سلسلة
من شعار أهل الحديث
(6)
الدُّر المُنْتَقَى
في تَبْيين
حُكْمِ إعْفَاءِ اللِّحَى
تأليف
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله بن محمد الأثري
قدَّم له
فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن سعد السحيمي
أستاذ مساعد في الجامعة الإسلامية
بالمدينة النبوية
قال أبو مزاحم الخاقاني رحمه الله :
أهْلُ الكَلاَمِ وأهْلُ الرَّأيِ قَدْ عَدِمُوا
عِلْمَ الحَدِيثِ الَّذِي بِهِ يَنْجُو بِه الرَّجُلُ
لَوْ أنَّهُمْ عََرَفُوا الآثَارَ مَا انْحَرَفُوا
عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا لَكِنَّهُمْ جَهِلُوا
شرف أصحاب الحديث للخطيب [ص141] .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الحَمْدُ للهِ والصَّلاَةُ والسَّلام عَلَى رَسُولِ اللهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ ومَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُ . وبَعْدُ
فإنَّ خِدْمَةَ السُّنَّةِ والذَّبِّ عَنْها وإبْرَازِ مَعَالِمُهَا لاسِيَّمَا عِنْدَمَا يَكْثُرُ مُعَارِضُوهَا ويَقِلُّ مُنَاصِرُوهَا لَهُوَ مِنْ أجَلِّ المَطَالِبِ العَالِيَةِ وَالمَقَاصِدِ السَّامِيَةِ الَّتِي يَنْشُدُهَا كُلُّ طَالِبِ عِلْمٍ مُتَجَرِّدٍ مُخْلِصٍ للهِ تَعَالَى مُتَّبِعٍ لِهَدْيِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَمِن ذَلِكَ مَا قَامَ بِهِ أخُونَا الشِّيخ فُوزِي بْنِ عَبْدِ اللهِ الأثَرِيّ وَهُوَ البَحْثُ القَيِّمُ المَوْسُوم بـ (( الدُّر المُنتَقَى فِي تَبْيِين حُكْمِ إعْفَاءِ اللِّحَى)) فَقَدْ قَرَأتَهُ فَألْفَيْتُهُ بَحْثاً نَافِعاً بُذِلَ فِيهِ جُهْدٌ مُبَارَكٌ . فَقَدْ حَقَّقَ وَدَقَّقَ وَوَضَّحَ المَنْهَجِ الحَقِّ الذِي يَنْبِغِي سُلُوكَهُ فِي هَذِهِ المَسْألَةِ مِن أجْلِ إحْيَاءِ هَذِهِ الشَّعِيرَةِ الَّتِي أمَاتَهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ .
وخُلاَصَة ُ القَوْلِ : إنَّهُ بَحْثٌ قَيِّمٌ ولَبِنَةٌ مُبَارَكَةٌ تُضَافُ إلَى المَكْتَبَةِ الإسْلاَمِيَّةِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا طُلاَّبُ العِلْمِ .(1/1)
وَفَّقَ اللهُ الجِمِيعَ لِلْعِلْمِ النَّافِعِ والعَمَلِ الصَّالِحِ . وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عَلَى نَبِّينَا مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وأتْبَاعَهُم بِإحْسَان .
أمْلاَهُ
الفَقِيرُ إلَى عَفْوِ رَبِّهِ
صَالِح بْنٍِ سَعْدِ السِّحِيمِي الحَرْبِي
1/3/1421هـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
مُقَدِّمَةِ الكِتَاب
إنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَعُوذُ باللهِ مِن شُرُورِ أنفُسِنَا وسَيِئَاتِ أعْمَالِنَا مَن يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ومَن يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أن لاَّ إلَهَ إلاَّ اللهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
? ????????????????? ?????????? ?????????? ???????????? ?????? ????? ??????????? ????? ???????????? ??????? ????????? ???????????? ?. [ آل عمران:102] .
? ???????????????? ????????? ???????????? ????????? ???????? ????????? ???? ????????? ????????? ???????? ??????? ????????? ???????? ????????? ???????? ???????? ???????????? ????????????? ?????? ???????? ??????????????? ????? ???????????????? ?????? ?????? ????? ?????????? ????????? ??? ? [النساء:1]
? ????????????????? ?????????? ?????????? ??????????? ?????? ??????????? ????????? ???????? ???? ????????? ?????? ??????????????? ?????????????? ?????? ?????????????? ????? ???????? ?????? ???????????? ??????? ?????? ????????? ????????? ???? ? [الأحزاب: 70ـ71] .
أمَّا بَعْدُ ،،
فَإنَّ أصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ وَخَيْرُ الهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٍ ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٍ ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّار .(1/2)
فَإنَّ الحَقَّ أبْلَجَ والبَاطِلَ لَجْلَجَ ولَكِنَّ مِنَ النَّاسِ كَأصْحَابِ الأهْوَاءِ وغَيْرِهِمْ مِنْ أهْلِ التَّسَاهُلِ وأتْبَاعِ الرُّخَصِ وأهْلِ التَّقْلِيدِ والتَّفْرِيطِ والتَّأوِيلِ البَاطِلِ لِنِصُوصِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ مَن يَصُمُّ أُذُنَهُ عَن سَمَاعِ الحَقِّ واتِّبَاعِهِ ويَسْتَمْتِع بِالضَيَاعِ والهَوَى فِي ظُلُمَاتِ البَاطِلِ بَلْ ويُدَافِعُ عَنْهُ ، فَأتَوْا بِالدَّعَاوَى البَاطِلَةِ والجَهْلِ المُطْبِقِ وَمَا يَقَعُ مِن شُبُهَاتٍ عَقْلِيَّةٍ سَقِيمَةٍ أوْ عِلْمِيَّةٍ وَاهِيَةٍ يُذيعُونَهَا فِي النَّاسِ لِيُبَرِّرُوا وَاقِعَهُمْ المُخَالِف لِشَرْعِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى فَكَانَ هَذَا سَبَباً فِي وُقُوعِهِمْ فِي كَبَائِرِ الذُّنُوبِ كَالرِّبَا والمُوسِيقَى والأغَانِي وحَلْقِ اللِّحْيَةِ وإسْبَالِ الثَّوْبِ والتَبَخْتُرِ والغُرُورِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَعَاصِي ، ولَقَدْ أمَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى أنْ يَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ الذنُوبِ فِي كَتَابِهِ فَقَالَ:?? ????? ????????????????? ??????????? ??? ???????????? ???????? ?????????? ??????? ???????????????? ??????????????? ????????? ??????????? ? (1) وَقَالَ :? ?????????? ???????????????? ????????????? ?????????? ??????????????? ??????? ?????????? ?(2) الآيَة . فَانْتَشَرَت بِسَبَبِ هَؤُلاَءِ المُخَالِفِينَ لَكَتَابِ اللهِ تَعَالَى وسُّنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَكَبَاتِ والمَصَائِبَ ، وَمَا عَمَّ فِي هَذا الزَّمَانِ مِنَ البَلاَيَا والمِحَنِ والفَسَادِ الظَّاهِرِ فِي البَرِّ والبَحْرِ ، ومَا يُعَانِيهِ الدِّينُ مِن انْطِمَاسِ الكَثِير مِن مَعَالِمِهِ ، وهَجْرِ تَعَالِيمَهُ الَّتِي جَاءَ بِهَا رَسُولُ هَذه الأمَّة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومَا آلَ إلَيْهِ حَالُ الإسْلاَمِ(1/3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة النساء آية [31] .
2) سورة النجم آية [32] .
والمُسْلِمِينَ مِن ضَيَاعٍ وتَشَتُتٍ وانْصِبَابِ الفِتَنِ عَلَيْهِم ، كُلُّ هَذا بِسَبَبِ بُعْدِ هَؤُلاَءِ الذينَ يَنْتَسِبُونَ إلَى الإسْلاَمِ وإنَّهُمْ أصْحَابُ دَعْوَى وإرَشَادٍ إلَى الحَقِّ ، وهُم بَعِيدُونَ عَنْهُ كُلَّ البُعْدِ ، وهَؤُلاَءِ يَنظُرُ إلَيْهِمُ العَوَامُ عَلَى أنَّهُمُ القُدْوَة ، فَيُقَلِّدُونَهُمْ ويَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِمْ .
وهَؤُلاَءِ النَّاسِ تَرَكُوا آيَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الحَثِّ عَلَى الاتِّبَاعِ والتَّأسِّي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَولِهِ تَعَالَى :? ???????? ????? ?????? ? ??????? ?????? ?????????? ????????? ?????? ????? ?????????? ?????? ????????????? ?????????? ?(1) وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ? ????? ???? ??????? ??????????? ?????? ?????????????????? ????????????? ?????? ?(2) وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ? ???????? ??????? ???????? ?????????????? ?????????????????? ????? ????????????? ???????????? ???????????? ?????? ??? ????????????? ? (3)، وجَاءَ فِي الحَدِيثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : خَطَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَطًّا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ : ( هَذا سَبِيلُ اللهِ مُسْتَقِيماً ) وخَطَّ عَن يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ : ( هَذِهِ السُّبُلُ لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إلاَّ وَعَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إلَيْهِ ) ثُمَّ قَرَأَ ? ???????? ??????? ???????? ?????????????? ?????????????????? ????? ????????????? ???????????? ???????????? ?????? ??? ????????????? ?.(4) وهَذَا الصِّرَاطُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأصْحَابُهُ فَمَنْ حَادَ عَنْهُ زَاغَ .(1/4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة الأحزاب آية [33] .
2) سورة آل عمران آية [31] .
3) سورة الأنعام آية [153] .
4) حديث حسن .
أخرجه أحمد فِي المُسْندِ [ج1ص435] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج6ص343] والطَّيَالِسِيُّ فِي المُسْنَد [ص33] بِإسْنَادٍ حَسَنٍ .
فَهَؤُلاَءِ اتَّبَعُوا أهْوَاءَهُم فِي دِينِ اللهِ بِمُؤَازَرَةِ إبْلِيسَ ومُنَاصَرَةِ أهْلِ البَاطِلِ . حَتَّى وَقَعُوا فِي مَا هَدَّدَنَا بِوُجُودِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَيْثُ يَقُولُ : (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ القُذَّةِ بِالقُذَّة حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ ) . قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى ، قالَ : فَمَنْ ) (1) . أيْ: فَمَن أعْنِي غَيْرَهُمْ .
قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ : (مَنْ انْحَرَفَ مِنَ العُلَمَاءِ فِفِيهِ شَبِهٌ مِنَ اليَهُودِ ، ومَنِ انْحَرَفَ مِنَ العُبَّادِ فِفِيهِ شَبَهٌ مِنَ النَّصَارَى ) (2).
وَقَدْ نَجِدُ بَعْض هَؤُلاَءِ يَسْتَحِلُّونَ المُحَرَّمَاتِ كَمَا اسْتَحَلَّتْ ذلِكَ اليَهُودُ والنَّصَارَى ، فَمَتَى تَعَوَّدَتِ القُلُوبُ عَلَى المَعَاصِي والبَدَع وألِفَتْهَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَكَانٌ لِطَاعَةٍ ، فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ العَلِيّ العَظِيم .
وَمَا كَفَى الوَاحِدَ مِنْهُم أيضاً إلاَّ أنَّهُ قَامَ يَقَعُ بِالاسْتِهْزَاءِ والسُّخْرِيَةِ والاسْتِخْفَافِ عَلَى مَن يُحْيِِي سُنَنِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ إطْلاَقِ اللِّحْيَةِ أوْ تَقْصِيرِ الثَّوْبِ أوْ غَيْرِ ذلِكَ مِنْ طَاعَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/5)
1) أخْرَجُه البُخَارِيّ فِي صَحيحهِ [ج6ص495] ومُسْلِمٌ فِي صَحيحهِ [ج4ص2054] مِن حَدِيثِ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عِنْهُ .
2) انظُرْ بَدَائِعِ الفَوَائِد لابْنِ القَيِّم [ج2ص32] وشَرْحِ العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ لابْنِ أبِي العِزِّ الحَنَفِيّ [ص801] .
مِن أجْلِ هَذا الكَلاَمِ ، ومِن أجْلِ مَا نَشَرَ هَؤُلاَءِ مِنَ الفَتَاوَى البَاطِلَةِ المُخَالِفَةِ للشَّرْعِ ، دَعَتِ الحَاجَةِ إلَى تَألِيفِ هَذِه الرِّسَالَةِ المُسَمَّاةُ بـ (الدُّر المُنْتَقَى فِي تَبْيِين حُكْمِ إعْفَاءِ اللِّحَى ) . وإطْلاَقُ اللِّحْيَة سُنَّةٌ مِن سُنَنِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الوَاجِبَةِ الَّتِي أعْرَضَ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي هَذا الزَّمَانِ ، واللهُ المُسْتَعَان .(1/6)
فَهَذِهِ الرِّسَالَة نَصِيحَةٌ للْمُسْلِمٍينَ ، ودَفَاعٌ عَنِ الدِّينِ ، ونُصْرَةٌ لِلْحَقِّ المُبِين ، نُؤَكِّدُ فِيهَا أنَّ قَضِيَّةَ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ حُكْمٌ فَرْعِيّ ، لَكِنَّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ أصْلٍ كُلِّيٍ غَفَلَ عَنْهُ الكَثِيرُونَ ، ألاَ وَهُوَ طَاعَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَاعَةً مُطْلَقَةً بِامْتِثَالِ كُلِّ مَا بِهِ أمَرَ وَالانْتِهَاءِ عَن كُلِّ مَا عَنْهُ زَجَرَ قَالَ تَعَالَى :?? ????? ???????????? ??????????? ?????????? ????? ??????????? ???????? ?????????????? ?(1) وقَالَ تَعَالَى : ? ???? ????????? ??????????? ??????? ?????????? ??????? ?(2) وقالَ تَعَالَى : ? ????? ???? ??????? ??????????? ?????? ?????????????????? ????????????? ?????? ?????????????? ?????? ????????????? ?(3) وَقَالَ تَعَالَى : ? ????????????? ?????? ????????????? ??????????? ????????????? ? (4). وَقَدْ بَيَّنَ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الإتِّبَاعَ المُطْلَقَ لَهُ فَقَالَ فِي حَدِيثِ العِرْبَاضِ بْنِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة الحشر آية [7] .
2) سورة النساء آية [80] .
3) سورة آل عمران آية [31] .
4) سورة آل عمران آية [132] .
سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : ( أوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، والسَّمْعِ والطَّاعَةِ وإنْ تَأمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيُّ ، وإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثَاتِ الأمُورِ فَإنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَة ٌ ) (1).(1/7)
وقَالَ فِي حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِِيَ اللهُ عَنْهُ : ( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى ) قِيلَ : وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : ( مَنْ أطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى ) (2).
هَذَا وأسْألُ اللهَ العَظِيم أنْ يَنْفَعَ بِهِذا الكِتَابِ عِبَادَهُ المُسْلِمِينَ ،وأنْ يَهْدِيَنَا جَمِيعاً إلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيم .
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأثَرِي ُّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) حديثٌ صَحيحٌ .
أخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ فِي سُنِنِه [ج4ص200] والتِّرْمِذِيُّ فِي سُنِنِهِ [ج5ص45] وابْنُ مَاجَه فِي سُنِنِه [ج1ص17] وأحْمد فِي المُسْنَد [ج4ص126] بِإسْنَادٍ صَحِيح.
2) أخرجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ [ج13ص214] .
ذِكْرُ حَدِّ اللِّحْيَةِ
قَالَ المَجْدُ الفَيْرُوز ُ آبَادِي فِي القَامُوسِ المُحِيط : ( اللِّحْيَةُ : بِالكَسْرِ ، شَعْرُ الخَدَّيْنِ والذَّقْنِ ) (1).اهـ
وَقَالَ الشِّيخُ أحْمَدالدِّهْلَويُّ : ( حَدُّ اللِّحْيَةِ طُولاً : مِنَ العَنْفَقَةِ ـ أي مِنَ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى مَعَ شَعْرِ الذَّقْنِ (2)ـ إلَى الشَّعْرِ النَّابِتِ تَحْتَ الذَّقْنِ ، وَعَرْضاً مِن شَعْرِ الخَدِّيْنِ ـ وهُمَا العَارِضَانِ ـ أي : مِن جَانِبَيّ الوَجْهِ مَعَ شَعْرِ الصِّدْغَيْنِ (3) إلَى مَا تَحْتَ الحَنَكِ الأسْفَلِ مِنَ الشَّعْرِ . هَذا كُلُّهُ لِحْيَةٌ )(4).اهـ(1/8)
وَقَالَ الشِّيخُ عَبْدِ السَتَّار الدِّهْلَويُّ : ( فَإذا فَهِمْتَ مَا جَاءَ بُكُتُبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ عَرَفْتَ حِينَئِذٍ أنَّ جَمِيعَ شَعْرِ الوَجْهِ مِمَّا يَنْبُتُ عَلَى الذَّقْنِ وَتَحْتَ اللِّحْيَيْنِ ، ومَا عَلَى الخَدَّيْنِ والعَارِضَيْنِ يُقَالُ لَهُ : لِحْيَةٌ ، مَاعَدَا الشَّارِبِ )(5).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) [ج4ص387] والفَتْح لابْنِ حَجَر [ج10ص350] .
2) الذَّقنُ : مُجْتَمَعِ اللِّحْيَيْن مِنْ أسْفَلهِمَا .
انظر المُعْجَم الوَسِيط [ج1ص313] .
3) الصُّدْغ : جَانِبَ الوَجْهِ مِنَ العَيْنِ إلَى الأذُن والشَّعْرُ فَوْقَهُ .
انظُر المِصْبَاح المُنِير للفَيُّومِيّ [ج1ص335] .
4) انظُر حُكْم الدَّين فِي اللِّحْيَةِ والتَّدْخِين للشِّيخ عَلَى الأثَرِيّ [ص18] .
5) انظُر المَصْدر السِّابِق .
وَقَالَ الدُّسُوقِيُّ المَالِكِيّ فِي حَاشِيَتِهِ [ج1ص86] : ( لَِحْيَةٌ بِكَسْرِ اللامِ وفَتْحِهَا ، وهِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى اللِّحْيَيْنِ ، تَثْنِيَةُ لِحَى ، وحُكِيَ كَسْرُهَا فِي المُفْرَدِ ، وهُوَ فَكُّ الحَنَكِ الأسْفَلِ ).اهـ
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ البَارِي [ج10ص350] : ( اللِّحْيَةُ اسْمٌ لِمَا نَبَتَ عَلَى الخَدِّيْنِ والذَّقْنِ ) . اهـ
ذِكْرُ الدَّلِيل عَلَى وُجُوبِ إعْفَاءِ اللِّحَى
[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : (خَالِفُوا المُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللَّحَى ، وأحْفُوا الشَّوَارِبَ ) (1).
وفِي لَفْظٍ : ( انْهَكُوا الشَّوَارِِبَ ، وأعْفُوا اللِّحَى ) .
وفِي لَفْظٍ : ( أمَرَ بِإحْفَاءِ الشَّوَارِبِ ، وَإعْفَاءِ اللِّحَى ) (2).
وَلِلْحَدِيثِ طُرُقٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ :
(1) نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ :
ولَهُ عَن نَافِعٍ طُرُق :
[(1/9)
1] عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ [ج10ص351] ومُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص222] والتِّرْمِذِيُّ فِي سُنِنِهِ [ج5ص95] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/1ـب/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج1ص16] و[ج8ص181و182] وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص376] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِه [ج1ص189] والجَوْهَرِيُّ فِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) وأحْفُوا الشَّوَارِبَ : مَعْناهَا أحْفُوا مَا طَالَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ . أي مَا يَبْدُو بِهِ طََرَفِ الشَّفَة .
انظُرْ شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِم للنَّوَوِيّ [ج3ص151] .
2) وإعْفَاء اللِّحَى : بِمَعْنَى التَّرْك .
انظُر الفَتْح لابْنِ حَجَر [ج10ص351] .
حَديثِ الزُّهْرِيُّ [ج1ص253] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والجَوْزَقَانِيُّ فِي الأبَاطِيلِ [ج2ص254] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص16] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ج1ص149] وفِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص220] وابْنُِ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج24ص143] وفِي الاسْتِذْكَارِ [ج27ص63].
وَقَالَ التِّرْمِذِي ُّ : هَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
[2] عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحهِ [ج10ص349] ومُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص222] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ [ج12ص107] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص150] وفِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص220] وابْنُ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى [ج2ص220].
[3] أبُو بَكْر بْنُ نَافِع ٍ عَنْهُ .(1/10)
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص222] وأبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِه [ج4ص413] والتِرْمِذي ُّ فِي سُنِنِه [ج5س95] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص151] وفِي الآدَابِ [ص382] وفِي شُعَبِ الإيمَان [ج6ص61] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحهِ [ج1ص189] ومَالِكٌ فِي المُوَطَّأ [ج2ص947] وابْنُ المُنْذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص239] والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَاريخِ بَغْدَادٍ [ج6ص247] وفِي الجَامِعِ [ج1ص375] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ [ج12ص107] وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ [ج7ص407] وأبُو نُعَيْمٍ فِي أخْبَارِ أصْبَهَانَ [ج2ص226] وابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيد [ج24ص143] وفِي الاسْتِذْكَارِ [ج27ص63]..
وَقَالَ التِّرْمِذي ُّ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
[4] مَالِكٌ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِِ [ج4ص230] وأبُو نُعَيْمٍ فِي أخْبَارِ أصْبَهَانَ [ج2ص67و278] والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَلْخِيصِ المُتَشَابِهِ [ج1ص547] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج9ص179] والقَطِيعِيُّ فِي الفَوَائِدِ المُنْتَقَاة [ص79] وابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج24ص142] وابْنُ المُظَفَّرِ فِي غَرَائِبِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أنَس [ص120] .
وإسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
[5] عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ العُمَرِيّ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيّ فِي الكَامِل [ج4ص1460] .
وإسنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ العُمَرِيّ وهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص314] .
[6] أبُو مَعْشَرٍ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ أبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج11ص469] وابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ [ج7ص2517] .(1/11)
وإسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ أبُو مَعْشَرٍ وهُوَ نَجِيحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّنْدِيّ وهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص559] .
[7] هِشَام بْنُ عُرْوَةَ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ الصَّيْدَاوِيُّ فِي مُعْجَمِ الشِّيُوخِ [ص237] .
وإسْنَادُهُ حَسَنٌ فِي المُتَابَعَاتِ .
(2) عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ [ج5ص223] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص52] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج10ص105]والخَلاَّلُ فِي التَرَجُّلِ [ق9/ط] .
وإسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
(3) مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَان عَنِ ابْنِ عُمَرَ .
أخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الأوْسَطِ [ج2ص33] .
وإسْنادُهُ حَسَنٌ فِي المُتَابَعَاتِ .
(4) عُرْوَةُعَنِ ابْنِ عُمَرَ .
أخْرَجَهُ الصَّيْدَاوِِيُّ فِي مُعْجَمِ الشُّيُوخِ [ص337] .
وإسْنَادُهُ حَسَنٌ فِي المُتَابَعَاتِ .
(2) وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جُزُّوا الشَّوَارِبَ ، وأرْخُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا المَجُوس ) .
وَفِي لَفْظٍ : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ، وأعْفُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا المَجُوسَ ) (1).
وَلِلْحَدِيثِ طُرُقٌ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ .
[1] عَبْدُ الرَّحْمَن مَوْلَى الحُرَقَةَ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص222] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص365و366] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحَيحِهِ [ج1ص188] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ج1ص150] وفِي المَعْرِفَةِ [ج1ص438] والشَّافِعِيُّ فِي الأمِّ [ج1ص21] .
(2) أبُو سَلَمَة عَنْهُ .(1/12)
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ [ج1ص40] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص356و387] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الصَّغِيرِ [ج2ص16] والبَزَّارُ فِي المُسْنَدِ [ج3ص371ـ الزَّوَائِد ) والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادٍ [ج5ص317] .
وإسْنَادُهُ حَسَنٌ .
(3) سَعِيدُ المَقْبُرِيّ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ أبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج11ص469] وابْنُ عَدِي فِي الكامِلِ[ج7ص2517].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) هَذه الرِّوَايَات : ( أَعْفُوا ، وَأَوْفُوا ، وأَرْخُوا ، وأَرْجُوا ، وَوَفِّرُوا ) مَعناهَا كُلَّهَا تَرْكَهَا عَلَى حَالِهَا هَذا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الحَدِيثِ الذي تَقْتَضيهِ ألْفَاظُهُ .
انظُر شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِم للنَّوَوِيّ [ج3ص151] .
وإسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ أبُو مَعْشَرٍ وهُوَ نَجِيحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّنْدِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص559] .
(4) الوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ البَزَّارُ فِي المُسْنَدِ [ج3ص371ـ الزَّوائِد ) .
وإسْنَادُهُ وَاهٍ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص498] .
(3) وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ أهْلَ الكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ ، وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ قالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُصُّوا سِبَالَكُمْ ، وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ ، وَخَالِفُوا أهْلَ الكَتَابِ ) (1).
حَدِيثٌ حَسَنٌ(1/13)
أخْرَجَهُ أحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج5ص264و265] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج8ص282] مِن طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ يَحْيَى ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ العَلاَءِ حَدَّثَنِي القَاسِمُ قالَ سَمِعْتُ أبَا أمَامَةَ يَقُولُ فَذكَرَهُ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) السِّبَالُ : هِيَ الشَّوَارِبُ .
2) العَثَانِينُ : جَمْعِ عُثْنُونَ : وهِيَ اللِّحْيَة .
انظُر مُخْتَار الصَّحَاح للرَّازِي [ص120] والمُعْجَمِ الوَسِيط [ج2ص584] .
قُلْتُ : وَهَذَا سَنَدُهُ حَسَنٌ ، وَقَدْ حَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ [ج1ص354] والألْبَانِيُّ فِي حِجَابِ المَرْأةِ المُسْلِمَةِ [ص93] .
فَهَذِهِ هِيَ الأدِّلَةُ مِن سُنَّتِهِ القَوْلِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
وَفِيهَا أمْرٌ صَرِيحٌ بِإعْفَاءِ اللِّحَى ، وأنَّ الأمْرَ المُجَرَّد عَنِ القَرِينَةِ الصَّارِفَةِ يُحْمَلُ عَلَى الوُجُوبِ ، وهُوَ الرَّاجِحُ مِن أقْوَالِ أهْلِ العِلْمِ (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُرْ الإحْكَام للآمُدّيّ [ج2ص9] والمَدْخَل لابْنِ بَدْرَان [ص101] وأصُولِ الفِقْهِ للزِّحِيلِيّ [ج1ص219] وإرْشَادِ الفُحُول للشَّوْكَانِيّ [ص101] ومُذكِّرَةٌ فِي أصُولِ الفِقْهِ للشَّنْقِيطِيّ [ص191] وشَرْحِ الكَوْكَبِ المُنِير لابْنِ النَّجَّارِ [ج3ص39] والتَّعْلِيقَات للْجُوَيْنِيّ [ص31] وأصُولِ الفِقْهِ للخُضَرِيّ [ص197] ورَوْضَةُ النَّاظِر لابْنِ قُدَامَةَ [ج2ص70] وعِلْمِ أصُولِ الفِقْهِ للخَلاَّف [ص106] والإحْكَام لابْنِ حَزْم [ج2ص393] .
ذِكْرُ الدَّلِيل عَلَى أنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْفِي لِحْيَتَهُ
((1/14)
1) عَن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ (1) مُقَدَّمُ رَأسِهِ وَلِحْيَتِهِ ، وكَانَ إذا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ ، وإذا شَعِثَ رَأسُهُ تَبَيَّنَ ، وكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ : وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ ؟ قالَ : لاَ . بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ والقَمَرِ ، وَكَانَ مُسْتَدِيراً . وَرَأيْتُ الخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيَضَةِ الحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ ) .
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج4ص1823] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج5ص102] و107] وابْنُ أَبِي شَيْبَة فِي المُصَنَّفِ [ج11ص514] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص235و262] وفِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج2ص151] وابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ [ج2ص726] وابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج1ص425و433] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج2ص224] وعَبْدُ اللهِ فِي زِيَادَاتِ المُسْنَدِ [ج5ص98] وابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص252] والخَطَّابِيّ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ [ج1ص215] وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحهِ [ج8ص71] وأبُو الشَّيخِ فِي أخْلاَقِ النَّبِيِّ [ص185]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) شَمِطََ : اخْتَلَطَ سَوادُهُ بِبَيَاضِهِ .
انظُر المُعْجَم الوَسِيط [ج1ص494] .
والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّة [ج13ص229] ويَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي المَعْرِفَةِ والتَّارِيخِ [ج3ص349] والتِّرْمَذِيُّ فِي سُنَنِهِ [ج5ص602] وفِي الشَّمَائِلِ [ص43] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج5ص427] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج8ص150] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج13ص451] مِن طُرُقٍ عَن سِمَاكِ عَن جَابِرٍ بِهِ .
((1/15)
2) وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ ) .
حَدِيثٌ حَسَنٌ
أخْرَجَهُ التِرْمِذيُّ فِي سُنِنِه [ج5ص598] وفِي الشَّمَائِلِ [ص31] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص217ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص268و269] والحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ [ج1ص606] وابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج1ص411] مِن طَرِيقِ أبِي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بْنِ دُكَيْنِ حَدَّثَنَا المَسْعُودِيُّ عَن عُثْمَانَ بْنِ مُسْلِمٍ بْنِ هُرْمُزٍ عَن نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ بْنُ مُطْعِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ ( ويُقَالُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ) بْنِ هُرْمُز قَالَ عَنْهُ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِذَاكَ ، وَذكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ [ج7ص198] ولِذَا قَالَ عِِنْهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ [ص386] فِيهِ لِيٌن . وانظُر تَهْذِيبَ الكَمَالِ لِلْمِزِّيِّ [ج19ص492] .
والمَسْعُودِيُّ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ صَدُوقٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَر [ص344] ولَكِنَّهُ اخْتَلَطَ وسَمَاعِ أبِي نُعَيْمِ الفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ وَوَكِيع قَبْلَ الاخْتِلاَطِ وكَذلِكَ كُلُّ مَن سَمِعَ مِنْهُ بِالكُوفَةِ فَسَمَاعُهُ جَيِّدٌ ، ومَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِبَغْدَاد فَبَعْدَ الاخْتِلاَط .
انظُرِ التَّهْذِيب لابْنِ حَجَرٍ [ج6ص190] والكَوَاكِبُ النَيِّرَاتِ لابْنِ الكَيَّالِ [ص282] .
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَقَالَ الحَاكِمُ : هَذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإسْنَادِ.(1/16)
وأخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنِنِه [ج5ص599] وفِي الشَّمَائِلِ [ص32] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص218ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج1ص207] والمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ [ج1ص213] والبَغَوِيُّ فِي التَّفْسِيِر [ج5ص93] مِن طَرِيق وَكِيع أنْبَأنَا المَسْعُودِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بِهَذَا الإسْنَاد.
وأخْرَجَهُ أحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج1ص207] مِن طَرِيقِ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا المَسْعُودِيُّ ومِسْعَرٌ عَنْ عُثْمَانَ بِهِ .
وَأخْرَجَهُ ابْنُ شَبَّه فِي أخْبَارِ المَدِينَةِ [ج2ص177] مِن طَرِيقِ أبِي نُعَيْم حَدَّثَنَا مِسْعَرُ عَنْ عُثْمانَ عَن نَافِعٍ بْنِ جُبَيْرٍ مُرْسلاً بِهِ .
وأخْرَجَهُ ابْنُ شَبَّه فِي أخْبَارِ المَدِينَةِ [ج2ص177] مِن طَرِيقِ عُثْمَانَِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا المَسْعُودِيُّ عَنْ عُثْمَانَ عَن نَافِعٍ بْنِ جُبَيْرٍٍ مُرْسَلاً أيْضاً .
وَأخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي المُسْنَدِ [ص25] والطَّبَرِيُّ فِي التَّارِيخِ [ج3ص179] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السَّنَّةِ [ج13ص221] وفِي الأنْوَارِ [ج1ص143] والبَيْهَقِيّ فِي دَلائِلِ النَّبُوَّةِ[ج1ص244و269] وفِي الشُّعَبِ [ج2ص149] مِن طُرُقٍ عِن المَسْعُودِيّ عَنْ عُثْمَانَ بِهِ .(1/17)
وَأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص245] وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ المُسْنَدِ [ج1ص116] وابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص220] وابْنُ أبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج11ص514] وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ [ج8ص75] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج1ص304] وفِي المُعْجَمِ [ص256] والخَطِيبُ البَغْدَادِيّ فِي المُوَضِّحِ [ج1ص415] والآجُرِّيُّ فِي الشَّرِيعَةِ [ص464] ويَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي المَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ [ج3ص278] مِن طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ المَلَكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَن نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ شَرِيكُ بْنِ عَبْدِ اللهِ القَاضِي وهُوَ سَيِّئُ الحِفْظِ.
وَقَالَ التِّرْمِذي ُّ فِي العِلَلِ الكَبِير [ص220]: شَرِيك بْنِ عَبْدِ اللهِ كَثِيرَ الغَلَط والوَهْمِ .
وعَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍِ وهُوَ ابْنُ سُوَيْد اللِّخْميّ قَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقرِيبِ [ص364] : ثِقَةٌ فَصِيحٌ عَالِمٌ تَغَيَّرَ حِفْظَهُ وَرُبَّمَا دَلَّسَ .
وخَالَفَ الرُّوَاةُ عَن شَرِيكٍ :
(1) أسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْدَ أحْمَدَ فِي المُسْنَدِ [ج1ص134] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْق [ص220].
(2) ويَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عِنْدَ البَزَّارِ فِي المُسْنَدِ [ج2ص119ـ الزوائِد) .
فَرَوَيَاهُ عَن شَرِيك عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْر عَن نَافِع بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ بِهِ .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي العِلَلِ [ج3ص122] : ( والصَّوَابُ قَوْلُ مَنْ قَالَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍٍِ عَنْ عَلِيٍّ ، ولَمْ يَذكُرْ فِيهِ جُبَيْراً ). اهـ(1/18)
وأخْرَجَهُ القَطِيعِيُّ فِي الفَوَائِدِ المُنْتَقَاة [ص246] مِن طَرِيقِ إسْمَاعِيلِ بْنِ أبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَن نَافِعٍ عَنْ عَلَيٍّ بِهِ .
وأخْرَجَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ المُسْنَدِ [ج1ص116] والنَّسَائِيُّ فِي مُسْنَدِ عَلِيّ كَمَا فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ للْمَزِيِّ [ج13ص53] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص221ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] والمِزِيِّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ [ج13ص53] والقَطِيعِيّ فِي الفَوَائِدِ المُنْتَقَاة [ص246] مِن طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَن صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ عَن نَافِعٍ عَنْ عَلِيّ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ ولِهُ عِلَّتَان :
الأولَى : عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنُ جُرَيْجٍ وهُوَ مُدَلِّسٌ ولَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّحْدِيثِ (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُرْ تَعْرِيف أهْلِ التَّقْدِيس لابْنِ حَجَرٍ [ص95] .
الثَّانِيَة : شَيْخُهُ صَالِح بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ مَقْبُولٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص272] يَعْنِي حَيْثُ يُتَابَعُ وَإلاَّ فَلَيِّنُ الحَدِيثِ .
وَقَدْ أشَارَ البُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ [ج4ص281] إلَى رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ لِهَذا الحَدِيثِ .
وأخْرَجَهُ البَزَّارُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص244] مِن طَرِيقِ الحَجَّاجِ بْنِ أرْطَاة عَنْ سَالِم المَكِيّ عَن مُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ عَن عَلِيٍّ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفُ فِيهِ الحَجَّاجُ بنُ أرْطَاة وهُوَ مُدَلِّسٌ (1) ولَمْ يُصَرِّحْ بالتَّحْدِيثِ .
وأخْرَجَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ المُسْنَدِ [ج1ص117] وَوَقَعَ فِيهِ حَجَّاجُ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ المَكِيّ .(1/19)
وأثْبَتَ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَعْجِيلِ المَنْفَعَةِ [ص498] أنَّ فِيهِ تَصْحِيفاً صَوَابُهُ: (حَجَّاج عَنْ عُثْمان بْنِ عَبْدِ اللهِ المَكِيّ ) .
وأخْرَجَهُ التِّرْمِذيُّ فِي سُنَِنِهِ [ج5ص599] وفِي الشَّمَائِلِ [ص32] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص269] وفِي الشُّعَبِ [ج2ص149] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ [ج13ص282] والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَاد [ج11ص30] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص325ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] وابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُرْ تَعْرِيف أهْلِ التَّقْدِيس لابْنِ حَجَرٍ [ص95] .
الكُبْرَى [ج1ص411] والبَلاَذُرِيُّ فِي أنْسَابِ الأشْرَافِ [ج1ص391] وابْنُ شَبَّه فِي أخْبَارِ المَدِينَةِ [ج2ص178] ويَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَان فِي المَعْرِفَةِ والتَّارِيخِ [ج3ص79] وأبُو عُبَيْد فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ [ج3ص24] عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَة حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّد مِن وَلَدِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ ولِهُ عِلَّتَانِ :
الأولَى: الانْقِطَاع بَيْنَ إبْرَاهِيم وعَلِيّ كَمَا فِي التَّهْذِيب للمِزِّيّ [ج2ص183].
الثَّانيَة : عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى غُفْرَة وَهُوَ ضَعَيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍٍ [ص414] .
وقَالَ التِّرْمِذي ُّ : هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، لَيْسَ إسْنادُهُ بِمُتَّصِلٍ .(1/20)
وأخْرَجهُ الآجُرِّيُّ فِي الشَّريعَةِ [ص464] ويَعقُوبُ بْنُ سُفْيانَ فِي المَعرِفَةِ والتَّارِيخ [ج3ص278] وابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبرَى [ج1ص411] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص224ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] وعَبْدُ اللهِ بْنُ أحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ المُسْنَدِ [ج1ص151] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص216و217و252] وابْنُ شَبَّه فِي أخْبَارِ المَدِينَةِ [ج1ص177] مِن طَرِيقِ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ الحَرَّانِيُّ حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ خَالِد عَن يُوسُف بْنِ مَازِن أنَّ رَجُلاً سَألَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ فَذكَرَهُ .
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ لأنَّ يُوسُفَ بْنَ مَازِنٍ لَمْ يَلْقَ عَلَيًّا . فَالإسْنَادُ مُنقَطِعٌ .
وَقَد ذكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ [ج7ص634] فِي أتْبَاعِ التَّابِعينَ مَمَّن لَمْ يَلْقَ الصَّحَابَة .
فَقَالَ : يُوسُف بْنُ مَازِن الرَّاسِبِيّ مِن أهْلِ البَصْرَةِ يَرْوِي المَقَاطِيع .
وَقَالَ ابْنُ أبِي حَاتِم فِي الجَرْحِ والتَّعْدِيل [ج9ص230] رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِب مُرْسَل .
وخُلاَصَةُ القَوْلِ أنَّ الحَدِيثَ بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ حَسَنٌ .
(3) وَعَنْ هِنْدَ بْنِ أبِي هَالَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَثَّ الْلِّحْيَةِ ) .
حَدِيثٌ حَسَنٌ(1/21)
أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ [ص23] والآجُرِّيُّ فِي الشَّرِيعَةِ [ص471و481] وابْنُ مَاكُولاَ فِي التَّهْذِيبِ [ص160] وابْنُ الجَوْزِيِّ فِي الحَدَائِقِ [ج1ص261] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج22ص155] والبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ [ج2ص242] وابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج1ص422] وأبُو نُعَيْمٍ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ج3ص227] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص286و287] وفِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج2ص154] وابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ [ج3ص195] والحَرْبِيّ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ [ج1ص42] وابْنُ قُتَيْبَةَ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ [ج1ص204] وابْنُ الأثِيرِ فِي أُسْدِ الغَابَةِ [ج5ص417و418] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص292] والقَاضِي عِيَاضُ فِي الشِّفَا [ج1ص154] وابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي عُيُونِ الأثَرِ [ج2ص425] والحَكِيمُ فِي نَوادِرِ الأصُولِ [ق25/ط] ويَعْقُوب بْنُ سُفْيَان فِي المَعْرِفَةِ والتَّارِيخ [ج3ص356] والبَلاَذُرِيّ فِي أنْسَابِ الأشْرَافِ [ج1ص386] وابْنُ أبِي عَاصِمٍ فِي الآحَادِ والمَثَانِي [ج2ص438] والحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ [ج3ص640] وابْنُ أبِي عُمَر فِي المُسْنَدِ [ص65ـ علامَاتِ النُّبُوَّةِ ] مِن طَرِيقِ رَجُلٍ مِن بَنِي تَمِيمٍ عَنِ ابْنِ لأبِي هَالَةَ عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيّ قَالَ سَألْتُ هِنْدَ بْنِ أبِي هَالَةَ فَذكَرَهُ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ مَن لَمْ يُسَمّ .
وَذَكَرَهُ الهَيْثَمِيُّ فِي الزَّوَائِدِ [ج8ص287] ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ وفِيهِ مَن لَمْ يُسَمّ .(1/22)
وأخْرَجَهُ ابْنُ بَلْبَان فِي المَقَاصِدِ الحَسَنَةِ [ص498و499] وابْنُ شَاذَان فِي مَشْيَخَتِهِ الصُّغْرَى [ص45] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص285] وابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ج3ص337] مِن طَرِيقِ أبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ يَحْيَى العَلَوِيّ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ إسْحَاقَ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيهِ مُحَمَّد بْنِ عَلِيٍّ عنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ قَالَ الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ سَألْتُ خَالِي هِنْدَ بْنِ أبِي هَالَةَ فَذَكَرَهُ .
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُهُ فِيهِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد العَلَوِيِّ مُتَّهَمٌ بِالكَذِبِ .
انظُرْ لِسَانَ المِيزَانِ لابْنِ حَجَرٍ [ج2ص252] .
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أمِّ مَعْبَدٍ وفِيهِ : (وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ) .(1/23)
أخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتدرَك [ج3ص19] وأبُو بَكرٍ الشَّافِعِيُّ فِي الفَوَائِدِ [ق60/ط] والأصْبَهانِيُّ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ص60] والطَّبرانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيِر [ج4ص48] وفِي الأحَادِيثِ الطُوَالِ [ص354] وابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي الاسْتِيعَابِ [ج13ص294] وأبُو نُعَيْمٍ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ص283و287] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص277] والآجُرِّيُّ فِي الشَّرِيعَة [ص465] والطَّبَرِيُّ فِي ذيْلِ المَذِيل [ص577] وابْنُ قُتَيْبَةَ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ [ج1ص190] ويَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي المَعْرفةِ والتَّارِيخ [ج3ص336] وابْنُ أبِي عَاصِمٍ فِي الآحَادِ والمَثَانِي [ج6ص254] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص227ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السنَّةِ [ج13ص261] وفِي الأنْوَارِ [ج1ص342] واللالِكَائِيُّ فِي الاعْتِقَادِ [ج4ص777] والمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ [ج1ص221] وابْنُ الأثِيرِ فِي أُسْدِ الغَابَةِ [ج1ص451] والذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإسْلاَم [ص437] مِن طَرِيقٍ عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أبِيهِ هِشَامٍ عَن جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَندُهُ فِيه هِشَامُ بْنُ حُبَيْشٍ بْنِ خَالِد الخُزَاعِيِّ ذَكَرَهُ ابْنُ أبِي حَاتِمٍ فِي الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ [ج9ص53] ولَمْ يَذكُرْ فِيه جَرْحاً ولاَ تَعْدِيلاً . فَهُوَ مَجْهُولٌ .
وأخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج1ص230] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص271ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] بِسَنَدٍ آخَر عَنْ أبِى مَعْبَدٍ بِهِ .
وذكرَ ابْنُ كَثِيرٍ طُرُقاً أخْرَى للْحَدِيثِ فِي البِدَايَةِ والنَّهَايَةِ [ج3ص190] ثُمَّ قَالَ: وَقِصَّةُ أمِّ مَعْبَدٍ مَشْهُورَةٌ مَرْوِيَّةٌ مِن طُرُقٍ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضاً .(1/24)
وَقَدْ أشَارَ الألْبَانِيُّ إلَى بَعْضِ هَذهِ الطُّرُقِ فِي حَاشِيَةِ فِقْهِ السِّيرَةِ [ص178] ثُمَّ قالَ : فَالحَدِيثُ بِهَذِهِ الطُّرُقِ لا يَنْزِلُ عَنْ رُتْبَةِ الحَسَنِ .
وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَفِيهِ (كَث ُّ الْلِّحْيَةِ ) .
أخْرَجهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقاتِ الكُبْرى [ج1ص410] والبَزَّارُ فِي المُسْندِ [ج2ص253] والذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإسْلاَمِ [ص97] مِن طُرُقٍ عَن حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحمَّدِ بْنِ عَقِِيلٍ صَدُوقٌ فِي حَدِيثِهِ لِينٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص321] .
قُلْتُ : فَمِثْلُهُ حَسَنٌ فِي الشَّوَاهِِدِ .
وأخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّارِيخ [ج3ص179] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص224ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] وابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج1ص410] والبَيْهَقِيُّ فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ [ج1ص273] والبَلاَذُرِيُّ فِي أنْسَابِ الأشْرَافِ [ج1ص394] مِن طَرِيقِ مُجَمِّعِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِمْرَان عَن بَعْضِ الأنصَارِ أنَّ عَلِيًّا بهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ مَن لَمْ يُسَمّ .
وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ عَلَيِّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنُ عَلَيِّ عَنْ جَدِّ أبِيهِ عَلَيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ،وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَإنَّ زَيْداً لَمْ يُدْرِكْ عَلِياًّ .
أخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِ دِمِشْقِ [ص226ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة ] مِنْ طَرِيقِ الحَسَنِ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا عَمْرو بْنُ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ بِهِ .(1/25)
وأخْرَجَهُ ابْنُ شَبَّه فِي أخْبَارِ المَدِينَةِ [ج2ص178] مِن طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ أبِي حُبَاب عَن زُبَيْدٍ عَن أبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَلِيِّ فذكرهُ .
وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرٌ أيضاً مِن حَدِيثِ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : ( أَبْيَضُ الوَجْهِ ، كّثُّ اللِّحْيَةِ ، ضَخْمُ الهَامَةِ ) .
أخْرَجَهُ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمانَ فِي حَدِيثهِ [ص190] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص242ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] مِن طَرِيقِ هِلاَلِ بْنِ العَلاَءِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا فُرَاتٌ عَنِ الفَرْوِيِّ يَعْنِي إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ يَزِيدِ بْنِ عَبْدِاللهِ بْنِ أُسامَةَ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَندُهُ حَسَنٌ فِي الشَّوَاهِدِ .
وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرٌ أيْضاً مِنْ حَدِيثِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال : ( كَثُّ اللِّحْيَةِ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ ).
أخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص243ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] مِنْ طَرِيقِ أَبِي الحُسَيْنِ بْنِ المُظَفَّرِ حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ الدَّرْهَمِيُّ حَدَّثَنا أمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُهُ حَسَنٌ فِي الشَّوَاهِدِ .
وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرٌ أيْضاً مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال : ( كَثُّ اللِّحْيَةِ ، دَقِيقُ المَسْرُبَةِ ).(1/26)
أخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص229ـ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّة] مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ المُغِيرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِهِ.
قُلْتُ : وَهَذَا سَنَدُهُ حَسَنٌ فِي الشَّواهِدِ أيْضاً .
فَهَذِهِ هِيَ الأدِلَّة مِنْ سُنَّتِهِ الفِعْلِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ذكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى تَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحَى
(1) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَالِفُوا المُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى ، وأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ) .
وفِي لَفْظٍ : ( انْهَكُوا الشَّوَارِبَ ، وأْعْفُوا اللِّحَى ) .
وفِي لَفْظٍ : ( أَمَرَ بِإحْفَاءِ الشَّوَارِبِ ، وإِعْفَاءِ اللِّحَى ) .(1/27)
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحهِ [ج1ص351] وفِي التَّارِيخِ الكَبِيِر [ج5ص323] ومُسْلِمٌ فِي صَحِيحهِ [ج1ص222] والتِّرْمذِيُّ فِي سُنَنِهِ [ج5ص95] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ق/1ـب/ط] وفِي السُّنِنِ الصُّغْرَى [ج1ص16] و[ج8ص181] وابْنُ أبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص376] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحهِ [ج1ص189] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والجَوْزَقَانِيُّ فِي الأبَاطِيلِ [ج2ص254] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص16] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص149] وفِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص220] وفِي الآدَابِ [ص382] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ [ج12ص107] وابْنُ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى [ج2ص220] وأبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [ج4ص413] ومَالِكٌ فِي المُوَطَّأ [ج2ص947] وابْنُ المُنذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص239] والخَطِيبُ البَغْدَادِيّ فِي تَارِيخِ بَغْدَاد [ج6ص247] وفِي الجَامِعِ [ج1ص375] وفِي تَلْخِيصِ المُتَشَابِهِ [ج1ص547] وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحهِ [ج7ص407] وابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج24ص143] وأبُو نُعَيْمٍ فِي أخْبَارِ أصْبَهَان [ج2ص226] والقَطِيعِيُّ فِي الفَوَائِدِ المُنتَقَاة [ص79] وابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ [ج4ص1460] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج11ص469] والصَّيْدَاوِيُّ فِي مُعْجَمِ الشُّيُوخ [ص237] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الأوْسَطِ [ج2ص33] مِن طُرُقِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
وقَالَ التِّرْمِذي ُّ : هَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
(2) وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جُزُّوا الشَّوَارِبَ ، وأَرْخُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا المَجُوسَ ) .
وفِي لَفْظٍ : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ، وأَعْفُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا المَجُوسَ ) .(1/28)
أَخْرجهُ مُسْلِمٌ فِي صَحيحهِ [ج1ص222] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص365و366] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحهِ [ج1ص188] والبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ [ج1ص40] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ج1ص150] وفِي المَعْرِفَةِ [ج1ص438] والشَّافِعيُّ فِي الأُمِّ [ج1ص21] والطَّبَرانِيُّ فِي المُعْْجَمِ الصَّغِيرِ [ج2ص16] والبزَّارُ فِي المُسْنَدِ [ج3ص371ـ الزَّوائد] والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَاد [ج5ص317] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج11ص469] وابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ [ج7ص251] مِن طُرُقٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ بِهِ .
(2) وَعَنْ أبِي أمَامَةَ البَاهِلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ أهْلَ الكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ ، ويُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُصُّوا سِبَالَكُمْ ، وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ ، وخَالِفُوا أهْلَ الكِتَابِ ) .
حَدِيثٌ حَسَن
أخْرَجَهُ أحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج5ص64و265] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج8ص282] مِن طَرِيقِ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنِ العَلاَءِ حَدَّثَنِي القَاسِمُ قَالَ سَمِعْتُ أبَا أُمَامَةَ يَقُولُ فَذَكَرهُ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ حَسَنٌ .
وَهَذهِ الأحَادِيثُ فِيهَا أمْرٌ صَرِيحٌ بِإعْفَاءِ اللِّحَى والأمْرُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي أصُولِ الفِقْهِ يُفِيدُ الوُجُوب ، إلاَّ إذا صَرَفَهُ صَارِفٌ عَن ظَاهِرهِ ، ولاَ قَرِينَةَ هُنَا تَصْرِفُهُ عَن ظَاهِرِهِ . عَمَلاً بِمَا هُوَ الأصْلُ فِي مُقْتَضَى الأمْرِ بِأنَّهُ لِلْوُجُوب .(1/29)
قَالَ الشِّيخ صَالِحِ الفُوزَان فِي البَيَانِ [ص306] : ( الأَمْرُ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي وُجُوبَ المَأمُورِ بِهِ ، فَالأمْرُ بِإعْفَاءِ اللِّحَى يَقْتَضِي وُجُوب إعْفَائِها ).اهـ
قُلْتُ : والأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَن ضِدِّهِ ، فَالأَمْرُ بِإعْفَاءِ اللِّحَى نَهْيٌ عَنْ حَلْقِهَا والكَفُّ عَنْهَا ، وَحَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الإيجَابِ بِمَعْنَى الطَّلَبِ والحُكْمِ بِاسْتِحْقَاقِ تَارِكَهُ الذمِّ والعَقَابِ .
فَائِدَةٌ :
قَالَ ابْنُ القَيِّمُ فِي التِّبْيَانِ فِي أقْسَامِ القُرْآنِ [ج2ص126] : ( وأمَّا شَعْرُ اللِّحْيَةِ ، فِفِيهِ مَنَافِعُ : مِنْهَا الزِّينَةُ والوَقَارُ والهَيْبَةُ . وَلِهَذا لا يُرَى عَلَى الصِّبْيَانِ والنِّسَاءِ مِنَ الهَيْبَةِ والوَقَارِ مَا يُرَى عَلَى ذَوِي اللِّحَى . ومِنْها التَّمْيِِيزُ بَيْنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ ) . اهـ
ذكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى القَرِينَةِ المُؤَكِّدَةِ لِلْتَّحْرِيمِ
(1) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَالِفُوا المُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى ، وأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ) .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحهِ [ج1ص351] ومُسْلِمٌ فِي صَحِيحهِ [ج1ص222] وغَيْرهُمَا مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عُمَرِ بِهِ (1).
(2) وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جُزُّوا الشَّوَارِبَ ، وأَرْخُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا المَجُوسَ ) .
أَخْرجهُ مُسْلِمٌ فِي صَحيحهِ [ج1ص222] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص365] وغَيْرهُمَا مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ عَن أبِي هُرَيْرَةَ بِهِ (2).
((1/30)
2) وَعَنْ أبِي أمَامَةَ البَاهِلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ أهْلَ الكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ ، ويُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُصُّوا سِبَالَكُمْ ، وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ ، وخَالِفُوا أهْلَ الكِتَابِ ) .
حَدِيثٌ حَسَنٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) تقدم تخريجه .
2) تقدم تخريجه .
أخْرَجَهُ أحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج5ص64و265] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج8ص282] مِن طَرِيقِ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنِ العَلاَءِ حَدَّثَنِي القَاسِمُ قَالَ سَمِعْتُ أبَا أُمَامَةَ يَقُولُ فَذكرهُ .
قُلْتُ : وهَذا سَندهُ حَسَن .
فَائِدَةٌ :
وأمَّا القَرِينَةُ المُؤَكَّدَةُ للتَّحْرِيمِ فِي الأحَادِيث فَهِيَ التَّشَبُّه بِالكُفَّارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِن قَوْلِهِ ( خَالِفُوا المُشْرِكِينَ) و(خَالِفُوا المَجُوسَ ) ( وخَالِفُوا أهْلَ الكِتَابِ ) .
ويُؤَيِّدُهُ أيضاً مَا أخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحهِ [ج12ص290] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص151] وفِي شُعَبِ الإيمَان [ج5ص222] مِن طَرِيقِ مَعْقِل بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَان عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : ( ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ المَجُوسُ ، فقالَ : إنَّهُمْ يُوَفِّرُونَ سَبَالَهُمْ (1)، ويَحْلِقُونَ لَحَاهُمْ، فَخَالِفُوهُمْ ) .
قُلْتُ: وهَذا سَنَدُهُ حَسَنٌ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) السِّبَال : جَمْع السِّبلَة بِالتَّحْرِيك : الشَّارِب .
انظُرْ مُخْتَار الصَّحَاح للرَّازِي [ص120] .(1/31)
قَالَ الشِّيخُ نَاصِر الدِّين الألْبَانِيّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى فِي السِّلسِلَة الصَّحِيحةِ[ج6ص807] : ( واعْلَم أنَّ فِي هَذا الحَدِيثِ تَوْجِيهَاً نَبَوِيًّا كَرِيماً طَالَمَا غَفَلَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِن خَاصَّةِ المُسْلِمِين فَضْلاً عَنْ عَامَّتِهِمْ ، ألاَ وهُوَ مُخَالَفَة الكُفَّارِ المَجُوسِ وغَيْرِهِمْ كَمَا فِي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عليهِ : ( إنَّ اليَهُودَ والنَّصَارَى لاَ يَصْبِغُونَ فَخَالِفُوهُمْ ) ، والأحَادِيثُ بِهَذا المعْنَى كَثِيرَةٌ جِداًّ مَعْرُوفَةٌ..).اهـ
تَنْبِيهٌ عَلَى قِصَّةِ رَجُلٍ مِنَ المَجُوسِ
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ قالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ مِنَ المَجُوسِ إلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ ، وَأطَالَ شَارِبَهُ ، فَقَالَ لَهُ : لِمَ تَفْعَلْ هَذا ؟ قَالَ : هَذا فِي دِينِنَا قالَ : وَلَكِن فِي دِينِنَا نَجُزُّ الشَّوَارِبَ ، ونُعْفِيَ اللِّحْيَةِ ) .
حَدِيثٌ ضَعيفٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص379] وابْنُ عَفَّانَ فِي الأمَالِي [ص41] مِن طَرِيقِ جَعْفَر بْنِ عَوْن عَنْ أبِي عُمَيْس عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ سَهْل عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ لإرْسَالِهِ ، فَإنَّ عُبَيْدَ اللهِ لَمْ يُدْرِك النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالمُرْسَلُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ إسْنَادُهُ إلَى مُرْسِلِهِ .
ذكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أنَّ إِعْفَاءَ اللِّحَى مِنْ هَدْيِ الأنْبِيَاءِ
قَالَ اللهُ تَعَالَى :?? ?????? ?????????????? ??? ??????????? ????????????? ????? ???????????? ? الآية.(1/32)
قَالَ العَلامَة الشِّنْقِيطِيّ فِي أضْوَاءِ البَيَانِ [ج4ص506و507] عِنْدَ تَفْسِير هَذه الآيةِ مَا مُلَخَّصهُ : ( هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى لِزُومِ إعْفَاءِ اللَّحْيَة ، فَهِيَ دَلِيلٌ قُرْآنِيٌّ عَلَى إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَعَدَمِ حَلْقِهِا ، فَإذا عَرَفْتَ أنَّ هَارُونَ كَانَ مَوْفُورَ شَعْرِ لِحْيَتِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لأخِيهِ : ? ??? ??????????? ????????????? ? لأنَّهُ لَوْ كَانَ حَالِقًا لَمَا أرَادَ أخُوهُ الأخْذَ بِلِحْيَتِهِ ، تَبَيَّنَ لَكَ مِن ذلِكَ بِإيضَاحٍ أنَّ إعْفَاءَ اللِّحْيَةِ سَمْتٌ مِنَ السَّمْتِ الذِي أمَرَنَا بِهِ القُرْآنُ العَظِيمُ وأنَّهُ كَانَ سَمْتُ الرُّسُلِ الكِرَامِ صَلَوَاتُ اللهِ وسَلاَمُهُ عَلَيْهِمِ).اهـ
وَقَالَ الشَّيْخُ حَمُود التِّوِيجْرِيُّ فِي الرَدِّ عَلَى مَنْ أجَازَ تَهْذِيبَ اللِّحْيَةِ [ص8] : ( وَقَدْ أخْبَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْ هَارُونَ أنَّهُ قَالَ لأخِيهِ مُوسَى:?? ?????????????? ??? ??????????? ????????????? ????? ???????????? ? فَدَلَّتِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ عَلَى أنَّهُ كَانَ ذَا لِحْيَةٍ طَوِيلَةٍ يَتَمَكَّنُ مُوسَى مِنَ الأخْذِ بِهَا).اهـ
وَقَدْ كَانَ مِن صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيٍهِ وَسَلَّمَ كَثَاثَةُ اللِّحْيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
ذكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أنَّ إِعْفَاءَ اللِّحَى مِنْ الفِطْرَةِ
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَشْرٌ مَنَ الفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسَّوَاكِ ...الحَدِيث ).(1/33)
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحهِ [ج1ص223] وأبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [ج1ص44] والتَّرْمِذيُّ فِي سُنِنِه [ج5ص91] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/125ـ أ/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج8ص126] وابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِه [ج1ص107] وأحَمْدُ فِي المُسْنَدِ [ج6ص137] والدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَنِ [ج1ص94] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ [ج1ص397و398] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص229] وفِي مُشْكِلِ الآثَارِ [ج1ص297] وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحهِ [ج1ص47] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج8ص15] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص36] وفِي المَعْرِفَةِ [ج1ص442] وابْنُ أبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص379] وابْنُ المُنْذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص364] والعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ [ج4ص197] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحهِ [ج1ص190و191] وإسْحَاقَ بْنِ رَاهَوِية فِي المُسْنَدِ [ج2ص79] والأصْبَهَانِيُّ فِي التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ [ج2ص273] مِن طُرُقٍ عَن وَكِيع ثَنَا زَكَرِيَّا بْنِ أبِي زَائِدَةَ عَن مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَن طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ بِهِ .
فَائِدَةٌ :
قَوْلُهُ : ( عَشْرٌ مَنِ الفَطْرَةِ ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَنْوِيرِ الحَوَالِكِ [ج2ص219] :( وأحْسَنُ مَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِ الفِطْرَةِ أنَّهَا السُّنَّةُ القَدِيمَةُ التِي اخْتَارَهَا الأنْبِيَاءُ ، واتَّفَقَتِ عَلَيهَا الشَّرَائِعُ ، فَكَأنَّهَا أمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهِ ) (1).اهـ
وَقَالَ ابْنُ الأثِيرِ فِي النِّهَايَةِ [ج3ص457] : ( الفِطْرَةُ : أي السُّنَّةُ ، يَعْنِي سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَم التِي أُمِرْنَا أن نَقْتَدِيَ بِهِمْ فِيهَا ) .اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/34)
1) وانظُرْ مَعَالِمِ السُّنَنِ بِذيْلِ سُنَنِ أبِي دَاوُدَ للخَطَّابِي [ج1ص42] .
ذكْرُ أقْوَالِ العُلَمَاءِ فِي تَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحَى
صَرَّحَ الفُقَهَاءُ رَحِمَهُمُ اللهَ تَعَالَى بِتَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحَى ، وأطْلَقَ بَعْضَهُمُ الكَرَاهَةَ ، وهِيَ عِنْدَهُمْ تُطْلَقُ عَلَى المُحَرَّمَاتِ لأنَّ المُتَقَدِّمِينَ يُعَبِّرُونَ بِالكَرَاهَةِ عَنِ التَّحْرِيم (1).
وقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الإجْمَاعِ [ص157] : ( واتَّفَقُوا أنَّ حَلْقَ جَمِيعِ اللِّحْيَةِ مُثْلَةٌ لاَ تَجُوزُ ) . اهـ
وَقَالَ شِيخُ الإسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الاخْتِيَارَاتِ العِلْمِيَّةِ [ص6] : ( ويَحْرُمُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ ) .اهـ
وقَالَ الشِّيخُ مُحَمَّد إسْمَاعيل فِي أدِّلَةِ تَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ [ص96] : وقَالَ الشِّيخُ أحْمَدُ بْنُ قَاسِم العَبَّادِي ـ مِنْ أعْيَانِ الشَّافِعِيَّةِ ـ مَا نَصُّهُ : ( قَالَ ابْنُ رِفْعَةَ فِي حَاشِيَةِ الكَافِيَة : إنَّ الإمَامَ الشَّافِعِيُّ قَدْ نَصَّ فِي الأُمِّ عَلَى تَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ ، وَكَذَلِكَ نَصَّ الز َّرْكَشِيُّ والحُلَيْمِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ وأُسْتاذُهُ القَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ عَلَى تَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ ) . اهـ
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ : ( لاَ يَجُوزُ حَلْقُهَا ولا قَصُّهُا ولاَ نَتْفُهُا ) (2).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر إعْلاَمِ المُوَقِّعِينَ لابْنِ القَيِّم [ج1ص74] .
2) انظُرْ البَيَان للشِّيخ صَالِح الفُوزَان [ص304] .
وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِي الأثَرِيُّ فِي حُكْمِ الدِّينِ فِي اللِّحْيَةِ والتَّدْخِين [ص29]: وَقَالَ السَّفَارِينِيُّ ـ مِنْ أعْيَانِ الحَنَابِلَةِ ـ مَا نَصُّهُ : ( المُعْتَمَدُ فِي المَذْهَبِ ، حُرْمَةُ حَلْقِ اللِّحْيَةِ ) . اهـ(1/35)
وَقَالَ ابْنُ عَابِدِين ـ مِنْ أعْيَانِ الحَنَفِيَّةِ ـ فِي رَدِّ المِحْتَارِ [ج2ص418] مَا نَصُّهُ: ( ويَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ قَطْعِ لِحْيَتِهِ ـ أيْ حَلْقِهَا ).اهـ
وسُئِلَ شَيْخُنَا الشِّيخُ مُحَمَّدُ بْن صَالِح العُثَيْمِين عَنْ حُكْمِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ [ص29] فَقَالَ مَا نَصُّهُ : ( حَلْقُ اللِّحْيَةِ مُحَرَّمٌ لأنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فَإنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : ( أعْفُوا اللِّحَى وَحُفُّوا الشَّوَارِبَ) ولأنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ هَدْيِ المُرْسَلِينَ إلَى هَدْيِ المَجُوسِ والمُشْرِكِين ).اهـ
وقَالَ الشَّيخُ الألْبَانِيُّ فِي آدَابِ الز ِّفَافِ [ص211] : ( وُجُوبُ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَحُرْمَةُ حَلْقِهَا ).اهـ
وَقَالَ الشَّيخُ صَالِحِ الفُوزَان فِي البَيَانِ [ص312] : ( أنَّ الأحَادِيثَ الصَّحِيحَة ـ يَعْنِي فِي اللِّحْيَةِ ـ تَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ ).اهـ
وَقَالَ العِرَاقِيُّ فِي طَرْحِ التَّثْرِيبِ [ج2ص83] : ( واسْتَدَلَّ الجُمْهُورُ عَلَى أنَّ الأوْلَى تَرْكُ اللِّحْيَةِ عَلَى حَالِهَا ، وأنْ لاَ يَقْطَعَ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأًصْحَابِهِ ).اهـ
ذكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أنَّ الصَّحَابَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَعْفُونَ لِحَاهُمْ
(1) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أبِي رَافِعٍ المَدَنِيّ : ( أنَّهُ رَأى أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيّ وجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَعَبْدِ اللهِ بْنَ عُمَرَ وَسَلَمَةَ بْنَ الأكْوَعِ وَأبَا أُسَيْدِ البَدْرِيّ وَرَافِعِ بْنَ خَدِيجٍ وأنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَأخُذُونَ مِنَ الشَّوَارِبِ كَأخْذِ الحَلْقِ ويَعْفُونَ اللِّحَى ويَنْتِفُونَ الآبَاط ) .
حَدِيثٌ حَسَنٌ(1/36)
أخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج1ص241] مَن طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ حَسَنٌ .
وَتَابَعَ إبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَلَيْهِ :
[1] إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ . ( بِزِيَادَةِ ذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ ).
عِنْدَ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص223] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص231] .
[2] ومُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَن .
عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص377 و378] والبَيْهَقِيِّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ج1ص151] وابْنِ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى [ج2ص220] .
[3] وعَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ .
عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج8ص231] .
(2) وَعَنْ شُرَحْبِيلِ بْنِ مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيّ قَالَ : ( رَأيْتُ خَمْسَةَ نَفَرٍ قَدْ صَحِبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واثْنَيْنِ قَدْ أكَلاَ الدَّمَ فِي الجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمْ يَصْحَبَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ ، ويَعْفُونَ لِحَاهُمْ ويُصَفِّرُونَهَا ، أبُو أمَامَةَ البَاهِلِيّ ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ بُسْر المَازِنِيّ ، وعُتْبَةُ بْنُ عَبْد السُّلمِيّ ، والمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِب الكِندِيّ ، وَالحَجّاجُ بْنُ عَامِرٍ الثَمَاليّ وأمَّا اللَّذانِ لَمْ يَصْحَبَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأبُو عُتْبَةَ الخَوْلاَنِيّ وأبُو فَالِج الأنْمَارِيّ ).
حَدِيثٌ حَسَنٌ
أخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص223] وفِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص151] مِن طَرِيقِ إسْمَاعِيل بْنِ عَيَّاشَ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُهُ حَسَنٌ .
(3) وَعَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِِدٍ قَالَ : ( رَأيْتُ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ(1) وَوَاثِلَةَ بْنَ الأسْقَعِ يَعْفِيَانِ لِحَاهُمَا ).(1/37)
حَدِيثٌ حَسَنٌ لِغَيْرِهِ
أخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص223] مِن طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيل بْنِ عيَّاش بِهِ .
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُهُ لا بَأْسَ بِهِ فِي المُتَابَعَاتِ .
(4) وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : ( رَأيْتُ عَلِيًّا وَكَانَ عَرِيضَ اللِّحْيَةِ وَقَدْ أخَذتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج3ص25] مِن طَرِيقِ يَزِيد بْنِ هَارُونَ قَالَ أخْبَرَنَا إسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِدٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذَا سَنُدُهُ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَات .
وأخْرَجَهُ أبُو نُعَيمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ [ج1ص282] والطَّبَرَانِيّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج1ص94] مِن طَرِيقِ يَحْيَى بهِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) قَالَ أبُو نُعَيم فِي مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ [جص197] فِي تَرْجَمة أنسِ بْنِ مَالِكٍ : (وكَانَ يَأخُذ مِن شَارِبِهِ ويَعْفِي لِحْيَتَهُ ...).اهـ
وأخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبرَى [ج3ص26] مِن طَرِيقِ شِهَابِ بْنِ عَبَّاد العبْدِيّ قَالَ أخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِد عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قالَ : ( مَا رَأيْتُ رَجُلاً قَطُّ أعْرَضَ لِحْيَةً مِنْ عَلِيٍّ ، قَدْ مَلأَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ بَيْضَاء ).
قُلْتُ : وَهذا سندُه صحِيحٌ أيضاً .
وأخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ أيضاً فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج3ص25] مِن طَرِيقِ الفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ قَالَ أخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أبِي إسْحَاقَ عَنْ أبِي إسْحَاقَ قَالَ : ( رَأيْتُ عَلِيًّا وَلَمْ أرَهُ يَخَضِبُ لِحْيَتَهُ ، ضَخْمَ اللِّحْيَةِ ).
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُهُ صَحِيحٌ أيضًا .
((1/38)
5) وَعَنْ أبِي رَجَاءَ العَطَّارِدِيّ قَالَ : ( كَانَ عُمَرُ طَوِيلاً جَسِيماً أصْلَعَ شَدِيدَ الحُمْرَةِ كَثِيرُ السَبَلةِ ) (1).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي الدُّنْيَا كَما فِي الإصَابَةِ لابْنِ حَجَرٍ [ج2ص518] وأبُو نُعَيْم فِي مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ [ج1ص206] وابْنُ عَسَاكِر فِي تَارِيخِ دِمِشْق [ج44ص17] مِن طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحمَّدٍ ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سندُهُ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ ثِقَات .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : سَنَدُهُ صَحِيح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) السَبلة : اللِّحْيَة . انظُر لِسَان العَرَبِ لابْنِ مَنظُورٍ [ج4ص1931] .
(6) وَعَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ مَوْلَى شَدَّاد بْنِ الهَادِ قالَ : ( رَأيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ عَلَيْهِ إزَارٌ عَدَنِيّ غَلِيظٌ .... طَوِيلَ اللِّحْيَةِ ، حَسَنَ الوَجْهِ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ المُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ [ج1ص588] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص63] مِن طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ كُلُّهُم ثِقَات غَيْرَ ابْنِ لَهِيعَةَ ، فَإنَّ فِيهِ ضَعْفاً مِن قِبَلِ حِفْظِهِ ، لكِنَّهُمْ قَوُّوا حَدِيثَ العَبَادِلَةِ عَنْهُ ومِنْهُم عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ لابْنِ حَجَر [ج5ص327] .
وأخْرَجَهُ الحَاكِم فِي المُسْتَدْرَكِ [ج3ص96] وأبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ [ج1ص237] مِن طَرِيقِ ابْنَِ وَهْبٍ عَنْهُ بِهِ .
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ .(1/39)
وأخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِِ [ج1ص30] وأبُو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ [ج1ص60] وفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ [ج1ص236] مِن طَرِيقِ أسَدِ بْنِ مُوسَى عَنْهُ بِهِ.
وَفِي رَوَايَةٍ : ( رَقِيقُ البَشْرَةِ كَبِيرَ اللِّحْيَةِ عَظِيمَهَا أَسْمَرَ اللَّوْنَ ...).
أخْرَجَهَا أبُو نُعَيمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ [ج1ص238] وابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج3ص58] وابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص14] مِنْ وَجْهٍ آخَر .
وفِي رِوَايَةٍ : ( لَمْ يَكُنْ عُثْمَانُ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالقَصِيرِ ... كَثِيرُ الشَّعْرِ عَظِيمُ اللِّحْيَةِ ...).
أخْرَجَهَا ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمِشْقٍ [ص16] وابْنُ قُتَيْبَةَ فِي المَعَارِفِ [ص191] مِنْ طَرِيقِ البَجَلِيِّ عَنْ أبِي اليَقْظَانِ قَالَ فَذَكَرَهُ .
(7) وعَنْ أنَسٍ : ( أنَّ أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَضَبَ لِحْيَتَهُ بِالحِنَّاءِ والكَتَمِ) (1).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِِ [ج1ص56] وأبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ [ج1ص164] مِن طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاق ثَنَا مَعْمَرُ عَن قَتَادَةَ وثَابِتٍ عَنْ أنَسٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُهُ صَحِيحٌ .
(8) وَعَن عُتَيِّ السّعْدِيِّ قَالَ : ( رَأيْتُ أُبَيّ بْنَ كَعْبٍ أَبْيَضَ الرَّأْسَ واللِّحْيَةِ مَا يَخْضِبُ ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ [ج3ص302] وأبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ [ج2ص165] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج1ص197] مِن طَرِيقِ هُشَيْمٍ ثَنَا يُونُس وَمُبَارَكُ عَنِ الحَسَنِ ثَنَا عُتَيُّ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذَا سَنَدُهُ صَحِيحٌ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/40)
1) الكَتَمُ : بِفَتْحتَينِ نَبْتٌ يُخْلَطٌ بِالوَسْمةِ يُخْتَضَبُ بِه .
انظُرْ مُخْتَار الصَّحَاح للرَّازِيِّ [ص235] .(1/41)
ذكْرُ أقْوَالِ أهْلِ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى إعْفَاءِ اللِّحَى
قَالَ ابْنُ مَنْظُور ٍ فِي لِسَانِ العَرَبِ [ج5ص3020] : ( وَعَفَا النَّبْتُ والشَّعْرُ وَغَيْرُهُ يَعْفُو فَهُوَ عَافٍ كَثُرَ وطَالَ ، وفِي الحَدِيثِ : أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أمَرَ بِإعْفَاءِ اللِّحَى ) هُوَ أنْ يُوَفَّرَ شَعْرُهَا وَيُكَثَّرَ وَلاَ يُقَصَّ ).اهـ
وَقَالَ الجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ [ج6ص2433] : ( وَعَفَا الشَّعْرُ والنَّبْتُ أيْ كَثُرَ ... وفِي الحَدِيثِ : أمَرَ أنْ تُحْفَى الشَّوَارِبَ وتُعْفَى اللِّحَى ) . والعَافِي: الطَّوِيلُ الشَّعْرِ ).اهـ
وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي مُعْجَمِ مَقَايِيسِ اللُّغَةِ [ج4ص60] : ( وَقَالَ أهْلُ اللُّغَةِ كُلُّهمْ : يُقَالَ مِنَ الشَّعْرِ عَفَوْتَهُ وعَفَيْتَهُ وَعَفَا فَهُوَ عَافٍ وذلِكَ إذا تَرَكْتَهُ حَتَّى يَكْثُرَ ويَطُول ).اهـ
وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاح [ص187] : ( وَأعْفَاهُ إذَا كَثَّرَهُ ، وفِي الحَدِيثِ : أمَرَ أنْ تُحْفَى الشَّوَارِبَ وتُعْفَى اللِّحَى ).اهـ
وَقَالَ الفَيُّومِيُّ فِي المِصْبَاحِ المُنِير [ج2ص419] : ( عَفَوْتُ الشَّعْرَ أعْفُوهُ عَفْواً وَعَفَيْتُهُ أعْفِيهِ عَفْياً تَرَكْتُهُ حَتَّى يَكْثُرَ وَيَطُولَ وَمِنْهُ : أحْفُوا الشَّوَارِبَ وأعْفُوا اللِّحَى ).اهـ
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى تَحْرِيمِ الأخْذِ مِنَ اللِّحَى
[1] عَنِ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : (خَالِفُوا المُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللَّحَى ، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ).
وفِي لَفْظٍ : ( أمَرَ بِإحْفَاءِ الشَّوَارِبِ ، وَإعْفَاءِ اللِّحَى ).
وفِي لَفْظٍ : ( إِنْهَكُوا الشَّوَارِِبَ ، وَأَعْفُوا اللِّحَى ) .(1/1)
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ [ج10ص351] وفِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ [ج5ص323] ومُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص222] والتِّرْمِذِيّ فِي سُنِنِهِ [ج5ص95] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/1ـب/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج1ص16] و[ج8ص181و182] وابْنُ أبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص376] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِه [ج1ص189] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والجَوْزَقَانِيُّ فِي الأبَاطِيلِ [ج2ص254] وأحَمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص16] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ج1ص149] وفِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص220] وفِي الآدَابِ [ص382] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّة [ج12ص107] وابْنُ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى [ج2ص220] وأبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [ج4ص413] ومَالِكٌ فِي المُوَطَّأ [ج2ص947] وابْنُ المُنْذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص239] والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَاريخِِ بَغْدَادِ [ج6ص247] وفِي الجَامِعِ [ج1ص375] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّة [ج12ص107] وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ [ج7ص407] وأبُو نُعَيْمٍ فِي أخْبَارِ أصْبَهَانَ [ج2ص226] والقَطِيعِيُّ فِي الفَوَائِدِ المُنْتَقَاة [ص79] و ابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِل [ج4ص1460] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج11ص469] و الصَّيْدَاوِيُّ فِي مُعْجَمِ الشِّيُوخِ [ص237] والطَّبَرَانِيّ فِي المُعْجَمِ الأوْسَطِ [ج2ص33] مِن طُرُقٍ عَنٍِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
(2) وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جُزُّوا الشَّوَارِبَ ، وَأَرْخُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا المَجُوس ) .
وَفِي لَفْظٍ : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ، وَأَعْفُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا المَجُوسَ ).(1/2)
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص222] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص365و366] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحَيحِهِ [ج1ص188] والبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ [ج1ص40] والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص230] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ج1ص150] وفِي المَعْرِفَةِ [ج1ص438] والشَّافِعِيُّ فِي الأمِّ [ج1ص21] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الصَّغِيرِ [ج2ص16] والبَزَّارُ فِي المُسْنَدِ [ج3ص371ـ الزَّوَائِد ) والخَطِيبِ البَغْدَادِيّ فِي تَارِيخِ بَغْدَاد [ج5ص317] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج11ص469] وابْنُ عَدِيٍّ فِي الكامِلِ [ج7ص2517] مِن طُرُقٍ عِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ .
(3) وَعَنْ أبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ أهْلَ الكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ ، وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ قالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُصُّوا سِبَالَكُمْ ، وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ ، وَخَالِفُوا أهْلَ الكَتَابِ ).
حَدِيثٌ حَسَنٌ
أخْرَجَهُ أحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج5ص264و265] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج8ص282] مِن طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ يَحْيَى ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ العَلاَءِ حَدَّثَنِي القَاسِمُ قالَ سَمِعْتُ أبَا أمَامَةَ يَقُولُ فَذكَرَهُ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ حَسَنٌ .
وبِهَذِه الأحَادِيثُ يَتَّضِحَ أنَّهُ لاَ يَجُوزُ الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ . بَلْ تُتْرَكُ بِحَالِهَا وَلاَ يَعْرِضُ لَهَا بِقَطْعٍ وقَصِّ ، لأنَّ حَقِيقَةَ الإعْفَاءَ كَمَا قُلْنَا التَّرْكُ والإطَالَةُ ، وَتَرْكُ التَّعَرُّضُ لِلِّحْيَةِ يَسْتَلْزِمُ تَكْثِيرَهَا .(1/3)
قَالَ البَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ [ج12ص108] : ( وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ تَوْفِيرُهَا ، مِن قَوْلِكَ : عَفَا النَّبْتُ : إذا طَالَ ، يَعْفُوا عَفْواً ، ويُقَالُ : عَفَا الشَّيْءَ ، بِمعْنى كَثُرَ ، وأعْفَيْتُ أنَا ،قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ? ??????? ??????? ?أيْ: كَثُرُوا).اهـ
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ : ( لاَ يَجُوزُ حَلْقُهَا ، ولاَ قَصُّهَا ولاَ نَتْفُهَا ) (1).اهـ
وَقَالَ الخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ [ج1ص42] : ( وأمَّا إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ فَهُوَ إرْسَالُهَا وَتَوْفِيرُهَا ).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُر البَيَان للشِّيخ صَالِح الفُوزَان [ص304] .
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحهِ [ج10ص351] : ( وعَفَوا كَثُرُوا وكَثُرَتْ أمْوَالُهُمْ ).اهـ
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ [ج10ص351] : ( قَوْلُهُ : ( بَابُ إعْفَاءِ اللِّحَى) هُوَ بِمَعْنَى التَّرْك ).اهـ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ [ج3ص149] : (وَأمَّا إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ فَمَعْنَاهُ تَوْفِيرَهَا ).اهـ
إذاً الإعْفَاءُ هُوَ التَّرْكُ مِنْ عَفَا الشَّيْءَ إذا زَادَ وَكَثُرْ .
قَالَ العِرَاقِي فِي طَرْحِ التَّثْرِيب [ج2ص83] : ( وَاسْتَدَلَّ الجُمْهُور عَلَى أنَّ الأوْلَى تَرْكُ اللِّحْيَةِ عَلَى حَالِهَا ، وأنْ لاَ يَقْطَعَ مِنْهَا شَيْءٌ ، وهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وأصْحَابِهِ ).اهـ
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
كَانَ يَعْفِي لِحْيَتَهُ فِي غَيْرِ حَجًّ وعُمْرَةٍ
أقُولُ وإنْ ثَبَتَتْ صِحَّتَهُ عَنْهُ ـ يَعْنِِي أخْذ ابْنِ عُمَرَ مِن لِحْيَتِهِ ـ فَلاَ دَلاَلَةَ فِيهِ عَلَى الأخْذ لأنَّهُ لاَ تَعَارَضُ سُّنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِعْلِ الصَّحَابِيّ (1).(1/4)
عِلْماً بأنَّهُ كَانَ يَخُصُّ الأخْذَ مِن لِحْيَتِهِ فِي الحَجِّ والعُمْرَةِ فَقَطْ ، وإلَيْكَ الدَّلِيل :
(1) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أنَّهُ كَانَ إذَا حَلَقَ فِي الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ ثُمَّ أمَرَ فَسَوَّى أطْرَافَ لِحْيَتِهِ ).
حَدِيثٌ حَسَنٌ
أخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص220] مِن طَرِيقِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أبِي رَوَّادَ عَن نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ حَسَنٌ مِن أجْلِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أبِي رَوَّادَ وَهُوَ صَدُوقٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص357] وَبَاقِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) قَالَ الشِّيخ ابْنُ بَازٍ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى كَتَابِ وُجُوبِ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ [ص21] : ( والصَّوابُ وُجُوبُ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وإرْخَائُهَا وتَحْرِيمُ أخْذ شَيْءٌ مِنْهَا وَلَوْ زَادَ عَلَى القَبْضَةِ سَوَاءَ كَانَ ذلِكَ فِي حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ أوْ غَيْر ذلِكَ ، لأنَّ الأحَادِيث الصَّحِيحَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَالَّةٌ عَلَى ذلِكَ ) .اهـ
(2) وعَنْ نَافِعٍ قَالَ : ( كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْفِي لِحْيَتَهُ إلاَّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ).
حَدِيثٌ صَحِيحُ
أخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج4ص181] مِن طَرِيقِ سُفْيَانَ عَن مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَن نَافِعٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتْ .
(3) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأخُذْ مِنْ لِحْيَتِهِ إلاَّ لِحِلٍّ ).
حَدِيثٌ حَسَنٌ
أخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص220] مِن طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ العُمَرِيّ عَن نَافِعٍ بِهِ .(1/5)
قُلْتُ: وهَذا سَنَدُهُ حَسَنٌ فِي المُتَابَعَاتِ .
(4) وَعَنْ نَافِعٍ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ : ( كَانَ إذَا أفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَهُوَ يُرِيدُ الحَجَّ ، لَمْ يَأخُذْ مِنْ رَأسِهِ وَلاَ مِنْ لِحْيَتِهِ شَيْئاً ، حَتَّى يَحُجَّ ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي المُوَطَّأ [ج1ص218] مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذَا سَنَدُهُ صَحِيحٌ .
وَتَعَقَّبَهُ الإمَامُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ بِقَوْلِهِ : ( لَيْسَ ذلِكَ عَلَى النَّاسِ ).
أي : لَيْسَ الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ .
قُلْتُ : وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أنَّ ابْنَ عُمَرَ اجْتَهَدَ وَخَالَفَ الصَّحَابَةَ أيْضاً فَلَمْ يُصِبْ واللهُ المُسْتَعَانُ .
(5) وَعَنْ نَافِعٍ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ( كَانَ إذَا حَلَقَ فِي حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ أخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي المُوَطَّأِ [ج1ص318] مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ صَحِيحٌ .
فَهَذِهِ الآثَارُ فِيهَا دَلاَلَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى تَخْصِيصِ ابْنِ عُمَرَ ذلِكَ فِي الحَجِّ أوِ العُمْرَةِ ، ويَتَبَيَّنْ مِن هَذا أيضاً أنَّهُ اجْتَهَدَ فِي هَذه المَسْألَةِ وإلاَّ فإنَّ الأحَادِيثَ وَرَدَتْ مُطْلَقاً فِي إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ .
قَالَ الكَرْمَانِيُّ : ( لَعَلَّ ابْنُ عُمَرَ أرَادَ الجَمْعَ بَيْنَ الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ فِي النُّسُكِ فَحَلَقَ رَأسَهُ كُلَّهُ وقَصَّرَ مِن لِحْيَتِهِ لِيَدْخُلَ فِي عُمُومِ قَوْلِه تَعَالَى : ? ???????????? ??????????? ?????????????? ? وخَصَّ ذلِكَ مِنْ عُمُومِ قَوْلهِ ( وَفِّرُوا اللِّحَى ) فَحَمَلَهُ عَلَى حَالِهِ غَيْرَ حَالَةِ النُّسُكِ ) (1).اهـ(1/6)
وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الفُرُوعِ [ج1ص13] : ( لَكِنْ إنَّمَا فَعَلَهُ ـ يَعْنِي ابْنِ عُمَرَ ـ إذا حَجَّ أوِ اعْتَمَرَ ).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُرْ فَتْحِ البَارِي لابْنِ حَجَرَ [ج10ص350] .
ويُؤَيِّدُ مَا سَلَفَ مِنَ القَوْلِ مَا ثَبَتَ عَن عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أبِي رَافِعٍ المَدَنِيّ : ( أنَّهُ رَأى أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيّ وجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ وَسَلَمَةَ بْنَ الأكْوعَ وأبَا أسَيْدِ البَدْرِيّ وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وأنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَأخُذُونَ مِنَ الشَّوَارِبِ كَأخْذِ الحَلْقِ ويَعْفُونَ اللِّحَى وَيَنْتِفُونَ الآبَاط ).
حَدِيثٌ حَسَنٌ
أخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج1ص241] مِن طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ حَسَنٌ .
وَتَابَعَ إبْرَاهِيمَ بْنَ سُوَيدٍ عَلَيْهِ :
[1] إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ . ( بِزِيَادَةِ ذِكْرِ أَبِي هُرَيرَةَ ).
عَنْدَ البَيْهَقِيِّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص223] والطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج4ص231] .
[2] ومُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَن .
عِنْدَ ابْنِ أَبِِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص377 و378] والبَيْهَقِيِّ فِي السُّنِنِ الكُبْرَى [ج1ص151] وابْنِ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى [ج2ص220] .
[3] وعَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ .
عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ [ج8ص231] .
* وَعَن نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أنَّهُ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ(1/7)
أخْرَجَهُ ابْنُ المُنْذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص382] وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج1ص12] مِن طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَن نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَات .
* وَعَن نَافِعٍ أيْضاً عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أنَّهُ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ إذَا تَوَضَّأَ ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج6ص119] مِن طَرِيقِ عَبْدِ الوَهَّابِ قَالَ ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَن نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ صَحِيحٌ أيْضاً .
وَتَابَعَ عُبَيْدَ اللهِ عَلَيْهِ ابْنُ جُرَيْجٍ بِلَفْظِ : ( كَانَ ـ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ ـ يَبِلُّ أصُولَ شَعْرِ لِحْيَتِهِ ، ويُغَلْغِلُ بِيَدِهِ فِي أصُولِ شَعْرِهَا حَتَّى تَكْثُرَ القَطَرَاتِ مِنْهَا).
وإسْنَادُهُ صَحِيحٌ
فَهَذِهِ الآثَارُ تُبَيِّنُ أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُعْفِي لِحْيَتَهُ وَأنَّهَا كَانَتْ كَبِيرَةٌ وَكَانَ يُخَلِّلُهَا فَهَذا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِهَا وَطُولِهَا .
قُلْتُ : فَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ وفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ والصَّحَابَةِ والفِطْرَةِ ولُغَةِ العَرَبِ .
بَلْ بَعْضُ التَّابِعِينَ يُحْبُّونَ أنْ يَعْفُوا اللِّحْيَةِ إلاَّ فِي حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ .
عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنِ أبِي رَبَاحٍ قَالَ : ( كَانُوا يَحِبُّونَ أن يَعْفُوا اللِّحْيَةِ إلاَّ فِي حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ[ج5ص225] مِن طَرِيقِ غُنْدُرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَن مَنصُورٍ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ صَحِيحٌ .(1/8)
قُلْتُ : وَهَذا خَاصٌّ بِهِمْ فِي النُّسُكِ ، أمَّا فِي الأيَّامِ الأخْرَى يَحِبُّونَ أنْ يَعْفُوا اللِّحْيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ، وسَبَقَ بَيَانُ الإعْفَاءِ عَنِ الصَّحَابَةِ .
فَلِمَاذَا يَا أهْلَ التَّجْوِيزِ لِلأَخْذِ مَنِ اللِّحَى تَأخُذُونَ مِن لِحَاكُمْ فِي الأيَّامِ الأخْرَى ، ولاَ تَأخُذُونَ مِنْهَا فِي أيَّامِ الحَجِّ والعُمْرَةِ .!!
ثُمَّ إنَّ الأخْذَ مِنَ اللِّحْيَةِ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ قَوْلٌ أوْ فِعْلٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، غَايَةُ مَا فِيهِ النَّقْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وفِي الحَجِّ والعُمْرَةِ كَمَا سَبَقَ ، وبَعْضُ التَّابِعينَ كَذلِكَ ، وأفْعَالُ هَؤُلاَءِ لاَ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ لاَ فِي حَجٍّ ولاَ فِي غَيْرِهِ ، ولَوْ كانَ مُسْتَحَباًّ أوْ وَاجِباً لَجَاءَ الأمْرُ بِهِ مِنَ الشَّارِعِ ، ومَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ، وَلاَ يُقَالُ : إنَّ هَذا الفِعْلِ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أعْفُوا ) فيَأخُذْ حُكْمَهُ لأنَّ فِعْلَ هَؤُلاَءِ لاَ يُعْطَى حُكْمِ أوْ فِعْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واللهُ المُسْتَعَانُ .
وَلِهَذا أقُولُ : يَحْرُمُ أخْذُ مَا زَادَ عَلَى القَبْضَةِ ، لِكَوْنِ الآثَارِ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ والعُلَمَاءُ مُجَرَّدُ فِعْلٍ أوْ قَوْلٍ ، وأفْعَالُ وأقْوَالُ هَؤُلاَءِ لاَ تَدُلُّ عَلَى الاسْتِحْبَابِ ولاَ الوُجُوبِ إلاَّ مَا وَافَقَ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى وسُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .(1/9)
قُلْتُ : لأنَّ فِعْلَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مُبَيِّنٌ لِقَوْلِهِ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَعْفُوا اللِّحَى ) حَيْثُ لاَ يَثْبُتُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ شَئٌ فَيَكُونُ فِعْلُهُ مُبَيِّناً لِلْمُجْمَلِ فِي أمْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإعْفَاءِ اللِّحْيَةِ ، وَقَوْلُ الشَّارِعِ لاَ يُقَيِّدُهُ إلاَّ نَصٌّ مِنْهُ ، فَالمُطْلَقُ بَاقٍ عَلَى إطْلاَقِهِ ، وكَذَا العَامُ ، وفِعْلُ الرَّاوِي لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، لأنَّ الحُجَّةَ فِيمَا رَوَى ، لاَ فِيمَا رَأى ، خَاصَّةً أنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَنْسِبَهُ للشَّرْعِ ، وَقَدْ يَفْهَمِ الرَّاوِي خِلاَفَ المُرَاد ، وإِنْ كَانَ هَذا نادِراً ، وَقَدْ يَنْسَى ، وَيَبْقَى الشَّأنُ لَيْسَ للرَّاوِيَ عِصْمَةٌ ، وإنَّمَا العِصْمَةُ للنَّصِّ .
إذاً القَوْلُ بِجَوَازِ أخْذِ مَا زَادَ عَنِ القَبْضَةِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عَلَى خِلاَفِ مَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصَّحَابَةُ ومَا عَلَيْهِ أكْثَرُ السَّلَفِ .واللهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ .(1/10)
ثُمَّ أنَّهُ لاَ دَاعِيَ للأخْذِ مَنِ اللِّحَى ، لأنَّ اللِّحَى فِي الغَالِبِ لاَ تَعْظُمُ فِي النَّاسِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ ، وَلاَ تَطْوُلُ ، ولاَ تَفْحُشُ جِداًّ ، وَلاَ تُشَوِّهُ المَنْظَرَ إلاَّ نَادِراً فِي بَعْضِ الرِّجَالِ والنَّادِرُ والشَّاذُ لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ ... لأنَّ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَىفِي خَلْقِهِ أنَّهُ حَدَّدَ شَعْرَ الحَاجِبِ وشَعْرَ العَيْنِ وغَيْرِهِ ، وحَدَّدَ شَعْرَ اللِّحْيَةِ عَلَى ألاَّ يَطُولَ جِداًّ وَيَفْحُشُ ويُشَوِّهُ الخِلْقَةَ ، كَمَا يَطُولُ شَعْرُ الرَّأسِ ، وذَلِكَ لَجَمَالِ الخِلْقَةِ ، فَأمَرَ بِحَلْقِ شَعْرِ الرَّأسِ ، وَلَمْ يَأمُرْ بِحَلْقِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ لِعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ ? ???????????? ?????? ????????? ??????????????? ?(1) و? ????????? ????????? ????? ?????? ??????????? ? (2) و ? ????????????? ???????????? ?????????? ? (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة المؤمنون آية [23] .
2) سورة السجدة آية [7] .
3) سورة غافر آية [64] .
تَنْبِيهٌ
وَلَعَلَّكَ يَا أخِي المُسْلِمَ عَلِمْتَ أنَّ الأحَادِيثَ التِي ذَكَرْنَاهَا تَرُدُّ زَعْمَ أصْحَابِ الأهْوَاءِ الذِينَ يَقُولُونَ أنَّهُ لاَ حَدَّ ولاَ مِقْدَارَ فِي اللِّحْيَةِ ، وأنَّ مَنْ تَرَكَ الحَلْقَ أيَّاماً بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشَّعْرَ عَلَى وَجْهِ المُلْتَحِي يَكُونُ مُمْتَثِلاً لأمْرِهِ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا خِدَاعٌ مِنْهُمْ لأنْفُسِهِمْ وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ لأنَّ الإعْفَاءَ والإرْخَاءَ والتَّوْفِيرَ لاَ يَحْصُلُ بِالشَّعْرِ القَلِيلِ الذِي يَكُونُ مِثْلَ الشَّعِيرِ أوِ الأرْزِ .(1/11)
وَظَاهِرُ الأحَادِيثِ وآثَارِ الصَّحَابَةِ وَلُغَةِ العَرَبِ والفِطْرَةِ أنْ تُتْرَكَ بِحَالِهَا وَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهَا بِقَطْعٍ وَقَصٍّ ، واقْتَصَرُوا هُمْ عَلَى مَا دُونَ القَبْضَةِ عَلَى مِثْلِ الشَّعِيرِ والأرْزِ ويَزْعُمونَ أنَّهُمْ اهْتَدَوا بِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ الكِرَام .
وهُمْ يَسْتَدِّلُونَ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي الأخْذِ مَا دُونَ القَبْضَةِ ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أيِّ صَحَابِيٍّ أوْ تَابِعِيٍّ أوْ عَالِمٍ أنَّهُ قَصَّ اللِّحْيَةَ هَكَذَا ، واقْتَصَرَ عَلَىمَا دُونَ القَبْضَةِ عَلَى مِثْلِ الشَّعِيرِ والأرْزِ كَفِعْلِ أصْحَابِ الأهْوَاءِ ويَزْعُمُونَ أنَّهُمُ اهْتَدَوا بِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ وهَذَا الفِعْلُ مُحَرَّمٌ بِالاتِّفَاقِ واللهُ المُسْتَعَانُ.
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أنَّ الحُجَّةَ فِي
رِوَايَةِ الصَّحَابِيِّ لاَ فِي رَأْيِهِ(1/12)
قَالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي الفَقِيهِ والمُتَفَقِّهِ [ج1ص141] : ( بَابُ القَوْلُ فِي الصَّحَابِيِّ يَرْوِي حَدِيثاً عَنْ رَسُولِ اللهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَعْمَلْ بِخِلاَفِهِ:(إذَا رَوَى الصَّحَابِيُّ عَنْ رَسُولِ اللهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رُوِيّ عَن ذلِكَ الصَّحَابِي خِلافاً لِمَا رَوَى فَإنَّهُ يَنْبَغِي الأخْذُ بِرِوَايِتِهِ ، وتَرْكُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِن فِعْلِهِ أوْ فُتْيَاهُ ، لأنَّ الوَاجِبَ عَلَيْنَا قَبُولُ نَقْلِهِ وَرِوَايَتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ قَبُولَ رَأْيِهِ ... ولأنَّ الصَّاحِبَ قَدْ يَنْسَى مَا رَوَى وَقْتَ فُتْيَاهُ ... ولأنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَذكُرُ مَا رَوَى إلاَّ أنَّهُ يَتَأوَّلُ فِيهِ تَأوِيلاً يَصْرِفَهُ عَن ظَاهِرِهِ... ولأنَّهُ لاَ يَحِلُّ أن يُظَنَّ بِالصَّاحِبِ أنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نَسْخٌ لِمَا رَوَى . أوْ تَخْصِيصٌ فَيَسْكُتَ عَنْهُ ويَبْلُّغْ إلَيْنَا المَنْسُوخُ والمَخْصُوصُ دُونَ البَيَانِ ).اهـ
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي نَيْلِ الأوْطَارِ [ج1ص116] مُعَلِِّقاً عَلَى أثَرِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أنَّهُ كَانَ إذا حَجَّ أوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضُلَ أخَذَهُ). وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِذلِكَ أهْلُ العِلْمِ ، والرِّوَايَاتِ المَرْفُوعَةُ تَرَدُّهُ ).اهـ
وَقَالَ أبُو الحَارِث الأثَرِيّ فِي حُكْمِ الدَّين [ص31] : ( وَمَا أجْمَلَ قَوْلُ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الأنْصَارِيّ مُعَلِّقاً عَلَى أثَرِ ابْنِ عُمَرَ : الحُجَّةُ فِي رِوَايَتِهِ ، لاَ فِي رَأيِهِ ، وَلاَ شَكَّ أنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلَهُ أحَقُّ وَأوْلَى بِالاتِّبَاعِ مِن قَوْلِ غَيْرِهِ كَائِناً مَن كَانَ ).اهـ(1/13)
قُلْتُ : وَعَلَى هَذا الأصْلُ بَنَى المَالِكِيَّةُ والشَّافِعِيَّةُ والحَنَفِيَّةُ والحَنَابِلَةُ فُرُوعاً كَثِيرَةً حَيْثُ قَدَّمُوا العَمَلَ بِرِوَايَةِ الرَّاوِي عَلَى رَأيِهِ .
قَالَ ابْنُ القَيِّمُ فِي إعْلاَمِ المُوَقِّعِين [ج3ص50] : ( لاَ يُتْرَكُ الحَدِيثُ الصَّحِيحُ المَعْصُومُ لِمُخَالَفَةِ رَاوِيهِ لَهُ ، فَإنَّ مُخَالَفَتَهُ لَيْسَتْ مَعْصُومَةٌ .
وأخَذوا بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَرَ أصْحَابَهُ أنْ يَرْمَلُوا الأشْوَاطَ الثَّلاَثَةُ ، وأن يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ). وَصَحَّ عَنْهُ . أنَّهُ قَالَ : لَيْسَ الرَّمْلُ بِسُّنَّةٍ .
وأخَذُوا بِرِوَايَةِ عَائِشَةَ ( فِي مَنْعِ الحَائِضَ مِنَ الطَّوَافِ ) ، وقَدْ صَحَّ عَنْهَا أنَّ امْرَأةً حَاضَتْ ، وَهِيَ تَطُوفُ مَعَهَا ، فَأتَمَّتْ بِهَا عَائِشَةُ بَقِيَّةُ طَوافِهَا ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور ثَنَا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ عَطَاءَ . فَذكَرَهُ .
وأخَذُوا بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( فِي تَقْدِيمِ الرَّمْيِ والحَلْقِ والنَّحْرِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ )، وأنَّهُ لاَ حَرَجَ فِي ذلِكَ ، وَقَدْ أفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ أنَّ فِيهِ دَماً فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى قَوْلِهِ ، وأخَذُوا بِرِوَايَتِهِ .
وأخَذ الحَنَفِيَّةُ والحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وابْنِ عَبَّاسٍ : ( صَلاَةُ الوُسْطَى صَلاَةُ العَصْرِ ). وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ وابْنِ عَبَّاسٍ أنَّهَا صَلاَةُ الصُّبْحِ .
وأخَذ الحَنَفِيَّةُ بِرِضَاءِ عَائِشَةَ : ( فُرِضَتْ الصَلاَةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ) : وَصَحَّ عَنْهَا أنَّهَا أتَمَّتْ الصَّلاَةَ فِي السَّفَرِ ، فَلَمْ يَدْعُوا رِوَايَتَهَا لِرَأيِهَا .(1/14)
وأخَذ النَّاسُ بِأحَادِيثَ عَائِشَةَ وابْنِ عَبَّاسٍ وأبِي هُرَيْرَةَ ( فِي المَسْحِ عَلَى الخُّفَيْنِ) ، وَقَدْ صَحَّ عَن ثَلاَثَتِهِم المَنْعَ مِنَ المَسْحِ جُمْلَةً ، فَأخَذُوا بِرِوَايَتِهِمْ وتَرَكُوا رَأيَهُمْ .
وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وعُثْمَان ومُعَاوِيَةَ ( أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلَى الحَجِّ )، وَصَحَّ عَنْهُمْ النَّهْيَ عَنِ التَّمَتُّعِ ، فَأخَذ النَّاسُ بِرِوَايَتِهِمْ وتَرَكُوا رَأيَهُمْ .
وأخَذ النَّاسُ بِحَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ ( فِي البَحْرِ : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ ). وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ قَالَ : مَاءَانِ لاَ يُجْزِئَانِ فِي غُسْلِ الجَنَابَةِ : مَاءُ البَحْرِ ، ومَاءُ الحَمَّامِ .
وأخَذتِ الحَنَابِلَةُ والشَّافِعِيَّةُ بِحَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ ( فِي الأمْرِ بِغَسْلِ الإنَاءِ مَن وُلُوغِ الكَلْبِ )، وَقَدْ صَحَّ عَن أبِي هُرَيْرَةَ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ سُئِلَ عَنِ الحَوْضِ ، يَلِغ فِيهِ الكَلْبُ ، ويَشْرَبُ مِنْهُ الحَمَار فَقَالَ : لاَ يُحَرِّمُ المَاءَ شَيْءٌ . وَهَذا بَابٌ يَطُولُ تَتَّبُعُه ...).اهـ
قُلْتُ : يَرْحَمِ اللهُ ابْنَ القَيِّمِ لَقَدْ كَفَى وَشَفَى .
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى حُرْمَةِ الإفْتَاءِ بِضَدِّ لَفْظِ النَّصِّ(1/15)
قَالَ العَلاَّمَةُ الفُلاَّنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي إيقَاظِ الهِمَمِ [ص169] : (يَحْرُمُ عَلَى المُفْتِي أن يُفْتِي بِضِدِّ لَفْظِ النَّصِّ ، وإنْ وَافَقَ مَذْهَبَهُ ، ومِثَالُهُ أن يُسْألَ عَن رَجُلٍ صَلَّى مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، فَهَلْ يُتِمُّ صَلاَتَهُ أمْ لاَ ؟ فَيَقُولُ: لاَ يُتِمَّها . ورَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ ) أخْرَجهُ البُخَاريُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأحْمَدَ فِي مَوَاضِعَ مِن مُسْنَدِهِ. ومِثْلُ أن يُسْألَ عَن رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ ، هَلْ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ ؟ فِيقُولُ : لاَ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ . وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ : ( مَن مَاتَ وعَلَيْهِ صَوْمٌ ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ). أخْرَجهُ الشَّيْخَانِ وأصْحَابُ السُّنَّة وأحْمَدُ فِي مُسْندِهِ . ومِثْلُ أن يُسْألَ عَن رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعَهُ ثُمَّ أفْلَسَ المُشْتَرِي فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ هَلْ هُوَ أحَقُّ بِهِ ؟ فَيَقُولُ : لَيْسَ هُوَ أحَقُّ بِهِ ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ : ( هُوَ أحَقُّ بِهِ ) أخْرَجهُ الشَّيْخانِ وأصْحَابُ السُّنَّة وأحْمَدُ فِي مُسنَدِهِ . ومَثْلُ أنْ يُسْألَ عَن أكْلِ ذِي نَابٍ : هَلْ هُوَ حَرَامٌ؟ فَيَقُولُ : لَيْسَ بِحَرَامٍ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمِ يَقُولُ : (أكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ ) أخْرَجَهُ الجَمَاعَةُ مِن حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ . ومَثْلُ أنْ يُسْألَ عَن قَتْلِ المُسْلِمِ بِالكَافِرِ فِيَقُولُ نَعَم ، يُقْتَلُ المُسْلِمَ بِالكَافِرِ. وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ : ( لاَ يُقْتَلُ المُسْلِمَ بِالكَافِر ) أَخْْرَجَهُ الجَمَاعَةُ إلاَّ مُسْلِماً مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَِيْفَةَ .(1/16)
ومَثْلُ أنْ يُسْألَ عَنِ الصَّلاَةِ الوُسْطَى فَيَقُولُ : لَيْسَتِ العَصْرِ . وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ : ( هِيَ صَلاَةُ العَصْرِ ) أخْرَجَهُ مُسْلِمُ وأبُو دَاوُدَ . ومَثْلُ أنْ يُسْألَ عَن رَفْعِ اليَدَيْنِ عَنْدَ الرُّكُوعِ والرَّفْعِ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلاَةِ أوْ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ ؟ فيَقُول : لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ أو مَكْرُوهٍ ، ورُبَّمَا غَلاَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ : إنَّ صَلاتَهَ بَاطِلَةٌ وَقَدْ رَوَى بَضْعَةٌ وعِشْرُونَ نَفْساً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدِيْهِ عِنْدِ الافْتِتَاحِ والرُّكُوعِ والرَّفْعِ مِنْهُ بِأسَانِيدَ صَحِيحَةٍ ، لاَ مَطْعَنَ فِيهَا . وأمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ ، وفِيمَا ذكَرْنَا كِفَايَةٌ ، وَقَدْ أنْهَاهَا ابْنُ القَيِّمِ إلَى مِئَةً وخَمْسِينَ مِثَالاً ).اهـ
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى قَصِّ الشَّوَارِبِ
(1) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ : (الفِطْرَةُ خَمْسٌ : الاخْتِتَانُ ، وَالاسْتِحْدَادُ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ ، ونَتْفُ الإِبْطِ ).
ولِلْحَدِيثِ طُرُق عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
[1] سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ عَنْهُ .(1/17)
أخْرَجَهُ البُخاريُّ فِي صَحِيحهِ [ج10ص349] و[ج11ص88] وفِي الأدَبِ المُفْرَدِ [ص425] ومُسْلِمٌ فِي صَحِيحهِ [ج2ص146] وأبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [ج4ص84] والتِّرْمِذيُّ فِي سُنَنِهِ [ج5ص91] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/1ـ ب/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج1ص15] وابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ [ج1ص107] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج2ص229] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص190] وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي المُصَنَّفِ [ج11ص174] والحُمَيْدِيُّ فِي المُسْنَدِ [ج2ص418] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج10ص274] وتَمَّامُ فِي الفَوَائِدِ [جص213] وابْنُ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى [ج2ص219] وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحهِ [ج7ص409] وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة فِي جُزْئِهِ [ص68] وابْنُ المُنْذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص238] والطَّحَاوِيُ فِي مُشْكِلِ الآثَارِ [ج1ص296] والخَلاَّلُ فِي التَّرَجُّلِ [ق16/ط] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص149] وفِي الآدَابِ [ص382] وفِي المَعْرِفَةِ [ج1ص441] والبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ [ج12ص109] وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج1ص195] وابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج21ص57] .
[2] سَعِيدُ المَقْبُرِيّ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي الأدَبِ المُفْرَدِ [ص426] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/125ـ أ/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج8ص128] مِن طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسْحَاقَ عَن سَعِيدٍ المَقْبُرِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً بِهِ .
وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَن سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً بِهِ .
أخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهيدِ [ج21ص56] وابْنُِ المُظَفَّرِ فِي غَرَائِبِ حَدِيثِ مَالِك [ص140] .
وَرَوَاهُ عَن سَعِيدٍ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفاً بِهِ .(1/18)
أخْرَجهُ مَالِكٌ فِي المُوَطَّأ [ج2ص921 ـ رواية يحيى ] وفي [ج2ص93ـ رواية أَبِي مُصْعَب ] والبُخَارِيُّ فِي الأدَبِ المُفْرَدِ [ص426] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/125ـ أ/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج8ص129] وابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج21ص57] وابْنُ المُظَفَّرِ فِي غَرَائِبِ حَدِيثِ مَالِك [ص141] والخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغْدادٍ [ج5ص438] .
[3] عُرْوَة ُ بْنُ الزبَيْرِ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الأوْسَطِ [ج1ص232] .
وإسْنَادُهُ واهٍ ولَهُ عِلَتَّانِ :
الأولَى : عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَهُو ضَعِيفٌ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ فِي غَيْرِ العَبَادِلَةِ (1).
الثَّانِية : أحْمَدُ بْنُ رِشْدِين المِصْرِيّ قَالَ عَنْهُ ابْنُ عَدِيّ كَذبُوهُ ، وأنْكِرَتُ عَلَيْهِ أشْيَاء .
انظُر المِيزَانَ للذَّهَبِيِّ [ج1ص133] .
[4] أبُو سَلَمَةَ عَنْهُ .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي الأدَبِ المُفْرَدِ [ص417] والسَّمَرْقَنْدِيُّ فِي تَنْبِيهِ الغَافِلِين [ص233] .
وإسْنَادهُ فِيه مُحمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ . وَقَدْ عَنْعَنَهُ .
(2) وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ... الحَدِيث ) .
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحهِ [ج1ص223] وأبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِه [ج1ص44] والتِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ [ج5ص91] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/125ـ أ/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج8ص126] وابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِِ [ج1ص107] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج6ص137] والدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَنِ [ج1ص94] والبَغَويُّ فِي شَرحِِ السُّنَّةِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُرْ تَهْذيب التَّهْذيب لابْنِ حَجَر [ج5ص328] .
[(1/19)
ج1ص397و398] وفِي مُشْكِلِ الآثَارِ [ج1ص297] وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ [ج1ص47] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج8ص15] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص36] وفِي المَعْرِفَةِ [ج1ص442] وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص397] وابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج21ص65] وابْنُ المُنْذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص364] والعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ [ج4ص197] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحهِ [ج1ص190ص191] وإسْحَاقُ بْنِ رَاهُويْهِ فِي المُسنَدِ [ج2ص79] والأصْبَهَانِيُّ فِي التَّّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ [ج2ص273] مِن طُرُقٍ عَن وَكِيع ثَنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَن مُصْعَب بْنِ شَيْبَةَ عَن طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ بِهِ.
(3) وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَّلَمَ قَالَ : (الفِطْرَةُ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وتَقْلِيمِ الأظْفَارِ ، وَحَلْقُ العَانَةِ ).
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحيحهِ [ج10ص349] وأحْمَدُ فِي المُسنَدِ [ج2ص118] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/ب ـ ب/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج1ص15] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص149] و[ج3ص244] والطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الآثَارِ [ج1ص296] والطَّرْسُوسِيُّ فِي مُسندِ ابْنِ عُمَرَ [ص44] وابْنُ المُنْذِرِ فِي الأوْسَطِ [ج1ص239] مِن طُرُقٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَن نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
وأخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحهَِ [ج7ص408] مِن طَرِِيقِ حَنْظَلَةَ أنَّهُ سَمِعَ مَالِكاً يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
((1/20)
4) وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَمْ يَأخُذْ مِن شَارِبِهِ ، فَلَيْسَ مِنَّا ).
حَدِيثٌ صَحِيحٌ
أخْرَجهُ التِّرْمذِيُّ فِي سُنَنهِ [ج5ص93] والنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/1 ـ ب/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج1ص15] و[ج8ص129] وأحْمَدُ فِي المُسْنَدِ [ج4ص366] وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص376] وفِي المُسنَدِ [ج1ص354] وابْنِ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمهِيدِ [ج24ص144] والجَوْهَرِيُّ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ [ج1ص251] والذهَبِيُّ فِي السِّيَرِ [ج14ص125] وعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ فِي المُنتَخَبِ [ص114] ويَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي المَعْرِفَةِ [ج3ص232] والطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [ج5ص185] وفِي المُعْجَمِ الصَّغِيرِ [ج1ص176] والبَيْهقيُّ فِي الآدَابِ [ص382] والسَّمْعَانِيُّ فِي أدِبِ الإمْلاَءِ [ص28] وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحهِ [ج7ص408] والخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغْدَادٍ [ج11ص324] وِفِي الجَامِعِ [ج1ص375] وابْنُ عَدِيِّ فِي الكَامِلِ [ج6ص2361] والقُضَاعِيُّ فِي مُسنَدِ الشِّهَابِ [ج1ص230] والمِزِّيُّ فِي تَهذِيبِ الكَمَالِ [ج5ص406] وابْنُ أَبِي زمْنِينَ فِي أصُولِ السُّنَّةِ [ص251] مِن طُرُقٍ عَن يُوسُف بْنِ صُهَيْبٍ عَن حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ عَن زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ صَحِيح .
وَقَالَ التِّرْمذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ [ج10ص337] : سَنَدُهُ قَوِيُّ .
فَائِدَةٌ :(1/21)
قَالَ الألْبَانِيُّ فِي آدَابِ الز ِّفَافِ [ص209] : ( ـ أنْهِكُوا ـ : أي بَالغُوا فِي القَصِّ ، ومِثْلَهُ : ( جُزُّوا ) ، والمُرَادُ المُبَالَغَةُ فِي قَصِّ مَا طَالَ عَلى الشَّفَةِ لاَ حَلْقَ الشَّارِبَ كُلَّهُ ،فَإنَّهُ خِلاَفُ السُّنَّةِ العَمَلِيَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلِهَذا لَمَّا سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّن يَحْفِي شَارِبَهُ ؟ قَالَ : أرَى أن يُوجَعَ ضَرْباً (1)، وَقَالَ لِمَن يَحْلِقُ شَارِبَهُ ؟ ( هَذِه بِدْعَةٌ ظَهَرَتْ فِي النَّاسِ ) رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ [ج1ص151] وانظُر فَتْحِ البَارِي [ج10ص285 ـ286] ، ولِهَذا كانَ مَالِكٌ وَافِرَ الشَّارِبِ ، وكَمَا سُئِلَ عَن ذلِكَ قالَ : حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنِ أسْلَم عَنْ عَامِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أنِّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : ( كَانَ إذا غَضِبَ فَتَلَ شَارِبَهُ وَنَفَخَ ) رَوَاهُ الطَّبَرانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ [1/4/1] بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ، وَرَوَى هُو [1/329/2] ، وأبُو زُرْعَةَ فِي تَارِيخِهِ [46/1] والبَيْهَقِيُّ : ( أنَّ خَمْسَةً مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَقِمُّونَ ( أي يَسْتَأصِلُونَ ) شَوَارِبَهُمْ ، ويَقِمُّونَ مَعَ طَرَفَ الشَّفَةِ ) وَسَنَدُهُ حَسَنٌ .ونَحوَه ابْنُ عَسَاكِرٍ [8/520/2] ). اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُر الاسْتِذكَارِ لابْنِ عَبْدِ البَرِّ [ج27ص62] .
قُلْتُ : وَهُوَ المُرَادُ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ والمَالِكِيَّةِ : التَّقْصِيُر بِأنْ يُؤْخَذَ مِنَ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ أطْرَافَ الشَّفَةِ ، وهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ ( أحْفُوا الشَّوَارِبَ ) أوْ (جُزُّوا الشَّوَارِبَ ) (1).
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمهِيدِ [ج21ص66] : ( إنَّمَا فِي هَذا البَابِ أصْلاَنِ:(1/22)
أحَدُهُمَا : أحْفُوا الشَّوَارِبَ ، وهُوَ لَفْظٌ مُجْمَلٌ مُحْتَمَلٌ للتَّأوِيلِ .
والثَّانِي : قَصُّ الشَّارِبِ ـ وهُوَ مُفَسَّرٌ ، والمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى المُجْمَلِ ).اهـ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج24ص144] : ( فَقَوْلُهُ : قَصُّ الشَّارِبِ يُفَسِّرُ قَوْلُهُ : إِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ ).اهـ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج24ص143] : ( وَلَمْ يَخْتَلِف قَوْلُ مَالِكٍ وأصْحَابهُ أنَّ الذِي يَحْفِي مِنَ الشَّارِبِ هُوَ الإطَار وهُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ العُلْيَا ) (2).اهـ
وَقَالَ الإمَامُ مَالِكٌ فِي المُوَطَّأِ [ص703] : ( يُؤْخَذُ مِنَ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ ، وَهُوَ الإطَارُ ، ولاَ يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلُ بِنَفْسِهِ ).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظُر شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِم للنَّوَوِيّ [ج3ص151] والفِقْهِ الإسْلاَمِي للزُّحِيلِي [ج1ص307] والتَّمْهِيد لابْنِ عَبْدِ البَرِّ [ج21ص63] .
2) وانظُرْ العُمْدَة للعَيْنِي [ج18ص77] ومَرْقَاةُ المَفَاتِيح للمُلاَ عَلِيّ [ج8ص211] والاسْتِذكَارِ لابْنِ عَبْدِ البَرِّ [ج27ص61].
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى وَقْتِ قَصِّ الشَّارِبِ
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : ( وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَصِّ الشَّارِبِ ، وتَقْلِيمِ الأظْفَارِ ، وَحَلْقِ العَانَةِ ، ونَتْفِ الإبِطِ ، أنْ لاَ نَتْرُكَ أكْثَرَ مِنْ أرْبَعِينَ يَوْماً ).(1/23)
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحهِ [ج1ص222] والخَلاَّلُ فِي التَّرَجُّلِ [ق15/ط] والتِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ [ج5ص92] والنَّسائِِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ق/1 ـ ب/ط] وفِي السُّنَنِ الصُّغْرَى [ج1ص15] وابْنُ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى [ج2ص219] وابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ [ج1ص108] وأبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِه [ج1ص190] والعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ [ج1ص28] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص150] والبَغَوِيُّ فِي الجَعْدِيَّاتِ [ج2ص1147] وابْنِ عَبْد البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ [ج21ص68] مِن طَرِيقِ جَعْفَرَ بْنِ سُلَيْمَان عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أنَسٍ بِهِ .
وَأخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [ج4ص413] والتِّرمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ [ج5ص92] وأحْمَدُ فِي المُسنَدِ [ج3ص122و203و255] والعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ [ج2ص208] وأبُو يَعْلَى فِي المُسْنَدِ [ج7ص198] وَالبَغَوِيُّ فِي الجَعْدِيَّاتِ [ج2ص1143] وابْنُ الأعْرَأَبِي فِي المُعْجَمِ [ج4ص8] والبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى [ج1ص150] وابْنُ عَدِيٍ فِي الكَامِلِ [ج3ص1394] والخَطِيبُ البَغْدادِيُّ فِي الجَامِعِ [ج1ص375] مِن طَرِيقِ صَدَقَةَ الدَّقِيقِيِّ أنَا أبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ عِنْ أنَسٍ بِهِ .
قَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذا ـ يَعْنِي حَدِيث جَعْفَر ـ أصَحُّ مِنْ حَدِيثِ صَدَقَةَ ، وَصَدَقَةُ بْنُ مُوسَى لَيْسَ عِنْدَهُم بِالحَافِظِ .
قُلْتُ : فَمِثْلُهُ حَسَنٌ فِي المُتَابَعَاتِ .
فَائِدَةٌ :
قَوْلُهُ : (أنْ لاَ نَتْرُكَ أكْثَرَ مِنْ أرْبَعِينَ يَوْماً ) فَمَعْنَاهُ لاَ يُتْرَكُ تَرْكاً يَتَجَاوَزُ بِهِ أرْبَعِيَن . لاَ أنَّهُمْ وَقَّتَ لَهُمُ التَّرْكَ أرْبَعِينَ (1).
أي حَدَّدَ لَهُمْ أكْثَرَ المُدَّةِ الذِي لاَ يَنْبَغِي لَهُمْ أنْ يَتَجَاوَزُهَا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/24)
1) انظُر شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ للنَّوَوِيّ [ج3ص149] والتَّرَجُّل للخَلاَّلِ [ق16/ط] وَعَوْنِ المَعْبُودِ لأَبِي الطَّيِّب [ج11ص254] .
ذِكْرُ الأحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ فِي الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ
(1) عَنْ عَمْرو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَانَ يَأخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وطُولِهَا ).
حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ
أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ [ج5ص94] والعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ الكَبِيرِ [ج3ص195] والبَيْهَقِيُّ فِي شعَبِ الإيمَانِ [ج11ص407] وابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ [ج5ص1689] وأبُو الشَّيْخُ فِي أخْلاَقِ النَّبِيّ [ص303] والذهَبِيُّ فِي المِيزَانِ [ج3ص229] وابْنُ الجَوْزِيّ فِي العِلَلِ المُتَنَاهِيَةِ [ج2ص686] مِن طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ البَلْخِيّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرو بْنِ شُعَيْبِ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ تَالِفٌ فِيهِ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ البَلْخِيّ قَالَ عَنْهُ ابْنُ مَهْدِيِّ وأحَمَدُ والنَّسَائِيُّ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ وَقَالَ يَحْيَى كَذَّابٌ خَبِيثٌ وَقَالَ عَلَيُّ والدَّارَقُطْنِيٌّ ضَعِيفٌ جِدًّا وَقَالَ صَالِح جَزَرَةَ كَذَّابٌ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ المُعْضِلاَتِ .
انظُر المِيزَانِ للذهَبِيُّ [ج3ص228] .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيّ : هَذا حَدِيثٌ لاَ يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وَالمُتَّهَمُ بِهِ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ البَلْخِيّ .
وقَالَ العُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ : وَلاَ يُعْرَفُ إلاَّ بِهِ ـ يَعْنِي الحَدِيث ـ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وسَلَّمَ بِأسَانِيدَ جَيَادٌ أنَّهُ قَالَ : ( أعْفُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ) وهَذه الرِّوَايَةُ أوْلَى .(1/25)
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذا حَدِيثٌ غَرِيب .
وحَكَمَ الألْبَانِيُّ عَلَيْهِ فِي الضَّعِيفَةِ [ج1ص304] بِالوَضْعِ .
قُلْتُ : وهَذا الحَدِيثُ عُمْدَةُ المُجِيزِينَ فِي الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ .!!!
(2) وعَن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : ( رَأىَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وسَلَّمَ رَجُلاً مُجَفَّلَ الرَّأْسِ واللِّحْيَةِ وَأشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وسَلَّمَ إلَى لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ يَقُولُ خُذْ مِنْ لِحْيَتِكَ ورَأْسِكَ ).
حَدِيثٍ ضَعِيفٌ جِدًّا
أخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص221] مِن طَرِيقِ أَبِي مَالِكِ النَّخَعِيِّ عَن مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ عَن جَابِرٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ وَاهٍ فِيهِ أبُو مَالِكٍ وَهُوَ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ الحُسَيْنِ النَّخَعِيُّ قَالَ عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ عَمْرو بْنُ عَلَيّ ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الحَدِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ والأزْدِيُّ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ وَقَالَ أبُو أحْمَدُ الحَاكِمَ لَيْسَ بِالقَوِيِّ عَنْدَهُمْ وَضَعَّفَهُ أبُو زُرْعَةَ وأبُو حَاتِمٍ وأبُو دَاوُدَ .
انظُرْ التَّهْذِيب لابْنِ حَجَرٍ [ج12ص219] .
وَالحَدِيثَ ضَعَّفَهُ البَيْهَقِيُّ بِقَوْلِهِ : أبُو مَالِكٍ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ الحُسَيْنِ النَّخَعِيُّ غَيْرُ قَوِيّ .
وَقَالَ الشِّيخ نَاصِرِ الدِّينِ الألْبَانِيِّ فِي الضَّعِيفَةِ [ج5ص375] : (ضَعِيفٌ جِداَّ).(1/26)
ولَهُ شَاهِدٌ : أخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ فِي المَرَاسِيلِ [ص316] مِن طَرِيقِ عَمْرو بْنِ عُثْمَان حَدَّثنَا مَرَوَانُ يَعْنِي ابْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأسْوَدِ سَمِعَ مُجَاهِداً يَقُولُ: ( رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وسَلَّمَ رَجُلاً طَوِيلَ اللِّحْيَةِ فَقَالَ : لِمَ يَشَوِّهُ أحَدُكُمْ نَفْسَهُ ؟ قَالَ ورَأَى رَجُلاً ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ : مَهْ ، أحَسِنْ إلَى شَعْرِكَ أوِ احْلَقْهُ ).
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ لإرْسَالِهِ ، فإنَّ مُجَاهِداً لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وسَلَّمَ .
والمُرْسَلُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ إسْنَادُهُ إلَى مُرْسِلِهِ .
(3) وَعَنْ جَابَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : ( كُنَّا نُعْفِيَ السِّبَالِ (1) إلاَّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ).
حَدِيثٌ مُنْكَرٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) قَالَ الأصْمَعِيُّ : السَّبَلَةٌ : مَا أسْبِلَ مِن مُقَدَّمِ اللِّحْيَةِ عَلَى الصَّدْرِ .
انظُرْ غَرِيبَ الحَدِيثِ للخَطَّاَبِي [ج1ص215] .
أخْرَجهُ أبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [ج4ص414] والرَّامَهُرْمُزِّيُّ فِي المُحَدِّثِ الفَاصِلِ [ص433] والخَطِيب فِي الكِفَايَةِ [ص301] مِن طَرِيقِ زُهيْرٍ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ ابْنِ أَبِي سُلَيْمَان وَقَرَأهُ عَبْدِ المَلِكِ عَلَى أَبِي الزُّبَيْرِ ورَواهُ أبُو الزُّبَْير عَن جَابِرٍ بِهِ.
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ أبُو الزُّبَيْر وَهُو مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ المَكِّيّ (1) وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَلَم يُصَرِّحْ بالتَّحْدِيثِ ، وَعَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَان العَرْزَمِيّ لَهُ أوَهَام .
قُلْتُ : فَتَحْسِينُ ابْنُ حَجَرٍ لَهُ فِي الفَتْحِ [ج10ص350] فِيهِ نَظَرٌ .(1/27)
انظُرْ تَعْرِيفْ أهْلِ التَّقْدِيسِ لابْنِ حَجَرٍ [ص108] والتَّقْرِيبَ لَهُ [ص623] والتَّبْيِين لأسْمَاءِ المُدَّلِسِين لابْنِ العَجْمِيّ [ص54]وأسْمَاءِ المُدَّلِسِينَ للسُّيُوطِيّ [ص104] .
وتَابَعَهُ قَتَادَةٌ .
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص375] مِن طَرِيقِ أَبِي هِلاَلَ عَن قَتَادَةَ قَالَ : قَالَ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : ( لاَ نَأخُذُ مِنْ طُولِهَا إلاَّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ).
قُلْتُ : وهَذَا سَنَدُه ضَعِيفٌ ولَهُ عِلَّتَانِ :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) وَصَفَهُ بالتَّدْلِيسِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ .
الأولَى : مُحَمَّدٌ بْنٌ سَلِيمٍ أبُو هِلاَلٍ قَالَ عَنْهُ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالقَوِيّ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِيهِ ضَعْف وقَالَ أبُو زُرْعَةَ لَيِّن ولَيْسَ بِالقَوِيّ وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ صَالِح لَيْسَ بِذاكَ القَوِيُّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنيُّ ضَعِيفٌ وَقَالَ البَزَّارُ غَيْرُ حَافِظٍ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانٍ كَانَ أبُو هِلاَلَ شَيْخاً صَدُوقاً إلاَّ أنَّهُ كَانَ يُخْطِئُ كَثِيراً مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ حَتَّى صَارَ يَرْفَعُ المَرَاسِيلَ ولاَ يَعْلَمُ ، وأكْثَرُ مَا يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ فَوَقَعَ المَنَاكِيرُ فِي حَدِيثِهِ مِن سُوءِ حِفْظِهِ .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ أدْخَلَهُ البُخَارِيُّ فِي كَتَابِ الضُّعفَاءِ وسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ يَحول منهُ .
الثَّانِيَة : قَتَادَةٌ بْنُ دَعَامَةَ السَّدُوسِيّ (1) مُدَّلِسٌ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّحْدِيثِ .
وَقَالَ أبُو دَاوُدَ الطَّيَالِِسِيِّ عَن شُعْبَةَ كَانَ قَتَادَةَ إذا جَاءَ مَا سَمِعَ قَالَ حَدَّثنَا وإذا جَاءَ مَا لَمْ يَسْمَع قَالَ : قَالَ فُلاَن .(1/28)
انظُرْ تَعْرِيفْ أهْلِ التَّقْدِيسِ لابْنِ حَجَرٍ [ص102] والتَّهْذِيب لَهُ [ج8ص353] وتَهْذِيبِ الكَمَال للمِزِّيِّ [ج25ص292] .
فَهِيَ مُتَابَعَةٌ لاَ أثَرَ لَهَا .
قُلْتُ : واضْطُرِبَ فِي مَتْنِهِ أيْضاً وهَذا يُوجِبُ ضَعْفَ الحَدِيثِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) وَصَفَهُ بالتَّدْلِيسِ النَّسَائِيُّ وَغَيْره .
فأَخْرَجهُ الجَوْهَرِيُّ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيّ [ج1ص255] وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص567] مِن طَرِيقِ أشْعَثَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : (كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نُوَفِّرَ السِّبَالَ ونَأخُذَ مِنَ الشَّارِبِ ).
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَهُ عِلَّتَانِ :
الأولَى : أشْعَثَ بْنِ سِوَارٍ الكِنْدِيّ وَهُو ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص149].
الثَّانِيَة : أبُو الزُّبَيْرِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ تَقَدَّمَ .
وَأخْرَجهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الأوْسَطِ [ج8ص382] مِن طَرِيقِ مَقْدَام ثنَا أبُو الأسْوَدِ ثنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ثَنَا أبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ جَزِّ السِّبَالِ ).
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا ولَهُ ثَلاَثُ عِلَلٍ :
الأولَى : المَقْدَام بْنِ دَاوُدَ المِصْرِيّ وَهُوَ ضَعِيف .
الثَّانِيَةُ : ابْنُ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ فِي غَيْرِ العَبَادِلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ .
الثَّالِِثَةٌ : أبُو الزُّبَيْر وَهُوَ مُدَلِّسٌ تَقَدَّمَ .
انظُرْ المِيزَان للذهَبِيِّ [ج4ص175] .
(4) وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : ( كَانُوا يَأخُذُونَ مِنْ جَوَانِبِهَا ويُنَظِّفُونَهَا يَعْنِي اللِّحْيَة ).
حَدِيثٌ مُنْكَرٌ(1/29)
أخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ [ج5ص220] مِن طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ ثَنَا سُفْيَانَ عَن مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بِهِ .
قُلْتُ : وَهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ ومَتْنُهُ مُنْكَرٌ فِيهِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ الكُوفِيّ ثِقَةٌ إلاَّ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِفِيهِ لِينٌ ـ يَعْنِي ضَعْف ـ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص609] .
قَالَ الدَّارَِمِيُّ فِي التَّارِيخِ [ص63] عَنِ ابْنِ مَعِينٍ ضَعِيف ـ يَعْنِي يَعْلَى ـ فِي سُفْيَانَ ثِقَةٌ فِي غَيْرِهِ .
وانظُرْ المِيزَانَ للذهَبِيِّ [ج4ص458] والتَّهْذِيب لابْنِ حَجَرٍ [ج11ص354] .
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ : كَانَ كَثِيرَ الخَطَأِ ـ يَعْنِي يَعْلَى ـ عَن سُفْيَانَ الثَّوْرِيّ .
انظُرْ شَرْح عِلَلِ التِّرْمِذيِّ لابْنِ رَجَبٍ [ج2ص812] .
(5) وَعَنِ الحَسَنِ قَالَ : ( كَانُوا يُرَخِّصُّونَ فِيمَا زَادَ عَلَى القَبْضَةِ مِنَ اللِّحْيَةِ أنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا ).
حَدِيثٌ مُنْكَرٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص375] مِن طَرِيقِ عَائِذِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أشْعَثَ عَنِ الحَسَنِ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ أشْعَثُ بْنِ سَوَّارَ الكِنْدِيّ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ والدَّارَقُطْنيُّ وابْنُ سَعْدٍ ويَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وأحْمَدُ والعْجِلِيُّ وابْنُ حَجَرٍ .
وقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ يَخْلِطُ فِي الإسْنَادِ ويُخَالِف . وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فَاحِشُ الخَطأَ، كَثِيرَ الوَهْمِ .
انظُرْ تَهْذِيبَ الكَمَالِ لِلْمِزِّيّ [ج3ص268] وكِتَاب المَجْرُوحِينَ لابْنِ حِبَّانَ [ج1ص171] والتَّقْرِيبَ لابْنِ حَجَرٍ [ص113] .
(6) وعَن سِِمَاكِ بْنِ يَزِيدٍ قَالَ : ( كَانَ عَلِيٌّ يَأخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ ).
حَدِيثٌ ضَعِيفٌ(1/30)
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص374] مِن طَرِيقِ زَمْعَةَ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَن سِمَاكٍ بِهِ .
قلْتُ : وَهذا سَنَدُه ضَعِيفٌ فِيه زَمْعَةَ وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ الجنْدِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص217] .
(7) وعَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ : ( كَانَ أبُو هُرَيْرَةَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ ثُمَّ يَأخُذُ مَا فَضُلَ عَلَى القَبْضَةِ ).
حَدِيثٌ ضَعِيفٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج8ص374] والخَلاَّلُ فِي التَّرَجُّلِ [ق10/ط] مِن طَرِيق شُعْبَةَ عَن عُمَرَ بْنِ أيُّوبَ مَن وَلَدِ جَرِيرِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ عُمَرَ بْنِ أيُّوبَ الكُوفِيِّ قَالَ عَنْهُ أبُو حَاتِمٍ هُوَ شَيْخٌ كُوفِيٌّ .
انظُرْ الجَرْحَ والتَّعْدِيل [ج6ص98] .
قُلْتُ : وقَوْلُهُ ( شَيْخٌ ) أي لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، فَيُكْتَبُ حَدِيثُهُ ويَصْلُح فِي المُتَابَعَاتِ .
وانظُرِ الجَرْحَ والتَّعْدِيل لابْنِ أَبِي حَاتِمٍ [ج2ص37] .
قَالَ الذهَبِيُّ فِي المِيزَانِ [ج2ص385] فِي تَرْجَمةِ العَبَّاسِ بْنِ الفَضْلِ العَدَنِيُّ: ( سَمِعَ مِنْهُ أبُو حَاتِمٍ وَقَالَ : شَيْخٌ ، فَقَوْلُهُ : هُوَ شَيْخٌ لَيْسَ هُوَ عِبَارَةُ جَرْحٍ ، ولِهَذا لَمْ أذكُرْ فِي كِتَابِنَا أحَداً مِمَّن قَالَ فِيهِ ذلكَ ، ولِكِنَّهَا أيضاً مَا هِيَ عَبَارَةُ تَوْثِيقٍ ، وبِالاسْتِقْرَاءِ يَلُوحُ لَكَ أنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، ومِن ذلِكَ قَوْلُهُ : يُكْتبُ حَدِيثُهُ ، أيْ لَيْسَ هُوَ بِحَجَّةٍ ).اهـ(1/31)
وَقَالَ قَاسِم عَلِيّ فِي مَبَاحِث فِي عَلْمِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ [ص39] : ( وقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي نُكَتِهِ ورَقَة [153ب] : قَالَ الحَافِظُ جَمَالُ الدِّين المِزِّيُّ : المُرَادُ بِقَوْلِهِمْ شَيْخٌ : إنَّهُ لاَ يَتْرَكُ ولاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ مُسْتَقِلاًّ ).اهـ
وأخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى [ج2ص59] مِن طَرِيقِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هِلاَلٍ عَن شَيْخٍ مَظْنُونٍ مِنْ أهْلِ المَدِينَةِ قَالَ فَذَكَرَهُ .
قُلْتُ : وَهذا سَنَدُهُ واهٍ وَلَهُ عَلَّتَانِ :
الأولَى : أبُو هِلاَلٍ ضَعِيفٌ تَقَدَّم .
الثَّانِيَةُ : جَهَالَةَ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
فَهِيَ مُتَابَعَةٌ لاَ أثَرَ لَهَا .
(8) وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لاَ يَأخُذْ أحَدُكُمْ مِنْ طُولِ لَحْيَتِهِ ، وَلَكِن مِنَ الصَّدَغَيْنِ ).
حَدِيثٌ مُنْكَرٌ
أخْرَجَهُ الخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغْداد [ج5ص187] مِن طَرِيقِ أَبِي اليَمَانِ حَدَّثنَا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ عَطَاءَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِهِ .
قُلْتُ : وهَذا سَنَدُُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَان صَاحِبُ مَنَاكِير .
انظُرْ تَهْذِيبُ الكَمَال للْمِزِّيّ [ج20ص176] والجَرْح والتَّعْدِيل لابْنِ أَبِي حَاتِمٍ [ج7ص36] .
قُلْتُ : فَهَذِه الأحَادِيثُ عُمْدَةُ المُجِيزِينَ فِي الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ !!! ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لاَ يُشْرَعُ العَمَلُ بِهَا .
ذِكْرُ مَا ثَبَتَ عَنِ الإمَامِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
رَحِمَهُ اللهُ فِي الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ وَعَدَمِ الأخْذِ
لَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الإمَامِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ قَدْرَ القَبْضَةِ ، وعَدَمِ الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ .
((1/32)
1) عَنْ حَرْبٍ قَالَ سُئِلَ أحْمَدُ عَنِ الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ قَالَ : ( كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأخُذُ مِنْهَا مَا زَادَ عَلَى القَبْضَةِ وَكأَنَّهُ ذهَبَ إلَيْهِ ).
أخْرَجَهُ الخَلاَّلُ فِي التَّرَجُّلِ [ق/10/ط] .
(2) وَعَنْ إسْحَاقَ قَالَ سَألْتُ أحْمَدَ عَنِ الرَّجُلِ يَأخُذُ مِنْ عَارِضَيْهِ قَالَ : ( يَأخُذُ مِنَ اللِّحْيَةِ مَا فَضُلَ عَنِ القَبْضَةِ قُلْتُ فَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ، وَاعْفُوا اللِّحَى ) قَالَ : يَأخُذُ مِن طُولِهَا ومِن تَحْتِ حَلْقِهِ ، ورَأيْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ يَأخُذُ مِن طُولِهَا ومِن تَحْتِ حَلْقِهِ ).
أخْرَجَهُ الخَلاَّلُ فِي التَّرَجُّلِ [ق10/ط] .
(3) وَعَنْ حَنْبَلٍ قَالَ : قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ : ( ويَأخُذُ مِنْ عَارِضَيْهِ وَلاَ يَأخُذَ مِنَ الطُّولِ ).
أخْرَجَهُ الخَلاَّلُ فِي التَّرَجُّلِ [ق10/ط] .
إذاً ثَبَتَ عَنِ الإمَامِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ وَعَدَمِ الأخْذِ ، والسُّنَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الجَمِيعِ كَمَا قَالَ هُوَ نَفْسُهُ .
قَالَ الإمَامُ أحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ : ( لاَ تُقَلِّدُنِي ، ولا تُقَلِّدْ مَالِكًا ، والشَّافِعِيَّ، ولاَ الأوْزَاعِيَّ ، وَلاَ الثَّوْرِيَّ ، وخُذْ مِنْ حَيْثُ أخَذُوا ) (1).اهـ
وقَالَ الإمَامُ أحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ أيْضاً : ( رَأْيُ الأوْزَاعِيِّ ، ورَأْيُ مَالِكٍ ، ورَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ كُلُّهُ رَأْي ، وَهُوَ عِنْدِي سَوَاءُ ، وإنَّمَا الحُجَّةُ فِي الآثَارِ ) (2).اهـ(1/33)
وَقَالَ الشَّيخُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ بَازٍ فِي تَعْلِيقِِهِ عَلَى كِتَابِ وُجُوبِ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ [ص21] : ( وَالصَّوَابُ وُجُوبُ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وإرْخَائِهَا وَتَحْرِيمُ أخْذِ شَيْءٍ مِنَهَا وَلَوْ زَادَ عَلى القَبْضَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذلِكَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَِةٍ أوْ غَيْرِ ذلِكَ ، لأنَّ الأحَادِيثَ الصَّحِيحَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةٌ عَلَى ذلِكَ ولاَ حُجَّةَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وابْنِهِ وأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لأنَّ السُّنَّة مُقَدَّمَةٌ عَلَى الجَمِيعِ وَلاَ قَوْلَ لأحَدٍ بِخِلاَفِ السُّنَّةِ واللهُ وَلِيُّ التَّوْفِيق ).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انُظُر إعْلاَمِ المُوَقِّعِينَ لابْنِ القَيِّمِ [ج2ص302]
2) انظُرْ جَامِع بَيَانِ العِلْمِ لابْنِ عَبْدِ البَرِّ [ج2ص149] .
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى التَّفْسِيرِ الصَّحِيحِ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى ? ????? ???????????? ??????????? ?
واعْلَمْ أنَّهُ وَرَدَتْ بَعْضَ التَّفَاسِيرِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ? ????? ???????????? ??????????? ? (1) بِأنَّهَا الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ بِقَدْرِ القَبْضَةِ فِي الحَجِّ فَأنَا أذْكُرُهَا وأرُدُّ عَلَيْهَا .
(1) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ? ????? ???????????? ??????????? ? قَالَ : ( التَّفَثُ : حَلْقُ الرَّأْسِ ، وأخْذُ مِنَ الشَّارِبَيْنِ ، ونَتْفُ الإبِطِ وحَلْقُ العَانَةِ ، وَقَصُّ الأظْفَارِ ، والأخْذُ مِنَ العَارِضَيْنِ(2) ( وَفِي رِوَايَةٍ : اللِّحْيَة)، وَرَمْيِ الجِمَارِ ، وَالمَوْقِفُ بِعَرَفَةَ والمُزْدَلِفَةَ ).
حَدِيثٌ ضَعِيفٌ(1/34)
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج4ص85] وابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص149] والمَحَامِلِيُّ فِي الأمَالِي [ص164] مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ المَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سُورَة الحَجِّ آية [29] .
2) العَارِضَان : نَاحِيَتَا الوَجْهِ ، والعَارِض مِنَ اللِّحْيَةِ : مَا يَنْبُتُ عَلَى عُرْضِ اللَّحْيِّ فَوْقَ الذَّقْنِ .
انظُرْ النِّهَايَةَ لابْنِ الأثِيرِ [ج3ص212] .
قُلْتُ : وَهَذَا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ عَبْدِ المَلِكِ وَهُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّحْدِيثِ .
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَعْرِيفِ أهْلِ التَّقْدِيسِ [ص95] : ( قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : شَرُّ التَّدْلِيسِ ،تَدْلِيسُ ابْنِ جُرَيْجٍ فَإنَّهُ قَبِيحُ التَّدْلِيسِ لاَ يُدَلِّسُ إلاَّ فِيمَا سَمِعَهُ مِن مَجْرُوحٍ ).اهـ
قُلْتُ : فَلاَ تُحْمَلُ عَنْعَنَتُهُ هُنَا عَلَى السَّمَاعِ لأنَّهُ أتَى بِمُنْكَرٍ مُخَالِفاً للسُّنَّةِ ، فَمَا جَاءَ عَنْهُ مُخَالِفاً للسُّنَّةِ فَلاَ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ .
وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِي ( قَلاَئِدِ المُرْجَانِ فِي تَخْرِيجِ حَدِيثِ : إذَا اجْتَمَعَ عِيدَان ) [ص22] وللهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ .
ثُمَّ إنَّهُ اضْطَرَبَ فِي مَتْنِهِ أيْضاً فَمَرَّةً يَقُولُ ( والأخْذُ مِنَ العَارِضَيْنِ ) وَمَرَّةً يَقُولُ ( الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ ) وَهَذا يُوجِبُ ضَعْفَ الحَدِيثِ .
قُلْتُ : وإِنْ ثَبَتَتْ صِحَّتُهُ عَنْهُ فَلاَ دَلاَلَةَ فِيهِ عَلَى الأخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ لأنَّهُ لاَ تُعَارَضُ سنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِتَفْسِيرِ الصَّحَابِيِّ .(1/35)
عِلْماً بِأنَّهُ يَخُصُّ الأخْذَ مِنَ اللِّحْيَةِ فِي الحَجِّ كَمَا هُو ظَاهِرٌ ، إذاً هَذا خَاصٌّ فِي النُّسُكِ ، وَسَبَقَ الإشَارَةَ إليَهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا سَبَقَ الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ فِي فِعْلِ الحَجِّ أوِ العُمْرَةِ .
(2) وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيُّ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَة : ? ????? ???????????? ??????????? ? (رَمْيُ الجِمَارِ ، وذبْحُ الذَّبِيحَةَ ، وأخْذٌ مِنَ الشَّارِبَيْنِ واللِّحْيَةِ والأظْفَارِ والطَّوَافِ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا والمَرْوَةَ ).
حَدِيثٌ ضَعِيفٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص149] مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أخْبَرَنِي أبُو صَخْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ القُرَظِيُّ بِهِ .
قُلْتُ: وَهَذَا سَنَدُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ أبُو صَخْرٍ وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الخَرَّاط وَهُوَ وإنْ كَانَ صَدُوقاً لَكِنَّهُ يَهِمُ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص274] .
وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ .
انظُرْ تَهْذِيبَ الكَمَالِ لِلْمِزِّيِّ [ج7ص368] .
وَخَالَفَهُ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ المَدَنِيُّ ، فَذَكَرَهُ بِدُونِ ( ذكْرِ اللِّحْيَةِ ).
أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج4ص84] مِنْ طَرِيقِ العُكْلِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ القُرَظِيُّ قَالَ : ( التَّفَثُ : حَلْقُ العَانَةِ وَنَتْفُ الإبِطِ وأخْذٌ مِنَ الشَّارِبِ وتَقْلِيمِ الأظْفَارِ ).
وإسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ المَدَنِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ [ص983] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/36)
1) وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ أبِي شَيْبَةَ ( مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ) بَدَل ( مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ) وَهُو تَصْحِيفٌ ، والصَّحِيحُ مَا أثْبَتْناهُ . لِعِلْمِنَا أنَّ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ لَمْ يَرْو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ القُرَظِيُّ شَيْئاً.
(3) وَعَنْ مُجَاهِدٍ ? ????? ???????????? ??????????? ? قَالَ : ( حَلْقُ الرَّأْسِ وَحَلْقُ العَانَةِ وَقَصُّ الأظْفَارِ وقَصُّ الشَّارِبِ وَرَمْيُ الجِمَارِ وَقَصُّ اللِّحْيَةِ ).
حَدِيثٌ ضَعِيفٌ
أخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص150] مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وهُوَ فِي تَفْسِيرهِ [ص480] بِهِ.
قُلْتُ : وَهَذَا سَنَدُهُ فِيهِ وَرْقَاءَ بْنُ عُمَرَ اليَشْكُرِيِّ تَكَلَّمُوا فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ أبِي نُجَيْحٍ .
انظُرْ تَهَذِيبَ الكَمَالِ للْمِزِّيِّ [ج30ص433] .
وَخَالَفَهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى العَبْسِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ لابْنِ حَجَرٍ[ص645] بِدُونِ ( ذِكْرِ اللِّحْيَةِ ) ، وَهُوَ الأصَحُّ .
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج4ص84] مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ قالَ : ( الحَلْقُ وأخْذٌ مِنَ الشَّوَارِبِ وَتَقْلِيمِ الأظْفَارِ وَنَتْفِ الإبِطِ ).
وإسْنَادُهُ صَحِيحٌ ، وَرَوَايَةُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى أرَجْحُ مَنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ ، فَهِيَ مُنْكَرَةٌ .(1/37)
وأخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص149] مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى قَالَ ثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ ثَنَا شُعْبَةَ عَنِ الحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ أنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ ? ????? ???????????? ??????????? ? قَالَ : ( هُوَ حَلْقُ الرَّأْسِ ، وذَكَرَ أشْيَاءَ مِنَ الحَجِّ ). ولَمْ يَذْكُرِ الأخْذَ مِنَ اللِّحْيَةِ . وهُوَ الأصَحُّ عَنْهُ .
وَإسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
وأخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص150] مِنْ طَرِيقِ الحُسَيْنِ قَالَ ثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ إلاَّ أنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِهِ ( وَقَصُّ اللِّحْيَةِ).
وإسْنَادُهُ ضَعِيفٌ .
وأخْرَجَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ [ص211] وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ [ق1/ب/ط] مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ( قَصُّ اللِّحْيَةِ ).
وإسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أيْضاً.
وَاعْلَمْ أنَّهُ ثَبَتَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ والعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ ? ????? ???????????? ??????????? ? أنَّهُ قَضَاءُ مَنَاسِكِ الحَجِّ وإزَالَةِ الشَّعْثَ والدَّرَنَ ، وَلَمْ يَقُولُوا فِي حَدِيثِهِمْ ( وَقَصُّ اللِّحْيَةِ ) وَهُوَ الأصَحُّ فِي تَفْسِيرِ الآيَةِ وإلَيْكَ أقْوَالَهُمْ.
قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاح : ( الحَلْقُ والذبْحُ وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ وَمَنَاسِكُ الحَجِّ).
أخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ [ج4ص84] مِنْ طَرِيقِ أبِي خَالِدٍ عَنْ عَطَاءٍ بِهِ .
وإسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ? ????? ???????????? ??????????? ? قَالَ : (التَّفَثُ : حُرُمَهُمْ ).(1/38)
أخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص150] مِنْ طَرِيقِ يُونُسٍ قَالَ أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ بِهِ .
وإسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
وَعَنْ مُجَاهِدٍ أنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ ? ????? ???????????? ??????????? ? قَالَ : (هُوَ حَلْقُ الرَّأْسِ ، وذَكَرَ أشْيَاءَ مِنَ الحَجِّ ). ولَمْ يَذْكُرِ الأخْذَ مِنَ اللِّحْيَةِ .
أخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص149] مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى قَالَ ثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ ثَنَا شُعْبَةَ عَنِ الحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهِ .
وإسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ [ج17ص149] : ( وَقَوْلُهُ ? ????? ???????????? ??????????? ? يَقُولُ : تَعَالَى ذِكْرُهُ : ثُمَّ لِِيَقْضُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَاسِكِ حَجِّهِمْ : مِنْ حَلْقِ شَعْرٍ وأخْذِ شَارِبٍ ، وَرَمْيِ جَمْرَةٍ ، وَطَوَافٍ بِالبَيْتِ ).اهـ
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي المُحَرَّرِ الوَجِيزِ [ج11ص196] : ( والتَّفَثُ : مَا يَصْنَعُهُ المُحْرِمُ عِنْدَ حِلِّهِ مِنْ تَقْصِيرِ شَعْرٍ وَحَلْقِهِ وإزَالَةِ شَعْثٍ وَنَحْوِهِ ).اهـ
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ فِي الجَامِعِ لأحْكَامِ القُرْآنِ [ج12ص49] : ( قَوْلُهُ تَعَالَى ? ????? ???????????? ??????????? ? أي ثُمَّ لِتَقْضُوا بَعْدَ نَحْرِ الضَّحَايَا والهَدَايَا مَا بَقِيَ مِنْ أمْرِ الحَجِّ كَالحَلْقِ وَرَمْيِ الجِمَارِ وإزَالَةِ شَعْثٍ وَنَحْوِهِ ).اهـ
وَقَالَ أبُو المُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ فِي تَفْسِيرِ القُرْآنِ [ج3ص435] : (قَوْلُهُ تَعَالَى? ????? ???????????? ??????????? ? التَّفَثُ : هَاهُنَا هُوَ حَلْقُ الرَّأسِ، وَقَلْمُ الظُّفْرِ ونَتْفُ الإبِطِ وإزَالَةُ الوَسَخٍ ).اهـ(1/39)
وقَالَ ابْنُ الجَوْزِيُّ فِي زَادِ المَسِيرِ [ج5ص427] : ( وَالقَوْلُ الأوَّلُ أصَحُّ ، لأنَّ التَّفَثَ : الوَسَخُ ، والقَذارَةُ ، مِنْ طُولِ الشَّعْرِ والأظْفَارِ والشَّعْثِ ، وقَضَاؤُهُ: نَقْضُهُ ، وإذْهَابُهُ ، والحَاجُّ مُغَبَّرٌ شَعْثٌ ).اهـ
وَقَالَ ابْنُ السَّعْدِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ [ج5ص290] : (? ????? ???????????? ??????????? ? أي يَقْضُوا نُسُكَهُمْ ، ويُزِيلُوا الوَسَخَ والأذَى الذِي لَحِقَهُمْ فِي حَالِ الإحْرَامِ ).اهـ
وقَالَ ابْنُ الأثِيرِ فِي النِّهَايَةِ [ج1ص191] : ( التَّفَثُ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ المُحْرِمُ بِالحَجِّ إذَا حَلَّ ، كَقَصِّ الشَّارِبِ والأظْفَارِ ونَتْفِ الإبِطِ وَحَلْقِ العَانَةِ .
وَقِيلَ : هُوَ إذْهَابُ الشَّعْثَ والدَّرَنَ مُطْلَقاً ).اهـ
وقَالَ البَغَوِيُّ فِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ [ج3ص284] : ( ? ????? ???????????? ??????????? ? ، التَّفَثُ الوَسَخُ والقَذارَةُ مِنْ طُولِ الشَّعْرِ والأظْفَارِ والشَّعْث ، تَقُولُ العَرَبُ لِمَنْ تَسْتَقْذِرَهُ : مَا أتْفْثَكَ : أي مَا أوْسَخَكَ ، والحَاجّ أشْعَثَ أغْبَرَ أي: لَمْ يَحْلِقْ شَعْرَهُ وَلَمْ يُقَلِّمْ ظُفْرَهُ فَقَضَاءُ التَّفَثِ إزَالَةُ هَذِهِ الأشْيَاءَ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ أي : لِيُزِيلُوا أدْرَانَهُمْ ، والمُرَادُ مِنْهُ الخُرُوجَ عَنِ الإحْرَامِ ) .اهـ
وَقَالَ الوَاحِدِيُّ فِي الوَسِيطِ [ج3ص268] : ( قَوْلُهُ التَّفَثُ : الوَسَخُ والقَذارَةُ مِنْ طُولِ الشَّعْرِ والأظْفَارِ والشَّعْثِ وقَضَاؤُهُ نَقْضُهُ وإذْهَابُهُ والحَاجّ مُغَبَّرٌ شَعْثٌ لَمْ يَدْهِنْ وَلَمْ يَسْتَحِدْ فَإذَا قَضَى نُسُكَهُ وَخَرَجَ مِنْ إحْرَامِهِ بِالقَلْمِ والحَلْقِ وَقَصِّ الشَّارِبِ ولُبْسِ الثِّيَابِ وَنَتْفِ الإبِطِ وَحَلْقِ العَانَةِ فَهُوَ قَضَاءُ التَّفَثِ ).اهـ(1/40)
وَقَالَ الإمَامُ مَالِكٍ فِي المُوَطَّأِ [ج1ص318] : (التَّفَثُ حِلاَقُ الشَّعْرِ ، ولُبْسُ الثِّيَابِ ، ومَا يَتْبَعُ ذلِكَ ).اهـ
فَإذَا تَبَيَّنَ هَذَا ، فَالمَسْألَةُ التِي مَعَنَا قَدْ نُقِلَ عَنِ السَّلِفِ والعُلَمْاءِ عَدَمُ وُجُودِ ( ذِكْرُ اللِّحْيَةِ ) فِي النُّسُكِ ، لأنَّ اللِّحْيَةَ لاَ تَعَلُّقَ لَهَا بالنُّسُكِ ، وَلَوْ كَانَ الأخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالنُّسُكِ لَكَانَ مَعْرُوفاً عِنْدَهُمْ ، وَفِيهِمْ مَنْ رَوَى العُمُومَ المَذْكُورَ ، كَابْنِ عُمَرَ ، وأَبِي هُرَيْرَةَ ، وأَبِي أمَامَةَ ، وسَبَقَتِ الأخْبَارُ عَنِ الصَّحَابَةِ أنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَأخُذُونَ مِنَ اللِّحْيَةِ لاَ فِي النُّسُكِ ولاَ فِي غَيْرِهِ للنَّصِّ ، والنَّصُّ يَأمُرُهُمْ بِإعْفَاءِ اللِّحْيَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الرَّأيِ .
قُلْتُ : وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يُطَابِقُ مَدْلُولَ الآيَةِ وَبهِ صَحَّ عَنِ السَّلَفِ .
وَيُؤَيِّدُهُ ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ ). ولَمْ يَأخُذْ مِنْ لِحْيَتِهِ .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ [ج3ص561] ومُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [ج2ص947] مِن طَرِيقِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ .
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أتَى مِنًى ، فَأتَى الجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ، ثُمَّ أتَى مَنْزِلَهُ بِمَنًى وَنَحَرَ ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلاَّقِ خُذْ ، وَأشَارَ إلَى جَانِبِهِ الأيْمَنِ ، ثُمَّ الأيْسَرِ ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ ). وَلَمْ يَأخُذْ مِنْ لِحْيَتِهِ .
أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ[ج3ص947] مِن طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أنَسٍ بِهِ .(1/41)
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( حَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ ). وَلَمْ يَأخُذُوا مِنْ لِحَاهُمْ .
أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ [ج3ص561] مَنْ طَرِيقِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ عَبْدِ اللهِ بِهِ .
قُلْتُ: وَفِي هَذِهِ الأحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّ قَصَّ اللِّحْيَةِ أوِ الأخْذِ مِنْهَا فِي الحَجِّ لَمْ يَكُنْ أمْراً مَعْرُوفاً عِنْدَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ .واللهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ
هَذَا آخِرُ مَا وَفَّقَنِي اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى إليهِ في تَصْنِيفِ هذا الكِتَابِ النَّافِعِ المُبَارَكِ ـ إنْ شَاءَ اللهُ ـ سَائِلاً رَبِّي جَلَّ وَعَلاَ أنْ يَكْتُبَ لِي بِهِ أجْراً ، ويَحُطَّ عَنِّي فِيهِ وِزْراً ، وأنْ يَجْعَلهُ لِي عِندَهُ يَومَ القِيامَةِ ذُخْراً ...
وصَّلى اللهُ وسلَّمَ وبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ وعَلىَ آلِهِ وصَحْبِهِ أجْمَعِينَ .
وآخِرُ دَعْوَانَا أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ
فهرس الموضوعات
الموضوع ... الصفحة
1) المقدمة ... ... ... ... ............. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 5
2) ذكر حد اللحية ... ... ... ... ............. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ......... ... 11
3) ذكر الدليل على وجوب إعفاء اللِّحى ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... 13
4) ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعفي لحيته ... 20
5) ذكرالدليل على تحريم حلق اللحى ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .......... ... 33
6) ذكر الدليل على القرينة المؤكدة للتحريم ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 36
7) تنبيه على قصة رجل من المجوس ... ... ... ... ............. ... ... ... ... ... ... 39
8) ذكر الدليل على أن إعفاء اللحى من هدي الأنبياء ... ... ... ... ... ... ... 40
9) ذكر الدليل على أن إعفاء اللحى من الفطرة ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 41
10) ذكر أقوال العلماء في تحريم حلق اللحى ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 43(1/42)
11) ذكر الدليل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعفون لحاهم ... ... ... ... ............. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .......... ... 45
الموضوع ... الصفحة
12) ذكر أقوال أهل اللغة في معنى إعفاء اللحى ... ... ... ... ... ... ... ... ... 51
13) ذكر الدليل على تحريم الأخذ من اللحى ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 52
14) ذكر الدليل على أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعفي لحيته في غير حج وعمرة ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 56
15) ذكر الدليل على أن الحجة في رواية الصحابي لا في رأيه ... ... ... 65
16) ذكر الدليل على حرمة الافتاء بضد لفظ النص ... ... ... ............. ... 68
17) ذكرالدليل على قص الشوارب ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ............. ... 70
18) ذكر الدليل على وقت قص الشارب ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... 77
19) ذكر الأحاديث الضعيفة في الأخذ من اللحية ... ... ... ... ... ... ... ... ... 79
20) ذكر ما ثبت عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في الأخذ من اللحية وعدم الأخذ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .................... ... 89
21) ذكر الدليل على التفسير الصحيح لقوله تعالى ? ????? ???????????? ??????????? ? ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....................................... ... 91(1/43)
11) وعن عثمان بن عمر قال : ( جاء رجل إلى مالك فسأله عن مسألة ، فقال له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ، فقال الرجل : أرأيت ، فقال : ? ????????????? ?????????? ?????????????? ???? ??????????? ???? ???????????? ??????????? ????? ???????????? ??????? ?????????? ? : (1).
ولقد حاول المنصور أن يحمل الناس على مذهب الإمام مالك فكان الإمام مالك أول الرافضين ، وقال : ( يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا ، فإن الناس سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات ، وأخذ كل قول ما سبق إليهم وعملوا به ، ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم وإن ردَّهم عما اعتقدوه شديد ، فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم ) (2).
فهذا الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي إمام دار الهجرة رحمه الله يحث أتباعه على التمسك بالكتاب والسنة ، والأخذ بما أوجبته الحجة ، وتبرَّأ من أن يُقَلَّد جملة ، وأعلن بذلك .
12) وقال الإمام الشافعي رحمه الله : ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) (3).
13) وقال الإمام الشافعي أيضاً : ( إذا وجدتم في كتابي خلاف سنَّة رسول الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر الحلية لأبي نعيم [ج2ص362] والمدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي [ص201] .
2) انظر الانتقاء في فضل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر [ص41] .
3) انظر معنى قول الإمام المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي للسبكي [ص85] والمجموع للنووي [ج1ص63] .
صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوا ما قلت – وفي رواية : فاتبعوها – ولا تلتفتوا إلى قول أحد) (1).
14) وقال الإمام الشافعي أيضاً : ( كل مسألة صح فيها الخبر بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي ) (2).(1/1)
15) وقال الإمام الشافعي أيضاً : ( كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي ، وإن لم تسمعوه منى ) (3).
16) وقال الإمام أحمد بن حنبل : ( كان أحسن أمر الشافعي رضي الله عنه عندي أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده ، قال به ، وترك قوله ) (4).
17) وقال الربيع : ( روي الشافعي رضي الله عنه حديثاً فقال له رجل تأخذ بهذا يا أبا عبد الله ؟ فقال : متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً فلم آخذ به ، والجماعة فأشْهِدكم أن عقلي قد ذهب ، وأشار بيده على رؤوسهم) (5).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر مناقب الشافعي للبيهقي [ج1ص472] وتوالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس لابن حجر [ص107] .
2) انظر توالي التأسيس لابن حجر [ص108] ومناقب الشافعي للبيهقي [ج1ص473] .
3) انظر آداب الشافعي لابن أبي حاتم [ص94] .
4) انظر المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي [ص206] .
5) انظر آداب الشافعي لابن أبي حاتم [ص67] والحلية لأبي نعيم [ج9ص106] والفقيه والمتفقه للخطيب [ج1ص150] والمدخل للبيهقي [ص205] .
18) وقال الإمام الشافعي : ( كل ما قلت وكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خِلاف قَولي مما يصح فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولَى ولا تقلدوني ) (1).
19) وقال الإمام أحمد بن حنبل : ( قال لنا الشافعي أنتم أعلم بالحديث والرجال مني ، فإذا كان الحديث صحيحاً ، فأعلموني كوفياً كان أو بصرياً أو شامياً حتى أذهب إليه ، إذا كان صحيحاً ) (2).
20) وقال الإمام الشافعي : ( كل متكلم من الكتاب والسنة فهو الحق وما سواه هذيان ) (3).
21) وقال الحميدي : ( سأل رجل الشافعي عن مسألة فأفتاه وقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا ، فقال الرجل أتقول بهذا ؟ فقال : يا هذا أرأيتني في وسطي زناراً ، أرأيتني خارجاً من كنيسة أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم وتقول لي أتقول بهذا ) (4).(1/2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر آداب الشافعي لابن أبي حاتم [ص93] والحلية لأبي نعيم [ج9ص106] .
2) انظر آداب الشافعي لابن أبي حاتم [ص94] والحلية لأبي نعيم [ج9ص106] ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي[ص499] .
3) انظر توالي التأسيس لابن حجر [ص110] .
4) انظر والحلية لأبي نعيم [ج9ص106] وأخبار أصبهان له [ج1ص183] ومناقب الشافعي للبيهقي [ج1ص474] وتوالي التأسيس لابن حجر [ص108] .
فهذا الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس الشافعي رحمه الله يحث الناس على الأخذ بالكتاب والسنة ، ويُحَرَّم تقليده (1).
22) وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : ( لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي والثوري وخُذ من حيث أخذوا ) (2).
23) وقال الإمام أحمد بن حنبل أيضاً : ( رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهوعندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار ) (3).
24) وقال الإمام أحمد بن حنبل أيضاً : ( من ردَّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة ) (4).
فهذا الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمه الله يأمر بالتمسك بالحديث وينهى عن تقليد الأئمة دون بصيرة (5).
تلك هي أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث والنهي عن تقليدهم دون بصيرة ، وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلاً ولا تأويلاً ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) قال ابن حزم في أصول الأحكام [ج6ص118] : ( إن الفقهاء الذين قُلِّدُوا مُبطِلون للتقليد، وأنهم نهوا أصحابهم عن تقليدهم ، وكان أشدهم في ذلك الشافعي فإنه رحمه الله بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار ، والأخذ بما أوجبته الحجة ، حيث لم يبلغ غيره ، وتبرأ من أن يُقَلَّد جملة ، وأعلن بذلك نفع الله به وأعظم أجره فلقد كان سبباً إلى خير كثير ).اهـ(1/3)
2) انظر إعلام الموقعين لابن القيم [ج2ص302] .
3) انظر جامع بيان العلم لابن عبد البر [ج2ص149] .
4) انظر صفة الصلاة للألباني [ص53] .
5) قال الصنعاني في إرشاد النقاد [ص144] : ( وهذا نصوصهم كما سمعت ، وأقوال أئمة العلم).
وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة لا يكون مبايناً لمذهبهم ، ولا خارجاً عن طريقتهم ، بل هو متبع لهم جميعاً ، ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالفتها لقولهم ، بل هو بذلك عاصاً لهم ، ومخالف لأقوالهم المتقدمة والله تعالى يقول : ? ?????? ?????????? ??? ??????????? ??????? ???????????? ?????? ?????????? ???????????? ????? ??? ????????????? ???? ????????????? ??????? ??????? ????????? ?????????????? ???????????? ? (1) ، وقال تعالى : ? ????????????? ?????????? ?????????????? ???? ??????????? ???? ???????????? ??????????? ????? ???????????? ??????? ?????????? ? (2) . (3)
إلا أن عذر الإمام ليس عذراً لتلاميذه إن تبين أو بُيِّنَ لهم الحق ، وقد وردت أقوال الأئمة الأربعة ـ كما تقدم ـ تؤكد هذا الشئ وتبين موقفهم من تقليدهم وأنهم تبرأوا من ذلك جملة ، وهذا من كمال علمهم وتقواهم حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنَّة كلها ، فقد روى عنهم تلاميذهم أقوالاً شتى وعبارات متنوعة كلها تؤدي إلى شئ واحد وهو وجوب الأخذ بالحديث إذا ثبتت صحته وترك تقليد آراء الرجال المخالفة له (4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة النساء آية [65] .
2) سورة النور آية [63] .
3) انظر صفة الصلاة للألباني [ص53] .
4) انظر هدية السلطان للمعصومي تحقيق الشيخ سليم الهلالي [ص19] .(1/4)
ولقد حاول المنصور أن يحمل الناس على مذهب الإمام مالك فكان الإمام ملك أول الرافضين، وقال : (يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا ، فإن الناس سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات ، وأخذ كل قول ما سبق إليهم وعملوا به ، ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم وإن ردَّهم عما اعتقدوه شديد ، فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم ) (1).
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى : ( فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف رأي عظيم من الأمة ، فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأي أي معظّم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ ، ومن هنا ردَّ الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة ، وربما أغلظوا له في الردِّ (1)، لا بغضاً له ، بل هو محبوب عندهم معظّم في نفوسهم ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبَّ إليهم ، وأمره فوق أمر كل مخلوق ، فإذا تعارض أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر غيره ؛ فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أولى أن يقدم ويتبع ، ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفوراً له ، بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه ) (2).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر الانتقاء في فضل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر [ص41] .
2) حتى ولو على آبائهم وعلمائهم كما تقدم .
3) انظر إيقاظ الهمم للفلاني [ص91] .(1/5)
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في صفة الصلاة [ص55] : ( كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما مرَّ ، وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة؟ بل إن الشافعي رحمه الله أمر أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها ، أو أخذ بخلافها ، ولذلك لما جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث الصحيح فيها انفراداً واجتماعاً في مجلد ضخم ، قال في أوله :
(( إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام ، وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها ؛ لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم )) (1). اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى [ج20ص211] : ( وهؤلاء الأئمة الأربعة رضي الله عنهم قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولونه ، وذلك هو الواجب عليهم..).اهـ
وقال الشوكاني رحمه الله في القول المفيد [ص108] : ( إن التقليد لم يحدث إلا بعد انقراض خير القرون ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، وإن حدوث التمذهب بالمذاهب الأربعة ، إنما كان بعد انقراض عصر الأئمة الأربعة ، وإنهم كانوا على نمط من تقدمهم من السلف في هجر التقليد ، وعدم الاعتداد به ، وإن هذه المذاهب إنما أحدثها عوام المقلدة لأنفسهم من دون أن يأذن بها إمام من الأئمة المجتهدين).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر إيقاظ الهمم للفلاني [ص99] .(1/6)
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى [ج22ص248] : ( وإذا كان الرجل متبعاً لأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد ورأى في بعض المسائل أن مذهب غيره أقوى فاتبعه كان قد أحسن في ذلك ولم يقدح ذلك في دينه ولا عدالته ، بلا نزاع ، بل هذا أولى بالحق ، وأحبُّ إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ممن يتعصب لواحد معين ـ غير النبي صلى الله عليه وسلم ـ كمن يتعصب لمالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة ، ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي اتباعه دون قول الإمام الذي خالفه، فمن فعل هذا كان جاهلاً ضالاً ، بل قد يكون كافراً ، فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمة دون الإمام الآخر ، فإنه يجب أن يُستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، بل غاية ما يقال : إنه يَسُوغ أو ينبغي أو يجب على العامي أن يقلد واحداً لا بعينه ، من غير تعيين زيد ولا عمرو ، وأما أن يقول قائل إنه يجب على العامَّة تقليد فلان أو فلان فهذا لا يقوله مسلم ) . اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى [ج35ص121] : ( أما وجوب اتباع القائل في كل ما يقوله ، من غير ذكر دليل يدل على صحة ما يقوله ، فليس بصحيح ، بل هذه المرتبة هي مرتبة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا تصلح إلا له ) . اهـ
وقال الصنعاني رحمه الله في إرشاد النقاد [ص11] : ( وأما الأئمة الأربعة فإن كلاً منهم مصرح بأنه لا يقدم قوله على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ).اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى [ج20ص584] : ( وليس في الكتاب والسنَّة فرق في الأئمة المجتهدين بين شخص وشخص فمالك والليث بن سعد ، والأوزاعي والثوري هؤلاء أئمة في زمانهم وتقليد كل منهم كتقليد الآخر لا يقول مسلم إنه يجوز تقليد هذا دون هذا ) . اهـ(1/7)
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: [ج22ص252] : ( ومن تعصب لواحد بعينه من دون الأئمة الباقين فهو بمنزلة من تعصب لواحد بعينه من الصحابة دون الباقين ، كالرافضي الذي يتعصب لعلي دون الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة وكالخارجي الذي يقدح في عثمان وعلي رضي الله عنهما ، فهذه طرق أهل البدع والأهواء الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم مذمومون ، خارجون عن الشريعة والمنهاج الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن تعصب لواحد من الأئمة بعينه ففيه شبهٌ من هؤلاء ، سواء تعصبوا لمالك أو الشافعي أو أبي حنيفة أو أحمد أو غيرهم ثم غاية المتعصب لواحد منهم أن يكون جاهلاً بقدره في العلم والدين ، وبقدر الآخرين ، فيكون جاهلاً ظالماً ، والله يأمر بالعلم والعدل وينهى عن الجهل والظلم).اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى [ج20ص10] : ( ولهذا كان الأكابر من أتباع الأربعة لا يزالون إذا ظهر له دلالة الكتاب أو السنة على ما يخالف قول متبوعهم اتبعوا ذلك). اهـ
وليس في هذا إهدار لأقوال العلماء ، لأن العلماء أنفسهم يتبرؤون من كل قول قالوه يخالف ما ثبت بالحديث الصحيح ، بل من أخذ بأقوالهم المخالفة للنصوص ، فهو الذي أهدر أقوالهم القاطعة بأن الحديث إذا صح فهو مذهبهم .
يقول ابن القيم رحمه الله في الروح [ص422] في توضيح ذلك : ( والفرق بين تجريد مُتابعة المعصوم صلى الله عليه وسلم وإهدار أقوال العلماء وإلغائها :(1/8)
أن تجريد المتابعة أن لا تُقدِّم على ما جاء به قول أحد ولا رأيه كائناً من كان ، بل تنظر في صحة الحديث أولا ، فإذا صح لك نظرت في معناه ثانياً ، فإذا تبين لك لم تَعْدِل عنه ولو خالفك من بين المشرق والمغرب ، ومعاذ الله أن تتفق الأمة على مخالفة ما جاء به نبيها صلى الله صلى الله عليه وسلم ، بل لابد أن يكون في الأمة من قال به ، ولو لم تعلمه فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، بل اذهب إلى النص ولا تَضْعُف واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ، ولكن لم يصل إليك .
هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالاتهم واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه ، فهم دائرون بين الأجر والأجرين والمغفرة .
ولكن لا يُوجِب هذا إهدار النصوص وتقديم قول الواحد منهم عليها لشبهةٍ أنه أعلمُ بها منك ، فإن كان كذلك فمن ذهب إلى النص أعلم به منك فهلاَّ وافقته إن كنت صادقاً .
فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنها بها ، وخالف منها ما خالف النص ، لم يهدر أقوالهم ، ولم يهضم جانبهم ، بل اقتدى بهم ، فإنهم كلهم أمروا بذلك، فمتبعهم حقاً من امتثل ما أوصوا به ، لا من خالفهم ، فخلافهم في القول الذي جاء النص بخلافه أسهل من مخالفتهم في القاعدة الكلية التي أمروا ودعوا إليها من تقديم النص على أقوالهم .
ومن هنا يتبين الفرق بين تقليد العالم في كل ما قاله ، وبين الاستعانة بفهمه والاستضاءة بنور علمه ، فالأول يأخذ قوله من غير نظرٍ فيه ولا طلب لدليله من الكتاب والسنَّة ، بل يجعل ذلك كالحبل الذي يُلقيه في عنقه يقلده به ، ولذلك سمي تقليداً بخلاف من استعان بفهمه واستضاء بنور علمه في الوصول إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه يجعلها بمنزلة الدليل الأول ، فإذا وصل إليه استغنى بدلالته عن الاستدلال بغيره ) . اهـ(1/9)
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام [ج2ص342] : ( العالم بالشريعة إذا اتُّبِعَ في قوله، وانقاد إليه الناس في حُكمه ، فإنما اتُّبِعَ من حيث هو عالم وحاكم بها وحاكم بمقتضاها ، لا من جهة أخرى ، فهو في الحقيقة مبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المبلغ عن الله عز وجل ، فيتَلقى منه ما بلَّغ على العلم بأنه بلغ ، أو على غلبة الظن بأنه بلغ ، لا من جهة ـ كونه ـ منتصباً للحكم مطلقاً ، إذ لا يثبت ذلك لأحد على الحقيقة ، وإنما هو ثابت للشريعة المنزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثبت ذلك له صلى الله عليه وسلم وحده دون الخلق من جهة دليل العصمة ، فيجب إذاً على الناظر في هذا الوضع أمران إذا كان غير مجتهد :
أحدهما : أن لا يتَّبِع العالم إلا من جهة ما هو عالمٌ بالعلم المُحتاج إليه ، ومن حيث هو طريق إلى استفادة ذلك العلم ، إذ ليس لصاحبه منه إلا كونه مودعاً له ، ومأخوذاً بأداء تلك الأمانة ، حتى إذا علم أو غلب على الظن أنه مُخطئ فيما يلقى ، أو تارك لإلقاء تلك الوديعة على ما هي عليه ، أو منحرف عن صوبها بوجه من وجوه الانحراف ، توقف ولم يُصِرُّ على الاتباع إلا بعد التبيين ، إذ ليس كل ما يلقيه العالم يكون حقاً على الإطلاق ، لإمكان الزلل والخطأ ، وغلبة الظن في بعض الأمور ، وما أشبه ذلك ...(1/10)
والأمر الثاني : أن لا يُصمِّم على تقليد من تبين له في تقليده الخطأ شرعاً ... وعلى كل تقدير فإذا تبين له في بعض مسائل متنوعةٍ الخطأ والخروج عن صواب العلم الحاكم ، فلا يتعصب لمتبوعه بالتمادي على اتباعه فيما ظهر فيه خطؤه ، لأن تعصبه يؤدي إلى مخالفة الشرع أولاً ، ثم إلى مخالفة متبوعه ، أما خلافه للشرع فبالعرض ، وأما خلافه لمتبوعه فلخروجه عن شرط الاتباع ، لأن كل عالم يصرح أو يعرض بأن اتباعه إنما يكون على شرط أنه حاكم بالشريعة لا بغيرها ، فإذا ظهر أنه حاكم بخلاف الشريعة خرج [ أي المُتَّبِع ] عن شرط متبوعه بالتصميم على تقليده).اهـ
إذاً لا يُسمَّى الأخذ بالكتاب والسنَّة والإجماع تقليداً ، لأن ذلك هو الحجَّة في نفسه ... وقد صرح الأئمة الأربعة كما تقدم بالنهي عن التقليد ، وبتقديم النص على أرائهم .
قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله في تيسير العزيز الحميد [ص548]: (إن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنَّة).اهـ
وقال ابن عبد البر رحمه الله : ( وليس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد خفي عليه بعض أمره ، فإذا أوجبَ الله سبحانه على كل أحد ما استطاعه وبلغتْهُ قُواه من معرفة الحق ، وعَذرَهُ فيما خفي عليه منه ، فأخطأ أو قلد فيه غيره ، كان ذلك هو مقتضى حكمته وعدله ورحمته ، بخلاف ما لو فرض على العباد تقليد من شاءوا من العلماء ، وأن يختار كل منهم رجلاً ينصبه معياراً على وحيه ، ويُعرض عن أخذ الأحكام واقتباسها من مشكاة الوحي ، فإن هذا ينافي حكمته ورحمته وإحسانه ، ويؤدي إلى ضياع دينه وهجر كتابه وسنة رسوله ، كما وقع فيه من وقع وبالله التوفيق ) (1).اهـ
وقال ابن الجوزي رحمه الله في تلبيس إبليس [ص277] : ( في التقليد إبطال منفعة العقل لأنه إنما خلق للتأمل والتدبر وقبيح بمن أعطي شمعة يستضئ بها أن يُطفئها ويمشي في الظُلمة ) .اهـ(1/11)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر إعلام الموقعين لابن القيم [ج2ص263] .
وقال الإمام الشافعي رحمه الله : ( من قلد معيناً في تحريم شئ أو تحليله وقد ثبت الحديث الصحيح على خلافه ومنعه من التقليد عن العمل بالسنة ، فقد اتخذ من قلده رباً من دون الله تعالى يحل له ما حرم الله ، ويحرم عليه ما أحل الله ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ) (1).اهـ
والحق الذي لا ريب فيه أن كل مسألة ثبت فيها نص صريح لا يقال فيها : إن كل مجتهد فيها مصيب ، بل ليس فيها إلا واحد ، وهو من تمسك بالنص ، واعتصم به ، وعضَّ عليه بالنواجذ ، ومن خالف النص الثابت الصريح فهو مخطئ سواءً أكانت
المسألة من أحكام الأفعال أم من مسائل الاعتقاد ، ولا يحل لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجتهد في مسألة وجدَ فيها نصاً صريحاً من الكتاب والسنة ، وذلك لأننا أمرنا بطاعة الله تعالى وبطاعة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم سواءً أكان الأمر متعلقاً بأحكام الأفعال أم بمسائل الاعتقاد (2).
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه [ج13ص339] : ( وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنَّة لم يتعَدَّوهُ إلى غيره اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان للمعصومي [ص69] .
2) انظر حكم الإنكار في مسائل الخلاف للدكتور فضل إلهي [ص18] .
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله المُلقَّب بإمام الأئمة : ( لا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا صح الخبر عنه ) (1).اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2) انظر إعلام الموقعين لابن القيم [ص264] .
حُكْم قِرَاءَةِ البَسْمَلَة فِي الصَّلاة(1/12)
اعلم يا أخي المسلم وفقك الله ، أن مسألة البسملة في الصلاة من المسائل التي اختلف فيها العلماء قديماً وحديثاً وفيها ثلاثة أقوال :
أحدها : لا يُسَنُّ الجهر بها ، بل يُسَنُّ الإسرار بها وبه قال الإمام أبو حنيفة ، والإمام مالك ، والإمام أحمد ، وجمهور أهل الحديث ، وجماعة من أصحاب الشافعي (1).
الثاني : يُسَنُّ الجهر بها ، وبه قال الشافعي ومن وافقه (2).
الثالث: يُخَيَّر بينهما وهو قول إسحاق بن راهويه ، وابن حزم ، والحازمي(3).
قلت : وهذا أضعف الأقوال .
والقول الراجح الصحيح القول الأول لصحة أدلته كما ستراه في هذه الرسالة. لأن المرجع في هذا الكتاب والسنة قال الله تعالى : ? ??????? ????????????????? ? ?????? ??????????? ?????? ?????? ????????????? ???? ??????? ???????????? ???????? ??????????? ?????????? ??????? ??????? ????????????? ??????????? ? . سورة النساء آية [59] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر الإنصاف لابن عبد البر [ج2ص194] والاستذكار له [ج2ص154] وإتحاف السادة للزبيدي [ج3ص28] وأحكام البسملة للرازي [ص37] والمغني لابن قدامة [ج1ص521] والبناية للعيني [ج2ص226] والفتاوى لابن تيمية [ج22ص436] .
2) انظر المجموع للنووي [ج3ص334] وإتحاف السادة للزبيدي [ج3ص298] والمعرفة للبيهقي [ج2ص368] والجهر بالبسملة للخطيب [ص183ـ المختصر ] والتحقيق لابن الجوزي [ج1ص298] والإنصاف لابن عبد البر [ج2ص157] والاستذكار له [ج2ص154]
3) انظر إتحاف السادة للزبيدي [ج3ص298] والفتاوى لابن تيمية [ج22ص436] والاعتبار للحازمي [ص231] .
قال العلماء : معناه إلى الكتاب والسنة (1).
والآيات في هذا الباب كثيرة معلومة .
فبينت هذه الآية أن الواجب على المسلمين التلقي عن الكتاب والسنَّة لأنهما أصل الدين .(1/13)
قال العلامة الفُلاَّنِيُّ رحمه الله تعالى : ( كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم متظاهران على الحثَّ على العمل بالكتاب والسنة ، وقضايا الصحابة والتابعين كاشفة عن ذلك كل دُجْنة ، وكلام الأئمة الأربعة وغيرهم مُصرَّح به وكاشف عن قلوب متبعيهم الأكِنَّة ، بل في كلامهم التصريح بتحريم تقليدهم ، بعد ورود نص يخالفهم من كتاب أو سنَّة ، وإن تقليد المتعصبين بعد ذلك ضلال وجنة ) (2). اهـ
ثم ذكر الآيات التي تحث على التمسك بالكتاب والسنَّة .
ثم أقول : والذين ذهبوا إلى سُنيَّة الجهر بالبسملة استدلوا بأدلة هي عند التحقيق ليست بشئ فأنا أوردها جملة ، ثم أردُّ عليها تفصيلاً .
? ذكر أدلة الجهر بالبسملة جملة :
اعلم يا أخي المسلم رحمنا الله وإيَّاك أن الأحاديث الواردة في هذا كثيرة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وهم : أبو هريرة وعلي بن أبي طالب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) انظر رياض الصالحين للنووي [ص112] .
2) انظر إيقاظ همم أولي الأبصار [ص14] .
وابن عمر وأنس بن مالك وابن عباس والنعمان بن بشير وأم سلمة والحكم بن عمير وجابر وبريدة وعائشة ومعاوية .
? الردُّ عليها تفصيلاً :
أقول : والحق أنه ليس في الجهر بالبسملة حديث صريح صحيح ، بل كلها ضعيفة واهية ، وإليك التفصيل :
(1) أما حديث أبي هريرة . فله طرق عنه .
1) نعيم المجمر عنه .(1/14)
أخرجه النسائي في السنن الكبرى [ق8/ط] وفي السنن الصغرى [ج2ص134] وأحمد في المسند [ج2ص497] والدارقطني في السنن [ج1ص306] وابن خزيمة في صحيحه [ج1ص251] وابن حبان في صحيحه [ج3ص143] والحاكم في المستدرك [ج1ص232] والبيهقي في السنن الكبرى [ج2ص46] وفي المعرفة [ج2ص370] وفي السنن الصغير [ج1ص153] وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث [ص65] وابن الجارود في المنتقى [ص56] والطحاوي في شرح معاني الآثار [ج1ص199] وابن عبد البر في الإنصاف [ج2ص183] والخطيب البغدادي في الجهر بالبسملة [ص165ـ المختصر] وابن المنذر في الأوسط [ج2ص124] وابن حجر في تغليق التعليق [ج2ص321] وفي الموافقة [ج1ص300] من طريق خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال : ( صليت وراء أبي هريرة فقرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال آمين فقال الناس آمين ويقول كلما سجد الله أكبر وإذا قام من الجلوس في الاثنتين قال الله أكبر وإذا سلم قال والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
قلت: وهذا في الظاهر إسناد جيد ، ورواته ثقات مشهورون ، إلا أن فيه علَّة .
قال الألباني رحمه الله في تمام المِنَّة [ص168] : ( أن بعض المحدثين قد أعلَّ ذكر البسملة فيه بالشذوذ ومخالفة جميع الثقات الذين رووا الحديث عن أبي هريرة ولم يذكروها فيه ، كما رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة).اهـ
وذكر ابن عبد الهادي كما في نصب الراية للزيلعي [ج1ص335و336] أجوبة على هذا الحديث :
منها : ( أنه حديث معلول ، فإن ذكر البسملة فيه مما تفرد به نعيم المجمر من بين أصحاب أبي هريرة ، وهم ثمانمائة ما بين صاحب وتابع ، ولا يثبت عن ثقة من أصحاب أبي هريرة أنه حدث عن أبي هريرة أنه عليه السلام كان يجهر بالبسملة في الصلاة ، وقد أعرض عن ذكر البسملة في حديث أبي هريرة صاحبا الصحيح .(1/15)
والآخر : أن قوله : ( إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، إنما أراد به أصل الصلاة ومقاديرها وهيئتها ، وتشبيه الشئ بالشئ لا تقتضي أن يكون مثله من كل وجه ، بل يكفي في غالب الأفعال ، وذلك متحقق في التكبير وغيره، دون البسملة ) . اهـ
وقال العيني رحمه الله في البناية [ج2ص228] : ( وأما رواية نعيم فهي معلولة، البسملة فيه مما تفرد به نعيم من بين أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه وهم ثمانمائة ما بين صاحب وتابع ولا يثبت عن ثقة من أصحاب أبي هريرة أنه حدَّث عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام كان يجهر بالبسملة في الصلاة فالبخاري ومسلم أعرضا عن ذكر البسملة في حديث أبي هريرة الذي رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن انه كان يكبر في كل صلاة ... وليس في هذا الحديث ولا في الأحاديث الصحيحة عن أبي هريرة ذكر للتسمية وهذا فيما يغلب على الظن أنه وهم على أبي هريرة ).اهـ
قلت : وإسناده فيه سعيد بن أبي هلال الليثي قال عنه أحمد : ما أدري أي شئ يخلط في الأحاديث .
انظر الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات لابن الكيال [ص468] .
وقال الألباني في التعليق على صحيح ابن خزيمة [ج1ص251] : إسناده صحيح لولا أن ابن أبي هلال كان اختلط .اهـ
قلت: فالحديث ضعيف لما تقدم .
وقال الألباني رحمه الله في تمام المنَّة [ص168] : ( وبه أعللت الحديث في التعليق على صحيح ابن خزيمة [رقم499ـ طبع المكتب الإسلامي] . اهـ
والحديث أعله الزبيدي في إتحاف السادة [ج3ص399] .
وقال البيهقي رحمه الله: إسناده صحيح ، وفيه نظر .
قلت : وعلى فرض صحته ليس فيه التصريح بالجهر بالبسملة في الصلاة ، فيحتمل أن يكون سمعها في حال إخفائها ، وذلك لقربه منه ، كما سُمِعَ الاستفتاح والاستعاذة من النبي صلى الله عليه وسلم مع إسراره بهما .(1/16)
وقال ابن الجوزي رحمه الله في التحقيق [ج1ص307] : ( وقولهم لولا سماعهم ما نقلوا الإخفاء . قلنا : يحتمل علمهم بالإخفاء أمرين :
أحدهما : أن يكون الراوي قريباً من الإمام ، فيسمع ما يخافت به ، وذلك لا يُسَمَّى جهراً .
والثاني : أن يكونوا علموا بقولٍ منفردٍ وتعليمٍ منفصل عن الصلاة ، كما علموا الاستفتاح والتعوذ .
وأما المسلك الثالث : فجوابه أن جميع أحاديثكم ضعاف وأثبتها حديث نعيم ولا حجة فيه . لأنه حكى أن أبا هريرة قرأها ،ولم يقل جهر بها . فجائز أن يكون سمعها في مخافتته ، لقربه منه . اهـ
قلت : وبنحوه أجاب ابن تيمية في الفتاوى [ج1ص97] .
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني [ج1ص522] : ( وحديث أبي هريرة الذي احتجوا به ليس فيه أنه جهر بها ولا يمتنع أن يسمع منه حال الإسرار كما سمع الاستفتاح والاستعاذة من النبي صلى الله عليه وسلم مع إسراره بهما . وقد روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمعهم الآية أحياناً في صلاة الظهر . متفق عليه).اهـ
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج3ص301] : ( أن قوله ( فقرأ ) أو (قال) ، ليس بصريح أنه سمعها منه ، إذ يجوز أن يكون أبو هريرة أخبر نعيماً بأنه قرأها سراً ، ويجوز أن يكون سمعها منه في مخافتته لقربه منه ، كما روي عنه من أنواع الاستفتاح وألفاظ الذكر في قيامه ، وقعوده ، وركوعه ، وسجوده .
وقد روى مسلم في الصحيح ، عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام في الصلاة : وجهت وجهي ... الحديث .
ولم يكن سماع الصحابي ذلك منه دليلاً على الجهر ، وكذا قوله ( وكان يسمعنا الآية أحيانا ) . اهـ
قلت : وبنحوه أجاب العيني في البناية [ج2ص229] .(1/17)
وقال الألباني رحمه الله في تمام المنَّة [ص169] : ( ثم إن الحديث لو صح فليس فيه التصريح بالجهر بها ، ولا برفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقول أبي هريرة في آخره : ( إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، لا يلزم منه رفع كل ما فعله أبو هريرة فيه كما فصل ذلك شيخ الإسلام في الفتاوى [ج1ص81] فراجعه ). اهـ
قلت : وعلى هذا فإنه غير مستلزم للجهر ، ويؤيده ، ما أخرجه البخاري في صحيحه [ج2ص243] ومسلم في صحيحه [ج1ص333] وأبو داود في سننه [ج1ص212] والنسائي في السنن الكبرى [ج1ص335] وفي السنن الصغرى [ج2ص164و165] وابن ماجه في سننه [ج1ص68] وأبو عوانة في صحيحه [ج1ص151] وأحمد في المسند [ج4ص383] والبيهقي في السنن الكبرى [ج2ص59] وفي السنن الصغير [ج1ص157] وفي المعرفة [ق172/ط] وابن حبان في صحيحه [ج3ص154و155] والبغوي في شرح السنة [ج3ص64] وفي مصابيح السنَّة [ج1ص321] وفي الأنوار [ج1ص389و390] وابن الجارود في المنتقى [ص82] والطحاوي في شرح معاني الآثار [ج1ص207] والدارمي في السنن [ج1ص296] وابن أبي شيبة في المصنف [ج1ص372] وابن خزيمة في صحيحه [ج1ص254و255] وابن المنذر في الأوسط [ج3ص111و112] وعبد الرزاق في المصنف [ج2ص104] وابن الجوزي في التحقيق [ج1ص330] وفي جامع المسانيد [ق36/2/ط] وابن حجر في نتائج الأفكار [ج1ص518] وفي موافقة الخبر [ج1ص434] والسراج في المسند [ق29/ط] والقطيعي في جزء الألف دينار [ص242] من عدة طرق عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني عبد الله بن أبي قتادة قال حدثني أبي قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين يطول في الأولى ويقصر في الثانية ، ويسمع الآية أحياناً وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح ويقصر في الثانية ).(1/18)
قلت : وفي الحديث دليل على نقل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة السريَّة ، وهذا غير مستلزم للجهر .
وبما أخرجه البخاري في صحيحه [ج2ص227] ومسلم في صحيحه [1ص419] وأبو داود في سننه [ج1ص206] والنسائي في السنن الكبرى [ج1ص312] وفي السنن الصغرى [ج2ص128و129] وابن ماجه في سننه [ج1ص264و265] وأحمد في المسند [ج2ص231و494]وابن بشران في الأمالي [ق106/ط] وابن أبي شيبة في المصنف [ج10ص213] والدارمي في السنن [ج1ص284] وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث [ص73] وأبو عوانة في صحيحه [ج2ص98] والبيهقي في السنن الكبرى [ج2ص195] والبغوي في شرح السنة [ج3ص39و40] وفي مصابيح السنة [ج1ص316] وفي الأنوار [ج1ص388] والديلمي في الفردوس [ج1ص479] وإسحاق بن راهويه في المسند [ج1ص205و206] وابن حجر في نتائج الأفكار [ج1ص404و405] وابن خزيمة في صحيحه [ج1ص237] وأبو يعلى في المسند [ج10ص466] وابن حبان في صحيحه [ج3ص134] والسراج في المسند [ق81/ط] وابن الجارود في المنتقى [ص134و135] والدارقطني في السنن [ج1ص336] وابن المنذر في الأوسط [ج3ص83و84و117] من طريق عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ . فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ، ما تقول ؟ قال : أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدنس اللهمَّ اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد ) .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة معلومة .
2) أبو حازم عنه .(1/19)
أخرجه الخطيب البغدادي في الجهر بالبسملة [ص168ـ المختصر] من طريق الحسن بن أحمد بن مبارك ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي نا أبو حذيفة موسى بن مسعود ثنا سفيان الثوري عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم) .
قلت : وهذا سنده مُظلم فيه الحسن بن أحمد بن مبارك التُسْتَريّ قال عنه الدارقطني : ضعيف جدا كان يتهم بوضع الحديث ، وقال الخطيب : صاحب مناكير.
وقال الذهبي : روى خبراً موضوعاً عن إسماعيل بن إسحاق القاضي بسند كالشمس ، متنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم .
انظر الميزان للذهبي [ج1ص480] واللسان لابن حجر [ج2ص193] .
3) عبد الرحمن عنه .
أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص36و307] وابن عدي في الكامل [ج4ص1500] والبيهقي في السنن الكبرى [ج2ص46و47] والخطيب في الجهر بالبسملة [ص168ـ المختصر] وابن عبد البر في الإنصاف [ج2ص185] من طريق منصور بن أبي مُزاحِم ثنا أبو أويس أنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمَّ الناس قرأ ـ وعند الخطيب جهر ـ ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده ساقط فيه عبد الله بن عبد الله بن أويس المدني ضعفه ابن معين وابن المديني وأحمد وعمرو بن علي والنسائي وأبو حاتم والفلاَّس والذهبي ولينه أبو زرعة وقال ابن عبد البر: عابوه بسوء حفظه وقال الحاكم : قد نسب إلى كثرة الوَهْم .
انظر التهذيب لابن حجر [ج5ص246] والمغني في الضعفاء للذهبي [ج1ص344] وتهذيب الكمال للمزي [ج15ص166] .
وبه أعله ابن الجوزي في التحقيق [ج1ص308] .
وقال الذهبي : خبر ساقط .(1/20)
وقال ابن عبد الهادي رحمه الله في رده على الخطيب : ( وهذا الحديث رواه الدارقطني في سننه وابن عدي في الكامل فقالا فيه : ( قرأ ) عوض ( جهر ) ، وكأنه رواه بالمعنى، ولو ثبت هذا عن أبي أويس ، فهو غير محتج به ، لأن أبا أويس لا يحتج بما انفرد به ، فكيف إذا انفرد بشئ ، وخالفه فيه من هو أوثق منه ، مع أنه مُتكلَّم فيه ، فوثقه جماعة ، وضعفه آخرون ). اهـ
انظر نصب الراية للزيلعي [ج1ص341] .
قلت : وقد تفرد به قال ابن عدي : وهذا لا يُعرف إلا بأبي أويس .
ونقل النووي في المجموع (ج3ص345) ( عن الداراقطنى أنه قال : رجال إسناده كلهم ثقات ).اهـ
قلت : وفيه نظر لما تقدم على الإسناد .
وأخرجه الخطيب البغدادي أيضاً في الجهر بالبسملة (ص169 – المختصر) من طريق عمر بن الحسن الشيباني ثنا أحمد بن خالد بن يزيد ثنا ابن أبي أويس حدثني أبي نا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده واهٍ وله ثلاث علل :
الأولى : عمر بن الحسن الشيباني ضعفه الدارقطني والخلال وقال الذهبي عنه : هالك صاحب بلايا .
الثانية : ابن أبي أويس ضعيف تقدم .
الثالثة : أبو أويس عبد الله بن أبي عامر المدني ضعفه أحمد وقال ابن معين : يسرق الحديث .
انظر الميزان للذهبي [ج2ص450] و[ج3ص185] واللسان لابن حجر [ج4ص290] .
4) محمد بن قيس عنه .
أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص307] والحاكم في المستدرك [ج1ص232و233] والبيهقي في السنن الكبرى [ج2ص47] من طريق يونس بن بكير عن أبي معشر عن محمد بن قيس عن أبي هريرة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده ضعيف جداً وله علتان :
الأولى : أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي وهو ضعيف أسنّ واختلط كما في التقريب لابن حجر [ص559].
الثانية : محمد بن قيس وهو ضعيف أيضاً كما في التقريب لابن حجر [ص503](1/21)
والحديث ضعفه الذهبي في مختصر الجهر بالبسملة للخطيب [ص170] .
5) سعيد المقبري عنه .
أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص312] والبيهقي في السنن الكبرى [ج2ص45] من طريق جعفر بن مكرم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عبد الحميد بن جعفر أخبرني نوح بن أبي بلال عن سعيد بن أبي سعيد القبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قرأتم الحمد لله فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم ، إنها أمّ القرآن والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم إحداها ) .
قال أبو بكر الحنفي ثم لقيت نوحاً فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم يرفعه .
قلت : هذا هو الصواب . ( موقوف ) .
قال البيهقي رحمه الله : ( وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أصح ) .اهـ
وقال الذهبي في المختصر [ص171] : صوابه موقوف .
قلت : وكذا قال الدارقطني في علله أنه الصواب كما في نصب الراية للزيلعي [ج1ص343] .
وقال الزيلعي رحمه الله في نصب الراية [ج1ص343] : ( وهذا ليس فيه دلالة على الجهر، ولئن سلم فالصواب فيه الوقف ).اهـ
قلت : وعبد الحميد بن جعفر يَهِم ، وقد تبين خطأه في رفع الحديث ، ولو ثبت لم يكن صريحاً في الجهر ، فكونها آية من القرآن لا يُنازع فيه القائلون بإسرارها .
وأقول أيضاً : وحتى لو صحَّ لما كان فيه حُجَّة لكونه موقوفاً ، ولا تُعَارض سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم بقول الصحابي .
وأخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص307] والنسفي في علماء سمرقند [ص482] ونظام الملك في الأمالي [ص35] من طريق خالد بن إلياس عن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل عليه السلام فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، فجهر بها ) .(1/22)
قال الزيلعي في نصب الراية [ج1ص343] : ( وهذا سند ساقط ، فإن خالد بن إلياس مُجمَع على ضعفه ، قال البخاري عن الإمام أحمد منكر الحديث وقال ابن معين ليس بشئ ، ولا يُكتَب حديثه وقال ابن أبي حاتم عن أبيه منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث وقال البخاري ليس بشئ وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الثقات وقال الحاكم روى عن المقبري ومحمد بن المنكدر وهشام بن عروة أحاديث موضوعة وتكلم الدارقطني في العلل على هذا الحديث وصوَّب وقفه) .اهـ
6) عجلان عنه .
أخرجته بيبي الهروية في جزئها [ص82] من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عثمان بن نصير النهرواني حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا عتيق بن يعقوب حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كان إذا افتتح الصلاة بدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده ساقط فيه أبو الحسن أحمد بن محمد بن عثمان النهرواني متهم بوضع الحديث .
ومحمد بن عجلان المدني صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة .
انظر التقريب لابن حجر [ص496] واللسان له [ج1ص220] والميزان للذهبي [ج1ص118] والكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث للحلبي [ص50] .
قلت : ولو ثبت لم يكن صريحاً في الجهر .
(2) وأما حديث علي بن أبي طالب . فله طرق .
أحدها : أخرجه الحاكم في المستدرك [ج1ص299] من طريق سعيد بن عثمان حدثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن حدثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده واهٍ وله علتان :
الأولى : سعيد بن عثمان قال عنه ابن القطان لا أعرفه .
الثانية : عبد الرحمن بن سعد المؤذن قال عنه ابن معين وابن حجر ضعيف وقال البخاري فيه نظر وقال أبو أحمد الحاكم حديثه ليس بالقائم .(1/23)
انظر التهذيب لابن حجر [ج6ص166] والتقريب له [ص341] ولسان الميزان له أيضاً [ج3ص38] والكاشف للذهبي [ج2ص147] .
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، لا أعلم في رواته منسوباً إلى الجرح.
فتعقبه الذهبي بقوله : بل خبر واهٍ كأنه موضوع لأن عبد الرحمن صاحب مناكير وسعيد إن كان الكربزي فهو ضعيف وإلا فهو مجهول .
وقال ابن عبد الهادي : هذا حديث باطل ولعله أدخل على الحاكم .
تنبيه : وقع في المستدرك عبد الرحمن بن سعيد وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه .
الثاني : أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص303] من طريق أسيد بن زيد ثنا عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الطفيل عن علي وعمار رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم) .
قلت : وهذا سنده أوهن من بيت العنكبوت وله ثلاث علل :
الأولى : أسيد بن زيد بن نجيح الجمال كذبه ابن معين وقال النسائي متروك وقال ابن حبان يروي عن الثقات المناكير ويسرق الحديث وقال ابن ماكولا ضعفوه .
الثانية : عمرو بن شمر الجعفي الكوفي الشيعي قال عنه يحيى ليس بشئ وقال الجوزجاني زائغ كذاب وقال ابن حبان رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي والدارقطني متروك الحديث وقال السليماني كان عمرو يضع على الروافض .
الثالثة : جابر بن يزيد الجعفي الشيعي قال عنه النسائي متروك وقال أبو داود ليس عندي بالقوي في حديثه وقال زائدة والجوزجاني كذاب وقال ابن معين كذاب ليس بشئ وتركه عبد الرحمن .
وقال أبو حنيفة رحمه الله : ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء ، ولا أكذب من جابر الجعفي .
انظر الميزان للذهبي [ج1ص57 ، و379] و[ج3ص268] والكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث للحلبي [ص73و202] والضعفاء للدارقطني [ص154] والضعفاء للنسائي [ص73] والضعفاء الكبير للعقيلي [ج1ص191] والضعفاء لابن الجوزي [ج1ص164].(1/24)
وأعله ابن الجوزي في التحقيق [ج1ص309] والذهبي في مختصر الجهر بالبسملة [ص172] والزيلعي في نصب الراية [ج1ص344و345] وابن حجر في التلخيص [ج1ص234] والزبيدي في إتحاف السادة [ج3ص303] بعمرو وجابر.
وزاد الزيلعي والزبيدي إعلالهما بأسيد .
الثالث : أخرجه الدارقطني أيضاً في السنن [ج1ص302] من طريق عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعاً).
قلت : وهذا سنده موضوع فيه عيسى بن عبد الله بن محمد العلوي قال عنه الدارقطني متروك الحديث وقال ابن حبان يروي عن آبائه أشياء موضوعة وقال أبو نعيم روى عن أبيه عن آبائه أحاديث مناكير لا يُكتَب حديثه ليس بشئ .
وذكر الذهبي له حديثاً ثم قال : هذا لعله موضوع .
انظر الميزان للذهبي [ج3ص315] والضعفاء لابن الجوزي [ج2ص240] والضعفاء لأبي نعيم [ص122] ولسان الميزان لابن حجر [ج4ص399] .
وبه أعله الزيلعي في نصب الراية [ج1ص345] والزبيدي في إتحاف السادة [ج3ص304] .
وقال ابن حجر رحمه الله في التلخيص [ج1ص234] :(رواه الدارقطني من وجهين عن علي من طريق أهل البيت ، وهو بين ضعيف ومجهول ) .اهـ
الرابع : أخرجه الدارقطني أيضا في السنن [ج1ص302] من طريق سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ثنا عبد الله بن موسى بن عبدا لله بن حسن عن أبيه عن جده عبد الله بن الحسن عن أبيه عن الحسن بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في صلاته ) .
قال الزيلعي رحمه الله في نصب الراية [ج1ص325] : قال الدارقطني : إسناد علوي لا بأس به ، ولكن قال الزيعلي : وقال شيخنا أبو الحجاج المزي : هذا إسناد لا تقوم به حجّة ، وسليمان هذا لا أعرفه .
قلت : وهو كما قال وفيه مجاهيل . ولو ثبت لم يكن صريحاً في الجهر .(1/25)
الخامس : أخرجه الدارقطني أيضاً في السنن [ج1ص302] من طريق أحمد بن الحسن المقرئ ثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد حدثني عم أبي الحسين بن موسى حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة ؟ قلت : الحمد لله رب العالمين ، فقال : قل : بسم الله الرحمن الرحيم).
قلت : وهذا سنده تالف فيه أحمد بن الحسن المقرئ قال عنه الدارقطني ليس بثقة وقال الخطيب منكر الحديث .
انظر لسان الميزان لابن حجر [ج1ص153] والضعفاء لابن الجوزي [ج1ص68] .
السادس : أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص302] وابن الأعرابي في المعجم [ج3ص361] من طريق محمد بن عثمان نا يحيى بن الحسن نا إبراهيم بن الحكم نا محمد بن حسان العبدي عن جابر عن أبي الطفيل عن علي وعمار : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده مظلم وله ثلاث علل :
الأولى : إبراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفي قال عنه أبو حاتم كذاب وقال الدارقطني ضعيف وقال الذهبي شيعي جلد .
الثانية : محمد بن حسان العبدي وفي رواية الدارقطني ( السلمي ) بدل (العبدي) قال عنه الذهبي مجهول .
الثالثة : جابر الجعفي كذاب تقدم .
انظر الميزان للذهبي [ج3ص511] ولسان الميزان لابن حجر [ج1ص49] .
(3) وأما حديث ابن عمر . فله طرق .
أحدها : أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص305] من طريق عمر بن الحسن بن علي الشيباني حدثنا جعفر بن محمد بن مروان حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال : ( صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده موضوع وله ثلاث علل :(1/26)
الأولى : عمر بن الحسن بن علي الشيباني وهو ضعيف .
الثانية : جعفر بن محمد بن مروان القطان قال عنه الدارقطني لا يُحتَجُّ بحديثه.
الثالثة : أبو طاهر أحمد بن عيسى الهاشمي قال عنه الدارقطني كذاب ، وكذا كذبه أبو حاتم وغيره .
انظر الميزان للذهبي [ج1ص126و417] والضعفاء لابن الجوزي[ج1ص83]
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج3ص305] : (هذا باطل من هذا الوجه، لم يحدث به ابن أبي فديك قط ، والمتهم به أحمد بن عيسى العلوي ، وقد كذبه الدارقطني نفسه ، وابن أبي فديك برئ مما نسب إليه ، وشيخ الدارقطني ضعيف أيضاً ، تكلم فيه الدارقطني نفسه ، وشيخه جعفر بن محمد بن مروان : لا يحتج به ). اهـ
الثاني : أخرجه الدارقطني أيضاً في السنن [ج1ص304] من طريق أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي ثنا عمي سعيد بن خثيم نا حنظلة بن أبي سفيان عن سالم عن ابن عمر : ( أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بها ) .
قلت : وهذا سنده ساقط وله علتان :
الأولى : أحمد بن رشد بن خثيم وهو ضعيف كما في الضعفاء للذهبي [ج1ص39] .
الثانية : سعيد بن خثيم الهلالي نعم صدوق لكن له أغاليط كما في التقريب لابن حجر [ص235] .
وقال الذهبي في الميزان [ج1ص97] في ترجمة أحمد عن سعيد بن خثيم بخبر باطل في ذكر بني العباس . اهـ
قلت : وبخبر ساقط في الجهر بالبسملة .
الثالث : أخرجه الدارقطني أيضاً في السنن [ج1ص305] والبيهقي في السنن الكبرى [ج2ص48] من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر عن أبيه وعمه عبيد عن نافع عن ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وقال النيسابوري : يقرأ ) .(1/27)
قلت : وهذا سنده واهٍ فيه عبد الرحمن بن عبدالله بن عمر العمري قال عنه أحمد ليس يسوى حديثه شيئا ، سمعت منه ثم تركناه ، وكان ولي قضاء المدينة . أحاديثه مناكير ، وكان كذاباً وقال البخاري سكتوا عنه وقال النسائي وابن حجر متروك وقال الذهبي هالك وقال ابن معين ضعيف .
انظر الميزان للذهبي [ج2ص571] والتهذيب لابن حجر [ج6ص193] والتقريب له [ص34] .
وبه أعله الذهبي في مختصر الجهر بالبسملة [ص176] .
قلت : ولو ثبت لم يكن صريحاً في الجهر .
(4) وأما حديث أنس بن مالك . فله طرق .
أحدها : أخرجه الحاكم في المستدرك [ج1ص234] والدراقطني في السنن [ج2ص308] من طريق محمد بن المتوكل بن أبي السري قال : ( صليت خلف المعتمر بن سليمان من الصلوات مالا أحصيها الصبح والمغرب ، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها ، وسمعت المعتمر يقول : ما آلو أن أقتدي بصلاة أبي، وقال أبي : ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك ، وقال أنس : ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
قال الحاكم : رواته كلهم ثقات .
قلت: حديث ضعيف منكر . فيه محمد بن المتوكل بن أبي السري نعم صدوق لكن له أوهام كثيرة كما في التقريب لابن حجر [ص504] .(1/28)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى [ج1ص97] : (وأما حديث المعتمر بن سليمان عن أبيه ، فيعلم أولا أن تصحيح الحاكم وحده ، وتوثيقه وحده ، لا يوثق به فيما دون هذا ! فكيف في مثل هذا الموضع الذي يعارض فيه بتوثيق الحاكم ، وقد اتفق أهل العلم على خلافه !؟ ومن له أدنى خبرة في الحديث وأهله لا يعارض بتوثيق الحاكم ما قد ثبت في الصحيح خلافه ، فإن أهل العلم متفقون على أن الحاكم فيه من التساهل والتسامح في باب التصحيح ، حتى أن تصحيحه دون تصحيح الترمذي والدارقطني وأمثالهما بلا نزاع ، فكيف بتصحيح البخاري ومسلم!؟ بل تصحيحه دون تصحيح أبي بكر بن خزيمة وأبي حاتم بن حبان البستي وأمثالهما ، بل تصحيح الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في مختاره خير من تصحيح الحاكم فكتابه في هذا الباب خير من كتاب الحاكم بلا ريب عند من يعرف الحديث ، وتحسين الترمذي أحياناً يكون مثل تصحيحه أو أرجح ، وكثيراً ما يصحح الحاكم أحاديث يُجْزَم بأنها موضوعة لا أصل لها .
والمعروف عن سليمان التيمي وابنه معتمر أنهما كانا يجهران بالبسملة ؟ لكن نقله عن أنس هو المنكر كيف وأصحاب أنس الثقات الأثبات يروون عنه خلاف ذلك حتى أن شعبة سأل قتادة عن هذا ، قال : أنت سمعت أنساً يذكر ذلك ؟ قال : نعم وأخبره باللفظ الصريح المنافي للجهر ، ونقْل شعبة عن قتادة ما سمعه أنس في غاية الصحة وأرفع درجات الصحيح عند أهله ، إذ قتادة أحفظ أهل زمانه أو من أحفظهم وكذلك إتقان شعبة وضبطه هو الغاية عندهم ). اهـ
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج3ص307] : ( هو معارض بما رواه ابن خزيمة في مختصره ، والطبراني في معجمه عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن عن أنس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة وأبو بكر وعمر ) . اهـ(1/29)
قلت : وهو حديث صحيح ، أخرجه أيضا الطبراني في المعجم الأوسط [ج2ص116ـ مجمع البحرين ] وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث [ص66] وابن حجر في موافقة الخَبَر [ج1ص297] والضياء في المختارة [ج5ص250] والعراقي في الأمالي [ص47] والطحاوي في شرح معاني الآثار [ج1ص203] وأبو الفضل المقدسي في التسمية [ق5/ط] وأبو نعيم في الحلية [ج6ص189] .
قلت : والحسن له متابع .
أخرجه أبو الفضل المقدسي في التسمية [ق5/ط] من طريق ابن سيرين والحسن عنه .
وإسناده صحيح .
وأيضا هو معارض بما رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن في الإسرار بالبسملة كما ذكر شيخ الإسلام ويأتي تخريجه .
وقال ابن الجوزي رحمه الله في التحقيق [ج1ص311] : (لا يثبت عن أنس شئ في هذا. بل قد صحت الأحاديث عنه بخلافه قولاً وفعلاً ). اهـ
الثاني : أخرجه الحاكم في المستدرك [ج1ص234] والعراقي في الأمالي [ص51] من طريق محمد بن أبي السري ثنا إسماعيل بن أبي أوس ثنا مالك عن حميد عن أنس قال : ( صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي فكلهم كانوا يجهرون بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم ).
قال الحاكم : وإنما ذكرت هذا الحديث شاهد .
قال الذهبي في تلخيصه : (أما استحيى المؤلف ـ يعني الحاكم ـ أن يُورد هذا الحديث الموضوع فأشهد بالله ، ولله بأنه كذب ).اهـ
قلت : وإسناده فيه محمد بن أبي السري له أوهام كثيرة تقدم ، وإسماعيل بن أبي أوس أخطأ في أحاديث من قبل حفظه كما في القريب لابن حجر [ص108] فالحديث منكر .
وقال ابن عبد الهادي رحمه الله في تنقيح التحقيق [ج2ص829] : ( قد قيل أن الحديث صحيح ثابت عن مالك لكن سقط منه لفظ ( لا ) . اهـ(1/30)
الثالث : أخرجه الخطيب في الجهر بالبسملة [ص ـ المختصر ] من طريق ابن أبي داود عن ابن أخي ابن وهب عن عمه عن النميري ومالك وابن عيينة عن حميد عن أنس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة ) .
قلت : وهذا سنده ساقط فيه ابن أبي ابن وهب واسمه أحمد بن عبدالرحمن بن وهب المصري نعم صدوق لكن تغيره بأخره كما في التقريب لابن حجر [ص82].
وانظر أيضاً الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات لابن الكيال[ص64] .
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج3ص308] : (قال ابن عبد الهادي : سقط منه (لا) كما رواه الباغندي وغيره ، عن ابن أخي ابن وهب ، هذا هو الصحيح. وأما الجهر فلم يحدث به ابن وهب قط ). اهـ
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد [ج2ص229و230] من طريق عبد الله بن أبي داود السجستاني حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب حدثنا عمي عبد الله بن وهب حدثنا عبدالله بن عمر ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن حميد عن أنس : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يجهر في القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم).
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج3ص308] : وقال ابن عبد البر في التقصي روي هذا موقوفاً في الموطأ وهو الصواب ، ورفعه خطأ من ابن أخي ابن وهب.اهـ
قال الزبيدي : ( فصار هذا الذي رواه الخطيب خطأ على خطأ ، والصواب فيه عدم الرفع وعدم الجهر) . اهـ
الرابع : أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص308] من طريق شريك بن عبدالله عن إسماعيل المكي عن قتادة عن أنس قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده واهٍ وله ثلاث علل :(1/31)
الأولى : إسماعيل بن مسلم المكي قال عنه ابن معين ليس حديثه بشئ وقال أحمد منكر الحديث وقال الجوزجاني واهٍ جداً وقال أبو زرعة ضعيف الحديث وقال أبو حاتم ضعيف الحديث مختلط وقال النسائي متروك الحديث وقال ابن عدي أحاديثه غير محفوظة وقال ابن حبان ضعيف يروي المناكير عن المشاهير ويقلب الأسانيد .
انظر التهذيب لابن حجر [ج1ص289] والميزان للذهبي [ج1ص248].
الثانية : شريك بن عبد الله القاضي وهو سيئ الحفظ .
الثالثة : قتادة بن دعامة السدوسي وهو مُدلس وصفه به النسائي وغيره .
انظر طبقات المدلسين لابن حجر [ص67] .
الخامس : أخرجه الدارقطني أيضاً في السنن [ج1ص309] من طريق أحمد بن محمد القاضي السحيمي ثنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم الطائي ثنا إبراهيم بن محمد القاضي التيمي ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده تالف وله علتان :
الأولى : أحمد بن محمد القاضي السحيمي وهو مجهول .
الثانية : عبد الله بن محمد بن إبراهيم الطائي وهو مجهول أيضاً .
فهو حديث منكر .
وقد ذكرت أن ابن الجوزي رحمه الله قال في التحقيق [ج1ص311] : ( لا يثبت عن أنس شئ من هذا . بل قد صحت الأحاديث عنه بخلافه قولاً وفعلاً ).
وبنحوه قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى [ج1ص97] .
(5) وأما حديث ابن عباس . فله طرق أيضاً .
أحدها : ما أخرجه الحاكم في المستدرك [ج1ص208] من طريق عبد الله بن عمرو بن حسان ثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده مظلم وله علتان :
الأولى : عبد الله بن عمرو بن حسان قال عنه علي بن المديني كان يضع الحديث وكذبه الدارقطني وقال الرازي كان لا يصدق .
الثانية : شريك بن عبد الله القاضي سيئ الحفظ .(1/32)
انظر الميزان للذهبي [ج2ص468] ولسان الميزان لابن حجر [ج3ص320] والضعفاء لابن الجوزي [ج2ص134] والكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث [ص155] والضعفاء للدارقطني [ص264] وأحوال الرجال للجوزجاني [ص92] .
وقال الحاكم : وهذا إسناد صحيح وليس له علة .
فتعقبه الذهبي بقوله : ( كذا قال المصنف ـ يعني الحاكم ـ وابن حسان كذبه غير واحد ومثل هذا لا يخفى على المصنف ).
وقال ابن حجر رحمه الله في التلخيص [ج1ص234] ( وصححه ( أي : الحاكم ) وأخطأ في ذلك، فإن عبد الله نسبه ابن المديني إلى وضع الحديث ) .اهـ
وبه أعله ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق [ج2ص826و827] والزيعلي في نصب الراية [ج1ص345] والزبيدي في إتحاف السادة [ج3ص304] .
ومن هنا تعرف تساهل الحاكم ، وقد قال ابن الجوزي في الموضوعات [ج1ص35] : (وقد صنف أبو عبد الله الحاكم كتاباً كبيراً سماه ( المستدرك على الصحيحين ) ولو نوقش فيه بانَ غلطه) . اهـ
الثاني : أخرجه السلفي في معجم السفر [ص341] من طريق أبي عبد الله الحسين بن مأمون البردعي ثنا بشر بن عمرو بن سام ، ثني بدر بن الربيع ثني طعمة بن عمرو ثني معاوية بن إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : (من السنَّة الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم إنها آية من كتاب الله عز وجل نزل بها جبريل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قرأ جبريل بسم الله الرحمن الرحيم علمت أن السورة قد ختمت ) .
قلت : وهذا متنه منكر وسنده ساقط فيه مجاهيل وهم :
الأول : الحسين بن مأمون .
الثاني : بشر بن عمرو .
الثالث : بدر بن الربيع .
الثالث : أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص303] من طريق أبي الصلت الهروي ثنا عباد بن العوام ثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم ).
قلت : وهذا سنده مظلم وله علتان :(1/33)
الأولى : عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي قال عنه أبو حاتم لم يكن عندي بصدوق وضرب أبو زرعة على حديثه وقال العقيلي رافضي خبيث وقال ابن عدي متهم وقال النسائي ليس بثقة وقال الدارقطني رافضي خبيث متهم بوضع حديث: ( الإيمان إقرار بالقلب ) ونقل عنه أنه قال : كلب للعلوية .
الثانية : شريك بن عبد الله القاضي سيئ الحفظ .
انظر الميزان للذهبي [ج2ص616] والجرح والتعديل لابن أبي حاتم [ج6ص257] وتاريخ بغداد للخطيب [ج11ص51] والمجروحين لابن حبان [ج2ص151]
وقال الزيعلي رحمه الله في نصب الراية [ج1ص345] : وهذا أضعف من الأول ، فإن أبا الصلت متروك . اهـ
وبه أعله ابن حجر في التلخيص [ج2ص235] والزبيدي في إتحاف السادة [ج3ص304] .
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج3ص304] : ( وقد خالفه غيره فرواه عن عباد فأرسله ، وليس فيه أنه في الصلاة ). اهـ
أخرجه أبو داود في سننه [ص89و90] والحازمي في الاعتبار [ص224] من طريق عباد بن العوام عن شريك عن سالم عن سعيد بن جبير قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بمكة ، قال : وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن ، فقالوا : إن محمداً يدعو إلى إله اليمامة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخفاها فما جهر بها حتى مات ) .
قلت : وهذا سنده ضعيف وله علتان :
الأولى : شريك بن عبد الله القاضي سيئ الحفظ .
الثانية : الإرسال .
وقال ابن حجر رحمه الله في التلخيص [ج1ص235] : المرسل هو الصواب .(1/34)
الرابع : أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [ج2ص47] وفي المعرفة [ج2ص368] والترمذي في السنن [ج2ص14] والبغوي في شرح السنة [ج3ص55] وفي مصابيح السنة [ج1ص326] والعقيلي في الضعفاء الكبير [ج1ص80و81] والبزار في المسند [ج1ص255ـ الزوائد] وابن عبد البر في الإنصاف [ج1ص189] والعراقي في الأمالي [ص49] وأبو داود في السنن كما في تحفة الأشراف للمزي [ج5ص265] والدارقطني في السنن [ج1ص304] وابن عدي في الكامل [ج1ص305] من طريق المعتمر بن سليمان عن إسماعيل بن حماد عن أبي خالد عن ابن عباس قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم).
قلت : وهذا سنده واهٍ وله علتان :
الأولى : إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الكوفي قال عنه الأزدي يتكلمون فيه.
الثانية : أبو خالد مجهول .
وقال أبو داود : حديث ضعيف .
وقال الترمذي : ( هذا حديث ليس إسناده بذاك . وأبو خالد يقال : هو أبو خالد الوالبي ، واسمه : هرمز ) .اهـ
قلت : وليس هو هرمز ، بل اسمه : عمران بن خالد كما جاء مصرحاً به في إحدى روايات ابن عدي ، وهو مجهول قاله ابن عدي في الكامل [ج1ص305] .
وانظر التلخيص لابن حجر [ج1ص234]
وقال الذهبي رحمه الله في الميزان [ج1ص226] : (هذا الحديث غير محفوظ ، وأبو خالد مجهول ). اهـ
والعقيلي أعله بإسماعيل هذا وقال : حديثه غير محفوظ .
وبه أعله الزبيدي في إتحاف السادة [ج3ص304] .
وقال الهيثمي : له عند الترمذي أنه كان يفتتح بها لم يذكر الجهر .
قال البزار : ( تفرد به إسماعيل ، وليس بالقوي في الحديث ، وأبو خالد أحسبه الوالبي ). اهـ
وذكره الهيثمي في المجمع [ج2ص108] ثم قال رواه أبو داود وغيره خلا الجهر بها رواه البزار ورجاله موثقون . اهـ
قلت : وليس هو كما قال . إسماعيل ليس بالقوي ، وأبو خالد مجهول . وقال أبو زرعة : لا أعرف من هو .(1/35)
وقال ابن عدي : وهذا الحديث لا يرويه غير معتمر ، وهو غير محفوظ ، سواء قال عن أبي خالد أو عمران بن خالد جميعاً مجهولين . اهـ
وذكره البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة [1/ق386/ط].
قلت : ولو ثبت لم يكن صريحاً في الجهر .
الخامس : أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [ج11ص440] وفي المعجم الأوسط [ج2ص115و116ـ مجمع البحرين ] من طريق عبد الرحمن بن الحسين ثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ثنا عباد بن العوام عن شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم هزأ منه المشركون ، وقالوا : محمد يذكر إله اليمامة ، وكان مسيلمة يتسمى الرحمن ، فلما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يجهر بها ) .
قلت : وهذا سنده ضعيف جداً وله ثلاث علل :
الأولى : عبد الرحمن بن الحسين الصابوني وهو مجهول .
الثانية : يحيى بن طلحة بن أبي كثير اليربوعي قال عنه النسائي ليس بشئ وكذبه ابن الجنيد وخطأه الصغاني وقال ابن حجر لين الحديث .
الثالثة : شريك بن عبد الله القاضي سيئ الحفظ .
انظر التهذيب لابن حجر [ج11ص205] والتقريب له [ص592] .
السادس : أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص304] والحازمي في الاعتبار [ص227] من طريق عمر بن حفص المكي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يجهر في السورتين ببسم الله الرحمن الرحيم حتى قُبَضَ ) .
قال الزيلعي رحمه الله في نصب الراية [ج1ص347] : ( وهذا لا يجوز الاحتجاج به فإن عمر بن حفص ضعيف ).اهـ
وقال البيهقي رحمه الله في السنن الكبرى [ج2ص10] : ( عمر بن حفص المكي ضعيف لا يُحتج به ).اهـ
وقال ابن الجوزي رحمه الله في التحقيق [ج1ص309] : أجمعوا على ترك حديثه .
وبه أعله ابن حجر في التلخيص [ج1ص235] والزبيدي في إتحاف السادة [ج3ص305] .(1/36)
وقال الذهبي في ترجمته في الميزان [ج3ص190] بعد إيراد هذا الحديث : لا يُدرَى من ذا ، والخبر منكر . اهـ
السابع : أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [ج11ص185] من طريق إسحاق بن محمد العزرمي ثنا سعيد بن خثيم عن الأوقص عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ).
قلت : وهذا سنده واهٍ وله ثلاث علل :
الأولى : إسحاق بن محمد العزرمي قال عنه الذهبي واهٍ .
الثانية : سعيد بن خثيم الهلالي وثقه ابن معين لكن قال عنه الأزدي منكر الحديث وقال ابن عدي مقدار ما يرويه غير محفوظ .
الثالثة : الأوْقَصي هو هاشم قال البخاري عنه غير ثقة وقال الجوزجاني ضال غير ثقة .
انظر الميزان للذهبي [ج2ص133] والمغني في الضعفاء له [ص73] ولسان الميزان لابن حجر [ج6ص183] وأحوال الرجال للجوزجاني [ص98] .
الثامن : أخرجه تمام في الفوائد [ج1ص338و339] والدارقطني في السنن [ج1ص303] والخليل في التاريخ كما في التدوين للرافعي [ج1ص431] والطبراني في المعجم الكبير [ج10ص338] وفي المعجم الأوسط [ج2ص115ـ مجمع البحرين] والصيداوي في معجم الشيوخ [ص173] من طريق أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي حدثني أبي عن أبيه قال : صلى بنا المهدي فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، فقلت له في ذلك ، فقال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
قلت : وهذا سنده تالف فيه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي قال عنه أبو أحمد الحاكم فيه نظر وقال الذهبي له مناكير وحدث عنه أبو الجهم المشغرائي ببواطيل ، وذكر أبو الجهم أنه لما كبر صار يُلَقن فيتلقن ، وأبوه محمد بن يحيى قال ابن حبان هو ثقة في نفسه يُتَّقى من حديثه ما رواه أحمد وأخوه عبيد فإنهما كانا يدخلان عليه كل شئ .
انظر الميزان للذهبي [ج1ص151] ولسان الميزان لابن حجر [ج1ص295] و[ج5ص423] .(1/37)
التاسع : أخرجه البيهقي في المعرفة [ج2ص369] من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا يحيى بن آدم قال أخبرنا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم يمد بها صوته ...).
قال البيهقي رحمه الله : ( وإنما رواه إسحاق عن يحيى بن آدم مرسلاً ثم قال إسحاق : ورواه غير يحيى فزاد فيه : وذكره يحيى بن سعيد عن ابن عباس ).
وقال ابن حجر رحمه الله في التلخيص [ج1ص235] : ( ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن يحيى بن آدم عن شريك فلم يذكر ابن عباس في إسناده ، بل أرسله وهو الصواب من هذا الوجه ). اهـ
قلت : وشريك بن عبد الله القاضي سيئ الحفظ .
فالحديث منكر .
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج3ص305] : ( وقال ابن عبد الهادي: يُجَاب عن حديث ابن عباس من وجوه :
أحدها : الطعن في صحته فإن مثل هذه الأسانيد لا تقوم بها حجة لو سلمت من المعارض فكيف وقد عارضتها الأحاديث الصحيحة ، وصحة الإسناد تتوقف على ثقة الرجال ، ولو فرض ثقة الرجال لم يلزم منه صحة الحديث حتى ينتفي عنه الشذوذ والعلة .
الثاني : أن المشهور في لفظه الاستفتاح لا لفظ الجهر .
الثالث : أن قوله ( جهر ) إنما يدل على وقوعه مرة ، لأن كان يدل على وقوع الفعل وأما استمراره فيفتقر إلى دليل من الخارج وما روي أنه لم يزل يجهر به فباطل).اهـ
(6) وأما حديث النعمان بن بشير .
أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص309] من طريق يعقوب بن يوسف بن زياد الضبي ثنا أحمد بن حماد الهمداني عن فطر بن خليفة عن أبي الضحى عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمَّنِي جبرائيل عليه السلام عند الكعبة فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .(1/38)
قال الزيلعي رحمه الله في نصب الراية [ج1ص349] :(حديث منكر ، بل موضوع، ويعقوب بن يوسف الضبي ليس بمشهور ، وقد فتشت عليه في عدة كتب من الجرح والتعديل، فلم أر له ذكراً أصلاً ، ويحتمل أن يكون هذا الحديث مما عملته يداه ، وأحمد بن حماد ضعفه الدارقطني ، وسكوت الدارقطني والخطيب وغيرهما من الحفاظ عن مثل هذا الحديث بعد روايتهم له قبيح جداً ). اهـ
وقال الزبيدي رحمه الله في إتحاف السادة [ج2ص306] : ( أن هذا الحديث منكر بل موضوع، ويعقوب بن يوسف الضبي ليس له ذكر في الكتب المشهورة المصنفة في الرجال ، ويحتمل أن يكون هذا الحديث من وضعه ، وأحمد بن حماد ضعفه الدارقطني ). اهـ
وانظر الميزان للذهبي [ج1ص94] .
(7) وأما حديث أم سلمة .
أخرجه الحاكم في المستدرك [ج1ص232] وابن خزيمة في صحيحه [ج1ص248] والدارقطني في السنن [ج1ص307] والبيهقي في السنن الكبرى [ج1ص44] وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث [ص63] وابن المنذر في الأوسط [ج3ص119] من طريق عمر بن هارون البلخي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ...).
قلت : وهذا سنده مظلم وله علتان :
الأولى : عمر بن هارون البلخي قال عنه ابن مهدي وأحمد والنسائي متروك الحديث وقال يحيى كذاب خبيث وقال ابن المديني والدارقطني ضعيف جداً وقال أبو داود غير ثقة وقال صالح جزرة كذاب .
انظر الضعفاء لأبي نعيم [ص113] والميزان للذهبي [ج3ص228] .
الثانية : عبد الملك بن جريج مدلس وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث .
قال ابن حجر رحمه الله في تعريف أهل التقديس [ص95] : (قال الدارقطني شر التدليس تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح).اهـ
وقال الحاكم : عمر بن هارون أصل في السنة .
فتعقبه الذهبي بقوله : أجمعوا على ضعفه وقال النسائي متروك .
وبه أعله الزيلعي في نصب الراية [ج1ص3451] .(1/39)
والعجب من النووي كيف صححه في المجموع [ج3ص333] .
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار [ج1ص199] والحاكم في المستدرك [ج1ص232] وابن عبد البر في الإنصاف [ج2ص185و186] والدوري في قراءات النبي [ص60] من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين).
قلت : وهذا سنده ضعيف فيه عبد الملك بن جريج مدلس وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث . .
قال ابن حجر رحمه الله في تعريف أهل التقديس [ص95] : ( قال الدارقطني شر التدليس تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح).اهـ
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين .
قلت : وليس هو كما قال وإن وافقه الذهبي .
وأخرجه ابن عبد البر في الإنصاف [ج1ص186] من طريق محمد بن موسى الحرشي حدثنا عمر بن محمد المقدمي حدثنا نافع بن عمر الجمحي قال سمعت ابن أبي مليكة يحدث عن أم المؤمنين أنها سُئِلَت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أوتقدرون على ذلك : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين يرتل آية آية ) .
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه محمد بن موسى الحرشي وهَّاه أبو داود وضعفه انظر تهذيب الكمال للمزي [ج26ص530] .
وقال ابن حجر في التقريب [ص509] : ليِّن يعني ضعيف .
وعمر بن محمد المقدمي لم أجد له ترجمة .
قلت : ولو ثبت حديث أم سلمة لم يكن صريحاً في الجهر .
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني [ج1ص522] : (وحديث أم سلمة ليس فيه أنه جهر بها ).
وقال الزبيدي في إتحاف السادة [ج1ص307] عن حديث أم سلمة : ( أن هذا ليس بحجة لوجوه :
أحدها : أنه ليس بصريح في الجهر ، ويمكن أنها سمعته سراً في بيتها لقربها منه .
الثاني : أن مقصودها الإخبار بأنه كان يرتل قراءته ولا يسردها .(1/40)
الثالث : أن المحفوظ فيه والمشهور أنه ليس في الصلاة ، وإنما قوله في الصلاة زيادة من عمر بن هارون وهو مجروح ). اهـ
قلت : وقد صح حديث أم سلمة بدون ذكر البسملة ، وقد خرجته في كتابي (سراج المتقين في صفة صلاة سيد المرسلين ) [ص ] ولله الحمد والمنة .
(8) وأما حديث الحكم بن عمير .
أخرجه الدارقطني في السنن [ج1ص309] من طريق إبراهيم بن حبيب ثنا موسى بن أبي حبيب الطائفي عن الحكم بن عمير وكان بدرياً قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الليل، وفي صلاة الغداة ، وصلاة الجمعة ) .
قال الذهبي رحمه الله في الميزان [ج4ص202] : ( هذا حديث منكر ، ولا يصح إسناده ، موسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم ، وخبره ساقط ).
قلت : وموسى هذا ضعفه أيضا الدارقطني .(1/41)