سلسلة الحقائق الغائبة - 4
الخُمُسُ وسَهمُ الإمامِ
فيصل نور
فهرس الموضوعات
الإهداء
مقدمة الكتاب
الباب الأول
تعريف الخمس.
الآية الوحيدة التي وردت في الخمس.
أقوال أهل السنة في الخمس.
المسألة الأولى: المراد بالغنيمة التي وردت في الآية، وبيان الفرق بينها وبين والفئ.
شواهد في السنة المطهرة على بيان معنى الغنيمة.
المسألة الثانية: في كيفية قسمة الغنائم عند أهل السنة.
المسألة الثالثة: المقصود بذوي القربى.
موارد الخمس ومصارفه من السنة.
معنى الركاز.
علة عدم وجود باب للخمس في الكتب الفقهية عند أهل السنة.
بيان في أنه ليس في كتاب الكافي للكليني كتاباً أو باباً مستقلاً في الخمس.
إغفال بعض قدامى فقهاء الشيعة ذكر سهم الإمام وموارد صرفه.
عشرات الكتب والرسائل المستقلة في الخمس عند الشيعة.. لماذا؟.
أقوال علماء الشيعة في الخُمُسُ ومشروعيته وذكر موارده.
أولاً: وجوبه.
ثانياًً: ما يجب فيه الخمس عند الشيعة.
1- غنيمة الحرب مع الكفار.
رواية من طرق الشيعة في حصر الخمس في غنائم الحروب
إضطرب الشيعة في تأويل هذا الرواية.
الروايات التي إستدل بها الشيعة على وجوب خمس غنيمة الحرب.
دلالة هذه الروايات على إخراج مطلق المكاسب وتأويل الشيعة لهذا.
2- المعدن.
3- الكنز (الركاز).
4- الغوص.
5- المال المختلط بالحرام.
6- الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم.
7- أرباح التجارة والمعاملات والصنائع والزراعات وجميع الفوائد العائدة للانسان، وإن لم يكن من أرباح التجارة.
ثالثاً: قسمة الخمس.
رابعاً: مستحق الخمس.
إختلاف الشيعة في مستحق الخمس.
قول بعض الشيعة بأن من انتسب إلى هاشم بالأمومة استحق الخمس.
ذكر حجة من ذهب إلى هذا القول.
خامساً: حكم الخمس في زمن الغيبة.
إختلاف الشيعة في حكم الخمس.
القسم الأول: وجوب اخراج الخمس مطلقا في غيبة الإمام أو حضوره من أي نوع كان من أنواع الخمس.(1/1)
القسم الثاني: الوجوب والتشديد في اخراجه وعدم الإباحة.
القسم الثالث: التحليل والإباحة مطلقا.
القسم الرابع: الأرض وما خرج منها كله للإمام.
بيان مذاهب الشيعة و إختلافهم في حكم الخمس في زمن غيبة المهدي.
1- عزله والوصية به من ثقة إلى آخر إلى وقت ظهور المهدي.
2- سقوطه.
3- دفنه.
4- دفع النصف إلى الأصناف الثلاثة وأما حق الإمام فيودع كما تقدم من ثقة إلى ثقة إلى أن يصل إليه وقت ظهوره أو يدفن.
5- كسابقه بالنسبة إلى حصة الأصناف وصرفها عليهم وأما حق الإمام فيجب حفظه إلى أن يوصل إليه.
6- ما تقدم أيضاً بالنسبة إلى حصة الأصناف وأما حصة الإمام فتقسم على الذرية الهاشمية.
7- صرف النصف إلى الأصناف الثلاثة أيضاً وأما حصة الإمام فيجب إيصالها مع الامكان وإلا فتصرف إلى الأصناف ومع تعذر الإيصال وعدم حاجة الأصناف تباح للشيعة.
8- ما تقدم من صرف حصة الأصناف عليهم وأما حصة الإمام فيسقط اخراجها لإباحتهم عليهم السلام ذلك للشيعة.
9- كسابقه إلا أنه خص صرف حصة الإمام بمواليه العارفين.
10- تخصيص التحليل بخمس الأرباح فإنه للإمام دون سائر الأصناف وأما سائر ما فيه الخمس فهو مشترك بينه وبين الأصناف.
11- عدم إباحة شئ بالكلية حتى من المناكح والمساكن والمتاجر.
12- قصر أخبار التحليل على جواز التصرف في المال الذي فيه الخمس قبل اخراج الخمس منه بأن يضمن الخمس في ذمته.
13- صرف حصة الأصناف عليهم والتخيير في حصة الإمام بين الدفن والوصية على الوجه المتقدم وصلة الأصناف.
14- صرف النصف إلى الأصناف الثلاثة وجوبا أو استحبابا وحفظ نصيب الإمام إلى حين ظهوره، ولو صرفه العلماء إلى من يقصر حاصله من الأصناف كان جائزا.
إقرار الشيعة أن آية الخمس هي الآية الوحيدة التي وردت في الخُمُس.
إقرار الشيعة أن الغنيمة المذكورة في الآية هي ما أخذ من اموال أهل الحرب من الكفار.
محاولات الشيعة لإثبات مطلق المكاسب عن طريق اللغة أو روايات الأئمة.(1/2)
آية صريحة في التفريق بين المكاسب والخمس.
ليس في آية الخمس ذكر أن من مستحقي الخُمُس الفقية او المجتهد كما هو الحال الآن.
متى تم إقحام الفقيه في مستحقي الخمس؟
أول فقيه يطرح وجوب دفع سهم الإمام إلى مراجع التقليد.
ذكر بعض علماء الشيعة الذين قالوا بعدم وجوب دفع الخمس إلى الفقيه.
الباب الثاني
نبذة عن الوضع و الوضاعين في السنة المطهرة.
من أسباب وضع الحديث.
أهمية الإسناد.
علم الرجال.
كثرة الكذب على أئمة آل البيت رحمهم الله وتحذيرهم من ذلك.
شروط قبول الرواية عند الشيعة.
علة وجود المرويات المكذوبة في كتب المسلمين.
ذكر روايات الخمس، ودراسة أسانيدها.
بيان معنى الناصب.
تتمة ذكر روايات الخمس، ودراسة أسانيدها.
توثيق الشيعة للفطحية رغم إنكارهم للأئمة الأثنى عشر.
تتمة ذكر روايات الخمس، ودراسة أسانيدها.
الإضطراب في علوم الجرح والتعديل والحديث عند الشيعة.
إعتراف الشيعة أن كثيراً من مصنفيهم ينتحلون المذاهب الفاسدة.
إعتراف الشيعة أن مصطلح الحديث والجرح والتعديل أنما هو من علوم أهل السُنة.
إعتراف الشيعة بضعف أحاديثهم كلها عند التحقيق.
هل أسانيد الشيعة صنعت فيما بعد وركبت على نصوص أخذت من أصول قدمائهم؟
خلاصة دراسة أسانيد الخمس عند الشيعة أنه لم يصمد منها شيء أمام التحقيق.
لم يذكر لنا التاريخ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو علي أو الحسن أو الحسين رضي الله عنهم قد أخذوا شيء من الخمس.
إضطراب الشيعة في رد هذه الحقيقة.
مراحل تطور الخُمُس عبر التاريخ.
بدايات القول بحصر التصرف في جميع موارد الخمس في الفقيه.
أدلة القائلين بجواز التصرف في سهم الإمام في زمن الغيبة.
القول بإحراز رضى الإمام المهدي.
تجويزهم التصرف بسهم الإمام بحجة إحراز رضاه، ورفضهم تصرف الأتباع بالخمس بحجة إحراز رضى الفقيه.
جواز التصرف بسهم الإمام من باب كون حكمه حكم المال المجهول المالك.(1/3)
جواز التصرف بسهم الإمام من باب الولاية على أموال الغائبين.
القول بوجوب حصر التصرف في الخمس في الفقهاء.
تعليلهم لهذا الوجوب أن الفقيه أقدر على معرفة مستحقي الخمس.
قول المتأخرين بوجوب حصر التصرف في الخمس في المقلَد دون غيره.
هذا القول من أسباب الخلاف عند الشيعة بعدم جواز تقليد الميت.
تشدّد المراجع في أمر عدم جواز تصرف أصحاب الخمس بأموالهم.
خوف المراجع من تصرف وكلائهم في الخمس.
أصحاب نظرية ولاية الفقيه وقولهم بوجوب حصر التصرف في الخمس في الولي الفقيه دون غيره.
رد الإمام الخميني على أدلة القائلين بجواز تصرف الفقهاء في الخمس دون الولي الفقيه.
المنتظري يؤيد الخميني.
والخامنئي أيضاً.
أدلة أصحاب نظرية ولاية الفقيه في وجوب حصر التصرف في الخمس في الحاكم الإسلامي.
جُل صلاحيات الولي الفقيه محصور في الأموال.
الخُمُس هو علة الصراع بين أصحاب نظرية ولاية الفقيه ومخالفيهم.
نماذج من هذا الصراع.
إعتراف الشيعة أن مصطلح تقليد أو مصطلح مرجعية أو مرجع أعلى أخترعه المتأخرون.
ضعف الروايات التي إستدل بها من قال بوجوب بالتقليد.
الكلام في مسألة لزوم تقليد الأعلم.
بيان أنه لم يتطرق قدماء الشيعة إلى هذه المسألة.
الكلام فيما نسب إلى المرتضى في هذه المسألة.
بداية ظهور مسألة تقليد الأعلم.
إختلاف الشيعة في تحديد مفهوم الأعلم.
رد بعض الشيعة للمعايير التي وضعت لتحديد الأعلم.
لا يشترط في الأعلم أن يكون من السادة.
طريقة تحديد الأعلم منذ ظهور هذه المسألة.
نماذج من العلماء الذين حددوا المراجع من بعدهم.
الصراع بين المراجع من أجل الخمس.
نماذج من فضائح الحوزات الدينية بسبب مسألة الخمس.
دعوات شيعية لعدم الإقتصار على مرجع واحد.
دعوات شيعية لجواز تقليد الميت.
تابع..فضائح الحوزات الدينية بسبب المال.
بعض الآثار السيئة لقضية الخمس.
إعتراف الشيعة أن مبالغ الخمس ضخمة جداً ولا ينبغي أن تُحصر في السادة.(1/4)
قول بعض الشيعة إن فساد الإنسان يأتي من طريقين (الجنس والمال) وكلاهما متوافر للسادة.
أمثلة على وسائل المراجع والمجتهدين للحصول على الخمس.
هل كل هؤلاء من أهل البيت؟
كيفية الحصول على شجرة الأنساب.
موقف المراجع من مدعي السيادة.
سيطرة أصحاب رؤوس الأموال على المرجعية من باب الخمس لتحقيق مآربهم.
موقف الإصلاحيين من مدارات المرجعية لأصحاب الخمس حرصاً على المصادر المالّية.
دخول المستعمر البريطاني على خط الخمس.
سيطرة العوام على المرجعية من باب الخمس.
مسألة طهارة الكتابي.. أنموذج.
مراسم العزاء في عاشوراء.. أنموذج آخر.
نماذج أخرى.
نماذج من معاناة العلماء من آفة العوام.
نماذج من دعوات الإصلاحيين لتصحيح الأوضاع.
من تناقضات دعوات الإصلاحيين.
سيطرة العوام.. مرة أخرى.
مراجع دين من فقر مدقع إلى أصحاب ملايين.
دعوات بوضع سجلات لتقييد الوارد والصادر من الخمس.
لولا الخمس لاندثر المذهب الشيعي.
من إستخدامات أموال الخمس السيئة.
الخمس والصراع بين قم والنجف.
علماء دفعوا حياتهم ثمناً للخمس.
الخمس الخليجي.. إلى أين؟
الخمس بين ثروات المراجع وسِير أهل البيت رحمهم الله.
الخمس بين السائل والمجيب.
هل يحل مال النواصب (أهل السنة) ويجب فيه الخمس ؟
هل في زجاجة العطر التي تم استخدام جزء منها خمس؟
هل المال المسروق يصبح حلالاً إذا أدي منه الخمس؟
طاحونة تطحن الحنطة، هل يتعلق بها الخمس؟
هل في أموال الخمس خمس؟
شخص هوايته جميع العملات من دول مختلفة هل يتعلق به الخمس؟
شخص لا يخمس بحجة أن كسبه لا يكفي إلا لمؤونة بيته ما هو الحكم؟
هل يوجد خمس على الكفن الذي يشتريه الانسان لتكفينه به بعد موته؟
ما هو حكم المتبقي من الكتب الاسلامية المطبوعة على نفقة المؤلف عند المؤلف؟
هل في مال الأجير الذي يأخذ مالاً لقضاء سنين من الصلاة والصيام خمس؟
الشجر الذي يوجد في دار الانسان، هل يجب الخمس في نموه كل سنة ؟(1/5)
هل في الكتب التي يشتريها الانسان لأجل الاستفادة منها للمنبر وغيره خمس؟
هل يجب الخمس في الكوپونات المعدة لشراء المواد التي تدعمها الدولة؟
إذا اشترى كتاباً واستعاره آخر منه، فهل يجب عليه تخميسه؟
هل في الهبة وفي هدية العيد ( العيدية ) خمس أم لا ؟
هل في الهدايا النقدية التي يأخذها الإنسان من معارفه وأقربائه خمس؟
اقترضت قسماً من المال، وقسماً آخر من بيع سجادة البيت فهل علّى الخمس؟
إذا كان لشخص مكتبة شخصية وقد انتفع من كتبها في فترات معينة فهل عليه خمس؟
إذا حصل الطفل على هدية أو جائزة من المال أو الذهب، فهل يجب على وليه تخميسه؟
حصلت على هدية قطعة قماش فهل فيه خمس؟
حكم الخمس عند الإنتقال إلى مقلد آخر.
هل يجب على الطالب أن يخمس ما يعطى من كتب مدرسية و غيرها؟
الهدية مثل الساعة أو القلم أو الكتاب هل يجب فيها الخمس ؟
الخمس في راتب الموظف.
هل السنة الخمسية يجب أن تعتبر وتحاسب شمسية أو قمرية ؟
خمس من أراد الحج أو العمرة.
طالب فقير ومريض ويجمع المال للعلاج فهل عليه خمس؟
راتبي لا يكفيني حتى آخر الشهر وظروفي المالية الصعبة فهل عليّ خمس ؟
إذا قرأنا من كتاب عشر صفحات فهل عليه خمس؟
هل يجب الخمس في الأجزاء غير المقروءة من دورات الكتب؟
الأواني المعدة للطعام والشراب إذا استعملت للزينة فقط فهل يعد هذا استعمالاً مسقطا للخمس؟
ما حكم من اشترى كتباً ولم يقرأ بها في سنة الشراء؟
الأشجار والنباتات التي يزرعها المكلف للزينة، هل يجب فيها الخمس؟
أيهما الأولى بالتقديم الحج أم الخمس؟
هل يتعلق الخمس بالمبلغ المدفوع سلفا لشراء كتب من المعرض الدولي للكتاب؟
يوجد طقم من الأواني المنزلية، فهل استعمال بعضه يكفي في عدم وجوب الخمس فيه؟
هل الانتفاع من مجلد واحد من عدة مجلدات يمكن أن يكون مسقطا للخمس؟
الكفن الذي يشترى ويبقى عدة سنوات هل يجب تخميسه؟
هل في الأرز والدهن وأثاث البيت خمس؟(1/6)
امرأة استفادت من حليها شهرا ثم انكسرت فأهملت اصلاحها فهل عليها الخمس ؟
إذا قرأنا من كتاب عشر صفحات فهل يطلق عليه أنه قد قرئ، بحيث لو دار عليه الحول لا يخمس ؟
ما حكم الماء الموجود في خزان فوق سطح الدار لاستعماله للمنزل هل يجب فيه الخمس؟
ما حكم شراء وتربية طيور الزينة للمنزل، هل يجب فيها الخمس؟
هل يجب الخمس في الكتاب الذي لم يقرأ؟
إذا كان الكتاب فوق مستوى القارئ فهل يجب الخمس فيه حتى مع قراءته ؟
قراءة الكتاب المفيد بقصد التهرب من الخمس، يسقط الخمس أم لا ؟
هل سهم السادة وسهم الإمام يتعلقان بأرباح مكاسب الصغار ؟
تطبيق مبدأ (البضائع المباعة لا ترد ولا تستبدل) في الخمس.
هل في الخمس مساومة ومحسوبيات في الخمس؟
الخمس مقدم على الزكاة.
وجوب الخمس حتى على الفقراء.
روايات في ذم المال.
خلاصة الكتاب.
مصادر الكتاب.
الإهداء
شر الأزمنة أن يتبجّح الجاهل، ويسكت العاقل،
ولكنَّ القبة الجوفاء لا ترجع غير الصدى..
فإلى القباب غير الجوفاء أهدي هذا الكتاب...
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.(1/7)
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة : 34].
منذ أن نزلت آيات حب للمال والسعي لجمعه ومنها هذه الآية، عرفنا أن الإنسان لن يدع وسيلة لتحقيق هذه الغاية إلا وسلكها. وعندما ذكر الله عزوجل الأحبار والرهبان على سبيل التعيين في معرض آكلي أموال الناس بالباطل، علمنا أن الدِين من أعظم وسائل طلاب الدنيا للوصول إلى هذا الهدف، وعندما ذكر الله عزوجل في هذه الآية عن كنز الذهب والفضة دون إنفاق، علمنا أن من الناس من جمع بين هذه الصفات الثلاثة، التظاهر بالدِين، وأكل أموال الناس بالباطل وعدم إنفاقه ومن ثم توريثه.(1/8)
ومن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ. عرفنا أن في هذه الأمة أناس سيتبعون سنن من ذكرهم الله عزوجل في الآية السابقة، ولا بد أن يكونوا كثير لقوله عزوجل: إِنَّ كَثِيراً. ففتشنا عمن تنطبق عليهم هذه الأوصاف من هذه الأمة، فوجدنا طائفة من المنتسبين إلى الإسلام أخذ علمائها بأكل أموال أتباعهم بالباطل وأفتتنوا بالمال أيما إفتتان، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ. فتشبهوا بمن نزلت فيهم الآية، الذين كانوا يتسلمون أموالاً باهظة من الناس بشتى السبل والحجج ويبعونهم الجنة بصكوك الغفران. فتشددوا في أمر هذا السُحت وتساهلوا فيما دون ذلك من عقائد أيما تساهل كسائر العبادات والإباحة الجنسية وغيرها.(1/9)
تبدأ القصة عند هؤلاء بمولود لم يرى النور كما أثبت المحققين منهم ذلك، (والأمر كما قالوا). ثم زعموا أن هذا المولود قد إختفى وأنه المهدي الموعود، وأن نوابه هم القائمون بالواسطة بينه وبين شيعته، وانهم المخولون بإستلام الخمس الذي شرعه الله عزوجل لبني هاشم عوض الزكاة، كما في قوله: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى.. [الأنفال: 41]، وأنهم الباب بين الناس وقربى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وحيث أن الآية تتحدث عن غنائم الحروب، والحروب تخاض تحت إمرة خلفاء المسلمين وهم المتصرفون في الغنائم، وبهذا لا يصلهم منها شيء لأن الناس يعلمون أنه لا صلة لهم بآل البيت وإنما هم أدعياء لمعدوم. وكذلك لا يجري عليهم من العطايا والرواتب التي يجريها الخلفاء للعلماء لينشغلوا بطلب العلم عن طلب الرزق، لأنهم لا يرونهم على الإسلام، بما يؤمنون به من عقائد ما أنزل الله به من سلطان كالشرك والغلو والقول بتحريف القرآن والطعن في خير هذه الأمة، وغيرها. عمدوا إلى هذه الآية وهي الوحيدة في القرآن الواردة في الخمس، فحملوها على المتشابه، فزعموا أن المقصود من الغنيمة في الآية هو مطلق الكسب وليس غنائم الحروب وحسب، رغم ان القرآن قد فرق بينهما كما قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأرض... الآية [البقرة: 267].(1/10)
فصدق فيهم قوله عزوجل: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران : 7].
وعززوا دعمهم بحمل الآية على سار المكاسب بروايات نسبوها إلى أئمة آل البيت رحمهم الله. وروايات أخرى في وجوب إخراج الخمس والترهيب من منعه. إلا أن العقل لم يسعفهم في ذلك ، ولا أيدهم النقل، حتى أقروا بأن وجوب الخمس في جميع المغانم والمكاسب مما انفردت به الإمامية دون غيرهم من فرق المسلمين.(1/11)
ثم مهدوا لذلك بالقول بكفر الأنظمة الحاكمة وعدم شرعيتها، وأن هذه الأنظمة منعوا الأئمة حقوقهم، وهو من حقهم وضروري لشؤون الشيعة وحاجاتهم ولنشر دين الله. حينئذ فرضوا الأئمة الأرباح على شيعتهم، ثم أوجبوا على الشيعة دفع الخمس لهم بحجة أنهم يمثلون آل البيت. وقالوا بكفر من إستحل الخمس، فانفتح الباب ، وأشتد التنافس بينهم في أكل أموال الناس بالباطل، حتى قال الصادق رحمه الله: إن الناس قد أولعوا بالكذب علينا، وذلك أنهم كانوا لا يطلبون بأحاديثنا ما عند الله وإنما يطلبون الدنيا وكل يحب أن يدعى رأساً.(1)وقال شريك: كان جعفر بن محمد رجلا صالحا مسلما ورعا فاكتنفه قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون: حدثنا جعفر بن محمد ، ويحدثون بأحاديث كلها منكرات كذب موضوعة على جعفر ، ليستأكلون الناس بذلك ، ويأخذون منهم الدراهم.(2)وقد أكد الباقر رحمه الله ذلك حيث قال: الشيعة ثلاثة أصناف، وذكر منهم: وصنف يستأكلون بنا، وفي رواية صنف يأكلون الناس بنا.(3)
__________
(1) - سيأتي ذكر مصادر الرواية.
(2) - بحار الأنوار، للمجلسي، 25/302 ، اختيار معرفة الرجال، للطوسي، 2/616 ، الرسائل الرجالية، للكلباسي، 3/289 ، معجم رجال الحديث، للخوئي، 10/25 ، 14/148 ، قاموس الرجال، للتستري، 10/212 ، 11/61 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، 10/132
(3) - مشكاة الأنوار، لعلي الطبرسي، 127 ، ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 2/1543 ، القيادة في الإسلام، لمحمد الريشهري، 154(1/12)
بل بلغ بالبعض أن إدعى إنتسابه لآل البيت، كأبي منصور العجلي الذي عزى نفسه إلى الباقر رحمه الله فتبرء منه وطرده.(1)واليوم هناك العشرات من أبي منصور كما سترى، ولا باقر لهم. ومع إشتداد الصراع بين هؤلاء الزنادقة الذين تستروا بولاءات زائفة لأهل البيت من أجل المال، بان المستور، حتى قال أحدهم: ما دخلنا في هذا الامر إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه ، لقد كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على الجيف. واليوم هناك المئات، دخلوا في هذا الأمر ويتهارشون عليه كما تتهارش الكلاب على الجيف، كما سترى. لا هم لهم سوى جمع المال بإسم آل البيت، ولا رادع يردعهم ولا دين يمنعهم، وهم يكررون أفعال أجدادهم الذين إندسوا في مدارس الأئمة رحمهم الله، والأئمة منهم براء، وهم براء من الأئمة أيضاً كما يروون من أن علي بن أبي حمزة البطائني وزياد بن مروان القندي ، وعثمان بن عيسى الرواسي ، كلهم كانوا وكلاء للإمام الكاظم ، وكان عندهم أموال جزيلة، فلما مضى الإمام الكاظم وقفوا عليه طمعاً في الأموال التي بين أيدهم، وأنكروا إمامة الرضا رحمه الله وجحدوه.
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع)، للصدوق، 2/38(ه( ، بحار الأنوار، للمجلسي، 49/18(ه( ، نور البراهين، لنعمة الله الجزائري، 2/309(ش) ، طرائف المقال، للبروجردي، 2/232(1/13)
ونحن إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب المختصر، سنتناول مسألة الخمس عند المسلمين عامة وعند الشيعة خاصه بإعتبار أنها من ضروريات مذهبهم بل ولا يقوم المذهب إلا به، ونبين حقيقتها، وذلك في بابين، الاول تعريف الخمس ومشروعيته من الكتاب والسنة وأقوال علماء المسلمين من شيعة وسنة، ثم بيان حقيقة الخمس عند الشيعة ومنزلتها وجذورها ومراحلها التاريخية. والباب الآخر دراسة الأسس الروائية لمسألة الخمس وبيان تهافت كل الروايات التي إستند عليها الشيعة في إثبات الخمس فيما سوى غنائم الحروب والركاز، ثم نعرج بإختصار على ذكر نماذج من مساوئ الخمس وذلك من خلال بيان الصراع الدائر في الحوزات الدينية عند الشيعة بين طلبة العلم والمراجع من أجل الخمس. وغيرها من مسائل تجدها في الكتاب.
ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فيصل نور
1428 هـ
الباب الأول
التعريف ومصادر الإستدلال من الكتاب والسنة.
في لسان العرب: الخُمْسُ والخُمُسُ والخِمْسُ جزء من خمسة..والجمع أَخْماس والخَمْسُ أَخذك واحداً من خمسة تقول خَمَسْتُ مال فلان وخَمَسَهم يَخْمُسُهم بالضم خَمْساً أَخذ خُمْسَ أَموالهم وخَمَسْتُهم أَخْمِسُهم بالكسر إِذا كنتَ خامِسَهم أَو كملتهم خمسة بنفسك.
وفي المقاييس: والخمس: واحد من خمسة. يقال: خَمَسْتُ القوم: أخذت خُمْسَ أموالهم.
والخُمُس تشريع مالي ورد في القرآن والسنة.
يقول الله عزوجل: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال: 41](1/14)
ففي هذه الآية بيان لمشروعية الخمس و إحدى موارده ومصارفه. وهي الآية الوحيد في كتاب الله عزوجل التي وردت في الخمس.
وتتلخص أقوال أهل السنة في مسألة الخمس في أمور عدة أهمها:
المسألة الأولى: المراد بالغنيمة.
قالوا: أن المراد بقوله تعالى: غنمتم من شئ مال الكفار إذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر. ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص، ولكن عرف الشرع قيد اللفظ بهذا النوع. وسمى الشرع الواصل من الكفار إلينا من الأموال بإسمين: غنيمة وفيئا. فالشئ الذي يناله المسلمون من عدوهم بالسعي وإيجاف الخيل والركاب يسمى غنيمة. ولزم هذا الاسم هذا المعنى حتى صار عرفا. والفئ ما كان عن صلح بغير قتال، كفيء بني النضير الذين نزلوا على حكم النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم ومكنوه من أنفسهم وأموالهم يفعل فيها ما يشاء لشدة الرعب الذي ألقاه الله في قلوبهم، ورضي لهم صلى الله عليه وآله وسلم أن يرتحلو بما يحملون على الإبل غير السلاح.
وعلى هذا اتفق أرباب سائر الكتب الفقهية واللغوية عند أهل السنة ومن نحى نحوهم من أن الغنيمة إصطلاحاً هو ما نِيل من أهل الشرك عنوة أي قهراً أو غلبة والحرب قائمة، وحكمها ان تخمّس.
و لا عبرة بحمل الالفاظ على محاملها اللغوية في المسائل الشرعية التوقفية.
ويرى بعض المحققين من أهل الأصول من أن اللفظ العام قد يكون القصد به إلى معنى مخصوص، بقرائن وإمارات ترشد إليه فيقتصر عليه، ولو كان اللفظ متناولاً لغيره، لذا نجد بعض المفسرين آثر عدم الكلام في الآية المذكورة بحجة ان موضوع الغنائم بجملته ليس واقعاً اسلامياً يواجهنا اليوم اصلاً وذلك لغياب الدولة المسلمة والامامة المسلمة والأمة المسلمة التي تجاهد في سبيل الله، ثم تقع لهم غنائم تحتاج إلى التصرف فيها. مما يؤكد على حصر مورد الخمس في الآية بغنائم الحرب دون سواها.
وفي السنة المطهرة شواهد عدة على حمل مفهوم الغنيمة على ما ذكرناة، منها:(1/15)
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة وأعطيت الشفاعة.(1)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أُحِلت لكم الغنائم.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لم تحل الغنائم لمن قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا. وغيرها.
وكلها تدل على الحصر المذكور، فضلا عن أن سياق الآية تدل على ذلك لكونها نزلت في غزوة بدر وما غنمه المسلمين فيها بالإتفاق، هذا إذا علمت كما مر من أنها الآية الوحيدة في مسألة الخمس.
المسألة الثانية: في كيفية قسمة الغنائم.
__________
(1) - أنظر الرواية من طرق الشيعة في: تذكرة الفقهاء ، للعلامة الحلي ، 9 /120 ، منتهى المطلب ، للعلامة الحلي ، 1 /544 ، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، للشهيد الأول ، 3 /116 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4 /283 ، دعائم الإسلام ، للقاضي النعمان المغربي ، 1 /120 ، شرح أصول الكافي ، لمولي محمد صالح المازندراني ، 10 /155 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 2 /532 ، الأمالي ، للطوسي ، 484 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 1 /124 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16 /324 ، 333 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 3/55 ، 13 /187 ، - ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 /2742 ، 4 /3203 ، أحاديث أهل البيت (ع) عن طرق أهل السنة ، لمهدي الحسيني الروحاني ، 1 /13(1/16)
القول الأول: وهو المشهور أن ذلك الخمس يخمس، فسهم لرسول الله، وسهم لذوي قرباه، وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل، وأما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فعند الإمام الشافعي رحمه الله: أنه يقسم على خمسة أسهم، سهم لرسول الله، يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين، كعدة الغزاة من الكراع والسلاح، وسهم لذوي القربى من أغنيائهم وفقرائهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للفرق الثلاثة وهم: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل.
وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله: إن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سهمه ساقط بسبب موته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم، فهو أسوة سائر الفقراء، ولا يعطى أغنياؤهم فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل.
وقال الإمام مالك: الأمر في الخمس مفوض إلى رأي الإمام إن رأى قسمته على هؤلاء فعل، وإن رأى إعطاء بعضهم دون بعض، فله ذلك.
والقول الثاني: وهو قول أبي العالية: إن خمس الغنيمة يقسم على ستة أقسام، فواحد منها لله، وواحد لرسول الله، والثالث لذوي القربى، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل. قالوا: والدليل عليه أنه تعالى جعل خمس الغنيمة لله، ثم للطوائف الخمسة، ثم القائلون بهذا القول منهم من قال: يصرف سهم الله إلى الرسول، ومنهم من قال: يصرف إلى عمارة الكعبة. وقال بعضهم: إنه عليه السلام كان يضرب يده في هذا الخمس، فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة، وهو الذي سمى لله تعالى.(1/17)
والقائلون بالقول الأول أجابوا عنه: بأن قوله: { لِلَّهِ } ليس المقصود منه أثبات نصيب لله. فإن الأشياء كلها ملك لله، وملكه وإنما المقصود منه افتتاح الكلام بذكر الله على سبيل التعظيم، كما في قوله: { قُلِ الانفال لِلَّهِ والرسول } واحتج القفال على صحة هذا القول بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال لهم في غنائم خيبر: مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم. فقوله: مالي إلا الخمس يدل على أن سهم الله وسهم الرسول واحد.
هذا هو الكلام في قسمة خمس الغنيمة، وأما الباقي وهو أربعة أخماس الغنيمة فهي للغانمين.
المسألة الثالة: المقصود بذوي القربى.
فمن قائل أنهم قريش كلها، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما نزلت هذه الآية وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214]. دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد مناف أنقذوا من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبدالمطلب أنقذوا أنفسكم من النار..الحديث.
وقائل: أنهم بنو هاشم. وهو قول مجاهد وعلي بن الحسين، مالك والثوري والاوزاعي وغيرهم.(1/18)
وقائل: هم بنو هاشم وبنو المطلب(1). واحتج بما ما ثبت في البخاري والنسائي عن جبير بن مطعم قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا وعثمان بن عفان فقلنا يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله به منهم أرأيت بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا فإنما نحن وهم منك بمنزلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه. وهذا قول الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور ومجاهد وقتادة وابن جريج ومسلم بن خالد.
وقيل: آل علي، وجعفر، وعقيل، وآل عباس، وولد الحرث بن عبد المطلب، وهو قول أبي حنيفة.
هذا ما كان من شأن ذكر الاستدلال على مشروعية الخمس من الكتاب وبيان موارده ومصارفه.
موارد الخمس ومصارفه من السنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في الرِّكَازِ الْخُمُسُ. أخرجه الشيخان؛ وأصحاب السنن؛ والإمام مالك وأحمد، وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
هذا كل ما ورد في السنة من ذكر موارد الخمس سوى مغانم الحروب.
إذن يكون الكلام في بيان معنى الركاز.
ذكر أهل اللغة ان الركاز: ما ركزه الله أي احدثه في المعادن ودفين أهل الجاهلية وقطع الذهب والفضة من المعدن.
ومشتق من ركز يركز: اذا خفى، ومنه قوله تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أو تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً [مريم: 98]. أي صوتا خفياً.
وذكر بعضهم أن الركاز عند أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق المعادن، والقولان تحتملهما اللغة، لأن كلا منهما مركوز في الأرض اي ثابت.
وقال آخرون: وتسمية المعدن بالركاز إن لم توجد في أصل اللغة، فهي شائعة من طرق المقاييس اللغوية.
__________
(1) - ( المطلب ) هو أخو هاشم ، عم عبد المطلب(1/19)
وفرق البعض ذلك بالقول بأن الركاز دفين الجاهلية.والمعدن دفين أهل الاسلام، وإن المعدن جزء من الأرض من أصل الخلقة، بينما الركاز ليس جزءا من الأرض وإنما هو دفين مودع فيها، بفعل الانسان.
ويرى جمهور العلماء أن الركاز يشمل كل مال ركز ودفن في الأرض، وخصه الشافعي بالذهب والفضة.
وذكروا الفرق بينه و بين اللقطة بالعلامات الدالة عليه من كونها من دفن الجاهلية أو الاسلام.
وخلاصة القول بعد الذكر الموجز للخلاف , أن الركاز لغة: المعدن والمال المدفون كلاهما، وشرعا: هو دفين الجاهلية، وهو ما حققة العلامة الألباني رحمه الله في رسالته احكام الركاز.
والخلاف الآخر في مسألة الركاز هو مصارفه، فحيث ان الحديث لم يحدد ذلك فقد اختلف الفقهاء فيه:
فمذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه ان مصرفه مصرف الزكاة.
ومذهب ابوحنيفة ومالك وأحمد في رواية اخرى عنه والجمهور على ان مصرفه كالفيء.
علة عدم وجود باب للخمس في الكتب الفقهية عند أهل السنة.
إذن فهذا جل ما يُستدل به على مشروعية الخمس، آية واحدة، وحديث واحد صحيح.
والموردين المذكورين فيهما – الغنيمة والركاز – ليس لهما وجود فِعلي في زماننا هذا فضلا عن الأزمنة الغابرة غير القريبة يوم ان إنتفى أسباب وجودهما.(1/20)
لذا تجد أن مصادر أهل السنة في الفقه وما يتعلق به لا تخصص باباً أو كتاباً مستقل في مسألة الخمس. وإنما تجد ذكره عند بيان أحكام الغنائم في إحدى تفريعات أبواب الجهاد أو فيما يتعلق بإحد موارد الزكاة عند الكلام عن أحكام الركاز والمعادن. وهو لا يتجاوز صفحات قليلة. وكذلك كان حال بعض المتقدمين من الشيعة فكتاب الكافي للكليني، وهو أعظم كتب الإمامية والذي صنف في عصر الغيبة الصغرى عندهم، لا تجد فيه كتاباً أو باباً مستقلا في الخمس بل أدرج ما ورد من أخبار الخمس وأحكامه في مواضع متفرقة من الكتاب. وكذلك أغفل بعض قدامى فقهاء الشيعة ذكر سهم الإمام وموارد صرفه كالصدوق وإبن زهرة والحلبي.
بينما تجد عند الشيعة بعد ذلك، أبواب خاصة بالخمس في مصنفاتهم تبلغ مئات الصفحات، إلى أن إنتهى بهم الأمر إلى وضع مصنفات ورسائل مستقله في الباب ككتاب الخمس للأنصاري، وكتاب الخمس للحائري، وكتاب الخمس، للزنجاني، وكتاب كتاب الخمس، لأحمد بن محمد القمي، ورسالة الخمس، للبهبهاني الحائري، ورسالة الخمس، للخوانساري، ورسالة الخمس، لمحمد حسن بن الشيخ باقر صاحب الجواهر، وكتاب الخمس، للكاظمي، ورسالة الخمس، للخاتون آبادي، ورسالة الخمس، للمرعشي الحائري الشهير بالشهرستاني، وكتاب الخمس، لأبي القاسم الدهقان، ورسالة الخمس، للسيد شبر الحويزي، ورسالة الخمس، للأصفهاني، ورسالة الخمس، لمحسن الأردبيلي، وكتاب الخمس، لمحمد بن الحاج الميرزا حسين الطهراني، ورسالة الخمس، للميرزا محمود الشهابي. وغيرها. وكل هذا لا يخفى مقاصده على القاريء اللبيب.
ولنشرع الآن في الكلام في الخُمُس عند الشيعة.
أقوال علماء الشيعة في الخُمُسُ ومشروعيته وذكر موارده.
أولاً: وجوبه:(1/21)
قالوا: أن الخمس حق شرعي في أموال المكلف، بمقدار عشرين في المائة يجب دفعه سنويا وفق تفصيلات معينة.(1)
وأستدلوا على وجوبة بآية الخمس وروايات من طرقهم منها:
عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ما أيسر ما يدخل به العبد النار ؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم.(2)
وعن الصادق عليه السلام: إن الله لا إله إلا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال.(3)
__________
(1) - المصطلحات ، إعداد مركز المعجم الفقهي ، 1046 ، معجم ألفاظ الفقه الجعفري ، للدكتور أحمد فتح الله ، 180
(2) - من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2 /41 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /337 ، 374 ، 12 /182(ه( ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /10 ، 93 /187 ، 191 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /525 ، 578 ، تفسير العياشين للعياشي ، 1 /225 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1 /449
(3) - الخصال ، للصدوق ، 291 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2 /41 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /337 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 93 /199 ، 202 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /524 ، 578 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3 /372 ، تفسير العياشي ، للعياشي ، 2 /64(1/22)
وعن أبي عبد الله عليه السلام إنه قال: إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا.(1)
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا.(2)
__________
(1) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/362(ه( ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/3 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 4/133 ، 139 ، الكافي ، للكليني ، 1/538 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2/378 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 7/388 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/337 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 93/186 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/255 ، 528 ، 588 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 6/138 ، مكيال المكارم ، للميرزا محمد تقي الأصفهاني ، 2/229
(2) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/428 ، رياض المسائل ، للطباطبائي ، 5/269 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/387 ، كتاب الخمس ، للأنصاري 181 ، 280 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2/532 ، 544 ، العروة الوثقى ، لليزدي ، 4/230 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 9/442 ، 556(ش) ، كتاب الخمس ، الأول ، للخوئي 9 ، تعاليق مبسوطة ، لمحمد إسحاق الفياض ، 7/9 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 4/137 ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 7/389(ش) ، العروة الوثقى ، لمحمد صادق الروحاني ، 2/140 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/337(1/23)
وعن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله، اشترى ما لا يحل له.(1)
وعن عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان لله فهو لرسوله، وما كان لرسوله فهو لنا، ثم قال: والله لقد يسر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم، جعلوا لربهم واحدا وأكلوا أربعة أحلاء ثم قال: هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصبر عليه إلا ممتحن قلبه للإيمان.(2)
ثانياًً: ما يجب فيه الخمس:
قالوا: أن الخمس يتعلق بسبعة أنواع من المال وهي:
? الأول - في غنيمة الحرب مع الكفار.
? الثاني - المعدن.
? الثالث - الكنز.
? الرابع - الغوص.
? الخامس - المال المختلط بالحرام.
? السادس - الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم.
__________
(1) - الرسائل التسع ، للحلي ، 313 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/291 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/428 ، رياض المسائل ، لعلي الطباطبائي ، 5/269 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 10/116 ، كتاب الخمس ، الأول ، للخوئي ، 344(ش) ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/76 ، 4/137 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/136 ، 7/133 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/338 ، 376 ، 12/275 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 2/143 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3/373
(2) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/424 ، كتاب الخمس ، للأنصاري 76 ، 181 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2/566 ، مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 3/128 ، الخمس ، للحائري ، 151(ش) ، 201(ش) ، 787(ش) ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/112 ، الفتاوى الميسرة ، للسيستاني 231 ، منهاالصالحين ، لمحمد سعيد الحكيم ، 1/399 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/338 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/564(1/24)
? السابع - أرباح التجارة والمعاملات والصنائع والزراعات. بل جميع الفوائد العائدة للانسان، وإن لم يكن من أرباح التجارة.
فنتعرض هنا للموضوعات السبعة بنحو الإجمال فنقول:
الأول - غنيمة الحرب مع الكفار. (ويسمى خمس الغنيمة)
ويجب في كل ما يغنم من دار الحرب، ما يحويه العسكر، وما لم يحوه، وما يمكن نقله إلى دار الإسلام، وما لا يمكن، من الأموال والذراري والأرضين، والعقارات، والسلاح، والكراع، وغير ذلك مما يصح تملكه، وكان في أيديهم على وجه الإباحة، أو الملك، ولم يكن غصبا لمسلم.
وهم يوافقون أهل السنة في هذا، واستدلوا على ذلك بروايات من طرقهم منها:
عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة.(1)
وهذه الرواية كما ترى نص صريح في حصر الغنائم بالحرب.
وقد أضطرب الشيعة في تأويل هذا الرواية، ونحن ننقل لكم طرفاً من هذا الإضطراب:
قال بعضهم: إنها لا تسقط نهائيا، لان فيها ثلاثة احتمالات:
__________
(1) - المعتبر ، للحلي ، 2/625 ، مختلف الشيعة ، للحلي ، 3/314 ، منتهى المطلب ، لالحلي ، 1/549 ، البيان ، الشهيد الأول 217 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/314(ش) ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/321 ، 351 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/282 ، 334 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 10/12 ، 44 ، 75 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/46 ، الخمس ، الشيخ مرتضى الحائري 19(ش) ، 62(ش) ، 143(ش) ، 173(ش) ، 265(ش) ، 789(ش) ، كتاب الخمس ، الأول ، للخوئي 35(ش) ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 7/375(ش) ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/40 ، الاستبصار ، للطوسي ، 2/56 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/124 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/338 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/529 ، 536 ، 540 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم ، 2/436(1/25)
الأول: ان يكون المراد من الغنائم فيها مطلق الفائدة، لا خصوص غنائم دار الحرب، فعندئذ لا معارضة بينها وبين غيرها من الروايات الدالة على وجوب الخمس في غير غنائم الحرب من الفوائد.
الثاني: أن تكون الصحيحة في مقام بيان ان فريضة الخمس التي فرضها الله تعالى في كتابه العزيز منحصرة بغنائم الحرب دون غيرها من الفوائد كالمعادن، وارباح التجارات، وما شاكل ذلك، فان وجوب الخمس فيها قد ثبت بالسنة والروايات، لا بالكتاب. وان شئت قلت: ان الآية الكريمة ولو بقرينة السياق ظاهرة في أن المراد من الغنيمة فيها هو غنيمة دار الحرب، وعليه فالخمس الذي فرضه الله تعالى بنص القرآن انما هو خمس الغنيمة المزبورة دون مطلق الفائدة، فالصحيحة على أساس انها في مقام بيان ذاك الخمس الموجود في الكتاب وحصره بما عرفناه فلا تدل على نفي ثبوته في غيرها من الفوائد بالسنة وانما تدل على نفي ثبوته بالكتاب فاذن لا تنافي بينها وبين غيرها من الروايات الدالة على وجوبه في مطلق الفائدة.
الثالث: ان الصحيحة تنحل إلى قضيتين:
الأولى: قضية ايجابية - وهي وجوب الخمس في غنائم دار الحرب -
الثانية: قضية سلبية - وهي عدم وجوب الخمس في غيرها من الفوائد...ألخ(1)
وقال آخر: فهذا الخبر الوجه فيه أحد شيئين، أحدهما أن يكون المعنى فيه أنه ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة بظاهر القرآن لان ما عدا الغنائم إنما علم وجوب الخمس فيه في السنة ولم يعن أنه ليس في ذلك خمس أصلا، والوجه الثاني أن تكون هذه المكاسب والفوائد التي تحصل للانسان هي من جملة الغنائم التي ذكرها الله تعالى في القرآن.(2)
__________
(1) - الأراضي ، لمحمد إسحاق الفياض ، 234
(2) - الإستبصار ، للطوسي ، 2/ 56(1/26)
وأكد ذلك في موضع آخر قائلاً: بأن المراد به ليس الخمس بظاهر القرآن إلا في الغنائم خاصة لأن ما عدا الغنائم التي أوجبنا فيها الخمس إنما يثبت ذلك كله بالسنة، ولم يرد عليه السلام انه ليس فيه الخمس على كل حال.(1)
وأضاف آخر: ويمكن إرادة الحصر الإضافي بالنسبة إلى ما يسرق من الكفار أو يأخذ على وجه الغيلة كما سيجئ، بأن يراد من الغنائم هو ما يؤخذ قهرا بالسيف بإذن الإمام.(2)
وقال: ويحتمل أن يكون الحصر فيها بالإضافة إلى الفيء والأنفال، ومحط النظر فيها خصوص ما يصل إلى المسلمين من أموال الكفار، فيكون المراد أن ما يصل إليهم من أموال الكفار لا تخمس إلا الغنائم التي تقسم بين المقاتلين، وأما الفيء الأنفال فكلها للإمام ولا خمس فيها.(3)
نعود إلى ذكر الروايات التي إستدل بها الشيعة على وجوب خمس غنيمة الحرب.
وعن محمد بن أبي عمير أن الخمس على خمسة أشياء: الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة، ونسي ابن أبي عمير الخامسة.(4)
__________
(1) - الإستبصار ، للطوسي ، 4/124 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/ 529
(2) - غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/ 283
(3) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/ 48
(4) - المقنع ، للصدوق ، 171 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/343 ، الخصال ، للصدوق ، 291 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/339 ، 344 ، مستدرك الوسائل ، للطبرسي ، 7/282 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 93/189 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/539(1/27)
وفي الرواية دليل على خروج الباقي من الخمس. ويدل على هذا أيضاً روايتهم عن علي رضي الله عنه أنه قال: وأما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق وأسبابها فقد أعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه: وجه الإمارة، ووجه العمارة، ووجه الإجارة، ووجه التجارة، ووجه الصدقات، فأما وجه الإمارة، فقوله: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين فجعل لله خمس الغنايم، والخمس يخرج من أربعة وجوه من الغنائم التي يصيبها المسلمون من المشركين، ومن المعادن، ومن الكنوز، ومن الغوص.(1)
وقد أدرك القوم ذلك فقالوا: حصر الخمس في هذه الأشياء مبني على دخول الباقي في الغنائم، أو حصر إضافي بالنسبة إلى ما عدا المنصوصات.(2)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/341 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 90/46 ، حاشية المكاسب ، لليزدي ، 1/4 ، كتاب البيع ، للخميني ، 2/657 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 1/102 ، 3 /111 ، نظام الحكم في الإسلام ، للمنتظري 480 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/529
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/ 341(1/28)
وقال آخرون: إن كان المراد بالغنيمة: خصوص غنيمة دار الحرب كان مخالفا لما هو الثابت قطعا بالأخبار الكثيرة من أن الخمس في جميع الفوائد وأن المراد بالغنيمة هو الفائدة يوما بيوم، فلا بد أن يكون المراد منها مطلق الفوائد، أو بالحمل على التقية وصدور روايات العدد على نحو يناسب مذاق فقهاء العامة من حيث ورود الدليل عندهم على تعلق الخمس بالركاز، وإما بالحمل على أن غير الخمسة من سائر الفوائد مورد للتحليل، كما ينبئ عن ذلك غير واحد من الأخبار المتقدمة من كون خمس الأرباح كان موردا للتحليل إلى عصر أبي الحسن الرضا عليه السلام أو إلى عصر أبي الحسن الأول عليه السلام وأن الذي لا بد منه أداء الخمس تلك الخمسة. و الجوابان كلاهما مبنيان على كون المراد بالغنائم غنائم دار الحرب. ويمكن أن يكون المراد بالغنائم الفوائد غير المترقبة التي لا يبنى عليها أساس المعيشة في العرف وأن يكون الاقتصار على الخمسة من حيث التحليل وأن الغنائم بالمعنى المذكور لا يكون موردا للتحليل أصلا ( فهي واجبة عليهم في كل عام ).(1)
عودة إلى الروايات:
وعن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة أشياء: من الغنائم، والغوص، ومن الكنوز، ومن المعادن والملاحة.(2)
__________
(1) - الخمس ، لمرتضى الحائري ، 186(ش)
(2) - الكافي ، للكليني ، 1/539 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/128 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/339 ، 340 ، 358 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/536 ، 564 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 5/13 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني - ج 12/343 ، 371 ، 421(1/29)
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: كل شئ قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن لنا خمسه ولا يحل لأحد أن يشترى من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا.(1)
وعن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون معهم فيصيب غنيمة، قال: يؤدي خمسا ويطيب له.(2)
وعن أبي عبد الله عليه السلام في الغنيمة قال: يخرج منه الخمس ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولى ذلك.(3)
الثاني - المعدن.
وهو كل ما أخرجته المعادن من الذهب، والفضة، والرصاص، والنحاس، والأسرب، والحديد، والزئبق، والياقوت، والزبرجد، والبلخش، والفيروزج، والعقيق، والكحل، والزرنيخ، والملح، والكبريت، والنفط، والقير، والموميا، وكنوز الذهب، والفضة، وغيرهما إذا لم يعرف لها مالك. ويجب إخراج الخمس من المعادن والكنوز على الفور، بعد أخذها، ولا يعتبر مؤون السنة.
وأستدلوا على ذلك بروايات منها:
__________
(1) - المقنعة ، للمفيد ، 280 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 10/15 ، 90 ، 14/215 ، الكافي ، للكليني ، 1/545 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/339 ، 378 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/529 ، 578
(2) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/320(ش) ، مدارك الأحكام ، لمحمد العاملي ، 5/360(ش) ، 418(ش) ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12/422 ، 478 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/124 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/340 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/530 ، 578
(3) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/341 ، 374 ، الخمس ، لمرتضى الحائري ، 19(ش) ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، ج 3/326 ، 495(1/30)
فعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص، فقال: عليها الخمس جميعا.(1)
وعن عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكنز كم فيه ؟ قال: الخمس، وعن المعادن كم فيها ؟ قال: الخمس وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن كم فيها ؟ قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة.(2)
وعن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها ؟ فقال: كل ما كان ركازا ففيه الخمس، وقال: ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفى الخمس.(3)
__________
(1) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/294(ش) ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12/328 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/289 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/40(ه( ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/121 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/342 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/533 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم ، 2/434
(2) - تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 5/410 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/300(ش) ، مدارك الأحكام ، للعاملي ، 5/362(ش) ، الحدائق الناضرةن ليوسف البحراني ، 12/328 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/40 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/121 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/342 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/536 ، 541
(3) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/343 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/101 ، 292 ، مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 3/109 ، 113 ، 114 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 9/461(ش) ، الخمس ، لمرتضى الحائري 42(ش) ، 57(ش) ، 97(ش) ، كتاب الخمس ، للخوئي 52(ش) ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني - ج 7/462(ش)(1/31)
وعن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الملاحة فقال: وما الملاحة؟ فقال: ( فقلت ): أرض سبخة مالحة يجتمع فيه الماء فيصير ( ويصير ) ملحا، فقال: هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: والكبريت والنفط يخرج من الأرض قال: فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس.(1)
وفي الرواية جهل الإمام ببعض المسائل. هذا بالرغم من الرواية التي مرت بك آنفاً وفيها ذكر الإمام للملاحة.
وعن عن محمد بن علي بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة ؟ فقال: إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس.(2)
__________
(1) - مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 9/454(ش) ، الخمس ، لمرتضى الحائري ، 43(ش) ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلاميةن للمنتظري ، 3/59 ، نظام الحكم في الإسلام ، للمنتظري 462 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 7/396 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/343 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/534
(2) - المقنع ، للصدوق ، 172 ، المقنعة ، للمفيد 283 ، المعتبر ، للحلي - ج 2/622 ، 626 ، تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 5/419 ، 427 ، مختلف الشيعة ، للحلي ، 3/320 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/39 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/124 ، 139 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/343 ، 347 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/91 ، 536 ، 542(1/32)
وعن عمار بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس.(1)
ومنها رواية الخمس على خمسة أشياء التي مرت بك.
الثالث - الكنز (الركاز).
وهو المال المذخور تحت الأرض في دار الحرب مطلقا، أو دار الإسلام ولا أثر له للواجد، وعليه الخمس سواء كان الواجد حرا أو عبدا، صغيرا أو كبيرا.
ومن رواياتهم في في هذا، ما عن الحلبي أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الكنز كم فيه ؟ فقال: الخمس.(2)
__________
(1) - غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/309 ، 341 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/71 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 2/104 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/95 ، فقه الصادق (ع)ن لمحمد صادق الروحاني ، 7/353(ش) ، 428(ش) ، 485(ش) ، نظام الحكم في الإسلامن للمنتظري ، 475 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/344 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 93/189(ه)
(2) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12 /328 ، 332 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2 /40 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4 /121 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 7 /412 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /342 ، 345 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /534 ، 540(1/33)
وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز، فقال: ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس.(1)
وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام ( في حديث ) قال: كان لعبد المطلب خمس من السنن أجراها الله له في الاسلام: حرم نساء الآباء على الأبناء، وسن الدية في القتل مأة من الإبل، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس، وسمى زمزم حين حفرها سقاية الحاج.(2)
وعن الحرت بن حصيرة الأزدي قال: وجد رجل ركازا على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أد خمس ما أخذت..الرواية.(3)
الرابع - الغوص.
وهو كل ما يستخرج من البحر، كاللؤلؤ، والمرجان، أو العنبر، وغير ذلك، ويجب فيه الخمس إذا بلغ قيمته دينارا، وإن نقص لم يجب. ولو غاص فأخرج دون النصاب، ثم غاص أخرى فأكمله، فالأقرب وجوب الخمس.
__________
(1) - مسالك الأفهام ، للشهيد الثاني ، 1 /460(ش) ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4 /299(ش) ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12 /332 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16 /26 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 2 /104 ، الخمس ، لمرتضى الحائري 98(ش) ، 101(ش) ، 189(ش) ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 7 /403(ش) ، نظام الحكم في الإسلام ، للمنتظري 463 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /345
(2) - الخمس ، لمرتضى الحائري ، 99(ش) ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20/416 ، 6/346 ، 14/316
(3) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/342 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 9/466(ش) ، الخمس ، لمرتضى الحائري ، 757(ش) ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 7/225 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/346 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/537(1/34)
وأستدلوا على ذلك بروايات منها ما عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر وغوص اللؤلؤ فقال: عليه الخمس.(1)
ومرت بك رواية محمد بن علي بن الحسين قال: سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة ؟ فقال: إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس.
وعن عن الصادق عليه السلام أنه قال: في العنبر الخمس.(2)
والطريف هنا إختلافهم في معنى العنبر وإتفاقهم في وجوب الخمس فيه.
__________
(1) - تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 5 /419 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12 /343 ، الكافي ، للكليني ، 1 /548 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4 /121 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /347 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /541
(2) - المقنعة ، للمفيد ، 283 ، الينابيع الفقهية ، لعلي أصغر مرواريد ، 5/57 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/347 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/541(1/35)
يقول أحدهم: العنبر نبات من البحر. وقال آخر: هو من عين في البحر. وقال ثالث: العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة، فلا يأكله شئ إلا مات، ولا ينقله طائر بمنقاره إلا نصل منقاره، وإذا وضع رجله عليه، نصلت أظفاره ويموت. وقال رابع: هو جماجم تخرج من عين في البحر، أكبرها وزنه ألف مثقال،، وقيل: أنه شئ في البحر يأكله بعض دوابه لدسومته، فيقذفه رجيعا، فيطفو على وجه الماء، فيلقيه الريح إلى الساحل وقال آخر: أنه روث دابة بحرية.(1)
أقول: إن كان الأخير وفيه الخمس فهو مصيبة. وعلى أي حال فقد قالوا: ولا إشكال ولا خلاف في وجوب الخمس فيه.
الخامس - المال المختلط بالحرام. (ويسمى خمس التحليل: وسمي كذلك لأنه يصبح المال حلالا بعد إخراج خمسه).
وهو إذا اختلط مال حرام بحلال حكم فيه بحكم الأغلب فإن كان الغالب حراما احتاط في إخراج الحرام منه، وإن لم يتميز له أخرج منه الخمس وصار الباقي حلالاً وكذلك إن ورث ما لا يعلم أن صاحبه جمعه من جهات محظورة من غصب وربا وغير ذلك ولم يعلم مقداره أخرج منه الخمس واستعمل الباقي.
وأستدلوا على هذا بروايات منها:
__________
(1) - تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 5 /420 ، السرائر ، لابن إدريس الحلي ، 1/485 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/309(ش) ، مدارك الأحكام ، للعاملي ، 5/377(ش) ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/314 ، الينابيع الفقهيةن لمرواريد ، 5 /325 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/ 45 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12/346 ، كتاب الخمسن للأنصاري ، 37 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2/561 ، مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 3/124(1/36)
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا أتي أمير المؤمنين عليه السلام فقال، يا أمير المؤمنين إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه، فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فان الله عز وجل قد رضي من ذلك المال بالخمس واجتنب ما كان صاحبه يعلم.(1)
وعن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام إنه سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل قال: لا إلا أن لا يقدر على شئ يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة، فإن فعل فصار في يده شئ فليبعث بخمسه إلى أهل البيت.(2)
وعن محمد بن علي بن الحسين قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه، أفلي توبة ؟ قال: ايتني بخمسه فأتاه بخمسه، فقال: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه.(3)
__________
(1) - كتاب الخمس ، للأنصاري ، 256 ، مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 3/134 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 2/121 ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 7 /430(ش) ، وسائل الشيعةن للحر العاملين 6/352
(2) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/369 ، 18/263 ، رياض المسائل ، للطباطبائي ، 5/247 ، 8/106 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/324(ه) ، 342 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 10/38 ، 14/198 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6/330 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 17/202 ، 6/353 ، 12/146
(3) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/363 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/339 ، مستند الشيعةن للنراقي ، 10/37 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/43 ، وسائل الشيعةن للحر العاملي ، 6/353 ،جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/544(1/37)
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: إني كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما، وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط علي، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: تصدق بخمس مالك فإن الله قد رضي من الأشياء بالخمس وسائر المال لك حلال.(1)
السادس - الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم. (ويسمى خمس رقبة الأرض).
فإنه يجب على الذمي خمسها، ويؤخذ منه قهراً إن لم يدفعه بالاختيار، ولا فرق بين كونها أرض مزرع أو بستان أو دار أو حمام أو دكان أو خان أو غيرها.
ومن رواياتهم في ذلك ما عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس.(2)
وعن الصادق عليه السلام قال: الذمي إذا اشترى من المسلم الأرض فعليه فيها الخمس.(3)
السابع - أرباح التجارة والمعاملات والصنائع والزراعات. بل جميع الفوائد العائدة للانسان، وإن لم يكن من أرباح التجارة. (ويسمىخمس الأرباح، وخمس التفاوت، خمس الفائدة).
__________
(1) - تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 12/154 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/320(ش) ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/364 ، الكافي ، للكليني ، 5/125 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6/369 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/353 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3/98 ، 9/335
(2) - الخلاف ، للطوسي ، 2/74 ، تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 5/158 ، 422 ، مختلف الشيعة ، للحلي ، 3/317 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/359 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/124 ، 139 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/352 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 2/145
(3) - المقنعة ، للمفيد ، 283 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/360 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/352 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/543(1/38)
وهو ما يفضل عن مؤونة سنته ومؤونة عياله من أرباح التجارات ومن سائر التكسبات من الصناعات والزراعات والإجارات حتى الخياطة والكتابة والتجارة والصيد وحيازة المباحات وأجرة العبادات الاستئجارية من الحج والصوم والصلاة والزيارات وتعليم الأطفال وغير ذلك من الأعمال التي لها أجرة، بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة وإن لم تحصل بالاكتساب كالهبة والهدية والجائزة والمال الموصى به ونحوها. بل حتى الكتاب اذا لم يقرأ.
وأستدلوا على ذلك بروايات منها:
عن محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع ؟ وكيف ذلك ؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤنة.(1)
وعن النيسابوري أنه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مأة كر ما يزكى فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقي في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك ؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شئ ؟ فوقع لي منه: الخمس مما يفضل من مؤنته.(2)
__________
(1) - مختلف الشيعة ، للحلي ، 3/314 ، 316 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/348 ، 423 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/123 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/348 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3/373 ، 13/299
(2) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/16 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/127 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/127 ، 554(1/39)
وعن علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن راشد قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك، فقال لي بعضهم: وأي شئ حقه فلم أدر ما أجيبه ؟ فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت: ففي أي شئ ؟ فقال: في أمتعتهم وصنايعهم (ضياعهم)، قلت: والتاجر عليه والصانع بيده ؟ فقال: إذا أمكنهم بعد مؤنتهم.(1)
وعنه قال: كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني أقرأني على كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤنة، وأنه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤنته نصف السدس ولا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤنة مؤنة الضيعة وخراجها لا مؤنة الرجل وعياله، فكتب: وقرأه علي بن مهزيار عليه الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله وبعد خراج السلطان.(2)
__________
(1) - مختلف الشيعة ، للحلي ، 3/314 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/318 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 2/112 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/348
(2) - مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 3/126 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/123 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/349 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم ، 2/441(1/40)
وعنه أيضاً قال: كتب إليه أبو جعفر عليه السلام: وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة قال: إن الذي أوجبت في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومأتين فقط لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار، وسأفسر لك بعضه إن شاء الله إن موالي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم، فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلت من أمر الخمس في عامي هذا، قال الله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم * ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم * وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملونولم أوجب عليهم ذلك في كل عام ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم، وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول، ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلا في ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي ومنا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم، فأما الغنائم والفوايد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى: واعلموا ا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قديرفالغنايم والفوايد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء، والفائدة يفيدها، والجايزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن، ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله، ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب، وما صار إلى موالي من أموال الخرمية الفسقة فقد علمت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالي، فمن كان عنده شئ من ذلك فليوصله إلى وكيلي، ومن كان نائيا بعيد(1/41)
الشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين، فان نية المؤمن خير من عمله، فأما الذي أوجب من الضياع والغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤنته، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك.(1)
وعن سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير.(2)
وعن بن يزيد قال: كتبت جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة وما حدها ؟ رأيك أبقاك الله أن تمن علي ببيان ذلك لكي لا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي ولا صوم، فكتب: الفائدة مما يفيد إليك في تجارة من ربحها، وحرث بعد الغرام، أو جايزة.(3)
__________
(1) - مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 3/125 ، الخمس ، لمرتضى الحائري ، 449(ش) ، 450(ش) ، الاستبصارن للطوسي ، 2/60 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/349
(2) - الكافي ، للكليني ، 1/545 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/350 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/546 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 9/395 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12/320 ، 350 ، 352 ، 424
(3) - الكافي ، للكليني ، 1/545 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/318 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/350 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/ 555 ، موسوعة الإمام الجواد (ع) ، للحسيني القزويني ، 2/73 ، 431(1/42)
وعن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا، وحرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق إلا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، إنه ليس من شئ عند الله يوم القيامة أعظم من الزنا إنه ليقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا.(1)
وعن الريان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام ما الذي يجب علي يا مولاي في غلة رحى أرض في قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة فكتب: يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله تعالى.(2)
__________
(1) - الاستبصار ، للطوسي ، 2/55 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/351 ، مختلف الشيعة ، للعلامة الحلي ، 3/313 ، 351 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/381(ه) ، الخمس ، لمرتضى الحائري ، 200(ش) ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/70
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/351 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/53 ، الخمس ، لمرتضى الحائري ، 150(ش) ، 758(ش) ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 7/389(ش)(1/43)
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كتبت إليه في الرجل يهدي إليه مولاه والمنقطع إليه هدية تبلغ ألفي درهم أو أقل أو أكثر هل عليه فيها الخمس ؟ فكتب عليه السلام الخمس في ذلك، وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال إنما يبيع منه الشئ بمأة درهم أو خمسين درهما هل عليه الخمس ؟ فكتب أما ما اكل فلا، وأما البيع فنعم هو كسائر الضياع.(1)
ثالثاً: قسمة الخمس:
قالوا يقسم الخمس ستة أقسام، فنصفه - وهو سهم الله وسهم رسوله وسهم ذي القربى - للإمام خاصة، ونصفه للثلاثة، فسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل.
ومن رواياتهم في الباب:
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله عن قول الله عز وجل: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فقال: أما خمس الله عز وجل فللرسول يضعه في سبيل الله، وأما خمس الرسول فلأقاربه وخمس ذوي القربى فهم أقربائه وحدها، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم وأما المساكين وابن السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل.(2)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/351 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/351 ، 425 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 4/324 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/52 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 2/118 ، فقه الصادق (ع) ، للروحاني ، 7/377(ش)
(2) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/125 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/355 ، مدارك الأحكام ، للعاملي ، 5/398(ش) ، كتاب الخمس ، للأنصاري ، 293 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/561 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2/157(1/44)
وعنه في قول الله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل قال: خمس الله للامام، وخمس الرسول للامام، وخمس ذوي القربى لقرابة الرسول الامام، واليتامى يتامى الرسول، والمساكين منهم، وأبناء السبيل منهم، فلا يخرج منهم إلى غيرهم.(1)
وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله عز وجل لنفسه، ثم يقسم الأربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل يعطى كل واحد منهم حقا، وكذلك الإمام أخذ كما أخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.(2)
__________
(1) - مختلف الشيعة ، للحلي ، 3/331 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/370 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/125 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/356 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/561 ، التفسير الأصفى ، للفيض الكاشاني ، 1/439 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 2/304 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2/157
(2) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/128 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/356 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/563 ، 614 ، مختلف الشيعة ، للعلامة الحلي ، 3/326 ، المهذب البارع ، لابن فهد الحلي ، 1/561(ش)(1/45)
وعن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نحن والله الذين عنى الله بذي القربى والذين قرنهم الله بنفسه وبنبيه فقال: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكينمنا خاصة، ولم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم ( الله ) نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس.(1)
وعن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربىقال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والخمس لله وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولنا.(2)
وعن الرضا عليه السلام قال: سئل عن قول الله عز وجل: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى فقيل له: فما كان لله فلمن هو ؟ فقال: لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو للامام الحديث.(3)
__________
(1) - المقنعة ، للمفيد ، 277 ، الكافي ، للكليني ، 1/539 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/357 ، جامع أحاديث الشيعةن للبروجردي ، 8/225 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3/369 ، التفسير الأصفى ، للفيض الكاشاني ، 2/1284 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 2/304 ، 5/156 ، 7/151 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5/278
(2) - الكافي ، للكليني ، 1/539 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/357 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/387 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/560 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3/370 ، 5/13 ، 8/206
(3) - الكافي ، للكليني ، 1/544 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/126 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/357 ، 362 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/562 ، 590 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1/336 ، 2/211 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/371 ، 379(1/46)
وعن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة أشياء: من الغنائم والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة، يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس فيجعل لمن جعله الله له ويقسم الأربعة الأخماس بين من قاتل عليه وولي ذلك، ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم: سهم لله، وسهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، فسهم الله وسهم رسول الله لأولى الأمر من بعد رسول الله وراثة، وله ثلاثة أسهم: سهمان وراثة، وسهم مقسوم له من الله، وله نصف الخمس كملا، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم، وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم، يقسم بينهم على الكتاب والسنة ( الكفاف والسعة ) ( إلى أن قال: ) وإنما جعل الله هذا الخمس لهم خاصة دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيلها من الله لهم لقرابتهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس، فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة، ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين ذكرهم الله فقال: وأنذر عشيرتك الأقربينوهم بنو عبد المطلب أنفسهم الذكر منهم والأنثى، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد، ولا فيهم ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم وقد تحل صدقات الناس لمواليهم وهم والناس سواء ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من ساير قريش فإن الصدقات تحل له وليس له من الخمس شئ، لأن الله يقول: ادعوهم لآبائهم ( إلى أن قال: ) وليس في مال الخمس زكاة لأن فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم، فلم يبق منهم أحد، وجعل للفقراء قرابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وولي الأمر فلم يبق فقير من(1/47)
فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا وقد استغنى فلا فقير، ولذلك لم يكن على مال النبي والولي زكاة، لأنه لم يبق فقير محتاج، ولكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوه، ولهم من تلك الوجوه كما عليهم.(1)
وفي رواية: الخمس من خمسة أشياء ( إلى أن قال: ) فأما الخمس فيقسم على ستة أسهم: سهم لله، وسهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، فالذي لله فلرسول الله، فرسول الله أحق به فهو له خاصة، والذي للرسول هو لذي القربى والحجة في زمانه فالنصف له خاصة والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد عليهم السلام الذين لا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك بالخمس الحديث.(2)
__________
(1) - شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 7/395 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/359 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 1/106 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4/128 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/358 ، الخمس ، لمرتضى الحائري 507(ش) ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/156(1/48)
وعنه أيضا ( في حديث طويل ) قال: وأما الثامنة فقول الله عز وجل: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إلى أن قال: ) فبدء بنفسه ثم برسوله ثم بذي القربى، فكل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه لنفسه فرضيه لهم ( إلى أن قال: ) وأما قوله: واليتامى والمساكين فان اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها ( منها ) نصيب وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من الغنم ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني والفقير لأنه لا أحد أغنى من الله ولا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل لنفسه منها سهما، ولرسوله سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم، وكذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى ( إلى أن قال: ) فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته فقال: إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية، ثم قال: فلما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله ونزه أهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ.(1)
وعن علي عليه السلام قال: الخمس يجرى ( يخرج ) من أربعة وجوه: من الغنائم التي يصيبها المسلمون من المشركين، ومن المعادن، ومن الكنوز، ومن الغوص، ويجري هذا الخمس على ستة أجزاء فيأخذ الإمام منها سهم الله وسهم الرسول وسهم ذي القربى ثم يقسم الثلاثة السهام الباقية بين يتامى آل محمد ومساكينهم وأبناء سبيلهم.(2)
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 2/215 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/360 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2/159 ، 234
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/ 361(1/49)
وعن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى، قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسألته منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل ؟ قال: نعم.(1)
وعن إسحاق، عن رجل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سهم الصفوة، فقال: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة أخماس للمجاهدين والقوام، وخمس يقسم فيه سهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن نقول: هو لنا، والناس يقولون: ليس لكم، وسهم لذي القربى وهو لنا وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وأبناء السبيل يقسمه الإمام بينهم، فان أصابهم درهم درهم لكل فرقة منهم نظر الإمام بعد فجعلها في ذي القربى، قال: يردها إلينا.(2)
رابعاً: مستحق الخمس.
__________
(1) - مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 3/145 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/361
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/362 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/571(1/50)
قالوا: يجب في مستحق الخمس الإنتساب إلى عبد المطلب بن هاشم، وهم الآن أولاد أبي طالب، والعباس، والحارث، وأبي لهب، ولا يعطى غيرهم شيئا. وجوز آخرين كابن الجنيد والمفيد في أحد قوليه إعطاء أولاد المطلب أيضا. وأشترطوا أيضا إنتسابهم إلى عبد المطلب بن هاشم بالأب لا بالأم. وخالفهم المرتضى(1)، وإبن حمزة، والأردبيلي(2)، والبحراني، وغيرهم في هذا وقالوا: من انتسب إلى هاشم بالأمومة استحق الخمس، وحرمت عليه الزكاة. لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( هذان ولداي إمامان قاما أو قعدا ) يشير بذلك إلى الحسن والحسين عليهما السلام، وانتسابهما بالولادة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو بالأم.
ولابأس من ذكر طرفاً من قول وإستدلال هؤلاء على مذهبهم:
الأول الآيات القرآنية التي هو أقوى حجة وأظهر محجة الواردة في باب النكاح وباب الميراث، فإنها متفقة في صدق الولد شرعا على ولد البنت والابن وصدق الأب على الجد منهما، ولذلك ترتبت عليه الأحكام الشرعية في البابين المذكورين، والأحكام الشرعية لا تترتب إلا على المعنى الحقيقي للفظ دون المجازي المستعار الذي قد يعتبر وقد لا يعتبر.
ومن هذه الآيات: قوله عز وجل: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً [النساء: 22]. فإنه لا خلاف في أنه بهذه الآية يحرم على ابن البنت زوجة جده من الأم لكونه أبا له بمقتضى الآية، فهي تدل على أن أب الأم أب حقيقة إذ لولا ذلك لما اقتضت تحريم زوجة جده عليه، فيكون ولدا البنت ولدا حقيقة.
__________
(1) - رسائل المرتضى ، للشريف المرتضى ، 3/ 257
(2) - مجمع الفائدة ، لمحقق الأردبيلي ، 4/ 187 (ش) (حيث قال: وأما اشتراط كونهم منسوبا إلى الهاشم بالأب لا الأم فقط ففيه نظر)(1/51)
ومن ذلك قوله عز وجل في تعداد المحرمات: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً [النساء: 23]. فإنه لا خلاف في أنه بقوله: وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ. يحرم نكاح الرجل لزوجة ابن ابنته لصدق الأبنية عليه المذكورة.
ومنه كذلك قوله: وَبَنَاتُكُمْ. فإنه بهذه الآية حرمت بنت البنت على جدها.(1/52)
ومنه أيضا في تعداد من يحل نظره إلى الزينة قوله سبحانه: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31]. فإنه بقوله عزوجل: أَوْ أَبْنَائِهِنَّ. يحل لابن البنت النظر إلى زينة جدته لأمه بل زوجة جده بقوله أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ.
ومنه في الميراث في حجب الزوجين عن السهم الأعلى وحجب الأبوين عن ما زاد على السدس قوله عز وجل: ..فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ....فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ.... [النساء: 12]. وقوله عزوجل: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ...[النساء: 11]. فإن الولد في جميع هذه المواضع شامل باطلاقه لولد البنت، والأحكام المذكورة مرتبة عليه بلا خلاف كما ترتبت على ولد الصلب بلا واسطة.
ومن الظاهر البين أنه لولا صدق الاطلاق حقيقة لما جاز ترتب الأحكام الشرعية المذكورة في جملة هذه الآيات ونحوها عليه.
ومن الروايات في الباب:(1/53)
عن أبي الجارود قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين عليهما السلام ؟ قلت ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال فأي شئ احتججتم عليهم ؟ قلت احتججنا عليهم بقول الله عز وجل في عيسى بن مريم عليه السلام: ..وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ [الأنعام: 84-85]. فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح عليه السلام. قال عليه السلام: فأي شئ قالوا لكم ؟ قلت قالوا قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب. قال: فأي شئ احتججتم عليهم ؟ قلت احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: ..تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ.. [آل عمران: 61]قال فأي شئ قالوا ؟ قلت قالوا قد يكون في كلام العرب أبناء رجل وآخر يقول: أبناؤنا. قال فقال أبو جعفر عليه السلام يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله عز وجل أنهما من صلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يردها إلا كافر. قلت: وأين ذلك جعلت فداك ؟ قال من حيث قال الله عز وجل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ..[النساء: 23].. الآية إلى أن انتهى إلى قوله تعالى: حَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْفسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكاح حليلتيهما ؟ فإن قالوا نعم كذبوا وفجروا وإن قالوا لا فهما ابناه لصلبه ".(1/54)
(1)فقالوا: في الخبر كما ترى دلالة واضحة على أن اطلاق الولد في الآيات المتقدمة على ابن البنت على جهة الحقيقة وأنه ولد للصلب حقيقة وإن كان بواسطة لا فرق بينه وبين الولد للصلب الذي هو متفق عليه بينهم.
وعن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: لو لم تحرم على الناس أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقول الله عز وجل: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب: 53]. حرمن على الحسن والحسين عليهما السلام لقوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء. ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده، والتقريب فيها ما تقدم عند ذكر الآية المشار إليها.(2)
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/399 ، 22/244 ، جواهر الكلامن للجواهري ، 16/94 ، الكافين للكليني ، 8/318 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/232 ، 233 ،تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1 /461 ، 742
(2) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/400 ، 23/103 ، غنائم الأيامن للميرزا القمي ، 4/364 ، الكافين للكليني ، 5/420 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1/460(1/55)
ومنها في حديث طويل عن الكاظم عليه السلام يتضمن ذكر ما جرى بينه وبين الخليفة هارون الرشيد لما أدخل عليه، وموضع الحاجة منه أنه قال له الرشيد: لم جوزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون لكم يا بني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنتم بنو على وإنما ينسب المرء إلى أبيه وفاطمة إنما هي وعاء والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جدكم من قبل أمكم ؟ فقال يا أمير المؤمنين لو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه ؟ فقال سبحان الله ولم لا أجيبه بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك. فقال لكنه لا يخطب إلى ولا أزوجه. فقال ولم ؟ فقلت لأنه ولدني ولم يلدك. فقال أحسنت يا موسى ثم قال كيف قلتم إنا ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والنبي لم يعقب وإنما العقب للذكر لا للأنثى وأنتم ولد لابنته ولا يكون لها عقب ؟.. ثم ساق الخبر فذكر الآيات السابقة.(1)
ولو كانت البنوة في هذه المواضع إنما هي على جهة المجاز فكيف تصلح هذه الآيات للاستدلال ؟ وكيف يسلم الخصم تلك الدعوى ؟ بل كيف يعترض الرشيد وغيره عليهم بتسمية الناس لهم أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجازا وباب المجاز واسع.
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/400 ، 22/247 ، عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 2/80 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48/127 ، 93/240 ، كتاب الأربعين ، للماحوزي ، 308 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 2/8 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، للحاج حسين الشاكري ، 11/170(1/56)
ومنها عن بعض أصحابنا قال: حضرت أبا الحسن الأول عليه السلام وهارون الخليفة وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى بالمدينة وقد جاءوا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال هارون لأبي الحسن عليه السلام تقدم فأبى فتقدم هارون فسلم وقام ناحية فقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن عليه السلام تقدم فأبى فتقدم عيسى فسلم ووقف مع هارون فقال جعفر لأبي الحسن عليه السلام تقدم فأبى فتقدم جعفر فسلم ووقف مع هارون فتقدم أبو الحسن عليه السلام وقال السلام عليك يا أبه أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى بك أن يصلي عليك. فقال هارون لعيسى سمعت ما قال ؟ قال: نعم. فقال هارون أشهد أنه أبوه حقاً.(1)فأنظر أيدك الله إلى شهادة هارون بأبوته صلى الله عليه وآله وسلم له عليه السلام حقا وأي مجال للحمل على المجاز في ذلك ؟
ومنها عن عائذ الأحمسي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن صلاة الليل فقلت السلام عليك يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: وعليك السلام أي والله إنا لولده وما نحن بذوي قرابته.. الحديث.(2)
أقول: أنظر إلى صراحة كلامه عليه السلام في المطلوب والمراد وقسمه على ذلك برب العباد وأنه ليس انتسابهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم بمجرد القرابة كما يدعيه ذوو العناد والفساد ومن تبعهم من أصحابنا ممن حاد في المسألة عن طريق السداد حيث حملوا لفظ الأبنية في حقهم عليه السلام على المجاز وهي ظاهرة بل صريحة كما ترى في إرادة البنوة الحقيقية لا مسرح للعدول عنها والجواز.
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 12/404 ، 17/425 ، 22/249 ، الكافي ، للكليني ، 4/553 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6/7 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 10/268 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97/155 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 12/247
(2) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 6/36 ، 12/404 ، الكافي ، للكليني ، 3/487(1/57)
ومجمل القول في هذه الأخبار ونحوها أنها قد دلت على دعواهم عليهم السلام البنوة له صلى الله عليه وآله وسلم وافتخارهم بذلك وأن المخالفين أنكروها عليهم، وهم عليهم السلام قد استدلوا على اثباتها بالآيات القرآنية كما مرت، ولولا أن المراد بالنبوة الحقيقية لما كان لما ذكر من هذه الأمور وجه، لأن المجاز لا يوجب الافتخار ولا يصلح أن يكون محلاً للمخاصمة والجدال وطلب الأدلة وإيراد الآيات دليلا عليه بل هذه الأشياء إنما تترتب على المعنى الحقيقي.(1/58)
ويقول البحراني: وممن اختار هذا القول أيضا المحدث الفاضل السيد نعمة الله الجزائري في شرح قوله صلى الله عليه وآله وسلم إن إبني هذا سيد، حيث قال: وفي قوله ابني هذا نص على أن ولد البنت ابن علي الحقيقة والأخبار به مستفيضة، وذكر الرضا عليه السلام في مقام المفاخرة مع المأمون أن ابنته عليه السلام تحرم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بآية حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكموإليه ذهب السيد المرتضى ( طاب ثراه ) وجماعة من أهل الحديث، وهو الأرجح والظاهر من الأخبار، فيكون من أمه علوية سيدا يجري عليه ما يكون للعلويين. وإن وجد ما يعارض الأخبار الدالة على ما ذكرناه فسبيله إما الحمل على التقية أو التأويل كما فصلنا الكلام فيه في شرحنا على التهذيب والاستبصار. وممن صرح بهذه المقالة أيضا المحدث الصالح شيخنا الشيخ عبد الله بن صالح البحراني حيث قال في جواب سؤال عن هذه المسألة فأجاب بما ملخصه: إنه قد تحقق عندي وثبت لدي بأدلة قطعية عليها المدار والمعتمد من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وكفى بهما حجة مع اعتضادهما بالدليل العقلي أن أولاد البنات أولاد لأبي البنت حقيقة لا مجازا خلافاً للأكثر من علمائنا ووفاقاً للسيد المرتضى وأتباعه وهم جماعة من المتأخرين كما حققته في شرح كتاب من لا يحضره الفقيه مبسوطا منقحا بحيث لا يختلجني فيه الرين ولا يتطرق إلى فيه المين، ولكن حيث طلبت بيان الدليل فلنشر الآن إلى شئ قليل.. ثم ذكر آية عيسى عليه السلام وأنه من ذرية نوح عليه السلام وذكر آية وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ إلى أن قال: ويدل عليه ما رواه الكليني في الكافي في صحيح محمد بن مسلم.. ثم ساق الرواية كما قدمناه ثم قال: فقد وضح من هذا أن الجد من الأم أب حقيقة لا مجازا..(1/59)
ثم ذكر آيتي يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ [الطارق: 7] وقوله إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً [الإنسان: 2] وعضدهما بالأخبار التي أشرنا إليها آنفا، ثم أضاف إلى ذلك أنه لو اختص الولد بنطفة الرجل لم يكن العقر من جانب المرأة وإنما يكون من جانب الرجل خاصة مع أنه ليس كذلك. ثم قال: وأما السنة فالأخبار فيها أكثر من أن تحصى، ومنها ما سبق، ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ما تواتر عندنا للحسنين عليهما السلام ابناي هذان إمامان قاما أو قعداوقوله للحسين عليه السلام ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام وبالجملة فتسميتهما عليهما السلام ابنين وكونهما وجميع أولادهما التسعة المعصومين عليهم السلام يسمونه صلى الله عليه وآله وسلم أبا وخطاب الأمة إياهم بذلك من غير أن ينكر أمر متواتر، حتى أنه قد روى الكليني في الكافي والصدوق في الفقيه باسناديهما الصحيح عن عائذ الأحمسي.. ثم ساق الرواية كما قدمنا بزيادة ثلاث مرات بعد قوله والله إنا لولده وما نحن بذوي قرابته قال: ولا وجه لتقرير السائل على ما فعله وقسمه عليه السلام بالاسم الكريم وتكرير ذلك ثلاثاً للتأكيد لأنه في مقام الانكار، ونفيه انتسابهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم من جهة القرابة بل من جهة الولادة دليل واضح وبرهان لائح على أنهم أولاد حقيقة وليس كونهم أولاده إلا من جهة أمهم لا من أبيهم، فما ادعاه الأكثر من علمائنا - من أن تسميته صلى الله عليه وآله وسلم إياهم أولادا وتسميتهم عليهم السلام إياه صلى الله عليه وآله وسلم أبا مجاز - لا حقيقة له بعد ذلك.(1/60)
وقولهم - إن الاطلاق أعم من الحقيقة والمجاز - كلام شعري لا يلتفت إليه ولا يعول عليه بعد ثبوت ذلك، ولو كان الأمر كما ذكروه لما جاز لأئمتنا عليهم السلام الرضا بذلك إذا خاطبهم من لا يعرف كون هذا الاطلاق حقيقة ولا مجازا لأن فيه اغراء بما لا يجوز، مع أنه لا يجوز لأحد أن ينتسب لغير نسبه أو يتبرأ من نسب وإن دق فكيف بعد القسم والتأكيد ودفع ما عساه أن يتوهم.
وعلى هذا فقد تبين لك الجواب وأن من كانت أمه علوية أو أم أبيه أو أم أمه أو أم أم أبيه فقط أو أم أم أمه فصاعدا وأبوه من سائر الناس أنه علوي حقيقة وفاطمي إن كان منسوبا إلى جده أو جدته أبا أو أما إلى فاطمة بغير شك، ويترتب عليه كل ما يترتب على السيادة من جواز الانتساب إليهم عليه السلام والافتخار بهم بل لا يجوز اخفاؤه والتبري منه لما عرفت، وعلى هذا فيجوز النسبة في اللباس غير ذلك.
نعم عندي توقف في استحقاق الخمس لحديث رواه الكليني في الكافي وإن كان خبرا واحدا ضعيف الاسناد محتملا للتقية وأن الترجيح لعدم العمل به للأدلة الصحيحة الصريحة المتواترة الموافقة للقرآن المخالفة للعامة، إلا أن التنزه عن أخذ الخمس أولى خصوصا عند عدم الضرورة والعلم عند الله. انتهى.(1/61)
وقال البحراني معلقاًً: ما ذكره ( قدس سره ) جيد إلا أن توقفه أخيراً في جواز أخذ الخمس للرواية المشار إليها وهي مرسلة حماد المتقدمة لا وجه له. نعم لو كانت الرواية قد منعت من الخمس بقول مجمل من غير ذكر هذه العلة لربما أمكن احتمال ما ذكره، ولكن مع وجود العلة وظهور بطلانها بما ذكر من الأدلة يبطل ما ترتب عليها. على أن هذا الكلام خلاف العهود من طريقته في غير مقام بل طريقة جملة العلماء الأعلام، فإنه متى ترجح أحد الدليلين ولا سيما بمثل هاتين القاعدتين المنصوصتين فإنهم يرمون بالدليل المرجوح ويطرحونه كما صرحت به النصوص من أن ما خالف القرآن يضرب به عرض الحائط وما وافق العامة يرمى به وليت شعري أي حكم من الأحكام سلم من اختلاف الأخبار ؟ مع أنهم في مقام الترجيح لأحد الخبرين يفتون به ويرمون الآخر، ولا سيما ما نحن فيه لما عرفت من الأدلة الظاهرة والبراهين الباهرة كتابا وسنة المعتضدة بمخالفة العامة.
وبالجملة فكلامه وتوقفه لا أعرف له وجها، وكأنه تبع في ذلك شيخه العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني فإنه كان يرجح مذهب السيد المرتضى في هذه المسألة ولكن يمنع المنتسب بالأم من الخمس والزكاة احتياطا، والظاهر أنه جرى على ما جرى عليه. وظاهر صاحب المدارك أيضا التوقف في أصل المسألة وكذا ظاهر المولى الفاضل الخراساني في الذخيرة، ولعمري إن من سرح بريد نظره في ما ذكرناه وأرسل رائد فكره في ما سطرناه لا يخفى عليه صحة ما اخترناه ولا رجحان ما رجحناه وأن خلاف من خالف في هذه المسألة أو توقف من توقف إنما نشأ عن عدم اعطاء التأمل حقه في أدلة المسألة والتدبر فيها، ولم أقف على من أحاط بما ذكرناه من الأدلة والأخبار الواردة في هذا المضمار. وبالجملة فالحكم عندي فيها أوضح واضح والصبح فاضح.(1)
والكلام في الباب يطول.
خامساً: حكم الخمس في زمن الغيبة.
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12/ 412(1/62)
كل ما مر بك فهو في حال ظهور الإمام. فأما الآن وفي حال غيبة الثاني عشر، فقد أضطربت أقوال علماء الشيعة إضطراباً كبيراً لا يكاد يضبط. ولعل أول وأفضل من تطرق إلى هذه المسألة بإسهاب هو العلامة يوسف البحراني حيث قال أن هذه المسألة من أمهات المسائل ومعضلات المشاكل وقد اضطربت فيها أفهام الأعلام وزلت فيها أقدام الأقلام ودحضت فيها حجج أقوام واتسعت فيها دائرة النقض والابرام، والسبب في ذلك كله اختلاف الأخبار وتصادم الآثار الواردة عن السادة الأطهار. ثم بسط القول في المسألة قائلاً: المسألة يقتضي بسطه في مقامات ثلاثة:
المقام الأول - في نقل الأخبار المتعلقة بالمسألة وهي على أربعة أقسام:
القسم الأول: ما يدل على وجوب اخراج الخمس مطلقا في غيبة الإمام عليه السلام أو حضوره من أي نوع كان من أنواع الخمس.
ومن الأدلة على ذلك الآية الشريفة وهي قوله عز وجل: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى...الآية وقد عرفت من ما قدمناه في أول الكتاب دلالة جملة من الأخبار على أن المراد بالغنيمة في الآية ما هو أعم من غنيمة دار الحرب، وبه صرح أصحابنا رضوان الله عليهم إلا الشاذ.(1)
ومنها...فذكر أكثر الروايات التي مرت بك.
القسم الثاني: في ما يدل على الوجوب والتشديد في اخراجه وعدم الإباحة.
وهذا القسم وإن اشترك مع القسم الأول في الدلالة على وجوب الاخراج إلا أنه ينفرد عنه بالدلالة على تأكد الوجوب وعدم القبول للتقييد بأخبار الإباحة الآتية إن شاء الله تعالى في القسم الثالث.
ومن ذلك ما صرح به الرضا عليه السلام في كتاب الفقه الرضوي حيث قال: عليه السلام: إعلم يرحمك الله أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
__________
(1) - ويقصد بالشاذ: المحقق الأردبيلي ، و صاحبي المدارك والذخيرة.(1/63)
وأروى عن العالم عليه السلام أنه قال: ركز جبرئيل عليه السلام برجله حتى جرت خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات ودجلة والنيل ونهر مهران ونهر بلخ فما سقت وسقي منها فللإمام عليه السلام والبحر المطيف بالدنيا. وروي أن الله عز وجل جعل مهر فاطمة عليه السلام خمس الدنيا فما كان لها صار لولدها عليهم السلام. وقيل للعالم عليه السلام ما أيسر ما يدخل به العبد النار ؟ قال إن يأكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم. وقال جل وعلا: " وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى.. إلى آخر الآية فتطول علينا بذلك امتنانا منه ورحمة إذ كان المالك للنفوس والأموال وسائر الأشياء الملك الحقيقي وكان ما في أيدي الناس عواري وأنهم مالكون مجازا لا حقيقة له.(1/64)
وكل ما أفاده الناس فهو غنيمة لا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص ومال الفئ الذي لم يختلف فيه وهو ما ادعى فيه الرخصة وهو ربح التجارة وغلة الضيعة وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والمواريث وغيرها، لأن الجميع غنيمة وفائدة ومن رزق الله عز وجل، فإنه روي أن الخمس على الخياط من أبرته والصانع من صناعته، فعلى كل من غنم من هذه الوجوه مالا فعليه الخمس فإن أخرجه فقد أدى حق الله عليه وتعرض للمزيد وحل له الباقي من ماله وطاب وكان الله أقدر على إنجاز ما وعده العباد من المزيد والتطهير من البخل على أن يغني نفسه من ما في يديه من الحرام الذي بخل فيه بل قد خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، فاتقوا الله وأخرجوا حق الله من ما في أيديكم يبارك الله لكم في باقيه ويزكو فإن الله عز وجل الغني ونحن الفقراء وقد قال اللهلن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم فلا تدعو التقرب إلى الله عز وجل بالقليل والكثير على حسب الامكان وبادروا بذلك الحوادث واحذروا عواقب التسويف فيها فإنما هلك من الأمم السالفة بذلك وبالله الاعتصام. انتهى كلامه عليه السلام.
ومنها عن محمد بن زيد الطبري قال: كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الإذن في الخمس فكتب عليه السلام بسم الله الرحمان الرحيم إن الله واسع كريم ضمن على العمل الثواب وعلى الخلاف العقاب لا يحل مال إلا من وجه أحله الله، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نبذل ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه فإن اخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم.. الحديث.(1/65)
ومنها أن قوم من خراسان قدموا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس فقال ما أمحل هذا تمحضونا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس لا نجعل أحدا منكم في حل.
ومنها ما ورد على العمري في جواب مسائل محمد بن جعفر الأسديوأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه، فقد قال النبي صلى الله وعليه وآله المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب، فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه لقول الله عز وجل: ألا لعنة الله على الظالمين ".
وعن إبراهيم بن هاشم قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل فإني أنفقتها. فقال له أنت في حل. فلما خرج صالح قال أبو جعفر عليه السلام أحدهم يثب على أموال آل محمد صلى الله وعليه وآله وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ثم يجئ فيقول اجعلني في حل، أتراه ظن إني أقول لا أفعل، والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا.
وعن أبي بصيرقال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ما أيسر ما يدخل به العبد النار ؟ قال من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم.
وعن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قالإني لآخذ من أحدكم الدرهم وأني لمن أكثر أهل المدنية مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا.
وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله، اشترى ما لا يحل له.
وعن أبي بصير أيضاً عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا.(1/66)
وعن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر عليه السلام وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة..وقد تقدمت الرواية بتمامها. وموضع الاستدلال منها قوله عليه السلام الذي أوجبت في سنتي هذه.. إلى أن قال: إن موالي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا في ما يجب عليهم فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس.. ثم أورد الآيات المتقدمة.. إلى أن قال: فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام.. إلى أن قال: فمن كان عنده شئ من ذلك فليوصل إلى وكيلي ومن كان نائيا بعيد الشقة فليعمد لايصاله ولو بعد حين فإن نية المؤمن خير من عمله.
القسم الثالث: في ما يدل على التحليل والإباحة مطلقا.
وهي أخبار مستفيضة متكاثرة:
منها عن حكيم مؤذن بني عبس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ؟ فقال عليه السلام: هي والله الإفادة يوما بيوم إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا.
وعن الحارث النصري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له إن لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمت أن لك فيها حقا ؟ قال فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم، وكل من والى آبائي فهو في حل من ما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب.
وعن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال جعلت فداك يقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعرف أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم "
وعن أبي بصير وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا، ألا وإن شيعتنا من ذلك وآباءهم في حل. ورواه الصدوق في كتاب العلل وفيه وأبناءهم عوض وآباءهم ولعله الأصح.(1/67)
وعن علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب لأبي جعفر عليه السلام من رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس فكتب بخطه: من أعوزه شئ من حقي فهو في حل. وظاهره أخص من ما ذكر من هذه الأخبار.
وعن الثمالي قال: سمعته يقول: من أحللنا له شيئا أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال وما حرمناه من ذلك فهو حراموظاهره أعم من الخمس ولكنه أخص بالنسبة إلى الخمس من المدعى لاختصاص التحليل بمن حللوه لا مطلقا.
وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس - يعني الشيعة - لتطيب مواليدهم ".
وعن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل وأنا حاضر: حلل لي الفروج ففزع أبو عبد الله عليه السلام فقال له رجل ليس يسألك أن يعترض الطريق إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة وشيئا أعطيه. فقال هذا لشيعتنا حلال، الشاهد منهم والغائب، والميت منهم والحي، وما يولد منهم إلى يوم القيامة، فهو لهم حلال، أما والله لا يحل إلا لمن أحللنا له، ولا والله ما أعطينا أحدا ذمة وما عندنا لأحد عهد ولا لأحد عندنا ميثاق.
وعن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قال: إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول يا رب خمسي. وقد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم وليزكوا أولادهم.(1/68)
وعن عمر بن أذينة قال: رأيت أبا سيار مسمع بن عبد الملك بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد الله عليه السلام مالا في تلك السنة فرده عليه فقلت له لم رد عليك أبو عبد الله عليه السلام المال الذي حملته إليه ؟ فقال إني قلت له حين حملت إليه المال إني كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك أو أعرض لها وهي حقك الذي جعله الله لك في أموالنا ؟ فقال وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس ؟ يا أبا سيار الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا. قال قلت له أنا أحمل إليك المال كله. فقال لي يا أبا سيار قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون ويحل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا.. الحديث وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في القسم الرابع.
وعن الحارث بن المغيرة النصري قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فجلست عنده فإذا نجية قد استأذن عليه فأذن له فدخل فجثى على ركبتيه ثم قال جعلت فداك أريد أن أسألك عن مسألة والله ما أريد بها إلا فكاك رقبتي من النار. فكأنه رق له فاستوى جالسا فقال يا نجية سلني فلا تسألني اليوم عن شئ إلا أخبرتك به. قال جعلت فداك ما تقول في فلان وفلان ؟ قال يا نجية إن لنا الخمس في كتاب الله ولنا الأنفال ولنا صفو المال وهما والله أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله وأول من حمل الناس على رقابنا،، ودماؤنا في أعناقهما إلى يوم القيامة، وإن الناس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيامة بظلمنا أهل البيت. فقال نجية إنا لله وإنا إليه راجعونثلاث مراتهلكنا ورب الكعبة. قال فرفع فخذه عن الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شيئا إلا أنا سمعناه في آخر دعائه وهو يقول: اللهم إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا.(1/69)
وعن محمد بن عصام الكليني قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد ابن عثمان العمري أن يوصل إلى كتابا قد سألت فيه مسائل أشكلت على فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلامأما ما سألت عنه.. إلى أن قال: وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأكله فإنما يأكل النيران، وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وقد جعلوا منه في حل إلى وقت ظهورنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث.
وعن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: إن الله جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفئ.. إلى أن قال: فنحن أصحاب الخمس والفئ وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.. الحديث.
وعن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام أتدري من أين دخل على الناس الزنى ؟ فقلت لا أدري. فقال من قبل خمسنا أهل البيت إلا لشيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم ولميلادهم.(1/70)
وعن عبد العزيز بن نافع قال: طلبنا الإذن على أبي عبد الله عليه السلام وأرسلنا إليه فأرسل إلينا أدخلوا اثنين اثنين فدخلت أنا ورجل معي، فقلت للرجل أحب أن تستأذنه بالمسألة فقال نعم فقال له جعلت فداك إن أبي كان ممن سباه بنو أمية وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا ولم يكن لهم من ما في أيديهم قليل ولا كثير وإنما ذلك لكم فإذا ذكرت الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد على عقلي ما أنا فيه ؟ فقال له أنت في حل من ما كان من ذلك وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك. قال فقمنا وخرجنا فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد الله عليه السلام فقال لهم عبد العزيز بن نافع بشئ ما ظفر بمثله أحد قط. فقيل له وما ذاك ؟ ففسره لهم فقام اثنان فدخلا على أبي عبد الله عليه السلام فقال أحدهما جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني أمية وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير وأنا أحب أن تجعلني من ذلك في حل فقال وذلك إلينا ؟ ما ذلك إلينا ما لنا أن نحل ولا أن نحرم. فحرج الرجلان وغضب أبو عبد الله عليه السلام فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله عليه السلام فقال ألا تعجبون من فلان يجيني فيستحلني من ما صنعت بنو أمية كأنه يرى أن ذلك إلينا. ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل ولا كثير إلا الأولين فإنهما عنيا بحاجتهما.
وعن داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك.(1/71)
وعن علباء الأسدي قال: وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا فأنفقت واشتريت ضياعا كثيرة واشتريت رقيقا وأمهات أولاد وولد لي ثم خرجت إلى مكة فحملت عيالي وأمهات أولادي ونسائي وحملت خمس ذلك المال فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له إني وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا واشتريت متاعا واشتريت رقيقا واشتريت أمهات أولاد وولد لي وأنفقت وهذا خمس ذلك المال وهؤلاء أمهات أولادي ونسائي قد أتيتك به. فقال أما إنه كله لنا وقد قبلت ما جئت حللتك من أمهات أولادك ونسائك وما أنفقت وضمنت لك علي وعلى أبي الجنة.
وعن الفضيل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة عليها السلام أحلى نصيبك من الفئ لآباء شيعتنا ليطيبوا. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام إنا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا. وما رواه فيه أيضا عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: موسع على شيعتنا أن ينفقوا من ما في أيديهم بالمعروف فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتوه به يستعين به، ورواه في الكافي بزيادة يستعين به على عدوه "
وما رواه الإمام العسكري عليه السلام في تفسيره عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لرسول الله صلى الله وعليه وآله قد علمت يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سيكون بعدك ملك عضوض وجبر فيستولي على خمسي من السبي والغنائم ويبيعونه ولا يحل لمشتريه لأن نصيبي فيه، وقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيئا من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم من مأكل ومشرب ولتطيب مواليدهم ولا يكون أولادهم أولاد حرام. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما تصدق أحد أفضل من صدقتك، وقد تبعك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فعلك أحل للشيعة كل ما كان فيه من غنيمة أو بيع من نصيبه على واحد من شيعتي ولا أحلها أنا ولا أنت لغيرهم.(1/72)
القسم الرابع: في ما دل على أن الأرض وما خرج منها كله للإمام عليه السلام.
ومنها ما رواه في الكافي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة فما كان لآدم فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو للأئمة عليهم السلام من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وعن يونس بن ظبيان أو المعلي بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما لكم من هذه الأرض ؟ فتبسم ثم قال إن الله تعالى بعث جبرئيل وأمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض: منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات، فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه شئ إلا ما غصب عليه، وإن ولينا لفي أوسع في ما بين ذه إلى ذه يعني ما بين السماء والأرض. ثم تلا هذه الآية: قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [الأعراف: 32] بلا غصب.
وعن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا، فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها، فإن تركها أو أخر بها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم عليه السلام من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم.(1/73)
وعن مسمع بن عبد الملك في حديث قال فيه إن الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا. إلى أن قال فيه زيادة على ما تقدم: حتى يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم، وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخد الأرض من أيديهم ويخرجهم عنها صغرة قال في الكافي قال عمر بن يزيد: فقال لي أبو سيار ما أرى أحدا من أصحاب الضياع ولا ممن يلي الأعمال يأكل حلالا غيري إلا من طيبوا له ذلك.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جبرئيل عليه السلام كرى برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات ودجلة ونيل مصر ومهران ونهر بلخ، فما سقت أو سقي منها فللإمام، والبحر المطيف بالدنيا وزاد في الفقيه وهو افسيكون.
وعن محمد بن الريان قال: كتبت إلى العسكري عليه السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الدنيا إلا خمس ؟ فجاء الجواب أن الدنيا وما عليها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعن من رواه قال: الدنيا وما فيها لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولنا، فمن غلب على شئ منها فليتق الله وليؤد حق الله وليبر إخوانه فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن برآء منه.
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له أما على الإمام زكاة ؟ فقال أحلت يا أبا محمد أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله، إن الإمام يا أبا محمد لا يبيت ليلة أبدا ولله في عنقه حق يسأله عنه.(1/74)
وعن علي عن السندي بن الربيع قال: لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا وكان لا يغب اتيانه ثم انقطع عنه وخالفه، وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام وقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة في شئ من الإمامة: قال بن أبي عمير: الدنيا كلها للإمام على جهة الملك وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم. وقال أبو مالك ليس كذلك أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للإمام من الفئ والخمس والمغنم فذلك له، وذلك أيضا قد بين الله للإمام أين يضعه وكيف يصنع به. فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا إليه فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك.
قال في الوافي بعد نقل الخبر: لعل هشاماًَ استعمل التقية في هذه الفتوى. والظاهر أنه كذلك لما عرفت من الأخبار المذكورة لأن عدم اطلاع هشام عليها بعيد جدا فالحمل على ما ذكره جيد، ومنها ما تقدم في أول أخبار القسم الثاني من كتاب الفقه الرضوي ويؤيد ذلك أيضا ما تقدم من حديث أبي خالد الكابلي عنه عليه السلام قال: إن رأيت صاحب هذا الأمر يعطي كل ما في بيت المال رجلا واحدا فلا يدخلن في قلبك شئ فإنه إنما يعمل بأمر الله.
المقام الثاني: في بيان المذاهب في هذه المسألة واختلاف الأصحاب فيها على أقوال متشعبة:(1/75)
أحدها - عزله والوصية به من ثقة إلى آخر إلى وقت ظهوره عليه السلام وإلى هذا القول ذهب شيخنا المفيد في المقنعة حيث قال: قد اختلف أصحابنا في حديث الخمس عند الغيبة وذهب كل فريق منهم فيه إلى مقال: فمنهم من يسقط فرض اخراجه لغيبة الإمام بما تقدم من الرخص فيه من الأخبار، وبعضهم يذهب إلى كنزه ويتأول خبرا ورد أن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام وأنه عليه السلام إذا قام دله الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب، وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر فإن خشي ادراك الموت قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته حتى يسلم إلى الإمام عليه السلام ثم إن أدرك قيامه وإلا وصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة، ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان عليه السلام قال: وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدمه، لأن الخمس حق وجب لصاحبه لم يرسم فيه قبل غيبته حتى يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه والتمكن من إيصاله إليه أو وجود من انتقل بالحق إليه، ويجري ذلك مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند عدم ذلك سقوطها ولا يحل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك ويجب حفظها بالنفس أو الوصية إلى من يقوم بايصالها إلى مستحقها من أهل الزكاة من الأصناف، وإن ذهب ذاهب إلى ما ذكرناه في شطر الخمس الذي هو خالص للإمام عليه السلام وجعل الشطر الآخر لأيتام آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء في القرآن لم يبعد إصابته الحق في ذلك بل كان على صواب.
وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه من صريح الألفاظ، وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع إقامة الدليل بمقتضى العقل في الأمر من لزوم الأصول في حظر التصرف في غير المملوك إلا بإذن المالك وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق. انتهى(1/76)
وإنما أطلنا بنقله بطوله لدلالته ( أولا ) على أن الخلاف في هذه المسألة متقدم بين متقدمي الأصحاب، و ( ثانيا ) لاشتماله على سبب في الاختلاف والعلة في ما اختاره وذهب إليه ( رضوان الله عليه ).
الثاني - القول بسقوطه كما نقله شيخنا المتقدم في صدر عبارته، وهو مذهب سلار على ما نقله عنه في المختلف وغيره، قال بعد أن ذكر المنع من التصرف فيه زمن الحضور إلا بإذنه عليه السلام: وفي هذا الزمان قد حللونا بالتصرف فيه كرما وفضلا لنا خاصة. واختار هذا القول الفاضل المولى محمد باقر الخراساني في الذخيرة وشيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني، وسيجئ نقل كلاميها ومستندهم فيه أخبار التحليل المتقدمة وسيجئ الكلام معهما فيه إن شاء الله تعالى، وهذا القول مشهور الآن بين جملة من المعاصرين.
الثالث - القول بدفنه كما تقدم في عبارة شيخنا المفيد. كذا نقله الشيخ في النهاية استنادا إلى الخبر المذكور في كلاميهما.
الرابع - دفع النصف إلى الأصناف الثلاثة وأما حقه عليه السلام فيودع كما تقدم من ثقة إلى ثقة إلى أن يصل إليه عليه السلام وقت ظهوره أو يدفن. وهو مذهب الشيخ في النهاية، حيث قال ( قدس سره ): وما يستحقونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه وليس فيه نص معين إلا أن كل واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط، فقال بعضهم إنه جار في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر، وقال قوم إنه يجب حفظه ما دام الانسان حيا فإذا حضرته الوفاة وصى به إلى من يثق به من إخوانه ليسلمه إلى صاحب الأمر عليه السلام إذا ظهر ويوصي به حسبما وصى به إليه إلى أن يصل إلى صاحب الأمر وقال قوم يجب دفنه لأن الأرض تخرج كنوزها عند قيام الإمام عليه السلام.(1/77)
وقال قوم يجب أن يقسم الخمس ستة أقسام فثلاثة للإمام عليه السلام تدفن أو تودع من يوثق بأمانته والثلاثة الأخر تفرق على مستحقيه من أيتام آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومساكينهم وأبناء سبيلهم. وهذا من ما ينبغي أن يكون العمل عليه لأن هذه الثلاثة الأقسام مستحقها ظاهر وإن كان المتولي لتفريق ذلك فيهم غير ظاهر، كما أن مستحق الزكاة ظاهر وإن كان المتولي لقبضها وتفريقها ليس بظاهر، ولا أحد يقول في الزكاة أنه لا يجوز تسليمها إلى مستحقها. ولو أن انسانا استعمل الاحتياط وعمل على الأقوال المتقدم ذكرها من الدفن أو الوصاية لم يكن مأثوما، فأما التصرف فيه على ما تضمنه القول الأول فهو ضد الاحتياط والأولى اجتنابه حسبما قدمناه. انتهى. ويفهم من فحوى كلامه تجويز القول الأول على كراهة.
وبمثل هذا الكلام صرح في المبسوط إلا أنه منع من الوجه الأول وقال لا يجوز العمل عليه، وقال في الوجه الأخير: وعلى هذا يجب أن يكون العمل وإن عمل عامل على واحد من القسمين الأولين من الدفن أو الوصاية لم يكن به بأس. انتهى.
ومبنى كلامه وكذا كلام شيخنا المفيد على أن المسألة المذكورة وما يجب العمل به فيها زمن الغيبة غير منصوص والاحتمالات فيها متعددة فيؤخذ بكل ما كان أقرب إلى الاحتياط من تلك الاحتمالات. وستعرف إن شاء الله تعالى ما فيه، وقد تقدم في كلام الشيخ المفيد تصويب ما اختاره الشيخ هنا.(1/78)
الخامس - كسابقه بالنسبة إلى حصة الأصناف وصرفها عليهم وأما حقه عليه السلام فيجب حفظه إلى أن يوصل إليه، وهو مذهب أبي الصلاح وابن البراج وابن إدريس واستحسنه العلامة في المنتهى واختاره في المختلف. وشدد أبو الصلاح في المنع من التصرف في ذلك فقال: فإن أخل المكلف بما يجب عليه من الخمس وحق الأنفال كان عاصيا لله سبحانه ومستحقا لعاجل اللعن المتوجه من كل مسلم إلى ظالمي آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآجل العقاب لكونه مخلا بالواجب عليه لأفضل مستحق، ولا رخصة في ذلك بما ورد من الحديث فيها لأن فرض الخمس والأنفال ثابت بنص القرآن والاجماع من الأمة وإن اختلف في من يستحقه، ولاجماع آل محمد صلى الله عليه آله على ثبوته وكيفية استحقاقه وحمله إليهم وقبضهم إياه ومدح مؤديه وذم المخل به، ولا يجوز الرجوع عن هذا المعلوم بشاذ الأخبار. انتهى.
وقال العلامة في المختلف - بعد نقل القول بالإباحة عن سلار وايراد جملة من الأخبار الدالة على ذلك في زمن الحضور فضلا عن زمن الغيبة ما صورته: واعلم أن هذا القول بعيد من الصواب لضعف الأدلة المقاومة لنص القرآن، والاجماع على تحريم التصرف في مال الغير بغير إذنه. والقول بالدفن أيضا بعيد. والقول بايصائه بالجميع إلى من يوثق به عند إدراك المنية لا يخلو من ضعف لما فيه من منع الهاشميين من نصيبهم مع شدة حاجتهم وكثرة فاقتهم وعدم ما يتعوضون به من الخمس. والأقرب في ذلك قسمة الخمس نصفين فالمختص باليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم يفرق عليهم على حسب حاجتهم والمختص بالإمام عليه السلام يحفظ إلى أن يظهر عليه السلام فيسلم إليه إما بادراكه أو بالايصاء من ثقة إلى ثقة إلى أن يصل إليه عليه السلام وهل يجوز قسمته في المحاويج من الذرية كما ذهب إليه جملة من علمائنا ؟(1/79)
الأقرب ذلك لما ثبت بما تقدم من الأحاديث إباحة البعض للشيعة حال حضورهم فإنه يقتضي أولوية إباحة أنسابهم عليهم السلام مع الحاجة حال غيبة الإمام، ولاستغنائه عليه السلام واحتياجهم، ولما سبق من أن حصتهم لو قصرت عن حاجتهم لكان على الإمام عليه السلام الاتمام من نصيبه حال حضوره فإن وجوب هذا حال ظهوره يقتضي وجوبه حال غيبته عليه السلام فإن الواجب من الحقوق لا يسقط بغيبة من عليه الحق خصوصا إذا كان لله تعالى. انتهى.
السادس - ما تقدم أيضا بالنسبة إلى حصة الأصناف وأما حصته عليه السلام فتقسم على الذرية الهاشمية، وقد استقربه في المختلف كما تقدم في عبارته ونقله عن جماعة من علمائنا، وهو اختيار المحقق في الشرائع والشيخ على في حاشيته على الكتاب وهو المشهور بين المتأخرين كما نقله شيخنا الشهيد الثاني في الروضة، ونقل عن شيخنا الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني أنه اختاره أيضا، ووجهه معلوم من ما سبق في كلام المختلف، وعلله المحقق في الشرائع بالتعليل الأخير في كلام المختلف ومرجع هذا القول إلى قسمة الجميع في الأصناف إلا أنهم قد خصوا تولى قسمة حصة الإمام عليه السلام بالفقيه النائب عنه عليه السلام كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
السابع - صرف النصف إلى الأصناف الثلاثة أيضا وأما حصته عليه السلام فيجب ايصالها مع الامكان وإلا فتصرف إلى الأصناف ومع تعذر الإيصال وعدم حاجة الأصناف تباح للشيعة، وهو اختيار المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في الوسائل.(1/80)
الثامن - ما تقدم من صرف حصة الأصناف عليهم وأما حصته عليه السلام فيسقط اخراجها لإباحتهم عليهم السلام ذلك للشيعة. وهو ظاهر السيد السند في المدارك حيث قال: والأصح إباحة ما يتعلق بالإمام عليه السلام من ذلك للأخبار الكثيرة الدالة عليه.. ثم ساق بعضا من الأخبار التي في التحليل.. إلى أن قال: وكيف كان فالمستفاد من الأخبار إباحة حقوقهم عليهم السلام من جميع ذلك. والله تعالى أعلم. انتهى. وهو مذهب المحدث الكاشاني في المفاتيح. والعجب من شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني في كتاب منية الممارسين أنه نقل أن مذهبه وكذا مذهب الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي صرف الجميع على الأصناف الثلاثة، وتعجب منهما في خروجهما عن أخبار التحليل واطراحها رأسا مع أنهما من الأخباريين، ولا ريب أن مذهب الشيخ الحر يرجع بالآخرة إلى ما ذكره كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى، وأما مذهب المحدث الكاشاني فهو ما ذكرناه لا ما توهمه ( قدس سره ) نعم جعل ما ذكره طريق الاحتياط.
قال في كتاب المفاتيح بعد الإشارة إلى جملة من أقوال المسألة: أقول والأصح عندي سقوط ما يختص به عليه السلام لتحليلهم عليهم السلام ذلك لشيعتهم ووجوب صرف حصص الباقين إلى أهلها لعدم مانع منه. ثم قال: ولو صرف الكل إليهم لكان أحوط وأحسن. انتهى.
ومثله كلامه في الوافي أيضا حيث قال بعد ذكر الكلام في زمن الحضور: وأما في مثل هذا الزمان حيث لا يمكن الوصول إليهم عليهم السلام فيسقط حقهم رأسا دون السهام الباقية لوجود مستحقيها، ومن صرف الكل حينئذ إلى الأصناف الثلاثة فقد أحسن واحتاط. والعلم عند الله. انتهى. وهذا القول عندي هو الأقرب على تفصيل فيه كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى(1/81)
التاسع - كسابقه إلا أنه خص صرف حصته عليه السلام بمواليه العارفين وهو منقول عن ابن حمزة، قال: والصحيح عندي أنه يقسم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من أهل الفقر والصلاح والسداد. انتهى.
العاشر - تخصيص التحليل بخمس الأرباح فإنه للإمام عليه السلام دون سائر الأصناف وأما سائر ما فيه الخمس فهو مشترك بينهم عليهم السلام وبين الأصناف، وهو اختيار المحقق الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني في كتاب منتقى الجمان حيث قال في ذيل صحيحة الحارث النصري المتقدمة ما هذا لفظه: لا يخفى قوة دلالة هذا الحديث على تحليل حق الإمام عليه السلام في خصوص النوع المعروف في كلام الأصحاب بالأرباح، فإذا أضفته إلى الأخبار السابقة الدالة بمعونة ما حققناه على اختصاصه عليه السلام بخمسها عرفت وجه مصير بعض قدمائنا إلى عدم وجوب اخراجه بخصوصه في حال الغيبة وتحققت أن استضعاف المتأخرين له ناشئ من قلة الفحص عن الأخبار ومعانيها والقناعة بميسور النظر فيها. انتهى. وأشار بقوله بمعونة ما حققناه إلى ما ذكره في الجواب عن الاشكالات الواردة في صحيحة علي بن مهزيار كما قدمنا نقله عنه وأشرنا إلى ما فيه، وسيأتي مزيد ايضاح لضعفه إن شاء الله تعالى.
الحادي عشر - عدم إباحة شئ بالكلية حتى من المناكح والمساكن والمتاجر التي جمهور الأصحاب على تحليلها بل ادعى الاجماع على إباحة المناكح، وهو مذهب ابن الجنيد فإنه قال: وتحليل من لا يملك جميعه عندي غير مبرئ من وجب عليه حق منه لغير المحلل، لأن التحليل إنما هو في ما يملكه المحلل لا في ما لا يملك وإنما إليه ولاية قبضه وتفريقه في الأهل الذين سماه الله لهم.
الثاني عشر - قصر أخبار التحليل على جواز التصرف في المال الذي فيه الخمس قبل اخراج الخمس منه بأن يضمن الخمس في ذمته، وهو مختار شيخنا المجلسي ( قدس سره ) كما سيأتي نقل كلامه إن شاء الله تعالى.(1/82)
الثالث عشر - صرف حصة الأصناف عليهم والتخيير في حصته عليه السلام بين الدفن والوصية على الوجه المتقدم وصلة الأصناف مع الاعواز بإذن نائب الغيبة وهو الفقيه، وهذا مذهب الشيخ الشهيد في الدروس، ووجهه معلوم من ما سبق في الأقوال المتقدمة.
الرابع عشر - صرف النصف إلى الأصناف الثلاثة وجوبا أو استحبابا وحفظ نصيب الإمام عليه السلام إلى حين ظهوره، ولو صرفه العلماء إلى من يقصر حاصله من الأصناف كان جائزا، وهو اختيار الشهيد في البيان، ووجهه أيضا يظهر من ما سبق.(1)
وبعد، فقد تبين لنا من كل ما مر ما يلي:
أولاً: إقرار الشيعة أن آية: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال: 41] هي الآية الوحيدة التي وردت في الخُمُس.
ثانياً: أن الغنيمة المذكورة في الآية هي ما أخذ من اموال أهل الحرب من الكفار. وقد أقر الشيعة بذلك.
يقول الطوسي: الغنيمة ما أخذ من أموال أهل الحرب من الكفار بقتال. وهى هبة من الله تعالى للمسلمين... وعند اصحابنا الخمس يجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وارباح التجارات والكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك. ويمكن الاستدلال على ذلك بهذة الآية، لأن جميع ذلك يسمى غنيمة.(2)
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12/ 419
(2) - التبيان ، للطوسي ، 5 /122 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4 /316(ش) ، صفحة 347(ه) ، ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 1 ق 3 /478 ، الينابيع الفقهية ، لعلي أصغر مرواريد ، 5 /215 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري - ج 3 /130 ، 344 ، فقه القرآن ، للقطب الراوندي ، 1 /242(1/83)
وقال في موضع آخر: كل ما يؤخذ بالسيف قهرا من المشركين يسمى غنيمة بلا خلاف، وعندنا ان مايستفده الانسان من ارباح التجارات والمكاسب والصنايع يدخل ايضا فيه.. ثم قال ان دليلنا اجماع الفرقة، وايضا قوله تعالى: واعلموا انما غنتم من شيء..الآية، عام في جميع ذلك، فمن خصصه فعليه الدلالة.(1)
وقال: يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات، والغلات، والثمار على اختلاف أجناسها بعد إخراج حقوقها ومؤنتها، وإخراج مؤنة الرجل لنفسه ومؤنة عياله سنة. ولم يوافقنا على ذلك أحد من الفقهاء. دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك، لأنه إذا أخرج الخمس عما ذكرناه كانت ذمته بريئة بيقين، وإن لم يخرج ففي براءة ذمته خلاف.(2)
وقال: ليس الخمس بظاهر القرآن إلا في الغنائم خاصة لان ما عدا الغنائم التي أوجبنا فيها الخمس إنما يثبت ذلك كله بالسنة.(3)
__________
(1) - الخلاف ، للطوسي ، 4 /181 ، الينابيع الفقهية ، لعلي أصغر مرواريد ، 31 /27
(2) - الخلاف ، للطوسي ، 2 /118 ، الينابيع الفقهية ، لعلي أصغر مرواريد ، 29ق1 /102
(3) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4 /124 ، مدارك الأحكام ، لمحمد العاملي ، 5 /363(ش) ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 12 /322 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /529(1/84)
ويقول الطبرسي: الغنيمة ما أخذ من أموال أهل الحرب من الكفار بقتال..ثم ذكر تمام قول الطوسي في كيفية قسمته وكذا القول بأن اصحابنا يروون وجوب الخمس في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وارباح التجارات وفي الكنوز والعادن وغير ذلك ويمكن أن يستدل على ذلك بهذة الآية فأن في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم والغنيمة.(1)
ويقول البحراني: يدل على وجوب الخمس – أي فيما في ما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله من ارباح التجارات والزراعات والصناعات – الآية الشريفة (آية الخمس وَاعْلَمُوا أنَّمَا غَنِمْتُم)، بمعونة الأخبار التي وردت بتفسيرها بما هو اعم من غنيمة دار الحرب، وبه يظهر ان ماذكره في المدارك وتبعه عليه الفاضل الخرساني في الذخيرة من الطعن في دلالة الآية من ان المتبادر من الغنيمة الواقعة فيها غنيمة دار الحرب كما يدل عليه سوق الآيات، لا تعويل عليه فانه بعد ورود النصوص بذلك لا مجال لهذا الكلام اذ احكام القرآن وغيره وتفسيره وبيان مجملاته وحل مشكلاته انما يتلقى عنهم عليهم السلام فاذا ورد تفسير عنهم بذلك فالراد له راد عليهم.(2)
__________
(1) - تفسير مجمع البيان ، للطبرسي ، 4 /469 ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، لناصر مكارم الشيرازي ، 5 /438 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4 /316(ش) ، ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 1 ق 3 /478 ، غنائم الأيام - الميرزا القمي - ج 4 /316
(2) - الحدائق الناضرة ، 12/347(1/85)
ويقول مغنية: اختلف السنة والشيعة في المعنى المراد من الغنيمة في الآية فقال السنة: هي ما يغنمه المسلمون من الكفار بقتال. وعلى قولهم هذا تكون مسألة الخمس عبارة عن قضية لا واقع لها من الناحية العملية في هذة الأيام، تماما كمسألة العبيد والاماء، اذ لا دولة اسلامية تجاهد الكفار والمشركين في هذا العصر. وقال الشيعة: ان الغنيمة اعم مما ياخذه المسلمون من الكافرين بقتال.(1)
وقال في موضع آخر: أفرد الامامية باباً خاصا في كتب الفقه ذكروه بعد باب الزكاة، والاصل فيه الآية 41 من سورة الانفال. ولم يخصصوا الغنيمة بما يحصل في ايدي المسلمين من أموال غيرهم بإيجاف الخيل والركاب، بل عمموها إلى سبعة أصناف.(2)
يقول ناصر مكارم الشيرازي مؤكداً هذا القول: الآية تبين الخمس في غنائم الحرب فحسب، واما الخمس في سائر الموارد فينبغي معرفته من السنة والأخبار المتواترة وصحيح الروايات، ولا مانع أن يشير القرآن إلى قسم من أحكام الخمس بما يناسب مسائل الجهاد، وأن تتناول السنة الشريفة بيان أقسامه الباقية.(3)
وقال: ونستنتج مما ذكرناه آنفا ما يلي: أن آية الغنائم ذات معنى واسع يشمل كل فائدة وربح، لان معنى الغنيمة اللغوي عام ولا دليل على تخصيص الآية.(4)
__________
(1) - التفسير الكاشف ، لمحمد جواد مغنية ، 3/482
(2) - الفقه على المذاهب الخمسة ، 186
(3) - الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، لناصر مكارم الشيرازي ، 5/ 435
(4) - الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، لناصر مكارم الشيرازي ، 5 /439(1/86)
ويقول محمد الكرمي: الغنيمة في متفاهم العرف هي ما كانت نتيجة لانتصار الغالب على المغلوب وسيطرته على ما معه من مال أو حيوان و اسلاب لكن الشرع خصها بالحرب المشروعة ويرى أهل البيت عليهم السلام ان الغنيمة اوسع من ذلك وهي كل ما دخل على الانسان من طريق الكسب المشروع كغنائم دار الحرب وما استفيد بالغوص والمعدن والكنز ومازاد من الارباح على مؤنة السنة للكاسب.(1)
ويقول محمد تقي المدرسي: ظاهر الآية ان الخمس مفروض على الغنائم، وبالرغم من ان الكلمة تطلق اليوم على غنائم دار الحرب بيد ان المعنى اللغوي لكلمة الغنيمة لا يختص بما يحصل عليه المحاربون في ساحة القتال.(2)
ويقول الخميني: ويحتمل أن تكون « الغنيمة » أعم من غنائم الحرب، كما عليه بعض. ويحتمل أن تكون مختصة بغنائمها، كما هو المعروف بين المفسرين.(3)
ويقول الموسوي: إن تفسير الغنيمة بالأرباح من الأمور التي لا نجدها إلا عند فقهاء الشيعة، فالآية صريحة وواضحة بأن الخمس شرعت في غنائم الحرب وليس في أرباح المكاسب، وأظهر دليل قاطع على أن الخمس لم يشرع في أرباح المكاسب هو سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الخلفاء من بعده، بمن فيهم الإمام علي، وحتى سيرة أئمة الشيعة، حيث لم يذكر أرباب السير الذين كتبوا سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ودوّنوا كل صغيرة وكبيرة عن سيرته وأوامره ونواهيه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرسل جباته إلى أسواق المدينة ليستخرج من أموالهم خمس الأرباح.(4)
وفيما اوردناه كفاية لبيان المقصود، حتى أنهم قد إعترفوا بأن هذا مما إنفرد به الإمامية.
__________
(1) - المنير ، 4/31
(2) - من هدي القران ، 4/60
(3) - كتباب البيع ، للخميني ، 3/ 84
(4) - الشيعة والتصحيح ، لموسى الموسوي ، 66(1/87)
يقول المرتضى: ومما انفردت به الإمامية القول: بأن الخمس واجب في جميع المغانم والمكاسب ومما استخرج من المعادن والغوص والكنوز ومما فضل من أرباح التجارات والزراعات والصناعات بعد المؤونة والكفاية في طول السنة على اقتصاد.
وعلى هذا القول سار بقية علماء الشيعة. إذن مما مر تبين لنا ان القوم متفقون على أن الآية المذكورة وان كانت محمولة على غنائم الحرب فحسب، الا ان مفهوم الغنيمة اعم من ذلك، ثم اختلفوا في اثبات ذلك عن طريق اللغة أو روايات الأئمة. رغم أن القرآن الكريم قد ذكر المكاسب ولم يذكر أن فيها شيء من الخُمُس. وذلك في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأرض وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة: 267](1/88)
ثالثاً: ليس في الآية ذكر أن من مستحقي الخُمُس الفقية او المجتهد كما هو الحال الآن. ولا يبدو أن ذلك كان معروفاً عند علماء الشيعة المتقدمين. والذي يبدو أن ذلك من إلحاقات المتأخرين في مراحل تطور نظرية الخمس. ولعل بدايات تبلور إقحام الفقيه في الخمس كانت على يد القاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي، المتوفى عام 481 للهجرة، حيث قال: وكل ما يختص من الخمس بالمساكين، أو المناكح، أو المتاجر فإنه يجوز التصرف فيه في زمان غيبه الإمام عليه السلام، لأن الرخصة قد وردت في ذلك لشيعة آل محمد عليهم السلام، دون من خالفهم. وأما ما يختص به من غير ذلك فلا يجوز لأحد من الناس كافة التصرف في شئ منه، ويجب على من وجب عليه حمله إلى الإمام عليه السلام ليفعل فيه ما يراه، فإن كان عليه السلام غائبا، فينبغي لمن لزمه إخراج الخمس أن يقسمه ستة أسهم على ما بيناه، ويدفع منها ثلاثة إلى من يستحقه من الأصناف المذكورة فيما سلف. والثلاثة الأخر للإمام عليه السلام ويجب عليه أن يحتفظ بها أيام حياته، فإن أدرك ظهور الإمام عليه السلام، دفعها إليه، وإن لم يدرك ذلك، دفعها إلى من يوثق بدينه وأمانته من فقهاء المذهب ووصاه بدفع ذلك إلى الإمام عليه السلام إن أدرك ظهوره، وإن لم يدرك ظهوره وصى إلى غيره بذلك، وقد ذكر بعض أصحابنا، إنه ينبغي أن يدفنه تعويلا في ذلك على الخبر المتضمن، لأن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام عليه السلام. والأول أحوط، وأقوى في براءة الذمة من ذلك.(1)
إلى أن تبلورت في صورتها النهائية على يد السيد أبو الحسن الأصفهاني والذي يُعتقد أنه أول فقيه يطرح وجوب دفع سهم الإمام إلى مراجع التقليد.(2)
__________
(1) - المهذب ، للقاضي ابن البراج ، 1/ 181 ، الينابيع الفقهية ، لعلي أصغر مرواريد ، 5/ 182
(2) - مجلة الحوزة ، 48/ 188 مقالة واعظ زاده الحراساني(1/89)
ونفى آخرين ذلك صراحةً في إجابة: هل يجب الدفع إلى الفقيه ؟ قالوا: لا يجب دفعها إلى الفقيه وإن قلنا بنيابة عنه في جميع الأمور العامة، إلا أن ذلك من الولايات الخاصة مثل الولاية على أولاده عليه السلام أو على ما هو وصى فيه، مع عدم بعد الوجوب بناء على ثبوت النيابة على وجه العموم، كما يظهر من كلامهم في الحصة المختصة به عليه السلام.(1)
وفي موضع آخر قال: لكن الانصاف: أن ظاهر تلك الأدلة ولاية الفقيه عن الإمام عليه السلام على الأمور العامة، لا مثل خصوص أمواله عليه السلام وأولاده مثلا.(2)
وقال آخر وهو الإمام الخميني: لا دليل على ولاية الفقيه عليه، ولذا تشبثوا فيه بأمور غير مرضية، وادعى بعضهم العلم برضى الإمام عليه السلام بتلك المصارف المعهودة لحفظ الحوزات العلمية ونحوها.
وليت شعري، كيف يحصل القطع بذلك، أفلا يحتمل أن يكون الصرف في بعض الجهات أرجح في نظره الشريف عليه السلام، كالصرف في رد الكتب الضالة الموجبة لانحراف المسلمين، ولا سيما شبانهم، وكالصرف في الدفاع عن حوزة الإسلام... إلى غير ذلك مما لا علم لنا به ؟ ! فدعوى القطع لا تخلو من مجازفة.
ثم لو فرض قطع الفقيه بالرضا، لكنه لا يفيد ذلك لغيره ; فإن كل آخذ لا بد له في صحة تصرفه من القطع برضاه، وليس الأمر مربوطا بالتقليد ونحوه كما هو ظاهر.
ولكن الشأن في ثبوت المالكية لهم عليهم السلام، والذي يظهر لي من مجموع الأدلة في مطلق الخمس - سواء فيه سهم الإمام عليه السلام أو سهم السادة كثر الله نسلهم الشريف - غير ما أفادوا. أما في سهم السادة، فلأنه لا شبهة في أنهم مصرف له، لا أنهم مالكون لجميع السهام الثلاثة ; ضرورة أن الفقر شرط في أخذه، والمراد به عدم واجدية مؤونة سنته حسب المتعارف.
__________
(1) - كتاب الخمس ، للأنصاري ، 331 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2/ 551
(2) - كتاب الخمسن للأنصاري ، 337(1/90)
وبعبارة أخرى: إنه على الوالي أن يعطي السادة مؤونة سنتهم من السهام الثلاثة، فلو زادت عن مؤونتهم كانت للوالي، ولو نقصت عنها كان عليه جبران النقص من سائر ما في بيت المال، كما دل عليه الدليل، ولا شبهة في أن نصف الخمس يزيد عن حاجة السادة بما لا يحصى.(1)
والكلام في الباب يطول ويخرجنا عن الإيجاز.
وقد علمت أيضاً مما مر أن الكثير منهم قالوا بدفن الجميع أو حصة الامام إلى أن يظهر الإمام ويستخرجه، أو عزله وحفظه وإيداعه إلى أن يصل إليه، ولم يجوزا دفعه إلى الفقيه أو المرجع.
رابعاً: إختلاف الشيعة في حكم الخُمُس في غيبة الإمام إلى عشرات الأقوال، ولا بد وذلك لقوله عزوجل: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً [النساء: 82]. وإختيار الكثير من علماء الشيعة لإباحة الخمس للشيعة بعد غيبة المهدي لعموم الروايات. راجع القول الثاني من (في بيان المذاهب في هذه المسألة واختلاف الأصحاب فيها على أقوال متشعبة).
خامساً: إختيار بعض علماء الشيعة جواز إعطاء الخمس لمن انتسب إلى هاشم بالأمومة.
إذن تبين لنا من كل ما مر إتفاق الشيعة مع أهل السنة في أن موارد الخمس هي غنائم الحرب والركاز، وثم إختلفوا مع أهل السنة في بقية الموارد وأقروا بأن آية الخمس خاصة في غنائم الحرب فحسب، واما الخمس في سائر الموارد فينبغي معرفته من السنة والأخبار المتواترة وصحيح الروايات.
إذن يكون الكلام في الروايات التي إستدلوا بها على وجوب الخمس في سائر المكاسب من غير غنائم الحرب والركاز، وهو موضوع الباب الآتي.
الباب الثاني
نقد روايات الخُمُس ودراسة أسانيدها
نبذة عن الوضع و الوضاعين في السنة المطهرة.
__________
(1) - كتاب البيع ، للخميني ، 2/655(1/91)
ذكرنا فيما سبق من حلقات هذه السلسلة أن هناك آلاف الروايات حوتها مصادر المسلمين في شتى العلوم، كلها موضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنسوبة اليه وإلى صحابته رضوان الله عليهم وإلى الأئمة رحمهم الله.
ووضع الحديث عادة قديمة، وقد اختلفت أسباب هؤلاء الوضاعين بين زنادقة اظهروا الإيمان وابطنوا الكفر ووضعوا الأحاديث إستخفافا بالدين وتلبيسا على المسلمين، وبين أصحاب اهواء وعصبيات ومذاهب، يضعون ما ينتصرون به لمذاهبهم، وبين من وضع ذلك ترغيبا في فضائل الأعمال وترهيبا من النار إلى غير ذلك من أسباب ذكرها واتفق عليها كل من تكلم في هذا الباب.
وكان لإنتشار هذه الروايات في كتب الفقه والتفسير والتاريخ والسير والمغازي وغيرها، اثر سيىء في نشوء عقائد ما انزل الله بها من سلطان، أدت بدورها إلى ظهور فرق ومذاهب باطله جل بنيانها على هذه الموضوعات، ولم يكن يتورع أصحابها في ان يصيروا كل ما هوته قلوبهم وأنفسهم حديثا.
وكان المسلمون الأوائل لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتن بينهم، فكان ان سألوا عن الرجل فإن كان من أهل السُنة اخذوا حديثه وان كان من أهل البدعة فلا يؤخذ حديثه.
فصار الإسناد المتصل إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمة رحمهم الله عند الشيعة هو السبيل إلى معرفة الشرايع والأحكام، فتشددوا في معرفة حال كل من وقع في إسناد حديث حتى قيل لهم: اتريدون ان تزوجوه؟
وكان إبن عباس رضي الله عنهم يقول: ان هذا العلم دين فأنظروا عمن تأخذوا دينكم.(1/92)
وكان من هدي الرعيل الأول ان يأتوا بالإسناد قبل الحديث ويقولون: لا يصلح ان يرقى السطح إلا بدرجة، وقالوا: ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد، وانما يعلم صحة الحديث من الإسناد، وان الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل، وان الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، ومثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرقى السطح بلا سلم، ومثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه افعى وهو لا يدري، وغيرها من أقوال بينوا فيها اهمية الإسناد.
فكان أن ظهر علم الرجال، الذي يبحث في أحوال رجال الأسانيد المنتهية إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الصحابة رضي الله عنهم أو الأئمة رحمهم الله لمعرفة صحة نسبة هذا الحديث أو ذاك اليهم من حيث خلو إسنادها من وضاعين إلى غيرها من علل وشذوذ.
وقد اورد الشيعة من طرقهم حث الأئمة رحمهم الله على التثبت في نقل الأخبار بعد أن هالهم حجم الكذب عليهم.
فعن الصادق رحمه الله قال: إنا أهل بيت صادقون لا نخلوا من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس.(1)
وقال رحمه الله: إن الناس قد أولعوا بالكذب علينا، وإني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم كانوا لا يطلبون بأحاديثنا ما عند الله وإنما يطلبون الدنيا وكل يحب أن يدعى رأساً.(2)
__________
(1) - الكشي ، 257 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/217 ، 25/262
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /246 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /226 ، فرائد الأصول ، للأنصاري ، 1 /326 ، تاريخ آل زرارة ، لأبو غالب الزراري ، 51 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /347 ، إكليل المنهج في تحقيق المطلب ، للكرباسي ، 50 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 8 /232 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /48 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 8 /429(1/93)
وقال: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق الكتاب والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فان المغيرة بن سعيد دس في كتب أصحاب أبي احاديث لم يحدث بها أبي، فأتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا وسنة نبينا محمد فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عزوجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(1)
وعن يونس بن عبدالرحمن قال: وافيت العراق فوجدت جماعه من أصحاب أبي جعفر وأبي عبدالله متوافرين، فسمعت منهم، واخذت كتبهم، وعرضتها من بعد على أبي الحسن فأنكر منها احاديث كثيرة ان تكون من أصحاب أبي عبدالله، وقال: ان أباالخطاب كذب على أبي عبدالله، لعن الله أباالخطاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب، يدسون من هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبدالله فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن.(2)
__________
(1) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، ا للنوري ، 10 /48(ه( ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /250 ، 69 /211(ه( ، 84 /101(ه( ، 96 /262(ه) ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /262 ، رسائل في دراية الحديث ، للبابلي ، 2 /229(ه( ، 237 ، 254 ، أصول الحديث ، لعبد الهادي الفضلي 147 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /489 ، رجال ابن داود ، 279 ، توضيح المقال في علم الرجال ، للملا على كني 38 ، رجال الخاقاني ، 209 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /300 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /188 ، 11 /181
(2) - رجال الكشي ، 195 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/249 معجم الخوئي ، 18/276 ، 20/208(1/94)
وعنه أيضا قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه. فيأمرهم أن يبثوها في الشيعة، فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم.(1)
__________
(1) - تحف العقول ، لابن شعبة الحراني ، 310(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /250 ، 46 /332(ه) ، 64 /202(ه) ، 75 /289(ه) ، رسائل في دراية الحديث ، للبابلي ، 2 /253 ، 528(ه) ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 8 /163 ، أصول الحديث ، لعبد الهادي الفضلي ، 143 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /491 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /300 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /189(1/95)
وعن إبراهيم بن أبي محمود قال: فقلت للرضا: يا بن رسول الله ان عندنا اخبارا في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها ؟ فقال: يا ابن أبي محمود ان مخالفينا وضعوا اخبارا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام أحدها الغلو وثانيها التقصير في أمرنا وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا وإذا سمعوا مثالب أعداءنا بأسمائهم ثلبونا بأسماءنا وقد قال الله عز وجل: ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) يا ابن أبي محمود إذا اخذ الناس يمينا وشمالا فالزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه ان أدنى ما يخرج به الرجل من الايمان أن يقول للحصاة هذه نواه ثم يدين بذلك ويبرء ممن خالفه يا بن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك خير الدنيا والآخرة.(1)
ولهذا كله وضع القوم شروطا لقبول الحديث، وهو ما إتصل سنده إلى الإمام المعصوم بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات، وزاد البعض: ان يكون العدل ضابطا، وان لا يعتريه شذوذ، وان لا يكون معللا.(2)
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 2 /272 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 4 /502(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /239 ، مستدرك سفينة بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، للنمازي ، 8 /222 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1 /237 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 8 /159 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 1 /111 ، أهل البيت في الكتاب والسنة ، للريشهري ، 529
(2) - مقباس الهداية ، 1/145 وما بعدها.(1/96)
ووضعوا معايير علميه تثبت بها الوثاقة أو الحسن، منها: نص احد ائمتهم المعصومين، أو نص احد اعلامهم المتقدمين، كالبرقي، وابن قولويه، والكشي، والصدوق، والمفيد، والنجاشي، والطوسي، واضرابهم، أو نص أحد أعلامهم المتأخرين، كمنتجب الدين، وإبن شهرآشوب، أو دعوى الإجماع من قبل الأقدمين.(1)
وقد إتفق المسلمون على حرمة نقل الحديث إذا كان موضوعا لكونها إعانة على الإثم وإشاعة للفاحشة وإضلالا للمسلمين، وأن من أراد ان يروي حديثا ضعيفاً أو مشكوكاً في صحته بغير إسناد، يقول: روي، أو بلغنا، أو ورد، أو جاء، أو نقل، ونحوه من صيغ التمريض، ولا يذكره بصيغة الجزم، كقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولو أتى بالإسناد مع المتن لم يجب عليه بيان الحال، لأنه قد أتى به عند أهل الإعتبار.(2)
__________
(1) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 1/39 ، كليات في علم الرجال ، لجعفر السبحاني ، 151
(2) - مقباس الهداية ، 1/417 ، دراسات في علم الدراية ، لعلي أكبر غفاري ، 77 ، رسائل في دراية الحديث ، لأبو الفضل حافظيان البابلي ، 1/210 ، الرعاية في علم الدراية ، للشهيد الثاني ، 165(1/97)
ولا شك أن قولهم: إن الإتيان بالخبر مع الإسناد يغني عن بيان الحال، صحيح على نحو ما، فإن كثيرا من كتب المسلمين مليئة بالروايات الموضوعه بأسانيدها، ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن علمائنا الأوائل رحمهم الله يمرون بمراحل في التأليف، بدأً بالجمع والذكر لكل ما سمعوه في المقام، وانتهاءً بتحقيق الروايات لتميز الغث من السمين، وقد يقتصر أكثرهم على الأول، أى الجمع والذكر لكل ما سمعوه، معتقدين برائة ذمتهم ما داموا قد ذكروا الإسناد الذي يمكن من خلاله معرفة صدق الخبر من كذبه، وذلك لإستحالة تحقيق كل خبر في حينه، لإعتبارات عده كأن يكون للحديث المذكور طرق أخرى ينجبر به، أو أن ضعف بعض الرواة لم يثبت عنده، وغيرها، وأضف إلى ذلك عدم إشتراطهم لذكر الحديث أن يكون صحيحاً، كما صرحوا بذلك في مقدمة مصنفاتهم، مع هذا فلم يجز العلماء رواية أمثال هذه الموضوعات دون بيان وضعه، وعدوا من فعل ذلك مذنب عليه التوبة.
ونحن في هذا الباب إن شاء الله تعالى سنورد جميع ما وقفنا عليه من روايات في باب الخُمُس من طرق الشيعة، ثم ننظر في أسانيدها وهل يصح منها شيء بإعتبارات الصحة إلى مرت بك آنفا، هذا ناهيك عن وجوب التواتر الذي يراه الشيعة في مرويات عقائدهم.
ذكر روايات الخمس، ودراسة أسانيدها
1- الصدوق: أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمار بن مروان قال سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس.(1)
__________
(1) - - الخصال ، 290 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/494 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/189(1/98)
يقول الخوئي: هذه الرواية صحيحة، إذا كان راويها عمار بن مروان اليشكري، ولكنه غير ثابت فان الراوي عنه هو الحسن بن محبوب وهو الذي روى عن أبي ايوب الخزار عن عمار بن مروان الكلبي على ما في المشيخة فمن المحتمل قويا ان يكون عمار بن مروان في هذه الرواية، هو الكلبي دون اليشكري. والكلبي لم تثبت وثاقته(1)، و أحمد بن محمد بن عيسى، ذكر الكليني رواية في ذمه وانه كان شديد التعصب في العروبة(2)، ولكن الخوئي ضعفها لجهالة الخيراني في سندها حيث لم يرد فيه سوى قول الطوسي أنه من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وعدة البرقي من أصحابه علية السلام في اليمن.(3)
2- الكليني: علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة اشياء من الغنائم والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة.(4)
__________
(1) - معجم الخوئي ، 12/258
(2) - الكافي ، للكليني ، 1/291 اثبات الهداة ، 1/443
(3) - - معجم الخوئي ، 2/299 ، 9/286
(4) - الكافي ، للكليني ، 1/539 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/488 البرهان ، 2/84 ،87 المستدرك ، 7/282 دعائم الاسلام ، 2/394(1/99)
الكليني هو صاحب كتاب الكافي الذي ملئ كتابة بالشرك والغلو وروايات تحريف القرآن والطعن في الصحابة رضوان الله عليهم وغيرها من عقائد، حداً جعل بني قومه يستنكرون عليه فعله هذا. حتى قال أحدهم: الغريب ان يأتي شيخ المحدثين بعد جهاد طويل بلغ عشرين عاما في البحث والتنقيب عن الحديث الصحيح فيحشد في كتابه تلك المرويات الكثيرة، في حين ان عيوبها متنا وسندا ليست خفية بنحو تخفى على من هو اقل منه علما وخبرة بأحوال الرواة.(1)أما شيخه علي بن ابرهيم هو القمي صاحب التفسير، وهو أيضاً ملئوه بعقائد ما انزل الله بها من سلطان وسيأتي الكلام فيه، وابيه ابراهيم بن هاشم، رغم كل ما قيل فيه، الا انه لم يصرح احد بوثاقته حتى قال الحلي في ذلك: لم اقف لاحد من اصحابنا على قول في القدح فيه، ولا تعديل بالتنصيص والروايات عنه كثيرة. والارجح قبول روايته(2)، وقد إستمات الخوئي وغيره(3)في إثبات وثاقته ضاربين بعرض الحائط كل الامور التي تثبت بها الوثاقة أو الحسن، كنص أحد المعصومين، أو نص أحد الأعلام المتقدمين، أو نص أحد الأعلام المتأخرين، أو دعوي الاجماع من قبل الأقدمين وغيرها من الأصول التي وضعوها في ذلك، وجاؤوا بأمور لا تخلو من إشكال، منها قول القمي نفسه بصحة كل ما ورد في تفسيره، ومنها وقوعه في اسناد كامل الزيارات، ولا شك أن الخوئي وغيره معذورون في ذلك لان رواياته تبلغ ستة آلاف وأربعمائة وأربعة عشر موردا، فعز عليهم اسقاط كل ذلك. وحماد بن عيسى القول فيه مضطرب(4)، اما روايته ( عن بعض اصحابنا) فلا يعرف من هم وحسب الرواية كل هذا.
__________
(1) - الموضوعات في الآثار والأخبار ، لهاشم معروف ، 253
(2) - رجال الحلي ، 4 معجم الخوئي ، 1/317
(3) - معجم الخوئي ، 1/316 مقدمة التفسير ، 6
(4) - معجم الخوئي ، 6/224(1/100)
3- الطوسي: علي بن الحسن بن فضال قال: حدثني علي بن يعقوب عن أبي الحسن البغدادي عن الحسن بن اسماعيل بن صالح الصيمري قال: حدثني الحسن بن راشد قال: حدثني حماد بن عيسى قال: رواه لي بعض اصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الاول عليه السلام قال: الخمس من خمسة اشياء.. فذكره.(1)
علي بن يعقوب هو ابو الحسن البغدادي نفسه كما في الاستبصار وليس كما في سند رواية التهذيب هذه، والحال ان الرجل مجهول الحال(2)كشأن الصيمري(3)، والحسن بن راشد لم يمكن تمييزه بين كونه الطفاوي أو الكوفي وهما ضعيفان أو البغدادي الذي هو من اصحاب الجواد والهادي(4)، وبقية السند مر الكلام فيه.
4- الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي ابن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الخمس على خمسة أشياء: على الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة ونسى ابن أبي عمير الخامس. وقال الصدوق: أظن الخامس الذي نسيه ابن أبي عمير مالاً يرثه الرجل وهو يعلم أن فيه من الحلال والحرام، ولا يعرف أصحاب الحرام فيؤديه اليهم ولا يعرف الحرام بعينه فيجتنبه، فيخرج منه الخمس.(5)
__________
(1) - التهذيب ، 4/128 الاستبصار ، 2/56
(2) - معجم الخوئي ، 12/224
(3) - معجم الخوئي ، 4/287
(4) - معجم الخوئي ، 4/320
(5) - الخصال ، 291 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/190 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/389 ،494 المستدرك ، 7/282 المقنع ، 15 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/189(1/101)
الهمداني لم يرد فيه سوى ترضي وترحم الصدوق عليه كعادته في مشايخه، والصدوق نفسه لم يوثقه احد من علماء القوم حتى قال الخونساري في ذلك: والعجب من بعض القاصرين انه كان يتوقف في توثيق الشيخ الصدوق، ويقول أنه غير ثقة لأنه لم يصرح بتوثيقه أحد من علماء الرجال وهو أظهر الأغلاط الفاسدة، وأشنع المقالات الكاسدة، وأفظع الخرافات الباردة، فإنه أجل من أن يحتاج إلى التوثيق كما لا يخفى على ذوي التحقيق والتدقيق وليت شعري من صرح بتوثيق أول هؤلاء الموثقين الذين اتخذوا توثيقهم لغيرهم حجة في الدين.(1)وقال فيه المجلسي تعليقاً على بعض الروايات التي ذكرها وحرفها: هذا الخبر مأخوذ من الكافي، وفيه تغييرات عجيبة تورث سوء الظن بالصدوق وإنه إنما فعل ذلك ليوافق مذهب أهل العدل.(2)أما والد القمي صاحب التفسير فقد مر الكلام فيه، وإبن أبي عمير اختلف القوم فيه وفي مراسيله.(3)
5- الحسن بن علي بن شعبة.. عن الرضا عليه السلام قال: والخمس من جميع المال مرة واحدة.(4)
__________
(1) - روضات الجنات ، للخوانساري ، 6 /232 ، لؤلؤة البحرين ، للبحراني ، 372 ، معاني الاخبار ، للصدوق ، 8
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 5/ 156
(3) - معجم الخوئي ، 14/279 كليات في علم الرجال ، 206
(4) - تحف العقول ، 418 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/490 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 10/362(1/102)
أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني، لم تتعرض الكتب الرجالية لترجمتة سوى بعض المتأخرين، وكتابه تحف العقول الذي نقلنا منه روايتنا هذه محذوف الاسانيد كما ترى، وقد قال مصنفه في المقدمة: واسقطت الاسانيد تخفيفا وايجازا وان كان اكثره لي سماعا(1)، وقال الخوئي في معرض تناوله لأحدى روايات الكتاب: قصورها من ناحية السند وعدم استيفائها لشروط حجية أخبار الآحاد، فإن راويها أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني أو الحلبي، وإن كان رجلا وجيها فاضلا جليل القدر رفيع الشأن، وكان كتابه مشتملا على الدرر اليواقيت من مواعظ أهل البيت عليهم السلام، وقد اعتمد عليه جملة من الأصحاب، إلا أنه لم يذكرها مسندة بل أرسلها عن الصادق عليه السلام.(2)وحسب الرواية كل هذا.
6- الكليني: سهل، عن ابراهيم بن محمد الهمداني انه كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام يسأله عما يجب في الضياع فكتب: الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وخراج السلطان.(3)
سهل ضعيف الحديث غير معتمد عليه ومتهم بالغلو والكذب(4)، والهمداني لم ترد في توثيقه رواية صحيحة كما ذكر الخوئي، حتى باعتبار كونه (وكيل الناحية)، حيث قال: لكن الوكالة لا تستلزم الوثاقة.(5)
__________
(1) - اصول علم الرجال ، 274
(2) - مصبح الفقاهة ، للخوئي ، 1/ 19
(3) - الكافي ، للكليني ، 1/547 تفسير العياشي ، 2/67 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/193 المستدرك ، 7/285 البرهان ، 2/85 ،88 الفقيه ، 2/22 التهذيب ، 4/123 الاستبصار ، 2/55
(4) - معجم الخوئي ، 8/337 النجاشي ، 1/417 جامع الرواة ، 1/393 رجال العلامة ، 228 مجمع الرجال ، 3/179 تنقيح المقال ، 2/75 الفهرست ، 110 الكشي ، ترجمة 623
(5) - معجم الخوئي ، 1/292 انظر ايضا كلامه في وكالة الامام ، ص 75 من المصدر نفسه 0(1/103)
7- الكليني: عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام الخمس اخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: بعد المؤونة.(1)
مر الكلام في أحمد بن محمد بن عيسى وابن أبي نصر.
8- إبن إدري السؤال: أحمد بن الحسين عن أبيه عن إبن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خذ مال الناصب حيث وجدته وادفع الينا الخمس.(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1/545
(2) - مستطرفات السرائر ، 607 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/194 البرهان ، 2/85 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/487 التهذيب ، 4/122(1/104)
إبن إدريس (أبي جعفر محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلي) نفسه فيه كلام. حيث قال عنه سديد الدين محمود الحمصي أنه " مخلط لا يعتمد على تصنيفه " ومن غريب خبطاته ومستطرفاتها نسبته في مستطرفاته إلى أبان بن تغلب عدة أخبار لا ربط لها به. فهو مخلط في الحديث في أسانيدها ومتونها، وفي اللغة والأدب والتاريخ والفقه. ومن خبطه في الفقه: أنه ينتقد أتباع الشيخ الطوسي بأنهم يقلدونه، بينما هو يقلده أيضا، وذلك فيما إذا اتفقت فتاواه، فإنه يتبعه حتى ولو كان مستندا إلى آحاد، أما إذا اختلف فتاواه في كتبه فإنه ( يرجح الفتوى غير الخبرية ) ويعترض على فتواه الخبرية بكونه تمسكا بالآحاد، حتى ولو كان مستندا في ذلك إلى أخبار ملحقة بالتواتر. وقد أيد آخرين قول الحمصي فيه حيث قال: أما ما ذكره الشيخ محمود الحمصي من أن ابن إدريس " مخلط لا يعتمد على تصنيفه " فهو صحيح من جهة وباطل من جهة: أما أنه مخلط في الجملة فمما لا شك فيه، ويظهر ذلك بوضوح من الروايات التي ذكرها فيما استطرفه من كتاب أبان بن تغلب، فقد ذكر فيها عدة روايات ممن لم يدرك الصادق " عليه السلام " وكيف يمكن أن يروي أبان المتوفى في حياة الصادق " عليه السلام " عمن هو متأخر عنه بطبقة أو طبقتين ؟ !.ومن جملة تخليطه: أنه ذكر روايات استطرفها من كتاب السياري وقال " واسمه أبو عبد الله صاحب موسى والرضا " عليهما السلام " وهذا فيه خلط واضح، فإن السياري هو أحمد بن محمد بن السيار أبو عبد الله، وهو من أصحاب الهادي والعسكري " عليهما السلام " ولا يمكن روايته عن الكاظم والرضا " عليهما السلام ". وأما قوله " لا يعتمد على تصنيفه " فهو غير صحيح، وذلك أن الرجل من أكابر العلماء ومحققيهم، فلا مانع من الاعتماد على تصنيفه في غير ما ثبت فيه خلافه.(1)
__________
(1) - السرائر ، لابن إدريس الحلي ، 1 /12 ، رجال ابن داود ، 498 ، نقد الرجال 291(1/105)
أما أحمد بن الحسين مجهول(1)، وكذا حال أبيه(2)، و إبن أبي عمير مر الكلام فيه، والبختري مختلف فيه.(3)
9- إبن إدري السؤال: أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميره عن المعلى بن خنيس قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: خذ مال الناصب حيثما وجدته وابعث الينا الخمس.(4)
إبن إدريس نفسه مر الكلام فيه، وكذلك أحمد بن محمد، وفي السند اضطراب فالنجاشي والطوسي ذكرا ان الحسن (الحسين) بن سعيد هو والد أحمد ولكن في السند هو جده(5)، راجع سند الرواية السابقة، وإبن عمير مر ذكره، وسيف مجهول الحال(6)، وبن خنيس اختلفت الأقوال فيه حيث ذهب إلى ضعفه النجاشي والغضائري وغيرهما وتوقف فيه الحلي(7)، وفي التهذيب زيادة في السند ففيها رواية سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضري عن المعلى، وابي بكر الحضري صوابه الحضرمي، ولم يرد فيه توثيق لا من الكشي ولا من النجاشي.(8)
بيان معنى الناصب.
__________
(1) - معجم الخوئي ، 2/74
(2) - معجم الخوئي ، 5/265
(3) - معجم الخوئي ، 6/131 رجال أبن داود ، 242 النجاشي ، 134 رجال الحلي ، 85
(4) - مستطرفات السرائر ، 606 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/194 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 17/298 البرهان ، 2/85 التهذيب ، 4/123
(5) - معجم الخوئي ، 2/75
(6) - معجم الخوئي ، 8/361
(7) - النجاشي ، 2/363 مجمع الرجال ، 6/110 رجال الحلي ، 259 تنقيح المقال ، 3/232 رجال الحلي ، 259 اصول علم الرجال ، لمحمد المعلم ، 589
(8) - معجم الخوئي ، 10/296(1/106)
وما دمنا بصدد الكلام في سندي الروايتين السابقتين أود أن أذكر هنا بيان معنى الناصب الذي ورد ذكره فيهما، فأقول: إن مصطلح الناصب عند الشيعة يطلق على أهل السنة، نعم قد ذكر ابن ادريس بعد ايراده للروايتين السابقتان بأن المقصود من الناصب هنا هو أهل الحرب لانهم ينصبون الحرب للمسلمين و الا فلا يجوز أخذ مال مسلم ولا ذمي بوجه من الوجوه.(1)رغم أنه ذكر بنفسه في نفس الكتاب رواية فيها أن محمد بن موسى قال كتبت إلى الهادي عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت – أي أبي بكر وعمر – واعتقاد امامتهما ؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب.(2)
ولكن قوله بان المقصود من الناصب هنا هو أهل الحرب، خلاف ما عليه القوم، يقول البحراني معلقا على ذلك: ولا يخفى ما فيه من الضعف والقصور: (اما اولا) فان اطلاق الناصب على أهل الحرب خلاف المعروف لغة وعرفا وشرعا، فان الناصب لغة هو المبغض لعلي عليه السلام كما نص في القاموس وان كان اصل معنى النصب العداوة الا أنه صار مختصا بالمبغض له عليه السلام واما الشرع فالاحاديث الدالة عليه اكثر من ان تحصى كما لا يخفى على من احاط بها خبرا... (واما ثانيا) فان اطلاق المسلم على الناصب وانه لا يجوز اخذ ماله من حيث الاسلام خلاف ما عليه الطائفة المحقة سلفا وخلفا من الحكم بكفر الناصب ونجاسته وجواز أخذ ماله بل قتله.(3)
__________
(1) - مستطرفات السرائر ، 607
(2) - مستطرفات السرائر ، 583 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 29/133 مرآة الانوار ، 308
(3) - الحدائق الناضرة ، 12/323(1/107)
وقال في موضع آخر: وأما ما يدل على نصبهم فمنه ما تقدم نقله في كلام شيخنا الشهيد الثاني من حديث عبد الله بن سنان ونحوه أيضا ما رواه الصدوق في معاني الأخبار بسند معتبر عن معلى بن خنيس قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض آل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرأون من أعدائنا " وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر مما استطرفه من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام في جملة مسائل محمد بن علي بن عيسى قال: " كتبت إليه أسأله عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاده بإمامتهما ؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب ".
والمستفاد من هذه الأخبار أن مظهر النصب المترتب عليه الأحكام والدليل عليه إما تقديم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة من حيث التشيع فكل من اتصف بذلك فهو ناصب تجري عليه أحكام النصب، نعم يجب أن يستثنى من خبر تقديم الجبت والطاغوت المستضعف كما عرفت من الأخبار المتقدمة وغيرها أيضا فيختص الحكم بما عداه، وعموم ذلك لجميع المخالفين بعد اخراج هذا الفرد مما لا يعتريه الريب والشك بالنظر إلى الأخبار المذكورة كما عليه أكثر أصحابنا المتقدمين الحاكمين بالكفر وكثير من متأخري المتأخرين كما قدمنا نقل كلام بعضهم.(1/108)
وأما ما أجاب به الشيخ المحدث الصالح المتقدم ذكره من أن الناصب يطلق على معان: ( أحدها ) من نصب العداوة لأهل البيت ( عليهم السلام ) وعلى هذا يحمل ما ورد من حل مال الناصب ونحوه، و ( ثانيها ) من قدم الجبت والطاغوت كما تضمنه خبر السرائر. و ( ثالثها ) من نصب للشيعة فهو ناشئ من ضيق الخناق وإنا لم نجد لهذا المعنى الأول دليلا ولم نجد لهم دليلا على هذا التقسيم سوى دعواهم اسلام المخالفين فأرادوا الجمع بين الحكم باسلامهم وبين هذه الأخبار بحمل النصب على ما ذكروه في المعنى الأول وهو أول البحث في المسألة فإن الخصم يمنع اسلامهم ويقول بكفرهم.
وبالجملة فإنه لا خلاف بيننا وبينهم في أن الناصب هو العدو لأهل البيت والنصب لغة هو العداوة وشرعا بل لغة أيضا على ما يفهم من القاموس هو العداوة لأهل البيت ( عليهم السلام ) إنما الخلاف في أن هؤلاء هل يدخلون تحت هذا العنوان أم لا ؟ فنحن ندعي دخولهم تحته وصدقه عليهم وهم يمنعون ذلك، ودليلنا على ما ذكرنا الأخبار المذكورة الدالة على أن الأمر الذي يعرف به النصب ويوجب الحكم به على من اتصف به هو تقديم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة ولا ريب في صدق ذلك على هؤلاء المخالفين، وليس هنا خبر يدل على تفسير الناصب بأنه المبغض لأهل البيت ( عليهم السلام ) كما يدعونه بل الخبران المتقدمان صريحان في أنك لا تجد أحدا يقول ذلك.
وبالجملة فإنه لا دليل لهم ولا مستند أزيد من وقوعهم في ورطة القول باسلامهم فتكلفوا هذه التكلفات الشاردة والتأويلات الباردة، على أنا قد حققنا في الشهاب الثاقب الأخبار الكثيرة بغض المخالفين المقدمين للجبت والطاغوت غير المستضعفين لأهل البيت عليهم السلام وإليه يشير كلام شيخنا الشهيد الثاني المتقدم نقله من الروض.(1/109)
ومن أظهر ما يدل على ما ذكرناه ما رواه جملة من المشايخ عن الصادق عليه السلام قال: " الناصبي شر من اليهودي. فقيل له وكيف ذلك يا ابن رسول الله ؟ قال إن الناصبي يمنع لطف الإمامة وهو عام واليهودي لطف النبوة وهو خاص " فإنه لا ريب أن المراد بالناصبي هنا مطلق من أنكر الإمامة كما ينادي به قوله " يمنع لطف الإمامة " وقد جعله عليه السلام شرا من اليهودي الذي هو من جملة فرق الكفر الحقيقي بلا خلاف. ومن أراد الإحاطة بأطراف الكلام والوقوف على صحة ما ادعيناه من أخبار أهل البيت ( عليهم السلام ) فليرجع إلى كتابنا المشار إليه آنفا فإنه قد أحاط بأطراف المقال ونقل الأقوال والأدلة الواردة في هذا المجال.(1)
ويذكر حسين الدرازي في محاسنه نقلا عن شرح نهج البلاغة للراوندي ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن الناصب بعده قال: من يقدم على علي غيره، ثم قال إن أخبارهم عليهم السلام تنادي بان الناصب هو ما يقال له عندهم سنياً.. وعلق في موضع آخر على احد روايات الكافي قائلا: ولا كلام في ان المراد بالناصبة فيه _ أي في الرواية – هم أهل التسنن.(2)
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5 /185
(2) - المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخرسانية ، لحسين آل العصفور ، 147(1/110)
ويقول نعمة الله الجزائري: اما الناصبي الذي ورد في الأخبار أنه نجس وأنه شر من اليهودي والنصراني والمجوسي وأنه كافر نجس باجماع علماء الامامية رضوان الله عليهم، فالذي ذهب إليه اكثر الأصحاب هو ان المراد به من نصب العداوة لآل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. وذهب الشهيد الثاني قدس الله روحه الي ان الناصبي هو الذي نصب العدواة لشيعة أهل البيت عليهم السلام وتظاهر بالرقوع فيهم، كما هو حال اكثر المخالفين لنا في هذه الاعصار في كل الامصار، وعلى هذا فلا يخرج من النصب سوى المستضعفين منهم والمقلدين والبله والنساء ونحو ذلك وهذا المعنى هو الاولى، ويدل عليه قول الصادق عليه السلام: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لانك لا تجد رجلا يقول انا ابغض محمد وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انكم تتولونا وانكم من شيعتنا، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان علامة الناصب تقديم غير علي عليه.. ويؤيد هذا المعنى ان الائمة عليهم السلام وخواصهم اطلقوا لفظ الناصبي على أبي حنيفة وامثاله مع ان ابا حنيفة لم يكن ممن نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام بل كان له انقطاع اليهم وكان يظهر التودد.(1)
ويقول علي آل محسن: وأما النواصب من علماء أهل السنة فكثيرون أيضا، منهم ابن تيمية وابن كثير الدمشقي وابن الجوزي وشمس الدين الذهبي وابن حزم الأندلسي وغيرهم، وهؤلاء وإن نفوا عن أنفسهم النصب إلا أن المتأمل في كتبهم يحصل له الجزم بما قلناه، ولولا خشية الإطالة والخروج عن موضوع الكتاب لأقمنا الأدلة الواضحة الدالة على عداوتهم لأهل البيت عليهم السلام من كتبهم ومن أقوال العلماء الآخرين فيهم.(2)
__________
(1) - الانوار النعمانية ، 2/306
(2) - كشف الحقائق ، لعلي آل محسن ، 204(1/111)
وكذلك ذكر المعلم قائمة طويلة من علماء ومفكري أهل السنة على أنهم من النواصب حيث قال: ومنهم عمر بن الخطاب وأبو بكر وعثمان وعائشة وانس بن مالك وحسان بن ثابت والزبير بن العوام وسعيد ن المسيب وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله والإمام الأوزاعي والامام مالك والأشعري وعرزة بن الزبير وابن جزم وابن تيمية والامام الزهبي والبخاري والزهري والمغيرة بن شعبة والباقلاني والشيخ حامد الفقي ومحمد رشيد رضا ومحب الدين الخطيب والآلوسي..ألخ(1)
ويقول التيجاني: وغني عن التعريف بأن مذهب النواصب هو مذهب أهل السنة والجماعة فناصر مذهب النواصب المتوكل هو نفسه محيي السنة فافهم. وقال: وبعد هذا العرض يتبين لنا بوضوح بأن النواصب الذين عادوا عليا عليه السلام وحاربوا أهل البيت ( عليهم السلام )، هم الذين سموا أنفسهم ب " أهل السنة والجماعة.(2)
__________
(1) - النصب والنواصب ، لمحسن المعلم ، 259
(2) - الشيعة هم أهل السنة ، للتيجاني السماوي ، 163(1/112)
وعلى أي حال بيان هذا الأمر فيه طول، ونجتزي بالايجاز الذي ذكرناه ففيه كفاية للوقوف على ان مفهوم الناصب عند الشيعة هم أهل السنة. وحسبنا من كل هذا رواية محمد بن علي بن عيسى والذي لا يكاد يخلو كتاب منه حيث قال: كتبت إليه ( أي الإمام موسى الكاظم ) أسأله عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتها ؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب.(1)ثم لبيان انه يجوز أخذ اموال أهل السنة والمهم في ذلك هو إخراج الخمس.
تتمة ذكر روايات الخمس، ودراسة أسانيدها.
__________
(1) - الرسائل التسع ، للحلي 277(ه) ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5 /186 ، 10 /361 ، 18 /157 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 1 /206 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 6 /64 ، 30 /95 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 /357 ، مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 1 ق 2 /568 ، كتاب الطهارة ، للخميني ، 3 /324 ، كتاب الطهارة ، الأول ، للگلپايگاني 314 ، نتائالأفكار ، الأول ، للگلپايگاني 242 ، فقه الصادق (ع) ، ، لمحمد صادق الروحاني ، 3 /302(ش) ، 9 /359(ش) ، 21 /473(ش) ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /341 ، مستطرفات السرائر ، لابن إدريس الحلي 583 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 31 /625 ، 69 /135 ، نور البراهين ، لنعمة الله الجزائري ، 1 /57(ش) ، كتاب الأربعين ، للماحوزي 349 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /533 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني 196 ، الفوائد المدنية والشواهد المكية ، محمد أمين الإسترآبادي ، السيد نور الدين العاملي 452(1/113)
10- الكشي: محمد بن مسعود، قال: حدثني ابراهيم بن محمد بن فارس، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شهاب بن عبد ربه، عن أبي بصير قال: ان علباء الاسدي ولي البحرين فأفاد الف دبنار ودواب ورقيقا قال: فحمل ذلك كله حتى وضعه بين يدي أبي عبدالله عليه السلام ثم قال: إني وليت البحرين لبني امية، وافدت كذا وكذا وقد حملته كله اليك، وعلمت ان الله عزوجل لم يجعل لهم من ذلك شيئا وانه كله لك، فقال ابوعبدالله عليه السلام: هاته قال: فوضع بين يديه، فقال له: قد قبلنا منك ووهبناه لك واحللناك منه وضمنا لك على الله الجنة.(1)
العياشي وان كان ثقة الا انه يروي عن الضعفاء كثيرا(2)، وقال هو في ابراهيم بن فارس الذي يروي عنه هذا الحديث انه لا بأس به، ولكن بعض من يروي هو عنه(3)، وشهاب بن عبد ربه ذكر الكشي في ذمه روايات(4)، وفي أبي بصير وردت روايات متعارضه بين مادحة فيه وأخرى ذامة.(5)
أما علباء الأسدي راوي القصة نفسه فقد قال الخوئي فيه وفي القصة نفسها: أقول: قصة ولاية البحرين وإصابة مال كثير بها وحمل ذلك المال إلى الإمام عليه السلام وضمانه الجنة، رواها ابن أبي عمير، عن شهاب بن عبد ربه، عن أبي بصير، وأنها كانت لعلباء. ذكره الكشي في ترجمة علباء بن دراع الأسدي ومن البعيد تعدد القصة، وأن الأب ولي البحرين في زمان الصادق عليه السلام، ووليها ابنه في زمان الباقر عليه السلام، والراوي لكلتا القصتين هو ابن أبي عمير، فمن القريب وقوع الاشتباه في نقل القصة
__________
(1) - رجال الكشي ، 200 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/195 المقنعة ، 281
(2) - معجم الخوئي ، 17/224
(3) - معجم الخوئي ، 1/286
(4) - رجال الكشي ، 415 معجم الخوئي ، 9/41
(5) - أنظر تفصيل ذلك في: معجم الخوئي ، 14/140(1/114)
واحتمل بعضهم في الرواية الأولى أن الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن الحكم، عن علباء، ونسب ذلك إلى بعض نسخ التهذيب، وحينئذ فتتحد الروايتان في المفاد غير أن الواقعة على الرواية الأولى كانت مع أبي جعفر عليه السلام، وعلى الثانية كانت مع أبي عبد الله عليه السلام. ثم على تقدير تسليم التعدد لا يمكن الاستدلال بالرواية على جلالة الرجل وعظمته وذلك من جهة ما نبهنا عليه غير مرة من أنه لا يمكن الاستدلال على حسن رجل أو وثاقته، بما يرويه هو نفسه.(1)
11- الطوسي: الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن الحكم بن علباء الاسدي قال قال: وليت البحرين.. فذكر الرواية السابقة بتفاوت.(2)
مر الكلام في رجال السند.
12- علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن معادن الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر؟ فقال: عليها الخمس.(3)
مر الكلام في بعض رجال السند، وإبن دراج مهما قيل فيه فقد كان من الواقفة ثم رجع لما ظهر من المعجزات على يد الرضا كما يزعم القوم(4)، وإبن مسلم وان كان ثقة علي الارجح الا انه وردت في ذمه عدة روايات.(5)
__________
(1) - معجم رجال الخوئي ، 7/ 185
(2) - التهذيب ، 4/137 الاستبصار ، 2/58
(3) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/491 الكافي ، للكليني ، 1/544 التهذيب ، 4/121 المستدرك ، 7/281 اليرهان ، 2/84 ،85
(4) - غيبة الطوسي ، 71 معجم الخوئي ، 4/149
(5) - معجم الخوئي ، 17/247 الكشي ، ترجمة (67) جامع الرواة ، 2/193 مجمع الرجال ، 6/47(1/115)
13- الكليني: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام عن الكنز كم فيه؟ قال: الخمس، وعن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس، وكذلك الرصاص والصفر والحديد وكلما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من معادن الذهب والفضة.(1)
مر الكلام في القمي صاحب التفسير وأبيه، وإبن أبي عمير، وحماد هو بن عيسى الجهني الذي مر الكلام فيه، فقد وثقه القوم إلا أنه ورد فية ذم لمخالفته أمر الإمام الجواد، ولكن الخوئي رد رواية ذمه هذه، ولا بد فالرجل وقع في إسناد اكثر من الف وستة وثلاثين رواية.(2)
14- الطوسي: محمد بن علي بن محبوب عن العباس بن معروف عن حماد ابن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلما كان ركازاً ففيه الخمس وقال: ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج الله منه من حجارته مصفى الخمس.(3)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1/546 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/492 الفقيه ، 2/21 البرهان ، 2/84 ،85 التهذيب ، 4/121
(2) - معجم الخوئي ، 6/224
(3) - التهذيب ، 4/122 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/492 البرهان ، 2/85(1/116)
محمد بن علي قال الطوسي في رواية جاء في سندها: أول ما في هذا الخبر أنه ضعيف الاسناد جدا، لان رواته كلهم مطعون عليهم.(1)ولكن الخوئي تعقبه في ذلك. وحماد مر الكلام فيه، وحريز بن عبدالله السحستاني ذكره بن داود في القسم الثاني من رجاله والذي جعله للمجروحين والمجهولين، حيث لم تثبت وثاقته عنده وذكرة بلفظ قيل ثقه(2)، ووردت فيه رواية صححها الخوئي تدل على جفاء الصادق له وحجبه عنه(3)، و زرارة اختلف القوم فيه.(4)
15- الطوسي: أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن أبي ايوب عن محمد بن مسلم قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن الملاحة؟ فقال: وما الملاحة؟ فقال: ارض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا فقال: هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: والكبريت والنفط يخرج من الأرض؟ قال فقال: هذا واشباهه فيه الخمس.(5)
__________
(1) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 9/ 204
(2) - رجال بن داود الحلي ، 237
(3) - رجال الكشي ، ترجمة 166 رجال النجاشي ، 1/341 معجم الخوئي ، 4/242 ،249
(4) - معجم الخوئي ، 7/218 الكشي ، ترجمة 62 مجمع الرجال ، 3/25 جامع الرواة ، 1/ 324
(5) - التهذيب ، 4/122 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/492 البرهان ، 2/85 الفقيه ، 2/21(1/117)
أحمد بن محمد هو إبن أبي النصر البزنطي روى فيه القوم ان الرضا دفع اليه بمصحف وقال له: لا تنظر فيه؟ قال: ففتحته وقرأت فيه: لم يكن الذين كفروا، فوجدت فيها سبعين رجلا من قريش باسمائهم واسماء آبائهم، قال: فبعث الى: ابعث إلى بالمصحف(1)، ففيه القول بتحريف القرآن و عدم اطاعتة لامامه وحسبه احداهما، ورغم ذلك فالرجل عظيم المنزلة عند القوم(2)، وأبي أيوب مجهول الحال(3)، وإبن مسلم مر ذكره.
16- الكليني: محمد بن يحى، عن محمد بن الحسين ( بن أبي الخطاب)، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن علي (بن أبي عبدالله)، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه؟ قال: اذا بلغ ثمنه ديناراً ففيه الخمس.(4)
آفة الرواية جهالة محمد بن علي(5)، وتكلمنا في ابن أبي نصر.
17- الكليني: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ؟ فقال عليه السلام: عليه الخمس.(6)
مر الكلام في اكثر رجال السند.
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2/631 فصل الخطاب ، 349 مراة الانوار ، 37 الكشي ، 492 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 92/54 الصافي ، 1/41 البصائر ، 246 معجم الخوئي ، 2/234 مجمع الرجال ، 1/158
(2) - معجم الخوئي ، 2/231
(3) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 22/ 39
(4) - الكافي ، للكليني ، 1/547 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/493 البرهان ، 2/84 ،86 التهذيب ، 4/124 ،139 المقنعة ، 46 الفقيه ، 2/21
(5) - معجم الخوئي ، 16/304
(6) - الكافي ، للكليني ، 1/548 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/498 التهذيب ، 4/121 البرهان ، 2/85(1/118)
18- الطوسي: سعد بن عبدالله عن أبي جعفر عن علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن الاشعري قال: كتب بعض اصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب على الصناع وكيف ذلك؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤونة.(1)
سعد بن عبدالله الاشعري القمي، رغم منزله فقد ذكره ابن داود في القسم الثاني من رجاله المختص بالمجروحين و المجهولين(2)، و محمد بن الحسن الأشعري قال فيه الخوئي وثاقته لم تثبت وهو مجهول الحال(3)، وابي جعفر هو أحمد بن محمد بن عيسى، الذي مر ذكره.
19- الطوسي: سعد بن عبدالله عن أحمد بن محمد عن علي بن مهزيار قال: حدثني محمد بن علي بن شجاع النيسابوري أنه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكي فأُخذ منه العشر عشرة اكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقي في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شىء؟ فوقع عليه السلام لي منه لخمس مما يفضل من مؤونته.(4)
حسب السند جهالة النيسابوري(5)، والبعض الآخر مر ذكرهم.
20- الكليني: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عثمان، عن سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس؟ فقال: في كل ما افاد الناس من قليل أو كثير.(6)
__________
(1) - التهذيب ، 4/123 الاستبصار ، 2/55 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/500 البرهان ، 2/85
(2) - رجال ابي داود ، 247 معجم الخوئي ، 8/76
(3) - معجم رجال الخوئي ، 16/ 216
(4) - التهذيب ، 4/16 الاستبصار ، 2/17 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/500
(5) - معجم الخوئي ، 16/329
(6) - الكافي ، للكليني ، 1/545 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/503 البرهان ،2/84(1/119)
مر ذكر القمي وابيه وابن أبي عمير، وسماعة بن مهران رغم توثيق النجاشي له إلا ان اضرابه ضعفوة وذكروه تحت قسم من لا يعتمد على رواياتهم(1)، بل وقالوا أنه واقفي.(2)
21- الكليني: عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد (وفي بعض النسخ عن يزيد) قال: كتبت: جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة وما حدها رأيك – ابقاك الله تعالى- ان تمن علي ببيان ذلك لكيلا اكون مقيما على حرام لا صلاة لي ولا صوم، فكتب: الفائدة مما يفيد إليك في تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام أو جائزة.(3)
ان كان كما في بعض النسخ عن يزيد فأحمد بن محمد هو الاشعري الذي مر ذكره، والا فالرجل ليس له ذكر في الكتب الرجالية.(4)
22- الطوسي: (محمد بن علي بن محبوب) عن محمد بن الحسين عن عبدالله بن القاسم الحضرمي عن عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله عليه السلام قال: حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق.(5)
__________
(1) - معجم الخوئي ، 8/297
(2) - دراسات في علم الدراية ، لعلي أكبر غفاري 29 ، رسائل في دراية الحديث ، لأبو الفضل حافظيان البابلي ، 1 /169 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /769 ، الرعاية في علم الدراية (حديث) ، للشهيد الثاني 82 ، سماء المقال في علم الرجال ، لأبو الهدى الكلباسي ، 2 /449 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 2 /399 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 9 /313 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، لمحمد على الأبطحي ، 4 /380(ش)
(3) - الكافي ، للكليني ، 1/545 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/503
(4) - معجم الخوئي ، 2/318
(5) - التهذيب ، 4/122 الاستبصار ، 2/55 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/503 البرهان ، 2/85(1/120)
آفته الحضرمي، قال فيه النجاشي: كذاب غال يروي عن الغلاة لا خير فيه ولا يعتد بروايته، وقال فيه ابن الغضائري: كوفي ضعيف ايضا غال متهافت لا ارتفاع به، وقال ابن داود: ليس بشيء البته، وكذا قال الحلي.(1)
23- الطوسي: الريان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام: ما الذي يجب علي يا مولاي في غلة رحى ارض في قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي وقصب ابيعه من اجمه هذه القطيعة فكتب: يجب عليك فيه الخمس ان شاء الله تعالى.(2)
طريق الطوسي إلى إبن الصلت حسب ما ذكره في فهرسه: الشيخ المفيد والحسين بن عبيدالله عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه وحمزة بن محمد ومحمد بن علي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن الريان بن الصلت.
حمزة بن محمد مجهول الحال ولم يرد فيه سوى ترضي الصدوق عليه كعادته في مشايخه وهذا لا يدل على الوثاقة كما ذكر ذلك الخوئي مرارا عند الكلام في هؤلاء(3)، وكذا شأن محمد بن علي ماجيلويه، والقمي صاحب التفسير وابوه مر الكلام فيهما.
24- إبن إدري السؤال: محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن هلال عن ابن أبي عمير عن ابان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كتبت اليه في الرجل يهدي اليه مولاه والمنقطع اليه هدية تبلغ الفي درهم أو اقل أو اكثر هل عليه فيها خمس؟ فكتب عليه السلام الخمس وفي ذلك. وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال انما يبيع منه الشيء بمائة أو خمسين درهما هل عليه الخمس فكتب اما ما اكل فلا واما البيع فنعم هو كسائر الضياع.(4)
__________
(1) - النجاشي ، 2/30 مجمع الرجال ، 4/35 رجال ابن داود ، 470 رجال الحلي ، 236 معجم الخوئي ، 10/284
(2) - التهذيب ، 4/139 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/504
(3) - معجم الخوئي ، 17/55
(4) - السرائر ، 476 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/504(1/121)
ابن هلال قال فيه الطوسي: كان غاليا متهما في دينه وقد روى اكثر اصول اصحابنا، وقال: مشهور بالغلو واللعنة وما يختص بروايته لا نعمل به، وقال في موضع آخر: ضعيف فاسد المذهب لا يلتفت إلى حديثه فيما يختص بنقله، وقال الحلي: وتوقف ابن الغضائري في حديثه، وعندي: ان روايته غير مقبوله. والرجل وردت في لعنه عن الائمة روايات(1)، ابن أبي عمير مر ذكره، وابان بن عثمان، مختلف فيه(2)، وفي أبي بصير وردت روايات متعارضه بين مادحة فيه وأخرى ذامة.(3)وإبن إدريس نفسه مضى الكلام فيه.
25- الطوسي: سعد عن يعقوب بن يزيد عن علي بن جعفر عن الحكم ابن بهلول عن أبي همام عن الحسن بن زياد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ان رجلا اتى امير المؤمنين عليه السلام فقال: يا امير المؤمنين إني اصبت مالا لا اعرف حلاله من حرامه فقال: اخرج الخمس من ذلك المال.(4)
آفة السند إبن بهلول فهو مجهول(5)، وسعد مر ذكر أن ابن داود أورده في القسم الثاني من رجاله المختص بالمجروحين و المجهولين رغم منزلته عند القوم. وضعف البعض سند الرواية.(6)
__________
(1) - انظر تفصيل ذلك كله في: معجم الخوئي ، 2/354 رجال الحلي ، 121 ،202 ،274 رجال ابن داود ، 425 النجاشي ، 83 رجال الطوسي ، 410 فهرست الطوسي ، 36 الكشي ، 535 التهذيب ، 9/204 الاستبصار ، 3/28 غيبة الطوسي ، 245
(2) - معجم الخوئي ، 1/157
(3) - أنظر تفصيل ذلك في: معجم الخوئي ، 14/140
(4) - التهذيب ، 4/124 ،138 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/506
(5) - معجم الخوئي ، 6/165
(6) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 4/ 320 (ش)(1/122)
26- الطوسي: عن أحمد بن الحسن بن علي عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل؟ قال: لا إلا ان لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة فان فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسة إلى أهل البيت.(1)
كل رجال هذا السند من الفطحية، يقول الكشي: وهم القائلين بامامة عبدالله بن جعفر الصادق، وسموا بذلك لأنه قيل أنه كان افطح الرأس وقال بعضهم كان افطح الرجلين وقال بعضهم انهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال له عبدالله بن فطيح والذين قالوا بامامته عامة مشايخ العصابة وفقهائها مالوا إلى هذه المقالة فدخلت عليهم الشبهة لما روي عنهم عليهم السلام انهم قالوا: الامامة في الاكبر من ولد الامام اذا مضى، ثم ان منهم من رجع عن القول بامامته لما امتحنه بمسائل الحلال والحرام و لم يكن عنده فيها جواب ولما ظهر منه من الاشياء التي لا ينبغي ان يظهر من الامام، ثم ان عبدالله مات بعد ابيه بسبعين يوما فرجع الباقون الا شذاذا منهم عن القول بامامته الي القول بامامة أبي الحسن موسي عليه السلام، ورجعوا إلى الخبر الذي روي ان الامامة لا تكون في اخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام وبقي شذاذ منهم على القول بامامته.(2)
توثيق الشيعة للفطحية رغم إنكارهم للأئمة الأثنى عشر
والقوم وثقوا هؤلاء الفطحية. رغم انك قد عرفت في غير هذا الموضع ان القوم يرون كفر سائر من لم يعتقد بامامة الاثني عشر حتى نقل الشيخ المفيد إجماع الإمامية على ان من أنكر إمامة أحد من الائمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار.(3)
__________
(1) - التهذيب ، 4/330 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/506
(2) - الكشي ، 254 ، معجم رجال الخوئي ، 13/ 277
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 8/366 ، 23/390 حق اليقين ، 2/276(1/123)
وقد طبقوا هذا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قالوا بارتدادهم لانهم جحدوا النص على علي رضي الله عنه وهم بذلك غير ثقات و أن أحاديث مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب وعمرو بن العاص ونظائرهم ليس لها عند الإمامية من الإعتبار مقدار بعوضة(1)، كما يزعمون.
رغم ذلك يوثقون هؤلاء ما دام الامر يخدم معتقدهم ويضعفونهم ويتهمونهم بالفطحية اذا ما تعارضت رواياتهم مع عقائد القوم.
فراوي الحديث عمار مثلا فطحي، قال فيه الطوسي ضعفة جماعة من أهل النقل وذكروا ان ما ينفرد بنقله لا يعمل به لانه كان فطحيا فاسد المذهب.. ولكنه وثقه في النقل، وذكره ابن داود في القسم الثاني من رجاله الذي عرفت انه جعله للمجروحين والمجهولين، وكذا فعل الحلي وقال والوجه عندي ان روايته مرجحه، وقال في الخلاصة: أنا أعتمد على روايته وإن كان مذهبه فاسدا. وعقب الخوئي على ذلك – أي ايرادهم لعمار في القسم الثاني من كتابيهما - ان الوجه في ذلك فساد عقيدة عمار وبقائه على الفطحية إلى ان مات، ولكنه خلص إلى انه لا ينبغي الاشكال في وثاقته.(2)
__________
(1) - اصل الشيعة واصولها ، لآل كاشف الغطاء ، 79 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1 /56 ، 182 ، نظرة عابرة إلى الصحاح الستة ، لعبد الصمد شاكر 292
(2) - انظر تفصل ذلك كله في: معجم الخوئي ، 12/260 رجال ابن داود ، 487 ،533 رجال الحلي ، 243 الاستبصار ، 3/95 التهذيب ، 7/101 ، رجال النجاشي ، 222 ، رجال الطوسي ، 226 ، الفهرست ، 106 ، رجال الكشي ، 345 ، 375 ، تنقيح المقال ، 2/ 171(1/124)
فصاحبنا عمار مثلا وقد عرفت قول الطوسي فيه، لما اورد في تهذيبة روايتان من طريقه في باب السهو في صلاة المغرب وكانتا تعارضان راويات اخري قال: فالوجه في هذين الخبرين ان لا يعارض بهما الأخبار الاوله لان الاصل فيهما واحد وهو عمار الساباطي وهو ضعيف فاسد المذهب لا يعمل على ما يختص بروايته وقد اجتمعت الطائفة على ترك العمل بهذا الخبر.(1)
والحال ان المسألة خلافية عند القوم لذا كثيراً ما تجد في كتب الشيعة عن الفطحية أمثال: والرواية ضعيفة لانفراد الفطحية بها، وهو احتجاج ضعيف، لضعف سند الرواية باشتماله على جماعة من الفطحية، وهي مع ضعف سندها باشتماله على جماعة من الفطحية، وهذه الروايات كلها ضعيفة لانفراد الفطحية بها، وهذه الرواية في سندها جماعة من الفطحية، و الجواب أولا بالطعن في السند باشتماله على جماعة من الفطحية، وهي ضعيفة السند بجماعة من الفطحية، وفي طريقها بعض الفطحية، وأجيب عنه باستضعاف السند لان في طريق الرواية جماعة من الفطحية. وغيرها من عبارات.(2)
__________
(1) - الاستبصار ، 1/372
(2) - المعتبر ، للحلي ، 1/461 ، مدارك الأحكام ، لمحمد العاملي ، 1 /132(ش) ، 2 /362(ش) ، 364(ش) ، 396(ش) ، 3 /71(ش) ، 153(ش) ، 268(ش) ، 4 /136(ش) ، 153(ش) ، 256(ش) ، 443(ش) ، 6 /57(ش) ، 80(ش) ، 208(ش) ، 289(ه( ، ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 1 ق 3 /509 ، مشارق الشموس ، للخوانساري ، 1 /240 ، 287 ، كشف اللثام ، للفاضل الهندي ، 3 /111 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1 /432 ، 5 /496 ، 6 /215 ، 9 /211 ، 10 /322 ، 372 ، 11 /361 ، 13 /213 ، 23 /350 ، مصباح الفقيه ، لآقا رضا الهمداني ، 1 ق 1 /49 ، 2 ق 1 /212 ، 2 ق 2 /494 ، 737 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 5 /612(ش) ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 2 /429(ش) ، 8 /199(ش) ، عوالي اللئالي ، لابن أبي جمهور الأحسائي ، 4 /46(ه((1/125)
فهذه هي مقايسهم، وعلى أي حال ليس هذا الكتاب مكان بيان هذا الموضوع.
تتمة ذكر روايات الخمس، ودراسة أسانيدها.
27- الكليني: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اتى رجل امير المؤمنين عليه السلام فقال: إني كسبت مالا اغمضت في مطالبه حلالا و حراما و قد اردت التوبة ولا ادري الحلال منه والحرام وقد اختلط علي فقال امير المؤمنين عليه السلام: تصدق بخمس مالك فإن الله رضي من الاشياء بالخمس وسائر الأموال لك حلال.(1)
مر ذكر القمي وابيه، والنوفلي قال فيه بعض القميين أنه غلا في آخر عمره(2)، والسكوني مختلف فيه والأكثر مال إلى تضعيفه.(3)
28- الكليني: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبدالصمد بن بشير عن حكيم مؤذن إبن عيسى قال: سألت اباعبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى: وَاعْلَمُوا أنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسهُ وَلِلرَّسُولِ، فقال ابوعبدالله عليه السلام بمرفقيه على ركبتيه ثم اشار بيده، ثم قال: هي والله الإفادة يوما بيوم.(4)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 5/125 ، المحاسن ، 320 المقنعة ، 46 ، الفقيه ، 3/189 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/506 ، البرهان ، 2/86 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/191
(2) - معجم الخوئي ، 6/113
(3) - معجم الخوئي ، 3/105 ، رجال الحلي ، 35 ،199 ، الفقيه ، 4/249
(4) - الكافي ، للكليني ، 1/544 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/536 ، البرهان ، 2/85 ، نور الثقلين ، 2/156 ، الصافي ، 2/303 وقال: يعني استفادة المال من اية جهة كانت 0(1/126)
محمد بن سنان وان اُختلف فيه إلا ان إبن عقدة والنجاشي والطوسي، والمفيد وابن الغضائري ضعفوه، وعده الفضل بن شاذان من الكذابين(1)، وحكيم مجهول الحال، فضلاً عن أن بعض الروايات ورد أنه مؤذن بني عبيس، وفي أخرى مؤذن بتي عبس.(2)
29- الطوسي: علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن علي بن يوسف عن محمد بن سنان عن عبدالصمد بن بشير عن حكيم مؤذن بني عبس عن أبي عبدالله عليه السلام قال.. فذكر الرواية السابقة.(3)
الكلام في سند هذه الرواية كالكلام في سابقه.
30- شرف الدين النجفي: عن تفسير محمد بن العباس الماهيار، عن أحمد بن إبراهيم، عن عباد، باسناده إلى عبد الله بن بكير، يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام، في قوله عز وجل: ويل للمطففين " يعني الناقصين لخمسك يا محمد ( الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ) أي إذا صاروا إلى حقوقهم من الغنائم يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون أي إذا سألوهم خمس آل محمد ( عليهم السلام ) نقصوهم ".(4)
وفي بعض النسخ أحمد بن إبراهيم بن عباد. وعلى أي حال فالسند منقطع، وابن بكير محتلف فيه.(5)
__________
(1) - معجم الخوئي ، 16/160 ، النجاشي ، 2/208 ، تنقيح المقال ، 3/135 ، الفهرست ، 173 ، الطوسي ، 386 ، الكشي ، ترجمة 154 ،419 ،245 ، التهذيب ، 7/361 ، الاستبصار ، 3/224 ، رجال ابن داود ، 273 ، مجمع الرجال ، 5/222
(2) - معجم الخوئي ، 6/188 ، الكافي ، للكليني ، 1/544 (الحاشية)
(3) - التهذيب ، 4/121 ، الاستبصار ، 2/54
(4) - تأويل الآيات ، 2/771 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 24/280 ، 96/188 ،189 ، المستدرك ، 7/278 ، البرهان ، 4/437 ، كنز الفوائد ، 419 ،373 ، كنز الدقائق ، 14/176
(5) - معجم الخوئي ، 10/122(1/127)
31- تفسير القمي: قال علي بن ابراهيم وَلَمْ نَكُ نُطعِمُ المِسكِينَ – المدثر 44، قال: حقوق آل محمد من الخمس لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وهم آل محمد عليهم السلام. وفي قوله تعالى: وَلاَ تَحاضُّون عَلَى طَعامِ اُلمِسكِينِ – الفجر 18 قال: . أي لا تدعونهم وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم واكلوا أموال اليتامى وفقراءهم وابناء سبيلهم.(1)
الرواية غير مسنده وحسب ورودها في تفسير القمي، والقوم في صحة روايات تفسيره على خلاف كبير ولا بد وذلك لتلك المصائب التي ملأ بها القمي تفسيره كالقول بتحرف القرآن(2)، والطعن في الصحابة وقذف امهات المؤمنين بالفاحشة، وغيرها، والروايات في ذلك كثيرة لا يسعنا ذكر شيء منها لعدم مناسبة المقام لذلك، ولكن لابأس من ذكر مثال علي هذا الأخير، روى القمي في تفسير قوله عزوجل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا...[التحريم: 10]، عن أبي الحسن قال: والله ما عنى بقوله: فخانتاهما، الا الفاحشة، وليقيمن الحد علي فلانة – أي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها-فيما اتت في طريق البصرة، وكان فلان يحبها، فلما ارادت ان تخرج إلى البصرة قال لها فلان: لا يحل لك ان تخرجي من غير محرم، فزوجت نفسها من فلان.(3)
__________
(1) - تفسير القمي ، 2/386 ،417 ، المستدرك ، 7/279 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/185
(2) - انظر قوله في ذلك ، 22 ،23 من تفسيره
(3) - تفسير القمي ، 2/362 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22 /240 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 7 /238(ه( ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5 /375(1/128)
ولا شك انك عرفت من هو فلان، وفي بعض النسخ جاء التصريح بإسمه، وهو طلحة.(1)، ولأمثال هذه الرواية و غيرها طعن بعض المحققين(2)من القوم في نسبة التفسير إلى القمي، أو القول ان التفسير ليس للقمي وحده، وانما هو ملفق مما أملاه القمي علي تلميذه أبي الفضل العباس، وما رواه التلميذ بسنده الخاص عن أبي الجارود عن الامام الباقر، وابوالفضل العباس هذا، ليس له ذكر في الأصول الرجالية ولا يعرف من هو، و ابوالجارود، زياد بن المنذر، هو زيدي المذهب، والاختلاف فيه بيّن عند القوم، و الأكثر على ذمه، ومن الذين فصلوا القول في هذا التفسير الشيخ جعفر السبحاني، حيث خلص إلى القول: بأنه كيف يمكن الاعتماد على ما ذكر في ديباجة الكتاب(3)لو ثبت كون الديباجة لعلي بن ابراهيم نفسه؟ وقال: ثم ان الاعتماد على هذا التفسير بعد هذا الاختلاط مشكل جداً، خصوصا مع ما فيه من الشذوذ في المتون.(4)اما الذين قالوا بالتفريق ذهبوا إلى صحة مرويات القمي المسنده دون مارواة أبي الفضل وأبي الجارود كروايتنا هذه التي صدرت بقال علي بن ابراهيم، مما يدل على كونها ليست من مرويات القمي.
__________
(1) - البرهان ، 4/358 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 22/240 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5 /375
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 22/240 الحاشية ، كليات في علم الرجال ، 320
(3) - يشير إلى قول القمي في المقدمة من روايته للتفسير عن الثقات0
(4) - كليات في علم الرجال ، 309 وما بعده انظر ايضا: اصول علم الرجال ، محمد علي المعلم ، 163(1/129)
32- السياري: عن محمد بن اورمة عن الربيع بن زكريا عن رجل عن يونس بن ظبيان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من أعطى الخمس واتقى ولاية الطواغيت وصدق بالحسنى بالولاية فسنيسره لليسرى قال لا يريد شيئا من الخير الا تيسر له واما من بخل بالخمس واستغنى براءة عن أولياء الله وكذب بالحسنى الولاية فلا يريد شيئا من اليسر الا تعسر له الخبر.(1)
ابن اورمة اتهمه القميون بالغلو(2)، ضعفه كل من ذكره من الرجاليين وطعن عليه بالغلو(3)، وابن ظبيان متهم، غال، وضاع للحديث، كذاب، ملعون على لسان الرضا(4)، وعلى أي حال فالسياري نفسه ضعيف فاسد المذهب، مجفو الرواية، غال، محرف، متهالك، ومن القائلين بالتحريف كما ذكره النوري في فصل الخطاب ونقل عنه الكثير من روايات التحريف من كتابه القراءات.(5)
33- العياشي: عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اصلحك الله ما ايسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من اكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم.(6)
العياشي نفسه ذكرنا انه ثقة الا انه يروي عن الضعفاء كثيرا(7)، اما تفسيره فجل رواياته محذوفة الاسانيد كروايتنا هذه(8)، فضلا عن انه حوى الكثير من مسائل التحريف و الطعن في سلف هذه الامه، والغلو، وغيرها من عقائد فاسده تماما كشأن تفسير القمي. وابو بصير مر ذكره.
__________
(1) - التنزيل والتحريف ، 67 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 7 /280 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /524
(2) - معجم الخوئي ، 15/115
(3) - معجم الخوئي ،7/170
(4) - معجم الخوئي ، 20/192
(5) - معجم الخوئي ، 2/282
(6) - المستدرك ، 7/302 ، لعياشي ، 1/ 251 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/337 ،الفقيه ، 2/22 ، فقه الرضا ، 293 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/187 ، البرهان ، 1/347
(7) - معجم الخوئي ، 17/224
(8) - مقدمة التفسير ، 1/7 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 1/28 ، الذريعة ، 4/295(1/130)
34- الصدوق: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبدالله عن أحمد بن محمد عيسى عن محمد بن أبي عمير عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: .. فذكر رواية العياشي السابقة.(1)
مر ذكر اكثر رجال السند، وعلي بن أبي حمزة البطائني كذاب متهم.(2)
35- الكليني: سهل، عن أحمد بن المثنى قال: حدثني محمد بن زيد (يزيد) الطبري قال: كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي ابوالحسن الرضا عليه السلام يسأله الإذن في الخمس فكتب اليه فيما كتب: لا يحل مال الا من وجه احله الله وان الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا، وما نبذله و نشتري من اعراضنا ممن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا..والمسلم من يفي لله بما عهد اليه وليس المسلم من اجاب باللسان وخالف بالقلب والسلام.(3)
مر الكلام في سهل، والمثنى مجهول(4)، وكذا حال الطبري.(5)
36- الكليني: سهل، عن أحمد بن المثنى، عن محمد بن زيد (يزيد) قال: قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه ان يجعلهم في حل من الخمس؟ فقال: ما أمحل هذا، تمحضونا بالمودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس، لا نجعل، لا نجعل، لا نجعل لاحد منكم في حل.(6)
الكلام في هذا السند كالكلام في سابقه.
__________
(1) - كمال الدين ، 472 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/186
(2) - معجم الخوئي ، 11/214 ، رجال الحلي ، 96 ، اصول علم الرجال ، 530
(3) - الكافي ، للكليني ، 1/548 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/538 ، الاستبصار ، 2/59 ، التهذيب ، 4/139
(4) - معجم الخوئي ، 2/193
(5) - معجم الخوئي ، 18/48
(6) - الكافي ، للكليني ، 1/548 التهذيب ، 4/140 ، الاستبصار ، 2/60 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/539 (أمحل من المحل بمعنى المكر والكيد)(1/131)
37- الكليني: علي بن ابراهيم، عن أبيه، (وفي بعض الطرق عن ابراهيم بن سهل بن هاشم) قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال: يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حل فاني انفقتها؟ فقال: له أنت في حل. فما خرج صالح قال ابوجعفر عليه السلام: أحدهم يثب على أموال حق آل محمد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجيء فيقول: اجعلني في حل. أتراه ظن إني اقول: لا افعل. والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤلا حثيثا.(1)
مر كلام في القمي وابيه، وان كان ابراهيم بن سهل فالرجل مجهول.(2)
38- الطوسي: الحسين بن سعيد عن بعض اصحابنا عن سيف بن عميرة عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول من احللنا له شيئا اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال وما حرمناه من ذلك فهو حرام.(3)
مر الكلام في رجال السند، والثمالي مختلف فيه.(4)
39- الطوسي: محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن الحسين عن القاسم عن ابان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له.(5)
القاسم هو الحضرمي الذي مر ذكره، ومر ذكر الخلاف في أبان بن عثمان وأبي بصير.
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1/548 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/537 المستدرك ، 7/301 ، غيبة الطوسي ، 227 ، التهذيب ، 4/140 ، الاستبصار ، 2/60 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/187
(2) - معجم الخوئي ، 1/232
(3) - التهذيب ، 4/138 ، الاستبصار ، 2/59 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/539
(4) - معجم الخوئي ، 3/385
(5) - التهذيب ، 4/136 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/540(1/132)
40- الصدوق: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبدالله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا ابو الحسين محمد بن جعفر الاسدي رضي الله عنه قال: كان فيما ورد علي من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان عليه السلام: واما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا، فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب، فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه بقوله عزوجل: الا لعنة الله على الظالمين.. إلى ان قال: وأما ما سألت عنه من امر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها واداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية احتسابا للأجر وتقرباً إلينا فلا يحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا من فعل شيئا من ذلك من غير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه، ومن اكل من أموالنا شيئا فإنما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا.(1)
الشيباني، والدقاق، والمؤدب، والوراق لم يرد فيهم سوى كونهم من مشايخ الصدوق وقد عرفت القول في هذا بل والقول في الصدوق نفسه، والاسدي مختلف فيه وقد توقف البعض في حديثه، لانه كان يقول بالجبر والتشبيه ويروي عن الضعفاء، وعلى أي حال فطريق الصدوق إلى الاسدي قال فيه الخوئي غير صحيح لان مشايخ الصدوق لم يرد فيهم توثيق.(2)
__________
(1) - كمال الدين ، 471 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/540 ، الاحتجاج ، 479 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/184
(2) - معجم الخوئي ، 15/154(1/133)
41- الصدوق: حدثنا ابو جعفر محمد بن محمد الخزاعي رضي الله عنه قال: حدثنا ابو علي بن أبي الحسين الاسدي عن أبيه رضي الله عنه قال: فذكر حديثا فيه ان المهدي قال: لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من اكل من مالنا درهما حراما.(1)
الخزاعي من مشايخ الصدوق وقد عرفت القول فيهم من الرواية السابقة، و ابوعلي الاسدي مجهول(2)، وأبوه مر الكلام فيه في الرواية السابقة.
42- الراوندي: أبي الحسن المسترق الضرير قال: كنت يوما في مجلس الحسن بن عبدالله بن حمدان ناصر الدولة..فذكر حديثا عن عمه الحسين في حديث عن صاحب الزمان عليه السلام انه قال له: يا حسين كم ترزا على الناحية ولم تمنع اصحابي عن خمس مالك.. ثم قال: اذا مضيت إلى الموضع الذي تريده تدخله عفوا وكسبت ما كسبت تحمل خمسه إلى مستحقه. قال: فقلت: السمع والطاعة.. ثم ذكر في آخره ان العمري أتاه وأخذ خمس ماله بعدما أخبره بما كان.(3)
الضرير مجهول(4)، ولم اقف على تراجم بقية رجال السند.
43- الكليني: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يحل لاحد ان يشتري من الخمس شيئا حتى يصل الينا حقنا.(5)
مر الكلام في بعض رجال السند.
__________
(1) - كمال الدين ، 472 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/541 ، الاحتجاج ، 480 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/185
(2) - معجم الخوئي ، 21/244
(3) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/532 الخرائج والجرائح ، 472 ، فرج المهموم ، 253 ، منتخب الانوار المضيئة ، 159
(4) - معجم الخوئي ، 21/117
(5) - الكافي ، للكليني ، 1/545 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/542(1/134)
44- العياشي: عن اسحاق بن عمار، قال: سمعته عليه السلام يقول: لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول: يا رب اشتريته بمالي، حتى يأذن له أهل الخمس.(1)
مر الكلام في مرويات تفسير العياشي وأنه محذوف الاسانيد.
45- الطوسي: سعد بن عبدالله عن أبي جعفر عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبدالله عن أبي بصير وزارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام قال: هلك الناس في بطونهم وفروجهم لانهم لم يؤدوا الينا حقنا.(2)
مضى الكلام في رجال السند.
46- الكليني: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ضريس الكناسي قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: من اين دخل على الناس الزنا؟ قلت: لا ادري جعلت فداك، قال: من قبل خمسنا أهل البيت.(3)
مر الكلام في بعض رجال السند.
47- الطوسي: سعد بن عبدالله عن أبي حعفر عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان الكلبي عن الحلبي عن ضريس الكناسي قال: .. فذكره.(4)
مر ذكر بعض رجال السند، وفضالة ذكر النجاشي عن السوراني قوله: ان كل شيء رواه الحسين ابن سعيد عن فضالة فهو غلط، انما هو الحسين عن اخيه الحسن عن فضالة(5)، وفي هذا القول نظر.
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/542 العياشي ، 2/67 المستدرك ، 7/278 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/193 ، البرهان ، 2/88 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/193
(2) - التهذيب ، 4/138 ، الاستبصار ، 2/59 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/543 ، علل الشرائع ، 2/65 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 96/186
(3) - الكافي ، للكليني ، 1/546 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/ 379
(4) - التهذيب ، 4/136 ، الاستبصار ، 2/57 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 9/544
(5) - النجاشي ، 2/175(1/135)
48- الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد إبن الحسن الصفار عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان الناب عن عبيدالله علي الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال في حديث ان ابن عباس رضي الله عنهما قال في رده على نجدة الحروري: واما الخمس فانا نزعم انه لنا وزعم قوم انه ليس لنا فصبرنا.(1)
مر ذكر البعض، وعبدالله مجهول
49- فرات: حدثني جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثني محمد – يعني ابن مروان- عن محمد بن علي عن علي بن عبدالله عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى..[الحشر: 7]. وما كان للرسول فهو لنا وشيعتنا حللناه لهم وطيبناه لهم، يا ابا حمزة والله لا يضرب على شيء من السهام في شرق الأرض ولا غربها مال الا كان حراما سحتا على من نال منه شيئا ما خلانا وشيعتنا انا طيبناه لكم وحعلنا لكم والله يا ابا حمزة لقد غصبنا وشيعتنا حقنا مالا من الله علينا.(2)
الفزاري قالوا فيه: كان ضعيفا في الحديث، وكان يضع الحديث وضعاً، ويروي عن المجاهيل. وكان أيضا فاسد المذهب والرواية.وقالوا: كذاب، متروك الحديث جملة، وكان في مذهبه ارتفاع، ويروي عن الضعفاء والمجاهيل، وكل عيوب الضعفاء مجتمعة فيه.(3)وحسب السند هذا.
__________
(1) - الخصال ، 235 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/198
(2) - تفسير فرات ، 2/473 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/212
(3) - معجم رجال الخوئي ، 5/ 87(1/136)
50 - الطوسي: سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فان عليه الخمس.(1)
إبراهيم بن عثمان مجهول(2)، ومر ذكر تضعيف البعض الآخر.
51- الطوسي: محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن عبد الله بن القاسم الحضرمي عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام: على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا إذ حرم عليهم الصدقة، حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منها دانق إلا من أحللنا من شعيتنا لتطيب لهم به الولادة، إنه ليس من شئ عند الله يوم القيامة أعظم من الزنا إنه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا.(3)
آفة السند مع علل أخرى الحضرمي. قال فيه النجاشي: عبد الله بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل، كذاب، غال، يروي عن الغلاة، لا خير فيه، ولا يعتد بروايته، وقال فيه الطوسي: عبد الله بن القاسم الحضرمي واقفي. وقال ابن الغضائري: عبد الله بن القاسم الحضرمي، كوفي، ضعيف أيضا، غال، متهافت، لا ارتفاع به.(4)
__________
(1) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4 /124 ، 139 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /352
(2) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 1/ 233
(3) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4 /122 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /351 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 1 /401 ، 3 /373
(4) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 11/ 304(1/137)
52- الطوسي: محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد وعبد الله بن محمد عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر عليه السلام وقرأت انا كتابه إليه في طريق مكة قال: الذي أوجبت في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومائتين فقط - لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار وسأفسر لك بعضه إن شاء الله تعالى - ان موالي اسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فأحببت ان أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من امر الخمس قال الله تعالى: ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ) ( ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم ) ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول، ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي ومنا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم.(1/138)
فاما الغنائم والفوائد: فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى: ( واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير ) والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للانسان التي لها خطر عظيم، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن، ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله، ومثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحبه، ومن ضرب ما صار إلى قوم من موالي من أموال الخرمية الفسقة فقد علمت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالي فمن كان عنده شئ من ذلك فليوصل إلى وكيلي، ومن كان نائبا بعيد الشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين، فان نية المؤمن خير من عمله، فاما الذي أوجب من الغلات والضياع في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤنته، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك.(1)
__________
(1) - الاستبصار ، للطوسي ، 2 /60 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4 /141 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /549(1/139)
أحمد بن محمد هو أحد أشخاص، فإن كان البرقي فهو وإن كان ثقة في نفسه إلا أنه يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل، وله كتاب في تحريف القرآن احتج به صاحب فصل الخطاب، وذكر ابن الغضائري طعن القميين فيه وإبعاده عن قم، وإن لم يوافقه أضرابه في ذلك بحجة أن الطعن إنما هو في من يروي عنه، وأن من أبعده أعاده إليه واعتذر إليه(1)، وإن كان السياري فهو متروك الرواية عند كل من ترجم له لفساد مذهبه وغلوه كما مر بك(2)، وكذلك إن كان الأشعري فعلى ما ورد في توثيقه، إلا أن الكليني أورد ما يدل على ذمه وقد مر ذكره(3)، وإن كان ابن أبي النصر البزنطي فهو الذي روى فيه القوم أن الرضا دفع إليه بمصحف، وقال له: لا تنظر فيه، وقرأت فيه: ((لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا)) [البينة: 1]، فوجدت فيها سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، قال: فبعث إلي: ابعث إلي بالمصحف(4). ففيه كما ذكرنا القول بتحريف القرآن وعدم طاعته لإمامه، وحسبُه إحداهما. وإن كان ابن إسماعيل فهو مجهول(5)، وإن كان ابن عمرو بن عبد العزيز فلم أجد له ترجمة. هؤلاء شيوخ الصفار الذين تبدأ أسماؤهم بأحمد بن محمد كما ذكر ذلك محقق البصائر.
__________
(1) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 2/260 ، رجال النجاشي ، 1/204 ، الفهرست ، للطوسي 48 ، رجال الحلي ، 14 ، جامع الرواة ، للأردبيلي ، 1/63 ، مجمع الرجال ، للقهبائي ، 1/138
(2) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 2/282 ، رجال النجاشي ، 1/211 ، الفهرست ، للطوسي ، 51 ، مجمع الرجال ، للقهبائي ، 1/149 ، جامع الرواة ، للإردبيلي ، 1/67 ، الكشي ، ترجمة 502
(3) الكافي: (1/324).
(4) الكافي: (2/631) ، فصل الخطاب: (349) ، مرآة الأنوار: (37) ، الكشي: (492) ، البحار: (92/54) ، الصافي: (1/41) ، البصائر: (246) ، معجم الخوئي: (2/234) ، مجمع الرجال:(1/158).
(5) معجم الخوئي: (2/250).(1/140)
أما الصفار نفسه فحسبك إحالتنا لك لكتابه بصار الدرجات لتعرف من هم. وعبدالله بن محمد قال الخوئي فيه: لا يمكن الوثاقة به.(1)
53- الصدوق: عن محمد بن علي بن الحسين قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه، أفلي توبة ؟ قال: ايتني بخمسه فأتاه بخمسه، فقال: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه.(2)
الرواية مرسلة.
54- الطوسي: عن علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن راشد قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك، فقال لي بعضهم: وأي شئ حقه فلم أدر ما أجيبه ؟ فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت: ففي أي شئ ؟ فقال: في أمتعتهم وصنايعهم ( ضياعهم )، قلت: والتاجر عليه والصانع بيده ؟ فقال: إذا أمكنهم بعد مؤنتهم.(3)
أبو علي مختلف فيه، فقال فيه البعض: أبو علي بن راشد غير مصرح بتوثيقه، بل قيل: إنه وكيل مشكور، وكأنه لذلك ما سميت بالصحة.(4)
55- الصدوق: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا يعقوب ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن حفص البختري عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ان جبرئيل كرى برجله خمسة انهار ولسان الماء يتبعه: الفرات والدجلة ونيل مصر ومهران ونهر بلخ فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا.(5)
مر الكلام في أكثر رجال السند وحسبك متن الحديث.
__________
(1) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 4/ 273
(2) - من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/ 43
(3) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 4 /123 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6 /348 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8 /548 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3 /374
(4) - مجمع الفائدة ، للمحقق الأردبيلي ، 4 /313
(5) - الخصال ، 291 الفقيه ، 2/45 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/214 فقه الرضا ، 40 المستدرك ، 7/296(1/141)
56- الكليني: محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان وعلي بن ابراهيم عن أبيه جميعا عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبدالله.. مثله.(1)
الكلام في هذا الرواية كالكلام في سابقه.
57- الصدوق: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال: حدثنا أبي عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد عن عمه محمد بن عمر عن أبيه عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وصل احدا من أهل بيتي في دار هذه الدنيا بقيراط كافيته يوم القيامة بقنطار.(2)
الحسين بن أحمد شيخ الصدوق وقد عرفت القول فيهم، وأبوه مجهول(3)، وبن عمران وإن كان ثقه إلا أنه كان يروي عن الضعفاء، ويعتمد المراسيل، ولا يبالي عمن أخذ.(4)وبقية السند مجاهيل.(5)
58- العياشي: عن مفضل بن عمر عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعت أبي عليه السلام يقول: من مضت له سنة لم يصلنا قل أو كثر لم ينظر الله اليه يوم القيامة إلا ان يعفو الله عنه.(6)
مر الكلام في العياشي صاحب التفسير، ومفضل بن عمر قال فيه النجاشي: فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به، وقال فيه الغضائري: ضعيف متهافت، مرتفع القول، خطابي، وقد زيد عليه شئ كثير، وحمل الغلاة في حديثه حملا عظيما، ولا يجوز أن يكتب حديثه.(7)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1/409
(2) - امالي الصدوق ، 326 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/215
(3) - معجم رجال الحديث ، 2/ 42
(4) - معجم رجال الحديث ، 16/ 48
(5) - أنظر مثلاً: معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 18/ 73
(6) - العياشي ، 1/207 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/216 البرهان ، 1/297
(7) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19/ 317(1/142)
59- العياشي: عن الحسن بن موسى قال: روى اصحابنا انه سئل ابو عبدالله عليه السلام عن قوله تعالى: الذين يصلون ما امر الله به ان يوصل، قال: هو صلة الامام في كل سنة مما قل أو كثر، ثم قال ابوعبدالله عليه السلام: وما اريد بذلك إلا تزكيتهم.(1)
مر الكلام في العياشي وتفسيره، والسند منقطع، وفيه مجاهيل.
60- الطبري: محمد بن شهريار الخازن عن محمد بن الحسن بن داود عن محمد بن يحيى العلوي عن أحمد بن محمد بن عقدة عن محمد بن الفضيل بن إبراهيم عن إبراهيم بن معقل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: لا تدعوا صلة آل محمد من أموالكم من كان غنيا فعلى قدر غناه ومن كان فقيرا فعلى قدر فقره ومن اراد ان يقضي الله اهم الحوائج اليه فليصل آل محمد وشيعتهم بأحوج ما يكون اليه من ماله.(2)
جُلهم مجاهيل(3)، وبعضهم لم أجد لهم ترجمة.
61- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام: يسئلونك عن الانفال، قال: ما كان للملوك فهو للامام، قلت: فانهم يعطعون ما في ايديهم اولادهم ونساءهم وذوي قرابتهم واشرافهم، حتى بلغ ذكر من الخصيان فجعلت لا اقول في ذلك شيئا، إلا قال: وذلك، حتى قال: يعطي منه ما ئتي الدرهم إلى المائة والالف – ثم قال: هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب.(4)
مر الكلام في العياشي و تفسيره، والسند مقطوع كما ترى.
__________
(1) - العياشي ، 2/225 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/216 البرهان ، 2/289
(2) - بشارة المصطفي ، 6 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/216
(3) - مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 7/ 266
(4) - العياشي ، 2/54 المستدرك ، 7/298 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/211 البرهان ، 2/62(1/143)
62- الكليني: عدة من اصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن عيسى بن سليمان النحاس عن المفضل بن عمر عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا: سمعنا اباعبدالله عليه السلام يقول: ما من شيء احب إلى الله من اخراج الدراهم إلى الامام وان الله ليجعل الدرهم في الجنة مثل جبل احد، ثم قال: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة، قال: هو الله صلة الامام خاصة.(1)
مر الكلام في بعض رجال السند، وعيسى بن سليمان مجهول.(2)وكذلك الخيبري(3)، وبن ظبيان متهم، غال، قال فيه أبو الحسن عليه السلام: لعن الله يونس بن ظبيان ألف لعنة، يتبعها ألف لعنة، كل لعنة منها تبلغ قعر جهنم، وقال الخوئي في هذا (أي رواية لعنه): هذه الرواية صحيحة السند، ودالة على خبث يونس بن ظبيان وضلاله.(4)
63- الكليني: علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن الحسن بن مياح عن أبيه قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا مياح درهم يوصل به الإمام أعظم وزنا من أُحد.(5)
مر الكلام في بعض رجال السند، والحسن بن مياح وفي بعض النسخ الحسين بم مياح وفي أخرى بن صباح فهو مجهول(6)، فإن كان الحسين كما في بعض النسخ فهو ضعيف غال.(7)وأبوه مجهول أيضاً(8)،
64- الكليني: علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن بعض رجاله عن أبي عبدالله عليه السلام قال: درهم يوصل به الامام افضل من الفي الف درهم فيما سواه من وجوه البر.(9)
مر الكلام في جل رجال السند.
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1/537
(2) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 14/ 207
(3) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 24/ 106
(4) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 21/ 204
(5) - الكافي ، للكليني ، 1/537
(6) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 6/ 159
(7) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 7/ 114
(8) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 20/ 102
(9) - الكافي ، للكليني ، 1/538(1/144)
65- الكليني: محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير قال: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن اكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا.(1)
مر الكلام في بعض رجال السند. وحسب هذا السند رواية في التحريف فعن الكليني: محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال سئلت ابا جعفر ( ع ) عن قول الله عز وجل يحكم به ذوا عدل منكم قال العدل رسول الله والامام من بعده ثم قال هذا مما أخطأت به الكتاب.(2)ورواية: لا خير في ولد الزنا ولا في بشره ولا في شعره ولا في لحمه ولا في دمه ولا في شئ منه عجزت عنه السفينة وقد حمل فيها الكلب والخنزير.(3)
66- الكشي: عن أبي صالح خالد بن حامد قال: حدثني ابوسعيد الآدمي، قال: حدثني بكر بن صالح عن عبدالجبار بن المبارك النهاوندي قال: اتيت سيدي سنة تسع ومائتين فقلت: جعلت فداك إني رويت عن ابائك ان كل فتح فُتح بضلاله فهو للامام فقال: نعم..الرواية.(4)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1/538
(2) - الكافي ، للكليني ، 4 /397 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /124 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 2 /88 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم ، 3 /246
(3) - الكافي ، للكليني ، 5/ 355 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 7 /92
(4) - الكشي ، 568 المستدرك ، 7/300 بحار الأنوار ، للمجلسي ، ، 96/195(1/145)
خالد بن حامد وفي بعض النسخ خلف بن حامد لم أجد لهما ترجمة(1)، والآدمي كان ضعيفا في الحديث، غير معتمد عليه فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري وكان يسكنها، وقال فيه الغضائري: كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والمذهب، وكان أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري أخرجه عن قم وأظهر البراءة منه ونهى الناس عن السماع منه والرواية عنه، ويروى المراسيل، ويعتمد المجاهيل(2). وبكر بن صالح إن كان الرازي فهو ضعيف جدا، كثير التفرد بالغرائب(3)، وإلا فالرجل مجهول. وعلى أي حال فقد ضعف الخوئي سند الرواية.(4)
فهذه جل الروايات المسندة أو شبه المسندة التي وقفت عليها في مشروعية الخُمُس فيما سوى غنائم الحرب والركاز، إضافة إلى نماذج من الروايات التي وردت في المال وقد رأيت انه لم يثبت منها شيء بمعايير القوم أنفسهم وإن ثبت منها شيء نتيجة إشتباه وقعنا فيه أو تساهل فلن يتجاوز مرتبة الحسن عند القوم، ولابد.
هذا ناهيك عن عدم أخذنا في الإعتبار جوانب أخرى من شرائط الصحة كخلو الإسناد من الشذوذ والعلل واتصاله، وغيرها، فضلا عن عدم تحقق شرط التواتر المطلوب في امثال هذه العقائد التي انزلها القوم المنزلة التي اوقفناك عليها في الباب الأول.
وناهيك أيضاً عن الإضطراب الحاصل عند القوم في الجرح والتعديل وعلوم الحديث. حتى قال الفيض الكاشاني: في الجرح والتعديل وشرائطهما اختلافات وتناقضات واشتباهات لا تكاد ترتفع بما تطمئن إليه النفوس.(5)
__________
(1) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 8/ 20
(2) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 9/ 354
(3) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 4/ 251
(4) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 10/ 285
(5) - الوافين للفيض الكاشاني ، 1/11 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1/ 245(1/146)
ويقول البحراني: وأنت خبير بأنا في عويل من أصل هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب من الصلاح، حيث إن اللازم منه - لو وقف عليه أصحابه - فساد الشريعة، وربما انجر إلى البدع الفظيعة، فإنه متى كان الضعيف باصطلاحهم مع إضافة الموثق إليه - كما جرى عليه في المدارك - ليس بدليل شرعي بل هو كذب وبهتان، مع أن ما عداهما من الصحيح والحسن لا يفيان لهما إلا بالقليل من الأحكام فإلى م يرجعون في باقي الأحكام الشرعية ولا سيما أصولها وفضائل الأئمة وعصمتهم وبيان فضائلهم وكراماتهم ونحو ذلك، وإذا نظرت إلى أصول الكافي وأمثاله وجدت جله وأكثره إنما هو من هذا القسم الذي أطرحوه، ولهذا ترى جملة منهم لضيق الخناق خرجوا من اصطلاحهم في مواضع عديدة، وتستروا بأعذار غير سديدة، وإذا كان الحال هذه في أصل الاصطلاح فكيف الحال في اصطلاح صاحب المنتقى وتخصيصه الصحيح بما ذكره، ما هذه إلا غفلة ظاهرة. والواجب إما الأخذ بهذه الأخبار - كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار - أو تحصيل دين غير هذا الدين وشريعة أخرى غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها لعدم الدليل على جملة من أحكامها. ولا أراهم يلتزمون شيئا من الأمرين مع أنه لا ثالث لهما في البين، وهذا بحمد الله ظاهر.(1)
__________
(1) - لؤلؤة البحرين ، ليوسف البحراني ، 45 ، رياض المسائل ، للطباطبائي ، 1/ 87 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1/ 245(1/147)
وهذا ليس بمستغرب ما داموا قد ذكروا روايات من أمثال: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا فقال: حدثوا بها فإنها حق.(1)
فأي علم حديث هذا وأي جرح أوتعديل يفيد؟
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1 /53 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 /58 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /167 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /229 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /417 ، رسائل في دراية الحديث ، لحافظيان البابلي ، 2 /554 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /221 ، 3 /78 ، 4 /312 ، الفوائد الرجالية ، لبحر العلوم ، 3 /275(ه) ، مستدركات علم رجال الحديثن للنمازي ، 1 /40(1/148)
ثم اعلم أن جُل رواة الشيعة ممن لا تحمد مذاهبهم، وقد أقر القوم بذلك حيث قالوا: ان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة، وإن كانت كتبهم معتمدة.(1)
ولا أدري كيف يستقيم هذا؟
كذلك ليعلم القارئ الكريم أن أن هذا العلم (أي مصطلح الحديث والجرح والتعديل)، أنما هو من علوم أهل السُنة. وقد أعترف القوم بذلك.
يقول الحائري: ومن المعلومات التي لا يشك فيها أحد أنه لم يصنف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني (965 هـ) وإنما هو من علوم العامة.(2)
يقول الحر العاملي في هذا: والفائدة في ذكره (أي السند) مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانية ودفع تعيير العامة الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم.
__________
(1) - الفهرست الشيخ الطوسي 32 ، مصباح المنهاج ، الطهارة ، لمحمد سعيد الحكيم ، 1 /315(ش) ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20 /81 ، الجواهر السنية ، للحر العاملي 374 ، نهاية الدراية ، لحسن الصدر ، 146 ، 391 ، 430 ، الأصول الأربعمائة ، لأسعد كاشف الغطاء ، 33 ، دراسات في علم الدراية ، لعلي أكبر غفاري ، 113 ، 162 ، الفوائد المدنية والشواهد المكيةن للإسترآبادي ، 106 ، 117 ، المحكم في أصول الفقه ، للسيد محمد سعيد الحكيم ، 3 /293 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم 1 /2 ، الفوائد الرجالية ، للبهبهاني ، 35 ، 44 ، تعليقة على منهاج المقال ، للبهبهاني ، 20 ، 25 ، الفوائد الرجالية ، للكجوري ، 103 ، طرائف المقال ، للبروجردي ، 2 /363 ، الرسائل الرجالية ، للكلباسي 1 /57 ، 3 /101 ، 510 ، 4 /115 ، 118 ، رجال الخاقاني ، لعلي الخاقاني ، 343(ه) ، كليات في علم الرجال ، لجعفر السبحاني 70
(2) - مقتبس الأثر ، للحائري ، 3/73 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1/ 223(1/149)
وقال: الاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع وكما يفهم من كلامهم الشيخ حسن وغيره، وقد أمرنا الأئمة عليهم السلام باجتناب طريقة العامة.
وقال: أنه يستلزم ضعف أكثر الأحاديث التي قد علم نقلها من الأصول المجمع عليها لأجل ضعف بعض رواتها أو جهالتهم أو عدم توثيقهم، فيكون تدوينها عبثا بل محرما، وشهادتهم بصحتها زورا وكذبا، ويلزم بطلان الاجماع الذي علم دخول المعصوم فيه أيضا كما تقدم، واللوازم باطلة وكذا الملزوم، بل يستلزم ضعف الأحاديث كلها عند التحقيق لأن الصحيح عندهم ما رواه العدل الامامي الضابط في جميع الطبقات، ولم ينصوا على عدالة أحد من الرواة إلا نادرا، وإنما نصوا على التوثيق، وهو لا يستلزم العدالة قطعا بل بينهما عموم من وجه كما صرح به الشهيد الثاني وغيره. ودعوى بعض المتأخرى، أن الثقة بمعنى العدل الضابط ممنوعة، وهو مطالب بدليلها، وكيف ؟ وهم مصرحون بخلافها حيث يوثقون من يعتقدون فسقه وكفره وفساد مذهبه. وإنما المراد بالثقة من يوثق بخبره ويؤمن منه الكذب عادة، والتتبع شاهد به وقد صرح بذلك جماعة من المتقدمين والمتأخرىن، ومن معلوم الذي لا ريب فيه عند منصف أن الثقة تجامع الفسق بل الكفر وأصحاب الاصطلاح الجديد قد اشترطوا في الراوي العدالة فيلزم من ذلك ضعف جميع أحاديثنا لعدم العلم بعدالة أحد.(1)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20 /100(1/150)
وإعتراف الحر العاملي هذا خطير جداً يهدد المذهب برمته، وقد تفطن القوم إلى ذلك أي إن هذا النص يفيد أيضاً أن الاسناد عندهم غير موجود، وأن رواياتهم كانت بلا زمام ولا خطام، حتى شنع الناس عليهم بذلك فاتجهوا حينئذ لذكر الاسناد، فالأسانيد التي نراها في رواياتهم هي صنعت فيما بعد، وركبت على نصوص أخذت من أصول قدمائهم، ووضعت هذه الأسانيد لتوقي نقد أهل السُنة.(1)
والكلام في هذا الباب يطول، وليس هذا الكتاب مكانه. ولعلنا نشبع الموضوع بحثاً في كتابنا (علم الحديث والرجال عند الشيعة في الميزان) إن كان في العمر بقية إن شاء الله..
رغم هذا فقد سلمنا للقوم بما ألزموا أنفسهم به من جرح وتعديل، ورغم كل هذا الإضطراب الذي عرفت، وقفنا على حقيقية أن كل ما زاد عن ما ثبت في القرآن أو السنة في موردي الخمس (الغنائم والركاز) إنما بنيت على أحاديث واهية مكذوبة وضعها زنادقة إندسوا في مدارس الأئمة رحمهم الله وتلقفتها أيادي طلاب الدنيا فأصبحت في أيديهم باعاً بعد أن كانت ذراعاً.
ولعل التاريخ خيرُ شاهد على هذا حيث لم يذكر لنا أن أحداً من أئمة أهل البيت كأمير المؤمنين علي والحسن والحسين رضي الله عنهم، فضلاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخذوا من المسلمين خمس أرباحهم. بل أن جل روايات خمس الأرباح التي مرت بك وردت عن الأئمة المتأخرين أي بعد الباقر والصادق رحمهما الله. وقد أقر الشيعة بذلك وأضطربت آرائهم في رد هذا التساؤل الذي يفرض نفسه: هل إن خمس أرباح المكاسب لم يكن واجباً في صدر الإسلام ثم شرع فيما بعد؟
__________
(1) - تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1 /241(1/151)
فمن قائل: أنه لم يعمل به في السنين الأولى للدعوة ء لما كان يعانيه المسلمون من فقر وعوز وضيق ذات اليد، فاقتضى الأمر الانتظار حتى يترسخ الاسلام في النفوس 0 وينجلي الفقر عن الناس ويتهيأ السبيل لتنفيذه والعمل به 0 لثلا يكون سببأ لاعراض الناس عن الإسلام.
وقال آخرون: إن الخمس هو من حق الحاكم، ويمثل ميزانية الدولة. وحين رأى الأئمة عليهم السلام أن الحكام الفاسدين من بني امية وبي العباس، قد أصبحوا مصدر كل شيء، وأمسكوا بزمام الأمور، ومنها بيت المال ومنعوا الأئمة حقوقهم، فحينئذ فرضوا عليهم السلام الأرباح 0 وهو من حقهم وضروري لشؤون الشيعة وحاجاتهم ولنشر دين الله.
وهكذا نرى الإضطراب في جميع مراحل تطور هذه النظرية.
- فمن معترفٍ بإقتصار مورد الخمس في آيتها على مغانم الحروب، ومن السُنة على الركاز.
- إلى القول بتعميم مفهوم الغنيمة على كل المكاسب مستدلاً بروايات الأئمة في هذا الفهم، وقد رأيت أنه لم يصح منها شيء. والقول بجواز إخراجها لمطلق اليتامى والفقراء وأبناء السبيل وليس الهاشميين وحسن.(1/152)
- ثم القول بإسقاطه وتحليله جميعا ًللشيعة زمن الغيبة مستدل بروايات التحليل التي ذكرناها في الباب الأول. وقال آخرون: بوجوب كنزه ويتأول خبرا ورد أن الأرض تظهر كنوزها عند المهدي، وأنه إذا قام دله الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان. وقال آخرون: بصلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب. وقال آخرون: بعزله للمهدي فإن خشي ادراك الموت قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته حتى يسلمه له ثم إن أدرك قيامه وإلا وصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة، ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان. وقال آخرون: بدفع النصف إلى الأصناف الثلاثة وأما حق المهدي فيودع كما تقدم من ثقة إلى ثقة إلى أن يصل إليه وقت ظهوره أو يدفن. وقال آخرون: بصرف النصف إلى الأصناف الثلاثة أيضاً وأما حصة الإمام فيجب إيصالها مع الامكان وإلا فتصرف إلى الأصناف ومع تعذر الإيصال وعدم حاجة الأصناف تباح للشيعة.وقال آخرون: بصرف حصة الأصناف عليهم وأما حصة الإمام فيسقط اخراجها لإباحتهم ذلك للشيعة. وقال آخرون: بالقول السابق إلا أنه خص صرف حصة الإمام بمواليه العارفين. وقال آخرون: بتخصيص التحليل بخمس الأرباح فإنه للإمام دون سائر الأصناف وأما سائر ما فيه الخمس فهو مشترك بينهم عليهم السلام وبين الأصناف. وقال آخرون بأن حصة الإمام تقسم على الذرية الهاشمية. وقال آخرون: بعدم إباحة شئ بالكلية حتى من المناكح والمساكن والمتاجر التي جمهور الشيعة على تحليلها بل ادعى الاجماع على إباحة المناكح. وقال آخرون: بقصر أخبار التحليل على جواز التصرف في المال الذي فيه الخمس قبل اخراج الخمس منه بأن يضمن الخمس في ذمته. وقال آخرون: بصرف حصة الأصناف عليهم والتخيير في حصة الإمام بين الدفن والوصية على الوجه المتقدم. وقال آخرون: بصرف النصف إلى الأصناف الثلاثة وجوباً أو استحباباً وحفظ نصيب الإمام إلى حين ظهوره.(1/153)
- ثم تطور الأمر إلى القول بدفع الخمس إلى ذرية الرسول صلى الله عليه وآله سلم والنصف الآخر إلى الفقهاء لينفقوه في الأمور التي يحرزون رضا الإمام بصرفه فيها، أو أن يتصدقوا به عن الإمام وأكثر علماء الشيعة المعاصرين على هذا الرأي، وهو قول لم يعرفه القدماء بل أن الشيخ المفيد الذي يرى دفع الزكاة للفقهاء لم يكن يرى هذا في الخمس. لذا لم يخض قدماء علماء الشيعة في مسألة دفع هذه الأموال إلى الفقهاء.
- ثم تطور تأكر إلى وجوب دفع الخمس إلى مراجع التقليد.
- ثم تطور إلى وجوب دفع الخمس إلى المجتهد الذي يقلده دون الآخرين، كما قال الإمام الخميني: ويشكل دفعه إلى غير من يُقلده إلا إذا كان المصرف عنده هو المصرف عند مقلده كما وكيفا، أو يعمل على طبق نظره.(1)
__________
(1) - تحرير الوسلية ، للخميني ، 1/ 366 ، هداية العباد ، للگلپايگاني ، 1/ 332(1/154)
- ثم إلى القول بأن الخمس يختص بالدولة ويدفع للحاكم الإسلامي لينفق بإشرافه في مصالح الإسلام والمسلمين وفي حفظ النظام وتشييد أركان الدين، ومن هؤلاء النراقي والإمام الخميني وغيرهما. يقول النراقي في بحث ولاية الفقيه: التصرف في أموال الإمام. من نصف الخمس، والمال المجهول مالكه، ومال من لا وارث له، ونحو ذلك. وقد يستدل لثبوت ولايته فيها بأنها أموال الغائب، والتصرف فيها للحاكم. وضعفه ظاهر، إذ لا دليل على ولايته في أموال مطلق الغائب حتى الإمام، مع أن الولاية في أموال الغيب إنما هي بالحفظ لهم، لا التفريق بين الناس. وقد يستدل أيضا بعموم الولاية، وهو أيضا ضعيف ; لان مقتضاه ثبوت الولاية فيما يتعلق بأمر الرعية، لا ما يتعلق بنفس الإمام وأمواله. والصواب: الاستدلال فيه بالقاعدة الثانية، فإنه بعد ثبوت لزوم التصرف في هذه الأموال والتفريق، لا بد له من مباشر، وليس أولى من الحاكم، بل هو المتيقن وغيره مشكوك فيه. وأيضا تفريق هذه الأموال إنما هو بإذن شاهد الحال، وهو إنما هو إذا كان المباشر له الفقيه العادل، كما بيناه في كتاب مستند الشيعة.
ولعل هذا من أعظم أسباب مخالفة البعض لمبدأ ولاية الفقيه.. فتأمل.
وهكذا نرى كيف تسلسل علماء الشيعة في إضفاء الشرعية على نهب حقوق وأموال الآخرين بغير وجه حق، من القول بجواز التصرف في سهم الإمام في زمن الغيبة إلى القول بحصره في الفقهاء، ثم في مراجع التقليد ثم زعم آخرون بوجوب حصره في الولي الفقيه. وأسسوا لهذا القول (أي التصرف في الحقوق الشرعية(1) أدله نوردها بإيجاز. ولكن قبل ذلك نورد أقوالهم في حصر التصرف في جميع موارد الخمس في الفقيه وليس سهم الإمام فحسب، حيث مهدوا لهذا القول، قبل قولهم بوجوب حصره في الفقيه أو المرجع أو الولي الحاكم (الولي الفقيه).
__________
(1) - وهو المصطلح الذي يطلق في الغالب على الخمس اليوم.(1/155)
يقول المجلسي: ملمحاً: وأكثر العلماء قد صرحوا بأن صاحب الخمس لو تولى دفع حصة الإمام عليه السلام لم تبرأ ذمته بل يجب عليه دفعها إلى الحاكم، وظني أن هذا الحكم جار في جميع الخمس.(1)
ويقول السبزواري: الأحوط عندي صرف الجميع في الأصناف الموجودين بتولية الفقيه العدل الجامع لشرائط الإفتاء، وينبغي أن يراعى في ذلك البسط بحسب الإمكان ويكتفي بمقدار الحاجة ولا يزيد على مؤنة السنة، ويراعى الأعجز والأحوج والأرامل والضعفاء، والأولى أن يقسم النصف أقساما ثلاثة يصرف كل ثلث في صنف من الأصناف الثلاثة. ونقل الشهيد الثاني إجماع القائلين بوجوب صرف حصة الإمام في الأصناف على أنه لو فرقه غير الحاكم يعني الفقيه العدل الإمامي ضمن.(2)
ويقول الجواهري: لولا وحشة الانفراد عن ظاهر اتفاق الأصحاب لأمكن دعوى ظهور الأخبار في أن الخمس جميعه للإمام عليه السلام وإن كان يجب عليه الاتفاق منه على الأصناف الثلاثة الذين هم عياله، ولذا لو زاد كان له عليه السلام، ولو نقص كان الاتمام عليه من نصيبه، وحللوا منه من أرادوا.(3)
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 17/ 486 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/ 187
(2) - كفاية الأحكام ، للسبزواري ، 1/ 226
(3) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 16/ 155 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/ 120(1/156)
ثم جاء الخميني وصرح قائلاً: وبالجملة من تدبر في مفاد الآية والروايات يظهر له أن الخمس بجميع سهامه من بيت المال، والوالي ولي التصرف فيه، ونظره متبع بحسب المصالح العامة للمسلمين، عليه إدارة معاش الطوائف الثلاث من السهم المقرر إرتزاقهم منه حسب ما يرى. كما أن أمر الزكوات بيده في عصره يجعل السهام في مصارفها حسب ما يرى من المصالح. هذا كله في السهمين. والظاهر أن الأنفال أيضا لم تكن ملكا لرسول الله والأئمة - صلوات الله عليهم أجمعين - بل لهم ملك التصرف، وبيانه يظهر مما تقدم.(1)
نعود إلى ذكر الأدلة التي قالوا بها على جواز التصرف في سهم الإمام في زمن الغيبة.
منها العلم برضى الإمام، ومن أقوالهم في هذا الباب والذي بها يمهدون للأمر مدغدين للعواطف، قول الجواهري: لكن قد عرفت بحمد الله تعالى وضوح السبيل في مصرف حق غير الإمام، وإن اضطرب فيه من عرفت، وأما حقه عليه السلام فالذي يجول في الذهن، أن حسن الظن برأفة مولانا صاحب الزمان روحي لروحه الفداء يقضي بعدم مؤاخذتنا في صرفه على المهم من مصارف الأصناف الثلاثة الذين هم عياله في الحقيقة، بل ولا في صرفه في غير ذلك من مصارف غيرهم مما يرجح على بعضها وإن كان هم أولى وأولى عند التساوي، أو عدم وضوح الرجحان، بل لا يبعد في النظر تعين صرفه فيما سمعت بعد البناء على عدم سقوطه، إذ غيره من الوصية به أو دفنه أو نحوهما تعريض لتلفه وإذهابه من غير فائدة قطعا، بل هو إتلاف له.(2)
__________
(1) - كتاب البيع ، للخميني ، 2/ 662 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/ 118
(2) - جواهر الكلام ، للمحمد حسن الجواهري ، 16/ 177(1/157)
ويقول النراقي: فإنا نعلم قطعاً - بحيث لا يداخله شوب شك - أن الإمام الغائب - الذي هو صاحب الحق في حال غيبته، وعدم احتياجه، وعدم تمكن ذي الخمس من إيصاله حقه إليه، وكونه في معرض الضياع والتلف، بل كان هو المظنون، وكان مواليه وأولياؤه المتقون في غاية المسكنة والشدة والاحتياج والفاقة - راض بسد خلتهم ورفع حاجتهم من ماله وحقه. كيف ؟ ! وهم الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، فما الحال إذا لم تكن لهم حاجة وخصاصة ؟ ! وكيف لا يرضى ؟ ! وهو خليفة الله في أرضه والمؤمنون عياله، كما صرح به في مرسلة حماد، وفيها: ( وهو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له ). وهو منبع الجود والكرم، سيما مع ما ورد منهم وتواتر من الترغيب إلى التصدق وإطعام المؤمن وكسوته والسعي في حاجته وتفريج كربته، والأمر بالاهتمام بأمور المسلمين، حتى قالوا: ( من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ). وقالوا في حق المسلم على المسلم: ( إن له سبع حقوق واجبات، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته، ولم يكن لله فيه من نصيب ) إلى أن قال: ( أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك ) إلى أن قال: ( والحق الثالث: أن تغنيه بنفسك ومالك ) إلى أن قال: ( والحق الخامس: أن لا تشبع ويجوع ) الحديث. وجعلوا من حقوق المسلم: مواساته بالمال. ومع ذلك يدل عليه إطلاق رواية محمد بن يزيد ومرسلة الفقيه المتقدمتين، فإن إعطاء الخمس صلة. ولا يتوهم أن بمثل ذلك يمكن إثبات التحليل لذي الخمس أيضا وإن لم يكن فقيرا، لأن أداء الخمس فريضة من فرائض الله، واجب من جانب الله، وإعطاؤه امتثال لأمر الله، وفيه إظهار لولايتهم وتعظيم لشأنهم وسد لحاجة مواليهم، ومنه تطهيرهم وتمحيص ذنوبهم. ومع ذلك، ترى ما وصل إلينا من الأخبار المؤكدة في أدائه والتشدد عليه، وأن الله يسأل عنه يوم القيامة سؤالا حثيثا، وتراهم قد يقولون في الخمس: لا نجعل لأحد منكم في حل، وأمثال ذلك.(1/158)
ومع هذا، لا يشهد الحال برضاه عليه السلام لصاحب المال أن لا يؤدي خمسه، فيجب عليه أداؤه، لأوامر الخمس وإطلاقاته واستصحاب وجوبه، ومعه لم يبق إلا الحفظ بالدفن أو الوصية أو التقسيم بين الفقراء. والأولان مما لا دليل عليهما، فإن الدفن والايداع نوعا تصرف في مال الغير لا يجوز إلا مع إذنه، ولا إذن هناك، بل يمكن استنباط عدم رضائه بهما من كونهما معرضين للتلف، ومن حاجة مواليه ورعيته.
فلم يبق إلا الثالث الذي علمنا رضاه به، فيتعين ويكون هو الواجب في نصفه. ولما كان المناط الإذن المعلوم بشاهد الحال والروايتين ونسبتهما إلى السادات وغيرهم من فقراء الشيعة على السواء، فيكون الحق هو المذهب الأخير، والأحوط اختيار السادة من بين الفقراء. ولكن قد يعكس الاحتياط، كما إذا كان هناك شيعة ولي ورع معيل في ضيق وشدة ولم يكن السادة بهذا المثابة. وعلى المعطي ملاحظة الأحوال.(1)
ويقول الأنصاري: أن الذي يقتضيه التأمل في أحوال الإمام عليه السلام وفي أحوال ضعفاء شيعته في هذا الزمان، ثم في ملاحظة حاله بالنسبة إليهم، هو القطع برضائه عليه السلام بصرف حصته فيهم، ورفع اضطرارهم بها، وفيما يحتاجون إليه من الأمور العامة والخاصة، فالشك في هذا ليس إلا من جهة عدم إعطاء التأمل حقه في أحوال الطرفين أو في النسبة، مضافا إلى أنه إحسان محض ما على فاعله من سبيل وإن لم نعلم رضاه بالخصوص. مضافا إلى أن الظاهر أن المناط فيما ورد من الأمر بالتصدق بمجهول المالك هو تعذر الايصال إلى مالكه، لأجل الجهل، فالجهل لا مدخل له في أصل الحكم وإنما هو سبب للتعذر، فإذا حصل التعذر من وجه آخر مع العلم بالشخص وتعينه جاء الحكم أيضا.
__________
(1) - مستند الشيعة ، للنراقي ، 10/ 133(1/159)
مضافا إلى عموم ما دل على أنه " من لم يقدر على أن يصلنا فليصل فقراء شيعتنا " وخصوص رواية ابن طاووس في وصية النبي صلى الله عليه وآله. مضافا إلى ما يشعر به ما دل على وجوب صرف نذر هدي البيت في زواره، معللا بأن الكعبة غنية عن ذلك وما جاء في صرف الوصية التي نسي مصرفها، في وجوه البر، وكذا الوقف الذي جهل أربابه. مضافا إلى رواية الطبري عن الرضا عليه السلام من: " أن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته "، فصرف حقه عليه السلام في أيام غيبته في حوائج ذريته وشيعته، لا يخلو عن أحد المصارف المذكورة في الرواية.
فيجوز حينئذ صرف حصته عليه السلام من الخمس أو مال آخر مما يقع بأيدينا من أمواله عليه السلام في الذرية الطاهرة المحتاجين، لأن سد خلتهم كان أحد المصارف لأمواله بل كان من أهمها. دفع حصته ( ع ) إلى الأصناف إتماما للنقص وقد استدل جماعة على وجوب دفع حصته في هذا الزمان إلى الأصناف من باب التتمة، لأن علية إتمام ما نقص.(1)
والطريف أنهم وهم يقولون برضى المهدي على هذا التصرف، ولكن عندما تعلق الأمر بهم، لم يقبلوا به. سأل أحدهم: هل يكفي في مصرف سهم الإمام عليه السلام إحراز رضا الفقيه به أم لا بد من الاستيذان منه ؟ وعلى الثاني هل تقوم الاستجازة بعد المصرف مقام الاستيذان أم لا ؟
الخوئي: لا بد من الاستيذان قبل المصرف، ولو صرف في مورده الشرعي من غير استيذان فالإجازة المتأخرة ترفع الضمان.(2)
والكلام في هذا الباب يطول.
__________
(1) - كتاب الخمس ، للأنصاري ، 333 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2/ 551
(2) - صراط النجاة ، لميرزا جواد التبريزي ، 1/ 201(1/160)
ومن الأقوال أيضاً التي ذهب إليها من رأي جواز التصرف في سهم الإمام هو التصدق بها عن الإمام بإعتبار أنها أموال مجهولة المالك. يقول صاحب الجواهر: وأقوى من ذلك معاملته معاملة المال المجهول مالكه باعتبار تعذر الوصول إليه روحي له الفداء، إذ معرفة الملك باسمه ونسبه دون شخصه لا تجدي، بل لعل حكمه حكم مجهول المالك باعتبار تعذر الوصول إليه للجهل به، فيتصدق به حينئذ نايب الغيبة عنه، ويكون ذلك وصولا إليه على حسب غيره من الأموال التي يمتنع ايصالها إلى أصحابهما، والله أعلم بحقائق أحكامه.(1)
ومن أقوالهم الولاية على أموال الغائبين، وحيث أن الإمام غائب فإن الفقهاء يجوز لهم التصرف في أمواله.
سبحان الله ! فعندما تعلق الأمر بالمال قالوا أنه غائب ووجوده كعدمه ونسوا أنه حجة الله على خلقه. ولله في خلقه شوؤن.
وغيرها من دلائل بنوا من خلالها على جواز بل وجوب التصرف بسهم الإمام في غيبته. ثم شرعوا في حصر هذا التصرف في الفقهاء.
يقول الشهيد الثاني إن سهم الإمام يصرف إليه إن كان حاضرا، أو إلى نوابه وهم الفقهاء العدول الإماميون الجامعون لشرائط الفتوى، لأنهم وكلاؤه.(2)
ويقول الأنصاري: وربما أمكن القول بوجوب الدفع إلى المجتهد، نظرا إلى عموم نيابته وكونه حجة الإمام على الرعية وأمينا عنه وخليفة له، كما استفيد ذلك كله من الأخبار.(3)
ويقول زين الدين:، والأحوط له استحبابا أن يدفع المال إلى الفقيه الجامع للشرائط ليتولى صرفه في مصارفه، أو يكون الدفع إليهم بإذنه، أو بإرشاده وتوكيله.(4)
__________
(1) - جواهر الكلام ، للمحمد حسن الجواهري ، 16/ 177
(2) - شرح اللمعة ، للشيهد الثاني ، 2/ 79
(3) - كتاب الخمس ، للأنصاري ، 337
(4) - كلمة التقوى ، لمحمد أمين زين الدين ، 2/291(1/161)
ويقول الفياض: وقد تسأل: هل أنه ملك لشخص الإمام عليه السلام أو لمنصبه عليه السلام وهو الإمامة والزعامة ؟ والجواب: أنه ملك للمنصب، فمن أجل ذلك يكون أمره بيد الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة.(1)
ويقول: يجوز نقل الخمس من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحق، بل مع وجوده إذا لم يكن النقل تساهلاً وتسامحاً في أداء الخمس، ولكن ذلك لابد أن يكون بإذن الفقيه الجامع للشرائط، أما سهم الإمام عليه السلام فعلى أساس أن أمره في زمن الغيبة يرجع إليه وهو يتصرف فيه حسب ما يراه، ولا يجوز لأي واحد التصرف فيه من دون إذنه وإجازته، فالمالك وإن كانت له الولاية على عزل الخمس وإفرازه إلا أن إيصاله إلى الفقيه إذا توقف على النقل، فلابد أن يكون ذلك بإذنه، فلو نقل من دون الإذن منه وتلف في الطريق ضمن.(2)
ويرد الگلپايگاني على سائل مستفسراً: هل تأذنون لطلبة العلوم الدينية التصرف في سهم الإمام ( ع ) أو في مقدار منه إذا كان يأخذه للاستفادة ؟ فقال: بسمه تعالى: لا يجوز التصرف لغير من كان مأذونا فيه، والله العالم.(3)
ولما سئل: هل يجوز إخراج الخمس من بلده مع وجود المستحقين له سواء كانوا من السادة أو من طلبة العلم أو غيرهم ؟ قال: بسمه تعالى: أما حق الإمام عليه السلام فأمره راجع إلى الفقيه الجامع للشرائط إن أذن جاز وإلا فلا.(4)
وقالوا أن الفقيه أقدر على معرفة مستحقي الخمس. وأنه الأعلم المطلع والمحيط بالجهات العامة.(5)
__________
(1) - منهاج الصالحين ، لمحمد إسحاق الفياض ، 2/ 84
(2) - منهاج الصالحين ، لمحمد إسحاق الفياض ، 2/ 86
(3) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 63
(4) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 56
(5) - الفتاوى الميسرة ، للسيستاني ، 239(1/162)
يقول الخوئي: النصف الراجع للإمام عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام يرجع فيه في زمان الغيبة إلى نائبه وهو الفقيه المأمون العارف بمصارفه إما بالدفع أو الاستئذان منه، ومصرفه ما يوثق برضاه عليه السلام بصرفه فيه، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم الله تعالى شرفا وغيرهم..(1)
ويكرر آخرون القول نفسه دون أدني تغيير مما يدل على أن الرسائل العملية مكررة مع تغيير أسماء المراجع فحسب.(2)
ثم جاء الحصر في المقلَد. فقالوا: ويشكل دفعه إلى غير من يُقلده إلا إذا كان المصرف عنده هو المصرف عند مقلده كما وكيفا، أو يعمل على طبق نظره.(3)
ويقول الخوئي: دفع الحقوق تابع لمن اتخذه مرجعاً لنفسه.(4)
وفي سؤال: إذا سلم المكلف المقلد لكم الخمس لأحد الفقهاء المعاصرين هل تبرأ ذمته ؟ فجاء الجواب: بسمه تعالى: إذا كان المسلم إليه جامعا لشرائط الفقاهة أو وكيلا من قبلنا تبرأ ذمته إن شاء الله.(5)
وفي رد على سؤال: هل من الضروري أخذ إجازة المجتهد المقلد من أجل صرف سهم الإمام عليه السلام في عمل الخير، مثلا في الحوزة العلمية أو دار الأيتام، أو تكفي الإجازة من المجتهد مطلقا، وأساساً هل إجازة المجتهد ضرورية ؟ فجاء من ضمن الجواب: لا بد للمكلف من مراعاة فتوى المجتهد الذي يقلده هو في ذلك.(6)
__________
(1) - منهاج الصالحين ، للخوئي ، 1 /348
(2) - أنظر مثلاً: منهاج الصالحين ، لمحمد الروحاني ، 1 /368 ، منهاج الصالحين ، للسيستاني ، 1 /411 ، منهاج الصالحين ، لمحمد صادق الروحاني ، 1 /372 ، منهاج الصالحين ، لمحمد إسحاق الفياض ، 2 /85 ، منهاج الصالحين ، للوحيد الخراساني ، 2 /388
(3) - تحرير الوسلية ، للخميني ، 1/ 366 ، هداية العباد ، للگلپايگاني ، 1/ 332
(4) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/190
(5) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 69
(6) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /315(1/163)
وهذا من أعظم أسباب مسألة عدم جواز تقليد الميت عند الشيعة. وإليك أمثلة أخرى توضح هذا الأمر.
السؤال: إجازة الإذن في التصرف في مجهول المالك، أو بعض الاستثناءات التي أمضاها الفقيه لمقلديه، هل تلغى بعد موت الفقيه، وهل يوجد فرق بين ما إذا كانوا يعتقدون بأعلميته على الفقيه الحي، وهل هذه الإجازة تحتاج إلى إذن جديد من الفقيه الحي؟
الجواب: الإجازات السابقة من الفقيه تلغى حين موته، وتحتاج إلى إذن جديد من الفقيه الحي.(1)
السؤال: المقلد للمرجع الميت الباقي على تقليده بفتوى المجتهد الحي هل يجوز له دفع الحقوق الشرعية إلى وكلاء الميت؟
الجواب: بسمه تعالى: أمر الحقوق الشرعية يرجع فيها إلى المجتهد الحي، والله العالم.(2)
السؤال: إذا بقيت على تقليد المرجع الميت الأعلم بفتوى بعض المراجع ( لعدم ثبوت الأعلمية في واحد لحد الآن ) فهل يجوز دفع الحقوق الشرعية إلى أي مرجع من المراجع ؟
الجواب: اللازم اعطاءها لمن يحتمل فيه الأعلمية، وكذا يجب الرجوع إليه في البقاء على التقليد، والله العالم.(3)
وهكذا أسئلة تشكل مبعث خوف للمراجع وهاجس يقلقهم مخافة إنسياب الأموال من بين أيديهم، لذا تراهم يتشددون جداً في قضية عدم جواز التصرف في الخمس دون إذن المقلَد والمرجع، مهما كانت الأسباب أو الحاجة الملحة. وإليك شيء من هذا:
السؤال: هل يحق للسيد أو الهاشمي أن يأخذ من سهم الإمام من غير ضرورة ؟
الجواب: لا يجوز بدون الإجازة من المرجع.(4)
السؤال: هل تأذنون لطلبة العلوم الدينية التصرف في سهم الإمام ( ع ) أو في مقدار منه إذا كان يأخذه للاستفادة ؟
__________
(1) - صراط النجاة ، لميرزا جواد التبريزي ، 3/ 354
(2) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 56
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/ 463
(4) - منية السائل ، للخوئي ، 58(1/164)
الجواب: بسمه تعالى: لا يجوز التصرف لغير من كان مأذونا فيه، والله العالم.(1)
السؤال: هل يجوز صرف حق الإمام ( ع ) فيما يجزم به رضا الإمام ( ع )، مثل الأنشطة الاسلامية والتدريس والاحتفالات الاسلامية وهداية المنحرفين وغيرها من الأمور الخيرية؟
الجواب: بسمه تعالى: يتوقف ذلك على إذن من يقلده، والله العالم.(2)
السؤال: هل من الضروري أخذ إجازة المجتهد المقلد من أجل صرف سهم الإمام عليه السلام في عمل الخير، مثلا في الحوزة العلمية أو دار الأيتام، أو تكفي الإجازة من المجتهد مطلقا، وأساسا هل إجازة المجتهد ضرورية ؟
الجواب: أمر السهمين المباركين كلا راجع لولي أمر المسلمين، ومن كان في ذمته، أو في ماله شئ من حق الإمام عليه السلام، أو من سهم السادة يجب عليه تسليمهما إلى ولي أمر الخمس، أو إلى وكيله المجاز من قبله، وإذا أراد صرفهما في إحدى الموارد المقررة فيجب عليه الاستجازة قبل ذلك في هذا الموضوع، ولا بد للمكلف مع ذلك من مراعاة فتوى المجتهد الذي يقلده هو في ذلك.(3)
السؤال: هل تجيزون أن يقوم الأشخاص بأنفسهم بإعطاء سهم السادة إلى السادة المحتاجين؟
الجواب: يجب على من عليه سهم السادة المبارك أن يستجيز في ذلك.(4)
السؤال: في مصرف الخمس هل يمكن لمقلديكم أن يعطوا حق السادة إلى السيد الفقير، أو يجب عليهم أن يسلموا مجموع الخمس، أي سهم السادة وسهم الإمام عليه السلام، إلى وكيلكم لكي يصرفه في موارده الشرعية ؟
الجواب: لا فرق بين سهم السادة والسهم المبارك للإمام عليه السلام في هذا الشأن.(5)
__________
(1) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 63
(2) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 71
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/315
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/320
(5) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/320(1/165)
السؤال: شخص لديه حق شرعي ويرغب في إعطاء قسم من الحق إلى فقراء البلدة وذلك بمناسبة شهر رمضان المبارك هل يجوز له ذلك أم لا ؟
الجواب: يجب أن يستجيز من الحاكم الشرعي إذا كان من سهم الإمام عليه السلام.(1)
رغم ان هناك من جوز ذلك قائلاً: والظاهر عدم لزوم الاستيذان من الفقيه في عصر الغيبة بالنسبة إلى النصف من الخمس الذي هو سهم السادة.(2)
السؤال: شخص يرغب في التصرف بخمس أمواله كاملا بنفسه على أن يقوم بصرفه في بلده ضمن الشرائط الشرعية المبرئة للذمة حيث إنه من السادة ولا يرغب في أن يطلع أحد على مقدار خمس أمواله ويريد ذلك من اطمئنان إن هو قام بصرفها بنفسه على المصارف الشرعية ؟
الجواب: لا يجوز له ذلك وإنما يجوز صرف سهم السادة للسادة الفقراء وأما سهم الإمام - عليه السلام - فلا بد من إيصاله إلى الحاكم الشرعي أو الصرف بإذنه.(3)
السؤال: كثر في هذه الأيام اللذين يطلبون الإغاثة للزواج أو لسد فقرهم أو غير ذلك من شؤون الحياة المهمة كما أن هناك بعض المساجد والحسينيات التي بحاجة للإعانة المادية، فهل يصح أن أصرف لهم حق الإمام أو بعضا منه في ذلك ؟
الجواب: لا بد من الاستجازة مع ذكر المقدار.(4)
السؤال: هل يجوز صرف حق الإمام في احياء مواليد الأئمة عليهم السلام ووفياتهم إذا لم يكن هنالك من يقوم بهذا الأمر وأدى ذلك إلى ضعف الاعتقاد بهم سلام الله عليهم ؟
الجواب: يجوز بالإذن من الحاكم الشرعي.(5)
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 122
(2) - أنظر مثلاً: الخمس، لمرتضى الحائري، 509
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 308
(4) - استفتاءات ، للسيستاني ، 333
(5) - استفتاءات ، للسيستاني ، 538(1/166)
السؤال: يذكر الفقهاء إن حق الإمام يصرف في ترويج الدين ومن ترويج الدين نشر الكتاب بين المؤمنين فإذا تطلب نشر الكتاب إلى أموال كبيرة لغرض شراء آلة الطباعة وباقي المتطلبات فهل يجوز الصرف من حق الإمام في مثل هذا المورد دون أخذ الإجازة من الفقيه ؟ وإذا فرض وجود الإجازة من مجتهد آخر لا يرى وجوب الإجازة من المقلد فهل هذا مبرء للذمة ؟ وإذا كان الجواب بعدم الجواز فهل يأذن لنا سماحة السيد في مثل هذا العمل ؟
الجواب: يجوز بإذن الحاكم ولا بد من ذكر المورد والمقدار حتى نستجيز من سماحته.(1)
السؤال: هل يجوز استثمار أموال الإمام - عليه السلام - في مشروع ما تكون عوائده لسهم الإمام - عليه السلام - ؟ وكذلك في سهم السادة الكرام ؟
الجواب: سهم الإمام عليه السلام والسادة فأمرهما موكول إلى المرجع ونحن لا نأذن في استثمارها.(2)
السؤال: هل يجوز لغير الوكيل ( المجاز ) أن يستلم الأخماس من العوام، وهل تبرء ذمتهم بالتسليم لمثل هذا الشخص أم لا ؟
الجواب: لا تبرأ ذمتهم إلا بالأداء للحاكم الشرعي، أو وكيله، والله العالم.(3)
السؤال: هل يجوز دفع سهم الإمام عليه السلام إلى قضايا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ؟
الجواب: صرف سهم الإمام عليه السلام يحتاج إلى الإجازة في كل مورد، و لا يجوز التصرف فيه إلا بالاستجازة الشخصية ممن يرجع إليه في التقليد، والله العالم.(4)
السؤال: هل يجوز استخدام حق الإمام من الخمس في شراء أدوات طبية لاستخدامها في المستشفى لعلاج المرضى حيث أن هذه الأجهزة ضرورية ويمكن عن طريقها إنقاذ المرضى علما بأن أكثر المرضى الذين يراودون المستشفى هم من أبناء المذهب ؟
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 538
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 693
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/ 352
(4) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/ 494(1/167)
الجواب: لا يجوز إذا كان هناك مورد آخر يمكن صرفه في ذلك وعلى تقدير الجواز فلا بد من ذكر المبلغ لنستجيز من سماحته.(1)
بل طال خوف المراجع حتى من وكلائهم. فهذا سائل يسأل: هل يجوز للوكيل المطلق أو من هو دونه أن يتصرف في بيع سهم اشتراه من أموال الإسلام - كالخمس والزكوات والهبات - للمساهمة في مؤسسة تجارية ويرجع ريعه للإسلام وبدون إذن الحاكم الشرعي مع العلم بأن هذه المؤسسة تدر أرباحا ليست بسيطة كل عام ؟
الجواب: لا نعرف ملابسات الموضوع ولم يسبق منا الإذن لأي من وكلائنا بشراء سهم في المؤسسات التجارية من الحقوق الشرعية وإذا كان قد حصل شئ من هذا القبيل على عهد المراجع الماضين - قدس الله أسرارهم - فبيع السهم المشترى يلزم أن يتم بإذن من له الولاية الشرعية.(2)
والأمر في الباب يطول.
ثم جاء أنصار ولاية الفقيه وقالوا بوجوب حصر التصرف في سهم الإمام في الولي الفقيه وليس الفقهاء.
فهذا الإمام الخميني في معرض رده على الأقوال السابقة يقول بأنهم تشبثوا فيه بأمور غير مرضية، وادعى بعضهم العلم برضى الإمام عليه السلام بتلك المصارف المعهودة لحفظ الحوزات العلمية ونحوها. وليت شعري، كيف يحصل القطع بذلك، أفلا يحتمل أن يكون الصرف في بعض الجهات أرجح في نظره الشريف عليه السلام، كالصرف في رد الكتب الضالة الموجبة لانحراف المسلمين، ولا سيما شبانهم، وكالصرف في الدفاع عن حوزة الإسلام... إلى غير ذلك مما لا علم لنا به ؟ ! فدعوى القطع لا تخلو من مجازفة. ثم لو فرض قطع الفقيه بالرضا، لكنه لا يفيد ذلك لغيره ; فإن كل آخذ لا بد له في صحة تصرفه من القطع برضاه، وليس الأمر مربوطا بالتقليد ونحوه كما هو ظاهر.
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 90
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 594(1/168)
ولكن الشأن في ثبوت المالكية لهم ( عليهم السلام )، والذي يظهر لي من مجموع الأدلة في مطلق الخمس - سواء فيه سهم الإمام عليه السلام أو سهم السادة كثر الله نسلهم الشريف - غير ما أفادوا: بيان مصرف سهم السادة أما في سهم السادة، فلأنه لا شبهة في أنهم مصرف له، لا أنهم مالكون لجميع السهام الثلاثة ; ضرورة أن الفقر شرط في أخذه، والمراد به عدم واجدية مؤونة سنته حسب المتعارف.
وبعبارة أخرى: إنه على الوالي أن يعطي السادة مؤونة سنتهم من السهام الثلاثة، فلو زادت عن مؤونتهم كانت للوالي، ولو نقصت عنها كان عليه جبران النقص من سائر ما في بيت المال، كما دل عليه الدليل، ولا شبهة في أن نصف الخمس يزيد عن حاجة السادة بما لا يحصى.(1)
ويقول منتظري: وأما عصر الغيبة فالقاعدة تقتضى أن يكون المتصدي لها هو الفقيه الجامع لشرائط الحكم والولاية(2)
__________
(1) - كتاب البيع ، للخميني ، 2/ 655
(2) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/218(1/169)
وقال بعد أن ذكر أقوال الشيعة في حكم الخمس في عصر الغيبة: وضعف بعضها واضح كالقول بوجوب دفن الجميع أو حصة الامام إلى أن يظهر الإمام ويستخرجه، أو عزله وحفظه وإيداعه إلى أن يصل إليه ونحو ذلك مما يوجب ضياع المال وتلفه حرمان مستحقيه وتعطيل مصارفه الضرورية، وكالقول بالتحليل المطلق لا سيما بالنسبة إلى سهام الأصناف مع حرمانهم عن الزكاة أيضا. ولا يخفى ابتناء أكثر هذه الأقوال على كون الخمس بالطبع منصفا بنصفين وكون النصف ملكا للأصناف الثلاثة والنصف الآخر لشخص الإمام المعصوم ومن أمواله الشخصية بحيث يجب أن يحفظ ليوصل إليه أو يتصدق به عنه أو يتصرف فيما أحرز رضاه به. ولكن قد مر منا مراراً أن الخمس بأجمعه حق وحداني جعل لمنصب الإمامة والحكومة الحقة، فهو مال للإمام بما أنه إمام لا لشخصه، وحيثية الإمامة لوحظت تقييدية لا تعليلية، ونحوه الأنفال أيضا والمتصدي لأخذهما وصرفهما في شؤون الإمامة والحكومة من له حق الحكم، وهو النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في عصره الشريف، بعده للإمام المعصوم، وفي غيبته للفقيه العادل العالم بمصالح الاسلام والمسلمين. وإن شئت قلت: إنهما أموال عامة جعلتا شرعا في اختيار ممثل المجتمع ومن له حق الحكم عليهم، وإذنه وإجازته مصححان للمعاملات الواقعة عليهما، فمعنى كونهما للإمام هو أن الإمام ولي التصرف فيهما وبيده اختيارهما، ومصرفهما المصالح العامة على يشخصها الإمام العادل. ومن أهم المصالح إدارة عائلة شخص الإمام أيضا حفظ شؤونه، كما أن تموين الأصناف الثلاثة أيضا من أظهر وظائفه، فتدبر.(1)
ويقول الخامنئي في رد على سؤال: إذا كان الحاكم شخصا ومرجع التقليد شخصا آخر فإلى أيهما يجب دفع الخمس ؟ فرد: يجب تسليم الخمس إلى ولي أمر الخمس، وهو الذي يلي أمور المسلمين.(2)
__________
(1) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3/ 126
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/ 316(1/170)
ثم لخص أصحاب هذه النظرية ( ولاية الفقيه) حججهم في التالي:
1- لو أمعنا النظر في الأهداف السامية للاسلام وفي سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام وفي لغاية من تشريع هذه الحقوق، لأدركنا دون عناء أن الهدف من هذ الأموال هو سد حاجة الناس ورفع العوز عهم، وتحقيق الأهداف السامية للاسلام والنظام الإسلامي، ومن ثم فإن العقل والحكمة يقضيان بأن هذ الأموال ليست ملكاً شخصياً للإمام. إذ كيف يعقل أن تكون هذه الأموال (الخمس، الأنفال، الفيء...) على وسعتها مالاً شخصياً للإمام؟ وما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الروايات: أن الدنيا وما فيها للإمام، إذ لا يمكن أن يعقل بأن الدنيا كلها ملك شخصي له. ومن جانب آخر، لا يمكن أن يختص نصفه الخمس بالهاشميين، إذ لا يعقل أن تتعلق هذه الثروة الهائلة بجماعة قليلة من الناس. فالزكاة - حسب آراء الفقهاء - ذات مساحة ضيقة جداً، فهل يمكن بها وحدها رفع حاجات المجتمع، ودفع غائلة الفقر عن المحتاجين؟ من هناء فإن العقل يحكم بتعلق جميع الخمس ء بل وجميع الحقوق الشرعية بإمام المسلمين باعتبار ولايته، وبأنها ليست ملكاً شخصياً للإمام والهاشميين.(1/171)
ومن الأدلة الأخرى التي تثبت أن الخمس متعلق بمقام الولاية والقيادة وليس بشخص الإمام، آية الخمس. وعند التمعن في مفاد الآية، ندرك أن الخمس بأجمعه مختص بالحكومة، لأن اللام هنا تفيا التخصيص، وقد وردت هذه اللام في ثلاثة موارد من الموارد الستة، بينما لم ترد في الموارد الثلاثة الأخرى. ومعنى ذلك أن جميع الخمس لله وللرسول وللإمام، أما الجماعات الثلاث الأخرى فهى موارد للصرف وحسب. من هنا، فإن جميع الخمس لله تعالى، وفوّض هذا الحق لرسوله، ثم لخلفاءه من بعده، وهم الائمة المعصومين. ويقوم على هذاالأمر، في عصر الغيبة الفقيه الجامع للشرائط،، الذي يتصدى لإدارة شؤون المسلمين، بينما ليس للجماعات الثلاث الأخرى التي وردت في الآية دون لام التخصيص أي حق في تملك هذه الأموال، فاليتامى والمساكين وأبناء السبيل هم موارد للصرف، أي يؤّمنون معاشهم من هذه الحقوق بصورة عادلة.
إضافة إلى ذلك، فإن كلمة (لله) في الآية الكريمة وردت مقدمة علي كلمة (خمسه )، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. بمعنى أن جميع الخمس منحصر بالحاكم، وهو ميزانية للحكومة. خصوصاً، وأن هناك روايات كثيرة تفيد بأن سهم الله لرسوله، وسهم الرسول للائمة من بعده. يقول عمران بن موسى: قرأت على الإمام الكاظم آية الخمس فقال: ماكان لله فهو للرسول، وماكان لرسوله فهو لنا.. ثم قال: والله لقد يسر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم، جعلوا لربهم واحداً وأكلوا أربعة أحلاء.
الخمس لله وأمره مفوض لرسوله وللأئمة من بعدخ، وهم الحكام على المسلمين. وفي هذه الرواية يجعل الإمام جميع الخمس حقاً لله (جعلوا لربهم واحداً ) ولا نرى فيها تقسيماً للخمس إلى أقسام.
من هنا، فإن هذه الآية التي تعتبر أهم سند لتشريع الخمس تفيد بوجوب دفع الخمس إلى الحاكم الإسلامي.(1/172)
وإذا كان المشهور بين فقهاء الشيعة تبعأ لظاهر الروايات، يفيد بأن (اليتامي والمساكين وإبن السبيل) في الآية الكريمة هم الهاشميون، فإن بعض فقهاء الشيعة، وكذلك مفسري وعلماء أهل السنة لا يرون ذلك، بل يقولون إن المراد هو مطلق اليتامى والفقراء وأبناء السبيل وليس الهاشميين وحسب.
وقد دلت صحيحية ربعي بن عبدالله دلالة واضحة علي هذا الأمر، إلا أن فقهاء الشيعة لم يستدلوا بها، وحملوها على التقية. ويستفاد هذا المعنى أيضاً من رواية الإمام الصادق المنقولة في تحف العقول.
2- تفيد الروايات الكثيرة الواردة بهذا الشأن بأن الشرع جعل الخمس متعلقاً بمقام الإمامة والقيادة وتحت تصرف الحاكم الإسلامي، وليس ملكاً شخصياً للامام.
ينقل البزنطي عن الإمام الرضا أنه سئل عن آية الخمس، فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال لرسول الله، وما كان لرسول الله فهو للإمام. فقيل له: أفرأيت إن صنف من الأصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به؟ قال: ذلك إلى الإمام، أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف يصنع، أليس إنما كان يعطي على ما يرى، كذلك الإمام.
وهذه الرواية، تدل دلالة واضحة على أن الخمس حق لمقام الولاية، وإن أمره مفوض إلى الحاكم الإسلامي، ولو كان الخمس مالاً شخصياً للنبي، لتعين إنتقاله إلى ورثته بعد وفاته، كما هو شأن أمواله الأخرى، بينما تصرح الرواية بانتقال سهم الرسول إلى الإمام من بعده، وليس إلى ذريته وورثته.
إضافة إلى ذلك، فإن هذه الرواية تدل على أن اليتامى والمساكين وابن السبيل في الآية الكريمة ء هم من موارد الصرف، وليسوا مالكين لنصف الخمس. ولذلك فإن الإمام حين سثل: أفرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به ؟ قال: ذلك إلى الإمام.(1/173)
ويقول أبو علي بن راشد، قلت للإمام الهادي: يأتينا بعض أصحابنا بمال، يقولون هو لأبي جعفر فما نصنع به ؟ فقال: ما كان لأبي بسبب الإمامة فهو لي، وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله وسنة نبيه.
والرواية هذه واضحة الدلالة، فهي تقسم الأموال التي تركها الإمام الجواد إلى قسمين:
- أمواله وممتلكاته الشخصية، مثل: المنزلن والأثاث، وما إلى ذلك، وهي تقسم بين الورثة حسب الشريعة الإسلامية، ولهم جميعاً الحق فيها.
- الأموال التي كان يحتفظ بها باعتبار مقام الولاية والإمامة، مثل الخمس والحقوق الشرعية الأخرى. وهي ليست أموالاً شخصية لتنتقل إلى الورثة، إنما متعلقة بمنصب الإمامة والولاية، أم هو مال شخصي؟ ثم يجيب ويبين حكم كل قسم من القسمين.
يقول الإمام الكاظم: وله (يعني الإمام ) نصف الخمس كاملاً ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم، يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم.
ولو أمعنا النظر في صدر هذه الرواية وذيلها، رأينا أن هذه الأموال تتعلق بمصب الإمامة، وتكون تحت تصرف الحكومة الإسلامية، ففي صدرها يقول الإمام: فسهم الله وسهم رسول الله لأولي الأمر من بعد رسول الله.
وفي هذه العبارة يصرح الإمام بأن هذه الأموال تؤول إلى أولي الأمر، فمن آلت الخلافة والزعامة إليه، كانت هذه الأموال تحت تصرفه، وفي ذيل الرواية يقول الإمام في مقام الاستدلال على عدم تعلق الزكاة بأموال الخمس: وليس في مال الخمس زكاة 0ولذلك لم يكن على مال النبي والوالي زكاة.(1/174)
وواضح أن المراد هو الأموال المتعلقة بمقام الإمامة، والا فإن أموال الحاكم غير مستثناة من الأحكام الشرعية، وبالتالي تتعلق بها الزكاة. وحين يقول الامام ليس في مال الخمس زكاة ء ولذلك لم يكن على مال النبي والوالي زكاة، فإن ذلك يدل على أن الخمس متعلق بمقام الولاية وأنه ليس ملكأ شخصياً للنبي والوالي كما هو واضح.
وينقل الشيد المرتضى عن الإمام علي رضي الله عنه في (رسالة المحكم والمتشابه) نقلاً عن تفسير النعماني أنه قال: وأما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق وأسبابها فقد أعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه: وجه الإمارة.. فأما وجه العمارة فقوله: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ.. فجعل لله خمس الغنائم.
وهنا يصف أمير المؤمنين رضي الله عنه الخمس بأنه وجه الإمارة، ويجعله جميعاً حقاً للحكومة ومتعلقاً بمقام الولاية، ويستدل على ذلك بآية الخمس.
وحين يسأل إبن شجاع النيسابوري الإمام الجواد عن رجل اجتمع عنده مقدار من القمح، فما سهمك فيه؟ قال الإمام: لي منه الخمس مما يفضل من مؤونته.
وفي ذلك دلالة واضحة على أن الخمس حق للإمامة.
وينقل عن أبي علي بن راشد، وكيل الإمام الهادي أنه قال للإمام: أمرتني أن أجمع حقك، وأبلغك أمرك إلى أصحابك، فسألني بعضهم ما حق الإمام (في أموالنا)؟ ولم أدرِ ما أجيبهم؟ قال الإمام: يجب عليهم الخمس.
ونلخص من خلال هذه الروايات وروايات أخرى إلى امرين:
- إن الخمس ليس ملكاً شخصياً للامام، إنما هو متعلق بمقام ومنصب الإمامة، ويمثل ميزانية خاصة بالحكومة تكون تحت تصرف الحاكم الإسلامي لينفقها حيث تقتضي المصلحة كتقوية الحكومة الإسلامية والنظام الإسلامي وحفظ مصالح الإسلام والمسلمين، أو نشر ثقافة الدين وفكره وتعاليمه، أو غير ذلك.(1/175)
- يفيد ظاهر بعض الروايات بتقسيم الخمس إلى ستة أقسام، وتخصيص نصفه للأيتام والفقراء وأبناء السبيل من الهاشميين إلا أن التمعن في هذه الروايات يوصلنا إلى النتيجة التالية: إن جميع الخمس متعلق بالإمام، وليس الهاشميون إلا أوضح الموارد للصرف وذلك لورود ذكرهم في الآية الكريمة، ولإشارة الروايات إليهم 0 ويكون من واجب الحاكم الإسلامي أن يوفر لهم حاجاتهم من هذه الأموال.
إضافة إلى الأدلة المستقاة من الكتاب والسنة والعقل، يمكن الإفادة من القرائن والأدلة التالية في تأييد هذاالأمر:
- إن الشرع وحكمة التشريع يوجبان أن تكون مثل هذه الأموال الطائلة متعلقة بمقام الإمامة وليس شخص الإمام.
- أورد ثقة الإسلام الكليني كتاب الخمس في كتاب الحجة من أصول الكافي، ولم يورده في الكتب الفقهية، ويفهم من ذلك أن محدثاً وفقيهاً كبيراً كالكليني يرى أن الخمس من شؤون الحكومة والإمامة وأنه متعلق بمقام ومنصب الحاكم الإسلامي.
- لم يرد في التاريخ أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة رحمهم الله قد عزلوا صندوقاً خاصاً لسهم الهاشميين.
- يجمع الفقهاء على أن الفيء متعلق بالحكومة ويقع تحت تصرف القائد والحاكم الإسلامي، مع العلم أن آية الفيء ورد فيها ذكر ستة موارد للصرف كما هو شأن آية الخمس.
ففي الآيتين ذكرت الموارد الثلاثة الأولى محلاة باللام، والموارد الثلاثة الأخرى دون لام. من هنا فإن وحدة السياق تقتضي أن يكون حكم الخمس هو حكم الفيء ذاته، وأنه متعلق بالحاكم الإسلامي.
- هناك روايات عديدة في باب الخمس تقضي بتحليله في زمن الغيبة، وقد حملها الفقهاء على التقية او غير ذلك، وقال بعضهم إن الأئمة قد أباحوا الخمس لشيعتهم ء لاقتضاء المصلحة ذلك.
وإباحة الأئمة لهذه الحقوق دليل على تعلقها كلها بهم، والا فكيف يبيحون النصف المتعلق بالهاشميين ؟!(1/176)
- لو كان الخمس ملكاً شخصياً للإمام، لكان أمير المؤمنين عليه السلام قد طالب بسهمه من غناثم المسلمين في مختلف الغزوات باعتباره سهم (ذي القربى، لأن جميع المفسرين يعتقدون أذ المراد بذي القربى هو الإمام، بينما لا نرى نحن في التاريخ حتى مورداً واحداً يشير إلى مطالبة الإمام بهذا السهم، إنما كان الخمس كله تحت تصرف الرسول، 0ما دام هو على قيد الحياة.
- لو كان نصف الخمس سهماً للهاشميين، لكان هذا المال يدفع إليهم بصورة مستقلة في صدر الإسلام، بينما لم يذكر أحد أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمة رحمهم الله كانوا يستخرجون سهماً خاصا للهاشميين ويدفعونه إليهم.
- قال البعض في معرض الحديث عن معنى الخمس وتاريخه: كان العرب متعارفين قبل الإسلام على دفع ربع الغناثم التي يصيبونها في غزواتهم إلى قائدهم ليتصرف بها حسب رأيه. ثم تغير الربع إلى الخمس بعد ظهور الإسلام. ويظهر هذا الأمر أن جميع الخمس حق للإمارة بمقتضى التشريع، وأنه يجب أن يكون تحت تصرف قائد المسلمين.
- كان هناك العديد من الصحابة المتفقهين في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لم ينقل عن أي منهم أنه تصرف بالحقوق الشرعية، وفي زمن أمير المؤمنين رضي الله عنه لم يذكر ولو لمرة واحدة أن الإمام الحسن أو الإمام الحسين تصرفبشيء منها. وهذا يفيد بحصر هذه الأموال بالحاكم الإسلامي وجعلها تحت اختياره. واذا كان خمس أرباح المكاسب غير موجود في صدر الإسلام وعصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإن أموالا كثيرة كانت موجودة آنذاك، وهي متعلقة بمقام الحكومة والإمامة، ومنها خمس غنائم الحرب والفيء والانفال.
والمعروف أن إمام المسلمين ووليهم الفقيه يتولى القيام بمسؤوليات مهمة، منها: تجهيز جيش المسلمين لصد الأعداء والمتآمرين، حفظ الإسلام ومقدساته، إجراء الحدود والديات، إدارة شؤون المجتمع الإسلامي، متابعة أوضاع الفقراء والمساكين.. الخ.(1/177)
فكيف يعقل أن تكون هذه الأمور بعض مسؤولياته، وليس له حق التصرف بالحقوق الشرعية أو بميزانية الدولة ؟
إن هذه الحقوق الشرعية لا بد أن تكوذ متعلقة بمن يتحمل كل هذه المسؤوليات المهمة. ثم إن الحاكم يعتبر برأي النظام الإسلامي بمثابة الأب، والمؤمنون هم عياله.
ففي أحاديث المعصومين وصف الولي الفقيه » بأنه (وارث الأنبياء)، و(أمين الأنبياء)، و(احصن الإسلام )، و (الحجة على الناس )، و(الحاكم )، و(القاضي)، و(مرجع الناس وملجأهم )، و(مسؤول الرعية وكفيلها...) وما إلى ذلك، وهذه الأوصاف تبين أنه يشغل محل الإمام في زمن غيبته وينهض بجميع واجبات الحكومة الإسلامية، وهو الشخص الذي يعرض عليه الناس مشاكلهم، ويتخذون منه ملجأ لهم وملاذاً في جميع قضاياهم ومشاكلهم.
إن من أوضح صلاحيات الحاكم الإسلامي التصرف بهذه الحقوق، واستعمالها في تأمين مصالح المسلمين وتحقيق الأهداف السامية للنظام الإسلامي وفي رفع حاجات الناس، وطبيعي أنه لا يستطيع أن يقوم بشيء من هذه الأمور دون توفر الأموال اللازمة.
من هنا فإن نهوض الولي الفقيه في نظام الجمهورية الإسلامية بكل هذه الواجبات الخطيرة والمسؤوليات الثقيلة يقتضي أن تدفع له جميع الحقوق الشرعية وخصوصاً الخمس الذي هو (وجه الإمارة ) وميزانية الدولة، ليصرفها في الموارد الضرورية ويؤمن بها حياة الفقراء والمساكين ولا سيما الهاشميين منهم. فإذا لم تكفِ هذه الحقوق لسد الحاجات عمد حينئذ إلى فرض ضرائب أخرى بحكم ولايته.
وليس من الصواب في شيء أن تكون هذه الأموال بيد شخص أو مجموعة من الأشخاص، ينفقونها حسب آرائهم، في الوقت الذي يكون حاكم المسلمين ووليهم الفقيه آخذاً على عاتقه إدارة المجتمع، ومسؤولا عن الكثير من المشاكل في هذا المجتمع.(1/178)
وما دام الفقيه الجامع للشراثط يتحمل في الدولة الاسلامية وظائف الأئمة وأعمالهم كافه ( باستثناء ما يختص بهم )، فإن الادلة المستقاة من الكتاب والسنة تقضي بدفع جميع هذه الحقوق إليه 0 ليتصرف بها حسب ما يراه، وليس لأحد حق التصرف بها دون رضاه أو إذن منه.
إذن فالأمركله متعلق بالمال، حتى إنقسم الفقهاء في تحديد صلاحيات الولي الفقيه والحاكم الإسلامي إلى قسمين، فمنهم من ذهب إلى حصرها في الموارد التي ورد فيها دليل شرعي صريح، وهي كالتالي:
1- الولاية على اموال الأيتام والسفهاء ومن في حكمهم.
2- الولاية على اموال الغائبين ( الأشخاص الذين لا يد لهم على أموالهم لعدم حضورهم ).
3- الولاية في بعض الأمور المتعلقة بالزواج ( كتزويج السفهاء مثلا ).
4- الولاية على أموال الإمام عليه السلام ( كنصف الخمس ) والاموال المجهولة المالك، والإرث الذي لا وارث له.
ومنهم من اعتمد على الأدلة العامة في تعميم ولاية الفقيه، فجعل للولي الفقيه كل ما للرسول صلى الله عليه وآله وسلم والإمام المعصوم إلا ما ورد فيه دليل خاص يستثني الفقية منه. كإعلان الجهاد الإبتدائي الذي يتعلق بالمعصوم وحده.
إذن المسألة في جُلها هي الأموال.(1/179)
ولعل بهذه التفاصل قد وقف القارئ وخاصة الشيعي على علة هذا الصراع الكبير بين الشيعة في مسألة ولاية الفقيه، رغم ان أساس المذهب الشيعي مبنى على نحو ما على هذا القول. فالمسألة كلها من أجل حطام الدنيا وحسب. وقد دفع البعض من المراجع حياتهم ومنزلتهم في هذا الصراع بسبب معارضتهم لنظرية ولاية الفقيه، كآية الله حسن طباطبائي، والمنتظري، وجواد مغنية، ومحمد صادق الصدر، والمرعشي النجفي، وشريعتمداري، وهذا الأخير كاد أن يدفع حياته ثمناً لمعارضته هذه الفكرة، كما يقول الموسوي: وعندما أصر الإمام الشريعتمداري على موقفه المعارض أرسل الخميني عشرة الآف شخص من جلاوزته يحملون العصي والهراوات إلى دار الإمام يردون قتله وقتل أتباعه وهم ينادون بصوت واحد ويشيرون إلى دار الإمام( وكر التجسس هذا لابد من حرقه) ودافع حرس الإمام لشريعتمداري دفاع الأبطال عن دار الإمام واستشهد رجلين من أتباعه في ذلك الهجوم البربري الذي شنه إمام قائم على إمام قاعد.
وهكذا أعطى الإمام الخميني درساً بليغاً للائمة الآخرين الذين أردوا الوقوف ضد ولايته ليعملوا أن مصير الإمام الشريعتمداري سيكون مصيرهم إذا ما أردوا الوقوف ضد رغبته. أ.هـ
ولا يتسع الكتاب لذكر تفاصيل أكثر في هذا المقام.
والغريب بل والطريف في الأمر أن مصطلح تقليد أو مصطلح مرجعية ما هي إلا أكذوية إخترعها المتأخرين لغايات لا أظن أنها تخفى على أحد. وقد أعترف الشيعة بذلك.(1/180)
يقول شمس الدين: مصطلح تقليد ومصطلح مرجعية. هذان المصطلحان وما يرادفهما ويناسبهما غير موجودين في أي نص شرعي، وإنما هما مستحدثان، وليس لهما أساس من حيث كونهما تعبيران يدلان على مؤسسة تقليد هي مؤسسة ومرجعية. هي مرجعية التقليد، يعني مؤسسة من حيث كونهما اثنين لمؤسسة، ليس لهما من الاخبار والآثار فضلاً عن الكتاب والكريم علماً ولا أثراً. كل ما هو موجود بالنسبة لمادة قلّد خبر ضعيف لا قيمة له من الناحية الاستنباطية إطلاقاً، وهو المرسل الشهير عن أبي الحسن، عن أبي محمد الحسن العسكري ( رض )، ومتداول على السنة الناس: من كان من الفقهاء صائناً لدينة، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه. مادة قلّد موجود فقط بهذا النص، ولكن لا يعتمد عليه اطلاقاً. هذا تقليد، ومقلّد ومُقلّد لا اساس له. ومرجع لا اساس له.(1)
أقول: والرواية مكذوبة كما قال شمس الدين، فهي من مرويات التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري لأن التفسير لم يثبت بطريق قابل للاعتماد عليه فإن في طريقه جملة من المجاهيل كمحمد بن القاسم الاسترآبادي، ويوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار. وقد ذكر الخوئي أن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام، إنما هو برواية هذين الرجلين، وكلاهما مجهول الحال، ولا يعتد برواية أنفسهما عن الإمام عليه السلام، اهتمامه عليه السلام بشأنهما، وطلبه من أبويهما إبقاءهما عنده، لافادتهما العلم الذي يشرفهما الله به. هذا مع أن الناظر في هذا التفسير لا يشك في أنه موضوع، وجل مقام عالم محقق أن يكتب مثل هذا التفسير، فكيف بالامام عليه السلام.(2)
__________
(1) - المرجعية والتقليد عند الشيعة ، لمحمد مهدي شمس الدين في محاضرة ألقيت في ذكرى مقتل محمد باقر الصدر عام 1994م
(2) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 13/ 157(1/181)
ويقول شمس الدين أيضاً: هذا المصطلح (مرجع أعلى) لا أساس له إطلاقاً بالشرع، ولا أساس له قبل الشرع الإسلامي في الفكر الإسلامي، أصلاً لا يوجد في الفكر الإسلامي، ولا الشرع الإسلامي خارج نطاق المعصومين، خارج نطاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا المعصومين الأئمة عليهم السلام، لا يوجد مرجع أعلى على الإطلاق. وأقول للتاريخ إننا في عهد الشهيد السيد محمد باقر الصدر نحن مجموعة من الناس، وأنا واحد منهم رحم الله من توفاه، وحفظ الله من بقي حياً، نحن اخترعنا هذا المصطلح. في النجف اخترعنا مصطلح مرجع أعلى. وقبل مرحلة الستينات لا يوجد في أدبيات الفكر الإسلامي الشيعي هذا المصطلح على الإطلاق. هذا المصطلح نحن أوجدناه السيد محمد باقر الحكيم، السيد محمد مهدي الحكيم، السيد محمد بحر العلوم، ولعله يمكن أن أقول بنحو المصادفة إن جانب السيد الشهيد (رض) كان من الرعيل الأول، وهو أعلاهم وأسماهم. والداعي أنا محمد مهدي شمس الدين، كنا مجموعة نعمل في مواجهة نظام عبدالكريم قاسم المؤيد للشيوعة في نطاق جماعة العلماء, وفي نطاق مجلة الأضواء، وأردنا أن نوجه خطاباً سياسياً للخارج، سواء كانت مرجعية السيد الحكيم هي المرجعية البارزة وليست الوحيدة، او كانت مرجعية السيد البروجردي في إيران هي المرجعية البارزة. اخترعنا هذا المصطلح واستعملناه، وآسف إذا أصبح مصطلحاً رائجاً، وهو لا أساس له على الإطلاق، استخدمناه وأفادنا كثيراً، ولكن نحن استخدمناه كآلية لا نريده، ولا نريده غلاً، ولا نريده عائقاً.(1)
__________
(1) - المرجعية والتقليد عند الشيعة ، لمحمد مهدي شمس الدين.(1/182)
وكانوا قبلها قد مهدوا لأطروحة لزوم تقليد الأعلم، رغم أن المتقدمين(1)من علماء الشيعة لم يتطرقوا إلى هذه المسألة بالصورة التي نراها الآن، فشيخ الطائفة الطوسي مثلاً لم يتطرق لتقليد الأعلم عندما تكلم في ذكر صفات المفتي، في كتابه عدة الأصول، بل خلص إلى القول أنه يجوز للعامي الذي لا يقدر على البحث والتفتيش تقليد العالم.(2)
نعم نُسب هذا القول إلى المرتضى، ولكن عندما نقرأ قوله في المسألة في سياقه العام لا نراه يشترط هذا، بل يراه أولى. يقول: وإن كان بعضهم عنده أعلم من بعض أو أورع و أدين، فقد اختلفوا: فمنهم من جعله مخيراً، ومنهم من أوجب أن يستفتي المقدم في العلم والدين، وهو أولى.(3)وأخطأ من نسب إليه دعوى الإجماع في هذه المسألة.
وقد اقر الشيعة بذلك كما يؤكد محمد مجاهد وهو شيخ الأنصاري (ت 1281 هـ) بأنه لم يصلهم أي تعريف أو شرح لمعنى الأعلم.(4)
ويُذكر أن كاشف الغطاء (ت 1228 هـ) أول من بين أسس لزوم تقليد الأعلم، ولكن يبدو أن إختيار إبنه موسى كاشف الغطاء من بعده يدل على حصر الأعلمية في نطاق المدينة حيث كان ذلك في النجف فحسب.
__________
(1) - عصر المتقدمين يبدأ من الغيبة الكبرى (329 هـ) إلى زمن العلامة الحلى المتوفى عام 726 هـ
(2) - عدة الأصول ، للطوسي ، 2/ 272
(3) - الذريعة ، للسيد المرتضى ، 2/ 801
(4) - مفاتيح الأصول ، لمحمد مجاهد ، 632(1/183)
ثم بدأت عبارات وجوب تقليد الأعلم تظهر بوضوع عند المعاصرين.(1)
بل وأخذوا يضعون عبارات من أمثال (سيد الفقهاء والمحققين و اعلم العلماء والمجتهدين حجة الاسلام والمسلمين) على رسائلهم العملية.(2)
ثم أختلفوا في مفهوم الأعلمية وتحديدها.
__________
(1) - أنظر مثلاً: مستند الشيعة ، للنراقي ، 17 /46 ، القضاء والشهادات ، للأنصاري ، 57 ، العروة الوثقى ، لليزدي ، 1/18 ، 37 ، 74 ، 75(ش) ، تحرير العروة الوثقى ، لمصطفى الخميني ، 1 /13 ، 2 /12 ، 28 ، الاجتهاد والتقليد ، للخميني ، 99 ، الرسائل ، للخميني ، 2 /141 ، كتاب الاجتهاد والتقليد ، للخوئي 107(ش) ، 134 ، مصباح الفقاهة ، للخوئي ، 3 /288 ، تعاليق مبسوطة ، لمحمد إسحاق الفياض ، ،1 /11(ش) ، تعليقة على العروة الوثقى ، للسيستاني ، ،1 /11 ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، ،5 /172(ش) ، تحرير الوسيلة ، للخميني ، 1 /6 ، إرشاد السائل ، للگلپايگاني 39 ، هداية العباد ، للگلپايگاني ، ،1 /8 ، المسائل المنتخبة ، للروحاني 10 ، منها ،الصالحين ، للروحاني ، ،1 /5 ، أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، ،1 /16 ، استفتاءات ، للسيستاني 274 ، العروة الوثقى ، للروحاني ، ،1 /6 ، المسائل المنتخبة ، للروحاني 10 ، توضيح المسائل ، لمحمد تقي بهجت 8 ، صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، ،1 /20 ، 2 /101 ، هداية العباد ، للطف الله الصافي ، ،1 /5 ، المحكم في أصول الفقه ، لمحمد سعيد الحكيم ، ،6 /349 ، زبدة الأصول ، للروحاني ، 3 /385
(2) - أنظر مثلاً: جامع عباسى (فارسي) - البهائي العاملي 1 ، الغاية القصوى (فارسي) ، لليزدي 2 /344(1/184)
فمن قائل المراد من الأعلم من يكون أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة، وأكثر إطلاعا لنظائرها وللأخبار، وأجود فهما للأخبار، والحاصل أن يكون أجود استنباطا، والمرجع في تعيينه أهل الخبرة والاستنباط.(1)
وقائل: المراد من الأعلم: عمدة ما يلاحظ فيه الأعلمية أمور ثلاثة: « الأول » العلم بطرق اثبات صدور الرواية، والدخيل فيه علم الرجال وعلم الحديث بما له من الشؤون كمعرفة الكتب ومعرفة الرواية المدسوسة بالاطلاع على دواعي الوضع... ومعرفة النسخ المختلفة وتمييز الأصح عن غيره والخلط الواقع بين متن الحديث وكلام المصنفين ونحو ذلك... « الثاني » فهم المراد من النص بتشخيص القوانين العامة للمحاورة وخصوص طريقة الأئمة عليهم السلام في بيان الاحكام ولعلم الأصول والعلوم الأدبية والاطلاع على أقوال من عاصرهم من فقهاء العامة دخالة تامة في ذلك. « الثالث » استقامة النظر في مرحلة تفريع الفروع على الأصول.(2)
__________
(1) - العروة الوثقى ، السيد اليزدي ، 1/ 21 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 1 ،/36 ، كتاب الاجتهاد والتقليد ، للخوئي ، 203 ، تعاليق مبسوطة ، لمحمد إسحاق الفياض ، 1/ 15 ، تعليقة على العروة الوثقى ، للسيستاني ، 1/13 ، العروة الوثقى ، لمحمد صادق الروحاني ، 1/ 6
(2) - تعليقة على العروة الوثقى ، للسيستاني ، 1/13(1/185)
وقائل: المراد من الأعلم من كان أحسن استنباطا من غيره لكونه أقوى نظرا في تنقيح قواعد المسألة ومداركها، وأكثر خبرة في كيفية تطبيقها على مواردها، وأجود فهما للاخبار في استنباط المسائل الفرعية من مضامينها مطابقة والتزاما وإشارة وتلويحا، وأكثر اطلاعا بمدارك المسألة ونظائرها، كما يرشد إليه قوله ( ع ) أنتم اعلم الناس ان عرفتم معاني كلامنا ( نعم ) لا عبرة بكثرة الاستنباط والإحاطة بالفروع الفقهية ( لان ) ذلك يجامع مع ضعف الملكة أيضا.(1)
وقائل: الأعلم من كان أقوى ملكة وأشد استنباطا بحسب القواعد المقررة، ونعني به من أجاد في فهم الاخبار مطابقة والتزاما، إشارة و تلويحا، وفي فهم أنواع التعارض، وتميز بعضها عن بعض، وفي الجمع بينهما بإعمال القواعد المقررة لذلك مراعيا للتقريبات العرفية ونكاتها، وفي تشخيص مظان الأصول اللفظية والعملية، وهكذا إلى سائر وجوه الاجتهاد. وأما أكثر الاستنباط وزيادة الاستخراج الفعلي مما لا مدخلية له.(2)
وقائل: ليس المراد من الأعلم من هو أكثر اطلاعا على الفروع الفقهية وحفظا لمداركها من الآيات والروايات وغيرهما، بل المراد به من يكون استنباطه أرقى من الآخر بأن يكون أجود فهما للاخبار والآيات، وادق نظرا في تنقيح المباني الفقهية من القواعد الأصولية، وفي تطبيقها على المصاديق.(3)
__________
(1) - نهاية الأفكار ، لآقا ضياء العراقي ، 4 ق 2/ 254 ، نهاية الأفكار ، تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي ، 5/254
(2) - منتهى الدراية ، للشوشتري ، 8/ 589
(3) - مصباح الأصول ، تقرير بحث الخوئي ، للبهسودي ، 3 /456(1/186)
وقائل: أن المراد بالأعلم هل هو أقدر من غيره على تنقيح القواعد التي يستنبط منها الاحكام الفرعية كالقواعد الأصولية، فإذا كان أحد المجتهدين أكثر اقتدارا من غيره على تشييد القواعد الأصولية فهو أعلم ممن لا يكون مثله في الاقتدار المزبور ؟ أم المراد بالأعلم من يحصل له الجزم بالحكم بأن يستنبط الحكم من الأدلة بنحو الجزم واليقين، بخلاف غيره ممن يستنبطه من تلك الأدلة بنحو الظن، فكيفية الاستنباط لا تختلف، والاختلاف إنما هو في الادراك، لأنه في أحدهما قطعي وفي الاخر ظني.
أم المراد بالأعلم من هو أسرع استنباطا من غيره، كما إذا فرض أن الأعلم يستنبط حكم مسألة في نصف ساعة، وغيره يستنبطه في ساعة مثلا، فالمراد بالأعلم حينئذ هو أسرع استنباطا من غيره.
أم المراد به من هو أكثر استنباطا من غيره، كما إذا فرض أنه استنبط حكم ألف مسألة، وغيره استنبط حكم تسعمائة مسألة، فمن استنبط الألف فهو أعلم ممن استنبط أقل من ذلك، فالمدار في الأعلمية حينئذ على أكثرية عدد الاحكام المستنبطة فعلا.
أم المراد به من يكون أشد مهارة من غيره في تطبيق الكبريات على صغرياتها، وتشخيص موارد الأصول حتى لا يجري أصل البراءة مثلا في مورد قاعدة الاشتغال وبالعكس. ولا يجري الأصل المسببي مع وجود الأصل السببي، وهكذا. لا سبيل إلى ما عدا الأخير، إذ في الأول: أن المدار في الاجتهاد إنما هو على الاستنباط الفعلي من الأدلة، دون تشييد المباني وتنقيح القواعد مع عدم الاقتدار على تطبيقها على الفروع، فإنه اجتهاد في مقدمات الاستنباط، وليس اجتهادا في نفس الفروع، فالأصولي الذي يستفرغ وسعه في تحرير القواعد الأصولية وتهذيبها، ولكنه قاصر عن تطبيقها على الفروع، ليس بأعلم ممن يقدر على التطبيق المزبور وإن لم يكن مثله في تحرير القواعد الأصولية.(1)
__________
(1) - منتهى الدراية ، لمحمد جعفر الشوشتري ، 8/ 587 ، 588(1/187)
وقائل: وملاك الأعلمية أن يكون أقدر من بقية المجتهدين على معرفة حكم الله تعالى، واستنباط التكاليف الإلهية من أدلتها، ومعرفته بأوضاع زمانه، بالمقدار الذي له مدخلية في تشخيص موضوعات الأحكام الشرعية، وفي إبداء الرأي الفقهي المقتضي لتبيين التكاليف الشرعية، لها دخل في الاجتهاد أيضا.(1)
وقائل: المراد بالأعلمية من بقية المجتهدين أن يكون المرجع المقلد أقدر منهم في استنباط الأحكام.(2)
أو: أن يكون المجتهد الذي يقلده أعلم، أي أقدر من كل مجتهدي زمانه في فهم أحكام الله تعالى.(3)
وقالوا: المراد من الأعلم من كان أحسن استنباطا من غيره لكونه أقوى نظرا في تنقيح قواعد المسألة ومداركها، وأكثر خبرة في كيفية تطبيقها على مواردها، وأجود فهما للاخبار في استنباط المسائل الفرعية من مضامينها مطابقة والتزاما وإشارة وتلويحا، وأكثر اطلاعا بمدارك المسألة ونظائرها، كما يرشد إليه قوله عليه السلام أنتم اعلم الناس ان عرفتم معاني كلامنا ( نعم ) لا عبرة بكثرة الاستنباط والإحاطة بالفروع الفقهية ( لان ) ذلك يجامع مع ضعف الملكة أيضا.(4)
ولا أدري كيف للعوام معرفة الأعلم !؟ ورسائلهم العملية مليئة بهكذا أسئلة من المقلدين، أنظر مثلاً إلى سائل يسأل: بالنسبة للانسان البعيد عن أجواء الحوزات العلمية كيف يمكنه أن يعلم بأن فلانا من العلماء من أهل الخبرة أم لا، حتى يعتمد عليه في معرفة الأعلم من المجتهدين ؟ فكان الجواب: الخوئي: لا بد من احراز خبرويته كاحراز صلاحية أصل المرجع، و لو بالشياع المفيد للعمل أو الاطمئنان.(5)
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/9
(2) - توضيح المسائل ، لمحمد تقي بهجت ، 8 ، منتخب الاحكام ، للخامنئي ، 10
(3) - الأحكام الشرعية ، للمنتظري ، 6
(4) - نهاية الأفكار ، تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي ، 5/ 254
(5) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/10(1/188)
فكيف للعامي البناء على الشياع والأمر فيه مضطرب وتدخل فيها المصالح؟
ولم يقنع آخرين بهذا المنهج لمعرفة الأعلم، إذ ربما يعتبر البعض أن المعيار في الأعلمية وعدمها هو السرعة في استباط الأحكام الشرعية، فمن كاذ سريعاً فيه فهو أعلم ممن كان بطيئاً، وهو معيار خاطىء، فربما كان المجتهد بطيئاً في عملية الاستباط، لكنه دقيق فيها، فيأتي رأيه أعمق من المجتهد الذي يكون أسرع منه، ولكن دون دقة في العمل.
وكذلك القول في كثرة الإستنباط إذا لم تترافق مع دقة كبيرة في استخراج الأجكام، لا تكون دليلاً على الأعلمية.
وهكذا في معيار الحضور الذهني، وكثرة المؤلفات، وكثرة حضور دروس عدد كبير من الأساتذة، والسن مما يطول شرحه.
ثم أن الآيات والرويات الخاصة بجواز التقليد مطلقة. ولا يفهم منها اشتراط الأعلمية في المرجع.
وربما يوجد في أذهان البعض معيار آخر في هذا الأمر، هو كون الشخص من السادة، لكن المتتبع يرى أن مقاليد المرجعية والإفتاء كانت بيد غير السادة، منذ عصر الغيبة الكبرى، أي مع بداية مرجعية العالم الكبير أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قَولَوَيه ( 229 هـ)، وحتى نهاية زعامة الميرزا الشيرازي (1053 هـ ). كذلك فإنه لا يمكن أن يكون لبلد خاص، أو مدينة بعينها، دور في تحديد هذا الأمر، فالمعيار الصحيح للاعلم هو التمكن التام من أصول الفقه الاجتهادي والقدرة على إعادة الفروع إلى الأصول، وتطبيق الكلي على مصاديقه الخارجية، وأن يكون أقل خطأ من غيره في هذه الأمور، سواء كان في النجف، أو في قم، أو في مكان أخر. من هنا فإن ما يدعو إليه بعض الوكلاء الانتهازيين والنفعيين من ضرورة وجود المرجع خارج إيران، إن هو إلا خطة واضحة الأهداف، ونحن نمسك عن ذكر هذه الأهداف في الوقت الحاضر، مراعاة للمصلحة العامة.(1/189)
وهنا ننبه العلماء الكبار إلى أن عليهم التصدي لمثل هؤلاء الأشخاص، والقيام بأنفسهم بالدعوة إلى المرجع الكف ء، ليتسنى للناس تقليده حيثما كان، وعليهم، بالاضافة إلى تقويم تقوى الفقهاء وبعدهم الديني والعلمي، أن يقوّموا قدرتهم الإدارية وسعة أفقهم ونظرتهم إلى شؤون العالم المعاصر، فغيرخافٍ على أحد ما لهذه الأمور من أهمية بالغة في شخصية القيادة الإسلامية.(1)
ففي الماضي عند وفاة المرجع يبادر بعض الأساتذة إلى عقد مؤتمرات وإجتماعات التوعية لمساعدة الناس في إنتخاب الأحسن كما فعل المطهري، والبهشتي والطالقاني عند وفاة البروجردي. والآن ليس لهذه السيرة وجود.
وقبلهم كان تشخيص الأعلم في المراحل السابقة يتم بواسطة كبار الفقهاء، بل إن التاريخ يذكر لنا أن المجتهد الأعلم والمرجع في كل زمن يقوم بتحديد الأعلم من بعده لمعرفته به أكثر من غيره، ثم يعرّف الناس به.
فمن الأشخاص الذين حددوا المراجع من بعدهم، يمكن أن نذكر:
- الوحيد. البهبهاني (ت 1205هـ).
- جعفر كاشف الغطاء (ت 1228 هـ).
- الميرزا أبو القاسم القمي (ت 1227 هـ).
- محمد حسن النجفي (ت 1226 هـ).
- سعيد العلماء المازندراني (ت 1270 هـ ).
- مرتضى الأنصاري (ت 1281 هـ).
- الميرزا حبيب الله الرشتي (ت 1312 هـ).
- الميرزا محمد حسن الشيرازى (ت 1312 هـ).
- محمد كاظم اليزدي (ت 1337 هـ).
- علي الجواهري حفيد صاحب الجواهر.
- الميرزا محمد تقي الشيرازي (ت 1338 هـ ).
- أبو الحسن الأصفهاني (ت 1365 هـ ).
- حسين الطباطبائي البروجردي (ت 1380 هـ).
والآن بات الأمر أكثر وضوحاً فالمسألة كلها متعلقة بالخمس، وليس لأكذوية الأعلمية التي أخترعوها أي علاقة بالدين أو الشرع، إنما هي لعبة أتقنها أصحابها في إزاء ضحاياهم حسنُو النية.
__________
(1) - آراء في المرجعية الشيعية ، 96(1/190)
بل جوزوا للأتباع تقسيم الخمس بين إثنين إذا لم يتنازل أحدهما للآخر في مسألة الأعلمية، فليس همهم إضطراب الأمور الدينية على الأتباع، المهم الخمس وحسب. يسأل احدهم: إذا تعذر على المكلف معرفة الأعلم في العصر الحاضر، وقلد أحد الموجودين بناء على أنه مبرء للذمة، فلمن يدفع الخمس ؟ وإذا دفعه لأحد العلماء الذي يحمل إجازة من غير مقلد ( المكلف ) هل يصح ذلك ؟ فيجد الجواب: يجب الفحص عن الأعلم والدفع إليه، وإذا لم يتبين الأعلم بعد الفحص يستأذن من أحد المحتملين للأعلمية ويدفع إلى الآخر، ومع عدم إذنهم يقسط بينهم.(1)
ويعترف أحدهم قائلاً: إن الأمر (أي إختيار الأعلم) قد فُوض إلى خطباء المنابر والأشخاص الذين يكون معيارهم في إنتخاب المرجع إعطاء الوكالة والإجازة في أخذ الحقوق (أي الخمس)، فشمر هؤلاء عن سواعدهم وطفقوا يدعون لموكليهم في كل محفل ومجلس، دون أن يعيروا اهتماماً لخصائص المرجع الجامع للشرائط، وبذلك تركوا الناس في ضياع وحيرة من امرهم.(2)
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/ 503
(2) - آراء في المرجعية الشيعية ، 17(1/191)
ويقول آخر: أن المال يلعب دوراً كبيرا في عملية انتخاب المرجع الأعلى، ومع ان أساس المرجعية يفترض ان يقوم على العلم والتقوى الا ان المال هو الذي يحسم عادة انتخاب شخص معين من بين الفقهاء العدول الأتقياء، ولا يكفي ان يكون الشخص فقيها وعادلا لكي يصبح مرجعا، اذا لم يكن يمتلك قوة مالية ترشحه لسدة المرجعية وتجلب الوكلاء اليه، ولا يعني هذا ان شخصاً جاهلا ً أو فاسقاً يستطيع بسهولة ان يرتقي سدة المرجعية الدينية، ولكن لا يمكن إغفال دور المال في ارتقاء شخص او سقوط شخص آخر. وهذا ما يفسر سيطرة العنصر الفارسي لعشرات السنين على سدة المرجعية، وذلك نظراً لعلاقات المراجع الإيرانيين مع بني قومهم في ايران الذين يقدمون التبرعات السخية إليهم عادة ولا يقدمونها الى العرب او العراقيين حتى لو كانوا أكثر علما وتقوى منهم، بسبب عدم معرفتهم بهم او عدم القدرة على التواصل اللغوي معهم.
وعندما تتكدس أموال هائلة لدى مرجع معين يستطيع ان يحدد بواسطتها المرجع الذي يخلفه، وذلك بضمان ضخ قدر كاف من المال لإدارة مرجعية خليفته حتى يشتهر ويستقطب الطلبة والوكلاء الذين سوف ينهالون عليه ويرشحونه عامة الناس باعتباره المرجع الأفقه والأورع والأتقى، فتدور عندها عجلة المرجعية لذلك المرجع ويقوم باستيفاء الخمس من المؤمنين. وهذا ما يفسر بروز مراجع معينيين فجأة بعد وفاة مرجع سابق لمجرد قدرتهم على توزيع الرواتب للطلبة والوكلاء في كل مكان، من دون ان يعرفوا بنظريات فقهية معينة او يحتفظوا بسجل جهادي او يقوموا بأي دور قيادي في الامة.(1/192)
ومن المعروف في الاوساط الحوزوية ان درجة شعبية أي مرجع تعرف عادة من خلال حجم الراتب الشهري الذي يوزعه على طلبة العلوم الدينية في النجف وقم ومشهد، فالمرجع الذي يوزع أعلى راتب بعد وفاة المرجع الأعلى السابق يعني انه أصبح المرجع الاعلى الجديد، وذلك لدلالة كمية المال على حجم التقليد الشعبي، بالرغم من عدم واقعية أو صحة هذا المؤشر مع احتمال حدوث تلاعب او قيام جهات مشبوهة بضخ أموال هائلة لأغراض سياسية. ولكن ذلك، على أي حال، يشد حركة الوكلاء الى المرجع الجديد لأخذ الوكالة منه والدعوة الى تقليده وجباية الخمس باسمه وتسليمه اليه بعد أخذ حصتهم منه. وعادة ما تتراوح النسبة التي يأخذها الوكلاء بين الربع والثلث والنصف من الخمس.(1)
وقد تكشفت مساوئ هذه القضية ومعها فضائح المرجعيات فيما يتعلق بالخمس بما لا يخفى على احد. حتى ضج الشيعة أنفسهم بهذا.
يقول بازركان: ومما يدعو للأسف أنه على امتداد تاريخ المرجعية الشيعية، كان ثمة من يحاول استغلال منصب المرجعية والمتاجرة بها.(2)
يقول القوجاني: من المضحك أن حوالي خمسة عشر من فضلاء تلاميذ المرحوم الآخوند، بدأوا التحرك لبلوغ مقام الافتاء والتقليد واستلام سهم الإمام وكسب الشهرة، رغم وجود حوالي خمسة من كبار مراجع التقليد المشهورين آنذاك، في حين أن القضاء والافتاء من الواجبات الكفائية.(3)
__________
(1) - المرجعية الدينية الشيعية..دولة في الدولة ، لأحمد الكاتب
(2) - مجلة كيان ، العدد 11/1993 مقابلة من المهندس بازركان
(3) - المرجعية والمؤهلات الأخلاقية ، (آراء في المرجعية) ، 419(1/193)
ويقول شمس الدين: قد يقول قائل إن المرجع الآن مبلّغ، يرسل مشايخ أو وكلاء للمناطق وهو يبلغون. أنا أعرف الآن مرجعاً غير مبلغ، يرسل وكلاء لا يبلغون.. وغالباً وظيفة هؤلاء هي جباية الحقوق الشرعية.(1)
وكان شمس الدين يستنكر الإقتصار على مرجع واحد، ويقول: لماذا يجب أن يكون هناك مرجع واحد في التقليد أساساً؟ من الثابت عندنا فقهياً مشروعية التبعيض في التقليد، وأن يقلد المكلف الواحد فقيهين، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة فقهاء، يقلد في العبادات فقيهاً، وفي البيوع والتجارات فقيهاً، وفي العلاقات الأسرية فقيهاً، وفي السياسات فقيهاً، لماذا الإنحسار في فقيه واحد؟(2)
ويرى آخرون هذا الرأي أيضاً ولكن من باب التبعيض حيث قالوا: إذا كان مجتهدان أحدهما أعلم في أحكام العبادات، والآخر أعلم في المعاملات، فالأحوط تبعيض التقليد وكذا إذا كان أحدهما أعلم في بعض العبادات مثلا، والآخر في البعض الآخر.(3)
ولكن لا أدري كيف سيقتسمون الخمس !؟
ويقول شمس الدين أيضاً في مسألة تقليد الميت أن عند الشيعة قول بمشروعة تقليد الميت إبتداءً، وهو قول قوي، وهو غير مشكور عند غيرنا من الفقهاء. نحن نميل إلى مشروعة تقليد الميت إبتداءً..مثل سائر أهل السنة، وهو كما قلت قول قوي، ولكنه قول غير مشكور.(4)
__________
(1) - المرجعية والتقليد عند الشيعة ، لمحمد مهدي شمس الدين في محاضرة ألقيت في ذكرى مقتل محمد باقر الصدر عام 1994م
(2) - المصدر السابق.
(3) - العروة الوثقى ، لليزدي ، 1 /38 ، مستمسك العروةن لمحسن الحكيم ، 1 /39 ، تحرير العروة الوثقى ، لمصطفى الخميني ، 2 /29 ، كتاب الاجتهاد والتقليد ، للخوئي 369 ،
تعاليق مبسوطة ، لمحمد إسحاق الفياض ، 1 /24 ، تعليقة على العروة الوثقى ، للسيستاني ، 1 /20
(4) - المصدر السابق.(1/194)
ولعل القاريء الأريب يدرك مقاصد الشيخ شمس الدين وتكراره لقول: غير مشكور، والذي يحاول إيصاله بطريقة غير مباشرة. فهل يريد شمس الدين أن ترسل الأخماس إلى المقابر؟ واللبيب بالإشارة..
ويقول السيد محمد العيناني: من الناس طائفة قد جعلت التشيع مكسبا لها مثل النياحة والقصص.. لا يعرفون من التشيع إلا البكاء وحب المتدينين بالتشيع.. وجعلوا شعارهم لزوم المشاهد، وزيارت القبور، كالنساء الثواكل، يبكون على فقدان اجسامنا وهم بالبكاء على انفسهم أولى.(1)
ويقول احد المقربين للخميني: كان في احد مساجد طهران شخص انتهازي يشرف على الشؤون الدينية فيه، ويدعي أنه ممثل للإمام في جميع الحقوق الشرعية لصالح الفلسطينيين.. فورد للإمام تساؤل عن مدى صحة تمثيل هذا الشخص له؟ ونقلت التساؤل للإمام، فقال: لا أجيب على هذا الاستفتاء لأن هذا الشخص يرتبط بإحدى الشخصيات التي هي في طريقها إلى المرجعية.. وسوف يلحقها الضرر من وراء ذلك.(2)
ويقول المطهري: مما يدعو للأسف أن الناس يرون بأم عيونهم ما يقوم به أمناء بعض المراجع الكبار وأحفادهم، والمقربين إليهم من حياة بذخ وفوضى وتبذير لأموال المسلمين. فهل فكر أحدهم في الأضرار التي تلحقها هذه الأعمال بكيان الحوزة؟!(3)
وقد نشرنا في موقعنا(4)العديد من الوثائق التي تؤكد أمثال هذه التجاوزات. فضلاً عن مسائل أخرى كثيرة متعلقة بالمرجيعة الشيعية. فراجعها.
__________
(1) - أداب النفس ، 189 ، مع علماء النجف ، لمحمد جواد مغنية ص 121
(2) - قصص خاصة ، 1/ 74 ، الإمام الخميني والمرجعية ، (آراء في المرجعية الشيعية) ، 323
(3) - المرجعية والروحانية ، مجموعة مقالات ، ص 194
(4) - www.fnoor.com(1/195)
عود على بدء. يشيع بعض الوكلاء أنه لا يجوز دفع شيء من الحقوق الشرعية لهؤلإء العلماء، بينما نرى جميع المراجع يقولون دون استثناء إن من يقدم خدمة للاسلام والمسلمين يحق له أن يأخذ حاجته من سهم الإمام، ولم نجد مرجعاً في العراق أو في إيران يقول خلاف ذلك.
لا شك أن مراقبة أموال بيت المال والحقوق الشرعية على مستوي كبير من الأهمية، وليس ثمة نقاش في ذلك، إلا أن الأمر لا يعني حرمان بعض الأشخاص المستحقين من حقوقهم الشرعية. ونتيجة لهذا الأسلوب السىء الذى يتبعه بعض الوكلاء، نرى امتناع العلماء والفضلاء عن القبول بمسؤولية إدارة الشؤون الدينية في القرى والأرياف ء وحتى في بعض المدن، ومن ثم نجد كثيرأ من هذه المناطق تخلو من رجل دين يشرف على أداء الواجبات الدينية كصلاة الميت مثلأ. وهو نقص كبير يجب أن يهتم له بأسرع وقت. ويباشر بشأنه بخطوات أساسية ء وإلا فإن آثاره السيئة ستتفاقم وسيتوسع نطاقها.
الأمر الآخر أن الشيخ الأنصاري والميرزا الشيرازي كانا لا يختاران وكلاءهما إلا من النخبة المؤمنة الذين لا ينفقون شيثأ من بيت المال إلا في الموضع المناسب، ولا يسعون لتحقيق، مصالحهم الخاصة ء ولم يكونوا يرون لأنفسهم الحق في نصف الحقوق، أو أكثر من ذلك أو أقل، كما يصنع بعض الوكلاء اليوم، الذي يؤدّن إلى تضييع بيت المال وسهم الامام بصنيعهم هذا.
وكان بعض الوكلاء النفعيين. قبل الثورة الإسلامية. يبذلون قصارى جهدهم في الدعوة إلى تقليد مرجع من خارج البلاد، ويأخذون بتهيئة الأجواء لذلك ؟ لأنهم يستطيعون بهذه الطريقة أن يصلوا إلى أهدافهم مستغلين بعد المرجع وعدم قدرة الناس على الوصول إليه.(1)
__________
(1) - راجع آراء في المرجعية الشيعية ، 99(1/196)
ويقول آخر: وعندما يكون المرجع مبتدءا فانه لا يحاسب وكلاءه بشدة ويغض الطرف عن الاموال التي يجبونها من أجل تركيز نفسه من خلال الدعاية التي يقومون بها له، ولكنه عندما يشتهر ويكثر تقليد الناس له ويأخذ الوكلاء بالتهافت عليه والتنافس فيما بينهم لأخذ الوكالة منه، يقوم بالتدقيق في إعطاء الوكالات وفي محاسبة الوكلاء.
ومن هنا يحدث التنافس وتحتدم المعارك بين المراجع أنفسهم الا من عصم الله، ويحاول البعض منهم استغلال نقاط الضعف والآراء التجديدية او المخالفة للمشهور التي يقدمها أحد الفقهاء الجدد المنافسين، للانتقاص منه والتشكيك اجتهاده وتحريم تقليده وصرف الناس عنه، في حين يقوم بعض المراجع الآخرين بمسايرة العامة والمصادقة على الخرافات والأساطير والبدع الشعبية طمعا في كسب الناس وجرهم اليه. ويرضى بعض المراجع، في الواقع، بالسير وراء الناس وتقليد العوام بدلا من هدايتهم وارشادهم وقول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يلغي مهمته كفقيه او عالم رباني.
ويقول صاحب كتاب لله ثم للتاريخ: كان عدد السادة ممن يجوز لهم الارتزاق بالخمس يومذاك - يعني في صدر الإسلام - لم يتجاوز المائة، ولو فرضنا عددهم نصف مليون، ليس من المعقول أن نتصور اهتمام الإسلام بفرض الخمس هذه المالية الضخمة، التي تتضخم وتزداد في تضخمها كلما تَوَسَّعَتْ التجارات والصناعات كما هي اليوم، كل ذلك لغاية إشباع آل الرسول صلى الله عليه وآله ؟ كلا.
إن الإمام الخميني يصرح بأن أموال الخمس ضخمة جداً، هذا في ذلك الوقت لما كان الإمام يحاضر في الحوزة، فكم هي ضخمة إذن في يومنا هذا ؟ ويصرح الإمام أيضاً أن جزءاً واحداً من آلاف الأجزاء من هذه المالية الضخمة يكفي أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، فماذا يفعل بالأجزاء الكثيرة المتبقية ؟؟
لا بد أن توزع على الفقهاء والمجتهدين حسب مفهوم قول الإمام الخميني.(1/197)
ولهذا فإن الإمام الخميني كان ذا ثروة ضخمة جداً في إقامته في العراق حتى أنه لما أراد السفر إلى فرنسا للإقامة فيها فإنه حول رصيده ذاك من الدينار العراقي إلى الدولار الأميركي وأودعه في مصارف باريس بفوائد مصرفية ضخمة.
في الوقت الذي كان يقول فيه إن فقراء السادة في العالم يمكن إشباع حوائجهم بخمس مكاسب سوق بغداد فقط.(1)
إن فساد الإنسان يأتي من طريقين: الجنس والمال، وكلاهما متوافر للسادة. فالفُروج والأدبار عن طريق المتعة وغيرها، والمال عن طريق الخمس وما يُلقى في العَتبات والمشاهد، فمن منهم يصمد أمام هذه المغريات، وبخاصة إذا علمنا أن بعضهم ما سلك هذا الطريق إلا من أجل إشباع رغباته في الجنس والمال ؟؟!!
لقد بدأ التنافس بين السادة والمجتهدين للحصول على الخمس، ولهذا بدأ كل منهم بتخفيض نسبة الخمس المأخوذة من الناس حتى يتوافد الناس إليه أكثر من غيره فابتكروا أساليب شيطانية، فقد جاء رجل إلى السيد السيستاني فقال له: إن الحقوق - الخُمس - المترتبة عَلَيّ خمسة ملايين، وأنا أريد أن أدفع نصف هذا المبلغ أي أريد أن أدفع مليونين ونصف فقط، فقال له السيد السيستاني: هات المليونين والنصف، فدفعها إليه الرجل، فأخذها منه السيستاني، ثم قال له: قد وهبتها لك - أي أرجع المبلغ إلى الرجل - فأخذ الرجل المبلغ، ثم قال له السيستاني: ادفع المبلغ لي مرة ثانية، فدفعه الرجل إِليه، فقال له السيستاني: صار الآن مجموع ما دفعته إليَّ من الخمس خمسة ملايين، فقد برئت ذمتك من الحقوق. فلما رأى السادة الآخرون ذلك، قاموا هم أيضاً بتخفيض نسبة الخمس واستخدموا الطريقة ذاتها بل ابتكروا طُرُقاً أُخرى حتى يتحول الناس إليهم، وصارت منافسة ( شريفة ! ) بين السادة للحصول على الخمس، وصارت نسبة الخمس أشبه بالمناقصة، وكثير من الأغنياء قام بدفع الخمس لمن يأخذ نسبة أقل.
__________
(1) - أنظر مرجعية المرحلة وغبار التغيير ، لجعفر الشاخوري ، 337(1/198)
ولما رأى زعيم الحوزة أن المنافسة على الخمس صارت شديدة، وأن نسبة ما يرده هو من الخمس صارت قليلة، أصدر فتواه بعدم جواز دفع الخمس لكل من هبَّ ودَبَّ من السادة، بل لا يُدْفَعُ إلا لشخصيات معدودة، وله حصة الأسد أو لوكلائه الذين وزعهم في المناطق. وبعد استلامه هذه الأموال، يقوم بتحويلها إلى ذهب بسبب وضع العملة العراقية الحالية، حيث يملك الآن غرفتين مملوءتين بالذهب.
وأما ما يسرقه الوكلاء دون علم السيد فَحَدِّثْ ولا حَرَجَ.
ويحسن بنا أن ننتبه إلى أن الفقهاء والمراجع الدينية يزعمون أنهم من أهل البيت، فترى أحدهم يروي لك سلسلة نسبه إلى الكاظم عليه السلام. اعلم أنه يستحيل أن يكون هذا الكم الهائل من فقهاء العراق وإيران وسورية ولبنان ودول الخليج والهند وباكستان وغيرها من أهل البيت، ومَن أحصى فقهاء العراق وجد أن من المحال أن يكون عددهم الذي لا يُحْصَى من أهل البيت، فكيف إذا ما أحصينا فقهاء البلاد الأخرى ومجتهديها ؟ لا شك أن عددهم يبلغ أضعافاً مضاعفة، فهل يمكن أن يكون هؤلاء جميعاً من أهل البيت ؟؟
وفوق ذلك فإن شجرة الأنساب تُبَاعُ وتَشْتَرَى في الحوزة، فَمَن أراد الحصول على شرف النسبة لأهل البيت فما عليه إلا أن يأتي بأخته أو امرأته إذا كانت جميلة إلى أحد السادة ليتمتع بها، أو أن يأتيه بمبلغ من المال، وسيحصل بإحدى الطريقتين على شرف النسبة.
وهذا أمر معروف في الحوزة.
لذلك أقول لا يغرنكم ما يصنعه بعض السادة والمؤلفين عندما يضع أحدهم شجرة نسبه في الصفحة الأولى من كتابه ليخدع البسطاء والمساكين كي يبعثوا له أخماس مكاسبهم.(1/199)
وقد تصدى المراجع لهذه الظاهرة التي تفشت بسبب الخمس، بالقول: لا يصدق مدعي السيادة بمجرد دعواه، نعم يكفي في ثبوتها كونه معروفا ومشتهرا بها في بلده من دون نكير من أحد، ويمكن الاحتيال في الدفع إلى مجهول الحال بعد إحراز عدالته بالدفع إليه بعنوان التوكيل في الايصال إلى مستحقة أي شخص كان حتى الآخذ، ولكن الأولى عدم إعمال هذه الحيلة. وقالوا: يثبت كونه هاشميا بالعلم، والبينة، وبالشياع الموجب للاطمئنان، ولا يكفي مجرد الدعوى. وقالوا: لا يصدق من ادعى النسب إلا بالبينة، ويكفي في الثبوت الشياع والاشتهار في بلده كما يكفي كل ما يوجب الوثوق والاطمئنان به. وقالوا: يثبت الانتساب إلى هاشم بالقطع الوجداني، وبالبينة العادلة، وبالاشتهار به في بلد المدعي له. وقالوا: إذا قال شخص: إني سيد، فلا يصح أن يعطى له الخمس، إلا أن يصدقه عادلان، أو يكون ذلك معروفا بين الناس، بحيث يحصل للإنسان اليقين أو الاطمئنان بأنه سيد. وقالوا: لا يجوز اعطاء الخمس لمن يدعي كونه هاشميا، إلا إذا صدقه على ذلك شاهدان عادلان، أو كان مشهورا به بين الناس بنحو يورث اليقين أو الاطمئنان به للمكلف، بل الأظهر كفاية حصول الظن بكونه هاشميا في جواز اعطائه من الخمس، وإن لم يشهد له عدلان بذلك ولم يكن مشهورا به بين الناس، أو في بلده. وغيرها.(1/200)
(1)
وهذان نموذجان من أسئلة المقلدين لمراجعهم في الباب مما يدل على حرصهم على هذا الأمر.
السؤال: أخيرا عثرت على الوثيقة الشخصية لأحد أبناء عم والدي، وقد دون اسم صاحب الوثيقة الشخصية بعنوان سيد، وعلى هذا ومع الالتفات إلى أن المشهور في أوساط العشيرة هو أننا من السادة، ومع قرينية الدليل الذي حصلت عليه أخيرا فإنني أطلب رأيكم المبارك في مسألة سيادتي ؟
الجواب: مجرد مثل هذه الوثيقة لأحد الأقرباء لا يعتبر حجة شرعية على سيادتك، فما لم تحرز سيادتك بالاطمئنان، أو استنادا إلى حجة شرعية ليس لك ترتيب الأحكام والآثار الشرعية للسيادة.(2)
__________
(1) - تحرير الوسيلة ، السيد الخميني ، 1 /365 ، منهاالصالحين ، للخوئي ، 1/ 316 ، 348 ، هداية العباد ، للگلپايگاني ، 1 /332 ، المسائل المنتخبة ، لمحمد الروحاني ، 236 ، منهاج الصالحين ، لمحمد الروحاني ، 1 /334 ، كلمة التقوى ، لمحمد أمين زين الدين ، 2 /289 ، الأحكام الشرعية ، للمنتظري ، 326 ، 327 ، المسائل المنتخبة ، للسيستاني ، 251 ، توضيح المسائل ، لمحمد تقي بهجت ، 340 ، منهاج الصالحين ، للسيستاني ، 1/ 375 ، 410 ، منهاج الصالحين ، لمحمد سعيد الحكيم ، 1/419 ، منهاج الصالحين ، لمحمد صادق الروحاني ، 1/ 337 ، 371 ، هداية العباد ، للطف الله الصافي ، 1 /284 ، المسائل الإسلامية، للشيرازي، 435
(2) - أجوبة الاستفتاءات، لعلي الخامنئي، 1/ 318(1/201)
السؤال: أنا رجل من بيت ملتزم أهل والدي على قناعة تامة بأنهم من أسرة هاشمية ينتهي نسبها إلى مولانا جعفر بن أبي طالب الطيار - عليه السلام - ولقب العائلة يشير إلى هذا، المشكلة إن شجرة العائلة أخذها رجل إلى الحجاز في عام 1945 واختفى من يومها ولم يهتم أحد بهذا الأمر، بالنسبة للأحكام الشرعية المتعلقة بالهاشمي هل تشملنا في هذه الحالة وإذا كان الجواب لا يشملنا فكيف إذا تم اثبات انتماء عائلة الهاشمي بعد حين فهل يجب علي تطبيق أحكام الهاشمي بأثر رجعي أي أن أرجع الصدقة التي أخذتها من غير الهاشمي مثلا؟
الجواب: لا تنطبق الأحكام إلا مع الوثوق بصحة الانتساب.(1)
ثم أعلم أنه يجوز إعطاء الخمس للسيد غير العادل، ولكن لا يجوز إعطاؤه للسيد غير الإمامي الإثني عشري.(2)
__________
(1) - استفتاءات، للسيستاني، 626
(2) - المسائل الإسلامية، لمحمد الشيرازي، 435(1/202)
ومن المساويء الأخرى للخمس، سيطرة أصحاب رؤوس الأموال على المرجعية من باب الخمس لتحقيق مآربهم. وكثيراً ما ضج المخلصون من الشيعة من هذه القضية. يقول احدهم: وسعياً وراء هذه الهداف، يأخذ المترفون بالتقرب إلى بيوت المراجع شيئاً فشيئاً، ويبدأون بتقديم الهدايا وقسط يسير مما يتوجب عليهم من الحقوق الشرعية، ويتظاهرون بذلك بالالتزام والإيمان، حتى يصلول إلى تأييد المرجع وكسب ثقته، ولا تبقى علاقة المترفين بكيان المرجعية ضمن إطار علاقة المفتي بالمقلّد، بل تتجاوز ذلك أحيانأ إلى التأثيرعلى أفراد بيت المرجع، وعلى أخلاق المرجع ذاته وسلوكه الاجتماعي ونمط تفكيره، وحتى إستنباطه للأحكام، مما يهدد رسالة الافتاء ومهمتها، فبدلاً من أن تسهم الفتوى بحل معضلات المسلمين، وافشاء العدالة، الإجتماعية ومكافحة كنز الأموال، وأخذ الأموال الحرام والأملاك غير المشروعه، تصبح أداة لتثبيت الوضع الموجود، وإضفاء الشرعية عليه وعلى الخاطئة. وربما وصل الأمر إلى الاستناد إلى سيرة العقلاء والمتشرعة في تسويغ معاملات التجار والعلاقات الحاكمة في السوق، ويتم في هذا السياق توثيق الروايات الضعيفة للهرب من الربا، وتأويل الأيات والروايات الصحيحة الواردة بشأن الربا. أو إن الأمر يصل إلى حد إغفال ما يهدف إليه الإسلام من مكافحة للفقر والقضاء عليه، فتصبح الطريقة التي يتبعها الأغنياء في دفع الحقوق الشرعية هي الطريقة الصحيحة والدائمة، وحسب تعبير الإمام الخميني: تغفل الروايات التي تتحدث على مشاركة الفقراء للأغنياء في أموالهم، وعلى لزوم تأمين الأغنياء لحياة الفقراء.(1/203)
وربما حال أصحاب رؤوس الأموال دون تحقيق النمو والتنظيم في الحوزة، وأعاقوا تطويرها. فعلى سبيل المثال: حاول مؤسس الحوزة العلمية في قم آية الله عبد الكريم الحائري مساعدة بعض الطلاب في تعلم اللغات الأجنبية وبعض العلوم الحديثة، ليتمكنوا من الدعوة إلى الله في أوساط المثقفين وحتى في البلدان الأجنبية. وحين انتشر هذا الخبر، إجتمع بعض تجار طهران وقدموا إلى قم، معترضين على عمل الحائري هذا، بإعتبار أنهم لا يدفعون سهم الإمام ليتعلم الطلاب لغة الكفار، فإن استمر هذا العمل فإنهم سيضطرون إلى قطعه عنه، فرأى الحائري أن عملهم سيؤدي إلى زوال الحوزة وتقويض العمل الأساس، فانصرف عن عزمه.(1)
__________
(1) - آراء في المرجعية الشيعية ، 443(1/204)
ويضيف آخر ولعب بازار طهران دورا كبيرا في تمويل المرجعية منذ القرن التاسع عشر، وكان العامل الضاغط على المرجع السيد محمد حسن الشيرازي في اصدار فتوى تحريم التنباك عام 1892 التي ألغت اتفاقية حصر التنباك بالشركة البريطانية، والتي كان الشاه ناصر الدين القاجاري قد وقعها مع بريطانيا، لأن البازار كان المتضرر الرئيسي من تلك الاتفاقية. وظل البازار يشكل العامل الحاسم في ترجيح كفة مرجعية أي فقيه، وخاصة المراجع الفرس في العراق، فقد دعم البازار مرجعية السيد ابو الحسن الاصفهاني في مقابل مرجعية الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، المرجع العراقي الشهير في النصف الأول من القرن العشرين، ولأنه لم يجد مصدرا تمويليا كافيا فقد عجز عن الحلول في مركز المرجعية العليا بالرغم من علمه الواسع وقدراته السياسية الفائقة، وعندما أصبح السيد محسن الحكيم مرجعا أعلى في الستينات اضطر الى ان يبعد جماعة العلماء العربية ويقرب الفرس من حاشيته لأنهم كانوا على علاقة وثيقة ببازار طهران واقدر على توفير ميزانيته المالية التي كانت تقدر بعشرة آلاف دينار عراقي شهريا. وانطوى بازار طهران على خطر التغطية على مصادر مالية مشبوهة (شاهنشاهية) كانت تتسلل بزي التجار لتحقيق مآرب خاصة وتشكيل (لوبيات) في حواشي بعض المراجع للضغط عليهم وتوجيههم الوجهة المطلوبة.(1)
وهذه هي المسائل التي كان مرتضي المطهري يطلق عليها في كتاباته الإصلاحية ((آفة العوام))، ومن تأثيرات ((دفعة المال)) من الذين يسميهم مغنية ((إحسان المحسنين))، وهم من تضطرّ المرجعية لمداراتهم حرصاً على المصادر المالّية.
__________
(1) - المرجعية الدينية الشيعية..دولة في الدولة ، لأحمد الكاتب(1/205)
بل بلغ الأمر بمغنية حدّاً دعاه إلى مهاجمة قطاع من دَفَعة الأموال بعنف، وحث المرجعية على مقاطعتهم وأموالهم، إذ يقول: لوكنت المرجع في النجف الأشرف لرفضت المعونات من الأيدي القذرة التي تحاول التستر بالإحسان الملطخ بدماء الأبرياء.(1)
وقد دعا محمد باقر الصدر في السبعينات في مقال له تحت عنوان (المرجعية الموضوعية) الى تأسيس أجهزة علمية ومالية وإدارية وسياسية تابعة للمرجع من أجل تنظيم عمل المرجعية وعلاقاتها العامة وتدقيق الحسابات المالية ونقل الخبرات للمراجع القادمين. و أطلق على المرجعية القائمة اسم (المرجعية الذاتية) وطالب بتطوير شكل الممارسة للعمل المرجعي وتشكيل مجلس يضم علماء الشيعة وربط المرجع بهذا المجلس، من أجل صون العمل المرجعي من التأثر بالانفعالات الشخصية وتنفيذ سياسة المرجعية الصالحة التي تقرر من خلال لك المجلس، واقترح ان يقوم المجلس بترشيح المرجع الجديد بعد خلو المركز وإسناده وكسب ثقة الامة الى جانبه. كما انتقد طريقة تعامل الوكلاء مع (الحقوق المالية الشرعية ) وأخذ النسب المئوية من تلك الأموال كالثلث او الربع " مما يجعل علاقة الوكيل بالمرجعية كعلاقة عامل المضاربة بصاحب رأس المال " واقترح ان تسلم الأموال كاملة الى المرجعية وتقديم رواتب شهرية للوكلاء.(2)
__________
(1) - محمد جواد مغنية ، لمهدي أحمدي ، 135
(2) - المرجعية الدينية الشيعية..دولة في الدولة ، لأحمد الكاتب(1/206)
وكذلك دخل المستعمر البريطاني على خط الخمس ففي العراق وبعد سيطرة بريطانيا على تلك الدولة في منتصف القرن التاسع عشر بدأت سيطرتها على الأموال الخيرية المخصصة للحوزة، وراحت تتلاعب فيها وفي طريقة توزيعها في محاولة لمد نفوذها في الحوزة والسيطرة على المرجعية والتدخل عبرها في شئون العراق وإيران قبل الحرب العالمية الاولى وبعدها، وهذا ما دفع المرجع الأعلى يوم ذاك الشيخ مرتضى الأنصاري للامتناع عن تسلم تلك الأموال التي هيمنت عليها بريطانيا، ولكن مراجع آخرين من الدرجة الثانية استمروا في استلام (الخيرية) وتوزيعها على الطلبة.
وفي بداية القرن العشرين حاول المقيم البريطاني المعين في بغداد ميجور نيو مارش استعمال (الخيرية) لأغراض سياسية ووسيلة لزيادة المحسوبية وتوسيع النفوذ والتأثير على انتخاب المرجع الأعلى. وحاول الوزير البريطاني في ايران السير آرثر هاردنغ استخدام نفوذ بعض المراجع الذين يستلمون (الخيرية) للتأثير على الأوضاع السياسية في ايران وقطع الطريق على السياسات الروسية في ايران. وهذا ما دفع عددا من المراجع الكبار كالميرزا خليل والسيد كاظم اليزدي والسيد محمد إسماعيل الصدر عام 1908 الى رفض قبول أي سهم من (الخيرية) والاقتراح بتوزيعها على الفقراء. فاتجه المقيمون البريطانيون في بغداد للتفكير باستيراد مجتهدين متعاطفين من الهند يقبلون باستلام (الخيرية ) وتوزيعها في العراق.
وقد أثار تدخل المقيم البريطاني في بغداد عام 1912 لوريمر في عملية توزيع (الخيرية) قلق السلطات العثمانية من تزايد النفوذ البريطاني في العراق وخاصة في صفوف الشيعة والمرجعية، وحاولت حل اللجان التي شكلها لوريمر لتوزيع المال، ومنعت الرعايا العثمانيين وخاصة العرب من الانضمام الى عضوية اللجان في كربلاء والنجف، وطلبت من القنصل الفارسي في بغداد ان يمارس ضغطا على الأعضاء الفرس لتقديم استقالاتهم.(1/207)
ولكن احتلال بريطانيا للعراق في الحرب العالمية الاولى أتاح لها مرة أخرى إمكانية توسيع نفوذها في صفوف الحوزة من خلال عملية توزيع الأموال (الخيرية) التي استمرت بها بعد الحرب. وأصبح البريطانيون أقدر على التلاعب بالنسيج القومي العربي الفارسي الهندي في الحوزة وتفضيل قوم على قوم. وفي عام 1933 قرر البريطانيون عدم إعطاء أية منحة لمن شارك في أي شكل من أشكال التحريض السياسي ضدهم واسقطوا في ذلك العام اسم الشيح محمد حسين كاشف الغطاء من قائمة المتلقين بسبب نشاطاته المعارضة للحكم الموالي لهم في العراق، وجمدوا عام 1934 اللجنة الموزعة في كربلاء.(1)
ولم يقتصر الأمر على سيطرة هؤلاء على المرجعية، بل حتى عوام الشيعة جعلوا من مراجعهم مقلدِين (بكسرالدال) بدلاً من مقلدَين (بفتح الدال)، بسبب مسايرة المراجع لرغبات العوام بسبب قضية الخمس.
ولابأس بذكر أمثلة على ذلك لبيان بعض مساوئ بدعة الخُمُس هذه:
من ذلك مثلا مسألة طهارة الكتابي عند الشيعة حيث ذهب أكثر فقهائهم إلى نجاسة أهل الكتاب وحرموا طعامهم وشرابهم حتى الخبز والماء الذي باشروه، وفسروا الطعام بالحبوب في قوله تعالي: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ.[المائدة: 5]. إلا ان الكثير من المراجع الحاليين يرون طهارة الكتابي ولكن تقيتهم من العوام تمنعهم من الإفتاء.
يقول مغنية في ذلك: ان كثير من المراجع الكبار على القول بطهارته، منهم السيد الحكيم والسيد الخوئي الذي اسر برأية لمن يثق به.(2)
__________
(1) - المرجعية الدينية الشيعية..دولة في الدولة ، لأحمد الكاتب
(2) - تفسير الكاشف ، 3/18 (تفسير سورة المائدة ، الآية 5)(1/208)
وقال في موضع آخر بأنه عاصر ثلاثة من المراجع، الشيخ محمد رضا آل يس في النجف، والسيد صدر الدين الصدر في قم، والسيد محسن الأمين في لبنان، وقد أفتوا جميعهم بطهارة الكتابي واسروا بذلك إلى من يثقون به، ولم يعلنوا ذلك خوفا من المهوشين، وان الكثير من الفقهاء يقولون بالطهارة ولكنهم يخشون أهل الجهل والله أحق ان يخشوه.(1)
ومثل ذلك القول في مراسم العزاء في عاشوراء وما يصاحبه من ضرب وتطبير بالسلاسل حتى تسيل الدماء، يقول مغنية: ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وايران من لبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم عادة مشينة بدعة في الدين والمذهب وقد احدثها لأنفسهم أهل الجهالة دون أن يأذن بها إمام أو عالم كبير كما هو الشأن في كل دين ومذهب، ولم يجرأ على مجابهتها احد في أيامنا إلا قليل من العلماء وفي طليعتهم المرحوم السيد محسن الأمين العاملي الذي ألّف رسالة خاصة في تحريم هذه العادة وبدعتها وأسمى الرسالة ( التنزيه لأعمال الشيعة) والذي اعتقده انها ستزول بمر الأيام.(2)
وقد عانى السيد محسن الأمين من أولئك العاجزون عن مواجهة العوام، فبدلاً من أن يقفوا معه في محاربة هذه البدع وقفوا ضده، خوفاً وتقيتاً، منهم عبدالحسين صادق في النبطية والسيد عبدالحسين شرف الدين في صور وصالح الحلي الخطيب المشهور، وآل كاشف الغطاء والميرزا النائيني ومرتضى آل المظفر، واحتدم النزاع واشتد الصراع، وحمي وطيس المعركة، فانقسم الناس إلى طائفتين على ما اصطلح عليه العوام: (علويين) و (أمويين)، وكانوا الأمويون هم أتباع السيد محسن الأمين وقد كانوا أقلية لا يعتد بها وأكثرهم كانوا متسترين خوفا من الأذى. وقد تجاوز الصراع الحدود المألوفة إلى خصومات ومهاترات والضرب والإعتداء، حتى قال الحلي في الأمين:
__________
(1) - فقه الامام الصادق ، 33
(2) - الجوامع والفوارق بين السنة والشيعة ، 184(1/209)
يا راكبا إما مررت بجلق *** فأبصق بوجه أمينها المتزندق
وقال رضا الهندي:
ذرية الزهراء ان عددت *** يوما لتحصي الناس فيها الثنا
فلا تعدوا محسنا منهم *** لأنها قد أسقطت محسنا
وقال آخر:
وما معول النجدي أدهي مصيبة *** من القلم الجاري بمنع المآتم.
والموضوع فيه طول.(1)
ويقول عالم شيعي آخر في هذا المقام: وهناك معاناة أخرى يعانيها الشيعة اثر تبعيتهم لأولئك الفقهاء الذين سكتوا عن الحق. انها المعاناة التي يعانيها الآلاف من الشيعة في يوم عاشوراء من ضرب السيوف على الرؤوس وضرب الاكتاف بالسلاسل، ان هذا العمل بغض النظر عن المعاناة الجسدية فإنما هو تشويه لصورة الشيعة في العالم وفي الوقت نفسه إضرار بالنفس ومناقض لكرامة الإنسان.(2)
__________
(1) - السيد محسن الأمين ، سيرته بقلمه وأقلام آخرين ، 115 ، هكذا عرفتهم ، للخليلي ، 1/ 209 ، ديوان السيد رضا ، 153 ، معجم الخطباء ، لداخل حسن ، 1/ 98 نقلاً عن: مرجعية المرحلة وغبار التغيير ، لجعفر الشاخوري
(2) - يا شيعة العالم استيقظوا ، 35(1/210)
ويضيف شيعي آخر: والحق يقال ان ما يفعله الشيعة من تلك الأعمال ليست هي من الدين في شيء ولو اجتهد المجتهدون وافتي بذلك المفتون ليجعلوا فيها أجرا كبيرا وثوابا عظيما، فإنني لم اقنع بتلك المناظر المنفرة التي تشمئز منها النفوس وينفر منها العقل السليم وذلك عندما يعري الرجل جسمه ويأخذ بيده حديدا ويضرب نفسه في حركات جنونية صائحا بأعلى صوته، حسين حسين، حسين حسين، والغريب في الأمر والذي يبعث على الشك انك ترى هؤلاء الذين خرجوا عن اطوارهم وظننت بأن الحزن أخذ منهم كل مأخذ فإذا بهم بعد لحظات وجيزة من إنتهاء العزاء تراهم يضحكون ويأكلون الحلوى ويشربون ويتفكهون وينتهي كل شيء بمجرد إنتهاء الموكب والأغرب من ذلك ان معظم هؤلاء غير ملتزمين بالدين، ولذلك سمحت لنفسي بإنتقادهم مباشرة عدة مرات وقلت لهم بأن ما يفعلونه هو فلكلور شعبي وتقليد أعمى،.. ثم ذكر ان محمد باقر الصدر الذي افاده بأن ما يراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء، وقال: وقد حضرت بنفسي في مناسبات عديدة مختلفة وفي بلدان عديدة موكب عاشوراء ولم أر احدا من العلماء يفعل ذلك أبدا.(1)
__________
(1) - كل الحلول عند آل الرسول ، للتيجاني ، 148(1/211)
وقال في قضية أخرى وهي التدخين في المساجد والمآتم عند الشيعة: وإنني استغرب من المراجع عند الشيعة الذين يحرمون اللعب بالشطرنج ولا يحرمون التدخين وشتان بين ضرر كل منهما، وإنني كثيرا ما كنت ناقما على هذا الوضع وكثيرا ما أثرت هذه المسائل مع بعض العلماء فلم اجد من عنده الجرأة الكافية لمنعه وتحريمه، وأذكر ان الشهيد الصدر لم يكن يدخن ابدا وقد سألته عن التدخين فقال: انا لا ادخن وانصح كل مسلم ان لا يدخن. ولكني لم اسمع منه التحريم صراحةً، ويقال ان بعض المراجع حرمه على المبتدئين وكرهه للمدخنين وبعضهم يحرمه ولكن لا يجروء على التصريح بذلك خوفا ان يتهم بأنه يعمل بالقياس، وعلى المراجع ان يقولوا فيه قولا صريحا ولا يخشون في الله لومة لائم وعليهم ان يحرموه ولو اجتهادا منهم، اما ان يسكت العلماء والمراجع لأن الناس لا يقبلون ذلك فهذه مشكلة، أو انهم يخافون من ردة فعل المدخنين فلا يقولون بكر اهته وقد سمعت بعضهم يجهد لإقناعي بأن فيه فوائد كثيرة وهذا أمر خطير له أبعاده وقد شجع شبان المسلمين الذين يعرفونه على مداومة التدخين.(1)
وكتب ضد الشيخ الخالصي نحو خمسة عشر كتاباً، لأنه أبدى ملاحظات على الطقوس المذهبية الشيعية من بينها: المجالس الحسينية، ومواكب العزاء، فانفجرت العامة في وجه الخالصي، وأصدر بعض العلماء الشيعة فتاوى بتكفيره، وتعرض لحملة تعبوية ضارية، وأثار بعض المتعاملين الشيعة الصبية والأطفال للخروج في مظاهرات سخرية ضده.
ويمكن تلمس أثر المال في قيام كثيرمن الفقهاء بالفتوى حسب المشهور وليس وفقا لقناعاتهم الخاصة، وذلك من أجل تجنب معارضة بقية العلماء لهم وأملا في كسب الناس، ولو كانت المرجعية بعيدة عن المال لما وجد الفقهاء صعوبة في التعبير عن آرائهم بحرية والفتوى حسب الأدلة والبراهين المتوفر، كما يقول الكاتب.
__________
(1) - المصدر السابق ، 169(1/212)
وهذا آية الله النائيني، صاحب كتاب "تنبيه الأمة وتنزيه الملة" التي أثبت فيها مشروعية الحركة الدستورية، حيث أضطر تحت تأثير العوام بجمع كل نسخ الرسالة ومن المكتبات وإتلافها، وكان يقوم بشراء نسخها من الأسواق مهما كانت قيمتها تجاوباً مع العوام.
وهذا السيد هبة الدين الشهرستاني في منتصف العقد الثاني، من القرن الميلادي الحالي، افتى السيد هبة الدين الشهرستاني بحرمة نقل الجنائز من الاماكن البعيدة إلى النجف الاشرف، لما يؤدي ذلك من امراض على اثر تفسخ جثة الميت في الطريق، حيث ان وسائط النقل البدائية تتطلب زمنا طويلا لايصال الموتى إلى النجف، وبخاصة بالنسبة للاماكن البعيدة. ومن الناحية الفقهية تعنون هذه الحالة بعنوان«هتك حرمة الميت»، وهذا امر لا تجيزه الشريعة المقدسة فقامت على اثر ذلك ضجة كبيرة تعرض اثناءها لمحاولة اغتيال فاشلة قام بها بعض العوام.
وهذا الشيخ عبد الكريم اليزدي يروي آية اللّه المطهري، في كتابه الاجتهاد في الإسلام، ان مؤسس حوزة قم المقدسة الشيخ عبد الكريم اليزدي، طلب تدريس اللغات الاجنبية وبعض العلوم الحديثة، كمقدمات في الحوزة، لكي يتمكن طلبتها من عرض الإسلام على الطبقات الحديثة وفي البلدان الاجنبية. ولكن ما ان انتشر الخبر حتى جاءت جماعات من الناس من طهران إلى قم قائلين بانهم يدفعون الخمس لتدريس الفقه والاصول إلى لغة الكفار، وانهم سوف يفعلون كذا وكذا، اذا نفذ هذا الاقتراح! فالغى الشيخ فكرته لان الموقف قد يؤدي إلى انهيار الحوزة الوليدة.
وهذا آية اللّه السيد البروجردي ويروي الشيخ المطهري، ايضاً، في كتابه السابق ان السيد البروجردي ذكر في اثناء درسه الفقهي، ذات يوم، وبمناسبة البحث في تقية الشيعي من الشيعي، انه -اي السيد البروجردي- كان يظن ان عليه ان يستنبط الاحكام وعلى الناس العمل بها، لكنه وجد بعد ذلك ان الامر معكوس، فالناس تريد منه دائما ان يفتي بما يوافق رغباتهم.(1/213)
ويروي الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ان السيد البروجردي بعث إلى هيئات العزاء الحسيني توجيها يطلب منهم فيه ترك العادات المخلة وغير الصحيحة اثناء اقامة مراسم العزاء، فكان جوابهم: اننا نقلدك في 364 يوما من السنة ولكننا في يوم عاشوراء لا نقلدك.
هذه مجرد امثلة. وهناك أمثلة أخرى في حياة الامام الشهيد الصدر والامام الخميني على دور العوام السلبي في سير المرجعية.
يقول آية اللّه المطهري في كتابه السابق: ان الآفة التي أصابت مجتمعنا الديني بالشلل واقعدته عن العمل هي الاصابة بالعوام... أن منظومتنا الدينية على اثر اصابتها بهذه الافة لا تستطيع ان تكون طليعة فتتحرك امام قافلة، وان تهدي القافلة بالمعنى الصحيح للهداية، انها مضطرة للتحرك وراء القافلة.
ويقول أيضاً: إن حكومة العوام هي منشا رواج الرياء والمجاملة والتظاهروكتمان الحقائق والاهتمام بالمظاهر وشيوع الالقاب والمقامات والتطلع إلى المراكز العليا في مجتمعنا الديني مما لا نظير له في العالم.
ويقول ايضا: ان حكومة العوام هي التي تدمي قلوب احرارنا وطلاب الاصلاح فين.
ومما لا شك فيه ان هذه الظاهرة اوجدت تذبذباً في حركة المصلحين. فنجد شخصية تقف إلى جانب الاصلاح في قضية إلى حد الزعامة، وفي الوقت نفسه تعارض الاصلاح في قضية اخرى والى حد الزعامة ايضاً.
فالشيخ محمد رضا المظفر الذي قاد حركة الاصلاح في مناهج الحوزة ومؤسساتها الدراسية حتى وصل إلى قضية الخطابة الحسينية، محاولاً برمجتها فاثيرت في وجهه ضجة عنيفة، كان قبل ذلك يصطف مع الخط المعارض لحركة السيد محسن العاملي بشان اصلاح الشعائر الحسينية.
والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء الذي تزعم دوراً اصلاحياً في الجانبين السياسي والاجتماعي سجل معارضته لحركة السيد العاملي، والشيخ النائيني الذي وقف إلى جانب الاصلاح السياسي بقوة ختم حياته بمعارضة هذه الحركة ايضا.(1/214)
إن حكومة العوام، وعدم التنسيق والتخطيط، وقوة الجناح المحافظ، وتضارب ادوار المصلحين، عوامل سلبية اضعفت حركة الاصلاح في حياة المرجعية وجعلتها اقل بكثير مما ينبغي.(1)
وسيطرة العوام شديدة على كل رؤساء المذاهب الإسلامية بشكل عام، وتجرأ السيد هبة الدين الشهرستاني وقال بقدر كبير من الصراحة في الأربعينات من القرن الماضي في مجلته (العلم) في مقالة بعنوان: (علماؤنا والتجاهر بالحق) جاء فيها ما نصه: (وأما في القرون الأخيرة فالسيطرة أضحت للرأي العام على رأي الإعلام. فصار العالم والفقيه يتكلم من خوفه بين الطلاب غير ما يتلطف به بين العوام وبالعكس، ويختار في كتبه الاستدلالية غير ما يفتي به في الرسائل العملية، ويستعمل في بيان الفتوى فنوناً من السياسة والمجاملة خوفاً من هياج العوام. حتى انه بلغنا عن فقيه سأله أحد السوقيين، عن يهودي بكى على الحسين (ع) فوقعت دمعته على ثوبي، هل نجس الثوب أم لا؟ فأجاب المسكين خوفاً منه: إن جواب هذه المسألة عند الزهراء (ع). وسأل سوقي آخر فقيهاً عمن شج رأسه للحسين (ع) فأجابه كذلك، إلى غير ذلك، لكن هذه الحالة تهدد الدين بانقراض معالمه، واضمحلال أصوله، لأن جهّال الأمم يميلون، من قلة علمهم، ونقص استعدادهم، وضعف طبعهم، إلى الخرافات وبدع الأقوام والمنكرات. فإذا سكت العلماء ولم يزجروهم أو ساعدوهم على مشتهياتهم، غلبت زوائد الدين على أصوله، وبدعه على حقائقه، حتى يمسي ذلك الدين شريعة وثنية همجية تهزأ بها الأمم.(2)
__________
(1) - أنظر مدخل إلى دراسة الدور الحضاري للمرجعية الإسلامية ، مجلة المنهاج ، العدد 8 ، مرجعية المرحلة ، للشاخوري ، 327 ، الاجتهاد في الاسلام ، محاضرات في الدين والاجتماع ـ 2 ، لمرتضى المطهري
(2) - دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ، لعلي الوردي ، 232 ، مجلة العلم – السنة الثانية ص226/ ص267.(1/215)
كانت في النجف وكربلاء وغيرهما من بلاد العراق وقراه عادة من أسوأ العادات يعمل فيها العوام والجهلة أفظع المنكرات جهاراً، وهي العشرة الأولى من ربيع الأول، حيث يضربون فيها (االطرقات والمفرقعات) التي تشبه أصواتها المزعجة أصوات المدافع في الأزقة والشوارع وبين أرجل العابرين، وأكثر ما يقع الضرب في الصحن الشريف وعلى قبور العلماء وعند رأس الإمام أمير المؤمنين رضي الله عنه، ويسمون هذه الأيام تاسع ربيع وعيد الزهراء، ويزعم أوباشهم أن كل منكر فيها جائز، ويؤذون الغرباء من طلاب العلم وأهل المدارس بكل إهانة واستخفاف، وقد إستمرت هذه العادة السيئة منذ عشرات السنين بل المئات حتى تمكنت، وفي كل سنة يزداد شرها وويلاتها، ويشترك الرجال والأطفال والنساء في التكالب عليها والعمل بها، ولا يستطيح أحد من أهل العلم والصلاح معارضتها وإنكارها والردع عنها.
فلما رأى سماحته أن البلاء قه تعاظم وتفاقم وأنه مسؤول عند الله بسكوته، استشار بعض السادة الأبرار والمؤمنين الأخيار في تصدّيه للمنع عنها، فأنكروا عليه أشد الإنكار، وقالوا: هذه عادة تمكّنت من نفوس هؤلاء الرعاع من عهد بعيد، ولا يمكنهم الإقلاع عنها، نحن نخشى لو صعدت المنبر لتمنعهم عنها أن يرمون بالطرقات وأنت على المنبر وتكون البلية أعظم !(1)
وفي عهد حكم الشاه بدأ العمل بشق شارع في قم. ولكن الكثير من علماء تلك المدينة عرضوا هذا الشارع بذريعة أن الأهالي غير راضين ببيع أملاكم الخاصة ودورهم وعقاراتهم، وبعد إنتهاء العمل فيه، إجتنبوا السير فيه بحجة أنه مغصوب، فمشى فيه الإمام البروجردي الذي رأى في ذلك المشروع عملاً يصب في مسار الصالح العام فدافع عنه. فأعتبر البعض ذلك الموقف منه تأييداً لنظام الشاه، وسوغت لنفسها توجيه أنواع التهم أليه.(2)
__________
(1) - الإمام كاشف الغطاء ، لمحمد جاسم الساعدي ، 147
(2) - الإمام البروجردي ، لعبدالرحيم أباذي ، 91(1/216)
لذا ظهرت دعوات تصحيحية قادها بعض دعاة الإصلاح في هذه الحوزات كمرتضى المطهري الذي قال: حكومة العامة منشأ رواج الرياء والمجاملة والتظاهر، وكتمان الحق، والاهتمام بالمظاهر، وشيوع الألقاب والمقامات، والتطلع إلى المراكز العليا. حكومة العوام تدمي قلوب أحرارنا وطلاب الإصلاح فينا.
وقول هبة الدين الشهرستاني: جهال الأمم يميلون، من قلة علمهم، ونقص استعدادهم، وضعف طبعهم، إلى الخرافات وبدع الأقوام والمنكرات. فإذا سكت العلماء ولم يزجروهم أو ساعدوهم على مشتهياتهم... غلبت زوائد الدين على أصوله، وبدعه على حقائقه، حتى يمسي ذلك الدين شريعة وثنية همجية تهزأ بها الأمم.(1)
وهكذا باع المراجع سكوتهم عن الحق بحفنةٍ من دولارات المريدين.
يقول الموسوي: أعرف مجتهداً من مجتهدي الشيعة لا زال على قيد الحياة وقد ادَّخر من الخمس ما يجعله زميلاً لِقارون " الغابر أو القوارين المعاصرين، وهناك مجتهد شيعي في " إيران " قتل قبل سنوات معدودة كان قد أودع باسمه في المصارف مبلغاً يعادل عشرين مليون دولاراً أخذها من الناس طوعاً أو كرهاً باسم الخمس والحقوق الشرعية وبعد التي واللتيا ومحاكمات كثيرة استطاعت الحكومة الإيرانية وضع اليد على تلك الأموال كي لا يقتسمها الورثة فيما بينهم.
وأضاف آخر: هناك أحاديث عن استيلاء أبناء مرجع معين توفي في التسعينات على أموال تقدر بمئات الملايين كانت مودعة في بنوك أجنبية.
ويقال أن الحكومة العراقية استولت على مليوني دولار من حساب الخوئي في أواخر السبعينات.
__________
(1) - دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ، لعلي الوردي ، 232(1/217)
ونظرا لحدوث بعض حالات التلاعب بأموال الخمس وتوريث بعض المراجع الأموال لأولادهم أخذ كثير من المؤمنين الشيعة ينادون بضبط سجلات لتقييد الوارد والصادر، أو يقومون بتوزيع حقوقهم الشرعية على الفقراء والمحتاجين والمشاريع الخيرية بأنفسهم، وذهب بعض منهم الى ضرورة تشكيل جمعيات خيرية تتكفل بجباية الأخماس والزكوات وتوزيعها على المستحقين واعطاء قسط منها لرجال الدين العاملين او طلبة العلوم الدينية، وقد اعتمدوا على فتوى المرجع الراحل السيد محسن الحكيم والعلماء السابقين الذين لم يكونوا يوجبون تسليم الأموال الى المراجع وكانوا يجيزون إخراج صاحب الخمس للمال بنفسه وتوزيعه على المستحقين.(1)
وصدق من قال: لولا الخمس لاندثر المذهب الشيعي منذ زمن بعيد، فقد كان المال المتدفق من هذه الفريضة هائلا للدرجة التي حولت المرجعيات الدينية الشيعية إلى أباطرة يحكمون كقادة الدول، ويتحكمون في العباد وأحوالهم، ويقدرون على أن يُسيروا في ركاب مذهبهم من يغريه بريق الذهب، فصادف المذهب مراحل انتعاش كبرى وتوسعت دائرة أتباعه، ولكن مع ملاحظة أن عددا كبيرا منهم كان العامل المشترك بينهم الاستجابة للبريق الأصفر.....
والحال هكذا أصبح منصب المرجع منصبا تهفو إليه القلوب وتتطلع له الأنظار، لأنه مصب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وأصبحت البلد التي تجمع كبار المرجعيات وتعد عاصمة المذهب الشيعي وقبلته العلمية، مدينة خليقة بأن توضع في مصاف الدول، كونها تجمع بقوة المال نفوذا وسلطانا هائلين، وقد تمكن الخميني بفضل قوة المرجعية الشيعية في قم وإمكاناته المالية الهائلة من إسقاط نظام الشاه في إيران، ومن ثم فتح المجال واسعا لضخ كميات هائلة من الأموال إلى خزائن المرجعيات في قم في غيبة تامة للنجف.....
__________
(1) - المرجعية الدينية الشيعية..دولة في الدولة ، لأحمد الكاتب(1/218)
وهذه القدرة التمويلية هي التي غذت وتغذي دور النشر التي تقذف سنوياً بمئات النشرات والكتب والمراجع المسمومة المليئة بما هو ضد الأمة الإسلامية ودينها، والتي كانت الصبغة الإيرانية الصفوية واضحة عليها طيلة السنوات الخمس والعشرين الماضية، حتى أن كثيرا من ذوي التطلعات والراغبين في الإثراء من الكتاب والصحفيين والإعلاميين بصفة عامة، وبعض رجال الدين والنافذين في مجالات مختلفة كانوا يسعون لتقديم خدماتهم للمارد المالي الصفوي الكسروي الفارسي، ولوبتحولهم إلى دعاة لهذا المذهب في بلادهم!!!!!
ويمتد أثر هذا المال المتراكم إلى العلاقة بين الشيعة والسنة، حيث يقول د. علي السالوس: " وأعتقد أنه لولا هذه الأموال لما ظل الخلاف قائماً بين الجعفرية وسائر الأمة الإسلامية إلى هذا الحد، فكثير من فقهائهم يحرصون على إذكاء هذا الخلاف حرصهم على هذه الأموال".....
ويذكر بعض الباحثين أن توافر المال بهذه الصورة بين أيدي علماء الشيعة جعلهم – عن طريق أتباعهم - يحاولون السيطرة على معظم الأعمال التجارية والشركات ومواد التموين في البلاد التي يتواجدون فيها، حتى يتحكموا بأقوات الناس وضرورياتهم.....(1/219)
في ظل الخمس تحول المرجعيات الدينية إلى ما يشبه شركات الجباية المنظمة، حيث يفتتح المرجع له في عدد كبير من الدول مكاتب ويتخذ وكلاء يقومون بتقديم الفتاوى للمقلدين بصفة ثانوية، وبجمع أموال الخمس منهم بصفة رئيسة، ويحدث بين هذه المكاتب والوكلاء تنافس محموم على جذب الأتباع المغفلين الذين يقدمون خمس أموالهم إلى المرجع الديني وهم يتمنون منه الرضا، وقد أصبحت منزلة المجتهد محل منافسة شديدة ويتهافت عليها أعداد كبيرة من علماء الشيعة، واللافت هنا انه لا توجد أي رقابة على المرجع في تسلمه للأموال أوكيفية إنفاقه لها، ويقول بعض الباحثين في الشأن الشيعي أن: " الفقه الشيعي المفبرك الذي اخترع فريضة الخمس واستحدث لها نصوص موضوعة لم يتحدث عن كيفية متابعة أو رقابة المجتهد في إنفاقه لهذه الأموال، بل تتحدث المراجع عن حرية مطلقة في هذا الباب" ولذلك انتشر الفساد بين رجال الدين الشيعة بسبب هذه الأموال.(1/220)
وعلى صعيد التنازع بين قم والنجف، فقد كان محمد صادق الصدر والد مقتدى الصدر، البارز حاليا، مرجعا دينيا في العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وكان معارضا وناقما على السيطرة الإيرانية على منصب المرجع في العراق، واتهم مراجع النجف بالفساد في إدارة أموال الخمس، وكشف أن العراقيين لا يستفيدون من هذه الأموال الطائلة التي تجبى منهم كل عام، بل إن أهالي النجف أنفسهم، حيث يعيش المرجعيات، يعانون من الفقر وشظف العيش في ظل مرجعيات تتحكم بعشرات الملايين من الدولارات، وقد كانت هذه المعارضة من صادق الصدر والتهديد بسلب مراجع النجف الإيرانيين مصدر قوتهم وعزتهم سببا رئيسا في اغتياله عام 1999، كما يرجح كثير من الباحثين على أيدي هذه المراجع وعلى رأسهم السيستاني والحكيم، وليس بأيدي مخابرات الرئيس صدام حسين كما زعموا يومها، وهو ما يفسر سبب العداء الواضح بين مقتدى بن صادق الصدر وهذه المراجع في الوقت الحالي، ومعروف أن أتباع الصدر قتلوا عبد المجيد الخوئي أحد معارضي نظام الرئيس صدام، والذي عاد الى العراق على متن الدبابات البريطانية، وهو يعتبر ابن المرجع الخوئي المعروف – الذي مات عام 1993، – وكان الخوئي الابن قد قدم بغداد كما قلنا، في حماية قوات الاحتلال، للاضطلاع بدور في عهد ما بعد الرئيس صدام، لكنه قتل على باب منزل مقتدى الصدر وبأيدي أتباعه، والخوئي المقتول كان يدير مؤسسة الخوئي العالمية من لندن بعد أن ورث أموال الخمس بعد موت أبيه، وهي تعد حسب التقديرات غير الرسمية بعشرات الملايين من الدولارات التي لم يستطع أحد أن يسترجعها منه(1/221)
ونذكر مثالا لما يكتبه بعض المثقفين الشيعة المعارضين لتلك الحال الفاسدة، حيث يقول الكاتب الشيعي سالم علي متحدثا عن تسلسل الفساد في المرجعية بدءا من الخوئي: " ورث المنصة – المرجعية - السيد الخوئي، وموقفه لا يحتاج إلى بيان، والمليارات التي ورّثها لأولاده وأرحامه لا تأكلها النيران، والجاه والنعيم الذي يعيشه أولئك فوق الخيال، بل يكفي أن يتأمل أحد كيف كان يعيش ولده مجيد في لندن، بل وكيف كان يحيا صهره جلال وأولاده الذين جابوا شرق الدنيا وغربها وهم ينثرون حقوق الفقراء من الشيعة على ملاذهم وملاهيهم " ويوسع الكاتب دائرة الاتهام لتشمل المرجعيات الإيرانية في العراق والتي يقول أنها كانت موالية لنظام الرئيس صدام حسين ولذلك: " لا غرو أن تتضخم ثروات هؤلاء المراجع، وتزداد قدراتهم، وتمتد شبكاتهم، وتجند لتحقيق هالاتهم الكثير من الأقلام المأجورة، والنيات الساذجة، حين تطارد اللعنة والاتهامات، بل والقتل غيرهم"، ثم يوجه الكاتب سهام نقد خاصة للسيستاني: واليوم تطل علينا مرجعية لا يجهل حقيقتها إلا السذّج والبسطاء، انتقلت إلى يديها قدرات مادية ضخمة، وشبكات معقدة تمتد إلى أنحاء العالم، ومصالح مادية متشابكة ستكشفها الأيام، باتت ووفق سياسة لم تعد خافية تتحدث جزافاً وظلماً باسم شيعة العراق، ودون وجه حق، أوحجة منطقية خلا ما يروج له اتباعها ومريدوها.
وقبل ذلك كان نجل أبوالحسن الأصفهاني – أحد المراجع الشيعية السابقة – قد قتل لأسباب تتصل بالأموال الشرعية للمرجعية..
ولنا أن نتخيل عددا محدودا من رجال الدين يتحكمون في أرصدة تقدر بمئات الملايين من الدولارات – غير معروفة على وجه الدقة – ثم تبدأ فئات جديدة من رجال الدين في الظهور، وتسلك مسلكا تنافسيا لسلب هؤلاء نفوذهم، وسحب البساط السحري من تحت أقدامهم، إن الصراع الذي ينشب في هذه الحالة خليق بأن يشكل الحدث الأبرز في تاريخ الشيعة المعاصر..(1/222)
ولا توجد في الخليج مرجعية دينية مؤهلة لتقليدها وجمع أموال الخمس من الأتباع، ولذلك يتوزع شيعة الخليج بين مختلف المراجع الدينية، فهناك من يتبع السيستاني – إلايراني - في العراق، وآخرون يتبعون خامنئي المرشد الإيراني أوالشيرازي والتبريزي، وهم إيرانيون مقيمون في إيران، وقلة تتبع محمد حسين فضل الله في لبنان..
وهذا يعني أن الخمس الخليجي – المتضخم – يصب جزء كبير منه في جيب الإيرانيين، وهذا لعمري نفوذ هائل ومزرعة دجاج لا تتوقف عن بيض الذهب، وبدونه ستفقد قم مصدر دخل كبير لا يعوض، وهذا الفقد سيأتي في المقام الأول من المنافسة الواعدة للنجف العراقية، حيث الانتماء العربي له تأثير في هذا المجال، كما أن الفقه العراقي الشيعي يتميز عن مثيله الإيراني بالسهولة والبساطة إلى حد ما، ما يعني أن بوصلة التقليد والاتباع في الفتاوى ستبدأ في تغيير وجهتها نحوالنجف، وهوما يحفر أخاديد هائلة في خفايا العلاقة بين مرجعيات المدينتين الشيعيتين الأكبر..
وقد أثمر هذا الصراع الخفي بين قم والنجف في ظهور دعوات بين شيعة الخليج تطالب بمرجعيات دينية خليجية تتسلم أموال الخمس وتفتي أتباع المذهب بعيدا عن التنافس العراقي الإيراني على أموالهم، ولتظل البيضة داخل العش......
وهناك عوامل من شأنها أن تسعر هذا الصراع، منها أن تزايد معدلات استخراج النفط العراقي من شأنه ان يساهم في زيادة متوسط الدخل، ولوانتعش اقتصاد الدولة، فإن ذلك يعني زيادة هائلة في مدخولات الخمس التي يدفعها الشيعة العراقيون سواء إلى قم أوالنجف.(1)
وأنا أقرأ قصص الثروات الهائلة لهؤلاء المراجع وورثتهم التي جمعوها بإسم الخمس وأمتلئت بها البنوك، أستحضر سير أئمة آل البيت رضي الله عنهم أجمعين وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف كانوا يعيشون.
__________
(1) - مقال لصباح الراوي منشور في شبكة البصرة ، 7 أيار 2007(1/223)
فقد روى القوم: أن علياً رضي الله عنه قال يوماً لفاطمة رضي الله عنها: يا فاطمة، هل عندك شيء تطعميني؟ قالت: والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح عندي شيء يطعمه بشر، وما كان من شيء أطعمك منذ يومين إلا شيء أؤثرك به على نفسي وعلى الحسن والحسين، قال: أعلى الصبيين ألا أعلمتني فآتيكم بشيء؟ قالت: يا أبا الحسن، إني لأستحيي من إلهي أن أكلفك ما لا تقدر، فخرج فاستقرض ديناراً... الرواية.(1)
وفي رواية أخرى: دخل صلى الله عليه وسلم على فاطمة ووجدها صفراء من الجوع، فقال: مالي أرى وجهك أصفر؟ قالت: يا رسول الله، الجوع.(2)
فلا غرابة إذاً أن يقترض صلى الله عليه وآله وسلم من شدة الفاقة ليؤمن قوت نفسه وعياله، وله في ذلك حكايات رواها القوم، منها:
ما رواه علي رضي الله عنه من أن يهودياً كان له على رسول الله دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي، ما عندي ما أعطيك، قال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني، فقال: إذاً أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء الآخرة، والغداة.(3)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/30 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 8/375
(2) - الكافي ، للكليني ، 5 /529 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 14 /159 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43 /62 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 20 /313 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 26 /23 ، 29 /77 ، بيت الأحزان ، لعباس القمي ، 35
(3) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2 /790 ، نظام الحكم في الإسلام ، للمنتظري ، 412 ، منهاج الصالحين ، للوحيد الخراساني ، 1 /119 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16 /216 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18 /277 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 4 /3223 ، أخلاق أهل البيت (ع)ن لمحمد مهدي الصدر ، 14 ، مقدمة في أصول الدين ، للوحيد الخراساني ، 120(1/224)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود على ثلاثين صاعاً من شعير، أخذها رزقاً لعياله.(1)
وعن الصادق: وقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه دين، وقتل أمير المؤمنين عليه السلام، وعليه دين، ومات الحسن عليه السلام وعليه دين، وقتل الحسين عليه السلام وعليه دين.(2)
__________
(1) - مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 13 /389 ، 16 /198 ، مكارم الأخلاق ، للطبرسي ، 25 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16 /239 ، جامع أحاديث الشيعةن للبروجردي ، 18 /277 ، 23 /230 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 1 /146 ، ميزان الحكمةن للريشهري ، 4 /3230
(2) - المحاسن ، للبرقي ، 2 ، 319 ، الكافي ، للكليني ، 3 ، 204 ، ، 5 /93 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2 ، 528 ، 590 ، ، من لا يحضره الفقيهن للصدوق ، 3 ، 182 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 ، 184 ، ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 ، 319 ، 2 /874 ، 13 /78(ه) ، 79 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16 /275 ، 78 /345 ، 79 /80 ، 100 /142 ، 143 ، - جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18 /276 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي الشاهرودي ، 3 /411 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3 /504 ، 5 /85 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 2 /958 ، 4 /3230(1/225)
كل هذا رغم تشدده في أمر الدين حتى ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم تركه للصلاة على من كان عليه دين حتى لو كان قليلاً، فهذا رجل مات على عهده صلى الله عليه وسلم وعليه ديناران، فأخبر بذلك فأبى أن يصلي عليه.(1)
ورجل آخر من الأنصار مات وعليه دين فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: لا تصلوا على صاحبكم حتى يقضي دينه.(2)
ورووا أنه جعل الدَّيْن قرين الكفر في الاستعاذة منهما، حيث قال: أعوذ بالله من الكفر والدين، قيل: يا رسول الله، أيعدل الدين بالكفر؟ فقال: نعم.(3)
ورووا عن الصادق: قال صلى الله عليه وآله وسلم: الدين راية الله عز وجل في الأرض، فإذا أراد أن يذل عبداً وضعه في عنقه.(4)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 5/93 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2/528 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 3/182 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6/183 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 13/78(ه) ، 79 ، 150 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 78/345 ، 100/142 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18/275 ، 280 ، 329 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3/504
(2) - المحاسن ، للبرقي ، 2 /318 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 13 /79(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 100 /143
(3) - الخصال ، للصدوق ، 44 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2/528 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 13/78 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 100/141 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18/274
(4) - علل الشرائع ، للصدوق ، 2 /529 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 13 /79 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 100 /142 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18 /275 :(1/226)
وعن الباقر: كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله، إلا الدين فإنه لا كفارة له إلا أداؤه.(1)
وعن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إياكم والدين فإنه شين للدين.(2)
وعن أبي عبد الله عن آبائه عن علي عليهم السلام قال إياكم والدين فإنه مذلة بالنهار ومهمة بالليل وقضاء في الدنيا وقضاء في الآخرة.(3)وغيرها.
فما الذي اضطره صلى الله عليه وسلم إلى التدين وموته وهو عليه، رغم كل ما أورده القوم عنه في ذلك؟ فهل من كانت هذه حالهم كانوا يأخذون الخمس؟
__________
(1) - علل الشرائع ، للصدوق ، 2/528 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 3/378 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 13/83 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 2/262 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97/10 ، 100/141 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3/502 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 2/1514 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1/517 ، تفسير كنز الدقائق ، للميرزا محمد المشهدي ، 2/533
(2) - من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 3 /182 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18/272 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 5/484
(3) - الكافي ، للكليني ، 5 /95 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2 /527 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /183 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 13 /85 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 100 /141 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18 /273 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3 /502(1/227)
وكذا كان حال علي رضي الله عنه إلى وفاته، فيوم أن تزوج الزهراء رضي الله عنها عيرتها نساء قريش بفقره، فجاءت أباها صلى الله عليه وآله وسلم شاكية: إنك زوجتني فقيراً لا مال له.(1)
وفي أخرى: قلن: زوجك رسول الله من عائل لا مال له.(2)
وهكذا عاش رضي الله عنه، ففي إحدى خطبه قال: والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها؟(3)
حتى اضطر أن يبيع متاعه ليوفر ثمن قوت يومه، فعنه رضي الله عنه أنه قال: من يشتري سيفي هذا؟ فوالله لو كان عندي ثمن إزار ما بعته.(4)
__________
(1) - كتاب الأربعين ، لمحمد طاهر القمي الشيرازي ، 453 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/85 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني 96 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 9/174 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 15/330 ، 22/337
(2) - المحتضر ، لحسن بن سليمان الحلي ، 252 ، 316 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/18
(3) - نهج البلاغة ، خطب الإمام علي (ع) ، 2 /60 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 3 /272 ، مكارم الأخلاق ، للطبرسي ، 10 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 1 /370 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 0 /346 ، 41 /160 ، 63 /320 ، 74 /392 ، 109 /49 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /35 ، 16 /696 ، 3 /273 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 3 /361 ، 4 /181 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 619 ، تفسير مجمع البيان ، للطبرسي ، 9 /147 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5 /16 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /346
(4) - منهاج الصالحين ، للوحيد الخراساني ، 1/107 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 1/366 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/324 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1/347 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 8/253 ، 17/605 ، 32/285 ، مقدمة في أصول الدين ، للوحيد الخراساني ، 108(1/228)
وكان لا يزال رضي الله عنه يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين إلى أن مات مديوناً.
فعن الباقر قال: قبض علي وعليه دين ثمانمائة ألف درهم.(1)
وهكذا كان حال أبنائه رضي الله عنهم، كما مر بك في رواية الصادق أنه قال: مات الحسن وعليه دين، ومات الحسين وعليه دين.
بل إن الحسين رضي الله عنه أتعب من جاء بعده، فقد أصيب وعليه دين بضعة وسبعون ألف دينار، فاهتم علي بن الحسين بدين أبيه حتى امتنع من الطعام والشراب والنوم في أكثر أيامه ولياليه.(2)
فهل عرف الخمس طريقه إلى هؤلاء؟ بل ذكروا ذلك صرحةً في رواية عن الباقر رحمه الله أنه قال: قبض علي عليه السلام وعليه دين ثمانمأة الف درهم فباع الحسن عليه السلام ضيعة له بخمسمأة الف فقضاها عنه وباع ضيعة له بثلاثمأة الف فقضاها عنه وذلك أنه لم يكن يرزأ من الخمس شيئا، وكانت تنوبه نوائب.(3)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18/322 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/338 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 3/412 ، موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 91
(2) - مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 13/392 ، شرح الأخبار ، للقاضي النعمان المغربي ، 3/269 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3/285 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 4/382 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 46/52 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 17/443 ، 18/295 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 3/31 ، الإمام الحسين في أحاديث الفريقين ، لعلي الأبطحي ، 2/275
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 20/103 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 13/82 ، موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 91 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/339 ، 100/145 ، مجمع النورين ، لأبو الحسن المرندي 48(1/229)
والحق أن الكلام في هذا الباب يطول و لا يسعه هذا المختصر، ولنأخذ الآن جولة سريعة ومختصرة في كتب الشيعة لنرى الخمس بين السائل والمجيب، وسنقتصر على كتب المعاصرين. ثم أنظر كيف أنهم تشددوا وتفننوا في أكذوبه هم صنعوها وأنطلت على المغفلين، وستقف على أنه ليس هناك أي ضوابط شرعية أو ثوابت في الفتوى وكذلك إخضاعها للمزاج وكذا إختلاف الإجابات، ولعل ذلك يفضي إلى الإعتقاد أن جل هذه الأسئلة مصطنعة من أجل ترهيب الأتباع، أو أنها قد أجيب عنها بعيداً عن رأي المراجع، رغم أنني أرى أن الأمر سيان. وعلى أي حال لنأخذ هذه الجولة:
السؤال: هل يحل مال أهل السنة (النواصب) ويجب فيه الخمس ؟
الخميني: الأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خمسه.(1)
الخوئي: يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد، والأحوط - وجوبا - وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة، لا من باب الفائدة.(2)
الگلپايگاني: ويقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منه وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد وبأي نحو كان ووجوب اخراج خمسه، لكن الأحوط اخراج الخمس مطلقا.(3)
الروحاني: يجوز للمؤمن تملك مال من نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام أينما وجده، ويجب أداء خمسه من باب الغنيمة على الأحوط لا من باب الفائدة.(4)
زين الدين: يباح ما يؤخذ من أموال الناصب الذي ثبت نصبه أينما وجده المؤمن، ويخرج خمس المال على الأحوط قبل مؤونة السنة كما في الغنيمة.(5)
__________
(1) - تحرير الوسيلة ، للخميني ، 1/352
(2) - منهاج الصالحينن للخوئي ، 1/325
(3) - هداية العباد ، للگلپايگاني ، 1/319
(4) - المسائل المنتخبة ، لمحمد الروحاني ، 224 ، منهاج الصالحين ، لمحمد الروحاني ، 1/345 ، 1/348
(5) - كلمة التقوى ، لمحمد أمين زين الدين ، 2/245(1/230)
السيستاني: السؤال: هل يجوز استحلال مال الناصبي وممن وصفوا بأهل الجماعة ؟
الجواب: لا يجوز. في جواز تملك المؤمن مال الناصب وأداء خمسه اشكال.(1)
الصافي: ويقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منه وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد وبأي نحو كان ووجوب إخراج خمسه، لكن الأحوط إخراج خمسه مطلقا.(2)
السؤال: ما حكم زجاجة العطر التي تم استخدام جزء منها خلال الحول ( السنة ) وبقي الجزء الآخر من العطر إلى الحول الآخر، فهل يجب تخميس الجزء الباقي ؟
الجواب: بسمه تعالى: نعم يجب تخميسه، والله العالم.(3)
السؤال: ادخرنا في العام الماضي مبلغا من أجل شراء سجادة، وفي أواخر السنة الماضية راجعنا عدة محلات بيع السجاد لذلك، وفي إحدى تلك المحلات تقرر أن تهيأ لنا السجادة المناسبة والتي تنسجم مع ذوقنا، وهذا الأمر استمر حتى الشهر الثاني من هذا العام، وبما أن رأس سنتي الخمسية هو بداية السنة الهجرية الشمسية فهل يتعلق الخمس بالمبلغ المذكور؟
الجواب: يجب الخمس في المبلغ المدخر المذكور بعد ما لم يتم - إلى رأس السنة الخمسية - صرفه في شراء السجادة المحتاج إليها.(4)
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 554 ، المسائل المنتخبة ، للسيستاني ، 239 ، منهاج الصالحين ، للسيستاني ، 1/386
(2) - هداية العباد ، للطف الله الصافي ، 1/273
(3) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 59
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /285(1/231)
السؤال: هناك مجموعة من المؤمنين اتفقوا على أن يضع كل واحد منهم في صندوق ما عند رأس كل شهر عشرين دينارا مثلا، وعددهم 12 شخصا، ففي كل شهر يأخذ أحدهم المبلغ ليصرفه في مصارفه الخاصة، وإذا جاء دور آخر شخص فسيأخذ المبلغ بعد اثني عشر شهرا، بمعنى أنه يأخذ ما سلمه في هذه المدة وقدره 240 دينارا مثلا، فهل يجب عليه الخمس فيه أم يعد من مؤنته ؟ ولو كان عند هذا الشخص رأس سنة معينة، وكان قسم من المبلغ الذي استلمه يبقى لديه بعد انتهاء السنة، فهل يجوز له أن يجعل لهذا القسم رأس سنة مستقلة حتى يتخلص من تخميسه ؟
الجواب: إذا كان ما أودعه في الصندوق من عوائده السنوية، فإن كان ما استلمه للصرف في مؤنة السنة مما أودعه من عوائد نفس تلك السنة فلا خمس فيه، وإن كان مما أودعه من عوائد السنة السابقة وجب عليه تخميس ما استلمه، ولو كان من عوائد كلتا السنتين كان لعوائد كل سنة حكمها، ولو كان ما استلمه مما أودعه من عوائد السنة زائدا عن مؤنة تلك السنة ليس له أن يجعل للمقدار الزائد رأس سنة مستقلة للتخلص من تخميس الزائد، بل يجب عليه أن يجعل لجميع عوائده السنوية سنة خمسية واحدة ويدفع ما زاد منها عن مؤنته في هذه السنة.(1)
السؤال: إنني أنوي الزواج، ومن أجل الحصول على مورد مالي أودعت قسما من رأس مالي عند شخص بصورة بيع الشرط، والآن وبالنظر إلى حاجتي إلى المال، وباعتبار إنني طالب في الجامعة، هل توجد إمكانية للمصالحة في مسألة الخمس ؟
الجواب: المال المذكور لو كان من أرباح مكاسبك فمع مضي السنة الخمسية عليه وجب تخميسه وليس الخمس المقطوع به موردا للمصالحة.(2)
السؤال: بما إنني لم أتزوج لحد الآن، فهل يجوز لي ادخار شئ من المال الموجود فعلا للمصاريف التي سأحتاج إليها في المستقبل ؟
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، /294
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /299(1/232)
الجواب: لو ادخرت من عين ربح السنة إلى أن حل عليه رأس السنة الخمسية وجب عليك تخميسه، حتى ولو كان للصرف في أمر الزواج في المستقبل.(1)
السؤال: بعض الأشخاص في الدول الغربية يسرقون من الشركات التابعة للدولة الكافرة ثم يأتون بهذه الأموال ويقولون نريد أن نخمسها ! فما حكم هذه الأموال وكيف يتم الخمس فيها، وهل تصبح حلالا بعد اخراج الخمس منها ؟
الجواب: لا تجوز السرقة المزبورة لما فيه من المهانة على المسلمين، وإذا ارتكب ذلك يجب فيه الخمس كسائر الأموال وتصبح حلالا، إن شاء الله تعالى، والله العالم.(2)
السؤال: طاحونة تطحن الحنطة لعموم الناس، هل يتعلق بها الخمس والزكاة أم لا ؟
الجواب: إذا كانت وقفا على العموم فليس فيها خمس.(3)
السؤال: بالنسبة إلى طلاب العلوم الدينية الذين لم يتزوجوا بعد، ولا يملكون مسكنا أيضا، هل الدخل الذي يحصلون عليه عن طريق التبليغ والعمل، أو من طريق سهم الإمام عليه السلام مشمول للخمس، أم أنهم يستطيعون ادخاره لنفقات الزواج من دون إخراج خمسه، على أنه من مستثنيات الخمس ؟
الجواب: ما يهدى من الحقوق الشرعية من قبل المراجع للطلاب المحترمين المشتغلين بالدراسة في حوزات العلوم الدينية ليس فيه الخمس، ولكن سائر الأرباح الحاصلة لهم من العمل والتبليغ إذا بقيت بعينها لديهم إلى رأس السنة الخمسية فيجب عليهم فيها الخمس.(4)
السؤال: تجمع أموال من عدة أشخاص ثم تدفع شهريا إلى أحدهم بقيد القرعة فهل يجب فيه الخمس ؟
الجواب: من تخرج القرعة باسمه يجب الخمس بمقدار ما دفعه إلى هذا اليوم ولا يجب في الباقي.(5)
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/307
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/ 498
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/325
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/ 322
(5) - استفتاءات ، للسيستاني ، 105(1/233)
السؤال: عندي مبلغ من المال في حساب جاري ودائما يزيد وينقص هذا المبلغ خلال شهرين أو ثلاثة أشهر وهكذا إلى نهاية العام وأريد أن أخرج الحقوق الشرعية من هذا الحساب الغير ثابت وأنا لي يوم معين أخرج فيه الحقوق في شهر رمضان من كل عام فما هو الحكم الشرعي لهذا الحساب ؟
الجواب: عليك تخميس كل ما يبقى لديك على رأس السنة.(1)
السؤال: يدخر الأب عادة لأولاده الصغار أموالا يستعينون بها في كبرهم فهل يجب فيها الخمس؟
الجواب: نعم يجب.(2)
السؤال: لقد استثمر أخي مبلغ ( خمسة عشر ألف دينار ونصف ) في جمعية تابعة لمؤسسته وفق الربح الحلال حيث بلغت أرباحه بعد عام ألفي دينار أردني، أي أصبح المبلغ سبعة عشر ألف دينار ونصف. خلال نهاية العام لاحظ أخي أنه يتم التحايل من الموظفين ومن القائمين على الجمعية والتعامل بشكل ربوي. الآن أخي مقبل على الزواج وهو ربما يستدين فوق المبلغ الموجود معه سؤالي هو: هل يجب شئ على هذا المال من حيث الزكاة أو الخمس وكيف يمكن أن يخرجه إذا وجب مع العلم بأنه موظف، وهل هناك شبهة على هذا المال وكيف يمكن أن يتصرف؟
الجواب: بالنسبة لأصل المال إذا كان من أرباح السنة ففيه الخمس وأما الربح المذكور فإن كان على أساس معاملة شرعية صحيحة ولم تعلم بأنه حصيلة الربا فهو حلال وإذا صرف في المؤونة قبل مجئ رأس السنة باحتساب مبدأ السنة أول يوم عمله فلا خمس فيه وإذا لم يصرف كله أو بعضه حتى وصل رأس السنة ففيه الخمس ويدفع نصف الخمس أي عشر المال للسادة الفقراء ويدفع نصفه الآخر إلى أحد وكلاء سماحة السيد حفظه الله مع المطالبة بوصل مكتب سماحة السيد في النجف أو قم ولا تجب الزكاة فيه ولا في أصله.(3)
السؤال: شخص هوايته جميع العملات ( عملات من دول مختلفة ) هل يتعلق به الخمس؟
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 106
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 324
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 368(1/234)
الجواب: يجب فيها الخمس.(1)
السؤال: لدينا عجوز مدركة لصلاتها وصيامها لكن هي كثيرة النسيان ولديها مبلغ مخمس سابقا وقد زاد رصيدها في البنك عن المبلغ المخمس سابقا هل عليها تخميس المبلغ الزائد؟
الجواب: نعم يجب عليها تخميس كل مال لم يصرف في مؤونة السنة.(2)
السؤال: رجل لا يخمس بحجة أن كسبه لا يكفي إلا لمؤونة بيته ما هو الحكم ؟
الجواب: إذا كان يبقى لديه على رأس سنة الكسب مال ولو كان قليلا فيجب فيه الخمس وكذلك المواد المصرفية التي تبقى على رأس سنته.(3)
السؤال: هل يوجد خمس بعد مرور السنة على الكفن الذي يشتريه الانسان لينظر إليه استحبابا ولتكفينه به بعد موته ؟
الجواب: نعم.(4)
السؤال: رجل أصدر شيكا ( صكا ) بمبلغ معين وكان يوم إصدار الصك قبل حلول تاريخ الخمس، لكن المعاملة التي تجري عادة في البنوك لاقتطاع المبلغ من الحساب تستغرق عدة أيام، فإذا حل تاريخ الخمس والمبلغ لم يقتطع بعد من الحساب، فهل يجب فيه الخمس حتى مع إصدار صك به ؟
الجواب: ما لم يقتطع المبلغ من حسابه فالمال باق على ملكه، فيجب في الفرض إخراج خمسه، والله العالم.(5)
السؤال: ما هو حكم المتبقي من الكتب الاسلامية المطبوعة على نفقة المؤلف عند المؤلف بعد مرور الحول عليه ؟
الجواب: يجب في الصورة المفروضة تخميس الكتاب، والله العالم.(6)
السؤال: الأجير الذي يأخذ مالا لقضاء سنين من الصلاة والصيام، وقد ملك مال الإجارة فهل يخمس جميع ما بيده على رأس السنة أو يقسط على الحساب ؟
الجواب: يقسط على الحساب، والله العالم.(7)
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 375
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 482
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 539
(4) - استفتاءات ، للسيستاني ، 688
(5) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/ 164
(6) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/168
(7) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/198(1/235)
السؤال: الشجر الذي يوجد في دار الانسان أو بستانه، هل يجب الخمس في نموه كل سنة ؟ أم يكفي اخراج خمسه أولا ؟
الجواب: إن كان ذا ثمر يتمتع به قبل عام فليس فيه خمس، وإن كان لا يثمر أو سيثمر بعد عام أو أكثر فعن نماء كل سنة منه خالية من الثمر خمس ذلك النماء.(1)
السؤال: الكتب التي يشتريها الانسان لأجل الاستفادة منها للمنبر و غيره، هل حكمها في الخمس حكم ما كنتم تذكرون من أثاث البيت، للضيوف، وهو معرض لذلك، فإذا اشترى مثل اللحاف ولم يأت ضيف فلا بأس، أو أن حكمها غير ذلك، أو التفصيل بين ما كان فعلا يستفيد للمنبر فحكمها حكم رأس المال، وبين غير ذلك ؟
الجواب: الضابط في الجميع واحد، هو أن يكون بقدر شؤونه ومورد حاجته.(2)
السؤال: رأيكم الشريف أنه يجب الخمس في الكوپونات المعدة لشراء المواد التي تدعمها الدولة إذا حال عليها الحول بما لها من القيمة السوقية، فلو أعرض الشخص عن شراء المواد كليا بتلك الكوپونات، فهل يترتب عليها الخمس أيضا ؟
الجواب: لا أثر للاعراض ما لم يدفعها إلى غيره، والله العالم.(3)
السؤال: بعض المواد الغذائية والسلع الأخرى تباع بسعر حكومي وتباع أيضا في السوق الحرة ولكن بأضعاف السعر الحكومي فإذا اشترى الشخص بالسعر الحكومي وبقي عنده شئ إلى آخر السنة فعلي أي قيمة يدفع الخمس ؟
الجواب: بسمه تعالى : تخمس حسب قيمة السوق الحرة ، والله العالم.(4)
السؤال: إذا اتفق مجموعة من الاخوان على المساهمة في صندوق لجمع مبلغ معين يعطى لمن يكون له حاجة به منهم، وقد يمر على هذا المال أكثر من سنة، فهل يجب أن يخمس هذا المال ؟
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/198
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/161
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2 /492
(4) - إرشاد السائل، للگلپايگاني، 57(1/236)
الجواب: نعم يجب تخميس هذا المال على أصحابه، والله العالم.(1)
السؤال: لو جعل الانسان صندوقا في بيته وكان يضع النقود فيه بنية المساعدة للفقراء ، فهل تخرج هذه النقود عن ملكه بحيث لا يخمسها في آخر السنة أم لا ؟ وهل صندوق الصدقات الموجود في بيته حكمه ؟ كهذا الصندوق أم لا؟
الجواب: بسمه تعالى : في مفروض السؤال لا تخرج عن ملكه ، ويجب عليه خمسها ، والله العالم.(2)
السؤال: من صلى بثوب تعلق فيه الخمس فصلاته باطلة ، فهل يعني هذا أنه يجب عليه الإعادة ؟
الجواب: بسمه تعالى : لو صلى في ثوب تعلق بعينه الخمس عامدا وجبت الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ، والله العالم.(3)
السؤال: إذا اشترى كتابا واستعاره آخر منه، ومضت عليه سنة كاملة عند المستعير، بحيث لم يتسن لصاحبه استعماله، فهل يجب عليه تخميسه، مع العلم أن المستعير قد استعمله؟
الجواب: نعم يجب دفع خمسه، والله العالم.(4)
السؤال: تعرضت دولة مسلمة لعدوان دولة مسلمة أخرى، وقامت هيئة تابعة للأمم المتحدة بتوزيع نماذج أعطتها للدولة الأولى، لتعويض المواطنين خسائرهم الناتجة من هذا العدوان، وذلك بأخذ أموال نفط الدولة الثانية واعطائها للدولة الأولى للغرض المذكور، وقد وضع قانون لتحديد ذلك وخصصت مبالغ لكل من يشمله هذا القانون، فما هو حكم أخذ هذه الأموال من قبل المؤمنين، وهكذا إذا كان المبلغ زائدا عن مقدار الضرر ؟
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3 /123
(2) - إرشاد السائل، لالگلپايگاني، 63
(3) - المصدر السابق.
(4) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3 /131(1/237)
الجواب: يجوز أخذ التعويضات المذكورة، وإن كان المبلغ زائدا على مقدار الضرر، بشرط تخميسه عند استلامه، وتسليم الخمس للحاكم الشرعي، مع تخميس الباقي في آخر السنة، إذا لم يصرف في المؤونة، هذا إذا كان الاستلام عن طريق البنك الحكومي للدولة المسلمة، وأما إذا كان الاستلام عن طريق نفس هيئة الأمم المتحدة، فيجوز أخذه، ويجب اخراج خمسه في آخر السنة، والله العالم.(1)
السؤال: هل في الهبة وفي هدية العيد ( العيدية ) خمس أم لا ؟
الجواب: لا خمس في الهبة والهدية وإن كان الأحوط دفع خمس الفاضل منها عن مؤنة السنة.(2)
السؤال: هل يتعلق الخمس بالجوائز التي تعطيها البنوك ومؤسسات القرض الحسن للمشتركين أم لا ؟ وما هو الحال بالنسبة للهدايا النقدية التي يأخذها الإنسان من معارفه وأقربائه ؟
الجواب: لا يجب الخمس في الجوائز والهدايا إذا لم تكن خطيرة، وأما الجوائز والهدايا الخطيرة فلا يبعد وجوب الخمس فيها.(3)
السؤال: المبالغ التي تدفعها مؤسسة الشهيد إلى عوائل الشهداء هل يتعلق الخمس بما زاد منها عن مؤنتهم السنوية أم لا ؟
الجواب: لا خمس فيما تهديه مؤسسة الشهيد إلى عوائل الشهداء الأعزاء.(4)
السؤال: زوج وزوجة من أجل أن لا يتعلق الخمس بأموالهما يقومان قبل حلول سنتهما الخمسية بإهداء كل منهما الآخر ربح سنته، فالرجاء أن تبينوا حكم خمس هؤلاء.
الجواب: لا يسقط عنهما الخمس الواجب بمثل هذه الهبة، إلا في خصوص القدر اللائق عرفا بحال كل منهما دون الزائد عن ذلك.(5)
السؤال: اقترضت قسماً من المال، وقسماً آخر منه حصلت عليه من بيع سجادة البيت.
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/ 409
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /261
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /261
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /261
(5) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /262(1/238)
الجواب: لا خمس عليك في المبلغ الذي اقترضته، وأما سجادة البيت التي بعتها فإن كانت مما اشتريته من أرباح مكاسبك لحساب المؤنة ففي ثمنها الخمس على الأحوط.(1)
السؤال: إذا كان لشخص مكتبة شخصية وقد انتفع من كتبها في فترات معينة، ومرت سنوات على ذلك ولم تتكرر الاستفادة منها مرة أخرى، ولكنه يحتمل أن ينتفع بها في المستقبل، فهل يتعلق الخمس بها في هذه المدة التي لم يستفد فيها من الكتب ؟ وهل يوجد فرق في تعلق الخمس بها بين كونه هو المشتري أم والده ؟
الجواب: إذا كانت مورد حاجته للمراجعة إليها في المستقبل، وبالمقدار المناسب لشأنه العرفي فليس فيها خمس، حتى وإن لم ينتفع منها مدة من الزمن، وكذلك إذا كانت الكتب إرثا أو مهداة من قبل الوالدين، أو الآخرين فليس فيها خمس.(2)
السؤال: نحن أخوة نرغب بأداء فريضة الخمس عن والدي رحمه الله فهل يجوز لنا المصالحة عن الحق الشرعي مع الوكيل علما بأن الغالبية العظمى من الأموال المتروكة من قبل والدي كانت كاش مودعة بالبنوك أي أن دفع الخمس ليس له أي تأثير علينا لأنا في النهاية سوف نرث مبلغ كبير كاش ولن تتضرر لنا تجارة أو أي شئ وحسب علي دفع ما تبقى من المبلغ والله ولي التسديد ؟
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/ 265
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /279(1/239)
الجواب: إذا كان والدكم ممن يدفع الخمس وبقي على ذمته خمس بعض تلك الأموال وجب دفعه منها وكذلك أرباحه التي حصل عليها في تلك السنة أي إلى زمان وفاته فإنه يجب فيها الخمس ولكن إذا كان ممن لا يدفع الخمس فإنه لا يجب على الورثة أن يدفعوا الخمس عن أبيهم إذا لم يوص بذلك فالإثم عليه إلا أنه لا ينبغي للأولاد أن يتركوا أباهم يعذب من أجل عدم دفعه الخمس فلو دفعوا عنه رفعوا عنه العذاب إن شاء الله تعالى وأما إذا وجب دفع الخمس وأمكنكم دفعه فلا معنى للمصالحة ولا يجوز التأخير في دفعه حتى ليوم واحد.(1)
السؤال: إذا حصل الطفل على هدية أو جائزة من المال أو الذهب، فهل يجب على وليه تخميسه إذا حال عليه الحول، أم لا؟
الجواب: نعم يجب تخميسه إذا حل الحول.(2)
السؤال: عندي بنت عمرها 12 سنة هلالية حصلت على هدية قطعة قماش مما يقارب السنتين ولم تستعملها فما حكمها من ناحية الخمس ؟
الجواب: يجب عليها أن تخمسها بقيمتها الفعلية.(3)
السؤال: أنا امرأة كنت أحصل من زوجي على مبالغ خاصة بي، فأجمعها وهو يتصور أني أصرفها، وأنا لا أستطيع إخباره بها لأنه يأخذها مني، وأنا أجمع هذه المبالغ مقتصدة لأساعد أهلي في العراق، وقد وصل موعد يوم الخمس لي ولزوجي، وأنا لم أخبر زوجي بهذه الأموال عند تصفية الحسابات، علما بأنه مديون مبلغ أكبر من هذا الموجود عندي، وليس عليه خمس هذه السنة، وأنا لا أعرف هل يجب علي دفع خمس هذا المبلغ أو لا، وهل يجب علي أخبار زوجي به أم لا ؟
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 157
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 342
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 367(1/240)
الجواب: إذا كان يهب لك المال أو يدفعه بعنوان النفقة الواجبة فلا خمس عليه بالنسبة لهذا المال ولا يجب إخباره ولكن يجب عليك تخميس المقدار الذي مضى عليه سنة كاملة إذا لم تكونين ذات مهنة وإن كنت ذات مهنة فيجب عليك تخميس ما بقي عندك إلى حلول رأس سنتك المالية.(1)
السؤال: إنسان يقلد من لا يقول بوجوب الخمس في الهدية أو في بعض الأشياء الأخرى، وحصل على هدايا خلال سنوات متعددة وكان يصرفها بلا تخميس، فإذا مات ذلك المجتهد وقلد من يقول بالوجوب فهل يلزمه استذكار تلك الهدايا وتخميسها بعد افتراض انعدامها وزوالها الآن ؟.
الجواب: الخوئي: نعم يلزمه ذلك إذا كان المجتهد الثاني يفتي بالوجوب. التبريزي: لا يجب إعطاء الخمس مما تلف قبل الرجوع إلى الثاني.(2)
السؤال: كنت سابقا من مقلدي أحد المراجع الذين ما تزال مرجعيتهم مطروحة حتى الآن ولكنني عدلت منه إلى سماحتكم وحل الخمس السنوي ولكنني خمست على نية المرجع السابق فما حكم ذلك ؟
الجواب: لا أثر للنية فإن دفعته لغير مكتب سماحة السيد أو وكيله فلا بد من الاستجازة على الأحوط إذا كان فقيها.(3)
السؤال: كنت أقلد من يقول بوجوب الخمس في البيت إذا لم يكمله ويسكن فيه خلال السنة وقد توفي وكنت قد دفعت جزء كبيرا من الخمس وبقي علي منه جزء، والآن أنا أرجع إلى السيد حفظه الله فإذا كان الجواب بعدم وجوب الخمس في مفروض السؤال فهل يجب علي إخراج ما تبقى من الخمس أو لا. علما بأن التقسيط كان بالاتفاق مع وكيل المرجع الذي كنت أقلده ؟
الجواب: يجب دفع ما لم تدفعه منه.(4)
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 516
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1 /193
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 591
(4) - استفتاءات ، للسيستاني ، 68(1/241)
السؤال: رجل أهدى زوجته أو شخصا آخر قطعة أرض بشرط أن لا تبيعها أو تهبها لأحد من الناس بل تتركها ميراثا بعد وفاتها لأبناءها منه، أو تهبها لهم في حياتها، هل يتعين عليها اخراج خمسها مع هذا الاشتراط الذي يحصر ملكيتها الفعلية بالاستنماء ؟
الجواب: نعم عليها الخمس بسعر ما تساوي بهذا الشرط.(1)
السؤال: لدينا أثاث وأغراض، ولا نعلم وقد يئسنا أن نعلم بأنها كانت من أرباح السنة، أم من مؤونة السنة، أم من المال المخمس، فما هو الحكم ؟
الجواب: إن كان الأثاث إرثا فلا خمس فيها، وإن لم تكن إرثا ولكنك لا تدري أن ما اشتريت به ذلك الأثاث من الثمن هل هو مخمس أم لا فعليك بالمصالحة مع الحاكم الشرعي أو وكيله.(2)
السؤال: إذا وهب شخص شخصا مبلغا من المال لكي يذهب به إلى الحج والحال أن هذا المبلغ غير مخمس، فهل يجب على المتهب أن يخمس المبلغ أم لا ؟
الجواب: الخوئي: لا يجب عليه دفع خمس المبلغ، وإنما ينتقل إلى ذمة من كان عليه الخمس فيه، والله العالم.(3)
السؤال: هل يجب على الطالب أن يخمس ما يعطى من كتب مدرسية و غيرها ؟
الجواب: الخوئي: إذا حال عليها الحول ولم يستفد منها في أثناءه، وجب تخميسها كسائر الهدايا، والله العالم. التبريزي: إذا أعطي مجانا فلا خمس في الشئ البسيط في قيمته.(4)
السؤال: الهدية مثل الساعة أو القلم أو الكتاب إذا لم تستعمل حتى مرت عليها سنة فهل يجب فيها الخمس ؟
الجواب: الخوئي: نعم يجب تخميسها. التبريزي: إذا كان مالاً حقيراً فلا خمس فيه.(5)
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/166
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2 /174
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/185
(4) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/186
(5) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ،/186(1/242)
السؤال: ما حكم هدية الأب لولده، أو الأخ لأخيه، أو الأم لابنها من جهة الخمس إذا لم تستعمل حتى حال عليها الحول ؟
الجواب: لا فرق بين هدية الأب والأخ والأم وهدية غيرهم، في وجوب الخمس فيها إذا كانت بحسب المالية معتدا بها، والله العالم.(1)
السؤال: إذا ورثوا من أبيهم أسهما في بنك حكومي، أو أهلي، فهل يجب عليهم بيع تلك الأسهم، وهل يجب عليهم تخميسها في حالة عدم علمهم بأن أباهم كان يخمس ماله، أو عدم علمهم بأن أصل الأسهم كان من مال مخمس أو لا ؟ ثم ما الذي يجب تخميسه، هل هو مجموع قيمة الأسهم وأرباحها معا، أم يخمس رأس المال - أي الأسهم - على حدة ثم تخمس مرة أخرى مع الأرباح ؟
الجواب: يجب بيع الأسهم فوراً، وإذا كان البنك غير أهلي يخمس الأصل والأرباح، وأما إذا كان البنك أهليا فالأحوط الرجوع إلى الحاكم الشرعي في الأرباح، وأما أصل المال فلا يجب فيه الخمس، والله العالم.(2)
السؤال: إذا أخرج الموظف خمس رواتبه التي لم يقبضها - جهلا منه بيوم الوجوب - فإذا قبضها وحال عليها الحول فهل يجب عليه اخراج خمسها مرة أخرى ؟ والفرض أن الموظف حكومي؟
الجواب: نعم يجب عليه ذلك، والله العالم.(3)
السؤال: شخص رأس سنته أول محرم الحرام مثلا فلو ربح بعد الغروب وقبل الصبح من يوم رأس سنته فهل هذا الربح من أرباح السنة الماضية حتى يخمس أو لا ؟.
الجواب: حيث أن لكل ربح نسبة لك أن تحسبه من السنة الماضية في مفروض السؤال والله العالم.(4)
السؤال: من جاء رأس سنته، وقبل أسبوع أو شهر وصل إليه ألف تومان مثلا فهل يجب تخميس الألف، أو يعمل له رأس سنة مستقلا ؟
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2 /491
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3 /343
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/131
(4) - منية السائل ، للخوئي ، 59(1/243)
الجواب: بسمه تعالى: يجب تخميسه في رأس السنة إن كان من ربح رأس ماله، وأما إذا حصلت له فائدة اتفاقا كالهبة يجوز له أن يعمل لها سنة مستقلة، والله العالم.(1)
السؤال: يشق علينا عند حساب رأس السنة، تعيين قيمة السلع الموجودة في الدكان، فعلى أي نحو يجب أن يكون حسابها ؟
الجواب: يجب تعيين قيمة السلع الموجودة في الدكان بنحو من الأنحاء ولو بالتخمين لأجل محاسبة ربح السنة الذي يجب عليك تخميسه.(2)
السؤال: نرجو أن تبينوا ما هو أبسط طريق يمكن معه لصاحب الدكان أن يدفع الخمس؟
الجواب: يقوم بحساب وتقييم ما هو الموجود لديه من نقد وسلع في رأس السنة الخمسية، ومقارنة مجموع ذلك مع رأس المال الأصلي، فإذا كانت هناك زيادة على رأس المال فإنها تعتبر ربحا ويتعلق الخمس بها.(3)
السؤال: هل بداية السنة المالية هي الشهر الأول من العمل، أو الشهر الأول من استلام الراتب الشهري ؟
الجواب: بداية السنة الخمسية لمثل العمال والموظفين هو اليوم الأول الذي يستلم فيه راتبه أو يتمكن فيه من استلامه.(4)
السؤال: كيف يتم تعيين بداية السنة لأجل دفع الخمس ؟
الجواب: تبدأ السنة الخمسية لأمثال العمال والموظفين من تاريخ الحصول على أول ربح من أرباح العمل والوظيفة، وأما أصحاب المحلات فتبدأ سنتهم من تاريخ شروعهم بالبيع والشراء.(5)
السؤال: هل يجب على الشباب العزاب الذين يعيشون مع آبائهم تعيين سنة خمسية لهم؟ ومتى تبدأ السنة عندهم ؟ وكيف يقومون بحساب ذلك ؟
__________
(1) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 59
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، /308
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/309
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /312
(5) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /312(1/244)
الجواب: إذا كان للشاب الأعزب ربح شخصي، ولو كان قليلا، فإنه يجب عليه الاحتفاظ برأس السنة الخمسية ومحاسبة دخله السنوي حتى إذا بقي شئ من الربح إلى نهاية السنة يدفع خمسه، والسنة الخمسية تبدأ عند حصوله على أول ربح.(1)
السؤال: هل السنة الخمسية يجب أن تعتبر وتحاسب شمسية أو قمرية ؟
الجواب: المكلف مخير في ذلك.(2)
أقول: المفروض أن يكون الجواب: حتى لو كانت السنة مرّيخية أو زُحَلية، المهم أن تدفع.
السؤال: شخص يقول إن رأس سنته كان الشهر الحادي عشر من السنة، ولكنه نسي ذلك، وقبل التخميس اشترى من ذلك المال في الشهر الثاني عشر لبيته سجادة وساعة وفراشا، وفي الوقت الحاضر يريد أن يغير رأس سنته إلى شهر رمضان، ومع الإشارة إلى أن الشخص المذكور مدين بمبلغ ( ( 83 ) ) ألف تومان من السهمين لهذه السنة والسنة الماضية، وما يزال يؤديه على شكل أقساط، فماذا تقولون في سهمي الإمام والسادة للسلع المذكورة ؟
الجواب: لا يصح تقديم أو تأخير رأس السنة الخمسية، إلا بعد حساب أرباح الفترة الماضية من السنة، وبشرط أن لا يؤدي ذلك إلى الإضرار بأرباب الخمس، وأما السلع التي إشتراها بالمال غير المخمس فالمعاملة في مقدار خمس ثمنها فضولية موقوفة على إجازة ولي أمر الخمس، أو وكيله، وبعد الحصول على الإجازة يجب عليه دفع خمس قيمتها الفعلية.(3)
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/ 313
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /314
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /314(1/245)
السؤال: إنسان لا يخمس، وأراد الذهاب إلى العمرة المفردة فهل يتعلق الخمس بمصاريف العمرة كلها من إحرام وغيره، سواء كانت العمرة واجبة أم مستحبة ؟ وإذا تعلق الخمس بذلك فما حكم من ذهب للعمرة المفردة وهو لا يخمس، فهل تبطل عمرته بحيث يجب عليه أداء العمرة مرة أخرى إذا كانت واجبة ؟ أم يكون فيها إشكال فقط ؟ وما هو هذا الإشكال إذا كان كذلك؟ وهل هناك فرق بين العاصي والجاهل في عدم دفع الخمس؟
الجواب: لا تجب العمرة المفردة على البعيد إلا بنذر ونحوه، وإذا صرف المال الذي اكتسبه في نفس السنة في العمرة فلا يجب تخميسه، والمراد بالسنة ما تبدأ من أول يوم كسبه أو عمله أو وظيفته، ولو صرف ما لا يتعلق به الخمس، فلا تبطل عمرته إلا إذا كان الخمس متعلقا بنفس ثوب الإحرام على الأحوط. وهو لا يتحقق فيما إذا اشتراه بمال تعلق به الخمس على الغالب من كون الشراء بنحو الكلي في الذمة ولو فرض أن الخمس تعلق بنفس ثوب الإحرام كما لو اشتراه واستعمله بعد حلول السنة الخمسية فالأحوط بطلان عمرته وبقاؤه على إحرامه ووجوب الإتيان بأعمال العمرة ثانية إلا إذا كان جاهلا بالحكم حتى لو كان مقصرا فإن عمرته صحيحة في هذا الفرض.(1)
السؤال: حججت قبل 9 سنوات ولم أكن أخمس، فذهبت إلى الوكيل الشرعي بالمنطقة التي أقطنها فأخبرته بأن ليس لي رأس سنة لكي أخمس وحددت المبلغ الذي سوف أنفقه للحج وهو 20000 ألف ريال فكان خمسها 4000 ريال أخذ 2000 ريال وصالحني ب2000 على أن أعود له بعد 6 شهور ولكن لم أعد له حتى الآن فماذا يترتب علي في ذلك؟
الجواب: يجب عليك دفع الألفين.(2)
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 71
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 179(1/246)
السؤال: أنا طالب وأزاول دراستي ومريض ولا يمكنني العلاج لعدم توفر المقدار اللازم من المال فأنا أجمع من أموالي في كل شهر ما أقدر عليه حتى يتوفر المقدار اللازم وأدخل المستشفى في العطلة الصيفية وخلال هذه الفترة يحين رأس السنة الخمسية فهل يجب علي تخميس المبلغ المتجمع لدي ؟
الجواب: إذا كنت تشتغل وتستلم راتبا شهريا فرأس سنتك يوم شروعك بالعمل أو الوظيفة فكل ما يكون عندك يجب فيه الخمس.(1)
يبدو أن هذا السائل المسكين كان ينتظر من الإمام الدعاء له بالشفاء.
السؤال: كيف يحسب الخمس للفرد في الوقت الحاضر يرجى التفصيل في الجواب ؟
الجواب: إذا كان كاسباً أو موظفاً أو غيرهما ممن له مهنة يتعاطاها في معاشه فأول يوم يعمل فيه يعتبر رأس سنته فإذا جاء نفس اليوم من السنة التالية حسب ما عنده من أرباح السنة التي لم يصرفها في مؤونته وكذلك المواد المصرفية الزائدة في البيت كالأرز والشاي والدهن و... فيدفع خمسها ويجوز دفع خمس قيمة المواد، وفي غيره يحسب لكل فائدة يحصل عليها سنة مستقلة فيخمس ما يبقى منها على رأس السنة من دون تصرف.(2)
السؤال: امرأة تريد حج بيت الله الحرام ولديها مبلغ من المال وقدره 1000 دينار بحريني، يجب عليها أن تدفع 600 دينار للمقاول التي تريد السفر معه لتحمل تكاليف السفر شاملة التذكرة والمأكل والمشرب والإقامة ولقد تم ادخار هذا المبلغ عن طريق الجمعية أو الحطية التي يضعها كثير من الناس كنوع من الاستثمار والادخار وآخر نهاية كل شهر سيدفع لشخص ما، وهذا المبلغ الذي وضعته في الجمعية من مصروفها الخاص. وباقي المبلغ سيدفع لها أبنيها الابن الأكبر 200 دينار بحريني والابن الثاني 200 دينار بحريني أيضا والمجموع 400 دينار بحريني لشراء حاجياتها والتسوق من بيت الله الحرام.
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 221
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 327(1/247)
وهنا السؤال هل يجوز لها أن تأخذ المبلغ من ابنها الثاني لأنه يعمل في الطيران الخليجي (مضيف) ولطبيعة عمله يخدم المسافرين ويقدم لهم المأكل والمشرب ويمكن أن تكون بعض الأنواع من المحرمات من المأكل والمشرب كالخمر في الطيارة ؟
والسؤال الثاني كم يجب عليها دفع خمس من مالها إذا كان المجموع 1000 دينار بحريني ؟
الجواب: يجوز لها الأخذ منه ولا يجب الخمس إذا صرفت المال أثناء السنة الخمسية إن كانت ذات مهنة وإن لم تكن ذات مهنة فلا يجب الخمس إذا لم يمر على المال سنة كاملة.(1)
السؤال: حضرت مجلسا يحاضر فيه أحد المشايخ حفظه الله وجرى في حديثه حول ما يخص مسألة الخمس وقد بين في الأثناء أنه لا بد من رأس سنة هجرية. واعتمادا على معرفتي المتواضعة بشأن الخمس أنه يجب فقط على المتمكنين من التجار وأصحاب الأموال وليس على الفقراء وذوي الدخل المحدود من الموظفين. وبما إني من ذوي الدخل المحدود.. حيث أن الراتب الشهري الذي أحصل عليه لا يكفيني مع العلم أني أصرف على عائلة تتكون من خمسة أفراد.. أكثر الأحيان أقترض لأكفي مصروفات البيت.. لم يأتي على بالي أن علي خمس وأن يكون لي رأس سنة ولا بد من عمل المصالحة، وبعد معرفتي بقضية الخمس ورأس السنة وأنه من الواجبات على كل شيعي.. قررت التخميس مع الوكيل للمرجع الذي أقلده. مع العلم إني لا أملك من الأموال غير راتبي الذي استلمه.. والذي لا يكفيني حتى آخر الشهر كما ذكرته لكم أعلاه. فماذا علي فعله بالضبط لقضاء ما علي من هذا الواجب.. مع ظروفي المالية الصعبة ؟
الجواب: يعتبر أول يوم بدأت فيه بالعمل رأس سنتك فيجب عليك تخميس ما يبقى لديك من مال في ذلك اليوم سواء كان نقدا أم غيره كالمواد المصرفية التي تبقى عادة في البيت من أرز ودهن ونحو ذلك.(2)
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 345
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 368(1/248)
السؤال: إذا قرأنا من كتاب عشر صفحات فهل يطلق عليه أنه قد قرأ، بحيث لو دار عليه الحول لا يخمس أم كم ينبغي القراءة منه حتى إذا دار عليه الحول لا يخمس ؟.
الجواب: إذا كانت القراءة حسب الحاجة إليها في أثناء السنة فلا خمس فيه.(1)
السؤال: هل يجب الخمس في الأجزاء غير المقروءة من دورات الكتب خصوصا إذا كان عمل الشخص في التتبع والبحث والتحقيق في التاريخ والأدب وغيرها من المجالات فربما يحتاج اليوم هذا الجزء من الدورة ويحتاج الجزء الآخر منها بعد أكثر من سنة نظرا لمتطلبات العمل، هذا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن دورات الكتب لا تباع مجزأة ؟.
الجواب: في مفروض السؤال لا خمس في البقية غير المقروء فيها.(2)
السؤال: الأواني المعدة للطعام والشراب إذا استعملت للزينة فقط فهل يعد هذا استعمالاً مسقطا للخمس ؟.
الجواب: إذا كانت مما يعد عدمها نقصاً ووجودها متعارفاً في المقام فتحسب مؤنة لا خمس فيها عليه والله العالم.(3)
السؤال: ما حكم من اشترى كتبا ولم يقرأ بها في سنة الشراء وتم عليها حول كامل، فما هو حكمها من حيث الخمس، علما بأنه سيكون لها فائدة مستقبلية ؟ وما حكم الكتب التي في حوزة طالب العالم مع أنها لم تقرأ في سنتها هذا من جهة، وبالنسبة للمكلف العامي هذا إن كان يوجد فرق بينهما في نظر سماحتكم ؟
الجواب: بسمه تعالى: لا فرق بينها وبين سائر ما يحتاج إليه الانسان فلا يتعلق بها الخمس إن كانت في معرض حاجته وإن لم يقرأها سنة أو أكثر والله العالم.(4)
السؤال: الأشجار والنباتات التي يزرعها المكلف للزينة، هل يجب الخمس في قيمتها وفي ما يصرف عليها من تسميد وأجرة مزارع واستصلاح للأرض ؟ أم أنها تعتبر من مؤنة السنة مع كونها مما يتعارف فعله ويليق بحال الفاعل ؟
__________
(1) - منية السائل ، للخوئي ، 55
(2) - منية السائل ، للخوئي ، 56
(3) - منية السائل ، للخوئي ، 64
(4) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 59(1/249)
الجواب: بسمه تعالى: إن كانت الأشجار والنباتات مزروعة للزينة فلا خمس في المقدار المتعارف منها، ويجب تخميس ما زاد على ذلك، والله العالم.(1)
السؤال: من جمع مبلغا من المال لشراء ضروري من ضروريات الحياة كالسكن أو للزواج أو الحج، فهل يترتب على هذا المال حق شرعي كالخمس ؟ علما بأنه لا يعد فائضا عن الحاجة؟
الجواب: بسمه تعالى: إذا كان ذلك المبلغ مع أداء خمسه لا يفي بما احتاج إليه لم يتعلق به الخمس، وأما الحج فإن بقيت الاستطاعة بعد التخميس وجب وإلا لم يجب، والله العالم.(2)
السؤال: إذا جاء موسم الحج وفي نفس الوقت جاء موعد اخراج الخمس الذي عليه ، فإذا أخرج الخمس نقصت أموال الحج فلا يستطيع الذهاب وإن حج ولم يدفع الخمس منع حق من حقوق الله ، فما العمل وأيهما يقدم ؟ .
الجواب: لا بد من التخميس فإن بقيت استطاعته وجب عليه الحج وإلا لم يجب.(3)
السؤال: لو إن امرأة تملك ذهبا كثيرا واستعملتهم قليلا، وتملك أحجار ثمينة أيضا، وكذلك استعملتهم قليلا ثم لم تستعملهم هل يجب تخميسهم ؟
الجواب: بسمه تعالى: تستثني المقدار المتعارف للتزيين على حسب شأنها وتخمس ما زاد عليه، والله العالم.(4)
السؤال: هل يتعلق الخمس بالمبلغ المدفوع سلفا لشراء كتب من المعرض الدولي للكتاب ( في طهران ) ولم يتم إرسال الكتاب لحد الآن ؟
الجواب: إذا كان الكتاب المقصود مورد حاجة، وبالمقدار المتعارف المناسب لشأن الشخص عرفا، وكان تأمينه متوقفاً على دفع الثمن سلفا فلا خمس فيه.(5)
السؤال: يوجد طقم من الأواني المنزلية، فهل استعمال بعضه يكفي في عدم وجوب الخمس فيه؟
__________
(1) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 66
(2) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 70
(3) - منية السائل، للخوئي، 52
(4) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 73
(5) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1 /279(1/250)
الجواب: المناط في عدم الخمس بالنسبة لحوائج المنزل هو صدق الاحتياج إليها بحسب شأنه العرفي اللائق به، وإن لم يستعملها طول السنة.(1)
السؤال: إذا لم تستعمل الأواني والسجاد أصلا حتى دار عليها الحول، ولكنه بحاجة إليها لأجل استعمالها للضيوف، فهل يجب الخمس فيها ؟
الجواب: لا يجب الخمس فيها.(2)
السؤال: هل الانتفاع من مجلد واحد من دورة تتكون من عدة مجلدات ( كوسائل الشيعة مثلا ) يمكن أن يكون مسقطا للخمس عن تلك الدورة كلها، أم يجب قراءة صفحة من كل مجلد مثلا؟
الجواب: لو كان مجموع الدورة في معرض الاحتياج، أو كان الحصول على المجلد المحتاج إليه متوقفا على شراء دورة كاملة فلا خمس فيها، وإلا فيجب تخميس المجلدات الخارجة عن حاجته حاليا، ومجرد قراءة صفحة من كل مجلد لا يكفي في سقوط الخمس.(3)
السؤال: الأدوية التي تشترى من الربح في وسط السنة، ومن ثم يدفع ثمنها من قبل مؤسسة التأمين الصحي فإذا بقيت إلى رأس السنة الخمسية من دون أن تفسد هل تكون مشمولة للخمس أم لا ؟
الجواب: إذا اشتريتها لتستعملها عند الحاجة، وكانت في معرض الاحتياج، ولم تخرج عن كونها كذلك أيضا فلا خمس فيها.(4)
السؤال: في بعض الأحيان تباع لنا الأدوات المنزلية، كالثلاجة مثلا بسعر أقل من سعر السوق، وهذه الأدوات ستكون ضرورية لنا في المستقبل أعني بعد الزواج، فمع الالتفات إلى أنه يجب أن نشتري هذه الأدوات في ذلك الزمان – بعد الزواج - بأضعاف ما هي عليه الآن، فهل يتعلق الخمس بهذه الأدوات غير المستعملة والباقية في البيت ؟
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/280
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/280
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/281
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/281(1/251)
الجواب: إذا اشتريتموها بأرباح مكاسب السنة للانتفاع بها في المستقبل ولم تكن مورد حاجتكم في سنة الشراء ففيها الخمس بقيمتها العادلة عند حلول رأس السنة.(1)
السؤال: بما إنني لم أتزوج لحد الآن، فهل يجوز لي ادخار شئ من المال الموجود فعلا للمصاريف التي سأحتاج إليها في المستقبل ؟
الجواب: لو ادخرت من عين ربح السنة إلى أن حل عليه رأس السنة الخمسية وجب عليك تخميسه، حتى ولو كان للصرف في أمر الزواج في المستقبل.(2)
السؤال: الكفن الذي يشترى ويبقى عدة سنوات هل يجب تخميسه أم أنه يجب دفع خمس قيمة الشراء ؟
الجواب: إذا كان المال الذي اشترى به الكفن مخمسا فلا خمس عليه فيما بعد، وإلا فالخمس يتعلق بقيمته الفعلية.(3)
السؤال: شخصا كان يخرج الحقوق الشرعية من الخمس لسنوات من حياة السيد أبو القاسم الخوئي - قدس سره – حيث كان يرجع إليه في التقليد، وفي تلك الفترة اشترى أرضا ليبني عليها بيتا وأخرج خمس قيمتها ثم بدأ في البناء بعد ذلك بسنتين. فأنفق ما كان عنده مدخرا في السنة الأولى من البناء وجزء من قرض حكومي وقرض من شخص آخر. وعند أول السنة الخمسية الجديدة لم يقم بحساب ما أنفق على البناء لاعتقاده أن الغالب هو الدين. واستمر البناء مدة ثلاث سنوات وبعدما اكتمل سكنه وأثث بعض ما يستطيعه وفي أثناء البناء توفي السيد الخوئي - قدس سره - ثم رجع في تقليده للسيد الكلبيكاني - قدس سره - ثم إلى السيد السيستاني - دام ظله - وحتى الآن هذا الشخص لم يقم بحساب ما له وما عليه منذ بدأ في البناء حيث اضطرته الظروف لكي يكمل البناء أن يقترض من البنك ومن المؤسسة التي يعمل فيها ومن أشخاص بالإضافة إلى القرض الحكومي وما زال مديونا لهم.
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/284
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/307
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/323(1/252)
1 - هل يجب إخراج الخمس في ما أنفقه على البناء والأثاث مع العلم أن البيت غير مبالغ فيه وهو مما يناسب حاله ووضعه ؟
2 - إذا كان الجواب هو الوجوب، فهل ينبغي حصر ما أنفقه على البناء فقط دون الأثاث أو الكماليات وشراء سيارة مستعملة ( مثلا ) ؟
3 - من تلك الفترة حتى الآن أشتري ملابس وغيرها مما يتعلق به بعض العبادات كالصلاة والصوم والعمرة وإخراج الصدقات الواجبة كزكاة الفطرة والنذر وغيرها. فما حكم تلك الأعمال هل هي صحيحة أم معلقة ؟
4 - لو حصر المال ( في الفرض ) الواجب تخميسه أو قام أحد الوكلاء بمصالحة مع هذا الشخص، ولم يستطيع ايفاءه، فهل يجوز الاقتراض من البنك ( بنك حكومي أو مشترك ) ليسدد ما عليه من خمس ؟
5 - ما هو الواجب المتيقن الذي ينبغي لهذا الشخص فعله لكي يبرء ذمته وتزكية أمواله وممتلكاته، فهو يعيش في قلق شديد مما يعانيه من اشكال في كل فعل فهو يعتقد أن صلاته فيها اشكال لأن لباسه ولباس أهله وعياله لم تخمس والصيام كذلك حيث المأكل والمشرب من مصدر غير مخمس والصدقات كذلك وسائر العبادات ؟
الجواب: 1 - يجب إخراج الخمس بنسبة ما أنفقه من أرباحه فيما قبل سنة السكنى وكذلك ما اقترضه وسدد دينه بأرباحه قبل سنة السكنى وكذلك فيما كان قرضا ربويا من الحكومة أو بنك حكومي إلى مجموع قيمة البناء بحسب القيمة الفعلية، هذا إذا تأخر السكنى عن البناء لاقتضاء البناء بطبعه زمانا طويلا أو تأخر عمل المقاول مثلا وأما إذا كان السبب عدم تمكنه ماليا لم يجب الخمس فيما إذا كان تحصيل هذا المسكن من شؤونه العرفية بحيث يعد تركه كسرا لشأنه وتقصيرا في حق عائلته.
2 - لا يجب الخمس في ما اشتراه واستفاد منه في نفس السنة.
3 - لا يجب الخمس فيها كما مر فتصح الأعمال.
4 - يجوز ولا يجب، بل يمكنه المداورة بالخمس المتعلق بالعين مع أحد الوكلاء ثم دفع الخمس تدريجيا من دون تهاون.(1/253)
5 - تبين الجواب وأنه ليس عليه شئ في ما اشتراه بأرباح السنة واستفاد منه فيها كما أنه لو اشترى شيئا من أرباح السنين الماضية فإن عليه تخميس نفس الثمن ولا يتعلق الخمس بالعين المشتراة فيجوز التصرف فيها.(1)
السؤال: نود أن نسألكم، حيث إننا ليس لدينا رأس سنة وفي السنة الماضية ذهبنا إلى الحج حجة الإسلام ولم تنبهنا الحملة لإخراج الخمس لمبلغ الحج، فما حكم حجتنا وهل فيها شئ؟
الجواب: إذا لم يتعلق الخمس بعين ثوب الإحرام والثوب الذي طفت فيه والهدي فلا شئ عليك ولا مانع من صرف ما حصلت عليه أثناء السنة باحتساب مبدأها يوم العمل وإن لم يخمس.(2)
السؤال: أنا متزوج ولم أخمس في حياتي إذ ليس لدي ما أخمس. فأنا أملك أشياء عادية التي يستخدمها الانسان في حياته، وأريد الذهاب إلى الحج وقال لي بعض الأصدقاء إن فلوس الحج يجب أن تخمس هل هذا صحيح ؟
الجواب: تملك الأشياء العادية لا يبرر الامتناع من دفع الخمس فعليك أن تخمس كل ما يبقى لديك من مال بعد مرور سنة على بدء العمل سواء كان المال نقدا أم أشياء تصرف في البيت مثلا كالأرز والدهن وكذلك أثاث البيت إذا لم تستعمل طول السنة وأما بالنسبة للحج فإن صرفت فيه ما حصلت عليه من مال في تلك السنة لم يجب فيه الخمس وإن كان من مال حصلته في السنة السابقة باحتساب مبدأ السنة أول يوم العمل وجب تخميس المال قبل صرفه.(3)
السؤال: امرأة استفادت من حليها شهرا أو شهرين ثم انكسرت فأهملت اصلاحها إلى أن مضت السنة فهل عليها الخمس ؟
الجواب: إذا لم تستغن عنها نهائيا لم يجب فيها الخمس.(4)
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 39
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 275
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 281
(4) - استفتاءات ، للسيستاني ، 518(1/254)
السؤال: هل يجب تخميس المال المبذول في شراء الحاسب وعتاده وبرامجه سواء في استفاداته كطالب العلم أو الجامعي أو غيرهما أو من يستفيد به ولكن لا على نحو الاختصاص وإنما زيادة تثقيف ومعلومة أو من يستفيد به في تجارة هو نظير ذلك أفيدونا على تلك الصور ؟
الجواب: لا يجب الخمس إذا كان لاستفادته الشخصية ونحو ذلك وأما إذا كان يستفيد منه في تجارته فيجب تخميسه ؟(1)
السؤال: هل يعد البذل سرفا في ذلك أم لا وإذا لم يعد في بعض الصور هل يعد ترفا مبغوضا أم لا مع ملاحظة امكان استفادة المرتبطين بالمكلف مثل أبنائه وزوجته وهكذا ؟
الجواب: إذا كان للاستفادة من برامجه المفيدة للدين أو الدنيا ولو للترويج فلا يعد إسرافا ولكن إذا كان للاستفادة في المجالات المحرمة أو تضييع الوقت بما لا يعد ترويحا للنفس فلا يعد من المؤونة ويجب تخميسه.(2)
السؤال: إذا قرأنا من كتاب عشر صفحات فهل يطلق عليه أنه قد قرئ، بحيث لو دار عليه الحول لا يخمس ؟ أم كم ينبغي القراءة منه حتى لا يخمس إذا دار عليه الحول ؟
الجواب: الخوئي: إذا كانت القراءة حسب الحاجة إليها في أثناء السنة فلا خمس فيه. التبريزي: يضاف إلى جوابه ( قدس سره ): وإلا فلا يسقط الخمس فيه.(3)
السؤال: الكتب التي يشتريها المرء ومن شأنه أن يقتنيها ويستعملها، ولكن يمر أكثر من عام على عدم استعمالها، هل يجب فيها الخمس ؟
الجواب: الحوائج التي ملكها ولم تقع طول السنة مورد متعته وجب إخراج خمسها.(4)
السؤال: في البيت يبنيه صاحبه ثم يسكنه قبل رأس السنة بيوم أو يومين أو ثلاثة أو أربعة هربا من الخمس، هل يجب عليه خمسه ؟.
__________
(1) - استفتاءات ، للسيستاني ، 612
(2) - استفتاءات ، للسيستاني ، 612
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/166
(4) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/166(1/255)
الجواب: الخوئي: لا يحسب بمثل ذلك مؤونة ويجب تخميسه بسعر اليوم. التبريزي: إن كان محتاجا إلى السكن في تلك الأيام في مسكن، فاختار المسكن المزبور واستمر في سكناه فالظاهر عدم وجوب الخمس عليه.(1)
السؤال: ما حكم الماء الموجود في خزان فوق سطح الدار لاستعماله للمنزل حسب العادة هل يجب فيه الخمس إذا جاء رأس السنة ؟
الجواب: لا يجب فيه الخمس، والله العالم.(2)
السؤال: ما حكم شراء وتربية طيور الزينة للمنزل، هل يجب الخمس بمجرد الشراء لأنها لا تعتبر من المؤونة ؟
الجواب: بعض الطيور الوارد فيه النص في استحباب الامساك بها في البيوت إذا كان بمقدار المتعارف لا خمس فيه، وفي غيره يجب التخميس.(3)
السؤال: هل يجب الخمس في الكتاب الذي لم يقرأ، مع أنه موضوع في المكتبة ومعرض للاستعمال، وإذا كان لا بد من قراءته وإلا لوجب الخمس فيه، فما هو المقدار من القراءة الذي يوجب صدق عنوان الاستعمال عليه ؟
الجواب: يدور السقوط مدار صدق المؤنة والاحتياج العادي، لا مدار الاستعمال فقط.(4)
السؤال: وإذا كان الكتاب فوق مستوى القارئ فهل يجب الخمس فيه حتى مع قراءته ؟
الجواب: الخوئي: مما ذكرنا أعلاه ( في جواب السؤال السابق ) يعلم أنه لا تجدي قراءة مثله في سقوط خمسه.
السؤال: إذا كانت حاجة المكلف في أربع غرف حال البناء، فبنى أكثر من حاجته حال البناء تحسبا لوقوع الحاجة فيما بعد، هل تحسب الزيادة من المؤونة أو تستثنى فيخمس الزائد ؟
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/185
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/498
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/500
(4) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/ 165(1/256)
الجواب: الخوئي: إذا كانت الزيادة زايدة على مقدار شؤونه وجب تخميسها. التبريزي: يضاف إلى الجواب: نعم إذا لم يمكن عادة بناء مقدار الحاجة إلا ببناء الأكثر فلا خمس فيه.(1)
السؤال: جرت العادة - في لبنان - إذا أراد أحد أن يشتري منزلا عليه أن يدفع دفعة أولى، والباقي من الثمن يدفعه على شكل أقساط، لمدة تفوق السنة، فهل يعد هذا المنزل من المؤونة فلا يجب فيه الخمس ؟
الجواب: إذا سكن فيه بعد الشراء لا خمس فيه، وأما إذا لم يسكنه فعليه تخميس الأقساط التي يدفعها ما لم يسكن فيه، والله العالم.(2)
السؤال: إذا صرفت بعض الأموال بواسطة البطاقة الإلكترونية التي تعطى لي بمجرد فتح حساب في البنك في أمور محرمة والعياذ بالله أو لا تتناسب وشأني، فهل يجب علي الخمس في قيمتها؟ مع العلم أني لم أستلم الأموال بيدي. وما الحكم في الأموال التي تصرف في الأمور المباحة؟
الجواب: يجب الخمس إذا صرفتها في الحرام أو فيما ليس من شأنك عرفا.(3)
السؤال: موعد خمسي هو بداية شهر جمادي الثانية من كل عام، في أحد الأعوام اشتريت حاجة في شهر جمادي الأولى من نفس العام ولم استخدمه ووصل ميعاد الخمس بعد شهر فهل يجب فيه الخمس أم أنتظر حتى يحول عليه الحول ؟
الجواب: يجب فيه الخمس.(4)
السؤال: إذا كان لدى المرأة حزام وأربعة أو أكثر من أطقم الذهب ولا تستخدمه دائما بل في الاحتفالات والمناسبات فهل يعد هذا من الزينة المعتادة ؟
الجواب: نعم إذا كان المقصود عدم دفع الخمس.(5)
السؤال: من اشترى كتابا فقهيا استدلاليا وهو ليس من أهل العلم، فلم يفهم ما فيه من أدلة الأحكام، ولكنه قرأ ما فيه من الأحكام وحال عليه الحول فهل يجب تخميسه ؟
__________
(1) - صراط النجا ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/174
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/349
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 73
(4) - استفتاءات ، للسيستاني ، 374
(5) - استفتاءات ، للسيستاني ، 563(1/257)
الجواب: في مثل ذلك يجب أداء خمسه.(1)
السؤال: قراءة الكتاب المفيد بقصد التهرب من الخمس، يسقط الخمس أم لا ؟
الجواب: في مفروض السؤال: لا يسقط الخمس.(2)
السؤال: شخص يملك ( ( مائة ألف ريال ) ) وضعها في تجارة، قبل أن يحول عليها الحول، وتأخر ظهور الربح حتى حال عليها الحول، لكن لو سحبها لتضرر ماليا، هل يجوز له أن ينتظر بيع هذه الصفقة التجارية ثم يخمس، ولا يوجد عنده مال آخر ليخرج الربع، أو يوجد ولكن في ذلك عسر عليه ؟
الجواب: يتعلق الخمس بالبضاعة المسماة عند حلول الحول على المبلغ.
التبريزي: في مفروض السؤال: ينقل الخمس إلى ذمته بالمداورة مع الحاكم الشرعي، أو وكيله، ثم يدفع الخمس تدريجا، وإذا دفعه من الربح اللاحق يعطي الربع.(3)
السؤال: يقول البعض بأنه يمكن أن يجعل لكل شهر سنة خمسية فلشهر رمضان سنة ولشوال سنة وهكذا فهل هذا صحيح ؟
الجواب: السنة الخمسية ليست بيد الإنسان كي يقررها متى شاء بل أنها تبدأ بيوم شروعه بالكسب أو العمل أو الوظيفة فكل ما يتبقى من أرباحه في السنة الثانية يجب فيه الخمس ولكن يمكنه أن يبدل السنة فيحسب ما عنده فعلا ويدفع خمسه ثم يكون أولى كسب له بعد ذلك هو رأس سنة فيمكنه تأخير الخمس إلى ذلك اليوم وبعده لا يجوز التأخير نعم من لا تكون له مهنة يتعاطاها في معاشه يمكنه أن يعتبر لكل ربح رأس سنة مستقلة.(4)
السؤال: أريد أن أبدل تغيير اليوم الذي أخرج فيه الخمس فماذا أفعل ؟
الجواب: خمس في يوم من الأيام كل ما لديك من أرباح السنة فيعتبر أول يوم بعده تعمل أو تكسب فائدة يوم خمسك.(5)
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 1/163
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/351
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/128
(4) - استفتاءات ، للسيستاني ، 98
(5) - استفتاءات ، للسيستاني ، 333(1/258)
السؤال: لو كان المكلف يدفع في بعض الأحيان أثناء السنة قسما من الخمس قبل مجئ رأس السنة، ولم يكن ينوي أن هذا دينا حتى يخرجه عند رأس السنة، بل ينوي أنه من الخمس مباشرة وعند رأس السنة يحسب ما دفعه خلال السنة ويدفع الباقي المتوجب ؟ فهل هذا العمل مجزئ للذمة ؟
الجواب: نعم مجز، ولا يجب إلا عند حلول السنة إن لم يؤد في الأثناء، و لكن مع الأداء كذلك لا يحذف عن جميع الربح عند حلول السنة، بل يجمعه مع بقية الربح ليعرف حال مقدار الفوائد، ويعرف ما يجب فيها من خمس الجميع، فإذا عرف مقدار الفرض جميعا يستثني ما وقع أداء في الأثناء، ويؤدي البقية، وذلك لأن ما يدفع بحساب الفريضة محضا ليس خالصا عن تعلق الخمس فيه أيضا، لأنه من نفس ربح السنة فليس معفوا عن اخراج خمسه بخصوصه كما أن بدل المأكول والملبوس معفو عن اخراج خمسه بخصوصه لأنهما من مؤونة السنة، وليس أداء خمس فوائد السنة من مؤنة السنة حتى تعفى من الخمس ؟
التبريزي: يضاف إلى جوابه ( قدس سره ) فيجب في آخر السنة خمس ما دفعه خمسا سابقا.(1)
السؤال: هل سهم السادة - كثرهم الله تعالى - وسهم الإمام عليه السلام يتعلقان بأرباح مكاسب الصغار ؟
الجواب: يجب عليهم على الأحوط بعد بلوغهم أداء خمس أرباح مكاسبهم التي حصلت لهم قبل البلوغ لو بقيت على ملكهم إلى بلوغهم.(2)
السؤال: بناء على اشتراط البلوغ في وجوب خمس الأرباح ، هل يجب على الصبي بعد بلوغه تخميس الأرباح الحاصلة قبل البلوغ ، فيخمسها بعد بلوغه إذا مرت السنة عليها ولو قبل البوغ أم ينتظر في وجوب التخميس زيادتها عن مؤنة السنة بعد البلوغ ، أم لا يجب على ما كسبه قبل البلوغ باعتبار أن الخمس واجب في ربح البالغ ؟
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/195
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/304(1/259)
الجواب: بسمه تعالى : لا يشترط البلوغ في وجوب الخمس فيجب على ولي الطفل أن يخمس أموال الطفل ولو لم يخمسها وجب على الطفل تخميسها بعد بلوغه ، والله العالم.(1)
السؤال: هل تجوز الصلاة والتصرف في مسجد أو مأتم يتناقل بعض الأشخاص بأن الشخص الذي قام ببنائهما لا يقوم بأداء فريضة الخمس، لأنه غير مقتنع بالطريقة التي يؤدي بها الحق، مع عدم العلم يقينا بتعلق الخمس في المبلغ الذي تم به البناء ؟
الجواب: بسمه تعالى: نعم تجوز الصلاة في هذه الأماكن إلا أن يحصل العلم اليقين بتعلق الخمس بعين المكان الذي يصلي فيه، والله العالم.(2)
السؤال: إذا كان المكلف لا يؤدي فريضة الخمس، ويملك منزلا متعلق به الخمس ولا ندري أن الخمس متعلق بالذمة أو العين، هل يجوز لنا أن نصلي في منزله ؟ ونتناول الطعام عنده، وإذا أهدانا ثوبا هل يجوز الصلاة فيه ؟
الجواب: بسمه تعالى: إذا لم تعلموا بتعلق الخمس بعين ما تتصرفون فيه فلا بأس لكم، والله العالم.(3)
السؤال: ما هو حكم المعاشرة مع أشخاص مسلمين إلا أنهم لا يلتزمون بالأمور الدينية، لا سيما بالصلاة والخمس ؟ وهل هناك إشكال في تناول الطعام في بيوتهم ؟ وإذا كان فيه إشكال فما هو حكم من فعل ذلك عدة مرات ؟
الجواب: المعاشرة معهم إذا لم تكن مستلزمة لتأييدهم في عدم إلتزامهم بالأمور الدينية فلا بأس بها، إلا أن يكون ترك المعاشرة مؤثرا في اهتمامهم بالأمور الدينية، ففي هذه الحالة يجب ترك المعاشرة مؤقتا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأما الاستفادة من أموالهم من الطعام وغيره فما لم يكن هناك يقين بتعلق الخمس بها لا مانع منها، وإلا فلا تجوز بلا إجازة من ولي أمر الخمس.(4)
__________
(1) - إرشاد السائل، للگلپايگاني، 68
(2) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 29
(3) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 61
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/290(1/260)
السؤال: تدعوني صديقتي لتناول الطعام كثيرا، ولكني عرفت مؤخرا أن زوجها لا يخمس، فهل يجوز لي الأكل عند من لا يدفع الخمس ؟
الجواب: لا مانع من الأكل عندهم ما لم يعلم بتعلق الخمس بالطعام الذي يقدمونه إليكم.(1)
السؤال: هل يجوز الأكل من عند من لا يخمس أمواله ؟
الجواب: نعم يجوز، والله العالم.(2)
السؤال: شخص عنده عدد رؤوس من الغنم يتعيش بحليبها وصوفها وبقية نتاجها وتكاثرها فهل عليه خمس؟
الجواب: يجب الخمس فيها إلا الشاة التي يتعيش بحليبها وما يخمسه منها لا يجب فيه الخمس ثانية وما يتولد منها أو يشتريه خلال السنة يجب فيه الخمس.(3)
السؤال: تعلق بذمتي مبلغ مئة ألف تومان من السهم المبارك للإمام عليه السلام ويجب أن أدفعه إلى سماحتكم، ومن جهة أخرى هناك مسجد بحاجة إلى المساعدة، فهل تجيزون تسليم المبلغ المذكور إلى إمام جماعة ذلك المسجد لصرفه في بناء وإكمال ذلك المسجد ؟
الجواب: في الوقت الحاضر أرى صرف السهمين المباركين في إدارة حوزات العلوم الدينية، وأما إكمال بناء المسجد فيمكن الاستفادة فيه من تبرعات المؤمنين.(4)
السؤال: شخص توفي وترك أموالا منقولة وغيرها وترك ولدين قاصرين وزوجة ووالدة، فهل يجوز لنا اخراج خمس ماله وإعطاءه إلى مستحقيه ؟ .
الجواب: إذا كان ممن لا يخمس فيجب اخراج المقدار المعلوم اشتغال ذمته به من تركته قبل التقسيم كسائر الديون التي بذمته ، وإن كان الخمس متعلقا بنفس التركة والمال فيجب على الكبار من الورثة على الأحوط اخراج خمس حصته.(5)
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/290
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/186
(3) - استفتاءات ، للسيستاني ، 386
(4) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/321
(5) - منية السائل، للخوئي، 64(1/261)
ويتعذر حصر كل هذه التساؤلات. ومما يدل على أن الأمر كله تجارة في الدين تطبيق قوانين وعادات البيع والشراء في الخمس، كالمساومة وعدم إرجاع البضائع المباعة وغيرها.
ففي باب أن البضائع المباعة لا ترد ولا تستبدل، نذكر قولهم: إذا أدى الخمس إلى الحاكم أو وكيله جاز استرجاعه في سهم السادة، وأما إذا أدى إلى مستحقه لم يجز استرجاعه منه.(1)
السؤال: إذا صرف شخص من الحقوق الشرعية وسهم الإمام والتي عين مصرفها بإذن من أحد المراجع، بأن قام ببناء مدرسة دينية أو حسينية مثلا، فهل يحق له شرعا أن يقوم باسترجاع ما صرفه من ماله بعنوان أداء ما كان عليه من الحقوق الشرعية أو يسترجع أرضه، أو أن يقوم ببيع مبنى تلك المؤسسة أم لا ؟
الجواب: إذا كان قد صرف أمواله طبقا للإجازة التي أخذها ممن كان يجب عليه دفع الحقوق إليه في تأسيس مدرسة، وما شابه ذلك، بنية أداء ما عليه من الحقوق الشرعية فليس له بعد ذلك حق الاسترجاع، ولا أن يتصرف فيها تصرف المالك لها.(2)
بينما لم يجوزا العكس.
السؤال: إذا أدى الخمس إلى من يعتقد استحقاقه ثم انكشف خلافه يجب عليه إخراجه ثانياً.(3)
و في باب المساومة مثلاً ويسمونه المصالحة، نذكر لك منه البعض:
السؤال: لو صالح وكيل الفقيه القائل بوجوب الخمس مطلقا مع أن بعض ما حصل عليه المصالحة لا يتعلق به الخمس في رأيكم، فكيف يكون الصلح جار أو لا بد من استئنافه؟
الجواب: بسمه تعالى: مورد الصلح في باب الوجوه الشرعية هو المشكوك، وأما المعلوم وجودا أو عدما فلا مورد للصلح فيه، والله العالم.(4)
__________
(1) - المسائل المنتخبة ، لمحمد الروحاني ، 235 ، المسائل المنتخبة ، للسيستاني ، 250
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/326
(3) - المسائل المنتخبة ، لمحمد الروحاني ، 236
(4) - إرشاد السائل ، للگلپايگاني ، 62(1/262)
السؤال: شخص كان يجب عليه أداء خمس أرباحه عدة سنوات، ولكنه إلى الآن لم يدفع شيئا بعنوان الخمس، ولا يتذكر مقدار ما وجب عليه دفعه من الخمس، والآن كيف يمكنه أن يبرئ ذمته من الخمس ؟
الجواب: يجب عليه حساب جميع الأموال التي تعلق بها الخمس وأداء خمسها، وفي الموارد المشكوكة يجزيه المصالحة مع ولي الخمس، أو مع وكيله.(1)
السؤال: شخص يريد أن يحسب أمواله لأول مرة من أجل أداء خمسها، فما هو حكم الدار السكنية التي إشتراها، ولكنه لا يعلم بأي مال كان قد إشتراها ؟ وإذا علم بأنه إشتراها بأموال كانت مدخرة لعدة سنوات فما هو حكمه ؟
الجواب: إذا لم يعلم بكيفية الشراء يجب عليه على الأحوط المصالحة عن خمسها بشئ مع ولي أمر الخمس، ولو إشتراها بمال تعلق به الخمس وجب عليه دفع خمسها بالقيمة الفعلية، إلا أن يكون قد إشتراها دينا في الذمة وبعد ذلك سدد دينه من مال غير مخمس ففي هذه الصورة يجب عليه دفع خمس ما سدد به دينه.(2)
السؤال: ما حكم من يريد أن يجعل لنفسه رأس سنة ليخمس أمواله، ولكنه لا يستطيع تذكر أرباح السنوات السابقة، وخاصة أنه كان يعتمد على والديه وربحه قليلا ؟
الجواب: يرجع إلى المصالحة مع الحاكم الشرعي.(3)
السؤال: هل يجوز لشخص غير موكل من المرجع أن يستلم الخمس الشرعي باسم ذلك المرجع، بحجة أنه يستلمه ويوصله للوكيل حتى ولو لم يكن مفوضا من أحد الوكلاء بذلك، وإذا كان مفوضا من أحد وكلا ذلك المرجع بالاستلام فقط، فهل يحق له أن يصالح مقلدي ذلك المرجع ؟ وما حكم من يفعل ذلك ؟
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/288
(2) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/290
(3) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/191(1/263)
الجواب: مجرد الاستلام من غير المأذون فيه مع الاطمئنان بإيصاله إلى المأذون أو مرجعه فلا بأس به، لكن عمل المصالحة ونحوها مما هو شأن المأذون فلا يصح منه ما لم يكن مأذونا.(1)
السؤال: هل يجوز لطالب العلم أن يصالح المؤمنين في مسألة الخمس والزكاة، بدون أخذ وكالة من المرجع ؟
الجواب: لا يجوز المصالحة في الخمس، إلا بإذن الحاكم الشرعي، وأما في الزكاة فيجوز المصالحة فيها مع الفقير، ما لم تكن المصالحة موجبة لتفويت حق الفقير.(2)
ومن السؤال الأخير يتضح أمر آخر وهو التساهل في مسألة الزكاة، وتقديم الخمس عليه، ولهم في الباب إجابات صريحة في ذلك، منها هذه الأسئلة وإجاباتها:
السؤال: هل يجب الخمس والزكاة على الأولاد الذين لم يبلغوا سن التكليف أم لا ؟
الجواب: زكاة المال لا تجب على الشخص غير البالغ، ولكن لو تعلق الخمس بماله وجب على وليه الشرعي أداء ذلك الخمس، إلا خمس أرباح أمواله فإنه لا يجب على الولي أداؤه، بل يجب على الأحوط على الطفل بعد بلوغه سن تكليف.(3)
السؤال: ما هو وزن الذهب المطلوب الذي يجب فيه الزكاة وأن كان من الحلي الذي تلبسه المرأة بعد مرور سنة كاملة مع إنني أعلم أن الذهب الملبوس لا يخرج منه زكاة ولكن إذا زاد عن المقدار المناسب فسوف يعتبر اكتناز وهذا حرام بحيث إن الذهب يلعب دوره في الاقتصاد ؟
الجواب: لا تجب الزكاة في الذهب غير المسكوك بسكة المعاملة مهما كان ولا يوجد الآن ذهب بسكة المعاملة، نعم يجب الخمس في ما لا يستعمله في مؤونة السنة منه كما لو اشترت المرأة حليا ولم تلبسها أو كانت زائدة على ما يليق بشأنها.(4)
__________
(1) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 2/194
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/ 352
(3) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/326
(4) - استفتاءات ، للسيستاني ، 113(1/264)
السؤال: هل تعتبر الحقوق الشرعية ( الخمس، المظالم، الزكاة ) من شؤون الحكومة أم لا؟ وهل يستطيع من وجب عليه الخمس أن يعطي بنفسه سهم السادة والمظالم والزكاة إلى المستحقين ؟
الجواب: أما الزكاة والمظالم فيجوز له تسليمهما إلى الفقراء المتدينين المتعففين، وأما الخمس فيجب عليه أن يدفعه إلى مكتبنا، أو إلى أحد وكلائنا المجازين ليصرف في الموارد الشرعية المقررة له.(1)
بل قالوها صراحةً، أن الخُمُس مقدم على الزكاة.
السؤال: الأموال التي تتعلق بها الزكاة ( الغلات والنعم والنقدين ) إذا حال عليها الحول، هل تخمس أيضاً، وعلى فرض التخميس أيهما يقدم أو لا ؟
الجواب: نعم، إذا كانت بشرائط كل واحد منهما، والخمس منهما مقدم.(2)
ولا شك أنك لن تجد أحد من طلاب الدنيا وحطامها يقدم 5و2 % على 20%، هذا رغم أن فريضة الزكاة قد وردت في القرآن حوالي ثلاثين مرة، ذكرت في سبع وعشرين منها مقترنة بالصلاة في آية واحدة، وكفّر الشارع منكرها. رغم هذا تشدد الشارع في جواز إخراجها وجعل لها شروط عدة يجب أن تتوافر حتى يستحل إخراجها، كالملك التام، والنماء، وبلوغ النصاب، والفضل عن الحوائج الأصلية، والسلامة من الدين، وحولان الحول إلى آخر هذه التفاصيل.
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/320
(2) - صراط النجاة ، للميرزا جواد التبريزي ، 3/ 119(1/265)
بينما لا نجد هذا كله عند القوم في الخمس الذي لم يرد فيه سوى آية واحده وهي في مغانم الحروب كما عرفت، وفي الركاز، وهذين الموردين – الغنيمة والركاز – ليس لهما وجود فِعلي في زماننا هذا فضلا عن الأزمنة الغابرة غير القريبة يوم أن إنتفت أسباب وجودهما. رغم هذا لم يسلم من وجوب الخمس شيء حتى الكتب والعطورات وأكفان الموتى، حتى بلغ الخوف بالأتباع السؤال عن حكم الخمس في خزانات المياه الموجودة على أسطح المنازل كما مر بك. هذا فضلاً عن عدم إستثاء الفقير المعدم منه كما مر، بل وتجب في ذمته، فقد سأل أحدهم: قبل حوالي 7 سنوات تعلق بذمتي مبلغ من الخمس، وقد داورته مع المجتهد وسددت جزءاً منه، وبقي الجزء الآخر بذمتي ومنذ ذلك التاريخ وإلى الآن لم أستطع تسديد الباقي، فما هو تكليفي ؟
فجاء الجواب: مجرد العجز فعلاً عن الأداء لا يوجب فراغ الذمة، بل يجب عليك تسديد ذلك الدين ولو بالتدريج متى استطعت لذلك.(1)
__________
(1) - أجوبة الاستفتاءات ، للخامنئي ، 1/325(1/266)
وهكذا. فلا مراعاة لفقر أو عوز ولا ضوابط شرعية ولا تقوى أو خوف من الله. المهم هو سرقة أموال الناس بالباطل وبإسم الدين من المغفلين الذين سلموا أموالهم وأعراضهم وقبلها عقولهم إلى سادتهم حتى أضحوا عبيداً لهم وقد ولدوا أحرارا. فصدق فيهم قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا.(1)نعم فقد صار هؤلاء عبيداً لعبّاد المال الذي ذمه الله عزوجل في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المنافقون: 9]. وقال: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ..[التغابن: 15]. وقال: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً [الكهف: 46].
وقد ذكر القوم من طرقهم الكثير من الروايات في الباب، منها ما عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم.(2)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: حب المال والشرف ينبتان النفاق، كما ينبت الماء البقل.(3)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ما ذئبان ضاريان أرسلا في زريبة غنم بأكثر فسادا من حب المال والجاه في دين الرجل المسلم.(4)
__________
(1) - نهج البلاغة ، 3/ 51
(2) - الكافي ، للكليني ، 2/316 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11/319 ، مشكاة الأنوار ، للطبرسي ، 227 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 70/23 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 10/113
(3) - منية المريد ، للشهيد الثاني ، 156 ، جامع السعادات ، لمحمد مهدي النراقي ، 2/36 ، مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ، 14/218
(4) - جامع السعادات ، لمحمد مهدي النراقي ، 2/36(1/267)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: شر أمتي الأغنياء.(1)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله - تعالى -: يا ابن آدم ! مالي. مالي ! وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت، أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت ؟ !(2)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أخلاء ابن آدم ثلاثة: واحد يتبعه إلى قبض روحه وهو ماله، وواحد يتبعه إلى قبره وهو أهله، وواحد يتبعه إلى محشره وهو عمله.(3)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها وماله بين يديه، كلما يكفأ به الصراط قال له ماله: إمض وقد أديت حق الله في. ثم يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيها وماله بين كفيه، كلما يكفأ به الصراط قال ماله: ويلك ؟ ألا أديت حق الله في ؟... فما يزال كذلك حتى يدعو بالثبور والويل.(4)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لكل أمة " عجل، وعجل هذه الأمة الدينار والدرهم.(5)
__________
(1) - المصدر السابق.
(2) - المصدر السابق.
(3) - المصدر السابق.
(4) - المصدر السابق.
(5) - المصدر السابق ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 4/2983(1/268)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يؤتى برجل يوم القيامة، وقد جمع مالا من حرام وأنفقه في حرام. فيقال: إذهبوا به إلى النار. ويؤتى برجل قد جمع مالا من حلال وأنفقه في حرام، فيقال: إذهبوا به إلى النار. ويؤتى برجل قد جمع مالا من حرام وأنفقه في حلال، فيقال اذهبوا به إلى النار. ويؤتى برجل قد جمع مالا من حلال وأنفقه في حلال، فيقال له: قف لعلك قصرت في طلب هذا بشئ مما فرضت عليك من صلاة لم تصلها لوقتها، وفرطت في شئ من ركوعها وسجودها ووضوئها فيقول: لا يا رب ! كسبت من حلال وأنفقت في حلال، ولم أضيع شيئا مما فرضت، فيقال: لعلك إختلت في هذا المال في شئ من مركب أو ثوب باهيت به، لا يا رب ! لم أختل ولم أباه في شئ، فيقال: لعلك منعت حق أحد أمرتك أن تعطيه من ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، فيقول: لا يا رب ! لم أضيع حق أحد أمرتني أن أعطيه. فيجئ أولئك فيخاصمونه، فيقولون: يا رب. أعطيته وأغنيته وجعلته بين أظهرنا وأمرته أن يعطينا، فإن كان قد أعطاهم وما ضيع مع ذلك شيئا من الفرائض ولم يختل في شئ، فيقال: قف الآن هات شكر نعمة أنعمتها عليك من أكلة أو شربة أو لقمة أو لذة... فلا يزال يسأل.(1)
ووضع أمير المؤمنين ( ع ) درهما على كفه، ثم قال: أما إنك ما لم تخرج عني لا تنفعني.(2)
وروي: إن أول ما ضرب الدينار والدرهم رفعهما إبليس، ثم وضعهما على جبهته، ثم قبلهما وقال: من أحبكما فهو عبدي حقا.(3)
وقال عيسى عليه السلام: لا تنظروا إلى أموال أهل الدنيا، فإن بريق أموالهم يذهب بنور إيمانكم.(4)
__________
(1) - المصدر السابق.
(2) - جامع السعادات ، للنراقي ، 2/38 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 8 /574(ه(
(3) - المصدر السابق.
(4) - المصدر السابق ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 4/2983(1/269)
وقال بعض الأكابر: مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما للعبد في ماله عند موته، قيل: وما هما ؟ قال: يؤخذ منه كله، ويسأل عنه كل.(1)
والكلام في الباب يطول.
خلاصة الكتاب.
وبعد،
وبهذا نكون قد وقفنا على حقيقة مسألة الخمس عند الشيعة، ونستطيع أن نلخص البحث في التالي.
- لم يرد في الخمس سوى آية واحدة، وحديث واحد. والآية تحدثت عن الخمس في غنائم الحرب لا سائر المكاسب. والقرآن الكريم فرّق بين الغنائم والمكاسب، وإعتراف الشيعة بذلك، ومحاولتهم تعميم الغنمية على مطلق المكاسب من خلال الروايات، والتي لم يصح منها شيء عند التحقيق كما مر بك. وإضطرابهم في تأويل رواية من طرق الأئمة في حصر الخمس في غنائم الحروب.
- لا يوجد في كتب أهل السنة أبواب مستقلة للخمس وإنما تجد ذكره عند بيان أحكام الغنائم في إحدى تفريعات أبواب الجهاد أو فيما يتعلق بإحد موارد الزكاة عند الكلام عن أحكام الركاز والمعادن، لأن الموردين المذكورين فيهما (الغنيمة والركاز) ليس لهما وجود فِعلي في زماننا هذا فضلا عن الأزمنة الغابرة. وكذلك كتب المتقدمين من الشيعة كالكافي وغيره، بينما تجد عند الشيعة فيما بعد، أبواب خاصة بالخمس في مصنفاتهم تبلغ مئات الصفحات، إلى أن إنتهى بهم الأمر إلى وضع مصنفات ورسائل مستقله في الخمس.
- إختلف الشيعة في مستحق الخمس، بين كونهم جميع فقراء المسلمين، أو إقتصاره على فقراء بني هاشم، وكذلك إختلفوا في إستحقاق من انتسب إلى بني المطلب، أو إلى هاشم بالأمومة.
- إختلف الشيعة في حكم الخمس في غيبة الإمام المهدي إلى عشرات الأقوال، رغم ورود عدة روايات من طرق الأئمة رحمهم الله في تحليل وأباحة الخمس لشيعتهم، إلا أن علماء الشيعة قد غيّبوا هذه الروايات عن الأتباع.
__________
(1) - المصدر السابق.(1/270)
- ليس في آية الخمس أو حديثه، بل ولا في روايات الخمس المنسوبة إلى الأئمة أن من مستحقي الخُمُس الفقية أو المجتهد أو المقلَد كما هو الحال الآن.
- إعتراف الشيعة بأن التاريخ لم يذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو علي أو الحسن أو الحسين رضي الله عنهم قد أخذوا شيئاً من الخمس، ولا أن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قد ذكر شيء من ذلك في كتبه للولاة، وإضطراب الشيعة في رد هذه الحقائق.
- كتب الشيعة تبين بوضوح أن نظرية الخمس مرت بمراحل كثيرة عبر التاريخ، بدءاً بالإباحة المطلقة، وإنتهاءً بالوجوب، ثم بحصر الوجوب في الفقيه، ثم المقلَد، ثم قول البعض بوجوب حصره في الولي الفقيه دون غيره. وإن هذا الحصر الأخير كان من أعظم أسباب الخلاف بين أنصار ولاية الفقيه، وشورى الفقهاء.
- إعتراف الشيعة أن أموال الخمس ضخمة جداً، وأن جزءاً واحداً من آلاف الأجزاء من هذه المالية الضخمة يكفي أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، فماذا يفعل بالأجزاء الكثيرة المتبقية؟
- إعتراف الشيعة أن مصطلح تقليد ومصطلح مرجعية ومرجع أعلى.. ألخ، أخترعه المتأخرون. وكذلك مسألة لزوم تقليد الأعلم. وإختلافهم في تحديد الأعلم وكذلك إختلفوا في حصرة في السادة دون غيرهم.
- إن الخمس من أعظم أسباب الصراع بين المراجع عند الشيعة، بل والصراع بين حوزة قم والنجف، وتاريخ الحوزات مليئ بالفضائح بسبب الخمس، وشكوى الكثير من الإصلاحيين عند الشيعة من إستغلال الخمس بإسم الدين.
- من مساوئ الخمس سيطرة أصحاب رؤوس الأموال والعوام على المراجع من باب الخمس، وتأثيرهم على إستنباطهم للأحكام، مما يهدد رسالة الافتاء ومهمتها. وكذلك إستغلال المستعمر له.(1/271)
- تشدّد المراجع في وجوب إخراج أتباعهم للخمس، وفي كل شيء، كالدهن، والأرز، والطحين، والسكر، والملح، والحبوب، والدقيق، والشاي، والنفط، والغاز، والكبريت، والكحل والزئبق، وأثاث البيت، والكتب غير المقروءة، والكفن، وأشجار الزينة، وعيدية الأطفال، والساعة، والقلم، وسائر الهدايا والهبات، وأطقم الأواني المنزلية، وطيور الزينة، والأموال المحرمة والمسروقة، حتى لو غاص في أعماق البحار ووجد شيء سوف يجد من ينتظره على الشاطئ ليأخذ خمسه، ولو اشترى دابة ووجد في جوفها شيئا له قيمة . ولو ابتاع سمكة فوجد في جوفها شيئا أخرج خمسه، وكذلك مايتركونه بعد مماتهم من ميراث..ألخ، وتشددهم في ذلك حتى على الأطفال والفقراء والمرضى الذين يجمعون الأموال من أجل العلاج. رغم ان الكثير منها لا يصدق عليه إسم الكسب أو الفائدة لأنهم قالوا كما عرفت: أن الغنيمة هي الفائدة المكتسبة. وإن قالوا أن المراد بالغنيمة هو الفائدة المكتسبة المحصلة بكسب ، فحينئذ يخرج من الخمس الميراث، وكذلك الهبة والصدقة ; لبعد إطلاق الكسب على مثل قبول الهبة والصدقة.
- وقالوا في باب ذكر الوقت الذي يجب إخراج الخمس فيه: يجب إخراج الخمس حين حصول المال من غير مراعاة لحلول الحول عليه ، ولا غير ذلك . ولا يعتبر الحول في شئ من الخمس ، ولكن يؤخر ما يجب في أرباح التجارات احتياطاً للمكتسب.
- تساهل المراجع في الزكاة والحج وغيرهما، بل وقدموا الخمس على الزكاة والحج إذا تعارضا. وكذلك قالوا بعدم وجوب الخمس أو الزكاة في الخمس.
- تطبيق مبدأ المساومة والمحسوبيات في الخمس.
وختاماً، هذا ما يسّر الله جمعه في عجالة لا تخلوا من هفوات، عزائنا فيها ضيق الأوقات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وسبحانك اللهم وبحمدك، واشهد أن لا إله إلا الله أستغفرك وأتوب إليك، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أهم مصادر الكتاب:(1/272)
القرآن الكريم.
الحدائق الناضرة: يوسف البحراني - دار الأضواء - بيروت.
الإختصاص: محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الخصال: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الإرشاد: محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الإستبصار: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الأضواء - بيروت.
المقنعة: محمد بن محمد بن التعمان، المفيد – مؤسسة النشر الإسلامي – إيران.
إختيار معرفة الرجال: الطوسي - بعثت – قم.استفتاءات: آية الله علي السيستاني.
المسائل المنتخبة: آية الله علي السيستاني.
أجوبة الاستفتاءات: آيه الله علي الخامنئي.
أمالي الصدوق: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
أمالي الطوسي: محمد بن الحسن الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة العرفان - الكويت.
أمالي المفيد: محمد بن محمد بن النعمان، المفيد - دار التيار الجديد ودار المرتضي.
الأنوار النعمانية: نعمة الله الجزائري - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
بحار الأنوار: محمد باقر المجلسي - مؤسسة الوفاء - بيروت.
البرهان في تفسير القرآن، هاشم البحراني - مؤسسة الوفاء - بيروت.
البيان في تفسير القرآن: أبو القاسم الخوئي - دار الزهراء - بيروت.
تأويل الآيات الظاهرة: شرف الدين الحسيني الإسترابادي النجفي - مدرسة المهدي - قم.
تذكرة الفقهاء: الحسن بن يوسف الحلي – مؤسسة آل البيت – بيروت.
تفسير الأمثل: ناصر مكارم الشيرازي - مؤسسة البعثة - بيروت.
تفسير العسكري: المنسوب للإمام العسكري - مدرسة الإمام المهدي - قم.
تفسير الصافي: الفيض الكاشاني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير العياشي: محمد بن مسعود إبن عياش السمرقندي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير فرات: فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي - مؤسسة النعمان - بيروت.
تفسير القمي: علي بن إبراهيم القمي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.(1/273)
تفسير الكاشف: محمد جواد مغنية – دار العلم للملايين – بيروت.
تفسير الميزان: محمد حسين الطباطبائي - مؤسسة اسماعيليان - قم.
تفسير نور الثقلين: عبد علي بن جمعة العرسي الحويزي - مؤسسة اسماعيليان - قم.
تهذيب الأحكام: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الأضواء - بيروت.
جامع أحاديث الشيعة: حسين البروجردي - المطبعة العلمية - إيران.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام: محمد حسن النجفي – دار الكتب الإسلامية - إيران
دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية: آية الله المنتظري - المركز العالمي للدراسات الإسلامية - إيران
رجال النجاشي: احمد بن علي النجاشي - دار الأضواء - بيروت.
رجال إبن داود: تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي - منشورات الرضي - قم.
رجال الحلي: الحسن بن يوسف المطهر الحلي - دار الذخائر للمطبوعات - قم.
رجال الطوسي: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الذخائر للمطبوعات - قم.
رجال الكشي: محمد بن عمر الكشي.
علل الشرايع: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - المكتبة الحيدرية - النجف.
عيون أخبار الرضا: محمد بن علي بن بابويه القمي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام: الميرزا أبو القاسم القمي - الإعلام الإسلامي - إيران.
غيبة النعماني: محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
غيبة الطوسي: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة الالفين - الكويت.
فقه الصادق: محمد صادق الروحاني - مؤسسة دار الكتاب – قم.الكافي: محمد بن يعقوب الكليني - دار الأضواء - بيروت.
كليات في علم الرجال: جعفر السبحاني - منشورات الحوزة العلمية - قم.
كشف الغمة: علي بن عيسى الإربلي - دار الأضواء - بيروت.
كل الحلول عند آل الرسول: محمد التيجاني السماوي - دار المجتبى - بيروت.
كمال الدين: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.(1/274)
مجمع البيان: الفضل بن الحسن الطبرسي - انتشارات ناصر خسرو - طهران.
مجمع الرجال: عناية الله علي القهبائي - مؤسسة اسماعليان - قم.
مستدرك الوسائل: النوري الطبرسي - بيروت.
مستدرك سفينة البحار: علي النمازي الشاهرودي - مؤسسة النشر الإسلامي- قم.
مستدركات علم رجال الحديث: علي النمازي الشاهرودي- شفق – طهران.معاني الأخبار: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مكتبة الصدوق - طهران.
معجم رجال الخوئي: أبو القاسم الخوئي - منشورات مدينة العلم - قم.
الموضوعات في الآثار والأخبار: هاشم معروف - دار الكتاب اللبناني – بيروت.
موسوعة أحاديث أهل البيت (ع): هادي النجفي - دار إحياء التراث العربي – بيروت.
موسوعة المصطفى والعترة (ع): الحاج حسين الشاكري - نشر الهادي – قم.
مستند الشيعة في أحكام الشريعة: أحمد بن محمد مهدي النراقي – آل البيت – إيران.
منهاج الصالحين: آيه الله علي السيستاني.
منتهى المطلب: الحسن بن يوسف الحلي – مجمع البحوث الإسلامية – إيران.
ميزان الحكمة: محمد الري شهري – دار الحديث – قم.
نهج البلاغة: المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه- دار الأندلس - بيروت.
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة: الحر العاملي - بيروت.
وغيرها من عشرات المصادر المذكورة في الحواشي.(1/275)