التحاكم إلى العادات
والأعراف القبلية
حكمه ـ وخطره
تأليف
الفقير إلى عفو ربه ومولاه
فرحان بن حمد القحطاني
تقديم/ فضيلة الشيخ العلامة
د. عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
طبعة منقحة ومزيدة
تقديم
فضيلة العلامة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
أحمد الله وأشكره وأُثني عليه وأستغفره، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه. ولا رب لنا سواه وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه. وبعد:
فقد قرأت هذه الرسالة التي بعنوان «التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية» وظهر لي نصح المؤلف ومعرفته بهذه العادات والتي هي شبه القوانين الوضعية حيث قُدمت على الشرع وعمل بها الخاصة والعامة رغم أن الحكومة الرشيدة أيَّدها الله تعالى قد نصبت القضاة في كل قطر وكل منطقة ومقاطعة وزودت كل قاض بما يحتاج إليه من الكتُاب والخدم والمراجع ونحو ذلك، فمن ترك الترافع إلى المحاكم الشرعية وقدم عليها هذه العادات الجاهلية فقد تعدى وظلم ونسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ويردهم إلى الحق رداً جميلاً ونسأله أن يثيب الشيخ فرحان على نصحه وإخلاصه وتحذيره من الفساد الذي فعله المنافقون. { ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? } والله أعلم، و صلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
عضو الإفتاء المتقاعد
8/11/1428هـ
F
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. الحمد لله عظيم المنة وناصر الدين بأهل السنة.. الحمد لله فاتح الأغلاق مانح الأعلاق.. الحمد لله ذي النعم السوابغ والنقم الدوامغ والحجج البوالغ .. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد..
من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد فرط وغوى وضل ضلالاً بعيداً، ولا يضرُ الله شيئاً ولا يضر إلا نفسه.
أمة الإسلام ...(1/1)
هذه رسالة أبعثها إلى القبائل بعنوان: [التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية – حكمه وخطره] .
{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ حقَّ تُقاتِهِ ولاتمُوتُنَّ إلا وأنتُم مُسلِمُونَ (102) واعتَصِمُوا بِحبلِ اللهِ جميعاً ولا تَفَرَّقُوا وذكُروا نِعمَةََ اللهِ عليكُم إذ كُنتُم أعداءً فألَّفَ بينَ قُلُبِكُم فأصبحتُم بِنِعمَتِهِ إخواناً وكُنتُم على شَفَا حُفرَةٍ مِن النَّارِ فأنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ } (سورة آل عمران، الآيات 102-103).
هذه الرسالة أوجهها إلى قبائل الإسلام الذين تربوا في ديار الإسلام. أهل التوحيد والصلوات الخمس من يخافون الله والدار الآخرة، من رضوا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً.
هذه الرسالة إلى القبائل عامة وإلى مشائخها ونوابها وأعيانها خاصة. إنْ أُرِيدُ إلا الإصلاحَ ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
فاللهم أنت المستعانُ وعليك التكلانُ ولا حولَ ولا قوةَ إلا بك.
فأسلمت وجهي لمن أسلمت
له الأرض تحمل صخراً ثقالا
دحاها فلما استوت شدها
سواء وأرسى عليها الجبالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت
له المزن تحمل عذباً زلالا
إذا هي سيقت إلى بلدة
أصابت فصبت عليها سجالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت
له الريح تصرف حالاً فحالا
العادات والأعراف القبلية في ميزان الشريعة الإسلامية:
علينا أن نعرض هذه العادات والسلوم على الشريعة الإسلامية على الكتاب والسنة فما وافق من هذه العادات والسلوم الشرع أخذنا به، وما خالف منها الشرع نبذناه وتركناه .
إن المسلم الحقيقي ينظر دائماً بمنظار الكتاب والسنة. والعادات القبلية التي أقصدها في هذا الموضوع هي تلك القوانين التي يضعها أناس لتكون مرجعاً لهم عند النزاع، ولا أقصد العادات التي يتحدث عنها الفقهاء رحمهم الله بصفتها دليلاً أو قياساً .(1/2)
إن الإسلام يقر العادات الحسنة مثل الكرمِ والصدقِ والشجاعةِ والوفاءِ وحُسنِ الجوارِ وهذه الأخلاق أتى بها الإسلام. فهي من الإسلام. فالإسلام دين الشمولية والكمال والوفاء والصفاء والعدل والإنصاف.
والإسلام يرفض الظلم بجميع صوره ويرفض العصبية والعنجهية والتلاعب بالدماء والأموال والمتاجرة بهما.
فالعادات القبلية منها المقبول وهو ما وافق الشرع ومنها المردود وهو ما خالف الشرع فموضوعنا في هذا الكتاب لا يتناول العادات القبلية بشكل عام وإنما يتناول التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية والرجوع إليها أثناء النزاع والإعراض عن الكتاب والسنة.
وجوب التحاكم إلى الشريعة الإسلامية ونبذ ما خلفها من قوانين وضعية وأعراف جاهلية:
إن شرعة الحكيم الخبير عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث ليست من الشريعة وإن أدخلها المتأولون فيها . فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتم دلالة وأصدقها وكل خير في الوجود فإنما هو مستفاد منها وحاصل بها وكل نقص في الوجود فسببه من إضاعتها (1) .
قال تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ } . (سورة الجاثية ، الآيات 18-20).
__________
(1) أعلام الموقعين لابن القيم، بتصرف يسير .(1/3)
إن التحاكم إلى الشريعة الإسلامية يسعد الفرد ويؤمن المجتمع . ويبعد الفوضى ويحافظ على الأنفس المعصومة فلا تزهق وعلى الأموال فلا تسرق وعلى الأعراض فلا تقذف وعلى الأنساب فلا تلوث وعلى العقول فتصان عن الضياع والذهول وعلى الدين فلا يبدل بل يصان (1) .
إنه مع تحقيق تحكيم الشريعة الإسلامية للمصالح العظيمة ودرئها للمفاسد الجسيمة إلا أن ذلك مرتبط بالعقيدة ارتباطاً كبيراً فإن مما يجب على المسلم اعتقاد وجوب الحكم بما أنزل الله في كل الشؤون وجميع الأمور قال تعالى : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .(سورة النساء ، آية 51).
فالتحاكم إلى ما أنزل الله داخل في التوحيد والتحاكم إل غيره داخل في الشرك لأن من معنى «لا إله إلا الله» ومقتضاها ومدلولها التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإنه قد أخل بالتوحيد فأخل بمقتضى «لا إله إلا الله» فمدلول الشهادتين : أن نتحاكم إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في جميع أمورنا (2) .
فيجب على جميع المسلمين أن يتحاكموا إلى كتاب الله سبحانه وتعالى لا إلى العادات والأعراف القبلية ولا إلى القوانين الوضعية .
قال تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } .(سورة الشورى آية 10).
وقال تعالى : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } (سورة المائدة ، آية 50).
* * *
مظاهر التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية :
__________
(1) أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في منع وقوع الجريمة ، صالح بن ناصر الخزيم.
(2) شرح كتاب التوحيد للشيخ صالح الفوزان.(1/4)
للتحاكم إلى العادات والأعراف القبلية مظاهر كثيرة وصور شتى تختلف من مكان إلى مكان ومن مجتمع إلى مجتمع. وإليك أخي القارىء بعض هذه المظاهر على سبيل الذكر لا الحصر .
1- التحاكم إلى من يسمونهم مقاطع الحق –أو العراف – أو مقارع الحق . ويسمون هذا التحاكم بالحق، أو القوادي أو جوازع البطحاء أو قول عارف إلى غير ذلك . ومقاطع الحق بمثابة قضاة قانون قبلي فمثلاً لو حضر عند ذلك المقطع الأخصام أخذ عليهم قبل الحكم ضمانات على أن يقبلوا بحكمه كأن يأخذ على ذلك كفلاء أو يرهن بنادق الأخصام عنده ثم يسمع منهم ويحلفهم الأيمان ويسمع شهادات الشهود عند الاقتضاء ويحكم بعد ذلك وإن لم يقبلوا بحكمه أصبح خصماً لمن لم يقبل عند «مقرع حق» أعلى درجة منه.
ومقاطع الحق هؤلاء قد ورثوا هذا الأمر كابراً عن كابر وأما ما يحكمون به . فقد يحكمون في القضية بدم أو مال أو أيمان ..إلخ. وعندهم قوانين معينة لا يخرجون عنها في معظم القضايا .
2-التعصب الشديد لهذه الأحكام : حتى وصل الأمر ببعضهم إلى أن قدمها على الدين نسأل الله العافية والسلامة. ويظهر ذلك جلياً من أقوالهم التالية التي سمعت بعضها ونقل لي الثقات البعض الآخر ومنها :
1-هذا أحد المتعصبين للعادات والأعراف الجاهلية قال وبئس ما قال : «أنه متمسك بعادات آبائه وأجداده وإن دخل جهنم» .
2-وهذا آخر يقول : «لا أتخلى عن سلوم ربعي حلال كانت أو حرام».
3- وآخر يقول : «الفرع أحسن من الشرع» ويقصد بالفرع قوانين القبائل.
4-ومنهم من يقول «النار ولا العار».
5- ومنهم من يقول : « الشرع لا ينصفنا».
6- ومنهم من يقول « الشرع هندي».
7- ومنهم من يقول : « الشرع لا يعرف عاداتنا وتقاليدنا »إلى غير ذلك من الأقوال المنكرة نسآل الله السلامة والعافية.(1/5)
3- المثارات : جمع مثار وسمي مثاراً من الأخذ بالثأر ولشدة المطالبة به والاندفاع الشديد في أخذه والاصرار عليه فأشبه فعل الثائر ثوران النار والمتفجرات. وللمثارات عدة أنواع منها :
1-مثار العاني والمراد بالعاني القريب من جهة الأم كالخال وأبنائه وأبناء الخالات وصورة مثار العاني هي مثلاً : إذا كنت من قبيلة وخالي من قبيلة أخرى واعتدى أحد من قبيلتي على خالي فلا بد أن أقوم بأخذ المثار لخالي . والمثار عبارة عن مبلغ مالي أو دم أقوم بأخذه من الجاني أو قبيلته وأعطيه لخالي كرد اعتبار له فإذا فعلت ذلك قال ببيض الله وجهك علماً بأن هذا المبلغ لا علاقة له بأرش الجناية ولا يعد صلحاً في القضية . بل للمجنى عليه بعد هذا المثار أن يصلح مع الجاني أو يقتص منه . وإذا لم يقم بالمثار فيعتبر أسود وجه وتكتب عبارة سود الله وجه فلان وآل فلان في الأماكن العامة والطرقات.
2-مثار الجار : وصورته مثلاً : لو اعتدى أحدٌ على جاري ولم أتمكن من نصرته بيدي فلا بد أن آخذ مبلغ مالي من الجاني أو أقاربه وأعطيه لجاري كرد اعتبار له ثم بعد ذلك له أن يصلح من الجاني أو يرفض .
3-مثار الخوي : وصورته مثلاً : لو كنت مسافراً أو راكباً مع شخص واعتدى أحد عليه ولم أتمكن من نصرته فلا بد أن أدخل في الموضوع وأطالب الجاني وأقاربه بدفع مبلغ مالي لخويي كرد اعتبار له . ثم بعد ذلك له أن يصلح من الجاني أو يرفض .
4- مثار الجيرة : وهو مثلا لو استجارت قبيلة الجاني عند قبيلة أخرى من قبيلة المجنى عليه . واعتدى المجني عليه أو أحد أفراد قبيلته على قبيلة الجاني فإن القبيلة المجيرة تقوم بأخذ المثار من هذه القبيلة التي اعتدت «على القبيلة المستجيرة عندهم » والمثار هو سفك دم أو غرامه مالية مغلظة . ويسمون هذا الاعتداء الذي حصل على القبيلة المستجيرة «بغضب العمد» ، ويعتبرونه وصمة عار على القبيلة المجيرة ، قال شاعرهم :
... غصب العمد لا ترضى بصلحه(1/6)
... ... ... غضب العمد يدخل في البخوت
5-مثار القبالة : وهو إذا أنهيت قضية سواء بصلح أو بأحكام جاهلية اشترطت قبيلة الجاني على قبيلة المجني عليه أن يخرجوا لهم قبيلاً يضمن انتهاء القضية وليت الأمر يتوقف عند هذا ولكن هذا القبيل يعطونه قبيلة الجاني مبلغ مالي يسمى« بثوب القبالة» فإذا اعتدى أحد من قبيلته على هذه القبيلة التي أعطته مبلغ فإنه يصبح أسود وجه حتى يثور إما بسفك دم أو غرامة مالية يأخذها من قبيلته ويعطيها للقبيلة التي ضمن لهم انتهاء القضية.
4- الحكم بأيمان مغلظة مثل دين الخمسة أو العشرة أو الخمسة والعشرين أو دين الأربعين.
... فهذه أيمان يحكم بها مقاطع الحق وقد يخطون دوائراً في الأرض ويكلفون من حكموا عليه باليمين أن يدخل في هذه الدوائر . ولهم في ذلك صيغ كثيرة تختلف من مجتمع إلى مجتمع .
وإذا حكم مقطع الحق بدين الخمسة على قبيلة ولم يوجد إلا واحد من هذه القبيلة فإن مقطع الحق يكرر عليه اليمين خمس مرات . وقل مثل ذلك في دين العشرة والخمسة والعشرين....
ومن الأيمان كذلك لتي يحكمون بها دين «خصها والمثل» ويسمى بدين الوسية وصورته : «أن يحلف المعتدي وأقاربه أنهم لو كانوا مكان المعتدى عليهم أن يصلحوا كما يحبون من المعتدى عليهم أن يصلحوا ولهم في ذلك صيغ منها : «والله لو كنت بالمثل مثلك أن أخلص كما أريد منك أن تخلص . وصيغة ثانية : «والله لو كنا بالمثل مثلكم أن نبلع مبلعكم ونجزع مجزعكم».
أوضاع القبائل في هذا الزمان
معشر القبائل ...(1/7)
إن القبائل في هذا الزمان تتجه إلى الهاوية (1) إلا من رحم الله. القبائل تعيش فترةً عصيبةً خطيرة. القبائل تعيش حروباً طاحنةٍ فيما بينها. القبائل تعيش تفرقاً وتمزقاً وعداءاً وحسداً. القبائل تعيش في ضنك واضطراب. كثير من القبائل فقدتْ الأمن والأمان بسبب المشاكل بين أفرادها .. فهي تعيش في خوف وقلق، وقتل وتشريد، فأحاطت بها الكوارث واكتنفتها الفواجعُ وخيمت عليها الهموم، وخنقتها الغمومُ وهذا أمرٌ ظاهرٌ لذي عين لا يجادل فيه إلا جاهل أو مكابر..
سلم منا اليهود والنصارى وما سلم بعضنا من بعض. رماحنا مسددة لكنها إلى صدورنا، وسيوف بعضنا على بعض مصلته حال مخزية، محزنة، مبكية. أموال مسلوبة وأعراض مهتوكة ودماء مسفوكة. وأشلاءٌ ممزقة ما ننتهي من قضية إلا ويعقبها قضايا. ولا من حل مُشكلة إلا وقد ثارت مشاكل. خطوب تخطب وأحداثٌ تتحدث وقضايا تنطق. ويصدق في بعضنا قول الشاعر :
أسد علي وفي الحروب نعامةٌ
فتخاء تهرب من صفير الصافر
وهذه المشاكل من قتل واعتداءات تكثر في المجتمعات القبلية التي تتمسك بالعادات الجاهلية أما القبائل التي التزمت بالشريعة وحكمتها فتعيش في أمن وأمان ويسر ورخاء ومحبة ومودة وتعاون وتآلف فاعتبروا يا أولي الأبصار ومما يدل على هذا إحصائية وزارة العدل الصادرة لعام 1419هـ برقم 22 وقد ذكر في هذه الإحصائية عدد جرائم قتل العمد خلال عام واحد في هذه البلاد وقد بلغت ثلاثمائة وثماني وأربعين جريمة وأكثر هذه الجرائم وقعت في المناطق التي يتمسك أهلها بالعادات الجاهلية ففي منطقة عسير حيث تكثر هذه العادات بلغ عدد جرائم قتل العمد تسعاً وسبعين جريمة فاعتبروا يا أولي الألباب.
من المسئول وما هي أسباب هذه الشرور ؟
__________
(1) أقصد القبائل التي تتمسك بالعادات الجاهلية وتتحاكم إليها وتعرض عن الكتاب والسنة(1/8)
أما المسئولية فهي مشتركة بين الفاعل والراضي والساكت لكن ترتكز بشكل كبير على مشائخ القبائل ونوابها وأعيانها .
وأما أسباب التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية فكثيرة منها :
1. إعراض القبائل عن التحاكم إلى الكتاب والسنة.
2. ضعف الإيمان.
3. العصبية القبلية.
4. الطمعُ في الدنيا والتنافس عليها .
5. حب الرئاسة والمشيخة والنوابة والتسابق عليها.
6. الكبر والتفاخر بالأحساب والأنساب.
7. التقليد الأعمى.
8. إتباع الهوى.
9. تشرب نفوس كثير من أفراد القبائل برواسب العادات والتقاليد الموروثة .
10. حالقة الدين الحسد والبغضاء.
هذه هي الأسباب الجوهرية وغيرها كثير .
آثار التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية
معشر القبائل ..
أعظم الأسباب التي تسبب القطيعة والعداوة والبغضاء هو الإعراض عن تحكيم الكتاب والسنة والإقبال على التحاكم إلى الأعراف والعادات القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية .
إن التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية مصيبة كبرى وداهية دهياء وبلية بلياء وجاهلية عمياء. جاهلية نكتوي بنارها على مر العصور. فإلى متى وفئام من القبائل يتمسكون بهذا الركام المنحرف من الأعراف والعادات والسلوم. المخالفة لشرع الله ويسعون لاهثين وراء هذه الجاهلية الجهلاء التي فرقت شملهم وشتّتت جمعهم وجعلتهم أحزاباً وشيعاً متناحرة.
ومن الأدلة على أن التحاكم إلى العادات والأعراف سبب في المصائب والبلايا والشرور. قول الله عز وجل:
{ وإذا قِيلَ لَهُم تعَالَوا إلى ما أنْزَلَ اللهُ وإلى الرَّسُلِ رأيتَ المُنَافقينَ يَصُدُّونَ عنكَ صُدُوداً (61) فكيفَ إذا أصابَتهُم مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمتْ أيدِيهِم ثُمَّ جاءوكَ يحلِفُونَ باللهِ إنْ أرَدْنَا إلا إحْسانَاً وتَوفِيقاً } (سورة النساء، الآيات 61-62).(1/9)
وفي سنن ابن ماجة: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم - يا معشر المهاجرين: «خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونه وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً يأخذ بعض ما بين أيديهم وما حكم أئمتهم بغير ما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم».
معشر القبائل ...
إن التحاكم إلى العادات والسلوم قد جعل القبائل أشلاءً وأوصالاً متفرقة.
وكان يحلف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قائلاً: «والذي نفسي بيده ما حكم قوم بغير ما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم وقطعوا أرحامهم ومنعوا القطر من السماء».
قال ابن القيم رحمه الله: «لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما واعتقدوا عدم الإكتفاء بهما عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة في قلوبهم وكدر في أفهامهم ومحق في عقولهم وعمتهم هذه الأمور فلم يروها منكراً وغلبت عليهم حتى ربي عليها الصغير. وهرم عليها الكبير إلى أن قال رحمه الله: وإذا رأيت هذه الأمور قد أقبلت وراياتها قد نصبت فبطن الأرض والله خير من ظهرها. وقلل الجبال خير من السهول. ومخالطة الوحش آنس من مخالطة الناس. اقشعرت الأرض وأظلمت السماء و ظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة و قلت الخيرات وذهبت البركات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة...إلخ».(1/10)
فالإعراض عن تحكيم الكتاب والسنة سبب في ذهاب الخيرات وقلة البركات وسبب في الحروب والأزماتِ والنكباتِ والكوارثِ والمدلهماتِ. سبب في حبس المطر، وشدة الريح، وقصف الرعد، وهيجان البحر. وفساد الثمار ويبس الأشجار. وتعكير الجو .
قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ } سورة الروم، الآية: 41].
وللحكم بغير ما أنزل الله آثاره السيئة في فساد الحياة كلها. فقد استخلف الله الإنسان في الأرض ليعمرها بهداية السماء. فالأمة إذا أعرضت عن شريعة الله ضلت وتاهت وأخذت تعيش بلا ضمير ديني. والأمة إذا فقدت رادع الدين فإن القانون الوضعي لا يحول بينها وبين ارتكاب الجريمة فتنحرف حياة الفرد والمجتمع فإن النفس البشرية إذا لم تكن خاضعة لشريعة الله مزقتها الأهواء والشهوات وأورثتها الإضطراب والخلل والحيرة والفراغ.
فيا مشايخ القبائل أنتم المعنيون وعليكم من المسئولية قدرٌ كبيرٌ. افعلوا فعل سعد بن معاذ - رضي الله عنه - لما أسلم وكان شيخ قبيلة بني الأشهل قال ما أنا فيكم قالوا سيدٌ مطاع قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليًّ حرام حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فأسلموا جميعاً فلما مات اهتز لموته عرش الرحمن .
يا مشائخ القبائل.. يا نواب القبائل .. اتخذوا قراراً صادقاً شجاعاً بمقاطعة حكم الطاغوت ..
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تتردد
يا مشايخ القبائل .. أنتم مسئولون أمام الله عن قبائلكم. الحال كما ترون. ما أكبر مسئوليتكم أمام الله..
أرى خلل الرمادِ ودخان نار
ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النارَ بالعودين تذكى
وإن الحرب أولها كلام
إذا لم يطفئها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام
فيا عقلاء .. أطفئوا هذه الفتنة .. حكموا كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ..(1/11)
ولعل سائلاً أن يسأل ويقول وهل التحاكم إلى العادات والسلوم القبلية تحاكمٌ إلى الطاغوت ؟!!
والجواب: نعم وإليك البيان بالأدلة وأقوال العلماء رحمهم الله..
قال تعالى: { وأنِ احكُم بينَهُم بِما أنزَلَ اللهُ ولا تتَّبِع أهواءَهُم واحذرهُم أن يَفتِنُوك عن بعضِ ما أنزَلَ اللهُ إليكَ فإن تولَّوا فاعْلَم أنَّما يُريدُ اللهُ أن يُصِيبَهُم بِبَعضِ ذُنُبِهِم وإن كثيراً من الناسِ لفاسِقون (49) أفحُكمَ الجاهِليةِ يبغونَ ومن أحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً لِقومٍ يوقِنونَ } (سورة المائدة، الآيات 49-50).
وقال تعالى: { ألم ترَ إلى الذين يزعُمونَ أنهُم آمنوا بِما أُنزِلَ إليكَ وما أُنزِلَ من قبلِكَ يُريدونَ أن يتَحاكَموا إلى الطَّاغوتِ وقدْ أُمِروا أن يكفُروا بِهِ ويُريدُ الشيطانُ أن يُضِلَّهُم ضلالاً بعيداً (60) وإذا قيلَ لهُم تعَالَوا إلى ما أنزَلَ اللهُ وإلى الرسولِ رأيتَ المنافقينَ يَصُدُّونَ عنكَ صُدوداً } (سورة النساء، الآيات 60-61).
قال الإمام مجاهد بن جبر رحمه الله: الطاغوت الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر إلى أن قال بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم يُنزِلْها الله كسوالف البادية وكأوامر المطاعين ويعتقدون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر فإن كثيراً من الناس أسلموا ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية التي يأمر بها المطاعون فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز لهم الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار» انتهى كلامه رحمه الله (1) .
__________
(1) منهاج السنة النبوية.(1/12)
قال ابن القيم رحمه الله: «الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع فطاغوت كلِ قومٍ من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله. أو يعبدونه من دون الله. أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله».
وقال ابن كثير رحمه الله: «من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر» (1) .
وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: «الطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة إبليس لعنه الله ومن ادعى علم الغيب ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ومن عبد من دون الله وهو راض من حكم بغير ما أنزل الله» (2) .
وقال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله: «كل من تحاكم إلى غير الكتاب والسنة فقد تحاكم إلى الطاغوت وإن زعم أنه مؤمن فهو كاذب (3) .
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله: وهو يتكلم عن غربة الدين في البلاد اليمنية في عصره بعدما ذكر تضييعهم للشعائر الدينية. قال: «ومنها أنهم يحكمون ويتحاكمون إلى من يعرف الأحكام الطاغوتية منهم في جميع الأمور التي تنوبُهم وتعرض لهم من غير إنكار ولا حياء من الله ولا من عباده. ولا يخافون من أحد بل قد يحكمون بذلك بين من يقدرون للوصول عليهم من الرعايا. ومن كان قريباً منهم وهذا الأمر معلوم لكل أحد من الناس لا يقدر أحد على إنكاره أو دفعه وهو أشهر من نار على علم. ولا شك ولا ريب أن هذا كفر بالله سبحانه وتعالى، وبشريعته التي أمر بها على لسان رسوله واختارها لعباده في كتابه وعلى لسان رسوله بل كفروا بجميع الشرائع من آدم عليه السلام إلى الآن وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية (4) .
__________
(1) تفسير ابن كثير.
(2) الأصول الثلاثة.
(3) القول السديد في شرح كتاب التوحيد.
(4) رسالة الدواء العاجل في دفع العدو الصائل.(1/13)
وسئل الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن عما يحكم به أهل السوالفِ من البوادي وغيرهم من عادات الآباء والأجداد هل يطلق عليهم بذلك الكفر بعد التعريف فأجاب من تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله بعد التعريف فهو كافر قال تعالى: { ومن لم يحكُم بما أنزَلَ اللهُ فأولائِكَ هم الكافِرونَ } (سورة المائدة، آية 44). وقال تعالى: { أفغيرَ دِينِ اللهِ يبغُونَ (سورة آل عمران، آية 83) (1) .
فيا قبائل الإسلام :
مسألة التحاكم إلى العادات القبلية من الأمور التي تنافي التوحيد فمن نواقض الإسلام من اعتقد أن غير هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون أحكام الطواغيت على أحكام الشريعة وقد روى الإمام أحمد في مسنده أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة» (2) .
قال الإمام ابن القيم في نونيته :
والله ما خوفي الذنوب فإنها
لعلى سبيل العفو والغفران
لكنما أخشى انسلاخ القلب من
... ... ... تحكيم هذا الوحي والقرآن
ورضا بآراء الرجال وخرصها
لا كان ذاك بمنة الرحمان
ذكر بعض المفسرين أنه اختصم رجلان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما نترافع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال الآخر إلى كعب ابن الأشرف من «أحبار اليهود» ثم ترافعا إلى عمر بن الخطاب فذكر له أحدهما القصة فقال للذي لم يرضْ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أكذلك قال نعم فضربه بالسيف فقتله ثم نزلت هذه الآية: { ألم ترَ إلى الذين يزعُمونَ أنهُم آمنوا بِما أُنزِلَ إليكَ وما أُنزِلَ من قبلِكَ يُريدونَ أن يتَحاكَموا إلى الطَّاغوتِ وقدْ أُمِروا أن يكفُروا بِهِ } (سورة النساء، آية 60) (3) .
__________
(1) الدرر السنية
(2) رواه أحمد وغيره بإسناد جيد.
(3) كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.(1/14)
وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله: عند هذه الآية:
{ أفحُكمَ الجاهِليةِ يبغونَ ومن أحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً لِقومٍ يوقِنونَ } (سورة المائدة، آية 50).
بعدما ذكر قول ابن كثير رحمه الله قال: قلت ومثل هؤلاء ما وقع فيه عامة البوادي ومن شابههم من تحكيم عادات آبائهم وما وضعه أوائلهم من الموضوعات الملعونة التي يسمونها شرع الرفاقة يقدمونها على كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله. أ.هـ (1) .
وقد قسم الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية سابقاً رحمه الله. كفر الحكم بغير ما أنزل الله إلى كفر اعتقاد وكفر عمل ثم قسم كفر الاعتقاد المخرج من الملة إلى ستة أقسام وهي كالتالي بتصرف:
1- أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية الحكم لله ولرسوله فهذا كفر أكبر مخرج عن الملة.
2- أن لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله ورسوله حقاً لكن أعتقد أن حكم غير الرسول أحسن من حكمه وأتم وأشمل. وهذا كفر أكبر مخرج عن الملة. لذلك أوجه التحذير لبعض القبائل الذين يقولون ما يقطع النزاع إلا التحاكم للعادات والسلوم.
3- أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله لكن أعتقد أنه مثله. وهذا كفر أكبر مخرج من الملة. ومن المضحكات المبكيات أني سمعت أحد الناس من أعيان القبائل يقول حكم القاضي مثل أحكام القبائل ولا فرق بينهما. فنسأل الله العافية.
فقل للعيون الرمد للشمس أعينٌ
تراها بحق في مغيب ومطلع
وسامح عيوناً أطفأ الله نورها
بأهوائها لا تستفيق ولا تعي
4- أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله لكن أعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله. وهذا كفر أكبر مخرج من الملة.
__________
(1) سبيل النجاة والفكاك.(1/15)
5- (القانون الوضعي) وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأصيلاً، وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً، ومراجع ومستندات. فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات، «مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ». فلهذه المحاكم مراجع، هي: «القانون الملفق من شرائع شتى، وقوانين كثيرةٍ، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك»....
6- ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها سلومهم يتوارثون ذلك منهم ويحكمون به ويحضون على التحاكم إليه عند النزاع بقاءً على أحكام الجاهلية وإعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله. وهذا النوع كفر أكبر مخرج عن الملة.
أما القسم الثاني وهو كفر العمل. الذي لا يخرج من الملة. وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى. وهذا وإن لم يخرجه عن الملة فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر كالزنا وشرب الخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها. فإن معصية سماها الله في كتابه كفراً. أعظم من معصية لم يسمها كفراً (1) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: تحكيم القوانين والأعراف القبلية منكر لا يجوز والواجب تحكيم شرع الله. كما قال سبحانه: { فلا وربِّكَ لايؤمنونَ حتى يُحَكِّموكَ فيما شَجرَ بينَهُم ثمَّ لايجِدوا في أنفُسِهِم حَرَجاً مما قَضيتَ ويُسَلِّموا تسلِيماً } (سورة النساء، آية 65). وعلى القبيلة أن ترجع إلى حكم الله ولا ترجع إلى قوانينها وأعرافها وسوالف آبائها (2) .
__________
(1) رسالة تحكيم القوانين.
(2) فتاوى ابن باز.(1/16)
وقال رحمه الله (1) : في رسالته «وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه» ولا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس وآراءهم خير من حكم الله ورسوله أو تماثلها أو تشابهها أو تركها وأحل محلها الأحكام الوضعية والأنظمة البشرية وإن كان معتقداً أن أحكام الله خير وأكمل وأعدل.
وقال أيضاًُ في رد على مقال بعنوان (قوانين القبائل والدعوة إلى إحيائها) : « .. في إحياء العادات القبلية والأعراف الجاهلية ما يدعو إلى ترك التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفي ذلك المخالفة لشرع الله المطهر ، .. إلى أن قال رحمه الله : (يجب على جميع المسلمين أن يتحاكموا إلى كتاب الله سبحانه وتعالى ، وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء ، لا إلى العادات والأعراف القبلية، ولا إلى القوانين الوضعية ، قال الله سبحانه وتعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } وقال سبحانه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً } . وقال تعالى : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } . وقال عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .
__________
(1) سلسلة شرح الرسائل للفوزان.(1/17)
فيجب على كل مسلم أن يخضع لحكم الله ورسوله ، وأن لا يقدم حكم غير الله ورسوله – كائناً من كان –على حكم الله ورسوله ، فكما أن العبادة لله وحده فكذلك الحكم له وحده ، كما قال سبحانه : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ } .
فالتحاكم إلى غير كتاب الله سبحانه وتعالى وإلى غير سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، من أعظم المنكرات ، وأقبح السيئات ، .. إلى قوله : فلا إيمان لم يحكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في أصول الدين وفروعه، وفي كل الحقوق، فمن تحاكم إلى غير الله ورسوله فقد تحاكم إلى الطاغوت .
وبهذا يُعلم أنه لا يجوز إحياء قوانين القبائل وأعرافهم وأنظمتهم التي يتحاكمون إليها بدلاًَ من الشرع المطهر الذي شرعه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ، بل يجب دفنها وإماتتها والإعراض عنها ، والإكتفاء بالتحاكم إلى شرع الله سبحانه وتعالى ، ففيه صلاح الجميع وسلامة دينهم ودنياهم ، وعلى مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بالأعراف التي لا أساس لها من الدين ، وما أنزل الله بها من سلطان ، بل يجب أن يردوا ما تنازع فيه قبائلهم إلى المحاكم الشرعية ، وذلك لا يمنع الصلح بين المتنازعين بما يزيل الشحناء ويجمع الكلمة ويرضي الطرفين بدون إلزام، على وجه لا يخالف الشرع المطهر ....إلخ (1) .
وقال الشيخ صالح البليهي رحمه الله: الحكم بغير ما أنزل الله زندقة وإلحاد. وجور وفساد وظلم للعباد وربك للظالمين بالمرصاد (2) .
وقال رحمه الله: وقد جاء في القرآن الكريم أكثر من مائة وخمسين آية كلها صريحة في وجوب الحكم بما أنزل الله (3) .
__________
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ، المجلد 8 ، ص 272.
(2) السلسبيل في معرفة الدليل.
(3) السلسبيل في معرفة الدليل.(1/18)
واسمع رعاك الله إلى هذا الكلام النفيس لكل من الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، والشيخ عبدالرزاق عفيفي رحمه الله. والشيخ عبدالله بن قعود رحمه الله والشيخ عبدالله ابن غديان حفظه الله يقولون: المراد بالطاغوت في قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ } (سورة النساء، آية 60). كل من عُدل عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى التحاكم إليه من نظم وقوانين وضعية، وتقاليد وعادات متوارثة أو رؤساء قبائل يحكمون بينهم في ذلك. أو ما يراه زعيم الجماعة أو شيخ القبيلة أو الكاهن ولذلك يتبين أن النظم التي وضعت ليتحاكم إليها مضاهاة لتشريع الله داخلة في معنى الطاغوت (1) .
__________
(1) فتاوى اللجنة الدائمة.(1/19)
وقال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للأصول الثلاثة (1) شارحاً رؤوس الطواغيت : «الثاني : من حكم بغير ما أنزل الله ، هذا يعم كل من حكم بغير ما أنزل الله بين الناس في الخصومات والمنازعات ، حكم بينهم بالقانون أو بعوايد البدو والسلوم التي عليها البدو والقبائل ، وأعرض عن كتاب الله . هذا هو الطاغوت . يحكمون بغير ما أنزل الله، ويدعون أن هذا من الإصلاح والتوفيق بين الناس ، هذا كذب ، الإصلاح لا يكون إلا بكتاب الله ، والتوفيق بين الناس والمؤمنين لا يكون إلا بكتاب الله . { فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً* وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً* فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } .
وقال في شرحه لنواقض الإسلام (الرابع : من اعتقد أن غير هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه ، فهو كافر).
__________
(1) سلسلة شرح الرسائل ، للفوزان ، ص 302.(1/20)
قال : (من أنواع الردة الحكم بغير ما أنزل الله ، إذا اعتقد أن هذا أمر مباح ، وأنه يجوز أن يحكم بالشريعة ، ويجوز أن يحكم بالقوانين ، ويقول : المقصود حل النزاعات، وهذا يحصل بالقوانين ، ويحصل بالشريعة ، فالأمر متساو، نقول : سبحان الله ، تجعل حكم الطاغوت مثل حكم الله!! تحكيم شرع الله هذا عبادة لله عز وجل ، ليس القصد منه فقط حل النزاع ، القصد منه العبادة بتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى ، وتحكيم غيره شرك ، شرك في الطاعة وشرك في الحكم ، (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ، (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) ، (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم) . إلى قوله : (سبحانه عما يشركون) ، فسماه شركا ، فالذي يسوي بين حكم الله وحكم الطاغوت ، والطاغوت المراد به : كل حكم غير حكم الله، سواء عوايد البادية ، أو أنظمة الكفار ، أو قوانين الفرنس أو الانجليز ، أو عادات القبائل ، كل هذا طاغوت ، وكذا تحكيم الكهان ، فالذي يقول : إنهما سواء كافر ،, وأشد منه من يقول : إن الحكم بغير ما أنزل الله أحسن من الحكم بما أنزل الله ، هذا أشد ، فالذي يقول الناس ما يصلح لهم اليوم إلا هذه الأنظمة ، ما يصلح لهم الشرع. الشرع ما يطابق لهذا الزمان ، ولا يساير الحضارة ، ما يصلح إلا تحكيم القوانين ، ومسايرة العالم ، تحكون محاكمنا مثل محاكم العالم ، هذا أحسن من حكم الله، هذا أشد كفراً من الذي يقول : إن حكم الله وحكم غيره متساويان ، أما إذا حكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه، أو جهل بما أنزل الله ، وهو يعتقد أن حكم الله هو الحق، وهو الواجب ، فهذا فعل كبيرة من كبائر الذنوب ، وذلك كفر دون كفر » (1) .
__________
(1) رسالة شرح نواقض الإسلام للفوزان ، ص 223-225.(1/21)
فيا قبائل الإسلام.. أبعد هذه البراهين نُصِرَ على الأحكام الجاهلية الطاغوتية، يقول الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لا يصح دين الإسلام إلا بالبراءة من الطواغيت وتكفيرهم.
وللأسف الشديد أن العامة يسمون هؤلاء الذين يحكمون بغير ما أنزل الله مقاطع حق أو حقوق" هم والله مقاطع الشر والفتنة.
وأذكر هذه القصة التي حدثت لي مع أحدهم حتى يتبين عوارُهم ويظهر زيفهم وينكشف باطلهم للناس. ناقشت أحدهم في بعض العادات التي يحكم بها بين الناس. فطرح عليَّ سؤالاً هذا نصه: أتاني أناسٌ متخاصمون وكل منهم أدلى بحجته فحكمت في القضية وقلت لهم القضية ليس فيها إلا دم. يعني سفك دم محرم. والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» (1) وهذا يُبيح الدم الحرام استناداً للعادات والسلوم القبلية البائدة. أفبعد هذا نتستر عليهم, ونجاملهم ونقول إنما يقومون به صلح. معاذ الله ليس من الصلح في شيء.
أتى عدي بن حاتم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ:
{ اتَّخذوا أحبَارَهُم ورُهبانَهُم أرباباً من دونِ اللهِ } (سورة التوبة، آية31).
فقال عدي يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه قال عدي بلى قال - صلى الله عليه وسلم - فتلك عبادتهم» (2) .
سؤال :
__________
(1) رواه مسلم.
(2) رواه أحمد والترمذي وحسنه.(1/22)
من الذي أباح للقبائل المثارات الجاهلية ؟ من الذي شرع ما يسمى بمثار الخال ؟ من الذي أباح دماء الناس بحجة أنها مثار؟ من الذي أباح أموال الناس بحجة أنها مثار خال أو ضيف أو خوي ؟ هل شريعة الله ناقصة حتى يكملها هؤلاء بهذه الخُرافات ؟ معاذ الله. إن شريعة الله كاملة لا نقص فيها ولا تقصير. ولكنها العصبية الجاهلية { وإذا قيلَ لهُم أتَّبِعوا ما أنزَلَ اللهُ قالوا بل نتَّبِعُ ما ألفينا عليهِ آباءَنَا } (سورة البقرة، آية 170).
يا قبائل الإسلام إن المسلم يكفيه دليل واحد من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قولوا كما قال الصحابة سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، ولا تكونوا كاليهود الذين قالوا سمعنا وعصينا .
وإليكم هذه الفتوى الشافية الكافية في هذا الموضوع وقد صدرت من اللجنة الدائمة للإفتاء في هذه البلاد وهي برقم ثلاثة وعشرين ألف ومائتين وأحد عشر (23211) وهذا نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم
المملكة العربية السعودية ... الرقم:
الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء ... التاريخ:
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ... المشفوعات:
هذه الفتوى برقم (23211) وتاريخ 19/2/1426هـ وهذا نصها:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد:(1/23)
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي/ فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن المطلق القاضي بمحافظة يدمه، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 5927 وتاريخ 24/10/1425هـ وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه: «فلا يخفى على شريف علمكم ما ينتشر في المنطقة الجنوبية من بلاد الحرمين من عادات وأعراف قبلية تتضمن الكثير من المخالفات الشرعية، والتحاكم لغير شرع الله، وذلك بسبب النظام القبلي الذي يخيم على تلك المنطقة، لذا ومن هذا المنطلق وبراءة للذمة فإنا نكتب لسماحتكم ببعض تلك الأعراف والعادات، آملين من سماحتكم أن يصدر بها فتوى من الهيئة الدائمة للإفتاء، وبعثها إلينا، لنتمكن من طباعتها ونشرها بين الناس».
وقد جاء بيان عن بعض هذه الأعراف والعادات مرفق بالخطاب المذكور آنفاً، ونصه: «التحاكم إلى بعض العارفين بالأحكام القبلية ويسمى (المقرع) (الحق) (عراف القبائل) فمثلاً: لو حضر عند ذلك المقرع الأخصام أخذ عليهم قبل الحكم ضمانات على أن يقبلوا بحكمه كأن يأخذ على ذلك كفلاء أو يرهن بنادق الأخصام عنده ثم يسمع منهم، ويحلفهم الأيمان، ويسمع شهادات الشهود عند الاقتضاء، ويحكم بعد ذلك. وإن لم يقبلوا بحكمه أصبح خصماً لمن لم يقبل عند (مقرع حق) أعلى درجة منه، ويصبح عدم القبول سبة على صاحبه. علماً بأن الذهاب لهؤلاء المحكمين قد يكون برضاء الطرفين واتفاقهم، وقد يكون بطلب طرف ويلزم الطرف الآخر اجتماعياً بقبول التحاكم لهذا المقرع.
ومما ينبغي الإشارة إليه أن هؤلاء الطرفين لا يُقرون بأن ما يقومون به حكم، وإنما يرون أنه صلح وأنه يقطع كثيراً من النزاعات، ويحفظ كثيراً من الشرور.
المثارات :
هي جمع مثار وله عدة أنواع منها:
مثار العاني:(1/24)
والمراد بالعاني: القريب من جهة الأم كالخال وأبنائه وأبناء الخالات، فإذا كنت مثلاً من قبيلة وأخوالي من قبيلة أخرى واعتدى أحد من قبيلتي على خالي أو أحد أبنائه فلا بد أن أقوم بأخذ المثار له. والمثار عبارة عن مبلغ مالي أقوم بأخذه من الجاني أو عصبته يتراوح بين (15000) أو أكثر وأعطيه لخالي كرد اعتبار له، فإذا فعلت ذلك قال: «بيض الله وجهك» علماً بأن هذا المبلغ لا علاقة له بأرش الجناية، ولا يعد صلحاً في القضية، وإنما رد اعتبار للخال ثم للمجني عليه أن يصلح مع الجاني أو يقتص منه. وفي حال رفض الجاني أو أقاربه دفع المثار لي تحدث مشكلة بيني وبينهم، قد تصل إلى سفك الدماء.
مثار الجار :
وهو فيما لو اعتُديَّ على جاري ولم أتمكن من نصرته بيدي فلا بد من أن أخذ مبلغ مالي من الجاني أو أقاربه وأعطيه له كرد اعتبار لكونه جاري، ثم بعد ذلك هو حر في إنهاء المشكلة التي بينه وبينهم.
مثار الخوي :
وهو قريب من السابق، ولكن يكون فيما لو كنت مسافراً أو راكباً مع شخص أو هو راكب أو ماش معي واعتدى أحدٌ عليه ولم أتمكن أن أقوم بنصرته بيدي لصغر سن أو نحو ذلك فلا بد أن أدخل في الموضوع وأطالب الجاني وأقاربه بدفع مبلغ مالي لخويي كرد اعتبار له.
دين الخمسة أو العشرة أو يزيد :
وهو نوع من الأيمان يقوم بتحليفه الأشخاص الذين يتحاكمون إليهم الناس لإنهاء نزاعاتهم، وذلك في حال لو كانت هناك قضية سابقة جناية مثلاً من شخص على لآخر وانتهت بصلح معين فإنه يؤخذ كفلاء على الأطراف بانتهاء القضية وعدم قيام أحد الأطراف بالاعتداء على الآخر.(1/25)
فإذا حصل بعد هذا الصلح أن اعتدى طرف على آخر وتحاكموا لشيخ القبيلة أو ما يسمونه (الحق) في عرفهم فإنه يأخذ عدد من أقارب المعتدي، يتوقف عددهم على نوع القضية ويبدأ العدد من خمسة ومضاعفاتها إلى أربعة وأربعين في حال حدوث قتل، ويقوم بعمل دائرة في الأرض بحسب عددهم، ويدخل من سيحلف فيها ثم يحلفهم الأيمان المغلظة بأنهم لم يُغروا الجاني على الجناية ولم يعلموا بها ولم يرضوا بها، ولهم في التحليف صيغ منها أن يقول الحالف: (حرحرية بربرية تقطع المال والذرية، أننا لا أهرينا ولا أغرينا ولا رضينا ولا همينا ولا تمالينا في هذه الجناية إلى آخره...).
الغرم :
وهو فيما لو حكم على الجاني من قبل من يسمى (الحق) وهو من نصب نفسه للحكم بين الآخرين بالأحكام القبلية، وحكم على أحد الخصوم بغرم مالي فيلزم قبيلته أن تعينه في دفع هذا الغرم، ويوزع الغرم على رجال القبيلة بالتساوي، ويضاف إلى الغرم المثار الذي سبق بيانه».
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن ما ذكر من الحكم والتحاكم إلى الأحكام العرفية والمبادئ القبلية، كالثارات ودين الخمسة أو العشرة والغرم وغيرها كل هذه ليست أحكاماً شرعية، وإنما هي من الأحكام القبلية التي لا يجوز الحكم بها بين الناس، ويحرم على المسلمين التحاكم إليها، لأنها من التحاكم إلى الطاغوت الذي نهينا أن نتحاكم إليه، وقد أمرنا الله بالكفر به في قوله تعالى: { ألم ترَ إلى الذين يزعُمونَ أنهُم آمنوا بِما أُنزِلَ إليكَ وما أُنزِلَ من قبلِكَ يُريدونَ أن يتَحاكَموا إلى الطَّاغوتِ وقدْ أُمِروا أن يكفُروا بِهِ ويُريدُ الشيطانُ أن يُضِلَّهُم ضلالاً بعيداً } (سورة النساء، آية 60).
ولا يحل لمشايخ القبائل ولا لغيرهم الحكم بين الناس بما تمليه الأعراف والمبادئ القبلية السابق ذكرها، بل الواجب عليهم أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية امتثالاُ لأمر الله عز وجل في قوله تعالى:(1/26)
{ وأنِ احكُم بينَهُم بِما أنزَلَ اللهُ ولا تتَّبِع أهواءَهُم } (سورة المائدة، آية 49)، وقوله تعالى: { ومن لم يحكُم بما أنزَلَ اللهُ فأولائِكَ هم الكافِرونَ } (سورة المائدة، آية 44)،
{ ومن لم يحكُم بما أنزَلَ اللهُ فأولائِكَ هم الظالمون) (سورة المائدة، آية45). وقوله: { ومن لم يحكُم بما أنزَلَ اللهُ فأولائِكَ هم الفاسقون } (سورة المائدة، آية 47). وقوله تعالى: { فلا وربِّكَ لايؤمنونَ حتى يُحَكِّموكَ فيما شَجرَ بينَهُم ثمَّ لايجِدوا في أنفُسِهِم حَرَجاً مما قَضيتَ ويُسَلِّموا تسلِيماً } (سورة النساء، آية65). والواجب على الجميع التحاكم إلى شرع الله المطهر. والله ولي التوفيق.،،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... الرئيس
صالح بن فوزان الفوزان ... عبدالله بن عبدالرحمن الغديان ... عبدالعزيز بن عبدالله ابن محمد آل الشيخ
عضو ... عضو ... عضو
عبدالله بن محمد المطلق ... عبدالله بن علي الركبان ... أحمد بن علي سير المباركي
وإليك أخي القارئ هذه الفتوى من اللجنة الدائمة للإفتاء
في هذه البلاد فتوى رقم ( 1856 ) وتاريخ 3/2/1417 هـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد ..
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي / أحمد جابر الذيب والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم ( 509 ) وتاريخ 24/1/1417هـ وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه: نحن نواب قبائل آل وائلة بتهامة عسير نقوم بالنظر في بعض القضايا وذلك بقصد ردع أفراد القبيلة وسعيا في تخفيف المشاكل وهي كالآتي:(1/27)
1- اللاذة: وهي أنه إذا حصل خصومة بين شخصين أحدهما يطلب حقه من الآخر فالذي عليه الحق يستليذ بشخص آخر ويقوم الأخير بردع صاحب الحق ويطلب منه عدم مطالبة الشخص الذي لاذ به وإذا عاد صاحب الحق وطالب بحقه من خصمه مرة ثانية فإن المليذ به يثور باثني عشر رأسا من الغنم يسلمها للشخص الذي لاذ به ثم يعود المليذ فيذهب مع صاحب الحق الأول إلى النائب ويلزمه النائب بتسليم اثني عشر رأسا من الغنم للمليذ فلا أخذ صاحب الحق حقه وألزم بدفع إثني عشر رأسا من الغنم من وراء مطالبته بحقه .
2- عدالة إذا حصلت قضية طعن بالسكين أو إطلاق نار على شخص فإن المعتدي والمعتدى عليه يجلسون عند نائب القبيلة ويتولى النظر في قضيتهم ليفض النزاع على النحو الآتي:
يقوم النائب بقوله: أنا أحكم بينكما بشرط أن تقبلوا حكمي ويمسحون على لحاهم قابلين بحكمه مهما كان ثم يحكم على الطاعن أو الضارب بما يراه من عشر إلى خمسمائة رأس من الغنم ويقبل هذا الحكم وينفذه كل منهما
قضايا الحدود:
السرقة: عند قيام شخص بسرقة رأس من الغنم فحين التعرف عليه فإنه يلزم بدفع اثني عشر رأسا من الغنم نكالا له وردعا لغيره .
فهل يعتبر نظرنا في مثل هذه القضايا من الحكم بغير ما أنزل الله ؟ أفتونا ووجهونا بارك الله فيكم ؟
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:(1/28)
ما ذكر في السؤال من عادات وأعراف قبلية هي أحكام جاهلية لا يجوز التحاكم إليها ولا الرضا بها والواجب على المسلمين أينما كانوا التحاكم إلى الشريعة الإسلامية ونبذ الأحكام المخالفة لها لقوله تعالى: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } [المائدة: 49] وقوله سبحانه: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [النساء: 59] وقوله: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [المائدة: 50] وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للافتاء برئاسة الشيخ / عبدالعزيز بن باز رحمه الله
* * *
شبهة شيطانية والرد عليها
هنا شبهة شيطانية يجريها الشيطان على ألسنة أوليائه وهي قولهم: إذا ما حكمنا بين القبائل بالعادات والأعراف تفاسدوا وتقاتلوا. ولقد أجاب على هذه الشبهة الشيخ العلامة سليمان بن سحمان رحمه الله بتقرير ثلاث مقامات، نذكرها «بتصرف يسير»:
أولها: أن الفساد الواقع في الأرض من قتل النفوس ونهب الأموال إنما هو بسبب تضييع أوامر الله وارتكاب نواهيه قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ } (سورة الروم ، آية 41). فلما حكم الناس بأحكام الطواغيت سلط الله بعضهم على بعض .
ثانيها: أن يقال إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر وقد ذكر الله في كتابه أن الكفر أكبر من القتل قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } [البقرة: 217] والفتنة هي الكفر فلو اقتتلت البادية والحاضرة حتى يذهبوا جميعاً لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتاً يحكم بخلاف شريعة الإسلام التي بعث الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - .(1/29)
ثالثها: إذا كان هذا التحاكم كفراً والنزاع إنما يكون لأجل دنيا فكيف يجوز لك أن تكفر من أجل ذلك فلو ذهبت دُنياك كلها لما جاز لك المحاكمة إلى الطاغوت، ولو اضطرك مضطر فخيرك أن تتحاكم إلى الطاغوت أو تبذل دنياك لوجب عليك البذل ولا يجوز لك المحاكمة إلى الطاغوت أ.هـ (1) . فكثيرٌ من الناس يذهبون للطواغيت من أجل المال. فالضربة التي يحكم فيها القاضي بخمسة آلاف يحكم فيها مقاطع الحق كما يسمونهم مائة ألف. فترى أكثرهم إذا كان له خصومة تنازل عند القاضي وتنازله هذا إنما هو مخادعة يريد الأحكام الجاهلية ولذلك أغلب القضايا التي تحصل عندنا في جهاتنا حسب علمي أن الشرع لم يبت فيها وإنما تُنهى هذه القضايا عن طريق مشائخ القبائل والعراف. وحتى لو حكم فيها القاضي فإنهم سوف يُحكمون المجني عليه مرة ثانية ولذلك كثير من القبائل في بعد عن شرع الله بل لا يعتبرون شرع الله كافياً لحل النزاعات فاللهم أصلح أحوالنا.
__________
(1) الدرر السنية.(1/30)
فيا معشر العقلاء.. ويا جماعات الأذكياء وأولي النهى! كيف ترضون أن تجرى عليكم أحكام أمثالكم وأفكار أشباهكم أومن هم دونكم ممن يجوز عليهم الخطأ بل خطأهم أكثر من صوابهم بكثير بل لا صواب في حكمهم إلا ما هو مستمد من حكم الله ورسوله نصا أو استنباطا، تدعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم وفي أموالكم وسائر حقوقكم ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحكم الله ورسوله الذي لا يتطرق إليه الخطأ ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وخضوع الناس ورضوخهم لحكم ربهم خضوع ورضوخ لحكم من خلقهم تعالى ليعبدوه فكما لا يسجد الخلق إلا لله ولا يعبدون إلا إياه ولا يعبدون مخلوقاً فكذلك يجب ألا يرضخوا ولا يخضعوا إلا لحكم الحكيم العليم الحميد الرؤوف الرحيم دون حكم مخلوق الظلوم الجهول الذي أهلكته الشكوك والشهوات والشبهات واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات فيجب على العقلاء أن يربؤوا بنفوسهم عنه لما فيه من الاستعباد لهم والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض والأغلاط والأخطاء فضلا عن كونه كفر بنص قوله تعالى: { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [[المائدة: 44] (1) .
فلو سألت هؤلاء المعاندين الذين يصرون على التحاكم إلى العادات القبلية الجاهلية من خلق الإنسان فسيقولون الله. ولو سألتهم هل يعلم الله طبيعة هذا الإنسان وتركيبته ؟ سيقولون نعم أفلا يتركون هذا الإنسان يسير على شرع الله وعلى نهجه الذي ارتضاه لخلقه .
إن الله يريد من هذا الإنسان أن يستقيم على شرعه وأن يلتزم بدينه حتى ينال سعادة الدنيا والآخرة. فتشريعه سبحانه يخلو من الهوى إنه تشريع رباني بخلاف القوانين البشرية التي تخضع للأهواء والأغراض الدنيوية. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
__________
(1) تحكيم القوانين للشيخ / محمد بن إبراهيم بتصرف يسير(1/31)
وفي هذه الرسالة أنبه على بعض المسائل التي ينبغي التنبه لها:
المسألة الأولى: علينا أن نفرق بين الصلح الشرعي والتحاكم إلى العادات والأعراف القبلية
فكثير من القبائل يتحاكمون لعاداتهم وأعرافهم فيما يسمى بالملافي ويسمون ذلك صلحاً وهو ليس بصلح لما يحصل فيه من المخالفات الخطيرة للشريعة ولأنه مستمد من القوانين الجاهلية فتراهم ينبطحون على بطونهم ويزحفون ويترابطون بالحبال. وهذا خضوع لغير الله محرم. وكذلك يشترط عليهم المجنى عليه أن يخرجوا له قبيلاً ليضمن له جميع ما اشترط عليهم ولو كان جوراً أو ظلماً وكذلك يحصل في هذه الملافي أيمان يحلفون بها وهم في خطط وهي ما يسمى في السلوم والعادات بدين الاثني عشر حالف ثم بعد إنهاء القضية تختار قبيلة الجاني من قبيلة المجنى عليه قبيلاً يضمن إنهاء الصلح ويعطونه مبلغاً من المال. وإذا انتقضت القضية فهذا القبيل يصبح أسود وجه حتى يثور والمثار إما سفك دم أو مبلغ من المال.
وتراهم قبل المثار يكتبون عبارة سود الله وجه فلان على الطرقات وفي الأماكن العامة. وقد انتقض في جهاتنا بعض القضايا وكان مثارها مائة وعشرين ألف ريال (120?000) غير إرش الجناية فالقبيل هو طرف ثالث في القضية.
فمن الذي شرع هذه الترهات والتلاعب بأموال المسلمين فهذه الأمور أحكام جاهلية وليست بصلح.
... والدعاوي إن لم يقيموا عليها
... ... ... بينات أصحابها أدعياء
والأسماء لا تغير شيئاً من الحقائق .
فالصلح الشرعي المطلوب ليس فيه الزام ولا يرجع للقوانين الجاهلية ولا يكون له صفة دائمة لا تتغير ولا يكون له أناس معينون بحيث لا يصلح غيرهم ولا يتم الصلح إلا بوجودهم. ولا يخالف شرع الله في شيء فلا يكون في الصلح الشرعي ما يخالف الكتاب والسنة والإجماع ولا يكون فيه ما يصادم مصلحة للمسلمين ولا يكون فيه إسراف ولا ظلم ولا يكون في تحليل للحرام أو تحريم للحلال .(1/32)
إذاً علينا أن نفرق بين الصلح الشرعي وبين الحكم بالعادات والتقاليد. وقد تظافرت الأدلة على مدح الصلح. قال تعالى: { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } [النساء: 128].
وقال تعالى: { إنما المؤمنونَ إخوةٌ فأصلِحوا بين أخويكم } . (سورة الحجرات، آية 10).
وقال تعالى: { لا خيرَ في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمرَ بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناسِ ومن يفعل ذلك ابتِغاءَ مرضاتِ اللهِ فسوف نؤتيهِ أجراً عظيماً } (سورة النساء، آية 114).
وقال تعالى : { فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } [الأنفال: 1] وقال - صلى الله عليه وسلم - «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما» (1) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا» (2)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين الحالقة» (3) .
فيا مصلحون قوموا بواجبكم في الإصلاح بين الناس. فإن الوضع خطير. أين المصلحون الذين يصلحون الصلح الشرعي. ما أعظم أجرهم عند الله. فإن الناس في هذه الأيام يعيشون قطيعة لا يعلمها إلا الله. دب إليهم داء الأمم من قبلهم الحسد والبغضاء. أعرف إخواناً أشقاء متهاجرين منذ سنوات طويلة من أجل حطام الدنيا الرخيص فأين العفو وأين التسامح قال تعالى: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } [الشورى: 40]، وقال تعالى: { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } . [الحجر: 85]، وقال تعالى: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا } [النور: 22]، وقال تعالى: { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 134].
__________
(1) رواه أهل السنن إلا النسائي
(2) متفق عليه
(3) رواه الترمذي.(1/33)
وانظر إلى أحد الزعماء (1) الذي عفا عن قبيلته ولم يقابل الإساءة بإساءة وإنما قابل الإساءة بالعفو والمسامحة والإحسان يقول شعرا :
وإن الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لمختلف جدا
إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم
قدحت لهم في كل مكرمة زندا
وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدَا
قال ابن القيم رحمه الله عن الصلح: «فالصلح الجائز بين المسلمين هو أن يعتمد فيه رضا الله سبحانه ورضا الخصمين فهذا أعدل الصلح وأحقه وهو يعتمد العلم والعدل فيكون المصلح عالماً بالوقائع عارفاً بالواجب قاصداً العدل، فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم».
ومما سبق يتبين لنا معنى الصلح الشرعي وفضله ولكن للأسف أن البعض يتحاكمون إلى أحكام الجاهلية ويسمون ذلك صالحاً وهذا من باب الخداع والأسماء لا تغير الحقائق .
وحقيقة الأمر أن كثيراً من أفراد القبائل يعرفون الفرق بين الصلح وبين الحكم بغير ما أنزل الله ولكنهم يدلسون على القضاة وطلاب العلم ويقولون هذا صلح حتى لا ينكر عليهم أحد. وهم يعلمون بأنه ليس بصلح ومما يدل على ذلك أنهم إذا ذهبوا لقاضي ليحكم بينهم وقال لهم سوف أصلح بينكم قالوا ما نريد صلح ما نريد إلا الحكم والحق كما يقولون فهم يرفضون الصلح ويصرون على التحاكم إلى قوانين مقننة ومعروفة.
المسألة الثانية التي أنبه القبائل عليها :
هي مسألة أخذ ثلث الدية من المجنى عليه وهذا حرام وظلم للعباد وفساد في الأرض. وإليك هذا السؤال الموجه إلى اللجنة الدائمة للإفتاء برقم 15745 وتاريخ 3/2/1414هـ ونصه: «كل من صار عليه حادث وأخذ الدية طالبت القبيلة بأخذ ثلث الدية بحجة أنها عادات أخذوها من الآباء والأجداد. فما الحكم ؟
__________
(1) المقنع الكندي.(1/34)
الجواب : الدية حق لورثة المقتول لا يشاركهم فيها أحد كما قال تعالى: { ومن قتلَ مؤمناً خطئاً فتحريرُ رقبةٍ مؤمنةٍ وديةٌ مسَلَّمةٌ إلى أهلهِ إلاَّ أن يصَّدقوا } (سورة النساء، آية 94). وما اعتادته بعض قبائلكم من أخذ ثلث الدية بحجة أن هذه عاداتهم وعادات من قبلهم فهي عادة باطلة وما يأخذونه لا يحل لهم. لأنه من أكل المال بالباطل والعادات إذا كان مخالفة للشرع يجب تركها والرجوع إلى حكم الشرع. قال تعالى: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } (سورة النساء، آية 59). وبالله التوفيق ..
اللجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
ولا أنسى قصة أولئك الأيتام الصغار الذين أتوني في إحدى القرى بعد إلقاء المحاضرة أتوني وهم يبكون. أطفال صغار مثل أفراخ الطائر. قُتل أبوهم خطأً وأعطوا الدية. وتريد القبيلة أن تأخذ منهم ثلث الدية.
{ إن الذين يأكلونَ أموالَ اليتَمى ظلماً إنما يأكُلونَ في بُطُنِهم ناراً وسيصلونَ سعيراً } . (سورة النساء، آية 10).
من فرض للقبيلة ثلث الدية ؟ إنها العادات الجاهلية حتى الأيتام تسلب أموالهم باسم العادات والسلوم. أين الرحمة ؟ نزعت الرحمة من قلوب كثير من القبائل فلا رحمة ولا عدل ولا رفق. بل ظلم وهمجية ووحشية.
أما والله إن الظلم شؤم
وما زال المسيء هو الظلوم
إلى الديان يوم الحشر نمضي
وعند الله تجتمع الخصوم
ويقول آخر :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً
فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
المسألة الثالثة :(1/35)
علينا أن نفرق بين التحكيم الشرعي والتحاكم إلى الأعراف والعادات القبلية: لأنه قد يخلط البعض بين التحكيم الشرعي مثل التحكيم أثناء الشقاق الزوجي غيره وبين التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية . فالعلماء اشترطوا للتحكيم شروطاً منها أن يكون المحكم "الحكم" صالحاً للقضاء . قال ابن قدامة رحمه الله : "وإذا تحاكم رجلان إلى رجل حكماه بينهما ورضياه- وكان ممن يصلح للقضاء – فحكم بينهما جاز ذلك ونفذ حكمه عليهما .
واشترط العلماء كذلك أن لا يخالف التحكيم الشرع في شيء.
والتحاكم إلى العادات والأعراف القبلية يخالف الشريعة الإسلامية لأنه من التحاكم للطاغوت . حيث يرجع فيه إلى قوانين مقننة تضاهي شرع الله.
قال الشيخ عبدالله بن محمد آل خنين في كتابه " التحكيم في الشريعة الإسلامية " يحرم التحكيم بالرجوع إلى أعراف وعادات مخالفة للشرع محلية أو دولية لمخالفة ذلك للأحكام الواجبة التطبيق عند التحكيم وهي أحكام الشرع فالواجب الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله الله - صلى الله عليه وسلم - في كل ما تشاجر فيه المتخاصمون يقول تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما } وهذا ظاهر في المنع من التحاكم لأي عرف مخالف للشرع.
المسألة الرابعة:
أُحذر القبائل من العصبية القبلية والحمية الجاهلية والاعتداء على الآمنين بحجة أخذ الثأر. قال - صلى الله عليه وسلم - : «ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من غضب لعصبية» (1) كما أحذرهم من التحزب والتفاخر بالقبيلة. قال - صلى الله عليه وسلم - : «لينتهين أقوام من الفخر بآبائهم وأنسابهم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان» (2) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : « ما بال دعوى الجاهلية دعوها فإنها منتنة» (3) .
__________
(1) رواه مسلم.
(2) رواه أبوداود.
(3) متفق عليه.(1/36)
فلا عصبية ولا حزبية في الإسلام. وإلى أولئك الذين يتجرؤون على دماء المسلمين
قال تعالى: { ومن يقتُلْ مؤمناَ متعمداً فجزاؤه جهنمُ خالداً فيهاَ وغضبَ اللهُ عليهِ ولعنهُ وأعدَّ لهُ عذاباً عظيماً } . (سورة النساء، آية 93).
وقال - صلى الله عليه وسلم - : «لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» (1) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مسلم» (2) .
* * *
إنذار وتحذير لمشايخ القبائل وأعيانهم
أقول لمشايخ القبائل وأعيانها الذين ما زالوا متمسكين بهذه العادات الجاهلية من أجل الجاه والمكانة تذكروا قول الله تعالى: { ولو يرى الذينَ ظلموا إذ يرونَ العذابَ أن القوةَ للهِ جميعاً وأن اللهَ شديدُ العذابِ (165) إذ تبرأَ الذينَ اتُّبِعُوا من الذين اتَّبَعوا ورأوا العذابَ وتقطعت بِهِمُ الأسبابُ } (سورة البقرة، الآيات 165-166). وقال تعالى: { يومَ تُقلَّبُ وجُوهُهُم في النارِ يقولونَ ياليتنا أطعنا اللهَ وأطعنا الرسولاَ (66) وقالوا ربَّنا إنا أطعنا سادتنا وكُبراءنا فأضلونا السبيلا (67) ربنا آتِهم ضعفين من العذابِ والعنهم لعناً كبيراً } (سورة الأحزاب،الآيات 66-68). فيا مشايخ القبائل اتقوا الله في قبائلكم لا تهلكوهم بالأحكام الجاهلية قال ?: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» (3) وأي غش لهم أعظم من أن يحكّم الطاغوت فيهم والعياذ بالله.
إنذار وتحذير للأتباع
وأقول للأتباع العامة الدهماء: انجوا بأنفسكم لا تنتظروا مشايخ القبائل أن يصدروا قراراً بمقاطعة هذه الأمور: { إن كُلُّ من في السماواتِ والأرضِ إلا آتي الرحمنِ عبداً (93) لقد أحصاهم وعدهم عداً (94) وكلهم آتيهِ يوم القيامةِ فرداً } (سورة مريم، الآيات 93-95).
__________
(1) رواه الترمذي.
(2) رواه الترمذي.
(3) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.(1/37)
ثم تذكروا جميعاً قول الله تعالى عن أهل النار :
{ وإذ يتحاجُّون في النار فيقولُ الضُّعَفَاءُ للذين استكبروا إنَّا كنَّا لكم تبعاً فهل أنتم مُغنُونَ عنَّا نصيباً من النارِ (47) قال الذين استكبروا إنا كلٌّ فيها إنَّ اللهَ قد حكمَ بين العبادِ (48) وقالَ الذين في النارِ لخزنةِ جهنّمَ ادعوا رَبَّكُم يخفف عنَّ يوماً من العذابِ } (سورة غافر، الآيات 47-49).
اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أني قد بلغت .. اللهم فاشهد...
حلول مقترحة لمعالجة هذه المشكلة
( مشكلة التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية )
1. تنبيه من يسمون «بمقاطع الحق» بخطورة ما يفعلونه على العقيدة إقامة للحجة عليهم وبراءة للذمة قال تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } . [النساء: 63].
2. تفعيل الصلح الشرعي الموافق للكتاب والسنة ليكون بديلا مناسبا لكثير من الأحكام الجاهلية.
3. عقد اجتماعات متتالية لأعيان كل بلدة مع قاضي تلك البلدة لمناقشة هذه المشكلة .
4. إعطاء هذا الموضوع حقه من الخطباء والدعاة بحيث تكثف عنه الخطب والمحاضرات لا سيما في المجتمعات القبلية .
5. طباعة فتاوي اللجنة الدائمة بخصوص هذه المسألة وتوزيعها على شكل نشرات وقراءتها في المحافل والمجامع .
6. توعية العامة بخطر هذه المشكلة وإظهارها على حقيقتها .
7. معاقبة من يصر على الحكم بهذه العادات الجاهلية بحيث يرفع أمره للقضاء ليؤدبه القاضي بما يستحقه.
8. تشجيع التائبين الذين أقلعوا عن الحكم بين الناس بهذه العادات وتمسكوا بالكتاب والسنة .
? وهنا بشرى لشداة الإصلاح ومحبي الفضيلة وهي :(1/38)
أن بعض القبائل اتفقوا على التمسك بالكتاب والسنة ونبذ العادات والأعراف المخالفة للشريعة وكذلك تاب بفضل الله بعض من يسمون بمقاطع الحق عن الحكم بين الناس بالعادات والأعراف والتزموا بالكتاب والسنة. نسأل الله لنا ولهم التثبيت ...،
* * *
الخاتمة
أخي القارئ ...
بعد هذه الجولة في هذا الموضوع الذي يتعلق بعقيدتنا الإسلامية علينا أن نتخذ القرار الصادق بالتحاكم إلى الكتاب والسنة. وهذا الموضوع إنما هو إعذار وإنذار. هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا إنما هو إله واحد. وليذكر أولوا الألباب. ولنعلم جميعاً أن الحكم بغير ما أنزل الله يوجب استنزال غضبه ومقته على خلقه.
والواقع يشهد بأن الأمم الذين اجترأوا على الله فغيروا شرعه. وحكمّوا القوانين الجاهلية. حلت عليهم المصائب وتوالت بهم الهزائم. وقل خير الأرض في بلادهم وارتفعت الأسعار. وظهرت الفاحشة. وانتشرت الرذيلة وعمت البلوى بكل ذلك جزاء حكمهم بغير ما أنزل الله. فالعودة إلى الشريعة الربانية يجنب البلاد والعباد غضب الله سبحانه وتعالى وينشر الخير ويمنع البلاء.
قال ابن القيم رحمه الله: «فمن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض سببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله .. وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله».
وأخيراً أنادي وأقول يا من يريد النجاح يا من يريد الفلاح.. يا من يريد النجاة .. يا من يريد السعادة .. يا من يريد الفكاك من رق الجاهلية .. عليك بالكتاب العزيز ..والسنة المطهرة ..
واسمع هذه المقولة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: «من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدى غير الهدى الذي أنزله الله على رسوله فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
والحمد لله على انتهائي ... كما حمدت الله في ابتدائي
أسأله مغفرة الذنوب ... جميعها والستر للعيوب
ثم الصلاة مع السلام أبداً ... تغشى الرسول المصطفى محمدا(1/39)
ثم جميع صحبه والآل ... السادة الأئمة الأبدال
تدوم سرمداً بلا نفاد ... ما جرت الأقلام بالمداد (1)
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ..
المراجع
1- القرآن الكريم.
2- تفسيرابن كثير.
3- تفسير ابن سعدي.
4- فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
5- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان/ لابن القيم رحمه الله.
6- إعلام الموقعين لابن القيم.
7- فتاوي اللجنة الدائمة.
8- كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.
9- رسالة بعنوان: «تحكيم القوانين» للشيخ/ محمد بن إبراهيم رحمه الله.
10- وجوب تحكيم الكتاب والسنة / للشيخ ابن باز رحمه الله.
11- فتاوي الشيخ ابن باز.
12- الدرر السنية في الأجوبة النجدية.
13- الحسد للشيخ / عبدالله بن جبرين.
14- الخطب المنبرية للشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان.
15- شرح كتاب التوحيد للفوزان.
16- سلسلة شرح الرسائل للفوزان.
17- الحكم بغير ما أنزل الله. أحواله. وأحكامه. للدكتور/ عبدالرحمن بن صالح المحمود.
18- شرح رسالة تحكيم القوانين للدكتور/ سفر الحوالي.
19- الطاغوت للشيخ/ أحمد القطان، والأستاذ/ محمد الزين .
20- حصاد المحابر من خطب المنابر للشيخ/ سعد الحجري.
21- ضوابط التكفير للدكتور/ عبدالله القرني.
22- رحمة للعالمين للدكتور/ عائض القرني.
23- أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في منع وقوع الجريمة، صالح الخزيم.
24- التحكيم في الشريعة الإسلامية للدكتور عبدالله آل خنين.
25- مغارم القبائل للشيخ/ محمد بن دليم.
26- محاضرة بعنوان: أفحكم الجاهلية يبغون للشيخ/ أحمد بن سعد بن متعب.
الفهرس
الموضوع ... الصفحة
تقديم الشيخ ابن جبرين ... ... 3
مقدمة ... ... 5
العادات والأعراف القبلية في ميزان الشريعة ... ... 7
وجوب تحكيم الكتاب والسنة ... ... 8
مظاهر التحاكم إلى العادات والأعراف ... ... 11
أوضاع القبائل في هذا الزمان ... ... 16
__________
(1) سلم الوصول إلى علم الأصول للشيخ / حافظ حكمي رحمه الله .(1/40)
من المسئول وما هي أسباب هذه الشرور ... ... 18
آثار التحاكم إلى العادات القبلية ... ... 19
تعريف الطاغوت ... ... 24
أقوال العلماء في تحكيم العادات والأعراف القبلية ... ... 25
أقسام كفر الحكم بغير ما أنزل الله ... ... 30
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ... ... 39
فتوى اللجنة الدائمة بخصوص التحاكم إلى العادات القبلية ... ... 40
الموضوع ... الصفحة
شبهة شيطانية يجريها الشيطان على ألسنة أوليائه ... 49
مخالفات شرعية فيما يسمى بالملافي ... ... 52
فضل الصلح الشرعي ... ... 54
أخذ القبيلة لثلث الدية ... ... 58
ذم العصبية الجاهلية ... ... 61
إنذار وتحذير لمشائخ القبائل وأعيانها ... ... 63
إنذار وتحذير للأتباع ... ... 64
حلول مقترحة لمعالجة هذه المشكلة ... ... 65
الخاتمة ... ... 67
المراجع ... ... 69
الفهرس ... ... 71
* * *(1/41)