الخِصَال المُكَفِّرَة للذُنُوب
المتقدِّمة والمتأخِّرَة
تصنيف
شهاب الدين أحمد بن حجر
العسقلاني
تحقيق
الدكتور جميل عبد الله عويضة
1430هـ / 2009م
ابن حجر العسقلاني (1)
اسمه ولقبه وكنيته ونسبته :
أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن حَجَر بن أحمد الكناني ، العسقلاني الأصل ، ثم المصري المولد والنشأة والدار والوفاة ، الشافعي المذهب ، قاضي القضاة شيخ الإسلام ، شهاب الدين ، أبو الفضل بن نور الدين بن قطب الدين بن ناصر الدين بن جلال الدين . فهو من عائلة فلسطينية الأصل ، سكنت مدينة عسقلان ، وهاجرت إلى مصر قبل أن يولد هناك .
وأمَّا ابن حَجَر فهو لقب جرى عليه من بعض أجداده ، وقال ابن العماد : نسبة إلى آل حَجَر ، وأرضهم قابس .
مولده زمانا ومكانا ونشأته :
ولد المحدث الجليل بمصر العتيقة (الفسطاط) في 12 شعبان سنة 773هـ ، ونشأ يتيمًا، فما كاد يتم الرضاعة حتى فقد أمه، وكان والده عالما أديبا ثريا ، أراد لابنه أن ينشأ نشأة علمية أدبية غير أنه ما إن بلغ الرابعة من عمره حتى توفي أبوه في رجب 777هـ ، تاركًا له مبلغًا من المال ، أعانه على تحمل أعباء الحياة، ومواصلة طلب العلم . وبعد موت أبيه، كفله زكي الدين الخروبي كبير تجار مصر، الذي قام بتربيته والعناية به، فأدخله الكُتاَّب ، فظهرَ نبوغُه المبكر ، حيث حفِظ القرآن الكريم، وجوَّده وعمره لم يبلغ التاسعة ، وَوُصِف بأنه كان لا يقرأ شيئا إلاّ انطبع في ذهنه .
رحلاته في طلب العلم :
__________
(1) انظر ترجمته في نظم العقيان في أعيان الأعيان ، ص 45 ـ 53 . النجوم الزاهرة 15/532 ، الدليل الشافي على المنهل الصافي 1/64 ، الضوء اللامع 2/36 ، التبر المسبوك ، ص 230 ، شذرات الذهب 7/270 ـ 273 .(1/1)
لمَّا رحل الخروبي إلى الحج سنة 784هـ رافقه ابن حجر ، وهو في نحو الثانية عشرة من عمره ، ليدرس في مكة الحديث النبوي الشريف على يد الشيخ عبد الله بن سليمان النشاوري ، وقد قرأ عليه صحيح البخاري ، وسمع في مكة من الشيخ جمال الدين بن ظهيرة ، وأقام بها سنة .
ثم عاد إلى القاهرة ، ودرس على عدد كبير من علماء عصره أمثال : الحافظ عبد الرحيم العراقي ، فدرس على يديه الحديث ، ودرس الفقه على سراج الدين بن الملقن ، والبلقيني ، والعز بن جماعة، والشهاب البوصيري .
... ثم رحل إلى الشام والحجاز واليمن ، واتصل بمجد الدين الفيروزابادي صاحب القاموس .
وأقام في فلسطين ، وتنقل في مدنها ، يسمع من علمائها ، ويتعلم منهم ، ففي غزة سمع من أحمد بن محمد الخليلي ، وفي بيت المقدس سمع من شمس الدين القلقشندي ، وفي الرملة سمع من أحمد بن محمد الأيكي ، وفي الخليل سمع من صالح بن خليل بن سالم .
وبالجملة فقد تلقى ابن حجر مختلف العلوم عن جماعة من العلماء ، كلّ واحد كان رأسا في فنِّه ، كالقراءات ، والحديث ، واللغة ، والفقه ، والأصول ، غير أنه وجد في نفسه ميلا وحبًّا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ويُذكر عن شيخه العز بن جماعة أنه قال : أقرأ في خمسة عشر علما ، لا يعرفُ علماء عصره أسماءها .
مكانته بين أهل عصره :
تفرد ابن حجر من بين أهل عصره بعلم الحديث ، مطالعة وقراءة وتصنيفا وإفتاء ، وطبقت شهرته الآفاق في علم الحديث ، فصار المعوَّل عليه في هذا الشأن ، وأصبح حافظ الإسلام ، وشهد له بالحفظ والإتقان القاصي والداني ، والعدو والصديق ، حتى أصبح لفظ الحافظ كأنه وقف عليه فلا يطلق إلاّ عليه ، ولا ينصرف إلاّ إليه ، وقد رحل إليه الطلبة من معظم الأقطار ، ونظرة في قائمة مصنفاته تريك علو همته ، وجلال قدره ، وسَعة إلمامه ، وقد انتشرت مؤلفاته في الأقطار انتشارا منقطع النظير ، وتكاتب الملوك من قطر إلى قطر في شأنها .(1/2)
يقول ابن تغري بردي : وكان رحمه الله تعالى إماماً عالماً حافظاً شاعراً أديباً مصنفاً مليح الشكل منور الشيبة، حلو المحاضرة إلى الغاية والنهاية، عذب المذاكرة مع وقار وأبهة وعقل وسكون وحلم وسياسة ودربة بالأحكام، ومداراة الناس. قلَّ أن كان يخاطب الرجل بما يكره، بل كان يحسن إلى من يسيء إليه، ويتجاوز عمن قدر عليه، هذا مع كثرة الصوم ولزوم العبادة والبر والصدقات؛ وبالجملة فإنه أحد من أدركنا من الأفراد.
ولم يكن فيه ما يعاب، إلا تقريبه لولده لجهل كان في ولده وسوء سيرته؛ وما عساه كان يفعل معه، وهو ولده لصلبه، ولم يكن له غيره؟.
وقال السيوطي : قد انتهت اليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها .
أما عن قيمته بالنسبة لتاريخ مصر الإسلامية فله تراث تاريخي قيم.
وقد اشتق صفته كمؤرخ ثبت من براعته كمحدث.
الوظائف التي شغلها :
... شغل ابن حجر الكثير من الوظائف المهمة في الإدارة المملوكية المصرية ، مما هيأ له الوقوف على مُجريات السياسة المصرية ودخائلها آنذاك ، ومكنه من الاتّصال المباشر بالمصادر الأساسية لأحداث عصره .
تولى ابن حجر منصب القضاء مرات عديدة ، وكان قاضي قضاة الشافعية ، واستمر في منصبه نحو عشرين سنة ، شهد له فيها الناس بالعدل والإنصاف ، وولي الإفتاء بدار العدل ، وإلى جانب ذلك تولى الخطابة في الجامع الأزهر ، ثم جامع عمرو بن العاص .
وقد أَهَّلَه علمه الغزير في الحديث والتفسير وغيرهما أن يتولى مهمة التدريس في أشهر المدارس في العالم الإسلامي في عهده ، فقد درَّس الحديث بالشيخونية، وبجامع القلعة، وبالجمالية، وبالبيبرسية ودرَّس الفقه بالمؤيدية وبالشيخونية وولي مشيخة الشيوخ بالبيبرسية ، ومشيخة الصلاحية ، هذا فضلا عن المدرسة الحسنية ، والمنصورية، والفخرية ، والمحمودية ، ومدرسة جمال الدين الآستادار في القاهرة ، وغيرها من المدارس الشهيرة بمصر.
مؤلفاته :(1/3)
له مؤلفات وتصانيف تربو على مائة وخمسين مصنفا في مجموعة من العلوم المهمة ، وقد أحصينا منها :
ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري (1) .
ـ هدى الساري (2) ، وشرح آخر أكبر منه ، وآخر ملخص (3) منه لم يتما.
ـ تغليق التعليق (4) ، ومختصره يسمى التشويق ، ومختصر ثالث يسمى التوفيق .
ـ تقريب الغريب في غريب صحيح البخاري.
ـ الاحتفال في بيان أحوال الرجال (5) .
ـ شرح الترمذي . لم يتم،
ـ اللباب في شرح قول الترمذي وفي الباب .
ـ إتحاف المهرة بأطراف العشرة (6) .
ـ أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي .
ـ بيان أحوال الرجال الرواة (7) .
ـ تهذيب التهذيب
ـ تقريب التهذيب (8) .
ـ طبقات الحفاظ .
ـ أثبات الرجال مما ليس في تهذيب الكمال.
__________
(1) استغرق تأليفه ربع قرن من الزمان!! حيث بدأ التأليف فيه في أوائل سنة 817هـ وانتهى منه في غرة رجب سنة 842هـ ، ولما أتمّ تأليفه عمل مأدبة ودعا إليها أهل قلعة دمشق ، وكان يوما عظيما . وهذا الكتاب يصفه تلميذه (السخاوي) بأنه لم يكن له نظير، حتى انتشر في الآفاق ، وتسابق إلى طلبه سائر ملوك الأطراف ، وقد بيع هذا الكتاب آنذاك بثلاثمائة دينار ، وهذا الكتاب يعتبر بحق ديوان السنة النبوية ، فهو شرح لأَصحِّ ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد تضمن الفقه والأصول واللغة ، ومناقشة المذاهب والآراء في شتى المعارف الإسلامية .
(2) وهو شرح مقدمة فتح الباري .
(3) قال السيوطي : وقد رأيت من هذا الملخص ثلاث مجلدات من أوله.
(4) وهو في وصل معلقات البخاري
(5) في أحوال الرجال المذكورين في صحيح البخاري زيادة على ما في تهذيب الكمال .
(6) . وهي الموطأ، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، وجامع الدارمي، وصحيح بن خزيمة، ومنتقى ابن الجارود، وصحيح بن حيان، ومستخرج أبي عوانة، ومستدرك الحاكم، وشرع معاني الآثار للطحاوي، وسنن الدارقطيني .
(7) في هذا الكتاب مما ليس في تهذيب الكمال، لم يتم.
(8) وهو مختصر تهذيب التهذيب .(1/4)
ـ الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف.
ـ الإستدراك على الكاف . لم يتم.
ـ الواف بآثار الكشاف .
ـ نصب الراية إلى تخريج أحاديث الهداية (1) .
ـ هداية الرواة إلى تخريج المصابيح والمشكاة.
ـ الإعجاب ببيان الأنساب.
ـ التمييز في تخريج أحاديث شرح الوجيز.
ـ الإصابة في تمييز الصحابة (2) .
ـ تشديد القوس في أطراف مسند الفردوس .
ـ زهر الفردوس.
ـ الأحكام لما في القرآن من الإبهام.
ـ نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (3) . وشرحها.
ـ الإيضاح بنكت ابن الصلاح . لم يتم،
ـ الإستدراك على نكت ابن الصلاح لشيخه .لم يتم
ـ لسان الميزان.
ـ تحرير الميزان.
ـ تبصير المنتبه بتحرير المشتبه.
ـ الإيناس بمناقب العباس.
ـ تقريب المنهج بترتيب المدرج.
ـ الإفنان في رواية الأقران .
ـ المقترب في بيان المضطرب.
ـ شفاء الغلل في بيان العلل.
ـ الزهر المطلول في الخبر المعلول.
ـ التعريج على التدبيج .
ـ نزهة الالباب في الألقاب.
ـ نزهة السامعين في رواية الصحابة عن التابعين.
ـ المجموع العام في آداب الشراب والطعام ودخول الحمام .
ـ خبر الثبت في صيام السبت.
ـ تبيين العجب فيما ورد في صوم رجب.
ـ زوائد الأدب المفرد للبخاري على الستة.
ـ زوائد مسند الحارث على الستة ومسند أحمد.
ـ البسط المثبوت في خبر البرغوث .
ـ كشف الستر بركعتي الوتر.
ـ ردع المجرم في الذب عن عرض المسلم.
ـ أطراف الأحاديث المختارة للضياء .
ـ تعريف الفئة بمن عاش من هذه الأمة مائة.
ـ إقامة الدلائل على معرفة الأوائل.
ـ ترتيب المبهمات على الأبواب.
ـ أطراف الصحيحين . على الأبواب مع المسانيد.
ـ المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس.
ـ التذكرة الحديثية. عشرة أجزاء،
__________
(1) وهذا الكتاب من كتب التخريج البديعة ، فقد خرّج فيه ابن حجر الأحاديث الواردة في كتاب الهداية ، وهو مرجع فقهي .
(2) وهو كتاب تراجم ، ترجم فيه ابن حجر للصحابة الكرام ، فكان من أهم المصادر في معرفة الصحابة .
(3) وهو في مصطلح الحديث .(1/5)
ـ التذكرة الأدبية في أربعين لطاف.
ـ الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة (1) .
ـ تخريج الاحاديث المقطعة في السيرة الهشامية .
ـ الشمس المنيرة في تعريف الكبيرة.
ـ المنحة فيما علق الشافعي القول به على الصحة .
ـ توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس.
ـ تحفة المستريض المتمحض .
ـ فهرست المرويات .
ـ علم الوشي وبنده فيمن روى عن أبيه عن جده .
ـ الأنوار بخصائص المختار .
ـ الآيات النيرات بخوارق المعجزات .
ـ القول المسدد في الذب عن مسند أحمد .
ـ تعريف أولي التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس .
ـ المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية (2) .
ـ أنباء الغمر بابناء العمر (3) .
ـ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (4) .
ـ نزهة القلوب في معرفة المبدل والمقلوب .
ـ مزيد النفع بمعرفة ما رجح فيه الوقف على الرفع .
ـ بيان الفصل لما رجح فيه الإرسال على الوصل .
ـ تقويم السناد بمدرج الإسناد.
ـ تعجيل المنفعة برجال الأربعة .
ـ المرحمة الغيثية بالترجمة الليثية .
ـ الأعلام بمن ولي مصر في الإسلام .
ـ رفع الأصر عن قضاة مصر (5) .
__________
(1) وهو الكتاب الذي نحن بصدد تحقيقه .
(2) ذكر فيه أحاديث لم يخرجها أصحاب المسانيد الثمانية .
(3) وهو مؤلف ضخم ، اتّبع فيه ابن حجر نظام الحوليات والشهور والأيام في تدوين الحوادث ، ثم يتبع حوادث كل سنة بأعيان الوفيات ، وقد أفاض فيه بما يتعلق بمصر من هذه الحوادث ، وهو يتناول الأحداث الواقعة بين سنة 773 ـ 850هـ .
(4) وهو معجم ضمنه تراجم أعيان القرن الثامن الهجري ، من علماء وملوك ، وسلاطين ، وشعراء وغيرهم من مصر ، ومختلف بلاد الإسلام ، وهذا الكتاب من أهم مصادر تاريخ مصر الإسلامية في المدة التي يتناولها ، وتبدو نزعة ابن حجر المحدث في ذكر مصادره التي اعتمد عليها في تأليفه .
(5) وهو معجم قضاة مصر منذ الفتح الإسلامي حتى أواخر القرن الثامن الهجري .(1/6)
ـ أنتقاض الأعتراض (1) .
ـ بلوغ المرام من أحاديث الأحكام .
ـ وقرة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج .
ـ الخصال الموصلة إلى الظلال .
ـ الأعلام بمن سمي محمد قبل الإسلام .
ـ قوة الحيل في الكلام على الخيل .
ـ الأثار برجال الأثار (2) .
ـ بذل الماعون في أخبار الطاعون .
ـ المنتخب في زوائد البزار على الكتب الستة ومسند أحمد .
ـ أسباب النزول .
ـ النبأ الأنبه في بناء الكعبة .
ـ نزهة النواظر المجموعة في النوادر المسموعة .
ـ صرف العين عن قذى العين .
ـ أفراد مسلم عن البخاري .
ـ زيادات بعض الموطآت على بعض .
ـ طرق حديث صلاة التسبيح .
ـ طرق حديث لو أن نهراً بباب أحدكم .
ـ طرق حديث من صلى على الجنازة فله قيراط .
ـ طرق حديث جابر في البعير .
ـ طرق حديث نضرالله امرأً .
ـ الإنارة بطرق حديث غب الزيارة .
ـ طرق حديث الغسل يوم الجمعة ، من رواية نافع عن ابن عمر خاصة .
ـ طرق حديث تعلموا الفرائض .
ـ طرق حديث الجامع في رمضان .
ـ طرق حديث القضاة ثلاثة .
ـ طرق حديث من بني مسجدا .
ـ طرق حديث المغفر .
ـ طرق حديث الأئمة من قريش . يسمى لذة العيش .
ـ طرق حديث من كذب عليَّ .
ـ طرق حديث يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة .
ـ طرق حديث الصادق المصدوق.
ـ طرق حديث قبض العلم.
ـ طرق حديث المسح على الخفين .
ـ طرق حديث ماء زمزم لما شرب له .
ـ طرق حديث حجَّ أدمُ موسى .
ـ طرق حديث أولى الناس بي .
ـ طرق حديث مثل أمتي كالمطر .
ـ النكت على نكت العمدة للزركشي .
ـ الكلام على حديث: إن امرأتي لا ترُد يدَ لا مس .
ـ المهمل من شيوخ البخاري .
ـ الأصلح في إمامة غير الأفصح .
ـ البحث عن أحوال البعث .
ـ تلخيص التصحيف للدار قطني .
ـ ترتيب العلل على الأنواع .
ـ مختصر تلبيس أبليس .
ـ الجواب الجليل الوقعة فيما يرد على الحسيني وأبي زرعة .
ـ النكت الظراف على الأطراف .
__________
(1) أجاب به عن أعتراضات العيني عليه في شرح البخاري
(2) رجال الاثار لمحمد بن الحسن.(1/7)
ـ الإعتراف بأوهام الأطراف .
ـ الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع .
ـ الأربعون المهذبة بالأحاديث الملقبة .
ـ بيان ما أخرجه البخاري عالياً عن شيخ اخرج ذلك الحديث أحد الأئمة عن واحد عنه .
ـ مناسك الحج .
ـ شرح مناسك المنهاج النووي .
ـ عشاريات الصحابة.
ـ القصد الأحمد في من كنيته أبو الفضل وأسمه أحمد .
ـ الأجزاء بأطراف الأجزاء . على المسانيد .
ـ الفوائد المجموعة بأطراف الأجزاء المسموعة.على الأبواب مع المسانيد.
ـ تلخيص مغازي الواقدي .
ـ تلخيص البداية والنهاية لابن كثير.
ـ تلخيص الجمع بين الصحيحين .
ـ تلخيص ترغيب المنذري .
ـ تجريد الوافي للصفدي .
ـ الأجوبة المشرقة عن المسائل المفرقة .
ـ عجب الدهر في فتاوي شهر .
ـ ديوان شعر .
ـ مختصر يسمى " ضوء الشهاب .
ـ مختصر منه يسمى " السبعة السيارة .
ـ ديوان الخطب الأزهرية .
ـ ديوان الخطب القلعية .
ـ مختصر العروض .
ـ الأمالي الحديثيه . وعدتها أكثر من ألف مجلس.
ومما شرع فيه وكتب منه اليسير :
ـ حواشي الروضة .
ـ المقرر في شرح المحرر .
ـ النكت على شرح ألفية العراقي .
ـ النكت على شرح مسلم للنووي.
ـ النكت على شرح المهذب.
ـ النكت على تنقيح الزركشي .
ـ النكت على شرح العمدة لابن الملقن .
ـ النكت على جمع الجوامع لأبن السبكي .
ـ تخريج أحاديث شرح التنبيه للزنكلوني .
ـ التعليق على مستدرك الحاكم .
ـ التعليق على موضوعات ابن الجوزي .
ـ نظم وفيات المحدثين .
ـ الجامع الكبير من سنن البشير النذير .
ـ شرح نظم السيرة للعراقي .
ـ مسئلة السريجية .
ـ المؤتمن في جمع السنن .
ـ زوائد الكتب الأربعة مما هو صحيح .
ـ تخريج أحاديث مختصر الكفاية .
ـ الإستدراك على تخريج أحاديث الأحياء للعراقي.
ومما رتبه :
ـ ترتيب المتفق للخطيب .
ـ ترتيب مسند الطيالسي .
ـ ترتيب غرائب شعبة لأبن مندة .
ـ ترتيب مسند عبد بن حميد .
ـ ترتيب فوائد سموية .
ـ ترتيب فوائد تمام .
ومما خرجه :(1/8)
ـ المائة العشارية من حديث البرهان الشامي .
ـ الأربعون التالية لها .
ـ كتاب العشارية السنن من حديث العراقي .
ـ المعجم الكبير للشامي .
ـ مشيخة ابن أبي المجد . الذين تفرد بهم .
ـ مشيخة ابن الكويك . الذين أجازوا له .
ـ الأربعون العالية لمسلم على البخاري.
ـ ضياء الأنام بعوالي شيخ الإسلام ، البلقيني.
ـ الأربعون المجتازة عن شيوخ الإجازة ، للمراغي .
ـ المعجم للحرة مريم .
ـ مشيخة القباقبي لفاطمة .
ـ بغية الراوي بابدال البخاري .
ـ الإبدال العوالي .
ـ الإفراد الحسان من مسند الدارمي عبد الله بن عبد الرحمن .
ـ ثنائيات الموطأ .
ـ خماسيات الدارقطني.
ـ الإبدال الصفيات من الثقفيات.
ـ الإبدال العليات من الخلعيات.
شعره :
كان ابن حجر شاعرا مطبوعا فقد عني بالأدب والشعر حتى برع فيهما ونظم الكثير فأجاد، وهو ثاني السبعة الشهب من الشعراء (1) .
وقد كان شعره في غاية الحسن . ومنه قوله ( من الطويل )
خليلي ولى العمر منا ولم نتب وننوي فعال الصالحات ولكنا
فحتى متى نبني بيوتاً مشيدة وأعمارنا منا تهد وما تبنى
وله : ( من المنسرح )
سألت من لحظه وحاجبه كالقوس والسهم موعداً حسناً
ففوق السهم من لواحظه وانقوس الحاجبان واقترنا
وله: ( من الطويل )
أتى من أحبائي رسول فقال لي: ترفق وهن واخضع تفز برضانا
فكم عاشق قاسى الهوان بحبنا فصار عزيزاً حين ذاق هوانا
وفاته :
__________
(1) كان بالقاهرة سبعة من الشعراء ، اجتمعوا في عصر واحد ، وكل واحد منهم كان يُدعى شهاب الدين ، وهم : ابن حجر ، وابن الشاب التائب ، وابن أبي السعود ، وابن مبارك شاه ، وابن صالح ، والحجازي ، والمنصوري انظر ابن إياس 2/126(1/9)
كان يوم وفاته يومًا مشهودًا، اجتمع في تشييع جنازته من الناس ما لا يحصيهم إلا الله، حتى قال بعض الأذكياء إنه حزر من مشى في جنازته نحو الخمسين ألف إنسان. وحتى كادت تتوقف حركة الحياة بمصر، يتقدمهم سلطان مصر والخليفة العباسي والوزراء والأمراء والقضاة والعلماء، من داره بالقاهرة من باب القنطرة إلى الرملة؛ وصلَّت عليه البلاد الإسلامية صلاة الغائب، في مكة وبيت المقدس، والخليل.. وغيرها، ورثاه الشعراء بقصائدهم، والكتاب برسائلهم.
وكانت وفاته في ليلة السبت ثامن عشرين ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ؛ وصلي عليه بمصلاة المؤمني وحضر السلطان الصلاة عليه، ودفن بالقرافة. وكان لموته يوم عظيم على المسلمين، ومات ولم يخلف بعد مثله شرقاً ولا غرباً في علم الحديث.
بسم الله الرحمن الرحيم(1/10)
... قال الشيخ محمد بن أبي بكر الديري الناصري القادري (1) ، عفا الله عنه ، في رحلته إلى القاهرة المحروسة : قرأت على حافظ العصر ، إمام المحدثين ، شهاب الدين أحمد بن حَجَر ، رحمه الله تعالى من مصنفاته المختصرة ، ومعانيه المبتكرة ، المقدمة المسماة بالخِصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة ، فوجدتها درّة يتيمة في نفسها ، لا يعرف قيمتها إلاّ أبناء جنسها ، فسألني بعض طالبيها أنْ أُلخِّص (2) لهم معانيها من غير إخلال بالمقصود، فاستخرت الله تعالى ، وبذلت في ذلك المجهود ، وحذفت الأسانيد ، واقتصرت على الروايات والطرق على الأوضح ، والله تعالى المسئول ، أنْ يبلغني وإياهم المأمول ، فأقول من خطبة الشيخ ، رحمه الله تعالى :
__________
(1) محمد الديري : ابن أحمد بن شهاب الدين الشافعي الديري نزيل دمشق ، الشيخ العالم الفاضل المفيد الصالح الناسك الكامل ، قرأ وأخذ عن علماء مصر كالشيخ عبد الرؤف البشبيشي ، والسيد علي الضرير وغيرهما وقدم دمشق ، واستوطنها في المدرسة الناصرية الجوانية ، وتزوج بها، وأقرأ بالجامع الأموي ولزمه الطلبة وكان حاد المزاج ، وحصل له في آخر عمره داء في رجليه أعجزه عن المشي ، وكانت وفاته في سنة ثلاث وستين ومائة وألف ، ودفن بمرج الدحداح بالقرب من مرقد الشيخ أبي شامة ، رحمه الله تعالى . سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 2/80 / المكتبة الشاملة .
(2) يُفهم من هذه المقدمة أنّ هذا الكتاب هو تلخيص لكتاب ابن حجر: الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة ، ولكن عنوان المخطوط على الورقة الأولى : هذا كتاب الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة ، تصنيف الشيخ الإمام العالم حافظ العصر ، إمام المحدثين ، شهاب الدنيا والدين أحمد بن حجر رحمه الله تعالى . فآثرنا أن نبقي على العنوان كما هو في الأصل المخطوط .(1/11)
... الحمد لله غافر الذنوب وإنْ عَظُمتْ ، كاشف الكروب وإنْ استحكمتْ ، أحمده ، والحمد له من أوثق عُرى الإيمان ، وأشكره، والشكر له مزيد الامتنان ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، المَلِك الدَّيان ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، أرسله إلى كافة الإنس والجان ، ورحمة كاملة لأهل الإيمان ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هاجروا معه ، وتركوا / الأوطان ، 2 وآوه ، ونصروه ، ووقَّروه ، وعلى مَن تبعهم بإحسان ، [ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ] (1) صلاة دائمة ما ائتلف الفرقدان ، واختلف الجديدان .
أما بعد ...
... فهذه أحاديث نبوية ، تتبعتها من كتب كثيرة ، غريبة ومشهورة ، وكلها داخلة تحت معنى واحد رائق ، وهو العمل بما ورد الوعد فيه بغفران ما تقدّم من الذنوب وتأخّر ، على لسان الصادق ، وقد رتبتها على أبواب ؛ ليسهل كشفها على الطلاب ، وسميتها بالخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة ، وقد أردت قبل الشروع في إيراد الحديث أنْ أذكر شيئا من كلام الأئمة هنالك ، في جواز ذلك ، فمن ذلك أنّ الأئمة رضي الله عنهم تكلموا على قوله صلى الله عليه وسلم في أهل بدر ، فقال : إنَّ الله اطّلع عليهم ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، بالجزم ، والرواية الأخرى: لعل ، وقوله : اعملوا ما شئتم للتكريم ، والمراد أنَّ كل عمل عمله البدري لا يُؤاخَذ به ، وقيل : إنَّ أعمالهم السيِّئة تقع مغفورة ؛ كأنها لم تقع ، وقيل : إنهم حفظوا ، فلا تقع منهم سيئة .
ومما يدخل في هذا المعنى ما ورد في صوم يوم عرفة، وأنّه يُكفِّر سنتين : الماضية والآتيه، فهو دال على وجود التكغير قبل وقوع الذنب .
__________
(1) الحشر 10(1/12)
/ ومن ذلك ما خرّجه ابن حبان في صحيحه ، عن عائشة رضي الله عنها3 قالت : رأيتُ من النبيِّ طيب نفس ، فقلت : يا رسول الله ادعُ لي ، فقال : اللهم اغفر لعائشة ما تقدّم من ذنبها وما تأخّر ، وما أسرَّت وما أعلنت .
وقال لعثمان: غفر الله لك ما قدّمتَ وما أخّرتَ ، وما أسررتَ وما أعلنتَ ، وما هو كائن إلى يوم القيامة .
فدُعاء المعصوم بذلك لبعض أمَّته دلل على جواز وقوع ذلك ، وإذا عُلِم أنّ الله مالِك كلِّ شيء ، له مافي السموات وما في الأرض وما بينهما ، وما تحت الثرى ، لم يمتنع أنْ يُعطي مَن شاء ما شاء ، [ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ] (1) ، فالنشرع في ايراد ما وُعِدَ به .
والله أسأل أنْ ينفع به ، إنه قريب مجيب ، لا إله إلاّ هو ، عليه توكّلتُ وإليه أُنيب .
من كتاب الطهارة :
قال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه ، وفي مسنده معا ، مِن رواية حمران مولى عثمان ، رضي الله عنهما ، قال : دعا عثمان بوضوء في ليلة باردة ، وهو يريد الخروج إلى الصلاة ؛ فجئته بالماء ، فأكثر من ترداد الماء على وجهه ويديه ، فقلت : حسبك ، فقد أسبغتَ الوضوء ، والليلة شديدة البرد ، فقال : صُبَّ ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يُسبغ عبد / الوضوء ألاّ غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.
وأخرجه أيضا أبو بكر بن أحمد بن علي المروزي ، شيخ النسائي4 والبزار في مسنده ، وأصل الحديث في الصحيحين ، لكنْ ليس فيهما ما تأخَّر .
كتاب الصلاة : في القول عند سماع المؤذن :
__________
(1) الجمعة 4(1/13)
قال أبو عوانة الإسفرايني في مستخرجه الصحيح على مسلم ، من رواية لسعد ابن أبي وقاص ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ سمع المؤذن فقال ، وفي رواية محمد بن عامر : مَنْ قال حين يسمع يقول : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله ، فقال : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وفي رواية محمد بن عامر : رسولا ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، فقال له رجل : يا سعد ابن أبي وقاص ، ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ! ، فقال : هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الحديث أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وليس عندهم : ما تأخّر .
حديث صلاة التسابيح :
قال أبو داود من رواية ابن عباس رضي الله عنهما ، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب : يا عماه ، ألا أُعطيك ، ألا أَمنحك ، ألا أَحبوك ، ألا أفعل بك عشر خصال ، إذا أنت فعلت ذلك ، غُفِر لك / ذنبك ، 5 أوله وآخره ، قديمه وحديثه، وخطؤه وعمده ، صغيره وكبيره ، سره وعلانيته ، عشر خصال : أنْ تُصلي أربع ركعات ، تقرأ في كل ركعة ، وأنت قائم ، سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، خمس عشرة مرة ، ثم تركع ؛ فتقولها ، وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك ؛ فتقولها عشرا ، ثم تهوي ساجدا ؛ فتقولها وأنت ساجد عشرا ، ثم ترفع رأسك من السجود ؛ فتقولها عشرا ، ثم تسجد ؛ فتقولها عشرا ، ثم ترفع رأسك ؛ فتقولها عشرا، فذلك خمس وسبعون ، في كل ركعة تفعل ذلك ، أربع ركعات ، إنْ استطعت أنْ تُصليها في كل يوم مرة فافعل ، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة ، فإنْ لم تفعل ففي كلِّ شهر مرة ، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة .
... هكذا أورده أبو داود ، وأشار إليه الترمذي ، وأورده ابن خزيمة ، وله شواهد أُخَر .
حديث آخر في فضل التأمين في الصلاة :(1/14)
قال ابن وهب في مصنفه : إنّ أبا هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ، فإنّ الملائكة تؤمِّن، فمَن وافق تأمينه( تأمين ) (1) الملائكة غُفِر له من ذنبه ما تقدّم وما تأخّر .
... هكذا رويناه في المجلس الثاني من أمالي أبي عبد الله الجرجاني ، وقد 6 أخرجه مسلم ، وابن ماجة ، وليس فيه : وما تأخّر .
حديث في صلاة الضحى :
قال آدم ابن أبي إياس في كتاب الثواب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ صلّى سُبْحة الضحى إيمانا واحتسابا ، كَتب الله له بها مائتي حسنة ، ومحا عنه مائتي سيئة ، ورفع له مائتي درجة ، وغفر له ذنوبه كلها ، ما تقدّم منها وما تأخَّر ، إلاّ القصاص .
لكنَّ إسناده ضعيف .
حديث في القراءة بعد صلاة الجمعة :
قال أبو عبد الرحمن السلمي ، عن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ قرأ إذا سلَّم الإمام يوم الجمعة ، قبل أنْ يَثني رجليه فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس سبعا سبعا ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأُعطيَ مِن الأجر بعدد مَنْ آمن بالله واليوم الآخر .
وهكذا رواه أبو سعد القشيري ، وفيه ضعف .
... وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : مَنْ قرأ يوم الجمعة فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، حُفظ ما بينه وبين الجمعة الأخرى .
وذكر أبو عبيدة مثله من غير ذكر الفاتحة ، وقال : حُفِظ وكُفِيَ من مجلسه / ذلك إلى مثله . 7
حديث في فضل الصيام والقيام :
__________
(1) تأمين ليست في الأصل المخطوط . وما أثبتناه من صحيح مسلم .(1/15)
قال الإمام أحمد في مسنده ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم بقيام رمضان من غير أنْ يأمرنا فيه بعزيمة ، ويقول : مَنْ قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه ، وما تأخّر .
رواه الإمام مسلم مِن طرق كثيرة ، من غير وما تأخّر .
قال النسائي في السنن الكبرى له ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه.
وفي رواية قتيبة : وما تأخّر . ومَن قام ليلة القدر غُفِر له ما تقدم من ذنبه ، وفي حديث قتيبة وما تأخّر.
هكذا رواه النسائي عن قتيبة ، وتابعه حامد بن يحيى .
حديث آخر في قيام ليلة القدر :
قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليلة القدر في العشر البواقي مَنْ قامهن ابتغاء حِسْبَتِهِنَّ ، فإنّ الله تبارك وتعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخّر ، وهي ليلة وِتر ، تسع ، أو سبع ، أو خامسة ، أو ثالثة ، أو آخر ليلة .
هذا حديث رجاله ثقات ، ومن طريق أخرى ، عن عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه أنه سأل رسول الله / صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر ، 8 فقال صلى الله عليه وسلم : في رمضان ، فالتمسوها في العشر الأواخر ، فإنها في وِتْر إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، أو سبع وعشرين ، أو تسع وعشرين ، أو في آخر ليلة ، فمَن قامها ابتغاءها إيمانا واحتسابا ، ثم وفقت له ، غفر الله له من ذنبه ما تقدم ، وما تأخر .
وذكر الطبراني في المعجم نحوه .
حديث في صيام يوم عرفة :
قال أبو سعيد النقاش الحافظ في أماليه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ صام يوم عرفة ، غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر .(1/16)
... وقد ثبت في صحيح مسلم أنه يكفِّر السنة الماضية ، والمستقبلة ، فلعل ذلك المراد من قوله : ما تقدّم من ذنبه ، وما تأخّر .
حديث في فضل الإهلال من الأقصى :
قال أبو داود في كتاب السنن له ، عن أمِّ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَنْ أهلّ بحجة ، أو عُمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ، غفر الله من ذنبه ما تقدّم وما تأخّر ، ووجبت له الجنة (1) .
__________
(1) حَدِيثُ : { مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ } ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، مِنْ حَدِيثِ { أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ } . لَفْظُ أَبِي دَاوُد ، وَرِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ بِلَفْظِ : { وَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ } .
وَلَفْظُ أَحْمَدَ ، وَابْنِ حِبَّانَ : { مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } ، فَقَطْ ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ : { كَانَ كَفَّارَةً لَمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ } .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ : لَا يَثْبُتُ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُحَنَّسَ ، وَقَالَ : حَدِيثُهُ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يَثْبُتُ ، وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، لَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَكَانَ الَّذِي فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَصَحَّ . التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الراغعي الكبير 3/140 / المكتبة الشاملة .(1/17)
شكّ عبد الله (1) ، هكذا نسخته بواو ، وليس قبلها ألف ، رواه / البخاري في9 تاريخه الكبير ، فلم يذكر فيه وما تأخّر .
في فضل الحجّ الخالص :
قال أبو نعيم في الحلية ، من رواية عبد الله ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : مَن جاء حاجّاً ، يريد وجه الله ، فقد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، وشفع فيمن دعا له .
آخر في ذلك :
قال أبو عبد الله بن منده في أماليه ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خرج الحاج من بيته ، كان في حرز الله ، فإن مات قبل أن يقضي نسكه ، وقع أجره على الله ، وإنْ بقي حتى يقضي نسكه غَفر الله له ما تقدّم من ذنبه ، وما تأخّر ، وإنفاق الدرهم في ذلك يعدل أربعين ألف ألف فيما سواه في سبيل الله .
ورويناه في الجزء السابع من كتاب الترغيب لأبي حفص بن شاهين .
حديث آخر في ذلك :
قال أحمد بن منيع في مسنده ، عن جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : مَنْ قضى نسكه ، وسَلِم المسلمون من يده ولسانه ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخّر .
أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير .
حديث آخر :
ذكره القاضي عياض في الشفاء أنّ مَنْ صلى ركعتين خلف المقام غُفِر له / 10 ما تقدّم من ذنبه ، وما تأخّر ، وحُشِر يوم القيامة من الآمنين .
في كتاب الأذكار :
والقراءة ، تقدّم حديث القراءة بعد الجمعة .
حديث في قراءة سورة الحشر :
قال أبو إسحاق الثعلبيُّ في تفسيره : مَن قرأ آخر سورة الحشر ، غُفر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر .
__________
(1) شك عبد الله بن عبد الرحمن أيتهما : غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، أو وجبت له الجنة(1/18)
وقال أبو بكر بن لال في كتابه مكارم الأخلاق ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ علّم ابنه القرآن نظراً غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، ومَنْ علّمه إياه ظاهرا فكلما قرأ آية رفع الله بها للأب درجة حتى ينتهي لى آخر ما معه من القرآن .
حديث في فضل التسبيح والتهليل والتكبير :
قال أبو عبدالله بن حبان في فوائد الأصبهانيين ، عن أمِّ هانئ رضي الله عنها ، وكانت تُكثر الصيام والصلاة والصدقة ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشكت إليه ضعفها ، فقال : سأخرك بما هو عِوَضٌ عن ذلك ، تُسبحين الله مائة مرة، فتلك مائة رقبة تُعتقينها مُتقبَّلَة، وتحمدين الله مائة مرة ، فذلك مائة بدنة مُجللة تُهدينها مُتقبّلة ، وتُكبرين الله مائة مرة ، وهناك يُغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر .
قال : روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم / أنه قال : مَنْ عدّ11 البحر أربعين موجة ، وهو يُكبّر ، غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر ، وإنّ الأمواج لتَحثُ الذنوب حثاً .
حديث ذكره أبو الحسن الربعي في فضائل الشام من كتاب الجهاد :
حديث في فضائل الرباط بعكا :
قال أبوالحسن في كتاب فضائل الشام، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مدينة الجبلين على البحر ، يُقال لها عكا ، مَنْ دخلها رغبة فيها غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر، ومن خرج منها رغبة عنها ، لم يُبارَك له في خروجه ، وبها عين تُسمى عين البقر مَن شرب منها ملأ الله قلبه نورا ، ومَنْ أفاض عليه منها كان طاهرا إلى يوم القيامة .
إسناده مجهول .
وفي كتاب الأدب :
حديث مَنْ سلم المسلمون من لسانه ويده ، تقدّم في الحج .
في فضل قود الأعمى :(1/19)
قال أبو عبد الله بن منده في أماليه ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن قاد مكفوفا أربعين خطوة غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر .
قال أبو عبد الله : وهو غريب ، وقد وثّقه أحمد ، وابن معين ، وأبو داود .
حديث في فضل السعي في حاجة المسلم :
قال أبوأحمد عبد الله بن محمد بن المفسر الناصح ، عن ابن عباس / 12 رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ سعى لأخيه المسلم في حاجة قُضيتْ له أو لم تُقضَ غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر ، وكتب له براءة من النار ، وبراءة من النفاق .
حديث في فضل المصافحة :
قال الحسن بن سفيان ، وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما جميعا ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ما مِن عبدين مُتحابين في الله ، وفي رواية ما من مسلمين يلتقيان ؛ فيتصافحان ، ويُصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ، ما تقدّم منها ، وما تأخّر .
أخرجه ابن حبَّان .
حديث في فضل حمد الله تعالى عقب الأكل :
قال أبو داود في السنن ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، رضي الله عنهما ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مَنْ أكل طعاما ، ثم قال : الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ، ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر .
هذا إسناده حسن، وسهل بن معاذ بن أنس الجهني المصري تابعي مشهور/13 بالصدق والفضل .
فضل التَّعمير في الإسلام :
وقع لنا من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه (1) ، ومن حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومن حديث شداد بن أوس ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين .
__________
(1) كتب : عنهما .(1/20)
... أمَّا حديث عبد الله ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، فقال أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة ، عن عبد الله ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا بلغ المرء المسلم أربعين سنة ، صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء : الجنون ، والجذام ، والبرص ، فإذا بلغ خمسين سنة خفف الله عنه ذنوبه ، فإذا بلغ ستين رزقه الله تعالى الإنابة إليه ، فإذا بلغ سبعين أحبه ملائكة السماء ، وفي رواية البغوي : أحبه أهل السماء ، فإذا بلغ ثمانين سنة أُثبتت حسناته / ومُحيَت سيئاته ، فإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر ، وسُمِّيَ أسير الله في الأرض ، ويشفع لأهله .
... وأمَّا حديث شداد بن أوس ، فقد أخرج ابن حبان له من طريق / 14 زيد بن الحباب ، فذكر نحو ما تقدم .
... وأمَّا حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فقال الترمذي في نوادر الأصول: إنّ العبد إذا بلغ أربعين سنة ، وهو العُمر ، أمَّنه الله تعالى من الخصال الثلاث : من الجنون ، والجذام ، والبرص ، فإذا بلغ الخمسين ، وهو الدَّهر ، خفف الله عنه الحساب ، فإذا بلغ ستين سنة ، فهو في إدبار من قوَّته ، ورزقه الله الإنابة إليه فيما يُحبُّه ، فإذا بلغ سبعين سنة ، وهو الحُقْب ، أحبَّّه أهل السماء ، فإذا بلغ ثمانين سنة ، وهو الخَرَق أُثْبِتَت حسناته ، ومُحيَت سيئاته ، فإذا بلغ تسعين سنة ، وهو الفَنَد ، وقد ذهب العقل ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، وشفع في أهل بيته ، وسمَّاه أهل السماء أسير الله ، وإذا بلغ مائة سنة سُمِّي حبيب الله في الأرض ، وحقاً على الله أن لا يُعذب حبيبه .(1/21)
... وأمَّا حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، قال الحاكم في تاريخ نيسابور عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يثغر الغلام لسبع سنين ، ويحتلم لأربع عشرة ، ويتم طوله لإحدى وعشرين ، ويجتمع عقله لثمان وعشرين ، ثم لا يزداد بعد ذلك عقلا إلاّ بالتجارب ، فإذا بلغ أربعين سنة عافاه الله من أنواع البلاء ، من / الجنون والجذام والبرص ، 15 فإذا بلغ خمسين سنة رزقه الله الإنابة إليه ، فإذا بلغ الستين حببه الله إلى أهل سمائه ، وأهل أرضه ، فإذا بلغ السبعين أُثبتت حسناته ، ومُحيت سيئاته ، فإذا بلغ الثمانين استحيى الله تبارك وتعالى منه أنْ يُعذبه ، فإذا بلغ تسعين سنة كان أسير الله في أرضه ، ولم يَخُطّ عليه القلم بحرف .
... وأمَّا حديث أنس فله طرق كثيرة ، فمِن أصحِّها ما ذكره البيهقي في كتاب الزهد ، عن أنس رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من معمر يُعمّر في الإسلام أربعين سنة إلاّ صرف الله عنه الجنون والجذام والبرص ، فإذا بلغ الخمسين ليَّن الله حسابه ، فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة ، فإذا بلغ السبعين أحبه الله ، وأحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين قَبِل الله حسناته ، وتجاوز عن سيئاته ، فإذا بلغ التسعين غفر الله ما تقدّم من ذنبه ، وما تأخّر ، وسُمي أسير الله في أرضه ، وشفع في أهل بيته .
وقال أبو يعلى الموصلي في مُسنده ، يرفع الحديث ، قال : المولود حتى يبلغ الحنث ، ما عمل من حسنة كتبت لوالده، أو لوالديه ، وما عمل من سيئة ، لم تُكتب عليه ، ولا على والديه ، فإذا بلغ الحنث / جرى عليه القلم ، أمر 16 الملكان اللذان معه أن يحفظا ، وأن يشددا ، فإذا بلغ أربعين سنة ، كما تقدم .
ومن شواهد هذا ما أخرجه ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : من بلغ الثمانين من هذه الأمة لم يُعرض ، ولم يُحاسب ، وقيل له ادخل الجنة .(1/22)
ومن شوهده أيضا ما أخرجه ابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى [ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ] (1) في أعدل خلق [ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ] (2) يعني إلى أرذل العمر [إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ] (3) غير منقوص ، يقول : إذا بلغ المؤمن أرذل العمر ، وكان يعمل في شبابه عملا صالحا ، كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحّته وشبابه ، ولم يضره ما عمل في كبره ، ولم تكتب عليه الخطايا .
وإسناده صحيح ، ومما يدل على شهرة هذا الحديث في المتقدمين ما قاله الحسين بن الضحاك من أبياته التي قال :
أما في ثمانين وفَّيتها عذير وإنْ أنا لمْ أعتذرْ
وقد رفع اللهُ أقلامهُ عنِ ابن ثمانين دون البشرْ
وإنِّي لمن أُسراء الإلـ هِ في الأرض نَصْبَ صروفِ القدرْ
فإنْ يقضِ لي عملاً صالحاً أناب وإنْ يقضِ شرّاً غفرْ
/ وله أيضا : ... ... ... ... ... ... ... ... ... 17
أصبحت من أسراء الله محتسباً في الأرضِ نحوَ قضاء الله والقدر
إنَّ الثَّمانين إذ وفيت عدَّتها لم تُبقِ باقيةً منِّي ولمْ تذر
قال المصنف شيخ الإسلام (4) ( شعر ) :
يا رب أعضاء السجود عتقتها من فضلك الوافي وأنت الواقي
والعتق يسري في الفتى يا ذا الغنى فامنن على الفاني بعتق الباقي
انتهى ما انتخبه الشيخ شمس الدين الديري رحمه الله .
__________
(1) التين 4
(2) التين 5
(3) التين 6
(4) يعني الحافظ ابن حجر .(1/23)
... قال مؤلفه غفر الله له ولوالديه : أحفظ عن الشيخ عبد الله اليوناني المقيم بالقرافة الكبرى أشياء مَنْ فعلها غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخّر، قل الشيخ عبد المؤمن ، قال : أخبرني بها كهمس (1) ، قال : أخبرني مفلح البرلي، قال : أخبرني بها قتادة بن دعامة السدوسي ، قال : أخبرني بها أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما من عبدين متحابين في الله ، يستقبل أحدهما الآخر ؛ فيصافحه ، ويُصليان عليّ إلاّ لم يتفرقا حتى يُغفر لهما ما تقدم من ذنبهما وما تأخر .
وقال عليه الصلاة والسلام : مَنْ صلّى قبل الظهر أربعا ، وبعدها أربعا إلاّ حرّمه الله على النار ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
وقال عليه الصلاة والسلام : مَنْ صلّى بعد / الزوال أربعا يُحسِن 18 قراءتهن وركوعهن وسجودهن ، صلّى معه سبعون ألف ملك ، يستغفرون له حتى الليل ، وغفر له ما تقدم وما تأخّر .
وقال صلى الله عليه وسلم : مَنْ صلّى قبل العصر أربعا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
__________
(1) كهمس الهلالي الصحابي : كهمس بن معاوية بن أبي ربيعة الهلالي: معدود في البصريين. قال: أسلمت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي، ثم غبت عنه حولاً ورجعت إليه وقد ضمر بطني ونحل جسمي، فخفض في البصر ورفعه. قلت: أما تعرفني؟ قال: من أنت؟ قلت: أنا كهمس الهلالي الذي أتيتك عام أول، فقال: ما بلغ بك ما أرى؟ قلت: ما نمت بعدك ليلاً ولا أفطرت نهاراً، قال: ومن أمرك أن تعذب نفسك، صم شهر الصبر ومن كل شهر يوماً. قال: قلت زدني، قال: صم شهر الصبر ومن كل شهر يومين، قلت: زدني فإني أجد قوة، قال: صم شهر الصبر، ومن كل شهر ثلاثة أيام. الوافي بالوفيات ، ص 18981 / الموسوعة الشعرية .(1/24)
وله شواهد ، منها ما رواه ابن عبد البر في كتابه اليواقيت واللآلي في فضل الأيام والليالي ، عن قبة البارقي قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزال أمتي يصلون قبل العصر أربعا حتى يمشي أحدهم على الأرض ما عليه خطيئة ، فهذا غفر له ما تقدم وما تأخّر .
ومنها ما رواه الحافظ الدمياطي في السلوك ، عن عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحِم الله مَنْ صلّى قبل العصر أربعا .
ودعوة المعصوم صلى الله عليه وسلم محقق إجابتها ، فالمُصلّي غُفِر له ما تقدّم وما تأخّر .
ومنها ما رواه الإمام أحمد عن عليّ بن المديني عن أمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ صلّى قبل العصر أربعا حُرِّم لحمه وعظمه ودمه وجلده على النار .
قال في عوارف المعارف (1) : مَنْ صلّى قبل العصرأربعا فليقرأ في الأولى بعد الفاتحة إذا زلزلت، وفي الثانية / والعاديات ، وفي الثالثة القارعة ، 19 وفي الرابعة ألهاكم .
وفي طبقات الأتقياء عن النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ كبَّر على ساحل البحر عند غروب الشمس تكبيرة ، رافعاً بها صوته ، أعطاه الله بعدد كل قطرة في البحر عشر حسنات ، وحطّ عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر .
وذكره أيضا الشيخ شهاب الدين في كتاب تهذيب الأذكار ، عن ابن عمر رضي الله عنهما .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : مَنْ زاره أخوه فألقى له شيئا يقيه التراب ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، ووقاه حرّ النار يوم القيامة .
ذكره ابن سعد في طبقاته .
وقال صلى الله عليه وسلم : إنّ الله يبعث العذاب حتما مقضيا ، فيأكل العبد الطعام ، فيحمد الله ، فيرضى عنه ، أو يشرب الشراب فيحمد الله فيرضى عنه.
وذكره أيضا أبو الليث السمرقندي .
__________
(1) لأبي حفص السهروردي .(1/25)
وقال صلى الله عليه وسلم : مَنْ عطس فقال : الحمد لله على كل حال ما كان من حال ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى أهل بيته ، أخرج الله من أنفه الأيسر مثل الذباب ؛ فيطير حتى يبلغ العرش ، فيتعلق به ، فيقول الباري تبارك وتعالى : اسكن ، فيقول : لا أسكن حتى تغفر لمن خرجتُ من فيه، فيقوا : اسكن / فقد غفرت له ، فيغفر له ما تقدم وما تأخر . 20 وذكره أيضا الإمام أبو الخير السخاوي في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع .
وقال صلى الله عليه وسلم : إذا قال العبد في ركوعه : سبحان ربي العظيم مرة أعتق الله تعالى ثُلُثه من النار ، فإن قال مرتين فثلثاه ، وإنْ قال ثلاثاً فكلّه ، فيقوم من صلاته وقد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
وحكاه أيضا الإمام أبو عبد الرحمن السُّلمي في حقائقه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وقال صلى الله عليه وسلم : ما مِن شيء أحبّ إلى الله مِنْ أن يرى المؤمن وولده وزوجته على مائدة يأكلون جميعا ، فإذا قعدوا ، لا يتفرقون حتى يُغفر لهم ما تقدم وما تأخّر .
وحكى أيضا الإمام إسماعيل في المجرد عن أنس بن مالك رضي الله عنه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال آدم عليه السلام : يا ربّ شغلتني بكسب يدي ، فعلّمني شيئا فيه رضاك ، فقال : إذا أصبحت , وإذا أمسيت فقل : اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مُباركا فيه ، فمن قال ذلك غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، وحكاه أيضا القاضي عن يحيى بن معين .
وقال صلى الله عليه وسلم : مَن اكتسب مالا حلالا ، فكف / نفسه 21 عن السؤال ، وأنفق على الضيف ، وابن السبيل ، غفر الله [ له ] (1) ما تقدم وما تأخّر .
أورده حجة الإسلام الغزالي ، وقال بعده : إذا عرفت أنّ الله لا حكم عليه ، عرفت أنه يغفر لمن شاء ما تقدم وما تأخّر .
__________
(1) له : ساقطة منالأصل المخطوط .(1/26)
وقال صلى الله عليه وسلم : مَنْ صلّى عليَّ يوم الجمعة ألف مرة غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر .
رواه ابن عفيف المالكي .
وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ زار قبري تعظيما لحقّي، ووفاءً بمحبتي ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وكان من الآمنين يوم الفزع .
أورده الإمام أحمد أيضا ، ولم يذكر فيه : وما تأخّر .
وقال صلى الله عليه وسلم : مَنْ طاف بهذا البيت اسبوعا ، وصلّى خلف المقام ركعتين ، وشرب من ماء زمزم ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر .
أملاه علينا الشيخ الصالح عبد الله اليوناني ، يوم الثلاثاء خامس عشرين جمادى الآخرة ، سنة سبع وتسعين ، وثمانمائة .
وأمَّا ما أورده ابن رجب رحمه الله تعالى ، فقد أخبرني به الشيخ الإمام الحجة الرحلة فتح الدين أبو الفتح بن محمد ابن الشيخ بدر الدين ابن القاضي نورالدين عليّ ، قال : أخبرني القاضي تقي الدين أبو البقاء صالح ، قال : / 22 أخبرني الشيخ فخر الدين عثمان ، قال : خبرني القاضي بدر الدين أبو الفتح محمد ابن الحافظ سراج الدين أبي حفص عمر ، قال : أخبرني والدي من كتابه أسباب المغفرة منها : إسباغ الوضوء في الكريهات ، هذا لفظه ، ونَقلُ الأقدام إلى الجماعات ، والجلوس في المساجد بعد الصلوات ، فإنها تُكفّر الخطايا والسيئات ، مَنْ فعل ذلك عاش بخير ومات بخير ، وكان خطيئته كيوم ولدته أمه.(1/27)
ويحصل بهذه الخصال أيضا رفع الدرجات ، كما في صحيح الإمام مسلم رضي الله عنه ، من حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ألا أدلّكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخُطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وإنّ الملأ الأعلى يختصمون في كتابة الأجور لفاعلي ذلك ، ويستغفرون له ، ومَنْ استغفر له الملائكة غُفِر له، ولا تستغفر الملائكة لعبد حتى تحبّه، ولا تحبّه حتى يًحبّه ربه .
في الحديث : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : إذا أحبّ الله عبدا نادى جبريل : إنّي / أُحبّ فلانا فأحبّه ، فيُحبُّه 23 جبريل، ثم ينادي في السماء : إنّ الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض .
فهذا صريح بالمغفرة ؛ لأنّ الله إذا أحبّ عبدا لا تضرّه الذنوب ، قال الإمام أبو القاسم الجنيد ، سيد الطائفة : إذا رضي عنك أرضى عنك الخصوم .
ومنها ، أي من أسباب المغفرة ، ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : إذا قام العبد إلى الصلاة ، فقال : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
ورأيته أيضا في تهذيب الأذكار ، لكن يقوله بعد تكبيرة الإحرام ، لأنها فرض ، وهذا سنّة .
قال الإمام ابن رجب : وقد تكاثرت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بتكفير الخطايا بالوضوء ، من ذلك ما في صحيح مسلم ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضّأ فأسبغ ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا ، ثم قال : مَنْ توضأ هكذا غُفر له ما تقدم من ذنبه ، زاد القاضي الشهيد أبو يعلى: وما تأخر ، وكان مشيه إلى المسجد نافلة .(1/28)
وفيه أيضا عن أبي هريرة رضي/ الله عنه عن النبي صلى الله عليه24 وسلم قال : إذا توضأ العبد المسلم ، أو المؤمن ، فغسل وجهه ، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء ، أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء ، أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل رجليه ، خرج كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء ، أو مع آخر قطر الماء ، حتى يخرج نقيا من الذنوب .
إلى غير ذلك مع ما يحصل من الثواب ، زيادة على تكفير السيئات .
وعنه صلى الله عليه وسلم ، قال : مَنْ توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قال : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء ، فلا يدخلها حتى يُغفر له . ومعنى هذا أنه إذا فعل هذا الفعل الحسن ، وتابع فيه السنة ، رضي الله عنه ، وإذا رضي عنه غفر له ، وإذا عرفت أنّ الله لا حاكم عليه هان عندك غفران الذنوب.
قال الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري في الرسالة : وقف الفضيل بن عياض بجماعته على عرفات ، فرأى كثرة الخلق ، فقال لأصحابه : ما تقولون لو أنّ هذا الجمع وقفوا على باب غنيٍّ من أهل الدنيا ، يطلبون منه فَلْساً / 25 أكان يمنعهم ، قالوا : لا ، قال : إنّ دخول هؤلاء في رحمة الله أهون من إعطاء ذلك الفَلْس على الغني .
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء. وفيه : قال صلى الله عليه وسلم : أنتم الغرّ المحجلون من آثار الوضوء يوم القيامة .
فكل هذه الأحاديث تدل على مغفرة الذنوب كلها ، وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله : قرأت في بعض الكتب ، يقول الله تعالى : بعيني ما يتحمل المتحملون من أجلي ، ويكابد المكابدون في طلب مرضاتي ، فكيف إذا صاروا إلى جواري في جنات خلدي ، فيبشروا هناك بغفران ما تقدم وما تأخّر .(1/29)
فظهر لك أنّ مَنْ أتعب نفسه في رضوان الله ، فقد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر.
قال أبو طالب المكي في قوت القلوب عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ أتعب نفسه في سبيل الله غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . وهو ينضبط في خمسة أشياء : أولها المشي إلى المسجد ، والسعي على العيال ، فهو أيضا في سبيل الله ، والجهاد الأصغر ، وهو قتال المشركين ، والجهاد الأكبر ، وهو جهاد النفس / بترك المخالفات 26 والخامس الجهاد في مرضاة الله ، وهو اتّباع ما يُرضيه قولا وفعلا ، فمن كان على واحد من هذه الخمسة فقد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .(1/30)
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قالت يا رسول الله ما الذي تُغفَر به ذنوبنا كلها ، قال: أنْ يبقى لسانك رطبا من ذكر الله ، قلت : يا رسول الله ألهذا وقت ؟ قال : كل الأوقات وقت له ، فهذا رحمك الله صريح (1) بغفران الذنب كلِّه بذكر الله ، وما سأله الصحابي في عصره فهو باقٍ على حكمه إلى آخر الدهر ، وقد قال الله تعالى في كتابه [ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ] (2) ، قال السديّ : أكبر من كل شيء ، وقال السيد عبد القادر رضي الله عنه : أكبر من أنْ يضرّ معه ذنب ، وقال الجنيد رضي الله عنه : أكبر مِن أن يأتي صاحبه معه ما يُنافيه من الاشتغال ، وقال القشيري : أكبر من أن يُعذب ذاكره ، فإن كان عليه ذنب تحمّله عنه كرمه ، وقال الشبلي : أكبر من أن يتلفظ به إلاّ مَنْ أراد أنْ يغفر له ، وقال الطائي (3) : أكبر من أن يردَّ ذاكره دون أن يغفر له ، وكل ذلك عليه هيّن ، وقال موسى عليه السلام : مَنْ أهلُك الذين تظلهم في ظل عرشك ، فقال : هم البريئة أبدانهم / الطاهرة قلوبهم ، الذين يتحابّون بجلالي ، الذين إذا 27 ذُكرت ذكروني ، وإذا ذكروني ذُكرت بهم ، يسبغون الوضوء في المكاره ، ويُنيبون إلى ذكري كما تُنيب النسور إلى أوكارها ، ويكلفون بمحبتي كما يكلف الصبي بحب أمه ، ويغضبون لمحارمي كما يغضب النمر إذا حزن .
ذكره الإمام أحمد في كتاب الزهد ، فهذا أيضا صريح لمن فعله بغفران الذنوب .
__________
(1) كتب : صريحا .
(2) العنكبوت 45
(3) هو ابو بكر بن طاهر الأبهرى؛ واسمه عبد اللّه بن طاهر[بن حاتم الطائى] كان من اجلّ المشايخ بالجبل، وهو من اقران الشبلى. طبقات الصوفية 1/108 / المكتبة الشاملة .(1/31)
ومن أسباب المغفرة إفشاء السلام ، روى الإمام مسلم رحمه الله ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : والذي نفسي بيده لَا تَدْخُلُونَ (1) الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أََلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ، قالُوا نَعَم ، قالَ : أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .
وقال صلى الله عليه وسلم : إنّ أولى الناس بي يوم القيامة مَنْ بدأهم بالسلام .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا مرّ الرجل بالقوم فسلّم عليهم فإنْ ردّوا عليه كان له عليهم درجة ؛ لأنه ذكّرهم بالسلام ، وإنْ لم يردُّوا عليه ردَّ عليه مَلأٌ خيرٌ منهم وأطيب ، فمن ردّت الملائكة عليه سلامه ، غُفِر له .
وكذا مَنْ كان أولى الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة مغفور له قطعا / اللهم صلِّ (2) عليه وسلم . 28
دعاء الوالد يفضي إلى الحجاب :
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا تُردّ دعوتهم : الصائم حتى يُفطر، والإمام العادل ، ودعوة الظلوم .
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثلاث لا يُرد دُعاؤهم : الذاكر الله كثيرا ، والمظلوم ، والإمام المقسط .
وأخرج أبو نعيم في الحلية ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربعة دعوتهم مُستجابة : الإمام العادل ، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب ، ودعوة المظلوم ، ورجل يدعو لوالديه .
وأخرج الطبراني في الكبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب : دعوة المظلوم ، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب .
__________
(1) كتب : لا تدخلوا ، وما أثبتناه من صحيح مسلم 1/180 / المكتبة الشاملة .
(2) صلِّ ، غير مكتوبة في الأصل المخطوط .(1/32)
وأخرج البخاري في الأدب ، وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر ، عن النب صلى الله عليه وسلم ، قال : أسرع الدعاء إجابة دُعاء غائب لغائب .
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إنّ دعوة المرء المسلم لأخيه مُستجابة بظهر الغيب ، عند رأسه مَلَك موكّل ، كلما دعا / لأخيه بخير قال : آمين ، ولك29 مثل ذلك .
وأخرج البخاري في الأدب من طريق الصنابحي ، وأخرج البزار عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب لا يُردّ .
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنّ النبي صلى الله عليه وسم قال : خمس دعوات مُستجاب لهن : دعوة المظلوم حتى ينتصر ، ودعوة الحاج حتى يصدر ، ودعوة الغازي حتى يقفل ، ودعوة المريض حتى يبرأ ، ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب ، وأسرع هذه الدعوات إجابة دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب .
وأخرج الديلمي عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أحرم أحدكم فليؤمّن على دعائه ، إذا قال : اللهم اغفر لي ، فليقل : آمين ، ولا يلعن بهيمة ، ولا إنسانا ، فإنّ دعاءة مستجاب ، ومن عمّ بدعائه المؤمنين والمؤمنات استُجيب له .
وأخرج ابن ماجة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحُجاج والعُمار وفد الله ، إنْ دعُوه أجابهم ، وإنْ استغفروه غفر لهم .
/ ... وأخرج أيضا عن ابن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه 30 وسلم ، قال : الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ.
وأخرج البزار من حديث جابر مثله .(1/33)
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثلاث حقٌّ على الله لا يرد لهم دعوة : الصائم حتى يُفطر ، والمظلوم حتى ينتصر ، والمسافر حتى يرجع .
وأخرج النسائي عن ابن عمر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة .
وأخرج ابن ماجة ، عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ فَمُرْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكَ فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ .
وأخرج سعيد بن منصور في سننه ، عن أبي الدرداء ، قال : اغتنم دعوة المؤمن المبتلى .
وأخرج الديلمي عن سلمان مرفوعا أنّ المُبتلى مُستجاب دعوته .
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوة المريض مُستجابة .
وأخرج الترمذي والحاكم عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ سرّه أنْ يُستجاب له عند الكرب والشدائد فليُكثر الدعاء في الرخاء .
وأخرج أحمد عن/ ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه 31 وسلم : مَن أراد أنْ تُستجاب دعوته ، وأنْ تُكشف كربته ، فليفرِّج عن مُعسر .
وأخرج الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا : اتّقوا دعوة المُعسر .
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إنّ الله يستحي من ذي الشيبة المسلم إذا كان مُسدداً لَزوماً للسنة أنْ يسأل الله فلا يعطيه .
وأخرج الديلمي عن ابن عمر مرفوعا : دُعاء المُحسَن إليه للمحسِن لا يُرد .
وأخرج البيهقي في الشعب ، عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ لحامل القرآن دعوة مستجابة ، يدعو بها فيستجاب له .
وأخرج الحاكم عن حبيب بن سلمة الفهري ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يجتمع مَلأ ، فيدعُو بعضهم ويؤمّن بعضهم إلاّ أجابهم الله .(1/34)
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمع ثلاثة قط بدعوة إلاّ كان حقا على الله أن لا يردّ أيديهم .
الفصل الثاني فيما يرجع إلى الأوقات :
عن سهل بن سعد قال : ساعتان تُفتح لهما أبواب السماء ، وقَلَّ داع تُرد عليه / دعوته : حين يحضر النداء ، والصف في سبيل الله (1) ، أخرجه32 البخاري في الأدب .
... وأخرج الحاكم في المستدرك عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثنتان لا تُردان : الدعاء عند النداء ، وحين الناس يُلحِم (2) بعضهم بعضا .
وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم عن أنس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الدعاء مُستجاب ما بين الدعاء والإقامة .
وأخرج الحاكم عن أبي أمامة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا نادى المنادي فُتحت السماء ، واستُجيب الدعاء ، فمن نزل به كرب أو شِدّة فليستَحين المنادي فيجيبه، ثم يقول : اللهم ربّ هذه الدعوة الصادقة المستجابة ، المُستجاب لها ، دعوة الحق ، وكلمة التقوى ، أحينا عليها ، وأمتنا عليها ، وابعثنا عليها ، واجعلنا من خيار أهلها أحياءً وأمواتا ، ثم يسأل الله حاجته .
وأخرج مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ .
__________
(1) وجاء هذا الحديث في المسند الجامع 16/425 / المكتبة الشاملة ، هكذا : سَاعَتَانِ يُفتَحُ لَهُمَا أَبوَابُ السمَاءِ ، وَقَل دَاعٍ تُرَذ عَلَيهِ دَعوَتُهُ : حَضرَةُ الندَاءِ لِلصلاَةِ ، وَالصف فِي سَبِيلِ الله. موقوف.
(2) يلحم بضم الياء وكسر الحاء ثلاثى مزيد بحرف الهمزة في أوله أي حين يلتحم الحرب بينهم ويلزم بعضهم بعضا . شرح الجامع الصغير : للمناوى.(1/35)
وأخرج الحاكم والترمذي عن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ثُلُث الليل الأخير: إنها ساعة / مشهودة ، والدعاء فيها 33 مُستجاب .
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن عثمان ابن أبي العاص الثقفي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تفتح أبواب السماء نصف الليل ، فينادي منادٍ : هل من داعٍ فيُستجاب له ، هل من سائل فيُعطى ، هل من مكروب فيُفرّج عنه ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلاّ استجاب الله له إلاّ زانية تسعى بفرجها ، أو عشّار .
وأخرج البزار ، والطبراني بسند صحيح عن ابن عمر ، قال : نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الليل أجوب دعوة ، قال : جوف الليل الآخِر .
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : تُفتح أبواب السماء ، ويُستجاب الدعاء في أربعة مواطن : عند التقاء الصف في سبيل الله ، وعند نزول الغيث ، وعند إقامة الصلاة ، وعند رؤية الكعبة .
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث ساعات للمرء المسلم ، ما دعا فيهن إلاّ استُجيب ، ما لم يسأل قطيعة رحم ، أو مأثما ، حين يؤذن المؤذن بالصلاة حتى يسكتْ ، وحين يلتقي الصفان ، حتى يحكم الله بينهما ، وحين / ينزل الغيث ، المطر ، حتى34 يسكن .
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء قال : ثلاث خلال تُفتح عندهن أبواب السماء ، فتحرَّوا الدعاء عندهن : الدعاء عند الأذان ، وعند نزول الغيث ، وعند التقاء الزحفين .(1/36)
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا فاءت الأفياء ، وهبت الرياح ، فارفعوا إلى الله حاجتكم ، فإنها ساعة الأوابين (1) .
وأخرج أيضا عن سهل بن سعيد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : تحرّوا الدعاء عند الأفياء .
وأَخرج الطبراني أيضا عن ابن عباس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا زالت الشمس عن كبد السماء قدر شراك قام فصلى أربع ركعات ، قلت : يا رسول الله ما هذه الصلاة ؟ قال : مَنْ صلاّهنّ فقد أحيا ليلته ، هذه ساعة تُفتح فيها أبواب السماء ، ويُستجاب فيها الدعاء .
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال : فيه سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وهُو قائِمٌ يُصلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًاً إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ .
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن المطلب بن عبد الله بن حَنْطب ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : مِن أفضل الدعاء يوم عرفة . 35
وأخرج الديلمي عن أبي أمامة مرفوعا : خمس ليالٍ لا تُردُّ فيها دعوة : أول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان ، وليلة الجمعة ، وليلتا العيدين .
وأخرج الطبراني ، عن عبادة بن الصامت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما ، وحضر رمضان: أتاكم شهر تُنزل فيه الرحمة ، وتُحط الخطايا ، ويُستجاب الدعاء .
__________
(1) جاء في الحلية 3/259 / المكتبة الشاملة : حدثنا عثمان بن خرزاذ، حدثنا عبد الجبار بن العلاء، حدثنا سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن إبراهيم الكسكسي، عن ابن أبي أوفى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا فاءت الأفياء وهبت الأرياح فارفعوا إلى الله حوائجكم فإنها ساعة الأوابين: " فإنه كان للأوابين غفوراًً " الإسراء 25. غريب من حديث مسعر لم نكتبه إلا عنه.(1/37)
وأخرج في الأوسط ، عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاكِرُ الله في رمضان مغفور له ، وسائل الله فيه لا يخيب .
وأخرج البيهقي في الشعب ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : مع كل ختمة دعوة مُستجابة ، وأخرجه بلفظ آخر عند ختم القرآن دعوة مستجابة ، وشجرة في الجنة .
وأخرج أبو بكر بن أبيض في جزئه المشهور عن أيوب السختياني، قال : بلغنا أنه يُستحب الدعاء عند قراءة هذه الآية [ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ] (1) .
وأخرج .............................. (2) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مَن صلّى فريضة فله دعوة مُستجابة .
وأخرج ابن عساكر في ترجمة الحجاج عن أبي موسى قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ كانت له إلى الله حاجة فليدع بها دبر صلاة /36 مفروضة .
وأخرج عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنّي نُهيتُ أنْ أقرأ القرآن راكعا وساجدا ، فأمَّا الركوع فعظموا فيه الرب ، وأمَّا السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء أنْ يُستجاب لكم .
وأخرج الترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى لله عليه وسلم : إذا فُتح على العبد الدعاء فليدع ربه ، فإنّ الله تعالى يستجيب .
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الحذاء ، قال : كان عيسى عليه الصلاة والسلام يقول : إذا وجدتم قشعريرة ودمعة فادعوا عند ذلك .
وأخرج الطبراني بسند حسن عن أبي رُهم السمعي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ مما يُستجاب الدعاء عند العطاس .
الفصل الثالث فيما يرجع إلى الأماكن :
__________
(1) الرحمن 26
(2) فراغ في الأصل ، وجاء في كنز العمال : من صلى فريضة فله دعوة مستجابة ، ومن ختم القرآن فله دعوة مستجابة. (طب عن العرباض). فربما كان المحذوف : الطبراني عن العرباض(1/38)
أخرج البخاري في الأدب ، وأحمد والبزار بسند جيد ، عن جابر بن عبد الله ، قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد ، مسجد الفتح ، يوم الاثنين ، ويوم الثلاثاء ، ويوم الأربعاء ؛ فاستُجيب له بين الصلاتين من يوم الأربعاء ، قال جابر : ولم ينزل بي أمرٌ مُهم غائظ إلاّ توجهت تلك الساعة ، فدعوت الله فيها بين الصلاتين ، يوم الأربعاء / في تلك الساعة إلاّ عرفت 37 الإجابة .
... وأخرج الطبراني عن ابن عباس ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما بين الركنين والمقام ملتزم ، لا يدعو به صاحب عاهة إلاّ برئ .
وأخرج سعيد بن منصور ، والبيهيقي عن ابن عباس ، قال : الملتزم بين الركن والباب ، لا يسأل الله أحدٌ فيه شيئا إلاّ أعطاه .
... وأخرج أبو نعيم في الصحابة ، عن ربيعة بن أبي وقاص أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة (1) مواطن لا ترد فيها دعوة عبد : رجل يكون في برِّيّة حيث لا يراه إلاّ الله ، ورجل يكون معه فئة فيفر عنه أصحابه ، فيثبت ، ورجل يقوم من آخر الليل .
الفصل الرابع فيما يرجع إلى الدعاء
أخرج البخاري في الأدب عن أنس قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا رجلٌ ، فقال : يا بديع السموات والأرض ، يا حيّ يا قيوم ، إنّي أسألك ، فقال : أتدرون بما دعا ، والذي نفسي بيده دعا الله باسمه الذي إذا دُعي به أجاب .
__________
(1) كتبت : ثلاث .(1/39)
... وأخرج الحاكم عن أنس قال : كنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجل قائم يصلي ، فلما ركع وسجد تشهّد ، ودعا فقال في دعائه : اللهم بأنّ لك الحمد ، لا إله إلا أنت ، بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام /38 يا حيّ يا قيوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد دعا الله باسمه الأعظم ، الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى (1) .
وأخرج الحاكم عن أنس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : اللهم إنِّي أسألك بأنّ لك الحمد ، لا إله ألاّ أنت ، الحنّان المنّان ، بديع السموات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، أسألك الجنة ، وأعوذ بك من النار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد كان يدعو الله باسمه الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى .
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عباس ، قال : مَنْ نزل به همٌّ أو غمٌّ أو كرب أو خوف من سلطان فدعا بهؤلاء استُجيب له : أسألك بلا إله إلا أنت ، رب السموات السبع ، ورب العرش العظيم ، وأسألك بلا إله إلاّ أنت ، رب السموات السبع ورب العرش الكريم ، وأسألك بلا إله إلاّ أنت ، رب السموات السبع ، ورب الأرضن السبع وما فهن ، إنك على كل شيء قدير ، ثم يسأل الله حاجته .
__________
(1) نص الحديث في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 4/414/ المكتبة الشاملة : عن أنس بن مالك قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي وهو يصلي وهو يقول اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت يا منان يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى.رواه أحمد والطبراني في الصحيح ورجال أحمد ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس وإن كان ثقة.(1/40)
وأخرج الحاكم عن بريدة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسالك بأنك أنت الله ، لا إله إلاّ أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، فقال النبي صلى / الله عليه وسلم : 39 لقد سألت الله باسمه الأعظم ، الذي إذا سُئل به أعطى ، وإذا دُعي به أجاب .
وأخرج البزار ، وأبو الشيخ عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قال العبد : يا رب ، يا رب أربعا ، قال الله : لبيك عبدي ، سلْ تُعطَ .
وعن جابر مثله ، رواه الدارقطني .
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عن أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة ذات غداة ، فقالت : يا رسول الله علّمني اسم الله الأعظم ، الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سُئل به أطى ، فأعرض بوجهه ، فقامت ؛ فتوضّأت ، فقالت : اللهم إنّي أسالك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم ، وباسمك العظيم الذي إذا دُعيت به أجبت ، وإذا سُئلت به أعطيت ، فقال : والله إنه لفي هذه الأسماء .
وأخرج في الكبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى في هذه الآية من آل عمران [ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ] (1) إلى آخر الآية .
__________
(1) آل عمران 26 ، والآية بتمامها : [قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ](1/41)
وأخرج في الكبر والأوسط ، بسند حسن عن معاوية بن أبي سفيان ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن / دعا بهؤلاء40 الكلمات لم يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه : لا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلاّ الله ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله .
وأخرج في الكبير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى العصر ، فمرّ كلب ليقطع عليه صلاته، فدعا سعد ابن أبي وقاص على الكلب، فأهلكه الله ، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد: كيف دعوت عليه ، قال : قلت سبحانك لا إله إلاّ أنت ذو الجلال والإكرام ، أهلك هذا الكلب قبل أنْ يقطع على النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد دعوت الله بكلمات ، لو دعوت بها على مَنْ في السموات والأرض ؛ لاستُجيب لك .
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن الحسن ، قال : قال سمُرة بن جُندب : ألا أُحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مراراً ، ومن أبي بكر مِرارا ، ومن عمر مرارا ، مَنْ قال إذا أصبح ، وإذا أمسى : اللهم أنت خلقتني ، وأنت تهديني ، وأنت تطعمني ، وتسقيني ، وأنت تميتني ، وأنت تحييني ، لم يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه إياه ، قال سمرة ، فلقيت / عبد الله بن 41 سلام ، فحدثته فقال : هؤلاء الكلمات كان الله أعطاها موسى عليه السلام ، فكان يدعو بهن كل يوم سبع مرات ، فلا يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه إياه .
وأخرج الطبراني عن ابن عباس أنّ رجلا قال : يا رسول الله هل من الدعاء شيء لا يُرد ، قال : نعم ، تقول : أسألك باسمك الأعلى ، الأعز ، الأجل ، الأكرم.(1/42)
وأخرج الحاكم عن سعد ابن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت : لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، إنه لم يدع بها مسلم في شيء إلاّ استجاب الله له بها .
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن مسعود أنه دعا فقال : اللهم إنّي أسألك إيمانا لا يَرتد ، ونعيماً لا ينفد ، ومرافقة نبيك محمد في أعلى درج الجنة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : سل تُعطه .
وأخرج الحاكم عن أنس قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول : يا أرحم الراحمين ، فقال له : سلْ ، فقد نظر الله إليك .
وأخرج الحاكم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ مَلَكاً موكل بمَنْ يقول : يا أرحم الراحمين ، فمن قالها ثلاثا ، قال له المَلَك : إنّ أرحم الراحمين قد أقبل / عليك فسلْ . ... ... ... ... 42 وأخرج الحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :........ (1)
وأخرج أبو يعلى ، والطبراني ، وابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ قال ليلة عرفة هذه الكلمات ألف مرة ، لم يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه ، إلاّ قطيعة رحم ، أو مأثم : سبحان الذي في السماء عرشه ، سبحان الذي في الأرض سلطانه ، سبحان الذي في البحر سبيله ، سبحان الذي في النار سلطانه ، سبحان الذي في الجنة رحمته ، سبحان الذي في القبور قضاؤه ، سبحان الذي في الهواء رَوْحه ، سبحان الذي رفع السماء ، سبحان الذي وضع الأرض ، سبحان الذي لا ملجأ منه إلاّ إليه .
__________
(1) فراغ في الأصل ، بمقدار نصف سطر .(1/43)
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا طلبت حاجة ، فأحببت أن تنجح ، فقل : لا إله إلاّ الله وحده ، لا شريك له ، العلي ، العظيم ، لا إله إلاّ الله وحده ، لا شريك له ، الحليم ، الكريم ، بسم الله الذي لا إله إلاّ هو ، الخبير ، الحكيم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين [ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ] (1) [ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً / 43 أَوْ ضُحَاهَا ] (2) اللهم إنّي أسالك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل بر ، والسلامة من كل إثم ، اللهم لا تدعْ لي ذنبا إلاّ غفرته ، ولا همَّاً إلاّ فرّجته ، ولا دَيْنا إلاّ قضيته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين .
وأخرج البزار والحاكم عن عائشة ، قالت : قال لي أبي : ألا أُعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى اله عليه وسلم ، وقال : كان عيسى عليه السلام يعلمه الحواريين ، لو كان عليك دَيْن مثل أُحد ، ثم قلته ؛ لقضاه الله عنك قلت : بلى ، قال : قولي اللهم فارج الهم ، وكاشف الكرب ، مجيب دعوة المضطر ، رحمن الدنيا والآخرة ، ورحيمهما أنت ، ترحمني ، فارحمني رحمة تغنيني بها عمَّنْ سواك .
__________
(1) الأحقاف 35
(2) النازعات 46(1/44)
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل أنّ رسول الله صلى اله عليه وسلم قال له : ألا أعلمك دُعاءً تدعو به ، فلو كان عليك من الدَّيْن أمثال الجبال قضاه الله ، قلت: بلى ، قال : [ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ] ، إلى قوله [ بِغَيْرِ حِسَابٍ ] (1) ، رحمن الدنيا والآخرة ، ورحيمهما ، تعطي مَن تشاء منهما ، وتمنع مَن تشاء ، ارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة مَن سواك ، اللهم اغنني من الفقر، واقضِ عني الدين ، وتوفني في عبادتك/ وجهاد في سبيلك 44
وأخرج الحاكم ، وصححه عن عليٍّ أنه قال لرجل : ألا أُعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو كان عليك مثل جبلٍ ديناً لأدَّاه الله عنك ، قُل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، واغنني بفضلك عمن سواك .
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن معروف الكرخي قال : مَنْ قال حين يتعار (2)
__________
(1) آل عمران 26، 27 ، والآيتان بتمامهما : قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ .
(2) لتَّعارُّ: السَّهَرُ والتقلُّبُ على الفراش لَيْلاً مع كلام، وهو من ذلك. وفي حديث سلمان الفارسي: أَنه كان إذا تعارَّ من الليل، قال:سبحان رَبِّ النبيِّين، ولا يكون إِلا يَقَظَةً مع كلامٍ وصوتٍ، وقيل:تَمَطَّى وأَنَّ. قال أَبو عبيد: وكان بعض أَهل اللغة يجعله مأْخُوذاً من عِرارِ الظليم، وهو صوت، قال: ولا أدري أَهو من ذلك أَم لا. لسان العرب
( عرر )(1/45)
من فراشه : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، وأستغفر الله ، اللهم إنّي أسألك من فضلك ورحمتك ، فإنهما بيدك ، لا يملكهما أحد سواك إلاّ قال الله لجبريل ، وهو موكل بقضاء حوائج العباد: يا جبريل اقضِ حاجة عبدي .
وأخرج عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن يحيى بن سليم النطائعي عمّن ذكره ، قال : طلب موسى عليه السلام من ربه حاجة ، فأبطأت عليه ، فقال : ما شاء الله ، فإذا حاجته بين يديه ، قال ربه فأوحى إليه : أما علمت أنّ قولك ما شاء الله أنجح ما طُلِبت به الحوائج .
وأخرج بهذا السند أنّ يعقوب عليه السلام كان أكرم أهل الأرض على ملك الموت ، وأنّ ملك الموت استأذن ربه في أنْ يأتي يعقوب ، فأذن له ، فقال له يعقوب : أسألك بالذي خلقك ، هل قبضت نفس يوسف ، قال : لا ، ثم قال ملك الموت : يا يعقوب / ألا أعلِّمك كلماتٍ ، قال : بلى ، قال : قلْ يا ذا المعروف45 الذي لا ينقطع أبدا ، ولا يُحصيه غيرك ، قال : فدعا بها يعقوب في تلك الليلة ، فلم يطلع الفجر حتى طُرِح القميص على وجهه .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة بلفظ : ألا أعلمك كلمات لا تسأل شيئا إلاّ أعطاك ، وفيه : ولا يُحصيه غيره.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن إبراهيم بن خلاّد ، قال : نزل جبريل عليه السلام على يعقوب ، فشكا إليه ما هو فيه ، فقال : ألا أعلِّمك دعاء إذا دعوت به فرّج الله عنك ، قُلْ يا مَنْ لا يعلم كيف هو إلاّ هو ، ويا مَنْ لا يبلغ قدرته غيره ، فرِّج عني ، فأتاه البشير .(1/46)
وأخرج عبد الله أيضا ، وابن أبي الدنيا عن قزعة بن سويد عن أبي عبد الله مؤذّن الطائف ، قال : جاء جبريل إلى يوسف عليه (1) السلام ، فقال : يا يوسف أَشتدّ عليك الحبس؟ قال : نعم ، قال : قُلْ اللهم اجعل لي من كلِّ ما أهمني وأكربني من أمر دُنياي ، وأمر آخرتي فرجا ومخرجا ، وارزقني من حيث لا أحتسب ، واغفر لي ذنبي ، وثبّت رجائي ، واقطعه عمن سواك ، حتى لا أرجو أحدا غيرك .
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مدلج بن عبد العزيز عن شيخ (2) من قريش أنّ جبريل قال ليعقوب : قُلْ يا كثير الخير ، يا دائم المعروف/ فأوحى الله إليه : 46 دعوتني بدعاء لو كان ابناك ميِّتَين لنشرتُهما لك .
خاتمة
أخرج الطبراني في الكبير عن فضالة بن عبيد ، قال : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِد ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ صَلِّ عَلَيَّ، ثُمَّ ادْعُهُ" (3) ، ثُمَّ صَلَّى آخَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"سَلْ تُعْطَهُ".
وأخرج في الأوسط عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال : كل دعاء محجوب حتى يُصلّي على محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وآل محمد .
__________
(1) كتب : عليهما .
(2) مكان ( عن شيخ ) فراغ في الأصل ، وما أثبتناه من كتاب الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا 1/47 / المكتبة الشاملة .
(3) ثم ادعه غير موجودة في الأصل المخطوط ، وهي في المعجم الكبير 13/243 / المكتبة الشاملة .(1/47)
وأخرج ابن عساكرعن أحمد ابن أبي الحواري قال : قال لي أبو سليمان : إذا سألت الله حاجة فابدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وسلْ حاجتك ، واختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنهما دعوتان لا تُردان ، ولم يكن ليُردَّ ما بينهما .
تم الكتاب بحمد الله وعونه
وحسن توفيقه وسلام
على المرسلين والحمد
لله رب العالمين
آمين(1/48)