وفي مُنْتَخَبِ الادمى يُشْتَرَطُ فَوْرِيَّةُ الْقَبُولِ مع الْحُضُورِ
وفي الْمُنَوِّرِ وَفَوْرِيَّةُ الْقَبُولِ
هذه عِبَارَاتُهُمْ
فَيُحْتَمَلُ ان يَكُونَ مُرَادُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ تَابَعَهُ ما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ انه يُشْتَرَطُ لِلْحَاضِرِ الْقَبُولُ في الْمَجْلِسِ
وَأَنَّ مُرَادَهُ في الكافى وَالشَّرْحِ بِالِاتِّصَالِ الْمَجْلِسُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ
واما الْمُنْتَخَبُ وَالْمُنَوِّرُ فَمُخَالِفٌ لهم
وَكَلَامُهُ في الكافى وَالشَّرْحِ يَقْرَبُ من ذلك
وَيُحْتَمَلُ ان يَكُونَ كَلَامُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ تَابَعَهُ على ظاهرة وَأَنَّهُ
لَا يُشْتَرَطُ لِلْقَبُولِ الْمَجْلِسُ ولم نَرَهُ صَرِيحًا
فَيَكُونُ في المسأله وَجْهَانِ وَكَلَامُهُ في الْمُنْتَخَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَجْهٌ ثَالِثٌ
وقد قال كَثِيرٌ من الاصحاب هل الْقُضَاةُ نُوَّابُ الامام او نُوَّابُ الْمُسْلِمِينَ فيه وَجْهَانِ
وقد قال الْقَاضِي عَزْلُ الْقَاضِي نَفْسَهُ يَتَخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً على انه هل هو وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ ام لَا فيه رِوَايَتَانِ
وقال كَثِيرٌ من الاصحاب هل يَنْعَزِلُ قبل عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الْوَكِيلِ
وقد قال الاصحاب لَا يُشْتَرَطُ لِلْوَكِيلِ الْقَبُولُ في الْمَجْلِسِ وَاَللَّهُ اعلم
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَالْقَبُولُ من الْمُوَلَّى
ان قَبِلَ بِاللَّفْظِ فَلَا نِزَاعَ في انْعِقَادِهَا
وان قَبِلَ بِالشُّرُوعِ في الْعَمَلِ وان كان غَائِبًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انْعِقَادُ الْوِلَايَةِ بِذَلِكَ
____________________
(11/161)
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ او شَرَعَ غَائِبٌ في الْعَمَلِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت وان قُلْنَا هو نَائِبُ الشَّرْعِ كَفَى الشُّرُوعُ في الْعَمَلِ وان قُلْنَا هو نَائِبُ من وَلَّاهُ فَلَا
وَحَكَى الْقَاضِي في الاحكام السُّلْطَانِيَّةِ في ذلك احْتِمَالَيْنِ وَجَعَلَ مَأْخَذَهُمَا هل يجرى الْفِعْلُ مَجْرَى النُّطْقِ لِدَلَالَتِهِ عليه
قال في القاعده الْخَامِسَةِ وَالْخَمْسِينَ وَيَحْسُنُ بِنَاؤُهُمَا على ان وِلَايَةَ الْقَضَاءِ عَقْدٌ جَائِزٌ او لَازِمٌ
قَوْلُهُ وَالْكِنَايَةُ نحو اعْتَمَدْت عَلَيْك وعولت ووكلت ( ( ( عولت ) ) ) اليك واسندت اليك الْحُكْمَ فَلَا يَنْعَقِدُ بها حتى يَقْتَرِنَ بها قرينه نحو فَاحْكُمْ او فَتَوَلَّ ما عَوَّلْت عَلَيْك وما اشبهه
وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ ان في رَدَدْته وفوضته وجعلته ( ( ( فوضته ) ) ) اليك كِنَايَةً فَلَا بُدَّ ايضا من القرينه على هذا الْقَوْلِ
قَوْلُهُ واذا ثَبَتَتْ الْوِلَايَةُ وَكَانَتْ عامه اسْتَفَادَ بها النَّظَرَ في عَشَرَةِ اشياء فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَاسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِمَّنْ هو عليه وَدَفْعُهُ إلَى رَبِّهِ وَالنَّظَرُ في اموال الْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ وَالْحَجْرُ على من يَرَى الْحَجْرَ عليه لِسَفَهٍ او فَلَسٍ وَالنَّظَرُ في الْوُقُوفِ في عَمَلِهِ باجرائها على شَرْطِ الْوَاقِفِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا وَتَزْوِيجُ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا وَلِيَّ لَهُنَّ واقامه الْحُدُدِ واقامه الجمعه
____________________
(11/162)
وَكَذَا اقامه الْعِيدِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الاصحاب وَقَطَعُوا بِهِ في الجمله
وقال النَّاظِمُ % وَقَبْضُ خَرَاجٍ وَالزَّكَاةُ اجرة % وان يَلِيَ جمعه وَالْعِيدَ في الْمُتَجَوَّدِ %
فظاهرة اجراء الْخِلَافِ في الجمعه وَالْعِيدِ ولم اره لِغَيْرِهِ
وَلَعَلَّ الْخِلَافَ عَائِدٌ إلَى قَبْضِ الْخَرَاجِ وَالزَّكَاةِ تَنْبِيهَانِ
احدهما مَحَلُّ ذلك اذا لم يُخَصَّا بامام
الثَّانِي قَوْلُهُ واقامه الجمعه وَتَبِعَهُ على ذلك بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْمَذْهَبِ الاحمد وَمُنْتَخَبُ الادمى وَالْمُنَوِّرُ
وقال الْقَاضِي وامامه الجمعه بِالْمِيمِ بَدَلُ الْقَافِ
وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَتَقَدَّمَ عِبَارَةُ النَّاظِمِ
قال الْحَارِثِيُّ قال الشَّيْخُ واقامه الجمعه بِالْقَافِ وَعُلِّلَ بان الْأَئِمَّةَ كَانُوا يُقِيمُونَهَا وَالْقَاضِي يَنُوبُ عَنْهُمْ
والاقامه قد يُرَادُ بها ولايه الاذن في اقامتها وَمُبَاشَرَةُ الامامة فيها
وقد يُرَادُ بها نَصْبُ الأئمه مع عَدَمِ ولايه أَصْلِ الْإِذْنِ
وقال في المغنى امامه بِالْمِيمِ كَقَوْلِ ابي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا الْقَاضِي
فَيُحْتَمَلُ ارادة نَصْبِ الأئمه وَهَذَا اظهر
وَفِيهِ جَمْعٌ بين الْعِبَارَتَيْنِ فان النَّصْبَ فِيهِمَا اقامه لَهُمَا
وَعَلَى هذا نَصْبُ ائمه الْمَسَاجِدِ
____________________
(11/163)
وَيُحْتَمَلُ ارادة فِعْلِ الامامه كما صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا في مُصَنَّفِهِ
قال وان يَؤُمَّ في الجمعه وَالْعِيدِ مع عَدَمِ امام خَاصٍّ لَهُمَا
الا ان الْحَمْلَ على هذا يَلْزَمُ منه ان يَكُونَ له الاقامه أَوَالْإِمَامَة الا في بقعه من عَمَلِهِ لَا في جَمِيعِ عَمَلِهِ اذ لَا يُمْكِنُ منه الْفِعْلُ الا في بقعه واحده منه وهو خِلَافُ الظَّاهِرِ من اطلاق ان له فِعْلَ ذلك في عَمَلِهِ انْتَهَى
قُلْت عِبَارَتُهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَأَنْ يَؤُمَّ في الجمعه وَالْعِيدِ كما في نقله ( ( ( نقل ) ) ) الْحَارِثِيِّ عن بَعْضِ مَشَايِخِهِ
فائده من جمله ما نَسْتَفِيدُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا النَّظَرُ في عَمَلِ مَصَالِحِ عَمَلِهِ بِكَفِّ الاذى عن طُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ واقليتهم وَتَصَفُّحِ حَالِ شُهُودِهِ وامنائه وَالِاسْتِبْدَالِ مِمَّنْ ثَبَتَ جَرْحُهُ منهم
وَيَنْظُرُ ايضا في اقوال الْغَائِبِينَ
على ما ياتي في اواخر بَابِ اداب الْقَاضِي
قَوْلُهُ فاما جِبَايَةُ الْخَرَاجِ واخذ الصدقه فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَمَحَلُّهُمَا اذا لم يَخْتَصَّا بِعَامِلٍ
واطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والمغنى وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
احدهما يُسْتَفَادَانِ بالولايه وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ كما تَقَدَّمَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُسْتَفَادَانِ بها
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى
____________________
(11/164)
وَقِيلَ لَا يُسْتَفَادُ الْخَرَاجُ فَقَطْ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ اسْتَفَادَ بها النَّظَرَ في عَشَرَةِ اشياء انه لَا يَسْتَفِيدُ غَيْرَهَا
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وقال في التَّبْصِرَةِ وَيَسْتَفِيدُ ايضا الِاحْتِسَابَ على الباعه وَالْمُشْتَرِينَ والزامهم بِاتِّبَاعِ الشَّرْعِ
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَسْتَفِيدُهُ بالولايه لَا حَدَّ له شَرْعًا بَلْ يُتَلَقَّى من الالفاظ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ
وَنَقَلَ ابو طَالِبٍ امير الْبَلَدِ إنَّمَا هو مُسَلَّطٌ على الادب وَلَيْسَ له الْمَوَارِيثُ وَالْوَصَايَا وَالْفُرُوجُ وَالْحُدُودُ انما يَكُونُ هذا إلَى الْقَاضِي
قَوْلُهُ وَلَهُ طَلَبُ الرِّزْقِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مع الحاجه
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والهادى والكافى وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ والحاوى
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَجُوزُ مع الحاجه بِقَدْرِ عَمَلِهِ
قَوْلُهُ فَأَمَّا مع عَدَمِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والهادى والكافى وَالْمُحَرَّرِ
احدهما له ذلك وَلَهُ اخذه وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
واختارة بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
____________________
(11/165)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ جماعه وَبِدُونِ حاجه
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له ذلك وَلَا له اخذه
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ له الاخذ ان لم يَتَعَيَّنْ عليه
وَعَنْهُ لَا ياخذ اجرة على اعمال الْبِرِّ فَائِدَتَانِ
احداهما اذا لم يَكُنْ له ما يَكْفِيهِ فَفِي جَوَازِ اخذه من الْخَصْمَيْنِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى والحاوى الصَّغِيرِ
احدهما يَجُوزُ
قال في الكافى وإذا قُلْنَا بِجَوَازِ اخذ الرِّزْقِ فلم يُجْعَلْ له شَيْءٌ فقال لَا اقضى بَيْنَكُمَا الا بِجُعْلٍ جَازَ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ فان لم يَكُنْ لِلْقَاضِي رِزْقٌ فقال لِلْخَصْمَيْنِ لَا اقضى بَيْنَكُمَا حتى تَجْعَلَا لي عليه جُعْلًا جَازَ
وَيُحْتَمَلُ ان لَا يَجُوزَ انْتَهَيَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ
اختارة في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وياتي حُكْمُ الْهَدِيَّةِ في الْبَابِ الذي يَلِيهِ
الثَّانِيَةُ لو تَعَيَّنَ علية ان يفتى وَلَهُ كِفَايَةٌ فَهَلْ يَجُوزُ له الاخذ فيه وَجْهَانِ واطلقهما في اداب المفتى وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى واصول بن مُفْلِحٍ وَفُرُوعِهِ وَاخْتَارَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في اعلام الْمُوَقِّعِينَ عَدَمَ الْجَوَازِ
____________________
(11/166)
وَمَنْ اخذ رِزْقًا من بَيْتِ الْمَالِ لم ياخذ اجرة لفتياة وفي اجره خَطِّهِ وَجْهَانِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ
احدهما لَا يَجُوزُ
قَدَّمَهُ بن مُفْلِحٍ في اصوله
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في اعلام الْمُوَقِّعِينَ
الثَّانِي لَا يَجُوزُ
وَنَقَلَ المروذى فِيمَنْ يسال عن الْعِلْمِ فَرُبَّمَا اهدى له قال لَا يَقْبَلُ الا ان يكافئ ( ( ( يكافأ ) ) )
وياتي ايضا حُكْمُ هَدِيَّةِ المفتى عِنْدَ ذِكْرِ هَدِيَّةِ الْقَاضِي
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ له ان يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ في عُمُومِ الْعَمَلِ وَيَجُوزُ ان يُوَلِّيَهُ خَاصًّا في احدهما او فِيهِمَا فَيُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ في بَلَدٍ او محله خاصه بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ قضاءه ( ( ( قضاؤه ) ) ) في اهله وَمَنْ طَرَأَ إلَيْهِ
بِلَا نِزَاعٍ ايضا
لَكِنْ لَا يَسْمَعُ بينه في غَيْرِ عَمَلِهِ وهو مَحَلُّ حُكْمِهِ وَيَجِبُ اعادة الشَّهَادَةِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا لِتَعْدِيلِهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَيَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ الذي يَلِيهِ اخبار الْحَاكِمِ لِحَاكِمٍ آخَرَ بِحُكْمٍ او ثُبُوتٍ في عَمَلِهِمَا او في غيرة
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ ان يولى قَاضِيَيْنِ او اكثر في بَلَدٍ وَاحِدٍ وَيَجْعَلُ إلَى
____________________
(11/167)
كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَلًا فَيَجْعَلُ إلَى احدهما الْحُكْمَ بين الناس والى الْآخَرِ عُقُودَ الانكحه دُونَ غَيْرِهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب وَقَطَعَ بِهِ اكثرهم
وَقِيلَ ان اتَّحَدَ الزَّمَنُ او الْمَحَلُّ لم يَجُزْ توليه قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا جَازَ
قَوْلُهُ فَإِنْ جَعَلَ اليهما عَمَلًا وَاحِدًا جَازَ
هذا الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال ابو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْأَقْوَى عِنْدِي انه لَا يَجُوزُ
وَصَحَّحَهُ في الخلاصه
واطلقهما في الْمُذْهَبِ
وَقِيلَ ان اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا او الزَّمَنُ او الْمَحَلُّ لم يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ
واطلقهما في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَوَائِدُ
الاولى حَيْثُ جَوَّزْنَا جَعْلَ قَاضِيَيْنِ فاكثر في عَمَلٍ وَاحِدٍ لو تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ في الْحُكْمِ عِنْدَ احدهم قُدِّمَ قَوْلُ صَاحِبِ الْحَقِّ وهو الطَّالِبُ وَلَوْ طَلَبَ حُكْمَ النَّائِبِ اجيب
فَلَوْ كَانَا مُدَّعِيَيْنِ اخْتَلَفَا في ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاقٍ اُعْتُبِرَ اقرب الْحُكْمَيْنِ ثُمَّ القرعه
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُهُمَا
وقال في الرِّعَايَةِ يُقَدَّمُ مِنْهُمَا من طَلَبَ حُكْمَ الْمُسْتَنِيبِ
وقال في التَّرْغِيبِ ان تَنَازَعَا اقرع
____________________
(11/168)
قال في القاعده الاخيرة لو اخْتَلَفَ خَصْمَانِ فِيمَنْ يَحْتَكِمَانِ إلَيْهِ قُدِّمَ المدعى فان تَسَاوَيَا في الدَّعْوَى اُعْتُبِرَ اقرب الْحَاكِمَيْنِ اليهما فان اسْتَوَيَا اقرع بينهما ( ( ( بينها ) ) )
وَقِيلَ يُمْنَعَانِ من التَّخَاصُمِ حتى يَتَّفِقَانِ على احدهما
قال الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ اشبه بِقَوْلِنَا
الثانيه قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَجُوزُ لِكُلِّ ذِي مَذْهَبٍ ان يولى من غَيْرِ مذهبة ذكرة في مَكَانَيْنِ من هذا الْبَابِ
وقال فان نَهَاهُ عن الْحُكْمِ في مسأله احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ
وقال ذلك في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ايضا والحاوى الصَّغِيرِ
قال النَّاظِمُ % وتوليه الْمَرْءِ الْمُخَالِفِ مَذْهَبَ المولى % اجز من غَيْرِ شَرْطٍ مُقَيَّدٍ %
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَتَى اسْتَنَابَ الْحَاكِمُ من غَيْرِ اهل مَذْهَبِهِ ان كان لِكَوْنِهِ ارجح فَقَدْ احسن مع صحه ذلك والا لم يَصِحَّ
قال في الْفُرُوعِ في بَابِ الوكاله وَيُتَوَجَّهُ جَوَازُهَا اذا جَازَ له الْحُكْمُ ولم يَمْنَعْ منه مَانِعٌ
وَذَلِكَ مبنى على جَوَازِ تَقْلِيدِ غَيْرِ امامه وَإِلَّا انْبَنَى على انه هل يَسْتَنِيبُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ كَتَوْكِيلِ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا في شِرَاءِ خَمْرٍ ونحوة انْتَهَى
وقال الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ الْمِرْدَاوِيُّ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ في الحديث في الرَّدِّ على من جَوَّزَ المناقله لَا يَجُوزُ ان يَسْتَنِيبَ من غَيْرِ اهل مَذْهَبِهِ
قال ولم يَقُلْ بِجَوَازِ ذلك من الاصحاب الا بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ انْتَهَى
الثالثه قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لَا يَجُوزُ ان يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لِوَاحِدٍ على ان يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ
قَالَا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا
____________________
(11/169)
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من اوجب تَقْلِيدَ امام بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ
قال وان قال يَنْبَغِي كان جَاهِلًا ضَالًّا
قال وَمَنْ كان مُتَّبِعًا لامام فَخَالَفَهُ في بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ او لِكَوْنِ احدهما اعلم وَأَتْقَى فَقَدْ احسن ولم يُقْدَحْ في عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ قال وَهَذِهِ الْحَالُ تَجُوزُ عِنْدَ ائمة الاسلام
وقال ايضا بَلْ تَجِبُ وان الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عليه انْتَهَى
وياتي قَرِيبًا في احكام الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي
قَوْلُهُ فان مَاتَ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللام ( ( ( اللازم ) ) ) او عُزِلَ المولي بِفَتْحِهَا مع صَلَاحِيَتِهِ لم تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ في احد الْوَجْهَيْنِ
اذا مَاتَ المولى بِكَسْرِ اللام ( ( ( اللازم ) ) ) فَهَلْ يَنْعَزِلُ الْمُوَلَّى فيه وَجْهَانِ اطلقهما الْمُصَنِّفُ هُنَا
واطلقهما بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
احدهما لَا يَنْعَزِلُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّرْغِيبِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الشَّارِحُ والاولى ان شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى انه لَا يَنْعَزِلُ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى
قال الزَّرْكَشِيُّ في بَابِ نِكَاحِ اهل الشِّرْكِ في مساله نِكَاحِ الْمَحْرَمِ الْمَشْهُورُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْعَزِلُ كما لو كان الْمَيِّتُ او الْعَازِلُ قَاضِيًا
____________________
(11/170)
وقال في الرِّعَايَةِ ان قُلْنَا الْحَاكِمُ نَائِبُ الشَّرْعِ لم يَنْعَزِلْ
وان قُلْنَا هو نَائِبُ من ولاة انْعَزَلَ
واما اذا عَزَلَ الامام او نَائِبُهُ الْقَاضِيَ الْمُوَلَّى مع صَلَاحِيَتِهِ فَهَلْ يَنْعَزِلُ وَتَبْطُلُ وِلَايَتُهُ فيه وَجْهَانِ
واطلقهما في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
احدهما لَا تَبْطُلُ وِلَايَتُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَبْطُلُ وِلَايَتُهُ وَيَنْعَزِلُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
واليه مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ جماعه
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى كالولى
قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَعَقْدِ وصى وَنَاظِرٍ عَقْدًا جَائِزًا كوكاله وشركه ومضاربه انْتَهَى
وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ ان الْقُضَاةَ هل هُمْ نُوَّابُ الامام او المسلمين فيه وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ ذَكَرَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِ
احدهما هُمْ نُوَّابُ الْمُسْلِمِينَ
فعلية لَا يَنْعَزِلُونَ بِالْعَزْلِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَالثَّانِي هُمْ نُوَّابُ الامام فَيَنْعَزِلُونَ بِالْعَزْلِ
____________________
(11/171)
فَوَائِدُ
الاولى مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ كُلُّ عَقْدٍ لمصلحه الْمُسْلِمِينَ كَوَالٍ وَمَنْ يُنْصَبُ لجبايه مَالٍ وَصَرْفِهِ وَأَمِيرِ الْجِهَادِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُحْتَسِبِ
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ
وقال ايضا في الْكُلِّ لَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْمُسْتَنِيبِ وَمَوْتِهِ حتى يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ
وقال في الرِّعَايَةِ في نَائِبِهِ في الْحَكَمِ وَقَيِّمِ الايتام وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ اوجه
ثَالِثُهَا ان اسْتَخْلَفَهُمْ بِإِذْنِ من ولاة وَقِيلَ وقال اُسْتُخْلِفَ عَنْك انْعَزِلُوا انْتَهَى
وَلَا يَبْطُلُ ما فَرَضَهُ فَارِضٌ في الْمُسْتَقْبَلِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ
الثَّانِيَةُ لو كان الْمُسْتَنِيبُ قَاضِيًا فَزَالَتْ وِلَايَتُهُ بِمَوْتٍ او عَزْلٍ او غَيْرِهِ كما لو اخْتَلَّ فيه بَعْضُ شُرُوطِهِ انْعَزَلَ نَائِبُهُ وان لم يَنْعَزِلْ في الْمَسَائِلِ التي قَبْلَهَا
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَكُلُّ قَاضٍ مَاتَ او عَزَلَ نَفْسَهُ وَصَحَّ عَزْلُهُ في الاصح او عَزْلُ من ولاة وَصَحَّ عَزْلُهُ او انْعَزَلَ بِفِسْقٍ او غيرة انْعَزَلَ نائبة في شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَسَمَاعِ بينه خاصه وَبَيْعِ تركه مَيِّتٍ خاصه
وقال وفي خُلَفَائِهِ وَنَائِبِهِ في الْحُكْمِ في كل نَاحِيَةٍ وَبَلَدٍ وقريه وَقَيِّمِ الايتام وَنَاظِرِ الْوُقُوفِ وَنَحْوِهِمْ اوجه الْعَزْلُ وَعَدَمُهُ وهو بَعِيدٌ
____________________
(11/172)
وَالثَّالِثُ إنْ اسْتَخْلَفَهُمْ بِإِذْنِ من وَلَّاهُ انْعَزِلُوا
وَالرَّابِعُ إنْ قال للمولى اُسْتُخْلِفَ عَنْك انْعَزَلُوا
وَإِنْ قال اُسْتُخْلِفَ عَنِّي فَلَا كما تَقَدَّمَ انْتَهَى
وَحَكَى بن عَقِيلٍ عن الْأَصْحَابِ يَنْعَزِلُ نُوَّابُ الْقَاضِي لِأَنَّهُمْ نُوَّابُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ الْقُضَاةُ لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْمُسْلِمِينَ
وفي الاحكام السُّلْطَانِيَّةِ لَا يَنْعَزِلُ نُوَّابُ الْقُضَاةِ
واختارة في التَّرْغِيبِ
وَجَزَمَ في التَّرْغِيبِ ايضا انه يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ في امر مُعَيَّنٍ من سَمَاعِ شَهَادَةٍ معينه واحضار مُسْتَعْدًى علية
وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ لو عَزَلَهُ في حَيَاتِهِ لم يَنْعَزِلْ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
الثَّالِثَةُ لو عَزَلَ نَفْسَهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من عِنْدِهِ وَمَنْ لَزِمَهُ قَبُولُ توليه الْقَضَاءِ ليس له عَزْلُ نَفْسِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال في الرِّعَايَةِ أَيْضًا له عَزْلُ نَائِبِهِ بِأَفْضَلَ منه
وَقِيلَ بمثله
وَقِيلَ بِدُونِهِ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ
وقال الْقَاضِي عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً على أَنَّهُ هل هو وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا فيه رِوَايَتَانِ
____________________
(11/173)
نُصَّ عَلَيْهِمَا في خَطَأِ الْإِمَامِ
فَإِنْ قِيلَ في بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَإِنْ قُلْنَا على عَاقِلَتِهِ فَلَا
وَذَكَرَ الْقَاضِي هل لِمَنْ وَلَّاهُ عَزْلُهُ فيه الْخِلَافُ السَّالِفُ
وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْعَاقِلَةِ وَخَطَأُ إمَامٍ وَحَاكِمٍ في حُكْمِ بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْخِلَافُ في تَصَرُّفِ الْإِمَامِ على الناس هل هو بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أو الْوِلَايَةِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَنْعَزِلُ قبل عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الْوَكِيلِ
وَبِنَاءُ الْخِلَافِ هُنَا على رِوَايَتَيْ عَزْلِ الْوَكِيلِ قبل عِلْمِهِ بِانْعِزَالِهِ قَالَهُ الْقَاضِي
وَقَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ
فَيَكُونُ الْمُرَجَّحُ على قَوْلِ هَؤُلَاءِ عَزْلَهُ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْوَكَالَةِ
وَذَكَرَهُمَا من غَيْرِ بِنَاءٍ في الْمَذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَأُطْلِقَ الْخِلَافُ في الْمُذَهَّبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَنْعَزِلُ قبل عِلْمِهِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وهو الْمَذْهَبُ على الْمُصْطَلَحِ عليه في الْخُطْبَةِ
____________________
(11/174)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ قبل عِلْمِهِ
صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وهو الصَّوَابُ الذي لَا يَسَعُ الناس غَيْرُهُ
وقال في التَّلْخِيصِ لَا يَنْعَزِلُ قبل الْعِلْمِ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَإِنْ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ
وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال هو الْمَنْصُوصُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ قال لان في وِلَايَتِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وان قِيلَ انه وَكِيلٌ فَهُوَ شَبِيهٌ بِنَسْخِ الاحكام لَا يَثْبُتُ قبل بُلُوغِ النَّاسِخِ على الصَّحِيحِ بخلاف ( ( ( خلاف ) ) ) الوكاله المحضه
وَأَيْضًا فإن وِلَايَةَ الْقَاضِي الْعُقُودُ وَالْفُسُوخُ فَتَعْظُمُ الْبَلْوَى بِإِبْطَالِهَا قبل الْعِلْمِ بِخِلَافِ الوكاله
قُلْت وَهَذَا الصَّوَابُ
قال في الرعايه بَعْدَ ان اطلق الْوَجْهَيْنِ اصحهما بَقَاؤُهُ حتى يَعْلَمَ بِهِ
فائده لو اخبر بِمَوْتِ قَاضِي بَلَدٍ فَوَلَّى غَيْرُهُ حَيًّا لم يَنْعَزِلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَنْعَزِلُ
قوله وإذا قال الْمُوَلِّي من نَظَرَ في الْحُكْمِ في الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ من فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَهُوَ خَلِيفَتِي او قد وَلَّيْته لم تَنْعَقِدْ الولايه لِمَنْ يَنْظُرُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب وَذَلِكَ لِجَهَالَةِ الْمُوَلَّى مِنْهُمَا
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَعَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ عَلَّقَ الْوِلَايَةَ بِشَرْطٍ
ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا بِالْجَوَازِ لِلْخَبَرِ اميركم زَيْدٌ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمَعْرُوفُ صِحَّةُ الولايه بِشَرْطٍ
____________________
(11/175)
وهو كما قال وَعَلَيْهِ الاصحاب
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ بِالشَّرْطِ
واما اذا وُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَبَقَ ذلك في بَابِ الموصي إلَيْهِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وان قال وَلَّيْت فُلَانًا وَفُلَانًا فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي انْعَقَدَتْ الولايه
لانه وَلَّاهُمَا ثُمَّ عَيَّنَ من سَبَقَ فَتَعَيَّنَ
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ في الْقَاضِي عَشْرُ صِفَاتٍ ان يَكُونَ بَالِغًا
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَقَطَعَ بِهِ اكثرهم
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
ولم يذكر ابو الْفَرَجِ الشيرازى في كُتُبِهِ بَالِغًا وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ
قَوْلُهُ حُرًّا
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب وَجَزَمَ بِهِ اكثرهم
وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ الحريه فَيَجُوزُ ان يَكُونَ عَبْدًا قَالَهُ بن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ
وقال ايضا يَجُوزُ باذن السَّيِّدِ
فائده يَصِحُّ ولايه الْعَبْدِ امارة السَّرَايَا وَقَسْمَ الصَّدَقَاتِ وَالْفَيْءِ وامامه الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ
قَوْلُهُ مُسْلِمًا
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الاصحاب وَقَطَعُوا بِهِ
وقال في الِانْتِصَارِ في صحه اسلامه لَا نَعْرِفُ فيه رِوَايَةً وان سَلِمَ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وان سَلِمَ
____________________
(11/176)
قَوْلُهُ عَدْلًا
هذا الْمَذْهَبُ وَلَوْ كان تَائِبًا من قَذْفٍ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
وَجُزِمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ ان فُسِّقَ بشبهه فَوَجْهَانِ
وياتي بَيَانُ العداله في بَابِ شُرُوطِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
وقد قال الزركشى العداله المشترطه هُنَا هل هِيَ العداله ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كما في الْحُدُودِ او ظَاهِرًا فَقَطْ كما في امامه الصَّلَاةِ وَالْحَاضِنِ وولى الْيَتِيمِ وَنَحْوِ ذلك وَفِيهَا الْخِلَافُ كما في العداله في الاموال ظَاهِرُ اطلاقات الاصحاب انها كَاَلَّتِي في الاموال
وقد يُقَالُ انها ( ( ( إنه ) ) ) كَاَلَّتِي في الْحُدُودِ انْتَهَى
قَوْلُهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطَانِ
قَوْلُهُ مُجْتَهِدًا
هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال بن حَزْمٍ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا اجماعا
____________________
(11/177)
وقال اجمعوا انه لَا يَحِلُّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ فَلَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي الا بِقَوْلِهِ
وقال في الافصاح الاجماع انْعَقَدَ على تَقْلِيدِ كُلٍّ من الْمَذَاهِبِ الاربعه وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ قال الْمُصَنِّفُ في خُطْبَةِ الْمُغْنِي النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ في الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بمذمومه فإن اخْتِلَافَهُمْ رحمه وَاتِّفَاقَهُمْ حجه قاطعه قال بَعْضُ الحنفيه وَفِيهِ نَظَرٌ فان الاجماع ليس عباره عن الأئمه الأربعه وَأَصْحَابِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَلَيْسَ في كَلَامِ الشَّيْخِ ما فَهِمَهُ هذا الْحَنَفِيُّ انْتَهَى
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ وَمُجْتَهِدًا في مَذْهَبِ امامه للضروره
وَاخْتَارَ في الافصاح والرعايه او مُقَلِّدًا
قُلْت وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ من مُدَّةٍ طويله والا تَعَطَّلَتْ احكام الناس
وَقِيلَ في الْمُقَلِّدِ يفتى ضروره
وَذَكَرَ الْقَاضِي ان بن شَاقِلَا اعْتَرَضَ عليه بِقَوْلِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَكُونُ فَقِيهًا حتى يَحْفَظَ اربعمائه الف حَدِيثٍ فقال ان كُنْت لَا أَحْفَظُهُ فَإِنِّي أُفْتِي بِقَوْلِ من يَحْفَظُ اكثر منه قال الْقَاضِي لَا يَقْتَضِي هذا انه كان يُقَلِّدُ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ لِمَنْعِهِ الْفُتْيَا بِلَا عِلْمٍ
قال بَعْضُ الاصحاب ظَاهِرُهُ تَقْلِيدُهُ الا ان يُحْمَلَ على اخذه طُرُقَ الْعِلْمِ عنه
____________________
(11/178)
وقال بن بَشَّارٍ من الاصحاب ما اعيب على من يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ للامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ يفتى بها
قال الْقَاضِي هذا منه مُبَالَغَةٌ في فَضْلِهِ
وَظَاهِرُ نَقْلِ عبد اللَّهِ يفتى غَيْرُ مُجْتَهِدٍ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ على الْحَاجَةِ
فَعَلَى هذا يراعى الفاظ امامه ومتاخرها وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ في ذلك
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ انه يَحْكُمُ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لانه مُقَلِّدٌ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عن الظَّاهِرِ عنه فَيُتَوَجَّهُ مع الِاسْتِوَاءِ الْخِلَافُ في مجتهدانتهى
وقال في اصوله قال بَعْضُ اصحابنا مُخَالَفَةُ الْمُفْتِي نَصَّ امامه الذي قَلَّدَهُ كَمُخَالَفَةِ الْمُفْتِي نَصَّ الشَّارِعِ
فائده يَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى اجماعا وَبِقَوْلٍ او وَجْهٍ من غَيْرِ نَظَرٍ في التَّرْجِيحِ اجماعا وَيَجِبُ ان يَعْمَلَ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا له او عليه اجماعا
قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وياتي قَرِيبًا شَيْءٌ من احكام المفتى
قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَاتِبًا على وَجْهَيْنِ
واطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
احدهما لَا يُشْتَرَطُ ذلك وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ والحاوى الصَّغِيرِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمي لِكَوْنِهِمْ لم يَذْكُرُوهُ في الشُّرُوطِ
____________________
(11/179)
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْكَاتِبُ اولى
وَقَدَّمَهُ في المغنى والكافى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
لَكِنْ صَحَّحَ الاول
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ انه لَا يُشْتَرَطُ فيه غَيْرُ ما تَقَدَّمَ وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ والرعايه الْكُبْرَى
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الاصحاب لِكَوْنِهِمْ لم يُنْكِرُوهُ
وقال الخرقى وَصَاحِبُ الروضه وَالْحَلْوَانِيُّ وبن رَزِينٍ وَالشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَرِعًا وهو الصَّوَابُ
قال الزركشى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ على ما حكاة ابو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَرِعًا زَاهِدًا
واطلق في التَّرْغِيبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ
وقال بن عَقِيلٍ لَا مُغَفَّلًا
قال بَعْضُ مَشَايِخِنَا الذي يَظْهَرُ الْجَزْمُ بِهِ وهو كما قال
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ انه مُرَادُ الاصحاب وانه يَخْرُجُ من كَلَامِهِمْ
وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ لابليدا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال الْقَاضِي ايضا لَا نَافِيًا لِلْقِيَاسِ
____________________
(11/180)
وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْوِلَايَةُ لها رُكْنَانِ الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ فَالْقُوَّةُ في الْحُكْمِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ والامانة تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ عز وجل
قال وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ حَسْبَ الامكان وَيَجِبُ توليه الامثل فالامثل قال وَعَلَى هذا يَدُلُّ كَلَامُ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ
فيولى لِلْعَدَمِ انفع الْفَاسِقِينَ واقلهما شَرًّا واعدل الْمُقَلِّدِينَ واعرفهما بِالتَّقْلِيدِ
قال في الْفُرُوعِ وهو كما قال فان المروذى نَقَلَ فِيمَنْ قال لَا أَسْتَطِيعُ الْحُكْمَ بِالْعَدْلِ يَصِيرُ الْحُكْمُ إلَى اعدل منه
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ اذا لم يُوجَدْ الا فَاسِقٌ عَالِمٌ او جَاهِلُ دِينٍ قُدِّمَ ما الحاجه إلَيْهِ اكثر اذن انْتَهَى
تَنْبِيهٌ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ما تَقَدَّمَ وَلَا كراهه فيه
فَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ كغيرة لَكِنَّ الاسن اولى مع التَّسَاوِي
وَيُرَجَّحُ ايضا بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَغَيْرِ ذلك وَمَنْ كان اكمل في الصِّفَاتِ وَيُوَلَّى الْمُوَلَّى مع اهليته فَائِدَتَانِ
احداهما كُلُّ ما يَمْنَعُ من توليه الْقَضَاءِ ابْتِدَاءً يَمْنَعُهَا دَوَامًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَيَنْعَزِلُ اذا طرا ذلك عليه مُطْلَقًا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرعايه وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُحَرَّرِ والزركشى وَالْوَجِيزِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ ما فُقِدَ من الشُّرُوطِ
____________________
(11/181)
في الدَّوَامِ ازال الْوِلَايَةَ الا فَقْدَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِيمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ ولم يُحْكَمْ بِهِ فان ولايه حُكْمِهِ باقيه فيه
وقال في الِانْتِصَارِ في فَقْدِ الْبَصَرِ فَقَطْ
وَقِيلَ ان تَابَ فَاسِقٌ او افاق من جُنَّ او اغمى عليه وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ بالاغماء فَوِلَايَتُهُ باقيه
وقال في التَّرْغِيبِ ان جُنَّ ثُمَّ افاق احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وقال في الْمُعْتَمَدِ ان طَرَأَ جُنُونٌ فَقِيلَ ان لم يَكُنْ مُطْبَقًا لم يُعْزَلْ كالاغماء وان اطبق بِهِ وَجَبَ عَزْلُهُ
وقال الاشبه بِقَوْلِنَا يُعْزَلُ ان اطبق شَهْرًا لان الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اجاز شَهَادَةَ من يُخْنَقُ في الاحيان وقال في الشَّهْرِ مَرَّةً
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
الثَّانِيَةُ لو مَرِضَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ تَعَيَّنَ عَزْلُهُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَنْعَزِلُ
قَوْلُهُ وَالْمُجْتَهِدُ من يَعْرِفُ من كِتَابِ اللَّهِ وسنه رَسُولِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الحقيقه وَالْمَجَازَ والامر وَالنَّهْيَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُبَيَّنَ وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ وَالْخَاصَّ وَالْعَامَّ وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ وَالْمُسْتَثْنَى والمستثني منه وَيَعْرِفُ من السنه صَحِيحَهَا من سَقِيمِهَا وَمُتَوَاتِرَهَا من آحَادِهَا وَمُرْسَلَهَا وَمُتَّصِلَهَا وَمُسْنَدَهَا وَمُنْقَطِعَهَا مِمَّا له تَعَلُّقٌ بالاحكام خاصه وَيَعْرِفُ ما اجمع عليه مِمَّا اُخْتُلِفَ فيه وَالْقِيَاسَ وحدودة وَشُرُوطَهُ وكيفيه
____________________
(11/182)
اسْتِنْبَاطِهِ والعربيه المتداوله بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وما يُوَالِيهِمْ وَكُلُّ ذلك مَذْكُورٌ في اصول الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ
فَمَنْ وُقِفَ عليه وَرُزِقَ فَهْمَهُ صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَكَذَا قال كَثِيرٌ من الاصحاب
وقال في الْفُرُوعِ فَمَنْ عَرَفَ اكثرة صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ
قال في الْوَجِيزِ فَمَنْ وَقَفَ على اكثر ذلك وَفَهِمَهُ صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وقال في الْمُحَرَّرِ فَمَنْ وَقَفَ عليه أو على أَكْثَرِهِ وَرُزِقَ فَهْمَهُ صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ انْتَهَى
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ان يَعْرِفَ اكثر فُرُوعِ الْفِقْهِ
وقال في الْوَاضِحِ يَجِبُ معرفه جَمِيعِ اصول الْفِقْهِ وادله الاحكام
وقال ابو مُحَمَّدٍ الجوزى من حَصَّلَ اصول الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ فَمُجْتَهِدٌ انْتَهَى
وقال بن مُفْلِحٍ في اصوله والمفتى الْعَالِمُ باصول الْفِقْهِ وما يُسْتَمَدُّ منه والادله السمعيه مفصله وَاخْتِلَافِ مَرَاتِبِهَا غَالِبًا
وَاعْتَبَرَ بَعْضُ اصحابنا معرفه اكثر الْفِقْهِ والاشهر لَا انْتَهَى
وقال في اداب المفتى لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِبَعْضِ ذلك لشبهه او اشكال لَكِنْ يَكْفِيهِ معرفه وجوة دلاله الادله وَيَكْفِيهِ اخذ الاحكام من لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا
زَادَ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَيَعْرِفُ الِاسْتِدْلَالَ وَاسْتِصْحَابَ الْحَالِ وَالْقُدْرَةَ على ابطال شُبْهَةِ الْمُخَالِفِ واقامه الدَّلَائِلِ على مَذْهَبِهِ انْتَهَى
وقال في آدَابِ المفتى ايضا وَهَلْ يُشْتَرَطُ معرفه الْحِسَابِ ونحوة من الْمَسَائِلِ المتوقفه عليه فيه خِلَافٌ
وَيَأْتِي بَعْدَ فَرَاغِ الْكِتَابِ اقسام الْمُجْتَهِدِينَ
____________________
(11/183)
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ مُجْتَهِدٌ انه لَا يُفْتِي إلَّا مُجْتَهِدٌ على الصَّحِيحِ فَوَائِدُ
منها لو أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ لم يَجُزْ له تَقْلِيدُ غَيْرِهِ اجماعا
وياتي هذا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في اول الْبَابِ الذي يَلِيهِ في قَوْلِهِ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ وان كان اعلم منه
وان لم يَجْتَهِدْ لم يَجُزْ ان يُقَلِّدَ غَيْرَهُ ايضا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب وَنُصَّ عليه في رِوَايَةِ الْفَضْلِ بن زِيَادٍ
قال بن مُفْلِحٍ في اصوله قَالَهُ احمد واكثر اصحابه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ
اختارة الشِّيرَازِيُّ وقال مَذْهَبُنَا جَوَازُ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ
قال ابو الْخَطَّابِ وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عن اصحابنا
نَقَلَهُ في الحاوى الْكَبِيرِ في الْخُطْبَةِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ مع ضِيقِ الْوَقْتِ
وَقِيلَ يَجُوزُ لاعلم منه
وَذَكَرَ ابو المعالى عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ يُقَلِّدُ صَحَابِيًّا وَيُخَيَّرُ فِيهِمْ وَمِنْ التَّابِعِينَ رضي الله عنه عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ فَقَطْ
وفي هذه المسأله لِلْعُلَمَاءِ عِدَّةُ اقوال غَيْرُ ذلك
وَتَقَدَّمَ نظيرها ( ( ( نظيرهما ) ) ) في بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ
وقال في الرعايه يَجُوزُ له التَّقْلِيدُ لِخَوْفِهِ على خُصُومٍ مُسَافِرِينَ فَوْتَ رُفْقَتِهِمْ في الاصح
وَمِنْهَا يُتَحَرَّى الِاجْتِهَادُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وقال بن مُفْلِحٍ في اصوله قَالَهُ اصحابنا
____________________
(11/184)
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الروضه وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَتَحَرَّى
وَقِيلَ يَتَحَرَّى في بَابٍ لَا في مسأله
وَمِنْهَا وَيَشْتَمِلُ على مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ في احكام المفتى والمستفتى
تَقَدَّمَ قَرِيبًا تَحْرِيمُ الْحُكْمِ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى وَبِقَوْلٍ او وَجْهٍ من غَيْرِ نَظَرٍ في التَّرْجِيحِ اجماعا
وَاعْلَمْ ان السَّلَفَ الصَّالِحَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ كَانُوا يَهَابُونَ الْفُتْيَا وَيُشَدِّدُونَ فيها وَيَتَدَافَعُونَهَا
وانكر الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ على من تَهَجَّمَ في الْجَوَابِ
وقال لَا يَنْبَغِي ان يُجِيبَ في كل ما يُسْتَفْتَى
وقال اذا هَابَ الرَّجُلُ شيئا لَا يَنْبَغِي ان يُحْمَلَ على ان يَقُولَ
اذا عَلِمْت ذلك فَفِي وُجُوبِ تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ فُرُوعِ الْفِقْهِ على أُصُولِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
احدهما يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ فُرُوعِ الْفِقْهِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
قال في اداب الْمُفْتِي وهو اولى
وَالثَّانِي يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ اصول الْفِقْهِ
اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا
قال في اداب الْمُفْتِي وقد اوجب بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمَ مَعْرِفَةِ اصول الْفِقْهِ على فُرُوعِهِ
وَلِهَذَا ذَكَرَهُ ابو بَكْرٍ وبن ابي مُوسَى وَالْقَاضِي وبن الْبَنَّا في اوائل كُتُبِهِمْ الفروعيه
____________________
(11/185)
وقال ابو الْبَقَاءِ العكبرى ابلغ ما يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى احكام الاحكام اتقان اصول الْفِقْهِ وَطَرَفٍ من اصول الدِّينِ انْتَهَى
وقال بن قَاضِي الْجَبَلِ في اصوله تَبَعًا لِمُسَوَّدَةِ بني تيميه وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى تَقْدِيمُ مَعْرِفَتِهَا اولى من الْفُرُوعِ عِنْدَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ
قُلْت في غَيْرِ فَرْضِ الْعَيْنِ
وَعِنْدَ الْقَاضِي عَكْسُهُ
فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ان الْخِلَافَ في الاولوية وَلَعَلَّهُ اولى
وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ في الْوُجُوبِ
وَتَقَدَّمَ هل لِلْمُفْتِي الاخذ من المستفتى اذا كان له كِفَايَةٌ ام لَا وَيَأْتِي هل له أَخْذُ الْهَدِيَّةِ أَمْ لَا عِنْدَ أَحْكَامِ هَدِيَّةِ الْحَاكِمِ
والمفتى من يُبَيِّنُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ وَيُخْبِرُ بِهِ من غَيْرِ إلْزَامٍ
وَالْحَاكِمُ من يُبَيِّنُهُ وَيُلْزِمُ بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا في حَوَاشِي الْفُرُوعِ
وَلَا يفتى في حَالٍ لَا يُحْكَمُ فيها كَغَضَبٍ وَنَحْوِهِ على ما ياتى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قال بن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ فَظَاهِرُهُ يَحْرُمُ كَالْحُكْمِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَا يفتى في هذه الْحَالِ فَإِنْ أَفْتَى واصاب صَحَّ وَكُرِهَ
وَقِيلَ لايصح
ويأتى نَظِيرُهُ في قَضَاءِ الْغَضْبَانِ وَنَحْوِهِ
وَتَصِحُّ فَتْوَى الْعَبْدِ والمرأه وَالْقَرِيبِ والامى والاخرس الْمَفْهُومِ الاشارة او الْكِتَابَةُ
وَتَصِحُّ مع جَرِّ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ
وَتَصِحُّ من الْعَدُوِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ واداب المفتى وَالْفُرُوعِ في بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي
____________________
(11/186)
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ كَالْحَاكِمِ وَالشَّاهِدِ
وَلَا تَصِحُّ من فَاسِقٍ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كان مُجْتَهِدًا لَكِنْ يفتى نَفْسَهُ وَلَا يَسْأَلُ غَيْرَهُ
وقال الطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِهِ وَغَيْرِهِ لَا نشترط ( ( ( تشترط ) ) ) عَدَالَتُهُ في اجْتِهَادِهِ بَلْ في قَبُولِ فُتْيَاهُ وَخَبَرِهِ
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في اعلام الْمُوَقِّعِينَ قُلْت الصَّوَابُ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْفَاسِقِ الا ان يَكُونَ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ دَاعِيًا إلَى بِدْعَتِهِ فَحُكْمُ اسْتِفْتَائِهِ حُكْمُ امامته وَشَهَادَتِهِ
وَلَا تَصِحُّ من مَسْتُورِ الْحَالِ ايضا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الاصوليين
وَقِيلَ تَصِحُّ
قَدَّمَهُ في اداب المفتى وَعَمِلَ الناس عليه
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ بن الْقَيِّمِ في اعلام الْمُوَقِّعِينَ
وَقِيلَ تَصِحُّ ان اكْتَفَيْنَا بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ والا فَلَا
وَالْحَاكِمُ كَغَيْرِهِ في الْفُتْيَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ له مُطْلَقًا
وَقِيلَ يُكْرَهُ في مَسَائِلِ الاحكام الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ دُونَ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا
وَيَحْرُمُ تَسَاهُلُ مُفْتٍ وَتَقْلِيدُ مَعْرُوفٍ بِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ الا من يفتى بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ
وَنَقَلَ المروذى لَا يَنْبَغِي ان يُجِيبَ في كل ما يُسْتَفْتَى فيه
وياتى هل له قَبُولُ الْهَدِيَّةِ ام لَا
وَلَيْسَ لِمَنْ انْتَسَبَ إلَى مَذْهَبِ امام في مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ او وَجْهَيْنِ ان
____________________
(11/187)
يَتَخَيَّرَ فَيَعْمَلَ او يفتى بِأَيِّهِمَا شَاءَ بَلْ ان عَلِمَ تَارِيخَ الْقَوْلَيْنِ عَمِلَ بِالْمُتَأَخِّرِ ان صَرَّحَ بِرُجُوعِهِ عن الاول وَكَذَا ان اطلق على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فِيهِمَا
وَهَلْ يَجُوزُ الْعَمَلُ باحدهما اذا تَرَجَّحَ انه مَذْهَبٌ لِقَائِلِهِمَا
وقال في اداب المفتى اذا وَجَدَ من ليس اهلا لِلتَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ بِالدَّلِيلِ اخْتِلَافًا بين ائمة الْمَذَاهِبِ في الاصح من الْقَوْلَيْنِ او الوجهين فَيَنْبَغِي ان يَرْجِعَ في التَّرْجِيحِ إلَى صِفَاتِهِمْ الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ الثِّقَةِ بارائهم فَيَعْمَلَ بِقَوْلِ الاكثر والاعلم والاورع
فان اخْتَصَّ احدهما بِصِفَةٍ منها وَالْآخَرُ بِصِفَةٍ اخرى قُدِّمَ الذي هو احرى مِنْهُمَا بِالصَّوَابِ
فالاعلم الاورع مُقَدَّمٌ على الاورع الْعَالِمِ
وَكَذَلِكَ اذا وَجَدَ قَوْلَيْنِ او وَجْهَيْنِ ولم يَبْلُغْهُ عن احد من ائمته بَيَانُ الاصح مِنْهُمَا اعْتَبَرَ اوصاف نَاقِلَيْهِمَا وَقَابِلَيْهِمَا وَيُرَجِّحُ ما وَافَقَ مِنْهُمَا ائمة اكثر الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ او اكثر الْعُلَمَاءِ انْتَهَى
قُلْت وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ
وَتَقَدَّمَ في آخِرِ الْخُطْبَةِ تَحْرِيرُ ذلك
واذا اعْتَدَلَ عِنْدَهُ قَوْلَانِ وَقُلْنَا يَجُوزُ افتى بِأَيِّهِمَا شَاءَ
قَالَهُ الْقَاضِي في الْكِفَايَةِ وبن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
كما يَجُوزُ للمفتى ان يَعْمَلَ بِأَيِّ الْقَوْلَيْنِ شَاءَ
وَقِيلَ يُخَيَّرُ المستفتى والا تَعَيَّنَ الاحوط
وَيَلْزَمُ المفتى تَكْرِيرَ النَّظَرِ عِنْدَ تَكَرُّرِ الْوَاقِعَةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/188)
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وقال والا كان مُقَلِّدًا لِنَفْسِهِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ
وَقَدَّمَهُ بن مُفْلِحٍ في اصوله
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ لان الاصل بَقَاءُ ما اطَّلَعَ عليه وَعَدَمُ غَيْرِهِ وَلُزُومُ السُّؤَالِ ثَانِيًا فيه الْخِلَافُ
وَعِنْدَ ابى الْخَطَّابِ والآمدى ان ذَكَرَ المفتى طَرِيقَ الِاجْتِهَادِ لم يَلْزَمْهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وان حَدَثَ ما لَا قَوْلَ فيه تَكَلَّمَ فيه حَاكِمٌ وَمُجْتَهِدٌ وَمُفْتٍ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ في اصول الدِّينِ
قال في آدَابِ المفتى ليس له ان يفتى في شَيْءٍ من مَسَائِلِ الْكَلَامِ مُفَصَّلًا
بَلْ يُمْنَعَ السَّائِلُ وَسَائِرُ العامه من الْخَوْضِ في ذلك اصلا وَقَدَّمَهُ في مُقْنِعِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقَدَّمَ بن مُفْلِحٍ في اصوله ان مَحَلَّ الْخِلَافِ في الْأَفْضَلِيَّةِ لَا في الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ واطلق الْخِلَافُ
وقال في خُطْبَةِ الارشاد لَا بُدَّ من الْجَوَابِ
وقال في اعلام الْمُوَقِّعِينَ بَعْدَ ان حَكَى الاقوال وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ وَأَنَّ ذلك يَجُوزُ بَلْ يُسْتَحَبُّ او يَجِبُ عِنْدَ الْحَاجَةِ واهلية المفتى وَالْحَاكِمِ فان عُدِمَ الامران لم يَجُزْ وان وُجِدَ احدهما اُحْتُمِلَ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ وَالْجَوَابُ عِنْدَ الْحَاجَةِ دُونَ عَدَمِهَا انْتَهَى
وَلَهُ تَخْيِيرُ من اسْتَفْتَاهُ بين قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ
روى ذلك عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيلَ ياخذ بِهِ ان لم يَجِدْ غَيْرَهُ او كان ارجح
____________________
(11/189)
وَسَأَلَهُ ابو دَاوُد الرَّجُلُ يَسْأَلُ عن المسأله ادله على انسان يَسْأَلُهُ قال اذا كان الذي ارشد إلَيْهِ يَتْبَعُ ويفتى بالسنه
فَقِيلَ له انه يُرِيدُ الِاتِّبَاعَ وَلَيْسَ كُلُّ قَوْلِهِ يُصِيبُ قال وَمَنْ يُصِيبُ في كل شَيْءٍ
وَتَقَدَّمَ في اخر الْخُلْعِ التَّنْبِيهُ على ذلك
وَلَا يَلْزَمُ جَوَابٌ ما لم يَقَعْ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ اجابته
وَقِيلَ يكرة
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَلَا يَجِبُ جَوَابُ ما لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ السَّائِلِ وَلَا ما لَا نَفْعَ فيه
وَمَنْ عَدِمَ مُفْتِيًا في بَلَدِهِ وغيرة فَحُكْمُهُ حُكْمُ ما قبل الشَّرْعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال ( ( ( وقدمه ) ) ) في اداب المفتى وهو اقيس
وَقِيلَ مَتَى خَلَتْ البلده من مُفْتٍ حَرُمَتْ السُّكْنَى فيها ذكرة في الاداء ( ( ( آداب ) ) ) المفتى
وَلَهُ رَدُّ الْفُتْيَا ان كان في الْبَلَدِ من يَقُومُ مَقَامَهُ والا لم يَجُزْ
ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا
وَقَطَعَ بِهِ من بَعْدَهُمْ
وَإِنْ كان مَعْرُوفًا عِنْدَ العامه بِفُتْيَا وهو جَاهِلٌ تَعَيَّنَ الْجَوَابُ على الْعَالِمِ
قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الاظهر لَا يَجُوزُ في التي قَبْلَهَا كَسُؤَالِ عَامِّيٍّ عَمَّا لم يَقَعْ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَاكِمٌ في الْبَلَدِ غيرة لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ والا لَزِمَهُ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في شهاده الْعَبْدِ الْحُكْمُ يَتَعَيَّنُ بِوِلَايَتِهِ حتى لَا يُمْكِنَهُ رَدُّ مُحْتَكِمِينَ إلَيْهِ وَيُمْكِنُهُ رَدُّ من يَسْتَشْهِدُهُ
____________________
(11/190)
وان كان مُتَحَمِّلًا لشهاده فَنَادِرٌ ان لَا يَكُونَ سواة
وفي الْحُكْمِ لَا يَنُوبُ الْبَعْضُ عن الْبَعْضِ
وَلَا يقول لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَيْهِ امْضِ إلَى غَيْرِي من الْحُكَّامِ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من الْوَجْهِ في اثم من دعى لشهاده قالوا لانه تَعَيَّنَ عليه بِدُعَائِهِ
لَكِنْ يَلْزَمُ عليه اثم من عَيَّنَ في كل فَرْضِ كِفَايَةٍ فَامْتَنَعَ
قال وَكَلَامُهُمْ في الْحَاكِمِ وَدَعْوَةِ الوليمه وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافُهُ انْتَهَى
وَمَنْ قوى عِنْدَهُ مَذْهَبُ غَيْرِ امامه افتى بِهِ واعلم السَّائِلَ
وَمَنْ اراد كتابه على فُتْيَا او شهاده لم يَجُزْ ان يُكَبِّرَ خَطَّهُ لِتَصَرُّفِهِ في مِلْكِ غيرة بِلَا اذنه وَلَا حاجه كما لو اباحه قَمِيصَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يُخْرِجُهُ عن العاده بِلَا حاجه
ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ وَغَيْرِهِ
وَكَذَا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ اذا اراد ان يفتى او يَكْتُبَ شهاده لم يَجُزْ ان يُوَسِّعَ له الاسطر وَلَا يُكْثِرُ اذا امكن الِاخْتِصَارُ لانه تَصَرُّفٌ في مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا اذنه ولم تَدْعُ الحاجه إلَيْهِ
وَاقْتَصَرَ على ذلك في الْفُرُوعِ
وقال في اصوله وَيُتَوَجَّهُ مع قرينه خِلَافٍ
وَلَا يَجُوزُ اطلاقه في الْفُتْيَا في اسْمٍ مُشْتَرَكٍ اجماعا بَلْ عليه التَّفْصِيلُ
فَلَوْ سُئِلَ هل له الاكل بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا بُدَّ ان يَقُولَ يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ الاول لَا الثَّانِي
ومسأله ابي حنيفه مع ابي يُوسُفَ وابي الطَّيِّبِ مع قَوْمٍ مَعْلُومِينَ
وَاعْلَمْ انه قد تَقَدَّمَ انه لَا يفتى الا مُجْتَهِدٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ
____________________
(11/191)
فيراعى الفاظ امامه ومتاخرها وَيُقَلِّدُ كِبَارَ أئمه مَذْهَبِهِ
والعامى يُخَيَّرُ في فَتْوَاهُ فَقَطْ فيقول مَذْهَبُ فُلَانٍ كَذَا ذكرة بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
وَكَذَا قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ النَّاظِرُ الْمُجَرَّدُ يَكُونُ حَاكِيًا لَا مُفْتِيًا
وقال في آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ ان كان الْفَقِيهُ مُجْتَهِدًا يَعْرِفُ صحه الدَّلِيلِ كَتَبَ الْجَوَابَ عن نَفْسِهِ وان كان مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ الدَّلِيلَ قال مَذْهَبُ الامام احمد كَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَذَا فَيَكُونُ مُخْبِرًا لَا مُفْتِيًا
وَيُقَلِّدُ العامى من عَرَفَهُ عَالِمًا عَدْلًا او رَآهُ مُنْتَصِبًا مُعَظَّمًا وَلَا يُقَلِّدُ من عَرَفَهُ جَاهِلًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ
قال الْمُصَنِّفُ في الروضه وَغَيْرِهَا يَكْفِيهِ قَوْلُ عَدْلٍ وَمُرَادُهُ خَبِيرٌ
وَاعْتَبَرَ بَعْضُ الاصحاب الاستفاضه بِكَوْنِهِ عَالِمًا لَا مُجَرَّدَ اعْتِزَائِهِ إلَى الْعِلْمِ وَلَوْ بِمَنْصِبِ تَدْرِيسٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال بن عَقِيلٍ يَجِبُ سُؤَالُ اهل الثقه وَالْخَيْرِ
قال الطوفى في مختصرة يُقَلِّدُ من عَلِمَهُ او ظَنَّهُ اهلا بِطَرِيقِ ما اتِّفَاقًا
فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ فَفِي جَوَازِ تَقْلِيدِهِ وَجْهَانِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ
احدهما عَدَمُ الْجَوَازِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
نصرة الْمُصَنِّفُ في الروضه
وَقَدَّمَهُ بن مُفْلِحٍ في اصوله والطوفى في مختصرة وَغَيْرُهُمَا
وَالثَّانِي الْجَوَازُ
قَدَّمَهُ في آدَابِ المفتى
وَتَقَدَّمَ هل تصلح ( ( ( يصح ) ) ) فُتْيَا فَاسِقٍ او مَسْتُورِ الْحَالِ ام لَا
____________________
(11/192)
وَيُقَلِّدُ مَيِّتًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وهو كالاجماع في هذه الاعصار
وَقِيلَ لَا يُقَلِّدُ مَيِّتًا وهو ضَعِيفٌ
واختارة في التَّمْهِيدِ في ان عُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنه لم يُشْتَرَطْ عليه تَقْلِيدُ ابي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما لِمَوْتِهِمَا
وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَفْتِي ان يَحْفَظَ الادب مع المفتى وَيُجِلَّهُ فَلَا يقول او يَفْعَلُ ما جَرَتْ عاده الْعَوَّامِ بِهِ كايماء بيده في وَجْهِهِ وما مَذْهَبُ امامك في كَذَا وما تَحْفَظُ في كَذَا او افتاني غَيْرُك او فُلَانٌ بِكَذَا او كَذَا
قُلْت انا او وَقِّعْ لى أو ان كان جَوَابُك مُوَافِقًا فَاكْتُبْ
لَكِنْ ان عَلِمَ غَرَضَ السَّائِلِ في شَيْءٍ لم يَجُزْ ان يَكْتُبَ بِغَيْرِهِ
أو يَسْأَلَهُ في حَالِ ضَجَرٍ او هَمٍّ او قِيَامِهِ ونحوة وَلَا يُطَالِبُهُ بالحجه
وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ من الْمُجْتَهِدِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال بن مُفْلِحٍ في اصوله قَالَهُ اكثر اصحابنا الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الروضه وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ هو وَغَيْرُهُ
قال في فُرُوعِهِ في اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لَا يَجِبُ عليه تَقْلِيدُ الاوثق على الاصح
قال في الرعايه على الاقيس
وَعَنْهُ يَجِبُ عليه
قال بن عَقِيلٍ يَلْزَمُهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا فَيُقَدِّمُ الارجح
وَمَعْنَاهُ قَوْلُ الخرقى كالقبله في الاعمى والعامى
قال بن مُفْلِحٍ في اصوله اما لو بَانَ للعامى الارجح مِنْهُمَا لَزِمَهُ تَقْلِيدُهُ
زَادَ بَعْضُ اصحابنا في الاظهر
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الاصحاب مُخَالِفٌ لِذَلِكَ
____________________
(11/193)
وقال في التَّمْهِيدِ ان رَجَحَ دِينُ وَاحِدٍ
قَدَّمَهُ في احد الْوَجْهَيْنِ
وفي الْآخَرِ لَا لان الْعُلَمَاءَ لَا تُنْكِرُ على العامى تَرْكَهُ
وقال ايضا في تَقْدِيمِ الادين على الاعلم وَعَكْسُهُ وَجْهَانِ
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ تَقْدِيمُ الادين حَيْثُ قِيلَ له من نَسْأَلُ بَعْدَك قال عبد الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ فانه صَالِحٌ مِثْلُهُ يُوَفَّقُ لِلْحَقِّ
قال في الرعايه وَلَا يَكْفِيهِ من لم تَسْكُنْ نَفْسُهُ إلَيْهِ وَقُدِّمَ الْأَعْلَمُ علي الْأَوْرَعِ انْتَهَى
فَإِنْ اسْتَوَى مُجْتَهِدَانِ تَخَيَّرَ
ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ من الاصحاب
وقال بن مُفْلِحٍ في اصوله وقال بَعْضُ الاصحاب هل يَلْزَمُ الْمُقَلِّدَ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبٍ والاخذ بِرُخَصِهِ وَعَزَائِمِهِ فيه وَجْهَانِ
قُلْت قال في الْفُرُوعِ في اثناء بَابِ شُرُوطِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَأَمَّا لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعُ الِانْتِقَالِ إلَى غيرة في مسأله فَفِيهِ وَجْهَانِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَعَدَمُهُ اشهر انْتَهَى
قال في اعلام الْمُوَقِّعِينَ وهو الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ
وقال في اصوله عَدَمُ اللُّزُومِ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَيَتَخَيَّرُ
وقال في الرعايه الْكُبْرَى يَلْزَمُ كُلَّ مُقَلِّدٍ ان يَلْتَزِمَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ في الاشهر فَلَا يُقَلِّدُ غير اهله
وَقِيلَ بَلَى
وَقِيلَ ضَرُورَةً
____________________
(11/194)
فان الْتَزَمَ فِيمَا يُفْتَى بِهِ او عَمِلَ بِهِ او ظَنَّهُ حَقًّا او لم يَجِدْ مُفْتِيًا اخر لَزِمَ قَوْلُهُ والا فَلَا انْتَهَى
وَاخْتَارَ الامدى مَنْعَ الِانْتِقَالِ فِيمَا عَمِلَ بِهِ
وَعِنْدَ بَعْضِ الاصحاب يَجْتَهِدُ في أَصَحِّ الْمَذَاهِبِ فَيَتْبَعُهُ
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الاخذ بِرُخَصِهِ وَعَزَائِمِهِ طاعه غَيْرِ الرَّسُولِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في كل أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وهو خِلَافُ الاجماع
وَتَوَقَّفَ ايضا في جَوَازِهِ
وقال ايضا ان خَالَفَهُ لِقُوَّةِ دَلِيلٍ او زياده عِلْمٍ او تَقْوَى فَقَدْ احسن وَلَا يُقْدَحُ في عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ
وقال ايضا بَلْ يَجِبُ في هذه الْحَالِ وانه نَصُّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن هُبَيْرَةَ
وقال في آدَابِ المفتى هل للعامى ان يَتَخَيَّرَ وَيُقَلِّدَ أَيَّ مَذْهَبٍ شَاءَ ام لَا فَإِنْ كان مُنْتَسِبًا إلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ بَنَيْنَا ذلك على ان العامى هل له مَذْهَبٌ ام لَا وَفِيهِ مَذْهَبَانِ
احدهما لَا مَذْهَبَ له فَلَهُ ان يستفتى من شَاءَ من ارباب الْمَذَاهِبِ سِيَّمَا ان قُلْنَا كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له مَذْهَبٌ لانه اعْتَقَدَ ان الْمَذْهَبَ الذي انْتَسَبَ إلَيْهِ هو الْحَقُّ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ فَلَا يستفتى من يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ
وان لم يَكُنْ انْتَسَبَ إلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ انْبَنَى على ان العامى هل يَلْزَمُهُ ان يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ ياخذ بِرُخْصِهِ وَعَزَائِمِهِ وَفِيهِ مَذْهَبَانِ
احدهما لَا يَلْزَمُهُ كما لم يَلْزَمْ في عَصْرِ اوائل الامه ان يَخُصَّ الامى العامى عَالِمًا مُعَيَّنًا يُقَلِّدُهُ سِيَّمَا ان قُلْنَا كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ
____________________
(11/195)
فَعَلَى هذا هل له ان يستفتى على أَيِّ مَذْهَبٍ شَاءَ ام يَلْزَمَهُ ان يَبْحَثَ حتى يَعْلَمَ عِلْمَ مِثْلِهِ اسد الْمَذَاهِبِ واصحها اصلا فيه مَذْهَبَانِ
الثَّانِي يَلْزَمُهُ ذلك وهو جَارٍ في كل من لم يَبْلُغْ درجه الِاجْتِهَادِ من الْفُقَهَاءِ وارباب سَائِرِ الْعُلُومِ
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ يَلْزَمُهُ ان يَجْتَهِدَ في اخْتِيَارِ مَذْهَبٍ يُقَلِّدُهُ على التَّعْيِينِ
وَهَذَا اولى بالحاق الِاجْتِهَادِ فيه على العامى مِمَّا سَبَقَ في الِاسْتِفْتَاءِ انْتَهَى
وَلَا يَجُوزُ للعامى تَتَبُّعُ الرُّخَصِ
ذَكَرَهُ بن عبد الْبَرِّ اجماعا
وَيَفْسُقُ عِنْدَ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وغيرة
وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على مُتَأَوِّلٍ او متقلد ( ( ( مقلد ) ) )
وقال بن مُفْلِحٍ في اصوله وَفِيهِ نَظَرٌ
قال وَذَكَرَ بَعْضُ اصحابنا في فِسْقِ من اخذ بِالرُّخَصِ رِوَايَتَيْنِ
وَإِنْ قوى دَلِيلٌ او كان عَامِّيًّا فَلَا كَذَا قال انْتَهَى
وإذا اسْتَفْتَى وَاحِدًا اخذ بِقَوْلِهِ
ذَكَرَهُ بن الْبَنَّا وغيرة
وَقَدَّمَهُ بن مُفْلِحٍ في اصوله
وقال والاشهر يَلْزَمُ بِالْتِزَامِهِ
وَقِيلَ وَبِظَنِّهِ حَقًّا
وَقِيلَ وبعمل ( ( ( ويعمل ) ) ) بِهِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ان ظَنَّهُ حَقًّا
وَإِنْ لم يَجِدْ مُفْتِيًا اخر لَزِمَهُ كما لو حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ
وقال بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا الا مع عَدَمِ غَيْرِهِ
____________________
(11/196)
وَلَوْ سَأَلَ مُفْتِيَيْنِ وَاخْتَلَفَا عليه تَخَيَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اختارة الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
قال ابو الْخَطَّابِ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَذَكَرَ بن الْبَنَّا وَجْهًا انه ياخذ بِقَوْلِ الارجح
وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الاصحاب
وَقُدِّمَ في الروضه انه يَلْزَمُهُ الاخذ بِقَوْلِ الافضل في عِلْمِهِ وَدِينِهِ
قال الطوفى في مختصرة وهو الظَّاهِرُ
وَذَكَرَ بن الْبَنَّا ايضا وَجْهًا آخَرَ يَأْخُذُ باغلظهما
وَقِيلَ ياخذ بالاخف
وَقِيلَ يسال مُفْتِيًا اخر
وَقِيلَ يَأْخُذُ بِأَرْجَحِهِمَا دَلِيلًا وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَوْ سال مُفْتِيَيْنِ فَاخْتَلَفَا فَهَلْ
يَأْخُذُ بالارجح او الاخف او الاشد او يُخَيَّرُ فيه اوجه في الْمَذْهَبِ واطلقهن
وان سال فلم تَسْكُنْ نَفْسُهُ فَفِي تَكْرَارِهِ وَجْهَانِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ في بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ اظهرهما لَا يَلْزَمُ
فَهَذِهِ جمله صالحه نافعه ان شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قوله وان تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا فَحَكَمَ نَفَذَ حُكْمُهُ في الْمَالِ وَيَنْفُذُ في الْقِصَاصِ وَالْحَدِّ وَالنِّكَاحِ وَاللِّعَانِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ ذكرة ابو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(11/197)
وَقَدَّمَهُ في الخلاصه وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ الا في الاموال خاصه
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَقَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ لَا يَنْفُذُ في قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَلِعَانٍ وَنِكَاحٍ
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ
واطلق الْخِلَافَ في الكافى
وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَنْفُذُ في غَيْرِ فَرَجٍ كَتَصَرُّفِهِ ضَرُورَةً في تركه مَيِّتٍ في غَيْرِ فَرَجٍ
ذكرة بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الادله
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ نُفُوذَ حُكْمِهِ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمٍ لَا إمَامٍ
وقال ان حَكَّمَ احدهما خَصْمَهُ او حَكَّمَا مُفْتِيًا في مساله اجْتِهَادِيَّةٍ جَازَ
وقال يكفى وَصْفُ القصه له
قال في الْفُرُوعِ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابي طَالِبٍ نَازَعَنِي بن عمى الاذان فَتَحَاكَمْنَا إلَى ابي عبد اللَّهِ فقال اقْتَرِعَا
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ خَصُّوا اللِّعَانَ لان فيه دَعْوَى وإنكار ( ( ( وإنكارا ) ) ) وبقيه الْفُسُوخِ كاعسار وقد يَتَصَادَقَانِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ انشاء لَا ابْتِدَاءً
وَنَظِيرُهُ لو حَكَّمَاهُ في التَّدَاعِي بِدَيْنٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُ من يُكْتَبُ إلَيْهِ بِحُكْمِهِ الْقَبُولُ وَتَنْفِيذُهُ كَحَاكِمِ الامام وَلَيْسَ له حَبْسٌ في عُقُوبَةٍ وَلَا اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ وَلَا ضَرْبُ دِيَةِ الْخَطَأِ على عَاقِلَةِ من وصى بِحُكْمِهِ
قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وزاد في الصُّغْرَى وَلَيْسَ له ان يَحُدَّ
____________________
(11/198)
فَائِدَتَانِ
احداهما لو رَجَعَ احد الْخَصْمَيْنِ قبل شُرُوعِهِ في الْحُكْمِ فَلَهُ ذلك
وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ شُرُوعِهِ وَقَبْلَ تَمَامِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ
واطلقهما في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
احدهما له ذلك
الثَّانِي ليس له ذلك انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ان اشهدا عَلَيْهِمَا بِالرِّضَا بِحُكْمِهِ قبل الدُّخُولِ في الْحُكْمِ فَلَيْسَ لاحدهما الرُّجُوعُ
الثَّانِيَةُ قال في عُمَدِ الادلة بَعْدَ ذِكْرِ التَّحْكِيمِ وَكَذَا يَجُوزُ ان يَتَوَلَّى مُتَقَدِّمُو الاسواق وَالْمَسَاجِدِ الْوَسَاطَاتِ وَالصُّلْحَ عِنْدَ الْفَوْرَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَتَفْوِيضَ الاموال إلَى الاوصياء وَتَفْرِقَةَ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ واقامة الْحُدُودِ على رَقِيقِهِ وَخُرُوجَ طَائِفَةٍ إلَى الْجِهَادِ تَلَصُّصًا وَبَيَاتًا وَعِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ والامر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عن الْمُنْكَرِ وَالتَّعْزِيرَ لِعَبِيدٍ واماء واشباه ذلك انْتَهَى
____________________
(11/199)
بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي
قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا من غَيْرِ عُنْفٍ لينا ( ( ( ولينا ) ) ) من غَيْرِ ضَعْفٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ الْفُصُولِ يَجِبُ ذلك
قَوْلُهُ حَلِيمًا ذَا أَنَاةٍ وَفَطِنَةٍ قد تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ قال في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ إنَّهُ يُشْتَرَطُ في الْحَاكِمِ أَنْ لَا يَكُونَ بَلِيدًا وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ وَرِعًا عَفِيفًا فَهَذَا منه بِنَاءً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ من أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ في الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ وَرِعًا وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذلك فيه
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الخرقى وَجَمَاعَةً من الْأَصْحَابِ اشْتَرَطُوا ذلك فيه وهو الصَّوَابُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو افْتَاتَ عليه خَصْمٌ
فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ له تَأْدِيبُهُ وَالْعَفْوُ عنه
وقال في الْفُصُولِ يَزْجُرُهُ فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ وَاعْتَبَرَهُ بِدَفْعِ الصَّائِلِ وَالنُّشُوزِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَيَنْتَهِرُهُ وَيَصِيحُ عليه قبل ذلك
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ ذلك وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لم يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ
لَكِنَّ هل ظَاهِرُهُ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْحَكَمِ فيه نَظَرٌ كَالْإِقْرَارِ فيه وفي غَيْرِهِ
____________________
(11/200)
أو لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذلك لِكَثْرَةِ الْمُتَظَلِّمِينَ على الْحُكَّامِ وَأَعْدَائِهِمْ فَجَازَ فيه وفي غَيْرِهِ وَلِهَذَا شَقَّ رَفْعُهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَدَّبَهُ بِنَفْسِهِ حتى إنَّهُ حَقٌّ له
قُلْت فيعايي بها
وقد ذَكَرَ بن عَقِيلٍ في أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عن أَصْحَابِنَا إنْ شَقَّ رَفْعُهُ إلَى الْحَاكِمِ لَا يَرْفَعُ
الثَّانِيَةُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا له أَنْ يَنْتَهِرَ الْخَصْمَ إذَا الْتَوَى وَيَصِيحَ عليه وَإِنْ اسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ عَزَّرَهُ بِمَا يَرَى
قَوْلُهُ وَيُنْفِذُ عِنْدَ مَسِيرِهِ من يُعْلِمُهُمْ يوم دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ هذا الْمَذْهَبُ
أعنى أَنَّهُ يُرْسِلُ إلَيْهِمْ يُعْلِمُهُمْ بِدُخُولِهِ من غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِتَلَقِّيه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَأْمُرُهُمْ بِتَلَقِّيه
قُلْت منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبُ وَالْخُلَاصَةُ
قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ الْبَلَدَ يوم الِاثْنَيْنِ أو الْخَمِيسِ أو السَّبْتِ وهو الْمَذْهَبُ
يعنى أَنَّهُ بِالْخِيرَةِ في الدُّخُولِ في هذه الْأَيَّامِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَدْخُلُ يوم الِاثْنَيْنِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ فَيَوْمَ الْخَمِيسِ
____________________
(11/201)
منهم صَاحِبُ الْمُذَهَّبِ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ لم يَقْدِرْ أَنْ يَدْخُلَ يوم الإثنين فَيَوْمَ الْخَمِيسِ أو السَّبْتِ
قال في التَّبْصِرَةِ يَدْخُلُ ضَحْوَةً لِاسْتِقْبَالِ الشَّهْرِ
قال في الْفُرُوعِ وَكَأَنَّ اسْتِقْبَالَ الشَّهْرِ تَفَاؤُلًا كَأَوَّلِ النَّهَارِ ولم ينكرهما ( ( ( ينكرها ) ) ) الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ
قال في التَّبْصِرَةِ وَكَذَا أَصْحَابُهُ
وقال أَيْضًا تَكُونُ ثِيَابُهُمْ كُلُّهَا سُودٌ وَإِلَّا فَالْعِمَامَةُ
وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ غَيْرُ السَّوَادِ أَوْلَى لِلْأَخْبَارِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لَا يَتَطَيَّرُ بِشَيْءٍ وَإِنْ تَفَاءَلَ فَحَسَنٌ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فإذا اجْتَمَعَ الناس أَمَرَ بِعَهْدِهِ فَقُرِئَ عليهم بِلَا نِزَاعٍ وقال في التَّبْصِرَةِ وَلْيَقُلْ من كلامة إلَّا لِحَاجَةٍ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَيُنَفَّذُ فَيَتَسَلَّمُ دِيوَانَ الْحُكْمِ من الذي كان قَبْلَهُ بِلَا نِزَاعٍ
قال في التَّبْصِرَةِ وَلْيَأْمُرْ كَاتِبَ ثِقَةٍ يُثْبِتُ ما تَسَلَّمَهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ
الرَّابِعَةُ دِيوَانُ الْحُكْمِ هو ما فيه مَحَاضِرُ وَسِجِلَّاتٌ وَحِجَجٌ وَكُتُبُ وَقْفٍ وَنَحْوُ ذلك مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُسَلِّمُ على من يَمُرُّ بِهِ
____________________
(11/202)
وَلَوْ كَانُوا صِبْيَانًا وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ ويصلى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إنْ كان في مَسْجِدٍ
بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ كان في غَيْرِهِ خُيِّرَ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ
الثَّانِيَةُ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَضَاءُ في الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ وهو صَحِيحٌ وَلَا يُكْرَهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قوله ( ( ( قول ) ) ) وَيَجْلِسُ على بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ وَيَجْلِسُ على بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا على بِسَاطٍ
وقال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ على بِسَاطٍ أو لُبَدٍ أو حَصِيرٍ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ مَجْلِسَهُ في مَكَان فَسِيحٍ كَالْجَامِعِ وَالْفَضَاءِ وَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ
بِلَا نِزَاعٍ وَلَكِنْ يَصُونَهُ مِمَّا يُكْرَهُ فيه ذَكَرَهُ في الْوَجِيزِ وهو كما قال
قَوْلُهُ وَلَا يَتَّخِذُ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا إلَّا في غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ شَاءَ
مُرَادُهُ إذَا لم يَكُنْ عُذْرٌ فَإِنْ كان ثَمَّ عُذْرٌ جَازَ اتِّخَاذُهُمَا
إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَتَّخِذُهُمَا في مَجْلِسِ الْحُكْمِ من غَيْرِ عُذْرٍ
قال بن الْجَوْزِيِّ في الْمُذَهَّبِ يَتْرُكُهُمَا نَدْبًا
____________________
(11/203)
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ليس له تَأْخِيرُ الْحُضُورِ إذَا تَنَازَعُوا إلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ وَلَا له أَنْ يَحْتَجِبَ إلَّا في أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَيَعْرِضُ الْقَصَصَ فَيَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ على رَأْسِهِ من يُرَتِّبُ الناس
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلَا يُقَدِّمُ السَّابِقَ في أَكْثَرِ من حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ
وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيمَ السَّابِقِ على غَيْرِهِ وَاجِبٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِتَقْدِيمِ من له بَيِّنَةٌ لِئَلَّا تَضَجَّرَ بَيِّنَتُهُ وَجَعَلَهُ في الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا
وقال في الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ مُتَأَخِّرٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَشَاحُّوا قَدَّمَ أَحَدَهُمْ بِالْقُرْعَةِ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ الْمُرْتَحِلُ
قُلْت منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وقال ذلك في الْكَافِي مع قِلَّتِهِمْ
زَادَ في الرِّعَايَةِ وَالْمَرْأَةَ لِمَصْلَحَةٍ
____________________
(11/204)
قَوْلُهُ وَيَعْدِلُ بين الْخَصْمَيْنِ في لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَالدُّخُولِ عليه
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ ذلك وَاجِبٌ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَيَلْزَمُهُ في الْأَصَحِّ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا في لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَالدُّخُولِ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَافِرًا فَيُقَدِّمُ الْمُسْلِمَ في الدُّخُولِ وَيَرْفَعُهُ في الْجُلُوسِ
هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْأَشْهَرُ يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ على كَافِرٍ دُخُولًا وَجُلُوسًا
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وتذكره بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ في الدُّخُولِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ في الْمَجْلِسِ وَصَحَّحَهُ في الرَّفْعِ
وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا في الشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الدُّخُولِ فَقَطْ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَقِيلَ يسوى ( ( ( يستوى ) ) ) بَيْنَهُمَا في ذلك أَيْضًا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(11/205)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ في الْجُلُوسِ
وَأَطْلَقَهُمَا في رَفْعِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَأَطْلَقَهُمَا فِيهِمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال في الْمُغْنِي يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُسْلِمِ على الْكَافِرِ في الْجُلُوسِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يسوى بَيْنَهُمَا في الدُّخُولِ
وفي الرِّعَايَةِ قَوْلُ عَكْسِهِ
قال بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ يسوى بين الْخَصْمَيْنِ في مَجْلِسِهِ وَلَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَلَوْ دمى ( ( ( ذميا ) ) ) في وَجْهٍ
فَظَاهِرُهُ دُخُولُ اللَّحْظِ وَاللَّفْظِ في الْخِلَافِ فَتَخْلُصُ لنا في الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا وَمَنْعُهُ مُطْلَقًا وَالتَّقْدِيمُ في الدُّخُولِ دُونَ الرَّفْعِ
وَظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلٌ رَابِعٌ وهو التَّقْدِيمُ في الرَّفْعِ دُونَ الدُّخُولِ
فَائِدَةٌ لو سَلَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ على الْقَاضِي رَدَّ عليه
وقال في التَّرْغِيبِ يَصْبِرُ حتى يُسَلِّمَ الْآخِرُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا إلَّا أَنْ يَتَمَادَى عُرْفًا
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ سَلَّمَا مَعًا رَدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا قبل دُخُولِ خَصْمِهِ أو معه فَهَلْ يَرُدُّ عليه قَبْلَهُ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَلَهُ الْقِيَامُ السَّائِغُ وَتَرْكُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ الْقِيَامُ لَهُمَا فَإِنْ قام لِأَحَدِهِمَا قام لِلْآخِرِ أو اعْتَذَرَ إلَيْهِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يُسَارَّ أَحَدُهُمَا وَلَا يُلَقِّنُهُ حَجَّتَهُ وَلَا يُضِيفُهُ
يعنى يَحْرُمُ عليه ذلك قَالَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(11/206)
قَوْلُهُ وَلَا يُعَلِّمُهُ كَيْفَ يَدَّعِي في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي
وفي الْآخِرِ يَجُوزُ له تَحْرِيرُ الدَّعْوَى إذَا لم يُحِسَّهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَلْزَمْ ذِكْرُهُ فَأَمَّا إنْ لَزِمَ ذِكْرُهُ في الدَّعَاوَى كَشَرْطِ عَقْدٍ أو سَبَبٍ وَنَحْوِهِ ولم يَذْكُرْهُ المدعى فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ عنه لِيَحْتَرِزَ عنه
قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ إلَى خَصْمِهِ لِيُنْظِرَهُ أو يَضَعَ عنه وَيَزِنَ عنه
ويجوز ( ( ( ويحوز ) ) ) لِلْقَاضِي أَنْ يَشْفَعَ إلَى خَصْمِ الْمُدَّعَى عليه لِيَنْظُرَهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَيَجُوزُ له أَنْ يَشْفَعَ لِيَضَعَ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ له ذلك على الْأَصَحِّ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ له ذلك على الْأَظْهَرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ ليس له ذلك
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْكَافِي
وَيَجُوزُ له أَنْ يَزِنَ عنه أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَا يَجُوزُ ذلك وما هو ببعيد ( ( ( تبعيد ) ) )
____________________
(11/207)
قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ الْفُقَهَاءَ من كل مَذْهَبٍ إنْ أَمْكَنَ وَيُشَاوِرُهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عليه
من اسْتِخْرَاجِ الْأَدِلَّةِ وَتَعَرُّفِ الْحَقِّ بِالِاجْتِهَادِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ما أَحْسَنَهُ لو فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يُشَاوِرُونَ وَيَنْتَظِرُونَ فَإِنْ اتَّضَحَ له حُكْمٌ وَإِلَّا أَخَّرَهُ
قَوْلُهُ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ وَإِنْ كان أَعْلَمَ منه
وَيَحْرُمُ عليه أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَإِنْ كان أَعْلَمَ منه
نَقَلَ بن الْحَكَمِ عليه أَنْ يَجْتَهِدَ
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ لَا تُقَلِّدْ أَمْرَك أَحَدًا وَعَلَيْك بِالْأَثَرِ
وقال لِلْفَضْلِ بن زِيَادٍ لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَسْلَمُوا أَنْ يُغَلِّطُوا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ
قال أبو الْخَطَّابِ وَحَكَى أبو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ قال وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عن أَصْحَابِنَا
وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ إنْ كانت الْعِبَادَةُ مِمَّا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا كَالصَّلَاةِ فَعَلَهَا بِحَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ إذَا قَدَرَ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ كان الْخَصْمُ مُسَافِرًا يَخَافُ فَوْتَ رُفْقَتِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
____________________
(11/208)
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ أَحْكَامِ الْمُفْتِي في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ
فَائِدَةٌ لو حَكَمَ ولم يَجْتَهِدْ ثُمَّ بَانَ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِالْحَقِّ لم يَصِحَّ
ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ في الْقَصْرِ من الْفُصُولِ
قُلْت لو خَرَّجَ الصِّحَّةَ على قَوْلِ الْقَاضِي أبي الْحُسَيْنِ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ الطَّاهِرُ بِالطَّهُورِ وَتَوَضَّأَ من وَاحِدٍ فَقَطْ فَظَهَرَ أَنَّهُ الطَّهُورُ لَكَانَ له وَجْهٌ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي وهو غَضْبَانُ وَلَا حَاقِنٌ وَكَذَا أو حَاقِبٌ وَلَا في شِدَّةِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْهَمِّ وَالْوَجَعِ وَالنُّعَاسِ وَالْبَرْدِ الْمُؤْلِمِ وَالْحَرِّ الْمُزْعِجِ
وَكَذَا في شِدَّةِ الْمَرَضِ وَالْخَوْفِ وَالْفَرَحِ الْغَالِبِ وَالْمَلَلِ وَالْكَسَلِ
وَمُرَادُهُ بِالْغَضَبِ الْغَضَبُ الْكَثِيرُ
وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ في ذلك مُحْتَمَلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ
وَصَرَّحَ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ بِالتَّحْرِيمِ
قُلْت وَالدَّلِيلُ في ذلك يَقْتَضِيهِ وَكَلَامُهُمْ إلَيْهِ أَقْرَبُ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَنْعَ من ذلك على سَبِيلِ التَّحْرِيمِ
وَذَكَرَ بن الْبَنَّا في الْخِصَالِ الْكَرَاهَةَ
فقال إنْ كان غَضْبَانَا أو جَائِعًا كُرِهَ له الْقَضَاءُ
وقال في الْمُغْنِي لَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْبَغِي له أَنْ يقضى وهو غَضْبَانُ
فَائِدَةٌ كان لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَقْضِيَ في حَالِ الْغَضَبِ دُونَ غَيْرِهِ
ذَكَرَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ في كِتَابِ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ وَحَكَمَ فَوَافَقَ الْحَقَّ نَفَذَ حُكْمُهُ
____________________
(11/209)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ نَفَذَ في الْأَصَحِّ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ نَفَذَ في الْأَظْهَرِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي التَّحْرِيمَ
وَقِيلَ إنْ عَرَضَ له بَعْدَ أَنْ فَهِمَ الْحُكْمَ نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الْمُفْتِي في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ في أَوَائِلِ أَحْكَامِ الْمُفْتِي
قَوْلُهُ وَلَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ إلَّا مِمَّنْ كان يُهْدَى إلَيْهِ قبل وِلَايَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ له حُكُومَةٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ مَنَعَ الْأَصْحَابُ من قَبُولِ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ له أَنْ يَقْبَلَهَا مِمَّنْ كان يُهْدِي إلَيْهِ قبل وِلَايَتِهِ وَلَوْ كان له حُكُومَةٌ
قُلْت وهو بَعِيدٌ جِدًّا
وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَأَطْلَقَ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِمَّنْ كان يُهْدِي إلَيْهِ قبل وِلَايَتِهِ إذَا أَحَسَّ أَنَّ له حُكُومَةً
____________________
(11/210)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ إلَّا من ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ منه وما هو بِبَعِيدٍ
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّةً إلَّا من صَدِيقٍ كان يُلَاطِفُهُ قبل وِلَايَتِهِ أو ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ منه بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ له خَصْمٌ انْتَهَى
وَعِبَارَتُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ قَرِيبَةٌ من هذه
وَذَكَرَ في الْفُصُولِ احْتِمَالًا أَنَّ الْقَاضِيَ في غَيْرِ عَمَلِهِ كَالْعَادَةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى حَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ قَبُولِهَا فَرَدُّهَا أَوْلَى بَلْ يُسْتَحَبُّ
صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
قال في الْفُرُوعِ رَدُّهَا أَوْلَى
وقال بن حَمْدَانَ يُكْرَهُ أَخْذُهَا
الثَّانِيَةُ لَا يَحْرُمُ على الْمُفْتِي أَخْذُ الْهَدِيَّةِ
جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال ( ( ( وقيل ) ) ) في آدَابِ الْمُفْتِي وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فَلَهُ قَبُولُهَا
وَقِيلَ يَحْرُمُ إذَا كانت رِشْوَةً على أَنْ يُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُ
قُلْت أو يَكُونُ له فيه نَفْعٌ من جَاهٍ أو مَالٍ فَيُفْتِيهِ لِذَلِكَ بِمَا لَا يفتي بِهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ كَنَفْعِ الْأَوَّلِ انْتَهَى
____________________
(11/211)
وقال بن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ وَالْمُرَادُ لَا لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُهُ وَإِلَّا حَرُمَتْ
زَادَ بَعْضُهُمْ أو لِنَفْعِهِ بِجَاهِهِ أو مَالِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً إلَّا أَنْ يُكَافِئَ
وقال لو جَعَلَ لِلْمُفْتِي أَهْلُ بَلَدٍ رِزْقًا لِيَتَفَرَّغَ لهم جَازَ
وقال في الرِّعَايَةِ هو بَعِيدٌ وَلَهُ أَخْذُ الرِّزْقِ من بَيْتِ الْمَالِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ لِلْحَاكِمِ طَلَبَ الرِّزْقِ له وَلِأُمَنَائِهِ وَهَلْ يَجُوزُ له الْأَخْذُ إذَا لم يَكُنْ له ما يَكْفِيهِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي في أَوَائِلِ بَابِ الْقَضَاءِ
الثَّالِثَةُ الرِّشْوَةُ ما يُعْطَى بَعْدَ طَلَبِهِ والهدية الدَّفْعُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً قَالَهُ في التَّرْغِيبِ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في بَابِ حُكْمِ الْأَرْضِينَ الْمَغْنُومَةِ
الرَّابِعَةُ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَخَالَفَ وَفَعَلَ أُخِذَتْ منه لِبَيْتِ الْمَالِ على قَوْلٍ لِخَبَرِ بن اللُّتْبِيَّةِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وهو الصَّحِيحُ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهَا إنَّ عَجَّلَ مُكَافَأَتَهَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُؤْخَذُ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وقال فَدَلَّ على أَنَّ في انْتِقَالِ الْمَلِكِ في الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ
قال وَيُتَوَجَّهُ
____________________
(11/212)
إنَّمَا في الرِّعَايَةِ أَنَّ السَّاعِيَ يَعْتَدُّ لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا أَهْدَاهُ إلَيْهِ نَصَّ عليه
وَعَنْهُ لَا مَأْخَذُهُ ذلك
وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ اشْتَرَى من وَكِيلٍ فَوَهَبَهُ شيئا أَنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ
وَهَذَا يَدُلُّ لِكَلَامِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ
وَيُتَوَجَّهُ فيه في نَقْلِ الْمَلِكِ الْخِلَافُ
وَجَزَمَ بِهِ بن تَمِيمٍ في عَامِلِ الزَّكَاةِ إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ بِرِشْوَةٍ أو هَدِيَّةٍ أَخَذَهَا الْإِمَامُ لَا أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ
وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ ثُمَّ قال قُلْت إنْ عُرِفُوا رُدَّ إلَيْهِمْ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ وَلِيَ شيئا من أَمْرِ السُّلْطَانِ لَا أُحِبُّ له أَنْ يَقْبَلَ شيئا يُرْوَى هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ وَالْحَاكِمُ خَاصَّةً لَا أُحِبُّهُ له إلَّا مِمَّنْ كان له بِهِ خِلْطَةٌ وَوَصْلَةٌ وَمُكَافَأَةٌ قبل أَنْ يَلِيَ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ كَسَبَ مَالًا مُحَرَّمًا بِرِضَى الدَّافِعِ ثُمَّ تَابَ كَثَمَنِ خَمْرٍ وَمَهْرِ بَغْيٍ وَحُلْوَانِ كَاهِنٍ أَنَّ له ما سَلَفَ
وقال أَيْضًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ لِقَبْضِهِ عِوَضَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كما نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في حَامِلِ الْخَمْرِ
وقال في مَالٍ مُكْتَسِبٍ من خَمْرٍ وَنَحْوِهِ يَتَصَدَّقُ بِهِ فإذا تَصَدَّقَ بِهِ فَلِلْفَقِيرِ أَكْلُهُ وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِأَعْوَانِهِ
وقال أَيْضًا فِيمَنْ تَابَ أن عَلِمَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا دَفَعَهُ في مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ مع حَاجَتِهِ أَخْذُ كِفَايَتِهِ
وقال في الرَّدِّ على الرَّافِضِيِّ في بَيْعِ سِلَاحٍ في فِتْنَةٍ وَعِنَبٍ لِخَمْرٍ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ
____________________
(11/213)
وقال هو قَوْلُ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ
وقال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَقَوْلُهُ مع الْجَمَاعَةِ أَوْلَى
وَتَقَدَّمَ ما يَقْرُبُ من ذلك في بَابِ الْغَصْبِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ بَقِيَتْ في يَدِهِ غُصُوبٌ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا
الْخَامِسَةُ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْهَدِيَّةِ لِمَنْ يَشْفَعُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَنَحْوَهُ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وأمأ ( ( ( وأومأ ) ) ) إلَيْهِ لِأَنَّهَا كَالْأُجْرَةِ وَالشَّفَاعَةِ من الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عليها وَفِيهِ حَدِيثٌ صَرِيحٌ في السُّنَنِ
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَأَدَّاهَا فَأُهْدِيَتْ إلَيْهِ هَدِيَّةٌ أَنَّهُ لَا يَقْبَلَهَا إلَّا بِنِيَّةِ الْمُكَافَأَةِ
وَحُكْمُ الْهَدِيَّةِ عِنْدَ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ كَحُكْمِ الْوَدِيعَةِ
قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَكِّلَ في ذلك من لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَعَلَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ كَالْهَدِيَّةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ كَالْوَالِي
وَسَأَلَهُ حَرْبٌ هل لِلْقَاضِي وَالْوَالِي أَنْ يَتَّجِرَ قال لَا إلَّا أَنَّهُ شَدَّدَ في الْوَالِي
____________________
(11/214)
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ له عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشُهُودُ الْجَنَائِزِ ما لم تَشْغَلُهُ عن الْحُكْمِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
وزاد وَلَهُ زِيَارَةُ أَهْلِهِ وَإِخْوَانِهِ الصُّلَحَاءِ ما لم يَشْتَغِلُ عن الْحُكْمِ
قَوْلُهُ وَلَهُ حُضُورُ الْوَلَائِمِ
يَعْنِي من غَيْرِ كَرَاهَةٍ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وهو في الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ
وقال أبو الْخَطَّابِ تُكْرَهُ له الْمُسَارَعَةُ إلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَيَجُوزُ له ذلك
وقال في التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ
قال في الرِّعَايَةِ كما لو قَصَدَ رِيَاءً أو كانت لِخَصْمٍ
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كَثُرَتْ تَرَكَهَا كُلَّهَا ولم يُجِبْ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا يُجِيبُ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ بِلَا عُذْرٍ وهو صَحِيحٌ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّف وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَجَمَاعَةٌ إنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ صَانَ نَفْسَهُ وَتَرَكَهَا
قال في الْفُرُوعِ ولم يَذْكُرُوا لو تَضَيَّفَ رَجُلًا قال وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ يَجُوزُ وَيُتَوَجَّهُ كَالْمُقْرِضِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى
قَوْلُهُ وَيَتَّخِذُ كَاتِبًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَدْلًا حَافِظًا عَالِمًا
ولم يذكر في الْفُرُوعِ مُكَلَّفًا
وقال وَيُتَوَجَّهُ فيه ما في عَامِلِ الزَّكَاةِ
وقال في الْكَافِي عَارِفًا
____________________
(11/215)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَافِرَ الْعَقْلِ وَرِعًا نَزِهًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا جَيِّدَ الْخَطِّ حُرًّا وَإِنْ كان عَبْدًا جَازَ
فَائِدَةٌ اتِّخَاذُ الْكَاتِبِ على سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ ذلك مُسْتَحَبٌّ
وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ له وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ
حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ
وَحُكْمُهُ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ له لَا يَجُوزُ أَيْضًا وَلَا يَنْفُذُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وحكاه ( ( ( وحكمه ) ) ) الْقَاضِي عِيَاضٌ إجْمَاعًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ يَجُوزُ له ذلك
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهَا في الْمُبْهِجِ وَقِيلَ يَجُوزُ بين وَالِدِيهِ وَوَلَدَيْهِ وما هو بِبَعِيدٍ وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ جَوَازَ حُكْمِهِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ له وَجْهَيْنِ فَوَائِدُ
الْأُولَى يَحْكُمُ لِيَتِيمِهِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَقِيلَ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ أَيْضًا
____________________
(11/216)
قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ صَارَ وصى الْيَتِيمِ حَاكِمًا حَكَمَ له بِشُرُوطِهِ
وَقِيلَ لَا
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَالِدَهُ وَوَلَدَهُ كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِ بِشَهَادَتِهِمَا
ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن الزَّاغُونِيِّ وأبو الْوَفَاءِ
وزاد إذَا لم يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا من ذلك تُهْمَةٌ ولم يُوجِبْ لَهُمَا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا رِيبَةٌ ولم يَثْبُتْ بِطَرِيقِ التَّزْكِيَةِ
وَقِيلَ ليس له اسْتِخْلَافُهُمَا
قال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَهُمَا وَتَزْكِيَتُهُمَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا
الثَّالِثَةُ ليس له الْحُكْمُ على عَدُوِّهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَهُ أَنْ يفتي عليه
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ ليس له ذلك كما تَقَدَّمَ في أَحْكَامِ الْمُفْتِي
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ خَصْمُهُ نَظَرَ بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ
فَإِنْ كان حُبِسَ لِتُعَدَّلَ الْبَيِّنَةُ فَإِعَادَتُهُ مَبْنِيَّةٌ على حَبْسِهِ في ذلك
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ إعَادَتُهُ وقال في الرِّعَايَةِ تُعَادُ إنْ كان الْأَوَّلُ حَكَمَ بِهِ مع أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَحْبُوسِ حُكْمٌ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَفِعْلِهِ وَأَنَّ مثله تَقْدِيرُ مُدَّةِ حَبْسِهِ وَنَحْوِهِ
قال وَالْمُرَادُ إذَا لم يَأْمُرْ ولم يَأْذَنْ بِحَبْسِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَإِلَّا فَأَمْرُهُ وَإِذْنُهُ حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كما يَأْتِي
قَوْلُهُ فَإِنْ كان حُبِسَ في تُهْمَةٍ أو افْتِيَاتٍ على الْقَاضِي قَبْلَهُ خُلِّيَ سَبِيلُهُ
____________________
(11/217)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِحَبْسِهِ التَّأْدِيبُ وقد حَصَلَ
وقال بن مُنَجَّا لِأَنَّ بَقَاءَهُ في الْحَبْسِ ظُلْمٌ
قُلْت في هذا نَظَرٌ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ حَبَسَهُ تعذيرا ( ( ( تعزيرا ) ) ) أو تُهْمَةً خَلَّاهُ أو بَقَّاهُ بِقَدْرِ ما يَرَى
وَكَذَا قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَلَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ
وَتَعْلِيلُ الشَّارِحِ يَدُلُّ عليه
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَحْضُرْ له خَصْمٌ وقال حُبِسَتْ ظُلْمًا وَلَا حَقَّ عَلَيَّ وَلَا خَصْمَ لي نَادَى بِذَلِكَ ثَلَاثًا فَإِنْ حَضَرَ له خَصْمٌ وَإِلَّا أَحَلَفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ
وَكَذَا قال في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَأَقَرَّهُ الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا على ذلك
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ نُودِيَ بِذَلِكَ ولم يَذْكُرُوا ثَلَاثًا
قُلْت يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ من قَيَّدَ بِالثَّلَاثِ أَنَّهُ يَشْتَهِرُ بِذَلِكَ وَيَظْهَرُ له غَرِيمٌ إنْ كان في الْغَالِبِ
وَمُرَادُ من لم يُقَيِّدْ أَنَّهُ يُنَادِي عليه حتى يَغْلِبَ على الظَّنِّ أَنَّهُ ليس له غَرِيمٌ وَيَحْصُلُ ذلك في الْغَالِبِ في ثَلَاثٍ
____________________
(11/218)
فَيَكُونُ الْمَعْنَى في الْحَقِيقَةِ وَاحِدًا وَكَلَامُهُمْ مُتَّفِقٌ
لَكِنْ حُكِيَ في الرِّعَايَتَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدَّمَ عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِالثَّلَاثِ فَظَاهِرُهُ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا فَوَائِدُ
الْأُولَى لو كان خَصْمُهُ غَائِبًا أَبْقَاهُ حتى يَبْعَثَ إلَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ يُخَلِّي سَبِيلَهُ كما لو جَهِلَ مَكَانَهُ أو تَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ
قُلْت وهو ضَعِيفٌ
وقال في الْفُرُوعِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُطْلِقَهُ إلَّا بِكَفِيلٍ
وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قُلْت وهو عَيْنُ الصَّوَابِ إذَا قُلْنَا يُطْلِقُ
الثَّانِيَةُ لو حُبِسَ بِقِيمَةِ كَلْبٍ أو خَمْرِ ذِمِّيٍّ فَقِيلَ يخلى سَبِيلَهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال إنَّ صَدَّقَهُ غَرِيمُهُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي
وَقِيلَ يَبْقَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَقِفُ لِيَصْطَلِحَا على شَيْءٍ
وَجَزَمَ في الْفُصُولِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ الْجَدِيدِ
____________________
(11/219)
الثَّالِثَةُ إطْلَاقُ الْحَاكِمِ الْمَحْبُوسَ من الْحَبْسِ أو غَيْرِهِ حُكْمٌ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وَكَذَا أَمَرَهُ بِإِرَاقَةِ نَبِيذٍ
ذَكَرَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ في الْمُحْتَسِبِ وَتَقَدَّمَ في بَابِ الصُّلْحِ أَنَّ إذْنَهُ في مِيزَابٍ وَبِنَاءٍ وَغَيْرِهِ يَمْنَعُ الضَّمَانَ لِأَنَّهُ كَإِذْنِ الْجَمِيعِ
وَمَنْ مَنَعَ فَلِأَنَّهُ ليس له عِنْدَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَا لِأَنَّ إذْنَهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلِهَذَا يَرْجِعُ بِإِذْنِهِ في قَضَاءِ دَيْنٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذلك وَلَا يَضْمَنُ بِإِذْنِهِ في النَّفَقَةِ على لَقِيطٍ وَغَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ ضَمِنَ لِعَدَمِهَا
وَلِهَذَا إذْنُ الْحَاكِمِ في أَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فيه كَافٍ بِلَا خِلَافٍ
وَسَبَقَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْحَاكِمَ ليس هو الْفَاسِخُ وَإِنَّمَا يَأْذَنُ له وَيْحُكُمْ له فَمَتَى أَذِنَ أو حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أو فَسْخٍ فَعَقَدَ أو فَسَخَ لم يَحْتَجْ بَعْدَ ذلك إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو عَقَدَ هو أو فسخ ( ( ( فسح ) ) ) فَهُوَ فِعْلُهُ وَهَلْ فِعْلُهُ حُكْمٌ فيه الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ ثَبَتَ عليه قَوْدٌ لِزَيْدٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ولم يَقُلْ حَكَمْت بِهِ أو أَمَرَ رَبُّ الدِّينِ الثَّابِتِ أَنْ يَأْخُذَهُ من مَالِ الْمَدْيُونِ ولم يَقُلْ حَكَمْت بِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَكَذَا حَبْسُهُ وَإِذْنُهُ في الْقَتْلِ وَأَخْذِ الدَّيْنِ انْتَهَى
الرَّابِعَةُ فِعْلُهُ حُكْمٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ في حمي الْأَئِمَّةِ أَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ كما لَا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِهِ
وَذَكَرُوا خِلَافَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمِيزَابَ وَنَحْوَهُ يَجُوزُ بأذن وَاحْتَجُّوا بِنَصْبِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مِيزَابَ الْعَبَّاسِ رضى اللَّهُ عنه
____________________
(11/220)
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ في بَيْعِ ما فُتِحَ عَنْوَةً إنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا صَحَّ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ
وقال في الْمُغْنِي أَيْضًا لَا شُفْعَةَ فيها إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ أو يَفْعَلَهُ الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ
وقال في الْمُغْنِي أَيْضًا إنَّ تَرْكَهَا بِلَا قِسْمَةٍ وَقْفٌ لها وَأَنَّ ما فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ ليس لِأَحَدٍ نَقْضُهُ
وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ مَالَ مُسْلِمٍ بِالْقَهْرِ
وقال إنَّمَا مَنَعَهُ منه بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِمَامِ تَجْرِي مَجْرَى الْحُكْمِ انْتَهَى
وَفِعْلُهُ حُكْمٌ كَتَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ وَشِرَاءِ عَيْنٍ غَائِبَةٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِيمَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ فلم يُصَدِّقْهُ وَقُلْنَا يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْمُقِرُّ لم يَصِحَّ لِأَنَّ قَبْضَ الْحَاكِمِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عنه
وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ في الْقِسْمَةِ الْمُطْلَقَةِ الْمَنْسِيَّةِ أَنَّ قُرْعَةَ الْحَاكِمِ كَحُكْمِهِ لَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ فِعْلُهُ حُكْمٌ إنْ حَكَمَ بِهِ هو أو غَيْرُهُ وِفَاقًا كَفُتْيَاهُ
فإذا قال حَكَمْت بِصِحَّتِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال بن الْقَيِّمِ في أَعْلَامِ الْمَوْقِعَيْنِ فُتْيَا الْحَاكِمِ لَيْسَتْ حُكْمًا منه فَلَوْ حَكَمَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ ما أَفْتَى لم يَكُنْ نَقْضًا لِحُكْمِهِ وَلَا هِيَ كَالْحُكْمِ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يفتي لِلْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَمَنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ له وَمَنْ لَا يَجُوزُ انْتَهَى
____________________
(11/221)
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ حُكْمُهُ يَلْزَمُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ أَلْزَمْتُك أو قَضَيْت له عَلَيْك أو أَخْرِجْ إلَيْهِ منه وَإِقْرَارُهُ ليس كَحُكْمِهِ
الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْظُرُ في أَمْرِ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالْوُقُوفِ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا الْوَصَايَا
فَلَوْ نَفَّذَ الْأَوَّلُ وَصِيَّتَهُ لم يَعُدْ له لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَةُ أَهْلِيَّتِهِ لَكِنْ يُرَاعِيهِ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ صِفَةٍ كَعَدَالَةٍ وَجُرْحٍ وَأَهْلِيَّةِ وصية وَغَيْرِهَا حُكْمٌ خِلَافًا لِمَالِكِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقْبَلُهُ حَاكِمٌ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَنَّ له إثْبَاتَ خِلَافِهِ
وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ إذَا بَانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ في عَدَالَتِهِ أو يَحْكُمُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ هُنَا وَيَنْظُرُ في أَمْوَالِ الْغِيَابِ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَكُلُّ ضَالَّةٍ وَلُقَطَةٍ حتى الْإِبِلُ وَنَحْوُهَا انْتَهَى
وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في أَوَاخِرِ الْبَابِ الذي بَعْدَ هذا إذَا ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عنه وَعَنْ أَخٍ له غَائِبٌ وَلَهُ مَالٌ في ذِمَّةِ فُلَانٍ أو دَيْنٌ عليه وَثَبَتَ ذلك أَنَّهُ يَأْخُذُ مَالَ الْغَائِبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَدْفَعُ إلَى الْأَخِ الْحَاضِرِ نَصِيبَهُ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال إذَا حَصَلَ لِأَسِيرٍ من وَقْفِ شَيْءٍ تَسَلَّمَهُ وَحَفِظَهُ وَكِيلُهُ وَمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ جَمِيعُهُ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
السَّادِسَةُ من كان من أُمَنَاءِ الْحَاكِمِ لِلْأَطْفَالِ أو الْوَصَايَا التي لَا وَصِيَّ لها وَنَحْوَهُ بِحَالِهِ أَقَرَّهُ لِأَنَّ الذي قَبْلَهُ وَلَّاهُ وَمَنْ فَسَقَ عَزَلَهُ وَيَضُمُّ إلَى الضَّعِيفِ أَمِينًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
____________________
(11/222)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أنها مَسْأَلَةُ النَّائِبِ
وَجَعَلَ في التَّرْغِيبِ أُمَنَاءَ الْأَطْفَالِ كَنَائِبِهِ في الْخِلَافِ وَأَنَّهُ يُضَمُّ إلَى وَصِيٍّ فَاسِقٍ أو ضَعِيفٍ أَمِينًا وَلَهُ إبْدَالُهُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ يَنْظُرُ في حَالِ الْقَاضِي قَبْلَهُ وُجُوبُ النَّظَرِ في أَحْكَامِ من قَبْلَهُ لِأَنَّهُ عَطْفَهُ على النَّظَرِ في أَمْرِ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالْوُقُوفِ
وَتَابَعَ في ذلك صَاحِبَ الْهِدَايَةِ فيها وَغَيْرَهُ
وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ له النَّظَرُ في ذلك من غَيْرِ وُجُوبٍ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ في الْأَصَحِّ النَّظَرُ في حَالِ من قَبْلَهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقُوَّةُ كَلَامِ الخرقى تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عليه تَتَبُّعُ قَضَايَا من قَبْلَهُ وهو ظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ
وَقِيلَ ليس له النَّظَرُ في حَالِ من قَبْلَهُ ألبته
قَوْلُهُ فَإِنْ كان مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ لم يَنْقُضْ من أَحْكَامِهِ إلَّا ما خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ أو سُنَّةٍ
كَقَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ نَصَّ عليه فَيَلْزَمُهُ نَقْضُهُ نَصَّ عليه
إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْقُضُ حُكْمَهُ إذَا خَالَفَ سُنَّةً سَوَاءٌ كانت مُتَوَاتِرَةً أو آحَادًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(11/223)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ حُكْمَهُ إذَا خَالَفَ سُنَّةً غير مُتَوَاتِرَةٍ
قَوْله أو إجْمَاعًا
الْإِجْمَاعُ إجْمَاعَانِ إجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ وَإِجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ
فإذا خَالَفَ حُكْمُهُ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا نُقِضَ حُكْمُهُ قَطْعًا
وأن لم يَكُنْ قَطْعِيًّا لم يُنْقَضْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُنْقَضُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَكَلَامِ الْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
تَنْبِيهٌ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ وهو صَحِيحٌ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقِيلَ يُنْقَضُ إذَا خَالَفَ قِيَاسًا جَلِيًّا وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وقال أو خَالَفَ حُكْمَ غَيْرِهِ قَبْلَهُ
قال وَكَذَا يُنْقَضُ من حُكِمَ بِفِسْقِهِ وَحَاكِمٌ مُتَوَلٍّ غَيْرَهُ
وَقِيلَ أن خَالَفَ قِيَاسًا أو سُنَّةً أو إجْمَاعًا في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ نَقَضَهُ
وَإِنْ كان في حَقِّ آدَمِيٍّ لم يَنْقُضْهُ إلَّا بِطَلَبِ رَبِّهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَائِدَةٌ لو حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لم يُنْقَضْ
____________________
(11/224)
وَذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ إجْمَاعًا
وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا لم يَعْتَقِدْهُ وِفَاقًا للإئمة الْأَرْبَعَةِ
وَحَكَاهُ الْقَرَافِيُّ أَيْضًا إجْمَاعًا
وقال في الْإِرْشَادِ وَهَلْ يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ قَوْلِ صَاحِبٍ يُتَوَجَّهُ نَقْضُهُ إنْ جُعِلَ حُجَّةً كَالنَّصِّ وَإِلَّا فَلَا
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِّينَ لو حَكَمَ في مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفِ فيها بِمَا يَرَى أَنَّ الْحَقَّ في غَيْرِهِ أَثِمَ وَعَصَى بِذَلِكَ ولم يُنْقَضْ حُكْمُهُ ألا أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِنَصٍّ صَرِيحٍ ذَكَرَهُ بن أبي مُوسَى
وقال السَّامِرِيُّ يُنْقَضُ حُكْمُهُ
نَقَلَ بن الْحَكَمِ إنْ أَخَذَ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ وَأَخَذَ آخَرُ بِقَوْلِ تَابِعِيٍّ فَهَذَا يُرَدُّ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ تَجَوُّزِ وَتَأَوُّلِ الْخَطَأِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ فَأَمَّا إذَا أَخْطَأَ بِلَا تَأْوِيلٍ فَلْيَرُدَّهُ وَيَطْلُبُ صَاحِبَهُ حتى يَرُدَّهُ فَيَقْضِي بِحَقٍّ
قوله وَإِنْ كان مِمَّنْ لَا يَصْلُحُ نَقْضَ أَحْكَامِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
نَقَلَ عبد اللَّهِ إنْ لم يَكُنْ عَدْلًا لم يَجُزْ حُكْمُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَشْهَرُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُنْقَضُ الصَّوَابُ منها
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
____________________
(11/225)
وَقَدَّمَهُ في التَّرْغِيبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَأَبِي بَكْرٍ وبن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّا حَيْثُ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ من الْحُكْمِ إلَّا ما خَالَفَ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْمَاعًا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَعَلَيْهِ عَمَلُ الناس من مُدَدٍ وَلَا يَسَعُ الناس غَيْرُهُ
وهو قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
وَأَمَّا إذَا خَالَفَتْ الصَّوَابَ فَإِنَّهَا تُنْقَضُ بِلَا نِزَاعٍ
قال في الرِّعَايَةِ وَلَوْ سَاغَ فيها الِاجْتِهَادَ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حُكْمُهُ بِالشَّيْءِ حُكْمٌ يُلَازِمُهُ
ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ في الْمَفْقُودِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ
يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِلَازِمِهِ
وقال في الِانْتِصَارِ في لِعَانِ عَبْدٍ في إعَادَةِ فَاسِقٍ شَهَادَتُهُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ رَدَّهُ لها حُكْمٌ بِالرَّدِّ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ له فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ رَدِّ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ لِإِلْغَاءِ قَوْلِهِمَا
وقال في الِانْتِصَارِ أَيْضًا في شَهَادَةٍ في نِكَاحٍ لو قُبِلَتْ لم يَكُنْ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ فإن سَبَبَ الْأَوَّلِ الْفِسْقُ وَزَالَ ظَاهِرًا لِقَبُولِ سَائِرِ شَهَادَاتِهِ
وإذا تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الْوَاقِعَةِ فَتَغَيَّرَ الْقَضَاءُ بها لم يَكُنْ نَقْضًا لِلْقَضَاءِ الْأَوَّلِ بَلْ رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فيه فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ أولوليه
وقال في الْمُغْنِي رَدُّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ بِاجْتِهَادِهِ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ له
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَدِّ عَبْدٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ قد مَضَى وَالْمُخَالَفَةَ في قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ نَقْضٌ مع الْعِلْمِ
____________________
(11/226)
وَإِنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةِ خَارِجٍ أو جَهِلَ عِلْمَهُ بَيِّنَةَ دَاخِلٍ لم يُنْقَضْ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَرْيُهُ على الْعَدْلِ وَالصِّحَّةِ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في آخِرِ فُصُولِ من ادَّعَى شيئا في يَدِ غَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَعْنِي بِنَقْضِهِ
الثَّانِيَةُ ثُبُوتُ الشَّيْءِ عِنْدَ الْحَاكِمِ ليس حُكْمًا بِهِ على ما ذَكَرُوهُ في صِفَةِ السِّجِلِّ وفي كِتَابِ الْقَاضِي على ما يَأْتِي
وَكَلَامُ الْقَاضِي هُنَاكَ يُخَالِفُهُ
قال ذلك في الْفُرُوعِ
وقد دَلَّ كَلَامُهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي أَنَّ في الثُّبُوتِ خِلَافًا هل هو حُكْمٌ أَمْ لَا بِقَوْلِهِ في أَوَائِلِ الْبَابِ فَإِنْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ لِلْخِلَافِ في الْعَمَلِ بِالْخَطِّ فَلِحَنْبَلِيٍّ تَنْفِيذُهُ وَإِنْ لم يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ بَلْ قال ثَبَتَ كَذَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ
ثُمَّ إنْ رأي الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا نَفَّذَهُ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ
وَيَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ الذي يَلِيه هل تَنْفِيذُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وإذا اسْتَعْدَاهُ أَحَدٌ على خَصْمٍ له أَحْضَرَهُ
يَعْنِي يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْهِدَايَةِ هذا اخْتِيَارُ عَامَّةِ شُيُوخِنَا
قال في الْخُلَاصَةِ وهو الْأَصَحُّ
قال النَّاظِمُ وهو الْأَقْوَى
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(11/227)
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يُحْضِرُهُ حتى يَعْلَمَ أَنَّ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا
وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُحَرَّرِ
فَلَوْ كان لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا بِأَنْ كان بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً أَحْضَرَهُ
وفي اعْتِبَارِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى لِذَلِكَ قبل إحْضَارِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ اسْتَعْدَاهُ على خَصْمٍ في الْبَلَدِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ
وَقِيلَ إنْ حَرَّرَ دَعْوَاهُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ اسْتَعْدَاهُ على خَصْمٍ حَاضِرٍ في الْبَلَدِ أَحْضَرَهُ لَكِنْ في اعْتِبَارِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ
فَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَجَعَلَا الْخِلَافَ فيها وَجْهَيْنِ
وَحَكَى صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ هل يُشْتَرَطُ في حُضُورِ الْخَصْمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِمَا ادَّعَاهُ الشَّاكِي أَصْلًا أَمْ لَا
ولم يَذْكُرُوا تَحْرِيرَ الدَّعْوَى
فَالظَّاهِرُ أَنَّ هذه مَسْأَلَةٌ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا يُحْضِرُهُ لَكِنْ في اعْتِبَارِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى قبل إحْضَارِهِ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(11/228)
وَذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مَسْأَلَتَيْنِ
فقال وَإِنْ ادَّعَى على حَاضِرٍ في الْبَلَدِ فَهَلْ له أَنْ يُحْضِرَهُ قبل أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً فِيمَا ادَّعَاهُ على رِوَايَتَيْنِ
وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ أَحْضَرَهُ أو وَكِيلَهُ
وفي اعْتِبَارِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى لِذَلِكَ قبل إحْضَارِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
وهو الصَّوَابُ
وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ طَرِيقَةً فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يعدي حَاكِمٌ في مِثْلِ ما لَا تَتْبَعُهُ الْهِبَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ شَكِيَّةَ أَحَدٍ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ هَكَذَا وَرَدَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
الثَّانِيَةُ مَتَى لم يُحْضِرْهُ لم يُرَخَّصْ له في تَخَلُّفِهِ وَإِلَّا أَعْلَمَ بِهِ الْوَالِيَ وَمَتَى حَضَرَ فَلَهُ تَأْدِيبُهُ بِمَا يَرَاهُ
تَنْبِيهٌ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرُهُ إذَا اسْتَعْدَاهُ على حَاضِرٍ في الْبَلَدِ
أَمَّا إنْ كان الْمُدَّعَى عليه غَائِبًا فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ من الْبَابِ الْآتِي بَعْدَ هذا
وكذا إذَا كان غَائِبًا عن الْمَجْلِسِ وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَعْدَاهُ على الْقَاضِي قَبْلَهُ سَأَلَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ فَإِنْ قال لي عليه دَيْنٌ من مُعَامَلَةٍ أو رِشْوَةٍ رَاسَلَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ منه وَإِنْ أَنْكَرَهُ وقال إنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ تَبْذِيلِي فَإِنْ عَرَفَ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا أَحْضَرَهُ وَإِلَّا فَهَلْ يُحْضِرُهُ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(11/229)
يَعْنِي وَإِنْ لم يَعْرِفْ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى على الْقَاضِي الْمَعْزُولِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ تَحْرِيرُ الدَّعْوَى في حَقِّهِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُعْتَبَرُ تَحْرِيرُهَا في حَاكِمٍ مَعْزُولٍ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ هو كَغَيْرِهِ
قال في الشَّرْحِ وَإِنْ ادَّعَى عليه الْجَوْرَ في الْحَكَمِ وكان للمدعى بَيِّنَةٌ أَحْضَرَهُ وَحَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ
وَإِنْ لم يَكُنْ معه بَيِّنَةٌ فَفِي إحْضَارِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَعَنْهُ مَتَى بَعُدَتْ الدَّعْوَى عُرْفًا لم يُحْضِرْهُ حتى يُحَرِّرَهَا وَيُبَيِّنَ أَصْلَهَا
وزاد في الْمُحَرَّرِ في هذه الرِّوَايَةِ فقال وَعَنْهُ كُلٌّ من يُخْشَى بِإِحْضَارِهِ ابْتِذَالُهُ إذَا بَعُدَتْ الدَّعْوَى عليه في الْعُرْفِ لم يُحْضِرْهُ حتى يُحَرِّرْ وَيُبَيِّنَ أَصْلَهَا وَعَنْهُ مَتَى تَبَيَّنَ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا فَلَا
تَنْبِيهٌ لَا بُدَّ من مُرَاسِلَتِهِ قبل إحْضَارِهِ على كل قَوْلٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُرَاسِلُهُ في الْأَصَحِّ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَمُرَاسَلَتُهُ أَظْهَرُ
قال النَّاظِمِ وَرَاسَلَ في الْأَقْوَى
وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُحْضِرُهُ من غَيْرِ مُرَاسَلَةٍ
وهو رِوَايَةٌ في الرِّعَايَةِ
____________________
(11/230)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي فإنه لم يذكر الْمُرَاسَلَةَ
بَلْ قال إنْ ذَكَرَ الْمُسْتَعْدِيُّ أَنَّهُ يَدَّعِي عليه حَقًّا من دَيْنٍ أو غَصْبٍ أَعْدَاهُ عليه كَغَيْرِ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال حَكَمَ على بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ إلَّا بِيَمِينِهِ
فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَخْصِيصُ الْحَاكِمِ الْمَعْزُولِ بِتَحْرِيرِ الدَّعْوَى في حَقِّهِ لَا مَعْنَى له
فإن الْخَلِيفَةَ وَنَحْوَهُ في مَعْنَاهُ وَكَذَلِكَ الْعَالِمُ الْكَبِيرُ وَالشَّيْخُ الْمَتْبُوعُ
قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ
وَكَلَامُهُمْ لَا يُخَالِفُ ذلك وَالتَّعْلِيلُ يَدُلُّ على ذلك
وقد قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ وَالْحُكْمُ في كل من خِيفَ تَبْذِيلُهُ وَنَقَصَ حُرْمَتِهِ بِإِحْضَارِهِ إذَا بَعُدَتْ الدَّعْوَى عليه عُرْفًا
قال كَسُوقِيٍّ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ سُلْطَانٍ كَبِيرٍ أو اسْتَأْجَرَهُ لِخِدْمَتِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ذلك رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْخُلَاصَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ وَكَذَلِكَ ذَوُو الْأَقْدَارِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال الْحَاكِمُ الْمَعْزُولُ كُنْت حَكَمْت في وِلَايَتِي لِفُلَانٍ بِحَقٍّ قُبِلَ
____________________
(11/231)
هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ أو لَا
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في جَامِعِهِ وأبو الْخَطَّابِ في خلافية الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وبن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ الخرقى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَكَذَا يُقْبَلُ بَعْدَ عَزْلِهِ في الْأَظْهَرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقَيَّدَهُ في الْفُرُوعِ بِالْعَدْلِ وهو أَوْلَى
وَأَطْلَقَ أَكْثَرُهُمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُ الْقَاضِي في فُرُوعِ هذه الْمَسْأَلَةِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَقْبَلَ قَوْلَهُ هُنَا
فَعَلَى هذا الِاحْتِمَالِ هو كَالشَّاهِدِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إلَّا على وَجْهِ الشَّهَادَةِ إذَا كان عن إقْرَارٍ وقال في الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ رَدُّهُ إلَّا إذَا اسْتَشْهَدَ مع عَدْلٍ آخَرَ عِنْدَ حَاكِمٍ غَيْرَهُ أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ بِهِ أو أَنَّهُ حُكْمُ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ ولم يذكر نَفْسَهُ ثُمَّ حكى احْتِمَالُ الْمُحَرَّرِ قَوْلًا انْتَهَى
وَقِيلَ ليس هو كَشَاهِدٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ فَلَا بُدَّ من شَاهِدَيْنِ سِوَاهُ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا أَخْبَرَ الْحَاكِمُ في حَالِ وِلَايَتِهِ أَنَّهُ حَكَمَ لِفُلَانٍ بِكَذَا في آخِرِ الْبَابِ الأتي بَعْدَ هذا
وهو قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ له فَصَدَّقَهُ قبل قَوْلِ الْحَاكِمِ
____________________
(11/232)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ من شَرْطِ قَبُولِ قَوْلِهِ أَنْ لَا يُتَّهَمَ
ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ
تَنْبِيهٌ قال الْقَاضِي مَجْدُ الدِّينِ قَبُولُ قَوْلِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَشْتَمِلْ على إبْطَالِ حُكْمِ حَاكِمٍ آخَرَ فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِرُجُوعِ وَاقِفٍ على نَفْسِهِ فَأَخْبَرَ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ أَنَّهُ كان حَكَمَ قبل حُكْمِ الْحَنَفِيِّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لم يُقْبَلْ
نَقَلَهُ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وقال هذا تَقْيِيدٌ حَسَنٌ يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ
وقال الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ قَبُولُ قَوْلِهِ
فَلَوْ كانت الْعَادَةُ تَسْجِيلَ أَحْكَامِهِ وَضَبْطَهَا بِشُهُودٍ وَلَوْ قَيَّدَ ذلك بِمَا إذَا لم يَكُنْ عَادَةً كان مُتَّجَهًا لِوُقُوعِ الرِّيبَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ انْتَهَى
قُلْت ليس الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى صِفَةِ الْحَاكِمِ
وَيَدُلُّ عليه ما قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ على ما تَقَدَّمَ فَوَائِدُ
الْأُولَى قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُهُ في غَيْرِ عَمَلِهِ أو بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا
الثَّانِيَةُ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ إخْبَارِ الْحَاكِمِ في حَالِ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ أَمِيرُ الْجِهَادِ وَأَمِينُ الصَّدَقَةِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قال في الِانْتِصَارِ كُلُّ من صَحَّ منه إنْشَاءُ أَمْرٍ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ
____________________
(11/233)
الثَّالِثَةُ لو أخبره حَاكِمٌ آخَرَ بِحُكْمٍ أو ثُبُوتٍ في عَمَلِهِمَا عَمِلَ بِهِ في غَيْبَةِ الْمُخْبِرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ عَمِلَ بِهِ مع غَيْبَةِ الْمُخْبِرِ عن الْمَجْلِسِ
الرَّابِعَةُ يُقْبَلُ خَبَرُ الْحَاكِمِ لِحَاكِمٍ آخَرَ في غَيْرِ عَمَلِهِمَا وفي عَمَلِ أَحَدِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَاخْتَارَهُ بن حَمْدَانَ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وبن رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ
وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ في ذلك كُلِّهِ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ في عَمَلِهِ حَاكِمًا في غَيْرِ عَمَلِهِ فَيَعْمَلُ بِهِ إذَا بَلَغَ عَمَلُهُ وَجَازَ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّرْغِيبِ
ثُمَّ قال وَإِنْ كَانَا في وِلَايَةِ الْمُخْبِرِ فَوَجْهَانِ
وَفِيهِ أَيْضًا إذَا قال سَمِعْت الْبَيِّنَةَ فَاحْكُمْ لَا فَائِدَةَ له مع حَيَاةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ عِنْدَ الْعَجْزِ عنها
فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَمَنْ تابعة يُفَرَّقُ بين هذه الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ ما إذَا قال الْحَاكِمُ الْمَعْزُولُ كُنْت حَكَمْت في وِلَايَتِي لِفُلَانٍ بِكَذَا أَنَّهُ يُقْبَلُ هُنَاكَ وَلَا يُقْبَلُ هُنَا
فقال الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ ما يَحْصُلُ من الضَّرَرِ بِتَرْكِ قَبُولِ قَوْلِ الْمَعْزُولِ بِخِلَافِ هذا
____________________
(11/234)
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى على امْرَأَةٍ غَيْرِ بَرْزَةٍ لم يُحْضِرْهَا وَأَمَرَهَا بِالتَّوْكِيلِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وَأَطْلَقَ بن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ إحْضَارَهَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنَاهُ على الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَلِأَنَّ مَعَهَا أَمِينَ الْحَاكِمِ فَلَا يَحْصُلُ معه خِيفَةُ الْفُجُورِ وَالْمُدَّةُ يَسِيرَةٌ كَسَفَرِهَا من مَحَلَّةٍ إلى مَحَلَّةٍ وَلِأَنَّهَا لم تُنْشِئْ هِيَ إنَّمَا أُنْشِئَ بها وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ إنْ تَعَذَّرَ حُصُولُ الْحَقِّ بِدُونِ إحْضَارِهَا أَحْضَرَهَا
وَذَكَرَ الْقَاضِي إن الْحَاكِمَ يَبْعَثُ من يَقْضِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَصْمِهَا فَوَائِدُ
الْأُولَى لَا يُعْتَبَرُ لِامْرَأَةٍ بَرْزَةٍ في حُضُورِهَا مَحْرَمٌ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَغَيْرُهَا تُوَكِّلُ كما تَقَدَّمَ
وَأَطْلَقَ في الِانْتِصَارِ النَّصَّ في الْمَرْأَةِ وَاخْتَارَهُ إنْ تَعَذَّرَ الْحَقُّ بِدُونِ حُضُورِهَا كما تَقَدَّمَ
الثَّانِيَةُ الْبَرْزَةُ هِيَ التي تَبْرُزُ لِحَوَائِجِهَا
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمَطْلَعِ هِيَ الْكَهْلَةُ التي لَا تَحْتَجِبُ احْتِجَابَ الشَّوَابِّ والمخدرة بِخِلَافِهَا
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ خَرَجَتْ لِلْعَزَاءِ وَالزِّيَارَاتِ ولم تُكْثِرْ فَهِيَ مُخَدَّرَةٌ
الثَّالِثَةُ الْمَرِيضُ يُوَكِّلُ المخدرة ( ( ( كالمخدرة ) ) )
قوله وَإِنْ ادَّعَى على غَائِبٍ عن الْبَلَدِ في مَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ فيه
____________________
(11/235)
كَتَبَ إلَى ثِقَاتٍ من أَهْلِ ذلك الْمَوْضِعِ لِيَتَوَسَّطُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ لم يَقْبَلُوا قِيلَ لِلْخَصْمِ حَقِّقْ ما تَدَّعِيهِ ثُمَّ يُحْضِرُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُحْضِرُهُ من مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَقَلَّ
وَقِيلَ لَا يُحْضِرُهُ إلَّا إذَا كان لِدُونِ مَسَافَةِ العنصر ( ( ( القصر ) ) ) وَعَنْهُ لِدُونِ يَوْمٍ
جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وزاد بِلَا مُؤْنَةٍ ولامشقة
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ إنْ جاء وَعَادَ في يَوْمٍ أُحْضِرَ وَلَوْ قبل تَحْرِيرِ الدَّعْوَى
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يُحْضِرُهُ مع الْبُعْدِ حتى تَتَحَرَّرَ دَعْوَاهُ
وفي التَّرْغِيبِ أَيْضًا يَتَوَقَّفُ إحْضَارُهُ على سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إذَا كانت مِمَّا لَا يَقْضِي فيه بِالنُّكُولِ
قال وَذَكَرَ بَعْضُ اصحابنا لَا يُحْضِرُهُ مع الْبُعْدِ حتى يَصِحَّ عِنْدَهُ ما ادَّعَاهُ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذا إذَا كان الْغَائِبُ في مَحَلِّ وِلَايَتِهِ
____________________
(11/236)
إحْدَاهُمَا لو ادَّعَى قَبْلَهُ شَهَادَةً لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ ولم يُعْدَ عليه ولم يَحْلِفْ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك قال وهو ظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ
وقال لو قال أنا أَعْلَمُهَا وَلَا أُؤَدِّيهَا فَظَاهِرٌ
وَلَوْ نَكَلَ لَزِمَهُ ما ادَّعَى بِهِ إنْ قِيلَ كِتْمَانُهَا مُوجِبٌ لِضَمَانِ ما تَلِفَ وَلَا يَبْعُدُ كما يَضْمَنُ في تَرْكِ الْإِطْعَامِ الْوَاجِبِ
الثَّانِيَةُ لو طَلَبَهُ خَصْمُهُ أو حَاكِمٌ لِيُحْضِرَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لَزِمَهُ الْحُضُورُ حَيْثُ يَلْزَم إحْضَارُهُ بِطَلَبِهِ منه
____________________
(11/237)
بَابُ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
قَوْلُهُ إذَا جَلَسَ إلَيْهِ خَصْمَانِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ من الْمُدَّعِي مِنْكُمَا وَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حتى يَبْتَدِئَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه إذَا جَلَسَ إلَيْهِ الْخَصْمَانِ أَنَّ له أَنْ يَقُولَ من الْمُدَّعِي مِنْكُمَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حتى يبدآ وَالْأَشْهَرُ أَنْ يَقُولَ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَقُولُهُ حتى يبدآ بِأَنْفُسِهِمَا فَإِنْ سَكَتَا أو سَكَتَ الْحَاكِمُ قال الْقَائِمُ على رَأْسِ الْقَاضِي من الْمُدَّعِي مِنْكُمَا فَائِدَتَانِ
الْأُولَى لَا يقول الْحَاكِمُ وَلَا الْقَائِمُ على رَأْسِهِ لِأَحَدِهِمَا تَكَلَّمْ لِأَنَّ في إفْرَادِهِ بِذَلِكَ تَفْضِيلًا له وَتَرْكًا لِلْإِنْصَافِ
الثَّانِيَةُ لو بَدَأَ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى فقال خَصْمُهُ أنا الْمُدَّعِي لم يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَيُقَالُ له أَجِبْ عن دَعْوَاهُ ثُمَّ اُدْعُ بِمَا شِئْت
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا قَدَّمَ أَحَدَهُمَا بِالْقُرْعَةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الشَّارِحُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَقْرَعَ بَيْنَهُمَا
____________________
(11/238)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْحَاكِمُ من شَاءَ مِنْهُمَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَقْلُوبَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال وَسَمِعَهَا بَعْضُهُمْ وَاسْتَنْبَطَهَا
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَهَا من الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الشَّفِيعُ على شَخْصٍ أَنَّهُ اشْتَرَى الشِّقْصَ وقال بَلْ اتَّهَبْته أو وَرِثْته فإن الْقَوْلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ
فَلَوْ نَكَلَ عن الْيَمِينِ أو قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ بِالشِّرَاءِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَدَفْعُ ثَمَنِهِ
فَإِنْ قال لَا استحقه قِيلَ له إمَّا أَنْ تَقْبَلَ وَإِمَّا أَنْ تُبْرِئَهُ على أَحَدِ الْوُجُوهِ
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ
فَلَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ عليه ذلك سَاغَ وَكَانَتْ شَبِيهَةٌ بِالدَّعْوَى الْمَقْلُوبَةِ
وَمِثْلَهُ في الشُّفْعَةِ أَيْضًا لو أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَقُلْنَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ وكان الْبَائِعُ مقرى بِقَبْضِ الثَّمَنِ من الْمُشْتَرِي فإن الثَّمَنَ الذي في يَدِ الشَّفِيعِ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ فَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَقْبِضَ وَإِمَّا أَنْ تُبْرِئَ على أَحَدِ الْوُجُوهِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
____________________
(11/239)
وقال الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لو جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قبل مَحَلِّهِ وَلَا ضَرَرَ في قَبْضِهِ لَزِمَهُ ذلك
فَإِنْ امْتَنَعَ من الْقَبْضِ قِيلَ له إمَّا أَنْ تَقْبِضَ حَقَّك أو تبريء ( ( ( تبرأ ) ) ) منه
فَإِنْ أَبَى رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ
على ما تَقَدَّمَ في بَابِ السَّلَمِ
وَكَذَا في الْكِتَابَةِ
فَيُسْتَنْبَطُ من ذلك كُلِّهِ صِحَّةُ الدَّعْوَى الْمَقْلُوبَةِ
الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ
وقد صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في أَوَّلِ بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ في قَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ انْتَهَى
وَتَصِحُّ الدَّعْوَى على السَّفِيهِ مِمَّا يُؤْخَذُ بِهِ في حَالِ عَجْزِهِ لِسَفَهٍ وَبَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ
قَوْلُهُ ثُمَّ يقول لِلْخَصْمِ ما تَقُولُ فِيمَا ادَّعَاهُ
هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ هذا أَصَحُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وتذكره بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَمْلِكُ سُؤَالَهُ حتى يَقُولَ الْمُدَّعِي وَأَسْأَلُ سُؤَالَهُ عن ذلك
وفي الْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجْهَانِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ في الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وهو كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(11/240)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا تُسْمَعُ في مِثْلِ ما لَا تَتْبَعُهُ الْهِمَّةُ وَلَا يُعَدَّى حَاكِمٌ في مِثْلِ ذلك
قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ له لم يَحْكُمْ له حتى يُطَالِبَهُ الْمُدَّعِي بِالْحُكْمِ
هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَحْكُمُ له إلَّا بِسُؤَالِهِ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا
قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ له الْحُكْمُ قبل مَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْحَالَ يَدُلُّ على إرَادَتِهِ ذلك فَاكْتَفَى بها كما اكْتَفَى في مَسْأَلَةِ الْمُدَّعَى عليه الْجَوَابَ وَلِأَنَّ كَثِيرًا من الناس لَا يَعْرِفُ مُطَالَبَةَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ انْتَهَى
وَمَالَ إلَيْهِ في الْكَافِي
وقال في الْفُرُوعِ أَيْضًا فَإِنْ أَقَرَّ حَكَمَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ أَقَرَّ فَقَدْ ثَبَتَ وَلَا يُفْتَقَرُ إلَى قَوْلِهِ قَضَيْت في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِخِلَافِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاجْتِهَادِهِ
قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَثْبُتُ الْحَقُّ بِإِقْرَارِهِ وَبِدُونِ حُكْمٍ
فَائِدَةٌ لو قال الْحَاكِمُ لِلْخَصْمِ يُسْتَحَقُّ عَلَيْك كَذَا فقال نعم لَزِمَهُ ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ في قَوْلِ الْخَاطِبِ لِلْوَلِيِّ أَزَوَّجْت قال نعم
قوله وَإِنْ أَنْكَرَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي أَقْرَضْته أَلْفًا أو بِعْته فيقول ما أَقْرَضَنِي وَلَا بَاعَنِي أو ما يَسْتَحِقُّ على ما ادَّعَاهُ وَلَا شيئا منه أو لَا حَقَّ له عَلَيَّ صَحَّ الْجَوَابُ
____________________
(11/241)
مُرَادُهُ ما لم يَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْحَقِّ
فَلَوْ اعْتَرَفَ بِسَبَبِ الْحَقِّ مِثْلَ ما لو ادَّعَتْ من تَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَهْرَ
فقال لَا تَسْتَحِقُّ على شيئا لم يَصِحَّ الْجَوَابُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لم يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِسْقَاطِهِ كَجَوَابِهِ في دَعْوَى قَرْضٍ اعْتَرَفَ بِهِ لَا يَسْتَحِقُّ على شيئا
وَلِهَذَا لو اقرت في مَرَضِهَا لَا مَهْرَ لها عليه لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أنها أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ أو أنها أَسْقَطَتْهُ في الصِّحَّةِ وهو كما قال فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال لمدعي ( ( ( لمدع ) ) ) دِينَارًا لَا تَسْتَحِقُّ على حَبَّةً فَعِنْدَ بن عَقِيلٍ أَنَّ هذا ليس بِجَوَابٍ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى في دَفْعِ الدَّعْوَى إلَّا بِنَصٍّ وَلَا يُكْتَفَى بِالظَّاهِرِ وَلِهَذَا لو حَلَفَ وَاَللَّهِ إنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا ادَّعَيْته عليه أو حَلَفَ الْمُنْكِرُ إنَّهُ لَكَاذِبٌ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَيَّ لم يُقْبَلْ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعُمُّ الْحَبَّاتِ وما لم يَنْدَرِجْ في لَفْظِ حَبَّةٍ من بَابِ الْفَحْوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ يَعُمَّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً
وقد تَقَدَّمَ في اللِّعَانِ وَجْهَانِ هل يُشْتَرَطُ قَوْله فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ
الثَّانِيَةُ لو قال لي عَلَيْك مِائَةٌ فقال ليس لَك عَلَيَّ مِائَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ وَلَا شَيْءَ منها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْيَمِينِ
وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ
فَعَلَى الْأَوَّلِ لو نَكَلَ عَمَّا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ عليه بِمِائَةٍ إلَّا جُزْءًا
وَإِنْ قُلْنَا برد ( ( ( يرد ) ) ) الْيَمِينُ حَلَفَ الْمُدَّعِي على ما دُونَ الْمِائَةِ إذَا لم يُسْنِدْ الْمِائَةَ إلَى عَقْدٍ لِكَوْنِ الثَّمَنِ لَا يَقَعُ إلَّا مع ذِكْرِ النِّسْبِيَّةِ لِيُطَابِق الدَّعْوَى ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ
وَإِنْ أَجَابَ مُشْتَرٍ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْبَيْعَ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ رَجَعَ عَلَيَّ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ
____________________
(11/242)
وَإِنْ قال هو مِلْكِي اشْتَرَيْته من فُلَانٍ وهو مِلْكُهُ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ
وَإِنْ انْتَزَعَ الْمَبِيعَ من يَدِ مُشْتَرٍ بِبَيِّنَةِ مِلْكٍ مُطْلَقٍ رَجَعَ على الْبَائِعِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ
قاله في الْفُرُوعِ كما يَرْجِعُ في بينه مِلْكٍ سَابِقٍ
وقال في التَّرْغِيبِ يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ لَا يَرْجِعَ لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ تَقْتَضِي الزَّوَالَ من وَقْتِهِ لِأَنَّ ما قَبْلَهُ غَيْرُ مَشْهُودٍ بِهِ
قال الْأَزَجِيُّ وَلَوْ قال لَك عَلَيَّ شَيْءٌ فقال ليس لي عَلَيْك شَيْءٌ إنَّمَا لي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لم تُقْبَلْ منه دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّهُ نَفَاهَا بِنَفْيِ الشَّيْءِ
وَلَوْ قال لك ( ( ( ليس ) ) ) عَلَيَّ دِرْهَمٌ فقال ليس لي عَلَيْك دِرْهَمٌ وَلَا دَانَقٌ إنَّمَا لي عَلَيْك أَلْفٌ قُبِلَ منه دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّ مَعْنَى نَفْيِهِ ليس حَقِّي هذا الْقَدْرُ
قال وَلَوْ قال ليس لَك عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا دِرْهَمٌ صَحَّ ذلك وَلَوْ قال ليس لَك عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِتَخَبُّطِ اللَّفْظِ
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ما أَثْبَتَهُ وَهِيَ الْخَمْسَةُ لان التَّقْدِيرَ ليس له عَلَيَّ عَشْرَةٌ لَكِنْ خَمْسَةٌ وَلِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ من النَّفْيِ فَيَكُونُ إثْبَاتًا
قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ لي بَيِّنَةٌ وَإِنْ لم يَقُلْ قال الْحَاكِمُ أَلِك بَيِّنَةٌ
وَلَهُ قَوْلُ ذلك قبل أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي لي بَيِّنَةٌ فَإِنْ قال لي بَيِّنَةٌ أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا
وَمَعْنَاهُ إنْ شِئْت فَأَحْضِرْهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(11/243)
قال في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ أَنْكَرَ سَأَلَ الْمُدَّعِي أَلَكَ بَيِّنَةٌ
وقال في الْمُحَرَّرِ لَا يقول الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ بَيِّنَةٌ إلَّا إذَا لم يَعْرِفْ أَنَّ هذا مَوْضِعُ الْبَيِّنَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي فَإِنْ قال الْمُدَّعِي لي بَيِّنَةٌ وَأَحْضَرَهَا حَكَمَ بها وَإِنْ جَهِلَ أَنَّهُ مَوْضِعُهَا قال له أَلَكَ بَيِّنَةُ فَإِنْ قال نعم طَلَبَهَا وَحَكَمَ بها
وَكَذَا إنْ قال إنْ كانت لَك بَيِّنَةٌ فَأَحْضِرْهَا إنْ شِئْت فَفَعَلَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ والمغنى لَا يَأْمُرُهُ بِإِحْضَارِهَا لِأَنَّ ذلك حَقٌّ له فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ما يَرَى
قَوْلُهُ فإذا أَحْضَرَهَا سَمِعَهَا الْحَاكِمُ
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَا يَسْأَلُهَا الْحَاكِمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ
فَائِدَةٌ لَا يقول الْحَاكِمُ لَهُمَا أَشْهَدَا وَلَيْسَ له أَنْ يُلَقِّنَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا يَنْبَغِي ذلك
وقال في الْمُوجِزِ يُكْرَهُ ذلك كَتَعْنِيفِهِمَا وَانْتِهَارِهِمَا
وَظَاهِرُ الْكَافِي في التَّعْنِيفِ وَالِانْتِهَارِ يَحْرُمُ
قَوْلُهُ فإذا أَحْضَرَهَا سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بها إذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِسُؤَالِ الْمُدَّعِي
____________________
(11/244)
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ له الْحُكْمُ قبل سُؤَالِهِ
وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا أَقَرَّ له على ما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لم يَجُزْ له تَرْدِيدُهَا وَيْحُكُمْ في الْحَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ إنْ ظَنَّ الصُّلْحَ آخر الْحُكْمَ
وقال في الْفُصُولِ وَأَحْبَبْنَا له أَمْرَهُمَا بِالصُّلْحِ وَيُؤَخِّرُهُ فَإِنْ أَبَيَا حَكَمَ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ يقول له الْحَاكِمُ قد شَهِدَا عَلَيْك فَإِنْ كان قَادِحٌ فَبَيِّنْهُ عِنْدِي يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذلك
وَذَكَرَهُ غَيْرُهُمَا
وَذَكَرَهُ في الْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا ارْتَابَ فِيهِمَا
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ له الْحُكْمَ مع الرِّيبَةِ
قُلْت الْحُكْمُ مع الرِّيبَةِ فيه نَظَرٌ بَيِّنٌ
وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِضِدِّ ما يَعْلَمُهُ بَلْ يَتَوَقَّفُ وَمَعَ اللَّبْسِ يَأْمُرُ بِالصُّلْحِ
فَإِنْ عَجَّلَ فَحَكَمَ قبل الْبَيَانِ حَرُمَ ولم يَصِحَّ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فإذا أَحْضَرَهَا سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُسْمَعُ قبل الدَّعْوَى
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ حَقَّانِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ وَحَقٌّ لِلَّهِ
____________________
(11/245)
فَإِنْ كان الْحَقُّ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تُسْمَعُ قبل الدَّعْوَى
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ
ذَكَرَاهُ في أَثْنَاءِ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَسَمِعَهَا الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى إنْ لم يَعْلَمْ بِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمة اللَّهُ هو غَرِيبٌ
وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أنها تُسْمَعُ بِالْوَكَالَةِ من غَيْرِ خَصْمٍ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمة اللَّهُ تُسْمَعُ وَلَوْ كان في الْبَلَدِ
وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ على جَوَازِ الْقَضَاءِ على الْغَائِبِ انْتَهَى
وَالْوَصِيَّةُ مِثْلُ الْوَكَالَةِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمة اللَّهُ الْوَكَالَةُ إنَّمَا تُثْبِتُ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أو إبْقَاءَهُ وهو مِمَّا لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي عليه فيه فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْوَكِيلِ وَإِلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَلِهَذَا لم يُشْتَرَطْ فيها رِضَاهُ
وَإِنْ كان الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْعِبَادَاتِ وَالْحُدُودِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكَفَّارَةِ لم تَصِحَّ بِهِ الدَّعْوَى بَلْ وَلَا تُسْمَعُ
وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ من غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في التَّعْلِيقِ شَهَادَةُ الشُّهُودِ دَعْوَى
قيل لِلْإِمَامِ احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في بَيِّنَةِ الزنى تَحْتَاجُ إلي مُدَّعٍ فذكر خَبَرَ
____________________
(11/246)
أبى بَكْرَةَ رضي اللَّهُ عنه وقال لم يَكُنْ مُدَّعٍ
وقال في الرِّعَايَةِ تَصِحُّ دَعْوَى حِسْبَةٍ من كل مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ في حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَعِدَّةٍ وَحَدٍّ وَرِدَّةٍ وَعِتْقٍ وَاسْتِيلَادٍ وَطَلَاقٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَحْوِ ذلك وَبِكُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَإِنْ لم يَطْلُبْهُ مُسْتَحِقُّهُ
وَذَكَرَ ابو الْمَعَالِي لِنَائِبِ الْإِمَامِ مُطَالَبَةُ رَبِّ مَالٍ بَاطِنٍ بِزَكَاةٍ إذَا ظَهَرَ له تَقْصِيرٌ
وَفِيمَا اوجبه من نَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ هِيَ آكَدُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ بها بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ
وقال في الِانْتِصَارِ في حَجْرِهِ على مُفْلِسِ الزَّكَاةِ كَمَسْأَلَتِنَا إذَا ثَبَتَ وُجُوبُهَا عليه لَا الْكَفَّارَةُ
وقال في التَّرْغِيبِ ما شَمَلَهُ حَقُّ اللَّهِ وَالْآدَمِيِّ كَسَرِقَةٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى في الْمَالِ وَيَحْلِفُ مُنْكِرٌ
وَلَوْ عَادَ إلَى مَالِكِهِ او مَلَكَهُ سَارِقُهُ لم تُسْمَعْ لِتَمَحُّضِ حَقِّ اللَّهِ
وقال في السَّرِقَةِ إنْ شَهِدَتْ بِسَرِقَةٍ قبل الدَّعْوَى فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا تُسْمَعُ وَتُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ إنه بَاعَهُ فُلَانٌ
وقال في الْمُغْنِي كَسَرِقَةٍ وَزِنَاهُ بِأَمَتِهِ لِمَهْرِهَا تُسْمَعُ وَيَقْضِي على نَاكِلٍ بِمَالٍ
وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
فَائِدَةٌ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ عِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَ الْعَبْدُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ
وَذَكَرَهُ في الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(11/247)
تَنْبِيهٌ وَكَذَا الْحُكْمُ في أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ وَلَا تُسْمَعُ وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ قبل الدَّعْوَى في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْوَقْفِ على الْفُقَرَاءِ أو على مَسْجِدٍ أو رِبَاطٍ أو وَصِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا عُقُوبَةُ كَذَّابٍ مُفْتَرٍ على الناس وَالتَّكَلُّمُ فِيهِمْ
وَتَقَدَّمَ في التَّعْزِيرِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في حِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ عن خَصْمٍ مُقَدَّرٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ فيه بِلَا خَصْمٍ
وَهَذَا قد يَدْخُلُ في كِتَابِ الْقَاضِي وَفَائِدَتُهُ كَفَائِدَةِ الشَّهَادَةِ
وهو مِثْلُ كِتَابِ الْقَاضِي إذَا كان فيه ثُبُوتٌ مَحْضٌ فإنه هُنَاكَ يَكُونُ مُدَّعٍ فَقَطْ بِلَا مُدَّعَى عليه حَاضِرٌ
لَكِنَّ هُنَا الْمُدَّعَى عليه مُتَخَوِّفٌ وَإِنَّمَا المدعى يَطْلُبُ من الْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ أو الْإِقْرَارَ كما يَسْمَعُ ذلك شُهُودُ الْفَرْعِ فيقول الْقَاضِي ثَبَتَ ذلك عِنْدِي بِلَا مُدَّعًى عليه
قال وقد ذَكَرَهُ قَوْمٌ من الْفُقَهَاءِ وَفَعَلَهُ طَائِفَةٌ من الْفُقَهَاءِ وَفَعَلَهُ طَائِفَةٌ من الْقُضَاةِ ولم يَسْمَعْهَا طَوَائِفُ من الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْحُكْمِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ
وَمَنْ قال بِالْخَصْمِ الْمُسَخَّرِ نَصَبَ الشَّرَّ ثُمَّ قَطَعَهُ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي من احْتِيَالِ الْحَنَفِيَّةِ على سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ من غَيْرِ وُجُودِ مُدَّعًى عليه فإن الْمُشْتَرِيَ الْمُقَرَّ له بِالْبَيْعِ قد قَبَضَ الْمَبِيعَ وسلم الثَّمَنَ فَهُوَ لَا يَدَّعِي شيئا وَلَا يدعي عليه شَيْءٌ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ تَثْبِيتُ الْإِقْرَارِ وَالْعَقْدِ وَالْمَقْصُودُ سَمَاعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ وَحُكْمُهُ بِمُوجِبِهَا من غَيْرِ وُجُودِ مُدَّعًى عليه وَمِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ على أَحَدٍ لَكِنْ خَوْفًا من حُدُوثِ خَصْمٍ مُسْتَقْبَلٍ فَيَكُونُ
____________________
(11/248)
هذا الثُّبُوتُ حُجَّةً بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لم يَكُنْ الْقَاضِي يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِلَا هذه الدَّعْوَى وَإِلَّا امْتَنَعَ من سَمَاعِهَا مُطْلَقًا وَعَطَّلَ هذا الْمَقْصُودَ الذي احْتَالُوا له
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ هو لَا يَحْتَاجُ إلَى هذا الِاحْتِيَالِ مع أَنَّ جَمَاعَاتٍ من الْقُضَاةِ الْمُتَأَخِّرِينَ من الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ دَخَلُوا مع الْحَنَفِيَّةِ في ذلك وَسَمَّوْهُ الْخَصْمَ الْمُسَخَّرَ
قال وَأَمَّا على أَصْلِنَا الصَّحِيحِ وَأَصْلِ مَالِكٍ رحمة اللَّهُ فَإِمَّا أَنْ نَمْنَعَ الدَّعْوَى على غَيْرِ خَصْمٍ مُنَازَعٍ فَتَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَاتِ على الشَّهَادَاتِ كما ذَكَرَهُ من ذَكَرَهُ من أَصْحَابِنَا
وَإِمَّا أَنْ نَسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ بِلَا خَصْمٍ كما ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ من الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ
وهو مقتضي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُنَا في مَوَاضِعَ لِأَنَّا نَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ على الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ وَكَذَا على الْحَاضِرِ في الْبَلَدِ في الْمَنْصُوصِ فَمَعَ عَدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى
قال وقال أَصْحَابُنَا كِتَابُ الْحَاكِمِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ
قالوا لِأَنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يُحْكَمُ بِمَا قام مَقَامَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ إعْلَامَ الْقَاضِي لِلْقَاضِي قَائِمٌ مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ
فَجَعَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ من كِتَابِ الْحَاكِمِ وَشُهُودِ الْفَرْعِ قَائِمًا مَقَامَ غَيْرِهِ وهو بَدَلٌ عن شُهُودِ الْأَصْلِ
وَجَعَلُوا كِتَابَ الْقَاضِي كَخِطَابِهِ
وَإِنَّمَا خَصُّوهُ بِالْكِتَابِ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَبَاعُدُ الْحَاكِمَيْنِ
وَإِلَّا فَلَوْ كَانَا في مَحَلٍّ وَاحِدٍ كان مُخَاطَبَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخِرِ أَبْلَغُ من الْكِتَابِ
وَبَنَوْا ذلك على أَنَّ الْحَاكِمَ يَثْبُتُ عِنْدَهُ بِالشَّهَادَةِ ما لم يَحْكُمْ بِهِ وَإِنَّمَا يُعْلِمُ بِهِ حَاكِمًا آخَرَ لِيَحْكُمَ بِهِ كما يُعْلِمُ الْفُرُوعَ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ
____________________
(11/249)
قال وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ في غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ
وهو يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ ما يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ يُثْبِتُهُ الْقَاضِي بِكِتَابِهِ
قال وَلِأَنَّ الناس بِهِمْ حَاجَةٌ إلَى إثْبَاتِ حُقُوقِهِمْ بِإِثْبَاتِ الْقُضَاةِ كَإِثْبَاتِهَا بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَإِثْبَاتُ الْقُضَاةِ أَنْفَعُ لِكَوْنِهِ كَفَى مُؤْنَةَ النَّظَرِ في الشُّهُودِ وَبِهِمْ حَاجَةٌ إلَى الْحُكْمِ فِيمَا فيه شُبْهَةٌ أو خِلَافٌ لِرَفْعٍ وَإِنَّمَا يَخَافُونَ من خَصْمٍ حَادِثٍ
قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ في أَنَّهُ يَجُوزُ له الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ في مَجْلِسِهِ إذَا سَمِعَهُ معه شَاهِدَانِ بِلَا نِزَاعٍ
فَإِنْ لم يَسْمَعْهُ معه أَحَدٌ أو سَمِعَهُ معه شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ نَصَّ عليه
في رِوَايَةِ حَرْبٍ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي لَا يَحْكُمُ بِهِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يحكم ( ( ( يحمل ) ) ) بِهِ في الْأَصَحِّ
وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي إنْ سَمِعَهُ معه شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَكَمَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وَلَيْسَ له الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ مِمَّا رَآهُ أو سَمِعَهُ يَعْنِي في غَيْرِ مَجْلِسِهِ
نَصَّ عليه وهو اخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ
____________________
(11/250)
وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ فَلَا يَجُوزُ في الْأَشْهَرِ عنه
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على جَوَازِ ذلك سَوَاءٌ كان في حَدٍّ أو غَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ في غَيْرِ الْحُدُودِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا رَآهُ على حَدٍّ لم يَكُنْ له أَنْ يُقِيمَهُ إلَّا بِشَهَادَةٍ من شَهِدَ معه لِأَنَّ شَهَادَتَهُ شَهَادَةُ رَجُلٍ
وَنَقَلَ حَرْبٌ فَيَذْهَبَانِ إلَى حَاكِمٍ فَأَمَّا إنْ شَهِدَ عِنْدَ نَفْسِهِ فَلَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال ما لي بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مع يَمِينِهِ فَيُعْلِمُهُ أَنَّ له الْيَمِينَ على خَصْمِهِ وأن سَأَلَ إحْلَافَهُ أَحْلَفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ
وَلَيْسَ له اسْتِحْلَافُهُ قبل سُؤَالِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقٌّ له
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ قال الْمُدَّعِي ما لي بَيِّنَةٌ أَعْلَمَهُ الْحَاكِمُ بِأَنَّ له الْيَمِينَ على خَصْمِهِ
قال وَلَهُ تَحْلِيفُهُ مع عِلْمِهِ قُدْرَتَهُ على حَقِّهِ نَصَّ عليه
نَقَلَ بن هَانِئٍ إنْ عَلِمَ عِنْدَهُ مَالًا لَا يُؤَدِّي إلَيْهِ حَقَّهُ أَرْجُو أَنْ لَا يَأْثَمَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ يُكْرَهُ
وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ من حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي
وَهَذَا يَدُلُّ على تَحْرِيمِ تَحْلِيفِ الْبَرِيءِ دُونَ الظَّالِمِ انْتَهَى
____________________
(11/251)
فَائِدَةٌ يَكُونُ تَحْلِيفُهُ على صِفَةِ جَوَابِهِ لِخَصْمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
ذَكَرَاهُ في آخِرِ بَابِ الْيَمِينِ في الدعاوي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَحْلِفُ على صفه الدَّعْوَى
وَعَنْهُ يَكْفِي تَحْلِيفُهُ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَحْلَفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ ثَانِيًا بِدَعْوَى أُخْرَى وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا فَيَحْرُمُ تَحْلِيفُهُ
أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ له تَحْلِيفُهُ عِنْدَ من جَهِلَ حَلِفَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْحَقِّ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ بِبَيِّنَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَمْسَكَ عن تَحْلِيفِهِ وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ بَعْدَ ذلك بِدَعْوَاهُ الْمُتَقَدِّمَةِ كان له ذلك
وَلَوْ أَبْرَأَهُ من يَمِينِهِ بريء منها في هذه الدَّعْوَى
فَلَوْ جَدَّدَ الدَّعْوَى وَطَلَبَ الْيَمِينَ كان له ذلك
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ يَمِينٌ في حَقِّ أدمي مُعَيَّنٍ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى عليه وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(11/252)
وقال في الرِّعَايَةِ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَالتَّزْكِيَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَنْبَغِي أَنْ تَتَقَدَّمَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَتَزْكِيَةُ الْيَمِينِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْلَفَهُ أو حَلَفَ من غَيْرِ سُؤَالِ الْمُدَّعِي لم يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَبْرَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُدَّعِي
وَعَنْهُ يَبْرَأُ بِتَحْلِيفِ المدعى وَحَلِفِهِ له أَيْضًا وَإِنْ لم يُحَلِّفْهُ
ذَكَرَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّ رَجُلًا اتَّهَمَ رَجُلًا بِشَيْءٍ فَحَلَفَ له ثُمَّ قال لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ تَحْلِفَ لي عِنْدَ السُّلْطَانِ أَلَهُ ذلك قال لَا قد ظَلَمَهُ وَتَعَنَّتَهُ
وَاخْتَارَ أبو حَفْصٍ تَحْلِيفَهُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مُهَنَّا فَوَائِدُ
الْأُولَى يُشْتَرَطُ في الْيَمِينِ أَنْ لَا يَصِلَهَا بِاسْتِثْنَاءِ
وقال في الْمُغْنِي وَكَذَا بِمَا لَا يُفْهَمُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُزِيلُ حُكْمَ الْيَمِينِ
وقال في التَّرْغِيبِ هِيَ يَمِينٌ كَاذِبَةٌ
وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا لم يَسْمَعْهُ الْحَاكِم الْمُحَلِّفُ له
الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ التَّوْرِيَةُ وَالتَّأْوِيلُ إلَّا لِمَظْلُومٍ
وقال في التَّرْغِيبِ ظُلْمًا ليس بِجَارٍ في مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ
فَالنِّيَّةُ على نِيَّةِ الْحَاكِمِ الْمُحَلِّفِ وَاعْتِقَادِهِ
____________________
(11/253)
فَالتَّأْوِيلُ على خِلَافِهِ لَا يَنْفَعُ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ بَابِ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ
الثَّالِثَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُعْسِرُ لَا حَقَّ له على وَلَوْ نَوَى السَّاعَةَ سَوَاءٌ خَافَ أَنْ يُحْبَسَ أو لَا
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ بِالنِّيَّةِ
قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَّجَهٌ
قُلْت وهو الصَّوَابُ إنَّ خَافَ حَبْسًا
وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَحْلِفَ من عليه دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ إذَا أَرَادَ غَرِيمُهُ مَنْعَهُ من سَفَرٍ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ قَضَى عليه بِالنُّكُولِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا
وهو الْمَذْهَبُ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
مَرِيضًا كان أو غَيْرَهُ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ حَبْسُهُ لِيُقِرَّ أو يَحْلِفَ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ تُرَدُّ الْيَمِينُ على الْمُدَّعِي
وقال قد صَوَّبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(11/254)
وقال ما هو بِبَعِيدٍ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ
نَقَلَ أبو طَالِبٍ ليس له أَنْ يَرُدَّهَا
ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك وما هو بِبَعِيدٍ يُقَالُ له احْلِفْ وَخُذْ
قال في الْفُرُوعِ يَجُوزُ رَدُّهَا
وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ فَقَالُوا وَعَنْهُ يَرُدُّ الْيَمِين على الْمُدَّعِي
قال وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ يَجِبُ
وَلِأَجْلِ هذا قال الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِالنُّكُولِ وَلَكِنْ يَرُدُّ الْيَمِينَ على خَصْمِهِ
وقال قد صَوَّبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ما هو بِبَعِيدٍ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ وَهِيَ رِوَايَةُ أبي طَالِبِ الْمَذْكُورَةِ
وَظَاهِرُهَا جَوَازُ الرَّدِّ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ رَدَّهَا وَاخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وزاد بِإِذْنِ النَّاكِلِ فيه
وَاخْتَارَهُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مع عِلْمِ مُدَّعٍ وَحْدَهُ بالمدعى بِهِ لهم رَدُّهَا وإذا لم يَحْلِفْ لم يَأْخُذْ كَالدَّعْوَى على وَرَثَةِ مَيِّتٍ حَقًّا عليه يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ
وَإِنْ كان الْمُدَّعَى عليه هو الْعَالِمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ دُونَ المدعى مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَرَثَةُ أو الْوَصِيُّ على غَرِيمٍ لِلْمَيِّتِ فَيُنْكِرُ فَلَا يَحْلِفُ المدعى
قال وَأَمَّا إنْ كان المدعى يَدَّعِي الْعِلْمَ وَالْمُنْكِرُ يَدَّعِي الْعِلْمَ فَهُنَا يُتَوَجَّهُ الْقَوْلَانِ يَعْنِي الرِّوَايَتَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ على الْمُدَّعِي فَهَلْ تَكُونُ يَمِينُهُ كَالْبَيِّنَةِ أَمْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عليه فيه قَوْلَانِ
____________________
(11/255)
قال بن الْقِيَمِ في الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا أنها كَإِقْرَارٍ
فَعَلَى هذا لو أَقَامَ الْمُدَّعَى عليه بَيِّنَةً بِالْأَدَاءِ أو الْإِبْرَاءِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعِي فَإِنْ قِيلَ يَمِينُهُ كَالْبَيِّنَةِ سُمِعَتْ لِلْمُدَّعَى عليه
وَإِنْ قِيلَ هِيَ كَالْإِقْرَارِ لم تُسْمَعْ لِكَوْنِهِ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ بِالْإِقْرَارِ
الثَّانِيَةُ إذْ قَضَى بِالنُّكُولِ فَهَلْ يَكُونُ كَالْإِقْرَارِ أو كَالْبَدَلِ فيه وَجْهَانِ
قال أبو بَكْرٍ في الْجَامِعِ النُّكُولُ إقْرَارٌ
وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ في الْقَسَامَةِ على ما يَأْتِي
وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا ما إذَا ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَاسْتَحْلَفْنَاهَا فَنَكَلَتْ فَهَلْ يقضي عليها بِالنُّكُولِ وَتُجْعَلُ زَوْجَتَهُ إذَا قُلْنَا هو إقْرَارٌ حُكِمَ عليها بِذَلِكَ
وَإِنْ قُلْنَا بَذْلٌ لم يُحْكَمْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تُسْتَبَاحُ بِالْبَذْلِ
وكذلك ( ( ( وكذا ) ) ) لو ادَّعَى رِقَّ مَجْهُولِ النَّسَبِ وَقُلْنَا يَسْتَحْلِفُ فَنَكَلَ عن الْيَمِينِ وَكَذَلِكَ لو ادَّعَى قَذْفَهُ وَاسْتَحْلَفْنَاهُ فَنَكَلَ فَهَلْ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ يَنْبَنِي على ذلك
ثُمَّ قال بن الْقَيِّمِ في الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ النُّكُولَ يَقُومُ مَقَامَ الشَّاهِدِ وَالْبَيِّنَةِ لَا مَقَامَ الْإِقْرَارِ والبذل ( ( ( والبدل ) ) ) لِأَنَّ النَّاكِلَ قد صَرَّحَ بِالْإِنْكَارِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُدَّعَى بِهِ وهو يُصِرُّ على ذلك فَتَوَرَّعَ عن الْيَمِينِ فَكَيْفَ يُقَالُ أنه مُقِرٌّ مع إصْرَارِهِ على الْإِنْكَارِ وَيُجْعَلُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ وَأَيْضًا لو كان مقرى لم يُسْمَعْ منه نُكُولُهُ بِالْإِبْرَاءِ وَالْأَدَاءِ فإنه يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ
وَأَيْضًا فإن الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَشَهَادَةٌ من الْمَرْءِ على نَفْسِهِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مقرى شَاهِدًا على نَفْسِهِ بِسُكُوتِهِ وَالْبَذْلُ إبَاحَةٌ وَتَبَرُّعٌ وهو لم يَقْصِدْ ذلك ولم يَخْطِرْ على قَلْبِهِ وقد يَكُونُ الْمُدَّعَى عليه مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ
____________________
(11/256)
فَلَوْ كان النُّكُولُ بَذْلًا وَإِبَاحَةً اُعْتُبِرَ خُرُوجُ الْمُدَّعَى بِهِ من الثُّلُثِ
قال رَحِمَهُ اللَّهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا إقْرَارَ وَلَا إبَاحَةَ بَلْ هو جَارٍ مَجْرَى الشَّاهِدِ وَالْبَيِّنَةِ انْتَهَى
قَوْلُهُ فيقول إنْ حَلَفْت وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك ثَلَاثًا
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ ذلك له ثَلَاثًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَقُولُهُ مَرَّةً
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ثَلَاثًا أو مَرَّةً
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مَرَّةً
وَقِيلَ ثَلَاثًا انْتَهَى
وَاَلَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا نَكَلَ لَزِمَهُ الْحَقُّ
قوله فَإِنْ لم يَحْلِفْ قَضَى عليه إذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي ذلك
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْكُمُ له قبل سُؤَالِهِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك أَيْضًا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَيُقَالُ لِلنَّاكِلِ لَك رَدُّ الْيَمِينِ على الْمُدَّعِي فَإِنْ رَدَّهَا حَلَفَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ له
أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إذْنُ النَّاكِلِ في رَدِّ الْيَمِينِ
____________________
(11/257)
وهو قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ كما تَقَدَّمَ عنه في الْهِدَايَةِ
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ على الْقَوْلِ بِالرَّدِّ إذْنُ النَّاكِلِ في الرَّدِّ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا صَرَفَهُمَا فَإِنْ عَادَ أَحَدُهُمَا فَبَذَلَ الْيَمِينَ لم يَسْمَعْهَا في ذلك الْمَجْلِسِ حتى يَحْتَكِمَا في مَجْلِسٍ آخَرَ
قال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ بَذَلَ مِنْهُمَا الْيَمِينَ بَعْدَ نُكُولِهِ لم تُسْمَعْ منه إلَّا في مَجْلِسٍ آخَرَ بِشَرْطِ عَدَمِ الْحُكْمِ
وَكَذَا قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ قبل الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ
وَقِيلَ تُسْمَعُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وهو بَعِيدٌ ولم يَذْكُرْهُ في الرِّعَايَةِ انْتَهَى
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي سُئِلَ عن سَبَبِ نُكُولِهِ فَإِنْ قال امْتَنَعْت لِأَنَّ لي بَيِّنَةٌ أُقِيمُهَا أو حِسَابًا أَنْظُرُ فيه فَهُوَ على حَقِّهِ من الْيَمِينِ وَلَا يُضَيِّقُ عليه في الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عليه
وَإِنْ قال لَا أُرِيدُ أَنْ أَحْلِفَ فَهُوَ نَاكِلٌ
وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ في الْمَالِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ فَوَائِدُ
مَتَى تَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ فَهَلْ يقضى بِنُكُولِهِ أو يَحْلِفُ وَلِيٌّ أو إنْ بَاشَرَ ما ادَّعَاهُ أو لَا يَحْلِفُ حَاكِمٌ فيه أَوْجُهٌ
____________________
(11/258)
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
قَطَعَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ بِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ وَالْإِمَامَ وَالْأَمِينَ لَا يَحْلِفُونَ
وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَكُلُّ مَالٍ لَا تُرَدُّ فيه الْيَمِينُ يقضي فيه بِالنُّكُولِ كَالْإِمَامِ إذَا ادَّعَى لِبَيْتِ الْمَالِ أو وَكِيلِ الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِ ذلك انْتَهَى
وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وقال وَكَذَا الْأَبُ ووصية وَأَمِينُ الْحَاكِمِ إذَا ادَّعَوْا حَقًّا لِصَغِيرٍ أو مَجْنُونٍ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَقَيِّمِ الْمَسْجِدِ
وقال في الْكُبْرَى قَضَى بِالنُّكُولِ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ على الْأَصَحِّ
وَقِيلَ يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يَحْلِفَ
وَقِيلَ بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي منهم وَيَأْخُذُ ما ادَّعَاهُ
وَقِيلَ إنْ كان قد بَاشَرَ ما ادَّعَاهُ حَلَفَ عليه وَإِلَّا فَلَا
قُلْت لَا يَحْلِفُ إمَامٌ وَلَا حَاكِمٌ انْتَهَى
وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ وَبَلَغَ
وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ مَحْضَرًا بِنُكُولِهِ
فَإِنْ قُلْنَا يَحْلِفُ حَلَفَ لِنَفْيِهِ إنْ ادَّعَى عليه وُجُوبَ تَسْلِيمِهِ من مُوَلِّيهِ
فَإِنْ أَبَى حَلَفَ المدعى وَأَخَذَهُ إنْ جَعَلَ النُّكُولَ مع يَمِينِ الْمُدَّعِي كَبَيِّنَةٍ لَا كَإِقْرَارِ خَصْمِهِ على ما تَقَدَّمَ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا خِلَافَ بَيْنَنَا أَنَّ ما لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا يقضي بِنُكُولِهِ بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الدَّعْوَى غير مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ أو يَكُونُ الْإِمَامُ بِأَنْ يَدَّعِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ دَيْنًا وَنَحْوَ ذلك
وقال في الرِّعَايَةِ في صُورَةِ الْحَاكِمِ يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ وَيَحْلِف
وَقِيلَ يَحْكُمُ عليه
____________________
(11/259)
وَقِيلَ يَحْلِفُ الْحَاكِمُ
وقال في الِانْتِصَارِ نَزَّلَ أَصْحَابُنَا نُكُولَهُ مَنْزِلَةً بين مَنْزِلَتَيْنِ فَقَالُوا لَا يُقْضَى بِهِ في قَوْدٍ وَحَدٍّ وَحَكَمُوا بِهِ في حَقِّ مَرِيضٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ مَأْذُونٍ لَهُمَا
وقال في التَّرْغِيبِ في الْقَسَامَةِ من قُضِيَ عليه بِنُكُولِهِ بِالدِّيَةِ فَفِي مَالِهِ لِأَنَّهُ كَإِقْرَارِ
وَبِهِ قال أبو بَكْرٍ في الْجَامِعِ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ ابْتِدَاءً مع اللَّوْثِ وَأَنَّ الدَّعْوَى في التُّهْمَةِ كَسَرِقَةٍ يُعَاقَبُ المدعي عليه الْفَاجِرُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ وَيُحْبَسُ الْمَسْتُورُ لِيَبِينَ أَمْرُهُ وَلَوْ ثَلَاثًا على وَجْهَيْنِ
نَقَلَ حَنْبَلٌ حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمُحَقِّقُو أَصْحَابِهِ على حَبْسِهِ
وقال إنَّ تَحْلِيفَ كل مدعي عليه وَإِرْسَالَهُ مَجَّانًا ليس مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَاحْتَجَّ في مَكَان آخَرَ بِأَنَّ قَوْمًا اتَّهَمُوا نَاسًا في سَرِقَةٍ فَرَفَعُوهُمْ إلَى النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ رضي اللَّهُ عنهما فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ فَقَالُوا له خَلَّيْت سَبِيلَهُمْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا امْتِحَانٍ فقال إنْ شَتَمَ ضَرَبْتهمْ فَإِنْ ظَهَرَ ما لَكُمْ وَإِلَّا ضَرَبْتُكُمْ مثله فَقَالُوا هذا حُكْمُك فقال حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قال بِهِ وقال بِهِ شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يَحْبِسُهُ وَالٍ
قال وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَاضٍ أَيْضًا وَأَنَّهُ يَشْهَدُ له قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى 8 24 { وَيَدْرَأُ عنها الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ } حَمَلْنَا على الْحَبْسِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ
____________________
(11/260)
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَوَّلَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وَاخْتَارَ تَعْزِيرَ مُدَّعٍ بِسَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا على من يُعْلَمْ بَرَاءَتُهُ
وَاخْتَارَ أَنَّ خَبَرَ من ادَّعَى بِحَقٍّ بِأَنَّ فُلَانًا سَرَقَ كَذَا كَخَبَرِ إنْسِيٍّ مَجْهُولٍ فَيُفِيدُ تُهْمَةً كما تَقَدَّمَ
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يضر به الْوَالِي مع قُوَّةِ التُّهْمَةِ تَعْزِيرًا فَإِنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ لم يَصِحَّ وَإِنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ عن حَالِهِ فَأَقَرَّ تَحْتَ الضَّرْبِ قُطِعَ ضَرْبُهُ وَأُعِيدَ إقْرَارُهُ لِيُؤْخَذَ بِهِ وَيُكْرَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَوَّلِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كان مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ الْمُنَاسِبِ لِلتُّهْمَةِ
فقالت طَائِفَةٌ يَضْرِبُهُ الْوَالِي وَالْقَاضِي
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَضْرِبُهُ الْوَالِي عِنْدَ الْقَاضِي
وَذَكَرَ ذلك طَوَائِفُ من أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال الْمُدَّعِي لي بَيِّنَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ ما لي بَيِّنَةٌ لم تُسْمَعْ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
ويحتمل ( ( ( ويحصل ) ) ) أَنْ تُسْمَعَ
وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَّجَهُ حَلِفِهِ أَوَّلًا
وَجَزَمَ في التَّرْغِيبِ بِالْأَوَّلِ
____________________
(11/261)
وقال وَكَذَا قَوْلُهُ كَذَبَ شُهُودِي وَأَوْلَى
وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ في الْأَصَحِّ وَلَا تُرَدُّ بِذِكْرِ السَّبَبِ بَلْ بِذِكْرِ سَبَبِ الْمُدَّعِي غَيْرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَتْ بِهِ وَبِسَبَبِهِ وَقُلْنَا تَرَجَّحَ بِذِكْرِ السَّبَبِ لم تُفِدْهُ إلَّا أَنْ تُعَادَ بَعْدَ الدَّعْوَى فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو ادَّعَى شيئا فَشَهِدَتْ له الْبَيِّنَةُ بِغَيْرِهِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لهم
قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمة اللَّهُ وأبو بَكْرٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ في الْمُسْتَوْعِبِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ فَيَدَّعِيهِ ثُمَّ يُقِيمُهَا
وفي الْمُسْتَوْعِبِ أَيْضًا وَالرِّعَايَةِ إنْ قال أَسْتَحِقُّهُ وما شَهِدْت بِهِ وَإِنَّمَا ادَّعَيْت بِأَحَدِهِمَا لأدعى بِالْآخِرِ وَقْتًا آخَرَ ثُمَّ شَهِدْت بِهِ قُبِلَتْ
الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى شيئا فَأَقَرَّ له بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ له وَالدَّعْوَى بِحَالِهَا نَصَّ عليه
الثَّالِثَةُ لو سَأَلَ مُلَازَمَتَهُ حتى يُقِيمَهَا أُجِيبَ في الْمَجْلِسِ على الْأَصَحِّ في الرِّوَايَتَيْنِ
فَإِنْ لم يُحْضِرْهَا في الْمَجْلِسِ صَرَفَهُ
وَقِيلَ يَنْظُرُ ثَلَاثًا
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَيُجَابُ مع قُرْبِهَا
وَعَنْهُ وَبُعْدِهَا كَكَفِيلٍ فِيمَا ذَكَرَ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ وَأَنَّهُ يَضْرِبُ له أَجَلًا مَتَى مَضَى فَلَا كَفَالَةَ
وَنَصُّهُ لَا يُجَابُ إلَى كَفِيلٍ كَحَبْسِهِ
____________________
(11/262)
وفي مُلَازَمَتِهِ حتى يَفْرُغَ له الْحَاكِمُ من شُغْلِهِ مع غيبه بِبَيِّنَةٍ وَبَعْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال ( ( ( قاله ) ) ) الْمَيْمُونِيُّ لم أَرَهُ يَذْهَبُ إلَى الْمُلَازَمَةِ إلَى أَنْ يُعَطِّلَهُ من عَمَلِهِ وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا من عَنَتِ خَصْمِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ يَمِينَهُ فَإِنْ كانت غَائِبَةً
يَعْنِي عن الْمَجْلِسِ فَلَهُ إحْلَافُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كانت قَرِيبَةً او بَعِيدَةً
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وقدمه ( ( ( قدمه ) ) ) في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ الْقَرِيبَةُ كَالْحَاضِرَةِ في الْمَجْلِسِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا إذَا كانت غَائِبَةً عن الْبَلَدِ
وَقِيلَ ليس له إحْلَافُهُ مُطْلَقًا بَلْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فَقَطْ وَقَطَعُوا بِهِ في كُتُبِ الْخِلَافِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت حَاضِرَةً فَهَلْ له ذلك على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا له إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أو تَحْلِيفُهُ إذَا كانت حَاضِرَةً في الْمَجْلِسِ وهوالمذهب
نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الإدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/263)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَمْلِكُهُمَا فَيُحَلِّفُهُ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَهُ
وَقِيلَ لَا يَمْلِكُ إلَّا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ
قال في الْفُرُوعِ قَطَعُوا بِهِ في كُتُبِ الْخِلَافِ كما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ لو سَأَلَ تَحْلِيفَهُ وَلَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فَحَلَفَ فَفِي جَوَازِ إقَامَتهَا بَعْدَ ذلك وَجْهَانِ قَالَهُ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا ليس له اقامتها بَعْدَ تَحْلِيفِهِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَالثَّانِي له إقَامَتُهَا
قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَكَتَ الْمُدَّعَى عليه فلم يُقِرَّ ولم يُنْكِرْ قال له الْقَاضِي إنْ أَجَبْت وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا وَقَضَيْت عَلَيْك
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْبِسُهُ حتى يُجِيبَ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
وَذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ عن الْأَصْحَابِ
____________________
(11/264)
وَمُرَادُهُمْ بهذا الْوَجْهِ إذَا لم يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ
فَإِنْ كان له بَيِّنَةٌ قَضَى بها وَجْهًا وَاحِدًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك الْحُكْمِ لو قال لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ
ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ يقول له الْقَاضِي إنْ أَجَبْت وَإِلَّا أَجْعَلُك نَاكِلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ فيه لم يَلْزَمْ الْمُدَّعِي إنْظَارَهُ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إنْظَارُهُ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في المغني والشرح والنظم
وقيل في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
قال في الْفُرُوعِ لَزِمَ إنْظَارُهُ في الْأَصَحِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
فَائِدَةٌ لو قال إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا بِرَهْنِ كَذَا لي بِيَدِك أَجَبْت وأن ادَّعَيْت هذا ثَمَنُ كَذَا بِعْتنِيهِ ولم تُقْبِضْنِيهِ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَهُوَ جَوَابٌ صَحِيحٌ
____________________
(11/265)
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال قد قَضَيْته أو قد أَبْرَأَنِي وَلِي بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ أو بِالْإِبْرَاءِ وَسَأَلَ الانظار انظر ثَلَاثًا وللمدعى مُلَازَمَتُهُ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُنْظَرُ كَقَوْلِهِ لي بينه تَدْفَعُ دَعْوَاهُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَكُنْ الْخَصْمُ أَنْكَرَ أَوَّلًا سَبَبَ الْحَقِّ
أَمَّا إنْ كان أَنْكَرَ أَوَّلًا سَبَبَ الْحَقِّ ثُمَّ ثَبَتَ فَادَّعَى قَضَاءً أو إبْرَاءً سَابِقًا لم تُسْمَعْ منه وَإِنْ أتى بِبَيِّنَةٍ نَصَّ عليه
وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في أَوَاخِرِ بَابِ الْوَدِيعَةِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو ادَّعَى الْقَضَاءَ أو الْإِبْرَاءَ وَجَعَلْنَاهُ مقرى بِذَلِكَ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ
يعنى عن إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْقَضَاءِ أو الْإِبْرَاءِ
حلف ( ( ( حلفه ) ) ) المدعى على نَفْيِ ما ادَّعَاهُ وَاسْتَحَقَّ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنَّ لو نَكَلَ المدعى حُكِمَ عليه
وَإِنْ قِيلَ بِرَدِّ الْيَمِينِ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عليه
____________________
(11/266)
فَائِدَةٌ لو ادَّعَى أَنَّهُ أَقَالَهُ في بَيْعٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ
وَلَوْ قال أَبْرَأَنِي من الدَّعْوَى فقال في التَّرْغِيبِ انْبَنَى على الصُّلْحِ على الْإِنْكَارِ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ لم تُسْمَعْ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى عليه عَيْنًا في يَدِهِ فَأَقَرَّ بها لِغَيْرِهِ جُعِلَ الْخَصْمُ فيها وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عليه وهو الْمُقِرُّ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدِهِمَا لَا يَحْلِفُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لايحلف
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا نَكَلَ أُخِذَ منه بَدَلَهَا
قَوْلُهُ فَإِنْ كان الْمُقِرُّ له حَاضِرًا مُكَلَّفًا سُئِلَ فَإِنْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ ولم تَكُنْ له بَيِّنَةٌ حَلَفَ وَأَخَذَهَا
فإذا أَخَذَهَا فَأَقَامَ الْآخِرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا منه
قال في الرَّوْضَةِ وَلِلْمُقِرِّ له قِيمَتُهَا على الْمُقِرِّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لَيْسَتْ لي وَلَا اعلم لِمَنْ هِيَ سُلِّمَتْ إلي المدعى في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ اقْتَرَعَا عليها وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(11/267)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وفي الْآخِرِ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَجْعَلُهَا الْحَاكِمُ عِنْدَ أَمِينٍ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَقِيلَ تُقِرُّ بِيَدِ رَبِّ الْيَدِ
وَذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُذَهَّبِ
وَضَعَّفَهُ في التَّرْغِيبِ
ولم يَذْكُرْهُ في المغنى
فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَحْلِفُ لِلْمُدَّعِي
وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَحْلِفُ إنْ قُلْنَا تُرَدُّ الْيَمِينُ
جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَتَخَرَّجُ لنا وَجْهٌ أَنَّ المدعى يَحْلِفُ أنها له وَتُسَلَّمُ إلَيْهِ بِنَاءً على الْقَوْلِ بِرَدِّ الْيَمِينِ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عليه
فَتَتَلَخَّصُ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ تُسَلَّمُ لِلْمُدَّعِي أو بِبَيِّنَةٍ أو تُقِرُّ بِيَدِ رَبِّ الْيَدِ أو يَأْخُذُهَا الْمُدَّعِي وَيَحْلِفُ إنْ قُلْنَا تُرَدُّ الْيَمِينُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو كَذَّبَهُ الْمُقِرُّ له وَجَهِلَ لِمَنْ هِيَ
الثَّانِيَةُ لو عَادَ فَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أو لِثَالِثٍ لم يُقْبَلْ على ظَاهِرِ ما في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ تُقْبَلُ على الْوَجْهِ الثَّالِثِ وهو الذي قال إنَّهُ الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(11/268)
ثُمَّ إنْ عَادَ الْمُقِرُّ له أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ لم تُقْبَلْ
وَإِنْ عَادَ قبل ذلك فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِرِقِّهَا لِشَخْصٍ وكان الْمُقِرُّ بِهِ عَبْدًا فَهُوَ كَمَالِ غَيْرِهِ
وَعَلَى الذي قَبِلَهُ يُعْتَقَانِ
وَذَكَرَ الأزجى في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قال تَبْقَى على مِلْكِ الْمُقِرِّ فَتَصِيرُ وَجْهًا خَامِسًا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بها لِغَائِبٍ أو صبى أو مَجْنُونٍ سَقَطَتْ عنه الدَّعْوَى ثُمَّ إنْ كان للمدعى بَيِّنَةٌ سُلِّمْت إلَيْهِ وَهَلْ يَحْلِفُ على وَجْهَيْنِ
وَذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في شَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ والحاوى الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لايحلف وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَالثَّانِي يَحْلِفُ مع الْبَيِّنَةِ
قال بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ وَيَحْلِفُ مَعَهَا على رأى
وَقِيلَ إنْ جُعِلَ قَضَاءٌ على غَائِبٍ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ له بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عليه أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ وَأُقِرَّتْ في يَدِهِ
____________________
(11/269)
وهو صَحِيحٌ لَكِنْ لو نَكَلَ غَرِمَ بَدَلَهَا
فَإِنْ كان المدعى اثْنَيْنِ لَزِمَهُ لهما ( ( ( لها ) ) ) عِوَضَانِ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أنها لِمَنْ سَمَّى فَلَا يَحْلِفُ
وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ لِفَائِدَةِ زَوَالِ التُّهْمَةِ وَسُقُوطِ الْيَمِينِ عنه ويقضى بِالْمِلْكِ إنْ قَدَّمَتْ بَيِّنَةَ دَاخِلٍ وَلَوْ كان لِلْمُودِعِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ الْمُحَاكِمَةُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزركشى وَخَرَّجَ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ بِنَاءً على أَنَّ لِلْمُودَعِ وَنَحْوِهِ الْمُخَاصَمَةَ فِيمَا في يَدِهِ
وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ لم يَدَّعِهَا الْغَائِبُ وَلَا وَكِيلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الزركشى تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قال في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الدَّعْوَى لِلْغَائِبِ لَا تَصِحُّ إلَّا تَبَعًا
وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَاكِمَ يقضى عنه وَيَبِيعُ مَالَهُ فَلَا بُدَّ من مَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ لِلْغَائِبِ وَأَعْلَى طَرِيقَةً الْبَيِّنَةُ فَتَكُونُ من الْمُدَّعِي لِلْغَائِبِ تَبَعًا أو مُطْلَقًا لِلْحَاجَةِ إلَى إيفَاءِ الْحَاضِرِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْغَائِبِ
الثَّانِي قَوْلُهُ وإن أَقَرَّ بها لِمَجْهُولٍ قِيلَ له إمَّا أَنْ تُعَرِّفَهُ أو نَجْعَلَك نَاكِلًا
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنَّ لو عَادَ فأدعاها لِنَفْسِهِ فَقِيلَ تُسْمَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُبِلَ قَوْلُهُ في الْأَشْهَرِ
وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا
صَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ في هذا الْبَابِ
وَأَطْلَقَهُمَا في بَابِ الدَّعَاوَى
____________________
(11/270)
وَأَطْلَقَهُمَا في الكافى وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ أَصَرَّ حُكِمَ عليه بِنُكُولِهِ
فَإِنْ قال بَعْدَ ذلك هِيَ لي لم يُقْبَلْ في الْأَصَحِّ
قال وَكَذَا تَخْرُجُ إذَا أَكَذَبَهُ الْمُقِرُّ له ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وقال غَلِطْت وَيَدُهُ بَاقِيَةٌ
تَنْبِيهٌ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَذْكُرُ هذه الْمَسَائِلَ في بَابِ الدعاوي وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُهَا هُنَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ ما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا مُحَرَّرَةً تَحْرِيرًا يَعْلَمُ بِهِ الْمُدَّعِي
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا ما استثنى
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّعْوَى وَفُرُوعَهَا ضَعِيفَةٌ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَنَّ الثُّبُوتَ الْمَحْضَ يَصِحُّ بِلَا مُدَّعًى عليه
وقال إذَا قِيلَ لَا تُسْمَعُ إلَّا مُحَرَّرَةً فَالْوَاجِبُ أَنَّ من ادَّعَى مُجْمَلًا اسْتَفْصَلَهُ الْحَاكِمُ
وقال الْمُدَّعَى عليه قد يَكُونُ مُبْهَمًا كَدَعْوَى الْأَنْصَارِ قَتْلَ صَاحِبِهِمْ وَدَعْوَى الْمَسْرُوقِ منه على بَنِي أُبَيْرِقٍ
ثُمَّ الْمَجْهُولُ قد يَكُونُ مُطْلَقًا وقد يَنْحَصِرُ في قَوْمٍ كَقَوْلِهَا نَكَحَنِي أَحَدُهُمَا وَقَوْلُهُ زَوِّجْنِي إحْدَاهُمَا انْتَهَى
وَالتَّفْرِيعُ على الْأَوَّلِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعْتَبَرُ التَّصْرِيحُ في الدَّعْوَى فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ لي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا حتى يَقُولَ وأنا الْآنَ مُطَالِبٌ له بِهِ
ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا
____________________
(11/271)
وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَكْفِي الظَّاهِرُ
قُلْت وهو أَظْهَرُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في الرِّعَايَةِ لو كان الْمُدَّعَى بِهِ مُتَمَيِّزًا مَشْهُورًا عِنْدَ الْخَصْمَيْنِ وَالْحَاكِمِ كَفَّتْ شُهْرَتُهُ عن تَحْدِيدِهِ
وقال في الْفُرُوعِ وَتَكْفِي شُهْرَتُهُ عِنْدَهُمَا
وَعِنْدَ الْحَاكِمِ عن تَحْدِيدِهِ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكَنَدِيِّ
قال وَظَاهِرُهُ عَمَلُهُ بِعِلْمِهِ أَنَّ مُوَرِّثَهُ مَاتَ وَلَا وَارِثَ له سِوَاهُ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو قال غَصَبْت ثَوْبِي فَإِنْ كان بَاقِيًا فَلِي رَدُّهُ وَإِلَّا قِيمَتُهُ صَحَّ اصْطِلَاحًا
وَقِيلَ يَدَّعِيهِ
فَإِنْ خَفِيَ ادَّعَى قِيمَتَهُ
وقال في التَّرْغِيبِ لو أَعْطَى دَلَّالًا ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِيَبِيعَهُ بِعِشْرِينَ فَجَحَدَهُ فقال أدعى ثَوْبًا إنْ كان بَاعَهُ فَلِي عِشْرُونَ وَإِنْ كان بَاقِيًا فَلِي عَيْنُهُ وَإِنْ كان تَالِفًا فَلِي عَشَرَةٌ
قال في الْفُرُوعِ فَقَدْ اصْطَلَحَ الْقُضَاةُ على قَبُولِ هذه الدَّعْوَى الْمُرَدِّدَةِ لِلْحَاجَةِ
قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ اصْطِلَاحًا
وَقِيلَ بَلَى انْتَهَى
وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ له الْآنَ لم تُسْمَعْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كان له أَمْسِ أو في يَدِهِ في الْأَصَحِّ من الْوَجْهَيْنِ حتى يُبَيِّنَ سَبَبَ يَدِ الثَّانِي نحو غَاصِبِهِ بِخِلَافِ ما لو شَهِدْت أَنَّهُ كان مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ من رَبِّ الْيَدِ فإنه يُقْبَلُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ قال وَلَا أَعْلَمُ له مُزِيلًا قُبِلَ كَعِلْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ يُلَبِّسُ عليه
____________________
(11/272)
وقال أَيْضًا لَا يُعْتَبَرُ في أَدَاءِ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ وَأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ في ذِمَّةِ الْغَرِيمِ إلَى الْآنَ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبْقُ الْحَقِّ إجْمَاعًا
وقال أَيْضًا فِيمَنْ بيده عَقَارٌ فَادَّعَى رَجُلٌ بِمَثْبُوتٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ كان لِجَدِّهِ إلَى مَوْتِهِ ثُمَّ لِوَرَثَتِهِ ولم يَثْبُتْ أَنَّهُ مُخْلِفٌ عن مَوْرُوثِهِ لَا يُنْزَعُ منه بِذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَيْنِ تَعَارَضَا وَأَسْبَابُ انْتِقَالِهِ أَكْثَرُ من الْإِرْثِ ولم تَجْرِ الْعَادَةُ بِسُكُوتِهِمْ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَلَوْ فَتَحَ هذا لَانْتَزَعَ كَثِيرٌ من عَقَارِ الناس بِهَذِهِ الطَّرِيقِ
وقال فِيمَنْ بيده عَقَارٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ كان مِلْكًا لِأَبِيهِ فَهَلْ يُسْمَعُ من غَيْرِ بَيِّنَةٍ
قال لَا يُسْمَعُ إلَّا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أو إقْرَارِ من هو في يَدِهِ أو تَحْتَ حُكْمِهِ وقال في بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ له بِمِلْكِهِ إلَى حِينِ وَقْفِهِ وَأَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْرُوثَهُ اشْتَرَاهَا من الْوَاقِفِ قبل وَقْفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ وَارِثٍ لِأَنَّ مَعَهَا مَزِيدَ عِلْمٍ لِتَقْدِيمِ من شَهِدَ بِأَنَّهُ وَرِثَهُ من أبيه وَآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ إلَّا في الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِالْمَجْهُولِ
وَكَذَلِكَ في الْعَبْدِ الْمُطَلِّقِ في الْمَهْرِ إذَا قُلْنَا يَصِحُّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ كَوَصِيَّةٍ وَعَبْدِ مُطَلِّقٍ في مَهْرٍ أو نَحْوِهِ
وَقِيلَ أو إقْرَارٍ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا مُحَرَّرَةً يَعْلَمُ بها المدعى إلَّا في الْوَصِيَّةِ خَاصَّةً فَإِنَّهَا تَصِحُّ من الْمَجْهُولِ وَقَالَهُ غَيْرُهُمْ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ لِئَلَّا يَسْقُطَ حَقُّ الْمُقِرِّ له وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا حَقٌّ له فإذا رُدَّتْ عليه عَدَلَ إلَى مَعْلُومٍ
____________________
(11/273)
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَعْلُومِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ ليس بِالْحَقِّ وَلَا مُوجِبُهُ فَكَيْفَ بِالْمَجْهُولِ
وقال في التَّرْغِيبِ أَيْضًا لو ادَّعَى دِرْهَمًا وَشَهِدَ الشُّهُودُ على إقرار ه قُبِلَ
وَلَا يدعى الْإِقْرَارَ لِمُوَافَقَتِهِ لَفْظَ الشُّهُودِ بَلْ لو ادَّعَى لم تُسْمَعْ
وفي التَّرْغِيبِ في اللقطه لَا تُسْمَعُ وقال الْآمِدِيُّ لو ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا أَقَرَّ أنها أُخْتُهُ من الرَّضَاعِ أو ابْنَتَهُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً على إقْرَارِهِ بِذَلِكَ لم تُقْبَلْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ على الْإِقْرَارِ على الرَّضَاعِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَعَلَّ مَأْخَذَهُ أنها ادَّعَتْ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالْمُقَرِّ بِهِ
وَلَكِنْ هذه الشَّهَادَةُ تُسْمَعُ بِغَيْرِ دَعْوَى لِمَا فيها من حَقِّ اللَّهِ
على أَنَّ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ فيها نَظَرٌ فإن الدَّعْوَى بها تَصْدِيقُ الْمُقِرِّ فَوَائِدُ
الْأُولَى من شَرْطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ تُسْمَعُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ
قال في التَّرْغِيبِ الصَّحِيحُ أنها تُسْمَعُ فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْحَقِّ لِلُزُومِهِ في الْمُسْتَقْبَلِ كَدَعْوَى تَدْبِيرٍ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ في قَوْلِهِ قَتَلَ أبى أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ أنها تُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ لِوُقُوعِهِ كَثِيرًا وَيَحْلِفُ كُلٌّ منهم
وَكَذَا دَعْوَى غَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَسَرِقَةٍ لَا إقْرَارٍ وَبَيْعٍ إذَا قال نَسِيت لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ
____________________
(11/274)
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ إذَا خَافَ سَفَرَ الشُّهُودِ إو الْمَدْيُونَ مُدَّةً بِغَيْرِ أَجَلٍ
الثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ في الدَّعْوَى انْفِكَاكُهَا عَمَّا يُكَذِّبُهَا
فَلَوْ ادَّعَى عليه أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ مُنْفَرِدًا ثُمَّ ادَّعَى على آخَرَ الْمُشَارَكَةَ فيه لم تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ غَلِطْت أو كَذَبْت في الْأُولَى فَالْأَظْهَرُ تُقْبَلُ
قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ لِإِمْكَانِهِ وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا
وقال في الرِّعَايَةِ من أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَذَكَرَ تَلَقِّيه منه سُمِعَ وَإِلَّا فَلَا
وَإِنْ أَخَذَ منه بَيِّنَةً ثُمَّ ادَّعَاهُ فَهَلْ يَلْزَمُ ذِكْرُ تَلَقِّيه يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
الثَّالِثَةُ لو قال كان بِيَدِك أو لَك أَمْسِ وهو مِلْكِي الْآنَ لَزِمَهُ سَبَبُ زَوَالِ يَدِهِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثاني ( ( ( الثالثة ) ) ) لَا يَلْزَمُهُ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ في الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى
قال في الْفُرُوعِ فَيُتَوَجَّهُ على الْوَجْهَيْنِ
وَلَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً أَنَّهُ له ولم يُبَيِّنْ سَبَبًا هل تُقْبَلُ
وَتُقَدَّمُ الْكِفَايَةُ بِشُهْرَتِهِ عِنْدَ الْخَصْمَيْنِ أو الْحَاكِمِ قَرِيبًا
الرَّابِعَةُ لو أَحْضَرَ وَرَقَةً فيها دَعْوَى مُحَرَّرَةٌ وقال أدعى بِمَا فيها مع حُضُورِ خَصْمِهِ لم تُسْمَعْ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال في الْفُرُوعِ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ عن دَعْوَى في وَرَقَةٍ أدعى بِمَا فيها
الْخَامِسَةُ تُسْمَعُ دَعْوَى اسْتِيلَادٍ وكتابه وَتَدْبِيرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/275)
وَقِيلَ تُسْمَعُ في التَّدْبِيرِ إنْ جُعِلَ عِتْقًا بِصِفَةٍ
وقال في الْفُصُولِ دَعْوَاهُ سَبَبًا قد يُوجِبُ مَالًا كَضَرْبِ عَبْدِهِ ظُلْمًا يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تُسْمَعَ حتى يَجِبَ الْمَالُ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مُسْتَلْزِمَةً لَا كَبَيْعِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لو ادَّعَى بَيْعًا أو هِبَةً لم تُسْمَعْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قبل اللُّزُومِ
وَلَوْ قال بَيْعًا لَازِمًا أو هِبَةً مَقْبُوضَةً فَوَجْهَانِ لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلتَّسْلِيمِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْمُدَّعَى عَيْنًا حَاضِرَةً عَيَّنَهَا وَإِنْ كانت غَائِبَةً ذَكَرَ صِفَاتِهَا إنْ كانت تَنْضَبِطُ بها وَالْأَوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهَا
وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا وَالْفُرُوعُ وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت تَالِفَةً من ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أو في الذِّمَّةِ ذَكَرَ قَدْرَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا
فَيَذْكُرُ هُنَا ما يَذْكُرُهُ في صِفَةِ السَّلَمِ
وأن ذَكَرَ قِيمَتَهَا كان أَوْلَى
يعنى الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ قِيمَتَهَا مع ذِكْرِ صِفَةِ السَّلَمِ
قَالَهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ
وَكَذَا إنْ كان غير مثلى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَكْفِي ذِكْرُ قِيمَةِ غَيْرِ المثلى
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ لم تَنْضَبِطْ بِالصِّفَاتِ فَلَا بُدَّ من ذِكْرِ قِيمَتِهَا كَالْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(11/276)
لَكِنْ يَكْفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ وَيَصِفُهُ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى نِكَاحًا فَلَا بُدَّ من ذِكْرِ الْمَرْأَةِ بِعَيْنِهَا إنْ حَضَرَتْ وَإِلَّا ذَكَرَ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا وَذَكَرَ شُرُوطَ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَبِرِضَاهَا
في الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ كما قال
يَعْنِي يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالنِّكَاحِ ذِكْرُ شُرُوطِهِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
فقال يُعْتَبَرُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ في الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
وقال ( ( ( وقاله ) ) ) في التَّرْغِيبِ يُعْتَبَرُ في النِّكَاحِ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ انْتَهَى
وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو ادَّعَى اسْتِدَامَةَ الزَّوْجِيَّةِ ولم يَدَّعِ الْعَقْدَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ في صِحَّةِ الدَّعْوَى أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وهو الصَّحِيحُ
صَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(11/277)
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو كانت الْمَرْأَةُ أَمَةً وَالزَّوْجُ حُرًّا فَقِيَاسُ ما ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ عَدَمِ الطُّولِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ
الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ فَهَلْ يُسْمَعُ إقْرَارُهَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ أو لَا يُسْمَعُ
وَإِنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ قُبِلَ
وَإِنْ ادَّعَاهَا اثْنَانِ لم يُقْبَلْ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في المغنى فيه ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى بَيْعًا أو عَقْدًا سِوَاهُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَكَذَا في التَّرْغِيبِ
يعنى إذَا اشْتَرَطْنَا ذِكْرَ ذلك في النِّكَاحِ
وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ اُعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِهِ في الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ذِكْرُ شُرُوطِ صِحَّتِهِ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالنَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ
____________________
(11/278)
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ في ملك ( ( ( مالك ) ) ) الْإِمَاءِ وَالنِّكَاحِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ في غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ نِكَاحًا على رَجُلٍ وَادَّعَتْ معه نَفَقَةً أو مَهْرًا سُمِعَتْ دَعْوَاهَا بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ لم تَدَّعِ سِوَى النِّكَاحِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا تُسْمَعُ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُسْمَعُ
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي
فَعَلَيْهِ هِيَ في الدَّعْوَى كَالزَّوْجِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو نَوَى بِجُحُودِهِ الطَّلَاقَ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ في المغنى
وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
وقال الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ على رِوَايَةِ صِحَّةِ إقْرَارِهَا بِهِ إذَا ادَّعَاهُ وَاحِدٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(11/279)
قُلْت قد تَقَدَّمَ في كِتَابِ الطَّلَاقِ في قَوْلِهِ ليس لي امْرَأَةٌ أو لَيْسَتْ لي بِامْرَأَةٍ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لَغْوٌ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ كِنَايَةٌ
وقال في الْمُحَرَّرِ هُنَاكَ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِذَلِكَ وَقَعَ
وَعَنْهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ
فَالْجُحُودُ هُنَا لِعَقْدِ النِّكَاحِ لَا لِكَوْنِهَا امْرَأَتَهُ
الثَّانِيَةُ لو عَلِمَ أنها لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أنها امْرَأَتُهُ فَهَلْ يُمَكَّنُ منها ظَاهِرًا فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَاقُهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت الذي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ منها
وَكَيْفَ يُمَكَّنُ منها وهو يَعْلَمُ من نَفْسِهِ وَيَتَحَقَّقُ أنها لَيْسَتْ له بِزَوْجَةٍ حتى وَلَوْ حَكَمَ له بِهِ حَاكِمٌ لِأَنَّ حكمة لَا يُحِلُّ حَرَامًا
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى قَتْلَ موروثة ذَكَرَ الْقَاتِلَ وَأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ أو شَارَكَ غَيْرَهُ وَأَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا أو خَطَأً أو شِبْهَ عَمْدٍ وَيَصِفُهُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ لم يذكر الْحَيَاةَ في ذلك فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قُلْت الْأَوْلَى عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْحَيَاةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْإِرْثَ ذَكَرَ سَبَبَهُ بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا على أبيه ذَكَرَ مَوْتَ أبيه وَحَرَّرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/280)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَكْفِي أَيْضًا أَنْ يَقُولَ إنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ من تَرِكَةِ أبيه ما يَفِي بِدَيْنِهِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى شيئا مُحَلًّى قَوَّمَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ حِلْيَتِهِ فَإِنْ كان مُحَلًّى بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ قَوَّمَهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا لِلْحَاجَةِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا أو عَيْنًا لم يُشْتَرَطْ ذِكْرُ سَبَبِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِكَثْرَةِ سَبَبِهِ وقد يَخْفَى على الْمُدَّعِي
قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ في الْبَيِّنَةِ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا في اخْتِيَارِ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ تُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَأَبِي مُحَمَّدٍ والخرقى فِيمَا قَالَهُ أبو الْبَرَكَاتِ انْتَهَى
قُلْت وَحَكَاهُ في الْهِدَايَةِ عن الخرقى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ
وَأَخَذَهُ من قَوْلِهِ وإذا شَهِدَ عِنْدَهُ من لَا يَعْرِفُهُ سَأَلَ عنه
وفي الْوَاضِحِ وَالْمُوجَزِ كَبَيِّنَةِ حَدٍّ وَقَوَدٍ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ الْعَدَالَةُ الْمُعْتَبَرَةُ في شُهُودِ الزنى هِيَ الْعَدَالَةُ الْمُعْتَبَرَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَجْهًا وَاحِدًا وَإِنْ اخْتَلَفَ في ذلك في الْأَمْوَالِ لِتَأَكُّدِ الزنى انْتَهَى
____________________
(11/281)
وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ كل مُسْلِمٍ لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ اخْتَارَهَا الخرقى
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ هُنَا
وَأَخَذَهَا من قَوْلِهِ وَالْعَدْلُ من لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ
وَكَذَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِمَا تَقَدَّمَ له من أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ من لَا يَعْرِفُ حاله سَأَلَ عنه
فَدَلَّ على أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِيمَنْ عَرَفَ حاله انْتَهَى
وَاخْتَارَ هذه الرِّوَايَةَ أبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
فَعَلَيْهَا إنَّ جَهِلَ إسْلَامَهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِ
وفي جَهْلِ حُرِّيَّتِهِ حَيْثُ اعْتَبَرْنَاهَا وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وقال جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَأَوْرَدَهُ في النَّظْمِ مَذْهَبًا
وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَيْهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ لم يَسْأَلْ عنه إلَّا أَنْ يُجَرِّحَهُ الْخَصْمُ
وقال في الِانْتِصَارِ يُقْبَلُ من الْغَرِيبِ قَوْلُهُ أنا حُرٌّ عَدْلٌ لِلْحَاجَةِ كما قَبِلْنَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ إنَّهَا لَيْسَتْ مُزَوَّجَةً وَلَا مُعْتَدَّةً فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ
وَهِيَ أَنَّ الْمُسْلِمَ هل الْأَصْلُ فيه الْعَدَالَةُ أو الْفِسْقُ
____________________
(11/282)
اُخْتُلِفَ فيها في زَمَنِنَا
فَأَحْبَبْت أَنْ أَنْقُلَ ما اطَّلَعْت عليه فيها من كُتُبِ الْأَصْحَابِ فَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الخرقى وإذا شَهِدَ عِنْدَهُ من لَا يَعْرِفُهُ سَأَلَ عنه وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُعْتَبَرُ في الْبَيِّنَةِ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِمَا نَصَرَا أَنَّ الْعَدَالَةَ تُعْتَبَرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
وَحَكَيَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْعَدَالَةُ إلَّا ظَاهِرًا وَعَلَّلَاهُ بِأَنْ قَالَا ظَاهِرُ حَالِ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ
وَاحْتَجَّا له بِشَهَادَةِ الْأَعْرَابِيِّ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَقَبُولِهَا وَبِقَوْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ
وَلَمَّا نَصَرَا الْأَوَّلَ قَالَا الْعَدَالَةُ شَرْطٌ فَوَجَبَ الْعِلْمُ بها كَالْإِسْلَامِ
وَذَكَرَا الْأَدِلَّةَ وَقَالَا وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ رضي اللَّهُ تعالى عنه فَالْمُرَادُ بِهِ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ
وَقَالَا هذا بَحْثٌ يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يكتفي بِدُونِهِ
فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا سَلَّمَا أَنَّهُ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَلَكِنْ تُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهَا بَاطِنًا
وَقَالَا في الْكَلَامِ على أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ الْجَرْحُ إلَّا مُفَسَّرًا لِأَنَّ الْجَرْحَ يُنْقَلُ عن الْأَصْلِ فإن الْأَصْلَ في الْمُسْلِمِينَ العدلة ( ( ( العدالة ) ) ) وَالْجَرْحُ يُنْقَلُ عنها
فَصَرَّحَا هُنَا بِأَنَّ الْأَصْلَ في الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ لَمَّا نُصِرَ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الْعَدَالَةُ ظاهر ( ( ( ظاهرا ) ) ) أو بَاطِنًا وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ فَمَمْنُوعَةٌ بَلْ الظَّاهِرُ عَكْسُ ذلك
فَصَرَّحَ أَنَّ الْأَصْلَ في ظَاهِرِ حَالِ الْمُسْلِمِ عَكْسُ الْعَدَالَةِ
وقال في قَوْلِهِ وَلَا نَسْمَعُ الْجَرْحَ إلَّا مُفَسَّرًا وَالْفَرْقُ بين التَّعْدِيلِ وَبَيْنَ
____________________
(11/283)
الْجَرْحِ أَنَّ التَّعْدِيلَ إذَا قال هو عَدْلٌ يُوَافِقُ الظَّاهِرَ فَحَكَمَ بِأَنَّهُ عَدْلٌ في الظَّاهِرِ فَخَالَفَ ما قال أَوَّلًا
وقال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ من مَسْتُورِي الْحَالِ رِوَايَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَالَةُ
وقال الطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِهِ في الْأُصُولِ في أَوَاخِرِ التَّقْلِيدِ وَالْعَدَالَةُ أَصْلِيَّةٌ في كل مُسْلِمٍ
وَتَابَعَ ذلك في شَرْحِهِ على ذلك
فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَالَةُ
وقال في الرَّوْضَةِ في هذا الْمَكَانِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ من حَالِ الْعَالِمِ العدلة ( ( ( العدالة ) ) )
وقال الزَّرْكَشِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الخرقى وإذا شَهِدَ عِنْدَهُ من لَا يَعْرِفُهُ سَأَلَ عنه وَمُنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْعَدَالَةَ هل هِيَ شَرْطٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالشَّرْطُ لَا بُدَّ من تَحَقُّقِ وُجُودِهِ وَإِذَنْ لَا يُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ فيه أو الْفِسْقُ مَانِعٌ فَيُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْفِسْقِ
ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك بِأَسْطُرٍ فَإِنْ قِيلَ بِأَنَّ الْأَصْلَ في الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ
قِيلَ لَا نُسَلِّمُ هذا إذْ الْعَدَالَةُ أَمْرٌ زَائِدٌ على الْإِسْلَامِ وَلَوْ سُلِّمَ هذا فَمُعَارَضٌ بِأَنَّ الْغَالِبَ وَلَا سِيَّمَا في زَمَنِنَا هذا الْخُرُوجُ عنها
وقد يَلْزَمُ أَنَّ الْفِسْقَ مَانِعٌ وَيُقَالُ الْمَانِعُ لَا بُدَّ من تَحَقُّقِ ظَنِّ عَدَمِهِ كالصبي ( ( ( كالصبا ) ) ) وَالْكُفْرِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من قال إنَّ الْأَصْلَ في الْإِنْسَانِ الْعَدَالَةُ فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنَّمَا الْأَصْلُ فيه الْجَهْلُ وَالظُّلْمُ قال اللَّهُ تَعَالَى 72 { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كان ظَلُومًا جَهُولًا }
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في أَوَاخِرِ بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ إذَا شُكَّ في الشَّاهِدِ هل هو عَدْلٌ أَمْ لَا لم يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ إذْ الْغَالِبُ على الناس عَدَمُ الْعَدَالَةِ وَقَوْلُ
____________________
(11/284)
من قال الْأَصْلُ في الناس الْعَدَالَةُ كَلَامٌ مُسْتَدْرَكٌ بَلْ الْعَدَالَةُ حَادِثَةٌ تَتَجَدَّدُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا فإن خِلَافَ الْعَدَالَةِ مستندة جَهْلُ الْإِنْسَانِ وَظُلْمُهُ وَالْإِنْسَانُ جَهُولٌ ظَلُومٌ فَالْمُؤْمِنُ يَكْمُلُ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ وَهُمَا جِمَاعُ الْخَيْرِ وَغَيْرُهُ يَبْقَى على الْأَصْلِ
وقال بَعْضُهُمْ الْعَدَالَةُ وَالْفِسْقُ مَبْنِيَّانِ على قَبُولِ شَهَادَتِهِ
فان قُلْنَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَسْتُورِي الْحَالِ فَالْأَصْلُ فيه الْعَدَالَةُ
وَإِنْ قُلْنَا لَا تُقْبَلُ فَالْأَصْلُ فيه الْفِسْقُ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْلِمَ ليس الْأَصْلُ فيه الْفِسْقُ لِأَنَّ الْفِسْقَ قَطْعًا يَطْرَأُ وَالْعَدَالَةُ أَيْضًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا تَطْرَأُ لَكِنَّ الظَّنَّ في الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةَ أَوْلَى من الظَّنِّ بِهِ الْفِسْقَ
وَمِمَّا يُسْتَأْنَسُ بِهِ على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ في الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ قَوْلُهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ما من مَوْلُودٍ يُولَدُ إلَّا على الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أو يُنَصِّرَانِهِ أو يُمَجِّسَانِهِ
قَوْلُهُ وإذا عَلِمَ الْحَاكِمُ عَدَالَتَهُمَا عَمِلَ بِعِلْمِهِ
هَكَذَا عِبَارَةُ غَالِبِ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وفي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ في عَدَالَةِ الشَّاهِدِ وَجَرْحِهِ لِلتَّسَلْسُلِ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلِأَنَّهُ يُشَارِكُهُ فيه غَيْرُهُ فَلَا تُهْمَةَ
وقال هو وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا هذا ليس بِحُكْمٍ لِأَنَّهُ يُعَدَّلُ وهو يجرح ( ( ( ويجرح ) ) ) غَيْرُهُ وَيُجَرَّحُ هو وَيُعَدَّلُ غَيْرُهُ وَلَوْ كان حُكْمًا لم يَكُنْ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ
قال في التَّرْغِيبِ إنَّمَا الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ لَا بِهِمَا
____________________
(11/285)
إذَا عَلِمْت ذلك فَعَمَلُ الْحَاكِمِ بِعِلْمِهِ في الشُّهُودِ وَحُكْمُهُ بِعِلْمِهِ في الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَعْمَلُ في جَرْحِهِ بِعِلْمِهِ فَقَطْ
وَعَنْهُ لَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِيهِمَا كَالشَّاهِدِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فيه
قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى بن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ قَوْلًا بِالْمَنْعِ وهو مَرْدُودٌ إنَّ صَحَّ ما حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ
فإنه حَكَى اتِّفَاقَ الْكُلِّ على الْجَوَازِ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ عليه لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وعيره ( ( ( وغيره ) ) ) في مَسْأَلَةِ الْمُرْسَلِ وبن عَقِيلٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ له طَلَبُ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَتَمَكَّنَ من الْقَدْحِ بِالِاتِّفَاقِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ لو قال حَكَمْت بِكَذَا ولم يذكر مُسْتَنَدَهُ
الثَّانِيَةُ قال في الرِّعَايَةِ لو شَهِدَ أُحُدُ الشَّاهِدَيْنِ بِبَعْضِ الدَّعْوَى قال شَهِدَ عِنْدِي بِمَا وَضَعَ بِهِ خَطَّهُ فيه أو عَادَةُ حُكَّامِ بَلَدِهِ
وان كان الشَّاهِدُ عَدْلًا كَتَبَ تَحْتَ خَطِّهِ شَهِدَ عِنْدِي بِذَلِكَ وَإِنْ قَبِلَهُ كَتَبَ شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدِي
وان قَبِلَهُ غَيْرُهُ أو اخبره بِذَلِكَ كَتَبَ وهو مَقْبُولٌ
وان لم يَكُنْ مَقْبُولًا كَتَبَ شَهِدَ بِذَلِكَ
وقال لِلْمُدَّعِي زِدْنِي شُهُودًا أو زدك ( ( ( زك ) ) ) شَاهِدَيْك
____________________
(11/286)
وَقِيلَ إنْ طَلَبَ خَصْمُهُ التَّزْكِيَةَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْتَابَ بِهِمَا فَيُفَرِّقُهُمَا وَيَسْأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ كَيْفَ تَحَمَّلْت الشَّهَادَةَ وَمَتَى وفي أَيِّ مَوْضِعٍ وَهَلْ كُنْت وَحْدَك أو أنت وَصَاحِبَك فَإِنْ اخْتَلَفَا لم يَقْبَلْهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَا وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا فَإِنْ ثَبَتَا حَكَمَ بِهِمَا إذَا سَأَلَهُ المدعى
يَلْزَمُ الْحَاكِمَ سُؤَالُ الشُّهُودِ وَالْبَحْثُ عن صفه تَحَمُّلِهِمَا وَغَيْرُهُ إذَا ارْتَابَ فِيهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وُجُوبُ التَّوَقُّفِ حتى يَتَبَيَّنَ وَجْهُ الطَّعْنِ
وقال في التَّرْغِيبِ لو ادَّعَى جَرْحَ الْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ له تَحْلِيفُ المدعى في الْأَصَحِّ
وقال في الرِّعَايَةِ إنْ اخْتَلَفَا تَوَقَّفَ فِيهِمَا وَقِيلَ تَسْقُطُ شَهَادَتُهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ جَرَحَهُمَا الْمَشْهُودُ عليه كُلِّفَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِالْجَرْحِ فَإِنْ سَأَلَ الْإِنْظَارَ أُنْظِرَ ثَلَاثًا
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ يُمْهَلُ الْجَارِحُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ في الْأَصَحِّ إنْ طَلَبَهُ
وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ لَا يُمْهَلُ
قَوْلُهُ وَلَا يُسْمَعُ الْجَرْحُ إلَّا مُفَسَّرًا بِمَا يَقْدَحُ في الْعَدَالَةِ إمَّا أَنْ يَرَاهُ أو يَسْتَفِيضَ عنه
____________________
(11/287)
فَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ الْجَرْحِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ الْجَرْحُ من غَيْرِ تَبْيِينِ سَبَبِهِ
وَعَنْهُ يكفى أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ فَاسِقٌ وَلَيْسَ بِعَدْلٍ
كَالتَّعْدِيلِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فيه
وَقِيلَ إنْ اتَّحَدَ مَذْهَبُ الْجَارِحِ وَالْحَاكِمِ أو عَرَفَ الْجَارِحُ أَسْبَابَ الْجَرْحِ قبل إجْمَالِهِ وَإِلَّا فَلَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ
وَقِيلَ يَكْفِي قَوْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَنَحْوُهُ
ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ أو يَسْتَفِيضَ عنه
اعْلَمْ أَنَّ له أَنْ يَشْهَدَ بِجَرْحِهِ بِمَا يَقْدَحُ في الْعَدَالَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ عنه ذلك
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ ليس له ذلك كَالتَّزْكِيَةِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فيها
وفي التَّزْكِيَةِ وَجْهٌ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمة اللَّهُ وقال الْمُسْلِمُونَ يَشْهَدُونَ في مِثْلِ عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ
وقال لَا نَعْلَمُ في الْجَرْحِ بِالِاسْتِفَاضَةِ نِزَاعًا بين الناس
____________________
(11/288)
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَجُوزُ الْجَرْحُ بِالتَّسَامُعِ نعم لو زَكَّى جَازَ التَّوَقُّفُ بِتَسَامُعِ الْفِسْقِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في الْمُحَرَّرِ الْجَرْحُ الْمُبَيَّنُ أَنْ يَذْكُرَ ما يَقْدَحُ في الْعَدَالَةِ عن رُؤْيَةٍ أو اسْتِفَاضَةٍ
وَالْمُطْلَقُ أَنْ يَقُولَ هو فَاسِقٌ أو ليس بِعَدْلٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَشْهُورُ
وقال الْقَاضِي في خِلَافِهِ هذا هو الْمُبَيَّنُ وَالْمُطْلَقُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَنَحْوُهُ
الثَّانِيَةُ يُعْرَضُ الْجَارِحُ بالزنى فَإِنْ صَرَّحَ ولم يَأْتِ بِتَمَامِ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ حُدَّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رحمة اللَّهُ تعالى
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ جَهِلَ حاله طَالَبَ الْمُدَّعِي بِتَزْكِيَتِهِ
بِنَاءً على اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ التَّزْكِيَةُ حَقٌّ لِلشَّرْعِ يَطْلُبُهَا الْحَاكِمُ وَإِنْ سَكَتَ عنها الْخَصْمُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ بَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْخَصْمِ فَلَوْ أَقَرَّ بها حُكِمَ عليه بِدُونِهَا
وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ منها
وَيَأْتِي بِأَعَمَّ من هذا قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَيَكْفِي في التَّزْكِيَةِ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًى
قَوْلُهُ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًى
يُشْتَرَطُ في قَبُولِ الْمُزَكِّيَيْنِ مَعْرِفَةُ الْحَاكِمِ خِبْرَتَهُمَا الْبَاطِنَةَ بِصُحْبَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/289)
قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُقْبَلَانِ مع جَهْلِ الْحَاكِمِ خِبْرَتَهُمَا الْبَاطِنَةَ
وقال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُتَّهَمُ بِعَصَبِيَّةٍ أو غَيْرِهَا
قَوْلُهُ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًى
وَكَذَا لو شَهِدَا أَنَّهُ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَيَكْفِي قَوْلُهُمَا عَدْلٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْبَرَكَاتِ الْمَنْعُ
وقال في التَّرْغِيبِ هل يَكْفِي قَوْلُهُمَا عَدْلٌ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لَا يَكْفِي قَوْلُهُمَا لَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا
الثَّانِيَةُ قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا يَلْزَمُ الْمُزَكِّي الْحُضُورُ لِلتَّزْكِيَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ
الثَّالِثَةُ لَا تَجُوزُ التَّزْكِيَةُ إلَّا لِمَنْ له خِبْرَةٌ بَاطِنَةٌ
قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وزاد في التَّرْغِيبِ وَمَعْرِفَةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ
الرَّابِعَةُ هل تَعْدِيلُ المشهود ( ( ( الشهود ) ) ) عليه وحدة تَعْدِيلٌ في حَقِّهِ وَتَصْدِيقُ الشُّهُودِ عليه تَعْدِيلٌ وَهَلْ تَصِحُّ التَّزْكِيَةُ في وَاقِعَةٍ واحده فيه وَجْهَانِ
____________________
(11/290)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعَدَّلَ إنَّ الناس يَتَغَيَّرُونَ
وقال قِيلَ لِشُرَيْحٍ قد أَحْدَثْت في قَضَائِك فقال إنَّهُمْ أَحْدَثُوا فَأَحْدَثْنَا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ فقال هُمَا عَدْلَانِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ عَلَيَّ أو صَادِقَانِ حُكِمَ عليه بِلَا تَزْكِيَةٍ
وَقِيلَ لَا
وقال هل تَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ لهم فيه وَجْهَانِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالتَّزْكِيَةُ حَقٌّ لِلَّهِ فَتُطْلَبُ وَإِنْ سَكَتَ الْخَصْمُ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَدَالَةِ حُكِمَ عليه
وَقِيلَ لَا يُحْكَمُ
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فِيمَا إذَا عَدَّلَ الْمَشْهُودُ عليه الشَّاهِدَ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ في صِحَّةِ التَّزْكِيَةِ في وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ الْوَجْهَيْنِ
وقال وَقِيلَ إنْ تَبَعَّضَتْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا تَزْكِيَةَ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ فَالْجَرْحُ أَوْلَى بِلَا نِزَاعٍ
وإذا قُلْنَا يُقْبَلُ جَرْحُ وَاحِدٍ فَجَرَّحَهُ وَاحِدٌ وَزَكَّاهُ اثْنَانِ فَالتَّزْكِيَةُ أَوْلَى على اصح الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ به في المحرر
وجزم بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ والزركشى وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ الْجَرْحُ أَوْلَى وهو أَوْلَى
وقال الزركشى وَلَوْ عَدَّلَهُ ثَلَاثَةٌ وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ فَوَجْهَانِ
فَإِنْ بَيَّنَا السَّبَبَ فَالْجَرْحُ أَوْلَى وَإِنْ لم يُبَيِّنَا السَّبَبَ فَالتَّعْدِيلُ أَوْلَى
____________________
(11/291)
قَوْلُهُ وَإِنْ سَأَلَ المدعى حَبْسَ الْمَشْهُودِ عليه حتى يزكى شُهُودَهُ فَهَلْ يُحْبَسُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا يُجَابُ وَيُحْبَسُ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبُ اُحْتُمِلَ أَنْ يُحْبَسَ وَاقْتَصَرَ عليه
قال في الْخُلَاصَةِ وفي حَبْسِهِ احْتِمَالٌ وَاقْتَصَرَ عليه
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُحْبَسُ
وَقِيلَ لَا يُحْبَسُ إلَّا في الْمَالِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مُدَّةُ حَبْسِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يُزَكِّيَ شُهُودَهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ الْقَوْلُ باطلاق ذلك ظَاهِرُ الْفَسَادِ وهو كما قال
وَقَطَعَ جماعه من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِأَنَّهُ يُحَالُ في قِنٍّ أو امْرَأَةٍ ادَّعَى عِتْقًا أو طَلَاقًا بَيْنَهُمَا بِشَاهِدَيْنِ
____________________
(11/292)
وَفِيهِ بواحد ( ( ( لواحد ) ) ) في قِنٍّ وَجْهَانِ
الثَّانِيَةُ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو سَأَلَ كَفِيلًا بِهِ أو تَعْدِيلَ عَيْنٍ مُدَّعَاةٍ قبل التَّزْكِيَةِ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَسَأَلَ حَبْسَهُ حتى يُقِيمَ الْآخِرُ حَبَسَهُ إنْ كان في الْمَالِ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يُحْبَسُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان في غَيْرِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا لَا يُحْبَسُ وهو الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحْبَسُ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ في التَّرْجَمَةِ وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّعْرِيفِ وَالرِّسَالَةِ إلَّا قَوْلُ عَدْلَيْنِ
____________________
(11/293)
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ ألخرقى وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُ وَاحِدٍ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ ذلك شَهَادَةً تَفْتَقِرُ إلَى الْعَدَدِ والعدلة ( ( ( والعدالة ) ) ) وَيُعْتَبَرُ فيها من الشُّرُوطِ ما يُعْتَبَرُ في الشَّهَادَةِ على الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ الْحَقِّ
فَإِنْ كان مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اُعْتُبِرَ فيه الْحُرِّيَّةُ ولم يَكْفِ إلَّا شَاهِدَانِ ذَكَرَانِ
وَإِنْ كان مَالًا كَفَى فيه رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ولم تُعْتَبَرْ الْحُرِّيَّةُ
وَإِنْ كان في حَدِّ زنى ( ( ( زنا ) ) ) فالاصح أَرْبَعَةٌ
وَقِيلَ يَكْفِي اثْنَانِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في الشَّهَادَةِ على الْإِقْرَارِ بالزنى على ما تَقَدَّمَ
وَيُعْتَبَرُ فيه لَفْظُ الشَّهَادَةِ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَصِحُّ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَوْ كان امْرَأَةً أو وَالِدًا أو وَلَدًا أو أَعْمَى لِمَنْ خَبَّرَهُ بَعْدَ عَمَاهُ
وَيُقْبَلُ من الْعَبْدِ أَيْضًا
وَيَكْتَفِي بِالرُّقْعَةِ مع الرَّسُولِ وَلَا بُدَّ من عَدَالَتِهِ
____________________
(11/294)
وَعَلَى الْمَذْهَبِ تَجِبُ الْمُشَافَهَةُ
قال الْقَاضِي تَعْدِيلُ الْمَرْأَةِ هل هو مَقْبُولٌ مبنى على أَصْلٍ وهو هل الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ شَهَادَةٌ أو خَبَرٌ على قَوْلَيْنِ
فَإِنْ قُلْنَا هو خَبَرٌ قُبِلَ تَعْدِيلُهُنَّ
وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ الخرقى وَأَنَّهُ شَهَادَةٌ فَهَلْ يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُنَّ مبنى على أَصْلٍ آخَرَ
وهو هل تُقْبَلُ شهادتين ( ( ( شهادتهن ) ) ) فِيمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ وَيَطَّلِعُ عليه الرِّجَالُ كَالنِّكَاحِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا تُقْبَلُ فَيُقْبَلُ تَعْدِيلُهُنَّ
الثَّانِيَةُ لَا تُقْبَلُ وَهَذَا الصَّحِيحُ فَلَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُنَّ انْتَهَى فَوَائِدُ
الْأُولَى من رَتَّبَهُمْ الْحَاكِمُ يَسْأَلُونَ سِرًّا عن الشُّهُودِ لِتَزْكِيَةٍ أو جَرْحٍ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ فِيهِمْ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَقَالَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ
قال في الْكَافِي وَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا عُدُولًا وَلَا يَسْأَلُونَ عَدُوًّا وَلَا صَدِيقًا
وَهَذَا ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَقِيلَ تُشْتَرَطُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ في الْمَسْئُولِينَ لَا فِيمَنْ رَتَّبَهُمْ الْحَاكِمُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال في التَّرْغِيبِ وَعَلَى قَوْلِنَا التَّزْكِيَةُ لَيْسَتْ شَهَادَةً لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدُ في الْجَمِيعِ
الثَّانِيَةُ من سَأَلَهُ حَاكِمٌ عن تَزْكِيَةِ من شَهِدَ عِنْدَهُ أخبره وَإِلَّا لم يَجِبْ
____________________
(11/295)
الثَّالِثَةُ من نُصِّبَ لِلْحُكْمِ بِجَرْحٍ أو تَعْدِيلٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ
الرَّابِعَةُ قال في الْمَطْلَعِ الْمُرَادُ بِالتَّعْرِيفِ تَعْرِيفُ الْحَاكِمِ لَا تَعْرِيفُ الشَّاهِدِ الْمَشْهُودَ عليه
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أنا أَشْهَدُ أَنَّ هذه فُلَانَةُ وَيَشْهَدُ على شَهَادَتِهِ
قال وَالْفَرْقُ بين الشُّهُودِ وَالْحَاكِمِ من وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ حَاجَةَ الْحَاكِمِ إلَى ذلك أَكْثَرُ من الشُّهُودِ
وَالثَّانِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَالشَّاهِدُ لَا يَجُوزُ له أَنْ يَشْهَدَ غَالِبًا إلَّا على الْعِلْمِ انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَمَنْ جَهِلَ رَجُلًا حَاضِرًا شَهِدَ في حَضْرَتِهِ لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَإِنْ كان غَائِبًا فَعَرَّفَهُ بِهِ من يَسْكُنُ إلَيْهِ وَعَنْهُ اثْنَانِ وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا
وَعَنْهُ الْمَنْعُ
وَحَمَلَهَا الْقَاضِي على الِاسْتِحْبَابِ
وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ
وَعَنْهُ إنْ عَرَفَهَا كما يَعْرِفُ نَفْسَهُ
وَعَنْهُ أو نَظَرَ إلَيْهَا شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَشْهَدُ بِإِذْنِ زَوْجٍ
وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِعِصْمَتِهَا
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ لِلْخَبَرِ
وَعَلَّلَهُ بعضهم ( ( ( بعضهما ) ) ) بِأَنَّ النَّظَرَ حَقُّهُ
قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ
____________________
(11/296)
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كِتَابِ الشَّهَادَاتِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّعْرِيفُ يَتَضَمَّنُ تَعْرِيفَ عَيْنِ الْمَشْهُودِ عليه وَالْمَشْهُودِ له وَالْمَشْهُودِ بِهِ إذَا وَقَعَتْ على الْأَسْمَاءِ وَتَعْرِيفَ الْمَحْكُومِ له وَالْمَحْكُومِ عليه وَالْمَحْكُومِ بِهِ وَتَعْرِيفَ الْمُثْبِتِ عليه وَالْمُثْبَتِ له وَنَفْسَ الْمُثْبَتِ في كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَالتَّعْرِيفُ مِثْلُ التَّرْجَمَةِ سَوَاءٌ فإنه بَيَانٌ مُسَمَّى هذا الِاسْمِ كما أَنَّ التَّرْجَمَةَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ قد يَكُونُ في أَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ وَالتَّرْجَمَةُ في أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ
وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ انْتَهَى
ذَكَرَهُ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُقْبَلُ في التَّرْجَمَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا عَدْلَانِ
قَوْلُهُ وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْبَحْثِ عن عَدَالَتِهِ مَرَّةً أُخْرَى على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي مع تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ
قال في الرِّعَايَةِ فيه وَجْهَانِ
وَقِيلَ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
إحْدَاهُمَا يَحْتَاجُ إلَى تحديد ( ( ( تجديد ) ) ) البحث عن عَدَالَتِهِ مع تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ وَيَجِبُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْمَنْصُوصُ
قال في الْفُرُوعِ لَزِمَ الْبَحْثُ عنها على الْأَصَحِّ مع طُولِ الْمُدَّةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ بَلْ يُسْتَحَبُّ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
____________________
(11/297)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى على غَائِبٍ أو مُسْتَتِرٍ في الْبَلَدِ أو مَيِّتٍ أو صَبِيٍّ أو مَجْنُونٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بها
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَلَيْسَ تَقَدُّمُ الْإِنْكَارِ هُنَا شَرْطًا وَلَوْ فُرِضَ إقْرَارُهُ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا تَفْتَقِرُ الْبَيِّنَةُ إلَى جُحُودٍ إذْ الْغَيْبَةُ كَالسُّكُوتِ وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ على سَاكِتٍ
وَكَذَا جَعَلَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا هذه الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا على الْخَصْمِ
وَعَنْهُ لَا يُحْكَمُ على غَائِبٍ كَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
فَيَقْضِي في السَّرِقَةِ بِالْغُرْمِ فَقَطْ
اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى قَالَهُ في الْكَافِي
وَعَنْهُ لَا يُحْكَمُ على الْغَائِبِ تَبَعًا كَشَرِيكٍ حَاضِرٍ تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ له أَنْ يعطى الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ
وَقِيلَ يُعْطِي بِكَفِيلٍ وما هو بِبَعِيدٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ
الثَّانِي مُرَادُهُ بِالْمُسْتَتِرِ هُنَا الْمُمْتَنِعُ من الْحُضُورِ على ما يَأْتِي بَعْدَ ذلك قَرِيبًا
الثَّالِثُ الْغَيْبَةُ هُنَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/298)
وَقِيلَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ أَيْضًا
وَقِيلَ أو فَوْقَ نِصْفِ يَوْمٍ
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
الرَّابِعُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الدَّعْوَى على الْغَائِبِ في جَمِيعِ الْحُقُوقِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن الْبَنَّا وَالْمُصَنِّفُ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ إنَّمَا يَقْضِي على الْغَائِبِ في حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَا في حُقُوقِ اللَّهِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ
نعم في السَّرِقَةِ يَقْضِي بِالْمَالِ فَقَطْ وفي حَدِّ الْقَذْفِ وَجْهَانِ
بِنَاءٌ على أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ أو لِآدَمِيٍّ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ الْقَذْفِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لم يَبْرَأْ إلَيْهِ منه وَلَا من شَيْءٍ منه على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَحْلِفُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لم يَسْتَحْلِفْ في أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَالَا هِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَخِلَافُ أبي الْخَطَّابِ وَنَصَرَهُ
____________________
(11/299)
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ اخْتِيَارُ أبي الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفِ وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَسْتَحْلِفُهُ على بَقَاءِ حَقِّهِ
قال في الْخُلَاصَةِ حَلَّفَهُ مع بَيِّنَتِهِ على الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَحَلَفَ مَعَهَا على الْأَصَحِّ على بَقَاءِ حَقِّهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ
ذَكَرَهُ عنه الشَّارِحُ في بَابِ الدعاوي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ له بها
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَتَعَرَّضُ في يَمِينِهِ لِصِدْقِ الْبَيِّنَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَتَعَرَّضُ في يَمِينِهِ لِصِدْقِ الْبَيِّنَةِ إنْ كانت كَامِلَةً وَيَجِبُ تَعَرُّضُهُ إذَا قام شَاهِدًا وَحَلَفَ معه فَوَائِدُ
الْأُولَى لَا يَمِينَ مع بَيِّنَةٍ كَامِلَةٍ كَمُقِرٍّ له إلَّا هُنَا
وَعَنْهُ بَلَى فَعَلَهُ عَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه
وَعَنْهُ يَحْلِفُ مع رِيبَةٍ في الْبَيِّنَةِ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْحَجْرِ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِنَفَادِ مَالِهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/300)
وإذا شَهِدَتْ بِإِعْسَارِهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهَا أَيْضًا
الثَّانِيَةُ قال في الْمُحَرَّرِ وَيَخْتَصُّ الْيَمِينُ بِالْمُدَّعَى عليه دُونَ الْمُدَّعِي إلَّا في الْقَسَامَةِ وَدَعَاوَى الْأُمَنَاءِ الْمَقْبُولَةِ وَحَيْثُ يَحْكُمُ بِالْيَمِينِ مع الشَّاهِدِ أو نَقُولُ بِرَدِّهَا
وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ مُفَرَّقًا في أَمَاكِنِهِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا دَعَاوَى الْأُمَنَاءِ الْمَقْبُولَةُ فَغَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ فَيَحْلِفُونَ
وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ لَا ضَمَانَ عليهم إلَّا بِتَفْرِيطٍ أو عُدْوَانٍ
فإذا ادَّعَى عليهم ذلك فَأَنْكَرُوهُ فَهُمْ مُدَّعًى عليهم وَالْيَمِينُ على الْمُدَّعَى عليهم انْتَهَى
قُلْت صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لو ادَّعَى الْوَكِيلُ الْهَلَاكَ وَنَفَى التَّفْرِيطَ قُبِلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ
وَكَذَا في الْمُضَارَبَةِ والوديعة ( ( ( الوديعة ) ) ) وَغَيْرِهِمَا
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أو بَلَغَ الصَّبِيُّ يَعْنِي رَشِيدًا أو أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَهُوَ على حُجَّتِهِ
وهو صَحِيحٌ لَكِنْ لو جَرَحَ الْبَيِّنَةَ بِأَمْرٍ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أو مُطْلَقًا لم تُقْبَلْ لِجَوَازِ كَوْنِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَقْدَحُ فيه وَإِلَّا قُبِلَ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْخَصْمُ في الْبَلَدِ غَائِبًا عن الْمَجْلِسِ لم تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ حتى يَحْضُرَ
وَلَا تُسْمَعُ أَيْضًا الدَّعْوَى وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(11/301)
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُسْمَعَانِ وَيُحْكَمُ عليه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ في سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يُسْمَعَانِ وَلَا يُحْكَمُ عليه حتى يَحْضُرَ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ
وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ من الْحُضُورِ سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ وَحُكِمَ بها في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْأُخْرَى لَا يسمع ( ( ( تسمع ) ) ) حتى يَحْضُرَ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إنْ أَبَى من الْحُضُورِ بَعَثَ إلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لِيُحْضِرَهُ فَإِنْ تَكَرَّرَ منه الِاسْتِتَارُ أَقْعَدَ على بَابِهِ من يُضَيِّقُ عليه في دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ حتى يَحْضُرَ
كما قال الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا
____________________
(11/302)
وَلَيْسَ له دُخُولُ بَيْتِهِ على الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّبْصِرَةِ إنَّ صَحَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ في مَنْزِلِهِ أَمَرَ بِالْهُجُومِ عليه وَإِخْرَاجِهِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَصَرَّ على الِاسْتِتَارِ حَكَمَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال في الْمُحَرَّرِ فَإِنْ أَصَرَّ على التَّغَيُّبِ سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ وَحُكِمَ بها عليه قَوْلًا وَاحِدًا وَقَالَهُ غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ قبل ذلك بِيَسِيرٍ وان ادَّعَى على مُسْتَتِرٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بها
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ يَحْكُمُ عليه بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ يُحْكَمُ عليه إذَا خَرَجَ
قال لِأَنَّهُ صَارَ في حُرْمَةٍ كَمَنْ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ انْتَهَى وَحَكَى الزَّرْكَشِيُّ كلامة في الْمُحَرَّرِ وقال وفي الْمُقْنِعِ إذَا امْتَنَعَ من الْحُضُورِ هل تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بها عليه على رِوَايَتَيْنِ
مع أَنَّهُ قَطَعَ بِجَوَازِ الْحُكْمِ على الْغَائِبِ
وَفِيهِ نَظَرٌ فَكَلَامُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ أبي الْبَرَكَاتِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ ان وَجَدَ له مَالًا وَفَّاهُ الْحَاكِمُ منه وَإِلَّا قال لِلْمُدَّعِي ان عَرَفْت له مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي وَفَّيْتُك منه
قَوْلُهُ وان ادَّعَى ان اباه مَاتَ عنه وَعَنْ اخ له غَائِبٍ وَلَهُ مَالٌ في يَدِ فُلَانٍ أو دَيْنٌ عليه فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عليه أو ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ سَلَّمَ
____________________
(11/303)
إلَى الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ وَأَخَذَ الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْغَائِبِ فَحَفِظَهُ له
اعْلَمْ ان الْحُكْمَ لِلْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ
قال في التَّرْغِيبِ لِامْتِنَاعِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ له وَالْكِتَابَةِ له إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَحْكُمَ له بكتابة بِخِلَافِ الْحُكْمِ عليه
اذا عَلِمْت ذلك فَيُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ له على سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَكَذَا لو كان الْأَخُ الاخر غير رَشِيدٍ
فإذا حَكَمَ في هذه الْمَسْأَلَةِ واشباهها واخذ الْحَاضِرُ حِصَّتَهُ فَالْحَاكِمُ يَأْخُذُ نَصِيبَ الْغَائِبِ وَنَصِيبُ غَيْرُ الرَّشِيدِ يَحْفَظُهُ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الشَّارِحُ هذا أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا كان الْمَالُ دَيْنًا ان يَتْرُكَ نَصِيبَ الْغَائِبِ في ذِمَّةِ الْغَرِيمِ حتى يَقْدَمَ الْغَائِبُ وَيَرْشُدَ السَّفِيهُ
وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ
قُلْت وَيُحْتَمَلُ انه يَتْرُكُ اذا كان مَلِيئًا
فَائِدَةٌ تُعَادُ الْبَيِّنَةُ في الْإِرْثِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وزاد وَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ
نَقَلَهُ عنه في الْفُرُوعِ
ولم أَرَ هذه الزِّيَادَةَ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ غَيْرُ رَشِيدٍ اُنْتُزِعَ الْمَالُ من الْمُدَّعَى عليه لَهُمَا بِخِلَافِ الْغَائِبِ في اصح الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخِرِ يُنْتَزَعُ ايضا
____________________
(11/304)
وقال في الْمُغْنِي ان ادَّعَى احد الْوَكِيلَيْنِ الْوَكَالَةَ والاخر غَائِبٌ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُمَا فان حَضَرَ لم تَعُدْ الْبَيِّنَةُ كَالْحُكْمِ بِوَقْفٍ ثَبَتَ لِمَنْ لم يُخْلَقْ تَبَعًا لِمُسْتَحِقِّهِ الْآنَ
وَتَقَدَّمَ ان سُؤَالَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ الْحَجْرَ كَسُؤَالِ الْكُلِّ
قال في الْفُرُوعِ فَيُتَوَجَّهُ ان يُفِيدَ ان الْقَضِيَّةَ الْوَاحِدَةَ الْمُشْتَمِلَةَ على عَدَدٍ او اعيان كَوَلَدِ الابوين في الْمُشْرِكَةِ ان الْحُكْمَ على وَاحِدٍ اوله يَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَسْأَلَةَ
واخذها من دَعْوَى مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَحُكْمُهُ بان هذا يَسْتَحِقُّ هذا او لِأَنَّ من وُقِفَ بِشَرْطٍ شَامِلٍ يَعُمُّ
وَهَلْ حُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِلثَّانِيَةِ وَالشَّرْطُ وَاحِدٌ رُدِّدَ النَّظَرُ على وَجْهَيْنِ
ثُمَّ من ابداء ما يَجُوزُ ان يَمْنَعَ الاول من الْحُكْمِ عليه لو عَلِمَهُ فلثان ( ( ( فللثاني ) ) ) الدَّفْعُ بِهِ
وَهَلْ هو نَقْضٌ للاول كَحُكْمٍ معني ( ( ( مغيا ) ) ) بِغَايَةٍ ام هو فَسْخٌ
قَوْلُهُ وان ادَّعَى انسان ان الْحَاكِمَ حَكَمَ له بِحَقٍّ فَصَدَّقَهُ قُبِلَ قَوْلُ الْحَاكِمِ وَحْدَهُ
اذا قال الْحَاكِمُ الْمَنْصُوبُ حَكَمْت لِفُلَانٍ على فُلَانٍ بِكَذَا وَنَحْوُهُ وَلَيْسَ اباه وَلَا ابْنَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَنَصَّ عليه الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ أو لَا وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُمْ في كِتَابِ الْقَاضِي اخباره بِمَا ثَبَتَ بِمَنْزِلَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ يُوجِبُ ان لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ في الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ إذْ لو قُبِلَ خَبَرُهُ لَقُبِلَ كِتَابُهُ واولى
____________________
(11/305)
قال وَيَجِبُ ان يُقَالَ إنْ قال ثَبَتَ عِنْدِي فَهُوَ كَقَوْلِهِ حَكَمْت في الاخبار وَالْكِتَابِ وان قال شهد ( ( ( شهدت ) ) ) أو اقر عِنْدِي فُلَانٌ فَكَالشَّاهِدَيْنِ سَوَاءٌ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ ما اذا اخبر بَعْدَ عَزْلِهِ انه كان حَكَمَ لِفُلَانٍ بِكَذَا في وِلَايَتِهِ في اخر بَابِ ادب الْقَاضِي
وَهُنَاكَ بَعْضُ فُرُوعٍ تَتَعَلَّقُ بهذا
قَوْلُهُ وان لم يذكر الْحَاكِمُ ذلك فَشَهِدَ عَدْلَانِ انه حَكَمَ له بِهِ قُبِلَ شَهَادَتُهُمَا وامضى الْقَضَاءَ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
منهم صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ ان الْحَاكِمَ اذا شَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ انه حَكَمَ لِفُلَانٍ انه لَا يَقْبَلُهُمَا
تَنْبِيهٌ مُرَادُ الاصحاب على الاول اذا لم يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ فان تَيَقَّنَ صَوَابَ نَفْسِهِ لم يَقْبَلْهُمَا ولم يُمْضِهِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال لانهم احْتَجُّوا بِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَذَكَرُوا هُنَاكَ لو تَيَقَّنَ صَوَابَ نَفْسِهِ لم يَقْبَلْهُمَا
وَاحْتَجُّوا ايضا بِقَوْلِ الاصل الْمُحَدِّثِ الرَّاوِي عنه لَا ادري وَذَكَرُوا هُنَاكَ لو كَذَّبَهُ لم يَقْدَحْ في عَدَالَتِهِ ولم يَعْمَلْ بِهِ
وَدَلَّ ان قَوْلَ بن عَقِيلٍ هُنَا قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ في الدَّلِيلَيْنِ
____________________
(11/306)
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ ان شَهِدَ ان فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَك بِكَذَا وَكَذَا قَبِلَ شَهَادَتِهِمَا بِلَا نِزَاعٍ
وان لم يَشْهَدْ بِهِ أُحُدٌ لَكِنْ وَجَدَهُ في قِمْطَرِهِ في صَحِيفَةٍ تَحْتَ خَتْمِهِ بِخَطِّهِ فَهَلْ يُنْفِذُهُ على رِوَايَتَيْنِ
واطلقهما في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
احداهما ليس له تَنْفِيذُهُ وهو الْمَذْهَبُ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي واصحابه
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ انه الاشهر كَخَطِّ ابيه بِحُكْمٍ او شَهَادَةٍ لم يَشْهَدْ ولم يَحْكُمْ بها إجْمَاعًا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُنْفِذُهُ
وَعَنْهُ يُنْفِذُهُ سَوَاءٌ كان في قِمْطَرِهِ او لَا
اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمي الْبَغْدَادِيِّ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
قُلْت وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ اذا رَأَى خطة في كِتَابٍ بِشَهَادَةٍ ولم يَذْكُرْهَا فَهَلْ له ان يَشْهَدَ على رِوَايَتَيْنِ
واطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
احداهما ليس له ان يَشْهَدَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/307)
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي واصحابه الْمَذْهَبُ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ انه الاشهر
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له ان يَشْهَدَ اذا حَرَّرَهُ والا فَلَا
وَعَنْهُ له ان يَشْهَدَ مُطْلَقًا
اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمي وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
فَائِدَةٌ من عَلِمَ الْحَاكِمُ منه انه لَا يُفَرِّقُ بين ان يُذَكَّرَ او يَعْتَمِدَ على مَعْرِفَةِ الْخَطِّ يَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ لم يَجُزْ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَلَهُمَا حُكْمُ الْمُغَفَّلِ أو الْمُمَخْرَقِ وان لم يَتَحَقَّقْ لم يَجُزْ ان يَسْأَلَهُ عنه وَلَا يَجِبُ ان يُخْبِرَهُ بِالصِّفَةِ
ذَكَرَهُ بن الزَّاغُونِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال ابو الْخَطَّابِ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ سُؤَالُهُمَا عن ذلك وَلَا يَلْزَمُهُمَا جَوَابُهُ
وقال أبو الْوَفَاءِ اذا عَلِمَ تَجَوُّزَهُمَا فَهُمَا كَمُغَفَّلٍ ولم يَجُزْ قَبُولُهُمَا
قَوْلُهُ وَمَنْ كان له على انسان حَقٌّ ولم يُمْكِنْهُ اخذه بِالْحَاكِمِ وَقَدَّرَ له على مَالٍ لم يَجُزْ له ان ياخذ قَدْرَ حَقِّهِ نَصَّ عليه
وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا وهو الْمَذْهَبُ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والخرقى وَغَيْرِهِمَا
____________________
(11/308)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ من الْمُحَدِّثِينَ إلَى جَوَازِ ذلك
وَحَكَاهُ بن عَقِيلٍ عن الْمُحَدِّثِينَ من الاصحاب
وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَخَرَّجَهُ ابو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ من الاصحاب من قَوْلِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في الْمُرْتَهِنِ يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ بِقَدْرِ ما يُنْفِقُ عليه وَالْمَرْأَةُ تَأْخُذُ مُؤْنَتَهَا وَالْبَائِعُ لِلسِّلْعَةِ يَأْخُذُهَا من مَالِ الْمُفْلِسِ بِغَيْرِ رِضَاهُ
وَخَرَّجَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ من تَنْفِيذِ الْوَصِيِّ الْوَصِيَّةَ مِمَّا في يَدِهِ اذا كَتَمَ الْوَرَثَةُ بَعْضَ التَّرِكَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو اظهر في التَّخْرِيجِ
فَعَلَى هذا ان قَدَرَ على حَبْسِ حَقِّهِ اخذ بِقَدْرِهِ والا قَوَّمَهُ واخذ بِقَدْرِهِ مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ في ذلك لِحَدِيثِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِهِنْدٍ زَوْجِ ابي سُفْيَانَ رضي اللَّهُ عنهما خُذِي ما يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ وَلِقَوْلِهِ عليه افضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ انه لَا يَأْخُذُ إلَّا من جِنْسِ حَقِّهِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ مُطْلَقَانِ
قال في الْقَوَاعِدِ الاصولية وَخَرَّجَ بَعْضُ اصحابنا الْجَوَازَ رِوَايَةً عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ من جَوَازِ اخذ الزَّوْجَةِ من مَالِ زَوْجِهَا نَفَقَتَهَا وَنَفَقَةَ وَلَدِهَا بِالْمَعْرُوفِ
وقد نَصَّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ على التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَلَا يَصِحُّ التَّخْرِيجُ
وَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَأْخُذُ من بَيْتِ زَوْجِهَا يَعْنِي ان لها يَدًا وَسُلْطَانًا على ذلك وَسَبَبُ النَّفَقَةِ ثَابِتٌ وهو الزَّوْجِيَّةُ فَلَا تُنْسَبُ بِالْأَخْذِ إلَى خِيَانَةٍ
____________________
(11/309)
وَكَذَلِكَ اباح في رِوَايَةٍ عنه اخذ الضَّيْفِ من مَالِ من نَزَلَ بِهِ ولم يُقْرَ بِقَدْرِ قِرَاهُ
وَمَتَى ظَهَرَ السَّبَبُ لم يُنْسَبْ الْآخِذُ إلَى خِيَانَةٍ
وَعَكَسَ ذلك بَعْضُ الاصحاب وقال اذا ظَهَرَ السَّبَبُ لم يَجُزْ الاخذ بِغَيْرِ اذن لامكان اقامة الْبَيِّنَةِ عليه بِخِلَافِ ما إذَا خَفِيَ
وقد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في ذلك اربع فُرُوقٍ
فَائِدَةٌ قال الْقَاضِي ابو يَعْلَى في قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِهِنْدٍ خُذِي ما يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ هو حُكْمٌ لَا فُتْيَا
وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فيه فتاره قَطَعَ بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَتَارَةً قَطَعَ بِأَنَّهُ فُتْيَا قال الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ انه فُتْيَا تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا حَيْثُ جَوَّزْنَا الاخذ بِغَيْرِ اذن فَيَكُونُ في الْبَاطِنِ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا جَوَازُ الاخذ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
والاصول التي خَرَّجَ عليها ابو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا من حديث هِنْدٍ وَحَلْبِ الرَّهْنِ وَرُكُوبِهِ تَشْهَدُ لِذَلِكَ وألأصول التي خَرَّجَ عليها صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ تَقْتَضِي ما قَالَهُ
الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ ولم يُمْكِنْهُ اخذه بِالْحَاكِمِ
انه اذا قَدَرَ على اخذه بِالْحَاكِمِ لم يَجُزْ له اخذ قَدْرِ حَقِّهِ اذا قَدَرَ عليه وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ في الضَّيْفِ يَأْخُذُ وان قَدَرَ على اخذه بِالْحَاكِمِ
____________________
(11/310)
وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ يَأْخُذُ الضَّيْفُ وَغَيْرُهُ
وان قَدَرَ على اخذه بِالْحَاكِمِ
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما خَرَّجَهُ ابو الْخَطَّابِ في نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ من الْمُفْلِسِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَ الاخذ وَلَوْ قَدَرَ على اخذه بِالْحَاكِمِ في الْحَقِّ الثَّابِتِ بِإِقْرَارٍ او بَيِّنَةٍ او كان سَبَبُ الْحَقِّ ظَاهِرًا
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن شِهَابٍ وَغَيْرِهِ
الثَّالِثَةُ مَحَلُّ الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ إذَا لم يَكُنْ الْحَقُّ الذي في ذِمَّتِهِ قد أَخَذَهُ قَهْرًا فَأَمَّا إنْ كان قد غَصَبَ مَالَهُ فَيَجُوزُ له الْأَخْذُ بِقَدْرِ حَقِّهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ
وقال ليس هذا من هذا الْبَابِ
وقال في الْفُنُونِ من شَهِدَتْ له بَيِّنَةٌ بِمَالٍ لَا عِنْدَ حَاكِمٍ اخذه
وَقِيلَ لَا كَقَوَدٍ في الْأَصَحِّ
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ ايضا اذا كان عَيْنُ مَالِهِ قد تَعَذَّرَ اخذه
فَأَمَّا ان قَدَرَ على عَيْنِ مَالِهِ اخذه قَهْرًا
زَادَ في التَّرْغِيبِ ما لم يُفِضْ إلَى فِتْنَةٍ
قال وَلَوْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على الاخر دَيْنٌ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ احدهما فَلَيْسَ للاخر ان يَجْحَدَ وَجْهًا وَاحِدًا لانه كَبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَا انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو كان له دَيْنٌ على شَخْصٍ فَجَحَدَهُ جَازَ له اخذ قَدْرِ حَقِّهِ وَلَوْ من غَيْرِ جِنْسِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وهو من الْمُفْرَدَاتِ
قال نَاظِمُهَا
____________________
(11/311)
% وَمَعْ مُجَرَّدِ الدَّيْنِ لَا بِالظَّفَرْ % يُؤْخَذُ من جِنْسِهِ في الاشهر %
قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عن صِفَتِهِ في الْبَاطِنِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وَذَكَرَ بن ابي مُوسَى رِوَايَةً عنه انه يُزِيلُ الْعُقُودَ وَالْفُسُوخَ
وَذَكَرَهَا ابو الْخَطَّابِ
قال في الْفُرُوعِ وَحَكَى عنه بِحِيلَةٍ في عَقْدٍ وَفَسْخٍ مُطْلَقًا
واطلقهما في الْوَسِيلَةِ
قال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ الاهل اكثر من الْمَالِ
وقال في الْفُنُونِ ان حَنْبَلِيًّا نَصَرَهَا فَاعْتَبَرَهَا بِاللِّعَانِ
وَعَنْهُ يُرْسِلُهُ في مُخْتَلَفٍ فيه قبل الْحُكْمِ
قَطَعَ بِهِ في الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الشَّيْءَ عن وَصْفِهِ في الْبَاطِنِ الا في امر مُخْتَلَفٍ فيه قبل الْحُكْمِ فانه على رِوَايَتَيْنِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَتَيْنِ في الاول وَقِيلَ هُمَا في امر مُخْتَلَفٍ فيه قبل الْحُكْمِ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ لو حَكَمَ حَنَفِيٌّ لِحَنْبَلِيٍّ او لِشَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ جِوَارٍ فَوَجْهَانِ واطلقهما في الْفُرُوعِ
وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ او عليه بِمَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ عَمِلَ بَاطِنًا بِالْحُكْمِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَقِيلَ بِاجْتِهَادِهِ
وان بَاعَ حَنْبَلِيٌّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ نَفَذَ عِنْدَ اصحابنا خِلَافًا لابي الْخَطَّابِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ قَوْلُ ابي الْخَطَّابِ اظهر
____________________
(11/312)
اذ كَيْفَ يَحْكُمُ له بِمَا لَا يَسْتَحِلُّهُ
فإنه ان كان مُجْتَهِدًا لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِاجْتِهَادِهِ
وان كان مُقَلِّدًا لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ من قَلَّدَهُ
فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُهُ فَيَجْتَمِعُ الضِّدَّانِ
الا ان يُرَادَ وَيَلْزَمُهُ الِانْقِيَادُ لِلْحُكْمِ ظَاهِرًا وَالْعَمَلُ بِضِدِّهِ بَاطِنًا كَالْمَرْأَةِ التي تَعْتَقِدُ انها مُحَرَّمَةٌ على زَوْجِهَا وهو يُنْكِرُ ذلك
لَكِنْ في جَوَازِ اقدام الْحَاكِمِ على الْحُكْمِ بِذَلِكَ لمن يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ نَظَرٌ لانه الزام له بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ
لَا سِيَّمَا على قَوْلِ من يقول كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ انْتَهَى فَوَائِدُ
الاولى قال في الِانْتِصَارِ مَتَى عَلِمَ الْبَيِّنَةَ كَاذِبَةً لم يَنْفُذْ
وان بَاعَ مَالَهُ في دَيْنٍ ثَبَتَ ببينة ( ( ( بينة ) ) ) زُورٍ فَفِي نُفُوذِهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هل يُبَاحُ له بِالْحُكْمِ ما اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ قبل الْحُكْمِ فيه رِوَايَتَانِ
وفي حِلِّ ما اخذه وَغَيْرُهُ بِتَأْوِيلٍ او مع جَهْلِهِ رِوَايَتَانِ
وان رَجَعَ الْمُتَأَوِّلُ فَاعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ رِوَايَتَانِ
بِنَاءً على ثُبُوتِ الْحُكْمِ قبل بُلُوغِ الْخِطَابِ
قال واصحهما حِلُّهُ كَالْحَرْبِيِّ بَعْدَ اسلامه واولى
وَجَعَلَ من ذلك وَضْعُ طَاهِرٍ في اعْتِقَادِهِ في مَائِعٍ لِغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ ان اسلم بِدَارِ الْحَرْبِ وَعَامَلَ بربي ( ( ( بربا ) ) ) جَاهِلًا رَدَّهُ
وقال في الِانْتِصَارِ وَيُحَدُّ لِزِنًا
الثَّانِيَةُ من حُكِمَ له بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ حَلَّتْ له حُكْمًا
____________________
(11/313)
فَإِنْ وطىء مع الْعِلْمِ فكزنى ( ( ( فكزنا ) ) ) على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا حَدَّ
وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا لِغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ
وان حُكِمَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِشُهُودِ زُورٍ فَهِيَ زَوْجَتُهُ بَاطِنًا وَيُكْرَهُ له اجْتِمَاعُهُ بها ظَاهِرًا خَوْفًا من مَكْرُوهٍ يَنَالُهُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ الْحَالَ ذَكَرَهُ الاصحاب وَنَقَلَهُ احمد بن الْحَسَنِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي ان انْفَسَخَ بَاطِنًا جَازَ
وَكَذَا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ على الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَتَحْرُمُ على الاول بهذا الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
الثَّالِثَةُ لو رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِرَمَضَانَ لم يُؤَثِّرْ كَمِلْكٍ مُطْلَقٍ واولى لانه لَا مَدْخَلَ لِحُكْمِهِ في عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ وانما هو فَتْوَى
فَلَا يُقَالُ حُكِمَ بِكَذِبِهِ او بِأَنَّهُ لم يَرَهُ
وَلَوْ سَلَّمَ ان له مَدْخَلًا فَهُوَ مَحْكُومٌ بِهِ في حَقِّهِ من رَمَضَانَ فلم يُغَيِّرْهُ حُكْمٌ ولم تُؤَثِّرْ شُبْهَةٌ لان الْحُكْمَ يُغَيَّرُ اذا اعْتَقَدَ الْمَحْكُومُ عليه انه حُكْمٌ وَهَذَا يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ كَمُنْكِرَةِ نِكَاحِ مُدَّعٍ تَيَقُّنَهُ فَشَهِدَ له فَاسِقَانِ فَرُدَّا
ذكره في الِانْتِصَارِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي رَدُّهُ ليس بِحُكْمٍ هُنَا لِتَوَقُّفِهِ في الْعَدَالَةِ
وَلِهَذَا لو ثَبَتَ حُكْمٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ امور الدِّينِ وَالْعِبَادَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بين الْمُسْلِمِينَ لَا يَحْكُمُ فيها الا اللَّهُ وَرَسُولُهُ اجماعا
وَذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ ان اثبات سَبَبِ الْحُكْمِ كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالزَّوَالُ ليس بِحُكْمٍ فَمَنْ لم يَرَهُ سَبَبًا لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
____________________
(11/314)
وَعَلَى ما ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ في رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَنَّهُ حُكْمٌ
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ الْوَاحِدُ بِرُؤْيَةٍ كَالْبَعْضِ
الرَّابِعَةُ لو رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ في مُخْتَلَفٍ فيه لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنْفِذَهُ لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ لَزِمَهُ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَزِمَهُ ذلك
قُلْت مع عَدَمِ نَصِّ مُعَارَضَةٍ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
وَقِيلَ يَحْرُمُ تَنْفِيذُهُ إنْ لم يَرَهُ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو كان نَفْسُ الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فيه كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُحَرَّرِ فَإِنْ كان الْمُخْتَلِفُ فيه نَفْسُ الْحُكْمِ لم يَلْزَمْهُ تَنْفِيذُهُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ آخَرُ قَبْلَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ الْحُكْمُ بِالنُّكُولِ وَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ هو الْمَذْهَبُ فَكَيْفَ لَا يَلْزَمُهُ تَنْفِيذُهُ على قَوْلِ الْمُحَرَّرِ
إذْ لو كان أَصْلُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بها
وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ ذلك وهو عَدَمُ لُزُومِ التَّنْفِيذِ لِحُكْمٍ مُخْتَلِفٍ فيه إذَا كان الْحَاكِمُ الذي رَفَعَ إلَيْهِ الْحُكْمَ الْمُخْتَلَفَ فيه لَا يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ كَالْحُكْمِ بِعِلْمِهِ
____________________
(11/315)
لان التَّنْفِيذَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ اذا كان لَا يَرَى صِحَّتَهُ لم يَلْزَمْهُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ انْتَهَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اذا صَادَفَ حُكْمَهُ مُخْتَلَفًا فيه لم يَعْلَمْهُ ولم يَحْكُمْ فيه جَازَ نَقْضُهُ
الْخَامِسَةُ قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ هُنَا نَفْسُ الْحُكْمِ في شَيْءٍ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْحُكْمِ فيه لَكِنْ لو نَفَذَهُ حَاكِمٌ آخَرُ لَزِمَهُ انفاذه لان الْحُكْمَ الْمُخْتَلَفَ فيه صَارَ مَحْكُومًا بِهِ فَلَزِمَ تَنْفِيذُهُ كَغَيْرِهِ
قال شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بن قُنْدُسٍ الْبَعْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قد فُهِمَ من كَلَامِ الشَّارِحِ ان التَّنْفِيذَ حُكْمٌ لانه قال لو نَفَّذَهُ حَاكِمٌ اخر لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ لان الْحُكْمَ الْمُخْتَلَفَ فيه صَارَ مَحْكُومًا بِهِ وَإِنَّمَا صَارَ مَحْكُومًا بِهِ بِالتَّنْفِيذِ لانه لم يَحْكُمْ بِهِ وانما نَفَّذَهُ فَجَعَلَ التَّنْفِيذَ حُكْمًا
وَكَذَلِكَ فَسَّرَ التَّنْفِيذَ بِالْحُكْمِ في شَرْحِ الْمُقْنِعِ الْكَبِيرِ
فإنه قال عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَهَلْ يُنَفِّذُهُ على رِوَايَتَيْنِ
احداهما يُنَفِّذُهُ
وَعَلَّلَهُ بانه حُكْمُ حَاكِمٍ لم يَعْلَمْهُ فلم يَجُزْ انفاذه الا بِبَيِّنَةٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْكُمُ بِهِ فَفَسَّرَ رِوَايَةَ التَّنْفِيذِ بِالْحُكْمِ
لَكِنْ قال في مَسْأَلَةِ ما اذا ادَّعَى ان الْحَاكِمَ حَكَمَ له بِحَقٍّ فذكر الْحَاكِمُ حُكْمَهُ امضاه والزم خَصْمَهُ بِمَا حَكَمَ بِهِ عليه وَلَيْسَ هذا حُكْمًا بِالْعِلْمِ وانما هو امضاء لِحُكْمِهِ السَّابِقِ
فَصَرَّحَ انه ليس حُكْمًا مع ان رِوَايَةَ التَّنْفِيذِ الْمُتَقَدِّمَةِ التي فَسَّرَهَا بِالْحُكْمِ انما هِيَ امضاء لِحُكْمِهِ الذي وَجَدَهُ في قِمْطَرِهِ فَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ
____________________
(11/316)
وقد ذَكَرُوا في السِّجِلِّ انه لانفاذ ما ثَبَتَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمِ بِهِ وانما يُكْتَبُ
وان الْقَاضِيَ امضاه وَحَكَمَ بِهِ على ما هو الْوَاجِبُ في مِثْلِهِ وَنَفَّذَهُ واشهد الْقَاضِي فُلَانٌ على انفاذه وَحُكْمِهِ وامضائه من حَضَرَهُ من الشُّهُودِ
فَذَكَرُوا الانفاذ وَالْحُكْمَ والامضاء
وَذَكَرُوا انه يُكْتَبُ على كل نُسْخَةٍ من النُّسْخَتَيْنِ انها حُجَّةٌ فِيمَا انفذه فيها فَدَلَّ على ان الانفاذ حُكْمٌ لانهم اكْتَفَوْا بِهِ عن الْحُكْمِ والامضاء وَالْمُرَادُ الْكُلُّ انْتَهَى كَلَامُ شَيْخِنَا
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لم يَتَعَرَّضْ الاصحاب لِلتَّنْفِيذِ هل هو حُكْمٌ ام لَا
وَالظَّاهِرُ انه ليس بِحُكْمٍ لان الْحُكْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ وهو مُحَالٌ وانما هو عَمَلٌ بِالْحُكْمِ وامضاء له كَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ واجازة له
فَكَأَنَّهُ يُجِيزُ هذا الْمَحْكُومَ بِهِ بِعَيْنِهِ لِحُرْمَةِ الْحُكْمِ وان كان ذلك الْمَحْكُومُ بِهِ من جِنْسٍ غَيْرِ جَائِزٍ عِنْدَهُ انْتَهَى
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ لان التَّنْفِيذَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ في اخر الْبَابِ الذي قَبْلَهُ هل الثُّبُوتُ حُكْمٌ أَمْ لَا
السَّادِسَةُ لو رَفَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ واقرا بِأَنَّ نَافِذَ الْحُكْمِ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ فَلَهُ الزامهما ذلك وَرَدُّهُ وَالْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قد يُقَالُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ انه كَالْبَيِّنَةِ ثُمَّ ذَكَرَ انه كَالْبَيِّنَةِ ان عَيَّنَا الْحَاكِمَ
____________________
(11/317)
السَّابِعَةُ لو قَلَّدَ في صِحَّةِ نِكَاحٍ لم يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ كَحُكْمٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ بَلَى كَمُجْتَهِدٍ نَكَحَ ثُمَّ رَأَى بُطْلَانَهُ في اصح الْوَجْهَيْنِ فيه
وَقِيلَ ما لم يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ
وَلَا يَلْزَمُهُ اعلامه بِتَغَيُّرِهِ في اصح الْوَجْهَيْنِ
الثَّامِنَةُ لو بَانَ خَطَؤُهُ في اتلاف بِمُخَالَفَةِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ ضَمِنَ لَا مُسْتَفْتِيه
وفي تَضْمِينِ مُفْتٍ ليس اهلا وَجْهَانِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ بن حَمْدَانَ في كِتَابِهِ ادب الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي انه لَا ضَمَانَ عليه
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في اعلام الْمُوَقِّعِينَ في الْجُزْءِ الاخير ولم اعرف هذا الْقَوْلَ لِأَحَدٍ قبل بن حَمْدَانَ
ثُمَّ قال قُلْت خَطَأُ الْمُفْتِي كخطأ ( ( ( خطأ ) ) ) الْحَاكِمِ او الشَّاهِدِ
التَّاسِعَةُ لو بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ او فِسْقُهُمْ لَزِمَهُ نَقْضُهُ وَيَرْجِعُ بِالْمَالِ او بَدَلَهُ وَبَدَلَ قَوَدٍ مستوفى على الْمَحْكُومِ له
وان كان الْحُكْمُ لِلَّهِ باتلاف حِسِّيٍّ او بِمَا سَرَى إلَيْهِ ضَمِنَهُ مُزَكُّونَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ يَضْمَنُهُ الْحَاكِمُ لِعَدَمِ مُزَكٍّ وَفِسْقِهِ
وَقِيلَ يَضْمَنُ أَيَّهمَا شَاءَ واقراره ( ( ( وإقرار ) ) ) على مُزَكٍّ وَعِنْدَ ابي الْخَطَّابِ يَضْمَنُهُ الشُّهُودُ
وَذَكَرَ بن الزَّاغُونِيِّ انه لَا يَجُوزُ له نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ الا ان يَكُونَ حُكْمٌ بعلمه ( ( ( يعلمه ) ) ) في عَدَالَتِهِمَا او بِظَاهِرِ عدلة ( ( ( عدالة ) ) ) الاسلام
____________________
(11/318)
وَيُمْنَعُ ذلك في الْمَسْأَلَتَيْنِ في احدى الرِّوَايَتَيْنِ
وان جَازَ في الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
فَإِنْ وَافَقَهُ الْمَشْهُودُ له على ما ذُكِرَ رَدَّ مَالًا اخذه وَنَقَضَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ دُونَ الْحَاكِمِ
وان خَالَفَهُ فيه غَرِمَ الْحَاكِمُ
وَأَجَابَ ابو الْخَطَّابِ اذا بَانَ له فِسْقُهُمَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ وانهما كَانَا كَاذِبَيْنِ نُقِضَ الْحُكْمُ الاول ولم يَجُزْ له تَنْفِيذُهُ
واجاب ابو الْوَفَاءِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ
وَعَنْهُ لَا يُنْقَضُ لِفِسْقِهِمْ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ انه الاظهر فَلَا ضَمَانَ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يَضْمَنُ الشُّهُودُ انْتَهَى
وان بَانُوا عَبِيدًا او وَالِدًا او وَلَدًا او عَدُوًّا فَإِنْ كان الْحَاكِمُ الذي حَكَمَ بِهِ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لم يُنْقَضْ حُكْمُهُ
وان كان لَا يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ وَلَا يَنْفُذُ لان الْحَاكِمَ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ اذا حَكَمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ ثُمَّ ارْتَابَ في شَهَادَتِهِ لم يَجُزْ له الرُّجُوعُ في حُكْمِهِ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ تَحَرَّرَ فِيمَا اذا كان لَا يَرَى الْحُكْمَ بِهِ ثَلَاثَةُ اقوال لُزُومُ النَّقْضِ وَجَوَازُهُ وَعَدَمُ جَوَازِ نَقْضِهِ كما هو مُقْتَضَى ما في الارشاد انْتَهَى
وقال في الْمُحَرَّرِ من حَكَمَ بِقَوَدٍ او حَدٍّ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ بَانُوا عَبِيدًا فَلَهُ نَقْضُهُ اذا كان لَا يَرَى قَبُولَهُمْ فيه
قال وَكَذَا مُخْتَلَفٌ فيه صَادِقٌ ما حَكَمَ فيه وَجَهْلُهُ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْإِرْشَادِ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ في مُخْتَلَفٍ فيه بِمَا لَا يَرَاهُ مع عِلْمِهِ لَا يُنْقَضُ
____________________
(11/319)
فَعَلَى الاول ان شَكَّ في رَأْيِ الْحَاكِمِ فَقَدْ تَقَدَّمَ اذا شَكَّ هل عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالْمُعَارِضِ كَمَنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةِ خَارِجٍ وَجَهِلَ عِلْمَهُ بِبَيِّنَةِ دَاخِلٍ لم يُنْقَضْ
قال في الْفُرُوعِ وقد عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِمَّا ذَكَرُوا في نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ انه لَا يُعْتَبَرُ في نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ عِلْمُ الْحَاكِمِ بِالْخِلَافِ خِلَافًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى
وان قال عَلِمْت وَقْتَ الْحُكْمِ انهما فَسَقَةٌ او زُورٌ واكرهني السُّلْطَانُ على الْحُكْمِ بِهِمَا فقال بن الزَّاغُونِيِّ ان اضاف فِسْقَهُمَا إلَى عِلْمِهِ لم يَجُزْ له نَقْضُهُ
وان اضافه إلَى غَيْرِ عِلْمِهِ افْتَقَرَ إلَى بَيِّنَةٍ بالاكراه وَيُحْتَمَلُ لَا
وقال ابو الْخَطَّابِ وابو الْوَفَاءِ ان قال كُنْت عَالِمًا بِفِسْقِهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ
وقال في الْفُرُوعِ كَذَا وَجَدْته
____________________
(11/320)
بَابُ حُكْمِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي
قَوْلُهُ يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي في الْمَالِ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ كَالْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَالْبَيْعِ والاجارة وَالرَّهْنِ وَالصُّلْحِ وَالْوَصِيَّةِ له وَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ في حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب وَقَطَعُوا بِهِ
وَذَكَرُوا في الرِّعَايَةِ رِوَايَةً يُقْبَلُ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْبَلُ فِيمَا عَدَا ذلك مِثْلُ الْقِصَاصِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّوْكِيلِ وَالْوَصِيَّةِ إلَيْهِ على رِوَايَتَيْنِ
قال في الْهِدَايَةِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
وقال في الْخُلَاصَةِ فيه وَجْهَانِ
واطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
احدهما يُقْبَلُ
وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
قال الزَّرْكَشِيُّ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الخرقى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
نَقَلَ جَمَاعَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْبَلُ حتى في قَوَدٍ
وَنَصَرَهُ الْقَاضِي واصحابه
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا
____________________
(11/321)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ في ذلك
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُخْتَارُ كَثِيرٍ من اصحاب الْقَاضِي
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمُذْهَبُ انه لَا يُقْبَلُ في الْقِصَاصِ
قال في الْعُمْدَةِ وَيُقْبَلُ في كل حَقٍّ الا في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ
وقال بن حَامِدٍ لَا يُقْبَلُ في النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ قَوْلُ ابي بَكْرٍ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على قَبُولِهِ الا في الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا لَا يُقْبَلُ فيه الا رَجُلَانِ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وفي هذه الْمَسْأَلَةِ ذَكَرُوا ان كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ لانه شَهَادَةٌ على شَهَادَةٍ
وَذَكَرُوا فِيمَا اذا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ انه اصل وَمَنْ شَهِدَ عليه فَرْعٌ
وَجَزَمَ بِهِ بن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ
فَلَا يَجُوزُ نَقْضُ الْحُكْمِ بانكار الْقَاضِي الْكَاتِبِ
وَلَا يَقْدَحُ في عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ يَمْنَعُ انكاره الْحُكْمَ كما يَمْنَعُ رُجُوعُ شُهُودِ الاصل الْحُكْمَ
فَدَلَّ ذلك على انه فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وهو اصل لِمَنْ شَهِدَ عليه
وَدَلَّ ذلك انه يَجُوزُ ان يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ فَرْعًا لاصل
يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ في التَّعْلِيلِ ان الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذلك وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ في فَرْعِ الْفَرْعِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنَفِّذَهُ في الْمَسَافَةِ الْقَرِيبَةِ وَمَسَافَةِ الْقَصْرِ
وَلَوْ كان بِبَلَدٍ وَاحِدٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وفي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ايضا
____________________
(11/322)
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا هل التَّنْفِيذُ حُكْمٌ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ في الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ دُونَ الْقَرِيبَةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ فَوْقَ يَوْمٍ
وهو قَوْلٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال خَرَّجْته في الْمَذْهَبِ وَأَقَلُّ من يَوْمٍ كَخَبَرٍ انْتَهَى
يَعْنِي إذَا أَخْبَرَ حَاكِمٌ الْآخِرَ بِحُكْمِهِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ
فَلَوْلَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ كَالْخَبَرِ لَمَا اكْتَفَى فيه بِخَبَرِهِ وَلَمَا جَازَ لِلْحَاكِمِ الْآخِرِ الْعَمَلُ بِهِ حتى يَشْهَدَ بِهِ شَاهِدَانِ
قَالَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ
قال الْقَاضِي وَيَكُونُ في كِتَابِهِ شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَلَا يَكْتُبُ ثَبَتَ عِنْدِي لِأَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ
وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ بِالثُّبُوتِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ يَتَضَمَّنُ إلْزَامًا انْتَهَى
فَعَلَيْهِ لَا يَمْتَنِعُ كِتَابَتُهُ ثَبَتَ عِنْدِي
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ لو أَثْبَتَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ وَقْفًا لَا يَرَاهُ كَوَقْفِ الْإِنْسَانِ على نَفْسِهِ بِالشَّهَادَةِ على الْخَطِّ
فإنه حُكْمٌ لِلْخِلَافِ في الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كما هو الْمُعْتَادُ فَلِحَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ أَنْ يُنَفِّذَهُ في مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ
____________________
(11/323)
وان لم يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ بَلْ قال ثَبَتَ كَذَا فَكَذَلِكَ لان الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ
ثُمَّ ان رأي الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا نَفَّذَهُ والا فَالْخِلَافُ في قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلُزُومُ الْحَنْبَلِيِّ تَنْفِيذُهُ يَنْبَنِي على لُزُومِ تَنْفِيذِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلِفِ فيه على ما تَقَدَّمَ
وَحُكْمُ الْمَالِكِيِّ مع عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ في الْخَطِّ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُخْتَلَفًا فيه وَلِهَذَا لَا يُنَفِّذُهُ الحنفيه حتى يُنَفِّذَهُ حَاكِمٌ
وَلِلْحَنْبَلِيِّ الْحَكَمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مع بُعْدِ الْمَسَافَةِ
وَمَعَ قُرْبِهَا الْخِلَافُ لانه نَقَلَ إلَيْهِ ثُبُوتَهُ مُجَرَّدًا
قَالَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ
وقال وَمِثْلُ ذلك لو ثَبَتَ عِنْدَ حَنْبَلِيٍّ وَقْفٌ على النَّفْسِ ولم يَحْكُمْ بِهِ وَنَقَلَ الثُّبُوتَ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ فَلَهُ الْحُكْمُ وَبُطْلَانُ الْوَقْفِ
وامثلته كَثِيرَةٌ
فَائِدَةٌ لو سمع الْبَيِّنَةَ ولم يُعَدِّلْهَا وَجَعَلَهَا إلَى آخَرَ جَازَ مع بُعْدِ الْمَسَافَةِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ ان يَكْتُبَ إلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ والى من يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هذا من قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَعْيِينُ الْقَاضِي الْكَاتِبَ كَشُهُودِ الاصل وقد يُخْبِرُ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ
قال الاصحاب في شُهُودِ الاصل يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمْ لهم
قال الْقَاضِي حتى لو قال تَابِعِيَّانِ اشهدنا صَحَابِيَّانِ لم يَجُزْ حتى يُعَيِّنَاهُمَا
قَوْلُهُ فاذا وَصَلَا إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ دَفَعَا إلَيْهِ الْكِتَابَ وَقَالَا
____________________
(11/324)
نَشْهَدُ ان هذا كِتَابُ فُلَانٍ اليك كَتَبَهُ من عَمَلِهِ واشهدنا عليه وَالِاحْتِيَاطُ ان يَشْهَدَا بِمَا فيه
فَيَقُولَانِ واشهدنا عليه قَالَهُ الخرقى وجماعه
وَاعْتَبَرَ الخرقى ايضا وَجَمَاعَةٌ
قَوْلَهُمَا قُرِئَ عَلَيْنَا وَقَوْلَ الْكَاتِبِ اشْهَدَا عَلَيَّ
وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ انهما اذا وَصَلَا قَالَا نَشْهَدُ انه كِتَابُ فُلَانٍ اليك كَتَبَهُ بِعَمَلِهِ من غَيْرِ زِيَادَةٍ على ذلك
قال الزَّرْكَشِيُّ الذي يَنْبَغِي قَبُولُ شَهَادَةِ من شَهِدَ ان هذا كِتَابُ فُلَانٍ اليك كَتَبَهُ من عَمَلِهِ اذا جَهِلَا ما فيه قَوْلًا وَاحِدًا لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ انْتَهَى
وفي كَلَامِ ابي الْخَطَّابِ كَتَبَهُ بِحَضْرَتِنَا وقال لنا اشْهَدَا عَلَيَّ اني كَتَبْته في عَمَلِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدِي وَحَكَمْت بِهِ من كَذَا وَكَذَا فَيَشْهَدَانِ بِذَلِكَ
قال الزَّرْكَشِيُّ وقال الْقَاضِي يَكْفِي ان يَقُولَ هذا كِتَابِي إلَى فُلَانٍ من غَيْرِ ان يَقُولَ اشْهَدَا عَلَيَّ انْتَهَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كِتَابُهُ في غَيْرِ عَمَلِهِ او بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ على ما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ هل يَجُوزُ ان يَشْهَدَ على الْقَاضِي فِيمَا اثبته وَحَكَمَ بِهِ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ شَهِدَا عِنْدَهُ بِالْحَقِّ الْمَحْكُومِ بِهِ لم اجد لاصحابنا فيها نَصًّا
وَمُقْتَضَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ انها لَا تُقْبَلُ لانها لَا تَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ عليه بِقَبُولِهِ شَهَادَتَهُمَا واثباته بها الْحَقَّ وَالْحُكْمَ فَالثُّبُوتُ وَالْحُكْمُ مَبْنِيَّانِ على قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا وَشَهَادَتُهُمَا عليه بِقَبُولِهِ شَهَادَتَهُمَا نَفْعٌ لَهُمَا فَلَا يَجُوزُ قَبُولُهَا
واذا بَطَلَتْ بَعْضُ الشَّهَادَةِ بَطَلَتْ لانها لَا تَتَجَزَّأُ
____________________
(11/325)
وفي رَوْضَةِ الشَّافِعِيَّةِ عن ابي طَاهِرٍ يَجُوزُ ان يَكُونَ الشَّاهِدَانِ بِحُكْمِ الْقَاضِي هُمَا اللَّذَانِ شَهِدَا عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا لانهما الْآنَ يَشْهَدَانِ على فِعْلِ الْقَاضِي
قال ابو الطَّاهِرِ وَعَلَى هذا تَفَقَّهْتُ وادركت الْقُضَاةَ انْتَهَى
وَهَذَا فِيمَا اذا كانت شَهَادَتُهُمَا على الْحُكْمِ بِمَا يُحْتَمَلُ قَبُولُهُ على ما فيه
واما على الثُّبُوتِ فَهَذَا في غَايَةِ الْبُعْدِ
وقد افتى بِالْمَنْعِ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ الْعَيْنِيِّ الْحَنَفِيِّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ الْبِسَاطِيُّ الْمَالِكِيُّ انْتَهَى
وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَتَبَ كِتَابًا وادرجه وَخَتَمَهُ وقال هذا كِتَابِي إلَى فُلَانٍ اشْهَدَا على بِمَا فيه لم يَصِحَّ
لان الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ قال فِيمَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً وَخَتَمَهَا ثُمَّ اشهد على ما فيها فَلَا حتى يُعْلَمَ ما فيها
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْعَمَلُ عليه
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
وهو مقتضي قَوْلِ الخرقى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ بِقَوْلِهِ اذا وُجِدَتْ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةً عِنْدَ رَأْسِهِ من غَيْرِ ان يَكُونَ اشهد او اعلم بها احدا عِنْدَ مَوْتِهِ وَعُرِفَ خَطُّهُ وكان مَشْهُورًا فانه يُنَفَّذُ ما فيها
____________________
(11/326)
وَهَذَا رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ خَرَّجَهَا الاصحاب
وَاخْتَارَ هذه الرِّوَايَةَ الْمُخَرَّجَةَ في الْوَصِيَّةِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
على ما تَقَدَّمَ في اول كِتَابِ الْوَصَايَا
وَعَلَى هذا اذا عَرَفَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ انه خَطُّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَخَتْمُهُ جَازَ قَبُولُهُ
على الصَّحِيحِ على هذا التَّخْرِيجِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ
وَقِيلَ لَا يَقْبَلُهُ
ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ هذا ان على هذه الرِّوَايَةِ يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْكِتَابِ أَنْ يَعْرِفَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ انه خَطُّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَخَتْمُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ
واشكل منه حِكَايَةُ بن حَمْدَانَ قَوْلًا بِالْمَنْعِ
فانه اذن تَذْهَبُ فَائِدَةُ الرِّوَايَةِ
وَاَلَّذِي يَنْبَغِي على هذه الرِّوَايَةِ ان لَا يَشْتَرِطَ شيئا من ذلك
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابي الْبَرَكَاتِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي
نعم اذا قِيلَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فَهَلْ يَكْتَفِي بِالْخَطِّ الْمُجَرَّدِ من غَيْرِ شَهَادَةٍ فيه وَجْهَانِ
حَكَاهُمَا ابو الْبَرَكَاتِ
وَعَلَى هذا يُحْمَلُ كَلَامُ بن حَمْدَانَ وَغَيْرِهِ انْتَهَى
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من عُرِفَ خطة باقرار او إنْشَاءٍ أو عَقْدٍ او شَهَادَةٍ عُمِلَ بِهِ كَمَيِّتٍ فان حَضَرَ وانكر مَضْمُونَهُ فَكَاعْتِرَافِهِ بِالصَّوْتِ وانكار مَضْمُونِهِ
____________________
(11/327)
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في كِتَابٍ اصدره إلَى السُّلْطَانِ في مَسْأَلَةِ الزِّيَارَةِ وقد تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ في كِتَابِ الْحَاكِمِ هل يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدَيْنِ على لَفْظِهِ ام إلَى وَاحِدٍ ام يَكْتَفِي بِالْكِتَابِ الْمَخْتُومِ ام يَقْبَلُ الْكِتَابَ بِلَا خَتْمٍ وَلَا شَاهِدٍ على اربعة اقوال مَعْرُوفَةٍ في مَذْهَبِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ
نَقَلَهُ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في تَعْلِيقَتِهِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلًا في الْمَذْهَبِ انه يَحْكُمُ بِخَطِّ شَاهِدٍ مَيِّتٍ
وقال الْخَطُّ كَاللَّفْظِ اذا عُرِفَ انه خَطُّهُ
وقال انه مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
وهو يَعْرِفُ ان هذا خطة كما يَعْرِفُ ان هذا صَوْتَهُ
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ على انه يَشْهَدُ على الشَّخْصِ اذا عَرَفَ صَوْتَهُ مع امكان الِاشْتِبَاهِ وَجَوَّزَ الْجُمْهُورُ كالامام مَالِكٍ وَالْإِمَامِ احمد رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الشَّهَادَةَ على الصَّوْتِ من غَيْرِ رُؤْيَةِ الْمَشْهُودِ عليه وَالشَّهَادَةُ على الْخَطِّ أَضْعَفُ لَكِنْ جَوَازُهُ قَوِيٌّ اقوى من مَنْعِهِ انْتَهَى
فَوَائِدُ
الاولى قال في الرَّوْضَةِ لو كَتَبَ شَاهِدَانِ إلَى شَاهِدَيْنِ من بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ عنهما لم يَجُزْ
لان الشَّاهِدَ انما يَصِحُّ ان يَشْهَدَ على غَيْرِهِ اذا سمع منه لَفْظَ الشَّهَادَةِ وقال اشْهَدْ عَلَيَّ
فَأَمَّا ان يَشْهَدَ عليه بِخَطِّهِ فَلَا
____________________
(11/328)
لان الْخُطُوطَ يَدْخُلُ عليها الْعِلَلُ
فَإِنْ قام بِخَطِّ كل وَاحِدٍ من الشَّاهِدَيْنِ شَاهِدَانِ سَاغَ له الْحُكْمُ بِهِ
الثَّانِيَةُ يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي في الْحَيَوَانِ بِالصِّفَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُقْبَلُ كِتَابُهُ في حَيَوَانٍ في الاصح
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو كَتَبَ الْقَاضِي كِتَابًا في عَبْدٍ او حَيَوَانٍ بِالصِّفَةِ ولم يَثْبُتْ له مُشَارِكٌ في صِفَتِهِ سَلَّمَ الي المدعى
فان كان غير عَبْدٍ وامه سَلَّمَ إلَيْهِ مَخْتُومًا
وان كان عَبْدًا او امة سَلَّمَ إلَيْهِ مَخْتُومَ الْعِتْقِ بِخَيْطٍ لَا يَخْرُجُ من رَأْسِهِ وَأُخِذَ منه كَفِيلٌ لِيَأْتِيَ بِهِ إلَى الْحَاكِمِ الْكَاتِبِ لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عِنْدَهُ على عَيْنِهِ دُونَ حَلِيَّتِهِ وَيَقْضِي له بِهِ وَيَكْتُبُ له بِذَلِكَ كِتَابًا آخَرَ إلَى من انفذ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ إلَيْهِ لِيَبْرَأَ كَفِيلُهُ
وان كان المدعي جَارِيَةً سُلِّمَتْ إلَى امين يُوَصِّلُهَا
وان لم يَثْبُتْ له ما ادَّعَاهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَمُؤْنَتُهُ مُنْذُ تَسَلَّمَهُ فَهُوَ فيه كَالْغَاصِبِ سَوَاءٌ في ضَمَانِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ وَمَنْفَعَتِهِ
قال في الْفُرُوعِ فَكَمَغْصُوبٍ لانه اخذه بِلَا حَقٍّ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ لَا يُرَدُّ نَفْعُهُ
____________________
(11/329)
قال في الْفُرُوعِ ولم يَتَعَرَّضُوا لِهَذَا في الشُّهُودِ عليه فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فَالْمُدَّعَى عليه وَلَا بَيِّنَةَ اولى انْتَهَى
وَهَذَا كُلُّهُ على الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
وَقِيلَ يَحْكُمُ الْقَاضِي الْكَاتِبُ بِالْعَيْنِ الْغَائِبَةِ بِالصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ اذا ثَبَتَتْ هذه الصُّفَّةُ التَّامَّةُ
فاذا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ سَلَّمَهَا إلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُنْفِذُهَا إلَى الْكَاتِبِ لِتَقُومَ الْبَيِّنَةُ على عَيْنِهَا
وقال في الرِّعَايَةِ وَتَكْفِي الدَّعْوَى بِالْقِيمَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ على الاول لو ادَّعَى على رَجُلٍ دَيْنًا صِفَتُهُ كَذَا ولم يذكر اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لم يُحْكَمْ عليه بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الذي فيه الْمُدَّعَى عليه كما قُلْنَا في الْمُدَّعَى بِهِ لِيَشْهَدَ على عَيْنِهِ
وَكَذَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هل يَحْضُرُ لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ على عَيْنِهِ كما في الْمَشْهُودِ بِهِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي ان كَتَبَ بِثُبُوتٍ او اقرار بِدَيْنٍ جَازَ وَحَكَمَ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَأَخَذَ بِهِ الْمَحْكُومُ عليه
وَكَذَا عَيْنًا كَعَقَارٍ مَحْدُودٍ او عَيْنٍ مَشْهُورَةٍ لَا تَشْتَبِهُ
وان كان غير ذلك فَالْوَجْهَانِ
وَقَالَهُ الشَّارِحُ ايضا
الثَّالِثَةُ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ انه لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْجَدِّ في النَّسَبِ بِلَا حَاجَةٍ
قال في المنتقي في صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ فيه أَنَّ الْمَشْهُودَ عليه اذا عُرِفَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ ابيه اغنى عن ذِكْرِ الْجَدِّ
____________________
(11/330)
وَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَيَكْتُبُ في الْكِتَابِ اسْمَ الْخَصْمَيْنِ وَاسْمَ ابويهما وَجَدَّيْهِمَا وَحِلْيَتَهُمَا
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَلَوْ لم يُعْرَفْ بِذِكْرِ جَدِّهِ ذَكَرَ من يُعْرَفُ بِهِ او ذَكَرَ له من الصِّفَاتِ ما يَتَمَيَّزُ بِهِ عَمَّنْ يُشَارِكُهُ في اسْمِ جَدِّهِ
قَوْلُهُ وان تَغَيَّرَتْ حَالُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ بِعَزْلٍ او مَوْتٍ لم يُقْدَحْ في كِتَابِهِ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ حُكْمُهُ كما لو فَسَقَ فَيَقْدَحُ خَاصَّةً فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ
فَأَمَّا ما حَكَمَ بِهِ فَلَا يَقْدَحُ فيه قَوْلًا وَاحِدًا كما قال الْمُصَنِّفُ
قَوْلُهُ واذا حَكَمَ عليه فقال له اُكْتُبْ لي إلَى الْكَاتِبِ انك حَكَمْت على حتى لَا يَحْكُمَ على ثَانِيًا لم يَلْزَمْهُ ذلك وَلَكِنَّهُ يَكْتُبُ له مَحْضَرًا بِالْقِصَّةِ
فَيَلْزَمُهُ ان يَشْهَدَ عليه بِمَا جري لِئَلَّا يَحْكُمَ عليه الْكَاتِبُ
قَوْلُهُ وَكُلُّ من ثَبَتَ له عِنْدَ حَاكِمٍ حَقٌّ او ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ مِثْلُ ان انكر وَحَلَّفَهُ الْحَاكِمُ فَسَأَلَ الْحَاكِمَ ان يَكْتُبَ له مَحْضَرًا بِمَا جَرَى لِيُثْبِتَ حَقَّهُ او بَرَاءَتَهُ لَزِمَهُ اجابته
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
____________________
(11/331)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وان قال اشْهَدْ لي عَلَيْك بِمَا جَرَى لي عِنْدَك في ذلك وفي غَيْرِهِ من حَقٍّ وَإِقْرَارٍ وانكار وَنُكُولٍ وَيَمِينٍ وَرَدِّهَا وابراء وَوَفَاءٍ وَثُبُوتٍ وَحُكْمٍ وَتَنْفِيذٍ وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَغَيْرِ ذلك أو حكم ( ( ( احكم ) ) ) بِمَا ثَبَتَ عِنْدَكَ لَزِمَهُ انْتَهَى
وَقِيلَ ان ثَبَتَ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ لم يَلْزَمْهُ ذلك
واطلقهما في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَائِدَتَانِ
احداهما لو سَأَلَهُ مع الاشهاد كِتَابَةَ ما جَرَى واتاه بِوَرَقَةٍ اما من عِنْدِهِ او من بَيْتِ الْمَالِ لَزِمَهُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ لَزِمَهُ ذلك في الاصح
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ واطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَلْزَمُهُ ان تَضَرَّرَ بِتَرْكِهِ
الثَّانِيَةُ ما تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ يُسَمَّى سِجِلًّا وَغَيْرُهُ يُسَمَّى مَحْضَرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا واما السِّجِلُّ فَهُوَ لانفاذ ما ثَبَتَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمِ بِهِ
____________________
(11/332)
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّرْغِيبِ الْمَحْضَرُ شَرْحُ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَهُ لَا الْحُكْمُ بِثُبُوتِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وما تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ سِجِلٌّ
وَقِيلَ هو انفاذ ما ثَبَتَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمُ بِهِ وما سِوَاهُ مَحْضَرٌ وهو شَرْحُ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِدُونِ حُكْمٍ
قَوْلُهُ في صِفَةِ الْمَحْضَرِ في مَجْلِسِ حُكْمِهِ
هذا اذا ثَبَتَ الْحَقُّ بِغَيْرِ اقرار
فاما ان ثَبَتَ الْحَقُّ بالاقرار لم يذكر في مَجْلِسِ حُكْمِهِ
وَقَوْلُهُ في صِفَةِ السِّجِلِّ بِمَحْضَرٍ من خَصْمَيْنِ
يَفْتَقِرُ الامر إلَى حُضُورِهِمَا
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ الاصحاب وَقَطَعُوا بِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الثُّبُوتُ الْمُجَرَّدُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهِمَا بَلْ إلَى دَعْوَاهُمَا
لَكِنْ قد تَكُونُ الْبَاءُ بَاءَ السَّبَبِ لَا الظَّرْفِ كالاولى
وَهَذَا يَنْبَنِي على ان الشَّهَادَةَ هل تَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِ الْخَصْمَيْنِ
فَأَمَّا التَّزْكِيَةُ فَلَا
قال وَظَاهِرُهُ انه لَا حُكْمَ فيه باقرار وَلَا نُكُولٍ وَلَا رَدٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(11/333)
بَابُ الْقِسْمَة
قَوْلُهُ وَقِسْمَةُ الاملاك جَائِزَةٌ وَهِيَ نَوْعَانِ
قِسْمَةُ تَرَاضٍ وَهِيَ ما فيها ضَرَرٌ او رَدُّ عِوَضٍ من احدهما كَالدُّورِ الصِّغَارِ وَالْحَمَّامِ وَالْعَضَائِدِ الْمُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِي لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كل عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ منها والارض التي في بَعْضِهَا بِئْرٌ او بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ وَلَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بالاجزاء وَالتَّعْدِيلِ اذا رَضُوا بِقِسْمَتِهَا اعيانا بِالْقِيمَةِ جَازَ بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ لَا يُجْبَرُ عليها الْمُمْتَنِعُ منها وَلَا يَجُوزُ فيها الا ما يَجُوزُ في الْبَيْعِ
فَلَوْ قال احدهما انا اخذ الادنى وَيَبْقَى لي في الاعلى تَتِمَّةُ حصتى فَلَا اجبار
قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرَّوْضَةِ اذا كان بَيْنَهُمْ مَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةٌ اذا اخذ احدهم من كل مَوْضِعٍ منها حَقَّهُ لم يَنْتَفِعْ بِهِ جُمِعَ له حَقُّهُ من كل مَكَان واخذه
فاذا كان له سَهْمٌ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ الا بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ على شُرَكَائِهِ وَافْتِيَاتِهِ عليهم مُنِعَ من التَّصَرُّفِ فيه واجبر على بَيْعِهِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي الْبَيْعُ ما فيه رَدُّ عِوَضٍ وان لم يَكُنْ فيه رَدُّ عِوَضٍ فَهِيَ افراز النَّصِيبَيْنِ وَتَمْيِيزُ الْحَقَّيْنِ وَلَيْسَتْ بَيْعًا
____________________
(11/334)
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَائِدَةٌ من دَعَا شَرِيكَهُ إلَى الْبَيْعِ في قِسْمَةِ التَّرَاضِي اجبر فان ابى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِّمَ الثَّمَنُ
نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي واصحابه
وَذَكَرَهُ في الارشاد وَالْفُصُولِ والايضاح وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ الشَّيْخِ يعنى بِهِ الْمُصَنِّفَ وَالْمَجْدَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ
وَكَذَا حُكْمُ الاجارة وَلَوْ في وَقْفٍ
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْوَقْفِ
قَوْلُهُ وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ من الْقِسْمَةِ
يَعْنِي قِسْمَةَ الاجبار
هو نَقْصُ الْقِيمَةِ بِالتَّسْوِيَةِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
يَعْنِي في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
او لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا في ظَاهِرِ كَلَامِ الخرقى
وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ
____________________
(11/335)
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
واطلقهما في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال ظَاهِرُ كَلَامِ الامام رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ اعْتِبَارُ النَّفْعِ وَعَدَمُ نَقْصِ قِيمَتِهِ وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ
وتقدم ( ( ( ويقدم ) ) ) التَّنْبِيهُ على بَعْضِ ذلك في بَابِ الشُّفْعَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان الضَّرَرُ على احدهما دُونَ الاخر كَرَجُلَيْنِ لاحدهما الثُّلُثَانِ وللاخر الثُّلُثُ يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِقَسْمِهَا وَيَتَضَرَّرُ الْآخَرُ فَطَلَبَ من لَا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ لم يُجْبَرْ الاخر عليه وان طَلَبَهُ الْآخَرُ اجبر الاول
هذا اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ من الاصحاب
منهم ابو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ واليه مَيْلُ الشَّيْخَيْنِ
وقال الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ ان طَلَبَهُ الاول اجبر الْآخَرُ وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَضْرُورُ لم يُجْبَرْ الْآخَرُ
وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ بُعْدٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه لَا اجبار على الْمُمْتَنِعِ من الْقِسْمَةِ مِنْهُمَا
وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
____________________
(11/336)
وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن الاصحاب وَقَالُوا هو الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
قَوْلُهُ وان كان بَيْنَهُمَا عُبَيْدٌ او بَهَائِمُ او ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا فَطَلَبَ احدهما قَسْمَهَا اعيانا بِالْقِيمَةِ لم يُجْبَرْ الْآخَرُ
هذا احد الْوُجُوهِ
واليه مَيْلُ ابي الْخَطَّابِ
وهو احْتِمَالٌ له في الْهِدَايَةِ
وقال الْقَاضِي يُجْبَرُ
وَظَاهِرُهُ انه سَوَاءٌ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ ام لَا
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْمَذْهَبُ ان تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ اجبر وَإِلَّا فَلَا نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ اجبر الْمُمْتَنِعُ في الْمَنْصُوصِ ان تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ اذا كانت من جِنْسٍ وَاحِدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اذا كانت من نَوْعٍ وَاحِدٍ
فَائِدَةٌ الْآجُرُّ وَاللَّبِنُ الْمُتَسَاوِي الْقَوَالِبِ من قِسْمَةِ الاجزاء وَالْمُتَفَاوِتُ من قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ
____________________
(11/337)
قَوْلُهُ وان كان بَيْنَهُمَا حَائِطٌ لم يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ من قَسْمِهِ فَإِنْ اسْتُهْدِمَ
يَعْنِي حتى بَقِيَ عَرْصَةً
لم يُجْبَرْ على قَسْمِ عَرْصَتِهِ
هذا احد الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وقال أَصْحَابُنَا إنْ طَلَبَ قِسْمَتَهَا طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ له نِصْفُ الطُّولِ في كَمَالِ الْعَرْضِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ
وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَتَهَا عَرْضًا وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ أُجْبِرَ وَإِلَّا فَلَا
وَنَسَبَهُ في الْفُرُوعِ إلَى الْقَاضِي فَقَطْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال الأدمى في مُنْتَخَبِهِ وَلَا إجْبَارَ في حَائِطٍ إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ لِحَائِطَيْنِ
وقال أبو الْخَطَّابِ في الْحَائِطِ لَا يُجْبَرُ على قَسْمِهَا بِحَالٍ
وقال في الْعَرْصَةِ كَقَوْلِ الْأَصْحَابِ
وَقَالَهُ في الْمُذْهَبِ
وَقِيلَ لَا إجْبَارَ في الْحَائِطِ وَالْعَرْصَةِ إلَّا في قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا في كَمَالِ الْعَرْضِ خَاصَّةً
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ في هذا فَقِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ما يَلِيه
____________________
(11/338)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قال في المغنى الشَّرْحُ وَإِنْ حَصَلَ له ما يُمْكِنُ بِنَاءُ حَائِطِهِ فيه أُجْبِرَ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْبَرَ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ خَوْفًا من أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما يَلِي مِلْكَ الْآخِرِ انْتَهَيَا
وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وان كان بَيْنَهُمَا دَارٌ لها عُلْوٌ وَسُفْلٌ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا لِأَحَدِهِمَا الْعُلْوُ وللأخر السُّفْلُ لم يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ من قَسْمِهَا بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا لو طَلَبَ قِسْمَةَ السُّفْلِ دُونَ الْعُلْوِ أو الْعَكْسَ أو قِسْمَةَ كل وَاحِدٍ على حِدَةٍ
وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا مَعًا وَلَا ضَرَرَ وَجَبَ وَعُدِّلَ بِالْقِيمَةِ لَا ذِرَاعُ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلْوٍ وَلَا ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ
قَوْلُهُ وان كان بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ لم يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ من قَسْمِهَا هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وتذكره بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَاعِدَةِ السادسه وَالسَّبْعِينَ هذا الْمَشْهُورُ
ولم يذكر الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في الْمَذْهَبِ سواه ( ( ( سواء ) ) )
وَفَرَّقُوا بين المهاياة وَالْقِسْمَةِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازُ أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ من الْآخَرِ
____________________
(11/339)
وَالْمُهَايَأَةُ مُعَاوَضَةٌ حَيْثُ كانت اسْتِيفَاءً لِلْمَنْفَعَةِ من مِثْلِهَا في زَمَنٍ آخَرَ
وَفِيهَا تَأْخِيرُ أَحَدِهِمَا عن اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ
وَعَنْهُ يُجْبَرُ
وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ يُجْبَرُ في الْقِسْمَةِ بِالْمَكَانِ إذَا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ وَلَا يُجْبَرُ بِقِسْمَةِ الزَّمَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَاضَيَا على قَسْمِهَا كَذَلِكَ أو على قَسْمِ الْمَنَافِعِ بِالْمُهَايَأَةِ جَازَ
إذَا اقْتَسَمَا الْمَنَافِعَ بِالزَّمَانِ أو الْمَكَانِ صَحَّ
وكان ذلك جَائِزًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالتَّرْغِيبِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ لُزُومَهُ إنْ تَعَاقَدَا مُدَّةً مَعْلُومَةً
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَذَكَرَ بن البناء ( ( ( البنا ) ) ) في الْخِصَالِ أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا اخْتَلَفُوا في مَنَافِعِ دَارٍ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُهُمْ على قَسْمِهَا بالمهايأه أو يُؤَجِّرُهَا عليهم
قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَازِمًا بِالْمَكَانِ مُطْلَقًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو رَجَعَ أَحَدُهُمَا قبل اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ فَلَهُ ذلك وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ غَرِمَ ما انْفَرَدَ بِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَنْفَسِخُ حتى يَنْقَضِيَ الدُّورُ وَيَسْتَوْفِي كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ انْتَهَى
وَلَوْ اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا نَوْبَتَهُ ثُمَّ تَلِفَتْ الْمَنَافِعُ في مُدَّةِ الْآخَرِ قبل تَمَكُّنِهِ من
____________________
(11/340)
الْقَبْضِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ على الْأَوَّلِ بِبَدَلِ حِصَّتِهِ من تِلْكَ الْمُدَّةِ ما لم يَكُنْ رضى بِمَنْفَعَتِهِ في الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ على أَيِّ حَالٍ كان فَائِدَتَانِ
أحداهما لو انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ مِلْكِ وَقْفٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً أَمْ لَا
قال في الْفُرُوعِ فيه نَظَرٌ
فَإِنْ كانت إلي مُدَّةٍ لَزِمَتْ الْوَرَثَةَ والمشترى
قال ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال أَيْضًا مَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا قَرِيبٌ من مَعْنَى الْبَيْعِ
وقد يُقَالُ يَجُوزُ التَّبْدِيلُ كَالْحَبِيسِ والهدى
وقال أَيْضًا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ إذَا كان على جِهَتَيْنِ فَأَمَّا الْوَقْفُ على
جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُقْسَمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لَازِمَةً اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ
لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ
وَلَا فَرْقَ في ذلك بين مُنَاقَلَةِ الْمَنَافِعِ وَبَيْنَ تَرْكِهَا على المهايأه بِلَا مُنَاقَلَةٍ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ما ذَكَرَ شَيْخُنَا عن الْأَصْحَابِ وَجْهٌ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ وهو أَظْهَرُ
وفي الْمُبْهِجِ لُزُومُهَا إذَا اقْتَسَمُوهَا بانفسهم
قال وَكَذَا إنْ تَهَايَئُوا
وَنَقَلَ أبو الصَّقْرِ فِيمَنْ وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِهِ كَيْفَ بِيعَ
قال يُفْرِزُ الثُّلُثَ مِمَّا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ شاؤوا بَاعُوا أو تَرَكُوا
الثَّانِيَةُ نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ مُدَّةُ كل وَاحِدٍ عليه
____________________
(11/341)
وَإِنْ نَقَصَ الْحَادِثُ عن الْعَادَةِ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا أَرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعِ قُسِمَتْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُسِمَتْ على الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَجِبَ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا مع الزَّرْعِ لم يُجْبَرْ الْآخَرُ
هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْكَافِي يُجْبَرُ سَوَاءٌ اشْتَدَّ حَبُّهُ أو كان قَصِيلًا لِأَنَّ الزَّرْعَ كَالشَّجَرِ في الْأَرْضِ وَالْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقٍّ وَلَيْسَتْ بَيْعًا
وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لم يَجُزْ وَلَوْ اشْتَدَّ الْحَبُّ لِتَضَمُّنِهِ بَيْعَ السُّنْبُلِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ
وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ إذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ لِأَنَّ السَّنَابِلَ هُنَا دَخَلَتْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَلَيْسَتْ الْمَقْصُودَةُ فَأَشْبَهَ النَّخْلَةَ الْمُثْمِرَةَ بِمِثْلِهَا
قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَاضَوْا عليه وَالزَّرْعُ قَصِيلٌ أو قَطِينٌ جَازَ وإن
____________________
(11/342)
وَإِنْ كان بَذْرًا أو سَنَابِلَ قد اشْتَدَّ حَبُّهَا فَهَلْ يَجُوزُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَجُزْ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ مع تَرَاضِيهِمَا
وقال الْقَاضِي يَجُوزُ في السَّنَابِلِ وَلَا يَجُوزُ في الْبَذْرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي في السَّنَابِلِ وَقَدَّمَ في الْبَذْرِ لَا يَجُوزُ
وقال في التَّرْغِيبِ مَأْخَذُ الْخِلَافِ هل هِيَ إفْرَازٌ أو بَيْعٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا نَهْرٌ أو قَنَاةٌ أو عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا على ما اشْتَرَطَاهُ عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذلك
فَإِنْ اتَّفَقَا على قَسْمِهِ بالمهايأه بِزَمَنٍ جَازَ وَإِنْ أَرَادَا قَسْمَ ذلك بِنَصْبِ خَشَبَةٍ أو حَجَرٍ مستوي ( ( ( غبن ) ) ) في مَصْدَمِ الْمَاءِ فيه ثُقْبَانِ على قَدْرِ حَقِّ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَتَقَدَّمَ هذا وَغَيْرُهُ في بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِنَصِيبِهِ أَرْضًا ليس لها رَسْمُ شِرْبٍ من هذا النَّهْرِ جَازَ
____________________
(11/343)
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ
وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا ويجىء ( ( ( ويجيء ) ) ) على أَصْلِنَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على قَدْرِ حَاجَتِهِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ له ذلك إذَا قُلْنَا لَا يُمْلَكُ الْمَاءُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الْبَيْعِ
وَذَكَرْنَا ما فيه من الْخِلَافِ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هذا في بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ
وَفُرُوعٍ أُخْرَى كَثِيرَةٍ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ النَّوْعُ الثَّانِي
قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ وَهِيَ ما لَا ضَرَرَ فيها وَلَا رَدُّ عِوَضٍ كَالْأَرْضِ الْوَاسِعَةِ وَالْقُرَى وَالْبَسَاتِينِ وَالدُّورِ الْكِبَارِ وَالدَّكَاكِينِ الْوَاسِعَةِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ من جِنْسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كان مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ أو لم تَمَسَّهُ كَخَلِّ الْعِنَبِ وَالْأَدْهَانِ وَالْأَلْبَانِ وَنَحْوِهَا بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(11/344)
وَقَوْلُهُ فإذا طَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهُ وَأَبَى الْآخَرُ أُجْبِرَ عليه بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا يُجْبَرُ وَلِيُّ من ليس أَهْلًا لِلْقِسْمَةِ لَكِنْ مع غَيْبَةِ الْوَلِيِّ هل يَقْسِمُ الْحَاكِمُ عليه فيه وَجْهَانِ
ذَكَرَهُمَا في التَّرْغِيبِ
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقَيْنِ في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَقْسِمُهُ الْحَاكِمُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ
قال في الْمُحَرَّرِ وَيَقْسِمُ الْحَاكِمُ علي الْغَائِبِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَكَذَا في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَيَقْسِمُ الْحَاكِمُ على الْغَائِبِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ
وَقِيلَ إنْ كان له وَكِيلٌ حَاضِرٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا
وقال وَوَلِيُّ الْمَوْلَى عليه في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ كَهُوَ
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْسِمُهُ مع غَيْبَةِ الْوَلِيِّ
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ فَإِنْ كان الْمُشْتَرَكُ مِثْلِيًّا في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وهو الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَهَلْ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ إذَا امْتَنَعَ الْآخَرُ أو غَابَ على وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ
وهو قَوْلُ أبى الْخَطَّابِ
وَالثَّانِي الْمَنْعُ
وهو قَوْلُ الْقَاضِي
____________________
(11/345)
لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مُخْتَلَفٌ في كَوْنِهَا بَيْعًا وَإِذْنُ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ النِّزَاعَ وَالثَّانِي لَا يَقْسِمُهُ
فَائِدَةٌ قال جَمَاعَةٌ عن قَسْمِ الْإِجْبَارِ يَقْسِمُ الْحَاكِمُ إنْ ثَبَتَ مِلْكُهَا عِنْدَهُ منهم الْخِرَقِيُّ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عليه
وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِخَطِّهِ مُلْحَقًا
ولم يَذْكُرْهُ آخَرُونَ
منهم أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَبَيْعِ مَرْهُونٍ وَعَبْدٍ جَانٍ
وقال كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في بَيْعِ ما لَا يُقْسَمُ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ عَامٌّ فِيمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا وما لم يَثْبُتْ كَجَمِيعِ الْأَمْوَالِ التي تُبَاعُ
قال وَمِثْلُ ذلك لو جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَزَعَمَتْ أنها خَلِيَّةٌ لَا وَلِيَّ لها هل يُزَوِّجُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ
وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ من ضَيْعَةٍ بِيَدِ قَوْمٍ فَهَرَبُوا منه يُقْسَمُ عليهم وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ لم يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ وَأَنَّهُ أَوْلَى
وهو مُوَافِقٌ لَمَا يَأْتِي في الدَّعْوَى
قال في الْمُحَرَّرِ وَيَقْسِمُ حَاكِمٌ على غَائِبٍ قِسْمَةَ إجْبَارٍ
وقال في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بَلْ مع وَكِيلِهِ فيها الْحَاضِرِ
وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ في عَقَارٍ بِيَدِ غَائِبٍ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في قَرْيَةٍ مُشَاعَةٍ قَسَمَهَا فَلَّاحُوهَا هل
____________________
(11/346)
يَصِحُّ قال إذَا تهايؤها ( ( ( تهايئوها ) ) ) وَزَرَعَ كُلٌّ منهم حِصَّتَهُ فَالزَّرْعُ له وَلِرَبِّ الآرض نَصِيبُهُ إلَّا أَنَّ من تَرَكَ نَصِيبَ مَالِكِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْفَضْلَةِ أو مُقَاسَمَتُهَا
قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقِّ أَحَدِهِمَا من الْآخَرِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَتْ بَيْعًا
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ كما قال
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَحَكَى عن أبي عبد اللَّهِ بن بَطَّةَ ما يَدُلُّ على أنها بَيْعٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقَعَ في تَعَالِيقِ أبي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ عن شَيْخِهِ بن بَطَّةَ أَنَّهُ مَنَعَ قِسْمَةَ الثِّمَارِ التي يَجْرِي فيها الرِّبَا خَرْصًا
وَأَخَذَ من هذا أنها عِنْدَهُ بَيْعٌ انْتَهَى
وَحَكَى الْآمِدِيُّ فيه رِوَايَتَيْنِ
قال الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ الذي تَحَرَّرَ عِنْدِي فِيمَا فيه رَدٌّ أَنَّهُ بَيْعٌ فِيمَا يُقَابِلُ الرَّدَّ وَإِفْرَازٌ في الْبَاقِي لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قالوا في قِسْمَةِ الْمُطْلَقِ عن الْوَقْفِ
إذَا كان فيها رَدٌّ من جِهَةِ صَاحِبِ الْوَقْفِ جَازَ لِأَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ الطَّلْقَ
وَإِنْ كان من صَاحِبِ الطَّلْقِ لم يَجُزْ انْتَهَى
وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ
____________________
(11/347)
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا هُنَا وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ
وذكروا ( ( ( ذكروا ) ) ) فَوَائِدَ أُخَرَ
فَمِنْهَا أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ الْوَقْفِ على الْمَذْهَبِ
أَعْنِي بِلَا رَدِّ عِوَضٍ
وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجُوزُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وقال في الْقَوَاعِدِ هل يَجُوزُ قِسْمَتُهُ فيه طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَإِفْرَازِ الطَّلْقِ من الْوَقْفِ
وهو الْمَجْزُومُ بِهِ في الْمُحَرَّرِ
قُلْت وفي غَيْرِهِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِسْمَتُهُ على الْوَجْهَيْنِ جميعا على الْأَصَحِّ
وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كان وَقْفًا على جِهَتَيْنِ لَا على جِهَةٍ وَاحِدَةٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
نَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى
قُلْت تَقَدَّمَ لَفْظُهُ قبل ( ( ( قيل ) ) ) ذلك في الْفَائِدَةِ الْأُولَى عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَرَاضَيَا على قَسْمِهَا كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ
وَكَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ هُنَاكَ أَيْضًا
وَمِنْهَا إذَا كان نِصْفُ الْعَقَارِ طَلْقًا وَنِصْفُهُ وَقْفًا جَازَتْ قِسْمَتُهُ على الْمَذْهَبِ لَكِنْ بِلَا رَدٍّ من رَبِّ الطَّلْقِ
وقال في الْمُحَرَّرِ عَلَيْهِمَا إنْ كان الرَّدُّ من رَبِّ الْوَقْفِ لِرَبِّ الطَّلْقِ جَازَتْ قِسْمَتُهُ بِالرِّضَى في الْأَصَحِّ انْتَهَى
____________________
(11/348)
وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لم يَجُزْ
وَمِنْهَا جَوَازُ قِسْمَةِ الثِّمَارِ خَرْصًا وَقِسْمَةُ ما يُكَالُ وَزْنًا وما يُوزَنُ كَيْلًا وَتَفَرُّقِهِمَا قبل الْقَبْضِ فِيهِمَا على الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ في جَوَازِ الْقِسْمَةِ بِالْخَرْصِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَجُوزُ في الْأَصَحِّ فِيهِمَا
وقال في الْقَوَاعِدِ وَكَذَلِكَ لو تَقَاسَمُوا الثمر على الشَّجَرِ قبل صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ انْتَهَى
وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لم يَصِحَّ في ذلك كُلِّهِ
وَمِنْهَا إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَقَاسَمَ لم يَحْنَثْ على الْمَذْهَبِ
وَيَحْنَثُ إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ
قال في الْقَوَاعِدِ وقد يُقَالُ الإيمان مَحْمُولَةٌ على الْعُرْفِ وَلَا تُسَمَّى الْقِسْمَةُ بَيْعًا في الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بها وَلَا بِالْحَوَالَةِ وإلإقالة وَإِنْ قِيلَ هِيَ بُيُوعٌ
وَمِنْهَا ما قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ لو حَلَفَ لَا ياكل مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَاشْتَرَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو طَعَامًا مَشَاعًا وَقُلْنَا يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ منه فَتَقَاسَمَاهُ ثُمَّ أَكَلَ الْحَالِفُ من نَصِيبِ عَمْرٍو
فذكر الْآمِدِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ
وقال الْقَاضِي الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْنَثُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُخْرِجُهُ عن أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ اشْتَرَاهُ وَيَحْنَثُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِأَكْلِ ما اشتراه زَيْدٌ وَلَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عنه إلَى غَيْرِهِ
وفي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ لَا يَحْنَثُ هُنَا
وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ
____________________
(11/349)
وَمِنْهَا لو كان بَيْنَهُمَا مَاشِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فَاقْتَسَمَاهَا في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَاسْتَدَامَا خلطة ( ( ( المقطع ) ) ) الْأَوْصَافِ
فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ لم يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ بغيرخلاف
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ خَرَجَ على بَيْعِ الْمَاشِيَةِ بِجِنْسِهَا في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ هل يَقْطَعُهُ أَمْ لَا
وَمِنْهَا إذَا تَقَاسَمَا وَصَرَّحَا بِالتَّرَاضِي وَاقْتَصَرَا على ذلك إنْ قُلْنَا إفْرَازٌ صَحَّتْ
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَوَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ
وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمَا الْخِلَافُ في اشْتِرَاطِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ انها تَصِحُّ بِلَفْظِ الْقِسْمَةِ على الْوَجْهَيْنِ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَصِحَّ من الرِّوَايَةِ التي حَكَاهَا في التَّلْخِيصِ بِاشْتِرَاطِ لَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ
وَمِنْهَا قِسْمَةُ الْمَرْهُونِ كُلِّهِ أو نِصْفِهِ مُشَاعًا
إنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ صَحَّتْ
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم تَصِحَّ
وَلَوْ اسْتَقَرَّ بها الْمُرْتَهِنُ بِأَنْ رَهَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ من حَقٍّ مُعَيَّنٍ من دَارٍ ثُمَّ اقْتَسَمَا فَحَصَلَ الْبَيْتُ في حِصَّةِ شَرِيكِهِ
فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لَا يُمْنَعُ منه على الْقَوْلِ بِالْإِقْرَارِ
وقال صَاحِبُ المغنى يُمْنَعُ منه
وَمِنْهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا بِنَاؤُهُ على الْخِلَافِ
فَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ لم يَثْبُتْ فيها خِيَارٌ
____________________
(11/350)
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ ثَبَتَ
وهو الْمَذْكُورُ في الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ
وَفِيهِ ما يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ في خِيَارِ الْمَجْلِسِ
فَأَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ فَلَا يَثْبُتُ فيها على الْوَجْهَيْنِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَثْبُتُ فيها خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ على الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وَمِنْهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بِالْقِسْمَةِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا بِنَاؤُهُ على الْخِلَافِ
إنْ قُلْنَا إفْرَازٌ لم يَثْبُتْ وَإِلَّا ثَبَتَ
وهو الذي ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ في بَابِ الرِّبَا
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ على الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهَا في الْفُرُوعِ
لِأَنَّهُ لو ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا على الْآخَرِ لَثَبَتَ لِلْآخَرِ عليه فَيَتَنَافَيَانِ
قُلْت وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّوَابُ
وَمِنْهَا قِسْمَةُ الْمُتَشَارِكَيْنِ في الهدى وَالْأَضَاحِيِّ اللَّحْمَ
فَإِنْ قُلْنَا إفْرَازُ حَقٍّ جَازَ
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم يَجُزْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
قُلْت لو قِيلَ بِالْجَوَازِ على الْقَوْلَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ
____________________
(11/351)
وَمِنْهَا لو ظَهَرَ في الْقِسْمَةِ غَبْنٌ فَاحِشٌ
فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ لم تَصِحَّ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْإِفْرَازِ
وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ صَحَّتْ وَثَبَتَ خِيَارُ الْغَبْنِ
ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ
وَمِنْهَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ وَقُلْنَا لها السُّكْنَى فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ قِسْمَةَ الْمَسْكَنِ قبل انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ من غَيْرِ إضْرَارٍ بها بِأَنْ يُعَلِّمُوا الْحُدُودَ بِخَطٍّ أو نَحْوِهِ من غَيْرِ نَقْضٍ وَلَا بِنَاءٍ
فقال في الْمُغْنِي يَجُوزُ ذلك
ولم يَبْنِهِ على الْخِلَافِ في الْقِسْمَةِ
مع أَنَّهُ قال لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَسْكَنِ في هذه الْحَالِ لِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُسْتَثْنَاةِ فيه حُكْمًا
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ هذا يُغْتَفَرُ في الْقِسْمَةِ على الْوَجْهَيْنِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَتَى قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَأَنَّ بَيْعَ هذا الْمَسْكَنِ يَصِحُّ لم تَصِحَّ الْقِسْمَةُ
قَالَهُ في الْفَوَائِدِ
وَمِنْهَا قِسْمَةُ الدَّيْنِ في ذِمَمِ الْغُرَمَاءِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مستوفي في أَوَائِلِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ في أَثْنَاءِ شَرِكَةِ الْعَنَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَقَاسَمَا الدَّيْنَ في الذِّمَّةِ
وَمِنْهَا قَبْضُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ من الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ المثلى مع غَيْبَةِ الْآخَرِ أو امْتِنَاعِهِ من الْإِذْنِ بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ
وَهُمَا على قَوْلِنَا هِيَ إفْرَازٌ
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم يَجُزْ وَجْهًا وَاحِدًا
فَأَمَّا غَيْرُ المثلى فَلَا يُقْسَمُ إلَّا مع الشَّرِيكِ أو من يَقُومُ مَقَامَهُ
____________________
(11/352)
وَمِنْهَا لو اقْتَسَمَا أَرْضًا أو دَارَيْنِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ أو إحْدَى الدَّارَيْنِ بَعْدَ الْبِنَاءِ
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ
وَمِنْهَا لو اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ ثُمَّ ظَهَرَ على الْمَيِّتِ دَيْنٌ أو وَصِيَّةٌ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ وَمِنْهَا لو اقْتَسَمَا دَارًا فَحَصَلَ الطَّرِيقُ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ولم يَكُنْ لِلْآخَرِ مَنْفَذٌ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَنْصِبُوا قَاسِمًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ وَأَنْ يَسْأَلُوا الْحَاكِمَ نَصْبَ قَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِ من يُنْصَبُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ
وَكَذَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ يَعْرِفُ الْحِسَابَ لِأَنَّهُ كَالْخَطِّ لِلْكَاتِبِ وقال في الْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ قَاسِمِهِمْ لِلُّزُومِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ قَاسِمِهِمْ وَمَعْرِفَتُهُ لِلُّزُومِ
وَقِيلَ أن نَصَبُوا غير عَدْلٍ صَحَّ
قَوْلُهُ فَمَتَى عُدِّلَتْ السِّهَامُ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَزِمَتْ الْقِسْمَةُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(11/353)
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَلْزَمَ فِيمَا فيه رَدٌّ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ حتى يَرْضَيَا بِذَلِكَ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ فِيمَا فيه رَدُّ حَقٍّ أو ضَرَرٌ إلَّا بِالرِّضَا بَعْدَهَا
وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالرِّضَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ
وقال في المغنى وَالْكَافِي لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالرِّضَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ إنْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا
وقال في الرِّعَايَةِ وَلِلشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةُ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا تَلْزَمُ بِدُونِ رِضَاهُمْ
وَيُقَاسِمُ عَالِمٌ بها يَنْصِبُونَهُ
فَإِنْ كان عَدْلًا لَزِمَتْ قِسْمَتُهُ بِدُونِ رِضَاهُمْ وَإِلَّا فَلَا أو بِعَدْلٍ عَارِفٍ بِالْقِسْمَةِ يَنْصِبُهُ حَاكِمٌ بِطَلَبِهِمْ
وَتَلْزَمُ قِسْمَتُهُ وَإِنْ كان عَبْدًا
وَمَعَ الرَّدِّ فيها وَجْهَانِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَزِمَ بِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا
ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان في الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ لم يَجُزْ أَقَلُّ من قَاسِمَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يجرى ( ( ( يجزي ) ) ) قَاسِمٌ وَاحِدٌ كما لو خَلَتْ من تَقْوِيمٍ فَائِدَتَانِ
____________________
(11/354)
إحْدَاهُمَا تُبَاحُ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ هِيَ كَقُرْبَةٍ
نَقَلَ صَالِحٌ أَكْرَهُهُ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ أَتَوَقَّاهُ
والأجره على قَدْرِ الْأَمْلَاكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
زَادَ في التَّرْغِيبِ إذَا أَطْلَقَ الشُّرَكَاءُ الْعَقْدَ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ وَاحِدٌ بالإستئجار بِلَا إذْنٍ
وَقِيلَ بِعَدَدِ الْمُلَّاكِ
وقال في الْكَافِي هِيَ على ما شَرَطَاهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ أُجْرَةُ شَاهِدٍ يَخْرُجُ لِقِسْمِ الْبِلَادِ وَوَكِيلٍ وَأَمِينٍ لِلْحِفْظِ على مَالِكٍ وَفَلَّاحٍ كَأَمْلَاكٍ
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال فإذا ما نَهِمَ الْفَلَّاحُ بِقَدْرِ ما عليه أو يَسْتَحِقُّهُ الضَّيْفُ حَلَّ لهم
قال وَإِنْ لم يَأْخُذْ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ إلَّا قَدْرَ عَمَلِهِ بِالْمَعْرُوفِ
وَالزِّيَادَةِ يَأْخُذُهَا الْمُقْطِعُ فَالْمُقْطِعُ هو الذي ظَلَمَ الْفَلَّاحِينَ فإذا أَعْطَى الْوَكِيلُ الْمُقْطِعَ من الضَّرِيبَةِ ما يَزِيدُ على أُجْرَةِ مِثْلِهِ ولم يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ إلَّا أُجْرَةَ عَمَلِهِ جَازَ له ذلك وقال بن هُبَيْرَةَ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ في أَجْرِ الْقَسَّامِ
فقال قَوْمٌ على الْمُزَارِعِ
وقال قَوْمٌ على بَيْتِ الْمَالِ
____________________
(11/355)
وقال قَوْمٌ عَلَيْهِمَا
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ فإذا سَأَلُوا الْحَاكِمَ قِسْمَةَ عَقَارٍ لم يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لهم قَسَمَهُ وَذَكَرَ في كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّ قَسْمَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ لَا عن بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لهم بِمِلْكِهِمْ هذا بِلَا نِزَاعٍ
قال الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا لَا على غَيْرِهِمَا
قَوْلُهُ وَيُعَدِّلُ الْقَاسِمُ السِّهَامَ بِالْأَجْزَاءِ إنْ كانت مُتَسَاوِيَةً وَبِالْقِيمَةِ إنْ كانت مُخْتَلِفَةً وَبِالرَّدِّ إنْ كانت تَقْتَضِيه ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ له سَهْمٌ صَارَ له بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
قَوْلُهُ وَكَيْفَمَا أَقْرَعَ جَازَ إلَّا أَنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ كل وَاحِدٍ من الشُّرَكَاءِ في رُقْعَةٍ ثُمَّ يُدْرِجَهَا في بَنَادِقِ شَمْعٍ أو طِينٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ وَتُطْرَحُ في حِجْرِ من لم يَحْضُرْ ذلك وَيُقَالُ له أَخْرِجْ بُنْدُقَةً على هذا السَّهْمِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ كان له ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ وَالسَّهْمُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاوِيَةً
وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كل سَهْمٍ في رُقْعَةٍ وقال أَخْرِجْ بُنْدُقَةً بِاسْمِ فُلَانٍ وَأَخْرِجْ الثَّانِيَةَ بِاسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثَةَ لِلثَّالِثِ جَازَ
وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/356)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُخَيَّرُ في هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال الشَّارِحُ وَاخْتَارَ أَصْحَابُنَا في الْقُرْعَةِ أَنْ يَكْتُبَ رِقَاعًا مُتَسَاوِيَةً بِعَدَدِ السِّهَامِ
وهو ها ( ( ( ههنا ) ) ) هنا ( ( ( مخير ) ) ) مخيرين بين أَنْ يُخْرِجَ السِّهَامَ على الْأَسْمَاءِ أو يُخْرِجَ الْأَسْمَاءَ على السِّهَامِ انْتَهَى
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ أَنَّ الْبَنَادِقَ تُجْعَلُ طِينًا وَتُطْرَحُ في مَاءٍ وَيُعَيِّنُ وَاحِدًا فَأَيُّ الْبَنَادِقِ انْحَلَّ الطِّينُ عنها وَخَرَجَتْ رُقْعَتُهَا على الْمَاءِ فَهِيَ له وَكَذَلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وما بَعْدَهُ
فَإِنْ خَرَجَ اثْنَانِ مَعًا أُعِيدَ الْإِقْرَاعُ انْتَهَى
قَوْلُهُ فَإِنْ كانت السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً كَثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ فإنه يُجَزِّئُهَا سِتَّةَ أَجْزَاءٍ وَتَخْرُجُ الْأَسْمَاءُ على السِّهَامِ لَا غَيْرُ فَيَكْتُبُ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةً وَبِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ اثْنَيْنِ وَبِاسْمِ صَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدَةً وَيُخْرِجُ بندقه على السَّهْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَهُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ وَالثَّانِي ثُمَّ يُقْرِعُ بين الْآخَرَيْنِ وَالْبَاقِي لِلثَّالِثِ
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْتُبُ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةً وَبِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَبِاسْمِ صَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدَةً كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(11/357)
وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَدَّمَ في المغنى أَنْ يَكْتُبَ بِاسْمِ كل وَاحِدٍ رُقْعَةً لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ أَيْضًا
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا قُرْعَةَ في مَكِيلٍ وموزن ( ( ( وموزون ) ) ) لَا لِلِابْتِدَاءِ
فَإِنْ خَرَجَتْ لِرَبِّ الْأَكْثَرِ أَخَذَ كُلَّ حَقِّهِ
فَإِنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ
فَائِدَةٌ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ تَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ
أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُتَسَاوِيَةً وَقِيمَةُ الْأَجْزَاءِ مُتَسَاوِيَةً وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الْأُولَى
الثَّانِي أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً وَقِيمَةُ الْأَجْزَاءِ مُتَسَاوِيَةً وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الثَّانِيَةُ
الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُتَسَاوِيَةً وَقِيمَةُ الْأَجْزَاءِ مُخْتَلِفَةً
الرَّابِعُ أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً وَالْقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً
فَأَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُمَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ وهو أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُتَسَاوِيَةً وَالْقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً فإن الْأَرْضَ تُعَدَّلُ بِالْقِيمَةِ وَتُجْعَلُ سِتَّةَ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيمَةِ وَيَفْعَلُ في إخْرَاجِ السِّهَامِ مِثْلَ الْأَوَّلِ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ وهو ما إذَا اخْتَلَفَتْ السِّهَامُ وَالْقِيمَةُ فإن الْقَاسِمَ يُعَدِّلُ السِّهَامَ بِالْقِيمَةِ وَيَجْعَلُهَا سِتَّةَ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيَمِ ثُمَّ يُخْرِجُ الرِّقَاعَ فيها الْأَسْمَاءُ على السِّهَامِ كَالْقِسْمِ الثَّالِثِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ التَّعْدِيلَ هُنَا بِالْقِيَمِ وَهُنَاكَ بِالْمِسَاحَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ غَلَطًا فِيمَا تَقَاسَمُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَشْهَدُوا على تَرَاضِيهِمْ بِهِ لم يُلْتَفَتْ إلَيْهِ
____________________
(11/358)
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مع التَّنْبِيهِ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَرْسِلًا
زَادَ في الْكُبْرَى أو مَغْبُونًا بِمَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً أو بِالثُّلُثِ أو بِالسُّدُسِ كما سَبَقَ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان فِيمَا قَسَمَهُ قَاسِمُ الْحَاكِمِ فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكَرِ مع يَمِينِهِ
وَإِنْ كان فِيمَا قَسَمَهُ قَاسِمُهُمْ الذي نَصَّبُوهُ وكان فِيمَا اعْتَبَرْنَا فيه الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَقَاسِمِ الْحَاكِمِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَقَاسَمُوا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ من حِصَّةِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ بَطَلَتْ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/359)
وقال في الْقَوَاعِدِ وَمِنْ الْفَوَائِدِ لو اقْتَسَمَا دَارًا نِصْفَيْنِ ظَهَرَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ لِفَسَادِ الْإِفْرَازِ
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم تنتقض ( ( ( تنتفض ) ) ) وَيَرْجِعُ على شَرِيكِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ في الْمُسْتَحَقِّ كما إذَا قُلْنَا بِذَلِكَ في تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كما لو اشْتَرَى دَارًا فَبَانَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ
وَحَكَى في الْفَوَائِدِ عن صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ حَكَى فيه في هذه الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ
وَظَاهِرُ ما في الْمُحَرَّرِ يُخَالِفُ ذلك
فَائِدَةٌ لو كان الْمُسْتَحَقُّ من الْحِصَّتَيْنِ وكان مُعَيَّنًا لم تَبْطُلْ الْقِسْمَةُ فِيمَا بقى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ
وَقِيلَ تَبْطُلُ
وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي بِنَاءً على عَدَمِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ إذَا قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان شَائِعًا فيهما ( ( ( فيها ) ) ) فَهَلْ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
قال في الْخُلَاصَةِ بَطَلَتْ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(11/360)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ في غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ
قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كان الْمُسْتَحَقُّ مُشَاعًا في أَحَدِهِمَا فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا علي الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَبْطُلُ هُنَا وَإِنْ لم تَبْطُلْ في التي قَبْلَهَا
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْقَوَاعِدِ أَنَّ ذلك كُلَّهُ مَبْنِيٌّ على أن الْقِسْمَةِ إفْرَازٌ وَبَيْعٌ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ
الثَّانِيَةُ قال الْمَجْدُ الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ فَرْعٌ على قَوْلِنَا بِصِحَّةِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ في الْبَيْعِ وهو الْمَذْهَبُ على ما تَقَدَّمَ
فَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا تَتَفَرَّقُ هُنَاكَ بَطَلَتْ هُنَا وَجْهًا وَاحِدًا
وقيل في الْبُلْغَةِ إذَا ظَهَرَ بَعْضُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا مُسْتَحَقًّا نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ
وَإِنْ ظَهَرَتْ حِصَّتُهُمَا على اسْتِوَاءِ النِّسْبَةِ وكان مُعَيَّنًا لم تُنْقَضْ إذَا عَلَّلْنَا فَفَسَادُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالْجَهَالَةِ
وَإِنْ عَلَّلْنَاهُ بِاشْتِمَالِهَا على ما لَا يَجُوزُ بَطَلَتْ وَإِنْ كان الْمُسْتَحَقُّ مُشَاعًا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ في الْجَمِيعِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وإذا اقْتَسَمَا دَارَيْنِ قِسْمَةَ تَرَاضٍ فَبَنَى أَحَدُهُمَا في نَصِيبِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً وَنُقِضَ بِنَاؤُهُ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ على شَرِيكِهِ
____________________
(11/361)
وقال في الْهِدَايَةِ قال شَيْخُنَا يَرْجِعُ على شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَاقْتَصَرَ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال الشَّارِحُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ عن الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَنَصَرَهُ
قال هذه قِسْمَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ
فإن الدَّارَيْنِ لَا يُقْسَمَانِ قِسْمَةَ إجْبَارٍ وَإِنَّمَا يُقْسَمَانِ بِالتَّرَاضِي فَتَكُونُ جَارِيَةً مَجْرَى الْبَيْعِ
قال وَكَذَلِكَ يُخْرِجُ في كل قِسْمَةٍ جَارِيَةً مَجْرَى الْبَيْعِ وَهِيَ قِسْمَةُ التَّرَاضِي كَالَّتِي فيه رَدُّ عِوَضٍ وما لَا يُجْبَرُ على قِسْمَتِهِ لِضَرَرٍ فيه
فَأَمَّا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ إذَا ظَهَرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مُسْتَحَقًّا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فيه فَنَقْضُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْغِرَاسِ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ فَكَذَلِكَ
وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ بَيْعًا لم يَرْجِعْ بِهِ
هذا الذي يَقْتَضِيه قَوْلُ الْأَصْحَابِ انْتَهَى
وقال في الْقَوَاعِدِ إذَا اقْتَسَمَا أَرْضًا فَبَنَى أَحَدُهُمَا في نَصِيبِهِ وَغَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فَقَلَعَ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ
فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازُ حَقٍّ لم يَرْجِعْ على شَرِيكِهِ
وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ رَجَعَ عليه بِقِيمَةِ النَّقْصِ إذَا كان عَالِمًا بِالْحَالِ دُونَهُ
وقال ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ بَنَى أو غَرَسَ فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَقَلَعَ رَجَعَ على شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ
____________________
(11/362)
وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ كَقِسْمَةِ تَرَاضٍ وَإِلَّا فَلَا
وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ رُجُوعَهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ انْتَهَى
قال النَّاظِمُ % وَإِنْ بَانَ في الْإِجْبَارِ لم يَغْرَمْ الْبِنَا % وَلَا الْغَرْسَ إذَا هِيَ مَيْزُ حَقٍّ بِأَجْوَدَ %
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا لم يَرْجِعْ حَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْعًا فَلَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ وَلَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ في الْغُرُورِ إذَا اقْتَسَمَا الْجَوَارِي أَعْيَانًا
وَعَلَى هذا فَاَلَّذِي لم يُسْتَحَقَّ شيئا ( ( ( شيء ) ) ) من نَصِيبِهِ يَرْجِعُ الْآخَرُ عليه بِمَا فَوَّتَهُ عليه من الْمَنْفَعَةِ هذه الْمُدَّةَ وَهُنَا احْتِمَالَاتٌ
أَحَدُهَا التَّسْوِيَةُ بين الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ
الثَّانِي الْفَرْقُ مُطْلَقًا
وَالثَّالِثُ إلْحَاقُ ما كان من الْقِسْمَةِ بَيْعًا بِالْبَيْعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَلَهُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ
يَعْنِي إذَا كان جَاهِلًا بِهِ
وَلَهُ الْإِمْسَاكُ مع الْأَرْشِ
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ الْقِسْمَةُ لآن التَّعْدِيلَ فيها شَرْطٌ ولم يُوجَدْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ
قَوْلُهُ وإذا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ ثُمَّ ظَهَرَ علي الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازُ حَقٍّ لم تَبْطُلْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْبَنَى على
____________________
(11/363)
بَيْعِ التَّرِكَةِ قبل قَضَاءِ الدَّيْنِ هل يَجُوزُ على وَجْهَيْنِ
اعْلَمْ أَنَّا إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقٍّ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ وَلَا تَفْرِيعَ عليه
وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْبَنَى على صِحَّةِ بَيْعِ التَّرِكَةِ قبل قَضَاءِ الدَّيْنِ هل يَصِحُّ أَمْ لَا
فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ بَيْعُهَا قبل قَضَاءِ الدَّيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَوْلَى
قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ على الْأَصَحِّ ان قَضَى
قال في الْمُحَرَّرِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ الصِّحَّةُ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ
فَعَلَيْهِ يَصِحُّ الْعِتْقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ في نَظَرِيَّاتِهِ لَا يَنْفُذُ إلَّا مع يَسَارِ الْوَرَثَةِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ تَبَعٌ لِتَصَرُّفِ الْمَوْرُوثِ في مَرَضِهِ
وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ على قَوْلِنَا إنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّرِكَةِ في الْمَرَضِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ النَّمَاءُ لِلْوَارِثِ كَنَمَاءِ جَانٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لَا كَمَرْهُونٍ
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ هو الْمَشْهُورُ
وَقِيلَ النَّمَاءُ تَرِكَةٌ
____________________
(11/364)
وقال في الِانْتِصَارِ من أَدَّى نَصِيبَهُ من الدَّيْنِ انْفَكَّ نَصِيبُهُ منها كَجَانٍ
فَائِدَةٌ لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الذي على الْمَيِّتِ نَقْلَ تَرِكَتِهِ إلَى الْوَرَثَةِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال بن عَقِيلٍ هِيَ الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ إذا مَاتَ سَقَطَ حَقُّ الْبَائِعِ من عَيْنِ مَالِهِ لِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ الِانْتِقَالُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ يَمْنَعُ الدَّيْنُ نَقْلَهَا بِقَدْرِهِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا يَرِثُونَ شيئا حتى يُؤَدُّوهُ
وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ
وَصَحَّحَ النَّاظِمُ الْمَنْعَ
وَنَصَرَهُ في الأنتصار
وَتَقَدَّمَ فَوَائِدُ الْخِلَافِ في بَابِ الْحَجْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَهِيَ فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ فَلْتُرَاجَعْ
قال في الْفُرُوعِ وَالرِّوَايَتَانِ في وَصِيَّةٍ بِمُعَيَّنٍ
وَنَصَّ في الِانْتِصَارِ على الْمَنْعِ
وذكر ( ( ( وذكره ) ) ) عليه إذَا لم يَسْتَغْرِقْ التَّرِكَةَ أو كانت الْوَصِيَّةُ بِمَجْهُولٍ مَنْعًا ثُمَّ سَلَّمَ لِتَعَلُّقِ الْإِرْثِ بِكُلِّ
التَّرِكَةِ بِخِلَافِهِمَا فَلَا مُزَاحَمَةَ
وَذَكَرَ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا هل لِلْوَارِثِ وَالدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ الايفاء من غَيْرِهَا
____________________
(11/365)
وقال في الرَّوْضَةِ الدَّيْنُ على الْمَيِّتِ لَا يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لهم أَدَاءَهُ وَقِسْمَةَ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ
قال وَكَذَا حُكْمُ مَالِ الْمُفْلِسِ
وقال في الْقَوَاعِدِ ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ اعْتِبَارُ كَوْنِ الدَّيْنِ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ حَيْثُ فَوَّضُوا الْمَسْأَلَةَ في الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ
وَمِنْهُمْ من صَرَّحَ بِالْمَنْعِ من الِانْتِقَال وَإِنْ لم يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا
ذَكَرَهُ في مَسَائِلِ الشُّفْعَةِ
وقال في الْقَوَاعِدِ أَيْضًا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ وَهَلْ يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا على رِوَايَتَيْنِ
وَهَلْ هو كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ أو الرَّهْنِ
اخْتَلَفَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ في ذلك
وَصَرَّحَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ
قال وَيُفَسَّرُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ
أَحَدُهَا أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جَزْءٍ من أَجْزَائِهَا فَلَا يُنْقَلُ منها شَيْءٌ حتى يُوَفِّيَ الدَّيْنَ كُلَّهُ
وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ إذَا كان الْوَارِثُ وَاحِدًا
قال وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً انْقَسَمَ عليهم بِالْحِصَصِ وَتَتَعَلَّقُ كُلُّ حِصَّةٍ من الدَّيْنِ بِنَظِيرِهَا من التَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جَزْءٍ منها فَلَا يَنْفُذُ منها شَيْءٌ حتى يُوَفِّيَ جَمِيعَ تِلْكَ الْحِصَّةِ وَلَا فَرْقَ في ذلك بين أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ أَمْ لَا
صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ
منهم صَاحِبُ التَّرْغِيبِ في الْمُفْلِسِ
الثَّانِي أَنَّ الدَّيْنَ في الذِّمَّةِ وَيَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ وَهَلْ هو بَاقٍ في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ
____________________
(11/366)
أو انْتَقَلَ إلَى ذِمَمِ الْوَرَثَةِ أو هو مُتَعَلِّقٌ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ لَا غَيْرُ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
الْأَوَّلُ قَوْلُ الآدمي وبن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ
وَالثَّانِي قَوْلُ الْقَاضِي في خلافة وَأَبِي الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وبن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ
وَكَذَلِكَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِحَالَةِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ لِمُطَالَبَةِ الْوَرَثَةِ بِالتَّوْثِقَةِ
وَالثَّالِثُ قَوْلُ بن أبي مُوسَى
التَّفْسِيرُ الثَّالِثُ من تَفْسِيرِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ وَفِيهِ وَجْهَانِ وَهَلْ تَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بِالْمَالِ من حِينِ الْمَرَضِ أَمْ لَا تَرَدَّدَ الْأَصْحَابُ في ذلك انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في بَابِ الْحَجْرِ
قَوْلُهُ وإذا اقْتَسَمَا فَحَصَلَتْ الطَّرِيقُ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ
لِعَدَمِ التَّعْدِيلِ وَالنَّفْعِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَمُنْتَخَبِ الآدمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَجْهًا أنها تَصِحُّ وَيَشْتَرِكَانِ في الطَّرِيقِ من نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على اشْتِرَاكِهِمَا في مَسِيلِ الْمَاءِ
وقال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَوَجَّهُ إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ بَطَلَتْ وَإِنْ قُلْنَا
____________________
(11/367)
بَيْعٌ صَحَّتْ وَلَزِمَ الشَّرِيكُ تَمْكِينَهُ من الِاسْتِطْرَاقِ بِنَاءً على قَوْلِ الْأَصْحَابِ إذَا بَاعَهُ بَيْتًا في وَسَطِ دَارِهِ ولم يذكر طَرِيقًا صَحَّ الْبَيْعُ وَاسْتَتْبَعَ طَرِيقَهُ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ لو اشْتَرَطَ عليه الِاسْتِطْرَاقَ في الْقِسْمَةِ صَحَّ
قال الْمَجْدُ هذا قِيَاسُ مَذْهَبِنَا في جَوَازِ بَيْعٍ
وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ يُفْسَخُ بِعَيْبٍ وَسَدُّ الْمَنْفَذِ عَيْبٌ فَوَائِدُ
الْأُولَى مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَصَلَ طَرِيقُ الْمَاءِ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ هو لَهُمَا ما لم يَشْتَرِطَا رَدَّهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنِّفُ قَاسَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى على هذه كما تَقَدَّمَ في التَّخْرِيجِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في مَجْرَى الْمَاءِ لَا يُغَيَّرُ مَجْرَى الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ بهذا إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ له النَّفَقَةَ حتى يُصْلِحَ له الْمَسِيلَ
الثَّانِيَةُ لو كان لِلدَّارِ ظله فَوَقَعَتْ في حَقِّ أَحَدِهِمَا فَهِيَ له بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
الثَّالِثَةُ لو ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ هذا الْبَيْتَ من سَهْمِي تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ قَسْمُ مَالِ الْمُوَلَّى عليه مع شَرِيكِهِ بِلَا نِزَاعٍ
وَيُجْبَرَانِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ
وَلَهُمَا أَنْ يُقَاسِمَا قِسْمَةَ التَّرَاضِي إنْ رَأَيَا الْمَصْلَحَةَ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ما إذَا غَابَ الْوَلِيُّ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ هل يَقْسِمُ الْحَاكِمُ
وَتَقَدَّمَ إذَا غَابَ أُحُدُ الشَّرِيكَيْنِ في فَصْلِ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(11/368)
بَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ
فَائِدَةٌ وَاحِدُ الدَّعَاوَى دَعْوَى
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مَعْنَاهَا في اللُّغَةِ إضَافَةُ الْإِنْسَانِ إلي نَفْسِهِ شيئا مِلْكًا أو اسْتِحْقَاقًا أو صِفَةً وَنَحْوَهُ
وفي الشَّرْعِ إضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ في يَدِ غَيْرِهِ أو في ذِمَّتِهِ
وقال بن عَقِيلٍ الدَّعْوَى الطَّلَبُ لقوله تعالى 36 57 { وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ } زَادَ بن أبي الْفَتْحِ زَاعِمًا مِلْكَهُ انْتَهَى
وَقِيلَ هِيَ طَلَبُ حَقٍّ من خَصْمٍ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِخْبَارُهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ وَطَلَبُهُ منه
وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت هِيَ إخْبَارُ خَصْمٍ بِاسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أو مَجْهُولٍ كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ عليه أو عِنْدَهُ له أو لِمُوَكِّلِهِ أو تَوْكِيلِهِ أو لِلَّهِ حسبه يَطْلُبُهُ منه عِنْدَ حَاكِمٍ
قَوْلُهُ الْمُدَّعِي من إذَا سَكَتَ تُرِكَ وَالْمُنْكِرُ من إذَا سَكَتَ لم يُتْرَكْ
هذا الْمَذْهَبُ وعليه جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ الْمُدَّعِي من يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَعَكْسُهُ الْمُنْكِرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ
وقال الشَّارِحُ وَقِيلَ الْمُدَّعِي من يَلْتَمِسُ بِقَوْلِهِ أَخْذَ شَيْءٍ من يَدِ غَيْرِهِ وَإِثْبَاتَ حَقٍّ في ذِمَّتِهِ وَالْمُدَّعَى عليه من يُنْكِرُ ذلك
____________________
(11/369)
وَقَدَّمَ هو أَيْضًا وَالْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُدَّعَى عليه من يُضَافُ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ شَيْءٍ عليه
وقد يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عليه بِأَنْ يَخْتَلِفَا في الْعَقْدِ فَيَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ الذي ذَكَرَهُ صَاحِبُهُ انْتَهَى
وَقِيلَ هو من إذَا سَكَتَ تُرِكَ مع إمْكَانِ صِدْقِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ من هذا الْقَيْدِ وَقِيلَ الْمُدَّعِي هو الطَّالِبُ وَالْمُنْكِرُ هو الْمَطْلُوبُ
وَقِيلَ المدعى من يَدَّعِي أَمْرًا بَاطِنًا خَفِيًّا وَالْمُنْكِرُ من يدعى أَمْرًا ظَاهِرًا جَلِيًّا
ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ وَذَكَرَ أَقْوَالًا أُخَرَ
وَأَكْثَرُهَا يَعُودُ إلَى الْأَوَّلِ
وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ لو قال الزَّوْجُ أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أنها أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلَا نِكَاحَ
فالمدعى هِيَ الزَّوْجَةُ على الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي المدعى هو الزَّوْجُ
تَنْبِيهٌ قال بَعْضُهُمْ الْحَدُّ الْأَوَّلُ فيه نَظَرٌ لِأَنَّ كُلَّ سَاكِتٍ لَا يُطَالِبُ بِشَيْءٍ فإنه مَتْرُوكٌ
وَهَذَا أَعَمُّ من أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا أو مُدَّعًى عليه فَيُتْرَكُ مع قِيَامِ الدَّعْوَى
فَتَعْرِيفُهُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِهِ ليس بِشَيْءٍ
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ المدعى من يُطَالِبُ غَيْرَهُ بِحَقٍّ يَذْكُرُ اسْتِحْقَاقَهُ عليه وَالْمُدَّعَى عليه الْمُطَالَبُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْبَيِّنَةُ على المدعى وَإِنَّمَا تَكُونُ الْبَيِّنَةُ مع الْمُطَالَبَةِ وَأَمَّا مع عَدَمِهَا فَلَا انْتَهَى
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِتَعْرِيفِ المدعى والمدعى عليه
____________________
(11/370)
حَالَ الْمُطَالَبَةِ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذلك لِيُعْرَفَ من عليه الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ عليه الْيَمِينُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذلك بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ قَوْلُهُمْ المدعى من إذَا سَكَتَ تُرِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذلك إنْ لم تَتَضَمَّنْ دَعْوَاهُ شيئا إنْ لم يَثْبُتْ لَزِمَهُ حَدٌّ أو تَعْزِيرٌ كَمَنْ ادَّعَى على إنْسَانٍ أَنَّهُ زَنَى بِابْنَتِهِ أو أَنَّهُ سَرَقَ له شيئا وَأَنَّهُ قَاذِفٌ في الْأُولَى ثَالِبٌ لِعِرْضِهِ في الثَّانِيَةِ فَإِنْ لم يُثْبِتْ دَعْوَاهُ لَزِمَهُ الْقَذْفُ في الْأُولَى وَالتَّعْزِيرُ في الثَّانِيَةِ
وقد يُجَابُ بِأَنَّهُ مَتْرُوكٌ من حَيْثُ الدَّعْوَى مَطْلُوبٌ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ فَهُوَ مَتْرُوكٌ مُطَابَقَةً مَطْلُوبٌ تَضَمُّنًا فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ
وهو صَحِيحٌ وَلَكِنْ تَصِحُّ على السَّفِيهِ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ حَالَ سَفَهِهِ أو بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَكَلٌّ مِنْهُمَا رَشِيدٌ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَجَوَابُهُ بِإِقْرَارٍ أو إنْكَارٍ وَغَيْرِهِمَا
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وإذا تَدَاعَيَا عَيْنًا لم تَخْلُ من أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ في يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ له مع يَمِينِهِ إنها له لَا حَقٌّ لِلْآخِرِ فيها إذَا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ له بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا شُفْعَةَ له بِمُجَرَّدِ الْيَدِ
____________________
(11/371)
وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى
ثُمَّ في كَلَامِ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ النَّافِي لِلْحُكْمِ يَمِينُ الْمُدَّعَى عليه دَلِيلٌ
وَكَذَا قال في الرَّوْضَةِ
وَفِيهَا أَيْضًا إنَّمَا لم يَحْتَجْ إلَى دَلِيلٍ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ
وقال في التَّمْهِيدِ يَدُهُ بَيِّنَةٌ
وَإِنْ كان الْمُدَّعَى عليه دَيْنًا فَدَلِيلُ الْعَقْلِ على بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بَيِّنَةٌ حتى يَجُوزَ له أَنْ يَدْعُوَ الْحَاكِمَ إلَى الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْعَيْنِ له دُونَ الْمُدَّعِي وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ من الدَّيْنِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
ثُمَّ قال وَيَنْبَغِي على هذا أَنْ يَحْكِيَ في الْحُكْمِ صُورَةَ الْحَالِ كما قَالَهُ أَصْحَابُنَا في قِسْمَةِ عَقَارٍ لم يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْمِلْكُ
وَعَلَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ يُصَرِّحُ في الْقِسْمَةِ بِالْحُكْمِ
وَأَمَّا على كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا حُكْمَ
وَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعَى عليه مَحْضَرًا بِمَا جَرَى أَجَابَهُ
وَيَذْكُرُ فيه أَنَّ الْحَاكِمَ أَبْقَى الْعَيْنَ بيده لِأَنَّهُ لم يُثْبِتْ ما يَرْفَعُهَا وَيُزِيلُهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا دَابَّةً أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا أو له عليها حِمْلٌ وَالْآخَرُ أخذ بِزِمَامِهَا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ هِيَ لِلثَّانِي إذَا كان مُكَارِيًا
____________________
(11/372)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كان لِأَحَدِهِمَا عليها حِمْلٌ وَالْآخَرُ رَاكِبُهَا فَهِيَ لِلرَّاكِبِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
فَإِنْ اخْتَلَفَا في الْحِمْلِ فَادَّعَاهُ الرَّاكِبُ وَصَاحِبُ الدَّابَّةِ فَهِيَ لِلرَّاكِبِ وَإِنْ تَنَازَعَا قَمِيصًا أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ آخِذٌ بِكُمِّهِ فَهُوَ لِلَابِسِهِ بِلَا نِزَاعٍ
كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا
فَإِنْ كان كُمُّهُ في يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيه مع الْآخَرِ أو تَنَازَعَا عِمَامَةً طَرَفُهَا في يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهَا في يَدِ الْآخَرِ فَهُمَا فيها سَوَاءٌ
وَلَوْ كانت دَارٌ فيها أَرْبَعُ بُيُوتٍ في أَحَدِهَا سَاكِنٌ وفي الثَّلَاثَةِ سَاكِنٌ وَاخْتَلَفَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما هو سَاكِنٌ فيه
وَإِنْ تَنَازَعَا الْمِسَاحَةَ التي يَتَطَرَّقُ منها إلَى الْبُيُوتِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
الثَّانِيَةُ لو ادَّعَيَا شَاةً مَسْلُوخَةً بِيَدِ أَحَدِهِمَا جِلْدُهَا وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا وَبِيَدِ الْآخَرِ بَقِيَّتُهَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِدَعْوَاهُمَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما بِيَدِ صَاحِبِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْخَيَّاطُ الْإِبْرَةَ وَالْمِقَصَّ فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ وَإِنْ تَنَازَعَ هو وَالْقَرَّابُ الْقِرْبَةَ فَهِيَ لِلْقَرَّابِ بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا
وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا عَرْصَةً فيها شَجَرٌ أو بِنَاءٌ لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ له
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/373)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا تَكُونُ له إلَّا ببينه
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا حَائِطًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أو مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ وَلَهُ عليه أَزَجٌ
وهو ضَرْبٌ من الْبِنَاءِ وَيُقَالُ له طَاقٌ
فَهُوَ له يعنى بِيَمِينِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بهذا الشَّرْطِ
أعنى إذَا كان مُتَّصِلًا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا لو كان له عليه ستره لَكِنْ لو كان مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِذَلِكَ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ هو كما لو لم يُمْكِنْ احداثه
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى في آخِرِ بَابِ الصُّلْحِ
فَائِدَةٌ لو كان له عليه جُذُوعٌ لم يُرَجَّحْ بِذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ في بَابِ أَحْكَامِ الْجِوَارِ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْجُذُوعِ وَيُحْكَمُ لِصَاحِبِ الْأَزَجِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْبِنَاءِ
____________________
(11/374)
وَلِأَنَّا قُلْنَا له وَضْعُ خَشَبِهِ على حَائِطِ جَارِهِ ما لم يَضُرَّ فَلِهَذَا لم يَكُنْ دَلَالَةً على الْيَدِ بِخِلَافِ الْأَزَجِ لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ على حَائِطِ جَارِهِ انْتَهَى
وَقِيلَ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ أَيْضًا
وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا بِأَعَمَّ من هذا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان مَحْلُولًا من بِنَائِهِمَا
أَيْ غير مُتَّصِلٍ بِبِنَائِهِمَا
أو مَعْقُودًا بِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ
وَيَتَحَالَفَانِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخِرِ أَنَّ نِصْفَهُ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على جَمِيعِ الْحَائِطِ أَنَّهُ له جَازَ قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْيَمِينُ على حَسَبِ الْجَوَابِ قَوْلُهُ وَلَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أَحَدِهِمَا عليه وَلَا بِوُجُوهِ الْآجُرِّ وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّجْصِيصِ وَمُعَاقَدِ الْقُمُطِ في الْجَصِّ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أَصْحَابُنَا لَا تُرَجَّحُ دَعْوَى أَحَدِهِمَا بِوَضْعِ خشبة على الْحَائِطِ
وَقَطَعَا بِذَلِكَ في وُجُوهِ الْآجُرِّ وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّجْصِيصِ وَمُعَاقَدِ الْقُمُطِ في الْجَصِّ وَنَحْوِهَا
____________________
(11/375)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَجَّحَ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أَحَدِهِمَا عليه
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْجُذُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ في سُلَّمٍ مَنْصُوبٍ أو دَرَجَةٍ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الدَّرَجَةِ مَسْكَنٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو كان في الدَّرَجَةِ طَاقَةٌ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَرْتَفِقُ بِهِ لم يَكُنْ ذلك له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في ا لمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ مَتَى كان له في الدَّرَجَةِ طَاقَةٌ أو نَحْوُهَا كانت بَيْنَهُمَا
وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْمُحَرَّرِ في بَابِ أَحْكَامِ الْجِوَارِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا في السَّقْفِ الذي بَيْنَهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن عَقِيلٍ هو لِرَبِّ الْعُلْوِ
فَائِدَةٌ لو تَنَازَعَا الصَّحْنَ وَالدَّرَجَةَ في الصدرفبينهما
وَإِنْ كانت في الْوَسَطِ فما إلَيْهِمَا بَيْنَهُمَا وما وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ بَيْنَهُمَا
____________________
(11/376)
وَالْوَجْهَانِ إنْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ الدَّرْبِ وَرَبُّ بَابٍ بِوَسَطِهِ في صَدْرِ الْبَابِ
قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ في الصُّلْحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ في رَفٍّ مَقْلُوعٍ أو مِصْرَاعٍ له شَكْلٌ مَنْصُوبٌ في الدَّارِ فَهُوَ لِصَاحِبِهَا
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَهُوَ لِلْمُؤَجِّرِ في الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْنَهُمَا
يعنى وَإِنْ لم يَكُنْ له شَكْلٌ مَنْصُوبٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ
وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لِرَبِّ الدَّارِ مُطْلَقًا وهو الْمُؤَجِّرُ
كما يَدْخُلُ في الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ هو بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وهو ضَعِيفٌ جِدًّا
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيَحْلِفَانِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ ما يَدْخُلُ في مُطْلَقِ الْبَيْعِ لِلْمُؤَجِّرِ وما لَا يَدْخُلُ فيه وَلَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ وَفِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَا يَدْخُلُ في الْبَيْعِ أَوْجُهٌ
الثَّالِثُ أَنَّهُ مع شَكْلٍ له مَنْصُوبٌ في الْمَكَانِ لِلْمُؤَجِّرِ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ انْتَهَى
____________________
(11/377)
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا دَارًا في أَيْدِيهِمَا فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْيَمِينُ على مُدَّعِي النِّصْفِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وأبو الْفَرَجِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو ادَّعَى أَقَلَّ من نِصْفِهَا وَادَّعَى الْآخَرُ كُلَّهَا أو أَكْثَرَ مِمَّا بقى
وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا إنَّمَا فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ في ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ أو وَرَثَتُهُمَا في قُمَاشِ الْبَيْتِ فما كان يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وما كان يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وما كان يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ والخرقى وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ مع أَنَّ كَلَامَهُمْ مُحْتَمِلٌ لِلْخِلَافِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إنْ لم تَكُنْ عَادَةٌ
فَإِنْ كان ثَمَّ عَادَةٌ عُمِلَ بها
نَقَلَ الْأَثْرَمُ الْمُصْحَفُ لَهُمَا
فَإِنْ كانت الْمَرْأَةُ لَا تَقْرَأُ أو لَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ فَهُوَ له
وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
وَقُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
(11/378)
وقال الْقَاضِي إنْ كان بِيَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةِ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كان بِيَدِ أَحَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةِ فَهُوَ له
كما يَأْتِي عنه في المسأله التي بَعْدَهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ صَانِعَانِ في قُمَاشِ دُكَّانٍ لَهُمَا حُكِمَ بِآلَةِ كل صِنَاعَةٍ لِصَاحِبِهَا في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ والخرقى
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي إنْ كانت أَيْدِيهِمَا عليه من طَرِيقِ الْحُكْمِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كانت من طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا على كل حَالٍ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ عن الْقَاضِي رَاجِعَةً إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وهو أَوْلَى
لَكِنَّ الشَّارِحَ لم يَذْكُرْهُ إلَّا في هذه الْمَسْأَلَةِ
وَتَنَبَّهَ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ لِذَلِكَ فقال الْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ
وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي
وَكَذَا في الْفُرُوعِ
قُلْت وَكَلَامُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي مُحْتَمَلٌ أَيْضًا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَتَى كان بِيَدَيْهِمَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَا بِدُكَّانٍ وَكَالزَّوْجَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ له بها
____________________
(11/379)
إنْ كانت الْبَيِّنَةُ للمدعى وَحْدَهُ وَكَانَتْ الْعَيْنُ في يَدِ الْمُدَّعَى عليه فإنه يُحْكَمُ له بها من غَيْرِ يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ
ثُمَّ قال قال الْأَصْحَابُ لَا فَرْقَ بين الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَالْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَالْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ
وقال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كان الْمَشْهُودُ عليه لَا يُعَبِّرُ عن نَفْسِهِ أَحَلَفَ الْمَشْهُودَ له لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ عن نَفْسِهِ في دَعْوَى الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ فَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا حَسَنٌ وَمَالَ إلَيْهِ
قُلْت قد تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَعَمَّ من هذا في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ وَإِنْ ادَّعَى على غَائِبٍ أو مُسْتَتِرٍ في الْبَلَدِ أو مَيِّتٍ أو صَبِيٍّ أو مَجْنُونٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بها
وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لم يَبْرَأْ إلَيْهِ منه وَلَا من شَيْءٍ منه على رِوَايَتَيْنِ
وَذَكَرْنَا الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ مِنْهُمَا هُنَاكَ
ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ حَكَى كَلَامَهُ في المغنى وقال هذا عَجِيبٌ منه
فإنه ذَكَرَ في مُخْتَصَرِهِ وَمُخْتَصَرِ غَيْرِهِ أَنَّ الدَّعْوَى إذَا كانت على غَائِبٍ أو غَيْرِ مُكَلَّفٍ فَهَلْ يَحْلِفُ مع الْبَيِّنَةِ على روايتين ( ( ( الروايتين ) ) ) انْتَهَى
وَإِنْ كانت الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعَى عليه وَحْدَهُ فَلَا يَمِينَ عليه على الْمَذْهَبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ حُكِمَ بها لِلْمُدَّعِي في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
يَعْنِي تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وهو الْمُدَّعِي وهو الْمَذْهَبُ كما قال
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(11/380)
وَسَوَاءٌ كان بَعْدَ زَوَالِ يَدِهِ أولا
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْبَيِّنَةُ للمدعى ليس لِصَاحِبِ الدَّارِ بَيِّنَةٌ
قال في الِانْتِصَارِ كما لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ أَوَّلًا
قال الشَّارِحُ هذا الْمَشْهُورُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال هو وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عليه أنها له نَتَجَتْ في مِلْكِهِ أو قَطِيعِهِ من الْأَغْنَامِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ
قال الْقَاضِي فِيهِمَا إذَا لم يَكُنْ مع بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ تَرْجِيحٌ لم يُحْكَمْ بها رِوَايَةً وَاحِدَةً
وقال أبو الْخَطَّابِ فيه رِوَايَةٌ أُخْرَى أنها مُقَدَّمَةٌ بِكُلِّ حَالٍ
يَعْنِي تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بِكُلِّ حَالٍ
وَاخْتَارَهَا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ
وَعَنْهُ يُحْكَمُ بها لِلْمُدَّعِي إنْ اخْتَصَّتْ بَيِّنَتُهُ بِسَبَبٍ او سَبْقٍ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَكْفِي سَبَبٌ مُطْلَقٌ على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ تُعْتَبَرُ إفَادَتُهُ لِلسَّبْقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وَيَأْتِي نَقْلُهُ في الْوَسِيلَةِ
فَائِدَةٌ لو أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أنها نَتَجَتْ في مِلْكِهِ تَعَارَضَتَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/381)
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَدَّمَ في الْإِرْشَادِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي تُقَدَّمُ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من الْخَارِجِ وَأَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من الدَّاخِلِ فقال الْقَاضِي تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ
كَذَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ لِلْحَلْوَانِيِّ
قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ
وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كانت في يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ أو اتَّهَبَهَا منه فَعَنْهُ أَنَّهُ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ على ما سَبَقَ
وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي
وَعَنْهُ يَتَعَارَضَانِ لآن سَبَبَ الْيَدِ نَفْسُ الْمُتَنَازَعِ فيه فَلَا تَبْقَى مؤثره لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا على أَنَّ مِلْكَ هذه الدَّارِ لِزَيْدٍ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو الْمَذْهَبُ
وَيَأْتِي مَعْنَى ذلك في أَثْنَاءِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ هناوابن أبي مُوسَى أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِالْقُرْعَةِ
____________________
(11/382)
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ قبل بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَتَعْدِيلُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ
وَتُسْمَعُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ قبل الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ قبل التَّسْلِيمِ
وَأَيُّهَا يُقَدَّمُ فيه الرِّوَايَاتُ
وَإِنْ كانت بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا غَائِبَةً حين رَفَعْنَا يَدَهُ فَجَاءَتْ وقد ادَّعَى المدعى مِلْكًا مُطْلَقًا فَهِيَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ مُسْتَنِدًا إلَى ما قبل يَدِهِ فَهِيَ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ كما لو أَحْضَرَهَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ في أَيْدِيهِمَا فَيَتَحَالَفَانِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا
لِأَنَّ يَدَ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على نِصْفِهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ مع يَمِينِهِ فَيَمِينُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على النِّصْفِ الذي بيده
وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في التَّرْغِيبِ وَعَنْهُ يَقْرَعُ فَمَنْ قَرَعَ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ
فَائِدَةٌ لو نَكَلَا عن الْيَمِينِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً بين نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الآخرتحالفا وَهِيَ بَيْنَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
____________________
(11/383)
والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وغيرهم ( ( ( وغيره ) ) )
وَقِيلَ هِيَ لِرَبِّ النَّهْرِ
وَقِيلَ هِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا صَبِيًّا في أَيْدِيهِمَا فَكَذَلِكَ
يَعْنِي صَبِيًّا دُونَ التَّمَيُّزِ فَيَتَحَالَفَانِ وهو بَيْنَهُمَا رَقِيقٌ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان مُمَيِّزًا فقال إنِّي حُرٌّ فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ
وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقدمة في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَالطِّفْلِ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ له بها بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا
مِثْلُ أَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا أنها له مُنْذُ سُنَّةٍ وَتَشْهَدُ الْأُخْرَى أنها لِلْآخَرِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ
فَتُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا
____________________
(11/384)
وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عن الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وقال هذا قِيَاسٌ الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْوَسِيلَةِ إذَا كانت الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا
وهو الْمَذْهَبُ
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ أَيْضًا
فقال أَوَّلًا وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا
وقال ثَانِيًا فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا بِالْمِلْكِ له مُنْذُ سَنَةٍ وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ بِالْمِلْكِ له مُنْذُ شَهْرٍ فَهُمَا سَوَاءٌ وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بين الْمَسْأَلَتَيْنِ
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمُصَنِّفَ في المسأله الْأُولَى وَتَابَعَ الْمُحَرَّرَ في الثَّانِيَةِ
فَحَصَلَ الْخَلَلُ وَالتَّنَاقُضُ بِسَبَبِ ذلك لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لم يذكر الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأُولَى
وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لم يذكر الْأُولَى لِأَنَّهَا عَيْنُ الثَّانِيَةِ
وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا
وَحَصَلَ له نَظِيرُ ذلك في كِتَابِ الصَّيْدِ وباب الذَّكَاةِ
فِيمَا إذَا رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو ذَبَحَهُ ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ
كما تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك هُنَاكَ
____________________
(11/385)
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ من سَنَةٍ وَبَيِّنَةٌ بِالْيَدِ من سَنَتَيْنِ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ
قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَّتَتْ إحْدَاهُمَا وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى فَهُمَا سَوَاءٌ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَهَذَا بِنَاءً من الْمُصَنِّفِ على ما قَالَهُ قبل ذلك من تَقْدِيمِ أَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ
على ما تَقَدَّمَ في التي قَبْلَهَا بَلْ هُنَا أَوْلَى
وقدمة في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْمُطَلَّقَةِ
قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ تُقَدَّمُ الْمُؤَقَّتَةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ أو سَبَبٍ من أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَهَلْ تُقَدَّمُ بِذَلِكَ على وَجْهَيْنِ
وأطلقهما في الشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا لَا تُقَدَّمُ بِذَلِكَ بَلْ هُمَا سَوَاءٌ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
____________________
(11/386)
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُقَدَّمُ بِذَلِكَ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ فِيمَا إذَا كانت الْعَيْنُ في يَدِ غَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ تُقَدَّمُ بِسَبَبٍ مُفِيدٍ لِلسَّبْقِ كَالنِّتَاجِ وَالْإِقْطَاعِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا فَعَلَيْهَا وَاَلَّتِي قَبْلَهَا الْمُؤَقَّتَةُ وَالْمُطْلَقَةُ سَوَاءٌ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْمُطْلَقَةُ
فَجُعِلَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ في الْمَسْأَلَةِ التي قبل هذه مَبْنِيًّا على هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ
وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ تُقَدَّمُ ذَاتُ السَّبَبَيْنِ على ذَاتِ السَّبَبِ وَشُهُودُ الْعَيْنِ على الْإِقْرَارِ
قَوْلُهُ وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هذا الْأَشْهَرُ
وَيَتَخَرَّجُ تَقْدِيمُ أَكْثَرِهِمَا عَدَدًا
قَوْلُهُ وَلَا بِاشْتِهَارِ الْعَدَالَةِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(11/387)
وَعَنْهُ تُقَدَّمُ من اُشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وأبو الْخَطَّابِ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وقال وَيَتَخَرَّجُ منه التَّرْجِيحُ بِالْعَدْلِ
وَحَكَاهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا
قَوْلُهُ وَلَا الرَّجُلَانِ على الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ الرَّجُلَانِ على الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ
قال الشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِ هذه الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ بِذَلِكَ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُرَجِّحَ بِذَلِكَ مَأْخُوذًا من قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَيُقَدِّمُ الْأَعْمَى أَوْثَقَهُمَا في نَفْسِهِ
وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ لِأَنَّ أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ وَلِأَنَّهَا خَبَرٌ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْمَشْهُودِ وإذا كَثُرَ الْعَدَدِ أو قَوِيَتْ الْعَدَالَةُ كان الظَّنُّ أَقْوَى قَالَهُ الشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ علي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ على الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ
____________________
(11/388)
وهو الْمَذْهَبُ على ما أَصْلَحْنَاهُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمَانِ على الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو الْمَذْهَبُ
قَوْلُهُ وإذا تَسَاوَتَا تَعَارَضَتَا بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ وَقُسِمَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ
يَعْنِي إذَا كانت الْعَيْنُ في أَيْدِيهِمَا
وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
فَتُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ بِقِسْمَةِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَصَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَعَنْهُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَيَسْقُطَانِ بِالتَّعَارُضِ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَعَلَيْهَا جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو الذي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(11/389)
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وقال وَلَعَلَّ مُنْشَأَ الْخِلَافِ إذَا تَعَارَضَ الدَّلِيلَانِ هل يَتَوَقَّفُ الْمُجْتَهِدُ أو يَتَخَيَّرُ في الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا فيه خِلَافٌ انْتَهَى
وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على النِّصْفِ الْمَحْكُومِ له بِهِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وقال الزَّرْكَشِيُّ في الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَكَذَلِكَ إنْ كان مَحْلُولًا من بِنَاءَيْهِمَا وَصِفَةُ الْيَمِينِ قال أبو مُحَمَّدٍ أَنْ يَحْلِفَ كل وَاحِدٌ مِنْهُمَا على نِصْفِ الْحَائِطِ أَنَّهُ له
وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على جَمِيعِ الْحَائِطِ أَنَّهُ له دُونَ صَاحِبِهِ جَازَ وكان بَيْنَهُمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت الذي يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْيَمِينُ على حَسْبِ الْجَوَابِ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا
وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا
فَيُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ بِالْقُرْعَةِ
وَنَصَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أنهما ( ( ( أما ) ) ) يَسْتَهِمَانِ على من تَكُونُ الْعَيْنُ له
وَنَقَلَهُ صَالِحٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَرَدَ رِوَايَةٌ بِالْقُرْعَةِ
فَيُحْتَمَلُ أنها بين الْبَيِّنَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ ما في الرِّوَايَتَيْنِ لِلْقَاضِي
ويحتمل ( ( ( ويحصل ) ) ) أنها بين الْمُتَدَاعِيَيْنِ
وهو الذي حَكَاهُ الشَّرِيفُ فقال وَعَنْهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا
إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا كان يقول يُقْرَعُ بين الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا الْبَيِّنَتَيْنِ انْتَهَى
وَحَكَى بن شِهَابٍ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ رِوَايَةً أَنَّهُ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يَتَبَيَّنَ أو يَصْطَلِحَا عليه
____________________
(11/390)
وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ فِيمَا إذَا كانت الْعَيْنُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا
وقال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ هل يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فيه رِوَايَتَانِ
قال شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ أَمَّا على رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ فَلَا يَظْهَرُ حَلِفُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ الذي يَحْلِفُ هو الذي تَخْرُجُ له الْقُرْعَةُ
وَهَكَذَا ذَكَرَهَا في الْمُقْنِعِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ
فَلَعَلَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَهْمٌ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الْأُولَى قُسِمَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ
وهو الصَّحِيحُ على هذه الرِّوَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ
وَعَنْهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ
اخْتَارَهُ الخرقى وَغَيْرُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ
وَقَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا
تَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك في أَوَّلِ هذا الْقِسْمِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ لم تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ على ذلك حتى يَقُولَ وَهِيَ في مِلْكِهِ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ
فإذا قَالَهُ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ حُكِمَ له بها
وَكَذَا إنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ حُكِمَ له بها
فَإِنْ لم يذكر إلَّا التَّسْلِيمَ لم يُحْكَمْ
وقال في الْكَافِي إذَا كانت في يَدِ زَيْدٍ دَارٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا من
____________________
(11/391)
غَيْرِهِ وَهِيَ في مِلْكِهِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حُكِمَ له بها
وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ حُكِمَ له بها لِأَنَّهُ لم يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ إلَّا وَهِيَ في يَدِهِ
وَإِنْ لم يذكر الْمِلْكَ وَلَا التَّسْلِيمَ لم يُحْكَمْ له بها لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَبِيعَهُ ما لَا يَمْلِكُهُ فَلَا يُزَالُ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ
فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسْلِيمِ كَافِيَةٌ في الْحُكْمِ له بها
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا من زَيْدٍ بِكَذَا وَقَبِلَ أو لم يَقْبَلْ وَهِيَ في مِلْكِهِ بَلْ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ اشْتِرَاطُ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ كما هو ظَاهِرُ الْمُقْنِعِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكَافِي
وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ هذه الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كانت الْعَيْنُ في يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ كما صَرَّحَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ وَهِيَ في مِلْكِهِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من عَمْرٍو وَهِيَ في مِلْكِهِ وَأَقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا
مُرَادُهُ إذَا لم يُؤَرِّخَا
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
فَإِنْ كانت في يَدِ أَحَدِهِمَا انبني ذلك على بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ على ما تَقَدَّمَ
الثَّانِي قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أنها مِلْكُهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ
____________________
(11/392)
بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا منه أو وَقَفَهَا عليه أو اعتقه قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ
بِلَا نِزَاعٍ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ دَاخِلًا كان أو خَارِجًا
قال في الْفُرُوعِ قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ ولم يَرْفَعْ يَدَهُ كَقَوْلِهِ أَبْرَأَنِي من الدَّيْنِ
الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هذه الدَّارَ لِأَبِي خَلَّفَهَا تَرِكَةٍ وَأَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصَدَقَهَا إيَّاهَا فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ
سَوَاءٌ كانت داخله أو خارجه
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ تَدَاعَيَا عَيْنًا في يَدِ غَيْرِهِمَا
أعلم أَنَّهُمَا إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا في يَدِ غَيْرِهِمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُقِرَّ بها لَهُمَا أو يُنْكِرَهُمَا ولم يُنَازِعْ فيها أو يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ أو يُقِرُّ بها لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أو يُقِرُّ بها لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فيقول لَا أَعْلَمُ عَيْنَهُ مِنْهُمَا أو يُقِرُّ بها لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ أَقَرَّ بها لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجُزْءُ الذي أَقَرَّ بِهِ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
وَإِنْ أَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا وقال لَا أَعْرِفُ عينة مِنْهُمَا فَتَارَةً يُصَدِّقَانِهِ وَتَارَةً يُكَذِّبَانِهِ أو أَحَدُهُمَا
فَإِنْ صَدَّقَاهُ لم يَحْلِفْ
وَإِنْ كَذَّبَاهُ أو أَحَدُهُمَا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَهِيَ له
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
____________________
(11/393)
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ ولم يَتَعَرَّضْ الْخِرَقِيُّ لِوُجُوبِ الْيَمِينِ على الْمُقِرِّ
وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةٍ بن مَنْصُورٍ إذَا قال أَوْدَعَنِي أَحَدُهُمَا لَا أَعْرِفُهُ عَيْنًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا
وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على ما إذَا صَدَّقَاهُ في عَدَمِ الْعِلْمِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ عَادَ بَيْنَهُ فَقِيلَ كَتَبْيِينِهِ ابْتِدَاءً
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنْ أبي الْيَمِينَ من قَرْعٍ أَخَذَهَا أَيْضًا
وَقِيلَ لِجَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ
فَقَالُوا الشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ وَلَا بِهِ وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ وَيَحْلِفُ لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ منه بَدَلَهَا
وَإِنْ أَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ حَلَفَ وَهِيَ له
وَيَحْلِفُ أَيْضًا الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ له
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ نَكَلَ أَخَذَ منه بَدَلَهَا
وإذا أَخَذَهَا الْمُقِرُّ له فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا منه
قال في الرَّوْضَةِ وَلِلْمُقِرِّ له قِيمَتُهَا على الْمُقِرِّ
وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا ولم يُنَازِعْ فقال في الْفُرُوعِ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ
وقال في الْوَاضِحِ وَحَكَى أَصْحَابُنَا لَا يَقْرَعُ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ لَهُمَا حَقٌّ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بها لِغَيْرِهِمَا وَتُقَرُّ بيده حتى يَظْهَرُ رَبُّهَا
____________________
(11/394)
وَكَذَا في التَّعْلِيقِ مَنْعًا
أوما إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثَمَّ تَسْلِيمًا
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَخَذَهَا من فَرْعٍ ثُمَّ عَلِمَ أنها لِلْآخَرِ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ
نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ في التي بِيَدِ ثَالِثٍ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا بَيِّنَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا
وَذَكَرَهُ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَكَالَّتِي بِيَدَيْهِمَا إذْ الْيَدُ المستحقه لِلْوَضْعِ كموضوعه
وفي التَّرْغِيبِ أَيْضًا لو ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا فَصُدِّقَ أَحَدُهُمَا وَكُذِّبَ الْآخَرُ ولم يُنَازَعْ فَقِيلَ يُسَلَّمُ إلَيْهِ
وَقِيلَ يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ
وَقِيلَ يَبْقَى بِحَالِهِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وبن مَنْصُورٍ في التى قَبْلَهَا لمدعى كُلِّهَا نِصْفُهَا وَمَنْ قَرَعَ في النِّصْفِ الْآخَرِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ وَإِنْ قال من هِيَ في يَدِهِ لَيْسَتْ لي وَلَا أَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا يَقْتَرِعَانِ عليها كما لو أَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا
وَالثَّانِي تُجْعَلُ عِنْدَ أَمِينِ الْحَاكِمِ
وَالثَّالِثُ تُقِرُّ في يَدِ من هِيَ في يَدِهِ
وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي طَالِبٍ وَأَبِي النَّضْرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/395)
وَالْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ مُخْرَجَانِ من مَسْأَلَةٍ من في يَدِهِ شَيْءٌ مُعْتَرَفٌ بِأَنَّهُ ليس له وَلَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ فَادَّعَاهُ مُعَيَّنٌ فَهَلْ يُدْفَعُ إلَيْهِ أَمْ لَا
وَهَلْ يُقِرُّ في يَدِ من هو في يَدِهِ أَمْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ فيه خِلَافٌ انْتَهَى
وَإِنْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ
فقال الْقَاضِي يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ له وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ
وقال أبو بَكْرٍ بَلْ يُقْرَعُ بين المدعيين ( ( ( المدعين ) ) ) فَتَكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ له الْقُرْعَةُ
قال الشَّارِحُ يَنْبَنِي على أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا لَا تَسْقُطَانِ فَرَجَحَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ نَكَلَ أَخَذَهَا منه وَبَدَّلَهَا وَاقْتَرَعَا عليها
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الوجيزوغيره
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا كما لو أَقَرَّ بها لَهُمَا وَنَكَلَ عن الْيَمِينِ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ لَهُمَا الْعَيْنُ أو عِوَضُهَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قد يُقَالُ تُجْزِئُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ
وَيُقَالُ إنَّمَا تَجِبُ الْعَيْنُ يَقْتَرِعَانِ عليها
وَيُقَالُ إذَا اقْتَرَعَا على الْعَيْنِ فَمَنْ قَرَعَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يدعى عليه بها
وَيُقَالُ إنَّ الْقَارِعَ هُنَا يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْخُذُهَا لِأَنَّ النُّكُولَ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَذْلٌ
وَالْمَطْلُوبُ ليس له هُنَا بَذْلُ الْعَيْنِ فَيُجْعَلُ كَالْمُقِرِّ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ له
وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ مستوفى ( ( ( مستوف ) ) ) في أَثْنَاءِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
____________________
(11/396)
فَائِدَةٌ لو لم تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ فَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ هِيَ لِأَحَدِهِمَا بقرعه كَاَلَّتِي بِيَدِ ثَالِثٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كما لو كانت بِيَدَيْهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان الْمُدَّعَى عَبْدًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لم تُرَجَّحْ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ له بها
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَصَدَّقَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَهُوَ له كَمُدَّعٍ وَاحِدٍ
وَفِيهِ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ
نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَإِنْ جَحَدَ قبل قَوْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَحَكَى لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ تَعَارَضَتَا وَالْحُكْمُ على ما تَقَدَّمَ
وَكَذَا قال الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وقال في الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لم تُرَجَّحْ بِهِ على رِوَايَةِ اسْتِعْمَالِهَا
____________________
(11/397)
وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ مُطْلَقًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ تَعَارَضَتَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ
وَقِيلَ عَكْسُهُ
الثَّانِيَةُ لو كانت الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ أَقَرَّ بها لَهُمَا أو لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أو لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَفِيهَا رِوَايَاتُ التَّعَارُضِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ تَكَاذَبَا فلم يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَلَا كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِقَتْلٍ في وَقْتٍ بِعَيْنِهِ واخرى بِالْحَيَاةِ فيه
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْقُرْعَةُ هُنَا وَالْقِسْمَةُ فِيمَا بِأَيْدِيهِمَا
وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ أنها له سَقَطَتَا وَاسْتهمَا على من يَحْلِفُ وَتَكُونُ الْعَيْنُ له
وَالثَّانِيَةُ يَقِفُ الْحُكْمُ حتى يَأْتِيَا بِأَمَارَتَيْنِ قال لِأَنَّ إحْدَاهُمَا كَاذِبَةٌ فَسَقَطَتَا كما لو ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ كَذَا هُنَا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لم تُرَجَّحْ بِذَلِكَ
يَعْنِي إذَا أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهُمَا
____________________
(11/398)
وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَتَيْنِ تَارَةً تَكُونُ قبل إقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا وَتَارَةً تَكُونُ بَعْدَ إقْرَارِهِ
فَإِنْ أَقَامَاهُمَا قبل إقْرَارِهِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَحُكْمُ التَّعَارُضِ بِحَالِهِ وَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ على رِوَايَتَيْ الِاسْتِعْمَالِ وهو صَحِيحٌ مَسْمُوعٌ على رِوَايَةِ التَّسَاقُطِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ وَإِنْ كان إقْرَارُهُ قبل إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَالْمُقَدِّمَةُ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْمُؤَخِّرَةُ كَبَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِيمَا ذَكَرَهُ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
فَائِدَةٌ لو ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ
لمدعى الْكُلِّ إنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْخَارِجِ وَإِلَّا فَهِيَ لَهُمَا
وَإِنْ كانت بِيَدِ ثَالِثٍ فَقَدْ ثَبَتَ أَحَدُ نِصْفَيْهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ
وَأَمَّا الْآخَرُ فَهَلْ يَقْتَسِمَانِهِ أو يَقْتَرِعَانِ عليه أو يَكُونُ لِلثَّالِثِ مع يَمِينِهِ
على رِوَايَاتِ التَّعَارُضِ
قَالَهُ في المحرروغيره
قال في الْفُرُوعِ فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفٌ وَالْآخَرُ لِلثَّالِثِ بِيَمِينِهِ
وَعَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا يَقْتَسِمَانِهِ أو يَقْتَرِعَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت في يَدِ رَجُلٍ عَبْدٍ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ من زَيْدٍ وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً انْبَنَى على بينه الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ
مُرَادُهُ إذَا كانت الْبَيِّنَتَانِ مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ أو مُطْلَقَتَيْنِ أو إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَنَقُولُ هُمَا سَوَاءٌ
قَالَهُ الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا
____________________
(11/399)
فَإِنْ كان في يَدِ المشترى فَالْمُشْتَرِي دَاخِلٌ وَالْعَبْدُ خَارِجٌ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَلَوْ كان الْعَبْدُ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أو بِيَدِ نَفْسِهِ وَادَّعَى عِتْقَ نَفْسِهِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ صَحَحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَإِلَّا تَعَارَضَتَا نَصَّ عليه إلْغَاءٌ لِهَذِهِ الْيَدِ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنِدِهَا
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَعَنْهُ أنها يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَلَا تَعَارُضَ بَلْ الْحُكْمُ على الْخِلَافِ في الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ التي جَزَمَ بها الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ في بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ شَيْءٌ من ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْعَبْدُ في يَدِ زَيْدٍ يَعْنِي الْبَائِعَ فَالْحُكْمُ فيه حُكْمُ ما إذَا ادَّعَيَا عَيْنًا في يَدِ غَيْرِهِمَا
على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى أو اتَّهَبَ من زَيْدٍ عَبْدَهُ وَادَّعَى آخَرُ كَذَلِكَ أو ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ صَحَحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَإِلَّا تَعَارَضَتَا فَيَسْقُطَانِ أو يُقْسَمُ فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَبِيعًا وَنِصْفُهُ حُرًّا وَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى جَمِيعِهِ إنْ كان الْبَائِعُ مُوسِرًا وَيَقْرَعُ كما سَبَقَ
وَعَنْهُ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْعِتْقِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ
قَوْلُهُ وأن كان في يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ فَادَّعَى عليه رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ
____________________
(11/400)
مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ منى بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَصَدَّقَهُمَا لَزِمَهُ الثَّمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا وبرىء ( ( ( وبرئ ) ) )
وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ ما ادَّعَاهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ
وَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَلَهُ الثَّمَنُ وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَأَمْكَنَ صِدْقُهُمَا لِاخْتِلَافِ تَارِيخِهِمَا أو إطْلَاقِهِمَا أو إطْلَاقِ إحْدَاهُمَا وَتَأْرِيخِ الْأُخْرَى عَمِلَ بِهِمَا
وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ إنْ لم يُؤَرِّخَا أو إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا
قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا وَالْحُكْمُ على ما تَقَدَّمَ في تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَنِي إيَّاهُ بِأَلْفٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا
بِلَا نِزَاعٍ وَهِيَ له
قال في الْفُرُوعِ وَلِلثَّانِي الثَّمَنُ
____________________
(11/401)
فَإِنْ لم تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا
يَعْنِي فيها رِوَايَاتُ التَّعَارُضِ بِلَا نِزَاعٍ
فَعَلَى رِوَايَةِ الْقِسْمَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ
فَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَخْذُهُ كُلَّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في المغنى هذا إذَا لم يَكُنْ حُكِمَ له بِنِصْفِهَا أو نِصْفِ الثَّمَنِ
وَعَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ هو لِمَنْ قَرَعَ
وَعَلَى رِوَايَةِ التَّسَاقُطِ يَعْمَلُ كما سَبَقَ
تَنْبِيهٌ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ قَوْلِهِ بَاعَنِي إيَّاهُ بِأَلْفٍ فيقول وهو مِلْكُهُ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَصِحُّ وَلَوْ لم يَقُلْ ذلك بَلْ قال وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ لم تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ حتى يَقُولَ وَهِيَ مِلْكُهُ
فَائِدَةٌ لو أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ أو إحْدَاهُمَا في هذه الْمَسْأَلَةِ تَعَارَضَتَا في الْمِلْكِ إذَنْ لَا في الشِّرَاءِ لِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ إذَنْ لِنَفْسِهِ قُبِلَ إنْ سَقَطَتَا فَيَحْلِفُ يَمِينًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَمِينَيْنِ
وَإِنْ قُلْنَا لَا تَسْقُطَانِ عَمِلَ بها بِقُرْعَةٍ أو يَقْسِمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ على رِوَايَتَيْ الْقُرْعَةِ وَالْقِسْمَةِ
قوله وَإِنْ قال أَحَدُهُمَا غَصَبَنِي إيَّاهُ وقال الْآخَرُ مَلَّكَنِيهِ
____________________
(11/402)
أو أَقَرَّ لي بِهِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ منه وَلَا يَغْرَمُ لِلْآخَرِ شيئا بِلَا نِزَاعٍ
لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ غَصْبُهُ من هذا ثُمَّ مَلَكَهُ الْآخَرُ
فَائِدَةٌ لو ادَّعَى أَنَّهُ أَجَّرَهُ الْبَيْتَ بِعَشْرَةٍ فقال الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ كُلَّ الدَّارِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَقِيلَ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلزِّيَادَةِ
وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ وَلَا قِسْمَةَ هُنَا
قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ ما يَصِحُّ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فيه قبل الدَّعْوَى وما لَا يَصِحُّ
____________________
(11/403)
بَابُ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ
قَوْلُهُ إذَا قال لِعَبْدِهِ مَتَى قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ وَاحِدٍ منهم بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ فَيُعْتَقُ أو يَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى على الرِّقِّ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
أَحَدُهُمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَيُعْتَقُ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى على الرِّقِّ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ فَيَقْضِي بِالتَّسَاقُطِ أو الْقُرْعَةِ أو الْقِسْمَةِ
قَوْلُهُ وَلَوْ قال إنْ مِتّ في الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ مِتّ في صَفَرٍ فَغَانِمٌ حُرٌّ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ في الْمَسْأَلَةِ
وَجَزَمَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/404)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَارَضَانِ وَيَسْقُطَانِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ على الرِّقِّ وَيَصِيرُ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ تَعَارَضَتَا وكان كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ له في رِوَايَةٍ أو يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا في الْأُخْرَى
وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُحَرَّمٍ بِكُلِّ حَالٍ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ عَتَقَ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ
فَائِدَةٌ لو لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَجُهِلَ وَقْتُ مَوْتِهِ رُقَّا مَعًا بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ في أَحَدِ الشَّهْرَيْنِ اقرع بَيْنَهُمَا
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَعْمَلُ فِيهِمَا بِأَصْلِ الْحَيَاةِ
فَعَلَى هذا يُعْتَقُ غَانِمٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ مِتّ في مَرَضِي هذا فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئَتْ فَغَانِمٌ حُرٌّ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَبَقِيَا على الرِّقِّ
ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا
وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(11/405)
وهو الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ وهو قَوِيٌّ
وَقِيلَ يُعْتَقُ سَالِمٌ وَحْدَهُ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو قال إنْ مِتّ من مَرَضِي هذا فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئْت فَغَانِمٌ حُرٌّ واقاما بَيِّنَتَيْنِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ التي قَبْلَهَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ
وقال في التَّرْغِيبِ هُنَا يَرِقَّانِ وَجْهًا وَاحِدًا
يَعْنِي لِتَكَاذُبِهِمَا على كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ
الثَّانِيَةُ لو قال إنْ مِتّ في مَرَضِي هذا فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئْت فَغَانِمٌ حُرٌّ وَجُهِلَ في أَيِّهِمَا مَاتَ اقرع بَيْنَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يُعْتَقُ سَالِمٌ
وَقِيلَ يُعْتَقُ غَانِمٌ
____________________
(11/406)
الثَّالِثَةُ لو قال إنْ مِتّ من مَرَضِي بَدَلَ في مَرَضِي وَجُهِلَ مِمَّا مَاتَ فَقِيلَ بِرِقِّهِمَا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ في الْمَرَضِ بِحَادِثٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَادِثِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى
وَقِيلَ يُعْتَقُ سَالِمٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَرَضِ وَعَدَمُ الْبُرْءِ
وَقِيلَ يُعْتَقُ غَانِمٌ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وَأُطْلِقَ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ في الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ تَسْقُطَانِ لِتَعَارُضِهِمَا
وَقِيلَ يُقْرَعُ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُونَ
وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في نَظِيرِهَا فِيمَنْ أَجَّرَ حِصَّةَ مُوَلِّيهِ فقالت بَيِّنَةٌ أَجَّرَهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَقَالَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَجَّرَهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ
فَائِدَةٌ لو كان بِكُلِّ قِيمَةٍ شَاهِدٌ ثَبَتَ الْأَقَلُّ بِهِمَا على الْمَذْهَبِ لَا على رِوَايَةِ التَّعَارُضِ
____________________
(11/407)
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْفُرُوعِ ثَبَتَ الْأَقَلُّ بِهِمَا على الْأَوَّلَةِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَحْلِفُ مع أَحَدِهِمَا وَلَا تَعَارُضَ
وقال الشَّارِحُ لو شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ وَشَاهِدٌ أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثَةٌ ثَبَتَ ما اتَّفَقَا عليه وهو دِرْهَمَانِ
وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مع الْآخَرِ على دِرْهَمٍ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا على دِرْهَمَيْنِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِدِرْهَمٍ
فَأَشْبَهَ ما لو شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةِ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لو اخْتَلَفَتْ ببينتان ( ( ( بينتان ) ) ) في قِيمَةِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ لِيَتِيمٍ يُرِيدُ الْوَصِيُّ بَيْعَهَا أَخَذَ بِبَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ فِيمَا يَظْهَرُ
قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا فقال زَوْجُهَا مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ وقال اخوها مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وكان مِيرَاثُ الإبن لِأَبِيهِ وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى هذا أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/408)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ وقال بن أبي مُوسَى يُعَيَّنُ السَّابِقُ بِالْقُرْعَةِ كما لو قال أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ وَأُشْكِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا
وقال أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من صَاحِبِهِ من تِلَادِ مَالِهِ دُونَ ما وَرِثَهُ عن الْمَيِّتِ معه كما لو جَهِلَ الْوَرَثَةُ مَوْتَهُمَا على ما تَقَدَّمَ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى
قال الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَخِ السُّدُسَ من مَالِ الِابْنِ وَالْبَاقِيَ لِلزَّوْجِ
وقال ابو بَكْرٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَهَذَا لَا نَدْرِي مَاذَا أَرَادَ بِهِ
إنْ أَرَادَ أَنَّ مَالَ الإبن وَالْمَرْأَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى إعْطَاءِ الْأَخِ ما لَا يَدَّعِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ يَقِينًا لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي من مَالِ الِابْنِ أَكْثَرَ من السُّدُسِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ منه
وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ثُلُثَ مَالِ الِابْنِ يُضَمُّ إلَى مَالِ الْمَرْأَةِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لم يَصِحَّ لِأَنَّ نِصْفَ ذلك لِلزَّوْجِ بِاتِّفَاقٍ فِيهِمَا لَا يُنَازِعُهُ الْأَخُ فيه وَإِنَّمَا النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا في نِصْفِهِ
قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هذا مُرَادُهُ كما لو تَنَازَعَ رَجُلَانِ دَارًا في أَيْدِيهِمَا أو ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا كُلَّهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا
وَيُعْمَلُ فيها كما تَقَدَّمَ من اخْتِلَافِهِمَا في السَّابِقِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ على الصَّحِيحِ
____________________
(11/409)
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ إنْ تَعَارَضَتْ وَقُلْنَا بِالْقِسْمَةِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا ما اخْتَلَفَا فيه نِصْفَانِ
وَتَقَدَّمَ ذلك كُلُّهُ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ على مَيِّتٍ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ وهو ثُلُثُ مَالِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وهو ثُلُثُ مَالِهِ اقرع بَيْنَهُمَا فَمَنْ تَقَعُ له الْقُرْعَةُ عَتَقَ دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ومنتخب ( ( ( ومنتحب ) ) ) الأدمى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بكروابن أبي مُوسَى يُعْتَقُ من كل وَاحِدٍ نِصْفَهُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ عن ( ( ( على ) ) ) الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّهُ رَجَعَ عن عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ سَوَاءٌ كانت وَارِثَةً أو لم تَكُنْ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت قِيمَةُ غَانِمٍ سُدُسَ الْمَالِ وَبَيِّنَتُهُ أَجْنَبِيَّةٌ قُبِلَتْ وَإِنْ كانت وَارِثَةً عَتَقَ الْعَبْدَانِ
يَعْنِي إنْ شَهِدَتْ الْوَارِثَةُ بِأَنَّهُ رَجَعَ عن عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَ الْعَبْدَانِ ولم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(11/410)
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا
فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ عَتَقَ وَحْدَهُ
وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَانِمٍ عَتَقَ هو وَنِصْفُ سَالِمٍ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَقَبِلَهَا أبو بَكْرٍ بِالْعِتْقِ لَا الرُّجُوعِ فَيُعْتَقُ نِصْفُ سَالِمٍ وَيُقْرَعُ بين بَقِيَّتِهِ وَالْآخَرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا في مَرَضِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْمَالِ عَتَقَ سَالِمٌ وَحْدَهُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ في مَرَضِهِ أَيْضًا عَتَقَ اقدمهما تَارِيخًا إنْ كانت الْبَيِّنَتَانِ أَجْنَبِيَّتَانِ عَتَقَ أَسْبِقُهُمَا تَارِيخًا
وَكَذَلِكَ إنْ كانت بَيِّنَةً أَحَدُهُمَا وَارِثَةٌ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو قَوْلُهُ فَإِنْ كانت بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا وَارِثَةً ولم تُكَذَّبْ الْأَجْنَبِيَّةُ فَكَذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمَا
فَائِدَةٌ لو كانت ذَاتُ السَّبْقِ الْأَجْنَبِيَّةَ فَكَذَّبَتْهَا الْوَارِثَةُ أو كانت ذَاتُ السَّبْقِ الْوَارِثَةَ وَهِيَ فَاسِقَةٌ عَتَقَ الْعَبْدَانِ
قَوْلُهُ فَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ
هذا الْمَذْهَبُ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
____________________
(11/411)
وَجَزَمَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُعْتَقُ من كل عَبْدٍ نِصْفُهُ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ على الْمَذْهَبِ
قال في الْمُنْتَخَبِ كَدَلَالَةِ كَلَامِهِ على تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا نحو اعْتِقُوا إنْ خَرَجَ من الثُّلُثِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قالت
أَيْ الْبَيِّنَةُ الْوَارِثَةُ
ما أَعْتَقَ سَالِمًا وَإِنَّمَا أَعْتَقَ غَانِمًا عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ وَحُكْمُ سَالِمٍ كَحُكْمِهِ لو لم يَطْعَنْ في بَيِّنَتِهِ في أَنَّهُ يُعْتَقُ إنْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ عِتْقِهِ أو خَرَجَتْ له الْقُرْعَةُ وَإِلَّا فَلَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ غَانِمًا يُعْتَقُ كُلُّهُ
قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَصَحُّ
وَقِيلَ يعتق ( ( ( عتق ) ) ) ثُلُثَاهُ إنْ حُكِمَ بِعِتْقِ سَالِمٍ وهو ثُلُثُ الْبَاقِي لِأَنَّ الْعَبْدَ الذي شَهِدَ بِهِ الْأَجْنَبِيَّانِ كَالْمَغْصُوبِ من التَّرِكَةِ
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الْوَارِثَةُ فَاسِقَةً ولم تَطْعَنُ في بَيِّنَةِ سَالِمٍ عَتَقَ سَالِمٌ كُلُّهُ وَيُنْظَرُ في غَانِمٍ فَإِنْ كان تَارِيخُ عِتْقِهِ سَابِقًا
____________________
(11/412)
أو خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ له عَتَقَ كُلُّهُ وَإِنْ كان مُتَأَخِّرًا أو خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ لم يُعْتَقْ منه شَيْءٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي يُعْتَقُ من غَانِمٍ نِصْفُهُ
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَذَّبَتْ بَيِّنَةَ سَالِمٍ عَتَقَ الْعَبْدَانِ
وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقِيلَ يُعْتَقُ من غَانِمٍ ثُلُثَاهُ كما تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ قَالَهُ الشَّارِحُ
فَائِدَةٌ التَّدْبِيرُ مع التَّنْجِيزِ كَآخَر التَّنْجِيزَيْنِ مع أَوَّلِهِمَا في كل ما تَقَدَّمَ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وإذا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ على دِينِهِ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَدَّعِيهِ وَإِنْ لم يُعْرَفْ فَالْمِيرَاثُ لِلْكَافِرِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدَهُ على الْكُفْرِ في دَارِ الْإِسْلَامِ
وهو الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُسْلِمُ أَنَّ الْكَافِرَ أَخُوهُ
وهو الذي قَالَهُ الْخِرَقِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/413)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُمَا في الدَّعْوَى سَوَاءٌ فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَنَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ
سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِالْأُخُوَّةِ أولا
وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ
وَقِيلَ الْمَالُ لِلْمُسْلِمِ
وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَقِيلَ بِالْوَقْفِ وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ
وقال الْقَاضِي إنْ كانت التَّرِكَةُ بِأَيْدِيهِمَا تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا
قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّهُ إرْثٌ
قال الْمُصَنِّفُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أنها له مع يَمِينِهِ وَلَا يَصِحُّ لِاعْتِرَافِهِمَا بِأَنَّ التَّرِكَةَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْإِرْثِ فَلَا حُكْمَ لِلْيَدِ انْتَهَى
قُلْت قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَإِنْ كانت بِيَدَيْهِمَا حَلَفَا وَتَنَاصَفَاهَا اعْتَرَفَا بِالْأُخُوَّةِ أَوَّلًا
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ إنْ عَرَفَ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ المدعى
وَقِيلَ يُقْرَعُ أو يُوقَفُ
____________________
(11/414)
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَعْتَرِفْ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أخوة ولم تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال هذا الْمَشْهُورُ وَغَيْرُهُمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَيِّتِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ في غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عليه
وقال الْقَاضِي الْقِيَاسُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا
قال في المغنى هُنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقِفَ الْأَمْرُ حتى يَظْهَرَ أَصْلُ دِينِهِ
فَائِدَةٌ هذه الْأَحْكَامُ إذَا لم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ
فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْمَذْهَبُ كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبوالخطاب وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْمَجْدُ
وقال رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ من يَدَّعِيهِ
وَأَجْرَى بن عَقِيلٍ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على إطْلَاقِهِ فَحَكَى عنه أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْكَافِرِ وَالْحَالَةُ هذه
وَقَدَّمَهُ كما يَقُولُهُ الْجَمَاعَةُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَشَذَّ الشِّيرَازِيُّ فَحَكَى فيه الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ بِالْأُخُوَّةِ ولم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ على دِينِهِ تَعَارَضَتَا
إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِذَلِكَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُ دِينِهِ أولا
فَإِنْ لم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالتَّعَارُضِ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالشِّيرَازِيُّ
____________________
(11/415)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَعَنْهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ التَّعَارُضُ لِأَنَّهُ لم يُفَرِّقْ بين من عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ وَبَيْنَ من لم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ وقال الشَّارِحُ إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ نَظَرْنَا في لَفْظِ الشَّهَادَةِ
فَإِنْ شَهِدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ كان آخِرُ كَلَامِهِ التَّلَفُّظُ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ
وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ مَاتَ على دِينِ الْإِسْلَامِ وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى أَنَّهُ مَاتَ على دِينِ الْكُفْرِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ من يدعى انْتِقَالَهُ عن دِينِهِ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ قالت بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ مَاتَ مُسْلِمًا وَبَيِّنَةُ الْكَافِرِ مَاتَ كَافِرًا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ
وَقِيلَ إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ عنه
وَقِيلَ بِالتَّعَارُضِ مُطْلَقًا كما لو جُهِلَ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ
وَقِيلَ يَرِثَانِهِ نِصْفَيْنِ
____________________
(11/416)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال شَاهِدَانِ نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا وقال شَاهِدَانِ نَعْرِفُهُ كَافِرًا فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ إذَا لم يُؤَرِّخْ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهُمْ
إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُ دِينِهِ أولا
فَإِنْ لم يُعْرَفْ بَلْ جُهِلَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ إذَا لم يُؤَرِّخْ الشُّهُودُ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالشِّيرَازِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْعُمْدَةِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ يَتَعَارَضَانِ
وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ
اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَاخْتَارَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَلَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ
وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ
وَقُدِّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِسْلَامِ تُقَدَّمُ
وَذَكَرَ قَوْلًا بِالتَّعَارُضِ
وَقَوْلًا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ
وَقَوْلًا يَرِثَانِهِ نِصْفَيْنِ
____________________
(11/417)
فَائِدَةٌ لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ تَعَارَضَتَا سَوَاءٌ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ أولا
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ لَمَّا نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ لَمَّا نَطَقَ بِالْكُفْرِ وَعُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ أو جُهِلَ سَقَطَتَا وَالْحُكْمُ كما سَبَقَ وَعَنْهُ لَا سُقُوطَ وَيَرِثُهُ من قَرَعَ
وَعَنْهُ بَلْ هماانتهى
وقال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قبل قَوْلِ من يدعى نَفْيَهُ وَشَذَّذَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمِينَ فَاخْتَلَفُوا في دِينِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ
كما لو عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنَيْنِ لِأَنَّ كُفْرَ أَبَوَيْهِ يَدُلُّ على أَصْلِ دِينِهِ في صِغَرِهِ وَإِسْلَامُ ابْنَيْهِ يَدُلُّ على إسْلَامِهِ في كِبَرِهِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا جميعا
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى
وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا إن حُكْمَهُمْ كَحُكْمِ الِابْنِ الْمُسْلِمِ وَالِابْنِ الْكَافِرِ على ما تُقَدَّمُ من التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ
____________________
(11/418)
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا كَافِرًا وَأَخَا وَامْرَأَةً مُسْلِمَيْنِ وَاخْتَلَفُوا في دِينِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال الْقَاضِي يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا
وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الِابْنِ الْمُسْلِمِ مع الِابْنِ الْكَافِرِ
على ما تَقَدَّمَ من التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وقال أبو بَكْرٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ تعطي الْمَرْأَةُ الرُّبُعَ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بين الِابْنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ
وَحَكَى عن أبي بَكْرٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعْطَى الثُّمُنَ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ قال في الْمُحَرَّرِ أَيْضًا وهو بَعِيدٌ
وقال في الْفُرُوعِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَمَتَى نَصَّفْنَا الْمَالَ فَنِصْفُهُ لِلْأَبَوَيْنِ على ثَلَاثَةٍ
وقال في الثَّانِيَةِ مَتَى نَصَّفْنَاهُ فَنِصْفُهُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَخِ على أَرْبَعَةٍ
قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وقال أَسْلَمْت قبل مَوْتِ أبي وقال أَخُوهُ بَلْ بَعْدَهُ فَلَا مِيرَاثَ له فَإِنْ قال أَسْلَمْت في الْمُحَرَّمِ وَمَاتَ أبي في صَفَرٍ وقال أَخُوهُ بَلْ مَاتَ في ذى الْحِجَّةِ فَلَهُ الْمِيرَاثُ مع أَخِيهِ
____________________
(11/419)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ في الثَّانِيَةِ
وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ في الْأُولَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا
قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ أو تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مدعى تَقْدِيمِ مَوْتِهِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو خَلَّفَ كَافِرٌ ابْنَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فقال الْمُسْلِم أَسْلَمْت أنا عَقِبَ مَوْتِ أبي وَقَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ على رِوَايَةٍ فَإِرْثُهُ لي وقال الْآخَرُ بَلْ أَسْلَمْت قبل مَوْتِهِ فَلَا إرْثَ لَك صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ
وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَا قُدِّمْت بَيِّنَةُ الْكَافِرِ سَوَاءٌ اتَّفَقَا على مَوْتِ أَبِيهِمَا أولا
فَإِنْ اتَّفَقَا أَنَّ الْمُسْلِمَ أَسْلَمَ في رَمَضَانَ فقال مَاتَ أبي في شَوَّالٍ فَأَرِثُهُ أنا وَأَنْتَ وقال الْكَافِرُ بَلْ مَاتَ في شَوَّالٍ صُدِّقَ الْكَافِرُ
وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ صُدِّقَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ
الثَّالِثَةُ لو خَلَّفَ حُرٌّ ابْنًا حُرًّا وَابْنًا كان عَبْدًا فَادَّعَى أَنَّهُ عَتَقَ وَأَبُوهُ حَيٌّ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ أَخُوهُ في عَدَمِ ذلك
وَإِنْ تبت ( ( ( ثبت ) ) ) عِتْقُهُ في رَمَضَانَ فقال الْحُرُّ مَاتَ أبي في شَعْبَانَ وقال الْعَتِيقُ
____________________
(11/420)
بَلْ في شَوَّالٍ صُدِّقَ الْعَتِيقُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّ مع التَّعَارُضِ
الرَّابِعَةُ لو شَهِدَا على اثْنَيْنِ بِقَتْلٍ فَشَهِدَا على الشَّاهِدَيْنِ بِهِ فَصَدَّقَ الْوَلِيُّ الْكُلَّ أو الْآخَرَيْنِ أو كَذَّبَ الْكُلَّ أو الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَلَا قَتْلَ وَلَا دِيَةَ
وَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا وَقُتِلَ من شَهِدَا عليه
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
____________________
(11/421)
بسم ( ( ( وكان ) ) ) اللَّهُ الرحمن ( ( ( جهدا ) ) ) الرحيم ( ( ( ولم ) ) ) كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
فَائِدَةٌ الشَّهَادَةُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا تُوجِبُهُ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوي ( ( ( الحاوي ) ) )
قَوْلُهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا فَرْضٌ على الْكِفَايَةِ
تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ في حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أو في حَقِّ غَيْرِ اللَّهِ
فَإِنْ كان في حَقِّ غَيْرِ اللَّهِ كَحَقِّ الادمى وَالْمَالِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب ان تَحَمُّلَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ في إثْمِهِ بِامْتِنَاعِهِ مع وُجُودِ غَيْرِهِ وَجْهَانِ
وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ في الْبُلْغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا
وَإِنْ كان في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ تَحَمُّلُهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ بَلْ هو فَرْضُ كِفَايَةٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَقِيلَ إنْ قَلَّ الشُّهُودُ وَكَثُرَ أَهْلُ الْبَلَدِ فَهِيَ فيه فَرْضُ عَيْنٍ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
____________________
(12/3)
فَائِدَةٌ حَيْثُ وَجَبَ تَحَمُّلُهَا فَفِي وُجُوبِ كِتَابَتِهَا لِتُحْفَظَ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الْوُجُوبُ لِلِاحْتِيَاطِ
ثُمَّ وَجَدْت صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَدَّمَهُ ذَكَرَهُ في أَوَائِلِ بَقِيَّةِ الشَّهَادَاتِ
وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال يَكْتُبُهَا إذَا كان رَدِيءَ الْحِفْظِ
فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ
وَأَمَّا أَدَاءُ الشَّهَادَةِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ
قال في التَّرْغِيبِ هو أَشْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَذَكَرَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ رِوَايَةً
وقال الْخِرَقِيُّ وَمَنْ لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بها على الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ
لَا يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ عن إقَامَتِهَا وهو قَادِرٌ على ذلك
فَظَاهِرُهُ أَنَّ أَدَاءَهَا فَرْضُ عَيْنٍ
قُلْت وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها فَرْضُ عَيْنٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
____________________
(12/4)
فَوَائِدُ
الْأُولَى يُشْتَرَطُ في وُجُوبِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ أَنْ يُدْعَى إلَيْهِمَا وَيَقْدِرَ عَلَيْهِمَا بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَنَصَّ عليه
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وَلَا تُبَدَّلُ في التَّزْكِيَةِ
قال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ تَضَرَّرَ بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ أو أَدَائِهَا في بَدَنِهِ أو عِرْضِهِ أو مَالِهِ أو أَهْلِهِ لم يَلْزَمْهُ
الثَّانِيَةُ يَخْتَصُّ الْأَدَاءُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَمَنْ تَحَمَّلَهَا أو رَأَى فِعْلًا أو سمع قَوْلًا بِحَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا على الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالنَّسِيبِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ
وَقِيلَ أو ما يَرْجِعُ فيه إلَى مَنْزِلِهِ لِيَوْمِهِ
قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
قال في الْفُرُوعِ تَجِبُ في مَسَافَةِ كِتَابٍ القاضي ( ( ( للقاضي ) ) ) عِنْدَ سُلْطَانٍ لَا يَخَافُ تَعَدِّيهِ
نَقَلَهُ مُثَنَّى أو حَاكِمٍ عَدْلٍ
نَقَلَ بن الْحَكَمِ كَيْفَ أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ ليس عَدْلًا قال لَا تَشْهَدْ
وقال في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ أَخَافُ أَنْ يَسَعَهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ عِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ
وَقِيلَ أو لَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ
وَقِيلَ لَا أَمِيرَ الْبَلَدِ وَوَزِيرَهُ
الثَّالِثَةُ لو أَدَّى شَاهِدٌ وأبي الشَّاهِدُ الْآخَرُ وقال أحلف أنت بَدَلِي أَثِمَ اتِّفَاقًا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إنْ قُلْنَا هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ
الرَّابِعَةُ لو دُعِيَ فَاسِقٌ إلَى شَهَادَةٍ فَلَهُ الْحُضُورُ مع عَدَمِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
____________________
(12/5)
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ لِتَحَمُّلِهَا
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَغَيْرِهِ لَا تُعْتَبَرُ له الْعَدَالَةُ
قال في الْفُرُوعِ فظاهرة مُطْلَقًا وَلِهَذَا لو لم يُؤَدِّ حتى صَارَ عَدْلًا قُبِلَتْ
ولم يَذْكُرُوا تَوْبَةً لِتَحَمُّلِهَا ولم يُعَلِّلُوا ان من ادَّعَاهَا بَعْدَ ان رُدَّ إلَّا بِالتُّهْمَةِ
وَذَكَرُوا ان شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسِقٌ يَعْرِفُ حاله قال للمدعى زدنى شُهُودًا لِئَلَّا يَفْضَحَهُ
وقال في المغنى ان شَهِدَ مع ظُهُورِ فِسْقِهِ لم يُعَزَّرْ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِدْقَهُ
فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَدَاءُ الْفَاسِقِ وَإِلَّا لَعُزِّرَ
يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَشْهَرَ لَا يَضْمَنُ من بَانَ فِسْقُهُ
وَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ من ضَمَّنَهُ وَيَكُونُ عِلَّةً لِتَضْمِينِهِ
وفى ذلك نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بين الضَّمَانِ وَالتَّحْرِيمِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَعَيَّنَتْ عليه أَخْذُ الْأُجْرَةِ عليها
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ فى الْأَصَحِّ أَخْذُ أُجْرَةٍ وَجُعْلٍ
وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ فى الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إنْ تَعَيَّنَتْ عليه إذَا كان غير مُحْتَاجٍ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا بِجَوَازِ الْأَخْذِ لِحَاجَةٍ تَعَيَّنَتْ أو لَا وَاخْتَارَهُ
وَقِيلَ يَجُوزُ الْأَخْذُ مع التَّحَمُّلِ
وَقِيلَ أُجْرَتُهُ من بَيْتِ الْمَالِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ ذلك لِمَنْ لم تَتَعَيَّنْ عليه في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(12/6)
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ كما تَقَدَّمَ عنه
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مع التَّحَمُّلِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَلَوْ عَجَزَ عن الْمَشْيِ أو تَأَذَّى بِهِ فَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ على رَبِّ الشَّهَادَةِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ وَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ وَالنَّفَقَةِ على رَبِّهَا
ثُمَّ قال قُلْت هذا إنْ تَعَذَّرَ حُضُورُ الْمَشْهُودِ عليه إلَى مَحَلِّ الشَّاهِدِ لِمَرَضٍ أو كِبَرٍ أو حَبْسٍ أو جَاهٍ أو خَفَرٍ
وقال أَيْضًا وَكَذَا حُكْمُ مُزَكٍّ وَمُعَرِّفٍ وَمُتَرْجِمٍ وَمُفْتٍ وَمُقِيمِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَحَافِظِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَمُحْتَسِبٍ وَالْخَلِيفَةِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لَا يُقِيمُ الشَّهَادَةَ على مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ وكتابه كَشَهَادَةٍ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَمَنْ كانت عِنْدَهُ شَهَادَةٌ في حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى أُبِيحَ له إقَامَتُهَا ولم تُسْتَحَبَّ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/7)
وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وأبو الْفَرَجِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ ذلك لِلتَّرْغِيبِ في السَّتْرِ
قال النَّاظِمُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ تَرْكُهَا أَوْلَى
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا يُخَالِفُ ما جَزَمَ بِهِ في آخِرِ الرِّعَايَةِ من وُجُوبِ الْإِغْضَاءِ عَمَّنْ سَتَرَ الْمَعْصِيَةَ فَإِنَّهُمْ لم يُفَرِّقُوا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَلَّالِ
قال وَيَتَوَجَّهُ فيمن عُرِفَ بِالشَّرِّ وَالْفَسَادِ أَنْ لَا يُسْتَرَ عليه
وهو يُشْبِهُ قَوْلَ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمَ في الْمُقِرِّ بِالْحَدِّ
وَسَبَقَ قَوْلُ شَيْخِنَا في إقَامَةِ الْحَدِّ انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ بَلْ لو قِيلَ بِالتَّرَقِّي إلَى الْوُجُوبِ لَاتَّجَهَ خُصُوصًا إنْ كان يَنْزَجِرُ بِهِ
قَوْلُهُ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لهم بِالْوُقُوفِ عنها في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَلِلْحَاكِمِ في الْأَصَحِّ أَنْ يُعَرِّضَ له بِالتَّوَقُّفِ عنها
قال الشَّارِحُ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لِلشَّاهِدِ بِالْوُقُوفِ عنها في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَالثَّانِي ليس له ذلك فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في الرِّعَايَةِ هل تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْقَبُولُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(12/8)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ
الثَّانِيَةُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لِلْمُقِرِّ بِحَدٍّ أَنْ يَرْجِعَ عن إقْرَارِهِ
وقال في الإنتصار تَلْقِينُهُ الرُّجُوعَ مَشْرُوعٌ
قَوْلُهُ وَمَنْ كانت عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لِآدَمِيٍّ يَعْلَمُهَا لم يُقِمْهَا حتى يَسْأَلَهُ فَإِنْ لم يَعْلَمْهَا اُسْتُحِبَّ له إعْلَامُهُ بها
هذا الْمَذْهَبُ وقطع ( ( ( قطع ) ) ) بِهِ الْأَكْثَرُ وَأَطْلَقُوا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الطَّلَبُ الْعُرْفِيُّ أو الْحَالِيُّ كَاللَّفْظِيِّ عَلِمَهَا أو لَا
قُلْت هذا عَيْنُ الصَّوَابِ
وَيَجِبُ عليه إعْلَامُهُ إذَا لم يَعْلَمْ بها وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ إذَا أَدَّاهَا قبل طَلَبِهِ قام بِالْوَاجِبِ وكان أَفْضَلَ كَمَنْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ أَدَّاهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ الْخِلَافَ في الْحُكْمِ قبل الطَّلَبِ
قَوْلُهُ ولايجوز أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ أو سَمَاعٍ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
لَكِنْ لو جَهِلَ رَجُلًا حَاضِرًا جَازَ له أَنْ يَشْهَدَ في حَضْرَتِهِ لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَإِنْ كان غَائِبًا فَعَرَفَهُ من يَسْكُنُ إلَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ جَازَ له أَنْ يَشْهَدَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(12/9)
وَعَنْهُ الْمَنْعُ من الشَّهَادَةِ بِالتَّعْرِيفِ
وَحَمَلَهَا الْقَاضِي على الِاسْتِحْبَابِ
وَأَطْلَقَهُمَا فى النَّظْمِ
وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ إنْ عَرَفَهَا كَنَفْسِهِ شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا
وَعَنْهُ أو نَظَرَ إلَيْهَا شَهِدَ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَشْهَدُ عليها إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو مُحْتَمَلٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ عليها بَيْتَهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا
وَعَلَّلَ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِعِصْمَتِهَا وَقَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ لِلْخَبَرِ
وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّظَرَ حَقُّهُ
قال فى الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ
وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا فى بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ عِنْدَ التَّعْرِيفِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ كَلَامَ صَاحِبِ الْمَطْلَعِ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ وَالسَّمَاعُ على ضَرْبَيْنِ سَمَاعٌ من الْمَشْهُودِ عليه نَحْوُ الْإِقْرَارِ وَالْعُقُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِ
وَكَذَا حُكْمُ الْحَاكِمِ فَيَلْزَمُ الشَّاهِدَ الشَّهَادَةُ مِمَّا سمع لَا بِأَنَّهُ عليه وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ فَيُخَيَّرُ
ويأتى تَتِمَّةُ ذلك مُسْتَوْفًى عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ المستخفى
فَائِدَةٌ لو شَهِدَ اثْنَانِ فى مَحْفِلٍ على وَاحِدٍ منهم أَنَّهُ طَلَّقَ أو أَعْتَقَ قُبِلَ
وَلَوْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ من أَهْلِ الْجُمُعَةِ فَشَهِدَا على الْخَطِيبِ انه قال او فَعَلَ
____________________
(12/10)
على الْمِنْبَرِ فى الْخُطْبَةِ شيئا لم يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُمَا في الْمَسْأَلَتَيْنِ قُبِلَ مع الْمُشَارَكَةِ في سَمْعٍ وَبَصَرٍ
ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي في شَهَادَةِ وَاحِدٍ في رَمَضَانَ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ إذَا إنفرد وَاحِدٌ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي على نَقْلِهِ مع مُشَارَكَةِ خَلْقٍ رُدَّ
قَوْلُهُ وَسَمَاعٌ من جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ في الْغَالِبِ إلَّا بِذَلِكَ كَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْوَقْفِ وَمَصْرِفِهِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ وما أَشْبَهَ ذلك
كَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ هذا الْمَذْهَبُ
أَعْنِي أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَشْهَدُ بِالِاسْتِفَاضَةِ في الْوَقْفِ
وَحَكَى في الرِّعَايَةِ خِلَافًا في مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَمَصْرِفِ وَقْفٍ
وقال في الْعُمْدَةِ ولايجوز ( ( ( ولا ) ) ) ذلك ( ( ( يجوز ) ) ) في حَدٍّ وَلَا قِصَاصٍ
قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا وهو أَظْهَرُ انْتَهَى
وَسَأَلَهُ الشالنجى عن شَهَادَةِ الْأَعْمَى فقال يَجُوزُ في كل ما ظَنَّهُ مِثْلَ النَّسَبِ وَلَا يَجُوزُ في الْحَدِّ
وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وبن حَامِدٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهِمَا أَيْضًا لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ بِمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ
وقال في التَّرْغِيبِ تُسْمَعُ شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا تَسْتَقِرُّ مَعْرِفَتُهُ بِالتَّسَامُعِ
لَا في عَقْدٍ
وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ
____________________
(12/11)
وأبوالخطاب في خِلَافَيْهِمَا وإبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ وإبن الْبَنَّاءِ على النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ أَشْهَرُ
قال في المغنى وزاد الْأَصْحَابُ على ذلك مَصْرِفَ الْوَقْفِ وَالْوِلَايَةَ وَالْعَزْلَ وقال نَحْوَهُ في الْكَافِي
وقال في الرَّوْضَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا في نَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَوَقْفٍ وَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ
وَأَسْقَطَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ
وَأَسْقَطَهُمَا آخَرُونَ وَزَادُوا الْوَلَاءَ
وقال الشَّارِحُ لم يذكر الْمُصَنِّفُ الْخُلْعَ في المغنى وَلَا في الْكَافِي
قال وَلَا رَأَيْته في كِتَابِ غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ قَاسَهُ على النِّكَاحِ
قال وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ قِيَاسًا على النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ انْتَهَى
قُلْت نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على ثُبُوتِ الشَّهَادَةِ بالإستفاضة في الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
لَكِنْ الْعُذْرُ لِلشَّارِحِ أَنَّهُ لم يَطَّلِعْ على ذلك مع كَثْرَةِ نَقْلِهِ
وقال في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ تَعْلِيلُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ جِهَاتِ الْمِلْكِ تَخْتَلِفُ تَعْلِيلٌ يُوجَدُ في الدَّيْنِ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ يَقْتَضِي أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بالإستفاضة
قُلْت وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالنِّكَاحَ يَشْمَلُ الْعَقْدَ وَالدَّوَامَ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(12/12)
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَشْهَدُ بالإستفاضة في دَوَامِ النِّكَاحِ لَا في عَقْدِهِ منهم بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ الإستفاضة إلَّا من عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي تُسْمَعُ من عَدْلَيْنِ وَقِيلَ تُقْبَلُ أَيْضًا مِمَّنْ تَسْكُنُ النَّفْسُ إلَيْهِ وَلَوْ كان وَاحِدًا وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لم يَعْلَمْ تَلَقِّيهَا من الإستفاضة وَمَنْ قال شَهِدْت بها فَفَرْعٌ
وقال في المغنى شَهَادَةُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ شَهَادَةُ اسْتِفَاضَةٍ لَا شَهَادَةٌ على شَهَادَةٍ فَيَكْتَفِي بِمَنْ شَهِدَ بها كَبَقِيَّةِ شَهَادَةِ الإستفاضة
وقال في التَّرْغِيبِ ليس فيها فرع ( ( ( فروع ) ) )
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ الشَّهَادَةُ بِالِاسْتِفَاضَةِ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ وقال تَحْصُلُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ نَظِيرُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عن الشُّهُودِ على الْخِلَافِ
وَذَكَرَ بن الزَّاغُونِيِّ إنْ شَهِدَ أَنَّ جَمَاعَةً يَثِقُ بِهِمْ أَخْبَرُوهُ بِمَوْتِ فُلَانٍ أو
____________________
(12/13)
أَنَّهُ ابْنُهُ أو أنها زَوْجَتُهُ فَهِيَ شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ
كَذَا أَجَابَ أبو الْخَطَّابِ يُقْبَلُ في ذلك وَيَحْكُمُ فيه بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ
وَأَجَابَ أبو الْوَفَاءِ إنْ صَرَّحَا بِالِاسْتِفَاضَةِ أو اسْتَفَاضَ بين الناس قُبِلَتْ في الْوَفَاةِ وَالنَّسَبِ جميعا
وَنَقَلَ الْحَسَنُ بن مُحَمَّدٍ لَا يَشْهَدُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَنَقَلَ مَعْنَاهُ جَعْفَرٌ
قال في الْفُرُوعِ وهو غَرِيبٌ
الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ وإذا شَهِدَ بِالْأَمْلَاكِ بِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ فَعَمَلُ وُلَاةِ الْمَظَالِمِ بِذَلِكَ أَحَقُّ ذَكَرَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِالتَّوَاتُرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ سمع إنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أَبٍ أو بن فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ له جَازَ أَنْ يَشْهَدَ له بِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لم يَشْهَدْ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ سَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حتى يَتَكَرَّرَ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَعَلَّلَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فقال لِأَنَّهُ لو أَكْذَبَهُ لم تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَسُكُوتُهُ يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ
ثُمَّ قال وَاعْلَمْ أَنَّ هذا تَعْلِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قال وَعِنْدِي فيه نَظَرٌ
____________________
(12/14)
وَذَلِكَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ في الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ في دَعْوَى الْأُبُوَّةِ مِثْلُ أَنْ يدعى شَخْصٌ أَنَّهُ بن فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَسْمَعُ فَيَسْكُتُ
فإن السُّكُوتَ إذًا نُزِّلَ هُنَا مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ صَارَ كما لو أَقَرَّ الْأَبُ أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ
قال ويقوى ما ذَكَرْته أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَى في المغنى إذَا سمع رَجُلًا يقول لِصَبِيٍّ هذا ابْنِي جَازَ أَنْ يَشْهَدَ وإذا سمع الصَّبِيَّ يقول هذا أبي وَالرَّجُلُ يَسْمَعُهُ فَسَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لِأَنَّ سُكُوتَ الْأَبِ إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ يُثْبِتُ النَّسَبَ فَجَازَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ
ثُمَّ قال في المغنى وَإِنَّمَا أُقِيمَ السُّكُوتُ مَقَامَ النُّطْقِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ على الِانْتِسَابِ الْفَاسِدِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَغْلِبُ فيه الْإِثْبَاتُ إلَّا أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ في النِّكَاحِ
ثُمَّ قال في المغنى وَذَكَرَ ابو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ بِهِ مع السُّكُوتِ حتى يَتَكَرَّرَ
قال بن مُنَجَّا وَالْعَجَبُ من الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ نَقَلَ في المغنى الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ في هذه الصُّورَةِ عن أبي الْخَطَّابِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ الِاحْتِمَالَ في هذه الصُّورَةِ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا
قال وفي الْجُمْلَةِ خُرُوجُ الْخِلَافِ فيه فِيمَا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ بن آخَرَ بِحُضُورِ الْآخَرِ فَيَسْكُتُ ظَاهِرٌ
وفي الصُّورَةِ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا الْخِلَافُ فيها بَعِيدٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ وإذا رَأَى شيئا في يَدِ إنْسَانٍ يَتَصَرَّفُ فيه تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ من النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَنَحْوِهَا جَازَ له أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ له
____________________
(12/15)
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم إبن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ إلَّا بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ
وَاخْتَارَهُ السَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ
قُلْت وهوالصواب
خُصُوصًا في هذه الْأَزْمِنَةِ وَمَعَ الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْإِجَارَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِلْقَاضِي
وفي نِهَايَةِ إبن رَزِينٍ يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ بِتَصَرُّفِهِ
وَعَنْهُ مع يَدِهِ
وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ إنْ رَأَى مُتَصَرِّفًا في شَيْءٍ تَصَرُّفَ مَالِكٍ شَهِدَ له بِمِلْكِهِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ يَتَصَرَّفُ فيه تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ سَوَاءٌ رَأَى ذلك مُدَّةً طَوِيلَةً أو قَصِيرَةً وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ بن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ في كُتُبِ الْخِلَافِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وتذكره إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَاقْتَصَرَ على الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ إبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْفَخْرُ في التَّرْغِيبِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وبن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(12/16)
قَوْلُهُ وَمَنْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ فَلَا بُدَّ من ذِكْرِ شُرُوطِهِ وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِوَلِيٍّ مُرَشَّدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا
يَعْنِي إنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الشَّاهِدُ صِحَّتَهُ وهو فَاسِدٌ
قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ إذَا اتَّحَدَ مَذْهَبُ الشَّاهِدِ وَالْحَاكِمِ لَا يَجِبُ التَّبْيِينُ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ فِيمَنْ ادَّعَى أَنَّ هذه الْمَيِّتَةَ امْرَأَتُهُ وَهَذَا ابْنُهُ منها فَإِنْ أَقَامَهَا بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَيَصْلُحُ ابْنُهُ فَهُوَ على أَصْلِ النِّكَاحِ وَالْفِرَاشُ ثَابِتٌ يَلْحَقُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّ هذا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا لم يُقْبَلْ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَصْلِ النِّكَاحِ ويعطي الْمِيرَاثَ وَالْبَيِّنَةُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِوَلِيٍّ مُرَشَّدٍ وَشُهُودٍ في صِحَّةِ بَدَنِهِ وَجَوَازٍ من أَمْرِهِ
وَيَأْتِي في أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ في صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ
وَمُرَادُهُ هُنَا إمَّا لِأَنَّ الْمَهْرَ فَوْقَ مَهْرِ الْمِثْلِ أو رِوَايَةٌ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَاحْتِيَاطًا لِنَفْيِ الِاحْتِمَالِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو شَهِدَ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ فيه خِلَافٌ كَالْخِلَافِ الذي في اشْتِرَاطِ صِحَّةِ دَعْوَاهُ بِهِ على ما سَبَقَ في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
وَالْمَذْهَبُ هُنَاكَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشُّرُوطِ فَكَذَا هُنَا فَكُلُّ ما صَحَّتْ الدَّعْوَى بِهِ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ وما لَا فَلَا
نَقَلَ مُثَنَّى فِيمَنْ شَهِدَ على رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِأَخٍ له بِسَهْمَيْنِ من هذه الدَّارِ من كَذَا وَكَذَا سَهْمًا ولم يَحُدَّهَا فَيَشْهَدُ كما سمع أو يَتَعَرَّفُ حَدَّهَا فَرَأَى أَنْ يَشْهَدَ على حُدُودِهَا فَيَتَعَرَّفَهَا
____________________
(12/17)
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا سمع وإذا قَامَتْ بَيِّنَةٌ يَتَعَيَّنُ ما دخل في اللَّفْظِ قَبْلُ كما لو أَقَرَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَأَنَّ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ أو الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا لِفُلَانٍ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هذا الْمُعَيَّنَ هو الْمُسَمَّى أو الْمَوْصُوفُ أو الْمَحْدُودُ فإنه يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لم يذكر لِرَضَاعٍ وَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ وَشُرْبٍ وَقَذْفٍ وَنَجَاسَةِ مَاءٍ قال بن الزَّاغُونِيِّ وَإِكْرَاهٍ ما يُشْتَرَطُ لِذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ بالزنى فَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ بِمَنْ زَنَى وَأَيْنَ زَنَى وَكَيْفَ زَنَى وَأَنَّهُ رَأَى ذَكَرَهُ في فَرْجِهَا
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَمِنْ أَصْحَابِنَا من قال لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ المزنى بها وَلَا الْمَكَانِ
زَادَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّمَانِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ هل تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هذا الْعَبْدَ بن أَمَةِ فُلَانٍ لم يُحْكَمْ له بِهِ حتى يَقُولَا وَلَدَتْهُ في مِلْكِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ يَكْفِي بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ
وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ اللَّقِيطِ مُحَرَّرًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ فَلْيُعَاوَدْ
____________________
(12/18)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هذا الْغَزْلَ من قُطْنِهِ أو الطَّيْرَ من بَيْضَتِهِ أو الدَّقِيقَ من حِنْطَتِهِ حُكِمَ له بها بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو شَهِدَ أَنَّ هذه الْبَيْضَةَ من طَيْرِهِ لم يُحْكَمْ له بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُحْكَمُ له بها
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وإذا مَاتَ رَجُلٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ وَارِثُهُ فَشَهِدَ له شَاهِدَانِ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمَانِ له وَارِثًا سِوَاهُ سُلِّمَ الْمَالُ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَا من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ أو لم يَكُونَا
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إلَّا أَنْ يَكُونَا من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ لِأَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِمْ بِوَارِثٍ آخَرَ ليس بِدَلِيلٍ على عَدَمِهِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فإن الظَّاهِرَ أَنَّهُ لو كان له وَارِثٌ آخَرُ لم يَخْفَ عليهم انْتَهَى
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَجِبُ الِاسْتِكْشَافُ مع فَقْدِ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ فَيَأْمُرُ من يُنَادِي بِمَوْتِهِ وَلْيَحْضُرْ وَارِثُهُ فإذا ظَنَّ أَنَّهُ لَا وَارِثَ سَلَّمَهُ من غَيْرِ كَفِيلٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(12/19)
وَقِيلَ لَا يُسَلِّمُهُ إلَّا بِكَفِيلٍ
قال في الْمُحَرَّرِ حُكِمَ له بِتَرِكَتِهِ إنْ كان الشَّاهِدَانِ من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ
وَإِلَّا فَفِي الِاسْتِكْشَافِ معها ( ( ( معا ) ) ) وَجْهَانِ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكْمِلُ لذى الْفَرْضِ فَرْضَهُ
وَعَلَى الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ يَأْخُذُ الْيَقِينَ وهو رُبُعُ ثُمُنٍ لِلزَّوْجَةِ عَائِلًا وَسُدُسٌ لِلْأُمِّ عَائِلًا من كل ذِي فَرْضٍ لَا حَجْبَ فيه وَلَا يَقِينَ في غَيْرِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُقَيَّدَ الْمَسْأَلَةُ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمَيِّتُ بن سَبِيلٍ وَلَا غَرِيبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَا لَا نَعْلَمُ له وَارِثًا غَيْرَهُ في هذا الْبَلَدِ احْتَمَلَ أَنْ يُسَلَّمَ الْمَالُ إلَيْهِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
قال الشَّارِحُ وَذَكَرَ ذلك مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُسَلَّمَ إلَيْهِ حتى يَسْتَكْشِفَ الْقَاضِي عن خَبَرِهِ في الْبُلْدَانِ التي سَافَرَ إلَيْهَا
قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَطْلَقَهُمَا بن منجى في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ
قال في الْمُحَرَّرِ حُكِمَ له بِالتَّرِكَةِ إنْ كَانَا من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ وفي الِاسْتِكْشَافِ مَعَهَا وَجْهَانِ
وقال في الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ شَهِدَا بِإِرْثِهِ فَقَطْ أَخَذَهَا بِكَفِيلٍ وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ المغنى في كَفِيلٍ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَجْهَانِ وَاسْتِكْشَافُهُ كما تَقَدَّمَ
____________________
(12/20)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو شَهِدَ الشَّاهِدَانِ الْأَوَّلَانِ أَنَّ هذا وَارِثُهُ شَارَكَ الْأَوَّلَ ذكره بن الزَّاغُونِيِّ
وهو مَعْنَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَأَبِي الْوَفَاءِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هذا ابْنُهُ لَا وَارِثَ له غَيْرُهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّ هذا ابْنُهُ لَا وَارِثَ له غَيْرُهُ قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَا تنافى
ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ إنَّمَا احْتَاجَ إلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ له سِوَاهُ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ ظَاهِرًا فإن بِحُكْمِ الْعَادَةِ يَعْلَمُهُ جَارُهُ وَمَنْ يَعْرِفُ بَاطِنَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ دَيْنِهِ على الْمَيِّتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عليه سِوَاهُ لِخَفَاءِ الدَّيْنِ وَلِأَنَّ جِهَاتِ الْإِرْثِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ على تَعَيُّنِ انْتِقَالِهَا وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ على النَّفْيِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْإِعْسَارُ وَالْبَيِّنَةُ فيه تُثْبِتُ ما يَظْهَرُ وَيُشَاهَدُ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ له عليه
قال في الْفُرُوعِ وَيَدْخُلُ في كَلَامِهِمْ قَبُولُهَا إذَا كان النَّفْيُ مَحْصُورًا كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ رضي اللَّهُ عنه دُعِيَ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى الصَّلَاةِ فَقَامَ وَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى ولم يَتَوَضَّأْ
وَلِهَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي أَخْبَارُ الصَّلَاةِ على شُهَدَاءِ أُحُدَ مُثْبِتَةٌ وَفِيهَا زِيَادَةٌ وَأَخْبَارُكُمْ نَافِيَةٌ وَفِيهَا نُقْصَانٌ وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى
فقال الزِّيَادَةُ هُنَا مع النَّافِي لِأَنَّ الْأَصْلَ في الْمَوْتَى الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّرْكِ وَالْعِلْمَ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ في هذا الْمَعْنَى
وَلِهَذَا يقول إنَّ من قال صَحِبْت فُلَانًا في يَوْمِ كَذَا فلم يَقْذِفْ فُلَانًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كما تُقْبَلُ في الْإِثْبَاتِ
____________________
(12/21)
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عليه بِعَيْنٍ في يَدِهِ كما لَا تُسْمَعُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ عليه في دَيْنٍ يُنْكِرُهُ
فَقِيلَ له لَا سَبِيلَ لِلشَّاهِدَيْنِ إلَى مَعْرِفَتِهِ
فقال لَهُمَا سَبِيلٌ وهو إذَا كانت الدَّعْوَى ثَمَنَ مَبِيعٍ فَأَنْكَرَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ على ذلك فإن لِلشَّاهِدَيْنِ سَبِيلًا إلَى مَعْرِفَةِ ذلك بِأَنْ يُشَاهِدَاهُ أَبْرَأَهُ من الثَّمَنِ أو أَقْبَضَهُ إيَّاهُ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ انْتَهَى
وفي الرَّوْضَةِ في مَسْأَلَةِ النَّافِي لَا سَبِيلَ إلَى إقَامَةِ دَلِيلٍ على النَّفْيِ فإن ذلك إنَّمَا يُعْرَفُ بِأَنْ يُلَازِمَهُ الشَّاهِدُ من أَوَّلِ وُجُودِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى فَيَعْلَمُ سَبَبَ اللُّزُومِ قَوْلًا وَفِعْلًا وهو مُحَالٌ انْتَهَى
وفي الْوَاضِحِ الْعَدَالَةُ تَجَمُّعُ كل فَرْضٍ وَتَرْكُ كل مَحْظُورٍ وَمَنْ يُحِيطُ بِهِ عِلْمًا والترك ( ( ( الترك ) ) ) نَفْيٌ وَالشَّاهِدُ بِالنَّفْيِ لَا يَصِحُّ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْتَخْفِي وَمَنْ سمع رَجُلًا يُقِرُّ بِحَقٍّ أو سمع الْحَاكِمَ يَحْكُمُ أو يُشْهِدُ على حُكْمِهِ وَإِنْفَاذِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَكَذَا لو سمع رَجُلًا يُعْتِقُ أو يُطَلِّقُ أو يُقِرُّ بِعَقْدٍ وَنَحْوِهِ
يَعْنِي أَنَّ شَهَادَتَهُ عليه جَائِزَةٌ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سمع
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ
وَقَطَعَ بِهِ الخرقى وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن شَهَادَةِ الْمُسْتَخْفِي تَجُوزُ على الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَقَالَا عن الْإِقْرَارِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عليه وَإِنْ لم يَقُلْ اشْهَدْ على انْتَهَيَا
____________________
(12/22)
وَلَا يَجُوزُ في الْأُخْرَى حتى يُشْهِدَهُ على ذلك اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَتَبِعَهُ بن أبي مُوسَى في عَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْمُسْتَخْفِي
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عليه بِالْإِقْرَارِ وَالْحُكْمِ حتى يُشْهِدَهُ على ذلك
وَعَنْهُ إنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ في الْحَالِ شَهِدَ بِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِسَابِقَةِ الْحَقِّ لم يَشْهَدْ بِهِ
نَقَلَهَا أبو طَالِبٍ وَاخْتَارَهَا الْمَجْدُ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ في ذلك كُلِّهِ بَلْ يُخَيَّرُ نَقَلَهَا أَحْمَدُ بن سَعِيدٍ
وَتَوَرَّعَ بن أبي مُوسَى فقال في الْقَرْضِ وَنَحْوِهِ لَا يَشْهَدُ بِهِ وفي الْإِقْرَارِ يَحِقُّ في الْحَالِ يقول حَضَرْت إقْرَارَ فُلَانٍ بِكَذَا وَلَا يقول أَشْهَدُ على إقْرَارِهِ
وقال أبو الْوَفَاءِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ على الْمَشْهُودِ عليه إلَّا أَنْ يَقْرَأَ عليه الْكِتَابَ أو يَقُولَ الْمَشْهُودُ عليه قُرِئَ عَلَيَّ أو فَهِمْت جَمِيعَ ما فيه فإذا أَقَرَّ بِذَلِكَ شَهِدَ عليه
وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ
وَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ما عَلِمْت ما فيه في الظَّاهِرِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا قال الْمُتَحَاسِبَانِ لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي بَيْنَنَا لم يَمْنَعْ ذلك الشَّهَادَةَ وَلُزُومَ إقَامَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ يَمْنَعُ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا شَهِدَ عليه شَهِدَ سَوَاءٌ كان وَقْتَ الْحُكْمِ أو لَا
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْقَاضِي
وَقِيلَ لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ إذَا قال الْقَاضِي لِلشَّاهِدَيْنِ أُعْلِمُكُمَا أَنِّي حَكَمْت بِكَذَا
____________________
(12/23)
هل يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَنَا على نَفْسِهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فقال الشَّهَادَةُ على الْحَاكِمِ تَكُونُ في وَقْتِ حُكْمِهِ
فَأَمَّا بَعْدَ ذلك فإنه مُخْبِرٌ لَهُمَا بِحُكْمِهِ فيقول الشَّاهِدُ أخبرني أو أَعْلَمَنِي أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا في وَقْتِ كَذَا وكذا
قال أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا أَشْهَدُ وَإِنَّمَا يُخْبِرَانِ بِقَوْلِهِ قَوْلُهُ فَصْلٌ وإذا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَحْمَرَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَبْيَضَ أو شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ الْيَوْمَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَمْسِ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ إبن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْمُحَرَّرِ قَالَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا
وقال أبو بَكْرٍ تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ على الْفِعْلِ إذَا اخْتَلَفَا في الْوَقْتِ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ وكذا لو اخْتَلَفَا في الْمَكَانِ أو في الصِّفَةِ بِمَا يَدُلُّ على تَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ
____________________
(12/24)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ في قَوَدٍ وَقَطْعٍ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في الْقَطْعِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو اخْتَلَفَا في صِفَةِ الْفِعْلِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ مع الزَّوَالِ كِيسًا أَبْيَضَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ مع الزَّوَالِ كِيسًا أَسْوَدَ أو شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ هذا الْكِيسَ غَدْوَةً وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ سَرَقَهُ عَشِيَّةً لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذكره بن حَامِدٍ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ تُكَمَّلُ
الثَّانِيَةُ لو شَهِدَ بِكُلِّ فِعْلٍ شَاهِدَانِ وَاخْتَلَفَا في الْمَكَانِ أو الزَّمَانِ أو الصِّفَةِ ثَبَتَا جميعا إنْ ادَّعَاهُمَا وَإِلَّا ثَبَتَ ما ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَكْرَارُهُ كَقَتْلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ تَعَارَضَتَا
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ
وقال في الْفُرُوعِ تَعَارَضَتَا إلَّا على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وهو مُرَادُهُمَا
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ سَرَقَ مع الزَّوَالِ كِيسًا أَبْيَضَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَهُ عَشِيَّةً تَعَارَضَتَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا ولم يَثْبُتْ قَطْعٌ وَلَا مَالٌ
____________________
(12/25)
قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هذا لَا تَعَارُضَ فيه لِإِمْكَانِ صِدْقِهِمَا بِأَنْ يَسْرِقَهُ بُكْرَةً ثُمَّ يَعُودَ إلَى صَاحِبِهِ أو غَيْرِهِ فَيَسْرِقَهُ عَشِيَّةً فَيَثْبُتُ له الْكِيسُ الْمَشْهُودُ بِهِ حَسْبُ فإن الْمَشْهُودَ بِهِ وَإِنْ كَانَا فِعْلَيْنِ لَكِنَّهُمَا في مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ من ضَمَانِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ له بِأَلْفٍ أَمْسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ له بها الْيَوْمَ أو شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ دَارِهِ أَمْسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا الْيَوْمَ كُمِّلَتْ الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمُوا بِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وفي الْكَافِي احْتِمَالٌ أنها لَا تُكَمَّلُ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ كُلُّ الْعُقُودِ كَالنِّكَاحِ على ما يَأْتِي
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ على الْقَوْلِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ احْتِمَالُ صَاحِبِ الْكَافِي وَوَجْهُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ إلَّا النِّكَاحَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَمْسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمُحَرَّرِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا قال لَا يَجْمَعُ لِلتَّنَافِي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/26)
وقال أبو بَكْرٍ يَجْمَعُ وَتُكَمَّلُ
قَوْلُهُ وكذلك الْقَذْفُ
يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُكَمَّلُ إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ في وَقْتِ قَذْفِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْمُحَرَّرِ حُكْمُهُ حُكْمُ النِّكَاحِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ يَثْبُتُ الْقَذْفُ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو كانت الشَّهَادَةُ على الْإِقْرَارِ بِفِعْلٍ أو غَيْرِهِ وَلَوْ نِكَاحًا أو قَذْفًا جُمِعَتْ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
الثَّانِيَةُ لو شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْفِعْلِ وَآخَرُ على إقْرَارِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُجْمَعُ نَصَّ عليه
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى في الْقَسَامَةِ وَالشَّارِحُ في أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ فَنَصُّهُ تُجْمَعُ
وقال الْقَاضِي لَا تُجْمَعُ وَقَالَهُ غَيْرُهُ
وَذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ عن الْأَكْثَرِينَ
الثَّالِثَةُ لو شَهِدَ وَاحِدٌ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أو قَتْلِ خَطَأٍ وَآخَرُ على إقْرَارِهِ لم تُجْمَعْ ولمدعى الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مع أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ
____________________
(12/27)
الرَّابِعَةُ مَتَى جَمَعْنَا الْبَيِّنَةَ مع اخْتِلَافِ زَمَنٍ في قَتْلٍ أو طَلَاقٍ فَالْعِدَّةُ وَالْإِرْثُ تلى آخِرَ الْمُدَّتَيْنِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ له بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ له بِأَلْفَيْنِ ثبتت ( ( ( ثبت ) ) ) الْأَلْفُ وَيَحْلِفُ على الْآخَرِ مع شَاهِدِهِ إنْ أَحَبَّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْلِفُ مع كل شَاهِدٍ لِأَنَّهَا لم تَثْبُتْ
فَائِدَةٌ لو شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَلْفٍ وَشَاهِدَانِ بِخَمْسِمِائَةٍ ولم تَخْتَلِفْ الْأَسْبَابُ وَالصِّفَاتُ دَخَلَتْ الْخَمْسُمِائَةِ في الْأَلْفِ وَوَجَبَتْ الْأَلْفُ
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَسْبَابُ وَالصِّفَاتُ وَجَبَتْ له الْأَلْفُ وَالْخَمْسُمِائَةُ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ له عليه الفا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ له عليه أَلْفَيْنِ فَهَلْ تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ على أَلْفٍ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي
أَحَدُهُمَا تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ في الْأَلْفِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/28)
وَالثَّانِي لَا تُكَمَّلُ فَيَحْلِفُ مع كل شَاهِدٍ
قَوْلُهُ وان شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ له عليه أَلْفًا من قَرْضٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ له عليه أَلْفًا من ثَمَنِ مَبِيعٍ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تُكَمَّلُ إنْ شَهِدَا على إقْرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا
فَائِدَةٌ لو شَهِدَ شَاهِدٌ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفٍ من قَرْضٍ جُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ له عليه أَلْفًا وقال أَحَدُهُمَا قَضَاهُ بَعْضَهُ
مِثْلُ أَنْ يَقُولَ قضى منه مِائَةٌ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ تَفْسُدُ في الْمِائَةِ كَرُجُوعِهِ
قال الشَّارِحُ وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها تُقْبَلُ فِيمَا بَقِيَ
____________________
(12/29)
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ جاء بَعْدَ هذا الْمَجْلِسِ فقال أَشْهَدُ أَنَّهُ قَضَاهُ بَعْضَهُ لم يُقْبَلْ منه
قال الشَّارِحُ فَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا جاء بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَحْتَاجُ قَضَاءُ الْمِائَةِ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ أو يَمِينٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قال أَحَدُهُمَا قَضَاهُ نِصْفَهُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وقال وَجْهًا وَاحِدًا
وَكَذَلِكَ بن منجي
وقال في الْفُرُوعِ لو شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قال أَحَدُهُمَا قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ صَحَّ نَصَّ عليه
وقال في الْمُحَرَّرِ وَنَصَّ فِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قال أحدهما ( ( ( أحدها ) ) ) قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ فَشَهَادَتُهُمَا صَحِيحَةٌ بِالْأَلْفِ وَيَحْتَاجُ قَضَاءُ الْخَمْسِمِائَةِ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ أو يَمِينٍ
وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُهُ في التي قَبْلَهَا
وَيَتَخَرَّجُ فِيهِمَا أَنْ لَا تُثْبِتَ شَهَادَتُهُمَا سِوَى خَمْسِمِائَةٍ انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ شَهَادَتِهِ كَرِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو شَهِدَ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَدْلَانِ أو عَدْلٌ أَنَّهُ اقْتَضَاهُ ذلك الْحَقَّ أو قد بَاعَ ما اشْتَرَاهُ لم يَشْهَدْ له نَقَلَهُ إبن الْحَكَمِ
وَسَأَلَهُ إبن هَانِئٍ لو قَضَاهُ نِصْفَهُ ثُمَّ جَحَدَهُ بَقِيَّتَهُ أَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ أو بَقِيَّتَهُ
____________________
(12/30)
قال يَدَّعِيهِ كُلَّهُ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فَتَشْهَدُ على حَقِّهِ كُلِّهِ ثُمَّ يقول لِلْحَاكِمِ قَضَانِي نِصْفَهُ
الثَّانِيَةُ لو عَلَّقَ طَلَاقًا إنْ كان لِزَيْدٍ عليه شَيْءٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ لم يَحْنَثْ بَلْ إنْ شَهِدَا أَنَّ له عليه فَحُكِمَ بِهِمَا
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ في صَادِقٍ ظَاهِرٌ
وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَةِ من حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا حَقَّ عليه لِزَيْدٍ فَقَامَتْ عليه بَيِّنَةٌ تَامَّةٌ بِحَقٍّ لِزَيْدٍ حَنِثَ حُكْمًا
الثَّالِثَةُ لو شَهِدَا على رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ من نِسَائِهِ أو أَعْتَقَ من إمَائِهِ أو أَبْطَلَ من وَصَايَاهُ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَقَالَا نَسِينَا عَيْنَهَا لم تُقْبَلْ هذه الشَّهَادَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تُقْبَلُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ في صُورَةِ الْوَصِيَّةِ فيها
قال في التَّرْغِيبِ قال أَصْحَابُنَا يُقْرَعُ بين الْوَصِيَّتَيْنِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا فَهِيَ الصَّحِيحَةُ
الرَّابِعَةُ هل يَشْهَدُ عَقْدًا فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فيه وَيَشْهَدُ بِهِ
قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ دُخُولُهَا فِيمَنْ أتى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فيه
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَشْهَدُ
وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى لو رَهَنَ الرَّهْنَ بِحَقٍّ ثَانٍ كان رَهْنًا بِالْأَوَّلِ فَقَطْ
فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ فَإِنْ اعْتَقَدَا فَسَادَهُ لم يَكُنْ لَهُمَا وَإِنْ اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ جَازَ أَنْ يَشْهَدَا بِكَيْفِيَّةِ الْحَالِ فَقَطْ
وَمَنَعَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ إذَا عَلِمَهُ بِتَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ أو تَفْضِيلِهِ وَذَكَرَهُ فيه الْحَارِثِيُّ عن الْأَصْحَابِ
____________________
(12/31)
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يُكْرَهُ ما ظَنَّ فَسَادَهُ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَحْرُمُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وإذا كانت له بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ فقال أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي بِخَمْسِمِائَةٍ لم يَجُزْ
وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَجُوزُ
فقال في الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَا شَهِدَا على رَجُلٍ بِأَلْفٍ فقال صَاحِبُ الدَّيْنِ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي من الْأَلْفِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنْ كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ من ذلك لم يَجُزْ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِخَمْسِمِائَةٍ قال وَعِنْدِي يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ انْتَهَى
وقال في الْمُحَرَّرِ إذَا قال من له بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي بِخَمْسِمِائَةٍ لم يَجُزْ ذلك إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمُ بِأَكْثَرَ منها
وَأَجَازَهُ أبو الْخَطَّابِ إنتهى
وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ فقال وَمَنْ قال لِبَيِّنَةٍ بِمِائَةٍ أشهدا لي بِخَمْسِينَ لم يَجُزْ إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِمَا فَوْقَهَا نَصَّ عليه
وأجازة أبو الْخَطَّابِ إنتهى
وقال في الْوَجِيزِ وإذا قال من له بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي بِخَمْسِمِائَةٍ لم يَجُزْ ذلك إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها وَإِلَّا جَازَ إنتهى
فَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا كان مولي بِأَكْثَرَ منها أَنَّهُ يَجُوزُ
وَصَرَّحَ بِذَلِكَ في الْوَجِيزِ فقال لم يَجُزْ ذلك إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها وَإِلَّا جَازَ
____________________
(12/32)
فَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ إنْ وُلِّيَ بِأَكْثَرَ منها جَازَ على الْقَوْلَيْنِ
قال شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ على الْمُحَرَّرِ وَهَذَا مُشْكِلٌ من جِهَةِ الْمَعْنَى وَالنَّقْلِ
أَمَّا من جِهَةِ الْمَعْنَى فإنه إذَا كان قد ولى بِأَكْثَرَ منها فَلَيْسَ مَعَنَا حَاجَةٌ دَاعِيَةٌ إلَى الشَّهَادَةِ بِالْبَعْضِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فإنه إذَا لم يُوَلَّ الْحُكْمُ بِأَكْثَرَ منها فَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى الشَّهَادَةِ بِالْبَعْضِ وهو الْمِقْدَارُ الذي يَحْكُمُ بِهِ وَلِهَذَا لم يذكر الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ هذا الْقَيْدَ وَلَا الْكَافِي لِأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهِمَ أَنَّهُ ليس بِقَيْدٍ يُحْتَرَزُ بِهِ
وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لم يَطَّلِعْ عليه لِأَنَّهُ في كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وهو قد نَقَلَ كَلَامَهُ
وَأَمَّا من جِهَةِ النَّقْلِ فقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قال أشهد على بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ على مِائَةٍ دُونَ مِائَةٍ كُرِهَ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُونِي على مِائَةٍ وَمِائَةٍ وَمِائَةٍ يَحْكِيهِ كُلَّهُ لِلْحَاكِمِ كما كان
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا شَهِدَ على أَلْفٍ وكان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فقال صَاحِبُ الْحَقِّ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَ لي على مِائَةٍ لم يَشْهَدْ إلَّا بِالْأَلْفِ
قال الْقَاضِي وَذَلِكَ أَنَّ على الشَّاهِدِ نَقْلَ الشهاده على ما شَهِدَ
فَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا شَهِدَ على أَلْفٍ وكان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةِ وَمِائَتَيْنِ يَرُدُّ ما قَالُوهُ فإنه ذَكَرَ في الرِّوَايَةِ إذَا كان يَحْكُمُ على مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فقال صَاحِبُ الْحَقِّ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَ لي على مِائَةٍ لم يَشْهَدْ إلَّا بِالْأَلْفِ فَمَنَعَهُ مع أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِمِائَتَيْنِ فإذا مَنَعَهُ من الشَّهَادَةِ بِمِائَةٍ وهو يَحْكُمُ بِمِائَتَيْنِ فَقَدْ مَنَعَهُ في صُورَةِ ما إذَا ولى الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها
وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ لَا يَحْتَاجُ معه إلَى تَطْوِيلٍ
وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْحَاكِمِ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فإن الْوَاقِعَ في هذه الصُّورَةِ لَا يَكُونُ في الْعُرْفِ إلَّا إذَا كان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ بِأَكْثَرَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَا يَطْلُبُ إلَّا
____________________
(12/33)
في هذه الصُّورَةِ أو نَحْوِهَا من الصُّوَرِ التي تَمْنَعُهُ من طَلَبِ الْحَقِّ كَامِلًا
أَمَّا كَلَامُ أبي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ في الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْخِلَافِ أَيْ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ لَا يُجِيزُهُ إلَّا إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ بِأَكْثَرَ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا يَجُوزُ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَجُوزُ إذَا كان لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها
وَأَمَّا إذَا كان قد ولى الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها لم يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ الْعُذْرِ
لَكِنْ تَعْلِيلُ قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ الذي عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في المغنى وهو أَنَّهُ من شَهِدَ بِأَلْفٍ فَقَدْ شَهِدَ بِالْخَمْسِمِائَةِ وَلَيْسَ كَاذِبًا يَدُلُّ على أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ يُجِيزُهُ مُطْلَقًا
وأبو الْخَطَّابِ لم يُعَلِّلْ قَوْلَهُ في الْهِدَايَةِ فَإِنْ كان رَأَى تَعْلِيلَهُ في كَلَامِهِ في غَيْرِ الْهِدَايَةِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ كان عَلَّلَهُ من عِنْدِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ قَصَدَ ما فَهِمَهُ الشَّيْخُ وَأَرَادَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ الْجَوَازُ في صُورَةِ ما إذَا لم يُوَلَّ بِأَكْثَرَ منها وَيَكُونُ كَوْنُهُ ليس كَاذِبًا في شَهَادَةٍ يَمْنَعُ الإحتياج إلَى ذلك لِأَجْلِ الْحُكْمِ لِكَوْنِهِ لَا يَحْكُمُ بِأَكْثَرَ منها فَتَكُونُ الْعِلَّةُ الْمَجْمُوعَ مع أَنَّ كَلَامَ أبي الْخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ من تَحْتٍ أَيْ قال صَاحِبُ الْحَقِّ ذلك بِأَنْ كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ بِأَكْثَرَ منها لَكِنْ النسخة ( ( ( النسخ ) ) ) بِالْفَاءِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ من الْكَاتِبِ وَإِنْ كان بَعِيدًا
وَأَمَّا صَاحِبُ الْوَجِيزِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ظَنَّ الْمَفْهُومَ مَقْصُودًا فَصَرَّحَ بِهِ وَإِنْ كان بَعِيدًا وَلَكِنْ ارْتَكَبْنَاهُ لَمَّا دَلَّ عليه كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِمَا عليه الْجَمَاعَةُ انْتَهَى كَلَامُ شَيْخِنَا
قال وقد ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ نَصْرُ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا بِالْخَمْسِمِائَةِ وكان أَصْلُهَا بِأَلْفٍ وَأَعْلَمُوا الْحَاكِمَ بِذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ
____________________
(12/34)
بِالْخَمْسِمِائَةِ حُكْمًا بِالْأَلْفِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِبَعْضِ الْجُمْلَةِ حُكْمٌ بِالْجُمْلَةِ
فإذا كان لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَلْفٍ يَكُونُ قد حَكَمَ بِمَا لم يُوَلَّ فيه وهو مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ ما إذَا كان ولى الْحُكْمَ بِأَلْفٍ فإنه يَكُونُ قد حَكَمَ بِمَا ولى فيه هذا مَعْنَى ما رَأَيْته من كَلَامِهِ
قال وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِينَ ذَكَرُوا الْمَنْعَ من ذلك إنَّمَا عَلَّلُوهُ بِأَنَّ الشَّاهِدَ لم يَشْهَدْ كما سمع
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ الْمَنْعَ لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ لَا لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ
وَلِأَنَّهُ قد يُقَالُ لَا يَسْلَمُ في مِثْلِ هذه الصُّورَةِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْبَعْضِ الْمَشْهُودِ بِهِ يَكُونُ حُكْمًا بالجمله بَلْ إنَّمَا يَكُونُ حُكْمًا بِمَا ادَّعَى بِهِ وَشَهِدَ بِهِ
وقد يُقَالُ الَّذِينَ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ لم تُؤَدَّ كما سُمِعْت كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مُطْلَقًا
وَأَمَّا من قَيَّدَ الْمَنْعَ بِمَا إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها يَكُونُ تَوْجِيهُهُ ما ذُكِرَ وَيَدُلُّ عليه ذِكْرُ هذا الْقَيْدِ لِأَنَّهُمْ لم يَمْنَعُوا إلَّا بهذا الشَّرْطِ
لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْبَعْضِ من الْجُمْلَةِ حُكْمٌ بِكُلِّهَا
وقد ذَكَرَ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ما يُخَالِفُ ذلك
فإنه ذَكَرَ في أَوَائِلِ الْكُرَّاسِ الرَّابِعِ فِيمَا إذَا كانت وِلَايَةُ الْقَاضِي خَاصَّةً وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على صِحَّتِهَا في قَدْرٍ من الْمَالِ فقال في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن نَصْرٍ في رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفِ دِرْهَمٍ وكان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إلَّا في مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فقال لَا تَشْهَدْ إلَّا بِمَا أُشْهِدْت عليه
وَكَذَلِكَ قال في رِوَايَةِ الْحَسَنِ بن مُحَمَّدٍ في رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفٍ وَلَا يُحْكَمُ في الْبِلَادِ إلَّا على مِائَةٍ لَا يَشْهَدْ إلَّا بِأَلْفٍ
فَقَدْ نَصَّ على جَوَازِ الْقَضَاءِ في قَدْرٍ من الْمَالِ وَوَجْهُهُ ما ذَكَرْنَا
____________________
(12/35)
وَمَنَعَ من تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ إذَا كانت بِقَدْرٍ يَزِيدُ على ما جُعِلَ له فيه بَلْ يَشْهَدُ بِذَلِكَ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ من ذلك بِمَا جُعِلَ له لِأَنَّهُ إذَا شَهِدَ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ هذا الْقَاضِي وَشَهِدَ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ رُبَّمَا ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّ هذه الْخَمْسَمِائَةِ الثَّانِيَةَ هِيَ التي شَهِدَ بها أَوَّلًا وَتَسْقُطُ إحْدَاهُمَا على قَوْلِ من يَحْمِلُ تَكْرَارَ الْإِقْرَارِ في مَجْلِسَيْنِ بِأَلْفٍ وَاحِدَةٍ
وقد يَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى 5 : 108 { ذلك أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجْهِهَا } وإذا بَعَّضَهَا فلم يَأْتِ بها على وَجْهِهَا انْتَهَى كَلَامُ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ
____________________
(12/36)
بَابُ شُرُوطِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
قَوْلُهُ وَهِيَ سِتَّةٌ أَحَدُهَا الْبُلُوغُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ مُتَقَدِّمِهِمْ وَمُتَأَخِّرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ مِمَّنْ هو في حَالِ الْعَدَالَةِ فَتَصِحُّ من مُمَيِّزٍ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ بن عَشْرٍ
وَاسْتَثْنَى بن حَامِدٍ على هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ إلَّا في الْجِرَاحِ إذَا شَهِدُوا قبل الإفتراق عن الْحَالَةِ التي تَجَارَحُوا عليها
ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ في الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ
ذَكَرَهَا في الْوَاضِحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قال الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُشْتَرَطُ أَنْ يُؤَدُّوهَا أو يَشْهَدُوا على شَهَادَتِهِمْ قبل تَفَرُّقِهِمْ ثُمَّ لَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُمْ
وَقِيلَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ على مِثْلِهِمْ
____________________
(12/37)
وَسَأَلَهُ عبد اللَّهِ فقال عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنه أَجَازَ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ
فَائِدَةٌ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَ الْأَصْحَابِ في الشَّهَادَةِ على الْجِرَاحِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ فَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا عَجَبٌ من الْقَاضِي فإن الصِّبْيَانَ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا الشَّهَادَةُ بِمَا يُوجِبُ الْمَالَ ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قَوْلُهُ الثَّانِي الْعَقْلُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ إلَّا من يُخْنَقُ في الْأَحْيَانِ إذَا شَهِدَ في إفَاقَتِهِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ نَصَّ عليه
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ من يُصْرَعُ في الشَّهْرِ مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ
وقال في الْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ من يُصْرَعُ في الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ
وَقِيلَ من يُفِيقُ أَحْيَانًا حَالَ إفَاقَتِهِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ الْكَلَامُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه
قال الشَّارِحُ هذا أَوْلَى
____________________
(12/38)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرِّوَايَةُ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ
قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا
وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَائِدَةٌ لو أَدَّاهَا بخطة فَقَدْ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَمَنَعَهَا أبو بَكْرٍ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي
وَخَالَفَهُ في الْمُحَرَّرِ فَاخْتَارَ فيه قَبُولَهَا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال في النُّكَتِ وَكَأَنَّ وَجْهَ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِتَابَةَ هل هِيَ صَرِيحٌ أَمْ لَا وَيَأْتِي في أَثْنَاءِ الْبَابِ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ وَالْأَعْمَى وَأَحْكَامُهُمَا
قَوْلُهُ الرَّابِعُ الْإِسْلَامُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ إلَّا أَهْلَ الْكِتَابِ في الْوَصِيَّةِ في السَّفَرِ إذَا لم يُوجَدْ غَيْرُهُمْ وَحَضَرَ الْمُوصِيَ الْمَوْتُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ
يَعْنِي إذَا كَانُوا رِجَالًا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْوَصِيَّةِ في السَّفَرِ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حتى قال الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ إنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ
____________________
(12/39)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ رَوَاهُ نَحْوُ الْعِشْرِينَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَذَكَرَ بن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ رِوَايَةً بِعَدَمِ الْقَبُولِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غير الْكِتَابِيِّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فيها وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ من الْكَافِرِ مُطْلَقًا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ
الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمُوصِي مُسْلِمًا أو كَافِرًا وهو صَحِيحٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
الثَّالِثُ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ لَا تُقْبَلُ في غَيْرِ هذه الْمَسْأَلَةِ بِشَرْطِهَا وقال هو الْمَذْهَبُ
____________________
(12/40)
وهو كما قال وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ نَحْوٍ من عِشْرِينَ من أَصْحَابِهِ في أنها لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِلْحَمِيلِ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ لِلْحَمِيلِ وَمَوْضِعُ ضَرُورَةٍ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ سَفَرًا
ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال كما تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْحُدُودِ إذَا اجْتَمَعْنَ في الْعُرْسِ وَالْحَمَّامِ انْتَهَى
وَعَنْهُ أَنَّ شَهَادَةَ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ تُقْبَلُ على بَعْضٍ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ
وَخَطَّأَهُ الْخَلَّالُ في نَقْلِهِ
قال أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ هذا غَلَطٌ لَا شَكَّ فيه
قال أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّبْيِ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ الْآخَرَ أَخُوهُ
وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ
وَالظَّاهِرُ غَلَطُ من رَوَى خِلَافَ ذلك قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَاخْتَارَ رِوَايَةَ قَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وبن رَزِينٍ وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَنَصَرُوهُ
وَاحْتَجَّ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ على أَوْلَادِهِ فَشَهَادَتُهُ عليهم أَوْلَى
وَنَصَرَهُ أَيْضًا في الإنتصار
وفي الإنتصار أَيْضًا لَا من حربى
وَفِيهِ أَيْضًا بَلْ على مِثْلِهِ
وقال هو وَغَيْرُهُ لَا مُرْتَدٍّ لِأَنَّهُ ليس أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ فَلَا يُقَرُّ وَلَا فَاسِقٍ منهم لِأَنَّهُ لَا يَجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِهِ وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ
____________________
(12/41)
وفي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ اتِّحَادُهَا
صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
تَنْبِيهٌ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ وَيُحَلِّفُهُمْ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كان ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ
إن تَحْلِيفَهُمْ على سَبِيلِ الْوُجُوبِ وهو الظَّاهِرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْأَشْهَرُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ على سَبِيلِ الإستحباب
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الْوَاضِحِ يُحَلِّفُهُمْ مع الرِّيبَةِ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْفَظُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ وَلَا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَعْرُوفِ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَكَذَا الْمَعْرُوفُ بِكَثْرَةِ النِّسْيَانِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وبن حَمْدَانَ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(12/42)
وقال في التَّرْغِيبِ هذا الصَّحِيحُ إلَّا في أَمْرٍ جَلِيٍّ يَكْشِفُهُ الْحَاكِمُ وَيُرَاجِعُهُ فيه حتى يَعْلَمَ تَثَبُّتَهُ فيه وَأَنَّهُ لَا سَهْوَ وَلَا غَلَطَ فيه
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قَوْلُهُ وَالسَّادِسُ الْعَدَالَةُ وَهِيَ اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ في دِينِهِ وَاعْتِدَالُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ
تَقَدَّمَ في بَابِ طريق ( ( ( طرق ) ) ) الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُ الْعَدَالَةِ في الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَيُعْتَبَرُ اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ في دِينِهِ وَاعْتِدَالُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وَقِيلَ الْعَدْلُ من لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ وَتَقَدَّمَ ذلك
وَذَكَرَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ في الْعَدَالَةِ اجْتِنَابَ الرِّيبَةِ وَانْتِفَاءَ التُّهْمَةِ
زَادَ في الرِّعَايَةِ وَفِعْلُ ما يُسْتَحَبُّ وَتَرْكُ ما يُكْرَهُ
فَائِدَةٌ الْعَاقِلُ من عَرَفَ الْوَاجِبَ عَقْلًا الضَّرُورِيَّ وَغَيْرَهُ وَالْمُمْتَنِعَ وَالْمُمْكِنَ
وما يَضُرُّهُ وما يَنْفَعُهُ غَالِبًا
وَالْعَقْلُ نَوْعُ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ إنْسَانِيٍّ وَمَحَلُّ ذلك الْأُصُولُ
وَالْإِسْلَامُ الشَّهَادَتَانِ نُطْقًا أو حُكْمًا تَبَعًا أو بِدَارٍ مع الْتِزَامِ أَحْكَامِ الدِّينِ
قَالَهُ الْأَصْحَابُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُعْتَبَرُ لها شَيْئَانِ الصَّلَاحُ في الدِّينِ وهو أَدَاءُ الْفَرَائِضِ
إن أَدَاءَ الْفَرَائِضِ وَحْدَهَا يَكْفِي وَلَوْ لم يُصَلِّ سُنَنَهَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(12/43)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ أَدَاءَ الْفَرَائِضِ بِسُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ بِسُنَنِهَا ولم يذكر الرَّاتِبَةَ وقد أَوْمَأَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْجَمَاعَةُ كَقَوْلِهِ فِيمَنْ يُوَاظِبُ على تَرْكِ سُنَنِ الصَّلَاةِ رَجُلُ سُوءٍ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لو تَرَكَ سُنَّةً سَنَّهَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً من سُنَنِهِ فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ
وقال الْقَاضِي يَأْثَمُ
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ من تَرْكِ فَرْضٍ وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ سُنَّةٍ
وَإِنَّمَا قال هذا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ تَرَكَهَا طُولَ عُمُرِهِ أو أَكْثَرَهُ فإنه يَفْسُقُ بِذَلِكَ
وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إذَا دَاوَمَ على تَرْكِهَا لِأَنَّهُ بِالْمُدَاوَمَةِ يَكُونُ رَاغِبًا عن السنه وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لِكَوْنِهَا سنه
وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ خَرَجَ على هذا
وَكَذَا قال في الْفُصُولِ الْإِدْمَانُ على تَرْكِ هذه السُّنَنِ غَيْرُ جائز ( ( ( جائر ) ) ) وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْوِتْرِ
وقال بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في الْوِتْرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِفِسْقِهِ
قُلْت فيعايي بها على قَوْلِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ من تَرَكَ الْوِتْرَ فَلَيْسَ بِعَدْلٍ
وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجَمَاعَةِ على أنها سُنَّةٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَاقِصَ الْإِيمَانِ
____________________
(12/44)
وقال في الرِّعَايَةِ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ من أَكْثَرَ من تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ
قَوْلُهُ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمَ وهو أَنْ لَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً وَلَا يُدْمِنَ على صغيره
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ أَنْ لَا يَظْهَرَ منه إلَّا الْخَيْرُ
وَقِيلَ أَنْ لَا يَتَكَرَّرَ منه صَغِيرَةٌ
وَقِيلَ ثَلَاثًا
وَقَطَعَ بِهِ في آدَابِ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ بِأَنْ لَا يُكْثِرَ من الصَّغَائِرِ وَلَا يُصِرَّ على وَاحِدَةٍ منها
وَعَنْهُ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِكِذْبَةٍ وَاحِدَةٍ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في المغنى
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال بن عَقِيلٍ اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ وَقَاسَ عليه بَقِيَّةَ الصَّغَائِرِ وهو بَعِيدٌ لِأَنَّ الْكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فِيمَا تَحْصُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ وهو الْخَبَرُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَأَخَذَ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ من هذه الرِّوَايَةِ أَنَّ الْكَذِبَ كَبِيرَةٌ
وَجَعَلَ بن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْكَذِبِ وَأَوْرَدَ ذلك مَذْهَبًا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ
وقال أَيْضًا وَلَعَلَّ الْخِلَافَ في الكذبه لِلتَّرَدُّدِ فيها هل هِيَ كَبِيرَةٌ أو صَغِيرَةٌ
وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ الرِّوَايَتَيْنِ في رَدِّ الشَّهَادَةِ بِالْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ
____________________
(12/45)
وَظَاهِرُ الْكَافِي أَنَّ الْعَدْلَ من رَجَحَ خَيْرُهُ ولم يَأْتِ كَبِيرَةً لِأَنَّ الصَّغَائِرَ تَقَعُ مُكَفَّرَةً أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا تَجْتَمِعُ
قال بن عَقِيلٍ لَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَقُلْنَا بِهِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْعُمْدَةِ أَنَّهُ عَدْلٌ وَلَوْ أتى كَبِيرَةً
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صَرَّحَ بِهِ في قِيَاسِ الشُّبْهَةِ
وَعَنْهُ فِيمَنْ أَكَلَ الرِّبَا إنْ أَكْثَرَ لم نُصَلِّ خَلْفَهُ
قال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ فَاعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ
وقال في المغنى إنْ أَخَذَ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وَتَكَرَّرَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ
وَعَنْهُ فِيمَنْ وَرِثَ ما أَخَذَهُ مَوْرُوثُهُ من الطَّرِيقِ هذا أَهْوَنُ ليس هو أَخْرَجَهُ وَأَعْجَبُ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ
وَعَنْهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ عَدْلًا حتى يَرُدَّ ما أَخَذَ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من شَهِدَ على إقْرَارِ كَذِبٍ مع عِلْمِهِ بِالْحَالِ أو تَكَرَّرَ نَظَرُهُ إلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالْقُعُودِ له بِلَا حَاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ قُدِحَ في عَدَالَتِهِ
قال وَلَا يَسْتَرِيبُ أَحَدٌ فِيمَنْ صلى مُحْدِثًا أو لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أو بَعْدَ الْوَقْتِ أو بِلَا قِرَاءَةٍ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ
فَائِدَةٌ الْكَبِيرَةُ ما فيه حَدٌّ أو وَعِيدٌ نَصَّ عليه
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ ما فيه حَدٌّ أو وَعِيدٌ أو غَضَبٌ أو لَعْنَةٌ أو نَفْيُ الْإِيمَانِ
وقال في الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ من الصَّغَائِرِ
وقال الْقَاضِي في مُعْتَمَدِهِ مَعْنَى الْكَبِيرَةِ أَنَّ عِقَابَهَا أَعْظَمُ وَالصَّغِيرَةُ أَقَلُّ وَلَا يُعْلَمَانِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ
وقال إبن حَامِدٍ إنْ تَكَرَّرَتْ الصَّغَائِرُ من نَوْعٍ أو أَنْوَاعٍ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ تَجْتَمِعُ وَتَكُونُ كَبِيرَةً
____________________
(12/46)
وَمِنْ أَصْحَابِنَا من قال لَا تَجْتَمِعُ وهو شَبِيهُ مَقَالَةِ الْمُعْتَزِلَةِ
قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ سَوَاءٌ كان فِسْقُهُ من جِهَةِ الْأَفْعَالِ أو الِاعْتِقَادِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَتَخَرَّجُ على قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ من جِهَةِ الِاعْتِقَادِ الْمُتَدَيَّنِ بِهِ إذَا لم يَتَدَيَّنْ بِالشَّهَادَةِ لِمُوَافِقِهِ على مُخَالِفِهِ
كَالْخَطَّابِيَّةِ وَكَذَا قال أبو الْخَطَّابِ
فَائِدَةٌ من قَلَّدَ في خَلْقِ الْقُرْآنِ ونفى الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهِمَا فَسَقَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَهُ في الْوَاضِحِ
وَعَنْهُ يَكْفُرُ كَمُجْتَهِدٍ
وَعَنْهُ فيه لَا يَكْفُرُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في رِسَالَتِهِ إلَى صَاحِبِ التَّلْخِيصِ لِقَوْلِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْمُعْتَصِمِ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
وَنَقَلَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ فِيمَنْ يقول الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ كُنْت لَا أُكَفِّرُهُ حتى قَرَأْت 4 165 { أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ } وَغَيْرَهَا
فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أو لَا كَفَرَ
وقال في الْفُصُولِ في الْكَفَاءَةِ في جَهْمِيَّةٍ وواقفيه وَحَرُورِيَّةٍ وَقَدَرِيَّةٍ وَرَافِضِيَّةٍ إنْ نَاظَرَ وَدَعَا كَفَرَ وَإِلَّا لم يَفْسُقْ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال يُسْمَعُ حَدِيثُهُ وَيُصَلَّى خَلْفَهُ
قال وَعِنْدِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدِعَةِ فَسَقَةٌ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كُفَّارٌ مع جَهْلِهِمْ
قال وَالصَّحِيحُ لَا كُفْرَ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَجَازَ الرِّوَايَةَ عن الْحَرُورِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ
____________________
(12/47)
وَذَكَرَ بن حَامِدٍ أَنَّ قَدَرِيَّةَ أَهْلِ الْأَثَرِ كَسَعِيدِ بن أبي عَرُوبَةَ وَالْأَصَمِّ مُبْتَدِعَةٌ وفي شَهَادَتِهِمْ وَجْهَانِ وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا تُقْبَلَ لِأَنَّ أَقَلَّ ما فيه الْفِسْقُ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ في خَبَرِ غَيْرِ الدَّاعِيَةِ رِوَايَاتٍ
الثَّالِثَةُ إنْ كانت مُفَسِّقَةً قُبِلَ وَإِنْ كانت مكفره رُدَّ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَفْسُقُ أَحَدٌ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ في الْمُقَلَّدِ كَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ الدَّاعِيَةُ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ على الثَّلَاثَةِ أو أَحَدِهِمْ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ أو لم يَرَ مَسْحَ الْخُفِّ أو غَسْلَ الرِّجْلِ
وَعَنْهُ لَا يَفْسُقُ من فَضَّلَ عَلِيًّا على عُثْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عليهم أَجْمَعِينَ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه وَفِيمَنْ رَأَى الْمَاءَ من الْمَاءِ وَنَحْوِهِ التسويه
نَقَلَ إبن هَانِئٍ في الصَّلَاةِ خَلْفَ من يُقَدِّمُ عَلِيًّا على أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ إنْ كان جَاهِلًا لَا عِلْمَ له أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ
وقال الْمَجْدُ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ لَا تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فيها لِخِفَّتِهَا مِثْلُ من يُفَضِّلُ عَلِيًّا على سَائِرِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَنَقِفُ عن تَكْفِيرِ من كَفَّرْنَاهُ من الْمُبْتَدِعَةِ
وقال الْمَجْدُ أَيْضًا الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فيها الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فيها كَمَنْ يقول بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أو بِأَنَّ ألفاظنا ( ( ( ألفاظا ) ) ) بِهِ مَخْلُوقَةٌ أو أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أو أَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ أو أَنَّهُ لَا يُرَى في الْآخِرَةِ أو أَنْ يَسُبَّ الصَّحَابَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ تَدَيُّنًا أو يَقُولَ إنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ وما أَشْبَهَ ذلك فَمَنْ كان عَالِمًا في شَيْءٍ من هذه الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عليه فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ
نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ صَرِيحًا على ذلك في مَوَاضِعَ
____________________
(12/48)
قال وَاخْتُلِفَ عنه في تَكْفِيرِ الْقَدَرِيَّةِ بنفى خَلْقِ الْمَعَاصِي على رِوَايَتَيْنِ
وَلَهُ في الْخَوَارِجِ كَلَامٌ يَقْتَضِي في تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَيْنِ
نَقَلَ حَرْبٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ صَاحِبِ بِدْعَةٍ
قَوْلُهُ أما ( ( ( وأما ) ) ) من فَعَلَ شيئا من الْفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فيها فَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أو شَرِبَ من النَّبِيذِ ما لَا يُسْكِرُ أو أَخَّرَ الْحَجَّ الْوَاجِبَ مع إمْكَانِهِ وَنَحْوِهِ مُتَأَوِّلًا فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال في الْإِرْشَادِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ رِبَا الْفَضْلِ أو يَرَى الْمَاءَ من الْمَاءِ لِتَحْرِيمِهِمَا الْآنَ
وَذَكَرَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّا خَالَفَ النَّصَّ من جِنْسِ ما يُنْقَضُ فيه حُكْمُ الْحَاكِمِ
وَذَكَرَ في التَّبْصِرَةِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أو أَكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ أو تَزَوَّجَ بِنْتَهُ من الزنى أو أُمَّ من زَنَى بها احْتِمَالًا تُرَدُّ
وَعَنْهُ يَفْسُقُ مُتَأَوِّلٌ لم يَسْكَرْ من نَبِيذٍ
اخْتَارَهُ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وأبو بَكْرٍ كَحَدِّهِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْمُجْمَعِ عليه وَلِلسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ
وَعَلَّلَهُ بن الزَّاغُونِيِّ بِأَنَّهُ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى فَاعِلِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ
وَفِيهِ في الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ كَذِمِّيٍّ شَرِبَ خَمْرًا
وهو ظَاهِرُ الْمُوجَزِ
وَاخْتَلَفَ فيه كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
نَقَلَ مُهَنَّا من أَرَادَ شُرْبَهُ يَتْبَعُ فيه من شَرِبَهُ فَلْيَشْرَبْهُ
وَعَنْهُ أُجِيزُ شَهَادَتَهُ وَلَا أُصَلِّي خَلْفَهُ وَحْدَهُ
____________________
(12/49)
وَعَنْهُ وَمَنْ أَخَّرَ الْحَجَّ قَادِرًا كَمَنْ لم يُؤَدِّ الزَّكَاةَ
نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْمَرُّوذِيُّ
قال في الْفُرُوعِ وَقِيَاسُ الْأَدِلَّةِ من لَعِبَ بِشِطْرَنْجٍ وَتَسَمَّعَ غِنَاءً بِلَا آلَةٍ
قَالَهُ في الْوَسِيلَةِ لَا بِاعْتِقَادِ إبَاحَتِهِ
فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفَ الناس في دُخُولِ الْفُقَهَاءِ في أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَأَدْخَلَهُمْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَخْرَجَهُمْ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُرَدَّ وهو لأبي ( ( ( قول ) ) ) الْخَطَّابِ
فَائِدَةٌ من تَتَبَّعَ الرُّخَصَ فَأَخَذَ بها فَسَقَ نَصَّ عليه
وَذَكَرَهُ إبن عبد الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي غير مُتَأَوِّلٍ أو مُقَلِّدٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ من تَرَكَ شَرْطًا أو رُكْنًا مُخْتَلَفًا فيه لَا يُعِيدُ في رِوَايَةٍ
وَيَتَوَجَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا لم يُنْقَضْ فيه حُكْمُ حَاكِمٍ
وَقِيلَ لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ
وَمَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَرِوَايَتَانِ
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ هل يَلْزَمُ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبٍ أو لَا
فَلْيُعَاوَدْ
____________________
(12/50)
قَوْلُهُ الثَّانِي اسْتِعْمَالُ الْمُرُوءَةِ وهو فِعْلُ ما يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ وَتَرْكُ ما يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَافِعِ وَالْمُتَمَسْخِرِ وَالْمُغَنِّي
قال في الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ سَمَاعُ الْغِنَاءِ وَالنُّوحِ بِلَا آلَةِ لَهْوٍ وَيَحْرُمُ مَعَهَا
وَقِيلَ وَبِدُونِهَا من رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ
وَقِيلَ يُبَاحُ ما لم يَكُنْ معه مُنْكَرٌ آخَرُ
وَإِنْ دَاوَمَهُ أو اتَّخَذَهُ صِنَاعَةً يُقْصَدُ له أو اتَّخَذَ غُلَامًا أو جَارِيَةً مُغَنِّيَيْنِ يَجْمَعُ عَلَيْهِمَا الناس رُدَّتْ شَهَادَتُهُ
وَإِنْ اسْتَتَرَ بِهِ وَأَكْثَرَ منه رَدَّهَا من حَرَّمَهُ أو كَرِهَهُ
وَقِيلَ أو أَبَاحَهُ لِأَنَّهُ سَفَهٌ وَدَنَاءَةٌ يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ
وَقِيلَ الْحُدَاءُ نَشِيدُ الْأَعْرَابِ كَالْغِنَاءِ في ذلك
وَقِيلَ يُبَاحُ سَمَاعُهَا انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ يُكْرَهُ غِنَاءٌ
وقال جَمَاعَةٌ يَحْرُمُ
وقال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْجِبُنِي
وقال في الْوَصِيِّ يَبِيعُ أَمَةً لِلصَّبِيِّ على أنها غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ وَعَلَى أنها لَا تَقْرَأُ بِالْأَلْحَانِ
وَقِيلَ يُبَاحُ الْغِنَاءُ وَالنَّوْحُ
اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ وَكَذَا سَمَاعُهُ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا يَحْرُمُ مع آلَةِ لَهْوٍ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا
وَكَذَا قالوا هُمْ وبن عَقِيلٍ إنْ كان المغنى امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ عن الدُّفِّ في الْعُرْسِ بِلَا غِنَاءٍ فلم يَكْرَهْهُ
____________________
(12/51)
فَوَائِدُ
منها يُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ الْغُسْلِ
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ من بَنَاهُ لِلنِّسَاءِ
وَتَقَدَّمَ أَحْكَامُ الْحَمَّامِ في آخِرِ بَابِ الْغُسْلِ
وَمِنْهَا الشِّعْرُ كَالْكَلَامِ
سَأَلَهُ بن مَنْصُورٍ ما يُكْرَهُ منه قال الْهِجَاءُ وَالرَّقِيقُ الذي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ
واختار ( ( ( واختاره ) ) ) جَمَاعَةٌ قَوْلُ أبي عُبَيْدٍ أَنْ يَغْلِبَ عليه الشِّعْرُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
وَمِنْهَا لو أَفْرَطَ شَاعِرٌ في الْمِدْحَةِ بِإِعْطَائِهِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ أو شَبَّبَ بِمَدْحِ خَمْرٍ أو بِمُرْدٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ أو بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَسَقَ لَا إنْ شَبَّبَ بِامْرَأَتِهِ أو أَمَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَاخْتَارَ في الْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ تُرَدُّ كَدَيُّوثٍ
قَوْلُهُ وَاللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ في الْجُمْلَةِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ اللَّاعِبِ بِهِ وَلَوْ كان مُقَلِّدًا
قَوْلُهُ وَاللَّاعِبِ بِالْحَمَامِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ الطَّيَّارَةُ
وَنَقَلَ بَكْرٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أو يَسْتَرْعِيهِ من الْمَزَارِعِ
قال في الرِّعَايَةِ وَكَذَا تَسْرِيحُهَا في مَوَاضِعَ يُرَاهِنُ بها
فَائِدَةٌ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ حَرَامٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(12/52)
وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَمَعَ عِوَضٍ أو تَرْكِ وَاجِبٍ أو فِعْلِ مُحَرَّمٍ إجْمَاعًا في الْمَقِيسِ عليه
قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ دَاوَمَ عليه فَسَقَ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ إذَا خَلَا من ذلك بَلْ يُكْرَهُ
وَيَحْرُمُ النَّرْدُ بِلَا خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الشِّطْرَنْجُ شَرٌّ من النَّرْدِ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ اللَّعِبَ بِالْحَمَامِ
وَيَحْرُمُ لِيَصِيدَ بِهِ حَمَامَ غَيْرِهِ
وَيَجُوزُ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ من غَيْرِ أَذًى يَتَعَدَّى إلَى الناس
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ
وفي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ
وَيُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لِنَغْمَتِهِ فَفِي رَدِّ شَهَادَتِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْفُصُولِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ أنها لَا تُرَدُّ بِذَلِكَ
وَقِيلَ يَحْرُمُ كَمُخَاطَرَتِهِ بِنَفْسِهِ في رَفْعِ الْأَعْمِدَةِ وَالْأَحْجَارِ الثَّقِيلَةِ وَالثِّقَافِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَحْرُمُ مُحَاكَاةُ الناس لِلضَّحِكِ وَيُعَزَّرُ هو وَمَنْ يَأْمُرُهُ بِهِ
قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَتَغَدَّى في السُّوقِ
____________________
(12/53)
يَعْنِي بِحَضْرَةِ الناس
قال في الْغُنْيَةِ أو يَتَغَدَّى على الطَّرِيقِ
قال الزَّرْكَشِيُّ كَاَلَّذِي يَنْصِبُ مَائِدَةَ وَيَأْكُلُ عليها
وَلَا يَضُرُّ أَكْلُ الْيَسِيرِ كَالْكِسْرَةِ وَنَحْوِهَا
قَوْلُهُ وَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ في مَجْمَعِ الناس
وَكَذَا لو كَشَفَ من بَدَنِهِ ما الْعَادَةُ تَغْطِيَتُهُ
وَنَوْمُهُ بين الْجَالِسِينَ وَخُرُوجُهُ عن مُسْتَوَى الْجُلُوسِ بِلَا عُذْرٍ
فَائِدَةٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الطُّفَيْلِيِّ
قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَيُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَتِهِ أَهْلَهُ وَأَمَتَهُ
وَكَذَا مُخَاطَبَتُهُمَا بِخِطَابٍ فَاحِشٍ بين الناس
وحاكى الْمُضْحِكَاتِ وَنَحْوِهِ
قال في الْفُنُونِ وَالْقَهْقَهَةِ
قال في الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ تَشَدُّقُهُ بِالضَّحِكِ وَقَهْقَهَتُهُ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ
وقال وَمَضْغُ الْعِلْكِ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ
وَإِزَالَةُ دَرَنِهِ بِحَضْرَةِ نَاسٍ وَكَلَامٌ بِمَوْضِعٍ قَذِرٍ كَحَمَّامٍ وَخَلَاءٍ
وقال في التَّرْغِيبِ وَمُصَارِعٌ وَبَوْلُهُ في شَارِعٍ
وَنَقَلَ إبن الْحَكَمِ وَمَنْ بَنَى حَمَّامًا لِلنِّسَاءِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَدَوَامُ اللَّعِبِ وَإِنْ لم يَتَكَرَّرْ وَاخْتَفَى بِمَأْمَنِهِ قُبِلَتْ
قَوْلُهُ فَأَمَّا الشَّيْنُ في الصِّنَاعَةِ كَالْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ وَالنَّخَّالِ وَالنَّفَّاطِ
____________________
(12/54)
وَالْقَمَّامِ وَالزَّبَّالِ وَالْمُشَعْوِذِ وَالدَّبَّاغِ وَالْحَارِسِ وَالْقَرَّادِ وَالْكَبَّاشِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إذَا حَسُنَتْ طَرَائِقُهُمْ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا تُقْبَلُ إذَا حَسُنَتْ طَرِيقَتُهُمْ
وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَلَا يُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ منهم وَإِنْ قَبِلْنَاهُ من غَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ من الْوَجْهَيْنِ لَا يُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ منهم وَإِنْ قُبِلَ من غَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَائِكِ وَالْحَارِسِ وَالدَّبَّاغِ
وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ وزاد النَّفَّاطَ وَالصَّبَّاغَ
وَاخْتَارَ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكَبَّاشِ وَالْكَاسِحِ وَالْقَرَّادِ وَالْقَمَّامِ وَالْحَجَّامِ وَالزَّبَّالِ وَالْمُشَعْوِذِ وَنَخَّالِ التُّرَابِ وَالْمُحَرِّشِ بين الْبَهَائِمِ
وَاخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَائِكِ وَالْحَجَّامِ
____________________
(12/55)
وَالنَّخَّالِ وَالنَّفَّاطِ وَالْحَارِسِ وَالصَّبَّاغِ وَالدَّبَّاغِ وَالْقَمَّامِ وَالزَّبَّالِ وَالْقَرَّادِ وَالْكَبَّاشِ وَالْكَسَّاحِ وَالْقَيِّمِ وَالْجَصَّاصِ وَنَحْوِهِمْ
وَاخْتَارَ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ وَالنَّخَّالِ وَالنَّفَّاطِ وَالْقَمَّامِ وَالْمُشَعْوِذِ وَالدَّبَّاغِ وَالْحَارِسِ
وَاخْتَارَ في الْمُنَوِّرِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَارِسِ وَالْحَائِكِ وَالنَّخَّالِ وَالصَّبَّاغِ وَالْحَاجِمِ وَالْكَسَّاحِ وَالزَّبَّالِ وَالدَّبَّاغِ وَالنَّفَّاطِ
قال صَاحِبُ التَّرْغِيبِ أو نَقُولُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْحَائِكِ وَالْحَارِسِ وَالدَّبَّاغِ بِبَلَدٍ يُسْتَزْرَى فيه بِهِمْ
وَجَزَمَ الشَّارِحُ بِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكُسَّاحِ وَالْكَنَّاسِ
وَأَطْلَقَ في الزَّبَّالِ وَالْحَجَّامِ وَنَحْوِهِمْ وَجْهَيْنِ
قُلْت ليس الْحَائِكُ وَالنَّخَّالُ وَالدَّبَّاغُ وَالْحَارِسُ كَالْقَرَّادِ وَالْكَبَّاشِ وَالْمُشَعْوِذِ وَنَحْوِهِمْ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ الدَّبَّابُ وَالصَّبَّاغُ وَالْكَنَّاسُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَصَانِعٍ وَمُكَارٍ وَجَمَّالٍ وَجَزَّارٍ وَمُصَارِعٍ وَمَنْ لَبِسَ غير زِيِّ بَلَدٍ يَسْكُنُهُ أو زِيَّهُ الْمُعْتَادَ بِلَا عُذْرٍ وَالْقَيِّمِ
وقال غَيْرَهُ وَجَزَّارٍ
وفي الْفُنُونِ وَكَذَا خَيَّاطٌ
قال في الْفُرُوعِ وهو غَرِيبٌ
قُلْت هذا ضَعِيفٌ جِدًّا
وَمِثْلُ ذلك الصَّيْرَفِيُّ وَنَحْوُهُ إنْ لم يَتَّقِ الرِّبَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْرَهُ الصَّرْفَ
____________________
(12/56)
قال الْقَاضِي يُكْرَهُ
وقال إبن عَقِيلٍ في الصَّائِغِ والصباغ ( ( ( والصابغ ) ) ) إنْ تحري الصِّدْقَ وَالثِّقَةَ فَلَا مَطْعَنَ عليه
الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ كَسْبُ من صَنْعَتُهُ دَنِيَّةٌ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ مع إمْكَانِ أَصْلَحَ منها وَقَالَهُ إبن عَقِيلٍ
وَمَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ وَالْجَزَّارُ
ذَكَرَهُ فيه الْقَاضِي وبن الْجَوْزِيِّ لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ
وَفَاصِدٍ وَمُزَيِّنٍ وَجَرَائِحِيٍّ وَنَحْوِهِمْ
قال بَعْضُهُمْ وَبَيْطَارٍ
وَظَاهِرُ المغنى لَا يُكْرَهُ كَسْبُ فَاصِدٍ
وقال في النِّهَايَةِ الظَّاهِرُ يُكْرَهُ
قال وَكَذَا الْخَتَّانُ بَلْ أَوْلَى
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يُكْرَهُ في الرَّقِيقِ وَكَرِهَهُ الْقَاضِي
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الصَّيْدِ أَيُّ الْمَكَاسِبِ أَفْضَلُ
قَوْلُهُ وَمَتَى زَالَتْ الْمَوَانِعُ منهم فَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَابَ الْفَاسِقُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِمُجَرَّدِ ذلك وَلَا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ الْعَمَلِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب ( ( ( المستوعب ) ) ) وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ في التَّائِبِ إصْلَاحُ الْعَمَلِ سَنَةً
____________________
(12/57)
وَقِيلَ ذلك فِيمَنْ فِسْقُهُ بِفِعْلٍ
وَذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً
وَعَنْهُ ذلك في مُبْتَدِعٍ
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ لِتَأْجِيلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه صَبِيغًا
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ في قَاذِفٍ وَفَاسِقٍ مُدَّةُ يعلم ( ( ( علم ) ) ) حَالِهِمَا وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي
وقال بن حَامِدٍ في كِتَابِهِ يَجِيءُ على مَقَالَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا من شَرْطِ صِحَّتِهَا وُجُودُ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ { إلَّا من تَابَ } فَائِدَتَانِ
الْأُولَى تَوْبَةُ غَيْرِ الْقَاذِفِ النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ وَالْعَزْمُ أَنْ لَا يَعُودَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
فَلَوْ كان فِسْقُهُ بِتَرْكِ وَاجِبٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا بُدَّ من فِعْلِهَا
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مع ذلك قَوْلُهُ إنِّي تَائِبٌ وَنَحْوُهُ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع ذلك أَيْضًا مُجَانَبَةُ قَرِينِهِ فيه
الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ في صِحَّةِ التَّوْبَةِ رَدُّ الْمَظْلَمَةِ إلَى رَبِّهَا وَأَنْ يَسْتَحِلَّهُ أو يَسْتَمْهِلَهُ مُعْسِرٌ وَمُبَادَرَتُهُ إلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَسَبَ إمْكَانِهِ
ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ رَدُّ الْمَظْلَمَةِ أو بَدَلِهَا أو نِيَّةُ الرَّدِّ مَتَى قَدَرَ
وَتَقَدَّمَ في آخِرِ الْقَذْفِ إذَا كان عليه حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ لِحَيٍّ
فَأَمَّا إنْ كانت الْمَظْلَمَةُ لِمَيِّتٍ في مَالٍ برده ( ( ( رده ) ) ) إلَى ذُرِّيَّتِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ له وَارِثٌ فَإِلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كانت لِلْمَيِّتِ في عِرْضِهِ كَسَبِّهِ وَقَذْفِهِ فَيَنْوِي اسْتِحْلَالَهُ إنْ قَدَرَ في الْآخِرَةِ أو يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ له حتى يُرْضِيَهُ عنه
____________________
(12/58)
وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ تَوْبَتِهِ في الدُّنْيَا مع بَقَاءِ حَقِّ الْمَظْلُومِ عليه لِعَجْزِهِ عن الْخَلَاصِ منه كَالدَّيْنِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ
قَالَهُ إبن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ
اخْتَارَهُ أبو إِسْحَاقَ
قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ حتى يَتُوبَ
هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ حُدَّ أو لَا
وَمَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ إلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ
وقال وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةِ بَقَاءِ عَدَالَتِهِ من رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ
قَوْلُهُ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه لِكَذِبِهِ حُكْمًا
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ إنْ عَلِمَ صِدْقَ نَفْسِهِ فَتَوْبَتُهُ أَنْ يَقُولَ نَدِمْت على ما قُلْت وَلَنْ أَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وأنا تَائِبٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى منه
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ
وقال وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ في المغنى أَنَّهُ إنْ لم يَعْلَمْ صِدْقَ نَفْسِهِ فَكَالْأَوَّلِ
وَإِنْ عَلِمَ صِدْقَهُ فَتَوْبَتُهُ الِاسْتِغْفَارُ وَالْإِقْرَارُ بِبُطْلَانِ ما قَالَهُ وَتَحْرِيمُهُ وَأَنْ لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ
____________________
(12/59)
وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ إنْ كان الْقَذْفُ شَهَادَةً قال الْقَذْفُ حَرَامٌ بَاطِلٌ وَلَنْ أَعُودَ إلَى ما قُلْت وَإِنْ كان سَبًّا فَكَالْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ في الْكَافِي أَنَّ الصَّادِقَ يقول قَذْفِي لِفُلَانٍ بَاطِلٌ نَدِمْت عليه
فَائِدَةٌ القاذف ( ( ( القادف ) ) ) بِالشَّتْمِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَفُتْيَاهُ حتى يَتُوبَ
وَالشَّاهِدُ بالزنى إذَا لم تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ دُونَ شَهَادَتِهِ
قَوْلُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ في الشَّهَادَةِ الْحُرِّيَّةُ بَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ في كل شَيْءٍ إلَّا في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
شَهَادَةُ الْعَبْدِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أو في غَيْرِهِمَا
فَإِنْ كانت في غَيْرِهِمَا قُبِلَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً يُشْتَرَطُ في الشَّهَادَةِ الْحُرِّيَّةُ
ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ في أَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ
وفي مُخْتَصَرِ إبن رَزِينٍ في شَهَادَةِ الْعَبْدِ خِلَافٌ
وَإِنْ كانت في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ قُبِلَتْ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
نَصَّ عليه
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وبن عَقِيلٍ وَالْقَاضِي يَعْقُوبَ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/60)
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ
قال بن هُبَيْرَةَ هو الْمَشْهُورُ من مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وقال الْخِرَقِيُّ وأبو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ لَا تُقْبَلُ في الْحُدُودِ خَاصَّةً
وهو رِوَايَةٌ في التَّرْغِيبِ
وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ
وهو أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ في الْكَافِي والمغنى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَيْثُ تَعَيَّنَتْ عليه حَرُمَ على سَيِّدِهِ مَنْعُهُ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ من أَجَازَ شَهَادَتَهُ لم يُجِزْ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ من قِيَامِهِ بها
الثَّانِيَةُ لو عَتَقَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَشَهِدَ حَرُمَ رَدُّهُ
قال في الِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ فَلَوْ رَدَّهُ الْحَاكِمُ مع ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ فَسَقَ
قَوْلُهُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى في الْمَسْمُوعَاتِ إذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ وَبِالِاسْتِفَاضَةِ
وَتَجُوزُ في الْمَرْئِيَّاتِ التي تَحَمَّلَهَا قبل الْعَمَى إذَا عَرَفَ الْفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وما يتميز ( ( ( يميز ) ) ) بِهِ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(12/61)
فَإِنْ لم يَعْرِفْهُ إلَّا بِعَيْنِهِ فقال الْقَاضِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا وَيَصِفُهُ لِلْحَاكِمِ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو الْأَظْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّ هذا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا
وهو وَجْهٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وقال وَنَصُّهُ يُقْبَلُ وَالزَّرْكَشِيُّ
وقال وَلَعَلَّ لَهُمَا الْتِفَاتًا إلَى الْقَوْلَيْنِ في السَّلَمِ في الْحَيَوَانِ انْتَهَى
قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ السَّلَمِ فيه
فَعَلَى هذا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو عَرَفَهُ يَقِينًا بِصَوْتِهِ
وَجَزَمَ في المغنى هُنَا بِالْقَوْلَيْنِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ عَرَفَهُ بِعَيْنِهِ فَقَطْ وَقِيلَ أو بِصَوْتِهِ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ بِمَا يُمَيِّزُهُ فَوَجْهَانِ
فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ تَعَذَّرَتْ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ الْمَشْهُودِ لها أو عليها أو بها لِمَوْتٍ أو غَيْبَةٍ
قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ على فِعْلِ نَفْسِهِ كَالْمُرْضِعَةِ على الرَّضَاعِ وَالْقَاسِمِ على الْقِسْمَةِ وَالْحَاكِمِ على حُكْمِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ
____________________
(12/62)
أَمَّا الْمُرْضِعُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ شَهَادَتَهَا تُقْبَلُ على رَضَاعِ نَفْسِهَا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا تُقْبَلُ إنْ كانت بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا قُبِلَتْ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
فَإِنَّهُمْ قالوا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ على فِعْلِ نَفْسِهِ كَالْمُرْضِعَةِ على الرَّضَاعِ وَالْقَاسِمِ على الْقِسْمَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ إذَا كانت بِغَيْرِ عِوَضٍ
وَأَمَّا الْقَاسِمُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ على قَسْمِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لَا تُقْبَلُ
وقال صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ لَا تُقْبَلُ من غَيْرِ مُتَبَرِّعٍ لِلتُّهْمَةِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُمْ
وقال في المغنى وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ بِالْقِسْمَةِ إذَا كان مُتَبَرِّعًا وَلَا تُقْبَلُ إذَا كان بِأُجْرَةٍ انْتَهَى
وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا
وَقَطَعَ بِهِ في مَوْضِعٍ آخَرَ
وَكَذَا قال في الْمُسْتَوْعِبِ إلَّا أَنَّهُ قال إذَا شَهِدَ قَاسِمُ الْحَاكِمِ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ بَعْدَ فَرَاغِهِ إذَا كان بِغَيْرِ عِوَضٍ
وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى هِيَ الْمَشْهُورَةُ في كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(12/63)
قُلْت وَعِبَارَتُهُ الثَّانِيَةُ تَابَعَ فيها أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قال الْقَاضِي إذَا شَهِدَ قَاسِمَا الْحَاكِمِ على قِسْمَةٍ قَسَمَاهَا بِأَمْرِهِ أَنَّ فُلَانًا اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إذَا كانت الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَإِنْ كانت بِأَجْرٍ لم تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا
وَتَقَدَّمَ في بَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ إذَا قَتَلَ صَيْدًا ولم تَقْضِ فيه الصَّحَابَةُ في قِيمَتِهِ وهو يُشَابِهُ هذه الْمَسْأَلَةَ
وَأَمَّا شَهَادَةُ الْحَاكِمِ على حُكْمِ نَفْسِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ فَمَقْبُولَةٌ
وقد تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ أَنَّهُ كان حَكَمَ بِكَذَا
قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ على الْقَرَوِيِّ وَالْقَرَوِيِّ على الْبَدَوِيِّ
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَرَوِيِّ على الْبَدَوِيِّ بِلَا نِزَاعٍ
وَأَمَّا شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ على الْقَرَوِيِّ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَبُولَهَا
وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا
وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وبن منجي في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَعَنْهُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ على الْقَرَوِيِّ أَخْشَى أَنْ لَا تُقْبَلَ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
أَحَدَهُمَا تُقْبَلُ كما تَقَدَّمَ
وَالْآخَرَ لَا تُقْبَلُ
قال في الْفُرُوعِ وهو الْمَنْصُوصُ
____________________
(12/64)
قال الشَّارِحُ وهو قَوْلُ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ
قُلْت منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(12/65)
بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ
قَوْلُهُ وَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَا وَلَدٍ لِوَالِدِهِ وَإِنْ عَلَا في أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ
وَسَوَاءٌ في ذلك وَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ فِيمَا لَا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا نَحْوُ أن يشهد ( ( ( عهد ) ) ) أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أو قَذْفٍ
قَالَهُ في المغنى وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ ما لم يَجُرَّ نَفْعًا غَالِبًا كَشَهَادَتِهِ له بِمَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غنى
قال في المغنى وَالشَّرْحِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَالْمَالِ إذَا كان مُسْتَغْنًى عنه
وَأَطْلَقَ رِوَايَةَ الْقَبُولِ في الْكَافِي فقال وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا عَدْلَانِ من رِجَالِنَا فَيَدْخُلَانِ في عُمُومِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ انْتَهَى
وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ
تَنْبِيهٌ قال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ من زنى ( ( ( زنا ) ) ) أو رَضَاعٍ
وفي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةٌ لَا تُقْبَلُ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ
____________________
(12/66)
قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ نَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ ولم أَجِدْ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجَامِعِ عنه اخْتِلَافًا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ لو شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ من لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحَاكِمِ له فَهَلْ له الْحَكَمُ بِشَهَادَتِهِ كَشَهَادَةِ وَلَدِ الْحَاكِمِ عِنْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ أو وَالِدِهِ أو زَوْجَتِهِ فِيمَا تُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ النِّسَاءِ يَتَوَجَّهُ عَدَمُ قَبُولِهِ
لِأَنَّ قَبُولَهُ تَزْكِيَةٌ له وَهِيَ شَهَادَةٌ له انْتَهَى
الثَّانِيَةُ قال بن نَصْرِ اللَّهِ أَيْضًا في الْحَوَاشِي لو شَهِدَ على الْحَاكِمِ بِحُكْمِهِ من شَهِدَ عِنْدَهُ بِالْمَحْكُومِ فيه فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
الْأَظْهَرُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عليه أَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَتَهُ وَحَكَمَ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ له فيه بِشَهَادَتِهِ بِكَذَا فَيَكُونُ قد شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ قَبِلَهُ
وقال أَيْضًا تَزْكِيَةُ الشَّاهِدِ رَفِيقَهُ في الشَّهَادَةِ لَا تُقْبَلُ لِإِفْضَائِهِ إلَى انْحِصَارِ الشَّهَادَةِ في أَحَدِهِمَا
____________________
(12/67)
الثَّالِثَةُ لو شَهِدَ ابْنَانِ على أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وَهِيَ تَحْتَهُ أو طَلَاقِهَا فَاحْتِمَالَانِ في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ
قَطَعَ الشَّارِحُ بِقَبُولِهَا فِيهِمَا
وَقَطَعَ النَّاظِمُ بِقَبُولِهَا في الثَّانِيَةِ
وفي المغنى في الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت قَطَعَ في المغنى بِالْقَبُولِ في كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ
قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَهِيَ الْمَذْهَبُ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في رؤوس الْمَسَائِلِ وبن هُبَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ وَقَطَعُوا بِهِ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ انْتَهَى
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وبن منجي في شَرْحِهِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تُقْبَلُ
قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَالْقَبُولُ ليس بِمَنْصُوصٍ وَلَا اخْتَارَهُ أَحَدٌ من الْأَصْحَابِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/68)
فَوَائِدُ
الْأُولَى قال الزَّرْكَشِيُّ وقد خَرَجَ من كَلَامِ الْخِرَقِيِّ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا على صَاحِبِهِ فَتُقْبَلُ بِلَا خِلَافٍ وهو أَمْثَلُ الطَّرِيقَتَيْنِ
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ فيه ذلك الْخِلَافُ
قُلْت هذه الطَّرِيقَةُ أَصْوَبُ
وقد روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ بِعَدَمِ الْقَبُولِ
وَعَلَى كل حَالٍ الْمَذْهَبُ الْقَبُولُ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ بِلَا نِزَاعٍ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وقال وفي الْمُقْنِعِ نَظَرٌ
وَبَالَغَ بن عَقِيلٍ فقال لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُكَاتَبِ سَيِّدِهِ
قال وَيُحْتَمَلُ على قِيَاسِ ما ذَكَرْنَاهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَصِحُّ لِزَوْجِ مَوْلَاتِهِ
انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا منه فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا لم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِعَوْدِهِمَا إلَى الرِّقِّ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَكَذَا لو شَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ مُعْتِقَهُمَا كان غير بَالِغٍ حَالَ الْعِتْقِ أو يُخْرِجُ الشَّاهِدَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِمَا
وَلَوْ عَتَقَا بِتَدْبِيرٍ أو وَصِيَّةٍ فَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ لِلتَّرِكَةِ أو وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ في الرِّقِّ لم تُقْبَلْ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ السَّيِّدِ وَلَا يَجُوزُ
____________________
(12/69)
قُلْت فيعايي بِذَلِكَ كُلِّهِ
قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
إلَّا أَنَّ إبن عَقِيلٍ قال تُرَدُّ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ بِصَدَاقَةٍ مُؤَكَّدَةٍ وَالْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ لِأَنَّ الْعِشْقَ يُطِيشُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في التَّرْغِيبِ وَمِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الْحِرْصُ على أَدَائِهَا قبل إستشهاد من يَعْلَمُ بها قبل الدَّعْوَى أو بَعْدَهَا فَتُرَدُّ
وَهَلْ يَصِيرُ مَجْرُوحًا بِذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وقال وَمِنْ مَوَانِعِهَا الْعَصَبِيَّةُ فَلَا شَهَادَةَ لِمَنْ عُرِفَ بها وَبِالْإِفْرَاطِ في الْحَمِيَّةِ كَتَعَصُّبِ قَبِيلَةٍ على قَبِيلَةٍ وَإِنْ لم تَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ انْتَهَى
وإقتصر عليه في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْحَاوِي وَمَنْ حَرَصَ على شَهَادَةٍ ولم يَعْلَمْهَا وَأَدَّاهَا قبل سُؤَالِهِ رُدَّتْ إلَّا في عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا من شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ
قُلْت والصواب ( ( ( الصواب ) ) ) عَدَمُ قَبُولِهَا مع الْعَصَبِيَّةِ خُصُوصًا في هذه الْأَزْمِنَةِ وهو في بَعْضِ كَلَامِ إبن عَقِيلٍ لَكِنَّهُ قال في حَيِّزِ الْعَدَاوَةِ
الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ حَلَفَ مع شَهَادَتِهِ لم تُرَدَّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَمَعَ النَّهْيِ عنه
قال وَيَتَوَجَّهُ على كَلَامِهِ في التَّرْغِيبِ تُرَدُّ أو وَجْهٌ
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَجُرَّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ
هذا الْمَذْهَبُ
وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابُ
____________________
(12/70)
وقال في التَّبْصِرَةِ وَأَنْ لَا يَدْخُلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْرَهُهُ انْتَهَى
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ما يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ ما مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ وَالْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قبل الِانْدِمَالِ
لِأَنَّهُ قد يَسْرِي الْجُرْحُ إلَى نَفْسِهِ فَتَجِبُ الديه لهم
وَالْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هو وَكِيلٌ فيه وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ
يَعْنِي بِمَا هو شَرِيكٌ فيه
وَالْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ
يَعْنِي الْمَحْجُورَ عليه
وَأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عن شُفْعَتِهِ
وَكَذَا الْحَاكِمُ لِمَنْ هو في حِجْرِهِ
قَالَهُ في الْإِرْشَادِ وَالرَّوْضَةِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَكَذَا أَجِيرٌ لِمُسْتَأْجِرٍ نَصَّ عليه
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ فَقَطْ
قال في التَّرْغِيبِ قَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ
وقال الْمَيْمُونِيُّ رَأَيْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَغْلِبُ على قَلْبِهِ جَوَازُهُ
وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ بِشَيْءٍ من الْمَغْنَمِ قبل الْقِسْمَةِ فَإِنْ قُلْنَا قد مَلَكُوهُ لم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ
كَشَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ وَإِنْ قُلْنَا لم تُمْلَكْ قُبِلَتْ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وفي قَبُولِهَا نَظَرٌ وَإِنْ قُلْنَا لم تُمْلَكْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ تَجُرُّ نَفْعًا
____________________
(12/71)
قال في الْفَائِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَ قُلْت ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ ما إذَا وطىء أَحَدُ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً من الْمَغْنَمِ
وَذَكَرَ في مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ من بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ أنها لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الْغَانِمِينَ بِمَالِ الْغَنِيمَةِ مُطْلَقًا وهو الْأَظْهَرُ انْتَهَى فَوَائِدُ
الْأُولَى تُرَدُّ الشَّهَادَةُ من وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ بَعْدَ الْعَزْلِ لِمُوَلِّيهِ وَمُوَكِّلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تُرَدُّ إنْ كان خَاصَمَ فيه وَإِلَّا فَلَا
وَأَطْلَقَ في المغنى وَغَيْرِهِ الْقَبُولَ بَعْدَ عَزْلِهِ
وَنَقَلَ إبن مَنْصُورٍ إنْ خَاصَمَ في خُصُومَةٍ مَرَّةً ثُمَّ نَزَعَ ثُمَّ شَهِدَ لم تُقْبَلْ
الثَّانِيَةُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ على الْمَيِّتِ وَالْحَاكِمِ على من هو في حِجْرِهِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ
الثَّالِثَةُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِمَوْرُوثِهِ في مَرَضِهِ بِدَيْنٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ لو شَهِدَ غَيْرُ وَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا سُمِعَتْ دُونَ عَكْسِهِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو حَكَمَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لم يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ بَعْدَ الْمَوْتِ
____________________
(12/72)
قَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
الرَّابِعَةُ قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الْقَبُولِ مِمَّنْ له الْكَلَامُ في شَيْءٍ أو يَسْتَحِقُّ منه وَإِنْ قَلَّ نحو مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في قَوْمٍ في دِيوَانٍ أجروا شيئا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ منهم على مُسْتَأْجِرِهِ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ أو وُلَاةٌ
قال وَلَا شَهَادَةُ دِيوَانِ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ على الْخُصُومِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَدْفَعَ عن نَفْسِهِ ضَرَرًا كَشَهَادَةِ الْعَاقِلَةِ بِجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ الخطأ
وَكَشَهَادَةِ من لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإِنْسَانٍ يَجْرَحُ الشَّاهِدُ عليه وَكَزَوْجٍ في زنى ( ( ( زنا ) ) ) بِخِلَافِ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ لَا تُقْبَلُ على زَوْجَتِهِ بزنى ( ( ( بزنا ) ) )
وَقِيلَ مع ثَلَاثَةٍ
إذَا عَلِمْت ذلك فَالْمَذْهَبُ أنها لَا تُقْبَلُ مِمَّنْ يَدْفَعُ عن نَفْسِهِ ضَرَرًا مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وقال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ الْبَعِيدُ ليس من عَاقِلَتِهِ حَالًا بَلْ الْفَقِيرُ الْمُعْسِرُ وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ
قال في الْفُرُوعِ وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ إنْ كان الشَّاهِدُ من الْعَاقِلَةِ فَقِيرًا أو بَعِيدًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لإنتفاء التُّهْمَةِ في الْحَالِ الرَّاهِنَةِ
وَأَطْلَقَ الِاحْتِمَالَيْنِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْقَبُولِ
____________________
(12/73)
فَائِدَةٌ تُقْبَلُ فُتْيَا من يَدْفَعُ عن نَفْسِهِ ضَرَرًا بها
قَوْلُهُ وَالرَّابِعُ الْعَدَاوَةُ كَشَهَادَةِ الْمَقْذُوفِ على قَاذِفِهِ وَالْمَقْطُوعِ عليه الطَّرِيقُ على قَاطِعِهِ بِلَا نِزَاعٍ
فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَيْنَا أو على الْقَافِلَةِ لم تُقْبَلْ
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ على هَؤُلَاءِ قُبِلُوا
وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ هل قَطَعُوهَا عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَبْحَثُ عَمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ عَرَضُوا لنا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ على غَيْرِنَا فقال في الْفُصُولِ تُقْبَلُ وقال وَعِنْدِي لَا تُقْبَلُ فَوَائِدُ
الْأُولَى يُعْتَبَرُ في عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْعَدَاوَةِ كَوْنُهَا لِغَيْرِ اللَّهِ سَوَاءٌ كانت مَوْرُوثَةً أو مُكْتَسَبَةً
وقال في التَّرْغِيبِ تَكُونُ ظَاهِرَةً بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَرُّ بِمَسَاءَةِ الْآخَرِ وَيَغْتَمُّ بفرحة وَيَطْلُبُ له الشَّرَّ
قُلْت قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَمَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ أَحَدٍ وَغَمَّهُ فَرَحُهُ فَهُوَ عَدُوٌّ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت أو حَاسِدُهُ
الثَّانِيَةُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ
الثَّالِثَةُ لو شَهِدَ بِحَقٍّ مُشْتَرَكٍ بين من لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ له وَبَيْنَ من تُرَدُّ شَهَادَتُهُ له لم تُقْبَلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَنَصَّ عليه لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ في نَفْسِهَا
____________________
(12/74)
وَقِيلَ تَصِحُّ لِمَنْ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ له
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَصِحُّ إنْ شَهِدَ أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ على الْقَافِلَةِ لَا عَلَيْنَا
الرَّابِعَةُ لو شَهِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ حَدَثَ مَانِعٌ لم يَمْنَعْ الْحُكْمَ إلَّا فِسْقٌ أو كُفْرٌ أو تُهْمَةٌ فَيَمْنَعُ الْحُكْمَ إلَّا عَدَاوَةً ابْتَدَأَهَا الْمَشْهُودُ عليه كَقَذْفِهِ الْبَيِّنَةَ
وَكَذَا مُقَاوَلَتُهُ وَقْتَ غَضَبٍ وَمُحَاكَمَةٌ بِدُونِ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ سَابِقَةٍ
وقال في التَّرْغِيبِ ما لم يَصِلْ إلَى حَدِّ الْعَدَاوَةِ أو الْفِسْقِ
وَحُدُوثُ مَانِعٍ في شَاهِدٍ أَصْلٍ كَحُدُوثِهِ فِيمَنْ أَقَامَ الشَّهَادَةَ
وفي التَّرْغِيبِ إنْ كان بَعْدَ الْحُكْمِ لم يُؤَثِّرْ
وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ لم يُسْتَوْفَ حَدٌّ بَلْ مَالٌ
وفي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي والمغنى في مَوْضِعٍ
وَقَطَعَ في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ في الْقِصَاصِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ الْخَامِسُ أَنْ يَشْهَدَ الْفَاسِقُ بِشَهَادَةٍ فَتُرَدَّ ثُمَّ يَتُوبَ وَيُعِيدَهَا فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ رِوَايَةً تُقْبَلُ
قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أو صَبِيٌّ أو عَبْدٌ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ ثُمَّ أَعَادُوهَا بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ والصبي ( ( ( والصبا ) ) ) قُبِلَتْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ قُبِلَتْ على الْأَصَحِّ
____________________
(12/75)
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ أَبَدًا
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ وَالْخِلَافِ وَالْمَذْهَبِ لو رَدَّهُ لِجُنُونِهِ ثُمَّ عَقَلَ أو لِخَرَسِهِ ثُمَّ نَطَقَ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتِبِهِ أو لموروثه ( ( ( لمورثه ) ) ) بِجُرْحٍ قبل بُرْئِهِ فَرُدَّتْ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَبُرْءِ الْجُرْحِ فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَظَاهِرِ الْفُرُوعِ إدْخَالُ ذلك في إطْلَاقِ الْخِلَافِ
أَحَدُهُمَا تُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن منجي في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ
وَقِيلَ إنْ زَالَ الْمَانِعُ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ رُدَّتْ وَإِلَّا فَلَا
فَائِدَةٌ لو رُدَّتْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أو جَلْبِ نَفْعٍ أو عَدَاوَةٍ أو رَحِمٍ أو زَوْجِيَّةٍ
فَزَالَ الْمَانِعُ ثُمَّ أَعَادَهَا لم تُقْبَلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْمُحَرَّرِ لم تُقْبَلْ على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
____________________
(12/76)
قال في الْكَافِي هذا الْأَوْلَى
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ تُقْبَلُ
قال في المغنى وَالْقَبُولُ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ تُرَدُّ مع مَانِعٍ زَالَ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ كَتَطْلِيقِ الزَّوْجَةِ وَإِعْتَاقِ الْقِنِّ وَتُقْبَلُ في غَيْرِ ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ في الشُّفْعَةِ عنها فَرُدَّتْ ثُمَّ عَفَا الشَّاهِدُ عن شُفْعَتِهِ وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ لم تُقْبَلْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقْبَلَ
قال الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ على الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهَا إنَّمَا رُدَّتْ لِكَوْنِهِ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ بها نَفْعًا وقد زَالَ ذلك بِعَفْوِهِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذا الإحتمال من زِيَادَاتِ الشَّارِحِ في الْمُقْنِعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(12/77)
بَابُ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ
قَوْلُهُ وَالْمَشْهُودُ بِهِ يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا الزنى وما يُوجِبُ حَدَّهُ
كَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ إذَا قُلْنَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ
فَلَا يُقْبَلُ فيه إلَّا شَهَادَةُ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَحْرَارٍ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بالزنى بِشَاهِدَيْنِ أو لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يثبت ( ( ( ثبت ) ) ) الْإِقْرَارُ بِشَاهِدَيْنِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا شَهِدُوا بِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ تَكَرَّرَ أَرْبَعًا وهو وَاضِحٌ
وقد تَقَدَّمَ ذلك في الْفَصْلِ الثَّالِثِ من بَابِ حَدِّ الزنى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في الرعايه لو كان الْمُقِرُّ بِهِ أَعْجَمِيًّا قُبِلَ فيه تُرْجُمَانَانِ
وَقِيلَ بَلْ أَرْبَعَةٌ
الثَّانِيَةُ حَيْثُ قُلْنَا يُعَزَّرُ بِوَطْءِ فَرْجٍ فإنه يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(12/78)
وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ مع الْإِقْرَارِ وَبِأَرْبَعَةٍ مع الْبَيِّنَةِ
قَوْلُهُ الثَّانِي الْقِصَاصُ وَسَائِرُ الْحُدُودِ فَلَا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلَانِ حُرَّانِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْبَلُ في الْقِصَاصِ وَسَائِرِ الْحُدُودِ رَجُلَانِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ في الْقِصَاصِ إلَّا أَرْبَعَةٌ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ حُرَّانِ مَبْنِيٌّ على ما تَقَدَّمَ من أَنَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ تُقْبَلُ فِيهِمَا
فَائِدَةٌ يَثْبُتُ الْقَوَدُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ أَرْبَعٌ
نَقَلَ حَنْبَلٌ يُرَدِّدُهُ وَيَسْأَلُ عنه لَعَلَّ بِهِ جُنُونًا أو غير ذلك على ما رَدَّدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
قَوْلُهُ الثَّالِثُ ما ليس بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ وَيَطَّلِعُ عليه الرِّجَالُ في غَالِبِ الْأَحْوَالِ غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالْوَكَالَةِ في غَيْرِ الْمَالِ وَالْوَصِيَّةِ إلَيْهِ وما أَشْبَهَ ذلك
كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ فَلَا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلَانِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
____________________
(12/79)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال الْقَاضِي هذا الْمُعَوَّلُ عليه في الْمَذْهَبِ
وَاقْتَصَرَ عليه في المغنى
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ كما قال الْخِرَقِيُّ
وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا في الْعِتْقِ
قال بن عَقِيلٍ فيه هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا في الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ في غَيْرِهَا
وَعَنْهُ في النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْعِتْقِ أَنَّهُ يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ
وَعَنْهُ في الْعِتْقِ أَنَّهُ يُقْبَلُ فيه شَاهِدٌ وَيَمِينُ المدعى
وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن بَكْرُوسٍ قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فَتَارَةً اخْتَارَ الْأَوَّلَ وَتَارَةً اخْتَارَ الثَّانِيَ
قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَعَلَى قِيَاسِهِ الْكِتَابَةُ وَالْوَلَاءُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ من نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافُ مَالٍ في الْحَقِيقَةِ قال بِالثَّانِي كَبَقِيَّةِ الْإِتْلَافَاتِ
وَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ نَفْسَهُ ليس بِمَالٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ منه تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ قال بِالْأَوَّلِ وَصَارَ ذلك كَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَنَحْوِهِمَا انْتَهَى
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ
____________________
(12/80)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ في الْعِتْقِ
وقال الْقَاضِي النِّكَاحُ وَحُقُوقُهُ من الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالرَّجْعَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْوَصِيَّةُ وَالْكِتَابَةُ وَنَحْوُهُمَا يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في الرَّجُلِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا وَيُشْهِدُ على نَفْسِهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ إنْ كان في الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنٍ فَأَمَّا غَيْرُ ذلك فَلَا
وَعَنْهُ يقبل ( ( ( بل ) ) ) في ذلك كُلِّهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ فيه رَجُلٌ وَيَمِينٌ
ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
واختارها ( ( ( واختاره ) ) ) الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ ولم أَرَ مُسْتَنَدَهَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ مع يَمِينٍ وهو منها
وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ في آخِرِ الْوَكَالَةِ
وَقِيلَ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ في غَيْرِ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في النِّكَاحِ لَا يَسُوغُ فيه الِاجْتِهَادُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ
وقال في الِانْتِصَارِ يَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ
وَعَنْهُ في الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةٌ
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ بَابِ الْحَجْرِ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَمَّا من ادَّعَى الْفَقْرَ وكان مَعْرُوفًا بِالْغِنَى فَلَا يَجُوزُ له أَخْذُ الزَّكَاةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ طَبِيبٍ وَاحِدٍ وَبَيْطَارٍ لِعَدَمِ غَيْرِهِ في مَعْرِفَةِ دَاءِ دَابَّةٍ وَمُوضِحَةٍ وَنَحْوِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(12/81)
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنُّكَتِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَلَا يُقْبَلُ مع عَدَمِ التَّعَذُّرِ إلَّا اثْنَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ قَبُولَ قَوْلِ الْوَاحِدِ
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا
الثَّانِيَةُ لو اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ الْبَيَاطِرَةُ قُدِّمَ قَوْلُ الْمُثْبِتِ
قَوْلُهُ الرَّابِعُ الْمَالُ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالرَّهْنِ وَالْوَصِيَّةِ له وَجِنَايَةِ الخطأ
وَكَذَا الْخِيَارُ في الْبَيْعِ وَأَجَلِهِ وَالْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْغَصْبِ وَالصُّلْحِ وَالْمَهْرِ وَتَسْمِيَتِهِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ وَضَمَانِهِ وَفَسْخِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَوَقْفٍ على مُعَيَّنٍ وَدَعْوَى على رِقِّ مَجْهُولِ النَّسَبِ صَادِقٍ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِاسْتِحْقَاقِ سَلَبِهِ وَهِبَةٍ
قال في الرِّعَايَةِ وَوَصِيَّةِ مَالٍ
وَقِيلَ لِمُعَيَّنٍ فَهَذَا وَشِبْهُهُ يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ في غَيْرِ ما يَأْتِي إطْلَاقُهُمْ الْخِلَافَ فيه
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ ذلك في الْوَقْفِ إلَّا إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عليه الْوَقْفَ
وَقُلْنَا يُقْبَلُ في ذلك كُلِّهِ امْرَأَتَانِ وَيَمِينٌ
____________________
(12/82)
وَهَذَا احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُقْنِعِ في بَابِ الْيَمِينِ في الدَّعَاوَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو قِيلَ يُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَيَمِينٌ تَوَجَّهَ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أُقِيمَا مَقَامَ رَجُلٍ في التَّحَمُّلِ وَكَخَبَرِ الدِّيَانَةِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في مَسْأَلَةِ الْأَسِيرِ تُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَيَمِينُهُ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَذَكَرَ في المغنى قَوْلًا في دَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ أَنَّهُ يَكْفِي وَاحِدٌ
وَعَنْهُ في الْوَصِيَّةِ يَكْفِي وَاحِدٌ
وَعَنْهُ إنْ لم يَحْضُرْهُ إلَّا النِّسَاءُ فَامْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ
وَسَأَلَهُ بن صَدَقَةَ الرَّجُلُ يُوصِي وَيُعْتِقُ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ تَجُوزُ شهادتهن ( ( ( شهادتين ) ) ) قال نعم في الْحُقُوقِ انْتَهَى
قُلْت وَهَذَا ليس بِبَعِيدٍ
وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ في الْحُقُوقِ فَأَمَّا الْمَوَارِيثُ فَيُقْرَعُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وفي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أو رَجُلٍ وَيَمِينٍ في إيصَاءٍ إلَيْهِ بِمَالٍ وَتَوْكِيلٍ فيه وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ وَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ في غَيْرِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ
وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في بَابِ الْوَكَالَةِ قَبُولَ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ في ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ بِالْمَالِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ هُنَاكَ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُقْبَلُ ذلك في كِتَابَةٍ وَنَجْمٍ أَخِيرٍ كَعِتْقٍ وَقَتْلٍ
وَجَزَمَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِقُّ إذَا ادَّعَى الْأَسِيرُ إسْلَامًا سَابِقًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا أو حَلَفَ معه
وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ أَيْضًا
وَتَقَدَّمَ ذلك في الْجِهَادِ
____________________
(12/83)
فَوَائِدُ
الْأُولَى حَيْثُ قُلْنَا يُقْبَلُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي فَلَا يُشْتَرَطُ في يَمِينِهِ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنْ يَقُولَ وَأَنَّ شَاهِدِي صَادِقٌ في شَهَادَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ
جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
الثَّانِيَةُ لو نَكَلَ عن الْيَمِينِ من له شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عليه وَسَقَطَ الْحَقُّ وإن نَكَلَ حُكِمَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ على ذلك
وَقِيلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ أَيْضًا هُنَا على رِوَايَةِ الرَّدِّ لِأَنَّ سَبَبَهَا نُكُولُ الْمُدَّعَى عليه
الثَّالِثَةُ لو كان لِجَمَاعَةٍ حَقٌّ بِشَاهِدٍ فَأَقَامُوهُ فَمَنْ حَلَفَ منهم أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ نَاكِلٌ
وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ نَاكِلٍ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قبل نُكُولِهِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْبَلُ في جِنَايَةِ الْعَمْدِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ
وَكَذَا جِنَايَةُ الْعَمْدِ التي لَا قَوَدَ فيه بِحَالٍ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ صَاحِبُ المغنى انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/84)
وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في غَيْرِ مَوْضِعٍ
قال في النُّكَتِ وَقَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو وَجَبَ الْقَوَدُ في بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَهَاشِمَةٍ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَجِبُ فيها لَكِنْ إنْ أَرَادَ الْقَوَدَ بِمُوضِحَةٍ فَلَهُ ذلك على ما تَقَدَّمَ في بَابِ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَهَذِهِ له الْقَوَدُ في بَعْضِهَا إنْ أَحَبَّ فَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ في ثُبُوتِ الْمَالِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
وقال أَيْضًا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
ثُمَّ قال في الرِّعَايَةِ فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وامرأتان ( ( ( وامرأتين ) ) ) بِهَاشِمَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِمُوضِحَةٍ لم يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَشْمِ في الْأَقْيَسِ وَلَا الْإِيضَاحِ
قَوْلُهُ الْخَامِسُ ما لَا يَطَّلِعُ عليه الرِّجَالُ كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ
____________________
(12/85)
الثِّيَابِ وَالرَّضَاعِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ فَيُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَبُولُ شَهَادَتِهَا مُنْفَرِدَةً في الِاسْتِهْلَالِ وَالرَّضَاعِ من الْمُفْرَدَاتِ
وَعَنْهُ تَحْلِفُ الشَّاهِدَةُ في الرَّضَاعِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِهِ
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ فيه أَقَلُّ من امْرَأَتَيْنِ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على التَّوَقُّفِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال أَصْحَابُنَا وَالِاثْنَتَانِ أَحْوَطُ من الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ
وَجَعَلَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ
قال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وبن الْجَوْزِيِّ وبن حَمْدَانَ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ الرَّجُلُ أَوْلَى لِكَمَالِهِ انْتَهُوا
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ في الْوِلَادَةِ من حَضَرَهَا غَيْرُ الْقَابِلَةِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال يُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ في فَرَاغِ عِدَّةٍ بِحَيْضٍ
وَقِيلَ في شَهْرٍ
وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا في عُيُوبِ النِّسَاءِ
وَقِيلَ الْغَامِضَةُ تَحْتَ الثِّيَابِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ وَمِمَّا يُقْبَلُ فيه امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ الْجِرَاحَةُ وَغَيْرُهَا في الْحَمَّامِ وَالْعُرْسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَحْضُرُهُ رِجَالٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَخَالَفَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
____________________
(12/86)
قَوْلُهُ وإذا شَهِدَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لم يَثْبُتْ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَثْبُتُ الْمَالُ إنْ كان المجنى عليه عَبْدًا
نَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ
قال في الرِّعَايَةِ أو حُرًّا فَلَا قَوَدَ فيه وَيَثْبُتُ الْمَالُ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدُوا بِالسَّرِقَةِ ثَبَتَ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ كَالْقَطْعِ
وَبَنَى في التَّرْغِيبِ على الْقَوْلَيْنِ الْقَضَاءَ بِالْغُرَّةِ على نَاكِلٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ الْخُلْعَ قُبِلَ فيه رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ
فَيَثْبُتُ الْعِوَضُ وَتَبِينُ بِدَعْوَاهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلْ بِذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ لم يُقْبَلْ فيه إلَّا رَجُلَانِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو أَتَتْ الْمَرْأَةُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ ثَبَتَ الْمَهْرُ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ له
____________________
(12/87)
قَوْلُهُ وإذا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ أنها أُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهَا منه قُضِيَ له بِالْجَارِيَةِ أُمُّ وَلَدٍ وَهَلْ تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَنَسَبُهُ من مدعية على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا تَثْبُتُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا نَسَبُهُ من مُدَّعِيهِ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَثْبُتَانِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَقَطْ بِدَعْوَاهُ
تَنْبِيهٌ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فَإِنْ قِيلَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذلك حَصَلَ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ قِيلَ ليس مُرَادُهُ ذلك بَلْ مُرَادُهُ الْحُكْمُ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ مع قَطْعِ النَّظَرِ عن عِلَّةِ ذلك وَعِلَّتُهُ أَنَّ المدعى مُقِرٌّ بِأَنَّ وَطْأَهَا كان في مِلْكِهِ
وَقَطَعَ بِذَلِكَ في المغنى
وقال في النُّكَتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ حَصَلَ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ في فَصْلٍ في تَعْلِيقِهِ بِالْوِلَادَةِ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ما غَصَبَ أو لَا غَصَبَ كَذَا ثُمَّ ثَبَتَ عليه الْغَصْبُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أو شَاهِدٍ وَيَمِينٍ هل تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ أَمْ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(12/88)
بَابُ الشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عن الشَّهَادَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ على الشَّهَادَةِ فِيمَا يُقْبَلُ فيه كِتَابُ الْقَاضِي وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فيه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وَقَالَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِمَالٍ وَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا تُقْبَلُ في حَقٍّ خَالِصٍ لِلَّهِ تَعَالَى
وفي الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالتَّوْكِيلِ وَالْوَصِيَّةِ بِالنَّظَرِ وَالنَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ على كَذَا وَنَحْوِهَا مِمَّا ليس مَالًا وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ غَالِبًا رِوَايَتَانِ
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على قَبُولِهِ في الطَّلَاقِ
وَقِيلَ تُقْبَلُ في غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ نَصَّ عليه
وَقِيلَ تُقْبَلُ فِيمَا يُقْبَلُ فيه كِتَابُ الْقَاضِي وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فيه انْتَهَى
وَهَذَا الْأَخِيرُ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ إلَيْهِ
قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ تَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ
بِلَا نِزَاعٍ فيه أو مَرَضٍ أو غَيْبَةٍ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/89)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِمْ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تُقْبَلُ في غَيْبَةٍ فَوْقَ يَوْمٍ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُلْتَحَقُ بِالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ الْخَوْفُ من سُلْطَانٍ أو غَيْرِهِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
زَادَ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْحَبْسُ
وقال بن عبد الْقَوِيِّ وفي مَعْنَاهُ الْجَهْلُ بِمَكَانِهِمْ وَلَوْ في الْمِصْرِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ سَوَاءٌ اسْتَرْعَاهُ أو لَا
وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ
وَخَرَّجَ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ هذه الْمَسْأَلَةَ على شَهَادَةِ الْمُسْتَخْفِي
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ أَنَّهُ لو اسْتَرْعَاهُ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ
____________________
(12/90)
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وهو احْتِمَالٌ في المغنى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ فَيَكُونُ شَاهِدَ فَرْعٍ وهو الصَّحِيحُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فيقول أَشْهَدُ على شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بن فُلَانٍ وقد عَرَفْته بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَقَرَّ عِنْدِي وَأَشْهَدَنِي على نَفْسِهِ طَوْعًا بِكَذَا أو شَهِدْت عليه أو أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ قال اشهد أَنِّي أَشْهَدُ على فُلَانٍ بِكَذَا وَقَالُوا وَلَوْ قال اشهد على شَهَادَتِي بِكَذَا صَحَّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَيُؤَدِّيهَا الْفَرْعُ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
قال في الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لم يُؤَدِّهَا بِصِفَةِ ما تَحَمَّلَهَا لم يُحْكَمْ بها
وقال في التَّرْغِيبِ يَنْبَغِي ذلك
وقال في الْكَافِي وَيُؤَدِّي الشَّهَادَةَ على الصِّفَةِ التي تَحَمَّلَهَا فيقول أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ على فُلَانٍ كَذَا أو أَشْهَدَنِي على شَهَادَتِهِ
وَإِنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ أو يعزى الْحَقَّ إلَى سَبَبِهِ ذَكَرَهُ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ في الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فيقول أَشْهَدُ على شَهَادَةِ فُلَانٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِكَذَا أو يقول أَشْهَدُ على شَهَادَتِهِ بِكَذَا وَأَنَّهُ عَزَاهُ إلَى
____________________
(12/91)
وَاجِبٍ فَيُؤَدِّي على حَسَبِ ما تَحَمَّلَ فَإِنْ لم يُؤَدِّهَا على ذلك لم يَحْكُمْ بها الْحَاكِمُ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ أَيْضًا في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيُشْتَرَطُ أَنْ يؤدى شَاهِدُ الْفَرْعِ إلَى الْحَاكِمِ ما تَحَمَّلَهُ على صِفَتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَرْعُ يقول أَشْهَدُ على فُلَانٍ أَنَّهُ يَشْهَدُ له أو أَشْهَدُ على شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا فَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُسْتَرْعِي فقال أَشْهَدُ على فُلَانٍ أَنَّهُ قال إنِّي أَشْهَدُ فَهُوَ أَوْضَحُ
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَ بِمَا سمع تَارَةً يُؤَدِّي اللَّفْظَ وَتَارَةً يُؤَدِّي الْمَعْنَى
وقال أَيْضًا وَالْفَرْعُ يقول أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ أو بِأَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ فَهُوَ أَوْلَى رُتْبَةً
وَالثَّانِيَةُ أَشْهَدُ عليه أَنَّهُ يَشْهَدُ أو بانه يَشْهَدُ
وَالثَّالِثَةُ أَشْهَدُ على شَهَادَتِهِ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ ويحكى الْفَرْعُ صُورَةَ الْجُمْلَةِ وَيَكْفِي الْعَارِفَ أَشْهَدُ على شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يحكى ما سَمِعَهُ أو يَقُولَ شَهِدَ فُلَانٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِكَذَا أو أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَ على شَهَادَتِهِ بِكَذَا انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ سَمِعَهُ يقول أَشْهَدُ على فُلَانٍ بِكَذَا لم يَجُزْ له أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أو يَشْهَدُ بِحَقٍّ يُعْزِيهِ إلَى سَبَبٍ من بَيْعٍ أو إجَارَةٍ أو قَرْضٍ فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ إذَا سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أو يَسْمَعُهُ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يُعْزِيهِ إلَى سَبَبٍ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
____________________
(12/92)
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْقَاضِي وبن الْبَنَّا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قال في الرِّعَايَةِ وهو أَشْهَرُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ
نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
بِنَاءً منهم على أَنَّ اعْتِبَارَ الِاسْتِرْعَاءِ على ما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ شَهِدَا على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أو شَهِدَ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدٌ من شُهُودِ الْفَرْعِ
هذا الْمَذْهَبُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَزَلْ الناس على هذا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَثُبُوتُ شَهَادَةِ شَاهِدٍ على شَاهِدٍ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال أبو عبد اللَّهِ بن بَطَّةَ لَا يَثْبُتُ حتى يَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ على كل شَاهِدِ أَصْلٍ شَاهِدَا فَرْعٍ
وَحَكَاهُ في الْخُلَاصَةِ رِوَايَةٌ
____________________
(12/93)
وَعَنْهُ يَكْفِي شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ على كل واحد ( ( ( واحدة ) ) ) منها
وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَطَعَ بِهِ بن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ في المغنى وَالْكَافِي عن بن بَطَّةَ
وَعَنْهُ يَكْفِي شَهَادَةُ رَجُلٍ على اثْنَيْنِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ
وَذَكَرَ الْخَلَّالُ جَوَازَ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ على شَهَادَةِ امْرَأَةٍ
وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عن شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ على شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ قال يَجُوزُ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في الْبَابِ الذي قبل هذا
فَائِدَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَمَّلَ فَرْعٌ على أَصْلٍ
وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ على فَرْعٍ
تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي
قَوْلُهُ وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ في شَهَادَةِ الْفَرْعِ
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُنَّ مَدْخَلًا في شَهَادَةِ الْأَصْلِ
وأعلم أَنَّ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَاتٍ
إحْدَاهُنَّ صَرِيحُ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُهُ وهو أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ في شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ في شَهَادَةِ الْأَصْلِ
قال في الْمُحَرَّرِ والحاوى وهو الْأَصَحُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ في الْأَصْلِ
____________________
(12/94)
وفي الْفَرْعِ رِوَايَتَانِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ في الْأَصْلِ وَلَا في الْفَرْعِ
نَصَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَأَصْحَابُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ والحاوى
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَهُنَّ مَدْخَلٌ فِيهِمَا وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ ما ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ قَرِيبًا
قال في النُّكَتِ وَقَيَّدَ جَمَاعَةٌ هذه الرِّوَايَةَ بِمَا تُقْبَلُ فيه شَهَادَتُهُنَّ مع الرِّجَالِ أو مُنْفَرِدَاتٍ
وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا قال وَلَيْسَ كَذَلِكَ
قَوْلُهُ فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ
يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وهو الصَّحِيحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ فِيهِمَا
وقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ نَصَّ عليه
قال أبو الْخَطَّابِ وفي هذه الرِّوَايَةِ سَهْوٌ من نَاقِلِهَا
قال في الْهِدَايَةِ وقال شَيْخُنَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في رِوَايَةِ حَرْبٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلٍ على شَهَادَةِ امْرَأَةٍ
قال فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إنْ صَحَّتْ عن حَرْبٍ فَهِيَ سَهْوٌ منه فَإِنَّا إذَا قُلْنَا شَهَادَةُ امْرَأَةٍ على شَهَادَةِ امْرَأَةٍ تُقْبَلُ فَأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ رَجُلٍ على شَهَادَتِهِمَا فإن شَهَادَةَ الرَّجُلِ أَقْوَى بِكُلِّ حَالٍ وَلِأَنَّ في هذه الرِّوَايَةَ أَنَّهُ قال أَقْبَلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ على شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ
____________________
(12/95)
وَهَذَا مِمَّا لَا وَجْهَ له فإن رَجُلًا وَاحِدًا لو كان أَصْلًا فَشَهِدَ في الْقَتْلِ الْعَمْدِ وَمَعَهُ أَلْفُ امْرَأَةٍ لَا تُقْبَلُ هذه الشَّهَادَةُ فإذا شَهِدَ بها وَحْدَهُ وهو فَرْعٌ يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بها هذا مُحَالٌ
وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال ذلك فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ حتى يَنْضَمَّ معه غَيْرُهُ
فَيَخْرُجُ من هذه أَنَّهُ لَا يَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ على وَاحِدٍ كما يقول أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ انْتَهَى
قَوْلُهُ أو رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ
وَعَلَى رَجُلَيْنِ أَيْضًا يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ وهو صَحِيحٌ
وقال في التَّرْغِيبِ الشَّهَادَةُ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالشَّهَادَةِ على ثَلَاثَةٍ لِتَعَدُّدِهِمْ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَجِبُ على الْفُرُوعِ تَعْدِيلُ أُصُولِهِمْ وَلَوْ عَدَّلُوهُمْ قَبْلُ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمْ لهم
الثَّانِيَةُ لو شَهِدَ شَاهِدَا فَرْعٍ على أَصْلٍ وَتَعَذَّرَتْ الشَّهَادَةُ على الاخر حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ
ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْفَرْعِ لَزِمَهُمْ الضَّمَانُ
بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ لم يَضْمَنُوا
يَعْنِي شُهُودَ الْأَصْلِ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
____________________
(12/96)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وبن منجي في شَرْحِهِ وقال هذا الْمَذْهَبُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنُوا
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي قَالَهُ في النُّكَتِ
وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَنَصَرَهُ وهو الصَّوَابُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال شُهُودُ الْأَصْلِ كَذَبْنَا أو غَلِطْنَا ضَمِنُوا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُونَ
وَحَكَى هذه الصُّورَةَ وَمَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَيْنِ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَحَكَاهَا بَعْضُهُمْ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وهو الْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ
الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لم يُعْمَلْ بها لِتَأَكُّدِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لو قال شُهُودُ الْأَصْلِ ما أَشْهَدْنَاهُمَا بِشَيْءٍ لم يَضْمَنْ الْفَرِيقَانِ شيئا
قَوْلُهُ وَمَتَى رَجَعَ شُهُودُ الْمَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَزِمَهُمْ الضَّمَانُ ولم يُنْقَضْ الْحُكْمُ سَوَاءٌ كان قبل الْقَبْضِ أو بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كان الْمَالُ قَائِمًا أو تَالِفًا وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْعِتْقِ غَرِمُوا الْقِيمَةَ
بِلَا نِزَاعٍ نَعْلَمُهُ
لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يُصَدِّقْهُمْ الْمَشْهُودُ له وهو وَاضِحٌ
____________________
(12/97)
وَأَمَّا الْمُزَكُّونَ فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ شيئا
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الضَّمَانِ إذَا لم يُصَدِّقْهُ الْمَشْهُودُ له فَإِنْ صَدَّقَ الرَّاجِعِينَ لم يَضْمَنْ الشُّهُودُ شيئا
وَيُسْتَثْنَى من الضَّمَانِ لو شَهِدَا بِدَيْنٍ فَأَبْرَأَ منه مُسْتَحِقُّهُ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ شيئا لِلْمَشْهُودِ عليه
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى في كِتَابِ الصَّدَاقِ في مَسْأَلَةِ تَنْصِيفِ الصَّدَاقِ بَعْدَ هِبَتِهَا لِلزَّوْجِ
قال وَلَوْ قَبَضَهُ الْمَشْهُودُ له ثُمَّ وَهَبَهُ الْمَشْهُودُ عليه ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلَاقِ قبل الدُّخُولِ غَرِمُوا نِصْفَ الْمُسَمَّى أو بَدَلَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان بَعْدَهُ لم يَغْرَمُوا شيئا
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لم يَغْرَمُوا شيئا في الْأَشْهَرِ
قال في النُّكَتِ هذا هو الرَّاجِحُ في الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَغْرَمُونَ كُلَّ الْمَهْرِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمِثْلِ
____________________
(12/98)
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ
قال في النُّكَتِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ على أَنَّ الْمُسَمَّى لَا يَتَقَرَّرُ بِالدُّخُولِ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ على من فَوَّتَ عليه نِكَاحَهَا بِرَضَاعٍ أو غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقِصَاصِ أو الْحَدِّ قبل الِاسْتِيفَاءِ لم يُسْتَوْفَ
وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال في النُّكَتِ هذا الْمَشْهُورُ
وَقَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يستوفي إنْ كان لِلْآدَمِيِّ كما لو طَرَأَ فِسْقُهُمْ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدُ أحد ( ( ( حد ) ) ) بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لم يُسْتَوْفَ
وفي الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَجْهَانِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ دِيَةُ الْقَوَدِ
فَإِنْ وَجَبَ عَيْنًا فَلَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ لِلْمَشْهُودِ له الدِّيَةُ إلَّا أَنْ نَقُولَ الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ حَسْبُ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَعْدَهُ
____________________
(12/99)
يَعْنِي بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَالُوا أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِمْ دِيَةُ ما تَلِفَ
بِلَا نِزَاعٍ وَأَرْشُ الضَّرْبِ
قَوْلُهُ وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ على عَدَدِهِمْ
بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ غَرِمَ بِقِسْطِهِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وعليه ( ( ( وهو ) ) ) أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَغْرَمُ الْكُلَّ
وهو احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ بن الزَّاغُونِيِّ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ عليه سِتَّةٌ بالزنى فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ منهم اثْنَانِ غَرِمَا ثُلُثَ الدِّيَةِ
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/100)
وَقِيلَ لَا يَغْرَمَانِ شيئا
قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وهو أَقْيَسُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُحَدُّ الرَّاجِعُ لِقَذْفِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَفِيهِ في الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ لِقَذْفِهِ من ثَبَتَ زِنَاهُ فَائِدَةٌ
لو شَهِدَ عليه خَمْسَةٌ بالزنى فَرَجَعَ منهم اثْنَانِ فَهَلْ عَلَيْهِمَا خُمُسَا الدِّيَةِ أو رُبُعُهَا
أو رَجَعَ إثنان من ثَلَاثَةِ شُهُودِ قَتْلٍ فَهَلْ عَلَيْهِمَا الثُّلُثَانِ أو النِّصْفُ
فيه الْخِلَافُ السَّابِقُ
وَلَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ من ثَلَاثَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ ضَمِنَ الثُّلُثَ
وَلَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ من خَمْسَةٍ في الزنى ضَمِنَ خُمُسَ الدِّيَةِ
وَهُمَا من الْمُفْرَدَاتِ
وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ في مَالٍ غَرِمَ الرَّجُلُ سُدُسًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ نِصْفًا
وَقِيلَ هو كَأُنْثَى فَيَغْرَمْنَ الْبَقِيَّةَ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ لَزِمَهُمْ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ عِنْدَ بن هُبَيْرَةَ وَغَيْرِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/101)
قال النَّاظِمُ تَسَاوَوْا في الضَّمَانِ في الْأَقْوَى
وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ على شُهُودِ الزِّنَى النِّصْفُ وَعَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ النِّصْفُ وَأَطْلَقَهُمَا بن منجي في شَرْحِهِ وَالْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ شُهُودُ الْإِحْصَانِ شيئا لِأَنَّهُمْ شُهُودٌ بِالشَّرْطِ لَا بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ فَائِدَةٌ
لو رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ كلهم أو شُهُودُ الزِّنَى كلهم غَرِمُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَغْرَمُونَ النِّصْفَ فَقَطْ
اخْتَارَهُ بن حَمْدَانَ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ منهم بِالْإِحْصَانِ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ فَإِنْ رُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا عن الشَّهَادَةِ فَعَلَى من شَهِدَ بِالْإِحْصَانِ ثُلُثَا الدِّيَةِ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا
وهو تَفْرِيعٌ صَحِيحٌ
وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا فَوَائِدُ
منها لو شَهِدَ قَوْمٌ بِتَعْلِيقِ عِتْقٍ أو طَلَاقٍ وَقَوْمٌ بِوُجُودِ شَرْطِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْكُلُّ فَالْغُرْمُ على عَدَدِهِمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تَغْرَمُ كُلُّ جِهَةٍ النِّصْفَ
وَقِيلَ يَغْرَمُ شُهُودُ التَّعْلِيقِ الْكُلَّ
وَمِنْهَا لو رَجَعَ شُهُودُ كِتَابَةٍ غَرِمُوا ما بين قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمُكَاتَبًا
____________________
(12/102)
فَإِنْ عَتَقَ غَرِمُوا ما بين قِيمَتِهِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَغْرَمُونَ كُلَّ قِيمَتِهِ
وَإِنْ لم يُعْتَقْ فَلَا غُرْمَ
وَمِنْهَا لو رَجَعَ شُهُودٌ بِاسْتِيلَادِ أَمَةٍ فَهُوَ كَرُجُوعِ شُهُودِ كِتَابَةٍ فَيَضْمَنُونَ نَقْصَ قِيمَتِهَا
فَإِنْ عَتَقَتْ بِالْمَوْتِ فَتَمَامُ قِيمَتِهَا
قال بَعْضُهُمْ في طَرِيقَتِهِ في بَيْعٍ وَكِيلٍ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلٍ لو شَهِدَ بِتَأْجِيلٍ
وَحَكَمَ الْحَاكِمُ ثُمَّ رَجَعُوا غرما ( ( ( غرم ) ) ) تَفَاوُتَ ما بين الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ النِّصْفَ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ خَرَّجَهُ من رَدِّ الْيَمِينِ على الْمُدَّعِي فَوَائِدُ
الْأُولَى يَجِبُ تَقْدِيمُ الشَّاهِدِ على الْيَمِينِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(12/103)
وقال إبن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ يَمِينَ الْمُدَّعِي قبل الشَّاهِدِ في أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ
وَحَكَى إبن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ وَجْهَيْنِ في ذلك
الثَّانِيَةُ لو رَجَعَ شُهُودُ تَزْكِيَةٍ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ رُجُوعِ من زَكُّوهُمْ
الثَّالِثَةُ لَا ضَمَانَ بِرُجُوعٍ عن شَهَادَةٍ بِكَفَالَةٍ عن نَفْسٍ أو بَرَاءَةٍ منها أو أنها زَوْجَتُهُ أو أَنَّهُ عَفَا عن دَمِ عَمْدٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ مَالًا
وقال في الْمُبْهِجِ قال الْقَاضِي وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَضَمَّنُهُ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ وَالْقَوَدُ قد يَجِبُ بِهِ مَالٌ
الرَّابِعَةُ لو شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلشَّهَادَةِ الْأُولَى فَكَرُجُوعِهِ وَأَوْلَى
قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
الْخَامِسَةُ لو زَادَ في شَهَادَتِهِ أو نَقَصَ قبل الْحُكْمِ أو أَدَّى بَعْدَ إنْكَارِهَا قُبِلَ
نَصَّ عَلَيْهِمَا
كَقَوْلِهِ لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ كَبَعْدَ الْحُكْمِ
وَقِيلَ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ
وَإِنْ رَجَعَ لَغَتْ وَلَا حُكْمَ ولم يَضْمَنُ
وَإِنْ لم يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قال لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا إحتمالان
قُلْت الْأَوْلَى عَدَمُ الْإِعَادَةِ
____________________
(12/104)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ أو فَاسِقَيْنِ نُقِضَ الْحُكْمُ وَيُرْجَعُ بِالْمَالِ أو بِبَدَلِهِ على الْمَحْكُومِ له وَإِنْ كان الْمَحْكُومُ بِهِ إتْلَافًا فَالضَّمَانُ على الْمُزَكِّينَ فَإِنْ لم يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ
وإذا بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ نُقِضَ الْحُكْمُ بِلَا خِلَافٍ
وَكَذَا إذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ إبن رَزِينٍ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُنْقَضُ إذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ
قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ
وَتَبِعَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَرَجَّحَ إبن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ عَدَمَ النَّقْضِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في كِتَابِ الصَّيْدِ من خِلَافِهِ وَالْآمِدِيُّ لِئَلَّا يُنْقَضَ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ
وَذَكَرَ إبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ
فَعَلَيْهَا لَا ضَمَانَ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يَضْمَنُ الشُّهُودُ
وَقَالَهُ الشَّارِحُ
____________________
(12/105)
وَذَكَرَ إبن الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِعِلْمِهِ في عَدَالَتِهِمَا أو بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ
وَنَمْنَعُ ذلك في الْمَسْأَلَتَيْنِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَإِنْ جَازَ في الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
فَإِنْ وَافَقَهُ الْمَشْهُودُ له على ما ذَكَرَ رَدَّ مَالًا أَخَذَهُ وَنَقَضَ الْحُكْمُ بِنَفْسِهِ دُونَ الْحَاكِمِ وَإِنْ خَالَفَهُ فيه غَرِمَ الْحَاكِمُ انْتَهَى
وَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ إذَا بَانَ له فِسْقُهُمَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أو أَنَّهُمَا كَانَا كَاذِبَيْنِ نَقَضَ وَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ ولم يَجُزْ له تَنْفِيذُهُ
وَأَجَابَ أبو الْوَفَاءِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَرْجِعُ بِالْمَالِ أو بِبَدَلِهِ على الْمَحْكُومِ له كما قال الْمُصَنِّفُ
وَيَرْجِعُ عليه أَيْضًا بِبَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى
فَإِنْ كان الْحُكْمُ لِلَّهِ تَعَالَى بِإِتْلَافٍ حسى أو بِمَا سَرَى إلَيْهِ الْإِتْلَافُ فَالضَّمَانُ على الْمُزَكِّينَ
فَإِنْ لم يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ كما قال الْمُصَنِّفُ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ الضَّمَانَ على الْحَاكِمِ وَلَوْ كان ثَمَّ مُزَكُّونَ كما لو كان فَاسِقًا
وَقِيلَ له تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَالْقَرَارُ على الْمُزَكِّينَ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَضْمَنُهُ الشُّهُودُ ذَكَرَهُ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ
____________________
(12/106)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو بَانُوا عَبِيدًا أو وَالِدًا أو وَلَدًا أو عَدُوًّا فَإِنْ كان الْحَاكِمُ الذي حَكَمَ بِهِ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لم يَنْقُضْ وَإِنْ كان لَا يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ ولم يَنْفُذْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ من حَكَمَ بِقَوَدٍ أو حَدٍّ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ بَانُوا عَبِيدًا فَلَهُ نَقْضُهُ إذَا كان لَا يَرَى قَبُولَهُمْ فيه
قال وَكَذَا مُخْتَلَفٌ فيه صَادَقَ ما حَكَمَ فيه وَجَهِلَهُ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْإِرْشَادِ فِيمَا إذَا حَكَمَ في مُخْتَلَفٍ فيه بِمَا لَا يَرَاهُ مع عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقٍّ ثُمَّ مَاتُوا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ
بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو جُنُّوا
قَوْلُهُ وإذا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ الزُّورِ إمَّا بِإِقْرَارِهِ أو عَلِمَ كَذِبَهُ وَتَعَمُّدَهُ عَزَّرَهُ وَطَافَ بِهِ في الْمَوَاضِعِ التي يَشْتَهِرُ فيها فَيُقَالُ إنَّا وَجَدْنَا هذا شَاهِدَ زُورٍ فَاجْتَنِبُوهُ
بِلَا نِزَاعٍ
وَلِلْحَاكِمِ فِعْلُ ما يَرَاهُ من أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ بِهِ
نَقَلَ حَنْبَلٌ ما لم يُخَالِفْ نَصًّا
وقال الْمُصَنِّفُ أو يُخَالِفُ مَعْنَى نَصٍّ
قال إبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بين عُقُوبَاتٍ إنْ لم يَرْتَدِعْ إلَّا بِهِ
وَنَقَلَ منهما ( ( ( مهنا ) ) ) كَرَاهَةَ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ
____________________
(12/107)
وَتَقَدَّمَ في بَابِ التَّعْزِيرِ أَشْيَاءُ من ذلك فَلْيُرَاجَعْ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يُعَزَّرُ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ وَلَا بِخَلْطِهِ في شَهَادَاتِهِ وَلَا بِرُجُوعِهِ عنها
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ إذَا ادَّعَى شُهُودُ الْقَوَدِ الْخَطَأَ عُزِّرُوا
الثَّانِيَةُ لو تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ قبل التَّعْزِيرِ فَهَلْ يَسْقُطُ التَّعْزِيرُ عنه فيه وَجْهَانِ
ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ
وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا
وقال فَيَتَوَجَّهَانِ في كل تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ
وَكَأَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ على التَّوْبَةِ من الْحَدِّ على ما مَرَّ في أَوَاخِرِ بَابِ حَدِّ الْمُحَارِبِينَ قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ السُّقُوطِ هُنَا
قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ قال أَعْلَمُ أو أَحَقُّ لم يُحْكَمْ بِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ وَيُحْكَمُ بها
إختارها أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
____________________
(12/108)
وقال لَا يُعْرَفُ عن صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وفي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إطْلَاقُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ على الْخَبَرِ الْمُجَرَّدِ عن لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَاخْتَارَهُ إبن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو شَهِدَ على إقْرَارِهِ لم يُشْتَرَطْ قَوْلُهُ طَوْعًا في صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ
وَلَا يُشْتَرَطُ إشَارَتُهُ إلَى الْمَشْهُودِ عليه إذَا كان حَاضِرًا مع نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ وإن الدَّيْنَ بَاقٍ في ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبَبُ الْحُكْمِ إجْمَاعًا
وَتَقَدَّمَ ذلك عنه في أَوَائِلِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصْفَتِهِ
الثَّانِيَةُ لو شَهِدَ شَاهِدٌ عِنْدَ حَاكِمٍ فقال آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ ما شَهِدْت بِهِ أو بِمَا وَضَعْت بِهِ خطى أو بِذَلِكَ أَشْهَدُ أوكذلك ( ( ( أو ) ) ) أَشْهَدُ
فقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا الصِّحَّةَ وَعَدَمَهَا
وَالثَّالِثَةُ يَصِحُّ في قَوْلِهِ وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ وكذلك أَشْهَدُ
قال وهو أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ انْتَهَى
وقال في النُّكَتِ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ في الْجَمِيعِ أَوْلَى
وَاقْتَصَرَ في الْفُرُوعِ على حِكَايَةِ ما في الرِّعَايَةِ
____________________
(12/109)
بَابُ الْيَمِينِ في الدعاوي
قَوْلُهُ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ في حَقِّ الْمُنْكِرِ لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ
هذا على إطْلَاقِهِ رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْخَبَرِ
اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ في الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ
قال في الْعُمْدَةِ وَتُشْرَعُ الْيَمِينُ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ وَلَا تُشْرَعُ في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى من الْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ
قال إبن منجي في شَرْحِهِ هذا احْتِمَالٌ في الْمَذْهَبِ
وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا تُشْرَعُ في كل حَقٍّ آدَمِيٍّ انْتَهَى
وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَخْرِيجٌ في الْهِدَايَةِ
وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ على أَنَّهُ قَدَّمَ ذلك وَإِنَّمَا قَصَدَهُ أنها تُشْرَعُ في حَقِّ الْآدَمِيِّ في الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قال أبو بَكْرٍ بِلَا وَاوٍ تُشْرَعُ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا في النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ
جَزَمَ بِهِ في التَّنْبِيهِ
وقال أبو الْخَطَّابِ إلَّا في تِسْعَةِ أَشْيَاءَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالرِّقِّ
____________________
(12/110)
يَعْنِي أَصْلَ الرِّقِّ وَالْوَلَاءِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالنَّسَبِ وَالْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَصَحَّحَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يُسْتَحْلَفُ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا فِيمَا لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ
وهو أَحَدَ عَشَرَ فذكر التِّسْعَةَ وزاد الْعِتْقَ وَبَقَاءَ الرَّجْعَةِ
وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ قَوْلَ أبي الْخَطَّابِ وزاد على التِّسْعَةِ الْإِيلَاءَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ
وَصَحَّحَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وقال إبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَلَا تُشْرَعُ في مُتَعَذِّرٍ بَذْلَهُ كَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ وَبَقَاءِ مُدَّتِهِ وَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَبَقَائِهَا وَنَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَذْفٍ وَأَصْلِ رِقٍّ وَوَلَاءٍ وَقَوَدٍ إلَّا في قَسَامَةٍ وَلَا في تَوْكِيلٍ وَالْإِيصَاءِ إلَيْهِ وَعِتْقٍ مع اعْتِبَارِ شَاهِدَيْنِ فيها بَلْ في ما يَكْفِيهِ شَاهِدٌ وإمرأتان سِوَى نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ما لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ وهو ما ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فيه انْتَهَى
وَعَنْهُ يُسْتَحْلَفُ في الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالْقَوَدِ وَالْقَذْفِ دُونَ السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ
قال الْقَاضِي في الطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ رِوَايَتَانِ وَسَائِرِ السِّتَّةِ لَا يُسْتَحْلَفُ فيها رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ إستيلاد أَمَةٍ فَتُنْكِرُهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ
____________________
(12/111)
وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَحْلِفُ في الْقِصَاصِ وَلَا الْمَرْأَةُ إذَا أَنْكَرَتْ النِّكَاحَ
وَتَحْلِفُ إذَا ادَّعَتْ إنقضاء عِدَّتِهَا
وَقِيلَ يُسْتَحْلَفُ في غَيْرِ حَدٍّ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ
وَعَنْهُ يُسْتَحْلَفُ فِيمَا يقضي فيه بِالنُّكُولِ فَقَطْ فَوَائِدُ
الْأُولَى الذي يقضي فيه بِالنُّكُولِ هو الْمَالُ أو ما مَقْصُودُهُ الْمَالُ
هذا الْمَذْهَبُ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَعَنْهُ هو الْمَالُ أو ما مَقْصُودُهُ الْمَالُ وَغَيْرُ ذلك إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَبَعَّدَهُ
وَعَنْهُ إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ وَطَرَفِهَا
صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ في كَفَالَةٍ وَجْهَانِ
الثَّانِيَةُ كُلُّ جِنَايَةٍ لم يَثْبُتْ قَوَدُهَا بِالنُّكُولِ فَهَلْ يَلْزَمُ النَّاكِلَ دِيَتُهَا على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا في رِوَايَةٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا
____________________
(12/112)
وَكُلُّ نَاكِلٍ لَا يُقْضَى عليه بِالنُّكُولِ كَاللِّعَانِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يُخَلَّى سَبِيلُهُ أو يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يَحْلِفَ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
أَحَدِهِمَا يُخَلَّى سَبِيلُهُ
اخْتَارَهُ إبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالنَّاظِمُ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يَحْلِفَ
قَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قُلْت هذا الْمَذْهَبُ في اللِّعَانِ
وقد تَقَدَّمَ في بَابِهِ مُحَرَّرًا
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا قُلْنَا يُحْبَسُ فَيَنْبَغِي جَوَازُ ضَرْبِهِ كما يُضْرَبُ الْمُمْتَنِعُ من اخْتِيَارِ إحْدَى نِسَائِهِ إذَا أَسْلَمَ وَالْمُمْتَنِعُ من قَضَاءِ الدَّيْنِ كما يُضْرَبُ الْمُقِرُّ بِالْمَجْهُولِ حتى يُفَسِّرَ
الثَّالِثَةُ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا يَحْلِفُ شَاهِدٌ وَلَا حَاكِمٌ وَلَا وَصِيٌّ على نفى دَيْنٍ على الْمُوصِي وَلَا مُنْكِرٌ وَكَالَةَ وَكِيلٍ
وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَحْلِفُ مدعي عليه بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ ما أَحَلَفَنِي أَنِّي ما أُحَلِّفُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَلَا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينِ خَصْمِهِ فقال لِيَحْلِفَ أَنَّهُ ما أَحَلَفَنِي في الْأَصَحِّ
وأن ادعي وَصِيٌّ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حُبِسُوا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(12/113)
وَقِيلَ يَحْكُمُ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى مُضِيَّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَلَفَ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَقَدَّمَهُ إبن رَزِينٍ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ كما تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ
وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ للادمي الْبَغْدَادِيِّ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ كما تَقَدَّمَ
وَاخْتَارَهُ إبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ وإذا أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا بِعِتْقِهِ حُلِّفَ معه وَعَتَقَ
وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
وَقَطَعَ بِهِ إبن منجي هُنَا
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُسْتَحْلَفُ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أو رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ على رِوَايَةٍ أُخْرَى
على ما تَقَدَّمَ في بَابِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ
وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا دُخُولُ الْيَمِينِ في الْعِتْقِ إذَا قُلْنَا يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ
وَيَأْتِي قَرِيبًا بَعْدَ هذا هل يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ
____________________
(12/114)
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ هذا الْبَابِ من الْخِلَافِ في الْيَمِينِ ما يَدْخُلُ الْعِتْقُ فيه وَمَنْ قال بِالْعِتْقِ وَعَدَمِهِ فَائِدَةٌ
قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ
وَكَذَا الصَّدَقَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالنَّذْرُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْوَالِي إحْلَافُ الْمَتْهُومِ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا في الْكَشْفِ في حَقِّ اللَّهِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذلك
وَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ بِأَعَمَّ من هذا
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْحُكْمُ في الْمَالِ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَتَقَدَّمَ ذلك مستوفي بِفُرُوعِهِ وَالْخِلَافُ فيه في بَابِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ الرَّابِعُ الْمَالُ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٌ
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا هُنَاكَ مستوفي ( ( ( مستوف ) ) ) مُحَرَّرًا فَلْيُعَاوَدْ
____________________
(12/115)
وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا هل تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَيَمِينٍ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَهَلْ يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يَثْبُتُ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ أَيْضًا وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ مُسْتَوْفًى
وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ التَّدْبِيرِ هل يَثْبُتُ التَّدْبِيرُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أو بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ في النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَسَائِرِ ما لَا يُسْتَحْلَفُ فيه شَاهِدٌ وَيَمِينٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا إلَّا رَجُلَانِ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَعَنْهُ يُقْبَلُ فيه رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أو رَجُلٌ وَيَمِينٌ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هذا في ذلك الْبَابِ
____________________
(12/116)
قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ على فِعْلِ نَفْسِهِ أو دَعْوَى عليه حَلَفَ على الْبَتِّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَسَوَاءٌ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ في الْبَائِعِ يَحْلِفُ لِنَفْيِ عَيْبِ السِّلْعَةِ على نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وحكى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَةٌ أَنَّ الْيَمِينَ في ذلك كُلِّهِ على نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتَشْهَدَ له بِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَا تَضْطَرُّوا الناس في أَيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا على ما لَا يَعْلَمُونَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وقال أبو الْبَرَكَاتِ خَصَّ هذه الرِّوَايَةَ بِمَا إذَا كانت الدَّعْوَى على النَّفْيِ
قال وهو أَقْرَبُ
وَاخْتَارَهَا أَيْضًا أبو بَكْرٍ
قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ على فِعْلِ غَيْرِهِ أو دَعْوَى عليه
أَيْ دَعْوَى على الْغَيْرِ في الْإِثْبَاتِ حَلَفَ على الْبَتِّ
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ يَمِينُهُ بَتٌّ على فِعْلِهِ ونفى على فِعْلِ غَيْرِهِ
____________________
(12/117)
فَائِدَةٌ مِثَالُ فِعْلِ الْغَيْرِ في الْإِثْبَاتِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذلك الْغَيْرَ أَقْرَضَ أو اسْتَأْجَرَ وَنَحْوَهُ وَيُقِيمُ بِذَلِكَ شَاهِدًا فإنه يَحْلِفُ مع الشَّاهِدِ على الْبَتِّ لِكَوْنِهِ إثْبَاتًا
قَالَهُ شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ
وَمِثَالُ الدَّعْوَى على الْغَيْرِ في الْإِثْبَاتِ إذَا ادَّعَى على شَخْصٍ أَنَّهُ أدعى على أبيه أَلْفًا
قوله وَإِنْ حَلَفَ على النَّفْيِ حَلَفَ على نَفْيِ عِلْمِهِ
يَعْنِي إذَا حَلَفَ على نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ أو نفى دَعْوَى على ذلك الْغَيْرِ
أَمَّا الْأُولَى فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَحْلِفُ على نَفْيِ الْعِلْمِ
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ فيها أَيْضًا على نَفْيِ الْعِلْمِ
وقال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ يَحْلِفُ على الْبَتِّ في نَفْيِ الدَّعْوَى على غَيْرِهِ
وقال في الْعُمْدَةِ وَالْأَيْمَانُ كُلُّهَا على الْبَتِّ إلَّا الْيَمِينَ على نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ
فَإِنَّهَا على نَفْيِ الْعِلْمِ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثَالُ نَفْيِ الدَّعْوَى على الْغَيْرِ إذَا ادَّعَى عليه أَنَّهُ ادَّعَى على أبيه أَلْفًا فَأَقَرَّ له بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَ الدَّعْوَى وَنَحْوَ ذلك فإن يَمِينَهُ على النَّفْيِ على الْمَذْهَبِ
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَمِثَالُ نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ أَنْ يَنْفِيَ ما ادَّعَى عليه من أَنَّهُ غَصَبَ أو جَنَى وَنَحْوُهُ
قَالَهُ شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ
____________________
(12/118)
الثَّانِيَةُ عبد الْإِنْسَانِ كَالْأَجْنَبِيِّ
فَأَمَّا الْبَهِيمَةُ فِيمَا يُنْسَبُ إلَى تَفْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَيَحْلِفُ على الْبَتِّ وَإِلَّا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ
قَوْلُهُ وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عليه يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ فقال أَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً لهم فَرَضُوا جَازَ
هذا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا وَلَوْ رَضُوا بِوَاحِدَةٍ تَنْبِيهٌ
تَقَدَّمَ أن الْيَمِينِ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ في الْحَالِ وَلَا تُسْقِطُ الْحَقَّ فللمدعى إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذلك
قال في الرِّعَايَةِ وَتَحْلِيفُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَوْا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا
بِلَا نِزَاعٍ فَائِدَةٌ
لو ادَّعَى وَاحِدٌ حُقُوقًا على وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ في كل حَقٍّ يَمِينٌ
قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ الْمَشْرُوعَةُ هِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى اسْمُهُ
فَتُجْزِئُ الْيَمِينُ بها بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(12/119)
قَوْلُهُ وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ تَغْلِيظَهَا بِلَفْظٍ أو زَمَنٍ أو مَكَان جَازَ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب ( ( ( المستوعب ) ) ) وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ تَغْلِيظُهَا
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ ان تَرْكَهُ أَوْلَى إلَّا في مَوْضِعٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ وَصَحَّ
وَذَكَرَ في التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً لَا يَجُوزُ تَغْلِيظُهَا
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْحَلْوَانِيُّ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَصَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أنها لَا تَغَلُّظُ لِأَنَّهَا حُجَّةُ أَحَدِهِمَا
فَوَجَبَتْ مَوْضِعُ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ
وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ تَغْلِيظُهَا مُطْلَقًا
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحَدُ الْأَقْسَامِ وَمَعْنَى الْأَقْوَالِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً
وَمَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ النُّكَتِ إلَى وُجُوبِ التَّغْلِيظِ إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ وَطَلَبَهُ على ما يَأْتِي في كَلَامِهِمَا
وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ تَغْلِيظُهَا بِاللَّفْظِ فَقَطْ
____________________
(12/120)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَغْلِيظُهَا في حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ خَاصَّةً
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ
قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَبِهِ قال أبو بَكْرٍ
قَوْلُهُ وَالنَّصْرَانِيُّ يقول وَاَللَّهِ الذي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ على عِيسَى وَجَعَلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ
هَكَذَا قال جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال بَعْضُهُمْ في تَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِذَلِكَ في حَقِّهِمْ نَظَرٌ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ إنَّمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ عِيسَى بن اللَّهِ
قَوْلُهُ وَالْمَجُوسِيُّ يقول وَاَللَّهِ الذي خَلَقَنِي وَرَزَقَنِي
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مع ذلك بِمَا يُعَظِّمُهُ من الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا
وفي تَعْلِيقِ أبي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا عن أبي بَكْرِ بن جَعْفَرٍ أَنَّهُ قال وَيَحْلِفُ الْمَجُوسِيُّ فَيُقَالُ له قُلْ وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ
قال الْقَاضِي هذا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يَحْلِفُوا وَإِنْ كانت مَخْلُوقَةً كما يَحْلِفُونَ في الْمَوَاضِعِ التي يُعَظِّمُونَهَا وَإِنْ كانت مَوَاضِعَ يُعْصَى اللَّهُ فيها
قَالَهُ في النُّكَتِ
وَنَقَلَ الْمَجْدُ من تَعْلِيقِ الْقَاضِي تُغَلَّظُ الْيَمِينُ على الْمَجُوسِيِّ بِاَللَّهِ الذي بَعَثَ إدْرِيسَ رَسُولًا لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ الذي جاء بِالنُّجُومِ التي يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَهَا
وَيُغَلَّظُ على الصَّابِئِ بِاَللَّهِ الذي خَلَقَ النَّارَ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَ النَّارِ
____________________
(12/121)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا بِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْمَجُوسَ تُعَظِّمُ النَّارَ وَالصَّابِئَةَ تُعَظِّمُ النُّجُومَ فَائِدَةٌ
لو أَبَى من وَجَبَتْ عليه الْيَمِينُ التَّغْلِيظَ لم يَصِرْ نَاكِلًا
وحكى إجْمَاعًا
وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
قال في النُّكَتِ لِأَنَّهُ قد بَذَلَ الْوَاجِبَ عليه فَيَجِبُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ له
قال وَفِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ التَّغْلِيظُ إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ وَطَلَبَهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِصَّةُ مَرْوَانَ مع زَيْدٍ تَدُلُّ على أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا رَأَى التَّغْلِيظَ فَامْتَنَعَ من الْإِجَابَةِ أَدَّى ما أدعى بِهِ وَلَوْ لم يَكُنْ كَذَلِكَ ما كان في التَّغْلِيظِ زَجْرٌ قَطُّ
قال في النُّكَتِ وَهَذَا الذي قَالَهُ صَحِيحٌ وَالرَّدْعُ وَالزَّجْرُ عِلَّةُ التَّغْلِيظِ
فَلَوْ لم يَجِبْ برأى الْإِمَامِ لَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ من الِامْتِنَاعِ منه لِعَدَمِ الضَّرَرِ عليه في ذلك وَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا مَتَى قُلْنَا هو مُسْتَحَبٌّ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ منه الْخَصْمُ يَصِيرُ نَاكِلًا
قَوْلُهُ وفي الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها لَا تُغَلَّظُ عِنْدَ الصَّخْرَةِ بَلْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ
____________________
(12/122)
وقال عن الْأَوَّلِ ليس له أَصْلٌ في كلام الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا غَيْرِهِ من الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى
وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ النُّكَتِ فيها
قَوْلُهُ وفي سَائِرِ الْبُلْدَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في الْوَاضِحِ هل يَرْقَى مُتَلَاعِنَانِ الْمِنْبَرَ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ
وَقِيلَ إنْ قَلَّ الناس لم يَجُزْ
وقال أبو الْفَرَجِ يَرْقَيَانِهِ
وقال في الِانْتِصَارِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَرْقَيَا عليه
قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ أَهْلُ الذِّمَّةِ في الْمَوَاضِعِ التي يُعَظِّمُونَهَا
بِلَا نِزَاعٍ
وقال في الْوَاضِحِ وَيَحْلِفُونَ أَيْضًا في الْأَزْمِنَةِ التي يُعَظِّمُونَهَا كَيَوْمِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ
قَوْلُهُ وَلَا تُغَلَّظُ الْيَمِينُ إلَّا فِيمَا له خَطَرٌ
يَعْنِي حَيْثُ قُلْنَا يَجُوزُ التَّغْلِيظُ كَالْجِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ من الْمَالِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(12/123)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تُغَلَّظُ في قَدْرِ نِصَابِ السَّرِقَةِ فَأَزْيَدَ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمَجْدِ في مُحَرَّرِهِ التَّغْلِيظُ مُطْلَقًا فَائِدَةٌ
لَا يَحْلِفُ بِطَلَاقٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى
وَحَكَاهُ بن عبد الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا
قال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْوَالِي إحْلَافُ الْمَتْهُومِ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا في الْكَشْفِ في حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ آدَمِيٍّ وَتَحْلِيفُهُ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَاعُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمِهَنِ إذَا كَثُرُوا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذلك وَلَا إحْلَافُ أَحَدٍ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا على غَيْرِ حَقٍّ انْتَهَى
____________________
(12/124)
كِتَابُ الْإِقْرَارِ فَائِدَةٌ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَعْنَاهُ في الصُّغْرَى والحاوى الْإِقْرَارُ الِاعْتِرَافُ وهو إظْهَارُ الْحَقِّ لَفْظًا
وَقِيلَ تَصْدِيقُ المدعى حَقِيقَةً أو تَقْدِيرًا
وَقِيلَ هو صِيغَةٌ صَادِرَةٌ من مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ رَشِيدٍ لِمَنْ هو أَهْلٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ ما أَقَرَّ بِهِ غَيْرُ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ وما أَقَرَّ بِهِ تَحْتَ حُكْمِهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ له وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِهِ ثُمَّ قال
قُلْت هو إظْهَارُ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ الْمُخْتَارِ ما عليه لَفْظًا أو كِتَابَةً في الْأَقْيَسِ أو إشَارَةً أو على مُوَكِّلِهِ أو مُوَلِّيهِ أو مَوْرُوثِهِ بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ فيه انْتَهَى
قال في النُّكَتِ قَوْلُهُ أو كِتَابَةً في الْأَقْيَسِ ذَكَرَ في كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لِلْحَقِّ لَيْسَتْ إقْرَارًا شَرْعِيًّا في الْأَصَحِّ
وَقَوْلُهُ أو إشَارَةً مُرَادُهُ من الْأَخْرَسِ وَنَحْوِهِ أَمَّا من غَيْرِهِ فَلَا أَجِدُ فيه خِلَافًا انْتَهَى
وَذَكَرَ في الْفُرُوعِ في كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ أَنَّ في إقْرَارِهِ بِالْكِتَابَةِ وَجْهَيْنِ
وَتَقَدَّمَ هذا هُنَاكَ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْإِظْهَارُ لِأَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ
قَوْلُهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ من كل مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ عليه
هذا الْمَذْهَبُ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(12/125)
وقال في الْفُرُوعِ يَصِحُّ من مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِمَا يُتَصَوَّرُ منه الْتِزَامُهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ بيده وَوِلَايَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ لَا مَعْلُومًا
قال وَظَاهِرُهُ وَلَوْ على مُوَكِّلِهِ أو مَوْرُوثِهِ أو مُوَلِّيهِ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ
وقال في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْحُدُودِ وَقِيلَ يقبل ( ( ( ويقبل ) ) ) رُجُوعُ مُقِرٍّ بِمَالٍ
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ في مَسْأَلَةِ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لو أَقَرَّ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ في مَالِ الصَّبِيِّ على الصَّبِيِّ بِحَقٍّ في مَالِهِ لم يَصِحَّ وَأَنَّ الْأَبَ لو أَقَرَّ على ابْنِهِ إذَا كان وَصِيًّا صَحَّ
قال في الْفُرُوعِ وقد ذَكَرُوا إذَا اشْتَرَى شِقْصًا فَادَّعَى عليه الشُّفْعَةَ فقال اشْتَرَيْته لِابْنِي أو لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عليه فَقِيلَ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ في مَالِ الصَّغِيرِ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ
وَقِيلَ بَلَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فيه كَعَيْبٍ في مَبِيعِهِ
وَذَكَرُوا لو ادَّعَى الشَّرِيكُ على حَاضِرٍ بيده نَصِيبَ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ منه وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشُّفْعَةِ فَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ من بيده الْعَيْنُ يُصَدَّقُ في تَصَرُّفِهِ فِيمَا بيده كَإِقْرَارٍ بِأَصْلِ مِلْكِهِ
وَكَذَا لو ادَّعَى أَنَّك بِعْت نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فقال نعم فإذا قَدِمَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ على الشَّفِيعِ
وقال الْأَزَجِيُّ ليس إقْرَارُهُ على مِلْكِ الْغَيْرِ إقْرَارًا بَلْ دَعْوَى أو شَهَادَةً يُؤْخَذُ بها إنْ ارْتَبَطَ بها الْحُكْمُ
ثُمَّ ذَكَرَ ما ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لو شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ
كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكٍ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ
وَقِيلَ فيه لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ في الطَّرَفِ الْآخَرِ
وَلَوْ مَلَكَاهُ بِإِرْثٍ أو غَيْرِهِ عَتَقَ
____________________
(12/126)
وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ من رَجَعَ عن قَوْلِهِ الْأَوَّلِ
وَإِنْ كان الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ
وَإِنْ رَجَعَا احْتَمَلَ أَنْ يُوقَفَ حتى يَصْطَلِحَا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَأْخُذَهُ من هو في يَدِهِ بِيَمِينِهِ
وَإِنْ لم يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ يُقَرُّ بِيَدِ من هو بيده وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ
وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا
وقال الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ من ثَمَنِهِ أو التَّرِكَةُ لِأَنَّهُ مع صِدْقِهِمَا التَّرِكَةُ لِلسَّيِّدِ وَثَمَنُهُ ظُلْمٌ فَيَتَقَاصَّانِ وَمَعَ كَذِبِهِمَا هِيَ لَهُمَا
وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا فَرُدَّتْ فَبَذَلَا مَالًا لِيَخْلَعَهَا صَحَّ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ لم يذكر في كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كان بِيَدِ الْمُقِرِّ وَأَنَّ الْإِقْرَارَ قد يَكُونُ إنْشَاءً لقوله تعالى { قالوا أَقْرَرْنَا } فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ وَأَرَادَ إنْشَاءَ تَمْلِيكٍ صَحَّ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو كما قال تَنْبِيهٌ
قَوْلُهُ غَيْرِ مَحْجُورٍ عليه
شَمِلَ الْمَفْهُومُ مَسَائِلَ
منها ما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك وَمِنْهَا ما لم يُصَرِّحْ بِهِ
فَأَمَّا الذي لم يُصَرِّحْ بِهِ فَهُوَ السَّفِيهُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِمَالٍ سَوَاءٌ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ أو لَا
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ من سَفِيهٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/127)
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا
وهو احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْحَجْرِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فيه
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ كما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ فَائِدَةٌ
مِثْلُ إقْرَارِهِ بِالْمَالِ إقْرَارُهُ بِنَذْرِ صَدَقَةٍ بِمَالٍ فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ إنْ لم نَقُلْ بِالصِّحَّةِ
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَالِ كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ فَيَصِحُّ
وَيُتْبَعُ بِهِ في الْحَالِ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْحَجْرِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَبِنِكَاحٍ إنْ صَحَّ
وقال الْأَزَجِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ كَإِنْشَائِهِ
قال وَلَا يَصِحُّ من السَّفِيهِ إلَّا أَنَّ فيه احْتِمَالًا لِضَعْفِ قَوْلِهِمَا انْتَهَى
فَجَمِيعُ مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ
أو نَقُولُ وهو أَوْلَى مَفْهُومُ كَلَامِهِ مَخْصُوصٌ بِمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَاكَ
قَوْلُهُ فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا له في الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ في قَدْرِ ما أُذِنَ له دُونَ ما زَادَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/128)
وهو مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ
على ما مَرَّ في كِتَابِ الْبَيْعِ
وقال أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ له إلَّا في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ
وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إقْرَارِ مُمَيِّزٍ
وقال بن عَقِيلٍ في إقْرَارِهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ نَصَّ عليه إذَا أَقَرَّ في قَدْرِ إذْنِهِ
وَحَمَلَ الْقَاضِي إطْلَاقَ ما نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حتى يَبْلُغَ على غَيْرِ الْمَأْذُونِ
قال الْأَزَجِيُّ هو حَمْلٌ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا
وَذَكَرَ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُمَيِّزَ إنْ أَقَرَّا بِحَدٍّ أو قَوَدٍ أو نَسَبٍ أو طَلَاقٍ لَزِمَ وَإِنْ أَقَرَّا بِمَالٍ أُخِذَ بَعْدَ الْحَجْرِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَإِنَّمَا ذلك في السَّفِيهِ وهو كما قال
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هو غَلَطٌ
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ فَائِدَةٌ
لو قال بَعْدَ بُلُوغِهِ لم أَكُنْ حَالَ إقْرَارِي أو بَيْعِي أو شِرَائِي وَنَحْوِهِ بَالِغًا
فقال في المغنى وَالشَّرْحِ لو أَقَرَّ مُرَاهِقٌ مَأْذُونٌ له ثُمَّ اخْتَلَفَ هو وَالْمُقَرُّ له في بُلُوغِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِبُلُوغِهِ وَلَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا بَعْدَ ثُبُوتِ بُلُوغِهِ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ حين أَقَرَّ لم يَكُنْ بَالِغًا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتَوَجَّهُ وُجُوبُ الْيَمِينِ عليه
____________________
(12/129)
قال في الْكَافِي فَإِنْ قال أَقْرَرْت قبل الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ إذَا كان إختلافهما بَعْدَ بُلُوغِهِ
قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ بَلَغَ وقال أَقْرَرْت وأنا غَيْرُ مُمَيِّزٍ صُدِّقَ إنْ حَلَفَ وَقِيلَ لَا
فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في كِتَابَيْهِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّبِيِّ في عَدَمِ الْبُلُوغِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في أَجَلٍ أو شَرْطٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَنْفِيهِ
وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في دَعْوَى ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الضَّمَانِ أَيْضًا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ضَمِنَ قبل بُلُوغِهِ
قال إبن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ لو ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ كان صَبِيًّا حين الْبَيْعِ أو غير مَأْذُونٍ له أو غير ذلك وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي على الْمَذْهَبِ
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في صُورَةِ دَعْوَى الصَّغِيرِ في رِوَايَةِ إبن مَنْصُورٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعُقُودِ على وَجْهِ الصِّحَّةِ دُونَ الْفَسَادِ وَإِنْ كان الْأَصْلُ عَدَمَ الْبُلُوغِ وَالْإِذْنِ
قال وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ وَجْهًا آخَرَ في دَعْوَى الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ تَكْلِيفُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِ دَعْوَى عَدَمِ الْإِذْنِ من الْمُكَلَّفِ فإن الْمُكَلَّفَ لَا يَتَعَاطَى في الظَّاهِرِ إلَّا الصَّحِيحُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَكَذَا يَجِيءُ في الْإِقْرَارِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ إذَا اخْتَلَفَا هل وَقَعَتْ قبل الْبُلُوغِ أو بَعْدَهُ
وقد سُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ فَادَّعَى أَنَّهُ بَالِغٌ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ
____________________
(12/130)
وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ إذَا كان لم يُقِرَّ بِالْبُلُوغِ إلَى حِينِ الْإِسْلَامِ فَقَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ قبل الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ بِمَنْزِلَةِ ما إذَا ادَّعَتْ إنقضاء الْعِدَّةِ بَعْدَ أَنْ ارْتَجَعَهَا
قال وَهَذَا يَجِيءُ في كل من أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ بَعْدَ حَقٍّ ثَبَتَ في حَقِّ الصَّبِيِّ مِثْلَ الْإِسْلَامِ وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ تَبَعًا لِأَبِيهِ أو لو إدعى الْبُلُوغَ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وكان رَشِيدًا أو بَعْدَ تَزْوِيجِ وَلِيٍّ أَبْعَدَ منه انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ إن قال لم أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ
وَإِنْ أَقَرَّ وَشَكَّ في بُلُوغِهِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ
وقاله ( ( ( قاله ) ) ) في المغنى وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُحَرَّرِ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ بِيَمِينِهِ
وَلَوْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ
وقال في التَّرْغِيبِ يُصَدَّقُ صَبِيٌّ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ قال أنا صَبِيٌّ لم يَحْلِفْ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ من أَنْكَرَهُ وَلَوْ كان أَقَرَّ أو ادَّعَاهُ وَأَمْكَنَا حَلَفَ إذَا بَلَغَ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُصَدَّقُ في سِنٍّ يَبْلُغُ في مِثْلِهِ وهو تِسْعُ سِنِينَ
وَيَلْزَمُهُ بهذا الْبُلُوغِ ما أَقَرَّ بِهِ
قال وَعَلَى قِيَاسِهِ الْجَارِيَةُ
وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْبَتَ بِعِلَاجٍ وَدَوَاءٍ لَا بِالْبُلُوغِ لم يُقْبَلْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ انْتَهَى ما نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمُمَيِّزِ بِأَنَّهُ قد بَلَغَ بَعْدَ تِسْعِ سِنِينَ وَمِثْلُهُ يَبْلُغُ لِذَلِكَ
وَقِيلَ بَلْ بَعْدَ عَشَرٍ
وَقِيلَ بَلْ بَعْدَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً
____________________
(12/131)
وَقِيلَ بَلْ بِالِاحْتِلَامِ فَقَطْ
وقال في التَّلْخِيصِ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ في وَقْتِ إمْكَانِهِ صُدِّقَ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي
إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا من جِهَتِهِ
وَإِنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
وقال النَّاظِمُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ أَنَّهُ بَلَغَ إذَا أَمْكَنَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ فَإِنْ أَقَرَّ بِبُلُوغِهِ وهو مِمَّنْ يَبْلُغُ مِثْلُهُ كَابْنِ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا صَحَّ إقْرَارُهُ وَحَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه
قُلْت الصَّوَابُ قَبُولُ قَوْلِهِ في الِاحْتِلَامِ إذَا أَمْكَنَ
وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَقَلَّ إمْكَانِهِ عَشَرُ سِنِينَ على ما تَقَدَّمَ فِيمَا يُلْحَقُ من النَّسَبِ وَعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ في السِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
وَأَمَّا بِنَبَاتِ الشَّعْرِ فَبِشَاهِدٍ فَائِدَةٌ
لو ادَّعَى أَنَّهُ كان مَجْنُونًا لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ يُقْبَلُ ايضا إنْ عُهِدَ منه جُنُونٌ في بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قَبُولُهُ مِمَّنْ غَلَبَ عليه
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّكْرَانِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال أبن منجي هذا الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/132)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ إبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذلك قَوْلُ الْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ
وَيَتَخَرَّجُ صِحَّتُهُ بِنَاءً على طَلَاقِهِ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قُلْت قد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ في أَقْوَالِ السَّكْرَانِ وَأَفْعَالِهِ خَمْسُ رِوَايَاتٍ أو سِتَّةٌ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بها
فَيَكُونُ هذا التَّخْرِيجُ هو الْمَذْهَبُ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ ما أُكْرِهَ عليه مِثْلَ أَنْ يُكْرَهَ على الْإِقْرَارِ لِإِنْسَانٍ فَيُقِرَّ لِغَيْرِهِ أو على الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَيُقِرَّ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا أو على الْإِقْرَارِ بِدَنَانِيرَ فَيُقِرَّ بِدَرَاهِمَ فَيَصِحُّ
بِلَا نِزَاعٍ
وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِقَرِينَةٍ كَتَوْكِيلٍ بِهِ أو أَخْذِ مَالٍ أو تَهْدِيدِ قَادِرٍ
قال الْأَزَجِيُّ لو أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ اسْتَفَادَ بها أَنَّ الظَّاهِرَ معه
فَيَحْلِفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ لَا يَحْلِفُ فَائِدَةٌ
تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ على بَيِّنَةِ الطَّوَاعِيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ وَتَبْقَى الطَّوَاعِيَةُ فَلَا يقضى بها
____________________
(12/133)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ صَحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
قال في الْكَافِي وَغَيْرِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَصَحُّهُمَا قَبُولُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَالْأُخْرَى لَا يَصِحُّ بِزِيَادَةٍ على الثُّلُثِ فَلَا مُحَاصَّةَ فَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ وَلَا يُحَاصُّ الْمُقَرُّ له غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ
بَلْ يَبْدَأُ بِهِمْ
وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ وهو الصَّحِيحُ
قال الْقَاضِي وإبن الْبَنَّا هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي يُحَاصُّهُمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقَطَعَ بِهِ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ في مَوْضِعٍ
وَاخْتَارَهُ إبن أبي مُوسَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
(12/134)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا رِوَايَتَانِ
وفي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَجْهَانِ فَائِدَةٌ
لو أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ أو عَكَسَهُ فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ بها
وفي الثَّانِيَةِ احْتِمَالٌ في نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ
يَعْنِي بِالْمُحَاصَّةِ كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه
وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يَصِحُّ ما لم يَتَّهِمُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّ أَصْلَهُ من الْمَذْهَبِ وَصِيَّتُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ ثُمَّ يَصِيرُ وَارِثًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال الْأَزَجِيُّ قال أبو بَكْرٍ في صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِوَارِثِهِ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ
وَالثَّانِيَةُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِوَارِثٍ
وفي الصِّحَّةِ أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ وَالْأُولَى أَصَحُّ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قال في الْفُنُونِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ وَإِنْ لم يُقْبَلْ
وقال أَيْضًا إنْ كان حَنْبَلِيًّا اسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ في مَرَضِهِ بِالْوَصِيَّةِ له
____________________
(12/135)
فقال حَنْبَلِيٌّ لو أَقَرَّ له في الصِّحَّةِ صَحَّ وَلَوْ نَحَلَهُ لم يَصِحَّ وَالنِّحْلَةُ تَبَرُّعٌ كَالْوَصِيَّةِ
فَقَدْ افْتَرَقَ الْحَالُ لِلتُّهْمَةِ في أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَذَا في الْمَرَضِ
وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّبَرُّعُ فِيمَا زَادَ على الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَلْزَمُ الْإِقْرَارُ وقد افْتَرَقَ التَّبَرُّعُ وَالْإِقْرَارُ فِيمَا زَادَ على الثُّلُثِ
كَذَا يَفْتَرِقَانِ في الثُّلُثِ لِلْوَارِثِ تَنْبِيهٌ
ظَاهِرُ قَوْلِهِ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِإِجَازَةٍ وهو ظَاهِرُ نَصِّهِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُقْبَلُ بِالْإِجَازَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ على الْمَشْهُورِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يَقِفُ على إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ
وَلِهَذَا قال الْخِرَقِيُّ لم يَلْزَمْ بَاقِيَ الْوَرَثَةِ قَبُولُهُ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِامْرَأَتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَيَصِحُّ
يَعْنِي إقْرَارَهُ هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وبن رَزِينٍ وقال إجْمَاعًا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها مَهْرَ مِثْلِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِإِقْرَارِهِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَكُونُ من الثُّلُثِ
____________________
(12/136)
وَنَقَلَ أَيْضًا لها مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَنَّ على الزَّوْجِ الْبَيِّنَةَ بِالزَّائِدِ
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ في صِحَّتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا رِوَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لو أَقَرَّتْ امْرَأَتُهُ أنها لَا مَهْرَ لها عليه لم يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أنها أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَهَلْ يَصِحُّ في حَقِّ الاجنبي على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
أَحَدِهِمَا يَصِحُّ في حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ
قال في النُّكَتِ هذا هو الْمَنْصُورُ في الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْهِدَايَةِ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ
وقال الْقَاضِي الصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ على الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إذَا عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ أو أَقَرَّ الْأَجْنَبِيُّ بِذَلِكَ
وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غير وَارِثٍ لم يَصِحَّ
____________________
(12/137)
إقْرَارُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ وَإِنْ صَارَ وَارِثًا نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ لَا الْمَوْتِ على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمَا
وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ والمغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْمَوْتِ فَيَصِحُّ في الْأُولَى وَلَا يَصِحُّ في الثَّانِيَةِ كَالْوَصِيَّةِ
وهو رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ
ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَمَنْ بَعْدَهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَ في الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ لِوَارِثٍ ثُمَّ صَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غير وَارِثٍ الصِّحَّةَ
وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ بِالصِّحَّةِ فِيهِمَا
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَا يَلْزَمُ لَا أَنَّ مُرَادَهُمْ بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُمْ قَاسُوهُ على الْوَصِيَّةِ
وَلِهَذَا أَطْلَقَ في الْوَجِيزِ الصِّحَّةَ فِيهِمَا انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو أَعْطَاهُ وهو غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا
ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(12/138)
الثَّانِيَةُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِأَخْذِ دَيْنِ صِحَّةٍ وَمَرَضٍ من أَجْنَبِيٍّ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِقَبْضِ مَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ بَلْ حَوَالَةٌ وَمَبِيعٌ وَقَرْضٌ
وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ
قال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ
وَكَذَا قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا في صِحَّتِهِ صَحَّ
لَا أَنَّهُ وَهَبَ وَارِثًا
وفي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ كَإِنْشَائِهِ
وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ كَالْإِنْشَاءِ
وَالثَّانِي يَصِحُّ
وقال في النِّهَايَةِ أَيْضًا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا في صِحَّتِهِ وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ
وَصَحَّحَهُ في الِانْتِصَارِ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَطْ
وقال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِوَارِثٍ صَحَّ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ
____________________
(12/139)
قال في الْفُرُوعِ فَيَصِحُّ على الْأَصَحِّ
قال النَّاظِمُ هذا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ من نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْخُلَاصَةِ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ
قال بن رَزِينٍ هذا أَظْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ
قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَيَأْتِي قَرِيبًا لو أَقَرَّ من عليه الْوَلَاءُ بِنَسَبِ وَارِثٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ في صِحَّتِهِ لم يَسْقُطْ مِيرَاثُهَا
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وقال الشِّيرَازِيُّ في الْمُنْتَخَبِ لَا تَرِثُهُ
قُلْت وهو بَعِيدٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِحَدٍّ أو قِصَاصٍ أو طَلَاقٍ صَحَّ وَأَخَذَ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِقِصَاصٍ في النَّفْسِ فَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ
اذا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِحَدٍّ أو طَلَاقٍ أو قِصَاصٍ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أُخِذَ بِهِ على الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ في إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ رِوَايَتَانِ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ
____________________
(12/140)
قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِقَوَدٍ في النَّفْسِ فما دُونَهَا
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أبو يَعْلَى بن أبي حَازِمٍ
ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ
وَيَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ
وَإِنْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ في النَّفْسِ لم يُقْتَصَّ منه في الْحَالِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي الْكَبِيرُ وَجَمَاعَةٌ
وَعَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ من الْمُفْرَدَاتِ
وقال أبو الْخَطَّابِ يُؤْخَذُ بِالْقِصَاصِ في الْحَالِ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ تَنْبِيهٌ
طَلَبُ جَوَابِ الدَّعْوَى من الْعَبْدِ وَمِنْ سَيِّدِهِ جميعا على الْأَوَّلِ وَمِنْ الْعَبْدِ وَحْدَهُ على الثَّانِي
وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ له الْعَفْوُ على رَقَبَتِهِ أو مَالٌ على الثَّانِي
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(12/141)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عليه بِذَلِكَ لم يُقْبَلْ إلَّا فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَيُقْبَلُ فِيمَا يَجِبُ فيه الْمَالُ
وَهَكَذَا قال في الْكَافِي
يَعْنِي إنْ أَقَرَّ على عَبْدِهِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لم يُقْبَلْ منه في الْقِصَاصِ وَيُقْبَلُ منه فِيمَا يَجِبُ بِهِ من الْمَالِ فَيُؤْخَذُ منه دِيَةُ ذلك
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وهو احْتِمَالٌ في الشَّرْحِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَ السَّيِّدِ على عَبْدِهِ فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ مَالًا كَالْخَطَأِ وَنَحْوِهِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى فَائِدَةٌ
لو أَقَرَّ الْعَبْدُ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا لم يُقْبَلْ قَطْعًا
قَالَهُ في التَّلْخِيصِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا فَرْقَ بين إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ وَبَيْنَ إقْرَارِهِ بِالْمَالِ
وهو ظَاهِرُ ما روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ له بِمَالٍ لم يُقْبَلْ في الْحَالِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال بن منجي في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ
____________________
(12/142)
3
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قال في التَّلْخِيصِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ فَنَصُّهُ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
قال في التَّلْخِيصِ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَلَا وَجْهَ لها عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فيه كَالْمَالِ الذي أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ فإنه يُقْبَلُ في الْقَطْعِ وَلَا يُقْبَلُ في الْمَالِ لَكِنْ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ في آخِرِ الْحَجْرِ إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ له في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ مَالٍ في يَدِهِ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ قُبِلَ إقْرَارُهُ في الْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والحاوى
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ
وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يُقْطَعُ بَعْدَ عِتْقِهِ لَا قَبْلَهُ فَائِدَةٌ
لو أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِالْجِنَايَةِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ
____________________
(12/143)
4
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَبِرَقَبَتِهِ أَيْضًا
وَقِيلَ لَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ
وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ عليه بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أو الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ لم يَصِحَّ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو أَقَرَّ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ لم يَصِحَّ على الْمَذْهَبِ وَهَذَا يَنْبَنِي على ثُبُوتِ مَالِ السَّيِّدِ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ ابْتِدَاءً أو دَوَامًا
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ في الصَّدَاقِ انْتَهَى
وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ
قوله وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ من نَفْسِهِ بِأَلْفٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ ثَبَتَ وَإِنْ أَنْكَرَ عَتَقَ ولم يَلْزَمْهُ الْأَلْفُ
هذا الْمَذْهَبُ
وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
____________________
(12/144)
5 فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ بِمَالٍ صَحَّ وكان لِمَالِكِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا قُلْنَا يَصِحُّ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ لم يَفْتَقِرْ الْإِقْرَارُ إلَى تَصْدِيقِ السَّيِّدِ
قال وقد يقال بَلَى وَإِنْ لم نَقُلْ بِذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قد تَمَلَّك مُبَاحًا فَأَقَرَّ بِعَيْنِهِ أو أَتْلَفَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ
الثَّانِيَةُ
لو أَقَرَّ الْعَبْدُ بِنِكَاحٍ أو تَعْزِيرِ قَذْفٍ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ
قال الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْعَبْدِ دُونَ الْمَوْلَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا في النِّكَاحِ فيه نَظَرٌ فإن النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ وفي ثُبُوتِهِ لِلْعَبْدِ على السَّيِّدِ ضَرَرٌ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِتَصْدِيقِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِبَهِيمَةٍ لم يَصِحَّ
وهذا ( ( ( هذا ) ) ) الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَصِحُّ كَقَوْلِهِمْ بِسَبَبِهَا وَيَكُونُ لِمَالِكِهَا فَيُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن هذا الْقَوْلِ هذا الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في ضِمْنِ مَسْأَلَةِ الْحَمْلِ
____________________
(12/145)
وقال الْأَزَجِيُّ يَصِحُّ لها مع ذِكْرِ السَّبَبِ لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
لو قال على كَذَا بِسَبَبِ الْبَهِيمَةِ صَحَّ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ لو قال على كَذَا بِسَبَبِ هذه الْبَهِيمَةِ لم يَكُنْ إقْرَارًا لِأَنَّهُ لم يذكر لِمَنْ هِيَ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ ذِكْرُ الْمُقَرِّ له
وَإِنْ قال لِمَالِكِهَا أو لِزَيْدٍ على بِسَبَبِهَا أَلْفٌ صَحَّ الْإِقْرَارُ
فَإِنْ قال بِسَبَبِ حَمْلِ هذه الْبَهِيمَةِ لم يَصِحَّ إذْ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ شَيْءٍ بِسَبَبِ الْحَمْلِ
الثَّانِيَةُ
لو أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أو مَقْبَرَةٍ أو طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ وَقْفِهِ صَحَّ
وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي
قُلْت الصَّوَابُ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ لِمَصَالِحِهَا
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وقال التَّمِيمِيُّ لَا يَصِحُّ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لم يُقْبَلْ إقْرَارُهَا
____________________
(12/146)
وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الْمُحَرَّرِ والحاوى وَالْفُرُوعِ
ذَكَرُوهُ في آخِرِ بَابِ اللَّقِيطِ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ في نَفْسِهَا وَلَا يُقْبَلُ في فَسْخِ النِّكَاحِ وَرِقِّ الْأَوْلَادِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى هُنَا وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا تَنْبِيهٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَدًا كان رَقِيقًا
مُرَادُهُ إذَا لم تَكُنْ حَامِلًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ
فَإِنْ كانت حَامِلًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ حُرٌّ
قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَوَجَّهَ في النَّظْمِ أَنَّهُ يَكُونُ حُرًّا بِكُلِّ حَالٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ ولم يَتَبَيَّنْ هل أَتَتْ بِهِ في مِلْكِهِ أو غَيْرِهِ فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَأَطْلَقَهُمَا في أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
أَحَدُهُمَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّاظِمُ هُنَا
____________________
(12/147)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
فَعَلَى هذا يَكُونُ عليه الْوَلَاءُ وَفِيهِ نَظَرٌ
قَالَهُ في الْمُنْتَخَبِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ في بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هُنَاكَ في آخِرِ الْبَابِ
وَصَحَّحَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في آخِرِ بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَصَابَهَا في مِلْكِ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وإذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِنَسَبِ صَغِيرٍ أو مَجْنُونٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ منه وَإِنْ كان مَيِّتًا وَرِثَهُ
يَعْنِي الْمَيِّتَ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وجزم بِهِ في الْمُحَرَّرِ والحاوى وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ إنْ كان مَيِّتًا لِلتُّهْمَةِ بَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ من غَيْرِ إرْثٍ
وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
(12/148)
فَائِدَةٌ
لو كَبُرَ الصَّغِيرُ وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ وَأَنْكَرَ لم يُسْمَعْ إنْكَارُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَبْطُلُ نَسَبُ الْمُكَلَّفِ بِاتِّفَاقِهِمَا على الرُّجُوعِ عنه
قَوْلُهُ وَإِنْ كان كَبِيرًا عَاقِلًا لم يَثْبُتْ نَسَبُهُ حتى يُصَدِّقَهُ وَإِنْ كان مَيِّتًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وأطلقهما بن منجي في شَرْحِهِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والحاوى أَحَدِهِمَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وهو ظَاهِرُ ما صَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
لو أَقَرَّ بِأَبٍ فَهُوَ كَإِقْرَارِهِ بِوَلَدٍ
وقال في الْوَسِيلَةِ إنْ قال عن بَالِغٍ هو ابْنِي أو أبي فَسَكَتَ الْمُدَّعَى عليه ثَبَتَ نَسَبُهُ في ظَاهِرِ قَوْلِهِ
الثَّانِيَةُ
لَا يُعْتَبَرُ في تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ تَكْرَارُ التَّصْدِيقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(12/149)
فَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا بَعْدَ تَكْرَارِهِ
قوله وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ أو عَمٍّ في حَيَاةِ أبيه أو جَدِّهِ لم يُقْبَلْ وَإِنْ كان بَعْدَ مَوْتِهِمَا وهو الْوَارِثُ وَحْدَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَثَبَتَ النَّسَبُ وَإِنْ كان معه غَيْرُهُ لم يَثْبُتْ النَّسَبُ وَلِلْمُقَرِّ له من الْمِيرَاثِ ما فَضَلَ في يَدِ الْمُقِرِّ
هذا صَحِيحٌ
وقد تَقَدَّمَ تَحْرِيرُ ذلك وما يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ في بَابِ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ في الْمِيرَاثِ وَشُرُوطُهُ بِمَا فيه كِفَايَةٌ فَلْيُرَاجَعْ فَائِدَةٌ
لو خَلَّفَ ابْنَيْنِ عَاقِلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ صَغِيرٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُنْكِرُ وَالْمُقِرُّ وَحْدَهُ وَارِثٌ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَكِنْ يُعْطِيهِ الْفَاضِلَ في يَدِهِ عن إرْثِهِ
فَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذلك عن بَنِي عَمٍّ وكان الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا وَرِثَهُ دُونَهُمْ على الْأَوَّلِ
وَعَلَى الثَّانِي يَرِثُونَهُ دُونَ الْمُقَرِّ بِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ من عليه وَلَاءٌ بِنَسَبِ وَارِثٍ لم يُقْبَلْ إقْرَارُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ مَوْلَاهُ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(12/150)
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَخُرِّجَ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا تَنْبِيهٌ
مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ من عليه وَلَاءٌ أَنَّهُ لو أَقَرَّ من لَا وَلَاءَ عليه وهو مَجْهُولُ النَّسَبِ بِنَسَبِ وَارِثٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ
وهو صَحِيحٌ إذَا صَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ ذلك حتى أَخٌ أو عَمٌّ
قوله وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحٍ على نَفْسِهَا فَهَلْ يُقْبَلُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يُقْبَلُ
قال في الِانْتِصَارِ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِمَا بِبَلَدِ غُرْبَةٍ لِلضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ من مُكَاتَبِهِ
وَلَا يَمْلِكُ عَقْدَهُ انْتَهَى
وَعَنْهُ يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ
____________________
(12/151)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى في مَكَان آخَرَ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَصِحُّ إقْرَارُ بِكْرٍ بِهِ وَإِنْ أَجْبَرَهَا الْأَبُ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِمَا لَا إذْنَ له فيه كَصَبِيٍّ أَقَرَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّ أَبَاهُ أَجَّرَهُ في صِغَرِهِ فَائِدَةٌ
لو ادَّعَى الزَّوْجِيَّةَ اثْنَانِ وَأَقَرَّتْ لَهُمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا
فَإِنْ جُهِلَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ
ذَكَرَهُ في الْمُبْهِجِ وَالْمُنْتَخَبِ
وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ انْتَهَى
وَإِنْ جَهِلَهُ فُسِخَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ
وقال في المغنى يَسْقُطَانِ وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا ولم يذكر الْوَلِيَّ انْتَهَى
وَلَا يَحْصُلُ التَّرْجِيحُ بِالْيَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي أنها إذَا كانت بِيَدِ أَحَدِهِمَا مَسْأَلَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ
وَسَبَقَتْ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ عليها بِهِ قُبِلَ إنْ كانت مُجْبَرَةً وَإِلَّا فَلَا
يَعْنِي وَإِنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً لم يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَلِيِّ عليها بِهِ فَشَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ في غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ
____________________
(12/152)
إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ مُنْكِرَةً لِلْإِذْنِ في النِّكَاحِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عليها بِهِ
قَوْلًا وَاحِدًا
وَالثَّانِيَةَ ان تَكُونَ مقره له بِالْإِذْنِ فيه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَ وَلِيِّهَا عليها بِهِ صَحِيحٌ مَقْبُولٌ نَصَّ عليه
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانَةَ إمرأته أو أَقَرَّتْ أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فلم يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ له الْمُقِرَّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ صَحَّ وَوَرِثَهُ
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَجَحَدَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ تَحِلُّ له بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ انْتَهَى
وَشَمِلَ قَوْلُهُ فلم يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ له إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا أَنْ يَسْكُتَ الْمُقَرُّ له إلَى أَنْ يَمُوتَ الْمُقِرُّ ثُمَّ يُصَدِّقُهُ فَهُنَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَيَرِثُهُ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَفِيهَا تَخْرِيجٌ بِعَدَمِ الْإِرْثِ
الثَّانِيَةَ أَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُقَرُّ له في حَيَاةِ الْمُقِرِّ ثُمَّ يُصَدِّقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُنَا لَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَلَا يَرِثُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال النَّاظِمُ وهو أَقْوَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَيَرِثُهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
____________________
(12/153)
قال في الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في رؤوس الْمَسَائِلِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
في صِحَّةِ إقْرَارِ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
إحْدَاهُمَا يَلْحَقُهَا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في بَابِ ما يُلْحَقُ من النَّسَبِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَقَرَّتْ مُزَوَّجَةٌ بِوَلَدٍ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا كَغَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا
وَقَدَّمَ ما قَدَّمَهُ في الْكُبْرَى في الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ هُنَا
وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ الثَّانِيَةُ
لو ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بيده فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَفَسَخَهُ حَاكِمٌ
فَلَوْ صَدَّقَتْهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا قُبِلَ
قال في الرِّعَايَةِ قُبِلَ على الْأَظْهَرِ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ من أدعت أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عليه
وَسُئِلَ عنها الْمُصَنِّفُ فلم يُجِبْ فيها بِشَيْءٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ على مَوْرُوثِهِمْ بِدَيْنٍ لَزِمَهُمْ قَضَاؤُهُ من التَّرِكَةِ
____________________
(12/154)
بِلَا نِزَاعٍ إنْ كان ثَمَّ تركه
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ لَزِمَهُ منه بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَمُرَادُهُ إذَا أَقَرَّ من غَيْرِ شَهَادَةٍ
فَأَمَّا إذَا شَهِدَ منهم عَدْلَانِ أو عَدْلٌ وَيَمِينٌ فإن الْحَقَّ يَثْبُتُ
قال في الْفُرُوعِ وفي التَّبْصِرَةِ إنْ أَقَرَّ منهم عَدْلَانِ أو عَدْلٌ وَيَمِينٌ ثَبَتَ
وَمُرَادُهُ وَشَهِدَ الْعَدْلُ
وهو مَعْنَى ما في الرَّوْضَةِ
وقال في الرَّوْضَةِ أَيْضًا إنْ خَلَّفَ وَارِثًا وَاحِدًا لَا يَرِثُ كُلَّ الْمَالِ كَبِنْتٍ أو أُخْتٍ فَأَقَرَّ بِمَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أَخَذَ رَبُّ الدَّيْنِ كُلَّ ما في يَدِهَا
قال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ في الْمِيرَاثِ وَعَنْهُ إنْ أَقَرَّ إثنان من الْوَرَثَةِ على أَبِيهِمَا بِدَيْنٍ ثَبَتَ في حَقِّ غَيْرِهِمْ إعْطَاءً له حُكْمَ الشَّهَادَةِ
وفي اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمَا الرِّوَايَتَانِ
وَتَقَدَّمَ هذا هُنَاكَ بِزِيَادَةٍ فَائِدَةٌ
يُقَدَّمُ ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ على ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ إذَا حَصَلَتْ مُزَاحَمَةٌ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ على ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ
وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَجْهًا
وَيُقَدَّمُ ما ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِمَا نَصَّ عليه
____________________
(12/155)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلِ إمرأة صَحَّ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلِ إمرأة بِمَالٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ
قال في النُّكَتِ هذا هو الْمَشْهُورُ
نَصَرَهُ الْقَاضِي وابو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ وَغَيْرُهُمْ
قال إبن منجي هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَاخْتَارَهُ إبن حَامِدٍ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا
ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في النُّكَتِ وَلَا أَحْسِبُ هذا قَوْلًا في الْمَذْهَبِ
قال أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ إلَّا أَنْ يَعْزِيَهُ إلَى سَبَبٍ من إرْثٍ أو وَصِيَّةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا على حَسَبِ ذلك
وقال إبن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ يَصِحُّ بِمَالٍ لِحَمْلٍ يَعْزُوهُ
ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا في اعْتِبَارِهِ من الْمَوْتِ أو من حِينِهِ
وقال الْقَاضِي إنْ أَطْلَقَ كُلِّفَ ذِكْرَ السَّبَبِ فَيَصِحُّ ما يَصِحُّ وَيَبْطُلُ ما يَبْطُلُ وَلَوْ مَاتَ قبل أَنْ يُقِرَّ بَطَلَ
قال الْأَزَجِيُّ كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ فَرَدَّهُ وَمَاتَ الْمُقِرُّ
وقال الْمُصَنِّفُ كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ لَا يُعْرَفُ من أَرَادَ بِإِقْرَارِهِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ هل يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ فيه الْخِلَافُ
____________________
(12/156)
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ وَاخْتُلِفَ في مَأْخَذِ الْبُطْلَانِ
فَقِيلَ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ فَلَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ له تَمَلَّكَ بِغَيْرِهِمَا وهو فَاسِدٌ فإن الْإِقْرَارَ كَاشِفٌ لِلْمِلْكِ وَمُبَيِّنٌ له لَا مُوجِبٌ له
وَقِيلَ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَالِمِ وَنَحْوِهَا وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ مع الْحَمْلِ وهو ضَعِيفٌ فإنه إذَا صَحَّ له الْمِلْكُ تَوَجَّهَ حَمْلُ الْإِقْرَارِ مع الْإِطْلَاقِ عليه
وَقِيلَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ تَعْلِيقٌ له على شَرْطِ الْوِلَادَةِ لانه لَا يَمْلِكُ بِدُونِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَالْإِقْرَارُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ إبن عَقِيلٍ وَهِيَ أَظْهَرُ
وَتَرْجِعُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ إلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ له وَانْتِقَالِهِ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ
لو قال لِلْحَمْلِ عَلَيَّ أَلْفٌ جَعَلْتهَا له وَنَحْوَهُ فَهُوَ وَعْدٌ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يَلْزَمُهُ
كَقَوْلِهِ له عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ عِنْدَ غَيْرِ التَّمِيمِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ لَا يَصِحُّ كأقرضني أَلْفًا
قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَهُوَ لِلْحَيِّ
بِلَا نِزَاعٍ حَيْثُ قُلْنَا يَصِحُّ قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا حَيَّيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى ذَكَرَهُ إبن حَامِدٍ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى
____________________
(12/157)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا
وَتَقَدَّمَ في كَلَامِ التَّمِيمِيِّ تَنْبِيهٌ
مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَعْزِهِ إلَى ما يَقْتَضِي التَّفَاضُلَ
فَأَمَّا إنْ عَزَاهُ إلَى ما يقتضى التَّفَاضُلَ كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ عُمِلَ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْقَاضِي
قَوْلُهُ وَمَنْ أَقَرَّ لِكَبِيرٍ عَاقِلٍ بِمَالٍ فلم يُصَدِّقْهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في النَّظْمِ هذا الْمَشْهُورُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وفي الْآخَرِ يُؤْخَذُ الْمَالُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُقَرُّ بيده
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَيُّهُمَا غَيَّرَ قَوْلَهُ لم يُقْبَلْ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ عَادَ الْمُقِرُّ فَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ أو الثَّالِثُ قُبِلَ منه ولم يُقْبَلْ بَعْدَهَا عَوْدُ الْمُقَرِّ له أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ
وَلَوْ كان عَوْدُهُ إلَى دَعْوَاهُ قبل ذلك فَفِيهِ وَجْهَانِ
____________________
(12/158)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ
وَجَزَمَ في الْمُنَوِّرِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَلَوْ كان الْمُقِرُّ عَبْدًا أو دُونَ الْمُقَرِّ بِأَنْ أَقَرَّ بِرِقِّهِ لِلْغَيْرِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ من الْأَمْوَالِ على الْأَوَّلِ
وَعَلَى الثَّانِي يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِمَا
ذَكَرَ ذلك في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/159)
بَابُ ما يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ تَنْبِيهٌ
تَقَدَّمَ في صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ هل يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْخَطِّ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا في أَوَّلِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى عليه أَلْفًا فقال نعم أو أَجَلْ أو صَدَقْت أو أنا مُقِرٌّ بها أو بِدَعْوَاك كان مقرى
بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ قال أنا أُقِرُّ أو لَا أُنْكِرُ لم يَكُنْ مقرى
وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يَكُنْ مقرى في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَكُونُ مقرى
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في قَوْلِهِ إنِّي أُقِرُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وقال الْأَزَجِيُّ إنْ قال أنا أُقِرُّ بِدَعْوَاك لَا يُؤَثِّرُ وَيَكُونُ مقرى في قَوْلِهِ لَا أُنْكِرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا أو عَسَى أو لَعَلَّ أو أَظُنُّ أو أَحْسِبُ أو أُقَدِّرُ أو خُذْ أو اتَّزِنْ أو اُحْرُزْ أو افْتَحْ كُمَّك لم يَكُنْ مقرى
____________________
(12/160)
بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أنا مُقِرٌّ أو خُذْهَا أو اتَّزِنْهَا أو اقْبِضْهَا أو أَحْرِزْهَا أو هِيَ صِحَاحٌ فَهَلْ يَكُونُ مقرى على وَجْهَيْنِ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ في ذلك إلَّا في قَوْلِهِ أنا مُقِرٌّ
وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ في قَوْلِهِ خُذْهَا أو اتَّزِنْهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ في قَوْلِهِ أنا مُقِرٌّ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ مقرى
وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في قَوْلِهِ إنِّي مُقِرٌّ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ مقرى
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ في غَيْرِ قَوْلِهِ إنِّي مُقِرٌّ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي في قَوْلِهِ خُذْهَا أو اتَّزِنْهَا أو هِيَ صِحَاحٌ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ في قَوْلِهِ أنا مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
____________________
(12/161)
فَوَائِدُ الْأُولَى
قال بن الزَّاغُونِيِّ قوله كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك أو كَأَنِّي جَحَدْتُك حَقَّك اقوى في الْإِقْرَارِ من قَوْلِهِ خُذْهُ
الثَّانِيَةُ
لو قال أَلَيْسَ لي عَلَيْك أَلْفٌ فقال بَلَى فَهُوَ إقْرَارٌ وَلَا يَكُونُ مقرى بِقَوْلِهِ نعم
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَكُونَ مقرى من عَامِّيٍّ كَقَوْلِهِ عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ
قُلْت هذا التَّوْجِيهُ عَيْنُ الصَّوَابِ الذي لَا شَكَّ فيه وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ
وَلَا يَعْرِفُ ذلك إلَّا الْحُذَّاقُ من أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَكُونُ كَذَلِكَ هذا من أَبْعَدِ ما يَكُونُ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ ما يُؤَيِّدُ ذلك
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في غَيْرِ الْعَامِّيِّ احْتِمَالٌ وما هو بِبَعِيدٍ
وفي نِهَايَةِ بن رَزِينٍ إذَا قال لي عَلَيْك كَذَا فقال نعم أو بَلَى فَمُقِرٌّ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَفْظُ الْإِقْرَارِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّعْوَى
فإذا قال لي عَلَيْك كَذَا فَجَوَابُهُ نعم وكان إقْرَارًا وَإِنْ قال أَلَيْسَ لي عَلَيْك كَذَا كان الْإِقْرَارُ بِ بَلَى
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَائِلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
الثَّالِثَةُ
لو قال أَعْطِنِي ثَوْبِي هذا أو اشْتَرِ ثَوْبِي هذا أو أَعْطِنِي أَلْفًا من الذي لي عَلَيْك أو قال لي عَلَيْك أَلْفٌ أو هل لي عَلَيْك أَلْفٌ
____________________
(12/162)
فقال في ذلك كُلِّهِ نعم أو أَمْهِلْنِي يَوْمًا أو حتى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ أو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أو إلَّا أَنْ أَقُومَ أو في عِلْمِ اللَّهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِهِ في ذلك كُلِّهِ
وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَظُنُّ لم يَكُنْ مقرى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ
فَقَدْ اقر بها وَنَصَّ عليه
وَكَذَا إنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
وهو الْمَذْهَبُ فِيهِمَا
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ في قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ لَا يَكُونُ مقرى بِذَلِكَ فَائِدَةٌ
لو قال بِعْتُك أو زَوَّجْتُك أو قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ كَالْإِقْرَارِ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ كما لو قال أنا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَصَوْمُهُ وَيَكُونُ ذلك تَأْكِيدًا
وقال الْقَاضِي يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْعُقُودُ لِأَنَّ له الرُّجُوعَ بَعْدَ إيجَابِهَا قبل الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ
وقال في الْمُجَرَّدِ في بِعْتُك أو زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ أو بِعْتُك إنْ شِئْت فقال قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لم يَكُنْ مقرى
يَعْنِي إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَكَذَا في نَظَائِرِهِ
____________________
(12/163)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يَصِحُّ في قَوْلِهِ إنْ جاء وَقْتُ كَذَا فعلى لِفُلَانٍ كَذَا وسيحكى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ في نَظِيرَتِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على أَلْفٌ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
يَعْنِي إذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ مقرى
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَنَصَرَهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ مقرى
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فَائِدَةٌ
مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ جاء الْمَطَرُ أو شَاءَ فُلَانٌ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ كان إقْرَارًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(12/164)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أَصْحَابُنَا هو إقْرَارٌ
قال في الْمُحَرَّرِ فَهُوَ إقْرَارٌ وَجْهًا وَاحِدًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَفِيهَا تَخْرِيجٌ في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا
وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ فيها وَجْهَيْنِ
وَذَكَرَ الشَّارِحُ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا
فَيَكُونُ فِيهِمَا وَجْهَانِ فَائِدَةٌ
لو فَسَّرَهُ بِأَجَلٍ أو وَصِيَّةٍ قُبِلَ منه
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجي وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ مقرى
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أَصْحَابُنَا ليس بِإِقْرَارٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والهادى وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ إقْرَارًا
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
____________________
(12/165)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ لم يَكُنْ مقرى
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَنَصَرَهُ
وَقِيلَ يَكُونُ مقرى
اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ شَهِدَ فُلَانٌ فَهُوَ صَادِقٌ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ مقرى في الْحَالِ وَإِنْ لم يَشْهَدْ بها عليه لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُهُ إلَّا مع ثُبُوتِهِ فَيَصِحُّ إذَنْ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ مقرى وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(12/166)
بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ ما يُغَيِّرُهُ
قَوْلُهُ اذا وَصَلَ بِهِ ما يَسْقُطُهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ له عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي أو قَبَضَهُ أو اسْتَوْفَاهُ أو أَلْفٌ من ثَمَنِ خَمْرٍ أو تَكَفَّلْت بِهِ على أَنِّي بِالْخِيَارِ أو أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا أو إلَّا سِتَّمِائَةٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ
منها قَوْلُهُ له عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وحكى احْتِمَالٌ لَا يَلْزَمُهُ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ له عَلَيَّ أَلْفٌ قد قَبَضَهُ أو اسْتَوْفَاهُ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ بِلَا نِزَاعٍ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ له عَلَيَّ أَلْفٌ من ثَمَنِ خمر ( ( ( الخمر ) ) ) أو تَكَفَّلْت بِهِ على أَنِّي بِالْخِيَارِ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
ولم يذكر بن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ غَيْرَهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْأَظْهَرُ يَلْزَمُهُ مع ذِكْرِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
قال بن هُبَيْرَةَ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
____________________
(12/167)
وَقِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في قَوْلِهِ كان له علي وَقَضِيَّتُهُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ من ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قبل قَبْضِهِ أو لم أَقْبِضْهُ أو مُضَارَبَةً تَلِفَتْ وَشَرَطَ على ضَمَانَهَا مِمَّا يَفْعَلُهُ الناس عَادَةً مع فَسَادِهِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
وَيَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ من ثَمَنِ مَبِيعٍ لم أَقْبِضْهُ وقال الْمُقَرُّ له بَلْ دَيْنٌ في ذِمَّتِك
الثَّانِيَةُ
لو قال عَلَيَّ من ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ لم يَلْزَمْهُ وَجْهًا وَاحِدًا
أَعْنِي إذَا قَدَّمَ قَوْلَهُ عَلَيَّ من ثَمَنِ خَمْرٍ علي قَوْلِهِ أَلْفٌ
وَمِنْ مَسَائِلِ الْمُصَنِّفِ لو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا فإنه يَلْزَمُهُ أَلْفٌ قَوْلًا وَاحِدًا
ومنها ( ( ( ومنهما ) ) ) لو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا سِتَّمِائَةٍ فَيَلْزَمُهُ أَلْفٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى أَكْثَرَ من النِّصْفِ
وَقِيلَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعُمِائَةٍ
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ الذي بَعْدَ هذا
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ وإذا قال كان له عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَضَيْته أو قَضَيْت منه خَمْسَمِائَةٍ فقال الْخِرَقِيُّ ليس بِإِقْرَارٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ
وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(12/168)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وقال لم أَجِدْ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً بِغَيْرِ هذا
قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ الْجُمْهُورُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْخَمْسِمِائَةِ مع يَمِينِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْجَمِيعِ
وقال أبو الْخَطَّابِ يَكُونُ مقرى مُدَّعِيًا لِلْقَضَاءِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لم يَقْبِضْ ولم يبرأ ( ( ( يبرئ ) ) ) وَاسْتَحَقَّ
وقال هذا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى
قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَكُونُ مقرى
اخْتَارَهُ إبن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ
فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ وَيُحَلِّفُ خَصْمَهُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وَغَيْرُهُمَا
كَسُكُوتِهِ قبل دَعْوَاهُ انتهى ( ( ( وانتهى ) ) )
قُلْت وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمَذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ أَنَّ ذلك ليس بِجَوَابٍ فَيُطَالَبُ بِرَدِّ الْجَوَابِ
قال في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَهِيَ أَشْهَرُ
____________________
(12/169)
فَوَائِدُ الْأُولَى
لو قال بَرِئْت مِنِّي أو أَبْرَأْتَنِي فَفِيهَا الرِّوَايَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال وَقِيلَ مُقِرٌّ الثَّانِيَةُ
لو قال كان له عَلَيَّ وَسَكَتَ فَهُوَ إقْرَارٌ
قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ ليس بِإِقْرَارٍ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ الثَّالِثَةُ
لو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَضَيْته ولم يَقُلْ كان فَفِيهَا طُرُقٌ لِلْأَصْحَابِ
أَحَدُهَا أَنَّ فيها الرِّوَايَةَ الْأُولَى
وَرِوَايَةَ أبي الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ
وَرِوَايَةً ثَالِثَةً يَكُونُ قد أَقَرَّ بِالْحَقِّ وَكَذَّبَ نَفْسَهُ في الْوَفَاءِ فَلَا يُسْمَعُ منه وَلَوْ أتى بِبَيِّنَةٍ
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بها في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ من ذلك
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ ليس هذا بِجَوَابٍ في هذه الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ كان جَوَابًا في الْأُولَى فَيُطَالَبُ بِرَدِّ الْجَوَابِ
____________________
(12/170)
الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ قَبُولُ قَوْلِهِ هُنَا وَإِنْ لم نَقْبَلْهُ في التي قَبْلَهَا
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ عَكْسُ التي قَبْلَهَا وَهِيَ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ هُنَا وَإِنْ قَبِلْنَاهُ في التي قَبْلَهَا
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ ما دُونَ النِّصْفِ
تَقَدَّمَ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ في بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ
وَيُعْتَبَرُ فيه أَنْ لَا يَسْكُتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ فيه الْكَلَامُ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ في الْيَمِينِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْأَيْمَانِ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال مِثْلُهُ كُلُّ صِلَةِ كَلَامٍ مُغَيِّرٍ له
وَاخْتَارَ أَنَّ الْمُتَقَارِبَ مُتَوَاصِلٌ
وَتَقَدَّمَ هذا مُسْتَوْفًى في آخِرِ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ ما زَادَ عليه
يَعْنِي على النِّصْفِ
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(12/171)
حتى قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ في أُصُولِهِ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابِهِ
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الطَّلَاقِ في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فيه
وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ
قال في النُّكَتِ وقد ذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا وَاخْتَارَهُ فِيمَا إذَا قال له عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ
قال وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ على الْقَوْلِ بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ
قَوْلُهُ وفي اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَجْهَانِ
وَحَكَاهُمَا في الْإِيضَاحِ رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال بن هُبَيْرَةَ الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
____________________
(12/172)
قال إبن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ وَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ اسْتَثْنَى أَكْثَرَهُ لم يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ ما أَقَرَّ بِهِ
فَظَاهِرُهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ
قال في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرِ من النِّصْفِ
فَظَاهِرُهُمَا صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال في الصُّغْرَى يَصِحُّ في الْأَقْيَسِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ
قال الشَّارِحُ وبن منجي في شَرْحِهِ وَشَارِحُ الْوَجِيزِ هذا أَوْلَى
قال الطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِهِ في الْأُصُولِ وَشَرْحِهِ وهو الصَّحِيحُ من مَذْهَبِنَا
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وقال إبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وقال طَائِفَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ فِيمَا لم يَبْلُغْ النِّصْفَ وَالثُّلُثَ
قال وَبِهِ أَقُولُ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى أَيْضًا في بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال له هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ تَسْلِيمُ تِسْعَةٍ فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا فقال هو المستثني فَهَلْ يُقْبَلُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ إبن منجي
____________________
(12/173)
أَحَدِهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَشَارِحُ الْوَجِيزِ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وبن منجي في شَرْحِهِ
قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
لو قَتَلَ أو غَصَبَ الْجَمِيعَ إلَّا وَاحِدًا قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ لِحُصُولِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِينَ أو الْمَغْصُوبِينَ أو رُجُوعِهِمْ لِلْمُقَرِّ له الثَّانِيَةُ
لو قال غَصَبْتُهُمْ إلَّا وَاحِدًا فَمَاتُوا أو قُتِلُوا إلَّا وَاحِدًا صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ
وَإِنْ قال غَصَبْت هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ إلَّا وَاحِدًا صُدِّقَ في تَعْيِينِ الْبَاقِي
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له هذه الدَّارُ إلَّا هذا الْبَيْتَ أو هذه الدَّارُ له وَهَذَا الْبَيْتُ لي قُبِلَ منه
بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ كان أَكْثَرَهَا
وَإِنْ قال له هذه الدَّارُ نِصْفُهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِالنِّصْفِ وكذا نَحْوُهُ
وَإِنْ قال له هذه الدَّارُ وَلِي نِصْفُهَا صَحَّ في الْأَقْيَسِ
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(12/174)
وقال في الصُّغْرَى بَطَلَ في الْأَشْهَرِ
قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ بَطَلَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ على ما تَقَدَّمَ
قال في الْفُرُوعِ وَلَوْ قال هذه الدَّارُ له إلَّا ثُلُثَيْهَا أو إلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا أو إلَّا نِصْفَهَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ لِلْأَكْثَرِ وَالنِّصْفِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أو له عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا فَهَلْ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالتَّلْخِيصِ إذَا قال له عَلَيَّ دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ لم يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ
وقال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا أَوْلَى وَرُدَّ غَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهِ الثَّانِي يَصِحُّ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِوَاوٍ يَرْجِعُ إلَى الْكُلِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ صَحَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ في الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَصِحُّ
____________________
(12/175)
وما قَالُوهُ ليس بِصَحِيحٍ على قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ
بَلْ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ
وَأَمَّا إذَا قال له عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا درهمان ( ( ( درهمين ) ) ) فَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَهُنَا لَا يَصِحُّ بِطَرِيقٍ أَوْلَى
وَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ فَيَتَوَجَّهُ فيها وَجْهَانِ كَالَّتِي قَبْلَهَا هذا ما ظَهَرَ لي
وَإِنْ كان ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ الْإِطْلَاقَ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ الْعَطْفِ بِوَاوٍ يَرْجِعُ إلَى الْكُلِّ
وَقِيلَ إلَى ما يَلِيهِ فَلَوْ قال له عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا فَدِرْهَمٌ على الْأَوَّلِ إنْ صَحَّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَإِلَّا فَاثْنَانِ
وَجَزَمَ أبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِأَنَّهُ يلزمه ( ( ( لزمه ) ) ) دِرْهَمَانِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وهو أَوْلَى
وَصَحَّحَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَرْجِعُ ألى الْجَمِيعِ
وَرَدَّ قَوْلَ من قال إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ وَلُزُومَ دِرْهَمَيْنِ في هذه الْمَسْأَلَةِ
وهو الْمَذْهَبُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ الْخَمْسَةُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وتذكره إبن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
____________________
(12/176)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَإِنْ قال خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا وَجَبَ خَمْسَةٌ على أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ
وَالْوَجْهِ الثَّانِي يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ إبن منجي وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ من الِاسْتِثْنَاءِ فإذا قال له على سَبْعَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ
لِأَنَّهُ من الْإِثْبَاتِ نفى وَمِنْ النفى إثْبَاتٌ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
لِأَنَّهُ أَثْبَتَ سَبْعَةً ثُمَّ نَفَى منها ثَلَاثَةً ثُمَّ أَثْبَتَ وَاحِدًا وبقى من الثَّلَاثَةِ الْمَنْفِيَّةِ دِرْهَمَانِ مُسْتَثْنَيَانِ من السَّبْعَةِ فَيَكُونُ مقرى بِخَمْسَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ عَشَرَةٌ في أَحَدِ الْوُجُوهِ
إنْ بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَالِاسْتِثْنَاءُ من الِاسْتِثْنَاءِ بَاطِلٌ بِعَوْدِهِ إلَى ما قَبْلَهُ لِبُعْدِهِ كَسُكُوتِهِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَهَذَا الْوَجْهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وفي الْآخَرِ يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَبَعَّدَهُ النَّاظِمُ
قال الشَّارِحُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا رَفَعَ الْكُلَّ أو الْأَكْثَرَ سَقَطَ إنْ وَقَفَ عليه
____________________
(12/177)
وَإِنْ وَصَلَهُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ اسْتَعْمَلْنَاهُ
فَاسْتَعْمَلْنَا الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ لِوَصْلِهِ بِالثَّانِي لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مع الْمُسْتَثْنَى عِبَارَةٌ عَمَّا بَقِيَ فإن عَشَرَةً إلَّا دِرْهَمًا عِبَارَةٌ عن تِسْعَةٍ
فإذا قال له على عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ لِأَنَّهُ وَصَلَهَا بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ وَلِذَلِكَ صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ وَالدِّرْهَمَيْنِ لِأَنَّهُ وَصَلَ ذلك بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ وَالِاسْتِثْنَاءُ من الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ
فَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ وَهِيَ نَفْيٌ فَبَقِيَ خَمْسَةٌ وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ إثْبَاتٌ فَعَادَتْ ثَمَانِيَةٌ
وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمَيْنِ وَهِيَ نَفْيٌ فَبَقِيَ سِتَّةٌ
وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمِ لِأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عنه
قال وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ السِّتَّةِ أَنْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ وَالدِّرْهَمِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ وَالِاثْنَيْنِ انْتَهَى
وقال بن منجي في شَرْحِهِ وَعَلَى قَوْلِنَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَلَا يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ من الِاسْتِثْنَاءِ بِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْخَمْسَةِ من الْعَشَرَةِ بَقِيَ خَمْسَةٌ وَاسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ من الْخَمْسَةِ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ فَيَبْطُلُ وَيَلِي قَوْلُهُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ قَوْلَهُ إلَّا خَمْسَةً فَيَصِحُّ فَيَعُودُ من الْخَمْسَةِ الْخَارِجَةِ دِرْهَمَانِ خَرَجَ منها دِرْهَمٌ بِقَوْلِهِ إلَّا درهم ( ( ( درهما ) ) ) بَقِيَ دِرْهَمٌ
فَيُضَمُّ إلَى الْخَمْسَةِ تَكُونُ سِتَّةً انْتَهَى
وهو مُخَالِفٌ لِتَوْجِيهِ الشَّارِحِ في الْوَجْهَيْنِ
وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ وهو مَبْنِيٌّ على صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءَاتِ كُلِّهَا وَالْعَمَلِ بِمَا تؤول ( ( ( تئول ) ) ) إلَيْهِ
فإذا قال عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً نَفَى خَمْسَةً
____________________
(12/178)
فإذا قال إلَّا ثَلَاثَةً عَادَتْ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّهَا إثْبَاتٌ
فإذا قال إلَّا دِرْهَمَيْنِ كانت نَفْيًا فَيَبْقَى سِتَّةٌ
فإذا قال إلَّا دِرْهَمًا كان مُثْبِتًا صَارَتْ سَبْعَةً
قَالَهُ الشَّارِحُ وهو وَاضِحٌ
وقال بن منجي وَعَلَى قَوْلِنَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَلَا يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ من الِاسْتِثْنَاءِ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْخَمْسَةِ من الْعَشَرَةِ لَا يَصِحُّ وَاسْتِثْنَاءَ الدِّرْهَمَيْنِ من الثَّلَاثَةِ لَا يَصِحُّ وَاسْتِثْنَاءَ الدِّرْهَمِ من الدِّرْهَمَيْنِ لَا يَصِحُّ
بَقِيَ قَوْلُهُ إلَّا ثَلَاثَةً صَحِيحًا فَتَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إلَّا عَشَرَةً إلَّا ثَلَاثَةً فَيَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ انْتَهَى
وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى في ذلك
وهو مُخَالِفٌ لِلشَّارِحِ أَيْضًا وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ
قال الشَّارِحُ لِأَنَّهُ يُلْغِي الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِهِ النِّصْفَ
فإذا قال إلَّا ثَلَاثَةً كانت مُثْبَتَةً وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ من الْخَمْسَةِ وقد بَطَلَتْ
فَتَبْطُلُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا وَيَبْقَى الِاثْنَانِ لِأَنَّهَا نَفْيٌ وَالنَّفْيُ يَكُونُ من إثْبَاتٍ وقد بَطَلَ الْإِثْبَاتُ في التي قَبْلَهَا فَتَكُونُ مَنْفِيَّةً من الْعَشَرَةِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدِ من الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ نِصْفٌ انْتَهَى
وقال بن منجي في شَرْحِهِ وَعَلَى قَوْلِنَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ من الِاسْتِثْنَاءِ بِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْخَمْسَةِ لَا يَصِحُّ وإذا لم يَصِحَّ ذلك ولى الْمُسْتَثْنَى منه قَوْلَهُ إلَّا ثَلَاثَةً
فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَهُ لَكِنْ وَلِيَهُ قَوْلُهُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وإذا لم يَصِحَّ وَلِيَ قَوْلُهُ إلَّا دِرْهَمًا قَوْلَهُ إلَّا ثَلَاثَةً فَعَادَ منها الدِّرْهَمُ إلَى السَّبْعَةِ الْبَاقِيَةِ فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ ثَمَانِيَةً انْتَهَى
____________________
(12/179)
فَخَالَفَ الشَّارِحَ أَيْضًا في تَوْجِيهِهِ
وَكَلَامُ الشَّارِحِ أَقْعَدُ
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في النُّكَتِ لِتَوْجِيهِ هذه الْأَوْجُهِ كُلِّهَا وما نَظَرَ عليه منها
وفي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ خَامِسٌ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ إنْ صَحَّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ
جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وقال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْبَهِ إنْ بَطَلَ النِّصْفُ خَاصَّةً فَثَمَانِيَةٌ وَإِنْ صَحَّ فَقَطْ فَخَمْسَةٌ وَإِنْ عَمِلَ بِمَا يؤول ( ( ( يئول ) ) ) إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ فسبعه انْتَهَى
وهو كما قال
وقال في الْمُحَرَّرِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إذَا صَحَّحْنَا اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ خَمْسَةٌ أو سِتَّةٌ على وَجْهَيْنِ
وإذا لم نُصَحِّحْهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ أو ثَمَانِيَةٌ على وَجْهَيْنِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ عَلَيْهِمَا جميعا
وقال في المغنى في مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كُلُّهُ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَصَحَّ في الْآخَرِ فَيَكُونُ مقرى بِسَبْعَةٍ انْتَهَى
وقال في النُّكَتِ على وَجْهِ لُزُومِ الْخَمْسَةِ إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ
لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ صَحِيحٌ وَاسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةٍ من خَمْسَةٍ بَاطِلٌ فَيَبْطُلُ ما بَعْدَهُ
وَعَلَى وَجْهِ لُزُومِ السِّتَّةِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ صَحِيحٌ وَاسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةٍ من خَمْسَةٍ بَاطِلٌ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَاسْتِثْنَاءُ اثْنَيْنِ من خَمْسَةٍ صَحِيحٌ فَصَارَ الْمُقَرُّ بِهِ سَبْعَةً ثُمَّ استثنى من الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ يَبْقَى سِتَّةٌ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْكَلَامُ بِآخِرِهِ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءَاتُ كُلُّهَا فَيَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ وهو وَاضِحٌ
____________________
(12/180)
قال وَأَلْزَمَهُ بَعْضُهُمْ على هذا الْوَجْهِ بِسِتَّةٍ بِنَاءً على أَنَّ الدِّرْهَمَ مَسْكُوتٌ عنه وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ
قال وَفِيهِ نَظَرٌ
وَأَرَادَ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الشَّارِحَ على ما تَقَدَّمَ من تَعْلِيلِهِ
وقال عن وَجْهِ الثَّمَانِيَةِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْخَمْسَةِ بَاطِلٌ وَاسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ من غَيْرِهِ صَحِيحٌ يَبْقَى سَبْعَةٌ وَاسْتِثْنَاءُ الِاثْنَيْنِ بَاطِلٌ وَاسْتِثْنَاءُ وَاحِدٍ من ثَلَاثَةٍ صَحِيحٌ يَزِيدُهُ على سَبْعَةٍ
وقال بَعْضُهُمْ على هذا الْوَجْهِ اسْتِثْنَاءُ خَمْسَةٍ وَثَلَاثَةٍ بَاطِلٌ وَاسْتِثْنَاءُ اثْنَيْنِ من عَشَرَةٍ صَحِيحٌ وَاسْتِثْنَاءُ وَاحِدٍ من اثْنَيْنِ بَاطِلٌ
قال وَفِيهِ نَظَرٌ
وقال عن قَوْلِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ عَلَيْهِمَا جميعا أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ أو لَا
وَهَذَا بِنَاءً على الْوَجْهِ الثَّالِثِ وهو تَصْحِيحُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ كُلِّهَا على ما تَقَدَّمَ
قال وَحِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ هذا الْوَجْهَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ فيها شَيْءٌ وَأَحْسِبُهُ لو قال وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ كان أَوْلَى تَنْبِيهٌ
مبني ذلك إذَا تَخَلَّلَ الِاسْتِثْنَاءَاتِ اسْتِثْنَاءٌ بَاطِلٌ فَهَلْ يُلْغَى ذلك الِاسْتِثْنَاءُ الْبَاطِلُ وما بَعْدَهُ أو يُلْغَى وَحْدَهُ وَيَرْجِعُ ما بَعْدَهُ إلَى ما قَبْلَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى
قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
او يُنْظَرُ إلَى ما يؤول ( ( ( يئول ) ) ) إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ فيه أَوْجُهٌ
____________________
(12/181)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالطُّوفِيُّ في شَرْحِ مُخْتَصَرِهِ في الْأُصُولِ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى لو اسْتَثْنَى ما لَا يَصِحُّ ثُمَّ اسْتَثْنَى منه شيئا بَطَلَا
وَقِيلَ يَرْجِعُ ما بَعْدَ الْبَاطِلِ إلَى ما قَبْلَهُ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ ما يؤول ( ( ( يئول ) ) ) إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ
زَادَ في الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ أو الْأَكْثَرَ وَاسْتَثْنَى من الِاسْتِثْنَاءِ دُونَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ من غَيْرِ الْجِنْسِ نَصَّ عليه فإذا قال له عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا لَزِمَتْهُ الْمِائَةُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا إلَّا ما اسْتَثْنَى
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يلزمه ( ( ( يلزم ) ) ) من رِوَايَةِ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ من الْآخَرِ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ نَوْعٍ من نَوْعٍ آخَرَ
وقال أبو الْخَطَّابِ يلزم ( ( ( لزم ) ) ) من هذه الرِّوَايَةِ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ من غَيْرِ الْجِنْسِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال أبو الْخَطَّابِ لَا فَرْقَ بين الْعَيْنِ وَالْوَرِقِ وَغَيْرِهِمَا فَيَلْزَمُ من صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِهِمَا صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا
قُلْت صَرَّحَ بِذَلِكَ في الْهِدَايَةِ
وقال أبو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ من غَيْرِ الْجِنْسِ تَنْبِيهٌ
قد يُقَالُ دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما لو أَقَرَّ بِنَوْعٍ من جِنْسٍ وَاسْتَثْنَى نَوْعًا
____________________
(12/182)
من آخَرَ كَأَنْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ بَرْنِيِّ وَاسْتَثْنَى مَعْقِلِيًّا وَنَحْوَهُ وهو أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ عَدَمُ الصِّحَّةِ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ هو وبن رَزِينٍ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَيْنًا من وَرِقٍ أو وَرِقًا من عَيْنٍ فَيَصِحُّ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
اخْتَارَهَا أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا يَصِحُّ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالزَّرْكَشِيِّ تَنْبِيهٌ
قال صَاحِبُ الرَّوْضَةِ من الْأَصْحَابِ مبني الرِّوَايَتَيْنِ على أَنَّهُمَا جِنْسٌ أو جِنْسَانِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وما قَالَهُ غَلَطٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ ما قَالَهُ الْقَاضِي في الْعُمْدَةِ وبن عَقِيلٍ في الْوَاضِحِ إنَّهُمَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ في أَشْيَاءَ
____________________
(12/183)
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَمَنْ تَبِعَهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بين الرِّوَايَتَيْنِ بِحَمْلِ رِوَايَةِ الصِّحَّةِ على ما إذَا كان أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عن الْآخَرِ أو يُعْلَمُ قَدْرُهُ منه
وَرِوَايَةُ الْبُطْلَانِ على ما إذَا انْتَفَى ذلك
فَعَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَاضِحِ يَخْتَصُّ الْخِلَافُ في النَّقْدَيْنِ وَعَلَى ما حَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ يَنْتَفِي الْخِلَافُ فَائِدَةٌ
قال في النُّكَتِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْفُلُوسِ من أَحَدِ النَّقْدَيْنِ
قال وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ فيها قَوْلَانِ آخَرَانِ
أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ
وَالثَّانِي جَوَازُهُ مع نِفَاقِهَا خَاصَّةً انْتَهَى
قُلْت وَيَجِيءُ على قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ الصِّحَّةُ بَلْ هِيَ أَوْلَى
قَوْلُهُ وإذا قال له على مِائَةٌ إلَّا دِينَارًا فَهَلْ يَصِحُّ على وَجْهَيْنِ
هُمَا مَبْنِيَّانِ على الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ
وقد عَلِمْت المذهب مِنْهُمَا وهو عَدَمُ الصِّحَّةِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ يَرْجِعُ إلَى سِعْرِ الدِّينَارِ بِالْبَلَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ هو قَوْلُ غَيْرِ أبي الْخَطَّابِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وقال أبو الْخَطَّابِ يَرْجِعُ في تَفْسِيرِ قِيمَتِهِ إلَيْهِ كما لو لم يَكُنْ له سِعْرٌ مَعْلُومٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(12/184)
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
اذا عَلِمْت ذلك فَلَوْ قال له عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ إلَى سِعْرِ الدَّنَانِيرِ بِالْبَلَدِ فَإِنْ كان قِيمَتُهَا ما يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِلَّا فَلَا
وَعَلَى قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ يَرْجِعُ في تَفْسِيرِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ إلَى الْمُقِرِّ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِالنِّصْفِ فَأَقَلَّ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا
قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ
وقال في الْمُنْتَخَبِ إنْ بَقِيَ منه أَكْثَرُ الْمِائَةِ رَجَعَ في تَفْسِيرِ قِيمَتِهِ إلَيْهِ
وَمَعْنَاهُ في التَّبْصِرَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ فيه الْكَلَامُ ثُمَّ قال زُيُوفًا أو صِغَارًا أو إلَى شَهْرٍ لَزِمَهُ أَلْفٌ جِيَادٌ وَافِيَةٌ حَالَّةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ في بَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أو مَغْشُوشَةٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ من دَرَاهِمِ الْبَلَدِ أو من غَيْرِهَا على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
____________________
(12/185)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ من دَرَاهِمِ الْبَلَدِ وهو الْمَذْهَبُ
وهو مُقْتَضَى كَلَامِ بن الزَّاغُونِيِّ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالتَّلْخِيصِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وفي المغنى وَالشَّرْحِ إنْ فَسَّرَ إقْرَارَهُ بِسِكَّةٍ دُونَ سِكَّةِ الْبَلَدِ وَتَسَاوَيَا وَزْنًا فَاحْتِمَالَانِ
وَشَرَطَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا قال صِغَارًا أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ وَإِلَّا لم يُسْمَعْ منه
وَيَأْتِي قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إلَى شَهْرٍ فَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ له التَّأْجِيلَ لَزِمَهُ مُؤَجَّلًا
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ حَالًّا
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ قُبِلَ في الضَّمَانِ وفي غَيْرِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَالنُّكَتِ وَالنَّظْمِ
____________________
(12/186)
أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ في غَيْرِ الضَّمَانِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وقال شَيْخُنَا في حَوَاشِي الْمُحَرَّرِ الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْأَجَلِ
انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ الْقَبُولُ مُطْلَقًا
قال في الْمُنَوِّرِ وَإِنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلٍ أُجِّلَ
وقال إبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَمَنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلٍ صُدِّقَ وَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ يَقْبَلُهُ الْحُلُولُ وَلِمُنْكِرِ التَّأْجِيلِ يَمِينُهُ انْتَهَى
وقال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ الذي يَظْهَرُ قَبُولُ دَعْوَاهُ تَنْبِيهٌ
قال في النُّكَتِ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ قُبِلَ في الضَّمَانِ أَمَّا كَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلُ الْمُقِرِّ في الضَّمَانِ فَلِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ من غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِأَصْلٍ وَلَا ظَاهِرٍ فَقُبِلَ
لِأَنَّ الضَّمَانَ ثُبُوتُ الْحَقِّ في الذِّمَّةِ فَقَطْ
وَمِنْ أَصْلِنَا صِحَّةُ ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا
وَأَمَّا إذَا كان السَّبَبُ غير ضَمَانٍ كَبَيْعٍ وَغَيْرِهِ فَوَجْهُ قَوْلِ الْمُقِرِّ في التَّأْجِيلِ أَنَّهُ سَبَبٌ يَقْبَلُ الْحُلُولَ وَالتَّأْجِيلَ فَقُبِلَ قَوْلُهُ فيه كَالضَّمَانِ
وَوَجْهُ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ أَنَّهُ سَبَبٌ مُقْتَضَاهُ الْحُلُولُ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَأَصْلِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ الضَّمَانَ
قال وَهَذَا ما ظَهَرَ لي من جُلِّ كَلَامِهِ
وقال بن عبد الْقَوِيِّ بَعْدَ نَظْمِ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ الذي يَقْوَى عِنْدِي أَنَّ مُرَادَهُ يُقْبَلُ في الضَّمَانِ أَيْ يَضْمَنُ ما أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عليه فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ ثَمَنُ مَبِيعٍ أو أُجْرَةٍ لِيَكُونَ بِصَدَدِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ هو أو بَعْضُهُ إنْ تَعَذَّرَ قَبْضُ ما ادَّعَاهُ
____________________
(12/187)
أو بَعْضِهِ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ كَذَلِكَ فَأَشْبَهَ ما إذَا أَقَرَّ بِمِائَةٍ سِكَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أو نَاقِصَةٍ
قال إبن عبد الْقَوِيِّ وَقِيلَ بَلْ مُرَادُهُ نَفْسُ الضَّمَانِ أَيْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ ضَامِنٌ ما أَقَرَّ بِهِ عن شَخْصٍ حتى إنْ بريء منه بريء الْمُقِرُّ وَيُرِيدُ بِغَيْرِهِ سَائِرَ الْحُقُوقِ انْتَهَى كَلَامُ إبن عبد الْقَوِيِّ
قال في النُّكَتِ وَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ دَرَاهِمُ نَاقِصَةٌ لَزِمَتْهُ نَاقِصَةً
هذا الْمَذْهَبُ
قال الشَّارِحُ لَزِمَتْهُ نَاقِصَةً وَنَصَرَهُ
وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وبن رَزِينٍ
وقال الْقَاضِي إذَا قال له عَلَيَّ دَرَاهِمُ نَاقِصَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ
وَإِنْ قال صِغَارًا وَلِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ قُبِلَ قَوْلُهُ
وَإِنْ لم يَكُنْ له دَرَاهِمُ صِغَارٌ لَزِمَهُ وَازِنَةٌ كما لو قال دُرَيْهِمٌ فإنه يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَازِنٌ
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ قال صِغَارٌ قُبِلَ بِنَاقِصَةٍ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ يقبل ( ( ( قبل ) ) ) وَلِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِنْ قال نَاقِصَةٌ لَزِمَهُ من دَرَاهِمِ الْبَلَدِ
قال في الْهِدَايَةِ وَجْهًا وَاحِدًا فَائِدَةٌ
لو قال له عَلَيَّ دَرَاهِمُ وَازِنَةٌ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ
____________________
(12/188)
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ أو وَازِنَةٌ فَقَطْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَإِنْ قال دَرَاهِمُ عَدَدًا لَزِمَهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
فَإِنْ كان بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بها عَدَدًا أو أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ فَالْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ من دَرَاهِمِ الْبَلَدِ
وَلَوْ قال عَلَيَّ دِرْهَمٌ أو دِرْهَمٌ كَبِيرٌ أو دُرَيْهِمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إسْلَامِيٌّ وَازِنٌ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في دُرَيْهِمٌ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عِنْدِي رَهْنٌ وقال الْمَالِكُ بَلْ وَدِيعَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ مع يَمِينِهِ
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بن سَعِيدٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَفِيهِ تَخْرِيجٌ من قَوْلِهِ
كان له عَلَيَّ وَقَبَضْته
ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ من ثَمَنِ مَبِيعٍ لم أَقْبِضْهُ وقال الْمُقَرُّ له بَلْ دَيْنٌ في ذِمَّتِك فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
____________________
(12/189)
أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ له في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ شَارِحُ الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ
قال بن منجي في شَرْحِهِ هذا أَوْلَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عِنْدِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِدَيْنٍ أو وَدِيعَةٍ قُبِلَ منه
بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو قال له عِنْدِي وَدِيعَةٌ رَدَّدْتهَا إلَيْهِ أو تَلِفَتْ لَزِمَهُ ضَمَانُهَا ولم يُقْبَلْ قَوْلُهُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَاخْتَارَهُ بن رَزِينٍ
وقال الْقَاضِي يُقْبَلُ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ لم يُقْبَلْ
هذا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْخِرَقِيِّ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ
____________________
(12/190)
قال الْقَاضِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ على تَأْوِيلِ على حِفْظُهَا أو رَدُّهَا وَنَحْوَ ذلك تَنْبِيهٌ
مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يُفَسِّرْهُ مُتَّصِلًا
فَإِنْ فَسَّرَهُ بِهِ مُتَّصِلًا قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا
لَكِنْ إنْ زَادَ في الْمُتَّصِلِ وقد تَلِفَتْ لم يُقْبَلْ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ الْأَمَانَةَ وَلَا مَانِعَ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
لو أَحْضَرَهُ وقال هو هذا وهو وَدِيعَةٌ فَفِي قَبُولِ الْمُقَرِّ له أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَظَاهِرُ المغنى وَالشَّرْحِ الْإِطْلَاقُ
أحدهما لَا يُقْبَلُ
ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عن الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْبَلُ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَقَدَّمَهُ إبن رَزِينٍ وَالْكَافِي وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وهو مُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ
____________________
(12/191)
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ
لو قال له عِنْدِي مِائَةٌ وَدِيعَةٌ بِشَرْطِ الضَّمَانِ لَغَا وَصْفُهُ لها بِالضَّمَانِ وَبَقِيَتْ على الْأَصْلِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له من مَالِي أو في مَالِي أو في مِيرَاثِي من أبي أَلْفٌ أو نِصْفُ دَارِي هذه وَفَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ وقال بَدَا لي في تَقْبِيضِهِ قُبِلَ
وهو الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في الْأُولَى
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ في غَيْرِ الْأُولَى
وَذَكَرَ في الْمُحَرَّرِ أَيْضًا في قَوْلِهِ له من مَالِي أَلْفٌ أو له نِصْفُ مَالِي إنْ مَاتَ ولم يُفَسِّرْهُ فَلَا شَيْءَ له
وَذَكَرَ في الْوَجِيزِ إنْ قال له من مَالِي أو في مَالِي أو في مِيرَاثِي أَلْفٌ أو نِصْفُ دَارِي هذه إنْ مَاتَ ولم يُفَسِّرْهُ لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
وهو قَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ
وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ في بَقِيَّةِ الصُّوَرِ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ في قَوْلِهِ له نِصْفُ دَارِي يَكُونُ هِبَةً وَتَقَدَّمَ
____________________
(12/192)
وقال في التَّرْغِيبِ في الْوَصَايَا هذا من مَالِي له وَصِيَّةٌ وهذا له إقْرَارٌ ما لم يَتَّفِقَا على الْوَصِيَّةِ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ في قَوْلِهِ له أَلْفٌ في مَالِي يَصِحُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ اسْتَحَقَّ بِسَبَبٍ سَابِقٍ ومن مَالِي وَعْدٌ
قال وقال أَصْحَابُنَا لَا فَرْقَ بين من وفي في أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ في تَفْسِيرِهِ وَلَا يَكُونُ إقْرَارًا إذَا أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ أخبره لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ منه تَنْبِيهٌ
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لم يُفَسِّرْهُ بِالْهِبَةِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وهو صَحِيحٌ
وهو الْمَذْهَبُ وَالصَّحِيحُ من الرِّوَايَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ صَحَّ على الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَلَوْ فَسَّرَهُ بِدَيْنٍ أو وَدِيعَةٍ أو وَصِيَّةٍ صَحَّ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ
قال في التَّرْغِيبِ وهو الْمَشْهُورُ لِلتَّنَاقُضِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
لو زَادَ على ما قَالَهُ أو لا بِحَقٍّ لَزِمَنِي صَحَّ الْإِقْرَارُ على الرِّوَايَتَيْنِ
قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ صَحَّ على الْأَصَحِّ الثَّانِيَةُ
لو قال دَيْنِي الذي على زَيْدٍ لِعَمْرٍو ففيه ( ( ( فيه ) ) ) الْخِلَافُ السَّابِقُ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له في مِيرَاثِ أبي أَلْفٌ فَهُوَ دَيْنٌ على التَّرِكَةِ
____________________
(12/193)
هذا الْمَذْهَبُ
فَلَوْ فَسَّرَهُ بِإِنْشَاءِ هِبَةٍ لم يُقْبَلْ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في التَّرْغِيبِ إذَا قال له في هذا الْمَالِ أو في هذه التَّرِكَةِ أَلْفٌ يَصِحُّ وَيُفَسِّرُهَا
قال وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكَهُ
فَلَوْ قال الشَّاهِدُ أَقَرَّ وكان مِلْكَهُ إلَى أَنْ أَقَرَّ أو قال هذا مِلْكِي إلَى الْآنَ وهو لِفُلَانٍ فَبَاطِلٌ
وَلَوْ قال هو لِفُلَانٍ وما زَالَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت لَزِمَهُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ
وكذلك قال الْأَزَجِيُّ
قال وَلَوْ قال دَارِي لِفُلَانٍ فَبَاطِلٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له هذه الدَّارُ عَارِيَّةً ثَبَتَ لها حُكْمُ الْعَارِيَّةِ
وَكَذَا لو قال له هذه الدَّارُ هِبَةً أو سُكْنَى
وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ في الْأُولَى
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فِيهِمَا والمغنى وَالشَّرْحِ وزاد قَوْلَ الْقَاضِي لِأَنَّ هذا بَدَلُ اشْتِمَالٍ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ من غَيْرِ الْجِنْسِ
قال الْقَاضِي في هذا وَجْهٌ لَا يَصِحُّ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ عليه مَنْعُ قَوْلِهِ له هذه الدَّارُ ثُلُثَاهَا
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ صِحَّتَهُ فَائِدَةٌ
لو قال هِبَةً سُكْنَى أو هِبَةً عَارِيَّةً عُمِلَ بِالْبَدَلِ
____________________
(12/194)
وقال بن عَقِيلٍ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بُطْلَانُ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِلرَّقَبَةِ وَبَقَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ وهو بَاطِلٌ عِنْدَنَا فَيَكُونُ مقرى بِالرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ أو رَهَنَ وَأَقْبَضَ أو أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أو غَيْرِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ وقال ما قَبَضْت وَلَا أَقْبَضْت وَسَأَلَ إحْلَافَ خَصْمِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَحَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ في بَعْضِ كُتُبِهِ رِوَايَتَيْنِ
وفي بَعْضِهَا وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ
وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَلَهُ تَحْلِيفُهُ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
بَلْ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
ذَكَرَهُ في أَوَائِلِ بَابِ الرَّهْنِ من المغنى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ
____________________
(12/195)
نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَلَا يُشْبِهُ من أَقَرَّ بِبَيْعٍ وَادَّعَى تَلْجِئَةً إنْ قُلْنَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَعْنًى آخَرَ لم يَنْفِ ما أَقَرَّ بِهِ فَائِدَةٌ
لو أَقَرَّ بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ أو إقْبَاضٍ ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَهُ وَأَنَّهُ أَقَرَّ يَظُنُّ الصِّحَّةَ كُذِّبَ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ له
فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هو بِبُطْلَانِهِ
وَكَذَا إنْ قُلْنَا تُرَدُّ الْيَمِينُ فَحَلَفَ الْمُقِرُّ
ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ شيئا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْمَبِيعَ لِغَيْرِهِ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ على الْمُشْتَرِي ولم يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ وَلَزِمَتْهُ غَرَامَتُهُ لِلْمُقَرِّ له
لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عليه بِالْبَيْعِ
وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَهُ أو أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لم يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْته بَعْدُ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ
لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ في مَالِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً فَيُقْبَلُ ذلك فَإِنْ كان قد أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ أو قال قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي أو نَحْوَهُ لم تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا
____________________
(12/196)
لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِخِلَافِ ما أَقَرَّ بِهِ
قَالَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فَائِدَةٌ
لو أَقَرَّ بِحَقٍّ لِآدَمِيٍّ أو بِزَكَاةٍ أو كَفَّارَةٍ لم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ
وَقِيلَ إنْ أَقَرَّ بِمَا لم يَلْزَمْهُ حُكْمُهُ صَحَّ رُجُوعُهُ
وَعَنْهُ في الْحُدُودِ دُونَ الْمَالِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال غَصَبْت هذا الْعَبْدَ من زَيْدٍ لَا بَلْ من عَمْرٍو أو مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته من زَيْدٍ لَا بَلْ من عَمْرٍو لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَى زَيْدٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ دَفَعَهُ لِزَيْدٍ وَإِلَّا صَحَّ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو
وَقِيلَ لَا إقْرَارَ مع اسْتِدْرَاكٍ مُتَّصِلٍ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو الصَّوَابُ فَائِدَةٌ
مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال غَصَبْته من زَيْدٍ وَغَصَبَهُ هو من عَمْرٍو أو هذا لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو
____________________
(12/197)
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على هذه الْأَخِيرَةِ
وَأَمَّا إذَا قال مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته من زَيْدٍ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَى زَيْدٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ إبن منجي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وقال هذا الْأَشْهَرُ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَى عَمْرٍو وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ الْعَبْدُ لِزَيْدٍ وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شيئا
ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَائِدَةٌ
لو قال غَصَبْته من زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو فَجَزَمَ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لِزَيْدٍ ولم يَغْرَمْ لِعَمْرٍو شيئا
قال في الرِّعَايَتَيْنِ أَخَذَهُ زَيْدٌ ولم يَضْمَنْ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شيئا في الْأَشْهَرِ
انْتَهَى
وَقِيلَ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو كَالَّتِي قَبْلَهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ والحاوى الصَّغِيرِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ قال مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته من زَيْدٍ دَفَعَهُ إلَى زَيْدٍ وَقِيمَتَهُ إلَى عَمْرٍو
____________________
(12/198)
وَهَذَا مُوَافِقٌ لِإِحْدَى النُّسْخَتَيْنِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال غَصَبْته من أَحَدِهِمَا أُخِذَ بِالتَّعْيِينِ فَيَدْفَعُهُ إلَى من عَيَّنَهُ وَيَحْلِفُ الْآخَرُ
بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ قال لَا أَعْلَمُ عَيْنَهُ فَصَدَّقَاهُ اُنْتُزِعَ من زَيْدٍ وَكَانَا خَصْمَيْنِ فيه وَإِنْ كَذَّبَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ
فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِمَنْ هو مِنْهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا من الْأَصْحَابِ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ الْمَغْصُوبُ منه تَوَجَّهَتْ عليه الْيَمِينُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لم يَغْصِبْهُ منه
قُلْت قد تَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ الدَّعَاوَى فِيمَا إذَا كانت الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رَجُلَانِ دَارًا في يَدِ غَيْرِهِمَا شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا فَالْمُقَرُّ بِهِ بَيْنَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ إنْ أَضَافَا الشَّرِكَةَ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ أو إرْثٍ وَنَحْوِهِمَا فَالنِّصْفُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَا
زَادَ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ ولم يَكُونَا قَبَضَاهُ بَعْدَ الْمِلْكِ له
____________________
(12/199)
وَتَابَعَهُمَا في الْوَجِيزِ على ذلك
وَعَزَاهُ في الْمُحَرَّرِ إلَى الْقَاضِي
قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وهو الْمَذْهَبُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال في مَرَضِ مَوْتِهِ هذا الْأَلْفُ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ وَلَا مَالَ له غَيْرُهُ لَزِمَ الْوَرَثَةَ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ
هذا رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وحكى عن الْقَاضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الصَّدَقَةُ بِجَمِيعِهِ
وهو الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى
وهو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ صَدَّقُوهُ أو لَا
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَصَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ بِالتَّصَدُّقِ بِثُلُثِهَا إنْ قُلْنَا تُمْلَكُ اللُّقَطَةُ
قَوْلُهُ واذا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ مِائَةً فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَأَقَرَّ ابْنُهُ له بها ثُمَّ ادَّعَاهَا آخَرُ فَأَقَرَّ له فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُهَا لِلثَّانِي
هذا الْمَذْهَبُ
وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
قال الشَّارِحُ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال هذه الدَّارُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو انْتَهَى
____________________
(12/200)
وقد تَقَدَّمَ قَرِيبًا حُكْمُ هذه الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ في غَرَامَتِهَا لِلثَّانِي خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بها لَهُمَا مَعًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا
قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ على الْمَيِّتِ مِائَةً دَيْنًا فَأَقَرَّ له ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ مِثْلَ ذلك فَأَقَرَّ له فَإِنْ كان في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَهِيَ بَيْنَهُمَا
يَعْنِي إذَا كانت الْمِائَةُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْفُرُوعِ قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اشْتِرَاكُهُمَا إنْ تَوَاصَلَ الْكَلَامُ بِإِقْرَارَيْهِ وَإِلَّا فَلَا
وَقِيلَ هِيَ لِلْأَوَّلِ
وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا في مَجْلِسَيْنِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي
هذا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا بِالِاشْتِرَاكِ
يَعْنِي سَوَاءٌ كان في مَجْلِسٍ أو مَجْلِسَيْنِ كَإِقْرَارِ مَرِيضٍ لَهُمَا
وقال الْأَزَجِيُّ أَيْضًا لو خَلَّفَ أَلْفًا فَادَّعَى إنْسَانٌ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِهَا فَأَقَرَّ له ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ أَلْفًا دَيْنًا فَأَقَرَّ له فللموصي له ثُلُثُهَا وَبَقِيَّتُهَا لِلثَّانِي
وَقِيلَ كُلُّهَا لِلثَّانِي
____________________
(12/201)
وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا مَعًا احْتَمَلَ أَنَّ رُبْعَهَا لِلْأَوَّلِ وَبَقِيَّتَهَا لِلثَّانِي انْتَهَى
قُلْت على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يعايي بها
قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ مِائَةً دَيْنًا على الْمَيِّتِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَأَنْكَرَ الاخر لَزِمَ الْمُقِرَّ نِصْفُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَيَحْلِفُ الْغَرِيمُ مع شَهَادَتِهِ وَيَأْخُذُ مِائَةً وَتَكُونُ الْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ بين الِابْنَيْنِ
تَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ على مَوْرُوثِهِمْ بِدَيْنٍ لَزِمَهُمْ قَضَاؤُهُ من التَّرِكَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَعَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْ الْقِيمَةِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فقال أَحَدُ الِابْنَيْنِ أبي أَعْتَقَ هذا في مَرَضِهِ فقال الْآخَرُ بَلْ أَعْتَقَ هذا الاخر عَتَقَ من كل وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَصَارَ لِكُلِّ إبن سُدُسُ الذي أَقَرَّ بِعِتْقِهِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ الْآخَرِ
وَإِنْ قال أَحَدُهُمَا أبي أَعْتَقَ هذا وقال الْآخَرُ أبي أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا لَا أَدْرِي من مِنْهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا
فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ على الذي اعْتَرَفَ الِابْنُ بِعِتْقِهِ عَتَقَ منه ثُلُثَاهُ إنْ لم يُجِيزَا عِتْقَهُ كَامِلًا
وَإِنْ وَقَعَتْ على الْآخَرِ كان حُكْمُهُ حُكْمَ ما لو عَيَّنَ الْعِتْقَ في الْعَبْدِ الثَّانِي سَوَاءٌ
قال الشَّارِحُ هذه الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ على أَنَّ الْعِتْقَ كان في مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ أو بِالْوَصِيَّةِ وهو كما قال
____________________
(12/202)
وَقُوَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تعطى ذلك من قَوْلِهِ عَتَقَ من كل وَاحِدٍ ثُلُثُهُ
وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ صَحِيحَةٌ لَا أَعْلَمُ فيها خِلَافًا
لَكِنْ لو رَجَعَ الِابْنُ الذي جَهِلَ عَيْنَ الْمُعْتَقَ وقال قد عَرَفْته قبل الْقُرْعَةِ فَهُوَ كما لو عَيَّنَهُ ابْتِدَاءً من غَيْرِ جَهْلٍ
وَإِنْ كان بَعْدَ الْقُرْعَةِ فَوَافَقَهَا تَعْيِينُهُ لم يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ
وَإِنْ خَالَفَهَا عَتَقَ من الذي عَيَّنَهُ ثُلُثُهُ بِتَعْيِينِهِ
فَإِنْ عَيَّنَ الذي عَيَّنَهُ أَخُوهُ عَتَقَ ثُلُثَاهُ
وَإِنْ عَيَّنَ الْآخَرَ عَتَقَ منه ثُلُثُهُ
وَهَلْ يَبْطُلُ الْعِتْقُ في الذي عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ
____________________
(12/203)
بَابٌ الْإِقْرَارُ بِالْمُجْمَلِ
قَوْلُهُ إذَا قال له عَلَيَّ شَيْءٌ أو كَذَا قِيلَ له فَسِّرْ فَإِنْ أَبَى حُبِسَ حتى يُفَسِّرَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ
وقال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي يُجْعَلُ نَاكِلًا وَيُؤْمَرُ الْمُقِرُّ له بِالْبَيَانِ فَإِنْ بَيَّنَ شيئا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ له ثَبَتَ وَإِلَّا جُعِلَ نَاكِلًا وَحَكَمَ عليه بِمَا قَالَهُ الْمُقِرُّ
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فَائِدَةٌ
مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال له عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا
وقال الْأَزَجِيُّ إنْ كَرَّرَ بِوَاوٍ فَلِلتَّأْسِيسِ لَا لِلتَّأْكِيدِ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ أَخَذَ وَارِثُهُ بِمِثْلِ ذلك وَإِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ شيئا يُقْضَى منه
____________________
(12/204)
وَإِنْ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَدِّ قَذْفٍ وَإِلَّا فَلَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إنْ صَدَّقَ الْوَارِثُ مَوْرُوثَهُ في إقْرَارِهِ أُخِذَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي إنْ أَبَى الْوَارِثُ أَنْ يُفَسِّرَهُ وقال لَا عِلْمَ لي بِذَلِكَ حَلَفَ وَلَزِمَهُ من التَّرِكَةِ ما يَقَعُ عليه الِاسْمُ كما في الْوَصِيَّةِ لِفُلَانٍ بِشَيْءٍ
قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ
قال في النُّكَتِ عن اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ هذا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ على الْمَذْهَبِ لَا قَوْلًا ثَالِثًا لِأَنَّهُ يَبْعُدُ جِدًّا على الْمَذْهَبِ إذَا ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ
قال وَلَوْ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ أو فَعَلَى الْأَوَّلِ وَذَكَرَ ما ذَكَرَهُ كان أَوْلَى فَائِدَةٌ
لو ادَّعَى الْمُقِرُّ قبل مَوْتِهِ عَدَمَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِ ما أَقَرَّ بِهِ وَحَلَفَ
فقال في النُّكَتِ لم أَجِدْهَا في كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَّا ما ذَكَرَهُ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ في شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ
فإنه قال وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ كَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَعْلَمَ كَالْوَارِثِ
____________________
(12/205)
وَهَذَا الذي قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ ليس في كَلَامِ الْأَصْحَابِ ما يُخَالِفُهُ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ النُّكَتِ
وَتَابَعَ في الْفُرُوعِ صَاحِبَ الشَّرْحِ وَذَكَرَ الِاحْتِمَالَ وَالِاقْتِصَارَ عليه
قُلْت وَهَذَا الِاحْتِمَالُ عَيْنُ الصَّوَابِ
قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أو مَالٍ قُبِلَ وَإِنْ قَلَّ
بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا ليس بِمَالٍ كَقِشْرِ جَوْزَةٍ أو مَيْتَةٍ أو خَمْرٍ لم يُقْبَلْ
هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَكَذَا لو فَسَّرَهُ بِحَبَّةِ بُرٍّ أو شَعِيرٍ أو خِنْزِيرٍ أو نَحْوِهَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْأَزَجِيُّ في قَبُولِ تَفْسِيرِهِ بِالْمَيِّتَةِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ الْخِلَافُ في كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ
وقال في التَّلْخِيصِ وَإِنْ قال حَبَّةُ حِنْطَةٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الْوَجْهَيْنِ في حَبَّةِ حِنْطَةٍ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ أَنَّ فيه قَوْلًا بِالْقَبُولِ مُطْلَقًا
فإنه قال بَعْدَ ذِكْرِ ذلك وَقِيلَ يُقْبَلُ
وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وزاد أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ وأن قِلَّتَهُ لَا تَمْنَعُ طَلَبَهُ وَالْإِقْرَارَ بِهِ
لَكِنْ شَيْخُنَا في حَوَاشِي الْفُرُوعِ تَرَدَّدَ هل يَعُودُ الْقَوْلُ إلَى حَبَّةِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ
____________________
(12/206)
فَقَطْ أو يَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ فَدَخَلَ في الْخِلَافِ الْمَيْتَةُ وَالْخَمْرُ
وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ حَكَى الْخِلَافَ في الْحَبَّةِ ولم يذكر في الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ خِلَافًا
انْتَهَى
قُلْت الذي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ في الْجَمِيعِ
وفي كَلَامِهِ ما يَدُلُّ على ذلك
فإن من جُمْلَةِ الصُّوَرِ التي مَثَّلَ بها غير الْمُتَمَوَّلِ قِشْرَ الْجَوْزَةِ وَلَا شَكَّ أنها أَكْبَرُ من حَبَّةِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ يحكى فيها الْخِلَافَ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ الذي ليس بِمَالٍ كَقِشْرِ الْجَوْزَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ الثَّانِيَةُ
لو فَسَّرَهُ بِرَدِّ السَّلَامِ أو تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ أو عِيَادَةِ الْمَرِيضِ أو إجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَنَحْوِهِ لم يُقْبَلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ
وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ أو حَدِّ قَذْفٍ
يَعْنِي الْمُقِرَّ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
إذَا فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/207)
أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْبَلُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ تَنْبِيهٌ
مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْكَلْبِ الْمُبَاحِ نَفْعُهُ
فَأَمَّا إنْ كان غير مُبَاحِ النَّفْعِ لم يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ الْخِلَافَ في الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ كما تَقَدَّمَ عنه فَائِدَةٌ
مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو فَسَّرَهُ بِجِلْدِ مَيْتَةٍ تَنَجَّسَ بِمَوْتِهَا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قبل دَبْغِهِ وَبَعْدَهُ
وَقِيلَ وَقُلْنَا لَا يَطْهُرُ
وقال في الصُّغْرَى قبل دَبْغِهِ وَبَعْدَهُ وَقُلْنَا لَا يَطْهُرُ من غَيْرِ حِكَايَةِ قَوْلٍ وَأَمَّا إذَا فَسَّرَهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في قَبُولِهِ بِهِ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/208)
وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ في الْوَارِثِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى
وَصَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ شَارِحُ الْوَجِيزِ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْقَبُولِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وقال في النُّكَتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فيه مَبْنِيًّا على الْخِلَافِ في كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى
فَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةٌ
لو قال له على بَعْضُ الْعَشَرَةِ فَلَهُ تَفْسِيرُهُ بِمَا شَاءَ منها
وَإِنْ قال شَطْرُهَا فَهُوَ نِصْفُهَا
وَقِيلَ ما شَاءَ
ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال غَصَبْت منه شيئا ثُمَّ فَسَّرَهُ بِنَفْسِهِ أو وَلَدِهِ لم يُقْبَلْ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ في نَفْسِهِ وَاقْتَصَرُوا عليه
وَقِيلَ يقبل ( ( ( بل ) ) ) تَفْسِيرُهُ بِوَلَدِهِ
____________________
(12/209)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ في الْوَلَدِ
وَجَزَمُوا بِعَدَمِ الْقَبُولِ في النَّفْسِ أَيْضًا فَوَائِدُ إحْدَاهَا
لو فَسَّرَهُ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ قُبِلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في المغنى قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا يُبَاحُ نَفْعُهُ
وقال في الْكَافِي هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا
قال الْأَزَجِيُّ إنْ كان الْمُقَرُّ له مُسْلِمًا لَزِمَهُ إرَاقَةُ الْخَمْرِ وَقَتْلُ الْخِنْزِيرِ الثَّانِيَةُ
لو قال غَصَبْتُك قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِحَبْسِهِ وَسَجْنِهِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْكَافِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ قد يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ إنْ قال غَصَبْتُك ولم يَقُلْ شيئا يُقْبَلُ بِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ عِنْدَ الْقَاضِي قال
وَعِنْدِي لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْغَصْبَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِمَا هو مُلْتَزَمٌ شَرْعًا
وَذَكَرَهُ في مَكَان آخَرَ عن بن عَقِيلٍ الثَّالِثَةُ
لو قال له عَلَيَّ مَالٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَالْأَشْبَهُ وَبِأُمِّ وَلَدٍ
قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَاقْتَصَرَا عليه لِأَنَّهَا مَالٌ كَالْقِنِّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال قُلْت وَيَحْتَمِلُ رَدَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ أو خَطِيرٌ أو كَثِيرٌ
____________________
(12/210)
أو جَلِيلٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
هذا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في التَّلْخِيصِ قُبِلَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزِيدَ شيئا أو يُبَيِّنَ وَجْهَ الْكَثْرَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْعُرْفُ وَإِنْ لم يَنْضَبِطْ كَيَسِيرِ اللُّقَطَةِ وَالدَّمِ الْفَاحِشِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرْجِعُ إلَى عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ على أَقَلِّ مُحْتَمَلَاتِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ عِظَمَهُ عِنْدَهُ لِقِلَّةِ مَالٍ أو خِسَّةِ نَفْسِهِ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِالْقَلِيلِ وَإِلَّا فَلَا
قال في النُّكَتِ وهو مَعْنَى قَوْلِ إبن عبد الْقَوِيِّ في نَظْمِهِ انْتَهَى
وَاخْتَارَ إبن عَقِيلٍ في مَالٍ عَظِيمٍ أَنَّهُ يلزمه ( ( ( لزمه ) ) ) نِصَابُ السَّرِقَةِ
وقال خَطِيرٌ ونفيس صِفَةٌ لَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهَا كَ سَلِيمٌ
وقال في عَزِيزٌ يُقْبَلُ في الْأَثْمَانِ الثِّقَالِ أو الْمُتَعَذِّرِ وُجُودُهُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ
وَلِهَذَا اعْتَبَرَ أَصْحَابُنَا الْمَقَاصِدَ وَالْعُرْفَ في الْأَيْمَانِ وَلَا فَرْقَ
قال وَإِنْ قال عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ قُبِلَ بِالْقَلِيلِ وَإِنْ قال عَظِيمٌ عِنْدِي اُحْتُمِلَ كَذَلِكَ وَاحْتُمِلَ يُعْتَبَرُ حَالُهُ
____________________
(12/211)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهَا بِثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
كَقَوْلِهِ له على دَرَاهِمُ ولم يَقُلْ كَثِيرَةٌ نَصَّ عليه
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يَلْزَمُهُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَوْقَ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ اللُّغَةُ وقال إبن عَقِيلٍ لَا بُدَّ لِلْكَثْرَةِ من زِيَادَةٍ وَلَوْ دِرْهَمٌ إذْ لَا حَدَّ لِلْوَضْعِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
وفي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ احْتِمَالُ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْقَلِيلِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ في قَوْلِهِ على دَرَاهِمُ يَلْزَمُهُ فَوْقَ عَشَرَةٍ فَائِدَةٌ
لو فَسَّرَ ذلك بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وَزَعْفَرَانٍ وَنَحْوِهِمَا فَفِي قَبُولِهِ احْتِمَالَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ بِذَلِكَ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالثَّانِي يُقْبَلُ بِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على كَذَا دِرْهَمٌ أو كَذَا وَكَذَا أو كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ
إذَا قال له على كَذَا دِرْهَمٌ أو كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
____________________
(12/212)
وَكَذَلِكَ لو قال كَذَا كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ
وَيَأْتِي لو قال كَذَا أو كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَإِنْ قال كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ إبن منجي وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ أَيْضًا
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَبَعْضُ آخَرَ يُفَسِّرُهُ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال بِالْخَفْضِ لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ يَرْجِعُ في تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ
يَعْنِي لو قال له على كَذَا دِرْهَمٍ أو كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٍ أو كَذَا كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ إنْ كَرَّرَ الْوَاوَ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ
وَبَعْضُ آخَرَ يَرْجِعُ في تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ
____________________
(12/213)
فَائِدَةٌ
لو قال ذلك وَوَقَفَ عليه فَحُكْمُهُ حُكْمُ ما لو قَالَهُ بِالْخَفْضِ
جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِبَعْضِ دِرْهَمٍ
وَعِنْدَ الْقَاضِي يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ
وقال في النُّكَتِ وَيَتَوَجَّهُ مُوَافَقَةُ الْأَوَّلِ في الْعَالِمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَمُوَافَقَةُ الثَّانِي في الْجَاهِلِ بها
قَوْلُهُ وَإِنْ قال كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ
وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في عَرَبِيٍّ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيِّزُهُ
وَعَلَى هذا الْقِيَاسِ في جَاهِلِ الْعُرْفِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ فقال إبن حَامِدٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ
كما اخْتَارَهُ في الرَّفْعِ
وهو الْمَذْهَبُ هُنَا أَيْضًا
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/214)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ
كما اخْتَارَهُ في الرَّفْعِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ آخَرَ
وَكَذَا في الْخَفْضِ فإنه مَرَّةً قَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ
وفي مَوْضِعٍ آخَرَ قَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَبَعْضُ آخَرَ
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَبَعْضُ آخَرَ
وَأَطْلَقَهُنَّ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ هُنَا دِرْهَمَانِ وَيَلْزَمُهُ فِيمَا إذَا قال بِالرَّفْعِ دِرْهَمٌ
وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ في ذلك كُلِّهِ إذَا كان لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على أَلْفٌ رَجَعَ في تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَجْنَاسٍ قُبِلَ منه
بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو فَسَّرَهُ بِنَحْوِ كِلَابٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَصَحَّحَ إبن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الْمَالِ
____________________
(12/215)
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ أو أَلْفٌ وَدِينَارٌ أو أَلْفٌ وَثَوْبٌ أو فَرَسٌ أو دِرْهَمٌ وَأَلْفٌ أو دِينَارٌ وَأَلْفٌ فقال إبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي الْأَلْفُ من جِنْسِ ما عُطِفَ عليه
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ في غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ
وقال التَّمِيمِيُّ وأبو الْخَطَّابِ يَرْجِعُ في تَفْسِيرِ الْأَلْفِ إلَيْهِ
فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ
وَقِيلَ يَرْجِعُ في تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ مع الْعَطْفِ
ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ بِلَا عَطْفٍ لَا يُفَسِّرُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ
وقال مع الْعَطْفِ لَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ الْأَلْفَ بِقِيمَةِ شَيْءٍ إذَا خَرَجَ منها الدِّرْهَمُ بَقِيَ أَكْثَرُ من دِرْهَمٍ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال فَائِدَةٌ
مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ له على دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الرِّعَايَةِ لو قال له عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ فَهُوَ من دِرْهَمٍ
____________________
(12/216)
وَقِيلَ له تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِهِ
وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ كَمِائَةٍ وَدِرْهَمٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا أو خَمْسُونَ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ على قَوْلِ التَّمِيمِيِّ أَنَّهُ يُرْجَعُ في تَفْسِيرِ الْأَلْفِ إلَيْهِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ احْتَمَلَ على قَوْلِ التَّمِيمِيِّ أَنْ يَلْزَمَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَيُرْجَعُ في تَفْسِيرِ الْأَلْفِ إلَيْهِ
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دَرَاهِمَ
زَادَ في الْهِدَايَةِ فقال لِأَنَّهُ ذَكَرَ الدَّرَاهِمَ لِلْإِيجَابِ ولم يَذْكُرْهُ لِلتَّفْسِيرِ
وَذَكَرَ الدِّرْهَمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ لِلتَّفْسِيرِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ له زِيَادَةٌ على أَلْفٍ وَخَمْسِينَ
وَوَجَبَ بِقَوْلِهِ دِرْهَمٌ زِيَادَةٌ على الْأَلْفِ انْتَهَى
قال في الْمُحَرَّرِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وقال التَّمِيمِيُّ يُرْجَعُ إلَى تَفْسِيرِهِ مع الْعَطْفِ دُونَ التَّمْيِيزِ وَالْإِضَافَةِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/217)
وَقِيلَ يَرْجِعُ في تَفْسِيرِهَا إلَيْهِ
وَالْخِلَافُ هُنَا كَالْخِلَافِ في التي قَبْلَهَا
وقال الْأَزَجِيُّ إنْ فَسَّرَ الْأَلْفَ بِجَوْزٍ أو بَيْضٍ فإنه يَخْرُجُ منها بِقِيمَةِ الدِّرْهَمِ فَإِنْ بَقِيَ منها أَكْثَرُ من النِّصْفِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ لم يَبْقَ منها النِّصْفُ فَاحْتِمَالَانِ
أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْزَمُهُ ما فَسَّرَهُ كَأَنَّهُ قال له عِنْدِي دِرْهَمٌ إلَّا درهم ( ( ( درهما ) ) )
وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِتَفْسِيرٍ آخَرَ بِحَيْثُ يَخْرُجُ قِيمَةُ الدِّرْهَمِ وَيَبْقَى من الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرُ من النِّصْفِ
قال وَكَذَا قَوْلُهُ دِرْهَمٌ إلَّا أَلْفٌ فَيُقَالُ له فَسِّرْ بِحَيْثُ يَبْقَى من الدِّرْهَمِ أَكْثَرُ من نِصْفِهِ على ما بَيَّنَّا
وَكَذَا الْأَلْفُ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ يُفَسِّرُ الْأَلْفَ وَالْخَمْسَمِائَةِ على ما مَرَّ انْتَهَى فَائِدَةٌ
لو قال له اثنى ( ( ( اثنا ) ) ) عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ فَإِنْ رَفَعَ الدِّينَارَ فَوَاحِدٌ واثنى ( ( ( واثنا ) ) ) عَشَرَ دِرْهَمًا وَإِنْ نَصَبَهُ نَحْوِيٌّ فَمَعْنَاهُ إلَّا اثنى عَشَرَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له في هذا الْعَبْدِ شِرْكٌ أو هو شَرِيكِي فيه أو هو شَرِكَةٌ بَيْنَنَا رَجَعَ في تَفْسِيرِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ إلَيْهِ
وَكَذَا قَوْلُهُ هو لي وَلَهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قُلْت لو قِيلَ هو بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كان له وَجْهٌ
____________________
(12/218)
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى ( 4 : 12 { فَهُمْ شُرَكَاءُ في الثُّلُثِ } )
ثُمَّ وَجَدْت صَاحِبَ النُّكَتِ قال وَقِيلَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا سَوَاءً
نَقَلَهُ إبن عبد الْقَوِيِّ وَعَزَاهُ إلَى الرِّعَايَةِ
ولم أَرَهُ فيها فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا
لو قال له في هذا الْعَبْدِ سَهْمٌ رُجِعَ في تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعِنْدَ الْقَاضِي له سُدُسُهُ كَالْوَصِيَّةِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَلَوْ قال له في هذا الْعَبْدِ أَلْفٌ قِيلَ له فَسِّرْهُ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِالْأَلْفِ فَقِيلَ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ كَجِنَايَتِهِ وَكَقَوْلِهِ نَقَدَهُ في ثَمَنِهِ أو اشْتَرَى رُبْعَهُ بِالْأَلْفِ أو له فيه شِرْكٌ
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ حَقَّهُ في الذِّمَّةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ الثَّانِيَةُ
لو قال لِعَبْدِهِ إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قبل إقْرَارِي فَأَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ صَحَّ الْإِقْرَارُ دُونَ الْعِتْقِ
وَإِنْ قال فَأَنْتَ حُرٌّ سَاعَةَ إقْرَارِي لم يَصِحَّ الْإِقْرَارُ وَلَا الْعِتْقُ
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ الشُّرُوطِ في الْبَيْعِ لو عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ على بَيْعِهِ مُحَرَّرًا
____________________
(12/219)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على أَكْثَرُ من مَالِ فُلَانٍ قِيلَ له فَسِّرْهُ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَكْثَرَ منه قَدْرًا قُبِلَ وَإِنْ قَلَّ
بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ قال أَرَدْت أَكْثَرَ بَقَاءً وَنَفْعًا لِأَنَّ الْحَلَالَ أَنْفَعُ من الْحَرَامِ قُبِلَ مع يَمِينِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ مَالَ فُلَانٍ أو جَهِلَهُ ذَكَرَ قَدْرَهُ أو لم يَذْكُرْهُ
هذا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وجزم ( ( ( وجرم ) ) ) بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ أَكْثَرُ منه قَدْرًا بِكُلِّ حَالٍ وَلَوْ بِحَبَّةِ بُرٍّ
قال في الْكَافِي وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ منه قَدْرًا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ السَّابِقِ إلَى الْفَهْمِ
قال النَّاظِمُ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ منه قَدْرًا مع عِلْمِهِ بِهِ فَقَطْ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى عليه دَيْنًا فقال لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ من مَالِكَ وقال أَرَدْت التَّهَزِّيَ لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا يَرْجِعُ في تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(12/220)
قال في النُّكَتِ هو ( ( ( وهو ) ) ) الرَّاجِحُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وهو أَوْلَى انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ
وقال بن منجي في شَرْحِهِ وهو أَوْلَى
وفي الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ والحاوى فَائِدَةٌ
لو قال لي عَلَيْك أَلْفٌ فقال أَكْثَرُ لم يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَكْثَرُ
وَيُفَسِّرُهُ
وَخَالَفَهُ الْمُصَنِّفُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ إذَا قال له على ما بين دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ
لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَقَوْلُهُ وَإِنْ قال من دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قال في النُّكَتِ وهو الرَّاجِحُ في الْمَذْهَبِ
قال بن منجي في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(12/221)
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ عَشَرَةٌ
وهو رِوَايَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قَوْلًا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ قِيَاسَ هذا الْقَوْلِ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ وَعَشَرَةٌ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ انْتَهَى
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ
جَزَمَ بِهِ بن شِهَابٍ
وقال لِأَنَّ مَعْنَاهُ ما بَعْدَ الْوَاحِدِ
قال الْأَزَجِيُّ كَالْبَيْعِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي في هذه الْمَسَائِلِ أَنْ يَجْمَعَ ما بين الطَّرَفَيْنِ من الْأَعْدَادِ
فإذا قال من وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ إنْ أَدْخَلْنَا الطَّرَفَيْنِ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ إنْ أَدْخَلْنَا الْمُبْتَدَأَ فَقَطْ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ إنْ أَخْرَجْنَاهُمَا
وما قَالَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرٌ على قَاعِدَتِهِ إنْ كان ذلك عُرْفَ الْمُتَكَلِّمِ فإنه يُعْتَبَرُ في الْإِقْرَارِ عُرْفُ الْمُتَكَلِّمِ وَنُنَزِّلُهُ على أَقَلِّ مُحْتَمَلَاتِهِ
وَالْأَصْحَابُ قالوا يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ إنْ أَرَادَ مَجْمُوعَ الْأَعْدَادِ
وَطَرِيقُ ذلك أَنْ تَزِيدَ أَوَّلَ الْعَدَدِ وهو وَاحِدٌ على الْعَشَرَةِ وَتَضْرِبَهَا في نِصْفِ الْعَشَرَةِ وهو خَمْسَةٌ فما بَلَغَ فَهُوَ الْجَوَابُ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ على الْقَوْلِ بِتِسْعَةٍ أَنْ يَلْزَمَهُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وهو أَظْهَرُ
____________________
(12/222)
وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ تَابَعَ المغنى وَاقْتَصَرَ على خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ
وَالتَّفْرِيعُ يَقْتَضِي ما قُلْنَاهُ انْتَهَى فَوَائِدُ الْأُولَى
لو قال له على ما بين دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ
على الْأَصَحِّ من الْمَذْهَبِ
نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ كَالْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا سَوَاءٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَأَطْلَقَهُنَّ شَارِحُ الْوَجِيزِ
وَقِيلَ فيها رِوَايَتَانِ وَهُمَا لُزُومُ تِسْعَةٍ وَعَشَرَةٍ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ هُنَا يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ
قال في النُّكَتِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فيها ما قَطَعَ بِهِ في الْكَافِي وهو ثَمَانِيَةٌ
لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ من هذا اللَّفْظِ
وَلَيْسَ هُنَا ابْتِدَاءُ غَايَةٍ وَانْتِهَاءُ الْغَايَةِ فَرْعٌ على ثُبُوتِ ابْتِدَائِهَا
فَكَأَنَّهُ قال ما بين كَذَا وَبَيْنَ كَذَا وَلَوْ كانت هُنَا إلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فما بَعْدَهَا لَا يَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَهَا على الْمَذْهَبِ
قال أبو الْخَطَّابِ وهو الْأَشْبَهُ عِنْدِي انْتَهَى
فَتَلَخَّصَ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا أنها كَاَلَّتِي قَبْلَهَا
____________________
(12/223)
وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ
وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ هُنَا ثَمَانِيَةٌ وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ هُنَاكَ تِسْعَةً أو عَشَرَةً وهو أَوْلَى الثَّانِيَةُ
لو قال له عِنْدِي ما بين عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ أو من عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعِشْرُونَ على الْقَوْلِ الثَّانِي
قال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَقِيَاسُ الثالث ( ( ( الثاني ) ) ) يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الثَّانِي أَنْ يَلْزَمَهُ ثَلَاثُونَ بِنَاءً على أَنَّهُ يَلْزَمُهُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَحَدَ عَشَرَ الثَّالِثَةُ
لو قال له ما بين هذا الْحَائِطِ إلَى هذه الْحَائِطِ فقال في النُّكَتِ كَلَامُهُمْ يقتضى أَنَّهُ على الْخِلَافِ في التي قَبْلَهَا
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْحَائِطِينَ لَا يَدْخُلَانِ في الْإِقْرَارِ
وَجَعَلَهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ في حُجَّةِ زُفَرَ
وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَدَدَ لَا بُدَّ له من ابْتِدَاءٍ يَنْبَنِي عليه
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامَ الْقَاضِي ولم يَزِدْ عليه الرَّابِعَةُ
لو قال له عَلَيَّ ما بين كُرِّ شَعِيرٍ إلَى كُرِّ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ كُرُّ شَعِيرٍ وَكُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ على قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ هو مَبْنِيٌّ على ما تَقَدَّمَ إنْ قُلْنَا يَلْزَمُهُ هُنَاكَ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ هُنَا كُرَّانِ وَإِنْ قُلْنَا يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ لَزِمَهُ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا قَفِيزًا شَعِيرًا
____________________
(12/224)
وقال في التَّلْخِيصِ قال أَصْحَابُنَا يَتَخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ إنْ قُلْنَا يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ الْكُرَّانِ وَإِنْ قُلْنَا يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ لَزِمَهُ كُرَّانِ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ لَزِمَهُ الْكُرَّانِ
وَقِيلَ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ إنْ قُلْنَا يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الذي قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ هو قِيَاسُ الثَّانِي في الْأَوْلَى وَكَذَلِكَ هو عِنْدَ الْقَاضِي
ثُمَّ قال هذا اللَّفْظُ ليس بِمُعَوَّدٍ فإنه إنْ قال له على ما بين كُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ فَالْوَاجِبُ تَفَاوُتُ ما بين قِيمَتِهِمَا وهو قِيَاسُ الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَاخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له على دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أو تَحْتَ دِرْهَمٍ أو فَوْقَهُ أو تَحْتَهُ أو قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ أو معه دِرْهَمٌ أو دِرْهَمٌ أو دِرْهَمٌ أو دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ أو دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ
إذَا قال له عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أو تَحْتَ دِرْهَمٍ أو مع دِرْهَمٍ أو فَوْقَهُ أو تَحْتَهُ أو معه دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال في التَّلْخِيصِ أَصَحُّهُمَا دِرْهَمَانِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ
وَقَدَّمَهُ إبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
(12/225)
وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ
قال الْقَاضِي إذَا قال له على دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أو تَحْتَ دِرْهَمٍ أو معه دِرْهَمٌ أو مع دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ
وَقَطَعَ في الْكَافِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ في قَوْلِهِ دِرْهَمٌ مع دِرْهَمٍ دِرْهَمَانِ
وَحَكَى الْوَجْهَيْنِ في فَوْقَ وتحت قال في النُّكَتِ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَإِنْ قال دِرْهَمٌ قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ في دِرْهَمٍ قبل دِرْهَمٍ أو بَعْدَ دِرْهَمٍ احْتِمَالَيْنِ
قال في النُّكَتِ كَذَا ذَكَرَ
قال إبن عبد الْقَوِيِّ لَا أَدْرِي ما الْفَرْقُ بين دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ أو بَعْدَهُ دِرْهَمٌ في لُزُومِهِ دِرْهَمَيْنِ وَجْهًا وَاحِدًا وَبَيْنَ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ وَنَحْوِهِ في لُزُومِهِ دِرْهَمًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ نِسْبَةَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إلَى نَظَرِهِ فِيهِمَا نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ في له دِرْهَمٌ قبل دِرْهَمٍ أو بَعْدَ دِرْهَمٍ احْتِمَالَانِ
وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ
وَإِنْ قال دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَنَصَّ عليه في الطَّلَاقِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
____________________
(12/226)
منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحُ إبن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ إبن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ
وَإِنْ قال دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ
لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَإِنْ قال دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَأَطْلَقَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ
قَالَهُ في التَّلْخِيصِ
وقال وَمِنْ أَصْحَابِنَا من قال دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَالثَّالِثُ مُحْتَمَلٌ
وقال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أو ثَلَاثَةٌ على وَجْهَيْنِ
ذَكَرَهُمَا أبو بَكْرٍ في الشَّافِي
وَنَزَّلَهَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ على تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ فإن الظَّاهِرَ عَطْفُ الثَّالِثِ على الثَّانِي انْتَهَى
وجزم في الْكَافِي وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ مع الْإِطْلَاقِ
وقال إبن رَزِينٍ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ
وَقِيلَ إنْ قال أَرَدْت بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَثُبُوتَهُ قُبِلَ وَفِيهِ ضَعْفٌ انْتَهَى
وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ مع الْإِطْلَاقِ
وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا أَرَادَ تَأْكِيدَ الثَّانِي بِالثَّالِثِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ أو دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أو دِرْهَمَانِ على وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا أبو بَكْرٍ
____________________
(12/227)
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ إبن منجي وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ
وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ إبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَحَكَاهُمَا في التَّلْخِيصِ عن أبي بَكْرٍ
وقال في التَّرْغِيبِ في دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ رِوَايَتَانِ فَوَائِدُ
لو قال له على دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ دِرْهَمٌ فَقَطْ
وقال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لي أو كَرَّرَ بِعَطْفٍ ثَلَاثًا ولم يُغَايِرْ حُرُوفَ الْعَطْفِ أو قال له دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي
وَقِيلَ أو أَطْلَقَ بِلَا عَطْفٍ فَقِيلَ يُقْبَلُ منه ذلك فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ
قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَلَوْ قال دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَأَرَادَ بِالثَّالِثِ تَكْرَارَ الثَّانِي وَتَوْكِيدَهُ قُبِلَ وَإِنْ أَرَادَ تَكْرَارَ الْأَوَّلِ لم يُقْبَلْ لِدُخُولِ الْفَاصِلِ
____________________
(12/228)
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ إذَا قال له عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَأَرَادَ بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي فَهَلْ يُقْبَلُ منه ذلك فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ
قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ
وَالثَّانِي يُقْبَلُ
قَالَهُ في التَّلْخِيصِ انْتَهَى
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ منه ذلك فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ في المسأله الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ
ثُمَّ قال فَإِنْ أَرَادَ بِالثَّالِثِ تَكْرَارَ الثَّانِي وَتَوْكِيدَهُ صُدِّقَ وَوَجَبَ اثْنَانِ
وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ في المغنى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ لو نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لي وَكَذَا في الثَّانِيَةِ
وَرَجَّحَهُ في الْكَافِي في الثَّانِيَةِ
وَإِنْ غَايَرَ حُرُوفَ الْعَطْفِ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ لم يُقْبَلْ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِلْمُغَايَرَةِ وَلِلْفَاصِلِ
وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالَيْنِ
قال وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بين الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ فإن الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَالطَّلَاقُ إنْشَاءٌ
قال وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ إنْ صَحَّ صَحَّ في الْكُلِّ وَإِلَّا فَلَا
وَذَكَرَ قَوْلًا في دِرْهَمٌ فَقَفِيزٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ الدِّرْهَمُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ قَفِيزَ بُرٍّ خَيْرٌ منه
____________________
(12/229)
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في الْوَاوِ وَغَيْرِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال قَفِيزُ حِنْطَةٍ بَلْ قال قَفِيزُ شَعِيرٍ أو دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَاهُ مَعًا
هذا الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الشَّعِيرُ وَالدِّينَارُ فَقَطْ
قال في النُّكَتِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَبُولُ قَوْلِهِ في الْإِضْرَابِ مع الإتصال فَقَطْ
ثُمَّ قال فَقَدْ ظَهَرَ من هذا وَمِمَّا قَبْلَهُ هل يُقَالُ لَا يُقْبَلُ الْإِضْرَابُ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ أو يُقْبَلُ مُطْلَقًا أو يُقْبَلُ مع الإتصال فَقَطْ أو يُقْبَلُ مع الإتصال ضرابة عن الْبَعْضِ فيه أَقْوَالٌ
وَقَوْلٌ خَامِسٌ وهو ما حَكَاهُ في الْمُسْتَوْعِبِ يُقْبَلُ مع تَغَايُرِ الْجِنْسِ لَا مع اتِّحَادِهِ لِأَنَّ انْتِقَالَهُ إلَى جِنْسٍ آخَرَ قَرِينَةٌ على صِدْقِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال دِرْهَمٌ في دِينَارٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ
بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ إنْ فَسَّرَهُ بِالسَّلَمِ فَصَدَّقَهُ بَطَلَ إنْ تَفَرَّقَا عن الْمَجْلِسِ
____________________
(12/230)
وَإِنْ قال دِرْهَمٌ رَهَنْت بِهِ الدِّينَارَ عِنْدَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَائِدَةٌ
مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو قال دِرْهَمٌ في ثَوْبٍ وَفَسَّرَهُ بِالسَّلَمِ
فَإِنْ قال في ثَوْبٍ اشْتَرَيْته منه إلَى سَنَةٍ فَصَدَّقَهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ
وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ له فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وَكَذَا الدِّرْهَمُ
وَإِنْ قال ثَوْبٌ قَبَضْته في دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ فَالثَّوْبُ مَالُ السَّلَمِ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَيَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال دِرْهَمٌ في عَشَرَةٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْحِسَابَ فَيَلْزَمَهُ عَشَرَةٌ
أو يُرِيدَ الْجَمْعَ فَيَلْزَمَهُ أَحَدَ عَشَرَ
وقال في الْفُرُوعِ بَعْدَ قَوْلِهِ دِرْهَمٌ في دِينَارٍ وكذا دِرْهَمٌ في عَشَرَةٍ
فَإِنْ خَالَفَهُ عُرْفٌ فَفِي لُزُومِهِ بِمُقْتَضَاهُ وَجْهَانِ وَيَعْمَلُ بِنِيَّةِ حِسَابٍ
وَيَتَوَجَّهُ في جَاهِلٍ الْوَجْهَانِ وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ وَفِيهِ احْتِمَالَانِ انْتَهَى
وَصَحَّحَ بن أبي الْمَجْدِ لُزُومَ مُقْتَضَى الْعُرْفِ أو الْحِسَابِ إذَا كان عَارِفًا بِهِ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال له عِنْدِي تَمْرٌ في جِرَابٍ أو سِكِّينٌ في قِرَابٍ أو ثَوْبٌ في مِنْدِيلٍ أو عَبْدٌ عليه عِمَامَةٌ أو دَابَّةٌ عليها سَرْجٌ فَهَلْ يَكُونُ مقرى بِالظَّرْفِ وَالْعِمَامَةِ وَالسَّرْجِ على وَجْهَيْنِ
وَكَذَا قَوْلُهُ له رَأْسٌ وَأَكَارِعُ في شَاةٍ أو نَوَى في تَمْرٍ ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ
____________________
(12/231)
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في ذلك في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَإِنْ قال له عِنْدِي تَمْرٌ في جِرَابٍ أو سَيْفٌ في قِرَابٍ أو ثَوْبٌ في مِنْدِيلٍ أو زَيْتٌ في جَرَّةٍ أو جِرَابٌ فيه تَمْرٌ أو قِرَابٌ فيه سَيْفٌ أو مِنْدِيلٌ فيها ثَوْبٌ أو كِيسٌ فيه دَرَاهِمُ أو جَرَّةٌ فيها زَيْتٌ أو عَبْدٌ عليه عِمَامَةٌ أو دَابَّةٌ عليها سَرْجٌ أو مِسْرَجَةٌ أو فَصٌّ في خَاتَمٍ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ
وفي الثَّانِي وَجْهَانِ
وَقِيلَ إنْ قَدَّمَ الْمَظْرُوفَ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَإِنْ أَخَّرَهُ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالظَّرْفِ وَحْدَهُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ في الْكُلِّ خِلَافٌ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ مقرى بِذَلِكَ
وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ أَشْهَرُهُمَا يَكُونُ مقرى بِالْمَظْرُوفِ دُونَ ظَرْفِهِ
وهو قَوْلُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ انْتَهَى
وَقَالَهُ أَيْضًا في النُّكَتِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ مقرى بِهِ أَيْضًا
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي إلَّا إنْ حَلَفَ ما قَصَدْته انْتَهَى
وقال في الْخُلَاصَةِ لو قال له عِنْدِي سَيْفٌ في قِرَابٍ لم يَكُنْ إقْرَارًا بِالْقِرَابِ وَفِيهِ إحتمال
____________________
(12/232)
وَلَوْ قال سَيْفٌ بِقِرَابٍ كان مقرى بِهِمَا وَمِثْلُهُ دَابَّةٌ عليها سَرْجٌ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ إنْ قال له عِنْدِي تَمْرٌ في جِرَابٍ أو سَيْفٌ في قِرَابٍ أو ثَوْبٌ في مِنْدِيلٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ
ذَكَرَهُ بن حَامِدٍ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا بِهِمَا
فَإِنْ قال عَبْدٌ عليه عِمَامَةٌ أو دَابَّةٌ عليها سَرْجٌ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْعِمَامَةُ وَالسَّرْجُ
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ ذلك انْتَهَى
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَكُونُ مقرى بِالْعِمَامَةِ وَالسَّرْجِ
قَالَهُ في النُّكَتِ
وَمَسْأَلَةُ الْعِمَامَةِ رَأَيْتهَا في المغنى
وقال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بين ما يَتَّصِلُ بِظَرْفِهِ عَادَةً أو خِلْقَةً فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهِ دُونَ ما هو مُنْفَصِلٌ عنه عَادَةً
قال وَيَحْتَمِلُ التَّفْرِيقَ بين أَنْ يَكُونَ الثَّانِي تَابِعًا لِلْأَوَّلِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهِ كتمر في جِرَابٍ أو سَيْفٍ في قِرَابٍ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ كنوى في تَمْرٍ ورأس في شَاةٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له عِنْدِي خَاتَمٌ فيه فَصٌّ كان مقرى بِهِمَا
هذا الْمَذْهَبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ لُزُومُهُمَا لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ
وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ فيه الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ في التي قَبْلَهَا
قال الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخَرَّجَ على الْوَجْهَيْنِ
____________________
(12/233)
وَحَكَى في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا فيها الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَ الطَّرِيقَيْنِ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
وقال مِثْلُهُ جِرَابٌ فيه تَمْرٌ وقراب فيه سَيْفٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال فَصٌّ في خَاتَمٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ مقرى بِالْخَاتَمِ
وهو الْمَذْهَبُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَقَالَهُ في النُّكَتِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ مقرى بِهِمَا
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي إلَّا إنْ حَلَفَ ما قَصَدْته
وَاعْلَمْ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ الْأَصْحَابِ مِثْلُ قَوْلِهِ عِنْدِي تَمْرٌ في جِرَابٍ أو سِكِّينٌ في قِرَابٍ وَنَحْوِهِمَا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى خِلَافًا وَمَذْهَبًا فَوَائِدُ
منها لو قال له عِنْدِي دَارٌ مَفْرُوشَةٌ لم يَلْزَمْهُ الْفُرُشُ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(12/234)
جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في شَرْحِهِ
وَقِيلَ يَكُونُ مقرى بِالْفِرَاشِ أَيْضًا
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَمِنْهَا لو قال له عِنْدِي عَبْدٌ بِعِمَامَةٍ أو بِعِمَامَتِهِ أو دَابَّةٌ بِسَرْجٍ أو بِسَرْجِهَا أو سَيْفٌ بِقِرَابٍ أو بقرابة أو دَارٌ بِفُرُشِهَا أو سُفْرَةٌ بِطَعَامِهَا أو سَرْجٌ مُفَضَّضٌ أو ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ لَزِمَهُ ما ذَكَرَهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَمِنْهَا لو أَقَرَّ بِخَاتَمٍ ثُمَّ جاء بِخَاتَمٍ فيه فَصٌّ وقال ما أَرَدْت الْفَصَّ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
أَظْهَرُهُمَا دُخُولُهُ لِشُمُولِ الإسم
قَالَهُ في التَّلْخِيصِ
وقال لو قال له عِنْدِي جَارِيَةٌ فَهَلْ يَدْخُلُ الْجَنِينُ في الْإِقْرَارِ إذَا كانت حَامِلًا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
ذَكَرَهُمَا في أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِتْقِ
فقال وَإِنْ أَقَرَّ بِالْأُمِّ فَاحْتِمَالَانِ في دُخُولِ الْجَنِينِ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ
وَمِنْهَا لو قال له عِنْدِي جَنِينٌ في دَابَّةٍ أو في جَارِيَةٍ أو له دَابَّةٌ في بَيْتٍ لم يَكُنْ مقرى بِالدَّابَّةِ وَالْجَارِيَةِ وَالْبَيْتِ
____________________
(12/235)
وَمِنْهَا لو قال غَصَبْت منه ثَوْبًا في مِنْدِيلٍ أو زَيْتًا في زِقٍّ وَنَحْوَهُ
فَفِيهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في النُّكَتِ وَمِنْ الْعَجَبِ حِكَايَةُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمَا يَلْزَمَانِهِ وَأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّفْرِقَةَ بين الْمَسْأَلَتَيْنِ
فإنه قال فَرْقٌ بين أَنْ يَقُولَ غَصَبْته أو أَخَذْت منه ثَوْبًا في مِنْدِيلٍ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ له عِنْدِي ثَوْبٌ في مِنْدِيلٍ فإن الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ في الْمِنْدِيلِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا وَكِلَاهُمَا مَغْصُوبٌ
بِخِلَافِ قَوْلِهِ له عِنْدِي فإنه يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فيه وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ له انْتَهَى
وَمِنْهَا لو أَقَرَّ له بِنَخْلَةٍ لم يَكُنْ مقرى بِأَرْضِهَا وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهَا وَثَمَرَتُهَا لِلْمُقَرِّ له
وفي الإنتصار إحتمال أنها كَالْبَيْعِ
يَعْنِي إنْ كان لها ثَمَرٌ بَادٍ فَهِيَ لِلْمُقِرِّ دُونَ الْمُقَرِّ له
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ أَقَرَّ بها هِيَ له بِأَصْلِهَا
قال في الإنتصار فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَرْضَهَا وَيَحْتَمِلُ لَا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَخْرُجُ هل له إعَادَةُ غَيْرِهَا أَمْ لَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي إختاره أبو إِسْحَاقَ
قال أبو الْوَفَاءِ وَالْبَيْعُ مِثْلُهُ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
____________________
(12/236)
يَعْنِي عن صَاحِبِ الإنتصار لِذِكْرِهِ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
قال وَرِوَايَةُ مُهَنَّا هِيَ له بِأَصْلِهَا
فَإِنْ مَاتَتْ أو سَقَطَتْ لم يَكُنْ له مَوْضِعُهَا
يَرُدُّ ما قَالَهُ في الإنتصار من أَحَدِ الإحتمالين
وَمِنْهَا لو أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ شَمِلَ الْأَشْجَارَ
وَلَوْ أَقَرَّ بِشَجَرَةٍ شَمِلَ الأغصان
والله أعلم بالصواب
____________________
(12/237)