشرع، كما ان المرابحة لم تتضمن من الشروط ما يجري به الربح والذي يقر الربح ويجري على التعامل به.
علاوة على ذلك، فإن اشتراط الربح في المرابحة يكون من الشروط التي تتحقق بها مصلحة كل من العاقدين، وهي من الشروط التي عليهم الالتزام بها فالمؤمنون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، وليس في اشتراط الربح في المرابحة ما يحل حراماً أو يحرم حلالاً.وبالنسبة لدعوى أن الثمن فيه مجهول فيرد على ذلك بأن البيع يكون على وجهين، أحدهما ربح يكون مسمى على حملة الثمن والثاني أن يكون
مفصلاً على أساس تحديد رقم معين منه على كل جزء من أجزاء الثمن، وفي الحالتين يكون الثمن معلوماً لكن من البائع والمشتري وتنحصر الجمالة في الثمن، وإن كان القول بجهالة الثمن تستند إلى أن الربح على جملة الثمن، فإن هذه الجهالة مع التسليم بصحة من يدعيها هي جهالة يسيره، وليست من الجهالة الفاحشة التي تؤدي إلى فساد البيع ويمكن إزالتها بإجراء عملية حسابية يسيرة، ثم بمقتضاها تحديد الربح طبقاً للنسب المئوية المتفق عليها.(2)
__________
(1) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 51/52.
(2) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 51/52.(1/53)
أما الدعوى بأن البيع في المرابحة يتضمن غررا وهو منهي عنه، فالرد عليه بأن الأمر ليس كذلك في بيع المرابحة حيث أن البيع أو الثمن معلوم بجنسه وصفاته وقدره.(1)
ويرى ابن حزم أن تصحيح عقد البيع يقتضي إسقاط شرط الربح لما يشبه من معاني الغرر ولجهالة الثمن ولاشتراط ما ليس في كتاب الله حيث يقول: فلو تعاقدا على البيع دون هذا الشرط لكن أخبره البائع بأنه اشترى السلعة بكذا أو كذا، وإنه لا يربح معها فيها، إلا كذا وكذا فقد وقع البيع صحيحاً، فإن وجده قد كذب قيما قال لم يضر ذلك البيع شيئاً ولا رجوع له بشيء أصلاً من عيب فيه أو غبن ظاهر كسائر البيوع، والكاذب أثم في كذبه فقط. ويستبدل من قول ابن حزم أن شروط صحة بيع المرابحة هي خلو المرابحة من اشتراط الربح في العقد، وأن يبين البائع للمشتري ثمن السلعة محدداً جنس الثمن وصفته، وأن يذكر البائع قدر الربد بأن يكون معلوماً ولا يأتي العلم به إلا إذا توفر لديه العلم بالثمن.(2)
الفرع الثالث:شروط المرابحة وأحكامها
1- شروط المرابحة
ينبغي حتى تقوم المرابحة توفر الشروط التالية:
- أن يكون العقد الأول صحيحاً، إذ أنه وبمقتضى هذا العقد تنتقل ملكية البيع إلى المشتري (البائع الثاني) ثم يقوم بدوره ببيع هذا المبيع إلى المشتري مرابحة فإذا كان العقد فاسداً فسد العقد الثاني.(3)4)
__________
(1) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 61/65.
(2) ابن حزم المحلي – مرجع سابق الذكر – الجزء التاسع – ص 63/65.
محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 51/52.
(3) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 220/222.(1/54)
- أن يكون الثمن الأول معلوماً للمشتري الثاني أو العلم بما قامت به السلعة من الثمن والمصاريف التي تكلفتها السلعة، فإذا تم البيع ولم يعلم المشتري بثمن أو جهل رأس المال فالمبيع فاسد ويثار تساؤل عن الثمن الواجب العلم به، فيرى الحنفية(1)5): أن الثمن الأول هو الثمن الذي عقد به بيع المرابحة لا ما نقد بفعل، ويرى المالكية(2)6)
أن الثمن الأول هو ما نقد البائع لا ما انعقد به البيع في المرابحة، أما الشافعية فيرون أن الثمن الأول هو ما ابتاع به في العقد الذي هو مالك به فلا يضم ما خسر فيه إلى الثمن ولا يحق منه ما ربح من الثمن(3)7) .
ويرى الحنابلة أن الثمن الأول هو الثمن الفعلي الذي نقده البائع ويخصم منه ما حصل عليه من الربح ولا يضم عليه ما حصل فيه من حسارة(4)1) .
- أن يكون الربح معلوما لأنه جزء من الثمن(5)2)، ويكون الربح مجهولا إذا لم يذكر قدره أو نسبته من الثمن فإذا كان الثمن الأول غير معلوم لم يصح بيع المرابحة بالعلم بالربح فيه، لأن ذكر الفرع يغني عن الأصل.
- إلا يكون الثمن في العقد الأول مقابلا بجنسه من الأموال الربا كأن يشتري المكيل أو الموزون بجنسه المثل بالمثل حيث أنه يكون ربا، فلا يصح بيعه مرابحة، حيث أن البيع مرابحة يتضمن زيادة على الثمن الأول، والزيادة على أموال الربا هي ربا لا ربح.
__________
(1) و (7) الدرديري - الشرح الصغير- - مرجع سابق الذكر – ص 288/290.
(4) ابن حزم المحلي – مرجع سابق الذكر – الجزء التاسع – ص 63/65.
محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 51/52.
(5) ابن حزم المحلي – مرجع سابق الذكر – الجزء التاسع – ص 63/65.
محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 51/52.(1/55)
- أن يكون الثمن مثليا كالجنة الدنيا وغيرها من العملات أو المكيلات أو الموزونان أو المعدودات المتقاربة فإن كان له مثلا يجوز بيعه على الثمن الأول مطلقا، وإن كان له مما لأمثل له من العروض فلا يجوز بيعه مرابحة، وقد ورد هذا الشرط عند فقهاء الحنفية وبالطبع لابد أن يكون البيع عرضا، فلا يصح بيع النقود مرابحة(1)و المرجع في اعتبار الثمن مثليا في الشريعة أمران: التماثيل بين أجزائه عندما يكون البيع عرضاً، فلا يصح بيع النقود مرابحة.
والمرجع في اعتبار الثمن مثلياً في الشريعة أمران: التماثل بين أجزائه عندما يكون مكيلاً أو موزوناً، وبين آحاده عندما يكون معدوداً، مع ملاحظة وجوده في الأسواق.
2- أحكام عامة في المرابحة : الأصل في بيع المرابحة أنه بيع أمانة وابتعاد وتجنب للخيانة أو ما يماثلها حيث أن المشتري يأتمن بائع فيما أخبره به عن الثمن الأصلي للسلعةولكن في حالة ظهور خيانة البائع في أي شيء سواء الثمن أو مواصفات السلعة أو فالبيع يعتبر صحيحاً، ولكن يكون للمشتري الخيار: أما أن يتم البيع على ما هو عليه أو ما لا يتم.
وهذه هي الأمانة التي هي جوهر عقد المرابحة توجب على البائع التزامات معينة يمكن إيجار أهمها فيما يلي:
- دقة النظر فيما يشتريه البائع المشتري بمعنى أن يحسن اختيار السلعة الجيدة وبالثمن العادل كما لو كان ينوي الاحتفاظ بهذه السلعة لنفسه.
- الصدق في الاختيار بالثمن الذي اشترى به أو في رأس المال الذي قامت به السلعة من غير زيادة ولا نقصان.
- العدالة في تقدير الربح وفقا للثمن أو رأس المال بأن يحسب بنسبة معينة منه أو يحدد على الثمن ورأس المال.
- أن يبين حقيقة شراء السلعة والتغيير في ثمنها بالزيادة أو بالنقصان وأن يتم ذلك بصدق وأمانة،ة فإن القول بذلك يكون مقبولاً بدون أي بينة.
__________
(1) ابن حزم المحلي – مرجع سابق الذكر – الجزء التاسع – ص 63/65.(1/56)
وخيانة الأمانة قد يكون في قدر الثمن أو في صفة الثمن: ففي حالة أن تكون خيانة البائع في تحديد قدر الثمن يرى الحنفية(1)1) أن المشتري له أن يأخذ السلعة بجميع الثمن، وإن شاء ردها، وهناك رأي آخر لبعض الحنفية كأبي يوسف بأن لاخيار للمشتري ولكن يحط قدر الخيانة ويلزم العقد بالثمن الباقي، وبذلك يذهب أيضاً المالكية(2)2) حيث يكون المشتري بالخيار، وعند الشافعية فإنه يحط عن البائع الخيانة من الربح ويرجع عليه بها، وبذلك أيضاً ذهب الحنابلة فيرون أن المشتري يخير بين أخذ المبيع من رأس ماله وحصته من الربح وبين تركه.
وفي المالكية يكون البيع مرابحة مردوداً وفي مذهب الشافعية يثبت المشتري الخيار إذا وقعت الخيانة من البائع في صفته الثمن وباع مرابحة دون بيانه للأجل ثم علم المشتري(3)3)، وعند الحنابلة لا يجوز البيع مرابحة في هذه الحالة ويكون للمشترين حق فسخ البيع بالخيانة، وعند الحنفية(4)إن للمشتري الخيار إن شاء الله أخذ وإن شاء رد على أساس إن المرابحة عقد بني على الأمانة لأن المشتري اعتمد البائع وائتمنه في الخبر في الثمن فكانت الأمانة مطلوبة في هذا العقد، وكانت صيانته من الخيانة مشروطة دلالة، ففواتها يوجب الخيار.
__________
(1) كساني - بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 225.
(2) حاشية العلامة أحمد بن محمد الصاوي المالكي – الدرديري – الشرح الصغير – الجزء الرابع – ص 298 – دار الشروق بيروت – الطبعة الثانية.
(3) الإمام الشافعي – الأم الجزء الثالث – ص 78/79 – دار الأمهات – القاهرة.
محمد الشحات الجندي – مرجع سابق الذكر – ص 90.
(4) كساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 225.(1/57)
أما بالنسبة للغلط في الثمن بمعنى أن يخطئ في إخبار المشتري بالثمن للغفلة منه، أو لعدم تحري الدقة أو الإهمال إلى الغلط في الثمن بالزيادة أو بالنقصان (من حيث القدر)، أو قد يكون الغلط من حيث الصفة، وقد تناول الفقهاء صور الغلط في الثمن، فعند المالكية يجب التفرقة بين حالتين:
- إذا كان البيع لم يفت أي لم يبع أو يذهب من يده أو يطرأ عليه التغير بالزيادة أو النقصان، أو بالتغير في قيمته بالأسواق فإن المشتري يثبت له الخيار، إما بأن يرد المبيع بعينه وبحالته أو يقدر له الربح على الثمن الحقيقي.
- إذا كان المبيع قد فات عند المشتري بزيادة أو نقصان فإن المشتري يكون بالخير أيضاً إما أن يدفع قيمته وقت البيع، بشرط أن لا تقل القيمة عن الثمن الذي رضي به المشتري لأنه الثمن الذي اشترى به المبيع، وألا تزيد القيمة على الثمن الحقيقي فيقدر الربح بناء عليه لأنه الثمن الذي يدعيه البائع ويطلب أن يتم البيع مرابحة على أساسه.
أما الشافعية(1)، فيرون أن الغلط في الثمن لا يقبل قول البائع فيه، ولم تسمع بنيته، ولم يجب إلى طلبه في تحليف المشتري، بعدم العلم بالثمن الحقيقي إذا كان البائع هو الذي قام بالبيع أو اعتبر كالبينة في الإثبات، ويبني الشافعية حكم الغلط في الثمن من حيث عدم الاعتداد به ورفض قول البائع فيه واعتبارهم الثمن هو ما أخبر به البائع مع غلط فيه على أمور ثلاثة: (2)
- الرجوع عن إقرار يتعلق به حق لشخص آخر، فلا يقبل رجوعه عن إخباره الأول إلى الإخبار بالثمن الثاني، لأن هنا أمر غير مقبول فيترتب عليه ضرر للطرف الآخر (المشتري).
- التعارض بين الإقرار والبينة، فلا تسمع من أجل ذلك البينة، لأنه كذب بالإقرار السابق بينته.
__________
(1) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 134/136.(1/58)
- البيع بنفسه أو توكيل غيره فإن كان هو البائع لم يجب إلى طلبه في تحليف المشتري وإن كان هو الموكل يجاب إلى طلبه في تحليف المشتري، كذلك ينبغي الإجابة إلى طلبه في تحليف المشتري من عدمه على مسألة يمين المدعي مع نكران المدعي عليه فإذا اعتبرناه كالبينة لم يحلف اليمين وإن اعتبرناه كالإقرار حلف اليمين.
أما الحنابلة (3) فيرون أن الغلط في بيان الثمن بأن أخبر البائع بنقصان من رأسماله، فإنه يقبل قوله ويعتبر الثمن الثاني هو الثمن الحقيقي، متى أقام البينة على ما يقول وعلى المشتري رد السلعة أو يعطي البائع ما غلط به، وهو الثمن الذي أقام البينة عليه (الثمن الثاني أو الحقيقي).
ويمكن إجمال ما ذهب إليه فقهاء الحنابلة في مسألة الغلط في الثمن فيما يلي:
- قبول قول البائع فيما أخبر به البائع من زيادة في رأس المال واعتماد هذه الزيادة.
- سماع البينة التي يقيمها البائع على ما يدعيه من الزيادة في رأس المال.
- رد المشتري السلعة التي اشتراها مرابحة، إن لم يرض بدفع الزيادة في رأس المال.
- تحليف المشتري اليمين بناءً على طلب البائع ويحلف على أن وقت ما باعها لم يعلم أن ثمن شرائها أكثر.
- يترتب على الحلف أن للمشتري أن يأخذ المبيع بالثمن، والزيادة التي فلط بها البائع وبين فسخ العقد ورده.(1/59)
أما الحط من الثمن بأن يضع البائع عن المشتري بعض الثمن لا أن يضع عنه الثمن كله(1)4)، فهذا الحط يثير التساؤل عما إذا كان قاصراً على المشتري الأول أن ينتقل إلى المشتري الثاني، والرأي الذي يذهب إلى جعل الحط من الثمن قاصراً على المشتري الأول يشترط حصول ذلك بعد لزوم العقد لأن البيع استقر بالثمن الأول، إما إذا كان الحط من الثمن في مدة الخير قبل لزوم العقد فإنه يحط من المشتري لأن البيع لم يستقر بعد وهذا هو رأي الشافعية والحنابلة(2)5) وعند المالكية(3)فإن البائع لا يجبر على أن يحط من المشتري بقدر الثمن الذي وضع عنه، فإن اختار ذلك فإن بيع المرابحة يكون لازماً للمشتري وإن اختار البائع عدم الحط في الثمن فيثبت للمشتري الخيار.
إذا كانت سلعة المرابحة تقوم على المشاركة من طرف البائع، فإنه يثار تساؤل بشأن كيفية تقسيم الربح، ويرى الحنابلة(4)1) أن الثمن الذي بيعت به السلعة مرابحة يكون بين الشريكين مناصفة دون النظر إلى الثمن الذي اشترى به كل منهما نصفه فيقسم بينهما على حسب الملكية فيها.
__________
(1) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 220.
(2) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 140/141.
(3) الدردير – الشرح الصغير – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 202.
(4) محمد الشحات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي – مرجع سابق الذكر – ص 142/143.(1/60)
ويجب على بائع المرابحة بيان الأجل الذي اشترى إليه لأن له حصته من الثمن ويختلف به قرباً وبعداً (وإن بيع على نقد أي اشترى بثمن ثم أجل الثمن فيجب عند بيع المرابحة نقداً بيان الأجل المضروب بعد العقد لأن اللاحق له كالواقع فيه وإن اشترى على نقد ولم ينقد إلا بعد زمان وجب بيانه وبيان طول زمنه).(1)2)
المطلب الثاني: تطبيق صيغة المرابحة في المصارف الإسلامية
تستخدم المرابحة على نطاق واسع كأحد مصادر التمويل التي يقدمها البنك الإسلامي لعملائه تلبية لاحتياجاتهم ولشراء السلع أو تمويل العمليات التي تتطلبها أوجه النشاط التي يمارسونها، والتي يلجؤون لتوفير رأس المال اللازم لتمويلها ولتجنب التعامل بفائدة مع البنوك التجارية، وللتغلب على مشكلة عدم توفر السيولة النقدية لديهم.
ويستهدف المصرف الإسلامي من هذا التمويل استثمار الأموال المودعة لديه وتحقيق الربح المشروع والخالي من الربا أو شبهتها وخدمة عملائه بالأساليب الشرعية.
ونتناول في الأسلوب المطبق للمرابحة في معظم البنوك الإسلامية، وهو "المرابحة للآمر بالشراء" من حيث تعريفه، تطبيقه، وما يثيره من وجهات نظر.
الفرع الأول: بيع المرابحة بالشراء
هي أن يطلب الفرد أو المشتري من شخص آخر شراء سلعة معينة له بمواصفات محددة وذلك على أساس وعد منه بشراء السلعة مرابحة، وذلك بالنسبة أو الربح المتفق عليه، ويدفع الثمن على دفعات أو أقساط.
ويضم هذا العقد في واقع الأمر ثلاث معاملات:(2)3)
أ- وعد من طالب السلعة (المتعامل) بالشراء من البائع الأول (البنك الإسلامي) مرابحة.
ب- عقد شراء بين البائع الأول (البنك الإسلامي) والبائع الأول (البنك الإسلامي).
__________
(1) شرح الزرقاني على مختصر سيدي خليل – الجزء الخامس – ص 176/177 – دار النشر للتوزيع – القاهرة.
(2) أميرة مشهورة – دوافع وصيغ الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي – رسالة دكتوراه – مرجع سابق الذكر – ص 328-330.(1/61)
جـ- عقد شراء بين الطرف طالب السلعة (المتعامل) والبائع الأول (البنك الإسلامي) مرابحة.
ووفقاً لهذه المعاملات الثلاثة، يمكن القول بأنها تتضمن وعداً من جانب ويكون العميل (طالب السلعة) وفقاً له الخيار بين شراء السلعة التي طلبها وحدد مواصفاتها أو عدم شرائها، وفي حالة شرائها يكون للبائع الأول حق الخيار في أن يعبيها للمتعامل أو لا ((وذلك طالما لم يتم عقد بينهما)) وإذا رأى البائع الأول (البنك الإسلامي) أن يبيعها للمتعامل فإنه يحرر معه عقداً على أساس عقد المرابحة للآمر بالشراء على أن يتضمن هذا العقد شروط التعاقد مرابحة من ذكر سعر السلعة وتحديد هامش الربح، كما يمكن ذكر مقدار نفقات التخزين والنقل و التي تحملها البائع الأول.
ويعد العقد باطلاً إذا تم بين المتعامل طالب السلعة والبائع الأول (البنك الإسلامي) قبل شراء السلعة المطلوبة فعلاً لذلك يعد من قبيل بيع ما لا يملك بالنسبة للبائع الأول، وذلك كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن عمرو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك".(1)1)
وقد اختلفت وجهات النظر فيما يتعلق ببيع المرابحة للآمر بالشراء فيما يلي عرض لأهم ما أشير في هذا الشأن:
1- أن هذه المعاملة ليست بيعاً ولا شراء، وإنما هي حيلة لأخذ الربا:
__________
(1) أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة – سنن الترميذي – الجزء الثالث – باب 19 منه – حديث رقم 1234– دار الشروق بيروت – ص 526 – 527.(1/62)
يرى الفريق المعارض أن هذه العملية ليست من البيع والشراء في شيء، فالقصد من العملية كلها هو الربا والحصول التي كان يحصل عليها العميل من البنك الربوي، فالنتيجة واحدة وإن اختلفت الصورة فالمشتري (المتعامل) يلجأ للبنك الإسلامي من أجل الحصول على المال والبنك يشتري هذه السلعة بقصد أن بأجل إلى المشتري وليس له قصد في شرائها.(1)2)
أما الفريق الآخر فيرى أن البنك الإسلامي كأي تاجر يشتري ليبيع لغيره وليس هناك شرطاً يقضي بضرورة أن يكون شراء بهدف الاستهلاك الشخصي أو الاقتناع حتى يحل هذا الشراء، هذا علاوة على أن مهمة المصرف أن يقدم الخدمة للمتعاملين معه ومن ثم فشراؤه السلعة بما له وبيعها للمتعاملين بهامش ربح معقول سواء نقداً أو لأجل لا يجعل هذه المعاملة حراماً ولا حيلة لأخذ الربا، أما المتعامل فهو يشتري السلعة إما لينتفع بها أو التجارة بها وكلا الأمرين جائز باتفاق العلماء.(2)3)
__________
(1) محمد سليمان الأشقر – بيع المرابحة كما تجريه المصاريف الإسلامية – دراسة شرعية مقدمة إلى لجنة العلماء في المؤتمر الثاني الإسلامي المنعقد في الكويت في الفترة من 21-23 مارس 1983، مكتبة الفلاح الكويت – ص 29/31.
(2) يوسف القرضاوي – بيع المرابحة للآمر بالشراء – دار القلم – الكويت 1984 – ص 41/45.(1/63)
كما أن كون المرابحة للآمر بالشراء بيعاً فإنه يترتب عليه أن يكون هلاك البيع إذا هلك على ضمان البائع، حتى يقبض المشتري، وأن يتحمل تبعة الرد بالعيب إذا ظهر فيه عيب(4)، كما أنه لو حدث تأخير في سداد الثمن في الأجل المحدد، لعذر مقبول لا تفرض عليه أي زيادة في البنوك الربوية عملاً بقوله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" سورة البقرة من الآية رقم 279، أما إذا كان التأخير غير راجع لعذر مقبول أو بدون أية أسباب، فإنه من حق البنك الإسلامي في هذه الحالة المطالبة بتعويض عن الضرر الفعلي عملاً بالقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار"، وفي هذا يتضح الفرق بين هذا الأسلوب في أية حالة بالنسبة للمتعامل ولا علاقة لها بالسلعة من حيث هلاكها أو سلامتها أو تسلمها من عدمه.
2- أن هذه المعاملة لم يقل بحلها أحد:
... فيرى المعارضون أن هذه المعاملة لم يقل بإباحتها أحد من فقهاء الأمة: بل وجد من قال بحرمتها(1)1).
أما الفريق المؤيد لهذه المعاملة، فيستند لما ورد الإمام الشافعي في كتابه الأم وإن خالف في بعض النتائج والتفاصيل، وإذا رأى الرجل السلعة، فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال أربحك فيه فكل هذا سواء يجوز البيع الأول، ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار، سواء في هذا ما وصفت أن كان قال: أبتاعه وأشتريه منك بنقد أو دين، يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جددا جاز وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما لأمر الأول، فهو مفسوخ من قبل شيئين، أحدهما أن تبايعا، قبل أن يملكه البائع والثاني أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على: ذا أربحك كذا.(2)2)
__________
(1) يوسف القرضاوي – بيع المرابحة للآمر بالشراء – دار القلم – الكويت 1984 – ص 49.
(2) أبو عبد الله محمد إدريس الشافعي – الأم – مرجع سابق الذكر – الجزء الثالث – ص 33.(1/64)
أما من حيث الإلزام بالوعد في بيع المرابحة(1)3)، فيستند الرأي المؤيد على رأي ابن شبرمة رضي الله عنه بأن كل وعد بالتزام لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، يكون ملزماً قضاء وديانة، ويعني الإلزام بالوعد في بيع المرابحة انه في حالة عدم إتمام الوعد يتحمل الطرف الذي يخل بالوعد الضرر الفعلي الذي قد يلحق الطرف الآخر إلا أن الرد على ذلك أن المواعدة لا يترتب عن النكول عنها دفع أي تعويض حيث ان البيع لم يتم بعد ومن ثم فهي غير ملزمة بهذا المعنى وعليه يمكن صياغة المواعدة دون الإلزام في حالة الرجوع عنها ودون التقيد بضرورة إتمام البيع أو التعويض عن الضرر الناجم.
وبناءاً على ذلك إذا اتفق العميل والبنك على شراء أي بضاعة فإن العميل لا يتحمل شيئاً من النفقة حتى يتم البيع بينه وبين البنك بعد تملك البنك للسلعة وحيازته لها، أما قبل ذلك فالبيع باطل والعميل لا يتحمل شيئاً، والوعد لا يلزمه بشيء من المصاريف التي يبذلها البنك لشراء السلعة، بل يتحمل البنك كل ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك.(2)4)
وفيما يلي صيغة لنموذج مواعدة بالشراء بنظام المرابحة يتفق وما تقدم.
نموذج رقم (01): بيع مرابحة
تمت المواعد بين كل من:
أولاً: البنك الإسلامي ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . ... ... ... ... ... ... ... ... طرفاً أولاً.
ثانياً: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . ... ... ... ... ... ... ... ... طرفاً ثانياً.
على ما يأتي:
1) أبدى الطرف الثاني للطرف الأول رغبته في شراء البضاعة المحددة والمواصفات والكمية الموضحة في الكشف المرفق رقم ( ... ... ... ).
2) سيقوم الطرف الأول بشراء هذه البضاعة لنفسه وامتلاكها وحيازة بهدف المتاجرة فيها.
__________
(1) محمد سليمان الأشقر – بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية – مرجع سابق الذكر – ص 12/14.
(2) محمد سليمان الأشقر – مرجع سابق الذكر– القاهرة للنشر – ص 54/55.(1/65)
3) وعد الطرف الثاني أنه إذا امتلك الطرف الأول هذه البضاعة وحازها فإنه قد يعزم على شرائها منه ويربحه فيها على النحو المبين في الفقرة (5) من هذه الرغبة.
4) للطرف الأول حرية بيع هذه البضاعة بعد امتلاكها للطرف الثاني أو غيره، وللطرف الثاني كذلك حرية النكول عن وعده والتراجع عن رغبته إذا شاء دون لوم أو تثريب.
5) إذا حاز الطرف الأول البضاعة، واستقرت في ملكه فللطرفين أن يتفقا معاً على أن يشتري الطرف الثاني البضاعة المذكورة ويربحه في البضاعة على النحو التالي:
يدفع الطرف الثاني للطرف الأول الثمن الأساسي للسلعة مضافاً إليه جميع المصاريف التي صرفت على السلعة ونفقات النقل والتخزين والجمارك وخلافه مضافاً إلى ذلك 10 % ربحاً للبنك.
6) يتفق الطرفان عند توقيع عقد البيع على الطريقة التي يتم بها السداد.
7) للطرفين حرية تبايع البضاعة المذكورة نقداً، بربح يتفق عليه الطرفات.
8) لا يترتب عن الإخلال من أي من الطرفين، بأي بند من بنود هذا الوعد إلزام أو مساءلة أو تثريب.توقيع
توقيع الطرف الأول توقيع الطرف الثاني ... ... ... ... ...
- هذه المعاملة تعد بيعتين في بيعة: ويستند القائلون بهذا الافتراض على ما روي أنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة،ويفسر جمهور الفقهاء هذا الحديث بأن يقول الرجل للرجل: أبيعك هذا نقداً بكذا ونسيئة بكذا ويفترقان عليه، فقد اشتمل على إيجاب عقدين في سلعة صفقة واحدة فقد باع الشيء الواحد بيعتين: بيعة بأقل وبيعة بأكثر بدون تحديد لأحدهما، ولا اتفاق على أجل معلوم ولا نقد نسيئه، ومن ثم كان النهي عن بيعتين في بيعة لما يترتب عليه من غرر وجهالة، لأنه لم يجزم بيع واحدة، ولأنه الثمن مجهولة، إذا أحد العوضيين غير معين وغير معلوم إذا صدر العقد بالترديد بين شيئين.(1/66)
أما الفرق المؤيد لهذه المعاملة، فوجهة نظرهم أن صورة بيع المرابحة الذي تجريه المصارف الإسلامية بعيدة كل البعد عن هذا المفهوم لأنها بيع حقيقي، وليس أسميا أو صوريا – ويمكن القول بأنها عملية مواعدة على البيع حقيقي لسلعة مطلوبة بالفعل، لا وجود فيها لبيعتين ، و إنما هي بيعة واحدة ، كما أنه ليس هناك ثمنان معروضان : نقد و نسيئة ، و إنما هو ثمن واحد محدد و معلوم ، و يتضح ذلك من صيغة الاستمارة التي تكون بين طالب الشراء و البنك الإسلامي التي يوضح فيها أوصاف السلعة و الثمن و الأجل و أسلوب الوفاء ،
الفرع الثاني: بيع المرابحة يدخل في نطاق بيع ما لا يملك :
... و يقر القائلون بهذا الرأي أن بيع المرابحة للآمر بالشراء يدخل في نطاق بيع ما لا يملك أو بيع ما ليس عند البائع و هو ما يسمى " بيع المعدوم " و هو بيع منهي عنه ، و البنك الإسلامي يبيع للعميل ما لا يملك من السلع التي يطلب منه شراءها من الداخل أو استيرادها من الخارج .
و قد استدلوا على ذلك بحديث حكيم بن حزام :قال : أتيت رسول اللّه – صلى اللّه عليه و سلم – فقلت : يأتيني الرجل فيسألني من البيع ما ليس عندي ، أبتاع له من السوق ثم أبيعه منه ، قال : لا تبع ما ليس عندك .
... و يرد الفريق المؤيد بأن المصرف لا يعرض أن يبيع شيئا ، و لكنه يتلقى طلبا بالشراء من عميله ،و لا يقوم بيع السلعة له إلا بعد أن يمتلك ما طلب منه و يعرضه على الآمر بالشراء للتأكد من مطابقته للمواصفات و بالتالي فهو يخرج بذلك من كونه بيع ما ليس عنده ، و بالإضافة إلى ذلك فإن البنك عندما يصبح مالكا لها و من ثم يتحمل تبعة الهلاك أو التلف التي قد تلحق بها .(1/67)
و قد قر المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي : أن الموعد على بيع المرابحة للأمر بالشراء بعد تملك السلعة المشتري وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الموعد السابق هو أمر جائز شرعا طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسؤولية الهلاك قبل التسليم وتبعه الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي.
-أن يكون الثمن مثليا بالجنيه أو الدينار وغيره من العمولات أو المكيالات أو الموزونات أو المعدودات المتقاربة فإن كان له مثل يجوز بيعه على ثمن الأول مطلقا، وإن كان مما لا مثل له من العروض فلا يجوز بيعه مرابحة، وقد ورد هذا الشرط عند فقهاء الحنفية وبالطبع لابد أن يكون المبيع عرضا، فلا يصح بيع النقود مرابحة(1)والمرجع في اعتبار الثمن مثاليا في الشريعة أمران: التماثيل بين أجزائه عندما يكون مكيلا أو موزونا، وبين أحاده عندما يكون معدون ا، مع ملاحظة وجوده في الأسواق(2)2).
والأصل في بيع المربحة أنه بيع أمانة وابتعاد و تجنب للخيانة أو ما يماثلها حيث أن المشتري يأتمن البائع في ما أخيره به عن الثمن الأصلي ولكن في حالة ظهور خيانة البائع في أي شئ سواء الثمن أو مواصفات السلعة أو فالبيع يعتبر صحيحا ، ولكن يكون للمشتري الخيار : إما أن يتم البيع على ما هو عليه أو لا يتم.
المبحث الرابع : عقود البيع بالآجال
تعتبر المرابحة كإحدى صورة البيع ، إلا أنه من المعلوم أن هناك صورا أخرى شائعة في العمل المصرفي ، أبرزها بيع السلم والبيع الآجال ، وصيغ أخرى .نظرا لأهمية هذه المعاملات في دائرة النشاط المصرفي .
المطلب الأول : الجانب الشرعي لبيع السلم والبيع بالأجل
الفرع الأول : بيع السلم
__________
(2) أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة – سنن الترميذي – الجزء الثالث – الباب 18 منه – حديث رقم 1231 – ص 524.(1/68)
يعرف السلم في اللغة بالسلم أو السلف ، ويقول ابن منظور :والسلم ـ بالتحرك:السلف ، وأسلم في الشيء وسلم وأسلف بمعنى واحد، والاسم السلم يقال: اسم وسلم إذا أسلف، هو أن تعطي ذهباً وفضة في سلعة معلومة إلى أمد معلومة، فكأنك قد أسلمت الثمن إلى صاحب السلعة وسلمته إليه وفي حديث ابن عمر: كان يكره أن يقال السلم بمعنى السلف كأنه ضن بالاسم الذي هو موضوع الطاعة والانقياد لله عز وجل عن أن يسمى به غير يستعمل في غير طاعة الله.(1)3)
وقد قيل إن السلف لغة أهل العراق، والسلم لغة أهل الحجاز، كما قيل إن السلف تقديم رأس المال والسلم تسليمه في المجلس، فالسلف أعم.(2)4) .
وقيل في التسمية بالسلم أنها لتسليم رأس المال فيه، وتسميته سلفاً لتقديمه على تسليم المبلغ، أي معجلاً على وقته.
ويعرف بيع السلم شرعاً بأنه بيع موصوف في الذمة، وهناك تعريفات المذاهب حول هذا المعنى، حيث يقصد بيع السلم في المذهب الملكي بأنه بيع شيء موصوف مؤجل في الذمة، كما يقصد في المذهب الحنفي بأنه اسم لعقد يوجب الملك في الثمن عاجلاً وفي المثمن آجلاً، أي بيع آجل بعاجل(3)1)، وكذلك عرف فقهاء المذهب الشافعي(4)
__________
(1) ابن منظور – لسان العرب – الجزء الثالث والعشرون – مادة (س.ل.م)– الطبعة الثانية –دار الأنصار – القاهرة– ص 2081.
(2) الشوكاني – نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار – الجزء السادس – ص 319 – دار النشر والتوزيع القاهرة – الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – المجلد الأول – ص 340.
(3) نقلاً عن الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 303.
(4) قليولي وعميرة – حاشية قليولي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 244.
النووي – روضة الطالبين – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 303.(1/69)
2) السلم بأنه بيع موصوف في الذمة ببذل (رأس المال) يعطى عاجلاً أي قبل تسليم المبيع كما عرفه الحنابلة بأنه تسليم عين حاضرة في عوض موصوف في الذمة إلى أجل.
أ- مشروعية السلم: بيع السلم جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وهو رخصة مستثناة من بيع ما ليس عند بائعه.(1)3)
ويستدل على مشروعية السلم في الكتاب بما جاء في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه...". سورة البقرة – من الآية رقم 282 ، وقد روى سعيد بإسناده عن ابن عباس أنه قال: "أشهد أن السلم المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه" ثم قرأ هذه الآية، ولأن هنا اللفظ يصلح للسلم ويشمله بعمومه(2)4).
أما دليل مشروعيته في السنة ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة والناس يسلفون في الثمر والعامين أو قال السنتين والثلاث، فقال من أسلف في ثمر فيلسوف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"(3)5)، وعن عبد الله ابن أبي المجالد قال: سألت ابن أبي أوفى عن السلف قال: كنا نسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ابن الخطاب يسلف المزارعين من بيت المال لتمويل زراعتهم على أن يسددوا ما عليهم عند الحصاد.(4)6)
__________
(1) الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 304.
(2) نقلاً عن أميرة مشهورة – دوافع وصيغ الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي – رسالة دكتوراه – مرجع سابق الذكر – ص 335/336.
(3) ابن ماجة – سنن ابن ماجة – الجزء الثاني – كتاب التجارة – باب 59 منه – حديث رقم 2280 – ص 765 – دار الاتصال – القاهرة.
(4) النسائي – سنن النسائي – الجزء السابع – كتاب البيوع (باب السلم في الطعام) – ص 289/290.(1/70)
أما الإجماع فقد قال ابن المنذر "أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن السلم جائز"ولأن المثمن في البيع أحد بطلابي العقد، فإجاز أن يثبت في الذمة كالثمن ، ولأن الناس بحاجة إليه، لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها لتكمل، فقد تعوزهم النفقة فجوز لهم السلم لير تفقوا ويرتفق المسلم – هو الذي يدفع مال المسلم بالاسترخاص.
والحكمة في جواز بيع السلم هو تحقيق المصلحة بالتسيير على المتعاملين، حيث يحصل البائع على المال اللازم في الحال لتوفير السلعة والإنفاق على نفسه وذويه، ويحصل المشتري على السلعة في فترة لاحقة بقيمة منخفضة .
ب-أركان بيع السلم: يقوم بيع السلم – كمتغير من البيوع – على الأركان التالية:
1- الصيغة: أي الإيجاب والقبول.
2- العاقدات: أي رب السلم وهو الذي يدفع المال (أي المشتري) والمسلم إليه وهو صاحب السلعة المؤجلة (إي البائع).
3- المعقود عليه: يشمل رأس مال المسلم والمسلم فيه، والأول هو الثمن والثاني هو البيع ولكن من هذه الأركان شروط لابد من تحقيقها ليصبح عقد السلم وهو ما ستوضحه فيما يلي:
- الصيغة: اختلف الفقهاء فيما يتعقد به السلم من الألفاظ، فذهب فريق منهم وهم الشافعية(1)والظاهرية(2)وبعض الحنفية(3)إلى اشتراط لفظ السلم والسلف خاصة، وحجتهم هي ذلك أن الأصل هو عدم جواز السلم لأنه بيع ما ليس لدى الإنسان، وهو منهي عنه إلا أن المشرع رخص فيه بلفظ السلم فوجب أن يقتصر عليه.
__________
(1) قليولي وعميرة – حاشية قليولي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 246.
(2) ابن حزم – المحلي – تحقيق أحمد شاكر – منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – بدون تاريخ – الجزء السادس – ص 105.
(3) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 201.(1/71)
ورأي الفريق الآخر وهم الحنابلة(1)والأحناف(2)وبعض الشافعية إلى جواز انعقاده بلفظ السلم وبلفظ السلف أو بأي من الألفاظ التي ينعقد بها البيع، وحجتهم في ذلك أن السلم بيع فينعقد بما ينعقد به البيع، فالسلم لا يتميز عن باقي أنواع البيوع إلا بتعجيل الثمن وتأخير المثمن.
4- العاقدان: يشترط لهما ما يشترط في البيع من شروط كأهلية التصرف أي البلوغ والعقل والرشد.
5 - المعقود عليه: والمسلم فيه أن يكون :
- معلوم المقدار:(3)
ويعني ذلك معرفة مقدار المسلم فيه بالكيل إن كان مكيلاً وبالوزن إن كان موزوناً، وبالعدد إن كان معدوداً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم من أسلف في ثمر فيلسوف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ولأنه عوض غير مشاهد يثبت في الذمة، فاشترط معرفة قدره كالثمن، وليس هناك خلاف في اعتبار معرفة المقدار.
- معلوم الجنس والنوع والصفة:(4)7) هناك إجماع على اشتراط معرفة الشيء المسلم فيه على وجه يتميز بتلك المعرفة عن غيره(5)
__________
(1) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر –الجزء الرابع – ص 304.
(2) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 201.
(3) الكاساني – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 207.
قليوبي وعميرة – حاشية قليوبي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 249/250.
النووي – روضة الطالبين – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 14/15.
(4) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر –الجزء الرابع – ص 318.
(5) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 207/208.
قليولي وعميرة – حاشية قليولي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 250/255.(1/72)
8)، لأن المسلم هو بيع موصوف في الذمة، فلابد من العلم بصفاته على نحو يميزه عن غيره منها للجهالة والغرر اللذين يؤديان إلى المنازعة ويوجبان فساد العقد(1)1) وأيضاً أن يكون مما يمكن أن يضبط قدره وصفته بالوصف، وذلك على وجه لا يبقى بعد الوصف إلا تفاوتاً يسيراً.(2)2)
- أن يكون دُيناً في ذمة المسلم إليه مؤجلاً إلى أجل معلوم (3) وذلك منعاً للجهالة المفضية إلى المنازعة، حديث ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في ثمر فيلسوف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم".ويجب أن يتحدد الأجل بزمن معرف لا يختلف: كأوائل الشهور، والأعياد المعلومة، أما التأجيل إلى وقت غير معلوم كوقت الحصاد مثلاً فلا يصح، لأن المراد من ذلك تحديد وقت لا يختلف حتى لا يفضي ذلك إلى نزاع(4)،وقد روي عن ابن عباس أنه قال: "ولا تتبايعوا إلى الحصاد والدياس، ولا تتبايعوا إلا إلى شهر معلوم".(3)5)
أما عن تحديد أقل مدة يؤجل المسلم إليه فيها: فعند المالكية(4)6) تقدر هذه المدة بنحو خمسة عشر يوماً وقد قدرت على أساس الوقت الذي ترتفع فيه الأسواق وتنخفض، أما الحنفية(5)7) فقدروها بشهر على أساس أنه أقصى العاجل وأدنى الأجل، أما الشافعي(6)
__________
(1) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 201.
(2) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 208/210.
(3) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر –الجزء الرابع – ص 322.
الإمام الشافعي – الأم – الدار المصرفية للتأليف والترجمة – القاهرة – الجزء الثالث – ص 84.
(4) الباجي – المنتقى شرح موطأ الإمام مالك – الجزء الرابع – ص 297 – دار الشروق بيروت.
(5) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 213.
(6) النووي – روضة الطالبين – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 7.
(
7) الشافعي – الأم – مرجع سابق الذكر – الجزء الثالث – ص 85.(1/73)
8) فلم يقدروا هذه المدة حيث إنه يجوز عندهم السلم الحال واهتموا فقط بتعيين الأجل في المؤجل، واشترط الحنابلة(1)9) أن تكون المدة لها وقع (أو أثر) في الثمن كالشهر أو ما شابه ذلك.أما فيما يتعلق بتسليم السلعة قبل حلول أجل التسليم: ففي هذه الحالة يجوز لرب السلم (المشتري) أن يتسلم السلعة، أما إذا رفض تسلمها فهناك اختلاف بين الفقهاء، حول إلزامه بتسليمها أو عدم إلزامها، فعند المالكية لا يلزم المشتري بتسليم السلعة مهما كانت نوعيتها على أساس أن الأجل في السلم حق لكل ما لم يكن المسلم فيه نقداً حيث يجبر المسلم على قبوله قبل أجل التسليم، إن الطلب المسلم إليه، لأن الأجل حق لمن عليه الدين، أما الشافعية(2)والحنابلة(3)فقد فرقوا بين حالتين على أساس نوعية السلعة وأسباب رفض التسليم (كوقت حرب يخشى من تسلم السلعة منه أو كانت نوعية السلعة في ذاتها لها وضع خاص) (كأن يكون المشتري في حاجة إلى تخزينها ولم يتوافر له بعد مكان التخزين، أو تكون السلعة ذات موسم خاص يرعب المشتري تسلمها فيه، أما في حالة كون عرض المشتري غير صحيح في الامتناع عن التسلم، ويكون غرض البائع غرضاً صحيحاً في التعجيل)، (كأن يفك رهناً أو يخشى من عدم القدرة على التحصل على السلعة وقت حلول التسليم).
__________
(1) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر –الجزء الرابع – ص 323.
(2) النووي – روضة الطالبين – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 7.
(10)الشافعي – الأم – مرجع سابق الذكر – الجزء الثالث – ص 85.
(3) 11) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر –الجزء الرابع – ص 323.(1/74)
- القدرة على التسلم: يقصد به أن يكون المسلم فيه عام الوجود في المحل، فإن أسلم في منقطع عند المحل كالرطب في الشتاء أو العنب في غير وقته لم يصح، وهذا يعني أن يكون المسلم فيه مقدوراً على تسليمه عند حلول أجل التسليم، هذا شرط أجمع عليه فقهاء المالكية(1)1) والحنابلة(2)2) والشافعية(3)3) وحجتهم في ذلك ما ورد في حديث ابن عباس أن الناس كانوا يسلمون في التمر السنين والثلاث، فأقروا على ذلك ولم ينهوا عنه، أما الأحناف(4)4)، فقد اشترطوا بالإضافة إلى ذلك أن يكون المسلم فيه موجوداً حين العقد وموجوداً في وقت حلول الأجل، وحجتهم في ذلك ما روي عن ابن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تسلموا في نخل حتى يبدوا صلاحه" وكأنهم رأوا أن الغرر يكون فيه أكبر إذا لم يكن موجوداً في حال العقد، وكأنه يشبه بيع ما لم يخلق أكثر، وإن كان هذا معيناً وهذا في الذمة وبهذا فارق السلم بيع ما لم يخلق.(5)5)
__________
(1) الباجي – المنتقى شرح موطأ الإمام مالك – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 300.
(2) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر –الجزء الرابع – ص 320/327.
(3) قليولي وعميرة – حاشية قليولي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 256.
(4)الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 211/212.
(5) البخاري – صحيح البخاري – مرجع سابق الذكر – الجزء الثالث – ص 113.
(6) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 211.
(7) قليوبي وعميرة – حاشية قليوبي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 248/249
(8) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 326/327.
(9) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 339/340.
(10) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 213(1/75)
أما في حالة عدم إمكان تسليم المسلم فيه وقت حلول أجل التسليم سواء أكان ذلك لغياب المسلم إليه (البائع)، أو لوقوع ظروف لم تمكنه من التسليم حتى انقطع السلم فيه (أن لم يصبح قادراً على الحصول عليه ليسلمه عند حلول أجل التسليم).وقد اتفق أبو حنيفة(1)6) والشافعية(2)7) والحنابلة(3)8) وابن قاسم من أصحاب مالك، على أن المشتري له الخيار في هذه الحالة بين أن يصبر إلى العام المقبل حتى تتواجد السلعة (كأن تكون ثماراً مثلاً) فيطالب بها أو أن يفسح العقد ويأخذ الثمن إن كان موجوداً أو مثله إن كان مثلياً أو قيمته إن كان قيماً.وقد اختلف الفقهاء في تعيين مكان الوفاء بالمسلم فيه، فعند الحنابلة لا يشترط ذكر مكان الإيفاء لأن الأصل أن العقد يقتضي الإيفاء في مكانه، (إلا إذا أسلم بموقع لا يصح التسليم فيه) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكر مكان الإيفاء(4)9) أما عند الحنفية(5)10) والشافعية فقد اشترطوا تعيين المحل إن لم يكن الموضع صالحاً للتسليم أو كان له حمل ومؤونة، وإن شرط التعيين ولم يتبع (تركه المتعاقدان وبطل العقد)، ولأن الجهالة فيه تقتضي إلى المنازعة.(6)1)
د- رأس المال: بالإضافة إلى شروط المسلم فيه فقد شرط في رأس المال أن يكون مقبوضاً في المجلس، وفي ذلك وردت آراء الفقهاء:
فعند الحنفية(7)2) يشترط أن يكون رأس مال المسلم مقبوض في المجلس سواء كان عيناً (سلعة معينة أو كان ديناً أو غيرها من العملة)، وقد اشترطوا في رأس المال خمسة شروط هي:(8)3)
__________
(6) قليوبي وعميرة – حاشية قليوبي وعميرة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 256/257.
(7) الكاساني – بدائع الصنائع – مرجع سابق الذكر – الجزء الخامس – ص 201/203.
(8) الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – مرجعية الذكر – الجزء الثاني – ص 305/306/311/314.(1/76)
- بيان جنسه: إن كان من النقدين الدينار أو غيرها من أنواع العملة، أو كان عيناً كالقمح أو الشعير وغير ذلك.
- بيان نوعه: كأن يبين نوع النقد أهو محلي أو أجنبي.
- بيان صفته: كأن يبين حالته من الجودة والرداءة.
- بيان قدره: وهنا يمكن أن تكون الإشارة بديلاً من بيان القدر في حالة ما إذا كان الثمن من المزروعات أو المعدودات المتفاوتة (كالثياب مثلاً، أما إذا كان الثمن من المكيلات أو الموزونات، فقد اختلف في ذلك فالبعض رأى كفاية الإشارة والبعض لم ير كفايتها وعلى ذلك لابد من بيان القدر.
- أن يكون مقبوضاً في مجلس السلم: أما الفقهاء المالكية فقد اشترطوا في رأس المال ما يلي:
- أن يكون رأس المال المسلم فيه طعامين سواء أكان متحدى الجنس أم لا.(1)4)
- أن لا يكونا نقدين.(2)5)
- أن لا يكون رأس المال أقل من المسلم فيه إذا كان من جنسه، أما الجنسان المختلفات فإنه يجوز أن يسلم أحدهما في الآخر ولو كانت منفعتهما متقاربة.(6)
- أن لا تختلف صفة رأس المال والمسلم فيه إن كانا من جنس واحد.
- أن يضبط رأس المال (وكذلك المسلم فيه) بما جرت عادة الناس في الجهة التي وقع فيها العقد أن يضبطوا به من كيل أو وزن أو عدد، وكذلك بيان الصفات التي تختلف رغبات الناس من أجلها إذا كان لها دخل في اختلاف قيمة رأس المال.(3)7)
- قبض رأس المال في مجلس العقد وقالوا: إذا تأخر قبض رأس المال عن مجلس العقد، فلا يخلو: إما أن يكون التأخير بشرط كأن يشترط المسلم (المشتري، تأخير فيفسد اتفاق، أو أن يكون التأخير بلا شرط، وفي هذا رأيان: إما فساده أو عدم فساده).(1)
__________
(1) الإمام مالك – المدونة الكبرى – مطبعة السعادة – القاهرة – 323 هـ – الجزء التاسع – ص 26.
(2) الإمام مالك – مرجع سابق الذكر – الجزء التاسع – ص 2/5/20/24.
(3) الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 305.(1/77)
وعند المالكية يجوز ان يكون رأس المال منفعة شيء معين (كسكنى دار) أو استخدام حيوان(1)2) ويشترط الحنابلة قبض رأس مال المسلم في مجلس العقد قبل التفرق.(2)3)
أما الشافعية(3)4) اشترطوا في رأس المال شرطين:
- تسليم رأس المال في مجلس العقد، فلو تفرقا قبل قبضة بطل العقد ولو تفرقا قبل قبض بعضه بطل ما لم يقبض شيئين فتلف أحدهما قبل القبض.
ولا يشترط تعيين رأس المال عند العقد، بل لو قال: أسلمت إليك ديناراً في ذمتي في كذا ثم عين وسلم في المجلس جاز.
- اشتراط معرفة قدر رأس المال إذا كان في الذمة، وأيضاً ذكر صفته إن كان عوضاً فإن كان معيناً وهو مثلى فلابد من ذكر صفته إن وقدره كيلاً في المكيل ووزناً في الموزون وذرعاً في المذروع، أما الحال فيكتفي في المعاينة هو الحال في البيع.
الفرع الثاني: البيع الآجل "البيع بالتقسيط":
أ- تعريف البيع الآجل لغة:
... تعني كلمة "الأجل" غاية الوقت أو مدة الشيء أو حلول الدين والتأجيل هو تحديد الأجل أما كلمة "القسط" فتعني العدل أو الحصة أو النصيب، والتقسيط يعني دفعات متتالية(4)5) ويقول ابن منظور: غاية الوقت في الموت، وحلول الدين ونحوه والأجل: مدة الشيء أجل الشيء فهو آجل وأجيل: تأجيل وهو نقيض العاجل والأجيل: المؤجل إلى وقت.(5)6)
ب- التعريف في الاصطلاح:
__________
(1) الجزيري – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 312.
(2) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق الذكر – الجزء الرابع – ص 320.
(3) الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 305.
(3) الجزيري – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – ص 312.
(4) خلف سليمان النمري – شركة الاستثمار الإسلامية – رسالة ماجستير (جامعة أم قرى، مكة 1983) – ص 228.
(5) ابن منظور – لسان العرب – مرجع سابق الذكر – الجزء الأول – ص 32.(1/78)
هو بيع السلعة بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها نقداً، فهو يعني تسليم المثمن وتأخير الثمن وهو بهذا عكس بيع السلم حيث يسلم الثمن ويتأخر المثمن(1)7)، وهو بهذا يقوم على تمكين المشتري من حيازة السلعة والانتفاع
بها على أن يدفع قيمتها المتفق عليها على أقساط محددة على مدى فترة زمنية معينة، ومن ثم يصبح البائع دائماً للمشتري بثمن البيع.
وعلى ذلك فإن عقد البيع الآجل يتضمن في الحقيقة عقدين:
1- عقد بيع بالنقد، وذلك بافتراض أن البائع قد قبض الثمن بالكامل من المشتري ثم سلمه السلعة.
2- عقد المداينة، ويفترض أن المشتري قد افترض من البائع قيمة السلعة فأصبح مديناً له بقيمتها.(2)1)
ج- مشروعية البيع الآجل:
يستدل على مشروعية البيع الآجل بما جاء في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه". سورة البقرة – من الآية 282 حيث يعتبر تأجيل الثمن من المداينات الجائزة في هذه الآية، وكذلك قوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" سورة البقرة – من الآية 275والآية تشمل جميع أنواع البيع عموماً والبيع الآجل من البيوع.
__________
(1) أميرة مشهورة – دوافع وصيغ الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي – رسالة دكتوراه – مرجع سابق الذكر – ص 339.
(2) خلف سليمان النمري – شركة الاستثمار الإسلامية – رسالة ماجستير – مرجع سابق الذكر – ص 228.(1/79)
أما دليل مشروعيته في السنة، ما ورد عن صهيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث فيهن بركة: البيع إلى أجل والمقارضة وأخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع"(1)2)، كما أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اشترى بالأجل، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير".(2)3)
أما عن الإجماع، فقد اتجه جمهور العلماء إلى إجازته لأنه بيع والأصل في البيع الإباحة كما أنه لم يرد نص بتحريم هذا النوع من البيع.
ويقول ابن القيم: إن من باع بمائة مؤجلة أو ثمانين حالة، ليس هنا ربا أو جهالة ولا غرر ولا قمار ولا شيء من المفاسد، فإنه خيره بين أي من الثمنين شاء.(3)4)
ويقول ابن تيمية: "فإن كان قصد المشتري الانتفاع بالسلعة والتجارة فيها جاز، إذا كان على الوجه المباح، وإما إن كان مقصوده الدراهم فيشتري بمائة مؤجلة ويبيعها في السوق بسبعين حالة، فهذا مذموم منهي عنه في إظهار العلماء، وهذا يسمى "التورق" قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: التورق أخيه الربا".(4)5)
إلا أن بعض الفقهاء لم يجيزوا الزيادة في الثمن الآجل، لما في ذلك من شبهة الربا، وحجتهم في ذلك ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من نهيه عن البيعتين في بيعه.(5)6)
__________
(1) ابن ماجة – سنن ابن ماجة – مرجع سابق الذكر – الجزء الثاني – كتاب التجارات الباب 63 منه – حديث رقم 2289 – ص 268.
(2) الشوكاني – نيل الأوطان – مرجع سابق الذكر – الجزء السادس – ص 327.
(3) أحمد شلبي – الأعمال المصرفية والإسلام – مجلة البنوك الإسلامية – العدد الثاني مايو 1978 – ص 10.
(4) ابن تيمية – مجموع فتاوى ابن تيمية – مكتبة المعارف – المغرب – الجزء التاسع والعشرون – ص 302/303.
(5) أميرة مشهورة – دوافع وصيغ الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي – مرجع سابق الذكر – ص 339/340.384.(1/80)
من شروط البيع الآجل: ثلاثة شروط هي:
- تأجيل الثمن: ويجب تحديد الثمن عند التعاقد، وكذا يجوز بإجماع الفقهاء تحديد البائع لسعرين للسلعة أحدهما حال والآخر آجل ويترك للمشتري الخيار بينهما.(1)
- تسليم المبيع حالاً.
- تحديد مدة الأجل الوقت العقد، وتحتسب المدة من وقت تسليم المبيع.(2)
أما صور البيع الآجل: فتختلف بإختلاف أسلوب تأجيل الثمن وهي:
- بيع السلعة بسعرها الحالي: (اليومي أو سعر السوق) دون أي زيادة في الثمن مع تأجيل الثمن أو تقسيطه وهذه الصورة جائزة بالإجماع.
- تحديد سعرين للسلعة: بأن يكون لها سعر خاص بالنقد (فوري) وسعر آجل (بالتقسيط) وهو يزيد عن السعر الحاضر.(3)3)
- تأجيل الثمن على أساس البيع التأجيري: حيث يتفق الطرفان على بيع سلعة أحدهما للآخر مع تحديد قيمتها تحديداً نهائياً بحيث لا تنتقل السلعة المباعة لملكية المشتري إلا بعد أن يسدد ثمنها بالكامل للبائع وفي حالة فسخ العقد يحتفظ البائع بملكية السلعة والمشتري يحصل على منفعتها مقابل القيمة الإيجارية المدفوعة.(4)4)
المبحث الخامس: الاستثمار عن طريق الإجارة
تعتبر الإجارة كذلك من أساليب تشغيل الأموال بالبنوك الإسلامية ومن وسائلها التمويلية، ولقد ظهر أسلوب الإجارة نظراً لحاجة البنوك الإسلامية إلى استحداث نوع آخر من أنواع التمويل إلى جانب مساهمة في رأس مال يدر عليها شرعياً ومعقولاً ويمكن تمويلها من الأرصدة التي يتم الحصول عليها عن طريق تعبئة الموارد من السوق المالية.
__________
(1) خلف النمري – شركة الاستثمار الإسلامية – مرجع سابق الذكر – ص 229/230.
(2) أميرة مشهورة – دوافع وصيغ الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي – مرجع سابق الذكر – ص 341.
(2) أميرة مشهورة – مرجع سابق الذكر – ص 341
(3) خلف النمري – شركة الاستثمار الإسلامية – مرجع سابق الذكر – ص 229/230.(1/81)
تحصيل الأرباح في مقابل الانتفاع بالأصول المؤجرة على مدى فترة الإيجار المتفق عليها حسب جدول مضبوط بالقيمة والمدة.
والتمويل بالإيجار من الأساليب التمويلية متوسطة الأجل، ولقد ظل من أساليب تمويل المشروعات المهمة بالنسبة للبنوك الإسلامية.
المطلب الأول: تعريف الإجارة وأنواعها
الفرع الأول: تعريف الإجارة
أ- في اللغة: الإيجار مشتقة من أجر وهو العرض ومنه سمي التواب أجر.(1)
ب- في الفقه الإسلامي: الإيجار هي بيع منفعة معلومة بأجر معلوم عند الشافعية، وقيل هي تمليك المنافع بعوض وعرفها المالكية بأنها: (تمليك منافع شيء مباحة مدة معلومة بالعوض).(2)
ويرى ابن الهام أن الإيجار تعقد منافع بعوض، فلإيجار بيع من منافع، وهي على أنواع مختلفة يجمعها قسمان، قسم يرد على العمل كاستئجار المحترفين العمال كالخياطة وغيرها.
... ويفضل البابرتي في ذلك فيقول أن المنافع ما تصير المنفعة فيه معلومة بالمرة كاستئجار الدور لسكن والأرض للزراعة، ومنه ما تصير المنفعة فيه بتعبير والإشارة كاستئجار عامل لينقل طعاماً على موضع معلوم.(3)
وبصفة عامة فالإيجار هي تقديم شخص يسمى مؤجر منفعة معينة عند شخص آخر يسمى المستأجر مقابل تعويض على هذه المنفعة ويسمى الأجر.
الفرع الثاني: أنواع الإيجار
ينقسم عقد الإيجار إلى نوعين رئيسيين هما تأجير تشغيلي وتأجير تمويلي:
__________
(1) السيد السابق فقه السنة – ج3 – دار الكتاب العربي – ص 177.
(2) محمد بوجلال – البنوك الإسلامية – مرجع سابق – ص 38.
(3) محمد عبد المنعم عفر – سياسات الاقتصادية والشرعية – وحل أزمات وتحقيق التقدم – مطبوعات الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – ط1 – القاهرة – مطابع المنار العربي – 1987 – ص 169/170.(1/82)
أ- تأجير تشغيلي: في هذه الحالة يتقدم المستأجر إلى البنك الإسلامي للتأجير أصل ما لمدة محددة يتم خلالها استغلال الأصل المؤجر لصالح المستأجر، في العادة لا يكون هناك ارتباط بين العمر الاقتصادي للأصول المؤجرة وفكرة عقد الإيجار، وغالباً ما يكون المؤجر في هذه الحالة إما منتج الأصول بغرض تأجيرها لغير لفترات مختلفة ومن أمثال هذه الأصول:
تأجير السيارات المعدات الإلكترونية وتأجير العمارات، وتأجير التشغيلي له خصائص معينة نذكر منها:
1- يتحمل المؤجر مخاطر عدم صلاحية الأصول المؤجرة.
2- يكون المؤجر مسؤولاً عن صيانة الأصل وإجراء التأمينات اللازمة لذلك.
3- وفي العادة لا تكون للمستأجر في هذا النوع من التأجير فرصة اختبار شراء الأصل في نهاية مدة
التعاقد ، ذلك أن التأجير التشغيلي خدمة معينة يقدمها صاحب الأصول الى المستأجر(1)4).
4- وفي العادة لا تكون للمستأجر في هذا النوع من التأجير التشغيلي خدمة معينة يقدمها صاحب
الأصول الى المستأجر .
ب- التأجير التمويلي: والمقصود به شراء المعدات أو الأصول، والقيام بتأجيرها للعملاء أو الشركات، نظير
أقطار شهرية أو نصف سنوية على اعتبار ذلك من أبوب تمويل مشروعات هؤلاء العملاء، وللتأجير التمويلي ثلاث اشكال وهي كالآتي:
1- تأجير بشرط البيع: يعتبر هذا النظام كما يدل عليه اسمه، اتفاقية إيجار مرتبطة بوعد من طرف العميل (عميل البنك)، بشراء تلك الأجهزة والمعدات المؤجرة إليه، وعقد التأجير بشرط البيع شبيه إلى درجة كبيرة بعقد الإيجار باستثناء مايلي:
إن سعر شراء الاختيار يحل محله سعر شراء إجباري يساوي تكلفة حصول على المعدات والأجهزة بواسطة البنك.
__________
(1) حمو بوخالفة، استثمار الأموال من منظور إسلامي، مرجع سابق الذكر، ص70.(1/83)
يتم حساب التزام العميل بدفع أقساط الإيجار على فترات معينة لتوفير نسبة ربحية معقولة للبنك على المبلغ الذي يستثمره للحصول على البضائع بدون الالتفاف إلى تناقص قيمتها بسبب الإهلاك.
... يتطلب من العميل القيام بدفع مبالغ محدودة القيمة على فترات في حساب استثماري مغلق لتأمين التزامه بشرائه المعدات والأجهزة مع المحافظة على أحقية العميل في الأرباح أو خسارة هذا الحساب.
2- الشراء مع التأجير للبائع: وتتبع هذه الصيغة في تمويل الشركات المحتاجة إلى سيولة وذلك ببيع معداته إلى بنك لقاء ثمن نقدي يتفقان عليه، وتتصرف فيه الشركة بما يحقق لها السيولة المطلوبة دون أن تفقد الاستفادة من المعدات التي باعتها، إذا تستأجرنا من البنك مقابل أجرة معلومة.
3- التأجير المباشر أو العادي: ويتمثل في العمليات التأجيرية العادية بين البنك الإسلامي كمؤجر وعلاقته كمستأجرين والتي تنتهي عادة بانقضاء مدة العقد بإعادة الأصل بعد الانتفاع به إلى المؤجر.
المطلب الثاني: أساليب أخرى للاستثمار في البنوك الإسلامية:
وإضافة لما تقدم ذكره من أساليب الاستثمار لدى البنوك الإسلامية من مضاربة ومراجعة ومشاركة وإجازة فإننا سوف نتطرق في هذا المطلب إلى صيغ أخرى للاستثمار لدى هذه البنوك لا تقل أهمية عن الأولى من ناحية التنمية الشاملة غير أنها لم تحظ بالقسط الوافر والكافي في معاملات البنوك ويرجع هذا إلى حداثة البنوك الإسلامية بحيث لم تتمكن التوسع إلى كل المجالات المستخدمة وتطبيق كل البحوث والتطبيقات العصرية لهذه العمليات.
غير أن الملاحظ على عمليات البنوك الإسلامية مؤخراً إنها سوف تصبح مستقبلاً على نفس مستوى الأهمية مع الأساليب المستعملة حالياً بل يمكن أن تتجاوزها في بعض الأحيان حسب أهمية المشروع وطبيعة الدولة التي بها البنك.(1/84)
ومن بين هذه الصيغ: بيع السلم والمزارعة والمساقات، والقرض الحسن وهي ذات عائد غير مباشر على البنك، وقبل التعرض إليها بالتفصيل تجدر بنا الإشارة إلى أن البنوك الإسلامية يمكنها استحداث وتطوير العديد من الصيغ والمعاملات مجهولة حالياً وجعلها ذات مردودية عالية وذلك عن طريق الأبحاث المستمرة.
الفرع الأول: المزارعة والمساقات
أ- المزارعة:
... وهي من أهم مجالات وأشكال التوظيف في البنوك الإسلامية، وتقوم المزارعة أساساً على الزرع ببعض الخارج منه، وذلك أن يقدم مالك الأرض بإعطاء الأرض لمن يزرعها أو يعمل ويقومان باقتسام الزرع .
وتعد المزارعة من نوع المشاركة، حيث يشارك أحد الشركاء بمال أو أحد عناصر الثروة و هي الأرض والعنصر الثاني العمل من جانب الشريك الآخر، ويتجلى عمل البنك الإسلامي ان يتأكد من توافر عدد من الشروط عند بحث طلب للمشاركة وهي:
1 - أهلية الطرف المتعاقد معه على الزراعة سواء من الناحية القانونية أو الناحية الفقهية، فضلا عن باقي
عناصر الأهلية البنك الإسلامي ويتعين توافرها، في العميل طالب التمويل في عملية المزارعة.
2 - صلاحية الأرض لزراعة المحاصيل المتفق عليها، أو قابلية الأرض للاسترجاع بذات المحاصيل، ودون ان يتكبد البنك أو العميل المشقة كثيرة وتكاليف ضخمة تجعل اقتصاديات الإنتاج غير مناسبة أو تستغرق رأس المال دون إنتاجية أو إنتاج حقيقي لمدة طويلة نسبيا الذي توجد فيه بدائل الاستثمار وتوظيف أفضل ذات عائد وربحية ومخاطرة توظيفية أقل.
3 - تحديد مدة التمويل: وأن ينص في العقد على أن النتائج أو المحصول الذي سيتم جنيه مشاع بين البنك والعميل، ويتم تقسيمه بنسبة متفق عليها بينهم.
4- أن يخلي البنك باعتباره صاحب التمويل المال بينه وبين العميل، أي يتيح له التمويل المطلوب ليقوم بشراء مستلزمات واحتياجات المزارعة من الآلات وأسمدة، وكيماويات دوائية وحشرية فضلاً عن البذور ودفع أجور الأيدي العاملة.(1/85)
5- أن يحدد في العقد نوع الزارعة المستخدمة، ونوع الحصول الذي سيتم زراعته حتى لا يثار نزاع بين أطراف العقد.
وتعتبر المزارعة مشاركة حقيقية فعلية وفقاً للمنهج الإسلامي الذي يقي أنه إذا لم تأتي الأرض ليست من السباب تحمل طرفان الخسارة، فالبنك يخسر أمواله وصاحب الأرض أو العمل خسر منفعة أرضه وعائد عمله.
ب- المساقات: تهتم البنوك الإسلامية بها كنوع متخصص من المشاركات في المجال الزراعي، والأصل فيها أن يدفع الرجل شجرة إلى آخر ليقوم بسقيه وعمل ما يحتاج مقابل جزء معلوم من الثمار التي ينتجها هذا الشجر، وفي شكل نسبه من هذا الإنتاج.
وفي هذا المجال ونظراً لامتلاك الدول الإسلامية أراضي شاسعة فإنها تحتاج إلى مشروعات للمياه الضخمة لري وزراعة هذه الأراضي وزراعة تجارية واسعة وكثيفة، وبالتالي يمكن للبنك الإسلامي أن يقيم مشروعات.
الفرع الثاني: القرض الحسن
أ- تعريف القرض: القرض هو المال الذي يعطيه المقرض للمقترض ليرد مثله إليه عند قدرته على ذلك وهو في الأصل اللغة القطع ويسمى المال الذي يأخذه المقرض بالقرض لأن المقرض يقطعه من حاله.
إذ أن القرض هو عبارة عن تمليك مال للمقترض رفقاً به لحاجاته إلى هذا المال على أن يرده عند القدرة على ذلك.
ب- تعريف القرض الحسن: القرض الحسن هو عبارة عن قرض خالي من الفائدة يعطى إلى المستحقين من أفراد المجتمع.
ج- مشروعيته:
1) في الكتاب: قال تعالى: "من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون". سورة البقرة – الآية 243.
2 ) في السنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربه من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه"(1)
__________
(1) رواه أبو هريرة .(1/86)
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: "رأيت ليلة أسرى بي على باب الجنة مكتوباً الصدقة لعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة ؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده والمقترض لا يقترض إلا من حاجة".
3) الإجماع: والقرض الحسن جائز بالإجماع من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.
المبحث السادس: دور البنوك الإسلامية وأهميتها
مشكلة التنمية في البلدان الإسلامية ومشكلة القصور في الموارد المالية اللازمة للتنمية، وتعاني البلدان الإسلامية المعاصرة من المشاكل العديدة المرتبطة بظاهرة التخلف الاقتصادي وتظهر فيها الحاجة الماسة إلى التنمية الاقتصادية، وتبذل جميع هذه البلدان في الوقت الحاضر جهوداً تتفاوت من حيث كثافتها أو جديتها ودرجة نجاحها، لرفع معدلات التنمية الاقتصادية بالرغم من أن موضوع التنمية الاقتصادية يحتاج إلى بحث مستقبل إلا أننا لأغراض التبسيط سنفترض بصفة أولوية نسلم بالأهداف الشائعة للتنمية مثل رفع نصيب متوسط الفرد من الدخل الحقيقي وتغيير هيكل الناتج الكلي وبناء الطاقة الإنتاجية الضرورية لرفع معدلات نمو الناتج الحقيقي.(1/87)
وكذلك أيضاً سنفترض أن من أهم المشاكل التي تواجه عملية التنمية الاقتصادية مشكلة تدبير الموارد المالية اللازمة وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف المرجوة فالواقع أن البلدان الإسلامية النامية جميعاً باستثناء مجموعة البلدان المنتجة للنفط تعاني قصوراً شديداً في مواردها التمويلية الحقيقية اللازمة لرفع معدلات التنمية الاقتصادية، وهذا الأمر ناشئ أصلاً بسبب قصور تيار الموارد التحويلية المحلية، ويرجع أيضاً إلى انخفاض كفاءة وأهلية النشاط التمويلي في تعبئة الموارد الإدخارية وتوجيهها إلى التنمية الاقتصادية، فالنشاط التمويلي الذي يتمثل في نشاط المصاريف والشركات الاستثمارية والأسواق المالية تعاني من مشاكل عديدة تتسبب في مجموعها في مضاعفة انخفاض المدخرات الوطنية بدلاً من التخفيف من حدتها وظل إعلان الحكومات لأهداف استثمارية طموحة للموارد المحلية، وقد حاولت بعض البلدان الالتجاء إلى أسلوب التمويل بالعجز فوقع في مشكلة التضخم وما تبعته من تشوهات سعرية وإخلال بالتخصيص الأمثل للموارد والابتعاد أكثر فأكثر عن تحقيق أهداف التنمية كما التجأ عدد كبير إلى الاقتراض من الخارج لسد فجوة الموارد فوقع في مشاكل المديونية الخارجية وهذه أشد خطورة وفي إطار هذه الواقعية تصبح الحاجة ملحة إلى رفع كفاءة التنظيمات في النشاط التمويلي، ومن هذا المنطق نبدأ في بحث دور المصاريف الإسلامية في تعبئة الموارد التمويلية للتنمية ولا نقتصر أبداً أننا نسلم من جهة النظر الإسلامية بالإطار الواقعي الذي نعيش فيه إنما هي فقط نقطة بداية نبدأ منها.
وإنما نفعل ذلك لأن هناك خلطاً واضحاً قد حدث بين ننشده أو ينبغي أن يكون بين ما هو واقعي، وكثير ممن هو خارج دائرة المصارف الإسلامية، يقع في هذا الخلط فيحكم على فكرة المصارف الإسلامية برمتها بأنها فاشلة أو محدودة النجاح بمجرد الرجوع إلى التجربة.(1/88)
... ومن الشائع تعريف المصرف الإسلامي على أنه مؤسسة مصرفية لا تتعامل بالفائدة أخذا أو إعطاء، فالمصرف الإسلامي يتلقى ودائع نقدية دون التزام أو تعهد من أي نوع بإعطاء فوائد للمودعين كما انه يعمل على استخدام هذه الودائع بطرق شرعية دون التجاء إلى نظام الفائدة بشكل مباشر أو غير مباشر وبينما يضع هذا التعريف تفريقه واضحة بين المصرف الإسلامي وغيره من المصارف الربوية إلى أنه ينصب على ركن واحد وهو عدم التعامل بالفائدة، هذا الركن يعتبر شرطاً ضروري لقيام المصرف الإسلامي ولكنه ليس شرطاً كافياً.
ومما يؤكد هذا القول أن بعض المصارف في أنظمة بلدان اخرى غير إسلامية قد اعتمدت على نظم كبديل للفائدة، مثال ذلك بنوك الإدخار في ألمانيا في الثلاثينات من هذا القرن الميلادي، وكذلك المصارف في الكتلة الشرقية (الاتحاد السوفياتي وغيره)، التي اعتمدت منذ نشأتها على نظام التخطيط في تهيئة وتوزيع الموارد المالية على الاستخدامات المختلفة على اعتبار أن نظام الفائدة رأسمالي بطبعه وممارساته.
فلا يصح لها، أضف إلى هذه الحالات أن المصارف في الكتلة الغربية الرأسمالية أصبح الآن تجارب عديدة في استخدام مواردها النقدية بأساليب لا تعتمد بالضرورة على نظام الفائدة الشائع لديها.
وبناء على ما تقدم بتبيين وجه القصور في التعريف الشائع للمصرف الإسلامي ويلزم تعريف المصرف الإسلامي بأنه مؤسسة مصرفية تلتزم في جميع معاملاتها ونشاطها الاستثماري وإدارتها لجميع أعمالها بالشريعة الإسلامية ومقاصدها وكذلك بأهداف المجتمع الإسلامي داخلياً وخارجياً.(1/89)
لا شك أن القصور في تعريف المصرف الإسلامي يؤدي إلى اختلال في الممارسات العملية فمن المؤكد أن الالتزام بإلغاء الفائدة وحده لا يكفل سلامة المصرفي الإسلامي وتحقيقه لأهدافه، والتعريف السليم للمصرف الإسلامي من ناحية أخرى يؤكد انه يعتمد أساساً على تحريم الربا وينطلق لتحقيق الأهداف الاقتصادية الإسلامية معتمداً على الشريعة الإسلامية ومقاصدها والمصلحة الراجحة للمجتمع والأمة الإسلامية هذا التوضيح السابق ضروري لبحث أو تقويم دور المصارف الإسلامية في تعبئة الموارد المالية للتنمية.
المطلب الأول: دور البنوك في تعبئة الموارد المالية
إن النشاط المصرفي الإسلامي أكثر قدرة من النشاط المصرفي التقليدي أو الربوي في مجال تعبئة الموارد المالية للتنمية داخل البلدان الإسلامية، وفي مجال التنظير يسمى هذا الفرض فرضاً مفسراً ويجب اختبار صحته في الواقع العملي للواقع العملي وفقاً للمنهج التجريبي للعلم، ولذلك فلا يصح اختباره إلا في إطار الفروض الأخرى التي يعتمد عليها والتي بمثابة مبادئ أو قواعد أو حقائق واضحة وتسمى بديهيات أو فروضاً أساسية:
وبصفة عامة فإن القروض الأساسية التي يعتمد عليها فرضنا المفسر هي:
أ- الاتجاه الرسمي إلى التطبيق الكامل للشريعة الإسلامية دفعة واحدة وتدريجي.
ب- نضج الوعي والالتزام لدى الغالبية بالأهداف الاقتصادية الإسلامية على المستويين الجزئي والكلي.
ج- صغر الأهمية النسبية للمعاملات المصرفية الخارجية مع البلدان التي تطبق النظام الربوية والعكس بالنسبة للمعاملات المصرفية مع البلدان الإسلامية التي ترفض النظام الربوي.
د- وجود الكفاءات البشرية القادرة على إدارة العمل المصرفي وأداء مهامه في إطار الأهداف الاقتصادية الإسلامية والظروف الواقعية.(1/90)
إذا توفرت هذه الفروض الأربعة الأساسية فإن المصارف الإسلامية سيكون له دور ومقدرة أكبر من البنوك الربوية على تجميع الموارد المالية للتنمية، والعكس صحيح بمعنى أن غياب هذه الفروض أو عدم توافرها بدرجة أو بأخرى يقلل من فرصة نجاح البنوك الإسلامية ويزيد من مقدرة البنوك الربوية على تجميع الموارد المالية للتنمية، ومن المؤكد أننا لا نستطيع اختبار "الفرض المستمر"، إلا إذا تأكد الفروض الأساسية موجودة في الواقع، ولذلك فإن مناقشة مدى واقعية الفروض الأساسية أمراً ضروري.
1)- الفرض الأول: إذا طبقت الدولة الشريعة الإسلامية او اتجهت إلى تطبيقها خلال مرحلة زمنية محددة فإن المناخ القانوني الاقتصادي الملائم للمصارف الربوية سوف ينتهي مرة واحدة أو تدريجياً حيث لا يمكن التعامل بنظام الفائدة الربوية، كذلك فإن جميع لوائح التعامل المصرفي والإدارة المركزية للنشاط المصرفي المركزي.
والسياسة النقدية تتغير لغير صالح المصارف الربوية، والعكس صحيح بمعنى أن سيادة القوانين التي تسمح بالربا، وكذلك التنظيمات المصرفية و السياسات النقدية التي تعتمد على نظام الربوية.
ستضع حدود وقيود شديدة على النشاط المصرفي الإسلامي بينما سوف تسمح بانطلاق النشاط المصرفي الإسلامي، ورواجه فإذا لم تكن الشريعة الإسلامية مطبقة فستجد القوانين الوضعة في البلدان الإسلامية كلها متحيزة للمتعاملين بالربا للقيام بأعمالهم ولاستعادة حقوقهم من المقترضين، وبقوة القانون ولو أدى هذا إلى إفلاس المقترض أو حبسه أو أبعد من ذلك، وسنجد جميع قوانين الجهاز المصرفي مهيأة لإدارة الجهاز المصرفي كله تبعاً لنظام الفائدة ومن المعلوم أن سياسة السوق المفتوحة للأوراق المالية وسياسة سعر وغيرها من السياسات تعتمد في النهاية على سعر الفائدة باختصار لن يكون المناخ ملائماً إلا لمن يتعاملون بالربا.(1/91)
2)- الفرض الثاني: كلما نضج الوعي لدى غالبية الناس والتزامهم بالاقتصاد الإسلامي كلما اتجه أصحاب المدخرات إلى رفض المعاملات الربوية وإيداع أموالهم في المصارف الإسلامية، وكلما اقبلوا على المصارف الإسلامية للاستثمار والتي تعتمد على قبول المشاركة في مخاطر النشاط (قبول الربح والخسارة)، كالمضاربة والمرابحة والمشاركة ... إلخ.
وكذلك كلما نضج الوعي بالأهداف الاقتصادية (وعلى المستوى الفردي ثم المستوى الكلي للوطن ثم المستوى الشامل للأمة الإسلامية)، كلما عمل الإفراد على تعطيل مواردهم المالية واستخدامها بالكل وكلما أمكن توزيع هذه الموارد على الاستخدامات المثلى التي تحقق أهداف التنمية الاقتصادية وفقاً للمنظور الإسلامي، ومثل هذا المناخ لا يتيح نمو نشاط المصارف الربوية (حتى بفرض أن الشريعة لم تطبق على المستوى الرسمي)، أما غياب هذا المناخ أو اختلاله فمعناه أن الأفراد سوف يفضلون فكرة العائد المضمون المتمثل في الفائدة على فكرة العائد المتحمل الذي قد يتحقق أن لا يتحقق على الإطلاق، ومعنى هذا أنهم سوف يرفضون مبدأ المخاطرة المتمثل في القاعدة الشرعية "الغر بالغنم"، والخراج بالضمان" وهذا كله سوف يسمح بنمو النشاط المصرفي الربوي كلم حدث في البلدان الإسلامية المعاصرة.
3)- الفرض الثالث: صغر الأهمية النسبية للمعاملات المصرفية والاقتصاد مع البلدان التي تعتمد على النظام الربوي، يتيح فرصة كبيرة لنمو النشاط المصرفي الإسلامي في مجال تعبئة الموارد المالية للتنمية العكس الصحيح، فالنشاط المصرفي على المستوى المحلي يدعم بعضه بعضاً وكذلك الأمر على المستوى العالمي، لذلك كلما صغر حجم المعاملات المصرفية والاقتصادية مع البلدان التي تعتمد على النظام الربوي، وكلما كبر حجم هذه المعاملات بين البلدان الإسلامية التي تطبق النظام الاقتصادي الإسلامي كلما ضعف.(1/92)
ونشاط المصارف الربوية داخلها واتسع نشاط المصارف الإسلامية وازدادت أهميته في تمويل التنمية، والعكس صحيح، فالمصارف الربوية القائمة حالياً في البلدان الإسلامية، أنشئت وأخذت فرصتها في مجال التمويل والنشاط الاقتصادي الداخلي والخارجي لهذه البلدان منذ القرن الماضي، وكانت حلق الاتصال بين هذه المصارف والمصارف الربوية في العالم الغربي المتقدم واضحة منذ البداية، ولقد تركز دور هذه المصارف الربوية في تسهيل عمليات إنتاج وتصدير بعض السلع الأولية الهامة للبلدان الصناعية الغربية من جهة وتسهيل عمليات استيراد السلع الصناعية من هذه البلدان من جهة أخرى، ولقد امتد دور هذه المصارف فيما بعد في ظروف الاستقلال السياسي إلى تمويل بعض المشروعات الصناعية الجديدة، ولكن هذا الدور ظل ضعيف ومحدوداً في معظم البلدان النامية ومنها البلدان الإسلامية، وظلت المهام الأساسية للمصارف الربوية تتمثل في المساهمة في عمليات تصدير السلع الأولية أو بعض المصنوعات البسيطة وعمليات استيراد المصنوعات من البلدان الغربية بالإضافة إلى التحويلات الداخلية والخارجية وخصم الأوراق التجارية ... إلخ.
و أنه بالرغم من توسع توسيع المصرف الربوية في البلدان الإسلامية في نشاطها المصرفي الداخلي إلا أن حجم المعاملات المصرفية الاقتصادية الخارجية مع البلدان التي تعتمد على النظام الربوي ظل كبيراً بل ضخماً ويؤكد قضية التبعية الاقتصادية بالنسبة للبلدان الإسلامية ويمكن أن نرى بوضوح ان النشاط المصرفي الربوي في البلدان الإسلامية كان ومازال جزءاً من النظام المصرفي العالمي الذي يقوم على الربا، ولذلك فإن استخدام الموارد المالية لأغراض التنمية لم يحدث، أو حدث في أقل الحدود.(1/93)
أما إذا حدث مستقبلاً أن تزداد تعبئة الموارد المالية الذاتية وتوظيفها داخلياً لأجل التنمية أو زادت المعاملات الاقتصادية والمصرفية بين البلدان الإسلامية على أساس ربوي فإن هذا سوف يضعف بالتأكيد حلقة التبعية الاقتصادية والمصرفية للعالم الغربي ويقوي دعائم النشاط المصرفي الربوي بينما يعطي الدفعة المناسبة لتوسيع النشاط المصرفي الإسلامي وأداء دوره في مجال التنمية.
4)- الفرض الرابع: وجود الكفاءات البشرية القادرة على تسير النشاط المصرفي الإسلامي، يعني وجود خاصة بالنسبة للأهداف الاقتصادية للمجتمع الإسلامي وملتزمة ببذل أقصى جهده في سبيل تنفيذ هذه الأهداف، وجود هذه الفئة أو قلتها أو اختلال تركيبتها فإنه يترك الفرصة هائلة أمام نمو النشاط المصرفي الربوي حتى بفرض تطبيق الشريعة الإسلامية وفي داخل مباني المصارف الإسلامية.
كان من الضروري مناقشة المحددات النظرية لدور المصارف الإسلامية في تعبئة الموارد المالية للتنمية قبل أن نستعرض التجربة المعاصرة، وذلك لكي لا تقع فيما يقع فيه العديد حينما يخلطون بين المثال والواقع او بين ما ينبغي وما هو موجود قائم ويتهيأ لهم أن أخطاء أو نقائص الواقع دليل على ضعف الفكرة أو المثال فيعمدون إلى مهاجمة المصارف الإسلامية كتنظيمات بدلاً من تقويم التجربة أو بعض نواحي هذه التجربة أو انتقادها.
... لقد بلغ عدد المصارف الإسلامية الرئيسية في العالم الإسلامي دون فروع المعاملات الإسلامية نحو ثلاثين بالإضافة إلى مصارف إيران وباكستان التي تحولت إلى مصارف إسلامية، اما خارج العالم الإسلامي فهناك عدد محدود جداً.(1/94)
... وتعمل المصارف الإسلامية على جميع مواردها المالية من المدخرين وأصحاب الفوائض المالية على أساس مبدأ المشاركة في الربح والخسارة وتتبع بعض الصيغ المعروفة في فقه المعاملات الإسلامية لأجل استثمار هذه الموارد، ومن أشهر هذه الصيغ المضاربة والمشاركة والمرابحة والمتاجرة والإجارة بالإضافة إلى الاستثمارات المباشرة وبجانب هذا تقوم المصارف الإسلامية بأداء معظم الخدمات المصرفية المعروفة في المصارف التجارية الربوية مع تخليصها من الفائدة وإحلال العمولة أو الآجر محلها وثمة ملاحظات هامة تستقي من دراسة ميزانيات المصارف الإسلامية.
1- تزايدت الودائع بصفة مستمرة حتى نهاية النصف الأول من الثمانينات بالرغم من الظروف غير المواتية التي أحاطت بها وباقتصاديات البلدان الإسلامية بصفة عامة.
ويلاحظ أن معدل نمو الودائع الاستثمارية وغير الاستثمارية لدى المصارف الإسلامية كان مرتفعاً بصورة خاصة في السنوات الأولى من إنشائها، وهذا أمر عادي من جهة الرقم المنطقي الرقمي حيث بدأ النشاط من الصفر ولكن يبرره أيضاً الإقبال الغير العادي من قبل جمهور كبير من المسلمين المتحمسين لفكرة العمل الاقتصادي الإسلامي.
وفي النصف الثاني من الثمانينات انخفضت معدلات النمو الودائع لدى عدد من المصارف في البلدان الإسلامية ولم يكن ذلك بالنسبة لجميع المصارف، فالمصارف الجديدة نسبياً زادت لديها الودائع، أما بعض المصارف التي تعرضت لحملات تشكيك ضخمة جداً سواء في هويتها الإسلامية أو كفاءة إدارتها ومنها المصرفات الكبيران في مصر، فيصل الإسلامي، والإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية فقد تعرضت لنقص شديد في الودائع لديها.(1/95)
2- ارتفعت معدلات الربح الموزع على المودعين والمساهمين في السنوات الأولى لإنشاء المصارف الإسلامية فوق المعدلات المعروفة للفائدة المصرفية، ثم انخفضت بعد ذلك تدريجياً لتصل في العديد من الحالات إلى معدلات قريبة جداً من أسعار الفائدة الجارية، ثم استمر الانخفاض بعد ذلك في معدلات الربح، حتى أصبحت في عدد من الحالات أقل من معدلات الفائدة السائدة لدى المصارف الربوية، وفي دراسة خاصة عن عشرين مصرفاً إسلامياً، نجد أن معدلات العائد الموزع على المودعين بلغت 3.7 %في 84.1980(1)، وهي معدلات تقل بشكل ملحوظ عن معدلات الفائدة الجارية في هاتين السنتين، وصاحب ذلك انخفاض مستوى الودائع، ولا شك أن هناك علاقة بين معدلات الربح ومعدلات نمو الودائع الاستثمارية لدى المصارف الإسلامية لن الفرد العادي في مجتمعاتنا "الإسلامية"، وما زال يميل إلى الدخل المضمون ولذلك وجدنا أناساً كثيرين سارعوا بسحب ودائعهم عندما تعرضوا لنقص في معدلات الأرباح ولا يمكن القول أن انخفاض معدلات الأرباح هو السبب الوحيد أو الرئيسي في تدني مستوى الودائع بل هناك عوامل أخرى لا تقل أثراً منها الظروف الاقتصادية وحملات التشكيك المكثفة في العمل المصرفي الإسلامي والتي بلا شك قد حددت من مقدرة المصارف الإسلامية على تعبئة الموارد المالية.
لقد تعرضت هذه المصارف الإسلامية في النصف الثاني من الثمانينات لاتهامات من البعض في أنها لا تختلف حقيقة عن المصارف الربوية إلا من حيث الشعارات المرفوعة وكذلك تعرضت لحملة تشكيك كبيرة بالنسبة لكفاءة إدارتها في تسيير النشاط المصرفي الإسلامي بنجاح، ولقد قوى الهجوم على هذه المصارف في مصر بصفة خاصة بسبب التجربة الفاشلة لبعض شركات توظيف الأموال الكبيرة التي كانت ترفع نفس شعارات المصارف الإسلامية من حيث محاربة الفوائد الربوية والمشاركة في الربح والخسارة.
__________
(1) مجلة الاقتصاد الإسلامي – العدد 182 – 1998.(1/96)
كذلك كان من أهم العوامل التي أثرت في مقدرة المصارف الإسلامية في جميع الموارد المالية في النصف الثاني من الثمانينات حالة الركود العالمية التي أثرت في البلدان النامية بشكل واضح في كل أوجه نشاطها الاقتصادي والمصرفي الإسلامي أو غير الإسلامي، ومع ذلك كان من ضمن إيجابيات العمل المصرفي الإسلامي في النصف الثاني من الثمانينات نشاط إصدار الأوراق المالية كشهادات الإيداع، وشهادات الادخار، وقد ساعد هذا النشاط مساعدة كبيرة في تجميع موارد مالية على أسس جيدة.
3- من بين العوامل التي حدت من مقدرة المصارف الإسلامية في تعبئة الموارد المالية في البلدان الإسلامية محدودية انتشارها الجغرافي على المستوى الداخلي في كل بلد، فلقد تركزت المصارف الإسلامية المحدودة العدد التي قامت في مختلف البلدان الإسلامية وفي العواصم والمدن الكبرى وظلت هذه المصارف وفروعها بعيدة عن المدن الصغرى والقرى، ويلاحظ أن هذه المسألة تضع قيوداً شديدة على مقدرة المصارف الإسلامية.
على جميع المدخرات الصغيرة من المزارعين والتجارة وأصحاب الحرف والصناعات الصغيرة في الأقاليم، وهذه الفئات لها أهميتها الكبرى في جميع البلدان النامية، ومنها البلدان الإسلامية وتعبئة المدخرات هذه المنشآت يمكن أن يرفع معدلات الادخار بشكل ملموس ويساهم في التنمية الاقتصادية بطرق مباشرة، فإذا لاحظنا أن العمل المصرفي الإسلامي لابد أن يعتمد على وجود علاقات قوية بين الأفراد وتوافر الثقة بينهم وتشجيع أصحاب المدخرات الصغيرة على السلوك الإيجابي في استثمار أموالهم (والدور المنتظر من رجال المصارف الإسلامية في هذا الصدد كبير).(1/97)
ويلاحظ أن عدم الانتشار الجغرافي في المدن الصغرى والقرى يترك المجال مفتوحاً تماماً دون منافسة أمام البنوك التقليدية الربوية وتعبئة الموارد أو الإقراض بنظام الفائدة، ويجب مع ذلك ألا نسارع في الحكم على المصارف الإسلامية وعدم مقدرتها على الانتشار جغرافياً داخل كل بلد إسلامي قبل أن ندرس ونقدر بدقة الظروف الكلية المحيطة بهذه المصارف ومن قيود المصرف المركزي، والسياسات الحكومية العامة التي ما زالت لا ترحب كثيراً بما يسمى بعمل المصرف الإسلامي بل أن بعض البلدان الإسلامية لا يسمح بوجود مصارف إسلامية، بينما البعض الآخر سمح بوجوده لكن في قفص من قيود البنوك المركزية والتشريعات الوضعية.
4 - تركيز معظم نشاط المصارف الإسلامية القائمة داخل أي بلد من البلدان الإسلامية في مجال تعبئة الموارد المالية على المستوى المحلي، والاستثناء من هذا يتمثل في البنك الإسلامي للتنمية بجدة (وهو يتميز عن بقية المصارف الإسلامية بطابعه الدولي)، والذي قام عن طريق إصدارات أوراق مالية إسلامية بتجميع جانب من الموارد المالية الفائضة لهذه المصارف الإسلامية في بلدان مختلفة وتوجيه هذه الموارد لأغراض التنمية على مستوى البلدان الإسلامية.
ولا شك أن نمو نشاط المصارف الإسلامية على مستوى البلدان الإسلامية على مستوى البلدان الإسلامية (بدلاً من البلد الواحد)، كان يمكن أن يوسع النطاق الذي تتم فيه تعبئة الموارد المالية الإسلامية لكن الملاحظ هو تركز النشاط المصرفي الإسلامي داخل البلد الإسلامي الواحد في مجال تعبئة الموارد الداخلية، ذلك باستثناء البنك الإسلامي للتنمية بسبب التوجه الدولي منذ البداية، ولهذه الظاهرة أسباب عديدة منها:
- حداثة التجربة وقلة الخبرة للمصارف الإسلامية.
- قيامها في وسط ومناخ ربوي سواء على مستوى البلد الواحد، أو البلدان الإسلامية المجتمعة.
- ضعف التجارة الخارجية بين مجموعة البلدان الإسلامية.(1/98)
- وجود مشاكل في التعامل بين المصارف الإسلامية بالنسبة للتحولات النقدية وكيفية معاملة الإيداع.
5-دراسة هيكل الودائع لدى المصارف الإسلامية يشير إلى ارتفاع نسبة الودائع الاستثمارية إلى إجمال الودائع وفي هذا الاتجاه دلالة واضحة على نجاح فكرة المصارف الإسلامية في بث فكرة الوديعة الاستثمارية التي تشارك في الربح أو الخسارة كبديل للوديعة الآجلة التي تتلقى عائداً دورياً مضموناً يتمثل في نسبة مئوية منها وهي الفائدة، والواقع أن أحد العوامل التي كانت ومازالت تؤثر في حجم الودائع الاستثمارية لدى المصارف الإسلامية يتمثل في مقارضة الفارق بين الدخل المضمون على الوديعة الآجلة لدى المصارف الربوية والدخل المحتمل (غير المضمون) لدى المصارف الإسلامية ويلاحظ أن البديل الأخير يتضمن مشاركة في قرار الاستثمار ويتطلب توافر معلومات أكثر ورشداً اقتصادياً ووعياً إسلامياً.
6 - ارتفعت أرصدة حسابات التوظيف المختلفة بصفة شبه مستمرة في معظم الحالات مما يدل بصفة عامة على نجاح المصارف الإسلامية في فتح قنوات جديدة للاستثمارات على أسس لا ربوية، ومع ذلك تظهر الأرقام في منتصف الثمانينات 1984/1985(1)انخفاضاً ملحوظاً في نسبة التوظيف إلا إجمالي الودائع لدى عدد من المصارف الإسلامية (راجع مثلاً بنك التضامن الإسلامي السوداني وبيت الاستثمار الأردني) وهذا مما جعل مشكلة فائض السيولة النقدية لدى المصارف الإسلامية تظهر على السطح وتصبح مثار التعليقات من بعض الاقتصاديين الإسلاميين وغيرهم ويعتبرون ذلك علامة على فشل المصارف الإسلامية حيث تجمعت لديها موارد ضخمة ولكنها لم تستطع أن تستخدمها والواقع أن لهذه الظاهرة أسباباً منها:
__________
(1) صداوي أحمد – مرجع سابق – ص 131.(1/99)
- عدم قدرة المصارف الإسلامية في ظل الإطار العام الذي تعمل فيه، ومع حداثة تجربتها على استخدام مواردها في قنوات استثمارية بالأساليب الشرعية التي ترجوها، فبقيت هذه الأرصدة غير موظفة.
- استمرار تدفق الودائع على هذه المصارف في فترتها الأولى حيث بلغ معدل نمو الودائع لديها نسبة مرتفعة جيداً مقارنة بالمصارف التقليدية (200% ، 300%) سنوياً.
- ارتفاع نسبة الموارد النقدية قصيرة الأجل لدى هذه المصارف الأمر الذي فرض عليها توظيفاً في استخدامات قصيرة الأجل وأتاح الفرصة لنشأة فائض سيولة متزايد.
وقد خفت حدة هذه المشاكل الكثيرة في النصف الثاني من الثمانينات مع نمو تجربة المصارف الإسلامية ةوزيادة خبرتها في استخدام الأساليب الاستثمارية الإسلامية في الوقت الذي انخفض فيه معدل الودائع الجديدة ثم قيام بعض المصارف الإسلامية بإصدارات مالية طويلة الأجل نسبياً كذلك قام البنك الإسلامي للتنمية بعمل محفظة للأوراق المالية وبيعها في دول إسلامية مختلفة للمصارف الإسلامية فأخذ بعض فوائض الأموال منها واستثمرها في مشروعات إسلامية مختلفة، وهذا يظهر آثار الإيجابية التي يمكن أن تنتج من تعاون المصارف الإسلامية.
6 - يتضح بصفة عامة ارتفاع نسبة التوظيف قصير الأجل ومتوسط الأجل إلى إجمالي التوظيف، وفي دراسة خاصة للمؤشرات المالية الإسلامية في منتصف الثمانينات يتضح ان نسبة التوظيف قصير ومتوسط الأجل في عشرين مصرفاً من المصارف الإسلامية الرئيسية بلغت 91,3% في عام 1984م 1985(1)على الترتيب، في حين أن نسبة التوظيف طويل الأجل بلغت لديها 8,8% ، 9% في السنتين المذكورتين، وفي بعض المصارف الإسلامية مثل دبي الإسلامي، وبيت التمويل الكويتي، ارتفعت نسبة الاستثمارات طويلة الأجل ولكن معظم هذه الاستثمارات كانت في مجال النشاط العقاري.
__________
(1) صداوي أحمد – مرجع سابق – ص 144.(1/100)
7- يتضح بصفة عامة أن الاستثمارات طويلة الأجل في المجالات الإنتاجية: الصناعية والزراعية أخذت نصيباً صغيراً ومحدوداً من موارد المصارف الإسلامية، ولقد كان من المفروض أن تقوم المصارف الإسلامية بدور إيجابي في هذا المجال الذي يعتبر أساسياً بالنسبة لأهدافها الإنمائية وذلك على عكس المصارف التجارية الربوية: التي يرتكز نشاطها عادة على عمليات الإقراض القصير والمتوسط الأجل ولا يتوقع منها أن تهتم بقضية التنمية الاقتصادية.
8 - قامت بعض المصارف الإسلامية بتهيئة قدر مناسب من التمويل لأصحاب المشروعات الصغيرة ونجد عدد كبير من الأمثلة في المصارف الإسلامية في السودان وبنك ناصر الاجتماعي بمصر، ولقد قامت هذه المصارف بتزويد الحرفيين وبعض أصحاب المشروعات الصغيرة بأدوات ومعدات إنتاجية ضرورية لهم، ومع ذلك أثيرت اعتراضات على المصارف في بيع هذه الأدوات والمعدات وفقاً لنظام التقسيط أو الإيجار المنتهى بالتمليك حيث قيل أن السعر النهائي يتحدد بطريقة تتضمن إضافة نسبة مساوية عادة لسعر الفائدة على السعر الجاري في السوق وهو أمر يحتاج إلى تدقيق وبحث ودراسة لمعرفة حقيقته ولكن الأهم من هذه أن النشاط تمويل الحرفيين أو أصحاب الصناعات الصغيرة لم يحتل إلى الآن أهمية تذكر في النشاط الكلي للمصارف الإسلامية بالرغم من أهميته الفائقة لتنمية الاقتصاد في جميع البلدان النامية الإسلامية.(1/101)
9 - تشير البيانات إلى كبر حجم عمليات التوظيف الخارجي والمعاملات مع المصارف غير الإسلامية بشكل واضح فمثلاً من بعض ما نشر نستخلص أن رصيد عمليات التوظيف الخارجي لبنك فيصل الإسلامي المصري في 1984 بلغ 749 مليون دولار أي نحو 40%(1)1) من إجمالي التوظيف الذي بلغ 1.837,5 مليون دولار في نفس العام، وفي بنك فيصل السوداني في نفس العام ظهر أن الأرصدة في البنوك الخارجية بلغت نحو %19 من مجموع الأموال (447 مليون جنيه سوداني)، وكذلك يلاحظ أن النقد والأرصدة لبيت التمويل الكويتي لدى المصارف غير الإسلامية بلغ 120 مليون دولار في 1983 و74 مليون دينار لدى مؤسسات مالية غير إسلامية في نفس العام، وهناك أمثلة أخرى.
وخطورة عمليات التوظيف في الخارج كبيرة للأسباب الآتية:
- إن لم يتم التوظيف بواسطة مؤسسات استثمارية إسلامية في الخارج يصبح في الأمر خسارة كبيرة وذلك لوقوع الموارد المالية للبلدان الإسلامية النامية في أيدي الغير والذي قد يستغل هذه الموارد لصالحه تماماً أو ضد مصالح الأمة الإسلامية أو بوسائل لا تقرها الشريعة.
__________
(1) صداوي أحمد – مرجع سابق – ص 147.(1/102)
- إذا تم توظيف الأموال بواسطة مؤسسات استثمارية إسلامية كما كان يحدث في بعض حالات (بنك فيصل مثلاً) فلابد أن نتأكد من جدوى الاستثمار بالنسبة للعائد بصفة عامة وبالنسبة لقضية التنمية للبلدان صاحبة الموارد بصفة خاصة وبالنسبة للعائد من التوظيف الاستثماري الخارجي فقد أظهرت التجربة أنه يمكن أن يكون مرتفعاً بشكل واضح فوق العوائد المقارنة المتوقعة من الاستثمارات الداخلية كما أظهرت التجربة أيضاً أنه يمكن أن يتدنى إلى لا شيء أو ينقلب سالباً بتحقق خسارة، وقد حدث هذا فعلاً في حالات بعض المضاربات غير المضمونة في تجارة الذهب العالمية، أما بالنسبة لقضية التنمية الاقتصادية فالأمر لا يحتمل ذلك، لأن العائد المتوقع حتى وإن كان مرتفعاً نسبياً ومضموناً فإنه لا يعرض أبداً تكلفة الفرصة الضائعة لاستخدام الموارد داخلياً، إذ يترتب على استخدام الموارد المالية في التنمية الاقتصادية مردوداً داخلياً وهذا المردود يولد مردوداً آخر وهكذا، بينما الاستثمارات في الخارج ليس لها سوى مردود واحد، أما بالنسبة للتوظيف عن طريق الإيداعات لدى مصارف أو مؤسسات مالية غير إسلامية في الخارج.
المطلب الثاني: دور المعاملات المصرفية في الاستقرار الاقتصادي
الفرع الأول: الفروض الأساسية
لبناء إطار تحليلي اقتصادي تتم فيه المعاملات المصرفية والمالية بصيغ إسلامية سيتم تبني الفروض التالية:
1)- إن عناصر الإنتاج ثلاثة العمل ورأس المال والموارد الطبيعية وأن العائد المتحقق لكل عنصر سيختلف قليلاً شكلاً ومضموناً عن نظيره في النظام الاقتصادي بالمفهوم التقليدي.
2)- أن عائد العمل يتوقف على طبيعة العلاقة بين العمل من ناحية ورأس المال والموارد الطبيعية من ناحية أخرى، ومن ثم فقد يأخذ هذا العائد صورة الأجر أو جزء من الناتج أو نصيب من الربح.
3)- أن عائد رأس المال يأخذ صورة وحيدة في شكل نسبة من الربح (او الخسارة)، المتولد عن العملية الإنتاجية.(1/103)
4)- ان التمويل المتاح في المجتمع من خلال جهاز السوق يتجه كله لأنشطة إنتاجية.
5)- أن عائد الموارد الطبيعية يأخذ إما صورة المقابل المحدد (إيجاز)، أو يأخذ شكل المشاركة في الناتج المحقق.
6)- أن السوق يخلو من كافة الأشكال الاحتكارية التي يرفضها النظام الإسلامي وغني عن الذكر أن القول بتطبيق الصيغ الإسلامية للمعاملات يعني مجموعة من الفروض الضمنية مثل إلغاء كل صور الفائدة المحددة سلفاً وتحريم الغش والغرر وما إليه الالتزام بتطبيق فريضة الزكاة والبعد عن المحرمات في مجال الإنتاج او الخدمات.
وفي ظل هذا النظام فإنه من المتصور أن يتكون المجتمع من أربعة قطاعات رئيسية:
1- قطاع الأعمال المنظم وهو الذي يقوم أساساً بغرض الإنتاج للسوق ويتسم بأنه قطاع متفق للتمويل الاستثماري.
2- القطاع العائلي وهو ينقسم إلى ثلاثة فروع:
- القطاع العائلي غير المدخر، وهو الذي يكفي دخله لمواجهة حاجاته الاستهلاكية.
- القطاع العائلي المدخر، وهو الذي يفيض دخله الجاري عن حاجته الاستهلاكية ولكن يقوم مباشرة باستثمار مدخراته.
- القطاع العائلي المدخر، المستثمر ويشمل بصورة عامة كل أصحاب الأعمال الصغيرة وخاصة في الزراعة والذي قد لا يتجه نشاطه في المقام الأول للإنتاج للسوق ولكنه يعمل باستمرار للانتقال إلى تلك الصورة بإنتاج بعض السلع للتسويق.
3- ويضم وسطاء التمويل وخبراء الاستثمار وهم يقومون بتجميع المدخرات من القطاع العائلي المدخر وكذلك من القطاع المدخر، المستثمر وتحويلها إلى قطاع الأعمال المنظم أو القطاع العائلي المستثمر أو غير المدخر أو استثمارات مباشرة.
4- جهاز الدولة: بما في ذلك البنك المركزي، وتكون مهمته ضمان تطبيق القواعد الإسلامية الأساسية في المعاملات بكل ما قد يستلزم ذلك من مراقبة او تدخل مباشر دون ما إخلال بآليات السوق الإسلامي وقواعد العمل فيه.
الفرع الثاني: الآثار الاقتصادية(1/104)
ولكي نصل إلى تحليل الانعكاسات الاقتصادية لتلك الفروض على حركة المجتمع فإننا سنقوم أولاً بدراسة تأثيرها على العوامل الآتية:
1- التكلفة التقديرية لرأس المال، وهي أساساً الفائدة في حساب تكلفة رأس المال.
2- قرارات الادخار والاستثمار.
3- تخصيص الموارد تبعاً للاستعمالات المختلفة.
4- أساليب الإنتاج ومعدلات التحديث.
5- تكلفة الإنتاج.
6- العلاقة بين الأصول المالية والأصول الحقيقية.
1- التكلفة التقديرية لرأس المال:
تلعب تكلفة رأس المال دوراً أساسياً في قرارات الاستثمار ابتداءً في توجيه الموارد بين الاستخدامات المختلفة حيث يتم المقارنة بين العائد المتوقع من تلك الاستخدامات، وبين تكلفة رأس المال وفي ظل سوق مالي إسلامي وعندما نتحدث عن مجموعة من المؤثرات تختلف تماماً عن المستثمر العادي، فتتمثل العوامل التي تحكم تقدير هذه التكلفة حينئذ في الآتي:
- أن المستثمر في السوق الإسلامي يواجه بديلاً واحداً من ناحية أسلوب التوظيف يتمثل في المشاركة في إنتاج العملية الإنتاجية مما يعني أن المستثمر يواجه نوعين من عدم اليقين أحدهما في عائد الاستثمار المتوقع والثاني في معدل التضخم.
- أن تقبل المخاطرة جزء أصيل من سلوك المستثمر المسلم ومن ثم فإن الوزن النسبي أو الهامش الذي سيعطي لعوامل المخاطرة في تقدير التكلفة سيكون أقل بالمقارنة بالسوق الغير إسلامية.
- إن إتباع مفهوم الأولويات في الاستثمار في ضوء مقاصد الشريعة الضروريات ثم الحاجيات فالتحسينات سيؤدي إلى توزيع زمني للاستثمار حيث يؤجل للمستقبل ما هو كمالي.
- إن دفع الزكاة وهو ما سيتم قطعاً وليس احتمالاً يعني النقص الحسابي في قيمة الأصول النقدية المدخرة وهو يمثل دافعاً لطرح المدخرات في سوق التوظيف بالإضافة إلى حبس المال عن التداول، وإن دفعت زكاته فخرج من دائرة الكنز، يمثل سلوكاً غير مقبولاً إسلامياً وهو يعني نهاية زيادة المعروض من المدخرات.(1/105)
- أن دافع تعظيم الربح ليس هو المحرك الأساسي للمستثمر المسلم، وإن كان الربح أحد متغيرات دالة الهدف لهذا المستثمر، ولا تقول أن المستثمر الإسلامي لا يهتم بالربح وإنما تقول إن تعظيم الربح كهدف وحيد ليس هو سلوك المستثمر المسلم، ومحصلة تفاعل تلك العوامل وجود مدى لتقدير تكلفة رأس المال يتراوح بين حدين:
? الحد الأدنى: وهو ناقص %2,5 وهو التكلفة التي ستحدث في حالة عدم الاستثمار وهو ما يمثل الزكاة الواجبة على المال المدخر.
? الحد الأقصى: وهو الذي يمثل في محصلة المشروع من الربح المتوقع والمرتبط بدرجات عالية من المخاطرة.
وفي تقديرنا أن التكلفة التقديرية لرأس المال ستكون أقرب إلى الحدود الدنيا منها للحدود العليا للأسباب الآتية:
- أن الحد الأقصى احتمالي بينما الحد الأدنى يقيني.
- أن العوامل التي تلعب دورها على كل من الطلب والعرض كافتراض الزكاة والتزام المسلم بأولويات الاستثمار تؤدي إلى أن يكون التوازن عند مستوى سعر غير مرتفع حيث أن العرض يتمتع بالزيادة باستمرار، بافتراض ثبات معدلات نمو الدخل القومي أو زيادتها وهو مطلب شرعي، في حين أن الطلب على الأقل فيما يتعلق بإنتاج الكميات وهي ما تتمتع عادة بمعدلات عالية من العائد بنمو بمعدلات أقل.
- أن طبيعة السلوك الاستثماري الإسلامي ترفض تقبل درجات المخاطرة العالمية والتي تقترب من المقامرة في الوقت الذي يعمل فيه التنظيم الإسلامي للسوق على استبعاد إمكانية وجود الأرباح غير العادية أو توقعها مثل: الأرباح الاحتكارية.(1/106)
وطبيعة الحال فإن العوائد المحققة في الأنشطة المختلفة ستؤثر في تقديرات تكلفة رأس المال سواء على مستوى الخاص أو المجتمعي إلى أن تلك العوائد لن تكون العنصر الوحيد في المدى المتوسط أو الطويل في تقدير تلك التكلفة من وجهة نظر وسطاء التمويل (أو المستثمرين)، عند قبولهم للمشاركة في هذا النشاط أو ذلك وهذا يعني ميل العوامل المتوقعة لكونها معتدلة وليس مبالغاً فيها.
2- قرارات الادخار والاستثمار:
ترتبط قرارات الادخار والاستثمار في الفكر الاقتصادي بمجموعة من العوامل من أهمها: سعر الفائدة، وتفصيل السيولة، ورغم انه من الضروري في ظل السوق الإسلامي توقع المستثمر لعائد موجب كشرط لقبول الاستثمار، إلا أن ذلك لا يمثل شرطاً لحدوث الادخار، حيث يمكن أن يحدث الادخار نتيجة القيود التي يضعها الإسلام على الاستهلاك أما توظيف الأموال مع توقع عائد موجب لها فهو أحد أعراض الادخار المتعددة ومع ذلك فإن النظام الإسلامي يضع من الحوافز والدوافع ما يكفي ليس لزيادة الادخار الفعلي فحسب، بل أيضاً لتقليل الفجوة بين الادخار المتحقق والأموال التي تتجه للاستثمار.
ويعني ذلك أن عرض الأموال المتاحة للتوظيف لن يكون في العائد المتوقع أو المحقق فحسب وإنما يستجيب للمجموعة من العوامل السلوكية والتشريعية الأخرى، ولعل ما يؤيد هذا الأمر ما يلاحظ من انخفاض نسبة الحسابات الجارية في البنوك الإسلامية إلى إجمالي الودائع مقارنة بغيرها من البنوك فضلا عن ارتفاع معدلات نمو الودائع بصفة عامة في البنوك الإسلامية رغم الانخفاض النسبي في العائد المتحقق على تلك الودائع مقارناً بأسعار الفائدة التي تقدم الضمان عن الربحية.(1/107)
وإذا نظرنا إلى قرارات الاستثمار ورغم تسليمنا بأنها لابد ان تتجه في حدود الضوابط الشرعية إلى مجالات ذات الربحية الأعلى، إلا أن التكلفة المرتبطة برأس المال في سوق المال الإسلامي، ومع وجود الزكاة تؤدي إلى توجه جانب متجدد من الاستثمارات نحو الاستخدامات ذات الدخل المحدود، ويؤدي ذلك إلى تقليل الفجوة بين الحاجة والطلب على مستوى المجتمع كنتيجة طبيعية لقبول بأي عائد موجب.
أما إذا كنا أمام بنك تقليدي وهناك فائدة على الودائع %7 أو %10 مثلاً، فلا يمكن قبول توظيف يقل عن هذه النسبة، لا سيما في بنك يقوم على الالتزام مسبق بتكلفة محدودة للودائع، أما في حالة البنك الإسلامي داخل النظام الإسلامي فلن يحكمه حد أدنى متمثلاً في الفائدة بل إن أي عائد موجب هو أفضل من عدم الاستثمار الذي سيكلفه 2,5 المتمثلة في الزكاة.
3- تخصيص الموارد:
في نطاق سوق المال الإسلامي فإن تخصيص الموارد بين الاستخدامات المختلفة سيخضع لمجموعة من المعايير التي تبدأ من المستوى الكلي بضرورة البدء بإشباع الضروريات ثم الحاجيات في سلم الأولويات ثم يقوم المجتمع مراقبة عن الآليات التي ترتبط على ضوابط السلوك الاستهلاكي فيما يتعلق بضرورة التوسط والبعد عن السرف ومصارف الزكاة والتي تمثل حقناً متكرر للطلب على سلع الاستهلاك الأساسية بما يعني انخفاض درجة عدم اليقين بالنسبة للطلب على هذه السلع واحتمالات استمراره ونموه بما يدفع بالمستثمر في اتجاه توظيف أمواله في إنتاج تلك السلع.(1/108)
ومن ناحية أخرى فإن طبيعة هيكل عوائد الإنتاج في هذا المجتمع ستؤدي إلى درجة عالية من الارتباط بين إنتاجية هذه العوامل في الاستخدامات المختلفة والعائد الذي تحصل عليها ويبدو هذا أكثر وضوحاً بالنسبة لعنصر رأس المال والذي يتقرر عائده على أساس الإنتاجية المحققة وليست المتوقعة أو المفترضة والمعلومة مقدماً، كما هو الحال بالنسبة للفائدة ومن ثم فإن قرارات تخصيص الموارد بين الاستخدامات المختلفة في صورتها الديناميكية، لابد أن تؤدي إلى تغطية إنتاجية عوامل الإنتاج في حدود المعارف الفتية المتاحة.
4- أساليب الإنتاج ومعادلات التحديث:
في ظل نظام المعاملات الإسلامية يتوافق الاختيار التكنولوجي في المدى الطويل مع الندرة النسبية لعناصر الإنتاج في المجتمع ولا يظهر الاختلال الملحوظ الذي تعاني منه حالياً الدول النامية عموماً، والدول المتقدمة أيضاً في الكثير من الحالات متمثلاً في ارتفاع معدلات البطالة والعديد من الاختلالات الهيكلية الأخرى.
وفي نفس الوقت فإن من المتوقع أن تكون المعدلات التحديث باستمرار متلائمة مع التغيرات النسبية في جودة وكمية عناصر الإنتاج وأن تتسم بالإضطراد والتراكم "كتكليف شرعي"، وبشيء من التفصيل يمكن القول بأن قرار الاختيار التكنولوجي يحكمه في العالم الثالث على الأقل توافر التمويل وتكليفاته والذي يقدم من خارج والداخل تلك الدول بأسعار "مدعمة"، تؤدي لاختيار أساليب إنتاجية ذات كثافة رأسمالية عالية، لا تتلاءم مع قدرات المجتمع العالمية أو تتناسب مع موارده أو قدرة أسواقه على الاستيعاب وتؤدي لتدني العائد المحقق على عنصر رأس المال في أحيان كثيرة إلى أقل من معدلات "الفائدة" المدعمة.(1/109)
ولا شك ان قرار الاختيار إذا ما ارتبط بدراسة دقيقة من جانب الممول "للعائد المحتمل"، سيؤدي لاستبعاد كل صور إهدار رأس مال والذي تعاني منه دول العالم الثالث اليوم على الرغم من كل ما يقال من ندرة رؤوس الأموال بها، ولكن يكون هناك مجال لدعم في تكلفة التمويل ومن ثمة سيؤدي للتناعم بين معدلات التحديث والتوظيف الكامل لعناصر الإنتاج المتاحة في المجتمع.
ومثال ذلك ما حدث بالنسبة لبنوك التنمية التي تقدم سعر فائدة منخفضة لتشجيع الفلاحين أو صغار المنتجين على الأخذ بأساليب التقدم الحديثة، فمن الواقع التجربة أنه عندما توفر تمويل الرخيص انقسم الناس إلى فريقين:
الأول: رفض هذا التعامل على الرغم من الفائدة المنخفضة لاعتقادهم بحرمته.
الثاني: هو الذي قبل ولكنه نتيجة هذه القيود هو الإسراف في رأس المال لأنه رخيص وتجربة بنك التنمية والائتمان الزراعي، أكبر تجربة بنوك التنمية في إفريقيا، شاهد على ذلك وهي يدرس حالياً وقد عقدت ندوة لدراستها في المغرب فرغم معدل الفائدة المنخفضة الذي وصل إلى %2 مقارنة بالفائدة في البنوك التجارية 17%،13% ورغم جميع التسهيلات فإن الغالبية فشلت في السداد، والسبب هو رخص تكلفة رأس المال وعدم واقعيتها والذي أدى إلى الإسراف في استخدام معدات حديثة بما لا يتناسب مع البيانات الحقيقية للمجتمع فترتب على ذلك انخفاض إنتاجية رأس المال وبالتالي عدم القدرة على السداد مما تسبب في ازدياد البطالة في المجتمع.
كذلك قدمت الحكومة السعودية تسهيلات للمشروعات الصناعية كصناعي البتروكيماويات فتدنت فيها إنتاجية رأس المال بصورة غير مقارنة، والسبب في ذلك الإقبال على استخدام الكثافة الرأسمالية العليا بسبب رخص رأس المال.(1/110)
بل حتى على المستوى الدولي فإن الدول التي حصلت على قروض مسيرة، لم تستثمر نصف هذه القروض أو أكثر، واستنفذ بعضها في استهلاك ترفي، وأصبحت هذه الدول عاجزة عن سداد أعباء خدمة الدين من فوائد وغيرها نظراً لانخفاض إنتاجية رأس المال وسوء الاستعمال والإهدار.
أما في النظام الإسلامي فإن الربط بين عائد رأس المال وإنتاجيته ستعني التناسب بين استخدام رؤوس الأموال وإنتاجيتها الحقيقية، ومن ثم فإن عمليات التحديث وتطوير ستتلاءم معها.
5- تكلفة الإنتاج:
مع إحلال التمويل المخاطر في صيغة مختلفة محل التمويل ذي الفوائد المحددة سلفاً ستتغير عناصر التدفق النقدي للمشروع، إذ ستختفي الفائدة من التدفقات الخارجية أو المحتسبة خلال فترة الإنشاء وخلال فترة سريان القروض بعد التشغيل ويؤدي هذا إلى انخفاض التكلفة الاستثمارية بمقدار الفوائد المستحقة على أرصدة وقروض خلال التشغيل فضلاً عن انخفاض مخصص الإهلاك بما يعادل الانخفاض في تكلفة الأصول بعد استبعاد فوائد فترة الإنشاء بما يعني مع ثبوت العوامل الأخرى ارتفاع معدل العائد على رأس المال.
... ومن ناحية أخرى فإن اختفاء الأعباء الثابتة والمتمثلة في مدفوعات الفائدة يؤدي إلى تقليل درجة المخاطر وعدم اليقين التي يأخذها متخذ القرار باعتباره عند تقديره تكلفة رأس المال، كما أنها في الوقت ذاته تعمل على تقليل أثر التضخم واحتمالاته، حيث يتجه العائد المتوقع مع التضخم وهو ما قد لا يحدث في حالة الفوائد الثابتة، فضلاً عن تخفيض التضخم ابتداء عن طريق تخفيض تكلفة الاستثمار والتشغيل.
6- العلاقة بين أصول المالية والأصول الحقيقية:(1/111)
في ظل نظام المعاملات الإسلامية ستنحصر الأصول المالية في تلك المجموعة التي تدر عائدا يرتبط بصورة مباشرة بناتج النشاط الاقتصادي في صورة مختلفة، سواء تم ذلك عن طريق العلاقة المباشرة بين المدخر و المستثمر ومستخدم المال من خلال وسيط تمويلي بإضافة إلى الأصول التي لا تدر عائد مثل الحسابات الجارية لدى البنوك.
وتضم أصول ذات العائد الأسهم العادية وسندات المشاركة بصورها المختلفة،فضلا عن حسابات الاستثمار و شهادات الودائع في الجهاز المصرفي.
وفي سوق المال ستتحدد قيمة هذه الأصول تبعا للعائد المحقق منها ومعدلات نموها في الماضي والمتوقعة في المستقبل، وسيرتبط هذا العائد مباشرة بما تمثله تلك الأصول المالية من أصول عينة حيث أن الأصل في هذا النظام تضاؤل هامش للتوظيف المالي وارتباط كل توظيفات برأس المال الموجودة عيني حقيقي للسلعة أو خدمة يتم إنتاجها أو تداولها .(1/112)
وقد يسارع البعض بالقول بأن سعر الفائدة في النظام المصرفي العادي يقوم بهذا الدور، ويرتبط طبقا للنظرية الاقتصادية للكفاية الحدية لرأس المال، إلى أن النظرة الفاحصة ستدلنا على سعر الفائدة وإن كان يتأثر ضمن عوامل أخرى بالعائد المتوقع على رأس المال إلى أن العائد الذي نتحدث عنه في النظام الإسلامي ينتج من تفاعلات حقيقية بين عناصر الإنتاج، ولا يتم الالتزام به إلا بعد تحققه يقينا وهو عائد مستقل بدرجة كبيرة عن العوامل المؤسسة التي تؤثر في سعر الفائدة ولا يخف أن جزءا كبير من التعاملات في سوق الافتراض والإقراض يتم بمعرفة الحكومة أو متأثر بسياستها النقدية والمالية ولا ننسى أن التحريك سعر الفائدة هو أحد أدوات تلك السياسات، ففي كثير من البلدان النامية فإن الفائدة على راس المال مقررة سلفا من البنك المركزي (3% لقروض الإسكان، 5% لقروض الزراعة، 7% لقروض الصناعة، 17% لقروض التجارة وهكذا)، فلا علاقة بين سعر الفائدة وتكلفة رأس المال ولا بإنتاجيته وهذا ما أدى إلى التباين المستمر بين التضخم برفع سعر الفائدة لامتصاص فائض النقود بالمجتمع فتتجه النقود إلى الإيداع لا إلى الاستثمار في الوقت نفسه تجد البنوك عاجزة عن توظيف تلك الأموال في الأوعية تستوعب هذه الأسعار العالية للفائدة.
7- آليات العمل:
سيتركز التحليل في هذا النظام على التعاملات التي تتم أو يمكن أن تتم في إطار المعاملات الإسلامية بين الوحدات ذات الفائض وهي ما يطلق عليها في مصطلحات التمويل المدخرون والوحدات ذات العجز.(1/113)
وننوه هنا إلى تفريقة واجبة بين مفهوم المدخر والمستثمر في الاقتصاد الوضعي وفي ظل المعاملات الإسلامية فالمدخر في النظام الأخير لا يستحق عائدا لمجرد امتناعه عن استهلاك وإتاحة المال للاستخدام لفترة معينة وإنما يستحق العائد إذا تحول من مدخر إلى مستثمر إما مباشرة أو عن طريق المضاربة او المشاركة مع أحد المنظمين أو وسطاء التمويل، والعائد هنا لا يرتبط أساساً بفترة إتاحة المال للتوظيف وإنما بناتج هذا التوظيف المحقق خلال الفترة المتفق عليها، ومن هنا فإنه يمكن لأغراض التحليل أن نفرق بين الممول ومستخدم الأموال علماً بأن العائد لكليهما مرتبط بإنتاجه الاستخدام.
وإذا بدأنا بمصادر الأموال فإنها في النموذج المطروح ستأتي أساساً من القطاع العائلي المدخر والقطاع العائلي المدخر المستثمر ووحدات قطاع الأعمال التي قد يكون لديها فائض للتوظيف وسيقوم المولون من القطاع العائلي بشقيه بتوجيه الأموال المتاحة للاستثمار إما إلى وسطاء التمويل على أساس المضاربة المطلقة أو المقيدة وإما باستثمارها مباشرة في الأسهم أو الصكوك الاستثمارية أو التمويل التي تصدرها وحدات قطاع الأعمال أو قد يقوم الممولون في القطاع العائلي المستثمر بتوظيفها بأنفسهم في أنشطتهم الإنتاجية المختلفة، وبديهي أن عملية المفاضلة بين هذه البدائل ستحكمها توقعات العائد ومدى الالتزام بالأسس الشرعية ودرجة المخاطر المحتملة والخبرات والقدرات الذاتية للممول.
وبالنسبة لفائض قطاع الأعمال فإنه سيوجه أساساً إما لوسطاء التمويل للتوظيف قصير الأجل أو إلى سوق الأوراق المالية أو الاستثمار بمعرفة وحدات القطاع.
الفرع الثالث: الاستثمار من خلال وسطاء التمويل(1/114)
... وإذا بدأنا بوسطاء التمويل فإن الأموال لديهم رغم أنها لن تحمل التزام بتكلفة محددة في وقت معين إلا أن الطبيعة التنافسية للسوق ستقتضي من كل وسيط العمل على إيجاد فرص توظيف متجددة ذات عائد موجب بصورة تؤدي إلى الإقلال من الفجوة الزمنية بين الإيداع والتوظيف وتحقيق عائد مشجع للمودعين بما يمكن للوسيط من المحافظة على الأقل على نصيبه في السوق إن لم يكن زيادته.
وبالنسبة لعلاقة وسيط التمويل بمستخدمي الأموال فإنها ستأخذ أحد أو كل الصيغ التالية:
- المشاركة الدائمة وتمثل توجيه جانب من الموارد للتوظيف في شكل أسهم أو مشروعات.
- المشاركة المتناقصة وتعني توفير التمويل اللازم للمشروع في مرحلة الإنشاء على أساس التحرج خلال فترة زمنية يتفق عليها.
- المشاركة الموقوتة وهي من حيث الشكل أقرب للمضاربة المقيدة حيث يتم توجيه التمويل لنشاط بذاته أو لعملية بعينها ولفترة محددة وقد تأخذ شكل عقد التمويل أو شراء صكوك تمويل مصدرة لهذا الغرض.
- المشاركة وذلك لتوفير الاحتياجات من مستلزمات التشغيل أو المعدات والأدوات وعادة ما يكون الارتباط لفترة زمنية قصيرة.
- المضاربة حيث يتولى وسيط التمويل تدابير كافية لاحتياجات التمويل الطويل والقصير ويقدم الشريك جهدها وعمله وخبرته فحسب وعادة ما تأخذ هذه العلاقة صيغة المضاربة المقيدة إذا كان الشريك فرداً ومنشأة ذات نشاط مخصص أما إذا كان الجانب الآخر مؤسسة تمويلية أو ذات نشاط متعددة فقد تأخذ العلاقة شكل المضاربة المطلقة.
- الاستثمار المباشر بمعرفة الوسيط سواء في عمليات قصيرة الأجل أو طويلة الأجل ، و قد يقوم الوسيط بعدها ببيع جزء من حق الملكية فيها في سوق المال.
وقيام وسيط التمويل بدوره على أساس تلك الصيغ يتطلب تغيراً رئيسياً في الهيكل التنظيمي ليضم أقساماً لدراسة أسواق وتحليل فرص الاستثمار ودراسة الجدوى وتقييم المشروعات وتبعية الاستخدامات في كافة صورها.(1/115)
وفي كل الأحوال فإن اختيار مجال التوظيف وصيغته سيتوقف على العائد المتوقع لكل منها من ناحية درجة المخاطرة وخبرة الوسيط من ناحية أخرى، وبعبارة أخرى فإن هذه ستحل محل معايير الائتمان التقليدية وأهمها نوعية الضمانات ونسبة تغطيتها للتمويل ودرجة الرافعة المالية، إذ يسمح النظام الإسلامي بتدابير التمويل للمستثمر حتى 100% كما في حالات المضاربة وبدون ضمانات تقليدية مسبقة سوى جدوى النشاط أو المشروع.
ونظراً لالتزام وسيط التمويل بالتوظيف الكامل أو شبه الكامل لأرصدته من ناحية ولعدم التزامه بمعاني الائتمان التقليدي من ناحية أخرى فإنه يصبح مؤهلاً تماماً لتوفير اللازم لثلاث من المجالات الحيوية في عملية التنمية هي:
- القطاع العائلي المدخر المستثمر والذي يعتمد تقليدياً على النظام الذاتي.
- القطاع العائلي الغير المدخر الراغب في الدخول إلى مجالات الإنتاج ولا تتوافر له الضمانات التقليدية اللازمة للحصول على الائتمان.
- نشاط الابتكار والبحث والتطور.
وفي الواقع فإن النظام المصرفي لن يقوم بتوفير فرصة التمويل فحسب بل إنه سيقوم بتوفير الحافز لدى الفئات السابقة لطلب التمويل وترشيد استخدام الأموال في الوقت ذاته حيث يلعب وسيط التمويل دور خبير الاستثمار على مستوى الفرد والمجتمع.(1/116)
وفي حقيقة الأمر فإن توفير التمويل للقطاعات والمجالات المذكورة وحفزها على استخدامها يعتبر واحد من التحديات الرئيسية التي تواجه بلدان العالم الثالث الذي يستوعب فيه هذه القطاعات، وبخاصة قطاع المدخر المستثمر، والذي يضم الأنشطة الاقتصادية الصغيرة في القطاع المنظم والغير منظم الجانب الأكبر من قوة العمل في المجتمع وتشكل المجال الأرحب للتراكم الرأسمالي المنتج، ورغم الجهود المختلفة التي بذلتها السلطات النقدية والمالية والهيئات الدولية لاجتذاب هذا القطاع المنظم إلى دائرة التمويل الائتماني وحفزه على استخدام ما يسمى بالتكنولوجيا الحديثة عن طريق توفير القروض ذات الفوائد المسيرة أو المدعمة وفترات السماح والتجاوز عن بعض الشروط التقليدية فيما يتعلق بضمانات التمويل.
إلا أن النتيجة دائماً هي تدفق التمويل للقطاع المنظم الكبير والذي ليس في حالة المقام الأول لهذه التيسيرات وهو ما أدى لآثار عكسية.
وتمكن أسباب عدم نجاح تلك الجهود في مجموعة محدودة من العوامل يتم الدوران حولها دائماً عند تحليل تلك السياسات وتقويمها.
وأول هذه العوامل هو قناعة المنتج الصغيرة بحرمة التعامل بالفائدة أخذاً أو عطاء وأنها في كل صورها من الربا المحرم.
وحتى إذا لم يكن الالتزام الديني هو الحافز فعن العامل الثاني يكمن في تخوف المنتج من عدم قدرته على تحمل أعباء خدمة الدين من أقساط وفوائد خاصة في ضوء إمكانياته المحدودة للدراسة والتنبؤ وارتفاع درجة المخاطر لديها حيث قد يخسر كل أصوله المنتجة إذا لم يكتب له النجاح في استثماراته الجديدة، أما العامل الثالث فيرتبط بعدم الثقة المتوازنة في التعامل مع الجهاز المصرفي ومن ثم تخوف المنتج من تقديم أي نوع من الضمانات حتى إذا توافرت لديه.(1/117)
والمحصلة النهائية لذلك كله هي اكتفاء "المنتج الصغير" بالتوازن عند مستوى منخفض في حدود إمكانياته الذاتية أو اندفاعه في الحالات القليلة التي قد يتعامل فيها الجهاز المصرفي التقليدي إلى قيام بتراكم غير مطلوب في الأصول الرأسمالية مدفوعاً بالتكلفة المنخفضة وغير الحقيقية التي يحصل بها على رأس المال مما يؤدي إلى تدني إنتاجية رأس المال أو لدراجات متفاوتة من البطالة أو لكليهما معاً وهو ما لا يخدم على الإطلاق قضية التنمية.
وفي ظل نظام إسلامي للمعاملات سيتم تجاوز الجانب الأكبر من العقبات فالتعامل من وجهة نظر مستخدم الأموال لا تشوه حرمة، والتمويل يتم في ظل علاقة شريك بشريك وليس بعلاقة دائن بمدين والالتزام الثابت هو بجزء متفق عليه من الناتج المحقق، يدفع بغض النظر عن النتائج المحققة، والضمانات أساساً هي النشاط وانضباط التعاملات أما من جانب وسيط التمويل فهو لن يقدم على توفير تمويل زائد على احتياجات النشاط أو الاستثمار في أصول منخفضة الإنتاجية ومن ثم فإن احتمالات إهدار رأس المال تقل بدرجة كبيرة.
أما بالنسبة لقطاع المستهلك غير المدخر وفئة المبتكرين وأنشطة البحث والتطوير فإن صيغة المضاربة والتي لا يماثلها أي صيغ التمويل السائدة في النظام الاقتصادي تمثل الحل المنطقي المطروح لاجتذاب هذه الفئة لمجال افتتاح وتوسيع النشاط الاقتصادي مع دعم القدرات الفنية التكنولوجية وأنشطة البحث والابتكار والتي بدورها تعني درجات أعلى من المخاطرة سيقبلها وسيط التمويل الإسلامي بعد دراستها حيث يتلاءم ذلك مع هيكل مصدر أمواله المتحرر من عبئ التكلفة المحددة سلفاً والذي يشكل تقبل المخاطر جزءً رئيسياً من سلوكه باعتبار أن الربح هو عائد للمخاطر وليس بحال من الأحوال عائد للضمان.(1/118)
وإذا انتقلنا إلى قطاع الأعمال فإن تعامله مع وسطاء التمويل كمستخدم الأموال سيأخذ إحدى صيغ المشاركة أو المراجعة وقد يوجه وسيط التمويل بعضاً من المال المتاح لديه لشراء صكوك التمويل أو الاستثمار التي يطرحها ذلك القطاع كجزء من محفظته للأوراق المالية.
وأيا كانت صيغة المشاركة دائمة أو متناقضة أو موقوتة فإن التزام مستخدم الأموال سيأخذ شكل نسبة من العائد المحقق ربحاً أو خسارة فضلاً عن رصيد التمويل الذي تقديمه في حالة المشاركة المتناقضة أو الموقوتة ولن يأخذ شكل التزام دوري ثابت بأعباء محددة لا ترتبط بناتج كما في حالة التمويل ذي الفائدة فضلاً عن أن الضمان دائماً سيكون النشاط ذاته.
وفي المقابل فإن البنك أو وسيط التمويل سيكون عليه مسؤولية الدراسة الدقيقة للمشروع او لمجال النشاط أو طبيعة العملية المطلوبة لها التمويل واحتمالات العائد المتوقع منها وتقدير درجة المخاطرة المرتبطة بها وسيكون عليه كذلك متابعة التنفيذ والتشغيل والأداء متابعة الشريك لأن ذلك هو الضمان الأساسي ليس فقط للعائد بل لاسترداد أصل الأموال في حالة الربح أو رصيدها في حالة الخسارة وسيترتب على هذه النوعية من المعاملات مجموعة من النتائج يمكن ان نوجز أهمها فيما يلي:(1/119)
1- ترشيد الطلب على الأموال للاستثمار حيث لن يقبل الممول إلا على المشروعات ذات الجدوى ولن يطلب مستخدم الأموال أكثر من احتياجاته الفعلية خاصة من النجاح لأن الممول سيكون شرعياً بالعائد بما يتناسب جزئياً على الأقل مع مقدار مساهمته في التمويل ومن ثم فإن رأس المال سيتوزع في المدى الطويل بين مختلف وحدات القطع بما يكفل تعظيم إنتاجه ويمكن مقارنة ذلك بالنظام التقليدي الذي يوفر التمويل ذا الفائدة المسيرة أو المدعمة والذي أدى بالفعل لتدهور إنتاجية رأس المال في بلدان يقال أن أهم ما تعانيه ندرة رؤوس الأموال فضلاً عن استخدام تكنولوجيات غير ملائمة للبيئة الاقتصادية لمجتمع لكنها لا تتناسب مع رأس المال الرخيص المتاح، وحتى بفرض وجود هيكل غير مدعم لأسعار الفائدة فإن هذه الأسعار لن تعكس كما سبق أن ذكرنا الإنتاجية الحقيقية لرأس المال وإن كانت ستتأثر بها درجة أو بأخرى طبقاً للسياسة النقدية المتبعة وطبيعة النظام الاقتصادي، ومن ثم فإن الأموال المتاحة للتوظيف لن تتجه بالضرورة لأكثر الأنشطة الإنتاجية بل لأكثرها ربحياً في المدى القصير غالباً.
2- الحد من الضغوط التضخمية في المجتمع في المدى القصير والقضاء على الجانب الأساسي من مسبباتها في المدى الطويل لأن التكلفة التي سيتحملها مستخدموا الأموال ستكون ناتجة من نشاط حقيقي مرتبط بسلع أو خدمات تم تسويقها بالفعل ومن ثم فإن هذه التكلفة التي لن تدفع إلا عن عائد النشاط ستقلل من الأثر التضخمي الذي ينشأ خلال فترة إنشاء المشروع فضلاً عن خفض تكلفة لإنتاج ذاته.
ومن ناحية أخرى فإن العائد الذي سيحصل عليه الممولين لن يكون حقلاً للتضخم وإنما عائداً ناتجاً من إضافة فعلية اختيار والمتوسط من هذه الدائرة إذ أن عائدهم سيرتبط بالعائد النشاط ارتفاع أو انخفاض.(1/120)
ولعلنا هنا نشير إلى الآثار التضخمية التي تنتج في بعض المجتمعات التي تلجأ لرفع أسعار الفائدة على الودائع كوسيلة لتخفيض المعروض النقدي للحد من التضخم وذلك باجتذاب مزيد من الودائع إلى الجهاز المصرفي وتفشل في الوقت ذاته في إيجاد فرص استثمار تدر عائداً يسمح لطالبي الائتمان بتحمل أعباء خدمة قروضهم وينتهي الأمر بالارتفاع في نسب السيولة غير الموظفة لدى الجهاز المصرفي تدفع عنها فوائد تمثل حقناً صافياً للتضخم حيث لا يقابلها أي زيادة في الإنتاج، فضلاً عن لجوئها لعمليات دعم الأنشطة الإنتاجية في شكل قروض ذات فائدة منخفضة تتحمل الخزينة العامة الفرق بينها وبين أسعار الفائدة على الودائع، مما يعني مزيد من الضغوط التضخمية ويصح المجال المفتوح لمنح الائتمان بأسعار العالية هو الأنشطة التجارية والمرتبطة غالباً بعمليات الاستيراد وهو ما يؤدي في النهاية إلى انخفاض في معدلات نمو الإنتاج والتي قد تؤدي بدورها لمزيد من الضغوط التضخمية بدلاً من القضاء على تلك الضغوط.
ورغم أنه من غير المتصور وواقعياً القول بأن اشتقاق نقود الودائع سيختفي كلياً في ظل النظام المصرفي الإسلامي إلى أن الربط المباشر زمنياً وكمياً بين تدفقات المالية وعمليات إنتاج السلع أو الخدمات في هذا النظام ستؤدي بالضرورة إلى أن يكون اشتقاق النقود الائتمانية في حدة الأدنى فالمصارف لا تمنع قروض نقدية ولا تضمن استرداد مقدار التمويل أو تحديد رابحة قبل أن يحدث.
ونسبة الحسابات الجارية إلى إجمالي الودائع بها عادة ما تكون منخفضة ولا شك أن التراجع نسبة نقود الودائع إلى إجمالي عرض النقود في المجتمع تعني مزيدا من السيطرة للبنك المركزي مصدر عرض النقود الأساسي(1/121)
سيؤدي تطبيق النظام إلى القضاء التدريجي على ظاهرة العسر المالي الحقيقي أو الفني التي تنشأ من احتلال هيكل التمويل وارتفاع نسبة القروض ذات التزامات ثابتة إلى إجمالي الاستثمار، فستختفي علاقة الدائن ستتوحد طبيعة الأموال الداخلية في المشروع من حيث أساس التكلفة واستحقاق العائد وسيترتب على اختفاء "العبء الدوري الثابت" من التدفقات النقدية مرونة اكبر لإدارة المشروع في قرارات التسعير خاصة في حالات الكساد العام أو الذي يواجه منتوجات المشروع بصفة خاصة ولن يقع عبئ الخسارة الكلية في حالة تعرض مشروع أو النشاط لظروف غير مواتية رغم كفاءة الإدارة وأمانتها على أصحاب المشروع دون الممولين مما سيؤدي للتدعيم قدرة قطاع الأعمال على الاستمرار والتغلب على الأزمات في الوقت الذي سيحرص فيه وسطاء التمويل على دقة الدراسة والتمويل المعير الذي قد يكون مطلوباً في حالات العسر الفني المؤقت بنفس القدر الذي سيكونون فيه على استعداد لتمويل التوسعات او زيادة الواجهة حالات الرواج.
ولعل من الملائم هنا أن نذكر أن قوانين الضرائب في كثير من البلاد الإسلامية ستحتاج إلى إعادة النظر إذا ما طبق النظام المصرفي الإسلامي جزئياً حيث أن تلك القوانين وهي مبنية على هيمنة الفوائد الربوية على التعاملات المصرفية، تمنح دعماً ضمنياً للإقراض بفائدة حيث تعالج الفائدة كعنصر من عناصر التكلفة ومن ثم فإن تكلفة الإقراض الفعالة تنخفض بمقدار الضريبة في حين يعالج عادة التمويل بالمشاركة كحصة في الربح ومن ثم يخضع للضرائب، وقد سبقت الإشارة إلى آثار غير المواتية لدعم آثار الفائدة فضلاً عن الأصل أن تشجع الدول الإسلامية صيغ التمويل الإسلامية إن لم يكن بدافع العقيدة فبدافع المزايا الاقتصادية المترتبة على هذه الصيغ.(1/122)
أما بالنسبة للتمويل الذي يحصل عليه قطاع الأعمال في صيغة مرابحات أو طبقاً لنظام التأجير التمويلي فإنه من ناحية تأثيره على استقرار الاقتصاد على الأقل لن يخرج عن تحليل السابق حيث سيرتبط جميعه بالسلع يتم شراؤها أو خدمات فعلية تقدم.
وعلى الجانب الآخر فإن قطاع الأعمال كما ذكرنا سيوجه جانب من فائض التمويل لديه للتوظيف قصير الأجل لمعرفة وسطاء التمويل بينما قد يوجه الجانب الآخر للاستثمار في مختلف الأوراق المالية التي قد تكون مطروحة في السوق.
ودور وسطاء التمويل لهذه الصورة بالنسبة للقطاع العائلي وقطاع الأعمال سيعني أن النظام الاقتصادي لن يكون بحاجة للتخصيص بنوك للتنمية تتعامل مع المنتج الصغير وبنوك عادية تتعامل مع القطاع المنظم، وهو ما يدعم ازدواجية القائمة حالياً في الاقتصاديات النامية فضلاً عن آثار المعاكسة التي سبق الإشارة إليها سواء بالنسبة للتمويل "المدعم"، في بنوك التنمية أو التمويل المرتفع للتكلفة في البنوك الأخرى والذي قد يؤدي إلى تحويل جانب من المستثمرين إلى مودعين، فالمصرف الإسلامي بصيغ التعامل فيه مؤهل في الحقيقة للقيام بوظيفيين معاً، ويكون مدخلاً مطلوباً للقضاء على الازدواجية أو ثنائية وهي بذاته مصدر من مصادر الاختلال وعدم الاستقرار للنظام الاقتصادي.
الفرع الرابع: الاستثمار من خلال سوق الأوراق المالية:
ويمثل المجال الثاني للتوظيف المتاح أمام القطاع العائلي وقطاع الأعمال وسنركز الحديث على الأوراق المالية التي يمكن أن تطرئها وحدات قطاع الأعمال ووسطاء التمويل والتي تشمل:
1)- أسهم الشركات القائمة أو الجديدة.
2)- صكوك مضاربة مطلقة أو مقيدة.
3)- صكوك تمويل لأنشطة محدودة أو عمليات بذاته.(1/123)
وبطبيعة الحال فإن الأصل في كل هذه الأوراق أن تكون قابلة للتداول وسيتحدد سعرها في السوق تبعاً للعائد المحقق أو المتوقع، ودرجة المخاطرة والفترة المتبقية على استحقاق رصيد الورقة، وسيختلف العائد المحقق والمتوقع من تلك الأوراق، وقد يتراوح بين العائد الثابت خلال المدة القصيرة أو المتوسطة كنتيجة لطبيعة الأصل المستثمر فيه، مثل العقارات المؤجرة وبين العائد المرتفع للمخاطر العالية مثل صكوك التمويل التنقيب أو معادن أو أنشطة البحث والتطوير.
ولا شك أن الطلب على الأصول المالية المذكورة قد يكون أسرع تأثيراً في حالات التضخم مع انخفاض الميل للادخار من اوجه التوظيفات الأخرى خاصة الاستثمار المباشر، إلى أن التوقع في المجتمع يسود فيه التعامل على أسس إسلامية إلى يحدث تدهور كبير في الطلب او الأسعار ونظراً لأن الاستثمار في تلك الأوراق التي يتحرك عائدها ارتفاعاً وانخفاضاً مع معدلات الأرباح، وبما يعكس تقلبات الأسعار سيشكل وسيلة فعالة لمواجهة التضخم خاصة في ضوء حرص كل مشروع على تحقيق أفضل عائد متاح حتى يتسنى له اجتذاب ممولين جدد عند الحاجة.
ومن ناحية أخرى فإن ضوابط العمل في سوق الأوراق المالية في ظل النظام الإسلامي والتي تشمل:
? منع التعامل الصوري والمضاربة على ارتفاع الأسعار.
? تحريم الغش والتدليس.
? التعامل النقدي الحال ومنع البيع الائتماني.
? تحريم التعامل بالأوراق ذات الفائدة المحددة سلفاً.
كل ذلك بالإضافة إلى ارتباط العائد على تلك الأوراق، ومن ثم اتجاهات أسعارها بالناتج المحقق فعلاً سيؤدي إلى استقرار التعامل في تلك السوق واستبعاد احتمالات التباين بين العائد على الأصول المالية، وأسعارها وبين ما تمثله من أصول حقيقية ومن ثمة استبعاد احتمالات الانهيار الدوري او المفاجئ كما يحدث في بورصات الأوراق المالية العالمية بين الوقت والآخر.
الفرع الخامس: البنك المركزي والنظام المصرفي(1/124)
يتطلب النظام الإسلامي من الدولة وأجهزتها أن تلعب دوراً أساسياً في استقرار النقدي وتعبئة المدخرات وتوجيهها لأوجه الاستثمار المطلوبة من أجل الوصول إلى معدلات نمو يتلاءم مع أحداث المجتمع وإمكانياته وسعيه لتحقيق الرفاهية الاقتصادية مع التوزيع العادل للدخل والثروة.
ويقع العبء الرئيسي في هذا الأمر على عاتق البنك المركزي بمصطلحاتنا المعاصرة حيث يناط به مجموعة من المهام تتشابه في جانب منها مع الوظائف التقليدية للبنوك المركزية وتختلف في جوانب أخرى، فالبنك المركزي هو المسؤول عن التحكم في عرض النقود والتي تتكون أساساً مما يصدره من نقود وما يسمح به من نقود مساعدة فضلاً عن هامش النقود المشتقة الذي سيتولد من طبيعة التعامل في الجهاز المصرفي.
وللفقهاء المسلمين ومفكرتهم دراسات رائدة في مسائل نقود ومسؤولية الدولة في استقرار قيمتها ،ولكن الأمر الهام أن يراعي البنك المركزي ان يتلاءم عرض النقود مع احتياجات النشاط الاقتصادي ومن ثمة فلا يلجأ للإصدار النقدي لمواجهة عجز في موازنة يترتب عاديه ضغوط تضخمية لا مبرر لها، وإنما سيكون عليه في حالة الحاجة إلى موارد أن يقوم بتعبئة موارد حقيقية أما عن طرق إصدار صكوك تمويل للأنشطة الإنتاجية أو الخدمة المطلوب الاستثمار فيها ويكون لحاملي الصكوك حق في عائد تلك الأنشطة وإما أن يقوم باستخدام جانب من ودائع الجهاز المصرفي لتمويل المشروعات ذات النفع العام والتي لا تفي إيرادات السيادة في الفترة الخارجية بحاجتها وذلك في شكل نسبة من تلك الودائع ترد في فترات قادمة دون إضافة عائد لها (قرض حسن).
المطلب الثالث: الخدمات التي تقدمها البنوك الإسلامية بالمقارنة مع البنوك التقليدية
الفرع الأول: تحليل موارد البنوك واستخدامها
يكمن إجمال الخدمات التي تقدمها البنوك الإسلامية في نوعين رئيسيين هما:
أ- الخدمات الاقتصادية والمصرفية وتغطي:
1- حشد الموارد.
2- توظيف الموارد.(1/125)
3- إدارة الاستثمارات.
4- تقديم الاستثمارات المالية والاقتصادية.
ب- الخدمات الاجتماعية وتغطي:
1-تقديم القروض الحسنة.
2-إنشاء المنظمات الإسلامية.
3-تنمية الوعي الديني.
ومع الاختلاف الواضح بين أسلوب عمل البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية في مجال تقديم الخدمات الاقتصادية والمصرفية، فإن من اليسير القول بان البنوك الإسلامية تنفرد عن البنوك التقليدية بمزية مجموعة الخدمات الاجتماعية التي تقدمها.
ونعرض فيما يلي بإيجاز العناصر الرئيسية لمجموعة الخدمات التي تقدمها البنوك الإسلامية بالمقارنة مع البنوك التقليدية دون الخوض في التخريج الشرعي لهذه الخدمات.
1- حشد أو تعبئة الموارد:
... وهو من مستلزمات تمكين البنك الإسلامي من القيام بمهامه المختلفة علاوة على كونه أداة مهمة في تجميع مدخرات المجتمع وتوجيهها الوجهة الصحيحة لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومن الأشكال المعروفة لتعبئة موارد المساهمات الرأسمالية في رأس المال الخاص بالبنك الإسلامي والحسابات الجارية، أو ودائع الأمانة والودائع الاستثمارية أو حسابات الاستثمار، كما تشكل أموال الزكاة والصدقات والهيئات والدعم والمنح مصادر أخرى لدخل البنوك الإسلامية تنفرد في معظمها عن البنوك التقليدية.
2- توظيف الموارد: يعد التوظيف والاستثمار أساس عمل البنك الإسلامي، وتتم ممارسته وفقاً للقواعد الشعبية التي تحكم المعاملات بشكل يضمن نماء رأس المال وزيادته من خلال توظيفه في مختلف أوجه النشاط الإنتاجي من السلع والخدمات التي يحتاج إليها المجتمع المسلم.(1/126)
... وهناك العديد من الصيغ المعترف بها والمجاوزة من قبل الفقهاء بالإجماع يمارس من خلالها البنك الإسلامي توظيفاته أهمها المرابحات الإسلامية المحلية والدولية، المشاركات الإسلامية لآجال متفاوتة المشاركات المتناقضة أو المتنهية بالتمليك، والمضاربات الإسلامية الثنائية او المتعددة الأطراف، المتاجرات الإسلامية كبيع بالتقسيط والإجارة وبيع سلم وعقود المزارعة والمصانعة والاستسقاء أو المساقات والصفقات المتكافئة.
3- إدارة الاستثمارات:
ويرمي البنك الإسلامي من وراء ذلك إلى المحافظة على العملاء واستقطاب العملاء الجدد، وترتكز جهود البنك في هذا المجال في عدد كبير من القضايا التي تهم المسلم والمجتمع على حد سواء من تأسيس الشركات وإدارتها، وعمل دراسات الجدوى الاقتصادية وتصفية التركات وتنفيذ الوصايا وإدارة العقارات وتسويقها والوفاء بالتزامات نيابة عن العميل وعمليات الشحن والتخليص الجمركي ... وغيرها.
4- تقديم الاستشارات المالية والاقتصادية:
وتقوم البنوك الإسلامية بهذه المهام نظراً لكونه بيت خبرة تضم في هياكلها الوظيفية نخبة من الخبراء في مختلف المجالات، الأمر الذي يمكنها تقديم خدماتها الاستثمارية في مجال الاستثمارات المالية، والإنتاج والتسويق، والتخطيط والتنظيم وإدارة الأفراد والتعاون الاقتصادي وتصميم العقود المالية والقانونية المنظمة لعمليات تعبئة الموارد وتوظيفها.
أما في مجال الخدمات الاجتماعية التي تقدمها البنوك الإسلامية ممثلة في جمع الزكاة وتوزيعها وتقديم القروض الحسنة لمختلف الغايات من زواج وتعليم وحالات الوفاة والتسيير على المعسرين وإنشاء المنظمات الإسلامية وتنمية الوعي الديني من خلال معاملاتها الاقتصادية والمالية في المجتمع الإسلامي.
الفرع الثاني: دور البنوك في مجال تمويل التجارة(1/127)
يحظى موضوع التمويل التجاري لدى البنوك التقليدية بالأهمية خاصة لأنه في الغالب ذو طبيعة قصيرة الأجل ومكونة من الاستثمارات المأمونة ولأنه سريع المردود والتصفية الذاتية.
كما تعتبر المرابحة من صيغ التمويل قصيرة الأجل بالنسبة للبنوك الإسلامية أيضاً وأنها الأكثر شيوعاً لدى البنوك الإسلامية إما لسهولة تطبيقها أو لانخفاض درجة المخاطرة فيها.
والبيوع في الشريعة على نوعين هما: نوع المساومة والفرق بينهما أن بيوع الأمانة يتم الاتفاق عليها بين البائع والمشتري بمعرفة ثمن الشراء الأصلي للسلعة المبيعة أما بيوع المساومة فيتم تحديد ثمنها بغض النظر عن الثمن الأصلي الذي اشتريت به السلعة، ويعتبر بيع المرابحة من أبرز أشكال بيوع الأمانة وتعرف بأنها "بيع يمثل ثمن الشراء مع زيادة ربح"، وهناك بيع التولية (البيع بنفس الثمن الأصلي) وبيع الوضعية (بيع بثمن أقل من الثمن الأصلي).
ويبين الجدول التالي نسبة التمويل التجاري في التوزيع القطاعي للتسهيلات الائتمانية للبنوك التجارية والبنوك الإسلامية لعام 1996، وفي عدد من الدول العربية كمثال تقرببي.
وتجدر الملاحظة أن تمويل من قبل البنوك التقليدية والإسلامية يشمل نوعي المرابحة على النطاق المحلي (تجارة داخلية)، والنطاق الدولي (تجارة دولية أو عبر الدول)، ولا تتوفر البيانات المفصلة التي تمكن الباحث من تقديم عرض أكثر تحديداً لدور البنوك الإسلامية في تمويل التجارة الخارجية بين الدول الإسلامية باستثناء العرض الخاص الذي سيرد ذكره بشأن البنك الإسلامي للتنمية في جدة الذي تنحصر تمويلاته التجارية في التجارة الدولية فقط.
جدول رقم (04): نصيب التجارة في مجمل الائتمانية للبنوك التجارية (التقليدية) والبنوك الإسلامية في عدد من الدول العربية لعام 1996.
المصدر: المصارف العربية (عدد خاص) العدد 162 – 1991.(1/128)
الدولة ... مجموع التسهيلات المصرفية بالعملة المحلية (مليون) ... نصيب التجارة (%) ... قروض وسلف واستثمارات البنك/البنوك الإسلامية (مليون) ... نصيب التجارة (%) ... ملاحظات
الأردن ... .634 دينار ... ,6 ... ,9 ... البنك الإسلامي الأردني
دولة الإمارات ... 9.886 درهم ... ,0 ... .811 ... غ.م ... بنك دبي الإسلامي
البحرين ... دينار ... ,5 ... ,9 ... بنك البحرين الإسلامي
السودان ... .345 جنيه ... ,1 ... دولار ... ,5 ... بنك البركة الإسلامي للاستثمار
قطر ... .190 ريال ... ,8 ... دولار ... ,0 ... مصرف فيصل الإسلامي
الكويت ... .697 دينار ... ,6 ... ,0 ... بنك التنمية التعاوني الإسلامي
مصر ... .580 جنيه ... ,6 ... ,7 ... بنك فيصل الإسلامي
موريتانيا ... غ.م ... غ.م ... .560 ... ,0 ... مصرف قطر الإسلامي
تونس ... دينار ... ,4 ... .173 ... ,5 ... بنك التمويل الكويتي
بالنظر إلى الجدول يمكن أن نستخلص ما يلي:
1- يحظى قطاع التجارة بنسبة تتراوح بين 25-30% من مجموع التسهيلات الائتمانية التي تقدمها الأجهزة المصرفية العربية ممثلة في البنوك التجارية.
2- تركز البنوك الإسلامية على تمويل الاستثمارات والمرابحات قصيرة الأجل وطويلة الأجل، وتشكل هذه الأنشطة جوهر التوظيفات التي تنفذها البنوك الإسلامية للبررات الشرعية والاقتصادية.
3- تشكل القروض والسلف والاستثمارات حوالي 90% من مجمل موجودات البنك الإسلامي وتشكل بيوع المرابحة غالبية بند القروض والسلف.
4- من الملاحظ ان البنوك الإسلامية لا تتبع نظاماً موحداً في إعداد حساباتها الختامية ومميزاتها الأمر الذي يتعذر معه إجراء مقارنات سليمة بينها وبين البنوك التقليدية من جهة وبين البنوك الإسلامية ذاتها من جهة أخرى وعلى سبيل المثال لم يوجد سوى عدد قليل من البنوك الإسلامية أظهر بوضوح حجم المبالغ الموظفة في تمويل القطاع التجاري من خلال التوزيع القطاعي للقروض والسلف والاستثمارات الممنوحة.(1/129)
5- ورغم الثغرات المشار إليها في الجانب الإحصائي لبيانات البنوك الإسلامية إلا أن دورها في دعم التجارة المحلية والدولية أكبر من دور البنوك التقليدية حيث نجد أن نصيب التجارة يتراوح في المتوسط بين50-80%من مجموع القروض والسلف والاستثمارات وها يعني انها تشكل حوالي 45-70% من مجمل موجودات (توظيفات) البنك الإسلامي.
6- مما يعزز هذه النتيجة أن البنوك الإسلامية تمثل تجربة حديثة العهد، وبالتالي فإنه قد توفر لها كم وفير من الموارد قصيرة الأجل (ودائع مختلفة) التي استدعت إيجاد توظيفات قصيرة الأجل بتوظيفات أطول أجلاً في المشروعات المختلفة إما لالتزامها بالمعايير التي تحددها البنوك المركزية من خلال القوانين والأنظمة التي تنظم عمل البنوك وإما لعدم توفر الفرص الاستثمارية المجدية المعروضة عليها في قطاعات إنتاج السلع والخدمات المختلفة.
7- ونظراً للرسالة الاقتصادية والاجتماعية السامية التي تضطلع به البنوك الإسلامية في تحقيق نمو متوازن للاقتصاد، وعلاقات متوازنة لأفراد المجتمع فإن المستقبل يحمل في طياته توجهات أكثر نحو توظيف موارد البنك الإسلامي في ميادين الإنتاج المباشرة للسلع والخدمات مع ضمان البعد الجغرافي لهذه التوظيفات لإيجاد توازن بين مختلف مناطق البلد الواحد، بشكل يحقق عدالة توزيع الموارد والدخول ويجنب الاقتصاديات العديد من الاختلالات الموروثة.
8- وإذا كانت البيانات والإحصائيات المصرفية للبنوك الإسلامية حول تمويل التجارة غير واضحة لدى معظم هذه البنوك ومدمجة في غيرها من البيانات كبند القروض والسلف.(1/130)
الفصل الثاني
الاستراتيجية الاستثمارية للبنوك الإسلامية
المبحث الأول: المشروع الاستثماري وترويجه
المطلب الأول: مفهوم الاستثمار
يتوقف حجم التمويل بالمشاركة ابتداءً على ما يطلبه العملاء من البنك الإسلامي وإذا كان البنك الإسلامي يستطيع أن يشجع الكثيرين على مشاركته فإن الحقيقة ستبقى وهي أن حجم التمويل بالمشاركة يتوقف في التحليل النهائي على ما يطلبه العملاء، هذا ويستطيع البنك الإسلامي أن يوظف بعض ما لديه من الأموال المتاحة للاستثمار في أسهم شركات إسلامية وفي صكوك مضاربة إسلامية ولكن بدرجة إسهامه ستتوقف أيضاً على ما يمنح في السوق المالية الإسلامية والتي ستبقى محدودة أيضاً لفترة ليست بالقصيرة.
فالبنك الإسلامي لابد له من القيام بتأسيس مشروعات للاستثمار سواء أسسها بمعرفته بالكامل أو بالاشتراك مع الغير أو مساعدة الغير على تأسيسها مشتركاً في تمويلها، وسواء كانت هذه المشروعات في أنشطة صناعية او زراعية او تجارية أو عقارية أو خدمات وسواء كانت لديه نية الاستمرار في الملكية بمعنى الاحتفاظ بالملكية لفترة طويلة أو طرح لمشروع الاكتتاب العام مباشرة أو الانتظار حتى نجاح المشروع، وسواء كانت هذه المشروعات خارج البلاد أو داخلها في المدن الكبيرة أو في المناطق النائية وسواء قام بالإشراف الكامل على التعاقدات والتنفيذ، أو طرح مناقصات تسليم مفتاح وسواء جعل المشروع تابعاً للبنك دون كيان قانوني مستقل أو جعل للمشروع كياناً قانونياً.
المطلب الثاني: طبيعة المؤسسة الإسلامية المالية
إن قيام البنوك الإسلامية بإنشاء مشروعات الاستثمار أو الترويج لها والمشاركة فيها ليس من باب الآمال أو الاختيار ولكنه من باب المسؤولية الأصلية للبنك الإسلامي، وبدون هذه المسؤولية يصبح البنك الإسلامي مجرد مؤسسة حلال وليس بالضرورة مؤسسة اقتصادية تدعم النظام الاقتصادي الإسلامي.(1/1)
فإذا كانت البنوك التقليدية منذ نشأتها إلى اليوم قد تخصصت في أن تكون وسيطا بين المودعين وطالبي الأموال: فإن البنك الإسلامي لا يستطيع أن يقتصر بدور الوسيط هذا.
فالبنك الإسلامي انطلاقاً من صفته الإسلامية يتصف بعدة صفات مرتبطة بطبيعته صفة أيديولوجية وصفة تنموية وصفة إيجابية وصفة اجتماعية.
والصفة الإيديولوجية للبنك الإسلامي العقيدة التي ينطلق منها هذا البنك تجعله يختلف تمام الاختلاف عن الاعتقاد الذي يبدأ منه بنك تقليدي، فالعقيدة الأساسية للبنك الإسلامي وحسب ما جاء في الجزء الثالث من الموسوعة(1)هي النظام الاقتصادي الإسلامي.
أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي حسب الموسوعة ما يلي:
- زيادة معدل النمو الاقتصادي.
- تحقيق مستوى عال من التوازن بين العمالة واستقرار الأسعار.
- تحسين الكفاءة الاقتصادية.
- العدالة في توزيع الدخل.
- الاستقلال الاقتصادي/ الميزة الاقتصادي النسبية.
- جودة الحياة (المادية والمعنوية).
ولذلك كان من الضروري للبنك الإسلامي اتساقاً مع صفته العقيدية المميزة أن يلتزم بتجسيد أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي، وأن يقوم تنفيذاً لهذا الالتزام الأساسي بمشروعات استثمارية والترويج لها، فبدون القيام بالمشروعات الاستثمارية أو المشاركة فيها أو الترويج لها تصبح أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي أحلاماً أو نوايا طيبة على أحسن تقدير ثم أن الصفة العقيدية للبنك الإسلامي تلزمه أيضاً بالتصدي لقضية تنمية المجتمع وهو لذلك بنك تنموي.
المطلب الثالث: المسؤولية التنموية للمؤسسات الإسلامية المالية
__________
(1) الجزء الثالث من الموسوعة – ص 87.(1/2)
إن الصفة التنموية للبنك الإسلامي تجعله أكثر من مجرد وسيط مالي، فالبنك التجاري التقليدي وسيط مالي والوسطاء الماليون مهمون في التنمية الاقتصادية، لأنهم يجمعون الأموال من المدخرين ويوجهونها إلى المستثمرين، أما البنك الإسلامي فليس كذلك فقط، إذ أن صفته التنموية تعني التصدي المباشر لقضايا التنمية.
وإذا كان البنك الإسلامي للتنمية قد نص على الهدف التنموي صراحة فإن معظم البنوك الإسلامية الأخرى قد لاحظت نفس الهدف، ونصت عليه صراحة أيضاً، فقانون إنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري مثلاً: ((غرض البنك القيام بجميع الأعمال المصرفية والمالية والتجارية وأعمال الاستثمار وإنشاء مشروعات التصنيع، التنمية الاقتصادية، العمران والمساهمة فيها الداخل والخارج)).(1)2)
كما نص عقد تأسيس بنك دبي الإسلامي على أن من أغراض البنك ((القيام بأعمال مباشرة أو بشراء مشروعات أو بتمويل مشروعات أو أعمال مملوكة للغير))(2)3)، كما نصت المادة الخامسة من النظام الأساسي للبنك على أن للشركة (البنك) أن تقوم بالأعمال التالية على سبيل المثال لا الحصر تحقيقاً لأغراضها الاستثمارية:
- أعمال الاستثمار والاستقصاء المتعلقة بتوظيف رؤوس الأموال وتقديم كافة الخدمات الخاصة بهذه العمليات والاستثمارات والتوصيات.
- كافة أعمال المقاولات الإنشائية والصناعات الهندسية المرتبطة بها وكذلك القيام بالأعمال الكهربائية وما يتصل بها.
- الشركات التجارية والتعامل في بيع وشراء أسهمها.
- شراء المصانع وإدارتها وتسويق منتجاتها.
- وشركات الاستثمار على اختلاف أنواعها والقيام بكافة الأعمال المرتبطة بها أو المشابهة لها.
- الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن والزيوت والمحاجر وغيرها من موارد الثروة الطبيعية.
__________
(1) المادة 2 من القانون رقم 48 سنة 1977 الخاص بإنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري.
(2) عقد تأسيس بنك دبي الإسلامي – مرسوم حكومة دبي 12/03/1975.(1/3)
- أعمال الاستثمار الزراعي.
- والعقارات بقصد بيعها بحالتها الأصلية أو بعد تجزئتها أو بقصد تأجيرها.
- بيع عمليات الاستيراد والتصدير الخاصة بالسلع على اختلاف أنواعها.
- وغيرها مكُن الأموال المنقولة بقصد بيعها أو بقصد تأجيرها أو استئجارها لتأجيرها من الباطن.
بكافة الأعمال المتعلقة بالملاحة البحرية والجوية والنقل البري وبناء الطرق وتعبيدها وإقامة الجسور والسدود وصيانتها وإقامة الخزانات والمستودعات بأرصفة الموانئ وفي داخل البلاد.
للصفة الاستثمارية والتنموية للبنك الإسلامي سمي المصرف الدولي نفسه (( المصرف الإسلامي الدولي للتنمية)). وصرح – في عقد تأسيسه – بأن غرض الشركة (المصرف) هو مباشرة جميع الخدمات والعمليات المالية والتجارية المصرح بها لبنوك الاستثمار والأعمال، وكافة ما تتطلبه أعمال ومشاريع التنمية، وقد ذكر المصرف الدولي للاستثمار والتنمية الأعمال الآتية على سبيل المثال لا الحصر:
- إنماء وإنشاء وتنشيط الاستثمار في مختلف قطاعات التنمية، سواء بتأسيس مشروعات جديدة أو تدوير مشروعات قائمة .
- تأسيس المشروعات بمختلف أنواعها سواء لحساب الشركة أو لحساب الغير بالاشتراك معه.
الخدمات الفنية والاقتصادية والمالية والإدارية والتسويقية والاستشارية للمشروعات، وإعداد دراسات الاستثمار المتعلقة بها على مختلف الأنواع.
المسؤولية الاستثمارية التنموية للبنك الإسلامي صفة ملازمة له تماماً، فمن المعروف مما تقدم أن البنوك التجارية تفرق بين الفائدتين المدينة والدائنة كأهم مصدر لتحقيق الأرباح ولكن الاستثمار بالنسبة للبنوك الإسلامية هو إلغاء التعامل بالفائدة من عمليات البنك الإسلامي يجعل الاستثمار المباشر ليس فقط مسألة والشغل الشاغل أيضاً لإدارة البنك ويتوقف عليها وجود البنك من عدمه.(1)
__________
(1) موسوعة البنوك الإسلامية – ص 101.(1/4)
البنك الإسلامي بطبيعة تركيبه لا يمكن أن يكون بنكاً تجارياً بنك يتاجر بالأموال ولكنه بنك استثمار لما أدرك ذلك وحدده صراحة المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية، وهو أيضاً ليس مجرد بنك استثمار ولكنه بنك استثمار إسلامي، أما أنه بنك استثمار تنموي وليس بنكاً تجارياً فلأن أهداف استثماراته المباشرة أرباح أو زيادة في قيمة المساهمات، ولكنها تحقيق تنمية للمجتمع وأما أنه بنك استثمار إسلامي وليس بنك تقليدي فلأن بنوك الاستثمار التقليدية تعتمد على الفرق بين أسعار الفائدة المدينة والدائنة، وأن تمتلك كل أو جزء من المشروعات الجديدة التي تنشئها(1)2)، أما البنك الإسلامي لا يعتمد على الفرق بين الفائدتين المدينة والدائنة: إنه بنك لا يتاجر على ملكيته من أجل تحقيق ربح أكبر لأصحابه وإنما هدفه دائماً تنشيط الاستثمار والتنمية، وتنشيط المدخرين الصغار وتنشيط الصغار، وتنشيط أصحاب الحرف الضغيرة وباختصار البنك الإسلامي بنك إيجابي لا يقف موقفاً سلبياً من التنمية، إذ أنه لا يجلس في انتظار المقترضين للاستثمار، ولكنه يذهب بنفسه إلى فرص الاستثمار يدرسها ويقدمها للغير، ويساهم مع الغير فيها أو ينشئ المشروعات حتى إذا نمت يمكنه أن يبيع جزءاً منها أو كلها.
المطلب الرابع: أبعاد الدور التنموي للبنوك الإسلامية
إن الدور الاستثماري التنموي للبنوك الإسلامية يمكن أن يشمل التعرف على فرص الاستثمار وتعريف المستثمرين بها واتخاذ كل ما من شأنه دراسة هذه الفرص ويتم اختيار المشروعات للدراسة بناء على عدة معايير: فقد يكون مبنيا على دراسات قطاعية للمجالات التي يريد البنك الدخول فيها ابتداءً أو على برامج تنمية كلية أو على دراسات السوق أو على الاستجابة للحاجات الإنسانية (الفقر المطلق في ضوء الأولويات الإسلامية) ... إلخ.
__________
(1) المختار – بنوك الاستثمار – مكتبة الأنجلو المصرية- القاهرة 1982.(1/5)
وتحليل المشروعات ودراسة جدواها أو صلاحيتها أو سلامتها وكل هذه المصطلحات بمعنى واحد، ويتم تحليل أي مشروع من عدة زوايا لتقرير عناصر السلامة له وهي: السلامة الشرعية والسلامة الفنية والسلامة الاجتماعية والسلامة التجارية والسلامة الإدارية والتنظيمية والسلامة المالية والسلامة الاقتصادية والسلامة القانونية.
ترويج فرص الاستثمار أو ترويج المشروعات بعد دراستها وذلك بتشجيع المستثمرين منفردين أو مجتمعين على القيام بوضع هذه المشروعات موضع التنفيذ ويتم بجميع الوسائل الممكنة ابتداءً من الإعلام وانتهاء بتأسيس التجمعات المصرفية لتمويل معين أو عدة مشروعات متكاملة أو مرتبطة.
تحسين المناخ الاستثماري العام وذلك بمختلف الأساليب كنشر دراسات وبحوث وحقائق عن الاقتصاد القومي واتجاهاته أو عن مشروعات بعينها أو الاتصال بالحكومة والأجهزة المركزية ومطالبتها بنشر بيانات مطلوبة للمستثمرين أو بتغيير قوانين أو لوائح تفيد المستثمرين بصفة عامة والبنك الإسلامي بصفة خاصة أو بتأسيس تجمعات تمويلية محلية ودولية لمجموعات مشروعات أو مشروع معين ... إلخ.
- تمويل بذرة رأس مال (مشروعات الغير): وذلك بتقديم رأس المال المبدئي اللازم لبدء المشروع والذي يتحمل الغير مسؤولية بالكامل، أو بتأسيس مشروعات بالاشتراك مع الغير أو تأسيس المشروعات بملكية تامة على أمل بيع الأسهم فيما بعد.
- تمويل التوسع في مشروعات قائمة: سواء كانت هذه المشروعات تابعة للبنك كلياً (بدون شكل قانوني مستقل) أو جزئياً أو كانت مملوكة للغير تماماً.
المطلب الخامس: الأموال المتاحة للبنك الإسلامي(1/6)
إن الأموال المتاحة لدى البنك الإسلامي (الودائع مع التفويض بالاستثمار) تجعله جهازاً صالحاً للدخول في المشاريع الاستثمارية في أي مرحلة من المراحل: فالمودعون لا يصرفون على عائد محدد مقدماً، لأنهم يعرفون أن هذه المبالغ ستقدم للمضاربة (الشرعية) او للاستثمار التنموي، وليس لمجرد إعادة إقراضها بفائدة محددة ولذلك فإن الفرص المتاحة لدى البنك الإسلامي تفرض عليه القيام بإنشاء المشروعات والترويج لها والمشاركة فيها.
الاقتصاد القومي في البلاد الإسلامية متعطش إلى مشروعات جديدة ولذلك لابد وأن يوظف التمويل بالمشاركة في إنشاء مشروعات جديدة حتى ولو كانت سوق الأوراق المالية الواسعة.
البنك الإسلامي سيجد نفسه مضطراً للدخول في إنشاء المشروعات بنفسه إذا كانت تدفقات الودائع مع التفويض من طلبات التمويل بالمشاركة، إذ أنه لا يستطيع أن يودعها لدى البنوك الأخرى بفائدة، فهذه معاملة تثير هذه الإبداعات لدى هذه البنوك بمبالغ كبيرة لفترات كبيرة، كما يعتبر عجزاً منه لو أودعها لفترة في البنوك الأخرى.
المصدر: موسوعة الدول الإسلامية – الجزء الثالث – ص 267.
وعلى هذا يمكن القول بأن العوامل الدافعة للبنك الإسلامي إلى القيام بإنشاء مشروعات تنشأ من:
1- الطبيعة المتميزة للبنك الإسلامي كمؤسسة استثمارية تنموية وليس مجرد وسيط مالي.
2- ضعف الطلب على التمويل الجاري بالمشاركة.
3- ضعف سوق الأوراق المالية الإسلامية.
4- طبيعة الودائع المتاحة للتوظيف (عدم الارتباط بعائد محدد سلفاً).
5- الإيقاع السريع لتدفقات الودائع مع التفويض بالاستثمار من المسلمين.(1/7)
إن الإيقاع السريع لتدفقات الودائع مع التفويض بالاستثمار وهو ما نلاحظه في البنوك الإسلامية التي بدأت تنتشر في جميع أنحاء العالم، يغرض على البنوك الإسلامية استخدام هذه الأموال في إنشاء مشروعات استثمارية تدفع عجلة التنمية إلى الأمام فإذا زادت الودائع الاستثمارية ولم يقابلها زيادة مماثلة في طلبات التمويل بالمشاركة والمرابحات فلن يجد أمامه إلا مجالين شراء أسهم أوراق مالية إسلامية وهذه محدودة أو بإنشاء شركات جديدة أو المشاركة في إنشائها البديل لإنشاء مشروعات الاستثمار هو المتاجرة في السوق العالمية مع ترك التخلف السائد في العالم الإسلامي، ولذلك فإن البديل الوحيد هو إنشاء المشروعات الاستثمارية وتعبئة الأموال من خلال تجمعات مصرفية إسلامية أخرى.
المطلب السادس: معايير اختيار مشروعات للدراسة.
المشروعات التي يمكن اختيارها للدراسة قد تفوق أي تصور، ولما كانت دراسة كل أنواع المشروعات غير ممكنة عملاً من وضع معايير لاختيار مشروعات للدراسة، فهذه المعايير ليست مشكلة دراسة مشروع واحد ولكنها مشكلة اختيار على اعتبار أن برنامج الاستثمار يحوي مجموعة من المشروعات، فإن الصلة وثيقة بين برنامج الاستثمار ومشروع الاستثمار ونظراً لعدم وجود برامج جاهزة للاستثمار في أي دولة يجب علينا أن نضع بعض المعايير التي تفيد في اختيار مشروعات الدراسة واضعين في الحسبان أنه لا يمكن اختيار للدراسة دون فهم للاقتصاد القومي وجوانبه(1)، ومن ثم اختيار مشروع للدراسة يمكن أن يكون مبنياً على أحد المعايير أو الأسس الآتية: (هذه المعايير والأسس تتداخل واختيار المشروع للدراسة قد تدعمها دراسات أخرى):
1- دراسات قطاعية للمجالات التي يسعى البنك إلى الدخول فيها ابتداءً.
2- دراسات السوق.
__________
(1) Manual on economic development projects (New York :Unites Nations, 1958) Sales No E 58 11 G5.(1/8)
3- دراسات الحاجات الإنسانية الأساسية (من المنظمات العالمية أو المحلية).
4- اقتراحات قدمت في مؤتمرات أو ندوات محلية أو عالمية.
5- أفكار مقدمة من عملاء البنك.
6- ظروف أخرى.
وفيما يلي تفصيل لهذا الإجمالي:
1- الدراسات القطاعية للمجالات التي يسعى البنك للدخول فيها:
إن البنك الإسلامي الذي يريد دخول ميدان التجارة يكون المطلوب منه دراسة إنشاء شركة للتجارة الداخلية أو شركة للتجارة الخارجية (استيراد وتصدير) والبنك الإسلامي الذي يريد الدخول في مجالات المقاولات فإنه يختار مشروعاته للدراسة من خلال دراسة هذا المجال لإنشاء شركة مقاولات (إسلامية) ونفس الشيء يقال عن شركات التأمين التعاوني ... إلخ.
2- دراسات السوق:
إن دراسات السوق قد توحي باختيار مشروع للدراسة، وفي البلاد النامية يمكن تمييز الإطار العام للمشروعات التي تختار للدراسة بناء على دراسات السوق كالآتي:
- سوق التصدير حيث أن الدولة متخصصة في إنتاج سلع مشهورة عالمياً (تصدير البن إلى البرازيل تصنيع القطن المصري طويل التيلة ).
- سوق التصدير للاستفادة من فرص عالمية منافسة أو قدرة خاصة حتى في الحالات التي يوجد فيها موارد طبيعة داخل البلاد (صناعات التصدير في اليابان).
- بدائل الواردات: إن دراسة متأنية لإحصائيات الواردات قد تعطي أساساً جيداً لتقدير الكميات الممكن إنتاجها محلياً بدلاً من استيرادها.
- إحلال الإنتاج الكبير محل الصناعات الحرفية: إن دراسة احتمالات إحلال بعض الصناعات الحرفية ببعض المصانع ربما يؤدي إلى اختيار بعضها لا كلها.
- زيادة الطلب على بعض المنتجات نتيجة زيادة عدد السكان أو مستوى دخولهم والتنبؤ بزيادة عدد السكان أو مستوى الدخول قد يؤدي إلى دراسة مشروع أو أكثر.
- نقص المعروض من سلعة معينة أو خدمة معينة فدراسات العرض قد تساعد على الاختيار.(1/9)
3- دراسات الحاجات الأساسية :إن دراسات الحاجات الأساسية التي تنشرها المنظمات الدولية أو المحلية عن الحاجات الإنسانية الأساسية تعتبر من أهم المعايير التي تساعد البنك على اختيار مشروع ما للدراسة، لنفرض أن الدراسة توصي بإنشاء وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود جداً فإن اختيار مشروع للدراسة هنا يكون مبيناً على هذه الدراسات المبدئية وقد يكون اختيار البنك لهذه المشروعات لتحقيق أهداف التكافل الاجتماعي أو للاستثمار بالنسبة لصندوق الزكاة، كما قد يكون من أهداف الاستثمار العادي للبنك، وهذا يكون وفقاً لظروف كل حالة.
4- الاقتراحات المقدمة في مؤتمرات أو ندوات محلية أو عالمية: إن كثيراً من المشروعات تظهر من دراسات المتخصصين في المؤتمرات والندوات العالمية تلك التي تكون مبنية عادة على دراسات واضحة أو معلومات يعرفها المطلعون على بنوك المعلومات المركزية، ولذلك ينصح بأن يحضر ممثلوا البنوك الإسلامية هذه المؤتمرات والندوات.
5-الأفكار المقدمة من عملاء البنك: إن عملاء البنك يكونون عادة على علم بما تحتاجه الأسواق المحلية، وقد لا يكون علمهم بذلك مبنياً على دراسة ميدانية، ولكن على إحساس بالأسواق وهذا مصدر جيد من مصادر اختيار المشروعات للدراسة.
6- الابتكارات أو الموارد الموجودة: إن كثيراً من أفكار المشروعات لا تكون نتيجة دراسة وإنما نتيجة أفكار ابتكارية جامحة أو نتيجة وجود موارد طبيعية يتم التفكير في كيفية استخدامها ... إلخ.
والشكل التالي يوضح معايير اختيار مشروعات استثمارية للدراسة.
المصدر :موسوعة البنوك الإسلامية الجزء الثالث ص 291.
المبحث الثاني: عناصر السلامة في مشروعات الاستثمار(1/10)
إن مشروعات الاستثمار تكون عادة خلافاً للعمليات والمشتريات الصغيرة، كما أن نتائجها لا تظهر إلا بعد فترات طويلة المدى لذلك كان لزوم فحص درجة سلامة أي مشروع مسألة بديهية لا تحتاج إلى برهان، فالتأكد من سلامة المشروعات ضروري سواء قام البنك بتمويل المشروع بمفرده، أو بالاشتراك مع غيره، أو قام الغير بالتمويل الكامل بناء على نصيحة البنك ومشورته باعتبارها خدمة متخصصة.
ولقد اهتمت منظمات التنمية الدولية بهذا الموضوع، ونشرت فيه عدة بحوث ودراسات فظهرت أدلة متخصصة وإن اختلفت جوانب التركيز في كل منها، فبعض المراجع تركز على الجوانب التجارية والفنية والبعض الآخر يركز على الجوانب المالية، والبعض الآخر يركز على الجوانب الاقتصادية أو الاقتصادية الاجتماعية.(1)
ومن جهة نظر هذه الموسوعة يعتبر مشروع الاستثمار سليماً إذا استوفى سبعة عناصر:
1- السلامة الشرعية.
2- السلامة الفنية.
3- السلامة التجارية.
4- السلامة التنظيمية والإدارية.
5- السلامة المالية.
6- السلامة الاقتصادية والاجتماعية.
7- السلامة القانونية.
المطلب الأول: السلامة الشرعية
__________
(1) عن اليونيدو (1957) أنظر:
Manual on economic development projects (New York :Unites Nations, 1958) Sales No E 58 11 G5
عن مركز التنمية الصناعية للدول العربية (مترجم) عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
Organization for co-operation and development
دليل تحريم المشروع الصناعي في الدول النامية (مترجم).
القاهرة: مركز التنمية الصناعية للدول العربية 1978.
عن وكالة التنمية الدولية – الولايات المتحدة الأمريكية USAID.
Feasibility analysis procedures manual. (Washington D.C Unites States Agency for International Development, 1976).
عن اليوتيدو (1978):
Manual for the preparation if industrial feasibility studies, New York :Unites Nations, 1978) Sales No E 68 11 B5(1/11)
المقصود بالسلامة الشرعية ألا تكون في المشروع مخالفات لأحكام الشريعة ليس فقط على مستوى تجنب الربا والسلع والخدمات المحرمة، بل وعلى مستوى الأولويات والالتزام بالسلوك الإسلامي بشكل عام أيضاً ولذلك فإن المشرع الاستثماري يعتبر سليماً من الناحية الشرعية إذا توفرت فيه الشروط الآتية:
1- أن تكون معاملاته حلالاً: بمعنى عدم تصميم المشروع على أساس الاقتراض بفوائد أو إتباع معاملات محرمة والفصل في هذا هو القائمة التي تضعها في البداية الهيئة الشرعية العليا للبنوك الإسلامية (التابعة للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية) أو الهيئة الشرعية الخاصة بالبنك الإسلامي.
2- أن تكون سلعته وخدماته حلالاً: بمعنى أن تكون السلعة المطلوبة إنتاجها أو الخدمة المطلوب تأديتها غير محرمة بموجب الأحكام القطعية للشريعة الإسلامية (لحم الخنزير – الخمر ... إلخ).
3- التقيد بالأولويات الإسلامية ومراعاتها:إذا توفر الشرطان السابقان والشرط التالي أيضاً: فبالرغم من ذلك لا يعتبر المشروع سليماً من الناحية الشرعية ومفضلاً على غيره من المشروعات إلا إذا كانت السلع المقدمة أو الخدمة المؤداة ضرورية أيضاً يعيش فيه كثيراً من المسلمين (وتختلف الأولويات الإسلامية من دولة إلى أخرى ومن زمن إلى زمن في الدولة الواحدة)، أما إذا كانت السلعة المنتجة أو الخدمة المؤداة تمثل ((حاجيات)) مرغوبة من شريحة كبيرة من الأمة الإسلامية اعتبر المشروع سليماً من الناحية الشرعية ومفضلاً بأولوية ثانية.
... ويعتبر المشروع غير السليم من الناحية الشرعية إذا كانت السلع المنتجة أو الخدمة المؤداة داخلة تحت بند الإسراف والترف.(1/12)
4- سلوك إسلامي: يعتبر المشروع غير سليماً من الناحية الشرعية إذا كان بالإضافة إلى ما تقدم مصمما على أساس ممارسة السلوك الإسلامي ليس فقط في مرحلة الإنشاء، ولكن أيضاً في مرحلة التنفيذ والمقصود بالسلوك الإسلامي: الالتزام بالمعايير الأخلاقية التي وردت في القرآن الكريم والسنة مثل:
- عدم أكل أموال الناس بالباطل، وإعطاء الرشوة لتغير قرارات لصالح المشروع.
- عدم بخس الناس أشياءهم كاتباع أساليب لشراء الأشياء بائتمان غير عادلة.
- عدم التبذير في التصميم الإنشائي والإنشاءات والإنفاق بشكل عام.
- عدم إغفال الزكاة في حسابات المشروع.
- عدم إسناد مسؤولية تنفيذ الأعمال للسفهاء لأي سبب من الأسباب (كالقرابة أو المصالح الشخصية).
المطلب الثاني: السلامة الفنية
يعتبر المشروع سليماً فنياً إذا كان سليماً من حيث:
أ- الموقع ... ب- الحجم (الطاقة الإنتاجية) ... ج- التكنولوجيا ... ... د- الطاقة الكهربائية ... هـ القوى ... و- المناخ ... ... ل- البيئة ... ... م- المرافق ... ن- المواد الخام.
وفيما يلي تفصيل لهذا الإجمالي:
أ- الموقع السليم للمشروع: إن الموقع السليم للمشروع هو الموقع الذي يأخذ في الحسبان أربعة اعتبارات أساسية: أولاً السياسات الحكومية، وثانياً الوزن النسبي والتفاعل بين مختلف العوامل المرتبطة بالمشروع (مثل القرب من العناصر المستخدمة، أو القرب من منافذ توزيع المنتجات)، وثالثاً توافر المرافق والخدمات العامة (البنية الأساسية أو المرافق الارتكازية) ورابعاً الظروف البيئية الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن الواقع السليم للمشروع يأخذ في الحسبات الاتجاهات الحكومية نحو توطين الصناعات، فكثير من الحكومات تسعى إلى تحفيز المشروعات ببناء المصانع في المحافظات والمناطق النائية ليس فقط للإقلال من تلوث البيئة وازدحام السكنى أيضاً بالمناطق النائية أو العمرانية الجديدة، أو لتنشيط تشغيل المدن بالمجمعات الصناعية الجديدة.(1/13)
والموقع السليم للمشروع يأخذ في الحسبان مدى توافر المواد الخام وباقي العناصر المستخدمة، وكذلك توافر المنافع والخدمات العامة الأساسية من ناحية والقرب من مناطق الاستهلاك والتوزيع من ناحية أخرى فأبسط نموذج لموقع مشروع هو حساب تكاليف النقل والإنتاج والتوزيع لمختلف المواقع مرة من منظور المواد الخام ومرة أخرى من منظور أسواق البيع ومن ثم يفضل للمشروعات التي تعتمد على مواد خام بكثرة أن توجد بجانب مصادر تلك المواد حيث أن تكاليف النقل قد تكون مرتفعة ويفضل للمشروعات التي تعتمد على موارد مستوردة أن تكون قريبة من ميناء الاستيراد وهكذا.
والموقع السليم للمشروع يأخذ في الحسبان أيضاً مدى توافر المرافق العامة اللازمة للمشروع مثل الطاقة الكهربائية والنقل والمياه والمواصلات والاتصالات والإسكان، فعدم وجود الطاقة أو ارتفاع تكلفتها يؤثر تأثيراً خطيراً على المشروع إذا كان للطاقة دور هام فيه حيث ان الأمر قد يتطلب أو يولد المشروع طاقته بنفسه، ويلزم تجميع بيانات عن الطاقة المتاحة وأوقاتها وأسعارها عند مستويات الاستهلاك المختلفة ... إلخ.
كما يلزم حساب تكاليف نقل المواد الخام والمنتجات ... إلخ ويجب أيضاً دراسة تسهيلات النقل سواء كان نقلاً برياً أو بحرياً أو جوياً وقدرة التخزين وقدرة المراكب ومعدلات السحب، وفي حالة النقل بالسكة الحديدية لابد من معرفة طاقتها وأسعارها وسرعتها وكفاءتها، وفي حالة النقل البري لابد من معرفة سلامة الطرق وقدرتها الاستيعابية ونفس الشيء يقال عن احتياجات المشروع من المياه كمياتها وأسعارها وتدفقها.
ثم إن الموقع السليم للمشروع يأخذ في الحسبان أيضاً:
- مدى سهولة الحصول على العمال المهرة وغير المهرة، مصاريف إسكانهم وانتقالاتهم وإعاشتهم ومدارس أولادهم.
- عوادم المشروع من حيث الدخان والحرارة والضوضاء والمخلفات وكيفية تصريف ذلك وتقليل آثاره الضارة على البيئة.(1/14)
- تسهيلات الصيانة وإمكانية بناء مبان في أرض زراعية مثلاً.
- لوائح قانونية محلية متعلقة بالمشروع مثل المزايا المعطاة او الضرائب او الاعفاءات أو احتياطات الأمن.
- المناخ: درجة الحرارة والرطوبة والأتربة (والفيضانات والبراكين والأدخنة إذا كان هناك شيء من ذلك).
ب- الحجم الأمثل أو الطاقة الملائمة إن الحجم الأمثل أو الطاقة الإنتاجية الملائمة هي الطاقة العادية الممكنة تحت ظروف التشغيل العادية والتي تتساوى مع الطلب في السوق أو الحاجة فالطاقة الملائمة هي الطاقة التي تتسق مع احتياجات السوق والحاجات الأساسية الإنسانية المطلوبة من ناحية ومع إمكانية توفير المواد الخام وباقي الموارد اللازمة من ناحية أخرى.
إن الطاقة الإنتاجية يجب أن تمثل الأمثل للإنتاج، والذي يتحدد بالتفاعل النسبي لمختلف عناصر دراسة الجدوى مثل التكنولوجيا والآلات وتوافر الخامات وتكاليف الاستثمار والإنتاج والقدرة الاستيعابية للسوق وإمكانيات التغطية.
وفي جميع الحالات يجب أن يؤخذ الحد الاقتصادي الأدنى للتشغيل في الحسبان وهو حد يمكن في ضوء المستوى التكنولوجي المستخدم حسابه ومعرفته لكثير من الصناعات، وإذا كانت هناك قيود على الطاقة الملائمة من حيث المواد المحلية أو المستوردة أو الصناعات الوسيطة فلابد من دراسة ذلك والتفكير في بدائل.
على أنه من الضروري تحديد الطاقة العادية الممكنة الملائمة في ضوء المبيعات المتوقعة في فترات النمو المختلفة، إذ من الواجب عمل حسابات لزيادة الطلب على سلع المشروع بعد الفترة الأولى من التشغيل.(1/15)
ج- التكنولوجيا الملائمة: تكون التكنولوجيا ملائمة بشروط خمسه، أولا أن تكون متسقة مع التركيبة المثلى لمكونات المشروع وثانياً آثارها مدروسة من حيث العلاقات التعاقدية مع أصحابها الأصليين وثالثاً أن تكون متسقة مع الآلات والمعدات المستخدمة ورابعاً تكون متسقة مع حجم الطاقة الإنتاجية العادية الممكنة وتكون ناجحة ومجربة في بلادها الأصلية وغير معرضة للتقادم السريع.
وأهم قضية تثار عادة عن التكنولوجيا هي درجة ((الكثافة الرأسمالية)) ((الاعتماد الأكبر على الآلات والميكنة)) باعتبارها عكس المشروعات ذات الكثافة العمالية ((الاعتماد الأكبر على العمال)) ففي حالة انخفاض الأجور العمالية و الاهتمام بالعمالة كهدف على المستوى القومي يكون اختيار درجة ميكنة منخفضة أكثر ملاءمة من الميكنة العالية ، و لو أن ذلك يخضع لتحفظات أخرى .
و التكنولوجيا المتقدمة تكون مملوكة لشركات محتكرة ، فإذا فرضت شروط مقابل استخدام التكنولوجيا الخاصة بها كان من الضروري مقارنة شروطهم و تكلفة التكنولوجيا مقارنة بالبدائل التكنولوجية الأخرى , و قد تكون التكنولوجيا مرتبطة بآلات ، و في هذه الحالة يصبح معنى استخدام تكنولوجيا معينة هو استخدام الآلات المرتبطة بها، وفي حالات كثيرة تكون التكنولوجيا عبارة عن معرفة طريقة الإنتاج وغير مرتبطة بآلات معينة.
هذا ويجب أن تكون التكنولوجيا متسقة مع حجم الطاقة الإنتاجية العادية الممكنة في حالات التوسع (بعد نجاح المشروع) فليس من المعقول استخدام المعدة لطاقات إنتاجية كبيرة في مشروعات ذات طاقة إنتاجية منخفضة في مراحل النمو.
وأخيراً فليس من الملائم استيراد تكنولوجيا لم يتم تجريبها في بلادها، أو تم تجربتها وقت بينت نجاحها أو نجحت ولكن ينتظر لها أن تتقادم.(1/16)
د- الطاقة الكهربائية: الطاقة الكهربائية مرتبطة بالتكنولوجيا المقترح استخدامها في المشروع نظراً لأن البلاد النامية تعاني من مشكلة الطاقة الكهربائية ولذلك يعتبر المشروع سليماً من وجهة نظر الطاقة الكهربائية بشروط: أولا أن تكون مصادر الطاقة معروفة ومن الممكن الحصول عليها بسهولة وتكلفة الوحدة المستخدمة من الطاقة معقولة وذلك لكل من مرحلة الإنشاء ومرحلة التنفيذ كل على انفراد.
وثانياً أن تكون سياسة الدولة بالنسبة للطاقة واضحة في المناطق الجديدة التي ستغطى بالطاقة وكذا درجة التزامها بالمواعيد وثالثاً إذا كان استخدام الطاقة في المشروع جوهرياً فلابد من معرفة مصادر الحصول على طاقة إضافية فيما فشلت الطاقة الحالية، إن أهمية الطاقة تظهر بوضوح في حالة اختيار مشروع دواجن بالنظام الآلي.
هـ القوى العاملة: يعتبر المشروع سليماً فنياً إذا تمت دراسة العمالة المرتبطة به، للتأكد من توافرها بالقدرات والمهارات اللازمة، وبالأعداد المناسبة وبتكلفة مناسبة في الوقت المناسب ودراسة متطلبات العمالة يجب أن تكون تفصيلية بحيث توضح الاحتياجات من العمال غير المهرة والعمال نصف المهرة والعمال المهرة والمشرفين والإداريين وخدمات المعاونة والمديرين ورجال البيع.
ومن الأهمية بمكان:
- تقدير الطلب والعرض من مختلف الفئات في منطقة المشروع.
- مستوى المهارات الموجودة على المستوى المحلي والقومي.
- معرفة القواعد واللوائح الحاكمة للعلاقات العمالية وقواعد التعيين والفصل والأجور والمنح.
و- المناخ: يؤثر المناخ أحياناً على درجة السلامة الفنية لبعض المشروعات، فالنظر الزائد وفترات القحط أو تفشي الأمراض وازدياد نسب الرطوبة والجليد قد يكون ضاراً، ولذلك فمن الضروري معرفة مدى تأثر المشروع لظروف المناخ ودراسة إمكانية جدولة الإنتاج بحيث يتم احتواء ظروف المناخ السيئة وبالرغم من حيث لا يعتبر المناخ في حالات كثيرة مشكلة تستحق الدراسة.(1/17)
ل- البيئة: يعتبر المشروع غير صالح فنياً إذا كانت عمليات التشغيل تتعارض مع الظروف البيئية التي يعيش فيها المشروع بمعنى أن المشروع يحدث ضوضاء او يخرج دخاناً أو أي أثار أخرى ضارة للبيئة ولذلك يكون من الضروري معرفة الآثار الضارة المتوقعة على البيئة وحساب كيفية التخلص منها وتكلفة هذا التخصص وحتى لو كانت قوانين الحكومات لا تضع عقاباً على تلوث البيئة لأنها حكومات لدولة مختلفة أو لأنه ليس لها القوة في إلزام المشروعات فلا يجوز من ناحية هذه الترتيبات إدخال تكلفة تنقية الجو وتحسين البيئة في حسابات المشروع أو اختيار وسائل أخرى ملائمة سواء كانت بدائل متعلقة بالموقع أو بالأسلوب التكنولوجي ... إلخ.
م- المرافق: تظهر مشكلة المرافق عند اختيار الموقع ولكن نظراً لأن هذه المشكلة في الدول النامية تحتل دوراً جوهرياً في متطلبات التنمية فقد تم فصلها عن الموقع والمقصود بالمرافق هنا:
- الطاقة الكهربائية.
- المياه اللازمة للإنتاج والمشاكل المتعلقة بمعالجتها وكيفية التخلص من النفايات الضارة.
- المجاري، مدى وجود شبكات وتكاليف مد شبكات جديدة.
- الطرق البرية والسكك الحديدية والبدائل المعقولة.
- المواصلات السلكية واللاسلكية.
إن مشكلة المرافق تظهر بوضوح في حالة ما إذا كان هناك أكثر من موقع لمصنع أو انفصال مصنع عن إدارات البيع.
ن- تدفق المواد الخام ومستلزمات الإنتاج بأسعار ملائمة يرتبط التدفق الملائم للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج بالتكنولوجيا المختارة وببرنامج الإنتاج والطاقة الإنتاجية العادية الممكنة التي تقررت وفي كثير من الحالات تكون هناك بدلاً من المواد الخام ولذلك كان من الضروري دراسة البدائل ودراسة مصادرها فتوافر المواد الخام أو توافر بدائلها له علاقة بمصادر الحصول عليها وله علاقة بالتكلفة وباستمرارية تدفق تلك المواد أيضاً.(1/18)
فإذا كانت مصادر المواد الخام محلية لتطلب الأمر دراسة إمكانية النقل وتكاليفه وإن كانت مصادر المواد الخام خارجية لتطلب الأمر دراسة إمكانية تدفق العمليات الاستيرادية وما يتبعها من عملات أجنبية وتصريح ... إلخ واتجاهات الحكومة وسياسة لوائحها.
ومن الأهمية بمكان دراسة الآثار المترتبة على الشراء من الخارج فيما يتعلق بالضبط على ميزان المدفوعات.
ووضوح الخطة العامة لتنفيذ المشروع من الأهمية بمكان المشروع أيضاً، فالمشروع لا يعتبر سليماً فنياً إلا إذا كانت الخطة العامة واضحة حيث يتم معرفة مواعيد البدء ومواعيد الانتهاء لكل مرحلة من المراحل والأساليب المتبعة في التنفيذ سواء كان تنفيذا مباشراً أو من خلال طرح مناقصات وأسماء المستشارين المتخصصين حيث يمكن الاعتماد عليهم في حل بعض المشكلات الطارئة.
وأخيراً فإن الصلاحية الفنية الكلية تتحدد من خلال خمسة محاور رئيسية:
- إمكان تبرير اختيار الموقع.
- الإشادة بعمليات المشروع وآلاته.
- وجود تميز واضح للمراحل الإنتاجية.
د- وضع ترتيبات للتغلب على أي عوامل مضادة أو ظروف معاكسة.
هـ- حصول التأكد من المشروع المقترح سيحقق تدفقاً للسلع بالكميات والجودة الموضحة على أساس موثوق به.
المطلب الثالث: السلامة التجارية
يقصد بالسلامة التجارية(1)هنا ما يلي:
أ- أن يكون هناك سوق للسلعة حالياً ومستقبلاً.
ب- أن تفي السلعة بالحاجيات الإنسانية الأساسية.
ج- أن يكون التميز التنافسي مشروعا واضحا.
د- الاستراتيجية التسويقية.
أ- سوق السلعة واتجاهاتها
__________
(1) تشير كلمة ((تجارية)) في الأصل عن عمليات شراء وبيع وبالتالي تدخل فيها عملية شراء المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وقد سبقت معالجة شراء المواد الخام والمستلزمات عند الكلام عن السلامة الفنية لذلك لزم التنويه.(1/19)
يعتبر المشروع سليماً إذا كان هناك طلب على السلعة سواء هذا الطلب محلياً وبالدول المجاورة أو عالمياً ويكفي أن يكون الطلب واضحاً خمس سنوات مثلاً لكل سلعة رئيسية وتوافر الطلب على أي سلعة رئيسية لمدة خمس سنوات لا يمكن التوصل إليه إلا بمعرفة الإنتاج القومي الحالي والمتوقع وحجم الاستيراد والتصدير وبالتالي معرفة صافي الاستهلاك المحلي والزيادة المتوقعة في الطلب المحلي.
ويعتبر المشروع سليماً بطبيعة الحال إذا وجد طلب عالمي على السلعة ليس فقط من أجل التكاليف أيضاً بما تتضمنه من تكاليف النقل ورسوم الواردات هناك واحتمالات إنشاء صناعات تقلل أو تمنع من الصادرات.
ولا يكفي لكي يكون المشروع سليماً معرفة السوق الحالية للسلعة بل يجب أيضاً معرفة اتجاهات الحكومة نحو السلعة أو نحو مكونات تصنيعها، أو نحو تسعيرها وشروط بيعها ونحو إنشاء مشروعات منافسة وكذا معرفة أية تصرفات حكومية تظهر في شكل قوانين ولوائح للاستيراد والتصدير والجمارك وحصص الاستيراد والتصدير وإعانات الاستيراد وإعانات التصدير.
وليس من الحكمة أبداً أن تفصل إمكانيات السوق عن اتجاهات الحكومة وتصرفها ولا سيما في البلاد النامية حيث يكون تأثير الحكومات واضحاً في الغالب وفجائياً في بعض الأحيان.
ب- الحاجات الإنسانية الأساسية
يعتبر المشروع سليماً من وجهة نظر البنك الإسلامي إذا كان المشروع يحقق حاجات إنسانية أساسية ولو لم تكن القدرة الشرائية الحالية كافية لبيع السلع بأسعار تحقق أرباحاً كافية.(1/20)
وانطلاقاً من مقاصد الشريعة وتوكيداً للالتزام بها تأخذ بوجهة النظر ((العالمية)) التي تنادي بضرورة اعتبار الحاجات الإنسانية الأساسية أساس التوجيه الاقتصادي وتخصيص الموارد بالإضافة إلى ((الطلب الفعال))، فقد انتهى الزمن الذي كنا فيه عبيداً لمفهوم الطلب في السوق وفضلاً عن ذلك ليس من الإسلام في شيء أن ننتج الأشياء التي يستطيع شراؤها من لديهم القوة الشرائية ونتجاهل الحاجات الإنسانية الأساسية.
ج- التمييز التنافسي
يعتبر المشروع سليماً من الناحية التسويقية إذا كان التميز التنافسي للمشروع واضحاً ويمكن أن يكون التميز التنافسي في أكثر من مجال:
- جودة المنتجات.
- انخفاض الأسعار (أسعار تنافسية).
- إمكانية استمرار تلبية طلبات المستهلكين من السلع المنتجة والخدمات المقدمة.
- توافر السلعة في عدة أماكن منتشرة.
- مزايا التنافسي ليس مسألة مطلقة ولكنه يخضع لتحركات الآخرين ومن هنا يلزم أن يكون للمشروع استراتيجية تسويقية واضحة (في ضوء المنافسة).
د- الاستراتيجية التسويقية:
لا يكفي لكي يكون المشروع سليماً من الناحية التجارية ان تكون هناك سوق حالية للسلعة ولا يكون للمشروع تميزاً تنافسياً، بل يجب فضلاً عن ذلك لكي يكون المشروع سليماً من هذه الناحية أن يؤخذ في الاعتبار ردود فعل المنافسين للتميز التنافسي، ولذلك فإنه يتحتم أن يكون هناك استراتيجية تسويقية واضحة عند مصممي المشروع الاستثماري، وهذا بناء على أن الاستراتيجية التسويقية تعتبر مسألة حاكمة لنجاح المشروع على المستوى الديناميكي التنافسي وهناك عدة استراتيجيات تسويقية يمكن تمييزها.(1)
- إستراتيجية توازن تركز على سلع المشروع التي بدأ بها.
__________
(1) Robert Shirely et al. Strategy and policy formulation A multi functional operation (New York: John Wiley and Sons: 1981) 2n ed .. P 145.(1/21)
- استراتيجية الحفاظ على السوق وهي استراتيجية تركز على إحداث التعديلات الممكنة المطلوبة أو المتمشية مع سوق السوق.
- استراتيجية تنمي السوق بالتركيز على أسواق جديدة أو سلع جديدة.
- استراتيجية التوسع بالتركيز على الدخول في الأسواق الجديدة لسلع جديدة وبكميات كبيرة.
- استراتيجية ابتكارية بالدخول في مشروعات جديدة تماماً بالإضافة للمشروع الحالي.
ومن الطبيعي أن تختص كل استراتيجية من هذه الاستراتيجيات بعدة أساليب لتنفيذها مثل أسلوب التوزيع وقيام المشروع بنفسه بفتح منافذ توزيع أو الاعتماد في ذلك على الوسطاء.
المطلب الرابع: السلامة التنظيمية والإدارية
لا يكفي لنجاح المشروع أن يكون سليماً من الناحية الشرعية والفنية والتجارية ولكن يلزم أيضاً أن يكون سليماً من الناحية التنظيمية والإدارية ويكون المشروع سليماُ من هذه الناحية:
أ - إذا كان الهيكل التنظيمي مصمماً بشكل سليم.
ب- إذا كانت هيئة الإدارة طموحة قادرة ذات أخلاق عالية ومتكاملات الخبرات.
ج - وإذا كانت أعداد الموظفين التنفيذيين معروفة وبرامج الاختبار والتدريب ملائمة.
د - وإذا كانت طريقة الإدارة سليمة لضمان حجم التمويل طوال فترة المشروع.
أ- الهيكل التنظيمي السليم:(1)
من الأهمية بمكان وصف التنظيم الذي سيدير المشروع مصحوباً بخريطة تنظيمية وتوضح المناصب الحالية المستقبلية ومرفقاً به أوصاف للمناصب الأساسية ولذا نورد هنا بعضاً من الأمور التي يتصف بها الهيكل التنظيمي السلم:
- كونه مصمماً بطريقة موضوعية وليس على أسس شخصية.
- كونه مصمم بحيث يحقق تدفقاً للعمل دون وجود أجهزة تسهيلية متعددة.
- كون نطاق الإشراف معقولا وكون عدد المستويات الإدارية معقولاً بالنسبة لحجم المشروع.
- كون التنظيم مرنا يسمح بكبر حجم المشروع دون الحاجة إلى إعادة التنظيم كلية.
__________
(1) الجزء الثالث من الموسوعة – التنظيم في البنوك الإسلامية.(1/22)
- وضع وصف الوظائف من منطق النتائج بحيث يدعم الإنجاز ولا يدعم الدفع بعدم الاختصاص.
ب- هيئة الإدارة:
تعتبر هيئة الإدارة سليمة إذا كانت طموحة قادرة وذات تجربة وكانت بأخلاق عالية، وتكامل في الخبرات فيما بينها:
ج- الموظفون التنفيذيون:
لابد من وضع برامج لاختيار الموظفين التنفيذيين وعمل برامج التهيئة والتدريب وذلك على غرار برامج القوى العاملة الفنية.
د- طريقة الإدارة:
في معظم الحالات تكون طريقة الإدارة حاكمة لنجاح أو فشل المشروعات حتى ولو توافرت العوامل الأخرى: التنظيمية والإدارية فهناك ثلاثة طرق للإدارة على الأقل:
- طريقة الإدارة البيروقراطية حيث تسيطر اللوائح على العمل ويجد المديرون والموظفون أنفسهم في سجن اللوائح.
- طريقة الإدارة بالنشاط ورد الفعل حيث يسيطر صوت المشكلات وهو الأعلى على إدارة الشركة وتصبح إدارة الشركة في الواقع إدارة تستجيب للمشكلات.
- طريقة الإدارة بالأهداف والنتائج حيث تكون الإدارة كل شيء من منطق الأهداف والنتائج وليس هنا مجال شرح أنواع هذه الطرق فهناك كتب متخصصة عن الإدارة في الواقع العملي.(1)2)
المطلب الخامس: السلامة المالية
أ- العائد المالي على الاستثمار:
يعتبر المشروع سليماً من الناحية المالية إذا كان العائد المالي على الاستثمار ملائماً ولاستخراج العائد المالي قضايا فكرية عديدة وأساليب محاسبية مختلفة، وحتى تقدير ما هو ملائم وما هو غير ملائم قضية فكرية شغلت وتشغل بال المفكرين والممارسين على السواء.
__________
(1) سيد الهواري " الإدارة بالأهداف والنتائج"، مكتبة عين شمس، القاهرة، سنة 1976.(1/23)
ومن القضايا الفكرية المطلوب حسمها الإجابة عن: ما هو المقصود بمعدل العائد المالي للاستثمار ؟ وكيف يستخرج ؟ ولماذا يستخرج بطريقة معينة ؟ إن خبراء الإدارة المالية يستخدمون معدل العائد الداخلي على الاستثمار باعتباره معدلاً تقريباً لما يمكن أن يحققه الاستثمار وهو ما يحسب على أساس خصم التدفقات النقدية الداخلة للمشروع والخارجة لاستخراج القيم الحالية للتدفقات ويتم معدل هذا الخصم بحيث تكون القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة متساوية مع القيمة الحالية للتدفقات النقدية الخارجية، ولذلك فمن الأسئلة المطلوب الإجابة عنها هنا: لماذا نستخدم مفهوم القيم الحالية لا القيم المستقبلة ؟ ولماذا نستخدم سعر الخصم ؟ وهل استخدامنا له بمعنى: سعر الخصم حلال أم حرام ؟ وما هو سعر الخصم الملائم ؟ وهل العبرة بمعدل العائد الداخلي للاستثمار كنسبة مئوية أم العبرة بصافي القيمة الحالية كرقم مطلق ؟
وبالإضافة إلى قضية ((خصم)) التدفقات النقدية هناك ((قضية الملائمة))، فمتى يعتبر معدل العائد الداخلي على الاستثمار ملائما ؟ وهل تختلف باختلاف طبيعة المشروعات؟
ولكن العائد المالي على الاستثمار يتأثر بدرجة الاختلافات المتوقعة للتدفقات النقدية العائدة من الاستثمار، ولذلك تكون سلامة المشروع من حيث المخاطر مسألة واردة، وعادة ما تدرس جنباً إلى جنب مع قضية العائد المالي على الاستثمار.
ب-درجة المخاطر
يعتبر المشروع سليماً إذا كان مستوى ربحيته متناسباً مع درجة مخاطره، فإذا كان العائد المتوقع على الاستثمار كبيراً ولكن مخاطره أكبر فإننا نتوقع ابتداءً وقبل البدء في المشروع أنه سيحقق خسائر، وبالتالي: يعدل عنه إذ ليس من المنطق للدخول في مشروع خاسر إذا كانت هناك مبررات اجتماعية قوية، لكن من ناحية اقتصادية بحتة يلزم توقع المخاطر وعمل حسابات لها.(1/24)
والمخاطرة لأي مشروع يمكن تحديد درجتها وقياسها في ضوء ((التوزيع الإجمالي)) الاحتمال التقديري المصاحب لكل رقم، فلما كان الانحراف المعياري صغيراً كان التوزيع الاحتمالي ضيقاً وبالتالي قلت المخاطرة.
وملاءمة درجة المخاطرة ليست شيئاً مطلقاً في حد ذاته وإنما هي مسألة مرتبطة بالأرباح المتوقعة لأن اختيار خال دائماً من الخطورة لا يحقق أمثل عائد في الأجل الطويل.
ولذلك فالكلام عن المخاطرة هنا لا يعني النصح باختيار المشروعات التي تكون فيها المخاطرة معدومة أو قليلة، بل بالعكس فإنه من الضروري الدخول في مشروعات فيها مخاطرة لتحقيق أرباح، وهذا واضح في المضاربة الشرعية ويوصي خبراء الاستثمار بإجراء تحليل نقطة التعادل، وتحليل الحساسية لقياس أثر التغيرات التي يحدث في متغير واحد أو أكثر على نتائج المشروع.
ج- السيولة:
يعتبر المشروع سليماً من حيث السيولة إذا لم تظهر جداول التدفقات النقدية عبر حياة المشروع عجزاً مالياً جوهرياً خاصة في تلك السنوات التي يجب فيها تسديد أقساط الملكية المتناقضة للبنك، ولذلك فمن البديهي أن تظهر دراسات المشروع متطلبات خدمة التمويل وكذلك النفقات النقدية الأخرى، والمتحصلات التي لا ترتبط أساساً بالاستثمار موضوع الفحص (مثل بيع الأراضي الزائدة أو شراء سندات للدولة).
أمثل
شكل رقم (07): علاقة المخاطرة بالربحية المصدر : موسوعة البنوك الإسلامية الجزء الثالث ص 304.
كما يكون المشرع سليماً من ناحية السيولة إن تبين أن المساهمات طويلة الأجل من الملاك ومن البنك الإسلامي يمكن أن تكون كافية، وأن العجز النقدي في أي سنة محدود بالقدر الذي يمكن تغطيته من البنوك الإسلامية، أو يمكن التخلص منه بإعادة تشكيل بعض التدفقات النقدية الداخلة أو الخارجة.
ويدخل في سلامة المشروع من ناحية السيولة إمكانية تحقيق وتوزيع أرباح للمساهمين في المشروع في الوقت الذي يرغبه المستثمرون.
د-هيكل التمويل(1/25)
يعتبر هيكل التمويل للمشروع سليماً إذا غطى التمويل طويل الأجل تكاليف المشروع من الاستثمارات، وكذا رأس المال العامل المقرر، إذ لا يجوز استخدام أي تمويل مشاركة قصير الأجل لتمويل أصول ثابتة، لأن ذلك يشغل الميزان النقدي بمتطلبات السداد العاجل في الأجل القصير بالإضافة إلى نصيب التمويل بالمشاركة من الأرباح، وقد تكون هذه المتطلبات ثقيلة من ناحية تمويلية إذا كانت التدفقات النقدية الداخلة التي تنتجها هذه الأصول خلال الفترة غير الكافية.
وللتمويل بالمشاركة مزايا خاصة في تصميم هيكل التمويل للمشروعات الجديدة للأسباب الآتية:
- عدم وجود التزامات ثابتة بفوائد يجب دفعها بغض النظر عما إذا كان المشروع يحقق أرباحاً أم لا.
- عدم وجود أقساط يجب دفعها في مواعيدها، ولذا يكون من الممكن للبنك الإسلامي أن يستمر في المشاركة دون ما حاجة إلى تصفية المشاركة حتى ولو كان هناك أجل محدد لها.
ولكن كثيراً من المستثمرين ما زالوا يرون أن للتمويل بالقروض مزايا وذلك على اعتبار أن الفوائد المدفوعة للبنوك تخفض الوعاء الخاضع للمضاربة، وهو ما لا يحدث حالياً في حالة التمويل بالمشاركة، وأن التمويل بالقروض فضلاً عن هذا يجعل الشركة تكسب أكثر إذا كانت الأحوال الاقتصادية مزدهرة، ويمكنها من تحقيق أرباح بواسطة المتاجرة على الملكية (استخدام أموال مقترضة كبيرة بالنسبة لرأس المال المملوك ودفع فائدة ثابتة في الوقت الذي تتحقق فيه أرباح كبيرة للملاك).
المطلب السادس: السلامة الاقتصادية والاجتماعية
أ-السلامة الاقتصادية والاجتماعية
يرتبط مفهوم السلامة الاقتصادية في النظام الإسلامي بالسلامة الاجتماعية ارتباطاً متلازماً فلا يمكن القول بتحسن أحوال الناس اقتصاديا إذا لم تتحسن أحوالهم اجتماعياً وهو نفس الاتجاه الذي بدأ يفكر فيه الغربيون على عكس الفكرة القديمة بوجود "الاقتصاد البحت" وبالتالي ينبغي الإجابة عن هذه الأسئلة:(1/26)
1- لماذا نتكلم عن السلامة الاقتصادية والاجتماعية لمشروعات الاستثمار التي تقوم بها البنوك الإسلامية ؟
2- ما هي عناصر هذه السلامة ؟
3- وكيف يتم تقييم كل عنصر من هذه العناصر عند صناعة قرارات الاستثمار في البنك الإسلامي ؟
ويعتبر المشروع سليماً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية إذا توفر ما يأتي:
يعتبر المشروع سليماً إذا هو أضاف إضافة ملائمة للدخل القومي بالنسبة للمقيمين داخل البلاد في ظل تشغيل حلال، ثم إن حساب القيمة المضافة طريقة دقيقة لتحديد إسهام مشروع ما في الاقتصاد القومي عن مجرد حساب إجمالي المبيعات مثلاً، لأنها تشير إلى القيمة التي أضافتها المنشأة بالعملية الصناعية (خاصة بالمنشأة) ولذلك فالقيمة المضافة تشمل: الأجور والمرتبات والمكافآت والمنح العينية ومرتبات المديرين وأتعاب المستشارين والتأمينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي وكذلك الإهلاك وأي رد للأقساط لتسديد أصل رأس المال وأيضاً الضرائب والجمارك والأرباح المحتجزة والأرباح الموزعة (للمودعين والملاك).
والعبرة ليست بالقيمة المضافة التي توزع داخل البلاد فقد يقوم أصحابه بتحويلها للخارج ولكن العبرة بالقيمة المضافة التي توزع للمقيمين داخل البلاد، ولذلك إن العبرة بالقيمة المضافة القومية (وليست بالمحلية).
هذا ويشترط أن تكون تلك القيمة من منظور حلال أي معاملات حرة لأن المعاملات المحرمة ممنوعة شرعاً وإن تم تنفيذها لأي سبب وحتى من قبيل الخطأ فلا تحسب ولا يعتد بها وإنما العبرة بالحلال.
ب - المساهمة في التوظيف الكامل واستقرار الأسعار:
... يعتبر المشروع سليماً من ناحية التوظيف الكامل إذا هو ساهم في تشغيل عدد ملائم من الأيدي العاملة في البلاد، ولذلك يجب أن يظهر الحسابات الآثار الكلية للمشروع على العمالة وليس معنى لزوم استخدام المشروعات الأقل تكنولوجيا لتشغيل عدد أكبر من عمال الصناعة ولكن العبرة بصافي حسابات العمالة في القطاعات المختلفة.(1/27)
ويعتبر المشروع سليماً أيضاً إذ هو أسهم في تخفيض أسعار منتجاته لكي يغطى قاعدة عريضة من المستهلكين، كما يعتبر سليماً إذا لم يؤدي إلى ارتفاع أسعار مواد أخرى او سلع أخرى وسيطة أو نهائية والمسألة هذه ليست انطباعية ولكن بالحسابات.
ج - كفاءة استخدام الموارد:
يعتبر المشروع سليماً إذا استخدم الموارد ليس فقط على مستوى التخصيص في البداية عن الطريق اختيار البدائل التي تحقق استفادة قصوى للموارد بل وعلى المستوى الفني أيضاً عن طريق التخطيط الجيد.
د- تحسين ميزان المدفوعات:
... يعتبر المشروع سليماً لو أسهم في تحسين ميزان المدفوعات ومن المعروف أن ميزان المدفوعات في كثير من البلدان يكون مقياساً لنجاح الاقتصاد الوطني، فالخلل المستمر في ميزان المدفوعات له أضراره المعروفة في الاقتصاد ابتداءً من انخفاض قيمة العملة إلى الاحتلال لضمان رد الأموال الخارجية المقترضة.
ومن الطبيعي أن المشروعات يمكنها أن تساهم في تحسين ميزان المدفوعات لو هي قامت بإنتاج سلع بديلة للاستيراد أو قامت بتصدير سلع لم تكن مصدرة من قبل وصدرت سلعاً بكميات أكبر مما كان يصدر قبلاً، وهذا العامل قد لا يكون مهماً بالنسبة للبلاد ذات الفائض من العملة الصعبة سواء للبترول أو لسبب آخر.
هـ تحسين توزيع الدخل:
يعتبر المشروع سليماً لو أسهم في تحسين توزيع الدخل بين الطبقات وبين المناطق وبين الأجيال.
ولا يكفي أن تكون القيمة المضافة كبيرة سواء لأصحاب الأموال أو للعمال، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو عدد أصحاب الأموال في المشروع ؟ إن المشروع المصمم بحيث يستفيد منه ألف مالك أفضل من منظور تحسين الدخل من المشروع المصمم لكي يستفيد منه عشر ملاك والمشروع المصمم بحيث يستفيد منه بالنسبة للربح طبقة فقيرة نسبياً أفضل من منظور تحسين توزيع الدخل من المشروع المصمم بحيث يستفيد منه أفراد طبقة غنية.(1/28)
والمشروع المصمم ليفيد منطقة مختلفة داخل بلاد أفضل من منظور تحسين توزيع الدخل بين المناطق من المشروع المصمم لتستفيد منه مدينة متحضرة غنية وهكذا.
والمشروع المصمم ليحدث توازناً بين دخول الأجيال الحاضرة (الآباء) وبين دخول الأجيال القادمة (الأبناء) أفضل من منظور تحسين توزيع الدخل بين الأجيال من المشروع المصمم لتستفيد منه الأجيال الحاضرة فقط.
وعلى ذلك يكون المشروع الذي يحدث خللاً في تحسين توزيع الدخل بالنسبة للطبقات أو المناطق أو الأجيال مرفوضاً إسلامياً إلا إذا أمكن إدخال تغييرات في البدائل وهو ما يجب أن يتم التفكير فيه منذ بداية المشروع أيضاً.
و- تحسين جودة الحياة (المادية والمعنوية):
يعتبر المشروع سليماً إذ ما هو أسهم بشكل واضح في تحسين الحياة ليس فقط الحياة المادية بل والحياة المعنوية أيضاً:
فالمشروع الذي يسبب تلوث البيئة (البر أو الجو) أو يزيد من الضوضاء أو من الازدحام في المرور أو من المناطق المزدحمة بالسكان لا يعتبر سليماً.(1)
ولا يكفي لأن يكون المشروع سليماً لما يسهم في تحسين الظروف البيئية بل يجب فضلاً عن ذلك أن يكون إسهام المشروع واضحاً في تحسين جودة الحياة المعنوية فالمشروعات المبنية على تخريب الذمم مرفوضة والمشروعات المبنية على التشجيع على الإسراف والتبذير مرفوضة، والمشروعات المصممة لدفع الغرائز والشهوات إلى الأمام بدون ضوابط مرفوضة والمشروعات المصممة على انغماس الناس في اللهو مرفوضة، والمشروعات المصممة بحيث تسبب المنافسة القاتلة مرفوضة.
__________
(1) تشير هذه القضية قضية أخرى وهي الميل الحدي للادخار للملاك الألف والملاك العشرة ففيما يزيد للمجموعة الأولى وربما يزيد للمجموعة الثانية والزيادة مرتبطة بالاستثمار والنمو وهكذا.(1/29)
فلا يكفي أن تكون المشروعات حلالاً لتحقق تحسيناً في جودة الحياة ولكن يلزم بالإضافة إلى ذلك أن تصمم المشروعات من حيث السلعة والتسويق والإدارة بطريقة تحقق تحسيناً في الجودة المادية التقليدية المعروفة في الغرب.
المطلب السابع: السلامة القانونية
يعتبر المشروع سليماً من الناحية القانونية إذا كان الشكل القانوني له يتلاءم مع طبيعة ومخاطر المشروع ومجالات عمله، والظروف البيئية من حوله كما يكون سليماً إذا لم يكن هناك مخالفات للقوانين الحالية المعمول بها.
المبحث الثالث: متابعة مشروعات الاستثمار
يتضح منن تحليل عناصر السلامة في أي مشروع استثماري أنه لابد من القيام بمجموعة من المراحل تختلف كل مجموعة عن غيرها من حيث الهدف والخطورة، ويمر أي مشروع استثماري في دورة واضحة على ثلاث مراحل كبرى:
المرحلة الأولى: مرحلة الدراسة أو مرحلة ما قبل الاستثمار.
المرحلة الثانية: مرحلة التنفيذ أو الإنشاء أو مرحلة الإنفاق الاستثماري.
المرحلة الثالثة: مرحلة التشغيل أو الإنتاج.
المطلب الأول: دراسة قبلية للاستثمار والتمويل
تشمل هذه المرحلة في الواقع عدة مراحل فرعية تختلف كل منها عن الأخرى من حيث أهدافها ومن حيث الدقة المطلوبة فيها:
الفرع الأول: الربط بين أهداف النظام الاقتصادي وبين اختيار المشروع
إن مرحلة الدراسة أو مرحلة ما قبل الاستثمار هي أخطر المراحل على الإطلاق إذ إنها تبدأ من أعلى مستويات التحليل من التحليل على مستوى الفكر الاقتصادي الإسلامي وعلى مستوى المؤتمرات الإسلامية الدولية حيث البداية من أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي، ويلي ذلك: التحليل على المستوى الإقليمي وعلى مستوى المؤتمرات الإسلامية والإقليمية مستوى الأولويات الإسلامية حتى التحليل على مستوى الإدارة العليا والإدارة التنفيذية حيث الأهداف التشغيلية للبنك الإسلامي وحيث مخرجات النظام.(1/30)
والاختيار المبدئي يكون في إطار برنامج استثمار وليس في إطار مشروع مفرد وبعده تأتي عملية دراسة جدوى مشروع محدد إلى أن يتم اختيار المشروع بمعنى اختيار المزيج الأمثل لوسائل التنفيذ.
إن هذه الطريقة من تحليل دراسات جدوى مشروع محدودة بتجميع وتحليل البدائل الممكن مقارنة بعضها ببعض بمعنى تحليل جدوى مشروعات داخل إطار معين، ولا يصبح من الضروري أو من المرغوب إجراء مقارنة بدائل بين مشروعين مختلفين تماماً على مستوى موظفي البنك الإسلامي، فليس من المطلوب ولا من المرغوب ولا من الملائم المقارنة بين إنشاء شركة إسلامية للتجارة الخارجية وبين إنشاء شركة تأمين.
أ-مرحلة دراسة الفرصة (التعرف على فكرة المشروع):
إن البنك الإسلامي يستطيع تجميع معلومات عامة ليست مرتبطة بمشروع معين، وذلك بالطرق الآتية:
- إرسال مندوبية لحضور المؤتمرات والندوات المحلية والدولية.
- عمل اجتماعات للموظفين والمديرين لجمع أفكار عن مشروعات جديدة.
- الاتصال بالخبراء وبأصحاب الأموال وبالبنوك والغرف التجارية والاتحادات للبحث عن فرصة أو أكثر للاستثمار على غرار ما قيل عن معايير اختيار مشروعات حيث يتم البدء في التعرف على فكرة المشروع.
ويسمى التعرف على فكرة المشروع "دراسة الفرصة" وفي الغالب يكون التعرف على فرصة استثمارية شيئاً صعباً في غياب البيانات فدراسة الفرصة لابد وأن توضح الفرصة الاستثمارية التي ستخضع للدراسة بعد ذلك يثبت أنها تستحق الدراسة أولاً.
وفي دراسة الفرصة يتم تحليل ما يلي:(1)
- الموارد الطبيعية التي يمكن استخدامها في التصنيع.
- النمط الزراعي الحالي باعتباره أساس أي تصور عن تصنيع زراعي.
- الطلب المتوقع أو الحاجات الأساسية للمستهلك والتي يتوقع أن تزيد نتيجة زيادة السكان أو زيادة القدرة الشرائية.
__________
(1) Manual on economic development projects (New York :Unites Nations, 1958) Sales No E 58 11 G5.(1/31)
- الواردات من أجل معرفة بدائل الواردات للتصنيع المحلي.
- القطاعات الصناعية الناجحة في بلاد أخرى تتماثل مع الدولة في ظروف التنمية ورأس المال والعمل والموارد الطبيعية والخلفية الاقتصادية.
- الارتباطات الممكنة مع الصناعات الأخرى المحلية أو العالمية.
- امكان مد خطوط انتاج جديدة لتربط صناعات أمامية أو صناعات خلفية قائمة.
- احتمالات تنويع صناعات قائمة.
- احتمالات توسع في طاقة قائمة للاستفادة من اقتصاديات الحجم الأمثل.
إن دراسات الفرصة بطبيعتها عبارة عن دراسة خطوط عامة، وتعتمد على تقديرات إجمالية لا على تحليل تفصيلي فبيانات التكاليف تؤخذ عادة من المشروعات القائمة لا من دراسة ميدانية أو دراسة مصادر التوريد وبيانات المبيعات تعتمد على مؤشرات قومية عامة وهدف دراسة الفرصة هو التركيز على وجود فرصة أساسية للاستثمار وبالتالي هو توضيح الجوانب الكامنة في المشروع دون الدخول في أي تفاصيل، وهي لا تكلف كثيراً في اعدادها.
وإذا أظهرت دراسة الفرصة بعض المزايا الكامنة في المشروع يكون القرار هو القيام بدراسة جدوى مبدئية.
ب- مرحلة دراسة الجدوى المبدئية:
إن فكرة المشروع لابد وأن يتم تعميقها بدراسة تفصيلية ولكن القيام بدراسة فنية اقتصادية عن مدى سلامة المشروع ولاتخاذ قرار مسألة تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب تكاليف مرتفعة ولذلك فإنه قبل تخصيص تلك الأموال للدراسة التفصيلية يجب القيام بتقييم مبدئي لفكرة المشروع يظهر في شكل دراسة جدوى مبدئية فهدف دراسة الجدوى المبدئية هو اتخاذ قرار فيما إذا:
- كانت الفرصة الاستثمارية مشجعة بناء على معلومات أكثر تفصيلاً في مرحلة الدراسة المبدئية.
- كانت الفرصة الاستثمارية تتطلب تحليلاً تفصيلياً في شكل دراسة جدوى (تفصيلية).
- كان هناك جانب من جوانب المشروع يتطلب دراسة عميقة خاصة (مثل دراسة السوق أو دراسة العملية ... ) على اعتبار أن تلك الجوانب حاكمة لصلاحية المشروع.(1/32)
- كانت المعلومات المتوافرة كافية للحكم بجدوى أو بعدم جدوى المشروع.
فدراسة الجدوى المبدئية مرحلة وسط بين دراسة الفرصة ودراسة الجدوى التفصيلية والفرق بين الثلاث هو في درجة تفاصيل المعلومات لا في الموضوعات المطروحة، ومن الضروري دراسة البدائل الاقتصادية لمختلف جوانب المشروع منذ البداية فيما يتعلق بـ:
? الموقع.
? الحجم أو الطاقة الإنتاجية.
? التكنولوجيا.
? الطاقة الكهربائية.
? القوى العاملة.
? المناخ/البيئة/المرافق.
? السوق واتجاهاتها.
? الحاجات الإنسانية الأساسية.
? التميز التنافسي والاستراتيجية التسويقية.
? العائد المالي على الاستثمار/المخاطر/السيولة/هيكل التمويل.
? السلامة الاقتصادية والاجتماعية.
فهيكل دراسة جدوى مبدئية هو نفسه هيكل دراسة الجدوى التفصيلية وهي مرحلة ضرورية إذا لم تكن بدراسة الفرصة معلومات كافية أما إذا كانت دراسة الفرصة تحوي معلومات كافية فقد يكون ذلك كافياً إما لرفض المشروع منذ البداية أو لاتخاذ قرار بعمل دراسة جدوى تفصيلية دون الدخول في هذه المرحلة الوسط.
ثم إن دراسة الجدوى المبدئية في حالة ما إذا كان هناك شك في اقتصاديات المشروع هذا وتستخدم الأساليب التقديرية في دراسة الجدوى المبدئية.
ج- دراسات فرعية متخصصة داعمة (لدراسة الجدوى المبدئية):
... تغطي الدراسات الفرعية المتخصصة كما هو ظاهر من اسمها جانياً واحداً أو أكثر من جوانب أي مشروع وهذه الدراسات تكون ضرورية غالباً للمشروعات الكبيرة أو في الحالات التي لا توجد فيها معلومات كافية ويمكن أن تكون هذه الدراسات في أحد أو كل المجالات التالية:
- السوق: وذلك للتعرف على السلعة المطلوب إنتاجها، وما تشمله من التنبؤ بالطلب وما يمكن أن يتحقق نتيجة استراتيجية تسويقية معينة.
- المواد الخام والمستلزمات ومدى توفرها وأسعارها واتجاهاتها.
- المعامل: وتجرى فيها دراسات معملية لمعرفة مدى ملاءمة استخدام مواد خام معينة مثلاً.(1/33)
- الموقع: لمعرفة تكاليف النقل ومشكلاته.
- اقتصاديات الحجم الأمثل.
- العدد والآلات ومصادر الحصول عليها وتكاليفها وربما تحضير المناقصات والعقود ... إلخ.
وبطبيعة الحال يختلف محتوى كل دراسة فرعية متخصصة من دراسة إلى أخرى وفقاً لما يكون مطلوباً، وإذا كانت هذه الدراسات الفرعية المتخصصة عالية التكاليف بالإضافة لتكاليف الدراسة المبدئية فقد يكون من الأفضل القيام بدراسة جدوى تفصيلية مرة واحدة.
الفرع الثاني: دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع
إن دراسة الجدوى تقدم قاعدة عريضة من المعلومات الفنية والتجارية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية اللازمة لاتخاذ قرار استثماري، وهذه الدراسة لابد وأن تحلل الجوانب الحاكمة والبدائل المتاحة كما لابد من أن تنتهي برأي نهائي عن الطاقة الإنتاجية وعن الموقع وعن التكنولوجا وعن المواد الخام ومستلزمات التشغيل بتكاليف استثمارية وتشغيلية واضحة، وبأرباح محددة على الاستثمار وبمخاطر محسوبة وسيولة معروفة وهيكل مالي مناسب ثم أن هذه الدراسة لابد وأن تنتهي بتحليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمشروع بشكل واضح ومحدد.
ولذلك فإن دراسة الجدوى التفصيلية لابد وأن تحوي تحليل الحاجة/السوق، والتحليل الفني/التحليل الإداري، والتحليل المالي ونذكر منذ البداية إلى أن مراحل دراسة الجدوى التفصيلية متداخلة فأحياناً تكون البداية بالدراسة السوقية وأحياناً تكون البداية بالدراسة الفنية وأحياناً تكون البداية بالحاجات الأساسية الإنسانية لا بالسوق.ودراسات الجدوى ليست غاية في ذاتها وإنما هي أداة للتوصل إلى قرار استثماري قد يتفق مع نتائج الدراسة وقد لا يتفق ومن أجل هذا فصلنا التقييم السابق للاستثمار باعتباره مرحلة مستقلة عن دراسة الجدوى على اعتبار أنها تحوي قيماً عند مختلف القرار كما فصلنا التقييم عن عملية اتخاذ القرار النهائي.
وفيما يلي دراسة مقارنة بين مستويات دراسات الجدوى.(1/34)
من الذي يقوم بإعداد أو مراجعة دراسة الجدوى ؟
... يتطلب إعداد دراسة جدوى أو مراجعتها مجموعة من المعارف النظرية والخبرات العملية التي تختلف باختلاف المشروعات ولذلك يشترط في كل شخص يقوم بدراسة الجدوى أن يكون حائزاً للمعارف والخبرات والقدرات الآتية:
أ) معرفة نظرية:
سواء كانت رسمية في شكل شهادات، أم في شكل برامج تدريب تؤهله للقيام بدراسة جدوى لمشروع متخصص فالمشروعات تختلف وباختلافها تختلف هذه الدراسة نسبياً بالرغم من أن قواعدها العامة ثابتة، فإعداد دراسة جدوى لمشروع إسكان يختلف نسبياً عن إعداد دراسة جدوى لمشروع تسمين عجول، وإعداد دراسة جدوى لإنشاء بنك يختلف عن إعداد دراسة جدوى لإنشاء مدرسة ولذلك اشترط في من يقوم بهذه الدراسة ان تتوفر لديه معارف نظرية متخصص في النشاط بالإضافة إلى المعارف النظرية في إعداد دراسات الجدوى وتقييم المشروعات.
ب) خبرة عملية:
إن الخبرة العملية ضرورية لإدراك التفاصيل المميزة ولإدراك المنزلقات الخطرة في الإعداد وفي التقييم للمشروع فلا تكفي المعرفة النظرية لإعداد دراسة او تقييم مشروع دون رؤية وممارسة عن قرب، وكلما كان الشخص متخصصاً في مشروع معين صعب عليه متابعة مشروع من تخصص آخر، والشخص المتخصص جداً يصعب عليه قيادة الفريق المنوط به إعداد الدراسة.
ج) القدرة على الاتصال:
وهي تظهر في قدرته على التعبير بما في ذلك التحدث باللغات الأجنبية.
هـ) القدرة على فهم الناس والتعامل مع الآخرين:
وهي تظهر أولاً في فهم لنفسه، وفهمه لأنواع الناس وفي التعامل مع كل منهم التعامل مع التجاريين والمهندسين وكبار المستشارين وصغار الأخصائيين كما تظهر أيضاً في استعداده للتعاون في شكل روح فريق فإعداد دراسة الجدوى من الأعمال التي تتطلب فريق عمل ولا يمكن أن يقوم بها فرد واحد ولا سيما إذا كان المشروع كبيراً.
د)- ضرورة وجود فريق لدراسة الجدوى:(1/35)
توضح عناصر السلامة لأي مشروع بالإضافة إلى مختلف مراحل دراسات الجدوى أنه لا يمكن لشخص واحد أن يقوم بهذه الدراسة وأنه لابد من فريق لإعدادها وبالتالي يكون من الضروري اختيار أفراد الفريق بحيث يعطى كل فرد فيه جانياً من جوانب الدراسة والفريق المناسب لإعداد هذه الدراسة عن مشروع استثماري كبير يمكن تكوينه على الوجه التالي:
- خبير اقتصادي صناعي (يمكن أن يكون رئيساً للفريق).
- خبير دراسة السوق.
- خبير مهندس متخصص في الصناعة التي تكون محل الدراسة.
- خبير مهندس صناعي او مهندس ميكانيكي.
- خبير مهندس مدني (إذا كان مطلوباً).
- خبير إدارة صناعية/ خبير محاسبة وتكاليف.
ويجب في بعض الأوقات أن يتم تدعيم هذا الفريق بخبراء آخرين: خبراء في التربة خبراء معامل ... إلخ.
وبطبيعة الحال تكون وظيفة رئيس فريق دراسة الجدوى هي : تخطيط العمل وتنظيمه والإشراف على أعمال الفريق حتى انتهاء الدراسة.
ودراسات ما قبل الاستثمار يقوم بها عدد غير قليل من المنظمات الحكومية والمحلية فدراسات الفرصة تقوم بها عادة الأجهزة الحكومية لجذب المستثمرين المحليين والخارجيين وفي أحيان أخرى تقوم الحكومة أيضاً بتقديم دراسات جدوى مبدئية.
أما دراسات الجدوى التفصيلية فيتولاها عادة المستثمرون المهتمون بتنفيذ المشروع او البنوك المهتمة بالترويج أو التنفيذ أو المشاركة في التمويل أو المقالون الذين يقدمون المشروع تسليم مفتاح، أو موردو الآلات وبالرغم من كل ما يقوم به هؤلاء يكون من الضروري عمل دراسة جدوى لإعادة دراسة الافتراضات التي قدمت على أسسها دراسات جدوى الموردين، أو دراسات جدوى المقاولين لاسيما إذا لم تكن العوامل المحلية قد أخذت في الحسبان.
ولا تستطيع البنوك الإسلامية في مراحل إنشائها الأولى أن تقوم بدراسات الجدوى ولذا يلزم إسناد هذه لعملية لمكاتب استشارية متخصصة حتى تقوى إدارة دراسات الجدوى بالبنك.(1/36)
ومع ذلك يجب أن تكون إدارة دراسات الجدوى أو إدارة الاستثمار قادرة على مراجعة دراسات الجدوى المقدمة من العملاء أو المكاتب الاستشارية وفي كثير من الأحيان تكون مراجعتها أصعب من القيام بها ابتداءً لا سيما إذا تمت الدراسة من غير متخصصين، أو كان هناك اتجاهات تضليلية في الدراسة أو عدم وضوح الافتراضات المبنية عليها الدراسة أو منهجها.
المطلب الثاني: مرحلة تنفيذ المشروع (مرحلة الإنفاق الاستثماري):
إن مرحلة التنفيذ أو مرحلة الإنشاء هي المرحلة التالية لاتخاذ القرار الاستثماري إنها مرحلة الإنفاق الاستثماري وتتكون في الواقع من عدة مراحل فرعية:
التشغيل
المصدر: الموسوعة الإسلامية الجزء الثالث ص 319.
أ- مرحلة التعاقدات والشراء:وفي هذه المرحلة يتم تعبئة القوى العامة اللازمة والعدد والآلات والأدوات ومباني المصنع والتسهيلات والمواد الخام وكل مكونات المرافق العامة.
ب- مرحلة الإنشاء الفعلي وبدء الإنتاج للتجارب:وتشمل هذه المرحلة إنهاء عملية الإنشاء والقيام بالاختبارات المبدئية وبدء التجارب وتحديد أفضل أداء متوازن في الزمن والتكاليف.
ج- مرحلة التشغيل:لا تعتبر مرحلة التشغيل من مراحل المشروع فكلمة مشروع تنتهي عند بدء التشغيل ويمكننا أن نطلق عليه حينئذ "المنشأة" أو "الشركة"، وفي هذه المرحلة تمت إضافتها لمعرفة التتابع في دورة العملية ككل، ومثلها في ذلك عملية التقييم اللاحق للاستثمار.
د- مرحلة التقييم اللاحق للاستثمار:
لا تعتبر مرحلة التقييم اللاحق للاستثمار من مراحل المشروع، وإنما أردناها هنا لإيضاح أهمية معرفة انحرافات التنفيذ في دراسة الجدوى حتى يمكن تصحيح المسار قبل فوات الأوان وللاستفادة من نتائج هذه المرحلة في تخطيط ودراسة المشروعات الجديدة.
هـ تنوع دراسات الجدوى:(1/37)
لا تختلف دراسة جدوى المشروعات فيما إذا كانت مبدئية أو تفصيلية ولكن تختلف من مشروع صغير إلى مشروع كبير فدراسة الجدوى التفصيلية في حالة المشروع الكبير أكثر وجوباً من دراسة جدوى مشروع صغير ودراسة جدوى مشروع جديد لشركة قائمة يختلف عن دراسة جدوى مشروع جديد تماماً لشركة جديدة تماماً، ودراسة مشروع خارج البلاد يختلف عن دراسة مشروع داخل البلاد ودراسة مشروع في بلاد مصدرة للبترول حيث فائض العملة يختلف عن دراسة مشروع في دولة تعاني من عجز في العملة ودراسة جدوى مشروع من منظور بنك إسلامي خاص مملوك لأشخاص يختلف بالتأكيد عن دراسة مشروع من منظور بنك إسلامي مملوك للحكومة أو لمجموعة من الحكومات الإسلامية.
والاختلاف بطبيعة الحال لن يكون اختلافاً في المنهج بقدر ما يكون اختلافاً في التعامل مع المتغيرات الملائمة، ومع مستوى الدقة المطلوبة ...
و- مشروع تابع أم شركة مستقلة استقلالا قانونياً ؟
تواجه البنوك الإسلامية سؤالاً رئيسياً عند قيامها بإنشاء المشروعات هذا السؤال هو: هل يكون المشروع الجديد جزء من البنك أم شركة مستقلة استقلالاً قانونياً ؟ ففي حالة كون المشروع الجيد جزء من البنك يعتبر مثل إدارة من إدارات البنك فيعين له مديراً ويكون المدير خاضعاً مباشرة لمدير عام البنك أو لرئيس مجلس إدارة البنك والمشروع في هذه الحالة لا يعتبر مستقلاً ولا يكون له شكل قانوني خاص به.
أما إذا أراد البنك إعطاء المشروع كياناً قانونياً منفصلاً عن كيان البنك فإنه يقوم بتسجيله على أنه شركة من شركات الأموال وهذه الشركة تكون مستقلة استقلالاً قانونياً وتعتبر شركة تابعة للبنك وليس من الضروري لهذه التبعية أن يمتلك البنك أسهمها بالكامل، صحيح ان البنك قد يؤسس الشركة بالكامل، ويحتفظ بالملكية بالكامل في بداية الإنشاء ولكنه قد يفجر بمجرد ظهور إنتاج الشركة في بيع الأسهم بعد أن يكون الجمهور قد اطمأن إلى الشركة وإلى أعمالها.(1/38)
والبنك بتكوينه شركة تابعة يكون بمثابة شركة قابضة وهو بهذا يملك معظم أسهمها أما الأسهم الباقية فقد تكون مملوكة لشركة قطاع عام أو للمساهمين من أصحاب رؤوس الأموال.
ومجلس إدارة الشركة المساهمة التابعة للبنك يكون معيناً من قبل مجلس إدارة البنك، كما يمكن أن يكون مجلس إدارة البنك نفسه هو مجلس إدارة الشركة التابعة أو يكون له فيه أعضاء بحيث يسيطر على
الأصوات في الشركة التابعة وفي هذه الحالة نتصور أن يكون هناك تنسيق واتساق بين سياسات البنك وسياسات الشركة التابعة، وبالرغم من وجود هذا الاتساق وذلك التنسيق بين سياسات البنك والشركة وبالرغم من وجود هؤلاء الأشخاص في مجلس الإدارة تكون أصول الشركة وخسائرها والتزاماتها مستقلة عن البنك قانوناً.
ومن ثم فالأموال المتوافرة للشركة التابعة للبنك لا تكون متاحة للبنك إلا من خلال اتفاق بينهما يقضي باستثمار هذه الأموال المتوافرة بطريق المشاركة شأنها شأن أموال أي عميل آخر والأموال المتوافرة لدى البنك بنفس الطريقة أي لا تكون متاحة للشركة التابعة إلا من خلال اتفاق بين البنك والشركة لكننا نجد في الواقع أن البنك يقوم بتكوين شركة مستقلة عنه قانوناً لأسباب منها: إمكان قيامه باستثمار أمواله في أسهم الشركة التابعة بحرية ملائمة، وقيامه بتوظيف أمواله مع الشركة بالمشاركة في أعمالها دون أن تسري مخاطر الشركة وخسائرها إلى البنك مباشرة.
والأرباح التي توزعها الشركة التابعة يقبضها البنك لو كانت مملوكة للبنك بالكامل، وإلا قسمت الأرباح بين البنك والمساهمين الآخرين بنسب الأسهم، وإذا كانت هناك موانع قانونية أو تشغيلية تمنع توزيع الأرباح فلا يأخذ البنك بطبيعة الحال أي أرباح وقد يقوم البنك في حالة عدم وجود سيولة لدى الشركة التابعة بالرغم من تحقيق أرباح بتمويل الشركة ويأخذ أرباحها.(1/39)
وديون الشركة المستقلة قانوناً عن البنك ليست ديوناً على البنك وخسائر هذه الشركة ليست خسائر للبنك، فلكل كيان مستقل بل البنك الإسلامي يستطيع أن يدفع شركة تابعة له إلى الإفلاس إذا رأى أنه لا جدوى منها دون أن تلحق به مباشرة نتيجة إفلاسها، ولكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك مع مشروع تابع للبنك ذاته (غير مستقل قانوناً) إذ أن فشل المشروع التابع للبنك دون شكل قانوني مستقل معناه فشل البنك إلى حد كبير حيث تكون جميع إدارات البنك متورطة مثل (إدارات المراجعة والتفتيش والتخطيط والمتابعة والمدير المشرف والمدير العام ... إلخ).
ومن ناحية أخرى ربما تنجح الشركة المستقلة قانوناً عن البنك نجاحاً أكبر من نجاح البنك نفسه وحينئذ لا تدفع للبنك الأرباح التي تقرر توزيعها، أما البنك الضعيف نسبياً الذي يملك أسهم شركات قوية فيستطيع أن يبيع أسهمه فيها، بل على أموال يستثمرها في مشروعات أو يخرج من أزمات السيولة التي قد يتعرض لها بسحب مفاجئ من أصحاب المشروعات الاستثمارية.
إن هذا الاختلاف القانوني بين تلك الشركة وذلك المشروع يحمل معه بالرغم من ذلك نظامين ماليين متماثلين، وهو ما يكون واضحاً تماماً في حالة سيطرة البنك على معظم أسهم الشركة التابعة، فالذين يتعاملون مع الشركة التابعة (المستقلة قانونا) يعلمون تماماً أن الموارد المالية للبنك (الشركة القابضة) تدعم الموارد المالية للشركة وأن الشركة تسحب على قدرات البنك المالية.
ثم إن البنوك الإسلامية (باعتبارها شركات قابضة) تقدم لمساهميها مجموعتين من القوائم المالية: إحداهما على أساس قانوني منفصل، والأخرى على أساس مدمج ففي الحالة الأولى تكون الأصول والخصوم لكل من البنك والشركة المملوكة بالكامل له منفصلة، وفي الحالة الثانية تدمج أصول الشركة مع أصول البنك وخصوم الشركة مع خصوم البنك، ولا تظهر بطبيعة الحال المديونيات المتبادلة بين الشركة والبنك.(1/40)
ونذكر إلى أن أسهم البنوك الإسلامية وأسهم الشركات التابعة تعتبر بالنسبة للمستثمرين من قبيل الاستثمار الجيد، فالمستثمرون كقاعدة عامة يفضلون الاستثمارات التي تتميز (بهيكلة مخاطرها) فشراء أسهم شركات تجارية وشركات مالية أفضل من حيث المخاطرة من شراء أسهم شركات تجارية مثلاً عندما تكون الأحوال التجارية العالمية مضطربة.
ل- نظام مسؤول المشروع الاستثماري:
يجب أن يكون لكل مشروع استثماري من مشروعات البنك مسؤول يسمى مسؤول المشروع وهو بمثابة "عيون وآذان" رئيس مجلس إدارة البنك الإسلامي في المشروع، ومن الممكن أن يكون هناك مسؤول مشروع لعملية استثمار بالمشاركة أو لمشروع استثماري مملوك للبنك بالكامل، ويفضل في جميع الحالات أن يكون مسؤول المشروع مشتركاً منذ البداية في تحليل المشروع على المستوى التخطيطي.
وفيما يلي تصور لبعض مسؤوليات "مسؤول الشروع" الاستثماري:
- تخطيط المشروع:
تخضع هذه المسؤوليات للتفويضات التي تمنح له من إدارة البنك.
? يشترك مسؤول المشروع في صياغة أهداف الاستثمار واستراتيجية الاستثمار في البنك.
? ويشترك في دراسة الفرصة وفي إعداد تقرير دراسة الفرصة.
? ويشترك في دراسة الجدوى المبدئية وفي أية دراسات فرعية تخصصية، ويسهم بشكل رئيسي في إعداد تقرير دراسة الجدوى المبدئية.
? ويشترك كذلك في التحليل المالي والاقتصادي والاجتماعي للمشروع ويساهم بشكل رئيسي في إعداد التقرير النهائي للإدارة العليا.
? ويشترك مع الإدارة العليا للبنك في التقييم السابق للاستثمار وفي معرفة البدائل والضوابط والمخاطر لدى الإدارة العليا.
? كما يقوم بإعداد الترتيبات التمويلية المتعلقة بالمشروع.
- مرحلة ما قبل التعاقد:
(هذه المسؤوليات خاضعة للتفويضات التي تمنح له من إدارة البنك في كل حالة).
? يقوم مسؤول المشروع بالإشراف على تقسيم المشروع إلى مهام فرعية، ويقوم بإسناد كل مهمة أو مجموعة من المهام إلى شخص أو مجموعة عمل.(1/41)
? ويقوم بتحليل ومراجعة الرسومات التفصيلية والمواصفات والجداول الإنتاجية.
? ويقوم بالمفاوضات اللازمة مع الموردين ويجهز العقود مسترشداً بسياسات الإدارة العليا في هذا الشأن.
? ويعمل كضابط اتصال بين المقاولين وبين البنك، ويصرح له بتفسير المقصود من بنود الاتفاق وخدمة العملية التمويلية وبتسهيل أية عقوبات.
? تقديم تقارير خاصة.
- مرحلة الإنشاء الفعلي وبدء التجارب:
? يقوم مسؤول المشروع بزيادة المصانع، او أماكن العمل لمتابعة تنفيذ بنود العقد أو متطلبات التشغيل.
? يقوم بالتوقيع على المستخلصات للصرف.
? يقوم بعد الاتفاق محامي البنك بالإنفاق حول الإجراءات المطلوب اتخاذها في حالة أي قصور في التنفيذ أو التشغيل.
? يحتفظ ببيانات متكاملة عن المشروع ويجعلها جاهزة للاسترجاع في أي لحظة.
? يكون مسؤولاً عن صحة حسابات المشروع وله أن يطالب بتصحيح أي خلل وإلا رفع الأمر إلى زيادة البنك.
? يساعد في وضع تقرير التقييم اللاحق للاستثمار.
- التحفظ عن مسؤولية المشروع:
يجب ألا يفهم من تعدد الواجبات السابق الإشارة إليها أن مسؤول المشروع مطالب بالقيام بكل تلك المسؤوليات: فقد يتطلب الأمر تنفيذها أو بعضها في وقت لاحق، وإذا كان المشروع كبير جداً ومعقداً فربما يطلب معاونين متخصصين أو يطلب مساعدين متخصصين للقيام بعض العمليات المتخصصة وينتهي الأمر، ومن ناحية أخرى قد يكون المشروع صغيراً جداً وفي هذه الحالة ربما يستند إليه مشروعان ليكون هو مسؤولاً عنهما طبقاً لظروف كل حالة.
إن فكرة استحداث مسؤول مشروع تلقى قبولاً كبيراً من المؤسسات المالية والاستثمارية حيث تتحدد المسؤولية وحيث تتحدد مصادر النجاح ومصادر الفشل، ولقد أخذ كثير من المنظمات الدولية التي تمارس التمويل بنظام مسؤول المشروع.(1/42)
الباب الرابع
علاقة تطور البنوك الإسلامية
بالمغرب العربي
الفصل الأول: البنوك الإسلامية و الأنظمة المصرفية في دول المغرب العربي
المبحث الأول: مكونات الأنظمة المصرفية المغاربية في دول المغرب العربي
تتكون الأنظمة المصرفية المغاربية من عنصرين أساسيين هما القانون المصرفي و النصوص القانونية
المكملة (1).
المطلب الأول: القانون المصرفي
يصادق على القانون المصرفي من قبل مجلس الشعب أو مجلس النواب و بمقتضاه يتم تحديد الوظائف الأساسية من بينها اصدار النقد و الشروط المتعلقة به كما يتم تحديد تنظيمات البنك المركزي و نشاطاته الأساسية التي تربطه بالبنوك التجارية و التنموية و كذا الهيئات المالية و حماية كل من المودعين و المقترضين
مع الإلتزامات المفروضة على البنوك و تحديد الصيغ و الأنشطة المصرفية المقبولة و الممنوعة و تنظيم العمليات.
و قد تختلف الأنظمة المصرفية المغاربية مع النظام المصرفي الإسلامي من وجهة التعاملات ذلك أن أغلبيةالصيغ المصرفية للبنك المركزي و تحديد ممارسته و علاقته بالبنوك الثانوية معظمها محدد بمقتضى النصوص القانونية المكملة و ليس بمقتضى القانون المصرفي.
المطلب الثاني: النصوص القانونية المكملة
تقوم وزارة المالية و الإقتصادية بعد اقتراح البنك المركزي بتشريع نصوص قانونية مكملة بمثابة قانون لا يتعارض مع مقتضيات القانون المصرفي و تتجلى مقتضياتها باصدار تشريعات وقائية و تشريعات مرتبطة بالسياسة المالية و قد تتجلى فيما يلي:????(2)
- حماية حقوق المودعين من خلال معامل أدنى للملائمة غير كاملة.
- تسوية القاعدة المالية للمؤسسات المصرفية من خلال تحديد الحد الأدنى لرأس المال أما التشريعات المرتبطة بالسياسة المالية فهي:
- تحديد حد أعلى لكل مؤسسة مصرفية كحق في الإستفادة من اعادة الخصم أو التمويل لدى البنك المركزي.
- تحديد نسبة للقروص المتوسطة .(1/1)
- تحديد أدنى للإحتياطي النقدي المودع لدى البنك المركزي مع تأطير الإئتمان .
- احترام أدنى لحجم الأوراق المالية العمومية من خلال احتفاظ المؤسسة بنسبة معينة من
(1)،(2) البنوك الإسلامية و دورها في تنمية اقتصاديات المغرب العربي، المعهد الإسلامي للبحوث و التدريب ، البنك الإسلامي للتنمية جدة، المملكة العربية السعودية، وقائع ندوة رقم 34.
الودائع موظفة في شكل أذون للخزينة.
المبحث الثاني: الأنظمة المصرفية و المالية لبلدان المغرب العربي
المطلب الأول: النظام المصرفي و المالي للجمهورية الجزائرية
الفرع الأول: مكونات الجهاز المصرفي الجزائري
ان النظام المصرفي الجزائري حاليا يتضمن مجموعتين:
- المجموعة الأولى: مصرفية مالية، و تشمل بنكا مركزيا وأربعة بنوك تجارية، وبنكا متخصصا.
- المجموعة الثانية: ادخارية استثمارية، وتشمل بنكا للتنمية، وصندوقا للإدخار، وشركتين للتأمين.
أولا: البنك المركزي الجزائري
تأسس هذا البنك بالقانون رقم 62/144 المؤرخ في 13/12/1962م.
وهو مؤسسة وطنية عامة ، لها شخصية معنوية واستقلال مالي وله حق فتح فروع في ولايات البلاد.
وللبنك المركزي امتياز اصدار العملة الورقية والمعدنية، بما في ذلك استبدال التلف بالجديد.
وهو بنك البنوك، وبه تتم تسوية حقوق وديون البنوك فيما بينها عن طريق المقاصة.
وهو بنك الدولة يقدم لها امدادات واستثمارات، فيما يخص الوضع المالي للدولة، والنمو الإقتصادي للبلاد.
وهو الرقيب على التمويل الخارجي، كما أنه المسؤول عن ميزان المدفوعات.
و لا يتعامل مع الأفراد ، ولا يتعامل مع المنشآت بل مع المصارف والدولة، وله دور الرقابة على البنوك كذلك(1) .
ثانيا: البنوك التجارية
أ- البنك الوطني الجزائري
لقد تأسس بالمرسوم الصادر في 14/05/1967م برأسمال قدره 14 مليون دينار ووظائفه هي:
- اقرا ض الحرفيين والفنادق وقطاعات السياحة، والصيد وأصحاب المهن الحرة.(1/2)
- دور الوسيط للعمليات المالية للإيرادات الحكومية، وتمويل مشتريات الدولة،والولاية، والبلدية والشركات الوطنية.
- البناء والتشييد (قروض متوسطة وطويلة الأجل)، وهو يقبل الودائع، مع منحه قروض تجهيز متوسطة الأجل لأمور الصيد والفنادق (2).
(1)،(2) شاكر قزويني،محاضرات في اقتصاد البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون الجزائر، 2000م، ص57، 59.
ب- بنك الجزائر الخاجي
تأسس بالمرسوم رقم 67/204 في 01/10/1967م برأسمال قدره 20 مليون دينار، وقد ورث 5 بنوك أجنبية، وتأسيسه يمثل الحلقة الأخيرة من اجراءات التأميم المصرفي.
وهو بنك الودائع ملك للدولة، وظيفته الأساسية تسهيل تنمية العلاقات الإقتصادية بين الجزائر والدول الأخرى.
وهو يمنح الإعتمادات عن الإستيرادات، ويعطي ضمانا للمصدرين الجزائريين بتسهيل مهمتهم في التصدير ويضع اتفاقات واعتمادات مع البنوك الأجنبية.
كما لديه حسابات الشركات الصناعية الكبرى في ميادين المحروقات الكيميائية، والتعدين والنقل البحري ومواد البناء وهو الذي يمدها بالقروض.
و بالإضافة الى المقر الرئيسي في العاصمة فان له 47 فرع، ويبلغ رأسمال البنك حاليا مليار دينار، أما ميزانيته العمومية فقد بلغت حوالي 50 مليار في نهاية 1983م(1).
ج- بنك التنمية المحلية
هو من أحدث البنوك في الجزائر، وانبثق من القرض الشعبي الجزائري، وقد تأسس البنك بالمرسوم رقم 85/85 في 30/04/1985م برأسمال قدره نصف مليار دينار ومقره الرئيسي خارج العاصمة في سطاوالي ولاية تيبازة .
وهو بنك ودائع ملك للدولة، ويتولى كل عمليات بنوك الودائع (حسابات جارية، توفير، اقراض ضمانات تمويل عمليات الإستيراد والتصدير).
ويحتوي مقره العام على 9 مديريات متخصصة، أما فروع البنك فقد امتدت خلال سنة ونصف من تأسيسه على مجمل التراب الوطني (2).
د- القرض الشعبي الجزائري(1/3)
وقد تأسس بالمرسوم الصادر في 14 ماي 1967م برأسمال قدره 15 مليون دينار، وقد ورث مجموع فعاليات البنوك الشعبية، التي كانت موجودة في الجزائر ووهران، وقسنطينة وعنابة وكذلك الصندوق المركزي الجزائري للقرض الشعبي، وقد اندمجت به فيما بعد 3 بنوك أجنبية بعد تأميمها، وهو بنك الودائع وظائفه الرئيسية هي:
- اقراض الحرفيين و الفنادق وقطاعات السياحة ...الخ
- دور الوسيط للعمليات المالية.
- البناء والتشييد (قروض متوسطة وطويلة الأجل).
(1)، (2) محمود حميدات، مدخل للتحليل النقدي، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون ، الجزائر ، 1996م، ص 132،135.
- التسليف لقدماء المجاهدين(1).
ه- البنك المتخصص في الزراعة
- البنك الفلاحي للتنمية الريفية
لقد تأسس بالمرسوم رقم 206/82 بتاريخ 19/03/1982م وهو يمول نشاطات الإنتاج الزراعي، وكل الأنشطة الممددة أو المتممة للزراعة.
بالإضافة الى أنة يمول بعض التخصصات المرتبطة بالسياسة الحكومية لتنمية الريف، وهو يقدم تمويلاته في شكل قروض طويلة متوسطة وقصيرة الأجل(2).
ثالثا: الهيئات المالية غير البنكية
أ البنك الجزائري للتنمية:
تأسس بالقانون الصادر في 07/09/1963م باسم الصندوق الجزائري للتنمية وهو بنك تنمية متخصص بتمويل أو تجديد رأسمال الثابت، ولقد ساهم في انبثاق وتمويل المنشآت البلدية و المحلية للإنتاج اضافة لمساهمته في التسيير الإشتراكي للمنشآت (3).
ب- الصندوق الجزائري للتأمين واعادة التأمين
وقد تأسس بالقانون رقم 63/197 في 09/06/1963م وقد سمح له بتولي كل الأعمال الخاصة بالتأمين ما عدا المخاطر الزراعية وحوادث العمل.
والى جانب ذلك فهو يتولى فعالية اعادة التأمين، ويتولى كذلك عمليات التأمين في القطاعات الإقتصادية والصناعية الكبرى(4).
ج- الشركة الجزائرية للتأمين
وقد تأسست في 12/12/1963م، ولها عدة وظائف منها:(1/4)
- التأمين من أضرار السرقةو المخاطر البسيطة والمسؤولية المدنية ما عدا النقل والمخاطر المتعددة والتأمين على الأشخاص(5).
د- الصندوق الوطني للتوفير والإحتياط
تأسس في 10 أوت 1964م له عدة وظائف منها:
- يستجيب لضروريات الضمان بشكل مرضي لميكانيزمات مرتبطة بجميع المدخرات الصغيرة لغرض توزيعها على شكل قروض لتمويل العمليات.
(1) محمود حميدات ، المرجع السابق، ص 131.
(2),(3),(4),(5), B.AMMOUR, le systeme Bancaire Algerien « texte et realite » 2eme edition DAHLEB 2001 P 50,51,53,54.
وبموجب المرسوم رقم 97/01 بتاريخ 06/04/1997م الصادر من طرف مجلس النقد والقرض تم تحويل هذا الصندوق الى بنك.
الفرع الثاني: البنوك الجديدة
أولا: هناك مجموعة من البنوك ذات الصيغة المختلفة ومن بينها مجموعة نذكر على سبيل المثال منها: البنك المختلط الليبي الجزائري الذي أنشئ بتاريخ 19/06/1988م بمشاركة أربعة من البنوك التجارية هي البنك الوطني الجزائري، البنك الخارجي الجزائري، القرض الشعبي الجزائري، بنك الفلاحة والتنمية الريفية وتنمية التجارة بين بلدان المغرب العربي.
كما هناك مجموعة من البنوك من بينها: القرض الليوني، سيتي بنك، الشركة العامة الجزائرية، تراست بنك الشركة البنكية العربية .
ثانيا: البنك التجاري المختلط البركة الإسلامي
أنشأ هذا البنك بتاريخ 06/12/1990م بمشاركة "البركة العالمي" الذي مقره بمدينة جدة العربية السعودية مع بنك الفلاحة والتنمية الريفية حيث رأسمال البنك يقدر ب 50.000.000 دينار موزع كما يلي:
- 49? مساهمة من طرف " البركة العالمي".
- 51? مساهمة من طرف بنك الفلاحة والتنمية الريفية.
ومهمته هي التمويل والإستثمار كما أن أنشطة البنك تتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية.
أ- المشاركة لدى بنك البركة الجزائري
وسوف نتطرق في الأول للمراحل العملية لعقد المشاركة وفي الثاني لتطور المشاركة لدى العقد.(1/5)
1- المراحل العملية لعقد المشاركة
ان العلاقة بين بنك البركة والزبون في هذا العقد تترجم في شكل ملف يتضمن طلبا للتمويل يكون مرفقا بكل الوثائق اللازمة الخاصة بالمشروع محل العقد يضاف الى ذلك دراسة تفصيلية له أو للعملية المقترحة من حيث: المخاطرة، درجة الإحترافية بالنسبة للمتعهد، الضمانات المقدمة، شكل ومشروعية العملية وعند موافقة الهيكل المختصة يقوم البنك باجراءات فتح تمويل للمدة اللازمة للعملية بالموازاة مع ذلك يقوم الطرفان بامضاء عقد المشاركة، ينص على الشروط المالية والتجارية التي يجب أن تحكم المشروع وكذا التعريف بالحقوق والواجبات الخاصة بكل طرف ونصيب كل طرف من المشروع، حيث تسند عملية تسيير المشروع للعميل الذي يجب أن يقدم بانتظام تقريرا مفصلا للبنك و مبررا عن كل النشاطات التي يقوم بها وكذا المشاكل التي تعترض المشروع علما أن البنك يمثل المكلف بالمحاسبة الذي يقوم بدفع المستحقات الناجمة عن عقد المشاركة بناءا على وثائق الإثبات المقدمة، وفي الأخير تسيير أنه تعود ملكية المشروع للمشاركة بمجرد دفع حصة البنك وأرباحه الناجمة عن المشاركة، و تحويل الملكية يمكن أن يتم بطرق متعددة منها:
- التنازل عن اسم الشركة.
- التنازل عن حصص الإشتراك.
- تسديد مباشر لرأس المال المستثمر من طرف البنك.
2- تطور المشاركة لدى بنك البركة
الجدول رقم (25) : تطور التمويل بالمشاركة حسب الأجل لدى بنك البركة الجزائري من 1992 الى 2000.
الأجل ... قصير المدى ... متوسط المدى ... طويل ... المجموع ... نسبتها الى
السنة ... المدى ... مجموع
التمويلات
(%)
1992 ... 71413562.44 ... - ... 71413562.44 ... 25.27
1993 ... 65849730.28 ... - ... 65849730.28 ... 10.35
1994 ... 591412857.48 ... - ... 652983920.04 ... 40.7
1995 ... 38193723.96 ... .81 ... 50.000000 ... .87 ... 5.9
1996 ... 212850395.46 ... .17 ... 25.000000 ... .50 ... 9.4
1997 ... 90417564 ... 25.000000 ... 2.4
1998 ... 549173 ... 33256050 ... 1.27
1999 ... 9500 ... 62284375 ... 0.85
2000 ... 9500 ... - ... 1339226 ... 0.01(1/6)
المصدر: بنك البركة الإسلامي.
الجدول رقم (26): تطور ايرادات التمويل بالمشاركة لدى بنك البركة
معطيات ... ايراد المشاركة ... نسبتها الى مجموع ... قيمة التغير في ... نسبة التطور
المشاركة ... الإيرادات (%) ... ايرادات المشاركة ... (%)
لسنوات
1993 ... 2344281.89 ... .54
1994 ... 94456589.92 ... .080.03 ... .5
1995 ... 8331660.70 ... .61 ... .124.929.22- ... .33-
1996 ... 8084971.64 ... .95 ... .06- ... .05-
1997 ... -
1998 ... 1000000 ... .2
1999 ... 21000000 ... .48 ... .000 ... .38
المصدر: بنك البركة الإسلامي.
قراءة المعطيات الخاصة بالمشاركة من حيث المخصصات التمويلية الممثلة في الجدول رقم (25) وكذا ايراداتها الممثلة في الجدول رقم (26) بينت لنا ما يلي:
- أن التمويل بالمشاركة من حيث المخصصات التمويلية مر لدى بنك البركة الجزائري بمراحل معينة تمثلت أولا في مرحلة الإعتماد المقبول من حيث نسب المشاركة الى مجموع التمويلات ويظهر لنا ذلك من خلال سنة 1992 ، 94.93 حيث تروح اعتماد البنك على التمويل بالمشاركة 25.27% و10.35% وأعلى نسبة كانت سنة 1994 ب 40.70% لكنها في مجموعة اما تمويلات متوسطة أو قصيرة المدى، حيث أن ارتفاع نسبة التمويل بالمشاركة سنة 1994 يرجع الى اعتماد التمويل قصير المدى والذي يخصص غالبا لتمويل قطاع التجارة.(1/7)
- مرحلة التوسع من حيث اعتماد التمويل طويل الأجل على أساس تقنية المشاركة، ويظهر ذلك من خلال سنة 1995 حيث خصص لذلك مبلغ 50 مليون د.ج يعتبر أول وآخر مبلغ يخصص للمشاركات طويلة الأجل والتي تم تصفيتها سنة 1999 بعد منازعة مع العميل، علما أن كل الأرقام التي تظهر بعد سنة 1995 والمتعلقة بالمشاركة طويلة الأجل هي في الحقيقة مبلغ المشاركة الباقي في ذمة العميل، ومعبر عنه بملغ 25 مليون د.ج سنة 1996و1997 أما فيما يتعلق بالإرتفاع الحاصل في مبلغ المشاركة طويلة الأجل نفس المبلغ لسنة 1996و1997 مضافا اليه التكاليف القضائية وهامش الربح وقد توقف التمويل بالمشاركة وذلك منذ سنة 1996، حيث توقف بنك البركة نهائيا عن التمويل بالمشاركة لعدة أسباب ، لكن المبالغ التي تظهر في الجدول رقم (26) منذ سنة 1997 حتى سنة 2000 على المدى القصير والمتوسط فهي عبارة عن مبالغ المشاركات غير المسددة والباقية في ذمة العملاء.
- أما فيما يتعلق بايرادات المشاركة فالجدول رقم (26) يوضح أن أعلى نسبة ايرادات عرفها التمويل بالمشاركة كان سنة 1994 والذي كان ناجما عن ارتفاع نسبة التمويل من جهة واعتماد أكبر مبلغ في التمويل قصير الأجل على التجارة، وتجدر الملاحظة الى أن ايرادات عملية التمويل بالمشاركة لا تظهر مستقلة سنة 1997 بل تذكر مع ايرادات عملات أخرى علما أن البنك توقف عن التمويل بالمشاركة سنة 1996 وبالتالي فهذه الإيرادات هي عبارة عن حقوق البنك التي تأخر العملاء عن دفعها في أوانها.(1/8)
والنتيجة المتوصل اليها بعد دراسة تطور التمويل بالمشاركة لدى بنك البركة الجزائري أنه لا يعتمد على أسلوب المشاركة كأسلوب أساسي في تعاملاته خاصة على المدى الطويل، حيث لم يتم تمويل سوى عملية واحدة وانتهت بالمنازعة، وهذا يعني أن مساهمة البنك في الإستثمار الوطني ضئيلة ان لم تقل تكاد تنعدم بالإضافة الى أن الإستخدامات قصيرة الأجل للمشاركة غالبا ما تكون في التجارة ذلك أن قطاعي الصناعة والزراعة لا يحضيان بالإهتمام مما يعني أن درجة الأداء الإقتصادي الضئيل لبنك البركة على مستولى هذه التقنية يتأكد لنا. وعليه فان أسباب الإنقطاع عن التمويل بالمشاركة لبنك البركة منذ سنة 1996 هي:
- عدم اعتماد ميزانيات دقيقة من طرف المتعاملين مع البنك.
- تحويل الإيرادات بطرق غير شرعية مما يصيع حق البنك.
- الغش في التصريحات المقدمة للبنك.
- عدم التدقيق في المعاملات، و هذا ما تؤكده المراقبة المحاسبية التي يجريها البنك ميدانيا على عملائه.
- المنازعات التي تنجم عن المشاركات وطول أمدها ضيع على البنك فرص الحصول على أرباح.
- نقص الموظفين المختصين في المتابعة الميدانية، والدراسات التقنية الإقتصادية على مستوى الفروع.
ب- المضاربة لدى بنك البركة الجزائري
لقد اعتمد المضاربة كاحدى تقنيات التمويل لدى بنك البركة وهذا نظرا لطبيعتها المتميزة، ذلك لأن هذا العقد يعتبر في أساسه مشاركة بين رأس المال و العمل، لكن هذا لم يحفز البنك على أن تدخل حيز التطبيق
و ذلك لعدة معوقات من بينها:
- معوقات خاصة بالعملاء المستثمرين حيث يصعب على البنك القيام بدراسة نوعية عملية –المستثمر- سواء من حيث الكفاءة الأخلاقية أو المهنية نظرا لعدم تنسيق بين الأجهزة المصرفية و غير المصرفية.(1/9)
- معوقات خاصة بالموارد البشرية و يقصد به نقص الموظفين المختصين في المتابعة الميدانية للمشاريع لضمان السير الحسن للمشروع و تطبيقا أمثلا لبنود العقد هذا من جهة و من جهة أخرى نقص عدد الموظفين ببنك البركة المؤهلين للقيام بدراسة الجدوى و التخطيط و التنفيذ وفق الأصول و القواعد العلمية و الفنية الحديثة للمشاريع التي تعرض على البنك طالبة التمويل على أساس المضاربة أو غيرها.
- معوقات قانونية و يأتي في صدارة المعوقات قانون الرقابة على البنوك في الجزائر سياسة الإحتياطي القانوني
و سياسة السيولة النقدية و سياسة السقوف الإئتمانية تعيق نظام المضاربة و غيرها من الأساليب التمويلية، ذلك أن المودعين يودعون وديعة على أساس استثماري و الإجراءات المذكورة أعلاه تلزم البنك بان لا يستخدمها بأجمعها، علما أن الإيراد الناجم عن الإستثمار يلزم البنك حساب ربح الوديعة من مجملها و ليس من جزء منها.
ضف الى ذلك أنه ليس في الجزائر قوانين خاصة بتنظيم التمويل على أساس المضاربة أو غيرها من طرق التمويل الإسلامية، و بالتالي فان حفظ حقوق الأطراف عند النزاع لا يكون له سند قانوني يلتجأ اليه.
- عدم توفر الإستعداد لتحمل المخاطر لدى المودعين وهذا أيضا من المعوقات الأساسية التي تعترض تطبيق التمويل بالمضاربة من طرف بنك البركة ذلك أن غالبية المتعاملين يميلون الى عامل الضمان و الأمان و هذا ناجم عن العقلية التقليدية التي ترسخت في المتعاملين من جراء تعاملهم السابق مع البنوك التقليدية الجزائرية، التي عودتهم على المدخول المضمون دون تحمل المخاطر و بالتالي فالمتعاملون مع بنك البركة يتصورون أن هناك خسارة يمكن وقوعها.
كل هذه المعوقات و غيرها تقف حائلا أمام تطبيق نظام التمويل بالمضاربة لدى بنك البركة الجزائري.
ج- المرابحة لدى بنك البركة الجزائري(1/10)
يعتبر التمويل بالمرابحة احدى أهم عقود التمويل لدى بنك البركة الجزائري، وهذا نظرا لسهولة تطبيق العقد عمليا من جهة و طبيعة العقد من جهة ثانية، فعقود التمويل بالمرابحة تكون أساسا مخصصة للتمويلات قصيرة الأجل. ويمر عقد المرابحة بالمراحل التلية:
- يمضي البنك و الزبون عقدا تمويليا، يتضمن هذا العقد فتح خط تمويلي أو عملية مرابحة منتظمة.
- يوكل البنك زبونه للتفاوض مع المورد فيما يتعلق بشروط شراء السلع من طرفه-البنك- و القيام بكل الإجراءات المرتبطة بالعملية محل التمويل لحسابه، و في النهاية استلام السلعة أو المنتجات.
- يتقدم المشتري النهائي –الزبون- الى المورد بطلب يتضمن كل السلع و المنتجات التي يحتاجها.
- يرسل المورد فاتورة شكلية الى الزبون محررة لحسابه باسم البنك، تتضمن تسمية المنتجات أو السلع و الكميات، و سعر الوحدة، و كذا السعر النهائي مضافا اليه الحقوق و الرسوم المحتملة.
- يرسل الزبون الى البنك طلبا (أمرا) بشراء السلع مرفقا بفاتورة شكلية.
- بعد التأكد من مطابقة العملية لبنود عقد التمويل و الترخيص المتعلق به، يقوم البنك بدفع مبلغ الفاتورة بصك أو كمبيالة أو أي طريقة دفع أخرى مباشرة لصالح المورد، ان التنفيذ الفعلي لتحويل المرابحة من البنك الى الزبون يكون بمجرد تسلم الفاتورة النهائية و تسلم السلعة بالنسبة للمرابحة المبرمة في اطار عمليات التجارة الخارجية، فان قيمة التمويل تسدد للزبون بواسطة بنك الجزائر و ذلك عن طريق وصول الإشعار بتحويل القرض من طرف هذا الأخير –تنفيذ القرض المستندي-.
الجدول رقم (27) يبين لنا التمويل بالمرابحة لدى بنك البركة الجزائري
الأجل ... قصير المدى ... متوسط المدى ... طويل ... المجموع ... نسبتها الى مجموع التمويلات (%)
المدى
السنة
1992 ... .60 ... .60 ... .81
1993
1994 ... .6 ... .6 ... .5
1995 ... .63 ... .63 ... .4
1996 ... .69 ... .08 ... .3
1997 ... .1
1998 ... .15
1999
2000 ... .56
المصدر: بنك البركة الإسلامي.(1/11)
ان الجدول رقم (27) يوضح أن التمويل بالمرابحة لدى بنك البركة الجزائري كانت في تزايد مستمر بين سنة 1992 الى 1995 حيث عرف مبلغها تضاعفا سنة 1993 مقارنة بسنة 1992 و بين سنة 1994
و 1995 و كلها تمويلات قصيرة المدى كانت معظمها مخصصة للتجارة حيث حضيت منذ نشأة البنك بلإهتمام الأكبر على حساب القطاعات الإقتصادية الأخرى، لكنها عرفت انخفاضا سنوات 1996،1997،1998، و ذلك أن التقنية الوحيدة التي تنافس التمويل بالمرابحة علما أن هذل الأخير ألا يتعدى استخدامه الأجل المتوسط و أن النسبة الكبرى منه ذات الأجل القصير لكن السيطرة عادت الى التمويل بالمرابحة و هذا بنسبة 81% و 91.56 % بين سنة 1999و2000 على التوالي بمبلغ 6041 مليون د.ج سنة 1999 و 7220 مليون د.ج سنة 2000.
أما الجدول رقم (28): يوضح لنا ايرادات التمويل بالمرابحة لدى بنك البركة الجزائري
بين سنة 1992 و 2000.
معطيات ... ايراد المرابحة ... نسبتها الى ... قيمة التغير في ... نسبة
المرابحة ... مجموع ... ايراد المرابحة ... التطور (%)
السنوات ... الإيرادات (%)
1992
1993 ... .38 ... .23
1994 ... .53 ... .12 ... .15
1995 ... .35 ... .74 ... .82 ... .8
1996 ... .79 ... .03 ... .44 ... .7
1997 ... .64 ... .21 ... .67
1998 ... .54 ... - ... .37
1999 ... .85 ... .02
2000 ... .44 ... .07
المصدر: بنك البركة الإسلامي.
أما الجدول رقم (28) يوضح لأن ايرادات التمويل بالمرابحة قد عرفت هي الأخرى تطورا بين سنة 1993 و1997 و فيما يخص نسبتها الى مجموع الإيرادات فقد كانت في انخفاض مستمر الى غاية سنة 1998 والتراجع المسجل في الإيرادات سنة 1998 بنسبة (97.37%) وهذ سبب التمويل بالسلم في السنة كما ذكرنا سابقا، لكن هذا التراجع لم يستمر طويلا فقد عرفت ايرادات المرابحة ارتفاعا سنة 1999 بنسبة 63.02 % و سنة 2000 بنسبة 70.07 % بلغت نسبتها الى مجموع التمويلات سنة 1999 ب 36.85% أما سنة 2000 فقد بلغت 88.48%.
و النتيجة التي يمكن التوصل اليها من خلال المعطيات السالفة نلخصها فيما يلي:(1/12)
- ان بنك البركة الجزائري يعتمد التمويل بالمرابحة الذي يوفر له ايرادات سريعة و مضمونة.
- ان البنك يلجأ الى مثل هذا الأسلوب و ذلك تفاديا للمخاطر التي قد يسببها استعمال تقنية تمويلية أخرى، قد تلحق أضرارا هو في غنى عنها.
- ان الإعتماد على هذا الأسلوب بصفة أكبر خاصة سنة 1999 و 2000 تعكس الهدف الخاص المتمثل في تحقيق أقصى الأرباح بأدنى التكاليف و المخاطر.
المطلب الثاني: النظام المصرفي و المالي للجمهورية التونسية
يتميز النظام المصرفي و المالي للجمهورية التونسية بالتنوع و التكامل باعتباره مفتوحا على الأسواق المالية
العالمية ويتكون النظام المصرفي التونسي من (1):
1- بنوك تنموية: عددها تسعة بنوك من وظائفها التمويل و انشاء المشاريع التنموية
2- بنوك تجارية: تجمع بين القطاعات الإقتصادية للبلاد مع تمويل التنمية.
3- المؤسسات الإدخارية: انشئ صندوق الإدخار التونسي عام 1956 و يتمتع بضمان الدولة و يسير من طرف ادارة البريد.
4- مؤسسات ادارة المحفظات المالية: عددها خمسة من وظائفها تنمية السوق المالية.
5- بنوك في المنطقة الحرة: عملت الجمهورية التونسية على اعادة هيكلتها في اصلاح التشريع البنكي
و التشريع في الميدان المصرفي و التجارة الخارجية بهدف توسيع و تطوير هيكلها المالي بمنح البنوك الأجنبية عدة امتيازات هامة فيما يخص الجباية و الصرف مما أدى الى تمركز عدد كبير من البنوك الخارجية و حتى الإسلامية
و من بينها القرض الليوني و التونسي و بنك التمويل التونسي السعودي و الشركة الإسلامية للإستثمار الى مجموعة من البنوك الأخرى.
المطلب الثالث: النظام المصرفي و المالي للمملكة المغربية
يتشكل النظام المصرفي و المالي للمملكة المغربية من عدة بنوك وطنية و أجنبية مع وجود مشاركات بينها و بين بعض البنوك الأجنبية.
و لقد تم انشاء خمس مؤسسات مالية متخصصة تراقب من طرف الدولة و نذكرها كما يلي (2):(1/13)
1- البنك الوطني لإنماء الإقتصاد و هو يشجع الإستثمارات في النشاطات الصناعية.
2- القرض العقاري و الفندقي مهمته تمويل السيحة و الإسكان .
3- الصندوق الوطني للقرض الفلاحي مهمته تمويل القطاع الفلاحي.
4- صندوق الإيداع و التدبير و مهمته تمويل الجماعات المحلية و حاجيات الدولة.
5- الصندوق الوطني للصفقات يتولى تسهيل تمويل البنوك للصفقات المبرمة مع الدولة.
و تعتمد المغرب في سياستها النقدية على المساعدات البنكية على اعادة سقف اعادة الخصم سامحا بذلك للبنوك على اعادة التمويل لدى البنك المركزي بحصر حدود المساعدة لكل مؤسسة مع تحديد الإحتياطي النقدي بنسبة 6%.
و قد قامت المملكة بعدة اصلاحات اقتصادية هيكلية من بينها (3):
- قامت السلطات النقدية ابتداء من ديسمبر 1986م بازالة عمليات الوسطاء في التمويلات و ذلك باقامة سوق لسندات الخزينة تلجأ اليها الشركات التي هي في حاجة اللى تمويلات لفترة قصيرة لتتمكن من توسيع
(1)،(2)،(3) البنوك الإسلامية و دورها في تنمية اقتصاديات المغرب العربي، مرجع سابق.
سوق الرأسمالي لتنمية و تطوير العلاقات المالية بين مختلف العناصر الإقتصادية.
- يهدف الى تخفيف القيود المفروضة من قبل السلطات العمومية تم اتخاذ عدة اجراءات أهمها تحرير الإعتمادات لأحد متوسط لصالح المقاولات الصغيرة و المتوسطة مع تليين مراقبة الصرف و اتخاذ تدبير تشجيع الإستثمار والتجارة الخارجية بالتعاون مع المستثمرين الأجانب.
كما سعت السلطات المغربية الى سياسة التوسع و الإنفتاح على الخارج بوضع تدابير قانونية لإدارة بنوكها وعملت على وضع وسائل مراقبة أكثر تحفيز بحل تأطير الإئتمان مع التحرير التدريجي بقصد تحسين فعالية الوساطة المالية عوض سياسة تأخير الإئتمان المعرقلة لنشاطات البنوك مع التركيز على الإحتياطي النقدي بأسعار الفائدة فقط لتشجيع المنافسة بين البنوك.(1/14)
و كما قامت بليونة أسعار الفائدة ذلك أن تنشيط المنافسة بين المؤسسات المالية يتطلب تحديد حد أدنى و حد أقصى لأسعار الفائدة مع تحسين مرونتها لتنمية الإقتصاد الوطني.
- سعت الدولة كذلك الى تنمية الإستثمارات و النمو الإقتصادي الى اعتماد طرق ووسائل الإدخار الوطني
و تعبئته مع اصلاح السوق المصرفي، مع ازاحة بعض القطاعات الإقتصادية غير المنتجة و التي تعاني عجز في ميزانيتها .
و يمكن من ذلك استخلاص بعض النقاط أن النظام البنكي المغربي مازال يعاني من عجز كبير سواء من ناحية الرزنامة القانونية أو من ناحية التسيير ذلك أن هذا النظام برغم وجود المؤسسات المالية الأجنبية الا أنه يحتاج الى نقلة فعلية يتماشى و تطورات الأعمال المصرفية المعمول به دوليا.
المطلب الرابع: النظام المصرفي و المالي الليبي(1/15)
تم تأسيس أول تنظيم مصرفي في ليبيا و باشر أعماله رسميا في أفريل 1956م و كان نتيجة للتوسع الذي عرفته ليبيا و نتيجة للإكتشافات النفطية و قد تم صدور أول قانون للمصارف سنة 1963م و المنصوص على فصل العمليات التجارية عن العمليات المصرفية المركزية بمصرف ليبيا كما حدد القانون أعلى و أدنى حد لأسعار الفائدة على الودائع و القروض عوض تحديد سعر الفائدة بمفردها للحصول على أقساط كبيرة من الأرباح مع تخصيص قواعد بالإحتياطات التي يتعين على المصارف الإلتزام بها سواء كان مركزها الرئيسي في الداخل أو الخارج وقد ميز النظام المصرفي و المالي الليبي عدة مراحل أهمها مرحلة انتهاج ليبيا للنظام الإشتراكي أو ما يسمى بالعهد الثوري الإشتراكي ما بين 1969-1996 و الذي شهدت فيه ليبيا تغير جذري لنظامها المصرفي و التجاري بتكوين خمسة مصارف ليبية و أربعة أجنبية منها اسلامية تحتكر معظم العمليات المصرفية في البلاد، و لكن بعد ثورة الفاتح من سبتمبر و فرت القيادة الثورية في سنة 1974م بصدور قرار يتعلق باستيراد الموال المقتصة من طرف الأجانب و أصدر في 22/12/1970م القانون رقم 153 هو مساندة البرامج التنموية الشاملة التي تخدم البلاد و من أهدافه توسيع الخدمات المصرفية حيث ارتفع عدد فروع المصارف من 69 في نهاية 1969 الى 925 في نهاية 1974م (1) و يتنوع النظام المصرفي بوجود عدة مؤسسات مالية وبنوك أجنبية منها ما هو تابع للنظام و منه ما هي مؤسسات مالية اسلامية.
المطلب الخامس: النظام المصرفي و المالي الموريتاني(1/16)
تفتقر موريتانيا أساسا الى نظام مصرفي مالي متحكم في السياسة النقدية و المالية ذلك أنه قامت بعدة اصلاحات لتحسين عيوب النظام النقدي و آخرها اقامة نظام خاص بتحصيل الديون المصرفية المطلوبة و كذا الأمر المؤرخ في 24 أفريل 1982م (2) و الذي يهدف الى اعطاء المصارف وسائل قانونية مخالفة للقانون العام بقصد ضمان تحصيل ديونها المطلوبة مع منع الهيئات الإدارية المصرفية من تقديم قروض بدون ضمانات، كل هذه الإجراءات جاءت لتفادي الوقوع في أخطاء سابقة منذ قيام النظام المصرفي الموريتاني سنة 1973م و ذلك عند استقلال موريتانيا عن الإتحاد النقدي العربي الإفريقي و عن منظمة الفرنك الذي أسندت على عاتقها انشاء سياسة نقدية و ترتيب نظام مصرفي من شأنه تنمية اقتصاد البلاد و انعاشه.
و للتحكم أكثر في النظام المالي أنشأت موريتانيا المصرف المركزي الموريتاني الذي يساهم بقسط وافر في رأس مال مؤسسات القرض التي تنشط في البلاد.
و هناك مجموعة من البنوك منها مصارف تجارية كالمصرف الدولي لموريتانيا و المصرف الموريتاني للتجارة الدولية و المصرف العربي الليبي للتجارة والتنمية في موريتانيا بالإضافة الى الشركة الموريتانية للمصارف المتخصصة فتضم المصرف الموريتاني للتنمية و التجارة و مصرف البركة الإسلامي الموريتاني و الصندوق الوطني للتنمية.
كما أن المصرف المركزي يهتم بادارة النظام المصرفي و المالي للبلاد كونه يقوم بمهام مصرف الدولة.
أما عن ممارسة البنوك الإسلامية لوظائفها في موريتانيا و تبعا لقانون الصرف و التجارة فان مجموع الودائع غير مضمونة لا في أصلها و لا في عائدها و هذا يخالف مبدأ حماية المودعين من طرف المصرف و من طرف الدولة(1/17)
مما أدى الى ايجاد بعض الحلول و التي بموجبها أن الودائع كلها أو بعضها لتوظيفات مالية أو كسندات توظيف و هو ما يطابق سندات المقارضة من الجانب الفقهي، أما في خصوص التوظيفات الإستثمارية لموارد حسابات الإستثمار الإسلامية يتم عن طريق الصيغ الإستثمارية أساسا ادا قيست بالقروض باعتبار أن البنوك الموريتانية يجب أن تخضع للإحتياطي و القيود الرابطة بالسقف الإئتماني.
(1)، (2) البنوك الإسلامية و دورها في تنمية اقتصاديات المغرب العربي ، مرجع سابق.
الفصل الثاني: المصارف الإسلامية و دورها في التنمية الإقتصادية لدول المغرب العربي
المبحث الأول: تقويم الدور الإقتصادي للمصارف الإسلامية بمنطقة دول المغرب العربي
لدراسة تقويم الدور الإقتصادي للمصارف الإسلامية بمنطقة دول المغرب العربي تم اختيار أربعة بنوك اسلامية أساسية منتشرة بدول المغرب العربي و هي كالتالي:
1- بنك البركة الإسلامي
2- بيت التمويل الكويتي
3- بنك التمويل الإسلامي
4- البنك الإسلامي القطري
المطلب الأول: تقييم دور المصارف في التأثير على بعض المتغيرات الإقتصادية الكلية
ويمكن دراسة و تقييم هذا الدور من خلال معيارين هما
المعيار الأول: دور المصرف في تدعيم الإستثمار القومي، معبرا عنه بنسبة اجمالي التوظيف الى اجمالي الموارد
و نسبة الإستثمار بالمشاركة و المضاربة و الإستثمار المباشر الى اجمالي التوظيف:
الجدول رقم (29): متوسط نسبة اجمالي التوظيف الى اجمالي الموارد (%) في السنوات من 1985 حتى 2000.
السنة ... المتوسط
المصرف
بنك البركة الإسلامي ... 88.3
بيت التمويل الكويتي ... 72
بيت التمويل السعودي ... 98
بنك قطر الإسلامي ... 93.7
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، المركز الديبلوماسي للدراسات الإستراتجية، القاهرة، 2001.
الجدول رقم (30): متوسط نسبة الإستثمار بالمشاركة و المضاربة و الإستثمار المباشر الى اجمالي التوظيف خلال الفترة من 1985 الى 2000.
السنة ... المتوسط
المصرف(1/18)
بنك البركة الإسلامي ... 3
بيت التمويل الكويتي ... 50.8
بيت التمويل السعودي ... غير متاح
بنك قطر الإسلامي ... 3.2
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، مرجع سابق.
من واقع بيانات الجدول السابق يتضح ما يلي:
1- أن متوسط العام لنسبة اجمالي التوظيف الى اجمالي الموارد يشير الى ارتفاع هذه النسبة بدرجة عالية جدا في مجموعة المصارف بصفة عامة، و ان كانت قيمة المتوسط العام للنسبة في بيت التمويل الكويتي أقل بكثير مما هي عليه في بقية المصارف الأخرى للمجموعة، و هذا يدل على أن هذه المصارف تعمل على توجيه كل مواردها المالية للإستثمار و عدم تركها عاطلة، و هو ما يساهم في تدعيم الإستثمار القومي من حيث المبدأ.
2- كانت نسبة الإستثمار بالمشاركات و المضاربات و الإستثمار المباشر متدنية جدا في كل من بنك البركة الإسلامي و بنك قطر الإسلامي، على حين كانت النسبة مقبولة الى حد كبير في بيت التمويل الكويتي بسبب ارتفاع نسبة التوظيف بأسلوب الإستثمار المباشر.
و هو ما يعني أن دور بنك البركة و بنك قطر من المنتظر أن يكون محدودا في تدعيم الإستثمار القومي بالقياس على دور بيت التمويل الكويتي في هذا الشأن.
المعيار الثاني: مساهمة المصرف في القيمة المضافة للناتج القومي، معبرا عنها بالنسبة المئوية للقيمة المضافة للمصرف الى اجمالي موارده.
الجدول رقم (31): متوسط نسبة القيمة المضافة للمصرف الى اجمالي موارده من 1985 حتى 2000.
السنة ... المتوسط
المصرف
بنك البركة الإسلامي ... 4.6
بيت التمويل الكويتي ... 2.7
بيت التمويل السعودي ... 2.4
بنك قطر الإسلامي ... 6.2
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية ، مرجع سابق.(1/19)
1- يظهر المتوسط العام للنسبة المئوية لمقدار القيمة المضافة لكل مصرف الى اجمالي موارده تقدم بنك قطر الإسلامي في هذا المجال بمتوسط 6.2 % عن فترة الدراسة، ثم البركة الإسلامي بمتوسط قدره 4.6% عن فترة الدراسة، ثم بيت التمويل الكويتي بمتوسط قدره 2.7 % و أخيرا بيت التمويل السعودي بمتوسط عام قدره 2.4% في المتوسط.
2- رغم تذبذب النسبة بصفة عامة خلال سنوات الدراسة (1985-2000) لمجموعة المصارف عامة الا أنه يلاحظ اتجاه النسبة للصعود في السنوات الأخيرة و هو ما يعد مؤشرا طيبا يحسب لصالح هذه المصارف.
3- يمثل مجموع أرباح المودعين و أرباح المساهمين العنصر الرئيسي في تكوين مقدار القيمة المضافة من بين العناصر المختلفة المساهمة في ذلك، و هو ما يعني أنه يجب على هذه المصارف الإهتمام بتحقيق أعلى معدلات للربحية، لأن ذلك يساهم في تدعيم الأهداف المصرفية و الإقتصادية لها في آن واحد، فقد بلغت النسبة المئوية لمجموع أرباح المودعين و المساهمين الى اجمالي قيمة عناصر القيمة المضافة 77.6% في بنك البركة الإسلامي في المتوسط 80.8% في بيت التمويل الكويتي 79.4% في بيت التمويل السعودي.
المطلب الثاني: دراسة الدور الإقتصادي لكل مصرف على مستوى المعايير الجزئية و الكلية معا
بالرغم من أهمية المعايير الكلية التي أستخدمت في التقييم السابق للدور الإقتصادي ككل فان هناك أيضا عدة مؤشرات اقتصادية جزئية هامة يمكن اضافتها للتقييم حتى يكتمل، و يمكن في النهاية استخلاص النتائج الكلية للتقييم و من أهم تلك المؤشرات:
أ معيار تعبئة الموارد و يضم ثلاثة معايير فرعية:
- معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد.
- نسبة اجمالي الودائع الى اجمالي الموارد.
- نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع.
ب- توظيف الموارد و تضم أيضا ثلاثة معايير فرعية:
- نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات.(1/20)
- نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي التوظيف.
- نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي التوظيف.
و باستخدام تلك المعايير الجزئية و المعايير الكلية التي استخدمت في التحليل السابق يمكن الوصول الى تقييم شامل لكل بنك على حدى كالتالي:
الفرع الأول: بنك البركة الإسلامي
الجدول رقم (32): المتوسط العام لمعايير التقويم لبنك البركة الإسلامي (%)
المجموعة ... المعيار ... المتوسط العام
(%)
تعبئة الموارد ... - معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد. ... 21.2
2- نسبة اجمالي الودائع الى اجماي الموارد. ... 89
3- نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع. ... 75.7
توظيف الموارد ... - نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات. ... .1
5- نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي التوظيف. ... 3
6- نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي التوظيف. ... 9.2
المتغيرات الإقتصادية الكلية ... - دور المصرف في تدعيم الإستثمار القومي. ... .7
8- مساهمة المصرف في القيمة المضافة للناتج القومي. ... 4.6
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، مرجع سابق.
من واقع بيانت الجدول السابق يتبين أن الأداء الإقتصادي – من خلال مجموعة المعايير المحددة – لبنك البركة الإسلامي كان مقبولا في بعض العناصر و كان دون ذلك في بعض العناصر الأخرى، و قد سجلت أرقام الجدول السابق أن الدور الملموس لبنك البركة الإسلامي تمثل في العناصر التالية:
- على مستوى تعبئة الموارد: ارتفاع معدل نمو الحجم الإجالي للموارد بالقياس على موقف بقية مصارف المجموعة في هذا الشأن، حيث بلغ المتوسط العام لمعدل نمو الحجم الإجمالي للموارد 21.2%، و كذلك قيامه بتعبئة قدر كبير من الودائع، حيث بلغت نسبة الودائع الى اجمالي الموارد 89% في المتوسط و هي نسبة مرتفعة أيضا بالقياس على موقف بقية مصارف المجموعة.(1/21)
- و على مستوى توظيف الموارد: كان الدور الملموس لبنك البركة الإسلامي متمثلا في ارتفاع نسبة الإستثمار في قطاع الصناعة حيث بلغت هده النسبة 9.2% في المتوسط، و هي و ان كانت نسبة مرتفعة بالقياس على موقف بقية مصارف المجموعة، الا أنها بالقياس على الدور المطلوب من المصارف الإسلامية في هذا الشأن تعد نسبة منخفضة، نظرا لطبيعة ظروف التنمية في دولة الإمارات و ما تتطلبه من تنمية الإستثمارات في قطاع الصناعة خاصة، وهو ما كان يجب على بنك البركة المساهمة فيه بالحجم الملائم انطلاقا من دوره التنموي
و لكن البنك كغيره من غالبية المصارف الإسلامية ركز على القطاع التجاري لما يحققه هذا القطاع من مميزات عديدة، حيث بلغت نسبة الإستثمار في القطاع التجاري 36.8 في المتوسط.
- أما على مستوى تأثير نشاط المصرف على بعض المتغيرات الإقتصادية الكلية فكان دوره الملموس الوحيد متمثلا في تحقيقه نسبة مقبولة من القيمة المضافة الى الناتج القومي، حيث بلغت نسبة القيمة المضافة الى الناتج القومي بالنسبة لإجمالي موارده 4.6% في المتوسط، و فيما عدا هذه العناصر الأربعة السلبقة كانت درجة أداء البنك في بقية عناصر التقييم الأخرى متدنية.
- فعلى مستوى تعبئة الموارد كانت نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع منخفضة في بنك البركة بالقياس على مثيلاتها في بقية مصارف المجموعة حيث بلغت النسبة 80.8% في المتوسط.
- أما على مستوى توظيف الموارد فقد كان أداء البنك ضعيفا بصفة عامة في ضوء المعايير الثلاثة المحددة باستثناء دوره في القيام ببعض الإستثمارات في القطاع الصناعي الى حد ما، أما من حيث اهتمامه بالإستثمارات طويلة الأجل فكان ضعيفا، حيث بلغت نسبة الإستثمارات طويلة الأجل الى اجمالي الإستثمارات 3.1% فقط.
الفرع الثاني: بيت التمويل الكويتي
الجدول رقم (33): المتوسط العام لمعايير التقويم لبيت التمويل الكويتي (%)(1/22)
المجموعة ... المعيار ... المتوسط العام (%)
تعبئة الموارد ... 1- معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد ... 18.3
2- نسبة اجمالي الودائع الى اجمالي الموارد. ... 73.7
3- نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع. ... 84.6
توظيف الموارد ... 4- نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات. ... 7
5-- نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي التوظيف. ... 0.8
6- نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي التوظيف. ... 0
المتغيرات الإقتصادية ... - دور المصرف في تدعيم الإستثمار القومي. ... 61.4
الكلية ... 8- مساهمة المصرف في القيمة المضافة للناتج القومي. ... 2.7
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، مرجع سابق.
من واقع بيانات الجدول السابق يتبين ما يلي:
1- كان الدور الإقتصادي الملموس لبيت التمويل الكويتي في مجال تعبئة الموارد – حسب المعايير المحددة – محصورا في قيامه بتعبئة قدر كبير من الودائع الإستثمارية الملائمة لتمويل نشاطه الإستثماري.
فقد بلغت نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع بالمصرف 84.6% في المتوسط، و هذا يساهم في توفير الموارد الملائمة لتمويل النشاط الإستثماري.
و فيما عدا ذلك كان دوره محدودا سواء من حيث معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد، أو من حيث نسبة اجمالي الودائع الى اجمالي الموارد.
2- أما على مستوى توظيف الموارد المالية فقد كان مستوى أداء المصرف ضعيفا حسب معايير التقييم الموضوعة بصفة عامة، و ان كان دوره في مجال القيام بالإستثمارات طويلة الأجل يعد مقبولا الى حد ما بالقياس على موقف بقية مصارف المجموعة في هذا الشأن، فقد بلغت نسبة الإستثمارات طويلة الأجل الى اجمالي استثمارات المصرف 7% في المتوسط و هي تعتبر نسبة منخفضة لمصرف اسلامي يجب عليه تخصيص جزءا كبيرا من استثماراته للمجالات طويلة الأجل، أما من حيث درجة اعتماده على أسلوبي المشاركة(1/23)
و المضاربة فقد كانت متدنية جدا، حيث بلغت نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي استثمارات المصرف 0.8% في المتوسط. أما من حيث درجة اهتمامه بقطاعي الزراعة و الصناعة فقد تلاشى هذا الإهتمام الى حد بلغ نسبة الإستثمار في هذين القطاعين الى اجمالي استثمارات المصرف صفرا.
الفرع الثالث: بيت التمويل السعودي
الجدول رقم (34): المتوسط العام لمعايير التقويم لمصرف التمويل السعودي (%).
المجموعة ... المعيار ... المتوسط العام (%)
تعبئة الموارد ... - معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد ... 94.3
2- نسبة اجمالي الودائع الى اجمالي الموارد. ... 97.4
3- نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع.
توظيف الموارد ... - نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات. ... .8
5-- نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي التوظيف. ... -
6- نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي التوظيف. ... 2.5
المتغيرات الإقتصادية ... - دور المصرف في تدعيم الإستثمار القومي. ... .4
الكلية ... 8- مساهمة المصرف في القيمة المضافة للناتج القومي. ... 3.7
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، مرجع سابق.
من واقع بيانات الجدول السابق يتبين ما يلي:(1/24)
1- كان دور مصرف التمويل السعودي في مجال تعبئة الموارد هو الأفضل بصفة عامة من حيث معايير التقويم الثلاثة الموضوعة بالقياس على بقية مصارف المجموعة. فقد حقق أعلى معدل للنمو في اجممالى موارده، اذ بلغ المتوسط العام لمعدل نموالحجم الإجمالي للموارد 37%، و ذلك يعود في الأساس لتدفق الودائع عليه بصورة كبيرة على مدار سنوات الدراسة، كما كانت نسبة الودائع الى اجمالي موارده أعلى نسبة تحققت في مجموعة المصارف اذ بلغ المتوسط العام لهذه النسبة 94.3% و هو ما يعني أن الموارد الخارجية تمثل المصدر الرئيسي للموارد المالية للمصرف و أيضا من حيث نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع فقد حقق المصرف أعلى نسبة بالقياس على موقف بقية مصارف المجموعة في هذا الشأن حيث بلغ المتوسط العام لنسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع 97.4%، و هو ما يعني لأن نسبة الودائع الجارية نسبة منخفضة ويعني أيضا أن هناك قدرا كبيرا من الودائع الإستثمارية قد أتيحت لهذا المصرف للإعتماد عليهالتكويل نشاطه الإستثماري الأداة الرئيسية لتحقيق كافة أهدافه المصرفية و الإقتصادية.(1/25)
2- أما على مستوى دور المصرف في توظيف الموارد المالية: فقد كان دور المصرف متدنيا جدا بصفة عامة من حيث عناصر التقييم المحددة، باستثناء العنصر الثالث و الخاص بنسبة الإستثمار في قطاعي الزراع و الصناعة، فعلى الرغم من أنه المصرف الوحيد من بين مصارف المجموعة الذي سجلت البيانات قيامه بالإستثمار في قطاع الزراعة الا أن نسبة هذه الإستثمارات كانت ضعيفة جدا، اذ بلغت 2.9% كما يحسب له أيضا قيامه بتوجيه جزءا من استثماراته لقطاع الصناعة و ان كانت نسبتها متدنية جدا أيضا بالنسبة لإجمالي استثماراته حيث بلغت 7%، أما من حيث درجة اهتمامه بالإستثمارات طويلة الأجل فقد كانت متدنية جدا حيث بلغت نسبتها الى جملة استثمارات المصرف 0.8% في المتوسط و من حيث درجة اعتماد على أسلوبي المشاركة والمضاربة فلم تتح بيانات تساعد في تحديد هذا الأمر.
الفرع الرابع: بنك قطر الإسلامي
الجدول رقم (35): المتوسط العام لمعايير التقويم لبنك قطر الإسلامي (%).
المجموعة ... المعيار ... المتوسط العام (%)
تعبئة الموارد ... - معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد ... .3
2- نسبة اجمالي الودائع الى اجمالي الموارد. ... 48.4
3- نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع. ... 89.2
توظيف الموارد ... - نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات. ... .4
5-- نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي التوظيف. ... 3.2
6- نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي التوظيف. ... 0
المتغيرات الإقتصادية ... - دور المصرف في تدعيم الإستثمار القومي. ... .5
الكلية ... 8- مساهمة المصرف في القيمة المضافة للناتج القومي. ... 6.2
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، مرجع سابق.
من واقع بيانات الجدول السابق يتبين مايلي:(1/26)
1- على مستوى تعبئة الموارد كان الدور الملموس لبنك قطر الإسلامي متمثلا في قيامه بتعبئة قدرا كبيرا من الودائع الإستثمارية بالنسبة لإجمالي ودائعه، حيث بلغت نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي ودائع المصرف 89.2% في المتوسط، و هو ما يعني – كما سلفت الإشارة- قيامه بدور كبير في مجال تعبئة الموارد و تجميع المدخرات اللازمة لتمويل النشاط الإستثماري المدعم لعملية التنمية الإقتصادية.
2- أما على مستوى توظيف الموارد المالية: فقد كان الدورالإقتصادي للبنك ضعيفا بصفة عامة في ضوء معايير التقويم المحددة لذلك من حيث المعيار الأول يتضح أن نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي توظيفات المصرف كانت متدنية بالقياس على ما يجب على المصرف القيام به في هذا الشأن على الرغم من أن هذه النسبة التي حققها بنك قطر الإسلامي تعد أفضل نسبة تحققت على مستوى مجموعة المصارف، فقد بلغت نسبة الإستثمارات طويلة الأجل الى اجمالي استثمارات المصرف 10.4% في المتوسط، أما من حيث المعيار الثاني
والخاص بنسبة الإستثمار بالمشاركة و المضاربة، فقد جاء دور المصرف في هذا الشأن متدنيا جدا أيضا كبقية مصارف المجموعة حيث بلغت نسبة الإستثمار بالمشاركة و المضاربة 3.2% في المتوسط، و من حيث المعيار الثالث كان دور المصرف فيه منعدما بصورة تامة حيث بلغت نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي استثمارات المصرف صفر، و هذا كله يعني أن الدور الإقتصادي لبنك قطر الإسلامي في مجال توظيف الموارد كلن ضعيفا مثل غيره من بقية مصارف المجموعة في هذا الشأن.
المطلب الثالث: دراسة الدور الإقتصادي على مستوى كل معيار لمجموعة المصارف معا
الجدول رقم (36): متوسط النسبة المئوية لدور مجموعة المصارف مجتمعة بالنسبة لكل معيار.
المجموعة ... المعيار ... المتوسط العام (%)
تعبئة الموارد ... - معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد ... 85.4(1/27)
2- نسبة اجمالي الودائع الى اجمالي الموارد. ... 86.8
3- نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع.
توظيف الموارد ... - نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات. ... .3
5-- نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي التوظيف. ... 2.3
6- نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي التوظيف. ... 4.8
المتغيرات الإقتصادية ... - دور المصرف في تدعيم الإستثمار القومي. ... .9
الكلية ... 8- مساهمة المصرف في القيمة المضافة للناتج القومي. ... 51.2
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، مرجع سابق.
من واقع بيانات الجدول السابق يتبين أن المجالات التي كان لهذه المجموعة من المصارف دور ملموس فيها بصفة عامة هي العناصر المعبر عنها بالمعايير التالية:
1- معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد.
2- نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع.
3- نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات .
4- دور المصرف في تدعيم الإستثمار القومي.
فعلى مستوى تعبئة المدخرات كان دور هذه المجموعة ملموسا من حيث المعايير الثلاثة الموضوعة بصفة عامة وتحديدا في مجال تعبئة و تجميع الودائع الإستثمارية، فقد بلغ معدل نمو اجمالي الموارد في المتوسط 24% و هي نسبة مرتفعة تدل على أن معدلات تدفق الموارد على هذه المصارف كانت في تزايد مستمر على مدار سنوات الدراسة بصفة عامة.(1/28)
و لما كانت الودائع الإستثمارية تمثل القسم الرئيسي من اجمالي هذه الموارد – حيث بلغت نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع 86.6% في المتوسط- كانت هذه الزيادة السنوية في اجمالي الموارد راجعة الى تدفق الودائع الإستثمارية بمعدلات كبيرة، و هو ما يعني أن دور هده المجموعة من المصارف بصفة عامة في مجال تعبئة المدخرات من الودائع الإستثمارية كان دورا ايجابيا، و هو ما يساهم بصورة مباشرة في تدبير الموارد المالية اللازمة اتمويل عمليات التنمية بصفة عامة، و النشاط الإستثماري لهذه المصارف بصفة خاصة.
غير أن الوقوف على كامل حقيقة دور المصارف في هذا المجال يتطلب معرفة الوزن النسبي لآجال هذه الودائع الإستثمارية، من حيث حجم الودائع لمدة ثلاثة أشهر، و الودائع لمدة ستة أشهر، و لمدة سنة، و لأكثر من سنتين ...الخ، على أساس أنه كلما زادت مدة و آجال هذه الودائع و حجمها كلما كان دور هذه المصارف أكثر ايجابية في هذا الشأن، و لكن عدم امكانية الحصول على بيانات عن آجال هذه الودائع يحول دون امكانية تحقيق ذلك.
أما على مستوى توظيف الموارد فكان الدور الوحيد الملموس لهذه المصارف يتعلق بدورها في مجال التوظيفات طويلة الأجل، فقد بلغت نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات في المتوسط على مستوى مجموعة المصارف بصفة عامة 5.3 %، و هي نسبة مرتفعة اذا ما قيست بما حققته مجموعات المصارف الإسلامية الأخرى، و لكن – مع ذلك – من المهم اعادة التأكيد على أن هذه النسبة تعتبر نسبة متدنية ادا ما قيست بما يجب على هذه المصارف القيام به في مجال الإستثمارات التنموية طويلة الأجل حسب النموذج النظري المفترض لهذه المصارف.(1/29)
أما فيما يتعلق بدور هذه المصارف في الإعتماد على أسلوبي المشاركة و المضاربة فكان محدودا للغاية، حيث بلغت نسبة الإستثمار بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي الإستثمار على مستوى هذه المجموعة من المصارف 2.3% فقط في المتوسط، و هي نسبة متدنية جدا حيث من المفترض أن يمثل أسلوبا المشاركة و المضاربة خاصة القناتين الأساسيتين لتوظيف و استثمار الموارد المالية.
و كذلك كانت نسبة الموارد المالية الموظفة في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي توظيفات هذه المصارف منخفضة جدا أيضا حيث بلغت نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة و الصناعة الى اجمالي توظيفات هذه المصارف عامة 4.8% في المتوسط، و هي نسبة منخفضة جدا في هذه المجموعة من المصارف الإسلامية التي يفترض فيها أن توجه القسط الأكبر من استثماراتها لقطاع الصناعة خاصة و أن الدول التي تعمل فيها هذه المصارف تقوم باستيراد غالبية-أو كل- احتياجاتها من المنتجات المصنعة من الخارج، و لذلك فان عملية التنمية فيها تستهدف النهوض بالقطاع الصناعي لتقليل حجم هذه الفجوة بين المنتج محليا و المستورد من الخارج من السلع الصناعية، و هو ما كان يجب على هذه المصارف المساهمة فيه انطلاقا من دورها التنموي.(1/30)
كذلك أظهرالمتوسط العام لمؤشر دور المصارف في تدعيم الإستثمار القومي أن هذه المجموعة من المصارف كان لها دور ملموس في هذا المجال، و لكن بنظرة تحليلية يتضح ان ارتفاع هذا المتوسط كان راجعا الى ارتفاع نسبة اجمالي التوظيف الى اجمالي الموارد في الأساس، في حين كانت النسبة الأخرى المكون لهذا الأثر – و الأكثر أهمية- متدنية جدا و هي نسبة الإستثمار بأساليب المشاركة و المضاربة و الإستثمار المباشر الى اجمالي الإستثمارات و هو ما يعني أنه على الرغم من ارتفاع مستوى المؤشر العام لدور هذه المجموعة من المصارف في هذا المجال الا أن هذا الدور كان محدودا بسبب انخفاض اعتمادها على الأساليب الإستثمارية التي تعمل على تدعيم الإستثمار القومي.
الجدول رقم (37): مرتبة كل مصرف بالنسبة لكل معيار.
المرتبة ... المرتبة الأولى ... المرتبة الثانية ... المرتبة الثالثة
المعيار
معدل نمو الحجم الإجمالي للموارد. ... بيت التمويل السعودي ... بنك البركة الإسلامي ... بنك قطر الإسلامي
نسبة اجمالي الودائع الى اجمالي الموارد. ... بيت التمويل السعودي ... بنك البركة الإسلامي ... بنك قطر الإسلامي
نسبة الودائع الإستثمارية الى اجمالي الودائع ... بيت التمويل السعودي ... بنك قطر الإسلامي ... بيت التمويل الكويتي
نسبة التوظيفات طويلة الأجل الى اجمالي التوظيفات. ... بنك قطر الإسلامي ... بيت التمويل الكويتي ... بنك البركة الإسلامي
نسبة الإستثمارات بالمشاركة و المضاربة الى اجمالي التوظيف ... بنك قطر الإسلامي ... بنك البركة الإسلامي ... بيت التمويل الكويتي
نسبة الإستثمار في قطاعي الزراعة ... بيت التمويل السعودي ... بنك البركة الإسلامي ... -
و الصناعة الى اجمالي التوظيف.
دور المصرف في تدعيم الإستثمارالقومي. ... بيت التمويل الكويتي ... بنك قطر الإسلامي ... بيت التمويل السعودي
مساهمة المصرف في القيمة المضافة للناتج القومي. ... بنك قطر الإسلامي ... بنك البركة الإسلامي ... بيت التمويل الكويتي
المصدر: مؤشرات المصارف الإسلامية، مرجع سابق.(1/31)
المطلب الرابع: توصيات لنتائج الدور الإقتصادي لمجموعة المصارف الإسلامية لمنطقة دول
المغرب العربي
و يمكن ادراج بعض التوصيات الى المصارف الإسلامية العاملة بمنطقة دول المغرب العربي بهدف العمل على تمكين هذه المصارف من القيام بدورها الإقتصادي المطلوب، و ازالة العقبات التي تعترض طريقها في هذا الشأن، أهمها:
1- على المصارف الإسلامية أن تعمل على تصحيح الإختلال في هيكل مواردها المالية و ذلك بالعمل على توفير الموارد التي تخدم هدف التوظيف متوسط و طويل الأجل من خلال العمل على زيادة رؤوس أموالها بالإضافة الى استحداث و ابتكار أدوات و أساليب جديدة لجذب الودائع و المدخرات التي تناسب تمكويل المشروعات طويلة الأجل.
2- على المصارف الإسلامية استنباط المناهج العلمية في اختيار المتعاملين معها وفقا لأساليبها الإستثمارية الجديدة، و في هذا الصدد يمكن تشجيع جيل جديد من المستثمرين الذين يرغبون في التعامل وفق الأساليب الإسلامية في الإستثمار على أن تضع المصارف ضمن أهدافها التوصل الى أساليب قانونية و تشغيلية تساعد على أخذ جانب الحيطة و الحذر في نشاطها الإستثماري القائم على المشاركة و المضاربة، و ذلك كي تتمكن من التوسع في هذا النشاط، و من ثم يمكن أن تساهم ايجابيا في أداء الدور الإقتصادي المنتظر منها.
3- زيادة دور المصارف الإسلامية في مجال التجارة الخارجية لدول العالم الإسلامي في مجال التصدير(1/32)
و الإستيراد حيث أن معظم المصارف الإسلامية لا تهتم بتوجه نشاطها الى هذه العمليات غالبا، و يتطلب تحقيق هذه التوصية اهتمام المصارف الإسلامية بوضع صيغ اسلامية ملائمة تنمح تسهيلات خاصة للمتعاملين مع الدول الإسلامية الأخرى، و من جانب أخر يقتصر دورها في تمويل الواردات من الدول غير الإسلامية على السلع الوسيطة و المواد الخام اللازمة للصناعات التصديرية فقط، و تجنب التوسع في تمويل أية واردات استهلاكية أو كمالية بغض النظر عن درجة ربحيتها التزاما بمبدأ الأولويات الإسلامية.
4- التعاون بين المصارف الإسلامية لأجل انشاء المشروعات الإستثمارية المشتركة على نطاق الدول الإسلامية لما لذلك من أثر في تحقيق التكامل الإقتصادي بين هذه الدول، و لما يحققه من مواجهة للشركات الدولية الغربية متعددة الجنسية التي تغزو العالم الإسلامي في وقتنا الحاضر لأجل تحقيق مصالحها الإقتصادية بصفة خاصة، بصرف النظر عن مصالح العالم الإسلامي.
5- دراسة امكانية قيام المصارف الإسلامية –متعاونة مع بعضها البعض- بتأسيس أو انشاء شركات تأمين اسلامية على الودائع أو صناديق مخصصة لمواجهة مخاطر العمليات الإستثمارية، و ذلك لتجنيب هذه المصارف مخاطر عملياتها الإستثمارية لتشجيعها على القيام بالإستثمار في المجالات و العمليات الإستثمارية التي تساهم في رفع معدلات التنمية.
المبحث الثاني: دور المصارف الإسلامية في الإندماج المغاربي
المطلب الأول: البنك الإسلامي و الإندماج الإجتماعي
وظيفة المال في الإسلام تجعل من البنوك الإسلامية بنوكا اجتماعية تعمل على تحقيق التكافل الإجتماعي وذلك من خلال توزيع استثماراتها بين القطاعات المختلفة، و توزيع العائد كما تأخذ دراسة الجدوى للمشروعات في إعتبار العائد الإجتماعي بجانب العائد المادي.(1/33)
و تحتم الصفة الإجتماعية للبنوك الإسلامية انشاء ادارات تعني بالزكاة و التبرعات و القروض الحسنة والإستثمارات الخيرية، و ذلك للإشراف على توزيع زكاة أموال عملائها و غيرهما من غير العملاء بتفويض منهم على مصارفها الشرعية بجانب الإشراف على تبرعات الأعمال الخيرية في مجالات الصحة، و التعليم والشؤون الدينية، و مواجهة الكوارث، و الظروف الطارئة الشخصية، و الجماعية.
و تحقق هذه الصفات المتميزة للبنك الإسلامي قيامه بدور متميز على الصعيد الإجتماعي، و هو الدور الذي لا يوجد له مثيل قريب أو بعيد في البنوك التقليدية على اختلاف مسميات البنوك الإسلامية.
و يتميز الإتحاد المغاربي بعدة مقومات تمكنه من الإندماج باعتباره يدين بالدين الإسلامي، و توحده لغة واحدة و كله دول جوارية الا أن عنصر الإندماج قد يكون من الناحية الشعبية، الا أن العنصر السلبي الذي يهدد الإندماج الإجتماعي يعود الى عدة أسباب منها بعد الممارسة اليومية و القطيعة التي توحد بين الإسلام والممارسة الإقتصادية مع انعدام التقرير للوحدة السياسية كل هذه الأسباب تحمل في ثناياها بذور التفكك الذي لا يمكنه أن يساهم في بناء صرح الوحدة المغربية.
ان الصفة التنموية للبنوك الإسلامية من خلال الممارسة تربط المسلم على المستوى الإقتصادي بمبادئ دينه
و ينعش صلته بها، و قد يؤدي به الى التمسك بهويته الثقافية الإسلامية و بالتبعية انتمائه الى مجموعة اسلامية تتجاوز الحدود الترابية ذلك أن الإندماج مرغوب فيه لسكان دول المغرب العربي بهدف وحدته الإقتصادية(1/34)
و الإجتماعية و الثقافية، ذلك أن البنك الإسلامي يهدف الى تنمية اجتماعية باعتبار أن العنصر البشري هو هدف و أساس النظام الإقتصادي الإسلامي و تحقيق التنمية الشاملة، و ذلك ما للبنوك الإسلامية في خلق جو ملائم للحياة الإنسانية بالمساهمة بتوفير ضروريات الحياة لغير القادرين على ذلك أبناء المؤسسات الإجتماعية كالأيتام و المرضى و المسنين مع تحسين المستوى الصحي و مكافحة الأمراض المزمنة و العارضة و المستوطنة والعمل على انشاء شركات تأمين اسلامية تعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.
المطلب الثاني: البنك الإسلامي و الإندماج الإقتصادي
تواجه دول المغرب العربي كغيرها من الدول النامية بصفة عامة مشكلة عدم قدرة رؤوس الأموال الوطنية و الأجنبية المتاحة لتمويل برامج وخطط التنمية الإقتصادية لهذه الدول مما يعرقل التنفيذ و يضعف فرص الإستثمار، و ذلك لعدم القدرة على الإدخار و ضعف حوافز الإستثمار و خاصة في المشروعات الوطنية التي لا تحقق للمستثمر أرباحا سريعة أو عوائد مرتفعة بالإضافة الى عدم كفاية الهياكل الأساسية للإنتاج الضرورية لتحقيق أساليب أكثر انتاجية في القطاعات الإقتصادية المختلفة.
و بالرغم من أهمية القروض و المساعدات الإقتصادية التي تتلقاها هذه الدول من الدول المتقدمة بصفة ثنائية أو عن طريق المؤسسات الدولية، الا أن أغلب هذه المساعدات تختلط بالنواحي السياسية الخاصة بغلاقة الدول المتقدمة الدائنة بالدولة النامية المدينة و هذا يقلل من أهميتها في حقل التنمية الإقتصادية، و ما يترتب على ذلك من تبعية اقتصادية تربط الدول المتخلفة باقتصاديات الدول المتقدمة الدائنة و تجعلها تدور في فلكها سياسيا(1/35)
و اقتصاديا مما يؤثر على التنمية الإقتصادية و مشروعاتها بما يخدم الدول المتقدمة بالدرجة الأولى، هذا فضلا عن تحمل الدول المدينة فوائد تحرمها الشريعة الإسلامية بالإضافة الى أن القروض الخارجية و خاصة الثنائية منها قد تصدر آثار تضخمية للدول النامية حيث تكون هذه القروض غالبا في شكل مواد و معدات و لا تدفع بالعملات الحرة، مما يجعل تكاليف التنمية باهضة لا تستطيع اقتصاديات الدول النامية تحملها هذا مع وجود عدة اعتبارات في الوقت الحاضر تحول دون حرية انسياب رؤوس الأموال من الدول المتقدمة الى الدول النامية و منه نستنتج أن السياسات القومية الإقتصادية و سياسات التحرر السياسي و عدم التبغية الإقتصادية الى تردد المستثمرين الأجانب خوفا من التأميم أو مصادرة أموالهم، و لذلك فقد بدأت العديد من الدول النامية بمنح رؤوسالأموال الأجنبية بعض الضمانات و التسهيلات كما أغلقت أسواق المال العالمية أبوابها في وجه الدول النامية و أصبح دورها لا يتعدى الإكتتاب في سندات الهيئات الدولية أو الإشتراك في تمويل الشركات العالمية التي تقوم بالإستثمار المباشر بالبلاد النامية.(1/36)
و هكذا نجد عدم استعداد رؤوس الأموال الخارجية للمساهمة في التنمية الإقتصادية في الدول النامية بالقدر اللازم و الضروري لدفع عجلة التنمية الإقتصادية للأمام و بالسرعة المطلوبة في الإتجاهات الصحيحة حتى مع وجود التمويل الخارجي فقد يؤدي الى الكثير من المتاعب و الإلتزامات المالية التي تعوق مسيرة التنمية حيث تجد الدول النامية نفسها بعد فترة مجبرة على زيادة حجم صادراتها لمقابلة أعباء سداد ديونها مما يهدد أهداف خطط التنمية الإقتصادية و يؤدي الى عدم الإستقرار في تنفيذ المشروعات، كما أن تقلب قيمة هذه الصادرات يؤدي الى عجز في المدفوعات و الدول العربية الإسلامية فيما عدا دول البترول ذات الفائض لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تعتمد على حصيلة مواردها من عمليات التصدير كمصدر لتمويل الإقتصاد اذ أن معظمها يعاني من عجز في موازين مدفوعاتها.
و هنا تبرز أهمية و قدرة البنوك و المؤسسات المالية الإسلامية على توفير المدخرات اللازمة للمشروعات الإستثمارية و يظهر دورها في تمويل التنمية الإقتصادية في البلاد الإسلامية.
و اذا يتعين الإعتبار دول المغرب فان هناك ضرورة للبنوك الإسلامية للمساعدة على تنمية دول المغرب
في اقتصادياتها و اندماجها ذلك بأنها بحاجة اليها و اذا نظرنا من الوجهة التطبيقية فان الإندماج الإقتصادي لا يعني وضع الإقتصاديات الوطنية جنبا الى جنب و لكنه التفاعل لمختلف أوجه النشاطات و القطاعات الإقتصادية و لتحقيق هذا الإندماج يجب الأخذ بالتجارب السابقة لدول الإتحاد الأوروبي ويتوفر أربعة مراحل تتميز المرحلة الأولى بمنطقة السوق الحرة و ذلك بالغاء الحواجز الجمركية أما المرحلة الثانية فتتميز بتوحيد الجمارك بالنسبة لكل السلع الواحدة من باقي دول العالم و تسمح المرحلة الثالثة بنقل السلع فقط بكل عناصر الإنتاج مع السماح من خلالها بالتنسيق للسياسات الإقتصادية بين الدول المرشحة للإندماج.(1/37)
أما المرحلة الرابعة فهي تحدد النهج الذي تسلكه دول المغرب العربي للوصول للإندماج.
و الملاحظ أن الإندماج الإقتصادي لدول اتحاد المغرب العربي يتطلب شجاعة سياسية كبيرة لتجوز كل الخلافات الضيقة دلك أن الواقع الإقتصادي لا يتطور دائما في الإتجاه المرغوب فيه سياسيا كذلك أن
الإقتصاديات المغاربية توجد في حالة ركود آخذين بعين الإعتبار المعطيات الخاصة بكل دولة مغاربية على حدى
1- الجزائر: يبلغ عدد سكان الجزائر حاليا أكثر من 30 مليون نسمة و هو في زيادة مستمرة لعدد السكان
و الملاحظ اقتصاديا فالجزائر استطاعت أن تسدد الأغلبية الساحقة من ديونها الخارجية و هي تعيش في بحبوحة مالية اذ تصل احتياطات الصرف الى أكثر من 60 مليار دولار أمريكي الا أن استقطاب الإستثمار الأجنبي مازال يسجل ضعفا كبيرا الا في قطاع المحروقات أما اجتماعيا فالى جانب الوفرة المالية فهناك تفشي بعض الظواهر الإجتماعية الخطيرة كزيادة نسبة البطالة و الفقر و غياب الحكم الراشد و زيادة الرشوة والمحسوبية.
كل هذه الأمور تشكل عقبة للتنمية الإقتصادية مما قد يعيق توسع الإستثمارات داخليا.
2- المغرب: يبلغ عدد سكان المغرب أكثرمن 30 مليون نسمة و يتميز اقتصاد المغرب بالإقتصاد الزراعي مع توفر بعض الموارد الطبيعية كالحديد و الفوسفات الا أنها تعاني من مديونية خارجية و برغم دخول الإستثمارات الأجنبية للمغرب و الذي اقتصر دوره في قطاعات الخدمات الا أنها تسجل نموا اقتصاديا ضعيفا مع تسجيل زيادة نسبية في البطالة و الفقر.
3- تونس: يعتمد الإقتصاد التونسي على بعض المحاصيل الزراعية كالحوامض و الزيتون و بقطاعات السياحة أساسا. و اختص المستثمر الأجنبي في قطاع الخدمات كالبنوك و التأمينات و الصحة.
4- ليبيا و موريتانيا: تعاني موريتانيا حديثا من مديونية كبيرة و من عدم الإستقرار السياسي الذي أثر سلبا على التنمية الإقتصادية مع انخفاض كبير للنمو الإقتصادي.(1/38)
أما ليبيا فيعتمد اقتصادها أساسا على عائدات النفط الذي يدر لها أموالا طائلة و الذي يعادل من الوجهة الإقتصادية حيث تعاني ليبيا من ضعف اقتصاديات سواء في مجال التصنيع أو حتى قطاع الخدمات.
و من هذه النظرة الوجيزة لمميزات اقتضادات المغرب العربي فهي بحاجة الى الإندماج بدلا من النظرات الصفية و هي بحاجة أكثر من مضى الى الوحدة.
و لا يتأتى ذلك الا بمساعدة البنوك الإسلامية باعتبارها أداة حافزة للنمو للأسباب التالية:
- يعتبر البنك الإسلامي الوحيد القادر على استقطاب الأموال المكنوزة أو التي تخشى القنوات المصرفية الربوية لإعتبارات دينية، كما يمكنه من توسيع حجم المساهمين في العملية الإقتصادية
- عادة ما تكون أسعار الفائدة عائق من بين مختلف العوائق التي تقف في وجه الإستثمارات و كلما ارتفعت هذه الأسعار كلما قلت الإستثمارات و العكس بالعكس أما الحالة المناسبة أكثر فهي غياب الفائدة و السر يكمن في كون عملية توجيه رأس المال تخضع لقانون مقارنة نسبة الربح المرتقب و نسبة الفائدة التي تمنحها
البنوك(1).
أما البنك الإسلامي فلا يتعامل بسعر الفائدة و اعتماد نسبته فوق الصفر كحد أدنى للقيام بالإستثمار سيمكنه
(1) البنوك الإسلامية و دورها في تنمية اقتصاديات المغرب العربي، مرجع سابق.
من توفير فرص الشغل على صعيد كل المستويات كما تساعد هذه البنوك على الإستقرار الإقتصادي لكون أساليب عملها تجعل آثار النتائج السلبية لكل بنك منحصرة على مستوى عملاته دون تأثر على المستوى الكلي.
المطلب الثالث: صعوبات و آفاق الإندماج الإقتصادي
من الصعب التكلم عن الإندماج المغاربي ما لم تتوفر الإرادة و الشجاعة السياسية لتحسين هذا الإندماج وفي حلم يتجسده ذلك لما يوفره من وحدة للدين الا أن هناك صعوبات قد تعيق هذا التجسيد من بينها:
- عدم توفر ارادة سياسية شجاعة مع النظرة الضيقة للأمور.(1/39)
- تدهور الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية التي من شأنها أن تساعد على الإندماج.
- عدم توافق الممارسات الإقتصادية اليومية مع مبادئ البنوك الإسلامية.
- عدم وجود أسواق مشتركة لدول المغرب العربي التي تستدعي عرض أوجه الإستخدامات و توسيع السوق الإستيعابية .
- افتقاد هذه الدول الى الملكة الصناعية و التكنولوجية التي هي ضرورية لكل عملية انطلاق اقتصاديا.
- عدم قدرة هذه الدول جمع مدخرات بالعملة الصعبة.
- عدم وجود شبكة اتصالية متكاملة مع هذه الدول ببعضها البعض كي تعمل على تحفيز تمويل المشاريع المشتركة و تسريع التنمية و التكامل الإقتصادي.
في حين ينص تجسيد الإندماج لدول المغرب العربي يخالج كل مواطن من دول المغرب العربي مع العلم أن كل الدول بحثت عن التكتلات الإقتصادية و الإقليمية كدول الإتحاد الأوروبي و دول الخليج و خاصة كل الظروف مساعدة لتجسيد هذه الغاية و خصوصا ما تتطلبه العولمة و سياسات الحلم الراشد.(1/40)
البيانات
الرقم ... عنوان البيان ... الصفحة
01 ... تصنيف الودائع و الحسابات ... 276
02 ... تصنيف الحسابات حسب الإستثمار تحت الإشعار و حسابات لأجل ... 278
03 ... توزيع الإستثمارات ... 281(1/1)
الخاتمة:
وضحت المؤشرات العملية أن المشاكل الرئيسية التي تواجه المصارف الإسلامية وتؤثر في مقدرتها على تعبئة الموارد المالية وتوجيهها لأغراض التنمية يمكن تقسيمها إلى قسمين: مشاكل من خارج النشاط المصرفي الإسلامي، ومشاكل من داخله، ويمكن أن نسمي الأولى مشاكل خارجية أو مستقلة والثانية مشاكل داخلية أو تابعة، وأولى هي الأكثر أهمية والأكثر تأثيرا وتتمثل في البيئة القانونية والاقتصادية والسياسية التي تعمل فيه المصاريف الإسلامية، وسياسة المصرف المركزي التي تعتمد على نظام الفائدة كما تتمثل أيضا في درجة الوعي لدى الأفراد بالأهداف الاقتصادية الإسلامية وعدم مشروعية الفائدة المصرفية واستعدادهم للتحول إلى البديل المصرفي الإسلامي، وكذلك أيضا تتمثل في الحجم النسبي للنشاط المصرفي التربوي داخل وخارج البلدان الإسلامية.
أما القسم الثاني من المشاكل فيتمثل في كفاءة الإدارة في المصارف الإسلامية ومقدرتها على مواجهة البيئة غير الملائمة المحيطة بها مشاكل تدريب الموظفين على العمل المصرفي في الإطار الإسلامي والانتشار الجغرافي داخليا وخارجيا، ويتضح أنه كلما زادت وطأة المشاكل الداخلية والخارجية كلما تضاءل دور المصارف الإسلامية في تعبئة الموارد المالية للتنمية والعكس صحيح، وواضح أن حجم المشاكل الخارجية في عديد من البلدان الإسلامية كان من الضخامة بحيث لم يسمح أصلا بقيام نشاط مصرفي إسلامي، أما في البلدان التي قام فيها نشاط مصرفي إسلامي فقد تفاوتت درجة تأثير المشاكل الخارجية من جهة، ومقدرة وكفاءة الإدارة المسؤولة في المصارف الإسلامية في مواجهتها من جهة أخرى.(1/1)
وواضح أيضا من المؤشرات العامة أن النشاط المصرفي الإسلامي مازال في نمو مستمر ولكن بمعدلات منخفضة بالمقارنة بالسنوات الأولي للإنشاء والتي صاحبتها آمال كبيرة انعقدت على هذه المصارف وعواطف قوية من جمهور كبير من المسلمين الراغبين في نجاح العمل الإسلامي، ولقد تأثر نشاط المصارف الإسلامية بعمليات الهجوم المستمرة من قبل البيئة التي تعمل فيها وتشكك في مقدرتها بل وفي هويتها ولابد من وقفة جادة من أجل المستقبل هل نريد العمل المصرفي الإسلامي أم لا نريده ؟ إن السؤال موجه لكل من يقرأ القرآن ويعمل به ويعرف السنة ويتمسك.(1/2)
إذا كنا نريد أن نتحكم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلابد من محاربة الربا ولا يمكن أن نتهاون في هذا مثقال ذرة والذين يشككون في هذا السؤال بقولهم أن الفائدة المصرفية ليست ربا يفتقرون إلى العلم الشرعي والعلم الحديث على حد سواء والأدلة على هذا كثيرة. وخلاصة الأمر من الناحية الشرعية يتلخص في أن العائد المسمى بالفائدة عائد على مضمون لرأس المال لا يتوفر رفيه الشرط الشرعي "الغنم بالغرم" أو "الخارج بالضمان" ونحيل هذا إلى فتاوى مجمع البحوث الإسلامية ومجمع الفقه لرابطة العالم الإسلامي ونحذر من الفتاوى الفردية التي صدرت من قبل البعض تحت ظروف أو ضغوط مختلفة. أما من الناحية الاقتصادية الحديثة فإننا جميعا نعلم أن الفائدة عائد محدد مسبقا على رأس المال لا يتأثر بمخاطر النشاط الإنتاجي بخلاف الربح، ونعلم أيضا أن نظام الفائدة لم يساعد البلدان النامية في تعبئة مواردها الداخلية بالقدر اللازم لتنميتها وأن أكثر من بلد من البلدان الإسلامية لم يقم إلا في عهد الاستعمار الغربي لها، وأنه ساعد في توثيق حلقة التبعية للمراكز المالية والاقتصادية العالمية، ولم يستطيع هذا النظام أن يساعد في عملية التنمية الاقتصادية ولن يتمكن من هذا إلا إذا سارت البلدان الإسلامية في تبعية المؤسسات والسياسات الاقتصادية الغربية وارتبطت بالعالم الغربي ارتباطا تاما وتناست أو تجاهلت هويتها، كما أننا نعلم جميعا أن نظام القروض الربوية هو العامل الرئيسي وراء مشكلة المديونية الخارجية التي تكاد توقف عملية التنمية في معظم البلدان النامية ومنها البلدان الإسلامية.(1/3)
لقد تمكنت المصارف الإسلامية خلال الحقبتين الماضيتين من كسر حلقة الاحتكار المصرفي الكلي، ولقد ارتبط قيام المصارف الإسلامية بالصحوة الإسلامية العامة التي ظهرت ملامحها واضحة خلال مرحلة الكفاح لأجل الاستقلال السياسي وما بعدها لذلك فهي تتأثر سلبا وإيجابا بهذه الصحوة، غير أنها لا تزال في نمو مستمر داخل البلدان الإسلامية. ويعتمد نمو المصاريف الإسلامية ودورها المستقبلي على نمو ونضج الوعي الإسلامي الاقتصادي داخل المجتمعات الإسلامية فلا تكفي الآمال ولا يكفي الحماس المنبعث من العواصف وإنما يلزم العلم والرشادة في التصرفات والتخطيط من أجل تحقيق الأهداف الإسلامية على مدى الزمن.
ولابد من وقفة جادة من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات بدلا من القوانين السائدة في البلدان الإسلامية والتي لا تتناسب إطلاقا- بل تعرقل نشاط المصارف القائم على أساس تحريم الفوائد المصرفية، فهذه القوانين تحمي المرابي بينما تقف ضد من يرفض التعامل بالربا وليس من المحتمل أن يتم تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات آنيا بل من الممكن أن نعمل على تحقيق هذا الهدف تدريجيا على مدى فترة انتقالية محددة، وحينما نقول محددة نقصد أن لها أجلا مسمى يشترك في تحديده رجال الاقتصاد الإسلامي مع غيرهم من علماء المسلمين.(1/4)
ورغم أن المصاريف الإسلامية –في بعض البلدان-تلقت معاملة مميزة من طرف البنك المركزي وذلك لاعتبارات عديدة منها تقدير ظروف نشأتها واختلاف طريقتها في جميع الموارد المالية واستثمارها لكن هذه المعاملة استمرت حينما تغيرت واختفت المميزات بعد فترة وفي معظم المجالات عوملت المصارف الإسلامية من المصرف المركزي معاملة المصارف الربوية وكأنها لا تختلف عنها فكان ذلك في غير مصلحتها بطبيعة الحال، ومستقبلا ينبغي أن تتغير هذه الأوضاع وينبغي أن يعلم رجال المصرف المركزي أن هذه المصارف الجديدة جزء لا يتجزأ من النشاط المصرفي الكلي داخل البلد وأن من حقها كمؤسسات وطنية أن تتلقى من رعايتها ما يمكنها من تحقيق أهدافها المعلنة التي تسعى لتحقيقها سواء في مجال تعبئة الموارد أو مجال الاستثمار. أما إذا أخذنا قضية الإسلام في الاعتبار فإن رجال المصرف المركزي عليهم واجب يفوق ما قلناه بكثير إذ عليهم أن يحولوا المصرف المركزي من مصرف أقيم برعاية المصارف الربوية إلى مصرف لرعاية المصارف الإسلامية ويخططوا لإحلال النشاط المصرفي اللاربوي محل النشاط المصرفي الربوي دون إخلال بالالتزامات والمعاملات الاقتصادية داخليا أو خارجيا ومع بذل أقصى جهد لتحقيق أهداف الاقتصاد الوطني في مجالات توظيف الموارد وتنمية الإنتاج ورجال المصرف المركزي مسؤولون عن هذا الواجب يوم القيامة أمام رب العالمين.(1/5)
والإدارة الكفأة التي تحمل الفهم الصحيح للنشاط المصرفي الإسلامي وأهدافه تعمل في الإطار التنظيمي السليم، ضرورة لا غنى عنها مستقبلا لنمو دور المصارف في مجال تعبئة المواد المالية للتنمية، ومن أكثر الأمور خطورة تولي بعض الأثرياء أو الماليين المتحمسين للعمل الاقتصادي الإسلامي أو للحركة الإسلامية إدارة شؤون المصارف الإسلامية دون علم كاف بالشؤون المصرفية والاقتصادية، أو أن يعهد بالإدارة إلى مصرفين أكفاء تدربوا على أعمال المصارف الربوية زمنا طويلا واكتسبوا خبرتهم منها دون التأكد من التأكد من وجود الاستعداد اللازم عندهم للتحول لأداء العمل الإسلامي ومواجهة مسؤولياته وحاجته إلى الأفكار الجديدة والابتكار في إطار الشريعة وفي إطار البيئة الاقتصادية والمصرفية المحيطة، وهذه الفئة المذكورة لم تستفد منها المصارف الإسلامية ولا العمل الإسلامي شيئا إلى الآن بل قد كلفت المصارف الإسلامية مرتبات عالية جدا بلغت آلاف الدولارات.
لذلك لابد من إعادة تنظيم الجهاز الإداري خاصة في المصارف الإسلامية التي يعاني بعضها من إختلالات واضحة في هذا الصدد والعمل على وضع الجهاز الإداري في قالب واضح المعالم محدد التفاصيل تحدد فيه المهام الوظيفية والمسؤوليات بدقة، وتدار فيه الأمور الجديدة والهامة أو غير المكررة على أساس الشورى والدراسات العلمية الجادة وذلك بدلا من الاعتماد على التصرفات الفردية والآراء الخاصة التي تعتمد على الخبرة المحدودة وقد تصيب مرة وتخطئ مرات.(1/6)
ويلاحظ أن استقرار الجهاز الإداري في أي مصرف إسلامي من أهم الأمور اللازمة لثقة الناس وإقبالهم على إيداع أموالهم لديه والعكس صحيح ويلاحظ أن ما يصيب مصرفا إسلاميا واحدا من جهة سمعة أو قلة خبرة الجهاز الإداري يؤثر على سمعة بقية المصارف الإسلامية حتى وإن كانت إدارتها مثلى، كما يلاحظ أيضا أن كفاءة الإدارة ضرورية جدا في ابتكار أفضل الطرق لتعبئة الموارد واستثمارها في إطار الشريعة والأهداف الاقتصادية الإسلامية.
إن إدخال الدراسات الاقتصادية الإسلامية في الجامعات ضرورة حتمية لنجاح النشاط المصرفي الإسلامي وتعاظم دوره مستقبلا، وكذلك فإن تدريب المسلمين من موظفي المصارف الإسلامية وغير الإسلامية على قواعد النشاط المصرفي الإسلامي ضرورة أخرى لإعطاء دفعة قوية لهذا النشاط في الآجل القريب ويلاحظ أن عمليات تدريب الموظفين داخل المصارف الإسلامية –إلى الآن- لا تأخذ حظا كافيا من الاهتمام من قبل الإدارة
كذلك فإننا نفتقر إلى برنامج تدريبي محددة عن طريق منظمة إسلامية بصفة مستمرة لكافة الموظفين الحاليين والمحتملين في النشاط المصرفي.(1/7)
كما ينبغي إعطاء أكبر قدر من الاهتمام لأقسام البحوث الاقتصادية ودراسة جدوى داخل المصارف الإسلامية ويلاحظ أن أقسام البحوث الإقتصادية لم تنشأ في المصاريف الربوية الكبرى إلا حديثا، ومازال كثير من المصارف الربوية خاليا منها ولا يحتاجها، وحتى في المصارف الربوية فإن مهام أقسام البحوث الاقتصادية تتركز أساسا في تجميع المعلومات والبيانات وكتابة التقارير الدورية عن النشاط، أما في المصارف الإسلامية فإن مهمتها خطيرة من حيث أنها تبحث في جميع الطرق الجديدة أو المبتكرة التي تهيئ لاتساع دور المصارف الإسلامية في مجال تنمية الموارد المالية وفي مجالات تخصيصها في الاستخدامات الاستثمارية البديلة، كما تبحث في جدوى المشروعات الاستثمارية التي تقوم على أساس المضاربة أو المشاركة للتأكد من سلامة القرار، فهذه أمور في غاية الأهمية خاصة خلال المرحلة الإنشائية الأولى للعمل المصرفي الإسلامي.(1/8)
كما يجب دراسة جميع الطرق المحتملة لتجميع المدخرات والموارد المالية بأساليب تجعل الناس أكثر اطمئنانا على أموالهم وتؤكد لهم أنهم حينما يقبلون على المشاركة في الربح أو الخسارة يتحملون مخاطر النشاط الاقتصادي وحده وليس مخاطر قلة الخبرة وعدم الدراية أو عدم الأمانة لدى القائمين بالنشاط، وفي هذا المجال تأتي أهمية دراسات الجدوى الدقيقة لكل مشروع من المشروعات التي يزمع المصرف الإسلامي القيام يه أو المشاركة فيه، كذلك ضرورة إعلام الناس بالوسائل الحديثة الذائعة الانتشار بأكبر قدر من التفاصيل الخاصة بهذه الدراسات وشخصيات القائمين بها وكذلك شخصيات من سيعهد إليهم بالتنفيذ والإدارة، وفي هذا المجال أيضا تأتي أهمية الإعلام المودعين أصحاب الأسهم والشهادات الاستثمارية بالتفاصيل الدقيقة للنشاط والحسابات الختامية، ومثل هذا الإعلام الكامل الصادق يعتمد على قيم إسلامية معروفة ويؤثر على سلوكيات الأفراد تجاه المصارف الإسلامية سواء كانوا ممن يتعاملون معها أو ممن يحتمل أن يتعاملوا معها مستقبلا ولقد أهملت بعض المصارف الإسلامية القائمة إعطاء بعض التفاصيل الأساسية لنشاطها مما جعل الناس يشككون وتركت مجالا للتكهنات التي قد لا تمت للواقع بصلة، والحقيقة التي يجب مراعاتها الآن ومستقبلا أن شخصية الفرد العادي في البلدان الإسلامية ما زالت تتخوف من مبدأ المشاركة في الربح والخسارة واحتمالات فقدان رأس المال، وتميل إلى تفضيل الدخل المنتظم المضمون، ولقد تأثرت هذه الشخصية كثيرا بالنشاط المصرفي الربوي وما يقدم من حوافز ومغريات في مجال الدخل المضمون، ولابد من إعادة تشكيلها وتهيئتها لنشاط مصرفي خالي من الربا.(1/9)
وفي مجال دراسة الطرق المحتملة لتجميع الموارد المالية من المسلمين ينبغي أولا دراسة سلبيات وإيجابيات العمل بالطرق الحالية، وبين الطرق الجديدة التي تستحق دراسة جدية لأجل التوسع في جمع الموارد عمليات إصدار الأوراق المالية الإسلامية المستحدثة وشروطها وكيفية تداولها.
ومن المقترحات التي نقدمها لزيادة دور المصارف الإسلامية، التوسع في نظرة الإجارة ونظام البيع بالتقسيط المنتهي بالتمليك في مجال الأدوات والآلات وغيرها من المعدات الإنتاجية اللازمة لأصحاب الحرف والصناعات الصغيرة وصغار المزارعين، فهذا النظام يضمن أقصى تعبئة للموارد الادخارية الصغيرة جدا والتي كثيرا ما تبقى دون استخدام أو تنفق على الاستهلاك الجاري كما يضمن أيضا تلقائية الاستثمار لهذه المدخرات.
ومن المقترحات أيضا تشجيع الأفراد على استثمار الأموال التي يدخرونها للحج أو العمرة عن طريق المصارف بدلا من إيداعها في منازلهم وذلك عن طريق إنشاء صناديق خاصة لمدخرات الحج.
بالإضافة إلى ما سبق ينبغي للمصارف الإسلامية أن تبذل أقصى جهد ممكن في سبيل إنشاء الفروع الصغيرة في المدن الصغيرة والقرى لما في ذلك من مصالح كثيرة من بينها:
1- أن الفروع سوف تدار بطرق لا تحتاج أبدا إلى نفس القدر من الخبرة التي تحتاجها الفروع الكبيرة أو المركز الرئيسي، ومن المتوقع أن تنمو خبرة إدارتها مع النشاط.
2-أن هذه الفروع الصغيرة تتيح للإدارة أن تتعامل عن قرب وتتبع وسائل الإرشاد والإقناع والدعوة مع أصحاب المدخرات الصغيرة والمتوسطة.(1/10)
3-كذلك فإن أهل المدن الصغيرة والقرى يمثلون الغالبية العظمى من الناس في البلدان الإسلامية النامية. وبالرغم من أن معظم المدخرات في هذه البلدان تأتي من أصحاب الدخول الكبيرة، إلا أن تعبئة المدخرات الصغيرة وتوجيهها إلى التنمية مهمة خطيرة في مجال التنمية الاقتصادية ، فهذه المدخرات مازالت تودع في المنازل أو تذهب في استخدامات غير استثمارية أو غير رشيدة.
4-وأيضا فإن عملية تزكية روح الادخار والاستثمار في حد ذاتها هامة جدا من أجل التنمية من الناحية السلوكية حتى وإن لم تظهر في شكل قدر ضخم من المدخرات أو حجم أكبر للاستثمار في البداية.(1/11)
من الهام جدا تذليل كافة المشاكل التي تواجه المعاملات بين المصارف الإسلامية، والعمل على تقوية شبكة النشاط المصرفي الإسلامي، ويلاحظ أن المعاملات بين المصارف الربوية تأخذ طريقها بكل بساطة تبعا لنظام الفائدة بينما المصارف الإسلامية فإن النظام يختلف تماما، ففي ظل نظام المشاركة في الربح والخسارة تحتاج المصارف ابتكار طرق جديدة لمزيد من المعاملات فيما بينهما في شكل ودائع أو أرصدة ربما عن طريق الاتفاق على تبادل مبالغ محددة من الودائع أو الأرصدة لفترات محددة أو عن طريق إصدار أحد المصارف الإسلامية الكبيرة شهادات إيداع قصيرة الأجل تستثمر أموالها في أكثر الأنشطة استقرارا وضمانا وتقوم المصارف المختلفة بشراء أو بيع هذه الشهادات نعند القيام بالإيداعات أو تصفية الحسابات فيما بينهما والأمر يحتاج إلى دراسات دقيقة على المستويين النظري والتطبيقي وذلك في إطار الشريعة الإسلامية وليس أمرا مقتصرا فقط على إزالة مشاكل المعاملات أو تذليلها وإنما يحتاج إلى مزيد من التعاون بين المصارف الإسلامية جميعا وذلك حتى تتمكن من أداء دورها، فالتعاون في مواجهة مشاكل المناخ المحيط بالنشاط المصرفي الإسلامي ضرورة لازمة، وكذلك فإن التعاون على تعبئة الموارد المالية وفي كيفية استثمارها على الوجه الأمثل ضرورة لا غنى عنها سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى البلدان الإسلامية مجتمعة.
ولا يخفى أن المصارف الإسلامية مازالت في بدايتها ومازلت تعتبر غريبة في محيط النشاط المصرفي الكلي، ولذلك فإن من أهم المقترحات تيسير تحويلات الفوائض النقدية من مصرف لآخر والعمل على إقامة مشروعات استثمارية مشتركة أيضا فيما بينها في أكثر المجالات أهمية للتنمية الاقتصادية، وتزداد أهمية هذا التعاون على المستوى الكلي للبلدان الإسلامية، وسوف يسهم هذا التعاون بشكل مباشر في:
1. تجميع قدر أكبر من الموارد المالية.(1/12)
2. الاتجاه إلى التوظيف الكامل للموارد المالية بوسائل إسلامية.
3. التشاور في أفضل الطرق وأفضل المجالات للاستثمار الإسلامي.
4. الاستثمار المشترك يقلل مخاطر الاستثمار بالنسبة للمصرف الواحد.
5. توسيع نطاق النشاط المصرفي الإسلامي وزيادة الثقة فيه من قبل الجمهور.(1/13)
الجداول
الرقم ... عنوان الشكل ... الصفحة
01 ... نسبة الودائع تحت الطلب ودائع الادخار و الأجل بالمملكة العربية السعودية لسنتي 1995.1985 ... 56
02 ... نسبة الودائع ببنك ناصر الاجتماعي 31 ديسمبر 1995م ... 56
03 ... هيكل الاستخدامات ... 57
04 ... نصيب التجارة في مجمل الأئتمانية للبنوك التجارية و التقليدية و البنوك الإسلامية في عدد من الدول العربيةعام 1996 ... 184
05 ... خلاصة عمليات تمويل الواردات خلال الفترة 2000.1983 باستثناء العمليات الملغاة ... 225
06 ... دور البنك الإسلامي للتنمية في تطوير تبادل التجاري بين الدول الأعضاء خلال الفترة 2000.1983 ... 226
07 ... قائمة السلع التي شملها برنامج تمويل الواردات في البنك ... 228
08 ... التركيب السلعي لعمليات تمويل الواردات ... 231
09 ... الحد الأقصى لفترات الوفاء للتمويل السنوي بموجب برنامج تمويل الواردات للدول الأعضاء ... 233
10 ... الفترات المحددة لإتمام السحب والتنفيذ والسداد ... 237
11 ... الدول المشاركة لبرنامج التمويل الأطول أجلا للتجارة (الصادرات) حتى سنة 1996م. ... 241
12 ... قائمة تطور المؤشرات الرئسية لمجموعة بنوك فيصل الإسلامية خلال عام2000م. ... 259
13 ... تطور الأوزان النسبية لمصادر و إستخدامات الأموال في مجموعة بنوك فيصل الإسلامية ... 261
14 ... قائمة الموارد و الاستخدامات لمجموعة بنوك فيصل الإسلامية ... 262
15 ... نسب السيولة ... 263
16 ... نسب التشغيل ... 263
17 ... نسب الربحية ... 264
18 ... توزيع الإستثمارات ... 266
19 ... أنواع النشاط الإقتصادي ... 267
20 ... توزيع الشركات على القطاعات الإقتصادية المختلفة ... 268
21 ... توزيع الشركات ... 268
22 ... تصنيف الودائع و الحسابات ... 276
23 ... تصنيف الحسابات الإستثمارية تحت اشعار و لأجل حسب استحقاقها ... 278
24 ... توزيع الإستثمارات في البنك الإسلامي الأردني ... 281
25 ... تطور التمويل بالمشاركة حسب الأجل لدى بنك البركة الجزائري من 1992م الى 2000م. ... 291
26 ... تطور ايرادات التمويل بالمشاركة لدى بنك البركة ... 292
27 ... التمويل بالمرابحة لدى بنك البركة الجزائري ... 295(1/1)
28 ... ايرادات التمويل بالمرابحة لدى بنك البركة الجزائري بين سنة 1992م ... 296
و 2000م
29 ... متوسط نسبة اجمالي التوظيف الى اجمالي الموارد (%) في السنوات من 1985 الى 2000. ... 300
30 ... متوسط نسبة الإستثمار بالمشاركة و المضاربة و الإستثمارالمباشر الى اجمالي التوظيف خلال الفترة 1985 الى 2000. ... 301
31 ... متوسط نسبة القيمة المضافة للمصرف الى اجمالي موارده من 1985 الى 2000. ... 302
32 ... المتوسط العام لمعايير التقويم لبنك البركة الإسلامي (%). ... 303
33 ... المتوسط العام لمعايير التقويم لبيت التمويل الكويتي (%). ... 305
34 ... المتوسط العام لمعايير التقويم لمصرف التمويل السعودي (%). ... 306
35 ... المتوسط العام لمعايير التقويم لبنك قطر الإسلامي (%). ... 307
36 ... متوسط النسبة المئوية لدور مجموعة المصارف مجتمعة بالنسبة لكل معيار. ... 308
37 ... مرتبة كل مصرف بالنسبة لكل معيار. ... 310
...(1/2)
الملاحق
بسم الله الرحمن الرحيم
(عقد مضاربة)
إنه في يوم / / 14 هـ الموافق / / 200م تحرر هذا العقد بمدينة ــــــــــ بين كل من
1)-المصرف...............الإسلامي:
و يمثله السيد /ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ طرف أول
2)-السيد /-------------------------------------------------- طرف ثاني
و مقره ---------------------------------------------------------
و الذي يقر بأهلية الكاملة للتصرفات المالية عن نفسه و بصفته.
تعهد
لما كانت أحكام الشريعة الإسلامية الغراء قد أوضحت أن من بين الإستثمارات الحلال المضربة الشرعية وهي شركة من شركات الفقه الإسلامي و تتكون من طرفين :
المال من جانب العمل من جانب آخر ،وصاحب المال يسمى (رب المال) و القائم بالعمل و الاستثمار يسمى (المضارب) ،ولما كان المصرف الفلاحي الإسلامي و يمثله السيد :/-------------------- طرف أول يرغب في إستثمار أمواله بطريق المضاربة الشرعية – وحيث أن الطرف الثاني شركة /منشأة غرضها ---------------
-----------ترغب في تمويل :-------------------------------------------------
------------------------------------( بنظام المضاربة الإسلامية) و انه قد أتضح من الدراسات أن إجمالي الأرباح المنتظرة في هذا المجال تبلغ % سنويا بإذن الله.
فقد اتفق الطرفان على أن يقوم الأول بتمويل الثاني بمبلغ --------فقط ( --------------) بصفة البنك في هذه الحالة (رب المال).
ويقوم الطرف الثاني باستثمار هذا المال هذا المال طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية في الغرض المتفق عليه و الذي لا يخرج من التعهد الوارد بهذا العقد بصفته في هذه الحالة (مضارب). و قد اتفق الطرفان على ما يأتي:
1) يعتبر التمهيد السابق جزءا لا يتجزأ من هذا العقد.
2) مدة هذا العقد.................................
بعده . . .
الطرف أول الطرف ثاني(1/1)
3) اتفق الطرفان على أن يكون حجم التمويل الذي يقدمه البنك في حدود مبلغ -------(وفقط و قدره------).
و أي تجاوزات لهذا المبلغ أو تجديد لمدة العقد يجب أن يكون بموجب إتفاق جديد يقره الطرفان.على انه في حالة التجديد فيجب أن يتم ذلك في مدة أقصاها -----------قبل تاريخ انتهاءها العقد.
4) اتفق الطرفان على أن يلتزم الطرف الثاني بنظام المضاربة وفق القواعد الشرعية على أن يلتزم الطرف الثاني باستخدام المبالغ المشار إليها في البند الثالث في عملياته و نشاطه الواردة مصدر هذا العقد فقط و إن يكون عمله في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.
5) ما يقوم به البنك من خدمات مصرفية لقاء أجر يعتبر من المصاريف الفعلية التي تخصم من الربح قبل توزيعه و يلتزم الطرف الثاني بأن تتم كافة العمليات المصرفية بهذا النقد لدى المصرف الإسلامي.
6) اتفق الطرفان على ان يكون توزيع الأرباح الناتجة من عملية المضاربة المذكورة كما يلي :
أ- المضارب ----------------(ب) لرب العمل ---------------------------------
7) اتفق الطرفان على أنه في حالة الخسارة لا قدر الله يتحملها البنك ( رب المال ) و يكفي الضارب ( الطرف الثاني ) خسارة جهده ما لم يثبت أن الطرف الثاني ( المضارب ) قد أساء الاستعمال أو قصر في حفظ المال أو خالف ما اشترط عليه رب المال .وفي هذه الحالة يلتزم الطرف الثاني ( المضارب ) بضمان الخسارة الناتجة عن ذلك .
8) من المتفق عليه بين الطرفين أنه في حالة التزام الطرف ( المضارب ) بضمان المال شرعا على نحو ما تم توضيحه بالبند السابع فإن كفيله في الضمان ----------------------------------------------------9)يتعهد المضارب بموافاة المصرف بأية ضمانات إضافية فور طلبها ( في حالة ما يرى البنك أن الضمانات المقدمة إليه غير كافية ) و ذلك في خلال أسبوع واحد من تاريخ طلبها بخطاب موصى عليه.(1/2)
10) يتعهد المضارب بمسؤوليته التامة عن المواصفات الخاصة بالمبلغ موضوع المضاربة و أن يتحرى الدقة الكاملة عند شرائها و إتباع الأساليب العلمية في عمليات التخزين و التسويق.
بعده . . .
الطرف أول الطرف ثاني
11) يتعهد المضارب بإمساك سجلات منتظمة خاصة بهذه العملية و يتعهد بتمكين مندوبي المصرف ( رب المال ) من الإطلاع على السجلات المذكورة و إجراء المراجعة المستندية و الحسابية و الجر دية على أن يتم ذلك بدون أي إعتراض من المضارب.
12) يتعهد الطرف الثاني ( المضارب ) بإعداد قائمة المركز المالي و حسابات متاجرة و تقرير عن سير العمل و تصريف البضائع موضوع المضاربة و ذلك للتأكد من صحة المركز المالي المذكور و أن أموال المضاربة مستخدمة في الغرض المتفق عليه.
13) يتعهد الطرف الثاني ( المضارب ) بضرورة سداد قيمة المستحق للطرف الأول ( رب المال ) في المواعيد المتفق عليها، فإن التأخر في تقديم المركز المالي أو التقرير الدوري عن موعده للمحاسبة تخفض حصته في الأرباح بنسبة مدة التأخير منسوبة إلى مدة المضاربة.
14) يتعهد الطرف الثاني ( المضارب ) بعدم إجراء أي رهن أو اختصاص على أحد أصوله إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من البنك.
15) عند نشوء خلاف بين الطرفين في أمر يقدر عليه في هذا العقد أو في تفسيره أو تأويله أو تنفيذه يصعب حله وديا يعرض على محكمين ملتزمين بالشريعة الإسلامية و يكون حكم المحكمين سواء صدر بالإجماع أو بالأغلبية حكما نهائيا و ملزما للطرفين.
و يتم اختيار المحكمين على النحو التالي:
= حكما يختاره الطرف الأول، وحكما يختاره الطرف الثاني باختيار محكمة أو إذا اختلف المحكمان المختاران في اختيار الحكم المرجح إختارت هيئة الرقابة الشرعية بالبنك حكما من الطرف الثاني أو الحكم الأرجح حسب الحالة.(1/3)
16) كل نزاع ينشأ بين الطرفين في تفسير أو تأويل أو تنفيذ هذا العقد و كل ما لم يرد ذكره يتم فيه وفقا لأحكام القوانين و الأعراف التجارية النافذة في الجزائر و ما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
17) تحرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف نسخة للعمل بموجبه.
طرف أول طرف ثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
(عقد مشاركة)
إنه في يوم / / 14 هـ الموافق / / 200م تحرر هذا العقد بمدينة ــــ ـ بين كل من
1)-المصرف...............الإسلامي:ــــــــــــ
و يمثله السيد /ـــــــــــــــــــــــــــــ طرف أول
2)-السيد /----------------------------------------
و مقره ------------------------------------------ طرف ثاني
الذي يقر بأهلية الكاملة للتصرفات المالية عن نفسه و بصفته.
مقدمة :
بناءا على الطلب المقدم من الرف الثاني للطرف الأول المؤرخ في / / 14 هـ الموافق / / 200م للتعاون على أساس مشاركة الطرفين في عملية ---------------------------------------------------
و على أساس الدراسات التي تمت بين ممثلي الطرفين فقد اتفق الطرفان على ما يلي:
1) تعتبر هذه المقدمة جزءا لا يتجزأ من هذا العقد.
2) اتفق الطرفان على أن يكون حجم المشاركة بينهما في حدود مبلغ ----------دينار.(.................).
تكون حصة الطرف الأول % أي مبلغ -----------------------
تكون حصة الطرف الثاني % أي مبلغ -----------------------
3) يتعهد الطرف الثاني بتحويل كافة حساباته و كذلك كافة الإيرادات الخاصة بنشاطاته المختلفة إلى حساب خاص يفتح بإسمه لدى البنك (طرف الأول).
4) يلتزم الطرفان بتوزيع صافي عائد عطية المشاركة على النحو التالي :
= يتعهد الطرف الأول بالقيام بتقديم كافة الخدمات المصرفية التي التي يحتاجها الطرف الثاني بالأجور المحددة
بالمصرف لهذه الخدمات .
=يتعهد الطرف الثاني بقيامه بالادارة و العمل نظير --% من صافي عائد العملية(1/4)
=يوزع باقي العائد بعد ذلك بنسبة حصة مشاركة كل من الطرفين في رأس المال المشاركة .
5) عند حدوث خسارة لا قدر الله تكون نسبة مشاركة كل من الطرفين ما لم يثبت أن القائم بالعمل و الادارة قصر او أساء الاستعمال أو خلف الشروط المتفق عليها فإنه يتحمل الخسارة حينئذ .
6) يلتزم الطرف الأول بتنفيذ هذا الاتفاق إعتبارا من / / 14 هـ الموافق / / / 200 م و يظل ساريا حتى -----------و للطرفي الحق في تجديد أو تمديد هذا الاتفاق لمدة أو مدد أخرى يتفق عليها فيما بينهما .
بعده...
الطرف أول الطرف ثاني
6) اتفق الطرفان على أن يكون للطرف الأول الحق في مراجعة دفاتر و حسابات و مستندات العملية موضوع العقد و الموجودة لدى الطرف الثاني بواسطة مندوبين من قبله و في أي وقت شاء.
7) للطرف الأول الحق في أن يحفظ أو يحتجز تحت يده أي مبالغ أو أوراق أو مستندات قابلة للتظهير أو أموال أو مستندات مالية خاصة بالطرف الثاني في حيازة المصرف أو تحت تصرفه أو عملائه في حالة تأخر الطرف الثاني عن سداد نصيب الطرف الأول في الميعاد المحدد للمشاركة كما أن الحق في الرجوع على كافة أموال الطرف الثاني بطريق الحجز ضمانا لأموال الطرف الأول و حقوقه.
8) اتفق الطرفان على أن يودع الطرف الثاني المبالغ التي يتسلمها من الجهات الملتزمة بها و التي تستحق من العملية موضوع التعاقد في حساب المشاركة، ولذلك فيلتزم الطرف الثاني بأن يختار الجهات التي تستحق قبلها مبالغ بتحويل قيمتها إلى المصرف مباشرة، فإن لم يتخذ الطرف الثاني هذا الإجراء من جانبه يكون للمصرف الطرف الأول حق الاتصال مباشرة بهذه الجهات و مطالبتها بما هو مستحق قبلها سواء وديا أو قضائيا.
9) يقر الطرف الثاني بتحمله و حده أي مسؤوليات أو غرامات أو عقوبات في حالة مخالفته للقانون التجاري دون أن يكون له الحق في الرجوع على الطرف الأول في هذا الشأن(1/5)
11) عند نشوء خلاف بين الطرفين في أمر لم ينص عليه في هذا العقد أو في تفسيره أو تأويله أو تنفيذه و يصعب حله وديا
يعرض على محكمين ملتزمين بالشريعة الإسلامية و يكون حكم المحكمين سواء صدر بالإجماع أو بالأغلبية حكما نهائيا
و ملزما للطرفين.
و يتم اختيار المحكمين على النحو التالي:
= حكما يختاره الطرف الأول، وحكما يختاره الطرف الثاني باختيار محكمة أو إذا اختلف المحكمان المختاران في اختيار الحكم المرجح إختارت هيئة الرقابة الشرعية بالبنك حكما من الطرف الثاني أو الحكم الأرجح حسب الحالة.
12) كل نزاع ينشأ بين الطرفين في تفسير أو تأويل أو تنفيذ هذا العقد و كل ما لم يرد ذكره يتم فيه وفقا لأحكام القوانين و الأعراف التجارية النافذة في الجزائر و ما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
13) تحرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف نسخة للعمل بموجبه.
الطرف أول الطرف ثاني
من فتاوى مجمع الفقه الإسلامي – بمنظمه المؤتمر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم النبيين و على آله وصحبه.
قرار بشأن
حكم التعامل المصرفي بالفوائد
و حكم التعامل بالمصارف الإسلامية
أما بعد:فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن بمنظمه المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمر الثاني بجدة من10-16 ربيع الثاني هـ، الموافق 22-27 ديسمبر 1985 م.
بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر.(1/6)
و بعد التأمل فيما قدم و مناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي وعلى استقراره في دول العلم الثالث، وبعد التأمل فيما جره هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئيا وكليا تحريماً واضحا بدعوته إلى التوبة منه، و إلى الاقتصار على استعادة رؤوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر، وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله و رسوله للمرابين.
قرر:
أولا- أن كل زيادة (أو فائدة )على الدٌين الذي حل أجله و عجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، و كذلك الزيادة
(أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد:هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً.
ثانيا- أن البديل الذي يضمن السيولة المالية و المساعدة على النشاط حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام-هي التعامل وفقا للأحكام الشرعية –ولا سيما ما صدر عن هيئات الفتوى المعنية بالنظر في جميع أحوال التعامل التي تمارسها المصارف الإسلامية في الواقع العملي.
ثالثا- قرار المجمع التأكد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف الإسلامية القائمة، و التمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كي لا يعيش في تناقض بين واقعه و مقتضيات عقيدته
و الله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
المصرف........... الإسلامي ... ... ... ... ... (عمليات إستراد)
عقد بيع بالمرابحة
في يوم / / 14 هـ الموافق / / 19م بمدينة بسكرة - الجزائر
حرر هذا العقد بين كل من:
أولا : المصرف الإسلامي الفلاحي و يمثله في هذا العقد...............................................
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .. طرف أول بصفته بائعا.
ثانيا: السيد / ......................................................................................
و مقره : ... ... ... ... ... ... . ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . طرف ثاني / بصفته مشتريا
و أقر الطرفان بصفتهما و أهليتهما القانونية للتعاقد و اتفقا على ما يلي :(1/7)
1- باع الطرف الأول للطرف الثاني القابل لذلك البضاعة المبين أوصافها و كمياتها بطلب الشراء رقم ( ) بتاريخ ( ) و المرفق بهذا العقد و الذي يعتبر هو و وعد الشراء الموقعان من الطرف الثاني جزءا لا يتجزأ من هذا العقد .
2- حدد الثمن الإجمالي للبضاعة بمبلغ : ... ... ... ... ... .. ... ... ... ..دج (فقط ... ... ... ... ... ... ... ... .)
متضمنا الثمن الأساسي و المصاريف المدفوعة من الطرف الأول مضافا اليه ربحا قدره ...... ... ...دج
(فقط ... ... ... ... ... ... ) و يتعهد الطرف الثاني بسداد الثمن الإجمالي المشار اليه على النحو التالي :
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... . ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
3- تم التوقيع على هذا العقد من قبل الطرفين المنوه عنهما بالبندين أولا وثانيا بعد التأكد من حيازة الطرف الأول لهذه البضاعة .
4- اتفق الطرفان على أن يكون التسليم هو ميناء الوصول ومن ثم فإن أجور التفريغ والرسوم الجمركية و مصاريف نقل البضاعة من الميناء الى مخازن المشتري والتخليص عليها لا تدخل ضمن الثمن الإجمالي للبضاعة المشار اليها بالبند الثاني من هذا العقد و يتحملها الطرف الثاني (المشتري وحده) و لا يحسب لها نسبة أو مقدار في الربح . بعده..........
5- يتعهد الطرف الثانيـ بتسليمه لكافة المستندات المتعلقة بالبضاعة محل هذا العقد من الطرف الأول كما يتعهد بتسلمه للبضاعة المتعلقة بهذه المستندات و ذلك بمجرد تفريغها بجهة الوصول و يكون مسؤولا عن تأخير التسليم
و ما يترتب على ذلك من أضرار .
... ...
6 – في حالة امتناع الطرف الثاني من تسلم المستندات الواردة ذكرها في البند السابق أو تسلم البضاعة فإنه يعتبر ناقضا لوعده و حينئذ فإنه من حق الطرف الأول بيعها و استفاء حقوقه من الثمن و ان قل الثمن عن مستحقات الطرف الأول كان له أن يرجع على الطرف الثاني (المشتري) بمقدار ما تحمله من خسائر فعلية تترتب على ذلك وان زاد ثمن البضاعة عن مستحقات الطرف الأول كانت هذه الزيادة خالصة له باعتباره مالكا لها .(1/8)
7-يوقع الطرف الثاني على ايصال أمانة بكامل قيمة البضاعة مقابل تسلمه لها أو لمستندات الشحن ووصول المتعلقة
بها و تنتهي مسؤولية الطرف الأول بتسلم العميل لمستندات الشحن ووصول البضاعة و تقع مسؤولية تخزين البضائع وفقا للأصول الفنية على عاتق الطرف الثاني وحده ولا يحق له الرجوع على الطرف الأول عن النتائج التي قد تترتب على مخالفة ذلك.
8-يلتزم الطرف الثاني بأن يقدم أي ضمانات إضافية يقبلها المصرف (في حالة ما يرى المصرف أن الضمانات المقدمة إليه غير كافية ) وذلك غضون أسبوع واحد من تاريخ إخطاره بخطاب موصى إليه ودون أن يكون له أدنى حق في الإعتراض أو التسويف.
9- كل ما لم يرد ذكره في هذا العقد يخضع للقوانين والأعراف التجارية النافذة بدولة الجزائر و بما لا يتعارض من أحكام الشريعة الإسلامية و عقد تأسيس الطرف الأول، من اختصاص المحاكم الجزائرية.
10- حرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف نسخة للعمل بموجبها.
الطرف الأول بصفته ... ... ... ... ... ... ... الطرف الثاني بصفته
" البائع" " المشتري"
بسم الله الرحمن الرحيم
المصرف......... الإسلامي ... ... (حالة إحتياج الفلاح للتمويل المصرفي)
عقد بيع بالسلم
في يوم / / 14 هـ الموافق / / 19م بمدينة بسكرة - الجزائر
حرر هذا العقد بين كل من:
أولا : رب السلم (المسلم) المصرف..................الإسلامي و يمثله
السيد / ............................................................ طرف أول / بصفته مشتري
ومقره ................................................................طرف ثاني / بصفته بائع
و أقر الطرفان بصفتهما و أهليتهما القانونية للتعاقد و اتفقا على ما يلي :
1) رأس مال السلم :
اسلم الطرف الأول للطرف الثاني مبلغا قدره.............................................................
.......................................................................................ثمنا للمسلم فيه.(1/9)
2) المسلم فيه :.......................( العدد أو المقدار )..............................................
.....................................( الجودة أوالنوعية)..............................................
.................................... ( معلومات أخرى حول المسلم فيه)..............................
3) يتعهد الطرف الثاني بتسليم السلعة في يوم / / 14 هـ الموافق / / 19 م
بالعنوان التالي:........................................................................................
(محلات الطرف الثاني، أو مخازن الطرف الأول، حسب الإتفاق ).
4) اتفق الطرفان أنه في حالة عدم وفاء الطرف الثاني بما ورد في البنك الثالث فالطرف الأول بالخيار حينئذ بين
... أ- أن يصبر حتى ترد البضاعة.
... ب- أن يطلب من الطرف الثاني دفع القيمة. ( ملاحظة شطب العبارة الزائدة )
5) أي نزاع ينشأ بخصوص هذا العقد يكون من اختصاص محاكم الجمهورية الجزائرية.
بعده..............
6) كل ما لم يرد ذكره في هذا العقد يخضع للقوانين والأعراف التجارية النافذة بالجمهورية الجزائرية و بما
لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية و عقد تأسيس الطرف الأول و من اختصاص المحاكم الجزائرية.
7) حرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف نسخة للعمل بها.
الطرف الأول بصفته ... ... ... ... ... ... ... الطرف الثاني بصفته
" المشتري" ... ... ... ... ... ... ... ... " البائع"(1/10)
الفهرس
العنوان : الدور التنموي للبنوك الإسلامية
دراسة نظرية وتطبيقية ( 1980-2000م)
مقدمة
الباب الأول: اقتصاديات البنوك الإسلامية وعلاقتها بالتنمية ... 7
الفصل الأول: خصائص الإقتصاد الإسلامي وقواعده التنموية ... 8
المبحث الأول: النظام الاقتصادي الإسلامي ... 8
المطلب الأول: تعريف علم الإقتصاد الإسلامي ... 8
المطلب الثاني: خصائص الإقتصاد الإسلامي وركائزه الأساسية. ... 9
الفرع الأول: خصائص الإقتصاد الإسلامي ... 9
الفرع الثاني: الركائز الأساسية للإقتصاد الإسلامي ... 10
المبحث الثاني: المال في الفكر الإسلامي ... 12
المطلب الأول: مفهوم المال في الفكر الإسلامي وأهميته. ... 12
الفرع الأول: مفهوم المال في الفكر الإسلامي ... 12
الفرع الثاني: المقصود بالمال العام ... 13
الفرع الثالث: الملكية العامة في الإسلام ... 13
الفرع الرابع: أنواع وصور الملكية العامة في الإسلام ... 14
المطلب الثاني: أحكام وتوجيهات الإسلام في الأموال العامة ... 15
المبحث الثالث: أساسيات طبيعة التنمية و مفهومها في المنهج الإسلامي ... 16
المطلب الأول: التنمية الإقتصادية في المنهج الإسلامي ... 16
الفرع الأول: مدلول التنمية في القرآن والسنة ... 16
المطلب الثاني: القواعد الأساسية للتنمية الإقتصادية في المنهج الإسلامي ... 19
الفرع الأول: إزدواجية ملكية وسائل الإنتاج ... 19
الفرع الثاني: الحرية الإقتصادية ... 20
الفرع الثالث: تدخل الدولة في النشاط الإقتصادي ... 20
الفرع الرابع: المنافسة الحرة ... 21
المطلب الثالث: أهداف وخصائص التنمية الإقتصادية في المنهج الإسلامي ... 21
الفرع الأول: أهداف التنمية الإقتصادية في الإسلام ... 21
الفرع الثاني: خصائص التنمية الإقتصادية في الإسلام ... 23
المطلب الرابع: مقومات التنمية الإقتصادية في الإسلام ... 26
الفرع الأول: التربية الإسلامية للإنسان ... 26
الفرع الثاني: الإعلام الإسلامي ... 27
الفرع الثالث: التقدم التكنولوجي ... 28
الفرع الرابع: دور الدولة الإسلامية في التنمية ... 30(1/1)
الفصل الثاني: تحديد العلاقة بين البنوك الإسلامية والتنمية الإقتصادية ... 32
المبحث الأول: أبعاد علاقة البنوك التقليدية بالتنمية الإقتصادية لدى علماء الاقتصاد المعاصرين ... 32
المطلب الأول: الآراء التي تشير إلى أهمية دور البنوك في التنمية الإقتصادية ... 34
الفرع الأول: المنهج الكمي أو التحليلي ... 35
الفرع الثاني: منهجية الدراسة الشاملة ... 37
الفرع الثالث: منهج البحوث التطبيقية ... 38
المطلب الثاني: أراء المعارضين لدور البنوك في التنمية لاقتصادية ... 39
المبحث الثاني: أبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الإقتصادية لدى علماء الإقتصاد الإسلامي ... 40
المطلب الأول: أبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الإقتصادية لدى علماء الإسلام قديما ... 40
المطلب الثاني : أبعاد علاقة البنوك الإسلامية بالتنمية الاقتصادية لدى علماء الاقتصاد الإسلامي المعاصرين ... 42
المبحث الثالث: الاختلافات الرئيسية بين البنوك الإسلامية والتقليدية ... 43
المطلب الأول: الاختلاف في المفهوم والنشأة ومصادر التمويل ... 44
الفرع الأول: الفرق بين البنوك الإسلامية والتقليدية في النظرة إلى النقود ... 44
الفرع الثاني: أنواع البنوك ... 48
الفرع الثالث: مصادر الأموال بالبنوك التجارية واستخداماتها ... 54
الفرع الرابع: الربحية والسيولة ... 58
الفرع الخامس: توفر الثقة ... 60
المطلب الثاني: الإختلافات في النشاط بين البنوك الإسلامية والتقليدية ... 61
الفرع الأول: قبول الودائع ... 62
الفرع الثاني: توظيف الأموال بالبنوك التجارية ... 64
الفرع الثالث: تقديم الخدمات ... 76
الفصل الثالث: أهداف وطبيعة أنشطة البنوك الإسلامية ... 79
المبحث الأول: أساسيات النظام الإقتصادي الإسلامي وعلاقته بالبنوك الإسلامية ... 79
المطلب الأول: مفهوم البنوك الإسلامية ... 79
المطلب الثاني: أهداف البنوك الإسلامية ... 83
الفرع الأول: الهدف التنموي للبنوك الإسلامية ... 83
الفرع الثاني: الهدف الإستثماري للبنك الإسلامي ... 85(1/2)
الفرع الثالث: الهدف الإجتماعي للبنك الإسلامي ... 88
الفرع الرابع: الهدف الإرتقائي والإشباعي للبنوك الإسلامية ... 90
الفرع الخامس: تحقيق التكامل الإقتصادي بين الدول الإسلامية ... 90
المبحث الثاني: طبيعة أنشطة البنوك الإسلامية ... 91
المطلب الأول: المخطط التنظيمي للبنوك الإسلامية ... 91
المطلب الثاني: تنظيم النشاط في البنوك الإسلامية ... 95
المبحث الثالث: الخدمات المصرفية في البنوك الإسلامية ... 97
المطلب الأول: الحسابات الجارية والودائع الإدخارية ... 97
المطلب الثاني: الودائع لأجل والتحويلات النقدية ... 98
المطلب الثالث: الشيكات وبيع وشراء العملات الأجنبية ... 99
المطلب الرابع: الأوراق التجارية وعمليات الأوراق المالية ... 99
المطلب الخامس: الإعتمادات المستندية وحكم عمولة خطاب الضمان ... 101
الباب الثاني: أساسيات الإستراتيجية الإستثمارية للبنوك الإسلامية ... 104
الفصل الأول: صيغ التمويل والإستثمار في البنوك الإسلامية ... 105
المبحث الأول: نظرية التمويل بالمشاركة ... 105
المطلب الأول: تعريف الشركة وأنواعها ... 105
الفرع الأول: تعريف الشركة ... 105
الفرع الثاني: أنواع الشركة ... 105
الفرع الثالث: التكيف الشرعي للمشاركة ... 109
المطلب الثاني: القوة التنموية للتمويل بالمشاركة ... 112
الفرع الأول: زيادة معدل النمو الإقتصادي ... 112
الفرع الثاني: التوازن بين العمالة و استقرار الأسعار ... 113
الفرع الثالث: تحسين الكفاءة التخصصية ... 114
الفرع الرابع: عرض وأهداف النظام الإقتصادي الإسلامي ... 114
المبحث الثاني: المضاربة ... 114
المطلب الأول: الجانب الشرعي للمضاربة ... 114
الفرع الأول: تعريف المضاربة ... 114
الفرع الثاني: أركان المضاربة وشروطها ... 119
المطلب الثاني: تطبيق نظام المضاربة ... 126
الفرع الأول: المضاربة المشتركة أو الجماعية ... 126
الفرع الثاني: عمليات المضاربة وحساب الأرباح ... 129
المبحث الثالث: المرابحة ... 134
المطلب الأول: الجانب الشرعي للمرابحة ... 134
الفرع الأول: تعريف المرابحة ... 134(1/3)
الفرع الثاني: خصائص المرابحة ومشروعيتها ... 135
الفرع الثالث: شروط المرابحة ... 138
المطلب الثاني: تطبيق صيغة المرابحة في المصارف الإسلامية ... 142
الفرع الأول: بيع المرابحة للأمر بالشراء ... 142
الفرع الثاني: بيع المرابحة يدخل في نطاق بيع ما لا يملك ... 146
المبحث الرابع: عقود البيع بالآجال ... 147
المطلب الأول: الجانب الشرعي لبيع السلم والبيع لأجل ... 147
الفرع الأول: بيع السلم ... 147
الفرع الثاني: البيع بالأجل ... 153
المبحث الخامس: الإستثمار عن طريق الإجارة ... 155
المطلب الأول: تعريف الإجارة وأنواعها ... 156
الفرع الأول: تعريف الإجارة ... 156
الفرع الثاني: أنواع الإجارة ... 156
المطلب الثاني: أساليب أخرى للإستثمار في البنوك الإسلامية ... 157
الفرع الأول: المزارعة والمساقات ... 158
الفرع الثاني : القرض الحسن ... 159
المبحث السادس: دور البنوك وأهميتها ... 159
المطلب الأول: دور البنوك في تعبئة الموارد المالية للتنمية ... 161
المطلب الثاني: دور المعاملات المصرفية في الإستقرار الإقتصادي ... 168
الفرع الأول: الفروض الأساسية ... 168
الفرع الثاني: الآثار الإقتصادية للقروض ... 169
الفرع الثالث: الإستثمار من خلال الوسطاء ... 175
الفرع الرابع: الإستثمار من خلال سوق الأوراق المالية ... 180
الفرع الخامس: البنك المركزي والنظام المصرفي ... 181
المطلب الثالث: الخدمات التي تقدمها البنوك الإسلامية بالمقارنة بالبنوك الأخرى ... 182
الفرع الأول: تحليل موارد البنوك واستخدماتها ... 182
الفرع الثاني: دور البنوك في مجال تمويل التجارة ... 183
الفصل الثاني: الإستراتيجية الإستثمارية للبنوك الإسلامية ... 186
المبحث الأول: المشروع الإستثماري وترويجه ... 186
المطلب الأول: مفهوم الإستثمار ... 186
المطلب الثاني: طبيعة المؤسسة الإسلامية المالية ... 186
المطلب الثالث: المسؤولية التنموية للمؤسسات الإسلامية المالية ... 187
المطلب الرابع: أبعاد الدور التنموي للبنوك الإسلامية ... 189
المطلب الخامس: الأموال المتاحة للبنك الإسلامي ... 190(1/4)
المطلب السادس: معايير اختيار مشروعات للدراسة ... 192
المبحث الثاني: عناصر السلامة في مشروعات الإستثمار ... 194
المطلب الأول: السلامة الشرعية ... 195
المطلب الثاني: السلامة الفنية ... 196
المطلب الثالث: السلامة التجارية ... 200
المطلب الرابع: السلامة التنظيمية والإدارية ... 202
المطلب الخامس: السلامة المالية ... 204
المطلب السادس: السلامة الإقتصادية والإجتماعية ... 206
المطلب السابع: السلامة القانونية ... 209
المبحث الثالث: متابعة مشروعات الاستثمار والتمويل ... 209
المطلب الأول: دراسة قبلية للاستثمار والتمويل ... 209
الفرع الأول: الربط بين أهداف النظام الاقتصادي وبين اختيار المشروع ... 209
الفرع الثاني: دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع ... 212
المطلب الثاني: مرحلة تنفيذ المشروع (مرحلة الإنفاق الاستثماري) ... 214
الباب الثالث:حالات تطبيقية للبنوك الاسلامية ... 220
الفصل الأول:دراسة حالة البنك الاسلامي للتنمية ... 221
المبحث الأول: العمليات العادية (تمويل المشروعات الانمائية) ... 221
المطلب الأول:القروض الحسنة والمساعدة الفنية ... 221
الفرع الأول: القروض الحسنة ... 221
الفرع الثاني: المساعدة الفنية ... 221
المطلب الثاني: المساهمة في رأس المال وعمليات الإجارة ... 221
الفرع الأول: المساهمة في رأس المال ... 221
الفرع الثاني: عمليات الإجارة ... 222
المطلب الثالث: البيع لأجل مع تقسيط الثمن ... 222
المطلب الرابع: اعتمادات التمويل والمشاركة في الأرباح ... 223
الفرع الأول: اعتمادات التمويل ... 223
الفرع الثاني: المشاركة في الأرباح ... 223
المبحث الثاني : دور البنك الإسلامي للتنمية في تطوير التجارة الخارجية بين دول الأعضاء ... 224
المطلب الأول: تعريف موجز لبرنامج تمويل التجارة الخارجية في البنك الإسلامي للتنمية ... 224
الفرع الأول: برنامج تمويل الواردات ... 224
الفرع الثاني: برنامج التمويل الأطول أجلا للتجارة ... 226
الفرع الثالث: محفظة البنوك الإسلامية ... 227(1/5)
المطلب الثاني: دور البنك الإسلامي للتنمية في تطوير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء ... 228
المطلب الثالث: سياسات وإجراءات تمويل الواردات ... 230
المطلب الرابع :سياسات تمويل الصادرات ... 239
المطلب الخامس: اجراءات تمويل الصادرات ... 244
المبحث الثالث: محفظة البنوك التجارية ... 249
المطلب الأول: السياسات الزمنية للمحفظة ... 249
المطلب الثاني: الشروط العادية للتمويل ... 250
المطلب الثالث: إجراءات التمويل ... 250
الفصل الثاني: دراسة حالة مجموعة بنوك فيصل الإسلامية ... 252
المبحث الأول: تعريف ببنوك مجموعة فيصل الإسلامية ومنهجية العمل ... 252
المطلب الأول: تعريف ببنوك مجموعة فيصل الإسلامية ... 252
المطلب الثاني: منهجية العمل ببنوك مجموعة فيصل الإسلامية ... 254
الفرع الأول: الوظائف الأساسية لبنوك المجموعة ... 254
الفرع الثاني: الأسس والمبادئ التي تقوم عليها المجموعة ... 256
المبحث الثاني: نظرة تحليلية للأرقام المجمعة لبنوك فيصل الإسلامية ... 258
المطلب الأول: التغيير ومعدلات النمو ... 260
المطلب الثاني: هيكل الموارد والإستخدمات ببنوك المجموعة ... 260
المطلب الثالث: استخدام أساليب النسب المالية في تحليل الأرقام المجمعة ببنوك المجموعة ... 262
المبحث الثالث: دور مجموعة بنوك فيصل الإسلامية في مجالات التنمية الإقتصادية والإجتماعية ... 265
المطلب الأول:الدور الإقتصادي لبنوك فيصل الإسلامية ... 265
المطلب الثاني: الدور الإجتماعي لبنوك فيصل الإسلامية ... 270
الفصل الثالث: دراسة حالة تجربة البنك الإسلامي الأردني ... 272
المبحث الأول: ماهية البنك الإسلامي الأردني ... 272
المطلب الأول: تأسيس البنك وأهدافه ... 272
الفرع الأول: تأسيس البنك ... 272
الفرع الثاني: أهداف البنك ... 272
المطلب الثاني: استراتيجية و اختصاصات البنك للتحكم في السوق المصرفية ... 272
الفرع الأول: استراتيجية البنك للتحكم في السوق المصرفية ... 272
الفرع الثاني: اختصاصات البنك ... 273
أولا: الأعمال المصرفية الغير الربوية ... 273(1/6)
ثانيا: الخدمات الإجتماعية ... 273
ثالثا: أعمال التمويل و الإستثمار ... 273
المطلب الثالث: مباشرة البنك للعمل ... 274
المبحث الثاني: علاقة البنك بالبيئة التي يعمل فيها ... 274
المطلب الأول: البيئة التي يعمل فيها البنك ... 274
المطلب الثاني: العلاقة مع البنوك المحلية و الأجنبية ... 274
المطلب الثالث: العلاقات مع البنك المركزي الأردني ... 274
الفرع الأول: حسابات الإئتمان ... 275
الفرع الثاني: حسابات الإستثمار المشترك و المخصص ... 275
أولا: حسابات الإستثمار المشترك ... 275
ثانيا: حسابات الإستثمار المخصص ... 275
المبحث الثالث: استخدام الأموال و ادارة التوظيف ... 279
المطلب الأول: المضاربة ... 279
المطلب الثاني: المشاركة ... 280
المطلب الثالث: بيع بالمرابحة ... 280
المبحث الرابع: الصعوبات القائمة في البنك الإسلامي الأردني و حلولها المقترحة ... 282
المطلب الأول: الصعوبات القائمة في البنك ... 282
المطلب الثاني: الحلول المقترحة ... 283
الباب الرابع: علاقة تطور البنوك الإسلامية بالمغرب العربي ... 285
الفصل الأول: البنوك الإسلامية و الأنظمة المصرفية في دول المغرب العربي ... 286
المبحث الأول: مكونات الأنظمة المصرفية المغاربية في دول المغرب العربي ... 286
المطلب الأول: القانون المصرفي ... 286
المطلب الثاني: النصوص القانونية المكملة ... 286
المبحث الثاني: الأنظمة المصرفية و المالية لبلدان المغرب العربي ... 287
المطلب الأول: النظام المصرفي و المالي للجمهورية الجزائرية ... 287
الفرع الأول: مكونات الجهاز المصرفي الجزائري ... 287
الفرع الثاني : البنوك الجديدة ... 290
المطلب الثاني: النظام المصرفي و المالي للجمهورية التونسية ... 296
المطلب الثالث: النظام المصرفي و المالي للمملكة المغربية ... 297
المطلب الرابع: النظام المصرفي و المالي الليبي ... 298
المطلب الخامس: النظام المصرفي و المالي الموريتاني ... 299
الفصل الثاني: المصارف الإسلامية و دورها في التنمية الإقتصادية لدول المغرب العربي ... 300(1/7)
المبحث الأول: تقويم الدور الإقتصادي للمصارف الإسلامية بمنطقة دول المغرب العربي ... 300
المطلب الأول: تقييم دور المصارف في التأثير على بعض المتغيرات الإقتصادية الكلية ... 300
المطلب الثاني: دراسة الدور الإقتصادي لكل مصرف على مستوى المعايير الجزئية و الكلية معا ... 302
الفرع الأول: بنك البركة الإسلامي ... 303
الفرع الثاني: بيت التمويل الكويتي ... 305
الفرع الثالث: بيت التمويل السعودي ... 306
الفرع الرابع: بنك قطر الإسلامي ... 307
المطلب الثالث: دراسة الدور الإقتصادي على مستوى كل معيار لمجموعة المصارف معا ... 308
المطلب الرابع: توصيات لنتائج الدور الإقتصادي لمجموعة المصارف الإسلامية لمنطقة دول المغرب العربي ... 310
المبحث الثاني: دور المصارف الإسلامية في الإندماج المغاربي ... 311
المطلب الأول: البنك الإسلامي و الإندماج الإجتماعي ... 311
المطلب الثاني: البنك الإسلامي و الإندماج الإقتصادي ... 312
المطلب الثالث: صعوبات و آفاق الإندماج الإقتصادي ... 315
خاتمة ... 316
الملاحق ... 322
الأشكال ... 333
الجداول ... 334
البيانات ... 336
المراجع ... 337
الفهرس ... 346(1/8)
تبويب المراجع
لقد بوبت المراجع الى مجموعات على الشكل التالي:
أولا: مراجع في تفسير القرآن الكريم.
ثانيا: مراجع في الأحاديث النبوية و شروحها.
ثالثا: مراجع في أصول الفقه.
رابعا: مراجع في الإقتصاد الإسلامي.
خامسا: مراجع في التنمية من منظور اسلامي.
سادسا: مراجع في اقتصاديات البنوك الإسلامية.
سابعا: مراجع في الإقتصاد العام.
ثامنا: رسائل و بحوث و تقارير.
تاسعا: مجلات و دوريات و موسوعات.
عاشرا: مراجع باللغة الأجنبية.
أولا: مراجع في تفسير القرآن الكريم
1- القرآن الكريم لرواية ورش عن نافع.
2- الإمام عبد الله بن أحمد الأنصاري القرطبي- الجامع لأحكام القرآن – الطبعة الأولى – دار الكتب العلمية – بيروت – 1988م.
ثانيا: مراجع في الأحاديث النبوية و شروحها
1- الإمام البخاري – فتح الباري بشرح صحيح البخاري – الجزء الخامس – دار الفكر للطباعة- بيروت- بدون تاريخ.
2- أبو عيسى محمد بن عيسى بن صورة – سنن الترمذي – الجزء الثالث باب 19 منه – حديث 1234هـ - دار الشروق بيروت – بدون تاريخ.
3- أحمد بن علي الشوكاني – نبل الأوطار – الطبعة الأولى – دار الكتب العلمية – القاهرة – 1983م.
4- موطأ الإمام مالك – تصحيح و تخريج فؤاد الباقي – كتاب الشعب – مالك بن أنس – بدون تاريخ.
ثالثا: مراجع في أصول الفقه
1- ابن قدامة عبد الله بن أحمد بن قدامة – المغني و الشرح الكبير – الطبعة الأولى – دار الكتاب العربي – بيروت – 1971م.
2- ابن تيمية – الفتاوى الكبرى – الجزء الثالث – دار المعرفة للطباعة و النشر – بيروت – 1960م.
3- أحمد علي عبد القادر – المواعظ و الإعتبار بذكر الخطط و الأثار – القاهرة – 1334 هـ.
4- أحمد بن علي بن طابا المعروف بابن اطقطقي – الفخري في الآداب السلطانية و الدول الإسلامية – مطبعة الموسوعات – مصر – 1317هـ.(1/1)
5- الشاطبي ابراهيم بن موسى اللخمي الشهير بالشاطبي – الموافقات في أوصول الشريعة – تحقيق محمد بن عبد الله دراز – المكتبة التجارية – القاهرة بدون تاريخ.
6- الإمام الشافعي – كتاب الأم – المطبعة الكبرى الأميرية – الجزء الثالث – الطبعة الأولى – القاهرة – 1322هـ.
7- شرف الدين المقدسي الحجازي الدمشقي – زاد المستنقع في اختصار المقنع – الطبعة الثانية – المكتبة السلفية – القاهرة – 1394 هـ.
8- عبد الرحمان الجزيري – الفقه على المذاهب الأربعة – قسم المعاملات – الجزء الثالث – دار الإرشاد للتأليف – القاهرة – بدون تاريخ.
9- كمال الدين محمد بن محمد البابرتي – العناية على الهداية – شركة و مطبعة مصطفى الباي الحلبي – القاهرة 1970م.
10- موفق الدين عبد الله أحمد بن قدامة المقدسي – المقنع – المطبعة السلفية – قطر – بدون تاريخ.
11- موفق الدين عبد الله أحمد بن قدامة المقدسي – المغني - المطبعة السلفية – قطر – بدون تاريخ.
12- محمد اسماعيل الكيلاني – سبل السلام شرح المرام من جمع أدلة الأحكام لأبي حجر العسقلاني – الجزء الثالث – الطبعة الرابعة – مكتبة مصطفى البابي – القاهرة – 1910م.
13- مصطفى أحمد الزرقاء – المدخل لنظرية الإلتزام في الفقه الإسلامي – الطبعة الأولى – دمشق – عام 1961م.
14- محمد عبد الباقي بن يوسف الزرقاني – شرح الزرقاني لمختصر خليل – الطبعة الأولى – المطبعة الأسيرية- مصر- بدون تاريخ.
15- محمد أمين بن عمر بن عابدين – رد المختار على الدار المختار – شرح تنوير الإيصار – الطبعة الثانية –بيروت – 1979م.
16- زين الدين العابدي بن براهيم بن نخيم – الأشباه و النظائر – دار الطباعة القاهرة – اسطنبول – بدون تاريخ.
رابعا: مراجع في الإقتصاد الإسلامي
1- ابراهيم الشوقي أباظة – الإقتصاد الإسلامي مقوماته و نتائجه – من مطبوعات الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – بدون تاريخ.(1/2)
2- أحمد العسال، فتحي عبد الكريم – النظام الإقتصادي في الإسلام مبادئه و أهدافه – الطبعة الثالثة – مكتبة و هبة – بدون تاريخ.
3- عبد العزيز الخياط – التسمية و الرفاة من منظور اسلامي – دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع – 1988م.
4- محمد فيصل آل سعود – التعريف الإصلاحي لعلم الإقتصاد الإسلامي – مطابع الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – بدون تاريخ.
5- محمد شوقي الفنجري – المذهب الإقتصادي في الإسلام – مكتبات عكاظ – سنة 1987م.
6- محمود شوقي الفنجري – نحو اقتصاد اسلامي – شركة مكتبة عكاظ – 1981م.
خامسا: مراجع في التنمية من منظور اسلامي
1- عبد العزيز الخياط – التنمية و الرفاة من منظور اسلامي – دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع 1988م.
2- فؤاد الشني – التنمية في الإسلام – مكتبات الكليات الأزهرية – 1982م.
3- يوسف ابراهيم يوسف – المنهج الإسلامي في التنمية الإقتصادية – مطابع الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية– سنة 1981م.
4- يوسف ابراهيم يوسف – استراتيجية و تكتيك التنمية في الإسلام - مطابع الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية– سنة 1981م.
سادسا: مراجع في اقتصاديات البنوك الإسلامية
1- ابن خلدون – مقدمة بن خلدون – الطبعة الرابعة – دار الكتب العلمية – بيروت – 1978م.
2- أبو عبيد – كتاب الأموال – مكتبة الكليات الأزهرية – 1981م.
3- أحمد النجار – عن البنوك الإسلامية ماذا قالو؟ - الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – القاهرة – 1982م.
4- أحمد النجار و آخرون – 100 سؤال و جواب حول البنوك الإسلامية - الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – القاهرة – 1982م.
5- سيد الهواري – ما معنى بنك الإسلام ؟ - الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – القاهرة – 1983م.
6- شوقي اسماعيل شحاتة –البنوك الإسلامية – دار الشروق – جدة – 1972م.
7- شوقي اسماعيل شحاتة –البنوك الإسلامية – دار الشروق – جدة – 1971م.(1/3)
8- شوقي عبد الساهي – المال و طرق استثماره في الإسلام – دار المطبوعات الدولية – القاهرة – 1981م.
9- غريب الجمال – تجارب البنوك الإسلامية - الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – القاهرة – 1983م.
10- عبد الحميد الغزالي – دراسة جدوى المصارف الإسلامية – الموسوعة العلمية و العملية للبنوك الإسلامية- الجزء الخامس – المجلد الثاني – مطابع الإتحاد للبنوك الإسلامية – القاهرة – 1982م.
11- علي حسن عبد القادر – فقه المضاربة في التطبيق و التجديد الإقتصادي - مطابع الإتحاد للبنوك الإسلامية – القاهرة- بدون تاريخ.
12- عبد الحميد محمدو يعلى – فقه المرابحة في التطبيق الإقتصادي المعاصر – السلام العالمية للطبع و النشر والتوزيع – القاهرة – بدون تاريخ.
13- محمد آل سعود – البنوك و التأمين في الإسلام - الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – القاهرة – 1979م.
14- محمد بافز الصدر – البنك اللاربوي – دار المعارف للمطالعات – بيروت – 1981م.
15- محمد الشحنات الجندي – عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي و التعامل المصرفي – دار النهضة العربية – القاهرة – سنة 1986م.
16- محمود محمد نور – حول النظام المالي في الإسلام – مكتبة عين شمس – القصر العيني- القاهرة – 1975م.
17- يوسف القرضاوي – بيع المرابحة في التطبيق الإقتصادي المعاصر – دار القلم – الكويت – 1984م.
سابعا: مراجع في الإقتصاد العام
1- ابراهيم مختار – بنوك الإستثمار – دراسة تحليلية للنظريات و الأساليب و المشكلات – مكتبة الإنجلو –مصر -1982م.
2- أحمد نبيل النمري – مبادئ في العلوم المصرفية – البنك الأردني – بدون تاريخ.
3- اسماعيل محمد هاشم – مذكرات في النقود و البنوك – دار النهضة العربية – 1976م.
4- القزويني شاكر – محاضرات في اقتصاد البنوك – ديوان المطبوعات الجامعية – ابن عكنون – الجزائر- سنة 2000م.(1/4)
5- سيد الهواري – الإدارة بالأهداف و النتائج – مكتبة عين شمس – القاهرة – 1976م.
6- شومي دين – الإعلام و التنمية الإقتصادية – دار المعارف – بدون تاريخ.
7- صبحي تادريس قريصة – النقود و البنوك – مكتبة الكليات الأزهرية – 1981م.
8- حازم البيلاوي – أصول الإقتصاد السياسي – منشآت المعارف – الإسكندرية- 1974م .
9- عبد الوهاب عبد المالك – أصول الإقتصاد – دار الفكر العربي – القاهرة – بدون تاريخ.
10- عبد المنعم عفر – مشكلة التخلف و اطار التنمية و التكامل الإقتصادي - مطبعة الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – سنة 1978م.
11- عاصف محمود – ادارة المنشآت المالية – دار النشر العربي – بدون طبعة – بدون تاريخ.
12- عبد الحميد الغزالي – حافظ مصور - مقدمة في اقتصاديات النقود – التوازن الكلي – بدون سنة.
13- عبد المنعم السيد علي – دراسة السياسة النقدية فس التنمية الإقتصادية – معهد البحوث و الدراسات العربية – جامعة الدول – 1971م.
14- مالك بن نبي – المسلم في عالم الإقتصاد – دار بيروت للطباعة – بدون تاريخ.
15- محمد عبد المنعم غفر – سياسات الإقتصادية و حل أزمات و تحقيق التقدم – الطبعة الأولى - مطبوعات الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – مطابع المنار العربي – القاهرة – 1987م.
16- محمود نور – أسس و مبادئ المالية العامة – الطبعة الأولى – مكتبة التجارة و التعاون – القاهرة – 1973م.
17- محمود حميدات – مدخل للتحليل النقدي – ديوان المطبوعات الجامعية- ابن عكنون – الجزائر – سنة 1996م.
ثامنا: رسائل و بحوث و تقارير
1- الرسائل:
1- أميرة مشهورة – دوافع و صيغ الإستثمار في الإقتصاد الإسلامي – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة. 2- جميل أحمد – مذكرة ماجستير – الوظيفة التنموية للمؤسسات الإسلامية المالية – دراسة حالة البنك الإسلامي للتنمية – 1996م.
3- شوفي دنيا – رسالة ماجستير في التنمية الإقتصادية في الإسلام – جامعة الأزهر- 1972م.(1/5)
4- فؤاد محمد شاكر – رسالة دكتوراه غير منشورة – تقييم فعاليات التنظيمات المصرفية في التنمية الإقتصادية بالدول العربية – جامعة عين شمس – كلية التجارة – القاهرة – 1979م.
5- محمود المرسي لاشين - التنظيم المحاسبي للأموال العامة للدول الإسلامية - مذكرة ماجستير - بيروت 1977.
6- محمد الأنصاري – العلاقة بين الكفاية المهنية لدى البنوك و بعض السمات الشخصية - رسالة دكتوراه – كلية التربية - جامعة الأزهر - 1983.
II- البحوث:
1- أحمد النجار - المشكلات التي تواجه البنوك الإسلامية - بحث غير منشور الى المعهد الدولي للبنوك الإسلامية .
2- الشيخ عبد الرحمان حسن - الزكاة و الوقوف و نفقات الأقارب كمصدر تمويل مشروعات التكافل الإجتماعي - حلقة الدراسات العربية لجامعة الدول العربية الدورة الثالثة -القاهرة.
3- سمير مصطفى _ بحث مقدم للمؤتمر الدولي للبنوك الإسلامية بإسطنبول - 1986م.
4- الغريب محمد ناصر - المعايير التي يتم على أساسها إتخاذ قرارات التمويل في البنك الإسلامي - بحث غير منشور الى المعهد الدولي للبنوك الإسلامية.
5- عبد الحميد البعلي _ ورقة عمل مقدمة لندوة بنك فيصل الإسلامي المصري عن البنوك الإسلامية
و دورها في التنمية الإقتصادية و الإجتماعية - القاهرة _ 03/05 ديسمبر 1995م.
6- عيسى عمده - النظم المالية في الإسلام – دراسات و قراءات مختارة - بحث مقدم في إطار بحوث معهد الدراسات الإسلامية - القاهرة – 1973م.
7- عبد العزيز الخياط – الأسهم و السندات - بحث مقدم لندوة الإقتصاد الإسلامي - معهد البحوث
و الدراسات العربية – بغداد – 1998م.
8- محمد شوقي الفنجري - تطور الدراسات الإقتصادية الإسلامية - الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية –
1978.
III- التقارير:
1- التقرير السنوي لبنك البحرين لسنة 1987م.
2- التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية 1987/1988/1996/2001م.(1/6)
3- التقرير السنوي لمؤسسة النقد السعودي سنة 1996 منقول من كتاب الدكتور شوقي إسماعيل شحاتة.
4- التقرير السنوي لبنك فيصل الإسلامي المصري – التمويل و المشاركة بدون ترقيم – بنك فيصل الإسلامي السوداني / أهدافه ، ومعاملاته.-
5- التقرير السنوي لمجموعة بنوك فيصل الإسلامية 2001.
6- التقرير السنوي للبنك الإسلامي الأردني 2001.
7- المذكرات الإيضاحية لمشروع قانون البنك الإسلامي الأردني 1989م - اللجنة التحضيرية.
8- تقرير الحلقة العلمية لخبراء التنظيم في البنوك الإسلامية - الاتحاد الدولي للبنوط الإسلامية - القاهرة مارس 1979م.
9- نشرة الاقتصاد الإسلامي – بنك دبي الإسلامي – العدد الخامس - ربيع الثاني 1402 هـ.
10- ورقة مقدمة من بنك الأردني الإسلامي – مؤتمر مواد الاستثمار – إسطنبول 1992.
تاسعا: مجلات و دوريات و موسوعات.
1- دوريات و مجلات:
1- ابراهيم الشلبي – صكوك المصاريف الإسلامية – مجلة الأهرام – العدد 1933 – سنة 1986م.
2- أحمد النجار – المقومات الإسلامية لمواجهة التحديات الإيديولوجية – مجلة البنوك الإسلامية – العدد 27 ديسمبر 1982م.
3- الصديق تارتي – تجربة البنوك الإسلامية – مجلة البنوك الإسلامية – العدد 12.
4- الصديق الضرير أشكال و أساليب الإستثمار في الفكرالإسلامي عند البنوك الإسلامية – مجلة البنوك الإسلامية – العدد 19 – أغسطس/ سبتمبر 1981م.
5- حسين شحاتة – أهمية انتقاء و تهيئة و اعداد العاملين بالمصاريف الإسلامية – ورقة بحث مقدمة في ملتقى ابن خلدون للإقتصاد الإسلامي بقسنطينة – 1988م.
6- حمدي عبد العظيم – الأثار الإقتصادية للإلتزام بمنهج الإسلام في الإتفاق الإستهلاكي أهدافه و سماته – مجلة البنود الإسلامية – العدد 38/39 – القاهرة – 1984م.
7- حسن العناني – الخصائص المميزة للإقتصاد الإسلامي – مجلة البنوك الإسلامية – العدد 11 – مايو سنة 1980م.(1/7)
8- سامي حسن محمود – خصائص العمل المصرفي الإسلامي لتحقيق التنمية المتوازنة – البنوك الإسلامية – العدد 12.
9- عبد السلام السيد – الإقتصاد الإسلامي – أهدافه وسماته – مجلة البنوك الإسلامية – العدد 38/39 – القاهرة – 1984م.
10- محمد عبد الله العربي – ملكية المال و حدوده في الإسلام – مجلة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية – العدد 234 – القاهرة – 1964م.
11- يوسف الخليفة اليوسف – شكل التنمية الإقتصادية – مجلة البنوك الإسلامية – العدد 27.
12- يوسف ابراهيم يوسف – الأثار الإقتصادية للإلتزام بمنهج الإسلام في الإتفاق الإستهلاكي أهدافه وسماته – مجلة البنود الإسلامية – العدد 38/39 – القاهرة – 1984م.
II - الموسوعات:
1- الموسوعة العلمية و العملية للبنوك الإسلامية – الجزء الخامس – الجزء الشرعي – الطبعة الأولى – الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – 1982م.
عاشراً: المراجع باللغة الأجنبية
1-AKRAM ,M.K « Islamic Economics ,Natural and Need » Journal of Research In Islamic Economics , Vol 1 N° 02 Winter 1984 , Jeddah .
2- AMMOUR , Ben HALIMA : le systeme bancaire Algérien « texte et réalité », 2eme édition DAHLEB, Année 2001.
3-Alexander gerechenkern economic back ward ness in historical perspective a book of essays Cambridge mass Harvard university press 1962.
4-Bhatia, Rattan J, And Khatkhat, Decna R. Financial Intermediation Saving Mobilization and Entrepreneurial Development: The African Experience Staff Pap ear Vol XXII March 1975.
5-Diamand D, Development banks Baltimore, johns Hopkins University Press 1975.
6-Ellis HS, German monetary theory 1905.1933 Cambridge Harvard University Ores 1937
7-Edward Shaw financial developing in development London Oxford University Press 1973.(1/8)
8-J.Gurely financial structure in development economic in fiscal and monetary problem in developing states New York 1967.
9- J.Gurely review of banking in the burly stages or industrialization ed rondo Cameron American economic review 57 September 1967.
10-HASSANUZ, Definition of « Islamic Economic » Journal of Research in Islamic Economics, Vol 1 N° 02 winters 1984, Jeddah.
11-Hugh Patrick financial developement and Economic growth in under development countries Economic development and cultural change 14 N°02 January 1966.
12-Ima .Adelma and Cynthia Morris Society politics and Economics development a quantitative approach .Baltimore, johns Hopkins University Press 1967.
13-Macdonado ,Rita M , The Role Of Financial Sector In The Economic Development Of
14-Moulton .H.S Controlling factors in Economic development Washington DC,the institution 1949
14-Rando Camercum ,ed Banking and Economic development some lessons of history
New York Oxford University Press 1972.
16-Remond .Goldsmith finacial structure and development New York sale University Press 1969
17-Ronald Mackinm Money and Capital in Economic development Washington DC breading institution 1973.
Puerto Rico Washington Dc Federal Repost Insurance Corporation .1970
18-Shumpiter J.A «The theory of Economy development "Cambridge, Harvard University Press.1947.
19-Victory argy the role if money in economic activity some resultants for 17 development countries Washington dc international found staff paper vol XVII n°03 1970.(1/9)